منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

المجلد 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

تقدیم

بقلم

الدکتور محمود البستانی

ص :5

ص :6

تقديم

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(1)

يعدّ«العلاّمة الحلّيّ»واحدا من أبرز الأسماء الّتي أفرزتها عصور التاريخ الفقهيّ،

و إذا كان التاريخ الفقهيّ قد حفل بأسماء كثيرة من المتميّزين،فإنّ هناك-في صعيد المتميّزين أنفسهم-أسماء متفوّقة معدودة فرضت فاعليّتها بنحو متفرّد في ميدان النّشاط الفقهيّ،حيث يجيء«العلاّمة»في مقدّمة الأسماء المشار إليها.

و يتمثّل هذا النشاط«نوعيّا»في«تطوير»الممارسة الفقهيّة و غيرها من ضروب المعرفة،أي:إدخال الجديد من أدوات الممارسة،فضلا عن اتّشاحها بالشّمول و العمق و الدّقة.

و أمّا«كمّيّا»،فيتمثّل هذا النّشاط في تنويع المعرفة«فقه،أصول،كلام، رجال،.إلخ»حيث لا تنحصر نشاطات«العلاّمة»في ضرب واحد منها،بل يتجاوزها إلى مختلف ضروب المعرفة،و حتّى في ميدان المعرفة الواحدة-من نحو النّشاط الفقهيّ مثلا- توفّرت هذه الشّخصيّة على مصنّفات مختلفة عرفت بمختصراته و متوسّطاته و مطوّلاته،فضلا عن كونها تصبّ في اتّجاهات متنوّعة تتوزّع بين النّمط الاستدلاليّ و الفتوائيّ و التّراوح بينهما و بين المنهج المقارن و غير المقارن.إلخ.

يضاف إلى ذلك:أنّ هذه الشّخصيّة قد اقترن نشاطها العلميّ بنشاط اجتماعيّ أكسبها مزيدا من الأهمّيّة التّأريخيّة،حيث احتلّت موقعا رياديّا بالنّسبة إلى«المؤسّسة المرجعيّة» مثلما احتلّت موقعا له فاعليّته في الحياة الاجتماعيّة العامّة،حيث كان الصّراع بين الطّائفة و بين الاتّجاهات المذهبيّة من جانب،و فترات المدّ و الجزر من جانب آخر،يضفي على هذه

ص:7

الشّخصيّة أهمّيّة اجتماعيّة خاصّة،تكسبها مزيدا من الاهتمام التّاريخيّ بها.

إنّنا لن نتحدّث عن«الموقع الاجتماعيّ»للعلاّمة،و انعكاسات الوضع السّياسي على نشاطه،حيث توفّرت المصادر الّتي تعنى بالسّيرة و التّأريخ على هذا الجانب،كما لن نتحدّث عن نشاطه العلميّ بعامّة،و مساهمته الفذّة في نشر المذهب،و لن نتحدّث عن مجمل نشاطه الّذي يحوم على الجانب الثّقافيّ،فيما يقول عنه مترجموه بأنّ حصيلة ذلك أكثر من مائة كتاب أو يزيد على ذلك،لن نتحدّث عن ذلك كلّه،بل نحصر حديثنا في صعيد النّشاط الفقهيّ المتمثّل في أحد كتبه فحسب،و هو:«المنتهى»دون مصنّفاته الأخرى الّتي قد تتماثل منهجا و ممارسة في بعض الجوانب،مثل:«التّذكرة»و«المختلف»فيما يتميّز كلّ منهما بسمات خاصّة قد نعرض لها عابرا خلال حديثنا عن الكتاب المشار إليه.

(2)

«المنتهى»كتاب ضخم يتّشح بطابعين هما:«الاستدلال»و«المقارنة».

أمّا «الاستدلال»فإنّ التّأريخ الفقهيّ الّذي سبق«العلاّمة»قد شهد تطوّرا ملحوظا فيه،على يد روّاد كبار أمثال:«الشيخ المفيد»و«السيّد المرتضى»و«الشيخ الطوسي»و من سواهم،فيما يمكن ملاحظة ذلك في كتب عديدة من نحو:«الانتصار»و«النّاصريات» و«الخلاف»و غيرها مع ملاحظة أنّ الجيل اللاّحق لهذه الأسماء قد شهد أيضا بعض الممارسات الاستدلاليّة لدى«ابن إدريس»في«سرائره»و«ابن زهرة»في«غنيته» و«المحقّق»في«معتبره»حيث يظلّ هذا الأخير قريبا من«العلاّمة»من حيث النّسب، و من حيث المستوي العلميّ في تطويره للممارسة الفقهيّة منهجا و فكرا.

إنّ هذه المقدّمة لا تسمح لنا بمتابعة خطوط التّطوّر الّذي شهدته الأجيال الفقهيّة المختلفة،بدءا من نماذج الاستدلال العابر«لدى الرّواة المعاصرين للمعصومين عليهم السلام»حيث و مضت نماذج منه لدى بعض الرّواة عصرئذ مرورا ب«نشأته»مع عصر الغيبة -فيما يشير المعنيّون بشؤون الفقه-إلى توفّره لدى أسماء من مثل:«ابن الجنيد»و«ابن أبي عقيل»،و امتدادا إلى أسماء متميّزة مثل:«الصّدوق»،و انتهاء إلى الأسماء الرّائدة الّتي

ص:8

أشرنا إليها حيث يمكن القول بأنّ خطوط التّطوّر تظلّ ملحوظة لدى هذه الأسماء بشكل أو بآخر بما يواكبها من«أدوات أصوليّة»يشير إليها المؤرّخون،أو ما وصل إلى أيدينا منه مثل:

«الرّسالة الموجزة في الأصول»للمفيد،و«الذّريعة»للمرتضى و«العدّة»ل«الطّوسي»، و مثل:«المقدّمات»الّتي كتبها«ابن زهرة»في«الغنية»و«المحقّق»في«المعتبر»و من سواهم.و بالرّغم من أنّ الأداة الأصوليّة-في مستوى النّظرية-لا تعني أنّ الفقيه يمارس عمليّة«تطبيق»شاملة لمبادئ«الأصول»الّتي يصوغها،إلاّ أنّ انعكاسات ذلك على الممارسات الفقهيّة-و لو في نطاق محدود-يظلّ تعبيرا عن خطوط التّطوّر الّذي أشرنا إليه، و من ثمَّ يظلّ مؤشّرا إلى مستويات التّطوّر الفكريّ الّذي يمكن ملاحظته لدى«العلاّمة»فيما يعدّ نقطة تحوّل ملحوظة في هذا الميدان.

أمّا الطّابع الآخر،و نعني به:«المقارنة»فإنّ كلاّ من«المفيد»و«المرتضى» و«الطّوسي»يمثّلون أسماء رائدة في هذا الصّعيد،بحيث يمكن الذّهاب إلى أنّ طبيعة الحياة الاجتماعيّة:سياسيّا،و مذهبيّا،و علميّا،مضافا إلى شخصيّاتهم الرّائدة-من حيث كونهم ممثّلين للمؤسّسة المرجعيّة في قمّة هرمها الاجتماعيّ-فرضت على الأسماء المشار إليها نوعا من النّشاط الفقهيّ القائم على«المقارنة»بين المذهب الإماميّ و بين المذاهب العامّة الأخرى،حيث شهدت تلكم المذاهب أيضا نشاطا مماثلا فيما بينها في صعيد المقارنة.

المهم أنّ نشاط فقهائنا في ميدان«المقارنة»تجسّد بوضوح في مصنّفات أشرنا إليها من نحو«الانتصار»«النّاصريّات»«الخلاف»و ما سواها من الكتب الّتي يشير إليها المؤرّخون لدى المفيد و المرتضى و الطّوسي و غيرهم،ممّا نلحظ شذرات منه في الأجيال اللاّحقة أيضا.

لا شكّ،أنّ«العلاّمة»قد أفاد من الأسماء المذكورة،كما أنّه تأثّر ببعض خطوط مناهجهم في«المقارنة»و«الاستدلال»أيضا،إلاّ أنّه-في الحصيلة العامّة-أضاف جديدا، كما هو طابع أيّة شخصيّة متميّزة رائدة،بحيث تمتدّ في الماضي،و تصنع الحاضر،و تقدّم جديدا يترك أثره على اللاّحق،بما تمتلكه من قدرة ذاتيّة على الكشف في ممارستها العلميّة، بحيث يقتادها ذلك إلى الإسهام في تطوير المعرفة و أدواتها،بالنّحو الّذي نلحظه لدى «العلاّمة»في كتابه:«المنتهى»الّذي نتحدّث عنه،أو كتبه الأخرى الّتي تكشف عن

ص:9

تطويره لعنصري:الاستدلال،و المقارنة.

و نبدأ في الحديث عن منهجه أوّلا،من حيث:

(3)

اشارة

المقارنة:

«المقارنة»نوع من النّشاط العلميّ الّذي خبرته ضروب المعرفة الإنسانيّة في حقول التّربية،و النّفس،و الاجتماع،و الاقتصاد.إلخ،بصفة أنّ مقارنة الشّيء مع الآخر -سواء كان ذلك من خلال«التّماثل»القائم بينهما،أو من خلال«التّضاد»بينهما -يسهم في بلورة و تعميق المفهوم الّذي يستهدفه الباحث.

و المقارنة تتمّ-كما هو ملاحظ في البحوث المعاصرة-في مستويات مختلفة،منها:

«المقارنة المستقلّة»الّتي تقوم أساسا على الموازنة بين ضربين من المعرفة-كما لو قمنا بمقارنة بين الإسلام مثلا و بين الأديان الأخرى-و هذا ما يندرج ضمن الأبحاث الّتي تأخذ شكلا له استقلاليّته في الدّراسات الحديثة بخاصّة.

كما أنّ هناك نوعا من المقارنة الّتي تشكّل عنصرا واحدا من عناصر البحث دون أن تستقلّ بالمقارنة،أي:تكون«المقارنة»جزءا من أجزاء البحث.

هذا فضلا عن أنّ المقارنة بقسميها المتقدّمين قد تكون«شاملة»تتناول جميع الجوانب المبحوث عنها،مقابل المقارنة«الموضعيّة»الّتي تتناول جانبا واحدا أو عملا منحصرا لدى كتاب واحد أو مؤلّف واحد على سبيل المثال.

و يلاحظ أنّ فقهاءنا قد توفّروا على شتّى مستويات«المقارنة»الّتي أشرنا إليها قديما و حديثا،بل يمكن القول بأنّه لا يكاد أي كتاب استدلاليّ أو فتوائيّ-حينا-يخلو من أحد أشكال المقارنة،بل إنّ الممارسات الفقهيّة بنحو عام تتميّز عن سواها من الممارسات الّتي خبرتها علوم النّفس،و الاجتماع،و التاريخ،و التّربية،و الأدب،و الفنّ،و سواها باعتمادها«المقارنة»عنصرا أو بحثا مستقلاّ لا يكاد كتاب فقهيّ يخلو منها في الغالب.

كلّ ما في الأمر أنّ المقارنة قد تأخذ صفة التّغليب داخل المذهب مثلا مثلما تأخذ صفة كونها

ص:10

«عنصرا»من عناصر الممارسة الفقهيّة.أمّا المقارنة«المستقلّة»و«الشّاملة»فتأخذ حجما أصغر من الاهتمام الفقهيّ،حيث تسهم الظّروف الاجتماعيّة في تضخيم أو تضئيل هذا الحجم،فيما لا يعنينا التّحدّث عنه الآن.و لكن يعنينا أن نشير إلى أنّ الفقهاء قديما و حديثا قد توفّروا على هذا النمط من النّشاط المقارن،و في مقدّمتهم«العلاّمة»حيث عرف بهذا النشاط من خلال قيامه بأبحاث ضخمة تناولت كلاّ من المقارنة داخل المذهب مثل:

«المختلف»،و خارج المذهب أيضا مثل:«التّذكرة»-في نطاق محدّد-بينا جاءت مقارنته خارج المذهب«شاملة»متجسّدة في كتابه الّذي نتحدّث عنه«المنتهى»فيما أكسبه مزيدا من الأهميّة العلميّة الّتي آن لنا أن نعرض لخطوطه المنهجيّة.

و يمكننا عرض الخطوط لمنهجة المقارن،وفقا لما يلي:

1-عرض الأقوال:

تبدأ الخطوة الاولى من ممارساته المقارنة بعرض الآراء الفقهيّة للمؤلّف،أو وجهة النّظر لفقهاء الطّائفة بعامّة،أو أحد فقهائها،أو فقهاء المذاهب الأخرى،أو مطلق الفقهاء حسب ما يتطلّبه سياق المسألة المطروحة،حيث يتدخّل مدى التّوافق أو التّخالف بين الآراء في منهجيّة العرض للأقوال.بيد أنّ الغالب يبدأ بوجهة نظر المؤلّف طالما نعلم بأنّ هدف «المقارنة»أو مطلق الممارسات الفقهيّة ليس هو مجرّد العرض للآراء،بل تثبيت وجهة النّظر الصّائبة في تصوّر المؤلّف.لذلك،فإنّ تثبيته و جهة نظره أوّلا،ثمَّ عرض الآراء الأخرى، يظلّ خطوة منهجيّة لها مشروعيّتها دون أدنى شك.كما أنّ إرداف و جهة نظره بأقوال فقهاء الطّائفة يحمل نفس المشروعيّة ما دام هدف المقارنة-في أحد خطوطه-هو:إقناع«الجمهور» بصواب المذهب.لذلك،نجده بعد عرضه لوجهة نظره،ثمَّ وجهة نظر فقهائنا،يتّجه-في المرحلة الثّالثة-إلى عرض وجهة نظر«الجمهور»و في الحالات جميعا يلتزم المؤلّف بالحياد العلميّ من جانب،و بمتطلّبات المنهج المقارن من جانب آخر،حيث يستقطب جميع الأقوال داخل المذهب و خارجه،على نحو ما نلحظه في الممارسة التّالية مثلا،و هي تتناول مسح الرّأس في عمليّة الوضوء

ص:11

(الواجب من مسح الرّأس لا يتقدّر بقدر في الرّجل،و في المرأة يكفي منه أقل ما يصدق عليه الاسم.و به قال الشّيخ في«المبسوط»،و الأفضل أن يكون بقدر ثلاث أصابع مضمومة،و به قال السّيّد المرتضى،و قال في«الخلاف»:يجب مقدار ثلاث أصابع مضمومة،و هو اختيار ابن بابويه،و أبي حنيفة في إحدى الرّاويتين،و قال الشّافعيّ:يجزي ما وقع عليه الاسم،و ذهب بعض الحنابلة إلى أنّ قدر الواجب هو:النّاصية،و هو رواية عن أبي حنيفة،و حكي عن أحمد أنّه لا يجزي إلاّ مسح الأكثر).

فالملاحظ هنا،أنّ المؤلّف بدأ بتصدير فتواه،ثمَّ بفتاوى الآخرين من فقهاء المذهب -على اختلاف الآراء بين المرتضى و الطّوسي و ابن بابويه-ثمَّ عرض آراء«الجمهور»في مدى توافقها أو تخالفها مع«فقهاء الخاصّة»من نحو ما نقله من الاتّفاق بين ابن بابويه و الطّوسي و أبي حنيفة،ثمَّ ما نقله من التّفاوت بين آراء«العامّة».إلخ.

طبيعيّا،لا يعني هذا أنّ المؤلّف يلتزم بهذا المنهج في ممارساته جميعا بقدر ما يعني أنّ الطّابع الغالب على مقارناته-كما قلنا-هو:السّمة المذكورة،و إلاّ نجده حينا يكتفي بالمقارنة«داخل المذهب»كما هو ملاحظ في الممارسة التّالية:

(في جواز إحرام المرأة في الحرير المحض:قولان،أحدهما:الجواز،و هو اختيار«المفيد»في كتاب:أحكام النّساء،و اختاره«ابن إدريس».و الآخر:المنع،اختاره«الشّيخ».

و الأقوى:الأوّل).

و نجده حينا آخر يكتفي بالمقارنة«خارج المذهب»كما هو ملاحظ في الممارسة الآتية:

(لو صلّى المكتوبة بعد الطّواف لم تجزه عن الرّكعتين.و به قال الزّهري و مالك و أصحاب الرّأي،و روي عن ابن عبّاس و عطاء و جابر بن زيد و الحسن و سعيد بن جبير و إسحاق و عن أحمد روايتان).

و قد يتخلّى أحيانا عن عرض الأقوال نهائيّا،مكتفيا بوجهة نظره فحسب،من نحو معالجته للمسألة التّالية:

(مسألة:يحرم عمل الصّور المجسّمة و أخذ الأجرة عليه،روى ابن بابويه عن

ص:12

الحسين.إلخ).

و قد يتخلّى حتّى عن تقديم وجهة نظره مباشرة،مكتفيا من ذلك بإيراد الدّليل،و هو:

ما يدرج ضمن«الفتوى»بمتن الرّواية على نحو ما نلحظه في الممارسة التّالية:

(فصل:روى الشّيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يرشو الرّجل الرّشوة على أن يتحوّل من مسكنه فيسكنه؟قال عليه السلام:لا بأس).

لكن-كما قلنا-إنّ أمثلة هذه الموارد الّتي يتخلّى فيها عن المقارنة-في صعيد عرض الأقوال-تظلّ نادرة بالقياس إلى الطّابع الغالب على ممارساته.و في تصوّرنا:انّ عدم خلاف يعتدّ به بين علماء الخاصّة،أو بينهم و بين«العامّة»أو كون المسألة المعروضة ذات طابع فرعيّ أو كون اللّجوء إلى عرض الأقوال في المسائل جميعا تستتلي إطالة البحث أو قلّة فائدته، أو كون المسألة لا يسمح الوقت بعرضها،أو كون الوقوف عليها يتعذّر حينا،أو كونها غير مبحوث فيها،كلّ ذلك يفسّر لنا السّرّ الكامن وراء تخلية أحيانا عن عرض الأقوال شاملة.

و خارجا عن ذلك،يظلّ عرض الأقوال لدى المؤلّف طابعا ملحوظا في غالبيّة ممارساته،حتّى أنّه ليقدّم أحيانا قوائم ضخمة من الأسماء بنحو يثير الدّهشة،حيث يعرض الأسماء الممثّلة للمذاهب الرّئيسة و ما ترتبط بها من خطوط و تيّارات داخل المذهب الواحد،كما يعرض الأسماء التي اندثرت مذاهبها،مضافا إلى أقوال كبار الصّحابة و التّابعين و سائر الفقهاء المتميّزين في مختلف الفترات التاريخيّة،ممّا يكشف ذلك عن قابليّة فذّة في بذل الجهد للعثور على تلكم الأسماء و استخلاص أقوالها،بخاصّة أنّ بيئته التاريخيّة لم تخبر وسائل الطّباعة الحديثة،حيث يتطلّب الوقوف على أقوال الفقهاء-في مختلف تيّاراتهم و أجيالهم-قابليّة ضخمة لا تتوفّر إلاّ لدى الأفذاذ،دون أدنى شك.

2-عرض الدّليل الشّخصيّ:

بما أنّ المؤلّف يبدأ غالبا«في عرضه للأقوال»بتصدير وجهة نظره،أو تخليلها ضمن العرض أو نهايته،حينئذ فإنّ الخطوة الثّانية من منهجه المقارن تبدأ بعرض الدّليل الشّخصي

ص:13

الّذي يمثّل وجهة نظره.و سنرى عند حديثنا عن أدوات الاستدلال الّتي يستخدمها:أنّ المؤلّف يعتمد أوّلا:الأدلّة الرئيسة:«الكتاب،السّنّة.إلخ»ثمَّ:الأدلّة الثّانويّة من أصل عمليّ،و غيره،مضافا إلى أدوات الاستدلال العامّة الّتي نعرض لها في حينه.

لكن،ما يعنينا الآن هو:منهج العرض،دون تفصيلاته،حيث يبدأ ذلك بالكتاب أو السّنّة أو الإجماع أو العقل،أو بثلاثة منها أو باثنين أو بها جميعا:حسب توافر الأدلّة الّتي تتاح له،أو يبدأ ذلك بدليل ثانويّ أو بالأدلّة جميعا:الرّئيسي و الثّانويّ.هذا إلى أنّ منهجه في عرضه للأدلّة المشار إليها يبدأ بعبارة«لنا»و هي تشير إلى دليله الشّخصي بطبيعة الحال،حيث يعرض الدّليل الإجماليّ أوّلا ثمَّ يبدأ بتفصيله،و هذا ما يمكن ملاحظته في الممارسة الآتية:

(مسألة:قال علماؤنا:النّوم الغالب على السّمع و البصر ناقض للوضوء.و هو مذهب المزنيّ و إسحاق و أبي عبيد.

لنا:النّصّ و المعقول.

أمّا النّصّ،فقوله تعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ .) و أمّا المعقول،فهو:أنّ النّوم سبب لخروج الحديث.إلخ).

و بما أنّ ما يعنينا-في هذه الخطوة من منهجه-هو:عرض الدّليل من خلال المقارنة ،و ليس الدّليل مطلقا-حيث نتحدّث عنه لا حقا-حينئذ فإنّ عرضه لدليله الشّخصي لا بدّ أن يتناسب مع منهجه المقارن الّذي يحرص فيه على تقديم الأدلّة متوافقة مع مبادي الخاصّة و العامّة،لكن بما أنّ مبادي العامّة تظلّ مستهدفة من حيث حرصه على تحقيق عمليّة «الإقناع»لهم،حينئذ نجده يقدّم أدلّتهم أوّلا،ثمَّ يتبعها بالدّليل الخاص.من هنا يبدأ بعرض الدّليل من«الكتاب»-إذا أمكن-بصفته دليلا مشتركا بين الخاصّ و العام،ثمَّ من روايات«العامّة»ثمَّ يورد الرّوايات«الخاصّة»حيث أنّ إيرادها أخيرا يظلّ أكثر إلزاما لهم من حيث كونها متوافقة مع أدلّتهم من جانب،مضافا إلى كون ذلك أسلوبا من أساليب«المجاملة»العلميّة.و يمكن ملاحظة هذا المنهج-في عرض الأدلّة-متمثّلا في الممارسة الآتية عن مسوّغات التّيمّم:(لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً .».

ص:14

و بما أنّ ما يعنينا-في هذه الخطوة من منهجه-هو:عرض الدّليل من خلال المقارنة ،و ليس الدّليل مطلقا-حيث نتحدّث عنه لا حقا-حينئذ فإنّ عرضه لدليله الشّخصي لا بدّ أن يتناسب مع منهجه المقارن الّذي يحرص فيه على تقديم الأدلّة متوافقة مع مبادي الخاصّة و العامّة،لكن بما أنّ مبادي العامّة تظلّ مستهدفة من حيث حرصه على تحقيق عمليّة «الإقناع»لهم،حينئذ نجده يقدّم أدلّتهم أوّلا،ثمَّ يتبعها بالدّليل الخاص.من هنا يبدأ بعرض الدّليل من«الكتاب»-إذا أمكن-بصفته دليلا مشتركا بين الخاصّ و العام،ثمَّ من روايات«العامّة»ثمَّ يورد الرّوايات«الخاصّة»حيث أنّ إيرادها أخيرا يظلّ أكثر إلزاما لهم من حيث كونها متوافقة مع أدلّتهم من جانب،مضافا إلى كون ذلك أسلوبا من أساليب«المجاملة»العلميّة.و يمكن ملاحظة هذا المنهج-في عرض الأدلّة-متمثّلا في الممارسة الآتية عن مسوّغات التّيمّم:(لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً .».

و ما رواه الجمهور عن أبي ذر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّ الصّعيد الطّيّب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح عن ابن سنان.إلخ).

واضح-كما قلنا-أنّ البدء بدليل الكتاب،فالرّواية العامّة،فالرّواية الخاصّة يحقّق هدفا مزدوجا-في مجال البحث المقارن-هو:إقناع«العامّة»أو إلزامهم من خلال أدوات استدلالهم،فضلا عن إقناع«الخاصّة»بأدواتهم أيضا.و الأمر نفسه حينما يتقدّم بالأدلّة الأخرى الّتي تشكّل أدوات مشتركة بين الفريقين،حيث تتطلّب المقارنة استخدام ما هو مشترك أيضا مثل:الإجماع،أو العقل،أو الأصل،و هو أمر يمكن ملاحظته في الممارسة الآتية الّتي استدلّ بها على طهارة الماء و مطهّريّته،مرتكنا-فضلا عن الكتاب و السّنّة-إلى الإجماع و العقل:

(أمّا الإجماع:فلأنّ أحدا لم يخالف في أنّ الماء المطلق طاهر.

و أمّا المعقول:فلأنّ النّجاسة حكم طارئ على المحل،و الأصل:عدم الطّريان،و لأنّ تنجّس الماء يلزم منه الحرج.إلخ).

و الأمر نفسه يمكن ملاحظته بالنّسبة إلى توسّله بسائر الأصول الأخرى،كالاستصحاب مثلا،و هذا من نحو:

(إذا أسر المشرك و له زوجة لم يؤسرها المسلمون،فالزّوجيّة باقية،عملا بالاستصحاب).

لكن:إذا كان المؤلّف يستخدم ما هو«مشترك»من الأدوات بين الفريقين،أو ما يختصّ بأدوات«الجمهور»فهذا لا يعني أنّه يستخدم مطلق أدواتهم بقدر ما يعني أنّه ينتخب من الأدوات ما لا يتعارض بنحو أساسي مع مبادئه الخاصّة،كالقياس و غيره من المعايير المنهيّ عنها في الشّريعة.

طبيعيّا،أنّ غالبيّة الأدوات الّتي يتوكّأ المؤلّف عليها بالنّسبة إلى أدوات الاستدلال لدى الجمهور،ليست حجّة عند المؤلّف،مثل رواياتهم الواردة من غير طرق الخاصّة،و مثل عمل الصّحابة،و مثل إجماعاتهم.إلاّ أنّه يستخدمها بمثابة إلزام يستدلّ من خلالها على

ص:

تثبيت وجهة نظره.حيث إنّ المسوّغ لأمثلة هذا التّوكّؤ على أدلّة السّنّة النّبويّة من طرقهم أو إجماعاتهم أو قول و عمل الصّحابة دون القياس و الاستحسان و نحوها من الأدلّة الّتي تدخل ضمن«الرّأي»هو:أنّ هذه الأدلّة لا تتعارض مع أدلّة«الخاصّة»من حيث كونها مستندة إلى كلام النّبي(ص)أو فعله أو تقريره،كلّ ما في الأمر أنّ«طرقها»مشكوك فيها، أي:أنّها ذات مظانّ شرعيّة من حيث المصدر دون طرقه الكاشفة عنه،و هذا بخلاف الأدلّة المستندة إلى«الرّأي»المنهيّ عنه شرعا،حيث لا مستند لها البتّة،لذلك يمكن الاستدلال بالرّواية أو الإجماع أو عمل الصّحابة«في مقام إلزامهم»على العكس من أدلّة «الرّأي»،فروايات الجمهور-مثلا-حيال طهارة و مطهّريّة الماء،أو إجماعهم على عدم انفعال الكثير منه بالنّجاسة،أو عمل الصّحابة في عدم الالتفات إلى«تغيّر»الماء الّذي لا يمكن التّحرّز منه بالنّسبة إلى مطهّريّته.أمثلة هذه الأدلّة الّتي استند إليها المؤلّف تظلّ أدوات معززة لدليل«الخاصّة»:من حيث استنادها إلى مصدر«شرعيّ»بالرّغم من أنّها ذات طرق مشكوك في حجّتها و لكنّها ما دامت-بشكل أو بآخر-تدّعي الانتساب إلى ما هو «شرعيّ»،فحينئذ لا مانع من التّوكّؤ عليها في صعيد«الإلزام»للمخالف.

و في ضوء هذه الحقائق يمكننا أن نستشهد ببعض ممارسات المؤلّف في تعامله مع أدلّة الجمهور في مرحلة عرض الأدلّة،سواء أ كان ذلك في صعيد التّعامل مع«الرّوايات»أو «الإجماع»أو«قول و فعل الصّحابيّ».

أمّا بالنّسبة إلى تعامله مع الرّواية،فنجده يرتكن-بنحو عام-إلى معايير الجمهور في «التّعديل و الجرح»لها،حيث إنّ المقارنة تفرض عليه أن يعتمد معايير الطّرف الآخر من أطراف المقارنة.لذلك يحرص على تقديم الرّواية المعتبرة سندا لدى الجمهور،حتّى أنّه ليشير أحيانا إلى كونها«معتبرة»من خلال التّنصيص عليها.و هذا من نحو تعقيبه على الرّوايات الّتي ساقها للتّدليل على عدم طهارة جلد الميتة حتّى لو دبغ،حيث علّق على إحداها قائلا:(و رواه أبو داود،قال:إسناده جيّد)و عقّب على أخرى،قائلا:(و إسناده حسن).

بالمقابل نجده في مرحلة ردوده على أدلّة الآخرين-كما سنرى لا حقا-يرفض الرّواية

ص:16

الضّعيفة مستندا أيضا لمعاييرهم في«الترجيح».و هذا يعني أنّ المؤلّف يظلّ ملتزما بما تفرضه متطلّبات المقارنة بين الأطراف من حيث الرّكون إلى معاييرهم في تعديل الرّواية أو تجريحها.

لكن،ثمّة ملاحظة لا مناص من تسجيلها هنا،و هي:أنّ المؤلّف يعتمد على الرّواية العاميّة مع كونها غير معتبرة،في نظره من أجل«إلزام المخالف»حيث يصرّح بكونها«غير معتبرة»و لكنّه يقدّمها بمثابة«إلزام»للمخالف.فمثلا،في تقديمه لإحدى الرّوايات الّتي تزعم أنّ النّبي(ص)قد سلّم في ركعتي الرّباعيّة نسيانا،و تكلّم بعد ذلك مستفسرا بعد أن نبّه على ذلك حيث ساقها المؤلّف للتّدليل على جواز التّكلّم علّق قائلا:

(لنا.و رواية ذي اليدين-و هي الرّواية الّتي ساقها للتّدليل على جواز التّكلّم لمن ظنّ الإتمام-و ان لم تكن حجّة لنا،فهي في معرض الإلزام).كذلك،في تعقيبه على صلاة جعفر حيث قدّم رواية من الجمهور بأنّ النّبي(ص)علّم العبّاس بن عبد المطّلب تلكم الصّلاة،بينا تشير الرّوايات الواردة من طرق الخاصّة أنّه(ص)قد علّمها«جعفرا»فيما عقّب المؤلّف على ذلك قائلا:

(و نحن إنّما ذكرنا تلك الرّواية احتجاجا على أحمد النّافي لمشروعيّتها).أمثلة هذه النّماذج تكشف عن أنّ المؤلّف يعنيه أن يلزم المخالف في الدّرجة الأولى حتّى لو كان ذلك على حساب الرّواية الضّعيفة.

لذلك-كما قلنا-لا يتقبّل الرّواية الضّعيفة في مرحلة«الرّدّ»من جانب،مضافا إلى أنّه لا يتقبّلها مطلقا-في حالة مناقشته للخاصّة-من جانب آخر،و هذا ما نلحظه في تعليقه على رواية للجمهور،احتجّ بها الطّوسي في عدم جواز تقدّم المرأة على الرّجل في الصّلاة،قائلا:

(إنّه غير منقول من طرقنا فلا تعويل عليه)فالمؤلّف هنا يرفض الرّواية العاميّة حتّى لو كانت معتبرة لدى العامّة-عند مناقشته الخاصّة-ما دامت ليست حجّة من حيث طرقها و لكنّه يتقبّلها في معرض إلزامه للمخالف،مع ملاحظة أنّه يخضعها لمعايير التّعديل و الجرح عند تعامله مع الجمهور،إلاّ في حالة الإلزام،حيث لا يلتزم بصحّة الرّواية أو عدمها للسّبب الّذي ذكرناه.و هذا يعني أنّ المؤلّف يأخذ طرفي المقارنة بنظر الاعتبار حتّى أنّنا لنجده في

ص:17

تعامله مع الرّواية الواحدة-من حيث طرفي المقارنة-يخضعها لمستويين من التّعامل،حيث وجدناه يرفض الرّواية الّتي احتجّ بها«الطّوسيّ»،من خلال«السّند»،و لكنّه عندما يناقش أبا حنيفة-حيث احتجّ أيضا بالرّواية المذكورة-نجده يرفض الرّواية ليس من حيث «سندها»بل من حيث«دلالتها»فيما عقب عليها قائلا:

(لا يصحّ احتجاج أبي حنيفة،لأنّه إذا وجب أنّ يؤخّرها،وجب عليها أن تتأخّر،و لا فرق بينهما،بل الأولى أن يقول:إنّ المنهيّ هي المرأة عن التقدّم).

لا شك،انّ أمثلة هذا التّعامل مع روايات الجمهور،تظلّ منهجا صائبا ما دام يأخذ بنظر الاعتبار أدوات الجمهور و الخاصّة.حيث يتعيّن عليه أن يرفض روايات العامّة عند مناقشته«الخاصّة»،مثلما يحق له أن يقدّم الرّواية الضّعيفة حينما يحتجّ بها على المخالف في حالة كونها معتبرة لدى الأخير،و هذا ما نجده واضحا عندما يحتجّ-مثلا-على أبي حنيفة برواية مرسلة ما دام الأخير لا يمانع من العمل بها-كما صرّح المؤلّف بذلك في بعض احتجاجاته على الشّخص المذكور.

بيد أنّنا لا نوافق المؤلّف على احتجاجه بالرّواية الضّعيفة في حالة تضمّنها ما هو مضادّ لمبادئ الشّرع من جانب،و ما هو متناقض في الاستدلال بها من جانب آخر.و هذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في ممارستين للمؤلّف،تحدّث في أولاهما عن الكلام متعمّدا في الصّلاة،و تحدّث في أخراهما عن الكلام ممّن ظنّ إتمامها،حيث رفض«في المسألة الأولى» رواية للجمهور تزعم-كما أشرنا-بأنّ النّبيّ«ص»سلّم في ركعتي الرّباعيّة نسيانا،فيما لفت«ذو اليدين»نظر النّبيّ«ص»إلى ذلك،و انّه«ص»قد استفسر عن صحّة ما زعمه الشّخص المذكور.المؤلّف ردّ هذه الرّواية بجملة وجوه،منها:انّ الرّاوي أبا هريرة أسلم بعد وفاة الشّخص المشار إليه بسنتين،و منها-و هذا ما نعتزم التأكيد عليه-:انّ الرّواية تتضمّن ما يتنافى مع عصمة النّبي«ص»و هو النّسيان.

أمّا«في المسألة الثّانية»فإنّ المؤلّف يقدّم الرّواية ذاتها للتّدليل على جواز التّكلّم بالنّسبة لمن ظنّ الإتمام.فبالرغم من أنّه لم يعتدّ بهذه الرّواية،حيث علّق قائلا:(و رواية ذي اليدين-و ان لم تكن لنا حجّة-فهي في معرض الإلزام)إلاّ أنّ سوقها هنا للتّدليل على

ص:18

جواز التّكلّم بالنّسبة لمن ظنّ الإتمام،ينطوي على جملة من الملاحظات،منها:استشهاده بها في حكمين مختلفين هما:النّسيان و الظّنّ مع أنّها لا تتضمّن إلاّ حكما واحدا.و حتّى مع صحّة الفرضيّة الاولى لا يمكننا أن نعتمدها ما دام المؤلّف نفسه قد رفضها بالنّسبة إلى النّسيان،فيما ينبغي أن يرفضها بالنّسبة إلى الظّنّ أيضا،ما دامت متعلّقة بفعل واحد.

مضافا لما تقدّم،فإنّ الرّواية المذكورة ما دامت تتضمّن ما هو يتنافى مع عصمة النّبيّ«ص»حينئذ لم يكن هناك أيّ مسوّغ للاستدلال بها ما دام المؤلف قد أخذ على نفسه ألاّ يعتمد-حتّى في مجال الإلزام-ما لا يتّسق مع الشّرع بنحو ما قلناه مثلا:في رفضه لمعاييرهم المرتبطة بالقياس و الاستحسان و نحوهما ممّا يرفضها حتّى في حالة«الإلزام».

و أيّا كان،فإنّ المؤلّف خارجا عن الملاحظة المذكورة،يظلّ-كما قلنا-متعاملا مع «روايات»الجمهور حسب ما يتطلّبه منهج«المقارنة»من الاعتماد على«أدواتهم الاستدلاليّة»الّتي لا تتعارض مع أدلّة«الخاصّة»بالنّحو الّذي أوضحناه.

أمّا ما يتّصل بأدوات الاستدلال الأخرى،فإنّ المؤلّف يمارس نفس المنهج،و هذا مثل تعامله مع دليلي:«الإجماع»و«عمل الصّحابة».و هو ما يمكن ملاحظته في الممارسة التّالية«بالنّسبة إلى عدم جواز المسح على الخف،فيما عرض جملة من أدلّة الجمهور»،منها:

(.و ما روي عن الصّحابة من إنكاره،و لم ينكر المنازع،فدلّ على أنّه إجماع).

و مثل الممارسة التّالية«بالنّسبة إلى جواز التّكلّم في الصّلاة ممّن ظنّ إتمامها»:

(.نقل عن جماعة من الصّحابة أنّهم تكلّموا بعد السّلام بظنّ الإتمام،ثمَّ أتمّوا مع الذّكر كالزّبير و ابنيه:عبد اللّه،و عروة،و صوّبهم ابن عبّاس،و لم ينكر،فكان إجماعا).

و مثل الممارسة الآتية«مستدلاّ بها على طهارة و مطهّريّة الماء المطلق في حالة امتزاجه بما لا يمكن التّحرّز منه»:

(.و لأنّ الصّحابة كانوا يسافرون و غالب أوعيتهم الأدم،و هي تغيّر الماء غالبا).

و أمّا«عمل الصّحابي»منفردا«بخلاف العمل الجماعيّ السّابق بصفته كاشفا عن السّيرة الشّرعيّة بالنّسبة لمقاييس الجمهور»فإنّ تعامل المؤلّف مع هذا الجانب،يظلّ مماثلا لتعامله مع«الرّواية»من حيث تقديمه دليلا معزّزا لوجهة نظره الشّخصيّة،ثمَّ رفضه للدّليل

ص:19

المذكور نفسه في مرحلة ردّه على أدلّة المخالفين تمشّيا مع منهجه القائم على«إلزام» المخالف بالنّحو الّذي لحظناه في إلزامه الآخرين بالنّسبة إلى الرّواية الضّعيفة الّتي يقدّمها في مرحلة عرض الدّليل الشّخصيّ،ثمَّ يرفضها في مرحلة الرّد و هذا ما نلحظه-مثلا-في عرضه لإعمال كبار الصّحابة بمثابة تعزيز لأدلّته الخاصّة،بينا يرفضها مطلقا في حالة احتجاجهم ذاهبا إلى أنّها ليست«حجّة»ما دامت غير مرتكنة إلى النّبي«ص».

و بعامّة،فإنّ تعامل المؤلف مع أدوات الاستدلال لدى الجمهور«في مرحلة عرض الأدلة الشّخصية»،يتمثّل:إمّا في أداة مشتركة مثل:«الكتاب»أو«إجماع المسلمين»أو «العقل»أو«الأصل».أو في أدواتهم المختصّة بهم.و أمّا تعامله مع فقهاء الخاصّة، فلا بدّ أن يتمّ-بطبيعة الحال-وفق أدواتهم الخاصّة بهم أيضا ما داموا من جانب،أحد طرفي «المقارنة»و ما دام المؤلّف يمثّل أحد فقهائهم من جانب آخر،مع ملاحظة أنّه يستخدم نفس التّعامل بالنّسبة إلى عمليّة«الإلزام»،أي:العمل بما هو ليس«حجة»لديه في صعيد التّعزيز لوجهة نظره،أو صعيد«الرّدّ»على أدلّة الآخرين بالنّحو الّذي نعرض له لا حقا عند حديثنا عن الجانب الآخر من ممارسته،و هو:«الاستدلال».

3 فرضيّة النّقض:

المؤلّف عندما يعرض أدلّته الشّخصيّة في المرحلة الثّانية،يفترض أحيانا إمكانيّة «الإشكال»عليها من قبل الآخرين كما لو افترض أنّ النّصوص الّتي استشهد بها مطعونة سندا،أو معارضة بنصوص أخرى،أو أنّ أدلّته بعامّة غير صائبة مثلا.إلخ،حينئذ يتقدّم المؤلّف بالرّدّ على الإشكال المتقدّم.و هذا ما يمكن ملاحظته مثلا في النّموذج الآتي، حيث قدّم المؤلّف أدلّته الشّخصيّة على عدم انفعال ماء البئر بالنّجاسة،و منه:الرّواية القائلة(كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضا«ع»،فقال:ماء البئر واسع لا يفسده شيء.إلخ)حيث عقّب المؤلّف على هذه الرّواية قائلا:

(و اعترضوا على الحديث الأوّل بوجوه

ص:20

أحدها:أنّ قوله«ع»:لا يفسده.أي:فسادا يوجب التّعطيل.

الثّاني:أنّ الرّاوي أسندها إلى المكاتبة،و هي ضعيفة.

الثّالث:المعارضة بخبر ابن بزيع-و هو الخبر القائل بأن ينزح من البئر دلاء،حيث تستشف منه نجاسة البئر.

و الجواب عن الأوّل:أنّه تخصيص لا يدلّ اللفظ عليه.

و عن الثّاني:أنّ الرّاوي قال:فقال«ع»كذا،و الثّقة لا يخبر بالقول إلاّ مع القطع، على أنّ الرّسول«ص»كان ينفذ رسله بالمكاتبات.

و عن الثّالث:انّما يتمّ على تقدير نصوصيّة الحديث.و ليس كذلك).

واضح من خلال هذه الممارسة أنّ المؤلّف قد التزم بمتطلّبات المقارنة الشّاملة الّتي تفرض عليه أن يتوقّع إشكالات الأخيرين عليه،فيما يمكن ألاّ يقتنعوا بصواب دليله الشّخصي.فجاء مثل هذا العرض أو افتراض الإشكال عليه،يحمل مسوّغة دون أدنى شكّ.كما جاء«الرّدّ»على هذه الإشكالات محكوما بنفس المسوّغ،طالما يستهدف من ذلك تثبيت وجهة نظره الخاصّة،كما هو واضح.

و يلاحظ:أنّ عرض المؤلّف لاعتراضات الآخرين،يأخذ أكثر من صياغة،فهو حينا يصوغ الإشكال بنحوه المتقدّم،و حينا آخر يستخدم أسلوب«المقولات»أي:عبارة:«لا يقال»و«لأنّا نقول».و هذا من نحو ذهابه إلى عدم وجوب استيعاب الرّجلين بالمسح،عبر ارتكانه إلى الدّليل القرآنيّ في آية الوضوء من عطف عبارة«الأرجل»على«الرّؤس»حيث افترض هذا الإشكال:

(لا يقال:فقد قرئ بالنّصب،و ذلك يقتضي العطف على المحل فلا يكون مبعّضا.

لأنّا نقول:لا منافاة بينهما،لأنّ التّبعيض لمّا ثبت بالجرّ،وجب تقديره في النّصب، و إلاّ لتنافت القراءات.إلخ).

هذا إلى أنّ أسلوب«المقولات»يجيء أيضا في المراحل الأخرى من منهجه المقارن:عند ما يعرض أدلّة الآخرين و الرّدّ عليها،حيث تتطلّب المناقشة أمثلة هذه الإشكالات و الرّدّ عليها،كما سنرى في حينه.

ص:21

و يلاحظ أيضا:أنّ هناك صياغة اخرى يستخدمها المؤلّف في مرحلة«النّقض» لأدلّته،ألا و هي:تطوّع المؤلّف بإيراد الإشكال على دليله دون أن يفترضه من الآخرين، و هذا يتمّ-غالبا-عند تقديمه للأدلّة الرّوائيّة:من حيث انطواؤها على اعتراضات في السّند أو الدّلالة حينا.و يمكن ملاحظة ذلك في ممارسات متنوّعة من نحو تقديمه جملة من الرّوايات الّتي ساقها للتّدليل على وجوب الموالاة في أفعال الوضوء،حيث استشهد برواية لأبي بصير،و عقّب قائلا:

(و في طريقها سماعة،و فيه قول).

و استشهد برواية أخرى،و عقّب عليها قائلا:

(و في طريقها معلّى بن محمّد،و هو ضعيف).

فالمؤلّف في أمثلة هذه الممارسات،يتطوّع بإيراد الإشكال على أدلّته،حيث ينسج حولها صمتا حينا،كما هو طابع النّصوص المتقدّمة الّتي لم يردّ عليها.و لكنّه يردّ على ذلك حينا آخر،كما هو ملاحظ في تعقيبه على رواية ساقها للتّدليل على أنّ الواجب في غسل الأعضاء-بالنّسبة للوضوء-هو:المرّة الواحدة،حيث أشار إلى أنّ في طريقها سهل بن زياد، و هو ضعيف.و لكنّه يردّ على هذا الإشكال بأنّ الرّواية قد تأيّدت بروايات صحيحة تحوم على نفس الموضوع.

لا شكّ،أنّ تقديم الرّواية الضّعيفة في سياق الرّوايات المعتبرة يعدّ نوعا من«التّزكية» لها،إلاّ أنّ الملاحظ أنّ المؤلّف نجده-بعض الأحيان-يورد الرّواية الضّعيفة في سياق خاصّ هو كونها«مقوّية»لأدلّته لا أنّها«تستدل»بها و هذا ما نلحظه مثلا:في تعقيبه على رواية ضعيفة أوردها للتّدليل على عدم نجاسة ما لا نفس له سائلة،حيث قال:

(و هذه مقوّية،لا حجّة).

هنا ينبغي أن نشير إلى أنّ تقوية الاستدلال برواية ضعيفة لا يمكن الاقتناع به،لبداهة أنّ ما هو«ضعيف»لا قابليّة له على«التّقوية»،بل العكس هو الصّحيح،أي:أنّ الرّواية الضّعيفة هي ما تتقوّى بالرّوايات المعتبرة-كما لاحظنا ذلك في نصّ أسبق.

و أيّا كان،يعنينا أن نشير إلى أنّ المؤلّف في المرحلة الثّالثة من منهجه المقارن يلتزم

ص:22

بموضوعيّة«المقارنة»حينما يتطوّع بإيراد الإشكالات المتوقّعة حيال أدلّته الشّخصيّة،بالنّحو الّذي تقدّم الحديث عنه.

4-أدلّة المخالفين:

بعد أن يعرض المؤلّف دليله الشّخصيّ و الإشكالات الواردة عليه من قبل المؤلّف نفسه،يتّجه إلى عرض الأدلّة المخالفة لوجهة نظره حيث يصدّرها بعبارة:«احتجّ»فيما تومئ هذه العبارة إلى المستند الشّرعيّ أو العقليّ للأقوال الّتي عرضها المؤلّف في المرحلة الاولى من منهجه المقارن،أي:الأقوال المخالفة لوجهة نظره-كما قلنا.

طبيعيّا،يظلّ العرض لأدلّة المخالفين مرتبطا بطبيعة المسألة المطروحة من حيث شمولها لكلّ من«العامّة»و«الخاصّة»فيما يفرد لكلّ منهما حقلا خاصّا،و من حيث تعدّد الأقوال أو توحّدها،حيث يحرص على عرضها جميعا ما أمكنه ذلك.فمثلا،عند عرضه لمسألة عدم رؤية الهلال،نقل جملة آراء:شهادة العدل الواحد،شهادة العدلين،شهادتهما مع الصّحو،شهادة عدد كبير مع العلّة.إلخ،حيث حرص على عرض الأدلّة لها بهذا النّحو:

(احتج سلار.

و احتجّ الشّافعيّ.

و احتجّ أبو حنيفة.

و احتجّ الشّيخ.).

إلاّ أنّ الملاحظ أنّ المؤلّف لا يعرض أحيانا للاحتجاجات كلّها،بل نجده يكتفي بعرض واحد منها،و هذا من نحو عرضه للأقوال المختلفة بالنّسبة إلى عدم تعيّن«الحمد»أو تعيّنها في الثّالثة و الرّابعة من الفرائض حيث نقل قولا بوجوبها في كلّ الرّكعات،و قولا في معظم الصّلاة،و قولا في ركعة واحدة.و لكنّه اكتفى ب«احتجاج»منها،هو:ما نقله الجمهور عن النّبي«ص»بأنّه كأنه يقرأ بالحمد في الرّكعتين الأخيرتين،دون أن يعرض لأدلّة القولين الآخرين.و هذا ما لا يلتئم مع حرصه الّذي لحظناه بالنّسبة إلى عرض الأدلّة

ص:23

جميعا.إلاّ أنّنا نحتمل أنّ عدم وجود دليل يعتدّ به،أو عدم العثور عليه بسبب فقدان النّصوص الاستدلالية للمخالف،يقف سببا وراء ذلك،و هذا ما يصرّح به المؤلّف أحيانا عندما يقرّر بأنّه لم يعثر على دليل لهذا الفقيه أو ذاك،بخاصّة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ تقديمه لأدلّة المخالفين لا ينحصر في عثوره على المصدر الاستدلاليّ للمخالف،بل يلتمس المؤلّف أدلّة تتناسب مع فتوى المخالف حيث إنّ كثيرا من الفقهاء لم يؤثر عنهم أيّ كتاب استدلاليّ،كما أنّ بعض أقوالهم تنقل عنهم بواسطة الآخرين،ممّا يجعل العثور على أدلّتهم أمرا متعذّرا،و من ثمَّ ينحصر عرض الدّليل في محاولة المؤلّف بأن يلتمس دليلا تخمينيّا يمكن أن يشكّل مستندا للأقوال المشار إليها.

و هذا كلّه فيما يتّصل بطريقة العرض للأدلّة المخالفة.

أمّا فيما يتّصل بمستوياتها-من حيث الاختزال أو التّفصيل،و من حيث أدوات الاستدلال الّتي يعتمدها-فتظلّ مماثلة لمنهجه في عرض الأدلّة الشّخصيّة،حيث يخضع المسألة لمتطلّبات السّياق الّذي ترد فيه،ففي صعيد الإجمال أو التّفصيل للأدلّة نجده حينا يكتفي بتقديم الدّليل عابرا،و نجده في ممارسات اخرى يفصّل الحديث في ذلك،و هذا من نحو الممارسة التّالية الّتي يعرض فيها أدلّة القائلين بانفعال ماء البئر بالنّجاسة:

(احتجّ القائلون بالتّنجيس بوجوه:

الأوّل:النّص،و هو ما رواه الشّيخ في الصّحيح.

الثّاني:عمل الأصحاب.

الثّالث:لو كان طاهرا لما ساغ التيمّم،و التّالي باطل فالمقدّم مثله،و الشّرطيّة ظاهرة،فإنّ الشّرط في جواز التّيمّم فقدان الطّاهر،و بيان بطلان التّالي من وجهين:

الأوّل:ما رواه الشّيخ في الصّحيح عن عبد اللّه بن أبي يعفور و عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه«ع»قال:«إذا أتيت البئر و أنت جنب فلم تجد دلوا و لا شيئا يغرف به،فتيمّم بالصّعيد الطّيّب،فانّ ربّ الماء ربّ الصّعيد،و لا تقع على البئر و لا تفسد ماءهم».

الثّاني:لو لم يجز التّيمّم لزم أحد الأمرين:

إمّا جواز استعمال ماء البئر بغير نزح،أو

ص:24

طرح الصّلاة،و هما باطلان.أمّا الأوّل:فلأنّه لو صحّ،ما وجب النّزح،و هو باطل بالأحاديث المتواترة الدّالّة على وجوبه.و أمّا الثّاني:فبالإجماع.

الرّابع:انّه لو كان طاهرا لكان النّزح عبثا،و المقدّم كالتّالي باطل).

فالملاحظ أنّ المؤلّف فصل في عرضه لأدلّة المخالفين،حيث قدّم أوّلا أربعة أدلّة رئيسة و معزّزة،و فصّل ثانيا في عرضه للدّليل الثّالث ففرّع عليه فرعين،ثمَّ فرّع على الأخير منهما فرعين أيضا.و مثل هذا التّفصيل في عرضه لأدلّة المخالف فضلا عن كونه عملا جادّا يكشف عن براعته في العرض،و فضلا عن كونه يتناسب مع أهمّية المسألة المطروحة حيث إنّ السّابقين على«العلاّمة»قد اشتهر القول لديهم بانفعال ماء البئر-و قد خالفهم في ذلك- ممّا يجعل لتفصيله المذكور مسوّغا علميّا دون أدنى شكّ.و فضلا عن ذلك كلّه،فإنّ المؤلّف من خلال حرصه على تفصيل الأدلّة،يكشف عن الحياد العلميّ الّذي تتطلّبه المقارنة الشّاملة،كما هو واضح.

5 الرّد على أدلّة المخالفين:
اشارة

بعد أن يعرض المؤلّف لأدلّة المخالف،حينئذ يتعيّن عليه«منهجيّا»أن يتّجه للرّدّ عليها طالما يستهدف تثبيت وجهة نظره بطبيعة الحال،و من الواضح،أنّ هذه المرحلة من مراحل منهجه المقارن،تظلّ مرتبطة بمستويات الأدلّة الّتي يلتمسها للمخالف،فيجمل أو يفصّل أو يبسّط أو يعمّق الرّدّ حسب متطلّبات السّياق.إلاّ أنّه بعامّة يلقي-في هذه المرحلة-بثقله العلميّ بنحو ملحوظ بحيث تتّضح أمام الملاحظ قابليّة المؤلّف في محاكمة أدلّة الآخرين، و من ثمَّ يمكننا أن نستكشف غالبيّة الأدوات الّتي يعتمدها في ممارسته الفقهيّة،بحيث يمكن القول بأنّ الطّابع العلميّ يتبدّى من خلال هذه المرحلة من منهجه المقارن.

و يمكننا-على سبيل المثال-أن نقدّم نموذجا للرّدّ المفصّل لدى المؤلّف،حيث لحظنا في المرحلة السّابقة«مرحلة عرض أدلّة المخالفين»أنّه فصّل الكلام في عرضه لأدلّة القائلين بانفعال ماء البئر.و ها هو يسلك نفس التّفصيل في الرّدّ على ذلك ما دام الموقف يتطلّب تجانسا بين أدلّة المخالف المفصّلة و بين الرّدّ عليها بنفس التّفصيل.

ص:25

يقول المؤلّف-و قد قدّم أدلّة المخالف في أربع نقاط مع تفريعاتها-:

(و الجواب عمّا احتجّوا:

أوّلا،من وجوه:

أحدها:انّه«ع»لم يحكم بالنّجاسة«أي:قوله«ع»:ينزح منها دلاء»أقصى ما في الباب أنّه أوجب النّزح.

و ثانيها:انّه لم لا يجوز أن يكون قوله:«ينزح منها دلاء»المراد من الطّهارة ها هنا:

النّظافة؟!.

ثالثها:يحمل على ما لو تغيّرت،جمعا بين الأدلّة.

رابعها:هذه دلالة مفهوم،و هي ضعيفة،خصوصا مع معارضتها للمنطوق.

و خامسها:يحمل المطهّر هنا على ما اذن في استعماله،و ذلك انّما يكون بعد النّزح لمشاركته للنّجس في المنع جمعا بين الأدلّة.و هذه الأجوبة آتية في الحديث الثّاني«أي:قوله «ع»يجزيك أن تنزح دلاء».

و عن الثاني بأنّ عمل الأكثر ليس بحجّة،و أيضا:فكيف يدّعى عمل الأكثر هنا مع أنّ الشّيخ و ابن ابي عقيل ذهبا إلى ما نقلناه-أي:مخالفتهما.

و عن الثالث:بالمنع من الملازمة«أي:احتجاجهم القائل:لو كان طاهرا لما ساغ التّيمّم،و التّالي باطل،فالمقدّم مثله»:

أوّلا:قوله:الشّرط فقدان الطّاهر،قلنا:ليس على الإطلاق،بل المأذون في استعماله،فإنّ المستعمل في إزالة الحدث الأكبر طاهر عند أكثر أصحابنا يجب معه التّيمّم،فكذا هنا.

و ثانيا:بالمنع من بطلان التّالي.و الحديث الّذي ذكروه«و هو قوله«ع»:فتيمّم بالصّعيد الطّيّب.و لا تقع على البئر و لا تفسد.إلخ غير دالّ على التّنجيس،فإنّه يحتمل رجوع النّهي إلى التّنجيس للمصلحة الحاصلة من فقدان الضّرر بالوقوع،و النّهي عن إفساد الماء:امّا على معنى عدم الانتفاع به إلاّ بعد النّزح.).

لقد استشهدنا بهذا النّص المطوّل ليتبيّن القارئ مدى اتّسام هذا الرّدّ بالتّفصيل

ص:26

و العمق و الشّمول،فيما ردّ على الدّليل الأوّل«و هو الرّوايتان القاضيتان بالنّزح»حيث علّل المخالف ذلك بقوله:(لو كانت طاهرة لكان تعليل التّطهير بالنّزح تعليلا لحكم سابق بعلّة لا حقة)ردّه على ذلك بخمسة وجوه اعتمد فيها على ذائقته الفقهيّة المتميّزة من جانب، مثل عدم الملازمة بين النّزح و النّجاسة،و مثل إمكان حمل ذلك على النّظافة و ليس الطّهارة الّتي تقابلها النّجاسة،و مثل تفسيره لعبارة«الإفساد لماء البئر بمعنى:عدم الانتفاع به، و ليس نجاسته.إلخ»مضافا-من جانب آخر-إلى محاولة تأليفه بين الرّوايات المتضاربة، حيث إنّ عبارات من نحو:(ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر)و(لا بأس)جوابا لمن سأله«ع»عن وقوع بعض النّجاسات في البئر،و(لا تعاد الصّلاة ما وقع في البئر إلاّ أن ينتن)أمثلة هذه العبارات(نصّ)في عدم انفعال ماء البئر بالنّجاسة،لذلك،فإنّ حمله الرّوايات الآمرة بالنّزح على«التّغيّر»و جمع بين الأدلّة،يكون بذلك قد استخدم ذائقته الفقهيّة في تفسير النّصّ أو تأويله«أي:الجمع»بالنّحو المطلوب.هذا فضلا عن اعتماد المؤلّف بعض الأدلّة العقليّة،في«الملازمات»التي نقضها.و فضلا عن اعتماده العنصر الاستقرائيّ في التماس أحكام أو أقوال«مماثلة»للمسألة المبحوث عنها،مثل استشهاده بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر.إلخ،حيث تكشف هذه المستويات من«الرّدّ» عن مدى الجدّيّة و مدى الحرص على تفصيل الممارسة الّتي ينتهجها في هذا الميدان.

طبيعيّا،من الممكن أن تثار بعض الملاحظات على الرّدّ المذكور للمؤلّف،و منها مثلا:ذهابه إلى أنّ عمل الأكثر ليس بحجّة«و هو موقف صائب دون أدنى شكّ،بدليل أنّه خالف المشهور في انفعال ماء البئر،مع ملاحظة أنّ المؤلّف يعمل بالمشهور في غالبيّة ممارساته -كما سنرى لا حقا»إلاّ أنّ ردّه على المخالف بعبارة(فكيف يدّعى عمل الأكثر هنا مع أنّ الشّيخ و ابن ابي عقيل ذهبا إلى ما نقلناه).هذا الرّدّ لا يمكن التّسليم به من حيث نفيه صفة«الشّهرة»لمجرّد مخالفة فقيهين،لوضوح أنّ مخالفة الواحد أو الاثنين لا تقدح في تحقّق الشّهرة،و إلاّ كان القول«إجماعا»و ليس«شهرة»كما هو بيّن،و لا أدلّ على ذلك أنّ المؤلّف قد صدّر ممارسته لهذه المسألة بعبارة:(المشهور عند أصحابنا:تنجّس البئر بملاقاة النّجاسة.)حيث أقرّ بتحقّق«الشّهرة»في هذا القول،و حينئذ،كيف ينفيه«في ردّه

ص:27

المذكور على المخالف؟»و بالرّغم من أنّ المؤلّف كان في صدد الرّدّ على«الشّهرة الفتوائيّة» مقابل«الشّهرة العمليّة»بدليل أنّ المخالف-حسب ما نقله المؤلّف على لسانه-قد احتجّ بالقول:(عمل أكثر الأصحاب،و هو و إن لم يكن حجّة.فإذا انضمّ إلى ما ذكرناه من الأحاديث حصل القطع بالحكم)إلاّ أنّه في الحالين-سواء أ كانت«الشّهرة:فتوائيّة أو عمليّة»-فإنّ مخالفة الواحد أو الاثنين لا تزيلها،كما قلنا.

و بغضّ النّظر عن ذلك.فإنّ المؤلّف«في ردوده بصورة عامّة»يظلّ-كما أشرنا- متوفّرا على الممارسة الجدّيّة،العميقة،المستوعبة لكلّ متطلّبات الرّدّ المفصّل،بالنّحو الّذي لحظناه.أمّا من حيث أدوات«المقارنة»الّتي يستخدمها المؤلّف في مرحلة ردّه على أدلّة المخالفين،فإنّ الخطوط الّتي لحظناها في«مرحلة عرض أدلّتهم»تأخذ المنحى ذاته:من حيث اعتماده أدوات طرفي المقارنة«الخاصّة»و«العامّة»،مضافا إلى الأدوات المشتركة بينهما بطبيعة الحال،مع ملاحظة جانبين هما:

رفضه لأدوات«الجمهور»في أكثر من مجال،منها:الرّدّ على الرّواية الضّعيفة «حيث لا يرفضها-كما لحظنا-عند مرحلة عرض أدلّته الخاصّة»،و منها:الرّدّ على أدلّتهم المنهيّ عنها«كالقياس و الاستحسان و نحوهما».

اعتماده-في كثير من الحالات-على الأدلّة«الخاصّة»في تعامله مع الجمهور،سواء أ كان ذلك في صعيد«الجمع»بين أدلّة الطّرفين أو التّرجيح لأدلّة الخاصّة.

و يحسن بنا أن نستشهد بنماذج من ممارساته في صعيد تعامله مع الجمهور أوّلا،فيما نبدأ ذلك بتعامله مع أدلّتهم النّقليّة،و في مقدّمتها:الرّواية،حيث يخضعها لجملة من الاعتبارات،منها:

1-التعامل مع الرّواية،من خلال«تجريحها»سندا،حيث يعتمد في ذلك على معايير الجمهور نفسه،ففي ردّه على رواية«إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا»فيما استدلّ بها الشّافعيّ على اعتصام الماء الكثير،علّق قائلا:

(انّ الحنفيّة قد طعنوا فيه.فلو كان صحيحا لعرفه مالك).

و ردّ الأحاديث الذّاهبة إلى أنّ المسح هو:إلى المرفقين في التّيمّم،بقوله

ص:28

(و الجواب عن أحاديث أبي حنيفة بضعفها فإنّ أكثر العلماء أنكرها و لم يرو منها أصحاب السّنن و قال أحمد:ليس بصحيح عن النّبيّ«ص»انّما هو عن ابن عمر،و قال الخطابيّ:يرويه محمّد بن ثابت،و هو ضعيف).

فالملاحظ هنا،أنّ المؤلّف قد اعتمد مقاييس الجمهور في تجريح هذه الرّوايات،من خلال علماء الحديث،أو أصحاب السّنن،أو روّاد المذاهب أنفسهم من حيث إنكار بعضهم لمبادئ البعض الآخر،حيث يعدّ مثل هذا المنحى من الرّدّ أسلوبا بارعا في «الإلزام»،كما هو واضح.

بيد أنّه،إذا كان المؤلّف يعتمد مقاييس الجمهور في تقويم الرّواية من أجل«إلزامهم» بمقاييسهم ذاتهم،فهذا لا يعني أنّه يتقبّل ذلك بنحو مطلق حتّى لو كان ذلك على حساب مبادئه الخاصّة مثلا.بل إنّ«الموضوعيّة»و«الحياد العلميّ»الّذي تفرضه«المقارنة»من جانب،و خطأ بعض المقاييس الّتي يصدر عنها الجمهور من جانب آخر،يفرضان على المؤلّف الاّ يتقبّل المعيار المخطئ لديهم.لذلك نجده يرد مثلا على الحنابلة الّذين طعنوا في حديث-ورد عن طريق الجمهور-للإمام«ع»فيما قدّمه المؤلّف دليلا لوجهة نظره بالنّسبة إلى التّخيير في الأخيرتين بين التّسبيح و الحمد.يردّ على الطّعن المذكور،بقوله:

(و طعن الحنابلة-في حديث عليّ«ع»بأنّ الرّواية هي للحارث بن الأعور،و قد قال الشّعبيّ:إنّه كان كذّابا-باطل،لأنّ المشهور من حال الحارث:الصّلاح،و ملازمته لعليّ«ع».و أمّا الشّعبيّ،فالمعلوم منه:الانحراف عنه«ع»و ملازمته لبني أميّة،و مباحثته لهم،حتى عدّ في شيعتهم).

إنّ أمثلة هذا الرّدّ تتناسب مع موضوعيّة المنهج المقارن الّذي يفرض على المؤلّف ألاّ يتقبّل المعايير المخطئة للجمهور،بخاصّة أنّ المؤلّف استند إلى عنصري:«السّيرة و التّأريخ» في تدليله على فساد الطّاعن و صلاح المطعون.و منها:

2-التّعامل مع الرّواية من خلال السّمة الذّهنيّة للرّاوي من حيث إمكان«توهّمه»في عمليّة النّقل.و هذا من نحو رواية أبي هريرة عن النّبيّ«ص»القائلة:«جعل المضمضة و الاستنشاق للجنب ثلاثا:فريضة»حيث عقّب المؤلّف عليها قائلا

ص:29

(أنّه حكاية قول أبي هريرة فلعلّه«توهّم»ما ليس بفرض فرضا).

و ممّا يكسب أمثلة هذا الرّدّ قيمة علميّة،أنّ المؤلّف-في حالات كثيرة-لا يقف عند مجرّد إمكان«التّوهّم»،بل نجده يستدلّ على ذلك.و هذا من نحو ردّه على الاتّجاه الذّاهب إلى وجوب إرغام الأنف في السّجود،حيث احتجّ المخالف برواية لابن عبّاس عن النّبيّ«ص»:(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم و أشار بيده إلى الأنف)فيما عقّب المؤلّف أوّلا على ذلك بقوله:

(فلعلّ الرّاوي رأى محاذاة يديه لأوّل الجبهة،فتوهّم الأنف).

بعد ذلك،استدلّ المؤلّف على«توهّمه المذكور»برواية أخرى للرّاوي نفسه،عدّ الأنف منها،فعقّب عليها بقوله:

(و قوله«ع»:أمرت أن أسجد على سبعة أعظم،ثمَّ عدّ الأنف،دليل على أنّه غير مراد بأمر الوجوب،و إلاّ لكان المأمور ثمانية).

إنّ أمثلة هذا الاستدلال يظلّ من المتانة و القوّة بمكان كبير،حيث أثبت إمكان «التّوهّم»من الرّاوي بما لا مجال للشّكّ فيه،و هو أمر يدعو إلى أكبار المؤلّف في أمثلة هذه الرّدود.و منها:

3-التّعامل مع الرّواية من خلال معارضتها من قبل الرّاوي نفسه،أي:معارضة روايته برواية أخرى للرّاوي ذاته.و هذا من نحو رواية أبي هريرة الّتي احتجّ بها المخالف بالنّسبة إلى وضع اليدين قبل الرّكبتين في الهويّ إلى السّجود:(إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه)حيث عقّب المؤلّف على هذه الرّواية:(و رواية أبي هريرة معارضة بالرّواية الّتي نقلناها عنه،و ذلك ممّا يوجب تطرّق التّهمة إليه)و يقصد بها رواية احتجّ بها المؤلّف لوجهة نظره الذّاهبة إلى وضع اليدين قبل الرّكبتين في الهويّ إلى السّجود،و الرّواية هي:(إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه،و لا يبرك بروك البعير).بيد أنّ مثل هذا الرّدّ يظلّ عرضة للإشكال من جانبين،أحدهما:سقوط الرّوايتين كلتيهما،حيث يفترض في مثل هذه الحالة إمّا أن يصحّح المؤلّف إحدى الرّوايتين أو يرجع الى ثالثة أو إلى الأصول العمليّة و نحوها:عند تعارضهما.الجانب الآخر:إنّ قول المؤلف بأنّ معارضة

ص:30

الرّواية الأولى بالثّانية توجب«تطرّق التّهمة»تنعكس عليه أيضا،لأنّ الرّواية الأولى ساقها للتّدليل على صحّة وجهة نظره،فإذا أسقط الرّوايتين،يكون قد أسقط دليله أيضا،و هذا ما يجعل الرّدّ المذكور غير محكوم بصواب ممارسته.و هذا على العكس مثلا من ممارسة اخرى، صحّح فيها المؤلّف إحدى الرّوايتين المتعارضتين عند ردّه على دليل خصمه فيما استند -بالنّسبة إلى زعمه بعدم وجوب سورة الحمد-إلى قوله«ص»(ثمَّ اقرأ ما تيسّر من القرآن.) حيث ردّ المؤلّف على ذلك بأنّ الرّواية المذكورة رويت بصيغة أخرى هي:(ثمَّ اقرأ بأمّ القرآن).و هذا ما يكسب الرّدّ المشار إليه،قيمة علميّة:ما دام المؤلّف قد اضطلع بتصحيح إحدى الرّوايتين و هي:الرّواية التي اعتمدها دليلا لوجهة نظره،كما هو واضح.و منها:

4-التّعامل مع الرّواية من خلال معارضتها مطلقا،أي:معارضتها بروايات اخرى.و هذا النّمط يتماثل مع سابقة-من حيث مستويات الرّدّ الّتي تتّجه إلى إسقاطهما أو تصحيح إحداهما.إلخ،ففي مجال التّصحيح مثلا،نجد المؤلّف يردّ على احتجاج المخالف الذّاهب إلى أنّ التكبير في الأذان مرّتان لا أربع،و استناده إلى رواية تقول بأنّ أحد المؤذّنين في زمن الرّسول«ص»كان يجعل التّكبير مرّتين،حيث ردّه المؤلّف:

(انّه معارض بحديث بلال-و كان المؤلّف قدّمه لدعم أدلّته الشّخصيّة-فيما تقول الرّواية بأنّ الرّسول«ص»علّمه التّكبير بأربع مرّات-و الأخذ به أولى،لأنّه كان أكثر ملازمة لرسول اللّه«ص»)و أهميّة مثل هذا الرّدّ تتمثّل في تصحيح الرّواية المعارضة من خلال كون المؤذّن أكثر ملازمة للنّبيّ«ص»و هذا مرجّح لها،أو إسقاط للرّواية المعارضة لها.فيما يكشف مثل هذا التّصحيح عن براعة فائقة في الممارسة الفقهيّة دون أدنى شك.و منها:

5-التّعامل مع الرّواية من خلال تذوّق دلالتها،أي:استشفاف المخالف دلالة مغايرة لظهورها و هذا ما يمكن ملاحظته في ردّ المؤلّف على الجمهور في ذهاب الأخير إلى عدم ناقضيّة النّوم للوضوء،إلاّ في حالات خاصّة،مستندين في ذلك إلى رواية تقول:(الوضوء على من نام مضطجعا،فإنّه إذا اضطجع استراحت مفاصله)و رواية أخرى جاء فيها:(بينا أنا جالس في صلاتي إذ رقدت،و إذا النّبيّ«ص»فقلت:يا رسول اللّه،عليّ من هذا

ص:31

وضوء؟،فقال:لا،حتّى تضع جنبيك).و قد عقّب المؤلّف على هاتين الرّوايتين،بقوله على الاولى:(إنّه نصّ على الاضطجاع و نصّ على العلّة الّتي هي الاسترخاء،و ذلك يقتضي تعمّم الحكم في جميع موارد العلّة).و قال عن الرّواية الأخرى:(يجوز أن يكون غير مستغرق بحيث يغيب عن مشاعره الإحساس).

فالمؤلّف هنا يرد تينك الرّوايتين من خلال تفسيرهما بما لا يتنافى و أدلّته الشّخصيّة، أو لنقل:يفسّرهما في ضوء النّقض للدّلالة الّتي أخطأ المستدل المخالف في استخلاص الحكم منها.بيد أنّ المهم هو:براعته في استخلاص الدّلالتين اللّتين لحظناهما حيث استخلص في أولاهما«مناطا»يتعمّم حكمه على جميع الموارد بما فيها المورد الّذي استهدف المخالف نفيه.كما استخلص في أخراهما:احتمالا هو عدم تحقّق «المناط»المشار إليه،حيث إنّ عدم الاستغراق في النّوم هو أحد مصاديقه،كما هو واضح.

التّعامل مع الأدلّة الأخرى:
الإجماع:

يتعامل المؤلّف مع«الجمهور»-بالنّسبة إلى الإجماع-بنحو يماثل التّعامل مع الدّليل الرّوائيّ من حيث اعتماده«إجماع الجمهور»،إلاّ أنّه يضيف إلى ذلك«إجماع المسلمين» -بنحو ما لحظناه في«مرحلة الأدلّة الشّخصيّة»-كما أنّه يضيف إلى ذلك«إجماع الخاصّة» و في مقدّمته«إجماع أهل البيت عليهم السّلام»،حيث إنّ طبيعة هذه المرحلة«مرحلة الرّدّ على دليل المخالف»تفرض عليه من جانب:أن يردّ إجماعاتهم بما يضادّها من أدلّتهم،و بما ينافيها من«إجماع الخاصّة»من جانب آخر.

و يمكن ملاحظة هذه المستويات من الرّدّ،متمثّلة في ردّه-على سبيل المثال-على الاتّجاهات الذّاهبة إلى غسل الوجه ما بين العذار و الاذن،حيث احتجّ المخالفون على ذلك ب«الإجماع».ردّهم بقوله:

(الجواب.بالمنع من الإجماع مع وقوع الخلاف،و كيف يتحقّق ذلك و أهل البيت

ص:32

عليهم السّلام رووا هذا القول-و يقصد به:ما دارت عليه الإبهام و الوسطى-و مالك و يوسف و الزّهريّ و غيرهم؟).

و من نحو ردّه على الاتّجاه الذّاهب إلى أنّ مسح الرّأس في الوضوء:أن يكون بجميعه، ردّ ذلك قائلا:

(.انّ أهل البيت أجمعوا على ردّه).

و من نحو ردّه على أحد الاتّجاهات الذّاهبة إلى أنّ«المسافة»ليست شرطا في«قصر» الصّلاة،ردّ ذلك قائلا:

(.إنّه مناف للإجماع،إذ قد ثبت عن الصّحابة و التّابعين:التّحديد).

فالملاحظ في هذه الممارسات الثلاث،أنّ المؤلّف توكّأ على«إجماع العامّة»في ردّه على قول شاذ«عدم شرط المسافة»،عبر استناده إلى إجماع الصّحابة و التّابعين.حيث إنّ مخالفة فقيه من«العامّة»لفقهائهم الآخرين،يفرض على أن«يلزمه»من خلال أدلّتهم،كما هو واضح.و أمّا ردّه على الاتّجاه الذّاهب إلى تحديد الغسل ما بين العذار و الاذن.فبما أنّ هذا الاتّجاه ادّعى«الإجماع»على ذلك،حينئذ نقض الادّعاء المذكور بوجود المخالف من «الخاصّة»و«العامّة»:حيث إنّ إشارته إلى خلاف«الخاصّة»-مضافا إلى خلاف «العامّة»،أشدّ إلزاما.

و أمّا ردّه على الاتّجاه الذّاهب إلى مسح جميع الرّأس،فبما أنّ«العامّة»منشطرون إلى أكثر من اتّجاه خلافا للخاصّة فيما«أجمعوا»على تبعيض ذلك،حينئذ يكون«الاستدلال» بإجماع«الخاصّة»وحدهم له مسوّغة العلميّ،كما هو واضح.

الشّهرة الرّوائيّة و العمليّة و الفتوائيّة:

تظلّ هذه الأدوات:من جملة الأدوات المشتركة الّتي يعتمدها المؤلّف في ردّه على أدلّة «الجمهور»بصفتها أدوات تعامل مع«الخاصّة»أيضا كما سنرى ذلك لا حقا.لذلك، نجده غير مقتصر على تقديم أدلّة طرف دون آخر،بل«يزاوج»بينهما في أكثر من ممارسة.

و هذا من نحو الممارسة التّالية الّتي يردّ فيها على روايتين قد أوردهما«الجمهور»بأنّ

ص:33

النّبيّ«ص»كان-في رفع اليدين-يقتصر على تكبيرة الافتتاح.حيث ردّ ذلك،قائلا:

(و الجواب عن الحديثين:أنّهما معارضان للأحاديث المتقدّمة-و يقصد بها:

الأحاديث الّتي عرضها المؤلّف«للخاصّة و العامّة»بالنّسبة لاستحباب رفع اليدين عند الرّكوع-مع«كثرة»رواياتها.و عمل الصّحابة بما قلناه،و عمل أهل البيت عليهم السّلام،مع أنّه:الحجّة،و هم أعرف بمظانّ الأمور الشّرعية).

فالملاحظ هنا،أنّه قد اعتمد«الشّهرة الرّوائيّة»أوّلا:حينما أشار إلى كثرة الرّوايات الذّاهبة إلى رفع اليدين.كما اعتمد-ثانيا-الشّهرتين«العمليّة»و«الفتوائيّة»:في حالة ما إذا كان عمل الصّحابة مستندا إلى رواياتهم الّتي ذكرها،أو مطلقا.و اعتمد-ثالثا-عمل أهل البيت عليهم السّلام حيث رجّح هذا الجانب على سواه.

و أهميّة مثل هذا الرّدّ تتمثّل في:كون المؤلّف قد اعتمد أدوات طرفي«المقارنة»فيما أكسب ممارسته أهميّة كبيرة،بيد أنّ الأهم من ذلك أنّه أكسب عمل أهل البيت عليهم السّلام قيمة خاصّة تترجّح على سواها بصفة أنّهم أعرف بمظانّ الأمور الشّرعيّة.و هذا يعني أنّ المؤلّف-في أمثلة هذه الممارسة-قد التزم بما تفرضه«منهجيّة المقارنة»من جانب،مضافا إلى ضرورة العمل بما يعتقده«حجّة»بينه و بين اللّه تعالى في ذهابه إلى أنّ أهل البيت عليهم السّلام هم الأعرف بمظانّ الأمور الشّرعيّة.

عمل الصّحابيّ:

لحظنا بعض الممارسات المرتبطة بعمل الصّحابة في مرحلة عرض الأدلّة الشّخصيّة و غيرها،هنا«في مرحلة الرّدّ على أدلّتهم،يمارس نفس المنحى من حيث تقبّله لهذا الدّليل» في حالة كونه كاشفا عن سيرة«شرعيّة»لدى الجمهور،كما هو الأمر بالنّسبة إلى ما لحظناه -قبل قليل-عن سيرتهم في«رفع اليدين»و«تحديد المسافة»حيث توكّأ على سيرة الصّحابة في«ردّه»على أدلّتهم المخالفة لوجهة نظره.

و الأمر كذلك،بالنّسبة إلى قول أو عمل الصّحابي«في حالة كونه مستقلا»حيث يردّ على مخالفيه قول أو فعل الصّحابي،من خلال إشارته إلى كونه معارضا بصحابيّ آخر،أو

ص:34

خرقه لإجماعهم أو إسقاطه أساسا،من حيث كونه غير حجّة ما لم يستند إلى الرّسول«ص».و هذا ما نلحظه-مثلا-في ممارسته الّتي يردّ بها على من ذهب إلى أنّ «عمر»همّ أن يعاقب أحد الأشخاص المفطرين ممّن انفرد برؤية الهلال،حيث علّق المؤلّف قائلا:

(إنّه-أي:سلوك الصّحابيّ المذكور-مستند إلى«صحابيّ»فلا يكون حجّة ما لم يسنده إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.).

الأدلّة المنهيّ عنها:

و نقصد بها:أدوات«القياس»و«الاستحسان»و الرأي و نحوها و حيث إنّ المؤلّف لا يعتمد أمثلة هذه الأدلّة المنهيّ عنها،فيما يفرض عليه ذلك،أن«يردّ»عليها بطبيعة الحال.و هذا ما يمكن ملاحظته-على سبيل الاستشهاد-في«ردّه»على من ذهب إلى جواز انعقاد الصّلاة بغير الصّيغة المنحصرة بعبارة«اللّه أكبر»حيث ذهب المخالف إلى أنّه يتمّ بأيّة عبارة تتضمّن ذكر اللّه تعالى و تعظيمه،مشابهة للتّكبير.حيث ردّه المؤلّف قائلا:

(و الجواب.أنّه«قياس»في مقابل النّصّ،فلا يكون مقبولا).

و الملاحظ أنّ المؤلّف-في كثير من ممارساته-لا يكتفي بمجرّد الإشارة إلى معارضة هذا القياس أو ذاك للنّصّ،بل نجده يوضّح عقم هذا القياس أو ذلك:إمّا من خلال توضيحه الفارق بين الأصل و الفرع،أو بتقديم معارض له في القياس ذاته.فالمخالف الّذي سبق أن ردّه المؤلّف قد احتجّ بقياس آخر على المسألة المتقدّمة بأنّ ذلك يقاس على الخطبة الّتي لا صيغة محدّدة لها،حيث ردّه المؤلّف قائلا:

(و الفرق بينه و بين الخطبة ظاهر،إذ لم يرد عن النّبيّ«ص»فيها لفظ معيّن).

و أمّا ردّ القياس بما هو معارض له،فيمكن ملاحظته في ردّه على من ذهب إلى عدم جواز أن«يصافّ»الصّبيّ الإمام في صلاة الجماعة قياسا على المرأة،حيث قال:

(القياس منقوض بالنّوافل،و بالأمّي مع القارئ،و بالفاسق مع العدل).

و أمّا ردوده على«الاستحسان»و سواه من أدوات«الرّأي»المنهيّ عنها،فيمكن

ص:35

ملاحظتها في ردوده على بعض المخالفين ممّن ذهب إلى تقدير الماء الكثير بالقلّتين،أو بعدم وصول النّجاسة إليه،أو تقديره بعشرة أذرع.إلخ،حيث ردّ القولين الأخيرين«حركة الماء و التّقدير بالأذرع»قائلا:

(و القول بمذهب أبي حنيفة باطل«أي:الحركة»لأنّه تقدير غير شرعيّ،و لأنّه مجهول، فإنّ الحركة قابلة للشّدّة و الضّعف.و التّقدير بعشرة أذرع مجرّد استحسان من غير دليل).

إنّ أمثلة هذا الرّد تتّسم بأهمّيّة كبيرة.فبالرغم من ردّه أدوات استدلال المخالف «من حيث عدم مشروعيّتها»،إلاّ أنّه يتعامل-من جانب آخر-مع هذه الأدوات:إمّا بإبراز فسادها،مثل:القياس قبال النّصّ،أو الاستحسان من غير دليل حيث جاء في أحد تعريفاته مثلا أنّه دليل ينقدح في الذّهن.و إمّا بنقضه بنفس الأدلّة مثل القياس المعارض بمثله،بالنّحو الّذي لحظناه في الممارسات المتقدّمة.

و هذا كلّه فيما يتّصل بأدوات«ردّه»على الجمهور.

أمّا ما يتّصل بتعامله مع الخاصّة،فسنعرض له عند حديثنا عن السّمة الاستدلاليّة في ممارساته.

و الآن:بعد ملاحظتنا هذه المرحلة من منهجه المقارن.نتقدّم إلى المرحلة الأخيرة، و هي:

6-فرضيّة النّقض أو الإشكال على ردوده:

هذه هي المرحلة أو الخطوة الأخيرة من الخطوات الّتي ينتجها المؤلّف في منهجه المقارن.

لقد كانت المرحلة السّابقة تتمثّل في:ردوده على المخالفين،أمّا الخطوة الأخيرة فتتمثّل في:فرضيّة الإشكال من قبل مخالفيه،حيث يتوقّع المؤلّف أن يردّ مخالفوه على ردوده الّتي تحدّثنا عنها في المرحلة الخامسة من منهجه المقارن.لذلك،فإنّ المرحلة السّادسة الّتي نعرض لها الآن تكاد تماثل المرحلة الثّالثة الّتي وقفنا عند مستوياتها المتمثّلة في:فرضيّة الرّدّ على أدلّته الشّخصيّة.أمّا هنا،فإنّ«الرّدّ»يتمّ من خلال ردوده على الآخرين،و ليس من

ص:36

خلال عرض أدلّته الشّخصيّة.و تبعا لهذا،نجد أنّ هذه الخطوة تتميّز عن سابقتها بتنوّع الإشكال و تضخّمه،و أيضا بتنوّع ردّه على الإشكالات المشار إليها.

و من الواضح،أنّ هذه الخطوة تعدّ في قمّة الأهمّيّة بالنّسبة لمتطلّبات المنهج المقارن، نظرا لإمكانيّة أن تثار على ردوده إشكالات أخر:ما دام طرفا المقارنة يمكنهما أن يقدّما الإجابة على ردّ كل واحد للآخر.و بمقدورنا أن نستشهد ببعض النّماذج في هذا الصّعيد.منها:ردّه على القول الذاهب بعدم انفعال الماء بالنّجاسة في حالة بلوغه قلّتين،أو القول المستند إلى ما هو غير شرعيّ،بالنّسبة إلى تقديره،حيث ردّهم،بالطّعن في السّند في موضوع القلّتين،و ردّهم بعد استناد تقديرهم إلى الشّرع بل لمجرّد الاستحسان و نحوه«كما لحظنا في المرحلة السّابقة».و هنا،نجد أنّ المؤلّف يورد«إشكالا»على ردّه المذكور،حيث افترض ما يلي:

(لا يقال:ينتقض ما ذكرتموه بما رواه الشّيخ عن عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه«ع»قال:إذا كان الماء قدر قلّتين لم ينجّسه شيء.و بما رواه في الصّحيح عن صفوان،قال:سألت أبا عبد اللّه«ع»عن الحياض الّتي من مكّة إلى المدينة،تردها السّباع.فقال«ع»:و كم قدر الماء؟قلت:إلى نصف السّاق إلى الرّكبة،قال«ع»:

توضّأ).

لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّه مرسل،و لأنّه مناف لعمل الأصحاب،و لأنّه ورد للتّقيّة.

و عن الثّاني بأنّه مناف لإجماع المسلمين،لأنّ القائل بالتّقدير لم يقدّره بذلك).

فالمؤلّف هنا قد أوفى«المقارنة»حقّها،و سلك المنحى الموضوعيّ في ذلك،حينما وجد أنّ في نصوص«الخاصّة»ما يتوافق مع أقوال«العامّة»،لذلك لم ينسج صمتا حيال هذه الرّوايات،بل ردّ الاولى منهما بضعف السّند،و منافاتها لعمل الأصحاب،و ورودها تقيّة.و ردّ الأخرى بمخالفتها لإجماع المسلمين.

و إذا كانت هذه الممارسة تعرض«الإشكال»و تردّه،من خلال إقراره فعلا بوجود نصوص مماثلة لأدلّة المخالف،فإنّه-في مستوى آخر من الممارسة-لا يقرّ ب«النّقض»إلاّ من

ص:37

خلال ما هو«افتراض»فحسب،حيث نجده يردّ على«الفرضيّة»المذكورة بأسلوب آخر من الرّدّ.و هذا ما نلحظه متمثّلا في أسلوب هو:استخدامه عبارة«سلّمنا»حيث تتناسب هذه العبارة مع طبيعة«الفرضيّة»الّتي لم يقتنع بها،بخلاف أسلوبه الأوّل الّذي يعتمد«المقولات»أي:عبارة:«لا يقال»و«لأنّا نقول»حيث تتناسب العبارة الأخيرة مع طبيعة الإشكال الّذي يقتنع بمشروعيّته فيما لحظناه قد أقرّ بوجود روايات للخاصّة تماثل روايات العامّة.

و المهم يمكننا ملاحظة الأسلوب الآخر الّذي يعتمد مجرّد«التّسليم»بالإشكال دون أن يقتنع به،متمثّلا في ردّه على من ذهب إلى أنّ الواجب من الغسل هو:ذلك البدن بواسطة اليد،و لا يكفي مجرّد الصّبّ،مستندا في ذلك إلى هذه المقولة:(و لأنّه فعل،و الفعل لا يتحقّق إلاّ بالدّلك)حيث أجابه قائلا:

(قوله:هو فعل،قلنا:مسلّم،لكنّه غير مقصود لذاته،بل المقصود:الطّهارة،و قد حصلت.سلّمنا،لكنّ تمكين البدن و تقريبه إليه:فعل،فخرج به عن العهدة بدون الدّلك).

فالملاحظ هنا،أنّ المؤلف قد اعتمد عنصر«التّسليم»على نحو«الفرضيّة»في عبارة «سلّمنا»،ثمَّ ردّ ذلك بأنّ تمكين البدن«فعل»أيضا،بالنّحو الّذي لحظناه،و أهمّيّة مثل هذا الأسلوب تتمثّل في شموليّة الممارسة لكلّ الاحتمالات الّتي يمكن أن يتقدّم بها المخالف،حتّى تصبح«المقارنة»مستكملة لشروطها جميعا،و هذا ما توفّر عليه المؤلّف حقّا،كما لحظنا.

ما تقدّم،يجسّد منهج المؤلّف في ممارسته ل«عنصر المقارنة»الّتي طبعت كتاب «المنتهى»،أمّا العنصر الآخر الّذي قلنا بأنّه يطبع كتابه المذكور:فهو:

ص:38

(4)

اشارة

(عنصر الاستدلال)

«المقارنة»قد تتمّ-كما أشرنا-في صعيد عرض الأقوال كما هو طابع الكثير من المؤلّفات.و قد تتمّ في صعيد الممارسة الفكريّة«الاستدلال»،كما هو طابع كتاب «المنتهى»و هذا العنصر الأخير،قد يتمّ عابرا،أو مختزلا و قد يتمّ بنحوه المفصّل الشّامل، فيما يطبع كتاب«المنتهى»أيضا.لكنّ ما يعنينا هو:أن نعرض لمنهج المؤلّف في الاستدلال،من حيث تعامله مع«الأدلّة»الّتي يعتمدها«و الأدوات»الّتي تواكبها طبيعيّا،إنّ هذه الصّفحات لا تسمح لنا بالتّناول المفصّل لمنهج المؤلّف،بقدر ما يحسن بنا أن نعرض سريعا لطبيعة تعامله مع الأدلّة و أدواتها.

سلفا،ينبغي أن نشير إلى أنّ المؤلّف قد توفّر على«الممارسة الاستدلاليّة»بكلّ متطلّباتها من حيث تعامله مع الأدلّة الرّئيسة من الكتاب و السّنّة أو الكاشفة عنها من شهرة أو سيرة شرعيّة أو عقلائيّة،فضلا عن دليلي الإجماع و العقل،و فضلا عن الأدلّة الثّانويّة من أصل عمليّ و نحوه بما يواكب ذلك من«الأدوات»الّتي يتمّ التّعامل من خلالها مع الأدلّة المذكورة،و هي:أدوات التّعامل اللّغوي و العرفي«الظّواهر اللّفظيّة»من عموم و إطلاق و خصوص و تقييد.إلخ،مضافا-بطبيعة الحال-إلى أدوات التّعامل مع«السّند».

المؤلّف-كما قلنا-يتعامل مع الأدلّة المذكورة و أدواتها بكل ما يتطلّبه البحث من سعة و عمق و جدّيّة.و لعلّ وقوفنا على منهجه المقارن يكشف عن الطّابع المذكور بوضوح.بيد أنّنا نعتزم عرض هذا الجانب مشفوعا مع الملاحظات الّتي يمكن أن تثار حيال منهجه في هذا الصّعيد.

و نقف أوّلا مع منهجه في التّعامل مع النّصوص«كتابا أو سنّة»:

ص:39

التّعامل مع النّصوص:
1-التّفسير اللّغويّ:

يتعامل المؤلّف مع النّصوص وفقا لما يتطلّبه التّعامل من كشف لدلالاتها اللّغويّة أوّلا، أي:الكشف أو التّفسير لدلالة لغويّة كالظّواهر النّحويّة مثلا أو الدّلالة المعجميّة للعبارات أو الدّلالة العرفيّة لها.

في صعيد الكشف اللّغويّ مثلا،نواجه تفسيره للآية الكريمة (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ) حيث أوضح مفروغيّة القراءة بالجرّ و ليس النّصب،مشيرا إلى قراءة كلّ من ابن كثير و أبيّ عمرو و حمزة و سواهم،و اتّفاق أهل اللّغة على اشتراك الواو في المعنى و الإعراب، موردا الإشكال الذّاهب إلى أنّ الجرّ لا يقتضي العطف على المجرور لإمكانيّة أن يكون العطف على الأيدي و الجرّ بالمجاورة،مستشهدا ببيت شعريّ و بمثل،رادّا ذلك بأنّ الإعراب بالمجاورة لا يقاس عليه عند أهل العربيّة أوّلا،و أنّ بعض النّحاة لا يقرّونه ثانيا، و أنّه يتمّ في حالة عدم اللّبس:كالمثل و البيت اللّذين أشرنا إليهما ثالثا،مستشهدا بآية:

(و حور عين)-فيمن قرأها بالجرّ-من أنّ العطف هو على قوله تعالى (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) مع أنّ أكثريّة القرّاء:على الرّفع،موردا-من جديد-إشكالا آخر،هو:القراءة بالنّصب أيضا،و اقتضاء ذلك:العطف على الأيدي،رادّا ذلك بعدم إيجاب النّصب:عطف ذلك على الأيدي،لجواز العطف على الرّؤوس أيضا،و أنّ العطف،على الموضع هو المشهور لغويّا،موردا للمرّة الجديدة إشكالا ثالثا،هو:أولويّة العطف على اللّفظ،رادّا ذلك بعدم التّسليم بهذه الأولويّة،موردا للمرّة الرّابعة افتراضا آخر،هو:التّسليم بإمكان الأولويّة المذكورة،إلاّ أنّه أوضح أنّ هذه الأولويّة معارضة بأولويّتين مثلهما،و هما:القرب من جانب،و قبح الانتقال من حكم قبل تمامه إلى آخر غير مشارك له من جانب آخر،موضّحا-في نهاية كلامه-«بعد أن يستشهد بنماذج في هذا الصّدد»أنّ العطف على الأيدي ممتنع لاستتلائه بطلان قراءة الجرّ،في حين أنّ العطف على الموضع تقتاد إلى الجمع بين القراءتين.إلخ.

ص:40

واضح من هذه الممارسة،أنّ المؤلّف قد بذل أقصى الجهد في التدليل على مفروغيّة القراءة بالجرّ،حيث عرض مختلف الوجوه الّتي تسوّغ القراءة بالجرّ،و عرض مختلف الوجوه الّتي تسوّغ العكس،رادّا عليها جميعا من خلال الاستشهاد باللّغويّين و النّصوص،بالنّحو الّذي عرضنا له،ممّا تكشف مثل هذه الممارسة عن سعتها و دقّتها و استيعابها لكلّ الجوانب،و هو ما يتطلّبه الكشف العلميّ الجاد في صعيد التّفسير اللّغويّ للنّص من الزّاوية النّحويّة.

و الأمر نفسه بالنّسبة إلى التّفسير«المعجميّ».ففي تفسيره لدلالة«الصّعيد»الّذي يتيمّم به،أورد المؤلّف مجموعة من أقوال اللّغويّين و غيرهم ممّن فسّر«الصّعيد»بأنّه «التّراب»أو«التّراب الخالص»أو«غبار الأرض المستوية».إلخ،مضافا إلى اعتماده «الحسّ أو الذّوق الفنّيّ الخاص»في ردّه على الاتّجاه الذّاهب إلى إمكانيّة شمول «الصّعيد»لما كان من جنس الأرض أو مشابهة،مثل الرّماد و الجصّ و غيرهما،معلّقا على نفي ذلك بأكثر من وجه،و منه قوله:

(الطّهارة اختصّت بأعمّ المائعات وجودا،و هو:الماء،فتخصّ بأعمّ الجامدات وجودا،و هو:التّراب).

و بالرّغم من أنّ هذا التّعليل لا يكشف ضرورة عن الأسرار الكامنة وراء التّيمّم بالتّراب،إلاّ أنّه ينمّ عن تذوّق خاصّ لدلالة العبارة في أحد جوانبها،بخاصّة أنّه أورد ذلك في سياق الرّدّ على من ذهب إلى أنّ«النّعومة»و غيرها هي المسوّغ في مشاركة«الرّماد»و غيره لدلالة«الأرض»،حيث إنّه نفي هذا المعيار و حصره في الأرض،و فسّر ذلك في ضوء تذوّقه الخاص الّذي أشرنا إليه.

و مهما يكن،يعنينا أن نشير إلى أنّ المؤلّف يمنح الممارسة المرتبطة بتفسير النّصّ لغويّا «نحويّا أو معجميّا»كلّ متطلّبات الموقف،ما دام التّعرّف على دلالته اللّغويّة يشكّل الخطوة التمهيديّة للتّعامل مع النّصّ،بصفة أنّ استخلاص دلالته شرعيّا يتوقّف على فهمه لغويّا أوّلا،كما هو واضح.

هذا إلى أنّه-في حالة تعارض النّصوص اللّغويّة-يرتكن إلى وجهة نظر المشرّع الإسلاميّ في

ص:41

حسم الموقف و هذا من تحقيقه اللّغوي لعبارة«الكعبين»الّتي وردت في باب الوضوء، فيما خلص من تحقيقه إلى أنّ المقصود منهما هو:العظمان في وسط القدم،و ليس النّابتين في جانبي السّاق،كما زعم بعضهم و المؤلّف بعد أن يثبت ذلك،يتقدّم بالرّدّ على بعض اللّغويين ممّن فسر ذلك تبعا للمخالف،علّق قائلا:

(فما نقلناه عن الإمام الباقر«ع»أولى)مشيرا بذلك إلى ما ورد عنه«ع»من تفسيرهما بما تقدّم.و من الواضح أنّ مثل هذا التّرجيح لقول المشرّع الإسلاميّ يحمل قيمة استدلاليّة مهمّة:ما دام المشرّع الإسلاميّ يملك الحسم في تحديد ما هو مختلف فيه،حتّى لو كان ذلك في صعيد اللّغة،بالنّحو الّذي لحظناه.

و هذا فيما يتّصل بالكشف،نحويّا و معجميّا.

و الأمر نفسه فيما يتّصل بالكشف أو التّفسير للنّصّ،من خلال لغته«العرفيّة».

و يمكن تقديم نموذج-على سبيل الاستشهاد-في هذا الميدان.ففي تفسيره لقوله تعالى:

(إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) الواردة في صلاة القصر،ردّ الذّاهبين إلى أنّ«القصر»يتحقّق مع خروج المسافر من منزله،ردّهم بأنّ ذلك يتحقّق مع خفاء الجدران،و أنّ«الضّرب في الأرض»:لا يتحقّق مع الحضور في البلد،فلا بدّ من التّباعد الّذي يصدق معه اسم «الضّرب».

فالملاحظ في هذا النّمط من أنّه قد اعتمد«العرف»في توضيحه لدلالة الضّرب في الأرض،كما هو واضح.

هنا يتعيّن علينا أن نشير إلى أنّ المؤلّف-في بعض ممارساته-يحمّل النّصّ تفسيرا يصعب التّسليم به.و هذا من نحو تأويله مثلا-في صعيد اللّغة العرفيّة-لرواية تحدّد الحيض بثمانية أيّام«من طرف كثرته»،حيث علّق عليها قائلا:

(الغالب وقوع المتوسّط و هو ثمانية أيّام أو سبعة أو ستة،فيكون ذلك إشارة إلى بيان أكثر أيّامه في الغالب،لا مطلقا).إنّ هذا التّأويل لا يمكن التّسليم به،لبداهة أنّ«الوسط» لا يتحدّد في الرّقم المذكور،بدليل أنّ المؤلّف نفسه قد ذكر السّتّة و السّبعة أيّام أيضا،كما أنّ«الغالب»لم يتحدّد-عرفا-في الرقم المذكور نظرا لعدم إمكان«الاستقراء»في ذلك.

ص:42

و لو أنّ المؤلّف طرح هذا الخبر لشذوذه مقابل الشّهرة الرّوائيّة لرقم«العشرة أيّام»لكان أجدر.و المؤلّف أقرّ-في الواقع-بشذوذ الرّواية عند ما قال في البدء:(هذا خبر لم يذهب إليه أحد من المسلمين)،إلاّ أنّه أضاف قائلا:(فيجب تأويله).و لعلّ قناعته بصحّة الرّواية من جانب،و حرصه على مقولة«الجمع أولى من الطّرح»حمله على التّفسير المتقدّم، و هو أمر سنعرض له عند حديثنا عن«تأليفه بين النّصوص»في حقل لا حق حيث يمكن أن يثأر«التّشكيك»حيال«المقولة»المذكورة بالنّحو الّذي نعرض له في حينه.

المهم،أنّ هذه الأنماط الثلاثة من التّفسير اللّغويّ للنّصّ:نحويّا و معجميّا و عرفيّا، تظلّ خطوة اولى من التّعامل مع النّصّ،قد توفّر المؤلّف عليها حسب ما يتطلّبه الموقف من تفصيل أو اختزال.

أمّا الخطوة الأخرى لتعامله مع النّصّ،فتتمثّل في:

2-التّفسير من خلال النّصّ:

و هو أنّ يفسّر النّصّ في ضوء سياقه الّذي ورد فيه،أو في ضوء النّصوص الأخرى الواردة في المسألة المطروحة،أو غيرها ممّا تفتقر إلى التّوضيح:للإجمال الّذي يطبع النّصّ،و هذا ما يندرج ضمنه:«التّأليف بين النّصوص»من خلال ما يسمّي ب«الجمع العرفيّ»، و يتجاوزه إلى«الجمع التّبرّعي»أيضا،و سائر الاشكال الّتي تجمع بين النّصوص المتضاربة في الظّاهر.

أمّا النّمط الأوّل من التّفسير،أي:كشف الدّلالة من خلال سياقها الّذي وردت فيه،فيمكن ملاحظته في ممارسات متنوّعة من نحو ردّه مثلا على من ذهب إلى أنّ الفاقد للماء«حضرا»لا يشمله حكم«التّيمّم»،نظرا لوروده في سياق«السّفر»تبعا للآية الكريمة عن التّيمّم.حيث ردّ ذلك بقوله:

(الآية لا تدلّ عليه،لأنّه تعالى ذكر أمورا في الأغلب هي أعذار كالمرض و السّفر،فإذا خرج الوصف مخرج الأغلب،لا يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه.).

و من نحو ردّه على من ذهب إلى وجوب غسل الجمعة مثلا،استنادا إلى رواية

ص:43

(قال«ع»:اغتسل يوم الفطر و الأضحى و الجمعة)من حيث إنّ الأمر يدلّ على الوجوب.

ردّ ذلك قائلا:

(لو كان للوجوب لكانت الأغسال الّتي عدّدها واجبة،و ليس كذلك).

ففي هذه الممارسة و سابقتها فسّر المؤلّف دلالة النّص في ضوء السّياق الّذي و ردت فيه، حيث كان السّياق في الآية الكريمة يتناول أمورا تقترن بالأعذار مثل«السّفر»و«المرض» و حيث كان السّياق في الرّواية يتناول أغسالا ليست واجبة كالفطر و الأضحى.و من الواضح،أنّ التّفسير من خلال السّياق ينطوي على أهميّة كبيرة في صعيد الكشف عن الدّلالة المستهدفة في النّصّ،لبداهة أنّ عزلها عن السّياق الّذي وردت فيه،يجعل الحكم مبتورا،كما هو واضح.

إلاّ أنّه يلاحظ-في بعض الأحيان-أنّ المؤلّف تتعذّر عليه إضاءة الدّلالة من خلال سياقها الّذي وردت فيه-فنجده مثلا في محاولته الاستدلال على عدم وجوب الأذان و الإقامة في صلاة الجماعة،يردّ الذّاهبين إلى وجوبها-في استنادهم إلى الرّواية القائلة:(سألته «ع»:أ يجزي أذان واحد؟فقال«ع»:إن صلّيت جماعة لم يجز إلاّ أذان و إقامة،و إن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك،تجزيك إقامة إلاّ الفجر و المغرب،فإنّه ينبغي أن تؤذّن فيهما و تقيم)حيث عقّب المؤلّف على هذه الرّواية بقوله:

(يحتمل الاستحباب،و يدلّ عليه:إلزامه بالإقامة،في حالة الانفراد).

فالملاحظ،أنّ المؤلّف كان في صدد الرّدّ على عدم وجوب الأذان و الإقامة جماعة، و لكن ليس في الرّواية ما يدلّ على نفي الوجوب،بل هناك دلالة على سقوط الأذان في الصّلاة المنفردة.لذلك تتعذّر ملاحظة علاقة بين تفسيره لعدم وجوبهما جماعة و بين السّياق (1)الّذي اعتمد عليه في التّدليل على ذلك،حيث لا علاقة بين الإلزام بالإقامة عند

ص:44


1- 1و يمكن جعله من التّفسير بالسّياق ببيان أنّ ظاهر سياق الحديث وحدة كيفية مطلوبيّة الإقامة للمنفرد و مطلوبيّة الأذان و الإقامة في الجماعة،و حيث أنّ المسلّم استحباب الإقامة للمنفرد،فهكذا يستحب الأذان و الإقامة في الجماعة.[هذه الملاحظة و ما يتبعها من الهوامش،ممّا تفضّل به سماحة آية اللّه مؤمن«حفظه اللّه»على هذه المقدّمة،أثبتناها لمزيد الفائدة].

الانفراد،و بين وجوبهما جماعة،كما هو واضح.

أمّا ما يتّصل بتفسير النّصّ في ضوء الإضاءة بالنّصوص الأخرى،فإنّ المؤلّف يتوفّر عليه بطبيعة الحال سواء أ كان ذلك في نطاق الجمع بين ما هو عام،و خاص،و مطلق، و مقيّد،و نحوهما،أو في نطاق الحمل على الاستحباب أو الكراهة،أو في نطاق ما هو مجمل أو مبيّن،أو في نطاق«التّأويل»مطلقا بحيث يزول التّنافي بين النّصّين المتضاربين.

و لا نجدنا بحاجة إلى الاستشهاد بنماذج في هذا الصّدد نظرا لوضوحها في الأذهان.

بيد أنّ ما يلفت النّظر حقّا،هو أنّ المؤلّف يبدي حرصا بالغ المدى على ضرورة الجمع بين النّصوص،بدلا من طرحها:خلا ما يتّسم منها بضعف السّند.و من الواضح أنّ هذا الحرص هو صدى لمقولة معروفة قد اشتهرت بين الفقهاء،بخاصّة لدى«الطّوسيّ»الّذي أكّد هذه المقولة نظريّا في كتابه الأصوليّ«العدّة»و طبّقها في ممارساته المتنوّعة،و هي مقولة «الجمع أولى من الطّرح»مهما أمكن.

بيد أنّ هذه المقولة تقتاد في كثير من الحالات الّتي يصعب فيها الجمع بين المتضاربين إلى نمط من التّفسير الّذي قد لا يتحمّله النّصّ،ممّا نجده بوضوح في كثير من تفسيرات«الطّوسيّ»بحيث إنّ«العلاّمة»-و هو يشارك الطّوسيّ في هذا الاتّجاه-قد أشار بدوره إلى بعض هذه النّماذج المطبوعة بسمة«التّكلّف».

لا نشكّ أنّ هذا الاتّجاه لدى«الطّوسيّ»يعدّ عملا رائدا من شخصيّة متفرّدة طوال التاريخ الفقهيّ،كما أنّ حرصه على عدم طرح الخبر-مهما أمكن-يدلّ على صواب وجهة نظره:ما دام«التّأويل»أمرا قد أشار إليه أهل البيت«ع»و ما دام التّمييز صعبا بين ما هو مقبول أو غير مقبول من الدّلالات،و هذا ما توفّر عليه الطّوسيّ في ممارساته«الرّائدة»الّتي شكّلت تراثا ضخما في تأريخ الفقه.إلاّ أنّ الإلحاح على هذا النّمط يقتاد إلى تحميل النّصّ أحيانا ما لا يحتمله،كما قلنا.

و حين نعود إلى«العلاّمة»نجده أيضا موفّقا في ممارساته القائمة على المقولة المذكورة،إلاّ أنّه أيضا يقع-نتيجة إلحاحه على هذا الجانب-في بعض الممارسات الّتي تثير التّساؤل.المؤلّف ينجح دون أدنى شكّ-في تأويلاته الجامعة بين دلالات

ص:45

النّصوص،و هذا مثل حمله-على سبيل الاستشهاد-لما ورد من الإسهام للمرأة في الغنيمة، حيث حمله على«الرّضخ»و حيث ورد من النّصوص ما يشير إلى إعطائها«سهما»في بعض حروب النّبيّ«ص»مماثلا لما«أسهمه»للرّجال،فيما عقّب المؤلّف على هذه النّصوص قائلا:

(يحتمل أنّ الرّاوي سمّى«الرّضخ»«سهما»،و قولها-أي:المرأة الرواية لهذا الخبر-:

«أسهم لنا كما أسهم للرّجال»معناه:قسم بيننا الرّضخ كما قسم الغنيمة بين الرّجال).

أمثلة هذا«التّأويل»تتناسب مع دلالة النّصّ الذي تردم الفارق بين«الرّضخ» و«السّهم»بصفة أنّ كليهما تعبير عن إعطاء الحصّة لمن اشترك في المعركة،بغضّ النّظر عن الفارس الّذي يتعيّن له:الإسهام،و العبد أو المرأة اللّذين يتعيّن لهما الرّضخ مثلا.إلاّ أنّ هناك«تأويلات»لا تتجانس فيها عبارة النّصّ مع تأويل المؤلّف.و هذا من نحو تعقيبه-على سبيل الاستشهاد-على الرّوايات الّتي تشير إلى أنّ المتيمّم إذا دخل في الصّلاة و وجد الماء أثناء ذلك،فعليه أن يتمّ صلاته ما لم يركع،عقّب قائلا:

(و يمكن أن يحمل قوله«ع»«و قد دخل في الصّلاة»قارب الدّخول فيها،أو دخل في مقدّماتها من التّوجّه بالأذان و التّكبير،و قوله«فلينصرف ما لم يركع»أي:ما لم يدخل في الصّلاة ذات الرّكوع،و أطلق على الصّلاة اسم الرّكوع مجازا من باب إطلاق اسم الجزء على الكلّ،و هذان المجازان-و إن بعدا-إلاّ أنّ المصير إليهما للجمع أولى).

فالمؤلّف يقرّ بأنّ المصير إلى هذين المجازين بعيد،و لكنّه يقرّ أيضا بأنّ المصير إليهما أولى من أجل الجمع بين النّصوص.إنّ بعد هذين المجازين عن الحقيقة أمر من الوضوح بمكان كبير،حيث لا يمكن الاقتناع بأنّ عبارة«دخل في الصّلاة»معناها«قارب الدّخول في الصّلاة»فإنّ هذا خلاف العرف اللّغويّ،كما أنّ عبارة«ما لم يركع»لا يمكن أن تعني «ما لم يدخل في الصّلاة ذات الرّكوع»لأنّ أمثلة هذه الاحتمالات تلغي حجّيّة كلّ الظّواهر اللّغويّة التي تسالم عليها العرف.إلاّ أنّ الانصاف يقتضي أن نقرّر بأنّ المؤلّف -كما لحظنا-أخضع هذه التأويلات لمجرّد«الاحتمال»حيث صرّح بذلك بقوله:

(و يحتمل.)كما أخضعها للبعد بقوله:(و إن بعدا)كما حملها-أوّلا-«و هذا هو المهم»

ص:46

على الاستحباب،حيث اتّجه إلى هذا الحمل في أوّل ردوده.و بما أنّ المؤلّف-كما سنرى لاحقا-لا يكتفي في تقديم أدلّته و ردوده بدليل واحد أو وجه واحد بل يعرض كلّ الاحتمالات الواردة،حينئذ نستخلص بأنّ الدّليل أو الوجه الّذي يعتمده أساسا هو:ما يذكره أوّلا،و هذا هو الّذي يمنح ممارسته الفقهيّة قيمتها الحقّة،و أنّ ما يذكره من أدلّة أو وجوه اخرى تظلّ مجرّد أدوات يستخدمها لإلزام المخالف،فيما يفصح مثل هذا المنحى في الاستدلال عن كونه خطأ في حقل المناقشة و الرّدّ و نحوهما،و ليس خطأ في استخلاص الحكم النّهائيّ للمسألة،حيث قلنا أنّ استخلاصه للحكم يتحدّد-في الغالب-في الدّليل أو الوجه الأوّل من فاتحة الأدلّة أو الّتي يسردها في مناقشاته مع الآخرين.

3-النّصّ و التّعارض:

الممارسات المتقدّمة،تمثّل نموذجا لتعامل المؤلّف مع النّصوص المتضاربة الّتي لا يمكن الجمع بينها،فإنّ المؤلّف يسلك المنحى الاستدلالي الّذي تفرضه طبيعة الموقف في أمثلة هذا التّضارب الّذي عرضت له روايات أهل البيت عليهم السّلام،و قدّمت الحلول المتنوّعة في معالجته،متمثّلة في ترجيح الموثوق سندا،و المشهور رواية،و الموافق للقرآن الكريم، و المخالف لآراء العامّة.إلخ.

أمّا ما يرتبط بوثاقة الرّاوي،فسنعرض له لا حقا عند حديثنا عن تعامله مع السّند.

و أمّا المرجّحات الأخرى،فإنّ المؤلّف يتوفّر على العمل بها بنحو ملحوظ،و في مقدّمتها التّرجيح بالشّهرة الرّوائيّة.و هذا ما يمكن ملاحظته في ممارسات متنوّعة،من نحو ترجيحه للرّوايات الذّاهبة إلى أن حدّ النّفاس هو حد أكثر الحيض مقابل ما ورد من النّصوص الّتي تحدّده أكثر من ذلك،معلّقا على ذلك بقوله:(إنّ ما رويناه أكثر،و الكثرة تدلّ على الرّجحان)،و من نحو ترجيحه للرّوايات المحدّدة لرؤية الهلال بالرّؤية،و مضيّ ثلاثين يوما،مقابل رواية تحدّده بالغيبوبة قبل الشّفق و بعده:(إذا غاب الهلال قبل الشّفق فهو لليلة،و إذا غاب بعد الشّفق فهو لليلتين)حيث رجّح الرّوايات الاولى،بقوله:

(لكثرتها و اشتهارها حتّى قاربت المتواتر).و نحو التّعقيب الّذي استند فيه إلى وجهة نظر

ص:47

الطّوسيّ،على رواية شاذّة تنفي وجوب طواف النّساء في العمرة المفردة:(يجب العدول عنها،إلى العمل بالأكثر.إلخ).

و هذا بالنّسبة للشّهرة الرّوائية،أمّا العمليّة فإنّ المؤلّف مقتنع بكونها أحد المرجّحات في حقل التّعارض بين النّصوص،أو مطلقا،و هذا ما يمكن ملاحظته في الممارسة التّالية، حيث رجّح بها الرّواية الّتي تقرّر بأنّ العائد من السّفر ينتهي عند الحدّ مقابل الرّواية الذّاهبة إلى أنّه ينتهي مع دخوله البيت،قائلا و هو في معرض الرّدّ:(يترجّح ما ذكرناه أوّلا لوجوه:

أحدها:الشّهرة بين الأصحاب).

طبيعيّا،لا يعنينا أن تكون قناعة المؤلّف بهذه الشّهرة نابعة من استخلاصه إيّاها من المرجّحات المنصوص عليها(مثل قوله«ع»:خذ بما اشتهر بين أصحابك)في مرفوعة زرارة، أو في رواية ابن حنظلة الّتي استفاد البعض منها الشّهرتين:الرّوائيّة و الفتوائيّة،أو تكون قناعته نابعة من مطلق المرجّحات الّتي يتوكّأ المؤلّف عليها في ممارساته عند تعارض الخبرين،أو الخبر مع الأصل.إلخ،بقدر ما يعنينا أن نشير إلى أنّ«الشّهرة»تظلّ واحدا من المرجّحات عند التّعارض.و لكن ليس بنحو مطلق،بل حسب متطلّبات السّياق، حيث سبق أن لحظنا-في ردّ المؤلّف على القائلين بعدم انفعال البئر بالنّجاسة-عدم قناعته بعمل الأكثر و أنّها ليست حجّة (1)و لكنّها تكون كذلك في سياقات خاصّة.

و أمّا التّرجيح بموافقة القرآن الكريم،فيمكن ملاحظته في ممارسات متنوّعة،منها:

ترجيحه للرّوايات النّافية لغسل الجنابة بالنّسبة لمن يتضرّر به مقابل الرّوايات الآمرة بالغسل،حيث عقّب على الرّوايات الأخيرة قائلا:(و هذه الرّوايات-و إن كانت صحيحة السّند-إلاّ أنّ مضمونها مشكل،إذ هو معارض لعموم قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) .و منها:

رفضه للرّواية الواردة بأنّ النّبيّ«ص»مسح على الخفّ بالنّسبة للوضوء،حيث عقّب قائلا:

ص:48


1- 2) من الواضح عند أهله أنّه فرق بين كون الشّيء مرجّحا لأحد المتعارضين و كونه حجّة بنفسه،فمجرّد عمل الأكثر لا حجّة فيه،إلاّ أنّه من المرجّحات،فإذا عمل الأكثر ما كان مقتضى الأدلّة خلافه لا يعتنى به،و أمّا إذا وقع بين طائفتين من الرّوايات تعارض فالتّرجيح مع ما عمل به الأكثر.

(إنّ هذه الرّواية تقتضي نسخ القرآن بخبر الواحد،و ذلك لا يجوز).

و بالرغم من أنّ هذه الممارسة ترتبط بموضوع آخر هو:

بالنّسبة إلى إمكانيّة النّسخ و عدمه،إلاّ أنّها تطبيق واضح لعمليّة التّرجيح (1)بموافقة الكتاب،خاصّة أنّ المؤلّف أضاف إلى دليله المتقدّم قائلا:(فهي معارضة برواية عليّ«ع» نسخ الكتاب المسح على الخفّين)حيث يجسّد هذا التّعليق:الأخذ بالنّصّ القرآنيّ مقابل معارضة الخبر.

و أمّا التّرجيح بمخالفة العامّة،فإنّ نماذجه متنوّعة في هذا الميدان،فيما لا حاجة إلى الاستشهاد بها مع ملاحظة أنّ المؤلّف يتحفّظ أحيانا في العمل بهذا المرجّح إمّا لكونه يتعامل مع العامّة في مقارناته،أو لإمكان قناعته بالمرجّحات الأخرى بما أنّها أقرب إلى الواقع في تصوّره،و لعلّ الملاحظ في هذا الصّعيد أنّ المؤلّف في كثير من ممارساته،يتوكّأ على الشّيخ الطّوسيّ في العمل بهذا المرجّح،ممّا يكشف ذلك عن«تحفّظه»-كما قلنا-حيال المرجّح المذكور.

هذا،و ينبغي أن نشير إلى أنّ المؤلّف يتجاوز-بطبيعة الحال-العمل بالمرجّحات المنصوص عليها،إلى غيرها من المرجّحات الأخرى-في حالة التّعارض-ممّا نلحظه -نظريّا-في كتابه الأصولي المقارن:«نهاية الوصول»حتّى أنّه يسرد عشرات المواقف الّتي يتعيّن فيها ترجيح الخبر على غيره،كما أنّه-تطبيقيّا-يمارس أكثر من عمليّة استدلال في هذا الصّعيد ممّا نعرض لنماذجه عند حديثنا عن تعامله مع السّند.

4-استقراء النّصوص:

من الظّواهر اللاّفتة للنّظر في تعامل المؤلّف مع النّصوص،أنّه طالما يدعم أدلّته الّتي يعرضها بمشابه لها من النّصوص المرتبطة بمختلف أبواب الفقه.و هذا ما يمكن ملاحظته في

ص:49


1- 3) عمليّة التّرجيح بموافقة الكتاب معناها:حجّيّة كلّ من الطّائفتين لو لا تعارضهما،و ما نقل عن الكتاب في الموردين،إنّما هو من باب ردّ الحديث بمخالفة الكتاب،و بينهما فرق واضح،فتأمّل جيّدا.

عشرات الممارسات،من نحو:

1-بالنّسبة إلى وجوب الطّلب عند فقدان الماء،علّق:(و لهذا لمّا أمر بالإعتاق في كفّارة الظّهار،ثمَّ بصيام الشّهرين إن لم يجد،كان الطّلب واجبا،ثمَّ حتّى أنّه قبل الطّلب لا يعد أنّه غير واجد،فكذا ها هنا).و علّق أيضا على الموضوع ذاته:(و لأنّه سبب للطّهارة،فيلزمه الاجتهاد في تحصيله بالطّلب و البحث عند الإعواز،كالقبلة.).

2-بالنّسبة لعدم وجوب قضاء الصّوم عن الميّت الّذي حجزه المرض عن الصّوم، علّق:(و لأنّه مات من يجب عليه قبل إمكان فعله،فسقط إلى غير بدل،كالحج).

3-بالنّسبة لاستحباب التّأخير إلى آخر الوقت برجاء الحصول على الماء،و علّق:(لا ضرورة قبل التّضييق،و لأنّه يمكن وصول الماء إليه،فكان التّأخير أولى،فإنّه قد استحبّ تأخيرها لإدراك الجماعة)و للتّدليل على جواز تأخير الصّلاة بالتّيمّم دون وجوبه،علّق قائلا:(و لأنّه لو وجب التّأخير لرجاء حصول الطّهارة،لوجب على أصحاب الأعذار ذلك، كالمستحاضة).

4-بالنّسبة إلى إجزاء غسل الجنابة عن الوضوء،علّق:(و لأنّهما عبادات من جنس واحد،فتدخل الصّغرى في الكبرى،كالعمرة و الحجّ).و علّق أيضا على الرّوايات الآمرة بالتّيمّم لكلّ صلاة:(يحمل ذلك على الاستحباب،كما في تجديد الوضوء) 5-بالنّسبة إلى تقديم زكاة الفطر قبل وقتها،علّق:(إنّ سبب الصّدقة:الصّوم و الفطر،فاذا وجد أحد السّببين،جاز التّقديم،كزكاة المال).

6-بالنّسبة لمن ظنّ الغروب أو الطّلوع،فأكل ثمَّ شكّ،علّق:(لا قضاء عليه.

فأشبه ما لو صلّى ثمَّ شكّ في الإصابة بعد صلاته).

هذه الأمثلة و عشرات سواها تظلّ نموذجا لمنهج المؤلّف في تعامله مع النّصوص«المشابهة» الّتي يتوكّأ عليها في دعم أدلّته الشّرعيّة و العقليّة.و لا شكّ أنّ أمثلة هذه الأداة الاستدلاليّة تحمل قيمة ذات أهمّيّة ملحوظة،طالما تظلّ الاستعانة بالأحكام الّتي تفرزها النّصوص الأخرى،تجسّد إثراء لعمليّة«الإقناع»بالدّليل،بخاصّة أنّ المؤلّف يورد أمثلة هذه«الاستقراءات»بمثابة دعم لمختلف الأدلة،فضلا عن أنّه في بعض الحالات،قد

ص:50

يستشهد بالرّواية الّتي تتضمّن عنصر التّشابه الّذي يورده.

بيد أنّ تعامل المؤلّف مع الدّليل الاستقرائيّ،تنتفي ضرورته عندما يتكفّل النّصّ بتحديد ذلك،و تعذّر القناعة به حينا آخر،عندما يقدّم استقراء ناقصا لا شاهد عليه من الموارد الأخرى،أو كون الشّاهد لا يتّضح مناطه في هذا الاستقراء،أو كونه مشكوكا على الأقل،حيث نلحظ التّشكيك عند المؤلّف أحيانا،من نحو ذهابه إلى أنّ قراءة(سبّح)في صلاة العيدين-و هو يردّ على الرّوايات الّتي ورد فيها غير السّورة المذكورة-يقول:(و لأنّ في سبّح الحثّ في زكاة الفطرة فاستحبّ قراءتها في يوم فضلها،كالجمعة)فهو يعلّل قراءة سبّح في العيدين من خلال شباهتها لقراءة سورة الجمعة في يوم الجمعة من حيث التّجانس،مع أنّ صلاة الأضحى ليس فيها زكاة الفطر،فما هو وجه الشّبه أو المناط في ذلك؟مضافا إلى أنّ مناسبة قراءة السّورة في الجمعة لا تعني أنّها مأخوذة من الموارد الأخرى،كما هو بيّن.

و هذا من نحو ممارسته الذّاهبة إلى أنّ المرأة لو طافت أكثر من النّصف تتمّ طوافها بعد الطّهر و إلاّ تستأنف.و بما أنّ النّصوص الواردة في غير الحائض أشارت إلى هذا المعيار-و هو تجاوز النّصف أو عدمه-حينئذ علّق المؤلّف على طواف المرأة قائلا:(قد ثبت اعتبار مجاوزة النّصف في حقّ غير الحائض باعتبار أنّه المعظم،و إن كان هذا أصلا فليعتمد عليه.)بيد أنّ هناك رواية معتبرة تقول:(امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقلّ من ذلك ثمَّ رأت دما، فقال(ع)تحفظ مكانها،فإذا طهرت طافت منه و اعتدّت بما مضى)و قد علّق المؤلّف على هذه الرّواية بأنّ ابن بابويه أفتى بمضمونها نظرا لإسنادها،بخلاف الرّوايات الّتي تشير إلى معيار مجاوزة النّصف.

إنّ أمثلة هذه الرّواية تزيل حكم الاستقراء،لأنّ مجرّد مجاوزة النّصف بالنّسبة لغير الحائض لا يعني تمريره على الموارد الأخرى حيث يجرّ مثل هذا المعيار الفقيه أحيانا إلى الوقوع في القياس المنهيّ عنه،لذلك يصعب الاقتناع بوجهة نظر المؤلّف في التماسه أمثلة هذه الاستقراءات،بخاصّة أنّه لا يعمل بالضّعيف الّذي أشار إلى مجاوزة النّصف.هذا إلى أنّ بعض الموارد-كما أشرنا-يصعب فيها الاستقراء نظرا لعدم وجود مناط أو علاقة وثيقة بين المسألة المبحوث عنها و المسألة المقيس عليها،و هذا مثل ذهابه إلى أنّ غسل الجنابة مجز عن

ص:51

الوضوء حيث شبّهه بالحج المجزي عن العمرة المفردة،من حيث دخول الأصغر ضمن الأكبر،حيث يرد على هذا الاستقراء السّؤال القائل:إذا كان المعيار هو دخول الأصغر ضمن الأكبر،فلما ذا ينفرد غسل الجنابة دون غيره من الأغسال في الحكم المذكور؟لذلك -كما قلنا-تصعب القناعة أحيانا بأمثلة هذه الاستقراءات لكن خارجا عن أمثلة هذه الموارد،يظلّ تعامل المؤلّف مع الأدلّة الاستقرائيّة (1)،عملا له أهمّيّته و إمتاعه فقهيّا و فنّيّا.

5-تعليل النّصوص:

هناك ظاهرة استدلاليّة تلفت النّظر حقّا،حتّى أنّه ليكاد المؤلّف يتفرّد فيها من حيث تضخيمها في ممارساته،ألا و هي:«التّعليل»الّذي يقدّمه في أدلّته.أي:أنّ المؤلّف يضطلع بتقديم السّبب الكامن وراء النّصّ الّذي يتضمّن هذا الحكم الشّرعيّ أو ذاك.طبيعيّا،إنّ الأحكام لا تصاب بالعقول،و هي حقيقة لا يتجادل فيها اثنان لكن-في الآن ذاته-ثمّة«أحكام»قد«علّلها»الشّرع نفسه،كما أنّ هناك«أحكاما»من الممكن أن يدركها«الخبير»في مسائل النّفس،و الاجتماع،و التّربية،و الاقتصاد.

إلخ،بحيث يستخلص السّرّ الكامن وراء هذا الحكم الشّرعي أو ذاك،كما لو أدرك الطّبيب مثلا سرّ«الصّوم»من حيث المعطى الصّحّي له،أو سرّ التّحريم الّذي يكمن في

ص:52


1- 4) إلاّ أن يقال:إنّ مبنى كلمات المصنّف في هذه الموارد ليس الاستقراء،بل مبناه الاستناد إلى قاعدة كلّيّة يكون مورد كلامه من صغريات تلك القاعدة،و يذكر موردا آخر يكون هو أيضا عنده من صغرياتها مع زيادة تسلّم حكم القاعدة في هذا المورد الآخر،فمثلا:مسألة وجوب طلب الماء في المسألة الأولى مستفاد من تعليق حكم التّيمّم على عدم وجدان الماء،فيدلّ على أنّه حكم ثانويّ اضطراريّ،فلذلك يجب طلب ما علّق الحكم الثّانويّ على عدم وجداني،لأنّه القاعدة العقلائيّة في تمام موارد الاضطرار.و نظيره مسألة مقايسة وجوب التأخير لصاحب الأعذار عند احتمال ارتفاع العذر،فإنّه لا وجه له،إلاّ أنّ الواقع المحتمل واجب الرّعاية،و هو يقتضي مساواة جميع الموارد،و حيث لا يقتضي في مثل الاستحاضة،فلا بدّ و أن لا يقتضي في فاقد الماء. و بالجملة،يمكن أن يقال:ليس مبنى كلامه الاستقراء الظّنّي الّذي لا حجّيّة له،بل مبناه الاستناد إلى قاعدة كلّيّة،و إن كان لنا أن نناقش أحيانا في بعض ما قال.

ظواهر مثل الخمر،أو لحم الخنزير،أو الميتة من حيث الخسارة الصّحّيّة.أو كما يدرك الخبير النّفسيّ و التّربويّ و الاجتماعيّ سرّ الحظر لظواهر مثل القمار و الغش و الغناء و سواها من حيث الأمراض النفسيّة و الاجتماعيّة الّتي تترتّب على ممارسة الظّواهر المنهيّ عنها.أيضا من الممكن أن يدرك الفقيه بعض الأسرار المرتبطة بوجوب أو حرمة هذا الشّيء أو ذاك.

و هذا ما يسوّغ الرّكون إلى ظاهرة«التّعليل»في جانب من ممارسات المؤلّف-كما قلنا- فمثلا،نجد أنّ المؤلّف قد عقّب على الأصناف الّتي لا تقصّر في صلاتها عند السّفر،قائلا:

(و لأنّ الفعل المعتاد (1)يصير كالطّبيعيّ،و السّفر لهؤلاء معتاد،فلا مشقّة فيه عليهم، فلا يقصّر)كما نجده في تعقيبه على إتمام الصّلاة في الأماكن المقدّسة الأربعة،يقول:

(و لأنّها (2)مواضع اختصّت بزيادة شرف،فكان إتمام العبادة فيها مناسبا لتحصيل فضيلة العبادة فيها،فكان مشروعا).

إنّ أمثلة هذا التّعليل تفرض مشروعيّتها لسبب واضح،هو:أنّ فهم الأحكام له دخل كبير في إقناع الشّخصيّة غير المؤمنة،كما أنّ له دخلا في تعميق القناعة لدى المؤمن،بيد أنّ هناك نمطين من البحث يمكن أن يتوفّر الباحث عليها في هذا الميدان،أحدهما:أن يكون التّناول لهذه الظّواهر يختصّ بدراسة مستقلّة،كما لو تناول عالم النّفس،أو الاجتماع،أو الاقتصاد،مسائل نفسيّة،و اجتماعيّة،و اقتصادية،و درسها في ضوء الأحكام الّتي توجب،أو تحرّم،أو تبيح،أو تندب لهذا العمل أو ذاك.و النّمط الآخر،هو:أن يبيّن الفقيه نفسه«علل»الأحكام،على نحو التّعقيب و التّعليق عليها (3).إلاّ أنّ المؤلّف-كما يبدو-قد أورد هذه التّعليلات ضمن الأدلّة و ليس ضمن التّعليق عليها،و هذا ما ينبغي أن

ص:53


1- 5) ربّما يستفاد هذا التّعليل من نحو قولهم عليهم السّلام في مقام التّعليل بوجوب التّمام،بيوتهم معهم،منازلهم معهم،لأنّه عملهم.(5 و 6 و 12 و 11 الوسائل،صلاة المسافر).
2- 6) هذه العلّة مستفادة من نصوص متعدّدة كصحيح عليّ بن مهزيار،و خبر عمران بن حمران،و خبر الحسين بن المختار(الحديث 4 و 11 و 16 من الباب 25 من أبواب صلاة المسافر من الوسائل)إلى غير ذلك.
3- 7) قد يقال:هنا نمط ثالث و هو استفادة العلل من النّصوص الخاصّة،و في مثل هذه الموارد يستند إلى التّعليل كأحد الأدلّة،و في غيرها يذكر التّعليل مؤيّدا أو تفنّنا.

نتحفّظ حياله دون أدنى شكّ،نظرا لإمكانيّة أن تكون العلّة المستكشفة جزءا من«علل» اخرى مجهولة لدينا،فضلا عن إمكانيّة ألاّ تكون«العلّة»المستكشفة صائبة أساسا.و في تصوّرنا أنّ حرص المؤلّف على تعدّد الأدلّة-كما سنرى لا حقا-يقتاده إلى عرض التّعليل ضمن سائر الأدلّة الّتي يعرضها،فهو في النّموذجين السّابقين أورد نصوصا للإتمام في الصّلاة سفرا بالنّسبة إلى الأصناف المشار إليها و الأماكن الأربعة،ثمَّ أضاف إليها عبارة«و لأنّ» حيث توحي هذه العبارة بأنّ دليلا آخر أضيف إلى النّصّ الشّرعيّ،حتّى أنّنا لنجده يعدّد «الأدلّة»حتّى في صعيد التّعليل ذاته،مثل ممارسته التّالية بالنّسبة إلى جواز تقديم زكاة الفطر قبل العيد:

(لنا:أنّ سبب الصّدقة:الصّوم و الفطر معا،فإذا وجد أحد السّببين،جاز التّقديم كزكاة المال،و لأنّ في تقديمه مسارعة إلى الثّواب و المغفرة،فيكون مأمورا به،و لأنّ خبر حال الفقراء على القطع،و مع التّأخير على الشّك لجواز موته أو فقره،فيكون مشروعا.و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح.و هو في سعة أن يعطيها في أوّل يوم يدخل في شهر رمضان.

و لأنّ جواز التّقديم يوما و يومين يقتضي جوازه من أوّل الشهر،إذ سببه:الصّوم،موجود هنا.و أمّا تقديمها على شهر رمضان فغير جائز،عملا بالأصل السّالم عن معارضته سبب الصّوم،و لأنّ تقديمها قبل الشّهر تقديم للزّكاة قبل السّببين،فيكون ممنوعا،كتقديم زكاة المال قبل الحول و النّصاب)إنّ هذه الممارسة تكشف لنا عن جملة أمور،منها:تعدّد الأدلّة العقليّة حيث أنهاها إلى ثلاثة أدلّة:سبب الصّوم المسارعة إلى الثّواب،اليقين بالفقر أوّل الشهر مقابل الشّك في آخره،و منها:عرضه لأقوال الفقهاء«الخاصّة و العامّة»حيث نقل عن الخاصّة تجويزهم ذلك،و نقل عن ابن إدريس عدم الجواز لدليل عقليّ هو أنّ التّقديم إبراء للذّمّة قبل شغلها و هو باطل،و نقل عن العامّة تجويزهم ذلك قبل يومين و بعد انتصاف الشّهر،و أوّل الحول.من هنا نحتمل أنّ عرض المؤلّف لأدلّته العقليّة من جانب و تقديمها على النّصّ من جانب آخر،نابع من كونه يقوم بعمليّة«مقارنة»حيث تفرض عليه المقارنة أن يتعامل مع أدلّة المخالفين«الخاصّة و العامّة»ما داموا جميعا قد استندوا إلى دليل عقليّ في جواز التّقديم،حيث استند ابن إدريس-و هو من الخاصّة-إلى دليل عدم البراءة،

ص:54

و استندت العامّة إلى«أقيسة»استقرائيّة مثل جواز الخروج من المزدلفة قبل منتصف اللّيل، و مثل المقايسة بزكاة المال بعد وجود النّصاب.إلخ،و حينئذ يتعيّن على المؤلّف أن يعرض دليله أو ردّه،مقرونا بما هو«عقليّ»أو«استقرائيّ»أيضا:كما لحظنا.لذلك وجدناه يضيف دليلا رابعا-بعد إيراده للرّواية-يقول فيه:(و لأنّ جواز التّقديم يوما و يومين يقتضي جوازه من أوّل الشّهر،إذ سببه:الصّوم،موجود).و هذا الدّليل،جاء في سياق عرضه للاتّجاه المجوّز لتقديم الزّكاة قبل يومين،كما هو واضح.لذلك،نجده أيضا«في مرحلة ردّه على الآخرين»يستند إلى الدّليل العقليّ نفسه في ردّه على أبي حنيفة المجوز تقديمها أوّل الحول،حيث ردّه قائلا:(و الفرق بين زكاة المال و زكاة الفطرة،لأنّ السّبب هناك:

النّصاب،و قد حصل في الحول،فجاز إخراجها فيه،و زكاة الفطر سببها:الفطر بدليل إضافتها إليه،و لأنّ المقصود إغناء الفقراء هناك في الحول،و إغناؤهم هنا في هذا اليوم).

إذن:المسوّغ للتّعامل مع الأدلّة العقليّة أو الاستقرائيّة،يظلّ نابعا من طبيعة الموقف الّذي يفرض على المؤلّف مثل هذا التّعامل.

بيد أنّ هذا المسوّغ قد يفقد دلالته حينما«يتعارض»مع النّصّ،أو حينما يبتعد «تعليله»عن جوهر النّصّ أو روح التّشريع أساسا.و هذا ما يمكن ملاحظته مثلا في ذهابه إلى جواز الجمع بين«الجزية»-بالنّسبة إلى أهل الذّمّة-بين وضعها على«الرّؤس» مضافا إلى«الأرض»،حيث علّل ذلك بقوله:(لنا:أنّ الجزية غير مقدّرة في طرفي الزّيادة و النّقصان.بل هي موكولة إلى نظر الإمام،فجاز أن يأخذ من أراضيهم و رءوسهم،كما يجوز له أن يضعّف الجزية الّتي على رءوسهم في الحول الثّاني،و لأنّ ذلك أثبت للصّغار.

فالمؤلّف هنا«يماثل» (1)بين عدم تقدير الجزئية-حيث وردت نصوص في ذلك-و بين الجمع بين الرأس و الأرض«حيث لا علاقة بينهما كما هو واضح»مضافا إلى أنّ هناك نصوصا«ظاهرة»في التّخيير لا الجمع،مثل قوله«ع»:(ليس للإمام أكثر من الجزية:إن شاء الإمام وضع على رءوسهم-و ليس على أموالهم شيء،و إن شاء ففي أموالهم-و ليس على

ص:55


1- 8) بل كلامه«قدّس سرّه»مبنيّ على استفادة الإطلاق من كونها موكولة إلى نظر الإمام،لا على المماثلة.

رءوسهم شيء)فبالرّغم من أنّ عبارة«ليس»تتنافى مع«التّخيير»،إلاّ أنّه عقّب على هذه الرّواية بقوله:(نحملها على ما إذا صالحهم على قدر،فإن شاء أخذه من رءوسهم و لا شيء حينئذ على أراضيهم،و بالعكس:ليس فيهما دلالة على المنع).واضح،أنّ هذا الحمل لا ينسجم مع قوله«ع»:(و ليس على أموالهم شيء)و(ليس على رءوسهم شيء)و حتّى مع إمكان مثل هذا الحمل،فإنّ«التّعليل»العقليّ الّذي قدّمه المؤلّف بقوله:«و لأنّ ذلك أثبت للصّغار»لا يمكن التّسليم به،لأنّ قوله تعالى (حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ) لا يعني أنّ الوالي بمقدوره أن يحقّق كلّ المصاديق الّتي ينطبق عليها معنى «الصّغار»بل لا بدّ من تقييد ذلك بالموارد الّتي تحدّدها«السّنّة»و إلاّ أمكن للوالي أن يصنع ما يشاء إمعانا في«الصّغار»و هو أمر يصعب التّسليم به،كما قلنا.

6-تفكيك النّصوص:

من الظّواهر المألوفة في بعض النّصوص،أنّها تتضمّن أحكاما«نادرة»لا شاهد لها في النّصوص الأخرى،كما لم يعمل بها الفقهاء عامّة،إلى جانب تضمّنها أحكاما اعتياديّة.

فمثلا-في إحدى الرّوايات-جاء فيها:(أنّ الكذب على اللّه تعالى و رسوله يفطّر الصّائم و ينقض الوضوء).أمثلة هذه الرّواية المتضمّنة نوعين من الحكم:«النّادر،و الاعتياديّ أو المقبول»يقف الفقهاء حيالها على نمطين:نمط يرفض العمل بها مطلقا نظرا لتضمّنها ما هو غير مقبول،و نمط يعمل بما هو مقبول منها و يرفض الآخر.و نحن إذا أخضعنا هذه الظّاهرة إلى«العرف»حينئذ لا نجد مسوّغا لرفض الرّواية بجزئيها لمجرّد أنّ أحد جزئيها خاضع للإحالة.و السّرّ في ذلك أنّ الرّاوي من الممكن جدّا أن يتوهّم في النّقل أو السّماع فيثبت إحدى الحقائق بصورة مغلوطة،و يثبت الحقائق الأخرى في صورها الصّائبة،و هذا ما يمكن ملاحظته في حياتنا اليوميّة الّتي نخبر فيها أمثلة هذا التّوهّم.المؤلّف يبدو أنّه ينتسب إلى الفريق الثّاني الّذي يؤمن بإمكان تفكيك الرّواية و العمل بأحد أجزائها و الرّفض لأجزائها غير المقبولة،و هذا ما نلحظه بالنّسبة إلى موقفه من الرّواية المشار إليها،حيث ذهب إلى مفطّريّة الكذب دون نقضه للوضوء مستندا في ذلك إلى الرّواية ذاتها.هذه الرّواية لأبي

ص:56

بصير.و هناك رواية لسماعة تتضمّن نفس الحكمين،إلاّ أنّ المؤلّف رفضها لكون سماعة ضعيفا من جانب،و لكونها مضمرة لم يسندها إلى المعصوم«ع»من جانب آخر،لذلك عقّب قائلا:(و الأقرب الإفساد،عملا بالرّواية الاولى،و بالاحتياط المعارض لأصل البراءة).

كذلك في ذهابه إلى مفطّريّة الغبار،استند إلى رواية سليمان المروزي:(سمعته يقول:إذا تمضمض الصّائم في شهر رمضان أو استنشق متعمّدا أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار،فعليه صوم شهرين متتابعين.)حيث تضمّنت الرّواية أحكاما لا قائل بها مثل مفطّريّة الرّائحة.و لكنّه قد اعتمدها بالنّسبة إلى الغبار«و هذه الرّواية مضمرة»و لكنّه لم يعقّب عليها،لأسباب نذكرها لا حقا.

كذلك،نجده قد اعتمد رواية عبد اللّه بن سنان الّتي تضمّنت حكمين،أحدهما:

طهارة و مطهّريّة الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر،و الآخر:عدم مطهّريّة المستعمل في رفع الحدث الأكبر،حيث عمل المؤلّف بجزئها الأوّل و رفض العمل بجزئها الآخر،علما بأنّ الرّواية في طريقها أحمد بن هلال المعروف بالضّعف-و سنوضّح سرّ العمل بها في حينه- بيد أنّ المهمّ هو:أنّ المؤلّف في هذه النّماذج الثّلاثة و في نماذج اخرى لا ضرورة للاستشهاد بها قد فكّك بين محتويات النّصّ،فعمل بأحد أجزائها دون الأجزاء الأخرى،انطلاقا من إدراكه لإمكانيّة مثل هذا التّفكيك بالرّواية،و هو موقف يدلّ على صواب وجهة نظره ما دمنا قد أشرنا إلى أنّ إمكان التّوهّم في شيء لا يستلزم التّوهّم في الأشياء الأخرى.لكن ثمّة ملاحظ (1)على نمط تعامله مع أمثلة هذه النّصوص.فالمؤلّف عندما عرض رواية ابن سنان،لم يعلّق على ضعفها مع أنّ دابة-كما لحظنا عند حديثنا عن منهجه المقارن في الخطوة الثّانية-الإشارة إلى ضعف الخبر بالرّغم من كونه واردا ضمن أدلّته الشّخصيّة،و لكنّنا نجده بعد سطور«و هو يدلّل على مطهّريّة الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر»و يردّ القائلين بعدم مطهّريّته فيما استندوا إلى الجزء الآخر من رواية ابن سنان

ص:57


1- 9) إلاّ أنّ هذه الملاحظة غير مرتبطة بمسألة تفكيك مضمون الحديث،فلبّ الملاحظة انّه«استند في بعض الموارد إلى حديث أسنده إلى الضّعف في مورد آخر».و لعلّه يوجد في كلامه حتّى في الأحاديث الغير المشتملة على ما لا قائل به،و هو بعهدة التّتبّع.

نجده يقول:(في طريقها ابن هلال،و هو ضعيف جدّا).علما بأن المؤلّف قد عمل بهذه الرواية في جزئها الأول.طبيعيّا،سوف نرى عند حديثنا عن تعامله مع السّند «و هو أمر لحظناه في تعامله مع روايات الجمهور»،انّ المؤلّف يستهدف«إلزام المخالف»فحسب،لذلك«يشكل»عليه ما أمكن،و هو أمر له مشروعيته حقّا في حالة كون المؤلّف قد أورد الخبر بمثابة تكثير للأدلّة الّتي تعزّز صحّة الخبر الضّعيف.بيد أنّ الأمر الّذي تحدر ملاحظته في هذا الصّعيد،هو:أنّ المؤلّف عند ما ينفرد بدليل روائيّ واحد و يترتّب عليه الحكم حينئذ لا مجال المؤاخذة المخالف بالعمل بها.ففي تدليله على عدم استلزام الكذب للكفّارة:ردّ المخالف على استدلاله بخبري أبي بصير و سماعة قائلا:(و الجواب عن الحديثين باشتمالهما على ما منعتم من العمل به)كما أنّه في استدلاله برواية سليمان بالنّسبة إلى استلزام الغبار للكفّارة،عقّب قائلا:

(الاستدلال بهذه الرّواية ضعيف لوجهين،أحدهما:عدم الاتّصال إلى إمام.الثّاني:

اشتمال هذه الرّواية على أحكام لا تثبت على ما يأتي).

فالملاحظ هنا أنّ استدلاله بكون رواية سليمان تشتمل على أحكام غير ثابتة، يتزامن مع كونه قد رتّب عليها أثرا و هو مفطّريّة الغبار.كذلك اشتمال رواية أبي بصير على ما منع به الآخرون العمل،يتضمّن نفس الشّيء حيث إنّ المؤلّف أيضا قد عمل بجزء من الرّواية و ترك العمل بما هو ممنوع منه.لذلك نجد أنّ«تضادّا»ملحوظا في مثل هذه الممارسات لدى المؤلّف،ممّا يصعب التسليم بها في هذا المجال،إلاّ مع فرضيّة «إلزامه»المخالف.إلاّ أنّ المخالف ما دام قد عمل بجزء من الرّواية-بدليل ذهابه إلى مفطّريّة الكذب مثلا-حينئذ لا مجال لإلزامه بالقول بأنّ الرّواية تضمّنت ما لم يعملوا بها من الأحكام.

التّعامل مع الأصول العمليّة و سواها:

النّماذج المتقدّمة،تجسّد تعامل المؤلّف مع النّص:كتابا و سنّة،كما تجسّد تعاملا مع الدّليل الثّالث«العقل».و أمّا الدّليل الرّابع«الإجماع»فقد لحظنا مستوياته عند عرضنا

ص:58

لمنهجه في المقارنة.و أمّا بالنّسبة للأصول العمليّة و سواها فبالرّغم من أنّنا لحظنا تعامله مع الأصول المذكورة في صعيد«المقارنة»إلاّ أنّ ثمّة ملاحظات لا بدّ من عرضها في هذا الحقل الّذي نتحدّث عنه الآن،و لعلّ أهمّ ما ينبغي أن نلحظه هو:منهج المؤلّف في التّعامل مع الأصول،حيث نعرف جميعا بأنّ الأصل العمليّ هو:الدّليل الثّانوي الّذي يلجأ إليه الفقيه في حالة عدم الحصول على الدّليل المحرز،و هذا ما أشار المؤلّف إليه في مواقع متنوّعة من ردوده على المخالف،مثل ردّه على من اعتمد«الاستصحاب»في طهارة المسكر قائلا:

(الاستصحاب إنّما يكون دليلا ما لم يظهر مناف،و الأدلّة الّتي ذكرناها-أي النّصوص- تزيل حكم الاستصحاب)و مثل ردّه على القائل بعدم الكفّارة لمن فاته صيام رمضان في اعتماده أصل البراءة،قائلا:(إنّ أصالة براءة الذّمّة لا يصار إليها مع وجود المزيل و هو ما تقدّم من الأحاديث).غير أنّ المؤلّف هنا لا يحقّ له إلغاء«الأصل»الّذي اعتمده المخالف«و هو ابن إدريس»حيث لم يعتمد هذا الفقيه الأخبار الّتي أوردها المؤلّف بل اعتبرها«ظنّيّة»ممّا سوّغ له الرّجوع إلى«الأصل».و بغضّ النّظر عن ذلك،فإنّ المؤلّف انطلاقا من هذا المبدأ نجده يعتمد«الأصل»-بمختلف أقسامه و مستوياته-عند فقدان الدّليل،مثل ذهابه إلى عدم طهارة المياه بعد زوال تغيّرها بالنّجاسة،قائلا:(و لأنّها نجسة قبل الزّوال فيستصحب الحكم)و مثل ذهابه إلى عدم تكرّر الكفّارة لمن أخّر قضاء صومه لسنتين قائلا:(لأنّ الأصل:براءة الذّمّة).

فالمؤلّف حينما اعتمد الاستصحاب و البراءة في النّموذجين السّابقين إنّما اعتمدهما بناء على فقدان النّص،كما أنّه حينما ردّ المخالف على اعتماده دليلي الاستصحاب و البراءة و غيرهما،إنّما كان ردّه نابعا من وجود النّصّ.و هذا يعني انتفاء«الأصل»في حالة وجود النّص،لكن يبدو أنّ المؤلّف ينطلق من قناعات خاصّة«و مثله الكثير من فقهائنا قديما و حديثا»بالنّسبة إلى اعتماده«الأصل»في حالة وجود النّصّ أيضا بالرّغم من كونه ينكر على الآخرين مثل هذا الاعتماد،كما لحظنا.

فالملاحظ في ممارساته أنّه يعتمد«الأصل»إلى جانب«النّصّ»-في حالة توافق الدّليلين:«النّصّ و الأصل»كما لو أضاف إلى النّصّ«أصلا»،و هذا من نحو ذهابه إلى

ص:59

عدم نجاسة المذي حيث قدّم نصوصا على الطّهارة ثمَّ قال:(و لأنّ الأصل الطّهارة فتستصحب إلى أنّ يقوم دليل المنافي)و مثل ذهابه إلى عدم نجاسة«القيء»فيما أورد النّصّ أوّلا،ثمَّ عقّب قائلا:(و لأنّه طاهر قبل الاستحالة فيستصحب).

و ما دام المؤلّف يحرص على عرض أكثر من دليل كما سنرى لا حقا،حينئذ فإنّ المسوّغ لتقديم«الأصل»إضافة إلى النّصّ يتناسب مع المنهج المذكور-و إن كنّا نتحفّظ في قيمة الأصل مقابل النّصّ-فمع توفّر النّصوص الكثيرة الدّالّة على عدم نجاسة المذي،تنتفي مشروعيته«الأصل»الّذي أورده المؤلّف،إلاّ في حالة عدم قناعة المخالف بالنّصوص الّتي استدلّ بها.

و ممّا تجدر ملاحظته هنا أنّ المؤلّف يقدّم ما هو«أصل»على النّصّ في غالبيّة ممارساته بحيث يعرض أوّلا«الأصل»ثمَّ يردفه بالنّصّ،و هذا من نحو ذهابه إلى عدم نجاسة عرق الجنب حيث قال مستدلاّ:(لنا:أنّ الأصل الطّهارة،فتستصحب،و ما رواه الشيخ في الصّحيح.إلخ).

و من نحو ذهابه إلى عدم جواز شهادة المرأة في الهلال،حيث قال:(لنا:الأصل براءة الذّمّة و عدم التّكليف بالصّوم عند شهادتهنّ،و ما تقدّم في الحديث عن عليّ«ع».)ففي هذه النّماذج و سواها،يقدّم المؤلّف«الأصل»أوّلا ثمَّ يدعمه بالنّصّ.لكن لا فاعليّة لمثل هذا التّقديم،لبداهة أنّ النّصّ هو المحرز لاكتشاف الحكم،فكيف يقدّم عليه ما هو غير محرز؟! (1)و أيضا،ثمّة مسوّغ آخر يمكن التّسليم به،و هو:ما إذا كان المؤلّف في صدد تقديم دليل يتوافق مع مبادي«العامّة»مثلا،حينئذ يكون تقديم«الأصل»متجانسا مع المنهج المقارن.أمّا في حالة العكس-كما هو ملاحظ مثلا في تعامل المؤلّف مع فقهاء الخاصّة الّذين أورد و جهات نظرهم حيال طهارة أو نجاسة عرق الجنب،ثمَّ استدلّ ب«الأصل»

ص:60


1- 10) إلاّ أن يقال:انّ هذا ليس من باب التّقديم،بل من باب أنّه القاعدة و الأصل الّتي يرجع إليها عند عدم تماميّة الأدلّة.

أوّلا ثمَّ أورد النّصوص،كما لحظنا-في مثل هذه الحالة تفتقد الفاعلية لأمثلة هذا التّقديم.

المهم،أنّ تعامل المؤلّف مع«الأصل»يقترن حينا بما هو غير ضروري،و حينا آخر يقترن بما هو مسوّغ منهجيّا،كما هو الأمر بالنّسبة إلى عدم حجّيّة النّص لديه،كما لو كان الخبر ضعيفا أو كان حيال خبرين متعارضين حيث يسقطهما و يتمسّك ب«الأصل»و يمكن الاستشهاد في الحالة الاولى«و هي:سقوط الخبر لضعفه»بممارسته (1).

تعدّد الأدلّة:

من الظّواهر الملحوظة في ممارسات المؤلّف،هي اللّجوء إلى أكثر من دليل واحد في تحريره للمسألة المبحوث عنها.طبيعيّا،ثمّة مواقف تفرض تعدّد الأدلّة:مثل الكتاب ثمَّ النّصوص الحديثية مضافا إلى فعل المعصوم«ع»و تقريره،حيث أنّ حشدها جميعا يعمّق من القناعة بصحّة الاستدلال،فمثلا في تدليله على عدم انفعال الماء الجاري بالنّجاسة، كان من الممكن أن يكتفي بدليل من السّنّة هو قوله«ع»(لا بأس بأن يبول في الماء الجاري)إلاّ أنّه أورد ثلاثة أدلّة أخرى رئيسة و ثانويّة هي:(و لأنّ الجاري قاهر للنّجاسة.و لأنّ الأصل الطّهارة،فتستصحب.و لأنّه إجماع)حيث أورد دليلا رئيسا هو«الإجماع»ثمَّ أورد دليلا ثانويّا هو«الأصل»كما أورد دليلا استقرائيّا مستخلصا من نصوص اخرى هو:كونه قاهرا.مع أنّ واحدا منها كاف في التّدليل.لكن-كما قلنا-يظلّ تعدّد مثل هذه الأدلّة له ما يسوّغه في عمليّة الإقناع.

كما أنّ منهج المقارنة يفرض تنوّع الأدلّة حسب المعايير الّتي ينبغي الرّكون إليها بالنّسبة لأطراف المقارنة،سواء أ كانوا من العامّة أو الخاصّة،ما دام الفقهاء داخل المذهب الواحد

ص:61


1- 11) إنّ التّحقيق و إن كان إنّه لا مجرى للأصل و لا مجال له مع النّصّ المعتبر السّند،لكونه واردا على الأصل-أو حاكما على بعض المباني-إلاّ أنّه يرى كثيرا في كتب العلماء ممّن تقدّم على الشّيخ الأعظم الاستدلال بالأصل و بالنّصّ الموافق له-في عرض واحد-و المؤلّف«قدّس سرّه»لا يخرج عن هذا العموم. و أمّا مسألة تقدّم ذكر الأصل على النّصّ،فيمكن توجيهه بأنّ الأصل لمّا كان موضوعه عدم العلم و هو أمر متقدّم بالطّبع على العلم الحاصل من النّصّ،فلذلك يقدّم عليه في الذّكر.

يتمايزون فيما بينهم بالنّسبة للمباني الّتي يعتمدونها.كلّ أولئك يفسّر لنا مشروعيّة تعدّد الأدلّة.

و الحقّ،أنّنا لا نجدنا بحاجة إلى الاستشهاد بنماذج في هذا الصّدد،حيث أنّ وقوفنا على منهجه المقارن و الاستدلالي أبرز لنا طبيعة التّعدّد أو التّنوّع في كتبهم الاستدلالية للأدلّة الّتي يعتمدها المؤلّف،فيما تفصح مستوياتها عن مدى الثّراء و العمق و الجدّيّة و السّعة العلميّة.و المهم هو:أنّ حرص المؤلّف على تعدّد الأدلّة ما دام نابعا من كونه يقوم بعمليّة مقارنة-من جانب،و عرض الأدلّة بما يحقّق الإقناع للقارئ من جانب آخر-فإنّ طبيعة المناقشة أو البرهنة العلميّة-من جانب ثالث،تفرض عليه أن يعتمد«تعدّد الأدلّة»:حتّى لو خضعت لما هو«محتمل»أو«ممكن»من الأدلّة،ما دام الهدف هو:«إلزام»المخالف و«إقناعه»بصواب ما يذهب إليه المؤلّف،و بخطإ ما يذهب إليه المخالف.فمثلا،عند ردّه لرواية خاصّة تحدّد عدم انفعال الماء إذا كان قدر قلّتين،يردّه قائلا:(بأنّه مرسل،و لأنّه مناف لعمل الأصحاب،و لأنّه ورد للتّقيّة،و لأنّه يحتمل أن تكون القلّة.)فالإرسال، و عدم العمل به،و وروده تقيّة،أو احتمال بلوغ القلّة قدر الكرّ.كلّ واحد من هذه الفرضيّات الأربع،كاف في الرّدّ على الرّواية،إلاّ أنّ المؤلّف أخضع ذلك لافتراضات أربعة«من حيث سند الرّواية و دلالتها»،حتّى«يلزم»المخالف بوجهة النّظر،سليمة من الإشكالات أيّا كان نمطها.

التّعامل مع السّند:

ما تقدّم،يمثّل تعامل المؤلّف مع الدّلالة.

أمّا الآن،فنعرض لتعامله مع«السّند»،في كتابه:«المنتهى».

سلفا،ينبغي التّأكيد على حقيقة ملحوظة في منهج المؤلّف بالنّسبة إلى تعامله مع السّند،و هي:أنّه يرتّب أثرا على الرّواية من حيث«اعتبارها»أو عدمه.و هو مبدأ عام في ممارساته،حيث يظلّ مثل هذا التّعامل أمرا له أهمّيّته العمليّة دون أدنى شك،لبداهة أنّ تحقيق النّصّ و تصحيح نسبته إلى قائله،يظلّ واحدا من أهمّ معالم«المنهج التّاريخيّ»في

ص:62

البحوث القديمة و المعاصرة:بخاصّة إذا كان النّصّ المبحوث عنه ينتسب إلى«الموروث» الممتد إلى أزمنة قديمة.لا شكّ أنّ البحث الفقهيّ سبق البحوث العلميّة الأخرى في منهجه (1)التاريخيّ الّذي تبلورت معالمه في أزمنتنا الحديثة.و المهم أيضا أنّ«العلاّمة»أعار اهتماما أكثر من سواه بالنّسبة إلى تصحيح النّصّ«من حيث صدوره»حتّى أنّه-كما يشير مؤرّخوه-حرص على تصنيف الأحاديث إلى أقسامها المعروفة:(الصّحيح،الحسن،.

إلخ)ممّا يكشف ذلك عن مدى اهتمامه بهذا الجانب،حيث ينبغي لنا أن نثمّنه كلّ التّثمين،ما دام الحكم الشّرعيّ يتوقّف على مدى صحّة النّصّ و عدمها-كما هو واضح.

و انطلاقا من هذه الحقيقة نجد المؤلّف يرتّب الأثر على هذا الجانب،فيقبل الرّواية المستجمعة لشرائط الصّحّة،و يرفض الرّواية الفاقدة للشّروط المذكورة،بحيث يرتّب على ذلك أثرا في استخلاص الحكم الشّرعيّ.ففي معالجته-على سبيل الاستشهاد-لقضيّة المسافر في شهر رمضان«من حيث تقييد إفطاره بتبييت النّيّة ليلا أو عدمه»رفض هذا القيد،و أسقط جميع الرّوايات المقيّدة،قائلا:

(الجواب عن الحديث الأوّل:انّ في طريقه.و هو ضعيف.و الحديث الثّاني في طريقه ابن فضّال،و هو ضعيف.و عن الثّالث في طريقه ابن فضّال،و هو ضعيف.و الرّابع مرسل.إلخ)حيث رتّب على هذا الرّفض للرّوايات حكما شرعيّا هو:أنّ المعيار هو السفر قبل الزوال و بعده،حيث يفطر إذا كان السّفر قبل الزوال،و يتمّ إذا كان بعده.

بيد أنّ هذا المبدأ العام يظلّ خاضعا للاستثناء،شأنه شأن سائر المبادي أو القوانين الخاضعة للاستثناءات،إذ أنّ لكلّ قاعدة استثناء،كما هو واضح.لذلك نجده-في سياقات خاصّة-يعمل بالخبر الضّعيف،و بالمقابل قد يرفض ما هو صحيح في حالة معارضته بمثله،فيسقطهما و يرجع إلى«الأصل»أو في حالة معارضته للقرآن الكريم مثلا، أو في حالة ندرته قبالة ما هو مشهور،أو في حالة عدم عمل الأصحاب به.إلخ).

أمّا عمله بالخبر الضّعيف،فيأخذ مستويات متنوّعة،منها:

ص:63


1- 12) مضافا إلى أنّ إثبات الحكم الشّرعي و إسناده إلى الشّارع لا يجوز قطعا إلاّ بعد اعتبار سند النّصّ،و هو أمر واضح منصوص عليه في كتب الأصحاب.
عمل الأصحاب:

و هذا المبدأ-و إن كنّا نتحفّظ في أهمّيّته الّتي يؤكّدها كثير من الفقهاء-يظلّ واحدا من المبادي الّتي يعتمدها«العلاّمة»في ممارساته،بصفة أنّ عمل القدماء بالخبر الضّعيف يكشف عن وجود قرائن على صحّته،ما دامت البيئة الّتي يحياها القدماء تساعد على كشف مثل تلكم القرائن المحتفّة به.و المهم،أنّ المؤلّف يرتّب أثرا على هذا المبدأ و إن كان في نماذج من ممارساته يخالف المبدأ المذكور،كما لحظنا.

و أيّا كان،بمقدورنا أن نستشهد بنماذج من ممارساته في هذا الميدان.و هذا من نحو عمله بمرسلة ابن أبي عمير الواردة في تحديد الكرّ-وزنا،و برواية أبي بصير-و في طريقها رأو واقفي-الواردة في تحديد الكرّ:مساحة،حيث عقّب على الاولى بقوله:(عمل عليها الأصحاب)،و حيث عقّب على الأخرى بقوله:(و هذه الرّواية عمل عليها أكثر الأصحاب).و من نحو تعقيبه على روايتي عمّار و سماعة الواردتين في إراقة الإناءين المشتبه أحدهما بالنّجاسة،قائلا:(و سماعة و عمّار و إن كانا ضعيفين،إلاّ أنّ الأصحاب تلقّت هذين الحديثين بالقبول).و منها:

تصحيح الأصحاب:

من الاستثناءات للعمل بالخبر الضّعيف لدى المؤلّف هو:العمل بما أجمع الأصحاب على تصحيح ما يرويه نفر خاصّ من الرّواة،من أمثال مراسيل ابن أبي عمير و سواه،حيث عمل المؤلّف بمراسيل هذا الأخير،من نحو ذهابه إلى عدم جواز بيع العجين النّجس، مستدلاّ بمرسلة ابن أبي عمير القائلة بأنّه:(يدفن و لا يباع).كما أنّه قبل مراسيله بشكل عام،حينما علّق على مرسلة أخرى تتحدّث عن العجين النّجس،بأنّه يظهر بالنّار،قائلا:

(و إن كانت مراسيل ابن أبي عمير معمولة بها،إلاّ أنّها معارضة ب«الأصل»فلا تكون مقبولة).و منها:

ص:64

مناسبة المذهب:

و من الاستثناءات لدى المؤلّف في العمل بالخبر الضّعيف هو:مناسبته للمذهب أو للرّوايات الصّحيحة،و هذا مثل تعليقه على روايتين تتحدّثان عن طهارة الأسئار للسّباع و غيرها-و في طريقهما واقفيّ و فطحيّ-حيث قال:(و حديث أبي بصير و عمّار-و إن كانا ضعيفين،لأنّ في الأوّل عليّ بن أبي حمزة،و هو واقفيّ،و عمّار،و هو فطحيّ-إلاّ أنّه مناسب للمذهب).

و الحق،أنّ العمل بالخبر الضّعيف من حيث مناسبته للمذهب،و لا يكتسب صفة «عمليّة»إلاّ في حالة فقدان النّصوص المعتبرة،أمّا مع وجود النّصوص المعتبرة فلا يزيد عن كونه قد«تأيّد»بها من حيث مجانسته لها،دون أن يأخذ صفة استقلاليّة،لذلك يتعذّر القول بأنّ المؤلّف قد عمل بالخبرين المذكورين،لأنّ العمل أساسا قد تمَّ من خلال النصوص المعتبرة الّتي جاء هذان الخبران في سياقهما،كما هو واضح.و هذا على العكس ممّا لو اكتسب الخبر الضّعيف صفة استقلاليّة بحيث يصحّ أن يعتمده المؤلّف في حالة فقدان النّصوص المعتبرة«من خلال مناسبته للمذهب»و هذا من نحو عمله بالرّواية الذّاهبة إلى أنّ الصّائم يقضي صومه في حالة إفطاره قبل المغرب لتوهّم الظّلمة و نحوها،حيث عقّب المؤلّف على ذلك قائلا:(و حديثنا-و إن كان يرويه محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرّحمن،و قد توقّف ابن بابويه فيما يرويه محمّد بن عيسى عن يونس-إلاّ أنّه اعتضد بأنّه تناول ما ينافي الصّوم عامدا.)،فمناسبة هذا الخبر للمذهب تتجسّد في كونه قد تجانس مع الدّليل القائل بأنّ تناول ما ينافي الصّوم يستلزم إفساده،و لذلك جاء العمل بهذا الخبر الضّعيف مقرونا بالأهمّيّة من حيث تجانسه مع دليل عقليّ،على العكس من الحالة السّابقة الّتي جاء فيها الخبران الضّعيفان في سياق الأخبار المعتبرة،حيث لا فاعليّة لمفهوم«المناسبة للمذهب»فيهما،ما دام النّصّ المعتبر هو الدّليل،و ليس الدّليل العقليّ أو الاستقرائيّ،كما قلنا.

ص:65

تأييد و تقوية:

و هذا النّمط من العمل بالخبر الضّعيف،سبق أنّ تحدّثنا عنه،و قلنا في حينه:إنّ إيراد الخبر الضّعيف في سياق الأخبار المعتبرة يكسب الضّعيف قوّة،و ليس العكس،و لذلك لا ضرورة لهذا النّمط من العمل بالضّعيف،طالما لا يترك أثره على عمليّة الاستدلال، حيث إنّ الضّعيف يكتسب قيمته الاستدلاليّة في حالة انفراده،كما هو بيّن.

إلزام المخالف:

لعلّ العمل بالضّعيف لدى المؤلّف-في حالة إيراده بمثابة«إلزام»للمخالف-يظلّ عرضة لإثارة أكثر من إشكال حيال هذا التّعامل.و هذا التّعامل يأخذ لدى المؤلّف أكثر من أسلوب.فهو حينا يعمل به في سياق عرض أدلّته الشّخصيّة،و حينا آخر يعمل به في سياق أدلّة المخالف و الرّدّ عليها.

أمّا العمل في صعيد عرض الأدلّة المخالفة،فأمر يحمل مسوّغاته دون أدنى شك،فما دام المخالف مقتنعا بالخبر الضّعيف،فحينئذ يجيء إلزامه بالخبر المذكور مناسبا للموقف.

و حتّى في صعيد عرض الأدلّة الشّخصيّة يكون العمل بالضّعيف مشروعا في حالة كونه مرتبطا بروايات«العامّة»ما دام هدف المؤلّف«إلزامهم»بوجهة نظره الّتي يلتمس لها أدلّة معزّزة بروايات«الجمهور».

أمّا في حالة كونه مرتبطا بروايات«الخاصّة»فإنّ المسوّغ للعمل به ينحصر في حالة الّذي يناقشه كون الفقيه المؤلّف مقتنعا بحجّيّة هذه الرّواية الضّعيفة أو تلك،كما قلنا،و خارجا عن ذلك،لا نجد مسوّغا للعمل بالخبر الضّعيف.لذلك،فإنّ المؤلّف يتعامل بصورة ذكيّة جدّا في كثير من ممارساته القائمة على مناقشة الآخرين،فهو يورد الأدلّة الرّوائية المعتبرة أوّلا«و هذه هي المرحلة المعبّرة عن وجهة نظره الّتي هي حجّة بينه و بين اللّه تعالى»و بعد ذلك يورد الخبر الضّعيف«إلزاما»لمن يناقشه.فمثلا،لحظنا أنّ المؤلّف قد أسقط جميع الرّوايات الواردة بالنّسبة إلى تبييت النّيّة لمن يسافر في رمضان،لكنّه-مع

ص:66

ذلك،لأجل الإلزام-رتّب عليها أثرا،فحملها على أكثر من محمل،مثل قوله عن أحد الأخبار الضّعيفة:(و هو ضعيف،و محمول على من سافر بعد الزّوال)و قوله عن آخر:(و هو ضعيف:و مع ذلك،يحتمل التأويل).و هكذا مع سائر روايات المسألة المشار إليها، حيث أوّلها بما لا يتنافى مع وجهة نظره الذّاهبة إلى أنّ ميزان الإفطار هو:السّفر قبل الزّوال و ليس تبييت النّيّة.

و يلاحظ هنا:- إسقاط المؤلّف حينا:الرّواية،ثمَّ العمل بها حينا آخر،حيث يصرّح في الحالة الأولى بسبب ذلك،و هو:ضعف الرّاوي،كما لو كان فطحيّا أو واقفيّا أو غيرهما من أمثال سماعة و عمّار و ابن فضّال و ابن بكير و سواهم.و لكنّه-في الحالة الثّانية-يصرّح بأنّ الرّاوي«ثقة»:مع أنّ الرّاوي هو نفسه في الحالتين.أي:إنّه بسبب من كون أولئك الرّواة قد تأرجح القول في«وثاقتهم و عدمها»حيث وثّقهم البعض،و قدح فيهم بعض آخر، حينئذ نجده عند التّأييد لوجهة نظره يصرّح بوثاقتهم من قبل أهل التّعديل و الجرح«مع أنّه في كتابه الرّجاليّ المعروف يحسم الموقف حينا،فيميل إلى التّرجيح بوثاقتهم،و يتردّد بالنّسبة إلى آخرين».و أمّا في حالة اخرى نجده يقدح بهم،و هذا ما يمكن ملاحظته-على سبيل الاستشهاد-بالنّسبة إلى«ابن فضّال»،حيث نجده-في ذهابه إلى عدم إجزاء الغسل عن الوضوء-يسقط رواية ابن فضّال القاضية بالإجزاء،قائلا بأنّه«فطحيّ»،كذلك بالنّسبة لإسقاطه روايتين لحظنا هما عند حديثنا عن روايات تبييت النّيّة في سفر رمضان، حيث أسقطهما لمكان ابن فضّال فيهما.و لكنّه بالنّسبة لحكم الحائض المبتدئة،مثلا يعلّق على رواية في طريقها ابن فضّال نفسه،قائلا:(و هو فطحيّ،إلاّ أنّ الأصحاب شهدوا له بالثّقة و الصّدق)،بل نجده في إيراده لرواية أخرى لابن فضّال تتعلّق بوجوب الغسل في صحّة الصّوم بالنّسبة إلى الحائض،يستشهد بقول«النّجاشيّ»عن ابن فضّال:

(فقيه أصحابنا بالكوفة،و وجههم،و ثقتهم،و عارفهم بالحديث.إلخ)و الأمر كذلك بالنّسبة إلى رواه آخرين مثل عمر و إسحاق و.حيث يسقط رواياتهم«عند الرّدّ» و يضفي عليهم طابع«الوثاقة»عندما يعزّز برواياتهم وجهة نظره،مشيرا إلى أنّ الأصحاب

ص:67

شهدوا بالثّقة لهذا الرّاوي أو ذاك.

إنّه من الممكن أن نقول بأنّ المؤلّف حينما سكت عن عمّار،أو سماعة،أو ابن فضّال،أو غيرهم:فلأنّ مناقشيه يعتمدون رواياتهم مثلا،و أنّه لا يعتمدهم في حالة تقديمه لأدلّته الخاصّة،لكن حينما يؤكّد على أنّ الأصحاب شهدوا لهم بالثّقة،حينئذ كيف يسوّغ له أن يرفض رواياتهم الّتي لا تتّسق مع وجهة نظره،و بكلمة جديدة:إنّ المؤلّف إمّا أن يكون مقتنعا بوثاقتهم-و هذا هو الصّحيح،بدليل أنّه قد وثّقهم كما لحظنا في النّماذج السّابقة،فضلا عمّا أوضحه أيضا في كتابه الرّجاليّ-و إمّا أن يقتنع بعدم وثاقتهم،فحينئذ لا معنى للاعتماد على رواياتهم إلاّ في حالة«الإلزام»و هذا ما لا ينطبق على حالة الرّواة المشار إليهم.

طبيعيّا،لو كان المؤلّف مقتنعا بعدم وثاقتهم-كما هو الحال بالنّسبة إلى رأو مثل أحمد بن هلال مثلا،فحينئذ عندما يسكت عن الطّعن به،نفسّر ذلك بأنّه يستهدف«إلزام» المخالف بروايته كما حدث بالنّسبة إلى استدلاله على مطهّريّة المستعمل في رفع الحدث الأصغر.و عندما«يطعن»بالرّواية نفسها-كما حدث بالنّسبة إلى استدلاله على مطهّريّة المستعمل في رفع الحدث الأكبر،حيث نفت الرّواية ذلك-حينئذ نفسّر موقفه بأنّ قناعته الحقيقيّة بعدم وثاقة الرّاوي المذكور تفرض عليه ذلك،و أنّ عدم طعنه إنّما جاء«إلزاما للمخالف فحسب.أمّا في حالة كونه قد اقتنع بوثاقة الرّاوي-كما هو الحال بالنّسبة لبعض الفطحيّين و الواقفيّين-حينئذ فإن رفض رواياتهم يظلّ محلّ تساؤل

العمل أولى من الطّرح:

من الموارد الّتي لوحظ فيها أنّ المؤلّف يعمل بالخبر الضّعيف فيها،هو:ذهابه إلى أنّ العمل بالرواية أولى من طرحها-و قد لاحظنا ذلك بشكل عام في حقل سابق.أمّا ما يرتبط ب«الضّعيف»من الرّوايات،فإنّ العمل بها،يظلّ نادرا.و هذا من نحو ممارسته الذّاهبة إلى إمكان العمل برواية سبق أن رفضها عندما استدلّ على عدم الاعتماد في ثبوت رمضان

ص:68

المبارك-في حالة غيمومة الهلال-على الرّواية القائلة بأن ينظر إلى اليوم الّذي كان الصّوم فيه من العام الماضي،و عدّ خمسة أيّام منه،ثمَّ الصّوم في اليوم الخامس.هذه الرّواية الّتي رفضها في هذا المورد بسبب ضعفها-كما صرّح بذلك-قبلها المؤلّف في مورد آخر هو:في حالة ما إذا غامت الأهلّة جميعا،حيث علّق قائلا:

(فالأقرب:الاعتبار برواية الخمسة.

لنا:أنّ العادة قاضية متواترة على نقصان بعض الشّهور في السّنة بعدد الخمس أو أزيد أو أنقص،فيحمل على الأغلب للرّواية الدّالّة على الخمسة،فإنّها معتبرة هاهنا،و إلاّ لزم إسقاطها بالكلّيّة،إذ لا يعمل بها في غير هذه الصّورة).

المؤلّف ذكر روايتين عن الخمسة و رماهما بالإرسال و الضّعف،حيث رفضهما في غيمومة الهلال.و في مورد غيمومة الأهلّة جميعا،كما أشرنا.و الملاحظ هنا جهتان:

إمّا عدّهما معتبرتين من حيث السّند،أو من حيث الدّلالة،فإذا سقطتا سندا فلا مسوّغ للعمل بهما في بعض الموارد دون غيرها.و إذا لوحظت دلالتهما،فيمكن العمل بهما،كما أشار المؤلّف.بيد أنّ رفضهما في غيمومة رمضان المبارك-بسبب من الضّعف و الإرسال-لا يتناسب مع اعتبارهما في غيمومة (1)الشّهور.

العمل بالضّعيف مطلقا:

بالرّغم من أنّ غالبيّة ممارسات المؤلّف تقوم على رفض العمل بالرّواية الضّعيفة-كما لحظنا، عدا الموارد الاستثنائية المتقدّمة،إلاّ أنّنا نجده حينا يعمل بالخبر الضّعيف مطلقا،دون أن يعلّل ذلك.و التّعامل مع الخبر الضّعيف أحيانا،ينطوي على تقدير صائب للموقف،دون أدنى شكّ،فما دام الرّاوي«المطعون فيه»لا يعني أنّه«كاذب»في الحالات جميعها،و ما دام خبره-من جانب آخر-قد يتوافق مع«الاحتياط»مثلا،أو غير معارض بخبر آخر، مضافا إلى خضوع البعض منها لقاعدة ما يسمّى ب«التّسامح»في غير موارد الوجوب أو الحرمة،

ص:69


1- 13) نعم يمكن أن يقال:انّه رحمه اللّه حين رأى عمل المشهور بالرّواية في تلك المسألة عدّه معتبرا بخلاف المسألة السّابقة.

حينئذ:فإنّ العمل بها يحمل مسوّغاته،بخاصّة إذا اقترنت بالقناعة«وجدانيّا»-و إن كانت«علميّا»مرفوضة من حيث الخضوع لقواعد الحجّيّة،إلاّ أن«الوجدان»و ملاحظة القرائن المحتفّة بها،تحمل الفقيه على الظّنّ المعتدّ بصحّة مثل هذه الرّوايات.و المهم،أنّ المؤلّف-في أمثلة هذه المواقف-يعمل بالخبر الضّعيف،كما قلنا،و هذا من نحو عمله بالرّوايات المانعة من أخذ الرّشاء في الحكم مثلا،حيث استشهد بالرّوايات الضّعيفة في ذلك.و من نحو عمله برواية ضعيفة تحرّم الحجّ بمال غير حلال،فيما يعزّزها حكم«العقل» أو القاعدة الشرعيّة بذلك.و حتّى في حالة عدم تأييدها بحكم عقليّ أو بعدم خلاف بين الفقهاء،حيث إنّه في حالة عدم الخلاف من الممكن أن يكون العمل بالضّعيف مستندا إلى عمل الأصحاب،يظلّ العمل بالضّعيف أمرا ملحوظا لدى المؤلّف،مثل ذهابه (1)إلى استحباب المقام على تجارة معيّنة إذا ربح فيها،و استحباب التّحوّل عنها إذا خسر فيها، و استحباب قلّة الرّبح.إلخ،حيث اعتمد المؤلّف على روايات ضعيفة في المسائل المشار إليها.

و هذا فيما يتّصل بمطلق التّعامل مع الرّوايات الضّعيفة.و في حالة التّضارب بين خبرين ضعيفين،نجد أنّ المؤلّف يعمل بهما أيضا ما دام الخبران المتضاربان لم «يعارضهما»ما هو معتبر من الرّوايات.و هذا من نحو عمله بروايتين:إحداهما:مرسلة، و الأخرى:غير معتبرة،لمكان«السّكونيّ»فيها،حيث جمع بينهما-في حديثه عن صفق الوجه بالماء أو صبّه على نحو التّفريق،مستندا إلى وجهة نظر الفقهاء،قائلا:(و جمع بينهما بأنّ الأوّل محمول على إباحته و لا يجب خلافه و الثّاني محمول على أولويّة غيره،فلا ينافي).و حتّى في حالة كون أحدهما ضعيفا و الآخر معتبرا،فإنّ المؤلّف يعمل بهما في صعيد التّضارب أيضا،و هذا من نحو جمعه بين روايات بعضها معتبر و بعضها غير معتبر، تمنع الدائن من أخذ حقّه إذا أودع المدين لديه مالا،و بين روايات ضعيفة تبيح ذلك (2)،

ص:70


1- 14) يحتمل فيها الاستناد إلى قاعدة التّسامح في أدلّة السّنن،فإنّه قد قال بها جمع من الأصحاب.
2- 15) لعلّ السّرّ فيه أنّ عمومات التّقاص و هي أخبار معتبرة معمول بها تقتضي جوازه مطلقا،و الأدلّة الواردة في لزوم الاقتناع بحلف المنكر توجب تخصيصها،فإطلاق الرّوايات-الموصوفة بالمانعة-حملها على مورد حلف المنكر عند القاضي،و العمدة أنّ المورد المذكور يحتمل فيه أنّ المهم فيه عموم أخبار المقاصّة،لا غير هذه الأخبار الضّعاف.

حيث جمع بين الطّائفتين بحمل الرّوايات المانعة على ما لو أنكر المدين،فاستحلفه على ذلك فحلف.

بيد أنّ الملاحظ أنّ سكوت المؤلّف عن خدش الرّواية،يتضخّم بنحو ملحوظ في أبواب التّجارة.و لعلّ ذلك يتساوق مع ما قلناه-في مقدّمة هذه الصّفحات-من أنّ المؤلّف يتخلّى عن المنهج المفصّل في الأبواب الأخيرة من الكتاب،لاحتمالات متنوّعة،أشرنا إليها في حينه.

التّوقّف أو التّردّد:

يظلّ استخلاص الحكم هو النّتيجة النّهائية لأيّة ممارسة فقهيّة،و إذا كانت الممارسة تعنى بعرض الآراء و الأدلّة و مناقشتها و الرّدّ عليها،فلأنّها مقدّمات لا بدّ أن تقضي إلى ما هو نهائيّ من الحكم.و هذا الاستخلاص للحكم يأخذ عند المؤلّف:أمّا طابعا حاسما لإمكان فيه للافتراض أو التأرجح أو التّوقّف،و إمّا أن يخضع لافتراضات متنوّعة تتطلّبها طبيعة مناقشة الآخرين،و هذان النمطان من استخلاص الحكم لحظناهما بوضوح لدى المؤلّف،فهو يفتي حاسما من خلال دليله الشّخصي الّذي يقدّمه أوّلا ثمَّ يفترض إمكان خضوع هذا النّصّ أو الدّليل إلى حكم آخر كالاستحباب أو الكراهة.إلخ،لكن هناك من الممارسات ما يقف المؤلّف عندها متأرجحا بين هذا الحكم أو ذاك،و من ثمَّ يتوقّف عن إصدار الحكم.و لا شكّ أنّ كلاّ من التّأرجح و التّوقّف له مسوّغاته الّتي ينبغي أن نثمّنها لدى المؤلّف ما دامت طبيعة الدّليل لا تسمح له إلاّ بالتّأرجح أو التّوقّف.

و يمكننا ملاحظة المستوي الأوّل من إصدار الحكم،أي:التّأرجح،فمثلا في ممارسته الذّاهبة إلى جواز الاقتصار على جزء من السّورة أو قراءة السّورة كاملة قائلا:(و لو قيل فيه روايتان،إحداهما:جواز الاقتصار على البعض،و الأخرى:المنع،كان وجها،و يحمل المنع على كمال الفضيلة).

و سبب هذا التّأرجح أنّ المؤلّف استدلّ أوّلا على وجوب السّورة كاملة،إلاّ أنّه عرض نصوصا معتبرة تجوّز ذلك،ممّا اقتاده إلى التّأرجح المذكور.كذلك في ممارسته الذّاهبة إلى

ص:71

أنّ من استمرّ به المرض إلى رمضان آخر،لا قضاء عليه بل يتصدّق مستدلاّ على ذلك بنصوص لزرارة و ابن مسلم و سواهما،لكنّه نقل قولا لابن بابويه بوجوب القضاء حيث استند هذا الأخير إلى عموم الآية (مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) في شمولها لمن استمرّ فيه المرض أو عدم استمراره،حيث عقّب قائلا:(و قول ابن بابويه عندي قويّ،لا يعارض الآية الّتي استدلّ بها:الأحاديث المرويّة بطريق الآحاد).و التّأرجح هنا واضح من خلال ذهابه إلى عدم وجوب القضاء في استناده للنّصوص المشار إليها«و قد استدلّ بها في مسألة سابقة تتعلّق بقضاء السّنة الماضية دون أن يشير إلى أنّها أخبار آحاد»ثمَّ ذهابه إلى «قوّة»الرّأي الّذي ذهب إليه ابن بابويه،حيث يجسّد هذان النّمطان من الحكم تأرجحا بينهما،كما هو واضح.بيد أنّ ذهاب المؤلّف إلى أنّ النّصوص المشار إليها أخبار آحاد ممّا يلفت النّظر حقّا،بصفة أنّه عمل بهذه الأخبار من جانب،و بصفة أنّها لا تتضارب مع الآية الكريمة من جانب آخر،بل إنّها تفصّل إجمالها أو تخصّص عمومها،فلا مسوّغ حينئذ للقول بأنّها تطرح،لمخالفتها الكتاب الكريم.

و يمكننا الاستشهاد بنموذج ثالث من ممارساته الّتي يرجّح فيها أحد الجانبين إلاّ انّه يتوقّف في النّهاية،ما نلحظه في ممارسته الذّاهبة إلى عدم جواز«القران»بين سورتين في الفريضة حيث استدلّ على ذلك بنصوص مانعة،و بالمقابل قدّم أدلّة المخالف الّتي تجوّز ذلك.

و بالرّغم من أنّه ردّ أدلّة المخالف بكون أدلّته الشّخصيّة أصحّ سندا و أوفق للاحتياط، إلاّ أنّه في النّهاية صرّح بأنّه(في هذه المسألة:من المتردّدين).كذلك-في نموذج رابع-في ممارسته الذّاهبة إلى عدم طهارة فضلات ما لا يؤكل لحمه،استند إلى جملة من النّصوص منها:رواية ابن سنان:(اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه)لكن بما أنّ هناك رواية لأبي بصير تستثنى عضويّة«الطّير»من ذلك(كلّ شيء يطير فلا بأس.)حينئذ عقّب قائلا:(و الرّواية مشكلة،و هي معارضة الرواية ابن سنان.إلاّ أنّ القائل يقول:إنّها غير مصرّحة بالتّنجيس،أقصى ما في الباب أنّه أمر بالغسل منه،و هذا غير دالّ على النّجاسة إلاّ من حيث المفهوم.).

ص:72

وجه تردّده هو أنّ المؤلّف قد استند إلى رواية ابن سنان في تنجيسها لفضلات ما لا يؤكل لحمه،و هنا تردّد في تصريحها بالتّنجيس،مضافا إلى أنّ رواية أبي بصير الذّاهبة إلى عدم نجاسة عضويّة الطّير-كما هو رأي المؤلّف-معارضة لرواية ابن سنان،لأنّ الالتزام بأحدهما يلغي الآخر.

طبيعيّا،يمكن أن تقيّد رواية ابن سنان بالطير فتكون النّتيجة:أنّ ما لا يؤكل لحمه نجس إلاّ الطّير.و من الممكن أن تقيّد رواية أبي بصير برواية ابن سنان فتكون النّتيجة:أنّ ما لا يؤكل لحمه من الطّير نجس.إلاّ أنّ الحمل الأخير لا وجه له،لاستلزامه«عبثيّة» القيد،و إذا كنّا نعرف بأنّ كلام المعصوم«ع»لا يمكن أن يتضمّن قيدا عبثا،حينئذ نستخلص بسهولة أنّ قيد«الطّيران»له مدخليّة في الحكم،و أنّ«الطّير»مستثنى من قاعدة:(ما لا يؤكل لحمه)،و من هنا لا نرى وجها لتردّد المؤلّف في هذه المسألة.و يمكن ملاحظة نمط آخر من التّردّد المقترن بالتّرجيح،يتمثّل في الممارسة التّالية:

(حكم الاستنشاق حكم المضمضة في ذلك،على تردّد،لعدم النّص).

فالمؤلّف هنا يرجّح أن يلحق الاستنشاق بالمضمضة-من حيث عدم مفطّريّته إذا كان في الوضوء-و لكن:نظرا لعدم وجود النّص،يتردّد في الإلحاق المذكور.كما هو واضح، فالملاحظ-في هذه النّماذج-أنّ عدم«ظهور»النّص من جانب أو فقدانه من جانب آخر، دفع المؤلّف إلى التّردد في إصدار الحكم.

و أيّا كان،فإنّ النّماذج المتقدّمة من تردّد«العلاّمة»نابع من كونه يستند إلى أدلّة مرجّحة في نظره،و لكنّه يتوقّف في النّهاية من إصدار الحكم.لكن هناك نموذج من الممارسات الّتي لا ترجيح فيها لأحد الأدلّة،حيث يتكافأ الدّليلان ممّا يحمله ذلك على التّردّد أو التّوقّف في إصدار الحكم،و هذا من نحو ممارسته التّالية:

(الصّحيح الّذي يخشى المرض بالصّيام هل يباح له الفطر؟فيه:تردّد ينشأ من وجوب الصّوم بالعموم و سلامته عن معارضة المرض،و من كون المرض إنّما يبيح له الفطر لأجل الضّرر به،و هو حاصل هنا،لأنّ الخوف من تجدّد المرض:في معنى الخوف من زيادته و تطاوله).كذلك يمكن ملاحظة تردّده النّابع من تكافؤ الدّليلين،في ممارسته الآتية:

ص:73

(لو فكّر،ففي الإفساد تردّد:ينشأ من قوله(ع)«عفى لأمّتي الخطأ و النّسيان و ما حدّثت به أنفسها ما لم يعلم أو تعلم،و من كونه متمكّنا من فعله و تركه.)فالملاحظ في هذه النّماذج هو تكافؤ الأدلّة الّتي تستاقه إلى التّردّد،في حين كانت النّماذج الّتي سبقتها مطبوعة بتردّد يترجّح فيها أحد الدّليلين،و لكنّه لا يصل إلى اليقين و الظّنّ الّذي يسمح للمؤلّف بأن يحسم المسألة.و في الحالين ثمّة مسوّغات تدفع المؤلّف إلى أمثلة هذا التّردّد الّذي ينبغي تثمينه،دون أدنى شكّ.

إذا كان المؤلّف في النّماذج المتقدّمة يتوقّف عن إصدار الحكم،فهناك نمط من التّعامل مع «الحكم»يقوم على مجرّد الافتراض في مشروعيّة الآراء المخالفة الّتي يتردّد فيها أو يحسم المسألة فيها على خلاف وجهة نظرهم.و هذا ما ندرجه ضمن عنوان:

الافتراضات و الحكم:

هناك نمط من التّعامل مع«استخلاص الحكم»قائم على مجرّد الفرضيّة بصحّة ما يحكم به الآخرون،حيث يرتّب المؤلّف على هذا الافتراض آثارا شرعيّة.

طبيعيّا،ثمّة فارق بين فرضيّة تقوم على مجرّد التّسليم بما يقوله الآخرون،كما لو اقتنع المؤلّف بدليل خاص لديه،و لكنّه حكم بحكم آخر لإلزام المخالف بفساد وجهة نظر الأخير،حيث لحظنا أمثلة هذا المنحى في سياق ردّه على أدلّة المخالفين،و بين فرضية تسلّم بوجهة نظر المخالف ثمَّ ترتّب عليه الأثر الشّرعيّ،و هذا ما يتمثّل في منهج خاص من الاستدلال يقوم على عبارة«لو قلنا»بجواز أو حرمة هذا الشّيء أو ذاك.إلخ،حيث لا يقتنع المؤلّف بالحكم المذكور،و لكنّه يفرض إمكان صحّته،فيتناوله بالدّراسة مثل سائر المسائل المطروحة.و هذا ما يمكن ملاحظته في ممارسات من نحو:

(إذا قلنا بجواز الاقتصار على بعض السّورة فلا فرق بين أوّلها و آخرها و أوسطها.)ثمَّ يستدلّ على ذلك بروايات في هذا الصّدد.

و من نحو افتراضه الآتي:من الماء النّجس المتمّم كرّا حيث حكم سابقا بعدم تطهّره

ص:74

بإتمامه كرّا:(لو قلنا بالطّهارة،لم يشترط خلوّه من نجاسة عينيّة.نعم،يشترط خلوّه عن التّغيّر).

و من نحو افتراضه الآتي عن تحريم نقل الزّكاة من بلد المالك إلى غيره حيث حكم سابقا بجواز النّقل،و لكنّه ما دام قد نقل قولا بعدم الجواز،حينئذ فقد افترض ما يلي:

(لو قلنا بتحريم النّقل-أي:نقل الزّكاة إلى بلد آخر تجزئ إذا وصلت إلى الفقراء)ثمَّ يستدرك على ذلك بقوله:(لنا:أنّه دفع المالك إلى مستحقّه فيخرج عن العهدة،كما لو أخرجها من بلده).

ففي النّموذج الأوّل افترض المؤلّف جواز الاقتصار على بعض السّورة،مع أنّه كان «متردّدا»فيها،كما لحظنا في نموذج أسبق من ممارساته،و في النّموذج الثّاني و الثّالث افترض طهارة المتمّم كرّا و تحريم نقل الزّكاة إلى بلد آخر مع أنّه لا يرى طهارة الأوّل و لا تحريم الآخر.و المهم هو ملاحظة هذا المنحى من الاستدلال من حيث مسوّغاته العلميّة.

و في تصوّرنا،ثمّة مسوّغ علميّ من النّمط الأوّل من الممارسة،و هو النّمط القائم على تردّده في الحكم،فبما أنّه لم يحسم المسألة،حينئذ فإنّ افتراضه الذّاهب إلى جواز الاقتصار على أوّل السّورة أو وسطها أو آخرها يتناسب مع تردّده طالما يظلّ هناك احتمال بجواز الاقتصار على بعض السّورة يتكافأ مع الاحتمال الآخر،و هو:عدم الجواز،حيث يترتّب-مع احتمال الجواز في تبعيض السّورة-إمكانيّة أن يكون التّبعيض في أوّلها أو وسطها أو آخرها.

كما أنّ الاستدلال على إمكانيّة ذلك يتناسب مع الاحتمال المذكور.لكن عندما نتّجه إلى النّمط الآخر من عرض المسألة الّتي لم يقتنع بها المؤلّف،حينئذ يثأر السّؤال عن ضرورة أن يستدلّ المؤلّف على إتمام المنجّس كرّا ما دام مقتنعا بأنّ الماء القليل لا يطهر بإتمامه كرّا سواء أ كان مصحوبا بالنّجاسة العينيّة أو غير مصحوب.

نعم،في النّموذج الثّالث من الممارسة يمكن أن نجد مسوّغا للطّرح و هو نقل الزّكاة إلى بلد غير المالك،فبالرّغم من أنّ المؤلّف يرى جواز النّقل،إلاّ أنّ عرضه للمسألة جاء في سياق الإجزاء أو عدمه،حيث أنّه مع القول بالتّحريم حينئذ فإنّ المالك إذا دفعها فقد أبرأ ذمّته

ص:75

و إن كان قد عمل محرّما من حيث النّقل،و هذا من نحو الصّلاة في المكان المغصوب أو البيع في يوم الجمعة عند النّداء مثلا،حيث تترتّب آثار الإبراء للذّمّة و تحقّق الملكيّة بالرّغم من ممارسته ممّا هو محرّم.لذلك،فإنّ المسوّغ العلميّ-في النّموذج الثّالث-يظلّ فارضا فاعليّته في هذا الصّعيد.

و هو أمر ينطوي على فائدتين في ميدان البحث،أولاهما:الفائدة العلميّة المتمثّلة في رحابة صدر المؤلّف لأن يفترض إمكانيّة الصّواب لوجهة النّظر المفترضة، و الأخرى:الفائدة المصحوبة بالإمتاع العلميّ،حيث انّ تناول المسألة في شتّى صورها تحقّق إمتاعا علميّا له إسهامه في إثراء تجربة القارئ و تحريك ذهنه على المحاكمات العقليّة،و هذا ما توفّر عليه فقيهنا الكبير«العلاّمة»في عرضه الممتع لكثير من افتراضاته الّتي تفصح عن إسهامه العلميّ الضّخم في هذا الميدان و في سائر الميادين الّتي طبعت شخصيّة«العلاّمة»بسمات فائقة جعلت منه شخصيّة علميّة متفرّدة في تأريخنا الفقهيّ الموروث و المعاصر.

عنصر التّطوير الفقهيّ:

و الآن،خارجا عن الملاحظات الّتي طرحناها في سياق تقويمنا لممارسات «العلاّمة»و هي ملاحظات قد لا يوافقنا القرّاء عليها،بخاصّة أنّ طبيعة الممارسة الاستدلاليّة الشّاملة الّتي لا تقتصر على صياغة الدّليل العابر،تتطلّب منهجا يقوم على تثبيت وجهة النّظر أو إلزام المخالف من الخاصّة و العامّة من خلال طرائق متنوّعة،مثل:

افتراض صحّة الرّواية حينا،و الطّعن بها في موقع آخر،و مثل:الاستدلال على مسألة لم يقتنع الفقهاء بها،ثمَّ ترتيب الآثار عليها على نحو الافتراض،و مثل:تقديم الأصل على الأمارة،.إلخ،أولئك جميعا قد تفرضها طبيعة الممارسة الفقهيّة الّتي لم تقتصر على فقيهنا الكبير،بل انسحبت على المتأخّرين أيضا،بحيث أصبحت جزءا من الصّناعة الفقهيّة الّتي اكتسبت طابعا مشروعا.و لذلك،فإنّ إبداء الملاحظات على هذه الصّناعة لا يعني أنّها تقلّل من ضخامة و إحكام و متانة العمارة الفقهيّة الضّخمة الّتي خطّط لها«العلاّمة».

ص:76

و هذا ما يدفعنا إلى القول-و نحن نختم حديثنا عن فقيهنا الكبير-بأنّنا نواجه فقيها عملاقا قد انفرد بين السّابقين عليه بكونه قد«طوّر»الممارسة الفقهيّة،و«جدّدها» على المستويات جميعا،سواء أ كان ذلك في صعيد الأداة الأصوليّة الّتي طرح مفرداتها الضّخمة في كتابه المخطوط:«نهاية الوصول إلى علم الأصول»حيث سلك فيه نفس المنهج الفقهيّ المقارن من حيث تتّبعه المدهش لآراء الأصوليّين و مناقشتها و الرّدّ عليها و إبداء وجهة نظر جديد حيالها،أو كان ذلك في صعيد«الأداة الرّجاليّة و الحديثيّة»حيث اختطّ حيالها منحى فيه«الجدّة»دون أدنى شك،أو كان ذلك في صعيد الممارسة الفقهيّة بعامّة:منهجا و استدلالا،حيث نلاحظ«الجدّة أو التّطوير»فيها يتجاوز طرح «المبادئ إلى طرح«المنهج»أيضا،و هو ما لحظناه خلال هذه السّطور الّتي كتبناها عن فقيهنا الفذّ،حيث كانت«السّعة»و«التّنوع»و«العمق»و«الجدّة»:طوابع علميّة لهذا الفقيه لم يكد لسواه أن يتوفّر عليها بنفس الحجم الّذي لحظناه عند«العلاّمة»،فهو -كما سبقت الإشارة-يرصد آلاف الآراء لمذاهب و تيّارات و أشخاص،في كلّ العصور،و في كلّ الأمكنة،داخل المذهب و خارجه،و هو يلتمس«الأدلّة»لها و ليس مجرّد رصدها،بما تستتبعها من منهجيّة جديدة بالنّحو الّذي يضفي على بحثه حيويّة لافتة للنّظر تجعلك منبهرا و مندهشا حيال قابليّته الفذّة الّتي وهبها اللّه تعالى لفقيهنا الكبير،حتّى ليكاد«يتفرّد»-مع آخرين لا يتجاوزون عدد الأصابع-في عصور التّأريخ الفقهيّ.

ص:77

ص:78

كلمة القسم

ص:79

ص:80

كلمة القسم

النّسخ المخطوطة المعتمدة في تحقيق الكتاب:
اشارة

لمّا كان هدفنا في تحقيق الكتاب هو إخراج نصّه صحيحا مفهوما لا يشوبه إبهام،خاليا من التّعقيد و الالتواء،بعيدا عن المظاهر الشّكليّة الّتي يقتصر عليها بعض المحقّقين في عملهم،فقد اعتمدنا-في عملنا هذا-على تسع نسخ مخطوطة،هي كما يلي:

1-النّسخة الموقوفة لخان بابا مشار،

المحفوظة في مكتبة الآستانة الرّضويّة المقدّسة في مشهد، تحت رقم 9548،و هي تشتمل على كتاب الطّهارة فقط،جاء في آخرها:كتب آخر هذا الكتاب على يد أقلّ خلق اللّه و أحوجهم إلى رحمة ربّه الغنيّ محمّد بن محمّد الجزائريّ،السّاكن في بلدة شيراز.و كان الفراغ من كتابته في بلدة بغداد في شهر صفر،ختم بالخير و الظّفر سنة 1047.تقع في 156 ورقة،تحتوي كلّ صفحة منها على 29 سطرا،بحجم 20x13 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«خ».

2-النّسخة المحفوظة في مكتبة الآستانة الرّضويّة المقدّسة في مشهد،

تحت رقم 10597،و هي تشتمل على كتب:الطّهارة،الصّلاة،الزّكاة،الخمس،و بعض من كتاب الصّوم.جاء في آخر كتاب الطّهارة:و فرغ من نسخة نسختها من نسخة الأصل العبد المذنب الرّاجي إلى رحمة اللّه تعالى يوسف بن يعقوب طالقانيّ،و جاء في آخر كتاب صلاة الخوف:كتبه العبد الفقير إلى اللّه تعالى محمّد بن شاه منصور التّبريزيّ.و ذلك في سابع[و]عشرين من شهر شعبان المعظّم من سنة ثلاث و سبعين و تسعمائة.تقع في 397 ورقة،تحتوي كلّ صفحة منها على 31 سطرا،بحجم 20x12 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«ن».

3-النّسخة المحفوظة في مكتبة ملك الوطنيّة(كتابخانه ملّى ملك)

تحت رقم 1228،و هي

ص:81

تشتمل على كتب:الطّهارة،الصّلاة،الزّكاة،الخمس،و بعض من كتاب الصّوم،كتبها:محمّد هادي ميرزا عرب شيرازي في يوم الثّلاثاء الخامس من شهر شعبان المعظّم:و لم يذكر سنة كتابتها.تقع في 463 ورقة،كلّ صفحة منها تحتوي على 30 سطرا،بحجم 21x11 سم،و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف:«م».

4-النّسخة المحفوظة في مكتبة الآستانة الرّضويّة المقدّسة في مشهد،

تحت رقم 1012،و هي تشتمل على كتب:الصّلاة،الزّكاة،الخمس،و بعض من كتاب الصّوم،كتبها:محمّد بن شمس بن عليّ بن حسن بن أبي الحسن بن جعفر بن الغسّانيّ.جاء في آخر كتاب الصّلاة:وقع الفراغ من نسخها عصريّة يوم الاثنين لخمس خلون من شهر ربيع الأوّل من شهور أحد و ثمانين و تسعمائة من الهجرة(على مهاجرها الصّلاة و السّلام و التّحيّة و الإكرام).تقع في 572 ورقة، تحتوي كلّ صفحة منها على 23 سطرا،بحجم 22x13 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:

«غ».

5-النّسخة المحفوظة في مكتبة الآستانة الرّضويّة المقدّسة في مشهد،

تحت رقم 2850،و هي تشتمل على القسم الأخير من كتاب الصّوم،و كتب:الحج،الجهاد،و بعض من كتاب التّجارة، قال في آخرها:و فرغ من نسخته(كذا)أقلّ عباد اللّه و أحوجهم إلى غفرانه،العبد الفقير،كثير الخطايا و الزّلل:عليّ بن الحاج قوام الدّين بن محمود العاقوليّ اللّيثيّ أصلا،النّجفيّ مولدا،الحلّي منشأ.و ذلك في غرّة ذي القعدة سنة 982 هجريّة(على مهاجرها أفضل الصّلوات و أكمل التّحيّات).تقع في 143 ورقة،تحتوي كلّ صفحة منها على 41 سطرا،بحجم 23x14 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«ع».

6-النّسخة المحفوظة في مكتبة مسجد جامع گوهرشاد في مشهد،

تحت رقم 554،و هي تشتمل على:البحث الثّامن و التّاسع من كتاب الصّوم،و تمام كتاب الاعتكاف،و القسم الأكبر من كتاب الحج إلى أواسط الصّنف الثّالث عشر:الصّيد.جاء في آخر الفصل السّادس في الحلق و التّقصير من كتاب الحج:و كان الفراغ من تسويده على يدي العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر مصنّف الكتاب في ثاني عشر ربيع الأوّل من سنة سبع و ثمانين و ستّمائة،وفّق اللّه تعالى إتمام الكتاب بمنّه و كرمه و الحمد للّه ربّ العالمين.و لم يذكر اسم ناسخها.تقع في 267 ورقة،بخطّ النّسخ القديم،و صفحاتها مختلفة من حيث السّطور،فصفحة فيها 16 سطرا،و أخرى 22 سطرا،بحجم 16x11 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«ج».

7-النّسخة الموقوفة في مكتبة مسجد جامع گوهرشاد في مشهد،

تحت رقم 1326،و هي

ص:82

تشتمل على بعض من كتاب الصّلاة حيث تبدأ من المقصد الثّامن في الخلل الواقع في الصّلاة، و كتاب الزّكاة و الخمس،و بعض من كتاب الصّوم،إلى البحث الثّامن في بقيّة أقسام الصّوم.لم يعلم اسم كاتبها و لا تأريخ كتابتها،حيث جاء في آخرها:تمَّ الجزء الثّالث من كتاب:منتهى المطلب في تحقيق المذهب،و الحمد للّه وحده،و يتلوه في.و قد كتب في هامش الصّفحة الأخيرة بخطّ مغاير للأصل:من متملّكات أفقر الطّلبة إلى ربّه المجيد محمّد مكّي بن محمّد بن شمس الدّين بن الحسن بن زين الدّين عليّ بن خير الدّين من سلالة أبي عبد اللّه الشّريف الشّهيد ابن مكّي بن أحمد بن حامد المطّلبيّ الحارثيّ الهمدانيّ الخزرجيّ العامليّ.و مكتوب فوق هذه العبارات بخطّ أخضر بالفارسيّة:(خط نوه شهيد)أي:خط حفيد الشّهيد،و النّسخة مختومة في عدّة أماكن منها بمهر حفيد الشّهيد و ختمه،حيث جاء في الختم:من ولد الشّريف أبي عبد اللّه الشّهيد محمّد بن مكّي العامليّ.تقع في 310 ورقة،تحتوي كلّ صفحة منها على 19 سطرا،بحجم 16x10 سم، و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«ش».

8-النّسخة المحفوظة في مكتبة الآستانة الرّضويّة المقدّسة في مشهد،

تحت رقم 12314،و هي تشتمل على كتب:الطّهارة،الصّلاة،الزّكاة،الخمس،الصّوم،الحجّ،الجهاد،و بعض من كتاب التّجارة جاء في آخر كتاب الطّهارة:قد فرغ من كتابة هذا الجزء محمّد حسين بن حاجي حسين الرّويدشتي من أعمال أصفهان.في يوم الاثنين الثّاني عشر من شهر ربيع الأوّل سنة 1066.تقع في 419 ورقة،تحتوي كلّ صفحة منها على 36 سطرا،بحجم 21x12 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«ق».

9-النّسخة المحفوظة عند السّيّد جعفر مير داماد،في طهران،

و هي تشتمل على كتاب الطّهارة،جاء في آخرها،فرغ من نسخة و تعليقه الفقير إلى عفو ربّه الغنيّ عليّ بن محمّد بن هلال، صدر نهار السّبت آخر يوم من صفر سنة خمسة و ثمانين و تسعمائة هجريّة نبويّة.ثمَّ جاء في هامش آخرها:قد وقعت المقابلة لهذه النّسخة الشّريفة مع نسخة الأصل طابق النّعل بالنّعل.تقع في 298 ورقة،بخط النّسخ القديم،تحتوي كلّ صفحة منها على 21 سطرا،بحجم 30x20 سم،و قد رمزنا لها في الهامش بالحرف:«د».

و حيث أنّنا عثرنا عليها متأخّرا،أي:بعد طبع حروف الجزء الأوّل و ترتيب فصوله و إخراجه الفنّيّ،لذلك لم يكن لنا مجال لإثبات اختلافاتها في الهامش،إلاّ أنّنا قابلناها مع فصول هذا الجزء بأجمعه،و أخذنا باختلافاتها مع بقيّة النّسخ،و قد كانت مفيدة للغاية،و سيأتي تثبيت اختلافاتها في الهامش عند تحقيق الأجزاء اللاّحقة من كتاب الطّهارة.

ص:83

منهجيّة تحقيق الكتاب:

إنّ كتاب المنتهى هو من أجمع الكتب الفقهيّة المقارنة،و أضخمها في بابها،و أكثرها جمعا، و أغزرها علما،و أحسنها تفصيلا و تفريعا،و أجودها تقسيما و تنويعا.قد حوى جلّ أمّهات المسائل الخلافيّة في الفقه-داخل المذهب و خارجه-فكان حقيقا بأن يسمّى:«منتهى المطلب.»و قد أشار العلاّمة نفسه إلى أهمّيّته و عظمته علميّا في تقديمه له،و في مواضع متعدّدة من بقيّة كتبه الأخرى.كما و أشاد بفضله جمع كثير من علمائنا المتأخّرين،و جعلوه في عداد أفضل ما كتب في هذا الباب على الإطلاق،لما جاء فيه من متانة في المقارنة العلميّة،و روعة في الاستدلال الفقهيّ.

و لمّا كان«المنتهى»بما يمثّله من عطاء فقهيّ زاخر،و تراث علميّ جمّ.و إخراجه محقّقا، مصحّحا بالشّكل الّذي يتناسب و مستواه يحتاج إلى جهود جادّة و طاقات مخلصة.كان أن سعى الإخوة المحقّقون في قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة بكلّ ما أوتوا من عزم و همّة إلى تفجير طاقاتهم،و صبّ جهودهم بشكل جدّيّ و متواصل.من أجل إخراج هذا السّفر الجليل بكيفيّة تناسب محتواه العلميّ،آخذين بنظر الاعتبار و عاملين وفق أحدث القواعد العلميّة و الفنيّة في موضوع تحقيق و تصحيح التّراث الإسلاميّ الخالد.

فكان أن شمّر هؤلاء بأجمعهم عن ساعد الجدّ و توزّعوا إلى ستّ لجان تحقيقيّة،كلّ حسب اختصاصه العلميّ و الثّقافيّ،كما يلي:

1-لجنة المقابلة،و عملها مقابلة النّسخ المخطوطة-الآنفة الذّكر-مع بعضها الآخر،و ضبط الاختلافات الواقعة بينها،و تثبيتها على حدة.

2-لجنة التّخريجات،و عملها تخريج الآيات القرآنيّة،و الأحاديث النّبويّة الشّريفة الواردة عن طريق الجمهور،و الأحاديث و الرّوايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام،و كذا تخريج الأقوال الفقهيّة الّتي أوردها المصنّف و استدلّ بها أو ناقشها أثناء بحثه و خوضه في مسائل الكتاب،و إرجاعها إلى مصادرها الأصليّة،و الإشارة إلى ذلك في الهامش.

3-لجنة التّرجمة،و عملها ترجمة جميع الأعلام و الرّواة-على اختلاف طبقاتهم و مذاهبهم- الوارد ذكرهم في الكتاب،مع ترجمة مختلف المدارس الفقهيّة و الطّوائف و الفرق الإسلاميّة.

4-لجنة تقويم النّصّ،و عملها تقطيع النّصّ و توزيع فقراته بحسب عناوينه و معنوناته،و جمله حسب ما تقتضيه العبارة،مع ملاحظة جميع الاختلافات الواردة بين النّسخ الخطّيّة و النّسخة

ص:84

الحجريّة المطبوعة،و تثبيت ما ترجّح منها،و الإشارة إلى المرجوح عليه في الهامش عند اقتضاء ذكره.

5-لجنة تنزيل الهامش،و عملها تنزيل هوامش الكتاب،بالاستفادة من كلّ ما أنجزته اللّجان المتقدّمة،في صياغة الهوامش النّهائيّة بخطّ واضح و جميل.

6-مهمّة الإشراف النّهائيّ فنّيّا على الكتاب-متنا و هامشا-و ضبط الملاحظات النّهائيّة، مع مراعاة فنّيّة التّرقيم و التّنقيط و صياغة الكلمات الإملائيّة القديمة بقالب فنّيّ جديد،مع وضع فهارس الكتاب.ملتمسين لهم التّوفيق و التّسديد في إخراج بقيّة الأجزاء الأخرى بالشّكل المطلوب إن شاء اللّه تعالى.

و لا يفوتنا هنا أن نتقدّم بالشّكر و الامتنان إلى كلّ الإخوة المحقّقين،الّذين شاركوا في تحقيق و إخراج هذا الجزء من الكتاب،و هم:حجج الإسلام الشّيخ علي اعتمادي،و الشّيخ نوروز علي حاجي آبادي،و الشّيخ صفاء الدّين البصري،و الشّيخ عبّاس معلّمي،و الشّيخ محمّد بشيري، و الشّيخ هادي علي زاده،و السّيّد رضا سيادت،و الشّيخ أبو الحسن ملكي،و الشّيخ محمّد علي ملكي،و السّيّد طالب الموسوي،و الشّيخ محمّد أكبري،و السيد حسن الشريفي.كما نشكر سماحة الشّيخ إلهي الخراساني في إشرافه على التّحقيق،ملتمسين لهم جميعا التوفيق و التّسديد في إنجاز بقيّة أجزاء الكتاب،إن شاء اللّه تعالى.

ختاما نسأل اللّه العليّ القدير أن يعيننا على أنفسنا،و يأخذ بأيدينا إلى ما فيه الخير،و أن يتقبّل منّا هذا القليل خالصا لوجهه،و يجعلنا من محيي تراث مدرسة أهل البيت عليهم السّلام،و يجعلنا نعم خلف لأولئك الماضين من علمائنا العظماء الّذين كانوا-و بحقّ-نعم سلف لنا،ملتمسين بذلك القربة إليه و حسن الثّواب،إنّه وليّ النّعم،و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:85

ص:86

اشارة

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :1

ص :2

مقدمة المؤلف

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه المتفضّل فلا يبلغ مدحته الحامدون،المنعم فلا يحصي نعمته (1)العادّون، الكريم فلا يحصر مدى كرمه الحاصرون،الكامل في ذاته و صفاته فلا يقدر على إدراكه المجتهدون،القديم فلا أزليّ سواه،الباقي فكلّ شيء فان عداه،القادر فكلّ موجود منسوب إلى قدرته،العالم فكلّ مخلوق مندرج تحت عنايته،نحمده على إفضال أسداه إلينا، و نشكره على نوال تكرّم به علينا،و نستزيده من نعمه الجسام،و نسترفده من عطاياه العظام.

و الصّلاة على أشرف النّفوس الزّكيّة،و أعظم الذّوات القدسيّة،خصوصا على سيّد البريّة،محمّد المصطفى و عترته المرضيّة،صلاة باقية إلى يوم الدّين،مستمرّة على مرّ الدّهور و السّنين،و سلّم عليهم أجمعين.

أمّا بعد:فإنّ اللّه تعالى لمّا أوجد الأشياء بعد العدم بمقتضى إرادته،و ميّز بينها بحسب عنايته،جعلها متفاوتة في النّقصان و الكمال،و متباينة بالثّبات و الزّوال،و اقتضت الحكمة الإلهيّة و العناية الأزليّة تشريف الإنسان على غيره من الموجودات السّفليّة،و تفضيله على جميع المركّبات العنصريّة بما أودع فيه من العقل الدّرّاك الفارق بين متشابهات الأمور، و الباقي إدراكه على تعاقب الدّهور.

ثمَّ لمّا كان مقتضى الحكمة الأزليّة تتميم هذا التّكميل،و تحصيل هذا التّشريف على أبلغ تحصيل،و كان ذلك إنّما يتمّ بمعرفته،و يحصل بالعلم بكمال حقيقته،لا جرم،أمر

ص:3


1- 1في«ق»:نعمه.

بالسّلوك في هذا الطّريق،و كلّف العلم به على وجه التّحقيق،و لمّا كان الإنسان مطبوعا على النّسيان،و مجبولا على النّقصان،كان من مقتضى الحكمة تكرير التّذكير المقرون بالانقياد،المشفوع بالاستعداد لتحصيل المراد،فأمر بالشّرائع على مقتضى حكمته،و سنّ السّنن بموجب لطفه بخليقته.

ثمَّ لمّا كان الوصول إلى معرفة الشّرائع على كلّ واحد متعذّرا،و الوقوف على مقاصد السّنن متعسّرا،لا جرم،أوجب النّفور على بعض المكلّفين بقوله فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ (1).

و لمّا لطف اللّه تعالى لنا بالبحث عن الشّريعة المحمّديّة و الملّة الأحمديّة على أحقّ الطّرائق و أصدقها و أكمل المسالك معرفة و أوثقها،و هي طريقة الإماميّة المتمسّكين بأقوال الأئمّة المعصومين من الزّلل في القول و العمل صلوات اللّه عليهم أجمعين،أحببنا أن نكتب دستورا في هذا الفنّ يحتوي على مقاصده،و يشتمل على فوائده،على وجه الإيجاز و الاختصار،متجنّبين الإطالة و الإكثار،مع ذكر الخلاف الواقع بين أصحابنا،و الإشارة إلى مذاهب المخالفين المشهورين،مع ذكر ما يمكن أن يكون حجّة لكلّ فريق على وجه التّحقيق و قد وسمناه:ب(منتهى المطلب في تحقيق المذهب)و نرجو من لطف اللّه تعالى أن يكون هذا الكتاب بعد التّوفيق لإكماله أنفع من غيره.

أمّا أوّلا:فبذكر الخلاف الواقع بين الأصحاب و المخالفين مع ذكر حججهم و الرّدّ على الفاسد منها.

و أمّا ثانيا:فباشتماله على المسائل الفقهيّة الأصليّة و الفرعيّة على وجه الاختصار،فكان هذا الكتاب متميّزا عن غيره من الكتب.

و قد رتّبنا هذا الكتاب على أربع قواعد،و قبل الخوض في المقصود،لا بدّ من تقديم مقدّمات:

ص:4


1- 1التوبة:123. [1]

المقدمة الاولى:في ذكر الغرض من هذا العلم،و وجه الحاجة إليه

قد بيّنا في كتبنا العقليّة:انّ اللّه تعالى إنّما فعل الأشياء المحكمة المتقنة لغرض و غاية، لا لمجرّد العبث و الاتّفاق (1)-كما قاله بعض من لا تحصيل له (2)-و لا شكّ انّ أشرف الأجسام السّفليّة،هو:نوع الإنسان،فالغرض لازم في خلقه و لا يمكن أن يكون الغرض منه حصول ضرر له،فإنّ ذلك إنّما يقع من المحتاج أو الجاهل،تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا، فلا بدّ و أن يكون هو النّفع،و لا يجوز عوده إليه تعالى لاستغنائه،فلا بدّ و أن يكون عائدا إلى العبد.

ثمَّ لمّا بحثنا عن المنافع الدّنيويّة وجدناها في الحقيقة غير منافع،بل هي دفع آلام،فإن كان فيها شيء يستحقّ أن يطلق عليه اسم النّفع فهو يسير جدّا،و مثل هذا الغرض لا يمكن أن يكون غاية في حصول هذا المخلوق الشّريف،خصوصا مع انقطاعه و شوبه بالآلام المتضاعفة،فلا بدّ و أن يكون الغرض شيئا آخر ممّا يتعلّق بالمنافع الأخرويّة.

و لمّا كان ذلك النّفع من أعظم المطالب،و أنفس المقاصد،لم يكن مبذولا لكلّ أحد، بل إنّما يحصل بالاستحقاق،و ذلك لا يكون إلاّ بالعمل في هذه الدّار،المسبوق بتحصيل كيفيّة العمل المشتمل عليه هذا العلم،فكان ذلك من أعظم المنافع في هذا العلم،و الحاجة إليه ماسّة جدّا لتحصيل هذا النّفع و التّخلّص من العقاب الدّائم.

ص:5


1- 1كشف المراد:238،الباب الحادي عشر:2،نهج الحق و كشف الصّدق:89، [1]أنوار الملكوت في شرح الياقوت:151. [2]
2- 2) ذهبت الأشاعرة إلى انّ أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالأغراض و المقاصد،كشف المراد:238، [3]أنوار الملكوت في شرح الياقوت:151، [4]نهج الحق و كشف الصّدق:89، [5]التّفسير الكبير 17:11.

المقدّمة الثّانية:في مرتبة هذا العلم

اعلم انّ العلوم قد يتقدّم بعضها على بعض إمّا لتقدّم موضوعاتها،أو لتقدّم غاياتها،أو لاشتمالها على مبادئ العلوم المتأخّرة،أو لأمور أخر ليس هذا موضع ذكرها.

و الحقّ عندي انّ مرتبة هذا العلم متأخّرة عن غيره بالاعتبار الثّالث،و ذلك لافتقاره إلى سائر العلوم،و استغنائها عنه.

أمّا تأخّره عن علم الكلام فلأنّ هذا العلم باحث عن كيفيّة التّكليف،و هو لا شكّ مسبوق بالبحث عن معرفة التّكليف و المكلّف.

و أمّا تأخّره عن علم أصول الفقه فظاهر،لأنّ هذا العلم ليس ضروريّا بل لا بدّ فيه من الاستدلال،و أصول الفقه متكفّل ببيان كيفيّة ذلك الاستدلال،و بهذا الاعتبار كان متأخّرا عن علم المنطق المتكفّل ببيان فساد الطّرق و صحّتها.

و أمّا اللّغة و النّحو و التّصريف،فلأنّ مبادئ هذا العلم إنّما هو القرآن و السّنّة و غيرهما،و لا شكّ في انّ القرآن و السّنّة عربيّان فوجب تقديم البحث عن اللّغة و النّحو و التّصريف على البحث عن هذا العلم،فهذه العلوم الّتي يحتاج هذا العلم إلى تقدّم معرفتها .

المقدّمة الثّالثة:في موضوع هذا العلم و مبادئه و مسائله

اعلم انّ كلّ علم على الإطلاق لا بدّ و أن يكون باحثا عن أمور لا حقة لغيرها،و تسمّى تلك الأمور مسائل ذلك العلم،و ذلك الغير موضوعه،و لا بدّ له من مقدّمات يتوقّف الاستدلال عليها،و من تصوّرات للموضوع و أجزائه و جزئيّاته إن كانت،و يسمّى ذلك أجمع بالمبادي.

ص:6

و لمّا كان الفقه باحثا عن الوجوب و النّدب و الإباحة و الكراهة و التّحريم و الصحّة و البطلان،لا من حيث هي،بل من حيث هي عوارض لأفعال المكلّفين،لا جرم،كان موضوع هذا العلم هو أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء و التّخيير.

و مبادئه هي:المقدّمات الّتي يتوقّف عليها ذلك العلم كالقرآن،و الأخبار،و الإجماع، و التّصوّرات الّتي يتوقّف عليها ذلك العلم.

و مسائله هي:المطالب الجزئيّة الّتي يشتمل عليها علم الفقه .

المقدّمة الرّابعة:في تحديد هذا العلم

لا يمكن تحديد علم من العلوم إلاّ بالإضافة إلى متعلّقه،لدخول الإضافة فيه و كونها جزءا منه،و الفقه في اللّغة،هو الفهم،و أمّا في الاصطلاح،فهو عبارة عن العلم بالأحكام الشّرعيّة الفرعيّة،مستندا إلى الأدلّة التّفصيليّة،و قد بيّنا في أصول الفقه شرح هذا الحدّ على الاستقصاء (1).

المقدّمة الخامسة:في أنّ تحصيل هذا العلم واجب يدلّ عليه المعقول و المنقول

أمّا المعقول،فهو انّ معرفة التّكليف واجبة،و إلاّ لزم تكليف ما لا يطاق،و لا يتمّ إلاّ بتحصيل هذا العلم قطعا،و ما لا يتمّ الواجب إلاّ به يكون واجبا،فيكون تحصيل هذا العلم واجبا.

و أمّا المنقول،فقوله تعالى:

ص:7


1- 1تهذيب الوصول إلى علم الأصول:201. [1]

فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (1).

المقدّمة السّادسة:في أنّ تحصيل هذا العلم واجب على الكفاية

و يدلّ عليه ما تقدّم من القرآن،فإنّه دلّ على وجوب التّفقّه على الطّائفة من كلّ فرقة، و لو كان واجبا على الأعيان،لكان واجبا على كلّ فرقة.

و لأنّ الأصل عدم الوجوب،و الدّليل إنّما ينهض بالوجوب على الكفاية.

و لأنّ الوجوب على الأعيان ضرر عظيم،و هو منفيّ اتّفاقا .

المقدّمة السّابعة:

اعلم انّ النّاس على أقسام ثلاثة بالنّسبة إلى العلم.

أحدها:الّذي هو الأصل،و المستنبط له،و المظهر لكنوزه،و الدّال على فوائده و كأنّه الخالق لذلك العلم و المبتدع له،و هذا القسم أشرف الأقسام و أعلاها.

و ثانيها:من كان له مرتبة دون هذه المرتبة،و حظّه من العلم أنقص من حظّ الأوّل، و كان سعيه و كدّه فهم ما يرد عليه من العلوم المنقولة عن الأوّل،و تحصيل ما أراده الأوّل، و لهذا القسم أيضا شرف قاصر عن شرف الأوّل.

و ثالثها:من قصر عن هاتين المرتبتين و لم يفز بأحد هذين المقامين،و هم الغالب في زماننا،و هم في الحقيقة ينقسمون إلى قسمين:

الأوّل:من تعاطى درجة العلم،و هم المتجاهلون،و غاية سعيهم،الرّدّ على أهل

ص:8


1- 1التّوبة:122. [1]

الحقّ،و التّخطئة لهم،و جبر نقصهم بذلك،و هم الحشويّة (1).

الثّاني:من لم تسم نفسه إلى ذلك،و هم الجاهلون،و هم أشرف من اولى هذه المرتبة، و إلى ذلك (2)أشار مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه بقوله:«النّاس ثلاثة:

عالم ربّانيّ،و متعلّم على سبيل نجاة،و همج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح،لم يستضيئوا بنور العلم،و لم يلجأوا إلى ركن وثيق» (3).

المقدّمة الثّامنة:

انّه قد يأتي في كتابنا هذا إطلاق لفظ الشّيخ،و نعني به:الإمام أبا جعفر محمّد بن الحسن الطّوسيّ (4)-قدّس اللّه روحه-و المفيد،و نريد به:الشّيخ محمّد بن محمّد بن النّعمان (5)،و بالشّيخين،هما.و قد يأتي في بعض الأخبار،انّه في الصّحيح،و نعني به:

ص:9


1- 1الحشويّة،هم:الّذين يحشّون الأحاديث الّتي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول اللّه-أي: يدخلونها فيها و ليست منها،و جميع الحشويّة يقولون بالجبر و التّشبيه،و انّ اللّه تعالى موصوف عندهم بالنّفس و اليد و السّمع و البصر،و انّهم أجازوا على ربّهم الملامسة و المصافحة،و انّ المسلمين المخلصين يعانقونه في الدّنيا و الآخرة إن بلغوا في الرّياضة و الاجتهاد إلى حدّ الإخلاص و الاتّحاد المحض. الملل و النحل 1:96، [1]المقالات و الفرق:136.
2- 2) في«ق»«ح»:و لذلك.
3- 3) نهج البلاغة،لصبحي الصّالح:496. [2]
4- 4) هو:الشّيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي،ولد في طوس سنة 385 ه،انتقلت إليه الزّعامة بعد وفاة السّيد المرتضى،و هاجر من بغداد إلى النّجف سنة 448 ه،له مؤلّفات أكثر من خمسين في الفقه و الأصول و الكلام و التّفسير و غيره،توفّى ليلة الاثنين 22 محرّم سنة 460 ه. رجال النّجاشي:403،رجال العلاّمة:189:189، [3]تنقيح المقال 3:104، [4]الكنى و الألقاب 2:394. [5]
5- 5) المفيد:محمّد بن محمّد بن النّعمان،بلغ نسبه إلى يعرب بن قحطان،فضله أشهر من أن يوصف في الفقه و الكلام و الرّواية و الثّقة و العلم،ولد سنة 336 ه،و توفّي سنة 413 ه. رجال النجاشي:399،تنقيح المقال 3:180، [6]رجال العلاّمة:147، [7]الكنى و الألقاب 3:171. [8]

ما كان رواته ثقاة عدولا،و في بعضها،في الحسن،و نريد به:ما كان بعض رواته قد أثنى عليه الأصحاب و إن لم يصرّحوا بلفظ التّوثيق له،و في بعضها في الموثّق،و نعني به:ما كان بعض رواته من غير الإماميّة كالفطحيّة (1)،و الواقفيّة (2)،و غيرهم،إلاّ انّ الأصحاب شهدوا بالتّوثيق له .

المقدّمة التّاسعة:

لمّا رأينا انّ الغالب على النّاس في هذا الزّمان الجهل،و طاعة الشّهوة و الغضب و الرّفض،لإدراك المعاني القدسيّة،و ترك الوصول إلى أنفس المعارج العلويّة،و اقتنائهم لرذائل الأخلاق،و اتّصافهم بالاعتقادات الباطلة على الإطلاق،و التّشنيع على من سمت همّته (3)عن درجتهم،و طلبت نفسه الصّعود عن منزلتهم،حتّى انّا في مدّة عمرنا هذا، و هو اثنان و ثلاثون سنة لم نشاهد من طلاّب الحقّ إلاّ من قلّ،و من القاصدين للصّواب إلاّ من جلّ، أحببنا إظهار شيء من فوائد هذا العلم عسى[أن] (4)يحصل لبعض النّاس مرتبة الاقتداء، و يرغب في الاقتفاء و ذلك من أشرف فوائد وضع هذا الكتاب،لما فيه من السّنّة المقتدى

ص:10


1- 1الفطحيّة:فرقة قالت بانتقال الإمامة من الصّادق(ع)إلى ابنه عبد اللّه الأفطح،و هو أخو إسماعيل من أبيه و امّة،ما عاش بعد أبيه إلاّ سبعين يوما،و مات و لم يعقب ولدا ذكرا.و سمّوا بذلك،لأنّ عبد اللّه كان أفطح الرّأس،و قال بعضهم:كان أفطح الرّجلين.و قال بعض الرّواة:انّهم نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد اللّه بن فطيح،و مال عند وفاة جعفر إلى هذه الفرقة.الملل و النحل 1:148، [1]المقالات و الفرق:87.
2- 2) الواقفيّة:من توقّف على موسى بن جعفر(ع)و قال:انّه لم يمت و سيخرج بعد الغيبة،و ربّما يطلق الواقفيّ على من وقف على غير الكاظم(ع)كمن وقف على أمير المؤمنين أو الصّادق أو الحسن العسكري(ع).الملل و النّحل 1:150،المقالات و الفرق:237.
3- 3) في«ق»«ح»:سمته.
4- 4) أضفناه لاستقامة المعنى.

بها،الفائز صاحبها بالسّهم المعلّى من السّعادة،و المتخلّص من مراتب الشّقاوة،فشرعنا في عمل هذا الكتاب المحتوي على المسائل اللّطيفة،و المباحث الدّقيقة الشّريفة،و إن كان أصحابنا المتقدّمون و علماؤنا السّابقون-رضوان اللّه عليهم-قد أوضحوا سبيل كلّ خير و نهجوا طريق كلّ فائدة،خصوصا شيخنا الأقدم،و الإمام الأعظم،المستوجب للكرامة، و المستحقّ لمراتب الإمامة،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطّوسي-قدّس اللّه روحه الشّريفة- فإنّه الواصل بنظره الثّاقب إلى أعظم المطالب،و لمّا انتقل إلى جوار الرّحمن،و نزل بساحة الرّضوان،درس هذا العلم بعده،و طمست معالمه،و انمحت مراسمه،و لم يتعلّق المتأخّرون بعده إلاّ بفوائده،و لم يغترفوا إلاّ من بحر فرائده،و لم يستضيئوا إلاّ بأنواره،و لم يستخرجوا إلاّ درر نثاره،إلاّ انّ في أصحابنا المتأخّرين عنه زمانا،من استنبط بنظره ما لم يثبته في كتبه،و إن كان يسيرا لا اعتداد (1)به،فوضعنا هذا الكتاب الجامع لتلك الفوائد، و الحاوي لتلك الفرائد.

هذا مع انّ كتابنا هذا لا يخلو عن مطالب دقيقة،و مباحث عميقة،لم توجد في شيء من صحف الأوّلين،و لم تسطر في دفاتر الأقدمين،ممّا استنبطناه من فكرنا و نظرنا،و من اللّه تعالى نستمدّ المعونة و التّوفيق،و أن يجعل ذلك خالصا لوجهه،عليه توكّلت و إليه أنيب.

ص:11


1- 1في«ق»:الاعتداد.

ص:12

القاعدة الأولى

اشارة

في العبادات،و تشتمل على عدّة كتب:

الكتاب الأوّل:في الطّهارة

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد:

أمّا المقدّمة،ففيها بحثان:
اشارة

ص:13

ص:14

البحث الأوّل:في تعريفها

الطّهارة لغة:النّظافة،و شرعا قال الشّيخ:ما يستباح به الدّخول في الصّلاة (1).و أورد على طرده إزالة النّجاسة،و على عكسه وضوء الحائض (2).

و الجواب عن الأوّل:المعنى ما يستباح به الدّخول على سبيل الاستقلال في وقت ما، فيخرج الإزالة بخلاف الطّهارة الّتي يستباح بها إذا كانت الحال حال ضرورة.

و عن الثّاني:بالمنع من تسميته طهارة،و قد رواه محمّد بن مسلم (3)عن الصّادق عليه السّلام،قلت:الحائض تتطهّر يوم الجمعة و تذكر اللّه تعالى؟قال:«أمّا الطّهر فلا و لكن تتوضّأ. (4)الحديث».

لا يقال:لا شكّ في صدق الوضوء عليه،و هو نوع من الطّهارة،فيستلزم صدق الجنس.

لأنّا نقول:لفظة النّوع يقال عليه لا لوجوده فيه،بل بالاشتراك.

و هذا الحدّ بحسب الغاية،و للشّيخ حدّ آخر بالنّظر إلى نفس الماهيّة (5)،و ذلك انّه لمّا نظرنا إلى الأنواع وجدناها مشتركة في كونها أفعالا،و انّها واقعة في البدن،مقترنة بالنّيّة و التّرتيب،يراد لأجل الصّلاة،و انّ ما عدا هذه أمور مخصّصة لكلّ نوع،فأخذنا الأوّل في حدّ المشترك،فقلنا:انّها أفعال مخصوصة في البدن على وجه مخصوص يستباح بها عبادة مخصوصة.

ص:15


1- 1النّهاية:1، [1]المبسوط 1:4. [2]
2- 2) السّرائر:6.
3- 3) محمّد بن مسلم بن رباح الأوقص الطحّان مولى ثقيف الأعور،وجه أصحابنا بالكوفة،فقيه ورع،صحب أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام،و روى عنهما،و كان من أوثق النّاس،قال الصّادق(ع):«أحبّ إليّ أحياء و أمواتا أربعة.منهم محمّد بن مسلم»و هو من أصحاب الإجماع.مات سنة 150 ه. رجال النّجاشي:324،رجال الطّوسي:135،رجال الكشي:161.
4- 4) الكافي 3:100 حديث 1، [3]الوسائل 2:566 الباب 22 من أبواب الحيض حديث 3. [4]
5- 5) الخلاف 1:3 مسألة-1.

إذا عرفت هذا،فنقول:الحقّ انّ لفظة الطّهارة بالنّسبة إلى المعنى الشّرعيّ حقيقة شرعيّة،مجاز لغويّ.

أمّا الأوّل:فللسّبق إلى الفهم بالنّسبة إلى عادة الشّرع،و ذلك دليل الحقيقة.

و أمّا الثّاني:فظاهر،لعدم فهم أهل اللّغة ذلك،و منه يظهر عدم اشتراط التّوقيف فيه، و إذا نظر إلى الموضوعين كان مشتركا،و إذا ظهر ذلك ثبت انّها من المنقولات،و هكذا حكم سائر الألفاظ الشّرعيّة.

تذنيب:جعل لفظ الطّهارة واقعا على أنواعها الثّلاثة بالتّواطؤ لاشتراكها فيما ذكرناه أولى من جعلها مشتركة و مجازا في أحدها .

البحث الثّاني:في تقسيمها،و ذلك على نوعين:
النوع الأوّل:

الطّهارة،إمّا أن تكون صغرى أو كبرى،و الصّغرى قسمان:وضوء و تيمّم، و الكبرى:الغسل،و الشّيخ في نهايته قسّمها إلى وضوء و تيمّم (1).

و وجه الاعتذار انّه ذكر أقسام الطّهارة بالنّسبة إلى الضّرورة و الاختيار،و الطّهارة الضّرورية هي التّيمّم.

و لمّا كان أغلب الطّهارة في الاختيار الوضوء،ذكره و أعرض عن ذكر الغسل الّذي هو نادر،أو نقول:انّ الوضوء شامل للغسل بالنّظر إلى الاعتبار اللّغويّ و هو التّحسين.

النوع الثّاني:

الطّهارة إمّا أن تكون واجبة،أو مندوبة،و لمّا كانت الطّهارة غير مقصودة لذاتها بل لغيرها،لا جرم،كان وجوبها و ندبها تابعين لوجوب ذلك الغير و ندبيّته.

فالوضوء،إنّما يجب لوجوب الصّلاة أو الطّواف،أو لمسّ كتابة القرآن إن وجب بنذر و شبهه على رأي (2)،أو للنّذر و شبهه.

ص:16


1- 1النّهاية:1. [1]
2- 2) الشّرائع 1:11. [2]

و الغسل،إنّما يجب لما ذكرنا،و للصّوم إذا بقي لطلوع الفجر مقدار الغسل،و لصوم المستحاضة مع انغماس القطنة،و لدخول المساجد،و قراءة العزائم إن وجبا بما ذكرناه، و للنّذر و شبهه.

و التّيمّم،إنّما يجب للصّلاة الواجبة مع الشّروط الآتية،و للخروج عن المسجدين إذا أجنب فيهما،و للنّذر و شبهه.

و المندوب لما عدا ذلك،و قد يأتي مفصّلا في أبوابه .

و أما المقاصد فهي:
المقصد الأول:فيما يتطهّر به من المياه،و فيه مباحث:
البحث الأوّل:في الماء المطلق:

الماء على ضربين:مطلق و مضاف،و المراد من المطلق،هو الّذي يصحّ عليه السلام بانفراده مع امتناع سلبه عنه أو الباقي على أوصاف الخلقة،و يقع عليه السلام الماء من غير إضافة،و ليس المراد من أوصاف الخلقة الجميع،كالحرارة و ضدّها،بل الأوصاف الّتي هي مدار الطّهوريّة،و من المضاف خلاف ذلك.

و المطلق على ضربين:جار،و راكد.

و الرّاكد على ضربين:ماء البئر،(و غير ماء البئر) (1).

و غير ماء البئر على ضربين:قليل و كثير،و الفقهاء بحثوا عن أحكام هذه الأقسام لاختلافها بالنّسبة إلى وقوع النّجاسة فيها.

مسألة:الماء المطلق طاهر في نفسه،و مطهّر لغيره

،سواء نزل من السّماء أو نبع من الأرض،أو اذيب من الثّلج و البرد (2)،أو كان ماء بحر و غيره.

أمّا الحكم الأوّل،فبالنّصّ و الإجماع.

ص:17


1- 1«ح»:و ماء غير البئر.
2- 2) البرد-بفتحتين:شيء ينزل من السّحاب يشبه الحصى و يسمى:حبّ الغمام.المصباح المنير 1:43. [1]

أمّا النّص،فقوله تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (1)و قوله وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (2).

و ما رواه الجمهور من قوله عليه السّلام:(الماء طهور لا ينجّسه شيء) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(انّ اللّه جعل التّراب طهورا كما جعل الماء طهورا) (4).

و أمّا الإجماع،فلأنّ أحدا لم يخالف في انّ الماء المطلق طاهر.

(و أمّا المعقول،فلأنّ النّجاسة حكم طارئ على المحل،و الأصل عدم الطّريان،و لأنّ تنجّس الماء يلزم منه الحرج المنفيّ إجماعا) (5).

و أمّا الثّاني،فللنّصّ و الإجماع.

أمّا النّص،فقوله تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (6).

و ما ورد في النّصوص المتقدّمة من انّه طهور (7)،و الطّهور من صيغ المبالغة و الطّهارة لا تقبل الشدّة و الضّعف،فتحمل المبالغة على التّعدّي عن المحلّ بأن يكون طاهرا في نفسه مطهّرا لغيره،و قد نصّ الجوهريّ (8)على انّ الطّهور هو الّذي يتطهّر به (9).

ص:18


1- 1الأنفال:11. [1]
2- 2) الفرقان:48. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:17 حديث 6،سنن التّرمذي 1:95 حديث 66،مسند أحمد 3:31.
4- 4) التّهذيب 1:404 حديث 1264،الوسائل 1:99 الباب 1 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [3]
5- 5) ليست في«خ»«ن»«م».
6- 6) الأنفال:11. [4]
7- 7) راجع ص 11.
8- 8) إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ:صاحب الصّحاح،أبو نصر الفارابي،كان من الفاراب:إحدى بلاد التّرك،ولع باللّغة العربيّة و أسرارها،أخذ عن السّيرافي و أبي عليّ الفارسي.بغية الوعاة:195، الكنى و الألقاب 2:161. [5]
9- 9) الصّحاح 2:727 [6] مادة:«طهر».

و قول أبي حنيفة (1):الطّهور هو الطّاهر (2)،و قول مالك (3):الطّهور ما يتكرّر به الطّهارة (4)،ضعيفان لما تقدّم،و لقوله عليه السّلام:(طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا) (5)و معناه:مطهّر إناء أحدكم.رواه الجمهور.و لقوله عليه السّلام:

(جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا) (6)و لو أراد الطّاهر،لم يثبت المزيّة.و لقوله عليه السّلام عن ماء البحر و قد سئل عن الطّهارة به:(انّه الطّهور ماؤه) (7)و لو أراد الطّاهر،لم يحصل الجواب.

و أمّا الإجماع،فلأنّ أحدا لم يخالف فيه سوى ما نقل عن

ص:19


1- 1أبو حنيفة:النّعمان بن ثابت بن زوطي التّيميّ،إمام المذهب الحنفيّ،رأى أنس بن مالك،و حدّث عن عطاء،و نافع،و عبد الرّحمن،و عديّ بن ثابت،و سلمة بن كهيل،و أبي جعفر محمد بن علي،و قتادة، و عمرو بن دينار،و أبي إسحاق،و أخذ عنه:زفر بن الهذيل،و داود الطّائي،و القاضي أبو يوسف،و محمّد بن الحسن الشّيباني.ولد سنة 80 ه،و مات سنة 150 ه. الفهرست لابن النديم:84، [1]تذكرة الحفاظ 1:168،شذرات الذهب 1:227.
2- 2) تفسير القرطبي 13:9،و المغني 1:35،أحكام القرآن لابن العربي 3:1416.
3- 3) مالك:أبو عبد اللّه مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الحميري الأصبحي المدني،إمام المذهب المالكي،حدّث عن:نافع،و المقبري،و نعيم المجمر،و عامر بن عبد اللّه بن الزّبير،و الزّهري، و ابن المنكدر،و عبد اللّه بن دينار،و حدّث عنه:ابن المبارك،و القطّان،و ابن مهدي،و ابن وهب، و غيرهم.ولد سنة 93 ه-مات سنة 179 ه.شذرات الذهب 1:292، [2]تذكرة الحفّاظ 1:207.
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 1:105.
5- 5) صحيح مسلم 1:234 حديث 91،92،سنن أبي داود 1:19 حديث 71،نيل الأوطار 1:45 حديث 1،مسند أحمد 2:427. [3]
6- 6) لم نعثر-بعد التّتبّع-على حديث بهذا اللّفظ من طرق العامّة،حيث انّ الموجود في مصادرهم بدون لفظ: «و ترابها»مع وجود تقديم و تأخير في البعض منها.راجع:صحيح البخاري 1:91،صحيح مسلم 1:371 حديث 522،سنن البيهقي 1:213،نيل الأوطار 1:331،مسند أحمد 2:222،و 5:161. نعم،ورد بهذا اللّفظ من طريق الخاصّة في دعائم الإسلام 1:121. [4]
7- 7) سنن أبي داود 1:21 حديث 83،سنن النّسائي 1:176،سنن ابن ماجه 1:136 حديث 386،سنن الدّارمي 1:185، [5]سنن التّرمذي 1:100 حديث 69، [6]الموطّأ 1:22 حديث 12، [7]مستدرك الحاكم 1:140-141،مسند أحمد 1:237،361،و ج 3:373،و ج 5:365،كنز العمّال 9:396 حديث 26656 و 26663،و 26667،و ص 572 حديث 27473،نيل الأوطار 1:17.

سعيد بن المسيّب (1)،و عبد اللّه بن عمرو بن العاص (2)،انّه لا يجوز التّوضّؤ بماء البحر مع وجود غيره (3)،و هو محجوج بالإجماع،و بما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه سئل عن التّوضّؤ بماء البحر؟فقال:(هو الطّهور ماؤه،الحلّ ميتته).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان (4)،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ماء البحر أ طهور هو؟قال:(نعم) (5).

احتجّا بأنّه نار (6).

و الجواب:إن أرادا به انّه في الحال كذلك،فهو تكذيب للحسّ،و إن أرادا صيرورته كذلك،فلا يمنع الطّهوريّة (7).

مسألة:إذا تغيّر أحد أوصاف الماء المطلق:

اللّون،أو الطّعم،أو الرّائحة،فإن كان تغيّره بالنّجاسة،نجس سواء كان قليلا أو كثيرا،جاريا أو راكدا،و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،و يدلّ عليه الإجماع،فإنّي لا أعرف فيه مخالفا،و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى

ص:20


1- 1سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم القرشي المدنيّ:أبو محمّد، أحد الفقهاء السّبعة بالمدينة،ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر،سمع من عمر و عثمان و زيد بن ثابت و عائشة و أبي هريرة و سعد بن أبي وقّاص،و اختلف في سنة وفاته،فقيل:سنة:94 و قيل:89،و قيل: 91،و قيل:105 ه.تذكرة الحفّاظ 1:54،شذرات الذّهب 1:102، [1]وفيات الأعيان 2:117. [2]
2- 2) عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل القرشيّ السّهميّ:أبو محمّد،و أبو عبد الرّحمن،و قيل:كنيته:أبو نصر،حدّث عن النّبيّ كثيرا و عن عمرو أبي الدّرداء و معاذ و ابن عوف،و عنه:سعيد بن المسيّب و عبد اللّه بن الحارث بن نوفل. الإصابة 2:351، [3]شذرات الذّهب 1:73، [4]تذكرة الحفّاظ 1:41.
3- 3) نيل الأوطار 1:20،المغني 1:37،المجموع 1:91.أحكام القرآن لابن العربي 3:1425، [5]تفسير القرطبي 13:53، [6]سنن التّرمذي 1:102.
4- 4) عبد اللّه بن سنان بن طريف،كوفيّ ثقة جليل لا يطعن عليه في شيء كان خازنا للمنصور و المهديّ،عدّه الشّيخ من أصحاب أبي الحسن(ع). رجال النّجاشي:558،رجال الكشّي:770،رجال الشّيخ الطّوسي:354،رجال العلاّمة:15.
5- 5) التّهذيب 1:216 حديث 622،الوسائل 1:101 الباب 1 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [7]
6- 6) سنن التّرمذي 1:102، [8]تفسير القرطبي 13:53، [9]أحكام القرآن لابن العربي 3:1425، [10]المجموع 1:91.
7- 7) «خ»:من الطّهوريّة.

اللّه عليه و آله قال:(خلق الماء طهورا لا ينجّسه إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه) (1).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

(كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء و اشرب،فإذا تغيّر الماء و تغيّر الطّعم فلا توضّأ منه و لا تشرب) (2).و لأنّ انفعاله بالنّجاسة و تغير أوصافه بها يدلّ على قهرها له، و إزالة قوّة الماء الّتي باعتبارها كان مطهّرا.

و إن كان تغيّره بمرور رائحة النّجاسة عليه لم ينجس،لأنّ الرّائحة ليست نجاسة.

و إن كان تغيّره بملاقاة جسم طاهر،فإن لم يسلبه التّغيّر إطلاق الاسم فهو باق على طهارته.و يصحّ التّطهّر به إجماعا إن لم يمكن التّحرّز منه كالطّحلب،و ما ينبت في الماء، و ما يتساقط من ورق الشّجر النّابت فيه،أو يحمله الرّيح،و كالتّراب الّذي أصله مطهّر، و كالملح الّذي أصله الماء،كالبحريّ.و كذا ما تغيّر الماء بمجاورته من غير ممازجته كالعود و الدّهن،لأنّ الموجب للتّطهير هو كونه ماء طاهرا و هو موجود مع التّغيّر.

أمّا لو امتزج بما يمكن التّحرّز منه-كقليل الزّعفران-فإنّه باق على أصله في الطّهوريّة إجماعا منّا.و به قال أبو حنيفة (3).

و قال مالك (4)و الشّافعيّ (5):

ص:21


1- 1سنن البيهقي 1:259،سنن الدّار قطني 1:28،كنز العمّال 9:396 حديث 26652،مجمع الزّوائد 1:214-مع تفاوت في اللّفظ،نيل الأوطار 1:35،و بهذا اللفظ نقلها المحقّق في المعتبر 1:41. [1]
2- 2) التّهذيب 1:216 حديث 625،الاستبصار 1:12 حديث 19،الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:18،بدائع الصّنائع 1:15،شرح فتح القدير 1:63،أحكام القرآن للجصّاص 5:202، [3]بداية المجتهد 1:27،المغني 1:41،مقدّمات ابن رشد 1:57،المجموع 1:104،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:5.
4- 4) بلغة السّالك 1:13،بداية المجتهد 1:27،مقدّمات ابن رشد 1:57،المغني 1:40.
5- 5) أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع بن السّائب بن عبيد بن عبد يزيد،إمام المذهب الشّافعي،تفقّه على مسلم بن خالد الزّنجيّ،و حدّث عن عمّه محمّد بن علي،و عبد العزيز بن الماجشون و مالك و إسماعيل بن جعفر،و حدّث عنه أحمد و الحميدي و أبو عبيد و البويطي.ولد سنة 150 ه،و مات سنة 204 ه.طبقات الشّافعيّة الكبرى 1:100، [4]تذكرة الحفّاظ 1:361،الفهرست لابن النّديم:294، [5]وفيات الأعيان 4:163. [6]

لا يجوز الطّهارة به (1).و عن أحمد (2)روايتان (3).

لنا:عموم الآية،و قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (4)و النكرة في سياق النّفي للعموم،فلا يجوز التّيمّم مع وجود هذا الماء،و لقوله عليه السّلام لأبي ذر (5):

(التّراب كافيك ما لم تجد الماء) (6)و لأنّ الصّحابة كانوا يسافرون و غالب أسقيتهم الأدم، و هي تغيّر الماء غالبا،و لأنّه طهور خالطه طاهر و لم تغيّر جنسه و لا جريانه،فأشبه المتغيّر بالدّهن.

فروع:
الأوّل:لو امتزج الماء بما يشابهه كماء الورد المنقطع الرّائحة،

اعتبر بما يوجد فيه الرّائحة،فإن كان بحيث لو امتزج به مثله في المقدار سلبه الاسم،منع ها هنا

ص:22


1- 1المجموع 1:105،بداية المجتهد 1:27،شرح فتح القدير 1:62،الهداية للمرغيناني 1:18،مغني المحتاج 1:18،المغني 1:40،أحكام القرآن للجصّاص 5:202. [1]
2- 2) أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس الذّهلي الشيباني المروزي ثمَّ البغدادي، سمع من سفيان بن عيينة و إبراهيم بن سعد و غيرهم.و روى عنه البخاري و مسلم و أبو داود.له الكتاب المعروف ب:المسند.ولد سنة 164 و مات سنة 241 ه. تذكرة الحفّاظ 2:431،شذرات الذّهب 2:96، [2]وفيات الأعيان 1:63. [3]
3- 3) المغني 1:40،الإنصاف 1:32،الكافي لابن قدامة 1:7.
4- 4) المائدة:6. [4]
5- 5) أبو ذر الغفاريّ،الزّاهد المشهور الصّادق اللّهجة،هو:جندب بن جنادة بن سكن،و قد اختلف في اسمه و نسبه اختلافا كثيرا.أسلم و النّبيّ بمكّة و كان رابع أربعة أو خامس خمسة،صحب النّبيّ(ص)بعد ما هاجر إلى المدينة إلى أن مات،و يكفي في جلالة شأنه:قول النّبيّ له:«ما أظلّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء أصدق من أبي ذر»أخرجه التّرمذيّ في صحيحه 5:669 حديث 3801،مات بالرّبذة سنة 31 ه أو 32.الإصابة 4:62، [5]أسد الغابة 1:301، [6]تذكرة الحفّاظ 1:17.
6- 6) انظر:سنن التّرمذي 1:211 حديث 124،سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن النّسائي 1:171، مسند أحمد 5:180، [7]مستدرك الحاكم 1:176،سنن البيهقي 1:212،سنن الدّار قطني 1:178. بتفاوت لفظي في الجميع. و انظر من طريق الخاصّة:الفقيه 1:59 حديث 221،التّهذيب 1:194 حديث 561،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التيمّم حديث 12.

من الطّهوريّة،و إلاّ فلا .

الثّاني:الذّائب من الثّلج و البرد يجوز التّطهّر به،

و كذا بالثّلج نفسه إن جرى على العضو المغسول،أمّا الملح الذّائب إذا كان أصله السّبخ،فلا .

الثّالث:لو كان معه ماء قليل لا يكفيه للطّهارة،

و ماء ورد لا يتغيّر إطلاق الاسم بامتزاجه به فمزجه،جازت الطّهارة به لأنّه حينئذ مطلق.و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (1).و في الأخرى:لا يجوز (2)،للعلم بأنّه استعمل المضاف في الوضوء،و يبطل بأنّه لمّا لم تظهر صفة المائع،بقي الاعتبار بالماء،كما لو مزج ما يكفيه لطهارته بمضاف ثمَّ استعمله و بقي قدر المضاف فإنّه وافق على الصّحّة.و هل يجب عليه المزج للطّهارة أم لا؟ نصّ الشّيخ في المبسوط على عدم الوجوب (3)،و وجهه انّه غير واجد للماء المطلق،فحصل شرط التّيمّم.و عندي فيه نظر،فإنّه بعد المزج يجب عليه الوضوء به،لكونه واجدا للماء المطلق،فقبل المزج هو متمكّن من الماء المطلق،فلا يجوز له التّيمّم .

الرّابع:لو كان تغيّره لطول بقائه،

فإن سلبه إطلاق الاسم لم يجز الطّهور به،و لا يخرج عن كونه طاهرا،و إلاّ فلا بأس و لكنّه مكروه.و لا خلاف بين عامّة أهل العلم في جواز الطّهارة به إلاّ ابن سيرين (4)و (5)لما رواه الجمهور انّه عليه السّلام توضّأ من بئر بضاعة و كان ماؤها نقاعة الحنّاء (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الماء

ص:23


1- 1المغني 1:45،الإنصاف 1:55.
2- 2) المغني 1:45،الإنصاف 1:55.
3- 3) المبسوط 1:10.
4- 4) محمّد بن سيرين:أبو بكر مولى أنس ابن مالك،إمام المعبّرين،روى عن أبي هريرة و عمران بن حصين و ابن عباس و ابن عمر،و روى عنه أيّوب و ابن عون و أبو هلال محمّد بن سليم و غيرهم،مات سنة 110 ه.تذكرة الحفّاظ 1:77،شذرات الذّهب 1:138.
5- 5) المغني 1:42،بداية المجتهد 1:23،المجموع 1:91،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:5.
6- 6) المغني 1:42،فتح العزيز بهامش المجموع 1:92، [1]سنن النّسائي 1:174.

الآجن يتوضّأ منه إلاّ أن يجد غيره (1).

الخامس:لو كان على العضو المغسول طاهر كالزّعفران فيتغيّر به الماء وقت غسله،

فإن سلبه إطلاق الاسم لم يجز،و إلاّ صحّ الوضوء به.

و اعلم أنّه لمّا كانت هذه الكيفيّات الثّلاث إنّما تحصل غالبا بالممازجة للنّجاسة،لا جرم،كانت مؤثّرة في زوال الوصف السّابق من حصول الطّهارة،أمّا غيرها من الكيفيّات فلا اعتبار به،لأنّه قد يحصل و إن لم يقع امتزاج.

مسألة:يكره استعمال ماء أسخنته الشّمس في الآنية في الطّهارة

.و قال أبو حنيفة (2)و مالك:لا يكره (3)،و للشّافعيّ قولان (4)،و عن أحمد روايتان (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه نهى عائشة (6)عن استعمال الشّمس و قال:(انّه يورث البرص) (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:(دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عائشة و قد وضعت قمقمتها (8)في الشّمس فقال:يا حميراء،ما

ص:24


1- 1التّهذيب 1:217 حديث 626،الاستبصار 1:12 حديث 3،الوسائل 1:103 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [1]
2- 2) المجموع 1:88،التّفسير الكبير 11:169. [2]
3- 3) المجموع 1:88،بلغة السّالك 1:17.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:4،المجموع 1:87،الام 1:3،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:4،ميزان الكبرى 1:100.
5- 5) المغني 1:46،الإنصاف 1:24، [3]الكافي لابن قدامة 1:5،كذا نسب إليه،و في المصادر أسند الرّوايتين إليه في ماء أسخن بالنّجاسة.
6- 6) عائشة بنت أبي بكر زوج النّبيّ(ص)،روت عن النّبيّ كثيرا،و عن أبيها،و عمر،و سعد بن أبي وقّاص، روى عنها ابنها عبد اللّه،و أبو هريرة و أبو موسى و ابن عباس و عروة و سعيد بن المسيّب و مسروق و غيرهم. ماتت سنة 57 و قيل 58 ه.أسد الغابة 5:501،الإصابة 4:359، [4]تذكرة الحفّاظ 1:27.
7- 7) سنن البيهقي 1:6،سنن الدّار قطني 1:38 حديث 2،كنز العمّال 9:327 حديث 26262،مجمع الزّوائد 1:314.
8- 8) «ح»«ق»:قصعتها.

هذا؟قالت:أغسل رأسي و جسدي،قال:لا تعودي فإنّه يورث البرص) (1).

و ما رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الماء الّذي يسخن بالشّمس لا توضّأوا به،و لا تغتسلوا به،و لا تعجنوا به،فإنّه يورث البرص) (2).

و روى الشّيخ في حديث مرسل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا بأس بأن يتوضّأ بالماء الّذي يوضع في الشّمس) (3).

و في طريق هذا الحديث محمّد بن سنان (4)،و فيه قول،و الجمع بين الأحاديث بعد تسليمها،حمل النّهي على التّنزيه و الكراهة،و يدلّ عليه العلّة الّتي أومأ إليها صلّى اللّه عليه و آله الدّالّة على المصلحة العائدة إلى المنافع الدّنيويّة.

فرعان:
الأوّل:الظّاهر عموم النّهي،

و يحتمل عدمه و اختصاصه بما يخاف منه المحذور كالشمس في البلاد الحارّة دون المعتدلة،أو فيما يشبه آنية الحديد و الرّصاص دون الذّهب و الفضّة لصفاء جوهرهما .

الثّاني:لو زالت حرارة المشمّس

فالأقرب بقاء الكراهة،لعدم خروجه عن كونه مشمّسا.

ص:25


1- 1التّهذيب 1:366 حديث 1113،الاستبصار 1:30 حديث 79،الوسائل 1:150 الباب 6 من أبواب الماء المطلق.حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:379 حديث 1177 و فيه:في الشّمس،الوسائل 1:150 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:366 حديث 1114،الوسائل 1:151 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [3]
4- 4) محمّد بن سنان:أبو جعفر الزّاهري الخزاعي من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم و الرّضا و الجواد(ع).و قد اختلف في شأنه،ضعّفه النّجاشي و الشّيخ و وثّقه المفيد و جعله من خاصّة الإمام الكاظم(ع)و ثقاته و نقل الكشّي روايات في مدحه و ذمّه. رجال النّجاشي:328،رجال الطّوسي:361،386،405.الإرشاد للشّيخ المفيد 2:240،رجال الكشّي:506،رجال العلاّمة:251، [4]تنقيح المقال 3:124. [5]
مسألة:الماء المسخن بالنّار لا بأس باستعماله

،لبقاء الاسم خلافا لمجاهد (1)و (2).

و كذا ما كان مسخنا من منبعه.

و روى الجمهور،عن شريك قال:أجنبت و أنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فجمعت حطبا و أحميت الماء فاغتسلت فأخبرت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلم ينكر (3).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه اضطرّ إليه و هو مريض فأتوه به مسخنا فاغتسل (4).بل يكره تغسيل الميّت منه،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:(لا يسخن الماء للميّت) (5)و لأنّ فيه أجزاء ناريّة،فلا تعجّل له.

و قد نصّ أبو عبد اللّه عليه السّلام على هذه العلّة فيما رواه الشّيخ عنه عليه السّلام قال:

(لا يسخن للميّت الماء،لا تعجّل له النّار) (6)و في الطّريق ضعف،فإن خاف الغاسل من

ص:26


1- 1مجاهد بن جبر المكّي:أبو الحجّاج المخزومي مولى السّائب بن أبي السّائب المخزومي،سمع سعدا و عائشة و أبا هريرة و أمّ هانيء و عبد اللّه بن عمرو ابن عبّاس و لزمه مدّة،و قرأ عليه القرآن،روى عنه قتادة و الحكم بن عتيبة و عمرو بن دينار و منصور و الأعمش و غيرهم،مات سنة 103 ه. شذرات الذّهب 1:125،تذكرة الحفّاظ 1:92.
2- 2) المجموع 1:91،المحلّى 1:221،التّفسير الكبير 11:168،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:4، ميزان الكبرى 1:100.
3- 3) سنن البيهقي 1:5،الإصابة 1:36 رقم 122- [1]بتفاوت في اللّفظ-و بهذا اللّفظ في المغني 1:45. و في الجميع عن أسلع بن شريك. و هو:أسلع بن شريك بن عوف الأعرجي أو الأعوجي التّميميّ الأشجعيّ.و قيل:هو من بني الأعرج بن كعب.و قيل:اسمه الحارث بن كعب،خادم رسول اللّه(ص)و صاحب راحلته.روى عنه زريق المالكيّ المدلجي.أسد الغابة 1:74، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:116. [3]
4- 4) التّهذيب 1:198 حديث 576،الاستبصار 1:163 حديث 564،الوسائل 1:151 الباب 7 من أبواب الماء المضاف حديث 2. [4]
5- 5) التّهذيب 1:322 حديث 938،الوسائل 2:693 الباب 10 من أبواب غسل الميت حديث 1. [5]
6- 6) التّهذيب 1:322 حديث 937،الوسائل 2:693 الباب 10 من أبواب غسل الميّت حديث 3.و [6]لعلّ ضعفها لإرسالها.

البرد زالت الكراهة على ما ذكره الشّيخ رحمه اللّه (1)و المفيد (2)،لأنّ فيه دفعا للضّرر.

و يكره التّداوي بالمياه الحارّة من الجبال الّتي يشمّ منها رائحة الكبريت،ذكره ابن بابويه رحمه اللّه (3)، (4)،لأنّها من فوح جهنّم على ما روي (5).

و لا فرق بين أن يكون مسخنا بالنّجاسة أو لا،إذا لم يعلم وصول أجزاء النّجاسة إليه، عملا بالأصل السّالم عن ممازجة النّجاسة.و عن أحمد في كراهيّة الطّهارة بالمسخن بالنّجاسة روايتان (6).

فرع:النّجس من الجاري إنّما هو المتغيّر دون ما عداه.

أمّا الأوّل:فبالإجماع،و بالنّصوص الدّالّة على نجاسة المتغيّر (7).

و أمّا الثّاني:فبالأصل الدّالّ على الطّهارة،السّليم عن المعارض و هو المتغيّر،و الملاقاة لا توجب التّنجيس له لما يأتي،و كذلك البحث في الواقف الزّائد على الكرّ،فإنّ ما عدا المتغيّر إن بلغ كرّا فهو على الأصل،و إلاّ لحقه الحكم،لحصول الملاقاة الموجب للتّنجيس السّالم عن بلوغ الكرّيّة.

مسألة:اتّفق علماؤنا على انّ الماء الجاري لا ينجس بالملاقاة

.و هو قول أكثر المخالفين (8).

ص:27


1- 1الخلاف 1:279 مسألة-5-النّهاية:33،المبسوط 1:177.
2- 2) المقنعة:12.
3- 3) ابن بابويه:أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ،وجه الطّائفة،رئيس المحدّثين،ثقة جليل القدر،و هو أستاذ المفيد محمّد بن النّعمان،و له مصنّفات نحوا من ثلاثمائة. مات بالرّيّ سنة 381 ه.رجال النّجاشي:389،الكنى و الألقاب 1:221. [1]
4- 4) الفقيه 1:13.
5- 5) الفقيه 1:14 حديث 25،الوسائل 1:160 الباب 12 من أبواب الماء المضاف حديث 2. [2]
6- 6) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:39،الإنصاف 1:29،الكافي لابن قدامة 1:5.
7- 7) الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق.
8- 8) رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:6،فتح العزيز بهامش المجموع 1:223،المجموع 1:111،143،المغني 1:61.الشّرح الكبير بهامش المغني 1:69.

و قال الشّافعيّ:إن كانت النّجاسة تجري مع الماء،فما فوقها و ما تحتها طاهران.

و أمّا الجرية الّتي فيها النّجاسة فحكمها كالرّاكد-و عنى بالجرية،القدر الّذي بين حافتي النّهر عرضا عن يمين النّجاسة و شمالها-إن كان أقلّ من قلّتين فهو نجس و إلاّ فلا، و إن كانت النّجاسة واقفة و الماء يجري عليها،فلكلّ جرية حكم نفسها إن كانت أقلّ من قلّتين نجست و إلاّ فلا (1).

لنا:ما رواه الجمهور من قوله عليه السّلام:(الماء كلّه طاهر لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته) (2)و ذلك عامّ إلاّ ما أخرجه الدّليل.

و ما رواه الشّيخ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا بأس بأن يبول الرّجل في الماء الجاري.) (3)و لأنّ الماء الجاري قاهر للنّجاسة غالب عليها و هي غير ثابتة،و لأنّ الأصل الطّهارة،فيستصحب حتّى تظهر دلالة تنافيه،و لأنّه إجماع.

فروع:
الأوّل:الجريات في الماء الجاري متّحدة

فلا تعتبر الجرية الّتي فيها النّجاسة بانفرادها،خلافا لبعض الشّافعيّة حيث حكموا بنجاستها إن كانت دون القلّتين (4)،لأنّه ماء متّصل متدافع،فيمنع استقرار الجرية .

الثّاني:لو جرى الماء على نجاسة واقفة،

لم يلحقه حكم التّنجيس.و قال بعض الشّافعيّة:إن بلغت الجرية قلّتين لم تنجس،و إلاّ كانت نجسة (5).و ليس بجيّد،لما تقدّم .

الثّالث:لا فرق بين الأنهار الكبار و الصّغار.

نعم،الأقرب اشتراط الكرّيّة،لانفعال

ص:28


1- 1المجموع 1:143،مغني المحتاج 1:24،السّراج الوهّاج:9،الام 1:4.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:174 حديث 521،سنن البيهقي 1:259،سنن الدّار قطني 1:29 حديث 5،6، مجمع الزّوائد 1:214،كنز العمّال 9:398 حديث 26670-بتفاوت في الجميع.
3- 3) التّهذيب 1:31 حديث 81،و ص 43 حديث 121،الاستبصار 1:13 حديث 23،الوسائل 1:107 الباب 5 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [1]
4- 4) المجموع 1:143،مغني المحتاج 1:24.
5- 5) المجموع 1:143.

النّاقص عنها مطلقا.

و لو كان القليل يجري على أرض منحدرة،كان ما فوق النّجاسة طاهرا .

الرّابع:الواقف في جانب النّهر المتّصل بالجاري،حكمه حكمه،

لاتّحاده بالاتّصال،فتتناوله الأدلّة،و لو كان الجاري متغيّرا،اعتبر في الواقف الكرّيّة .

الخامس:ماء الغيث حال نزوله يحلق بالجاري،

و يلوح من كلام الشّيخ في التّهذيب و المبسوط،اشتراط الجريان من الميزاب (1)،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه في ميزابين سالا،أحدهما بول،و الآخر ماء المطر،فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضرّ ذلك (2).

و استدلّ الشّيخ على الاشتراط بما رواه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر (3)،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،عن البيت يبال على ظهره و يغتسل من الجنابة ثمَّ يصيبه المطر،أ يؤخذ من مائه و يتوضّأ للصّلاة؟فقال:(إذا جرى فلا بأس) (4).

و نحن نمنع هذا الشّرط و نحمل الجريان على النّزول من السّماء لعدم التّقييد في الخبر، و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه:عن الرّجل يمرّ في ماء المطر و قد صبّ فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلّي فيه،قبل أن يغسله؟فقال:(لا يغسل ثوبه و لا رجله و يصلّي فيه فلا بأس) (5).

ص:29


1- 1التّهذيب 1:411،المبسوط 1:6.
2- 2) التّهذيب 1:411 حديث 1295،الوسائل 1:109 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 4. و [1]فيهما:لم يضرّه ذلك.
3- 3) عليّ بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب،كان رواية للحديث،سديد الطّريق، شديد الورع،كثير الفضل،لزم موسى أخاه و روى عنه شيئا كثيرا،و روى الكشّي عنه ما يشهد بصحّة عقيدته و تأدّبه مع أبي جعفر الثّاني،سكن العريض من نواحي المدينة،عدّه الشّيخ من رجال الكاظم و الرّضا(ع)و قال:له كتاب ما سأله عنه،و روى عن أبيه(ع). رجال الطّوسي:353،379،رجال الكشّي:263،الفهرست:87. [2]
4- 4) التّهذيب 1:411 حديث 1297،الوسائل 1:108 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 2 -بتفاوت. [3]
5- 5) التّهذيب 1:418 حديث 1321،الوسائل 1:108 الباب 6 من أبواب الماء المطلق ذيل حديث 2. [4]

لا يقال:هذا يتناول حال الانقطاع.

لأنّا نقول:نحمله على غير تلك الحالة عملا بما رويناه أوّلا،و لما رواه ابن يعقوب (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث،قلت:يسيل عليّ من ماء المطر أرى فيه التّغيير و أرى فيه آثار القذر فتقطر القطرات عليّ و ينتضح منه عليّ،و البيت يتوضّأ على سطحه، فيكف (2)على ثيابنا،فقال:(ما بذا بأس،لا تغسله،كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر) (3).

و لما رواه ابن بابويه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن السّطح يبال عليه فتصيبه السّماء فيكف فيصيب الثّوب،فقال:(لا بأس به،ما أصابه من الماء أكثر منه) (4).

و لأنّه بتقاطره يشبه الجاري،فيلحقه حكمه،و لأنّ الاحتراز منه يشقّ،و بالتّخفيف تندفع المشقّة.أمّا إذا استقرّ على الأرض،و انقطع التّقاطر ثمَّ لاقته نجاسة،اعتبر فيه ما يعتبر في الواقف،لانتفاء العلّة الّتي هي الجريان.

مسألة:ماء الحمّام في حياضه الصّغار كالجاري إذا كان له مادّة تجري إليها

.و هو محكيّ عن أبي حنيفة (5).

و عن أحمد بن حنبل انّه قال (6):انّه بمنزلة الجاري (7).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(هو بمنزلة الماء الجاري) (8)و لأنّ الضّرورة داعية إليه،و الاحتراز عنه حرج عظيم،فيكون منفيّا،و لأنّه

ص:30


1- 1محمّد بن يعقوب بن إسحاق،أبو جعفر الكليني الرّازي،ثقة الإسلام،و حاله في الفقه و العلم و الحديث و الورع و علوّ المنزلة أشهر من أن يحيط به قلم و يستوفيه رقم،صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكافي في عشرين سنة مات سنة 329 ه.رجال الطّوسي:495،رجال النّجاشي:377،لسان الميزان 5:433.
2- 2) و كف البيت:أي قطّر.الصّحاح 4:1441.
3- 3) الكافي 3:13 حديث 3، [1]الوسائل 1:109 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [2]
4- 4) الفقيه 1:7 حديث 4،الوسائل 1:108 الباب 6 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [3]
5- 5) بدائع الصّنائع 1:72،شرح فتح القدير 1:69.
6- 6) في«د»:قال قد قيل انّه.،و هو عين ما في الإنصاف 1:59.
7- 7) المغني 1:264،الإنصاف 1:59.
8- 8) التّهذيب 1:378 حديث 1170،الوسائل 1:110 الباب 7 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [4]

بجريانه من المادّة يشبه الجاري فيلحقه حكمه،و أمّا اشتراط المادّة،فلما رواه الشّيخ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(ماء الحمّام لا بأس به إذا كان له مادّة) (1)و لأنّه بوجودها يقهر النّجاسة،فلا يساوي حال عدمها،و يشترط عدم العلم بالنّجاسة في المادّة،لا العلم بعدمها،فإنّ بينهما فرقا كثيرا.

أمّا الأوّل:فلأنّ النّجس لا يطهر بالجريان.

و أمّا الثّاني:فللعموم،و لأنّه متعذّر،و لأنّه حرج.

ص:31


1- 1التّهذيب 1:378 حديث 1168،الوسائل 1:111 الباب 7 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [1]
فروع:
الأوّل:هل يشترط الكرّيّة في المادّة؟

الوجه ذلك،لأنّ ما قصر عنه مساو له،فلا يفيد حكما ليس له .

الثّاني:المادّة إنّما تؤثّر في تسوية الصّغير بالجاري

لو اتّصلت به بانبوبة أو شبهها،لا حال انقطاعها عنه .

الثّالث:لو كان الحوض الصّغير في غير الحمّام و له مادّة،

ففي إلحاقه بماء الحمّام نظر .

الرّابع:الحوض الصّغير من الحمّام إذا نجس لم يطهر بإجراء المادّة إليه

ما لم يغلب عليه بحيث يستولي عليه،لأنّ الصّادق عليه السّلام حكم بأنّه بمنزلة الجاري (1)،و لو تنجّس الجاري،لم يطهر إلاّ باستيلاء الماء عليه بحيث يزيل انفعاله.

مسألة:قال علماؤنا:الماء الكثير الواقف لا ينجس بالملاقاة

عملا بالأصل،و لأنّه حرج.و هو مذهب علماء الإسلام كافّة،و إنّما الخلاف في تقدير الكثرة،فذهب الشّيخان (2)،و السيّد المرتضى (3)، (4)و أتباعهم إلى التّقدير بالكرّ (5).و هو مذهب الحسن

ص:32


1- 1التّهذيب 1:379 حديث 1170،الوسائل 1:110 الباب 7 من أبواب الماء المطلق حديث 1.
2- 2) المفيد في المقنعة:8،و الطّوسي في المبسوط 1:6.
3- 3) هو:عليّ بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(ع)،أبو القاسم المرتضى ذو المجدين الملقّب عن جدّه المرتضى ب:علم الهدى،حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد،متوحّد في علوم كثيرة مثل علم الكلام و الفقه و [1]أصول الفقه و الأدب و النّحو و الشّعر و معاني الشّعر و اللّغة،و هو أوّل من جعل داره دار العلم للمناظرة،أخذ العلوم عن الشّيخ المفيد و غيره،و تلمّذ عليه جماعة كثيرة كشيخ الطّائفة الطّوسي و أبي يعلى سلاّر،و ابن البرّاج و ابن حمزة و غيرهم،له مصنّفات كثيرة.ولد في رجب سنة 355 ه،و توفّي رحمه اللّه في ربيع الأوّل سنة 436 ه،تولّى غسله النّجاشي،و صلّى عليه ابنه،و دفن في داره. رجال النّجاشي:270،لسان الميزان 4:223،مقابس الأنوار:6، [2]رجال العلاّمة:94. [3]
4- 4) الانتصار:8.
5- 5) كابن البرّاج في شرح الجمل:55،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.

بن صالح بن حيّ (1)،حكاه الطّحاويّ (2)، (3)،و روي التّقدير بالقلّتين (4).

و ذهب الشّافعيّ و أحمد إلى التّقدير بالقلّتين (5).

و قال أبو حنيفة:إن كان الماء يصل بعضه إلى بعض نجس بحصول النّجاسة فيه،و إلاّ فلا (6).و فسّره أبو يوسف (7)، (8)،و الطّحاويّ بحركة أحد الجانبين عند حركة الآخر

ص:33


1- 1الحسن بن صالح بن حي:أبو عبد اللّه الهمداني،فقيه الكوفة،حدّث عن سلمة بن كهيل و عبد اللّه بن دينار و سماك بن حرب،و حدّث عنه وكيع و يحيى بن آدم و محمّد بن فضيل و عبيد اللّه بن موسى و قبيصة، ولد سنة 100 ه،و مات 167 ه. تذكرة الحفّاظ 1:216،شذرات الذّهب 1:262،لسان الميزان 7:196.
2- 2) هو:أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزديّ الحجريّ المصريّ الطّحاويّ،شيخ الحنفيّة،روى عن هارون بن سعيد الأيلي و عبد الغني بن رفاعة و طائفة من أصحاب ابن عيينة،و روى عنه أحمد بن القاسم الخشّاب و الطّبراني،له تصانيف كثيرة.ولد سنة 237 ه و مات سنة 321 ه. تذكرة الحفّاظ 3:808،شذرات الذّهب 2:288، [1]وفيات الأعيان 1:71. [2]
3- 3) لم نعثر على حكاية الطّحاوي في المصادر المتوفّرة لدينا،و نقل السيّد المرتضى في الانتصار:8 هذا القول من كتاب الطّحاويّ الموسوم ب«اختلاف الفقهاء».
4- 4) التّهذيب 1:415 حديث 1309،الاستبصار 1:7 حديث 6،الوسائل 1:123 الباب 10 من أبواب الماء المضاف حديث 8.
5- 5) الام 1:4،المجموع 1:112،مغني المحتاج 1:21،فتح الوهّاب 1:4،سنن التّرمذي 1:98،التّفسير الكبير 24:94،تفسير القرطبي 13:42،المحلّي 1:150،أحكام القرآن لابن العربي 3:1420،أحكام القرآن للجصّاص 5:205،بداية المجتهد 1:24،المغني 1:55 و 52،شرح فتح القدير 1:65،المبسوط للسّرخسي 1:71،الإنصاف 1:66،الكافي لابن قدامة 1:9.
6- 6) فرّق أبو حنيفة بين القليل و الكثير بالخلوص و عدمه،و اختلف أصحابه في تفسيره،فقال بعضهم بوصول البعض إلى البعض و بعضهم بالتّحريك.انظر: بدائع الصّنائع 1:71،شرح فتح القدير 1:70،المبسوط للسّرخسي 1:70،عمدة القارئ 3:159، بداية المجتهد 1:24.
7- 7) هو:يعقوب بن إبراهيم الأنصاريّ الكوفي صاحب أبي حنيفة قاضي القضاة،و هو أوّل من دعي بذلك،ولي القضاء للمهدي و ابنيه،روى عن الأعمش و هشام بن عروة و أبي إسحاق الشّيباني و عطاء بن السّائب، و روى عنه محمّد بن الحسن الفقيه و أحمد بن حنبل و بشر بن الوليد و غيرهم. تذكرة الحفّاظ 1:292،شذرات الذّهب 1:298، [3]لسان الميزان 6:300،وفيات الأعيان 6:378. [4]
8- 8) شرح فتح القدير 1:70،بدائع الصّنائع 1:72،الهداية للمرغيناني 1:19،عمدة القارئ 3:159.

و عدمها،فالموضع الّذي لم يبلغ التّحرّك إليه لم ينجس.

و قال بعضهم:ما كان كلّ من طوله و عرضه عشرة أذرع في عمق شبر لم ينجس،و إن كان أقلّ نجس بالملاقاة للنّجاسة،و إن بلغ ألف قلّة (1).

و قال المتأخّرون من أصحابه:الاعتبار بحصول النّجاسة علما أو ظنّا،و الحركة اعتبرت للظّنّ،فإن غلب ظنّ الخلاف،حكم بالطّهارة (2)، (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) (4)و في رواية:(لم يحمل خبثا) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) (7)و لأنّ الأصل الطّهارة،خرج ما دون الكرّ بما نذكره،فيبقى الباقي على الأصل إلى أن يظهر مناف.و لأنّ الإجماع واقع على التّقدير،و القول بالقلّتين باطل.

ص:34


1- 1شرح فتح القدير 1:70،71،بدائع الصّنائع 1:71،73،عمدة القارئ 3:159،المبسوط للسّرخسي 1:71،الهداية للمرغيناني 1:19،سبل السّلام 1:17.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:72،عمدة القارئ 3:159،أحكام القرآن للجصّاص 5:204، [1]التّفسير الكبير 24:94،شرح فتح القدير 1:71.
3- 3) في«ق»«ح»بزيادة:له.
4- 4) لم نعثر عليها في المصادر الّتي بأيدينا من العامّة.و من طريق الخاصّة انظر:الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق. [2]
5- 5) سنن التّرمذي 1:97 حديث 67، [3]سنن النّسائي 1:46،سنن أبي داود 1:17 حديث 63،سنن البيهقي 1:261،مسند أحمد 2:12، [4]سنن الدّار قطني 1:14،15 حديث 2،3 و ص 16 حديث 7،8.و في الجميع:إذا كان الماء قدر قلّتين.
6- 6) معاوية بن عمار بن أبي جناب الدّهني كوفيّ ثقة،كان وجها عظيم المحل،و روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن موسى،و روى عنه الحسن بن محبوب و فضالة بن أيّوب. رجال النّجاشي:411،رجال الكشّي:308،الفهرست:166، [5]رجال العلاّمة:166. [6]
7- 7) التّهذيب 1:40 حديث 108،109،الاستبصار 1:6 حديث 2،3،الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [7]

أمّا أوّلا:فللمنع من الحديث الّذي استدلّ به الشّافعيّ (1)،و هو قوله عليه السّلام:

(إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا) (2)فإنّ الحنفيّة قد طعنوا فيه،حتّى قالوا:انّه مدنيّ (3)،فلو كان صحيحا لعرفه مالك (4).

و أمّا ثانيا:فلأنّ القلّة مجهولة،و قد (5)فسّرها أهل اللّغة بالجرّة (6)،و هي أيضا مجهولة،فالحوالة فيما يعمّ به البلوى،و ما تمسّ الحاجة إليه على مثل هذا الخفيّ مناف للحكمة،و أيضا:فإنّ ابن دريد (7)،قال:القلّة من قلال هجر عظيمة تسع خمس قرب (8)، فلا يكون منافيا لما ذهبنا إليه من الكرّ.و القول بمذهب أبي حنيفة باطل،لأنّه تقدير غير شرعيّ،و لأنّه مجهول،فإنّ الحركة قابلة للشّدّة و الضّعف،و التّعليق للطّهارة و النّجاسة بذلك إحالة على ما لا يعلم،و التّقدير بعشرة أذرع مجرّد استحسان من غير دليل،مع انّ الحديث الصّحيح عندهم يبطل ذلك كلّه،و هو انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاه أهل الماء،فقالوا:

انّ حياضنا ترده السّباع،و الكلاب،و البهائم؟قال:(لها ما أخذت بأفواهها و لنا ما غبر) (9).

ص:35


1- 1المجموع 1:112،مغني المحتاج 1:21،الام 1:4،بدائع الصّنائع 1:71.
2- 2) سنن أبي داود 1:17 حديث 63،سنن التّرمذي 1:97 حديث 67،سنن النّسائي 1:46،سنن الدّارمي 1:87، [1]مسند أحمد 2:12،سنن الدّار قطني 1:14،15 حديث 2،3،سنن البيهقي 1:260.
3- 3) «م»:مدلّس.
4- 4) عمدة القارئ 3:159،شرح فتح القدير 1:66،المبسوط للسّرخسي 1:71،بدائع الصّنائع 1:72، التّفسير الكبير 24:96، [2]أحكام القرآن لابن العربي 3:1430،تفسير القرطبي 13:42.
5- 5) في«ق»«ح»:و لقد.
6- 6) المصباح المنير 1:514،لسان العرب 11:565.
7- 7) محمّد بن الحسن بن دريد بن عتاهية:الإمام أبو بكر الأزدي البصري،كان رأسا في العربيّة و أشعار العرب،حدّث عن أبي حاتم السّجستاني و أبي الفضل العبّاس الرّياشي،و ابن أخي الأصمعي و غيرهم. و روى عنه أبو سعيد السّيرافي و أبو بكر بن شاذان و أبو الفرج صاحب الأغاني و أبو العبّاس إسماعيل بن ميكال و غيرهم.ولد سنة 223 ه،و مات 321 ه-طبقات الشّافعيّة 2:145. [3]
8- 8) جمهرة اللّغة 3:165-بتفاوت.
9- 9) سنن ابن ماجه:173 حديث 519،سنن الدّار قطني 1:31،سنن البيهقي 1:358-بتفاوت في الجميع. و قد وردت هذه الرّواية أيضا من طريق الخاصّة،انظر:الفقيه 1:8 حديث 10،التّهذيب 1:414 حديث 1307،الوسائل 1:119 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 10 [4] بتفاوت يسير.

و الحوض غالبا يتحرّك طرفاه بحركة بعضه و لا يبلغ هذا التّقدير،و لأنّ التّقدير بالحركة يؤدّي إلى الحكم بالطّهارة و النّجاسة في ماء واحد على تقدير اختلاف أوضاعه،و هو محال.

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله عليه السّلام:(لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم و لا يغتسلنّ فيه من جنابة) (2)أراد بالدّائم:الواقف،فلو لم يكن البول مؤثّرا في تنجيسه،لم يكن للنّهي فائدة.

و الجواب من وجهين:

الأوّل:أنّا نحمله على القليل جمعا بين الأدلّة.

الثّاني:المنع من حصر الفوائد فيما ذكرتم،فإنّه قد نهي عن البول في الجاري (3)، و النّهي فيهما نهي تنزيه.

لا يقال:ينتقض ما ذكرتموه بما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن المغيرة (4)،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا كان الماء قدر قلّتين لم ينجّسه شيء و القلّتان جرّتان) (5).

و بما رواه في الصّحيح،عن صفوان (6)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحياض الّتي بين مكّة إلى المدينة تردها السّباع،و يلغ فيها الكلب،و تشرب منها الحمير،

ص:36


1- 1الهداية للمرغيناني 1:18،بدائع الصّنائع 1:72،شرح فتح القدير 1:68.
2- 2) صحيح البخاري 1:69،صحيح مسلم 1:235 حديث 95،سنن أبي داود 1:18 حديث 70، [1]سنن النّسائي 1:49 مع تفاوت يسير لفظا في الجميع.
3- 3) كنز العمّال 9:353 حديث 26410.
4- 4) عبد اللّه بن المغيرة البجلي مولى جندب بن عبد بن سفيان العلقي،كوفيّ ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته و دينه و ورعه،و هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه،روى عن أبي الحسن موسى(ع)قيل: انّه صنّف ثلاثين كتابا.رجال النّجاشي:215،رجال الكشّي:556،رجال العلاّمة:109. [2]
5- 5) التّهذيب 1:415 حديث 1309،الاستبصار 1:7 حديث 6،الوسائل 1:123 الباب 10 من أبواب الماء المطلق حديث 8. [3]
6- 6) صفوان بن مهران بن المغيرة الأسدي مولاهم ثمَّ مولى بني كأهل منهم،كوفيّ يكنّي أبا محمّد الجمّال كان يسكن بني حرام بالكوفة،وثّقه النّجاشي و العلاّمة،و عدّه الكشّي من أصحاب الإمام الكاظم(ع)و روى عن أبي عبد اللّه.له كتاب. رجال النّجاشي:198،رجال الكشّي:440،رجال الطّوسي 220،رجال العلاّمة:89. [4]

و يغتسل منها الجنب و يتوضّأ منه (1)؟فقال:(و كم قدر الماء؟)قلت:إلى نصف السّاق و إلى الرّكبة،فقال:(توضّأ منه) (2).

لأنّا نجيب عن الأوّل:بأنّه مرسل،و لأنّه مناف لعمل الأصحاب،و لأنّه ورد للتّقيّة، و لأنّه يحتمل أن يكون القلّة تسع ستّمائة رطل،و قد ذكرناه.

و عن الثّاني:بأنّه مناف لإجماع المسلمين،لأنّ القائل بالتّقدير لم يقدّره بذلك، و أيضا:فيحتمل انّ الإمام فهم من ذلك بلوغ الماء قدر كرّ جمعا بين الأدلّة .

مسألة:اختلفت الرّواية في كمّيّة الكرّ

،فالمشهور بين الأصحاب ما رواه ابن أبي عمير (3)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الكرّ من الماء الّذي لا ينجّسه شيء ألف و مائتا رطل) (4)و هي حسنة عمل عليها الأصحاب،لكن اختلف الأصحاب في تعيين الرّطل،فقال الشّيخ (5)و المفيد:إنّه عراقيّ،و قدره مائة و ثلاثون درهما (6).

و قال المرتضى (7)و ابن بابويه:انّه مدنيّ،و قدره مائة و خمسة و تسعون درهما (8).

ص:37


1- 1كذا في بعض المصادر،و الصواب:منها
2- 2) التّهذيب 1:417 حديث 1317،الاستبصار 1:22 حديث 54،الوسائل 1:119 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 12. [1]
3- 3) محمّد بن زياد بن عيسى،أبو أحمد الأزدي من موالي المهلّب بن أبي صفرة،بغداديّ الأصل و المقام،أدرك من الأئمّة ثلاثة:أبا الحسن موسى و الإمامين بعده(ع).عظيم المنزلة عند العامّة و الخاصّة،و كان من أصحاب الإجماع،و الأصحاب يعتمدون على مراسيله.عدّه الشّيخ من أصحاب الرّضا و قد صنّف كتبا كثيرة بلغت نحوا من أربعة و تسعين. رجال النّجاشي:326،رجال الطّوسي:388،رجال العلاّمة:140، [2]رجال الكشّي:556. [3]
4- 4) الكافي 3:3 حديث 6، [4]التّهذيب 1:41 حديث 113،الاستبصار 1:10 حديث 15،الوسائل 1:123 الباب 11 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [5]
5- 5) المبسوط 1:6،النّهاية:3. [6]
6- 6) المقنعة:8.
7- 7) الانتصار:8،جمل العلم و العمل:49.
8- 8) الفقيه 1:6.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن إسماعيل بن جابر (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الماء الّذي لا ينجّسه شيء؟قال:(ذراعان عمقه في ذراع و شبر سعته) (2)و تأوّلها الشّيخ على احتمال بلوغ الأرطال (3).و هو حسن،لأنّه لم يعتبر أحد من أصحابنا هذا المقدار.

و روى في الصّحيح،عن إسماعيل بن جابر،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الماء الّذي لا ينجّسه شيء؟قال:(كرّ)قلت:و ما الكرّ؟قال:(ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار) (4)و هي مدفوعة بمخالفة الأصحاب لها إلاّ ابن بابويه ذكر انّ الكرّ ثلاثة أشبار طولا في عرض في عمق (5)،و لعلّه تعويل على هذه الرّواية،و هي قاصرة عن إفادة مطلوبه.

و روى الشّيخ،عن أبي بصير (6)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكرّ من

ص:38


1- 1إسماعيل بن جابر الجعفي الكوفيّ،ثمّة ممدوح،روى حديث الأذان،ذكره الشّيخ من أصحاب الباقر و الصّادق و الكاظم(ع)و اختلف في نسبته،نسبه النّجاشي و الكشّي و العلاّمة إلى جعفي،و الشّيخ في رجاله الى خثعم،و أطلق في الفهرست و هو من أصحاب الأصول و الكتب. رجال النّجاشي:32،رجال الشّيخ:147،105،343،رجال العلاّمة:8، [1]الفهرست:15، [2]تنقيح المقال 1:130. [3]
2- 2) التّهذيب 1:41 حديث 114،الاستبصار 1:10 حديث 12،الوسائل 1:121 الباب 10 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [4]
3- 3) التّهذيب 1:41.
4- 4) التّهذيب 1:41 حديث 115،الاستبصار 1:10 حديث 13،الوسائل 1:122 الباب 10 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [5]
5- 5) الفقيه 1:6،ذيل حديث 2.و العبارة هكذا:و الكرّ:ما يكون ثلاثة أشبار طولا في عرض ثلاثة أشبار في عمق ثلاثة أشبار.
6- 6) قد اضطرب كلام الأصحاب في اسمه و اسم أبيه و كنيته و في وثاقته و عدمها،قال النّجاشي في رجاله: 441:يحيى بن القاسم:أبو بصير الأسديّ،و قيل:أبو محمّد،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه.و قيل: يحيى بن أبي القاسم،و اسم أبي القاسم:إسحاق،و روى عن أبي الحسن موسى.و قال الشّيخ في رجاله: 333:في أصحاب الصّادق،يحيى بن القاسم:أبو محمّد،يعرف أبي بصير الأسديّ،مولاهم كوفيّ تابعيّ.و قال الكشّي في رجاله:474:يحيى بن القاسم الحذّاء.و قد ذكر العلاّمة في رجاله:264 اختلاف الأقوال فيه.مات سنة 150 ه.تنقيح المقال 3:308، [6]الفهرست:178. [7]

الماء كم يكون قدره؟قال:(إذا كان الماء ثلاثة أشبار و نصفا في مثله في ثلاثة أشبار و نصف في عمقه في الأرض فذلك الكرّ من الماء) (1)و هذه الرّواية عمل عليها أكثر الأصحاب (2)إلاّ انّ في طريقها عثمان بن عيسى (3)،و هو واقفيّ،لكنّ الشّهرة تعضدها.

و روى الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الكرّ ستّمائة رطل) (4)و تأوّلها الشّيخ باحتمال كون الأرطال ضعف العراقيّ (5)،و هو يقوّي ما فسّره الشّيخ في الرّطل.

و روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الكرّ من الماء نحو حبّي هذا) (6)و أشار إلى حبّ من تلك الحباب الّتي تكون بالمدينة،فلا يمتنع أن يكون الحبّ يسع مقدار الكرّ.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة (7)،قال:(إذا كان الماء أكثر من رواية لم

ص:39


1- 1التّهذيب 1:42 حديث 116،الاستبصار 1:10 حديث 14،الوسائل 1:122 الباب 10 من أبواب الماء المطلق حديث 6،و [1]في المصادر:ثلاثة أشبار و نصفا في مثله ثلاثة أشبار.
2- 2) كالشّيخ في المبسوط 1:6،و [2]ابن البرّاج في المهذّب 1:21.
3- 3) أبو عمرو عثمان بن عيسى العامريّ الكلابيّ الرّواسي من ولد عبيد بن رؤاس،ذكره الشّيخ في أصحاب الإمام الكاظم و الرّضا(ع)،و عدّ الكشّي عدّة ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه،و قال: منهم ابن فضّال.ثمَّ قال:و قال بعضهم:عثمان بن عيسى مكان ابن فضّال.و كان من الواقفيّة بل شيخهم و هو أحد الوكلاء المعتمدين بمال موسى بن جعفر(ع).رجال الطّوسي:355،رجال النّجاشي :300،الفهرست:120، [3]تنقيح المقال 2:247، [4]رجال الكشّي:556.
4- 4) التّهذيب 1:414 حديث 1308،الاستبصار 1:11 حديث 17،الوسائل 1:124 الباب 11 من أبواب الماء المطلق،حديث 3. [5]
5- 5) التّهذيب 1:43.
6- 6) التّهذيب 1:42 حديث 118،الاستبصار 1:7 حديث 5،الوسائل 1:122 الباب 10 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [6]
7- 7) زرارة بن أعين بن سنسن،و قيل:سنبس،قال ابن النديم:زرارة لقب،و اسمه عبد ربّه بن أعين،أبو علي أكبر رجال الشّيعة فقها و حديثا و معرفة بالكلام و التشيّع.و قال النّجاشي:شيخ أصحابنا في زمانه و متقدّمهم.و كان قارئا فقيها متكلّما شاعرا أديبا.عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر،و اخرى من أصحاب الصّادق و ثالثة من أصحاب الكاظم.مات سنة 150 ه.رجال النّجاشي:175،رجال الطّوسي:123،301،350،الفهرست لابن النديم:308، [7]تنقيح المقال 1:438. [8]

ينجّسه شيء.) (1)و ليس بمناف لما أصّلناه،لتعليق الحكم على الزّيادة،فيحمل على بلوغ المقدّر،جمعا بين الأدلّة.

و روى محمّد بن يعقوب،عن الحسن بن الصّالح الثّوريّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الكرّ ثلاثة أشبار و نصف عمقها في ثلاثة أشبار و نصف عرضها) (3)و ليس يحضرني الآن حال الحسن بن صالح و أمّا الحسن بن صالح بن حيّ، فإنّه قدّر الكرّ بثلاثة آلاف رطل (4)،و هو مدفوع بما قدّمناه من الأحاديث،و بالإجماع، فإنّ أحدا لم يقدّره بذلك.

فروع:
الأوّل:الاعتبار في الأشبار إنّما هو بالغالب لا بالنّادر،

لأنّ إحالة الشّرع في ذلك إنّما هو على المتعارف .

الثّاني:التّقدير الّذي ذكرناه تحقيق لا تقريب،

لأنّه تقدير شرعيّ تعلّق به حكم شرعيّ فيناط به،و مجموعه[تكسيرا] (5)اثنان و أربعون شبرا و سبعة أثمان شبر.

ص:40


1- 1التّهذيب 1:42 حديث 117،الاستبصار 1:6 حديث 4،الوسائل 1:104 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 9. [1]
2- 2) الحسن بن صالح بن حيّ الهمدانيّ الثّوريّ الكوفيّ،ذكره الشّيخ تارة من أصحاب الباقر(ع)،و قال: زيديّ،و إليه تنسب الصّالحيّة منهم،و اخرى من أصحاب الصّادق(ع)و عدّه الكشّي من البتريّة. و استظهر المامقاني اتّحاده مع الحسن الّذي نقل المرتضى في الانتصار:8 موافقته للإماميّة في تحديد الكرّ. و قال:غرضه عدم كونه اثنى عشريّا.و قوّى السّيد الخوئي اتّحاده مع الحسن بن صالح الأحول مستدلاّ بأنّ النّجاشي لم يتعرّض للحسن المذكور إلاّ بعنوان الأحول. ولد سنة 100 ه،و مات سنة 154 ه و قيل:163 أو 194 ه.و قد تقدّمت ترجمته في ص 21. رجال الطّوسي:113،166،الفهرست:50، [2]رجال الكشّي:233،الفهرست لابن النديم:253، [3]تنقيح المقال 1:285، [4]معجم رجال الحديث 4:371. [5]
3- 3) الكافي 3:2 حديث 4، [6]الوسائل 1:118 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 8. [7]
4- 4) حكاه السّيد المرتضى في الانتصار:8.
5- 5) في جميع النّسخ:تكثيرا.و الصّواب ما أثبتناه.

و قال القطب الرّاونديّ (1):مجموعه عشرة أشبار و نصف،لأنّ المراد ليس هو الضّرب، أمّا الشافعيّ فقد اختلف أصحابه في الرّواية عنه،فقال قوم:انّه تحقيق (2).و آخرون:انّه تقريب (3)،و عن الحنابلة وجهان (4).

الثّالث:إذا وقعت النّجاسة المائعة في المقدّر الّذي لا يقبل التّنجيس و لم تغيّره،

(5)

جاز استعمال جميعه.و هو قول أكثر الشّافعيّة خلافا لبعضهم (6)،لأنّ البلوغ موجب لعدم التّأثير،فيسقط حكم اعتبار النّجاسة.و لأنّ النّجاسة شائعة في أجزاء الماء،فتخصيص الباقي المساوي بالمنع ترجيح من غير مرجّح.

و هذا التّقدير سار في كلّ واقف سواء كان محويا (7)في آنية أو غيرها.

و إن كانت النّجاسة متميّزة،جاز استعمال الماء المجاور لها،و لا يجب التّباعد حدّ الكثير (8)،خلافا للشّافعيّ في الجديد (9)

الرّابع:بلوغ الكرّيّة حدّ

لعدم قبول التّأثير عن الملاقي إلاّ مع التّغيّر،من حيث انّ التّغيّر قاهر للماء عن قوّته المؤثّرة في التّطهير،فهل التّغيّر علامة على ذلك(و الحكم يتبع الغلبة) (10)أم هو المعتبر؟الأولى الأوّل،فلو زال التّغيّر من قبل نفسه

ص:41


1- 1هو:الفقيه الكبير قطب الدّين أبو الحسين سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه الحسن الرّاونديّ،كان عالما،فاضلا،متبحّرا،كاملا،فقيها،محدّثا،ثقة،له تصانيف كثيرة. لسان الميزان 3:48،مستدرك الوسائل 3:326،تنقيح المقال 2:22،34، [1]معجم رجال الحديث 8:94. [2]
2- 2) المجموع 1:122،مغني المحتاج 1:25.
3- 3) المجموع 1:122،فتح الوهّاب 1:4،مغني المحتاج 1:25،السّراج الوهّاج:10.
4- 4) المغني 1:56،الإنصاف 1:69، [3]الكافي لابن قدامة 1:10.
5- 5) «م»:المقدار.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:7،المجموع 1:142.
7- 7) في بعض النّسخ:مسحوبا.
8- 8) «ح»«ق»:حدّا للكثير،«ن»:الكثرة.
9- 9) المهذّب للشّيرازي 1:7،المجموع 1:139،فتح العزيز بهامش المجموع 1:214.
10- 10) «م»:الحكم يتبع الغلبة«خ»«ح»«ق»:فالحكم مع الغلبة.

لم يزل حكم التّنجيس .

الخامس:لو وافقت النّجاسة الماء في صفاته،

فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان (1)يتغيّر بمثلها على تقدير المخالفة،و إلاّ فلا،و يحتمل عدم التّنجيس لانتفاء المقتضي و هو التّغيّر .

السّادس:لو تغيّر بعض الزّائد على الكرّ،

فإن كان الباقي كرّا فصاعدا،اختصّ المتغيّر بالتّنجيس (2)،و إلاّ نجس الجميع.

و قال بعض الشّافعيّة:الجميع نجس و إن كثر و تباعدت أقطاره،لأنّ المتغيّر نجس، فينجس ما يلاقيه،ثمَّ ينجس ملاقي ملاقيه،و هكذا (3).و هو غلط،لأنّ الباقي الكرّ لا ينجس بالملاقاة .

السّابع:لو اغترف من كرّ فيه نجاسة عينيّة متميّزة،

كان المأخوذ طاهرا و الباقي نجسا،و لو كانت غير متميّزة،كان الباقي طاهرا،و على التّقدير الأوّل،لو دخلت النّجاسة في الآنية كان باطنها و ما فيه نجسين،و الماء و ظاهر الآنية طاهرين إن دخلت النّجاسة (4)مع أوّل جزء من الماء،و إن دخلت آخرا فالجميع نجس،و لو لم تدخل النّجاسة في الآنية،فالماء الّذي فيها و باطنها طاهران،و ظاهرها و باقي الماء نجسان إن جعلت الآنية تحت الماء،و إلاّ فالجميع نجس،لأنّ الماء يدخل الآنية شيئا فشيئا و الّذي يدخل فيها آخرا نجس،فيصير ما في الإناء نجسا .

الثّامن:قال داود :إذا بال الرّجل في الماء الرّاكد و لم يتغيّر،

(5)

لم ينجس و لم يجز أن

ص:42


1- 1«م»بزيادة:الماء.
2- 2) في«ن»:بالتّنجّس.
3- 3) المجموع 1:111.
4- 4) «م»بزيادة:إلى الآنية،و في«خ»:في الآنية.
5- 5) داود بن علي:أبو سليمان الأصفهانيّ الفقيه الظّاهريّ تفقّه على أبي ثور،و ابن راهوية،و حدّث عنه ابنه محمّد،و السّاجي،و يوسف بن يعقوب الدّاوديّ.و كان صاحب مذهب مستقل،و تبعه جماعة يعرفون بالظّاهريّة أخذوا بظاهر الكتاب و السّنّة و تركوا الرأي و القياس.ولد سنة 202 و مات سنة 270 ه و قيل: 275 ه.تذكرة الحفّاظ 2:572،شذرات الذّهب 2:158، [1]لسان الميزان 2:422،الفهرست لابن النّديم:303. [2]

يتوضّأ منه،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يبول الرّجل في الماء الدّائم ثمَّ يتوضّأ منه (1).و يجوز لغيره،و إن تغوّط فيه و لم يتغيّر،لم ينجس و جاز له و لغيره الوضوء منه،و لو بال على الشّطّ و جرى في الماء،جاز أن يتوضّأ منه إذا لم يتغيّر،لأنّه لم يبل في الماء (2).

و عندنا أنّه يكره البول في الماء .

التّاسع:لا فرق في عدم تنجيس الكرّ بملاقاة النّجاسة مع عدم التغيّر بين جميع

النّجاسات،

(3)

لعموم قوله عليه السّلام:(إذا بلغ الماء قدر كرّ،لم ينجّسه شيء) (4).

و قال أحمد:انّ الماء الكثير الواقف الّذي يمكن نزحه كالزّائد على القلّتين ينجس بوقوع بول الآدميّين أو عذرتهم الرّطبة خاصّة (5)،لقوله عليه السّلام:(لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الّذي لا يجري ثمَّ يغتسل منه) (6).و هو يتناول القليل و الكثير،و عامّة الفقهاء لم يفرّقوا بين البول و غيره،و النّهي لا يدلّ على النّجاسة،مع أنّه وافق على أنّ بول الكلب أزيد نجاسة من بول الآدميّ،و انّ القلّتين لا ينجس بوقوع بول الكلب،فأولى أن لا ينجس ببول الآدميّ.

مسألة:الماء القليل ينجس بملاقاة النّجاسة له

،سواء غيّرت أحد أوصافه أولا.ذهب

ص:43


1- 1سنن التّرمذي 1:100 حديث 68،سنن النّسائي 1:49،سنن البيهقي 1:97،مسند أحمد 2:265. [1]
2- 2) المجموع 1:119،عمدة القارئ 3:169،فتح الباري 1:277،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:314،بداية المجتهد 1:25،نيل الأوطار 1:40.
3- 3) «خ»:الكثير.
4- 4) الفقيه 1:8 حديث 121،الكافي 3:2 حديث 1،2، [2]التّهذيب 1:39 حديث 107،الاستبصار 1:6 حديث 1،2،3،الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 1،2،5، [3]6 و في الجميع بتفاوت يسير.
5- 5) المغني 1:66، [4]الإنصاف 1:59،إرشاد السّاري 1:304،الكافي لابن قدامة 1:11.
6- 6) صحيح البخاري 1:69،صحيح مسلم 1:235 حديث 282،سنن أبي داود 1:18 حديث 69،سنن التّرمذي 1:100 حديث 68،سنن النّسائي 1:125،سنن الدّارمي 1:186، [5]مسند أحمد 2:346، [6]نيل الأوطار 1:39.

إليه أكثر علمائنا (1)،و به قال أبو حنيفة (2)،و سعيد بن جبير (3)،و ابن عمر (4)، و مجاهد،و إسحاق (5)،و أبو عبيد (6)، (7).

و قال ابن أبي عقيل (8)من علمائنا:لا ينجس إلاّ بالتّغيّر كالكثير (9)،و هو مرويّ

ص:44


1- 1كالمفيد في المقنعة:9،و السّيّد المرتضى في الجمل:49،و الشّيخ في الخلاف 1:55، مسألة-149.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:70،بدائع الصّنائع 1:71،شرح فتح القدير 1:68،عمدة القارئ 3:159، المجموع 1:113،ميزان الكبرى 1:104،نيل الأوطار 1:36.
3- 3) سعيد بن جبير الوالبي:أبو محمّد مولى بني والبة،تابعيّ كوفيّ،نزيل مكّة.الفقيه المحدّث،روى عن ابن عباس و عديّ بن حاتم،و روى عنه جعفر بن أبي المغيرة و الأعمش و عطاء بن السّائب و غيره.عدّه الشّيخ من أصحاب الإمام عليّ بن الحسين،و كان يسمى جهبذة العلماء،قتله الحجاج بعد محاورة طويلة معه. رجال الطّوسي:90،رجال العلاّمة:79، [1]تذكرة الحفّاظ 1:76.
4- 4) عبد اللّه بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشيّ العدويّ،أبو عبد الرّحمن،روى عن النّبيّ و أبيه و أبي بكر و أبي ذر و معاذ و غيرهم،و روى عنه عبد الرّحمن بن عوف و سعيد بن المسيّب و عون بن عبد اللّه.ولد سنة ثلاث من المبعث،و مات سنة 74 ه. الإصابة 2:347، [2]تذكرة الحفّاظ 1:37،شذرات الذّهب 1:81.
5- 5) أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلّد الحنظليّ التّميميّ المروزيّ،نزيل نيسابور و عالمها،يعرف ب:(ابن راهويه)سمع من ابن المبارك و فضيل بن عياض،و أخذ عنه أحمد بن حنبل و البخاريّ و مسلم و التّرمذيّ و النّسائيّ و أبو العبّاس بن السّرّاج.ولد سنة 166 ه و قيل:161 ه.مات سنة 238 ه. تذكرة الحفّاظ 2:435،الفهرست لابن النّديم:321، [3]شذرات الذّهب 2:89. [4]
6- 6) القاسم بن سلاّم-بتشديد اللاّم-أبو عبيد البغداديّ اللّغويّ الفقيه ولي القضاء بمدينة طرسوس،سمع شريكا و ابن المبارك و حدّث عنه الدّارميّ و أبو بكر بن أبي الدّنيا و ابن أبي أسامة.أخذ عن الأصمعيّ و الكسائيّ و الفرّاء و غيرهم.مات سنة 242 ه.بغيّة الوعاة:376،تذكرة الحفّاظ 2:417،شذرات الذّهب 2:55. [5]
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 5:205، [6]المغني 1:53،المجموع 1:112،نيل الأوطار 1:36.
8- 8) الحسن بن عليّ بن أبي عقيل:أبو محمّد العماني الحذّاء،فقيه متكلّم،ثقة،و عرّفه الشيخ بالحسن بن عيسى،يكنّى أبا عليّ،وجه من وجوه أصحابنا،و هو أوّل من هذّب الفقه و استعمل النّظر و فتق البحث عن الأصول و الفروع في ابتداء الغيبة الكبرى.له كتب،منها:كتاب المتمسّك بحبل آل الرّسول. الفهرست للطّوسي:54، [7]رجال النّجاشي:48،رجال العلاّمة:40، [8]تنقيح المقال 1:291. [9]
9- 9) المعتبر 1:48. [10]

عن حذيفة (1)،و أبي هريرة (2)،و ابن عبّاس (3)،و سعيد بن المسيّب،و الحسن (4)،و عكرمة (5)،و عطاء (6)،و طاوس (7)،

ص:45


1- 1حذيفة بن حسل،و يقال:حسيل اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث،يكنّى أبا عبد اللّه العبسيّ،شهد حذيفة و أخوه صفوان أحدا و كان من كبار الصّحابة معروف فيهم بصاحب سرّ رسول اللّه(ص)في تمييز المنافقين،روى عن النّبيّ،و روى عنه ابنه أبو عبيدة و عمر بن الخطّاب و قيس بن أبي حازم،و أبو وائل و زيد بن وهب و غيرهم،مات بالمدائن سنة 36 ه. الإصابة 1:317، [1]الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 1:377، [3]أسد الغابة 1:390، [4]شذرات الذّهب 1:44.
2- 2) أبو هريرة الدّوسيّ،و دوس هو:ابن عدنان بن عبد اللّه بن زهران بن كعب بن الحارث،اختلفوا في اسمه و اسم أبيه اختلافا كثيرا لا يحاط به و لا يضبط في الجاهليّة و الإسلام،و قيل:اسمه عبد شمس في الجاهليّة،صحب النّبي و روى عنه.الإصابة 4:202، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 4:202، [7]تذكرة الحفّاظ 1:32.
3- 3) عبد اللّه بن عبّاس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف،روى عن النّبيّ(ص)و عليّ(ع)و معاذ بن جبل،و روى عنه جمع كثير منهم عبد اللّه بن عمر و أنس و أبو أمامة و عكرمة و عطاء بن أبي رباح و مجاهد و سعيد بن المسيّب و طاوس و وهب بن منبّه و أخوه كثير بن عبّاس و ابنه عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس.ولد قبل الهجرة بثلاث سنين و توفّي سنة 18 ه.تذكرة الحفّاظ 1:40،شذرات الذّهب 1:75، [8]أسد الغابة 3:192. [9]
4- 4) الحسن بن أبي الحسن يسار:أبو سعيد البصريّ مولى زيد بن ثابت الأنصاريّ،و امّه خيرة مولاة أمّ سلمة، حدّث عن عثمان و عمران بن حصين و المغيرة بن شعبة و ابن عبّاس.مات سنة 110 ه. تذكرة الحفّاظ 1:72،شذرات الذّهب 1:136، [10]سير أعلام النّبلاء 4:563،ميزان الاعتدال 1:527.
5- 5) أبو عبد اللّه:عكرمة بن عبد اللّه مولى عبد اللّه بن عباس،أصله من البربر،روى عن مولاه و عليّ بن أبي طالب(ع)و أبي سعيد و أبي هريرة و عائشة،و استبعد الذّهبيّ روايته عن عليّ(ع)،و كان ينتقل من بلد إلى بلد.مات سنة 107 ه.تذكرة الحفّاظ 1:95،شذرات الذّهب 1:130،وفيات الأعيان 2:427. [11]
6- 6) عطاء بن أبي رباح:أبو محمّد بن أسلم القرشيّ،مفتي أهل مكّة و محدّثهم،روى عن عائشة و أبي هريرة و جابر بن عبد اللّه و ابن عبّاس و أبي سعيد و طائفة.و روى عنه أيّوب و عمرو بن دينار و ابن جريح و أبو إسحاق و الأوزاعيّ و أبو حنيفة و خلق كثير.مات سنة 114 ه و قيل:115 ه. تذكرة الحفّاظ 1:98،شذرات الذّهب 1:147، [12]وفيات الأعيان 2:423، [13]ميزان الاعتدال 3:70.
7- 7) طاوس بن كيسان اليماني الجنديّ الخولانيّ:أبو عبد الرّحمن من أبناء الفرس،روى عن ابن عبّاس و زيد بن أرقم،و زيد بن ثابت،و روى عنه ابنه عبد اللّه و الزّهريّ و إبراهيم بن ميسرة و حنظلة بن أبي سفيان و كان شيخ أهل اليمن و كان كثير الحجّ،مات بمكّة قبل يوم التّروية سنة 104 ه.تذكرة الحفّاظ 1:90، شذرات الذّهب 1:133. [14]

و جابر بن زيد (1)،و ابن أبي ليلى (2)،و مالك،و الأوزاعيّ (3)،و الثّوريّ (4)، و ابن المنذر (5)، (6)،و للشّافعيّ قولان (7)،و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا بلغ الماء قلّتين،لم ينجّسه شيء) (9).

ص:46


1- 1جابر بن زيد الأزدي البصريّ:أبو الشّعثاء صاحب ابن عبّاس و روى عنه،روى عنه قتادة و أيّوب و عمرو بن دينار و كان من فقهاء البصرة.مات سنة 93 ه،و قيل:103 ه.تذكرة الحفّاظ 1:72،شذرات الذّهب 1:101. [1]
2- 2) محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى الأنصاريّ:أبو عبد الرّحمن،مفتي الكوفة و قاضيها،حدّث عن الشّعبي و عطاء و الحكم بن عيينة و نافع و طائفة،و حدّث عنه شعبة و سفيان بن سعيد الثّوريّ و وكيع و أبو نعيم.مات سنة 148 ه.تذكرة الحفّاظ 1:171،شذرات الذّهب 1:224، [2]ميزان الاعتدال 3:613،الفهرست لابن النّديم:285، [3]وفيات الأعيان 2:309. [4]
3- 3) أبو عمرو بن عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد الدّمشقيّ الأوزاعيّ الفقيه،حدّث عن عطاء بن أبي رباح و القاسم بن مخيمرة و ربيعة بن يزيد و شدّاد بن أبي عمّار و الزّهريّ و قتادة و يحيى بن أبي كثير،و حدّث عنه شعبة و ابن المبارك و الوليد بن مسلم.ولد ببعلبك و نشأ بالبقاع ثمَّ نزل بيروت فمات بها سنة 157 ه.شذرات الذّهب 1:241،تذكرة الحفّاظ 1:178،وفيات الأعيان 2:310، [5]المجموع 2:379.
4- 4) أبو عبد اللّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثّوريّ الفقيه الكوفيّ،حدّث عن أبيه و زبيد بن الحارث و حبيب بن أبي ثابت و زياد بن علاقة و محارب بن دثار و يحيى القطّان و ابن وهب و وكيع و قبيصة و جمع كثير.مات بالبصرة بعد أن كان مختفيا من المهديّ سنة 161 ه. تذكرة الحفّاظ 1:203،شذرات الذّهب 1:250، [6]الفهرست لابن النّديم:315.
5- 5) إبراهيم بن المنذر بن عبد اللّه الحزاميّ الأسديّ:أبو إسحاق المدنيّ محدّث المدينة،روى عن مالك و سفيان بن عيينة و الوليد بن مسلم و ابن وهب و أبي ضمرة،و روى عنه البخاريّ و ابن ماجه و محمّد بن إبراهيم البوشنجيّ و خلق كثير.مات سنة 236 ه.و هو غير أبي بكر محمّد بن إبراهيم بن المنذر من فقهاء الشّافعيّة. تذكرة الحفّاظ 2:470،شذرات الذّهب 2:86، [7]ميزان الاعتدال 1:67.
6- 6) المغني 1:54،المجموع 1:113،نيل الأوطار 1:36،سبل السّلام 1:18.و لمزيد الاطّلاع على قول مالك،انظر:رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:5،مقدّمات ابن رشد 1:57،بداية المجتهد 1:24.
7- 7) المغني 1:53.
8- 8) المغني 1:53،الإنصاف 1:55، [8]الكافي لابن قدامة 1:10.
9- 9) سنن التّرمذي 1:97 حديث 67،و [9]فيه:لم يحمل الخبث،سنن أبي داود 1:17 حديث 65،سنن النّسائي 1:46 و فيه أيضا:لم يحمل الخبث،سنن ابن ماجه 1:172 حديث 517،سنن الدّارمي 1:186 و [10]فيه كذلك:لم يحمل الخبث،مسند أحمد 2:23،27،107، [11]مستدرك الحاكم 1:132،سنن الدّارقطني 1:14 و ما بعدها،سنن البيهقي 1:264.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الجنب يجعل الرّكوة أو التّور فيدخل إصبعه فيه؟قال:(إن كانت يده قذرة فأهرقه،و إن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه (1)).

و ما رواه في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (2)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يدخل يده في الإناء و هي قذرة؟قال:(يكفئ (3)الإناء) (4).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن سعيد الأعرج (5)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن سؤر اليهوديّ و النّصرانيّ؟قال:(لا) (6).

و ما رواه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن النّصرانيّ يغتسل مع المسلم في الحمّام؟قال:(إذا علم انّه نصرانيّ،اغتسل بغير ماء الحمّام) (7).

ص:47


1- 1التّهذيب 1:37 حديث 100.و ص:229 حديث 661،الاستبصار 1:20 حديث 46،الوسائل 1:115 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 11. [1]
2- 2) أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر مولى السّكون:أبو جعفر المعروف بالبزنطيّ،كوفيّ،لقي الرّضا(ع). عدّة الشّيخ من أصحاب الرّضا و الجواد،و كان عظيم المنزلة عندهما و هو من أصحاب الإجماع،مات سنة 221 ه. رجال النّجاشي:75،رجال الطّوسي:366،397،رجال العلاّمة:13. [2]
3- 3) كفأت الإناء:كببته و قلبته.الصّحاح 1:68. [3]
4- 4) التّهذيب 1:39 حديث 105،الوسائل 1:114 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [4]
5- 5) سعيد بن عبد الرّحمن،و قيل:ابن عبد اللّه الأعرج السّمّان:أبو عبد اللّه التّيميّ،كوفيّ ثقة،عدّه الشّيخ مع أبيه من أصحاب الصّادق.و نقل العلاّمة المامقاني قول العلاّمة في المختلف بأنّه لا يعرف حاله مع انّه نفسه ذكره في رجاله بعنوان سعيد بن عبد الرّحمن ثمَّ قال و التحقيق انّ سعيد الأعرج و سعيد بن عبد الرحمن و سعيد السّمّان و سعيد بن عبد الرّحمن السّمّان،واحد.رجال النّجاشي:181،رجال الطّوسي: 204،الفهرست 77، [5]تنقيح المقال 2:27، [6]رجال العلاّمة:80. [7]
6- 6) التّهذيب 1:223 حديث 638،الاستبصار 1:18 حديث 36،الوسائل 1:165 الباب 3 من أبواب الأسئار حديث 1. [8]
7- 7) التّهذيب 1:223 حديث 640،الوسائل 2:1020 الباب 14 من أبواب النجاسات حديث 9. [9]

و ما رواه في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الكلب يشرب من الإناء؟قال:(اغسل الإناء) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل الهرّة و الشّاة و البقرة و الإبل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السّباع فلم أترك شيئا إلاّ سألته عنه؟فقال:(لا بأس)حتّى انتهيت إلى الكلب،فقال:(رجس نجس لا تتوضّأ بفضله و اجتنب ذلك الماء و اغسله بالتّراب أوّل مرّة ثمَّ بالماء) (3).

و أيضا:قوله عليه السّلام:(الماء الّذي لا ينجّسه شيء ألف و مائتا رطل) (4)و قوله:

(إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) (5)علّق الحكم على الشّرط،فينتفي عند انتفائه.

و أيضا:ما رواه ابن جابر فيما قدّمناه،و هو قوله:سألته عن الماء الّذي لا ينجّسه شيء؟فقال:(كرّ) (6).

فنقول:لو لم يكن ما دون الكرّ قابلا للتّنجيس لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة، و هو لا يجوز إجماعا،و لكان توقيف الحكم على الكرّيّة عبثا،و لأنّ النّجاسة امتزجت بالماء و شاعت أجزاؤها في أجزائه و يجب الاحتراز عن أجزاء النّجاسة و قد تعذّر إلاّ بالاحتراز عن

ص:48


1- 1التّهذيب 1:225 حديث 644،الاستبصار 1:18 حديث 39،الوسائل 1:162 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 3. [1]
2- 2) الفضل بن عبد الملك:أبو العبّاس البقباق،مولى كوفيّ ثقة عين،روى عن أبي عبد اللّه.له كتاب يرويه عن داود بن حصين،عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق،و نقل العلاّمة المامقاني في الفائدة الثّانية و العشرين في تنقيح المقال عن الشّيخ المفيد ما يدلّ على عظم منزلته و وثاقته. رجال النّجاشي:308،رجال الطّوسي:270،رجال العلاّمة:133، [2]تنقيح المقال 1:209. [3]
3- 3) التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 4، [4]في الجميع:و اصبب-بدل كلمة-و اجتنب.
4- 4) التّهذيب 1:41 حديث 113،الاستبصار 1:10 حديث 15،الوسائل 1:123،الباب 11 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 1:40 حديث 108،الاستبصار 1:6 حديث 2 و 3،الوسائل 1:117،الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [6]
6- 6) التّهذيب 1:41 حديث 115،الاستبصار 1:10 حديث 13،الوسائل 1:118 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [7]

أجزاء الماء المختلط أجزاؤه بأجزائها.

احتجّ ابن أبي عقيل (1)بما روي عنه عليه السّلام،و هو قوله:(الماء طاهر لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه) (2).

و بما روي،عن الباقر عليه السّلام،قال:سئل (3)عن الجرّة و القربة يسقط فيهما فأرة أو جرذ أو غيره،فيموت فيهما (4)؟قال:(إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه، و إن لم تغلب فاشرب منه و توضّأ) (5).

و بما روي،عن الصّادق عليه السّلام انّه استقي له من بئر،فخرج في الدّلو فأرتان، فقال:(أرقه)فاستقى آخر،فخرج فيه فأرة،فقال:(أرقه)ثمَّ استقى آخر،فلم يخرج فيه شيء،فقال:(صبّه في الإناء فتوضّأ و اشرب) (6).

و بما روي،عن الصّادق عليه السّلام،قال:سئل عن الماء النّقيع يبول فيه الدّواب؟ فقال:(إن تغيّر الماء،فلا تتوضّأ منه،و إن لم تغيّره أبوالها،فتوضّأ منه،و كذلك الدّم إذا سال في الماء و أشباهه) (7).

احتجّ مالك بالحديث الأوّل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (8)،و لأنّ التّنجيس موجب للحرج،فإنّه لا يمكن حينئذ تطهير شيء بالماء،فإنّه ينجس بملاقاة النّجاسة، و النّجس لا يطهر.

ص:49


1- 1السّرائر:8،المعتبر 1:48، [1]المختلف 1:2.
2- 2) المعتبر 1:48، [2]المختلف 1:2،الوسائل 1:101 الباب 1 من أبواب الماء المطلق حديث 9. [3]
3- 3) في«ح»:سألته.
4- 4) «ق»«»:فيها.
5- 5) لم نعثر على حديث بهذا اللّفظ إلاّ في المعتبر 1:49،و [4]المختلف 1:3،و بهذا المضمون في: التّهذيب 1:412 حديث 1298،الاستبصار 1:7 حديث 7.
6- 6) التّهذيب 1:239 حديث 693،الاستبصار 1:40 حديث 112،الوسائل 1:128 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 14، [5]في المصادر:بدون عبارة:(فتوضّأ و اشرب).
7- 7) التّهذيب 1:40 حديث 111،الاستبصار 1:9 حديث 9،الوسائل 1:103 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [6]
8- 8) التّفسير الكبير 24:94،تفسير القرطبي 13:43،بدائع الصّنائع 1:71.

و الجواب عن الأوّل:انّه ليس من الألفاظ الدّالّة على العموم،فيحمل على الكثير جمعا بين المطلق و المقيّد.

و عن الحديثين الآخرين بضعف السّند،فإنّ الرّاوي عليّ بن حديد (1)،و هو ضعيف مع أنّه مرسل.

و امّا الحديث الرّابع،فإنّ راويه ياسين الضّرير (2)،و لا احقّق حاله،فهو مدفوع و معارض بما ذكرناه.

و عن حجّة مالك النّقليّة:بما أجبنا به ابن أبي عقيل.و أيضا:فإنّ ذلك ورد في بئر بضاعة-بضمّ الباء و فتحها-و ماؤها يجري في البساتين.فعلى هذا كأنّه قال:(الماء الجاري طهور.الحديث).

و ما ذكره من الملازمة في العقليّة ممنوع،لأنّ التّطهير هناك حصل لأجل الضّرورة.على انّ لنا المنع من الملازمة أيضا على مذهب السّيّد المرتضى (3)،و مذهب الشّافعيّ من الفرق بين ورود الماء على النّجاسة و ورودها عليه (4)،و معارض بما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم) (5)فلو لم يكن قابلا للتّنجيس،لم يكن فيه فائدة،و فيه كلام ذكرناه سالفا (6).

ص:50


1- 1عليّ بن حديد بن حكيم المدائنيّ الأزديّ السّاباطيّ،قال النّجاشي:روى عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،و عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الرّضا(ع)و تارة من أصحاب الجواد(ع).و قال الكشّي:انّه فطحيّ.و ذكره العلاّمة في رجاله في الضّعفاء.و قال الشّيخ في التّهذيب 1:240،و الاستبصار 1:40: ضعيف لا يعوّل على ما ينفرد بنقله.رجال النّجاشي:274،رجال الكشّي:570،رجال الطّوسي: 382،403،الفهرست:89، [1]رجال العلاّمة:234. [2]
2- 2) ياسين الضّرير الزيّات البصري،لقي أبا الحسن لمّا كان بالبصرة و روى عنه.ذكره النّجاشي و الكشّي و الشّيخ في الفهرست،و لم يتعرّضوا لوثاقته و عدمها.و العلاّمة المامقاني،استظهر كونه إماميّا موثوقا به رجال النّجاشي:453،رجال الكشّي:163،الفهرست:183، [3]تنقيح المقال 3:307 [4]
3- 3) النّاصريّات [5](الجوامع الفقهيّة):179.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:7،المجموع 1:138،مغني المحتاج 1:21،تفسير القرطبي 13:50، [6]بداية المجتهد 1:25،سبل السّلام 1:17.
5- 5) راجع ص 39 رقم 6.
6- 6) تقدّم في ص 28.

و أيضا:بما روي،عن عبد اللّه بن عبّاس و عبد اللّه بن الزّبير (1)،أنّهما حكما بنجاسة بئر زمزم،حيث وقع الزّنجيّ فيه فمات حتّى أمرا بنزح ماء البئر كلّه (2).

و بما روي،عن عليّ عليه السّلام انّه حكم بنجاسة البئر بوقوع الفأرة فيه حتّى أوجب نزح دلاء (3).و قد روى بعض الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه أمر بنزح (4)ثلاثين دلوا (5).

لا يقال:يعارض ما ذكرتم بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حريز (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء و اشرب،فإذا تغيّر الماء و تغيّر الطّعم فلا توضّأ منه و لا تشرب) (7).

و بما رواه في الصّحيح،عن ابن مسكان (8)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

ص:51


1- 1عبد اللّه بن الزّبير بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيّ الهاشميّ،ابن عمّ النّبيّ(ص)،و امّه عاتكة،يعدّ من الطبقة الخامسة من الصحابة قتل في معركة أجنادين مع الروم سنة 13 ه. الإصابة 2:308، [1]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:299، [2]أسد الغابة 3:161. [3]
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 5:209، [4]تفسير القرطبي 13:46، [5]عمدة القارئ 3:169،المجموع 1:113، بدائع الصّنائع 1:72،سنن البيهقي 1:266،سنن الدّارقطني 1:33 حديث 1.
3- 3) كنز العمّال 9:577 حديث 27500،شرح فتح القدير 1:90،المبسوط للسّرخسي 1:58.
4- 4) «م»«ح»«ق»:نزح.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:75،شرح فتح القدير 1:90.
6- 6) حريز بن عبد اللّه السّجستاني:أبو محمّد الأزدي،أكثر السّفر و التّجارة إلى سجستان فعرف بها،قال النّجاشي:قيل روى عن أبي عبد اللّه(ع)،و قال يونس:لم يسمع من أبي عبد اللّه إلاّ حديثين،و قيل: روى عن أبي الحسن موسى،و لم يثبت ذاك،و كان ممّن شهر السّيف في قتال الخوارج في سجستان في حياة أبي عبد اللّه(ع)،عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق،و وثّقه في الفهرست. رجال النّجاشي:144،رجال الطّوسي:181،الفهرست:62، [6]تنقيح المقال 1:261. [7]
7- 7) التّهذيب 1:216 حديث 625،الاستبصار 1:12 حديث 19،الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [8]في الجميع.بتفاوت يسير.
8- 8) عبد اللّه بن مسكان:أبو محمّد،كوفيّ من موالي عنزة،ثقة عين،روى عن أبي الحسن موسى،و قيل: روى عن أبي عبد اللّه،و ليس بثبت،قاله النّجاشي.و عدّه الشّيخ في رجاله في أصحاب الصّادق.و هو من أصحاب الإجماع،و كان من أروى أصحاب أبي عبد اللّه،مات في زمان أبي الحسن.رجال النّجاشي: 214،رجال الطّوسي:264،رجال الكشّي:375،رجال العلاّمة:106، [9]تنقيح المقال 2:216. [10]

سألته عن الوضوء ممّا ولغ الكلب فيه و السّنّور أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك يتوضّأ منه أو يغتسل؟قال:(نعم،إلاّ أن تجد غيره فتنزّه عنه) (1).

لأنّا نجيب عن الأوّل:انّه ليس فيه ما يدلّ على العموم،و السّور الكليّ دخل على الغلبة لا على الماء المطلق،فيحمل على البالغ كرّا جمعا بين الأدلّة،و هو الجواب عن الثّاني.

فروع:
الأوّل:الماء القليل قابل للانفعال عن كلّ نجاسة،

و إن كانت دما يسيرا بحيث لا يدركه الطّرف كرؤوس الإبر.

و قال الشيخ في المبسوط:انّ ما لا يدركه الطّرف معفوّ عنه،دما كان أو غيره (2)، و قال في الاستبصار:إذا كان الدّم مثل رؤوس الإبر،لم ينجس به الماء (3).

لنا:حصول المؤثّر و القابل،فيوجد الأثر.

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، قال:سألته عن رجل امتخط فصار الدّم قطعا صغارا فأصاب إناءه،هل[يصلح] (4)الوضوء منه؟قال:(إن لم يكن شيء يستبين في الماء،فلا بأس،و إن كان شيئا بيّنا،فلا يتوضّأ منه) (5)و لأنّ وجوب التّحرّز عنه مشقّة و حرج،فيكون منفيّا.

و الجواب عن الأوّل:انّه غير دالّ بصريحه على صورة النّزاع،فإنّه ليس فيه إشعار بإصابة الماء و إن كان المفهوم منه ذلك،لكنّ دلالة المفهوم أضعف ممّا ذكرناه.

و(يعارضه:ما) (6)رواه محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه

ص:52


1- 1التّهذيب 1:226 حديث 649،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 6.و [1]فيهما: أ يتوضّأ.
2- 2) المبسوط 1:7.
3- 3) الاستبصار 1:23.
4- 4) في النّسخ:يصحّ،و ما أثبتناه،من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:412 حديث 1299،الاستبصار 1:23 حديث 57،الوسائل 1:112 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 1- [2]بتفاوت يسير.
6- 6) «خ»:معارضة بما.

موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل رعف و هو يتوضّأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟قال:(لا) (1)و لم يشترط الظّهور،و يحتمل أن يكون الأوّل معناه إذا أصاب الإناء و شكّ في وصوله إلى الماء اعتبر بالظّهور حسّا.

و عن الثّاني:انّ اعتبار المشقّة مع قيام الموجب ساقط .

الثّاني:أطلق المفيد و سلاّر تنجيس مياه الأواني و الحياض،

(2)

حتّى انّ سلاّر أوجب إراقتها و إن كان كثيرا (3)،و هذا الإطلاق غير واضح.

لنا:العموم المستفاد من قوله عليه السّلام:(إذا بلغ الماء قدر كرّ،لم ينجّسه شيء) (4).

لا يقال:يعارضه الأحاديث الدّالّة على نجاسة الأواني عند الملاقاة.

لأنّا نقول:الإطلاق هناك بناء على الغالب من صغر الإناء عن بلوغ الكرّيّة،و لأنّه مقيّد بما ذكرنا.

و الحقّ انّ مرادهما بالكثرة هنا،الكثرة العرفيّة بالنّسبة إلى الأواني و الحياض الّتي يسقى منها الدّواب،و هي غالبا تقصر عن الكرّ .

الثّالث:لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا،

و اعتبر الكرّيّة فيهما مع السّاقية جميعا، أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ و لاقته نجاسة فوصل بغدير بالغ كرّا،قال بعض الأصحاب:

ص:53


1- 1الكافي 3:74 حديث 16، [1]الوسائل 1:125 الباب 13 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
2- 2) أبو يعلى:سلاّر بن عبد العزيز الدّيلمي الطّبرستانيّ،المقدّم في الفقه و الأدب و غيرهما،من أعاظم تلاميذ المفيد و السّيّد المرتضى،و ربّما درّس نيابة عنه.له كتب،منها:المقنع في المذهب،و التّقريب في أصول الفقه،و المراسم في الفقه،و الرّدّ على أبي الحسن البصري في نقض الشّافعي.توفّي لست خلون من شهر رمضان سنة 463 ه.و قيل:في صفر سنة 448 ه.قبره في قرية«خسروشاه»من قرى تبريز. الكنى و الألقاب 2:238، [3]تنقيح المقال 2:42. [4]
3- 3) المفيد في المقنعة:9،و سلاّر في المراسم:36.
4- 4) الكافي 3:2 حديث 2، [5]الفقيه 1:8 حديث 12،التّهذيب 1:39 حديث 107-109،الاستبصار 1:6 حديث 1-3،الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 1،2،5، [6]6،بتفاوت يسير.

الأولى بقاؤه على النّجاسة،لأنّه ممتاز عن الطّاهر،مع انّه لو مازجه و قهره لنجّسه (1).

و عندي فيه نظر،فإنّ الاتّفاق واقع على انّ تطهير ما نقص عن الكرّ بإلقاء كرّ عليه،و لا شكّ انّ المداخلة ممتنعة،فالمعتبر إذن الاتّصال الموجود هنا .

الرّابع:لو شكّ في بلوغ الكرّيّة،

فالوجه التّنجيس،لأنّ الأصل القلّة و للاحتياط، و يحتمل عدمه،لأنّه كان طاهرا قبل وقوع النّجاسة،و شكّ في تنجيسه بها و لا يرفع اليقين بالشّكّ .

الخامس:قد بيّنا انّ الكثير إذا تغيّر بالنّجاسة نجس،

(2)

أمّا لو تغيّر بما نجاسته عارضيّة كالزّعفران النّجس و المسك النّجس،فإنّه لا ينجس بذلك،لأنّ الملاقي يطهر بالماء.نعم، لو سلبه إطلاق اسم الماء،فإنّه ينجّسه.

مسألة:لا يجوز استعمال الماء النّجس في رفع الحدث و لا في إزالة النّجاسة

،لأنّه منفعل بها،فكيف يعدمها عن غيره و هو إجماع؟!و كذا كلّ ما منع من استعماله كالمشتبه و إن لم يكن نجسا.

و يجب التّيمّم إذا لم يوجد غيره،لأنّه منع من الطّهارة به شرعا،فكان كالعدم،و لا يجوز استعماله أيضا في أكل و لا شرب إلاّ عند الضّرورة،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حريز بن عبد اللّه،عن الصّادق عليه السّلام قال:(فإذا تغيّر الماء و تغيّر الطّعم فلا توضّأ منه و لا تشرب) (3).

و في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس،عن الصّادق عليه السّلام و قد سأله عن أشياء حتّى انتهى إلى الكلب؟فقال:(رجس نجس لا تتوضّأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتّراب أوّل مرّة،ثمَّ بالماء) (4).

ص:54


1- 1المعتبر 1:50. [1]
2- 2) «ق»:الكرّ.
3- 3) التّهذيب 1:216 حديث 625،الاستبصار 1:12 حديث 19،الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 4. [3]
فروع:
الأوّل:لو شكّ في نجاسة متيقّن الطّهارة،

جاز الاستعمال و بنى على اليقين.و لو تيقّن النّجاسة و شكّ في الطّهارة،بنى على النّجاسة عملا بالمتيقّن،و تركا للمرجوح .

الثّاني:لو أخبره عدل بنجاسة الماء،

لم يجب القبول و إن أسندها إلى سبب،بناء على ما ذكرنا من ترجيح الأصل المتيقّن على الخبر المظنون،خلافا للحنابلة (1)فيما إذا ذكر السّبب.و كذا البحث لو وجده متغيّرا و شكّ في استناد التّغيّر إلى النّجاسة.

أمّا لو شهد عدلان بالنّجاسة،فالأولى القبول،لأنّ شهادة العدلين معتبرة في نظر الشّرع قطعا،فإنّ المشتري لو ادّعى سبق النّجاسة،لثبت جواز الرّدّ بناء على وجود العيب.و قال ابن البرّاج (2):لا يحكم بالشّهادة عملا بالأصل القطعيّ السّالم عن اليقين بصدقهما (3).

أمّا لو تعارضت البيّنتان في إناءين،فقال في الخلاف:سقطت شهادتهما و رجع إلى الأصل (4)،و قال في المبسوط:لو قلنا إن أمكن الجمع بينهما قبلتا و نجسا،كان قويّا (5)، و لم يتعرّض لما لا يمكن فيه الجمع،و الوجه فيه وجوب الاحتراز منهما و الحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه،و القول بسقوط شهادتهما فيما يتعذّر الجمع فيه لا يخلو من قوّة.و هو قول الحنابلة (6).

ص:55


1- 1المغني 1:82،الإنصاف 1:71،الكافي لابن قدامة 1:14.
2- 2) الشّيخ أبو القاسم:عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرّاج،الفقيه العالم الجليل،وجه الأصحاب و فقيههم،لقّب بالقاضي لكونه كان قاضيا في طرابلس مدّة عشرين سنة،و كان من خواص تلامذة السيّد المرتضى و شيخ الطّائفة،له مصنّفات،منها:المهذّب،و المعتمد،و الجواهر،و شرح جمل العلم و العمل للسيّد المرتضى،و غيره.توفي في شعبان سنة 481 ه. الكنى و الألقاب 1:224، [1]تنقيح المقال 2:156، [2]مستدرك الوسائل 3:480. [3]
3- 3) المهذّب 1:30.
4- 4) الخلاف 1:58،مسألة 162.
5- 5) المبسوط 1:9. [4]
6- 6) المغني 1:83،الكافي لابن قدامة 1:15.
الثّالث:لو علم بالنّجاسة بعد الطّهارة و شكّ في سبقها عليه،فالأصل الصّحّة.

و لو علم سبقها على الطّهارة و شكّ في بلوغ الكرّيّة أعاد،لأنّ الأصل عدمها،و لو شكّ في نجاسة الواقع أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس،بنى على الطّهارة.

الرّابع:لو أخبر العدل بنجاسة إنائه أو الفاسق بطهارته،

فالوجه القبول،و لو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه،فالأقرب القبول أيضا.و لو سقط عليه من طريق ماء،لم يلزمه السّؤال عنه،لأصالة الطّهارة.

مسألة:المشهور عند أصحابنا:تنجيس البئر بملاقاة النّجاسة

(1)

.و هو أحد قولي الشّيخ (2).و قال في التّهذيب:لا يغسل الثّوب و لا تعاد الطّهارة ما لم يتغيّر بالنّجاسة، لكن لا يجوز استعماله إلاّ بعد تطهيره (3).

و ذهب الجمهور إلى التّنجيس أيضا مع قلّة الماء أو تغيّره (4)،و الحقّ أنّها لا تنجس بمجرّد الملاقاة.و قد أجمع العلماء كافّة على نجاستها بالتّغيّر بالنّجاسة.

احتجّ القائلون بالتّنجيس بوجوه:
الأوّل:النّصّ

،و هو ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن بزيع (5)،قال:كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضا عليه السّلام،عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم،أو يسقط فيها شيء من العذرة (6)كالبعرة أو نحوها ما

ص:56


1- 1المقنعة:9،الانتصار:11،المهذّب 1:21.
2- 2) المبسوط 1:11،النّهاية:6.
3- 3) التّهذيب 1:232.
4- 4) شرح فتح القدير 1:86،الهداية للمرغيناني 1:21.
5- 5) أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن بزيع،مولى المنصور،و ولد بزيع بيت،منهم حمزة بن بزيع كان من صالحي هذه الطّائفة و ثقاتهم.عدّه الشّيخ من أصحاب الكاظم و الرّضا و الجواد عليهم السّلام.و قال:ثقة صحيح كوفيّ،له كتب منها كتاب الحج. [1]رجال النّجاشي:330،رجال الطّوسي:360،386،405،الفهرست:155، [2]تنقيح المقال 2:81. [3]
6- 6) كذا في جميع النّسخ و في المصدر:من عذرة.

الّذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها الصّلاة؟فوقّع عليه السّلام في كتابي بخطّه:(ينزح منها دلاء) (1)فلو كانت طاهرة،لما حسن تقريره على السّؤال.

و ما رواه أيضا في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين (2)،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:سألته عن البئر يقع فيها الحمامة و الدّجاجة أو الفأرة أو الكلب أو الهرّة؟ فقال:(يجزيك أن تنزح منها دلاء،فإنّ ذلك يطهّرها إن شاء اللّه) (3)و لو كانت طاهرة، لكان تعليل التّطهير بالنّزح تعليلا لحكم سابق بعلّة لا حقة،و هو محال .

الثّاني:عمل أكثر الأصحاب

(4)

،و هو و إن لم يكن حجّة قطعيّة،لكنّه يفيد أولويّة ما،فإذا انضمّ إلى ما ذكرنا من الأحاديث حصل القطع بالحكم .

الثّالث:لو كان طاهرا،لما ساغ التّيمّم

،و التّالي باطل،فالمقدّم مثله،و الشّرطيّة ظاهرة،فإنّ الشّرط في جواز التّيمّم،فقدان الطّاهر.و بيان بطلان التّالي من وجهين:

الأوّل:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور (5)،و عنبسة بن

ص:57


1- 1التّهذيب 1:244 حديث 705،الاستبصار 1:44 حديث 124،الوسائل 1:130 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 21. [1]
2- 2) عليّ بن يقطين بن موسى،كوفيّ الأصل،بغداديّ السّكنى،مولى بني أسد،ثقة جليل القدر له منزلة عظيمة عند أبي الحسن موسى عليه السّلام.له مدائح كثيرة عن أهل البيت(ع)،عدّه الشّيخ من أصحاب الكاظم.و قال في الفهرست:له كتب،منها ما سأل عنه الصّادق(ع)من الملاحم.ولد بالكوفة سنة 121 ه.و مات ببغداد سنة 182 ه. رجال النّجاشي:273،رجال الكشّي:430،رجال الطّوسي:354،الفهرست:90، [2]رجال العلاّمة:91، [3]تنقيح المقال 2:315. [4]
3- 3) التّهذيب 1:237 حديث 686،الاستبصار 1:37 حديث 101،الوسائل 1:134 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [5]
4- 4) المقنعة:9،الانتصار:11،المهذّب 1:21.
5- 5) عبد اللّه بن أبي يعفور العبدي مولاهم كوفيّ.و اسم أبي يعفور:واقد،و قيل: وقدان.يكنّى أبا محمّد،ثقة ثقة جليل في أصحابنا،له منزلة عظيمة.عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق.و روى الكشّي ما يدلّ على عظم منزلته و شدّة إخلاصه في حبّه و التّسليم بأوامره.مات في حياة الصّادق(ع)في سنة الطّاعون. رجال النّجاشي:213،رجال الكشّي:246،رجال الطّوسي:223،رجال العلاّمة:107، [6]تنقيح المقال 2:165. [7]

مصعب (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا أتيت البئر و أنت جنب فلم تجد دلوا و لا شيئا تغرف به،فتيمّم بالصّعيد الطّيّب،فإنّ ربّ الماء ربّ الصّعيد،و لا تقع في البئر و لا تفسد على القوم ماءهم) (2).

و اعلم انّ هذا الحديث كما دلّ على بطلان التّالي،فله دلالة على المطلوب ابتداء مستفادة من قوله عليه السّلام:(و لا تفسد على القوم ماءهم).

الثّاني:لو لم يجز التّيمّم،لزم أحد الأمرين:إمّا جواز استعمال ماء البئر بغير نزح،أو إطراح الصّلاة،و هما باطلان.

أمّا الأوّل:فلأنّه لو صحّ لما وجب النّزح،و هو باطل بالأحاديث المتواترة الدّالّة على وجوبه (3).

و أمّا الثّاني:فبالإجماع.

الرّابع:انّه لو كان طاهرا،لكان النّزح عبثا

،و المقدّم كالتّالي باطل .

احتجّ الآخرون بوجوه:
الأوّل:النّصّ

،و هو روايات.

منها:ما دلّ بمنطوقه،و هو ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل،قال:

كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضا عليه السّلام؟فقال:(ماء البئر واسع لا يفسده شيء،إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه،فينزح منه حتّى يذهب الرّيح و يطيب طعمه، لأنّه (4)له مادّة) (5)و قد أشار عليه السّلام إلى العلّة،فكان أبلغ في التّنصيص (6).

ص:58


1- 1عنبسة بن مصعب العجليّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ من أصحاب الباقر و الصّادق و الكاظم عليهم السّلام. و نقل الكشّي عن حمدويه انّه ناووسيّ واقفيّ.رجال الكشّي:365،رجال الطّوسي:130،261، 356،جامع الرّواة 1:646، [1]تنقيح المقال 2:353. [2]
2- 2) التّهذيب 1:149 حديث 426،الاستبصار 1:127 حديث 435،الوسائل 1:130 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 22- [3]بتفاوت يسير.
3- 3) انظر:الوسائل 1:125 الباب 14-23 من أبواب الماء المطلق.
4- 4) كذا في جميع النّسخ و في المصدر:لأنّ.
5- 5) التّهذيب 1:234 حديث 676،الاستبصار 1:33 حديث 87،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [4]
6- 6) «ح»«ق»:التّنظيف.

و ما رواه،عن عليّ بن حديد،عن بعض أصحابنا،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في طريق مكّة،فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبد اللّه عليه السّلام دلوا،فخرج فيه فأرتان،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(أرقه)فاستقى آخر،فخرجت فيه فأرة،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(أرقه)قال:فاستقى الثّالث فلم يخرج فيه شيء،فقال:(صبّه في الإناء) (1)و هذا و إن كان مرسلا،لكنّه مرجّح.

و ما رواه الشّيخ في حديث حسن،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، قال:سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين،أ يصلح الوضوء منها؟قال:(لا بأس) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل،عن الرّضا عليه السّلام،قال:(ماء البئر واسع لا يفسده شيء،إلاّ أن يتغيّر) (3).

و ما رواه الشّيخ،عن عمّار (4)،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة؟فقال:(لا بأس إذا كان فيها ماء كثير) (5)و عمّار و إن كان فطحيّا،إلاّ انّه يعتمد كثيرا على روايته لثقته.

و منها:ما يدلّ بمفهومه،و هو ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية،عن أبي عبد

ص:59


1- 1التّهذيب 1:239 حديث 693،الاستبصار 1:40 حديث 112،الوسائل 1:128 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 14. [1]
2- 2) التّهذيب 1:246 حديث 709،الاستبصار 1:42 حديث 118،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 1:409 حديث 1287،الوسائل 1:125 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [3]
4- 4) عمّار بن موسى السّاباطيّ:أبو اليقظان،و قيل:أبو الفضل،كوفيّ سكن المدائن،وثّقه النّجاشي. و حكى المامقانيّ في فوائد التّنقيح 1:209 [4] عن المفيد انّه من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه،و انّه من الأعلام الّذين أخذوا عنهم الحلال و الحرام.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أبي عبد اللّه،و أبي الحسن موسى.و قال الكشّي في رجاله و الشّيخ في الفهرست و العلاّمة في رجاله:انّه فطحيّ،لكنّه ثقة في الرّواية. رجال النّجاشي:290،رجال الكشّي:253،رجال الطّوسي:250،354،الفهرست:117، [5]رجال العلاّمة:243، [6]تنقيح المقال 2:318. [7]
5- 5) التّهذيب 1:416 حديث 1312،الاستبصار 1:42 حديث 117،الوسائل 1:128 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 15. [8]

اللّه عليه السّلام،قال،سمعته يقول:(لا يغسل الثّوب و لا تعاد الصّلاة ممّا وقع في البئر إلاّ أن ينتن،فإن أنتن غسل الثوب و أعاد الصّلاة و نزحت البئر) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الفأرة تقع في البئر فيتوضّأ الرّجل منها و يصلّي و هو لا يعلم أ يعيد الصّلاة و يغسل ثوبه؟فقال:(لا يعيد الصّلاة و لا يغسل ثوبه) (2).

و ما رواه،عن أبان بن عثمان (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الفأرة تقع في البئر لا يعلم بها إلاّ بعد ما يتوضّأ منها،إيعاد الوضوء؟فقال:(لا) (4).

و ما رواه،عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:بئر يستقى منها و توضّىء به و غسل منه الثّياب و عجن به،ثمَّ علم انّه كان فيها ميّت؟قال:(لا بأس،و لا يغسل الثّوب و لا تعاد منه الصّلاة) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقي به الماء من البئر،أ يتوضّأ من ذلك الماء؟قال:(لا بأس) (6).

ص:60


1- 1التّهذيب 1:232 حديث 670،الاستبصار 1:30 حديث 80،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 1:233 حديث 671،الاستبصار 1:31 حديث 81،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 9. [2]
3- 3) أبان بن عثمان الأحمر البجليّ:أبو عبد اللّه مولاهم،أصله كوفيّ،سكنها تارة و البصرة أخرى.روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن موسى عليهما السّلام.له كتاب حسن كبير.عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق(ع).و قال الكشّي:انّه من النّاووسيّة،مع انّه عدّه من أصحاب الإجماع،و استقرب العلاّمة قبول روايته و إن كان فاسد المذهب.رجال النّجاشي:13،رجال الكشّي:352،375،رجال الطّوسي:152،الفهرست:18، [3]رجال العلاّمة:21، [4]جامع الرّواة 1:12. [5]
4- 4) التّهذيب 1:233 حديث 672،الاستبصار 1:31 حديث 82،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 11. [6]
5- 5) التّهذيب 1:234 حديث 677،الاستبصار 1:32 حديث 85،الوسائل 1:126 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [7]
6- 6) التّهذيب 1:409 حديث 1289،الوسائل 1:125 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [8]

و اعترضوا على الحديث الأوّل بوجوه:

أحدها:انّ قوله عليه السّلام:لا يفسده،أي:فسادا يوجب التّعطيل.

الثّاني:انّ الرّاوي أسندها إلى المكاتبة،و هي ضعيفة.

الثّالث:المعارضة بخبر ابن بزيع المتقدّم (1).

و الجواب عن الأوّل:انّه تخصيص لا يدلّ اللّفظ عليه،و لأنّ الاستثناء ينفيه،لأنّه حينئذ لا يبقى فرق بين المستثنى و المستثنى منه.

و عن الثّاني:انّ الرّاوي قال:فقال عليه السّلام كذا،و الثّقة لا يخبر بالقول إلاّ مع القطع.على انّ الرّسول عليه السّلام قد (2)كان ينفذ رسله بالمكاتبات،فلو لم يكن حجّة دالاّ لما ساغ (3)ذلك.على انّ الحديث الّذي استدلّوا به أوّلا من هذا النّوع.

و عن الثّالث:انّ المعارضة إنّما تتمّ على تقدير نصوصيّة الحديث الأوّل على المعنى المطلوب منه،و ليس كذلك .

الوجه الثّاني:العمومات الدّالّة على انّ مطلق الماء طهور

،و قد تقدّمت (4)،و تخصيصها بالماء القليل حال ملاقاة النّجاسة لا يخرجها عن كونها حجّة.

الوجه الثّالث:انّها لو نجست لما طهرت

،و التّالي باطل اتفاقا،و لأنّه حرج،فالمقدّم مثله.

بيان الشّرطيّة:انّه لا طريق إلى التّطهير إلاّ النّزح حينئذ،و إلاّ لزم إحداث الثّالث، و ليس بصالح لذلك.

أمّا أوّلا:فإنّه لم يعهد (5)في الشّرع تطهير شيء بإعدام بعضه.

و أمّا ثانيا:فلأنّه غالبا قد يسقط من الدّلو الأخير إلى البئر،فيلزم تنجيسها،و لا ينفكّ المكلّف من النّزح،و ذلك ضرر عظيم.

ص:61


1- 1في ص 53 رقم 1.
2- 2) ليست في«ح»«ق».
3- 3) «م»:شاع.
4- 4) في ص 14.
5- 5) «ق»:يعدّ.

و أمّا ثالثا:فلأنّ الأخبار اضطربت في تقدير النّزح،فتارة دلّت على التّضييق في التّقديرات المختلفة،و تارة دلّت على الإطلاق،و ذلك ممّا لا يمكن أن يجعله الشّارع طريقا إلى التّطهير .

الرّابع:انّه بجريانه من منابعه أشبه الماء الجاري،

فيتساويان حكما .

الخامس:الأصل الدّالّ على الطّهارة و على نفي الحرج

المستفاد من التّنجيس .

و الجواب عمّا احتجّوا به أوّلا من وجوه:

أحدها:انّه عليه السّلام لم يحكم بالنّجاسة،أقصى ما في الباب انّه أوجب النّزح.

و ثانيها:انّه لم لا يجوز أن يكون قوله ينزح منها دلاء،و إن كان متضمّنا للطّهارة إلاّ انّ المراد من الطّهارة هاهنا النّظافة،لا ضدّ النّجاسة،فإنّ هذه الأشياء المعدودة من القاذورات،و تقريره عليه السّلام لقول السّائل حتى يحلّ الوضوء منها بعد تسليمه،ليس فيه دلالة على التّنجيس،فإنّا نقول بموجبة حيث أوجبنا النّزح و لم نسوّغ الاستعمال قبله.

و ثالثها:يحمل على ما إذا تغيّرت جمعا بين الأدلّة.

و رابعها:انّ هذه دلالة مفهوم،و هي ضعيفة،خصوصا مع معارضتها للمنطوق و المفهوم.

و خامسها:يحمل المطهّر هاهنا على ما اذن في استعماله،و ذلك إنّما يكون بعد النّزح، لمشاركته للنّجس في المنع جمعا بين الأدلّة.و هذه الأجوبة آتية في الحديث الثّاني.

و عن الثّاني:بأنّ عمل الأكثر ليس بحجّة،و أيضا:فكيف يدّعي عمل الأكثر هاهنا مع انّ الشّيخ و ابن أبي عقيل ذهبا إلى ما نقلناه عنهما (1).

و عن الثّالث:بالمنع عن الملازمة أوّلا،قوله:الشّرط فقدان الطّاهر،قلنا:ليس على الإطلاق،بل المأذون في استعماله،فإنّ المستعمل في إزالة الحدث الأكبر طاهر عند أكثر أصحابنا (2)يجب معه التّيمّم،فكذا هاهنا،و ثانيا:بالمنع من بطلان التّالي.

و الحديث الّذي ذكروه غير دالّ على التّنجيس،فإنّه يحتمل رجوع النّهي إلى المصلحة

ص:62


1- 1راجع ص 40،51.
2- 2) المقنعة:9،المبسوط 1:6.

الحاصلة من فقدان الضّرر بالوقوع،و النّهي عن إفساد الماء إمّا على معنى عدم الانتفاع به إلاّ بعد النّزح،و إمّا على معنى النّهي عن إظهار الأجزاء الحمائيّة (1)في البئر و خلطها بالماء.

و بالجملة:فهذا الحديث أيضا يدلّ بمفهومه،و الملازمة الثّانية من الوجه الثّاني ممنوعة، و الملازمة في الوجه الرّابع ممنوعة،و لا يلزم من عدم العلم بالفائدة،العلم بالعدم.

و إذا عرفت هذا،فالأقوى عندنا عدم التّنجيس بالملاقاة.

فائدة:لا يكره الطّهارة بماء البئر

،و يستوي في ذلك زمزم و غيرها من الآبار.

و هو (2)مذهب العلماء.

و يحكى عن أحمد كراهة الطّهارة بماء زمزم (3).

لنا:انّه ماء مطلق فيساوي غيره.

احتجّ بما روي عن العبّاس (4)انّه قال:(لا أحلّه لمغتسل،أمّا للشّارب فحلّ و بلّ) (5)، (6).

و الجواب بعد سلامة النّقل:لعلّه قال ذلك في وقت قلّة المياه،و كثرة الحاجة إلى الشّرب،أو لأنّ المغتسل ربّما لا ينفكّ عن النّجاسة،و يحرم غسلها في المسجد.

ص:63


1- 1الحمأ:الطّين الأسود-المصباح المنير 1:153 مادة(حمى).
2- 2) في«ح»«ق»:و هذا.
3- 3) المغني 1:47،الإنصاف 1:27،المجموع 1:91.
4- 4) العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيّ الهاشميّ،عمّ النّبيّ(ص)يكنّى أبا الفضل، كان أسنّ من رسول اللّه(ص)بسنتين،و قيل بثلاث سنين،و كان رئيسا في الجاهليّة و ممّن خرج مع المشركين يوم بدر و أسر يومئذ فيمن أسر،أسلم قبل فتح مكّة.و كانت له في الجاهليّة السّقاية و العمارة روى عن النّبي(ص)و روى عنه أولاده و عامر بن سعد و الأحنف بن قيس.مات بالمدينة سنة 32 ه.الإصابة 2:271، [1]أسد الغابة 3:109. [2]
5- 5) الحلّ:الحلال ضدّ الحرام.و البلّ:المباح.النّهاية لابن الأثير 1:154،429. [3]
6- 6) المجموع 1:91 و فيه:لشارب،المغني 1:47،و فيه:(لا أحلّه لمغتسل لكن للمحرم حلّ و بلّ).
البحث الثّاني:في كيفيّة تطهير المياه من النّجاسات:
مسألة:المتغيّر إمّا أن يكون جاريا أو واقفا

،فالجاري إنّما يطهر بإكثار الماء المتدافع حتّى يزول التّغيّر،لأنّ الحكم تابع للوصف،فيزول بزواله،و لأنّ الطّارئ لا يقبل النّجاسة لجريانه،و المتغيّر مستهلك فيه فيطهر.

و الواقف بإلقاء كرّ عليه دفعة من المطلق بحيث يزول تغيّره،و إن لم يزل فبإلقاء كرّ آخر،و هكذا لأنّ الطّارئ غير قابل للنّجاسة لكثرته،و المتغيّر مستهلك فيه فيطهر.

و لو زال التّغيّر من قبل نفسه أو بملاقاة أجسام طاهرة غير الماء أو بتصفيق الرّياح،المشهور انّه لا يطهر،لأنّ النّجاسة حكم شرعيّ،فيتوقّف زواله عليه،و لأنّها نجّسته قبل الزّوال، فيستصحب الحكم،و لأنّ النّجاسة تثبت بوارد،فلا تزول إلاّ بوارد،بخلاف نجاسة الخمر،فإنّها تثبت بغير وارد،فتطهر بغير وارد.

و قال الشّافعيّ و أحمد:إن زال بطول المكث عاد طهورا،و إن زال بطرح المسك و الزّعفران فلا،لأنّهما ساتران لا مزيلان (1).و في التّراب قولان له مبنيّان على انّه مزيل أو ساتر (2).

و لو زال التّغيّر بأخذ بعضه لم يطهر،و إن كان الباقي كرّا،و كذا لو زال التّغيّر بإلقاء أقلّ من الكرّ على الأقوى،خلافا لبعض علمائنا (3)،و للشّافعيّ (4).

ص:64


1- 1انظر:قول الشّافعيّ في المهذّب للشّيرازي 1:6،و المجموع 1:132،و مغنيّ المحتاج 1:22،و فتح الوهّاب 1:4،و السّراج الوهّاج 1:9،و أحمد في:المغني 1:64،و الإنصاف 1:64،و الكافي لابن قدامة 1:13.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:6،المجموع 1:133،مغني المحتاج 1:22.
3- 3) كالمرتضى في الرّسائل(المجموعة الثّانية):361،و ابن إدريس في السّرائر:8.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:6،المجموع 1:132،مغني المحتاج 1:22،فتح الوهّاب 1:4،السّراج الوهّاج 1:9.

لنا:انّه بملاقاته الماء النّجس ينجس فلا يكون مطهّرا،و كذا باقي الأجسام كالمسك و الزّعفران (1)،و لأنّها لا تطهّر نفسها،فأولى أن لا تطهّر غيرها .

مسألة:الماء القليل إن تغيّر بالنّجاسة فطريق تطهيره إلقاء كرّ عليه

أيضا دفعة،فإن زال تغيّره فقد طهر إجماعا،و إن لم يزل وجب إلقاء كرّ آخر،و هكذا إلى أن يزول التّغيّر.

و لا يطهر بزوال التّغيّر من قبل نفسه إجماعا منّا،و هو ظاهر،و من القائلين بطهارة الكثير المتغيّر بزوال تغيّره،لأنّ المقتضي للتّنجيس في الكثيرة التّغيّر،فيزول بزواله،و في القليل الملاقاة لا التّغيّر،فلا يؤثّر زواله في عدم التّنجيس.

و إن لم يتغيّر،قال الشّيخ في الخلاف:يشترط في تطهير الكرّ:الورود (2)،و قال في المبسوط:لا فرق بين أن يكون الطّارئ نابعا من تحته،أو يجري إليه،أو يغلب (3).فإن أراد بالنّابع ما يكون نبعا من الأرض،ففيه إشكال من حيث انّه ينجس بالملاقاة،فلا يكون مطهّرا،و إن أراد به ما يوصل إليه من تحته،فهو حقّ.و هل يطهر بالإتمام؟الوجه انّه لا يطهر سواء تمّم بنجس أو طاهر،و تردّد في المبسوط (4)،و جزم المرتضى في المسائل الرّسيّة (5)،و ابن البرّاج (6)،و ابن إدريس (7)بالتّطهير (8)،و للشّافعيّة في اجتماع القلّتين، من الماء النّجس وجهان (9).

لنا:انّ النّجاسة حكم شرعيّ فيقف زواله عليه،و لأنّ النّجاسة سابقة (10)قبل البلوغ،

ص:65


1- 1«م»أو الزّعفران.
2- 2) الخلاف 1:55.مسألة-149.
3- 3) المبسوط 1:7. [1]
4- 4) المبسوط 1:7.
5- 5) رسائل السّيّد المرتضى(المجموعة الثّانية):261.
6- 6) المهذّب 1:23.
7- 7) محمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي:فخر الأجلّة،و شيخ فقهاء الحلّة،صاحب كتاب السّرائر الحاوي لتحرير الفتاوي،و مختصر تبيان الشّيخ.مات سنة 598 ه.الكنى و الألقاب 1:210، [2]تنقيح المقال 2:77. [3]
8- 8) السّرائر:8.
9- 9) المهذّب للشّيرازي 1:7،المجموع 1:136.
10- 10) «م»«ق»بزيادة:على البلوغ فيستصحب،و لأنّ يقين النّجاسة حاصل.

فلا يؤثّر في العمل به الشّكّ عنده،و للنّهي عن استعمال غسالة ماء الحمّام،و هي لا تنفكّ عن الطّاهر.

و استدلّ المرتضى بوجهين:
الأوّل:انّ بلوغ الكرّيّة يوجب استهلاك النّجاسة

،و لا فرق بين وقوعها قبل البلوغ و بعده .

الثّاني:لو لم يحكم بالطّهارة حينئذ،لما حكم بطهارة الكثير

إذا اشتبه وقوع النّجاسة فيه قبل البلوغ و بعده،و التّالي باطل اتّفاقا،فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة:انّ احتمال الوقوع في الحالتين على السّويّة،فلا أولويّة (1).

و احتجّ ابن إدريس بوجوه:
أحدها:قوله عليه السّلام:(إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا)

(2)

ادّعاه متواترا .

الثّاني:قوله تعالى:

وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (3)و قوله وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (4)و قوله فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (5)و قوله حَتَّى تَغْتَسِلُوا (6)أجاز الدّخول في الصّلاة بعد الاغتسال،فالمغتسل بالمتنازع يصدق عليه اسم الاغتسال،و قوله عليه السّلام لأبي ذر:(إذا وجدت الماء فأمسّه جلدك) (7)و المتنازع فيه ماء،و قوله عليه السّلام:(أمّا أنا فأحثو ثلاث حثيات من ماء، فإذا أنا قد طهرت) (8)و لم يخصّ ماء بالذّكر.

ص:66


1- 1رسائل السّيّد المرتضى(المجموعة الثّانية):261-262.
2- 2) السّرائر:8.
3- 3) الأنفال:11. [1]
4- 4) المائدة:6. [2]
5- 5) المائدة:6، [3]النّساء:43. [4]
6- 6) النّساء:43. [5]
7- 7) سنن أبي داود 1:91 حديث 332،333،سنن التّرمذي 1:211 حديث 124،مستدرك الحاكم 1:176،كنز العمّال 9:403 حديث 26702-26703.مسند أحمد 5:146.
8- 8) صحيح البخاري 1:73،صحيح مسلم 1:258،سنن النّسائي 1:135،كنز العمّال 9:384 حديث 26589،مسند أحمد 4:84-بتفاوت في الجميع.
الثّالث:الإجماع

(1)

.

و الجواب عمّا احتجّ به السّيّد المرتضى (2)،أوّلا:بالمنع من المساواة،ضرورة كون الأصل منصوصا عليه بخلاف المتنازع،فإن أسندها إلى القياس فباطل،و الفرق واقع،فإنّ النّابع له قوّة على عدم الانفعال عن الملاقي بخلاف المنفعل.

و عن الثّاني:بالمنع من الملازمة،و تساوي الاحتمالين ممنوع بالأصل الدّالّ على الطّهارة،فالحاصل انّ الطّهارة لم تستند (3)إلى انّ البلوغ رافع للتّنجيس.

و عمّا احتجّ به ابن إدريس أوّلا:بالمنع من الرّواية،فإنّ الشّيخ رواها مرسلة في المبسوط (4)و لم يسندها في غيره.نعم،قد وردت أحاديث كثيرة بقولهم عليهم السّلام:

(إذا بلغ الماء قدر كرّ،لم ينجّسه شيء) (5)و هذا يدلّ على انّ بلوغ الكرّيّة مانع من التّأثير، لا على انّه رافع لما كان ثابتا.

و عن الثّاني:انّ الآيات و الأحاديث الّتي ذكرها غير دالّة على محلّ النّزاع،فإنّا لم نمنع من جواز استعمال الماء،و لكنّ النّزاع في تطهير النّجس بالإتمام.

و عن الثّالث:انّه دعوى الإجماع كدعوى تواتر حديثه .

فروع:
الأوّل:لو كان بعض الكرّ نجسا و تمّم بالمستعمل،

فكالأوّل .

الثّاني:لو قلنا بالطّهارة ففرّق،لم يصر نجسا،

كما لو كان كرّا عند وقوع النّجاسة ثمَّ فرّق .

الثّالث:لو قلنا بالطّهارة،لم يشترط خلوّه من نجاسة عينيّة.

نعم،يشترط خلوّه من التّغيّر.

ص:67


1- 1انظر احتجاجات ابن إدريس في السّرائر:8.
2- 2) راجع ص 66.
3- 3) «ق»«ح»:لم تسند.
4- 4) المبسوط 1:7.
5- 5) انظر:الوسائل 1:117 أبواب الماء المطلق. [1]
الرّابع:إنّما لا يقبل النّجاسة الكثير من محض الماء،

فلو كوثر (1)النّجس القليل بماء ورد،لم يطهر،و لو كمل الطّاهر بماء ورد كرّا ثمَّ وقعت فيه نجاسة،فالأقرب عدم التّأثيران بقي الإطلاق،خلافا للشّافعيّ (2).

الخامس:لو نجس القليل و زيد عليه ماء يقهره و لم يبلغ حدّ الكثرة لم يزل حكم

التّنجيس.

خلافا للشّافعيّة (3)في أحد الوجهين،لكن شرطوا طهارة الوارد،و وروده على النّجس،و أن يزيد الوارد على الأوّل،و أن لا يكون فيه نجاسة جامدة .

السّادس:لا يطهر غير الماء من المائعات.

خلافا للحنابلة (4)حيث جوّزوا تطهير الدّهن بأن يلقى عليه ماء كثير و يضرب جيّدا.و هو باطل لعدم العلم بالوصول .

مسألة:قد ذكرنا انّ الأقوى عندنا عدم تنجيس البئر بالملاقاة

(5)

،فالنّزح الوارد عن الأئمّة عليهم السّلام إنّما كان تعبّدا (6)،و القائلون بالتّنجيس جعلوه طريقا إلى التّطهير.

إذا عرفت هذا،فنقول:

الواقع في البئر على أنواع:
الأوّل:ما يوجب نزح الجميع

،و هو موت البعير أو الثّور فيها،و وقوع الخمر،و كلّ مسكر، و الفقاع،و المنيّ،و دم الحيض،و الاستحاضة،و النّفاس،لما رواه الحلبيّ (7)في

ص:68


1- 1«ح»«خ»«ق»:كثّر.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:4،الام 1:7،المجموع 1:137.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:7،المجموع 1:136،مغني المحتاج 1:23،السّراج الوهّاج:9.
4- 4) المغني 1:65،الإنصاف 1:321.
5- 5) راجع ص 56.
6- 6) انظر:الوسائل 1:131 الباب 15-22 من أبواب الماء المطلق.
7- 7) عبيد اللّه بن عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ مولى بني تيم اللاّت بن ثعلبة أبو عليّ،كوفيّ،يتّجر هو و أبوه و إخوته إلى حلب،فغلب عليهم النّسبة إلى حلب.و آل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا،و روى جدّهم أبو شعبة عن الحسن و الحسين عليهما السّلام و كانوا جميعهم ثقاة.و كان عبيد اللّه كبيرهم و وجههم،صنّف الكتاب المنسوب إليه و عرضه على الصّادق(ع)و صحّحه و استحسنه.و قال عند قراءته:(ليس لهؤلاء في الفقه مثله).و هو أوّل كتاب صنّفه الشّيعة،عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق(ع).رجال النّجاشي:230 ،رجال الطّوسي:239،الفهرست:106،جامع الرّواة 1:529،تنقيح المقال 2:240. رجال الطّوسي:239،الفهرست:106، [1]جامع الرّواة 1:529، [2]تنقيح المقال 2:240. [3]

الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا مات فيها بعير أو يصبّ فيها خمر فلينزح) (1).

و روى عبد اللّه بن سنان في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(و إن مات فيها ثور أو نحوه أو صبّ فيها خمر،نزح الماء كلّه) (2).

و لا يعارض هذا برواية عمرو بن سعيد بن هلال (3)،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:سألته عمّا يقع في البئر-و عدّ أشياء إلى أن قال:-حتّى بلغت الحمار و الجمل؟ قال:(كرّ من ماء) (4)لأنّ عمرا هذا فطحيّ،و الأصحاب لم يعملوا بهذه الرّواية أيضا.

و لا برواية زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:بئر،قطر فيها قطرة دم أو خمر؟قال:(الخمر و الدّم و الميّت و لحم الخنزير في ذلك كلّه واحد ينزح منه عشرون دلوا، فإن غلبت الرّيح نزحت حتّى تطيب) (5)لأنّي لم أعرف من الأصحاب من عمل بها غير ابن بابويه في المقنع (6)،و الرّواة لها لا يحضرني الآن حالهم.قال الشّيخ:و أيضا فهذا خبر

ص:69


1- 1الكافي 3:6 حديث 7، [1]التّهذيب 1:240 حديث 694،الاستبصار 1:34 حديث 92،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 6- [2]بتفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 1:241 حديث 695،الاستبصار 1:19 حديث 93،الوسائل 1:131 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [3]
3- 3) عمرو بن سعيد بن هلال الثّقفيّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام.و قد حكى العلاّمة المامقانيّ عن المحقّق في المعتبر،و [4]المصنّف هنا و في المختلف:انه فطحيّ،و ردّه بأنّ أحدا من علماء الرّجال لم يتفوّه بذلك.ثمَّ قال:و المظنون انّ المحقّق قد اشتبه عليه الرّجل فزعمه المدائني،حيث انّ الكشّي حكى عن نصر انّه فطحيّ،و اتّحادهما في غاية البعد،حيث انّ الثّقفيّ من أصحاب الباقر(ع)،و المدائنيّ من أصحاب الرّضا(ع).و قال السّيّد الخوئي:و الصّحيح انّ الرّجل مجهول. رجال الكشّي:612،رجال الطّوسي:129،247،جامع الرّواة 1:622، [5]تنقيح المقال 2:331، [6]معجم رجال الحديث 13:113. [7]
4- 4) التّهذيب 1:235 حديث 679،الاستبصار 1:34 حديث 91،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [8]
5- 5) التّهذيب 1:241 حديث 697،الاستبصار:35 حديث 96،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 3- [9]بتفاوت يسير.
6- 6) المقنع:11.

واحد لا يدفع ما تقدّم،و لأنّ العمل بالأوّل يستلزم العمل بهذا بخلاف العكس (1).

و لا برواية كردويه (2)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن البئر يقع فيها قطرة دم،أو نبيذ مسكر،أو بول أو خمر؟قال:(ينزح منها ثلاثون دلوا) (3)لما ذكرناه أوّلا.

و قال بعض المتأخّرين:يمكن تنزيل الرّوايتين على القطرة من الخمر و يفرّق بين القطرة و صبّه كالدّم،لأنّه ليس أثر القطرة في التّنجيس كالمصوب لشياعه (4)،و هذا ضعيف.

أمّا أوّلا:فلأنّ رواية زرارة اشتملت على حكم التّغيّر،و من المستبعد بل المحال حصول التّغيّر عن القطرة.

لا يقال:المراد فإن تغيّرت بالانصباب.

لأنّا نقول:هذا ضعيف من وجهين:

الأوّل:الإضمار.

الثّاني:انّ الأنصاب موجب لنزح الجميع،فمع التّغيّر أولى.

و أمّا ثانيا:فلأنّ أحدا من أصحابنا لم يفرّق بين قليل الخمر و كثيرها إلاّ من شذّ (5).

و قال الشّيخ،و المفيد،و السّيّد المرتضى:انّ حكم المسكرات حكم الخمر (6)،و لم نظفر في ذلك بحديث،سوى ما رويناه عن زرارة،و هم غير عاملين به.نعم،يمكن أن

ص:70


1- 1التّهذيب 1:242،الاستبصار 1:36.
2- 2) كردويه الهمدانيّ:وقع في طريق الصّدوق في الفقيه و الشّيخ في التّهذيب في باب تطهير المياه،روى عن أبي الحسن موسى(ع)،و الرّجل غير مذكور في كتب الرّجال أكثر من هذا.إلاّ أنّ المصنّف في المختلف في مسألة النّجاسة الّتي لم يرد فيها نصّ قال:كردويه لا أعرف حاله.و قال في رجاله في الفائدة الثامنة:انّ طريق ابن بابويه عن كردويه الهمدانيّ صحيح.و قال السّيّد الخوئي:انّه لم ينصّ على وثاقته. جامع الرّواة 2:29، [1]رجال العلاّمة:277، [2]تنقيح المقال 2:38، [3]معجم رجال الحديث 14:118. [4]
3- 3) التّهذيب 1:241 حديث 698،الاستبصار 1:35 حديث 95،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [5]
4- 4) المعتبر 1:58. [6]
5- 5) المراد منه ابن بابويه،مرّ في ص 69.
6- 6) انظر قول الشّيخ في:المبسوط 1:11،النّهاية:6،و قول المفيد:في المقنعة:9.و السّيّد المرتضى لم نعثر على قوله في مسألة تنجيس ماء البئر في كتبه الموجودة،و لكنّه ألحق بالخمر كلّ مسكر،انظر:النّاصريّات (الجوامع الفقهيّة):181 مسألة 16.

يقال:انّه يدخل تحت حكمه،لما رواه عطاء بن يسار (1)،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(كلّ مسكر خمر) (2).

و روى ابن يقطين،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:(كلّما عاقبته عاقبة الخمر،فهو خمر) (3).

فنقول:إطلاق الخمر على المسكر إمّا بالقياس في التّسمية،و الجامع الإسكار،و يلزم منه جواز إثبات اللّغة بالقياس،و قد ذهب إليه بعضهم (4)،و إمّا من حيث المشاركة في الحكم،و على كلا التّقديرين يلزم المطلوب.

و أمّا الفقاع،فقد ألحقه الشّيخ بالخمر (5)و تبعه أبو الصّلاح (6)، (7)،و ابن إدريس و ادّعى فيه الإجماع (8)،و لم نقف على حديث يدلّ عليه،سوى ما رواه هشام بن

ص:71


1- 1عطاء بن يسار،روى عن أبي جعفر(ع).روى عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عنه في الكافي 6 باب انّ رسول اللّه حرّم كلّ مسكر،حديث 3.و [1]في التّهذيب 9 باب الذّبائح و الأطعمة حديث 482 و لعلّه لم يتعرّض له في باقي كتب الرّجال. جامع الرّواة 1:538، [2]معجم رجال الحديث 11:156.
2- 2) التّهذيب 9:111 حديث 482،الوسائل 17:260 الباب 15 من أبواب الأشربة المحرّمة حديث 5. [3]
3- 3) التّهذيب 9:112 حديث 486،الوسائل 17:273 الباب 19 من أبواب الأشربة المحرّمة حديث 1 -بتفاوت يسير. [4]
4- 4) أي:إلى انّ الخمر اسم لكلّ مسكر.انظر:المصباح المنير 1:182.
5- 5) المبسوط 1:11.
6- 6) هو:الشّيخ تقيّ الدّين نجم بن عبيد اللّه بن محمّد الحلبيّ،أبو الصّلاح،الفاضل،الفقيه،المحدّث،من عظماء مشايخ الإماميّة و من أعظم تلاميذ السّيّد المرتضى و الشّيخ و خليفته في البلاد الشّاميّة.له تصانيف، منها:الكافي في الفقه،و [5]شرح الذّخيرة.و البرهان على ثبوت الإيمان.قال ابن حجر:ولد سنة:374 ه، و مات 447 ه. رجال الطّوسي:457،جامع الرّواة 1:132، [6]رجال العلاّمة:28، [7]تنقيح المقال 1:185، [8]مستدرك الوسائل 3:480، [9]لسان الميزان 2:71.
7- 7) الكافي في الفقه:130.
8- 8) السّرائر:9.

الحكم (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الفقاع؟فقال:(لا تشربه فإنّه خمر مجهول) (2).

و عن الرّضا عليه السّلام:(و هو حرام و هو خمر) (3).

و عن أبي الحسن الأخير عليه السّلام،قال:(هي خمر استصغرها النّاس) (4)و البحث فيه كالخمر.

و أمّا المنيّ:فقد قال الشّيخ:انّه يوجب نزح الجميع (5)،و تبعه جماعة (6)،و لم نقف فيه على خبر،و يمكن أن يقال:انّه ماء محكوم بنجاسته،و تقدير بعض المنزوحات ترجيح من غير مرجّح،فيجب الجميع،لكنّا لمّا طعنّا في المقدّمة الأولى سقط عندنا هذا الدّليل.

و أمّا دم الحيض و الاستحاضة و النّفاس،فقد ألحقه الشّيخ بهذا النّوع (7)،و لم نظفر فيه بحديث مرويّ.

ص:72


1- 1هشام بن الحكم الكنديّ مولاهم البغداديّ،يكنّى أبا محمّد و أبا الحكم،مولده بالكوفة،و منشأه واسط. و تجارته بغداد،انتقل إليها في آخر عمره.من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام و روى عنهما.و عنهما مدائح جليلة له.و هو ممّن اتّفق الأعلام على وثاقته و عظم قدره و كان ممّن فتق الكلام في الإمامة،و هذّب المذهب بالنّظر،و كان حاذقا بصناعة الكلام حاضر الجواب،له مباحثات كثيرة مع المخالفين في الأصول و غيرها و كان له كتاب يرويه جماعة،توفّي سنة 199 ه،و قيل:197 ه. رجال النّجاشي:433،رجال الكشّي:255،الفهرست:174، [1]رجال الطّوسي:329،362، جامع الرّواة 3:313. [2]
2- 2) الكافي 6:423 حديث 7، [3]التّهذيب 9:125 حديث 544،الاستبصار 4:96 حديث 373،الوسائل 17:288 الباب 27 من أبواب الأشربة المحرّمة حديث 8. [4]
3- 3) الكافي 6:423 حديث 7، [5]التّهذيب 9:125 حديث 544،الاستبصار 4:96 حديث 373،الوسائل 17:288 الباب 27 من أبواب الأشربة المحرّمة حديث 8. [6]
4- 4) الكافي 6:423 حديث 9، [7]التّهذيب 9:125 حديث 540،الاستبصار 4:95 حديث 369،الوسائل 17:287 الباب 27 من أبواب الأشربة المحرّمة ذيل حديث 1.و [8]في الكافي و التهذيب و الاستبصار: خميرة.
5- 5) المبسوط 1:11، [9]النّهاية:6.
6- 6) منهم:أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:130،و سلاّر في المراسم:35،و ابن البرّاج في المهذّب 1:21.
7- 7) المبسوط 1:11. [10]
فروع:
الأوّل:لو تعذّر نزح الجميع لكثرته

تراوح عليها أربعة رجال مثنى مثنى (1)من طلوع الفجر إلى الغروب،و لم أعرف فيه مخالفا من القائلين بالتّنجيس.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل قال:

و سئل عن بئر وقع فيه كلب،أو فأرة،أو خنزير؟قال:(ينزف كلّها فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى اللّيل،ثمَّ يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى اللّيل و قد طهرت) (2)و هذه الرّواية ضعيفة من وجهين:

الأوّل:السّند،فإنّ رواتها فطحيّة (3).

الثّاني:المتن،فإنّ أحدا من أصحابنا لم يوجب نزح الجميع بموت الكلب و الفأرة و الخنزير.

أجاب الشّيخ عن الثّاني باحتمال التّغيّر (4)،و استدلّ الشّيخ أيضا بما رواه عمرو بن سعيد بن هلال،عن الباقر عليه السّلام قال:سألته عمّا يقع في البئر ما بين الفأرة و السّنّور إلى الشّاة،فكلّ ذلك يقول:(سبع دلاء)قال:حتّى بلغت الحمار و الجمل؟قال:(كرّ من ماء) (5)و إن كان كثيرا،قال الشّيخ:تراوح الأربعة يوما يزيد عن الكرّ،فيجب أن يكون مجزيا (6).

و البحث في هذه الرّواية في السّند و المتن كما مرّ،و يزيد عليه انّ هذه الرّواية دلّت على

ص:73


1- 1ليست في«م»«ق»«ن»«خ».
2- 2) التّهذيب 1:284 حديث 832 و 242 حديث 699 الوسائل 1:143 الباب 23 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [1]
3- 3) سيأتي ذكرهم في ص 51.
4- 4) التّهذيب 1:242.
5- 5) التّهذيب 1:235 حديث 679،الاستبصار 1:34 حديث 91،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [2]
6- 6) النّهاية:6. [3]

الاكتفاء بالكرّ،و التّراوح و إن زاد على الكرّ،لكن لا دلالة في هذه الرّواية على انّه يقوم مقام نزح الجميع.و الأقرب أن يقال:انّه بالتّراوح يغلب على الظّن زوال ما كان في البئر، فيصار إليه .

الثّاني:إن أوجبنا الرّجال لم يجز النّساء و لا الصّبيان

،و يشكل لو ساوت قوّتهم قوّة الرّجال،و إن عملنا بالحديث المتناول للقوم (1)أجزأ النّساء و الصّبيان

الثّالث:لا بدّ من نزح اثنين اثنين تبعا للرّواية

،و لا يكفي الآحاد و إن قصر زمان التّراوح .

الرّابع:لو نزح اثنان و امتدّ نزحهما إلى اللّيل

،ففي الإجزاء نظر أقربه ذلك إن علم مساواته لتراوح الأربعة .

الخامس:البعير اسم جنس للصّغير و الكبير،و الذّكر و الأنثى،

كالإنسان .

النوع الثّاني:ما يوجب نزح كرّ

،و هو:موت الحمار،و البغل،و الفرس،و البقر و أشباهها.

أمّا الحمار،فقد ذهب إليه أكثر أصحابنا (2)مستدلّين برواية عمرو بن سعيد،عن الباقر عليه السّلام،و هي ضعيفة من حيث السّند،و من حيث التّسوية بين الحمار و الجمل،إلاّ انّ أصحابنا عملوا فيها بالحمار،و التّسوية سقطت باعتبار حصول المعارض، فلا يلزم نفي الحكم عمّا فقد عنه المعارض.

و أمّا البقرة و الفرس،فقد قال الشّيخ و السّيّد المرتضى و المفيد بمساواتهما للحمار في الكرّ (3)،و لم نقف في ذلك على حديث،إلاّ ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،

ص:74


1- 1«م»«ن»:للعموم.
2- 2) كالصّدوق في الفقيه 1:12،و المفيد في المقنعة:9،و الشّيخ في المبسوط 1:11،و النّهاية 6،و ابن إدريس في السّرائر:10.
3- 3) انظر قول الشّيخ في:النّهاية:6،المبسوط 1:11،و قول المفيد في المقنعة:9،و قول السّيّد المرتضى نقله المحقّق في المعتبر 1:61. [1]

و محمّد بن مسلم،و بريد بن معاوية العجليّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و أبي جعفر عليه السّلام:في البئر يقع فيها الدّابّة،و الفأرة،و الكلب،و الطّير،فيموت؟قال:

(يخرج،ثمَّ ينزح من البئر دلاء،ثمَّ اشرب و توضّأ) (2).

قال صاحب الصّحاح:الدّابة:اسم لكلّ ما يدبّ على الأرض،و الدّابّة:اسم لكلّ ما يركب (3)،فنقول:لا يمكن حمله على المعنى الأوّل و إلاّ لعمّ،و هو باطل لما يأتي، فيجب حمله على الثّاني.

فنقول:الألف و اللاّم(في الدّابّة) (4)ليست للعهد،لعدم سبق معهود يرجع إليه، فإمّا أن يكون للعموم،كما ذهب إليه الجبائيّان (5)،أو لتعريف الماهيّة على المذهب الحقّ.

و على التّقديرين يلزم العموم في كلّ مركوب.

أمّا الأوّل:فظاهر.

و أمّا الثّاني:فلأنّ تعليق الحكم على الماهيّة يستدعي ثبوته في جميع صور وجودها،و إلاّ لم يكن علّة.هذا خلف،و إذا ثبت العموم دخل فيه الحمار،و الفرس،و البغل، و الإبل،و البقر نادرا غير انّ الإبل،و الثّور،خرجا بما دلّ بمنطوقه على نزح الجميع،فيكون

ص:75


1- 1بريد بن معاوية العجليّ الكوفيّ،يكنّى أبا القاسم،وجه من وجوه أصحابنا ثقة فقيه،له محلّ عند الأئمّة(ع)من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق(ع)و روى عنهما.عدّه الكشّي ممّن أجمعت العصابة على تصديقهم.قال النّجاشي:مات في حياة أبي عبد اللّه(ع)ثمَّ نقل عن ابن فضّال انّه مات سنة 150 ه. رجال النّجاشي:112،رجال الطّوسي:109،158،جامع الرّواة 1:117، [1]رجال العلاّمة:26، [2]تنقيح المقال 1:164. [3]
2- 2) التّهذيب 1:236 حديث 682،الاستبصار 1:36 حديث 99،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [4]
3- 3) الصّحاح 1:124. [5]
4- 4) ليست في«ن»«م»«ح»«ق».
5- 5) هما:محمّد بن عبد الوهّاب بن سلام بن خالد مولى عثمان بن عفّان المعروف ب(أبي عليّ الجبائيّ)نسبة إلى قرية في البصرة،شيخ المعتزلة في زمانه.و ابنه:عبد السّلام بن محمّد بن عبد الوهّاب بن سلام الجبائيّ،المكنّى ب(أبي هاشم)و يقال لهما:الجبائيّان.و كلاهما على مذهب المعتزلة.و لهما مقالات على مذهب الاعتزال.مات أبو عليّ سنة 303 ه.و ابنه أبو هاشم سنة 321 ه.الملل و النّحل 1:73،الكنى و الألقاب 2:141. [6]

الحكم ثابتا في الباقي.

فإن قلت:يلزم التّسوية بين ما عدّده الإمامان عليهما السّلام،قلت:خرج ما استثني لدليل منفصل،فيبقى الباقي،لعدم المعارض.و أيضا:التّسوية حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدّلاء (1)،و إن افترقت بالكثرة و القلّة،و ذلك شيء لم يتعرّضا له عليهما السّلام،إلاّ انّ لقائل أن يقول:انّ ما ذكرتموه لا يدلّ على بلوغ الكرّيّة،و يمكن التّمحّل بأن يحمل الدّلاء على ما يبلغ الكرّ جمعا بين المطلق و المقيّد خصوصا مع الإتيان بصيغة جمع الكثرة.

لا يقال:إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلّة منه،و إلاّ لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة و المجاز،و إن حمل على القلّة فكذلك.

لأنّا نقول:لا نسلّم استحالة التّالي (2).سلّمنا،لكن إن حمل على معناه المجازيّ و هو مطلق الجمع،لم يلزم ما ذكرتم،على انّ لنا في كون الصّيغ المذكورة حقائق أو مجازات في القلّة و الكثرة نظرا.و بعض المتأخّرين استدلّ بهذه الرّواية على وجوب النّزح للحمار دون الفرس و البقرة،و ألحقهما بما لم يرد فيه نصّ (3)،و قد ظهر بطلانه.و قد روى مثل هذه الرّواية:البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

الثّالث:الإنسان

،و ينزح لموته سبعون دلوا.و هو مذهب القائلين بالتّنجيس أجمع،و استدلّ عليه الشّيخ برواية ابن فضّال (5)،عن عمرو بن

ص:76


1- 1«ح»«ق»:الماء.
2- 2) «م»«ن»:الثّاني.
3- 3) المعتبر 1:62. [1]
4- 4) التّهذيب 1:237 حديث 685،الاستبصار 1:37 حديث 100،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 6. [2]
5- 5) يطلق على الحسن بن عليّ بن فضّال و بنيه:عليّ،و أحمد،و محمّد،كلّهم من بني فضّال بن عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعي الفيّاض،و كلّهم فطحيّة.و المراد به هنا:أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال،أبو عبد اللّه،أو أبو الحسين.روى عنه أخوه عليّ بن الحسن و غيره من الكوفيّين و القمّيّين،و له كتب،مات سنة 360 ه.رجال النّجاشي:80،257،رجال الكشّي:530،الفهرست:24، [3]جامع الرّواة 1:45 و 2:95. [4]

سعيد (1)،عن مصدّق بن صدقه (2)،عن عمّار (3)،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر؟فقال:(ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيّا فهو هكذا ،و ما سوى ذلك ممّا يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره (4)،الإنسان ينزح منها سبعون دلوا، و أقلّه العصفور و ينزح منها دلو واحد،و ما سوى ذلك فيما بين هذين) (5).

و الاستدلال بهذه الرّواية ضعيف فإنّ رواتها فطحيّة،و لم أقف على غيرها إلاّ ما يدلّ بمفهومه لا على هذا الحكم،و هو ما رواه الشّيخ،عن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:بئر قطر فيها قطرة دم.إلى آخر الرّواية،و قد تقدّمت (6).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام:في البئر تقع فيها الميتة،قال:(إذا كان لها ريح،نزح منها عشرون دلوا)و قال:(إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء) (7)و وجه الاستدلال من الحديثين انّ الحكم علّق تارة على لفظ الميّت و تارة على لفظ الميتة،و هو تعليق على الماهيّة،فيعمّ في موارد عمومها،إلاّ انّ أصحابنا لم يعملوا

ص:77


1- 1عمرو بن سعيد المدائنيّ،وثّقه النّجاشي،و قال:روى عن الرّضا(ع).و نسبه الكشّي إلى الفطحيّة و نقل المامقانيّ اختلاف الأقوال فيه ثقة و ضعفا،و قد اشتبه هذا الرّجل بعمرو بن سعيد بن هلال الّذي مرّ ذكره و القول فيه ص 69. رجال النّجاشي:287،رجال الكشّي:612،رجال العلاّمة:120، [1]جامع الرّواة 1:621، [2]تنقيح المقال 2:331. [3]
2- 2) مصدّق بن صدقة المدائنيّ،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق و اخرى من أصحاب الجواد، و يظهر من ذلك انّه أدرك زمان أربعة من الأئمّة،و عدّه الكشّي من الفطحيّة،و تبعه العلاّمة و الأردبيلي. رجال الكشّي:563،رجال الطّوسي:320،406،رجال العلاّمة:173، [4]جامع الرّواة 2:233، [5]تنقيح المقال 3:218. [6]
3- 3) مرّت ترجمته في ص 59. [7]
4- 4) كذا في جميع النّسخ،و في المصادر:فأكثره.
5- 5) التّهذيب 1:234 حديث 678،الوسائل 1:141 الباب 21 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [8]
6- 6) في ص 69 رقم 6. [9]
7- 7) التّهذيب 1:244 حديث 703،الوسائل 1:142 الباب 22 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [10]

بالعشرين (1)،فيكون الاستدلال بهما ساقطا.و الحنفيّة أوجبوا نزح الجميع (2).

و اعلم انّ هذا الحكم عند القائلين به سار في الصّغير و الكبير،و السّمين و المهزول، و الذّكر و الأنثى،أمّا المسلم و الكافر،فهل يستويان فيه؟منع ابن إدريس منه،لأنّ بملاقاته حيّا يجب نزح الجميع،فلا يطهر بالموت،و منع من تناول المطلق له،قياسا على الجنب في قولهم:(ينزح له سبع)فإنّه يختصّ المسلم (3)،و هو ضعيف،فإنّ المقدّمة الأولى تبنى (4)على انّ ملاقاة النّجاسة الّتي لم يرد فيها نصّ يوجب نزح الجميع،و هو ممنوع و سيأتي.و القياس الّذي ذكره ضعيف،فإنّه لا مناسبة بين الموضعين،إلاّ من حيث انّ لفظة الإنسان مطلق،و لفظة الجنب مطلق،و هذا لا يوجب انّ أحد المطلقين إذا قيّد بوصف لدليل وجب تقييد الآخر.

و لا يختصّ النّقص (5)بصورة النّزاع،بل في كلّ اسم جنس حلي بلام التّعريف،بأن يقال مثلا:انّ لفظ البيع في قوله تعالى وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (6)و كذا لفظ اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي (7)و اَلسّارِقُ وَ السّارِقَةُ (8)ليس للعموم،لأنّ لفظ الجنب ليس للعموم،و لا شكّ في فساده،على انّا نقول:هل وجد ما يخصّص لفظ الجنب أم لا؟فإن وجد،امتنع القياس للفارق،و إن لم يوجد منع من التّقييد فيه بالإسلام أيضا.سلّمنا،لكن لا نسلّم عدم النّصّ،فإنّ النّصّ كما يدلّ بمنطوقه يدلّ بمفهومه،و هو ثابت هنا،لأنّ الإنسان لفظ مطلق يتناول المسلم و الكافر،فيجري مجرى النّطق بهما،فإذا وجب في موته سبعون لم يجب في مباشرته أكثر،لأنّ الموت يتضمّن المباشرة،فيعلم نفي ما زاد من مفهوم النّصّ.سلّمنا،

ص:78


1- 1حيث قالوا بنزح السّبعين لموت الإنسان.انظر: الفقيه 1:12،المقنعة:9،النّهاية:6.
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:22،المبسوط للسّرخسي 1:58،بدائع الصّنائع 1:75،شرح فتح القدير 1:90.
3- 3) السّرائر:10،11.
4- 4) في أكثر النّسخ:مبنيّ.
5- 5) كذا في جميع النّسخ،و الأنسب:النّقض.
6- 6) البقرة:275. [1]
7- 7) النّور:2. [2]
8- 8) المائدة:380.

لكن نمنع بقاء نجاسة المشرك بعد موته،و إنّما يحصل له نجاسة الموت مغايرة لنجاسة حال حياته.

و بيانه:انّ النّجاسة حكم شرعيّ يتبع مورد النّصّ،لتساوي الجواهر في الجسميّة، فالمشرك إنّما لحقه حكم التّنجيس باعتبار كفره و قد انتفى بموته،فينتفي الحكم التّابع له و يلحقه حكم آخر شرعيّ تابع للموت،و الحكمان متغايران .

الرّابع:ما يوجب نزح خمسين

،و هو:الدّم الكثير،و العذرة الرّطبة.

أمّا الدّم،فقال الشّيخ في النّهاية:للكثير خمسون،و كذا في المبسوط (1).و قال المفيد:

في الكثير عشر (2).و قال ابن بابويه:في دم ذبح الشّاة من ثلاثين إلى أربعين (3).و قال علم الهدى في المصباح:في الدّم ما بين الدّلو الواحدة إلى العشرين (4).

و أمّا القليل،فقال ابن بابويه:ينزح له دلاء يسيرة (5)و قال المفيد:خمس دلاء (6).

و قال في النّهاية و المبسوط (7):عشر.و الأقوى ما ذكره ابن بابويه.

و يدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت[و وقعت] (8)في بئر ماء و أوداجها تشخب دما،هل يتوضّأ من ذلك البئر؟قال:(ينزح منها ما بين الثّلاثين إلى الأربعين دلوا ثمَّ يتوضّأ منها و لا بأس)قال:و سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر،هل يصلح أن يتوضّأ منها؟قال:(ينزح منها دلاء يسيرة ثمَّ يتوضّأ منها)و سألته عن

ص:79


1- 1النّهاية:7،المبسوط 1:12.
2- 2) المقنعة:9.
3- 3) الفقيه 1:15.
4- 4) نقل عنه في المعتبر 1:58. [1]
5- 5) الفقيه 1:13.
6- 6) المقنعة:9.
7- 7) النّهاية:7،المبسوط 1:12. [2]
8- 8) أضفناه من المصدر.

رجل يستقي من بئر و يرعف فيها،هل يتوضّأ منها؟قال:(ينزح منها دلاء يسيرة) (1).

و ما ذكره السّيّد المرتضى،فيمكن الاحتجاج له برواية زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و هي قوله:(الدّم و الخمر و الميّت و لحم الخنزير في ذلك كلّه واحد نزح منه عشرون دلوا)و قد تقدّمت (2)،إلاّ انّ هذا الحديث دلّ على نزح العشرين،فقول المرتضى:من دلو إلى عشرين،غير مطابق.

فإن قلت:هذا الحديث يتناول الكثير،و قول السّيّد المرتضى:من واحد إلى عشرين، يحمل على التّفصيل إن كان الدّم قليلا فواحدة و إلاّ فعشرون،و ما بينهما بحسب تفاوت الكثرة و القلّة.

قلت:هذا ضعيف من وجهين:

الأوّل:انّه ليس في قول المرتضى دلالة على التّفصيل.

الثّاني:انّ الحديث وقع جوابا عن قول السّائل:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر؟قال:(الدّم و الخمر).فالألف و اللاّم هاهنا للعهد لمسبوقيّة الذّكر لفظا.

و استدلّ الشّيخ في التّهذيب على قول المفيد برواية محمّد بن إسماعيل بن بزيع في الصّحيح،قال:كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء،فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من العذرة كالبعرة أو نحوها،ما الّذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصّلاة؟فوقّع عليه السّلام في كتابي بخطّه:(ينزح منها دلاء) (3).

قال الشّيخ:وجه الاستدلال انّ أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة،فيجب الأخذ به،إذ لا دليل على ما دونه.و بعض المتأخّرين سلّم المقدّمة الاولى،ثمَّ قال:لا نسلّم انّه

ص:80


1- 1التّهذيب 1:409 حديث 1288،الاستبصار 1:44 حديث 123،الوسائل 1:141،الباب 21 من أبواب الماء المطلق،حديث 1- [1]بتفاوت يسير.
2- 2) في ص 69. [2]
3- 3) التّهذيب 1:244 حديث 705،الاستبصار 1:44 حديث 124،الوسائل 1:130 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 21. [3]

إذا جرّد عن الإضافة كان حاله كذا،فإنّه لا يعلم من قوله:عندي دراهم،انّه لم يخبر عن زيادة عن عشرة،فإنّ دعوى ذلك باطلة (1).

و الحقّ:ما ذكره الشّيخ،لأنّ الإضافة هاهنا و إن جرّدت لفظا،لكنّها مقدّرة،و إلاّ لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه.

إذا عرفت هذا،فنقول:لا بدّ من إضمار عدد يضاف إليه تقديرا،فيحمل على العشرة الّتي هي أقلّ ما يصلح إضافته إلى هذا الجمع أخذا بالمتيقّن،و حوالة على الأصل من براءة الذّمّة.

لا يقال:فكان يجب على الإمام بيانه،لما ذكرتم.

لأنّا نقول:يجوز أن يكون الإمام عليه السّلام عرف من المخاطب علمه بالحاجة إلى الإضمار،و بالبراءة الأصليّة،فكان ذلك بمنزلة التّنصيص.

و هاهنا نوع من التّحقيق،و هو انّ هذا الحديث يمكن أن يستدلّ به على ما ذهب الشّيخ إليه في القليل،لأنّ السّؤال يضمن قوله:قطرات دم،و هو جمع تصحيح.و نصّ سيبويه (2)على انّ جمع التّصحيح للقلّة،فيكون السّؤال يضمن القليل.

و أمّا الحكم بالعدد،فإمّا لما ذكره الشّيخ،و إمّا لأنّه جمع كثرة فيحمل على أقلّها و هو العشرة.

و أمّا العذرة،فقال ابن بابويه:لها عشر،فإن ذابت فأربعون أو خمسون (3).

و قال المفيد في المقنعة:للرّطبة أو الذّائبة خمسون،و لليابسة عشر (4).

و قال الشّيخ:للرّطبة خمسون،و لليابسة عشر (5).

ص:81


1- 1التّهذيب 1:245،المعتبر 1:66. [1]
2- 2) أبو بشر عمرو بن عثمان.ولد في البيضاء قرب شيراز و توفّي فيها،كان منشأه في البصرة،تعلّم على الخليل،يعدّ إمام مذهب البصريّين،و كتابه في النّحو هو:«الكتاب»شرحه ابن السّراج،و المبرمان، و السّيرافيّ،و الرّمّانيّ،مات بالبيضاء أو شيراز سنة 180 ه،و قيل غير ذلك. بغية الوعاة:366،شذرات الذّهب 1:252،العبر 1:215. [2]
3- 3) الفقيه 1:13.
4- 4) المقنعة:9.
5- 5) المبسوط 1:12،النّهاية:7.

و قال المرتضى في المصباح:لليابسة عشر،فإن ذابت و تقطّعت خمسون دلوا (1).

و الأقوال متقاربة،فإنّ الرّطبة و الذّائبة اشتركتا في شياع أجزائهما في أجزاء الماء،فتعلّق بهما حكم واحد بخلاف اليابسة،و الرّواية تتضمّن ما ذكره ابن بابويه.روى أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن العذرة تقع في البئر؟فقال:(ينزح منها عشر دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا) (2)و يمكن التّعدية إلى الرّطبة،للاشتراك في شياع الأجزاء أو لأنّها تصير حينئذ رطبة .

الخامس:ما يوجب نزح أربعين

،و هو موت الكلب،و الخنزير،و الثّعلب،و الأرنب، و الشّاة،و السّنّور،و ما أشبهها،و بول الرّجل.هذا مذهب الشّيخين (3)،و وافقهما السّيّد المرتضى في الكلب،و وافقهما مع ابني بابويه في البول (4).و لنذكر ما وصل إلينا من الرّوايات في ذلك،فإنّها غير دالّة على مقصودهم.

أمّا الكلب و السّنّور:فروى الشّيخ في الحسن،عن أبي أسامة (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الفأرة و السّنّور و الدّجاجة و الطّير و الكلب؟قال:(ما لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء،فيكفيك خمس دلاء فإن تغيّر الماء،فخذه حتّى يذهب الرّيح) (6)و في موضع آخر:

(فخذ منه حتّى يذهب الرّيح) (7).

ص:82


1- 1نقل عنه في المعتبر 1:65. [1]
2- 2) التّهذيب 1:244 حديث 702،الاستبصار 1:41 حديث 116،الوسائل 1:140 الباب 20 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
3- 3) المفيد في المقنعة:9،و الطّوسي في المبسوط 1:11،و [3]النّهاية:6. [4]
4- 4) انظر أقوالهم في المعتبر 1:67. [5]
5- 5) زيد بن يونس،و قيل:ابن موسى-أبو أسامة الشّحام مولى شديد بن عبد الرّحمن بن نعيم الأزديّ الغامديّ، كوفيّ،قاله النّجاشي.عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب أبي جعفر(ع)بعنوان:زيد بن محمّد. و اخرى من أصحاب الصّادق(ع)بعنوان:زيد بن يونس،ثقة له كتاب،قيل:توفّي سنة 100 ه. رجال النّجاشي:175،رجال الطّوسي:122،195،الفهرست:71، [6]رجال العلاّمة:73، [7]تنقيح المقال 3:باب الكنى صفحة 1. [8]
6- 6) التّهذيب 1:233 حديث 675.
7- 7) التّهذيب 1:237 حديث 684،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [9]

و روى في الضّعيف،عن عمرو بن سعيد بن هلال،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عمّا يقع في البئر ما بين الفأرة و السّنّور إلى الشّاة؟فقال:كلّ ذلك يقول:(سبع دلاء) (1).

و روى الشّيخ،عن الحسين بن سعيد (2)،عن القاسم (3)،عن عليّ (4)،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفأرة تقع في البئر؟قال:(سبع دلاء)،قال:و سألته عن الطّير و الدّجاجة تقع في البئر؟قال:(سبع دلاء،و السّنّور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا و الكلب و شبهه) (5).و هذه الرّواية ضعيفة،فإنّ القاسم بن محمّد و عليّ بن أبي حمزة واقفيّان.

قال الشّيخ عقيب هذا الحديث:و هذا يدخل فيه الشّاة،و الغزال،و الثّعلب،و الخنزير

ص:83


1- 1التّهذيب 1:235 حديث 679،الاستبصار 1:34 حديث 91،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق،حديث 5. [1]
2- 2) الحسين بن سعيد بن حمّاد بن سعيد بن مهران الأهوازي من موالي عليّ بن الحسين،ثقة،و أصله كوفيّ، و انتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ثمَّ إلى قم،و توفّي فيها.عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الرّضا(ع) و اخرى من أصحاب الجواد(ع).مضيفا إليه أخيه الحسن-و ثالثة من أصحاب الهادي(ع). رجال النّجاشي:58،رجال الطّوسي:372،399،412،الفهرست:58، [2]جامع الرّواة 1:241. [3]
3- 3) القاسم بن محمّد الجوهريّ مولى تيم اللّه،كوفيّ الأصل،سكن بغداد،واقفيّ،عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الصّادق و اخرى من أصحاب الكاظم عليهما السّلام.و قال:واقفيّ.روى عن عليّ بن أبي حمزة و غيره.رجال النّجاشي:315،رجال الكشّي:452،رجال الطّوسي:358،الفهرست:127، [4]جامع الرّواة 2:20، [5]تنقيح المقال 2:24. [6]
4- 4) عليّ بن أبي حمزة-و اسم أبي حمزة:سالم البطائنيّ-أبو الحسن مولى الأنصار،كوفيّ،و كان قائد أبي بصير يحيى بن القاسم،و له أخ يسمّى جعفر بن أبي حمزة.روى عن أبي الحسن موسى(ع)و عن أبي عبد اللّه ثمَّ وقف.و هو أحد عمد الواقفة.عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الصّادق(ع)و اخرى من أصحاب الكاظم(ع) قائلا بأنّه واقفيّ. رجال النّجاشي:249،رجال الكشّي:443، [7]رجال الطّوسي:242،353،جامع الرّواة 1:547، [8]رجال العلاّمة:231. [9]
5- 5) التّهذيب 1:235 حديث 680،الاستبصار 1:36 حديث 97،الوسائل 1:134 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [10]

و كلّ ما ذكر (1).

و روى في الضّعيف،عن سماعة (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام.إلى قوله:(و إن كان سنّورا أو أكبر منه نزحت منها ثلاثين دلوا أو أربعين دلوا) (3).

و روى في الصحيح،عن زرارة،و محمّد بن مسلم،و بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السّلام في البئر يقع فيها الدّابّة و الفأرة و الكلب و الطّير فيموت؟قال:(يخرج ثمَّ ينزح من البئر دلاء،ثمَّ اشرب و توضّأ)و قد تقدّم البحث في هذه الرّواية (4).

و روى في الضّعيف،عن إسحاق بن عمّار (5)،عن جعفر،عن أبيه،انّ عليّا عليه السّلام كان يقول:(الدّجاجة و مثلها يموت في البئر ينزح منها دلوان و ثلاثة (6)فإذا كانت شاة و ما أشبهها فتسعة أو عشرة) (7).

ص:84


1- 1التّهذيب 1:236.
2- 2) سماعة بن مهران بن عبد الرّحمن الحضرميّ الكوفيّ مولى عبد بن وائل بن حجر الحضرميّ.و قيل:مولى خولان.يكنّي أبا ناشرة،و قيل:أبا محمّد،كان يتّجر في القزّ و يخرج به إلى حرّان،و نزل الكوفة في كندة، روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن،و مات بالمدينة.و له في الكوفة مسجد،وثّقه النّجاشي.و عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق و الكاظم عليهما السّلام،و قال:واقفيّ.رجال النّجاشي:193،رجال الطّوسي: 214،351،جامع الرّواة 1:384. [1]
3- 3) التّهذيب 1:236 حديث 681،الاستبصار 1:36 حديث 98،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 4- [2]بتفاوت يسير.
4- 4) تقدّمت في ص 75 رقم 1. [3]
5- 5) إسحاق بن عمّار مشترك بين إسحاق بن عمّار بن حيّان مولى بني تغلب الكوفيّ الصّيرفيّ،وثّقه النّجاشي،و الشّيخ في رجاله،و عدّه من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام.له كتاب. و بين إسحاق بن عمّار بن موسى السّاباطيّ،ذكره الشّيخ في الفهرست،و قال:له أصل،و كان فطحيّا إلاّ انه ثقة و أصله معتمد،و توقّف العلاّمة و الأردبيليّ فيما ينفرد به.و قد نبّه العلاّمة المامقانيّ انّ هذا الاشتراك في الاسم يوجب توثيق بعض له و تضعيف بعض آخر.رجال النّجاشي:71،رجال الطّوسي :149،342،الفهرست:15، [4]رجال العلاّمة:200، [5]جامع الرّواة 1:82، [6]تنقيح المقال 1:115. [7]
6- 6) في المصدر:أو ثلاثة.
7- 7) التّهذيب 1:237 حديث 683،الاستبصار 1:38 حديث 105،الوسائل 1:137 الباب 18 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [8]

و روى،عن البقباق (1)مثل رواية زرارة،و محمّد بن مسلم،و بريد.

و مثلها روى عليّ بن يقطين،عن الكاظم عليه السّلام،إلاّ انّه ذكر عوض الدّابّة و الطّير الحمامة و الدّجاجة،و زاد أو الهرّة،و ذكر العطف بأو،و قد تقدّمت أيضا (2).

و في رواية أبي مريم (3)في الصّحيح،عن أبي جعفر عليه السّلام:(إذا مات الكلب في البئر نزحت) (4).

و في رواية ياسين،عن حريز،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الدّم و الخمر و الميّت و لحم الخنزير في ذلك كلّه واحد،ينزح منه عشرون دلوا) (5).

و في رواية عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(ينزف البئر كلّها لوقوع الكلب أو الفأرة أو الخنزير) (6)و رواتها فطحيّة.

و قال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه:ينزح الكلب من ثلاثين إلى أربعين،و في السّنّور سبع،و في الشّاة و ما أشبهها تسعة إلى عشرة (7)،و يمكن أن يكون حجّته رواية إسحاق بن عمّار (8).

ص:85


1- 1التّهذيب 1:237 حديث 685،الاستبصار 1:37 حديث 100،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 6. [1]
2- 2) في ص 57. [2]
3- 3) عبد الغفّار بن قاسم بن قيس بن قيس بن قهد الأنصاريّ:أبو مريم،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه، و عدّه الشّيخ من أصحاب الإمام السّجّاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام،له كتاب.روى عنه الحسن بن محبوب و أبان بن عثمان. رجال النّجاشي:246،رجال الطّوسي:99،129،237،الفهرست:188، [3]جامع الرّواة 1:461. [4]
4- 4) التّهذيب 1:237 حديث 687،و ص 415 حديث 1310،الاستبصار 1:38 حديث 103،الوسائل 1:134 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 1:241 حديث 697.
6- 6) التّهذيب 1:242 حديث 699 و ص 284 حديث 832،الاستبصار 1:38 حديث 104،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 8- [6]بتفاوت يسير.
7- 7) الفقيه 1:12،15.
8- 8) تقدّمت في ص 84. [7]

و أمّا البول،فقد روى الشّيخ،عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سألته عن بول الصّبيّ الفطيم يقع في البئر؟فقال:(دلو واحد)قلت:بول الرّجل؟ قال:(ينزح منها أربعون دلوا) (1)و عليّ بن أبي حمزة لا يعوّل على روايته،غير انّ الأصحاب قبلوها.

و في رواية معاوية بن عمّار في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في البئر يبول فيها الصّبيّ أو يصبّ فيها بول أو خمر؟قال:(ينزح الماء كلّه) (2)و حمله الشّيخ على التّغيّر (3)، و في رواية كردويه:(ينزح ثلاثون)و قد تقدّمت (4)،و في رواية محمّد بن بزيع في الصّحيح:(ينزح منها دلاء) (5)من غير ذكر تفصيل البول.و الأقرب في العمل عندي:

الأخذ برواية محمّد بن بزيع لسلامة سندها.

و يحمل الدّلاء في البول على رواية كردويه،فإنّها لا بأس بها.و رواية معاوية بن عمّار،تحمل على التّغيّر في البول أو على الاستحباب.

فرعان:
الأوّل:لا فرق بين بول الكافر و المسلم

لإطلاق الاسم .

الثّاني:لا فرق بين بول المرأة و الرّجل

،إن عملنا برواية محمّد بن بزيع أو برواية كردويه،و إن عملنا برواية عليّ بن أبي حمزة حصل الفرق.و ابن إدريس لم يفرّق بينهما من مأخذ آخر،قال:لأنّها إنسان،و الحكم معلّق عليه معرّفا باللام الدّالّ على

ص:86


1- 1التّهذيب 1:243 حديث 700،الاستبصار 1:34 حديث 90،الوسائل 1:133 الباب 16 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:241 حديث 696،الاستبصار 1:35 حديث 94،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 1:241.
4- 4) في ص 70. [3]
5- 5) الكافي 3:5 حديث 1، [4]التّهذيب 1:244 حديث 705،الاستبصار 1:44 حديث 124،الوسائل 1:130 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 21. [5]

العموم (1).و مقدّماته كلّها فاسدة.نعم،لا فرق في المرأة بين الصّغيرة و الكبيرة في وجوب الأربعين .

السّادس:ما يوجب نزح ثلاثين

،و ذلك روى الشّيخ،عن كردويه،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول و العذرة و أبوال الدّواب و أرواثها و خرء الكلاب؟قال:(ينزح منها ثلاثون دلوا،و إن كانت مبخرة) (2).

السّابع:ما يوجب نزح عشر

،و هو الدّم القليل،و العذرة اليابسة،على ما ذكره الأصحاب و قد تقدّم (3).

الثّامن:ما يوجب نزح سبع

،و هو أقسام:

أحدها:موت الطّير.اختاره الشّيخان (4)،و السّيّد المرتضى (5)،و من تابعهم (6)، و يدلّ عليه رواية أبي أسامة و أبي يوسف يعقوب بن عيثم (7)،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:87


1- 1السّرائر:12.
2- 2) التّهذيب 1:413 حديث 1300،الاستبصار 1:43 حديث 120،الوسائل 1:133 الباب 16 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [1]في التهذيب و الاستبصار:مبخرة.و في هامش التّهذيب:المبخرة:البئر التي يشمّ منها الرّائحة الكريهة،و في هامش المطبوعة(وجد بخط الشّيخ في نسخة الاستبصار مبخرة-بضمّ الميم و سكون الباء و كسر الحاء- معناها:المنتنة.و روي-بفتح الميم و الخاء-:موضع النّتن)شرح الإرشاد [2]للشّهيد الأوّل:153.
3- 3) في ص 79،82. [3]
4- 4) المفيد في المقنعة:9،و الطّوسيّ في المبسوط 1:11،و النّهاية:7.
5- 5) نقل عنه في المعتبر 1:69-70. [4]
6- 6) كابن البرّاج في المهذّب 1:22،و سلاّر في المراسم:36،و ابن إدريس في السّرائر:11.
7- 7) يعقوب بن عيثم أو عثيم-بضمّ العين و فتح المثلّثة-كما قال العلاّمة المامقانيّ.و ذكره الشّيخ في رجاله تحت عنوان أبو يوسف من أصحاب الصّادق(ع).و وقع في طريق الصّدوق في الفقيه و ذكره في مشيخته،روى عنه عليّ بن الحكم و أبان.رجال الطّوسي:337،الفقيه 4:6 من المشيخة،جامع الرّواة 2:427، [5]تنقيح المقال 3:331. [6]

السّلام،قال:(إذا وقع في البئر الطّير و الدّجاجة و الفأرة،فانزح منها سبع دلاء) (1)و كذا في رواية عليّ بن أبي حمزة،و قد تقدّمت في قسم الكلب.و كذا في رواية سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و في رواية زرارة،و محمّد بن مسلم،و بريد بن معاوية، عنهما عليهما السّلام(دلاء)و قد تقدّمت.و كذا في رواية البقباق (2)،و رواية عليّ بن يقطين (3).

و في رواية الحلبيّ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا سقط في البئر حيوان صغير فمات فيها،فانزح منها دلاء)قال:(فإن وقع فيها جنب،فانزح منها سبع دلاء،و إن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر،فلينزح) (4).

و في رواية عبد اللّه بن سنان في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إن سقط في البئر دابّة صغيرة أو نزل فيها جنب،نزح منها سبع دلاء) (5).

و في رواية إسحاق بن عمّار:(الدّجاجة و مثلها يموت في البئر،تنزح منها دلوان أو ثلاثة) (6).

و في رواية أبي أسامة في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الفأرة و السّنّور و الدّجاجة و الطّير و الكلب؟قال:(ما لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء،فيكفيك خمس دلاء، فإن تغيّر الماء،فخذه حتّى يذهب الرّيح) (7).

ص:88


1- 1التّهذيب 1:233 حديث 674،الاستبصار 1:31 حديث 84،الوسائل 1:128 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 12. [1]
2- 2) مرّت الرّوايات في ص 83-85. [2]
3- 3) مرّت في ص 57.
4- 4) الكافي 3:6 حديث 7، [3]التّهذيب 1:240 حديث 694،الاستبصار 1:34 حديث 92،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 6.و [4]في الجميع:شيء-بدل كلمة-حيوان.
5- 5) التّهذيب 1:241 حديث 695،الاستبصار 1:35 حديث 93،الوسائل 1:131 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 1- [5]بتفاوت يسير.
6- 6) التّهذيب 1:237 حديث 683،الاستبصار 1:38 حديث 105،الوسائل 1:137 الباب 18 من أبواب الماء المطلق حديث 3. [6]
7- 7) التّهذيب 1:233 حديث 675.

قال ابن إدريس:و السّبع يجب للنّعامة و الحمامة و ما بينهما (1).

و ثانيها:اغتسال الجنب،و يدلّ عليه:رواية الحلبيّ و ابن سنان.

و في رواية أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يدخل البئر فيغتسل منها؟قال:(ينزح منها سبع دلاء) (2).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،في البئر يقع فيها الميتة؟قال:(إذا كان له ريح نزح منها عشرون دلوا)و قال:(إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء) (3).

تنبيه:قال ابن إدريس:الحكم يتعلّق (4)بالارتماس بحيث يغطّي ماء البئر رأسه لا بالنّزول (5).و الرّوايات الّتي أوردناها ليس فيها إشعار بذلك،فرواية الحلبيّ بعبارة الوقوع و رواية ابن سنان بعبارة النّزول،و رواية أبي بصير بالدّخول و الاغتسال،و رواية محمّد بن مسلم بالدّخول.

آخر:هذا الحكم إنّما يتعلّق مع الخلوّ عن النّجاسة العينيّة.كذا ذكره ابن إدريس (6)بناء منه على انّ المنيّ يوجب نزح الجميع.و نحن لمّا لم تقم عندنا دلالة على وجوب النّزح للمنيّ،لا جرم توقّفنا في هذا الاشتراط.

و ينبغي أن يعلم انّ القائلين بتنجيس البئر،منهم من قال بالمنع من المستعمل في الكبرى فأوجب النّزح للجنب كالشّيخين (7)،و منهم من لم يمنع منه فلم يتعرّض للنّزح

ص:89


1- 1السّرائر:11.
2- 2) التّهذيب 1:244 حديث 702،الوسائل 1:142 الباب 22 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [1]
3- 3) التّهذيب 1:244 حديث 703،الوسائل 1:142 الباب 22 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [2]
4- 4) «م»«ن»:معلّق.
5- 5) السّرائر:12.
6- 6) السّرائر:12.
7- 7) المقنعة:9،و قال الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:11،بالمنع من المستعمل في الكبرى،و في ص:12 بوجوب النّزح.

كالمرتضى (1)،إلاّ سلاّر،فإنّه أوجب النّزح و لم يمنع من الاستعمال (2).أمّا نحن فلمّا أوجبنا النّزح للتعبّد،قلنا بالوجوب هاهنا،عملا بهذه الرّوايات.

و ثالثها:خروج الكلب حيّا بعد وقوعه،لرواية أبي مريم في الصّحيح،قال:حدّثنا جعفر قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:(إذا مات الكلب في البئر نزحت)و قال جعفر عليه السّلام:(إذا وقع فيها ثمَّ اخرج منها حيّا نزح منها سبع دلاء) (3)و هو اختيار الشّيخ في المبسوط (4).و قال في النّهاية:و قد روي إذا وقع فيها كلب و خرج حيّا،نزح منها سبع دلاء (5).و ابن إدريس استضعف هذه الرّواية،و قال:ينزح منها أربعون دلوا (6)،و لا أعرف من أين هذا الاستضعاف و التّقدير الّذي صار إليه،فإن كان استضعافه لقول الشّيخ في النّهاية:و روي (7)،فهو خيال فاسد.

و رابعها:الفأرة إذا تفسّخت أو انتفخت (8).كذا قال المفيد (9)و أبو الصّلاح (10)و سلاّر (11)،و قال الشّيخ:إذا تفسّخت فسبع دلاء (12).و قال المرتضى في المصباح:في الفأرة سبع دلاء و قد روي ثلاث (13).

ص:90


1- 1جمل العلم و العمل:49.
2- 2) قال في ص:33 من المراسم بجواز الطّهارة بالماء المستعمل في الطّهارة الكبرى،و في ص:36،أوجب سبع دلاء لارتماس الجنب.
3- 3) التّهذيب 1:237 حديث 687،الاستبصار 1:38 حديث 103،الوسائل 1:134 الباب 17 من أبواب الماء المطلق،حديث 1،و [1]فيه:أبو جعفر.
4- 4) المبسوط 1:11. [2]
5- 5) النّهاية:6. [3]
6- 6) السّرائر:11.
7- 7) «ح»:و روايته.
8- 8) «م»:انفسخت أو انتفخت.
9- 9) المقنعة:9.
10- 10) الكافي في الفقه:130. [4]
11- 11) المراسم 1:35.
12- 12) المبسوط 1:12،النّهاية:7.
13- 13) نقله عنه في المعتبر 1:71. [5]

و قال ابن بابويه:و إن وقع فيها فأرة،فدلو واحدة،و إن تفسّخت،فسبع دلاء (1).

قال ابن إدريس:و حدّ تفسّخها انتفاخها (2).

لنا:ما رواه أبو عيينة (3)،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الفأرة تقع في البئر؟ قال:(إذا خرجت فلا بأس،و إن تفسّخت فسبع دلاء) (4).

و ما رواه أبو سعيد المكاري (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلّخت،فانزح منها سبع دلاء) (6).

و ما رواه منصور (7)،قال:حدّثني عدّة من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:(ينزح منها سبع إذا بال فيها الصّبيّ أو وقعت فيها فأرة أو نحوها) (8)و لا يحضرني

ص:91


1- 1الفقيه 1:12.
2- 2) السّرائر:11.
3- 3) روى الشّيخ في باب تطهير المياه من التّهذيب عن جعفر بن بشير عنه عن أبي عبد اللّه(ع).و روى أيضا في كتاب العتق عن أبي جميلة عنه.ذكره النّجاشي و لم يتعرّض لحاله.و قال الأردبيليّ:لم أجد له ذكر في كتب الرّجال.و اقتصر على تسميته دون بيان شيء في حقّه. رجال النّجاشي:460،جامع الرّواة 2:408، [1]تنقيح المقال 3:30. [2]
4- 4) التّهذيب 1:233 حديث 673،الاستبصار 1:31 حديث 83،الوسائل 1:128 الباب 14 من أبواب الماء المطلق،حديث 13. [3]
5- 5) أبو سعيد المكاري،هاشم أو هشام بن حيّان الكوفيّ مولى بني عقيل كان هو و أبوه وجهين في الواقفة.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع).و قال النّجاشيّ:له كتاب يرويه جماعة. رجال النّجاشي:436،رجال الطّوسي:330،الفهرست:190، [4]جامع الرّواة 2:310، [5]تنقيح المقال 3:287. [6]
6- 6) التّهذيب 1:239 حديث 691،الاستبصار 1:39 حديث 110،الوسائل 1:137 الباب 19 من أبواب الماء المطلق حديث 1- [7]بتفاوت يسير.
7- 7) منصور بن حازم،أبو أيّوب البجليّ مولاهم كوفيّ،ثقة،عين،من أجلّة أصحابنا و فقهائهم،و هو من الأعلام المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام.عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق،و قال له أصول الشّرائع و الحجّ.رجال النّجاشي:413،رجال الطّوسي:313،الفهرست:164، [8]جامع الرّواة 2:264، [9]تنقيح المقال 3:249. [10]
8- 8) التّهذيب 1:243 حديث 701،الاستبصار 1:33 حديث 89،الوسائل 1:133 الباب 16 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [11]

الآن حال رواه هذه الأحاديث،لكن روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفأرة و الوزغة تقع في البئر؟قال:(ينزح منها ثلاث دلاء) (1)و مثله روى في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).

و روى في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا سقط في البئر شيء صغير فمات فيها،فانزح منها دلاء) (3).

و روى في الحسن،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إن سقط في البئر دابّة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء) (4)علّق الحكم على موت صغير الحيوان الصّادق على الفأرة،فيوجد عند ثبوته.

و روى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الفأرة تقع في البئر أو الطّير؟ قال:(إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منه سبع دلاء) (5)و سماعة واقفيّ،و الرّاوي عنه عثمان بن عيسى واقفيّ (6)،فالاستدلال بها ضعيف.

و في رواية عليّ بن يقطين في الصّحيح:(ينزح منها دلاء) (7)من غير ذكر التّفسّخ

ص:92


1- 1التّهذيب 1:238 حديث 688،الاستبصار 1:39 حديث 106،الوسائل 1:137 الباب 19 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:238 حديث 689،الاستبصار 1:39 حديث 107،الوسائل 1:138 الباب 19 من أبواب الماء المطلق،ذيل حديث 2. [2]
3- 3) الكافي 3:6 حديث 7، [3]التّهذيب 1:240 حديث 694،الاستبصار 1:34 حديث 92،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 6. [4]
4- 4) التّهذيب 1:241 حديث 695،الاستبصار 1:34 حديث 93،الوسائل 1:131 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 1:236 حديث 681،الاستبصار 1:36 حديث 98،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق،حديث 4. [6]
6- 6) مرّ ذكر سماعة:في ص 84،و عثمان بن عيسى ص 39.
7- 7) التّهذيب 1:237 حديث 686،الاستبصار 1:37 حديث 101،الوسائل 1:134 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [7]

و لا العدد (1).و كذا في رواية زرارة،و محمّد،و بريد عنهما،و قد تقدّمت (2).

و في رواية أبي أسامة في الحسن:(إذا لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء[فيكفيك] (3)خمس دلاء) (4).

و في رواية عليّ بن أبي حمزة:(سبع دلاء) (5)،و لم يذكر التّفسّخ،و هي ضعيفة السّند.و كذا في رواية عمرو بن سعيد بن هلال (6)،و هي ضعيفة أيضا،و كذا في رواية أبي أسامة و أبي يوسف يعقوب بن عثيم (7).

و روى في الصّحيح،عن ابن مسكان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يقع في الآبار؟قال:(أمّا الفأرة،فينزح منها حتّى تطيب،و إن سقط فيها كلب فقدرت على أن تنزح ما فيها فافعل،و كلّ شيء سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب و الخنافس و أشباه ذلك،فلا بأس) (8)و لكنّ هذه الرّواية إنّما تدلّ على ما وجد فيه التّغيّر لدلالة قوله عليه السّلام:(حتّى تطيب)عليه.

و روى أبو خديجة (9)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الفأرة تقع في

ص:93


1- 1«ح»«ق»:و العدد.
2- 2) في ص 75.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) الكافي 3:5 حديث 3، [1]التّهذيب 1:237 حديث 684،الاستبصار 1:37 حديث 102،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [2]
5- 5) تقدّمت في ص 83. [3]
6- 6) تقدّمت في ص 73. [4]
7- 7) تقدّمت في ص 88. [5]
8- 8) التّهذيب 1:230 حديث 666،الاستبصار 1:26 حديث 68.
9- 9) سالم بن مكرم بن عبد اللّه:أبو خديجة مولى بني أسد الجمّال،يقال:انّ أبا عبد اللّه(ع)كنّاه:أبا سلمة. وثّقه النّجاشيّ.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و ضعّفه في الفهرست.و توقّف فيه الأردبيليّ. و استظهر صلاحه العلاّمة المامقانيّ. رجال النّجاشي:188،رجال الطّوسي:209،الفهرست:79، [6]جامع الرّواة 1:349، [7]تنقيح المقال 2:5. [8]

البئر؟قال:(إذا ماتت و لم تنتن،نزح أربعين دلوا) (1)و حمل الشّيخ هذه الرّواية على الاستحباب (2)و إطلاق الرّواية بالسّبع على التّفسّخ،و بالثّلاث على عدمه.

و قد عرّفناك ضعف الرّوايات الدّالة على التّفصيل مع أنّ في رواية أبي أسامة (3)نزح خمس مع عدم التّفسّخ.

و خامسها:بول الصّبيّ،و تدلّ (4)عليه رواية منصور،عن عدّة من أصحابنا.و قد تقدّمت في الفأرة (5).و في رواية عليّ بن أبي حمزة نزح لبول الصّبيّ الفطيم دلو واحد (6).

التّاسع:ما يوجب نزح خمس دلاء و هو ذرق الدّجاج

.اختاره الشّيخ (7)،و قيّده المفيد و ابن إدريس بالجلاّل (8)،و لم أقف على حديث يدلّ على شيء منهما .

العاشر:ما يوجب نزح ثلاث

،و هو موت الفأرة مع عدم التّفسّخ على ما ذكره الشّيخ (9)، و بول الصّبيّ إذا أكل الطّعام على ما ذكره السّيّد المرتضى (10)،و بول الصّبيّ الرّضيع على ما ذكره أبو الصّلاح (11)،و قد تقدّم البحث في ذلك كلّه (12).

و لموت الحيّة سواء تفسّخت أو لا،و ألحق الشّيخ بها الوزغة (13)،و العقرب،و اقتصر

ص:94


1- 1التّهذيب 1:239 حديث 692،الاستبصار 1:40 حديث 111،الوسائل 1:138 الباب 19 من أبواب الماء المطلق حديث 4،و [1]في المصدر:فأربعين دلوا.
2- 2) التّهذيب 1:239 حديث 692،الاستبصار 1:40.
3- 3) تقدّمت في ص 82. [2]
4- 4) «م»:يدلّ.
5- 5) تقدّمت في ص 91. [3]
6- 6) تقدّمت في ص 86. [4]
7- 7) المبسوط 1:12، [5]النّهاية:7. [6]
8- 8) المقنعة:9،السّرائر:12.
9- 9) المبسوط 1:12. [7]
10- 10) نقل عنه في المعتبر 1:72. [8]
11- 11) الكافي في الفقه:130. [9]
12- 12) راجع ص 86-89.
13- 13) المبسوط 1:12، [10]النّهاية:7. [11]

المفيد على الوزغة (1)و قال أبو الصّلاح:للحيّة و العقرب ثلاث دلاء،و للوزغة دلو واحدة (2).و قال عليّ بن بابويه (3):إذا وقع فيها حيّة أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان (4)،فاستق للحيّة دلوا،و ليس عليك فيما سواها شيء (5).و ابن إدريس اقتصر على الحيّة بثلاث (6).

أمّا الحيّة،فلم نقف على حديث يدلّ على ما ذكروه فيها،و يمكن التّمسّك فيها بحديث عبد اللّه بن سنان (7)،الدّالّ على حكم الدّابّة الصّغيرة،لكنّه يدلّ على نزح سبع دلاء.

و أمّا الوزغة،فيدلّ عليه روايتا معاوية و ابن سنان في الصّحيح،و قد تقدّمتا في فصل الفأرة (8).

و في رواية الحلبيّ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا سقط في البئر حيوان صغير،فانزح منها دلاء) (9)و هي دالّة على الوزغة و الحيّة أيضا،و يحمل على الثّلاثة أخذا بالمتيقّن في أقلّ الجمع.

ص:95


1- 1المقنعة:9.
2- 2) الكافي في الفقه:130. [1]
3- 3) عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ:أبو الحسن شيخ القمّيّين في عصره و فقيههم و ثقتهم،اجتمع في العراق مع أبي القاسم الحسين بن روح-رحمه اللّه-و سأله مسائل.و كفى في فضله ما في التّوقيع الشّريف المنقول عن الإمام العسكريّ:«أوصيك يا شيخي و معتمدي.»له كتب كثيرة.توفّي سنة 329 ه و دفن بقم بجوار الحضرة الفاطميّة(ع). رجال النّجاشي:261،رجال الطّوسي:482،الفهرست:93. [2]
4- 4) بنات وردان:دويبّة نحو الخنفساء حمراء اللون و أكثر ما تكون في الحمّامات و في الكنف.المصباح المنير 2:655. [3]
5- 5) المختلف:8.
6- 6) السّرائر:13.
7- 7) التّهذيب 1:241 حديث 695،الاستبصار 1:93،الوسائل 1:131 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 1.
8- 8) انظر:ص 92. [4]
9- 9) التّهذيب 1:240 حديث 694،الاستبصار 1:34 حديث 92،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 6.و [5]في المصدر:شيء-بدل-حيوان.

و في رواية يعقوب بن عثيم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:سام أبرص وجدناه قد تفسّخ في البئر؟قال:(إنّما عليك أن تنزح منه سبع دلاء)قال:قلت:فثيابنا الّتي صلّينا فيها،نغسلها و نعيد الصّلاة؟قال:(لا) (1).

و سأل جابر بن يزيد الجعفيّ (2)أبا جعفر عليه السّلام عن السّام أبرص يقع في البئر؟ فقال:(ليس بشيء،حرّك الماء بالدّلو) (3)و جمع الشّيخ بينهما،بأن حمل الثّاني على عدم التّفسّخ.

و الأولى عندي تعلّق الحكم،و هو نزح الثّلاث بالحيّة دون غيرها ممّا عدّدناه،لوجود النّفس السّائلة لها دون غيرها،و ميتتها نجسة،و أحمل رواية يعقوب في سام أبرص على الاستحباب.

أمّا أوّلا:فلرواية جابر.

و أمّا ثانيا:فلأنّها لو كانت نجسة بوقوعه،لما أسقط عنه غسل الثّوب.

و سأل يعقوب بن عثيم أبا عبد اللّه عليه السّلام،فقال له:بئر ماء في مائها ريح يخرج منها قطع جلود؟فقال:(ليس بشيء،انّ الوزغ ربّما طرح جلده و إنّما يكفيك من ذلك دلو واحد) (4)و ربّما كان ذلك اعتماد أبي الصّلاح (5).

ص:96


1- 1الفقيه 1:15 حديث 32،التّهذيب 1:245 حديث 707،الاستبصار 1:41 حديث 114،الوسائل 1:129 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 19. [1]
2- 2) جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحارث بن معاوية بن وائل بن مرار بن جعفي،أبو عبد اللّه،و قيل:أبو محمّد.عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الباقر و اخرى من أصحاب الصّادق عليهما السّلام.و قال النّجاشي:روى عنه جماعة غمز فيهم و ضعفوا.و الكشّيّ أيضا روى فيه مدحا و بعض الذّم. مات سنة 128 ه.و قيل:132 ه. رجال النّجاشي:128،رجال الكشّي:191،رجال الطّوسي:111،163،الفهرست:45، [2]رجال العلاّمة:35، [3]تنقيح المقال 1:201. [4]
3- 3) الفقيه 1:15 حديث 31،التّهذيب 1:245 حديث 708،الاستبصار 1:41 حديث 115،الوسائل 1:139 الباب 19 من أبواب الماء المطلق حديث 8. [5]
4- 4) الفقيه 1:15 حديث 30،الكافي 3:6 حديث 9. [6]
5- 5) الكافي في الفقه:130. [7]

و في رواية هارون بن حمزة الغنويّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الفأرة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّا،هل يشرب من ذلك الماء و يتوضّأ منه؟قال:(يسكب منه ثلاث مرّات،و قليله و كثيره بمنزلة واحدة،ثمَّ يشرب منه و يتوضّأ غير الوزغ فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه) (2).

و الأقرب عندي تفريعا على القول بالتّنجيس:استحباب النّزح للعقرب أيضا.و يدلّ عليه ما رواه ابن مسكان في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:(و كلّ شيء سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب و الخنافس و أشباه ذلك فلا بأس) (3).

و في رواية المنهال بن عمرو (4)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:العقرب تخرج من البئر ميّتة؟قال:(استق منها عشرة دلاء)قال:فقلت:فغيرها من الجيف؟ قال:(الجيف كلّها سواء إلاّ جيفة قد أجيفت،فإن كانت جيفة قد أجيفت فاستق منها مائة دلو،فإن غلب عليها الرّيح بعد مائة دلو،فانزحها كلّها) (5)فما تضمّنت هذه الرّواية من نزح العشرة على جهة الاستحباب.و منهال،لا يحضرني الآن حاله،فإن كان ثقة فالرّواية صحيحة.

ص:97


1- 1هارون بن حمزة الغنويّ الصّيرفيّ،كوفيّ،ثقة،عين.عدّه الشّيخ من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام.و قال النّجاشي:له كتاب يرويه جماعة.رجال النّجاشي:437،الفهرست:176، [1]رجال الطّوسي:139،328.
2- 2) التّهذيب 1:238 حديث 690،الاستبصار 1:41 حديث 113،الوسائل 1:138 الباب 19 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [2]
3- 3) الكافي 3:6،حديث 6، [3]التّهذيب 1:230 حديث 666،الاستبصار 1:26 حديث 68،الوسائل 1: 136 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 11. [4]في الكافي و [5]الوسائل: [6]عن ابن مسكان عن أبي بصير.
4- 4) المنهال بن عمر الأسديّ،كوفيّ،عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الحسين(ع)،و اخرى من أصحاب السّجّاد(ع)،و ثالثة من أصحاب الباقر(ع)،و رابعة من أصحاب الصّادق(ع).روى عن عليّ بن الحسين و أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهم السّلام. رجال الطّوسي:79،101،138،313،تنقيح المقال 3:251، [7]معجم رجال الحديث 19:10، [8]جامع الرّواة 2:269. [9]
5- 5) التّهذيب 1:231 حديث 667،الاستبصار 1:27 حديث 70،الوسائل 1:143 الباب 22 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [10]

و لنا:ما روي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة) (1).

الحادي عشر:ما نزح له دلو واحدة

،و هو:العصفور و ما أشبهه،و بول الرّضيع،و أمّا العصفور و شبهه،فقال به الشّيخان (2)و أتباعهما (3).و تدلّ عليه رواية عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام،و ذكر الحديث إلى أن قال:(و أقلّ ما يقع في البئر عصفور نزح منها دلو واحد) (4)و عمّار فطحيّ (5)،لكنّ الأصحاب قبلوا روايته و شهدوا له بالثّقة.

و في رواية الحلبيّ في الصّحيح،و رواية ابن سنان في الحسن،دلالة على نزح ما هو أكثر،و قد تقدّمتا (6).

و أمّا البول،فقد مضى الكلام فيه (7).و حدّ ابن إدريس الرّضيع بمن كان له دون الحولين،سواء أكل الطّعام أو لا (8).

و قال أبو الصّلاح:لبول الصّبيّ الرّضيع ثلاث دلاء (9).و ألحق الصّهرشتيّ (10)

ص:98


1- 1الكافي 3:5 حديث 4، [1]التّهذيب 1:231 حديث 668،الوسائل 1:173 الباب 10 من أبواب الأسئار حديث 4. [2]
2- 2) المفيد في المقنعة:9،و الطّوسيّ في المبسوط 1:12. [3]
3- 3) كابن البرّاج في المهذّب 1:22،و سلاّر في المراسم:35-36،و ابن إدريس في السّرائر:11.
4- 4) التّهذيب 1:234 حديث 678،الوسائل 1:141 الباب 21 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [4]
5- 5) مرّت ترجمته و بيان حاله في ص 59. [5]
6- 6) تقدّمتا في ص 92.
7- 7) في ص 86. [6]
8- 8) السّرائر:12.
9- 9) الكافي في الفقه:130. [7]
10- 10) الشّيخ الثقة أبو الحسن سليمان بن الحسن بن سلمان،فقيه،وجه،ديّن،قرأ على شيخنا أبي جعفر الطّوسيّ و جلس في مجلس درس سيّدنا المرتضى.له مصنّفات،منها كتاب:قبس المصباح-مختصر مصباح المتهجّد-و كتاب النّفيس،و كتاب التّنبيه،و غيرها.الكنى و الألقاب 2:434. [8]

بالعصفور كلّ طائر في حال صغره (1).و فيه إشكال.و الأقرب إلحاقه بنوعه،لتناول الاسم له.

و اشترط الرّاونديّ فيه أن يكون مأكولا،قال:و احترز بذلك عن الخفّاش،فإنّه نجس (2)،و هو أشدّ إشكالا من الأوّل.

و للحنفيّة تقسيم آخر للنّجاسة الواقعة في البئر،قالوا:إمّا أن يكون ذا روح أو لا.

و الثّاني يوجب نزح الجميع،كالبول،و الدّم،و الخمر قلّت أو كثرت.و الأوّل لا يخلو إمّا أن يكون فأرة و نحوها،كالعصفور و شبهه،أو دجاجة و نحوها كالسّنّور،أو شاة و نحوها كالإنسان،فلا يخلو إمّا أن يخرج حيّا،أو ميّتا،و بعد الموت لا يخلو إمّا أن تكون منتفخة،أو منفسخة (3)تمعّط (4)شعرها،أو غير منتفخة و غير منفسخة (5)و لم يتمعّط شعرها،فإن خرج حيّا فلا يوجب النّزح شيء منها إلاّ الكلب و الخنزير،ذكره القاضي الشّهيد في نكته، و قال:انّ الفأرة إذا وقعت في البئر هاربة من الهرّ،فإنّها توجب تنجيس ماء البئر،و إن خرجت حيّة لأنّها تبول من فزعها،و كذا الهرّة إذا وقعت هاربة من الكلب و غير الكلب، و الخنزير إذا خرج حيّا لم ينزح له شيء إذا لم يصب الماء فمه،فإن أصاب فمه،فإن كان سؤره طاهرا فالماء طاهر،و إن كان نجسا فالماء نجس،و إن كان مكروها فالماء مكروه.

و يستحبّ أن ينزح منها عشر دلاء.و إن كان سؤره مشكوكا كالبغل،و الحمار،نزح الماء كلّه،كذا ذكر في الفتاوي عن أبي يوسف (6)،و إن استخرج بعد التّفسّخ و تمعّط الشّعر، نزح الماء كلّه في الفصول بأسرها،و إن استخرج قبله بعد الموت،فإن كان فأرة و نحوها نزح منها عشرون دلوا أو ثلاثون بعد إخراجها،و إن كان سنّورا و شبهه،نزح منها أربعون أو خمسون،و إن كانت شاة و شبهها،نزح الماء كلّه حتّى يغلبهم الماء،و في الإوزّة، و السّخلة،و الجدي روايتان عن أبي حنيفة.

ص:99


1- 1نقل عنه في المعتبر 1:73. [1]
2- 2) نقل عنه في المعتبر 1:74. [2]
3- 3) في«م»:متفسّخة.
4- 4) تمعّط الشّعر:تساقط.المصباح المنير 2:575.
5- 5) في«م»:متفسّخة.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:74،75.

إحداهما:أنّها كالشّاة.

و الأخرى:كالدّجاجة.

ثمَّ اختلفوا في نزح الماء كلّه (1)،فقال محمّد (2)في النّوادر:إذا نزح ثلاثمائة دلو أو مائتا دلو (3)فإن لم ينزف فقد غلبهم الماء.

و روي عن أبي حنيفة انّه قال:ينزح منها مائتا دلو.و في رواية:مائة دلو (4).و عن أبي يوسف روايتان:

إحداهما:يحفر من جانبها حفرة مقدار عرض الماء و طوله و عمقه فتجصّص و ينزح ماؤها فيصبّ فيها حتّى تملأ،فإذا امتلأت حكم بطهارتها.

و الأخرى:يرسل فيها قصبة أو خشبة،فيجعل لمبلغ الماء علامة،ثمَّ ينزح منها عشرون دلوا أو ثلاثون (5)،فينظر كم انتقص،فإن انتقص شبر،نزح لكلّ شبر ذلك المقدار إلى آخره (6).

و قيل:يؤتى برجلين عارفين بأمر الماء فيحكمان فيه،فينزح مقدار ما حكما به (7).

و قال الكرخيّ (8):يحكم بالاجتهاد و إن سكن قلبه انّه طهر حكم به،قالوا:و هذا

ص:100


1- 1ليست في«م».
2- 2) محمّد بن الحسن بن فرقد الشّيباني:أبو عبد اللّه،ولد بواسط و نشأ بالكوفة و تفقّه على أبي حنيفة،و سمع الحديث من الثّوريّ و الأوزاعيّ و مالك بن أنس،له كتاب:الجامع الصّغير و الكبير.مات سنة 189 ه. شذرات الذّهب 1:321، [1]لسان الميزان 5:121.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:59،بدائع الصّنائع 1:86،الهداية للمرغيناني 1:22،تبيين الحقائق 1:30.
4- 4) راجع المصادر في رقم(3)مع:شرح فتح القدير 1:92.
5- 5) في المصادر:ينزح عشر دلاء.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:86،و فيه:و عن أبي يوسف روايتان،في رواية:يحفر بجنبها حفيرة.،المبسوط للسّرخسي 1:59،شرح فتح القدير 1:92،الهداية للمرغيناني 1:22،تبيين الحقائق 1:30.
7- 7) راجع المصادر السّابقة.
8- 8) أبو الحسن عبد اللّه بن الحسين بن دلال الكرخيّ شيخ الحنفيّة بالعراق،روى عن إسماعيل القاضي و غيره.مات سنة 340 ه،لسان الميزان 7:138،شذرات الذّهب 2:358.

كلّه استحسان.و القياس إمّا أن لا يحكم بنجاسة الماء كما قال الشّافعيّ (1)،أو إذا حكم بالنّجاسة لا يحكم بالطّهارة بعد ذلك،كما قال بشر (2):يطمّ البئر طمّا (3).

و نحن قد عرفت ما عندنا فيه من انّ المراد بنزح كلّ الماء نزح الجميع بحيث لا يبقى منه شيء و لا يتقدّر بقدر،و مع التّعذّر بالتّراوح عملا بالنّصّ .

فروع:
الأوّل:إذا تغيّر ماء البئر بالنّجاسة نجس

.و هو اتّفاق علماء الإسلام،و اختلف الأصحاب في تطهيره،فقال الشّيخان:ينزح الجميع،فإن تعذّر نزح حتّى تطيب (4).

و قال السّيّد المرتضى (5)و ابنا بابويه:مع التّعذّر يتراوح عليها أربعة رجال يوما (6).

و قال أبو الصّلاح:نزح حتّى يزول التّغيّر (7).

و قال ابن إدريس:إن كانت ممّا يوجب نزح الجميع نزح،و مع التّعذّر يتراوح الأربعة يوما،فإن زال التّغيّر طهرت،و إلاّ نزحت حتّى يزول التّغيّر،و لا يتقدّر بعد ذلك بمدّة بل بالزّوال،و إن كانت ممّا يوجب نزح مقدار محدود نزح المقدّر،فإن زال التّغيّر طهرت و إلاّ نزحت حتّى يزول (8).و الأولى عندي:ما ذكره أبو الصّلاح.

ص:101


1- 1لم نعثر على قول للشّافعيّ في خصوص البئر،بل المنقول عنه انّ الماء ينجس بالملاقاة إذا كان أقلّ من قلّتين، و إذا كان أكثر لا ينجس إلاّ بالتّغيّر،سواء في ذلك البئر و غيره.انظر:المجموع 1:86.
2- 2) بشر بن غياث المريسيّ الفقيه المتكلّم،تفقّه على أبي يوسف فبرع و أتقن علم الكلام فكان داعية للقول بخلق القرآن.ثمَّ انّه كان مرجئا،و إليه تنسب طائفة المريسيّة المرجئة.روى عن حمّاد بن سلمة.مات أواخر سنة 218 ه و قيل:219 ه و لم يشيّعه أحد من العلماء بعد أن حكموا بكفره.لسان الميزان 2:29، شذرات الذّهب 2:44. [1]
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:58،بدائع الصّنائع 1:75،شرح فتح القدير 1:86.
4- 4) المفيد في المقنعة:9،و الطوسيّ في المبسوط 1:11. [2]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:76. [3]
6- 6) انظر قول عليّ بن بابويه في المختلف 1:5،و محمّد بن عليّ بن بابويه في الفقيه 1:13.
7- 7) الكافي في الفقه:130.
8- 8) السّرائر:10.

لنا:رواية أبي أسامة في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(فإن تغيّر الماء فخذه حتّى يذهب الرّيح) (1).

و رواية ابن بزيع في الصّحيح،عن الرّضا عليه السّلام:(فينزح منه حتّى يذهب الرّيح و يطيب طعمه،لأنّه (2)له مادّة) (3).

و في رواية سماعة:(و إن أنتن حتّى يوجد ريح النّتن في الماء،نزحت البئر حتّى يذهب النّتن من الماء) (4).

و في رواية زرارة:(فإن غلبت الرّيح،نزحت حتّى تطيب) (5)و لأنّ العلّة هي التّغيّر بالنّصّ و الدّوران في الطّرفين على مذهبنا،و قد زال،فيزول الحكم التّابع،و لأنّه قبل وقوع المغيّر طاهر،فكذا بعده مع زوال التّغيّر،و الجامع المصلحة النّاشئة من الطّهارة في الحالين، و لأنّ نزح الجميع حرج و ضرر،فيكون منفيّا،و لأنّه لو لم يكن زوال التّغيّر غاية،لزم:إمّا خرق الإجماع،أو الفرق بين الأمور المتساوية بمجرّد التّحكّم (6)،أو إلحاق الأمور المختلفة بعضها ببعض لمعنى غير معتبر شرعا،و التّالي بأقسامه باطل،فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة:انّه حينئذ إمّا أن لا يطهر بالنّزح و هو خرق الإجماع،أو يطهر،فإمّا بنزح الجميع حالتي الضّرورة و الاختيار،و هو خرق الإجماع أيضا،و إمّا بنزح الجميع حالة الاختيار،و بالزّوال حالة الضّرورة و العجز،و هو الفرق بين الأمور المتساوية،ضرورة تساوي الحالتين في التّنجيس،أو بالجميع في الاختيار،و بالتّراوح عند الضّرورة،قياسا على الأشياء المعيّنة الموجبة لنزح الجميع،و هو قياس أحد المختلفين على الآخر،ضرورة عدم

ص:102


1- 1التّهذيب 1:233 حديث 675.
2- 2) كذا في النّسخ،و في المصدر:لأنّ.
3- 3) التّهذيب 1:234 حديث 676،الاستبصار 1:33 حديث 87،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [1]
4- 4) التّهذيب 1:236 حديث 681،الاستبصار 1:36 حديث 98،الوسائل 1:135 الباب 17 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 1:241 حديث 697،الاستبصار 1:35 حديث 96،الوسائل 1:132 الباب 15 من أبواب الماء المطلق حديث 3- [3]بتفاوت يسير.
6- 6) في«م»«ن»«ح»«ق»:الحكم.

النّصّ الدّالّ على الإلحاق،أو ينزح شيء معيّن،و هو خرق الإجماع.ضرورة عدم القائل به من الأصحاب.

لا يقال:لا نسلّم تساوي حالتي الضّرورة و الاختيار.

لأنّا نقول:نعني بالتّساوي هاهنا اتّحادهما في الحكم بالتّنجيس،مع سقوط التّعليل بالمشقّة و الحرج في نظر الشّرع،إذ هو حوالة على وصف خفيّ مضطرب،و مثل هذا لا يجعله الشّارع مناطا للحكم،و لأنّه يشبه الجاري بمادّته فيشبهه في الحكم،و قد نصّ الرّضا عليه السّلام على هذه العلّة (1).و لا شكّ في انّ الجاري يطهر بتواتر جريانه حتّى يزول التّغيّر، فكذا البئر إذا زال التّغيّر بالنّزح،يعلم حصول الجريان من النّابع الموجب لزوال التّغيّر.

حجّة الشّيخ:ما رواه في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(فإن أنتن غسل الثّوب و أعاد الصّلاة و نزحت البئر) (2).

و في رواية منهال:(و إن كان (3)جيفة قد أجيفت فاستق منها مائة دلو،فإن غلب عليها الرّيح بعد مائة دلو،فانزحها كلّها) (4)،و لأنّه ماء محكوم بنجاسته إجماعا،فالتّقدير تحكّم.

و الجواب عن الحديث الأوّل من وجهين:

أحدهما:يحتمل(نزحت البئر حتّى تطيب)و يجب المصير إليه جمعا بين الأخبار.

الثّاني:يحتمل انّ الماء قد تغيّر تغيّرا لا يزيله إلاّ نزح الجميع،إمّا لقلّته أو لغلبة النّجاسة.

و عن الثّاني:بالوجه الثّاني من هذين،و يدلّ عليه العادة،فإنّ من المستبعد نزح مائة دلو من ماء متغيّر،و لا يزول تغيّره إلاّ لغلبة النّجاسة و ضيق مجاري الماء و قلّة الجريان.

ص:103


1- 1راجع ص 102 رقم 3.
2- 2) التّهذيب 1:232 حديث 670،الاستبصار 1:30 حديث 80،الوسائل 1:127 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 10. [1]
3- 3) كذا في النسخ،و في المصادر:كانت.
4- 4) التّهذيب 1:231 حديث 667،الاستبصار 1:27 حديث 70،الوسائل 1:143 الباب 22 من أبواب الماء المطلق حديث 7. [2]

و عن الثّالث:بالمنع من التّحكّم،و بالخصوص مع وجود النّصّ المتقدّم .

الثّاني:إذا وقع فيها نجاسة لم يقدّر لها الشّارع منزوحا و لم يغيّر الماء

،فعندنا لا يتعلّق به حكم.

و القائلون بالتّنجيس اختلفوا،فقال بعضهم بالجميع،لأنّه ماء محكوم بنجاسته،فلا بدّ من النّزح (1)،و التّخصيص ببعض المقادير ترجيح من غير مرجّح،فوجب نزح الجميع.

و بعضهم أوجب نزح أربعين (2)،لرواية كردويه (3)،و هي إنّما تدلّ على نزح ثلاثين، و مع ذلك فالاستدلال بها لا يخلو من تعسّف،و تردّد الشّيخ في المبسوط (4).و الأقوى عندي تفريعا على التّنجيس:الأوّل .

الثّالث:المعتبر في الدّلو العادة،لعدم النّصّ الدّالّ على التّقدير

،و أبو حنيفة قال:إن كان لها دلو معروف نزح به،و إلاّ اتّخذ دلوا تسع عشرة أرطال،و قيل:ثمانية أرطال (5).

الرّابع:لو تعلّق الحكم بعدد معيّن،فنزح بدلو عظيم يسع ذلك العدد

،ليس لأصحابنا فيه نصّ،و الوجه عدم الإجزاء،لأنّ الحكم تعلّق بعدد معيّن،و مقدار معيّن،فالمساوي لأحدهما غير مجز،و هو اختيار زفر (6)، (7).

ص:104


1- 1السّرائر:13،الغنية(الجوامع الفقهيّة):552.
2- 2) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):669.
3- 3) التّهذيب 1:413 حديث 1300،الاستبصار 1:43 حديث 120،الوسائل 1:133 الباب 16 من أبواب الماء المطلق حديث 3.
4- 4) المبسوط 1:12.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:86،المبسوط للسّرخسي 1:92،شرح فتح القدير 1:90،الهداية للمرغيناني 1:22،و في الجميع:التّعبير بالصّاع.و قال في الهداية 1:117،و شرح فتح القدير 2:229:الصّاع عند أبي حنيفة:ثمانية أرطال.
6- 6) زفر بن الهذيل بن قيس من بني العنبر:يكنّى أبا الهذيل الفقيه الحنفيّ،و صاحب أبي حنيفة.مات بالبصرة سنة 158 ه. ميزان الاعتدال 2:71،شذرات الذّهب 1:243، [1]الفهرست لابن النّديم:285، [2]وفيات الأعيان 2:19،العبر 1:176. [3]
7- 7) تبيين الحقائق 1:29.

و قال أبو حنيفة و صاحباه (1):يحكم بالطّهارة (2).

الخامس:لا تنجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح للمشقّة المنفيّة

(3)

.و هو أحد وجهي الشافعيّة،و الآخر:تنجس (4).فيغسل لو أريد تطهيرها،و ليس بجيّد للضرر،و عدم إمكان التّطهير.و عن أحمد روايتان كالوجهين (5).

السّادس:لا يجب غسل الدّلو بعد الانتهاء من النّزح

،لعدم الدّليل الدّالّ على ذلك،و لأنّه حكم شرعيّ،فكان يجب على الشّرع بيانه،و لأنّه يستحبّ زيادة النّزح في البعض،و لو كان نجسا لتعدّت نجاسته إلى الماء .

السّابع:لا تجب النّيّة في النّزح

،لعدم الدّليل الدّالّ على الوجوب،و لأنّه ليس في نفسه عبادة مطلوبة،بل معنى وجوب النّزح عدم جواز الاستعمال إلاّ به،لا انّه مستقرّ في الذّمّة، فجرى مجرى إزالة النّجاسات (6).

فرع:يجوز أن يتولّى النّزح البالغ و غيره،و المسلم و غيره مع عدم المباشرة،للمقتضي،و هو النّزح السّالم عن معارضة اشتراط النّيّة .

الثّامن:يحكم بالطّهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء

،و المتساقط من الدّلو معفوّ عنه للمشقّة،و لأنّ الحكم بالطّهارة معلّق (7)بالنّزح و قد حصل،و لأنّ البئر معدن الطّاهر، و الدّلو معدن النّجس،فإذا انفصل عن وجه الماء،تميّز النّجس عن الطّاهر،فيطهر،كما لو نحّي عن رأس البئر.

ص:105


1- 1المراد بهما:محمّد و أبو يوسف.
2- 2) انظر:بدائع الصّنائع 1:72،المبسوط للسّرخسي 1:92،الهداية للمرغيناني 1:22،شرح فتح القدير 1:90.
3- 3) «ح»«ق»:النّزح.
4- 4) مغني المحتاج 1:23،المجموع 1:148.
5- 5) المغني 1:67،الإنصاف 1:65.
6- 6) «ح»«ق»:النّجاسة.
7- 7) «ح»«ق»:متعلّق.

و قال أبو حنيفة و أبو يوسف:لا يطهر إلاّ إذا نحّي عن رأس البئر،لأنّ الفصل بين ماء البئر و ماء الدّلو واجب[لا الفصل (1)]بين الظّرفين،و ماء البئر متّصل بالدّلو حكما،لأنّه لا ينجس الماء بما يتقاطر منه،فحكم المتقاطر حكم ماء البئر،فلا يقع الانفصال من كلّ وجه،بخلاف ما إذا نحّي عن رأس البئر،لأنّه انفصال حقيقيّ،و لهذا لو عاد شيء من ماء الدّلو إليه،وجب النّزح ثانيا (2).

التّاسع:إذا وجدت الجيفة في البئر

،فإن غيّرت الماء،حكم بنجاسته من حين الوقوف على التّغيّر،و إلاّ فلا،سواء وجدت منتفخة أو لا.هذا على رأينا،و أمّا القائلون بالتّنجيس،فحكموا به من حين الوجدان (3)،و هو اختيار أبي يوسف و محمّد (4)،لأنّ النّجاسة في الحال متيقّنة،و في الماضي مشكوك فيه (5)،لاحتمال موتها خارجا و انتفاخها ثمَّ سقوطها،فلا تثبت النّجاسة في الماضي بالشّك.

و عند أبي حنيفة إن وجدت منتفخة حكم بنجاستها منذ ثلاثة أيّام و لياليها،و إن كانت غير منتفخة منذ يوم و ليلة (6)،لأنّ الموت حادث لا بدّ له من سبب ظاهر،و الوقوع في الماء سبب صالح،فيضاف إليه للمناسبة،و من المعلوم انّه لا يموت بالسّقوط في زمان قصير، بل يمضي مدّة كثيرة و نهايتها غير مضبوطة،فقدّرناها بيوم و ليلة الّذي هو أدنى الكثرة.

و الانتفاخ يفتقر إلى زمان أكثر من زمان الموت،و هو غير ممكن أن يوقف عليه،فقدّرناه بثلاثة أيّام و لياليها.و ما ذكره أبو حنيفة ليس بجيّد،لأنّ الوصف الّذي ذكره مناسبا، مرسل غريب،فإنّه لم يشهد له أصل من الأصول بالاعتبار بطريق من الطّرق،فكان مرسلا،و لم يعتبر جنسه البعيد في جنس الحكم،فكان غريبا،فيكون مردودا اتّفاقا.

ص:106


1- 1«ن»:لا فصل،«خ»:للفصل،و الظّاهر ما أثبتناه.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:92،بدائع الصّنائع 1:77،شرح فتح القدير 1:92.
3- 3) منهم:المفيد في المقنعة:9،و الشّيخ في المبسوط 1:11،و سلاّر في المراسم:34.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:59،بدائع الصّنائع 1:78،شرح فتح القدير 1:93.
5- 5) كذا في جميع النّسخ،و الأنسب:فيها.
6- 6) راجع المصادر السّابقة.

و أيضا:المناسبة إنّما تتمّ على تقدير عدم وجود مفسدة راجحة أو مساوية (1)،و المفسدة هنا موجودة،و هي الضّرر الحاصل من التّنجيس في الماضي.

و أيضا:الموت حاصل من اللّه تعالى،فكيف يطلب له سبب ظاهر،و بالخصوص مع عدم توقّف الموت على السّبب دائما و لا أكثريّا؟! و أيضا:التّقييد لأدنى كثرة الموت بيوم و ليلة و لأدنى الانتفاخ بثلاث،تخمين غير مطابق للوجود،بل في الغالب يحصلان لأقلّ من المقدّرين .

العاشر:إذا تكرّرت النّجاسة

(2)

،فإن كانت من نوع واحد،فالأقرب سقوط التّكرير في النّزح،لأنّ الحكم معلّق على الاسم المتناول للقليل و الكثير لغة،أمّا إذا تغايرت،فالأشبه عندي:التّداخل.

لنا:انّه بفعل الأكثر يمتثل الأمرين،فيحصل الإجزاء،و قد بيّنا انّ النّيّة غير معتبرة، فلا يقال:انّه يجب عليه النّزحان (3)لكلّ نجاسة مقدار مغاير.

لا يقال:يلزم تعليل الشّيء الواحد بعلل متغايرة،و هو محال.

لأنّا نقول:الحقّ انّ هذه علامات و معرّفات لا علل عقليّة،و لا استحالة في اجتماع المعرّفات،و يحتمل التّزايد،لأنّ كثرة الواقع يزيد مقدار النّجاسة،فيؤثّر زيادة شياع للنّجاسة في الماء.و لهذا اختلف النّزح بزيادة (4)مقدار الواقع و موته و إن كان طاهرا في الحياة .

الحادي عشر:لو وقع جزء الحيوان في البئر،كيده و رجله،يلحق بحكمه

،عملا بالاحتياط الدّالّ على المساواة،و بأصالة البراءة الدّالّة على عدم الزّيادة .

الثّاني عشر:النّزح إنّما يجب بعد إخراج النّجاسة

،و هو متّفق عليه بين القائلين بالتّنجيس،فإنّه قبل الإخراج لا فائدة فيه و إن كثر.

ص:107


1- 1«ح»«ق»:متساوية.
2- 2) «خ»«ن»«م»:تكثّرت.
3- 3) «ح»«ق»:نزحات.
4- 4) «خ»:لزيادة.
الثّالث عشر:لو وجب نزح عدد معيّن،فنزح الدّلو الأوّل ثمَّ صبّ فيها

،فالّذي أقوله تفريعا على القول بالتّنجيس:انّه لا يجب نزح ما زاد على العدد عملا بالأصل،و لأنّه لم تزد (1)النّجاسة بالنّزح و الإلقاء،و كذا إذا القي الدّلو الأوسط.أمّا لو القي الدّلو الأخير بعد انفصاله عنها،فالوجه دخوله تحت النّجاسة الّتي لم يرد فيها نصّ.و كذا لو رمي الدّلو الأوّل في بئر طاهرة الحق بغير المنصوص.

و قالت الحنفيّة:تطهر البئر الثّانية بما تطهر به البئر الاولى (2)و ليس بجيّد،لأنّ النّزح الأوّل وجب لنجاسة معيّنة،و الماء المصبوب مغاير لها،فلا يلحقه حكمها من حيث النّصّ.و أمّا القياس فيه فباطل،خصوصا على رأيهم في انّه لا يجري القياس في الأمور المقدّرة،كالحدود و الكفّارات.

و لو ألقيت النّجاسة العينيّة و ما وجب لها من المنزوح في الطّاهرة،فالأولى التّداخل.

و هو مذهب الحنفيّة (3).

الرّابع عشر:لو غار ماؤها قبل النّزح ثمَّ ظهر فيها بعد الجفاف ماء

(4)

،فالأصل فيه الطّهارة.

لا يقال:ظهور الماء عقيب الجفاف أمارة على انّ العائد هو الأوّل.

لأنّا نقول:جاز أن يكون هو الأوّل،و جاز أن يكون قد انصبّ إليها من(مواد جهات) (5)لها،و إذا جاز الأمران جوازا متساويا،كيف يجعل الإعادة أمارة على أحد الجائزين دون الآخر؟! لا يقال:البئر قد تعلّق عليها الحكم بوجوب النّزح،فلا يسقط إلاّ به.

لأنّا نقول:النّزح لم يتعلّق بالبئر،بل بمائها المحكوم بنجاسته الّذي لا يعلم وجوده، فالتّكليف بالنّزح منه،تكليف بما لا يطاق،و لأنّ التّكليف سقط وقت الذّهاب،فعوده

ص:108


1- 1«ح»«ق»«خ»:ترد.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:91،بدائع الصّنائع 1:77،شرح فتح القدير 1:91.
3- 3) راجع المصادر السّابقة.
4- 4) ليست في:«م».
5- 5) في«م»:مواد و جهات.

يحتاج إلى دليل مستأنف .

الخامس عشر:لو سيق إليها نهر من الماء الجاري و صارت متّصلة به

،فالأولى على التّخريج:الحكم بالطّهارة،لأنّ المتّصل بالجاري كأحد أجزائه،فيخرج عنه حكم البئر .

السّادس عشر:الجنب إذا ارتمس فيها هل يطهر أم لا؟

نصّ في المبسوط انّه لا يطهر (1)و يمكن أن يكون ذلك منه بناء على مذهبه من انّ الماء المستعمل في الكبرى لا يجوز استعماله لا من حيث انّه نجس لعدم ملاقاته للنّجاسة (2)،و العجب انّ ابن إدريس القائل بطهارة المستعمل،حكم هنا بنجاسة البئر (3)،و لم يوجد في الأحاديث شيء يدلّ عليه، و لا في لفظ أصحابنا ذلك،و الحق عندي بناء على التّنجيس:عدم تنجيس الماء و الاكتفاء بالطّهارة،و لا ينافي ذلك وجوب النّزح.

و قال أبو حنيفة:إذا ارتمس بغير نيّة الاغتسال،فالماء نجس و الرّجل طاهر،لأنّ الماء مطهّر بذاته،و إنّما يتنجّس بعد مزايلته عن البدن (4)،و هو بناء على تنجيس المستعمل و عدم اشتراط النّيّة.و سيأتي البحث فيهما.

و قال أبو يوسف:الرّجل جنب و الماء نجس (5).لأنّ صبّ الماء عنده شرط لإزالة الحدث،و لم يوجد،و الماء نجس لملاقاته البدن و هو النّجس،و المقدّمتان ممنوعتان.

و قال محمّد:الماء طاهر و الرّجل طاهر (6)،لأنّ الماء لاقى بدنه و هو مطهّر،فيطهر،و لا ينجس الماء،لاشتراط نيّة التّقرّب عنده في صيرورة الماء مستعملا،و لم يوجد .

مسألة:لا تنجس البئر بالبالوعة و إن قربت ما لم تتّصل بالنّجاسة

.

ص:109


1- 1المبسوط 1:12.
2- 2) المبسوط 1:11، [1]النّهاية:4، [2]الخلاف 1:46 مسألة 126-127.
3- 3) السّرائر:7 حيث قال بطهارة المستعمل،و في ص 12 قال بالنّزح لارتماس الجنب.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:53،بدائع الصّنائع 1:70،شرح فتح القدير 1:80،الهداية للمرغيناني 1:20.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:70،المبسوط للسّرخسي 1:53.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:53،بدائع الصّنائع 1:70،شرح فتح القدير 1:79،الهداية للمرغيناني 1:20.

لنا:ما رواه محمّد بن القاسم (1)،عن أبي الحسن عليه السّلام،في البئر يكون بينها و بين الكنيف خمس و أقلّ و أكثر يتوضّأ منها؟فقال:(ليس يكره من قرب و لا بعد،يتوضّأ منها و يغتسل ما لم يتغيّر الماء) (2)و لأنّ طهارة الماء معلومة فلا تزول إلاّ مع تيقّن السّبب، و لأنّه حرج،فيكون منفيّا.نعم،يستحبّ تباعدهما قدر خمسة أذرع إن (3)كانت البئر فوق البالوعة أو كانت الأرض صلبة،و مع فقدهما سبعة،لما رواه الحسن بن رباط (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن البالوعة تكون فوق البئر؟قال:(إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع و إن كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كلّ ناحية و ذلك كثير) (5).

و في رواية قدامة بن أبي زيد الحمّار (6)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته،كم أدنى ما يكون بين البئر-بئر الماء-و البالوعة؟فقال:(إن كان سهلا فسبعة أذرع،و إن كان جبلا فخمسة) (7).

ص:110


1- 1محمّد بن القاسم بن الفضيل بن يسار النّهديّ:ثقة،من أصحاب الرّضا(ع).رجال النّجاشي:362، رجال الطّوسي:391.
2- 2) الكافي 3:8 حديث 4، [1]التّهذيب 1:411 حديث 1294،الاستبصار 1:46 حديث 129،الوسائل 1:126 الباب 14 من أبواب الماء المطلق حديث 4- [2]بتفاوت يسير.
3- 3) «م»:إذا.
4- 4) الحسن بن رباط البجليّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام. و الكشّي،هو و إخوته:الحسين و عليّ و يونس،من أصحاب الصّادق(ع). رجال النّجاشي:46،رجال الكشّي:368،رجال الطّوسي:115،167.
5- 5) الكافي 3:7 حديث 1، [3]التّهذيب 1:410 حديث 1290،الاستبصار 1:45 حديث 126،الوسائل 1:145 الباب 24 من أبواب الماء المطلق حديث 3،و [4]فيه:الحسين بن رباط.
6- 6) قدامة بن أبي يزيد الحمار،وقع في طريق محمّد بن يعقوب في الكافي،و [5]الشّيخ في التّهذيب و الاستبصار،في باب البئر تكون إلى جنب البالوعة،إلاّ انّ في التّهذيب:قدامة بن أبي زيد الحمّار،و في الاستبصار: الجمّال بدل الحمّار،قال السّيّد الخوئي:ما في الكافي، [6]هو الصّحيح.لم نعثر على ترجمته في الكتب الرّجالية الّتي بأيدينا. معجم رجال الحديث 14:82. [7]
7- 7) الكافي 3:8 حديث 3، [8]التّهذيب 1:410 حديث 1291،الاستبصار 1:45 حديث 127،الوسائل 1:145 الباب 24 من أبواب الماء المطلق حديث 2 و [9]فيه:قدامة بن أبي زيد الجماز،و في الجميع بتفاوت يسير.

و في رواية محمّد بن سليمان الدّيلميّ (1)،عن أبيه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف؟فقال لي:(انّ مجرى العيون كلّها مع مهبّ الشّمال،فإذا كانت البئر النّظيفة فوق الشّمال و الكنيف أسفل منها،لم يضرّها إذا كان بينهما أذرع،و إن كان الكنيف فوق النّظيفة،فلا أقلّ من اثني عشر ذراعا،و إن كان تجاها بحذاء القبلة و هما مستويان في مهبّ الشّمال،فسبعة أذرع) (2).

و في رواية زرارة و محمّد بن مسلم،و أبي بصير في الحسن،قالوا:قلنا له:بئر يتوضّأ منها يجري البول قريبا منها،أ ينجّسها؟قال:فقال:(إن كانت البئر في أعلى الوادي، فالوادي (3)يجري فيه البول من تحتها و كان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك شيء،و إن كانت البئر في أسفل الوادي و يمرّ عليها الماء و كان بين البئر و بينه تسعة (4)أذرع،لم ينجّسها،و ما كان أقلّ من ذلك،لم يتوضّأ منه)قال زرارة:فقلت له:فإن كان يجري يلزقها (5)و كان لا يلبث (6)على الأرض؟فقال:(ما لم يكن له قرار فليس به بأس،فإن استقرّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض و لا يغوله حتى يبلغ البئر،و ليس على البئر منه بأس،فتوضّأ منه إنّما ذلك إذا استنقع كلّه) (7).

لا يقال:هذا الحديث يدلّ على التّنجيس من وجوه:

ص:111


1- 1أبو عبد اللّه محمّد بن سليمان بن عبد اللّه الدّيلميّ،ضعيف جدّا،له كتاب،قاله النّجاشيّ.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين،الكاظم و الرّضا عليهما السّلام.مع توصيفه بالبصريّ و رميه بالغلوّ،و قد وصفه بعض بالنّصريّ و لكنّه رجل واحد.قاله العلاّمة المامقانيّ. رجال النّجاشي:365،رجال الطّوسي:359،386،رجال العلاّمة:255، [1]جامع الرّواة 2:122، [2]تنقيح المقال 3:122. [3]
2- 2) التّهذيب 1:410 حديث 1292،الوسائل 1:145 الباب 24 من أبواب الماء المطلق حديث 6. [4]
3- 3) كذا في النّسخ،و في المصدر:و الوادي.
4- 4) «ح»«ق»:سبعة.
5- 5) كذا في النّسخ،و في المصادر:يلصقها،يلزقها.
6- 6) «ح»«ق»:يثبت.
7- 7) الكافي 3:7 حديث 2، [5]التّهذيب 1:410 حديث 1293،الاستبصار 1:46 حديث 128،الوسائل 1:144 الباب 24 من أبواب الماء المطلق حديث 1،و [6]فيه:يلصقها-و في الجميع بتفاوت يسير.

الأوّل:انّه علّق عدم التّنجيس بعدد،فينتفي عند انتفائه.

الثّاني:قوله:(و إن كان أقلّ من ذلك لم يتوضّأ منه)و ما ذاك إلاّ للتّنجيس.

الثّالث:قوله:(ما لم يكن له قرار،فليس به بأس)دلّ من حيث المفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.

الرّابع:قوله:(و ما كان منه قليل لا يثقب الأرض،فليس به بأس)دلّ على ثبوت البأس مع الكثرة.

الخامس:قوله:(إنّما ذلك إذا استنقع كلّه)دلّ بالنّصوصيّة على ثبوت التّنجيس مع الاستنقاع.

لأنّا نقول:الجواب عمّا ذكرتموه من حيث الإجمال و من حيث التّفصيل:

أمّا الإجمال فمن وجهين:

أحدهما:انّ هؤلاء الرّواة لم يسندوها عن إمام،و يجوز أن يكون قولهم:(قلنا)إشارة إلى بعض العلماء،و إن كان هذا الاحتمال مرجوحا إلاّ انّه غير ممتنع.

الثّاني:انّ الوجوه الّتي ذكرتموها،غير دالّة على التّنجيس بمنصوص الخطاب،بل بمفهومه،فلا يعارض النّصّ.

و أمّا التّفصيل،فالجواب عن الأوّل بالمنع من عدم الحكم عند عدم العدد.و لنزد هذا تحقيقا فنقول:إذا (1)كان العدد النّاقص علّة للعدم،امتنع الوجود في الزّائد لوجود علّة العدم فيه،أمّا لو كان النّاقص موصوفا بحكم لم يجب اتصاف الزّائد به،فإنّه لا يلزم من إيجاب الثّمانين إيجاب الزّائد،و إذا كان العدد موصوفا بوصف الإباحة،كان النّاقص عنه إذا كان داخلا تحته في كلّ حال موصوفا بها،كإباحة جلد الثّمانين المستلزم لإباحة العشرين، و إن لم يدخل تحته البتّة لم يتعدّ الوصف إليه،كإباحة العمل بالشّاهدين،و إن دخل في حال دون أخرى كإباحة استعمال ألف و مائتي رطل إذا وقع فيها نجاسة،لم تدلّ على الثّبوت في الأقلّ،أمّا لو حرّم عددا،فقد يكون الأقل أولى بالتّحريم،كما في تحريم استعمال ما نقص عن الكرّ مع وقوع النّجاسة المستلزم لتحريم استعمال ما نقص عن

ص:112


1- 1«خ»:إن.

النّاقص،و قد لا يكون،فإنّه لا يستلزم تحريم جلد القاذف مائة،تحريم الثّماني،و حكم الإيجاب حكم الإباحة.

و عن الثّاني:لا نسلّم انّ النّهي نهي تحريم.سلّمنا،لكن لا نسلّم انّه للتّنجيس، و كيف يحكم بذلك من يستدلّ على التّنجيس من أصحابنا و هم قد اتّفقوا على عدم التّنجيس بالتّقارب جدّا؟! و عن الثّالث انّ هذا مفهوم دليل الخطاب،و هو ضعيف،و لو سلّم فلا نسلّم انّ البأس يستلزم التّحريم،و هو الجواب عن الرّابع.

و عن الخامس:انّه ليس دالاّ على التّنجيس،بل على ثبوت البأس،و لو سلّم لكن ليس مطلق الاستقرار مقتضيا للتّنجيس،بل الاستقرار الموجب للنّفوذ،و يدلّ عليه قوله:

(فإن استقرّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض)و نحن نقول بموجبة،فإنّه مع النّفوذ من المستبعد أن لا يغيّر الماء فيحكم بالتّنجيس حينئذ.

و في رواية ابن بابويه،عن أبي بصير،قال:نزلنا في دار فيها بئر و إلى جانبها بالوعة ليس بينهما إلاّ نحو من ذراعين،فامتنعوا من الوضوء منها و شقّ ذلك عليهم،فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام،فأخبرناه به،فقال:(توضّأوا منها فإن لتلك البالوعة مجاري تصبّ في واد تصبّ (1)في البحر (2)).

و هذه الرّواية مناسبة للمذهب و إن كان في طريقها عليّ بن أبي حمزة،فيعمل عليها بموافقة الأصل،و غيرها من الأحاديث (3).

فرع:لو تغيّر ماؤها تغيّرا يصلح استناده إلى البالوعة،فهو على الطّهارة ما لم يحصل اليقين بالاستناد.و كذا غير البالوعة من النّجاسات.

آخر:لو وقع حيوان غير مأكول اللّحم في البئر،لم ينجّسها مع خروجه حيّا،لأنّ المخرج ينضمّ انضماما شديدا لخوفه،فلا يحصل ملاقاة الماء لموضع النّجاسة،و ما نقلناه عن أبي

ص:113


1- 1في المصدر:ينصبّ.
2- 2) الفقيه 1:13 حديث 24،الوسائل 1:145 الباب 24 من أبواب الماء المطلق حديث 4. [1]
3- 3) انظر:الوسائل 1:144 الباب 24 من أبواب الماء المطلق.

حنيفة أوّلا فليس شيئا البتّة.

البحث الثّالث:في المضاف

و هو كلّ ما افتقر صدق اسم الماء عليه إلى تقييد و صحّ سلب المطلق عنه،سواء اعتصر من جسم،أو استخرج منه،أو مزج به ما يسلبه الإطلاق،كماء الرّمّان،و الورد، و الزّعفران،و هو طاهر إجماعا.

و لأنّ الأصل:الطّهارة،و النّجاسة طارئ،فيفتقر إلى السّبب،و لا يرفع حدثا إجماعا منّا،و ما اخترناه مذهب الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3)،و أبي عبيدة (4)، (5)، خلافا لأبي حنيفة،فإنّه جوّز الوضوء بنبيذ التّمر مع عدم الماء إذا كان حلوا أو قارسا (6)، (7).

و لو غلى و اشتدّ و قذف بالزّبد،لم يجز التّوضّؤ به في رواية (8).

ص:114


1- 1الام 1:7،مغني المحتاج 1:18،المهذّب للشّيرازي 1:4،المجموع 1:92،104،فتح الوهّاب 1:3، بداية المجتهد 1:27،أحكام القرآن للجصّاص 5:202،التفسير الكبير 11:170، [1]الهداية للمرغيناني 1:18،الام(مختصر المزني)8:1.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:4،بداية المجتهد 1:27،مقدّمات ابن رشد 1:27،بلغة السّالك 1:13،المجموع 1:104،المغني 1:40.
3- 3) المغني 1:39،الكافي لابن قدامة 1:7،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:5.
4- 4) يحتمل أن يكون المراد منه أبو عبيد القاسم بن سلام،و قد مرّت ترجمته في ص 44.و إن كان المراد منه أبو عبيدة،فهو:معمّر بن المثنّى اللّغويّ البصريّ،مولى بني تيم،و هو أوّل من صنّف غريب الحديث،أخذ عنه أبو عبيد و أبو حاتم و المازنيّ.مات سنة 211 ه.و قيل:210 ه. بغية الوعاة:395،تذكرة الحفّاظ 1:371.
5- 5) المغني 1:38 و فيه عن أبي عبيد.
6- 6) كذا في النّسخ،و الظاهر:قارصا.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:15،عمدة القارئ 3:179،بداية المجتهد 1:33،تفسير القرطبيّ 13:51، [2]المغني 1:38،إرشاد السّاري 1:309،التفسير الكبير 11:169، [3]المجموع 1:93.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:17،عمدة القارئ 3:180.

و لو انّه طبخ أدنى طبخة،فحكمه حكم المثلّث من العنب،فإنّه يجوز شربه في قول أبي حنيفة و أبي يوسف (1)،و عند محمّد:لا يتصوّر،فما دام حلوا فهو على الاختلاف المذكور (2).

و لو غلى و اشتدّ،قال أبو حنيفة:له أن يتوضّأ به (3).و قال محمّد:ليس له أن يتوضّأ به (4).كما اختلفوا في شربه (5)،و قال الأوزاعيّ:يجوز التّوضّؤ بالأنبذة كلّها،حلوا كان أو غير حلو،مسكرا كان أو غير مسكر،إلاّ الخمر خاصّة (6).

و روى نوح بن أبي مريم (7)عن أبي حنيفة انّ التّوضؤ بنبيذ التّمر منسوخ (8).

و قال أبو يوسف:يتيمّم و لا يتوضّأ بالنّبيذ (9).قال:و ذكر الحسن (10)عن أبي حنيفة:انّه يجمع بين التّيمّم و النّبيذ،فإن ترك أحدهما،لم تجز صلاته (11).

و قال محمّد:يجوز أن يجمع بينهما احتياطا أيّهما ترك لا يجوز،و أيّهما قدّم و أخّر جاز (12).

ص:115


1- 1المبسوط للسّرخسي 24:14،بدائع الصّنائع 1:17،إرشاد السّاري 1:309.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:17،عمدة القارئ 3:179،شرح فتح القدير 1:105.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:17،عمدة القارئ 3:179،شرح فتح القدير 1:105.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:17،عمدة القارئ 3:179،شرح فتح القدير 1:105.
5- 5) شرح فتح القدير 1:105.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:89،بدائع الصّنائع 1:17،عمدة القارئ 3:179،إرشاد السّاري 1:309، المحلّى 1:202،المجموع 1:92.
7- 7) أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزيّ،قاضي مرو،لقّب بالجامع،لأنّه أخذ الفقه عن أبي حنيفة و ابن أبي ليلى،و أخذ الحديث عن حجّاج بن ارطاة،و المغازي عن ابن إسحاق،و التّفسير عن مقاتل.مات سنة 173 ه. شذرات الذّهب 1:283، [1]الجرح و التّعديل 8:484.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:15،شرح فتح القدير 1:103،عمدة القارئ 3:179.
9- 9) راجع نفس المصادر بإضافة إرشاد السّاري 1:309.
10- 10) الحسن بن زياد اللؤلؤيّ،أبو عليّ الكوفي و القاضي فيها.صاحب أبي حنيفة و تفقّه عليه،و روى عن ابن جريح،مات سنة 204.و قيل:254 ه.شذرات الذّهب 2:12،ميزان الاعتدال 1:491،لسان الميزان 2:208.
11- 11) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:15.
12- 12) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:15،المحلّي 1:203،إرشاد السّاري 1:309،الجامع الصغير للشّيباني:74،المجموع 1:93.

و قال الحسن البصريّ:لا بأس بالوضوء بالنّبيذ (1).

و قال عكرمة:النّبيذ وضوء لمن لم يجد الماء (2).

و قال إسحاق:النّبيذ حلوا أحبّ إلى من التّيمّم،و جمعهما أحبّ إليّ (3).

لنا:وجوه:

أحدها:قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (4)أوجب التّيمّم عند عدم الماء المطلق،و واجد المضاف غير واجد للمطلق،فانتفت الواسطة.

الثّاني:رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل يكون معه اللّبن، أ يتوضّأ منه للصّلاة؟قال:(لا،إنّما هو الماء و الصّعيد) (5)نفي أن يكون غير الماء المطلق و التّراب مطهّرا.

الثّالث:الوضوء حكم شرعيّ،فيقف تحصيله على الشّرع،و الّذي قطع الشّرع الحصول به،الماء المطلق،فيبقى الباقي غير مجز.

الرّابع:منع الدّخول في الصّلاة لأجل الحدث مستفاد من الشّرع،فيستمرّ ما لم يظهر دلالة شرعيّة على زواله.

الخامس:لو حصل رفع الحدث بالنّبيذ لحصل بماء الباقلاّء المغليّ،و المقدّم كالتّالي باطل.

بيان الشّرطيّة:انّ الارتفاع لو حصل في محلّ النّزاع،كان لرجحان صفة المائيّة الأصليّة على صفة الحلاوة الفرعيّة عملا بالمناسبة،و لو كان كذلك،لزم حصول الارتفاع بماء الباقلاّء ترجيحا للمائيّة الأصليّة على صفة الآدميّة (6)،إذ القول بالافتراق مع التّساوي في الدّاعي ممتنع اتّفاقا.

ص:116


1- 1صحيح البخاري 1:70،المغني 1:38،عمدة القارئ 3:179،إرشاد السّاري 1:309.
2- 2) المغني 1:38،المحلّى 1:202،مجمع الزّوائد 1:215.
3- 3) المغني 1:38،تفسير القرطبي 13:52، [1]عمدة القارئ 3:179.
4- 4) النّساء:43. [2]
5- 5) التّهذيب 1:188 حديث 540،الاستبصار 1:155 حديث 534،الوسائل 1:146 الباب 1 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [3]
6- 6) لعلّ الأنسب:الأداميّة.

السّادس:لو حصل الرّفع بالمضاف،لكان لكونه منصوصا عليه أو في معناه أو بغيرها، و الحصر ظاهر،و الأوّل باطل،لأنّ المنصوص عليه هو المطلق،ضرورة انّ الإطلاق في الأسماء ينصرف إلى الكامل من المسمّيات،اعتبره بإجزاء السّليم في الزّكاة دون غيرها، و الكامل من الماء هو الباقي على الصّفات الأصليّة،فإذا تبدّلت بأضدادها،خرجت عن الكمال،فلا ينصرف لفظ الإطلاق إليه،و لأنّ النّصوص إنّما وردت بالماء في أوّل خلقه و نزوله،و هو حينئذ عار من الإضافة.

و أمّا الثّاني:فالنّاس قائلان،منهم:من لم يعلّل الطّهوريّة في الماء،و منهم:من علّلها بتحصيل النّظافة (1)،و على القول الأوّل لا قياس،و المعنى الثّاني غير موجود في ماء الزّعفران مثلا،لأنّه غير صالح للتّنزّه و التّنظيف،و الثّالث باطل،لأنّه يصير تحكّما محضا.

و قد روى يونس (2)،عن أبي الحسن عليه السّلام في الرّجل يتوضّأ بماء الورد و يغتسل به، قال:(لا بأس) (3)و هذه الرّواية ضعيفة السّند.

و قد ذكر ابن بابويه أيضا عن ابن الوليد (4)،انّه:لا يعتمد على حديث محمّد بن

ص:117


1- 1انظر:أحكام القرآن للجصّاص 5:201،أحكام القرآن لابن العربي 3:1415،التّفسير الكبير 24:91،بداية المجتهد 1:23،السّراج الوهّاج:8.
2- 2) أبو محمّد بن يونس بن عبد الرّحمن:مولى عليّ بن يقطين بن موسى مولى بني أسد،كان وجها في أصحابنا متقدّما عظيم المنزلة،ولد في أيّام هشام بن عبد الملك و رأى جعفر بن محمّد بين الصّفا و المروة،و لم يرو عنه. روى عن أبي الحسن موسى و الرّضا،و كان الرّضا يشير إليه في العلم و الفتيا،و كان ممّن بذل له على الوقف مال جليل فامتنع و ثبت على الحق.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم و الرّضا عليهما السّلام.و قال:ضعّفه القمّيّون،و لكنّه عندي ثقة.مات سنة 208 ه. رجال النّجاشي:446،رجال الطّوسي:364،394،الفهرست:181، [1]رجال العلاّمة:184، [2]تنقيح المقال 3:338. [3]
3- 3) الكافي 3:73 حديث 12، [4]التّهذيب 1:218 حديث 627،الاستبصار 1:14 حديث 27،الوسائل 1:148 الباب 3 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [5]
4- 4) أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القمّيّين و فقيههم و متقدمهم و وجههم،عارف بالرّجال موثوق به،عدّه الشّيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم.و قال:بصير بالفقه ثقة،يروي عن الصّفار و سعد، و روى عنه التّلعكبريّ و ذكر انّه لم يلقه،و لكن وردت عليه إجازاته.مات سنة 314 ه.رجال النّجاشي :383،رجال الطّوسي:495،الفهرست:156، [6]جامع الرّواة 2:90، [7]تنقيح المقال 3:100. [8]

عيسى (1)عن يونس.نقله النّجاشيّ (2)، (3)،و يحتمل أن يكون الورد قليلا غير مؤثّر في سلب الاسم،قال الشّيخ:هذا الحديث شاذّ شديد الشّذوذ،أجمعت العصابة على ترك العمل به (4).

احتجّ أبو حنيفة (5)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال لابن مسعود (6)ليلة الجنّ:(هل معك ماء؟)فقال:لا،إلاّ نبيذ التّمر في إداوة.فقال صلّى اللّه عليه و آله:

(تمرة طيّبة و ماء طهور)فأخذه و توضّأ به (7).

ص:118


1- 1محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين:أبو جعفر مولى بني أسد بن خزيمة،الملقّب تارة بالعبيديّ،و اخرى باليقطينيّ،و ثالثة بالبغداديّ،و رابعة باليونسيّ.و قيل في وجه نسبته إلى الأخير:لكثرة روايته عن يونس،أو لأن يونس أحد أجداده.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا و الهاديّ و العسكريّ،و ذكره فيمن لم يرو عنهم.و اختلف في تضعيفه و توثيقه،فالشّيخ ضعّفه في رجاله و في الفهرست،و قيل:انّه كان يذهب مذهب الغلاة.و وثّقه النّجاشيّ،و قوّى الأردبيليّ و المامقانيّ قبول روايته. رجال النّجاشي:333،رجال الطّوسي:393-422-435-511،الفهرست:140، [1]جامع الرّواة 2:166، [2]تنقيح المقال 3:167. [3]
2- 2) أبو العبّاس:أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس بن محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه النّجاشيّ،صاحب كتاب الرّجال المعروف الدّائر الّذي أتكل عليه كافّة علماء الإماميّة.و جدّه عبد اللّه النّجاشيّ صاحب المكاتبة المعروفة إلى الصّادق(ع)عند ولايته الأهواز.يروي عنه جماعة،منهم:المفيد، و الغضائريّ،و التّلعكبريّ،و غيرهم.ولد في صفر سنة 273 ه.و توفّي في نواحي سرّ من رأى سنة 450 ه. تنقيح المقال 1:69، [4]الكنى و الألقاب 3:239. [5]
3- 3) رجال النّجاشي:333.
4- 4) التّهذيب 1:219،الاستبصار 1:14.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:88،بدائع الصّنائع 1:16،عمدة القارئ 3:180.
6- 6) عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شخص أو شمخ الهذيل الهذليّ حليف بني زهرة،من السبّاقين إلى الإسلام،شهد بدرا و المشاهد بعدها،و هاجر الهجرتين،لازم النّبيّ(ص)و كان صاحب نعليه.روى عن النّبيّ،و عن عمرو بن سعد بن معاذ،و روى عنه ابناه:عبد الرّحمن و أبو عبيدة،و امرأته زينب،و أبو رافع و جابر و أنس و مسروق و غيرهم.مات سنة 32،و قيل:33 ه. الإصابة 2:368، [6]أسد الغابة 3:256. [7]
7- 7) سنن أبي داود 1:21 حديث 84،سنن التّرمذي 1:147 حديث 88،سنن ابن ماجه 1:135 حديث 384-385،مسند أحمد 1:402،449،450،458-بتفاوت يسير.

و هذا الحديث مردود من وجوه:

أحدها:انّ أبا يوسف لم يصحّحه،و لو كان صحيحا لما خفي عنه (1).

الثّاني:انّ راويه أبو زيد (2)،و هو مجهول.

الثّالث:انّ عبد اللّه بن مسعود سئل هل كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة الجنّ؟فقال:ما كان معه منّا أحد،و وردت انّي كنت معه (3).

الرّابع:يحتمل أن يكون المراد بالنّبيذ هاهنا ما ترك فيه قليل تمر أزال ملوحة الماء فلم يبلغ الشّدّة،و يدلّ عليه:ما ورد من طريق الأصحاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سئل عن النّبيذ،فقال:(حلال)فقال:إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر (4)و ما سوى ذلك فقال:(شه شه (5)،تلك الخمرة المنتنة)قال:فقلت:جعلت فداك،فأيّ نبيذ تعني؟ قال:(انّ أهل المدينة شكوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تغيّر الماء و فساد طبائعهم، فأمرهم أن ينبذوا،فكان الرّجل يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمه إلى كفّ من تمر فيقذف به في الشّنّ فمنه شربه و منه طهوره)فقلت:و كم كان عدد التّمر الّذي في الكفّ؟فقال:(ما حمل الكفّ)قلت:واحدة أو اثنتين (6)؟فقال:(ربّما كانت واحدة،و ربّما كانت اثنتين (7))فقلت:و كم كان يسع الشنّ (8)؟فقال:(ما بين الأربعين إلى الثّمانين إلى فوق ذلك)فقلت:بأيّ الأرطال؟فقال:(أرطال مكيال العراق) (9)و مع هذا الاحتمال

ص:119


1- 1انظر:الجامع الصّغير للشّيباني و شرحه:75،و رقم 9 من صفحة 115 حيث انّه أفتى بخلافه و قال بوجوب التّيمّم.
2- 2) أبو زيد مولى عمرو بن حريث،لا يعرف أبوه و لا بلده،روى عن ابن مسعود حديث وضوء النّبيّ(ص) بالنّبيذ،و ذكره ابن حبّان في الضّعفاء و المتروكين. ميزان الاعتدال 4:526،كتاب المجروحين 3:158،سنن التّرمذي 1:147.
3- 3) سنن أبي داود 1:21 حديث 85.
4- 4) العكر:ما خثر و رسب من الزّيت و نحوه.المصباح المنير 2:424. [1]
5- 5) شه،شه:حكاية كلام شبه الانتهار.لسان العرب 13:508. [2]
6- 6) «م»«ن»:ثنتين.
7- 7) «م»«ن»:ثنتين.
8- 8) الشّنّ:القربة.النهاية لابن الأثير 2:506.
9- 9) الكافي 6:416 حديث 3، [3]التّهذيب 1:220 حديث 629 و فيه:ثنتين،الاستبصار 1:46 حديث 29،الوسائل 1:147 الباب 2 من أبواب الماء المضاف حديث 2- [4]بتفاوت يسير.

يندفع الاستدلال.

فرع:

المضاف إن اعتصر من الجسم

كماء الورد أو خالطه فغيّر اسمه كالمرق أو طبخ فيه كماء الباقلاّء المغليّ،لم يجز الوضوء و لا الغسل به،في قول عامّة أهل العلم،إلاّ ما حكي عن ابن أبي ليلى و الأصمّ (1)،في المياه المعتصرة انّها طهور يرفع بها الحدث و يزال بها الخبث (2)،و للشّافعيّة وجه في ماء الباقلاّء المغليّ (3).إلاّ النّبيذ،فإنّا قد بيّنا الخلاف فيه (4).

مسألة :للأصحاب في إزالة النّجاسة بالمضاف قولان

(5)

،أقواهما:المنع (6).و به قال مالك (7)،و الشّافعيّ (8)،و محمّد بن الحسن،و زفر (9)،خلافا لأبي حنيفة (10)،و عن أحمد روايتان كالقولين (11).

ص:120


1- 1عقبة بن عبد اللّه الأصمّ الرّفاعيّ العبديّ البصريّ،روى عن أبيه و عطاء بن أبي رباح و حميد بن هلال و قتادة و الحسن و محمّد بن سيرين و عنه معقل بن مالك الباهليّ و أبو قبيصة و شاذ بن فيّاض و ابن المبارك، مات سنة 200 ه.تهذيب التّهذيب 7:244. [1]
2- 2) المغني 1:39،المجموع 1:93،ميزان الكبرى 1:99،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى:4.
3- 3) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:40،41،المجموع 1:104.
4- 4) راجع ص 114-115.
5- 5) «م»:فرع.
6- 6) أحدهما:الجواز،و قال به السّيّد المرتضى،انظر:النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):183،و ثانيهما،المنع، و قال به المفيد في المقنعة:9،و الشّيخ في المبسوط 1:5،و سلاّر في المراسم:34،و ابن البرّاج في المهذّب 1:24،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:130.
7- 7) بداية المجتهد 1:83،مقدّمات ابن رشد 1:57،المجموع 1:95،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:4.
8- 8) بداية المجتهد 1:83،بدائع الصّنائع 1:83،المبسوط للسّرخسي 1:96،المهذّب للشّيرازي 1:4، المجموع 1:92،المغني 1:38،التّفسير الكبير 24:98،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:4.
9- 9) المبسوط للسّرخسي 1:96،بدائع الصّنائع 1:83،المجموع 1:95،المغني 1:38.
10- 10) بداية المجتهد 1:83،المبسوط للسّرخسي 1:96،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:4،تفسير القرطبي 13:51. [2]ميزان الكبرى 1:100،التّفسير الكبير 24:98،المغني 1:38.
11- 11) المغني 1:38،المجموع 1:95،الإنصاف 1:32.

لنا:وجوه:

الأوّل:ما ورد من وجوب الغسل بالماء عند الملاقاة،و الماء إنّما يفهم منه عند الإطلاق،المطلق.

و المقدّمة الأولى نقليّة،رواها الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في صحيحي مسلم (1)و البخاريّ (2)من حديث أسماء (3)انّ امرأة سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن دم الحيض يصيب الثّوب،فقال صلى اللّه عليه و آله:(حتّيه،ثمَّ اقرصيه،ثمَّ اغسليه (4)بالماء) (5).

و ما رواه الأصحاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الحسن،روى الحسين بن أبي العلاء (6)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّبيّ يبول على الثّوب؟قال:

ص:121


1- 1أبو الحسين مسلم بن الحجّاج بن مسلم بن ورد بن كرشان القشيريّ النّيسابوريّ صاحب الصّحيح،رحل إلى الحجاز و العراق و الشّام،سمع يحيى بن يحيى و أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه.و روى عنه التّرمذي حديثا واحدا،و إبراهيم بن أبي طالب و ابن خزيمة و السّرّاج و غيرهم.له كتب أهمّها:الصّحيح -مات سنة 261 ه.تذكرة الحفّاظ 2:588،شذرات الذّهب 2:144، [1]الفهرست لابن النّديم: 322، [2]طبقات الحفّاظ:264.
2- 2) أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفيّ مولاهم،صاحب الصّحيح و التّصانيف.ولد في شوّال سنة 194 ه،روى عن أحمد و إبراهيم المنذر و ابن المديني،و روى عنه مسلم و التّرمذي و أبو حاتم و المحاملي و غيرهم،له كتب منها.الجامع الصّحيح،و التّاريخ الكبير مات سنة 256 ه. تذكرة الحفّاظ 2:555،شذرات الذّهب 2:134، [3]طبقات الحفّاظ:252،الفهرست لابن النّديم: 321، [4]وفيات الأعيان 4:188. [5]
3- 3) أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة،زوجة الزّبير بن العوّام،روت عن النّبيّ(ص)و روى عنها ابناها:عبد اللّه،و عروة.ماتت بمكّة سنة 73 ه. أسد الغابة 5:392،الإصابة 4:229،الاستيعاب بهامش الإصابة 4:232.
4- 4) «ح»:جنّبيه ثمَّ أقرضيه..«م»:حتّيه،فاقرصيه،فاغسليه.
5- 5) صحيح مسلم 1:240 حديث 110،صحيح البخاري 1:66،و فيهما:تحتّه،ثمَّ تقرصه بالماء،ثمَّ تنضحه.
6- 6) الحسين بن أبي العلاء العامريّ الزّندجيّ-زندج:نوع من الثّياب-الخفّاف أبو علي الأعور مولى بني أسد. و قيل:بني عامر،روى عن أبي عبد اللّه(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر تارة،و اخرى من أصحاب الصّادق.و قال في الفهرست:له كتاب يعدّ في الأصول.رجال النّجاشي:52،رجال الطّوسي :115،169،الفهرست:54، [6]جامع الرّواة 1:231، [7]تنقيح المقال 1:317. [8]

(يصبّ عليه الماء قليلا ثمَّ يعصره) (1).

و روى الحلبيّ،عنه عليه السّلام،قال:سألته عن بول الصّبيّ؟قال:(تصبّ عليه الماء) (2).

و روى أيضا الحلبيّ في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل أجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره؟قال:(يصلّي فيه،و إذا وجد الماء غسله) (3).

وجه الاستدلال:انّهم عليهم السّلام أمروا (4)بالغسل بالماء جوابا للسّؤال (5)و جعلوه طريقا في تحصيل الطّهارة،فلو حصلت بغيره لكان التّعيين تضييقا،و هو منفيّ،لما فيه من الحرج،و عبثا لخلّوه عن (6)الفائدة.

لا يقال:هذه قضيّة في عين،و قضايا الأعيان لا عموم لها لتناولها صورة واحدة،فيكون محلّ النزاع خاليا عن الحجّة.

و أيضا:نمنع دلالة التّخصيص على التّعيين،فإنّه قد يأتي لغيره كالتّنبيه (7)كما في صورة التّأفيف،و كالتّعدية في غير محلّ التّنصيص للجامع المستنبط،و ككون المذكور أغلب،كما في الرّبيبة،فلم لا يجوز ذلك هاهنا؟! و أيضا:التّخصيص إنّما دلّ على التّعيين على سبيل الاستحباب بدليل الأمر بالحتّ و القرص،و ليسا بواجبين و لا طريقين إلى حصول الطّهارة.

و أيضا:نقول بالموجب،فإنّه أمر بإزالة العين المرئيّة،و مع زوالها بالحكّ مثلا لم يبق ما

ص:122


1- 1الكافي 3:55 حديث 1، [1]التّهذيب 1:249 حديث 714،الاستبصار 1:174 حديث 603،الوسائل 2:1002 الباب 3 من أبواب النّجاسات حديث 1. [2]
2- 2) التّهذيب 1:249 حديث 715،الاستبصار 1:173 حديث 602،الوسائل 2:1002 الباب 3 من أبواب النّجاسات حديث 1. [3]
3- 3) التّهذيب 1:271 حديث 799،الاستبصار 1:187 حديث 655،الوسائل 2:1039 الباب 27 من أبواب النّجاسات حديث 11. [4]
4- 4) «ح»:أمروه.
5- 5) «ح»«ق»:بالسّؤال.
6- 6) «م»:من.
7- 7) «م»:كالتنبّه.

يتوجّه الخطاب إليه،كمن نذر ذبح شاة فماتت.

لأنّا نجيب عن الأوّل:بأنّ قضايا الأعيان حجّة اتّفاقا إلاّ من داود،فلا يسمع من أبي حنيفة و السّيّد المرتضى هذا المنع،و هل أكثر الأحكام الشّرعيّة إلاّ مستندة إلى حكمه عليه السّلام؟! و عن الثّاني:انّ الحكيم لا يخصّ شيئا بالذّكر مع انتفاء المقتضي للتّخصيص من التّعيين بسؤال أو قرينة حال،إلاّ لاختصاصه بالحكم خصوصا مع انّه ذكر جنس الغسل، فلو أراد التّعميم لاقتصر عليه.

و عن الثّالث:بأنّ الأمر قد ثبت انّه للوجوب،على انّا لم نتمسّك بالأمر في إثبات الإيجاب ليحمل على الاستحباب،و إنّما وقع التّمسّك بكونه نصّ على الماء بالذّكر في جهة البيان،فيختصّ بالتّطهير.

و أمّا الحتّ و القرص،فهما واجبان إذا لم يمكن الإزالة إلاّ بهما،على انّ خروج الدّليل عن الدّلالة في صورة المعيّن لا يقتضي الخروج العام.

و عن الرّابع،و هو سؤال القول بالموجب الّذي هو أقواها (1):انّا نقول:انّا لم نستدلّ على الإيجاب ليدّعي الخصم انتفاء الخطاب،و إنّما تمسّكنا به لإثبات تعيين الماء على ما سبق.سلّمنا الإيجاب،لكنّ الضّمير في قوله:(ثمَّ اغسليه)عائد إلى الثّوب بدليل قوله عليه السّلام:(ثمَّ صلّي فيه)لا إلى الحيض.

الثّاني:لا يجوز إزالة النّجاسة الحكميّة و هو الحدث به،فلا يجوز إزالة الحقيقيّة به،بل أولى،لأنّ الحكميّ تقدير الحقيقيّ و هو دونها.

الثّالث:انّه بملاقاة النّجاسة ينجس،فلا يطهر المحلّ.

لا يقال:ينتقض بالماء.

لأنّا نقول:يقتضي الدّليل نجاستهما،خالفناه في الماء للإجماع،فلا يتعدّى إلى غيره، لما فيه من كثرة مخالفة الدّليل.

الرّابع:الشّرع منع من الصّلاة في الثّوب النّجس و استصحاب النّجس في الصّلاة،

ص:123


1- 1«ح»«ق»:أقوى لهما.

فيقف زوال المنع على الإذن،و يستصحب المنع إلى أن يظهر المنافي.

الخامس:الطّهارة تراد لأجل الصّلاة،فلا تحصل بغير الماء كطهارة الحدث،و يؤيّده من حيث الشّبه و المعنى:أمّا الشّبه،فاعتبار إحدى الطّهارتين بالأخرى نظرا إلى الاشتراك في الاسم و المقصود،فإنّه مشعر باتّحاد الوسيلتين في الحكم إلاّ أن يبدي الخصم فارقا،و أمّا المعنى،فهو انّ المحلّ إذا نجس استدعى محيلا،و الإحالة من خصائص الماء دون غيره من المائعات،و دليل الاختصاص طهارة الحدث.

لا يقال:يمنع الاشتراك لفظا من حيث انّ الإزالة ليست طهارة،بل إزالة نجاسة عن المحلّ الطّاهر في الأصل.سلّمنا سلامته عن هذا،لكن لا نسلّم عن المطالبة،و ما ذكرتموه من التّقرير بالاشتراك في الاسم و المقصود لا يستقيم،فإنّه ما من شيئين إلاّ و يشتركان من جهة و يختلفان من اخرى،لكنّ الجمع لا يمكن إلاّ إذا اتّفقا في المعنى المحصّل للحكم و لم يثبتوا ذلك.

و أيضا:الفرق بين الطّهارتين بكون إحداهما مزيلة لعين مرئيّة دون الأخرى فلا فرق في زوال العين بالخلّ و بغيره،و بكون إحداهما يشترط فيها النّيّة و الموالاة و التّرتيب،فجاز اشتراطها بالماء دون الأخرى،و بأنّ طهارة الخبث أكثر توسعة في التّحصيل،فإنّها تحصل بفعل الصّبيّ و المجنون بخلاف الأخرى.

و أيضا:النّقض بالخمر المنقلب،فإنّه يطهر الدّن و إن لم يحصل استعمال الماء.

و أيضا:القلب،فنقول طهارة تراد للصّلاة فتوجد بغير الماء كطهارة الحدث الحاصلة بالتّيمّم.

لأنّا نجيب عن الأوّل:بأنّ هذا غير مسموع فإنّا نعلم قطعا من عرف اللّغة إطلاق لفظ الطّهارة على إزالة النّجاسة.

و أيضا:الشّارع نصّ على ذلك في قوله:(طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب،أن يغسله سبعا) (1)و غير ذلك من الأحاديث الّتي نقلتموها.

و عن سؤال المطالبة ما بيّنّا من الجامع.

ص:124


1- 1صحيح مسلم 1:234 حديث 91،92،سنن أبي داود 1:19 حديث 71،مسند أحمد 2:427. [1]

و عن الفرق الأوّل:بأنّ الخلّ ليس في معنى الماء،لسيلانه و شدّة رطوبته و لطافته، و غوصة في أجزاء الجسم،فيستأصل أجزاء النّجاسة.

و عن الثّاني:انّه غير لائق من أبي حنيفة،فإنّه لا يقول باشتراط النّيّة و التّرتيب (1)، و أيضا:فهو وارد على أحد المأخذين،أعني:الشّبه.

و عن الثّالث:انّ المقصود هو استعمال الماء،و قد وجد.

و عن النّقض:بالفرق،فإنّ الحاجة ماسّة إلى الخلول،و هي مفتقرة إلى الظّروف،فلو حكمنا بنجاستها كان ذلك حكما بنجاسة الخلّ.

و عن القلب:بالمنع من حكم الأصل،فإنّ التّيمّم لا يرفع الحدث،و لا يسمّى طهارة حقيقة عند بعضهم (2).

و أيضا:فهذا غير لائق من أبي حنيفة،فإنّه يرى انّ التّيمّم بدل (3)،و لا يرى القياس في الأبدال (4).

احتجّوا بأنّه قد ورد الأمر بالغسل،روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لخولة بنت يسار (5):(حتّيه،ثمَّ اقرصيه،ثمَّ اغسليه) (6).

و روى الأصحاب،عن الصّادق عليه السّلام:(إذا أصاب الثّوب المنيّ، فليغسل) (7)و ليس في ذلك تقييد بالماء.

ص:125


1- 1حيث انّه لم يشترط النّيّة في الطهارة الحكميّة،انظر:بداية المجتهد 1:8،بدائع الصّنائع 1:19،المحلّى 1:73،المجموع 1:313.
2- 2) بداية المجتهد 1:73،المبسوط للسّرخسي 1:110،المجموع 2:221.
3- 3) «م»بزيادة:له.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:55،المغني 1:286.
5- 5) خولة بنت يسار،روى عنها عليّ بن ثابت،لم تترجم بأكثر من انّها روت هذا الحديث،و قد احتمل كونها خولة بنت اليمان،أخت حذيفة بن اليمان. الإصابة و الاستيعاب بهامشها 4:293،294،أسد الغابة 5:447. [1]
6- 6) مسند أحمد 2:364،سنن البيهقي 2:408،و فيهما:(اغسليه و صلّي فيه)و ما في المتن من حديث أسماء الّذي تقدّم في صفحة 121. [2]
7- 7) الكافي 3:53 حديث 1، [3]التّهذيب 1:215 حديث 725،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات حديث 6. [4]

و أيضا:روى الشّيخ في الحسن،عن حكم بن حكيم الصّيرفيّ (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أبول فلا أصيب الماء،و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط و التّراب،ثمَّ تعرق يدي فأمسّ وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟قال:

(لا بأس به) (2).

و عن غياث بن إبراهيم (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام،قال:(لا بأس أن تغسل الدّم بالبصاق) (4).

و لأنّ النّجاسة تابعة للعين بالدّوران و قد زالت،فيزول معلولها.

و الجواب عن الأوّل:انّه لا ينافي التّقييد بالماء،فيحمل عليه،لما قلناه من الأدلّة، و لأنّ إطلاق الغسل ينصرف إلى تحصيله بالماء كما في إطلاق(اسقني).

و عن الرّواية الاولى:انّ المراد،لا بأس بالصّلاة مع ذلك قبل الغسل للضّرورة،و ليس فيه دلالة على الطّهارة،و تحمل الرّواية حينئذ على ما إذا زالت الرّطوبة بالعرق ثمَّ يمسّ جسده أو وجهه أو ثوبه.

و عن الثّانية:انّها ضعيفة السّند فإنّ غياثا هذا بتريّ،فلا تعويل على روايته،على انّه يمكن حملها على الدّم الّذي ليس بنجس،كدم ما لا نفس له سائلة،أو يحمل على الاستعانة

ص:126


1- 1حكم بن حكيم الصّيرفيّ الأسديّ،أبو خلاد،كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه(ع)عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع). رجال النّجاشي:137،رجال الطّوسي:171.
2- 2) التّهذيب 1:250 حديث 720،الوسائل 2:1005 الباب 6 من أبواب النّجاسات حديث 1. [1]
3- 3) غياث بن إبراهيم الاسيدي،بصريّ سكن الكوفة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن،وثّقه النّجاشي. عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الباقر(ع)قائلا بأنه بتريّ،و اخرى:من أصحاب الصّادق،و ثالثة:ذكره فيمن لم يرو عنهم.و قال العلاّمة في الخلاصة بأنّه بتريّ و نقل المامقانيّ الأقوال فيه ثقة و ضعفا.و البتريّة هم:أصحاب الحسن بن صالح بن حيّ و أصحاب كثير النّوّاء،و إنّما سمّوا بذلك،لأنّ كثيرا كان يلقّب بالأبتر. رجال النّجاشي:305،رجال الطّوسي:132،270،488،الفهرست:123، [2]رجال العلاّمة: 245، [3]تنقيح المقال 2:366، [4]المقالات و الفرق:140.
4- 4) التّهذيب 1:425 حديث 1350،الوسائل 1:149 الباب 4 من أبواب الماء المضاف حديث 2. [5]

بالبصاق،لا انّه مطهّر.

و عن الثّالث:بالمنع من المقدّمتين .

مسألة:لا خلاف بيننا انّ المضاف ينجس بالملاقاة و إن كثر

،سواء كانت النّجاسة قليلة أو كثيرة،و سواء غيّرت أحد أوصافه أو لم تغيّره،و هو إحدى الرّوايات عن أحمد.و في الثّانية:اعتبار القلّتين،و الثّالثة:انّ ما أصله الماء كالخلّ التّمريّ،فكالماء،و ما لا، فلا (1).و هذه الرّوايات في جميع المائعات و إن كانت من غير الماء،كالدّهن و شبهه.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه سئل عن فأرة وقعت في سمن؟فقال:عليه السّلام:(إن كان مائعا،فلا تقربوه) (2)و لم يفرّق بين القليل و الكثير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه زرارة،عن الباقر عليه السّلام،قال:(إذا وقعت الفأرة في السّمن فماتت،فإن كان جامدا،فألقها و ما يليها و كلّ ما بقي،و إن كان ذائبا فلا تأكله،و لكن أسرج به) (3)و لأنّها لا قوّة لها على دفع النّجاسة،فإنّها لا تطهّر غيرها فلا يدفعها عن نفسها كالقليل،و الطّريق إلى تطهيره حينئذ،إلقاء كرّ فما زاد عليه من الماء المطلق،لأنّ بلوغ الكرّيّة سبب لعدم الانفعال عن الملاقي،و قد مازجه المضاف فاستهلكه، فلم يكن مؤثّرا في تنجيسه لوجود السّبب،و لا يمكن الإشارة إلى عين نجسة،فوجب الجزم بطهارة الجميع.

فرعان:
الأوّل:لو تغيّر الكثير بأحد أوصاف المضاف:

(4)

قال الشّيخ:نجس الكثير (5)، و ليس بجيّد.

ص:127


1- 1المغني 1:58.
2- 2) سنن أبي داود 3:364 حديث 3842، [1]مسند أحمد 2:233، [2]كنز العمّال 9:532 حديث 27295.
3- 3) الكافي 6:261 حديث 1، [3]التّهذيب 9:85 حديث 95،الوسائل 1:149 الباب 5 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [4]
4- 4) «ق»«ن»«ح»:بإحدى.
5- 5) المبسوط 1:5،النّهاية:3،الخلاف 1:54،مسألة-184.

لنا:الأصل الطّهارة،و انفعال الكرّ بالنّجس ليس انفعالا بالنّجاسة،و المؤثّر في التّنجيس إنّما هو الثّاني لا الأوّل .

الثّاني:لو سلبه المضاف إطلاق الاسم،

فالأقوى حصول الطّهارة،و ارتفاع الطّهوريّة.

مسألة:الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر مطهّر إجماعا منّا

.و هو قول الحسن البصريّ،و الزّهريّ (1)،و النّخعيّ (2)،و عطاء بن أبي رباح،و مكحول (3)،و أبي ثور (4)، (5)،و داود،و أهل الظّاهر (6)،و إحدى الرّوايتين عن مالك (7)و أحمد (8)،

ص:128


1- 1أبو بكر محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه بن شهاب بن عبد اللّه بن الحارث القرشيّ الزّهريّ المدنيّ، أحد الفقهاء السّبعة و أحد الأعلام المشهورين.روى عن ابن عمر،و سهل بن سعد،و سعيد بن المسيّب، و أبي أمامة.و روى عنه عطاء بن أبي رباح،و الزّبيديّ،و صالح بن كيسان،و الأوزاعيّ و اللّيث،و مالك و غيرهم.مات سنة 124 ه.و قيل:123 ه. تذكرة الحفّاظ 1:108،شذرات الذّهب 1:162، [1]وفيات الأعيان 4:177. [2]
2- 2) أبو عمران،إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود الكوفي النخعي روى عن علقمة و مسروق و الأسود و روى عنه حماد بن أبي سليمان و سماك بن حرب،مات سنة 95 ه. تذكرة الحفّاظ 1:73،شذرات الذّهب 1:111، [3]العبر 1:85. [4]
3- 3) أبو عبد اللّه بن أبي مسلم الهذليّ مولى امرأة من هذيل و أصله من كابل،فقيه أهل الشّام،روى عن أبي أمامة،و واثلة بن الأسقع و أنس بن مالك.و روى تدليسا عن أبيّ بن كعب و عبادة بن الصّامت و عائشة. و روى عنه الأوزاعيّ و حجّاج بن أرطاة.مات سنة 113 ه.تذكرة الحفّاظ 1:107 و 3:815، شذرات الذّهب 1:146 و 2:291، [5]الفهرست لابن النّديم:318. [6]
4- 4) إبراهيم بن خالد الكلبيّ البغداديّ:أبو ثور،و يكنّى أيضا:أبا عبد اللّه،سمع من سفيان بن عيينة،كان على مذهب أبي حنيفة حتّى قدم الشّافعيّ العراق فصحبه و اتّبعه و تفقّه عليه.مات سنة 240 ه.تذكرة الحفّاظ 2:512،شذرات الذّهب 2:93، [7]ميزان الاعتدال 1:29،طبقات الشّافعيّة للسبكي 1:227. [8]
5- 5) المجموع 1:153، [9]المغني 1:47، [10]إرشاد السّاري 1:269،تفسير القرطبي 13:49، [11]المحلّى 1:184، نيل الأوطار 1:28،عمدة القارئ 3:73.
6- 6) بداية المجتهد 1:27،المحلّى 1:184،نيل الأوطار 1:28،المغني 1:47.
7- 7) بداية المجتهد 1:27،ميزان الكبرى 1:100،تفسير القرطبي 13:48، [12]المجموع 1:153،إرشاد السّاري 1:269،التّفسير الكبير 11:170، [13]عمدة القارئ 3:73،المغني 1:47.
8- 8) المغني 1:47،الإنصاف 1:37، [14]الكافي لابن قدامة 1:7.

و حكاه عيسى بن أبان (1)عن الشّافعيّ في ردّه على الشّافعيّ،و حكى أبو ثور عنه:انّه توقّف فيه (2).

و قال محمّد:انّه طاهر غير طهور (3).و هو قول الشّافعيّ في الجديد (4)،و به قال الأوزاعيّ (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (6)،و اللّيث بن سعد (7)، (8)،و هو مرويّ عن مالك (9).

و قال أبو حنيفة:انّه نجس نجاسة غليظة-في رواية الحسن عنه-كالدّم و البول و الخمر،حتّى انّه إذا أصاب الثّوب أكثر من قدر الدّرهم،منع أداء الصّلاة (10).

و قال أبو يوسف:انّه نجس نجاسة خفيفة حتّى انّه إذا أصاب الثّوب أكثر من الدّرهم،لم يمنع من الصّلاة ما لم يكن كثيرا فاحشا،و رواه عن أبي حنيفة (11)،و بقول

ص:129


1- 1أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة:أحد فقهاء العراق،صحب محمّد بن الحسن الشّيباني و تفقّه عليه. تولّى القضاء بعسكر المهدي ثمَّ بالبصرة،و مات فيها سنة 221 ه. تاريخ بغداد 11:157، [1]ميزان الاعتدال 3:310.
2- 2) المجموع 1:150.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:66،المبسوط للسّرخسي 1:46،شرح فتح القدير 1:74،عمدة القارئ 3:73، التّفسير الكبير 11:170، [2]إرشاد السّاري 1:269.
4- 4) التفسير الكبير 11:170،مغني المحتاج 1:20،السّراج الوهّاج:8،إرشاد السّاري 1:269.
5- 5) تفسير القرطبي 13:48، [3]نيل الأوطار 1:28،المغني 1:47.
6- 6) نيل الأوطار 1:28،المجموع 1:153،الكافي لابن قدامة 1:7،المغني 1:47،الإنصاف 1:35.
7- 7) اللّيث بن سعد،أبو الحارث الفهميّ،شيخ الدّيار المصريّة،أصله فارسيّ أصبهانيّ،روى عن الزّهريّ و عطاء و نافع،و روى عنه ابن شعيب و ابن المبارك.مات سنة 175 ه. تذكرة الحفّاظ 1:224،شذرات الذّهب 1:285، [4]العبر 1:206، [5]الجرح و التعديل 7:179.
8- 8) نيل الأوطار 1:28،المغني 1:47.
9- 9) بداية المجتهد 1:27،تفسير القرطبي 13:48، [6]المجموع 1:153،نيل الأوطار 1:28،بلغة السّالك 1:15،المغني 1:47.
10- 10) بدائع الصّنائع 1:66،المبسوط للسّرخسي 1:46،الهداية للمرغيناني 1:20،شرح فتح القدير 1:77،إرشاد السّاري 1:269.
11- 11) راجع نفس المصادر.

أبي يوسف أخذ مشايخ بلخ (1)،و بقول محمّد أخذ مشايخ العراق (2).

و قال زفر:إن كان المتوضّي محدثا،فهو كما قال محمّد،و إن كان المتوضّي غير محدث،فهو طاهر و طهور (3)،و هو قول الشّافعيّ أيضا (4).

لنا:وجوه:

أحدها:انّ بلالا (5)أخرج وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فتبادر إليه الصّحابة و مسحوا به وجوههم (6).و لو كان نجسا لما فعلوا.

و أيضا:روى الجمهور،عنه انّه صبّ على جابر (7)من وضوئه (8).

و رووا أيضا عنه عليه السّلام،انّه قال:(الماء لا يجنب) (9).

ص:130


1- 1بدائع الصّنائع 1:67.
2- 2) راجع نفس المصدر.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:66،الهداية للمرغيناني 1:19،عمدة القارئ 3:73.
4- 4) التّفسير الكبير 11:170،إرشاد السّاري 1:269،مغني المحتاج 1:20.
5- 5) بلال بن رباح:أبو عبد اللّه،و قيل:أبو عمرو أو أبو عبد الكريم،مولى رسول اللّه(ص)،أوّل مؤذّن للنّبيّ،شهد بدرا و المشاهد كلّها،و كان من السّابقين إلى الإسلام،لم يؤذّن بعد النّبيّ(ص)لأحد إلاّ مرّة واحدة بطلب من الصّدّيقة الطّاهرة فاطمة الزّهراء(ع)و لم يتمّه،كما في الفقيه 1:194.توفّى بدمشق سنة 18 ه و دفن بباب الصّغير.الاستيعاب بهامش الإصابة 1:141،أسد الغابة 1:206، [1]رجال الطّوسي: 8،رجال العلاّمة:27، [2]تنقيح المقال 1:182. [3]
6- 6) صحيح البخاري 1:59،صحيح مسلم 1:360 حديث 250،مسند أحمد 4:308،سنن البيهقي 1:235.
7- 7) جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حزام الأنصاريّ المدنيّ العربيّ الخزرجيّ،صاحب رسول اللّه،شهد بدرا و ثماني عشرة غزوة مع النّبيّ(ص)و هو من السّابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنين(ع)عدّه الشّيخ من أصحاب النّبيّ و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و السّجّاد و الباقر عليهم السّلام. أسد الغابة 1:256،الإصابة 1:213،رجال الطّوسي:12،37،66،82،85،111،رجال العلاّمة:34، [4]تنقيح المقال 1:199. [5]
8- 8) صحيح البخاري 1:60،صحيح مسلم 3:1235،سنن التّرمذي 4:417 حديث 2097،سنن البيهقي 1:235،سنن الدّارمي 1:187.
9- 9) سنن أبي داود 1:18 حديث 68،سنن التّرمذي 1:94 حديث 65،سنن ابن ماجه 1:132 حديث 370،كنز العمّال 1:579 حديث 27504.

و عنه عليه السّلام،انّه قدّمت إليه امرأة من نسائه قصعة ليتوضّأ منها،فقالت امرأة:

انّي غمست يدي فيها و أنا جنب،فقال:(الماء ليس عليه جنابة) (1).

و روى الجمهور،عن ربيع (2)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مسح رأسه بفضل ما كان في يده (3).

الثّاني:ما رواه الأصحاب،روى (4)عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا بأس بأن يتوضّأ بالماء المستعمل)و قال:(الماء الّذي يغسل به الثّوب و يغتسل به الرّجل من الجنابة،لا يجوز أن يتوضّأ به و أشباهه،و أمّا الماء الّذي يتوضّأ به الرّجل فيغسل وجهه و يده في شيء نظيف،فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضّأ به) (5).

و روى زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:(كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا توضّأ أخذوا ما سقط من وضوئه فيتوضّؤن به) (6).

و روى حريز بن عبد اللّه في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء و اشرب) (7).

وجه الاستدلال فيه من وجهين:

أحدهما:عموم جواز الاستعمال سواء استعمل في الوضوء أم لا.

ص:131


1- 1سنن الدّارمي 1:187،سنن الدّارقطني 1:52 حديث 3.
2- 2) ربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصاريّة،شهدت بيعة الشّجرة و الرّضوان،روت عن النّبيّ(ص).و روى عنها سليمان بن يسار و أبو سلمة بن عبد الرّحمن و خالد بن ذكوان و غيرهم. الإصابة 4:300، [1]أسد الغابة 5:451. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:32 حديث 130،سنن البيهقي 1:59،سنن الدّارقطني 1:87،كنز العمّال 9:432 حديث 26836.
4- 4) «م»بزيادة:عن.
5- 5) التّهذيب 1:221 حديث 630،الاستبصار 1:27 حديث 71،الوسائل 1:155 الباب 9 من أبواب الماء المضاف حديث 13. [3]
6- 6) التّهذيب 1:221 حديث 631،الوسائل 1:152 الباب 8 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [4]
7- 7) الكافي 3:4 حديث 3، [5]التّهذيب 1:216 حديث 625،الاستبصار 1:12 حديث 19،الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [6]

الثّاني:انّه إذا لاقى النّجاسة العينيّة،كان حكمه جواز الاستعمال ما دام وصف الماء باقيا،فالأولى انّه إذا رفع به الحدث مع عدم ملاقاة النّجاسة جاز استعماله.

الثّالث:المقتضي موجود و هو الأمر باستعمال الماء المطلق،و المعارض و هو الاستعمال لا يصلح أن يكون معارضا،لأنّه لم يخرجه عن إطلاقه،و إضافته إلى الاستعمال لم يؤثّر تغيّر وصف و لا هيئة فيكون كإضافته إلى المحلّ،و لأنّه طاهر لاقى طاهرا،فلا يخرجه عن تأدية الفرض به ثانيا،كالثّوب إذا تعدّدت الصّلاة فيه.

احتجّ أبو حنيفة و أبو يوسف (1)بأنّ هذا الفعل يسمّى طهارة،و ذلك يستدعي نجاسة المحلّ فشارك الّذي أزيلت به النّجاسة الحقيقيّة،و لمّا كانت النّجاسة مجتهدا فيها،خفّف حكمها كبول ما يؤكل (2)لحمه.

و الجواب:انّ وقوع لفظ الطّهارة على مزيل الحدث و على مزيل الخبث بالاشتراك اللّفظيّ فلا جامع بينهما،و لا نسلّم أنّ التّسمية تستدعي سابقيّة النّجاسة،و الفرق بين مزيل الحدث و الخبث ملاقاة النّجاسة العينيّة الصّالحة للحوق حكم التّنجيس،فلا يتمّ القياس.

فروع:
الأوّل:الماء المستعمل في المرّة الثّانية،أو في المضمضة و الاستنشاق،أو التّجديد،

عندنا طاهر

بالإجماع،و للشّافعيّة وجهان:

أحدهما:ذلك،لأنّه لم يؤدّ به فرضا.

و الثّاني:المنع،لأنّه مستعمل في الطّهارة (3).و عن أحمد روايتان (4).

الثّاني:يجوز إزالة النّجاسة بماء الوضوء عندنا،

و للشّافعيّ وجهان:

أحدهما ذلك،لأنّ للماء فعلين،رفع الحدث و إزالة الخبث،فإذا رفع الحدث بقي

ص:132


1- 1بدائع الصّنائع 1:68،المبسوط للسّرخسي 1:46،نيل الأوطار 1:24،ميزان الكبرى 1:100، المغني 1:48،المجموع 1:151.
2- 2) «خ»«ح»«ق»:ما لا يؤكل،و الصّحيح ما أثبتناه،لأنّهما يقولان بنجاسة بول ما يؤكل لحمه نجاسة خفيفة.
3- 3) مغني المحتاج 1:20،المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:157،السّراج الوهّاج:8.
4- 4) المغني 1:50،الكافي لابن قدامة 1:7.

تطهير الخبث.

و الثّاني:المنع،و هو المشهور عندهم،لأنّه مائع لا يزيل الحدث فلا يرفع الخبث كالمائعات (1)،و ليس للماء فعلان،بل فعل واحد،و هو رفع أحدهما،أعني:النّجاسة أو الحدث لا بعينه،فأيّهما حصل زالت طهوريّته .

الثّالث:لو بلغ المستعمل حدّ الكثرة،

للشّافعيّة وجهان:

أحدهما:جواز التّطهير به،لأنّ البلوغ مانع من قبول النّجاسة،فرفع حكم الاستعمال أولى.

و الثّاني:المنع،لأنّه مستعمل (2).

الرّابع:المستعمل في تعبّد من غير حدث كغسل اليدين من نوم اللّيل طاهر مطهّر.

و عن أحمد في الحكم الثّاني روايتان:

إحداهما:المنع،لأنّه مستعمل في طهارة تعبّد أشبه المستعمل في رفع الحدث (3)، و الأصل عندنا باطل.

مسألة:المستعمل في رفع الحدث الأكبر كالجنابة

،قال الشيخان (4)و ابنا بابويه:انّه طاهر غير مطهّر (5)،و قال السّيّد المرتضى:انّه (6)مطهّر (7)،و قول الجمهور هاهنا كقولهم ثمَّ،فإنّهم لم يفصلوا بين الماءين.

و الّذي أذهب إليه انّه طاهر مطهّر،فالبحث هاهنا يقع في مقامين:

الأوّل:انّه طاهر و ذلك مجمع عليه عندنا،و لأنّ التّنجيس حكم شرعيّ،فيتوقّف ثبوته

ص:133


1- 1المهذّب 1:8،المجموع 1:156.
2- 2) راجع نفس المصادر،مع:مغني المحتاج 1:21.
3- 3) المغني 1:50،الإنصاف 1:38.
4- 4) المفيد في المقنعة:9،و الطّوسيّ في المبسوط 1:11.
5- 5) المختلف 1:12 نقله عن عليّ بن بابويه،الفقيه 1:10،المقنع:7،الهداية:13.
6- 6) «ح»«ق»:بأنّه.
7- 7) جمل العلم و العمل:49.

على الشّرع،و ليس في الشّرع دلالة عليه.

و لأنّ القول بالتّنجيس مع القول بطهارة المستعمل في الوضوء ممّا لا يجتمعان إجماعا، و الثّاني ثابت إجماعا،فينتفي الأوّل،و إلاّ لزم خرق الإجماع.

و لما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله:(الماء لا يجنب)و في قوله:(الماء ليس عليه جنابة) (1).

و روى أحمد و ابن ماجه (2)معا انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله اغتسل من الجنابة،فرأى لمعة لم يصبها الماء،فعصر شعره عليها (3).

و لأنّ الماء طاهر لاقى محلا طاهرا،فلا يخرج عن وصف الطّهارة.

أمّا المقدّمة الثّانية:فلما رواه الجمهور عن أبي هريرة،قال:(لقيني النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أنا جنب فا[نسللت] (4)منه،فاغتسلت ثمَّ جئت،فقال:(أين كنت يا أبا هريرة؟)فقلت:يا رسول اللّه كنت جنبا فكرهت أن اجالسك فذهبت فاغتسلت ثمَّ جئت،فقال:(سبحان اللّه،المسلم لا ينجس) (5).

و أمّا الملازمة فظاهرة،و لأنّ المقتضي موجود و المعارض لا يصلح أن يكون معارضا و قد تقدّما.

و لرواية حريز في الصّحيح من قوله:(كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ) (6).

ص:134


1- 1مرّ الحديثان في ص 130،131. [1]
2- 2) أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد ابن ماجه الربعيّ القزوينيّ صاحب كتاب السّنن و التّفسير و التّأريخ،سمع من ابن أبي شيبة و يزيد بن عبد اللّه اليمانيّ،و روى عنه خلق،منهم:أبو الطّيّب البغداديّ،و إسحاق بن محمّد القزوينيّ.مات سنة 273 ه،و قيل:283 ه. تذكرة الحفّاظ 2:636،شذرات الذّهب 2:164، [2]العبر 1:394، [3]طبقات الحفّاظ:282.
3- 3) مسند أحمد 1:243،سنن ابن ماجه 1:217 حديث 663.
4- 4) في النّسخ:فانخلست،و ما أثبتناه من البخاري.
5- 5) صحيح البخاري 1:79،صحيح مسلم 1:282 حديث 371،سنن التّرمذي 1:207 حديث 121، سنن أبي داود 1:59،حديث 231،سنن ابن ماجه 1:178 حديث 534،سنن النّسائي 1:145،مسند أحمد 2:235، [4]سنن البيهقي 1:189-بتفاوت لفظيّ في الجميع.
6- 6) تقدّمت في ص 131. [5]

المقام الثّاني:في كونه مطهّرا،و هو ما ذكرناه في المستعمل في الصّغرى.

احتجّ المانعون بوجوه:

أحدها:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم و لا يغتسل فيه من جنابة) (1)و لو لم يكن نجسا،لم يكن للنّهي فائدة.

الثّاني:رواية عبد اللّه بن سنان.و قد تقدّمت في الوضوء (2).

الثّالث:انّه مشكوك فيه،فيجب أن لا يجوز استعماله.

و الجواب عن الأوّل بالمنع من الدّلالة على التّنجيس،فإنّه قد نهي عن البول في الماء الجاري (3)مع انّه لا ينجس لو فعل إجماعا.

و عن الثّاني بالطّعن في رواتها (4)،فإنّ في طريقها أحمد بن هلال (5)،و هو ضعيف جدّا،و ابن فضّال،و هو فطحيّ.

و عن الثّالث بالمنع من الشّكّ فيه،و وجهه أن نقول:الشّكّ إمّا أن يقع في كونه طاهرا، أو في كونه مطهّرا،و الأوّل باطل عند الشّيخ (6)،و الثّاني أيضا باطل،فإنّه حكم تابع لطهارة الماء و إطلاقه،و قد حصلا،فأيّ شكّ هاهنا؟!

ص:135


1- 1سنن أبي داود 1:18 حديث 70،مسند أحمد 2:433، [1]كنز العمّال 9:355 حديث 26422،و قريب منه في:صحيح البخاري 1:68،صحيح مسلم 1:235 حديث 95،96،سنن النّسائي 1:49،سنن أبي داود 1:18 حديث 69،نيل الأوطار 1:27.
2- 2) في ص 131. [2]
3- 3) كنز العمّال 9:353 حديث 26410.
4- 4) «ح»«ق»:روايتها.
5- 5) أبو جعفر أحمد بن هلال العبرتائي،يعرف منها و ينكر،و قد روي فيه:ذموم من سيّدنا العسكريّ(ع)قاله النّجاشي.و عدّه الشّيخ من أصحاب الإمامين الهادي و العسكريّ عليهما السّلام.و قال:كان متّهما في دينه.مات سنة 267 ه. رجال النّجاشي:83،رجال الطّوسي:410،428،الفهرست:36. [3]
6- 6) المبسوط 1:11.
فروع:
الأوّل:إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب و خشي إن نزل فساد الماء

،قال الشّيخ:

فليرشّ عن يمينه و يساره و أمامه و خلفه،ثمَّ يأخذ كفّا كفّا يغتسل به (1)،تعويلا على ما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في كتاب الجامع،عن عبد الكريم (2)،عن محمّد بن ميسر (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الجنب ينتهي إلى الماء القليل و الماء في وهدة (4)،فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟قال:(ينضح بكفّ بين يديه،و كفّ خلفه،و كفّ عن يمينه،و كفّ عن شماله و يغتسل) (5).

و رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن مسكان،قال:حدّثني صاحب لي ثقة أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام (6)،و بمثله روى في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام (7).

و اختلف في المراد،فقيل:انّه يمسح جسده بالماء ثمَّ يغتسل،و الفائدة سرعة جريان الماء عند الغسل بحيث لا ينزل إلى الماء قبله (8)،و قيل:يرشّ على الأرض في الجهات (9)،

ص:136


1- 1النّهاية:8. [1]
2- 2) عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعميّ الملقّب ب«كرّام»روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن ثمَّ وقف على أبي الحسن.وثّقه النّجاشي و عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع)و قال:واقفيّ،و أطلق في الفهرست.و توقّف فيه المصنّف. رجال النّجاشي:245،رجال الطّوسي 234،354،الفهرست:109، [2]رجال العلاّمة:243. [3]
3- 3) محمّد بن ميسّر بن عبد العزيز النّخعيّ بياع الزّطّيّ،كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه(ع). رجال النّجاشي:368،الفهرست:161، [4]رجال العلاّمة:159. [5]
4- 4) الوهدة:الأرض المنخفضة كالوهد.القاموس المحيط 1:360. [6]
5- 5) السّرائر:473 نقلا عن جامع البزنطيّ.
6- 6) التّهذيب 1:417 حديث 1318،الاستبصار 1:28 حديث 72،الوسائل 1:157 الباب 10 من أبواب الماء المضاف حديث 2. [7]
7- 7) التّهذيب 1:416 حديث 1315،الاستبصار 1:28 حديث 73،الوسائل 1:156 الباب 10 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [8]
8- 8) انظر:المعتبر 1:88.
9- 9) انظر:المعتبر 1:88. [9]

لهذه الفائدة أيضا.

أقول:و هذا عندي على وجه الاستحباب دون الإيجاب.

و روى الشّيخ في الحسن،عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ (1)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:(إذا أتيت ماء و فيه قلّة،فانضح عن يمينك و عن يسارك و بين يديك و توضّأ) (2).

الثّاني:متى كان على جسد المجنب أو المغتسل من حيض و شبهه نجاسة عينيّة

(3)

فالمستعمل إذا قلّ عن الكرّ،نجس إجماعا،بل الحكم بالطّهارة إنّما يكون مع الخلوّ من النّجاسة العينيّة،فإذا ارتمس فيه ناويا للغسل صار الماء مستعملا و طهر الجنب.و به قال الشّافعيّ (4)،لأنّه إنّما يصير مستعملا بارتفاع حدث فيه.

و قال أحمد:يصير مستعملا،و لا يرتفع حدثه (5)،لقوله عليه السّلام:(لا يغتسل أحدكم في الماء الدّائم) (6)و النّهي يقتضي الفساد.و الكبرى (7)ممنوعة.

و لو غسل مرتّبا فتساقط الماء من رأسه أو من جانبه الأيمن عليه،صار مستعملا،فليس له استعمال الباقي.على قول الشّيخ (8).

و لو نزل فيه اثنان و ارتمسا دفعة و اتّفقا في زمن النّيّة طهرا،و لو سبق أحدهما،طهر و صار مستعملا في حقّ الثّاني.

و لو غسل رأسه خارجا،ثمَّ أدخل يده في القليل ليأخذ ما يغسل به جانبه،فالأقرب أنّ

ص:137


1- 1أبو محمّد عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن،و كان وجها عنده.عدّه الشّيخ من أصحاب الكاظم.له كتاب. رجال النّجاشي:221،رجال الطّوسي:357،رجال العلاّمة:108. [1]
2- 2) التّهذيب 1:408 حديث 1283،الوسائل 1:158 الباب 10 من أبواب الماء المضاف حديث 3. [2]
3- 3) «ح»«ق»:و المغتسل.
4- 4) مغني المحتاج 1:21،المجموع 1:167،334.
5- 5) المغني 1:51، [3]الكافي لابن قدامة 1:8.
6- 6) تقدّم في ص 135. [4]
7- 7) في«م»:و الاولى.
8- 8) حيث انّه قال بعدم مطهّريّة الماء المستعمل في الكبرى.انظر:المبسوط 1:11.

الماء لا يصير مستعملا،و لو نوى غسل يده،صار مستعملا .

الثّالث:المستعمل في غسل الجنابة يجوز إزالة النّجاسة به إجماعا منّا

،لإطلاقه،و المنع من رفع الحدث به عند بعض الأصحاب (1)،لا يوجب المنع من إزالة النّجاسة،لأنّهم إنّما قالوه ثمَّ لعلّة لم توجد في إزالة الخبث،فإن صحّت تلك العلّة ظهر الفرق و بطل الإلحاق، و إلاّ حكموا بالتّساوي في البابين كما قلناه نحن .

الرّابع:إذا بلغ المستعمل في الكبرى كرّا

،قال الشّيخ في المبسوط:زال عنه حكم المنع (2)،و تردّد في الخلاف (3).و الّذي أختاره تفريعا على القول بالمنع،زوال المنع هاهنا،لأنّ بلوغ الكرّيّة موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي،و ما ذلك إلاّ لقوّته،فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الّذي لو كان نجاسة لكانت تقديريّة،و لأنّه لو اغتسل في كرّ لما[انفعل] (4)فكذا المجتمع.

لا يقال:يرد ذلك في النّجاسة العينيّة.

لأنّا نقول هناك إنّما حكمنا بعدم الزّوال،لارتفاع قوّة الطّهارة بخلاف المتنازع فيه .

الخامس:المستعمل في الأغسال المندوبة

،أو في غسل الثّوب أو الآنية الطّاهرين ليس بمستعمل،لأنّ الاستعمال لم يسلبه الإطلاق،فيجب بقاؤه على التّطهير للآية (5).

و قالت الحنفيّة:كلّ مستعمل في غسل بني آدم على وجه القربة فهو مستعمل،و ما لا فلا.

فلو غسل يده للطّعام أو من الطّعام صار مستعملا،بخلاف ما لو غسل لإزالة الوسخ أو لإزالة العجين من يده (6)،و لو توضّأ أو اغتسل للتبرّد،قال الطّحاويّ:يصير مستعملا (7).

ص:138


1- 1كالشّيخين و ابن بابويه.انظر:المقنعة:9،المبسوط 1:11، [1]الفقيه 1:13.
2- 2) المبسوط 1:11.
3- 3) الخلاف 1:46 مسألة-127.
4- 4) في النّسخ الّتي بأيدينا:(لما نفي انفعاله لعدمه)و ما أثبتناه مطابق لما نقل عنه صاحب الحدائق 1:450.
5- 5) الأنفال:11.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:69،شرح فتح القدير 1:78،الهداية للمرغيناني 1:20.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:47.

و عند أبي يوسف إنّما يصير مستعملا بأحد أمرين إمّا بنيّة التّقرّب أو بإسقاط الفرض.

و عند محمّد:بنيّة التّقرّب لا غير (1).

و تظهر الفائدة في الجنب المرتمس في البئر لطلب الدّلو،فعلى هذه الرّواية،عن أبي يوسف:الماء بحاله و الرّجل بحاله (2).و قد ذكرنا عنه أوّلا انّ الماء نجس و الرّجل جنب (3).و روى الكرخيّ عنه قولا ثالثا،و هو انّ الماء نجس و الرّجل طاهر.

و لو انّ الطّاهر انغمس في البئر لطلب الدّلو لم يصر مستعملا اتّفاقا.

قال محمّد:و لو أدخل رأسه أو خفّه في إناء فيه ماء للمسح،لا يجوز (4)عن المسح و يصير مستعملا،و يخرج رأسه و خفّه من الماء المستعمل،لأنّه قصد التّقرّب.

و قال أبو يوسف:يجوز (5)المسح و لا يصير الماء مستعملا،لأنّ المسح هو الإصابة دون الإسالة،و التّقرّب و سقوط الفرض إنّما يقع بالإصابة لا بالإسالة،و اتّفقا على انّه لو لم يقصد المسح فإنّه يجوز (6)عن المسح و لا يصير الماء مستعملا،لأنّ قصد التّقرّب لم يوجد و عند أبي يوسف و إن سقط الفرض عن ذمّته،لكنّه أسقط الفرض بالإصابة لا بالإسالة (7).

السّادس:لو اغتسل من الجنابة و بقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء

فصرف البلل الّذي على العضو إلى تلك اللّمعة،جاز،أمّا على ما اخترناه نحن فظاهر،و أمّا على قول الحنفيّة فكذلك،لأنّه إنّما يكون مستعملا بانفصاله عن البدن،و في اشتراط استقراره في المكان خلاف عندهم (8).

و أمّا في الوضوء،فقالوا:لا يجوز صرف البلل الّذي في اليمنى إلى اللّمعة الّتي في اليسرى،لأنّ البدن في الجنابة كالعضو الواحد فافترقا (9)،و ليس للشّيخ فيه نصّ،و الّذي

ص:139


1- 1بدائع الصّنائع 1:69،المبسوط للسّرخسي 1:53،شرح فتح القدير 1:78.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:53،الهداية للمرغيناني 1:20،شرح فتح القدير 1:79.
3- 3) تقدّم في ص 129.
4- 4) في المصدر:يجزئه،و هو الأنسب.
5- 5) في المصدر:يجزئه،و هو الأنسب.
6- 6) في المصدر:يجزئه،و هو الأنسب.
7- 7) انظر جميع ذلك في:بدائع الصّنائع 1:70.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:68،شرح فتح القدير 1:78،الهداية للمرغيناني 1:20.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:68.

ينبغي أن يقال على مذهبه عدم الجواز في الجنابة،فإنّه لم يشترط في المستعمل الانفصال .

السّابع:لو اغتسل واجبا من جنابة مشكوك فيها

كالواجد في ثوبه المختصّ أو المتيقّن لها و للغسل الشّاكّ في السّابق،أو من حيض مشكوك فيه كالنّاسية للوقت أو العدد،هل يكون ماؤه مستعملا؟فيه إشكال،فإنّ لقائل أن يقول:انّه غير مستعمل،لأنّه ماء طاهر في الأصل لم يعلم إزالة الجنابة به،فلا يلحقه حكم المستعمل،و يمكن أن يقال:انّه مستعمل،لأنّه قد اغتسل به من الجنابة و إن لم تكن معلومة إلاّ انّ الاغتسال معلوم فيلحقه حكمه،و لأنّه ماء أزال مانعا من الصّلاة،فانتقل المنع إليه كالمتيقّن .

الثّامن:لو انغمس الجنب في ماء قليل

،فإن نوى بعد تمام انغماسه و إيصال (1)الماء بجميع البدن ارتفع حدثه لوصول الماء الطّهور إلى محلّ الحدث مع النّيّة و يكون مستعملا، و هل يحكم بالاستعمال في حقّ غيره قبل انفصاله عنه؟الوجه ذلك.

و لو خاض (2)جنبان و نويا دفعة بعد تمام الانغماس (3)،ارتفع حدثهما،و إن نوى قبل إكمال الانغماس،فالأقرب انّه لا يكون مستعملا بأوّل الملاقاة،بل يرتفع (4)حدثه عند كمال الانغماس .

التّاسع:الذّمّيّة إذا اغتسلت من الحيض لإباحة وطء الزّوج،كان الماء نجسا عندنا،

لأنّ الكافر نجس.و عن أحمد روايتان:

إحداهما:انّه مطهّر،لأنّه لم يزل مانعا من الصّلاة،فأشبه ما لو تبرّد به.

و الأخرى:انّه غير مطهّر،لأنّها أزالت به المانع من الوطء (5).

العاشر:المستعمل في التّجديد أو الجمعة أو غسل العيدين

و غيرهما من المسنونات طاهر

ص:140


1- 1«ح»«خ»«ق»:اتّصال.
2- 2) «خ»:غاص.
3- 3) «ح»«ق»:الارتماس.
4- 4) كذا في النّسخ،و لعلّ الأنسب:برفع.
5- 5) المغني 1:49.

مطهّر.و قد تقدّم (1)،و عن أحمد روايتان (2).

مسألة:المنفصل من غسالة النّجاسة

،إمّا أن ينفصل متغيّرا بها،فهو نجس إجماعا لتغيّره،و إمّا أن ينفصل غير متغيّر قبل طهارة المحلّ و هو كذلك،لأنّه ماء يسير لاقى نجاسة لم يطهّرها،فكان نجسا كالمتغيّر،و كما لو وردت النّجاسة عليه و كالباقي في المحلّ،فإنّه نجس و هو جزء من الماء الّذي غسلت به النّجاسة،و لأنّه قد كان نجسا في المحلّ،فلا يخرجه العصر إلى التّطهير،لعدم صلاحيّته،و هو أحد وجهي الشّافعيّ (3)،و في الآخر:انّه طاهر (4)،لأنّ الماء الوارد على النّجاسة يعتبر فيه التّغيّر،لأنّ الحاجة داعية إلى ملاقاته النّجاسة،فاعتبر فيه التّغيّر كالقلّتين،لمّا شقّ حفظ ذلك من النّجاسة اعتبر فيه التّغيّر.ثمَّ اختلفوا،فقال ابن خيران (5):يجوز أن يتوضّأ به (6)،و لا تزيل النّجاسة (7)،و المشهور عندهم انّه طاهر غير مطهّر (8).

و إمّا أن ينفصل غير متغيّر من الغسلة الّتي طهّرت المحل،فللشّيخ قولان:قال في المبسوط:هو نجس،و في النّاس من قال:لا ينجس إذا لم يغلب على أحد أوصافه،و هو قويّ،و الأوّل أحوط (9)،و جزم في الخلاف بنجاسة الغسلة الاولى،و طهارة الغسلة الثّانية (10)،و الأقوى عندي:التّنجيس،و هو مذهب أبي حنيفة (11)،

ص:141


1- 1في ص 132،138. [1]
2- 2) المغني 1:50،الكافي لابن قدامة 1:7،الإنصاف 1:37.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:158.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:158.
5- 5) أبو عليّ:الحسين بن صالح بن خيران،شيخ الشّافعيّة ببغداد بعد ابن سريج،و أحد أركان المذهب، عرض عليه القضاء فامتنع،تفقّه به جماعة.مات سنة 320 ه. طبقات الشّافعيّة للسبكي 3:213،العبر 2:10، [2]شذرات الذّهب 2:287.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:158. [3]
7- 7) «ح»«ق»:و لا يزيل به النّجاسة.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:158.
9- 9) المبسوط 1:92. [4]
10- 10) الخلاف 1:48 مسألة-135.
11- 11) بدائع الصّنائع 1:66.

و الأنماطي (1)من الشّافعيّة (2)،و للحنابلة وجهان (3).

لنا:انّه ماء قليل لاقى نجاسة فينجس بها كما لو وردت عليه.

و ما رواه عيص بن القاسم (4)،قال:سألته عن رجل أصابه قطر من طشت فيه وضوء؟فقال:(إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه) (5).

و ذهب الشّافعيّ إلى انّه طاهر (6)،لأنّه جزء من المتّصل،و المتّصل طاهر،فكذا المنفصل،و لأنّه ماء أزال حكم النّجاسة و لم يتغيّر بها،فكان طاهرا كالمنفصل من الأرض.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كونه جزءا حالة الانفصال،و قياسه على المتّصل باطل، لوقوع الفرق و هو لزوم المشقّة في تنجيس المتّصل دونه.

و عن الثّاني:بالمنع في الأصل على ما يأتي.

فرع:

رفع الحدث بمثل هذا الماء أو بغيره ممّا يزيل النّجاسة لا يجوز إجماعا.

أمّا على قولنا فظاهر،و أمّا على قول الشّيخ،فلما رواه عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الماء الّذي يغسل به الثّوب أو يغتسل به من الجنابة،لا يتوضّأ

ص:142


1- 1أبو القاسم:عثمان بن سعيد بن بشار الفقيه البغداديّ الأنماطيّ،صاحب المزني،نشر مذهب الشّافعيّ ببغداد،و تفقّه عليه أبو العبّاس بن سريج.مات سنة 288 ه. العبر 1:415، [1]طبقات الشّافعيّة للسّبكي 2:52. [2]
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:158. [3]
3- 3) المغني 1:77،الإنصاف 1:46، [4]الكافي لابن قدامة 1:8.
4- 4) عيص بن القاسم بن ثابت بن عبيد بن مهران البجليّ الكوفي،يكنّى:أبا القاسم،ثقة،عين،روى عن أبي عبد اللّه،و أبي الحسن موسى(ع). رجال النّجاشي:302،رجال الطّوسي:264،رجال الكشّي:361،رجال العلاّمة:131. [5]
5- 5) الظّاهر انّ الرّواية لم يذكرها الشّيخ إلاّ في الخلاف 1:49 ذيل مسألة-135-و ذكرها المحقّق في المعتبر 1:90،و [6]الشّهيد في الذكرى:9 و [7]قال:هي مقطوعة.انظر:الوسائل 1:156 الباب 9 من أبواب الماء المضاف حديث 14. [8]
6- 6) مغني المحتاج 1:85،المجموع 1:159،فتح الوهّاب 1:21،السّراج الوهّاج:24.

منه (1)) (2)و لأنّه أزال مانعا من الصّلاة،فينتقل إلى الماء ما كان في الثّوب من المنع و إن كان طاهرا كماء الحدث.

مسألة عفى عن ماء الاستنجاء إذا سقط منه شيء على ثوبه أو بدنه

(3)

،سواء رجع على (4)الأرض الطّاهرة أو لا،و صرّح الشّيخان بطهارته (5)،أمّا لو سقط و على الأرض نجاسة ثمَّ رجع على الثّوب أو البدن،فهو نجس سواء تغيّر أو لا،و كذا لو تغيّر أحد أوصافه من الاستنجاء.

لنا:ما رواه الأحول (6)في الحسن،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الّذي استنجيت به؟فقال:(لا بأس به) (7).

و ما رواه محمّد بن النّعمان (8)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:أستنجي ثمَّ يقع ثوبي فيه و أنا جنب؟فقال:(لا بأس به) (9).

ص:143


1- 1في بعض النّسخ:به.
2- 2) التّهذيب 1:221 حديث 630،الاستبصار 1:27 حديث 71،الوسائل 1:155 الباب 9 من أبواب الماء المضاف حديث 13. [1]
3- 3) «ح»«ق»:فرع.
4- 4) لعلّ الصّحيح:عن.
5- 5) المفيد في المقنعة:5،الطّوسيّ في المبسوط 1:16. [2]
6- 6) أبو جعفر محمّد بن عليّ بن نعمان بن أبي طريفة البجليّ مولاهم الأحول،كوفيّ صيرفيّ يلقّب مؤمن الطّاق و صاحب الطّاق،له مناظرات مع أبي حنيفة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحابه الصّادق و الكاظم بعنوان: محمّد بن النّعمان الأحول.له كتب منها كتاب الاحتجاج في إمامة أمير المؤمنين(ع). رجال النّجاشي:325،رجال الطّوسي:302،359،الفهرست:131. [3]
7- 7) الكافي 3:13 حديث 5، [4]التّهذيب 1:85 حديث 223،الوسائل 1:160 الباب 13 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [5]
8- 8) هو مشترك بين محمّد بن النّعمان الأحول-الّذي مرّت ترجمته-و بين محمّد بن النّعمان الحضرميّ و محمّد بن النّعمان الأزديّ الكوفيّ،عدّهما الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع). رجال الطّوسي:302،تنقيح المقال 3:196. [6]
9- 9) التّهذيب 1:86 حديث 227،الوسائل 1:161 الباب 13 من أبواب الماء المضاف حديث 4. [7]

و ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ (1)،قال:سألت أبا عبد اللّه عن الرّجل يقع ثوبه على الماء الّذي استنجى به،أ ينجس ذلك ثوبه؟فقال:(لا) (2).

و هكذا حكم الماء الّذي يتوضّأ به أو يغتسل به من الجنابة،أمّا عندنا فهو ظاهر،و أمّا عند الشّيخ فلما رواه في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال في الرّجل الجنب:يغتسل فينضح من الأرض في إنائه،فقال:(لا بأس ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (4)) (5).

و في الصّحيح،عن الفضيل أيضا،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يغتسل فينضح الماء من الأرض في الإناء؟فقال:(لا بأس،هذا ممّا قال اللّه تعالى «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (6).

و لأنّ التّحرّز عن هذه المياه ممّا يعسر جدّا،فشرّع العفو دفعا للحرج،و يدلّ عليه:تعليل الإمام عليه السّلام في المغتسل به.

فروع:
الأوّل:الماء الّذي يغسل به القبل و الدّبر يدخل تحت هذا الحكم

لعموم اسم الاستنجاء لهما .

الثّاني:الماء الّذي يغسل به الآنية لا يلحقه هذا الحكم.

ص:144


1- 1عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ القرشيّ اللّهبيّ ثقة من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم. رجال الطّوسي:234،رجال العلاّمة:127. [1]
2- 2) التّهذيب 1:86 حديث 228،الوسائل 1:161 الباب 13 من أبواب الماء المضاف حديث 5. [2]
3- 3) أبو القاسم:الفضيل بن يسار النّهديّ،أصله كوفيّ.نزيل البصرة،ثقة،و ممّن أجمعت العصابة على تصديقه.و قيل:يكنّى أبا ميسور،من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق(ع)و مات في أيّامه. رجال النّجاشي:309،رجال الطّوسي:132،271،رجال الكشّي:238.
4- 4) الحج:13. [3]
5- 5) التّهذيب 1:86 حديث 224،الوسائل 1:153 الباب 9 من أبواب الماء المضاف حديث 5- [4]بتفاوت يسير.
6- 6) التّهذيب 1:86 حديث 225،الوسائل 1:153 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [5]

و قال الشّيخ في الخلاف:إذا أصاب الثّوب أو الجسد من الماء الّذي يغسل به إناء الولوغ لا يغسل،سواء كان من الغسلة الأولى أو الثّانية (1).و تردّد في المبسوط في نجاسة الاولى (2).

لنا:انّه ماء قليل لاقى نجاسة،فينفعل بها و لا يتعدّى إليه الرّخصة الّتي في الاستنجاء،لأنّه استعمال الماء الّذي قام المانع على المنع منه مع عدم قيام الموجب،و ذلك غير سائغ اتّفاقا.

احتجّ الشّيخ بوجهين:

الأوّل:عدم الدّلالة الشّرعيّة على التّنجيس.

الثّاني:الإلزام بعدم تطهير الإناء،فإنّه دائما لا ينفكّ عن أجزاء مائيّة تخلّفت من الغسلة،فلو كانت نجسة لكان الماء الملاقي لها في المرّة الأخرى ينجس،فلا تحصل الطّهارة البتّة (3).

و الجواب عن الأوّل:بوجود الدّليل الشّرعيّ،و هو قوله عليه السّلام:(إذا بلغ الماء قدر كرّ،لم ينجّسه شيء) (4)و مع انتفاء الشّرط ينتفي المشروط،و إلاّ لم يكن شرطا،و لأنّه وافقنا على انّ الماء القليل ينجس بالملاقاة.

و عن الثّاني:بالفرق بين المرّة الثّالثة و الثّانية،فإنّ الإجماع واقع (5)على الطّهارة بعد المرّة الثّانية،و بالفرق بين المنفصل و المستخلف بوجود المشقّة و عدمها في أحدهما دون الثّاني .

الثّالث:لو اجتمع الماء الّذي يغسل به النّجاسة كرّا

لم يزل عنه المانع لانفعاله بالنّجاسة أوّلا فيكون المنع ثابتا فيستصحب إلى أن تظهر دلالة شرعيّة على زواله،و على رأي

ص:145


1- 1الخلاف 1:49 مسألة-137.
2- 2) المبسوط 1:15،36. [1]
3- 3) الخلاف 1:50 مسألة-137.
4- 4) التّهذيب 1:40 حديث 108،الاستبصار 1:6 حديث 2،3،الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [2]
5- 5) «ح»«ق»:وقع.

الشّيخ يلزم الحكم بكونه طهورا (1)،أمّا لو اجتمع ماء الغسلة الاولى و الثّانية فبلغ كرّا فعلى أحد قوليّ الشّيخ يكون باقيا على المنع (2).

الرّابع:إذا غسل الثّوب من البول في إجانة

بأن يصبّ عليه الماء فسد الماء و خرج من الثّانية طاهرا اتّحدت الآنية أو تعدّدت.

و قال أبو يوسف:إذا غسل في ثلاث إجانات خرج من الثّالثة طاهرا (3)،و ماء (4)الإجانة الرّابعة فما فوقها طاهر.

و لو كان المغسول عضوا من أعضاء الوضوء،قال أبو يوسف:فسدت المياه كلّها و لو كانت مائة آنية و لم تطهر (5).و قال محمّد:يخرج المغسول من الإجانة الثّالثة طاهرا و الماء بعد ذلك طاهر و طهور في الثّوب،و طاهر غير طهور في العضو (6)،و نحن قد سلف منّا بيان طهارة المستعمل في رفع الأحداث (7).

بقي علينا أن نبيّن الدّلالة على طهارة الثّوب المذكور،و يدلّ عليه وجهان:

الأوّل:انّه قد حصل الامتثال بغسله مرّتين فيكون طاهرا و إلاّ لم يدلّ الأمر على الإجزاء.

الثّاني:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الثّوب يصيبه البول؟قال:(اغسله في المركن مرّتين،فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة) (8).

الخامس:غسالة الحمّام و هو المستنقع

،منع الشّيخ في النّهاية عن استعمالها (9).و قال

ص:146


1- 1المبسوط 1:36 و 92،الخلاف 1:49 مسألة-137.
2- 2) المبسوط 1:92،الخلاف 1:48 مسألة-135.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:87.
4- 4) «ح»«ق»«خ»:و أمّا.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:93،بدائع الصّنائع 1:87.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:93،بدائع الصّنائع 1:87.
7- 7) راجع ص 128،133. [1]
8- 8) التّهذيب 1:250 حديث 717،الوسائل 2:1002 الباب 2 من أبواب النّجاسات حديث 1. [2]
9- 9) النّهاية:5.

ابن بابويه:لا يجوز التّطهير بغسالة الحمّام (1)،و ادّعى ابن إدريس الإجماع على ذلك، و كثرة الأخبار الدّالّة عليه (2)،و لم يصل إلينا من القدماء غير حديثين ضعيفين يدلاّن على ذلك:

أحدهما:ما رواه حمزة بن أحمد (3)،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:(و لا تغتسل من البئر الّتي يجتمع فيها ماء الحمّام،فإنّه يسيل فيها ماء يغتسل به الجنب و ولد الزّنا و النّاصب لنا أهل البيت،و هو شرّهم) (4)و هي مرسلة،فإنّ محمّد بن محبوب (5)رواها عن عدّة من أصحابنا،و أيضا:فإنّ حمزة بن أحمد لا أعرف حاله.

الثّاني:ما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن بعض أصحابنا،عن ابن جمهور،عن محمّد بن القاسم،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا تغتسل من البئر الّتي يجتمع فيها غسالة الحمّام،فإنّ فيها غسالة ولد الزّنا.الحديث) (6)و هذا مع إرساله ضعيف،فإنّ ابن جمهور ضعيف جدّا،قال النّجاشيّ:محمّد بن جمهور،ضعيف في الحديث فاسد المذهب،و قيل فيه أشياء،اللّه أعلم بها من عظمها (7).و الأقوى عندي انّه على أصل الطّهارة،و قد روى الشّيخ،عن أبي يحيى الواسطيّ (8)،عن بعض أصحابنا،

ص:147


1- 1الفقيه 1:10.
2- 2) السّرائر:15.
3- 3) حمزة بن أحمد،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و ظاهره كونه إماميّا،إلاّ انّ حاله مجهول. رجال الطّوسي:347،تنقيح المقال 1:372. [1]
4- 4) التّهذيب 1:373 حديث 1143،الوسائل 1:158 الباب 11 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [2]
5- 5) محمّد بن عليّ بن محبوب الأشعريّ القمّيّ:أبو جعفر،شيخ القمّيّين في زمانه،ثقة،عين،فقيه،صحيح المذهب،عدّه الشّيخ في رجاله في باب من لم يرو عن الأئمّة(ع).و قال في الفهرست:له تصانيف. رجال النّجاشي:349،رجال الطّوسي:494،الفهرست:145. [3]
6- 6) الكافي 3:14 حديث 1، [4]الوسائل 1:159 الباب 11 من أبواب الماء المضاف حديث 4. [5]
7- 7) رجال النّجاشي:337.
8- 8) سهيل بن زياد أبو يحيى الواسطيّ،لقي أبا محمّد العسكريّ(ع)،امّة بنت أبي جعفر الأحول مؤمن الطّاق. ذكره الشّيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم،و قال في الفهرست:له كتاب.اختلف في تضعيفه و توثيقه،و قيل:لم يكن بكل الثبت في الحديث. رجال النّجاشي:192،رجال الطّوسي:476،الفهرست:80،186، [6]تنقيح المقال 2:77. [7]

عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:سئل عن مجتمع الماء في الحمّام من غسالة النّاس يصيب الثّوب؟قال:(لا بأس) (1).

و أيضا:روى في الصّحيح،عن حريز بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:(كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء و اشرب) (2).

و روى في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(في الماء الآجن يتوضّأ منه إلاّ أن يجد ماء غيره.) (3)و هذان عامّان.

البحث الرّابع:في الأسئار و الأواني المشتبهة
مسألة:الحيوان على ضربين:آدميّ و غيره

،فالآدميّ إن كان مسلما أو بحكمه، فسؤره طاهر،عدا النّاصب و الغلاة،و غير المسلم و النّاصب و الغلاة سؤرهم نجس.

و غير الآدميّ مأكول اللّحم و غيره،فالأوّل سؤره طاهر،فإن كان لحمه مكروها،كان سؤره كذلك كالفرس و الحمار و البغل،و غير المأكول إمّا أن يكون نجس العين كالكلب و الخنزير أولا،و الأوّل سورة نجس،و الثّاني سؤره طاهر.

هذا على القول المشهور لأصحابنا (4)،و هو اختيار الشّيخ في الخلاف (5)،و وافق في المبسوط على ذلك،إلاّ في شيء واحد،و هو غير مأكول اللّحم من الحيوان الإنسيّ،فإنّه منع

ص:148


1- 1التّهذيب 1:379 حديث 1176،الوسائل 1:154 الباب 9 من أبواب الماء المضاف حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 1:217 حديث 626،الاستبصار 1:12 حديث 19،الوسائل 1:102 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
3- 3) الكافي 3:4 حديث 6، [3]التّهذيب 1:217 حديث 626،و 409 حديث 1286،الاستبصار 1:12 حديث 20،الوسائل 1:103 الباب 3 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [4]
4- 4) كالسّيّد في الجمل:49،و ابن البرّاج في المهذّب 1:25،و سلاّر في المراسم:37،و المحقّق في المعتبر 1:93.
5- 5) الخلاف 1:52 مسألة-44.

من استعمال سؤره إلاّ ما لا يمكن التّحرّز منه (1).و ما اخترناه أوّلا هو مذهب الشّافعيّ (2)إلاّ في قسم الآدميّ،و هو قول عمرو بن العاص (3)و أبي هريرة (4).

و قال أبو حنيفة:سؤر الآدميّ طاهر،سواء كان مسلما أو لا،صغيرا أو كبيرا،إلاّ سور شارب الخمر،فإنّه نجس إلاّ إذا ابتلع بصاقه ثلاث مرّات،و كذا سؤر مأكول اللّحم (5)، و سؤر الفرس مكروه في إحدى الرّوايتين،و في الأخرى:هو طاهر (6)،و هو اختيار محمّد و أبي يوسف.و كذا الطّيور المأكولة إلاّ الدّجاجة المطلقة،فإنّه مكروه،و سؤر الكلب و الخنزير نجس،و سؤر سباع الوحش كالأسد نجس،و سؤر سباع الطّير مكروه،و كذا الحشرات كالحيّة و العقرب،و كذا سؤر الهرّة،و سؤر البغل و الحمار مشكوك فيه (7).

و ذهب الجمهور إلى طهارة الكفّار،و طهارة سؤرهم،و عرقهم،و ما باشروه برطوبة (8).

و قال أحمد:كلّ حيوان يؤكل لحمه فسؤره طاهر،و كذا حشرات الأرض و الهرّ (9)،

ص:149


1- 1المبسوط 1:10. [1]
2- 2) المجموع 1:171 و 2:589،بداية المجتهد 1:28،بدائع الصّنائع 1:64،المحلّى 1:134،المغني 1:72.
3- 3) عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم،يكنّى أبا عبد اللّه،و قيل:أبو محمّد،و امّة النّابغة بنت حرملة،و هو الّذي أرسلته قريش إلى النّجاشي لاسترداد جعفر بن أبي طالب و من معه،روى عن النّبيّ و عمر بن الخطّاب،و روى عنه ابنه عبد اللّه و أبو عثمان النّهدي و قبيصة و غيرهم،مات سنة 43 أو 47،أو 48 ه،و قيل:51 ه. أسد الغابة 4:115، [2]شذرات الذّهب 1:53.
4- 4) المجموع 1:173،174،بخصوص قول عمرو بن العاص،فإنّنا قد استفدناه منه،و انظر أيضا:الموطّأ 1:23 حديث 14.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:63،64.
6- 6) «ح»«ق»«م»«ن»:طلق.
7- 7) انظر جميع ذلك في:بدائع الصّنائع 1:64،65،66،المبسوط للسّرخسي 1:48،50،شرح فتح القدير 1:95 إلى 103،الهداية للمرغيناني 1:23-24.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:63،المجموع 1:264،المغني 1:72،بلغة السّالك 1:18،نيل الأوطار 1:86، المحلّى 1:132.
9- 9) المغني 1:74،الكافي لابن قدامة 1:16.

و أمّا السّباع ففيه روايتان:إحداهما:انّ سؤرها طاهر،و الأخرى:نجس،و كذا في البغل و الحمار روايتان (1).

و قال مالك (2)و الأوزاعيّ (3)و داود:سؤر الكلب و الخنزير طاهر يتوضّأ به و يشرب، و إن ولغا في طعام لم يحرم أكله (4).

و قال الزّهريّ:يتوضّأ به إذا لم يجد غيره (5).

و قال عبيدة بن أبي لبابة (6)،و الثّوريّ،و ابن ماجشون (7)،و ابن مسلمة (8):

يتوضّأ به و يتيمّم (9).

و قال مالك:و يغسل الإناء الّذي ولغ الكلب فيه تعبّدا (10).

و أمّا سؤر السّباع عدا السّنّور،و ما دونها في الخلقة،و سؤر جوارح الطّير،و الحمار

ص:150


1- 1المغني 1:71،الإنصاف 1:342، [1]الكافي لابن قدامة 1:17.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:5،بداية المجتهد 1:28،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:10،المغني 1:70، المحلّى 1:113،المجموع 2:580.
3- 3) المجموع 2:580،المغني 1:70.
4- 4) المغني 1:70.
5- 5) صحيح البخاري 1:54،عمدة القارئ 3:36،المغني 1:70.
6- 6) كذا في النّسخ،و الصّحيح:عبدة بن أبي لبابة،و هو:أبو القاسم الأسديّ ثمَّ الغاضري مولاهم الكوفيّ التاجر،أحد الأئمّة،نزل دمشق.روى عن ابن عمر و زر بن حبيش و أبي وائل و سويد بن غفلة.و روى عنه عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر،و الأوزاعي و شعبة و سفيان بن عيينة و آخرون،مات في حدود سنة 127 ه. سير أعلام النبلاء 5:229،الجرح و التعديل 6:89.
7- 7) أبو مروان:عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون صاحب مالك و تفقّه به و بأبيه و ابن أبي حازم و غيرهم، مات سنة 212 ه. العبر 1:285، [2]شذرات الذهب 2:28. [3]
8- 8) أبو هشام محمّد بن مسلمة بن محمّد بن هشام بن إسماعيل بن هشام المخزوميّ المدينيّ من أصحاب مالك، و تفقّه عنده،كان أحد فقهاء المدينة و أفقههم. الجرح و التعديل 8:71.
9- 9) المغني 1:70.
10- 10) بداية المجتهد 1:29،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:7،المجموع 2:581،المغني 1:70.

الأهليّ،و البغل،فكلّه طاهر عندنا،إلاّ انّه مكروه.و به قال الحسن البصريّ،و عطاء، و الزّهريّ،و يحيى الأنصاريّ (1)،و ربيعة (2)، (3)،و مالك (4)،و الشّافعيّ (5)،و ابن المنذر (6)،لما رواه جابر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل:أ يتوضّأ بما أفضلت الحمر؟ فقال:(نعم،و بما أفضلت السّباع كلّها) (7)و هو رواية عن أحمد،و في الرّواية الأخرى:انّ جميع ذلك نجس،إذا لم يجد غيره يتيمّم و يتركه (8).فقد وقع الاتفاق بين العلماء كافّة على طهارة سؤر المسلمين غير الخوارج و الغلاة،و على نجاسة سؤر الكلب و الخنزير (9)،إلاّ من مالك (10)و من تقدّم،فإنّه قال بطهارة سؤرهما (11)،و حكى الطّحاويّ عن مالك في سؤر النّصرانيّ،و المشرك انّه لا يتوضّأ به.

لنا على نجاسة سؤر الكافر:قوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (12).

ص:151


1- 1يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو،أبو سعيد الأنصاريّ الفقيه،ولّي قضاء المنصور.روى عن أنس و أبي أمامة و سعيد بن المسيّب،و روى عنه شعبة و مالك و غيرهم.مات سنة 143 ه. تذكرة الحفّاظ 1:137،شذرات الذّهب 1:212.
2- 2) أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرّحمن فرّوخ التّيميّ المدنيّ.و يقال له:ربيعة الرأي،سمع أنسا و ابن المسيّب.و أخذ عنه مالك و الأوزاعي.مات سنة 136 ه. العبر 1:141، [1]تذكرة الحفّاظ 1:157،شذرات الذّهب 1:194. [2]
3- 3) المغني 1:72،المجموع 1:173،المدوّنة الكبرى 1:5.
4- 4) بداية المجتهد 1:28،المغني 1:72،المحلّى 1:133، [3]المدوّنة الكبرى 1:5.
5- 5) الام 1:6،المجموع 1:172،المحلّى 1:134، [4]المغني 1:72.
6- 6) المغني 1:72.
7- 7) سنن البيهقي 1:249،سنن الدّارقطني 1:62-بتفاوت.
8- 8) المغني 1:71،الكافي لابن قدامة 1:18.
9- 9) المبسوط للسّرخسي 1:47،بدائع الصّنائع 1:63،المجموع 1:173، [5]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:10.
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:5،مقدّمات ابن رشد 1:60،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:10.
11- 11) كالأوزاعي و داود و الزّهريّ،انظر:المغني 1:70.
12- 12) التّوبة:28. [6]

و أيضا:ما رواه الجمهور،عن أبي ثعلبة الخشنيّ (1)قال:قلت:يا رسول اللّه،إنّا بأرض قوم[من] (2)أهل الكتاب نأكل في آنيتهم؟فقال:(لا تأكلوا فيها إلاّ أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثمَّ كلوا فيها) (3).

لا يقال:على الآية و الخبر انّهم لمّا كثرت مباشرتهم للنّجاسات أطلق عليهم اسم النّجس و إن لم تكن أعيانهم نجسة و لا أوانيهم.

لأنّا نقول:هذا صرف للّفظ عن الظّاهر مع عدم الدّليل،و لأنّ إذلال الكافر أمر مطلوب،و التّنجيس طريق صالح.

و أيضا:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن سعيد الأعرج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن سؤر اليهوديّ و النّصرانيّ؟قال:(لا) (4).

و أمّا النّاصب فإنّه قادح في أمير المؤمنين عليه السّلام،و قد علم بالضّرورة من الدّين تحريم ذلك فهو من هذه الحيثيّة داخل في الكفّار لخروجه عن الإجماع.

و أمّا الغلاة فإنّهم و إن أقرّوا بالشّهادة إلاّ انّهم خارجون عن الإسلام أيضا.

و أمّا نجاسة سؤر الكلب و الخنزير،فيدلّ عليه:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا) (5)أخرجه أبو داود (6).

ص:152


1- 1أبو ثعلبة الخشنيّ-بخاء مضمومة ثمَّ شين مفتوحة-منسوب إلى خشين،بطن من قضاعة.و اسمه:جرهم، و قيل:جرثوم.ممّن بايع رسول اللّه(ص)تحت الشّجرة،و شهد فتح خيبر،مات أيّام معاوية سنة 75 ه. أسد الغابة 5:154، [1]العبر 1:63، [2]شذرات الذّهب 1:82،المجموع 1:262.
2- 2) أضفناه من صحيح مسلم.
3- 3) صحيح البخاري 7:114،صحيح مسلم 3:1533 حديث 1930،سنن أبي داود 3:363 حديث 3839، [3]سنن ابن ماجه 2:1069 حديث 3207،سنن التّرمذي 4:256 حديث 1797، [4]سنن الدّارمي 2:233. [5]
4- 4) التّهذيب 1:223 حديث 638،الاستبصار 1:18 حديث 36،الوسائل 1:165 الباب 3 من أبواب الأسئار حديث 1. [6]
5- 5) سنن أبي داود 1:19 حديث 71.
6- 6) أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شدّاد بن عمرو الأزدي السّجستانيّ صاحب السّنن. حدّث عن أبي عمرو الضّرير و مسلم بن إبراهيم و شيخه أحمد بن حنبل و خلق كثير،و حدّث عنه التّرمذي و النّسائي و ابنه أبو بكر بن أبي داود.مات بالبصرة سنة 275. العبر 1:396، [7]تذكرة الحفّاظ 2:591،شذرات الذّهب 2:167. [8]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل الهرّة،و الشّاة،و البقرة،و الإبل،و الحمار، و الخيل،و البغال،و الوحش،و السّباع،فلم أترك شيئا إلاّ سألته عنه؟فقال:(لا بأس به)حتّى انتهيت إلى الكلب،فقال:(رجس نجس لا تتوضّأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتّراب أوّل مرّة ثمَّ بالماء) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الكلب يشرب من الإناء؟قال:(اغسل الإناء)و عن السّنّور؟قال:(لا بأس أن تتوضّأ من فضلها،إنّما هي من السّباع) (2).

و ما رواه معاوية بن شريح (3)،قال:سأل عذافر (4)أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده عن سؤر السّنّور،و الشّاة،و البقرة،و البعير،و الحمار،و الفرس،و البغل،و السّباع،يشرب منه أو يتوضّأ منه؟فقال:(نعم،اشرب منه و توضّأ)قال:قلت له:الكلب؟قال:(لا) قلت:أ ليس هو سبع؟قال:(لا و اللّه انّه نجس،لا و اللّه انّه نجس) (5)و مثله روى

ص:153


1- 1التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:225 حديث 644،الاستبصار 1:18 حديث 39،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 3. [2]
3- 3) معاوية بن ميسرة بن شريح الكنديّ القاضي الكوفيّ.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع). و لا إشكال في توثيق الرّجل،إنّما الخلاف في اتّحاده مع معاوية بن ميسرة الّذي يأتي بعده،فقال العلاّمة المامقاني باتّحادهما،حيث انّه ينسب تارة إلى أبيه،و تارة إلى جدّه شريح و قد استظهر الأردبيليّ و المحدّث النّوري تعدّدهما.و الأمر سهل بعد التّوثيق واحدا كان أو متعدّدا. رجال النّجاشي 1:410،رجال الطّوسي:310،جامع الرّواة 2:238،242، [3]مستدرك الوسائل 3:678. [4]
4- 4) عذافر بن عيسى الخزاعي الصيرفيّ،كوفيّ،عدّه الشيخ بهذا العنوان في رجاله من أصحاب الصادق(ع). رجال الطّوسي:264،جامع الرّواة 1:537، [5]تنقيح المقال 2:250. [6]
5- 5) التّهذيب 1:225 حديث 647،الاستبصار 1:19،حديث 41،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 6. [7]

معاوية،بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و لأنّهما نجسا العين،فينجّسان ما يلاقيانه،و لأنّ لعابهما متولّد من لحمهما و هو نجس العين،فإذا (2)امتزج بالماء،نجس الماء.

لا يقال:إنّ الكلب من الطّوافين علينا فكان سؤره طاهرا كالهرّة.

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سألته عن الوضوء ممّا ولغ الكلب فيه و السّنّور،أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك، أ يتوضّأ منه أو يغتسل؟قال:(نعم،إلاّ أن تجد غيره فتنزّه عنه) (3).

لأنّا نجيب عن الأوّل:بالمنع من كونه من الطّوّافين.سلّمنا،لكنّ القياس في معارضة النّصّ باطل.

و عن الثّاني:بأنّ المراد:ما (4)ولغ فيه الكلب ممّا بلغ كرّا،و يدلّ عليه:ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(ليس بفضل السّنّور بأس لمن يتوضّأ منه و يشرب،و لا يشرب سؤر الكلب إلاّ أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه) (5).

فائدة:الأحاديث الّتي قدّمناها ليس فيها دلالة على [حرمة سؤر الخنزير] الخنزير،بل الطّريق إليه وجوه:

أحدها:انّه نجس،فينجس سؤره.

الثّاني:الإجماع،و قول مالك خارق له،و يمكن أن نقول:ثبت نجاسة سؤر الكلب، فيثبت نجاسة سؤر الخنزير بالإجماع.

الثّالث:قوله تعالى أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ،فَإِنَّهُ رِجْسٌ (6).

ص:154


1- 1التّهذيب 1:225 حديث 648،الاستبصار 1:19 حديث 42،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار،ذيل حديث 6. [1]
2- 2) «ح»«ق»:فان.
3- 3) التّهذيب 1:226 حديث 649،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار،حديث 6. [2]
4- 4) «م»:بما.
5- 5) التّهذيب 1:226 حديث 650،الاستبصار 1:20 حديث 44،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 7. [3]
6- 6) الأنعام:145. [4]

الرّابع:قال الشّيخ:الخنزير يسمّى كلبا لغة (1)،و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله،فذكر و هو في صلاته،كيف يصنع به؟قال:(إن كان دخل في صلاته فليمض،و إن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلاّ أن يكون فيه أثر فيغسله)قال:و سألته عن خنزير شرب من (2)إناء،كيف يصنع به؟قال:(يغسل سبع مرّات) (3)احتجّوا (4)بقوله تعالى فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ (5)و لم يأمر بغسل ما أصابه فمه.

و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الحياض الّتي بين مكّة و المدينة تردها السّباع،و الكلاب،و الحمر،و عن الطّهارة بها؟فقال:(لها ما حملت في بطونها و لنا ما غبر طهور) (6)فيدلّ على انّ ما بقي طهور،و لأنّه حيوان،فكان طاهرا كالمأكول.

و الجواب:الأمر بالغسل مستفاد من الأخبار (7).سلّمنا،لكنّ المشقّة منعت من وجوب الغسل،و الحياض الكبيرة لا تنجس بالملاقاة،و الفرق ظاهر بين المأكول و الكلب.

و أمّا طهارة سؤر غيرهما من الحيوانات،فلأنّها طاهرة،و الماء على أصل الطّهارة،فمع الملاقاة لا موجب للتّنجيس (8).

و لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه سئل عن الحياض الّتي في الفلوات و ما يؤتيها (9)من السّباع؟فقال:(لها ما حملت في بطونها،و ما أبقت فهو

ص:155


1- 1الخلاف 1:52 ذيل مسألة-143.
2- 2) في بعض النّسخ:في.
3- 3) التّهذيب 1:261 حديث 760،الوسائل 2:1017 الباب 13 من أبواب النّجاسات حديث 1. [1]
4- 4) نيل الأوطار 1:43،بداية المجتهد 1:29،المجموع 2:567. [2]
5- 5) المائدة:4. [3]
6- 6) سنن ابن ماجه 1:173 حديث 519،سنن البيهقي 1:258،سنن الدّارقطني 1:31.
7- 7) انظر:سنن الدّارقطني 1:63،سنن البيهقي 1:239،و من طريق الخاصّة انظر:الوسائل 1:162.
8- 8) «ح»«ق»«م»:يوجب التّنجيس.
9- 9) في المصدر:و ما ينوبه.

لنا شراب و طهور) (1).

و من طريق الخاصّة:رواية الفضل الصّحيحة،و قد تقدّمت (2)،و رواية محمّد بن مسلم في الصّحيح أيضا الدّالّة على طهارة سؤر الهرّة بالتّنصيص،و على طهارة سؤر السّباع كلّها بالإيماء (3)،و روايتا معاوية بن شريح و معاوية بن ميسرة،و قد تقدّمتا (4).

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول:(لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء أن يشرب منه و يتوضّأ منه) (5).

و روى في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الهرّة (أنّها من أهل البيت و يتوضّأ من سؤرها) (6)و يدلّ هذا من حيث المفهوم على طهارة (7)سؤر الحشرات.

و روى في الصّحيح،عن أبي الصّباح (8)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كان عليّ عليه السّلام يقول:لا تدع فضل السّنّور أن يتوضّأ منه،إنّما هي سبع) (9)و هو يدل بالإيماء على طهارة سؤر السّباع.

ص:156


1- 1الرّواية الّتي مذيّلة بقوله(ص):(لها ما حملت في.)ما تقدّم نفس الصّفحة رقم 1.و أمّا هذه الرواية،فإنّها مذيّلة بقوله:(إذا كان الماء قدر قلّتين.)انظر:سنن ابن ماجه 1:172 حديث 517، سنن البيهقي 1:261،سنن الدّارقطني 1:14،كنز العمّال 1:400-بتفاوت يسير في الجميع.
2- 2) تقدّمت الروايات في ص 153-154. [1]
3- 3) تقدّمت الروايات في ص 153-154.
4- 4) تقدّمت الروايات في ص 153-154. [2]
5- 5) التّهذيب 1:419 حديث 1323،الاستبصار 1:26 حديث 65،الوسائل 1:171 الباب 9 من أبواب الأسئار حديث 2. [3]
6- 6) التّهذيب 1:226 حديث 652،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 1. [4]
7- 7) «م»:طهور.
8- 8) إبراهيم بن نعيم العبديّ:أبو الصّباح الكنانيّ،قال له الصّادق:(أنت ميزان لا عين فيه)لثقته.من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق(ع)و من فقهاء أصحاب الأئمّة(ع)المأخوذ منهم الحلال و الحرام و الفتيا، مات سنة 170 ه. رجال النّجاشي:19،رجال الطّوسي:102،144،الفهرست:185، [5]رجال العلاّمة:3، [6]تنقيح المقال 1:38. [7]
9- 9) التّهذيب 1:227 حديث 653،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 4. [8]

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(في كتاب عليّ عليه السّلام انّ الهرّ سبع،و لا بأس بسؤره،و انّي لأستحيي من اللّه أن أدع طعاما لأنّ الهرّ أكل منه) (1).

و روى في الصّحيح،عن جميل بن درّاج (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عن سؤر الدّوابّ و الغنم و البقر أ يتوضّأ منه و يشرب؟فقال:(لا بأس) (3).

و روى عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(فضل الحمامة و الدّجاج لا بأس به و الطّير) (4).

و روى عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عمّا تشرب منه الحمامة؟قال:(كلّما أكل لحمه،يتوضّأ من سؤره و يشرب)و عمّا (5)يشرب منه باز أو صقر أو عقاب؟فقال:(كلّ شيء من الطّير،يتوضّأ ممّا يشرب منه،إلاّ أن ترى في منقاره دما،فإن رأيت في منقاره دما،فلا تتوضّأ منه و لا تشرب) (6).

و حديث أبي بصير و عمّار و إن كانا ضعيفين لأنّ في الأوّل عليّ بن أبي حمزة و هو واقفيّ،و عمّار فطحيّ،إلاّ انّه مناسب للمذهب.

و أيضا:الإجماع قد وقع على طهارة سؤر الطّيور و على طهارة سؤر الهرّ و ما دونها في الخلقة

ص:157


1- 1الكافي 3:9 حديث 4، [1]التّهذيب 1:227 حديث 655،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 2. [2]
2- 2) جميل بن درّاج بن عبد اللّه:أبو عليّ النّخعيّ،و أبوه درّاج يكنّى بأبي الصّبيح،ثقة من أصحاب الإمامين أبي عبد اللّه و أبي الحسن موسى(ع)،و أخذ عن زرارة،و قد أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه، مات في أيام الرّضا(ع). رجال النّجاشي:127،رجال الطّوسي:163،346،الفهرست:44. [3]
3- 3) التّهذيب 1:227 حديث 657،الوسائل 1:167 الباب 5 من أبواب الأسئار حديث 4. [4]
4- 4) الكافي 3:9 حديث 2، [5]التّهذيب 1:228 حديث 659،الوسائل 1:166 الباب 4 من أبواب الأسئار حديث 1. [6]
5- 5) في التّهذيب:و عن ماء.
6- 6) الكافي 3:9 حديث 5، [7]التّهذيب 1:228 حديث 660،الوسائل 1:166 الباب 4 من أبواب الأسئار حديث 2. [8]

كالفأرة و ابن عرس و غيرهما من حشرات الأرض،فإنّ عامّة أهل العلم من الصّحابة و التّابعين من أهل المدينة و الشّام و أهل الكوفة و أصحاب الرّأي على طهارتها و جواز شرب سؤرها و الوضوء به.

و كره أبو حنيفة سؤر الهرّ (1)،و كذا ابن عمر،و يحيى الأنصاريّ،و ابن أبي ليلى (2).

و قال أبو هريرة:يغسل مرّة أو مرّتين (3).و به قال ابن المسيّب (4).

و قال الحسن و ابن سيرين:يغسل مرّة (5).

و قال طاوس:يغسل سبعا كالكلب (6).و ما تقدّم يبطل ذلك كلّه.

و ما نقلناه عن الشّيخ في المبسوط فضعيف (7)،للأحاديث الّتي نقلناها (8).

و استدلّ في التّهذيب على نجاسة سؤر الكلب و الخنزير بما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كلّما يؤكل لحمه،فلا بأس بسؤره) (9)قال:و هذا يدلّ على انّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز الوضوء منه و لا الشّرب،و الظّاهر انّ ما صار إليه في المبسوط مستند إلى هذا،و هو ضعيف من وجهين:

الأوّل:انّ عمّارا فطحيّ،و كذا الرّاوي عنه،و هو مصدّق بن صدقة،و كذا الرّاوي عن مصدّق،و هو عمرو بن سعيد،و كذا الرّاوي عن عمرو،و هو أحمد بن الحسن بن عليّ، فلا تعارض الرّوايات الّتي قدّمناها.

الثّاني:انّ ما ذكره الشّيخ دليل الخطاب،فلا يجوز التّعويل عليه خصوصا مع النّصّ المعارض.

ص:158


1- 1الهداية للمرغيناني 1:23،بدائع الصّنائع 1:65،المبسوط للسّرخسي 1:51،شرح فتح القدير 1:99.
2- 2) المغني 1:73،المجموع 1:173.
3- 3) المغني 1:73،المحلّى 1:118.
4- 4) المجموع 1:173،المحلّى 1:118.
5- 5) المغني 1:73،المحلّى 1:118،المجموع 1:173.
6- 6) المغني 1:73،المحلّى 1:118،المجموع 1:173.
7- 7) راجع ص 149. [1]
8- 8) راجع ص 155 و 157. [2]
9- 9) التّهذيب 1:224 حديث 642،الوسائل 1:166 الباب 4 من أبواب الأسئار حديث 2. [3]

و احتجّ أبو حنيفة على نجاسة سؤر سباع الوحش بأنّ لعابه نجس بدليل حرمة أكله مع كونه صالحا للغذاء من غير استحقاقه الكرامة (1)و الاحترام،و إذا كان لعابه نجسا و قد امتزج بالماء أوجب نجاسته (2)،و خصّ ما ورد من الحديث بالحياض الكبيرة.

و الجواب عنه بالمنع من نجاسة اللّعاب،و تحريم أكل اللّحم لا يدلّ على النّجاسة فإنّ التّحريم قد يكون للنّجاسة،و قد يكون لاشتماله على المؤذي،و قد يكون لمصالح أخر خفيّة علينا،فكيف يعارض النّصّ بمثل هذا الاستدلال الضّعيف،على انّا نقول:حيوان يطهر جلده بالدّباغ،فيكون سؤره طاهرا كالشّاة و الحمار،و الجامع انّ طهارة الجلد تدلّ على انّ عينه ليست نجسة،فلا يكون لحمه نجسا،و تخصيص الحديث لغير دليل باطل خصوصا مع انّ السّؤال وقع عن الجمع المحلّى بالألف و اللام الموضوع للعموم،فلو لم يكن الجواب بحيث يدخل فيه كلّ الأفراد،لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة،و ذلك باطل بالاتّفاق.

و استدلّ من قال بنجاسة سؤر الحمر (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال يوم خيبر في الحمر:(انّه رجس) (4)و هو ضعيف،فإنّ البخاريّ قال:راوي هذا الحديث ابن أبي حبيبة،و هو منكر الحديث (5)،و إبراهيم بن أبي يحيى،و هو

ص:159


1- 1في«م»«خ»:للكرامة.
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:23،بدائع الصّنائع 1:64،المبسوط للسّرخسي 1:48،شرح فتح القدير 1:95.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:49،بدائع الصّنائع 1:65.
4- 4) صحيح البخاري 5:167،و 7:123،و 9:31،صحيح مسلم 2:1027،و 3:1537،سنن النّسائي 7:202،سنن الدّارمي 2:86.
5- 5) أبو إسماعيل:إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي،مولى بني عبد الأشهل من الأنصار من أهل المدينة،يروي عن داود بن الحصين،و عمر بن سعيد بن سريح،و روى عنه أبو عامر العقدي.مات سنة 165 ه و قيل:160 ه،و هو ضعيف منكر الحديث كان يقلب الأسانيد و يرفع المراسيل. الضّعفاء الصّغير للبخاري:25،ميزان الاعتدال 1:15،المجروحين لابن حبّان 1:109،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 1:22،سنن الدّارقطني 1:62،الجرح و التعديل 2:83.

كذّاب (1)فلا يعوّل عليه.

فروع:
الأوّل:قال ابن بابويه:لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزّنا

(2)

،و الّذي نراه:انّه مكروه،فإنّ تمسّك بكفره منعنا ذلك،و يمكن أن يستدلّ عليه بما رواه محمّد بن يعقوب بإسناده،عن الوشّاء (3)،عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه كره سؤر ولد الزّنا،و اليهوديّ،و النّصرانيّ،و المشرك و كلّ ما خالف الإسلام،و كان أشدّ ذلك عنده سؤر النّاصب (4).و وجهه انّه لا يريد بلفظة(كره)المعنى الظّاهر له،و هو النّهي عن الشّيء نهي تنزيه لقوله:(و اليهوديّ)فإنّ الكراهة فيه تدلّ على التّحريم،فلم يبق المراد إلاّ كراهيّة التّحريم،و لا يجوز أن يرادا معا،و إلاّ لزم استعمال المشترك في كلا معنييه،أو استعمال اللّفظ في معنى الحقيقة و المجاز،و ذلك باطل.

و الجواب:المنع من الحديث،فإنّه مرسل.سلّمنا،لكن قول الرّاوي(كره)ليس إشارة إلى النّهي بل الكراهة الّتي في مقابلة الإرادة،و قد يطلق على ما هو أعمّ من المحرّم و المكروه.سلّمنا،لكنّ الكراهة قد تطلق على النّهي المطلق فليحمل عليه و لا يلزم ما ذكرتم.

ص:160


1- 1أبو إسحاق:إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى الأسلميّ المدنيّ،و اسم أبي يحيى:سمعان روى عن صفوان بن سليم و صالح،و روى عنه محمّد بن إدريس الشّافعي،و داود بن عبد اللّه الجعفريّ،مات سنة 184 ه. ضعيف كذّاب متروك الحديث. الضّعفاء الصغير للبخاري:28،ميزان الاعتدال 1:57،الجرح و التعديل 2:125،المجروحين لابن حبان 1:105،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 1:51.
2- 2) الفقيه 1:8.
3- 3) الحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء:بجليّ كوفيّ يكنّى بأبي محمّد،و هو ابن بنت إلياس الصّيرفيّ من أصحاب الرّضا(ع)و كان من وجوه الطّائفة،روى عن جدّه الياس،قاله النّجاشي،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الرّضا و الهاديّ(ع). رجال النّجاشي:39،رجال الطّوسي:371،412،الفهرست:54. [1]
4- 4) الكافي 3:11 حديث 6، [2]الوسائل 1:165 الباب 3 من أبواب الأسئار حديث 2. [3]
الثّاني:قال الشّيخ بنجاسة سؤر المجبّرة و المجسّمة

(1)(2)

،و قال ابن إدريس بنجاسة سؤر غير المؤمن و المستضعف (3)،و يمكن أن يكون مأخذهما قوله تعالى كَذلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (4)و الرّجس:النّجس،و قول ابن إدريس مشكل،و تنجّس سؤر المجبّرة ضعيف،و في المجسّمة قوّة .

الثّالث:يكره سؤر ما أكل الجيف من الطّير

إذا خلا موضع الملاقاة من عين النّجاسة، و هو قول السّيّد المرتضى (5).

لنا:ما أوردناه من الأحاديث العامّة في استعمال سؤر الطّيور و السّباع،و هي لا تنفكّ عن تناول ذلك عادة،فلو كان ذلك مانعا لوجب التّنصيص عليه،و إلاّ لزم صرف الظّاهر إلى نادر لا دلالة للّفظ الشّامل عليه،و ذلك بعيد و محال حيث انّه تأخير للبيان عن وقت الحاجة.

و هكذا سؤر الهرّة،و إن أكلت الميتة ثمَّ شربت،قلّ الماء أو كثر،غابت عن العين أو لم تغب،لعموم الأحاديث المبيحة،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نفي عموم النّجاسة عنها مطلقا،اللّهم إلاّ أن يكون أثر النّجاسة ظاهرا على المنقار أو الفم،أو يشاهد في الماء.و عند الشّافعيّة و الحنابلة وجهان:أحدهما مثل قولنا،و الثّاني:إن لم تغب فالماء نجس،و هو ظاهر نصّ الشّافعيّ،و إن غابت ثمَّ عادت فشربت فوجهان:أحدهما:التّنجيس،لأنّ الأصل بقاء النّجاسة،و الثّاني:الطّهارة لأصالة طهارة الماء (6)،و يمكن أن يكون قد وردت حال غيبوبتها على ماء كثير.

ص:161


1- 1المبسوط 1:14. [1]
2- 2) المجبّرة،هم:الّذين نفوا الفعل حقيقة عن العبد و أسندوه إلى الربّ.و المجسّمة،هم:الّذين ذهبوا إلى أنّ اللّه تعالى جسم و في جهة خاصّة. الملل و النّحل:79،96،99،كشف المراد:228،أصول الدّين للبزدوي:253.
3- 3) السّرائر:13.
4- 4) الأنعام:125. [2]
5- 5) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):180.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:170-171، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 1:269، [4]المغني 1:73، [5]الكافي لابن قدامة 1:19،الإنصاف 1:344.
الرّابع:يكره سؤر الحائض إن كانت متّهمة

.و هو اختيار الشّيخ في النّهاية،و أطلق في المبسوط (1)لنا:ما رواه الشّيخ،عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن سؤر الحائض؟قال:(توضّأ منه و توضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة و تغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغتسل هو و عائشة في إناء واحد و يغتسلان جميعا) (2).

و رواه محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن سؤر الحائض؟قال:(لا تتوضّأ منه و توضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة و تغتسل يديها قبل أن تدخلها في الإناء و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغتسل هو و عائشة في إناء واحد و يغتسلان جميعا) (3).

و روى في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض يشرب سؤرها؟قال:(نعم و لا يتوضّأ) (4).

و هذا يدلّ على الكراهية،لأنّه إن كان طاهرا جاز الوضوء منه،و إلاّ لم يجز الشّرب، و مثله روي عن عنبسة بن مصعب (5).

و أيضا مع التّهمة يتطرّق تجويز النّجاسة،فيكره الاستعمال احتياطا للعبادة .

الخامس: ذهب بعض أصحابنا إلى أنّ لعاب المسوخ كالقرد،و الدّبّ،و الثّعلب،

و الأرنب نجس ،

(6)(7)

و قال الشّيخ رحمه اللّه:المسوخ نجس (8).و هو عندي ضعيف.

ص:162


1- 1المبسوط 1:10.
2- 2) التّهذيب 1:222 حديث 633،الاستبصار 1:17 حديث 31.
3- 3) الكافي 3:10 حديث 2، [1]في المصدر:لا توضّأ.
4- 4) الكافي 3:10 حديث 3، [2]الوسائل 1:170 الباب 8 من أبواب الأسئار حديث 2،و [3]في المصدر بإضافة منه.
5- 5) الكافي 3:10 حديث 1، [4]التّهذيب 1:222 حديث 634،الاستبصار 1:17 حديث 32،الوسائل 1:170 الباب 8 من أبواب الأسئار حديث 1،6. [5]
6- 6) «م»:الذّئب،و في«خ»:كالدّب و الذّئب.
7- 7) منهم:سلاّر في المراسم:55،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
8- 8) الخلاف 1:587 مسألة-306.

لنا:رواية الفضل (1)،و لأنّ الأصل الطّهارة،و حكم السّؤر حكم اللّعاب.

و يكره سؤر الدّجاج لعدم انفكاكها من استعمال النّجاسة،و لا بأس بسؤر الفأرة، و الحيّة.و كذا لو وقعتا في الماء و خرجتا.

و قال في النّهاية:الأفضل ترك استعماله (2).

لنا:ما رواه إسحاق بن عمّار،و قد تقدّم (3)،و أيضا فإنّه جسم طاهر لاقى ماء طاهرا،فلا يوجب المنع،و الوجه:انّ الوزغ كذلك.

و قال في النّهاية:لا يجوز استعمال ما وقع فيه الوزغ و إن خرج حيّا (4).و هو اختيار ابن بابويه (5).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن العظاية،و الحيّة،و الوزغ تقع في الماء فلا يموت،أ يتوضّأ منه للصّلاة؟ قال:(لا بأس) (6)و لأنّه في الأصل لاقى طاهرا،فلا يوجب التّنجيس.

و رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن حيّة دخلت حبّا فيه ماء و خرجت منه؟قال:(إن وجد ماء غيره فليهرقه) (7)غير دالّة على التّنجيس مع انّ في طريقها وهبا (8)،فإن كان هو وهب بن وهب أبا البختريّ

ص:163


1- 1التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار حديث 4.
2- 2) النّهاية:6. [1]
3- 3) في ص 156.
4- 4) النّهاية:6. [2]
5- 5) الفقيه 1:8.
6- 6) التّهذيب 1:419 حديث 1326،الاستبصار 1:23 حديث 58،الوسائل 1:171 الباب 9 من أبواب الأسئار حديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 1:413 حديث 1302،الاستبصار 1:25 حديث 63،الوسائل 1:172 الباب 9 من أبواب الأسئار حديث 3. [4]
8- 8) وهب بن وهب بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن عبد المطّلب بن أسد بن عبد العزّى:أبو البختريّ،روى عن أبي عبد اللّه،و كان عاميّ المذهب ضعيفا كذّابا.رجال النّجاشي:430،رجال الكشّي:309، رجال العلاّمة:262، [5]الفهرست:173. [6]

فهو ضعيف جدّا.

و رواية عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن العظاية تقع في اللّبن؟ قال:(يحرم اللّبن)و قال:(انّ فيها السّم) (1)ضعيفة أيضا،فإنّ رواتها الحسن بن فضّال،عن عمرو بن سعيد،عن مصدّق بن صدقة،عن عمّار الساباطيّ،و هؤلاء فطحيّة.

و أيضا:فإنّ فيه إشارة إلى انّ التّحريم إنّما كان لأجل السّم،و ذلك ليس ممّا نحن فيه،فإنّه غير دالّ على التّنجيس.

و أيضا:فإنّ الرّواية قد اشتملت على قوله:سئل عن الخنفساء و الذّباب و الجرد و النّملة و ما أشبه ذلك يموت في البئر و الزّيت و السّمن و شبهه؟قال:(كلّ ما ليس له دم،فلا بأس) .

السّادس:يجوز للرّجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة و غسلها،و بالعكس

ما لم يكن هناك نجاسة عينيّة.و هو قول أكثر أهل العلم (2).

و قال أحمد:يكره إذا خلت به المرأة،و عنه رواية اخرى انّه لا يجوز (3).

و حكى ابن المنذر عن إسحاق الكراهة (4).و كذا حكي عن الحسن و ابن المسيّب (5)،و كان ابن عمر لا يكره فضل وضوئها إلاّ أن تكون جنبا أو حائضا،قال:

فإذا خلت به فلا تقربه (6).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على جواز استعمال سؤر الحائض (7)،و ما رواه

ص:164


1- 1التّهذيب 1:284 حديث 832.
2- 2) بداية المجتهد 1:31،المجموع 2:191.
3- 3) المغني 1:247،الكافي لابن قدامة 1:77،الإنصاف 1:47،المجموع 2:191،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:369.
4- 4) لم نعثر على حكاية ابن المنذر عن إسحاق،لكن نقل قول إسحاق في:سنن التّرمذي 1:92،تفسير القرطبي 13:55،التّفسير الكبير 13:171،نيل الأوطار 1:32.
5- 5) عمدة القارئ 3:85،إرشاد السّاري 1:273،المجموع 2:193،المحلّى 1:213،نيل الأوطار 1:32، شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 1:369.
6- 6) صحيح البخاري 1:60،المغني 1:247،نيل الأوطار 1:32،الموطّأ 1:52.
7- 7) تقدّم في ص 162. [1]

محمّد بن يعقوب بإسناده،عن ابن أبي يعفور،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يتوضّأ الرّجل من فضل المرأة؟قال:(إذا كانت تعرف) (1).

و لما رواه الجمهور،عن ميمونة (2)قالت:اغتسلت من جفنة ففضلت منها فضلة قلت:يا رسول اللّه،إنّي اغتسلت منه؟فقال:(الماء ليس عليه جنابة) (3)و لأنّه في الأصل طاهر،فيبقى على الأصل.

احتجّ ابن حنبل بما روى الحكم بن عمرو (4)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يتوضّأ الرّجل بفضل وضوء المرأة (5).و هذا ضعيف،فإنّ محمّد بن إسماعيل قال:هذا الحديث موقوف،و من رفعه فقد أخطأ (6).

مسألة:اتّفق علماؤنا على انّ ما لا نفس له سائلة من الحيوانات،لا ينجس بالموت

ص:165


1- 1الكافي 3:11 حديث 4، [1]الوسائل 1:170 الباب 8 من أبواب الأسئار حديث 3. [2]
2- 2) ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلاليّة العامريّة:زوجة النّبيّ(ص)،و خالة عبد اللّه بن عبّاس.كان اسمها برّة فسمّاها رسول اللّه(ص)ميمونة،تزوّجها سنة سبع في عمرة القضاء.روت عن النّبيّ(ص) و عنها عبد اللّه بن عبّاس و عبد اللّه بن شدّاد،و مولاها عطاء بن يسار و سليمان بن يسار و يزيد بن الأصمّ، ماتت بسرف سنة 51 ه و قيل:63 ه عام الحرّة،و قيل:66 ه. الإصابة و الاستيعاب بهامشها 4:411،404،أسد الغابة 5:550. [3]
3- 3) سنن أبي داود 1:18 حديث 68،سنن التّرمذي 1:94،سنن ابن ماجه 1:132 حديث 370-372، مسند أحمد 1:330، [4]سنن الدّارقطني 1:52 حديث 3،سنن البيهقي 1:188. الرّوايات وردت بألفاظ مختلفة تارة عن ميمونة،و اخرى عن بعض أزواج النّبيّ(ص).
4- 4) الحكم بن عمرو بن مجدع بن حذيم بن الحارث بن ثعلبة بن مليل بن كنانة:أبو عمرو الغفاريّ،أخو رافع بن عمرو.نسب إلى غفار،لأنّ ثعلبة أخو غفار صحب النّبيّ و روى عنه.روى عنه أبو الشّعثاء و أبو حاجب و ابن سيرين و غيرهم.مات بخراسان بمرو بعد أن ولاّه زياد عليها سنة 50 ه،و قيل:51 ه. الإصابة 1:346، [5]أسد الغابة 2:36، [6]الجرح و التعديل 3:119.
5- 5) سنن أبي داود 1:21 حديث 82،سنن التّرمذي 1:93 حديث 94،سنن ابن ماجه 1:132 حديث 373،سنن البيهقي 1:191،سنن الدّارقطني 1:3 حديث 8،نيل الأوطار 1:31.
6- 6) نقل تضعيف البخاري لحديث الحكم بن عمرو في: سنن ابن ماجه 1:132،سنن الدّارقطني 1:53،سنن البيهقي 1:192،عمدة القارئ 3:86،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:37.

و لا يؤثّر في نجاسة ما يلاقيه من الماء و غيره (1).و هو مذهب الحنفيّة (2)،و عامّة الفقهاء (3)،و أحد قولي الشّافعيّ،و القول الآخر له:انّه ينجس ما يموت فيه عدا السّمك،و أمّا الحيوان فإنّه ينجس،قولا واحدا (4).قال ابن المنذر:لا أعرف أحدا قال بنجاسة الماء سوى الشّافعي (5).و نقل أبو جعفر من الحنفيّة في شرح الطّحاويّ،عن بعض الحنفيّة:إنّ الضّفدع إذا مات في الخلّ أو العصير،نجّسه،فاعتبر موته في غير موطنه و معدنه،و لم يعتبر سيلان الدّم.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(موت ما لا نفس له سائلة في الماء،لا يفسده) (6).

و ما رووه،عن سلمان (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(أيّما طعام أو شراب مات فيه دابّة ليس لها نفس سائلة،فهو الحلال أكله و شربه و الوضوء منه) (8).

و ما رواه مسلم و أبو داود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا وقع الذّباب في إناء أحدكم فليمقله،فإنّ في أحد جناحيه داء و في الآخر شفاء) (9)قال الشّافعيّ:مقلة

ص:166


1- 1المقنعة:9،الجمل:49،السّرائر:13،المراسم:36.
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:19،المبسوط للسّرخسي 1:51،بدائع الصّنائع 1:62،شرح فتح القدير 1:72.
3- 3) المغني 1:68،المجموع 1:129.
4- 4) الامّ 1:5،مغني المحتاج 1:23،الام(مختصر المزني)8:8،المغني 1:68،المجموع 1:129،السّراج الوهّاج:9،المهذّب للشّيرازي 1:6.
5- 5) المغني 1:68،المجموع 1:129.
6- 6) المغني 1:68.
7- 7) أبو عبد اللّه سلمان الفارسيّ،و يعرف سلمان الخير،مولى رسول اللّه،و أصله من فارس من رام هرمز، منزلته عظيمة،و هو أوّل الأركان الأربعة،و من السّبعة الّذين بهم الرّزق و كفى في حقّه قول النّبيّ(ص): «سلمان منّا أهل البيت»و هو من حواريّ أمير المؤمنين(ع).روى عن النّبيّ،و روى عنه ابن عباس و أنس و عقبة بن عامر و غيرهم.مات سنة 35 ه،و قيل:36 ه.عاش 250 سنة،و قيل:350 سنة. أسد الغابة 2:328، [1]رجال الكشّي:9،18،رجال الطّوسي:6.
8- 8) سنن الدّارقطني 1:37 حديث 1،سنن البيهقي 1:253،كنز العمّال 9:375،حديث 26541.
9- 9) لم نعثر على الحديث في صحيح مسلم نعم،رواه البخاري و أبو داود،انظر:صحيح البخاري 4:158، سنن أبي داود 3:365 حديث 3844. [2]

ليس بقتله (1).

قلنا:اللّفظ عامّ في كلّ شراب بارد أو حار أو دهن بما (2)يموت بغمسه فيه.

و طعن التّرمذيّ (3)في الحديث الثّاني بأنّ راويه بقية (4)،و هو مدلّس لا التفات إليه،لأنّ جماعة صحّحوه،و لأنّ التّرمذيّ قال:بقية مدلّس فإذا روى عن الثّقات جوّد (5)، و للحديث السّابق و اللاّحق.

و من طريق الأصحاب:ما رواه الشيخ،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كلّ شيء يسقط في البئر ليس له دم مثل العقارب و الخنافس و أشباه ذلك، فلا بأس) (6).

و ما رواه،عن محمّد بن يحيى (7)،رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة) (8).

ص:167


1- 1المغني 1:68.
2- 2) كذا في النّسخ،و الأنسب:ممّا.
3- 3) أبو الحسن أحمد بن الحسن بن جنيدب المشهور بالتّرمذيّ الكبير،كان من أصحاب أحمد بن حنبل،روى عن يعلى بن عبيد و أبي النّضر و سعيد بن أبي مريم و روى عنه البخاري و ابن خزيمة.مات سنة 240 ه.و هو غير التّرمذي صاحب الجامع الصّحيح.تذكرة الحفّاظ 2:536.
4- 4) بقية بن الوليد بن صائد:أبو يحمد أو أبو محمّد الحميري الكلاعي الحمّصي روى عن بحير بن سعد و محمّد بن زياد الألهاني و الزّبيديّ،و روى عنه ابن جريح و الأوزاعيّ و شعبة و ابن راهويه.مات سنة 197 ه. تذكرة الحفّاظ 1:289،العبر 1:252، [1]شذرات الذّهب 1:348. [2]
5- 5) نقل طعن أحمد بن الحسن التّرمذي في:سنن التّرمذي:433،ميزان الاعتدال 1:331،المجروحين لابن حبّان 1:200،الجرح و التعديل 2:435.
6- 6) التّهذيب 1:230 حديث 666،الاستبصار 1:26 حديث 68،الوسائل 1:173 الباب 10 من أبواب الأسئار حديث 3. [3]
7- 7) محمّد بن يحيى:أبو جعفر العطّار القمّي،شيخ أصحابنا في زمانه،عدّه الشّيخ ممّن لم يرو عنهم،و قال: روى عنه الكليني،قمّيّ،كثير الرّواية،و هو مشترك بين عديد من الرّجال. رجال النّجاشي:353،رجال الطّوسي:495،رجال العلاّمة:157، [4]جامع الرّواة 2:213، [5]تنقيح المقال 3:199. [6]
8- 8) الكافي 3:5 حديث 4، [7]التّهذيب 1:231 حديث 668،الوسائل 1:173،الباب 10 من أبواب الأسئار حديث 4. [8]

و ما رواه حفص بن غياث (1)،عن جعفر بن محمّد عليه السّلام،قال:(لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة) (2)و حفص و إن كان عاميّا،إلاّ انّ روايته مناسبة للمذهب، و ابن سنان (3)الّذي روى،عن ابن مسكان الحديث الأوّل و إن كان قد ضعّفه بعض أصحابنا،إلاّ انّ بعضهم قد شهد له بالثّقة،و أيضا:فهي مناسبة للمذهب.

و ما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه سئل عن الخنفساء و الذّباب و الجراد و النّملة و أشباه ذلك يموت في اللّبن (4)و الزّيت و شبهه،قال:(كلّ ما ليس له دم،فلا بأس) (5)و هذه مقويّة لا حجّة،و الأقرب الاستدلال بالأصل،و بما روي،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(الماء كلّه طاهر حتّى يعلم انّه قذر) (6).

و لأنّ الموت ليس لذاته علّة للنّجاسة،و إلاّ لنجس المذكّى الّذي حلّه الموت،و انّما كان نجسا لما فيه من الدّماء،و هذا ليس له دم،و حرمة (7)الانتفاع به لعدم صلاحيّة الغذاء لا للنّجاسة.

و عن أحمد في الوزغ روايتان:

ص:168


1- 1حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك،أبو عمرو النّخعيّ الكوفيّ القاضي.عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق(ع)،و اخرى فيمن لم يرو عنهم،و الرّجل عاميّ،ولّي القضاء لهارون ببغداد ثمَّ بالكوفة،مات سنة 194 ه. رجال النّجاشي:134،رجال الطّوسي:118،175،471. رجال العلاّمة:218، [1]تذكرة الحفّاظ 1:297.
2- 2) التّهذيب 1:231 حديث 669،الاستبصار 1:26 حديث 67،الوسائل 1:173 الباب 10 من أبواب الأسئار حديث 2. [2]
3- 3) و هو مشترك بين عبد اللّه بن سنان الّذي مرّت ترجمته في ص 12،و بين محمّد بن سنان الّذي مرّت ترجمته في ص 2016،25.
4- 4) في المصادر:البئر.
5- 5) التّهذيب 1:230 حديث 665،الاستبصار 1:26 حديث 66،الوسائل 1:173 الباب 10 من أبواب الأسئار حديث 1. [3]
6- 6) الكافي 3:1 حديث 2-3، [4]التّهذيب 1:215 حديث 619-621،الوسائل 1:100 الباب 1 من أبواب الماء المطلق حديث 5. [5]
7- 7) «خ»:و حرّم.

إحداهما:النّجاسة،لما روي،عن عليّ عليه السّلام انّه كان يقول:(إن ماتت الوزغة أو الفأرة في الحبّ فصبّ ما فيه،و إن ماتت في بئر فانزحها حتّى يغلبك) (1).

و الجواب:النّزح و الصبّ في الوزغ لا باعتبار النّجاسة،بل باعتبار الطّيب.

فروع:
الأوّل ميتة الحيوانات البحرية

كلّ حيوان يعيش في الماء،فلا يخلو إمّا أن يكون ذا نفس سائلة أو لا،فإن كان كالتّمساح و شبهه ممّا له عرق يخرج منه الدّم،فهو نجس بالموت،فينجس الماء إن كان قليلا.و به قال أحمد (2)خلافا للحنفيّة (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحديثين السّابقين (4)،فإنّه علّق الحكم فيها على كون النّفس ليست سائلة.

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن يحيى بإسناده،عن الصّادق عليه السّلام،قال:

(لا يفسد الماء،إلاّ ما كانت له نفس سائلة) (5)و الاستثناء من النّفي إثبات،و ما اخترناه روي عن أبي يوسف أيضا (6).

احتجّ (7)المخالف بقوله عليه السّلام:(هو الطّهور ماؤه،الحلّ ميتته) (8).

و الجواب:انّه مختصّ بالسّموك،و إلاّ لزم تحليل الجميع و ليس كذلك إجماعا،و أيضا:

ليس هذه الصّيغة من صيغ العموم،فلا يتناول ذا النّفس و غيره جميعا.

و إن لم يكن ذا نفس سائلة لم ينجس سواء مات في الماء أو خارجه.

و لو تقطّعت أجزاء حيوان الماء ذي النّفس السّائلة في الماء،نجّسه إن كان قليلا،و إن

ص:169


1- 1المغني 1:70.
2- 2) المغني 1:69.
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:19،بدائع الصّنائع 1:79،المبسوط للسّرخسي 1:57،شرح فتح القدير 1:73.
4- 4) راجع ص 166. [1]
5- 5) راجع ص 166.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:57،بدائع الصّنائع 1:79،المغني 1:69.
7- 7) بداية المجتهد 1:77.
8- 8) سنن أبي داود 1:21 حديث 83،سنن التّرمذي 1:100 حديث 69،سنن النّسائي 1:176.

كان كثيرا،جاز استعماله،و عند الحنفيّة يكره شربه (1)،لأنّه لا يتوصّل إليه إلاّ و معه جزء من أجزاء الّذي لا يحلّ أكله و شربه.

و الضّفدع لا ينجس بالموت،لأنّه ليس ذا نفس سائلة.و به قال مالك (2)و أبو حنيفة (3)،و محمّد بن الحسن (4).و قال الشّافعيّ (5)،و أبو يوسف (6)،و أحمد (7):انّه نجس،لأنّه يعيش في البرّ،فأشبه حيوان البرّ.

و الجواب:المقتضي للنّجاسة:سيلان النّفس .

الثّاني:الحيوان المتولّد من الأجسام الطّاهرة طاهر

،كالفأر،ودود الخلّ،و شبهه، و المتولّد من النّجاسات كدود العذرة كذلك،لأنّه غير ذي نفس سائلة،فيدخل تحت العموم الدّالّ على طهارة ما مات فيه حيوان غير ذي نفس.

و قال أحمد:انّ المتولّد من الأعيان النّجسة نجس حيّا و ميّتا،لأنّها كائنة عن النّجاسة، فتكون نجسة (8)كولد الكلب و الخنزير (9).

و الجواب:المقدّمتان ممنوعتان فإنّ المعلوم تولّده في النّجاسة،أمّا منها فلا،و لو سلّم، منع من نجاسة المتولّد من النّجس،و ولد الكلب ليس نجسا باعتبار تولّده عن النّجس،بل باعتبار اسم الكلب عليه بخلاف دود العذرة.

و يحرم أكله عند علمائنا أجمع سواء انفصل عن الطّعام أو اتّصل به.و هو أحد قولي

ص:170


1- 1شرح فتح القدير 1:73،المبسوط للسّرخسي 1:57،بدائع الصّنائع 1:79.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:4،مقدّمات ابن رشد 1:63،بداية المجتهد 1:76،المغني 1:69.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:57،بدائع الصّنائع 1:79،الهداية للمرغيناني 1:19،شرح فتح القدير 1:73،المغني 1:69.
4- 4) المغني 1:69،المجموع 1:132.
5- 5) المغني 1:69.
6- 6) المصدر السّابق.
7- 7) المصدر السّابق.
8- 8) في بعض النّسخ:نجسا.
9- 9) المصدر السّابق.

الشّافعيّ،لاستقذاره.احتجّ حالة الاتّصال بعسر الإزالة و حالة الانفصال بالطّهارة (1)، و هما غير دالّين على المطلوب .

الثّالث:لا خلاف عندنا في انّ الآدميّ ينجس بالموت

،لأنّ له نفسا سائلة.و هو مذهب أبي حنيفة (2)،خلافا للشّافعيّ على أحد القولين (3)،و لأحمد في إحدى الرّوايتين (4).

لنا انّه ذو نفس سائلة فيدخل تحت قوله:(لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة) (5).

و لأنّ زنجيّا وقع في بئر زمزم في عهد عبد اللّه بن عبّاس و ابن الزّبير،فأمرا بنزح الماء فلم يمكنهم ذلك و كان لها عين تنبع في أسفلها كأنّها(عنق جزور) (6)فأمرا بسدّها بالإقطاع (7)فلم يقدروا عليه،فأمرا بنزح البعض و حكما بطهارة الباقي (8).

احتجّوا (9)بما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(المؤمن لا ينجس) (10)متّفق عليه.

و الجواب:المؤمن (11)إنّما يتناول حقيقة الحيّ،أمّا الميّت فإنّما يطلق عليه بالمجاز

ص:171


1- 1المجموع 1:131.
2- 2) نيل الأوطار 1:27،المغني 1:69.
3- 3) المجموع 5:187،مغني المحتاج 1:78،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:446.
4- 4) المغني 1:69،الكافي لابن قدامة 1:20،الإنصاف 1:337.
5- 5) الكافي 3:5 حديث 4، [1]التّهذيب 1:231 حديث 668،الوسائل 2:1052 الباب 35 من أبواب النجاسات حديث 5. [2]
6- 6) «خ»عنق بعير جزور.
7- 7) «خ»«ق»:بالإنطاع.
8- 8) سنن الدّارقطني 1:33 حديث 1،نيل الأوطار 1:27.
9- 9) مغني المحتاج 1:78،نيل الأوطار 1:27،المغني 1:69.
10- 10) سنن ابن ماجه 1:178 حديث 534،سنن النّسائي 1:145.
11- 11) «ح»:انّ المؤمن.

و يطهر بالغسل إن كان مسلما،أمّا الكافر فلا .

الرّابع:الصّيد المحلّل إذا وقع في الماء القليل مجروحا فمات فيه

،فإن كان الجرح قاتلا فهو حلال و الماء طاهر،و إلاّ فلا فيهما سواء اشتبه أو علم استناد الموت إلى الماء.قيل:انّه مع اشتباه موته بالماء و عدمه يكون الأصل طهارة الماء و حرمة الحيوان،فيحكم بطهارة الماء و تحريم الحيوان (1)عملا بالأصلين (2)،و اخترناه نحن في بعض كتبنا (3)،و ليس بجيّد، لأنّ العمل بالأصلين إنّما يصحّ مع الإمكان و هو هنا منتف،فإنّه كما يستحيل اجتماع الشّيء مع نقيضه،كذا يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه،و موت الحيوان يستلزم نجاسة الماء،فلا يجامع الحكم بطهارته كما لا يجامع تذكيته .

الخامس:لو لاقى الحيوان الميّت أو غيره من النّجاسات ما زاد على الكرّ من الماء

الجامد

،الأقرب:عدم التّنجيس ما لم يغيّره.

لنا:قوله عليه السّلام:(إذا بلغ الماء قدر كرّ،لم ينجسه شيء) (4)و بالتّمجيد لم يخرج عن حقيقته،بل ذلك ممّا يؤكّد ثبوت مقتضي حقيقته،فإنّ الآثار الصّادرة عن الحقيقة كلّما قويت،كانت آكد في ثبوتها،و البرودة من معلولات طبيعة الماء،و هي تقتضي الجمود.

أمّا لو كان ناقصا عن الكرّ،هل يكون حكمه حكم الجامدات بحيث يلقى النّجاسة و ما يكتنفها أم يدخل تحت عموم التّنجيس للقليل؟الأقرب:الأوّل،لأنّه بجموده يمنع من شياع النّجاسة فيه،فلا يتعدّى موضع الملاقاة بخلاف الماء القليل الّذي تسري النّجاسة إلى جميع أجزائه.

ص:172


1- 1لم نعثر على القائل به ممّن تقدّم على العلاّمة.و من العامّة انظر:المغني 1:69.
2- 2) «خ»بالأصل.
3- 3) تحرير الأحكام 1:6. [1]
4- 4) لم نعثر عليها من طرق العامّة.نعم،في أحكام القرآن للجصّاص 5:205 [2] نقلها عن مسروق و النّخعيّ و ابن سيرين. و من طريق الخاصّة،انظر:الكافي 3:2 حديث 1،2، [3]التّهذيب 1:40 حديث 108،109،الاستبصار 1:6 حديث 1،2،3،الوسائل 1:117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق. [4]
مسألة:هل يجوز الطّهارة بالثّلج؟

الحق:جوازه بشرط أن يكون ما يتحلّل منه جاريا على العضو بحيث يسمّى غاسلا.و الشّيخ اقتصر في الخلاف على الدّهن (1)،فإن كان المقصود الغسل الخفيف بحيث ينتقل جزء من الماء على جزئين من البدن،فهو صحيح.

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يجنب في السّفر لا يجد إلاّ الثّلج،قال:(يغتسل بالثّلج أو ماء النّهر) (2).

و روى،عن معاوية بن شريح،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده، قال:يصيبنا الدّمق (3)و الثّلج و نريد أن نتوضّأ فلا نجد إلاّ ماء جامدا،فكيف أتوضّأ، أدلك به جلدي؟قال:(نعم) (4).

و معاوية لا أعرفه،و في طريق هذه الرّواية عثمان بن عيسى،و هو واقفيّ،فالتّعويل على الاولى.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:

سألته عن الرّجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء و هو يصيب ثلجا و صعيدا،أيّهما أفضل:التّيمّم،أم يمسح بالثّلج وجهه؟قال:(الثّلج إذا بلّ رأسه و جسده أفضل،فإن لم يقدر على أن يغتسل به،فليتيمّم) (5)أمره بالتّيمّم مع عدم القدرة،فينتفي عند وجودها ضرورة كونه شرطا،و لأنّه فعل حقيقة الغسل،فيكون ممتثلا للأمر بالاغتسال.

لا يقال:قد روى محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه

ص:173


1- 1الخلاف 1:3 مسألة-3.
2- 2) التّهذيب 1:191 حديث 550،الاستبصار 1:157 حديث 542،الوسائل 2:974 الباب 10 من أبواب التيمم حديث 1. [1]
3- 3) الدّمق،بالتّحريك:الثّلج مع الرّيح يغشى الإنسان من كل أوب حتّى يكاد يقتل من يصيبه،لسان العرب 10:104. [2]
4- 4) التّهذيب 1:191 حديث 552،الاستبصار 1:157 حديث 543،الوسائل 2:975 الباب 10 من أبواب التيمم حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 1:192 حديث 554،الاستبصار 1:158 حديث 547،الوسائل 2:975 الباب 10 من أبواب التيمّم حديث 3.و [4]فيها:أ يتيمّم أم يمسح.

عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أجنب و لم يجد إلاّ الثّلج،أو ماء جامدا،فقال:(هو بمنزلة الضّرورة،يتيمّم،و لا أرى أن يعود إلى هذه الأرض الّتي توبق دينه) (1).

فنقول:لو جاز الاغتسال به لما جاز التّيمّم،و لما (2)حكم عليه السّلام بكونه بمنزلة الضّرورة،و لما (3)نهاه عن العود إلى هذه الأرض،و لما (4)حكم بأنّها موبقة لدينه، و التّوالي كلّها باطلة،و قد روى الشّيخ أيضا هذه الرّواية (5)،و لأنّه لو جاز الاغتسال بالثّلج أو الوضوء لما خصّص الإمامان عليهما السّلام في الحديثين اللّذين استدللتم بهما بعدم وجدان الماء.

لأنّا نقول:أمّا الحديث الّذي ذكرتموه:فإنّا نحمله على من لم يتمكّن من استعمال الثّلج للبرد،لأنّ الغالب في تلك الأرض (6)الّتي لا يوجد فيها إلاّ الثّلج أو الجمد،شدّة البرودة المانعة من الملامسة،فيحمل عليه لظهوره،و جمعا بين الأدلّة،و أمّا التّخصيص فممنوع،فإنّه قد وقع الاتّفاق من المحقّقين على انّ الجواب عن صورة خاصّة لا يقتضي التّخصيص كما لو سئل عليه السّلام عن السّائمة فقال:فيها زكاة،مع وقوع الخلاف منهم على الدّلالة على التّخصيص إذا لم يكن جوابا.

فرعان:
الأوّل:ظهر من هذا جواز استعمال الثّلج مع وجود الماء

بشرط الجريان .

ا

الثّاني:لو وقع في الماء القليل المائع الملاصق لما زاد على الكرّ من الثّلج نجاسة

ففي نجاسته نظر،فإنّه يمكن أن يقال:ماء متّصل بالكرّ،فلا يقبل التّنجيس،و يمكن أن يقال:

ماء قليل متّصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة و اتّحاد،فأشبه المتّصل بغير الماء في انفعاله عن النّجاسة لقلّته .

مسألة:إذا كان معه إناءان أحدهما نجس بيقين و اشتبها،اجتنب ماءهما وجوبا

ص:174


1- 1الكافي 3:67 حديث 1، [1]الوسائل 2:973 الباب 9 من أبواب التيمّم حديث 9. [2]
2- 2) «ح»«م»«ن»«ق»:لا.
3- 3) «ح»«م»«ن»«ق»:لا.
4- 4) «ح»«م»«ن»«ق»:لا.
5- 5) التّهذيب 1:191 حديث 553،الاستبصار 1:158 حديث 544.
6- 6) «ن»«م»:الأراضي.

و تيمّم سواء زاد عدد الطّاهر أو نقص.و هل يجب الإراقة؟جزم به الشّيخ في النّهاية،و ابن بابويه في كتابه،و المفيد في المقنعة (1).و الأولى:عدم الوجوب،و عن أحمد روايتان في الإراقة (2).

و قال الشّافعيّ:يجوز التّحرّي إن كانت نجاسة ظاهريّة (3).و جوّز أبو حنيفة التّحرّي بشرط غلبة الطّاهر،أمّا مع المساواة و الأقليّة فلا (4).و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (5).

و ما اخترناه،مذهب المزنيّ (6)،و أبي ثور،و أحمد في إحدى الرّوايتين،و هو أيضا مذهب أكثر الصّحابة (7).

و قال ابن الماجشون و محمّد بن[مسلمة] (8):لا يتحرّى و يتوضّأ بكلّ واحد منهما و يصلّي بعد أن يغسل بالثّاني ما أصابه من الأوّل (9).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء،وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو و ليس يقدر على ماء غيره؟قال:

(يهريقهما جميعا و يتيمّم) (10).

و ما رواه سماعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل معه إناءان فيهما

ص:175


1- 1النّهاية:6، [1]المقنع:9،المقنعة:9.
2- 2) المغني 1:79،الإنصاف 1:74،المجموع 1:181،الكافي لابن قدامة 1:15.
3- 3) الام 1:10،المهذّب للشّيرازي 1:9،المجموع 1:180،المغني 1:79،فتح العزيز بهامش المجموع 1:274.
4- 4) المجموع 1:181،المغني 1:79،فتح العزيز بهامش المجموع 1:274.
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:15،المجموع 1:79،الإنصاف 1:71،المغني 1:79.
6- 6) المزني-بضمّ الميم،و فتح الزاي-:أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق المزني.قبيلة من قبائل اليمن.أخذ عن الشّافعي،له كتاب:(المختصر في فروع الشّافعيّة)مات بمصر سنة 264 ه. الفهرست لابن النديم:298، [2]طبقات الشّافعيّة للسّبكي 1:238. [3]
7- 7) المغني 1:79،المجموع 1:181.
8- 8) في النّسخ:مسلم.و الصّحيح ما أثبتناه.
9- 9) المغني 1:79،المجموع 1:181.
10- 10) التّهذيب 1:248 حديث 712،الوسائل 1:116 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 14. [4]

ماء،وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو و ليس يقدر على ماء غيره؟قال:(يهريقهما جميعا و يتيمّم) (1).

و سماعة و عمّار و إن كانا ضعيفين،إلاّ انّ الأصحاب تلقّت هذين الحديثين بالقبول، و أيضا:شهدوا لهما بالثّقة.

و لأنّ الصّلاة بالماء النّجس حرام،فالإقدام على ماء لا يؤمن معه أن يكون نجسا إقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام،فيكون حراما.

و لأنّه متيقّن لوجوب الصّلاة،فلا يزول إلاّ بمثله،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،قال:و قال:(و لا ينقض اليقين أبدا بالشّكّ،و لكن ينقضه بيقين آخر) (2).

و لأنّه لو جاز له الاجتهاد،لجاز في الماء و البول و الماء المضاف كماء الورد،و لا يجوز هنا إجماعا،فلا يجوز هناك.

اعتذر أصحاب الشّافعيّ بأنّ البول لا أصل له في الطّهارة (3).

و الجواب:هذا الماء قد زال عنه أصل الطّهارة،فلم يبق للأصل أثر،و لأنّ البول قد كان ماء،فله أصل في الطّهارة،و أيضا:لو جاز التّحرّي،لجاز التّحرّي في الميتة،و المذكّاة، و المحرم،و الأجنبيّة،و التّالي باطل إجماعا،فكذا المقدّم.

و وجه الملازمة في البابين انّ الاجتهاد طريق صالح لتعيّن المجتنب عنه من غيره، فالتّخصيص تحكّم.و أيضا:لو جاز الاجتهاد لما جاز الاجتهاد،أو لزم جواز استعمال متيقّن النّجاسة،و التّالي بقسميه باطل،فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة:انّه لو اجتهد وقت الصّبح في أحد الإناءين ثمَّ اجتهد وقت الظّهر في الآخر،فإمّا أن يعمل بالاجتهاد الثّاني أو لا،و على التّقدير الأوّل يلزم ما ذكرناه ثانيا، و على الثّاني يلزم الأوّل.

ص:176


1- 1الكافي 3:10 حديث 6، [1]التّهذيب 1:249 حديث 713،الاستبصار 1:21 حديث 48،الوسائل 1:113 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 2. [2]
2- 2) التّهذيب 1:8 حديث 11،الوسائل 1:174،الباب الأول من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [3]
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:9،المجموع 1:195،مغني المحتاج 1:27،فتح الوهّاب 1:5،السّراج الوهّاج: 10،المغني 1:80.

و أمّا بطلان قسمي التّالي فبالإجماع في الثّاني،و بالعقل الدّالّ على امتناع ما أدّى ثبوته إلى انتفائه في الأوّل.

احتج الشّافعيّ بأنّه شرط الصّلاة،فجاز التّحرّي من أجله كما لو اشتبهت القبلة،و لأنّ الطّهارة تؤدّي باليقين تارة و بالظّنّ اخرى،و لهذا جاز الوضوء بالماء القليل المتغيّر الّذي لا يعلم سبب تغيّره (1).

و الجواب:القبلة يباح تركها حالة الضّرورة،و في السّفر في النّفل اختيارا،و لأنّ القبلة الّتي يتوجّه إليها مبنيّة على الظّنّ،و لو بان له يقين الخطأ لم يلزمه الإعادة،و المتغيّر من غير سبب يجوز الوضوء به عملا بأصالة الطّهارة و إن عارضه ظنّ النّجاسة،و هنا عارضه يقين النّجاسة،و لهذا لا يحتاج في القليل إلى التّحرّي بخلاف المتنازع.

فروع:
الأوّل:حكم ما زاد على الإناءين حكم الإناءين في المنع من التّحرّي

سواء كان هناك أمارة أو لم يكن،و سواء كان الطّاهر هو الأكثر أو بالعكس أو تساويا،و سواء كان المشتبه بالطّاهر نجسا أو نجاسة أو ماء مضافا،و لو انقلب أحدهما لم يجز التّحرّي أيضا،لأنّه ظنّ، فلا يرفع يقين النّجاسة.

و وافقنا الشّافعيّ على عدم التّحرّي إذا كان أحد الإناءين نجاسة كالبول،لأنّه ليس له أصل في الطّهارة سواء زاد عدد الطّاهر أو لا (2).

و قال أبو حنيفة:إن زاد عدد الطّاهر،جاز (3).

قالت الشّافعيّة:لو أدّى اجتهاد أحد الرّجلين إلى طهارة إناء،و الآخر إلى طهارة آخر، صلّى كلّ منهما منفردا و لا يجوز الائتمام،لأنّه معتقد فساد طهارة إمامه،فلو كانت الأواني خمسة و اجتهد فيها خمسة و استعمل كلّ ما أدّى إليه اجتهاده،فإن كان الطّاهر

ص:177


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:9،المجموع 1:180،المغني 1:79.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:9،المجموع 1:195،مغني المحتاج 1:27،فتح الوهّاب 1:5،السّراج الوهّاج: 10،المغني 1:80،فتح العزيز بهامش المجموع 1:281.
3- 3) المجموع 1:181،فتح العزيز بهامش المجموع 1:274،المغني 1:79.

واحدا صلّى كلّ منهم منفردا،فإن صلّوا جماعة لم يصحّ،و إن كان النّجس واحدا صحّت صلاتهم جماعة،فلو صلّوا الخمس جماعة و أمّ كلّ واحد منهم في واحدة،فكلّ من صلّى إماما صحّت صلاته،و كلّ صلاة صلاّها و هو مأموم فيها صحيحة إلاّ الصّلاة الأخيرة، فإمام العشاء لا يصحّ له صلاة المغرب،لأنّه يزعم أنّه تطهّر بالماء الطّاهر.و كذا إمام الصّبح و الظّهر و العصر،فتعيّن استعماله الماء النّجس بحكم اقتدائه بمن مثله في حقّ إمام المغرب، و على الباقين إعادة صلاة العشاء لما ذكرنا (1)،و هذا عندنا ساقط،لأنّا نوجب التّيمّم .

الثّاني:لو كان أحدهما متيقّن الطّهارة و الآخر مشكوك النّجاسة

كما لو انقلب أحد المشتبهين ثمَّ اشتبه الباقي بمتيقّن الطّهارة،و كذا لو اشتبه الباقي بمتيقّن النّجاسة وجب الاجتناب .

الثّالث:لو خاف العطش أمسك أيّهما شاء

،لاستوائهما في المنع،و خائف العطش يجوز أن يمسك النّجس،فالمشكوك أولى،و يجوز له أن يستعمل أيّهما شاء،و لا يلزمه التّحرّي،لأنّه مضطرّ،فساغ له التّناول،و لو لم يكونا مشتبهين شرب الطّاهر و تيمّم،و لو خاف العطش في ثاني الحال حبس الطّاهر،لأنّ وجود النّجس كعدمه عند الحاجة إلى الشّرب في الحال،فكذا في المآل،و خوف العطش في إباحة التّيمّم كحقيقته.و هو قول بعض الحنابلة و قال بعضهم:يحبس النّجس،لأنّه ليس بمحتاج إلى شربه في الحال،فلم يجز التّيمّم مع وجوده (2).

الرّابع:لو استعمل الإناءين و أحدهما نجس مشتبه و صلّى،لم تصحّ صلاته

و لم يرتفع حدثه سواء قدّم الطّهارتين أو صلّى بكلّ واحدة صلاة،لأنّه ماء يجب اجتنابه فكان كالنّجس.و كذا لو استعمل أحدهما و صلّى به،لم تصحّ صلاته و وجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقّن الطّهارة كالنّجس.و هو أحد وجهي الحنابلة،و في الآخر:لا يجب غسله،لأنّ المحل طاهر بيقين،فلا يزول بشكّ النّجاسة (3).

ص:178


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:10،المجموع 1:197.
2- 2) المغني 1:81.
3- 3) المغني 1:81،الإنصاف 1:74.

و الجواب:لا فرق في المنع بين يقين النّجاسة و شكّها هنا بخلاف غيره،أمّا لو كان أحدهما ماء و الآخر مضافا،قال الشّيخ:يتطهّر بهما (1)،و هو حسن،خلافا لابن إدريس (2)،و قال الجمهور كافّة بمثل قول الشّيخ (3)،لأنّه يمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فيه فوجب عليه،و لو احتاج إلى أحدهما للشّرب أبقاه و توضّأ بالآخر و تيمّم،و كذا لو صبّ أحدهما ليحصل له يقين البراءة.

لنا:انّه متمكّن من تحصيل الطّهارة و لم يتناوله المنع،فوجب عليه الفعل .

الخامس:لو كان معه ماء متيقّن الطّهارة،لم يجز له التّحرّي

سواء كان الاشتباه بين الطّاهرين أو بين الطّاهر و النّجس و لا استعمالهما في الموضعين.و هو اختيار أبي إسحاق المروزيّ (4)من الشّافعيّة (5)،و قال أكثرهم:هو مخيّر بين التّحرّي و استعمال المتيقّن (6).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة المانعة من التّحرّي لفاقد المتيقّن (7)،فلو أجده أولى .

السّادس:لو اشتبه بالمغصوب وجب اجتنابهما

،و لو تطهّر بهما ففي الإجزاء نظر ينشأ من إتيانه بالمأمور به و هو الطّهارة بماء مملوك،فيخرج عن العهدة،و من طهارته بما نهي عنه فيبطل،و هو الأقوى.و لو غسل ثوبه بالمغصوب أو بالمشتبه به،طهر و صحّت الصّلاة فيه .

السّابع:لا تجب الإراقة و لا المزج

عملا بالأصل،و ليست شرطا في التّيمّم،لأنّ الوجدان مفقود هنا لعدم التّمكّن من الاستعمال .

الثّامن:لو بلغ ماؤهما كرّا لم يجب المزج،

و لو فعل كان الجميع نجسا على ما اخترناه،

ص:179


1- 1المبسوط 1:8، [1]الخلاف 1:57 مسألة:158.
2- 2) كذا نسب إليه،و لكن لم نجد له تصريحا في السّرائر بهذا المطلب.
3- 3) المغني 1:81. [2]
4- 4) إبراهيم بن أحمد:أبو إسحاق المروزي،شيخ الشّافعيّة و صاحب المزني و أبي العبّاس بن سريج،انتهت إليه رئاسة مذهب الشّافعيّة ببغداد،مات بمصر سنة 340 ه. الفهرست لابن النديم:299، [3]العبر 2:59، [4]شذرات الذّهب 2:355. [5]
5- 5) المجموع 1:192.
6- 6) المجموع 1:193.
7- 7) راجع ص 174،176.

و يجيء على أحد قولي الشّيخ وجوب المزج (1).

التّاسع:لو أراق أحدهما،لم يجز التّحرّي أيضا

.و هو أحد قولي الشّافعيّة (2)،و وجب التّيمّم،و من وافقنا من الشّافعيّة،قال بعضهم:يتيمّم-كما قلناه و قال آخرون:

يتوضّأ،لأنّ الأصل الطّهارة،و نجاسته مشكوك فيها و قد زال يقين النّجاسة (3).و ليس بجيّد،لما قلناه (4)من وجوب الاجتناب.

و لو اجتهد في الصّلاة الثّانية بعد إراقة أحدهما فأدّاه اجتهاده إلى طهارة الباقي،قال بعض الشّافعيّة:يتيمّم (5).و عندنا الاجتهاد من أصله باطل.و وافقنا الشّافعيّ في المنع من التّحرّي في حقّ الأعمى في أحد القولين(و جوّز له في الآخر التّحرّي (6)) (7).

العاشر:كما لا يجوز التّحرّي في الإناءين من الماء،لا يجوز في غيرهما

.

و جوّز الشّافعيّ التّحرّي في الإناءين من السّمن و الدّهن و غير ذلك (8)،و في الثّوبين إذا نجس أحدهما،و منع من التّحرّي في كمّي الثّوب الواحد،و فرّق بأنّ النّجاسة هنا قد تحقّقت في الثّوب،فلا تزول بالظّنّ (9).

ص:180


1- 1المبسوط 1:7.
2- 2) المجموع 1:184،مغني المحتاج 1:27.
3- 3) المجموع 1:185.
4- 4) «ح»:قلنا.
5- 5) المجموع 1:189،مغني المحتاج 1:28.
6- 6) «م»:و جوّز التّحرّي في الآخر.
7- 7) المجموع 1:196،مغني المحتاج 1:27.
8- 8) المجموع 1:195.
9- 9) المهذّب 1:61،المجموع 3:145.
المقصد الثّاني: في الوضوء و النّظر في الموجب و الكيفيّة و الأحكام
اشارة

فهاهنا مباحث:

ص:181

ص:182

الأوّل:في موجباته
مسألة :الحدث النّاقض للطّهارة

(1)

،إمّا أن يوجب الطّهارة الصّغرى لا غير،و هو خمسة أشياء،خروج البول،و الغائط،و الرّيح،و النّوم الغالب على الحاسّتين السّمع و البصر،و كلّما أزال العقل من إغماء و جنون (2)و سكر و شبهه.

و إمّا أن يوجب الكبرى لا غير،و هو الجنابة خاصّة.

و إمّا أن يوجبهما معا و هو الحيض،و النّفاس،و مسّ الأموات بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل.

و إمّا أن يوجب الوضوء خاصّة،في حال و الأمرين في حالة اخرى و هو الاستحاضة .

مسألة:لا نعرف خلافا بين أهل العلم في انّ خروج البول و الغائط و الرّيح من المعتاد

ناقض للطّهارة

و موجب للوضوء،و يدلّ عليه قوله تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ (3).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام:ما ينقض الوضوء؟فقالا:(ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الدّبر و الذّكر من غائط أو بول أو منيّ أو ريح،و النّوم حتّى يذهب العقل و كلّ النّوم يكره إلاّ أن تسمع الصّوت) (4).

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا يوجب الوضوء إلاّ من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها) (5).

ص:183


1- 1ليست في«م».
2- 2) «م»:أو جنون.
3- 3) المائدة:6، [1]النّساء:43. [2]
4- 4) التّهذيب 1:9 حديث 15،الوسائل 1:177 الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 1:10 حديث 16،الوسائل 1:175 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [4]

و ما رواه في الصّحيح،عن سالم أبي الفضل (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(ليس ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك الأسفلين الّذين أنعم اللّه بهما عليك) (2).

فروع:
الأوّل:لو خرج أحد الثّلاثة من غير المعتاد،فالوجه انّه لا ينقض

.

و قال الشّيخ:إن خرج البول و الغائط ممّا دون المعدة نقض،و من فوقها لا ينقض (3).

و ما اخترناه هو مذهب الشّافعيّ في أحد قوليه (4)،و ما اختاره الشّيخ هو القول الثّاني.

و قال أبو حنيفة:انّه ينقض مطلقا،سواء خرج ممّا فوق المعدة أو دونها بشرط السّيلان (5)إلاّ الرّيح،فقد نقل الكرخي انّه لو خرج من الذّكر أو من قبل المرأة لم ينقض (6)،و روي عن محمّد انّه لو خرج من قبل المرأة ريح منتن نقض (7)،و للشّافعيّ قول انّ الرّيح ينقض سواء خرج من قبل الرّجل أو دبره،و كذا المرأة (8)،و يمكن خروج الرّيح من قبل المرأة و من قبل الرّجل إذا كان أدرّ.

لنا:رواية أبي الفضل،فإنّه عليه السّلام نفي النّقض إلاّ مع الخروج من الطرفين، و أيضا:رواية زرارة،فإنّه عليه السّلام أجاب عن السّؤال المستوعب لكلّ ناقض (9)لأنّ (ما)من صيغ العموم،فلو كان التّخصيص بالذّكر لا يقتضي نفي الحكم عمّا عداه،لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة،و كان في الجواب إيهاما للخطإ،و ذلك باطل،و لأنّ غسل

ص:184


1- 1سالم الحنّاط:أبو الفضل،كوفيّ مولى ثقة،روى عن أبي عبد اللّه.قاله النّجاشي،و عنونه الشّيخ و العلاّمة ب:سلم الحنّاط.و الأردبيلي عنونه ب:سالم الخيّاط. رجال النّجاشي:190،رجال الطّوسي 211،رجال العلاّمة:86، [1]جامع الرواة 1:348. [2]
2- 2) التّهذيب 1:10 حديث 17،الوسائل 1:177 الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [3]
3- 3) المبسوط 1:27، [4]الخلاف 1:23 مسألة-58.
4- 4) المجموع 2:8،المغني 1:195،الهداية للمرغيناني 1:14،مغني المحتاج 1:33.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:24،الهداية للمرغيناني 1:14،شرح فتح القدير 1:33،عمدة القارئ 3:47.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:83،بدائع الصّنائع 1:25،عمدة القارئ 3:47.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:25.
8- 8) الام 1:17.
9- 9) تقدمت في ص 183.

غير موضع النّجاسة غير معقول،فيقتصر على مورد الشّرع،و لأنّ الأصل بقاء الطّهارة،فيقف انتقاضها على موضع الدّلالة.

و نقول على الحنفيّة إنّ أنس بن مالك (1)احتجم و لم يزد على غسل محاجمه (2).

و روى ثوبان (3)انّه قال:قاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فصببت له وضوءا و قلت:يا رسول اللّه،أ يجب الوضوء من القيء؟فقال:(لو كان واجبا لوجدته في كتاب اللّه) (4)أتى صلّى اللّه عليه و آله بحرف(لو)الدّالّة على الامتناع للامتناع.

و رووا عنه صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(لا وضوء إلاّ من صوت أو ريح) (5).

فنقول:لا يجب الوضوء بهذه النّصوص لما دلّت عليه،فلا يجب في الثّلاثة لأنّهم لم يفصّلوا،و لأنّ الخارج من غير السّبيلين لو كان ناقضا،لما اشترط فيه السّيلان قياسا على الخارج منهما.

احتجّ الشّيخ (6)بقوله تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ (7)و هو مطلق

ص:185


1- 1أنس بن مالك بن ضمضم بن زيد:أبو حمزة الأنصاريّ الخزرجيّ،خادم رسول اللّه(ص)و أحد المكثرين من الرّواية عنه،روى عنه الحسن و الزّهري و قتادة و غيرهم،مات سنة 93 ه.و قيل:90،و قيل: 91 ه. أسد الغابة 1:127، [1]الإصابة و [2]الاستيعاب بهامشها 1:71،العبر 1:80، [3]تذكرة الحفّاظ 1:44.
2- 2) لم نعثر على عبارة بهذا اللّفظ بعد التّتبع،و الموجود:«احتجم رسول اللّه فصلّى و لم يزد على غسل محاجمه». انظر: سنن الدّارقطني 1:157 حديث 26،سنن البيهقي 1:141.
3- 3) أبو عبد اللّه ثوبان بن يجدد:مولى رسول اللّه من أهل السّراة-موضع بين مكّة و اليمن-اشتراه النّبيّ(ص)ثمَّ أعتقه فخدمه الى أن مات،روى عنه أبو أسماء الرحبي و جبير و ابن أبي الجعد و جماعة من التّابعين مات بحمص 54 ه. الإصابة 1:204، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:209، [5]أسد الغابة 1:249، [6]العبر 1:42، [7]الجرح و التعديل 2:269.
4- 4) نيل الأوطار 1:235،البحر الزّخار 2:88،و قريب منه في سنن الدّارقطني 1:159.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:172 حديث 515،سنن التّرمذي 1:109 حديث 74.
6- 6) الخلاف 1:23 مسألة-58،المبسوط 1:27. [8]
7- 7) المائدة:6، [9]النّساء:43. [10]

سواء خرج من السّبيلين أو من غيرهما،لكنّ الخارج ممّا فوق المعدة لا يسمّى غائطا،فلا يكون ناقضا.

و احتجّ أبو حنيفة (1)بالآية،و بما روي انّ فاطمة بنت أبي حبيش (2)،قالت:يا رسول اللّه،إنّي امرأة أستحاض فلا أطهر،و أخاف أن لا يكون لي في الإسلام حظّ؟فقال:

(إنّما ذلك دم عرق و ليست بالحيضة،فتوضّئي و صلّي) (3)و كلمة(انّ)للتّعليل.

و أيضا:هو خارج نجس من الآدميّ فيؤثّر في تنجيس الأعضاء الأربعة حكما،إذ هو من لوازمه كما في الخارج من السّبيلين.

و الجواب عمّا ذكره الشّيخ:انّ الإطلاق ينصرف إلى المعتاد،فيتقيّد به،و أيضا:

فالرّوايات الّتي ذكرناها مقيّدة للإطلاق،و تخصيص الشّيخ ليس بجيّد،و قد ذهب إليه الشّافعيّ أيضا في بعض أقواله (4)،لأنّ الغائط لغة:المكان المطمئنّ،و عرفا:الفضلة المخصوصة،و لا اعتبار بالمخرج في التّسمية.

و عمّا ذكره أبو حنيفة أوّلا:من وجوه:

أحدها:انّه عليه السّلام لم يأمرها بالوضوء و إنّما هو من كلام عروة (5).

ص:186


1- 1شرح فتح القدير 1:35،بدائع الصّنائع 1:24.
2- 2) فاطمة بنت أبي حبيش قيس بن عبد المطّلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ القرشيّة الأسديّة،تعدّ من النّساء المهاجرات،زوجة عبد اللّه بن جحش.روت عن النّبيّ(ص)ما سألت عنه في الاستحاضة،روى عنها عروة بن الزّبير. الاستيعاب [1]بهامش الإصابة 4:383، [2]أسد الغابة 5:518. [3]الإصابة 4:381. [4]
3- 3) صحيح البخاري 1:66،سنن أبي داود 1:74 حديث 282.
4- 4) شرح فتح القدير 1:37،بداية المجتهد 1:35.
5- 5) عروة بن الزّبير بن العوّام الأسديّ المدنيّ أبو عبد اللّه أو أبو محمّد،روى عن أبيه يسيرا،و عن زيد بن ثابت و حكيم بن حزام و عائشة و أبي هريرة،روى عنه بنوه:هشام،و محمّد،و عثمان،و يحيى،و عبد اللّه، و حفيده عمر بن عبد اللّه،و أبو الزّناد و غيرهم.مات سنة 94 ه. تذكرة الحفّاظ 1:62،العبر 1:82، [5]شذرات الذّهب 1:103.

هكذا ذكره اللاّلكائيّ (1).

الثّاني:انّه عليه السّلام لم يذكر الدّم و إنّما قال:عرق،على ما ذكره بعض المحدّثين (2)،فحينئذ يبطل ما ذكره من التّعليل.

الثّالث:الاستفسار،و تقريره أن نقول:لم لا يجوز أن يكون المراد بالوضوء غسل مورد النّجاسة؟!بقي علينا أن نبيّن جواز استعماله فيما ذكرنا،و يدلّ عليه الوضع اللّغويّ و هو ظاهر،و الاستعمال الشّرعيّ و هو ما رواه معاذ (3)انّ قوما سمعوا انّ النّبيّ عليه السّلام يقول:(الوضوء ممّا مسّت النار) (4).

الرّابع:المنع من انصراف التّعليل إلى إيجاب الوضوء،لأنّه ينصرف إلى ما قصد بيانه ممّا وقع الإشكال فيه،و الإشكال نشأ للمرأة من اشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة لقولها:

أخشى أن لا يكون لي حظّ في الإسلام،و ذلك لا يوجب اعتقاد انتفاء وجوب الطّهارة،فإنّ الحيض يوجب أعلى الطّهارتين،فيجب صرفه إلى نفي الغسل و الإطلاق في الصّلاة،و يدلّ على صرفه إليه و إن لم يكن مذكورا الإشارة بقوله:إنّما ذلك دم عرق إلى كونه بحال لا يمكنها الاحتراز عنه،و ذلك يناسب حكما يشعر بالتّخفيف و هو الاكتفاء

ص:187


1- 1أبو القاسم اللاّلكائي هبة اللّه بن الحسن بن منصور الطّبريّ الرّازيّ الفقيه الشّافعيّ محدّث بغداد،تفقّه على الشّيخ أبي حامد الاسفراييني،و سمع من جعفر بن عبد اللّه بن فناكي و أبي القاسم عيسى بن عليّ الوزير و أبي طاهر المخلص و غيرهم.حدّث عنه أبو بكر الخطيب،و أبو بكر أحمد بن علي الطرثيثي،صنّف كتابا في السّنة،و كتابا في رجال الصّحيحين،و كتابا في السّنن،مات سنة 418 ه. تذكرة الحفّاظ 3:1083،شذرات الذّهب 3:211. [1]
2- 2) انظر:الكافي 3:83 حديث 1،و من طريق العامّة: صحيح البخاري 1:66،و راجع ص 135.
3- 3) أبو عبد اللّه معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن جشم بن الخزرج الأنصاريّ الخزرجيّ:ممّن شهد العقبة، و بدر،و المشاهد كلّها مع رسول اللّه(ص).آخى النّبيّ بينه و بين عبد اللّه بن مسعود،روى عن النّبيّ. و روى عنه عمر و ابنه عبد اللّه و أبو قتادة و أنس بن مالك و أبو أمامة و أبو ليلى و غيرهم.مات في طاعون عمواس سنة 18 ه.و قيل:في غيرها. أسد الغابة 4:376، [2]تذكرة الحفّاظ 1:19،شذرات الذّهب 1:29. [3]
4- 4) الرّواية عن عبد اللّه بن زيد،و الّذي روي عن معاذ،انّه قال:إذا أكل أحدنا ممّا غيّرت النّار غسل يديه وفاه فكنا نعدّ هذا وضوءا.مجمع الزّوائد 1:249.

بالوضوء عن الغسل .

الثّاني:لو اتّفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة،انتقضت الطّهارة بخروج الحدث

منه إجماعا،لأنّه ممّا أنعم به.و كذا لو انسدّ المعتاد و انفتح غيره،أمّا لو انفتح مخرج آخر و المعتاد على حاله،فإنّ صار معتادا،فالأقرب مساواته له في الحكم،و إن كان نادرا، فالوجه انّه لا ينقض.

و لو خرج الرّيح من الذّكر لم ينقض،لأنّه غير معتاد،و لأنّ ما خرج منه لا يسمّى ضرطة و لا فسوة،و لأنّه لا منفذ له إلى الجوف.

أمّا المرأة:فالأقرب انّ ما يخرج من قبلها من الرّيح كذلك،و إن كان لها منفذ إلى الجوف بناء على المعتاد.

و أمّا ما يخرج من الفم كالجشاء،فلا ينقض إجماعا،و لو خرج البول من الأقلف حتى صار في قلفته نقض .

الثّالث:ما يخرج من السّبيلين غير البول و الغائط و الرّيح و المنيّ.

و الدّماء الثّلاثة

لا تنقض الطّهارة سواء كان طاهرا كالدّود،أو نجسا كالدّم،و هكذا لو استدخل دواءا كالحقنة و غيرها،إلاّ أن يستصحب شيئا من النّواقض،فيكون الحكم له.و وافق مالك أصحابنا في الدّود و الحصى و الدّم (1).

و قال الشّافعيّ (2)،و أبو حنيفة،و أصحابه (3)،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ،و أحمد، و إسحاق،و أبو ثور:انّ جميع ذلك ناقض (4).

لنا:ما ذكرنا من الرّوايات،و أيضا:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن يعقوب،عن الفضيل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل يخرج منه مثل حبّ القرع،قال:

(ليس عليه وضوء)قال محمّد بن يعقوب:و روي(إذا كانت متلطّخة

ص:188


1- 1بداية المجتهد 1:34،عمدة القارئ 3:47،المجموع 2:7،المغني 1:192،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:12.
2- 2) الام 1:17.
3- 3) بداية المجتهد 1:34.
4- 4) المجموع 2:7،عمدة القارئ 3:47. [1]

بالعذرة،أعاد الوضوء) (1).

و روى عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الرّجل يكون في الصّلاة فيخرج منه مثل حب القرع فكيف يصنع؟قال:(إن كان خرج نظيفا من العذرة،فليس عليه شيء و لم ينقض وضوؤه،و إن خرج متلطّخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء،و إن كان في صلاته قطع الصّلاة و أعاد الوضوء و الصّلاة) (2).

و روى حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يسقط منه الدّواب و هو في الصّلاة،قال:(يمضي في صلاته و لا ينقض ذلك وضوءه) (3).

و روى عبد اللّه بن يزيد (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(ليس في حبّ القرع و الدّيدان الصّغار وضوء ما هو إلاّ بمنزلة القمل) (5).

و روى محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، قال:سألته عن الرّجل هل يصلح له أن يستدخل الدّواء ثمَّ يصلّي و هو معه،أ ينقض الوضوء؟قال:(لا ينقض الوضوء و لا يصلّي حتّى يطرحه) (6)و لأنّ الأصل الطّهارة، فيستصحب ما لم يثبت النّاقض،و لأنّ النّقض حكم شرعيّ،فيقف على الشّرع،و لأنّه لو نقض الخارج من السّبيلين،لنقض الخارج من غيرهما،و بالاتفاق التّالي باطل في الظّاهر،فالمقدّم مثله.

ص:189


1- 1الكافي 3:36 حديث 5، [1]الوسائل 1:183 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1،2. [2]لم يورد الشّيخ هذه الرّواية في كتابي الأخبار.
2- 2) التّهذيب 1:11 حديث 20،الاستبصار 1:82 حديث 258،الوسائل 1:184 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء حديث 5. [3]
3- 3) التّهذيب 1:11 حديث 21،الاستبصار 1:81 حديث 255،الوسائل 1:184 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء حديث 5. [4]
4- 4) عبد اللّه بن يزيد الفزاريّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و روى عنه. رجال الطّوسي:229،جامع الرّواة 1:518، [5]تنقيح المقال 2:224. [6]
5- 5) الكافي 3:36 حديث 4، [7]التّهذيب 1:12 حديث 22،الاستبصار 1:82 حديث 256،الوسائل 1:183 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [8]
6- 6) الكافي 3:36 حديث 7، [9]الوسائل 1:206 الباب 16 من أبواب نواقض الوضوء [10]حديث،1.
الرّابع:المذي،و الوذي

.و قد اتّفق علماؤنا على انّهما غير ناقضين،و انّهما طاهران.

و خالف جميع الجمهور في ذلك (1).

لنا:ما تقدّم من الرّوايات الدّالّة على انحصار النّواقض فيما ذكرناه (2).

و أيضا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زيد الشّحّام،و زرارة،و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إن سال من ذكرك شيء من مذي أو ودي فلا تغسله و لا تقطع له الصّلاة و لا تنقض له الوضوء،إنّما ذلك بمنزلة النّخامة،كلّ شيء خرج منك بعد الوضوء فإنّه من الحبائل) (3).

و في رواية حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الودي لا ينقض الوضوء،إنّما هو بمنزلة المخاط و البزاق) (4).

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن غير واحد من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(ليس في المذي من الشّهوة،و لا من الإنعاظ،و لا من القبلة،و لا من مسّ الفرج،و لا من المضاجعة وضوء،و لا يغسل منه الثّوب و لا الجسد) (5).

و روى في الصّحيح عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المذي؟فقال:(انّ عليّا كان رجلا مذّاء و أستحيي أن يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:190


1- 1سنن التّرمذي 1:196،197،الام 1:39،نيل الأوطار 1:62،المدوّنة الكبرى 1:12،المبسوط للسّرخسي 1:67،عمدة القارئ 3:217،مجمع الزّوائد 1:284،الموطّأ 1:40،المحلّى 1:232.
2- 2) راجع ص 183.
3- 3) التّهذيب 1:21 حديث 52،الاستبصار 1:94 حديث 205،الوسائل 1:196 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2- [1]بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 1:21 حديث 51،الاستبصار 1:94 حديث 304،الوسائل 1:198 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 15. [2]
5- 5) التّهذيب 1:19 حديث 47،الاستبصار 1:93 حديث 300 و ص 174،حديث 605،الوسائل 1:191 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [3]

و آله لمكان فاطمة،فأمر المقداد (1)أن يسأله و هو جالس،فسأله،فقال له النّبيّ:(ليس بشيء) (2).

و روى عمر بن حنظلة (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المذي؟فقال:

(ما هو عندي إلاّ كالنّخامة) (4)و في طريقها ابن فضّال.

و روى عنبسة،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:(كان عليّ عليه السّلام لا يرى في المذي وضوءا و لا غسل ما أصاب الثّوب منه إلاّ في الماء الأكبر) (5)و في طريقها معلّى بن محمّد (6)،و هو مضطرب الحديث و المذهب،فالتّعويل على الرّوايات الصّحيحة، و لأنّ الأصل الطّهارة.

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت

ص:191


1- 1المقداد بن الأسود الكنديّ،و كان اسم أبيه عمرو البهرانيّ أو البهراويّ و كان الأسود بن عبد يغوث قد تبنّاه فنسب إليه،يكنّى أبا سعيد،من أصحاب رسول اللّه و أمير المؤمنين ثاني الأركان الأربعة،عظيم القدر، شريف المنزلة،هاجر الهجرتين و شهد بدرا و ما بعدها من المشاهد،وثاقته بين الخاصّة و العامّة أشهر من أن تحتاج إلى بيان،و كفى في فضله ما روي عن النّبيّ(ص):(إنّ اللّه أمرني بحبّ أربعة.منهم المقداد)، توفّي بالجرف،و هو على ثلاثة أميال من المدينة و حمل على الرّقاب حتّى دفن بالبقير سنة 33 ه. رجال الطّوسي:27،57،رجال العلاّمة:169، [1]الإصابة 3:454، [2]أسد الغابة 4:404.
2- 2) التّهذيب 1:17 حديث 39،الاستبصار 1:91 حديث 292،الوسائل 1:197 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 7. [3]
3- 3) عمر بن حنظلة العجليّ:أبو الصّخر،عدّه الشّيخ تارة من أصحاب الباقر(ع)،و قال:هو و عليّ ابنا حنظلة، و اخرى من أصحاب الصّادق بعنوان:عمرو-بالواو-و بعنوان عمر بن حنظلا العجليّ البكريّ الكوفيّ، و استظهر العلاّمة المامقانيّ و وثاقته من رواية الكافي 3:275 حديث 1 [4] في قوله:(إذا لا يكذب علينا)،و من رواية التّهذيب 3:16 حديث 75 في قوله:(أنت رسولي إليهم في هذا)و غيره. رجال الطّوسي:131،251،268،تنقيح المقال 2:342. [5]
4- 4) التّهذيب 1:17 حديث 38،الاستبصار 1:91 حديث 291،الوسائل 1:197 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 8. [6]
5- 5) التّهذيب 1:17 حديث 41،الاستبصار 1:91 حديث 294.
6- 6) معلّى بن محمد البصري:أبو الحسن،ضعّفه النّجاشي و العلاّمة بأنّه مضطرب الحديث و المذهب،و عدّه الشّيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم. رجال النّجاشي:418،رجال الطّوسي:515،رجال العلاّمة:259. [7]

الرّضا عليه السّلام عن المذي،فأمرني بالوضوء منه،ثمَّ أعدت عليه في سنة أخرى،فأمرني بالوضوء،و قال:(انّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أمر المقداد بن الأسود أن يسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أستحيي أن يسأله،فقال:فيه الوضوء) (1).

لأنّا نقول:قال الشّيخ:و هذا خبر شاذّ،فيحمل على الاستحباب،لما روى الحسين بن سعيد في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن المذي،فأمرني بالوضوء منه،ثمَّ أعدت عليه سنة أخرى،فأمرني بالوضوء منه،و قال:

(انّ عليّا عليه السّلام أمر المقداد أن يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستحيا أن يسأله فقال:فيه الوضوء،قلت:فإن لم أتوضّأ؟قال:لا بأس) (2)و لا شك في انّ الرّاوي،إذا روى الحديث تارة مع زيادة و تارة بدونها،عمل على تلك الزّيادة إذا لم تكن مغيّرة،و تكون بمنزلة الرّوايتين.

لا يقال:الزّيادة هنا مغيّرة لأنّها تدلّ على الاستحباب،مع انّ الخبر الأوّل الخالي عنها يدلّ على الوجوب.

لأنّا نقول:هذا ليس بتغيير،بل هو تفسير لما دلّ عليه لفظ الأمر الأوّل،لأنّه لو كان مغيّرا،لكان الخبر المشتمل على الزّيادة متناقضا،و ليس كذلك اتّفاقا،قال:و يحمل أيضا على المذي الّذي تقارنه (3)الشّهوة و يكون كثيرا يخرج عن المعتاد لكثرته،و يدلّ عليه:ما رواه عليّ بن يقطين في الصّحيح،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن المذي أ ينقض الوضوء؟قال:(إن كان من شهوة نقض (4)).

أقول:و يحمل المذي هاهنا على المنيّ،لأنّه من توابعه،و إطلاق اسم الملزوم على اللازم كثير.

ص:192


1- 1التّهذيب 1:18 حديث 42،الاستبصار 1:92 حديث 295،الوسائل 1:199 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 17. [1]
2- 2) التّهذيب 1:18 حديث 43،الاستبصار 1:92 حديث 296.
3- 3) «خ»«ن»:يقاربه.
4- 4) التّهذيب 1:19 حديث 45،الاستبصار 1:93 حديث 298،الوسائل 1:198 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 11. [2]

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:(ثلاث يخرجن من الإحليل و هنّ:المنيّ فمنه الغسل،و الودي فمنه الوضوء،لأنّه يخرج من دريرة البول،قال:و المذي ليس فيه وضوء،إنّما هو بمنزلة ما يخرج من الأنف) (1)فهذا يدلّ على وجوب الوضوء من الودي.

لأنّا نقول:يحمل على ما إذا لم يكن استبرأ من البول،فإنّه لا ينفكّ عن ممازجة أجزاء من البول،و يدلّ عليه:التّعليل الّذي ذكره عليه السّلام.

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن يعقوب بن يقطين (2)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يمذي و هو في الصّلاة من شهوة أو من غير شهوة؟قال:(المذي منه الوضوء) (3)فهذا يدلّ على إيجاب الوضوء من المذي مطلقا،و لا يمكن تأويله بما ذكرتم أوّلا.

لأنّا نقول:المراد منه،التّعجّب جمعا بين الأدلّة،هذا تأويل الشّيخ في التّهذيب، و يمكن حمله على الاستحباب أيضا .

مسألة:قال علماؤنا:النّوم الغالب على السّمع و البصر ناقض للوضوء

،سواء كان قائما أو قاعدا،أو راكعا أو ساجدا،في حال الصّلاة أو في غيرها.و هو مذهب المزنيّ (4)، و إسحاق،و أبي عبيد (5).

ص:193


1- 1التّهذيب 1:20 حديث 49،الاستبصار 1:94 حديث 302،الوسائل 1:198 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 14. [1]
2- 2) يعقوب بن يقطين،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرّضا(ع)و وثّقه.و كذلك العلاّمة في رجاله في ترجمة يعقوب بن يزيد. رجال الطّوسي:395،رجال العلاّمة:186، [2]تنقيح المقال 3:332. [3]
3- 3) التّهذيب 1:21 حديث 53،الاستبصار 1:95 حديث 306،الوسائل 1:199 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء حديث 16. [4]
4- 4) الام(مختصر المزني)8:3،نيل الأوطار 1:239،عمدة القارئ 3:109،تفسير القرطبي 5:221،المجموع 2:17. [5]
5- 5) نيل الأوطار 1:239،عمدة القارئ 3:109،المجموع 2:17. [6]

و قال ابن بابويه من أصحابنا:الرّجل يرقد قاعدا انّه لا وضوء عليه ما لم ينفرج (1).

و قال الشّافعيّ:إذا نام قاعدا ممكّنا مقعدته من الأرض،لم ينقض (2).

و حكي عن أبي موسى الأشعريّ (3)،و أبي مجلز (4)،و حميد الأعرج (5)،انّهم قالوا:

النّوم لا ينقض الوضوء على سائر الأحوال (6).و نقله ابن الصّبّاغ (7)في الشّامل عن الإماميّة،و هو غلط في النّقل (8).

ص:194


1- 1الفقيه 1:38.
2- 2) الام 1:12،نيل الأوطار 1:240،بداية المجتهد 1:36،عمدة القارئ 3:110،المحلّى 1:225،بدائع الصّنائع 1:31،المغني 1:197،المجموع 2:15، [1]المهذّب 1:23.
3- 3) عبد اللّه بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر الأشعريّ،أبو موسى،روى عن النّبيّ(ص)و عليّ(ع) و معاذ و ابن مسعود و عمّار و غيرهم،و روى عنه أولاده و إبراهيم و موسى و أبو بردة و أبو بكر،و امرأته أم عبد اللّه و غيرهم.مات بالكوفة سنة 42 ه،و قيل:44 ه،و قيل غير ذلك،الإصابة 2:359، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:371، [4]أسد الغابة 3:245 و 5:308. [5]
4- 4) أبو مجلز:لا حق بن حميد البصريّ،أحد علماء البصرة،لقي كبار الصّحابة كابن عبّاس و روى عنه،كان عاملا على بيت المال و على ضرب السّكّة زمن عمر بن عبد العزيز،مات سنة 106 ه.العبر 1:99، [6]شذرات الذهب 1:134. [7]
5- 5) حميد بن قيس المكّي المقرئ الأعرج:أبو صفوان مولى بني أسد بن عبد العزّى،روى عن مجاهد و محمّد بن إبراهيم التّيميّ و جماعة،و روى عنه مالك و الزّنجي و غيرهم،مات سنة 130 ه. ميزان الاعتدال 1:615،الجرح و التّعديل 3:227.
6- 6) المغني 1:196،المجموع 2:17. نيل الأوطار 1:239،عمدة القارئ 3:109،تفسير القرطبي 5:221،المبسوط للسّرخسي 1:78، أحكام القرآن لابن العربي 2:559.
7- 7) أبو نصر بن الصّبّاغ عبد السّيّد بن محمّد بن عبد الواحد الفقيه البغداديّ الشّافعيّ مؤلّف كتاب الشّامل في الفقه،تولّى التّدريس بالمدرسة النّظاميّة ببغداد بعد أبي إسحاق،روى عن محمّد بن الحسين القطّان و أبي عليّ بن شاذان.ولد سنة 400 ه.و مات سنة 477 ه.العبر 2:337، [8]شذرات الذّهب 3:355. [9]
8- 8) لم نعثر على كتابه أو من نسب إليه القول.و قد نقل الشّوكاني هذا القول في نيل الأوطار 1:239،عن شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:454،و هو غلط أيضا،لأنّ النّوويّ قال:(و هذا محكيّ عن أبي موسى الأشعريّ و سعيد بن المسيّب و أبي مجلز و حميد الأعرج و شعبة)و لعلّ الغلط نشأ من اشتباه كلمة: (شعبة)ب:(شيعة)و بهذا ظهر عدم صحّة ما نقل في المجموع 2:17 [10] عن القاضي أبي الطيّب من نسبة القول إلى الشّيعة.

و قال أبو حنيفة:لو نام في الصّلاة قائما أو قاعدا،أو راكعا أو ساجدا،غلبه النّوم أو تعمّد،و على كلّ حال،لم ينقض وضوؤه (1)،و كذا لو نام خارج الصّلاة قائما أو قاعدا، متمكّنا أو راكعا أو ساجدا.أمّا لو نام متوركا أو مضطجعا انتقض وضوؤه.و به قال داود (2).

و قال مالك:النّوم قاعدا إذا طال حدث (3).

و قال أحمد بن حنبل:نوم المضطجع ينقض كثيره و قليله،و نوم القاعد إن كان كثيرا نقض و إلاّ فلا.و نوم القائم و الرّاكع و السّاجد فيه روايتان:إحداهما:ينقض،و الأخرى:

لا ينقض (4).

لنا:النّصّ و المعقول،أمّا النّصّ،فقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (5)نقل المفسّرون أجمع انّ المراد بها:إذا قمتم من النّوم (6)، و هذا يقتضي الوجوب على الإطلاق.

و أيضا:روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(العين وكاء (7)السّه (8)،

ص:195


1- 1بداية المجتهد 1:36،نيل الأوطار 1:240،أحكام القرآن لابن العربي 2:560، [1]عمدة القارئ 3:109، شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:454،بدائع الصّنائع 1:31،المجموع 2:18، [2]الهداية للمرغيناني 1:15،المحلّى 1:234، [3]المغني 1:198،شرح فتح القدير 1:43،المبسوط للسّرخسي 1:78.
2- 2) المجموع 2:18، [4]المحلّى 1:224،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:454،نيل الأوطار 1:240،عمدة القارئ 3:109.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:9،مقدّمات ابن رشد 1:44،بداية المجتهد 1:37،تفسير القرطبي 5:221، [5]المغني 1:197،المبسوط للسّرخسي 1:78.
4- 4) المغني 1:197-198، [6]الإنصاف 1:199، [7]الكافي لابن قدامة 1:53،عمدة القارئ 3:109-110،نيل الأوطار 1:240-241،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:454. [8]
5- 5) المائدة:6. [9]
6- 6) التّبيان 3:448، [10]تفسير الطبري 6:112، [11]أحكام القرآن للجصّاص 3:333. [12]
7- 7) الوكاء-بالكسر و المدّ-:خيط يشدّ به الصرّة و الكيس و القربة و نحوها.النّهاية لابن الأثير 5:222. [13]
8- 8) السّه،حلقة الدّبر،و هو من الاست،و أصلها:سته،بوزن:فرس. النّهاية لابن الأثير 3:429. [14]

فمن نام فليتوضّأ) (1).

و في حديث آخر:(العينان وكاء السّه،فإذا نامت العينان استطلق الوكاء) (2).

و روى صفوان المراديّ (3)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمرنا بأن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيّام و لياليها إذا كنّا سفرا إلاّ من جنابة،و لكن من غائط أو بول أو نوم (4).عطف مطلق النّوم على البول و الغائط الحدثين فكان المطلق حدثا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:(لا ينقض الوضوء إلاّ ما يخرج من طرفيك أو النّوم) (5).

و ما رواه في الحسن،عن عبد الحميد بن عواض (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سمعته يقول:(من نام و هو راكع أو ساجد أو ماش على أيّ الحالات،فعليه الوضوء) (7).

ص:196


1- 1سنن أبي داود 1:52 حديث 203،سنن ابن ماجه 1:161 حديث 477،سنن البيهقي 1:118،سنن الدّارقطني 1:161 حديث 5.كنز العمّال 9:342،و معنى الحديث:انّ الإنسان مهما كان مستيقظا، كانت استه كالمشدودة الموكيّ عليها،فإذا نام انحلّ وكاؤها،كنّى بهذا اللّفظ عن الحدث و خروج الرّيح.
2- 2) سنن الدّارمي 1:184، [1]كنز العمّال 9:342،مسند أحمد 4:97، [2]سنن البيهقي 1:118،سنن الدّارقطني 1:160 حديث 2.
3- 3) صفوان بن عسّال المرادي من بني الرّبض بن زاهر بن عامر بن عوسان بن مراد،سكن الكوفة،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه عبد اللّه بن مسعود و زرّ بن حبيش و عبد اللّه بن سلمة. الإصابة 2:189،أسد الغابة 3:24. [3]
4- 4) سنن التّرمذي 1:159 حديث 96،سنن ابن ماجه 1:161 حديث 478،سنن النّسائي 1:83،سنن البيهقي 1:118-في الجميع-بتفاوت يسير.
5- 5) التّهذيب 1:6 حديث 2،الاستبصار 1:79 حديث 244،الوسائل 1:179 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [4]
6- 6) عبد الحميد بن عواض-و قيل:غواض،و قيل غير ذلك-الطّائيّ الكسائيّ الكوفيّ،وثّقه الشّيخ و العلاّمة،من أصحاب الإمام الباقر و الصّادق و الكاظم عليهم السّلام. رجال الطّوسي:128،235،353،رجال العلاّمة:116، [5]تنقيح المقال 3:136. [6]
7- 7) التّهذيب 1:6 حديث 3،الاستبصار 1:79 حديث 247،الوسائل 1:6 حديث 3، [7]الاستبصار 1:79 حديث 247،الوسائل 1:180 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [8]

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن عبد اللّه (1)،و عبد اللّه بن المغيرة،قالا:سألنا الرّضا عليه السّلام عن الرّجل ينام على دابّته؟فقال:(إذا ذهب النّوم بالعقل فليعد الوضوء) (2).

و روى في الصّحيح،عن إسحاق بن عبد اللّه الأشعريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا ينقض الوضوء إلاّ حدث،و النّوم حدث) (4).

و قد ذكرنا في كتاب(استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار)وجه الاستدلال من هذا الحديث و ما فيه من المباحث اللّطيفة،و مع ذلك فلا نخلي هذا الكتاب عن بعضها، فنقول:في الظّاهر انّ هذا الحديث يدلّ على انّ النّوم ناقض،و إذا اعتبر بنوع من الاعتبار، ورد عليه الإشكال من حيث خروجه عن شرائط القياس.

فنقول:وجه الاستدلال منه انّ كلّ واحد من أنواع الحدث اشترك مع غيره منها في معنى الحدث (5)،و امتاز عنه بخصوصيّته،و ما به الاشتراك غير ما به الامتياز،و غير داخل فيه،فماهيّة الحدث من حيث هي مغايرة لتلك الخصوصيّات،و الإمام عليه السّلام حكم باستناد (6)النّقض إلى الحدث الّذي هو المشترك،فلا يكون لقيد الخصوصيّات مدخل في

ص:197


1- 1كذا في النّسخ،و في المصدر:محمّد بن عبيد اللّه،و هو ابن أبي نصر،روى عن الرّضا،و عنه أحمد بن محمّد بن عيسى،و يحتمل اتّحاده مع محمّد بن عبد اللّه بن عيسى الأشعريّ القمّيّ الّذي عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا و وثّقه بقرينة اتّحاد الرّاوي عنه،و ذكره العلاّمة المامقانيّ من غير توصيف،و قال:لم يعلم حاله. رجال الطّوسي:389،جامع الرّواة 2:147، [1]تنقيح المقال 3:149. [2]
2- 2) التّهذيب 1:6 حديث 4،الاستبصار 1:79 حديث 245،الوسائل 1:180 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [3]
3- 3) إسحاق بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري القمّيّ،ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق(ع). رجال النّجاشي:73،رجال الطّوسي:107،149،تنقيح المقال 1:114. [4]
4- 4) التّهذيب 1:6 حديث 5،الاستبصار 1:79 حديث 246،الوسائل 1:180 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [5]
5- 5) في«ح»:الحدثيّة.
6- 6) «ح»«ق»:بإسناد.

ذلك التّأثير،و حكم بأنّ تلك الماهيّة الّتي هي علّة موجودة في النّوم،و العقل قاض بأنّ المعلول لا يتخلّف عن علّته،فلا جرم،كان النّوم ناقضا.

لا يقال:يعارض ما ذكرتم من الأثر بما رواه الشّيخ،عن عمران بن حمران (1)،انّه سمع عبدا صالحا يقول:(من نام و هو جالس لا يتعمّد النّوم،فلا وضوء عليه) (2).

و ما رواه عن بكر بن أبي بكر الحضرميّ (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام ينام الرّجل و هو جالس؟فقال:(كان أبي يقول:إذا نام الرّجل و هو جالس مجتمع فليس عليه وضوء،و إن نام مضطجعا فعليه الوضوء) (4).

لأنّا نقول:نمنع أوّلا صحّة سند الحديث،فإنّ عمران بن حمران لا يعرف حاله،و بكر بن أبي بكر كذلك.

و ثانيا:يحمل ذلك على ما إذا لم يغلب النّوم على العقل،لما رواه في الصّحيح،عن أبي الصّباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يخفق و هو في الصّلاة؟فقال:(إن كان لا يحفظ حدثا منه إن كان،فعليه الوضوء و إعادة الصّلاة و إن كان يستيقن انّه لم يحدّث،فليس عليه وضوء و لا إعادة) (5).

و روى في الصّحيح،عن زيد الشّحّام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخفقة

ص:198


1- 1عمران بن حمران الأذرعيّ من أهل أذرعات،روى عن أبي عبد اللّه.قاله النّجاشي،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق قائلا بأنّه روى عن أبي الحسن أيضا،و استظهر المامقاني كونه إماميّا.و قال:لم أقف فيه على مدح يدرجه في الحسان. رجال النّجاشي:292،رجال الطّوسي:256،تنقيح المقال 2:350. [1]
2- 2) التّهذيب 1:7 حديث 6،الاستبصار 1:80 حديث 248،الوسائل 1:132 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 14. [2]
3- 3) بكر بن أبي بكر عبد اللّه بن محمّد الحضرميّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق،و استظهر المامقاني كونه إماميّا.و قال:إلاّ انّه مجهول الحال. رجال الطّوسي:157،تنقيح المقال 1:177. [3]
4- 4) التّهذيب 1:7 حديث 7،الاستبصار 1:80 حديث 249،الوسائل 1:182 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 15. [4]
5- 5) التّهذيب 1:7 حديث 8،الاستبصار 1:80 حديث 250،الوسائل 1:180 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 6. [5]

و الخفقتين؟فقال:(ما أدري ما الخفقة و الخفقتان،انّ اللّه يقول بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (1)إنّ عليّا كان يقول:من وجد طعم النّوم،فإنّما أوجب عليه الوضوء) (2).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،قال:قلت له:الرّجل ينام و هو على وضوء،أ توجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء؟فقال:(يا زرارة قد تنام العين و لا ينام القلب و الاذن،فإذا نامت العين و الاذن و القلب،وجب الوضوء)قلت:فإن حرّك إلى جنبه شيء و لم يعلم به؟ قال:(لا حتّى يستيقن انّه قد نام،حتّى يجيء من ذلك أمر[بيّن] (3)و إلاّ فإنّه على يقين من وضوئه و لا ينقض اليقين أبدا بالشّكّ،و لكن ينقضه بيقين آخر) (4).

و أمّا المعقول:فهو انّ النّوم سبب لخروج الحدث بواسطة ذهاب وكاء السّه،فصار كالنّوم متورّكا و مضطجعا.

و أيضا:النّوم غالب على العقل و مزيل للتّمييز،فأشبه الإغماء،و لمّا كان المقيس عليه ناقضا على كلّ حال،فكذا المقيس.

احتجّ أبو حنيفة (5)بما رواه ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا،إنّما الوضوء على من نام مضطجعا،فإذا اضطجع استرخت مفاصله) (6).

و ما رواه ابن عبّاس أيضا،قال:رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نام و هو ساجد حتّى غطّ و نفخ،ثمَّ قام فصلّى،فقلت:يا رسول اللّه،صلّيت و لم تتوضّأ و قد نمت؟فقال:(إنّما

ص:199


1- 1القيامة:14. [1]
2- 2) التّهذيب 1:8 حديث 10،الاستبصار 1:80 حديث 252،الوسائل 1:181 الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء حديث 8. [2]
3- 3) في النّسخ:يقين،و ما أثبتناه،من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:8 حديث 11،الوسائل 1:174 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [3]
5- 5) بدائع الصّنائع 1:31،المحلّى 1:225،أحكام القرآن لابن العربي 2:560، [4]بداية المجتهد 1:37،الهداية للمرغيناني 1:15،المبسوط للسّرخسي 1:78.
6- 6) مسند أحمد 1:256، [5]نيل الأوطار 1:243-بتفاوت يسير.

الوضوء على من نام مضطجعا،فإنّه إذا اضطجع استرخت مفاصله) (1).

و ما رواه حذيفة بن اليمان،قال:بينما أنا جالس في صلاتي إذ رقدت،فوضع إنسان يده على كتفي و إذا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقلت:يا رسول اللّه عليّ من هذا وضوء؟ فقال:(لا حتّى تضع جنبيك) (2).

و ما رواه أنس قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:(إذا نام العبد في سجوده باهى اللّه به ملائكته،فيقول:انظروا إلى عبدي،روحه عندي و جسده في طاعتي) (3)فلو كان النّوم ناقضا لخرج عن كونه طائعا.

و استدلّ الشّافعيّ (4)بما رواه أنس انّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كانوا ينامون ثمَّ يقومون يصلّون و لا يتوضّئون (5).

و الجواب عن الحديث الأوّل من وجهين:

أحدهما:الطّعن في السّند،فإنّ راوية أبو خالد الدّالانيّ (6)،عن قتادة (7)،عن أبي

ص:200


1- 1سنن أبي داود 1:52 حديث 202،سنن التّرمذي 1:111 حديث 77،سنن البيهقي 1:121،سنن الدّارقطني 1:159 حديث 1.
2- 2) سنن البيهقي 1:120،نيل الأوطار 1:244،و فيهما:جنبك.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:79،بدائع الصّنائع 1:31،نيل الأوطار 1:240.
4- 4) الام 1:12،المغني 1:197،المجموع 2:19،المهذّب للشّيرازي 1:23.
5- 5) صحيح مسلم 1:284 حديث 125،سنن التّرمذي 1:113 حديث 78،سنن البيهقي 1:120،سنن الدّارقطني 1:131 حديث 3.
6- 6) يزيد بن عبد الرّحمن الدّالاني:أبو خالد الأسديّ من أهل واسط كان نازلا في بني دالان فنسب إليهم،روى عن عون بن أبي جحيفة و إبراهيم السّكسكي و عمرو بن مرّة و قتادة.و روى عنه الثّوريّ و شعبة و عبد السّلام بن حرب،ضعّفه ابن حبّان،و قال:كثيرا الخطأ،فاحش الوهم. ميزان الاعتدال 4:432،الجرح و التعديل 9:277،المجروحين لابن حيان 3:105،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 3:210.
7- 7) أبو الخطّاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السّدوسي البصري،كان أعمى،روى عن أنس و عبد اللّه بن سرجس و سعيد بن المسيّب و الحسن و ابن سيرين،و عنه أبو حنيفة و أيّوب و شعبة و أبو عوانة و غيرهم.ولد سنة 60 ه،و مات سنة 117 ه و قيل:118 ه. العبر 1:112، [1]تذكرة الحفّاظ 1:122،طبقات الحفّاظ:51،شذرات الذّهب 1:153.

العالية (1)،عن ابن عبّاس،و أبو خالد لم يلق قتادة.و قال شعبة (2)و غيره:انّ قتادة لم يسمع من أبي العالية إلاّ أربعة أحاديث أو ثلاثة،و ليس هذا الحديث منها (3).

و قيل:انّ قتادة كان مدلّسا (4)،قال ابن سيرين:حدّث عمّن شئت إلاّ عن الحسن و أبي العالية لأنّهما لم يكونا يباليان عمّن أخذا (5).

الثّاني:انّه مع التّسليم فهو غير حجّة،لأنّه عليه السّلام نصّ على الاضطجاع و نصّ على العلّة الّتي هي الاسترخاء،و ذلك يقتضي تعميم الحكم في جميع موارد صور العلّة،و هذان جوابان عن الثّاني.

و عن الثّالث:يجوز أن يكون حذيفة غير مستغرق في النّوم بحيث يغيب عن مشاعره الإحساس و ليس في حديثه انّ رقاده انتهى إلى ذلك.

لا يقال:تعليق الإيجاب بوضع الجنب إلى الأرض يقتضي السّلب في غيره.

لأنّا نقول:التّعليق هنا خرج مخرج الأغلب،فلا يدلّ على النّفي في غيره إجماعا كما في النّهي عن الإكراه عند إرادة التّحصّن.

و عن الرّابع بوجوه:

أحدها:انّ السّجود قد يكون في الصّلاة و في غيرها،و ليس في الحديث

ص:201


1- 1رفيع بن مهران البصريّ:أبو العالية الرّياحي الفقيه المقرئ مولى امرأة من بني رياح،أدرك رسول اللّه(ص)في الجاهليّة و أسلم بعد وفاته بسنتين،روى عن عليّ(ع)و عائشة و ابن مسعود،و روى عنه قتادة و خالد الحذّاء و داود بن أبي هند و الرّبيع و غيرهم.مات سنة 93 ه و قيل:93 ه،و قيل:106 ه. تذكرة الحفّاظ 1:61،العبر 1:81، [1]طبقات الحفّاظ:29.
2- 2) أبو بسطام شعبة بن الحجّاج بن الورد العتكي الأزديّ الواسطيّ شيخ البصرة،هو أوّل من فتّش بالعراق عن أمر المحدّثين:روى عن معاوية بن قرّة و الأزرق بن قيس و أنس و ابن سيرين و قتادة،و روى عنه الأعمش و أيّوب و ابن إسحاق و الثّوري و غيرهم.ولد سنة 82 ه.و مات سنة 160 ه. تذكرة الحفّاظ 1:193،العبر 1:180، [2]طبقات الحفّاظ:89،شذرات الذّهب 1:247. [3]
3- 3) انظر:سنن أبي داود 1:52،هامش سنن الدّارقطني 1:160،سنن البيهقي 1:121،المغني 1:198، المحلّى 1:226.
4- 4) تذكرة الحفّاظ 1:123.
5- 5) انظر:سنن الدّارقطني 1:171،شرح فتح القدير 1:44.

إشعار بذكر الصّلاة.

و الثّاني:انّ قوله:(و جسده في طاعتي)لا يمكن حمله على حالة النّوم،بل يكون إشارة إلى حاله قبل النّوم،لأنّه في تلك الحال خرج عن أن يكون مكلّفا.

الثّالث:انّه قد روي هذا الحديث بغير هذه العبارة،فإنّه قد روي(روحه عندي و جسده بين يديّ) (1)و حينئذ لا دلالة.و حديث الشّافعيّ ضعيف،لأنّ رواية أنس على النّفي غير مقبولة.

و لأنّ قوله:ينامون،حكاية حال،فلا يعمّ،فجاز أن يكون المراد بذلك غير الغالب.

و لأنّه حكاية عن حال خفيّة عنه استدلّ عليها بظاهر فعلهم،فأمكن أن يظنّ نوما ما ليس بنوم.

فروع:
الأوّل:السّنة غير ناقضة

،و المراد منها ابتداء النّعاس،لأنّه في تلك الحال لا يسمّى نائما،و لأنّ النّقض مشروط بزوال العقل لرواية أبي الصّباح و زرارة،و قد تقدّمتا (2).

الثّاني:كلّما غلب على العقل من إغماء أو جنون أو سكر أو غيره،ناقض

،لا نعرف خلافا فيه بين أهل العلم،لأنّ النّوم الّذي يجوز معه الحدث موجب للوضوء،فالإغماء، و السّكر أولى.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معمّر بن خلاّد (3)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل به علّة لا يقدر على الاضطجاع،[و الوضوء] (4)يشتدّ عليه و هو قاعد مستند بالوسائد فربّما أغفى و هو قاعد على تلك الحال؟قال:(يتوضّأ)قلت له:انّ الوضوء يشتدّ عليه؟فقال:(إذا خفي عنه الصّوت فقد وجب عليه الوضوء) (5)علّق الحكم بخفاء الصّوت فيطّرد.

ص:202


1- 1المجموع 2:13،سبل السّلام 1:62.
2- 2) في ص 198-199. [1]
3- 3) معمّر بن خلاّد بن أبي خلاّد:أبو خلاّد البغداديّ،ثقة روى عن الرّضا،له كتاب الزّهد. رجال النّجاشي:421،رجال الطّوسي:390،الفهرست:170، [2]رجال العلاّمة:169. [3]
4- 4) في النّسخ:للوضوء.و ما أثبتناه،من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:9 حديث 14،الوسائل 1:182 الباب 4 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [4]

و أجمع العلماء على عدم وجوب الغسل على المغمى عليه.

و قال الشّافعيّ:قيل ما جنّ إنسان إلاّ أنزل (1)،و المعتمد انّه لا يجب الغسل على المغمى عليه أيضا،لأنّ ما ذكره الشّافعيّ لم يعلم تحقّقه .

الثّالث:لو نام المريض مضطجعا،نقض وضوؤه

لما ذكرناه (2).

و اختلفت الحنفيّة فيه،فقال بعضهم:ينقض،و قال آخرون:لا ينقض،لأنّه بمنزلة القائم و القاعد،و إن اتّفقوا على انّ النّوم كذلك في غير حال الصّلاة ناقض .

مسألة:المشهور عند الأصحاب انّ الاستحاضة القليلة حدث موجب للوضوء

،خلافا لابن أبي عقيل منّا (3)،و هو قول أكثر الجمهور (4).

و قال ابن أبي عقيل منّا:ليس عليها وضوء.

و قال داود:ليس على المستحاضة مطلقا وضوء (5).و هو قول ربيعة (6)و مالك (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(المستحاضة تتوضّأ لكلّ صلاة) (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(و إن كان الدّم لا يثقب الكرسف،توضّأت[و دخلت

ص:203


1- 1الام 1:38،المهذّب للشّيرازي 1:23،المجموع 2:22.
2- 2) راجع ص 193.
3- 3) المختلف 1:40،المعتبر 1:111. [1]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:24،المغني 1:191،المجموع 2:6.
5- 5) المجموع 2:535.
6- 6) المجموع 2:6 و 535،المغني 1:389،عمدة القارئ 3:277.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:24،المجموع 2:535،المغني 1:389. فتح العزيز بهامش المجموع 2:10،شرح فتح القدير 1:159،المحلّى 1:253،بداية المجتهد 1:60،عمدة القارئ 3:277.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:28،المجموع 2:535، [2]المحلّى 1:252،و بهذا المضمون في: سنن أبي داود 1:82 حديث 304،سنن التّرمذي 1:220 حديث 136،سنن ابن ماجه 1:204 حديث 624 و 625،سنن البيهقي 1:347،نيل الأوطار 1:346.

المسجد] (1)و صلّت كلّ صلاة بوضوء) (2).

و ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(تصلّي كلّ صلاة بوضوء ما لم يثقب الدّم) (3)و في طريقها ابن بكير و إن كان فيه قول،إلاّ انّ أصحابنا شهدوا له بالثّقة (4).

احتجّ مالك بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(و إن قطر الدّم على الحصير) (5).

و الجواب عنه:انّ المراد به في الوقت،لأنّ طهارتها باقية ببقاء الوقت،و لأنّا نقول بموجبة،لأنّها مكلّفة بالصّلاة و إن كان الدّم يسيل،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال في هذا الحديث:(توضّئي و صلّي)و أيضا:فهو خارج نجس،فصار كالبول.

فروع:
الأوّل:لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد

سواء كانا فرضين أو أحدهما أو نفلين.

و قال الشّافعيّ:تتوضّأ لكلّ فرض و لا تجمع بين فرضين بوضوء،و لها أن تجمع بين فرض و نفل و بين نوافل (6).

ص:204


1- 1أثبتناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:170 حديث 484،الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:169 حديث 483،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة حديث 9. [2]
4- 4) عبد اللّه بن بكير بن أعين بن سنسن:أبو عليّ الشّيبانيّ مولاهم،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق، و قال في الفهرست:انّه فطحيّ إلاّ انّه ثقة.و عدّه الكشّي تارة من الفطحيّة،و اخرى ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه،و قال العلاّمة في الخلاصة:أنا أعتمد على روايته و إن كان مذهبه فاسدا. رجال النّجاشي:222،رجال الطّوسي:226،الفهرست:106، [3]رجال الكشّي:345،375،رجال العلاّمة:106، [4]تنقيح المقال 2:171. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:204 حديث 624،مسند أحمد 6:42،204،262،و [6]الحديث هكذا:عن عائشة قالت:جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النّبيّ(ص)فقالت:يا رسول اللّه:إنّي امرأة أستحاض فلا أطهر، أ فأدع الصّلاة؟قال:(لا،إنّما ذلك عرق و ليس بالحيضة،اجتنبي الصلاة أيّام محيضك ثمَّ اغتسلي و توضئي لكل صلاة،و إن قطر الدم على الحصير).
6- 6) المجموع 2:535،مغني المحتاج 1:112،عمدة القارئ 3:277،فتح الباري 1:325،بدائع الصّنائع 1:28،شرح فتح القدير 1:159،الهداية للمرغيناني 1:32،المهذّب للشّيرازي 1:46.

و قال أبو حنيفة و أحمد:تصلّي بوضوء واحد ما شاءت من الفرائض و النّوافل ما دامت في الوقت (1)، (2).و الشّيخ في المبسوط اختار قول الشّافعيّ (3).

لنا:ما رويناه من حديث زرارة و معاوية من قولهما عليهما السّلام:(تتوضّأ لكلّ صلاة).

و ما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(المستحاضة تتوضّأ لكلّ صلاة) (4)و لأنّها طهارة ضروريّة لكون الحدث مقارنا لها،فيتقدّر بقدر الضّرورة و هو الصّلاة الواحدة .

الثّاني:لو توضّأت قبل دخول الوقت،لم يصحّ لعدم الضّرورة

،و لقوله عليه السّلام:

(تتوضّأ لكلّ صلاة) .

الثّالث:لو انقطع دمها بعد الطّهارة للبرء و قبل الدّخول،استأنف الوضوء

.و هو قول الشّافعيّ (5)،لأنّه شرّع للضّرورة و قد زالت،فصارت كالمتيمّم،و لو صلّت من غير استئناف،أعادت الصّلاة (6)لأنّها دخلت غير متطهّرة سواء عاد الدّم قبل الفراغ أو بعده، أمّا لو انقطع في أثناء الصّلاة،فللشّافعيّة وجهان:

أحدهما:الاستئناف بعد إعادة الطّهارة.

و الثّاني:الاستمرار (7).

و أمّا عندنا،فالوجه عدم الاستئناف،لأنّها دخلت في الصّلاة دخولا مشروعا قطعا، و لا دليل على إيجاب الخروج،و الاستصحاب يدلّ على وجوب الإتمام،و قوله تعالى:

ص:205


1- 1المبسوط للسّرخسي 2:17،بدائع الصّنائع 1:28،و 3:277،الهداية للمرغيناني 1:32،المجموع 2:535،فتح الباري 1:325،شرح فتح القدير 1:159.
2- 2) المغني 1:390،الكافي لابن قدامة 1:105،الإنصاف 1:379.
3- 3) المبسوط 1:68. [1]
4- 4) تقدّم في ص 203. [2]
5- 5) المجموع 2:538،المهذّب للشّيرازي 1:46،مغني المحتاج 1:112،فتح الوهّاب 1:37.
6- 6) في النّسخ يوجد:و مع الاستئناف.حذفناها لاستقامة معنى العبارة.
7- 7) المجموع 2:538، [3]المهذّب للشّيرازي 1:49.

وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (1).

و قال أبو حنيفة:إذا انقطع الدّم قبل الشّروع أو بعده قبل الفراغ فتمّ ذلك الانقطاع حتّى خرج وقت الظّهر مثلا انتقضت طهارتها،فإذا توضّأت للعصر فصلّت (2)فاستمرّ الانقطاع إلى الغروب لم تنتقض طهارتها،بل يجب عليها إعادة الظّهر،لأنّه انقطع دمها وقت العصر،و بيّن انّها صلّت الظّهر بطهارة العذر،و العذر قد زال،فلا يجب عليها إعادة العصر،لأنّ وجوب الظّهر إنّما يظهر بعد الغروب (3).

فالحاصل أنّ للمستحاضة عنده وضوءا كاملا و هو ما يحصل و الدّم منقطع،و حكمه أن يقع عن دم سائل قبل ذلك و عن دم لم يسل في الوقت،و لا يضرّها خروج الوقت إذا لم يسل في الوقت.

و ناقضا و هو الحاصل مع السّيلان،و حكمه أن يقع عن دم سائل قبل ذلك و عن دم يسيل في الوقت،و يضرّها خروج الوقت سال فيه أو لم يسل.

و لها انقطاع كامل كما قلنا في طهارة العصر في الفرض الّذي انقطع الدّم وقت الظّهر و استمرّ إلى الغروب،و حكمه أن يوجب زوال العذر،و نمنع اتّصال الدّم الثّاني بالدّم الأوّل.

و انقطاع ناقص،و هو أن ينقطع دون وقت صلاة كاملة،و حكمه أن لا يوجب زوال العذر،و لا نمنع اتّصال الدّم الثّاني بالدّم الأوّل و حكمه حكم الدّم المتّصل .

الرّابع:هل يجب عليها الوضوء عند الصّلاة حتّى لو أخّرت الصّلاة

غير متشاغلة بها لا تدخل به في الصّلاة؟نصّ في المبسوط على وجوب الاتّصال،قال:لأنّ المأخوذ عليها أن تتوضّأ عند كلّ صلاة (4)،و ذلك يقتضي التّعقيب،و نحن لم نقف في شيء من أخبارنا على هذه (5)اللّفظة،و يمكن أن يقال انّها طهارة ضروريّة،فلا تتقدّم على الفعل بما يتعدّ به

ص:206


1- 1محمّد:33. [1]
2- 2) «م»«ن»:و صلّته.
3- 3) شرح فتح القدير 1:163،بدائع الصّنائع 1:39-المبسوط للسّرخسي 2:143.
4- 4) المبسوط 1:68. [2]
5- 5) «ح»«ق»:هذا اللّفظ.

كالتّيمّم،و لأنّ الدّم حدث فيستبيح بالوضوء ما لا بدّ منه و هو قدر التّهيّؤ و الصّلاة،بل قد وردت هذه اللّفظة في الغسل (1).

و قد روى الشّيخ عن ابن بكير:(فإذا مضى عشرة أيّام فعلت ما تفعله المستحاضة ثمَّ صلّت) (2)و لفظة(ثمَّ)للتّراخي،إلاّ انّ الرّواية ضعيفة السّند،و ابن بكير لم يسندها إلى إمام،فنحن في هذا من المتوقّفين .

الخامس:ظهر ممّا قلنا انّ طهارتها تنتقض بدخول الوقت كما تنتقض بخروجه

،لا على معنى انّها مرتفعة الحدث،و بالدّخول و الخروج يزول الارتفاع،بل بمعنى انّها كانت مستبيحة للدّخول في الصّلاة في وقتها بطهارتها،فإذا خرج وقتها أو دخل وقت اخرى وجب عليها استئناف الطّهارة.و هو اختيار أبي يوسف (3).

و قال أبو حنيفة،و محمّد:ينتقض بخروج الوقت لا بالدّخول (4)،و قال زفر:ينتقض بالدّخول لا بالخروج (5).

لنا:أنّها طهارة ضروريّة لمقارنة الحدث فيتقدّر بقدر الضّرورة،و الضّرورة مقدّرة بالوقت فلا تثبت قبل الوقت و لا بعده.

احتجّ أبو حنيفة و محمّد بأنّ طهارتها ثبتت للحاجة إلى أداء الصّلاة في الوقت فتثبت عند وجود دليل الحاجة،و يزول عند دليل زوال الحاجة،و دخول الوقت دليل الحاجة، و خروجه دليل زوال الحاجة،فكان المؤثّر في الانتقاض هو الخروج،و هذا الدّليل يقتضي أن لا تتقدّم الطّهارة على الوقت،إلاّ أنّ الحاجة دعت إلى تقديمها على الوقت،لأنّها لا تتمكّن من أداء الصّلاة في أوّل الوقت إلاّ بتقدم الطّهارة على الوقت حتّى تتمكّن.

و الجواب:هذا بناء على انّها في أوّل الوقت مخاطبة بفعل الصّلاة مع تقديم الطّهارة قبله أو مع عدم الطّهارة،و القسمان باطلان إجماعا،و معارض بقوله عليه السّلام:(المستحاضة تتوضّأ لوقت كلّ صلاة) (6)رواه الحنفيّة.

ص:207


1- 1انظر:الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:400 حديث 1251،الاستبصار 1:137 حديث 470.
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:33،بدائع الصّنائع 1:28،شرح فتح القدير 1:161.
4- 4) الهداية للمرغيناني 1:33،بدائع الصّنائع 1:28،شرح فتح القدير 1:161.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:33،بدائع الصّنائع 1:28،شرح فتح القدير 1:161.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:28،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:159.

و فائدة الخلاف تظهر في موضعين:

أحدهما:إذا توضّأت بعد الفجر ثمَّ طلعت الشّمس،انتقض عندنا و عند الثّلاثة (1)، و قال زفر:لا ينتقض لعدم دخول الوقت،لأنّ ذلك الوقت مهمل إلى الزّوال (2).

الثّاني:إذا توضّأت بعد طلوع الشّمس،انتقض وضوؤها بالزّوال عندنا،و عند أبي يوسف و زفر،خلافا لأبي حنيفة و محمّد (3)،و في غير هذين لا فائدة،فإنّه لا يخرج وقت إلاّ بدخول آخر،فتنتقض الطّهارة على المذاهب الثّلاثة .

مسألة:لا يوجب الوضوء وحده شيء سوى ما ذكرناه

،لما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على الحصر،

و قد ذكر المخالفون أشياء توجب الوضوء

.

الأوّل:مسّ القبل و الدّبر سواء كان له أو لغيره

،امرأة أو رجلا،بشهوة أو بغيرها،باطنا أو ظاهرا،لا يوجب الوضوء.و هو مذهب الشّيخين (4)و السّيّد المرتضى (5)و أتباعهم (6).

و قال ابن بابويه:من مسّ باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره،انتقض وضوؤه (7).

و قال ابن الجنيد:من مسّ ما انضمّ عليه الثّقبان نقض وضوؤه،و من مسّ ظاهر الفرج من غيره بشهوة يطهر إذا كان محرّما،و من مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحرّم و المحلّل (8).

و ما اخترناه مذهب ابن عبّاس،و عطاء،و طاوس،و الثّوريّ (9)،و نقله الجمهور،

ص:208


1- 1بدائع الصّنائع 1:28،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:159.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:28،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:159.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:28،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:159.
4- 4) المفيد في المقنعة:3،و الطّوسيّ في المبسوط 1:26،و الخلاف 1:22.
5- 5) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):25،جمل العلم و العمل:52.
6- 6) كابن زهرة الحلبيّ في الغنية(الجوامع الفقهيّة):549،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):664،و ابن البرّاج في المهذّب 1:49.
7- 7) الفقيه 1:39.
8- 8) نقل قوله في المعتبر 1:113،و [1]المختلف 1:17.
9- 9) المجموع 2:30،المغني 1:220،نيل الأوطار 1:249.

عن عليّ (1)عليه السّلام،و عمّار بن ياسر (2)،و عبد اللّه بن مسعود (3).و هو مذهب أبي حنيفة،إلاّ أنّ (4)أبا حنيفة،قال:إذا باشر امرأته و انتشر و ليس بينهما ثوب و مسّ الفرج الفرج نقض،خرج شيء أو لم يخرج (5).و هو قول أبي يوسف (6)،و الّذي نقوله انّه لا ينقض إلاّ بالإيلاج أو بالإنزال.و هو قول محمّد (7).

و قال الشّافعيّ:مسّ الذّكر من نفسه أو من غيره،بالرّاحة أو بطون الأصابع ناقض، و كذا فرج المرأة و حلقة الدّبر في الجديد دون فرج البهيمة،و في القديم:ينقض و لا أثر للمسّ بما بين الأصابع و برؤسها (8)،و أظهر الوجهين عنده انّ فرج الميّت و الصّغير كفرج الحيّ و الكبير،و انّ الذّكر الأشلّ و اليد الشّلاّء كالصّحيحين،و انّ محلّ الجبّ كالشّاخص،قال:و لمس بشرة المرأة الأجنبية ناقض،بشهوة كان اللّمس أو بغير شهوة أيّ موضع كان من بدنها بأيّ موضع كان من بدنه سوى الشّعر (9)، (10).و هو قول ابن مسعود،

ص:209


1- 1المغني 1:220،نيل الأوطار 1:244،249،المبسوط للسّرخسي 1:67.
2- 2) أبو اليقظان:عمّار بن ياسر العبسيّ أو العنسيّ،رابع الأركان،و هو و أبوه و امّه من السّابقين الأوّلين إلى الإسلام،صحب النّبيّ و أمير المؤمنين عليّ(ع)و كان من شرطة الخميس،و فضائله كثيرة،و كفى في فضله قول النّبيّ(ص)لما مرّ به و بامّه و أبيه و هم يعذّبوه بالأبطح:(صبرا يا آل ياسر،إنّ موعدكم الجنّة)و استشهد يوم صفّين في قتال معاوية مع عليّ(ع)و قد أخبر النّبيّ بقتله،و قال:(أبشر عمّار تقتلك الفئة الباغية)أخرجه التّرمذي 5:669 حديث 3800،و [1]مسلم 4:2236.أسد الغابة 4:43، [2]العبر 1:27، [3]تنقيح المقال 2:320. [4]
3- 3) نيل الأوطار 1:249.
4- 4) «ح»«ق»:لأن.
5- 5) المغني 1:220، [5]نيل الأوطار 1:244،249،المجموع 2:30، [6]بدائع الصّنائع 1:29،المبسوط للسّرخسي 1:68.المحلّى 1:248. [7]
6- 6) بدائع الصّنائع 1:29،المبسوط للسّرخسي 1:68،نيل الأوطار 1:244.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:29،المبسوط 1:68.
8- 8) الام 1:15،مغني المحتاج 1:35،بداية المجتهد 1:39،بدائع الصّنائع 1:30،الام(مختصر المزني):4، فتح الوهّاب 1:8.
9- 9) «م»«ن»«ح»«ق»:الثقبة.
10- 10) الام 1:15،المبسوط للسّرخسي 1:67،المحلّى 1:244،248،بداية المجتهد 1:37،بدائع الصّنائع 1:30،المجموع 2:23،التّفسير الكبير 11:168،تفسير القرطبي 5:225. [8]

و ابن عمر،و الزّهريّ،و ربيعة،و زيد بن أسلم (1)،و مكحول،و الأوزاعيّ (2).

و في المحرم و الصّغيرة و الميتة عند الشّافعيّ قولان (3)،و يستوي اللّمس سهوا و عمدا، و في الملموس قولان (4).

و لو مسّ الخنثى من نفسه أحد فرجيه،لم ينتقض عنده لاحتمال زيادته.و إن مسّ رجل ذكره أو امرأة فرجه انتقض،إذ لا يخلو عن مسّ أو لمس،و إن مسّ رجل فرجه أو امرأة ذكره،لم ينتقض لاحتمال الزّيادة.

و لو مسّ أحد الخنثيين من الآخر الفرج،و الآخر من الأوّل الذّكر،انتقضت طهارة أحدهما لا بعينه،و تصحّ صلاة كلّ واحد منهما،لأنّ بقاء طهارته ممكن،و اليقين لا يرفع بالشّك (5).

و قال مالك (6)و أحمد (7)و إسحاق:إن لمس المرأة بشهوة انتقض الوضوء،و إن كان بغير شهوة لم ينتقض (8).و حكاه ابن المنذر،عن النّخعيّ و الشّعبيّ (9)و الحكم (10).

ص:210


1- 1زيد بن أسلم العدوي مولاهم:الفقيه أبو عبد اللّه،و قيل:أبو أسامة،لقي ابن عمرو و روى عنه،و عن سلمة بن الأكوع،و جابر بن عبد اللّه،و أنس،و روى عنه مالك،و هشام بن سعد و غيرهم،له تفسير القرآن.مات سنة 136 ه.تذكرة الحفّاظ 1:132،العبر 1:141، [1]شذرات الذّهب 1:149. [2]
2- 2) المجموع 2:30،نيل الأوطار 1:244،المبسوط للسّرخسي 1:67.
3- 3) المغني 1:223،بدائع الصّنائع 1:30،المجموع 2:24،المهذّب للشّيرازي 1:23،مغني المحتاج 1:34.
4- 4) المجموع 2:26،بدائع الصّنائع 1:30،المغني 1:225،مغني المحتاج 1:35،المهذّب للشّيرازي 1:23.
5- 5) مغني المحتاج 1:36،المجموع 2:45،المهذّب للشّيرازي 1:24.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:13،بداية المجتهد 1:37،مقدّمات ابن رشد 1:66.
7- 7) المغني 1:219،الكافي لابن قدامة 1:57،الإنصاف 1:211.
8- 8) تفسير القرطبي 5:224، [3]المغني 1:219.
9- 9) أبو عمرو عامر بن شراحيل بن معبد الشّعبيّ الحميريّ،كوفيّ من شعب همدان ينسب إليها،و قيل لمن كان منهم بالكوفة:شعبيّون.روى عن أمير المؤمنين عليّ(ع)و عمران بن حصين و أبي هريرة و ابن عبّاس،و روى عنه إسماعيل بن أبي خالد و الأعمش و أبو حنيفة و أبو إسحاق.مات سنة 104 ه،و قيل:103 ه. تذكرة الحفّاظ 1:79،العبر 1:96، [4]شذرات الذّهب 1:126. [5]
10- 10) أبو محمّد الحكم بن عتيبة الكوفيّ مولى كندة،أخذ عن أبي جحيفة،و تفقّه على إبراهيم النّخعيّ،و روى عنه الأوزاعيّ و حمزة الزّيّات و شعبة،مات سنة 115 ه،و قيل:114 ه. تذكرة الحفّاظ 1:117،العبر 1:109، [6]شذرات الذّهب 1:151. [7]

و حمّاد (1)، (2).

و قال داود:إن قصد لمس المرأة انتقض،و إن لم يقصد لم ينتقض.و خالفه ابنه، فقال:لا ينتقض بكلّ حال (3).

و قال داود:إذا مسّ ذكر غيره،لم تنتقض طهارته (4).

لنا:بعد ما تقدّم:ما رواه الجمهور،عن قيس بن طلق (5)،عن أبيه طلق بن عليّ (6)،انّه قال:يا رسول اللّه،ربّما أمسّ ذكري و أنا في الصّلاة،هل عليّ منه (7)وضوء؟فقال عليه السّلام:(لا،هل هو إلاّ بضعة منك) (8)نفي عليه السّلام الوجوب، و ذكر علّة جامعة بين الذّكر و الأعضاء.

و ما روت عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبّل و هو صائم،و قال:(انّ القبلة لا تنقض الوضوء،و لا تفطّر الصّائم،يا حميراء،انّ في ديننا لسعة (9)) (10).

ص:211


1- 1أبو إسماعيل:حمّاد بن أبي سليمان الأشعريّ مولاهم،صاحب إبراهيم النّخعي،روى عن أنس بن مالك و سعيد بن المسيّب و غيرهم،مات سنة 120 ه،و قيل:119 ه. العبر 1:116، [1]شذرات الذّهب 1:156. [2]
2- 2) المجموع 2:30،المغني 1:219،المحلّى 1:249،تفسير القرطبي 5:226. و [3]ليس فيها حكاية ابن المنذر،بل نقلوها عنهم.
3- 3) المجموع 2:30.
4- 4) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:217، [4]المغني 1:204. [5]
5- 5) قيس بن طلق بن عليّ بن المنذر الحنفيّ،روى عن أبيه،و عنه عبد اللّه بن بدر. أسد الغابة 4:219،ميزان الاعتدال 3:397.
6- 6) طلق بن عليّ بن طلق بن عمرو،و قيل:ابن عليّ بن المنذر بن قيس:أبو عليّ الحنفيّ اليماميّ،من الوفد الّذين قدموا على رسول اللّه من اليمامة فأسلموا.روى عن النّبيّ(ص)و عنه ابنه قيس،و ابنته خلدة،و عبد اللّه بن بدر. الإصابة 2:232، [6]أسد الغابة 3:63. [7]
7- 7) «م»:فيه.
8- 8) سنن أبي داود 1:46 حديث 182،سنن التّرمذي 1:131 حديث 85، [8]بتفاوت يسير.
9- 9) «م»«خ»:السّعة.
10- 10) قريب منه في سنن الدّارقطني 2:181 حديث 3.

و عنها انّه كان عليه السّلام يقبّل بعض نسائه و كان يخرج إلى الصّلاة و لم يتوضّأ (1).

و روى يزيد بن سنان (2)،عن الأوزاعيّ،عن يحيى (3)،عن أبي سلمة (4)،عن أمّ سلمة (5):انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كان يقبّلها و هو صائم،لا يفطر و لا يحدث وضوءا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن غير واحد من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(ليس في المذي من الشّهوة،و لا من

ص:212


1- 1سنن أبي داود 1:46 حديث 179،سنن التّرمذي 1:133 حديث 86، [1]سنن ابن ماجه 1:168 حديث 502،مسند أحمد 6:210. [2]
2- 2) يزيد بن سنان:أبو فروة الرّهاويّ مولى بني تميم،روى عن ميمون بن مهران و زيد بن أبي أنيسة،و روى عنه ابنه محمّد و وكيع و أبو أسامة و شعبة و عطاء و غيرهم،مات سنة 155 ه. ميزان الاعتدال 4:427،الجرح و التّعديل 9:266.
3- 3) أبو نصر يحيى بن أبي كثير الطّائي اليماميّ و اسم أبي كثير:صالح بن المتوكّل-روى عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن و أبي قلابة و أنس و غيرهم،و روى عنه ابنه عبد اللّه و معمّر و الأوزاعي و هشام الدّستوائي و غيرهم مات سنة 129 ه. تذكرة الحفّاظ 1:128،العبر 1:130، [3]طبقات الحفّاظ للسّيوطي:58.
4- 4) أبو سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف القرشيّ الزّهريّ المدنيّ،قيل:اسمه عبد اللّه،و قيل:إسماعيل،روى عن أبيه و عن أسامة و أمّ سلمة و أبي هريرة و شعبة و ابن عبّاس،و روى عنه ابنه عمر بن أبي سلمة و عروة و الشّعبيّ و يحيى بن أبي كثير و أبو الزّناد و غيره،مات بالمدينة سنة 94 ه،و قيل:104 ه. سير أعلام النّبلاء 4:78،تذكرة الحفّاظ 1:63،طبقات الحفّاظ للسّيوطي:30، [4]العبر 1:83، [5]شذرات الذّهب 1:105. [6]
5- 5) أمّ سلمة:هند بنت أبي أميّة-و اسم أبي أميّة:حذيفة،و قيل:سهيل-بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم القرشيّة،زوجة النّبيّ،هاجرت إلى الحبشة ثمَّ إلى المدينة،حالها في الجلالة و الإخلاص لأمير المؤمنين(ع) و فاطمة الزّهراء(ع)و الحسنين(ع)أشهر من أن يذكر،و كفى في فضلها إيداع النّبيّ(ص)إيّاها تربة سيّد الشّهداء و إخباره لها بأنّها متى فاضت دما فاعلمي انّ الحسين قد قتل.عدّها الشّيخ في رجاله و ابن عبد البرّ في الاستيعاب من الصّحابة.روت عن النّبيّ و فاطمة الزّهراء،روى عنها ابناها:عمر و زينب،و سعيد بن المسيّب و أبو سلمة و غيرهم.ماتت سنة 61 ه. رجال الطّوسي:32،الاستيعاب بهامش الإصابة 4:454، [7]أسد الغابة 5:588، [8]الإصابة 4:458، [9]تنقيح المقال 3:72 فصل النّساء. [10]
6- 6) مجمع الزّوائد 1:247-بتفاوت يسير.

الإنعاظ،و لا من القبلة،و لا من مسّ الفرج،و لا من المضاجعة وضوء،و لا يغسل منه الثّوب و لا الجسد) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(ليس في القبلة و لا المباشرة و لا مسّ الفرج وضوء) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القبلة تنقض الوضوء؟قال:(لا بأس) (3).

لا يقال:روى الشّيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا قبّل الرّجل المرأة من شهوة أو مسّ فرجها،أعاد الوضوء) (4).و روى أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(من مسّ كلبا،فليتوضّأ) (5).

لأنّا نقول:في طريق الحديثين:عثمان بن عيسى و هو واقفيّ (6)،فلا تعويل على روايته خصوصا مع وجود الأحاديث الصّحيحة الدّالّة على خلافهما،و ذلك نعم المعين.على انّ الحديث الأوّل يحمل على الاستحباب،لما رواه عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه (7)،قال:

ص:213


1- 1التّهذيب 1:19 حديث 47،الاستبصار 1:93 حديث 300،الوسائل 1:191 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:21 حديث 54،الاستبصار 1:87 حديث 277،الوسائل 1:192 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:23 حديث 58،الاستبصار 1:88 حديث 279،الوسائل 1:192 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 5. [3]
4- 4) التّهذيب 1:22 حديث 56،الاستبصار 1:88 حديث 280،الوسائل 1:193 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 9. [4]
5- 5) التّهذيب 1:23 حديث 60،الاستبصار 1:89 حديث 286،الوسائل 1:195 الباب 11 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [5]
6- 6) رجال العلاّمة:244، [6]رجال النّجاشي:300،رجال الطّوسي:380،الفهرست:120. [7]
7- 7) عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه البصريّ،مولى بني شيبان و أصله كوفيّ،و اسم أبي عبد اللّه ميمون،و كان ختن الفضيل بن يسار،من أصحاب الصّادق(ع)،روى عن عبد اللّه بن عبّاس و عبد اللّه بن عمر و البراء بن عازب،و روى عنه سلمة بن كهيل.وثّقه العلاّمة و النّجاشي عند ترجمة ابن ابنه إسماعيل بن همام. رجال الطّوسي:230،رجال النّجاشي:30،رجال العلاّمة:113. [8]

سألته عن رجل مسّ فرج امرأته؟قال:(ليس عليه شيء،و إن شاء غسل يده) (1).

و يحمل الحديث الثّاني على غسل اليد،لما رواه الشّيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرّجل؟قال:

(يغسل المكان الّذي أصابه) (2).

و أيضا:الحدث هو الخارج النّجس و لم يوجد،و أيضا:فإنّ مسّ ما هو نجس لا يؤثّر في الطّهارة،فمسّ الطّاهر أولى،و لأنّ مسّ الذّكر بظاهر الكفّ لا ينقض،فكذا بباطنه كسائر الأعضاء،و لأنّ كلّ أمر يتعلّق بالذّكر أوجب أعلى الطّهارتين لا يتعلّق بمسّ اليد،فوجب أنّ يكون الموجب لأصغرهما كذلك،و لأنّ مسّ الرّجل المرأة لو كان ناقضا،لكان مسّ الرّجل الرّجل ينقضه كالوطء،و لأنّه مسّ لا يؤثّر في الصّيام،فيجب أن لا ينقض الوضوء (و الأصل من مسّ نفسه) (3).

احتجّ الشّافعيّ (4)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ عليه السّلام انّه قال:(إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه و بينه حجاب و لا ستر،فليتوضّأ) (5).

و ما رواه (6)بسرة بنت صفوان (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إذا مسّ

ص:214


1- 1التّهذيب 1:22 حديث 57،الاستبصار 1:88 حديث 281،الوسائل 1:192 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:23 حديث 61،الاستبصار 1:90 حديث 287،الوسائل 1:195 الباب 11 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [2]
3- 3) كذا في النّسخ.و لعلّ الأنسب:و للأصل فيمن مسّ نفسه.
4- 4) الام 1:19،مغني المحتاج 1:35،بدائع الصّنائع 1:30،بداية المجتهد 1:39،المحلّى 1:37،نيل الأوطار 1:251.
5- 5) مسند الشّافعي:12،سنن البيهقي 1:131،سنن الدّارقطني 1:147 حديث 6،نيل الأوطار 1:251.
6- 6) كذا في النّسخ،و الصّحيح:و ما روته.
7- 7) بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى.القرشيّة الأسديّة.و قيل بنت أميّة بن محرث من كنانة،جدّة عبد الملك بن مروان،روت عن النّبيّ(ص)و عنها مروان بن الحكم،و عروة بن الزّبير و سعيد بن المسيّب و أم كلثوم بنت عقبة و غيرهم.الإصابة 4:252، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 4:249، [5]أسد الغابة 5:410. [6]

أحدكم ذكره،فليتوضّأ) (1)،و قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ (2)و حقيقة اللّمس،باليد،و لأنّ مسّ الفرج بغير حائل سبب لخروج البلل،فأقيم مقام حقيقة الخروج احتياطا.

و الجواب عن الأوّل بأنّ رواية (3)يزيد بن عبد الملك النّوفليّ (4)،عن أبي موسى الحنّاط (5)،عن سعيد المقبريّ (6)،عن أبي هريرة،و يزيد ضعيف عند أهل النّقل،و أبو موسى مجهول.

و عن الثّاني:و هو حديث بسرة أنّ راويه مروان بن الحكم (7)و كان قد رواه لعروة فلم يرفع عروة بحديثه رأسا فبعثوا شرطيّا إلى بسرة فأخبر عنها الشّرطيّ بذلك،و كان إبراهيم

ص:215


1- 1سنن التّرمذي 1:126 حديث 82، [1]سنن أبي داود 1:46 حديث 181،سنن ابن ماجه 1:161 حديث 479،سنن الدّارقطني 1:146،سنن البيهقي 1:130.
2- 2) النّساء:43، [2]المائدة:6. [3]
3- 3) كذا في النّسخ،و لعلّ الصّحيح:راويه.
4- 4) أبو خالد يزيد بن عبد الملك بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب النّوفليّ المدنيّ،روى عن سعيد المقبريّ و يزيد بن خسيفة،و روى عنه ابنه يحيى و معن بن عيسى و خالد بن مخلّد.مات سنة 165 ه.ضعّفه البخاري و ابن حبّان و الذّهبي و ابن أبي حاتم. الضّعفاء الصّغير للبخاري:255،المجروحين لابن حبّان 3:102،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزي 3:210،الجرح و التّعديل 9:278.
5- 5) لم يضبط الرّجل.و ليس له ذكر في سند حديث أبي هريرة،إلاّ انّ ابن التّركماني نقل في الجوهر النّقي بذيل سنن البيهقي عنه إدخال أبي موسى الحنّاط بين يزيد و المقبري.و قال:هو مجهول. سنن البيهقي 1:130.
6- 6) أبو سعيد:سعيد بن أبي سعيد المقبريّ المدنيّ مولى بني ليث،روى عن أبيه و أبي هريرة و سعد بن أبي وقّاص و جبير بن مطعم،و روى عنه إسماعيل بن أميّة و أيّوب بن موسى.ثقة لكنّه اختلط قبل موته بأربع سنوات.مات سنة 125 ه. تذكرة الحفّاظ 1:116،العبر 1:122، [4]ميزان الاعتدال 2:139.
7- 7) مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي يكنّى أبا عبد الملك،لم ير النّبي(ص)،لأنّ النّبيّ طرد أباه من المدينة إلى الطّائف.أرسل عن النّبيّ(ص)و روى عن عمر و عثمان و زيد بن ثابت و بسرة بنت صفوان، روى عنه ابنه عبد الملك و عروة بن الزّبير و سعيد بن المسيّب،مات سنة 65 ه. الإصابة 3:477، [5]أسد الغابة 4:348، [6]ميزان الاعتدال 4:89،العبر 1:52. [7]

الحربيّ (1)يقول حديث بسرة إنّما هو شرطيّ (2)عن امرأة،و ردّه يحيى (3)بن معين فلم يقبله،و مع التّسليم يحمل على غسل اليد مع عدم الاستنجاء.

و عن الثّالث:انّ المراد باللّمس،الوقاع مجازا و التّيمّم المذكور للجنابة على ما اتّفق عليه المفسّرون.

و عن الرّابع:انّه ليس بسبب ظاهر بل محتمل.سلّمنا،لكنّ السّبب إنّما يقوم مقام المسبّب مع تعذّر الوقوف على حقيقة المسبّب كما في النّوم و الغفلة،و هذه حالة يقظة، فأمكن الوقوف على حقيقة الخروج.

فروع:
الأوّل:لمس الشّعر عندنا لا يوجب الوضوء.

و به قال الشّافعيّ (4).

و قال مالك:إن كان بشهوة نقض كالبشرة (5).

الثّاني:اللّمس من وراء حائل،لا يوجب الوضوء.

و به قال الشافعيّ (6).

و قال مالك و ربيعة:إن كان بشهوة نقض (7).

ص:216


1- 1أبو إسحاق:إبراهيم بن إسحاق البغداديّ،تفقّه على أحمد،و كان من أجلّة أصحابه،روى عن أبي نعيم و هوذة بن خليفة،و روى عنه عبد الرّحمن بن العبّاس الذّهبي و أبو بكر القطيعيّ،له كتاب غريب الحديث،مات سنة 285 ه. تذكرة الحفّاظ 2:584،طبقات الحفّاظ:263،العبر 1:410، [1]الفهرست لابن النّديم:323. [2]
2- 2) «ح»«ق»«خ»«ن»بزيادة:عن شرطي.
3- 3) يحيى بن معين بن عون أبو زكريّا الغطفانيّ البغداديّ.روى عن هشيم و ابن المبارك و يحيى بن أبي زائدة، و روى عنه أحمد و هناد و البخاري و مسلم و أبو داود و زرعة.مات سنة 233 ه. تذكرة الحفّاظ 2:429،العبر 1:327، [3]طبقات الحفّاظ للسّيوطي:188.
4- 4) الام 1:16،المجموع 2:27، [4]المغني 1:223،مغني المحتاج 1:35،المهذّب للشّيرازي 1:24.
5- 5) الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:54،بداية المجتهد 1:37.
6- 6) الام 1:15،المجموع 2:30،المحلّى 1:244.
7- 7) المغني 1:220،الشرح الكبير بهامش المغني 1:224،المجموع 2:31. المدوّنة الكبرى 1:13،تفسير القرطبي 5:226.
الثّالث:لو كان له إصبع زائدة فمسّ بباطنها ذكره لم تنتقض طهارته.

و هو أحد وجهي الشّافعيّة،و في الآخر:تنتقض (1).و كذا لو مسّه بعد قطعه فيه الوجهان عندهم (2).

الرّابع:لا فرق بين مسّ ذكر صغير أو كبير عندنا في عدم النّقض،

و لا عند الشّافعيّ في النّقض (3).

و قال الزّهريّ و الأوزاعيّ و مالك:إنّه لا يجب على من مسّ ذكر الصّغير وضوء (4).

الخامس:لو مسّ الأنثيين أو الألية أو العانة لم ينتقض وضوؤه.

و به قال الشّافعيّ (5)،و حكي عن عروة بن الزّبير أنّ عليه الوضوء (6).

السّادس:لو مسّت المرأة فرجها لم ينتقض وضوؤها.

و به قال مالك (7)،و قال الشّافعيّ:ينتقض (8).

و لو مسّ فرج البهيمة لم ينتقض وضوؤه عندنا،و عند الشّافعيّ في أحد القولين (9)، و في الآخر:ينتقض (10)،و هو مذهب اللّيث بن سعد (11).

الثّاني:القيء لا ينقض الوضوء،ملأ الفم أو لا

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عبد اللّه بن

ص:217


1- 1المجموع 2:40،مغني المحتاج 1:35.
2- 2) المجموع 2:35،38،المهذّب للشّيرازي 1:24.
3- 3) المجموع 2:35، [1]الام 1:19،مغني المحتاج 1:36،المغني 1:204،المهذّب للشّيرازي 1:42.
4- 4) المغني 1:204.
5- 5) الام 1:19،المجموع 2:40،مغني المحتاج 1:35.
6- 6) المجموع 2:40.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:9،بلغة السّالك 1:55،مقدّمات ابن رشد 1:70،المحلّى 1:237.
8- 8) الام 1:20،مغني المحتاج 1:35،المجموع 2:34،37،المهذّب للشّيرازي 1:24.
9- 9) الام 1:19،مغني المحتاج 1:36،المجموع 2:38،المهذّب للشّيرازي 1:24.
10- 10) المجموع 2:39. [2]
11- 11) المغني 1:207،المجموع 2:39. [3]

عبّاس،و عبد اللّه بن عمر،و عبد اللّه بن أبي أوفى (1)،و أبو هريرة،و عائشة،و جابر بن عبد اللّه (2)،و من التّابعين:سعيد بن المسيّب،و القاسم بن محمّد،و عطاء،و طاوس،و سالم بن عبد اللّه بن عمر (3)،و مكحول.و هو مذهب ربيعة،و مالك،و الشّافعيّ،و أبي ثور، و داود (4).

و قال أبو حنيفة:إن قاء طعاما،أو مرّة،أو صفراء،أو سوداء،أو دما لم يخالطه شيء بعد أن وصل الجوف ثمَّ عاد،نقض إن كان ملأ الفم،و إلاّ فلا (5).

و قال زفر:ينقض مطلقا (6).

و إن قاء بلغما إذا انحدر من الرّأس،لم ينقض إجماعا (7)،و إن ارتقى من الجوف،لم ينقض قليلا و كثيرا في قول أبي حنيفة و محمّد و إن ملأ الفم (8).

و قال أبو يوسف:ينقض إن كان ملأ الفم (9).

ص:218


1- 1عبد اللّه بن أبي أوفى-و اسم أبي أوفى:علقمة-بن خالد بن الحرث بن أسد بن هوازن الأسلمي،أبو معاوية،و قيل:أبو إبراهيم،و قيل غير ذلك،روى عنه أبو إسحاق الشّيباني و سلمة بن كهيل و طلحة بن أبي خالد و خلق.مات سنة 80 ه،و قيل:86 ه. الإصابة 2:279، [1]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:264، [2]العبر 1:74، [3]الجرح و التّعديل 5:120.
2- 2) المجموع 2:54، [4]المغني 1:208.
3- 3) أبو عمرو أو أبو عبد اللّه:سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب العدويّ العمريّ المدنيّ،روى عن أبيه و أبي هريرة و عائشة و رافع بن خديج و سعيد بن المسيّب،و روى عنه عمرو بن دينار و الزّهري و صالح بن كيسان،مات سنة 106 ه. تذكرة الحفّاظ 1:88،العبر 1:99، [5]طبقات الحفّاظ:40.
4- 4) المجموع 2:54، [6]المغني 1:208،نيل الأوطار 1:235،الام 1:18،سنن التّرمذي 1:145، [7]المدوّنة الكبرى 1:18،المبسوط للسّرخسي 1:75.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:14،شرح فتح القدير 1:34،بداية المجتهد 1:34،بدائع الصّنائع 1:26، المبسوط للسّرخسي 1:75.
6- 6) الهداية للمرغيناني 1:14، [8]شرح فتح القدير 1:34،المجموع 2:54،بدائع الصّنائع 1:25.
7- 7) الهداية للمرغيناني 1:14،المبسوط للسّرخسي 1:75،بدائع الصّنائع 1:27،شرح فتح القدير 1:41.
8- 8) الهداية للمرغيناني 1:14،بدائع الصّنائع 1:27،المبسوط للسّرخسي 1:75،شرح فتح القدير 1:41، بداية المجتهد 1:34،المحلّى 1:257،الجامع الصّغير للشّيباني:72.
9- 9) راجع نفس المصادر.

و إن قاء دما ارتقى من الجوف نقض،قلّ أو كثر عند أبي حنيفة (1).

و قال محمّد:انّه ينقض إن كان ملأ الفم (2).

و إن انحدر من الرّأس فقد اتّفقوا على نقضه (3)،و أمّا إذا قاء مرارا قليلا قليلا (4)بحيث لو جمع يبلغ ملأ الفم إن اتّحد المجلس يجمع عند أبي يوسف (5).

و قال محمّد:إن اتّحد السّبب،و هو القيئان يجمع،و إلاّ فلا (6).

و قال الأوزاعيّ و الثّوريّ و أحمد و إسحاق:إن كان القيء ملأ الفم نقض،و إلاّ فلا (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قاء و لم يتوضّأ (8)،و رووا عنه عليه السّلام انّه قاء فغسل فمه،و قال:(هكذا الوضوء من القيء) (9).

و أيضا:ما رواه أبو الدّرداء (10)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قاء فأفطر،قال ثوبان:

فسكبت له وضوءه،و قلت:الوضوء واجب من القيء يا رسول اللّه؟فقال:(لو كان واجبا

ص:219


1- 1بدائع الصّنائع 1:27،شرح فتح القدير 1:41،المبسوط للسّرخسي 1:75،الهداية للمرغيناني 1:15،بداية المجتهد 1:34.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:27،المبسوط للسّرخسي 1:76،المحلّى 1:257،شرح فتح القدير 1:42،الهداية للمرغيناني 1:15.
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:15،شرح فتح القدير 1:42.
4- 4) ليست في«م»و«خ».
5- 5) بدائع الصّنائع 1:26،شرح فتح القدير 1:40،الهداية للمرغيناني 1:14.
6- 6) راجع نفس المصادر.
7- 7) سنن التّرمذي 1:145، [1]المجموع 2:54، [2]المغني 1:210،منار السّبيل 1:33،العبارة مطلقة حيث انّهم لم يقيّدوه بملء الفم.
8- 8) الهداية للمرغيناني 1:14،الجامع الصّغير للشّيباني:72.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:24.
10- 10) أبو الدّرداء:عويمر،و قيل:عامر-و عويمر لقب-بن مالك بن زيد بن قيس بن أميّة الخزرجي الأنصاريّ أسلم بعد بدر،ولي قضاء دمشق لمعاوية في خلافة عثمان،روى عن النّبيّ و زيد بن ثابت و أبي أمامة، و روى عنه ابنه بلال و زوجته أم الدّرداء و أبو إدريس الخولاني،مات سنة 33 ه،و قيل غير ذلك. الإصابة و [3]الاستيعاب بهامشها 4:59،أسد الغابة 5:185، [4]شذرات الذّهب 1:39. [5]

لوجدته في كتاب اللّه عزّ و جل) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن عن أبي أسامة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القيء و الرّعاف و المدّة،هل ينقض الوضوء؟قال:(لا) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي محمود (3)،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن القيء و الرّعاف و المدّة،أ تنقض الوضوء أم لا؟قال:(لا ينقض شيئا) (4)و لأنّ القليل ليس بحدث فكذلك الكثير،كالدّمع و غيره،و الجامع انّ غسل غير موضع النّجاسة ليس بمعقول فيقتصر على مورد الشّرع.

احتجّ أبو حنيفة (5)بما رواه ابن جريج (6)،عن أبيه،عن ابن أبي

ص:220


1- 1ظاهر كلام العلاّمة يوحي بأنّ الرّواية الّتي نقلها عن أبي الدّرداء واحدة،و الواقع انّ هناك روايتين، إحداهما:عن أبي الدّرداء على هذا النّحو:(.انّ النّبيّ قاء فأفطر،فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له،فقال:صدق،أنا صببت له وضوءه).انظر:سنن الدّارقطني 1:158 حديث 36 و 2:181 حديث 5،سنن التّرمذي 1:142، [1]مسند أحمد 6:443،سنن أبي داود 2:310 حديث 2381، [2]سنن البيهقي 1:144،مستدرك الحاكم 1:426.و الأخرى عن ثوبان على هذا النّحو:(. كان رسول اللّه(ص)صائما في غير رمضان،فأصابه غمّ آذاه فتقيّأ،فقاء،فدعاني بوضوء،فتوضّأ ثمَّ أفطر، فقلت:يا رسول اللّه أ فريضة الوضوء من القيء؟قال:لو كان فريضة لوجدته في القرآن،قال:ثمَّ صام.) انظر:سنن الدّارقطني 1:159 حديث 41،نيل الأوطار 1:235،البحر الزّخار 2:88.
2- 2) التّهذيب 1:13 حديث 25،الاستبصار 1:83 حديث 259،الوسائل 1:185 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3.و [3]اللّفظ في الجميع هكذا:سألت أبا عبد اللّه عن القيء هل ينقض الوضوء؟ قال:«لا».
3- 3) إبراهيم بن أبي محمود الخراساني،ثقة مولى.روى عن الإمام الرّضا(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الكاظم(ع)و الرّضا(ع). رجال النّجاشي:25،رجال الطّوسي:343،367،رجال العلاّمة:3. [4]
4- 4) التّهذيب 1:16 حديث 34،الاستبصار 1:84 حديث 266،الوسائل 1:185 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء حديث 6. [5]
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:14،شرح فتح القدير 1:35،المجموع 2:54،المحلّى 1:257،المغني 1:209.
6- 6) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرّوميّ المكّيّ:أبو الوليد،أو أبو خالد،روى عن أبيه،و مجاهد يسيرا و عن عطاء بن أبي رباح و الزّهري،و روى عنه ابناه و الأوزاعيّ و مسلم بن خالد و غيرهم.مات سنة 150 ه.تذكرة الحفّاظ 1:169،العبر 1:163، [6]طبقات الحفّاظ 81،ميزان الاعتدال 2:659.

مليكة (1)،عن عائشة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من قاء أو رعف في صلاته فلينتقل (2)عن صلاته و ليتوضّأ و ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلّم أو يحدث) (3).

و لأنّه نجس خرج من البدن،فينقض (4)كالخارج من السّبيلين.

و الجواب عن الأوّل:انّ النّاس قد طعنوا في الحديث،فقالوا:انّ ابن جريج لم يرو عنه غير ابنه عبد الملك،و لم تثبت عدالته،و قالوا أيضا:انّ ابن جريج كان يرسله،فلا يكون حجّة (5)،و لأنّ مالكا قال:لا نصّ فيه،و لو كان صحيحا لما ذهب على مالك (6)،و لو سلّم فيحمل الوضوء على غسل الفم،و لأنّه عام في القليل و الكثير،و أبو حنيفة لا يقول به،و لأنّه لو كان ناقضا،لما جاز البناء على الصّلاة.

و عن الثّاني بالمنع من وجود العلّة،و سيأتي بيانه .

الثّالث:القهقهة غير ناقضة للوضوء و إن أبطلت الصّلاة

.

و قال ابن الجنيد:من قهقه في صلاته متعمّدا لنظر أو سماع ما أضحكه،قطع صلاته و أعاد وضوءه (7).

و قال الشّافعيّ كما قلناه نحن (8)،و به قال جابر،و أبو موسى

ص:221


1- 1أبو بكر أو أبو محمّد عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة-و اسم أبي مليكة:زهير-بن عبد اللّه بن جدعان القرشيّ التّيميّ المكّيّ الأحول قاضي مكّة زمن ابن الزّبير روى عن جدّه و عائشة و أم سلمة و ابن عبّاس و ابن عمر،و روى عنه عمرو بن دينار و أيّوب و ابن جريج و اللّيث بن سعد،مات سنة 117 ه. تذكرة الحفّاظ 1:101،العبر 1:111، [1]شذرات الذّهب 1:153، [2]طبقات الحفّاظ:48.
2- 2) في المصدر:فلينصرف.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:358 حديث 1221،سنن الدّارقطني 1:153 حديث 11،نيل الأوطار 1:236 حديث 2،سنن البيهقي 1:143.
4- 4) «م»:فنقض.
5- 5) المجموع 2:55،شرح فتح القدير 1:37،المحلى 1:257،التّعليق المغني على سنن الدّارقطني 1:153-154،سنن البيهقي 1:142،ميزان الاعتدال 2:659،نيل الأوطار 1:236.
6- 6) الموطّأ 1:25،فإنّه قال بعدم الوجوب.
7- 7) المعتبر 1:116. [3]
8- 8) الام 1:21،المهذّب للشّيرازي 1:24،المجموع 2:60،مغني المحتاج 1:32،المغني 1:201، المبسوط للسّرخسي 1:77،بدائع الصّنائع 1:32،عمدة القارئ 3:48.

الأشعريّ (1)،و من التّابعين:القاسم بن محمّد،و عروة،و عطاء،و الزّهريّ،و مكحول (2).

و به قال مالك و أحمد و إسحاق و أبو ثور (3).

و قال أبو حنيفة:القهقهة إن حصلت في حرمة صلاة لها ركوع و سجود انتقضت طهارته و فسدت صلاته،و إن كان (4)بعد القعود مقدار التّشهّد انتقض وضوؤه و لم تفسد صلاته (5).و به قال أبو يوسف و محمّد (6).

و قال زفر:لا ينتقض وضوؤه (7).

و إن وقعت في حرمة صلاة ليس لها ركوع و لا سجود كالجنازة،و سجود التّلاوة فسدت الصّلاة و السّجدة و لم ينتقض الوضوء،و لو كانت خارجة الصّلاة لم تنتقض الطّهارة إجماعا (8).

و لو قهقه الإمام و المأمومون بعد القعود آخر الصّلاة مقدار التّشهّد انتقض وضوؤهم جميعا إن سبق الإمام بالقهقهة أو كانوا معا،لأنّ ضحكهم حصل في حرمة الصّلاة،أمّا لو تقدّم ضحك الإمام انتقض وضوؤه خاصّة،لأنّه وقع في حرمة الصّلاة،أمّا ضحك القوم فقد حصل خارج الحرمة،لأنّهم خرجوا من حرمة الصّلاة بخروج الإمام،و لا تفسد صلاة الإمام و المأمومين في واحدة من الصّور (9).

و قال الحسن،و النّخعيّ،و الثّوريّ:يجب الوضوء بالقهقهة في الصّلاة (10)،و عن

ص:222


1- 1المجموع 2:60،سنن البيهقي 1:144،145.
2- 2) المجموع 2:60،المغني 1:201،سنن البيهقي 1:145.
3- 3) المجموع 2:61،المغني 1:201،عمدة القارئ 3:48.
4- 4) كذا في النّسخ،و الأنسب:و ان كانت.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:15،شرح فتح القدير 1:45،46،المبسوط للسّرخسي 1:77،بداية المجتهد 1:40،بدائع الصّنائع 1:32.
6- 6) عمدة القارئ 3:48،و فيه:قال أبو حنيفة و أصحابه.
7- 7) شرح فتح القدير 1:47.
8- 8) الهداية للمرغيناني 1:15،بدائع الصّنائع 1:32.
9- 9) شرح فتح القدير 1:42،بدائع الصّنائع 1:32.
10- 10) المجموع 2:61،المغني 1:201،شرح فتح القدير 1:46،المحلّى 1:265،عمدة القارئ 3:48.

الأوزاعيّ روايتان (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(الضّحك ينقض الصّلاة،و لا ينقض الوضوء) (2).

و ما رووه عن جابر أيضا،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(من تقهقه في صلاته،يعيد صلاته و لا يعيد الوضوء) (3).

و ما رواه معاذ بن أنس (4):انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(الضّاحك في صلاته و المتكلّم سواء) (5)و الكلام غير ناقض،فكذا الضّحك قضيّة للتّسوية.

و من طريق الخاصّة:ما قدّمناه من الأحاديث الدّالّة على حصر النّاقض في الخارج من السّبيلين و النّوم (6).

و ما رواه محمّد بن يعقوب في الحسن عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(القهقهة لا تنقض الوضوء،و تنقض الصّلاة) (7).

و لأنّها لو كانت حدثا في الصّلاة لكانت حدثا خارج الصّلاة قياسا على البول، و لأنّها لمّا لم تكن حدثا خارج الصّلاة لم تكن حدثا في الصّلاة كالكلام.

و لأنّ التّبسّم لا ينقض إجماعا،فكذا الكثير كالكلام و المشي.

و لأنّها ليست حدثا في الجنازة،فلا تكون حدثا في غيرها كالكلام و التّبسّم.

احتجّ أبو حنيفة بما رواه أسامة (8)،قال:(بينا نصلّي خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:223


1- 1المجموع 2:61.
2- 2) سنن البيهقي 1:144،145،سنن الدّارقطني 1:172-بتفاوت يسير.
3- 3) سنن البيهقي 1:144،145-بتفاوت يسير.
4- 4) معاذ بن أنس الجهني:والد سهل خليفة الأنصار،سكن مصر،روى عن النّبيّ و أبي الدّرداء و كعب الأحبار،و روى عنه ابنه سهل.الإصابة 3:426، [1]أسد الغابة 4:375. [2]
5- 5) سنن الدّارقطني 1:175 حديث 67،سنن البيهقي 2:289،مسند أحمد 3:438،و [3]اللّفظ في الجميع: (الضّاحك في الصّلاة و الملتفت و المفقّع«المفرقع»أصابعه بمنزلة واحدة).
6- 6) راجع ص 183-184،196-199. [4]
7- 7) الكافي 3:364 حديث 6، [5]الوسائل 1:185 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [6]
8- 8) أسامة بن عمير بن عامر الهذليّ البصريّ،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه ابنه أبو المليح عامر بن أسامة. الاستيعاب بهامش الإصابة 1:59،أسد الغابة 1:67، [7]الجرح و التّعديل 2:283.

و آله إذ أقبل ضرير فتردّى في بئر،فضحكنا منه،فأمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإعادة الوضوء و إعادة الصّلاة) (1).

و الجواب من وجهين:

أحدهما:انّ راوي هذا الحديث الأصليّ (2)الحسن بن دينار،و هو ضعيف (3).

الثّاني:انّ الرّاوي،قال:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينقل لفظ الرّسول، فلعلّه توهّم ما ليس بأمر أمرا.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح عن ابن أبي عمير،عن رهط سمعوه يقول:(انّ التّبسّم في الصّلاة لا ينقض الصّلاة و لا ينقض الوضوء،إنّما يقطع الضّحك الّذي فيه القهقهة) (4)لأنّا نجيب من وجهين:

أحدهما:انّ الرّهط لم يسندوا القول إلى إمام فلعلّهم رجعوا في ذلك إلى غيره.

الثّاني:انّه ليس فيه دلالة على انّ القهقهة تنقض الوضوء،و قوله:(إنّما يقطع الضّحك الّذي فيه القهقهة)إشارة إلى الصّلاة،فإنّ المفهوم من لفظ القطع إنّما يرجع إلى الصّلاة،فيقال:انقطعت صلاته لا الوضوء،فلا يقال:انقطع وضوؤه .

الرّابع:أكل ما مسّته النّار لا يوجب الوضوء،و كذا لحم الإبل

.

و قال أحمد بن حنبل:أكل لحم الإبل ناقض،سواء كان نيّا أو مطبوخا،عالما كان أو

ص:224


1- 1سنن الدّارقطني 1:161،سنن البيهقي 1:146-بتفاوت يسير.
2- 2) «م»بزيادة:و هو.
3- 3) الحسن بن واصل التّيميّ:أبو سعيد،من أهل البصرة،و انّما نسب إلى دينار،لأنّه كان زوج امّه،روى عن الحسن و يحيى بن أبي كثير،و روى عنه وكيع و مروان بن معاوية و يزيد بن هارون.ضعّفه البخاري و الذّهبي و ابن حبّان و العقيلي و ابن حجر و الدّارقطني و ابن الجوزي. الضّعفاء الصّغير للبخاري:61،ميزان الاعتدال 1:487،المجروحين لابن حبّان 1:231،الضّعفاء الكبير للعقيلي 1:222،لسان الميزان 2:203،سنن الدّارقطني 1:162،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 1:201.
4- 4) التّهذيب 1:12 حديث 24،الاستبصار 1:86 حديث 274،الوسائل 1:186 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء حديث 10. [1]

جاهلا (1)،و هو أحد قولي الشّافعيّ (2).قال الخطّابيّ (3):و إليه ذهب عامّة أهل الحديث (4)،و وافقنا على ما اخترناه مالك و الشّافعيّ،و أبو حنيفة (5)،و ذهب جماعة من السّلف إلى إيجاب الوضوء من أكل ما غيّرته النّار،منهم:ابن عمر،و زيد بن ثابت (6)، و أبو موسى،و أبو هريرة،و الحسن،و الزّهريّ (7)،و ذهب عامّة الفقهاء و الأئمّة من الصّحابة إلى انّه لا يجب الوضوء بأكل ما مسّته النّار (8).

لنا:ما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الوضوء ممّا يخرج،لا ممّا يدخل) (9).

ص:225


1- 1المغني 1:211،الكافي لابن قدامة 1:54،فتح العزيز بهامش المجموع 2:4،المجموع 2:60، الإنصاف 1:216،بداية المجتهد 1:40،المحلّى 1:241. نيل الأوطار 1:252،سنن التّرمذي 1:125،عمدة القارئ 3:104.
2- 2) المغني 1:211،المجموع 2:57،60،نيل الأوطار 1:252،فتح العزيز بهامش المجموع 2:4.
3- 3) أبو سليمان حمد بن محمّد بن إبراهيم بن خطّاب البستي الخطّابي من الشّافعيّة،أخذ الفقه عن أبي بكر القفال و ابن أبي هريرة و سمع الحديث من أبي سعيد بن الأعرابي و إسماعيل الصّفّار،روى عنه أبو حامد الإسفرائيني و البلخي و الكرابيسي و غيرهم.له كتب منها:معالم السّنن في شرح سنن أبي داود،و غريب الحديث،مات سنة 388 ه. تذكرة الحفّاظ 3:1018،العبر 2:174، [1]بغية الوعاة:239، [2]طبقات الشّافعيّة للسّبكي 2:218، [3]طبقات الحفاظ:404.
4- 4) المغني 1:211.
5- 5) المجموع 2:57،المغني 1:211،نيل الأوطار 1:252،الام،1:21،المبسوط للسّرخسي 1:79، 80،عمدة القارئ 3:104.
6- 6) زيد بن ثابت بن الضّحّاك بن زيد بن لوذان الأنصاريّ الخزرجيّ،أبو سعيد،و قيل:أبو ثابت،و قيل:أبو عبد الرّحمن،و قيل:أبو خارجة،روى عن النّبيّ و روى عنه ابنه خارجة و أنس و ابن عمر و عطاء و سهل بن سعد،اختلف في وفاته،فقيل:سنة 45 ه،و قيل:43 ه،و قيل غير ذلك. الإصابة 1:561،و [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:551، [5]تذكرة الحفّاظ 1:30،أسد الغابة 2:221. [6]
7- 7) المجموع 2:57، [7]المغني 1:216،سنن التّرمذي 1:116،عمدة القارئ 3:104.
8- 8) المغني 1:216،سنن التّرمذي 1:119، [8]المبسوط للسّرخسي 1:79،عمدة القارئ 3:104،المجموع 2:57، [9]بداية المجتهد 1:40،مجمع الزّوائد 1:251.
9- 9) سنن الدّارقطني 1:151 حديث 1،سنن البيهقي 1:116-بتفاوت يسير.

و ما رواه جابر قال:كان آخر الأمرين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ترك الوضوء ممّا مسّت النّار (1).

و ما رووه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(لا يتوضّأ من لحوم الغنم) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن بكير بن أعين (3)،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الوضوء ممّا غيّرت النّار؟فقال:(ليس عليك فيه وضوء،إنّما الوضوء ممّا يخرج ليس ممّا يدخل) (4)و فيه دلالة على انّ أكل لحم (5)الجزور غير ناقض، من وجوه:

أحدها:جوابه بالنّفي عن«ما»المستوعبة.

الثّاني:حصره ب«انّما»للوضوء في الخارج.

و الثّالث:نفيه عن الدّاخل.

و ما رواه الشّيخ في الحسن (6)،عن سليمان بن خالد (7)،قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:226


1- 1سنن أبي داود 1:49 حديث 192،سنن النّسائي 1:108،سنن البيهقي 1:155،مسند الحميدي 2:399 حديث 898،نيل الأوطار 1:263 حديث 7.
2- 2) صحيح مسلم 1:273،سنن ابن ماجه 1:166،مسند أحمد 4:303،سنن البيهقي 1:153،سنن التّرمذي 1:122( [1]مع تفاوت في الجميع).
3- 3) بكير بن أعين بن سنسن الشّيباني الكوفي:أخو زرارة،يكنّى أبا الجهم أو أبا عبد اللّه من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام.ثقة،مات على الاستقامة،روى الكشّي انّ الصّادق لمّا بلغه موت بكير، (أما و اللّه،لقد أنزله اللّه بين رسول اللّه و أمير المؤمنين عليهم السّلام)مات في حياة أبي عبد اللّه(ع). رجال الطّوسي:109،157،رجال الكشّي:181،رجال العلاّمة:28، [2]جامع الرّواة 1:129. [3]
4- 4) التّهذيب 1:350 حديث 1034،الوسائل 1:205 الباب 15 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [4]
5- 5) «ح»«ق»:لحوم.
6- 6) لا توجد في:«م».
7- 7) سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة مولى عفيف بن معدي كرب:أبو الرّبيع الهلالي البجليّ الكوفيّ، كان قارئا فقيها وجها ثقة،روى عن الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام.عدّه المفيد من شيوخ أصحاب أبي عبد اللّه و خاصّته و بطانته و ثقاته من الفقهاء الصّالحين،مات في حياة أبي عبد اللّه فتوجّع لفقده و دعى لولده و أوصى بهم أصحابه. رجال النّجاشي:183،رجال الطّوسي:207،إرشاد المفيد 2:208، [5]جامع الرّواة 1:377. [6]

عليه السّلام،هل يتوضّأ من الطّعام أو شرب اللّبن ألبان البقر و الإبل و الغنم و أبوالها و لحومها؟قال:(لا يتوضّأ منه) (1).

و لأنّه مأكول أشبه سائر المأكولات.

احتجّ أحمد (2)بما رواه البراء بن عازب (3)،قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن لحوم الإبل؟فقال:(توضّأ منها) (4).

و الجواب من وجوه:

أحدها:انّه منسوخ بخبر جابر،فإنّه قال:آخر الأمرين ترك الوضوء ممّا مسّت النّار.

الثّاني:يحتمل انّه أراد غسل اليد،لأنّ الوضوء إذا أضيف إلى الطّعام اقتضى (5)غسل اليد(كأمره) (6)بالوضوء قبل الطّعام و بعده (7)،و التّخصيص بالإبل للزّهومة (8)الّتي ليست في غيرها.

الثّالث:انّه يحمل على الاستحباب.

ص:227


1- 1التّهذيب 1:350 حديث 1035،الوسائل 1:205 الباب 15 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [1]
2- 2) المغني 1:212،المجموع 2:58-59،الكافي لابن قدامة 1:54. [2]
3- 3) البراء بن عازب الأنصاريّ الخزرجيّ،يكنّى أبا عامر،و قيل أبا عمارة،و قيل أبا عمرو،ردّه النّبيّ(ص) عن غزوة بدر لصغره،شهد أحدا و هو أوّل مشاهده،و قيل:الخندق.افتتح الرّي سنة 24 ه.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب النّبيّ(ص)،أصابته دعوة الإمام أمير المؤمنين(ع)لكتمانه الشّهادة في حديث الغدير.مات في إمارة مصعب بن الزّبير. أسد الغابة 1:171، [3]الإصابة 1:142،رجال الطّوسي:8،رجال العلاّمة:24، [4]تنقيح المقال 1:161. [5]
4- 4) سنن أبي داود 1:47 حديث 184،سنن التّرمذي 1:122،حديث 82، [6]سنن ابن ماجه 1:166 حديث 494،سنن البيهقي 1:159،مسند أحمد 1:288، [7]نيل الأوطار 1:254 حديث 2.
5- 5) في«م»:اقتصر على
6- 6) «م»:كما مرّ الأمر.
7- 7) انظر:الوسائل 16:648 الباب 112 من أبواب آداب المائدة حديث 1،و سنن التّرمذي 4:281 حديث 1846. [8]
8- 8) زهمت يدي-بالكسر-من الزّهومة،فهي زهمة،اي:دسمة.الصّحاح 5:1946. [9]
الخامس:شرب اللّبن مطلقا و غيره غير ناقض

(1)

.و عن أحمد في لبن الإبل روايتان (2).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث،و لأنّه مشروب أشبه الماء،فيتساويان حكما.

احتجّ أحمد (3)بما رواه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه سئل عن ألبان الإبل،فقال:

(توضّأ من ألبانها) (4).

و الجواب انّ المحدّثين طعنوا فيه،و قالوا:الحديث إنّما ورد في اللّحم (5)،فلا تعويل عليه حينئذ مع تخصيصه للنّصّ الدّالّ على حصر الأحداث فيما عدّدناه.

فرع:لا فرق في عدم النّقض بين لحم البعير و سائر أجزائه

و غيره كالطّحال،و الكبد، و الدّهن،و المرق،و الكرش،و المصران،و السّنام.و عن أحمد فيه وجهان:

أحدهما:انّه ينقض،لأنّ إطلاق اللّحم في الحيوان يتناول الجملة (6)،و هو ضعيف لأنّ التّناول هاهنا (7)مجاز،فيقف على السّماع خصوصا مع وجود النّصّ الدّالّ بالحقيقة على ما ينافيه .

السّادس:الرّدّة

،و هي:الإتيان بما يخرج به عن الإسلام،إمّا نطقا،أو اعتقادا،أو شكّا ينقل عن الإسلام،لا يوجب الوضوء و لا ينقض التّيمّم.و هو مذهب أبي حنيفة و صاحبيه و مالك و الشّافعيّ في الوضوء (8)،و له في التّيمّم قولان (9).و قال زفر:انّها

ص:228


1- 1كذا في النّسخ.
2- 2) المغني 1:215،الشرح الكبير بهامش المغني 1:224،الكافي لابن قدامة 1:54،الإنصاف 1:216.
3- 3) المغني 1:215،الشرح الكبير بهامش المغني 1:224،الكافي لابن قدامة 1:55.
4- 4) مسند أحمد 4:352 و [1]فيه:توضؤوا من ألبانها.
5- 5) المغني 1:216،الشرح الكبير بهامش المغني 1:225.
6- 6) الكافي لابن قدامة 1:55،الإنصاف 1:217،منار السّبيل 1:35-36،المغني 1:216،الشرح الكبير بهامش المغني 1:225.
7- 7) «ح»«ق»:هنا.
8- 8) المغني 1:200،الشرح الكبير بهامش المغني 1:225،المجموع 2:5.
9- 9) المغني 1:200،الشرح الكبير بهامش المغني 1:226،المجموع 2:5،301.

تبطل التّيمّم (1).و قال أحمد:أنّها تنقض الوضوء و التّيمّم.و به قال الأوزاعيّ و أبو ثور (2).

لنا:انّ حصول الطّهارة و زوالها حكم شرعيّ،فيتوقّف عليه.و لما ذكرناه من الأحاديث الدّالّة على حصر الأحداث (3)و ليس الردّة منها،و لأنّ الباقي بعد الفراغ من فعل الطّهارة صفة كونه طاهرا،لا نفس الفعل لاستحالة ذلك،و الكفر لا ينافيه كما في الغسل و في الوضوء عند زفر (4).

احتجّ أحمد (5)بقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (6)و بقوله:

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (7)و بما روي عن ابن عبّاس،انّه قال:

الحدث حدثان:حدث اللّسان،و حدث الفرج،و أشدّهما حدث اللّسان (8).

و قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(لا يقبل اللّه صلاة أحدكم إذا أحدث حتّى يتوضّأ) (9).

و احتجّ زفر بالآيتين،و بأنّ الردّة لو قارنت (10)التّيمّم منعت صحّته،فإذا طرأت عليه أبطلت،و الجامع انّها عبادة فلا تجامع الكفر.

و الجواب عن الآيتين انّهما مشروطتان بالموافاة،و قد بيّنّاه في علم الكلام (11)،و يدلّ عليه قوله تعالى:

ص:229


1- 1شرح فتح القدير 1:116،المبسوط للسّرخسي 1:117،الهداية للمرغيناني 1:26.
2- 2) المغني 1:200،الشرح الكبير بهامش المغني 1:225.
3- 3) تقدّم في ص 183.
4- 4) تبيين الحقائق 1:40.
5- 5) المغني 1:200،الشرح الكبير بهامش المغني 1:226،الكافي لابن قدامة 1:58،المجموع 2:61، [1]
6- 6) الزمر:65. [2]
7- 7) المائدة:5. [3]
8- 8) المغني 1:200،الشرح الكبير بهامش المغني 1:225،الكافي لابن قدامة 1:58،المجموع 2:62.
9- 9) صحيح البخاري 1:46،صحيح مسلم 1:204 حديث 225،مسند أحمد 2:308.
10- 10) في«ن»:قاربت.
11- 11) كشف المراد:326-327. [4]

وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ (1)شرط في الإحباط الموت،و أمّا حديث ابن عبّاس فليس بحجّة.

أمّا أوّلا:فلأنّه لم ينقله عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،بل قاله برأيه.

و أمّا ثانيا:فلأنّ تسميته حدثا لا يوجب كونه ناقضا،فإنّ كلّ متجدّد حادث، و الاشتراك في الاسم لا يوجب الشّركة في الحكم المعلّق على أحد المسمّيين.

و كلام زفر ضعيف لوقوع الفرق بين المقارنة و التّقدّم،لعدم فقدان شرط التّيمّم في الأوّل و هو مقارنة النّيّة،و النّقض بالطّهارة المائيّة .

السّابع:إنشاد الشّعر و كلام الفحش و الكذب و الغيبة و القذف،غير ناقض

.و هو إجماع علماء الأمصار سواء كان في الصّلاة أو خارجا عنها.

لنا:ما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(الكلام ينقض الصّلاة، و لا ينقض الوضوء) (2)و ما رووه،عنه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من حلف باللات، فليقل:لا إله إلاّ اللّه) (3)و لم يأمر في ذلك بالوضوء.

و من طريق الخاصّة:ما رواه معاوية بن ميسرة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن إنشاد الشّعر،هل ينقض الوضوء؟قال:(لا) (4)و لا يعارض هذا برواية سماعة، قال:سألته عن نشيد الشّعر،هل ينقض الوضوء،أو ظلم الرّجل صاحبه،أو الكذب؟ فقال:(نعم،إلاّ أن يكون شعرا يصدق فيه،أو يكون يسيرا من شعر:الأبيات الثّلاثة و الأربعة،فأمّا أن يكثر من الشّعر الباطل فهو ينقض الوضوء) (5)لوجوه:

أحدها:انّ سماعة لم يسنده عن إمام،بل قال:سألته،و يحتمل أن يكون المراد بعض الفقهاء.

ص:230


1- 1البقرة:217. [1]
2- 2) سنن الدّارقطني 1:172 حديث 59.
3- 3) صحيح مسلم 3:1267 حديث 1647،سنن البيهقي 1:149.
4- 4) الفقيه 1:38 حديث 142،التّهذيب 1:16 حديث 37،الاستبصار 1:86 حديث 275،الوسائل 1:190 الباب 8 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:16 حديث 35،الاستبصار 1:87 حديث 276،الوسائل 1:191 الباب 8 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [3]

الثّاني:انّ سماعة واقفيّ،و الرّاوي عنه:زرعة (1)،و هو واقفيّ أيضا.

الثّالث:انّه خبر واحد مع معارضة الإجماع،فلا يسمع.

الرّابع:المعارضة بما قدّمناه من الأحاديث النّاصّة على حصر الأحداث (2).

الثّامن:حلق الشّعر و نتفه و قصّ الأظفار لا ينقض الوضوء و لا يوجب غسل موضعه

،لما رواه الشّيخ في الصّحيح عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آخذ من أظفاري و من شاربي و أحلق رأسي،أ فأغتسل؟قال:([لا] (3)ليس عليك غسل)قلت فأتوضّأ؟قال:([لا] (4)ليس عليك وضوء)قلت:فأمسح على أظفاري الماء؟فقال:(لا،[هو] (5)طهور،ليس عليك مسح) (6).

و روى في الصّحيح عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:الرّجل يقلّم أظفاره و يجزّ شاربه و يأخذ من شعر لحيته و رأسه،هل ينقض ذلك وضوءه؟فقال:

(يا زرارة،كلّ هذا سنّة،و الوضوء فريضة،و ليس شيء من السّنة ينقض الفريضة و انّ ذلك ليزيده تطهيرا) (7).

و روى في الصّحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون على طهر فيأخذ من أظفاره أو شعره،أ يعيد الوضوء؟فقال:(لا،و لكن يمسح رأسه و أظفاره بالماء)قال:قلت:فإنّهم يزعمون انّ فيه الوضوء؟فقال:(إن خاصموكم فلا تخاصموهم

ص:231


1- 1زرعة بن محمّد:أبو محمّد الحضرمي،صحب سماعة و أكثر عنه،عدّه الشّيخ من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم(ع)و قال:انّه واقفيّ المذهب. رجال النّجاشي:176،رجال الطّوسي 201،350،الفهرست:75، [1]رجال العلاّمة:224. [2]
2- 2) تقدّم في ص 183. [3]
3- 3) ما بين المعقوفين من المصدر.
4- 4) ما بين المعقوفين من المصدر.
5- 5) «م»«خ»«ن»:فهو،«ح»«ق»:و هو،و ما أثبتناه،من المصدر.
6- 6) التّهذيب 1:346 حديث 1012،الاستبصار 1:95 حديث 309،الوسائل 1:203 الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [4]
7- 7) التّهذيب 1:346 حديث 1013،الاستبصار 1:95 حديث 308،الوسائل 1:203 الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء حديث 2. [5]

و قولوا هكذا السّنّة) (1)و أمره عليه السّلام بالمسح بالماء للاستحباب من حيث انّ فيه إزالة وسخ إن كان .

التّاسع:ما يخرج من البدن من دم،أو قيح،أو نخامة،أو رطوبة،أو صديد،لا ينقض

الطّهارة

كيف خرج كثر أو قلّ،إلاّ الدّماء الثّلاثة.

و قال أبو حنيفة:الدّم،و القيح،و الصّديد،إذا خرج عن رأس الجرح و سال نقض الطّهارة،و إن لم يسل لم ينقض،قال:و لو خرج من رأس الجرح فمسحه ثمَّ خرج فمسحه،و هكذا،نظر إن كان بحال لو تركه سال،نقض،و إلاّ فلا،و لو أبطل رباط الجراح نقض إن نفذ (2)البلل إلى الخارج و إلاّ فلا،و لو كان الرّباط ذا طاقين فنفذ (3)إلى البعض نقض،و لو نزل الدّم إلى قصبة الأنف و أنفه مشدود (4)نقض،لأنّ داخل الأنف يقبل التّطهير،و لو نزل البول إلى قصبة الذّكر،لم ينقض (5).

و قال زفر:ينقض سواء سأل أو لم يسل (6).

و قال الشّافعيّ:الخارج من غير القبل و الدّبر كالدّم و البصاق و غير ذلك لا ينقض مطلقا (7)كما قلناه.و هو مذهب مالك (8)،و به قال عبد اللّه بن عبّاس،و عبد اللّه بن عمر،و عبد اللّه بن أبي أوفى،و أبو هريرة،و عائشة،و جابر بن عبد اللّه،و من التّابعين:

ص:232


1- 1الكافي 3:37 حديث 11، [1]التّهذيب 1:345 حديث 1010،الاستبصار 1:95 حديث 307،الوسائل 1:202 الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [2]
2- 2) «م»«ن»:تعدّى.
3- 3) «خ»«ن»:فينفذ.
4- 4) «ح»«ق»:مسدود.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:76-77،المغني 1:209،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:211،الهداية للمرغيناني 1:15،شرح فتح القدير 1:34،48،المحلّى 1:256،بدائع الصّنائع 1:25.
6- 6) شرح فتح القدير 1:34،الهداية للمرغيناني 1:15،بدائع الصّنائع 1:25.
7- 7) الام 1:18،الهداية للمرغيناني 1:14،المغني 1:208،المجموع 2:54، [3]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:15،بداية المجتهد 1:34-35،عمدة القارئ 3:46.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:18،مقدّمات ابن رشد 1:70،المغني 1:208،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:15،الموطّأ 1:39، [4]بداية المجتهد 1:34-35.

سعيد بن المسيّب،و القاسم بن محمّد،و عطاء،و طاوس،و سالم بن عبد اللّه بن عمر، و محكول،و ربيعة،و أبو ثور،و داود (1).

و قال الأوزاعيّ،و الثّوريّ،و إسحاق:كلّ نجس خارج من البدن إذا سال يوجب الوضوء (2).

و قال أحمد:إن كان الدّم قطرة أو قطرتين لم يوجب الوضوء،و عنه رواية اخرى انّه إذا خرج قدر ما يعفى عنه و هو قدر الشّبر لم يوجب الوضوء (3).

لنا:ما رواه أنس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه احتجم و لم يتوضّأ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:

سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول:(كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول:في الرّجل يدخل يده في أنفه فيصيب خمس أصابعه الدّم،قال:(ينقيه و لا يعيد الوضوء) (5).

و ما رواه عبد الأعلى (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الحجامة أ فيها وضوء؟قال:(لا،و لا يغسل مكانها،انّ الحجّام مؤتمن إذا كان ينظفه،و لم يكن صبيّا صغيرا) (7).

و ما رواه صفوان،قال:سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام و أنا حاضر،فقال:انّ بي جرحا في مقعدتي فأتوضّأ ثمَّ أستنجئ ثمَّ أجد بعد ذلك النّداء و الصّفرة تخرج من المقعدة فأعيد الوضوء؟قال:(قد أنقيت؟)قال:نعم،قال:(لا،و لكن رشّه بالماء و لا تعد الوضوء) (8).

ص:233


1- 1المجموع 2:54، [1]المغني 1:208،المحلّى 1:259. [2]
2- 2) الجوهر النّقي بهامش سنن البيهقي 1:143،المجموع 2:54.
3- 3) المغني 1:209-210،الكافي لابن قدامة 1:52،الإنصاف 1:197،منار السّبيل 1:33.
4- 4) سنن البيهقي 1:141،سنن الدّارقطني 1:151 حديث 2،نيل الأوطار 1:238.
5- 5) التّهذيب 1:348 حديث 1024،الوسائل 1:189 الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء حديث 11. [3]
6- 6) عبد الأعلى بن أعين العجلي:مولاهم الكوفي،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و نقل العلاّمة المامقاني عن المفيد انّه من الفقهاء أصحاب الصّادق المأخوذ عنه الحلال و الحرام. رجال الطّوسي:238،تنقيح المقال 2:132. [4]
7- 7) التّهذيب 1:349 حديث 1031،الوسائل 1:188 الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء حديث 6. [5]
8- 8) الكافي 3:19 حديث 3، [6]التّهذيب 1:347 حديث 1019،الوسائل 1:206 الباب 16 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [7]

و روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّعاف و الحجامة و كلّ دم سائل؟فقال:(ليس في هذا وضوء،إنّما الوضوء من طرفيك،الّذين أنعم اللّه بهما عليك) (1).

و لأنّ النّقض حكم شرعيّ فيتوقّف على النّص .

العاشر:لا تنقض الطّهارة بظنّ الحدث،لأنّه متيقّن

(2)

،فلا يرتفع إلاّ بيقين،لما رواه الشّيخ في الصّحيح عن زرارة،قال:(و لا ينقض اليقين أبدا بالشّكّ و لكن ينقضه بيقين آخر) (3).

و ما رواه في الصّحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(انّ الشّيطان ينفخ في دبر الإنسان حتّى يخيّل إليه انّه قد خرجت منه ريح،فلا ينقض وضوءه إلاّ ريح يسمعها أو يجد ريحها) (4).

الحادي عشر:القرقرة في البطن لا تنقض الوضوء

.

لنا:قوله عليه السّلام:(لا ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك الأسفلين) (5).

و ما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء(أم لم) (6)يخرج،فلا يخرج من المسجد حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا) (7).

ص:234


1- 1الكافي 3:37 حديث 13، [1]التّهذيب 1:15 حديث 33،الاستبصار 1:84 حديث 264،الوسائل 1:189 الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء حديث 10. [2]
2- 2) «ن»«م»:تنتقض.
3- 3) التّهذيب 1:8 حديث 11،الوسائل 1:174 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [3]
4- 4) الكافي 3:36 حديث 3، [4]التّهذيب 1:347 حديث 1017،الاستبصار 1:90 حديث 289،الوسائل 1:175 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [5]
5- 5) الكافي 3:35 حديث 1، [6]التّهذيب 1:6 حديث 2،و ص 10 حديث 17،و ص 16 حديث 36، الوسائل 1:177 الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 1،3،4. [7]
6- 6) «ح»«خ»«ق»:أو لم،و في المصدر:أم لا،فلا يخرجن.
7- 7) صحيح مسلم 1:276 حديث 362،سنن البيهقي 1:117،نيل الأوطار 1:255.

و ما رواه عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

أجد الرّيح في بطني حتّى أظنّ انّها قد خرجت،فقال:(ليس عليك وضوء حتّى تسمع الصّوت[أ]و (1)تجد الرّيح) (2)و هو إجماع العلماء كافّة،و لا يعارض برواية زرعة،عن سماعة،قال:سألته عمّا ينقض الوضوء؟قال:(الحدث تسمع صوته أو تجد ريحه، و القرقرة في البطن إلاّ شيء تصبر (3)عليه و الضّحك في الصّلاة و القيء) (4)لأنّ سماعة لم يسنده عن إمام فلعلّ المسؤول من لا يوثق بفتواه،و أيضا:فإنّ زرعة و سماعة واقفيّان،فلا تعويل على روايتهما إذا سلمت عن المعارض فضلا عمّا لا تحصل معه السّلامة .

الثّاني عشر:لو ظهرت مقعدته لعلّة،لم ينتقض الوضوء

(5)

إلاّ مع خروج شيء من الغائط،و هل يشترط انفصاله،أم لا؟فيه نظر.

البحث الثّاني:في الاستطابة و آداب التّخلّي

الاستطابة:الاستنجاء بالماء أو بالأحجار،فيقال:طاب و استطاب:إذا استنجى، و سمّي استطابة،لوجود معنى الطّيب في جسده بإزالة الخبث عنه،و الاستنجاء:استفعال من:نجوت الشّجرة،أي:قطعتها،و الاستجمار:استفعال من الجمار،و هي:الحجارة الصّغار،لأنّه يستعملها في استجماره.

و يستحبّ لمن أراد التّخلّي أن يطلب موضعا يستتر فيه عن النّاس،فإنّ في ذلك تأسّيا

ص:235


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:37 حديث 139،التّهذيب 1:347 حديث 1018،الاستبصار 1:90 حديث 288، الوسائل 1:175 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 5. [1]
3- 3) في بعض النّسخ:إلاّ شيء لا تصبر.و ما أثبتناه في المتن موافق للمصدر.
4- 4) التّهذيب 1:12 حديث 23،الاستبصار 1:83 حديث 262 و 86 حديث 273،الوسائل 1:175 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [2]
5- 5) «م»«خ»:ينقض.

بفعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و روى ابن المنذر بإسناده عن جابر،قال:خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أذرع،فقال:(يا جابر انطلق إلى هذه الشّجرة،فقل:

يقول لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الحقي بصاحبتك،حتّى أجلس خلفكما)فجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلفهما ثمَّ رجعتا إلى مكانهما (1).

مسألة:يجب ستر العورة مطلقا

،لما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(لا ينظر الرّجل إلى عورة الرّجل،و لا المرأة إلى عورة المرأة) (2).

و رووا عنه صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(احفظ عورتك إلاّ من زوجتك أو ما ملكت يمينك) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا ينظر الرّجل إلى عورة أخيه) (4).

و ما رواه عن حمزة بن أحمد،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:(و غضّ بصرك) (5).

و ما رواه أبو بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يغتسل الرّجل بارزا؟فقال:

(إذا لم يره أحد،فلا بأس) (6).

و روى عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن عورة المؤمن [على المؤمن] (7)حرام؟فقال:(نعم)فقلت أعني سفليه؟فقال:(ليس حيث تذهب

ص:236


1- 1سنن الدّارمي 1:10، [1]سنن البيهقي 1:93-بتفاوت،و قريب منه في صحيح مسلم 4:2306.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:217 حديث 661،صحيح مسلم 1:266 حديث 338،سنن التّرمذي 5:109، مسند أحمد 3:63. [2]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:618 حديث 1920،سنن التّرمذي 5:97 حديث 2769 و 110 حديث 2794، [3]مسند أحمد 5:4. [4]
4- 4) التّهذيب 1:374 حديث 1149،الوسائل 1:211 الباب 1 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 1:273 حديث 1143،الوسائل 1:363 الباب 3 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [6]
6- 6) التّهذيب 1:374 حديث 1148،الوسائل 1:371 الباب 11 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [7]
7- 7) أثبتناه من المصدر.

إنّما هو إذاعة سرّه) (1)و ليس هذا الحديث منافيا لما قلناه،لأنّ فيه تفسير لفظ العورة بمعنى آخر و حكما (2)بتحريمه،و نحن قد دلّلنا على تحريم النّظر إلى العورة بالمعنى الّذي قصدناه،فلا ينافي ذلك.

و نقل ابن بابويه في كتابه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلاّ بمئزر) (3).

و نقل عن الصّادق عليه السّلام انّه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ (4)فقال:(كلّما كان في كتاب اللّه عزّ و جلّ من ذكر حفظ الفرج فهو من الزّنا،إلاّ في هذا الموضع فإنّه للحفظ من أن ينظر إليه) (5)و ذلك يدلّ على وجوب الاستتار.

فرع:المراد بالعورة هنا :القبل و الدّبر

(6)

،لما رواه الشّيخ عن أبي يحيى الواسطيّ،عن بعض أصحابه،عن أبي الحسن الماضي،قال:(العورة عورتان:القبل و الدّبر،و الدّبر [مستور] (7)بالأليتين فإذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة) (8)،و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:(الفخذ ليست من العورة)رواه الشّيخ أيضا (9)،و لأنّ الأصل عدم وجوب السّتر،فيخرج منه المجمع عليه،و لما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه كان يقبّل سرّه الحسين عليه السّلام (10)،و لا يظنّ به مسّ العورة من غيره.

ص:237


1- 1التّهذيب 1:375 حديث 1153،معاني الأخبار:255،الوسائل 1:367 الباب 8 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [1]
2- 2) «م»«ن»«ح»«ق»:و حكم.
3- 3) الفقيه 1:60 حديث 225،الوسائل 1:368 الباب 9 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [2]
4- 4) النور:30. [3]
5- 5) الفقيه 1:63 حديث 235،الوسائل 1:211 الباب 1 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [4]
6- 6) «خ»«ن»:هاهنا.
7- 7) في النّسخ:مستورة،و ما أثبتناه موافق للمصدر.
8- 8) التّهذيب 1:374 حديث 1151،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [5]
9- 9) التّهذيب 1:374 حديث 1150،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [6]
10- 10) مسند أحمد 2:255 و الحديث فيه مربوط بتقبيله(ص)للحسن(ع).
مسألة:يحرم استقبال القبلة و استدبارها في الصّحاري و البنيان في البول و الغائط

.

و قال ابن الجنيد منّا:يستحب للإنسان إذا أراد التّغوّط في الصّحراء أن يجتنب استقبال القبلة،أو الشّمس،أو القمر،أو الرّيح بغائط أو بول (1).و به قال أبو أيّوب (2)الأنصاريّ،و النّخعيّ (3).

و قال المفيد و سلاّر من أصحابنا:التّحريم مختصّ بالصّحاري (4)(5).و هو اختيار الشّافعيّ (6)،و به قال مالك،و إسحاق،و روي ذلك عن العبّاس بن عبد المطلب،و ابن عمر،و هو إحدى الرّوايات عن أحمد بن حنبل (7).

و قال أبو حنيفة و الثّوريّ:لا يجوز استقبال القبلة بذلك لا في الصّحاري و لا في البنيان (8)،و عنه في الاستدبار روايتان (9)،و روي مثله عن أحمد (10).

ص:238


1- 1نقل عنه في المعتبر 1:122. [1]
2- 2) أبو أيّوب الأنصاري،اسمه:خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة الخزرجي،شهد العقبة و بدرا و سائر المشاهد،و شهد مع عليّ(ع)،الجمل و صفّين مات بأرض الرّوم عام غزا يزيد القسطنطنيّة زمن معاوية سنة 51 ه و قيل:52 ه. أسد الغابة 5:143، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 4:5،تنقيح المقال 1:390. [3]
3- 3) المجموع 2:81،نيل الأوطار 1:94،بداية المجتهد 1:87،المدوّنة الكبرى 1:7،عمدة القارئ 2:277.
4- 4) كذا نسب إليه،و لكنّه قال:(إذا دخل الإنسان دارا قد بنى فيها مقعدا للغائط على استقبال القبلة و استدبارها لم يضرّه الجلوس عليه،و إنّما يكره ذلك في الصّحاري.)انظر:المقنعة:4.و أيضا نسب المصنّف إليه في المختلف القول بالكراهة،انظر:المختلف 1:19.
5- 5) المراسم:32.
6- 6) الام 1:23،نيل الأوطار 1:94،عمدة القارئ 2:278،مغني المحتاج 1:40،المغني 1:185، المهذّب للشّيرازي 1:26،المجموع 2:81.
7- 7) مقدّمات ابن رشد 1:64،المدوّنة الكبرى 1:7،بداية المجتهد 1:87،عمدة القارئ 2:278،نيل الأوطار 1:94،المغني 1:185،المجموع 2:81.
8- 8) عمدة القارئ 2:277،نيل الأوطار 1:94،المغني 1:185،المجموع 2:81.
9- 9) نيل الأوطار 1:94،عمدة القارئ 2:278.
10- 10) الكافي لابن قدامة 1:62،نيل الأوطار 1:94،المجموع 2:81. [4]

و قال داود و ربيعة و عروة بن الزّبير:يجوز استقبالها و استدبارها (1).و فرّق أبو يوسف بين الاستقبال و الاستدبار (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة و لا يولها ظهره شرّقوا أو غرّبوا) (3).

و ما رووا (4)عنه عليه السّلام،قال:(إذا جلس أحدكم على حاجته،فلا يستقبل القبلة و لا يستدبرها) (5).

و عنه عليه السّلام انّه قال:(إنّما أنا لكم مثل الوالد،فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة و لا يستدبرها بغائط و لا بول) (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عيسى بن عبد اللّه الهاشميّ (7)،عن أبيه، عن جدّه،عن عليّ عليه السّلام،قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا دخلت المخرج،فلا تستقبل القبلة و لا تستدبرها،و لكن شرّقوا[أ]و (8)غرّبوا) (9).

و ما رواه عن ابن أبي عمير،عن عبد الحميد بن أبي العلاء (10)أو غيره رفعه،قال:سئل

ص:239


1- 1نيل الأوطار 1:94،عمدة القارئ 2:278،المجموع 2:81،المغني 1:184.
2- 2) نيل الأوطار 1:94،عمدة القارئ 2:279.
3- 3) صحيح البخاري 1:48،صحيح مسلم 1:224 حديث 264،سنن التّرمذي 1:13 حديث 8،سنن أبي داود 1:3 حديث 9.
4- 4) «ق»:و ما رووه.
5- 5) صحيح مسلم 1:224 حديث 265،نيل الأوطار 1:93،مسند أحمد 5:414. [1]
6- 6) سنن أبي داود 1:3 حديث 8،مسند أحمد 2:247. [2]
7- 7) عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب(ع)الهاشميّ،من أصحاب الإمام الصّادق(ع) روى الكشّي مدح الصّادق(ع)إيّاه بأنّه:منّا،حيّا،و هو منّا ميّتا. رجال الكشّي:332،رجال النّجاشي:295،رجال الطّوسي:257.
8- 8) أثبتناه من المصدر.
9- 9) التّهذيب 1:25 حديث 64،الاستبصار 1:47 حديث 130،الوسائل 1:213 الباب 2 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [3]
10- 10) عبد الحميد بن أبي العلاء بن عبد الملك الأزديّ الكوفيّ،يقال له:السّمين،ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع).رجال النّجاشي:246،رجال الطّوسي:235،رجال العلاّمة:116. [4]

الحسن بن عليّ عليهما السّلام،ما حدّ الغائط؟قال:(لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الرّيح و لا تستدبرها) (1).

و روى عن عليّ بن إبراهيم (2)رفعه،قال:خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،و أبو الحسن موسى عليه السّلام قائم و هو غلام،فقال له أبو حنيفة:يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟فقال:(اجتنب أفنية المساجد،و شطوط الأنهار،و مساقط الثّمار، و منازل النّزّال،و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول و ارفع ثوبك وضع حيث شئت) (3).

و روى في الحسن عن محمّد بن إسماعيل،قال:دخلت على أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،و في منزله كنيف[مستقبل القبلة] (4)سمعته يقول:(من بال حذاء القبلة ثمَّ ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة و تعظيما لها،لم يقم من مقعده ذلك حتّى يغفر له) (5).

و استدلّ المفيد و سلاّر على تخصيص التّحريم بالصّحاري بما رواه محمّد بن إسماعيل في الحسن،قال:دخلت على الرّضا عليه السّلام و في منزله كنيف مستقبل القبلة (6)(7).

و لا حجّة فيه،لأنّ التّحريم يتناول حالتي القعود لا البناء.

و احتجّ الشّافعيّ (8)على الجواز في البنيان بما رواه البخاريّ في صحيحه،عن ابن عمر

ص:240


1- 1التّهذيب 1:26،حديث 65،الاستبصار 1:47 حديث 131،الوسائل 1:213 الباب 2 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [1]
2- 2) عليّ بن إبراهيم بن هاشم:أبو الحسن القمّي،ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب،روى عنه محمّد بن يعقوب الكليني كثيرا،له كتب،منها:التّفسير المعروف ب:تفسير عليّ بن إبراهيم. رجال النّجاشي:260،جامع الرّواة 1:545، [2]رجال العلاّمة:100، [3]تنقيح المقال 2:260. [4]
3- 3) الكافي 3:16 حديث 5، [5]التّهذيب 1:30 حديث 79،الوسائل 1:212 الباب 2 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [6]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:253 حديث 1043،الوسائل 1:213 من أبواب أحكام الخلوة حديث 7. [7]
6- 6) الاستبصار 1:47،حديث 132.
7- 7) لم نعثر على استدلالهما بهذه الرّواية إلاّ ما نقله المصنّف في المختلف 1:19.
8- 8) الام 1:23،مغني المحتاج 1:40،المجموع 2:82.

قال:ارتقيت فوق بيت حفصة (1)فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقضي حاجته مستدبر القبلة (2).

و الجواب:لعلّه عليه السّلام قد كان منحرفا،و لم يتنبّه ابن عمر له لقلّته،و الظّاهر انّه عليه السّلام لم يكن يحرّم هذا في الصّحراء إلاّ لحرمة القبلة،فكيف كان عليه السّلام يفعله في البنيان.

و احتجّ داود بأنّه قد تعارضت الأخبار (3)،و الأصل الإباحة.و هو ليس بجيّد،لأنّا قد بيّنا المحال في الجواز (4).

فروع:
الأول:لو كان الموضع مبنيّا على الاستقبال و الاستدبار و أمكنه الانحراف

وجب عليه، و إن لم يمكنه و لم يتمكّن من غير ذلك المقعد،جاز له الاستقبال و الاستدبار لمكان الضرورة .

الثّاني:لو كان في الصّحراء و هدة ،أو نهر،أو شيء يستره جرى عند الشّافعيّة مجرى

البنيان ،

(5)(6)

و هذا الفرع عندنا ساقط،و الأقوى على قول المجوّزين من أصحابنا إلحاقه بالصّحراء .

الثّالث:روي انّه عليه السّلام نهى عن استقبال القبلتين

(7)

و يحتمل أمرين:

ص:241


1- 1حفصة بنت عمر بن الخطّاب،تقدّم نسبها عند ذكر أخيها عبد اللّه من بني عديّ بن كعب زوج النّبيّ(ص) و روت عنه و عن أبيها عمر.و روى عنها أخوها عبد اللّه و ابنه حمزة و زوجته صفيّة بنت أبي عبيد و غيرهم. ماتت سنة 41 ه،و قيل:45 ه،و قيل:27 ه. أسد الغابة 5:425، [1]الإصابة 4:273. [2]
2- 2) صحيح البخاري 1:48،صحيح مسلم 1:224 حديث 266،سنن التّرمذي 1:16 حديث 11،سنن أبي داود 1:4 حديث 12،سنن البيهقي 1:92،سنن الدّارقطني 1:61.
3- 3) بداية المجتهد 1:88،المجموع 2:82.
4- 4) «ح»«ق»:الجواب.
5- 5) الوهدة:المكان المطمئنّ.الصّحاح 2:554. [3]
6- 6) المجموع 2:79،مغني المحتاج 1:41.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:115 حديث 319،سنن أبي داود 1:3 حديث 10،مسند أحمد 5:415. [4]

أحدهما:النّهي عن الاستقبال إلى بيت المقدس،لأنّه محترم لشرفه و قد كان قبلة له عليه السّلام إلى حين النّسخ،و نهي عن استقبال الكعبة.

الثّاني:انّه نهي عن استقبال الكعبة و استقبال بيت المقدس،لأنّه يكون مستدبر الكعبة،و هو منهيّ عنه .

الرّابع:ليس التّسقيف شرطا في البنيان،

بل كونه بحيث يستر القاعد عن أعين النّاس و لو كان بقدر مؤخّرة الرّجل .

الخامس:قال بعض الشّافعيّة:إنّا لا نحرّم القعود في البنيان إذا قعد قريبا من البناء

بحيث لا يكون بينه و بين البناء إلاّ قدر ما بين الصّفين،فأمّا إذا تباعد عن البناء فإنّه يحرم، لأنّه لا يؤمن أن يكون هناك مصلّ من الإنس أو الجنّ أو الملائكة يقع بصره على عورته (1).

السّادس:يكره استقبال بيت المقدس

لأنّه قد كان قبلة،و لا يحرم للنّسخ.و هو قول الشّافعيّ أيضا (2).

مسألة:و يكره استقبال الشّمس و القمر بفرجه في البول و الغائط

،لما رواه الشّيخ، عن السّكونيّ (3)،عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام،قال:(نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يستقبل الرّجل الشّمس و القمر و هو يبول) (4).

و ما رواه عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا يبولنّ أحدكم و فرجه باد للقمر يستقبل به) (5).

ص:242


1- 1المجموع 2:78.
2- 2) المجموع 2:80.
3- 3) إسماعيل بن أبي زياد السّكونيّ الشّعيريّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق بقوله:إسماعيل بن مسلم،لم يتعرّض الشّيخ و النّجاشي لمذهبه،لكنّ المصنّف نصّ على كونه عاميّا. رجال النّجاشي:26،رجال الطّوسي:147،رجال العلاّمة:199. [1]
4- 4) التّهذيب 1:34 حديث 91،الوسائل 1:241 الباب 25 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:34 حديث 92،الوسائل 1:241 الباب 25 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [3]

و لأنّهما اشتملا على نور من نور اللّه تعالى.

فرع:لو استتر عنهما بشيء فلا بأس،

لأنّه لو استتر عن القبلة بالانحراف جاز،فهاهنا أولى .

مسألة:و يكره في حال البول و الغائط أمور:
الأول:استقبال الرّيح بالبول

لئلاّ يعكسه فيردّه على جسده و ثيابه،و لما قدّمناه من رواية ابن أبي العلاء (1).

الثّاني:البول على الأرض الصّلبة لئلاّ يردّ عليه

،و لما رواه الشّيخ في الحسن،عن عبد اللّه بن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشدّ النّاس توقّيا عن البول،كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التّراب الكثير كراهيّة أن ينضح عليه البول) (2).

و روى عن سليمان الجعفريّ (3)،قال:بتّ مع الرّضا عليه السّلام في سفح [جبل] (4)فلمّا كان آخر اللّيل قام فتنحى و صار على موضع مرتفع فبال و توضّأ،و قال:

(من فقه الرّجل أن يرتاد لموضع بوله)و بسط سراويله و قام عليه و صلّى صلاة اللّيل (5).

و قد ظهر من هذا استحباب طلب المرتفع من الأرض .

الثّالث:البول قائما لئلاّ يترشّش عليه

،قال عمر:ما بلت قائما منذ أسلمت (6)،و قال ابن مسعود:من الجفاء أن تبول و أنت قائم (7)،و كان

ص:243


1- 1راجع ص 240.
2- 2) التّهذيب 1:33 حديث 87،الوسائل 1:238 الباب 22 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [1]
3- 3) سليمان بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن جعفر الطّيّار:أبو محمّد الطّالبيّ الجعفريّ،ثقة روى عن الرّضا عليه السّلام.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الكاظم و الرّضا عليهم السّلام. رجال النّجاشي:182،رجال الطّوسي:351،377.
4- 4) أثبتناه من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:33 حديث 86،الوسائل 1:238 الباب 22 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [2]
6- 6) سنن التّرمذي 1:18،نيل الأوطار 1:107،مجمع الزّوائد 1:206،سنن البيهقي 1:102.
7- 7) سنن التّرمذي 1:18،نيل الأوطار 1:107،المغني 1:187.

سعد بن إبراهيم (1)لا يجيز شهادة من بال قائما (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في كتابه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال:(البول قائما من غير علّة من الجفاء،و الاستنجاء باليمين من الجفاء) (3).

و روى الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه أتى سباطة قوم فبال قائما (4).و هذه الرّواية لا تنافي ما ذكرناه.

أمّا أوّلا:فللطّعن فيها،فإنّهم رووا عن عائشة انّها قالت:من حدّثكم انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يبول قائما فلا تصدّقوه،ما كان يبول إلاّ قاعدا.نقله التّرمذيّ، و قال:هذا شيء أصحّ ما في هذا الباب (5).

و أمّا ثانيا:فلأنّه عليه السّلام فعله بيانا للجواز،و لم يفعله إلاّ مرّة.

و أمّا ثالثا:فلاحتمال أن يكون في موضع لا يتمكّن من الجلوس فيه.

و أمّا رابعا:فإنّه قيل إنّما فعل ذلك لعلّة كانت بمأبضه،و المأبض:ما تحت الركبة من كلّ حيوان .

الرّابع:أن يطمّح ببوله من السّطح في الهواء

،لما رواه الشّيخ عن

ص:244


1- 1سعد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف:أبو إسحاق مديني أو المدنيّ،ولّي قضاء المدينة،روى عن ابن عمر و عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب و سعيد بن المسيّب و إبراهيم بن عبد اللّه،روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري،و أيّوب و الثّوريّ و شعبة و ابن عيينة.مات سنة 127 ه و قيل:126 ه. الجرح و التّعديل 4:79،العبر 1:127، [1]شذرات الذّهب 1:173. [2]
2- 2) المغني 1:187،المجموع 2:85،عمدة القارئ 3:135.و فيهما:إبراهيم بن سعد،و هو ابن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف،روى عن أبيه و الزّهريّ و صفوان و ابن إسحاق،و روى عنه ابناه يعقوب و سعد و شعبة و الليث بن سعد.مات سنة 183 ه أو 184 ه. الجرح و التّعديل 2:101،تذكرة الحفّاظ 1:252.
3- 3) الخصال 1:54 حديث 72،الوسائل 1:226 الباب 12 من أبواب أحكام الخلوة حديث 7. [3]
4- 4) صحيح البخاري 1:66،صحيح مسلم 1:228 حديث 673،سنن أبي داود 1:6 حديث 23. سنن النّسائي 1:19،سنن الدّارمي 1:171،سنن ابن ماجه 1:111 حديث 305-306.
5- 5) سنن التّرمذي 1:17 حديث 12،و [4]فيه:أحسن شيء في الباب و أصحّ.

مسمع (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(يكره للرّجل أو ينهى الرّجل أن يطمّح ببوله من السّطح في الهواء) (2).

الخامس:البول في الماء جاريا و راكدا

(3)

،و الرّاكد أشدّ كراهيّة،لما رواه الشّيخ،عن الفضيل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا بأس بأن يبول الرّجل في الماء الجاري، و كره أن يبول في الرّاكد) (4).

و روى عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

(انّه نهى أن يبول الرّجل في الماء الجاري إلاّ من ضرورة)و قال:(إنّ للماء أهلا) (5).

السّادس:الجلوس للحدث في المشارع،و الشّوارع،و مواضع اللّعن

،و تحت الأشجار المثمرة،و فيء النّزّال،و مساقط الثّمار،و جحرة الحيوان،و أفنية الدّور.لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عاصم بن حميد (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال رجل لعليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما:أين يتوضّأ (7)الغرباء؟فقال:(يتّقي (8)شطوط الأنهار و الطّرق

ص:245


1- 1مسمع بن عبد الملك بن مسمع بن مالك شيخ بكر بن وائل بالبصرة،يكنّى أبا سيار الملقّب:كردين، روى عن أبي جعفر يسيرا،و عن أبي عبد اللّه،و أكثر،و اختصّ به،و روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر(ع).و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام. رجال النّجاشي:420،رجال الطّوسي:136،321.
2- 2) التّهذيب 1:352 حديث 1045،الوسائل 1:249 الباب 33 من أبواب أحكام الخلوة حديث 8. [1]
3- 3) «م»:أن يبول.
4- 4) التّهذيب 1:31 حديث 81،الاستبصار 1:13 حديث 23،الوسائل 1:107 الباب 5 من أبواب الماء المطلق حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:34 حديث 90،الاستبصار 1:13 حديث 25،الوسائل 1:240 الباب 24 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [3]
6- 6) عاصم بن حميد الحنّاط الحنفيّ:أبو الفضل،مولى كوفيّ،ثقة،عين،صدوق،من أصحاب الصّادق، و روى عنه. رجال النّجاشي:301،رجال الطّوسي:262،الفهرست 120. [4]
7- 7) «ح»:تتوضّأ.
8- 8) «ح»«ق»:تتّقي.

النّافذة و تحت الأشجار المثمرة و مواضع اللّعن)قيل له:و أين مواضع اللّعن؟قال:(أبواب الدّور) (1).

و في الحديث الّذي نقلناه عن أبي الحسن عليه السّلام جوابا لسؤال أبي حنيفة (2)ما يدلّ على كراهيّة أفنية المساجد و منازل النّزّال.

و روى الشّيخ عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخيّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(ثلاثة من فعلهنّ ملعون،المتغوّط في ظلّ النّزّال،و المانع الماء المنتاب،و سادّ الطّريق المسلوك) (4).

و روى الجمهور عن عبد اللّه بن سرجس (5)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يبال في الجحر (6).و لأنّه لا يؤمن خروج حيوان يلسعه،فقد حكي انّ سعد بن عبادة (7)بال في جحر بالشّام فاستلقى ميّتا،فسمعت الجنّ تنوح عليه بالمدينة،و تقول:

ص:246


1- 1التّهذيب 1:30 حديث 78،الوسائل 1:228 الباب 15 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
2- 2) تقدّم في ص 240. [2]
3- 3) اختلفت كتب الرّجال و الأخبار في الرّجل،عنونوه تارة بإبراهيم بن أبي زياد الكرخيّ،و اخرى بعنوان إبراهيم بن زياد الكرخيّ،و ثالثة:إبراهيم الكرخيّ البغداديّ.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق.و وثّق برواية ابن أبي عمير و الحسن بن محبوب عنه. رجال الطّوسي:154،جامع الرّواة 1:16، [3]تنقيح المقال 1:11، [4]هداية المحدّثين:9. [5]
4- 4) التّهذيب 1:30 حديث 80،الوسائل 1:229 الباب 15 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [6]
5- 5) عبد اللّه بن سرجس المزني حليف بني مخزوم سكن البصرة،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و عمر و أبي هريرة،و روى عنه قتادة و عاصم الأحول و عثمان بن حكيم. الإصابة 2:315،أسد الغابة 3:171،الجرح و التّعديل 5:63.
6- 6) سنن أبي داود 1:8 حديث 29،سنن النّسائي 1:33،مسند أحمد 5:82، [7]سنن البيهقي 1:99،نيل الأوطار 1:103.
7- 7) سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة.الخزرجيّ الأنصاريّ السّاعديّ،يكنّى أبا ثابت،و قيل: أبا قيس،كان نقيب بني ساعدة،شهد العقبة،و قيل:بدرا،روى عنه بنوه:قيس و سعيد و إسحاق، و حفيده:شرحبيل بن سعيد،و من الصّحابة:ابن عباس و أبو أمامة بن سهل،و قصّته،مشهورة في أنّه بال قائما في بئر بالشّام فوجد ميّتا سنة 15 ه و قيل:14 ه و قيل:11 ه. أسد الغابة 2:283، [8]الإصابة 2:30. [9]

نحن قتلنا سيّد الخزرج سعد بن عباده

و رميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده (1)

السّابع:السّواك على الخلاء

،لما رواه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه،عن موسى بن جعفر عليهما السّلام،قال:(السّواك على الخلاء يورث البخر) (2).

الثّامن:الكلام على حال الخلاء

،لما رواه الجمهور،عن أبي سعيد الخدريّ (3)،قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:(لا يخرج الرّجلان[يضربان] (4)الغائط كاشفان عن عورتهما يتحدّثان،فإنّ اللّه يمقت على ذلك) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ عن صفوان (6)،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام، انّه قال:(نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يجيب الرّجل آخر،و هو على الغائط أو يكلّمه حتّى يفرغ) (7).

أمّا الذّكر للّه تعالى أو حكاية الأذان أو قراءة آية الكرسيّ فلا يكره،لما رواه الشّيخ،عن

ص:247


1- 1المغني 1:188.
2- 2) الفقيه 1:32 حديث 110.
3- 3) سعد بن مالك بن سنان أو شيبان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر:أبو سعيد الأنصاريّ الخزرجيّ الخدريّ من مشهوري الصّحابة و علمائهم و فضلائهم،شهد بيعة الشّجرة،و الخندق،و اثنتي عشرة غزوة بعدها،روى عن النّبيّ كثيرا و أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ و زيد بن ثابت،و روى عنه من الصّحابة:ابن عبّاس و ابن عمر و جابر و محمود بن لبيد و غيرهم.و طائفة من التّابعين،و قد عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه.اختلف في سنة وفاته،فقيل:74 ه،و قيل:64 ه و قيل:63 و قيل:65 ه. أسد الغابة 2:289، [1]الإصابة 2:35، [2]تذكرة الحفّاظ 1:44،رجال الطّوسي:20.
4- 4) في النّسخ:يقربان،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) سنن أبي داود 1:4 حديث 15،مسند أحمد 3:36، [3]سنن البيهقي 1:99،مستدرك الحاكم 1:157، نيل الأوطار 1:91.
6- 6) صفوان بن يحيى،أبو محمّد البجليّ،بيّاع السّابريّ،كوفيّ،ثقة،عين،وكيل الرّضا(ع)،و له منزلة عنده،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الرّضا و الجواد عليهما السّلام.مات سنة 210 ه. رجال النّجاشي:197،رجال الطّوسي:378،402.
7- 7) التّهذيب 1:27 حديث 69،الوسائل 1:218 الباب 6 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [4]

عمر بن يزيد (1)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّسبيح في المخرج و قراءة القرآن،قال:(لم يرخّص في الكنيف في أكثر من آية الكرسيّ و حمد اللّه أو آية) (2)،و مثله رواية محمّد بن بابويه في كتابه (3).

و روى الشّيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت:الحائض و الجنب يقرءان شيئا؟قال:(نعم،ما شاءا إلاّ السّجدة،و يذكران اللّه على كلّ حال) (4).

و روى ابن بابويه في كتابه قال:لمّا ناجى اللّه موسى بن عمران عليه السّلام،قال موسى:(يا ربّ أ بعيد أنت منّي فأناديك،أم قريب فأناجيك؟فأوحى اللّه جلّ جلاله أنا جليس من ذكرني،فقال موسى يا ربّ انّي أكون في أحوال أجلّك أن أذكرك فيها؟فقال:

يا موسى،اذكرني على كلّ حال) (5).و كره الشّافعيّ ذلك كلّه (6).

لنا (7)ما تقدّم.

و احتجّ بما رواه المهاجرين قنفذ (8)انّه قال:(إنّي كرهت أن أذكر اللّه تعالى

ص:248


1- 1عمر بن يزيد بن ذبيان الصّيقل:أبو موسى مولى بني نهد،روى عن أبي عبد اللّه،و عدّه الشّيخ من أصحابه.رجال النّجاشي:286،رجال الطّوسي:251،جامع الرّواة 1:639. [1]
2- 2) التّهذيب 1:352 حديث 1042،الوسائل 1:220 الباب 7 من أبواب أحكام الخلوة حديث 7، [2]فيهما: و يحمد اللّه.
3- 3) الفقيه 1:19 حديث 57.
4- 4) التّهذيب 1:26 حديث 67،الوسائل 1:220 الباب 7 من أبواب أحكام الخلوة حديث 6 و [3]فيهما:عن زرارة و محمّد بن مسلم.
5- 5) الفقيه 1:20 حديث 58،الوسائل 1:220 الباب 7 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [4]
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:26،المجموع 2:88،السّراج الوهّاج:13،مغني المحتاج 1:42.
7- 7) «ح»«ق»:و لنا.
8- 8) المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن كعب بن سعد.القرشيّ التّيميّ،كان أحد السّابقين إلى الإسلام.و قيل:أسلم يوم الفتح.ولاّه عثمان في خلافته شرطته.روى عنه أبو ساسان حصين،و روى عنه الحسن مرسلا.سكن البصرة و مات بها. أسد الغابة 4:424، [5]الإصابة 3:466، [6]الجرح و التّعديل 8:259.

إلاّ على طهر) (1).و الجواب:أحاديثنا أشهر.

فروع:
الأوّل:يجب ردّ السّلام

لقوله تعالى فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (2)و الأمر للوجوب، و كرهه الشّافعيّ (3)،لما روى المهاجر بن قنفذ انّه سلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هو يبول فلم يردّ عليه حتّى توضّأ فلمّا توضّأ ردّ عليه (4).

الثّاني:يستحب أن يحمد اللّه تعالى إذا عطس،و أن يسمّت العاطس

(5)

،لما فيهما من الذّكر،و كرههما الشّافعيّ (6).

الثّالث:لو احتاج إلى أمر

فإن قدر عليه بغير الكلام كالتّصفيق باليد أو ضرب الحائط كان أولى من الكلام،و إلاّ تكلّم .

التّاسع:الاستنجاء باليمين

،لما نقله ابن بابويه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(من الجفاء الاستنجاء باليمين) (7).

و روى الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إذا بال أحدكم فلا يمسّ ذكره بيمينه،و إذا خلى فلا يستنج بيمينه) (8).

و عن عائشة قالت:كانت يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اليمنى لطعامه و طهوره،و يده اليسرى للاستنجاء (9).

و كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله استحبّ أن يجعل اليمنى،لما علا من الأمور (

ص:249


1- 1سنن أبي داود 1:5 حديث 17،نيل الأوطار 1:90.
2- 2) النّساء:86. [1]
3- 3) المهذب للشيرازي 1:26،المجموع 2:89،مغني المحتاج 1:42.
4- 4) سنن أبي داود 1:5 حديث 17،نيل الأوطار 1:90.
5- 5) «ح»«ق»:المعطس.
6- 6) المهذب للشيرازي 1:26،المجموع 2:89،مغني المحتاج 1:42.
7- 7) الفقيه 1:19 حديث 51،الوسائل 1:226 الباب 14 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4،7. [2]
8- 8) سنن أبي داود 1:8 حديث 31.
9- 9) سنن أبي داود 1:9 حديث 33.

و اليسرى لما دنا (1).

فروع:
الأوّل:لو استنجى بيمينه أجزأ،

و ترك الأولى في قول العلماء،و حكي عن بعض الظّاهريّة عدم الإجزاء (2)للنّهي،و هو غلط،لأنّه نهي تنزيه .

الثّاني:لا يكره الاستعانة باليمنى،

خلافا لبعض الشّافعيّة (3)،و ذلك بصبّ الماء أو غيره لعدم تناول النّهي له،و للحاجة إليه .

الثّالث:لا يكره الاستنجاء باليمين مع الحاجة

كمرض اليسار و شبهه .

العاشر:الاستنجاء باليسار،و فيها خاتم عليه اسم من أسماء اللّه تعالى

،أو أسماء أنبيائه،أو أحد الأئمّة عليهم السّلام،أو ما كان فصّه من حجر زمزم،فإن كان فيها شيء من ذلك فليحوّله،لما رواه عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا يمسّ الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه تعالى،و لا يستنجي و عليه خاتم فيه اسم اللّه تعالى،و لا يجامع و هو عليه،و لا يدخل المخرج و هو عليه) (4)،و لأنّ فيه إجلالا للّه تعالى و تعظيما،فكان ذلك مناسبا.

و لا يعارض بما روى الشّيخ عن وهب بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(كان نقش خاتم أبي:العزّة للّه جميعا،و كان في يساره يستنجي بها،و كان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السّلام:الملك للّه،و كان في يده اليسرى يستنجي بها) (5)و لا بما رواه عن أبي القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:الرّجل يريد الخلاء و عليه خاتم فيه

ص:250


1- 1عمدة القارئ 2:296.
2- 2) المحلّى 1:95،المجموع 2:109،المغني 1:177.
3- 3) المجموع 2:110.
4- 4) التّهذيب 1:31 حديث 82،و 126 حديث 340،الاستبصار 1:48 حديث 133،الوسائل 1:233 الباب 17 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [1]
5- 5) التّهذيب 1:31 حديث 83،الاستبصار 1:48 حديث 134،الوسائل 1:234 الباب 17 من أبواب أحكام الخلوة حديث 8. [2]

اسم اللّه تعالى؟فقال:(ما أحبّ ذلك)قال:فيكون اسم محمّد؟قال:(لا بأس) (1)لأنّ وهب بن وهب كذّاب عاميّ المذهب،فلا يعوّل على روايته.و أمّا الرّواية الثّانية،فإنّ رواتها لا يعرف حالهم،و في طريقها ابن زياد (2)،فإن كان سهلا فهو ضعيف،على انّها لا تدلّ على الملاقاة بل إنّما تدلّ على الدّخول باستصحاب الخاتم .

الحادي عشر:الأكل و الشّرب على حال الخلاء

،لما روى ابن بابويه في كتابه،قال:

دخل أبو جعفر الباقر عليه السّلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها و غسلها و دفعها إلى مملوك معه،و قال:(تكون معك لآكلها إذا خرجت)فلمّا خرج عليه السّلام،قال للمملوك:(أين اللّقمة؟)قال:أكلتها يا ابن رسول اللّه؟فقال:(انّها ما استقرّت في جوف أحد إلاّ وجبت له الجنّة فاذهب فأنت حرّ لوجه اللّه،فإنّي،أكره أن أستخدم رجلا من أهل الجنّة) (3)،فتأخيره عليه السّلام لأكلها مع ما فيه من الثّواب الوافر،دالّ على كراهيّة الأكل حينئذ خصوصا لما علّق الأكل بالخروج .

الثّاني عشر:الحدث على شطوط الأنهار و رءوس الآبار

،لما قدّمناه من الحديثين (4)،و لما رواه الشّيخ عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،قال:(نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يتغوّط على شفير بئر ماء يستعذب منها أو نهر يستعذب أو تحت شجرة فيها ثمرتها) (5).

ص:251


1- 1التّهذيب 1:32 حديث 84،الاستبصار 1:48 حديث 135،الوسائل 1:233 الباب 17 من أبواب أحكام الخلوة حديث 6. [1]
2- 2) سهل بن زياد:أبو سعيد الرّازي متّهم بالغلوّ و الكذب اخرج من قم إلى الرّيّ و سكنها،ضعّفه الشّيخ في الفهرست و العلاّمة في رجاله،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد و الهادي و العسكريّ عليهم السّلام و قال:ثقة. رجال النّجاشي:185،الفهرست:80، [2]رجال العلاّمة:228، [3]رجال الطّوسي:401،416، 431،تنقيح المقال 2:75. [4]
3- 3) الفقيه 1:18 حديث 49،الوسائل 1:254 الباب 39 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [5]كلمة: (لوجه اللّه)ليست في الحديث.
4- 4) تقدّما في ص 240،246.
5- 5) التّهذيب 1:353 حديث 1048،الوسائل 1:228 الباب 15 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [6]
الثّالث عشر:طول الجلوس على الخلاء

،لما رواه أبو جعفر بن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور) (1)و رواه الشّيخ أبو جعفر الطّوسيّ،عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:(قال لقمان:

طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور،قال:فكتب هذا على باب الحشّ) (2).

الرّابع عشر:أن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول

،لما رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السّلام،قال:(إذا بال الرّجل فلا يمسّ ذكره بيمينه) (3).

الخامس عشر:يكره استصحاب دراهم بيض

،لما رواه الشّيخ عن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليه السّلام،انّه كره أن يدخل الخلاء و معه درهم أبيض (4)إلاّ أن يكون مصرورا (5).

مسألة:يستحبّ لطالب الحدث أشياء:
الأوّل:تغطية الرّأس عند دخول الخلاء

،لما رواه الشّيخ عن عليّ بن أسباط (6)أو رجل عنه،عمّن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه كان إذا دخل الكنيف،يقنّع رأسه، و يقول سرّا في نفسه:(بسم اللّه و باللّه) (7).

قال المفيد:انّها من سنن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8).و لأنّه لا يؤمن من وصول الرّائحة

ص:252


1- 1الفقيه 1:19 حديث 56،الوسائل 1:237 الباب 20 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:352،حديث 1041،الوسائل 1:236 الباب 20 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:19 حديث 55،الوسائل 1:226 الباب 12 من أبواب أحكام الخلوة حديث 6. [3]
4- 4) «ح»«ق»:دراهم بيض«م»«ن»دراهم أبيض.
5- 5) التّهذيب 1:353 حديث 1046،الوسائل 1:234 الباب 17 من أبواب أحكام الخلوة حديث 7. [4]
6- 6) عليّ بن أسباط بن سالم بياع الزّطّي:أبو الحسن المقري،كوفيّ ثقة،و كان فطحيّا و من أوثق النّاس و أصدقهم لهجة،روى عن الرّضا(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا و الجواد عليهما السّلام.له كتب منها:الدّلائل،التّفسير،المزار. رجال النّجاشي:252،رجال الطّوسي:382،403،جامع الرّواة 1:554، [5]الفهرست:90. [6]
7- 7) التّهذيب 1:24 حديث 62،الوسائل 1:214 الباب 3 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [7]
8- 8) المقنعة:4.

إلى دماغه مع الكشف .

الثّاني:يستحبّ التّسمية عند الدّخول

،لرواية عليّ بن أسباط،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:(إذا دخلت المخرج فقل:بسم اللّه و باللّه اللّهم إنّي أعوذ بك من الخبيث المخبث الرّجس النّجس الشّيطان الرّجيم،و إذا خرجت فقل:بسم اللّه،الحمد للّه الّذي عافاني من الخبيث المخبث،و أماط عنّي الأذى،و إذا توضّأت فقل:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،اللّهمّ اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين و الحمد للّه ربّ العالمين) (1).

الثّالث:الدّعاء عند دخول الخلاء و الخروج منه و عند الاستنجاء و الفراغ منه

،لما تقدّم.

و روى عليّ بن أبي حمزة،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:(إذا دخلت الغائط فقل:أعوذ باللّه من الرّجس النّجس الخبيث المخبث الشّيطان الرّجيم،فإذا فرغت فقل:الحمد للّه الّذي عافاني من البلاء،و أماط عنّي الأذى) (2).

و روى عن الحسين بن سعيد،عن محمّد بن الحسين (3)،عن الحسن بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه،عن جعفر عليه السّلام،قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا انكشف أحدكم لبول أو غير ذلك فليقل:بسم اللّه،فإنّ الشّيطان يغضّ بصره) (4).

و روى في الصّحيح عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، عن آبائه،عن عليّ عليه السّلام،انّه كان إذا خرج من الخلاء،قال:(الحمد للّه الّذي

ص:253


1- 1التّهذيب 1:25 حديث 63،الوسائل 1:216 الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:351 حديث 1038،الوسائل 1:216 الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [2]
3- 3) محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب:أبو جعفر الزيّات الهمدانيّ الكوفيّ،ثقة عين حسن التّصانيف،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد و الهادي و العسكريّ عليهم السّلام.له كتب:منها التوحيد،مات سنة 262 ه. رجال النّجاشي:334،رجال الطّوسي:407،423،435.
4- 4) التّهذيب 1:353 حديث 1047،الوسائل 1:217 الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [3]
5- 5) عبد اللّه بن ميمون بن الأسود القدّاح المكّي،مولى بني مخزوم،ثقة من أصحاب الصّادق(ع)و من الفقهاء، له كتب منها:كتاب مبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله. رجال النّجاشي:213،رجال الطّوسي:225،الفهرست لابن النّديم:308. [4]

رزقني لذّته،و أبقى قوّته في جسدي و أخرج عنّي أذاه،يا لها نعمة)ثلاثا (1).

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،انّه كان إذا أراد دخول المتوّضأ،قال:(اللّهم إنّي أعوذ بك من الرّجس النّجس الخبيث المخبث الشّيطان الرّجيم، اللّهمّ أمط عنّي الأذى و أعذني من الشّيطان الرّجيم)و إذا استوى جالسا للوضوء،قال:

(اللّهمّ أذهب عنّي القذى و الأذى و اجعلني من المتطهّرين)فإذا تزحّر،قال:(اللّهم كما أطعمتنيه طيّبا في عافية فأخرجه منّي خبيثا في عافية) (2).

و روى أيضا،عنه عليه السّلام (3)،انّه كان يقول:(ما من عبد إلاّ و به ملك موكّل يلوي عنقه حتّى ينظر إلى حدثه ثمَّ يقول له الملك:يا ابن آدم هذا رزقك،فانظر من أين أخذته،و إلى ما صار؟فعند ذلك ينبغي للعبد أن يقول:اللهمّ ارزقني من الحلال و جنّبني الحرام) (4).

و كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أراد الحاجة وقف على باب المتوضّأ ثمَّ التفت عن يمينه و يساره إلى ملكيه،فيقول:(أميطا عنّي فلكما اللّه عليّ أن (5)لا أحدّث بلساني شيئا حتّى أخرج إليكما).و يقول عند الدّخول:(الحمد للّه الحافظ المؤدّي) (6).

الرّابع:تقديم الرّجل اليسرى عند الدّخول،و اليمنى عند الخروج،بخلاف المسجد فيهما

.

ذكره الأصحاب (7)،فإنّ المسجد مكان شريف،فاستحبّ ابتداء العضو الشّريف بالدّخول فيه،و الخلاء بضدّه .

الخامس:الاستبراء في البول

،بأن يمسح يده من عند المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا ثمَّ يمسح القضيب ثلاثا و ينتره ثلاثا.

ص:254


1- 1التّهذيب 1:29 حديث 77،الوسائل 1:216 الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:16 حديث 37،الوسائل 1:217 الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [2]
3- 3) رواه عن عليّ(ع).
4- 4) الفقيه 1:16 حديث 38.
5- 5) «ق»«ح»:اني.
6- 6) الفقيه 1:17 حديث 39،40.
7- 7) النّهاية:12، [3]السّرائر:60،الشّرائع 1:19، [4]الجامع للشّرائع:102. [5]

قال علم الهدى:يستحبّ (1)عند البول نتر القضيب من أصله إلى طرفه،ثلاث مرّات (2).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:رجل بال و لم يكن معه ماء؟قال:(يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه،فإن خرج بعد ذلك شيء،فليس من البول و لكنّه من الحبائل) (3).و المراد منها:عروق الظّهر.

و احتجّ المرتضى بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الرّجل يبول،قال:(ينتره ثلاثا،ثمَّ إن سال يبلغ السّاق فلا يبالي) (5).

و لا تنافي بين الحديثين،لأنّ المستحبّ:الاستظهار (6)بحيث لا يتخلّف شيء من أجزاء البول في القضيب،و ذلك قابل للشدّة و الضّعف و متفاوت بقوّة المثانة و ضعفها.

و ذهب بعض الأصحاب إلى وجوب الاستبراء (7).

فروع:
الأوّل:لو استبرأ ثمَّ وجد بللا كان طاهرا

،و لا يجب منه إعادة الوضوء،لقول أبي جعفر عليه السّلام:(فليس من البول و لكنّه من الحبائل).

ص:255


1- 1«م»«ن»:مستحب.
2- 2) نقل عنه في المعتبر 1:134. [1]
3- 3) التّهذيب 1:28 حديث 71،الوسائل 1:225 الباب 11 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [2]
4- 4) حفص بن البختري مولى بغداديّ أصله كوفي،ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق. رجال النّجاشي:134،رجال الطّوسي:177،رجال العلاّمة:58. [3]
5- 5) التّهذيب 1:27 حديث 70،الاستبصار 1:49 حديث 136،الوسائل 1:200 الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء حديث 3. [4]
6- 6) «ح»«ق»:الاستطهار.
7- 7) النّهاية:10، [5]المبسوط 1:17،الاستبصار 1:48.

و لا يعارض بما رواه الشّيخ،عن الصّفار (1)،عن محمّد بن عيسى (2)،قال:كتب إليه رجل:هل يجب الوضوء ممّا خرج من الذّكر بعد الاستبراء؟فكتب:(نعم) (3)لأنّ محمّد بن عيسى لم يسنده إلى إمام،فلعلّه عوّل على فتوى من لا يوثق به،و أيضا:فإنّه نقل بالكتابة لا المشافهة،و أيضا:يحتمل أن يكون المجيب،فهم انّ الخارج بول فأوجب منه الوضوء،و أيضا:يحتمل ان يكون أراد الاستحباب.كذا ذكره الشّيخ (4)،و هو بعيد،لأنّه أجاب ب(نعم)عقيب هل يجب الوضوء .

الثّاني:لو لم يستبرئ و توضّأ و صلّى صحّت تلك الصّلاة

،لأنّ الظّاهر انقطاعه،و قد قيل:انّ الماء يقطع البول.

و لو رأى حينئذ بللا قبل الصّلاة أعاد الطّهارة لغلبة الظّنّ بكونه من بقايا البول المحتقن في الذّكر،فتكون الطّهارة مشكوكة،و لو رأى البلل بعد الصّلاة لم يعد صلاته لحصولها على الوجه المشروع فكانت مجزية و يعيد الوضوء لحصول الحدث و يغسل الموضع .

الثّالث:الرّجل و المرأة في ذلك سواء.و كذا البكر و الثّيّب

،لأنّ مخرج البول غير موضع (5)البكارة و الثّيوبة .

مسألة:مذهب علمائنا انّ البول لا يجزي فيه إلاّ الماء

.و خالف فيه الجمهور فإنّ أبا حنيفة لم يوجب الاستنجاء منه و لا من الغائط بالماء و لا بغيره (6).و هو إحدى الرّوايتين عن

ص:256


1- 1محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصّفار:أبو جعفر الأعرج،كان وجها في أصحابنا القمّيّين ثقة عظيم،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام العسكريّ،له كتب منها:بصائر الدّرجات. [1]مات بقم سنة 290 ه. رجال النّجاشي:354،رجال الطّوسي:436،الفهرست:143.
2- 2) محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري:أبو عليّ،شيخ القمّيّين،دخل على الرّضا(ع) و سمع منه،و روى عن أبي جعفر(ع).رجال النّجاشي:338،رجال العلاّمة:154، [2]تنقيح المقال 3:167. [3]
3- 3) التّهذيب 1:28 حديث 72،الاستبصار 1:49 حديث 138،الوسائل 1:202 الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء حديث 9. [4]
4- 4) التّهذيب 1:28،الاستبصار 1:49.
5- 5) «ق»بزيادة:مخرج.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 3:367، [5]بدائع الصّنائع 1:18،عمدة القارئ 2:300،المجموع 2:95.

مالك (1)،و حكى ذلك الزّهريّ.

و قدّر أبو حنيفة النّجاسة تصيب الثّوب أو البدن بموضع الاستنجاء،فقال:إذا أصاب الثّوب أو البدن (2)قدر ذلك لم يجب إزالته،و قدّره بالدّرهم البغليّ (3).

و عند الشّافعيّ و أحمد و إسحاق و داود:يجب الاستنجاء،و يكفي فيه الحجر كالغائط (4)،و هو قول مالك في الرّواية الأخرى عنه (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه مرّ بقبرين جديدين فقال:(انّهما يعذّبان و ما يعذّبان بكبيرة،أمّا أحدهما:فكان يمشي بالنّميمة،و أمّا الآخر:فكان لا يتنزّه من البول) (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(و أمّا البول فلا بدّ من غسله) (7).

و ما رواه عن بريد بن معاوية،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال:(يجزي من الغائط المسح بالأحجار،و لا يجزي من البول إلاّ الماء) (8).

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة،قال:توضّأت يوما و لم أغسل ذكري ثمَّ صلّيت فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام[عن ذلك] (9)؟فقال:(اغسل ذكرك،و أعد

ص:257


1- 1عمدة القارئ 2:300،المجموع 2:195.
2- 2) «ق»«ح»بزيادة:بموضع الاستنجاء.
3- 3) المجموع 2:95.
4- 4) الام 1:22،المجموع 2:95،عمدة القارئ 2:300،بدائع الصّنائع 2:18.
5- 5) المجموع 2:95،عمدة القارئ 2:300.
6- 6) صحيح البخاري 1:65،و 8:20،صحيح مسلم 1:240 حديث 292،سنن أبي داود 1:6 حديث 20،سنن التّرمذي 1:102 حديث 70، [1]سنن ابن ماجه 1:125 حديث 347،سنن الدّارمي 1:188، [2]مسند أحمد 1:225، [3]سنن النّسائي 1:28-بتفاوت في الجميع.
7- 7) التّهذيب 1:49 حديث 144،و 209 حديث 605،الاستبصار 1:55 حديث 160،الوسائل 1:222 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [4]
8- 8) التّهذيب 1:50 حديث 147،الاستبصار 1:57 حديث 166،الوسائل 1:223 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 6. [5]
9- 9) أثبتناه من المصدر.

صلاتك) (1)و الغسل حقيقة في الإزالة بالماء،فلو كان غيره مجزيا لما اقتصر عليه للتّنظيف (2).

و روى في الحسن،عن يونس بن يعقوب (3)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الوضوء الّذي افترضه اللّه على العباد لمن جاء من الغائط أو بال؟قال:(يغسل ذكره و يذهب الغائط ثمَّ يتوضّأ مرّتين مرّتين) (4)فذكر الغسل جوابا عن السّؤال المشتمل على المفروض يدلّ على المقصود،و لهذا لم يجب الغسل في الغائط،قال فيه(و يذهب الغائط).

و روى (5)في الصّحيح عن ابن أذينة (6)،قال:ذكر أبو مريم الأنصاريّ انّ الحكم بن عتيبة (7)بال يوما و لم يغسل ذكره متعمّدا،فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:258


1- 1التّهذيب 1:47 حديث 135،الاستبصار 1:53 حديث 152،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [1]
2- 2) «م»:للتّضييق.
3- 3) يونس بن يعقوب بن قيس:أبو عليّ الجلاب البجليّ الدّهنيّ،اختصّ بأبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام و كان يتوكّل لأبي الحسن(ع)،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم و الرّضا عليهم السّلام.مات بالمدينة في أيّام الرّضا(ع)فتولّى أمره.و نقل المصنّف في رجاله عن بعض انّه فطحيّ و قال بقبول روايته.رجال النّجاشي:446،رجال الطّوسي:335،363،394.
4- 4) التّهذيب 1:47 حديث 134،الاستبصار 1:52 حديث 151،الوسائل 1:223 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [2]
5- 5) «ح»«ق»:و قد روي.
6- 6) عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن بن أذينة بن سلمة بن الحارث.بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان شيخ أصحابنا البصريّين و وجههم،روى عن الصّادق(ع)مكاتبة.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام.و قد ورد تارة تحت عنوان:ابن أذينة،و اخرى بعنوان:عمر بن أذينة، و ثالثة:عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن،و إسناده إلى أذينة اسناد إلى جدّ أبيه من حيث انّ له شرفا و قدرا بين الأصحاب. رجال النّجاشي:283،رجال الطّوسي:253،353،تنقيح المقال 2:340. [3]
7- 7) أبو محمّد أو أبو عبد اللّه:الحكم بن عتيبة الكنديّ الكوفيّ مولى الشّموس بن عمرو أو عمر الكنديّ،عدّه الشّيخ من أصحاب السّجاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام و قال:زيديّ بتري ورد فيه ذمّ من أبي جعفر الباقر(ع).مات سنة 114 و قيل:115 ه. رجال الطّوسي:86،114،171،رجال العلاّمة:218، [4]تنقيح المقال 1:358. [5]

فقال:(بئس ما صنع،عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوءه) (1).

و ما رواه في الصّحيح عن عمرو بن أبي نصر (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يبول فينسب أن يغسل ذكره و يتوضّأ؟قال:(يغسل ذكره و لا يعيد وضوءه) (3).

و ما رواه في الصحيح عن داود بن فرقد (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول،قرضوا لحومهم بالمقاريض،و قد وسّع اللّه عليكم بأوسع ما بين السّماء و الأرض و جعل لكم الماء طهورا،فانظروا كيف تكونون) (5)فتخصيصه عليه السّلام بالماء يدلّ على نفي الطّهوريّة عن غيره خصوصا عقيب ذكر النّعمة بالتّخفيف،فلو كان البول يزول بغيره لكان التّخصيص منافيا للمراد.

و ما رواه في الصّحيح،عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا انقطعت درّة البول،فصبّ الماء) (6)و الأمر للوجوب.

و أيضا فإنّ مقتضى الدّليل عدم إزالة النّجاسة بغير الماء،فيجب المصير إليه.

و أيضا:لو جاز إزالة البول بغير الماء لجاز إزالته إذا تعدّى المخرج،و التّالي باطل عند الشّافعيّ (7).

ص:259


1- 1التّهذيب 1:48 حديث 137،الاستبصار 1:53 حديث 154،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 4. [1]
2- 2) عمرو بن أبي نصر الأنماطي السّكوني الشرعبيّ،و اسم أبي نصر:زيد،و قيل:زياد،ثقة روى عن أبي عبد اللّه،عده الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع). رجال النّجاشي:290،رجال الطّوسي:248،الفهرست:111، [2]رجال العلاّمة:121. [3]
3- 3) التّهذيب 1:48 حديث 139،الاستبصار 1:54 حديث 156،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 5. [4]
4- 4) أبو يزيد داود بن فرقد مولى آل أبي سمّال الأسديّ النّصريّ،كوفيّ ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام. رجال النّجاشي:158،رجال الطّوسي:189،349.
5- 5) التّهذيب 1:356 حديث 1064،الوسائل 1:247 الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [5]
6- 6) التّهذيب 1:356 حديث 1065،الوسائل 1:247 الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [6]
7- 7) الام 1:22.

و بيان الملازمة:حصول الإزالة الموجبة للتّطهير بالمناسبة المشتركة بين البابين.

و أيضا:لو جاز إزالته بغير الماء،لجاز إزالة ما زاد على الدّرهم إذا (1)كان في غير المخرج، و التّالي باطل عند أبي حنيفة (2).

و وجه الملازمة:ما قدّمناه.

فروع:
الأوّل:البكر كالثّيّب في وجوب الغسل بالماء

،لما قلناه.

أمّا المقتصرون على الأحجار،فرّقوا بينهما فجعلوا البكر كالرّجل،لأنّ عذرتها تمنع انتشار البول (3)،و أمّا الثّيّب فإن خرج البول بحدّة فلم ينتشر فكذلك،و إن تعدّى مخرج الحيض،فقد أوجب بعضهم الغسل،لأنّ مخرج الحيض و الولد غير مخرج البول (4).

الثّاني:الأقلف إن كان مرتتقا لا يمكنه إخراج البشرة فهو كالمختتن

(5)

،و إن أمكنه إخراجها كشفها إذا بال و غسل المخرج،فإن لم يكشفها وقت البول فهل يجب كشفها لغسل المخرج؟الأقرب الوجوب،و لو تنجّست (6)بالبول،وجب غسلها كما لو انتشر إلى الحشفة .

الثّالث:لو توضّأ قبل غسل المخرج جاز

،و لو صلّى أعاد الصّلاة و لم يعد الوضوء.و هو مذهب أكثر علمائنا (7).

و قال ابن بابويه:و من صلّى فذكر انّه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل ذكره و يعيد الوضوء و الصّلاة (8).

ص:260


1- 1«ق»«ح»:ان.
2- 2) المجموع 2:95.
3- 3) المجموع 2:111،المغني 1:182.
4- 4) المغني 1:182.
5- 5) «ن»«ق»«ح»:مرتقا.
6- 6) «م»:نجست.
7- 7) المبسوط 1:24، [1]النّهاية:17، [2]المهذّب 1:41،الشّرائع 1:24. [3]
8- 8) الفقيه 1:21،و قال في المقنع:4،و أعد الوضوء للصّلاة.

لنا:ما تقدّم من الرّوايات الصّحيحة كرواية ابن أذينة،و عمرو بن أبي نصر (1).

و ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يبول فلا يغسل ذكره حتّى يتوضّأ وضوء الصّلاة؟فقال:(يغسل ذكره و لا يعيد وضوءه) (2).

احتجّ ابن بابويه بروايات منها:ما رواه[سماعة] (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:(فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتّى صلّيت فعليك إعادة الوضوء و الصّلاة و غسل ذكرك) (4).

و منها:ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (5).

و منها:ما رواه سليمان بن خالد،عن أبي جعفر عليه السّلام،في الرّجل يتوضّأ فينسى غسل ذكره؟قال:(يغسل ذكره ثمَّ يعيد الوضوء) (6).

و الجواب من حيث الإجمال،و من حيث التّفصيل:

أمّا الإجمال،فمن وجهين:

الأوّل:يحمل الأمر على الاستحباب،فإنّ تكرار الطّهارة مستحبّ.

الثّاني:يحمل الوضوء على مفهومه اللّغويّ جمعا بين الأدلّة.

و أمّا التّفصيل:أمّا الرّواية الأولى،فإنّ راويها محمّد بن عيسى،عن يونس،عن زرعة،عن سماعة،و زرعة و سماعة واقفيّان،فلا تعويل (7)على روايتهما،و أحاديث

ص:261


1- 1تقدّمت في ص 258،259. [1]
2- 2) التّهذيب 1:48 حديث 138،الاستبصار 1:53 حديث 155،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 1. [2]
3- 3) في النّسخ:عمّار.و الصّواب ما أثبتناه بدليل ما سيأتي في الجواب من نسبته إلى سماعة.
4- 4) الكافي 3:19 حديث 17، [3]التّهذيب 1:50 حديث 146،الاستبصار 1:55 حديث 162،الوسائل 1:224 الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 1:47 حديث 136،الاستبصار 1:53 حديث 153،الوسائل 1:209 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 8. [5]
6- 6) التّهذيب 1:49 حديث 142،الاستبصار 1:54 حديث 158،الوسائل 1:209 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء حديث 9. [6]
7- 7) «م»«ن»:يعوّل.

محمّد بن عيسى عن يونس،نقل ابن بابويه منع العمل بها،عن ابن الوليد (1).

و أمّا الثّانية:فإنّ في طريقها سماعة بن مهران و هو واقفيّ (2).

و أمّا الثّالثة:فإنّ سليمان بن خالد راويها،لم ينصّ أصحابنا على تعديله،بل ذكروا انّه خرج مع زيد بن عليّ (3)فقطعت يده.كذا قال النّجاشيّ (4)،و قال الشّيخ:قطعت إصبعه،قالا:و لم يخرج معه من أصحاب أبي جعفر عليه السّلام غيره (5).

و لا يعارض ما ذهبنا إليه من وجوب إعادة الصّلاة بما رواه هشام بن سالم (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الرّجل يتوضّأ و ينسى أن يغسل ذكره و قد بال،فقال:(يغسل ذكره و لا يعيد الصّلاة) (7).

أمّا أوّلا:فلاحتمال تخصيص هذا الحكم بمن لم يجد الماء.ذكره الشّيخ (8).

و أمّا ثانيا:فلأنّ في طريقها أحمد بن هلال،و هو ضعيف،قال الشّيخ:هو غال (9)،

ص:262


1- 1انظر:رجال النّجاشي:333.
2- 2) راجع:ص 84.
3- 3) أبو الحسين زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام المجاهد المعروف الّذي تنسب إليه الزّيدية:أخو الإمام الباقر(ع)، [1]عدّه الشّيخ تارة من أصحاب أبيه السّجّاد(ع)و اخرى من أصحاب الباقر(ع)و ثالثة من أصحاب الإمام الصّادق(ع)صرّح المفيد رضوان اللّه عليه،انّه ظهر بالسّيف يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يطلب بثارات الحسين(ع)و نقل المامقاني اتّفاق علماء الإسلام على جلالته و ثقته و ورعه و علمه،استشهد سنة 121 ه. إرشاد المفيد 2:168، [2]رجال الطّوسي:89،122،195،تنقيح المقال 1:467. [3]
4- 4) رجال النّجاشي:183.
5- 5) رجال الطّوسي:207.
6- 6) هشام بن سالم الجواليقي العلاّف مولى بشر بن مروان:أبو محمّد،أو أبو الحكيم،ثقة،له أصل،و كان من سبي الجوزجان،روى الكشّي في مدحه روايات.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام.رجال الكشّي:271،رجال النّجاشي:434،رجال الطّوسي:329، 363،الفهرست:174، [4]تنقيح المقال 3:301. [5]
7- 7) التّهذيب 1:48 حديث 140،الاستبصار 1:54 حديث 157،الوسائل 1:224 الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [6]
8- 8) الاستبصار 1:54.
9- 9) رجال الطّوسي:410.

و قال النّجاشيّ:ورد فيه ذموم من سيّدنا أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام (1).

الرّابع:لو لم يجد الماء لغسل البول أو تعذّر استعماله لجرح و شبهه

(2)

،أجزأه المسح بالحجر و شبهه ممّا يزيل العين،لأنّ الواجب إزالة العين و الأثر،فلمّا تعذّرت إزالتهما لم يسقط إزالة العين.

و روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن بكير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط؟قال:(كلّ شيء يابس زكيّ) (3).

تنبيه:لو وجد الماء بعد ذلك وجب عليه الغسل،و لا يجتزئ بالمسح المتقدّم،لأنّه اجتزأ به للضّرورة و قد زالت،و نجاسة المحل باقية،لأنّ المزيل لم يوجد،فلو لاقاه شيء برطوبة كان نجسا .

الخامس:لو خرج من الذّكر دود،أو حصى،أو غيره

ممّا ليس ببول و لا دم و لا منيّ، لا يجب غسله،سواء كان جامدا،أو مائعا عملا بالأصلين:براءة الذّمّة،و الطّهارة.

و كذا لو أدخل شيئا ثمَّ أخرجه كالميل و الحقنة ما لم يحصل هناك نجاسة من أحد الثّلاثة،و للشّافعيّ قولان في الجامد كالحصى و الدّود إذا خرجت غير ملوّثة.

أحدهما:وجوب الاستنجاء إذ لا يخلو من نداوة و إن لم يظهر.

و الثّاني:عدم الوجوب لعدم البلّة فأشبه الرّيح (4).

و على الأوّل هل تجزي الحجارة أو يتعيّن الماء؟قولان (5)،و أوجب الاستنجاء من المائع كالدّم و القيح و الصّديد و المذي قطعا (6)،و في تعيين الماء أو التّخيير بينه و بين الحجارة، قولان (7).

ص:263


1- 1رجال النّجاشي:83.
2- 2) «ح»«ق»:أو شبهه.
3- 3) التّهذيب 1:49 حديث 141،الاستبصار 1:57 حديث 167،الوسائل 1:248 الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [1]
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:27،المجموع 2:96.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:127.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:127. [2]
7- 7) المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:127.

و لو خرجت البعرة يابسة لا بلل فيها،كان حكمها حكم الحصاة عنده (1)،و عندنا:

يجب فيها الاستنجاء.

و لو سال إلى فرج امرأة منيّ من ذكر أو أنثى ثمَّ خرج،لم يجب به وضوء و لا غسل و يكون حكمه حكم النّجاسة الملاقية للبدن في وجوب غسل موضع الملاقاة خاصّة .

السّادس:من بال لا يجب عليه إلاّ غسل مخرج البول لا غير

،لأنّه محلّ النّجاسة، فالتّعدي في الغسل إلى غيره غير معقول،و هو إجماع علمائنا.

و روى عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا بال الرّجل و لم يخرج منه شيء غيره فإنّما عليه أن يغسل إحليله وحده و لا يغسل مقعدته) (2).

السّابع:أقلّ ما يجزي من الماء لغسله ما أزال العين عن رأس الفرج

،هذا قول أبي الصّلاح (3)،و قدّره الشّيخان بمثلي ما على الحشفة (4).

لنا:انّ المنع تابع للعين و قد زالت،فيخرج (5)عن العهدة.

استدلّ الشّيخ بما رواه نشيط بن صالح (6)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟قال:(مثلا ما على الحشفة من البلل) (7)و في

ص:264


1- 1المجموع 2:96.
2- 2) التّهذيب 1:45 حديث 127،الاستبصار 1:52 حديث 149،الوسائل 1:244 الباب 28 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
3- 3) الكافي في الفقه:127. [2]
4- 4) المفيد في المقنعة:4،و الطّوسي في النّهاية:11،و [3]المبسوط 1:17. [4]
5- 5) «م»«خ»«ن»:فيخرج.
6- 6) نشيط بن صالح بن لفافة العجليّ مولاهم،كوفيّ ثقة،روى عن أبي الحسن موسى(ع)و كان يخدمه.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم عليهما السّلام. رجال النّجاشي:429،رجال الطّوسي:326،362،رجال العلاّمة:176. [5]
7- 7) التّهذيب 1:35 حديث 93،الاستبصار 1:49 حديث 139،الوسائل 1:242 الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [6]

طريق هذه الرّواية مروك بن عبيد (1)و لا أعرف حاله،فنحن فيها من المتوقّفين،و لأنّ الإجماع واقع على الاكتفاء في الغائط بالإزالة ففي البول أولى،لسرعة انفصاله بجميع (2)أجزائه.

و قد روى نشيط،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(يجزي من البول أن يغسله بمثله) (3)و هذا الخبر مرسل،و في طريقه مروك و لا نعرفه .

الثّامن:لا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها

،و نقل عن بعض الحنفيّة قول مردود عندهم وجوبه (4)،و ليس بشيء لعدم الدّليل،و لأنّ الباطن لا يقبل النّجاسة و إلاّ لزم الحرج و الضّرر .

مسألة:قال علماؤنا:الاستنجاء من الغائط واجب

.و هو مذهب أكثر أهل العلم (5).

و قال أبو حنيفة:انّه سنّة و ليس بواجب (6).و هو رواية عن مالك (7)،و حكي أيضا عن الزّهريّ.

ص:265


1- 1مروك بن عبيد بن سالم بن أبي حفصة مولى بني عجل،و قيل:مولى عمّار بن المبارك العجليّ.و اسم مروك:صالح.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد(ع)و قال في الفهرست:له كتاب.و نقل المصنّف توثيق الكشّي إيّاه و سكت عنه. رجال النّجاشي:425،رجال الطّوسي:406،الفهرست:168، [1]رجال العلاّمة:172. [2]
2- 2) «ح»«ق»:لجميع.
3- 3) التّهذيب 1:35 حديث 94،الاستبصار 1:49 حديث 140،الوسائل 1:243 الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة حديث 7. [3]
4- 4) المجموع 2:111،و فيه:قال صاحب البيان و غيره:يستحبّ للبكر أن تدخل إصبعها في الثّقب الّذي في الفرج فتغسله.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:27،المجموع 2:95،المغني 1:172،عمدة القارئ 2:300.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:19،أحكام القرآن للجصّاص 3:367،المجموع 2:95،عمدة القارئ 2:300، ميزان الكبرى 1:114،الهداية للمرغيناني 1:37،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:16.
7- 7) المجموع 2:95،عمدة القارئ 2:300،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:16،ميزان الكبرى 1:114.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إذا ذهب أحدكم إلى الغائط،فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنّها تجزي عنه) (1).

و قال عليه السّلام:(لا يستنجئ أحدكم بدون ثلاثة أحجار) (2)رواه مسلم،و في لفظ:(لقد نهانا أن نستنجي بدون ثلاثة) (3)و الأمر يقتضي الوجوب،و الإجزاء إنّما يستعمل في الواجب،و النّهي عن الاقتصار على أقلّ من ثلاثة،يقتضي التّحريم.

و لأنّ المحلّ لا يخلو من ملاقاة نجاسة فيجب إزالتها ليحصل (4)الطّهور المشروط في الصّلاة بقوله عليه السّلام:(لا صلاة إلاّ بطهور) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن يونس بن يعقوب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الوضوء الّذي افترضه اللّه على العباد لمن جاء من الغائط أو بال؟ قال:(يغسل ذكره و يذهب الغائط ثمَّ يتوضّأ مرّتين مرّتين) (6).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن ابن المغيرة،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:(ينقي ما ثمّة) (7)و الأمر للوجوب.

و ما رواه الشّيخ عن مسعدة بن زياد (8)،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن النّبيّ

ص:266


1- 1سنن أبي داود 1:10 حديث 40،سنن الدّارمي 1:171، [1]مسند أحمد 6:133، [2]سنن النّسائي 1:41.
2- 2) صحيح مسلم 1:224 ذيل حديث 262.
3- 3) صحيح مسلم 1:223 حديث 262.
4- 4) «ح»«ق»:لتحصيل.
5- 5) صحيح مسلم 1:204 حديث 224،سنن ابن ماجه 1:100 حديث 272،274،سنن أبي داود 1:16 حديث 59،سنن التّرمذي 1:5 حديث 1،و اللفظ في الجميع:(لا تقبل صلاة بغير طهور.)مسند أحمد 2:57،و من طريق الخاصّة،انظر:التّهذيب 1:49 حديث 144،و 209 حديث 605 و ج 2:140 حديث 546،الاستبصار 1:55 حديث 160،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء حديث 1. [3]
6- 6) التّهذيب 1:47 حديث 134،الاستبصار 1:52 حديث 151،الوسائل 1:223 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 5. [4]
7- 7) التّهذيب 1:28 حديث 75،الوسائل 1:227 الباب 13 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [5]
8- 8) مسعدة بن زياد الرّبعيّ الكوفيّ،ثقة عين،روى عن أبي عبد اللّه(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام،له كتاب مبوّب في الحلال و الحرام. رجال النّجاشي:415،رجال الطّوسي:137،314.

صلّى اللّه عليه و آله،قال لبعض نسائه:(مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء،فإنّه مطهّرة للحواشي و مذهبة للبواسير) (1).

و روى،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:قال:(جرت السنّة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان (2)و لا يغسله،و يجوز أن يمسح رجليه و لا يغسلها) (3).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(لا صلاة إلاّ بطهور،و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار،بذلك جرت السّنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أمّا البول فلا بدّ من غسله) (4)و لفظ (5)الإجزاء يدلّ على الوجوب،خصوصا بعد قوله:(لا صلاة إلاّ بطهور)فإنّه لمّا ذكر ذلك و عقّب بالاستنجاء،كان القصد انّه من جملة الطّهور و إلاّ لم يكن لذكر الحكم الأوّل فائدة.

و روى في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته انّه لم يستنج من الخلاء؟قال:(ينصرف و يستنجي من الخلاء و يعيد الصّلاة،و إن ذكر و قد فرغ من صلاته أجزأه ذلك و لا إعادة عليه) (6).

احتجّ أبو حنيفة (7)بما رواه أبو داود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من استجمر فليوتر،من فعل فقد أحسن و من لا فلا حرج) (8)و لأنّها نجاسة يكتفي فيها

ص:267


1- 1التّهذيب 1:44 حديث 125،الاستبصار 1:51 حديث 147،الوسائل 1:222 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3.و [1]فيها:انّ النّبيّ(ص)قال.
2- 2) العجان-بكسر الميم-:ما بين الخصية و حلقة الدّبر-المصباح المنير 1:395.
3- 3) التّهذيب 1:46 حديث 129،الوسائل 1:246 الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. و [2]فيهما:يمسح رجليه و لا يغسلهما.
4- 4) التّهذيب 1:49 حديث 144 و 209 حديث 605 و ج 2:140 حديث 545،الاستبصار 1:55 حديث 160،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء حديث 1،و 222 [3] الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1.
5- 5) «ح»«ق»:و لفظة.
6- 6) التّهذيب 1:50 حديث 145،الاستبصار 1:55 حديث 161،الوسائل 1:224 الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [4]
7- 7) الهداية للمرغيناني 1:37،بدائع الصّنائع 1:18.
8- 8) سنن أبي داود 1:9 حديث 35.

بالمسح،فلم يجب إزالتها كيسير الدّم.

و الجواب عن الأوّل:انّ نفي الحرج عائد إلى الوتر إذ هو المأمور به في الخبر،و نحن نقول به.

و عن الثّاني:انّ الاجتزاء بالمسح لمشقّة الغسل،لكثرة تكرّره في محلّ الاستنجاء.

فروع:
الأوّل:إذا تعدّى المخرج تعيّن الماء

.و هو أحد قولي الشّافعيّ و إسحاق،و القول الثّاني للشّافعيّ انّه:إذا تعدّى إلى باطن الأليتين و لم يتجاوز إلى ظاهرهما فإنّه يجزيه الحجارة،فإن تجاوز ذلك و ظهر على الأليتين وجب الماء عنده قولا واحدا (1)،و أمّا البول فإذا انتشر على ما أقبل على الثّقب أجزأه الاستنجاء،و إن انتشر حتّى تجاوز ذلك وجب الماء فيما جاوزه (2).

و ذكر صاحب الفتاوي اختلاف الحنفيّة فيما إذا أصاب موضع الاستنجاء أكثر من قدر الدّرهم،فاستنجى بثلاثة أحجار،و لم يغسله فقال بعضهم بالطّهارة و نفاه آخرون،و لو كانت النّجاسة في سائر المواضع أكثر من قدر الدّرهم،لم يجز إلاّ الغسل.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،انّه قال:(انّكم كنتم تبعرون بعرا و أنتم اليوم تثلطون ثلطا،فاتّبعوا الماء و الأحجار) (3)و لأنّ المتعيّن لإزالة النّجاسة إنّما هو الماء، و الاستجمار في المحلّ المعتاد رخصة لأجل المشقّة الحاصلة من تكرّر (4)الغسل مع تكرّر (5)النّجاسة،أمّا ما لا يتكرّر فيه حصول النّجاسة فلا يجزي فيه إلاّ الغسل كالسّاق و الفخذ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه مسعدة بن زياد من أمر النّبي صلّى اللّه عليه و آله لنسائه، بأن يأمرن النّساء بالاستنجاء بالماء،و قد تقدّم (6).

و ما رواه عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(و إن خرج من مقعدته شيء

ص:268


1- 1المغني 1:182،المهذّب للشّيرازي 1:28.
2- 2) الام 1:22،المهذّب للشّيرازي 1:28،المجموع 2:125،126.
3- 3) سنن البيهقي 1:106-بتفاوت يسير.
4- 4) «ح»«ق»:تكرار.
5- 5) «ح»«ق»:تكرار.
6- 6) تقدّم في ص 267.

و لم يبل فإنّما عليه أن يغسل المقعدة) (1)و الغسل حقيقة في الإزالة بالماء و لفظة(على)تدلّ على الوجوب.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي محمود،عن الرّضا عليه السّلام قال:

سمعته يقول في الاستنجاء:(يغسل ما ظهر على الشّرج و لا يدخل الأنملة) (2)(إذ الأمر) (3)للوجوب.

و روى في الصّحيح عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا معشر الأنصار انّ اللّه قد أحسن عليكم الثّناء فما ذا تصنعون؟قالوا:نستنجي بالماء) (4).

لا يقال:ما دلّت عليه هذه الآثار لا تقولون به،و ما تقولون به لا تدلّ عليه هذه الأخبار، بيانه:انّها كما تتناول المتعدّى تتناول غيره،و أنتم لا تقولون به،و ما تقولون به من التّخصيص بالمتعدّي لا تدلّ عليه هذه الأخبار.

لأنّا نقول:انّها كما دلّت على المطلوب و هو وجوب الغسل بالماء في المتعدّي لكونه أحد أفراد العموم المستفاد من الأحاديث،فهي دالّة على غيره،و نحن لم نتعرّض الآن له فإذا أخرجناه عن الإرادة للمخصّصات،لا يلزم خروج المطلوب عن الإرادة .

الثّاني:إذا لم يتعدّ المخرج،تخيّر بين الماء و الأحجار،و الماء أفضل

،و الجمع بينهما أكمل،و هو مذهب أهل العلم (5)إلاّ من شذّ كعطاء،فإنّه قال:غسل الدّبر محدث (6)، و كسعيد بن المسيّب فإنّه قال:هل يفعله إلاّ النّساء (7)؟!و أنكر ابن الزّبير و سعد بن أبي

ص:269


1- 1التّهذيب 1:45 حديث 127،الاستبصار 1:52 حديث 149،الوسائل 1:244 الباب 28 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:45 حديث 128،الاستبصار 1:51 حديث 146،الوسائل 1:245 الباب 29 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [2]
3- 3) «م»:و الأمر.
4- 4) التّهذيب 1:354 حديث 1052،الوسائل 1:250 الباب 34 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [3]
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:27،المجموع 2:100،المغني 1:174،نيل الأوطار 1:122.
6- 6) المغني 1:173.
7- 7) المغني 1:173،المجموع 2:101.

وقّاص (1)الاستنجاء بالماء (2)،و كان الحسن البصريّ لا يستنجئ بالماء (3).

و حكي عن قوم من الزّيديّة (4)و القاسميّة (5)ما يضادّ قول هؤلاء،و هو انّه لا يجوز الاستنجاء بالأحجار مع وجود الماء (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يستنجي بالماء (7).

و روى أنس،قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدخل الخلاء فأحمل أنا و غلام نحوي أداؤه من ماء و عنزة فيستنجي بالماء (8).

و روى أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(نزلت هذه الآية في أهل قبا فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا (9)قال:كانوا يستنجون بالماء) (10).

و من طريق الخاصّة:ما قدّمناه من حديث هشام،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (11)

ص:270


1- 1أبو إسحاق بن أبي وقّاص،سعد بن مالك بن أهيب-أو وهيب-بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشيّ الزّهريّ،روى عن النّبيّ(ص)كثيرا،و روى عنه بنوه:إبراهيم و عامر و مصعب و عمر و محمّد،و عائشة و ابن عبّاس و ابن عمر و سعيد بن المسيّب و غيرهم.مات سنة 51 ه و قيل:55 ه،و قيل غير ذلك. الإصابة 2:33، [1]أسد الغابة 2:290. [2]
2- 2) المغني 1:173،المجموع 2:100، [3]نيل الأوطار 1:122.
3- 3) المغني 1:173،نيل الأوطار 1:122.
4- 4) الزّيديّة،هم:الّذين قالوا بإمامة زيد بن عليّ بن الحسين عليهم السّلام ثمَّ قالوا بعده بالإمامة في ولد فاطمة عليها السّلام كائنا من كان إذا خرج بالإمامة.و من علمائهم سفيان بن عيينة،و سفيان الثّوريّ،و صالح بن حيّ و ولده. الفهرست لابن النّديم:253، [4]الملل و النّحل:137.
5- 5) هم:من فرق الزّيديّة القائلين بإمامة أبي محمّد القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الحسيني العلويّ أخي محمّد بن إبراهيم بن طباطبا من الام،سكن جبال القدس من نواحي المدينة،و كان يعرف بالرّسيّ،انتسابا إلى الجبل الّذي مات فيه.تاريخ اليمن:18. [5]
6- 6) المجموع 2:101،نيل الأوطار 1:122.
7- 7) سنن التّرمذي 1:30 حديث 17،سنن النّسائي 1:42.
8- 8) صحيح البخاري 1:50،صحيح مسلم 1:227.
9- 9) التّوبة:108. [6]
10- 10) سنن أبي داود 1:11.
11- 11) تقدّم في ص 269.

و غيره من الأحاديث.

و ما رواه الشّيخ،عن الحسن بن راشد (1)،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير) (2).

و أمّا ما يدلّ على كون الماء أفضل:ما تقدّم من حديث أبي هريرة و عائشة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه زرارة في الصّحيح،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

(يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار) (3)و هذا يدلّ على أفضليّة غيره و هو الماء عليه،و ما رواه هشام أيضا،و لأنّه يطهّر المحلّ و يزيل العين و الأثر،و ذلك أبلغ في التّنظيف،و لما رواه الشّيخ،عن عيسى بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جدّه،عن عليّ عليه السّلام،قال:(قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا استنجى أحدكم،فليوتر بها وترا إذا لم يكن الماء) (4)فسوّغ الاستنجاء مع عدم الماء،و ليس ذلك شرطا لما يأتي من جواز الاقتصار على الأحجار.

و أمّا ما يدلّ على انّ الجمع أفضل فما رواه الشّيخ،عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(جرت السّنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار،و يتبع بالماء) (5)و ليس الجمع شرطا.

و أمّا ما يدلّ على جواز الاقتصار على الأحجار مع عدم التّعدّي:فإجماع علماء الإسلام، و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنّها تجزي عنه)و قد تقدّم (6).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة و غيرها و قد تقدّمت (7).

ص:271


1- 1أبو محمّد الحسن بن راشد مولى بني العبّاس،كان وزير المهديّ و موسى و هارون،بغداديّ.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)،مضيفا إلى ما في العنوان قوله:كوفيّ. رجال الطّوسي:167،جامع الرّواة 1:197، [1]تنقيح المقال 1:276. [2]
2- 2) التّهذيب 1:354 حديث 1056،الوسائل 1:250 الباب 34 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [3]
3- 3) راجع ص 267،269. [4]
4- 4) التّهذيب 1:45 حديث 126،الاستبصار 1:52 حديث 148،الوسائل 1:223 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [5]
5- 5) التّهذيب 1:46 حديث 130،الوسائل 1:246 الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [6]
6- 6) في ص 266،267. [7]
7- 7) في ص 266،267. [8]

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(كان الحسين بن عليّ عليهما السّلام يتمسّح من الغائط بالكرسف و لا يغسل) (1)و لأنّ المحلّ طاهر حال الضّرورة،فكذا حال الاختيار .

الثّالث:حدّ الاستنجاء بالماء النّقاء

،بحيث يزول العين و الأثر،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(و يذهب الغائط) و قد تقدّم (2).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن ابن المغيرة،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:قلت:

للاستنجاء حدّ؟قال:(لا،ينقي ما ثمّة)قلت:فإنّه ينقي ما ثمّة،و يبقي الرّيح؟قال:

(الرّيح لا ينظر إليها) (3).

و لأنّ المراد إزالة العين و الأثر،فلا يحصل المقصود دونه،أمّا الاستجمار فحدّه إزالة (4)العين،و الأثر معفوّ عنه،لأنّه لا يتعلّق بالجامد منه شيء و إنّما ينظّفه الماء،أمّا الرّائحة فإنّها معفوّ عنها في الاستنجاء بالماء و الأحجار .

الرّابع:الأحجار المستعملة في الاستنجاء يشترط فيها أمور:
الأوّل:العدد،فلا يجزي أقلّ من الثّلاث و إن حصل النّقاء بالأقل

.و هو مذهب الشّيخ (5)و أتباعه (6)،و أحمد (7)،و الشّافعيّ (8)،و إسحاق،و أبي ثور (9).

ص:272


1- 1التّهذيب 1:354 حديث 1055،الوسائل 1:252 الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [1]
2- 2) في ص 266. [2]
3- 3) التّهذيب 1:28 حديث 75،الوسائل 1:227 الباب 13 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [3]
4- 4) «ح»«ق»:زوال.
5- 5) النّهاية:10،الخلاف 1:20،المبسوط 1:17.
6- 6) كالقاضي ابن البرّاج في المهذّب 1:40،و ابن حمزة في الوسيلة [4](الجوامع الفقهيّة):662.
7- 7) المغني 1:173،المجموع 2:104.
8- 8) الام 1:22،الام(مختصر المزني)8:3،مغني المحتاج 1:43،بدائع الصّنائع 1:19،المغني 1:174، الهداية للمرغيناني 1:37،المجموع 2:103.
9- 9) المجموع 2:104.

و قال مالك و داود:الواجب الإنقاء دون العدد (1).و هو اختيار المفيد من أصحابنا (2).

و قال أبو حنيفة:المستحبّ الإنقاء و لا اعتبار بالعدد (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن سلمان رضي اللّه عنه،قال:(نهانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نستنجي بأقلّ من ثلاثة أحجار) (4).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة الصّحيحة،عن أبي جعفر عليه السّلام:(و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السّنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) (5).

و في رواية أخرى:(جرت السّنّة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان و لا يغسله) (6).

و لأنّ الحجر الواحد لا يحصل به الإزالة الكلّيّة فلا بدّ من تخلّف شيء من بقايا النّجاسة غالبا،و قليل النّجاسة ككثيرها،و في الثّلاثة يحصل القطع بالإزالة.

فرعان:
الأوّل:لو لم يحصل النّقاء بالثّلاثة وجبت الزّيادة إلى أن يحصل النّقاء

،و هو إجماع، لكن يستحبّ أن لا يقطع إلاّ على وتر،لرواية عليّ عليه السّلام،و قد تقدّمت (7).و نعني بالنّقاء:زوال عين النّجاسة و رطوبتها بحيث يخرج الحجر نقيّا ليس عليه أثر.

ص:273


1- 1المغني 1:174،المجموع 2:104.
2- 2) المقنعة:4.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:19،المحلّى 1:97،عمدة القارئ 2:304،الهداية للمرغيناني 1:37،المجموع 2:104.
4- 4) صحيح مسلم 1:223،حديث 262.
5- 5) التّهذيب 1:49 حديث 144،الاستبصار 1:55 حديث 160،الوسائل 1:222 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
6- 6) التّهذيب 1:46 حديث 129،الوسائل 1:246 الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة حديث 3. [2]
7- 7) لعلّ مراده الحديث الّذي رواه أبو داود المتقدّم في ص 267 حيث لم نجد رواية عن عليّ(ع)متقدّمة بهذا الخصوص.

و لأنّ المراد إزالة عين النّجاسة،و لمّا كان ذلك إنّما يحصل غالبا باستعمال الثّلاثة،لا جرم،قدّره الشّارع بها لمقارنتها الإزالة غالبا لا لإجزائها و إن لم يحصل النّقاء .

الثّاني:في إجزاء الحجر ذي الشّعب الثّلاث خلاف

،قال في المبسوط:يجزي عند بعض أصحابنا،قال:و الأحوط اعتبار العدد (1).و منعه داود (2)،و الأقوى عندي الجواز، و هو أحد قوليّ الشّافعيّ (3)و إسحاق و أبي ثور (4)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (5).

احتجّ الشّيخ بالأحاديث الدّالّة على استعمال ثلاثة أحجار (6).

و لنا:انّه استجمر ثلاثا منقية بما وجد فيه شرط الاستجمار فأجزأه كما لو تعدّد حسّا، و لأنّه لو فصله لجاز استعماله إجماعا،و لا فرق بينهما إلاّ الفصل،و لا أثر له في التّطهير،و لأنّه لو استجمر به ثلاثة لحصل (7)لكلّ واحد منهم مسحة و قام مقام ثلاثة أحجار،فكذلك في الواحد،و لأنّ الواجب التّطهير،و هو إنّما يحصل بعدد المسحات دون الأحجار،و لهذا لو مسح بحائط أو ثوب ثلاث مسحات أجزأه،و احتجاجهم بالأحاديث ضعيف،لأنّها دالّة على تكرّر (8)المسحات بالحجر دون غير الأحجار،كما يقال:ضربته ثلاثة أسواط،أي:

ثلاث ضربات بسوط،لأنّ معناه معقول و المراد معلوم،و لهذا لم نقتصر على لفظة الأحجار بل جوّزنا استعمال الخشب و الخرق (9)و غيرهما.

لا يقال:يشترط الطّهارة في الأحجار و هي غير حاصلة.

لأنّا نقول:المشترط إنّما هو الطّهارة في محلّ الاستعمال،و لهذا لو تنجّس جانبه بغير

ص:274


1- 1المبسوط 1:17. [1]
2- 2) المغني 1:174،المجموع 2:104.
3- 3) الام 1:22،المحلّى 1:98،المغني 1:180،مغني المحتاج 1:45،السّراج الوهّاج:12،المجموع 2:103.
4- 4) المغني 1:180،المجموع 2:104.
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:65،المغني 1:180،المجموع 2:104.
6- 6) الخلاف 1:20 مسألة-50.
7- 7) «ح»«ق»:يحصل.
8- 8) «خ»«ق»«ح»:تكرار.
9- 9) «ق»«ح»«ن»:الخزف.

الاستعمال جاز استعمال الجانب الآخر،و لو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبة (1)،أجزأهم،و على قول الشّيخ لا يجزي.

الوصف الثّاني:أن يكون ممّا له تأثير في إزالة العين

،لأنّه هو المقصود فيحصل به الاكتفاء،و ذلك يستدعي شيئين:

الأوّل:يجوز استعمال الخرق (2)و الخشب و المدر و الجلد و كلّ جامد طاهر مزيل،إلاّ ما نستثنيه.و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و قال داود:الواجب الاقتصار على الأحجار (4)،و حكي ذلك عن زفر،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد بن حنبل (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(و استنظف بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاث حثيات من تراب) (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن ابن المغيرة،عن أبي الحسن عليه السّلام،قلت:للاستنجاء حدّ؟قال:(لا،ينقي ما ثمّة) (7).

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة،قال:كان يستنجي من البول ثلاث مرّات و من الغائط بالمدر و الخرق (8).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(كان الحسين عليه السّلام يتمسّح من الغائط بالكرسف،و لا يغتسل (9)) (10).

ص:275


1- 1«ن»«م»«ق»«ح»:شعبة.
2- 2) «ح»«ق»«ن»:الخزف.
3- 3) المغني 1:178،المجموع 2:113. [1]
4- 4) نفس المصادر.
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:66،المغني 1:178.
6- 6) سنن البيهقي 1:111،سنن الدّارقطني 1:57 حديث 12،و فيهما:.ليستطب بثلاثة أحجار.
7- 7) تقدّم الحديث في ص 272. [2]
8- 8) التّهذيب 1:354 حديث 1055،الوسائل 1:242 الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة حديث 6. [3]
9- 9) كذا في النّسخ،و في المصدر:يغسل.
10- 10) تقدّم الحديث في ص 272. [4]

و لأنّ المقصود إزالة عين النّجاسة،و هذا يحصل بغير الأحجار كحصوله بها.

و احتجّ داود بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالأحجار (1)،و هو يقتضي الوجوب، و لأنّه موضع رخصة ورد الشّرع فيها بآلة مخصوصة،فوجب الاقتصار عليها كالتّراب في التّيمّم.

و الجواب عن الأوّل:انّ الأمر إذا كان لمعنى،و وجد الشّرع (2)مشاركه،عدّي الحكم إليه عنده،و قد حصل في هذه الصّورة ما ذكرناه.

و عن الثّاني:انّ الرّخصة في التّيمّم غير معقولة المعنى،فلهذا لم يعدّ الحكم بخلاف ما ذكرناه.

الثّاني:لا يجوز استعمال ما يزلج من النّجاسة كالحديد الصّقيل،و الزّجاج،و اللّحم الرّخو،و أشباه ذلك،و لا يجزي لعدم المعنى المقصود منه،و هو الإزالة.و كذا التّراب،لأنّه يقع بعضه على المحلّ و قد صار نجسا،فيحصل في المحلّ نجاسة أجنبيّة.و هو أحد قولي الشّافعيّ،و في الآخر:يجوز (3)لقوله عليه السّلام:(أو ثلاث حثيات من تراب) (4).

الوصف الثّالث:أن يكون طاهرا،فلا يجوز الاستجمار بالحجر النّجس

.و هو قول علمائنا أجمع،و اختيار الشّافعيّ (5)و أحمد (6).و قال أبو حنيفة:يجزيه (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه أتاه ابن مسعود بحجرين و روثة يستجمر بها فأخذ الحجرين و ألقى الرّوثة،و قال:(هذا رجس) (8)يعني:نجس،و في

ص:276


1- 1المغني 1:178.
2- 2) ليست في«خ»«ن»«ق»«ح».
3- 3) الام 1:22،المهذّب للشّيرازي 1:28،المجموع 2:117،مغني المحتاج 1:43،السّراج الوهّاج: 14.
4- 4) تقدّم الحديث في ص:275. [1]
5- 5) الأم 1:22،المغني 1:179،المهذّب للشّيرازي 1:28،السّراج الوهّاج:14،مغني المحتاج 1:43.
6- 6) المغني 1:179،الكافي لابن قدامة 1:66.
7- 7) المغني 1:179،الهداية للمرغيناني 1:38،بدائع الصّنائع 1:18.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:114 حديث 314.

حديث آخر:(انّها ركس) (1)و هذا تعليل منه عليه السّلام.

و من طريق الخاصّة:ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(جرت السّنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار) (2)و هذه الرّواية و إن كانت مرسلة إلاّ انّها موافقة للمذهب،و لأنّه إزالة النّجاسة،فلا يحصل بالنّجاسة كالغسل.

فروع:
الأوّل:لو استجمر بالنّجس لم يجزه

،لأنّ المحلّ ينجس بنجاسة من غير المخرج فلم يجز فيها غير الماء كما لو تنجّس ابتداء،هذا إذا كانت نجاسته بغير الغائط،و لو كانت نجاسته به احتمل ذلك أيضا لما تقدّم،و الاكتفاء بثلاثة غيره،لأنّ النّجاسة واحدة في الجنس،أمّا لو كسر النّجس و استعمل الطّاهر منه،أو أزيلت النّجاسة بغسل أو غيره،أو استعمل الطّرف الطّاهر أجزأ.و كذا الاحتمال لو سهل بطنه فترشّشت النّجاسة من الأرض إلى محلّ الاستجمار،لأنّ الاستجمار رخصة في تطهير المحلّ من نجاسة خارجة منه لكثرتها،لا من نجاسة واردة عليه لندورها .

الثّاني:الحجر النّجس إذا تقادم عهده و زالت عين النّجاسة عنه،لا يجوز استعماله

لنجاسته،أمّا لو كانت النّجاسة مائعة كالبول فزالت عينها بالشّمس،جاز استعماله لطهارته،و لو زالت بغيرها،لم يجز لبقاء نجاسته .

الثّالث:لو استجمر بحجر ثمَّ غسله أو كسر ما تنجّس منه

(3)

،جاز الاستجمار به ثانيا،لأنّه حجر يجزي غيره الاستجمار به فأجزأه كغيره،و يحتمل على قول الشّيخ عدم الإجزاء (4)محافظة على صورة لفظ العدد،و فيه بعد .

الرّابع:لو استجمر بالآجر صحّ سواء كان الطّين نجسا أو لا

،لأنّه بالطّبخ يطهر،

ص:277


1- 1صحيح البخاري 1:51،سنن التّرمذي 1:25،حديث 17،سنن النّسائي 1:39،مسند أحمد 1:418.
2- 2) التّهذيب 1:46 حديث 130،الوسائل 1:246 الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4. [1]
3- 3) «م»«ح»«ن»«ق»:نجس.
4- 4) المبسوط 1:17،الخلاف 1:20 مسألة-50.

و منعت الشّافعيّة من الاستجمار (1)بالآجر إذا عمل بالسّرجين،إلاّ بعد أن يغسل و يجفّ (2).

الوصف الرّابع:أن لا يكون عظما،و لا روثا،و لا مطعوما

.و هو قول علمائنا، و الشّافعيّ (3)،و إسحاق،و الثّوريّ (4)خلافا لأبي حنيفة،فإنّه أجاز الاستنجاء بالعظم و الرّوث (5)،و شرط مالك طهارتهما (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا تستنجوا بالرّوث و لا بالعظام،فإنّه زاد إخوانكم من الجنّ) (7).

و روى الدّارقطنيّ (8):انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يستنجى بروث أو عظم و قال:(إنّهما لا يطهّران) (9).

ص:278


1- 1«م»«ن»:الاستنجاء.
2- 2) المجموع 2:113.
3- 3) الام 1:22،مغني المحتاج 1:23،فتح الوهّاب 1:11،المحلّى 1:100،نيل الأوطار 1:116، المهذّب للشّيرازي 1:28،المجموع 2:118،ميزان الكبرى 1:114،عمدة القارئ 2:301،المغني 1:179.
4- 4) المغني 1:179،عمدة القارئ 2:301.
5- 5) المغني 1:179، [1]المجموع 2:116 و 121،الهداية للمرغيناني 1:38،شرح فتح القدير 1:190،بدائع الصّنائع 1:18،المهذّب للشّيرازي 1:28،ميزان الكبرى 1:114،عمدة القارئ 2:301،نيل الأوطار 1:116.
6- 6) المغني 1:179، [2]ميزان الكبرى 1:114،بلغة السالك 1:40.
7- 7) سنن التّرمذي 1:29.
8- 8) أبو الحسن عليّ بن عمر بن أحمد بن مهديّ البغداديّ الدّارقطنيّ،نسبة إلى دار القطن-محلّة ببغداد-صاحب السّنن،و العلل،و الافراد،روى عن البغويّ و ابن أبي داود و ابن صاعد،و روى عنه الحاكم،و أبو حامد الاسفرائينيّ،و أبو نعيم الأصفهاني،و غيرهم.ارتحل في كهولته إلى مصر و الشّام.ولد سنة 306 ه،و مات سنة 385 ه. تذكرة الحفّاظ 3:991،العبر 2:167، [3]طبقات الحفّاظ للسّيوطي:393،شذرات الذّهب 3:116. [4]
9- 9) سنن الدّارقطني 1:56 حديث 9.

و روى أبو داود عنه،انّه قال لرويفع بن ثابت (1):(أخبر النّاس انّه من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من محمّد) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ:عن ليث المراديّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن استنجاء الرّجل بالعظم أو البعر أو العود؟قال:(أمّا العظام و الرّوث فطعام الجنّ،و ذلك ممّا شرطوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:لا يصلح بشيء من ذلك) (4)و الرّواية و إن كانت ضعيفة السّند،إلاّ انّ الأصحاب تلقّوها بالقبول، و يؤيّدها الرّوايات الصّحيحة الدّالّة على الأحجار مقتضاها الاقتصار،إلاّ انّه صيّر إلى غيرها من المزيلات لدليل،فيبقى (5)الباقي على المنع،و أمّا الطّعام فالنّهي متناول له من طريق التّنبيه،لأنّ النّهي معلل في الرّوث بكونه زاد الجنّ،فزادنا أولى.

فرع:لو استنجى بالعظم،أو بالرّوث،أو بالطّعام

(6)

،قال الشّيخ:لا يجزيه (7).

و به قال الشّافعيّ (8)خلافا لأبي حنيفة (9).

ص:279


1- 1رويفع بن ثابت بن سكن بن عديّ من بني مالك بن النّجار،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و روى عنه بشر بن عبيد اللّه الحضرميّ و حنش الصّنعاني،مات ببرقة و هو أمير عليها من قبل مسلمة بن مخلّد سنة 56 ه.الإصابة 1:522، [1]أسد الغابة 2:191. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:9 حديث 36.
3- 3) ليث بن البختريّ المراديّ:أبو محمّد أو أبو يحيى،و قيل:أبو بصير الأصغر،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام،و اخرى من أصحاب الصّادق عليه السّلام و ثالثة من أصحاب الكاظم عليه السّلام.و عدّه الكشّي ممّن أجمعت العصابة على تصديقه. رجال النّجاشي:321،رجال الطّوسي:134،278،358،رجال الكشّي:238.
4- 4) التّهذيب 1:354،حديث 1053،الوسائل 1:251 الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [3]
5- 5) «ح»«ق»:فبقي.
6- 6) «خ»:استجمر.
7- 7) المبسوط 1:16،الخلاف 1:21 مسألة:52.
8- 8) الأم 1:22،المهذّب للشّيرازي 1:28،نيل الأوطار 1:116،المجموع 2:118،المغني 1:179، ميزان الكبرى 1:114،المحلّى 1:98.
9- 9) المغني 1:179،نيل الأوطار 1:116،الهداية للمرغيناني 1:38،شرح فتح القدير 1:190،بدائع الصّنائع 1:18،ميزان الكبرى 1:114.

لنا:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إنّهما لا يطهّران)و أيضا:المنع من الدّخول في الصّلاة حكم شرعيّ،فيستصحب حتّى يقوم دليل شرعيّ على زواله.

و استدلّ الشّيخ رحمه اللّه بأنّه منهيّ عنه،و النّهي يدلّ على الفساد.و في الكبرى كلام، و الأقرب الطّهارة،لأنّ التّقدير زوال عين النّجاسة فحصلت الطّهارة كالحجر،و النّهي و إن اقتضى التّحريم،فإنّه لا ينافي الطّهارة كالماء المغصوب و الحجر المغصوب،و كالنّهي عن الاستنجاء باليمين مع حصول الطّهارة.

لا يقال:الاستجمار رخصة لموضع المشقّة فإذا كان ما تعلّقت به الرّخصة معصية،لم يجز كسفر المعصية.

لأنّا نقول:الفرق ظاهر،فإنّ شرط الرّخصة هناك منتف و منتقض بالحجر المغصوب .

الوصف الخامس:أن لا يكون ممّا له حرمة كتربة الحسين عليه السّلام،و حجر

زمزم

،و كتب الأحاديث،و ورق المصحف العزيز،و كتب الفقه،لأنّ فيه هتكا للشّريعة،و استخفافا لحرمتها،فهو في الحرمة أعظم من الرّوث و الرّمّة،و لو استنجى به لم يجزئه عند الشّيخ (1)،لما قلناه (2)أوّلا،و الأجود الإجزاء،لما تقدّم.

الوصف السّادس:أن يكون جافّا

،فإنّ الرّطوبة تنتشر إلى النّجاسة فتزداد النّجاسة.

الفرع الخامس:لو استنجى بالخرقة،لم يجز قلبها و الاستنجاء بالوجه الآخر

إلاّ أن تكون صفيقة تمنع نفوذ أجزاء النّجاسة إلى الجانب الآخر،فحينئذ ينبغي القول بالجواز، و الأليق بمذهب القائلين بعدم الاكتفاء بالحجر ذي الشّعب الثّلاث:عدم الاكتفاء هاهنا، و لو كانت طويلة فاستعمل طرفها جاز استعمال الطّرف الآخر على قولنا،و على المانعين من الحجر يجوز بعد القطع.

السّادس:يجوز الاستجمار بالصّوف و الشّعر

،و منع الشّافعيّة (3)و الحنابلة من كلّ

ص:280


1- 1المبسوط 1:17.
2- 2) «ح»«ق»:قلنا.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:28،المجموع 2:121،مغني المحتاج 1:43،السّراج الوهّاج:14.

متّصل بالحيوان كذنبه و الصّوف على ظهره (1).

لنا:انّه مزيل فأجزأ،كالحجر و الخشب،و لو انفصل الجزء،جاز الاستجمار به إن كان طاهرا،و إلاّ فلا،و يجوز بالجلد المذكّى و إن لم يكن مدبوغا،لأنّه طاهر،و هو أحد قولي الشّافعيّ (2)،و منع في الآخر (3)،لأنّه لا يحصل منه الإنقاء ليبوسته.

و الجواب:المنع من عدم الإنقاء،فإنّ البحث معه.

لا يقال:انّه مأكول،لأنّا نقول:انّه لا يؤكل في العادة،و لا يقصد بالأكل،أمّا الجلد الميت فلا يجوز و إن دبغ،لبقاء نجاسته،خلافا للجمهور (4).

السّابع:محلّ الاستجمار بعد استعمال الأحجار المزيلة للعين طاهر

خلافا للشّافعيّ (5)و أبي حنيفة (6)،و اتّفق الجميع على انّ أثر النّجاسة بعد الاستنجاء و زوال العين معفوّ عنه.

لنا:قوله عليه السّلام:نهي عن العظم و الرّوث فإنّهما لا يطهّران (7)،دلّ من حيث المفهوم انّ غيرهما مطهّر،و لأنّ الصّحابة كانوا يستعملون الاستجمار كثيرا حتّى انّ بعضهم أنكر الماء،و قال آخرون:انّه بدعة مع سخونة بلادهم،و عدم انفكاك أبدانهم من العرق، و لم ينقل عنهم الاحتراز منه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(لا صلاة إلاّ بطهور،و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة

ص:281


1- 1المغني 1:180،الكافي لابن قدامة 1:67،الإنصاف 1:111.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:28،المجموع 2:122.
3- 3) الام 1:22،مغني المحتاج 1:44،السّراج الوهّاج:14.
4- 4) المجموع 2:122،بدائع الصّنائع 1:85.
5- 5) المغني 1:183،الام(مختصر المزني)8:3،المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:102،نيل الأوطار 1: 122.
6- 6) المغني 1:183،بدائع الصّنائع 1:19،الهداية للمرغيناني 1:37،نيل الأوطار 1:122،شرح فتح القدير 1:189،إلاّ انّ في الأربعة الأخيرة قيّدوه بالتعدّي عن المخرج.
7- 7) سنن الدّارقطني 1:56 حديث 9.
8- 8) المغني 1:183.

أحجار) (1)يدلّ بالمفهوم على انّها من الطّهور.

الثّامن:كيف حصل الإنقاء بالاستنجاء أجزأ

(2)

،سواء وزّع الثّلاثة على أجزاء المحل،أو جعل الثّلاثة متواردة على جميع المحل.و هو قول الشّيخ في المبسوط (3)،لحصول امتثال الأمر بالاستنجاء على التّقديرين.

و منع بعض الفقهاء (4)من ذلك لأنّه يكون تلفيقا فيكون بمنزلة مسحة واحدة و لا يكون تكرارا و هو ضعيف،لأنّا لو خلّينا و الأصل لاجتزأنا بالواحدة المزيلة،لكن لمّا دلّ النّصّ على العدد،وجب اعتباره و قد حصل ها هنا،و الفرق بين الواحد و المتعدّد:كون الواحد المنتقل إلى الجزء الثّاني من المحلّ يكون نجسا بمروره على الجزء الأوّل،أمّا المتكثّر ففي الجزء الثّاني يكون بكرا،و مع هذا الفرق لا يتمّ القياس.

التّاسع:لا يجب الاستنجاء في مخرج الغائط إلاّ مع خروج نجاسة منه

كالغائط و الدّم، أمّا الدّود و الحصى و الحقنة الطّاهرة و الشّعر رطبا أو يابسا (5)فلا يتعلّق به الحكم،خلافا للجمهور (6)،لأنّ الرّطوبات طاهرة ما عدا ما عدّدناه،و الطّاهر (7)لا يجب إزالته،أمّا لو خرج مع هذه الأشياء شيء من أجزاء النّجاسة تعلّق به الحكم،و كذا لو احتقن بنجاسة ثمَّ خرجت،لأنّها بالملاقاة نجّست المحلّ،و هل يكون حكمها حكم الغائط في الاجتزاء (8)بالأحجار؟الأقرب المنع.

العاشر:ليس على النّائم و لا على من خرج منه ريح استنجاء

.و هو مذهب علماء الإسلام.

ص:282


1- 1التّهذيب 1:49 حديث 144،الاستبصار 1:55 حديث 160،الوسائل 1:222 الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
2- 2) «خ»:بالاستجمار.
3- 3) المبسوط 1:17.
4- 4) يظهر ذلك من الشّرائع 1:19.
5- 5) «خ»«ن»«ق»«ح»:و يابسا.
6- 6) الام 1:17،بدائع الصّنائع 1:27،المجموع 2:127،المغني 1:172،عمدة القارئ 3:47.
7- 7) «ن»«خ»«م»:الظاهر.
8- 8) «م»«ن»:الإجزاء.

و روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(من استنجى من ريح فليس منّا) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن سليمان بن جعفر الجعفريّ،قال:

رأيت أبا الحسن عليه السّلام يستيقظ من نومه يتوضّأ و لا يستنجي،و قال كالمتعجّب من رجل سمّاه:(بلغني انّه إذا خرجت منه ريح استنجى) (2).

و روى عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يكون منه الرّيح أ عليه أن يستنجي؟قال:(لا) (3).

الحادي عشر:الواجب في الاستنجاء إزالة النّجاسة عن الظّاهر

.و هو مذهب أكثر أهل العلم (4).

و روي عن محمّد انّه قال:ما لم يدخل إصبعه لا يكون نظيفا (5).و هذا شاذّ.

لنا:الاكتفاء من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالاستجمار.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي محمود،عن الرّضا عليه السّلام،قال،سمعته يقول:(في الاستنجاء،يغسل ما ظهر على الشّرج و لا يدخل فيه الأنملة) (6).

و لأنّه بإدخال الإصبع لا يحصل النّقاء فيجب عليه تكرير الاستنجاء،لأنّ كلّ خارج عندهم موجب للاستنجاء و إن خلا من النّجاسة،و لأنّه ضرر،فيكون منفيّا.

الثّاني عشر:لو انسدّ المخرج المعتاد و انفتح آخر،هل يجزي فيه الاستجمار أم لا؟

فيه

ص:283


1- 1المغني 1:171،فيض القدير 6:60 حديث 8429.
2- 2) التّهذيب 1:44 حديث 124،الوسائل 1:244 الباب 27 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:44 حديث 123،الاستبصار 1:52 حديث 149،الوسائل 1:244 الباب 27 من أبواب أحكام الخلوة حديث 2. [2]
4- 4) المجموع 2:111. [3]
5- 5) العمدة الفهّامة هامش تبيين الحقائق 1:77.
6- 6) التّهذيب 1:45 حديث 128،الاستبصار 1:51 حديث 146،الوسائل 1:245 الباب 49 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [4]

تردّد ينشأ من صرف الاستنجاء في الغالب إلى المكان المخصوص،و أيضا:فهو نادر بالنّسبة إلى سائر النّاس فلا تثبت فيه أحكام الفرج فإنّه لا ينقض الوضوء و لا يجب بالإيلاج فيه مهر و لا حدّ و لا غسل،فأشبه سائر البدن،و لأنّ المأخوذ في إزالة النّجاسة استعمال الماء، و جوّزنا الأحجار رخصة،فيقتصر على موضعه الّذي ثبت عمل الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و الصّحابة عليه.و هو أحد وجهي الشّافعيّ (1).

و الثّاني الجواز،لأنّ الخارج من جنس المعتاد.و على هذا،لو بال الخنثى المشكل من أحد الفرجين كان حكمه حكم الفرج.

الثّالث عشر:لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب

.و هو قول أهل العلم لما ثبت من اجتزاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

الرّابع عشر البدء بالمقعدة ثمَّ بالإحليل في الاستنجاء

روى عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا أراد أن يستنجي بدأ بالمقعدة ثمَّ بالإحليل) (2)و يمكن أن يكون الوجه في ذلك افتقار البول إلى المسح من المقعدة و قبل غسلها لا تنفك اليد عن النجاسة،و بعض الجمهور عكس الحكم لئلاّ تتلوّث يده إذا شرع في الدّبر،لأنّ قبله بارز يصيبه إذا مدّها إلى الدّبر (3)،و الوجهان عندي سائغان،فإنّ عمّارا لا يوثق بما ينفرد به.

الخامس عشر:الاستجمار إنّما يكون في المعتاد كالغائط

،أمّا النّادر كالدّم فلا بدّ فيه من الماء،و غيرهما عندنا طاهر لا يجب فيه استنجاء بحجر و لا ماء،و للشّافعيّ قول في النّادر انّه يجزي فيه الاستجمار (4).

لنا:ان الرّخصة إنّما شرعت مع الكثرة لحصول المشقّة بالاقتصار على الماء،و هذا المعنى منتف في النّادر.

ص:284


1- 1المجموع 2:9،فتح العزيز بهامش المجموع 2:16،مغني المحتاج 1:33.
2- 2) الكافي 3:17 حديث 4، [1]التّهذيب 1:29 حديث 76،الوسائل 1:227 الباب 14 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1( [2]بتفاوت في الجميع).
3- 3) المغني 1:177،بلغة السالك 1:38.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:127،مغني المحتاج 1:43،السّراج الوهّاج:14.
السّادس عشر اشتراط عدم قيام المتغوط عن المحل في الاستجمار

شرط الشّافعيّة في الاستجمار أن لا يقوم المتغوّط عن المحلّ،لأنّه بقيامه تنتقل النّجاسة من مكان إلى آخر (1).و هو جيّد على أصلنا،و شرطوا أيضا بقاء الرّطوبة في النّجاسة،لأنّ الحجر لا يزيل النّجاسة الجامدة.

البحث الثّالث:في السّواك و آداب الوضوء و الحمّام و ما يتبع ذلك
مسألة:مذهب علمائنا انّ السّواك مندوب إليه غير واجب

.و هو مذهب أكثر الجمهور (2)،خلافا لإسحاق و داود حيث أوجباه (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(لو لا أن أشقّ على أمّتي، لأمرتهم بالسّواك عند كلّ صلاة) (4)متّفق عليه،و ذلك يدلّ على عدم الوجوب.

لا يقال:هذا يدلّ على غير مطلوبكم،لأنّه يدلّ على انّه غير مأمور به و هو عندكم مندوب فحصلت المنافاة بين المطلوب و الدّليل.

لأنّا نقول:لا منافاة بينهما لوجهين:

أحدهما:انّ الأمر للوجوب،فلا يكون المندوب مأمورا به،و إنّما تحصل المنافاة،لو قلنا النّدب مأمور به.

الثّاني:تخصيص هذا الحديث بأمر الإيجاب دون الاستحباب،لاتّفاق النّاس على نقله.

و اعلم:انّ هذا الحديث كما يدلّ على عدم الوجوب،ففيه دلالة من حيث المفهوم على

ص:285


1- 1المجموع 2:129،السّراج الوهّاج:14،فتح العزيز بهامش المجموع 1:484.
2- 2) نيل الأوطار 1:125،المغني 1:108، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:130، [2]عمدة القارئ 3:185،
3- 3) المجموع 1:271،المغني 1:108، [3]نيل الأوطار 1:126،الشرح الكبير بهامش المغني 1:131، [4]عمدة القارئ 3:185.
4- 4) صحيح البخاري 2:5،سنن أبي داود 1:12 حديث 47،سنن التّرمذي 1:34 حديث 22،سنن ابن ماجه 1:105 حديث 287،سنن النّسائي 1:12،صحيح مسلم 1:220 حديث 252،مسند أحمد 2:245-287-399-429، [5]سنن البيهقي 1:35،سنن الدّارمي 1:174، [6]الموطّأ 1:66 حديث 115. [7]

النّدبيّة،و يدلّ عليها أيضا:ما رواه الجمهور،عنه عليه السّلام انّه،قال:(السّواك مطهرة للفم،مرضاة للرّبّ) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:

(ما زال جبرئيل عليه السّلام يوصيني بالسّواك حتّى خفت أن أحفي أو أدرد) (2).

و روى عن الصّادق عليه السّلام،قال:(نزل جبرئيل بالسّواك و الحجامة و الخلال) (3).

و عنه عليه السّلام:(أربع من سنن المرسلين:التّعطّر،و السّواك،و النّساء، و الحنّاء) (4).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:(إنّ أفواهكم طرق القرآن،فطهّروها بالسّواك) (5).

و في وصيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:(يا عليّ،عليك بالسّواك عند وضوء كلّ صلاة) (6).

و قال عليه السّلام:(السّواك شطر الوضوء) (7).

و روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(لو لا أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك عند وضوء كلّ صلاة) (8).

و روى ابن يعقوب،عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:286


1- 1صحيح البخاري 3:40،سنن ابن ماجه 1:106،سنن النّسائي 1:10،سنن الدّارمي 1:174، [1]سنن البيهقي 1:34،مسند أحمد 6:47، [2]نيل الأوطار 1:125،كنز العمّال 9:310.
2- 2) الفقيه 1:32 حديث 108،الوسائل 1:346 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 1. [3]
3- 3) الفقيه 1:32 حديث 109،الوسائل 1:346 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 6. [4]
4- 4) الفقيه 1:32 حديث 111،الوسائل 1:349 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 18. [5]
5- 5) الفقيه 1:32 حديث 112،الوسائل 1:358 الباب 7 من أبواب السّواك حديث 3. [6]
6- 6) الفقيه 1:32 حديث 113،الوسائل 1:353 الباب 3 من أبواب السّواك حديث 2. [7]
7- 7) الفقيه 1:32 حديث 114،الوسائل 1:354 الباب 3 من أبواب السّواك حديث 3. [8]
8- 8) الفقيه 1:34 حديث 123،الوسائل 1:354 الباب 3 من أبواب السّواك حديث 4. [9]

قال:(ركعتان بالسّواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) (1).

و روى في الصّحيح،عن أبي أسامة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(من سنن المرسلين السّواك) (2).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:(ما زال جبرئيل عليه السّلام يوصيني بالسّواك حتّى خفت أن أحفي أو أدرد) (3).

فروع:
الأوّل:أشدّ أوقات الاستحباب،في ثلاثة مواضع:

عند الصّلاة،لقوله عليه السّلام:(لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك مع كلّ صلاة) (4)رواه ابن يعقوب في كتابه،عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

و عند الوضوء،لما رواه ابن بابويه في كتابه:(لأمرتهم عند وضوء كلّ صلاة)،و لما رواه ابن يعقوب،عن المعلّى بن خنيس (5)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السّواك بعد الوضوء؟قال:(الاستياك قبل أن يتوضّأ) (6).

و عند السّحر،لما رواه ابن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا قمت باللّيل فاستك،فإنّ الملك يأتيك فيضع فاه على فيك و ليس من حرف تتلوه و تنطق به إلاّ صعد

ص:287


1- 1الكافي 3:22 حديث 1، [1]الوسائل 1:355 الباب 5 من أبواب السّواك حديث 2. [2]
2- 2) الكافي 3:23 حديث 2، [3]الوسائل 1:346 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 2. [4]
3- 3) الكافي 3:23 حديث 3، [5]الوسائل 1:346 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 1. [6]
4- 4) الكافي 3:22 حديث 1، [7]الوسائل 1:355 الباب 5 من أبواب السّواك حديث 3. [8]
5- 5) معلّى بن خنيس:أبو عبد اللّه مولى الصّادق(ع)،و من قبله كان مولى بني أسد،كوفيّ بزّاز ضعيف جدّا، عدّه الشّيخ من أصحاب الصّادق(ع)،و وصفه المصنّف بالعدالة لما روي من كتاب الغيبة بأنّه كان محمودا عند الصّادق(ع)،و قد وردت أخبار كثيرة في مدحه و قدحه عن الصّادق(ع). رجال النّجاشي:417،رجال الطّوسي:310،رجال العلاّمة:259، [9]تنقيح المقال 3:230. [10]
6- 6) الكافي 3:23 حديث 6، [11]الوسائل 1:354 الباب 4 من أبواب السّواك حديث 1. [12]

[به] (1)إلى السّماء،فليكن فوك طيّب الرّيح) (2).

الثّاني:يكره السّواك في الخلاء

،لما رواه ابن بابويه في كتابه،عن موسى بن جعفر عليه السّلام،قال:(السّواك في الخلاء يورث البخر (3)) (4).

و يكره أيضا في الحمّام،قال:(لأنّه يورث و باء الأسنان) (5).

الثّالث:يجوز السّواك للصّائم نهارا بالرّطب و اليابس

سواء كان أوّل النّهار أو آخره لعموم الأمر به.

و قال الشّافعيّ:يكره للصّائم بعد الزّوال (6).و هو ضعيف للعموم،و لما رواه الجمهور عنه عليه السّلام انّه قال:(خير خلال الصّائم السّواك) (7).

و الّذي اخترناه قول عليّ عليه السّلام،و به قال ابن عبّاس،و عائشة،و النّخعيّ، و ابن سيرين،و عروة،و أصحاب الرّأي (8)،و قال عطاء و أبو ثور و مجاهد و إسحاق بقول الشّافعيّ،و هو قول عمر (9)(10)،و عن أحمد روايتان (11).

و قال مالك:إن كان الصّوم فرضا كره السّواك،و إن كان نفلا استحبّ لاستحباب إخفاء النّوافل،و بترك السّواك يظهر صومه،و لا بأس بالسّواك للمحرم،للعموم.

ص:288


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) الكافي 3:23 حديث 7، [1]الوسائل 1:357 الباب 6 من أبواب السّواك حديث 3. [2]
3- 3) بخر الفم:أنتنت ريحه.المصباح المنير 1:37. [3]
4- 4) الفقيه 1:32 حديث 110،الوسائل 1:237 الباب 21 من أبواب أحكام الخلوة حديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:33.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:13،المجموع 1:275،مغني المحتاج 1:56،السّراج الوهّاج:17،الهداية للمرغيناني 1:126،المغني 1:110،فتح الوهّاب 1:13.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:536 حديث 1677،سنن الدّارقطني 2:203،نيل الأوطار 1:132.
8- 8) المجموع 1:279.
9- 9) المجموع 1:279. [5]
10- 10) عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح،روى عن النّبيّ و أبي بكر و أبي بن كعب،و روى عنه أولاده و عثمان و سعد بن أبي وقّاص و طلحة بن عبيد اللّه و عبد الرّحمن بن عوف و غيرهم.قتل سنة 23 ه. أسد الغابة 4:52، [6]الإصابة 2:518، [7]تذكرة الحفّاظ 1:5،شذرات الذّهب 1:33. [8]
11- 11) المغني 1:110، [9]الانصاف 1:118، [10]الكافي لابن قدامة 1:26.
الرّابع:يستحبّ أن يكون آلة السّواك عودا ليّنا ينقي الفم و لا يجرحه

و لا يضرّه و لا يتفتّت فيه كالأراك،لما روى ابن بابويه في كتابه:(انّ الكعبة شكت إلى اللّه تعالى ما تلقى من أنفاس المشركين فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليها:قرّي كعبة فإنّي مبدّل لك بهم قوما يتنظّفون بقضبان الشّجر،فلمّا بعث اللّه عزّ و جلّ نبيّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،نزل جبرئيل بالسّواك) (1).

فإن لم يوجد استاك بيده،قاله علماؤنا و أحمد (2)،خلافا للشّافعيّ (3)،لما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(التّسويك بالإبهام و المسبّحة عند الوضوء سواك) (4).

و روى ابن يعقوب،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(أدنى السّواك أن تدلكها بإصبعك) (5).

الخامس:يستحب أن لا يترك السّواك أكثر من ثلاثة أيّام

لقوله عليه السّلام:

(يا عليّ،عليك بالسّواك عند وضوء كلّ صلاة) (6)و التّقدير مستفاد من رواية ابن بابويه و ابن يعقوب في كتابيهما،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال في السّواك:(لا تدعه في كلّ ثلاثة أيّام و لو أن تمرّه مرّة واحدة) (7).

السّادس:في السّواك اثنتا عشرة فائدة

رواها ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام، قال:(هو من السّنّة،و مطهرة للفم،و مجلاة للبصر،و يرضي الرّحمن،و يبيّض الأسنان،

ص:289


1- 1الفقيه 1:34 حديث 125،الوسائل 1:348 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 13.و [1]فيها: مبدّلك.
2- 2) المغني 1:109،الإنصاف 1:119،منار السّبيل 1:21،الكافي لابن قدامة 1:26. [2]
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:14،المجموع 1:282،مغني المحتاج 1:55،فتح الوهّاب 1:13،السّراج الوهّاج:17.
4- 4) التّهذيب 1:357 حديث 1070،الوسائل 1:359 الباب 9 من أبواب السّواك حديث 4. [3]
5- 5) الكافي 3:23 حديث 5، [4]الوسائل 1:359 الباب 9 من أبواب السّواك حديث 3. [5]
6- 6) الفقيه 1:32 حديث 113،الوسائل 1:353 الباب 3 من أبواب السّواك حديث 2. [6]
7- 7) الكافي 3:23 حديث 4، [7]الفقيه 1:33 حديث 119،الوسائل 1:353 الباب 2 من أبواب السّواك حديث 1. [8]

و يذهب بالحفر،و يشدّ اللّثّة،و يشهّي الطّعام،و يذهب بالبلغم،و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات،و تفرح به الملائكة) (1).

و روى أيضا انّه أحد الحنيفيّة العشرة،و هي(خمس في الرأس،هي:المضمضة، و الاستنشاق،و السّواك،و قصّ الشّارب،و الفرق لمن طوّل شعر رأسه،و من لم يفرق شعره فرقه اللّه يوم القيامة بمنشار من نار،و خمس في البدن،و هي:الاستنجاء،و الختان،و حلق العانة،و قصّ الأظافير،و نتف الإبطين) (2).

السّابع:يستحبّ أن يستاك عرضا

،و أن يبدأ بجانبه الأيمن،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كان يحبّ التّيامن في كلّ شيء .

أ

الثّامن:اختلف في السّواك هل هو من سنن الوضوء أم لا؟

(3)

فقيل:انّه من سننه، لأنّه نوع من النّظافة يؤمر به المتوضّئ (4)،و قيل:انّه سنّة مقصودة في نفسه (5)،لأنّه يؤمر به غير المتطهّر كالحائض و النّفساء كما يؤمر به المتطهّر،و تظهر الفائدة فيما لو نذر الإتيان بسنن الوضوء.

مسألة :يستحبّ وضع الإناء على اليمين

(6)

و الاغتراف بها إن كانت الآنية الّتي يغترف منها باليد،لما رواه الجمهور،عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التّيمّن في تنعّله و ترجّله و طهوره و في شأنه كلّه (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة بن أعين،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه حكى لنا وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فدعا بقدح من ماء فأدخل

ص:290


1- 1الفقيه 1:34 حديث 126،الوسائل 1:347 الباب 1 من أبواب السّواك حديث 12. [1]
2- 2) الفقيه 1:33 حديث 117.
3- 3) «خ»:اختلفوا.
4- 4) عمدة القارئ 3:185،المجموع 1:273.
5- 5) عمدة القارئ 3:185،المجموع 1:273.
6- 6) «ق»«ح»:التّاسع.
7- 7) صحيح البخاري 1:116،و 7:199،صحيح مسلم 1:226 حديث 268،سنن التّرمذي 3:506 حديث 608، [2]سنن ابن ماجه 1:141 حديث 401،سنن النّسائي 1:78،205،مسند أحمد 6:94،130،147،188. [3]

يده اليمنى فأخذ كفّا من ماء فأسدلها على وجهه (1).و لأنّه أمكن في الاستعمال .

مسألة :و يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء من النّوم

(2)

.و هو مذهب علمائنا،و به قال عطاء (3)،و مالك (4)،و الأوزاعيّ (5)،و الشّافعيّ (6)،و إسحاق، و أصحاب الرّأي (7)،و قال أحمد به في نوم النّهار،و أصحّ الرّوايتين عنه:وجوب غسلهما من نوم اللّيل (8)،و هو مذهب ابن عمر،و أبي هريرة،و الحسن البصري،إلا انّ الحسن البصري أوجب غسلهما من نوم النهار (9)أيضا.

لنا:قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (10)عقّب القيام إلى الصّلاة بغسل الوجه.

و قال المفسّرون:المراد:إذا قمتم من النّوم (11)،و ليس في الآية دلالة على غسل اليدين،

ص:291


1- 1التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء حديث 10. [1]
2- 2) «ق»«ح»:العاشر.
3- 3) المغني 1:111.
4- 4) بداية المجتهد 1:9،سبل السّلام 1:47،عمدة القارئ 3:70،شرح الزّرقاني على موطّإ مالك 1:50، المغني 1:111،مقدّمات ابن رشد 1:55.
5- 5) المغني 1:111.
6- 6) الام 1:24،بداية المجتهد 1:9،سبل السّلام 1:47،مغني المحتاج 1:57،سنن التّرمذي 1:36، المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1:348،السّراج الوهّاج:17،فتح الوهّاب 1:13،المغني 1:111، نيل الأوطار 1:169.
7- 7) نيل الأوطار 1:169،المغني 1:111،سنن التّرمذي 1:37، [2]بدائع الصّنائع 1:20،الهداية للمرغيناني 1:12، [3]شرح فتح القدير 1:18.
8- 8) سنن التّرمذي 1:37، [4]بداية المجتهد 1:9،ميزان الكبرى 1:116،المجموع 1:349،نيل الأوطار 1:169،الإنصاف 1:130، [5]المغني 1:110،شرح الزّرقاني على موطّإ مالك 1:50،سبل السّلام 1:47.
9- 9) المغني 1:111، [6]نيل الأوطار 1:169،ميزان الكبرى 1:116.
10- 10) المائدة:6. [7]
11- 11) تفسير الطّبري 6:112،أحكام القرآن للجصّاص 3:333، [8]تفسير العيّاشي 1:297، [9]تفسير القرطبي 6:82،أحكام القرآن لابن العربي 2:559،الدّرّ المنثور 2:262. [10]

فيحصل الاكتفاء بالمأمور به،و إلاّ لم يبق الأمر دالاّ على الإجزاء.(و أيضا:فالأصل عدم الوجوب) (1)و أيضا:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،قال:سألته عن رجل يمسّ الطّست أو الرّكوة ثمَّ يدخل يده في الإناء قبل أن يفرغ على كفّيه؟قال:(يهريق من الماء ثلاث حفنات،و إن لم يفعل فلا بأس) (2)و الطّريق و إن كان ضعيفا إلاّ انّها مؤيّدة بالأصل و عمل الأصحاب.

و روى عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الجنب يجعل الرّكوة أو التّور فيدخل إصبعه فيه؟قال:(إن كانت إصبعه قذرة فليهرقه،و إن كانت لم يصبها قذر فليغتسل منه،هذا ممّا قال اللّه تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (3)) (4)و في طريقها محمّد بن سنان،و فيه قول (5).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

سألته عن الرّجل يبول و لم يمسّ يده اليمنى شيئا أ يغمسها في الماء؟قال:(نعم و إن كان جنبا) (6).و أيضا:فهو قائم من النّوم،فأشبه قيامه من نوم النّهار.

احتجّ أحمد (7)بقوله عليه السّلام:(إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثا،فإنّ أحدكم لا يدري أين باتت يده) (8).

ص:292


1- 1ليست في«ح»«ق».
2- 2) التّهذيب 1:38 حديث 102،الوسائل 1:114 الباب 8 من أبواب الماء المطلق حديث 10. [1]
3- 3) الحجّ:78. [2]
4- 4) التّهذيب 1:37 حديث 100،الاستبصار 1:20 حديث 46،الوسائل 1:115 الباب 18 من أبواب الماء المطلق حديث 11- [3]بتفاوت يسير.
5- 5) مرّت ترجمته و القول فيه في ص:25. [4]
6- 6) التّهذيب 1:36 حديث 98،الاستبصار 1:50 حديث 143،الوسائل 1:302 الباب 28 من أبواب الوضوء حديث 1. [5]
7- 7) المغني 1:110-111.
8- 8) صحيح البخاري 1:52،صحيح مسلم 1:233 حديث 278 سنن التّرمذي 1:36 حديث 24،سنن ابن ماجه 1:138 حديث 393،و ص:139 حديث 394،395،سنن أبي داود 1:25 حديث 103، 105،سنن النّسائي 1:99،مسند أحمد 2:241،253،259، [6]نيل الأوطار 1:169 حديث 2،3، الموطّأ 1:21 حديث 9.و [7]في الجميع بتفاوت يسير.

و الجواب:انّ التّعليل يشعر بأنّ الأمر للاستحباب فإنّ طريان الشّكّ على يقين الطّهارة لا يؤثّر فيها كما في الشّكّ في الحدث مع يقين الطّهارة.

و يدلّ على الاستحباب أنّها تدخل الإناء و تنقل الماء إلى الأعضاء ففي غسلها احتراز لجميع أعضاء الوضوء،و ما رواه الجمهور من انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفعله (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن عبيد اللّه الحلبيّ،قال:سألته عن الوضوء كم يفرغ الرّجل على يده اليمنى قبل أن يدخلها في الإناء؟قال:(واحدة من حدث البول،و اثنتان من الغائط و ثلاث من الجنابة) (2).

و ما رواه،عن حريز،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(يغسل الرّجل يده من النّوم مرّة و من الغائط و البول مرّتين و من الجنابة ثلاثا) (3).

و اختلاف الأحاديث دالّ على الاستحباب و غير قادح فيه.

لا يقال:انّه أمر و هو يدلّ على الوجوب،و به احتجّ الموجبون.

و أيضا روى الشّيخ،عن عبد الكريم بن عتبة الكوفيّ الهاشميّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يبول و لم يمسّ يده اليمنى شيء أ يدخلها في وضوئه قبل أن يغسلها؟ قال:(لا حتّى يغسلها)قلت:فإنّه استيقظ من نومه و لم يبل،أ يدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها؟قال:(لا،لأنّه لا يدري حيث كانت يده فليغسلها) (4).

لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّ الأمر و إن كان في الأصل للوجوب إلاّ انّه قد يستعمل كثيرا في النّدب،و قد دلّلنا على الاستحباب فيحمل عليه.

و عن الثّاني بذلك أيضا،و النّهي لا يدلّ على التّحريم في كلّ صورة خصوصا مع قيام الدّليل الدّالّ على المصير إلى خلافه.

ص:293


1- 1المغني 1:110،سنن ابن ماجه 1:139 حديث 396.
2- 2) التّهذيب 1:36 حديث 96،الاستبصار 1:50 حديث 141،الوسائل 1:301 الباب 27 من أبواب الوضوء حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:36 حديث 97،الاستبصار 1:50 حديث 142،الوسائل 1:301 الباب 27 من أبواب الوضوء حديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 1:39 حديث 106،الاستبصار 1:51 حديث 145،الوسائل 1:301 الباب 27 من أبواب الوضوء حديث 3.و [3]فيها:حيث باتت.
فروع:
الأوّل:لو لم يغسل يده و غمسها في الماء،

لم يؤثّر في تنجيسه،قليلا كان أو كثيرا،و عند القائلين بالوجوب كذلك أيضا،لأنّ طهوريّة الماء كانت بيقين،و الغمس المحرم لا يقتضي زوالها،لأنّه لو زال لكان مستندا إلى و هم النّجاسة،و الوهم لا يزيل اليقين،و لأنّ (1)اليقين لا يزول بالشّك،فبالوهم أولى.

و قال الحسن:يجب إهراق الماء (2).

و قال أحمد:أحبّ إليّ أن يهريق الماء (3).و ليس بشيء .

الثّاني:لم يحدّ الأصحاب اليد هاهنا،

و الأولى انّ المراد منها العضو من الكوع،لأنّه هو الواجب في مسح التّيمّم،و لأنّ الغمس لها،فلا يحصل الاكتفاء ببعض المغموس لقوله:

(فلا يدخل يده قبل أن يغسلها)و لا يستحبّ الزّيادة،لأنّ اليد من المرفق هو الواجب للوضوء،و لأنّه غير مغموس .

الثّالث:غمس بعضها في المنع الاستحبابي كغمس جميعها،

لأنّه مفهوم من قوله:

(لأنّه لا يدري حيث كانت يده).

و قال الحسن:لا يمنع (4)،لأنّ النّهي يتناول غمس الجميع و لا يلزم من كون الشّيء محكوما عليه بشيء،كون بعضه كذلك،و هو ضعيف لما قلناه من المفهوم،و نحن لم نقل بالملازمة بين الحكم على الجميع و البعض .

الرّابع:غمسها بعد غسلها دون الثّلاث في الجنابة و المرّتين في الغائط كغمسها قبل

الغسل،

لأنّ النّهي باق لا يزول حتّى يغسلها كمال العدد .

الخامس:لا فرق بين كون يد النّائم مشدودة أو مطلقة

(5)

أو في جراب أو كون النّائم

ص:294


1- 1«م»«ح»«ق»لأنّ.
2- 2) المغني 1:112.
3- 3) المغني 1:112.
4- 4) المغني 1:112.
5- 5) «م»«ح»«ق»:أن يكون.

عليه سراويله أو لم يكن عملا بالعموم.

و أيضا:الحكم المعلّق على المظنّة لا يعتبر فيه حقيقة الحكمة كالمشقّة في السّفر و كالاستبراء للرّحم في العدّة،فإنّه واجب في حقّ الصّغيرة و اليائسة.

و أيضا:الغسل تعبّد لا باعتبار النّجاسة،و لهذا فإنّ القائلين بالوجوب معترفون بطهارة اليد قبل الغسل.

و أيضا:احتمال النّجاسة لا ينحصر في مسّ الفرج،فقد يكون في البدن بثرة أو دمل، أو تلاقي يده نجاسة خارجة،أو تكون نجسة قبل نومه فينساها لطول نومه .

السّادس:هذا الحكم يتعلّق بالمسلم البالغ العاقل

لأنّ المراد تطهيرها حكما و لا يحصل إلاّ فيمن (1)ذكرنا .

السّابع:لم يقدّر أصحابنا النّوم هنا بقدر،

و الظّاهر انّ المراد منه التّناقض لأنّه مفهوم من قوله:(لأنّه لا يدري أين باتت يده).

و قال بعض الفقهاء من الجمهور:هو ما زاد على نصف اللّيل،قال:لأنّه لا يكون بائتا بالنّصف فإنّ من خرج من جمع (2)قبل نصف اللّيل لا يكون بائتا و يجب الدّم،و هو ضعيف،لأنّه لو جاء بعد الانتصاف المزدلفة فإنّه يكون بائتا بها إجماعا و لا دم،و قد بات دون النّصف (3).

الثّامن:لا يفتقر إلى نيّة في غسل اليدين لأنّه معلّل بوهم النّجاسة

،و مع تحقّقها لا تجب النّيّة فمع توهّمها أولى،و لأنّه قد فعل المأمور به و هو الغسل فيحصل الإجزاء،و القائلون بالوجوب أوجبوا النّيّة في أحد الوجهين (4).

ص:295


1- 1«خ»:لمن.
2- 2) جمع:بسكون الميم و ضمّها و فتحها يقال لمزدلفة،إمّا لأنّ النّاس يجتمعون بها،و إمّا لأنّ آدم اجتمع هناك بحوّاء.المصباح المنير 1:108. [1]
3- 3) المغني 1:113.
4- 4) المغني 1:113،الإنصاف 1:131.
التّاسع:لا يفتقر إلى تسمية،

و قال بعض الجمهور:يفتقر،قياسا على الوضوء (1)، و نحن نمنع الحكم في الأصل لما يأتي،و يظهر الفرق بأنّ الوضوء آكد و هو في أربعة أعضاء، و أيضا:فإنّ شرط القياس حصول العلّة المتوقّف على معقوليّة المعنى و هو غير معقول هنا .

العاشر:المستحبّ عندنا غسل اليدين من حدث البول و النّوم مرّة واحدة

و من الغائط مرّتين و من الجنابة ثلاثا،لأنّ تفاوت الأحداث يناسب تفاوت الغسل،و الجمهور استحبّوا غسلهما من حدث النّوم ثلاثا خاصّة (2).

لنا:ما تقدّم في حديث الحلبيّ و حديث حريز،عن الباقر عليه السّلام،و قد تقدّما (3).

احتجّوا بما رواه أبو هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتّى يغسلها ثلاثا،فإنّه لا يدري أين باتت يده) (4).

و الجواب:انّ أصحاب ابن مسعود أنكروا على أبي هريرة هذا،و قالوا:كيف نصنع بالمهراس (5).

الحادي عشر:لو تعدّدت الأحداث فالأولى التّداخل

سواء اتّحد الجنس أو اختلف .

الثّاني عشر:الوجه اختصاص التّعبّد بذلك بالماء القليل،

فلو كانت الآنية تسع الكرّ لم يستحب.و كذا لو غمس يده في نهر جار.

و الأقرب انّ غسل اليدين تعبّد محض فلو تيقّن طهارة يده استحبّ له غسلها قبل الإدخال،و لو لم يرد الطّهارة ففي استحباب غسلها إشكال،أقربه ذلك،لعموم الأمر بالغسل لمريد الغمس.

و كذا يستحبّ غسلها لمن قام من النّوم و من لم يقم،و سواء توهّم على يده نجاسة أولا.

و هل غسلها من سنن الوضوء؟فيه احتمال من حيث الأمر به عند الوضوء و من حيث

ص:296


1- 1المغني 1:113.
2- 2) المجموع 1:348، [1]نيل الأوطار 1:169،المغني 1:110،بدائع الصّنائع 1:20.
3- 3) تقدّم الحديثان في ص 293. [2]
4- 4) تقدّمت الرّواية في ص 292.
5- 5) المهراس:صخرة منقورة تسع كثيرا من الماء.النّهاية لابن الأثير 5:259. [3]

انّ الأمر به لتوهّم النّجاسة،لقوله:(فإنّه لا يدري أين باتت يده)فيكون من جملة السّنن .

مسألة:و يستحبّ التّسمية في ابتداء الطّهارة

.و هو مذهب عامّة العلماء،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد،و في الأخرى:انّها واجبة (1)،و به قال إسحاق بن راهويه (2).

لنا:قوله تعالى فَاغْسِلُوا (3)عقّب القيام بالغسل فانتفت الواسطة بين إرادة الصّلاة و الغسل.

و ما رواه الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من توضّأ فذكر اسم اللّه عليه كان طهورا لجميع بدنه،و من توضّأ و لم يذكر اسم اللّه عليه كان طهورا لأعضاء وضوئه) (4)و معنى ذلك:الطّهارة من الذّنوب،لأنّ رفع الحدث لا يتبعّض،و ذلك يدلّ على انّ التّسمية موضع الفضيلة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام حكاية وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يذكر فيه التّسمية،و لو كانت واجبة لوجوب ذكرها (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا سمّيت في الوضوء،طهر جسدك كلّه و إذا لم تسمّ لم يطهر من جسدك إلاّ ما مرّ عليه الماء) (6)و لو كانت شرطا لكان الإخلال بها مبطلا،فلا تحصّل طهارة شيء من الأعضاء.

ص:297


1- 1المغني 1:114،الإنصاف 1:128،المجموع 1:346،نيل الأوطار 1:167،الكافي لابن قدامة 1:29-30.
2- 2) التّفسير الكبير 11:157، [1]سنن التّرمذي 1:38،المجموع 1:346،نيل الأوطار 1:167،المغني 1:114.
3- 3) المائدة:6. [2]
4- 4) سنن الدّارقطني 1:74،نيل الأوطار 1:167،سنن البيهقي 1:44.
5- 5) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء حديث 10. [3]
6- 6) التّهذيب 1:355 حديث 1060،الاستبصار 1:67 حديث 204،الوسائل 1:298 الباب 26 من أبواب الوضوء حديث 5. [4]

و أيضا:روى في الصّحيح،عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:(من ذكر اسم اللّه تعالى على وضوئه فكأنّما اغتسل) (1)و ذلك يدلّ على تأكّد الاستحباب فإنّ المشبّه به غير واجب،فلا يكون الطّريق إليه واجبا.

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إنّ رجلا توضّأ و صلّى فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أعد صلاتك و وضوءك،ففعل فتوضّأ و صلّى،فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أعد وضوءك و صلاتك،ففعل فتوضّأ و صلّى،فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أعد وضوءك و صلاتك فأتى أمير المؤمنين عليه السّلام فشكا ذلك إليه،فقال:هل سمّيت حيث توضّأت؟قال:

لا،قال فسمّ على وضوئك فسمّى فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلم يأمره أن يعيد الوضوء) (2).

و بما (3)استدلّ به أهل الظّاهر (4)من قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه) (5).

لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّه يحتمل أن يكون المراد بالتّسمية:النّيّة،إطلاقا لاسم الجزء على الكلّ،و ذلك باب مستعمل في المجاز يجب المصير إليه عند وجود الإجماع على امتناع الحمل على الحقيقة.

و عن الثّاني بذلك أيضا،على انّ أحمد،قال:ليس يثبت في هذا حديث،و لا أعلم فيه

ص:298


1- 1التّهذيب 1:358 حديث 1073،الاستبصار 1:67 حديث 203،الوسائل 1:298 الباب 26 من أبواب الوضوء حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:358 حديث 1075،الاستبصار 1:68 حديث 206،الوسائل 1:298 الباب 26 من أبواب الوضوء حديث 6. [2]
3- 3) كذا،و الأنسب:و ما.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:55،المجموع 1:346،نيل الأوطار 1:167،سبل السّلام 1:53.
5- 5) سنن أبي داود 1:25 حديث 101،سنن التّرمذي 1:37 حديث 25،سنن ابن ماجه 1:139 حديث 397،سنن الدّارمي 1:176،حديث 1، [3]سنن الدّارقطني 1:71 حديث 3،سنن البيهقي 1:43،نيل الأوطار 1:165 حديث 1،سبل السّلام 1:53 حديث 18،مسند أحمد 2:418 و ج 3:41، [4]مستدرك الحاكم 1:146.

حديثا له إسناد جيّد (1).

و قال الحسن بن محمّد (2):ضعّف أبو عبد اللّه الحديث في التّسمية فإنّ رجاله مجهولون، و لو سلّم فالمراد نفي الكمال (3)كقوله عليه السّلام:(لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد) (4)جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لو تركها عمدا أو سهوا لم تبطل طهارته

و هو ظاهر على قولنا،أمّا القائلون بالوجوب فقالوا:إن تركها عمدا بطلت طهارته،لأنّه ترك واجبا في الطّهارة فأشبه ما لو ترك النّيّة (5)،و هو ضعيف فإنّ الأصل الصّحّة،و قياسهم مقلوب،فإنّا نقول:فلا يشترط فيه العمد كالنّيّة و هم قد اشترطوه،فإنّ أحمد قال:لو تركها ناسيا أرجو أن لا يكون عليه شيء (6)،و هذا النّوع من القلب يسمّى قلبا لإبطال مذهب المستدلّ بالإلزام .

الثّاني:لو فعلها خلال الطّهارة لم يكن قد أتى بالمستحبّ

لقوله عليه السّلام:(إذا وضعت يدك في الماء فقل)و إن كان قد أتى بمستحب.

و اختلف القائلون بالوجوب في الاعتداد بذلك فقال بعضهم (7)به،لأنّه قد ذكر اسم اللّه على وضوئه.و قال بعضهم:لو تركها سهوا لا يسقط التّكليف بها (8)،و هو ضعيف

ص:299


1- 1المغني 1:115،نيل الأوطار 1:166،الكافي لابن قدامة 1:30،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:141.
2- 2) أبو عليّ الحسن بن محمّد بن الصّباح الزّعفراني صاحب الشّافعيّ ببغداد،روى عنه كتابه القديم،له مصنّفات،روى عنه الجماعة سوى مسلم،مات سنة 260 ه. تذكرة الحفّاظ 2:525،شذرات الذّهب 2:140، [1]طبقات الحفّاظ للسّيوطي:234.
3- 3) المغني 1:115.
4- 4) سنن الدّارقطني 1:420،نيل الأوطار 1:168.
5- 5) تقدّم قولهم في صفحة 217،و انظر:الشّرح الكبير بهامش المغني 1:141،التّفسير الكبير 11:157،المغني 1:115.
6- 6) المغني 1:115،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:141،الكافي لابن قدامة 1:30.
7- 7) انظر نفس المصادر.
8- 8) انظر نفس المصادر.

لقوله عليه السّلام:(رفع عن أمّتي الخطأ و النّسيان) (1).

الثّالث:كيفيّتها:

ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال(إذا وضعت يدك في الماء فقل:بسم اللّه و باللّه،اللّهم اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين،فإذا فرغت فقل:الحمد للّه ربّ العالمين (2).

و روى في الضّعيف،عن عبد الرّحمن بن كثير (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أمير المؤمنين عليه السّلام:(بسم اللّه و الحمد للّه الّذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا) (4).

و روى محمّد بن يعقوب في كتابه في الحسن،عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:(فإذا توضّأت فقل:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،اللهمّ اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين و الحمد للّه ربّ العالمين (5).

مسألة:قال علماؤنا:المضمضة و الاستنشاق مستحبّان غير واجبين في الطّهارتين

.

و به قال مالك (6)،و الشّافعيّ (7)،و الزّهريّ،و الحسن،و قتادة،و ربيعة،و يحيى

ص:300


1- 1رواه بتفاوت في سنن ابن ماجه 1:959-و بهذا اللّفظ في الوسائل 11:295 الباب 56 من أبواب جهاد النّفس حديث 1،2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:76 حديث 192،الوسائل 1:298 الباب 26 من أبواب الوضوء حديث 2. [2]
3- 3) عبد الرّحمن بن كثير الهاشميّ:مولى عبّاس بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس،كان ضعيفا،غمز أصحابنا عليه،و قالوا:كان يضع الحديث.رجال النّجاشي:234،رجال العلاّمة:239. [3]
4- 4) الكافي 3:70 حديث 60، [4]الفقيه 1:26 حديث 1،التّهذيب 1:53 حديث 153،الوسائل 1:282 الباب 16 من أبواب الوضوء حديث 1. [5]
5- 5) الكافي 3:16 حديث 1، [6]التّهذيب 1:25 حديث 63،الوسائل 1:298 الباب 26 من أبواب الوضوء حديث 1. [7]
6- 6) مقدّمات ابن رشد 1:55،بداية المجتهد 1:10،بلغة السّالك 1:46،نيل الأوطار 1:173،ميزان الكبرى 1:116،المغني 1:132،المجموع 1:362، [8]المدوّنة الكبرى 1:15،سنن التّرمذي 1:41، [9]عمدة القارئ 3:70،المحلّى 2:50.
7- 7) الام 1:24،التّفسير الكبير 11:157، [10]المجموع 1:362، [11]إرشاد السّاري 1:249،السّراج الوهّاج: 17،مغني المحتاج 1:57،المبسوط للسّرخسي 1:62،سنن التّرمذي 1:41، [12]بداية المجتهد 1:10،عمدة القارئ 3:70،بدائع الصّنائع 1:21،نيل الأوطار 1:173،المحلّى 2:50.

الأنصاريّ،و اللّيث،و الأوزاعيّ (1).

و قال أحمد:إنّهما واجبان في الطّهارتين (2).و به قال إسحاق و ابن أبي ليلى (3)، و روي عنه رواية اخرى انّ الواجب هو الاستنشاق فيهما.و هو قول أبي ثور و داود (4)، و روي عنه أيضا انّ المضمضة و الاستنشاق واجبان في الكبرى،مستحبّان في الصّغرى.

و هو قول أبي حنيفة (5).

لنا:قوله تعالى فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (6)و لم يجعل فاصلا بين إرادة القيام و غسل الوجه و ذلك يقتضي الإجزاء بالمأمور به.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(عشر من الفطرة) (7)و ذكر فيها المضمضة و الاستنشاق،و الفطرة سنّة،و ذكره لهما من الفطرة يدلّ على مخالفتهما لسائر الوضوء.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(المضمضة و الاستنشاق ليسا من الوضوء) (8)أي:ليسا من فرائضه.

ص:301


1- 1نيل الأوطار 1:173،المجموع 1:362،عمدة القارئ 3:70،المغني 1:132.
2- 2) المغني 1:132،الإنصاف 1:152، [1]الكافي لابن قدامة 1:31،منار السّبيل 1:24،عمدة القارئ 3:70،المحلّى 2:50،بدائع الصّنائع 1:21،إرشاد السّاري 1:249،نيل الأوطار 1:172،المجموع 1:363،سنن التّرمذي 1:41،ميزان الكبرى 1:116،التّفسير الكبير 11:157. [2]
3- 3) المجموع 1:363،سنن التّرمذي 1:41،عمدة القارئ 3:70،التّفسير الكبير 11:157،المغني 1:132،بداية المجتهد 1:10،نيل الأوطار 1:172.
4- 4) المغني 1:132،بداية المجتهد 1:10،نيل الأوطار 1:172،تفسير القرطبي 6:84، [3]عمدة القارئ 3:70.
5- 5) شرح فتح القدير 1:22 و 50،المغني 1:132، [4]المجموع 1:363،المبسوط للسّرخسي 1:62،بدائع الصّنائع 1:21،المحلّى 2:50، [5]نيل الأوطار 1:173،بداية المجتهد 1:10،التّفسير الكبير 11:157. [6]
6- 6) المائدة:6. [7]
7- 7) صحيح مسلم 1:223 حديث 261،سنن التّرمذي 5:91،سنن ابن ماجه 1:107،سنن النّسائي 8:126، مسند أحمد 6:137،نيل الأوطار 1:135.
8- 8) التّهذيب 1:78 حديث 199،الاستبصار 1:66 حديث 199،الوسائل 1:303 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 5. [8]

و ما رواه في الحسن،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عنهما؟فقال:

(هما من الوضوء فإن نسيتهما فلا تعد) (1)و هذا الخبر يدلّ على صحّة ما ذكرناه من التّأويل.

و ما رواه،عن أبي بكر الحضرميّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(ليس عليك استنشاق و لا مضمضة لأنّهما من الجوف) (3).

و ما رواه عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(المضمضة و الاستنشاق ممّا سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) (4).

و ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(ليس المضمضة و الاستنشاق فريضة و لا سنّة إنّما عليك أن تغسل ما ظهر) (5).

أقول:و يريد بالسّنّة الحنفيّة:السّنّة الّتي لا يجوز تركها،و يدلّ عليه،مفهوم قوله:

(إنّما عليك أن تغسل ما ظهر)فإنّ(على)دالّة على الإيجاب.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (6)و لم يذكر المضمضة و الاستنشاق لما كان فعله بيانا، فلو كانا واجبين لاستحال منه الإخلال بهما.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:(فقد يجزيك

ص:302


1- 1التّهذيب 1:78 حديث 200،الاستبصار 1:67 حديث 200،الوسائل 1:303 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 4. [1]
2- 2) عبد اللّه بن محمّد:أبو بكر الحضرميّ الكوفيّ سمع من أبي الطّفيل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع).و روى الكشّي له مناظرة جرت مع زيد بن عليّ بن الحسين. رجال الطّوسي:224،رجال الكشّي:416،رجال العلاّمة:110. [2]
3- 3) التّهذيب 1:78 حديث 201،الاستبصار 1:117 حديث 395،الوسائل 1:304 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 10. [3]
4- 4) التّهذيب 1:79 حديث 203،الاستبصار 1:67 حديث 202،الوسائل 1:303 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 1:78 حديث 202،الاستبصار 1:67 حديث 201،الوسائل 1:303 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 6. [5]
6- 6) تقدّم الحديث في ص 297. [6]

من الوضوء ثلاث غرفات،واحدة للوجه،و اثنتان للذّراعين) (1)فلو كانا واجبين لما حصل الإجزاء بدونهما.

و روى محمّد بن يعقوب في كتابه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن المضمضة و الاستنشاق؟فقال:(ليس هما من الوضوء،هما من الجوف) (2)و هذا التّعليل يشعر بأنّهما ليسا واجبين في غسل الجنابة.

و يدلّ عليه من حيث المنطوق:ما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(لا يجنب الأنف و الفم لأنّهما سائلان) (3)و في طريقها موسى بن سعدان (4)،و هو ضعيف في الحديث إلاّ انّ الأصحاب تلقّته بالقبول.

و روى الشّيخ،عن الحسن بن راشد،قال:قال الفقيه العسكريّ عليه السّلام:(ليس في الغسل و لا في الوضوء مضمضة و لا استنشاق) (5)أي:ليسا بواجبين فيهما،لما رواه الشّيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة؟قال:(تصبّ على يديك الماء فتغسل كفّيك ثمَّ تدخل يدك فتغسل فرجك ثمَّ تمضمض و تستنشق) (6).

لا يقال:الأمر يقتضي الوجوب،لأنّا نقول:قد بيّنا انتفاء الوجوب،و يدلّ على انتفائه هنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن غسل الجنابة؟فقال:(تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك،و تبول إن

ص:303


1- 1التّهذيب 1:360 حديث 1083،الوسائل 1:306 الباب 31 من أبواب الوضوء حديث 2. [1]
2- 2) الكافي 3:24 حديث 2، [2]الوسائل 1:304 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 9. [3]
3- 3) التّهذيب 1:131 حديث 358،الاستبصار 1:117 حديث 394،الوسائل 1:500 الباب 34 من أبواب الجنابة حديث 5. [4]
4- 4) موسى بن سعدان الحنّاط-بالحاء المهملة و النّون-أو الخيّاط-بالخاء المعجمة و الياء المثنّاة التحتانيّة-كوفيّ، ضعيف في الحديث،في مذهبه غلوّ،روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر(ع). رجال النّجاشي:404،رجال الطّوسي:361،رجال العلاّمة:257. [5]
5- 5) التّهذيب 1:131 حديث 361،الاستبصار 1:118 حديث 397،الوسائل 1:304 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 7. [6]
6- 6) التّهذيب 1:131 حديث 362،الاستبصار 1:118 حديث 398،الوسائل 1:499 الباب 24 من أبواب الجنابة حديث 2. [7]

قدرت على البول،ثمَّ تدخل يدك في الإناء،ثمَّ اغسل ما أصابك منه،ثمَّ أفض على رأسك و جسدك و لا وضوء فيه) (1)فلو كانا واجبين لوجب ذكرهما عقيب السّؤال و إلاّ لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة،و ذلك باطل اتّفاقا.

و أيضا:الفم و الأنف باطنان فلا يجب غسلهما كباطن اللّحية و باطن العينين،و لأنّ الوجه ما يحصل به المواجهة و لا تحصل المواجهة بها،و لأنّ غسل الجنابة واجب فلا يجب فيه المضمضة و الاستنشاق قياسا على غسل الميّت.

و احتجّ المخالف (2)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه جعل المضمضة و الاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة (3).

و ما رواه أبو هريرة أيضا انّه عليه السّلام قال:(تحت كلّ شعرة جنابة فبلّوا الشّعر و انقوا البشرة) (4)و باطن الفم بشرة،و داخل الأنف شعر،فيجب بلّه.

قال أبو حنيفة:لأنّهما عضوان باطنان من وجه ظاهران من وجه،فأعطيناهما حكم الباطن في الوضوء و حكم الظّاهر في الجنابة (5).

و قال أحمد:انّهما ظاهران،لأنّ الصّائم لا يفطر بوضع الطّعام فيهما،و لا ينشر حرمة الرّضاع بوصول اللّبن إليهما،و لا يجب الحدّ بترك الخمر فيهما،فيجب غسلهما (6).

و الجواب عن الحديث الأوّل:انّه قد ضعّفه العلماء،قالوا:انّ رواية بركة الحلبيّ،و هو

ص:304


1- 1التّهذيب 1:131 حديث 363،الاستبصار 1:123 حديث 419،الوسائل 1:515 الباب 34 من أبواب الجنابة حديث 3. [1]
2- 2) المجموع 1:363.
3- 3) سنن الدّارقطني 1:115 حديث 3.
4- 4) سنن أبي داود 1:65 حديث 248،سنن التّرمذي 1:178 حديث 106،سنن ابن ماجه 1:196 حديث 597،سنن البيهقي 1:179،كنز العمّال 9:385 حديث 26595.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:62.
6- 6) الكافي لابن قدامة 1:31.

غير معروف (1)،و أيضا:فإنّه على خلاف مطلوبهم،فإنّه أوجب الثّلاث و هم لا يقولون به، و أيضا:فإنّه حكاية قول أبي هريرة فلعلّه توهّم ما ليس بفرض فرضا،فلا يبقى حجّة مع وجود المنافي،و أيضا:فالفرض في اللّغة التّقدير،فيحمل عليه و يدخل فيه الواجب و النّدب.

و عن الحديث الثّاني:انّ راويه الحارث بن وجيه (2)،و قد ضعّفه البخاريّ (3)،قال يحيى بن معين:حديث الحارث بن وجيه ليس بشيء (4)،و أيضا:يحتمل انّه أراد بالشّعر ما ظهر،و كذا في البشرة،على انّه قد قيل:انّ البشرة اسم لظاهر الجلد دون باطنه (5).

و عن كلام أبي حنيفة بالمنع من كونهما ظاهرين،ثمَّ بالمطالبة له بوجه التّخصيص.

و ينتقض ما ذكره أحمد جميعه بالعين،و بالمنع من التّعليل في الأحكام الّتي ذكرها، بكونهما (6)باطنين.

فروع:
الأوّل:المضمضة:إدارة الماء في الفم،و الاستنشاق:اجتذابه بالأنف

(7)

، و يستحبّ إدارة الماء في جميع الفم للمبالغة،و كذا في الأنف.

ص:305


1- 1بركة بن محمّد:أبو سعيد الحلبيّ،روى عن يوسف بن أسباط و الوليد بن مسلم و أهل الشّام،ضعّفه ابن حبّان،و الدّارقطني،و الذّهبي و ابن حجر،و قالوا:انّه كان يسرق و يضع الحديث و ربّما قلبه،متّهم بالكذب. المجروحين لابن حبّان 1:203،سنن الدّارقطني 1:115،ميزان الاعتدال 1:303،لسان الميزان 2:8،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 1:137.
2- 2) الحارث بن وجيه الرّاسبيّ البصريّ،روى عن مالك بن دينار،و روى عنه زيد بن الحبّاب و مسلم بن إبراهيم و أبو سلمة و أبو عمر الحوضي و المقدمي. الجرح و التّعديل 3:92،ميزان الاعتدال 1:445،المجروحين لابن حبّان 1:224.
3- 3) الضّعفاء الصّغير للبخاري:61.
4- 4) ميزان الاعتدال 1:445،الجرح و التّعديل 3:92،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزي 1:184.
5- 5) المجموع 1:366.
6- 6) «م»«ن»:بكونهما ظاهرين باطنين.
7- 7) «ح»«ق»:في الأنف.
الثّاني:لو أدار الماء في فمه ثمَّ ابتلعه فقد امتثل

،لأنّ المقصود به قد حصل،و هو قول الحنابلة القائلين بالوجوب (1)،و قول بعض الحنفيّة،و قال بعضهم:لا يجزيه،نقله شارح الطّحاويّ (2)،و ليس شيء .

الثّالث:يستحبّ فيهما الدّعاء

،لما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام:ثمَّ تمضمض،فقال:(اللّهمّ لقّني حجّتي يوم ألقاك و أطلق لساني بذكرك)ثمَّ استنشق،فقال:(اللّهمّ لا تحرّم عليّ ريح الجنّة و اجعلني ممّن يشمّ ريحها و روحها و طيبها) (3).

و رواه أيضا ابن بابويه عنه عليه السّلام (4).

الرّابع:يستحبّ أن يتمضمض و يستنشق بيمناه

،و قال بعض الجمهور:التّمضمض باليمنى،و الاستنشاق باليسرى (5)(6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التّيمّن في طهوره و شأنه كلّه (7).

الخامس:يستحبّ التّرتيب فيهما و تقديمهما على الوضوء

متابعة لفعل أمير المؤمنين عليه السّلام،و المبالغة فيهما،أمّا في المضمضة فبأن يدخل الماء في الفم و يديره على جميع جوانبه (8)و يوصله إلى طرف حلقه و يمرّه على أسنانه و لسانه ثمَّ يمجّه،و في الاستنشاق يدخل الماء في الأنف و يأخذه بالنّفس حتّى يصل إلى خياشيمه ثمَّ يدخل إصبعه فيه فيزيل ما في

ص:306


1- 1المغني 1:134.
2- 2) شرح فتح القدير 1:22.
3- 3) التّهذيب 1:53 حديث 153،الوسائل 1:282 الباب 16 من أبواب الوضوء حديث 1. [1]
4- 4) الفقيه 1:26 حديث 84.
5- 5) «ح»«ق»:باليمين،و الاستنشاق باليسار.
6- 6) المجموع 1:357،بدائع الصّنائع 1:21.
7- 7) صحيح البخاري 1:116 و 7:199،صحيح مسلم 1:226 حديث 268،سنن ابن ماجه 1:141 حديث 401،سنن التّرمذي 2:506 حديث 608، [2]سنن النّسائي 1:78.
8- 8) «خ»:جوانب فيه،«ح»«ق»«ن»:جوانب فمه.

الأنف من أذى (1)ثمَّ يستنثر مثل ما يفعله المتمخّط،إلاّ الصّائم،فإنّه لا ينبغي له المبالغة، لقوله عليه السّلام:(بالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائما) (2)و لأنّه ربّما وصل إلى الجوف أو الدّماغ (3).

السّادس:المستحب فيهما أن يتمضمض ثلاثا كملا،ثمَّ يستنشق ثلاثا

إمّا بكفّ واحدة أو بأكثر.و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشّافعيّ:المستحبّ أن يأخذ كفّا من الماء فيتمضمض ببعضها و يستنشق بالبعض،ثمَّ يفعل ثانيا و ثالثا كذلك (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن طلحة بن مصرف (6)،عن أبيه،عن جدّه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه فصل بين المضمضة و الاستنشاق (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،من صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام انّه تمضمض ثمَّ استنشق (8)،و(ثمَّ)للتّرتيب،و لأنّه أمكن (9)في التّطهير،و أشبه بأعضاء الطّهارة حيث ينتقل إلى الثّاني بعد إكمال الأوّل.

ص:307


1- 1«ح»:الدّرن.
2- 2) سنن أبي داود 1:36، [1]سنن ابن ماجه 1:142 حديث 407،سنن النّسائي 1:66،نيل الأوطار 1:172.
3- 3) «ح»«ق»:و الدّماغ.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:21،الهداية للمرغيناني 1:13.
5- 5) الام 1:24،المهذّب للشّيرازي 1:16،المجموع 1:360،مغني المحتاج 1:58،بدائع الصّنائع 1:21،فتح الوهّاب 1:14.
6- 6) أبو محمّد أو أبو عبد اللّه طلحة بن مصرف بن كعب بن عمرو بن جحدب.اليامي سمع أنس بن مالك و عبد اللّه بن أبي أوفى و سعيد بن جبير،و روى عنه منصور بن المعتمر و ابنه محمّد بن طلحة و عبد الملك بن أبجر و الزّبير بن عديّ.مات سنة 112 ه. الجمع بين رجال الصّحيحين 1:230،الجرح و التّعديل 4:473،سبل السّلام 1:54.
7- 7) سنن أبي داود 1:34 حديث 139،سبل السّلام 1:54.
8- 8) تقدّمت الرّواية في ص 306.
9- 9) في بعض النّسخ:أذكى.

احتجّ الشّافعيّ (1)بما رواه عبد اللّه بن زيد (2)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله تمضمض و استنشق بكفّ واحدة (3).

و الجواب:انّه محمول على انّه استعمل فيهما كفّا واحدا .

مسألة:يستحبّ الدّعاء عند غسل الأعضاء

،لما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام،ثمَّ غسل وجهه،فقال:(اللّهمّ بيّض وجهي يوم تسودّ فيه الوجوه،و لا تسوّد وجهي يوم تبيضّ فيه الوجوه)ثمَّ غسل يده اليمنى،فقال:(اللّهمّ أعطني كتابي بيميني،و الخلد في الجنان بيساري،و حاسبني حسابا يسيرا)ثمَّ غسل يده اليسرى،فقال:(اللّهمّ لا تعطني كتابي بشمالي،و لا تجعلها مغلولة إلى عنقي،و أعوذ بك من مقطّعات النّيران)ثمَّ مسح رأسه فقال:

(اللّهمّ غشّني برحمتك و بركاتك)ثمَّ مسح رجليه،فقال:(اللّهم ثبّتني على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام و اجعل سعيي فيما يرضيك عنّي)و رواه ابن بابويه أيضا (4).

و روى انّه يستحب أن يقول المتوضّئ:(اللّهمّ إنّي أسألك تمام الوضوء،و تمام الصّلاة،و تمام رضوانك،و الجنّة) (5).

مسألة:يستحبّ أن يبدأ الرّجل في غسل ذراعيه بظاهرهما،و المرأة بباطنهما

.و هو اتّفاق علمائنا،لما رواه الشّيخ،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،قال:(فرض اللّه على النّساء في الوضوء أن يبدأن بباطن أذرعهنّ و في الرّجال:

ص:308


1- 1بدائع الصّنائع 1:21،المجموع 1:359.
2- 2) عبد اللّه بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف.الأنصاريّ المازنيّ،أبو محمّد،و يعرف بابن أمّ عمارة،روى عن النّبيّ(ص)و عنه ابن أخيه عبّاد بن تميم و يحيى بن عمارة و سعيد بن المسيّب و غيرهم،قيل:قتل يوم الحرّة سنة 63 ه. أسد الغابة 3:167، [1]الإصابة و [2]الاستيعاب [3]بهامشها 2:312.
3- 3) صحيح البخاري 1:59،صحيح مسلم 1:210 حديث 235،سنن التّرمذي 1:41 حديث 28،سنن أبي داود 1:30 حديث 119،سنن ابن ماجه 1:142 حديث 405،مسند أحمد 4:42.
4- 4) تقدّم الحديثان في ص 306. [4]
5- 5) الفقيه 1:32.

بظاهر الذّراع) (1)و المراد بالفرض هاهنا التّقدير لا الوجوب .

مسألة:قال علماؤنا:يستحبّ الوضوء بمدّ

.

و قال أبو حنيفة:لا يجزي في الوضوء أقلّ منه (2).

لنا:قوله تعالى فَاغْسِلُوا (3)و مع تحقّق الامتثال بما (4)يسمّى غسلا يحصل الإجزاء.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:(إنّما الوضوء حدّ من حدود اللّه ليعلم اللّه تعالى من يطيعه و من يعصيه،و انّ المؤمن لا ينجّسه شيء إنّما يكفيه اليسير) (5).

و يدلّ على الاستحباب:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغتسل بصاع من ماء و يتوضّأ بمدّ من ماء) (6).

و روى عن سليمان بن حفص المروزيّ (7)،قال:قال أبو الحسن عليه السّلام:

(الغسل بصاع من ماء،و الوضوء بمدّ من ماء،و صاع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:خمسة أمداد،و المدّ:وزن مائتين و ثمانين درهما،و الدّرهم:وزن ستّة دوانيق،و الدّانق:وزن ستّ حبّات،و الحبّة:وزن حبّتين من شعير من أوسط الحبّ لا من صغاره و لا من كباره) (8).

ص:309


1- 1التّهذيب 1:76 حديث 193،الوسائل 1:328 الباب 40 من أبواب الوضوء حديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:45،بدائع الصّنائع 1:35،المغني 1:256.
3- 3) المائدة:6.
4- 4) «خ»:بأقلّ ما.
5- 5) التّهذيب 1:138 حديث 387،الوسائل 1:340 الباب 52 من أبواب الوضوء حديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 1:136 حديث 377،الاستبصار 1:121 حديث 408 و 409،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء حديث 2.و [3]في الجميع بدل(اليسير)يوجد:(مثل الدّهن).
7- 7) سليمان بن حفص المروزي لم يتعرّض له أكثر علماء الرّجال،كذا قال المامقاني،و قال:انّه كان من علماء خراسان و باحث مع الرّضا(ع)و كان له مكاتبات إلى الجواد و الهادي و العسكريّ عليهم السّلام. جامع الرّواة 1:377، [4]تنقيح المقال 2:56. [5]
8- 8) الفقيه 1:23 حديث 69،التهذيب 1:135 حديث 374،الاستبصار 1:121 حديث 410، الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء حديث 3. [6]

و روى في الصّحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع) (1)و المدّ:رطل و نصف،و الصّاع:ستّة أرطال،قال الشّيخ:يعني أرطال المدينة فيكون تسعة أرطال بالعراقيّ (2).

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(الوضوء مدّ و الغسل صاع و سيأتي أقوام بعدي يستقلّون ذلك فأولئك على خلاف سنّتي،و الثّابت على سنّتي معي في حظيرة القدس) (3).

مسألة:يكره التّمندل من الوضوء

،ذكره الشّيخ في بعض كتبه (4)،و به قال عبد اللّه بن عبّاس (5)،و قال في الخلاف:لا بأس به (6).و هو قول أكثر الفقهاء (7)،و للشّافعيّ قولان (8).

لنا:ما رواه ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(من توضّأ و تمندل كتبت له حسنة،و من توضّأ و لم يتمندل حتّى يجفّ وضوؤه كتبت له ثلاثون) (9).

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسح بالمنديل قبل أن يجفّ؟قال:(لا بأس به) (10).

و الجواب:انّا نقول به،فإنّ (11)نفي البأس يفهم منه نفي التّحريم،و أيضا:يدلّ على ما

ص:310


1- 1التّهذيب 1:136 حديث 378،الاستبصار 1:121 حديث 409،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:135.
3- 3) الفقيه 1:23 حديث 70،الوسائل 1:339 الباب 50 من أبواب الوضوء حديث 6. [2]
4- 4) الجمل و العقود:38.
5- 5) المجموع 1:462.
6- 6) الخلاف 1:18 مسألة-44.
7- 7) المغني 1:161،نيل الأوطار 1:221.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:19،المجموع 1:461،فتح الوهّاب 1:15،مغني المحتاج 1:61،السّراج الوهّاج:18.
9- 9) الفقيه 1:31 حديث 105،الوسائل 1:334 الباب 45 من أبواب الوضوء حديث 5. [3]
10- 10) التّهذيب 1:364 حديث 1101،الوسائل 1:233 الباب 45 من أبواب الوضوء حديث 1. [4]
11- 11) «خ»:و انّ.

قلناه:قول أمير المؤمنين عليه السّلام لولده محمّد لمّا وصف له الوضوء:(يا محمّد،من توضّأ مثل ما توضّأت و قال مثل ما قلت،خلق اللّه له من كلّ قطرة ملكا يقدّسه و يسبّحه و يهلله و يكبّره و يكتب له ثواب ذلك) (1)و مع التّمندل يزول التّقاطر .

مسألة:تكره الاستعانة في الوضوء بصبّ الماء

،لما روى الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:

دخلت على الرّضا عليه السّلام و بين يديه إبريق يريد أن يتهيّأ منه للصّلاة فدنوت منه لأصبّ عليه فأبى ذلك و قال:(مه يا حسن)فقلت له:لم تنهاني أن أصبّ على يدك،تكره أن أوجر؟قال:(تؤجر أنت و أوزر أنا)فقلت له:فكيف ذلك؟فقال:(أما سمعت اللّه يقول فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (2)و ها أنا ذا أتوضّأ للصّلاة و هي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد» (3).

و في طريق هذه الرّواية إبراهيم بن إسحاق الأحمر (4)و فيه ضعف (5)إلاّ انّ الأصحاب عملوا بمضمونها.

و لأنّ صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام اشتملا على ترك الاستعانة (6).

و لأنّ فيه زيادة مشقّة في تحصيل أمر مطلوب شرعا،فيكون فيه زيادة ثواب و مع الاستعانة يفقد ذلك القدر.

مسألة:يحرم كشف العورة في الحمّام و غيره بحيث يراه غيره

،و يستحبّ دخوله بمئزر

ص:311


1- 1تقدّم الحديث في ص 306.
2- 2) الكهف:110. [1]
3- 3) الكافي 3:69 حديث 1، [2]التّهذيب 1:365 حديث 1107،الوسائل 1:335 الباب 47 من أبواب الوضوء حديث 1. [3]
4- 4) إبراهيم بن إسحاق:أبو إسحاق النّهاونديّ الأحمريّ أو الأحمر،عدّه الشّيخ في رجاله في باب من لم يرو عن الأئمّة(ع)،و قال في الفهرست:كان ضعيفا في حديثه متّهما في دينه.و كذا قال النّجاشي. رجال الطّوسي:451،409،الفهرست:7، [4]رجال النّجاشي:19،تنقيح المقال 1:13، [5]رجال العلاّمة:198. [6]
5- 5) «خ»:و هو ضعيف.
6- 6) الفقيه 1:26،الوسائل 1:335 الباب 47 من أبواب الوضوء حديث 1،2.

و إن لم يره غيره.

روى الشّيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن آبائه،عن أمير المؤمنين عليهم السّلام،قال:(إذا تعرّى أحدكم نظر إليه الشّيطان فطمع فيه فاستتروا) (1).

و عن حمزة بن أحمد،عن أبي الحسن الأوّل،قال:سألته أو سأله غيري عن الحمّام؟ قال:(أدخله بمئزر و غضّ بصرك و لا تغتسل من البئر الّتي يجتمع فيها ماء الحمّام فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب و ولد الزّنا و النّاصب لنا أهل البيت و هو شرّهم) (2).

و عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه نهى أن يدخل الرّجل إلاّ بمئزر (3).

و روى عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يغتسل الرّجل بارزا؟ فقال:(إذا لم يره أحد فلا بأس) (4).و روى في الصّحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا ينظر الرّجل إلى عورة أخيه) (5).

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلاّ بمئزر) (6).

و نهى عليه السّلام عن الغسل تحت السّماء إلاّ بمئزر،و نهى عن دخول الأنهار إلاّ بمئزر، و قال:(انّ للماء أهلا و سكّانا) (7).

و روى عن حنّان بن سدير (8)،عن أبيه،قال:قال:دخلت أنا و أبي و جدّي و عمّي

ص:312


1- 1التّهذيب 1:273 حديث 1144،الوسائل 1:367 الباب 9 من أبواب آداب الحمام حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:373 حديث 1143،الوسائل 1:158 الباب 11 من أبواب الماء المضاف حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:373 حديث 1145،الوسائل 1:369 الباب 10 من أبواب آداب الحمام حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 1:374 حديث 1148،الوسائل 1:371 الباب 11 من أبواب آداب الحمام حديث 2. [4]
5- 5) التّهذيب 1:374 حديث 1149،الوسائل 1:363 الباب 3 من أبواب آداب الحمام حديث 1. [5]
6- 6) الفقيه 1:60 حديث 225،الوسائل 1:368 الباب 9 من أبواب آداب الحمام حديث 5. [6]
7- 7) الفقيه 1:61 حديث 225،الوسائل 1:370 الباب 10 من أبواب آداب الحمام حديث 2. [7]
8- 8) حنّان بن سدير بن صهيب:أبو الفضل الصّيرفيّ،كوفيّ،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،قاله النّجاشي.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و قال:واقفيّ.و قال في الفهرست:ثقة. رجال النّجاشي:146،رجال الطّوسي:346،الفهرست:64، [8]رجال العلاّمة:218، [9]تنقيح المقال 1:380. [10]

حمّاما في المدينة فإذا رجل في بيت المسلخ،فقال لنا:(ممّن القوم؟)فقلنا:من العراق، فقال:(و أيّ العراق؟)فقلنا:كوفيّون،فقال:(مرحبا بكم يا أهل الكوفة و أهلا،أنتم الشّعار دون الدّثار)ثمَّ قال:(ما يمنعكم من الإزار؟فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:عورة المؤمن على المؤمن حرام)قال:فبعث عمّي إلى كرباسة (1)فشقّها بأربعة ثمَّ أخذ كل واحد منّا واحدا ثمَّ دخلنا فيها فلمّا كنّا في البيت الحار صمد لجدّي،فقال:

(يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟)فقال له جدّي:أدركت من هو خير منّي و منك لا يختضب،فقال:(و من ذلك الّذي هو خير منّي)قال:أدركت عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و لا يختضب فنكس رأسه و تصابّ عرقا و قال:(صدقت و بررت)ثمَّ قال:

(يا كهل إن تخضب فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قد خضب و هو خير من عليّ عليه السّلام،و إن تترك فلك بعليّ عليه السّلام أسوة)قال:فلمّا خرجنا من الحمّام سألنا عن الرّجل في المسلخ فإذا هو عليّ بن الحسين و معه ابنه محمّد الباقر عليهما السّلام (2).

و قد اشتمل هذا الحديث على فوائد:

إحداها:الأمر بالمعروف برفق.

الثّانية:تحريم النّظر إلى عورة المؤمن.

الثّالثة:الأمر بالخضاب.

الرّابعة:جواز دخول الرّجل و ابنه الحمّام.

الخامسة:الدّلالة على متابعة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في أفعاله.

و يستحبّ الدّعاء،روى ابن بابويه عن محمّد بن حمران (3)قال:قال الصّادق عليه السّلام:(إذا دخلت الحمّام فقل في الوقت الّذي تنزع ثيابك:اللّهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق و ثبّتني على الإيمان،فإذا دخلت البيت الأوّل فقل:اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي

ص:313


1- 1الكرابيس:جمع كرباس،و هو:القطن.النّهاية لابن الأثير 4:161. [1]
2- 2) الكافي 6:497 حديث 8، [2]الفقيه 1:66 حديث 252،الوسائل 1:368 الباب 9 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [3]
3- 3) محمّد بن حمران النّهديّ:أبو جعفر،كوفيّ الأصل ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه الصّادق(ع)و روى عنه. رجال النّجاشي:359،رجال الطّوسي:285.

و أستعيذ بك من أذاه،و إذا دخلت البيت الثّاني فقل:اللّهمّ أذهب عنّي الرّجس النّجس و طهّر جسدي و قلبي،و خذ من الماء الحارّ وضعه على هامتك و صبّ منه على رجليك،و إن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنّه ينقي المثانة،و البث في البيت الثّاني ساعة،فإذا دخلت البيت الثّالث فقل:نعوذ باللّه من النّار و نسأله الجنّة،تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحارّ،و إيّاك و شرب الماء البارد و الفقاع في الحمّام فإنّه يفسد المعدة،و لا تصبّنّ عليك الماء البارد فإنّه يضعف البدن،و صبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنّه يسلّ الدّاء من جسدك،فإذا لبست ثيابك فقل:اللّهمّ ألبسني التّقوى و جنّبني الرّدى،فإذا فعلت ذلك أمنت من كلّ داء) (1).

و روى،عن محمّد بن مسلم انّه سأل أبا جعفر عليه السّلام،فقال:أ كان أمير المؤمنين عليه السّلام ينهى عن قراءة القرآن في الحمّام؟فقال:(لا،إنّما نهى أن يقرأ الرّجل و هو عريان،فإذا كان عليه إزار فلا بأس) (2).

و قال عليّ بن يقطين لموسى بن جعفر عليه السّلام،أقرأ في الحمّام و أنكح فيه؟قال:

(لا بأس) (3).

و قد ورد ذمّ و مدح في الحمّام،قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(نعم البيت الحمّام تذكّر فيه النّار و يذهب بالدّرن) (4).

و قال عليه السّلام:(بئس البيت الحمّام يهتك السّتر و يذهب بالحياء) (5).

و قال الصّادق عليه السّلام:(بئس البيت الحمّام يهتك السّتر و يبدي العورة،و نعم البيت بيت الحمّام يذكّر حرّ جهنم) (6).

و من الأدب:أن لا يدخل الرّجل ولده معه الحمّام فينظر إلى عورته.

ص:314


1- 1الفقيه 1:62 حديث 232،الوسائل 1:371 الباب 13 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [1]
2- 2) الكافي 6:502 حديث 32، [2]الفقيه 1:63 حديث 233،الوسائل 1:373 الباب 15 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [3]
3- 3) الكافي 6:502 حديث 31، [4]الوسائل 1:374 الباب 15 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [5]
4- 4) الفقيه 1:63 حديث 237،الوسائل 1:361 الباب 1 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [6]
5- 5) الفقيه 1:63 حديث 238،الوسائل 1:362 الباب 1 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [7]
6- 6) الفقيه 1:63 حديث 249،الوسائل 1:262 الباب 1 من أبواب آداب الحمّام حديث 6. [8]

و قال الصّادق عليه السّلام:(لا تتّك في الحمّام فإنّه يذيب شحم الكليتين،و لا تسرح في الحمّام فإنّه يرفق الشّعر،و لا تغسل رأسك بالطّين فإنّه يسمج الوجه،و لا تدلك بالخزف فإنّه يورث البرص،و لا تمسح وجهك بالإزار فإنّه يذهب بماء الوجه) (1).

و روي انّ المرأة بذلك طين مصر و خزف الشّام.

و قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:(لا تدخلوا الحمّام على الرّيق،و لا تدخلوه حتّى تطعموا شيئا) (2).

و قال عليه السّلام:(الحمّام يوم و يوم لا،يكثر اللّحم،و إدمانه كلّ يوم يذيب شحم الكليتين) (3).

و دخل الصّادق عليه السّلام الحمّام،فقال له صاحب الحمّام:نخلّيه لك؟فقال:

(لا،انّ المؤمن خفيف المؤنة) (4).

و قال الصّادق عليه السّلام:(غسل الرّأس بالخطميّ في كلّ جمعة أمان من البرص و الجنون) (5).

و قال عليه السّلام:(غسل الرّأس بالخطميّ ينفي الفقر و يزيد في الرّزق) (6).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(غسل الرّأس بالخطميّ يذهب بالدّرن و ينفي الأقذاء (7)) (8).(و انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اغتمّ فأمره جبرئيل عليه السّلام أن

ص:315


1- 1الفقيه 1:64 حديث 243،الوسائل 1:372 الباب 13 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:64 حديث 245،الوسائل 1:377 الباب 17 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [2]
3- 3) الكافي 6:496 حديث 2، [3]الفقيه 1:65 حديث 247،الوسائل 1:362 الباب 2 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [4]
4- 4) الفقيه 1:65 حديث 249،الوسائل 1:381 الباب 22 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [5]
5- 5) الكافي 6:504 حديث 2، [6]الفقيه 1:71 حديث 290،التّهذيب 3:236 حديث 624،الوسائل 5:47 الباب 32 من أبواب صلاة الجمعة حديث 1. [7]
6- 6) الفقيه 1:71 حديث 291،الوسائل 1:384 الباب 25 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [8]
7- 7) الأقذاء:جمع قذيّ،و القذيّ:جمع قذاة،و هو ما يقع في العين و الماء و الشّراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك.النّهاية لابن الأثير 4:30. [9]
8- 8) الكافي 6:504 حديث 3، [10]الفقيه 1:71 حديث 293،الوسائل 1:383 الباب 25 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [11]

يغسل رأسه بالسّدر،و كان ذلك سدرا من سدرة المنتهى) (1).

و قال أبو الحسن موسى عليه السّلام:(غسل الرّأس بالسّدر يجلب الرّزق جلبا) (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:(اغسلوا رءوسكم بورق السّدر،فإنّه قدّسه كلّ ملك مقرّب و كلّ نبيّ مرسل) (3).

و خرج الحسن بن عليّ عليه السّلام،فقال له رجل:طاب استحمامك،فقال له:

(يا لكع و ما تصنع بالاست هاهنا؟)قال:فطاب حمّامك،فقال:(إذا طاب الحمّام فما راحة البدن منه)؟!قال:فطاب حميمك،فقال:(ويحك،أما عرفت انّ الحميم عرق) فقال:فكيف أقول؟قال:(قل:طاب منك ما طهر،و طهر منك ما طاب) (4).

فصول في الفطرة:

حلق العانة مستحبّ،روى ابن بابويه عن أبي الحسن موسى عليه السّلام:(ألقوا الشّعر عنكم فإنّه نجس) (5).

و كان الصّادق عليه السّلام يطلي في الحمّام،فإذا بلغ موضع العورة قال للّذي يطلي:

(تنحّ)ثمَّ يطلي هو ذلك الموضع (6).

قال ابن بابويه:و من أطلى فلا بأس أن يلقي المئزر عنه،لأنّ النّورة ستر (7).

ص:316


1- 1الفقيه 1:72 حديث 394،الوسائل 1:385 الباب 26 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [1]
2- 2) الكافي 6:504 حديث 6، [2]الفقيه 1:72 حديث 295،الوسائل 1:385 الباب 26 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [3]
3- 3) الفقيه 1:72 حديث 296،الوسائل 1:385 الباب 26 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [4]
4- 4) الكافي 6:500 حديث 21، [5]الفقيه 1:72 حديث 297،الوسائل 1:383 الباب 24 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [6]
5- 5) الكافي 6:505 حديث 5،الفقيه 1:67 حديث 255،التّهذيب 1:376 حديث 1158،الوسائل 1:415 الباب 59 من أبواب آداب الحمّام ذيل حديث 4.و [7]فيها:فإنّه يحسن.
6- 6) الفقيه 1:65 حديث 248،الوسائل 1:389 الباب 31 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [8]
7- 7) الفقيه 1:65.

و السّنّة إزالتها بالنّورة،قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(النّورة طهور) (1).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(أحبّ للمؤمن أن يطلي في كلّ خمسة عشر يوما) (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:(السّنّة في النّورة في كلّ خمسة عشر يوما فإن أتت عليك عشرون يوما و ليس عندك فاستقرض على اللّه عز و جلّ) (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر،فلا يترك عانته فوق أربعين يوما،و لا يحلّ لامرأة تؤمن باللّه و اليوم الآخر أن تدع ذلك منها فوق عشرين يوما) (4).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(احلقوا شعر البطن للذّكر و الأنثى) (5).

فصل:و نتف الإبط من الفطرة و يفحش تركه،

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(نتف الإبط ينفي الرّائحة المكروهة،و هو طهور و سنّة ممّا أمر به الطّيّب عليه و على أهل بيته السّلام) (6).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا يطولنّ أحدكم شعر إبطيه فإنّ الشّيطان يتّخذه مخبأ (7)يستتر به) (8).

ص:317


1- 1الكافي 6:505 حديث 1، [1]الفقيه 1:67 حديث 254،الوسائل 1:386 الباب 28 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [2]
2- 2) الكافي 6:506 حديث 8، [3]الفقيه 1:67 حديث 258،الوسائل 1:391 الباب 33 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [4]
3- 3) الكافي 6:506 حديث 9، [5]الفقيه 1:67 حديث 259،التّهذيب 1:375 حديث 1157،الوسائل 1:391 الباب 33 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [6]
4- 4) الكافي 6:506 حديث 11، [7]الفقيه 1:67 حديث 260،الوسائل 1:439 الباب 86 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [8]
5- 5) الفقيه 1:67 حديث 261،الوسائل 1:436 الباب 84 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [9]
6- 6) الفقيه 1:68 حديث 264،الوسائل 1:436 الباب 84 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [10]
7- 7) «ح»«ق»:مجنا.
8- 8) الكافي 6:507 حديث 1، [11]الفقيه 1:68 حديث 265 و فيه:مجنا،الوسائل 1:436 الباب 84 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [12]

و كان الصّادق عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمّام،و يقول:(نتف الإبط يضعف المنكبين،و يوهي و يضعف البصر) (1)و قال عليه السّلام:(حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه) (2)و المقصود إنّما هو الإزالة فمهما حصلت،حصلت الأفضليّة،و مع ذلك فينبغي الإزالة بالنّورة لما ورد فيها من الفضل (3).

فصل:إزالة الشّعر من الأنف مستحب،

لما فيه من التّحسين و التّزيين،و لما رواه ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(أخذ الشّعر من الأنف يحسّن الوجه) (4).

فصل:و اتّخاذ الشّعر أفضل من إزالته،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(الشّعر الحسن من كسوة اللّه تعالى فأكرموه) (5).

و قال عليه السّلام:(من اتّخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزّه) (6).

و قد روي خلاف ذلك،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل:(احلق،فإنّه يزيد في جمالك) (7)و يحتمل انّ المراد هاهنا ما دلّ عليه اللّفظ صريحا و هو التّخصيص لمعرفته بحال المأمور من زيادة جماله بحلق شعره.

فصل:و قصّ الأظفار من الفطرة و يتفاحش تركها

فربّما تغرب (8)لاجتماع الوسخ إذا حكّ جلده.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للرّجال:(قصّوا أظافيركم)و للنّساء:(اتركن من أظافيركنّ،فإنّه أزين لكنّ) (9).

ص:318


1- 1الفقيه 1:67 حديث 262،الوسائل 1:438 الباب 85 من أبواب آداب الحمّام حديث 7. [1]
2- 2) الفقيه 1:68 حديث 263،الوسائل 1:438 الباب 85 من أبواب آداب الحمّام حديث 8. [2]
3- 3) الكافي 6:505 باب النّورة، [3]الوسائل 1:386 الباب 28 من أبواب آداب الحمّام. [4]
4- 4) الفقيه 1:71 حديث 289،الوسائل 1:424 الباب 68 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [5]
5- 5) الفقيه 1:76 حديث 329،الوسائل 1:432 الباب 78 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [6]
6- 6) الفقيه 1:75 حديث 328،الوسائل 1:432 الباب 78 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [7]
7- 7) الفقيه 1:71 حديث 287،الوسائل 1:416 الباب 60 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [8]
8- 8) «ح»«ق»:يعرف.
9- 9) الفقيه 1:74 حديث 316،الوسائل 1:435 الباب 81 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [9]

و قال الرّضا عليه السّلام:(قلّموا أظفاركم يوم الثّلاثاء،و استحمّوا يوم الأربعاء، و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس،و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة) (1).

و قال الحسين بن أبي العلاء للصّادق عليه السّلام:ما ثواب من أخذ من شاربه و قلّم أظفاره في كلّ جمعة؟قال:(لا يزال مطهّرا إلى الجمعة الأخرى) (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:(من قصّ أظافيره يوم الخميس و ترك واحدا ليوم الجمعة، نفى اللّه عنه الفقر) (3).

و قال عبد اللّه بن أبي يعفور للصّادق عليه السّلام:جعلت فداك،يقال:ما استنزل الرّزق بشيء مثل التّعقيب ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس؟فقال:(أجل،و لكن أخبرك بخير من ذلك،أخذ الشّارب و تقليم الأظفار يوم الجمعة) (4)و تقليم الأظفار يوم الخميس يدفع الرّمد.

و قال الباقر عليه السّلام:(من أخذ من أظفاره كلّ خميس لم يرمد ولده) (5).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من قلّم أظفاره يوم السّبت و يوم الخميس و أخذ من شاربه،عوفي من وجع الضّرس و وجع العين) (6).

فصل:أخذ الشّارب من الفطرة،

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا يطولنّ أحدكم شاربه فإنّ الشّيطان يتّخذه مجنا يستتر به) (7).

و قال عليه السّلام:(حفّوا الشّوارب و أعفو اللّحى،و لا تشبّهوا باليهود) (8).

ص:319


1- 1الفقيه 1:77 حديث 345،الوسائل 5:55 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة حديث 7. [1]
2- 2) الفقيه 1:73 حديث 307،الوسائل 5:50 الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 13. [2]
3- 3) الفقيه 1:74 حديث 310،الوسائل 5:51 الباب 34 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 1:74 حديث 311،التّهذيب 3:238 حديث 630،الوسائل 5:48 الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 3. [4]
5- 5) الفقيه 1:74 حديث 312،الوسائل 5:51 الباب 34 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 3. [5]
6- 6) الفقيه 1:74 حديث 313،الوسائل 5:52 الباب 34 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 5. [6]
7- 7) الفقيه 1:73 حديث 308 و لعلّ الأنسب:مخبأ.
8- 8) الفقيه 1:76 حديث 332،الوسائل 1:423 الباب 76 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [7]

و قال عليه السّلام:(انّ المجوس جزّوا لحاهم و وفروا شواربهم،و إنّا نجزّ الشّوارب و نعفي اللّحى و هي الفطرة) (1).

و قال الصّادق عليه السّلام:(أخذ الشّارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام) (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:(قصّها إذا طالت) (3).

و قال موسى بن بكر (4)له عليه السّلام:انّ أصحابنا يقولون:إنّما أخذ الشّارب و الأظفار يوم الجمعة،فقال:(سبحان اللّه خذها إن شئت في يوم الجمعة و إن شئت في سائر الأيّام) (5).

و روى عبد الرّحيم القصير (6)،عن الباقر عليه السّلام،قال:(من أخذ من أظفاره و شاربه كلّ جمعة،و قال حين يأخذه:بسم اللّه و باللّه و على سنّة محمّد و آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،لم تسقط منه قلامة و لا جزازة إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له بها عتق نسمة و لم يمرض إلاّ مرضه الّذي يموت فيه) (7).

ص:320


1- 1الفقيه 1:76 حديث 334،الوسائل 1:423 الباب 67 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:73 حديث 306،الوسائل 5:48 الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث 5. [2]
3- 3) الفقيه 1:74 حديث 315،الوسائل 1:434 الباب 80 من أبواب آداب الحمّام حديث 7. [3]
4- 4) موسى بن بكر الواسطيّ،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق(ع)و اخرى من أصحاب الكاظم(ع)قائلا:أصله كوفيّ،واقفيّ.و كذا قال المصنّف في رجاله. رجال النّجاشي:407،رجال الطّوسي:307،357،رجال العلاّمة:257، [4]تنقيح المقال 3:254. [5]
5- 5) الفقيه 1:74 حديث 314،التّهذيب 3:237 حديث 626،الوسائل 1:434 الباب 80 من أبواب آداب الحمّام حديث 6. [6]
6- 6) عبد الرّحيم القصير،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق(ع)بعنوان عبد الرّحيم بن روح القصير الأسديّ،كوفيّ روى عنهما و بقي بعد أبي عبد اللّه(ع).و اخرى من أصحاب الباقر(ع)بعنوان:عبد الرّحيم القصير.و استظهر المامقاني اتحادهما. رجال الطّوسي:128،232،تنقيح المقال 2:15. [7]
7- 7) الكافي 6:491 حديث 9، [8]التّهذيب 3:237 حديث 627،الوسائل 5:53 الباب 35 من أبواب صلاة الجمعة ذيل حديث 1. [9]
فصل:فرق الرّأس من الفطرة

،و لأنّ فيه تحسينا،و قال الصّادق عليه السّلام:(من اتّخذ شعرا و لم يفرقه،فرقه اللّه بمنشار من نار) (1).

و يستحبّ التّمشّط (2)،سئل أبو الحسن الرّضا عليه السّلام عن قوله عز و جلّ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (3)؟قال:(من ذلك التّمشّط عند كلّ صلاة) (4).

و قال الصّادق عليه السّلام:(مشط الرّأس يذهب بالوباء،و مشط اللّحية يشدّ الأضراس) (5).

و قال الصّادق عليه السّلام:(من سرّح لحيته سبعين مرّة و عدّها مرّة مرّة،لم يقربه الشّيطان أربعين يوما) (6).

فصل :

(7)

روى ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(يدفن الرّجل شعره و أظافيره إذا أخذ منها و هي سنّة) (8)قال:و روي انّ من السّنّة دفن الشّعر و الظّفر و الدّم (9).

فصل:يستحبّ الخضاب

،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من أطلى و اختضب بالحنّاء،آمنه اللّه عزّ و جلّ من ثلاث خصال:الجذام،و البرص،و الأكلة،إلى طلية مثلها) (10).

ص:321


1- 1الفقيه 1:76 حديث 330،الوسائل 1:417 الباب 62 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [1]
2- 2) «ح»«ق»:التمشيط.
3- 3) الأعراف:31. [2]
4- 4) الكافي 6:489 حديث 7، [3]الفقيه 1:75 حديث 319،الوسائل 1:426 الباب 71 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [4]
5- 5) الفقيه 1:75 حديث 320،الوسائل 1:428 الباب 73 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [5]
6- 6) الكافي 6:489 حديث 10، [6]الفقيه 1:75 حديث 322،الوسائل 1:429 الباب 76 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [7]
7- 7) ليست في:«ح»«ق»«م».
8- 8) الفقيه 1:74 حديث 317،الوسائل 1:431 الباب 77 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [8]
9- 9) الفقيه 1:74 حديث 318،الوسائل 1:431 الباب 77 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [9]
10- 10) الفقيه 1:68 حديث 269،الوسائل 1:393 الباب 35 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [10]

و قال الصّادق عليه السّلام:(الحنّاء على أثر النّورة أمان من الجذام و البرص) (1).

و روي انّ من أطلى فتدلّك (2)بالحنّاء من قرنه إلى قدمه،نفي اللّه عنه الفقر) (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(اختضبوا بالحنّاء،فإنّه يجلي البصر،و ينبت الشّعر،و يطيّب الرّيح،و يسكّن الزّوجة) (4).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(الخضاب هدى محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و هو من السّنّة) (5).

و قال الصّادق عليه السّلام:(لا بأس بالخضاب كلّه) (6).

و سأل محمّد بن مسلم أبا جعفر عليه السّلام عن الخضاب؟فقال:(كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخضب و هذا شعره عندنا) (7).

و قال الصّادق عليه السّلام:(الخضاب بالسّواد انس للنّساء،و مهابة للعدوّ) (8).

و قال عليه السّلام في قوله تعالى وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (9)قال:

(منه الخضاب بالسّواد) (10).

و روى ابن بابويه انّ رجلا دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد صفّر لحيته، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(ما أحسن هذا؟)ثمَّ دخل عليه بعد ذلك و قد أقنى

ص:322


1- 1الفقيه 1:68 حديث 270،الوسائل 1:393 الباب 35 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [1]
2- 2) في المصدر:و تدلّك.
3- 3) الفقيه 1:68 حديث 271،الوسائل 1:393 الباب 35 من أبواب آداب الحمّام حديث 6. [2]
4- 4) الكافي 6:483 حديث 4، [3]الفقيه 1:68 حديث 272،الوسائل 1:408 الباب 50 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [4]
5- 5) الفقيه 1:69 حديث 274،الوسائل 1:400 الباب 41 من أبواب آداب الحمّام حديث 5. [5]
6- 6) الفقيه 1:69 حديث 275،الوسائل 1:400 الباب 41 من أبواب آداب الحمّام حديث 6. [6]
7- 7) الفقيه 1:69 حديث 277،الوسائل 1:400 الباب 41 من أبواب آداب الحمّام حديث 7. [7]
8- 8) الكافي 6:483 حديث 7، [8]الفقيه 1:70 حديث 281،الوسائل 1:404 الباب 46 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [9]
9- 9) الأنفال:60. [10]
10- 10) الفقيه 1:70 حديث 282،الوسائل 1:404 الباب 46 من أبواب آداب الحمّام حديث 4. [11]

بالحنّاء،فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قال:(هذا أحسن من ذاك)ثمَّ دخل عليه بعد ذلك و قد خضب بالسّواد فضحك إليه،فقال:(هذا أحسن من ذاك و ذاك) (1).

و قال صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:(يا عليّ،درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّه،و فيه أربع عشرة خصلة:يطرد الرّيح من الأذنين،و يجلو البصر،و يلين الخياشيم،و يطيّب النّكهة،و يشدّ اللّثة،و يذهب بالضّنى،و يقلّ وسوسة الشّيطان،و تفرح به الملائكة،و يستبشر به المؤمن،و يغيظ به الكافر،و هو زينة، و طيب،و يستحيي منه منكر و نكير،و هو براءة له في قبره) (2).

فصل:يكره نتف الشّيب

،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(الشّيب نور فلا تنتفوه) (3).

و كان عليّ عليه السّلام لا يرى بجزّ الشّيب بأسا،و يكره نتفه (4).

و قال الصّادق عليه السّلام:(لا بأس بجزّ الشّمط (5)و نتفه،و جزّه أحبّ إليّ من نتفه) (6).

و قال عليه السّلام:(من شاب شيبة في الإسلام،كانت له نورا يوم القيامة) (7).

و قال عليه السّلام:(أوّل من شاب،إبراهيم الخليل عليه السّلام و انّه ثنى لحيته فرأى طاقة بيضاء،فقال:يا جبرئيل،ما هذا؟فقال:هذا وقار،فقال إبراهيم:اللّهمّ زدني وقارا) (8).

و يستحبّ قصّ ما زاد على القبضة من اللّحية،قال الصّادق عليه السّلام:(تقبض

ص:323


1- 1الفقيه 1:70 حديث 282،الوسائل 1:405 الباب 47 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:70 حديث 285،الوسائل 1:402 الباب 42 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:77 حديث 341،الوسائل 1:432 الباب 79 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [3]
4- 4) الفقيه 1:77 حديث 342،الوسائل 1:432 الباب 79 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [4]
5- 5) الشّمط:بياض شعر الرأس يخالطه سواده.الصّحاح 3:1138. [5]
6- 6) الفقيه 1:77 حديث 343،الوسائل 1:432 الباب 79 من أبواب آداب الحمّام حديث 1. [6]
7- 7) الخصال 2:612،الوسائل 1:432 الباب 79 من أبواب آداب الحمّام حديث 6. [7]
8- 8) الفقيه 1:76 حديث 339.

بيدك على اللّحية و تجزّ ما فضل) (1).

و قال عليه السّلام:(ما زاد من اللّحية على القبضة فهو في النّار) (2)و هذا بعد سلامة السّند يدلّ على تأكّد الاستحباب لا الوجوب.

ص:324


1- 1الفقيه 1:76 حديث 337،الوسائل 1:420 الباب 65 من أبواب آداب الحمّام حديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:76 حديث 335،الوسائل 1:420 الباب 65 من أبواب آداب الحمّام حديث 2. [2]

المجلد 2

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

ص :3

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :4

ص :5

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :6

تتمة كتاب الطهارة

تتمة المقصد الثاني

البحث الرّابع:في أفعال الوضوء و كيفيّته:
مسألة:في النّيّة،
اشارة

و فيها بحثان غامضان:

الأوّل:في وجوبها:

قال علماؤنا:النّيّة شرط في الطّهارة المائيّة بنوعيها و التّرابيّة،و هو قول عليّ عليه السّلام،و هو مذهب ربيعة،و اللّيث،و إسحاق،و أبي عبيد،و ابن المنذر (1)، و أحمد بن حنبل (2)،و أبي ثور،و داود (3)،و الشّافعيّ (4)،و مالك (5).و قال أبو حنيفة

ص:7


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 1:151،المجموع 1:312، [1]المغني 1:121،نيل الأوطار 1:163.
2- 2) المغني 1:121، [2]الكافي لابن قدامة 1:28،الإنصاف 1:142،بداية المجتهد 1:8،المجموع 1: 312، [3]منار السّبيل 1:25،نيل الأوطار 1:163،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:151. [4]
3- 3) المجموع 1:312، [5]بداية المجتهد 1:8.
4- 4) الام 1:29،47،المهذّب للشّيرازيّ 1:14،مغني المحتاج 1:47،التّفسير الكبير 11:153، [6]المجموع 1:312، [7]فتح الوهّاب 1:11،شرح فتح القدير 1:28،الهداية للمرغينانيّ 1:13، [8]فتح العزيز هامش المجموع 1:310، [9]أحكام القرآن للجصّاص 3:336، [10]أحكام القرآن لابن العربي 2: 559، [11]بداية المجتهد 1:8،بدائع الصّنائع 1:19،المبسوط للسّرخسي 1:72،المغني 1:121، الشرح الكبير بهامش المغني 1:151.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:53،بداية المجتهد 1:8،أحكام القرآن للجصّاص 3:336،نيل الأوطار 1: 163،المغني 1:121،المجموع 1:312، [12]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:151،أحكام القرآن لابن العربي 2:559. [13]

و الثّوريّ:لا تشترط النّيّة في طهارة الماء،و إنّما تشترط للتّيمّم (1).

و قال الحسن بن صالح بن حيّ:ليست النّيّة شرطا في شيء من الطّهارات المائيّة و التّرابيّة (2)،و عن الأوزاعي روايتان:

إحداهما كقول الحسن،و الأخرى كقول أبي حنيفة (3).

لنا:وجوه:

أحدها:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،انّه قال:(النّيّة شرط في جميع الطّهارات) (4)و قوله حجّة.

و من طريق الخاصّة:ما روي،عن الرّضا عليه السّلام،قال:(لا قول إلاّ بعمل، و لا عمل إلاّ بنيّة،و لا نيّة إلاّ بإصابة السّنّة) (5).

الثّاني:انّ الوضوء عبادة،و كلّ عبادة بنيّة.

أمّا الصّغرى:فلأنّ أهل اللّغة نصّوا على انّ التّعبّد هو التّذلّل (6)،قال الشّاعر:

و أفردت إفراد البعير المعبّد (7).

أي:المذلّل،و هذا المعنى المشتق منه موجود هنا،فإنّ فعل الطّهارة على وجه

ص:8


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:72،بدائع الصّنائع 1:19،شرح فتح القدير 1:28،الهداية للمرغينانيّ 1: 13،المحلّى 1:73،أحكام القرآن للجصّاص 3:336، [1]المجموع 1:313،فتح العزيز هامش المجموع 1:310،نيل الأوطار 1:163،المغني 1:121،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:151، التّفسير الكبير ج 11:153،ميزان الكبرى 1:115،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:17.
2- 2) المجموع 1:313،بداية المجتهد 1:67،أحكام القرآن لابن العربي 2:559،أحكام القرآن للجصّاص 3:336،المحلّى 1:73.
3- 3) المجموع 1:313،بداية المجتهد 1:67،أحكام القرآن لابن العربي 2:559،أحكام القرآن للجصّاص 3:336،المحلّى 1:73.
4- 4) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا،و قد أشار إليه ابن قدامة في المغني 1:121.
5- 5) التّهذيب 4:186 حديث 520،الوسائل 1:33 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات،حديث 2. [2]
6- 6) الصّحاح 2:503. [3]
7- 7) صدره:إلى أن تحامتني العشيرة كلّها. و البيت لطرفة بن العبد في معلّقته المشهورة.

الطّاعة نوع تذلّل،فيصدق عليه اللّفظ.و لأنّ التّيمّم عبادة و هو بدل،و البدل بحكم الأصل.

و أمّا الكبرى فيدلّ عليها قوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1)و الإخلاص هو مراد بالنّيّة.

و قوله تعالى قُلِ اللّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً (2).

و قوله تعالى فَاعْبُدِ اللّهَ مُخْلِصاً (3).

الثّالث:الوضوء عمل ضرورة،و كلّ عمل بنيّة،لقوله عليه السّلام:(إنّما الأعمال بالنّيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى) (4)اتّفق عليه الجمهور فنفى أن يكون له عمل شرعيّ بدون النّيّة.

الرّابع:قوله تعالى وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (5).

الخامس:قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (6)و المفهوم منه في لغة العرب أي:اغسلوا للصّلاة،كما يقال:إذا لقيت الأمير فالبس أهبتك،أي:للقائه، و إذا لقيت العدوّ فخذ سلاحك،أي:لأجل لقائه،و هو كثير النّظائر.

السّادس:لو لم تجب النّيّة في الوضوء لزم أحد الأمرين:إمّا التّسلسل أو خرق

ص:9


1- 1البيّنة:5. [1]
2- 2) الزّمر:14. [2]
3- 3) الزّمر:2،و [3]في النّسخ:فَاعبُدُوا اللّهَ مُخْلصِين و و هي غير موجودة في القرآن بهذا اللّفظ،و لعلّه من سهو النّسّاخ.
4- 4) صحيح البخاري 1:2،صحيح مسلم 3:1515 حديث 1907،سنن التّرمذي 4:179 حديث 1647،سنن أبي داود 2:262 حديث 2201، [4]سنن ابن ماجه 2:1413 حديث 4227،سنن النّسائي 1:58،سنن البيهقي 7:341،مسند أحمد 1:25،43،سنن الدّار قطني 1:50 حديث 1.
5- 5) اللّيل:20. [5]
6- 6) المائدة:6. [6]

الإجماع،و التّالي بقسميه باطل قطعا،فالمقدّم مثله.

بيان الشّرطيّة:انّ الوضوء بقيد عدم النّيّة إمّا أن يكون شرطا أو لا يكون،و على التّقدير الأوّل يلزم خرق الإجماع،و على التّقدير الثّاني إمّا أن لا يكون المسمّى شرطا،أو يكون،و على التّقدير الأوّل يلزم خرق الإجماع،و على التّقدير الثّاني يلزم التّسلسل،لأنّ الكلّي لا يمكن وجوده إلاّ مشخّصا،و قيد الخصوصيّة هما النّيّة و عدمها،فأحدهما شرط للمسمّى،فإمّا أن يكون الشّرط العدم،فيلزم خرق الإجماع،لأنّ شرط الشّرط شرط، و إمّا الوجود،فيلزم المطلوب،و إمّا أن يكون مسمّى ثانيا و ينقل (1)الكلام إليه و ذلك يفضي إلى التّسلسل المحال.

السّابع:أنّها طهارة عن حدث فلا تصحّ بغير نيّة كالتّيمّم.

الثامن:انّها عبادة،فافتقرت إلى النّية كالصّلاة.

و بيان الصّغرى من وجهين:

أحدهما:انّ العبادة هي الفعل المأمور به شرعا من غير اطّراد عرفيّ و لا اقتضاء عقليّ،و الطّهارة كذلك،فإنّها مرادة شرعا ليست ممّا يطّرد بها العرف و لا يقتضيها العقل لانتفاء المصلحة المتأخّرة فيها (2).

الثّاني:انّها تنقسم إلى فرض و نفل،و كلّ ما انقسم إليهما فهو عبادة بالاستقراء.

و بيان الكبرى:انّ العبادة لو صحّت بدون النّيّة فلا تخلو إمّا أن يحصل عليها ثواب أم لا،و القسمان باطلان.

أمّا الأوّل:فلأنّه يلزم منه مخالفة الدّليل و هو قوله عليه السّلام(ليس المؤمن من عمله إلاّ ما نواه) (3)رواه الجمهور،المراد بذلك نفي الثّواب بدون النّيّة.

ص:10


1- 1«ح»«ق»:و نقل.
2- 2) «خ»:بها.
3- 3) عمدة القارئ 1:22.

و الثّاني باطل،و إلاّ لزم القبح العقليّ و هو حصول التّكليف من غير عوض، و لأنّه مخالف للعمومات الواردة من جهة الكتاب و السّنّة الدّالّة على الثّواب في كلّ عبادة.

احتجّ:أبو حنيفة بوجوه:

أحدها:قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (1)ذكر الشّرائط و لم يذكر النّيّة،فلو كانت شرطا لوجب ذكرها.

الثّاني:أنّه أمر بالغسل،و مقتضى الأمر الإجزاء (2)بفعل المأمور به.

الثّالث:انّ الآية ليس فيها ذكر النّيّة،فلو أوجبناها لكنّا قد زدنا على النّصّ، و الزّيادة على النّصّ نسخ.

الرّابع:أنّها طهارة بالماء،فلا تفتقر إلى النّيّة كغسل النّجاسة.

الخامس:انّها غير عبادة،فلا تفتقر إلى النّيّة كسائر الأفعال الخارجة عن كونها عبادة (3).

و بيان الصّغرى:انّها لو كانت عبادة فإمّا مع النّيّة أو بدونها،و الثّاني باطل لأنّها لو كانت عبادة مع عدم النّيّة بطل قولكم:كلّ عبادة تفتقر إلى النّيّة،و الأوّل باطل أيضا،و إلاّ لبطل قولكم أيضا بافتقار العبادة إلى النّيّة،و إلاّ لزم اشتراط النّيّة بالنّيّة.

فالجواب عن الأوّل:انّه حجّة لنا،لما بيّنّا من أنّ المفهوم منه إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغسلوا للصّلاة (4).و أيضا:فإنّه لم يذكر الشّرائط بل ذكر أركان الوضوء،

ص:11


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) «ح»«ق»:الاجتزاء.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:72،بدائع الصّنائع 1:19،المغني 1:121،المجموع 1:313،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:152.
4- 4) راجع ص 9. [2]

و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّن شرائطه كالتّيمّم.

و عن الثّاني:بما قلناه أوّلا،و أيضا:مقتضى الأمر وجوب الفعل و هو واجب، فاشترط لصحّته شرط آخر،كالتّيمّم.

و عن الثّالث:بما ذكرناه أوّلا،و بالمنع من كون الزّيادة على النّصّ نسخا.

و عن الرّابع:أنّها مع كونها طهارة،هي أيضا عبادة،و العبادة لا تكون إلاّ منويّة،لأنّها قربة إلى اللّه تعالى و طاعة.

و عن الخامس:أن نقول انّها عبادة بدون النّيّة،أي تسمّى عبادة بدونها (1).

قوله:تبطل كلّ عبادة تفتقر إلى النيّة.قلنا:لا نسلّم،فإنّا نقول:انّ العبادة تفتقر إلى النّيّة في التّحصيل و الإيجاد على الوجه المطلوب شرعا،لا انّها تفتقر إليها بأن تكون مصحّحة للإطلاق اللّفظي.سلّمنا،لكنّا نقول:انّها عبادة مع النّيّة.

قوله:يبطل افتقارها إلى النّيّة و إلاّ لزم افتقار العبادة مع النّية إلى النّية.قلنا:

هذا باطل،فإنّه لا يلزم من افتقارها إلى نيّة هي جزؤها،افتقارها مع ذلك الجزء إلى نيّة أخرى ثانية.

فروع:
الأوّل:إزالة النّجاسة لا تفتقر إلى النّيّة.

و هو قول العلماء،و حكي عن ابن سريج (2)و هو قول أبي سهل الصّعلوكي (3)من الشّافعيّة-انّها تفتقر إلى النّيّة (4).

ص:12


1- 1«خ»:بدون النّيّة.
2- 2) أبو العبّاس أحمد بن عمر بن سريج البغداديّ،قدوة الشّافعيّة،ولّي القضاء بشيراز،سمع الحسن بن محمّد الزّعفراني،و أبا داود السّجستاني.و حدّث عنه أبو القاسم الطّبراني و أبو الوليد حسّان بن محمّد.له مصنّفات كثيرة مات في جمادى الأولى سنة 306 ه. تذكرة الحفّاظ 3:811،طبقات الحفّاظ للسّيوطي:339، [1]شذرات الذّهب 2:247.
3- 3) أبو سهل:محمّد بن سليمان العجليّ الصّعلوكيّ النّيسابوريّ الحنفيّ نسبا و الشّافعيّ مذهبا،شيخ الشّافعيّة بخراسان،سمع من أبي العبّاس السّرّاج،و أخذ عنه ابنه أبو الطيّب و غيره.مات سنة 369 ه. العبر 2:132، [2]شذرات الذّهب 3:69. [3]
4- 4) المجموع 1:311،فتح العزيز هامش المجموع 1:311.

لنا:انّها كالتّرك،فلا تفتقر إلى النّيّة.

الثّاني:غسل الميّت لا بدّ فيه من النّيّة

و قد صرّح بذلك أبو الصّلاح (1)،لأنّها عبادة،فتفتقر إلى النّيّة،و للشّافعيّ وجهان:

أحدهما:كما قلناه،بناء على انّ الميّت لا ينجس،فكان غسله كالطّهارة عن حدث.

و الثاني:عدم الافتقار إلى نيّة (2)،بناء على أنّه ينجس،فصار كغسل النّجاسة.

الثّالث:الحائض إذا انقطع دمها قال بعض علمائنا:لا يحلّ للزّوج الوطء

حتّى تغتسل (3)فإن نوت به إباحة الاستمتاع فالأقرب الإجزاء،و للشّافعيّ وجهان:هذا أحدهما،و الثّاني:لا يجوز (4)،لأنّها من أهل حقّ اللّه تعالى،و الطّهارة فيها حقّ للّه تعالى و حقّ للزّوج،فلا بدّ من نيّتهما معا،لتكلّفها طهارة تصلح للحقّين بخلاف الذّميّة،لأنّها (5)ليست من أهل اللّه تعالى،فاكتفى فيها بنيّة حقّ الزّوج.

الرّابع:لو ارتدّ لم يبطل غسله و لا وضوؤه على الأقوى

،و يبطل تيمّمه،لأنّه نوى به الاستباحة و قد خرج عنها بالرّدّة.

الخامس:طهارة الصّبيّ معتبرة عند الشّيخ ،و فيه إشكال

(6)

أقربه أنّها تمرين.و به

ص:13


1- 1الكافي في الفقه:134. [1]
2- 2) المجموع 1:334 و 5:156،مغني المحتاج 1:332،المهذّب للشيرازي 1:128،ميزان الكبرى 1:203،فتح العزيز هامش المجموع 5:114.
3- 3) الفقيه 1:53.
4- 4) المجموع 1:323.
5- 5) «خ»:فإنّها.
6- 6) الخلاف 1:463 مسألة-192.

قال أبو حنيفة (1)،و قال الشّافعيّ بالأوّل (2).

لنا:انّه ليس أهلا للتّكليف،و على قول الشّيخ لو بلغ بغير المبطل بعد الطّهارة لم يجب عليه الاستئناف،و كذا لو جامع الصّغيرة فاغتسلت،ثمَّ بلغت.

السّادس:لو اغتسل الجنب و ترك جزءا من بدنه،

ثمَّ نسي الاغتسال فأعاد الغسل و غسل ذلك المحل،فالأقوى صحّة غسله،لأنّ الواجب عليه غسل ذلك الجزء و قد حصل.

السّابع:لو نوت المستحاضة بالوضوء استباحة صلاتين فما زاد،ففي صحّة

الطّهارة إشكال

ينشأ من انّها نوت شيئا يستحيل حصوله شرعا فلا عبرة بذلك الوضوء، و من استلزام نيّة الصّلاتين نيّة إحداهما.

الثّاني:في كيفيّتها و شرائطها.

و النيّة عبارة عن القصد،يقال:نواك اللّه بخير،أي:قصدك،و نويت السّفر، أي:قصدته و عزمت عليه،و محلّها القلب لأنّه محلّ القصود و الدّواعي،فمتى اعتقد بقلبه أجزأه،سواء تلفّظ بها بلسانه أو لا،و لو نطق بها و لم يخطر بباله لم يجزئه،و لو سبق لسانه إلى غير عزمه و ما اعتقده،لم يمنع صحّة ما اعتقده بقلبه.

و يشترط استحضار نيّة التّقرّب لقوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (3)و لا يتحقّق الإخلاص بدون التّقرّب.

و يشترط استباحة شيء لا يستباح إلاّ بها،كالصّلاة،و الطّواف،أو رفع الحدث و هو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطّهارة لقوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (4)أي:للصّلاة على الأقوى،و اكتفى الشّيخ رحمه اللّه في بعض كتبه بنيّة

ص:14


1- 1الشّرح الكبير بهامش المغني 1:415.
2- 2) المجموع 1:333.
3- 3) البيّنة:5. [1]
4- 4) المائدة:6. [2]

القربة. (1).

لنا:الآية فإنّها تدلّ على نيّة الاستباحة.

و يجب أن تقع مقارنة لغسل الوجه،لأنّه مبدأ للطّهارة،فلو تراخت عنه لوقع غير منويّ.

و يستحبّ إيقاعها عند غسل اليدين للوضوء أمام غسل الوجه.

و تشتمل النّيّة أفعال الطّهارة المسنونة و الواجبة،لأنّ غسل اليدين للوضوء من أفعاله،فجاز إيقاع النّيّة عنده.و جوّز الشّافعيّة ذلك بشرط بقاء الذّكر إلى غسل الوجه (2)،و المعتمد ما قلناه.و يتضيّق عند غسل أوّل جزء من الوجه الّذي هو أوّل واجباته،و لا يجوز تقديمها على غسل اليدين و لو بالزّمن اليسير،خلافا لأحمد (3)،و إلاّ فإن استحضرت حالة الغسل فتلك اخرى مجدّدة و إلاّ وقع غير منويّ فلا يكون مجزيا.

و يجب استدامتها حكما بمعنى انّه لا ينتقل إلى نيّة منافية لها،و لا يشترط الاستمرار حقيقة للمشقّة.نعم،يستحبّ،لتقع جميع الأفعال مقترنة بالنّيّة.

و هل يشترط نيّة الوجوب أو النّدب؟الوجه اشتراطه،لأنّه فعل مشترك فلا يتخصّص إلاّ بالنّيّة،و بالقياس على واجبات العبادات.

فروع:
الأوّل:لو نوى ما لا يشرع له الطّهارة كالأكل،و البيع،و التّبرّد لم يرتفع حدثه

إجماعا،لأنّه لم ينو الطّهارة و لا ما يتضمّن نيّتها،فلا تكون حاصلة له،كالّذي لم ينو شيئا.

ص:15


1- 1النّهاية:15. [1]
2- 2) المجموع 1:320،فتح العزيز بهامش المجموع 1:317.
3- 3) المغني 1:124،الكافي لابن قدامة 1:28،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:154.
الثّاني:لو نوى ما ليس من شرطه الطّهارة

بل من فضله كقراءة القرآن،و النّوم، أو كتابة القرآن،أو الأحاديث،أو الفقه،أو الكون على طهارة،قال الشّيخ:لا يرتفع حدثه (1)،لأنّه لم ينو رفع الحدث و لا ما يتضمّنه،فأشبه ما لو نوى التّبرّد،و فيه للشّافعيّ وجهان (2)،و يمكن أن يقال بارتفاع الحدث كأحد وجهي الشّافعيّ،لأنّه نوى طهارة شرعيّة فينبغي أن يحصل له ما نواه،عملا بالخبر.

و قوله:لم ينو رفع الحدث و لا ما يتضمّنه،ممنوع لأنّه نوى شيئا من ضرورته صحّة الطّهارة و هو الفضيلة الحاصلة لمن فعل ذلك و هو على طهارة،فصحّت طهارته،كما لو نوى ما لا يباح إلاّ بها،أمّا لو نوى وضوءا مطلقا فالوجه عدم الارتفاع،لما قاله الشّيخ، و إن كان فيه نظر من حيث انّ الوضوء و الطّهارة إنّما ينصرفان بالإطلاق إلى المشروع فيكون ناويا لوضوء شرعيّ،إلاّ أنّ الأوّل أصحّ،و هو قول أكثر الشّافعيّة (3).

الثّالث:لو جدّد الطّهارة ندبا فتبيّن انّه كان محدثا فوجهان:

أحدهما:الإجزاء،لأنّه نوى طهارة شرعيّة فيحصل له.

و الآخر:عدمه،لأنّه لم ينو رفع الحدث و لا ما يتضمّنه،فهو كما لو نوى التّبرّد.

و كذا لو شكّ في الحدث بعد يقين الطّهارة فتوضّأ احتياطا.و لو أغفل لمعة في الطّهارة الواجبة فانغسلت في الثّانية أو أغفلت في الغسلة الأولى فانغسلت في الثّانية فالوجهان.

الرّابع:لو نوى الجنب الاستيطان في المسجد،أو قراءة العزائم،أو مسّ كتابة

القرآن ارتفع حدثه

قولا واحدا،لأنّه شرط لذلك كلّه،أمّا لو نوى الاجتياز ففي ارتفاع حدثه إشكال،نصّ الشّيخ على عدمه (4).

ص:16


1- 1المبسوط 1:19. [1]
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1:324،مغني المحتاج 1:49،فتح العزيز هامش المجموع 1: 322،السّراج الوهّاج:15.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1:323.
4- 4) المبسوط 1:19. [2]
الخامس:لو نوى الطّهارة و التّبرّد أجزأه

،و هو أظهر قولي الشّافعيّ (1)،لأنّ التّبرّد (2)يحصل بدون النّيّة فلا يؤثّر هذا الاشتراك فإنّه قد فعل الواجب و زيادة غير منافية،كما لو قصد بالصّلاة،الطّاعة و الخلاص من خصمه،و يحتمل البطلان و هو الوجه الثّاني للشّافعيّ (3)،لأنّه لم يخلص فعله للعبادة.أمّا لو ضمّ إلى الرّفع نيّة الرّياء،فالوجه عندي البطلان،لأنّ الطّاعة لا تخلص طاعة إلاّ بنيّتها،و لم تحصل،فلا يكون ما فعله مجزيا.

السّادس:لو عزبت النّيّة عن خاطره في أثناء الطّهارة لم يؤثّر في صحّتها،

خلافا للشّافعيّ فيما لو عزبت بعد اقترانها بغسل اليدين،و وافقنا على الإجزاء لو عزبت بعد اقترانها بغسل الوجه (4).

لنا:انّه أتى بالمأمور به،و هو الطّهارة مع النّيّة،فوجب الاجتزاء (5)به،و لأنّ ما اشترطت له النّيّة لا يبطل بعزوبها و الذّهول عنها كالصّلاة و الصّيام،و الفرق بين ما لو اقترنت بغسل الوجه و غسل اليدين باطل،لأنّهما استويا في كونهما من أفعال الطّهارة المشترطة فيها النّيّة.و لو عزبت عند (6)غسل الوجه،و قد قدّمها عند غسل اليدين،ثمَّ غسل اليدين للتّبرّد،لم يقع عن الوضوء فإن ذكر و رطوبة الوجه باقية،جاز استئناف غسل اليدين بنيّة الوضوء و إلاّ استأنف من أوّله.

ص:17


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1:325،مغني المحتاج 1:49،السّراج الوهّاج:15،فتح الوهّاب 1:12.
2- 2) «خ»:التّبريد.
3- 3) الام 1:29،المهذّب للشّيرازي 1:15،مغني المحتاج 1:49،السّراج الوهّاج:15،المجموع 1: 325.
4- 4) الام 1:29،المجموع 1:320، [1]المهذّب للشّيرازي 1:14،مغني المحتاج 1:50.
5- 5) «ن»«م»:الإجزاء.
6- 6) «م»:بعد.
السّابع:لو نوى قطع النّيّة في أثناء الطّهارة لم يبطل فعله

الأوّل خلافا لبعض الشّافعيّة (1)،لأنّه وقع صحيحا فلا يؤثّر فيه قطع النّيّة،كما لو نوى القطع بعد الفراغ، و ما أتى به من الغسل بعد القطع لا اعتداد به لفقدان شرطه،و لو أعاد النّيّة أعاد ما فعله بغير نيّة،لكن يقع هنا فرق بين الوضوء و الغسل في طول الفصل و قصره،فيجوز في الغسل معهما،و يشترط في الوضوء عدم الطّول المؤدّي إلى الجفاف.

الثّامن:لو شكّ في النّيّة بعد الفراغ لم يلتفت،

لأنّها وقعت مشروعة،فلا يؤثّر فيها تجدّد الشّك.أمّا لو وقع الشّك في الأثناء استأنف قولا واحدا،لأنّها عبادة مشروطة بالنّيّة و لم تتحقّق.

التّاسع:لو وضّأه غيره لعذر اعتبرت نيّة المتوضّئ،

لأنّه المخاطب بالطّهارة و الوضوء يحصل له،و لا يحصل إلاّ مع النّيّة،و لا اعتبار بالموضّي لأنّه غير مخاطب و لا يحصل له،فأشبه حامل الماء إليه.

العاشر:لا تصحّ طهارة الكافر

لعدم النّيّة منه،و لو وقعت النّيّة منه فهي غير معتبرة إذ من شرطها الإسلام،و لا فرق بين أن يكون ذميّا أو حربيّا.

و قال الشّافعيّ في أحد الوجهين:اجتزاء الذّميّة تحت المسلم بغسلها من الحيض لحقّ الزّوج،فلا يلزمها الإعادة بعد الإسلام (2).

الحادي عشر:لو نوى بطهارته صلاة معيّنة،كان كما لو نوى استباحة

الصّلاة،

(3)

و كذا لو نوى انّه لا يصلّي غيرها.و هو أحد أقوال الشّافعيّ،و قال أيضا:

يفسد،لأنّه لم ينو ما تقتضيه الطّهارة.و قال أيضا:يباح له ما نوى،لأنّ الطّهارة قد تصحّ لصلاة واحدة كالمستحاضة (4).

ص:18


1- 1المجموع 1:336.
2- 2) المجموع 1:330،فتح العزيز هامش المجموع 1:313.
3- 3) «خ»:بطهارة.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1:327،فتح العزيز هامش المجموع 1:321.

لنا:انّه فعل المأمور به و هو النّيّة و الأفعال،فوجب الاجتزاء و لا يحصل بدون رفع الحدث،فيجوز له الدّخول به في كلّ صلاة واجبة،أو مندوبة،لزوال المانع،و لأنّ هذا إبطال للطّهارة (1)بعد صحّتها من غير حدث،و لا فرق بين أن تكون تلك الصّلاة نفلا أو فرضا.

الثّاني عشر:المستحاضة تكفيها نيّة استباحة الصّلاة.

و هو أحد قولي الشّافعيّ (2)،و لا يجوز لها نيّة رفع الحدث،لأنّه موجود،خلافا للشّافعيّ،فإنّه اشترطه مع نيّة الاستباحة في أحد قوليه (3)،و هو باطل،لأنّه نيّة ما يمتنع حصوله،فإن نوت الرّفع احتمل الصّحّة،لاستلزامه نيّة الاستباحة،و الأقوى البطلان.و كذا المبطون و صاحب السّلس و المتيمّم.

و قال علماؤنا:من يجب عليه الطّهارتان ينوي رفع الحدث إن قدّم الغسل، و الاستباحة إن قدّم الوضوء.و الأقرب أنّ له أن ينوي الرّفع بكلّ منهما.

الثّالث عشر:لو فرّق النّيّة على أعضاء الوضوء،بأن نوى غسل الوجه لرفع

الحدث،ثمَّ اليمنى كذلك إلى آخر الأعضاء،فالوجه عندي الإجزاء.

و هو أحد قولي الشّافعيّ،و في الآخر:لا يجزئه (4).

لنا:انّه إذا صحّ غسل الوجه بنيّة مطلقة يدخل فيها ضمنا،فلأن يصح بنيّة مقصودة أولى.

احتجّ:بأنّ الوضوء عبادة واحدة(إذ لا يتصوّر) (5)اختصاص بعضها بالبطلان

ص:19


1- 1«خ»:الطّهارة.
2- 2) السّراج الوهّاج:15،فتح العزيز هامش المجموع 1:330،مغني المحتاج 1:48.
3- 3) السّراج الوهّاج:15،فتح العزيز بهامش المجموع 1:330،مغني المحتاج 1:48.
4- 4) المجموع 1:329،فتح الوهاب 1:12،السّراج الوهّاج:15،فتح العزيز هامش المجموع 1:334، مغني المحتاج 1:50.
5- 5) «م»:و لا يتصوّر.

و بعضها بالصّحة،فتصير كالصّلاة (1)،فكما تبطل لو نوى التّكبير،ثمَّ نوى القراءة و هكذا لبطلت صلاته،فكذا الطّهارة.

و الجواب:الفرق فإنّ أركان الصّلاة يرتبط بعضها بالبعض بخلاف أركان الطّهارة.أما لو أتى بالبعض من النّيّة عند غسل الوجه،و البعض عند اليمنى،و هكذا فإنّه تبطل طهارته،لأنّه يحصل بعض الأفعال خاليا عن النّية فلا يكون مجزيا.

الرّابع عشر:قد بيّنا انّه يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ،

(2)

و هل يستحبّ في غير الإناء؟إشكال،فإن قلنا به صحّ اقتران النّيّة به و إلاّ فلا.

الخامس عشر:لو نوى رفع حدث معيّن ارتفعت جميع الأحداث،

سواء كان آخر الأحداث أو أوّلها،لأنّ الأحداث تتداخل،فلا يرتفع أحدها إلاّ بارتفاع الجميع،و قد نوى رفع أحدها،فوجب أن يحصل له،فيحصل رفع الجميع.و هو أحد أقوال الشّافعيّ.

و الثّاني:انّه لا يرتفع حدثه،لأنّه لم ينو رفع جميع الأحداث.

و الثّالث:انّه إن كان آخر الأحداث ارتفعت كلّها،لأنّها تداخلت فيما بعدها، و إن كان أوّلها لم يرتفع (3).

السّادس عشر:لو نوى رفع حدث بعينه و الواقع غيره،

فإن كان غالطا صحّ، و إلاّ بطل.

السّابع عشر:كلّ من عليه طهارة واجبة يجب أن ينوي الوجوب،و غيره ينوي

النّدب،

فلو نوى الوجوب أعاد،و لو صلّى به فريضة لم تصحّ.و لو صلّى بطهارات متعدّدة فرائض كثيرة مع تخلّل الحدث،بأن كان يتوضّأ لكلّ فريضة قبل وقتها،أعاد الصّلاة الأولى خاصّة،لبطلانها،فصارت قضاء،و كلّ من عليه قضاء ينوي الوجوب.

ص:20


1- 1فتح العزيز هامش المجموع 1:335.
2- 2) تقدّم بيان ذلك في الجزء الأوّل ص 291.
3- 3) المجموع 1:326،فتح العزيز بهامش المجموع 1:320،المهذّب للشّيرازي 1:15.
مسألة:و يجب غسل الوجه.
اشارة

و هو مذهب علماء الإسلام،قال اللّه تعالى فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (1).

و اختلفوا في حدّه،فمذهب أهل البيت عليهم السّلام انّه من قصاص شعر الرّأس إلى الذّقن طولا،و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا.و به قال مالك (2).و قال الشّافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و أحمد:ما بين العذار و الاذن من الوجه (5).و ذهب الزّهريّ إلى انّ الأذنين من الوجه (6).و نقل شارح الطّحاويّ،عن أبي يوسف انّه روي عنه (7):إذا نبتت اللّحية زال العذار عن حدّ الوجه.و قال بعض الحنابلة:الصّدغان من الوجه (8).

لنا:انّ الوجه ما يحصل به المواجهة،و هذا لا يواجه به.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:قلت له:أخبرني عن حدّ الوجه الّذي ينبغي له أن يوضّأ الّذي قال اللّه عزّ و جل؟فقال:(الوجه الّذي أمر اللّه عزّ و جلّ بغسله الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه،إن زاد عليه لم يؤجر،و إن نقص منه أثم:ما دارت عليه السّبّابة و الوسطى و الإبهام من قصاص شعر الرّأس إلى الذّقن،و ما حوت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه،و ما سوى ذلك فليس من الوجه)

ص:21


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:11،مقدّمات ابن رشد 1:50،بلغة السّالك 1:41،ميزان الكبرى 1:117، نيل الأوطار 1:188،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:18،المجموع 1:373.
3- 3) الام 1:25،المهذّب للشّيرازي 1:16،المجموع 1:372،فتح الوهّاب 1:12،مغني المحتاج 1: 50،51،بداية المجتهد 1:11،نيل الأوطار 1:188،السّراج الوهّاج:15.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:4،الهداية للمرغينانيّ 1:12، [2]بداية المجتهد 1:11،المجموع 1:373.
5- 5) المغني 1:128،المجموع 1:373،الكافي لابن قدامة 1:32.
6- 6) المغني 1:126،الشّرح الكبير [3]بهامش المغنيّ 1:158.
7- 7) «خ»بزيادة:انّه.
8- 8) المغني 1:128،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:159،الإنصاف 1:154.

قلت:الصّدغ من الوجه؟قال:(لا) (1).

و رواه محمّد بن يعقوب (2)،و محمّد بن بابويه في كتابيهما في الصّحيح،و زاد ابن بابويه تعيين المرويّ عنه و هو أبو جعفر الباقر عليه السّلام،و زاد أيضا:قال زرارة:قلت له:أرأيت ما أحاط به الشّعر؟فقال:(كلّما أحاط به الشّعر فليس على العباد أن يطلبوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء) (3).

و أيضا لا خلاف في تناول الأمر بالغسل لما ذكرناه (4)،فيكون ما عداه منفيّا (5)بالأصل السّالم عن معارضة اليقين.

و احتجّ الشّافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7)،و أحمد بالإجماع (8).

و احتجّ الزّهريّ (9)بما رواه مسلم،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه سجد فقال:

(سجد وجهي للّذي خلقه و شقّ سمعه و بصره) (10)أضاف السّمع إليه كالبصر.

و الجواب عن الأوّل بالمنع من الإجماع مع وقوع الخلاف،و كيف يتحقّق ذلك و أهل البيت عليهم السّلام ردّوا هذا القول،و مالك،و أبو يوسف،و الزّهريّ و غيرهم.

و عن الثّاني بأنّ الإضافة يكفي فيها مجرّد ملابسة ما،و هي حاصلة هنا و هي المجاورة،و لم ينقل أحد أنّ الأذنين مغسولتان بل نقلوا مسحهما،فيكون ما ذكره

ص:22


1- 1التّهذيب 1:54 حديث 154،الوسائل 1:283 الباب 17 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) الكافي 3:27 حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:28 حديث 1.
4- 4) مرّ ذكره في ص 21.
5- 5) «خ»«ح»«ق»:منتفيا.
6- 6) مغني المحتاج 1:50،المجموع 1:371.
7- 7) شرح فتح القدير 1:13.
8- 8) المغني 1:126،الكافي لابن قدامة 1:32.
9- 9) المغني 1:127 الشّرح الكبير بهامش المغني 1:158.
10- 10) صحيح مسلم 1:535 حديث 771.

مدفوعا.على انّه معارض بما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(الأذنان من الرّأس) (1)و يبطل قول من قال:الصّدغ من الوجه،ما رواه الجمهور، عن الرّبيع بنت معوذ قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضّأ فمسح رأسه و مسح ما أقبل منه و ما أدبر و صدغيه و أذنيه مرّة واحدة (2)فمسحه مع الرّأس و لم ينقل انّه غسله مع الوجه فبطل كونه من الوجه.

فروع:
الأوّل:لا اعتبار بمن تفضل يداه عن المعتاد أو تقصر أو يبلغ وجهه حدّا في الكبر

يخرج به عن المعتاد أو في الصغر كذلك،

و لا اعتبار أيضا بالأصلع الّذي ينحسر شعره عن مقدّم رأسه،و لا الأنزع،و لا بالأغمّ الّذي ينزل شعره إلى الوجه،بل يجب على كلّ واحد من هؤلاء الرّجوع إلى مستوي الخلقة.و هو قول أكثر أهل العلم عملا بقوله تعالى:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (3)و هذا خطاب يتوجّه إلى الغالب.

و قال الشّافعيّ:الغمم إن استوعب جميع الجبهة وجب إيصال الماء إليه،و إن لم يستوعب فوجهان (4).

الثّاني:لا يجب غسل ما خرج عن ما حدّدناه.و لا يستحبّ كالعذار

،و هو النّابت على العظم الناتئ الّذي هو سمت الصّماخ،و ما انحطّ عنه إلى وتد الاذن،و ما بينه و بين الاذن من البياض لا على الأمرد و لا على الملتحي،و به قال مالك (5).و قال الشّافعيّ:يجب

ص:23


1- 1سنن أبي داود 1:33 حديث 134.
2- 2) سنن التّرمذيّ 1:49 حديث 34،سنن أبي داود 1:32 حديث 129،نيل الأوطار 1:202 حديث 1.
3- 3) المائدة:6. [1]
4- 4) المجموع 1:372،فتح الوهّاب 1:12،فتح العزيز هاش المجموع 1:338.
5- 5) بلغة السّالك 1:41،بداية المجتهد 1:11،المجموع 1:373،نيل الأوطار 1:188.

غسله عليهما (1).و قال أبو يوسف:يجب على الأمرد خاصّة (2).و لا العارض و هو:ما نزل عن حدّ العذار و هو النّابت على اللّحيين.و لا الصّدغ و هو:الشّعر الّذي بعد انتهاء العذار المحاذي لرأس الاذن و نزل عن رأسها قليلا.و لا النّزعتان و هما:ما انحسر عنه الشّعر من الرّأس متصاعدا في جانبي الرّأس.و لا التّحذيف و هو:الشّعر الدّاخل في الوجه ما بين انتهاء العذار و النّزعة المتّصل شعر الرّأس،لأنّ التّكليف بهذه شرعيّ و لا شرع يدلّ على التّكليف بها فلا تكليف.

الثّالث:لا يلزم تخليل شعر اللّحية،و لا الشّارب،و لا العنفقة،و لا الأهداب

سواء كانت كثيفة أو خفيفة،و لا يستحبّ أيضا،بل الواجب إن فقد الشّعر غسل هذه المواضع،و إن وجد فإمرار الماء على ظاهر الشّعر.و قال ابن الجنيد:متى خرجت اللّحية و لم تكثر فعلى المتوضّئ غسل الوجه حتّى يستيقن وصول الماء إلى بشرته،لأنّها لم تستر مواضعها (3)،و هو قول الشّافعيّ (4).

و اتّفقوا على استحباب التّخليل إلاّ أبا ثور،فإنّه قال بوجوب إيصال الماء إلى بشرة الوجه و إن كانت كثيفة (5).و هو قول المزني (6).

لنا:ما رواه الجمهور من وصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه غسل وجهه ثلاثا،ثمَّ غسل يديه (7)و لم يذكر التّخليل فيكون منفيّا.

ص:24


1- 1المجموع 1:373،مغني المحتاج 1:51،السّراج الوهّاج:16.
2- 2) المجموع 1:373،نيل الأوطار 1:188.
3- 3) انظر:المختلف 1:21.
4- 4) الام 1:25،التّفسير الكبير 11:158، [1]المجموع 1:374.
5- 5) المغني 1:117،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:162،المجموع 1:374،نيل الأوطار 1: 185.
6- 6) المغني 1:117،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:162،المجموع 1:374،نيل الأوطار 1: 185.
7- 7) صحيح البخاري 1:58،سنن أبي داود 1:29 حديث 118،سنن التّرمذي 1:66 حديث 47. [2]سنن ابن ماجه 1:149 حديث 434،سنن النّسائي 1:71،سنن الدّار قطني 1:82 حديث 13.

و أيضا:روى ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه توضّأ فغرف غرفة غسل بها وجهه (1)،و من المستحيل إمكان غسل الوجه و إيصال الماء إلى ما تحت الشّعر بكفّ واحد و بالخصوص مع وضوء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأنّه كثيف اللّحية كبيرها (2).

و أيضا:الوجه مأخوذ من المواجهة،و ذلك غير صادق على ما تحت الشّعر.و لأنّه شعر يستر ما تحته بالعادة،فوجب انتقال الفرض إليه قياسا على الرّأس.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:أرأيت ما كان تحت الشّعر؟قال:(كلّما أحاط به الشّعر فليس على العباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء) (3).و رواه ابن بابويه أيضا في الصّحيح (4).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

سألته عن الرّجل يتوضّأ أ يبطن لحيته؟قال:(لا) (5).

و روى،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال:(إنّما عليك أن تغسل ما ظهر) (6)و«إنّما»تفيد الحصر.

تذنيب:لو نبت للمرأة لحية،كان حكمها ذلك

لما ذكرناه (7)،و لأنّه شعر ساتر لما

ص:25


1- 1صحيح البخاري 1:47،سنن النّسائي 1:74،نيل الأوطار 1:183 حديث 1،كنز العمّال 9: حديث 26929.
2- 2) «م»«د»«ق»«ح»:كغيرها.
3- 3) التّهذيب 1:364 حديث 1106،الوسائل 1:335 الباب 46 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 1:28 حديث 88.
5- 5) التّهذيب 1:360 حديث 1084،الوسائل 1:334 الباب 46 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 1:78 حديث 202،الاستبصار 1:67 حديث 201،الوسائل 1:303 الباب 29 من أبواب الوضوء حديث 6. [3]
7- 7) تقدّم في ص 24. [4]

تحته،فأشبه لحية الرّجل،سواء كانت خفيفة،أو كثيفة،خلافا للشّافعيّ (1).

الرّابع:لا يجب غسل ما استرسل من اللّحية طولا و عرضا.

و هو قول أبي حنيفة (2)،و الشّافعيّ في أحد قوليه (3)،و في القول الآخر:يجب (4)،و به قال مالك (5).

و عن أحمد روايتان (6).و نقل عن أبي حنيفة،أيضا انّ اللّحية النّابتة في محلّ الفرض لا يجب غسلها إذا كانت كثيفة،لأنّ الوجه اسم للبشرة الّتي بها تحصل المواجهة،و الشّعر ليس ببشرة (7)،و ما تحته لا تحصل به المواجهة (8)،و هو أيضا مرويّ عن أبي يوسف (9).لكنّ الأظهر من مذهب أبي حنيفة،انّ عليه غسل الرّبع من اللّحية، قياسا على مسح الرّأس (10).

لنا:انّها ليست من الوجه،و لأنّه شعر خارج عن محلّ الفرض،فأشبه ما لو نزل من شعر الرّأس عنه كالذّؤابتين.

احتجّ (11)الموجبون،بأنّها تسمّى في الشّرع وجها،لما روي انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه

ص:26


1- 1مغني المحتاج 1:52،المهذّب 1:16،المجموع 1:377.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:4،بداية المجتهد 1:11،المغني 1:130،نيل الأوطار 1:182،التّفسير الكبير 11:158، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:160.
3- 3) الام 1:25،المهذّب للشّيرازي 1:16،بداية المجتهد 1:11،المغني 1:130،التّفسير الكبير 11:158. [2]
4- 4) المجموع 1:379،المهذّب للشّيرازي 1:16،الام 1:25،نيل الأوطار 1:182،بدائع الصّنائع 1:4،التّفسير الكبير 11:158، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:160.
5- 5) بداية المجتهد 1:11،مقدّمات ابن رشد 1:50.
6- 6) الكافي لابن قدامة 1:33،الإنصاف 1:156. [4]
7- 7) «خ»:بشرة.
8- 8) المغني 1:130،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:160.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 3:343. [5]
10- 10) بدائع الصّنائع 1:3،شرح فتح القدير 1:13،المغني 1:131،أحكام القرآن للجصّاص 3:343، [6]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:160.
11- 11) المغني 1:131،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:160،المجموع 1:379.

و آله رأى رجلا غطّى لحيته في الصّلاة،فقال:(اكشف وجهك فإنّ اللّحية من الوجه) (1)و عرفا،و لهذا يقال:خرج وجهه،أي:لحيته،و لأنّه شعر نابت على موضع مغسول،فيوصل إليه الماء،كالشّارب.

و الجواب عن الأوّل:لعلّ ذلك الرّجل غطّى النّابت في محلّ الفرض لا السّاقط عنه.

و عن الثّاني:بأنّه مجاز في الاستعمال،و لهذا فإنّه لا يطّرد،فلا يقولون:طال وجهه أو عرض أو قصر وجهه لمن حصلت (2)هذه الأوصاف للحيته.

و عن الثّالث:انّ الحكم مضاف إلى المختصّ،و هو انّه شعر غير ساقط عن العضو المفروض،و إلاّ لثبت في محلّ النّقض و هو المسترسل من الرّأس.

الخامس:الأذنان ليسا من الوجه،

فلا يجب غسلهما و لا يستحبّ،و لا يجب مسحهما ما أقبل منهما و ما أدبر،و لا يجوزان.

و قال الجمهور:يمسح الأذنان (3).و قال الزّهريّ:هما من الوجه يغسلان معه (4).

و قال الشّعبيّ،و الحسن البصريّ،و إسحاق:يغسل ما أقبل و يمسح ما أدبر (5).ثمَّ اختلف الشّافعيّ و أبو حنيفة،فقال الشّافعيّ:المستحبّ استئناف ماء جديد لهما (6)،

ص:27


1- 1المغني 1:131،المجموع 1:379.
2- 2) «م»«ن»«ح»«ق»:جعل.
3- 3) المغني 1:149، [1]بداية المجتهد 1:14،بدائع الصّنائع 1:23،المهذّب للشّيرازي 1:18.
4- 4) نيل الأوطار 1:188،المجموع 1:413،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:19،تفسير القرطبي 6:87. [2]
5- 5) المجموع 1:414،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:19،نيل الأوطار 1:188،و فيها: الحسن بن صالح،بدل:الحسن البصري.تفسير القرطبي 6:87،التّفسير الكبير 11:159.
6- 6) المجموع 1:413،السّراج الوهّاج:18،بداية المجتهد 1:14،سنن التّرمذي 1:55،تفسير القرطبي 6:90، [3]الامّ 1:26،المهذّب للشّيرازي 1:18.

و قال أبو حنيفة:يمسحهما بماء الرّأس (1).و اتّفق أهل العلم على انّ مسحهما غير واجب إلاّ ما يحكى عن إسحاق بن راهويه من إيجاب مسحهما (2).

لنا:انّه تكليف،فيتوقّف على الشّرح و لم يثبت،فاعتقاد فعله بدعة.

و ما رويناه،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في حدّ الوجه (3).

و ما رويناه عنهم عليهم السّلام من صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4)، و صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام (5)،و لم يمسحا الأذنين.

و ما رواه الشّيخ،عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام انّ أناسا يقولون:

انّ بطن الأذنين من الوجه،و ظهرهما من الرّأس؟فقال:(ليس عليهما غسل و لا مسح) (6)و في طريقها ابن فضّال و ابن بكير،و فيهما قول (7)،إلاّ انّ إجماع الأصحاب يؤيّد العمل بها،و اعتضادها بالأخبار الأخر.

احتجّوا (8)بما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه مسح رأسه و أذنيه بماء واحد (9).

ص:28


1- 1الهداية للمرغيناني 1:13،شرح فتح القدير 1:24،بداية المجتهد 1:14،تفسير القرطبي 6:90، [1]المبسوط للسّرخسي 1:65،نيل الأوطار 1:200.
2- 2) تفسير القرطبي 6:90 [2] نيل الأوطار 1:200.
3- 3) تقدّم في ص 22 رقم«1». [3]
4- 4) تقدّم في ص 297،302،306. [4]
5- 5) الفقيه 1:26 حديث 84،الوسائل 1:282 الباب 16 من أبواب الوضوء،حديث 1. [5]
6- 6) التّهذيب 1:55 حديث 156،الاستبصار 1:63 حديث 187،الوسائل 1:285 الباب 18 من أبواب الوضوء،حديث 2. [6]
7- 7) مرّت ترجمتهما و القول فيهما في الجزء الأوّل ص 76،204.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:65.
9- 9) سنن أبي داود 1:33 حديث 133،نيل الأوطار 1:198 حديث 2،و فيهما:و مسح برأسه و أذنيه مسحة واحدة.

و بما (1)روي،عنه عليه السّلام انّه قال:(الأذنان من الرّأس) (2).

و الجواب عن الأوّل:انّه مدفوع عند الشّافعيّ،و لو كان صحيحا لما خفي عنه، على انّه حكاية فعل و فيه ضعف.

و عن الثّاني بالمنع منه،فإنّ سليمان بن حرب[1]،قال:انّه ليس من كلام النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و إنّما هو من كلام أبي أمامة[2]راوي الخبر (3).

و قال حمّاد بن زيد[3]:لا أدري هو من قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أو من قول أبي أمامة (4)،على انّ أصحاب الحديث قد ضعّفوه،فإنّ راويه شهر بن

ص:29


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:65.
2- 2) سنن أبي داود 1:33 حديث 134،سنن التّرمذي 1:53 حديث 37،سنن ابن ماجه 1:152 حديث 443 و 444 و 445،نيل الأوطار 1:199 حديث 1. سنن الدّار قطني 1:104 حديث 41،مجمع الزّوائد 1:234.
3- 3) سنن أبي داود 1:33،شرح فتح القدير 1:25،سنن البيهقي 1:66.
4- 4) سنن التّرمذي 1:53 حديث 37، [1]سنن أبي داود 1:33،134،شرح فتح القدير 1:25،سنن البيهقي 1:67،التّعليق المغني هامش سنن الدّار قطني 1:103.

حوشب[1]،و قال شعبة:انّ شهرا رافق رجلا من أهل الشّام فخانه (1).على انّ كونهما من الرّأس لا يدلّ على وجوب مسحهما و لا استحبابه،لما سنبيّن من اختصاص المسح بالمقدّم.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عليّ بن رئاب[2]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:الأذنان من الرّأس؟قال:(نعم)قلت:فإذا مسحت رأسي مسحت اذني؟ قال:(نعم) (2).

لأنّا نقول هذا الحديث مردود بالإجماع على خلافه،و بأنّه(يحمل على التّقيّة) (3)،و رواية يونس،و هو مشترك بين الموثّق كابن عبد الرّحمن[3]و ابن

ص:30


1- 1سنن البيهقي 1:66.
2- 2) التّهذيب 1:62 حديث 169،الاستبصار 1:63 حديث 188،الوسائل 1:285 الباب 18 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
3- 3) «م»«ن»«د»:يحتمل التّقيّة.

رباط (1)،و المضعّف كابن ظبيان (2)فلا حجّة فيه.

السّادس:روى الشّيخ في حديث مرسل،عن الصّادق عليه السّلام،قال:(إذا

توضّأ الرّجل فليصفق وجهه بالماء

فإنّه إن كان ناعسا فزع و استيقظ،و إن كان البرد فزع و لم يجد البرد) (3).

و ذكر في حديث ضعيف،عن السّكوني،عن جعفر عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا تضربوا وجوهكم بالماء إذا توضّأتم و لكن شنّوا الماء شنّا) (4)و السّن (5):السّيل،و جمع بينهما بأنّ الأوّل محمول على إباحته و لا يجب خلافه،و الثّاني محمول على أولويّة غيره فلا ينافي.

السّابع:يستحبّ إسباغ ماء الوجه

لأنّ فيه غضونا (6)،و مع الكثرة يحصل اليقين بوصول الماء إلى الجميع.

الثّامن:لو غسل منكوسا،قال الشّيخ:لا يجزيه .

(7)

خلافا للمرتضى مع انّه

ص:31


1- 1يونس بن رباط البجليّ،مولاهم،كوفيّ من أصحاب أبي عبد اللّه(ع)وثّقه النّجاشيّ،و الشّيخ، و العلاّمة. رجال النّجاشيّ:448،رجال الطّوسيّ:337،رجال العلاّمة:185. [1]
2- 2) يونس بن ظبيان الكوفيّ،مولى،ضعيف جدّا لا يلتفت إلى ما رواه،كلّ كتبه تخليط،قاله النّجاشيّ، عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و نقل العلاّمة في رجاله عن ابن الغضائريّ انّه غال كذّاب وضّاع للحديث،ثمَّ قال:لا أعتمد على روايته. رجال النّجاشيّ:448،رجال الطّوسيّ:336،رجال العلاّمة:266. [2]
3- 3) التّهذيب 1:357 حديث 1071،الاستبصار 1:68 حديث 207،الوسائل 1:305 الباب 30 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 1:357 حديث 1072،الاستبصار 1:69 حديث 208،الوسائل 1:305 الباب 30 من أبواب الوضوء،حديث 2. [4]
5- 5) السّن خلاف الشّن،و هو الصّبّ المتّصل.النّهاية لابن الأثير 3:413،507.
6- 6) الوجه الغضن:هو الّذي فيه تجعّد و تكسّر.النّهاية لابن الأثير 3:372. [5]
7- 7) المبسوط 1:20.

كرهه (1).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة بن أعين قال:حكى لنا أبو جعفر عليه السّلام وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فدعا بقدح من ماء،فأدخل يده اليمنى فأخذ كفّا من ماء،فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه (2).و فعله إذا كان بيانا للمجمل وجب اتّباعه فيه.

و أيضا:نقل عنه عليه السّلام حين أكمل وضوءه انّه قال:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به) (3).

و أيضا:لا شكّ انّه عليه السّلام توضّأ بيانا،فإن كان قد ابتدأ بأسفل الوجه لزم وجوبه و لا قائل به،و يكون قد فعل المكروه فإنّه وافق على الكراهية و هو منزّه عنه،و إن كان قد غسل من أعلاه وجب اتّباعه.

التّاسع:قال الشّيخ في الخلاف:لا يستحبّ فتح العين عند الوضوء،

و احتجّ بإجماع الفرقة و بالأصل (4).

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال(افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلّها لا ترى نار جهنّم) (5)و هذا يعطي الاستحباب.و هو أحد قوليّ الشّافعيّ (6)،لأنّ ابن عمر فعله (7).

و الجواب:فعل ابن عمر ليس حجّة،مع انّهم نقلوا وضوء رسول اللّه صلّى اللّه

ص:32


1- 1لم نعثر على قوله هذا من كتبه الموجودة،و لكن نقله عنه المحقّق في المعتبر 1:143. [1]
2- 2) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 10. [2]
3- 3) الفقيه 1:25 حديث 76،الوسائل 1:308 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 11. [3]
4- 4) الخلاف 1:14 مسألة-35.
5- 5) الفقيه 1:31 حديث 104،الوسائل 1:341 الباب 53 من أبواب الوضوء،حديث 1. [4]
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:16،المجموع 1:369.
7- 7) المغني 1:118،المهذّب للشّيرازي 1:16.

عليه و آله و لم ينقل إدخال الماء إلى العينين،و لأنّ فيه ضررا،و قياسه على المضمضة و الاستنشاق ضعيف،لأنّ داخل الفم و الأنف يتغيّر،بخلاف داخل العين.

العاشر:لو غسل الشّعر النّابت على الوجه،ثمَّ زال عنه،أو انقلعت جلدة من

يديه أو ظفره،أو قصّه،لم يؤثّر في طهارته.

و هو قول أكثر أهل العلم (1)،و نقل عن ابن جرير[1]،انّ ظهور بشرة الوجه بعد غسل شعره يوجب غسلها (2)،قياسا على ظهور قدم الماسح على الخفّ.

لنا:انّه أتى بالمأمور به،و لأنّه غسل ما هو أصل و هو الشّعر،بدليل انّه لو غسل البشرة دون الشّعر لم يجزه،فأشبه ما لو انكشطت جلدة من الوجه بعد غسله،و قياسه ضعيف،لأنّ الخفّين بدل مجزي عن غسل الرّجلين دونهما بخلاف الشّعر.

مسألة:و يجب غسل اليدين بالإجماع و النّصّ،
اشارة

و أكثر أهل العلم على وجوب إدخال المرفقين في الغسل (3)،خلافا لبعض أصحاب مالك (4)،و ابن داود[2] (5)،

ص:33


1- 1المجموع 1:393، [1]المغني 1:130.
2- 2) المجموع 1:393،المغني 1:130.
3- 3) المجموع 1:385،أحكام القرآن للجصّاص 3:344،بدائع الصّنائع 1:4،المغني 1:137،شرح فتح القدير 1:13،بداية المجتهد 1:11،مغني المحتاج 1:52،التّفسير الكبير 11:159،ميزان الكبرى 1:117.
4- 4) بداية المجتهد 1:11،المغني 1:137.
5- 5) المغني 1:137،المجموع 1:385.

و زفر (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا توضّأ أدار الماء إلى مرفقيه (2).و هذا بيان للغسل المأمور به في الآية،فإنّ«إلى»قد تأتي بمعنى«مع»كقوله تعالى وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ (3)و قوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (4)و قوله مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن بكير و زرارة ابني أعين أنّهما سألا أبا جعفر عليه السّلام عن وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فدعا بطست أو بتور فيه ماء فغسل كفّيه-إلى قوله-فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الأصابع (6).و قد وافق على انّ مبدأ الغاية داخل.

و روى الشّيخ،عن الهيثم بن عروة التّميميّ[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله تعالى فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ (7)فقال:(ليس هكذا تنزيلها إنّما هي فاغسلوا وجوهكم و أيديكم من المرافق)ثمَّ أمرّ يده من مرفقه إلى

ص:34


1- 1بدائع الصّنائع 1:4،شرح فتح القدير 1:13،ميزان الكبرى 1:117،أحكام القرآن للجصّاص 3: 344، [1]المغني 1:137،عمدة القارئ 2:233،التّفسير الكبير 11:159،المجموع 1:385، [2]الهداية للمرغيناني 1:12.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:83 حديث 15،سنن البيهقي 1:56.
3- 3) هود:52. [3]
4- 4) النّساء:2. [4]
5- 5) آل عمران:52، [5]الصّف:14. [6]
6- 6) التّهذيب 1:56 حديث 158،الاستبصار 1:57 حديث 168،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 11. [7]
7- 7) المائدة:6. [8]

أصابعه (1).و لأنّ الاحتياط يقتضي الوجوب.

احتجّ:زفر (2)بأنّها غاية في الآية،فلا تدخل في ذي الغاية كقوله تعالى ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (3)و هو ضعيف.

أمّا أوّلا،فبالمنع من كونها غاية،بل بمعنى«مع»لما بيّنّاه (4)من الاستعمال و الاحتياط.

و ثانيا،بالمنع من كون الغاية غير داخلة،فإنّ بعضهم ذهب إلى وجوب الدّخول (5)،و آخرون قالوا بالوقف (6)،بأنّها تارة تدخل و اخرى لا تدخل،فكان مجملا.و قال آخرون:إن كان الحدّ من جنس المحدود دخل،كقوله:بعتك هذا الثّوب من هذا الطّرف إلى هذا الطّرف و إلاّ فلا،كآية الصّيام (7)(8)،و هاهنا المرافق من جنس الأيدي.

فروع:
الأوّل:لو غسلهما مبتدئا بالمرافق أجزأ

إجماعا بل هو الأولى.و هل هو واجب أم لا؟نصّ الشّيخ على ذلك (9)حتّى انّه لو استقبل الشّعر لم يجزه،و قال المرتضى بالاستحباب (10).

ص:35


1- 1التّهذيب 1:57 حديث 159،الوسائل 1:285 الباب 19 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:137، [2]شرح فتح القدير 1:13،الهداية للمرغينانيّ 1:12.
3- 3) البقرة:187. [3]
4- 4) تقدّم بيانه في ص 34.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:51.
6- 6) المجموع 1:386،عمدة القارئ 2:234،أحكام القرآن للجصّاص 3:344.
7- 7) المجموع 1:386،عمدة القارئ 2:234،أحكام القرآن للجصّاص 3:344.
8- 8) البقرة:187.
9- 9) المبسوط 1:21،النّهاية:14،الخلاف 1:11 مسألة-26.
10- 10) الانتصار:16،رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):213.

احتجّ الشّيخ بابتداء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من المرفق،لما رواه عن زرارة و بكير ابني أعين أنّهما سألا أبا جعفر عليه السّلام عن وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،ثمَّ قال:ثمَّ غمس كفّه اليمنى في الماء فاغترف بها من الماء فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الأصابع لا يرد الماء إلى المرفقين (1).

و ما رواه الهيثم بن عروة و قد تقدّمت،و الرّواية الاولى في طريقها عثمان بن عيسى،و الثّانية في طريقها سهل بن زياد،و هما ضعيفان (2).

احتجّ المرتضى بأنّه أتى بالمأمور به،فيجب الإجزاء،لكنّه أتى بالكراهيّة (3).

و للشّيخ أن يقول:إذا كان مكروها لم يفعله النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيانا،فتعيّن الآخر،فيكون واجبا.و نحن نقول:قد بيّنّا تحريم النّكس في الوجه (4)،فيحرم هنا، لعدم القائل بالفرق.

الثّاني:الواجب في الغسل ما يحصل به مسمّاه

كالدّهن،بشرط بقاء التّسمية فيه،و ذلك بأن يصدق الجريان على الماء،أمّا المسح فلا،لأنّه بالأوّل يكون ممتثلا بخلاف الثّاني.

الثّالث:لو انقطعت يده من دون المرفق غسل الباقي من محلّ الفرض.

و هو قول أهل العلم (5).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن رفاعة[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن

ص:36


1- 1التّهذيب 1:56 حديث 158،الاستبصار 1:57 حديث 168،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 11. [1]
2- 2) تقدم بيان ضعفهما في الجزء الأوّل 1:39،251. [2]
3- 3) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الأولى):213.
4- 4) تقدّم بيانه في ص 31.
5- 5) المجموع 1:394،المغني 1:139. [3]

الأقطع اليد و الرّجل كيف يتوضّأ؟قال:(يغسل ذلك المكان الّذي قطع منه) (1)و رواه ابن يعقوب في كتابه في الحسن،عن رفاعة أيضا (2).

و روى الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سألته عن الأقطع اليد و الرّجل؟قال:(يغسلهما) (3)و لأنّ غسل الجميع واجب بتقدير وجوده،و ذلك يستلزم وجوب غسل كل عضو،فلا يسقط بعضه بفقدان البعض الآخر.

الرّابع:لو انقطعت يده من المرفق سقط غسلها

،لفوات محلّ الغسل.و للشّافعيّ في غسل العظم الباقي-و هو طرف العضد وجهان،أصحّهما عنده الوجوب،لأنّ غسل العظمين المتلاقيين من العضد و المرفق واجب،فإذا زال أحدهما غسل الآخر (4).

و نحن نقول:إنّما وجب غسل طرف العضد توصّلا إلى غسل المرفق،و مع سقوط الأصل انتفى الوجوب.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضّأ؟قال:(يغسل ما بقي من عضده) (5).

لأنّا نقول:هذه الرّواية منافية للإجماع،فإنّ أحدا لم يوجب غسل العضد،فيحمل على الاستحباب تشبيها بالغاسل.

أمّا لو قطعت يده من فوق المرفق،سقط الغسل إجماعا،لفوات المحل،لكن

ص:37


1- 1التّهذيب 1:359 حديث 1078،الوسائل 1:337 الباب 49 من أبواب الوضوء،حديث 4. [1]
2- 2) الكافي 3:29 حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 1:360 حديث 1085،الوسائل 1:337 الباب 49 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]
4- 4) السّراج الوهّاج:16،المجموع 1:394،مغني المحتاج 1:52.
5- 5) التّهذيب 1:360 حديث 1086،الوسائل 1:337 الباب 49 من أبواب الوضوء،حديث 2. [4]

يستحبّ غسل الباقي،لما تقدّم من الرّواية،و هو قول الشّافعيّ (1).

الخامس:إذا كان أقطع اليدين فوجد من يوضّئه متبرّعا،لزمه ذلك

لتمكّنه،و إن لم يجد إلاّ بأجرة يقدر عليها،فهل يجب ذلك أم لا؟الوجه الوجوب للتمكّن أيضا،كما يلزمه شراء الماء.و قال بعض الجمهور:لا يلزمه،كما لو عجز عن القيام في الصّلاة،لا يلزمه استئجار من يقيمه و يعتمد عليه (2)،و نحن نمنع الأصل.و لو عجز عن الأجرة،أو لم يجد من يستأجره،صلّى على حسب حاله،كفاقد الماء و التّراب،و في وجوب إعادة الصّلاة إشكال.

السّادس:لو خلق له يد زائدة،أو إصبع،أو لحم نابت،أو جلد منبسط في محلّ

الفرض،وجب غسله

لأنّه كالجزء منه،فأشبه الثّؤلول (3).و لو كانت فوق المرفق كالعضد،و المرفق لم يجب غسلها،سواء كانت طويلة أو قصيرة،لأنّها خرجت عن محلّ الفرض،فأشبهت شعر الرّأس إذا نزل عن الوجه.و قال الشّافعيّ:إن كان بعضها يحاذي محلّ الفرض غسل المحاذي منه (4)،و ليس بشيء.

السّابع:لو لم يعلم اليد الزّائدة من الأصليّة،وجب غسلهما

جميعا،لأنّ غسل إحداهما متعيّن (5)،و تخصيص إحداهما به ترجيح من غير مرجّح،فوجب الجميع،كما لو تنجّست إحدى يديه،و لم يعلم (6)بعينها.

الثّامن:لو انقلعت جلدة من غير محلّ الفرض حتّى تدلّت من محلّ الفرض وجب

غسلها

،لأنّ أصلها في محلّ الفرض فأشبهت الإصبع الزّائدة.و لو انقلعت من محلّ

ص:38


1- 1الام 1:26،المجموع 1:394،مغني المحتاج 1:52،السّراج الوهّاج:16،فتح الوهّاب 1:12.
2- 2) المغني 1:139، [1]عمدة القارئ 2:233.
3- 3) الثؤلول:الحبّة الّتي تظهر في الجلد.النّهاية لابن الأثير 1:205. [2]
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:17،المجموع 1:388،مغني المحتاج 1:53.
5- 5) «خ»:متيقن.
6- 6) «ح»«ق»يعلمها.

الفرض،فتدلّت من غير محلّ الفرض،لم يجب غسلها،قصيرة كانت أو طويلة بلا خلاف،لأنّها في غير محلّ الفرض،كما لا تغسل الإصبع النّابتة في غير محلّه.و لو انقلعت من أحد المحلّين،فالتحم رأسها في الآخر،و بقي وسطها متجافيا،صار حكمها حكم النّابت في المحلّين،يجب غسل ما حاذى محلّ الفرض من ظاهرها و باطنها،و غسل ما تحتها من محلّ الفرض.

التّاسع:لو قطعت يده من دون المرفق بعد الطّهارة،لم يجب غسل ما ظهر منها،

لأنّ الطّهارة لم تتعلّق بموضع القطع،و إنّما كانت متعلّقة بما كان ظاهرا من اليد و قد غسله.

العاشر:لو طالت أظفاره حتّى خرجت عن سمت يده،احتمل وجوب غسلها

لأنّه نادر،و عدمه،كاللّحية،و للشافعيّة الوجهان (1).

الحادي عشر:الوسخ تحت الظّفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته،هل يجب

إزالته مع عدم الضّرر؟فيه إشكال

،فإنّ لقائل أن يقول:إنّه حائل عمّا يجب غسله، و يمكن إزالته من غير مشقّة فيجب،كالشّمع (2).و يمكن أن يقال:انّه ساتر عادة فكان يجب على النّبي صلّى اللّه عليه و آله بيانه،و لمّا لم يبيّن دلّ على عدم الوجوب،و لأنّه يستر عادة،فأشبه ما يستره الشّعر من الوجه،و الأقرب الأوّل.

الثّاني عشر:ذو الرّأسين و اليدين يغسل أعضاءه مطلقا

،لأنّ كلّ واحد من الوجهين يسمّى وجها،سواء علمت الزّيادة أولا،و سواء حكم الشّارع بوحدته أو بكثرته.

(أصل:الباء إذا أدخلت على فعل متعدّ بنفسه أفادت التّبعيض

بالنّقل،أو لأنّا نعلم الفرق بين قولنا:مسحت يدي بالمنديل،و مسحت المنديل،في إفادة الأوّل

ص:39


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:17،المجموع 1:387.
2- 2) «خ»:كالوسخ.

التّبعيض من دون الثّاني،و لأنّه لو لم يفد التّبعيض لم يكن مفهما،لأنّ الإلصاق إنّما يفيده إذا لم يتعدّ الفعل بنفسه،و قول ابن جنّي[1]:انّ الباء لم تفد التّبعيض في لغة العرب،باطل،بالنّقل عن كثير من أهل اللّغة انّها تفيد (1)،و شهادة الإثبات مقدّمة) (2).

مسألة:و يجب مسح الرّأس بالنّصّ و الإجماع،
اشارة

و اختلفوا في قدر الواجب منه،فقال مالك (3)،و أحمد في أحد قوليه:يجب مسح الجميع (4).و قال علماؤنا:الواجب مسح البعض (5).و هو مذهب الحسن،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (6)،و الشّافعي (7)،و أبي حنيفة (8).و فصّل أحمد في القول الآخر،فأوجب الاستيعاب في حقّ الرّجل دون

ص:40


1- 1المصباح المنير 1:67.
2- 2) ما بين القوسين في«خ»فقط.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:16،بداية المجتهد 1:12،مقدّمات ابن رشد 1:51،أحكام القرآن لابن العربي 2:568،أحكام القرآن للجصّاص 3:344،المبسوط للسّرخسي 1:63،المغني 1:141،ميزان الكبرى 1:117،التّفسير الكبير 11:160،عمدة القارئ 2:234،بدائع الصّنائع 1:4،المجموع 1:399،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:18،شرح فتح القدير 1:15.
4- 4) المغني 1:141،الإنصاف 1:161، [1]الكافي لابن قدامة 1:35،المجموع 1:399،ميزان الكبرى 1:117،نيل الأوطار 1:192،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:18.
5- 5) منهم:المفيد في المقنعة:5،و السّيّد المرتضى في الجمل:50،و الشّيخ الطّوسي في النّهاية:14، و الخلاف 1:13 مسألة-29.
6- 6) المغني 1:141،المجموع 1:399،عمدة القارئ 2:235،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:167.
7- 7) مغني المحتاج 1:53،المجموع 1:399،التّفسير الكبير 11:160، [2]أحكام القرآن للجصّاص 3: 344، [3]عمدة القارئ 2:235،المغني 1:141،نيل الأوطار 1:192.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:63،بدائع الصّنائع 1:4،عمدة القارئ 2:235،بداية المجتهد 1:12، المغني 1:141،التّفسير الكبير 11:160، [4]نيل الأوطار 1:192.

المرأة (1)،و حكي عن محمّد بن[مسلمة] (2)من أصحاب مالك،انّه إن ترك قدر الثّلث جاز (3)،و قال غيره من أصحابه:إن ترك يسيرا بغير قصد جاز (4)،و حكي عن المزني انّه قال:يجب مسح جميعه (5).

لنا:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ (6)و قد بيّنّا انّ الباء للتّبعيض.

و ما رواه الجمهور،عن المغيرة بن شعبة[1]انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مسح بناصيته (7).

و ما رواه سعيد[2]،عن عثمان[10]انّه مسح مقدّم رأسه بيده مرّة واحدة لم

ص:41


1- 1المغني 1:141،الإنصاف 1:162، [1]الكافي لابن قدامة 1:36،منار السّبيل 1:27،عمدة القارئ 2:235.
2- 2) في النّسخ:مسلم،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) أحكام القرآن لابن العربي 2:568، [2]المجموع 1:399،عمدة القارئ 2:234.
4- 4) أحكام القرآن لابن العربي 2:568. [3]
5- 5) المجموع 1:399.
6- 6) المائدة:6.
7- 7) صحيح مسلم 1:230 حديث 81 و ص 231 حديث 83،سنن أبي داود 1:38 حديث 150،سنن النّسائيّ 1:76،سنن البيهقي 1:58،نيل الأوطار 1:207.

يستأنف له ماء جديدا حين حكى وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و ما رواه أنس بن مالك انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،توضّأ فرفع مقدّم عمامته و أدخل يده تحتها فمسح مقدّم رأسه و لم ينقض العمامة (2).و لا شكّ انّ مسح جميع الرّأس لا يتمّ مع رفع المقدّم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ألا تخبرني من أين علمت و قلت انّ المسح ببعض الرّأس و بعض الرّجلين؟فضحك،ثمَّ قال:«يا زرارة،قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و نزل به الكتاب من اللّه تعالى[لأنّ اللّه تعالى] (3)يقول فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا انّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل،ثمَّ قال وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ثمَّ فصّل بين الكلامين، فقال وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعرفنا حين قال:برؤسكم،انّ المسح ببعض الرّأس لمكان الباء،ثمَّ وصل الرّجلين بالرّأس كما وصل اليدين بالوجه،فقال وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فعرفنا حين وصلهما بالرّأس انّ المسح على بعضها،ثمَّ فسّر ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنّاس فضيّعوه،ثمَّ قال فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ فلمّا وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا،لأنّه قال بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ ثمَّ وصل بها وَ أَيْدِيَكُمْ ثمَّ قال مِنْهُ أي من ذلك التّيمّم،لأنّه علم انّ ذلك أجمع لا يجري على الوجه،لأنّه يعلق من ذلك[الصّعيد] (4)ببعض

ص:42


1- 1كنز العمّال 9:443 حديث 26890.
2- 2) سنن أبي داود 1:36 حديث 147،سنن ابن ماجه 1:186 حديث 564.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) أضفناه من المصدر.

الكفّ،و لا يعلق ببعضها،ثمَّ قال ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ (1)و الحرج الضّيق) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(مسح الرّأس على مقدّمه) (3).

و ما رواه،عن معمّر بن عمر (4)،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(يجزي من مسح الرّأس[موضع] (5)ثلاث أصابع،و كذلك الرّجل) (6).

و روى ابن يعقوب في الحسن،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:(المرأة يجزيها من مسح الرّأس أن تمسح مقدّمه قدر ثلاث أصابع و لا تلقى عنها خمارها) (7).

و ما رواه،عن الحسين (8)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل توضّأ و هو

ص:43


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:61 حديث 168،الاستبصار 1:62 حديث 186،الوسائل 1:290 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:62 حديث 171،الاستبصار 1:60 حديث 176،الوسائل 1:289 الباب 22 من أبواب الوضوء،حديث 1،2. [3]
4- 4) معمّر بن عمر ذكره الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و قال:روى عنهما،أي:الباقر و الصّادق(ع). رجال الطّوسيّ:316.
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) التّهذيب 1:60 حديث 167،الاستبصار 1:60 حديث 177،الوسائل 1:294 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 5. [4]
7- 7) الكافي 3:30 حديث 5، [5]الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 3. [6]
8- 8) الحسين بن المختار،أبو عبد اللّه القلانسيّ،كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)له كتاب يرويه عنه حمّاد بن عيسى.قاله النّجاشيّ.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع) و ضعّفه بأنّه واقفي،و تبعه العلاّمة في رجاله،و وثّقه المفيد في الإرشاد و عدّه من أهل الورع الّذين رووا النّصّ على الإمام الرّضا(ع). رجال النّجاشيّ:54،إرشاد المفيد 2:240، [7]رجال الطّوسيّ:169،346،رجال العلاّمة:215. [8]

معتمّ،فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد؟فقال:(يدخل إصبعه) (1).

و أيضا:الأصل براءة الذّمّة،و من مسح بعض رأسه يصدق عليه أنّه قد مسح برأسه،كما يقال:مسحت برأس اليتيم.

و أيضا:فهو مسح يسقط في التّيمّم،فوجب أن لا يستحقّ الاستيعاب،كالمسح على الخفّين عندهم.

و أيضا:لا يجب الاستيعاب في المسح،كما لا يجب استيعاب الحلق في التّحلّل، و الجامع،ما اشتركا (2)فيه من كون كلّ واحد منهما حكما مختصّا بالرّأس على وجه العبادة.

احتجّوا (3)بما رووه (4)،عنه عليه السّلام من أنّه توضّأ فمسح رأسه كلّه (5)،و لأنّه لمّا كان كلّ جزء من الرّأس محلاّ للفرض،علم تعلّقه بالجميع،قياسا على سائر الأعضاء.

و الجواب عن الأوّل،بالمنع من صحّته،فإنّ أهل البيت عليهم السّلام أجمعوا على ردّه،و ردّه الشّافعي،و أبو حنيفة،فلو كان صحيحا لما ردّوه.

و أيضا:يحمل على غير الوجوب،جمعا بينه و بين ما نقلوه عنه عليه السّلام من ترك مسح البعض،و لا يمكن أن يقال انّه ترك بعض الواجب (6).

و عن الثّاني،بالمنع من ثبوت العلّة في الفرع،فإنّ عندنا المسح مختصّ بالمقدّم على

ص:44


1- 1الكافي 3:30 حديث 3، [1]التّهذيب 1:90 حديث 239،الاستبصار 1:61 حديث 183،الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 2،و [2]في الجميع:ليدخل إصبعه.
2- 2) «ح»«ق»:هو مشترك.
3- 3) المجموع 1:399.
4- 4) «ح»«ق»:رووا.
5- 5) سنن أبي داود 1:31 حديث 128.
6- 6) انظر:أحكام القرآن للجصّاص 3:346. [3]

ما يأتي،و مع هذا فإنّه ينتقض بالمسح على الخفّين،فإنّ كلّ جزء من الخفّ محلّ الفرض،ثمَّ لا يتعلّق الفرض بالجميع،و كذا بخصال الكفّارة المخيّرة.

أصل:الأمر بالماهيّة الكلّيّة لا يقتضي الأمر بشيء من جزئيّاتها على التّعيين،

لأنّ الماهيّة الكلّيّة صادقة على تلك الجزئيّات،و ليس كلّ واحد منها صادقا على الآخر،فما به الاشتراك غير ما ليس به الاشتراك،فالأمر بالماهيّة الكلّيّة الّتي بها الاشتراك،لا يكون أمرا بما به يمتاز كلّ واحد من الجزئيّات،لا بالذّات و لا بالاستلزام.

نعم،يكون أمرا بواحد منها لا بعينه لاستحالة تحصيل الكلّي إلاّ في أحد جزئيّاته.

فروع:
الأوّل:الحقّ عندي انّ الواجب من مسح الرّأس لا يتقدّر بقدر في الرّجل و المرأة،

بل يكفي فيه أقلّ ما يصدق عليه الاسم،و به قال الشّيخ في المبسوط (1).نعم،الأفضل ما يكون مقداره ثلاث أصابع مضمومة،و به قال السّيّد المرتضى في المصباح،و قال في الخلاف:يجب مقدار ثلاث أصابع (2).و هو اختيار ابن بابويه (3)،و أبي حنيفة في إحدى الرّوايتين عنه،و في الرّواية الأخرى:يجزي مسح ربعه لا غير (4).و قال الشّافعيّ:

يجزي ما يقع عليه الاسم،و أقلّه ثلاث شعرات (5).و حكي عنه انّه لو مسح شعرة واحدة

ص:45


1- 1المبسوط 1:21. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:145. [2]
3- 3) الفقيه 1:28.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:344، [3]المبسوط للسّرخسي 1:63،عمدة القارئ 2:235،بدائع الصّنائع 1:4،الهداية للمرغينانيّ 1:12،شرح فتح القدير 1:15-16،أحكام القرآن لابن العربي 2:568، [4]بداية المجتهد 1:12.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:17،المغني 1:143،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:167،مغني المحتاج 1: 53،شرح فتح القدير 1:15،أحكام القرآن لابن العربي 2:568، [5]بدائع الصّنائع 1:4.

أجزأه (1).و ذهب بعض الحنابلة إلى انّ قدر الواجب هو النّاصية (2)،و هو رواية عن أبي حنيفة (3)،و حكي عن أحمد انّه لا يجزي إلاّ مسح أكثره (4).

لنا:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و المراد البعض الكلّي الصّادق على الكثير و القليل،و الأمر بالكلّي لا يكون أمرا بشيء من جزئيّاته على التّعيين،فأيّها أوقع أجزأه، و لا حدّ له شرعا،فيقتصر بالإجزاء على أقلّ ما يتناوله الاسم.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة و بكير ابني أعين أنّهما سألا أبا جعفر عليه السّلام عن وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أن انتهيا إلى قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ قال عليه السّلام:(فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه (5)ما بين الكعبين إلى آخر أطراف الأصابع،فقد أجزأه) (6).

و روى الشّيخ،عن حمّاد بن عيسى[1]بإسناد صحيح،عن بعض أصحابه،عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يتوضّأ و عليه العمامة؟قال:(يرفع العمامة قدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدّم رأسه) (7)و هذا الحديث و إن كان مرسلا إلاّ انّ الأصل

ص:46


1- 1مغني المحتاج 1:53،السّراج الوهّاج:16،المغني 1:143،أحكام القرآن لابن العربي 2:568، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:167.
2- 2) المغني 1:142،الإنصاف 1:161.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:63،بدائع الصّنائع 1:4،الهداية للمرغيناني 1:12،أحكام القرآن لابن العربي 2:568، [2]المجموع 1:399.
4- 4) المغني 1:142،الإنصاف 1:161. [3]
5- 5) في بعض النّسخ:رجليه.
6- 6) التّهذيب 1:76 حديث 191،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [4]
7- 7) التّهذيب 1:90 حديث 238،الاستبصار 1:60 حديث 178،الوسائل 1:289 الباب 22 [5] من

يعضده.على انّ ابن يعقوب رواه في كتابه،عن حمّاد،عن الحسين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1)،و رواه السّيّد المرتضى في الخلاف،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و الحاصل انّ حمّاد أرسله تارة،و أسنده أخرى،فيكون حكمه حكم الرّوايتين، فيعمل بالمسند.

لا يقال:انّهما روايتان في واقعة واحدة،فيقع التّعارض.

لأنّا نقول:ليسا في واقعة،لأنّ الرّواية الأولى عن أحدهما عليهما السّلام، فيحتمل انّه أبو جعفر الباقر عليه السّلام.على انّهما لو كانا واحدا،لجاز سماعه من ثقة تارة،و منه عليه السّلام أخرى،فإنّ باتّحاد المرويّ عنه،لا يحصل اتّحاد الواقعة،على انّ السّيّد المرتضى روى عن حمّاد،انّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام،فكيف يقع الاتّحاد.

لا يقال:يعارض هذه الأدلّة ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال:(المرأة يجزيها من مسح الرّأس أن تمسح مقدّمه قدر ثلاث أصابع و لا تلقى عنها خمارها) (2)و الإجزاء إنّما يفهم في أقلّ الواجب.

لأنّا نقول:لا نسلّم انّه إنّما يفهم في أقلّ الواجب.نعم،لا شكّ انّه الأغلب.

على انّه يحتمل عود الإجزاء إلى عدم إلقاء الخمار،و هو الأولى،لما رواه الشيخ،عن عبد اللّه[1]بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا تمسح المرأة بالرّأس كما يمسح الرّجال، إنّما المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها و تضع الخمار عنها،فإذا كان الظّهر و العصر

ص:47


1- 1الكافي 3:30 حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:77 حديث 195،الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]

و المغرب و العشاء تمسح بناصيتها) (1).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ المسح أمر مقصود،و الأمر به أمر باستعمال الآلة الّتي هي اليد،فكأنّها مذكورة دلالة،و الاقتضاء لا عموم له،فيثبت (2)بقدر ما يدفع به الضّرورة و هو الأدنى،و ثلاث أصابع اليد أدنى الآلة،لأنّه يقوم مقام كلّ اليد،لأنّه أكثر اليد إلاّ انّه دون كلّه،فيصير مأمورا باستعمال هذا القدر ضرورة (3).

و الجواب:لا نسلّم أنّ الآلة هي اليد بل بعضها،سلّمنا،لكن لا نسلّم انّ أدنى اليد ثلاث أصابع،و كيف يصحّ منه ذلك و من مذهبه انّه لو مسح بإصبع واحدة ثلاث مرّات باستئناف ماء مقدار ثلاث أصابع أجزأه،فليس المعتبر حينئذ الآلة بل قدر الممسوح،فسقط ما قاله بالكلّيّة.

الثّاني:القائلون بالاكتفاء بالأقلّ اختلفوا

،فذهب قوم إلى انّ القدر الزّائد عليه يوصف بالوجوب،و المحقّقون منعوا من ذلك،فإنّ الواجب هو الذي لا يجوز تركه،و هذه الزّيادة يجوز تركها،فلا تكون واجبة.

الثّالث:المسح عندنا مختصّ بالمقدّم،

خلافا للجمهور (4).

لنا:ما رواه من حديث المغيرة بن شعبة و عثمان في اختصاص مسح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمقدّم (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(مسح الرّأس على مقدّمه) (6).

ص:48


1- 1التّهذيب 1:77 حديث 194،الوسائل 1:292 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 5. [1]
2- 2) «ح»«م»:فثبت.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:4.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:344، [2]المغني 1:142،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:167.
5- 5) تقدّم الحديثان في ص 41-42.
6- 6) التّهذيب 1:62 حديث 171،الاستبصار 1:60 حديث 176،الوسائل 1:289 الباب 22 من أبواب الوضوء،حديث 1،2. [3]

و لا يعارض هذا:ما رواه الشّيخ،عن الحسين بن عبد اللّه[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يمسح رأسه من خلفه و عليه عمامة بإصبعه أ يجزيه؟ فقال:(نعم) (1)لوجهين:

أحدهما:انّ الرّاوي لا يحضرنا الآن حال ثقته و عدمها.

الثّاني:انّه لا يمتنع أن يدخل الرّجل إصبعه من خلفه و يمسح المقدّم،و يمكن أن يخرج ذلك مخرج التّقيّة.

و ممّا يعضد ما ذكرناه:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(امسح على مقدّمه) (2).

الرّابع:يجوز المسح على المقدّم مقبلا و مدبرا

.و هو مذهب الشّيخ في المبسوط،و قال في الخلاف بالتّحريم (3).

لنا:انّه امتثل الأمر بالمسح،فوجب الإجزاء.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:49


1- 1التّهذيب 1:90 حديث 240،الاستبصار 1:60 حديث 179،الوسائل 1:289 الباب 22 من أبواب الوضوء،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:62 حديث 171،الاستبصار 1:60 حديث 176،الوسائل 1:289 الباب 22 من أبواب الوضوء،حديث 2- [2]بتفاوت يسير في اللّفظ.
3- 3) المبسوط 1:21،الخلاف 1:13 مسألة 31.

قال:(لا بأس أن يمسح الوضوء مقبلا و مدبرا) (1)و لأنّ أبا جعفر عليه السّلام لمّا حكى وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ذكر البدأة بالمرفقين لما كان واجبا،و أهمل كيفيّة المسح و بل قال:(ثمَّ مسح رأسه و قدميه) (2)(3).

و في رواية أخرى:(ثمَّ مسح ببقيّة ما بقي في يديه رأسه و رجليه) (4).

و لو كان استقبال الشّعر حراما لوجب بيانه،لأنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

الخامس:يجوز المسح على البشرة و على شعرها

،خلافا لبعض الجمهور،حيث ذهب إلى وجوب المسح على الشّعر (5).

لنا:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ (6)و هو يتناول البشرة حقيقة،و إنّما صيّر إلى الشّعر لمحلّ الضرورة،فعلى تقدير التّوصّل وجب الإجزاء.

احتجّ المخالف بأنّ الفرض قد انتقل إلى الشعر،كما انتقل في غسل اللّحية، فكما لم يجزئه هناك غسل الباطن فكذا هنا.

و الجواب:إنّما اعتبرنا الظّاهر في اللّحية،لانتقال اسم الوجه إليه،و زواله عن البشرة،بخلاف الرّأس الّذي اسمه لازم مع ستره بالشّعر فافترقا.

السّادس:لا يجوز المسح على حائل غير الشّعر

كالعمامة.و هو مذهب علمائنا

ص:50


1- 1التّهذيب 1:58 حديث 161،الاستبصار 1:57 حديث 169،الوسائل 1:286 الباب 20 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) «خ»:رجليه.
3- 3) التّهذيب 1:75 حديث 190،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 9. [2]
4- 4) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 10. [3]
5- 5) المغني 1:146،المجموع 1:404.
6- 6) المائدة:6.

أجمع،و به قال الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أبو حنيفة (3).و قال الثّوريّ، و الأوزاعيّ (4)،و أحمد (5)،و داود،و إسحاق:يجوز ذلك (6)،إلاّ انّ أحمد،و الأوزاعيّ قالا:إنّما يجوز إذا لبسها على طهارة.و قال بعض أصحاب أحمد:إنّما يجوز ذلك إذا كانت تحت الحنك (7).

لنا:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و الباء إمّا للإلصاق أو للتّبعيض،و على كلا التّقديرين يجب المسح على البشرة ما لم تكن ضرورة مانعة كالشّعر.

و ما رواه الجمهور من صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه مسح برأسه (8).

ص:51


1- 1الام 1:26،المهذّب للشّيرازيّ 1:18،المجموع 1:407،ميزان الكبرى 1:117،المغني 1: 341،أحكام القرآن للجصّاص 3:357، [1]رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:18،بداية المجتهد 1: 13.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:16،بداية المجتهد 1:13،مقدّمات ابن رشد 1:52،الموطّأ 1:35، [2]المغني 1: 341،ميزان الكبرى 1:117،المجموع 1:407، [3]أحكام القرآن للجصّاص 3:357، [4]رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:18.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:357، [5]بدائع الصّنائع 1:5،الهداية للمرغينانيّ 1:30،شرح فتح القدير 1:140،المغني 1:341،المجموع 1:407، [6]بداية المجتهد 1:13،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:18.
4- 4) المجموع 1:407،إرشاد السّاري 1:280،أحكام القرآن للجصّاص 3:357، [7]التّفسير الكبير 11: 160،مقدّمات ابن رشد 1:52،نيل الأوطار 1:205،شرح الزّرقانيّ على موّطإ مالك 1:74.
5- 5) المغني 1:340،الإنصاف 1:185، [8]الكافي لابن قدامة 1:48،المجموع 1:407،عمدة القارئ 3:101،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:18،نيل الأوطار 1:205،ميزان الكبرى 1:117 (في بعض المصادر لم يقيّد بالطّهارة).شرح الزّرقانيّ على موّطإ مالك 1:74.
6- 6) المجموع 1:407،مقدّمات ابن رشد 1:52،شرح الزّرقانيّ على موطّإ مالك 1:74،نيل الأوطار 1: 205.
7- 7) المغني 1:342،الإنصاف 1:186،المجموع 1:407.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:47،51،52،58،صحيح مسلم 1:204 حديث 3،و ص 205 حديث 4، و ص 210 حديث 18،و ص 216 حديث 34،سنن أبي داود 1:26 حديث 106،107،و ص 27 حديث 109،110،111،و ص 28 حديث 115،سنن التّرمذيّ 1:47 حديث 32،و ص 48 حديث 33،و ص 49 حديث 34،و ص 50 حديث 35.

و روى الشّيخ،عن حمّاد،عن الحسين قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل توضّأ و هو معتمّ فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد؟فقال:«ليدخل إصبعه» (1).

تذنيب:لا فرق بين أن يكون الحائل ثخينا يمنع من وصول ماء المسح إلى الرّأس،أو

يكون رقيقا

لا يمنع،عملا بالآية.و قال أبو حنيفة:إن (2)كان رقيقا ينفذ الماء منه و يبلغ ربع الرّأس أجزأه (3)،و هذا بناء على أصله من استئناف الماء.

السّابع:يستحبّ أن تضع المرأة القناع،

و يتأكّد في المغرب و الصّبح،لما رواه الشّيخ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قد تقدّم في حديث عبد اللّه بن الحسين بن زيد (4).

الثّامن:لا يمسح على الجمّة و لا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر

المقدّم

(5)

لأنّه حائل غير ضروريّ،فأشبه العمامة.

و لو خضب رأسه بما يستره،أو طيّنه بساتر،لم يجز المسح على الخضاب و الطّين، لأنّه لم يمسح على محلّ الفرض،فأشبه المسح على العمامة.

التّاسع:لو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها و مسح على رأسه،أجزأه،

لحصول الامتثال بالمسح على الرّأس.و نقل الشّيخ،عن الشّافعيّ عدم الجواز (6)،و هو ضعيف.

ص:52


1- 1التّهذيب 1:90 حديث 239،الاستبصار 1:61 حديث 183،الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) «خ»:إذا.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:5،المبسوط للسّرخسي 1:101.
4- 4) تقدّم في ص 48.
5- 5) الجمّة:مجتمع شعر الرّأس و هي أكثر من الوفرة.الصّحاح 5:1890. [2]
6- 6) الخلاف 1:14 مسألة-33.
العاشر:يجب المسح في الرّأس و الرّجلين ببقيّة البلل

،و لا يجوز الاستئناف، و أوجب الجمهور الاستئناف (1)إلاّ مالكا (2)،فإنّه أجاز المسح بالبقيّة،و هو منقول عن الحسن،و عروة،و الأوزاعي (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عثمان قال:مسح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقدّم رأسه بيده مرّة واحدة و لم يستأنف له ماء جديدا (4).

و من طريق الخاصّة،ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة بن أعين،قال:حكى لنا أبو جعفر عليه السّلام وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أن قال:(ثمَّ مسح ببقيّة ما بقي في يديه رأسه و رجليه و لم يعدها في الإناء) (5).

و روى،عن بكير و زرارة أيضا،عن أبي جعفر عليه السّلام صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أن قال:(ثمَّ مسح رأسه و قدميه إلى الكعبين بفضل كفّيه،لم يجدّد ماء) (6).و فعله عليه السّلام بيان للمجمل،فيكون واجبا.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبيدة الحذّاء قال:وضّأت أبا جعفر عليه السّلام بجمع و قد بال و ناولته ماء فاستنجى،ثمَّ صببت عليه كفّا فغسل به وجهه، و كفّا غسل به ذراعه الأيمن،و كفّا غسل به ذراعه الأيسر،ثمَّ مسح بفضل اليد رأسه

ص:53


1- 1سنن التّرمذيّ 1:52،المغني 1:147،بداية المجتهد 1:13،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 169.
2- 2) بداية المجتهد 1:13.
3- 3) المغني 1:147،عمدة القارئ 2:266.
4- 4) كنز العمّال 9:443 حديث 26890.
5- 5) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:274 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 6. [1]
6- 6) التّهذيب 1:56 حديث 158،الاستبصار 1:57 حديث 168،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 11. [2]

و رجليه (1).

قال ابن الجنيد من أصحابنا:إذا كان بيد المتطهّر نداوة يستبقيها من غسل يده، مسح بيمينه رأسه و رجله اليمنى،و بيده اليسرى رجله اليسرى،و إن لم يستبق ذلك أخذ ماء جديدا لرأسه و رجليه (2).و ذلك ظاهر في جواز الاستئناف.

احتجّ بما رواه معمّر بن خلاد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام أ يجزي الرّجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه فقال:(برأسه لا)فقلت:أ بماء جديد؟فقال:(برأسه، نعم)رواه الشّيخ في الصّحيح (3).

و بما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مسح الرّأس قلت:أمسح بما في يدي[من الندى] (4)رأسي؟قال(لا بل تضع يدك في الماء،ثمَّ تمسح) (5).

قال الشّيخ:و هذان محمولان على التّقيّة،و معارضان بالأحاديث المتقدّمة (6)، و بوجوب الموالاة المستدعية لعدم الاستئناف،بخلاف غسل اليدين الّذي لا يمكن إلاّ به و بالاحتياط.

الحادي عشر:لو غسل موضع المسح لم يجزئه.

و به قال علماؤنا أجمع،و قال

ص:54


1- 1التّهذيب 1:58 حديث 162،الاستبصار 1:58 حديث 172،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 8. [1]في الجميع:بفضل النّدا.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:147. [2]
3- 3) التّهذيب 1:58 حديث 163،الاستبصار 1:58 حديث 173،الوسائل 1:288 الباب 21 من أبواب الوضوء،حديث 5. [3]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:59 حديث 164،الاستبصار 1:59 حديث 174،الوسائل 1:287 الباب 21 من أبواب الوضوء،حديث 4. [4]
6- 6) التّهذيب 1:59،الاستبصار 1:59.

الشّافعي بالجواز (1)،و هو أحد قولي أحمد (2).

لنا:انّ الواجب المسح،فلا يجزي ما غايره كالغسل.

و ما رواه الجمهور في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه مسح و أمر بالمسح (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:(لو أنّك توضّأت فجعلت مسح الرّجلين غسلا،ثمَّ أضمرت انّ ذلك من المفروض لم يكن بوضوء) (4).

و ما رواه،عن محمّد بن مروان[1]قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(انّه يأتي على الرّجل ستّون و سبعون سنة ما قبل اللّه منه صلاة)قلت:و كيف ذلك؟قال:(لأنّه يغسل ما أمر اللّه بمسحه) (5).

الثّاني عشر:لو ذكر انّه لم يمسح،مسح ببقيّة النّداوة

،فإن لم يبق في يديه، أخذ من لحيته و أشفار عينيه و حاجبيه و مسح،و لو لم يبق أعاد،لما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الرّجل ينسى مسح رأسه حتّى يدخل في الصّلاة؟قال:(إن كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه و رجليه فليفعل ذلك

ص:55


1- 1مغني المحتاج 1:53،فتح الوهّاب 1:13،المجموع 1:410،فتح العزيز هامش المجموع 1:355.
2- 2) المغني 1:147،الإنصاف 1:159، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:169.
3- 3) تقدّم في ص 51. [2]
4- 4) التّهذيب 1:65 حديث 186،الاستبصار 1:65 حديث 193،الوسائل 1:296 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 12. [3]
5- 5) التّهذيب 1:65 حديث 184،الوسائل 1:294 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 2. [4]

و ليصلّ) (1).

و روى في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(و يكفيك من مسح رأسك أن تأخذ من لحيتك بللها إذا نسيت أن تمسح رأسك فتمسح به مقدّم رأسك) (2)قاله في الذّاكر للتّرك.

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:(فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه و على ظهر قدميك) (3)و لأنّه ماء الوضوء،فأشبه ما لو كان على اليد،إذ الاعتبار بالبقيّة لا بمحلّها.و لا فرق بين أن يكون ذلك البلل بقيّة الغسلة الأولى أو الثّانية،لأنّ كلّ واحد منهما ماء الوضوء.

الثّالث عشر:لو مسح رأسه بخرقة مبلولة أو خشبة،لم يجزئه

عندنا قولا واحدا، لأنّه ماء جديد.

و القائلون بجواز الاستيناف اختلفوا،فذهب بعضهم إلى الجواز،لأنّه فعل المأمور به،و آخرون منعوا (4)،و هو الأصحّ،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مسح بيده.

و لو وضع على رأسه خرقة مبلولة،فابتلّ بها رأسه،أو وضع خرقة،ثمَّ بلّها حتّى ابتلّ شعره،لم يجزئه قولا واحدا،لأنّ ذلك ليس بمسح و لا غسل.

الرّابع عشر:إن مسح بإصبع واحدة،أو إصبعين أجزأه

عندنا،لأنّ الاعتبار بأقلّ الاسم.

و أمّا من قال من أصحابنا بوجوب ثلاث أصابع،فإنّه لا يجزئه إلاّ إذا مسح بها ما

ص:56


1- 1التّهذيب 1:89 حديث 235،و 99 حديث 260،الاستبصار 1:74 حديث 229،الوسائل 1: 287 الباب 21 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:101 حديث 263،الوسائل 1:287 الباب 21 من أبواب الوضوء،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:100 حديث 261،الوسائل 330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]
4- 4) المغني 1:148-149،الإنصاف 1:160،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:170.

يجب مسحه (1)،فالأولى على قولهم الإجزاء،لأنّ السّيّد احتجّ بما رواه معمّر بن عمر، عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(يجزي من مسح الرّأس موضع ثلاث أصابع) (2).

أمّا الجمهور الموجبون لمقدار (3)ثلاث أصابع،فقد اختلفوا هاهنا،فقال زفر بالجواز (4).و قال أحمد:يجوز (5).و إن كان الواجب عنده مسح جميع الرّأس إذا استوعبه (6)بالإصبع.و قال أبو حنيفة:لا يجوز (7).و الخلاف ينشأ من كون المستعمل طهورا أم لا.

الخامس عشر:مسح جميع الرّأس غير مستحبّ و لا مسح الأذنين،

خلافا للشّافعيّ (8)لأنّ عثمان نقل في وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كيفيّة المسح،و لم ينقل مسح الجميع بل المقدّم (9).

و من طريق الخاصّة:ما وصفه أبو جعفر عليه السّلام من وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (10)،فإذا لم يفعله كان غير موظّف شرعا،فلا اعتداد به.

ص:57


1- 1الفقيه 1:28،النّهاية:14،مصباح المتهجّد:8،عمل اليوم و اللّيلة ضمن الرّسائل العشر:142، و نقل عن السّيّد المرتضى في المعتبر 1:145. [1]
2- 2) التّهذيب 1:60 حديث 167،الوسائل 1:294 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 5. [2]
3- 3) «م»:بمقدار.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:5،شرح فتح القدير 1:16،المبسوط للسّرخسيّ 1:64،أحكام القرآن للجصّاص 3:348.
5- 5) المغني 1:141،الإنصاف 1:159،الكافي لابن قدامة 1:36.
6- 6) «م»:استوعب.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:5،أحكام القرآن للجصّاص 3:348، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:64،تفسير القرطبيّ 6:89، [4]بداية المجتهد 1:12.
8- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:17،المجموع 1:402،فتح العزيز هامش المجموع 1:424.
9- 9) تقدّم في ص 53.
10- 10) الكافي 3:24-25 [5] الأحاديث من 1-4،الفقيه 1:24 حديث 74،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 2،و مؤدّاه في:التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 10.
السّادس عشر:لو أصاب رأسه من ماء المطر لم يجزئه

لأنّه ماء مستأنف،و الشّرط استعمال الماء الباقي من نداوة الوضوء.و قال أبو حنيفة:إذا أصاب مقدار ثلاث أصابع أجزأه،مسحه باليد أو لم يمسحه (1).و هو ضعيف لما قلناه،و لو سلّمنا (2)لكنّ الواجب المسح و لم يحصل.

السابع عشر:لا يستحبّ مسح العنق،و لو اعتقده كان بدعة.

قال شارح الطّحاويّ:ليس عند أصحابنا المتقدّمين فيه رواية،قال:و عن الفقيه أبي جعفر الهندوانيّ[1]انّه قال:يمسح على العنق.و قال الشّافعي:يستحبّ المسح على الرّقبة (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عثمان في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم يذكر فيه العنق و لا الرّقبة،و رووه أيضا عنه عليه السّلام و قال عقيب ذلك:(فمن زاد أو نقص فقد تعدّى) (4)عقيب وضوئه ثلاثا.

فنقول:المراد بالتّعدّي:التّجاوز عن محالّ الوضوء و أمكنته لا العدد،لأنّ نقص العدد جائز اتّفاقا،فإنّ الواجب مرّة واحدة.

الثّامن عشر:لا يجوز المسح على الأذنين

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال الشّافعيّ:

ص:58


1- 1بدائع الصّنائع 1:5،شرح فتح القدير 1:16.
2- 2) «خ»:سلّمناه.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:19،المجموع 1:463،فتح العزيز بهامش المجموع 1:434.
4- 4) سنن أبي داود 1:33 حديث 135،سنن ابن ماجه 1:146 حديث 422،سنن النّسائيّ 1:88، سنن البيهقيّ 1:79-بتفاوت يسير.

حكم الأذنين منفرد عن الرّأس و الوجه،فيأخذ لهما ماء جديدا يمسح به ظاهرهما و باطنهما (1)،و حكى ذلك عن ابن عمر،و به قال أبو ثور (2).و قال مالك:هما من الرّأس،و يستحب أن يأخذ لهما ماء جديدا (3)،و قال أحمد:هما من الرّأس،و يجب مسحهما (4)على الرّواية التي توجب استيعاب الرّأس (5)،و يجزي أن يمسحهما بماء الرّأس،و روى الجمهور،عن عبد اللّه بن عبّاس انّهما من الرّأس يمسحان بماء الرّأس (6).و به قال عطاء،و الحسن البصريّ (7)،و من الفقهاء:الأوزاعي (8)،و أبو حنيفة،و أصحابه (9).و قال الزّهريّ:هما من الوجه (10).و ذهب الشّعبيّ،و الحسن بن صالح بن حيّ إلى انّه يغسل ما أقبل و يمسح ما أدبر منهما مع الرّأس (11).

ص:59


1- 1الامّ 1:26،الامّ(مختصر المزني):2،المهذّب للشّيرازيّ 1:18،المجموع 1:413، [1]مغني المحتاج 1:60،السّراج الوهّاج:18،سنن التّرمذيّ 1:55،المبسوط للسّرخسيّ 1:64،شرح فتح القدير 1:24،بداية المجتهد 1:14،تفسير القرطبيّ 6:90، [2]أحكام القرآن للجصّاص 3:360. [3]
2- 2) المجموع 1:413،تفسير القرطبيّ 6:90. [4]
3- 3) بداية المجتهد 1:14،المدوّنة الكبرى 1:16،تفسير القرطبيّ 6:90. [5]
4- 4) المغني 1:149،الإنصاف 1:162، [6]منار السّبيل 1:24،سنن التّرمذيّ 1:55، [7]المجموع 1: 414،تفسير القرطبيّ 6:90، [8]الكافي لابن قدامة 1:36.
5- 5) سنن أبي داود 1:32 حديث 129.
6- 6) سنن الدّار قطني 1:98 حديث 11 و ص 99 حديث 13،نيل الأوطار 1:199 حديث 1.
7- 7) المجموع 1:413.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 3:360. [9]
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 3:360، [10]بدائع الصّنائع 1:23،شرح فتح القدير 1:24،المجموع 1: 414، [11]تفسير القرطبيّ 6:90، [12]بداية المجتهد 1:14،الهداية للمرغينانيّ 1:13. [13]
10- 10) تفسير القرطبيّ 6:87، [14]أحكام القرآن لابن العربي 2:576، [15]المجموع 1:413، [16]نيل الأوطار 1: 188،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:19،ميزان الكبرى 1:118.
11- 11) المجموع 1:414، [17]أحكام القرآن لابن العربي 2:576، [18]تفسير القرطبيّ 6:87، [19]نيل الأوطار 1: 188،التفسير الكبير 11:159. [20]

لنا:ما رواه الجمهور في حديث عثمان حيث نقل صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لم ينقلهما (1).

و من طريق الخاصّة:ما روي عنهما عليهما السّلام من صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لم يذكر الأذنين (2).

و ما رواه زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام انّ أناسا يقولون انّ الأذنين من الوجه،و ظهرهما من الرّأس،فقال:(ليس عليهما غسل و لا مسح) (3).

التّاسع عشر:لو وضع يده المبتلّة على موضع المسح و رفعها لم يجزئه

لأنّه لم يأت بالواجب و هو المسح و هو أحد وجهي الشّافعي (4).

و لو مسح بيده على شعر جعد-كالزّنج-فإن كان يخرج بالمدّ عن محلّ الفرض لم يجزئه.

مسألة:قال علماؤنا:الواجب مسح الرّجلين إلى الكعبين.

و هو قول عبد اللّه بن عبّاس (5)من الصّحابة،و قول عليّ عليه السّلام (6).و أنس بن مالك روى عنه أنّه ذكر له قول الحجّاج[1]:اغسلوا القدمين ظاهرهما و باطنهما و خلّلوا بين الأصابع فإنّه

ص:60


1- 1تقدّم في ص 53. [1]
2- 2) الكافي 3:24 حديث 1، [2]الفقيه 1:24 حديث 74،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء، حديث 2. [3]
3- 3) الكافي 3:29 حديث 10، [4]التّهذيب 1:55 حديث 156،الاستبصار 1:63 حديث 187،الوسائل 1:285 الباب 18 من أبواب الوضوء،حديث 2. [5]
4- 4) المجموع 1:410،مغني المحتاج 1:53،فتح العزيز هامش المجموع 1:356.
5- 5) المغني 1:150، [6]سنن ابن ماجه 1:156،المجموع 1:418،المحلّى 2:56،الدّرّ المنثور 2:262، [7]رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:19.
6- 6) المغني 1:150،المجموع 1:418،المحلّى 2:56.

ليس شيء من ابن آدم أقرب من الخبث من قدميه،فقال أنس:صدق اللّه و كذب الحجّاج و تلا قوله فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (1)(2).

و قال الشّعبي:الوضوء مغسولان و ممسوحان.و به قال أبو العالية،و عكرمة (3)، و قال أبو الحسن البصريّ،و ابن جرير الطّبريّ،و أبو عليّ الجبائيّ:بالتّخيير بين المسح و الغسل (4).و قال الفقهاء الأربعة و باقي الجمهور:الواجب الغسل دون المسح (5).

و قال داود:يجب الغسل و المسح معا (6).

لنا:وجوه:

الأوّل:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ بالجرّ في قراءة ابن كثير[1]،

ص:61


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) عمدة القارئ 2:238، [2]أحكام القرآن لابن العربي 2:577، [3]المغني 1:150، [4]تفسير القرطبيّ 6: 92، [5]سنن البيهقيّ 1:71.
3- 3) المغني 1:151،أحكام القرآن لابن العربي 2:577، [6]التّفسير الكبير 11:161. [7]
4- 4) عمدة القارئ 2:238،نيل الأوطار 1:209،المغني 1:151،التّفسير الكبير 11:161، [8]بدائع الصّنائع 1:5،المجموع 1:417.
5- 5) الام 1:27،المهذّب للشّيرازيّ 1:18،المجموع 1:417، [9]بداية المجتهد 1:15،مقدّمات ابن رشد 1:53،شرح فتح القدير 1:10،نيل الأوطار 1:208،المحلّى 2:49، [10]تفسير الطبريّ 6:126، [11]بدائع الصّنائع 1:5،التّفسير الكبير 11:161، [12]عمدة القارئ 2:238،المغني 1:150،الكافي لابن قدامة 1:38.
6- 6) التّفسير الكبير 11:161. [13]

و أبي عمرو[1]،و حمزة[2]،و في رواية أبي بكر[3]عن عاصم[4] (1).و ذلك لا يصحّ إلاّ مع العطف على المجرور و هو الرّؤوس،فيجب المشاركة في الحكم،لاتّفاق أهل اللّغة على انّ الواو مشتركة في الإعراب و المعنى.

لا يقال:الجرّ لا يقتضي العطف على المجرور،لجواز العطف على الأيدي و الجرّ بالمجاورة،فإنّه قد جاء في كلام العرب الجرّ على المجاورة كثيرا كقولهم:جحر ضبّ خرب،و الخرب صفة الجحر (2)المرفوع.

و قال الشّاعر:

كأنّ ثبيرا في عرانين و بله كبير أناس في بجاد مزمّل

و المزّمل من صفات الكبير لا البجاد.

لأنّا نقول هذا باطل من وجوه:

ص:62


1- 1للوقوف على القراءات،انظر:تفسير القرطبيّ 6:91،التّفسير الكبير 11:161،عمدة القارئ 2: 239.
2- 2) «م»«د»:للجحر.

أمّا أوّلا:فلأنّ أهل العربيّة نصّوا على انّ الأعراب بالمجاورة لا يقاس عليه،و إذا خرج إلى هذا الحدّ في الشّذوذ،استحال حمل كلام اللّه تعالى عليه.

و أمّا ثانيا:فلأنّ الأخفش[1]،قال:انّه لم يرد الإعراب بالمجاورة في كتاب اللّه تعالى.فكيف يصحّ حمله عليه مع إنكار مثل هذا الرّجل له.

و أمّا ثالثا:فلأنّ الإعراب بالمجاورة إنّما يسوغ في موضع يزول فيه الاشتباه،كما في المثل و البيت،أمّا في مثل هذه الآية فلا.

و أمّا رابعا:فلأنّ المجاورة إنّما تصحّ مع عدم حرف العطف،كما في المثال و البيت،أمّا مع وجوده فلا.

و قوله تعالى وَ حُورٌ عِينٌ (1)على قراءة من قرأ بالجرّ ليس من هذا الباب،قال أبو عليّ الفارسي[2]في كتابه الحجّة:هو عطف على قوله أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ (2)و يكون قد حذف المضاف،و تقديره:أولئك في جنّات النّعيم و في مقارنة حور عين أو في معاشرة حور عين (3).و هذا الوجه حسن على انّ أكثر القرّاء قرؤا

ص:63


1- 1الواقعة:22. [1]
2- 2) الواقعة:11-12. [2]
3- 3) نقل قوله في تفسير التّبيان للشّيخ الطّوسيّ 3:454،و [3]التّهذيب 1:68.

بالرّفع (1)،و لم يقرأه بالجرّ غير حمزة و الكسائيّ[1] (2).

لا يقال:قد قرئ بالنّصب و ذلك يقتضي العطف على الأيدي.

لأنّا نقول:لا نسلّم انّ النّصب يوجب العطف على الأيدي،بل كما يجوز العطف عليها يجوز العطف على محلّ الرّؤس،و العطف على الموضع مشهور عند أهل اللّغة، فإن قلت:العطف على اللّفظ أولى،قلت:لا نسلّم الأولويّة،سلّمنا،لكن يعارضها أولويّتان.

إحداهما:القرب،و هو معتبر في اللّغة فإنّهم اتّفقوا على انّ قولهم:ضربت فضلي سعدى،انّ الأقرب فاعل،و لو عطفت بشرى (3)أيضا،لكان عطفا على المفعول للقرب،و كذلك جعلوا أقرب الفعلين إلى المعمول عاملا بخلاف الأبعد،و ذلك معلوم من لغتهم،و مع العطف على لفظ الأيدي تفوت هذه الأولويّة.

الثّانية:أنّه من المستقبح في لغة العرب الانتقال من حكم قبل تمامه إلى حكم آخر غير مشارك له و لا مناسب.على انّا نقول:العطف هاهنا على لفظ الأيدي ممتنع،لأنّ معه تبطل قراءة الجرّ،للتّنافي بينهما،و مع العطف على الموضع يحصل الجمع،فيجب المصير إليه.و من العجائب،ترجيح الغسل لقراءة النّصب مع عدم دلالتها و إمكان حملها على أمر سائغ على المسح المستفاد من قراءة الجرّ،و حمل الجرّ على أمر ممتنع.

الثّاني:ما رواه الجمهور،عن أوس بن أبي أوس الثّقفيّ[2]انّه رأى النّبيّ صلّى

ص:64


1- 1تفسير الطّبريّ 27:177، [1]تفسير القرطبيّ 17:204، [2]التّفسير الكبير 30:154. [3]
2- 2) تفسير القرطبيّ 17:204.
3- 3) «ح»«ق»:ببشرى.

اللّه عليه و آله أتى كظامة قوم بالطّائف فتوضّأ و مسح على قدميه (1).

و ما رووه،عن ابن عبّاس انّه وصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فمسح على رجليه (2).

و ما رووه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام و ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه توضّأ و مسح على قدميه و نعليه (3).

الثّالث:ما رووه،عن الصّحابة كعليّ عليه السّلام فإنّه قال:(ما نزل القرآن إلاّ بالمسح) (4)و ابن عبّاس،فإنّه قال:انّ كتاب اللّه المسح،و يأبى النّاس إلاّ الغسل (5)و غير ذلك من الأخبار الدّالّة على عمل الصّحابة بالمسح،و عملهم حجّة.

الرّابع:ما رواه الخاصة،روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في حكاية وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ثمَّ مسح ببقيّة ما[بقي]في يديه رأسه و رجليه و لم يعدها في الإناء (6).

ص:65


1- 1سنن أبي داود 1:41 حديث 160،مسند أحمد 4:8،نيل الأوطار 1:209،جامع الأصول 8: 139 حديث 5275،سنن البيهقي 1:286.بتفاوت.
2- 2) سنن أبي داود 1:34 حديث 137.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:351، [1]كنز العمّال 9:435 حديث 26856.
4- 4) لم نعثر على هذه الرّواية في مصادر العامّة المتوفّرة لدينا.نعم أوردها منّا:الشّيخ الطّوسيّ في التّهذيب 1: 63 حديث 175 نقلا عنهم.
5- 5) الدّر المنثور 2:262، [2]سنن ابن ماجه 1:156 حديث 458-بتفاوت يسير في الجميع. و قد أورد هذه الرّوايات الشّيخ في التّهذيب 1:63.و فيه:(انّ في كتاب اللّه.).
6- 6) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:274 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 6 و [3]ما بين المعقوفتين أضفناه من المصدر.

و روى في الصّحيح،عن أبي عبيدة الحذّاء[1]،عن أبي جعفر عليه السّلام ثمَّ مسح بفضلة اليد رأسه و رجليه (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام(ثمَّ وصل الرّجلين بالرّأس كما وصل اليدين بالوجه،فقال وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (2)فعرفنا انّ المسح على بعضها،ثمَّ فسّر ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنّاس فضيّعوه) (3).

و ما رواه،عن سالم[2]و غالب ابني (4)هذيل[3]،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المسح على الرّجلين؟فقال:(هو الّذي نزل به جبرئيل عليه السّلام) (5).

ص:66


1- 1التّهذيب 1:58 حديث 162 و 79 حديث 204،الاستبصار 1:58 حديث 172 و 69 حديث 209،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 8. [1]في المصادر:النّدا-بدل-اليد.
2- 2) المائدة:6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:61 حديث 168،الاستبصار 1:62 حديث 186،الوسائل 1:290 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 1.و [3]في الجميع:فعرفنا حين وصلهما بالرّأس انّ المسح على بعضهما.
4- 4) في المصادر:بن.
5- 5) التّهذيب 1:63 حديث 177،الاستبصار 1:64 حديث 189،الوسائل 1:295 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 4. [4]

و روى في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المسح على القدمين كيف هو؟فوضع كفّه على الأصابع،ثمَّ مسحها إلى الكعبين (1).

و ما رواه في الحسن،عن أيّوب بن نوح[1]،قال:كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام أسأله عن المسح على القدمين؟فقال:(الوضوء بالمسح و لا يجب فيه إلاّ ذلك و من غسل فلا بأس) (2).

لا يقال:هذا ينافي قولكم،لأنّ الغسل عندكم غير مجز بل الواجب المسح.

لأنّا نقول:انّ قوله عليه السّلام(و من غسل فلا بأس)أشار بذلك:من غسل للتّنظيف،لأنّه يحتمل ذلك،فيحمل عليه جمعا بين الأدلّة،و لأنّ قوله عليه السّلام:(لا يجب إلاّ ذلك)استثناء لنفي الوجوب،فيثبت الوجوب و معه يثبت البأس بالغسل فيحمل على ما قلناه،و إلاّ لزم التّناقض.

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن المسح على الرّجلين؟فقال:(لا بأس) (3).

لا يقال:هذا يدلّ على التّخيير،لأنّ رفع البأس يفهم منه تجويز المخالفة.

لأنّا نقول:نمنع ذلك،فإنّ نفي البأس أعمّ من ثبوت البأس في نقيضه و نفيه،و لا

ص:67


1- 1التّهذيب 1:64 حديث 179 و 91 حديث 243،الاستبصار 1:62 حديث 184،الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:64 حديث 180،الاستبصار 1:65 حديث 195،الوسائل 1:296 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 13. [2]
3- 3) التّهذيب 1:64 حديث 178،الاستبصار 1:64 حديث 190،الوسائل 1:295 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]

دلالة للعام على الخاص بإحدى الدّلالات الثّلاث،على انّ دلالة المفهوم إنّما تكون حجة على تقدير عدم المنافي للمنطوق،فإنّه أقوى منه،و المنافي موجود،و هو ما قدّمناه من الأحاديث.

و روى،عن محمّد بن مروان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(انّه يأتي على الرّجل ستّون و سبعون سنة ما قبل اللّه منه صلاة)قلت:و كيف ذلك؟قال:(لأنّه يغسل ما أمر اللّه بمسحه) (1).

الخامس:انّه عضو من أعضاء الطّهارة يسقط في التيمّم،فيكون فرضه المسح كالرّأس.

و استدلّ المخالفون (2)بما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه توضّأ فغسل رجليه،ثمَّ قال:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به) (3).

و ما رواه أبو هريرة و عائشة أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(ويل للأعقاب من النّار) (4)توعّد على ترك غسل العقب (5)،فلو جاز تركه لكان التوعّد عليه قبيحا.

و روى عاصم بن لقيط[1]،عن أبيه قال:قلت:كيف الوضوء يا رسول اللّه؟

ص:68


1- 1التّهذيب 1:65 حديث 184 و 92 حديث 246،الاستبصار 1:64 حديث 191 و فيه:محمّد بن سهل،الوسائل 1:294 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) المغني 1:151،المجموع 1:418،بدائع الصّنائع 1:6.أحكام القرآن للجصّاص 3:351. [2]
3- 3) لم نعثر عليه في المصادر المتوفّرة لدينا.نعم،نقله الكاساني في بدائع الصّنائع 1:6،و الجصّاص في أحكام القرآن 3:351. [3]
4- 4) صحيح البخاري 1:53،صحيح مسلم 1:213 حديث 25-28-30،سنن التّرمذي 1:58 حديث 41،سنن ابن ماجه 1:154 حديث 451،453،سنن النّسائي 1:77،سنن الدّارمي 1:179، [4]الموطّأ 1:19 حديث 5، [5]مسند أحمد 2:228،284،389، [6]406،409،430،467،482، 498،و ج 6:81،84،99،112،192،258.
5- 5) «خ»:الأعقاب.

فقال:(أسبغ الوضوء و خلّل بين الأصابع) (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه يحتمل أن يكون عليه السّلام فعل ذلك بعد مسحهما، و لم يرو الرّاوي المسح للنّسيان،أو لالتباس الفعل عليه و تقارب (2)زمانه،أو لتوهّمه (3)انّ ذكر الغسل يغني عنه.

و عن الثّاني:انّه قد قيل:انّ أجلاف (4)الأعراب كانوا يبولون و هم قيام فيترشّش (5)البول على أعقابهم و أرجلهم،فلا يغسلونها،و يدخلون المسجد للصّلاة، فتوعّد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لأجل ذلك (6).

و عن الثّالث:انّ إسباغ الوضوء لا يستلزم جواز الغسل،فإنّا نحن نقول به في تكريره و إكثار الماء فيه،و استقصاء الغسل و الأمر بالتّخليل بين الأصابع لا يدلّ على انّها أصابع الأرجل.

مسألة:لا يجب استيعاب الرّجلين بالمسح،

بل الواجب من رؤوس الأصابع إلى الكعبين و لو بإصبع واحدة.و هو مذهب علمائنا أجمع.

لنا:انّه تعالى عطف الأرجل على الرّؤس بالواو،فوجب التّشريك عملا بمقتضى العطف،و في المعطوف عليه ثبت الحكم في بعضه فكذا المعطوف،خصوصا و قد قرئ

ص:69


1- 1سنن التّرمذي 3:155 حديث 788، [1]سنن أبي داود 1:35 حديث 142،سنن ابن ماجه 1:153 حديث 448،سنن النّسائي 1:66،79،سنن الدّارمي 1:179،مسند أحمد 4:211، [2]كنز العمّال 9:305 حديث 26129،جامع الأصول 8:100 حديث 5189،نيل الأوطار 1:179 حديث 1.
2- 2) «م»«ح»«ق»:و تقارن.
3- 3) «م»«ح»«ن»«ق»«د»:لتوهم.
4- 4) «د»:رجالا من الأعراب،«ح»«م»«ن»«ق»:أحدا من.
5- 5) «خ»:فيرشّ.
6- 6) مجمع البيان 2:167.

بالجرّ (1)المقتضي لتكرير العامل تقديرا.

لا يقال:فقد قرئ بالنّصب (2)،و ذلك يقتضي العطف على المحلّ فلا يكون مبعّضا.

لأنّا نقول:لا منافاة بينهما،لأنّ التّبعيض لمّا ثبت في الجرّ وجب تقديره في النّصب و إلاّ لتنافت القراءتان،و تقدير عامل الجرّ مع النّصب غير ممتنع،بخلاف ثبوت الجرّ مع عدم تقديره،و لأنّه بفعل البعض يكون ممتثلا لصدق اسم المسح فيه،فيثبت الإجزاء.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة و بكير،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(فإذا مسح بشيء من رأسه أو من رجليه قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع،فقد أجزأه) (3).

لا يقال:يعارض هذا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،قال:سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم،فقلت:جعلت فداك،لو انّ رجلا قال بإصبعين من أصابعه؟فقال:(لا،إلاّ بكفّه) (4).

و ما رواه سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا توضّأت فامسح قدميك ظاهرهما و باطنهما)ثمَّ قال:(هكذا)فوضع يده على الكعب،و ضرب الأخرى على باطن قدميه،ثمَّ مسحهما إلى الأصابع (5).

ص:70


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:349،التّفسير الكبير 11:161،تفسير القرطبي 6:91،عمدة القارئ 2:239،تفسير الطّبري 6:126،128.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 3:349،التّفسير الكبير 11:161،تفسير القرطبي 6:91،عمدة القارئ 2:239،تفسير الطّبري 6:126،128.
3- 3) التّهذيب 1:76 حديث 191،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
4- 4) التّهذيب 1:91 حديث 243،الاستبصار 1:62 حديث 184،الوسائل 1:293 الباب 24 من أبواب الوضوء،حديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 1:92 حديث 245،الاستبصار 1:62 حديث 185،الوسائل 1:292 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 6. [3]

لأنّا نقول:أمّا الأوّل فمحمول على الاستحباب،إذ لا ريب في استحباب المسح بأكثر من الإصبع،فيحمل عليه جمعا بين الأدلّة،و النّفي هاهنا كما في قوله عليه السّلام:(لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد) (1).

و أمّا الثّاني:فلا تعويل عليه،إذ الرّواة له فطحيّة (2)،فسقط بالكلّيّة.

و أيضا:لو وجب استيعاب المسح،لزم خرق الإجماع،لأنّ النّاس قائلان:منهم من أوجب المسح و لم يوجب الاستيعاب،و منهم من لم يوجبه فقال بالاستيعاب.فلو قلنا بوجوب الاستيعاب مع وجوب المسح،كان ذلك خرقا للإجماع.

و اعلم انّ المحقّقين من الأصوليّين قالوا:انّ القول الثّالث إنّما يكون باطلا إذا تضمّن إبطال ما أجمعوا عليه،كحرمان الجدّ مع الأخ،قال بعضهم بالمقاسمة،و الآخرون بحرمان الأخ،أمّا إذا لم يتضمّن فلا،و هاهنا من قبيل القسم الأوّل،فإنّ القائل بالغسل و المسح اتّفقوا على نفي وجوب مسح الجميع،فالقول بوجوبه قول ببطلان المتّفق عليه.

مسألة:ذهب علماؤنا إلى انّ الكعبين هما العظمان النّاتئان في وسط القدم
اشارة

و هما معقدا الشّراك،و به قال محمّد بن الحسن من الجمهور (3).و خالف الباقون فيه،و قالوا:

انّ الكعبين هما النّاتئان في جانبي السّاق (4)،و هما المسمّيان بالظّنابيب (5).

ص:71


1- 1سنن الدّار قطني 1:419 حديث 2-3،نيل الأوطار 1:168،و رواه الشّيخ في التّهذيب 1:92 حديث 244.
2- 2) كذا في النّسخ.و الصّحيح أنّهم واقفيّة كزرعة و سماعة.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:9،بدائع الصّنائع 1:7،شرح فتح القدير 1:15،أحكام القرآن للجصّاص 3:352، [1]أحكام القرآن لابن العربي 2:579. [2]المغني 1:155،المجموع 1:422،التّفسير الكبير 11:162. [3]
4- 4) الام 1:27،المهذّب للشّيرازي 1:18،المجموع 1:422،المغني 1:155،المبسوط للسّرخسي 1:9،بدائع الصّنائع 1:7،أحكام القرآن للجصّاص 3:352،شرح فتح القدير 1:14،التّفسير الكبير 11:162، [4]مغني المحتاج 1:53-54،إرشاد السّاري 1:269،فتح الباري 1:235.
5- 5) الظّنبوب:العظم اليابس من قدم السّاق-الصّحاح 1:175. [5]

لنا:وجوه:

أحدها:قوله تعالى إِلَى الْكَعْبَيْنِ (1)فدلّ (2)على انّ في الرّجلين كعبين لا غير.

و لو أراد ما ذكروه لكانت كعاب الرّجل أربعة،فإنّ لكلّ قدم كعبين.

الثّاني:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة و بكير ابني أعين،عن أبي جعفر عليه السّلام في وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قوله،قلنا:أصلحك اللّه،فأين الكعبان؟قال:(ها هنا يعني المفصل دون عظم السّاق) (3).

و ما رواه،عن ميسر (4)[1]،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:(الوضوء واحد) و وصف الكعب في ظهر القدم (5).

و ما رواه،عن ميسر،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ وضع يده على ظهر القدم،ثمَّ قال:(هذا هو الكعب)قال:و أومأ بيده

ص:72


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) «ح»«ق»:تدلّ.
3- 3) التّهذيب 1:76 حديث 191،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
4- 4) «ح»:ميسرة.
5- 5) التّهذيب 1:75 حديث 189،الاستبصار 1:69 حديث 210،الوسائل 1:306 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]

إلى أسفل العرقوب،ثمَّ قال:(انّ هذا هو الظّنبوب) (1).

الثّالث:التّمسّك بالإجماع،فنقول:القول بوجوب المسح مع انّ الكعب غير ما ذكرناه منفيّ بالإجماع،أمّا عندنا فلثبوت الأمرين،و أمّا عند الخصم فلانتفائهما معا.

احتجّ المخالف (2)بقوله تعالى وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (3)أراد كلّ رِجل تغسل إلى الكعبين،إذ لو أراد جمع كعاب الأرجل،لقال:إلى الكعاب كالمرافق.

و لما روى أنس انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كان في سوق ذي المجاز عليه جبّة حمراء و هو يقول:(يَا أيّها النّاس قولوا لا إله إلاّ اللّه تفلحوا)و رجل يتبعه يرميه بالحجارة حتّى أدمى عرقوبيه و كعبيه فقيل:من هو؟فقال (4):عمّه أبو لهب[1] (5).

دلّ على انّ الكعب في جانب القدم،لأنّ الرّمية إذا كانت من وراء المرميّ لم تصب ظهر قدمه (6).

و ما رواه النّعمان بن بشير[2]انّه قال عليه السّلام:(لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفنّ

ص:73


1- 1التّهذيب 1:75 حديث 190،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 9. [1]
2- 2) الام 1:27،المهذّب للشّيرازي 1:18،المجموع 1:423،المغني 1:155،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:174،المبسوط للسرخسي 1:9،أحكام القرآن للجصّاص 3:352. [2]
3- 3) المائدة:6. [3]
4- 4) «خ»:فقالوا.
5- 5) سنن الدّار قطني 3:44 حديث 186،سنن البيهقي 1:76،مستدرك الحاكم 2:612.بتفاوت لفظيّ يسير.رواه الجميع عن:طارق بن عبد اللّه المحاربي.
6- 6) «خ»:قدميه.

اللّه بين قلوبكم)قال:فلقد رأيت الرّجل منّا يلصق كعبه بكعب صاحبه و منكبه بمنكبه (1)،فدلّ على انّ الكعب في جانب القدم،لامتناع الإلصاق في ظهره،و لأنّ أبا عبيدة قال:الكعب هو الّذي في أصل القدم ينتهي السّاق إليه بمنزلة كعاب القنا (2).

و الجواب عن الأوّل:انّه تعالى عنى رجلي كلّ واحد من المتطهّرين.و معلوم قطعا انّ في كلّ رجلين كعبين،و هذا أولى،فإنّ التّكليف يتناول الرّجلين معا،فصرف الخطاب إلى المتعلّق بهما أشبه،و لا استبعاد في الجمع بالقياس إلى الجمع،و في التّشبيه بالقياس الى المكلّف،فالأوّل كالمرافق،و الثّاني كالكعبين.

و عن الثّاني:انّه لا استبعاد في إصابة الرّامي ظهر قدمه،فإنّه ربّما كان مع تولّيه عنه،كأن يقبل أحيانا عليه،فيقبل إليه،فيصيب المرمي ظهر قدمه (3)،فإنّه ليس في الخبر أكثر من الاتّباع،و قد يتّبع من يقبل بوجهه تارة و يعرض اخرى.

و عن الثّالث،و الرّابع:انّهما دالاّن على تسمية غير ما ذكرناه بالكعب،و لا منافاة،و يجوز أن يكون ما ذكره النّعمان و أبو عبيدة مذهبا،فما نقلناه عن الباقر عليه السّلام أولى.

فروع:
الأوّل:قد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى

الكعب،

و الضّابط فيه،ما رواه زرارة في الصّحيح،عن الباقر عليه السّلام:قلنا أصلحك

ص:74


1- 1صحيح البخاري 1:184-185،سنن أبي داود 1:178 حديث 663،سنن التّرمذي 1:438 حديث 227،صحيح مسلم 1:324 حديث 128،سنن ابن ماجه 1:318 حديث 994،مسند أحمد 4:271،272،276،277، [1]نيل الأوطار 2:187 حديث 1 في الجميع بتفاوت يسير،و في بعض المصادر أورد قطعة منه.
2- 2) المغني 1:155.
3- 3) «خ»:ظاهر قدميه.

اللّه،فأين الكعبان؟قال:(ها هنا،يعني المفصل دون عظم السّاق) (1).

الثّاني:يجوز المسح مقبلا و مدبرا.

لنا:انّه قد امتثل الأمر بالمسح،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا بأس بمسح القدمين مقبلا و مدبرا) (2).

و روى يونس،قال:أخبرني من رأى أبا الحسن عليه السّلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب و من الكعب إلى أعلى القدم (3).

الثّالث:لا يجوز استئناف ماء جديد

،لما قلناه (4)في مسح الرّأس.

الرّابع:لو كان على رجليه رطوبة غير ماء الوضوء،ثمَّ مسح بباقي النّداوة على تلك

الرّطوبة،فالوجه الإجزاء،

خلافا لوالدي-رحمه اللّه تعالى-لأنّه أتى بالمسح ببقيّة النّداوة و لم يستأنف للوضوء،فأجزأه عملا بالأصل.و كذا لو كان في الماء،فأخرج رجليه منه، و مسح عليهما.و في الجميع نظر.

الخامس:يجب الانتهاء في المسح إلى الكعب

،لقوله تعالى إِلَى الْكَعْبَيْنِ (5)و بدون الانتهاء لا تحصل الغاية.و هل يجب إدخالهما في المسح؟قال بعض الأصحاب:لا (6)،لما رواه زرارة و بكير،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة

ص:75


1- 1الكافي 3:25 حديث 5، [1]التّهذيب 1:76 حديث 191،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
2- 2) التّهذيب 1:58 حديث 161،و 83 حديث 217،الاستبصار 1:57 حديث 169،الوسائل 1: 286 الباب 20 من أبواب الوضوء،حديث 1 و 2- [3]بتفاوت يسير.
3- 3) الكافي 3:31 حديث 7، [4]التّهذيب 1:57 حديث 160 و ص 65 حديث 183،و ص 83 حديث 216،الاستبصار 1:58 حديث 170،الوسائل 1:286 الباب 20 من أبواب الوضوء،حديث 3. [5]
4- 4) تقدّم في ص 53.
5- 5) المائدة:6. [6]
6- 6) المعتبر 1:152. [7]

وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى آخر أطراف الأصابع،فقد أجزأه) (1).

و الوجه عندي الدّخول،لقوله تعالى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ،و هذه إمّا أن تكون بمعنى «مع»كما قلناه في اليدين فيتعيّن الدّخول،و إمّا أن تكون غاية،فيجب دخولها،لعدم انفصالها عن ذي الغاية حسّا.

و أيضا:قال المبرّد[1]:إذا كان الحدّ من جنس المحدود دخل فيه،و الكعبان من جنس الرّجلين.و لا حجّة فيما رواه،فإنّه قد يكون ذلك مستعملا فيما يدخل فيه المبدأ،كقوله:له عندي ما بين واحد إلى عشرة،فإنّه يلزم فيه دخول الواحد قطعا،و لأنّه في حالة الابتداء بهما يجب مسحهما،لرواية يونس،قال:أخبرني من رأى أبا الحسن عليه السّلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب و من الكعب إلى أعلى القدم (2).فوجب في الانتهاء كذلك،لعدم القائل بالفرق،و لأنّه يلزم إسقاط بعض ما يجب مسحه في إحدى الحالتين،و هو باطل اتّفاقا.

السّادس:يسقط فرض المسح عمّن قطعت قدمه .

(3)

و لو بقي شيء بين يدي الكعب أو الكعب مسح عليه،لأنّه قد كان يجب مسح

ص:76


1- 1الكافي 3:25 حديث 5، [1]التّهذيب 1:76 حديث 191،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
2- 2) الكافي 3:31 حديث 7، [3]التّهذيب 1:57 حديث 160،و ص 65 حديث 183 و ص 83 حديث 216،الاستبصار 1:58 حديث 170،الوسائل 1:286 الباب 20 من أبواب الوضوء،حديث 3. [4]
3- 3) «ح»«ق»:قدماه.

الجميع فلا يسقط البعض بفوات الباقي لفوات محلّه.

السّابع:لو غسل موضع المسح لم يجز،

لما قلناه (1)في الرّأس.

روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام[قال] (2):

قال لي:(لو أنّك توضّأت فجعلت مسح الرّجلين غسلا،ثمَّ أضمرت انّ ذلك من المفروض،لم يكن ذلك بوضوء) (3).

و لا يعارض هذا:ما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يتوضّأ الوضوء كلّه إلاّ رجليه ثمَّ يخوض الماء بهما خوضا؟قال:(أجزأه ذلك) (4)لأنّ رواته فطحيّة[1]،و لاحتمال أن يكون ذلك في محلّ الضّرورة كما في التّقيّة.

تذنيب:

لو فعل ذلك للتّقيّة أو للخوف صحّ وضوؤه

،فلو زالت العلّة،هل تجب إعادة الوضوء؟ فيه نظر،و الوجه عدم الوجوب،و لو أراد التّنظيف غسلهما قبل الوضوء أو بعده.

الثّامن:لا بأس بالمسح على النّعل العربيّ

و إن لم يدخل يده تحت الشّراك،لأنّه لا يمنع مسح موضع الفرض،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة و بكير ابني أعين، أبي جعفر عليه السّلام انّه قال في المسح:(تمسح على النّعلين،و لا تدخل يدك تحت

ص:77


1- 1تقدّم في ص 54. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 1:65 حديث 186،و 93 حديث 247،الاستبصار 1:65 حديث 193،الوسائل 1: 296 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 12. [2]
4- 4) التّهذيب 1:66 حديث 187،الاستبصار 1:65 حديث 194،الوسائل 1:296 الباب 25 من أبواب الوضوء،حديث 14. [3]

الشّراك) (1).

بقي هنا بحث،و هو:انّه هل يجب مسح ما تحت الشّراك؟ظاهر قول الأصحاب يقتضي عدمه (2)،و الأقرب وجوبه،لأنّ عدم إيجاب إدخال اليد تحت الشّراك لا يقتضي عدم إيجاب مسحه،لإمكانه و إن لم يدخل يده تحت الشّراك.

مسألة:لا يجوز المسح على الخفّين،و لا على الجوربين،و لا على شيء ممّا يستر ظهر
اشارة

القدم

سفرا و حضرا (3)اختيارا.و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام،و به قال مالك في رواية أبي ذؤيب[1]عنه فإنّه قال:أبطل مالك المسح على الخفّين في آخر أيّامه (4).

و هو أيضا مذهب الخوارج[2] (5)،و مذهب أبي بكر بن داود (6)،و خالف باقي الفقهاء في ذلك (7).

ص:78


1- 1التّهذيب 1:90 حديث 237،الاستبصار 1:61 حديث 182،الوسائل 1:291 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 4. [1]
2- 2) منهم الشيخ في الخلاف 1:16 مسألة-40،و المحقق في المعتبر 1:152. [2]
3- 3) «خ»:أو حضرا.
4- 4) المجموع 1:484 في الهامش.
5- 5) التّفسير الكبير 11:163، [3]ميزان الكبرى 1:126،تفسير القرطبي 6:100، [4]عمدة القارئ 3:97، نيل الأوطار 1:223،المجموع 1:476. [5]
6- 6) المجموع 1:476،عمدة القارئ 3:98،نيل الأوطار 1:223.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:97،أحكام القرآن للجصّاص 3:353، [6]بدائع الصّنائع 1:7،عمدة القارئ 3:97،المغني 1:316، [7]التّفسير الكبير 11:163، [8]تفسير القرطبي 6:100، [9]بداية المجتهد 1:18، مغني المحتاج 1:63،فتح الباري 1:244،المجموع 1:476.

لنا:وجوه:

الأوّل:قوله تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ (1)و الحائل ليس برجل، فلا يقع معه الامتثال فلا يحصل الإجزاء.

الثّاني:ما روته عائشة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(أشدّ النّاس حسرة يوم القيامة،من رأى وضوءه على جلد غيره) (2).

و روي عنها انّها قالت:لأنّ أمسح على ظهر عير بالفلاة أحبّ إليّ من أن أمسح على خفّي (3).

و ما روي عنه عليه السّلام انّه توضّأ مرّة و قال:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به) (4)و لا شكّ انّه في تلك الحال باشر الفعل بالرّجلين دون الخفّ،لأنّه لو أوقع (5)الفعل على الخفّين لم يحصل الإجزاء إلاّ به،و ذلك منفيّ اتّفاقا.

الثّالث:و ما روي،عن الصّحابة من إنكاره (6)،و لم ينازع المنكر،فدلّ على انّه إجماع.و روي،عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال:(نسخ (7)الكتاب المسح على

ص:79


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) الفقيه 1:30 حديث 96،الوسائل 1:324 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 14. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:98 بتفاوت.و بهذا اللفظ انظر:الفقيه 1:30 حديث 97.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:351، [3]سنن ابن ماجه 1:145 حديث 419-بتفاوت يسير،سنن البيهقي 1:80،مجمع الزّوائد 1:231.
5- 5) «ح»«ق»«م»:واقع.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:98،تفسير القرطبي 6:93،التّفسير الكبير 11:163،المجموع 1:478،نيل الأوطار 1:222،كنز العمّال 9:621 حديث 27693.
7- 7) كذا في النسخ،و في المصادر:سبق.

الخفّين) (1).

و في رواية أخرى ما أبالي أ مسحت على الخفّين أو على ظهر عير بالفلاة (2)؟و لم ينكر عليه أحد من الصّحابة.

و ما روى أبو سعيد البدريّ (3)انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،مسح على الخفّين، قال له عليّ عليه السّلام:(قبل نزول المائدة أو بعده؟)فسكت أبو سعيد.و هذا يدلّ على انّ عليّا عليه السّلام كان يعتقد انّه لا يجوز بعد الأمر بالأرجل.

و روي،عن ابن عبّاس انّه قال:سبق كتاب اللّه المسح على الخفّين،و لم ينكر عليه و روي عنه انّه قال:سلوا هؤلاء هل مسح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على خفّيه بعد نزول سورة المائدة (4)؟.و بهذا احتجّ مالك في انّ المسح على الخفّين شبهة لا متيقّن.

و روي،عن عائشة انّها قالت:لأنّ تقطّع رجلاي بالمواسي أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفّين (5).و لم ينكر عليها،و كره أبو هريرة ذلك (6).

الرّابع:ما رواه الأصحاب،روى الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبي قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسح على الخفّين؟فقال:(لا تمسح)و قال:(انّ جدّي قال:

سبق الكتاب الخفّين) (7).

ص:80


1- 1سنن البيهقي 1:272،عمدة القارئ 3:97،نيل الأوطار 1:223.
2- 2) لم نعثر عليها في المصادر الموجودة.
3- 3) رافع بن المعلّى بن لوذان بن حارثة.بدريّ استشهد بها،قتله عكرمة بن أبي جهل،و قيل:اسمه حارث بن أوس بن المعلّى،روى عن النّبيّ(ص). أسد الغابة 2:158، [1]الإصابة 1:499،و ج 4:88. [2]
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:98،بدائع الصّنائع 1:7.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:98،التّفسير الكبير 11:163، [3]نيل الأوطار 1:223،شرح فتح القدير 1: 128-في الجميع بتفاوت.
6- 6) تفسير القرطبي 6:93، [4]نيل الأوطار 1:222.
7- 7) التّهذيب 1:361 حديث 1088،الوسائل 1:323 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 7. [5]

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام انّه سئل عن المسح على الخفّين و على العمامة؟قال:(لا تمسح عليهما) (1).

و روي في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:

(جمع عمر بن الخطّاب أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فيهم عليّ عليه السّلام، فقال:ما تقولون في المسح على الخفّين؟فقام المغيرة بن شعبة فقال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمسح على الخفّين،فقال عليّ عليه السّلام:قبل المائدة أو بعدها؟ فقال:لا أدري،فقال عليّ:سبق الكتاب الخفّين،إنّما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة) (2).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:هل في مسح الخفّين تقيّة؟فقال:(ثلاثة لا أتّقي فيهنّ أحدا:شرب المسكر،و مسح الخفّين، و متعة الحج) (3).

و روى،عن أبي الورد[1]قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:انّ أبا ظبيان[2] حدّثني انّه رأى عليّا عليه السّلام أراق الماء،ثمَّ مسح على الخفّين،فقال:(كذب أبو

ص:81


1- 1التّهذيب 1:361 حديث 1090،الوسائل 1:323 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 8. [1]
2- 2) التّهذيب 1:361 حديث 1091،الوسائل 1:323 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:362 حديث 1093،الاستبصار 1:76 حديث 237،الوسائل 1:321 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]

ظبيان،أما بلغك قول عليّ عليه السّلام فيكم:سبق الكتاب الخفّين؟)فقلت:فهل فيهما رخصة؟فقال:(لا إلاّ من عدوّ تتّقيه،أو ثلج تخاف على[رجليك] (1)(2)و لا منافاة بين الحديثين في عدم التّقيّة و جوازها،لاختصاص الأوّل به عليه السّلام،أو يحتمل (3)انّه لا يتّقي تقيّة يسيرة لا تبلغ المشقّة العظيمة.

و روى،عن رقبة بن مصقلة[1]،قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فسألته عن أشياء؟فقال:(إنّي أراك ممّن يفتي في مسجد العراق)فقلت:نعم،فقال لي:

(ممّن أنت؟)فقلت:ابن عمّ لصعصعة[2]،فقال:(مرحبا بك يا ابن عمّ صعصعة) فقلت له:ما تقول في المسح على الخفّين؟فقال:(كان عمر يراه ثلاثا للمسافر و يوما و ليلة للمقيم،و كان أبي لا يراه في سفر و لا حضر)فلمّا خرجت من عنده قمت على عتبة الباب،فقال لي:(أقبل يا ابن عمّ صعصعة)فأقبلت عليه،فقال:(انّ القوم كانوا يقولون

ص:82


1- 1في النسخ:رجليه،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:362 حديث 1092،الاستبصار 1:76 حديث 236،الوسائل 1:322 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 5. [1]
3- 3) «ح»«ق»:و يحتمل.

برأيهم فيخطئون[و يصيبون] (1)و كان أبي لا يقول برأيه) (2).

الخامس:أن نقول:[انّه] (3)أحد (4)أعضاء الطّهارة،فلا يجوز على الحائل قياسا على الوجه و اليدين،أو نقول:عضو يسقط في حال الضّرورة من غير بدل،فلا يجوز المسح على الحائل المنفصل منه كالرّأس،و شرطنا الانفصال ليخرج الشّعر في الأصل،أو نقول:حائل منفصل عن العضو فلا يجوز المسح عليه كالعمامة و البرقع،أو نقول:طهارة من حدث،فلا يجوز (5)فيها المسح على الخفّ كالجنابة.

احتجّوا (6)بما روي عنه عليه السّلام انّه مسح على خفّيه (7).

الجواب:انّ هذه الرّواية تقتضي نسخ القرآن بخبر الواحد و ذلك لا يجوز،و أيضا فهي معارضة برواية عليّ عليه السّلام انّه قال:«نسخ (8)الكتاب المسح على الخفّين» (9)و بما قدّمناه من الأحاديث عنه عليه السّلام و عن أصحابه (10).

ص:83


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:361 حديث 1089،الوسائل 1:323 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 10. [1]
3- 3) أضفناه لاستقامة العبارة.
4- 4) «ق»«ح»:آخر.
5- 5) «م»«ن»:فلا يجزي.
6- 6) الام 1:32،المجموع 1:476،المبسوط للسّرخسي 1:97،تفسير القرطبي 6:93، [2]المغني 1: 316،عمدة القارئ 3:97،بداية المجتهد 1:18،بدائع الصّنائع 1:7،نيل الأوطار 1:222.
7- 7) صحيح البخاري 1:62،صحيح مسلم 1:227 حديث 72-73-75-76-77-78-79-80. سنن أبي داود 1:37 حديث 149-150،سنن ابن ماجه 1:180 باب 84 من كتاب الطّهارة، سنن التّرمذي 1:155 حديث 93-94،سنن النّسائي 1:81،سنن الدّارمي 1:181،سنن الدّار قطني 1:193-194،الموطّأ 1:35 حديث 41-44،نيل الأوطار 1:221 حديث 1 و ص 225 حديث 2،3.
8- 8) في المصادر:سبق.
9- 9) تقدّمت في ص 80. [3]
10- 10) تقدّم في ص 80. [4]
فروع:
الأوّل:لا بأس بالمسح على الخفّين عند الضرورة

كالبرد و شبهه و التّقيّة،لرواية أبي الورد،عن أبي جعفر عليه السّلام (1)،و لأنّ فيه مشقّة فكان المسح عليهما حينئذ رخصة.

الثّاني:لمّا كان الجواز عندنا تابع للضّرورة،يقدّر بقدرها

في السّفر و الحضر، سواء لبسهما على طهارة أو حدث،و على أيّ صفة كان الجورب،سواء كان منتعلا أو لا،و سواء كان الخفّ بشرج أو لا،و سواء كان الجرموق فوق الخفّ أم لا.نعم،متى أمكن المسح على البشرة بأن يكون مشقوقا وجب.

الثّالث:لو زالت الضّرورة أو نزع الخف استأنف،

لأنّها طهارة مشروطة بالضّرورة فتزول مع زوالها،و لا تتمّ طهارته بالمسح مع نزعه،لأنّ الموالاة لم تحصل.

الرّابع:كما جاز المسح على الخفّين للضّرورة،فكذا يجوز على غيرهما

،و يجوز على العمامة و القناع مع الضّرورة،أمّا مع عدمها فلا.و هاهنا فروع أخر،مبنيّة على القول بجواز المسح على الخفّين ساقطة عندنا،ذكر الشّيخ رحمه اللّه بعضها (2)،و نحن نذكرها اقتداء بالشّيخ فنقول.

الفرع الأوّل:اشترط المجوّزون للمسح على الخفّين تقدّم الطّهارة،

و لو غسل إحدى رجليه و أدخلها الخفّ،ثمَّ غسل الأخرى و أدخلها الخفّ،لم يجز المسح حتّى يخلع ما لبسه قبل كمال الطّهارة،ثمَّ يعيده إلى رجله،هذا عند أحمد (3)،و الشّافعيّ (4)،

ص:84


1- 1التّهذيب 1:362 حديث 1092،الاستبصار 1:76 حديث 236،الوسائل 1:322 الباب 38 من أبواب الوضوء،حديث 5.
2- 2) الخلاف 1:61-62 مسألة 169-173.
3- 3) المغني 1:318،الإنصاف 1:172، [1]الكافي لابن قدامة 1:44،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 183،المجموع 1:512،بداية المجتهد 1:22،المحلّى 2:100،نيل الأوطار 1:227.
4- 4) الام 1:33،الام(مختصر المزنيّ)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:512،إرشاد السّاري 1:281،فتح العزيز هامش المجموع 2:365،فتح الباري 1:248،المغني 1:318، أحكام القرآن للجصّاص 3:356، [2]بداية المجتهد 1:22،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:183، عمدة القارئ 3:102،شرح فتح القدير 1:130،المبسوط للسّرخسي 1:100،المحلّى 2:100، نيل الأوطار 1:237.

و مالك (1)،و إسحاق (2).و قال أبو حنيفة:يجوز (3)،و اعتبر أن يكون الحدث مع كمال الطّهارة دون اللّبس،و به قال المزنيّ،و أبو ثور،و داود،و ابن المنذر (4)،لأنّه أحدث بعد كمال الطّهارة و اللّبس،فجاز المسح،كما لو نزع الخفّ الأوّل،ثمَّ عاد فلبسه.

و احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه،عن المغيرة بن شعبة،قال:كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر فأهويت لأنزع خفّيه،فقال:(دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين)فمسح عليهما (6).جعل العلّة وجود الطّهارة فيهما جميعا وقت إدخالهما،و لم يوجد طهارتهما وقت لبس الأوّل،و لأنّ الأوّل خفّ ملبوس قبل رفع الحدث،فلم يجز

ص:85


1- 1بداية المجتهد 1:22،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:59،المغني 1:318،أحكام القرآن للجصّاص 3:356، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:184،المحلّى 2:100،نيل الأوطار 1:227.
2- 2) المجموع 1:512،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:183،المغني 1:318،بداية المجتهد 1:22، نيل الأوطار 1:227.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:99،بدائع الصّنائع 1:9،الهداية للمرغيناني 1:28، [2]شرح فتح القدير 1: 130،عمدة القارئ 3:102،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:184،المجموع 1:512،المغني 1: 318،المحلّى 2:100،نيل الأوطار 1:227،بداية المجتهد 1:22.
4- 4) الام(مختصر المزني)8:10،المجموع 1:512،المغني 1:318،بداية المجتهد 1:22،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:184،المحلّى 2:100،نيل الأوطار 1:227،فتح الباري 1:248،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:292.
5- 5) المجموع 1:512،شرح النّووي لصحيح مسلم هامش إرشاد السّاري 2:292،فتح العزيز هامش المجموع 2:365.
6- 6) صحيح البخاري 1:62،و 7:186،صحيح مسلم 1:230 حديث 79،سنن أبي داود 1:38 حديث 151،سنن الدّارمي 1:181، [3]نيل الأوطار 1:227 حديث 1،مسند أحمد 4:251،255. [4]

المسح عليه،كما لو لبسه قبل غسل قدمه.

الثّاني:لا يجزي المسح على الخفّين في جنابة،و لا في غسل واجب و لا مستحبّ

إجماعا منّا و منهم،و حجّتنا في ذلك ظاهرة.

و احتجّوا (1)بما رواه صفوان بن عسّال المراديّ،قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يأمرنا إذا كنّا مسافرين،أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيّام و لياليهنّ إلاّ من جنابة (2)،و لأنّ وجوب الغسل نادر فلا يشقّ النّزع.

الثّالث:لو تطهّر،ثمَّ لبس الخفّ،فأحدث قبل بلوغ الرّجل قدم الخف

،لم يجز له المسح،لأنّ الرّجل حصلت في مقرّها و هو محدث،فصار كما لو بدأ باللّبس و هو محدث،و نحن لا نشترط هذا في محلّ الضّرورة.

الرّابع:لو تيمّم،ثمَّ لبس الخفّ،قالوا لم يكن له المسح،

لأنّه لبسه على طهارة ناقصة (3)،و لأنّها طهارة ضروريّة بطلت من أصلها،فصار كما لو لبسه على الحدث، و لأنّه غير رافع للحدث،فقد لبسه و هو محدث،و نحن لا نشترط هذا في الضّرورة.

أمّا لو تطهّرت المستحاضة،أو صاحب السّلس،و لبسوا خفافهما فلهم المسح عندهم (4)،لكمال طهارتهم في حقّهم،فلو انقطع الدّم و زالت الضّرورة بطلت الطّهارة من أصلها،فلم يكن لهم المسح كالمتيمّم إذا وجد الماء.

ص:86


1- 1الام 1:34،المبسوط للسّرخسي 1:99،المغني 1:318،الهداية للمرغيناني 1:29،شرح فتح القدير 1:134،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:480، [1]المحلّى 2:83،الكافي لابن قدامة 1:43.
2- 2) سنن التّرمذي 1:159 حديث 96 و 5:545 [2] حديث 3535،سنن ابن ماجه 1:161 حديث 478، سنن النّسائي 1:84،مسند أحمد 4:239،240، [3]نيل الأوطار 1:228 حديث 4.
3- 3) المغني 1:319،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:185،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1: 516.
4- 4) المغني 1:319،المهذّب للشّيرازي 1:21،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:185،المجموع 1: 514،فتح العزيز هامش المجموع 2:368.
الخامس:لو لبس خفّين،ثمَّ أحدث،ثمَّ لبس فوقهما خفّين أو جرموقين لم يجز

المسح عليهما

إجماعا منهم،لأنّه لبسهما على حدث،و نحن لا نشترط ذلك في محلّ الضّرورة.

و لو مسح على الأوّلين،ثمَّ لبس الجرموقين،لم يجز المسح عليهما عند بعضهم، لأنّ بالمسح على الخفّ لم يزل الحدث،فكأنّه لبسه على حدث،و لأنّها طهارة ناقصة فأشبه المتيمّم.و بعض الشّافعيّة جوزه (1)،لأنّ المسح قائم مقام غسل القدم.و إن لبس الفوقانيّ قبل أن يحدث،فإن كان الأسفل مخرقا و الأعلى صحيحا،جاز المسح على الأعلى،و إن كان الأعلى مخرقا أو كانا صحيحين،قال أبو حنيفة:يجوز المسح عليه، لأنّه خفّ ساتر يمكن متابعة المشي فيه فأشبه المنفرد (2)،و به قال الشّافعيّ في القديم (3)،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و المزنيّ (6)،و مالك في إحدى الرّوايتين (7).و منع منه الشّافعيّ في أحد قوليه (8)،و مالك في الرّواية الأخرى،

ص:87


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:506،المغني 1:319،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 195.
2- 2) المغني 1:319،فتح العزيز هامش المجموع 2:378،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:504،مغني المحتاج 1:67،فتح العزيز هامش المجموع 2: 378،المغني 1:320.
4- 4) المغني 1:320،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194.
5- 5) المغني 1:319،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194،الإنصاف 1:183، [1]الكافي لابن قدامة 1: 45،فتح العزيز هامش المجموع 2:378.
6- 6) الام(مختصر المزني)8:10،المجموع 1:508،فتح العزيز هامش المجموع 2:378.
7- 7) المدّونة الكبرى 1:40،ميزان الكبرى 1:128،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:28.
8- 8) الام 1:34،الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:504،فتح العزيز هامش المجموع 2:379،مغني المحتاج 1:66،السّراج الوهّاج:19،المغني 1:320،الشرح الكبير بهامش المغني 1:194.

لأنّ الحاجة لا تدعو إلى لبسه في الغالب،فلا تتعلّق به رخصة عامّة كالجبيرة (1).

قال المجوّزون:لو نزع الفوقاني قبل مسحه،لم يؤثّر ذلك و كان لبسه كعدمه،و لو نزعه بعد مسحه،بطلت الطّهارة و وجب نزع الخفّين و غسل الرّجلين،لزوال محلّ المسح، و نزع أحد الخفّين كنزعهما،لأنّ الرّخصة تعلّقت بهما،فصار كانكشاف القدم (2).

و لو أدخل يده من تحت الفوقاني و مسح الّذي تحته،جاز عندهم،لأنّ كلّ واحد منهما محلّ للمسح فجاز المسح على أيّهما كان،كما يتخيّر بين غسل قدميه في الخف،و المسح عليه (3).و لو لبس أحد الجرموقين في إحدى الرّجلين دون الأخرى،جاز المسح عليه و على الخفّ الّذي في الرّجل الأخرى،لأنّ الحكم تعلّق به و بالخفّ في الرّجل الأخرى، فصار كما لو لم يكن تحته شيء.

السّادس:لو لبس خفّا مخرقا فوق صحيح،جاز على قول بعضهم ،

(4)

بخلاف ما لو كان تحته لفائف أو خرق،لأنّ القدم مستور بما يجوز المسح عليه،فجاز المسح كما لو كان السّفلاني مكشوفا.

و قال آخرون:لا يجوز،لأنّ الفوقاني لو كان مفردا لم يجز المسح عليه فلم يجز مع غيره،كما لو لبس على لفافة،أمّا لو لبس مخرقا على مخرق فاستتر بهما القدم ففيه وجهان:الجواز،لاستتار القدم بالخفّين،فأشبه المستور بالصّحيحين.و عدمه،لعدم

ص:88


1- 1المدوّنة الكبرى 1:40،المجموع 1:508،فتح العزيز هامش المجموع 2:379،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:28،ميزان الكبرى 1:128،المغني 1:320،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 194.
2- 2) المغني 1:320،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194.
3- 3) المغني 1:320،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1: 506.
4- 4) المغني 1:320،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:195،الكافي لابن قدامة 1:45،الإنصاف 1: 183.

استتار القدم بخفّ صحيح (1).

و لو لبس الخفّ بعد طهارة كاملة مسح فيها على العمامة،قال بعضهم:لا يجوز المسح،لأنّه لبس على طهارة ممسوح فيها على بدل،فلم يستبح المسح باللّبس فيها،كما لو لبس خفّا على طهارة و مسح فيها على خفّ (2).و قال آخرون بالجواز (3).

السّابع:قد قلنا انّ التّوقيت في المسح باطل عندنا ،

(4)

بل هو تابع للضّرورة، فمتى زالت،زالت الرّخصة.و به قال مالك في السّفر و في الحضر على إحدى الرّوايتين، و في الثّانية:لا يمسح في الحضر مطلقا (5).و قال الشّافعي و أبو حنيفة بالتّوقيت في المسح يوما و ليلة للمقيم،و ثلاثة أيّام و لياليهنّ للمسافر (6)(7).و به قال الثّوريّ،و الأوزاعيّ، و الحسن بن صالح (8)،و أحمد (9)،و إسحاق (10).و قال اللّيث بن سعد (11)،و ربيعة:

ص:89


1- 1المغني 1:321،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:195،الإنصاف 1:183.
2- 2) المغني 1:321،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:185،الإنصاف 1:175.
3- 3) المغني 1:321،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:185،الإنصاف 1:175.
4- 4) راجع الصّفحة 84. [1]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:41،بداية المجتهد 1:18،تفسير القرطبي 6:100، [2]بلغة السّالك 1:58،المغني 1:322،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:188،أحكام القرآن للجصّاص 3:353، [3]المجموع 1: 476،المحلّى 2:89،شرح فتح القدير 1:130،عمدة القارئ 3:97.
6- 6) الام 1:34،الام(مختصر المزني)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:482، [4]مغني المحتاج 1:64،السّراج الوهّاج:19،فتح العزيز هامش المجموع 2:393، [5]رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:26،ميزان الكبرى 1:136،أحكام القرآن للجصّاص 3:353، [6]المحلّى 2:89.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:98،بدائع الصّنائع 1:8،أحكام القرآن للجصّاص 3:353، [7]الهداية للمرغيناني 1:28،شرح فتح القدير 1:130،المغني 1:322،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 188،المجموع 1:483، [8]ميزان الكبرى 1:126،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:26،التّفسير الكبير 11:163، [9]المحلّى 2:89.
8- 8) المجموع 1:484، [10]نيل الأوطار 1:229،أحكام القرآن للجصّاص 3:353، [11]المحلّى 2:89، المغني 1:322،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:188.
9- 9) المغني 1:322،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:188،المجموع 1:484، [12]الكافي لابن قدامة 1:45،الإنصاف 1:176، [13]المحلّى 2:89،نيل الأوطار 1:229،ميزان الكبرى 1:126،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:26،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:299.
10- 10) المجموع 1:484،نيل الأوطار 1:229،المحلّى 2:89،المغني 1:322،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:188.
11- 11) المجموع 1:484، [14]نيل الأوطار 1:229،أحكام القرآن للجصّاص 3:353. [15]

يمسح على الخفّين إلى أن ينزعهما،و لم يفرّقا بين المسافر و الحاضر.و هو قول الشّعبيّ (1).

و قال داود:يمسح المسافر[بخمس] (2)عشرة صلاة،و المقيم[بخمس] (3)(4).

و اختلفوا في ابتداء المدّة،فقال الشّافعي:من حين يحدث اللاّبس للخفّين،فإذا تطهّر المقيم بغسل أو وضوء،ثمَّ أدخل رجليه الخفّين و هما طاهرتان،ثمَّ أحدث،فإنّه يمسح عليهما من وقت ما أحدث يوما و ليلة (5).و قال الأوزاعيّ (6)،و أحمد (7)،و أبو ثور،و داود:انّ ابتداء المدّة من حين يمسح على الخفّين (8).

لنا:أنّها طهارة ضروريّة فتقدّر بقدرها.

و احتجّوا (9)بما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه جعل ثلاثة أيّام و لياليهنّ

ص:90


1- 1المجموع 1:484.
2- 2) في النّسخ:بخمسة،و الأنسب ما أثبتناه.
3- 3) في النّسخ:بخمسة،و الأنسب ما أثبتناه.
4- 4) المجموع 1:483.
5- 5) الام 1:35،الام(مختصر المزني)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:486،فتح العزيز هامش المجموع 2:397،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127،مغني المحتاج 1:64،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،التّفسير الكبير 11:163،المحلّى 2:95، السّراج الوهّاج:19.
6- 6) المجموع 1:487.
7- 7) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،الكافي لابن قدامة 1:46،الإنصاف 1:177،المجموع 1: 487،فتح العزيز هامش المجموع 2:397.
8- 8) المجموع 1:487. [1]
9- 9) المجموع 1:487.

للمسافر،و يوما و ليلة للمقيم (1).و قد مضى الجواب عنه (2).

قالوا:فإذا انقضت المدة بطل الوضوء،و ليس له المسح عليهما إلاّ بعد النّزع و اللّبس على طهارة كاملة (3).و قال الحسن:لا يبطل الوضوء إلاّ بحدث،ثمَّ لا يمسح بعد حتّى ينزعها (4).و قال داود:ينزع خفّيه و لا يصلّ فيهما،فإذا نزعهما صلّى حتّى يحدث،لأنّ الطّهارة لا تبطل إلاّ بحدث،و النّزع و الانقضاء ليسا بحدث (5).

و لو خلع قبل انقضاء المدّة بعد المسح عليهما بطل وضوؤه في قول أحمد (6)، و الزّهريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق (7)،و أحد قولي الشّافعيّ (8).و قال أبو حنيفة (9)، و الثّوري،و أبو ثور (10)،و الشّافعي أيضا:لا يبطل (11).و قال مالك (12)،و اللّيث بن

ص:91


1- 1صحيح مسلم 1:232 حديث 276،سنن أبي داود 1:40 حديث 157،سنن ابن ماجه 1:183 حديث 552،555،556،سنن النّسائي 1:84،سنن التّرمذي 1:158 حديث 95،كنز العمّال 9:404 حديث 26708،نيل الأوطار 1:230 حديث 5،1،2،مسند أحمد 5:213،215. [1]
2- 2) تقدّم ص 84.
3- 3) المغني 1:323،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:203،ميزان الكبرى 1:127،المجموع 1:523.
4- 4) المغني 1:323،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:203،المجموع 1:527.
5- 5) المغني 1:323،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:203،المجموع 1:527.
6- 6) المغني 1:324،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،الكافي لابن قدامة 1:47،الإنصاف 1: 190، [2]المجموع 1:527،فتح العزيز هامش المجموع 2:404.
7- 7) المغني 1:324،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،المجموع 1:526.
8- 8) الام 1:36،الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 1:526،مغني المحتاج 1:68،السّراج الوهّاج:20،فتح العزيز هامش المجموع 2:404،بدائع الصّنائع 1:12، المغني 1:324،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:12،شرح فتح القدير 1:135،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:28،ميزان الكبرى 1:128،المجموع 1:526،المغني 1:324،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،فتح العزيز بهامش المجموع 2:404.
10- 10) المجموع 1:526،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202.
11- 11) الأم(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 1:526،فتح العزيز هامش المجموع 2:404،مغني المحتاج 1:68،السّراج الوهّاج:20،فتح الوهّاب 1:17،بدائع الصّنائع 1: 12،المغنيّ 1:324،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1: 28،ميزان الكبرى 1:128،بداية المجتهد 1:22.
12- 12) المدوّنة الكبرى 1:40،بداية المجتهد 1:22،بلغة السّالك 1:60،المغني 1:325،تفسير القرطبي 6:103، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،المجموع 1:527،فتح العزيز هامش المجموع 2: 404.

سعد:انّه يغسل قدميه مكانه،فإنّ أخّر ذلك استأنف الطّهارة (1).و الأوّل أولى عندنا،لأنّها طهارة ضروريّة و قد زالت،و لأنّ مسح الخفّين ناب (2)عن غسل الرّجلين خاصّة،فظهورهما يبطل ما ناب عنه،كالتّيمّم إذا بطل برؤية الماء وجب ما ناب عنه.

و لو نزع العمامة بعد المسح عليها للضّرورة عندنا فالوجه البطلان،لما قلناه (3).

و هو قول القائلين بالبطلان في الخفّين.

قالوا:و لو نزع أحد الخفّين فهو كنزعهما،لأنّهما كالعضو الواحد،و لهذا لا يجب فيهما التّرتيب (4).

و لو انكشف بعض القدم من خرق فهو كنزع الخفّ،أمّا لو انكشطت (5)الطّهارة و بقيت البطانة،لم يضر عندهم،لبقاء الاستتار (6).و لو أخرج رجله إلى ساق الخفّ

ص:92


1- 1الشّرح الكبير بهامش المغني 1:202،المجموع 1:527،المدوّنة الكبرى 1:41،تفسير القرطبي 6: 103.
2- 2) «خ»:نائب.
3- 3) راجع ص 84.
4- 4) المغني 1:325،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:203،المجموع 1:527،بلغة السّالك 1:60، المبسوط للسرخسي 1:102،103،منار السّبيل 1:32.
5- 5) «خ»:انكشفت.
6- 6) المغني 1:326،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:497، الكافي لابن قدامة 1:43،مغني المحتاج 1:65،بدائع الصّنائع 1:11،فتح العزيز هامش المجموع 2:370.

و لم يظهر من القدم شيء،فهو كخلعه عند أبي حنيفة (1)،خلافا للشّافعيّ في الجديد (2).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الاستقرار شرط لجواز المسح،بدليل ما لو أدخل الخفّ فأحدث قبل الاستقرار،لم يكن له المسح (3).

حجّة الشّافعيّ عدم ظهور الرّجل (4).و الثّوريّ (5)،و مالك (6)،و أحمد (7)، و إسحاق (8)،و بعض الشّافعيّة (9)،و الشّافعيّ في القديم (10)،وافقوا أبا حنيفة، و كذا الأوزاعيّ (11).

الثّامن:قالوا:لو سافر قبل المسح،أتمّ مسح المسافر.

و ابتدأ مدّة المسح من حين أحدث بعد لبس الخفّ عند الشّافعيّ (12)،و أحمد (13)،و أبي حنيفة (14)،و في رواية

ص:93


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:104،بدائع الصّنائع 1:13،المجموع 1:528،المغني 1:326،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204.
2- 2) كلامه مشعر بأنّ الشّافعيّ قال في الجديد بعدم بطلان المسح،و في القديم ببطلانه،وفاقا لأبي حنيفة، و الموجود في المجموع للنّوويّ 1:528 عكس ذلك قال:(للشّافعيّ قولان:الجديد يبطل مسحه و القديم لا يبطل مسحه).
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:104،بدائع الصّنائع 1:13.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:22،المغني 1:326،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204.
5- 5) المجموع 1:528.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:41،المجموع 1:528،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204.
7- 7) المغني 1:326،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204،الإنصاف 1:192،الكافي لابن قدامة 1: 47،المجموع 1:528.
8- 8) المغني 1:326،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:204،المجموع 1:528.
9- 9) المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 1:528.
10- 10) المجموع 1:528.
11- 11) ليست في«خ».و المنسوب إليه في المجموع 1:528 [1] عدم بطلان المسح.
12- 12) الام 1:35،الام(مختصر المزني)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:486،فتح العزيز هامش المجموع 2:397،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127،السّراج الوهّاج:19،فتح الوهّاب 1:15،مغني المحتاج 1:64،التّفسير الكبير 11:163،المغني 1: 327،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،المحلّى 2:95.
13- 13) المغني 1:327،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،الإنصاف 1:177،الكافي لابن قدامة 1: 46،منار السّبيل 1:31،المجموع 1:487،فتح العزيز هامش المجموع 2:397.
14- 14) المبسوط للسّرخسي 1:99،بدائع الصّنائع 1:8،الهداية للمرغيناني 1:28،شرح فتح القدير 1: 131،المغني 1:327،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،التّفسير الكبير 11:163،المجموع 1: 487،المحلّى 2:95.

اخرى عن أحمد:الابتداء من حين مسح بعد أن أحدث (1).

و لو أحدث مقيما،ثمَّ مسح مقيما،ثمَّ سافر،أتمّ على مسح مقيم،ثمَّ خلع على قول الشّافعيّ (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4).و قال أبو حنيفة،و الثّوري:يمسح مسح المسافر سواء مسح في الحضر لصلاة أو أكثر،بعد أن لا تنقضي مدّة المسح و هو حاضر (5)(6)،لأنّه مسافر قبل الإكمال فأشبه ما لو سافر قبل الشّروع.

و لو مسح مسافر أقلّ من يوم و ليلة،ثمَّ أقام أو قدّم،أتمّ على مسح مقيم و خلع.قاله

ص:94


1- 1المغني 1:327،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:189،الإنصاف 1:177،الكافي لابن قدامة 1: 46،المجموع 1:487،فتح العزيز هامش المجموع 2:397،المحلّى 2:95،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127،التّفسير الكبير 11:163. [1]
2- 2) الام 1:35،الام(مختصر المزني)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:488،فتح العزيز هامش المجموع 2:400،المغني 1:328،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:190،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127.
3- 3) المغني 1:328،الشرح الكبير بهامش المغني 1:190،الكافي لابن قدامة 1:46،المجموع 1: 488،فتح العزيز هامش المجموع 2:400.
4- 4) المغني 1:328،المجموع 1:488،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:190.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:103،بدائع الصّنائع 1:8،الهداية للمرغيناني 1:29،شرح فتح القدير 1: 136،المغني 1:328،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:190،المجموع 1:488،فتح العزيز هامش المجموع 2:400،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127.
6- 6) المجموع 1:488.

أبو حنيفة (1)و الشّافعيّ (2).و إذا مسح مسافر يوما و ليلة فصاعدا،ثمَّ أقام أو قدّم خلع،لأنّه صار مقيما فلم يترخّص برخص المسافر،و لأنّ المسح عبادة تختلف سفرا و حضرا،فإذا ابتدأها في السّفر،ثمَّ حضر في أثنائها غلب حكم الحضر كالصّلاة.

التّاسع:قالوا:إنّما يجوز المسح على ما يكون ساترا لمحلّ الفرض

لا يرى منه الكعبان و لا شيء من القدم لضيقه أو كونه مشدودا يمكن متابعة المشي فيه (3)،و لو كان مقطوعا دون الكعبين،لم يجز المسح عليه عند الشّافعيّ في الجديد (4)،و به قال الحسن بن صالح (5)،و قال الشّافعيّ في القديم:يجوز المسح عليه إذا أمكن متابعة المشي عليه (6).و به قال إسحاق،و أبو ثور،و داود (7).و قال مالك،و الأوزاعيّ:إن كثر الخرق و تفاحش لم يجز (8)(9).و به قال اللّيث بن سعد (10).و قال أبو حنيفة:إن تخرق

ص:95


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:104،الهداية للمرغيناني 1:29،شرح فتح القدير 1:137،المغني 1:329، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:190.
2- 2) الام 1:35،الام(مختصر المزني)8:9،المهذّب للشّيرازي 1:20،المجموع 1:489،المغني 1: 329،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:190.
3- 3) المغني 1:330،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:191،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1: 496،بداية المجتهد 1:20،فتح العزيز هامش المجموع 2:370،الإنصاف 1:179.
4- 4) الام 1:33،الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:496،فتح العزيز هامش المجموع 2:370،مغني المحتاج 1:65،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،المغني 1:330،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:192،بداية المجتهد 1:20، المحلّى 2:101.في بعضها لم يقيّد في الجديد.
5- 5) المحلّى 2:101.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:496،فتح العزيز هامش المجموع 2:370،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:28.
7- 7) المحلّى 2:100،المجموع 1:497.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:40،بداية المجتهد 1:20،تفسير القرطبي 6:101، [1]المغني 1:330،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:193،المجموع 1:497،فتح العزيز هامش المجموع 2:370،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:27،المحلّى 2:101.
9- 9) تفسير القرطبي 6:101، [2]المحلّى 2:101،المجموع 1:497،المغني 1:330،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:193.
10- 10) تفسير القرطبي 6:101. [3]

قدر ثلاث أصابع لم يجز،و إن كان أقلّ جاز (1).قال أبو يوسف:قلت لأبي حنيفة:

من أين أخذت هذا؟قال:الثّلاث أكثر الأصابع (2).

و احتجّ:مالك و الأوزاعيّ بأنّه خفّ يمكن متابعة المشي فيه فأشبه السّاتر،و لأنّ الغالب على خفاف العرب التّخريق.

و اتّفقوا على انّه لا يجوز المسح على اللّفّافة و الخرق (3)،و لا فرق في الجواز بين ما يكون من جلد،أو لبد،أو غيرهما،و في الخشب و الحديد قولان:أقربهما عندهم الجواز (4).و لو كان محرّما كالحريم لم يرخّص بالمسح لعصيانه،فلم يستبح به الرّخصة، كما لا يرخّص المسافر في سفر المعصية.

العاشر:قالوا:يجوز المسح على الجوربين بالشّرطين:

السّتر،و إمكان متابعة المشي،سواء كانا منعّلين أو لا.و هو اختيار أحمد (5)،و الحسن،و سعيد بن المسيّب،

ص:96


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:100،بدائع الصّنائع 1:11،الهداية للمرغيناني 1:28،شرح فتح القدير 1: 132،المجموع 1:497،فتح العزيز هامش المجموع 2:372،تفسير القرطبي 6:101، [1]المغني 1: 334،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:193،بداية المجتهد 1:20،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:28،المحلّى 2:101.
2- 2) قال في بدائع الصّنائع 1:11(و إنما قدّر بالثّلاث لوجهين.و الثّاني:انّ الثّلاث أصابع أكثر الأصابع.).
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:356، [2]المغني 1:334،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:194،المجموع 1:502،فتح العزيز هامش المجموع 2:373.
4- 4) المغني 1:331،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:192،المجموع 1:502،فتح العزيز هامش المجموع 2:373.
5- 5) المغني 1:331،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:180،الإنصاف 1:170، [3]المجموع 1:500،المحلّى 2:86،ميزان الكبرى 1:128،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:28.

و ابن جبير،و الثّوريّ،و الحسن بن صالح،و إسحاق،و يعقوب،و محمّد (1).و قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الشّافعيّ:لا يجوز المسح عليهما إلاّ أن ينعّلا (4).

و لو كان الجورب لا يثبت بنفسه و يثبت بلبس النّعل،أبيح المسح عليه و تنتقض الطّهارة بخلع النّعل،لأنّ ثبوته أحد شرطي الجواز،و إنّما يحصل بالنّعل،و مع الخلع يزول الشّرط فتبطل الطّهارة،كما لو ظهر القدم.

الحادي عشر:مذهب أبي حنيفة،و أحمد انّ المسنون في المسح أن يضع يده على

موضع الأصابع ثمَّ يجرّها إلى ساقه

خطّا بأصابعه،و يجوز العكس.قالوا:و لا يسنّ مسح أسفله و لا عقبه (5)(6).و به قال الثّوريّ (7)،و داود (8)،و الأوزاعيّ (9)،لما رووه،عن

ص:97


1- 1المغني 1:332،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:180،المجموع 1:499،المحلّى 2:86.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:101،أحكام القرآن للجصّاص 3:356، [1]بدائع الصّنائع 1:10،الهداية للمرغيناني 1:30،شرح فتح القدير 1:138،بداية المجتهد 1:19،المحلّى 2:86،المغني 1: 332،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:180،المجموع 1:500،فتح العزيز هامش المجموع 2: 373،ميزان الكبرى 1:128،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:28.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:40،بداية المجتهد 1:19،تفسير القرطبي 6:102، [2]أحكام القرآن للجصّاص 3: 356، [3]المغني 1:332،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:180،ميزان الكبرى 1:128،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:28،المحلّى 2:86. [4]
4- 4) الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:499،فتح العزيز هامش المجموع 2:373،ميزان الكبرى 1:128،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:28،المغني 1: 332،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:180،أحكام القرآن للجصّاص 3:356، [5]نيل الأوطار 1: 227،المحلّى 2:86، [6]بداية المجتهد 1:19،تفسير القرطبي 6:102. [7]
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:100،الهداية للمرغيناني 1:28،شرح فتح القدير 1:131،المغني 1:335، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:196،المجموع 1:521،فتح العزيز هامش المجموع 2:390، المحلّى 2:111،نيل الأوطار 1:231.
6- 6) المغني 1:335،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:196،الكافي لابن قدامة 1:47،الإنصاف 1:185،منار السّبيل 1:31،المجموع 1:521،فتح العزيز هامش المجموع 2:390،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:27،نيل الأوطار 1:231.
7- 7) المغني 1:335،الشّرح الكبير بهامش المغني 196،المجموع 1:521،المحلّى 2:111،نيل الأوطار 1:231،بداية المجتهد 1:19.
8- 8) بداية المجتهد 1:19،المحلّى 2:111.
9- 9) المغني 335،المجموع 1:521،نيل الأوطار 1:231.

عليّ عليه السّلام انّه قال:(لو كان الدّين بالرّأي،لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من ظاهره) (1)و لأنّ باطنه ليس بمحلّ لفرض المسح،فلم يكن محلاّ لمسنونه كالسّاق،و لأنّ مسحه غير واجب و لا يكاد يسلم من مباشرة أذى فيه تنجيس يده به فكان تركه أولى.

و قال الشّافعيّ (2)،و مالك:السّنّة مسح الظّاهر و الباطن (3)،أعني:أعلى الخفّ و أسفله.و به قال عبد اللّه بن عمر،و عمر بن عبد العزيز (4)،و الزّهريّ،و ابن المبارك (5)،و إسحاق بن راهويه (6)لما رواه المغيرة بن شعبة،قال:وضّأت رسول اللّه

ص:98


1- 1سنن أبي داود 1:42 حديث 162،سنن الدّار قطني 1:199 حديث 23،نيل الأوطار 1:231 حديث 1،كنز العمّال 9:606 حديث 27612،جامع الأصول 8:140 حديث 5277.
2- 2) الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 1:518،فتح العزيز هامش المجموع 2:388،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:26،مغني المحتاج 1:67، السّراج الوهّاج:19،فتح الوهّاب 1:17،المغني 1:335،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:196، بداية المجتهد 1:19،تفسير القرطبي 6:103، [1]المحلّى 2:113،نيل الأوطار 1:231.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:39،بداية المجتهد 1:19،بلغة السّالك 1:60،تفسير القرطبي 6:103، [2]المغني 1:335،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:196،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:26،نيل الأوطار 1:231.
4- 4) أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي.روي عن الباقر(ع):(أنّ نجيب بني أميّة:عمر بن عبد العزيز).روى عن عبد اللّه بن جعفر و أنس بن مالك و سعيد بن المسيّب و غيرهم. و روى عنه ابناه و الزّهريّ و أيّوب و حميد.مات بدير سمعان من أرض المعرّة سنة 101 ه. تذكرة الحفّاظ 1:118،العبر 1:91. [3]
5- 5) أبو عبد الرّحمن عبد اللّه بن المبارك بن واضح الحنظلي،مولاهم المروزي الفقيه الحافظ التّاجر السفّار، صنّف التّصانيف الكثيرة،سمع هشام بن عروة و حميد الطّويل و حدّث عنه خلق منهم:عبد الرّحمن بن مهدي و يحيى بن معين و حبان بن موسى.مات سنة 181 ه. تذكرة الحفّاظ 1:274،العبر 1:271. [4]
6- 6) المغني 1:335،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:196،المجموع 1:521، [5]نيل الأوطار 1:231.

صلّى اللّه عليه و آله فمسح أعلى الخفّ و أسفله (1).و هذا الحديث قد طعن فيه التّرمذيّ، و قال:إنّه معلول (2)،قال:و سألت أبا زرعة،[1]و محمّدا[2]عنه،فقالا:ليس بصحيح.و قال أحمد:روى هذا الحديث رجاء بن حيوة[3]،عن ورّاد[4]كاتب المغيرة و لم يلقه (3).

الثّاني عشر:قال الشّافعيّ:و المجزي ما وقع عليه اسم المسح .

(4)

و هو قولنا في

ص:99


1- 1سنن أبي داود 1:42 حديث 165،سنن التّرمذي 1:162 حديث 97، [1]سنن ابن ماجه 1:182 حديث 550،مسند أحمد 4:251، [2]نيل الأوطار 1:232 حديث 3،جامع الأصول 8:139 حديث 5276.
2- 2) سنن التّرمذي 1:163.
3- 3) المغني 1:336.
4- 4) الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 1:521،فتح العزيز هامش المجموع 2:388،مغني المحتاج 1:67،السّراج الوهّاج:19،فتح الوهّاب 1:17،ميزان الكبرى 1:127، رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:27،المغني 1:337،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:197، المحلّى 2:112،بدائع الصّنائع 1:12،نيل الأوطار 1:232.

محلّ الضّرورة،لأنّه أطلق المسح و لم يقدّره،فوجب الرّجوع إلى ما يتناوله الاسم.و قال أبو حنيفة:يجزئه قدر ثلاث أصابع (1)لقول الحسن:سنّة المسح خطط بالأصابع فينصرف إلى سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أقلّ الجمع ثلاث (2).و هو ضعيف.

و قال زفر:إن مسح بإصبع واحدة قدر ثلاث أصابع أجزأه (3).و قال أحمد:لا يجزئه إلاّ مسح أكثر القدم (4).و في الإجزاء مع المسح بالخرقة أو الخشب عندهم وجهان (5).

و الأصحّ عندنا عدم الإجزاء في صورة يباح المسح فيها على الخفّين.و اختلفوا في إجزاء غسل الخفّ (6)،و الأقوى عندنا عدم الإجزاء في محلّ الضّرورة.

الثّالث عشر:لو مسح أسفل الخفّ دون أعلاه،لم يجزئه

عندنا في صورة الجواز.

و هو مذهب عامّة العلماء (7)،إلاّ ما نقل عن بعض أصحاب الشّافعيّ (8)،و بعض

ص:100


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:100،بدائع الصّنائع 1:12،الهداية للمرغينانيّ 1:28،شرح فتح القدير 1:132،المغنيّ 1:337،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:197،المجموع 1:522،فتح العزيز هامش المجموع 2:388،ميزان الكبرى 1:127،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:27،المحلّى 2:112،نيل الأوطار 1:232.
2- 2) المغني 1:337،المجموع 1:522.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:12،المبسوط للسّرخسي 1:100.
4- 4) المغني 1:337،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:197،الكافي لابن قدامة 1:47،الإنصاف 1: 184،منار السّبيل 1:31،المجموع 1:522،فتح العزيز هامش المجموع 2:388،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:27،ميزان الكبرى 1:127،نيل الأوطار 1:232.
5- 5) المغني 1:338،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:198،المجموع 1:520.
6- 6) راجع المصادر السّابقة.
7- 7) المغني 1:338،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:197،المجموع 1:518.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:22،المجموع 2:519،المغني 1:338،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:197.

أصحاب مالك (1).

لنا:انّه ليس محلّ الفرض،فلا يجزئ كالسّاق،و كذا البحث في عقب الخفّ.

الرّابع عشر:لا فرق في التّرخّص مع الضّرورة بين المرأة و الرّجل،
اشارة

و لا فرق بين المستحاضة و صاحب السّلس و غيرهما،لأنّ علّة التّرخّص في الرّجل موجودة في المرأة.

و قال بعض الشّافعيّة:ليس لصاحب السّلس و المستحاضة أن يمسحا أكثر من وقت صلاة،لأنّ الطّهارة الّتي لبسا الخفّ عليها،لا يستباح بها أكثر من ذلك (2).و هو ضعيف،لأنّ المسح لا يبطل ببطلان الطّهارة،فلا يبطل بخروج الوقت.و قال زفر:انّ المستحاضة تمسح يوما و ليلة (3).

تذنيبان:
الأوّل:لو كان الخفّ مغصوبا لم يجز المسح عليه

عندنا حال الضّرورة،و عند بعض الشّافعيّة مطلقا (4)،لأنّ اللّبس معصية فلا يناسب التّرخّص،و عند بعضهم يجوز مطلقا (5)،لأنّ المعصية لا تختصّ باللّبس،فصار كالصّلاة في الدّار المغصوبة.و ليس بجيّد على ما يأتي.

الثّاني:لو زال عذرهما لا الضّرورة المبيحة،جاز لهما المسح

عندنا،لوجود السّبب و هو الضّرورة.أمّا الجمهور،فمنعوا من ذلك،لأنّهما كملا في بابهما،فلم يكن لهما المسح بتلك الطّهارة،كالمتيمّم إذا أكمل بالقدرة على الماء لا يمسح بالخفّ الملبوس على

ص:101


1- 1بداية المجتهد 1:19،تفسير القرطبي 6:103، [1]المغني 1:338،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 197.
2- 2) المغني 1:340،فتح العزيز هامش 2 المجموع:368.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:9،المبسوط للسّرخسي 1:105،المجموع 1:515.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:510،فتح العزيز هامش المجموع 2:375.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:21،المجموع 1:510،فتح العزيز هامش المجموع 2:375.

التّيمّم (1).و نحن لمّا لم نشترط سبق الطّهارة،سقطت هذه الحجّة بالكلّيّة.

أصل:الواو تفيد مع الجمع التّرتيب،لوجوه:
أحدهما:ما روي

انّ واحدا قام بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:من أطاع اللّه و رسوله فقد اهتدى،و من عصاهما فقد غوى،فقال عليه السّلام:(بئس خطيب القوم أنت،قل:و من عصى اللّه و رسوله فقد غوى) (2)و لو لا إفادة الواو التّرتيب لما افترق القولان.

لا يقال:ليس النّهي لما ذكرتم،بل لتفرّد كلّ واحد بالذّكر،و لا يجمع بين ذكر اللّه تعالى و ذكر رسوله في كتابة واحدة،لأنّه منهيّ عنه كما قال اللّه تعالى وَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ (3)و لم يقل يرضوهما.

لأنّا نقول:العلّة في كراهة الجمع المعنى الّذي ذكرناه و هو سقوط التّرتيب،لا ما ذكرتم،و إلاّ لزم تعليل الشّيء بنفسه،لأنّا في طلب علّة النّهي عن الجمع،فكيف يعلّل بنفسه.

الثّاني:انّ عمر سمع شاعرا يقول:

كفى الشّيب و الإسلام للمرء ناهيا

فقال له عمر:لو قدّمت الإسلام على الشّيب لأجزتك (4).و هذا يدلّ على التّأخير (5)في المرتبة عند التّأخير في اللّفظ.

الثّالث:ما روي انّ الصّحابة قالوا لابن عبّاس:لم تأمرنا بالحجّ قبل العمرة

و قد

ص:102


1- 1المغني 1:340.
2- 2) صحيح مسلم 2:594 حديث 870،سنن النسائي 6:90،مسند أحمد 4:256،379 [1] بتفاوت يسير.
3- 3) التّوبة:62. [2]
4- 4) الأحكام في أصول الأحكام 1:60.
5- 5) «خ»:التّأخّر.

قال اللّه تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (1)(2)و هم كانوا فصحاء العرب ففهمهم للتّرتيب يدلّ عليه.على انّ ابن عبّاس أجابهم عن ذلك،فقال:كما قدّمتم الدّين على الوصيّة، و اللّه تعالى قدّم الوصيّة على الدّين،فقال مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ (3)و هذا اعتراف من ابن عبّاس بأنّ تقديم الحجّ يقتضي تقديم فعله،و إنّما عدل لدلالة،كما عدل في الوصيّة،لأنّه لو لم يذهب إلى اقتضاء التّرتيب،لما جاز منه ذلك،و لقال:الواو لا تقتضي التّرتيب.

الرّابع:انّ الفرّاء1و أبا عبيدة بن سلام نصّا على أنّها تفيد التّرتيب،

فلو لم يكن كذلك،لما جاز هذا النّصّ منهما،و قولهما مقدّم على من نصّ على أنّها ليست للتّرتيب، لتقدّم الإثبات في الشّهادة على النّفي.

الخامس:لو قال لغير المدخول بها:أنت طالق و طالق،طلقت واحدة،

و لو قال طلقتين طلّقت اثنتين،و لو كانت الواو تفيد الجمع لم يبق فرق.

السّادس:انّ التّرتيب في اللّفظ يستدعي سببا،و التّرتيب في الوجود صالح له،

فوجب جعله سببا له،إلى أن يقيم الخصم المعارض.

السّابع:أنّ التّرتيب مع التّعقيب وضع له لفظ،و مع التّراخي آخر،

و مطلق التّرتيب معقول لا بدّ له من لفظ،و ليس إلاّ الواو.

لا يقال:الجمع المطلق معنى معقول،و لا لفظ يدلّ عليه إلاّ الواو.

ص:103


1- 1البقرة:196. [1]
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 3:372. [2]
3- 3) النّساء:11. [3]

لأنّا نقول:مع التّعارض يجب التّرجيح و هو معنى،فإنّا لو جعلناه حقيقة في الجمع،استحال التجوّز به في التّرتيب،لعدم لزوم الخاصّ العام،و بالعكس يجوز،فكان أولى.

مسألة:قال علماؤنا:التّرتيب واجب في الوضوء.

اشارة

و هو مذهب الشّافعيّ (1)، و أحمد (2)،و إسحاق،و أبي ثور،و أبي عبيد (3).و قال أبو حنيفة (4)،و مالك، (5)و الثّوريّ:

لا يجب،و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و ابن مسعود،و سعيد بن المسيّب، و الحسن البصريّ،و عطاء،و الزّهريّ،و النّخعيّ،و مكحول،و به قال الأوزاعيّ،

ص:104


1- 1الام 1:30،الام(مختصر المزني)8:3،المهذّب للشّيرازي 1:19،المجموع 1:441، [1]ميزان الكبرى 1:119،مغني المحتاج 1:54،السّراج الوهّاج:17،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1: 19،فتح العزيز هامش المجموع 1:361، [2]التّفسير الكبير 11:153، [3]فتح الوهّاب 1:13،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149،المحلّى 2:66، [4]بداية المجتهد 1:17،تفسير القرطبي 6:98، [5]المغني 1:156.
2- 2) المغني 1:156،الإنصاف 1:138،الكافي لابن قدامة 1:38،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 149،منار السّبيل 1:25،المحلّى 2:66، [6]المجموع 1:443،بداية المجتهد 1:17،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:20،تفسير القرطبي 6:98، [7]ميزان الكبرى 1:119.
3- 3) المغني 1:156،المجموع 1:443،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149،تفسير القرطبي 6:98، [8]بداية المجتهد 1:17.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:55،بدائع الصّنائع 1:17،الهداية للمرغيناني 1:13،شرح فتح القدير 1: 30،المغني 1:156،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149،المجموع 1:443،بداية المجتهد 1:17، فتح العزيز هامش المجموع 1:361،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:19،المحلّى 1:67،ميزان الكبرى 1:119،التّفسير الكبير 11:153،تفسير القرطبي 6:98، [9]نيل الأوطار 1:175.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:14،مقدّمات ابن رشد 1:54،بداية المجتهد 1:17،بلغة السّالك 1:47،تفسير القرطبي 6:98، [10]المغني 1:156،المجموع 1:443،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149،فتح العزيز هامش المجموع 1:361،المحلّى 2:67،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:19،التّفسير الكبير 11:153، [11]نيل الأوطار 1:175،ميزان الكبرى 1:119.

و محمّد بن الحسن،و أبو يوسف،و المزنيّ،و داود (1).

لنا:قوله تعالى فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (2)و قد بيّنّا انّ الواو تقتضي التّرتيب،و لأنّه تعالى عقّب إرادة القيام بالغسل،فيجب تقدّمه على غيره،و كلّ من أوجب تقدّم الغسل أوجب التّرتيب، و لأنّه تعالى ذكر هذه الأعضاء مرتّبا فيجب غسلها مرتّبا،و لأنّه تعالى جعل غاية الغسل المنطوق المرافق،فيجب البدأة بالوجه.

أمّا المقدّمة الأولى فلأنّه قد اتّفق محقّقو الأدب على انّ العامل في المعطوف هو الفعل الظّاهر بتقوية حرف العطف،فلو قلنا بجعل«إلى»غاية في ذلك المقدّر،لزم اعتبار وجوده من حيث الغاية و اعتبار عدمه من حيث العطف،و في ذلك تناف.

و ما رواه الجمهور من صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3)،فإنّ كلّ من حكاه إنّما حكاه مرتّبا،و هو مفسّر لما في كتاب اللّه تعالى.و توضّأ مرتّبا و قال:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به) (4)أي:بمثله.و لأنّ الصّحابة رتّبوا،فإنّ عليّا عليه السّلام نقل عنه التّرتيب (5)و لم ينكر عليه،فكان إجماعا.

ص:105


1- 1المغني 1:156، [1]المجموع 1:443، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149، [3]تفسير القرطبي 6:98، [4]نيل الأوطار 1:175.
2- 2) المائدة:6. [5]
3- 3) صحيح البخاري 1:51،58،صحيح مسلم 1:205 حديث 226،و ص 210 حديث 235،و ص 216 حديث 246،سنن أبي داود 1:26 حديث 106،سنن التّرمذي 1:47 حديث 32،سنن ابن ماجه 1:149 حديث 434،سنن النّسائي 1:69،71،73،الموطّأ 1:18:حديث 1،مسند أحمد 1:59،110،125،و 4:38،41،و 5:368،سنن الدّارمي 1:180.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:145 حديث 419.
5- 5) سنن أبي داود 1:27 حديث 111-و ص 29 حديث 117،سنن التّرمذي 1:67 حديث 48. [6]

و روى أحمد،عن جرير[1]،عن قابوس[2]،عن أبيه انّ عليّا عليه السّلام سئل فقيل له:أحدنا يستعجل فيغسل شيئا قبل شيء؟قال:(لا حتّى يكون كما أمر اللّه تعالى) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،قال:حكى لنا أبو جعفر عليه السّلام وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فدعا بقدح من ماء،فأدخل يده اليمنى،فأخذ كفّا من ماء،فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه،ثمَّ مسح بيده الجانبين جميعا،ثمَّ أعاد اليسرى في الإناء،فأسدلها على اليمنى،ثمَّ مسح جوانبها،ثمَّ أعاد اليمنى في الإناء،ثمَّ صبّها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى،ثمَّ مسح ببقيّة ما بقي في يديه رأسه و رجليه و لم يعدها في الإناء (2).و حرف«ثمَّ»يقتضي التّرتيب.

و روى في الصّحيح،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«تابع بين الوضوء كما قال اللّه عزّ و جلّ،ابدأ بالوجه،ثمَّ باليدين ثمَّ امسح الرّأس و الرّجلين،و لا تقدّمنّ شيئا بين يدي شيء تخالف ما أمرت به،فإن غسلت الذّراع قبل الوجه فابدأ بالوجه و أعد على الذّراع،و إن مسحت الرّجل قبل الرّأس فامسح على الرأس قبل الرّجل،ثمَّ أعد على الرّجل،ابدأ بما بدأ اللّه عزّ و جلّ به» (3).

ص:106


1- 1المغني 1:157،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149.
2- 2) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:274 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 6 و [1]ص:275 حديث 10.
3- 3) الكافي 3:34 حديث 5، [2]الفقيه 1:28 حديث 89،التّهذيب 1:97 حديث 251،الاستبصار 1: 73 حديث 223،الوسائل 1:315 الباب 34 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]

و روى في الصّحيح،عن زرارة،قال:سئل أحدهما عليهما السّلام عن رجل بدأ بيده قبل وجهه و برجليه قبل يديه،قال:«يبدأ بما بدأ اللّه به و ليعد ما كان» (1).

و في الصّحيح:عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يتوضّأ فيبدأ بالشّمال قبل اليمين،قال:«يغسل اليمين و يعيد اليسار» (2).

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل توضّأ و نسي غسل يساره،فقال:«يغسل يساره وحدها و لا يعيد وضوء شيء غيرها» (3)فلو كان التّرتيب واجبا لما جاز الاقتصار على غسل اليسار خاصّة.

لأنّا نقول:الملازمة ممنوعة،و بيانه:انّ اليسار آخر الأعضاء فلا يجب غسل شيء غيرها،و لم يتعرّض الإمام عليه السّلام لعدم وجوب إعادة المسح،تعويلا على ما عرف منهم (4)عليهم السّلام،و يدلّ عليه:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا نسي الرّجل أن يغسل يمينه فغسل شماله و مسح رأسه و رجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه و شماله و مسح رأسه و رجليه و إن كان إنّما نسي شماله،فليغسل الشّمال و لا يعيد على ما كان توضّأ»و قال:«اتبع وضوءك بعضه بعضا» (5).

ص:107


1- 1التّهذيب 1:97 حديث 252،الاستبصار 1:73 حديث 224،الوسائل 1:317،الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:97 حديث 253،الاستبصار 1:73 حديث 225،الوسائل 1:317 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:98 حديث 257،الاستبصار 1:73 حديث 226،الوسائل 1:318 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 7. [3]
4- 4) «م»:عنهم.
5- 5) التّهذيب 1:99 حديث 259،الاستبصار 1:74 حديث 228،الوسائل 1:318 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 9. [4]

و أيضا:الوضوء عبادة يبطلها الحدث،فيجب فيها التّرتيب كالصّلاة (1).

و أيضا:فهي عبادة يرتبط بعضها ببعض،يفسد أوّلها بفساد آخرها،فيجب فيه التّرتيب كالصّلاة.

و أيضا:فهي عبادة ترجع إلى شطرها حال العذر،فيجب فيها التّرتيب كالصّلاة.

و أيضا:فهي عبادة تجمع أفعالا مختلفة الصّفة مرادة للصّلاة و متقدّمة عليها،فلا يعتدّ بها مع عدم التّرتيب كالأذان.

احتجّ:أبو حنيفة بأنّه تعالى أمر بالطّهارة،و عطف بالواو،و هي لا تقتضي التّرتيب (2)،فلو شرطناه كان نسخا،و بما روي،عن عليّ عليه السّلام انّه قال:(ما أبالي بأيّ أعضائي بدأت) (3).

و قال ابن مسعود:لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك في الوضوء (4).

و الجواب عن الأوّل،بالمنع من كون الواو لا تقتضي التّرتيب-و قد بيّنّاه (5)- سلّمنا،لكنّ النّسخ إنّما يلزم لو قلنا انّها تقتضي عدم التّرتيب،أمّا إذا قلنا انّها لا تقتضي التّرتيب لم يكن منافيا لوجوب التّرتيب بدليل آخر.قوله:الزّيادة على النّصّ نسخ،قلنا:ممنوع.

و عن الثّاني:انّه معارض بما روي،عن عليّ عليه السّلام من وجوب التّرتيب (6)،و حديث ابن مسعود قال علماء الجمهور:لا يعرف له أصل (7).

ص:108


1- 1«م»«ن»«ح»«د»:قياسا على الصّلاة.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:56،بدائع الصّنائع 1:22،الهداية للمرغيناني 1:13،شرح فتح القدير 1: 30،المجموع 1:444،التّفسير الكبير 11:155.
3- 3) سنن الدّار قطني 1:88 حديث 4،سنن البيهقي 1:87.
4- 4) المغني 1:156،سنن البيهقي 1:87،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149.
5- 5) تقدّم في ص 102.
6- 6) سنن أبي داود 1:27 حديث 111 و ص 29 حديث-117،سنن التّرمذي 1:67 حديث 48،سنن النّسائي 1:70،مسند أحمد 1:127،كنز العمّال 9:444 حديث 26891.
7- 7) المغني 1:157،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:149.

برهان آخر:لا شيء من الوضوء غير المرتّب بواجب،و كلّما يؤدّي به الواجب فهو واجب،فلا شيء من الوضوء غير المرتّب يؤدّي به الواجب،و الصّغرى مسلّمة،و بيان الكبرى انّه به يحصل مصلحة الواجب،و كلّما يحصل به مصلحة الواجب فهو واجب.

بيان الصّغرى:انّه لو لم يكن كذلك لكان حراما،قياسا على التّرك.

و أمّا الكبرى:فلأنّه لو لم يكن واجبا لزم التّرجيح من غير مرجّح،ضرورة استدعاء الحكم الحكمة الموجبة له،فلو اشتمل ما ليس بواجب عليها،كان اختصاص الواجب بالوجوب ترجيحا من غير مرجّح.

فروع:
الأوّل:يجب أن يبدأ بوجهه،ثمَّ بيده اليمنى،ثمَّ اليسرى،ثمَّ يمسح الرّأس

ثمَّ،يمسح الرّجلين.

و هل يجب تقديم اليمنى من الرّجلين في المسح أم يسقط التّرتيب؟ فيه قولان (1)،أشبههما السّقوط.أمّا وجوب تقديم الوجه فقد مضى (2).و أمّا التّرتيب في اليدين فهو قول علمائنا خاصّة،لأنّ الموجبين للتّرتيب أسقطوا التّرتيب بينهما، لأنّهما كالعضو الواحد فسقط فيه التّرتيب كالأصابع،و لقوله تعالى وَ أَيْدِيَكُمْ .

لنا:ما قدّمناه من الأحاديث الدّالّة على وجوب التّرتيب فيهما (3)،و قياسهم باطل حينئذ،و الآية لا تنافي الأدلّة.و أمّا الرّجلان فلم نجد حديثا يدلّ على التّرتيب فيهما، و حملهما على اليدين قياس.نعم،يستحبّ تقديم اليمنى على اليسرى لقوله عليه السّلام:

ص:109


1- 1قال بعض علمائنا بوجوب التّرتيب فيهما،كسلاّر في المراسم:38،و قال بعضهم بعدم وجوبه كالمحقّق في المعتبر 1:155.و [1]ادّعى المصنّف الشّهرة عليه في المختلف 1:25.
2- 2) تقدّم في ص 105.
3- 3) تقدّم في ص 105 و ما بعدها.

(إنّ اللّه يحبّ التّيامن) (1)و لأنّ القرآن قال وَ أَرْجُلَكُمْ و لم يرتّب،و الأصل عدمه.

الثّاني:لو نكس وضوءه صحّ غسل الوجه

إنّ استصحب ذكر النّيّة بالفعل عنده، و لا يكفيه الاستمرار حكما.نعم،لو نوى عند غسل الكفّين أو عند المضمضة،فالأقرب الاكتفاء باستصحاب الحكم.و لو نكس ثانيا مع بقاء النّدى،حصل له غسل الوجه و اليمنى.و لو نكس ثالثا معه،حصل باليسرى و هكذا إلى آخره ما دامت الرّطوبة موجودة.و لو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه.و لو كان في الماء الجاري و تواردت عليه جريات ثلاث،حصل بالأعضاء المغسولة.و لو نوى الطّهارة ثمَّ انغمس في ماء واقف دفعة،حصل بغسل الوجه.و لو أخرج أعضاءه مرتّبا،حصل بالأعضاء المغسولة و افتقر إلى المسح.و لو لم يرتّب في الإخراج،حصل بالوجه وقت النّزول و باليمنى وقت الإخراج.

الثّالث:يستحبّ البدأة بالاستنجاء قبل الوضوء

لا أنّه واجب،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أذينة قال:ذكر أبو مريم الأنصاريّ انّ الحكم بن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره متعمّدا،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«بئس ما صنع،عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوءه» (2).

الرّابع:لو وضّأه أربعة لعذر دفعة لم يجزئه

،لعدم التّرتيب.

الخامس:لو انغمس المحدث و لم يرتّب و نوى الطّهارة لم يجزئه

،لعدم التّرتيب، و هو أحد وجهي الشّافعيّ،و في الآخر:يجزئه،لأنّ الغسل يجزي عن الحدثين،و إن لم يرتّب فإجزاؤه عن الأصغر أولى (3).

ص:110


1- 1انظر مضمونه في:صحيح البخاري 1:53،صحيح مسلم 1:226 حديث 268،سنن ابن ماجه 1: 141 حديث 401-402.
2- 2) التّهذيب 1:48 حديث 137،الاستبصار 1:53 حديث 154،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 4. [1]
3- 3) الأم 1:29،المهذّب للشّيرازي 1:19،المجموع 1:447،مغني المحتاج 1:54،السّراج الوهّاج:17،فتح الوهّاب 1:13،فتح العزيز هامش المجموع 1:361.

و الجواب:الجنب المحدث يسقط فرض حدثه مع الجنابة،فيكون الحكم لها.

أصل:اعلم انّ النّاس اختلفوا في انّ الزّيادة على النّصّ هل هي نسخ أم لا

،مع اتّفاقهم على انّ زيادة عبادة أو صلاة على العبادات و الصّلوات لا تكون نسخا.قال الشّافعيّ:لا تكون نسخا (1).و قال أبو حنيفة:تكون نسخا (2).

و الحقّ عندي ما ذكره أبو الحسين[1]،قال:النّظر في هذه المسألة يتعلّق بأمور ثلاثة:

أحدها:انّ الزّيادة على النّصّ هل تقتضي زوال أمر أم لا؟و الحقّ أنّها تقتضيه، لأنّ إثبات كلّ شيء لا أقلّ من أن يقتضي زوال عدمه الّذي كان.

و ثانيها:انّ هذه الإزالة هل تسمّى نسخا؟و الحقّ انّ الّذي يزول بسبب هذه الزّيادة إن كان حكما شرعيّا و كانت الزّيادة متراخية عنه،سمّيت تلك الإزالة نسخا، و إن كان حكما عقليّا و هو البراءة الأصليّة،لم تسمّ تلك الإزالة نسخا.

و ثالثها:هل تجوز الزّيادة على النّصّ بخبر الواحد و القياس أم لا؟و الحق انّه إن كان الزّائد حكم العقل و هو البراءة الأصليّة،جاز ذلك،إلاّ أن يمنع مانع خارجيّ، كما إذا قيل:خبر الواحد لا يكون حجّة فيما يمعّ به البلوى،و القياس غير حجّة في الكفّارات و الحدود،إلاّ انّ هذه الموانع لا تعلّق لها بالنّسخ من حيث هو نسخ.و أمّا إن كان الحكم الزّائد شرعيّا فلينظر في دليل الزّيادة،فإن كان بحيث يجوز أن يكون ناسخا

ص:111


1- 1الأحكام في أصول الأحكام 3:154،المعتمد في أصول الفقه 1:405.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 3:363. [1]

لدليل الحكم الزائل،جاز إثبات الزّيادة و إلاّ فلا (1).

مسألة:قال علماؤنا:الموالاة شرط.

اشارة

و هو قول مالك (2)،و قتادة،و اللّيث بن سعد (3)،و أحمد (4)،و الأوزاعيّ (5)،و أحد قولي الشّافعي (6).و قال أبو حنيفة:لا يجب (7).و هو قول الشّافعيّ في الجديد (8)،و به قال ابن عمر،و سعيد بن المسيّب، و النّخعيّ،و الحسن البصريّ،و عطاء،و طاوس،و الثّوريّ،و أصحاب أبي حنيفة (9).

ص:112


1- 1المعتمد في أصول الفقه 2:410،الأحكام في أصول الأحكام 3:155.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:15،مقدّمات ابن رشد 1:54،بداية المجتهد 1:17،تفسير القرطبي 6:98، [1]الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:43،المغني 1:158،المجموع 1:455، [2]المحلّى 2:69،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:20،التّفسير الكبير 11:155، [3]نيل الأوطار 1:218،ميزان الكبرى 1:119.
3- 3) المجموع 1:454-455.
4- 4) المغني 1:158،الإنصاف 1:139، [4]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150،الكافي لابن قدامة 1: 39،منار السّبيل 1:25،المجموع 1:455،ميزان الكبرى 1:119،نيل الأوطار 1:218،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:20،فتح العزيز هامش المجموع 1:438.
5- 5) المغني 1:158،المجموع 1:455،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150،نيل الأوطار 1:218.
6- 6) الام 1:30،المهذّب للشّيرازي 1:19،المجموع 1:452،مغني المحتاج 1:61،المغني 1: 158،بدائع الصّنائع 1:22،المبسوط للسّرخسي 1:56،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150، السّراج الوهّاج:18،نيل الأوطار 1:218،فتح العزيز هامش المجموع 1:438.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:56،بدائع الصّنائع 1:22،المغني 1:158،ميزان الكبرى 1:119،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:20،المحلّى 2:69،التّفسير الكبير 11:155. [5]
8- 8) الام(مختصر المزنيّ)8:3،المهذّب للشّيرازي 1:19،المجموع 1:452،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150،بداية المجتهد 1:17،ميزان الكبرى 1:119،التّفسير الكبير 11:155، [6]المحلّى 2: 69،تفسير القرطبي 6:98، [7]فتح العزيز هامش المجموع 1:438،رحمة الأمّة هامش ميزان الكبرى 1:20.
9- 9) المجموع 1:454، [8]المحلّى 2:69، [9]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:150.

لنا:ما رواه الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يصلّي و في ظهر قدمه لمعة قدر الدّرهم لم يصبها الماء،فأمره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يعيد الوضوء و الصّلاة (1).و لو لا اشتراط الموالاة،لأجزأه غسل اللّمعة.

و أيضا:قال اللّه تعالى وَ أَيْدِيَكُمْ و الواو للجمع و المراد به التّتالي من غير تأخير،إذ هو القدر الممكن عادة في الجمع.

و أيضا:ما رووه من أنّه عليه السّلام و الى بين الأعضاء (2)،و كان بيانا للمجمل فيكون واجبا،و قال أيضا:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به) (3)فكان شرطا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:«إذا توضّأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتّى يبس وضوؤك فأعد وضوءك،فإنّ الوضوء لا يبعّض» (4)و في طريقها سماعة،و فيه قول (5).

و روى،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ربّما توضّأت و نفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت عليّ بالماء فيجفّ وضوئي؟فقال:

«أعد» (6).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:سئل أحدهما عن رجل بدأ بيده قبل

ص:113


1- 1سنن أبي داود 1:45 حديث 175.
2- 2) صحيح مسلم 1:204 حديث 226،سنن أبي داود 1:26 حديث 106،108،111،سنن النّسائي 1:69،مسند أحمد 1:59 و 4:41.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:145 حديث 419،كنز العمّال 9:454 حديث 26938،سنن البيهقي 1:80.
4- 4) التّهذيب 1:87 حديث 230 و ص 98 حديث 255،الاستبصار 1:72 حديث 220،الوسائل 1: 314،الباب 33 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
5- 5) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص:84.
6- 6) التّهذيب 1:87 حديث 231،الاستبصار 1:72 حديث 221،الوسائل 1:314 الباب 33 من أبواب الوضوء،حديث 3.و [2]فيها:فنفد الماء.

وجهه و برجليه قبل يديه؟قال:«يبدأ بما بدأ اللّه به و ليعد ما كان» (1)و لو لم تجب الموالاة،لما وجب إعادة الجميع بل ما عدا الوجه.

و روى،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن نسيت فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك،ثمَّ اغسل ذراعيك بعد الوجه» (2)و الإعادة تستلزم سبق الفعل أوّلا.

و روى محمّد بن يعقوب في كتابه،عن حكم بن حكيم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي من الوضوء الذّراع و الرّأس؟قال:«يعيد الوضوء،انّ الوضوء يتبع بعضه بعضا» (3)و في طريقه معلّى بن محمّد،و هو ضعيف (4).

و روى الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«اتبع وضوءك بعضه بعضا» (5)و الأمر للوجوب.و المتابعة،هي الموالاة لغة،و نصّا بما تقدّم في حديث حكم.

و روى ابن يعقوب في كتابه في الحسن،عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«تابع بالوضوء» (6)و لأنّ الوضوء عبادة يجب مثل شطرها (7)في حال العذر،

ص:114


1- 1التّهذيب 1:97 حديث 252،الاستبصار 1:73 حديث 224،الوسائل 1:317 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:99 حديث 258،الاستبصار 1:74 حديث 227،الوسائل 1:318 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 8. [2]
3- 3) الكافي 3:35 حديث 9، [3]الوسائل 1:315 الباب 33 من أبواب الوضوء،حديث 6. [4]
4- 4) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص:191.
5- 5) التّهذيب 1:99 حديث 259،الاستبصار 1:74 حديث 228،الوسائل 1:314 الباب 33 من أبواب الوضوء،حديث 1 و [5]باب 35 حديث 9.
6- 6) الكافي 3:34 حديث 5، [6]الوسائل 1:315 الباب 34 من أبواب الوضوء،حديث 1-و [7]فيهما:تابع بين الوضوء.
7- 7) «م»«د»:شرطها.

فيجب فيها الموالاة كالصّلاة.

و أيضا:فهي عبادة تراد للصّلاة متقدّمة عليها مؤلّفة من أشياء مختلفة،فيبطلها التّفريق كالأذان.

و يمكن أن يحتجّ هاهنا بما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:

(يمسح المسافر ثلاثة أيّام و لياليهنّ،و المقيم يوما و ليلة،ثمَّ ليحدث بعد ذلك وضوءا» (1).

فنقول:لو جاز التّفريق،لأمر من نزع خفّيه،بغسل رجليه و البناء على ما مضى، و لم يأمره بإعادة الجميع.

احتجّ:المخالفون بأنّه قد أتى بالمأمور به،و هو مطلق الغسل الخالي عن قيدي الموالاة و عدمها،فوجب الإجزاء،و لأنّ الآية مطلقة فزيادة الشّرط نسخ،و لأنّها إحدى الطّهارتين،فكيفما غسل جاز،سواء كان مع الموالاة أو لا معها كالغسل (2).

و الجواب عن الأوّل:انّ الآية دلّت على وجوب الغسل،و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّن كيفيّة ذلك المجمل،فإنّه لم يتوضّأ إلاّ مواليا،و أمر تارك الموالاة بإعادة الوضوء.

و عن الثّاني:انّا قد بيّنا انّ الزّيادة ليست نسخا مطلقا،على انّ هذا كيف يسمع من أبي حنيفة و مذهبه انّ الأمر يقتضي الفور (3)،فأيّ زيادة هاهنا حينئذ،و هل معنى قولنا تجب الموالاة إلاّ وجوب الفور.

و عن الثّالث:انّ الفرق واقع بين غسل الجنابة و الوضوء،لأنّ الغسل كالعضو الواحد.

ص:115


1- 1سنن ابن ماجه 1:184 حديث 556،سنن الدّار قطني 1:194 حديث 1،سنن البيهقي 1:281، كنز العمّال 9:406 حديث 26717 و ص 611 حديث 27639-بتفاوت في الجميع.
2- 2) المجموع 1:455،التّفسير الكبير 11:155، [1]المبسوط للسّرخسي 1:56،أحكام القرآن للجصّاص 3:363.
3- 3) انظر:أحكام القرآن للجصّاص 3:364. [2]

برهان آخر:شيء من الوضوء واجب،و لا شيء من غير الموالي بواجب،فتعيّن وجوب الموالي.

فروع:
الأوّل:الموالاة هي المتابعة،

و هو اختيار الشّيخ في الخلاف و المبسوط (1)،و علم الهدى في المصباح (2).و قال في الجمل (3)،و علم الهدى في شرح الرّسالة:هي أن لا يؤخّر بعض الأعضاء عن بعض بمقدار ما يجفّ ما تقدّمه (4).

لنا:انّ الأمر في الآية يقتضي الفور إجماعا،و لما رواه الحلبيّ في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اتبع وضوءك بعضه بعضا»و قد تقدّم.

احتجّ الشّيخ برواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد تقدّمت،علّق فيها إعادة الوضوء باليبس،و ذلك يدلّ على العدم عند العدم.و برواية معاوية بن عمّار أيضا.

و الجواب عنها مع سلامة السّند:انّ وجوب الإعادة مشروط باليبس و ذلك غير ما نحن فيه.

الثّاني:لو أخلّ بالمتابعة اختيارا فعل محرّما،

و هل يبطل وضوؤه أم لا؟الوجه اشتراط البطلان بالجفاف،لأنّه مع الإخلال بها يحصل الامتثال بالغسل و المسح، فيجب الإجزاء إلاّ مع الجفاف،فيعيد،للرّوايتين المتقدّمتين.

الثّالث:لو فرّق لعذر لم تجب الإعادة إلاّ أن يجفّ جميع الأعضاء المتقدّمة

من ماء

ص:116


1- 1الخلاف 1:17 مسألة-41،المبسوط 1:23.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:157. [1]
3- 3) الجمل و العقود:40.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:157. [2]

الأعضاء في الهواء المعتدل.

و قال علم الهدى:إلاّ أن يجفّ العضو السّابق على المفرق (1).

لنا:حصول الإجماع على انّ النّاسي للمسح يأخذ من شعر لحيته إذا لم يبق في يديه نداوة،و ذلك يدلّ على ما قلناه.

الرّابع:لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء دون استئناف ماء

جديد

للمسح،لحصول الضّرورة المبيحة للتّرخّص.

الخامس:لو جفّت الأعضاء بواجب في الطّهارة أو مسنون،فإن كان فعل ذلك

الواجب أن المسنون يحصل بدونه،كان تفريقا

،و إلاّ فهو في محلّ التّردّد.أمّا لو كان لوسوسة فالوجه انّه تفريق،لأنّه حينئذ قد اشتغل بما ليس بواجب و لا مسنون.

مسألة:و الفرض في غسل أعضاء الوضوء مرّة مرّة.

اشارة

و هو مذهب علماء الأمصار، إلاّ ما نقل عن الأوزاعي،و سعيد بن عبد العزيز[1]فإنّهما قالا:ثلاثا ثلاثا إلاّ الرّجلين (2).

و الثّانية،سنّة في قول أكثر أهل العلم (3)،خلافا لمالك فإنّه لم يستحبّ ما زاد على الفرض (4)،و لابن بابويه فإنّه قال:من توضّأ اثنتين لم يؤجر (5).

ص:117


1- 1النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):185.
2- 2) المغني 1:159،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:176.
3- 3) المغني 1:159،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:175،سنن التّرمذي 1:64.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:2،مقدّمات ابن رشد 1:56،أحكام القرآن لابن العربي 2:582،المغني 1: 159،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:175.
5- 5) الفقيه 1:29،المقنع:4،الهداية:16.

أمّا الثّالثة،فقال الشّيخ:انّها بدعة (1)،و كذا قال ابن بابويه (2).و قال المفيد:

الثّالثة كلفة (3)،و لم يصرّح بلفظ البدعة.و قال الشّافعيّ (4)و أبو حنيفة (5)و أحمد:

الثّالثة سنّة (6).فإذن اتّفق علماؤنا على انّ الثّالثة ليست مستحبّة.

لنا:ما رواه البخاري،عن ابن عبّاس،قال:توضّأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّة مرّة (7).

و روى أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله توضّأ مرّتين مرّتين (8).فنقول:

الرّواية الأولى تدلّ على قدر الواجب،و الثّانية تدلّ على استحباب التّكرار.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه توضأ مرّة مرّة (9).

و ما رواه في الحسن،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«انّ اللّه وتر

ص:118


1- 1المبسوط 1:23،النّهاية:14،الخلاف 1:15 مسألة-38.
2- 2) الفقيه 1:29،المقنع:4،الهداية:16. [1]
3- 3) المقنعة:5.
4- 4) الام 1:32،المهذّب للشّيرازي 1:18،المجموع 1:431،التّفسير الكبير 11:157،مغني المحتاج 1:59،السّراج الوهّاج:18،فتح الوهّاب 1:14،فتح الباري 1:209.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:9،بدائع الصّنائع 1:22،الهداية للمرغيناني 1:13،شرح فتح القدير 1: 27.
6- 6) المغني 1:159،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:175،الكافي لابن قدامة 1:39،الإنصاف 1: 137، [2]منار السّبيل 1:29.
7- 7) صحيح البخاري 1:51.
8- 8) سنن التّرمذي 1:62 حديث 43،سنن أبي داود 1:34 حديث 136، [3]سنن الدّار قطني 1:93 حديث 9،نيل الأوطار 1:214 حديث 2،كنز العمّال 9:450 حديث 26920،جامع الأصول 8:90 حديث 5161.
9- 9) التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171،الوسائل 1:275 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 10. [4]

يحبّ الوتر،فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات،واحدة للوجه و اثنتان للذّراعين، و تمسح ببلّة يمناك ناصيتك،و ما بقي من بلّة يمناك ظهر قدمك اليمنى،و تمسح ببلّة يسراك ظهر قدمك اليسرى» (1).

و روى،عن يونس بن عمّار[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوضوء للصّلاة؟فقال:«مرّة مرّة» (2).

و عن عبد الكريم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوضوء؟فقال:«ما كان وضوء عليّ عليه السّلام إلاّ مرّة مرّة» (3)و في طريقهما سهل بن زياد،و هو ضعيف،إلاّ أنّهما تأيّدا بما تقدّم.

و يدلّ على استحباب الثّانية رواية أبي هريرة،و قد تقدّمت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الوضوء؟فقال:«مثنى مثنى» (4).

و روى في الصّحيح،عن صفوان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الوضوء

ص:119


1- 1التّهذيب 1:360 حديث 1083،الوسائل 1:306 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:80 حديث 206،الاستبصار 1:69 حديث 211،الوسائل 1:307 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:80 حديث 207،الوسائل 1:307 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 7. [3]
4- 4) التّهذيب 1:80 حديث 208،الاستبصار 1:70 حديث 213،الوسائل 1:310 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 28. [4]

مثنى مثنى» (1)و المراد هاهنا الاستحباب لا الوجوب،لما تقدّم من الاجتزاء بالواحدة.

و يدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة و بكير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قلنا:أصلحك اللّه،فالغرفة الواحدة تجزي للوجه و غرفة للذّراع؟فقال:

«نعم،إذا بالغت فيها و الثّنتان تأتيان على ذلك كلّه» (2)و لأنّ الأولى قد يحصل فيها نوع خلل،فالثّانية احتياط و استطهار.

و احتج ابن بابويه (3)بما رواه ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الوضوء واحدة فرض،و اثنتان لا يؤجر عليه،و الثّالثة بدعة» (4).

و الجواب:انّ الرّاوي،عن محمّد بن أبي عمير،هو محمّد بن بشير،و النّجاشي و إن قال:انّه ثقة،إلاّ انّ الشّيخ قال:محمّد بن بشير غال ملعون[1].فروايته إذن ساقطة.

على انّه يحتمل أن يكون المراد من اعتقد وجوبها،لما رواه،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من لم يستيقن انّ واحدة من الوضوء تجزيه،لم يؤجر على الثّنتين» (5).

ص:120


1- 1التّهذيب 1:80 حديث 209،الاستبصار 1:70 حديث 214،الوسائل 1:310 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 29. [1]
2- 2) التّهذيب 1:81 حديث 211،الاستبصار 1:71 حديث 216،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
3- 3) المقنع:4.
4- 4) التّهذيب 1:81 حديث 212،الاستبصار 1:71 حديث 217،الوسائل 1:307 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]
5- 5) التّهذيب 1:81 حديث 213،الاستبصار 1:71 حديث 218،الوسائل 1:307 الباب 31 من أبواب الوضوء،حديث 4. [4]

و أمّا كون الثّالثة بدعة فلأنّها غير مشروعة،فكان اعتقاد شرعيّتها إدخالا لما ليس من الدّين فيه،و ذلك هو معنى البدعة.و لأنّ القول بالثّالثة مع القول بالمسح على الرّجلين ممّا لا يجتمعان،و الثّاني ثابت لما بيّناه (1)،فينتفي الأوّل،و بيان عدم الاجتماع الإجماع.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن داود بن زربي (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوضوء؟فقال لي:«توضّأ ثلاثا ثلاثا» (3)ذلك يدلّ على استحباب الثّالثة،إذ الوجوب منتف اتّفاقا إلاّ من شذّ.

لأنّا نقول:انّه عليه السّلام إنّما أمره بذلك إذا كان في حال تقيّة (4)،و يدلّ عليه تتمّة الحديث،و هو انّه قال:قال لي:«أ ليس تشهد بغداد و عساكرهم؟»قلت:بلى قال:«كنت (5)يوما أتوضّأ في دار المهديّ (6)فرآني بعضهم و أنا لا أعلم به فقال:

كذب من زعم أنّك فلانيّ و أنت تتوضّأ هذا الوضوء»قال:فقلت:«لهذا و اللّه أمرني».

احتجّ المخالفون (7)بما رواه ابن عمر،قال:توضّأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:121


1- 1تقدّم بيانه في ص:60.
2- 2) داود بن زربيّ،أبو سليمان الخندقيّ البندار الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصّادق و الكاظم(ع).له كتاب. رجال النّجاشيّ:160،رجال الطّوسيّ:190،349.
3- 3) التّهذيب 1:82 حديث 214،الاستبصار 1:71 حديث 219،الوسائل 1:311 الباب 32 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
4- 4) «ح»:التّقيّة.
5- 5) «ح»فكنت.
6- 6) أبو عبد اللّه محمّد بن أبي جعفر المنصور-و اسم أبي جعفر:عبد اللّه-بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس،ثالث خلفاء بني العبّاس،تولاّها بعد المنصور و كانت خلافته عشر سنين و شهرا.مات سنة 169 ه.شذرات الذّهب 1:266، [2]العبر 1:196. [3]
7- 7) المغني 1:160،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:175،المبسوط للسّرخسي 1:9.

مرّة،و قال:(هذا وضوء لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ به)،ثمَّ توضّأ مرّتين،و قال:(هذا وضوء من ضاعف اللّه له الأجر)ثمَّ توضّأ ثلاثة فقال:(هذا وضوئي و وضوء الأنبياء قبلي و وضوء خليلي إبراهيم عليه السّلام) (1).

و الجواب:انّ هذا الحديث مدنيّ،و قد ردّه مالك (2)،و ذلك يدلّ على ضعفه.

و أيضا:لا يلزم من استحبابه في حقّه استحبابه في حقّ أمّته،لاحتمال أن يكون من خصائصه و بالخصوص حيث خصّص،و لا يلزم ذلك في المرّة الثّانية،لأنّه عليه السّلام أخبر أنّه وضوء من ضاعف اللّه له الأجر.

فروع:
الأوّل:لو غسل بعض أعضائه مرّة و بعضها مرّتين جاز

،لأنّه لمّا جاز في الكلّ، جاز في كلّ واحد.

الثّاني:اتّفق أهل الإسلام على عدم استحباب ما زاد على الثّلاث،

و أمّا تحريمه فهو الوجه،أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند الجمهور (3).فلما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه جاء أعرابيّ فسأله عن الوضوء؟فأراه ثلاثا،ثلاثا ثمَّ قال:(هذا الوضوء،فمن زاد على هذا فقد ظلم) (4).

الثّالث:لو زاد على الواحدة معتقدا وجوبها لم يثب،

لأنّ استحقاق الثّواب

ص:122


1- 1سنن ابن ماجه 1:145 حديث 419،سنن الدّار قطني 1:80 حديث 4،كنز العمّال 9:454 حديث 26938. بتفاوت يسير.
2- 2) مقدّمات ابن رشد 1:46،أحكام القرآن لابن العربي 2:583.
3- 3) المغني 1:161،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:176،المهذّب للشّيرازي 1:18،المجموع 1: 438،مغني المحتاج 1:59،نيل الأوطار 1:215.
4- 4) سنن أبي داود 1:33 حديث 135،سنن ابن ماجه 1:146 حديث 422،سنن النّسائي 1:88، مسند أحمد 2:180، [1]كنز العمّال 9:455 حديث 26941،جامع الأصول 8:81 حديث 5144.

منوط بإيقاع العبادة على الوجه المطلوب شرعا و لم يحصل،و لا يبطل وضوؤه لأنّه أتى بالمأمور به،و الزّيادة غير منافية،و لا يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء،و يجوز المسح به، و فيه احتمال.

الرّابع:لو غسل يده ثلاثا،قيل:تبطل الطّهارة،

لأنّه مسح بغير ماء الوضوء (1).

و قيل:لا تبطل،لأنّه لا ينفك من ماء الوضوء الأصليّ (2).و الأقرب الأوّل.

مسألة:لا تكرار في المسح.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و قول أبي حنيفة (3)، و مالك (4)،و أحمد (5)،و الثّوريّ،و هو مرويّ عن ابن عمر،و الحسن،و النّخعيّ، و مجاهد،و طلحة بن مصرف،و الحكم (6).و قال الشّافعيّ:يستحبّ أن يمسح برأسه ثلاثا (7).و به قال عطاء (8).و قال ابن سيرين:يمسح مرّتين فريضة،و مرّة سنّة (9).

ص:123


1- 1الكافي في الفقه:133.
2- 2) المعتبر 1:160. [1]
3- 3) بدائع الصّنائع 1:22،الهداية للمرغيناني 1:13،شرح فتح القدير 1:30،المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،المجموع 1:432،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:19،فتح العزيز هامش المجموع 1:408.
4- 4) بداية المجتهد 1:13،المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،المجموع 1:432، رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:19،فتح العزيز هامش المجموع 1:408.
5- 5) المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،الكافي لابن قدامة 1:36،الإنصاف 1: 163، [2]سنن التّرمذي 1:50، [3]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:19،فتح العزيز هامش المجموع 1:408.
6- 6) المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،المجموع 1:432. [4]
7- 7) الام 1:32،الام(مختصر المزني)8:2،المجموع 1:432، [5]مغني المحتاج 1:59،السّراج الوهّاج: 18،فتح الوهّاب 1:14،ميزان الكبرى 1:118،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:19،فتح العزيز هامش المجموع 1:405، [6]بداية المجتهد 1:13،المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،المحلّى 2:73،نيل الأوطار 1:197.
8- 8) المجموع 1:432،المحلّى 2:73،تفسير القرطبيّ 6:89، [7]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171، نيل الأوطار 1:197.
9- 9) المجموع 1:432، [8]المحلّى 2:73،تفسير القرطبي 6:89. [9]

لنا:انّ الامتثال يقع بواحدة،و الزّيادة تكلّف لم يثبت لها دليل.

و ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن زيد انّه وصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:و مسح برأسه مرّة واحدة (1).

و رووه،عن عليّ عليه السّلام،و قال:(هذا وضوء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،من أحبّ أن ينظر إلى طهور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلينظر إلى هذا) (2).قال التّرمذيّ:هذا حديث حسن صحيح (3).

و كذا وصف عبد اللّه بن أبي أوفى (4)،و ابن عبّاس (5)،و سلمة بن الأكوع[1] (6)و الرّبيع،كلّهم قالوا:مسح مرّة واحدة (7)،و ذلك إخبار عن دوامه

ص:124


1- 1صحيح البخاري 1:60،صحيح مسلم 1:210 حديث 235،المغني 1:144.
2- 2) سنن أبي داود 1:27 حديث 111، [1]سنن التّرمذي 1:67 حديث 48-49،مسند أحمد 1:122، [2]المغني 1:144،الشرح الكبير بهامش المغني 1:172 في الجميع-بتفاوت لفظي يسير.
3- 3) سنن التّرمذي 1:69. [3]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:144 حديث 416،المغني 1:145،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:172، المجموع 1:433، [4]نيل الأوطار 1:196.
5- 5) سنن التّرمذي 1:68 حديث 48،سنن أبي داود 1:32 حديث 1303،سنن النسائي 1:73،كنز العمّال 9:454 حديث 26935،المغني 1:145،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:172،المجموع 1:433، [5]نيل الأوطار 1:198 حديث 2.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:150 حديث 437،المغني 1:145،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:172، المجموع 1:433، [6]نيل الأوطار 1:196.
7- 7) سنن التّرمذي 1:68 حديث 48، [7]سنن أبي داود 1:32 حديث 129، [8]المغني 1:145،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:172،المجموع 1:433. [9]

و لا يداوم إلاّ على الأفضل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في مسح القدمين و مسح الرّأس قال:«مسح الرّأس واحدة من مقدّم الرّأس و مؤخّره، و مسح القدمين ظاهرهما و باطنهما» (1)أي:مقبلا و مدبرا،و لأنّ أبا جعفر عليه السّلام وصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لم يذكر التّكرار (2)،و لأنّه مسح في طهارة فلم يسنّ فيه التّكرار كالتّيمّم و الجبيرة.

احتجّوا (3)بما رواه شقيق بن سلمة[1]،قال:رأيت عثمان بن عفّان غسل ذراعيه ثلاثا،و مسح برأسه ثلاثا،ثمَّ قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل مثل هذا (4).

ص:125


1- 1التّهذيب 1:82 حديث 215،الاستبصار 1:61 حديث 181،الوسائل 1:292 الباب 23 من أبواب الوضوء،حديث 7. [1]
2- 2) الكافي 3:24 حديث 1،2،3،و 25 [2] حديث 4،5،الفقيه 1:24 حديث 74،التّهذيب 1:55 حديث 157،و ص 56 حديث 158،و ص 75 حديث 190،و ص 76 حديث 191،الاستبصار 1: 57 حديث 168،و ص 58 حديث 171،الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 2، 3،و [3]ص 273 حديث 4،و ص 274 حديث 6،7،و ص 275 حديث 9،10،11.
3- 3) المغني 1:144،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:171،بداية المجتهد 1:13،المجموع 1:433، فتح العزيز هامش المجموع 1:411،نيل الأوطار 1:197.
4- 4) سنن أبي داود 1:27 حديث 110،سنن ابن ماجه 1:144 حديث 413،سنن الدّار قطني 1:86 حديث 13،كنز العمّال 9:439 حديث 26875،جامع الأصول 8:77.

و روى عليّ عليه السّلام (1)،و عثمان (2)،و ابن عمر (3)،و أبو هريرة (4)، و عبد اللّه بن أبي أوفى (5)،و أبو مالك[1] (6)،و الرّبيع (7)،و أبيّ بن كعب[2]انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضّأ ثلاثا (8)ثلاثا،و لأنّ الرّأس أصل في الطّهارة فيسنّ فيه

ص:126


1- 1سنن أبي داود 1:28 حديث 116،سنن التّرمذي 1:63 حديث 44،سنن ابن ماجه 1:144 حديث 413،مسند أحمد 1:110،122،125، [1]سنن الدّار قطني 1:91 حديث 1،و 92 حديث 6،كنز العمّال 9:444 حديث 26893.
2- 2) صحيح البخاري 1:51،صحيح مسلم 1:204 حديث 226،و 207 حديث 230،سنن أبي داود 1:26 حديث 106-108،سنن التّرمذي 1:64، [2]سنن ابن ماجه 1:144 حديث 413،سنن النّسائي 1:64،سنن الدّار قطني 1:91 حديث 3،4،5،سنن الدّارمي 1:176، [3]مسند أحمد 1: 58، [4]نيل الأوطار 1:215 حديث 3،كنز العمّال 9:440 حديث 26878.
3- 3) سنن التّرمذي 1:64، [5]سنن ابن ماجه 1:144 حديث 414،سنن النّسائي 1:62،سنن الدّار قطني 1:79 حديث 1-4،كنز العمّال 9:454 حديث 26938،26941،جامع الأصول 8:91 حديث 5164.
4- 4) سنن التّرمذي 1:63،سنن ابن ماجه 1:144 حديث 415،نيل الأوطار 1:215،مسند أحمد 2: 348، [6]جامع الأصول 8:90 حديث 5161.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:144 حديث 416.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:144 حديث 417.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:145 حديث 418،سنن التّرمذي 1:64، [7]سنن الدّار قطني 1:96 حديث 5، سنن الدّارمي 1:175، [8]نيل الأوطار 1:215،كنز العمّال 9:432 حديث 26837،26838، جامع الأصول 8:84 حديث 5146.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:145 حديث 420،سنن التّرمذي 1:64، [9]نيل الأوطار 1:215،سنن الدّار قطني 1:81 حديث 6،كنز العمّال 9:457 حديث 26957.

التّكرار كالوجه.

و الجواب عن الأوّل:انّ أصحاب الحديث قالوا:أحاديث عثمان الصّحيحة كلّها تدلّ على انّ مسح الرّأس مرّة،فإنّهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا و قالوا فيها:و مسح رأسه و لم يذكروا عددا،و ما ذكروه من الأحاديث،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه توضّأ ثلاثا ثلاثا،أرادوا بها ما عدا المسح،فإنّ رواتها لمّا فصّلوا قالوا:و مسح برأسه مرّة واحدة (1)،و التّفصيل يحمل عليه الإجمال،و يكون تفسيرا لا معارضا،و قياسهم منقوض بالتّيمّم.

مسألة:كلّ ما يمنع من وصول الماء إلى البشرة وجب تحريكه

ليصل،فإن لم يكف فيه وجب نزعه،لأنّ الغسل تعلّق بموضع الفرض لا بالحائل فمتى لم يمكن إلاّ بالتّحريك أو الإزالة وجب.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل عليه الخاتم الضيّق لا يدري هل يجري الماء تحته أم لا كيف يصنع؟قال:«إن علم انّ الماء لا يدخله فليخرجه إذا توضّأ» (2).

و روى في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام، قال:سألته عن المرأة عليها السّوار و الدّملج[1]في بعض ذراعها لا تدري هل يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع إذا توضّأت أو اغتسلت؟قال:«تحرّكه حتّى يدخل الماء تحته أو ننزعه» (3)و يستحبّ مع عدم المنع التّحرّك،طلبا للاستظهار.

ص:127


1- 1سنن أبي داود 1:27،عمدة القارئ 3:9،نيل الأوطار 1:199،المغني 1:145،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:172.
2- 2) التّهذيب 1:85 حديث 221،الوسائل 1:329 الباب 41 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:85 حديث 222،الوسائل 1:329 الباب 41 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]

مسألة:و الجبائر تنزع مع المكنة،

اشارة

و إلاّ مسح عليها و أجزأ عن الغسل،و كذا العصائب الّتي يعصب بها الجرح و الكسر.و هو مذهب علمائنا أجمع.و ممّن رأى المسح على العصائب:ابن عمر،و عبيد بن عمير[1]،و عطاء (1).و أجاز المسح على الجبائر الحسن،و النّخعي (2)،و مالك (3)،و إسحاق (4)،و المزني (5)،و أبو ثور (6)،و أبو حنيفة (7).و قال الشّافعيّ في أحد قوليه:يعيد كلّ صلاة صلاّها (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:(انكسرت إحدى يديّ فأمرني النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن أمسح على الجبائر) (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج[2]،

ص:128


1- 1المغني 1:313.
2- 2) المغني 1:313،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:182،المدوّنة الكبرى 1:23.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:23،بلغة السّالك 1:76،المغني 1:313،المجموع 2:325،المحلّى 2:77، ميزان الكبرى 1:125،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:24.
4- 4) المغني 1:313،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:182.
5- 5) الام(مختصر المزني)8:7،المغني 1:313.
6- 6) المغني 1:313.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:73،بدائع الصّنائع 1:13،شرح فتح القدير 1:140،المجموع 2:325، [1]ميزان الكبرى 1:125،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:24،المغني 1:313،المحلّى 2:77. [2]
8- 8) الام 1:43،الام(مختصر المزنيّ)8:7،المهذّب للشّيرازي 1:37،المجموع 2:329، [3]مغني المحتاج 1:107،السّراج الوهّاج:30،فتح الوهّاب 1:26،المغني 1:313.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:215 حديث 657،سنن البيهقي 1:228،كنز العمّال 9:622 حديث 27697 و في الجميع:زنديّ-بدل-:يديّ.

قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الكسير يكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء و عند غسل الجنابة و غسل الجمعة؟فقال:«يغسل ما وصل إليه الغسل ممّا ظهر ممّا ليس عليه الجبائر،و يدع ما سوى ذلك ممّا لا يستطيع غسله،و لا ينزع الجبائر،و يعبث بجراحته» (1).

و روى في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن الرّجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك في موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة و يتوضّأ و يمسح عليها إذا توضّأ؟فقال:«إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة،و إن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثمَّ ليغسلها»قال:و سألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله؟قال:

«اغسل ما حوله» (2).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سألته عن الجنب به الجرح فيتخوّف الماء إن أصابه؟قال:«فلا يغسله إن خشي على نفسه» (3).

و روى في الصّحيح،عن الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الدّواء إذا كان على يدي الرّجل أ يجزيه أن يمسح على طلي الدّواء؟فقال:

«نعم،يجزيه أن يمسح عليه» (4)و لأنّ تكليف النّزع و إصابة الموضع بالماء مع الضّرر حرج،فيكون منفيّا.و قول الشّافعيّ باطل،لما بيّنّاه.و لأنّه مسح على حائل أبيح له

ص:129


1- 1التّهذيب 1:362 حديث 1094،الاستبصار 1:77 حديث 238،الوسائل 1:326 الباب 39 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:362 حديث 1095،الاستبصار 1:77 حديث 239،الوسائل 1:326 الباب 39 من أبواب الوضوء،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:363 حديث 1099،الوسائل 1:525 الباب 42 من أبواب الجنابة،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 1:364 حديث 1105،الاستبصار 1:76 حديث 235،الوسائل 1:327 الباب 39 من أبواب الوضوء،حديث 9. [4]

المسح عليه فلم يجب معه الإعادة،كالمسح على الخفّ عنده (1).و لأنّها صلاة مأمور بها فيجب الإجزاء.

فروع:
الأوّل:لو كانت الجبيرة مستوعبة لمحلّ الفرض،مسح عليها

أجمع،و لو خرجت عنه مسح ما حاذى محلّ الفرض.

الثّاني:الجبيرة إنّما توضع على طرفي الصّحيح

ليرجع الكسر،فلو تجاوز الكسر بما لا بدّ منه،جاز المسح،أمّا لو تجاوز بما منه بدّ،فالوجه عدم الجواز،لأنّه إذا شدّها على مكان يستغني عن شدّها عليه،كان تاركا لغسل ما يمكن غسله،فلم يجز،كما لو شدّها على الصّحيح.

الثّالث:لا توقيت في المسح على الجبيرة.

و هو قول أهل العلم،لأنّ مسحها للضّرورة فيتقدّر بقدرها،و الضّرورة تدعو إلى مسحها إلى حلّها،فيتقدّر بذلك دون غيره.

الرّابع:لا فرق في المسح عليها بين الطّهارة الكبرى و الصّغرى.

و هو قول أهل العلم،لأنّ الضّرر يلحق بنزعها فيهما.

الخامس:لا فرق بين أن يشدّها على طهارة أو على غير طهارة،

عملا بالعموم المستفاد من ترك الاستفصال في المقال عند السّؤال،و لأنّه ممّا لا ينضبط و فيه مشقّة عظيمة،و هذا قول لبعض الجمهور (2).و قال آخرون منهم:يشترط الطّهارة لأنّه حائل

ص:130


1- 1الام 1:44،الام(مختصر المزنيّ)8:7،المهذّب للشّيرازي 1:37،المجموع 2:328،مغني المحتاج 1:107.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:14،المغني 1:314،الكافي لابن قدامة 1:51،الإنصاف 1:173،المجموع 2:326،فتح العزيز بهامش المجموع 2:293،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السالك 1:76،الهداية للمرغيناني 1:30،شرح فتح القدير 1:140.

يمسح عليه،فكان من شرط المسح عليه تقدّم الطّهارة،كسائر الممسوحات (1).و نحن نمنع من ثبوت الحكم في الأصل.

السّادس:لو أمكنه وضع موضع الجبائر في الماء حتّى يصل البشرة من غير ضرر

وجب،

لأنّ الغسل ممكن،فلا يجري المسح على الحائل.

السّابع:إذا اختصّت الجبائر بعضو،مسح عليه خاصّة و غسل الباقي

،لأنّ الضّرورة مختصّة بمعين فلا يقع التّرخّص في غيره.و لو كان على الجميع جبائر أو دواء يتضرّر بإزالته،جاز المسح على الجميع.و لو استضرّ بالمسح تيمّم.

و في رواية عمر بن يزيد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يخضب رأسه بالحنّاء ثمَّ يبدو له في الوضوء؟قال:«يمسح فوق الحنّاء» (2)و الرّواية صحيحة رواها الشّيخ رحمه اللّه و هي محمولة على الضّرر بإزالة الحنّاء.و كذا في رواية محمّد بن مسلم عنه عليه السّلام (3)،و هي صحيحة أيضا،و التّأويل ما قلناه.

الثّامن:قال بعض الأصحاب بإعادة الوضوء مع زوال الحائل

(4)

،لأنّ التّرخّص منوط بالضّرورة،و قد زالت.و يشكل ذلك بأنّ حدثه قد ارتفع،فلا يجب الوضوء.

و لمنازع أن ينازع في الصّغرى،فحينئذ ليس له أن ينوي رفع الحدث كالمستحاضة.أمّا الصّلاة الّتي صلاّها،فلا يعيدها إجماعا منّا.و هو مذهب بعض الجمهور (5)،خلافا

ص:131


1- 1المغني 1:314،الإنصاف 1:173،الكافي لابن قدامة 1:50،المجموع 2:326،فتح العزيز بهامش المجموع 2:293.
2- 2) التّهذيب 1:359 حديث 1079،الاستبصار 1:75 حديث 232،الوسائل 1:321 الباب 37 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 1:359 حديث 1081،الاستبصار 1:75 حديث 233،الوسائل 1:321 الباب 37 من أبواب الوضوء،حديث 4. [2]
4- 4) المبسوط 1:23.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:14،المجموع 2:329.

للشّافعيّ (1).

التّاسع:إذا غسل السّليم و مسح على موضع الجبيرة،كانت طهارته كاملة

بالنّسبة إليه،فلا يجوز له التّيمّم حينئذ،سواء تجاوز بها موضع الحاجة أو لا،لأنّه ممسوح في طهارة،فلا يجب التّيمّم كالخفّ عندهم (2).

العاشر:إذا تجاوز بالشّدّ عليها موضع الحاجة،و خاف من نزعها جاز له المسح،

عملا بالأصل النّافي للضّرر.و لا يجب معه التّيمّم،خلافا لبعض الجمهور (3)،لما قلناه.

مسألة:لا يجوز أن يوضّئه غيره.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و خالف فيه الفقهاء (4).

لنا:الأمر بالغسل لمريدي الصّلاة،و هو لا يتحقّق مع فعل الغير،و الأمر للوجوب.

و أيضا:قوله تعالى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى (5).

و أيضا:ما رواه الجمهور،عن غسل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مسحه بيده،رواه عثمان في وصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (6)و غيره (7)،فكان هو الواجب.

ص:132


1- 1الام 1:43،الام(مختصر المزنيّ)8:7،المهذّب للشّيرازي 1:37،المجموع 2:329،مغني المحتاج 1:107،بدائع الصّنائع 1:14،فتح الوهّاب 1:26،المغني 1:313.
2- 2) المغني 1:315،المهذّب للشّيرازي 1:37،المجموع 2:327،الإنصاف 1:187.
3- 3) المغني 1:314.
4- 4) المغني 1:161،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:176،المهذّب للشّيرازي 1:15،المجموع 1: 340، [1]نيل الأوطار 1:219،الإنصاف 1:165.
5- 5) النّجم:39. [2]
6- 6) صحيح البخاري 1:51،صحيح مسلم 1:204 حديث 226،سنن أبي داود 1:26 حديث 106- 108،سنن النّسائي 1:64،سنن الدّارمي 1:176،مسند أحمد 1:58،59،سنن الدّار قطني 1: 91 حديث 3،4،و ص 92 حديث 5،و ص 93 حديث 8،كنز العمّال 9:443 حديث 26890- بتفاوت في الجميع.
7- 7) صحيح البخاري 1:58،صحيح مسلم 1:210 حديث 235،سنن أبي داود 1:29 حديث 117-118،سنن ابن ماجه 1:149 حديث 434،سنن النّسائي 1:71،سنن الدّارمي 1:177،سنن الدّار قطني 1:82 حديث 13.

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و يجوز مع الضّرورة إجماعا،لأنّ في تكليفه بنفسه مشقّة،فيكون منفيّا.

مسألة:إذا توضّأ للنّافلة جاز أن يصلّي بها فريضة،

اشارة

و كذا يصلّي بوضوء واحد ما شاء من الصّلوات.و هو مذهب أهل العلم،خلافا للظّاهريّة[1] (2).و لو جدّد الطّهارة كان أفضل.

و يدلّ على الأوّل:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن بكير قال:قال:لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا استيقنت انّك قد توضّأت فإيّاك أن تحدث وضوءا أبدا حتّى تستيقن انّك قد أحدثت» (3)و هذا عام في ذلك الوضوء السّابق و في غيره.

لا يقال:المفهوم منه،انّ المتشكّك في وضوئه لا يعيده لا ما ذكرتم.و لأنّكم لا تقولون بما يدلّ عليه،لأنّه عليه السّلام حذّره عن الوضوء و أنتم تقولون باستحبابه،و ذلك تناف.

لأنّا نجيب عن الأوّل:انّه عام في ترك إعادة وضوئه و في تجديد وضوء آخر قبل الحدث،لأنّه نهاه عن التّجديد المؤبّد،و جعل الغاية فيه الأحداث،و الصّلاة الأولى

ص:133


1- 1الكافي 3:24 حديث 1،4، [1]التّهذيب 1:55 حديث 157،الاستبصار 1:58 حديث 171، الوسائل 1:272 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 2،و ص 274 حديث 6،و ص 275 حديث 10.
2- 2) المحلّى 1:233،المجموع 1:47.
3- 3) التّهذيب 1:102 حديث 268،الوسائل 1:332 الباب 44 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]

ليست بحدث،فجاز الدّخول به في الثّانية.

و عن الثّاني:انّ المراد منه النّهي عن التّجديد مع اعتقاد الوجوب،و نحن نقول بتحريمه لكونه بدعة.

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«و إذا قمت من الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال أخرى في الصّلاة أو في غيرها،فشككت في بعض ما سمّى اللّه ممّا أوجب اللّه عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه» (1)و ذلك يدلّ على جواز استعمال الوضوء في الصّلوات المتعدّدة،فإنّ قوله:و قد صرت في حال أخرى في الصّلاة أو في غيرها،أي:في غير الصّلاة الّتي قد وقع فيها الشّك،عامّ في كلّ ما غاير تلك الصّلاة.

لا يقال:يحتمل أن يعود الضّمير إلى الحال و هي تؤنّث تارة و تذكّر اخرى و حينئذ لا يدلّ على الاجتزاء بذلك الوضوء إلاّ في تلك الصّلاة،و لأنّ الحكم معلّق على الشّك و هو خلاف قولكم.

لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّ الصّلاة أقرب فالعود إليه أولى،فإنّ النّحويين اتّفقوا على انّ قولنا:ضرب زيد عمرا و أكرمته،يعود الضّمير فيه إلى عمرو لقربه،و لأنّ غير تلك الحال أيضا أعمّ من كونها في تلك الصّلاة أو غيرها.

لا يقال:تقييد المعطوف عليه يستلزم تقييد العطف،لوجوب الاشتراك.

لأنّا نقول:نمنع ذلك،و الاشتراك إنّما يجب في الحكم الثّابت لهما و هو الاجتزاء بذلك الوضوء،أمّا في التّقييد فلا.

و عن الثّاني:انّ الاجزاء إذا وجد مع الشّكّ فمع اليقين أولى.

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:134


1- 1التّهذيب 1:100 حديث 261،الوسائل 1:330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]

رجل شكّ في الوضوء بعد ما فرغ من الصّلاة؟قال:«يمضي على صلاته و لا يعيد» (1)و النّهي عن الإعادة عامّ في الصّلاة و الوضوء.

لا يقال:بل هو في الصّلاة أولى لوجهين:

أحدهما:قوله عليه السّلام«يمضي في صلاته»فتقدّم هذا يدلّ على صرف عدم الإعادة إليها.

الثّاني:انّا لو حملناه على الوضوء لزم التّخصيص،و هو خلاف الأصل.بيانه:

انّ (2)من تجدّد حدثه يعيد وضوءه.أمّا لو حملناه على الصّلاة اندفع هذا المحذور،فإنّ تلك الصّلاة السّابقة لا تعاد بوجه البتّة.

لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّ ما ذكر تموه دليل على صرفه إلى الوضوء،و إلاّ لزم التّكرار الخالي عن الفائدة،لأنّ معنى قوله:يمضي في صلاته،هو انّه لا يعيد.

و عن الثّاني:انّ التّخصيص ثابت في البابين،فإنّ من صلّى و ذكر فوات بعض الأركان في الصّلاة أو الوضوء أعاد.على ان التّخصيص إنّما يكون محذورا لو لم يدلّ دليل قاطع عليه،أمّا إذا دلّ و هو الإجماع على إعادة الوضوء للمحدث،فلا.على انّا نمنع أن يكون ذلك إعادة،بل هو تجديد واجب آخر،فإنّ الوضوء الأوّل زال بزوال شرطه و هو الاستمرار على عدم الحدث،و نحن لا نسلّم انّ ذلك يسمّى إعادة.

و أيضا:الصّلاة الفريضة و النّافلة معا مفتقرتان إلى رفع الحدث،فتحقّق شرط الصّلاة و ارتفع المانع و هو الحدث،فأبيح له ما زاد.

و أمّا استحباب التّجديد فهو متّفق عليه،إلاّ ما نقل عليّ بن سعيد[1]،عن أحمد

ص:135


1- 1التّهذيب 1:101 حديث 264،الوسائل 1:331 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 5. [1]
2- 2) «ح»«ق»«م»«ن»:أنّه.

انّه لا فضل فيه (1)،و هي عندهم شاذّة.

لنا:ما رواه الجمهور عن غطيف الهذليّ[1]،قال:رأيت يوما ابن عمر توضّأ عند كلّ صلاة،فقلت:أصلحك اللّه،أ فريضة أم سنّة الوضوء عند كلّ صلاة؟فقال:لا، لو توضّأت لصلاة الصّبح لصلّيت به الصّلوات كلّها ما لم أحدث،و لكن سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:(من توضّأ على طهر فله عشر حسنات)و إنّما رغبت في الحسنات (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن سماعة،قال:كنت عند أبي الحسن عليه السّلام فصلّى الظّهر و العصر بين يديّ و جلست عنده حتّى حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضّأ للصّلاة،ثمَّ قال لي:«توضّأ»فقلت:جعلت فداك،أنا على وضوء،قال:«و إن كنت على وضوء،انّ من توضّأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلاّ الكبائر،و من توضّأ للصّبح كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في ليلته،إلاّ الكبائر) (3)و في هذا دلالة من حيث المفهوم على جواز الجمع بالوضوء الواحد،لقوله:صلّى الظّهر و العصر،ثمَّ دعا بطشت للمغرب،و لقوله عليه السّلام:«و إن كنت على وضوء»حكم بثبوت الوضوء حينئذ،و لأنّه لو كان التّجديد واجبا لبيّنه.

و روى أيضا في كتابه،عن سعدان[2]،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه

ص:136


1- 1المغني 1:164،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:178.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:170 حديث 512،سنن أبي داود 1:16 حديث 62-بتفاوت فيه.
3- 3) الكافي 3:72 حديث 9، [1]الوسائل 1:263 الباب 8 من أبواب الوضوء،حديث 2. [2]

عليه السّلام،قال:«الطّهر على الطّهر عشر حسنات» (1).

مسألة:من دام به السّلس يتطهّر لكلّ صلاة

،قال في الخلاف:المستحاضة و من به السّلس يجب عليه تجديد الوضوء عند كلّ صلاة فريضة،و لا يجوز أن يجمعا بين صلاتي فرض (2).و قال في المبسوط:من به السّلس يجوز أن يصلّي بوضوء واحد صلوات كثيرة (3).

و الحقّ عندي انّه يجمع بين الظّهر و العصر بوضوء واحد،و بين المغرب و العشاء بوضوء،و يفرد الصّبح بوضوء،و إذا صلّى غير هذه وجب تجديد الطّهارة لكلّ صلاة.

لنا:ما رواه أبو جعفر بن بابويه في الصّحيح،عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه قال:«إذا كان الرّجل يقطر منه البول و الدّم إذا كان حين الصّلاة اتّخذ كيسا و جعل فيه قطنا،ثمَّ علّقه عليه،و أدخل ذكره فيه،ثمَّ صلّى يجمع بين الصّلاتين الظّهر و العصر،يؤخّر الظّهر و يعجّل العصر بأذان و إقامتين،و يؤخّر المغرب و يعجّل العشاء بأذان و إقامتين و يفعل ذلك في الصّبح» (4).

و وجه ما قاله الشّيخ في الخلاف انّ البول حدث،فيعفى عنه عمّا وقع الاتّفاق عليه و هو الصّلاة الواحدة.أمّا نحن فلمّا صرنا إلى الحديث الصّحيح،لا جرم عملنا بما قاله الشّيخ في غير ما دلّ النّصّ عليه لقوّته.قال في المبسوط:لا دليل على وجوب تجديد الوضوء،و حمله على المستحاضة قياس لا نقول به (5)،فإن أراد الشّيخ بالتّجديد التّجديد

ص:137


1- 1الكافي 3:72 حديث 10، [1]الوسائل 1:264 الباب 8 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
2- 2) الخلاف 1:79 مسألة-28،المبسوط 1:68. [3]
3- 3) الخلاف 1:79 مسألة-28،المبسوط 1:68. [4]
4- 4) الفقيه 1:38 حديث 146،الوسائل 1:210 الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 1. [5]
5- 5) المبسوط 1:68. [6]

عند كلّ صلاة،فالدّليل ما ذكره في الخلاف (1)،و إن أراد التّجديد بين كلّ صلاتين من الحواضر،فالوجه ما رواه ابن بابويه.

و روى ابن يعقوب في كتابه في الحسن،عن منصور بن حازم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يعتريه البول و لا يقدر على حبسه؟قال:«إذا لم يقدر على حبسه فاللّه أولى بالعذر يجعل خريطة» (2).

لا يقال:هذا يدلّ على سقوط الوضوء عند كلّ صلاة.

لأنّا نقول:لا نسلّم دلالته على ذلك،بل يحمل على سقوط الوضوء عقيب الحدث المتجدّد للعذر،و أمّا الجمع فمستفاد من دليل آخر.

و اعلم انّ هذا الحديث و الحديث الأوّل دالاّن على وجوب الاستظهار في منع التّعدّي بقدر الإمكان،و أمّا المبطون فإنّه يجدّد الوضوء لكلّ صلاة،لا يجمع بين صلاتي فرض،لأنّ الغائط حدث،فلا يستباح معه الصّلاة إلاّ مع الضّرورة،و هي متحقّقة في الواحدة دون غيرها،و لو تلبّس بالصّلاة،ثمَّ فجأه الحدث مستمرّا تطهّر و بنى،لما رواه ابن بابويه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:قال:«صاحب البطن الغالب يتوضأ و يبني على صلاته» (3).

و روى عن الفضيل بن يسار انّه قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أكون في الصّلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا؟فقال:«انصرف ثمَّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة بالكلام متعمّدا،فإن تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك و هو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا»قلت:و إن قلب وجهه عن القبلة؟قال:

ص:138


1- 1الخلاف 1:80.
2- 2) الكافي 3:20 حديث 5، [1]الوسائل 1:210 الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:237 حديث 1043.

«و إن قلب وجهه عن القبلة» (1).و اعلم أنّ مجرّد ما يحصل في البطن من ذلك غير موجب للطّهارة،بل مع خروج الحدث،و يحمل ذلك على من لم يملك نفسه من التّحفّظ.و حكم من يغلبه الحدث المستمرّ من الرّيح حكم المبطون.

البحث الخامس:في أحكامه و توابعه

مسألة:من تيقّن الطّهارة و شكّ في الحدث بنى على اليقين و ألقى الشّكّ.
اشارة

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الثّوريّ،و أهل العراق،و الأوزاعيّ (2)،و الشّافعيّ (3)،و سائر أهل العلم (4)فيما علمنا،إلاّ الحسن و مالكا،فإنّ الحسن قال:إن شكّ في الحدث في الصّلاة مضى فيها،و إن كان قبل الدّخول توضّأ (5).و مالك قال:الشّكّ في الحدث إن كان يستنكحه (6)كثيرا فهو على وضوئه،و إن كان لا يستنكحه كثيرا توضّأ (7).

ص:139


1- 1الفقيه 1:240 حديث 1060،التّهذيب 2:332 حديث 1370،الاستبصار 1:401 حديث 1533،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة،حديث 9. [1]
2- 2) المغني 1:226.
3- 3) الام(مختصر المزني)8:4،المهذّب للشّيرازيّ 1:25،المجموع 2:64،مغني المحتاج 1:39، السّراج الوهّاج:13،فتح الوهّاب 1:9،فتح العزيز هامش المجموع 2:78،المغني 1:226، المحلّى 2:80.
4- 4) المغني 1:226،المجموع 2:64،نيل الأوطار 1:256.
5- 5) المغني 1:226،المجموع 2:64،ميزان الكبرى 1:113،نيل الأوطار 1:256،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:15.
6- 6) قال في المدوّنة:إن كان ذلك يستنكحه كثيرا فهو على وضوءه،و إن كان لا يستنكحه فليعد الوضوء. و قال في بلغة السّالك:إمّا أن يكون مستنكحا أو غيره. و في المغني:قال مالك:إن شكّ في الحدث إن كان يلحقه كثيرا فهو على وضوءه و ان كان لا يلحقه كثيرا توضأ.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:14،بلغة السّالك 1:56،المغني 1:226.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن زيد،قال:شكي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرّجل يخيّل إليه في الصّلاة أنّه يجد الشّيء؟قال:(لا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا» (1).

و ما رواه مسلم،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه أم لم يخرج،فلا يخرج من المسجد حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن بكير قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا استيقنت أنّك قد توضّأت فإيّاك أن تحدث وضوءا أبدا حتّى تستيقن انّك قد أحدثت» (3).

و روى في الموثّق،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكّك بشيء إنّما الشّكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» (4).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فلا تنقض الوضوء بالشّك» (5).

ص:140


1- 1صحيح البخاريّ 1:46،55،صحيح مسلم 1:276 حديث 361،سنن أبي داود 1:45 حديث 176،سنن ابن ماجه 1:171 حديث 513،سنن النّسائي 1:98،مسند أحمد 4:40، [1]نيل الأوطار 1:255 حديث 1،جامع الأصول 8:107 حديث 5209.
2- 2) صحيح مسلم 1:276 حديث 362.
3- 3) التّهذيب 1:102 حديث 268،الوسائل 1:332 الباب 44 من أبواب الوضوء، [2]حديث 1،و ص 176 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 7.
4- 4) التّهذيب 1:101 حديث 262،الوسائل 1:330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 1:100 حديث 261،الوسائل 1:330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 1. [4]

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،فإن حرّك إلى جنبه شيء و لم يعلم به؟قال:«لا حتّى يستيقن انّه قد نام حتّى يجيء من ذلك أمر[بيّن] (1)و إلاّ فإنّه على يقين من وضوئه،و لا ينقض اليقين أبدا بالشّك و لكن ينقضه بيقين آخر» (2)و لأنّ الشّك يتطرّق في أكثر الأحوال لأغلب النّاس،و ذلك يستلزم الحرج العظيم فيكون منفيّا،و لأنّه إذا شكّ تعارض الأمران و لا أولويّة لأحدهما فيجب سقوطهما و الأخذ بالمتيقّن كاليقين عنده.

فرع:

لو ظنّ الحدث مع يقين الطّهارة لا يلتفت،

لأنّ الظّن إنّما يعتبر مع اعتبار الشّارع له كالشّهادة،لا كما لو ظنّ الحاكم ظنّا غير منوط بسبب اعتبره الشّارع،لأنّ في ذلك رجوعا عن المتيقّن إلى المظنون،و هو باطل.

مسألة:و لو تيقّن الطّهارة و الحدث معا و شكّ في المتقدّم،فالمشهور عند أصحابنا
اشارة

الإعادة

.و هو أحد قولي الشّافعيّ (3)،و هو الأقوى عندي،و القول الآخر للشّافعيّ الرّجوع إلى الزّمان السّابق على تصادم الاحتمالين،فإن كان حدثا بنى على الطّهارة،لأنّه تيقّن انتقاله عن تلك الحالة إلى الطّهارة،و لم يعلم تجدّد الانتقاض،فصار متيقّنا للطّهارة، شاكا في رفعها،فيبني على اليقين،و إن كان متطهّرا بنى على الحدث،لما قلناه (4).

و لنا انّه حالة الدّخول في الصّلاة غير متيقّن للطّهارة و لا ظانّا لها،فلم يسغ الدّخول حينئذ،و ما ذكروه ضعيف،لأنّه كما تيقّن انتقاله إلى الطّهارة فكذلك تيقّن حصول

ص:141


1- 1«م»«ن»«خ»:يتعيّن،«ح»«ق»«د»:يقين،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:8 حديث 11،الوسائل 1:174 الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 1. [1]
3- 3) المجموع 2:65،مغني المحتاج 1:39،فتح العزيز هامش المجموع 2:83،السّراج الوهّاج:13.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:25،المجموع 2:64،فتح العزيز هامش المجموع 2:78،مغني المحتاج 1: 39،السّراج الوهّاج:13.

حدث بعد ذلك الحدث،فحينئذ يتساوى احتمال الطّهارة و عدمها،فلا يكون كافيا.

فرع:

لو تيقّن انّه وقت الزّوال نقض طهارة،و توضّأ عن حدث،و شكّ في السّابق،فهاهنا

الوجه استصحاب حال السّابق

على الزّوال،فإن كان في تلك الحال متطهّرا فهو على طهارته،لأنّه تيقّن انّه نقض تلك الطّهارة،ثمَّ توضّأ،إذ لا يمكن أن يتوضّأ عن حدث مع بقاء تلك الطّهارة،و نقض هذه الطّهارة الثّانية مشكوك فيه فلا يزول عن اليقين بالشّكّ،و إن كان قبل الزّوال محدثا فهو الآن محدث،لأنّه تيقّن انّه انتقل عنه إلى طهارة ثمَّ نقضها،و الطّهارة بعد نقضها مشكوك فيها.

آخر:لو شكّ في يوم فلا يدري تطهّر فيه و أحدث أم لا؟نصّ الشّيخ في النّهاية على إعادة الطّهارة (1)،لأنّه غير متيقّن لها،فلا تدخل في الصّلاة بشكّ الطّهارة.

و الوجه عندي النّظر إلى ما قبل ذلك الزّمان،فإن كان متطهّرا بنى عليه لتيقّن الطّهارة و شكّ الحدث،و إن كان محدثا بنى على الحدث لذلك.

مسألة:و لو تيقّن الحدث و شكّ في الطّهارة وجب عليه الطّهارة.
اشارة

و هو إجماع.و لو شكّ في شيء من أفعالها كغسل الوجه أو اليد،فإن كان على حال الطّهارة لم يفرغ أعاد على ما شكّ فيه و على ما بعده،و أمّا السّابق فإن حصلت الموالاة صحّ و إلاّ فلا،لأنّ الأصل عدم فعله و الحدث متيقّن،فيعمل على اليقين،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه انّك لم تغسله أو تمسحه ممّا سمّاه اللّه ما دمت في حال الوضوء،فإذا قمت من الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال أخرى في الصّلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمّى اللّه ممّا أوجب اللّه عليك فيه

ص:142


1- 1النّهاية:17. [1]

وضوءه لا شيء عليك فيه» (1).

و روى في الموثّق،عن عبد اللّه بن أبي يعفور.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكّك في شيء،إنّما الشّكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» (2).و إن كان قد فرغ و انصرف عن حاله لم يلتفت إلى الشّكّ.و هو إجماع،و يدلّ عليه أيضا رواية زرارة و ابن أبي يعفور.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل شكّ في الوضوء بعد ما فرغ من الصّلاة؟قال:«يمضي على صلاته و لا يعيد» (3).

و روى،عن بكير بن أعين قال:قلت له:الرّجل يشكّ بعد ما يتوضّأ؟قال:«هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (4)و لأنّ الانفكاك من الشّك نادر،فيلزم وجوب الوضوء المتكرّر في أغلب الأحوال،و ذلك عسر و مشقّة.أمّا لو تيقّن ترك عضو أتى به و بما بعده،و أمّا السّابق فإن حصلت الموالاة صحّ و إلاّ فلا،سواء انصرف أو لا،صلّى به أو لا،و يعيد الصلاة،و لا نعرف خلافا في وجوب الإتيان،لأنّ المقتضي و هو الأمر موجود،فيوجد الأثر و هو الوجوب.و يعضده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا ذكرت و أنت في صلاتك انّك قد تركت شيئا من وضوئك المفروض عليك فانصرف فأتمّ الّذي نسيته من وضوئك و أعد صلاتك، و يكفيك من مسح رأسك أن تأخذ من لحيتك بللها إذا نسيت أن تمسح رأسك فتمسح به

ص:143


1- 1التّهذيب 1:100 حديث 261،الوسائل 1:330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:101 حديث 262،الوسائل 1:330 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:101 حديث 264،الوسائل 1:331 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 5. [3]
4- 4) التّهذيب 1:101 حديث 265،الوسائل 1:331 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 7. [4]

مقدّم رأسك» (1).و أمّا إعادة ما بعده فليحصل التّرتيب.

و روى الشّيخ في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا نسي الرّجل أن يغسل يمينه فغسل شماله و مسح رأسه و رجليه فذكر بعد ذلك،غسل يمينه و شماله و مسح رأسه و رجليه،و إن كان إنّما نسي شماله فليغسل الشّمال و لا يعيد على ما كان توضّأ»و قال:«اتبع وضوءك بعضه بعضا» (2).

و روى،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل ينسى مسح رأسه حتّى يدخل في الصّلاة؟قال:«إن كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه و رجليه فليفعل ذلك و ليصلّ»قال:«و إن نسي شيئا من الوضوء المفروض فعليه أن يبدأ بما نسي و يعيد ما بقي لتمام الوضوء» (3).

و روى في الصّحيح،عن منصور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن نسي أن يمسح رأسه حتّى قام في الصّلاة،قال:«ينصرف و يمسح رأسه و رجليه» (4).

و روى في الصّحيح،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرّجل يتوضّأ فيبدأ بالشّمال قبل اليمين؟قال:«يغسل اليمين و يعيد اليسار» (5)،و ذلك عامّ في النّاسي و العامد،لأنّ (6)ترك الاستفصال يدلّ عليه،و إعادة الصّلاة مستفادة من رواية

ص:144


1- 1التّهذيب 1:101 حديث 263،الوسائل 1:331 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:99 حديث 259،الاستبصار 1:74 حديث 228،الوسائل 1:318 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 9. [2]
3- 3) التّهذيب 1:89 حديث 235،و 99 حديث 260،الاستبصار 1:74 حديث 229،الوسائل 1: 317 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 1:97 حديث 254،الاستبصار 1:75 حديث 230،الوسائل 1:317 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 3. [4]
5- 5) التّهذيب 1:97 حديث 253،الاستبصار 1:73 حديث 225،الوسائل 1:317 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 2. [5]
6- 6) «خ»:فإنّ.

الحلبيّ.

و في رواية زرارة الصّحيحة فإن دخله الشّكّ و هو في صلاته فليمض في صلاته و لا شيء عليه،و إن استيقن رجع فأعاد عليه الماء،و إن رآه و به بلّة مسح عليه و أعاد الصّلاة (1).

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل توضّأ و نسي غسل يساره فقال:«يغسل يساره وحدها و لا يعيد وضوء شيء غيرها» (2)لأنّا نقول:معناه:و لا يعيد وضوء شيء غيرها من الأعضاء المغسولة،جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لو صلّى بطهارة،ثمَّ جدّد مستحبّا،ثمَّ صلّى اخرى،ثمَّ ذكر أنّه قد أخلّ

بعضو من إحدى الطّهارتين،قال الشّيخ في المبسوط:يعيد الأولى خاصّة

،لأنّ الإخلال إن كان من الأولى صحّت الثّانية بطهارتها و بطلت الاولى،و إن كان من الثّانية صحّت الصّلاتان معا بالأولى (3)،و هو حقّ إن اكتفينا بنيّة القربة دون التّعيين للاستباحة أو رفع الحدث،أمّا مع القول بعدم الاكتفاء فالطّهارة الثّانية وجودها كعدمها،و حينئذ قال القائلون به:يجب عليه الصّلاتان معا،لعدم التّيقّن بالطّهارة الاولى (4)،و لا بأس به، إلاّ أنّ عندي فيه شكّا و هو انّه قد تيقّن الطّهارة و شكّ في بعض أعضائها بعد الانصراف،و لأنّ الشّك في إلحاق التّرك بالمعيّن منهما هو الشّك في ترك أحد الأعضاء

ص:145


1- 1التّهذيب 1:100 حديث 261،الوسائل 1:524 الباب 41 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:98 حديث 257،الاستبصار 1:73 حديث 226،الوسائل 1:318 الباب 35 من أبواب الوضوء،حديث 7. [2]
3- 3) المبسوط 1:25. [3]
4- 4) السّرائر:18.

الواجبة،فلا يلتفت،و هو قويّ.

الثّاني:لو تيقّن الحدث عقيب إحدى الطّهارتين الكاملتين مع تعدّد الصّلاة بهما

على التّفريق،قال الشّيخ:يعيد الصّلاتين،

لأنّه لم يؤدّ واحدة منهما بيقين (1).

و الأقرب عندي انّه يعيد صلاة واحدة إن اتّفقتا عددا ينوي بها ما في ذمّته،و إلاّ فالصّلاتين معا،لما قاله الشّيخ.

لا يقال:لا إعادة لواحدة منهما،أمّا الأولى فلأنّه صلاّها بطهارة أوقعها قطعا، و شكّ فيها بعد الصّلاة،فلا يلتفت إلى الشّكّ،لرواية محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل شكّ في الوضوء بعد ما فرغ من الصّلاة؟قال:«يمضي على صلاته و لا يعيد» (2)و هي صحيحة.

و أمّا الثّانية فلهذا المعنى أيضا،لأنّ الشّكّ في كون الحدث عقيب الطّهارة الأولى أو الثّانية،هو بعينه شكّ في زوال الثّانية بعد تيقّنها،بناء على الاكتفاء بنيّة القربة،فلا يلتفت إليه،للخبر.

لأنّا نقول:إنّا نعلم قطعا بطلان إحدى الطّهارتين،و تخصيص الاولى به دون الثّانية ترجيح من غير مرجّح،فوجب الحكم ببطلانهما معا مع الاختلاف عددا،و بطلان إحداهما مع التّساوي.

فرع:لا يجوز لمثل هذا الشّاك أن يصلّي صلاة ثالثة إلاّ بطهارة مستأنفة،

و لا(القضاء لإحداهما) (3)أيضا إلاّ بأخرى غير المشكوك فيها،لأنّه قد تيقّن الطّهارة و الحدث و شكّ في المتقدّم فيعيد على قولنا،و على أحد قولي الشّافعيّ كذلك (4)أيضا،لأنّه ينظر إلى

ص:146


1- 1المبسوط 1:25. [1]
2- 2) التّهذيب 1:101 حديث 264،الوسائل 1:331 الباب 42 من أبواب الوضوء،حديث 5. [2]
3- 3) «خ»:لقضاء إحداهما.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:25،المجموع 2:65،مغني المحتاج 1:39،فتح العزيز هامش المجموع 2: 83،السّراج الوهّاج:13،فتح الوهّاب 1:9.

السّابق على الاحتمالين و يحكم بالخلاف،و السّابق هاهنا الطّهارة.

الثّالث:لو صلّى بطهارة،ثمَّ أحدث فتوضّأ ثمَّ صلّى اخرى و ذكر انّه قد أخلّ بعضو من إحداهما،فالحكم فيه كما في الثّاني،و الشّكّ و الإيراد فيه كما سبق (1).

الرّابع:لو جدّد مستحبّا،ثمَّ صلّى عقيبها و تيقّن ترك عضو من إحداهما،أعاد

الصّلاة،

لاحتمال أن يكون من الطّهارة الأولى فتبطل،و الثّانية غير صحيحة،لأنّ نيّة الاستباحة مفقودة،و هذا حقّ مع الاشتراط،أمّا مع عدمه فلا إعادة،لأنّ التّرك في أيّهما كان صحّت الصّلاة بالآخر.

الخامس:لو صلّى الخمس بوضوء متعدّد بعددها و تيقّن الحدث عقيب إحدى

الطّهارات،قال في المبسوط:يعيد الخمس .

(2)

و يمكن القول بإعادة ركعتين و أربعا و ثلاثا،كالنّاسي لفريضة مجهولة من يوم،و لو كان مسافرا كفاه اثنتان و ثلاث.و كذا لو تطهّر للخمس عقيب حدث و تيقّن الإخلال المجهول.أمّا لو صلّى الخمس بطهارات متعدّدة متعاقبة و ذكر الإخلال من واحدة،أعاد الاولى لا غير لما قلناه،و فيه الخلاف السّابق (3).و لو ذكر التّرك من طهارتين أعاد الاولى و الثّانية،و هكذا.

السّادس:لو شكّ في الطّهارة فصلّى حينئذ،ثمَّ ذكر في الأثناء أو بعد الفراغ انّه

متطهّر أعاد الصّلاة،

لأنّه دخل فيها مع الشّكّ.و هو قول الشّافعيّ (4).

السّابع:لو تيقّن ترك العضو من طهارتين و كان قد صلّى الخمس بخمس طهارات

عقيب الأحداث،فالتّقادير عشرة

،و يكتفي بصبح،و مغرب،و أربع مرّتين ينوي بكلّ واحدة إحدى الثّلاث.و لو نوى بواحدة منهما الظّهر أو العصر،و بالأخرى العصر أو

ص:147


1- 1تقدّم في ص 146. [1]
2- 2) المبسوط 1:25. [2]
3- 3) تقدّم في ص 146.
4- 4) المجموع 1:205.

العشاء أو الظهر أو العشاء صحّ.و لو نوى بواحدة منهما الظّهر مثلا،لم يكتف في الإطلاق الثّاني بأخرى،بل لا بدّ من أربع مرّتين،إمّا بأن يعيّن كلّ واحدة من الباقين فتوزّع المرّتين عليهما،أو يأتي بالإطلاق الثّاني فيهما.و لو لم يعلم هل هما ليومه أو ليومه و أمسه،وجب عن يومه أربع صلوات و عن أمسه ثلاث.و لو لم يعلم هل هما ليومه أو لأمسه،وجب عليه أربع لا غير.و لو جهل الجمع و التّفريق،صلّى عن كلّ يوم ثلاث صلوات.و كذا البحث لو توضّأ خمسا لكلّ صلاة طهارة من حدث،ثمَّ ذكر تخلّل حدث بين الطّهارة و الصّلاة و اشتبه.و لو صلّى الخمس بثلاث طهارات،فإن جمع بين رباعيّتين بطهارة،صلّى أربعا صبحا و مغربا،و أربعا مرّتين،و إلاّ اكتفى بالثّلاث.

مسألة:لو ترك غسل أحد المخرجين و صلّى،أعاد الصّلاة

لا الوضوء،سواء كان التّرك عمدا أو سهوا.و قال ابن بابويه:يعيد الوضوء (1).

لنا على إعادة الصّلاة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،قال:توضّأت يوما و لم أغسل ذكري ثمَّ صليت فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك،فقال:

«اغسل ذكرك و أعد صلاتك» (2).

و في الصّحيح،عن ابن أذينة،قال:ذكر أبو مريم الأنصاريّ انّ الحكم بن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام،فقال:«بئس ما صنع،عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوءه» (3).و لأنّ طهارة البدن شرط في الصّلاة و لم يحصل.

ص:148


1- 1المقنع:4،الفقيه 1:21.
2- 2) التّهذيب 1:47 حديث 135 و 51 حديث 149،الاستبصار 1:53 حديث 152 و 56 حديث 164،الوسائل 1:209 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 7. [1]
3- 3) التّهذيب 1:48 حديث 137،الاستبصار 1:53 حديث 154،الوسائل 1:208 الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 4-و [2]في الجميع:و لم يغسل ذكره متعمّدا.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته انّه لم يستنج من الخلاء؟قال:

«ينصرف و يستنجي من الخلاء و يعيد الصّلاة،و إن ذكر و قد فرغ من صلاته أجزأه ذلك و لا إعادة عليه» (1).

و روى،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يتوضّأ و ينسى أن يغسل ذكره و قد بال؟فقال:«يغسل ذكره و لا يعيد الصّلاة» (2).

لأنّا نجيب عن الأولى بأنّها منافية للمذهب من وجهين:

أحدهما:ما دلّت عليه ظاهرا من ترك الإعادة مع الإكمال.

الثّاني:الفرق بين الإكمال و عدمه،و إذا كان كذلك وجب تأويلها بالمحتمل و هو أمران:

أحدهما:انّه أراد الاستنجاء بالماء و إن كان قد استنجى بالحجر فيستحبّ له الانصراف ما دام في مقدّمات صلاته كالأذان و التّكبيرات السّبع.

و ثانيهما:الحمل على من لم يعلم بالحدث كالمغمى عليه،جمعا بين الأدلّة.

و أمّا الثّانية:ففي طريقها أحمد بن هلال،و هو ضعيف (3).و أمّا عدم إعادة الوضوء فقد تقدّم (4).

مسألة:يجوز الطّهارة في المسجد لكن يكره من الغائط و البول.

و هو مذهب علماء الإسلام.و روى ابن يعقوب في كتابه في الصّحيح،عن رفاعة بن موسى،قال:سألت

ص:149


1- 1التّهذيب 1:50 حديث 145،الاستبصار 1:55 حديث 161،الوسائل 1:224 الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:48 حديث 140،الاستبصار 1:54 حديث 157،الوسائل 1:224 الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة،حديث 2. [2]
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 135.
4- 4) تقدّم في ص 148.

أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوضوء في المسجد،فكرهه من الغائط و البول (1).

مسألة:اختلف الأصحاب في جواز مسّ كتابة المصحف للمحدث،
اشارة

فقال الشّيخ في المبسوط:يكره (2)،و حرّمه في التّهذيب و الخلاف (3)،و هو الظّاهر من كلام ابن بابويه (4)،و هو الأقوى عندي،و هو مرويّ،عن ابن عمر،و الحسن،و عطاء، و طاوس،و الشّعبيّ (5).و[هو] (6)قول مالك (7)،و الشّافعيّ (8)،و أصحاب الرّأي (9)إلاّ داود فإنّه أجاز مسّه (10).

لنا:قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (11).

و ما رواه الجمهور،عن أبي عبيد،قال في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص:150


1- 1الكافي 3:369 حديث 9، [1]الوسائل 1:345 الباب 57 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]
2- 2) المبسوط 1:23. [3]
3- 3) التّهذيب 1:126،الخلاف 1:18 مسألة-46.
4- 4) الفقيه 1:48،الهداية:20. [4]
5- 5) المغني 1:168،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
6- 6) أضفناه لاستقامة العبارة.
7- 7) بداية المجتهد 1:41،بلغة السّالك 1:57،تفسير القرطبي 17:226، [5]المغني 1:168،المجموع 2:72،ميزان الكبرى 1:113،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:25،المجموع 2:67،مغني المحتاج 1:36،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 97،رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:15،ميزان الكبرى 1:113،بداية المجتهد 1:41،المغني 1:168،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:33،المغني 1:168، [6]المجموع 2:72، [7]ميزان الكبرى 1:113،بداية المجتهد 1:41،تفسير القرطبي 17:226، [8]أحكام القرآن لابن العربي 4:1739. [9]
10- 10) المغني 1:168، [10]المجموع 2:72، [11]فتح العزيز بهامش المجموع 2:103، [12]رحمة الأمة هامش ميزان الكبرى 1:16،ميزان الكبرى 1:113،نيل الأوطار 1:261،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 228. [13]
11- 11) الواقعة:79. [14]

لعمرو بن حزم (1):(أن لا يمسّ القرآن،إلاّ طاهر) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن قرأ في المصحف و هو على غير وضوء؟قال:«لا بأس،و لا يمسّ الكتاب» (3)و في الطّريق الحسين بن المختار،قال الشّيخ:إنّه واقفيّ (4).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، قال:سألته عن الرّجل يحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح و الصّحيفة و هو على غير وضوء؟ قال:«لا» (5).

و روى،عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان إسماعيل بن أبي عبد اللّه[1]عنده فقال:«يا بني اقرأ المصحف»فقال:إنّي لست على

ص:151


1- 1عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الأنصاريّ،شهد الخندق و ما بعدها،و كان عامل النّبيّ على نجران، روى عنه كتابا كتبه له في الفرائض،أخرجه أبو داود،و النّسائيّ،و الدّارميّ.مات بالمدينة سنة 51 ه، و قيل:54 ه. أسد الغابة 4:98، [1]الإصابة 2:532. [2]
2- 2) الموطّأ 1:199 حديث 1، [3]سنن الدّار قطني 1:121 حديث 3،4 و 5،مستدرك الحاكم 1:397، نيل الأوطار 1:259 حديث 2،سنن البيهقي 1:87-بتفاوت في السّند في الجميع،و رواه في المغني 1:168 نقلا عن كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد.
3- 3) التّهذيب 1:127 حديث 343،الاستبصار 1:113 حديث 377،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 1. [4]
4- 4) رجال الطّوسي:346.
5- 5) التّهذيب 1:127 حديث 345،الوسائل 1:270 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 4. [5]

وضوء؟فقال:«لا تمسّ الكتاب و مسّ الورق و اقرأه» (1).

و روى،عن إبراهيم بن عبد الحميد[1]،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

«المصحف لا تمسّه على غير طهر و لا جنبا و لا تمسّ خطّه (2)و لا تعلّقه،انّ اللّه يقول لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (3)(4)و في الطّريق عليّ بن فضّال[2]و هو فطحي.

احتجّ داود (5)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتب إلى المشركين«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَاب» (6)(7)و هذه قرآن و هم محدثون.

و الجواب:انّه عليه السّلام لم يقصد القرآن بل المراسلة.

ص:152


1- 1التّهذيب 1:126 حديث 342،الاستبصار 1:113 حديث 376،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) «خ»«ن»«د»:خيطه.
3- 3) الواقعة:79. [2]
4- 4) التّهذيب 1:127 حديث 344،الاستبصار 1:113 حديث 378،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]
5- 5) المغني 1:168،المجموع 2:72، [4]تفسير القرطبيّ 17:227، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
6- 6) آل عمران:64. [6]
7- 7) صحيح البخاري 4:54،صحيح مسلم 3:1393 حديث 1773،المحلّى 1:83،نيل الأوطار 1: 260.
فروع:
الأوّل:يجوز للمحدث مسّ ما عدا الكتابة،

كالهامش،و يجوز حمله و تعليقه على كراهيّة.و هو قول علمائنا أجمع،و أبي حنيفة (1)،و الحسن،و عطاء،و طاوس، و الشّعبيّ،و القاسم،و أبي وائل (2)،و الحكم،و حمّاد (3).و منع الأوزاعيّ (4)، و الشّافعي من مسّ هامشه و جلده و صندوقه إذا كان فيه،و خريطته كذلك (5).و لو كان في صندوق الأقمشة أو عدل معكم[1]،ففي جواز مسّه للشّافعيّ وجهان (6).

و قال مالك:أحسن ما سمعت انّه لا يحمل المصحف بعلاقته و لا في غلافه إلاّ و هو طاهر،و ليس ذلك لأنّه يدنّسه و لكن تعظيما للقرآن (7).

لنا على جواز مسّ الهامش و الورق:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه كتب كتابا فيه آية إلى قيصر.و أباح الحكم،و حمّاد،مسّه بظاهر الكفّ (8).

و من طريق الخاصّة:رواية حريز،قال:«لا تمسّ الكتاب و مسّ الورق».

و رواية إبراهيم بن عبد الحميد ضعيفة السّند،فلا تعارض الأصل الّذي هو الجواز.

ص:153


1- 1المغني 1:169،فتح العزيز هامش المجموع 2:103،ميزان الكبرى 1:113،المحلّى 1:84، الشرح الكبير بهامش المغني 1:228،تفسير القرطبي 17:227. [1]
2- 2) أبو وائل،شقيق بن سلمة،مرّت ترجمته في ص:125. [2]
3- 3) المغني 1:169،المجموع 2:72،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
4- 4) المغني 1:169،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
5- 5) مغني المحتاج 1:37،المجموع 2:67،فتح العزيز هامش المجموع 2:102،السّراج الوهّاج:12.
6- 6) المجموع 2:68،مغني المحتاج 1:37،السّراج الوهّاج:12،فتح العزيز هامش المجموع 2:104.
7- 7) المغني 1:169،الموطأ 1:199، [3]تفسير القرطبي 17:227.
8- 8) المغني 1:168،المجموع 2:72،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.

و لنا على جواز حمله و أخذه بغلافه انّه غير ماسّ (1)له،فكان كما لو حمله في رحله، و لأنّ النّهي تناول المسّ،و الحمل مغاير.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه مكلّف محدث قاصد لحمل المصحف،فلم يجز كما لو حمله مع مسّه (2).

و الجواب:هذا القياس فاسد،لأنّ العلّة في الأصل هي المسّ،و هي غير موجودة في الفرع،و الحمل لا أثر له في التّعليل.

الثّاني:المسّ قيل:يختص بالملاقاة بباطن الكفّ .

(3)(4)

و قيل:بل هو اسم للملاقاة مطلقا (5)،و هو الأقرب من حيث اللّغة.

الثّالث:يمنع الصّبيّ من مسّ كتابه القرآن

لعدم الشّرط في حقّه،و لا يتوجّه النّهي إليه،لعدم قبوله للتّكليف،و كذا المجنون.و هو أحد وجهي الشّافعيّة،و في الآخر:يجوز،لحاجتهم إلى حفظه،فلو لم يشرع إلاّ بطهارة لزم التّعسّر. (6)و لو توضّأ الصّبيّ جاز له المسّ،لارتفاع حدثه على إشكال.

الرّابع:لو حمله بحائل لا يتبعه في البيع جاز

،و هو عندنا ظاهر،و هو اختيار أبي حنيفة (7)،خلافا للشّافعيّ (8)،و وجه القولين ما تقدّم في الغلاف.

الخامس:قيل:يكره المسافرة بالمصحف إلى أرض العدوّ،

لئلاّ تناله أيدي

ص:154


1- 1«ح»«ق»«ن»«م»«د»:مماسّ.
2- 2) المغني 1:169،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
3- 3) «خ»«م»«ن»:اللّمس.
4- 4) المغني 1:168،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
5- 5) المغني 1:169،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:228.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:25،المجموع 2:69،فتح العزيز هامش المجموع 2:107.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:34.
8- 8) مغني المحتاج 1:37.

المشركين (1).

السّادس:يجوز تقليبه بعود و مسّه به،و كتب المصحف بيده

من غير أن يمسّه، عملا بالأصل السّالم عن معارضة تناول النّهي له.

السّابع:لو تصفّحه بكمّه لم يكن به بأس،

عملا بالأصل السّالم عن معارضة المسّ.و فيه للجمهور خلاف (2).

الثّامن:يجوز مسّ كتب التّفسير و أحاديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كتب الفقه

و غيرها

،و الرّسائل و إن كان فيها آيات من القرآن،للمحدث و الجنب،عملا بالأصل، و لأنّه لا يقع عليها اسم المصحف و لا تثبت لها حرمة،أمّا الآيات الموجودة في الكتب إذا مسّها (3)ففي تناول التّحريم له تردّد،أقربه التّحريم،لأنّ النّهي تعلّق بكلّ آيات القرآن،ضرورة عدم المسّ (4)له دفعة واحدة،و بانضمام غيرها إليها لا تخرج عن كونها قرآنا.و قالت الشّافعيّة:إن كانت الآيات مكتوبة بخطّ غليظ و التّفسير بدقيق حرم مسّها كالمصحف،و إلاّ فلا (5).

التّاسع:الدّراهم المكتوب عليها القرآن يتناولها المنع من المسّ،

لما قلناه،و لأنّ القرآن مكتوب عليها فأشبهت الورق،و هو اختيار أبي حنيفة (6).و قال بعض الجمهور بالجواز،لأنّه لا يقع عليها اسم المصحف فأشبهت كتب الفقه،و للمشقّة الحاصلة من

ص:155


1- 1المغني 1:170،المجموع 2:71،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:229.
2- 2) المغني 1:169،الإنصاف 1:224،مغني المحتاج 1:38،المجموع 2:68،الهداية للمرغيناني 1:31،شرح فتح القدير 1:149.
3- 3) «ن»«خ»«م»«ق»:لمسها.
4- 4) «ن»«خ»«م»«ق»:اللّمس.
5- 5) المجموع 2:69،مغني المحتاج 1:37،فتح العزيز هامش المجموع 2:106،فتح الوهّاب 1:8.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:33،المغني 1:170،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:229.

الاحتراز (1).و كذا البحث في ألواح الصّبيان في الكتاتيب[1]،و للشّافعيّة فيها وجهان (2).

العاشر:لو غسل المحدث بعض أعضائه لم يخرج عن المنع،

لأنّه غير متطهّر إلاّ بغسل الجميع.

الحادي عشر:لا يحرم مسّ كتابة التّوراة و الإنجيل على الجنب و المحدث.

و به قال الشّافعيّ (3)،لأنّها منسوخة.

الثّاني عشر:المنسوخ حكمه خاصّة يحرم مسّه،

لأنّ له حرمة القرآن،و المنسوخ تلاوته يجوز مسّه و إن بقي حكمه،لخروجه عن كونه قرآنا.

مسألة:يستحبّ الوضوء في أماكن:

للصّلاة و الطّواف المندوبين،لأنّها شرط فيهما،فلا يصحّان بدونها،و الأصل مندوب فالفرع أولى.

و لطلب الحوائج،لما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«من طلب حاجة و هو على غير وضوء فلم تقض فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (4).

و تجديده مع بقاء حكمه عند كلّ صلاة،لما رواه سعدان،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الطّهر على الطّهر عشر حسنات» (5).

ص:156


1- 1مغني المحتاج 1:38،فتح العزيز هامش المجموع 2:105،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:229، المجموع 2:68،المغني 1:170.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:25،المجموع 2:69،فتح العزيز بهامش المجموع 2:107،فتح الوهّاب 1:8.
3- 3) مغني المحتاج 1:37،المجموع 2:70،فتح الوهّاب 1:8،فتح العزيز هامش المجموع 2:108.
4- 4) التّهذيب 1:359 حديث 1077،الوسائل 1:262 الباب 6 من أبواب الوضوء،حديث 1. [1]
5- 5) الكافي 3:72 حديث 10، [2]الوسائل 1:264 الباب 8 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]

و لحمل المصحف،لأنّه مناسب للتّعظيم.و لأفعال الحجّ عدا الطّواف الواجب و صلاته،لوجوبه.و للكون على طهارة.و لدخول المساجد،لما رواه ابن بابويه،عن كليب الصّيداويّ[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«مكتوب في التّوراة انّ بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لمن تطهّر في بيته ثمَّ زارني،و حقّ على المزور أن يكرم الزّائر» (1)و لأنّه يستحبّ الصّلاة تحيّة،و هي مفتقرة إلى الطّهارة،و الطّهارة مكروهة في المسجد،فاستحبّ التّقديم.

و للنّوم،لما رواه ابن بابويه في ثواب الأعمال،عن محمّد بن كردوس[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من توضّأ ثمَّ آوى إلى فراشه،بات و فراشه كمسجده» (2).

و للصّلاة على الجنائز (3).و لزيارة قبور المؤمنين (4).و لقراءة القرآن.و لنوم الجنب، لما رواه الشّيخ،عن سماعة،قال:سألته عن الجنب يجنب،ثمَّ يريد النّوم؟فقال:

«ان أحبّ أن يتوضّأ فليفعل و الغسل أفضل من ذلك،و إن هو نام و لم يتوضّأ و لم يغتسل فليس عليه شيء إن شاء اللّه تعالى» (5).

ص:157


1- 1علل الشّرائع:318، [1]ثواب الأعمال:47،الوسائل 1:267 الباب 10 من أبواب الوضوء، حديث 4. [2]
2- 2) ثواب الأعمال:35،الوسائل 1:265 الباب 9 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]
3- 3) «خ»:الجنازة.
4- 4) «خ»:المسلمين.
5- 5) التّهذيب 1:370 حديث 1127،الوسائل 1:502 الباب 25 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]

و لأكل الجنب،لما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:أ يأكل الجنب قبل أن يتوضّأ؟قال:«إنّا لنكسل (1)و لكن ليغسل يده،و الوضوء أفضل» (2).

و لجماع المحتلم و الحامل.و جماع غاسل الميّت و لم يغتسل.و لمريد غسل الميّت و هو جنب.و للحائض تجلس في مصلاّها تذكر اللّه تعالى.و للتأهّب لصلاة الفرض قبل وقته،لاستحباب الصّلاة في أوّل وقتها،و هو غير ممكن إلاّ بتقديم الوضوء على الوقت.

خاتمة تتعلّق بثواب الوضوء و علّته:

روى محمّد بن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن بشير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول و هو يحدّث النّاس بمكّة:قال«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفجر ثمَّ جلس مع أصحابه حتّى طلعت الشّمس فجعل يقوم الرّجل بعد الرّجل حتّى لم يبق معه إلاّ رجلان أنصاريّ و ثقفيّ،فقال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:قد علمت انّ لكما حاجة تريدان أن تسألا عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألا و إن شئتما فاسألا عنها؟قالا:تخبرنا قبل أن نسألك عنها،فإنّ ذلك أجلى للعمى،و أبعد من الارتياب،و أثبت للإيمان،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّا أنت يا أخا ثقيف فإنّك جئت تسألني عن وضوئك و صلاتك مالك في ذلك من الخير،إمّا وضوؤك فإنّك إذا وضعت يدك في الإناء فقلت:بسم اللّه،تناثرت منها ما اكتسبت من الذّنوب و إذا غسلت وجهك تناثرت الذّنوب الّتي اكتسبتها عيناك الّتي تنظر بها،و فوك،فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذّنوب(الّتي بطشت بها يداك) (3)،فإذا مسحت على رأسك

ص:158


1- 1قال في الوافي 1:64( [1]هكذا يوجد في النّسخ و يشبه أن يكون ممّا صحّف و كان(انّا لنغتسل)لأنّهم عليهم السّلام أجلّ من أن يكسلوا في شيء من عبادة ربّهم جلّ و عزّ).
2- 2) التّهذيب 1:372 حديث 1127،الوسائل 1:496 الباب 20 من أبواب الجنابة،حديث 7. [2]
3- 3) في المصدر:عن يمينك و شمالك.

و قدميك تناثرت الذّنوب الّتي مشيت إليها على قدميك،فهذا لك في وضوئك» (1).

و روى،عن سماعة،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«من توضّأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلاّ الكبائر،و من توضّأ للصّبح كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في ليله إلاّ الكبائر» (2).

و روى ابن بابويه،عن عبد الرّحمن بن كثير الهاشميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا وصف وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام:«ثمَّ قال:يا محمّد (3)،من توضّأ مثل وضوئي و قال مثل قولي،خلق اللّه عزّ و جلّ من كلّ قطرة ملكا يسبّحه و يقدّسه و يكبّره و يكتب اللّه له ثواب ذلك إلى يوم القيامة» (4).

و روى ابن بابويه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من توضّأ فذكر اسم اللّه طهر جميع جسده و كان الوضوء إلى الوضوء كفّارة لما بينهما من الذّنوب و من لم يسمّ لم يطهر من جسده إلاّ ما أصابه الماء» (5).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، عن أبيه جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من

ص:159


1- 1الكافي 3:71 حديث 7، [1]الوسائل 1:276 الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 12.و [2]فيهما:عن محمّد بن قيس.
2- 2) الكافي 3:70 حديث 5، [3]الوسائل 1:264 الباب 8 من أبواب الوضوء،حديث 4. [4]
3- 3) محمّد بن الحنفيّة بن أمير المؤمنين عليّ(ع)و الحنفيّة لقب امّه و اسمها خولة بنت جعفر بن قيس بن سلمة،مدحه أمير المؤمنين(ع)في رواية عن عليّ بن موسى الرّضا(ع)بقوله:انّ المحامدة تأبى أن يعصى اللّه.و ما قيل في منازعته مع عليّ بن الحسين(ع)في الإمامة أجاب عنه المحقّق المامقاني بأنّ ذلك قبل شهادة الحجر له و أمّا بعدها فلم ينازعه بوجه،و اختلف في وفاته و محلّ دفنه،قيل:مات برضوى،و دفن بالبقيع سنة 80 أو 81 ه.و قيل:مات بالطّائف،و دفن بها. تنقيح المقال 3:111. [5]
4- 4) ثواب الأعمال:31 حديث 1،الوسائل 1:282 الباب 16 من أبواب الوضوء،حديث 1. [6]
5- 5) ثواب الأعمال:30 حديث 1، [7]الوسائل 1:299 الباب 26 من أبواب الوضوء،حديث 8. [8]

أسبغ وضوءه،و أحسن صلاته،و أدّى زكاة ماله،و كفّ غضبه،و سجن لسانه، و استغفر لذنبه،و أدّى النّصيحة لأهل بيت نبيّه،فقد استكمل حقائق الايمان و أبواب الجنّة مفتّحة له» (1).

و روى،عن السّكونيّ عن جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن آبائه صلوات اللّه عليهم قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ليبالغ أحدكم في المضمضة و الاستنشاق فإنّه غفران لكم و منفرة للشّيطان» (2).

و روى ابن بابويه انّه جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسألوه عن مسائل و كان فيما سألوه،أخبرنا يا محمّد لأيّ علّة توضّأ هذه الجوارح الأربع و هي أنظف المواضع في الجسد؟قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لمّا أن وسوس الشّيطان إلى آدم عليه السّلام دنا من الشّجرة فنظر إليها فذهب ماء وجهه،ثمَّ قام و مشى إليها و هي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة،ثمَّ تناول بيده منها ما عليها و أكل فطار الحليّ و الحلل عن جسده فوضع آدم يده على أمّ رأسه و بكى،فلمّا تاب اللّه عزّ و جلّ عليه فرض اللّه عليه و على ذرّيّته تطهير هذه الجوارح الأربع فأمره اللّه عزّ و جلّ بغسل الوجه لمّا نظر إلى الشّجرة،و أمره بغسل اليدين إلى المرفقين لمّا تناول منها،و أمره بمسح الرّأس لمّا وضع يده على أمّ رأسه،و أمره بمسح القدمين لمّا مشى بهما إلى الخطيئة» (3).

و كتب أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام إلى محمّد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله:«انّ علّة الوضوء الّتي من أجلها صار على العبد غسل الوجه و الذّراعين و مسح الرّأس و القدمين،فلقيامه بين يدي اللّه عزّ و جلّ و استقباله إيّاه بجوارحه الظّاهرة و ملاقاته بها الكرام الكاتبين فيغسل الوجه للسّجود و الخضوع و يغسل

ص:160


1- 1ثواب الأعمال:45 حديث 1،الوسائل 1:342 الباب 29 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) ثواب الأعمال:35 حديث 1،الوسائل 1:304 الباب 29 من أبواب الوضوء،حديث 11. [2]
3- 3) الفقيه 1:34 حديث 127.الوسائل 1:278،الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 16. [3]

اليدين ليقلبهما و يرغب بهما و يرهب و يتبتّل و يمسح الرّأس و القدمين لأنّهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما كلّ حالاته و ليس فيهما من الخضوع و التّبتّل ما في الوجه و الذّراعين» (1).

ص:161


1- 1الفقيه 1:35 حديث 128.الوسائل 1:277،الباب 15 من أبواب الوضوء،حديث 15. [1]

ص:162

المقصد الثالث: في الغسل و النّظر في أنواعه و احكام أنواعه

اشارة

ص:163

ص:164

اعلم انّ الغسل على ضربين،واجب،و ندب:

فالواجب ستّة:غسل الجنابة،و الحيض،و الاستحاضة،و النّفاس،و مسّ الأموات بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل،و غسل الموتى،فهاهنا فصول:

الأوّل:في الجنابة،
اشارة

و قد اتّفق علماء الأمصار على انّ الجنابة سبب موجب للغسل و القرآن دلّ عليه،قال اللّه تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1).

و الكلام هاهنا يقع في ثلاثة مباحث:الموجب للجنابة،و كيفيّة الغسل المزيل لها،و أحكام الجنب.

البحث الأوّل:في الموجب:
اشارة

و هي تكون تارة بسبب إنزال المنيّ و هو الماء الغليظ الدّافق غالبا،يخرج عند اشتداد الشّهوة،يشبه رائحته رطبا رائحة الطّلع،و يابسا رائحة البيض،و سمّي منيّا لأنّه يمنى،أي:يراق،و لهذا سمّيت منى منى،لإراقة الدّماء بها.و منيّ المرأة رقيق أصفر،و عليه إجماع أهل الإسلام.و روى مسلم في صحيحه انّ أمّ سليم[1]حدّثت أنّها سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرّجل؟فقال رسول

ص:165


1- 1المائدة:6. [1]

اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل)فقالت أمّ سليم:و استحييت من ذلك و هل يكون هذا؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(نعم،فمن أين يكون الشّبه؟ ماء الرّجل غليظ أبيض،و ماء المرأة رقيق أصفر فمن أيّهما علا أو سبق يكون منه الشّبه) (1).

و روت أيضا عنه صلّى اللّه عليه و آله قالت:هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(نعم،إذا هي رأت الماء) (2)و قال عليه السّلام:(إنّما الماء من الماء) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يلعب مع المرأة و يقبّلها فيخرج منه المنيّ، فما عليه؟قال:«إذا جاءت الشّهوة و لها دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل،و إن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة،فلا بأس» (4)معناه إذا لم يكن الخارج هو الماء الأكبر،لاستبعاد خروج الماء الأكبر بغير شهوة و لذّة و فتور،و أشار بذلك إلى انّ من اشتبه عليه اعتبره بالشّهوة.

و روى في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى انّ الرّجل يجامعها في المنام في فرجها حتّى تنزل؟قال:«تغتسل» (5).

ص:166


1- 1صحيح مسلم 1:250 حديث 311.
2- 2) صحيح البخاري 1:79،صحيح مسلم 1:251 حديث 313،سنن التّرمذي 1:209 حديث 122،سنن النّسائي 1:115.
3- 3) صحيح مسلم 1:269 حديث 343،سنن ابن ماجه 1:199 حديث 607،سنن التّرمذي 1:186 حديث 112، [1]سنن ابي داود 1:56 حديث 217،سنن النّسائي 1:115.
4- 4) التّهذيب 1:120 حديث 317،الاستبصار 1:104 حديث 342،الوسائل 1:477 الباب 8 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:120 حديث 318،الاستبصار 1:105 حديث 343،الوسائل 1:472 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 7. [3]

و روى في الصّحيح،عن أديم (1)بن الحرّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرّجل،عليها غسل؟قال:«نعم،و لا تحدّثوهنّ فيتّخذنه علّة» (2).

و روى في الحسن،عن محمّد (3)بن الفضيل،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:

قلت:تلزمني المرأة أو الجارية من خلفي و أنا متّكئ على جنبي فتحرّك على ظهري فتأتيها الشّهوة و تنزل الماء[أ] (4)فعليها غسل أم لا؟قال:«نعم،إذا جاءت الشّهوة و أنزلت الماء وجب عليها الغسل» (5).

و روى معاوية (6)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا أمنت المرأة

ص:167


1- 1أديم بن الحرّ الكوفي الخثعميّ أو الجعفي،ثقة له أصل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الصّادق(ع).و قال المصنّف في رجاله:أديم-بضمّ الهمزة-صاحب أبي عبد اللّه(ع)يروي نيّفا و أربعين حديثا عنه(ع).رجال النّجاشيّ:106،رجال الطّوسيّ:143،رجال العلاّمة:24. [1]
2- 2) التّهذيب 1:121 حديث 319،الاستبصار 1:105 حديث 344،الوسائل 1:473 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 12. [2]
3- 3) محمّد بن الفضيل بن كثير الأزدي الكوفي الصّيرفي:أبو جعفر الأزديّ،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق(ع)بعنوان محمّد بن الفضيل بن كثير الأزديّ صيرفي،و اخرى من أصحاب الكاظم(ع)بعنوان محمّد بن الفضيل الأزدي الكوفيّ ضعيف،و ثالثة من أصحاب الرّضا(ع)بعنوان محمّد بن الفضيل أزديّ صيرفيّ يرمى بالغلوّ،له كتاب.قال المحقّق المامقاني:ظاهر هذه العبائر كونه شخصا واحدا و ظاهر المصنّف في(الخلاصة)التّعدد حيث قال في القسم الثّاني منه:محمّد بن الفضيل الكوفيّ الأزديّ من أصحاب الكاظم(ع)ضعيف،ثمَّ قال:محمّد بن الفضيل من أصحاب الرّضا(ع) أزديّ صيرفيّ،يرمى بالغلوّ. رجال الطّوسيّ:297 و 360،389،تنقيح المقال 3:172، [3]رجال العلاّمة:250-251. [4]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:121 حديث 320،الاستبصار 1:105 حديث 345،الوسائل 1:473 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 13. [5]
6- 6) في التّهذيب و الوسائل [6]عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن حكيم،و هو كما قال النّجاشيّ في رجاله: 412 معاوية حكيم بن معاوية بن عمّار الدّهني،ثقة،جليل،في أصحاب الرّضا(ع).و في الاستبصار عن معاوية بن عمّار،و الظّاهر انّه الصّواب بقرينة رواية الحسن بن محبوب عنه و روايته عن أبي عبد اللّه(ع)كما ذكره المحقّق الأردبيليّ،جامع الرّواة 2:239. [7]

و الأمة من شهوة جامعها الرّجل أو لم يجامعها،في نوم كان أو في يقظة،فإنّ عليها الغسل» (1).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن الرّجل يجامع المرأة فيما دون الفرج فتنزل المرأة،هل عليها غسل؟قال:

«نعم» (2).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة ترى في منامها فتنزل،عليها غسل؟قال:«نعم» (3).

و روى في الحسن،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المفخّذ أ عليه غسل؟قال:«نعم،إذا أنزل» (4)فخروج المنيّ الدّافق بشهوة يوجب الغسل من الرّجل و المرأة في يقظة أو في نوم،لا نعرف فيه خلافا.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يضع ذكره على فرج المرأة فيمني،عليها غسل؟فقال:«إن أصابها من الماء شيء فلتغسله،و ليس عليها شيء إلاّ أن يدخله»قلت:فإن أمنت هي و لم يدخله؟قال:«ليس عليها الغسل» (5).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

ص:168


1- 1التّهذيب 1:122 حديث 324،الاستبصار 1:106 حديث 347،الوسائل 1:473 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 14. [1]
2- 2) التّهذيب 1:123 حديث 328،الاستبصار 1:108 حديث 355،الوسائل 1:471 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:124 حديث 333،الاستبصار 1:108 حديث 356،الوسائل 1:474 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 16. [3]
4- 4) التّهذيب 1:119 حديث 313،الاستبصار 1:104 حديث 341،الوسائل 1:471 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 1:121 حديث 321،الاستبصار 1:106 حديث 348،الوسائل 1:474 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 18. [5]

كيف جعل على المرأة إذا رأت في النّوم انّ الرّجل يجامعها في فرجها الغسل و لم يجعل عليها الغسل إذا جامعها دون الفرج في اليقظة فأمنت؟قال:«لأنّها رأت في منامها انّ الرّجل يجامعها في فرجها،فوجب عليها الغسل،و الآخر إنّما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لأنّه لم يدخله،و لو كان أدخله في اليقظة وجب عليها الغسل،أمنت أو لم تمن» (1).

و روى في الصّحيح،عن عمر بن أذينة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

المرأة تحتلم في المنام فيهريق الماء الأعظم؟قال:«ليس عليها الغسل» (2).

لأنّا نجيب عن ذلك كلّه بأنّ هذه أخبار آحاد عارضت إجماع المسلمين،فتكون مردودة بالاتّفاق،على انّه يحتمل انّه إنّما قال فإن أمذت هي،و السّامع لم يفهم ذلك، و عمر بن يزيد هذا قد روى بغير هذا اللّفظ،قال:اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة و لبست ثيابي و تطيّبت فمرّت بي وصيفة ففخّذت لها فأمذيت أنا و أمنت هي فدخلني من ذلك ضيق،فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك؟فقال:«ليس عليك وضوء و لا عليها غسل» (3).فاختلاف روايته دالّ على عدم الضّبط فوجب إطراحها.

و أيضا:يمكن أن يحمل المنيّ على المذي الّذي هو شبيه في بعض الأحوال و المصاحب له بالمجاز.

قال الشّيخ:و يحتمل انّه عليه السّلام أجابه عمّا هو الثّابت في نفس الأمر لا على اعتقاد السّائل،فلعلّه اعتقد ما ليس بمنيّ منيّا (4)،و هذا هو الجواب عن الحديث الثّاني.و عن الثّالث باحتمال انّها رأت في النّوم الإنزال،و لمّا استيقظت ظهر لها

ص:169


1- 1التّهذيب 1:122 حديث 323،الاستبصار 1:106 حديث 350،الوسائل 1:475 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 19. [1]
2- 2) التّهذيب 1:123 حديث 329،الاستبصار 1:107 حديث 351،الوسائل 1:475 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 21. [2]
3- 3) التّهذيب 1:121 حديث 322،الاستبصار 1:106 حديث 349،الوسائل 1:475 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 20. [3]
4- 4) التّهذيب 1:121 ذيل حديث 322،الاستبصار 1:106 ذيل حديث 349.

بطلانه،لا انّها وجدته في حال اليقظة.

فروع:
الأوّل:قال علماؤنا:خروج المنيّ مطلقا موجب للغسل

،سواء قارنته الشّهوة أو لا.

و به قال الشّافعيّ (1).و قال أبو حنيفة (2)،و أحمد (3)،و مالك:لا يجب إلاّ مع الشّهوة و الدّفق (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عنه عليه السّلام انّه قال:(الماء من الماء) (5)و رووا،عنه عليه السّلام انّه قال:(و في المنيّ الغسل) (6).و قوله عليه السّلام لامّ سليم:(إذا رأت المرأة ذلك فلتغتسل) (7)و لم يعلّق الحكم على غير الرّؤية.و قوله عليه السّلام لها:(نعم، إذا هي رأت الماء) (8)و لم يعلّق على الشّهوة.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على إيجاب الغسل مطلقا (9)،

ص:170


1- 1الام 1:37،السّراج الوهّاج 1:20،فتح الوهّاب 1:18،الهداية للمرغيناني 1:16،ميزان الكبرى 1:120،المجموع 2:139،المبسوط للسّرخسي 1:67،شرح فتح القدير 1:53،بداية المجتهد 1:47،فتح العزيز بهامش المجموع 2:125.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:67،ميزان الكبرى 1:120،المجموع 2:139،شرح فتح القدير 1:53، الهداية للمرغيناني 1:16،فتح العزيز بهامش المجموع 2:125،بدائع الصّنائع 1:36.
3- 3) المغني 1:230،الكافي لابن قدامة 1:69،ميزان الكبرى 1:120،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 125،منار السّبيل 1:38،الإنصاف 1:227.
4- 4) بداية المجتهد 1:47،ميزان الكبرى 1:120،المبسوط للسّرخسي 1:67،فتح العزيز بهامش المجموع 2:125.
5- 5) صحيح مسلم 1:269 حديث 343،سنن التّرمذيّ 1:186. حديث 112،سنن ابن ماجه 1:199 حديث 607،سنن النّسائي 1:115،سنن الدّارمي 1: 194،سنن أبي داود 1:56 حديث 217،كنز العمّال 9:540 حديث 27325.
6- 6) سنن التّرمذي 1:193 حديث 114،سنن ابن ماجه 1:168 حديث 504.
7- 7) صحيح مسلم 1:250 حديث 311،سنن ابن ماجه 1:197 حديث 600،الموطأ 1:51 حديث 84،سنن البيهقي 1:169.
8- 8) صحيح البخاري 1:79،صحيح مسلم 1:251 حديث 313،سنن النّسائي 1:115،سنن التّرمذي 1:209 حديث 122.
9- 9) تقدم في ص 166-167.

و لا ينافي ذلك،الأحاديث الدّالّة على الإيجاب مع قيد الشّهوة،لأنّ دليل الخطاب ضعيف و بالخصوص مع المنطوق الدّالّ على الخلاف.و لأنّه منيّ خارج فأوجب الغسل كما لو خرج حال الإغماء،و لأنّه منيّ (1)نجس خارج من إحدى السّبيلين فلا يعتبر في إيجابه الشّهوة كالحيض.

احتجّ أبو حنيفة (2)بما روي،عن أمّ سليم انّها سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن المرأة ترى في منامها مثل ما يرى الرّجل؟فقال:(أ تجد لذّة بذلك؟)فقالت:نعم، قال:(فلتغتسل)علّق الاغتسال باللّذّة،و لأنّه ليس بمنيّ بل يشبهه،لأنّ المنيّ هو الماء الّذي تدفعه الشّهوة،فإذا انعدمت الشّهوة لا يكون منيّا بل أشبه البول،فيجب منه الوضوء.

و الجواب عن الأوّل بأنّ تعليق الحكم على وجدان اللّذة لا يدلّ على نفيه عمّا عداه،إذ ذلك دليل الخطاب لا يعمل به المحقّقون،على انّ السّؤال هاهنا ليس لتعليق الحكم عليه و اعتبار اللذّة،بل هو استعلام لما يشتبه حاله،لا ما يتيقّن انّه منيّ،على انّ الشّهوة لا تعتبر في النّوم اتّفاقا.

و عن الثّاني:انّ الاسم معلّق على الحقيقة المعيّنة لا باعتبار مقارنة الشّهوة أو عدمها كما في حقّ النّائم و المغمى عليه و غيرهما.و العجب انّ أبا حنيفة يذهب إلى انّ الزّيادة على النّصّ نسخ (3).فتقييد الماء بالشّهوة زيادة لم يتناولها النّصّ،مستفادة من مفهوم قوله عليه السّلام(أ تجد لذّة)مع انّ المفهوم اختلفوا في انّه هل هو حجة أم لا؟و على القول بأنّه حجّة،اختلفوا في انّه هل يجوز التّخصيص به أم لا؟فكيف جوّز النّسخ به؟! برهان آخر:خروج المنيّ موجب للغسل مطلقا،عملا بالدّوران في طرفي الوجود و العدم،أمّا في الوجود ففي حال الإنزال مع الإغماء و النّوم،و أمّا عدما فظاهر، و الدّوران يقتضي العلّيّة،لأنّ مدارا ما من المدارات على ما ذكرنا من التّفسير علّة للدّائر قطعا،فنقول:لو ثبت عدم علّيّة غير هذا المدار من المدارات منضمّا إلى علّيّة مدار ما،

ص:171


1- 1«ق»«ح»شيء.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:37.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:363.

و إلى عدم علّيّة كلّ ما ليس بعلّة في نفس الأمر،يلزم علّية هذا المدار،و يلزم من هذا أن يكون علّة في نفس الأمر.

أمّا المقدّمة الاولى فلأنّ كلّ ما ليس بعلّة في نفس الأمر فهو ليس بعلّة على هذا التّقدير،فينعكس بالنّقيض إلى انّ كلّ ما هو علّة على هذا التّقدير فهو علّة في نفس الأمر.

و أما المقدّمة الثّانية:فلأنّ هذا المدار علّة على هذا التّقدير و كلّ ما هو علّة على هذا التّقدير فهو علّة في نفس الأمر.

و إن قال (1):عدم الإنزال مع الشّهوة موجب لعدم الغسل بالدّوران وجودا و عدما، أمّا وجودا ففي صورة عدم الإنزال مطلقا،و أمّا عدما ففي صورة الإنزال مع الشّهوة،و إذا كان الإنزال مع الشّهوة مدارا،لم يكن مطلق الإنزال مدارا،و إلاّ لزم وجود الحكم و عدمه في صورة النّزاع.

قلت:هذا لا يتمّ بالخلف،و تقريره أن نقول:لو كان عدم الإنزال مع الشّهوة موجبا لعدم الغسل لزم أحد الأمرين،و هو:إمّا عدم وجوب الغسل في صورة النّزاع،أو عدم إيجاب الإنزال مطلقا للغسل،لدلالة الدّليل على كلّ واحد منهما،أمّا على الأوّل فلأنّ الأصل ترتّب المسبّب على سببه،و أمّا الثّاني فلأنّه لو كان الإنزال مطلقا حينئذ موجبا للغسل،لزم التّعارض بين الموجب للوجوب،و الموجب لعدم الوجوب،و هو على خلاف الأصل،فثبت دلالة الدّليل على كلّ واحد منهما،فثبت أحدهما،و يلزم من هذه الملازمة عدم موجبيّة الإنزال مع الشّهوة لعدم الغسل،لأنّه لو ثبت أحد الأمرين و هو إمّا موجبيّة عدم الإنزال مع الشّهوة لعدم وجوب الغسل،أو عدم وجوب الغسل في صورة النّزاع،لثبت عدم وجوب الغسل في فصل النّائم و المغمى عليه،عملا بالعلّة السّالمة عن المعارض دعواه،و اللازم منتف فينتفي أحدهما،و إنّما كان يلزم انتفاء موجبيّة عدم الإنزال مع الشّهوة لعدم وجوب الغسل.أمّا إذا كان الواقع انتفاء موجبيّته لعدم وجوب

ص:172


1- 1كذا في النّسخ.

الغسل فظاهر،و أمّا إذا كان الواقع انتفاء عدم وجوب الغسل في صورة النّزاع فلأنّ ما ذكرنا (1)-و هو الإنزال مطلقا-حينئذ يكون موجبا لوجوب الغسل لما ذكرنا من الدّوران السّالم عن معارضة عدم وجوب الغسل في صورة النّزاع،فيظهر من هذا انّ المدار إذا كان معيّنا (2)و المقابل له شيء يتخلّف عنه ضدّ المدّعى تمَّ و إلاّ فلا.

الفرع الثّاني:إذا تيقّن انّ الخارج منيّ وجب الغسل،

سواء خرج دافقا أو لا،بشهوة أو لا،في يقظة أو نوم،بعلّة كالضّرب أو لا،لأنّ السّبب و هو الخروج موجود في الجميع.

و لو اشتبه اعتبره الصّحيح،باللّذّة و الدّفق و فتور الجسد،لرواية عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام و قد تقدّمت (3).و لأنّ هذه الأمور مقارنة للمنيّ في أغلب الأحوال، فمع حصول الاشتباه يستند إليها.أمّا المريض فلا يعتبر الدّفق في حقّه لضعف قوّته، فالدّفق غير ملازم للمنيّ في حقّه فلا يستند إليه،و لا بدّ من الآخرين.و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:

الرّجل يرى في المنام و يجد الشّهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا،ثمَّ يمكث الهوين بعد فيخرج؟قال:«إن كان مريضا فليغتسل،و إن لم يكن مريضا فلا شيء عليه»قال:

قلت له:فما الفرق بينهما؟قال:«لأنّ الرّجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قويّة و إن كان مريضا لم يجيء إلاّ بعد» (4).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل احتلم فلمّا انتبه وجد بللا قليلا؟قال:«ليس بشيء إلاّ أن يكون مريضا فإنّه يضعف فعليه الغسل» (5).

ص:173


1- 1«ق»«ح»:ذكرناه.
2- 2) في أكثر النّسخ:معيبا.
3- 3) تقدّمت في ص 165.
4- 4) التّهذيب 1:369 حديث 1124،الاستبصار 1:110 حديث 365،الوسائل 1:478 الباب 8 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
5- 5) التّهذيب 1:368 حديث 1120،الاستبصار 1:109 حديث 363،الوسائل 1:477 الباب 8 من أبواب الجنابة،حديث 2. [2]
الثّالث:لو أحسّ بانتقال المنيّ عند الشّهوة،فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل.

و هو قول أكثر الفقهاء (1)خلافا لأحمد (2)،فإنّه أوجب الغسل و أنكر رجوع الماء.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في خبر أمّ سليم قال:(إذا رأت المرأة ذلك فلتغتسل) (3)علّق على الرّؤية.

و ما رواه أبو داود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لعليّ عليه السّلام:(إن فضخت الماء فاغتسل) (4)و الفضخ:خروجه على وجه الشدّة،و قيل:خروجه بالعجلة (5).و بالجملة فالحكم معلّق على الخروج،فينتفي عند انتفائه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يرى في المنام حتّى يجد الشّهوة و هو يرى انّه قد احتلم فإذا استيقظ لم ير في ثوبه الماء و لا في جسده؟قال:«ليس عليه الغسل» (6).

احتجّ أحمد بأنّ الجنابة تباعد الماء عن محلّه-لأنّ الجنابة في اللّغة البعد-و قد وجد، و لأنّ الغسل تراعى فيه الشّهوة و قد حصلت بانتقاله،فأشبه ما لو ظهر (7).

و الجواب عن الأوّل:انّه لا يصحّ،لجواز أن يسمّى جنبا لمجانبته الماء،و ذلك لا

ص:174


1- 1المجموع 2:140،المغني 1:231،ميزان الكبرى 1:120،مغني المحتاج 1:71،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:233.
2- 2) المغني 1:231،ميزان الكبرى 1:120،المجموع 2:140،الكافي لابن قدامة 1:71،منار السّبيل 1:38،الإنصاف 1:230، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:233.
3- 3) صحيح مسلم 1:250 حديث 311،سنن ابن ماجه 1:197 حديث 600.
4- 4) سنن أبي داود 1:53 حديث 206.
5- 5) منار السّبيل 1:38،المغني 1:231.
6- 6) التّهذيب 1:120 حديث 316،الاستبصار 1:109 حديث 362،الوسائل 1:479 الباب 9 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
7- 7) المغني 1:231،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:233.

يحصل إلاّ بخروجه منه،أو لمجانبته المساجد و الصّلاة و القرآن و غيرها.

و عن الثّاني:بالمنع من اعتبار الشّهوة-و قد بيّناه فيما مضى (1)-سلّمنا لكن مراعاتها لا يلزم منه استقلالها به،فإنّ أحد وصفي العلّة و شرط الحكم مراعى له،و لا يستقلّ بالحكم،و يبطل بما إذا وجدت الشّهوة من غير انتقال،فإنّها لا تستقل للحكم مع مراعاتها فيه.

الرّابع:لو خرج المنيّ بعد الانتقال و الإمساك لزمه الغسل

،سواء اغتسل أو لم يغتسل،لوجود السّبب و هو الخروج،و سواء قارنته الشّهوة أو لا،و سواء بال أو لا.و قال بعض الجمهور في الّذي أحسّ بانتقال المنيّ فأمسك ذكره فاغتسل ثمَّ خرج منه المنيّ من غير مقارنة شهوة بعد البول:لا غسل عليه (2).و هو قول أبي يوسف (3).و قال أبو حنيفة و محمّد:عليه الغسل (4).و هو قولنا لما قدّمناه (5)،و لأمر النّبي صلّى اللّه عليه و آله بالغسل عند رؤية الماء و فضخه،و قد وجد في هذه الحالات.

و كذا لو خرج منه الماء فاغتسل ثمَّ خرج أيضا شيء آخر منه وجب أن يعيد الغسل،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (6).و قال أبو حنيفة:إذا خرج قبل البول وجب أن يعيد الغسل،لأنّه بقيّة ما خرج بالدّفق و الشّهوة،و إن خرج بعد البول لم يجب به الغسل،لأنّه خرج بغير دفق و لا شهوة (7).و به قال الأوزاعيّ (8).و قال

ص:175


1- 1تقدّم في ص 171.
2- 2) المغني 1:232.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:67،بدائع الصّنائع 1:37،شرح فتح القدير 1:54-55.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:67،شرح فتح القدير 1:54،بدائع الصّنائع 1:37.
5- 5) تقدّمت في ص 171.
6- 6) الأم 1:37،المحلّى 2:7،فتح العزيز بهامش المجموع 2:125،ميزان الكبرى 1:120،المجموع 2:139،المغني 1:233.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 1:67،ميزان الكبرى 1:120،فتح العزيز بهامش المجموع 2:139،شرح فتح القدير 1:55،المغني 1:233.
8- 8) المغني 1:233،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234.

مالك:لا غسل عليه سواء خرج بعد البول أو قبله،لأنّه اغتسل منه فلا يجب أن يغتسل منه مرّة أخرى (1).و عنه في الوضوء روايتان (2)،و هو مذهب أبي يوسف و محمّد و إسحاق (3).و هو غلط لأنّ الاعتبار بخروجه كسائر الأحداث.و لو تقطّر من بوله نقطة بعد نقطة أعاد الوضوء،و اعتبار الشّهوة قد بيّنا بطلانه (4).

الخامس:لو رأى انّه قد احتلم فاستيقظ فلم يجد منيّا لم يجب عليه الغسل.

و أجمع عليه كلّ من يحفظ عنه العلم،لأنّه لم يحصل السّبب و هو الخروج،و لا اعتبار برؤيا (5)النّائم في إيجاب الأحكام على المكلّف.و لما روى الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل كان يرى في المنام حتّى يجد الشّهوة و هو يرى انّه قد احتلم فإذا استيقظ لم ير في ثوبه الماء و لا في جسده؟قال:

«ليس عليه الغسل».و قال:«كان عليّ عليه السّلام يقول:إنّما الغسل من الماء الأكبر فإذا رأى في منامه و لم ير الماء الأكبر فليس عليه الغسل» (6).

و روى في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرّجل؟قال:«إن أنزلت فعليها الغسل و إن لم تنزل فليس عليها الغسل» (7).

ص:176


1- 1المحلّى 2:7،ميزان الكبرى 1:120،المجموع 2:139،المغني 1:233. [1]
2- 2) الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:61.
3- 3) المجموع 2:139.
4- 4) تقدّم في ص 171.
5- 5) «خ»:برؤية.
6- 6) التّهذيب 1:120 حديث 316،الاستبصار 1:109 حديث 362،الوسائل 1:479 الباب 9 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
7- 7) التّهذيب 1:123 حديث 331،الاستبصار 1:107 حديث 352،الوسائل 1:472 الباب 7 من أبواب الجنابة،حديث 5. [3]
السّادس:لو استيقظ الرّائي فوجد المنيّ وجب الغسل

،لأنّه منه و لا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته،لما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الرّجل يجد البلل و لا يذكر احتلاما؟قال:(يغتسل)و عن الرّجل يرى انّه قد احتلم و لا يجد بللا؟قال:(لا غسل عليه) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

عن الرّجل يرى في ثوبه المنيّ بعد ما يصبح و لم يكن رأى في منامه انّه احتلم؟قال:

«فليغتسل و ليغسل ثوبه و يعيد صلاته» (2)و في سماعه قول (3)،إلاّ انّ روايته هذه متقبّلة عند الأصحاب و النّظر يؤيّدها،فيجب المصير إليها.

السّابع:لو استيقظ فرأى مذيا لم يجب عليه الغسل

،لأنّ الحكم معلّق على المنيّ.

و قال أبو حنيفة و محمّد:يجب الغسل احتياطا تذكّر الاحتلام أو لم يتذكّر (4).و قال أبو يوسف:لا غسل عليه حتّى يستيقن الاحتلام (5).و كلاهما ضعيفان.

الثّامن:لو وجد بللا لا يتحقّق انّه منيّ لم يجب عليه شيء،

لأنّ الطّهارة متيقّنة و الحدث مشكوك فيه،فلا اعتبار به و هو قول مجاهد و قتادة (6).و قال أحمد في بعض الرّوايات:إذا وجد بلّة اغتسل إلاّ أن يكون قد لاعب أهله فربّما خرج منه المذي فلا بأس به.و كذلك إن كان انتشر من أوّل اللّيل بتذكّر أو رؤية لا غسل عليه.و هو قول

ص:177


1- 1سنن التّرمذي 1:189 حديث 113، [1]سنن أبي داود 1:61 حديث 236،نيل الأوطار 1:281، مسند أحمد 6:256. [2]
2- 2) التّهذيب 1:367 حديث 1118،الاستبصار 1:111 حديث 367،الوسائل 1:480 الباب 10 من أبواب الجنابة،حديث 2. [3]
3- 3) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 84.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:69،بدائع الصّنائع 1:37.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:69،بدائع الصّنائع 1:37.
6- 6) المغني 1:234،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:232.

الحسن.و إن لم يكن وجد ذلك فعليه الغسل (1).و الحقّ ما قلناه أوّلا،و هذا التّفصيل لا نعرفه لعدم الدّلالة.

التّاسع:الحكم إنّما يتعلّق بالبالغ أو ممّن قاربه،

كابن ثلاث عشرة سنة أو اثني عشر فإذا وجد مثل هؤلاء المنيّ بعد الاستيقاظ نسب إليهم،لأنّ الصّبيّ هاهنا وجد دليل البلوغ،و هو محتمل.أمّا إذا كان أقلّ من ذلك،بحيث لا يحتمل انّه منه غالبا،حمل على انّه من غيره،فلا يلحقه الحكم.

العاشر:لو احتلم فاستيقظ فلم ير شيئا لكن خرج بعد استيقاظه،

أو مشى فخرج منه المنيّ،وجب عليه الغسل لوجود السّبب.

الحادي عشر:لو رأى منيّا في ثوبه فإن اختصّ به وجب عليه الغسل

،و ذكر شارح الطّحاوي خلافا بين أبي حنيفة و محمّد،و بين أبي يوسف فيمن وجد على ثوبه (2)منيّا،فقال أبو حنيفة و محمّد:عليه الغسل،و خالف أبو يوسف.

لنا:ما رواه الجمهور انّ عمر و عثمان اغتسلا حين رأياه في ثوبهما (3)،و رواية سماعة-و قد تقدّمت-و لأنّه لا يحتمل أن يكون من غيره.أمّا لو شاركه في الثّوب غيره فلا غسل عليه و لا على الآخر،لأنّ كلّ واحد منهما بانفراده يحتمل ألاّ يكون منه، فوجوب الغسل عليه مشكوك فيه.نعم،يستحبّ الغسل لهما احتياطا.

و روى الشّيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يصيب بثوبه منيّا و لم يعلم انّه احتلم؟قال:«يغسل ما وجد بثوبه و ليتوضّأ» (4).

ص:178


1- 1المغني 1:234،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:232.
2- 2) «خ»«ن»«د»:فراشه.
3- 3) المغني 1:235،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:231.
4- 4) التّهذيب 1:367 حديث 1117،الاستبصار 1:111 حديث 369،الوسائل 1:480 الباب 10 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
الثّاني عشر:قال الشّيخ في المبسوط:يعيد المنفرد بالثّوب كلّ صلاة من عند آخر

غسل رفع به الحدث،

هذا بالنّظر إلى كونه جنبا،أمّا بالنّظر إلى حكم الثّوب، فالواجب أن يعيد الصّلوات الّتي صلاّها من آخر نومة نامها فيه،لأنّه لا يقوم إلى صلاة إلاّ مع غلبة الظّنّ انّ ثوبه طاهر،قال:و لو قلنا انّه لا يجب عليه إعادة شيء من الصّلوات بالنّظر إلى الثّوب خاصّة كان قويا،و هو الّذي أعمل به،لأنّ إيجاب الإعادة يحتاج إلى دليل شرعيّ،و لما ثبت من عدم الإعادة على المصليّ في النّجس إذا كان جاهلا إلاّ إذا كان في وقته (1).فتلخّص من هذا انّ الشّيخ يذهب إلى وجوب الإعادة عليه من آخر غسل،و ليس بجيّد.

و الحقّ انّه يعيد الصّلاة من آخر نومة إلاّ أن يرى أمارة تدلّ على القبليّة،فيعيد من أدنى نومة يحتمل انّه منها،لأنّ الصّلاة قبل ما حدّدناه وقعت مشروعة،فلا يبطلها التّجويز المتجدّد.

الثّالث عشر:هل يجوز لواجد المنيّ في الثّوب المشترك الائتمام بصاحبه

في الصّلاة؟قال بعض الجمهور:لا،لعلمنا بأنّ أحدهما جنب فلا تصحّ صلاتهما (2).

و عندي فيه إشكال،فإنّ الشّارع أسقط نظره عن هذه الجنابة و لم يعتد بها في أحكام الجنب،فإنّ لكلّ واحد منهما الدّخول في المساجد،و قراءة العزائم،و غير ذلك من المحرّمات على الجنب،فلو كان حكم الجنابة باقيا لما ساغ ذلك.و على تقدير التّسليم، فصلاة الإمام صحيحة قطعا كما لو لم يأتمّ،و المأموم ائتمّ بصلاة يعلم صحّتها شرعا فساغ ذلك،و مع التّسليم،فالّذي ذكروه يقتضي بطلان صلاة المأموم خاصّة.

الرّابع عشر:لو خرج منيّ الرّجل من فرج المرأة بعد الاغتسال لم يجب عليها

الغسل

،سواء جامعها في فرجها أو في غيره فنزل فيه،ثمَّ خرج.و هو مذهب قتادة،

ص:179


1- 1المبسوط 1:28. [1]
2- 2) المغني 1:235،المجموع 2:143،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:232.

و الأوزاعيّ،و إسحاق (1).و قال الحسن:تغتسل (2).و قال الشّافعيّ:تتوضّأ (3).

لنا:انّه ليس منها فأشبه غير المنيّ.

و روى الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تغتسل من الجنابة ثمَّ ترى نطفة الرّجل بعد ذلك،هل عليها غسل؟ فقال:«لا» (4).

الخامس عشر:لو أمذى لم يجب عليه شيء،

لأنّ المذي عندنا طاهر بلا خلاف بين علمائنا.أمّا الجمهور القائلون بنجاسته فقد اختلفوا فيه،فقال الشّافعيّ:يجب غسل موضع المذي خاصّة،لأنّه خارج لا يوجب غسل جميع البدن،فلا يوجب غسل ما لم يصبه (5).و قال مالك:يجب عليه غسل الذّكر (6).و قال أحمد:يجب عليه غسل الذّكر و الأنثيين (7)،لما رووه،عن عليّ عليه السّلام و قد سأل له المقداد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:(يغسل ذكره و يتوضّأ) (8)و في رواية أخرى:(يغسل ذكره و أنثييه و يتوضّأ) (9).

و الجواب:قد بيّنا في طرقنا انّه لا وضوء فيه.

السّادس عشر:لو خرج المنيّ من ثقبة في الإحليل غير المعتاد،

أو في خصيتيه،أو

ص:180


1- 1المجموع 2:151،المغني 1:235،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:232.
2- 2) المغني 1:235،المحلّى 2:7،المجموع 2:151،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:232.
3- 3) المجموع 2:151.
4- 4) التّهذيب 1:146 حديث 413،الوسائل 1:482 الباب 13 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
5- 5) المجموع 2:144.
6- 6) المجموع 2:144،المدوّنة الكبرى 1:12،بلغة السّالك 1:62،المحلّى 1:106.
7- 7) المغني 1:194،الكافي لابن قدامة 1:70،عمدة القارئ 3:219،المجموع 2:144.
8- 8) صحيح مسلم 1:247 حديث 303،سنن أبي داود 1:53 حديث 207،سنن النّسائي 1:213.
9- 9) سنن أبي داود 1:54 حديث 208.

في صلبه،فالأقرب وجوب الغسل،لقوله عليه السّلام:(إنّما الماء من الماء) (1).

و يحتمل إحالته على الخارج من السّبيلين.و هو قول الشّافعيّة (2).

مسألة:و الجماع في الفرج سبب موجب للجنابة على الرّجل و المرأة،

و حدّه:

التقاء الختانين،و المراد به المحاذاة،و يعلم بغيبوبة الحشفة،سواء أنزل أو لم ينزل.و هو مذهب عامّة العلماء إلاّ داود و نفرا يسيرا من الصّحابة شرطوا الإنزال (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إذا التقى الختانان وجب الغسل) (4).

و عنها انّها قالت:إذا التقى الختانان وجب الغسل،فعلته أنا و رسول الله صلّى الله عليه و آله فاغتسلنا (5).

و عنها انّها،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إذا جلس بين شعبها الأربع و مسّ الختان الختان فقد وجب الغسل) (6).

و في حديث عمر انّه قال:من خالف في ذلك فقد جعلته نكالا (7).

و روى مسلم،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إذا

ص:181


1- 1صحيح مسلم 1:269 حديث 343،سنن التّرمذي 1:186 حديث 112،سنن ابن ماجه 1:199 حديث 607،سنن النّسائي 1:115،سنن الدّارمي 1:194،كنز العمّال 9:540،حديث 27325،سنن أبي داود 1:56 حديث 217.
2- 2) المجموع 2:140.
3- 3) المغني 1:236،ميزان الكبرى 1:120،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:20،المجموع 2: 136،شرح الزّرقاني على موطّإ مالك 1:96،نيل الأوطار 1:277.
4- 4) مسند أحمد 6:239. [1]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:199 حديث 608،نيل الأوطار 1:278.
6- 6) صحيح مسلم 1:271 حديث 349،نيل الأوطار 1:278،جامع الأصول 8:160.
7- 7) المغني 1:236،عمدة القارئ 3:354.

قعد بين شعبها الأربع فقد وجب عليه الغسل و إن لم ينزل) (1)و هذا نصّ،قال الأزهريّ[1]:أراد بين شعبتي رجليها و شعبتي شفريها (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته متى يجب الغسل على الرّجل و المرأة؟فقال:«إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرّجم» (3).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن الرّجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل؟فقال:«إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»قلت:التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟قال:

«نعم» (4).

و روى في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها،أ عليها غسل؟قال:«إذا وضع الختان على الختان فقد وجب الغسل،البكر و غير البكر» (5).

ص:182


1- 1صحيح مسلم 1:271 حديث 348.
2- 2) المغني 1:236.
3- 3) التّهذيب 1:118 حديث 310،الاستبصار 1:108 حديث 358،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 1:118 حديث 311،الاستبصار 1:108 حديث 359،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 2. [2]
5- 5) التّهذيب 1:118 حديث 312،الاستبصار 1:109 حديث 360،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 3. [3]

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:جمع عمر بن الخطاب أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:ما تقولون في الرّجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟فقالت الأنصار:الماء من الماء،و قال المهاجرون:إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل:فقال عمر لعليّ عليه السّلام:ما تقول يا أبا الحسن؟فقال عليّ عليه السّلام:«أ توجبون عليه الرّجم و الحدّ و لا توجبون عليه صاعا من ماء؟إذا التقى الختانان،فقد وجب عليه الغسل»فقال عمر:القول ما قال المهاجرون و دعوا ما قالت الأنصار (1).

فروع:
الأوّل:لو جامع في دبر المرأة و لم ينزل،قال السّيّد المرتضى:يجب الغسل ،

(2)

و به قال الشّافعيّ (3).و قال الشّيخ في المبسوط:لأصحابنا فيه روايتان:الوجوب و عدمه (4).و قال في النّهاية:فإن جامع فيما دون الفرج لم يجب الغسل إلاّ مع الإنزال (5)،قال ابن إدريس:إن أراد بالفرج ما يعمّ القبل و الدّبر معا فصحيح،و إلاّ فلا (6).و الأقرب ما ذهب إليه السّيّد المرتضى.

لنا:قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (7)و التّيمّم بدل من الغسل فوجوبه تابع لوجوب الأصل،و الملامسة هي الجماع مطلقا،خرج عنه ما

ص:183


1- 1التّهذيب 1:119 حديث 314،الوسائل 1:470 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 5. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:180. [2]
3- 3) الام 1:37،المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:136.
4- 4) المبسوط 1:27.
5- 5) النّهاية:19. [3]
6- 6) السّرائر:21.
7- 7) النّساء:43، [4]المائدة:6. [5]

ليس بمعتاد،لعدم انصراف اللّفظ إليه،فيبقى الباقي على حكمه.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام، قال:سألته متى يجب الغسل على الرّجل و المرأة؟فقال:«إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرّجم» (1)أشار بذلك إلى الإدخال في الفرج و هو موضع الحدث،سواء كان قبلا أو دبرا،و قول عليّ عليه السّلام:«أ توجبون عليه الحدّ و الرّجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء»و هذا يدلّ من حيث المفهوم على الوجوب بوطء الدّبر.

احتجّ الشّيخ بما رواه أحمد بن محمّد[1]،عن البرقيّ[2]رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أتى الرّجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما،و إن أنزل فعليه الغسل و لا غسل عليها» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أ عليها غسل إن هو أنزل و لم تنزل هي؟قال:«ليس

ص:184


1- 1التّهذيب 1:118 حديث 310،الاستبصار 1:108 حديث 358،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:125 حديث 336،الاستبصار 1:112 حديث 371،الوسائل 1:481 الباب 12 من أبواب الجنابة،حديث 2. [2]

عليها غسل،و إن لم ينزل هو فليس عليه غسل» (1).

و الجواب عن الأوّل:انّها مرسلة،فلا تعارض ما ذكرناه.

و عن الثّاني:انّا نقول بموجبة،و نمنع من اختصاص اسم الفرج بالقبل.

الثّاني:لو وطئ الغلام في دبره،قال السّيّد المرتضى:يجب الغسل .

(2)

و قال الشيخ في المبسوط:لأصحابنا فيه روايتان (3)،و عندي فيه تردّد،و الأقرب ما قاله السّيّد،و هو قول الشّافعيّ (4)،و أبي حنيفة (5)،و أحمد (6).

استدل السّيّد عليه بالإجماع،قال:كلّ من أوجب الغسل بوطء دبر المرأة أوجبه بوطء دبر الغلام،و قد بيّنّا الحكم الأوّل،فيثبت الثّاني.

و يدلّ عليه أيضا:قول عليّ عليه السّلام:«أ توجبون عليه الحدّ و الرّجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء»و لأنّه دبر آدميّ فأشبه دبر المرأة.و الشّيخ تمسّك بالأصل و هو ضعيف مع وجود ما ينافيه.

الثّالث:هل يجب على المرأة الموطوءة في الدّبر الغسل مع عدم الإنزال؟فيه تردّد،

و يلوح من كلام ابن إدريس الوجوب (7)،و يدلّ عليه كلام أمير المؤمنين عليه السّلام، فإنّ الحدّ و الرّجم مشترك بينهما،و هو قول الشّافعيّ (8)،و أبي حنيفة (9)،و أحمد (10).

ص:185


1- 1التّهذيب 1:124 حديث 335،الاستبصار 1:111 حديث 370،الوسائل 1:481 الباب 11 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:181. [2]
3- 3) المبسوط 1:27.
4- 4) المجموع 2:132، [3]مغني المحتاج 1:69.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:36،شرح فتح القدير 1:56.
6- 6) المغني 1:238،الكافي لابن قدامة 1:71،الإنصاف 1:235،منار السّبيل 1:39.
7- 7) السّرائر:20.
8- 8) الام 1:37،المجموع 2:136.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:36،الهداية للمرغيناني 1:17،شرح فتح القدير 1:56.
10- 10) المغني 1:237،الإنصاف 1:235.

و كذا الغلام الموطوء،يجب عليه الغسل.

الرّابع:لو وطئ بهيمة،قال الشّيخ في المبسوط و الخلاف:لا نصّ فيه

(1)

،فلا يتعلّق به حكم،و هو قول أبي حنيفة (2)،خلافا للشّافعيّ (3)،و أحمد (4)،و كلام الشّيخ قويّ.

الخامس:لا فرق في الموطوء الآدميّ بين أن يكون طائعا،أو مكرها،و نائما،أو

مستيقظا-و كذا الواطئ

-و حيّا،أو ميّتا،خلافا لأبي حنيفة فإنّه لم يوجب الغسل بوطء الميتة (5).

لنا:انّه إيلاج فرج في فرج حصل معه الالتقاء،فيجب الغسل،عملا بالأحاديث السّالفة و لأنّه إيلاج فرج آدميّ في فرج آدميّ فيجب الغسل كالحيّ.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه وطء غير مقصود،فلا يتعلّق الحكم به (6).

و الجواب:المنع من عدم القصد،ضرورة (7)توقّف الفعل عليه،إلاّ أن يعني بالقصد ما يكون متعلّق الشّهوة غالبا فينتقض بالعجوز و الشّوهاء.و لو كان جماعة للميتة بعد غسلها لم يعد،و هو أحد وجهي الشّافعيّ (8).

ص:186


1- 1المبسوط 1:28،الخلاف 1:24 مسألة-59.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:37،الهداية للمرغيناني 1:17،شرح فتح القدير 1:56،عمدة القارئ 3: 253،فتح العزيز بهامش المجموع 2:117،المغني 1:237.
3- 3) الام 1:37،المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:132،مغني المحتاج 1:69،فتح الوهّاب 1: 18،فتح العزيز بهامش المجموع 2:117.
4- 4) المغني 1:237،الإنصاف 1:235.
5- 5) شرح فتح القدير 1:56،عمدة القارئ 3:253،المغني 1:237،المجموع 2:136.
6- 6) المغني 1:237،المجموع 2:137،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:235.
7- 7) «ح»«ق»:لضرورة.
8- 8) المجموع 2:135.
السّادس:لو غيّب بعض الحشفة و لم ينزل لم يتعلّق به حكم،

لأنّه لم يوجد التقاء الختانين و لا ما هو في معناه،لأنّ غيبوبة الحشفة شرط للوجوب،لرواية محمّد بن إسماعيل الصّحيحة،قلت:التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟قال:«نعم» (1)و لم يوجد،فينتفي الوجوب.

السّابع:لو انقطعت الحشفة،أو لم يكن له خلقة،فأولج الباقي من ذكره بقدر

الحشفة وجب الغسل،

و تعلّقت به أحكام الوطء من المهر و غيره،لرواية محمّد بن مسلم الصّحيحة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرّجم» (2)و إن كان أقلّ من ذلك لم يجب.

الثّامن:لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل،أو أولج الخنثى المشكل ذكره،أو

وطأ أحدهما الآخر في قبله،قال الشّافعيّ:لا يجب الغسل

لاحتمال أن يكون زائدا،و مع الإنزال يختصّ الغسل بالمنزل و لو اشترك (3).و فيه إشكال من حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الزّيادة و الأصالة.أمّا لو أولج الرّجل في دبر الخنثى فإنّه يجب الغسل عند السّيّد و هو الحقّ،و به قال الشّافعيّ (4).

التّاسع:لو وطئ الصّبيّ أووطئت الصّبيّة ففي تعلّق الحكم بهما نظر.

(5)

قال أبو حنيفة و أبو ثور:يستحبّ لهما الغسل لعدم تعلّق الإثم بهما فلا يتصوّر الوجوب في حقّهما،و لأنّ الصّلاة الّتي يجب الطّهارة لها غير واجبة عليهما،فأشبهت

ص:187


1- 1التّهذيب 1:118 حديث 311،الاستبصار 1:108 حديث 359،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:118 حديث 310،الاستبصار 1:108 حديث 358،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:29.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:29،المجموع 2:132.
5- 5) في النّسخ:وطئ.

الحائض (1).و قال أحمد بالوجوب،عملا بقوله عليه السّلام:(إذا التقى الختانان وجب الغسل) (2)و لا نعني بالوجوب التّأثيم بتركه،بل معناه أنّه شرط لصحّة الصّلاة، و الطّواف،و إباحة قراءة العزائم،و إنّما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخّر الواجب بتركه،و لذلك لو أخّره في غير وقت الصّلاة لم يأثم،و الصّبيّ لا صلاة عليه فلا يأثم بالتّأخير،و بقي في حقّه شرطا كما في حقّ الكبير،و إذا بلغ كان حكم الحدث في حقّه باقيا،كالحدث الأصغر ينقض الطّهارة في حقّ الكبير و الصّغير (3).و هو الأقوى.

الأصل:الكفّار مخاطبون بفروع العبادات في الأمر و النّهي معا،

خلافا للحنفيّة مطلقا و لبعض النّاس في الأوامر (4).

لنا:المقتضي و هو العموم موجود كقوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (5).

يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (6)و المانع و هو الكفر لا يصلح ان يكون مانعا،لأنّ الكافر متمكّن من الإتيان بالإيمان أوّلا حتّى يصير متمكّنا من الفروع كما في حقّ المحدث،و لقوله تعالى قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (7)و لقوله تعالى وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (8)و ذلك عائد إلى كلّ ما تقدّم،و قوله تعالى فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلّى وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلّى (9)ذمّهم على الجميع،و قوله:

ص:188


1- 1المغني 1:238.
2- 2) مسند أحمد 6:239. [1]
3- 3) المغني 1:238. [2]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:35.
5- 5) آل عمران:97. [3]
6- 6) البقرة:21. [4]
7- 7) المدّثّر:43. [5]
8- 8) الفرقان:68. [6]
9- 9) القيامة:31،32. [7]

وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ (1).

و لأنّ النّهي يتناوله،فيحدّ على الزّنا فيتناوله الأمر،لأنّ التّناول ثمَّ إنّما كان لتمكّنه من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الاحتراز من المنهيّ عنه للمناسبة و الاقتران، فوجب أن يكون متمكّنا من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الإقدام على المأمور به، و احتجاجهم بأنّه لو وجبت الصّلاة لكانت إمّا حال الكفر أو بعده،و الأوّل باطل لامتناعه،و الثّاني باطل للإجماع على سقوط القضاء لما فات حالة الكفر،و لأنّه لو كان واجبا لوجب القضاء كالمسلم،و الجامع تدارك المصلحة المتعلّقة بتلك العبادات، ضعيف.

أمّا الأوّل فلأنّا لا نعني بتكليفهم في الدّنيا الإقدام على الصّلاة مع الكفر و لا وجوب القضاء،بل يتناول العقاب لهم في الآخرة على ترك الفروع،كما حصل لهم على ترك الإيمان،و حينئذ يندفع ما ذكروه.

و عن الثّاني:بالمنع من الملازمة،فإنّ القضاء يجب بأمر جديد،و قياسهم منتقض بالجمعة.و أيضا:الفرق واقع،لأنّ في حقّ الكافر لو أمر بالقضاء،حصل التّنفّر له عن الإسلام.

العاشر:إذا حصل السّبب للكافر لحقه الحكم بمعنى تناوله العقاب في الآخرة،

(2)

فإذا أسلم لم يسقط عنه ما كان واجبا عليه ها هنا،سواء اغتسل في حال كفره أو لم يغتسل،و هو اختيار الشّافعيّ (3).و قال أبو حنيفة:يسقط الغسل عنه لكن يستحبّ له (4).

ص:189


1- 1فصّلت:6،7. [1]
2- 2) «خ»«م»:تناول.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:30،المجموع 2:152،المغني 1:239.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:35،المبسوط للسّرخسي 1:90،المغني 1:239،المجموع 2:152،نيل الأوطار 1:282.

لنا:انّه جنب بعد الإسلام،فيمنع من الصّلاة إلاّ بالغسل،لقوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1)و هو عام.

و أيضا:قوله عليه السّلام:(إذا التقى الختانان وجب الغسل) (2)و لأنّه لو كان محدثا حدثا أصغر لم يجز له الدّخول في الصّلاة إلاّ بالطّهارة،فكذا في الغسل،و لأنّه على تقدير أن لا يكون مكلّفا لا يلزم عدم الغسل،لأنّ عدم التّكليف غير مانع من الوجوب.

كالصّبيّ و المجنون.

احتجّوا بأنّه لم ينقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه أمر أحدا بالغسل،مع كثرة من أسلم من البالغين،و هم غالبا لا يكادون يسلمون عن حدث الجنابة (3).و بقوله عليه السّلام:(الإسلام يجبّ ما قبله) (4).

و الجواب عن الأوّل بالمنع من ترك الأمر،فإنّ قوله:(إذا التقى الختانان وجب الغسل)عامّ،و قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (5)عامّ أيضا.و لو سلّمنا ترك أمرهم به على التّفصيل،لكن لمّا علموا من دينه أنّهم بعد الإسلام مأمورون بأحكامه، و من جملة تلك الأحكام الصّلاة المشترطة بالطّهارة،لا جرم كان ذلك كافيا في الأمر لهم.على انّه قد نقل أنّهم أمروا بذلك.روى أبو داود،عن قيس بن عاصم[1]قال:

أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل (6).

ص:190


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) مسند أحمد 6:239. [2]
3- 3) المغني 1:239،نيل الأوطار 1:282،المجموع 2:152.
4- 4) مسند أحمد 4:199،204،205.
5- 5) المائدة:6. [3]
6- 6) سنن أبي داود 1:98 حديث 355.

و روي،عن سعد بن معاذ[1]و أسيد بن حضير[2]حين أراد الإسلام أنّهما سألا مصعب بن عمير[3]و أسعد بن زرارة[4]،كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قالا:نغتسل و نشهد شهادة الحق (1).و ذلك يدلّ على استفاضة الأمر بالغسل،و لا موجب إلاّ ما ذكرناه.

الحادي عشر:حكم المرتد حكم الكافر في وجوب الغسل عليه.

و هو مذهب علمائنا أجمع،لوجود السّبب في حقّه.

الثّاني عشر:لا يبطل الغسل بالارتداد

لعدم الدّليل عليه،و لأنّ حدث الجنابة قد زال بالغسل،و التّقدير انّه لم يتجدّد موجب آخر،و مع زوال الحدث لا يعود إلاّ بإعادة السّبب.

ص:191


1- 1المغني 1:240،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:238.
الثّالث عشر:لا اعتبار بغسل الكافر في حال كفره

،و يجب عليه تجديده بعد الإسلام.و هو أحد قولي الشّافعيّ (1).و قال أبو حنيفة (2):يرتفع حدثه.و هو القول الآخر للشّافعيّ (3).

لنا:انّه عبادة مفتقرة إلى نيّة،و هي غير صحيحة في حقّه،لعدم معرفته باللّه تعالى.و لأنّ الجنابة إحدى الحدثين فلا ترتفع حالة الكفر كالحدث الأصغر.

الرّابع عشر:لو استدخلت ذكر الرّجل وجب الغسل

و إن كان نائما على إشكال.

و لو استدخلت ذكرا مقطوعا أو ذكر بهيم (4)ففي الغسل إشكال،و عند الشّافعيّ (5)وجهان.

و لو استدخلت ماء الرّجل لم يجب عليها الغسل.و هو أظهر قولي الشّافعي (6)،و له وجه انّه يجب،لأنّ المقتضي للغسل في الالتقاء[إفضاءه] (7)إلى الإنزال غالبا (8).

الخامس عشر:لو لفّ على ذكره خرقة و أولج،فالأقرب وجوب الغسل.

و هو الأظهر من مذهب الشّافعيّ (9)،لأنّ التّحاذي موجود،و في وجه آخر،إن كانت الخرقة ليّنة وجب،و إن كانت غليظة خشنة لم يجب (10)،لانتفاء الاستمتاع.

و لو استمتع بما دون الفرج كالسّرّة و الفم و غيرهما لم يجب الغسل إلاّ بالإنزال،

ص:192


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:30،المجموع 2:153.
2- 2) المغني 1:240،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:238.
3- 3) المغني 1:240،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:238،المهذّب للشّيرازي 1:30.
4- 4) كذا في النّسخ،و الأنسب:بهيمة.
5- 5) المجموع 2:133،و فيه:و لو استدخلت ذكر بهيمة.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:30،المجموع 2:151.
7- 7) في النّسخ:أفضاه،و لعلّ الأنسب ما أثبتناه.
8- 8) المجموع 2:151.
9- 9) المجموع 2:134،مغني المحتاج 1:69،فتح العزيز بهامش المجموع 2:118.
10- 10) المجموع 2:134،فتح العزيز بهامش المجموع 2:119.

لأنّ الاستمتاع بما دون الفرج لم يجعل له حكم الإيلاج في شيء من الأحكام المتعلّقة بالوطء،مثل الحدّ،و التّحليل،و التّحصين،و تقرير المهر،و تحريم المصاهرة،فلا يلحق به إيجاب الغسل.

البحث الثّاني:في كيفيّة الغسل
مسألة:النّيّة شرط في الغسل من الجنابة

،لما سبق في الوضوء (1)،و وقتها عند غسل اليدين،لأنّه بداية (2)أفعال الطّهارة،و يتضيّق عند غسل الرّأس،لأنّه لو جاز التّأخير عنه لزم حصول بعض الغسل من غير نيّة فلا يكون مجزيا.

و يشترط استدامتها حكما كما قلنا في الوضوء (3)،و يكفيه أن ينوي مع الوجوب و القربة رفع الحدث و إن لم يذكر السّبب.و لو اجتمعت الأسباب فالوجه انّه كذلك، أمّا لو اجتمع غسل الجنابة و الجمعة لم يكف النّيّة للغسل المتقرّب به مطلقا،لأنّ غسل الجمعة ليس برافع للحدث.كذا ذكره الشّيخ في المبسوط (4).

و لو اجتمع غسل الحيض مثلا مع الجنابة هل يجب التّعيين؟فيه إشكال،و الوجه انّه لا يجب،و بعض الفروع المتقدّمة في الوضوء آتية ها هنا.

مسألة:و الواجب في الغسل ما يسمّى غسلا

،قال الشّيخ:و لو كالدّهن (5).

ص:193


1- 1تقدّم في ص:7. [1]
2- 2) «خ»:بدأ به في.
3- 3) تقدّم في ص:15.
4- 4) المبسوط 1:19. [2]
5- 5) النهاية:22. [3]

و نحن نشترط فيه جريان أجزاء الماء على أجزاء المحلّ ليتحقّق المسمّى،و يجب إيصال الماء إلى جميع البشرة،فلو كان بعض أجزاء البدن بحيث لا يصل الماء إليه إلاّ بالتّخليل وجب،لأنّ الواجب الإيصال،فما يتوقّف عليه يكون واجبا.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن غسل الجنابة؟فقال:«تبدأ بكفّيك،ثمَّ تغسل فرجك،ثمَّ تصبّ على رأسك ثلاثا،ثمَّ تصبّ على سائر جسدك مرّتين،فما جرى الماء عليه فقد طهّره» (1)و هذا يدلّ على بقاء ما لم يجر الماء عليه على النّجاسة،عملا بالاستصحاب السّالم عن معارضة جريان الماء.و في هذا الحديث دلالة على اشتراط الجريان في الغسل و ذلك يوضّح ما ذكرناه أوّلا.

و روى أيضا في الحسن،عن زرارة قال:فقال:«فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» (2).

و روى الشّيخ في الحسن،عن حجر بن زائدة[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«من ترك شعرة من الجنابة متعمّدا فهو في النّار» (3).

ص:194


1- 1التّهذيب 1:132 حديث 365،الاستبصار 1:123 حديث 420،الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:133 حديث 368،الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:135 حديث 373،الوسائل 1:463 الباب 1 من أبواب الجنابة،حديث 5. [3]
فرع:

يجب أن يتولّى الغسل بنفسه

،لأنّه مخاطب به إلاّ مع الضّرورة،و تكره الاستعانة، و قد تقدّم (1)في الوضوء.

مسألة:و يجب الترتيب في غسل الجنابة

،يبدأ برأسه،ثمَّ بجانبه الأيمن،ثمَّ الأيسر.و هو مذهب علمائنا خاصّة.

لنا:ما روته عائشة،قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخلّل شعره،فإذا ظنّ أنّه أروى بشرته،أفاض عليه الماء ثلاث مرّات،ثمَّ غسل سائر جسده (2).

و ما روته ميمونة،قالت:وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وضوء الجنابة،فأفرغ على يديه فغسلهما مرّتين أو ثلاثا،ثمَّ أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره،ثمَّ ضرب بيده على الأرض أو الحائط مرّتين أو ثلاثا،ثمَّ تمضمض و استنشق و غسل وجهه و ذراعيه،ثمَّ أفاض الماء على رأسه،ثمَّ غسل جسده،فأتيته بالمنديل فلم يردها،و جعل ينفض الماء بيديه (3)،و هذان متّفق عليهما.

و روى الجمهور،عن أمّ سلمة،قالت:قلت:يا رسول اللّه،إنّي امرأة أشدّ ضفيرتي أ فأنقضه لغسل الجنابة؟فقال:(لا،إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات،ثمَّ تفيضين عليك الماء،فتطهرين) (4)رواه مسلم.

إذا ثبت هذا،فنقول:لمّا وجب تقديم غسل الرّأس بفعله عليه السّلام عقيب الإجمال،و بقوله:(ثمَّ تفيضين)و هي للتّرتيب،وجب تقديم الجانب الأيمن على الأيسر.

ص:195


1- 1تقدّم في الجزء الأوّل ص 311.
2- 2) صحيح البخاري 1:76،سنن البيهقي 1:175.
3- 3) صحيح البخاري 1:77،سنن البيهقي 1:177-مع تفاوت يسير.
4- 4) صحيح مسلم 1:259 حديث 330-و فيه:ضفر رأسي.

أمّا أوّلا:فلما روته عائشة قالت:كان عليه السّلام إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشقّه الأيمن ثمَّ الأيسر (1).و روت:أنّه عليه السّلام كان يحبّ التّيمّن في طهوره (2).

و أمّا ثانيا:فلأنّ الإجماع واقع على إبطال ترتيب الرّأس دون غيره،و بطلانه لا يجوز أن يكون بسقوط التّرتيب،لما بيّنّاه من وجوب تقديم الرّأس،فوجب أن يكون بسقوط التّرتيب بين الجانبين.

و أمّا ثالثا:فلأنّه عليه السّلام رتّب لأفضليّته،و لما روته عائشة،فيجب اتّباعه فيه،لأنّ فعله في معرض البيان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قلت له:

كيف يغتسل الجنب؟فقال:«إن لم يكن أصاب كفّه منّي غمسها في الماء،ثمَّ بدأ بفرجه فأنقاه،ثمَّ صبّ على رأسه ثلاث أكفّ،ثمَّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين و على منكبه الأيسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» (3)و حرف«ثمَّ»يفيد التّرتيب.

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

سألته عن غسل الجنابة؟فقال:«تبدأ بكفّيك،ثمَّ تغسل فرجك،ثمَّ تصبّ على رأسك ثلاثا،ثمَّ تصبّ على سائر جسدك مرّتين،فما جرى الماء فقد طهّره» (4).

و روى في الحسن،عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اغتسل من جنابة و لم يغسل رأسه[ثمَّ بدا له أن يغسل رأسه] (5)لم يجد بدّا من إعادة

ص:196


1- 1صحيح البخاري 1:73،صحيح مسلم 1:255 حديث 318،سنن أبي داود 1:62 حديث 240.
2- 2) صحيح مسلم 1:226 حديث 268،صحيح البخاريّ 1:53-بتفاوت يسير.
3- 3) التّهذيب 1:133 حديث 368،الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
4- 4) التّهذيب 1:132 حديث 365،الاستبصار 1:123 حديث 420،الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
5- 5) أضفناه من المصدر.

الغسل» (1)و لو لم يكن التّرتيب واجبا،لجاز غسل الرّأس من غيره إعادة.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن هشام،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام فيما بين مكّة و المدينة و معه أمّ إسماعيل[1]،فأصاب من جارية له فأمرها، فغسلت جسدها و تركت رأسها،فقال لها:«إذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك» ففعلت ذلك،فعلمت بذلك أمّ إسماعيل،فحلقت رأسها،فلمّا كان من قابل انتهى أبو عبد اللّه عليه السّلام إلى ذلك المكان،فقالت له أمّ إسماعيل:أيّ موضع هذا؟قال لها:«هذا الموضع الّذي أحبط اللّه فيه حجّك عام أوّل» (2)فأمره لها بغسل جسدها،ثمَّ بغسل رأسها بعد الرّكوب يدلّ على سقوط التّرتيب.

لأنّا نقول:انّ الرّاوي قد و هم ها هنا،فإنّه لا امتناع أن يكون الرّاوي سمع:

اغسلي رأسك فإذا أردت الرّكوب فاغسلي جسدك،فعكس للاشتباه.

و يدلّ عليه:ما رواه هشام بن سالم أيضا في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم، قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسطاطه و هو يكلّم امرأة فأبطأت عليه، فقال:«ادنه هذه أمّ إسماعيل جاءت و أنا أزعم انّ هذا المكان الّذي أحبط اللّه فيه حجّها عام أوّل،كنت أردت الإحرام،فقلت:ضعوا لي الماء في الخباء،فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها،فقلت:اغسلي رأسك و امسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك،فإذا أردت الإحرام فاغسلي جسدك و لا تغسلي رأسك

ص:197


1- 1التّهذيب 1:133 حديث 369،الاستبصار 1:124 حديث 421،الوسائل 1:506 الباب 28 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:134 حديث 370،الاستبصار 1:124 حديث 422،الوسائل 1:507 الباب 28 من أبواب الجنابة،حديث 4. [2]

فتستريب مولاتك،فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول منه شيئا فمسّت مولاتها رأسها فإذا لزوجة الماء فحلقت رأسها و ضربتها،فقلت لها:هذا المكان الّذي أحبط اللّه فيه حجّك» (1).

و لأنّها طهارة تراد لأجل الصّلاة فيجب فيها التّرتيب كالوضوء،و القياسات الّتي ذكرناها في الوضوء آتية ها هنا.

و لأنّا نقول:شيء من الطّهارة واجب،و غير المرتّب ليس بواجب،فيجب المرتّب، و إلاّ لزم شمول عدم الوجوب المنفيّ بالاتّفاق.

و أيضا:الطّهارة واجبة بالإجماع،و غير المرتّب ليس بواجب بالإجماع،فغير المرتّب ليس طهارة.

فروع:
الأوّل:لا ترتيب على المرتمس في الماء،

و لا على الواقف تحت الميزاب أو المطر أو المجرى على قول الشّيخ،و نقل عن بعض الأصحاب،التّرتيب حكما (2).و ابن إدريس أسقط عن المرتمس خاصّة (3).

لنا:على السّقوط:الأصل،و لأنّه امتثل الأمر بالاغتسال،و هو لا يستلزم التّرتيب إلاّ في الموضع الّذي ثبت فيه النّصّ.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«و لو انّ رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و إن لم يدلك جسده» (4).

ص:198


1- 1التّهذيب 1:134 حديث 371،الاستبصار.1:124 حديث 423،الوسائل 1:508 الباب 29 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:29.
3- 3) السّرائر:25.
4- 4) التّهذيب 1:148 حديث 422،الوسائل 1:503 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 5. [2]

و روى في الحسن،عن الحلبي،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله» (1).

و روى في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:

سألته عن الرّجل الجنب هل يجزيه من غسل الجنابة أن يقوم في المطر (2)حتّى يغسل رأسه و جسده،و هو يقدر على ما سوى ذلك؟قال:«إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك» (3).

الثّاني:الجنب طاهر إذا خلا بدنه من النّجاسة،

فلو لمس شيئا برطوبة لم يتعلّق به حكم،و لو غمس يده و هي طاهرة في الإناء لم يفسد الماء،و كذا باقي أعضائه.و به قال الشّافعيّ (4).و قال أبو يوسف:إن أدخل يده لم يفسد الماء و إن أدخل رجله فسد، لأنّ المعالجة باليد في محلّ الحاجة فعفي عنها (5).

قال المفيد:لا ينبغي للجنب أن يرتمس في الماء الرّاكد،فإنّه إن كان قليلا أفسده،و إن كان كثيرا خالف السّنّة (6).و فساده مع القلّة إسناده إلى ما ذهب إليه من عدم قوّة التّطهير عن القليل إذا ارتفع به حدث الجنابة،و نحن لمّا كان هذا عندنا ضعيفا لا جرم،سقط عنّا هذا الفرع.

و يدلّ على ما قلناه أيضا:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن ميسر،قال:

ص:199


1- 1التّهذيب 1:148 حديث 423،الاستبصار 1:125 حديث 424،الوسائل 1:504 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 12. [1]
2- 2) «ن»«د»:القطر.
3- 3) التّهذيب 1:149 حديث 424،الاستبصار 1:125 حديث 425،الوسائل 1:504 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 10. [2]
4- 4) الامّ(مختصر المزني)8:5.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:53،المغني 1:246.
6- 6) المقنعة:6.

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطّريق، و يريد أن يغتسل منه و ليس معه إناء يغرف به و يداه قذرتان؟قال:«يضع يده و يتوضّأ و يغتسل،هذا ممّا قال اللّه عزّ و جلّ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1)(2).

و أمّا مخالفته بالارتماس في الكثير للسّنّة،فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السّماء و يستقى فيه من بئر فيستنجي فيه الإنسان من بول أو يغتسل فيه الجنب،ما حدّه الّذي لا يجوز؟فكتب:«لا توضّأ من مثل هذا الماء إلاّ من ضرورة (3)إليه».

الثّالث:لو أخلّ بالتّرتيب وجب عليه إعادة ما أخلّ به

و ما بعده،ليحصل التّرتيب،لأنّه شرط،و مع فقدانه لا اعتداد بالفعل،و لرواية حريز الصّحيحة و قد بيّنّاها في الدّلالة على وجوب التّرتيب (4).

الرّابع:لو اغتسل المرتّب و بقيت لمعة من جسده لم يصبها الماء،أجزأه مسح تلك

اللّمعة بيده بالماء

بحيث يحصل مسمّى الغسل إذا كانت في الجانب الأيسر،و كذا إذا كانت في الجانب الأيمن،لكن يجب عليه الإعادة على الأيسر.

أمّا الإجزاء،فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اغتسل[أبي] (5)من الجنابة،فقيل له:قد بقيت لمعة من ظهرك لم

ص:200


1- 1الحج:78. [1]
2- 2) التّهذيب 1:149 حديث 425،الوسائل 1:113 الباب 8 من أبواب الماء المطلق،حديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 1:150 حديث 427،الاستبصار 1:9 حديث 11،الوسائل 1:120 الباب 9 من أبواب الماء المطلق،حديث 15. [3]
4- 4) تقدّم في ص 196.
5- 5) أضفناه من المصدر.

يصبها الماء؟قال له:ما كان عليك لو سكتّ ثمَّ مسح تلك اللّمعة بيده» (1).

و أمّا الإعادة فليحصل التّرتيب.

و عن أحمد رواية بوجوب استئناف ماء جديد (2)،و هو باطل عندنا،لأنّ المستعمل لا يخرج عن كونه طاهرا،و الحنفيّة (3)و إن قالوا بنجاسة المستعمل إلاّ أنّ البدن كالعضو الواحد،فصار كما لو جرى الماء من أعلى العضو إلى أدناه.

و لنا من طريق الجمهور:ما رووه،عن ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله اغتسل فرأى لمعة لم يصبها فدلكها بشعره (4).

و رووا،عن عليّ عليه السّلام انّه جاء رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:

انّي اغتسلت من الجنابة و صلّيت ثمَّ أصبحت فرأيت قدر موضع الظّفر لم يصبه الماء؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(لو كنت مسحته بيدك أجزأك) (5).

الخامس:لو اغتسل غير المرتّب كالمرتمس،ثمَّ وجد اللّمعة ففي وجوب الإعادة

نظر،

و كان والدي[1]رحمه اللّه يذهب إلى الوجوب،لأنّ المأخوذ عليه الارتماس دفعة واحدة بحيث يصل الماء إلى سائر الجسد في تلك الدّفعة لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«إذا ارتمس ارتماسة واحدة أجزأه» (6)و من المعلوم عدم الإجزاء مع عدم الوصول.

ص:201


1- 1التّهذيب 1:365 حديث 1108،الوسائل 1:524 الباب 41 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:254.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:46،بدائع الصّنائع 1:35،38.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:217 حديث 663-بتفاوت يسير.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:218 حديث 664.
6- 6) تقدّم في ص 199. [2]

و يمكن أن يقال بالإجزاء مع غسل تلك اللّمعة،لأنّ التّرتيب سقط في حقّه،و قد غسل أكثر بدنه فأجزأه،لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» (1)و في الأوّل قوّة.

السّادس:المرأة كالرّجل في الاغتسال

لتساويهما في تناول الأمر.و لو كان في رأسها حشو،فإن كان دهنا أو حشوا رقيقا لا يمنع وصول الماء،أجزأها صبّ الماء،و إن كان ثخينا وجب إزالته.

مسألة:و إذا وصل الماء إلى أصول الشّعر أجزأ،

و لو لم يصل إلاّ بالتّخليل وجب،و لو لم يصل إلاّ بحلّه وجب في الرّجل و المرأة معا،و لا يجب عليهما الحلّ مع الوصول،و لا نعرف خلافا في انّ الماء إذا وصل لم يجب الحلّ إلاّ ما روي عن عبد اللّه بن عمرو (2).

و قال المفيد:و إذا كان شعر المرأة مشدودا حلّته (3).يريد به إذا لم يصل الماء إليه إلاّ بعد حلّه.كذا ذكره الشّيخ (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أمّ سلمة انّها قالت للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:انّي امرأة أشدّ ضفر رأسي أ فأنقضه للجنابة؟قال:(لا) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد الحلبيّ،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة» (6).

و رواه بإسناد آخر،عن محمّد الحلبيّ،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:202


1- 1تقدّم في ص 196. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:260 حديث 331،سنن البيهقي 1:181.
3- 3) المقنعة:6.
4- 4) التّهذيب 1:147.
5- 5) صحيح مسلم 1:259 حديث 330.
6- 6) التّهذيب 1:147 حديث 416،الوسائل 1:521 الباب 38 من أبواب الجنابة،حديث 4. [2]

عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام (1).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«حدثّتني سلمى[1]خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قالت:كان أشعار نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرون رؤوسهنّ مقدّم رؤوسهّن،و كان يكفيهنّ من الماء شيء قليل،فأمّا النّساء الآن فقد ينبغي لهنّ أن يبالغن في الماء» (2).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا مسّ الماء جلدك فحسبك» (3).

و أمّا وجوب الحلّ مع عدم الوصول،فلأنّ الإيصال الواجب لا يتمّ إلاّ به.و كذا لو كان في يده خاتم ضيّق،أو في يد المرأة سوار أو دملج ضيّق لا يصل الماء إلاّ بتحريكه وجب،و إلاّ استحبّ طلبا للاستقصاء.

فروع:
الأوّل:غسل المسترسل من الشّعر و اللّحية غير واجب،

بل الواجب غسل البشرة المستورة به سواء كان الشّعر خفيفا أو كثيفا.و به قال أبو حنيفة (4).و قال

ص:203


1- 1التّهذيب 1:147 حديث 417،الوسائل 1:521 الباب 38 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:147 حديث 419،الوسائل 1:521 الباب 38 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:137 حديث 381،الاستبصار 1:123 حديث 417،الوسائل 1:341 الباب 52 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]
4- 4) المغني 1:260،التّفسير الكبير 11:158. [4]

الشّافعيّ (1):يجب.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات) (2)مع انّ شعرها ضفرة،و مثل هذا لا يبلّ الشّعر المشدود.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه» (3).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

سألته عن وقت غسل الجنابة كم يجزي من الماء؟قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغتسل بخمسة أمداد بينه و بين صاحبته،و يغتسلان جميعا من إناء واحد» (4).

و لأنّه لو وجب بلّه لوجب نقضه،ليعلم انّ الغسل أتى عليه.

و لأنّه ليس جزءا من الحيوان،لعدم حياته و نجاسته بالموت،و لا ينقض الوضوء مسّه من المرأة،و لا تطلّق بطلاقه،فكان كالثّوب.

احتجّوا (5)بقوله عليه السّلام:(بلّوا الشّعر) (6).

و الجواب:انّ راويه الحارث بن وجيه (7)وحده،و هو ضعيف الرّواية،عن مالك

ص:204


1- 1الامّ 1:42،المغني 1:260،التّفسير الكبير 11:158. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:259 حديث 330.
3- 3) التّهذيب 1:137 حديث 380،الاستبصار 1:123 حديث 416،الوسائل 1:511 الباب 31 من أبواب الجنابة،حديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 1:137 حديث 382،الاستبصار 1:122 حديث 412،الوسائل 1:512 الباب 32 من أبواب الجنابة،حديث 1. [3]
5- 5) المغني 1:260.
6- 6) سنن البيهقي 1:179،كنز العمّال 9:553 حديث 27379،المغني 1:260،أحكام القرآن، للجصّاص 3:376، [4]نيل الأوطار 1:311.
7- 7) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 305.

بن دينار[1].

الثّاني:يجب غسل الحاجبين و الأهداب،

لأنّ الوصول إلى البشرة لا يتمّ إلاّ به، و ما لا يتمّ الواجب إلاّ به،فهو واجب.و كذا كلّ شعر من ضرورة غسل بشرته غسله، وجب غسله.

الثّالث:لو ترك غسل المسترسل من الشّعر و اللّحية،ثمَّ قطعه أجزأ غسله إجماعا،

أمّا عندنا فظاهر،و أمّا القائلون بالوجوب فلأنّه لم يبق في بدنه شيء غير مغسول (1).

الرّابع:يستحبّ تخليل الأذنين مع وصول الماء إلى ظاهرهما و باطنهما احتياطا،

و لو لم يصل إلاّ به وجب،لأنّ الوصول واجب لا يتمّ إلاّ بالتّخليل،فيجب.

مسألة:و يجب عليه إيصال الماء إلى جميع الظّاهر من بدنه دون البواطن منه

بلا خلاف،فلو أخلّ بشيء منه لم يجز و لم يرتفع حدثه،و لو كان في محلّ أعضاء الوضوء لم يكف الوضوء منه.

و لو كان على بدنه نجاسة عينيّة وجب إزالتها أوّلا،فلو أجرى ماء الغسل عليها فإن أزالها وجب عليه إجراء ماء طاهر على المحل،لأنّهما فرضان مختلفان فلا يؤديان بغسل واحد،و لأنّ الماء الجاري على النّجاسة ينفعل بالنّجاسة،فلا يطهّر المحلّ و لا ما بعده.نعم،الماء المزيل للنّجاسة لا يلحقه حكم الاستعمال فيندفع مع النّجاسة العينيّة،لأنّه قائم على المحلّ،و إنّما يثبت له وصف الاستعمال بعد انفصاله،على انّ الشّيخ يسوّغ رفع النّجاسة بالمستعمل (2).

ص:205


1- 1المغني 1:261،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:253.
2- 2) المبسوط 1:11،النّهاية:4.
مسألة:قال علماؤنا:لا تجب الموالاة في الغسل من الجنابة.

و هو قول أكثر أهل العلم (1)،و نقل عن ربيعة قال:من تعمّد تفريق غسله (2)أعاد.و به قال اللّيث، و اختلف فيه عن مالك،و فيه لأصحاب الشّافعيّ قول (3).

لنا:انّه تطهّر فامتثل الأمر بالتّطهير فوجب الإجزاء،و لأنّه غسل لا يجب فيه التّرتيب عندهم،فلا يجب فيه الموالاة كغسل النّجاسة.

و روى الشّيخ في الحسن،عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ عليّا عليه السّلام،لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة و سائر جسده عند الصّلاة» (4).

مسألة:و يستحبّ للمغتسل أمور:
أحدها:الاستبراء

-و قد مضى كيفيّته (5)-و هو اختيار السّيّد المرتضى (6).و قال الشّيخ:انّه واجب على الرّجال (7).

لنا على عدم الوجوب:الأصل،و قوله تعالى وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا (8).

ص:206


1- 1المغني 1:252،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:249.
2- 2) «خ»:الغسل.
3- 3) المغني 1:253،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:249.
4- 4) التّهذيب 1:134 حديث 372،الوسائل 1:509 الباب 29 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
5- 5) راجع:الجزء الأوّل ص 254.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:185. [2]
7- 7) المبسوط 1:29، [3]الجمل و العقود:42.
8- 8) النّساء:43. [4]

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

سألته عن غسل الجنابة؟فقال:«تبدأ بكفّيك،ثمَّ تغسل فرجك،ثمَّ تصبّ على رأسك ثلاثا،ثمَّ تصبّ على سائر جسدك مرّتين،فما جرى الماء فقد طهّره» (1)و لو كان الاستبراء واجبا لبيّنه،و لا ينافي ذلك وجوب إعادة الغسل مع تركه عند وجود البلل.

الثّاني:غسل اليدين ثلاثا

و قد مرّ في باب الوضوء (2).

الثّالث:المضمضة و الاستنشاق.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و مذهب الشّافعيّ (3)،و أوجبهما أبو حنيفة (4)و أحمد (5)،و البحث فيه تقدّم (6).

الرّابع:إمرار اليد ليس بواجب في الطّهارتين

لكنّه مستحبّ.و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام (7)،و اختاره النّخعيّ،و الشّعبيّ،و حمّاد،و الثّوريّ، و الأوزاعيّ (8)،و الشّافعي (9)،و إسحاق (10)،و أبو حنيفة (11).

ص:207


1- 1التّهذيب 1:132 حديث 365،الاستبصار 1:123 حديث 420،الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) تقدّم في الجزء الأوّل ص 291.
3- 3) الأم 1:41،الام(مختصر المزنيّ)8:5،المهذّب للشّيرازي 1:16،المجموع 2:197،مغني المحتاج 1:73،فتح العزيز بهامش المجموع 2:161،166،السّراج الوهّاج:21،بداية المجتهد 1: 45،التّفسير الكبير 11:157،المحلّى 2:50،المغني 1:132.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:62،بدائع الصّنائع 1:34،الهداية للمرغيناني 1:16، [2]شرح فتح القدير 1: 50،عمدة القارئ 3:194،تفسير القرطبي 5:212، [3]بداية المجتهد 1:45،التّفسير الكبير 11: 157،165،المحلّى 2:50،شرح الزّرقاني على موطّإ مالك 1:92.
5- 5) المغني 1:132،التّفسير الكبير 11:157،تفسير القرطبي 5:212،المجموع 1:363،شرح الزّرقاني على موطّإ مالك 1:92.
6- 6) راجع:الجزء الأول ص 300.
7- 7) الخلاف 1:27 مسألة-71،المعتبر 1:185،السّرائر:22.
8- 8) المغني 1:251،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:247.
9- 9) الام 1:41،مغني المحتاج 1:74،المهذّب للشّيرازي 1:31،المجموع 2:185،ميزان الكبرى 1:121،المغني 1:251،إرشاد السّاري 1:315،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:21.
10- 10) المغني 1:251،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:247.
11- 11) المبسوط للسّرخسي 1:44-45،عمدة القارئ 3:192،المحلّى 2:30،المغني 1:251،إرشاد السّاري 1:315،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:247.

و قال مالك و المزنيّ:يجب إمرار اليد حيث تنال في الطّهارتين (1)(2).و اختاره أبو العالية (3).و قال عطاء:في الجنب يفيض عليه الماء؟قال:لا،بل يغتسل غسلا (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أمّ سلمة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات،ثمَّ تفيضين عليك الماء فتطهرين) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لو انّ جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و إن لم يدلك جسده» (6).

ص:208


1- 1المدوّنة الكبرى 1:27،بداية المجتهد 1:44،بلغة السّالك 1:63،أحكام القرآن لابن العربي 1: 439،تفسير القرطبي 5:210،المغني 1:251،المبسوط للسّرخسي 1:45،المجموع 2:185،فتح العزيز بهامش المجموع 2:185،عمدة القارئ 3:192،ميزان الكبرى 1:121،المحلّى 2:30، فتح البارئ 1:286،إرشاد السّاري 1:315،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:364،التّفسير الكبير 11:165،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:247.
2- 2) المجموع 2:185،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:364،تفسير القرطبي 5: 210،عمدة القارئ 3:192،بداية المجتهد 1:44،فتح البارئ 1:286.
3- 3) المغني 1:251،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:248.
4- 4) المغني 1:251-252.
5- 5) صحيح مسلم 1:259 حديث 330،سنن التّرمذي 1:175 حديث 1، [1]سنن أبي داود 1:65 حديث 251،سنن ابن ماجه 1:198 حديث 603،سنن النّسائي 1:131.
6- 6) التّهذيب 1:148 حديث 422،الوسائل 1:503 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 5. [2]

و في الحسن،عن الحلبيّ،عنه عليه السّلام:«لو ارتمس ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله» (1).

و عن زرارة في الصّحيح،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه» (2).

و لأنّ الأصل عدم الوجوب،و لأنّه غسل واجب فلا يجب فيه إمرار اليد كغسل النّجاسة،و لأنّ الماء مطهّر بالنّصّ،فإذا صادف محلاّ قابلا للطّهارة أثّر،كالإحراق، و مع حصول الطّهارة تجوز الصّلاة به.

احتجّ مالك بأنّ الواجب الاغتسال (3)،لقوله تعالى حَتَّى تَغْتَسِلُوا (4)و لا يقال:[اغتسل] (5)إلاّ لمن دلك نفسه،و لأنّ الغسل طهارة عن حدث،فوجب إمرار اليد فيها كالتّيمّم،و لأنّه فعل و الفعل لا يتحقّق إلاّ بالدّلك،فصار كغسل الثّوب.

و الجواب عن الأوّل بالمنع من اختصاص الغسل بما يشتمل على الدّلك،فإنّه يقال:

غسل الإناء و إن لم يمرّ يده،و يسمّى السّيل الكثير غاسولا.

و عن الثّاني بالفرق،فإنّا أمرنا في التّيمّم بالمسح،لأنّه طهارة بالتّراب و يتعذّر غالبا إمرار التّراب إلاّ باليد.

و عن الثّالث:انّ النّجاسة في الثّوب حقيقة تخلّلت أجزاء الثّوب فلا يزول،إلاّ بالدّلك و العصر،بخلاف صورة النّزاع.

ص:209


1- 1التّهذيب 1:148 حديث 423،الاستبصار 1:125 حديث 424،الوسائل 1:504 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 12. [1]في الجميع:إذا ارتمس الجنب.
2- 2) التّهذيب 1:137 حديث 380،الاستبصار 1:123 حديث 416،الوسائل 1:511 الباب 31 من أبواب الجنابة،حديث 3. [2]
3- 3) المغني 1:252،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:248،تفسير القرطبي 5:210. [3]
4- 4) النّساء:43. [4]
5- 5) أضفناه لاستقامة العبارة.

قوله:هو فعل،قلنا:مسلّم لكنّه غير مقصود لذاته،بل المقصود الطّهارة و قد حصلت.سلّمنا،لكن تمكين اليدين من الماء و تقريبه إليه فعل،فيخرج به عن العهدة بدون الدّلك.

الخامس:الغسل بصاع

فما زاد مستحبّ عند علمائنا أجمع.و هو اختيار الشّافعي (1)،و أحمد (2)،و إحدى الرّوايتين،عن أبي حنيفة (3)،و في الأخرى:لا يجزي أقلّ من صاع (4).و روي،عن محمّد انّه قال:لا يمكن للمغتسل أن يعمّ جميع بدنه بأقلّ من صاع و لا للمتوضّئ أن يسبغ جميع أعضاء وضوئه بأقلّ من مدّ (5).

لنا:قوله تعالى حَتَّى تَغْتَسِلُوا (6)و قد أتى به فثبت الإجزاء.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة انّها كانت تغتسل هي و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد[أو قريبا] (7)من ذلك (8).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام،قال:«الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيرة فقد أجزأه» (9).

ص:210


1- 1الام(مختصر المزني)8:6،المهذّب للشّيرازي 1:31،فتح العزيز بهامش المجموع 2:189،مغني المحتاج 1:74،السّراج الوهّاج:22.
2- 2) المغني 1:257،الإنصاف 1:258،منار السّبيل 1:41.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:35.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:45،المغني 1:256،فتح العزيز بهامش المجموع 2:191.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:35،فتح العزيز بهامش المجموع 2:191.
6- 6) النّساء:43. [1]
7- 7) في النّسخ:و قريبا.و ما أثبتناه من المصدر.
8- 8) صحيح مسلم 1:256 حديث 44.و فيه:أو قريبا.
9- 9) الكافي 3:21 حديث 4، [2]التّهذيب 1:137 حديث 380،الاستبصار 1:123 حديث 416،الوسائل 1:511 الباب 31 من أبواب الجنابة،حديث 3. [3]

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغتسل بخمسة أمداد بينه و بين صاحبته و يغتسلان جميعا من إناء واحد» (1).

احتجّ أبو حنيفة (2)بما رواه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:(يجزي من الوضوء مدّ و من الجنابة صاع) (3)و التّقدير يدلّ على أنّه لا يحصل الإجزاء بدونه.

و الجواب:انّه إنّما يدلّ بالمفهوم و أبو حنيفة لا يقول به (4)،و مع ذلك فإنّ المفهوم إنّما يدلّ إذا لم يخرج مخرج الغالب و هاهنا قد خرج مخرج الغالب فإنّه لا يكفي غالبا أقلّ منه،و لأنّ ما ذكرناه من الحديث في الجنابة منطوق و ما ذكروه مفهوم،و المنطوق مقدّم.

و أمّا الوضوء فقد روى عبد اللّه بن زيد انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله توضّأ بثلثي مدّ (5).و هو يعارض حديث الوضوء.

و أمّا استحباب الصّاع فلأنّ فيه إسباغا،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع،و المدّ رطل و نصف،و الصّاع ستّة أرطال» (6)قال الشّيخ:أراد به

ص:211


1- 1الكافي 3:22 حديث 5، [1]التّهذيب 1:137 حديث 382،الاستبصار 1:122 حديث 412،الوسائل 1:512 الباب 32 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:45،المغني 1:256.
3- 3) مسند أحمد 3:370،كنز العمّال 9:309 حديث 26152،سنن البيهقي 1:195،مستدرك الحاكم 1:161.
4- 4) المغني 1:256.
5- 5) سنن البيهقي 1:196.
6- 6) التّهذيب 1:136 حديث 379،الاستبصار 1:121 حديث 409،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء،حديث 1. [3]

أرطال المدينة،فيكون تسعة أرطال بالعراقيّ (1).

فروع:
الأوّل:لا نعرف خلافا بين علماء الإسلام في إجزاء المدّ في الوضوء و الصّاع في

الغسل

،و إنّما الخلاف في قدرهما،فالّذي اختاره أصحابنا انّ الصّاع أربعة أمداد،و المدّ رطلان و ربع بوزن بغداد (2).

و روى الشّيخ،عن سليمان بن حفص المروزي،عن أبي الحسن عليه السّلام «انّ الصّاع خمسة أمداد،و المدّ وزن مائتين و ثمانين درهما،و الدّرهم وزن ستّة دوانيق، و الدّانق ستّ حبّات،و الحبّة وزن حبّتين من شعير من أوسط الحبّ لا من صغاره و لا من كباره» (3).

و روى،عن سماعة قال:كان الصّاع على عهد الرّسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة أمداد،و المدّ قدر رطل و ثلاثة أواق[1] (4).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع،و المدّ رطل و نصف،و الصّاع ستّة

ص:212


1- 1التّهذيب 1:137.
2- 2) الخلاف 1:372 مسألة-44.
3- 3) التّهذيب 1:135 حديث 374،الاستبصار 1:121 حديث 410،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء،حديث 3. [1]
4- 4) التّهذيب 1:136 حديث 376،الاستبصار 1:121 حديث 411،الوسائل 1:339 الباب 50 من أبواب الوضوء،حديث 4. [2]

أرطال» (1)قال الشّيخ:أراد به أرطال المدينة (2)،و استدلّ في الخلاف بإجماع الفرقة على كون الصّاع تسعة،و المدّ رطلين و ربعا (3).و قال الشّافعيّ،و مالك،و إسحاق،و أبو يوسف،الصّاع خمسة أرطال[و ثلث] (4)بالعراقيّ،و المدّ ربع ذلك و هو رطل و ثلث (5)، و اختاره أحمد (6).و قال أبو حنيفة:الصّاع ثمانية أرطال و المدّ رطلان (7).

الثّاني:لو زاد على المدّ في الوضوء،و الصّاع في الغسل جاز،

و لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم،روت عائشة قالت:كنت أغتسل أنا و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من إناء واحد من قدح يقال له:الفرق[1] (8)،و الفرق:ثلاثة آصع،و لأنّ فيه احتياطا فكان سائغا.

الثّالث:المدّ الّذي للوضوء غير الصّاع،

بل الصّاع الّذي للغسل وحده أربعة أمداد،و هو قول بعض الحنفيّة،و قال آخرون منهم:انّ معنى قوله:كان يتوضّأ بالمدّ و يغتسل بالصّاع،أي يتوضّأ بمدّ من ذلك الصّاع،فيبقى الاغتسال بثلاثة أمداد.و ليس بجيّد،لأنّ اللّفظ دالّ على الاغتسال بالصّاع،(و ثلاثة الأمداد) (9)بعض الصّاع لا

ص:213


1- 1التّهذيب 1:136 حديث 379،الاستبصار 1:121 حديث 409،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:137.
3- 3) الخلاف 1:372 مسألة-44.
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) المغني 1:255.
6- 6) المغني 1:255،الإنصاف 1:258.
7- 7) المغني 1:255،عمدة القارئ 3:196.
8- 8) صحيح البخاري 1:72،نيل الأوطار 1:316.
9- 9) «ح»«ق»:و انّ ثلاثة أمداد.

نفسه،و لأنّه سيظهر إن شاء اللّه تعالى أن لا وضوء مع غسل الجنابة،فسقط ما قالوه بالكلّيّة.

الرّابع:الصّاع وحده كاف في الاستنجاء منه

و غسل الذّراعين في الغسل،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم و أبي بصير،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام،قالا:«توضّأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[بمدّ] (1)و اغتسل بصاع»ثمَّ قال:«اغتسل هو و زوجته بخمسة أمداد من إناء واحد»قال زرارة:فقلت:كيف صنع هو؟قال:«بدأ هو فضرب بيده في الماء قبلها و أنقى فرجه ثمَّ ضربت فأنقت فرجها ثمَّ أفاض هو و أفاضت هي على نفسها حتّى فرغا فكان الّذي اغتسل به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثلاثة أمداد،و الّذي اغتسلت به مدّين و إنّما أجزأ عنهما لأنّهما اشتركا جميعا،و من انفراد بالغسل وحده فلا بدّ له من صاع» (2)و لا شكّ انّ التّقدير لم يحصل بعد الاغتسال،بل قبله،و ذلك يستلزم إدخال المستعمل في غسل الفرجين في المقدار.

لا يقال:هذا يدلّ على عدم إجزاء ما دون الصّاع.

لأنّا نقول:ذلك من حيث المفهوم،فلا يعارض ما قدّمناه من المنطوق،و لأنّه خرج مخرج الأغلب فلا يدلّ على النّفي.

قال أبو حنيفة:يستنجي برطل،و يغسل وجهه و ذراعيه برطل،و يصبّ الماء على رأسه و سائر جسده خمسة أرطال،و يغسل قدميه برطل،فذلك ثمانية أرطال و هي الصاع.و قال بعض أصحابه:يتوضّأ بمدّ سوى الاستنجاء،و يغتسل بصاع غير الاستنجاء أيضا.

ص:214


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:370 حديث 1130،و فيه:فضرب بيده بالماء.،الوسائل 1:513 الباب 32 من أبواب الجنابة،حديث 5. [1]
الخامس:يستحبّ الدعاء،

روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطي،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا اغتسلت من جنابة فقل:اللّهمّ طهّر قلبي،و تقبّل سعيي، و اجعل ما عندك خيرا لي،اللّهمّ اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين،و إذا اغتسلت للجمعة فقل:اللّهمّ طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق ديني،و تبطل به (1)عملي،اللّهمّ اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين» (2).

البحث الثّالث:في أحكام الجنب
مسألة:يحرم عليه قراءة العزائم الأربع،

و هي(سورة سجدة الم الّتي تلي لقمان) (3)و حم السّجدة،و النّجم،و اقرأ باسم ربّك.و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو قول عمر،و الحسن،و النّخعيّ،و الزّهريّ،و قتادة،و الشّافعيّ،و أصحاب الرّأي خلافا لداود،و سعيد بن المسيّب فإنّهما أجازا له قراءة ما شاء (4).

لنا:على إبطال قول داود و سعيد ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،قال:

(انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يحجبه،أو قال:يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة) (5).

ص:215


1- 1في التّهذيب:بها.و هو الأنسب.
2- 2) التّهذيب 1:367 حديث 1116،الوسائل 1:520 الباب 37 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
3- 3) «ح»«ق»:سورة لقمان.«م»«ن»:سجدة لقمان تلي الم الّتي تلي لقمان.و ما أثبتناه تلفيق بين النّسخ،و الموجود في«ح»«ق»وقع في كلام بعض الفقهاء القدماء و يحتمل أن يكون من سهو النّسّاخ.
4- 4) المغني 1:165،المجموع 2:158.
5- 5) سنن أبي داود 1:59 حديث 229،سنن ابن ماجه 1:195 حديث 194 حديث 594 و فيه:و لا يحجزه عن القرآن شيء إلاّ الجنابة.سنن النّسائي 1:144،مسند أحمد 1:84، [2]سنن البيهقي 1: 88،نيل الأوطار 1:283 حديث 1.

و عن ابن عمر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(لا تقرأ الحائض و لا الجنب شيئا من القرآن) (1).

و على تحريم السّور الأربع:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:

قال أبو جعفر عليه السّلام:«الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثّوب و يقرءان من القرآن ما شاءا إلاّ السّجدة و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرمين» (2).

و ما رواه،عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:الجنب و الحائض يقرءان شيئا؟قال:«نعم،ما شاءا إلاّ السّجدة،و يذكر ان اللّه على كلّ حال» (3).

فروع:
الأوّل:يتناول التّحريم السّورة و أبعاضها

حتّى التّسمية إذا نواها منها.

الثّاني:لا يحرم قراءة غير العزائم.

و هو مذهب علمائنا أجمع.و قال الشّافعيّ:

يحرم أن تقرأ الحائض و الجنب شيئا منه (4).و حكى ابن المنذر عن أبي ثور انّ الشّافعيّ أجاز للحائض أن تقرأ و أنكر الشّافعيّة ذلك (5).

ص:216


1- 1سنن التّرمذي 1:236 حديث 131،سنن ابن ماجه 1:196 حديث 596،سنن البيهقي 1:89.
2- 2) التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:488 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 17،و [1]ص 494 الباب 19 منها،حديث 7.
3- 3) التّهذيب 1:26 حديث 67،الاستبصار 1:115 حديث 384،الوسائل 1:220 الباب 17 من أبواب أحكام الخلوة،حديث 6. [2]في«ح»:هل يقرءان من القرآن.«ح»«ق»:البسملة.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:30،38،المجموع 2:158،مغني المحتاج 1:72،السّراج الوهّاج:21، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240،المغني 1:166،نيل الأوطار 1:284.
5- 5) المجموع 2:356، [3]فتح العزيز هامش المجموع 2:143. [4]

و روى الجمهور كراهة القراءة للجنب،عن عليّ عليه السلام،و عمر،و الحسن البصري،و النّخعيّ،و الزّهريّ،و قتادة (1).و حكي عن ابن عباس انّه قال:يقرأ ورده و هو جنب (2)،و عن سعيد بن المسيّب انّه قيل له:يقرأ الجنب؟فقال:نعم،أ ليس هو في جوفه (3).و به قال داود (4)،و ابن المنذر (5)،و سوّوا بين الجنب و الحائض.و قال الأوزاعيّ:لا يقرأ إلاّ آية الرّكوب و النّزول (6)سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا (7)وَ قُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً (8).و قال مالك:للحائض القراءة دون الجنب، لأنّ أيّامها تطول،فلو منعناها من القراءة نسيت (9).و قال أبو حنيفة:يجوز قراءة ما دون الآية و تحرم الآية (10).و عن أحمد في بعض الآية تفصيل قال:إن كان ذلك البعض ممّا لا يتميّز به القرآن عن غيره كالتّسمية،و الحمد للّه،و سائر الذّكر،فإن لم يقصد القرآن فلا بأس به،و إن قصد القراءة أو كان ما قرأه يتميّز به القرآن عن غيره من

ص:217


1- 1المغني 1:165.
2- 2) المغني 1:165،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240.
3- 3) المغني 1:165، [1]المحلّى 1:79،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240. [2]
4- 4) المجموع 2:158،357، [3]المحلّى 1:80،ميزان الكبرى 1:121،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:21.
5- 5) المجموع 2:158. [4]
6- 6) المغني 1:165، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240. [6]
7- 7) الزّخرف:13. [7]
8- 8) المؤمنون:29. [8]
9- 9) بداية المجتهد 1:49،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:67،81،المبسوط للسّرخسي 3:152، المغني 1:165، [9]المجموع 2:158،357،فتح العزيز هامش المجموع 2:143،المحلّى 1:78، عمدة القارئ 3:274.
10- 10) المجموع 2:158،المحلّى 1:78،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:21،ميزان الكبرى 1:121،نيل الأوطار 1:284.

الكلام،ففيه روايتان إحداهما:المنع،و الثّانية،الجواز (1).

لنا:قوله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ (2)و قوله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (3).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«لا بأس أن تتلو الحائض و الجنب القرآن» (4).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته أ تقرأ النّفساء و الحائض و الجنب و الرّجل يتغوّط،القرآن؟فقال:«يقرأون ما شاءوا» (5).

و روى في الصّحيح،عن عبد الغفّار الحارثيّ[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قال:«الحائض تقرأ ما شاءت من القرآن» (6)و لأنّ الأصل الإباحة.

ص:218


1- 1المغني 1:165،الكافي لابن قدامة 1:73،الإنصاف 1:243،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 240.
2- 2) المزّمّل:20. [1]
3- 3) المزّمّل:20. [2]
4- 4) التّهذيب 1:128 حديث 347،الاستبصار 1:114 حديث 380،الوسائل 1:493 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 5. [3]
5- 5) التّهذيب 1:128 حديث 348،الاستبصار 1:114 حديث 381،الوسائل 1:494 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]
6- 6) التّهذيب 1:128 حديث 349،الاستبصار 1:114 حديث 382،الوسائل 1:494 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 8. [5]في التّهذيب:الجازيّ،و في الوسائل: [6]الجازيّ(المحاربيّ).

احتجّ الشّافعيّ (1)و أبو حنيفة (2)برواية ابن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

و الجواب:انّ راويها إسماعيل بن عيّا (4)،عن نافع (5)،و ضعّف البخاريّ روايته عن أهل الحجاز،و قال:إنّما روايته من أهل الشّام (6).

الثّالث:يكره قراءة ما زاد على سبع آيات.

و قال في المبسوط:الأحوط أن لا يزيد على سبع أو سبعين (7).و قال بعض الأصحاب:يحرم ما زاد على سبعين (8).

روى الشّيخ عن سماعة،قال:سألته عن الجنب هل يقرأ القرآن؟قال:«ما بينه و بين سبع آيات» (9).و في رواية زرعة عن سماعة سبعين آية (10)،و الرّوايتان ضعيفتان مع معارضتهما لعموم الإذن المستفاد من الرّوايات الصّحيحة (11).

ص:219


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:38،فتح العزيز بهامش المجموع 2:139، [1]ميزان الكبرى 1:121.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:38،المبسوط للسّرخسي 3:152.
3- 3) تقدّم الحديث في ص:216.
4- 4) إسماعيل بن عيّاش،أبو عتبة الحمصي العَنْسي من أهل الشّام،روى عن شرحبيل بن مسلم،و روى عنه الأعمش و ابن المبارك.مات سنة 181 ه. ميزان الاعتدال 1:240،المجروحين 1:124،الضّعفاء و المتروكين 1:118.
5- 5) أبو عبد اللّه نافع العدويّ المدنيّ الدّيلميّ،فقيه المدينة مولى عبد اللّه بن عمر،و روى عنه و عن عائشة و أبي هريرة،و روى عنه أيّوب و ابن جريج و الأوزاعيّ و مالك و عقيل.مات سنة 117 ه. تذكرة الحفّاظ 1:99،العبر 1:113، [2]شذرات الذّهب 1:154. [3]
6- 6) انظر تضعيف البخاري له في:سنن البيهقي 1:89،المغني 1:165.
7- 7) المبسوط 1:29. [4]
8- 8) يظهر ذلك من كلام الشيخ في التّهذيب 1:128،و الاستبصار 1:114.
9- 9) التّهذيب 1:128 حديث 350،الاستبصار 1:114 حديث 383،الوسائل 1:494 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 9. [5]
10- 10) التّهذيب 1:128 حديث 351،الاستبصار 1:114 حديث 383،الوسائل 1:494 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 10. [6]
11- 11) انظر:الوسائل 1:492 الباب 19 من أبواب الجنابة. [7]
مسألة:و يحرم على الجنب مسّ كتابة القرآن.

و هو مذهب علماء الإسلام،لقوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (1).

و في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعمرو بن حزم:(أن لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر) (2).

و يحرم عليه مسّ اسم اللّه تعالى،سواء كان على درهم أو دينار أو غيرهما.

روى الشّيخ،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يمسّ الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه تعالى» (3)و الرّواية ضعيفة السّنة،لكنّ عمل الأصحاب يعضدها،و لأنّ ذلك مناسب للتّعظيم.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:سألته عن الجنب و الطّامث يمسّان أيديهما الدّراهم البيض؟قال:«لا بأس» (4)لأنّه يمكن أن لا يكون عليها اسم اللّه تعالى،و إن كان لكن يمسّ الدّراهم لا الكتابة.

قال الشّيخ و المفيد:و يلحق بالتّحريم أسماء الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام (5)(6).و لم أجد فيه حديثا مرويّا،و لو قيل بالكراهة كان وجها.

ص:220


1- 1الواقعة:79. [1]
2- 2) الموطّأ 1:199 حديث 1، [2]سنن البيهقي 1:87-88،أحكام القرآن للجصّاص 5:300، [3]نيل الأوطار 1:259.
3- 3) التّهذيب 1:126 حديث 340،الاستبصار 1:113 حديث 374،الوسائل 1:491 الباب 18 من أبواب الجنابة،حديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 1:126 حديث 341،الاستبصار 1:113 حديث 375،الوسائل 1:492 الباب 18 من أبواب الجنابة،حديث 2- [5]في التّهذيب و الاستبصار:بأيديهما.
5- 5) المبسوط 1:29،مصباح المتهجّد:8،الجمل و العقود:42.
6- 6) نقل عنه المحقّق في المعتبر 1:188.
فروع:
الأوّل:يكره للجنب مسّ المصحف و حمله.

و هو قول الشّيخين (1)و ابني بابويه (2).و قال المرتضى:لا يجوز للجنب مسّ المصحف (3).و به قال الشّافعيّ (4)و أبو حنيفة (5).

لنا:ما رواه الجمهور انّه كتب آية في كتابه إلى قيصر (6)،و هو كافر لا ينفك عن الجنابة،و لا يرتفع عنه لكفره،و هو لا يخلو عن (7)مسّ القرطاس،و لأنّ الأصل الجواز.

و احتجّ المخالف (8)بقوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (9)و بما رووه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه كتب في كتابه لعمرو بن حزم:(لا يمسّ القرآن،إلاّ

ص:221


1- 1انظر قول الشّيخ الطّوسي في:المبسوط 1:29،و [1]الخلاف 1:18 مسألة-46،و قول الشّيخ المفيد في المقنعة:6.
2- 2) انظر قول محمّد بن عليّ بن بابويه(الصّدوق)في:الهداية:20،و قول والده نقله المحقّق في المعتبر 1:190. [2]
3- 3) نقل عنه في المعتبر 1:190. [3]
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:30،المجموع 2:67،72،فتح العزيز بهامش المجموع 2:97،مغني المحتاج 1:36،72،فتح الوهّاب 1:8،المغني 1:168،بداية المجتهد 1:41،تفسير القرطبي 17: 226.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:152،بدائع الصّنائع 1:37،الهداية للمرغيناني 1:31،شرح فتح القدير 1:149،المغني 1:168،المجموع 2:72،بداية المجتهد 1:49،أحكام القرآن لابن العربي 4:1739.
6- 6) صحيح البخاري 4:54-57،سنن البيهقي 9:177-178.
7- 7) «ح»«ق»:من.
8- 8) المغني 1:168.
9- 9) الواقعة:79. [4]

طاهر) (1).

و احتجّ السّيّد المرتضى بما رواه الشّيخ،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«المصحف لا تمسّه على غير طهر،و لا جنبا،و لا تمسّ خطّه و لا تعلّقه،إنّ اللّه تعالى يقول لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (2).

و الجواب عن الأوّل:انّه إنّما يتناول القرآن العزيز و نحن نقول بموجبة،و لا شكّ في انّ الورق و الجلد ليسا قرآنا،فلا يتناولهما النّهي.

و عن رواية السّيّد بالمنع من صحة السّند،فإنّ في طريقها عليّ بن الحسن بن فضّال،و هو فطحيّ (3)،و لإمكان تناول النّهي الكتابة،و لإمكان عدم إرادة التّحريم من النّهي بل يكون نهي كراهة،لأنّ السّيّد وافق على كراهيّة حمله للمحدث و جواز تعليقه.

الثّاني:يجوز مسّ كتب التّفسير

عدا الآيات.

الثّالث:يجوز حمله بغلافه،

و اختلفوا في تفسير الغلاف،فقال بعض الحنفيّة:

المراد به الجلد الّذي عليه،و قال آخرون منهم:لو مسّه بالكمّ،جاز،و قال آخرون منهم:الغلاف شيء غير الجلد و الكمّ كالخريطة و غيرها،لأنّ الجلد تبع المصحف و الكمّ تبع للحامل (4)،و الأصحّ الأوّل.

الرّابع:يجوز مسّ كتابة التّوراة و الإنجيل و قراءتهما،

خلافا للحنفيّة (5).

ص:222


1- 1الموطّأ 1:199 حديث 1، [1]أحكام القرآن للجصّاص 5:300، [2]سنن البيهقي 1:87-88،نيل الأوطار 1:259.
2- 2) التّهذيب 1:127 حديث 344،الاستبصار 1:113 حديث 378،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 3. [3]
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في ص:152. [4]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:34،شرح فتح القدير 1:149،150.
5- 5) شرح فتح القدير 1:149.

لنا:الأصل:و لأنّهما منسوخان فأشبها غيرهما.

احتجّوا بأنّا نؤمن (1)بجميع الكتب.

و الجواب:لا يستلزم تحريم المسّ،و بالخصوص حيث وقع فيهما التّحريف.

الخامس:القرآن المنسوخ حكمه،الباقية تلاوته،لا يجوز مسّه للجنب و المحدث،

لتناول اسم القرآن له،أمّا المنسوخ حكمه و تلاوته،أو المنسوخ تلاوته،فالوجه انّه يجوز لهما مسّهما،لأنّ التّحريم تابع للاسم و قد خرجا بالنّسخ عنه فيبقى على الأصل.

السّادس:يجوز للجنب أن يذكر اللّه،

لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن ابن بكير، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يأكل و يشرب و يقرأ القرآن:قال:«نعم يأكل و يشرب و يقرأ و يذكر اللّه عزّ و جلّ ما شاء» (2)و لما رواه ابن بابويه في مناجاة موسى عليه السّلام،قال:«يا ربّ انّي أكون في أحوال أجلّك أن أذكرك فيها؟فقال:

يا موسى اذكرني على كلّ حال» (3).

و قال محمّد بن الحسن:يكره للجنب أن يقول:اللّهمّ إنّا نستعينك.

مسألة:و لا يجوز له اللّبث في المسجد،

و لا نعرف فيه خلافا إلاّ من سلاّر من أصحابنا،فإنّه كرهه (4).

لنا:قوله تعالى وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا» (5)و المراد به موضع الصّلاة،ليتحقّق معنى العبور فيه و القرب.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة،قالت:جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بيوت

ص:223


1- 1«خ»«م»«ن»«د»:نعرف.
2- 2) التّهذيب 1:128 حديث 346،الاستبصار 1:114 حديث 379،الوسائل 1:493 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 1:20 حديث 58،الوسائل 1:220 الباب 7 من أبواب أحكام الخلوة،حديث 4. [2]
4- 4) المراسم:42.
5- 5) النّساء:43. [3]

أصحابه شارعة في المسجد،فقال:(وجّهوا هذه البيوت عن المسجد فإنّي لا أحلّ المسجد لحائض و لا جنب) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن جميل،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يجلس في المساجد؟قال:«لا و لكن يمرّ فيها كلّها إلاّ المسجد الحرام و مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:

«و يدخلان المسجد[مجتازين] (3)و لا يقعدان فيه» (4).

أصل:الاستثناء من النّفي إثبات،

لأنّ الاستثناء رفع،و رفع النّفي إثبات، لعدم الواسطة،و لأنّه لو لا ذلك لم يكن قولنا لا إله إلاّ اللّه توحيدا،و للنّقل.و قوله:لا صلاة إلاّ بطهور (5)و شبهه،ليس مخرجا من المتقدّم و إلاّ لكان منقطعا،فالتّقدير:إلاّ صلاة بطهور،و هو مسلّم.

فروع:
الأوّل:يجوز الاجتياز في المسجد لا للاستيطان.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال ابن مسعود،و ابن عبّاس،و ابن المسيّب،و ابن جبير،و الحسن (6)،و مالك (7)،

ص:224


1- 1سنن أبي داود 1:60 حديث 232،سنن البيهقي 2:442.
2- 2) التّهذيب 1:125 حديث 338،الوسائل 1:485 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:488 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 17. [2]
5- 5) الفقيه 1:22 حديث 67، [3]التّهذيب 1:49 حديث 144،و ص 209 حديث 605،الاستبصار 1: 55 حديث 160،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء،حديث 1،6.
6- 6) المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،المجموع 2:160.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:32،المجموع 2:160،المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال أبو حنيفة:لا يجوز العبور فيه و إن كان لغرض إلاّ مع الضّرورة فيتيمّم (3).و به قال الثّوري،و إسحاق (4).

لنا:قوله تعالى إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ (5)و الاستثناء من النّهي إباحة.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لها:(ناوليني الخمرة[1]من المسجد)قالت:إنّي حائض،قال:(انّ حيضتك ليست في يدك) (6)و لا فرق بين الجنب و الحائض في ذلك إجماعا.و عن جابر قال:كنّا نمرّ في المسجد و نحن جنب (7).و عن زيد بن أسلم قال:[كان] (8)أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمشون في المسجد و هم جنب (9).

و من طريق الخاصّة:رواية جميل،عن الصّادق عليه السّلام،عن الجنب يجلس في المساجد،قال:«لا و لكن يمرّ فيها كلّها إلاّ المسجد الحرام و مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله».

ص:225


1- 1الام 1:54،المهذّب للشّيرازي 1:30،المجموع 2:160،فتح العزيز بهامش المجموع 2:146، السّراج الوهّاج:21،المغني 1:166،بدائع الصّنائع 1:38،الهداية للمرغيناني 1:31. [1]
2- 2) الكافي لابن قدامة 1:73،الإنصاف 1:244، [2]المغني 1:166،المجموع 1:160.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:118،شرح العناية على الهداية بهامش شرح فتح القدير 1:147،المغني 1: 166،المجموع 2:166.
4- 4) المغني 1:166،المجموع 2:160،تفسير القرطبي 5:206. [3]
5- 5) النّساء:43. [4]
6- 6) صحيح مسلم 1:244 حديث 298،سنن أبي داود 1:68 حديث 261،سنن التّرمذي 1:241 حديث 134،سنن ابن ماجه 1:207 حديث 632،سنن النّسائي 1:146.
7- 7) سنن البيهقي 2:443،سنن الدّارمي 1:265، [5]كنز العمّال 8:323 حديث 23120،13121- بتفاوت لفظيّ يسير.
8- 8) أضفناه من المصدر.
9- 9) نيل الأوطار 1:288،المغني 1:166.

و كذا في رواية محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام،و قد تقدّمتا (1).

الثّاني:لا يجوز له و لا للحائض الدّخول في المسجدين،

و لم يفصّل الجمهور.

لنا:ما رووه من قوله عليه السّلام(لا أحلّ المسجد لحائض و لا جنب) (2)و أشار بذلك إلى مسجده،لأنّ حكاية عائشة تدلّ عليه،و ذلك عامّ في الدّخول و الاستيطان.

و من طريق الخاصّة:روايتا جميل و محمّد بن مسلم عنهما عليهما السّلام،و قد تقدّمتا.

الثّالث:لو احتلم في أحد المسجدين،تيمّم للخروج.

و هو مذهب علمائنا.

لنا:انّ المرور فيهما محرّم إلاّ بالطّهارة،و الغسل غير ممكن،فوجب التّيمّم.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي حمزة[1]،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:

«إذا كان الرّجل نائما في المسجد الحرام،أو مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمّم،و لا يمرّ في المسجد إلاّ متيمّما،و لا بأس أن يمرّ في سائر المساجد، و لا يجلس في شيء من المساجد» (3).

تذنيب:الأجود أنّه يجب عليه قصد أقرب الأبواب إليه

،لاندفاع الضّرورة بذلك.

الرّابع:لا يجوز له وضع شيء في المساجد مطلقا

،و يجوز له أخذ ما يريد منهما.

ص:226


1- 1تقدّمت الرّوايتان في ص 224. [1]
2- 2) سنن أبي داود 1:60 حديث 232،سنن البيهقي 2:442.
3- 3) التّهذيب 1:407 حديث 1280،الوسائل 1:485 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 6. [2]

و هو مذهب علمائنا،إلاّ سلاّر فإنّه كره الوضع (1).

لنا:قوله تعالى إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ (2).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟قال:«نعم، و لكن لا يضعان في المسجد شيئا» (3).

الخامس:لو خاف الجنب على نفسه أو ماله،أو لم يمكنه الخروج من المسجد،

و لم يجد مكانا غيره،و لم يمكنه الغسل،تيمّم

و جلس فيه إلى أن تزول الضّرورة.و قال بعض الجمهور:لا يتيمّم (4).

لنا:قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا (5).

و ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و سعيد بن جبير، و مجاهد،و الحسن بن مسلم[1]في تأويل قوله تعالى وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ يعني مسافرين لا يجدون ماء فيتيمّمون (6).و لأنّ الاستيطان مشروط بالطّهارة فوجب له التّيمّم عند العجز،كالصّلاة و سائر ما يشترط له الطّهارة.

احتجّ المانع بأنّه لا يرتفع حدثه مع التّيمّم،فلا فائدة فيه.

ص:227


1- 1المراسم:42.
2- 2) النّساء:43. [1]
3- 3) التّهذيب 1:125 حديث 339،الوسائل 1:490 الباب 17 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
4- 4) المغني 1:167،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241.
5- 5) المائدة:6. [3]
6- 6) المغني 1:167،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،تفسير القرطبي 5:206، [4]أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [5]بدائع الصّنائع 1:38.

و الجواب:سلّمنا انّه لا يرتفع،لكنّه يقوم مقام ما يرفع الحدث في إباحة ما يستباح به.

أصل:إذا أوجب الفعل أو حرّمه إلى غاية معيّنة،كان امتداد الحكم إلى غير

تلك الغاية يخرجها عن كونها غاية

،و قد ثبتت الغاية بالشّرع،فيكون ذلك الإخراج نسخا،بخلاف ما لو قال:صوموا النّهار،ثمَّ دلّ الدّليل على وجوب صوم شيء من اللّيل لم يكن نسخا.

آخر:لا يجوز نسخ المقطوع به،

قرآنا كان أو سنّة متواترة بخبر الواحد،لأنّ المقطوع به أقوى،فالعمل به متعيّن عند التّعارض،و لأنّ عمر قال:لا ندع كتاب ربّنا و لا سنّة نبيّنا بقول امرأة لا ندري أ صدقت أم كذبت (1).و هو موجود في خبر الثّقة فيتحقّق المنع.و الفرق بين التّخصيص و النّسخ ظاهر،فإنّ الأوّل لا يرفع المدلول بالكلّيّة بخلاف الثّاني.و رجوع أهل قبا يحتمل أن يكون لانضمام القرائن،كالإعلان إلى خبر المنادي.و إنفاذ الرّسول عليه السّلام الآحاد لتبليغ الأحكام المبتدأة و النّاسخة إنّما يصح إذا لم تضمّن نسخ المقطوع،أمّا إذا تضمّن فلا بدّ من القرائن.و تحريم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أكل كلّ ذي ناب من السّباع (2)ليس ناسخا،لقوله تعالى لا أَجِدُ (3)لأنّ الآية إنّما تتناول المومى إليه إلى تلك الغاية لا ما بعدها،فالنّهي الوارد بعدها لا يكون

ص:228


1- 1الإحكام في أصول الأحكام 3:133،المعتمد في أصول الفقه 1:398. [1]
2- 2) انظر:صحيح البخاري 7:181،صحيح مسلم 3:1533 حديث 1932،و ص 1534 حديث 1933،سنن التّرمذي 4:129 حديث 1560 و 254 حديث 1795،1796، [2]سنن أبي داود 3: 352 حديث 3790،و ص 355 حديث 3802 و 3803، [3]مسند أحمد 2:236،سنن النّسائي 7: 200،سنن الدّارمي 2:84-85، [4]الموطّأ 2:496 حديث 13-14.و [5]من طريق الخاصة،انظر: الكافي 6:245 حديث 3، [6]الفقيه 3:205 حديث 938،التّهذيب 9:38 حديث 162،الوسائل 16:388 الباب 3 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2. [7]
3- 3) الأنعام:145.

نسخا.و قوله عليه السّلام:(لا تنكح المرأة على عمّتها و خالتها) (1)ليس ناسخا لقوله تعالى وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ (2)بل هو تخصيص،على انّ الأمّة تلقّته بالقبول:فيخرج عن كونه من الآحاد.

السّادس:لو توضّأ الجنب،لم يجز له الاستيطان في المسجد

،و هو مذهب علمائنا القائلين بالتّحريم،و هو قول أكثر أهل العلم (3)،خلافا لأحمد،و إسحاق (4).

لنا:قوله تعالى حَتَّى تَغْتَسِلُوا (5)جعل الغاية في المنع الاغتسال،فلو جوّزنا له الاستيطان مع الوضوء،خرجت تلك الغاية عن كونها غاية،و ذلك نسخ لا يجوز بخبر الواحد،و لأنّ الجنابة حدث أكبر،فلا يجزي في استباحة الدّخول معها إلى المسجد الوضوء كالحائض،و قد وافقنا أحمد،و إسحاق في حكم الأصل،فيتمّ القياس.

احتجّوا بما رواه زيد بن أسلم،قال:كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتحدّثون في المسجد على غير وضوء و كان الرّجل يكون جنبا فيتوضّأ،ثمَّ يدخل، فيتحدّث (6).و لأنّه إذا توضّأ خفّ حكم الحدث،فأشبه التّيمّم عند عدم الماء.و الدّليل

ص:229


1- 1صحيح البخاري 7:15،صحيح مسلم 2:1029 حديث 1408،و ص 1030 حديث 1408،سنن أبي داود 2:224 حديث 2065،2066، [1]سنن التّرمذي 3:432 حديث 1225، [2]سنن النّسائي 6: 98،سنن ابن ماجه 1:621 حديث 1929،1931،مسند أحمد 2:179،189،229،423، 489،و ج 3:338.و من طريق الخاصة،انظر: الكافي 5:424 حديث 2، [3]الوسائل 14:375 الباب 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة،حديث 2. [4]
2- 2) النّساء:24. [5]
3- 3) المجموع 2:160،المغني 1:168،بداية المجتهد 1:48،أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [6]نيل الأوطار 1:288.
4- 4) المغني 1:168،الكافي لابن قدامة 1:74،الإنصاف 1:246،عمدة القارئ 3:226،منار السّبيل 1:37،المجموع 2:160،فتح العزيز بهامش المجموع 2:148،تفسير القرطبي 5:206، نيل الأوطار 1:288.
5- 5) النّساء:43. [7]
6- 6) المغني 1:168،نيل الأوطار 1:288.

على الخفّة أمره بالوضوء عند النّوم،و عند الأكل،و معاودة الوطء.

و الجواب عن الأوّل:بأنّه غير محلّ النّزاع،لأنّ الدّخول غير الاستيطان،فما ذكرتموه لا ينهض في المطلوب،و الحديث لا يستلزمه أيضا،لحصوله مع الاجتياز.

و عن الثّاني:بالمنع من الخفّة،فإنّ الوضوء لا اعتبار له البتّة في رفع شيء من أحكام الجنابة،و النّوم و الأكل و الوطء لا يشترط فيها الطّهارة،ثمَّ انّه ينتقض بمسّ الكتابة و قراءة القرآن.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن القاسم،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجنب ينام في المسجد؟فقال:«يتوضّأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمرّ فيه» (1).

لأنّا نقول:هذه الرّواية منافية للمذهب و لظاهر التّنزيل،فلا بدّ فيها من التّأويل،و ذلك بأنّ يحمل الوضوء على التّيمّم مجازا،لاشتراكهما في اسم الطّهارة أو في الاستباحة،و يحمل ذلك على حالة الضّرورة،و مع عدم التّأويل يمكن أن تكون هذه الرّواية حجّة لسلاّر (2).

مسألة:يكره للجنب أشياء:
أحدها:النّوم قبل الوضوء.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو مرويّ عن عليّ عليه السّلام،و عبد اللّه بن عمر (3).و قال ابن المسيّب:ينام و لا يمسّ ماء (4)،و هو قول أصحاب الرّأي (5).

لنا:ما رواه الجمهور،قالوا:سأل عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أ يرقد أحدنا

ص:230


1- 1التّهذيب 1:371 حديث 1134،الوسائل 1:488 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 18. [1]
2- 2) المراسم:42.
3- 3) المغني 1:261،عمدة القارئ 3:243،جامع الأصول 8:191،المجموع 2:158.
4- 4) المغني 1:261،المجموع 2:158.
5- 5) المغني 1:261،المجموع 2:158،عمدة القارئ 3:243.

و هو جنب؟قال:(نعم إذا توضّأ) (1).

و عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يأكل أو ينام يتوضّأ، يعني و هو جنب (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،قال:سألته عن الجنب يجنب ثمَّ يريد النّوم؟فقال:«إن أحبّ أن يتوضّأ فليفعل،و الغسل أفضل من ذلك،و إن هو نام و لم يتوضّأ و لم يغتسل فليس عليه شيء» (3).

و يدلّ على أولويّة الغسل ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يواقع أهله أ ينام على ذلك؟قال:«انّ اللّه تعالى يتوفّى الأنفس في منامها و لا يدري ما يطرقه من البليّة إذا فرغ فليغتسل» (4).

و روى ابن بابويه في كتابه،عن عبيد اللّه الحلبيّ في الصّحيح،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل[أ] (5)ينبغي له أن ينام و هو جنب؟قال:«يكره ذلك حتّى يتوضّأ» (6).

و في حديث آخر قال:«أنا أنام على ذلك حتّى أصبح و ذلك انّي أريد أن أعود» (7).

ص:231


1- 1سنن التّرمذي 1:206 حديث 120، [1]سنن ابن ماجه 1:193 حديث 585،مسند أحمد 2:17، 132، [2]جامع الأصول 8:190،سنن البيهقي 1:202،سنن النّسائي 1:139،صحيح مسلم 1: 248 حديث 306،صحيح البخاري 1:80.
2- 2) صحيح مسلم 1:248 حديث 305،سنن أبي داود 1:57 حديث 224،سنن التّرمذي 1:203، [3]جامع الأصول 8:189،سنن النّسائي 1:138.
3- 3) التّهذيب 1:370 حديث 1127،الوسائل 1:502 الباب 25 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]
4- 4) التّهذيب 1:372 حديث 1137،الوسائل 1:501 الباب 25 من أبواب الجنابة،حديث 4. [5]
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) الفقيه 1:47 حديث 179،الوسائل 1:501 الباب 25 من أبواب الجنابة،حديث 1. [6]
7- 7) الفقيه 1:47 حديث 180،الوسائل 1:501 الباب 25 من أبواب الجنابة،حديث 2. [7]

احتجّ المخالف بما روى الأسود[1]،عن عائشة،قالت:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ينام و هو جنب لا يمسّ ماء (1).و لأنّه حدث يوجب الغسل فلا يستحبّ الوضوء مع بقائه كالحيض.

و الجواب عن الأوّل:إنّ الرّاوي أبو إسحاق[2]،عن الأسود،عن عائشة،و قد روى جماعة كثيرة،عن الأسود،عن عائشة أنّه عليه السّلام كان يتوضّأ قبل أن ينام (2).رواه شعبة و الثّوريّ و قالوا:انّه غلط من أبي إسحاق،قال أحمد:روى أبو إسحاق عن الأسود حديثا خالف فيه النّاس فلم يقل أحد عن الأسود مثل ما قد قال، فلو أحاله على غير الأسود (3).هذا ما قاله أحمد في هذه الرّواية،على انّ هذه الأحاديث دالّة على الجواز،و ما رويناه يدلّ على الاستحباب،و كلاهما لا ينافيان التّرك.

و عن الثّاني:انّ حدث الحائض قائم،فلا وضوء مع ما ينافيه.

الثّاني:يكره له الأكل و الشّرب قبل المضمضة و الاستنشاق أو الوضوء،

و خصّ الشّيخان (4)و السّيّد المرتضى بالمضمضة و الاستنشاق (5).و قال ابن المسيّب:إذا أراد أن

ص:232


1- 1سنن أبي داود 1:58 حديث 228،سنن التّرمذي 1:202 حديث 118، [1]سنن ابن ماجه 1:192 حديث 581،مسند أحمد 6:43،171. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:57 حديث 224،سنن النّسائي 1:138،سنن البيهقي 1:202.
3- 3) المغني 1:262.
4- 4) النّهاية:21، [3]المبسوط 1:29،و [4]قول المفيد نقله في المعتبر 1:191. [5]
5- 5) نقل عنه في المعتبر 1:191. [6]

يأكل يغسل كفّيه و يتمضمض (1).و هو قول إسحاق،و أصحاب الرّأي (2)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (3).و قال مجاهد:يغسل كفّيه (4).و قال مالك:يغسل يديه إن كان أصابهما أذى (5).

لنا:من طريق الجمهور،ما تقدّم من حديث عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يأكل أو ينام و هو جنب توضّأ (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،أ يأكل الجنب قبل أن يتوضّأ؟قال:«انّا لنكسل و لكن ليغسل يده،و الوضوء أفضل» (7).

و قال ابن بابويه:إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له إلاّ أن يغسل يده أو يتمضمض و يستنشق،فإنّه إن أكل أو شرب قبل ذلك،خيف عليه البرص (8).قال:و روي انّ الأكل على الجنابة يورث الفقر (9).

و روى ابن يعقوب في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«الجنب إذا أراد أن يأكل و يشرب غسل يديه و تمضمض و غسل وجهه و أكل و شرب» (10).

ص:233


1- 1المغني 1:261،عمدة القارئ 3:243،نيل الأوطار 1:273.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:73،بدائع الصّنائع 1:38،المغني 1:261،عمدة القارئ 3:243.
3- 3) المغني 1:261،الإنصاف 1:261،عمدة القارئ 3:243.
4- 4) المغني 1:261،عمدة القارئ 3:243،نيل الأوطار 1:273.
5- 5) المغني 1:261،عمدة القارئ 3:243،نيل الأوطار 1:273.
6- 6) تقدّم في ص 231. [1]
7- 7) التّهذيب 1:372 حديث 1137،الوسائل 1:496 الباب 20 من أبواب الجنابة،حديث 7. [2]
8- 8) الفقيه 1:46،الهداية:20. [3]
9- 9) الفقيه 1:47 حديث 178،الوسائل 1:496 الباب 20 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]
10- 10) الكافي 3:50 حديث 1، [5]الوسائل 1:495 الباب 20 من أبواب الجنابة،حديث 4-و [6]في المصادر:يده-مكان-:يديه.

و روى ابن بابويه،عن الصّادق عن أبيه عليهما السّلام،قال:«إذا كان الرّجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتّى يتوضّأ» (1).

الثّالث:ذكر أصحابنا انّه يكره للمحتلم الجماع قبل الغسل ،

(2)

أمّا تكرير الجماع من غير اغتسال فلا يكره،لما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه كان يطوف على نسائه بغسل واحد (3).

الرّابع:الخضاب مكروه

و هو اختيار الشّيخ (4)،و السّيّد المرتضى (5)،و المفيد (6).

و قال ابن بابويه:و لا بأس أن يختضب الجنب،و يجنب مختضبا،و يحتجم،و يتنوّر، و يذبح،و ينام جنبا إلى آخر اللّيل،و يلبس الخاتم،و ينام في المسجد،و يمرّ فيه (7).

لنا:ما رواه كردين المسمعيّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا يختضب الرّجل و هو جنب» (8)و هذا يدلّ على الكراهية لا التّحريم،لما رواه الشّيخ، عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن يختضب الرّجل، و يجنب و هو مختضب،و لا بأس بأن يتنوّر الجنب،و يحتجم،و يذبح،و لا يذوق شيئا

ص:234


1- 1الفقيه 1:47 حديث 181،الوسائل 1:495 الباب 20 من أبواب الجنابة،حديث 4. [1]
2- 2) الفقيه 3:256 حديث 1212،المقنعة:79،السّرائر:307،الشّرائع 2:268. [2]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:194 حديث 588،صحيح مسلم 1:249 حديث 309،سنن أبي داود 1:56 حديث 218،سنن التّرمذي 1:259 حديث 140،جامع الأصول 8:180،مسند أحمد 3:161، 185،189،225، [3]سنن الدّارمي 1:192،سنن البيهقي 1:204.
4- 4) المبسوط 1:29، [4]النّهاية:23. [5]
5- 5) نقل عنه في المعتبر 1:192. [6]
6- 6) المقنعة:7. [7]
7- 7) الفقيه 1:48،المقنع:14. [8]
8- 8) التّهذيب 1:181 حديث 518،الاستبصار 1:116 حديث 387،الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 5. [9]

حتّى[يغسل] (1)يديه و يتمضمض فإنّه يخاف منه الوضح» (2).

و روى في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت للرّضا عليه السّلام:

الرّجل يجنب فيصيب جسده و رأسه الخلوق و الطّيب و الشّيء اللّكد مثل علك الرّوم و الطّرار و ما أشبهه،فيغتسل،فإذا فرغ وجد شيئا قد بقي في جسده من أثر الخلوق و الطّيب و غيره؟قال:«لا بأس» (3).

و روى ابن يعقوب في كتابه،عن أبي جميلة[1]،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يختضب الجنب،و يجنب المختضب،و يطلي بالنّورة» (4)قال ابن يعقوب:و روي انّ المختضب لا يجنب حتّى يأخذ الخضاب فأمّا في أوّل الخضاب فلا (5).

و روى الشّيخ،عن أبي سعيد[2]قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام:

أ يختضب الرّجل و هو جنب؟قال:«لا»قلت:فيجنب و هو مختضب؟قال:«لا»ثمَّ مكث قليلا ثمَّ قال:«يا أبا سعيد أ فلا أدلّك على شيء تفعله؟قلت:بلى،قال:«إذا

ص:235


1- 1في النّسخ:يغتسل،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:130 حديث 357،الاستبصار 1:116 حديث 391،الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 1:130 حديث 356،الوسائل 1:509 الباب 30 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
4- 4) الكافي 3:51 حديث 9، [3]الوسائل 1:496 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 1. [4]
5- 5) الكافي 3:51 حديث 9، [5]الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 2. [6]

اختضبت بالحنّاء و أخذ الحنّاء مأخذه و بلغ فحينئذ فجامع» (1).

و روى الشّيخ،عن جعفر بن محمّد بن يونس[1]انّ أباه كتب إلى أبي الحسن عليه السّلام يسأله عن الجنب يختضب أو يجنب و هو مختضب؟فكتب:«لا أحبّ له» (2).

و روى الشّيخ،عن عامر بن جذاعة[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سمعته يقول:لا تختضب الحائض و لا الجنب و لا تجنب و عليها خضاب و لا يجنب هو و عليه خضاب» (3).

و روى،عن أبي المعزى[3]،عن عليّ،عن العبد الصّالح عليه السّلام قال:

قلت:الرّجل يختضب و هو جنب؟قال:«لا بأس»و عن المرأة تختضب و هي حائض؟ قال:«ليس به بأس» (4)فظهر من الأحاديث الدّالّة على النّهي و على الإباحة

ص:236


1- 1التّهذيب 1:181 حديث 517،الاستبصار 1:116 حديث 386،الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:181 حديث 519،الاستبصار 1:117 حديث 392،الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 1:182 حديث 521،الاستبصار 1:116 حديث 388،الوسائل 1:498 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 9. [3]
4- 4) التّهذيب 1:183 حديث 525،الاستبصار 1:116 حديث 390،الوسائل 1:497 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 7. [4]

الكراهية،و لأنّ الحنّاء غير مانع عن وصول الماء،لخفّته و شدّة سيلان الماء.

الخامس:الادهان مكروه للجنب،

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حريز بن عبد اللّه قال:قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الجنب يدهن ثمَّ يغتسل؟فقال:«لا» (1)و لأنّ الدّهن غالبا يمنع من التصاق أجزاء الماء بالبدن التصاقا تامّا،فكره لذلك.

لا يقال:الرّواية دالّة على المنع المقتضي للتّحريم.

لأنّا نقول:لا نسلّم دلالتها على التّحريم لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام«و كلّ شيء أمسسته بالماء فقد أنقيته» (2).

السّادس:نقل ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام،

عن الباقر عليه السّلام، قال:«إنّي اكره الجنابة حين تصفرّ الشّمس،و حين تطلع و هي صفراء» (3).

مسألة:و يكفي غسل الجنابة عن الوضوء

سواء أحدث حدثا أصغر أو لا،و هو مذهب علمائنا أجمع،و أحد قولي (4)الشّافعيّ،و قال في الآخر:لا بدّ معه من الوضوء (5).و هي رواية عن أحمد (6)،و حكي ذلك عن داود،و أبي ثور (7).

ص:237


1- 1التّهذيب 1:129 حديث 355 و 372 حديث 1138،الاستبصار 1:117 حديث 393،الوسائل 1:496 الباب 21 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:370 حديث 1131 و ص 148 حديث 422،الوسائل 1:503 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 5. [2]
3- 3) الفقيه 1:47 حديث 182،المقنع:13، [3]الوسائل 14:99 الباب 70 من أبواب مقدّمات النكاح و آدابه،حديث 2. [4]
4- 4) الام 1:42،المجموع 2:193،السّراج الوهّاج:22،مغني المحتاج 1:76،المهذّب للشّيرازي 1: 32،فتح العزيز بهامش المجموع 1:362،عمدة القارئ 3:191،المغني 1:250.
5- 5) المجموع 2:194،المهذّب للشيرازي 1:32،مغني المحتاج 1:76،السّراج الوهّاج:22،المغني 1:250.
6- 6) المغني 1:250،الكافي لابن قدامة 1:77،الإنصاف 1:259.
7- 7) نيل الأوطار 1:306،شرح الزّرقاني على موطإ مالك 1:91،التّفسير الكبير 11:165، [5]فتح الباري 1:287.

لنا:انّ الاغتسال غاية في المنع من القربان،فإذا اغتسل وجب أن لا يمنع،و أيضا قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1)أي:اغتسلوا،باتّفاق المفسّرين.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يتوضّأ بعد الغسل من الجنابة (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كلّ غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة» (3).

و في الصّحيح،عن حكم بن حكيم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة ثمَّ وصفه قال:قلت:انّ النّاس يقولون:يتوضّأ وضوء الصّلاة قبل الغسل؟فضحك و قال:«أيّ وضوء أنقى من الغسل و أبلغ» (4).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«الغسل يجزي في الوضوء،و أيّ وضوء أطهر من الغسل» (5).

و روى،عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:إنّ أهل الكوفة يروون،عن عليّ عليه السّلام انّه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة؟ قال:كذبوا على عليّ ما وجدوا ذلك في كتاب عليّ عليه السّلام،قال اللّه تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (6)(7).

ص:238


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:191 حديث 579،سنن التّرمذي 1:179 حديث 107،جامع الأصول 8:181 حديث 5327،سنن النّسائي 1:137 و 209 مسند أحمد 6:68 و 192 و 253 و [2] 258.
3- 3) التّهذيب 1:139 حديث 391،الاستبصار 1:126 حديث 428،الوسائل 1:516 الباب 35 من أبواب الجنابة،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 1:139 حديث 392،الوسائل 1:515 الباب 34 من أبواب الجنابة،حديث 4. [4]
5- 5) التّهذيب 1:139 حديث 390،الاستبصار 1:126 حديث 427،الوسائل 1:513 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 1. [5]
6- 6) المائدة:6. [6]
7- 7) التّهذيب 1:139 حديث 389،الاستبصار 1:125 حديث 426،الوسائل 1:516 الباب 34 من أبواب الجنابة،حديث 5. [7]

و روى عن عبد اللّه بن سليمان[1]،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«الوضوء بعد الغسل بدعة» (1)أقول:يريد بذلك انّ من يعتقد وجوب الوضوء عليه يكون مبدعا.

و كذا روى عن سليمان بن خالد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«الوضوء بعد الغسل بدعة» (2)و في طريق هذه الرّواية عثمان،و هو واقفيّ (3).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن يعقوب بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السّلام؟فقال:

«الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يده (4)إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء ثمَّ يغسل ما أصابه من أذى،ثمَّ يصبّ على رأسه و على وجهه و على جسده كلّه،ثمَّ قد قضى الغسل و لا وضوء عليه» (5).

و روى في الحسن،عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«في كلّ غسل وضوء إلاّ الجنابة» (6)و لأنّهما عبادتان من جنس واحد،فتدخل الصّغرى في الكبرى كالعمرة في الحج.

ص:239


1- 1التّهذيب 1:140 حديث 395،الوسائل 1:514 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:140 حديث 396،الوسائل 1:514 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 9. [2]
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل 39. [3]
4- 4) و في المصادر:يديه.
5- 5) التّهذيب 1:142 حديث 402،الوسائل 1:515 الباب 34 من أبواب الجنابة،حديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 1:143 حديث 403،و 303 حديث 881،الوسائل 1:516 الباب 35 من أبواب الجنابة،حديث 2. [5]

احتجّ الشّافعيّ بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعله،و لأنّ الجنابة و الحدث وجدا منه،فوجب لهما الطّهارتان كما لو انفردا (1).

و الجواب عن الأوّل:انّه معارض برواية عائشة.

و عن الثّاني:انّ التّداخل ثابت مع ما يوجب الصّغرى،فمع ما يوجب الكبرى أولى.

فروع:
الأوّل:لا يستحبّ الوضوء قبله عندنا

،خلافا للشّيخ في التّهذيب (2)،و أطبق الجمهور على استحبابه قبله (3).

لنا انّ الاستحباب حكم شرعيّ فيقف عليه،و لا شرع.

و احتجّ:الجمهور بما رووه عن فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4).

و الجواب:المعارضة بما روته عائشة.

الثّاني:هل يكفي الغسل مطلقا

،سواء كان عن جنابة أو حيض أو غسل جمعة، عن الوضوء أم لا؟الأقرب عدم الاكتفاء به.و هو اختيار المفيد (5)،و الشّيخ (6).و قال السّيّد المرتضى:يكفي و إن كان ندبا (7).

ص:240


1- 1المغني 1:250،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:257.
2- 2) التّهذيب 1:140.
3- 3) المجموع 2:186،المغني 1:251،الكافي لابن قدامة 1:76،الإنصاف 1:252،عمدة القارئ 3:191،المدوّنة الكبرى 1:28.
4- 4) المغني 1:251،المجموع 2:186،عمدة القارئ 3:191.
5- 5) المقنعة:6.
6- 6) النّهاية:23، [1]المبسوط 1:30.
7- 7) نقل عنه في المعتبر 1:196. [2]

لنا:قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (1)و ذلك عام خرج منه غسل الجنابة للنّصّ،فيبقى الباقي على عمومه.و لرواية حمّاد بن عثمان،و ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قد تقدّمتا.

و ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:

«إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ و اغتسل» (2)و لأنّهما سببان لأثرين (3)متغايرين لو انفرد كلّ واحد منهما اقتضى أثره،فمع الاجتماع يجب التّأثير،لكن ترك العمل به في الجنابة،فيبقى معمولا به في البواقي.

احتجّ السّيّد المرتضى بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«الغسل يجزي عن الوضوء،و أيّ وضوء أطهر من الغسل» (4).

و بما رواه،عن إبراهيم بن محمّد[1]انّ محمّد بن عبد الرّحمن الهمدانيّ[2]كتب إلى أبي الحسن الثّالث عليه السّلام سألته عن الوضوء للصّلاة في غسل الجمعة؟فكتب:

«لا وضوء للصّلاة في غسل يوم الجمعة و لا غيره» (5).

ص:241


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:142 حديث 401،الاستبصار 1:127 حديث 434،الوسائل 1:517 الباب 35 من أبواب الجنابة،حديث 3. [2]
3- 3) «م»:لأمرين.
4- 4) التّهذيب 1:139 حديث 390،الاستبصار 1:126 حديث 427،الوسائل 1:513 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 1:141 حديث 397،الاستبصار 1:126 حديث 431،الوسائل 1:513 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 2-و [4]في الجميع:يسأله عن الوضوء.

و روى،عن عمّار السّاباطيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل إذا اغتسل من جنابة أو يوم جمعة أو يوم عيد،هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟فقال:

«لا،ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل،و المرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد،قد أجزأها الغسل» (1).

و ما رواه حمّاد بن عثمان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الرّجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك أ يجزيه من الوضوء؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و أيّ وضوء أطهر من الغسل» (2).

و الجواب عن الأوّل:انّ الألف و اللام لا يدلّ على الاستغراق،فلا احتجاج فيه، إذ يصدق بصدق أحد جزئيّاته،و قد ثبت هذا الحكم لبعض الأغسال،فيبقى الباقي على الأصل.و أيضا:يحمل الألف و اللاّم على العهد جمعا بين الأدلّة.

و عن الأخبار الباقية بالمنع من صحّة سندها،فإنّ الأوّل رواه الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد[1]،عن جدّه إبراهيم،و لا يحضرني الآن حالهما،و محمّد بن عبد الرّحمن الهمدانيّ،لا أعرف حاله.

و الثّاني:رواه عمّار و هو فطحي (3)،و في طريقه ابن فضّال و هو فطحيّ (4)أيضا.

ص:242


1- 1التّهذيب 1:141 حديث 398،الاستبصار 1:127 حديث 432،الوسائل 1:514 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:141 حديث 399،الاستبصار 1:127 حديث 433،الوسائل 1:514 الباب 33 من أبواب الجنابة،حديث 4. [2]
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 59.
4- 4) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 76.

و الثّالث:مرسل،و في طريقه الحسن بن عليّ بن فضّال،و هو فطحيّ (1)و في طريقه الحسن بن حسين اللّؤلؤي[1]،و النّجاشي و إن كان قد وثّقه (2)إلاّ انّ الشّيخ حكى في كتاب الرّجال انّ ابن بابويه ضعّفه (3)،فلا يعارض ما ذكرناه من الأدلّة، على انّه يحتمل ما ذكره الشّيخ،من انّ المقصود هو ما إذا اجتمعت هذه أو شيء منها مع غسل الجنابة (4).و يمكن أن يقال في الجواب عن الأحاديث كلّها:انّها تدلّ على كماليّة الأغسال،و الاكتفاء بها فيما شرّعت له،و نحن نقول به.

و الوضوء لا نوجبه في غسل الحيض و الجمعة مثلا ليكمل الغسل عنهما،و إنّما نوجب الوضوء للصّلاة،فعند غسل الحيض يرتفع حدث الحيض و تبقى المرأة كغيرها من المكلّفين،إذا أرادت الصّلاة يجب عليها الوضوء،و كذا باقي الأغسال.

الثّالث:لو اجتمعت أغسال واجبة معه أجزأه غسل واحد

،و به قال الشّيخ (5)و أكثر أهل العلم كعطاء،و أبي الزّناد[2]،و ربيعة (6)،و مالك (7)،و الشّافعيّ (8)،

ص:243


1- 1تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 76.
2- 2) رجال النّجاشيّ:40.
3- 3) رجال الطّوسيّ:469.
4- 4) التّهذيب 1:141.
5- 5) المبسوط 1:40. [1]
6- 6) المغني 1:253.
7- 7) المغني 1:253،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:250،المحلّى 2:44.
8- 8) الام 1:45،المغني 1:253،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:250،المحلّى 2:44.

و إسحاق،و أصحاب الرّأي،و أحمد بن حنبل (1).و روي،عن الحسن،و النّخعيّ في الحائض و الجنب:يغتسل غسلين (2).

لنا:ما رواه الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يغتسل من الجماع إلاّ غسلا واحدا (3)،و هو يتضمّن شيئين:الالتقاء،و الإنزال.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام، قال:«إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة و عرفة و النّحر و الذّبح و الزّيارة،فإذا اجتمعت للّه عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد»قال:ثمَّ قال:«و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها» (4).و رواه ابن يعقوب في الصّحيح،عن زرارة أيضا (5).

و روى ابن يعقوب،عن جميل بن[درّاج] (6)،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كلّ غسل يلزمه في ذلك اليوم» (7).

إذا تقرّر هذا،فنقول:لو نوى بالاغتسال رفع الحدث أو غسل الجنابة أجزأ عن الوضوء.أمّا لو نوى به غسلا آخر كالحيض و غيره،فعلى ما اخترناه لا يجزئه عن الوضوء،و في ارتفاع حدث الجنابة

ص:244


1- 1المغني 1:253،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:250.
2- 2) المحلّى 2:47،المغني 1:253،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:250.
3- 3) قريب منه في صحيح البخاري 1:75،سنن النّسائي 1:209،مسند أحمد 6:391،و بهذا اللّفظ انظر المغني 1:253.
4- 4) التّهذيب 1:107 حديث 279،الوسائل 1:525 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
5- 5) الكافي 3:41 حديث 2. [2]
6- 6) في النّسخ:جميل بن صالح.و ما أثبتناه من المصدر.
7- 7) الكافي 3:41 حديث 2، [3]الوسائل 1:526 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 2. [4]

حينئذ إشكال ينشأ من تبعيّة الأفعال للقصود و الدّواعي،فإن قلنا بالإجزاء فلا وضوء حينئذ،و إن قلنا بعدمه فمع الوضوء هل يرتفع أم لا؟فيه نظر ينشأ من عموم الإذن في الدّخول في الصّلاة مع الاغتسال من الحيض و النّفاس و الوضوء،و ذلك يستلزم رفع كل حدث،و من كون الغسل الأوّل لم يقع عن الجنابة،و الوضوء ليس برافع لها،فنحن في هذا من المتوقّفين.

و أيضا:فإنّ غسل الجنابة قد اشتمل على نوع من التّمام و الكمال لم يشتمل عليه غيره،بحيث صار متحمّلا لقوّة رفع الحدث بانفراده،و لا يلزم من نيّة الفعل الضّعيف حصول القويّ،و على هذا البحث فلا بدّ من نيّة التّعيين.أمّا لو نوى به غسلا مطلقا، لم يجز عن واحد من الجنابة و لا من الجمعة.و لو اغتسل و نوى به غسل الجنابة دون غسل الجمعة،أجزأ عن الجنابة خاصّة.و هو أحد قولي الشّافعيّ (1).و قال الشّيخ (2):يجزي عنهما،و به قال أبو حنيفة،و هو القول الآخر للشّافعيّ (3).

لنا:قوله تعالى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى (4)و هو لم يفعل إلاّ غسل الجنابة،ضرورة تبعيّة الفعل للقصد لقوله عليه السّلام:«إنّما الأعمال بالنّيّات، و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (5).

و لو نوى غسل الجمعة دون الجنابة،قال الشّيخ:لا يجزئه عن واحد منهما (6).

ص:245


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:113،المجموع 4:535.
2- 2) الخلاف 1:68 مسألة 191،المبسوط 1:40. [1]
3- 3) المجموع 4:535، [2]المهذّب للشّيرازي 1:113.
4- 4) النّجم:39. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:262 حديث 2201، [4]سنن ابن ماجه 2:1413 حديث 4227،صحيح البخاري 1:2 و ج 8:175،صحيح مسلم 3:1515 حديث 1907،سنن التّرمذي 4:179 حديث 1647،سنن النّسائي 1:58 و ج 6:158 و ج 7:13،مسند أحمد 1:25.
6- 6) الخلاف 1:68 مسألة 192،المبسوط 1:40.

و قال الشّافعيّ:لا يجزئه عن الجنابة قولا واحدا،و في إجزائه عن الجمعة قولان (1).و قال أبو حنيفة:يجزئه عنها بناء على عدم اشتراط النّيّة.

احتجّ الشّيخ بأنّ الجنابة لم ترفع لعدم النّيّة،و غسل الجمعة يراد للتّنظيف و زيادة التّطهير،و هو لا يصحّ إلاّ مع ارتفاع حدث الجنابة (2).و يمكن أن يقال:يجزئه عن غسل الجمعة،و ما ذكره الشّيخ منقوض بغسل الإحرام للحائض.

مسألة:إذا جرى الماء تحت قدمي الجنب أجزأه و إلاّ وجب غسلهما.

لنا:على الإجزاء مع الجريان قول أبي عبد اللّه عليه السّلام«فما جرى عليه الماء فقد طهّره» (3)و على عدمه مع العدم،انّه لم يحصل كمال الغسل فلا تحصل الطّهارة.

و أيضا:روى الشّيخ،عن بكر بن كرب[1]قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يغتسل من الجنابة أ يغسل رجليه بعد الغسل؟فقال:«إن كان يغتسل في مكان يسيل الماء على رجليه فلا عليه أن لا يغسلهما،و إن كان يغتسل في مكان تستنقع رجلاه في الماء فليغسلهما» (4).

و روى،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

جعلت فداك،اغتسلت في الكنيف الّذي يبال فيه و عليّ نعل سنديّة؟فقال:«إن كان الماء الّذي يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل قدميك» (5).

ص:246


1- 1المجموع 4:534،المهذّب للشّيرازي 1:113،الام(مختصر المزني)8:10.
2- 2) الخلاف 1:68 مسألة-192.
3- 3) الكافي 3:43 حديث 1، [1]التّهذيب 1:132 حديث 365،الاستبصار 1:123 حديث 420، الوسائل 1:502 الباب 26 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 1:132 حديث 366،الوسائل 1:506 الباب 27 من أبواب الجنابة،حديث 3. [3]
5- 5) التّهذيب 1:133 حديث 367،الوسائل 1:505 الباب 27 من أبواب الجنابة،حديث 2- [4]في المصادر:اغتسل-بدل-اغتسلت.
فروع:
الأوّل:غسل الرّجلين تابع للطّرفين،

فاليمنى يجب تقديمها على اليسرى مع التّرتيب.

الثّاني:لا يجب عليه تخليل الأصابع

إلاّ مع عدم الظّنّ بوصول الماء.

الثّالث:لو خاض في النّهر و أرضه وحلة للاغتسال،فإن كان مرتمسا أجزأه،

لأنّه حيث نوى و نزل حصلت الطّهارة لرجليه قبل ثبوتها في الوحل و منعه من إيصال الماء إلى البشرة.

أمّا لو كان مرتّبا وجب عليه نزع رجليه من الوحل على التّرتيب،و غسل كلّ رجل مع جانبها.

مسألة:إذا اغتسل ثمَّ رأى بللا،فإنّ تيقّنه منيّا أعاد الغسل،

و الموجب للغسل إنّما هو الخروج لا الانتقال عن مستقرّه،سواء بال و اجتهد أو لم يبل.و به قال الشّافعيّ (1).و قال الأوزاعيّ (2)،و أبو حنيفة (3):إن خرج بعد البول فلا غسل و إلاّ فعليه الغسل.و قال أحمد (4)،و مالك (5)،و اللّيث،و الثّوريّ،و إسحاق:عليه الوضوء

ص:247


1- 1الام 1:37،المجموع 2:139،المحلّى 2:7،ميزان الكبرى:120،فتح العزيز بهامش المجموع 2:125،المغني 1:233،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234.
2- 2) المغني 1:233،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:67،بدائع الصّنائع 1:37،شرح فتح القدير 1:54،المجموع 2:139،فتح العزيز بهامش المجموع 2:126،ميزان الكبرى 1:120،المغني 1:233،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234،المحلّى 2:7.
4- 4) المغني 1:233،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234،الإنصاف 1:231، [1]المجموع 2:139.
5- 5) بلغة السّالك 1:61،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:61،المجموع 2:139،المحلّى 2:7، فتح العزيز بهامش المجموع 2:125،المغني 1:233،ميزان الكبرى 1:120.

خاصّة لا الغسل (1).

لنا:قوله عليه السّلام:(إنّما الماء من الماء) (2)و لأنّ الاعتبار بالخروج كسائر الأحداث و قد تجدّد الخروج فيجب،و لا منافاة في سابقيّة الغسل و البول،و لأنّه بقيّة ماء خرج بالدّفق و الشّهوة فأوجب الغسل كالأوّل.

احتجّ المخالف بأنّه جنابة واحدة فلم يجب بها غسلان،كما لو خرج دفعة واحدة (3)،و لأنّ الشّهوة غير حاصلة و هي معتبرة في الإيجاب.

و الجواب عن الأوّل:انّه ينتقض بما إذا جامع فلم ينزل فاغتسل ثمَّ أنزل.

و عن الثّاني:بالمنع من اعتبار الشّهوة،و قد تقدّم (4).

أمّا إذا لم يعلم انّه منيّ ففيه ثلاث تقديرات:

إحداها:إذا لم يكن قد بال و لا استبرأ أعاد الغسل،لأنّ الغالب عدم نفوذ أجزاء المنيّ بأسرها و خروجها عن قصبة القضيب من غير بول أو اجتهاد،فيحال الخارج على المعتادة (5).

و روى الشّيخ،عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شيء؟قال:«يعيد الغسل» قلت:و المرأة يخرج منها بعد الغسل؟قال:«لا تعيد»قلت:فما الفرق بينهما؟قال:

ص:248


1- 1المغني 1:233،المجموع 2:139. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:269 حديث 343،سنن التّرمذي 1:186 حديث 112، [2]جامع الأصول 8:163 حديث 5303،و بتفاوت يسير،انظر:سنن أبي داود 1:56 حديث 217،سنن ابن ماجه 1:199 حديث 607،سنن النّسائي 1:115،سنن الدّارمي 1:194. [3]
3- 3) المغني 1:232،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:234،المجموع 2:139.
4- 4) تقدّم في ص 169.
5- 5) «م»:المعتاد.

«لأنّ ما يخرج من المرأة إنّما هو من ماء الرّجل» (1)و في الطّريق عثمان بن عيسى و هو واقفيّ (2).

و روى في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله و قال:

«لأنّ ما يخرج من المرأة ماء الرّجل» (3).

و روى،عن سماعة قال:سألته عن الرّجل يجنب،ثمَّ يغتسل قبل أن يبول فيجد بللا بعد ما يغتسل؟قال:«يعيد الغسل فإن كان بال قبل أن يغتسل،فلا يعيد غسله و لكن يتوضّأ و يستنجي» (4)و سماعة واقفيّ (5)و الرّاوي عنه زرعة،و هو واقفيّ أيضا (6).

و روى في الصّحيح عن محمّد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء؟قال:«يغتسل و يعيد الصّلاة إلاّ أن يكون بال قبل أن يغتسل فإنّه لا يعيد (7)غسله».

و روى،عن معاوية بن ميسرة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل رأى بعد الغسل شيئا؟قال:«إن كان بال بعد جماعة قبل الغسل فليتوضّأ،و إن لم يبل حتّى

ص:249


1- 1التّهذيب 1:143 حديث 404 و 148 حديث 420،الاستبصار 1:118 حديث 399،الوسائل 1: 482 الباب 13 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 39.
3- 3) التّهذيب 1:148 حديث 421،الوسائل 1:482 الباب 13 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 1:144 حديث 406،الاستبصار 1:119 حديث 401،الوسائل 1:518 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 8. [3]
5- 5) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 84.
6- 6) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 231.
7- 7) التّهذيب 1:144 حديث 407،الاستبصار 1:119 حديث 402،الوسائل 1:518 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]

اغتسل ثمَّ وجد البلل فليعد الغسل» (1).

و روى في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الرّجل يغتسل ثمَّ يجد بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل؟قال:«إن كان بال قبل أن يغتسل،فلا يعيد الغسل» (2)و هذا حكم معلّق على الشّرط،فيكون عدما عند عدمه، تحقيقا لمعنى الشّرط.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرّجل تصيبه الجنابة فينسى أن يبول حتّى يغتسل،ثمَّ يرى بعد الغسل شيئا،أ يغتسل أيضا؟قال:«لا،قد تعصّرت و نزل من الحبائل» (3).

و روى،عن أحمد بن هلال،قال:سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول؟ فكتب:«انّ الغسل بعد البول،إلاّ أن يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل» (4).

و روى،عن عبد اللّه بن هلال[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يجامع أهله،ثمَّ يغتسل قبل أن يبول ثمَّ،يخرج منه شيء بعد الغسل؟فقال:«لا شيء عليه

ص:250


1- 1التّهذيب 1:144 حديث 408،الاستبصار 1:119 حديث 403،الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 1:143 حديث 405،الاستبصار 1:118 حديث 400،الوسائل 1:518 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 1:145 حديث 409،الاستبصار 1:120 حديث 406 الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 1:145 حديث 410،الاستبصار 1:120 حديث 407،الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 12. [4]

انّ ذلك ممّا وضعه اللّه عنه» (1).

و روى عن زيد الشّحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل احتلم ثمَّ اغتسل قبل أن يبول ثمَّ رأى شيئا؟قال:«لا يعيد الغسل،ليس ذلك الّذي رأى شيئا» (2).

فهذه الأخبار تدلّ على عدم وجوب الغسل مع عدم البول،و ذلك ينافي ما ذكرتموه.

لأنّا نجيب عن الأوّل باحتمال أن يكون الّذي رآه مذيا و علم كذلك فلا إعادة لأنّ الموجب خروج المنيّ،و في طريقها عليّ بن السّندي[1]،و لا احقّق الآن حاله.

على انّه يحتمل انّه اجتهد و اخترط و لم يتأتّ له البول،و يحمل النّسيان هاهنا على التّرك المطلق.

و عن الخبر الثّاني:بأنّ رواية أحمد بن هلال،و هو ضعيف جدّا،قال الشّيخ:هو غال (3).و قال النّجاشيّ:ورد فيه ذموم من سيّدنا العسكريّ عليه السّلام (4)،فلا تعويل على روايته إذن.على انّه لم يسندها إلى إمام،فلعلّه أخبر عمّن لا تقوم الحجّة بقوله.

و أيضا:فإنّه لم يذكر انّه قد خرج منه شيء بعد الغسل،فقال:لا يعيد الغسل لعدم الخروج،لا لعدم وجوب الإعادة مع عدم البول.

ص:251


1- 1التّهذيب 1:145 حديث 411،الاستبصار 1:119 حديث 404،الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 13. [1]
2- 2) التّهذيب 1:145 حديث 412،الاستبصار 1:119 حديث 405،الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 14.و [2]في الجميع:سألته عن رجل أجنب.
3- 3) رجال الطّوسيّ:410،الفهرست:36.
4- 4) رجال النّجاشيّ:83.

و عن الثّالث:باحتمال أن يكون قد اجتهد و لم يتأتّ البول،فلا شيء عليه حينئذ أو انّه جامع و لم ينزل.على انّ في طريقه عبد اللّه بن هلال،و لا أعرفه.

و عن الرّابع:بما تأوّلنا به ما تقدّم،و في طريقه أبو جميلة،و فيه ضعف.

و ثانيها:أن يكون قد بال و لم يجتهد،ثمَّ رأى بللا،فعليه إعادة الوضوء لا الغسل، أمّا الوضوء فلأنّه لعدم الاستبراء لم تخرج أجزاء البول بكمالها،فالظّاهر انّ البلل من بقاياه.

و أمّا عدم الغسل فلأنّ البول أزال المتخلّف من أجزاء المنيّ،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«إلاّ أن يكون بال قبل أن يغتسل فإنّه لا يعيد غسله»قال محمّد:و قال أبو جعفر عليه السّلام:«من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثمَّ يجد بللا فقد انتقض غسله و إن كان بال،ثمَّ اغتسل،ثمَّ وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء،لأنّ البول لم يدع شيئا» (1).

و لرواية معاوية بن ميسرة[1]،فإنّها تدلّ على عدم إيجاب الغسل،و على إيجاب الوضوء (2).و لرواية الحلبيّ (3)،و هي تدلّ على عدم إيجاب الغسل مع البول.

و ثالثها:أن يكون قد بال و اجتهد،ثمَّ اغتسل،ثمَّ رأى البلل،فلا إعادة للغسل و لا للوضوء،لأنّ البول أزال أجزاء المنيّ المتوهّمة،و الاستبراء أزال أجزاء البول

ص:252


1- 1التّهذيب 1:144 حديث 407،الاستبصار 1:119 حديث 402،الوسائل 1:518 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 6،7. [1]
2- 2) التّهذيب 1:144 حديث 408،الاستبصار 1:119 حديث 403،الوسائل 1:519 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 9.
3- 3) الكافي 3:49 حديث 2،التّهذيب 1:143 حديث 405،الاستبصار 1:118 حديث 400، الوسائل 1:518 الباب 36 من أبواب الجنابة،حديث 5.

المتوهّمة،فلا التفات إلى الخارج بعد ذلك.و يدلّ عليه أيضا،الأحاديث الدّالّة على انّ بعد البول لا إعادة للغسل،و بعد الاستبراء لا اعتداد بالخارج (1).

فروع:
الأوّل:لو صلّى،ثمَّ رأى بعد ذلك منيّا قطعا،أعاد الغسل

عندنا قولا واحدا، و هل يعيد الصّلاة أم لا؟قال بعض علمائنا:يعيد[1].و ليس بجيّد،لأنّ الصّلاة وقعت مشروعة فيثبت الإجزاء.و احتجّ الآخرون بأنّ هذا المنيّ من بقايا الأوّل،فالجنابة واحدة لم تزل بالغسل الأوّل.

و الجواب:انّ الموجب للغسل الثّاني هو الخروج الّذي لم يكن،لا الانتقال عن المحل،فيكون غير الأوّل.

الثّاني:لو جامع و لم ينزل لم يجب عليه الاستبراء،

و لو رأى بللا يعلم انّه منيّ وجب عليه الإعادة،أمّا المشتبه فلا،لأنّا إنّما حكمنا هناك بكون البلل منيّا بناء على الغالب من استخلاف الأجزاء بعد الإنزال،و هذا المعنى غير موجود مع الجماع الخالي عن الإنزال.

الثّالث:هل تستبرئ المرأة أم لا؟فيه توقّف،

منشأه انّ مخرج البول غير مخرج المنيّ،فلا فائدة فيه.

الرّابع:لو رأت بللا فلا إعادة،

لأنّ الأظهر انّه من بقايا منيّ الرّجل،و ذلك غير موجب للغسل لما قدّمناه من رواية سليمان بن خالد،و رواية عبد الرّحمن بن أبي عبد

ص:253


1- 1راجع الوسائل 1:517 الباب 36 من أبواب الجنابة.

اللّه.و أوجب ابن إدريس الإعادة (1)بقوله عليه السّلام:(الماء من الماء) (2)و ليس بشيء.

الخامس:لو لم يتأتّ البول ففي إلحاقه بحدث البول إشكال

،فإن ألحقناه به، كفى الاختراط و الاجتهاد في إسقاط الغسل لو رأى البلل المشتبه بعد الإنزال مع الاجتهاد،و إلاّ فلا.

مسألة:إذا أحدث حدثا أصغر في أثناء الغسل،قال الشّيخ في النّهاية

و المبسوط و ابنا بابويه:يعيد الغسل من أوّله .

(3)(4)

و هو قول الحسن البصريّ (5).و قال ابن البرّاج:يتمّ غسله و لا وضوء عليه (6).و اختاره ابن إدريس (7).و قال علم الهدى:

يتمّ غسله و يتوضّأ لحدثه (8).و به قال عطاء،و عمر و بن دينار[1]،و الثّوريّ (9)،و الحقّ عندي الأوّل.

لنا:أنّه حدث ناقض للطّهارة الكبرى بكمالها فلبعضها أولى،و مع النّقض ينظر إلى حاله،إن كان جنبا اغتسل و إلاّ توضّأ،و هاهنا هو جنب قطعا،ضرورة عدم

ص:254


1- 1السّرائر:23.
2- 2) تقدّم في ص 248. [1]
3- 3) النّهاية:22، [2]المبسوط 1:30.
4- 4) الفقيه 1:49،الهداية:21،و [3]انظر قول عليّ بن بابويه في المعتبر 1:196. [4]
5- 5) المجموع 2:200.
6- 6) جواهر الفقه(الجوامع الفقهيّة):473.
7- 7) السّرائر:22.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 1:196. [5]
9- 9) المجموع 2:200.

ارتفاع الجنابة من غير إكمال الغسل.

احتجّ ابن إدريس بأنّ الإعادة لا وجه لها،إذ الإجماع على انّ الحدث الأصغر موجب للصّغرى لا للكبرى،و أبطل القول الثّالث بأنّه حالة الحدث جنب فلا حاجة إلى الوضوء مع الاغتسال لقوله إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا (1)(2).

و احتجّ السّيّد المرتضى بأنّ الحدث الأصغر موجب للوضوء و ليس موجبا للغسل و لا لبعضه،فيسقط وجوب الإعادة و لا يسقط حكم الحدث بما بقي من الغسل،و ألزم الفريق الثّاني الشّناعة بما لو بقي من الغسل مقدار الدّرهم من جانبه الأيسر،ثمَّ تغوّط، أن يكتفي عن الوضوء بغسل موضع الدّرهم و هو باطل.

و الجواب عن الأوّل:انّ الدّليل على الإعادة قد ذكرناه.و قوله:الحدث الأصغر موجب للصّغرى لا للكبرى مسلّم،و لكنّه غير نافع،لأنّا نحن لم نقل انّ الموجب للكبرى إنّما هو الحدث الأصغر،بل الموجب هو بقاء الجنابة،فتوهّم من إيجاب إعادة الغسل لأجل وجود الجنابة،استناد الإعادة إلى الحدث الأصغر،و ليس كذلك، و إبطاله القول الثّالث جيّد.

و عن الثّاني:بما ذكرناه أوّلا،من انّ الموجب ليس هو الحدث الأصغر،بل الأكبر الباقي مع فعل البعض المنتقض بالحدث الأصغر،فغلط هؤلاء نشأ من أخذ مانع العلّة مكان العلّة.

قوله:و لا يسقط حكم الحدث بما بقي من الغسل،محلّ النّزاع عند الفريق الثّاني، فإنّ به يرتفع الحدث الأكبر فالأصغر أولى،و الشّناعة الّتي ذكرها عليهم غير واردة،لأنّا نقول:إذا عقل ارتفاع حدث الجنابة بغسل ذلك القدر اليسير فليعقل ارتفاع الأصغر به، على انّها معارضة بالمثل،فإنّه يلزم انّ من غسل من رأسه جزءا لا يتجزّأ،ثمَّ أحدث،أن

ص:255


1- 1النّساء:43. [1]
2- 2) السّرائر:22.

لا يسوغ له الصّلاة إلاّ بعد الوضوء.

خاتمة:تشتمل على فصول:
فصل:أطنب المتأخّرون في المنازعة بينهم في انّ غسل الجنابة هل هو واجب لنفسه أو

لغيره

،فبعض قال بالأوّل (1)،و آخرون قالوا بالثّاني (2).و الفائدة تظهر في المجنب إذا خلا من وجوب ما يشترط فيه الطّهارة،ثمَّ أراد الاغتسال هل يوقع نيّة الوجوب أو النّدب،فالقائلون بالأوّل قالوا بالأوّل،و القائلون بالثّاني قالوا بالثّاني.و الأقرب عندي الأوّل،و هو مذهب والدي رحمه اللّه تعالى (3)،لوجوه:

أحدها:قوله عليه السّلام:(إذا التقى الختانان وجب الغسل) (4)و ذلك عام فيمن تعلّق به وجوب شيء مشروط بالطّهارة و من لم يتعلّق به.

الثّاني:قوله عليه السّلام:(إنّما الماء من الماء) (5)و هو يقتضي وجوب الغسل عند الإنزال مطلقا.

الثّالث:قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«أ توجبون عليه الرّجم و الحدّ و لا توجبون عليه صاعا من ماء» (6)و ذلك إنكار منه عليه السّلام على الأنصار حيث أوجبوا أصعب

ص:256


1- 1فقه القرآن 1:31 و أسنده إلى السيد المرتضى في الذريعة.
2- 2) السّرائر:24،الشّرائع 1:11.
3- 3) المختلف:29.
4- 4) الموطّأ 1:46 حديث 71،72، [1]سنن أبي داود 1:56 حديث 216،سنن ابن ماجه 1:200 حديث 611،صحيح مسلم 1:271 حديث 349،سنن التّرمذي 1:180 حديث 108 و 182 حديث 109،سنن البيهقي 1:163،جامع الأصول 8:161،مسند أحمد 2:178،و ج 6:239- [2]بتفاوت في الجميع.و من طريق الخاصّة:الكافي 3:46 حديث 2، [3]التّهذيب 1:118 حديث 311، الاستبصار 1:108 حديث 359،و 360.
5- 5) تقدّم في ص 248. [4]
6- 6) التّهذيب 1:119 حديث 314،الوسائل 1:470 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 5. [5]

العقوبتين و لم يوجبوا أدناهما،و لمّا لم يكن وجوب الحدّ و الجلد مشروطا بوجوب ما من شرطه الطّهارة،فكذا هنا،لأنّه يدلّ على تعميم الوجوب في كلّ وقت ثبت فيه وجوب العقوبتين.

الرّابع:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الجلد» (1)وجه الاستدلال به أمران:

أحدهما:ما قدّمناه في الأوّل.

الثّاني:انّه لمّا لم يكن وجوب المهر و الرّجم مشروطين،لم يكن وجوب الغسل مشروطا،قضيّة للعطف الموجب للتّساوي بين المعطوف و المعطوف عليه.

الخامس:لو لم يجب إلاّ لما يشترط فيه الطّهارة،لما وجب أوّل النّهار للصّوم، و التّالي باطل إجماعا،فالمقدّم مثله،و الشّرطيّة ظاهرة.

و احتجّ ابن إدريس بوجوه:

أحدها:انّ الوجه في الوجوب إنّما هو كونه شرطا في صلاة واجبة على المكلّف إجماعا،و لا صلاة حينئذ،لأنّ التّقدير انّه كذلك.

الثّاني:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة يجامعها الرّجل فتحيض و هي في المغتسل، فتغتسل أم لا؟قال:«قد جاء ما يفسد الصّلاة فلا تغتسل» (2)علّق الوجوب بالصّلاة.

الثّالث:انّه عليه السّلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد (3)،فلو كان واجبا

ص:257


1- 1التّهذيب 1:118 حديث 310،الاستبصار 1:108 حديث 358،الوسائل 1:469 الباب 6 من أبواب الجنابة،حديث 1.و [1]في الجميع:و الرّجم-مكان-و الجلد.
2- 2) التّهذيب 1:370 حديث 1128،و 395 حديث 1224،الوسائل 1:483 الباب 14 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
3- 3) صحيح مسلم 1:249 حديث 309،سنن ابن ماجه 1:194 حديث 588،سنن التّرمذي 1:259 حديث 140،جامع الأصول 8:180 حديث 5324،سنن البيهقي 7:192،و ج 1:204،مسند أحمد 3:161 و ص 225. [3]

لما جاز تركه.

الرّابع:انعقد الإجماع على جواز النّوم للجنب من غير اغتسال،و إنّ للمكلّف التّأخير،فلو كان واجبا لما جاز ذلك.

الخامس:يلزم انّ من جامع يجب عليه الاغتسال في الحال حتّى لو كان عنده ماء، فآثر الخروج من منزله للاغتسال من نهر أو حمّام،كان معاقبا.

السّادس:قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1)و لا شكّ انّ الوضوء للصّلاة،فيكون الغسل لها أيضا،قضيّة للعطف الموجب للتّسوية.

و أجاب عن الخامس بوجهين:

الأوّل:انّ الإجماع منعقد إمّا على تعميم الوجوب في كلّ وقت،أو على اختصاص الوجوب بحال الصّلاة و الطّواف الواجبين،فالقول بالوجوب في حالة الصّوم أوّل الفجر، مع عدمه في غير حالة الصّلاة و الوجوب قول ثالث.

الثّاني:سلّمنا انّ ما لا يتمّ الواجب-و هو الصّوم-إلاّ به-و هو الغسل-يكون واجبا،إلاّ انّ هذه المسألة ليست من هذا القبيل،لأنّ صوم رمضان يتمّ من دون نيّة الوجوب للاغتسال،و هو أن يغتسل لرفع الحدث مندوبا قربة،و قد ارتفع حدثه و صحّ صومه،فقد صحّ فعل الواجب من دون نيّة الوجوب (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الوجه في الوجوب إنّما هو الصّلاة،و هل محلّ النّزاع إلاّ هو؟فكيف يدّعي الإجماع فيه؟! و عن الثّاني:انّ الغسل إنّما يجب إذا كان رافعا للحدث،و هو مستحيل عند تجدّد الحيض الّذي هو حدث ملازم،على انّ هذا من قبيل المفهوم فلا يعارض المنطوق.

ص:258


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) السّرائر:24-25.

و عن الثّالث:بالمطالبة عن دليل الملازمة بين الوجوب و العقاب بالتّأخير،فإنّ الأمر لا يقتضي الفور.و هذا هو الجواب عن الرّابع و الخامس.

و عن السّادس:انّا مع تسليم انّ الواو للعطف لا الاستئناف نلتزم بما يدلّ عليه، و هو الوجوب عند القيام للصّلاة،أمّا على عدم الوجوب عند غير تلك الحال،فلا.

و أمّا جواباه عن الخامس فمشبهان لاستدلاله.

و الجواب عن الأوّل منهما:انّه شنّع على المستدلّ بشيء ليس هو قائلا به،لأنّه ألزمه خرق الإجماع،و هو لا يلزمه ذلك،لأنّه أبطل أحد القولين بالتزام الخرق لأحد الإجماعين،لأنّ الغسل إمّا أنّ يجب عند الصّبح في رمضان أو لا؟و على الثّاني يلزم خرق الإجماع،و هو صحّة ابتداء الصّوم من دون الطّهارة.و على الأوّل:إمّا أن يجب عاما و هو إبطال لما ادّعي بطلانه،أو لا،و هو خرق الإجماع الّذي ادّعاه،فهو بالشّناعة أولى.

و عن ثانيهما:انّ المستدلّ لم يوجب النّيّة بناء على انّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به يكون واجبا،بل أوجب الغسل،و هذا قد سلّمه ابن إدريس،حيث سلّم انّ الصّوم الواجب لا يتمّ ابتداء إلاّ بالطّهارة،و انّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به يكون واجبا،ثمَّ من أعجب العجائب إيجاب الغسل عليه،و إيجاب النّيّة عليه،إذ الفعل لا يقع إلاّ مع النّيّة،و أن لا ينوي نيّة الوجوب بل النّدب،فللمغتسل أن يقول:إن كان الغسل ندبا،فلي أن لا أفعله،فإن سوّغ له الصّوم من دون اغتسال فهو خلاف الإجماع،و إلاّ لزمه القول بالوجوب،أو القول بعدم وجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به،و إن كان واجبا فكيف نوى النّدب في فعل واجب،و عندك الفعل إنّما يقع على حسب القصود (1)و الدّواعي،فانظر إلى هذا الرّجل كيف يخبط في كلامه،و لا يحترز عن التّناقض فيه، و إنّما أطنبنا القول في هذا الباب و إن كان قليل الفائدة،لكثرة تشنيعه فيه.

فصل:لا بأس بالنّكاح في الحمّام و القراءة فيه،

لما روى الشّيخ في الصّحيح،عن

ص:259


1- 1«م»«خ»«ح»«ق»:المقصود.

محمّد بن إسماعيل بن بزيع،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يقرأ في الحمّام و ينكح[فيه] (1)؟قال:«لا بأس به» (2).

و روى في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام مثله (3).

فصل:

روى الشّيخ في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن المرأة وليها قميصها أو إزارها يصيبه من بلل الفرج و هي جنب أ تصلي فيه؟ قال:«إذا اغتسلت صلّت فيهما» (4)و هذا يدلّ على طهارة الرّطوبة.

فصل:

و روى،عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،قال:«كنّ نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطّيب على أجسادهنّ،و ذلك انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمرهنّ أن يصن صبّا على أجسادهنّ» (5)و هذا يدلّ على أمرين:

أحدهما:عدم تأثير الخضاب في الغسل.

و الثّاني:عدم وجوب الدّلك،خلافا لمالك (6).و الرّواية و إن كان في طريقها

ص:260


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:371 حديث 1135،الوسائل 1:374 الباب 15 من أبواب آداب الحمّام،حديث 5. [1]
3- 3) التّهذيب 1:371 حديث 1136،الوسائل 1:374 الباب 15 من أبواب آداب الحمّام،حديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 1:368 حديث 1122،الوسائل 2:1077 الباب 55 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 1:369 حديث 1123،الوسائل 1:510 الباب 30 من أبواب الجنابة،حديث 2.و [4]فيها: يصببن الماء صبّا.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:27،بلغة السّالك 1:63،بداية المجتهد 1:44،المغني 1:251،المحلّى 2: 30،ميزان الكبرى 1:121،المبسوط للسّرخسي 1:45،المجموع 2:185،فتح العزيز بهامش المجموع 2:185،عمدة القارئ 3:192،التّفسير الكبير 11:165،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:21.

إسماعيل بن أبي زياد،و فيه ضعف (1)،إلاّ انّ الأصحاب تلقّتها بالقبول.

فصل:و لا بأس بالجماع في الماء

،لما رواه الشّيخ،عن بريد بن معاوية العجليّ قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يأتي جاريته في الماء؟قال:«ليس به بأس» (2).

فصل:

روى الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتّى خرج شهر رمضان؟قال:«عليه أن يقضي الصّلاة و الصّيام» (3).

و أقول:أمّا الصّلاة فاتّفاق منّا،و أمّا الصّيام ففيه بحث سيأتي.

فصل:روى ابن بابويه في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه

السّلام عن الرّجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد؟قال:«لا بأس»

(4)

و هي موافقة للمذهب.

فصل:قال ابن بابويه:و من أجنب في أرض و لم يجد الماء إلاّ ماء جامدا و لا يخلص

إلى الصّعيد فليصلّ بالمسح

،ثمَّ لا يعد إلى الأرض الّتي توبق دينه (5).و هو محمول على انّه لا يتمكّن من دلك جسده بالثّلج،بحيث يحصل مسمّى الغسل.و قد تقدّم ذلك فيما مضى (6).

فصل:روى ابن بابويه،قال:جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،

ص:261


1- 1تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل:242.
2- 2) التّهذيب 1:371 حديث 1133،الوسائل 1:374 الباب 15 من أبواب آداب الحمّام،حديث 6. [1]
3- 3) التّهذيب 4:311 حديث 938،الوسائل 1:523 الباب 39 من أبواب الجنابة،حديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 1:47 حديث 183،الوسائل 1:370 الباب 11:من أبواب آداب [3]الحمّام،حديث 1 و ص 530 الباب 47 من أبواب الجنابة،حديث 1.
5- 5) الفقيه 1:48،المقنع:13.
6- 6) تقدّم في ص 193.

فسأله أعلمهم عن مسائل،و كان فيما سأله أن قال:لأيّ شيء أمر اللّه بالاغتسال من الجنابة و لم يأمر[بالغسل] (1)من الغائط و البول؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«انّ آدم عليه السّلام لمّا أكل من الشّجرة دبّ ذلك في عروقه و شعره و بشره،فإذا جامع الرّجل أهله،خرج الماء من كلّ عرق و شعرة في جسده،فأوجب اللّه عزّ و جلّ على ذرّيّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة،و البول يخرج من فضلة الشّراب الّذي يشربه الإنسان،و الغائط يخرج من فضلة الطّعام الّذي يأكله الإنسان فعليه في ذلك الوضوء»فقال اليهودي:صدقت يا محمّد (2).

و كتب الرّضا عليه السّلام إلى محمّد بن سنان ممّا كتب من جواب مسائله:«علّة غسل الجنابة النّظافة لتطهير الإنسان ممّا أصابه من أذاه و تطهير سائر جسده،لأنّ الجنابة خارجة من كلّ جسده،فلذلك وجب عليه تطهير جسده كلّه،و علّة التّخفيف في البول و الغائط انّه أكثر و أدوم من الجنابة،و رضي منه بالوضوء لكثرته و مشقّته و مجيئه بغير إرادة منه و لا شهوة،و الجنابة لا تكون إلاّ بالاستلذاذ منهم و الإكراه لأنفسهم» (3).

فصل:و إدخال الماء في العين ليس بشرط،

و هو مذهب أكثر أهل العلم (4)،و كان عبد اللّه بن عمر يدخل الماء في عينيه من الجنابة (5).

و لنا:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على الاجتزاء بغسل الظّاهر و بغسل الجسد (6)،

ص:262


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:43 حديث 170،الوسائل 1:466 الباب 2 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 1:44 حديث 171،الوسائل 1:466 الباب 2 من أبواب الجنابة،حديث 1.و [2]فيها:فرضي اللّه فيه بالوضوء.
4- 4) المجموع 1:369،المغني 1:118،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:162،بدائع الصّنائع 1:4، التّفسير الكبير 11:157،الام 1:41.
5- 5) المغني 1:118،بدائع الصّنائع 1:4،المهذّب 1:16،أحكام القرآن للجصّاص 3:377، [3]تفسير القرطبي 6:84، [4]الموطّأ 1:45 حديث 69. [5]
6- 6) تقدّم في ص 196.

و لأنّ فيه مشقّة فيسقط.

فصل:هل يجب على الزّوج ثمن الماء الّذي تغتسل به المرأة؟

للحنفيّة فيه تفصيل، قال بعضهم:لا يجب مع غنائها،و مع الفقر يجب على الزّوج تخليتها لتنتقل إلى الماء أو تنقل الماء إليها.و قال آخرون:يجب عليه كما يجب عليه ماء الشّرب (1).و الجامع انّ كلّ واحد منهما ممّا لا بدّ منه،و الأوّل عندي أقوى.

فصل:و لا يكره الوضوء و لا الغسل بماء زمزم،

لأنّه ماء طهور فأشبه سائر المياه،و لأنّ الكراهة حكم شرعيّ،فيتوقّف على الشّرع.و عن أحمد روايتان:إحداهما مثل ما قلناه، و الثّانية:الكراهة،لقول العبّاس:لا أحلّها لمغتسل،لكن للمحرم حلّ و بلّ.و لأنّه يزيل به مانعا من الصّلاة،فأشبه إزالة النّجاسة به (2).و هذان ضعيفان.

أمّا الأوّل،فإنّه لا يوجد تصريحه في التّحريم،ففي غيره أولى.

و أمّا الثّاني،فإنّ الشّرف لا يوجب الكراهية لاستعماله،كالماء الّذي وضع فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كفّه،أو اغتسل منه.

فصل:و يجوز الاغتسال بفضل غسل المرأة،و بالعكس،

و كذا في الوضوء.و عن أحمد في وضوء الرّجل بفضل طهور المرأة إذا خلت به روايتان،أشهرهما عدم الجواز (3)،و هو قول عبد اللّه بن سرجس،و الحسن (4)،و[غنيم] (5)بن قيس[1] (6)،و هو قول ابن عمر

ص:263


1- 1بدائع الصّنائع 1:38،شرح فتح القدير 1:52.
2- 2) المغني 1:47،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:40،منار السّبيل 1:10.
3- 3) المغني 1:247،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:50،الإنصاف 1:48،الكافي لابن قدامة 1: 77،نيل الأوطار 1:32،المجموع 2:191.
4- 4) المجموع 2:191،المغني 1:247،نيل الأوطار 1:32،المحلّى 1:212،الكافي لابن قدامة 1: 77.
5- 5) «خ»«م»«ن»«د»:عيثم،«ح»«ق»:عشيم،و الصّحيح ما أثبتناه.
6- 6) المغني 1:247.

في الحائض و الجنب (1)،و ما اخترناه قول أكثر أهل العلم (2).

لنا:ما رواه مسلم في صحيحه،قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغتسل بفضل ميمونة (3).و قالت ميمونة:اغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغتسل،فقلت:إنّي قد اغتسلت منه؟فقال:

(الماء ليس عليه جنابة) (4).و بما رويناه من الأحاديث المتقدّمة من طريق الخاصّة (5).

و لأنّه ماء طهور فجاز للمرأة الوضوء به و الاغتسال منه،فجاز للرّجل كفضل الرّجل.

و احتجاج أحمد قد تقدّم في مباحث المقصد الأوّل مع الجواب عنه (6).

و اختلفوا في المراد من الخلوة،فقال قوم:هي أن لا يحضرها من لا تحصل الخلوة في النّكاح بحضوره،رجلا كان أو امرأة أو صبيّا عاقلا،لأنّها إحدى الخلوتين،فنافاها حضور أحد هؤلاء كالأخرى (7).

و قال آخرون منهم:هي أن لا يشاهدها رجل مسلم،فإن شاهدها صبيّ،أو

ص:264


1- 1المغني 1:247،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51،الكافي لابن قدامة 1:77، [1]نيل الأوطار 1:32.
2- 2) المغني 1:247،المجموع 2:191.
3- 3) صحيح مسلم 1:257 حديث 323.
4- 4) سنن الدّار قطني 1:52 حديث 3،مسند أحمد 6:330،و [2]روي بمعناه عن بعض أزواج النّبي(ص)، انظر:سنن أبي داود 1:18 حديث 68،سنن التّرمذي 1:94 حديث 65،سنن ابن ماجه 1:132 حديث 370،سنن الدّارمي 1:187، [3]المستدرك 1:159. [4]
5- 5) تقدّم في الجزء الأوّل ص 162.
6- 6) تقدّم في الجزء الأوّل ص 165.
7- 7) المغني 1:248،مغني المحتاج 1:75،الكافي لابن قدامة 1:78،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:

امرأة،أو كافر لم تخرج عن الخلوة (1).

و قال آخرون منهم:هي استعمالها للماء من غير مشاركة الرّجل (2).

و إن خلت به في بعض أعضائها،أو في تجديد طهارة،أو استنجاء،أو غسل نجاسة،فعندهم وجهان:

المنع،لأنّها طهارة شرعيّة.

و الجواز،لأنّ إطلاق الطّهارة ينصرف إلى طهارة الحدث الكاملة (3).

و لو خلت به ذمّيّة في اغتسالها،فوجهان عندهم أيضا:

المنع،لأنّها أدنى حالا من المسلمة و أبعد من الطّهارة،و قد تعلّق بغسلها حكم شرعيّ،و هو حلّ وطئها إذا اغتسلت من الحيض،و أمرها به إذا كان من جنابة.

و الجواز،لأنّ طهارتها لا تصحّ،فهي كتبريدها (4).

أمّا لو خلت به المرأة في تبرّدها أو تنظيفها أو غسل ثوبها من الوسخ فلا يؤثّر،لأنّه ليس بطهارة.

و إنّما تؤثّر الخلوة في الماء القليل عندهم (5)،لأنّ حقيقة النّجاسة و الحدث لا تمنع و لا تؤثّر في الكثير،فتوهّم ذلك أولى،و إنّما يمنع الرّجل خاصّة لا المرأة.و هل يجوز للرّجل غسل النّجاسة به؟فيه وجهان عندهم (6):

المنع لأنّه مائع لا يرفع حدثه فلا يزيل النّجاسة،كسائر المائعات.

ص:265


1- 1المغني 1:248،الكافي لابن قدامة 1:78،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51.
2- 2) المغني 1:248،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51.
3- 3) المغني 1:248، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51.
4- 4) المغني 1:248،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51.
5- 5) المغني 1:248،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51.
6- 6) المغني 1:248، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:51. [3]

و الجواز،لأنّه ماء يزيل النّجاسة بمباشرة المرأة،فيزيلها إذا فعله الرّجل كسائر المياه،و المنع تعبّديّ لا يعقل معناه،فلا يتعدّى،و هذه الفروع ساقطة عندنا،لأنّ الخلوة لا تصلح للمنع من الاستعمال.

الفصل الثّاني:في الحيض
اشارة

و هو في اللّغة:السّيل،يقال:حاض الوادي،إذا سال.

و قال الشّاعر:

أجالت حصاهنّ الذّواري و حيّضت عليهنّ حيضات السّيول الطّواحم[1]

و هو في الشّرع عبارة عن الدّم الّذي له تعلّق بانقضاء العدّة،إمّا بظهوره أو بانقطاعه.أو يقال:هو الدّم الأسود الخارج بحرارة غالبا على وجه يتعلّق به أحكام مخصوصة.و لقليله حدّ.

و اعلم:انّ الحيض دم يرخيه الرّحم مع بلوغ المرأة،ثمَّ يصير لها عادة في أوقات متداولة معلومة لحكمة تربية الولد،فإذا حملت صرف اللّه تعالى بعنايته ذلك الدّم إلى تغذيته،فإذا وضعت أعدم اللّه عنه الصّورة الدّمويّة و كساه الصّورة اللّبنيّة فاغتذي به الطّفل،و لأجل ذلك قلّ ما تحيض المرضع و الحامل،فإذا خلت المرأة من الحمل و الرّضاع بقي الدّم لا مصرف له،فيستقرّ في مكان،ثمَّ يخرج غالبا في كلّ شهر ستة أيّام أو سبعة،و قد يزيد و يقلّ و يطول زمان خفائه (1)،و يقصر بحسب ما ركّبه اللّه تعالى في الطّباع.

و قد رتّب الشّارع على الحيض أحكاما،نحن نذكرها على الاستقصاء بعون اللّه

ص:266


1- 1«ح»:حقانه.

تعالى،فالنظر هاهنا يتعلّق بماهيّته،و وقته،و أحكامه،فهاهنا مباحث:

البحث الأوّل
اشارة

قد عرفت انّ الحيض هو الدّم الأسود العبيط الحارّ يخرج بقوّة و دفع غالبا

- و العبيط،هو الطّريّ-و به قال الشّافعيّ (1).و قال أبو حنيفة:ما عدا البياض الخالص حيض (2).و هو حقّ إن كان في زمن العادة.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(دم الحيض عبيط أسود محتدم) (3)و المحتدم:الحارّ كأنّه محترق،يقال:احتدم النّهار إذا اشتدّ حرّه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حفص بن البختريّ قال:

دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام امرأة سألته عن المرأة يستمرّ بها الدّم فلا تدري حيض هو أو غيره؟قال:فقال لها:«انّ دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع و حرارة، و دم الاستحاضة أصفر بارد،فإذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة»قال:

فخرجت و هي تقول:و اللّه لو كان امرأة ما زاد على هذا (4).

و روى في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«انّ دم الاستحاضة و الحيض ليسا يخرجان من مكان واحد،انّ دم الاستحاضة بارد، و دم الحيض حارّ» (5).

ص:267


1- 1المجموع 2:342.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 2:18.
3- 3) لم نعثر على هذه الرّواية في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا،غير أنّ السّرخسيّ أوردها في مبسوطه 3:150.
4- 4) التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
5- 5) التّهذيب 1:151 حديث 430،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 1.و [2]فيهما:ليس يخرجان.

و روى في الصّحيح،عن إسحاق بن جرير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«دم الحيض ليس به خفاء،هو دم حارّ تجد له حرقة،و دم الاستحاضة دم فاسد بارد» (1).

احتجّ أبو حنيفة (2)بما روى،عن عائشة انّها قالت:لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء (3).و هذا ما لا نعرف قياسا،و الظّاهر انّها قالت سماعا.

و الجواب:يجوز أن يكون ذلك عن اجتهاد،و يجوز أن يكون ذلك راجعا إلى أيّام العادة،و نحن نقول به.

مسألة:و لو اشتبه بدم العذرة اعتبر فيه بانغماس القطنة،

فمعه يكون حيضا،و مع التّطوّق يكون دم عذرة،لما رواه الشّيخ،عن زياد بن سوقة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تمسك الكرسف فإن خرجت القطنة مطوّقة بالدّم فإنّه من العذرة تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلّي،فإن خرج الكرسف منغمسا بالدّم فهو من الطّمث تقعد عن الصّلاة أيّام الحيض» (4).

و روى،عن خلف بن حمّاد،قال:قلت لأبي الحسن الماضي عليه السّلام:

و كيف لها أن تعلم من الحيض هو أو من العذرة؟قال:«تستدخل قطنة،ثمَّ تخرجها فإن خرجت القطنة مطوّقة بالدّم فهو من العذرة،و إن خرجت منتقعة (5)بالدّم فهو من الطّمث» (6).

ص:268


1- 1التّهذيب 1:151 حديث 431،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 2:19.
3- 3) صحيح البخاري 1:87،الموطّأ 1:59 حديث 97، [2]سنن البيهقي 1:336.
4- 4) التّهذيب 1:152 حديث 432،الوسائل 2:536 الباب 2 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
5- 5) كذا في النّسخ و في المصادر:مستنقعة.
6- 6) التّهذيب 1:385 حديث 1184،الوسائل 2:536 الباب 2 من أبواب الحيض،حديث 3. [4]

و رواه أيضا ابن يعقوب في كتابه،عن خلف أيضا،عن أبي الحسن عليه السّلام (1).

و لو اشتبه دم الحيض بدم القرح فلتدخل إصبعها،فإن كان خارجا من الجانب الأيسر فهو دم حيض،و إن كان خارجا من الأيمن فهو دم قرح.ذكره الشّيخ (2)و ابن بابويه (3)،و رواه في التّهذيب،عن محمّد بن يحيى رفعه،عن أبان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:فتاة منّا بها قرحة في جوفها و الدّم سائل،لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة؟قال:«مرها فلتستلق على ظهرها و ترفع رجليها و تستدخل إصبعها الوسطى فإن خرج الدّم من الجانب الأيمن فهو من الحيض،و إن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة» (4).و كذا ذكره ابن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن يحيى أيضا (5)،و هذه الرّواية منافية لما ذكره الشّيخ،و ابن بابويه.و قال ابن الجنيد:انّ دم الحيض يخرج من الجانب الأيمن،و دم الاستحاضة يخرج من الجانب الأيسر (6).

مسألة:لا حيض مع صغر السنّ و لا مع كبره،

و حدّ الصّغر ما نقص عن تسع سنين،لأنّ الصغيرة لا تحيض،لقوله تعالى وَ اللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ (7)و لأنّ المرجع فيه إلى الوجود،و لم يوجد من النّساء من تحيض فيما دون هذا السّن،و لأنّه تعالى إنّما خلق الحيض غذاء للولد،لما رواه ابن يعقوب في كتابه في الحسن،عن سليمان بن

ص:269


1- 1الكافي 3:92 حديث 1، [1]الوسائل 2،536 الباب 2 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
2- 2) المبسوط 1:43، [3]النّهاية:24. [4]
3- 3) المقنع:16، [5]الفقيه 1:54.
4- 4) التّهذيب 1:385 حديث 1185،الوسائل 2:561 الباب 16 من أبواب الحيض،حديث 2. [6]إلاّ انّ الشّيخ رواه بعكس ذلك.
5- 5) الكافي 3:94 حديث 3، [7]الوسائل 2:560 الباب 16 من أبواب الحيض،حديث 1. [8]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:199. [9]
7- 7) الطّلاق:4. [10]

خالد،قال:«انّ الولد في بطن امّه غذاؤه الدّم» (1).فالحكمة في خلقه تربية الولد، فمن لا يصلح للحمل لا يوجد فيها،لانتفاء حكمته،كالمنيّ لتقاربهما معنى،فإنّ أحدهما يخلق منه الولد،و الآخر يغذّيه و يربّيه،و كلّ منهما لا يوجد مع الصّغر،و وجود كلّ واحد منهما دالّ على البلوغ.

و أقلّ سنّ تبلغ له الجارية تسع سنين،فكان ذلك أقلّ سنّ تحيض له،و للشّافعيّ قولان:

أحدهما:انّ أوّل وقت إمكانه أوّل السّنة التّاسعة.

و الثّاني:انّ أوّله إذا مضت منها ستّة أشهر (2).

و روي عنه قول آخر انّ أوّل أوقات إمكانه أوّل العاشرة،قال:و قد رأيت جدّة بنت إحدى و عشرين سنة،فيكون قد حملت لدون عشر سنين (3).و قال بعض الحنفيّة باحتمال أن تكون بنت سبع حائضا (4)،لقوله عليه السّلام:(مروهم بالصّلاة إذا بلغوا سبعا) (5)و هو ضعيف،لأنّ الأمر هاهنا للتّمرين.

و روي،عن بعضهم انّه قال:بنت ستّ سنين ترى دم الحيض (6)،رواه شارح الطّحاويّ،قال:و حكي انّ بنتا لأبي مطيع البلخيّ[1]صارت جدّة و هي من بنات

ص:270


1- 1الكافي 3:97 حديث 6، [1]الوسائل 2:579 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 14. [2]
2- 2) المجموع 2:373،و 374.
3- 3) المغني 1:407،المجموع 2:373 و 374،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:352.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 3:149.
5- 5) سنن أبي داود 1:133 حديث 494،سنن التّرمذي 2:259 حديث 407.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 3:149.

ثمان عشرة سنة،فقال أبو مطيع:فضحتنا هذه الجارية.نعم،قد تصير جدّة بنت تسع عشرة سنة،لأنّ أقلّ الحمل ستة أشهر،فلو رأت بنت تسع سنين دما بالصّفات المذكورة،فهو حيض مع الشروط الآتية،لأنّها رأت دما صالحا لأن يكون حيضا في وقت إمكانه،فيحكم بأنّه حيض كغيرها.و هو مذهب أهل العلم كافّة.و روي،عن أحمد رواية أخرى في بنت عشر رأت الدّم،قال:ليس بحيض.رواها الميمونيّ[1]، قال القاضي:فعلى هذا يجب أن يقال:أوّل زمان يصحّ فيه وجود الحيض ثنتا عشرة سنة،لأنّه الزّمان الّذي يبلغ فيه الغلام (1)،و ليست هذه الرّواية بجيّدة عندهم أيضا.

و لو رأت دما لدون تسع،فهو دم فساد للعادة،و لما رواه الجمهور،عن عائشة (2).

أمّا حدّ الكبر الّذي ينقطع معه الحيض ففيه روايتان عن أصحابنا:روى الشّيخ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابنا قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«المرأة الّتي يئست من المحيض حدّها خمسون سنة» (3)و في طريقها سهل بن زياد،و هو ضعيف (4)،مع إرسالها.و رواها ابن يعقوب في كتابه بالسّند المذكور،قال:و روي ستّون سنة (5).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:271


1- 1المغني 1:408،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:352.
2- 2) صحيح مسلم 1:263 حديث،سنن ابن ماجه 1:205 حديث 626،سنن النّسائي 1:117،سنن الدّارمي 1:196،مسند أحمد 6:141.
3- 3) التّهذيب 1:397 حديث 1235،الوسائل 2:580 الباب 31 من أبواب الحيض،حديث 4. [1]
4- 4) تقدمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل:ص 251.
5- 5) الكافي 3:107 حديث 2، [2]الوسائل 2:581 الباب 31 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]

السّلام،قال:«حدّ الّتي يئست من المحيض خمسون سنة» (1).

الثّانية:روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلاّ أن تكون امرأة من قريش» (2).

قال الشّيخ في المبسوط:و حدّ اليأس خمسون،و في القرشيّة روي انّها ترى الدّم إلى ستّين (3)،و ألحق في غيره النّبطيّة بالقرشيّة في البلوغ إلى ستّين (4).و هذا قول أهل المدينة (5).و لو قيل:اليأس يحصل ببلوغ ستّين،أمكن بناء على الموجود،فإنّ الكلام مفروض فيما إذا وجد من المرأة دم في زمن عادتها على ما كانت تراه قبل ذلك،فالوجود ها هنا دليل الحيض كما كان قبل الخمسين دليلا.و لو قيل:ليس بحيض مع وجوده و كونه على صفة الحيض،كان تحكّما لا يقبل.أمّا بعد السّتّين،فالإشكال زائل،للعلم بأنّه ليس بحيض لعدم الوجود،و لما علم من انّ للمرأة حالا يبلغها يحصل معها اليأس، لقوله تعالى وَ اللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ (6).

و قال بعض الحنفيّة:انّ بنت سبعين ترى دم الحيض،و بعضهم قال:بأكثر من سبعين (7).و قال محمّد بن الحسن في نوادر الصّلاة:قلت:رأيت العجوز الكبيرة ترى الدّم،أ يكون حيضا؟قال:نعم (8).

ص:272


1- 1التّهذيب 1:397 حديث 1237،الوسائل 2:580 الباب 31 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:397 حديث 1236،الوسائل 2:580 الباب 31 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:42. [3]
4- 4) لم نعثر على هذا القول في كتب الشّيخ،و لكنّه قول المفيد في المقنعة:82.
5- 5) المغني 1:406،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353.
6- 6) الطّلاق:4. [4]
7- 7) المبسوط للسّرخسي 3:149-150.
8- 8) المصدر السّابق.
مسألة:اختلف الأصحاب في الحبلى هل ترى دم الحيض أم لا؟

فقال المفيد (1)،و ابن الجنيد (2)،و ابن إدريس:انّها لا تحيض (3).و هو اختيار سعيد بن المسيّب،و عطاء،و الحسن،و جابر بن زيد،و عكرمة،و محمّد بن المنكدر،و الشّعبيّ، و مكحول،و حمّاد،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (4)،و أبي حنيفة (5)،و ابن المنذر،و أبي عبيد،و أبي ثور (6)،و الشّافعيّ في القديم (7).و قال السّيّد المرتضى (8)،و ابنا بابويه (9):انّها تحيض.و هو مذهب الشّافعيّ في الجديد (10)،و مالك (11)،و الليث، و قتادة،و إسحاق (12).و قال الشّيخ في النّهاية:إن رأته في زمن عادتها فهو حيض،

ص:273


1- 1نسب في المعتبر 1:200 [1] القول إلى المفيد في المقنعة،و الموجود فيها هكذا:.لأنّ من النّساء من يرتفع حيضهنّ قبل حملهنّ.المقنعة:83-84.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:200. [2]
3- 3) السّرائر:29.
4- 4) المغني 1:405،المجموع 2:386، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:149،الهداية للمرغيناني 1:33، [4]بدائع الصّنائع 1:42،شرح فتح القدير 1: 164،فتح العزيز بهامش المجموع 2:576، [5]المجموع 2:386، [6]المغني 1:405، [7]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353. [8]
6- 6) المغني 1:405،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353،المجموع 2:386.
7- 7) المجموع 2:384، [9]مغني المحتاج 1:119،فتح العزيز بهامش المجموع 2:576، [10]المهذّب للشّيرازي 1:39.
8- 8) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):191.
9- 9) انظر:قول عليّ بن بابويه في المعتبر 1:200،و [11]محمّد بن عليّ بن بابويه:في المقنع:16،و [12]الفقيه 1: 51.
10- 10) المجموع 2:384،فتح العزيز بهامش المجموع 2:577،مغني المحتاج 1:118،السّراج الوهّاج: 33،ميزان الكبرى 1:130،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:31،المهذّب للشّيرازي 1:39، المغني 1:405.
11- 11) بداية المجتهد 1:53،المجموع 2:386،المغني 1:405،فتح العزيز بهامش المجموع 2:577.
12- 12) المغني 1:405،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353،المجموع 4:386. [13]

و إن تأخّر عنها بمقدار عشرين يوما فليس بحيض (1).و قال في الخلاف:انّها تحيض ما لم يستبن حملها،فإذا استبان فلا حيض (2).و الحقّ عندي مذهب السيّد المرتضى.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة انّ الحبلى إذا رأت الدّم لا تصلّي (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الحبلى ترى الدّم و هي حامل كما كانت ترى قبل ذلك في كلّ شهر هل تترك الصّلاة؟قال:«تترك إذا دام» (4).

و روى،عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام في الحبلى ترى الدّم؟قال:«تدع الصّلاة فإنّه ربّما بقي في الرّحم الدّم و لم يخرج و تلك الهراقة» (5).

و روى في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن الحبلى ترى الدّم أ تترك الصّلاة؟فقال:«نعم،انّ الحبلى ربّما قذفت بالدّم» (6).

و روى في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الحبلى ترى الدّم؟قال:«نعم،انّه ربّما قذفت المرأة بالدّم و هي حبلى» (7).

ص:274


1- 1النّهاية:25. [1]
2- 2) الخلاف 1:74-مسألة 12.
3- 3) سنن الدّارمي 1:225، [2]جامع الأصول 8:223 حديث 5400،الموطّأ 1:60.
4- 4) التّهذيب 1:386 حديث 1189،الاستبصار 1:139 حديث 476،الوسائل 2:577 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 1:386 حديث 1186،الاستبصار 1:138 حديث 473،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 9. [4]
6- 6) التّهذيب 1:386 حديث 1187،الاستبصار 1:138 حديث 474،الوسائل 2:576 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 1. [5]
7- 7) التّهذيب 1:386 حديث 1188،الاستبصار 1:139 حديث 475،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 10. [6]

و روى،عن سماعة،قال:سألته عن امرأة رأت الدّم في الحبل؟قال:«تقعد أيّامها الّتي كانت تحيض،فإذا زاد الدّم على الأيّام الّتي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيّام،ثمَّ هي مستحاضة» (1).

و روى في الصّحيح،عن أبي المعزى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها،ترى كما ترى الحائض من الدّم؟قال:«تلك الهراقة إن كان دما كثيرا فلا تصلّين،و إن كان قليلا فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (2).

و روى في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحبلى ترى الدّم اليوم و اليومين؟قال:«إن كان دما عبيطا فلا تصلّي ذلك اليومين،و إن كانت صفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (3).

و روى في الصّحيح،عن صفوان،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الحبلى ترى الدّم ثلاثة أيّام أو أربعة أيّام تصلّي؟قال:«تمسك عن الصّلاة» (4).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

سألته عن الحبلى ترى الدّم كما ترى أيّام حيضها مستقيما في كلّ شهر؟قال:«تمسك عن الصّلاة كما كانت تصنع في حيضها فإذا طهرت صلّت» (5).

و روى محمّد بن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما

ص:275


1- 1التّهذيب 1:386 حديث 1190،الاستبصار 1:139 حديث 477،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 11،و 557 [1] الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 6.
2- 2) التّهذيب 1:387 حديث 1191،الوسائل 2:577 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 1:387 حديث 1192،الاستبصار 1:141 حديث 483،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 6.و [3]في الجميع:فلا تصلّي ذينك اليومين.
4- 4) التّهذيب 1:387 حديث 1193،الاستبصار 1:139 حديث 478،الوسائل 2:577 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 4. [4]
5- 5) التّهذيب 1:387 حديث 1194،الاستبصار 1:139 حديث 479،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 7. [5]

السّلام،قال:سألته عن المرأة الحبلى قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدّم؟ قال:«تلك الهراقة من الدّم إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلّي،و إن كان قليلا أصفر فليس عليها إلاّ الوضوء» (1).

و روى ابن يعقوب في الحسن،عن سليمان بن خالد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك،الحبلى ربّما طمثت؟فقال:«نعم،و ذلك انّ الولد في بطن امّه غذاؤه الدّم فربّما كثر يفضل عنه فإذا فضل دفعته فإذا دفعته حرمت عليها الصّلاة» (2).

قال:و في رواية أخرى،إذا كان كذلك تأخّر الولادة (3).و لأنّه دم رحم خرج في وقت معتاد،فكان حيضا كالحائل.

احتجّ القائلون (4)بأنّها لا تحيض،بما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(ألا لا توطأ الحبالى حتّى يضعن و لا الحبالى حتّى يستبرئن بحيضة) (5)جعل الحيض علامة فراغ الرّحم،فدلّ على انّه لا يتصوّر مع الشّغل.

و بما رواه سالم،عن أبيه،انّه طلّق امرأته و هي حائض،فسأل عمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:(مره فليراجعها،ثمَّ ليطلّقها طاهرا أو حاملا) (6)فجعل الحمل علما على عدم الحيض كما جعل الطّهر علما عليه.و لأنّه زمن لا يعتادها الحيض فيه

ص:276


1- 1الكافي 3:96 حديث 2، [1]الوسائل 2:579 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 16. [2]
2- 2) الكافي 3:97 حديث 6، [3]الوسائل 2:579 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 14. [4]
3- 3) الكافي 3:97 حديث 6، [5]الوسائل 2:579 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 15. [6]
4- 4) المغني 1:405،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:353.
5- 5) مسند أحمد 3:87،سنن أبي داود 2:248 حديث 2157،سنن النّسائي 6:301.
6- 6) مسند أحمد 2:26، [7]صحيح مسلم 2:1095 حديث 1471،سنن التّرمذي 3:479 حديث 1176، [8]سنن ابن ماجه 1:652 حديث 2023،سنن النسائي 6:141.بتفاوت انظر:سنن أبي داود 2: 255 حديث 2182، [9]صحيح البخاري 7:52،و ج 6:193.

غالبا،فلم يكن ما تراه فيه حيضا كالآيسة.

و بما رواه الشيخ،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل يعني إذا رأت الدّم و هي حامل،لا تدع الصّلاة إلاّ أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطّلق فرأت الدّم تركت الصّلاة» (1).

قال ابن إدريس:أجمعنا على بطلان طلاق الحائض مع الدّخول و الحضور،و على صحّة طلاق الحامل مطلقا،و لو كانت تحيض لحصل التّناقض (2).

و احتجّ الشّيخ (3)بما رواه في الصّحيح،عن الحسن (4)بن نعيم الصحّاف[1]قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:انّ أمّ ولدي ترى الدّم و هي حامل كيف تصنع بالصّلاة؟قال:فقال:«إذا رأت الحامل الدّم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الّذي كانت ترى فيه الدّم من الشّهر الّذي كانت تقعد فيه فإنّ ذلك ليس من الرّحم و لا من الطّمث،فلتتوضّأ و تحتشي بكرسف و تصلّي،فإذا رأت الحامل الدّم قبل الوقت الّذي كانت ترى فيه الدّم بقليل أو في الوقت من ذلك الشّهر فإنّه من الحيضة،فلتمسك عن الصّلاة عدد أيّامها الّتي كانت تقعد في حيضها،فإن انقطع الدّم عنها قبل ذلك فلتغتسل و لتصلّ،و إن لم ينقطع الدّم عنها إلاّ بعد ما تمضي الأيّام[الّتي (5)]كانت

ص:277


1- 1التّهذيب 1:387 حديث 1196،الاستبصار 1:140 حديث 481،الوسائل 2:579 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 12. [1]
2- 2) السّرائر:29.
3- 3) الاستبصار 1:140.
4- 4) كذا في النّسخ و في المصادر:الحسين،و هو الصّحيح.
5- 5) أضفناها من المصدر.

ترى الدّم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل و تحتشي و تستذفر و تصلّي الظّهر و العصر،ثمَّ لتنظر.» (1)إلى آخر الحديث.

و الجواب عن الأوّل:انّه لا شكّ في انّ الغالب انّ الحامل لا ترى الدّم،و يدلّ عليه تعليل الإمام أبي عبد اللّه عليه السّلام بأنّه غذاؤه،و إنّما يخرج الفضل منه،فلا يلزم ما ذكر تموه.و كذا البحث عن الثّاني،على انّه يمكن أن يكون حجّة لنا،لأنّه عليه السّلام فصّل بين الطّهر و الحمل،و التّفصيل قاطع للشّركة،فلا يصدق الطّهر حينئذ مع الحبل.

و عن الثّالث:بالفرق بين الآئسة و بينها،لاعتيادها دون اعتياد الآئسة.و قوله:انّه لا يعتادها غالبا،قلنا:الحبلى من حيث هي لا شكّ انّها لا ترى الدّم غالبا،أمّا بالنّظر إلى المرأة المعيّنة الّتي يعتادها الحيض في زمن حبلها على ما كانت عليه قبل الحبل،فلا نسلّم انّه مغلوب في حقّها.

و عن الرّابع:انّ السّكونيّ عاميّ،فلا تعارض روايته ما قدّمنا من الرّوايات الصّحيحة.

و عن الخامس:انّ الحيض في زمن الحبل سقط اعتباره في نظر الشّرع فيما يرجع إلى منعه من الطّلاق.

و عن السّادس:انّه بناء على الغالب،فإنّ أغلب أحوال المرأة إذا خرجت عادتها و لم تر دما و بالخصوص إذا كانت حبلى،انّه لا يكون دم حيض،و ادّعى الشّيخ في الخلاف الإجماع على انّ المستبين حملها لا تحيض،و إنّما الخلاف وقع في غير المستبين، و نحن لا نحقّق هذا الإجماع،مع انّ رواية أبي المعزى تنافي ما ذكره الشّيخ،و كذا رواية محمّد بن مسلم.

و أيضا:التّعليلات الّتي ذكروها عليهم السّلام عامّة،و الصّيغ مطلقة،فالأقرب

ص:278


1- 1التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:140 حديث 482،الوسائل 2:577 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 3.و [1]في الجميع:و تستثفر.

ما ذهبنا نحن إليه.

فرع :لو انقطع دمها،ثمَّ ولدت،فإن كان بين الانقطاع و الولادة أقلّ الطّهر

فالمنقطع حيض

(1)

،و إن قصر ما بينهما عن أقلّ الطّهر فليس بحيض،[لاشتماله]قصور الطّهر عن أقلّه.و هو أحد وجهي الشّافعيّة،و الثّاني:انّه يكون حيضا (2).و إنّما يعتبر الطّهر الكامل بين دمي حيض،لأنّ الدّم الثّاني،لا دلالة عليه إلاّ وجوده بعد الطّهر الكامل،و هنا دمان مختلفان،و على الثّاني دلالة،و هي خروج الولد.

و لو تقدّمت الولادة و انقطع دمها على الأكثر و رأت دما بعد تخلّل أقلّ الطّهر كان حيضا،و إن كان قبله لم يكن حيضا.و هو أحد وجهي الشّافعيّة،و الثّاني:يكون حيضا،لأنّهما دمان مختلفان:نفاس و حيض،فلا يعتبر بينهما أقلّ الطّهر (3).

البحث الثّاني:في وقته
مسألة:و لأيّام الحيض طرفان قلّة و كثرة

،فأقلّ أيّامه ثلاثة بلياليها،و أكثره عشرة.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال أبو (4)حنيفة،و سفيان الثّوريّ،و أبو يوسف،و محمّد (5).و رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام،و عمر،و ابن مسعود،و ابن

ص:279


1- 1«خ»:فرع.
2- 2) المهذب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:521.
3- 3) المجموع 2:519.
4- 4) المغني 1:354،المبسوط للسّرخسي 3:147،الهداية للمرغيناني 1:30،بدائع الصّنائع 1:40، المجموع 2:381،المحلّى 2:193-198،عمدة القارئ 3:307،بداية المجتهد 1:50،شرح فتح القدير 1:142.
5- 5) المغني 1:354،المجموع 2:381.

عبّاس،و عثمان بن أبي العاص الثّقفيّ[1]،و أنس بن مالك (1).و للشّافعيّ قولان:

أحدهما:انّ دم الحيض أقلّه يوم و ليلة،و أكثره خمسة عشر يوما (2).و به قال أبو ثور (3).

و الثّاني:انّ أقلّه يوم و أكثره خمسة عشر يوما (4).و به قال داود (5)،و بالقولين روايتان عن أحمد (6)،و روي عنه ثالثة انّ أكثره سبعة عشر يوما (7).و قال سعيد بن جبير:أكثره ثلاثة عشر يوما (8).و قال مالك:ليس لأقلّه حدّ و لا لأكثره،بل الحيض ما يوجد،قلّ أو كثر،و الطّهر كذلك (9).و روي،عن أبي يوسف رواية أخرى:انّ

ص:280


1- 1المبسوط للسّرخسي 3:147،شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1:142.
2- 2) الام 1:67،المهذّب 1:38،المجموع 2:375،فتح العزيز بهامش المجموع 2:411،المغني 1: 353،بداية المجتهد 1:50،مغني المحتاج 1:109،بدائع الصّنائع 1:40،الام(مختصر المزني) 8:11-217.
3- 3) المجموع 2:381،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:354.
4- 4) الام(مختصر المزني)8:217،المهذّب 1:38،المجموع 2:375،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 411،المغني 1:353،بدائع الصّنائع 1:40.
5- 5) المحلّى 2:193.
6- 6) المغني 1:352-353،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:354،الإنصاف 1:358،الكافي لابن قدامة 1:94،المجموع 2:381،المحلّى 2:199.
7- 7) المغني 1:352-353،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:354،الإنصاف 1:358،الكافي لابن قدامة 1:94،المجموع 2:381، [1]المحلّى 2:199.
8- 8) المغني 1:353،المحلّى 2:198،سنن الدّارمي 1:209. [2]
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:50،بداية المجتهد 1:50،المغني 1:354،المجموع 2:381،المبسوط للسّرخسي 3:147،المحلّى 2:192،بدائع الصّنائع 1:39،بلغة السّالك 1:78،فتح العزيز بهامش المجموع 2:412،مقدّمات ابن رشد 1:90.

أقلّ الحيض يومان و أكثر الثّالث (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن واثلة بن الأسقع انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

(أقلّ الحيض ثلاثة أيّام و أكثره عشرة أيّام) (2).

و ما رووه،عن أبي أمامة الباهليّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(أقلّ الحيض للجارية البكر و الثّيب ثلاثة أيّام و لياليها،و أكثره عشرة أيّام) (3).

و قال أنس:قرء المرأة:ثلاث،أربع،خمس،ست،سبع،ثمان،تسع، عشر (4).و لا يقول ذلك إلاّ توقيفا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن يعقوب بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«أدنى الحيض ثلاثة و أقصاه عشرة» (5).

و روى في الصّحيح،عن صفوان بن يحيى،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن أدنى ما يكون من الحيض؟قال:«أدناه ثلاثة و أبعده عشرة» (6).

و روى،عن الحسن بن عليّ بن زياد الخزّاز،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

«أقلّ الحيض ثلاثة و أكثره عشرة» (7).

ص:281


1- 1بدائع الصّنائع 1:40،المبسوط للسّرخسي 3:147،المجموع 2:381،الهداية للمرغيناني 1:30، عمدة القارئ 3:307،شرح فتح القدير 1:142-143.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:219 حديث 61.
3- 3) سنن الدّار قطني 1:218 حديث 60-59،كنز العمّال 9:408 حديث 26725.
4- 4) المغني 1:354،و بمضمونه،انظر:سنن الدّارمي 1:210،مجمع الزّوائد 1:280.
5- 5) التّهذيب 1:156 حديث 447،الاستبصار 1:130 حديث 448،الوسائل 2:552 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 10. [1]
6- 6) التّهذيب 1:156 حديث 446،الاستبصار 1:130 حديث 447،الوسائل 2:551 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
7- 7) التّهذيب 1:156 حديث 449،الاستبصار 1:131 حديث 450،الوسائل 2:549 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]

و روى،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن أدنى ما يكون من الحيض؟قال:«ثلاثة أيّام و أكثره عشرة أيّام» (1).

و روى،عن سماعة بن مهران قال:قال:«فلها أن تجلس و تدع الصّلاة ما دامت ترى الدّم ما لم تجز العشرة» (2).

و روى،عن سماعة أيضا،قال:«أكثر جلوسها عشرة أيّام و أقلّه ثلاثة أيّام» (3).

لا يقال:يعارض ذلك:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انّ أكثر ما يكون الحيض ثمان،و أدنى ما يكون منه ثلاثة» (4).

لأنّا نقول:هذا خبر لم يذهب إليه أحد من المسلمين،فيجب تأويله بالمحتمل و هو أمران:

أحدهما:أن يكون المراد:إذا كانت عادتها انّها لا تحيض أكثر من ثمانية أيّام، ثمَّ استحاضت حتّى لا يتميّز لها دم الحيض من الاستحاضة،فإنّ أكثر ما تحتسب به من أيّام الحيض ثمانية أيّام حسب ما جرت عادتها قبل استمرار الدّم.ذكره الشّيخ في التّهذيب (5).

ص:282


1- 1التّهذيب 1:156 حديث 445،الاستبصار 1:130 حديث 446،الوسائل 2:551 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:380 حديث 1178،الوسائل 2:559 الباب 14 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:380 حديث 1181،الاستبصار 1:138 حديث 471،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 1:157 حديث 450،الاستبصار 1:131 حديث 451،الوسائل 2:553 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 14. [4]
5- 5) التّهذيب 1:157.

الثّاني:يحتمل انّه أنّ أكثر ما يكون الحيض ثمانية أيّام فإنّ وقوع العشرة نادر كما انّ وقوع الثّلاثة كذلك،بل الغالب وقوع الوسط و هو ثمانية،أو سبعة،أو ستّة فيكون ذلك إشارة إلى بيان أكثر أيّامه في الغالب لا مطلقا.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(دعي الصّلاة يوم قرئك) (1)من غير فصل بين عدد القليل و الكثير،و هذا يدلّ على انّ أقلّ الحيض يوم واحد.و على الكثرة بأنّ الشّهر في حقّ الآئسة و الصّغيرة أقيم مقام حيض و طهر،فجعل العدّة ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء فيقسّم عليها نصفين.

و أيضا:فإنّه غير محدود في الشّريعة و اللّغة،فيجب الرّجوع فيه إلى العرف و العادة، و قد وجد حيض معتاد يوما،قال عطاء:رأيت من النّساء من تحيض يوما و تحيض خمسة عشر (2).و قال أحمد بن حنبل:حدّثني يحيى بن آدم[1]قال:سمعت شريكا[2]يقول:

عندنا امرأة تحيض كلّ[شهر] (3)خمسة عشر يوما (4).و قال ابن المنذر:قال الأوزاعيّ:

ص:283


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 2:26.و [1]فيه:(دعي الصّلاة أيّام أقرائك)و بهذا المضمون،انظر:سنن أبي داود 1:73 حديث 281،سنن التّرمذي 1:220 حديث 126،سنن ابن ماجه 1:203 حديث 620،سنن الدّارمي 1:203.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 2:412،المجموع 2:375،المغني 1:354،الكافي لابن قدامة 1: 94،المهذّب للشّيرازي 1:38.
3- 3) في النّسخ:سنة،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) المغني 1:354،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:355.

عندنا امرأة تحيض غدوة و تطهر عشيّا يرون انّه حيض تدع له الصّلاة (1).و قال الشّافعيّ:رأيت امرأة اثبت لي عنها انّها لم تزل تحيض يوما لا تزيد عليه،و أثبت لي عن نساء انّهنّ لم يزلن يحضن أقلّ من ثلاثة أيّام (2).و ذكر إسحاق بن راهويه،عن بكر بن عبد اللّه المزنيّ[1]انّه قال:تحيض امرأتي يومين (3).و هذا يدلّ على انّ أقلّ الحيض يوم.

و احتجّوا (4)أيضا بما رووه،عن عليّ عليه السّلام انّه قال في صفة النّساء:(انّهنّ ناقصات عقل و دين)فقيل:و ما نقصان دينهنّ؟قال:(تلبث شطر دهرها في بيتها لا تصلّي) (5)و ذلك يدلّ على انّ أكثر الحيض نصف الشّهر.

و احتجّ مالك بأنّه لو كان لأقلّه حدّ لكانت المرأة لا تدع الصّلاة حتّى يمضي ذلك الحدّ،و أيضا:قال اللّه تعالى فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ (6)و ذلك عامّ في الأقلّ و الأكثر (7).

و الجواب عن الأوّل:انّه ليس فيه تقدير بيوم،بل فيه بيان بأنّها لا تصلّي في وقت

ص:284


1- 1المغني 1:355،المهذّب للشّيرازي 1:38،فتح العزيز بهامش المجموع 2:411.
2- 2) الام 1:64،المهذّب للشّيرازي 1:38،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:355، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 2:411، [2]المغني 1:355. [3]
3- 3) المغني 1:355،المجموع 2:382. [4]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 2:24، [5]المبسوط للسّرخسي 3:148،بدائع الصّنائع 1:40،شرح فتح القدير 1:143،فتح العزيز بهامش المجموع 2:413، [6]التّفسير الكبير 6:66. [7]
5- 5) صحيح البخاري 1:83،صحيح مسلم 1:86 حديث 79،سنن ابن ماجه 2:1326 حديث 4003،أحكام القرآن للجصّاص 2:24، [8]مسند أحمد 2:373-بتفاوت يسير في الجميع.الرّواية عن النّبيّ(ص)و انظر بمضمونه عن عليّ(ع)في نهج البلاغة تحقيق صبحي الصّالح:105.
6- 6) البقرة:222. [9]
7- 7) المغني 1:354، [10]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:354، [11]بدائع الصّنائع 1:39.

الحيض،و نحن نقول به.

و عن الثّاني:بالمنع من اعتداد الآئسة و الصّغيرة،أوّلا:لما يأتي،و ثانيا،لو سلّم، لم قلتم انّه لأجل قيام ثلاثة أشهر مقام ثلاثة أقراء؟بل لعلّه أراد به الاستظهار،فإنّ الاعتداد بالأقراء يحصل معه القطع بخلوّ الرّحم،أمّا بالأشهر فأوجب الأكثر من الأقراء للاستظهار.

و عن الثّالث:انّا قدّمنا انّه محدود من حيث النّقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث أبي أمامة،و حديث واثلة،و ما رووه عن أكثر الصّحابة كعليّ عليه السّلام، و عمر،و ابن مسعود،و غيرهم ممّن نقلنا عنهم.و هذا لا نعرف فيه قياسا،فالنّقل عن كلّ واحد منهم كروايته،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و ما رويناه،عن أهل البيت عليهم السّلام،فكيف يصحّ ادّعاء عدم التّقدير الشّرعيّ؟و ما نقلوه،عن النّساء فضعيف لا يعارض به الأحاديث النّبويّة و آثار أهل البيت عليه السّلام.

و عن الرّابع:انّ الشّطر لا يراد به النّصف ها هنا،لعدم تطرّق الخلف إلى كلامه عليه السّلام،فيحمل على ما يقارب النّصف.على انّهم أخذوا الشّطر بالنّسبة إلى الشّهر،فهو غير مذكور في كلامه عليه السّلام.

و لقائل أنّ يقول:يجوز اعتباره بالنّسبة إلى السّنة،فإنّها إذا لبثت عشرة حائضا و عشرة طهرا و هكذا،حصل من ذلك مساواة ترك الصّلاة لفعلها في الأزمنة،و يناسبه انّ الدّهر في اللغة:الزّمان الطّويل،و ذلك لا يناسب الشّهر.

و عن الخامس:بالمنع من الملازمة في ذات العادة بناء على الغالب و بالتزامها و بالمنع من إبطال التّالي في المبتدئة،و سيأتي البيان.

و عن السّادس:انّ الآية مجملة من حيث المقدار،و بيانه في حديث أبي أمامة، و واثلة،و أحاديث الأئمّة عليهم السّلام،و قد تقدّمت.

مسألة:هل يشترط في الثّلاثة الأيّام،التّوالي أم لا؟فيه للأصحاب قولان:

قال الشّيخ في النّهاية:لا يشترط،بمعنى انّها لو رأت الأوّل و الثّالث و الخامس

ص:285

مثلا،لكان حيضا (1).و قال في المبسوط و الجمل:يشترط التّتابع (2).و به قال ابنا بابويه (3)و السّيّد المرتضى (4).و اتّفق الفريقان على انّه يشترط كون الثّلاثة من جملة العشرة،و القول الأوّل اختيار الحنفيّة (5).

احتجّ الشّيخ (6)على الأوّل بما رواه يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فإذا رأت المرأة الدّم في أيّام حيضها تركت الصّلاة،فإن استمرّ بها الدّم ثلاثة أيّام فهي حائض،و إن انقطع الدّم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت و صلّت و انتظرت من يوم رأت الدّم إلى عشرة أيّام،فإن رأت في تلك العشرة أيّام من يوم رأت الدّم يوما أو يومين حتّى يتمّ لها ثلاثة أيّام فذلك الّذي رأته في أوّل الأمر مع هذا الّذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض،و إن مرّ بها من يوم رأت عشرة أيّام و لم تر الدّم فذلك اليوم و اليومان الّذي رأته لم يكن من الحيض إنّما كان من علّة» (7)و هذه الرّواية مرسلة لا يعوّل عليها.

و روى الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أقلّ ما يكون الحيض ثلاثة أيّام و إذا رأت الدّم قبل عشرة أيّام فهي من الحيضة الاولى،و إذا رأته بعد عشرة أيّام فهي من حيضة أخرى مستقبلة» (8)و في طريقها ابن فضّال،و هو

ص:286


1- 1النهاية:26. [1]
2- 2) المبسوط 1:42، [2]الجمل و العقود:45.
3- 3) الهداية:21،الفقيه 1:50،المعتبر 1:202. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:202. [4]
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:154،الهداية للمرغيناني 1:32،بدائع الصّنائع 1:43،شرح فتح القدير 1: 152.
6- 6) النّهاية:26. [5]
7- 7) التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:555 الباب 12 من أبواب الحيض،حديث 2. [6]
8- 8) التّهذيب 1:156 حديث 448،الاستبصار 1:130 حديث 449،الوسائل 2:552 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 11. [7]

ضعيف (1)،مع عدم إفادتها المطلوب،إذ لا دلالة فيها على انّ الحيضة الأولى أقلّ من ثلاثة،بل دلّت على انّ ما تراه في العشرة فهو من الحيضة الاولى،و نحن لا نسمّي الدّم حيضا إلاّ ما بلغ ثلاثة فصاعدا،فمتى رأت الدّم ثلاثا،ثمَّ انقطع،ثمَّ رأته في العشرة و لم تجاوز كان الجميع حيضا.و قد روى هذه الرّواية أيضا من طريق حسن،عن محمّد بن مسلم،و لم نظفر بحديث سوى ما ذكرناه فلنرجع إلى الأصل،و هو شغل الذّمّة بالعبادة المستفادة من الأمر إلى أن يظهر المزيل.

مسألة:كلّ دم تراه المرأة ما بين الثّلاثة إلى العشرة،ثمَّ ينقطع عليها فهو حيض

ما لم يعلم أنّها لعذرة أو قرح،و لا اعتبار باللّون.و هو مذهب علمائنا أجمع،و لا نعرف مخالفا،لأنّه في زمان يمكن أن يكون حيضا،فيكون حيضا.

و روى الجمهور،عن عائشة انّها كانت تبعث إليها النّساء بالدّرجة فيها الكرسف فيها الصّفرة و الكدرة فتقول:لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا رأت المرأة أقلّ من العشرة فهو من الحيضة الاولى،و إن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة» (3)و هو لفظ مطلق ليس فيه تخصيص بلون دون آخر.

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«فإن خرج فيها شيء من الدّم،فلا تغتسل» (4).

ص:287


1- 1مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 76.
2- 2) صحيح البخاري 1:87،الموطّأ 1:59 حديث 97، [1]كنز العمّال 9:624،حديث 27712،سنن البيهقي 1:336.
3- 3) التّهذيب 1:159 حديث 454،الوسائل 2:554 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 1:141 حديث 462،الوسائل 2:562 الباب 17 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]

و روى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:المرأة ترى الطّهر و ترى الصّفرة أو الشّيء،فلا تدري أ طهرت أم لا؟قال:«فإن كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط و ترفع رجلها على حائط كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد أن يبول ثمَّ تستدخل الكرسف فإذا كان به من الدّم مثل رأس الذّباب خرج،فان خرج دم فلم تطهر،و إن لم يخرج فقد طهرت» (1).

مسألة:أقلّ الطّهر بين الحيضتين عشرة أيّام.

و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام.

و لا حدّ لأكثره عند عامّة علمائنا،إلاّ من شذّ كأبي الصّلاح،فإنّه حدّه بثلاثة أشهر (2).و قال مالك (3)،و الثّوريّ (4)،و الشّافعيّ (5)،و أبو حنيفة:أقلّ الطّهر خمسة عشر (6).و قال أحمد:أقلّه ثلاثة عشر يوما (7).و قال أبو بكر:أقلّ الطّهر مبنيّ على أكثر الحيض،فإنّ قلنا أكثره خمسة عشر فأقلّ الطّهر خمسة عشر،و إن قلنا أكثره سبعة عشر

ص:288


1- 1التّهذيب 1:161 حديث 462،الوسائل 2:562 الباب 17 من أبواب الحيض،حديث 4. [1]
2- 2) الكافي في الفقه:128. [2]
3- 3) بداية المجتهد 1:50،المغني 1:356،مقدّمات ابن رشد 1:89،بلغة السّالك 1:78،أحكام القرآن للجصّاص 2:30. [3]
4- 4) المجموع 2:381،المغني 1:356،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:356.
5- 5) المجموع 2:376،المهذّب للشّيرازي 1:39،ميزان الكبرى 1:128،فتح الوهّاب 1:26،مغني المحتاج 1:109،السّراج الوهّاج:30،الام 1:67،المحلّى 2:200،بداية المجتهد 1:50، المغني 1:356،بدائع الصّنائع 1:40،المبسوط للسّرخسي 3:148.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 3:148،بدائع الصّنائع 1:40،عمدة القارئ 3:306،المغني 1:356، بداية المجتهد 1:50،ميزان الكبرى 1:128،المحلّى 2:200.
7- 7) المغني 1:356،الكافي لابن قدامة 1:94،منار السّبيل 1:56،المجموع 2:382،فتح العزيز بهامش المجموع 2:412،ميزان الكبرى 1:128.

فأقلّ الطّهر ثلاثة عشر (1).و حكي عن يحيى بن أكثم[1]انّ أقلّ الطّهر تسعة عشر يوما (2)،لأنّ العادة أنّ للمرأة في كلّ شهر حيضا و طهرا،و الشّهر لا ينقص عن تسعة و عشرين يوما،و أكثر الحيض عشرة أيّام،فيبقى أقلّ الطّهر تسعة عشر يوما.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام انّ امرأة جاءته و قد طلّقها زوجها، فزعمت أنّها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كلّ قرء و صلّت،فقال عليّ عليه السّلام لشريح[2](قل فيها)فقال شريح:إن جاءت ببيّنة من بطانة أهلها ممّن يرضى دينه و أمانته فشهدت بذلك و إلاّ فهي كاذبة.فقال عليّ عليه السّلام:(قالون)و معناه بالرّوميّة:جيّد (3)،و هذا لا يقوله إلاّ توقيفا،و هو قول صحابيّ انتشر و لم يعلم خلافه،فكان إجماعا سكوتيّا،و لا يتقدّر ذلك على تقدير أن يكون أقلّ الطّهر خمسة عشر يوما.ثمَّ نقول:قد بيّنّا انّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام (4)،فلا يتقدّر ذلك أيضا إلاّ على تقدير أن يكون أقلّ الطّهر عشرة أيّام.

ص:289


1- 1المغني 1:356،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:356.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 2:30، [1]المجموع 2:382.
3- 3) المغني 1:357،و بتفاوت في:صحيح البخاري 1:89،سنن الدّارمي 1:212، [2]سنن البيهقي 7: 418.
4- 4) راجع ص:279.

و أيضا:ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بيان نقصان دين المرأة في الحديث الطّويل تقعد إحداهنّ شطر دهرها لا تصوم و لا تصلّي (1).و قد بيّنّا انّ أكثر الحيض عشرة أيّام فأقلّ الطّهر ما يساويه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«لا يكون القرء في أقلّ من عشرة فما زاد أقلّ ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدّم» (3).

و روى،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«أدنى الطّهر عشرة أيّام» (4).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا رأت الدّم قبل عشرة أيّام فهو من الحيضة الاولى،و إن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة» (5).

و ما رواه الشّيخ،عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن أبيه عليه السّلام، انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال في امرأة ادّعت انّها حاضت في شهر ثلاث حيض، فقال:«كلفوا نسوة من بطانتها انّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت فإن شهدن

ص:290


1- 1صحيح البخاري 1:83،صحيح مسلم 1:86 حديث 79،سنن التّرمذي 5:10 حديث 2613، سنن ابن ماجه 2:1326 حديث 4003،مسند أحمد 2:374-بتفاوت يسير في الجميع.
2- 2) راجع ص:279.
3- 3) التّهذيب 1:157 حديث 451،الاستبصار 1:131 حديث 452،الوسائل 2:553 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
4- 4) الكافي 3:76 حديث 5، [2]التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:554 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
5- 5) الكافي 3:77 حديث 1، [4]التّهذيب 1:159 حديث 454،الوسائل 2:554 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 3. [5]

صدقت و إلاّ فهي كاذبة» (1).

احتجّ الجمهور بما رووه،عن عطاء بن يسار و إبراهيم النّخعيّ،انّهما قالا:أقلّ الطّهر خمسة عشر يوما (2).و ليس ذلك إلاّ عن توقيف.

و الجواب:يجوز أن يكون إنّما صار إليه عن اجتهاد،فإنّ الشّهر عندهم ينقسم إلى الطّهر و الحيض،و قد أفتيا بأنّ أكثر الحيض خمسة عشر،فلزمهم (3)مساواة أقلّ الطّهر له،و نحن لمّا بيّنّا (4)كمّيّة أكثر الحيض بطل هذا التّقدير،على انّ قولهما معارض بقول عليّ عليه السّلام و هو الحجّة.

مسألة:ألوان الدّماء ستّة:

السّواد الخالص،و البياض الخالص،و الحمرة، و الصّفرة،و الخضرة،و الكدرة.فالسّواد،دم حيض إجماعا.و أمّا البياض،فليس بحيض إجماعا.و أمّا الحمرة فقد روي،عن أبي حنيفة أنّها في أيّام الحيض حيض (5).

و هو مذهبنا أيضا.و أمّا الصّفرة فكذلك على رأينا و رأي أبي (6)حنيفة.و قال أبو يوسف:الصّفرة حيض،و الكدرة ليس بحيض إلاّ أن يتقدّمها دم (7).و قال داود:انّ

ص:291


1- 1التّهذيب 1:398 حديث 1242 و ج 8:166 حديث 576،الاستبصار 1:148 حديث 511 و ج 3:356 حديث 1277،الوسائل 2:596 الباب 47 من أبواب الحيض،حديث 3. [1]
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:155،أحكام القرآن للجصّاص 2:31. [2]
3- 3) «ق»«ح»:فلزم.
4- 4) راجع ص 279.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:30،المبسوط للسّرخسي 3:150،بدائع الصّنائع 1:39،شرح فتح القدير 1: 144،عمدة القارئ 3:309.
6- 6) الهداية للمرغيناني 1:30،المبسوط للسّرخسي 3:150،شرح فتح القدير 1:144،بدائع الصّنائع 1:39،عمدة القارئ 3:309،أحكام القرآن للجصّاص 2:33، [3]بداية المجتهد 1:53،المجموع 2:395،المحلّى 2:168،إرشاد السّاري 1:362،مقدّمات ابن رشد 1:94.
7- 7) الهداية للمرغيناني 1:30،المبسوط للسّرخسي 3:150،شرح فتح القدير 1:144،أحكام القرآن للجصّاص 2:33، [4]بدائع الصّنائع 1:39،عمدة القارئ 3:310،المحلّى 2:169،المجموع 2: 395، [5]مقدّمات ابن رشد 1:94.

الصفرة و الكدرة ليستا حيضا (1).و قال أبو بكر الإسكاف[1]:إن كانت الصّفرة على لون القز فهي حيض و إلاّ فلا.و قال آخرون:إن كانت الصّفرة أقرب إلى البياض فليس بحيض،و إن كانت أقرب إلى الحمرة فهي حيض.

و أمّا الكدرة،فعلى قول أبي حنيفة،و محمّد يكون حيضا في الأحوال كلّها:تقدّم أو تأخّر (2).و قال أبو يوسف:إن خرج عقيب الدّم كان حيضا،و إن تقدّم لم يكن حيضا.و أمّا الخضرة فالخلاف فيها كالكدرة.

و قد تلخّص من هذا انّ الصّفرة و الكدرة في أيّام الحيض حيض.و هو قول يحيى الأنصاريّ (3)،و ربيعة (4)،و مالك (5)،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (6)،و عبد الرّحمن بن مهديّ[2] (7)،و الشّافعيّ (8)،و إسحاق (9).و قال أبو يوسف،و أبو ثور:لا يكون

ص:292


1- 1بداية المجتهد 1:53.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 3:150،شرح فتح القدير 1:144،أحكام القرآن للجصّاص 2:33، [1]بدائع الصّنائع 1:39،المجموع 2:395،عمدة القارئ 3:309.
3- 3) المغني 1:383.
4- 4) المغني 1:383،المجموع 2:395،عمدة القارئ 3:310.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:50،بداية المجتهد 1:53،مقدّمات ابن رشد 1:94،بلغة السّالك 1:78، أحكام القرآن للجصّاص 2:33، [2]المجموع 2:395،المغني 1:383،عمدة القارئ 3:310، إرشاد السّاري 1:362،المحلّى 2:169.
6- 6) المغني 1:383،المجموع 2:395،المحلّى 2:168،عمدة القارئ 3:310.
7- 7) المغني 1:383،المحلّى 2:168.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:39،المجموع 2:393،الام(مختصر المزني)8:11،فتح العزيز بهامش المجموع 2:485،مغني المحتاج 1:113،مقدّمات ابن رشد 1:94،بداية المجتهد 1:53،عمدة القارئ 3:310،إرشاد السّاري 1:362،أحكام القرآن للجصّاص 2:33، [3]المحلّى 2:168.
9- 9) المغني 1:383،المجموع 2:395، [4]المحلّى 2:168،عمدة القارئ 3:310.

حيضا إلاّ أن يتقدّمها دم أسود (1).

لنا:قوله تعالى وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً (2)و هو يتناول الصّفرة و الكدرة.و في حديث عائشة:لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كلّ ما رأت المرأة في أيّام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض،و كلّ ما رأته بعد أيّام حيضها فليس من الحيض» (4).

و روى في الصحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى الصّفرة في أيّامها؟فقال:«لا تصلّي حتى تنقضي أيّامها فإن رأت الصّفرة في غير أيّامها توضّأت و صلّت» (5).

و روى في الحسن،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرأة ترى الصّفرة؟قال:«إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض،و إن كان بعد الحيض بيومين فليس منه» (6).

و روى،عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن المرأة ترى الصّفرة؟فقال:«ما كان قبل الحيض فهو من الحيض،و ما كان بعد

ص:293


1- 1المغني 1:383، [1]المجموع 2:396، [2]عمدة القارئ 3:310.
2- 2) البقرة:222. [3]
3- 3) صحيح البخاري 1:87،الموطّأ 1:59 حديث 97، [4]جامع الأصول 8:239 حديث 4223.
4- 4) التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 3. [5]
5- 5) التّهذيب 1:396 حديث 1230،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 1. [6]
6- 6) التّهذيب 1:396 حديث 1231،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 2. [7]

الحيض فليس منه» (1)و في طريقه عليّ بن أبي حمزة،و فيه ضعف (2).

و روى ابن يعقوب،في كتابه،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا رأت المرأة الصّفرة قبل انقضاء أيّام عدّتها لم تصلّ و إن كانت صفرة بعد انقضاء أيّام قرئها صلّت» (3)و في الطّريق عليّ بن محمّد[1]،و فيه ضعف.

و روى،عن معاوية بن حكيم قال:قال:«الصّفرة قبل الحيض بيومين من الحيض و بعد أيّام الحيض ليس من الحيض و هي في أيّام الحيض حيض» (4).

و روى ابن يعقوب،عن داود مولى أبي المعزى[2]عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:المرأة يكون حيضها سبعة أيّام أو ثمانية أيّام،حيضها دائم مستقيم،ثمَّ تحيض ثلاثة أيّام ثمَّ ينقطع عنها الدّم فترى البياض لا صفرة و لا دما؟ قال:«تغتسل و تصلّي و تصوم» (5).

احتجّ المخالف (6)بحديث أمّ عطية[3]قالت:كنّا لا نعتدّ بالصّفرة و الكدرة

ص:294


1- 1التّهذيب 1:396 حديث 1232،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 83.
3- 3) الكافي 3:78 حديث 3، [2]الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]
4- 4) الكافي 3:78 حديث 5، [4]الوسائل 2:541 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 6. [5]
5- 5) الكافي 3:90 حديث 7، [6]الوسائل 2:544 الباب 6 من أبواب الحيض،حديث 1. [7]
6- 6) المغني 1:383،المهذّب للشّيرازي 1:39،المجموع 2:388،مغني المحتاج 1:113.

بعد الغسل شيئا (1).

و الجواب:انّه إنّما يتناول ما بعد الطّهر و الاغتسال،و نحن نقول به.

مسألة:قد ذكرنا انّ طرف القلّة حدّه الثّلاثة،

و حدّ الكثرة العشرة،فما زاد على العشرة فليس بحيض،كما انّ ما نقص عن الثّلاثة غير حيض (2).

و اعلم انّ المرأة إمّا أن تكون ذات عادة أو مبتدئة،و ذات العادة إمّا أن تكون مستقيمة أو مضطربة،و أيضا:فهي إمّا ذات تمييز أو لا؟فالأقسام الأول أربعة:

الجامعة لوصفي العادة و التّمييز،و الفاقدة لهما،و ذات العادة الخالية عن التّمييز، و بالعكس.

الأوّل:إن اتّحد زمانا العادة و التّمييز فلا بحث فيه

إذ قد اتّفقت العادة و التّمييز على الدّلالة فيعمل بهما،و لا نعرف فيه مخالفا من أهل القبلة.و إن اختلف الزّمان،مثل ان رأت في أيّام العادة صفرة و ما قبلها أو ما بعدها أسود،فإن لم يتجاوز المجموع العشرة فالجميع حيض،و إن تجاوز،قال الشّيخ في المبسوط و الجمل:ترجع إلى العادة (3).

و اختاره السّيّد المرتضى،و المفيد (4)،و أتباعهم (5)،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (6)، و به قال أبو حنيفة (7)،و الثّوريّ (8)،و أبو عليّ بن خيران من الشّافعيّة (9)،و أبو سعيد

ص:295


1- 1صحيح البخاري 1:89،سنن ابن ماجه 1:212 حديث 647،سنن أبي داود 1:83 حديث 307،سنن النّسائي 1:186،سنن الدّارمي 1:215. [1]
2- 2) تقدّم في ص 279.
3- 3) المبسوط 1:49، [2]الجمل و العقود:46.
4- 4) نقل عنهما في المعتبر 1:212. [3]
5- 5) كأبي الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:128،و ابن إدريس في السّرائر:29.
6- 6) المغني 1:366،المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:478.
7- 7) المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:478.
8- 8) المجموع 2:433.
9- 9) المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:476.

الإصطخريّ[1]منهم (1)،و هو الصّحيح عندي.و قال في النّهاية:ترجع إلى التّمييز (2).و هو ظاهر مذهب الشّافعيّ (3)،و الرّواية الأخرى عن أحمد (4)،و به قال من الشّافعيّة أبو العبّاس،و أبو إسحاق (5)،و به قال الأوزاعيّ،و مالك (6).

لنا:ما رواه الجمهور انّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله ردّ أمّ حبيبة[2] (7)و المرأة الّتي استفتت لها أمّ سلمة إلى العادة (8)و لم يستفصل و لم يفرّق بين كونها ذات تمييز أو غيرها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن جرير[3]،

ص:296


1- 1المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:476.
2- 2) النّهاية:24.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:431،المغني 1:366، [1]السّراج الوهّاج:32،مغني المحتاج 1:115.
4- 4) المغني 1:366،الكافي لابن قدامة 1:100.
5- 5) المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:476.
6- 6) بداية المجتهد 1:54،المجموع 2:433. [2]
7- 7) صحيح مسلم 1:264 حديث 65-66،سنن أبي داود 1:72 حديث 279،سنن النّسائي 1: 182،نيل الأوطار 1:340 حديث 2،جامع الأصول 8:225.
8- 8) الموطّأ 1:62 حديث 105،سنن أبي داود 1:71 حديث 274،سنن ابن ماجه 1:204 حديث 623،سنن النّسائي 1:182،مسند أحمد 6:293،320،نيل الأوطار 1:341 حديث 4،كنز العمّال 9:633 حديث 27753،جامع الأصول 8:234 حديث 5411.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال[1]:قلت له:انّ الدّم يستمرّ بها الشّهر و الشّهرين و الثّلاثة كيف تصنع بالصّلاة؟قال:«تجلس أيّام حيضها ثمَّ تغتسل لكلّ صلاتين» (1)و لم يفرّق بين ذات التّمييز و غيرها.

و روى،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«و كلّ ما رأت المرأة في أيّام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض،و كلّ ما رأته بعد أيّام حيضها فليس من الحيض (2).

و روى،عن الحسين بن نعيم الصّحّاف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«فإذا رأت الحامل الدّم قبل الوقت الّذي كانت ترى فيه الدّم بقليل أو في الوقت من ذلك الشّهر فإنّه من الحيضة فلتمسك عن الصّلاة عدد أيّامها الّتي كانت تقعد في حيضها» (3).

و روى،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«المستحاضة تقعد أيّام قرئها ثمَّ تحتاط بيوم أو يومين فإن هي رأت طهرا اغتسلت،و ان لم تر طهرا

ص:297


1- 1التّهذيب 1:151 حديث 431،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3.و [1]فيه:عن إسحاق بن جرير عن حريز.
2- 2) التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:140 حديث 482،الوسائل 2:577 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]

اغتسلت و احتشت،و لا تزال تصلّي بذلك الغسل حتّى يظهر الدّم على الكرسف فإذا ظهر أعادت الغسل» (1).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن عمرو بن سعيد[1]،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،قال:سألته عن الطّامث كم حدّ جلوسها؟فقال:«تنتظر عدّة ما كانت تحيض ثمَّ تستظهر بثلاثة أيّام ثمَّ هي مستحاضة» (2).

و مثله رواه في الحسن (3).

و روى،عن يونس،عن غير واحد سألوا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحيض و السنّة في وقته؟فقال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنّ في الحيض ثلاث سنن»و ذكر الحديث إلى أن قال«انّ فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت فأتت أمّ سلمة فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ذلك،فقال:تدع الصّلاة قدر أقرائها و قدر حيضها»قال أبو عبد اللّه عليه السّلام بعد حديث طويل:«و هذه سنة الّتي تعرف أيّام أقرائها لا وقت لها إلاّ أيّامها قلّت أو كثرت» (4).و لأنّ العادة أقوى في الدّلالة لكونها لا تبطل دلالتها،و اللّون يبطل مع زيادته على أكثر الحيض و ما لا تبطل دلالته أقوى.

ص:298


1- 1التّهذيب 1:171 حديث 488،الاستبصار 1:149 حديث 512،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 10- [1]بتفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 1:172 حديث 492،الاستبصار 1:149 حديث 515،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 1:172 حديث 491،الاستبصار 1:149 حديث 514،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 9. [3]
4- 4) التّهذيب 1:381 حديث 1183،الوسائل 2:542 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 1 [4] بتفاوت يسير.

احتجّ المخالف (1)بما روته عائشة قالت:جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه إنّي امرأة أستحاض فلا أطهر،أ فأدع الصّلاة؟فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله:(إنّما ذلك عرق،فإذا كان الدّم دم الحيض فإنّه دم أسود يعرف فامسكي عن الصّلاة و إذا كان الآخر فتوضّئي فإنّما هو عرق) (2).

و قال ابن عبّاس:امّا ما رأت الدّم البحرانيّ فإنّها تدع الصّلاة (3).و لأنّ صفة الدّم أمارة،و العادة زمان منقض،و لأنّه خارج يوجب الغسل،فيرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمنيّ.

و احتجّ الشّيخ على مذهبه في النّهاية بما رواه في الحسن،عن حفص بن البختريّ قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام امرأة سألته عن المرأة يستمرّ بها الدّم فلا تدري حيض هو أو غيره؟قال:فقال لها:«انّ دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع و حرارة،و دم الاستحاضة أصفر بارد فإذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة» (4).

و الجواب عن الأوّل:انّه قد روي بغير هذه الصّورة و هو ردّها فيه إلى العادة (5)،

ص:299


1- 1المغني 1:359،المجموع 2:431،فتح العزيز بهامش المجموع 2:476،مغني المحتاج 1:115، بداية المجتهد 1:55.
2- 2) سنن أبي داود 1:75 حديث 286،سنن النّسائيّ 1:185،نيل الأوطار 1:341 حديث 1،كنز العمّال 9:409 حديث 26729،جامع الأصول 8:227،مستدرك الحاكم 1:174،التّلخيص في ذيل المستدرك 1:173.
3- 3) سنن أبي داود 1:75،سنن الدّارميّ 1:203، [1]المغنيّ 1:359،الكافي لابن قدامة 1:97. [2]
4- 4) التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
5- 5) صحيح مسلم 1:262 حديث 62-63،صحيح البخاريّ 1:66،سنن أبي داود 1:74 حديث 282،سنن التّرمذيّ 1:217 حديث 125،سنن النّسائيّ 1:184،سنن ابن ماجه 1:203 حديث 621،سنن الدّارميّ 1:198،الموطّأ 1:61 حديث 104،جامع الأصول 8:226 حديث 5403، نيل الأوطار 1:338 حديث 1،كنز العمّال 9:631 حديث 27742،المغني 1:366.

فتعارضت الرّوايتان،فبقيت الأحاديث الباقية خالية عن المعارض.على انّها قضيّة عين و حكاية حال لا عموم لها،فيحتمل انّها أخبرته أنّه لا عادة لها أو علم ذلك من غيرها أو من قرينة حالها.

و عن الثّاني:انّ دلالة العادة أقوى،لما بيّنّاه (1)،فيجب الرّجوع إليها،و هو الجواب عن الثّالث.

و عن الرّابع:باحتمال أن تكون المرأة لا عادة لها،إذا ليست الصّيغة للعموم،فلا ترجيح حينئذ،فلا معارضة.

القسم الثّاني:مقابله،

و هو ما تكون المرأة فيه فاقدة للوصفين،و هي المبتدئة إذا استمرّ بها الدّم على حال واحدة،فإن انقطع لعشرة فما دون،ممّا فوق الثّلاثة فهو حيض، و إن تجاوزت رجعت إلى عادة نسائها،كالأمّ و الأخت،و العمّة،و الخالة،فإن لم يكن لها نساء أو كنّ مختلفات،قال في المبسوط:ترجع إلى أقرانها من بلدها،فإن لم يكن لها أقران أو اختلفن رجعت إلى الرّوايات الآتية (2).و قال في الخلاف:ترجع بعد فقد نسائها إلى الرّوايات (3)،و أسقط اعتبار الأقران.و بمثله قال السّيّد المرتضى (4)و ابن بابويه،و بانتقالها إلى عادة نسائها (5).قال مالك في إحدى الرّوايات (6)،و الثّوريّ، و الأوزاعي،و إسحاق،و أحمد في إحدى الرّوايات تردّ إلى غالب عادة النّساء ستّ أو سبع (7)،و هو أحد قولي الشّافعيّ (8)،و في الآخر:تردّ إلى أقلّ الحيض و تقضي صلاة

ص:300


1- 1تقدّم بيانه في ص 298. [1]
2- 2) المبسوط 1:46. [2]
3- 3) الخلاف 1:72 مسألة-7.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:207. [3]
5- 5) الفقيه 1:51.
6- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 2:461.
7- 7) المغني 1:380،المجموع 2:402،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:357.
8- 8) الام 1:61،المهذّب للشّيرازيّ 1:39،المجموع 2:398،فتح العزيز بهامش المجموع 2:458،السّراج الوهّاج:32،المغنيّ 1:380،المبسوط للسّرخسيّ 3:154،مغني المحتاج 1:114،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:391،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:31.

الأكثر فإنّها تترك الصّلاة إلى أكثره (1)،و به قال أحمد في إحدى الرّوايات (2)،و أبو ثور،و زفر (3).و قال مالك:تقعد عادة أقرانها و تستظهر بثلاثة أيّام (4).و قال أبو حنيفة:تتحيّض أكثر الحيض (5).و هو رواية عن مالك (6)،و عن أحمد (7).و قال أبو يوسف:تأخذ في الصّوم و الصّلاة بالأقلّ،و في وطء الزّوج بالأكثر (8).

لنا:انّ الحيض دم جبلّة و خلقة،و في الغالب تساوى المرأة و الأقرباء فيه،فيعمل بالغالب،لأنّه كالأمارة فصار كالتّمييز.

و أيضا:روى الشّيخ،عن أحمد بن محمّد[1]رفعه،عن زرعة،عن سماعة قال:

ص:301


1- 1الام 1:61،المهذّب للشّيرازي 1:39،المجموع 2:398،فتح العزيز بهامش المجموع 2:458، مغني المحتاج 1:114،المغنيّ 1:380،المبسوط للسّرخسيّ 3:154،السّراج الوهّاج:32،المحلّى 2:210،فتح الوهّاب 1:27،إرشاد السّاري 1:349،سنن التّرمذيّ 1:228، [1]شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:391.
2- 2) المغنيّ 1:380،الكافي لابن قدامة 1:96،المجموع 2:402،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 461،المحلّى 2:210،الإنصاف 1:360.
3- 3) المجموع 2:402.
4- 4) مقدّمات ابن رشد 1:93،بداية المجتهد 1:50،فتح العزيز بهامش المجموع 2:461،المبسوط للسّرخسيّ 3:154.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 3:153،بدائع الصّنائع 1:41،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:31، المغنيّ 1:380،المجموع 2:402،فتح العزيز بهامش المجموع 2:460،بداية المجتهد 1:54.
6- 6) مقدّمات ابن رشد 1:93،بداية المجتهد 1:50،المجموع 2:402،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 460.
7- 7) المغنيّ 1:380،الكافي لابن قدامة 1:96،الإنصاف 1:360، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 2: 460.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 3:154،المجموع 2:402.

سألته عن جارية حاضت أوّل حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيّام أقرائها؟قال:«أقراؤها مثل أقراء نسائها،و إن كنّ نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيّام و أقلّه ثلاثة أيّام» (1).و هذه الرّواية مع قطع سندها ضعيفة،فإنّ زرعة و سماعة واقفيّان (2).

و أيضا:فإنّ سماعة لم يسندها عن إمام إلاّ انّ الأصحاب تلقّتها بالقبول.

و روى الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«يجب للمستحاضة[أن] (3)تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها،ثمَّ تستظهر على ذلك بيوم» (4)و في طريقها عليّ بن فضّال و هو فطحيّ (5)،إلاّ انّ الأصحاب شهدوا له بالثّقة و الصّدق.و أمّا الرّجوع إلى الأقران فشيء ذكره الشّيخ في بعض كتبه (6)،و لم نقف فيه على أثر.و يمكن أن يقال:انّ الغالب التحاق المرأة بأقرانها في الطّبع،و يدلّ عليه من حيث المفهوم:ما رواه يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«أدنى الطّهر عشرة أيّام»و ذلك انّ المرأة أوّل ما تحيض ربّما كانت كثيرة الدّم،فيكون حيضها عشرة أيّام،فلا تزال كلّما كبرت نقصت حتّى ترجع إلى ثلاثة أيّام،فإذا

ص:302


1- 1التّهذيب 1:380 حديث 1181،الاستبصار 1:138 حديث 471،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
2- 2) تقدّمت ترجمتهما و القول فيهما في الجزء الأوّل ص 231-84.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:401 حديث 1252،الاستبصار 1:138 حديث 472،الوسائل 2:546 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
5- 5) تقدّمت ترجمته و القول فيه في ص 152. [3]
6- 6) المبسوط 1:46،الجمل و العقود:46.

رجعت إلى ثلاثة أيّام ارتفع حيضها،و لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام (1)،فقوله عليه السّلام:(كلّما كبرت نقصت)دالّ على توزيع الأيّام على الأعمار غالبا،و ذلك يؤيّد ما ذكره الشّيخ.

و أمّا السّيّد المرتضى و ابن بابويه فقد استدلاّ على الرّجوع إلى الرّوايات من دون توسّط الأقران بما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المرأة إذا رأت الدّم في أوّل حيضها فاستمرّ الدّم،تركت الصّلاة عشرة أيّام،ثمَّ تصلّي عشرين يوما،فإن استمرّ بها الدّم بعد ذلك تركت الصّلاة ثلاثة أيّام و صلت سبعة و عشرين يوما» (2).

و روى،عن يونس،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ امرأة يقال لها:حمنة بنت جحش،أتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت:إنّي استحضت حيضة شديدة؟فقال:احتشي كرسفا.فقالت:انّه أشدّ من ذلك،انّي أثجّه ثجّا؟فقال لها:تلجّمي و تحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه تعالى ستّة أيّام أو سبعة أيّام».قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و هذه سنّة الّتي استمرّ بها الدّم أوّل ما تراه» (3).و الأولى عندي:ما ذكره السّيّد المرتضى.

فروع:
الأوّل:المبتدئة إذا فقدت النّساء المتّفقات،و المضطربة

-أعني الّتي لم تستقرّ لها

ص:303


1- 1الكافي 3:76 حديث 5، [1]التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:551 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 4. [2]
2- 2) التّهذيب 1:381 حديث 1182،الاستبصار 1:137 حديث 469،الوسائل 2:549 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 6. [3]
3- 3) الكافي 3:83 حديث 1، [4]التّهذيب 1:381 حديث 183،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 3. [5]

عادة،لا في الوقت و لا في العدد-إذا استمرّ بها الدّم و لا تمييز،تتركان الصّوم و الصّلاة في كلّ شهر ستّة أيّام أو سبعة و تغتسلان.و هو اختيار الشّافعيّ في أحد قوليه (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه (2).و قال بعض أصحابنا:تترك الصّلاة و الصّوم في كلّ شهر أقلّ أيّام الحيض (3)،و هو الرّواية الأخرى الأحمد (4)و القول الآخر للشّافعيّ (5).و قال بعض أصحابنا:تجلس أكثر أيّام الحيض (6).و هو مذهب أبي حنيفة (7)،و هو قول ثالث لأحمد (8).و قال بعض أصحابنا:تترك الصّلاة و الصّوم في الشّهر الأوّل أقلّ أيّام الحيض،و في الثّاني أكثره (9).و قال آخرون بالعكس (10).و منهم من يقول:تترك

ص:304


1- 1الام 1:61،المهذّب للشّيرازيّ 1:39،المجموع 2:398،فتح العزيز بهامش المجموع 2:458، مغني المحتاج 1:114،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:391،المبسوط للسّرخسيّ 3:154،المغنيّ 1:380.
2- 2) المغنيّ 1:380،الكافي لابن قدامة 1:96،الإنصاف 1:360،فتح العزيز بهامش المجموع 2:461.
3- 3) هو قول ابن الجنيد نقله عنه المصنّف في المختلف 1:38.
4- 4) المغني 1:380،الكافي لابن قدامة 1:96 المجموع 2:402،فتح العزيز بهامش 2:المجموع 2:461، المحلّى 2:210.
5- 5) الام 1:61،المغنيّ 1:380،المجموع 2:398،433،فتح العزيز بهامش المجموع 2:458، المبسوط للسّرخسيّ 3:153،السّراج الوهّاج:32،مغني المحتاج 1:114،المحلّى 2:210،فتح الوهّاب 1:27،المهذّب للشّيرازيّ 1:39،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2: 391.
6- 6) الفقيه 1:51.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 3:153،بدائع الصّنائع 1:41،عمدة القارئ 3:308،المحلّى 2:210، المغنيّ 1:380،المجموع 2:402،بداية المجتهد 1:54،فتح العزيز بهامش المجموع 2:460.
8- 8) المغنيّ 1:378،الكافي كابن قدامة 1:96،الإنصاف 1:364، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 2: 460.
9- 9) المبسوط 1:46، [2]الخلاف 1:72 مسألة-7،المهذّب 1:35،الوسيلة [3](الجوامع الفقهيّة):665.
10- 10) النّهاية:25. [4]

الصّلاة في كلّ شهر سبعة أيّام (1)،و منهم من يقول:ستّة أيّام (2)،و منهم من يقول:تعدّ عشرات،عشرة حيضا،و عشرة طهرا،و هكذا إلى أن تستقرّ لها عادة (3).

لنا:ما رواه الجمهور و الأصحاب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حديث حمنة بنت جحش،و قد تقدّم (4).و لأنّ غالب النّساء هكذا تحيض،فتلحق هذه بالأعمّ الأغلب لأرجحيّته،كما رددناها إليهنّ في حصول كلّ حيضة في كلّ شهر.

و أمّا القائلون بأنّها تتحيّض بالأكثر،فقالوا:انّها زمان الحيض و قد رأت فيه الدّم،فيكون حيضا كالمعتادة.

و القائلون بأنّها تجلس في الشّهرين الأكثر و الأقلّ،احتجّوا بأنّه التّوسّط (5)بين الأكثر و الأقلّ،و بما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن بكير،قال في الجارية:أوّل ما تحيض يدفع عليها الدّم فتكون مستحاضة إنّها تنتظر الصّلاة،فلا تصلّي حتّى يمضي أكثر ما يكون من الحيض،فإذا مضى ذلك و هو عشرة أيّام فعلت ما تفعله المستحاضة،ثمَّ صلّت فمكثت تصلّي بقيّة شهرها،ثمَّ تترك الصّلاة في المرّة الثّانية أقلّ ما تترك امرأة الصّلاة، و تجلس أقلّ ما يكون من الطّمث و هو ثلاثة أيّام،فإن دام عليها الحيض صلّت في وقت الصّلاة الّتي صلّت،و جعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطّهر و تركها الصّلاة أقلّ ما يكون من الحيض (6).

ص:305


1- 1المبسوط 1:47، [1]النّهاية:24، [2]الخلاف 1:73 مسألة-7.
2- 2) الخلاف 1:73 مسألة-7.
3- 3) المبسوط 1:58. [3]
4- 4) انظر رواية الجمهور في:سنن أبي داود 1:76 حديث 287،سنن التّرمذيّ 1:221 حديث 128، سنن ابن ماجه 1:205 حديث 627،مسند أحمد 6:381، [4]نيل الأوطار 1:342 حديث 1،كنز العمّال 9:629 حديث 27741،جامع الأصول 8:231 حديث 5405-و من طريق الخاصّة انظر رواية يونس المتقدّمة في ص 303.
5- 5) «ح»«ق»«د»المتوسّط.
6- 6) التّهذيب 1:400 حديث 1251،الاستبصار 1:137 حديث 470،الوسائل 2:549 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 5.و [5]في الجميع:انّها تنتظر بالصلاة.

و روى،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المرأة إذا رأت الدّم في أوّل حيضها فاستمرّ الدّم تركت الصّلاة عشرة أيّام،ثمَّ تصلّي عشرين يوما،فإن استمرّ بها الدّم بعد ذلك تركت الصّلاة ثلاثة أيّام و صلّت سبعة و عشرين يوما» (1).

و القائلون بأنّها تقعد الأقلّ قالوا:انّ الذّمّة مشغولة بالصّلاة فتعمل بالمتيقّن في الحيض احتياطا للعبادة (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كونه زمان الحيض مع الاستمرار.

و عن الثّاني:بأنّ الرّواية ضعيفة،فإنّ عبد اللّه بن بكير (3)فطحيّ،و في الأوّل لم يسندها إلى إمام فكانت أضعف.

و عن الثّالث:بالمنع من شغل الذّمّة في الأصل،إذ البراءة الأصليّة ثابتة ما لم يظهر الشّاغل،فكان الأصل معارضا للأصل.

الثّاني:قيل:انّ المراد بقوله عليه السّلام:(ستّة أو سبعة)الرّدّ إلى اجتهادها

و رأيها

فيما يغلب على ظنّها انّه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها أو ما يكون أشبه بكونه) (4)[حيضا] (5).و قيل:المراد:التّخيير،لأنّ حرف«أو»موضوع له (6).

و الأقرب الأوّل،و إلاّ لزم التّخيير في اليوم السّابع بين وجوب الصّلاة و عدمها،و لا تخيير

ص:306


1- 1التّهذيب 1:381 حديث 1182،الاستبصار 1:137 حديث 469،الوسائل 2:549 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 6. [1]
2- 2) المغنيّ 1:380،الكافي لابن قدامة 1:96،المهذّب للشّيرازيّ 1:39،فتح العزيز بهامش المجموع 2:458،المبسوط للسّرخسيّ 3:154،مغني المحتاج 1:114.
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 204.
4- 4) المغني 1:372.
5- 5) المغني 1:372.
6- 6) أضفناه من المصدر.

في الواجب،لمنافاته له.و قولهم:انّها موضوعة للتّخيير،معارض بأنّها موضوعة للتّفصيل و الشّكّ و الإبهام،و الأخيران غير مرادين،فيبقى إمّا التّخيير أو التّفصيل،و الأوّل لا يصحّ إرادته لما بيّنّاه،فتعيّن الثّاني.

الثّالث:حكم المتحيّرة حكم المبتدئة و المضطربة،

و المراد بها من كانت لها عادة إلاّ انّها نسيتها عددا و وقتا،فإنّها تجلس ستّة أيّام أو سبعة،و هو قول أحمد،و قال أيضا:تجلس أقلّ الحيض (1).و قال الشّيخ:تفعل ثلاثة أيّام في أوّل الشّهر ما تفعله المستحاضة،و تغتسل فيما بعد لكلّ صلاة،و صلّت و صامت شهر رمضان،و قد روي أنّها تترك الصّلاة في كلّ شهر سبعة أيّام،و تصلّي و تصوم ما بقي (2).و قال الشّافعيّ:لا حيض لها بيقين،و جميع زمانها مشكوك فيه تغتسل لكلّ صلاة و تصوم و تصلّي (3).و هو يقارب قول الشّيخ.

لنا:ما رواه الجمهور و الخاصّة من حديث حمنة بنت جحش عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله (4)و لم يستفصلها هل هي مبتدئة أو ناسية،و لأنّها لا عادة لها و لا تمييز، فأشبهت المبتدئة.

احتجّ الشّافعي بأنّ هذه لنا أيّام معروفة فلا يمكن ردّها إلى غيرها،فجميع زمانها مشكوك فيه.و بما روته عائشة انّ أمّ حبيبة:استحيضت سبع سنين فسألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأمر أن تغتسل لكلّ صلاة (5).

ص:307


1- 1تقدم في ص 304. [1]
2- 2) المبسوط 1:51،و [2]الرّواية رواها الشّيخ في التّهذيب 1:381 حديث 1183 عن يونس.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:433،المغنيّ 1:371،السّراج الوهّاج:32،فتح الوهّاب 1:28،مغني المحتاج 1:117.
4- 4) تقدّم في ص 305 رقم 4 و 303 رقم 3. [3]
5- 5) صحيح مسلم 1:264 حديث 64،صحيح البخاريّ 1:89،سنن أبي داود 1:74 حديث 285، سنن ابن ماجه 1:205 حديث 626،سنن النّسائيّ 1:183،سنن الدّارميّ 1:196. [4]

و الجواب عن الأوّل:أنّا نسلّم انّها كانت ذات أيّام معروفة،لكنّ تلك المعروفة قد زالت فصار وجودها كالعدم.

و عن الثّاني:انّ الأمر يحتمل النّدبيّة.على انّه إنّما روي،عن الزّهريّ،و أنكره اللّيث بن سعد فقال:لم يذكر ابن شهاب انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ حبيبة أن تغتسل لكلّ صلاة و لكنّه شيء فعلته هي (1).

الرّابع:هذه و المبتدئة و المضطربة تتخيّر في الأيّام أيّها شاءت جعلتها أيّام

حيضها

،لأنّ تخصيص بعض الأزمنة هنا بها ترجيح من غير مرجّح.

و قيل:انّها تتحيّض في أوّل الشّهر لقوله عليه السّلام«تصلّي عشرين يوما»ثمَّ قال:«و تصلي سبعة و عشرين يوما» (2)و لا دلالة فيه،إذ مع اختيارها للثّلاثة الأخيرة مثلا تصلّي سبعة و عشرين يوما،و كذا لو اختارت الوسطى.

الخامس:إذا ردّ بناؤها إلى الثّلاثة دائما أو في أحد الشّهرين،فالثّلاثة حيض

بيقين و الزّائد عن العشرة طهر بيقين،و ما بين الثّلاثة إلى العشرة هل هو طهر بيقين أو مشكوك فيه؟فيه احتمال،فعلى الأوّل لا تحتاط في الأيّام الزّائدة على العادة،و ذات التّمييز بعد وجود اللّون الضّعيف.و على الثّاني:تحتاط فلا يقربها زوجها و تصلّي و لا تقضي صلاتها،لأنّها إن كانت حائضا فلا قضاء،و إن كانت طاهرا فقد صلّت، و تصوم و تقضيه.

السّادس:لو ردّ بناؤها إلى السّتة أو السّبعة،فثلاثة حيض بيقين

،و ما زاد على العشرة طهر بيقين،و ما زاد على الثّلاثة إلى السّتّة أو السّبعة هل هو حيض بيقين أو مشكوك فيه؟يحتمل الأوّل كالمعتادة في أيّام عادتها،و ذات التّمييز في لون الدّم

ص:308


1- 1المغني 1:372.
2- 2) التهذيب 1:381 حديث 1182،الاستبصار 1:137 حديث 469،الوسائل 2:549 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 6. [1]

القويّ.و الثّاني:يستعمل فيه الاحتياط بأن تقضي صلاة تلك الأيّام،و ما زاد على السّتّة أو السّبعة إلى العشرة هل هو طهر بيقين أو مشكوك فيه؟فيه الاحتمالان.

السّابع:لو اتّفق لها ذلك في رمضان قضت صوم عشرة احتياطا،

و كذا المبتدئة و المضطربة إذا فقدتا التّمييز،قاله علماؤنا.و الأقرب عندي انّها تقضي أحد عشر يوما.

القسم الثّالث:

ذات العادة الفاقدة للتّمييز،

أي:يكون دمها على لون واحد،أو يكون مختلفا و لم يستجمع شرائط التّمييز الآتية،قال أهل العلم:انّها ترجع إلى العادة،عدا مالكا (1)، فإنّه لم يعتبر العادة بل التّمييز،فإن فقد استظهرت بعد زمان عادتها بثلاثة أيّام.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أمّ سلمة انّها كانت تهراق الدّماء على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:(لتنظر عدّة الأيّام و اللّيالي الّتي كانت تحيضهنّ قبل أن يصيبها الّذي أصابها فلتترك الصّلاة قدر ذلك من الشّهر،فإذا خلّفت ذلك فلتغتسل،ثمَّ لتستثفر بثوب،ثمَّ لتصلّ) (2).

و ما روته أمّ حبيبة انّها سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الدّم فقال:(امكثي و احتشي قدر ما كانت تحبسك حيضتك،ثمَّ اغتسلي و صلّي) (3).

ص:309


1- 1المغني 1:362،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:363،المجموع 2:433،فتح العزيز بهامش المجموع 2:469.
2- 2) الموطّأ 1:62 حديث 105، [1]مسند أحمد 6:320، [2]سنن أبي داود 1:71 حديث 274،سنن النّسائي 1:182،جامع الأصول 8:234 حديث 5411،نيل الأوطار 1:341 حديث 4،كنز العمّال 9: 633 حديث 27753،سنن الدّارمي 1:199، [3]سنن البيهقي 1:332.
3- 3) صحيح مسلم 1:264 حديث 334،مسند أحمد 6:222، [4]سنن أبي داود 1:72 حديث 279،سنن النّسائي 1:182،نيل الأوطار 1:340 حديث 2،جامع الأصول 8:225،سنن البيهقي 1: 330-بتفاوت في الجميع.

و روى عديّ بن ثابت[1]،عن أبيه،عن جدّه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المستحاضة تدع الصّلاة أيّام أقرائها ثمَّ تغتسل و تصوم و تصلّي و تتوضّأ عند كلّ صلاة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن جرير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.قالت:فإنّ الدّم يستمرّ بها الشّهر و الشّهرين و الثّلاثة كيف تصنع بالصّلاة؟قال:«تجلس أيّام حيضها ثمَّ تغتسل لكلّ صلاتين» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«المستحاضة تنتظر أيّامها و لا تصلّي فيها و لا يقربها بعلها فإذا جازت أيّامها و رأت الدّم يثقب الكرسف اغتسلت للظّهر و العصر» (3).

و روى في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن المستحاضة،قال:«و لا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلاّ في أيّام حيضها فيعزلها زوجها» (4).

و احتجّ مالك (5)بحديث فاطمة بنت أبي حبيش،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص:310


1- 1سنن أبي داود 1:80 حديث 297،سنن الدّارمي 1:202 [1] بتفاوت،سنن التّرمذي 1:220 حديث 126،سنن ابن ماجه 1:204 حديث 625.
2- 2) التّهذيب 1:151 حديث 431. الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:106 حديث 277،و ص 170 حديث 484،الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 1،و [3]في المصادر:تنظر أيّامها.
4- 4) التّهذيب 1:171 حديث 487،الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 4- و [4]فيهما:فيعتزلها.
5- 5) المغني 1:362،الشّرح الكبير [5]بهامش المغني 1:363.

إنه ردّها إلى التّمييز (1).و قد تقدّم (2)الجواب عنه،مع انّه لا حجّة فيه على ترك العادة فيمن لا تمييز لها.

مسألة:و تثبت العادة بأن يتوالى على المرأة شهران ترى فيهما الدّم أيّاما سواء

لا زيادة فيها و لا نقصان.و ذهب الشّافعيّ (3)،و أبو العبّاس (4)،و أبو إسحاق (5)من الشّافعيّة إلى انّها تثبت بمرّة واحدة،و ذهب أبو حنيفة و بعض الشّافعيّة إلى أنّها تثبت بمرّتين (6)(7)كما قلناه،و هو اختيار أحمد في إحدى الرّوايتين عنه.و روي عنه أنّها لا تثبت إلاّ بثلاث مرّات (8).و قال بعض الشّافعيّة:تثبت في المبتدئة بمرّة و لا تنتقل العادة بمرّة (9).و لو كانت عادتها عشرة،ثمَّ انّها رأت في شهر خمسة،ثمَّ استحيضت ردّت إلى العشرة لتأكّد حكم العشرة بالتّكرار،فلا يسقط حكمها إلاّ بما يساويها في القوّة.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(دعي الصّلاة أيّام أقرائك) (10)و لا يصدق الجمع على الواحد إجماعا.

ص:311


1- 1سنن أبي داود 1:75 حديث 286 و ص 82 حديث 304،سنن النّسائي 1:185،نيل الأوطار 1: 341 حديث 1،كنز العمّال 9:409 حديث 26729،مستدرك الحاكم 1:174.
2- 2) راجع ص 299.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:417،فتح الوهّاب 1:27،السّراج الوهّاج:32،مغني المحتاج 1:115،المغني 1:363.
4- 4) المجموع 2:418،فتح العزيز بهامش المجموع 2:470.
5- 5) المجموع 2:418،فتح العزيز بهامش المجموع 2:470.
6- 6) المجموع 2:419،شرح فتح القدير 1:157،المبسوط للسّرخسيّ 3:175.
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:41،المجموع 2:418،فتح العزيز بهامش المجموع 2:470،المغني 1:363.
8- 8) المغني 1:363،الإنصاف 1:361،الكافي لابن قدامة 1:99،المجموع 2:419.
9- 9) المجموع 2:418.
10- 10) أحكام القرآن للجصّاص 2:26.و [1]من طريق الخاصّة،انظر:الكافي 3:88 حديث 1، [2]التّهذيب 1: 384 حديث 1183،الوسائل 2:546،الباب 7 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض تقعد في الشّهر يومين و في الشّهر ثلاثة يختلف عليها لا يكون طمثها في الشّهر عدّة أيّام سواء؟قال:«فلها أن تجلس و تدع الصّلاة ما دامت ترى الدّم ما لم تجز العشرة،فإذا اتّفق شهران عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها» (1)و سماعة واقفيّ (2)،و الرّاوي عنه عثمان بن (3)عيسى،و هو واقفيّ أيضا غير انّ الأصحاب تلقّتها بالقبول.

و ما رواه الشّيخ،عن يونس،عن غير واحد سألوا أبا عبد اللّه عليه السّلام:

فقال:«انّ فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت فأتت أمّ سلمة فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ذلك فقال:تدع الصّلاة قدر أقرائها» (4)و قد قلنا انّ الجمع لا يصدق على الواحد.

و روى الشّيخ،عن فضيل و زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«المستحاضة تكفّ عن الصّلاة أيّام أقرائها» (5).

و ما رواه الشّيخ،عن مالك بن أعين[1]،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها؟قال:«ينظر الأيّام الّتي كانت تحيض فيها و حيضتها مستقيمة فلا يقربها في عدّة تلك الأيّام» (6)و الاستقامة إنّما تكون بمعاودة المرّة

ص:312


1- 1التّهذيب 1:380 حديث 1178،الوسائل 2:559،الباب 14 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
2- 2) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل:84.
3- 3) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل:39.
4- 4) التّهذيب 1:381 حديث 1183،الوسائل 2:542 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:401،حديث 1253،الوسائل 2:608 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 12. [3]
6- 6) التّهذيب 1:402 حديث 1257،الوسائل 2:609 الباب 3 من أبواب الاستحاضة،حديث 1. [4]

الثّانية على حذو المرّة الاولى،و لأنّ العادة مأخوذة من المعاودة،و المعاودة لا تصدق بالمرّة الواحدة،و صدق المشتق يستدعي صدق المشتق منه قطعا،ضرورة توقّف صدق الكلّ على صدق الجزء.

احتجّ الشّافعيّ (1)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للمرأة الّتي كانت تهراق الدّماء:(لتنظر عدّة الأيّام و اللّيالي الّتي كانت تحيضهنّ قبل أن يصيبها الّذي أصابها فلتترك الصّلاة قدر ذلك من الشّهر) (2)ردّها إلى الشّهر الّذي يلي شهر الاستحاضة، و لأنّ ذلك أقرب إليها،فوجب ردّها إليه.

و الجواب:انّ الحديث حجّة لنا،لأنّه قال:(لتنظر عدّة اللّيالي و الأيّام الّتي كانت تحيضهنّ من الشّهر)و لا يقال لمن فعل شيئا مرّة واحدة كان يفعل،و لأنّه ليس بصريح في الاقتصار على المرّة،فلا يعارض ما ذكرناه.

فروع:
الأوّل:إذا عرفت المرأة شهرها صارت ذات عادة.

و هو إجماع أهل العلم كافّة.

و المراد بشهر المرأة:المدّة الّتي لها فيها حيض و طهر،و أقلّه ثلاثة عشر يوما عندنا، و هذا مبنيّ على أقلّ الحيض و أكثر الطّهر.و القائلون بأنّ أكثر الطّهر خمسة عشر و أقلّ الحيض يوم،فأقصر شهرها ستّة عشر يوما.

و لو عرفت أيّام حيضها و لم تعرف أيّام طهرها أو بالعكس فليست معتادة،لكنّها متى جهلت شهرها،رددناها إلى الغالب فحيضناها في كلّ شهر حيضة.

ص:313


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:418،فتح العزيز بهامش المجموع 2:470،مغني المحتاج 1:115،المغني 1:363.
2- 2) الموطّأ 1:62 حديث 105، [1]مسند أحمد 6:293 و ص 320، [2]سنن أبي داود 1:71 حديث 274، سنن النّسائي 1:182،جامع الأصول 8:234 حديث 5411،نيل الأوطار 1:341 حديث 4، كنز العمّال 9:633 حديث 27752،سنن الدّارمي 1:199، [3]سنن البيهقي 1:332.
الثّاني:لا يشترط في استقرار العادة استقرار عادة الطّهر.

لنا:قوله عليه السّلام:(تدع الصّلاة أيّام أقرائها) (1)فلو رأت في شهر خمسة،ثمَّ رأت طهرا بقيّة الشّهر،ثمَّ رأت في الآخر مرّتين بعدد تلك الأيّام بينهما عشرون،و في الثّالث بالعدد بينهما أقل،استقرّت العادة.

الثّالث:لا يشترط التّساوي في الوقت،فإنّ العادة تتقدّم و تتأخّر بالوجدان،

و لأنّ الحديث دالّ على ترك الصّلاة بقدر الأقراء.

الرّابع:لا يشترط في العادة تكثّر الأشهر فلو رأت خمسة في شهر،ثمَّ فيه خمسة

أخرى،صار ذلك عادة في الشّهر الثّاني

إذا استمرّت تحيّضت فيه بالخمستين.

و لو رأت خمسة أوّل الشّهر،ثمَّ خمسة و خمسين طهرا،ثمَّ خمسة في أوّل الثّالث،ثمَّ خمسة و خمسين طهرا استقرّت عادتها بخمسة حيضا و بخمسة و خمسين طهرا،و ذلك لأنّ العادة مأخوذة من المعاودة.

الخامس:لو اتّفق العدد و الوقت في المرّة الثّانية مع الاولى صار عادة،

أمّا العدد فظاهر،و أمّا الوقت فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فهذه سنّة الّتي تعرف أيّام أقرائها لا وقت لها إلاّ أيّامها،قلّت أو كثرت» (2).

السّادس:العادة تثبت بالتّمييز،

فإذا رأت في الشّهرين الأوّلين خمسة أيّام دما أسود و باقيها أحمر،ثمَّ رأت في الثّالث دما مبهما،تحيّضت بالخمسة.

لنا:انّ المبتدئة ترجع إلى التّمييز لما يأتي فتتحيّض به،فإذا عاودها صار عادة، فوجب الرّجوع إليه في الثّالث،و لا نعرف فيه خلافا.

ص:314


1- 1سنن أبي داود 1:80 حديث 297،سنن التّرمذي 1:220 حديث 126،سنن ابن ماجه 1:204 حديث 625.
2- 2) الكافي 3:85 حديث 1، [1]التّهذيب 1:382 حديث 1183،الوسائل 2:542 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
السّابع:لو رأت المبتدئة في الشّهر الأوّل عشرة،و في الثّاني خمسة،صارت

الخمسة عادة

لتكرّرها،فإنّها موجودة في العشرة،و لو انعكست فكذلك.و يحتمل فيهما أن لا يكون لها عادة،لأنّها لم تجد فيهما أيّاما سواء.

مسألة:و العادة إمّا متّفقة و إمّا مختلفة

،فالمتّفقة:أن تكون أيّامها متساوية، كأربعة في كلّ شهر،فإذا تجاوز الدّم العشرة في شهر،تحيّضت بأربعة خاصّة.و أمّا المختلفة فإمّا أن تكون مترتّبة أو لا؟فالمترتّبة كالمتّفقة،كما إذا رأت في الشّهر الأوّل ثلاثة،و في الثّاني أربعة،و في الثّالث خمسة،ثمَّ عادت إلى ثلاثة،ثمَّ إلى أربعة،ثمَّ إلى خمسة و هكذا،صار ذلك عادة،فإذا تجاوز الدّم في شهر العشرة تحيّضت بنوبة ذلك الشّهر،ثمَّ على[تاليه] (1)على العادة.و لو نسيت نوبته فالحقّ عندي أنّها تجلس أقلّ الحيض.و لو شكّت في انّه أحد الأخيرين حيّضناها بأربعة لأنّها اليقين،ثمَّ تجلس في الأخيرين ثلاثة ثلاثة لاحتمال أن يكون ما حيّضناها بالأربعة فيه،شهر الخمسة فالتّالي له ثلاثة،و يحتمل أن يكون شهر الأربعة فالتّالي[لتاليه] (2)شهر الثّلاثة،أمّا في الرّابع فتتحيّض بأربعة،ثمَّ تعود إلى الثّلاثة و هكذا إلى وقت الذّكر،و هل يجزيها غسل واحد عند انقضاء المدّة الّتي جلستها؟قيل (3):نعم،لأنّها كالنّاسية إذا جلست أقلّ الحيض،لأنّ ما زاد على اليقين مشكوك و لا وجوب مع الشّك،إذ الأصل براءة الذّمة.و الوجه عندي وجوب الغسل يوم الرّابع و الخامس معا،لأنّ يقين الحدث و هو الحيض قد حصل،و ارتفاعه بالغسل الأوّل مشكوك فيه،فتعمل باليقين مع التّعارض، و لأنّها في اليوم الخامس تعلم وجوب الغسل عليها في أحد الأيّام الثّلاثة و قد حصل الاشتباه،و صحّة الصّلاة متوقّفة على الغسل،فيجب كالنّاسي لتعيّن الصّلاة الفائتة،

ص:315


1- 1في النّسخ:ثالثة،و الصّواب ما أثبتناه.
2- 2) «م»:لثالثة«ح»«ق»:لثلاثة.
3- 3) المغني 1:364.

و بهذا ظهر الفرق بينها و بين النّاسية،إذ تلك لا تعلم لها حيضا زائدا على ما جلسته، و هذه عالمة،فوقف صحّة صلاة هذه على الطّهارة الثّانية بخلاف الاولى،و تتحيّض في رمضان بثلاثة و تقضي يومين.

و إن لم تكن مرتّبة،مثل أن رأت في الأوّل ثلاثة،و في الثّاني خمسة،و في الثّالث أربعة،فإن أمكن ضبطه و اعتاد هو،فهو كالمتّفق و إلاّ جلست الأقلّ.و قيل:تجلس الأكثر كالنّاسية (1).و هو خطأ،إذ هذه تعلم وجوب الصّلاة في اليوم الرّابع و الخامس، أو الرّابع في أحد الأشهر،بخلاف تلك الّتي علم حيضها يقينا،و الأصل بقاؤه،فصار كالصّلاة المنسي بعينها.

فرع:لو رأت الدّم في الشّهر الأوّل سبعة،ثمَّ في الثّاني ستّة،ثمَّ في الثّالث خمسة كان

الأقلّ حيضا

،لحصوله في الشّهرين الأوّلين،و ما زاد عليه لا يكون حيضا في الرّابع لعدم تكراره،هذا عند من يشترط في العادة التّكرار ثلاثا،أمّا نحن فنثبت هذا البحث في شهرين أيضا،و إن جاء في الشّهر الرّابع ستّة صار ذلك عادة لتكرّره (2).

مسألة:ذات العادة إن انقطع دمها على عادتها فلا استظهار حينئذ،

و إن استمرّ زائدا على العادة و هي أقلّ من عشرة،قال الشّيخ في النّهاية:تستظهر بعد العادة بترك العبادة بيوم أو يومين (3)،و به قال ابن بابويه و المفيد (4).و قال المرتضى:تستظهر عند استمرار الدّم إلى عشرة أيّام،فإن استمرّ عملت ما تعمله المستحاضة (5).و قال في الجمل:تدخل قطنة فإن خرجت ملوّثة فهي بعد حائض تصبر حتّى تنقى (6).و قال

ص:316


1- 1المغني 1:365.
2- 2) «ح»«ق»:لثبوته.
3- 3) النّهاية:24. [1]
4- 4) نقل عنهما في المعتبر 1:214. [2]
5- 5) نقل عنه في المعتبر 1:214. [3]
6- 6) الجمل و العقود:45.

مالك:صاحبة العادة إذا استمرّ بها الدّم فثلاثة أيّام من الزّيادة على العادة تلحق بأيّامها استظهارا،ثمَّ ما بعده طهر (1).و خالف باقي الجمهور في الاستظهار و اقتصروا على العادة خاصّة (2).و الأقرب عندي الأوّل.

لنا:على الاستظهار قضاء العادة بزيادة الأيّام و نقصانها يوما و يومين،فنقول:

هذا دم في وقت يمكن أن يكون حيضا،و غلب على الظّنّ ذلك فوجب الاستظهار،و ما نذكره من الرّوايات الدّالّة على الأوّل.

و أمّا ما يدلّ على قدر الاستظهار،فما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الطّامث تقعد بعدد أيّامها كيف تصنع؟قال:«تستظهر بيوم أو يومين ثمَّ هي مستحاضة فلتغتسل» (3)و في الطّريق ابن بكير و فيه قول (4).

و ما رواه،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«المستحاضة تقعد أيّام قرئها ثمَّ تحتاط بيوم أو يومين» (5).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،قال:سألته عن الحائض كم تستظهر؟فقال:«تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة» (6).

ص:317


1- 1بداية المجتهد 1:51،بلغة السّالك 1:79،تفسير القرطبي 3:84،المبسوط للسّرخسي 3:154، المحلّى 2:216،المغني 1:362.
2- 2) المحلّى 2:217،تفسير القرطبي 3:84،بداية المجتهد 1:51،المبسوط للسرخسي 3:154،المغني 1:362.
3- 3) التّهذيب 1:169 حديث 483،الوسائل 2:544 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 7،و [1]ص 558 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 13،و ص 607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 9.
4- 4) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 204.
5- 5) التّهذيب 1:171 حديث 488،الاستبصار 1:149 حديث 512،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 7،و 607 [2] الباب من أبواب الاستحاضة،حديث 10.
6- 6) التّهذيب 1:171 حديث 489،الاستبصار 1:149 حديث 514،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 9. [3]

و روى،عن سعيد بن يسار[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تحيض،ثمَّ تطهر و ربّما رأت بعد ذلك الشّيء من الدّم الرّقيق بعد اغتسالها من طهرها؟ فقال:«تستظهر بعد أيّامها بيومين أو ثلاثة ثمَّ تصلّي» (1)و في طريقها عثمان بن عيسى،و هو واقفيّ (2).

و روى في الصّحيح،عن عمرو بن سعيد،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام، قال:سألته عن الطّامث كم حدّ جلوسها؟فقال:تنتظر عدّة ما كانت تحيض،ثمَّ تستظهر بثلاثة أيّام،ثمَّ هي مستحاضة» (3).

و روى،عن[داود مولى] (4)أبي المعزى،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المرأة تحيض،ثمَّ يمضي وقت طهرها و هي ترى الدّم؟قال:

فقال:«تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيّام فإن استمرّ الدّم فهي مستحاضة، و إن انقطع الدّم اغتسلت و صلّت» (5).

ص:318


1- 1التّهذيب 1:172 حديث 490،الاستبصار 1:149 حديث 513،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 8. [1]
2- 2) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 39.
3- 3) التّهذيب 1:172 حديث 491،الاستبصار 1:149 حديث 515،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 10. [2]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التّهذيب 1:172 حديث 494،الاستبصار 1:150 حديث 518،الوسائل 2:556 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 4،و [3]ص 543 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 4.

و روى،عن سماعة:الاستظهار بثلاثة أيّام (1)و قد مضى في الحبلى (2).

و روى،عن فضيل و زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«المستحاضة تكفّ عن الصّلاة أيّام أقرائها و تحتاط بيوم أو يومين» (3).

و روى،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«المستحاضة تستظهر بيوم أو يومين» (4).

احتجّ السّيّد (5)المرتضى بما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرأة ترى الدّم؟قال:«إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة،و إن كانت أيّامها عشرة لم تستظهر» (6).

و بما رواه في الصّحيح،عن يونس بن يعقوب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:امرأة رأت الدّم في حيضها حتّى جاوز[وقتها] (7)متى ينبغي لها أن تصلّي؟ قال:«تنتظر عدّتها الّتي كانت تجلس ثمَّ تستظهر بعشرة أيّام،فإن رأت الدّم صبيبا فلتغتسل في وقت كلّ صلاة» (8).

ص:319


1- 1التّهذيب 1:386 حديث 1190،الاستبصار 1:139 حديث 477،الوسائل 2:557 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 6،و [1]ص 578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 11.
2- 2) تقدّم في ص 273.
3- 3) التّهذيب 1:401 حديث 1253،الوسائل 2:608 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 12، و [2]فيهما:بيوم أو اثنين.
4- 4) التّهذيب 1:402 حديث 1256،الوسائل 2:558 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 14. [3]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:215. [4]
6- 6) التّهذيب 1:172 حديث 493،الاستبصار 1:150 حديث 517،الوسائل 2:558 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 11. [5]
7- 7) في النّسخ:«دمها»و ما أثبتناه من المصدر.
8- 8) التّهذيب 1:402 حديث 1259،الاستبصار 1:149 حديث 516،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 11،و [6]ص 558 الباب 13 من أبواب الحيض،حديث 12.و فيهما: و يغشاها فيما سوى ذلك.

و الجواب عن الأوّل:بالطّعن في السّند،فإنّ في الطّريق أحمد بن (1)هلال،و هو ضعيف.و بالتّأويل المحتمل،و هو أن يكون عادتها ثمانية أيّام أو تسعة،جمعا بين الأدلّة و هو الجواب عن الثّاني،على انّ ما ذكرناه أحوط للعبادة،فيكون أولى.

احتجّ مالك بأنّ الحيض يزداد و ينقص،فإذا كثرت الزّيادة لم يمكن جعله كلّه حيضا،لعلمنا انّه عن آفة،لكن لا بدّ من إلحاق زيادتها،و الثّلاث عدد معتبر،و هو جمع صحيح،فينبغي أن يقال:هذا أيّامها،ثمَّ يحكم بطهرها.و هذا الكلام ضعيف جدّا و لا يخفى وجهه.

فروع:
الأوّل:الاستظهار المذكور ليس على الوجوب،

لما رواه الشّيخ،عن مالك بن أعين،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«لا يقربها في عدّة تلك الأيّام من الشّهر، و يقربها فيما سوى ذلك من الأيّام» (2).

و ما رواه عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المستحاضة إذا مضت أيّام حيضها اغتسلت و احتشت كرسفها» (3).و في رواية إسحاق بن جرير الصّحيحة:«تجلس أيّام حيضها ثمَّ تغتسل لكلّ[صلاتين] (4)(5)و يلوح من كلام

ص:320


1- 1تقدّمت ترجمته،و القول فيه في الجزء الأوّل ص 135.
2- 2) التّهذيب 1:402 حديث 1257،الوسائل 2:569 الباب 24 من أبواب الحيض، [1]حديث 11،و ص 609 الباب 3 من أبواب الاستحاضة،حديث 1.
3- 3) التّهذيب 1:402 حديث 1258،الوسائل 2:608 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 13. و [2]فيهما:إذا مضت أيّام أقرائها.
4- 4) في النسخ:صلاة،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) الكافي 3:91 حديث 3، [3]التّهذيب 1:151 حديث 431،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3. [4]

الشّيخ في بعض كتبه (1)و السّيد المرتضى:الوجوب (2).

الثّاني:لو استظهرت بيوم أو يومين و تجاوز الدّم العشرة،كان ما أتت به من

الأغسال و الصّلوات فيما بعد الاستظهار مجزيا

،للعلم بأنّه دم فساد،أمّا لو انقطع على العشرة قضت الصّيام الماضي،للقطع بأنّه دم حيض،ثمَّ اغتسلت للانقطاع.

الثّالث:لو تجاوز مع الاستظهار هل يجب قضاء الصّلاة الّتي فاتت في وقت

الاستظهار أم لا؟الوجه:القضاء

،لأنّا علمنا بعد ذلك فساد ما رأته في زمن الاستظهار،و الاستظهار إنّما أمر به لتجويز أن يكون حيضا،فمع العلم بعدمه كان الوجه القضاء.

الرّابع:قد ورد الاستظهار في الحديث الصّحيح بثلاثة أيّام

،و قد بيّنّاه فيما مضى (3)،و ورد بيوم،أو يومين فهل المراد التّخيير؟الوجه:لا،لعدم جواز التّخيير في الواجب بل التّفصيل،اعتمادا على اجتهاد المرأة في قوّة المزاج و ضعفه الموجبين لزيادة الحيض و قلّته.

الخامس:لو انقطع لدون العشرة فلا استظهار حينئذ،

إذ المقتضي للعمل بالعادة موجود و هو النّصّ (4)،و الموجب للاستظهار و هو سيلان الدّم مفقود،مع انّ الاحتياط يقتضي عدم الاستظهار،ثمَّ تستدخل قطنة فإن خرجت نقيّة فهي طاهرة و إلاّ صبرت حتّى تنقى يوم،أو يومين،أو ثلاثة أيّام على ما مرّ (5).

ص:321


1- 1النّهاية:24. [1]
2- 2) نقل عنه في المعتبر 1:214. [2]
3- 3) راجع ص 448.
4- 4) انظر:الوسائل 2:541 الباب 5 من أبواب الحيض.
5- 5) راجع ص 316. [3]
القسم الرّابع:

الفاقدة للعادة ذات التّمييز كالمضطربة و المبتدئة و النّاسية

فإنّها ترجع إليه،و هو مذهب علمائنا،و به قال الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و مالك (3).و قال أبو حنيفة:لا اعتبار بالتّمييز (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة في حديث فاطمة بنت أبي حبيش قالت:يا رسول اللّه،إنّي أستحاض فلا أطهر؟فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله:(إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصّلاة و إذا أدبرت فاغسلي (5)عنك الدّم و صلّي) (6).و قال ابن عبّاس:أمّا ما رأت الدّم البحرانيّ فإنّها تدع الصّلاة (7).

و في حديث آخر،عن فاطمة بنت أبي حبيش:(فإذا كان دم الحيض فإنّه دم أسود يعرف فامسكي عن الصّلاة،و إذا كان الآخر فتوضّئي) (8).

ص:322


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:40،41،المجموع 2:432،السّراج الوهّاج:32،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:31،بداية المجتهد 1:55،المغني 1:359،المحلّى 2:216.
2- 2) المغني 1:358،المجموع 2:432،الإنصاف 1:365،الكافي لابن قدامة 1:100،المحلّى 2: 215.
3- 3) المغني 1:359،المجموع 2:433،بلغة السّالك 1:80،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1: 32،المحلّى 2:215.
4- 4) رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:32،المحلّى 2:215،المجموع 2:433،المغني 1:359.
5- 5) في النّسخ:فاغتسلي.و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) صحيح البخاري 1:66،صحيح مسلم 1:262 حديث 333،سنن أبي داود 1:74 حديث 282، سنن التّرمذي 1:217 حديث 125،سنن النّسائي 1:184،سنن ابن ماجه 1:203 حديث 621، سنن الدّارمي 1:198، [1]مسند أحمد 6:194، [2]جامع الأصول 8:226 حديث 5403،الموطّأ 1:61 حديث 104، [3]كنز العمّال 9:415 حديث 26752،نيل الأوطار 1:338 حديث 1.
7- 7) المغني 1:359،الكافي لابن قدامة 1:97. [4]
8- 8) سنن أبي داود 1:82 حديث 304،سنن النّسائي 1:185،كنز العمّال 9:409 حديث 26729،نيل الأوطار 1:341 حديث 1،مستدرك الحاكم 1:174.

و من طريق الخاصّة:،ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة» (1).

و في الصّحيح،عن إسحاق بن جرير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«دم الحيض ليس فيه خفاء،هو دم حار تجد له حرقة و دم الاستحاضة دم فاسد بارد» (2).

و ما رواه يونس،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فاطمة بنت أبي حبيش،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فإذا جهلت الأيّام و عددها فالنّظر حينئذ إلى إقبال الدّم و إدباره و تغيّر لونه،ثمَّ تدع الصّلاة»قال:«و كذا أبي عليه السّلام أفتى في مثل هذا و ذلك انّ امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي عليه السّلام عن ذلك فقال:إذا رأيت البحرانيّ فدعي الصّلاة» (3)و معنى البحرانيّ:الشّديد الحمرة و السّواد،يقال:بحرانيّ و باحريّ،و ليست الياء للنّسبة.كذا قاله ابن الأعرابيّ في نوادره (4).

احتجّ أبو حنيفة (5)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للمرأة الّتي استفتت لها أمّ سلمة:(لتنظر عدّة الأيّام و اللّيالي الّتي كانت تحيضهنّ قبل أن يصيبها الّذي أصابها، فلتترك الصّلاة قدر ذلك من الشّهر) (6).

ص:323


1- 1التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:151 حديث 431،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) الكافي 3:86 حديث 1، [3]التّهذيب 1:383 حديث 1183،الوسائل 2:538 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 4. [4]
4- 4) لسان العرب 4:46، [5]تهذيب اللّغة 5:41. [6]
5- 5) المغني 1:359،المجموع 2:431.
6- 6) سنن أبي داود 1:71 حديث 274،سنن النّسائي 1:182،الموطّأ 1:62 حديث 105، [7]جامع الأصول 8:234 حديث 5411،كنز العمّال 9:633 حديث 27753.

و الجواب:انّه غير محلّ النّزاع،فإنّا نقول بموجبة،إذ ذات العادة ترجع إليها،و لا اعتبار بالتّمييز،أمّا الفاقدة لها فلا يدلّ الحديث عليها.

فروع:
الأوّل:يشترط في التّمييز أمور ثلاثة:

أحدها:اختلاف اللّونين.

الثّاني:أن يكون ما هو بصفة دم الحيض يمكن أن يكون حيضا في العدّة بأن لا يتجاوز الأكثر و لا يقصر عن الأقلّ.

الثّالث:أن يتجاوز المجموع العشرة،و من يشترط التّوالي يشترط توالي ثلاثة أيّام بصفة دم الحيض فما زاد.

الثّاني:لا يشترط في التّمييز التّكرار.

و به قال الشّافعي (1)و أحمد (2)،و اشترط بعضهم التّكرار مرّتين،أو ثلاثا (3)على الخلاف في العادة.

لنا:ما رواه الجمهور في حديث فاطمة(إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصّلاة) (4)علّق التّرك على الإقبال من غير اعتبار أمر آخر،ثمَّ مدّه إلى حين إدباره.

و من طريق الخاصّة:حديث حفص،و إسحاق،و يونس-و قد تقدّم الجميع- و لأنّه أمارة بمجرّده،فلم يفتقر إلى ضمّ غيره كالعادة،و لأنّ معنى التّمييز الفرق بين أحد الدّمين عن الآخر لونا،و يكفي فيه أوّل مرّة.فعلى هذا،لو رأت في شهر ثلاثة أسود و في آخر أربعة و في آخر خمسة،فما هو بالصّفة حيض و الباقي طهر.

ص:324


1- 1المهذّب 1:41،المجموع 2:421،المغنيّ 1:360،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:369.
2- 2) المغني 1:359،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:369.
3- 3) المغنيّ 1:360،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:369.
4- 4) راجع ص 322. [1]
الثّالث:لو رأت أسود بين أحمرين،فإن لم يتجاوز الأكثر فالجميع حيض

،لأنّه دم يصلح أن يكون حيضا في وقته فكان حيضا،أمّا لو تجاوز،فإن كان الأسود صالحا للحيض بمفرده كان حيضا سواء كان وسطا أو طرفا،تقدّم أو تأخّر عملا بالتّمييز.

و لو رأت أحمر بين أسودين و وجدت شرائط التّمييز فيهما فإن تخلّل بينهما عشرة أيّام كانا حيضتين و إلاّ فالأوّل حيض و الباقي فساد،أمّا لو لم يتجاوز المجموع العشرة فالكلّ حيض.

و لو رأت يوما دما أسود،و ثانيا أحمر،و ثالثا أسود،و رابعا أحمر،و خامسا أسود و تجاوز،فعندنا لا حيض بالتّمييز،و عند القائلين (1)بالتّلفيق يمكن أن تكون المرأة حائضا هنا.

و لو رأت أحمر و أصفر كان الأحمر حيضا،لأنّه أشبه بالحيض من الأصفر،أمّا لو رأت معه سوادا كان السّواد هو الحيض،لأنّ الأحمر معه طهر.

الرّابع:لو رأت ثلاثة صفراء تركت الصّوم و الصّلاة إلى العاشر

،فإن رأت بعد ذلك أسود تركت الصّلاة أيضا إلى أن يمضي عشرة أسود،فإن انقطع كان حيضا و قضت ما تركته أوّلا.و لو تجاوز لم يحصل التّمييز.و يمكن أن يقال:انّها تحتاط للعبادة بعد العشرة الاولى،و أمّا عدم التّمييز فصحيح.

الخامس:لو رأت ثلاثة أيّام أسود و ثلاثة أصفر،ثمَّ عشرة أسود،قال الشّيخ رحمه

اللّه:تحيّضت بالعشرة الأخيرة

و قضت ما تركته في الثّلاثة الأولى فكانت السّتّة استحاضة (2)،و قيل:لا تمييز لهذه (3).

ص:325


1- 1انظر:المجموع 2:502،المغنيّ 1:361،بداية المجتهد 1:51 و 52،فتح العزيز بهامش المجموع 2:537.
2- 2) المبسوط 1:50. [1]
3- 3) المعتبر 1:206. [2]
السّادس:لو رأت المبتدئة خمسة أيّام دم الاستحاضة،ثمَّ الأسود بقيّة الشّهر،

قال الشّيخ:يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة الحيض إلى تمام العشرة بأنّه حيض،

و ما بعده استحاضة،فإن استمرّ على هيئته،جعلت بين الحيضة الأولى و الثّانية عشرة طهرا و ما بعد ذلك من الحيضة الثّانية،ثمَّ على هذا التّقدير (1).و الأقرب عندي الرّجوع إلى الرّوايات.قال:و لو رأت ما هو بصفة الاستحاضة ثلاثة عشر يوما،ثمَّ رأت الأسود و استمرّ،كان ثلاثة أيّام من أوّل الدّم حيضا،و العشرة طهرا،و ما رأته بعد ذلك من الحيضة الثّانية (2).

السّابع:لو رأت في أوّل الشّهر عشرة أيّام أسود،ثمَّ عشرة أحمر،ثمَّ عشرة أسود،

كان ما هو بصفة دم الحيض حيضا

،إذ هو في وقته مع إمكانه،و قد حصل التّمييز، فكان حيضا.

الثّامن:لو رأت في شهر خمسة

أسود،ثمَّ استمرّ أحمر،و في الثّاني كذلك،و في الثّالث كلّه أحمر،و في الرّابع كالأوّل،و في الخامس خمسة أحمر،ثمَّ صار أسود و اتّصل، فحيضها الأسود من الأوّل،و الثّاني،و الرّابع،أمّا الثّالث،و الخامس فلا تمييز لها فيهما،فإن اعتبرنا المرّتين في العادة-و هو مذهبنا-عملت فيهما كما عملت في الأوّلين،و إن اعتبرنا الثّلاث-كما هو رأي بعض (3)الجمهور-فكذلك،لأنّها قد رأت ذلك في ثلاثة أشهر.و قيل:لا تثبت لها عادة (4).و ليس بجيّد.

التّاسع:لو رأت ثلاثة أيّام،ثمَّ انقطع،ثمَّ رأت يوم العاشر أو قبله و انقطع،

كان الدّمان و ما بينهما حيضا

،لما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه

ص:326


1- 1المبسوط 1:46. [1]
2- 2) المبسوط 1:47. [2]
3- 3) انظر:المغني 1:363،الإنصاف 1:361،الكافي لابن قدامة 1:99،المجموع 2:419.
4- 4) المغنيّ 1:362.

عليه السّلام،قال:«أقلّ ما يكون الحيض ثلاثة أيّام،و إذا رأت الدّم قبل عشرة أيّام فهو من الحيضة الاولى،و إذا رأته بعد عشرة فهو من حيضة أخرى مستقبلة» (1)و في طريقها ضعف،و رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم (2)أيضا.و إذا كان من الحيضة الأولى كان الخالي من الدّم حيضا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«لا يكون القرء في أقلّ من عشرة فما زاد» (3).

و روى عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أقلّ ما يكون الطّهر عشرة أيّام»ثمَّ قال:«فإن حاضت المرأة خمسة أيّام،ثمَّ انقطع الدّم، اغتسلت و صلّت،فإن رأت بعد ذلك الدّم و لم يتمّ لها من يوم طهرت عشرة أيّام فذلك من الحيض،تدع الصّلاة»[1].

و كذا البحث لو تكرّر الانقطاع و لم يتجاوز العشرة،أمّا لو لم تر إلاّ بعد العاشر فهو استحاضة،إلاّ أن يكون ما بينهما عشرة أيّام،فيمكن أن يكون من الحيضة المستقبلة.

العاشر:روى الشّيخ في الصّحيح،عن يونس بن يعقوب،

قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة ترى الدّم ثلاثة أيّام أو أربعة؟قال:«تدع الصّلاة»قلت:

ص:327


1- 1التّهذيب 1:156 حديث 448،الاستبصار 1:130 حديث 449،الوسائل 2:552 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 11. [1]
2- 2) التّهذيب 1:159 حديث 454،الوسائل 2:554 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 3 و [2]الباب 12 من أبواب الحيض،حديث 1.
3- 3) التّهذيب 1:157 حديث 451،الاستبصار 1:131 حديث 452،الوسائل 2:553 الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]

فإنّها ترى الطّهر ثلاثة أيّام أو أربعة أيّام؟قال:«تصلّي»قلت:فإنّها ترى الدّم ثلاثة أيّام أو أربعة أيّام؟قال:«تدع الصّلاة،تصنع ذلك ما بينهما و بين شهر،فإن انقطع عنها و إلاّ فهي بمنزلة المستحاضة» (1).

و روى في الصّحيح،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى الدّم خمسة أيّام و الطّهر خمسة أيّام و ترى الدّم أربعة أيّام و الطّهر ستّة أيّام؟ فقال:«إن رأت الدّم لم تصلّ،و إن رأت الطّهر صلّت ما بينهما و بين ثلاثين يوما، فإذا تمّت ثلاثون يوما فرأت دما صبيبا اغتسلت و استثفرت و احتشت بالكرسف في وقت كلّ صلاة،فإذا رأت صفرة توضّأت» (2).

قال في الاستبصار:نحمل هاتين الرّوايتين على من اختلطت عادتها و أيّام أقرائها،أو مستحاضة استمرّ بها الدّم و اشتبهت عليها العادة،ثمَّ رأت ما يشبه دم الحيض ثلاثة أو أربعة،و ما يشبه دم الاستحاضة ثلاثة أو أربعة هكذا،ففرضها أن تجعل ما يشبه دم الحيض حيضا و الآخر طهرا،صفرة كان أو نقاء ليستبين حاله (3).

و عندي في ذلك توقّف.

ص:328


1- 1التّهذيب 1:380 حديث 1179،الاستبصار 1:131 حديث 453،الوسائل 2:544 الباب 6 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:380 حديث 1180،الاستبصار 1:132 حديث 454،الوسائل 2:545 الباب 6 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) الاستبصار 1:132.
البحث الثّالث:في بقيّة الكلام في ذات العادة المختلفة،و التّفريع عليه
مسألة:الانتقال،على ضربين:انتقال عدد،و انتقال مكان.

و انتقال العدد:

أن ترى زيادة على أيّام عادتها المستقرّة،كما لو كانت عادتها ثلاثة أيّام في كلّ شهر، فرأت في شهر زائدا على ذلك،فإن لم يتجاوز فهو حيض بأجمعه،و إن تجاوز الأكثر تحيّضت بالعادة،و الحكمان ظاهران،فإذا لم يتجاوز،بأن رأته خمسة مثلا،هل انتقلت عادتها بذلك أم لا؟فالحقّ عندي:انّها لم تنتقل بذلك إلاّ مع التّكرار مرّة أخرى.و به قال أبو حنيفة (1)و محمّد (2).و قال أبو يوسف:انّها تنتقل عن العادة بالمرّة الواحدة (3).

لنا:انّ العادة مشتقّة من العود،فما لم يعد لا يكون عادة.و تحقيقه:انّ العادة المتقدّمة دليل على أيّامها الّتي اعتادت،فلا يبطل حكم هذا الدّليل إلاّ بدليل مثله، و هي العادة بخلافه.

احتجّ أبو يوسف بأنّ عادة الطّهر الأصليّ-كما في المبتدئة-ينتقل برؤية الدّم ابتداء،فكذا غيرها (4).

و الجواب من وجهين:

الأوّل:المنع من ثبوت الحكم في الأصل،إذ هو بناء على الاكتفاء بمرّة واحدة في العادة-و قد بيّنّا بطلانه-و هذا إنّما يلزم من يقول:تكتفي بالمرّة،كأبي حنيفة[1]، و الشّافعيّ (5)،و محمّد.

ص:329


1- 1المغني 1:399،المبسوط للسّرخسيّ 3:175،بدائع الصّنائع 1:42.
2- 2) المغني 1:399،المبسوط للسّرخسيّ 3:175،بدائع الصّنائع 1:42.
3- 3) المغني 1:399،المبسوط للسّرخسيّ 3:175،بدائع الصّنائع 1:42.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 3:175،بدائع الصّنائع 1:42.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:41،المجموع 2:417، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 2:470 [2] فتح،الوهّاب 1:27،السّراج الوهّاج:32،مغني المحتاج 1:115،المغنيّ 1:363.

الثّاني:الفرق،فإنّه معارض في حقّ المبتدئة،فعلى هذا لو كانت عادتها ثلاثة، فرأت خمسة في شهر و انقطع فهو حيض إجماعا،فلو استمرّ في الرّابع جعلت عادتها الثّلاثة لا غير عندنا و عند أبي حنيفة و محمّد،و عند أبي يوسف:تتحيّض خمسة.أمّا لو رأته في الشّهر الرّابع خمسة كالثّالث و استمرّ في الخامس،كان حيضها خمسة لتحقّق العادة الثّانية،و هو اتّفاق.

فرع:لو رأت قبل العادة و فيها أو بعدها فالجميع حيض

إن لم يتجاوز،و إلاّ فالعادة، و كذا لو رأته فيها و قبلها و بعدها.

و أمّا انتقال المكان،فتارة يكون بالتّقدّم و اخرى بالتّأخّر،فلو كانت عادتها خمسة في أوّل الشّهر فلم تر فيها و رأت في الخمسة الثّانية،تحيّضت بها.و هو قول محمّد،و أبي يوسف،و إحدى الرّوايتين عن أبي حنيفة (1).لأنّه دم حيض في وقت يمكن أن يكون حيضا،فكان حيضا،و لأنّا لو اعتبرنا التّكرار-كما قال أبو حنيفة-لأدّى إلى خلوّ جماعة من الحيض بالكلّيّة مع رؤية ما يصلح أن يكون حيضا في زمنه (2)،لأنّ المرأة إذا رأت في غير عادتها،و طهرت أيّام عادتها،لم تمسك عن الصّلاة شهرين،فإذا انتقلت في الثّالث إلى أيّام أخر لم نحيّضها أيضا شهرين،و هكذا.

و أيضا:فإنّ بعض أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانت معه في الخميلة[1] فجاءها الدّم فانسلّت من الخميلة فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(ما لك، أ نفست؟)قالت:نعم،فأمرها أن تأتزر (3).و لم يسألها هل وافق العادة أم جاء قبلها

ص:330


1- 1المبسوط للسرخسي 3:157.
2- 2) «ح»«ق»:وقته.
3- 3) صحيح البخاري 1:88،و ج 3:39،صحيح مسلم 1:243 حديث 296،سنن النّسائي 1: 149،188،سنن الدّارمي 1:243، [1]مسند أحمد 6:294،300،318. [2]

أو بعدها.

و لأنّ عائشة حاضت في حجّة الوداع فعملت برؤية الدّم و لم تذكر عادة و لا ذكر لها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1)،و الظّاهر انّه لم يأت في العادة،لأنّها استنكرته.و قالت:

وددت أنّي لم أكن حججت،و بكت،و لو علمت انّ لها عادة تجيء فيها لما استنكرته.

و كذا لو رأت آخر الخمسة يوما و يومين فيها فالجميع حيض.و به قال أبو يوسف، و محمّد (2)،و في رواية عن أبي حنيفة (3)كما قلناه و كذا لو رأت في عادتها ما لا يمكن أن يكون حيضا،كيوم و أربعة بعدها،فالخمسة حيض و الخلاف كالخلاف،فعلى هذا لو انتقل المكان في شهر،ثمَّ استمرّ في الثّاني عملت على عادتها القديمة،خلافا لأبي يوسف (4).و لو رأتها مرّتين،ثمَّ استمرّ في الثّالث ردّت إلى ما رأته مرّتين،عندنا،و عند الثّلاثة.

أمّا في صورة التّقديم،فإذا رأت قبل عادتها الخمسة يوما أو يومين و خمستها،أو رأت يوما،أو يومين قبل العادة و هو ثلاثة أيّام من خمستها،فالجميع حيض اتّفاقا.و لو رأت عادتها متقدّمة،أو أربعة أيّام منها،أو ثلاثة،و لم تر في عادتها شيئا،كان ما رأته حيضا،لأنّه في زمان يمكن أن يكون حيضا بصفة الحيض،فكان حيضا.و هو اختيار محمّد،و أبي يوسف (5)،خلافا لأبي حنيفة (6).

و كذا الخلاف لو رأت قبل العادة ثلاثة،و يوما في العادة،أو يومين،أو رأت قبل العادة يوما،أو يومين و في العادة يوما،أو يومين.أما لو رأت قبل العادة ما يمكن أن

ص:331


1- 1صحيح البخاري 1:84،صحيح مسلم 2:873 حديث 1211.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 3:179،181.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 3:179،181.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 3:182.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 3:180.
6- 6) المبسوط للسّرخسيّ 3:181.

يكون حيضا،و فيها ما يمكن أن يكون حيضا و لم يتجاوز الأكثر،فعندنا انّه حيض بأسره.و هو اختيار الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة.و في رواية محمّد عنه انّه يكون الحيض ما رأته في العادة (3)،و ما قبله موقوف حتّى ترى في الشّهر الثّاني مثله.

مسألة:ذات العادة إذا نسيتها لم تخل من ثلاثة أقسام:

إمّا أن تذكر العدد و تنسى الوقت،أو بالعكس،أو تنساهما معا و هي المتحيّرة،و قد مضى حكمها.

و أمّا حكم النّاسية للعدد خاصّة،كمن تعلم انّها تحيض في أوّل الوقت و لا تعلم عدده،فإن ذكرت أوّل الوقت،أكملته ثلاثة،لأنّه المتيقّن،و الزّائد مشكوك،و إن ذكرت آخره،جعلته نهاية الثّلاثة.و لو قيل:انّها تتحيّض كالمتحيّرة كان وجها.أمّا لو قالت:كنت أعلم أني أحيض في العشر الأوّل،و لا أعلم الوقت و لا العدد،تحيّضت في أوّل العشر بالثّلاثة.و قيل:تجتهد في تعيين الثّلاثة من العشرة (4).

و أمّا النّاسية للوقت دون العدد،فإمّا أن لا تعلم وقتا أصلا،و إمّا أن تعلم، فالأوّل مثل أن تعلم حيضها خمسة أيّام من الشّهر،قال الشّيخ:تعمل ما تعمله المستحاضة خمسة أيّام،ثمَّ تغتسل للانقطاع عند كلّ صلاة إلى آخر الدّم،إلاّ أن تعرف وقتا لانقطاعه،فتغتسل عند تجدّده دائما (5).

و لو قالت:كنت أحيض في الشّهر عشرة أيّام و لا أعلم موضعها،فعلت في العشر الأوّل ما تفعله المستحاضة،ثمَّ اغتسلت عند وقت كلّ صلاة للانقطاع إلى آخر الشّهر.

و الثّاني:أن تعلم انّ لها وقتا،مثل:أن تعلم انّها كانت تحيض أيّاما معلومة من

ص:332


1- 1المغني 1:397.
2- 2) المغني 1:396.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 3:181.
4- 4) المغني 1:374،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:376.
5- 5) المبسوط 1:55. [1]

العشر الأوّل،و هي على قسمين:إمّا أن يتجاوز عدد أيّامها نصف وقتها المعلوم،أو لا يتجاوز بل يقصر،أو يساوي.ففي الأوّل:تجعل الزّائد و ضعفه حيضا بيقين.مثاله:إذا قالت:كان حيضي ستّة أيّام في العشر الأوّل،كان لها يومان حيضا بيقين،هما:

الخامس و السّادس،و تغتسل في آخر العاشر للانقطاع،و عملت في الأربعة الاولى و الأخيرة ما تعمله المستحاضة.و لو قالت:سبعة دخل الرّابع و السّابع في الحيض بيقين، و هكذا.

و أمّا في الثّاني:فإنّ حكمها حكم غير العالم فيما وقع فيه الشّكّ،مثاله:أن تقول:انّ حيضي خمسة في العشرة الاولى و لا أعلم موضعها،فإنّها تعمل في العشرة ما تعمله المستحاضة،و تغتسل بعد الخمسة عند كلّ صلاة،لاحتمال الانقطاع.

و كذا لو قالت:إنّ حيضي أربعة فيها،فإنّها تفعل ما تفعله المستحاضة في العشرة، ثمَّ تغتسل بعد الأربعة عند كلّ صلاة.

و لو قالت:إنّ حيضي إحدى العشرات و لا أعلم بعينها،عملت في العشرة الأولى ما تعمله المستحاضة،ثمَّ اغتسلت عند انتهائها للانقطاع،و كذا تغتسل في آخر العشرة الثّانية و آخر الثّالثة،و بينها و بين المسألة الثّانية من قسم غير العالمة بالوقت فرق فيما زاد على العشرة الأولى،فإنّ تلك تغتسل بعد العشرة الأولى عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع،لاحتمال أن يكون أوّل حيضها اليوم الثّاني أو الثّالث،و هكذا إلى الحادي و العشرين.و أمّا هذه فإنّ أوّل حيضها إمّا اليوم الأوّل،أو الحادي عشر،أو الحادي و العشرين.أمّا العشر الأول:فإنّهما تتساويان فيه فتعملان عمل المستحاضة فيه.

و لو قالت:حيضي عشرة و أعلم الطّهر في العشر الثّالث،عملت ما تعمله المستحاضة في العشرين الأوّلين،ثمَّ تغتسل بعد مضيّ الأوّل عند كلّ صلاة للانقطاع، أمّا لو قالت:أحد العشرين،اغتسلت غسلين،و بمثله لو تيّقنت الطّهر في العشر الأول.

و لو تيقّنت ذات الخمسة من العشر الأول طهر أوّل يوم،حصل لها تيقّن حيض السّادس،و حاصله الرّجوع إلى تجاوز النّصف.

ص:333

و لو تيقّنت طهر الخامس،فالحيض الخمسة الثّانية بيقين،و الأولى لو تيقّنت طهر السّادس.

و لو تيقّنت طهر الثّاني و حيض الخامس،فالأوّلان و العاشر طهر قطعا، و الخامس،و السّادس،و السّابع حيض قطعا،فتعمل ما تعمله المستحاضة إلاّ في هذه، ثمَّ تغتسل في آخر السّابع عند كلّ صلاة إلى آخر التّاسع للانقطاع.

و لو تيقّنت ذات العشرة طهر السّادس،تضاف إليه في تيقّن الطّهر الخمسة الاولى،ثمَّ فعلت في اليوم السّابع إلى آخر الشّهر ما تعمله المستحاضة،ثمَّ اغتسلت آخر السّادس عشر للانقطاع عند كلّ صلاة إلى آخر الشّهر.

و لو تيقّنت طهر العاشر فمن أوّل الشّهر إليه طهر متيقّن،ثمَّ تعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة إلى انقضاء العدد،ثمَّ تغتسل عند كلّ صلاة إلى آخر الشّهر للانقطاع.

و لو تيقّنت طهر الحادي عشر اختصّ به،و وقع الشّك في العشرة الاولى و ما بعده، فتغتسل في آخر العشرة الأولى للانقطاع،و في آخر الحادي و العشرين إلى آخر الشّهر.

و لو تيقّنت ذات الخمسة طهر الخمسة الأخيرة اختصّ التّيقّن بها،و عملت في الخمسة الأولى ما تعمله المستحاضة،ثمَّ تغتسل عند كلّ صلاة إلى آخر الخامس و العشرين.

و لو تيقّنت ذات العشرة حيض العاشر اختصّ به،لاحتمال أن يكون ابتداء و انتهاء،و اغتسلت في آخره للانقطاع،و في آخر التّاسع عشر،و حصل لها تيقّن طهر أحد عشر آخر الشّهر.

و لو تيقّنت ذات الخمسة حيض الثّاني عشر فمن أوّل الشّهر إلى آخر السّابع طهر متيقّن،و من أوّل السّابع عشر إلى آخر الشّهر كذلك،فتغتسل في آخر الثّاني عشر للانقطاع عند كلّ صلاة إلى آخر السّادس عشر،و تعمل ما تعمله المستحاضة في هذه الأيّام إلاّ الثّاني عشر.

و لو تيقّنت ذات العشرة حيض الثّاني عشر،فاليومان الأوّلان و التّسعة الأخيرة

ص:334

طهر بيقين،فتعمل ما تعمله المستحاضة فيما بينهما إلاّ الثّاني عشر،ثمَّ تغتسل في آخره مستمرّا عند كلّ صلاة إلى آخر الحادي و العشرين.

و لو تيقّنت ذات الخمسة تعاقب الطّهر و الحيض في يومي السّادس و السّادس و العشرين،و جهلت تعيين أحد اليومين لإحدى الصّفتين،فاليوم الأوّل من أوّل العشر الثّاني إلى آخر الحادي و العشرين طهر قطعا،ثمَّ تغتسل في آخر السّادس إلى آخر العاشر،و من آخر السّادس و العشرين إلى آخر الشّهر عند كلّ صلاة للانقطاع،إلاّ أن تعلم انّ الانقطاع في وقت صلاة معيّنة،فتغتسل عندها دائما.

قال الشّيخ:و لا توطأ هذه المرأة في كلّ،و لا تطلّق فيما يقع الشّكّ فيه،و تقضي صوم العدّة الّتي تعلمها بعد الزّمان الّذي تفرض عادتها في جملته (1).

و لو قيل:في هذه المواضع تعيّن ما تجعله حيضا ممّا وقع الشّكّ فيه اختيارا أو اجتهادا على ما سلف من القولين أمكن،فعلى هذا القول،لو ذكرت عادتها بعد جلوسها في غيره رجعت،لأنّ ترك العادة حصل لعارض و هو النّسيان،و مع الذّكر زال العارض فترجع إلى الأصل،فلو ظهر لها انّها تركت الصّلاة في غير عادتها،فالوجه قضاؤها و قضاء ما صامته من الفرض في عادتها.

و لو قالت:لي في كلّ شهر حيضتان،كلّ واحدة ثمانية،فمن الأوّل إلى آخر الرّابع طهر مشكوك فيه،و كذا من التّاسع إلى آخر الثّاني عشر،و من التّاسع عشر إلى آخر الثّاني و العشرين،و من السّابع و العشرين إلى آخر الشّهر،و لها حيضتان بيقين من أوّل الخامس إلى آخر الثّامن،و من الثّالث و العشرين إلى آخر السّادس و العشرين،و لها طهر بيقين من أوّل الثّالث عشر إلى آخر الثّامن عشر.

ص:335


1- 1المبسوط 1:51.
فروع:في الامتزاج.

إذا تيقّنت ذات العشرة مزج إحدى العشرات بالأخرى بيوم،فاليوم الأوّل و الآخر طهر قطعا،فتعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة،ثمَّ تغتسل في آخر الحادي عشر،و التّاسع عشر،و الحادي و العشرين،و التّاسع و العشرين للانقطاع،لتيقّن عدد أيّامها و هي العشرة غير نصف الزّمان،و هو ما بين الأوّل و الآخر،و يجب عليها قضاء صوم عشرة أيّام خاصّة،خلافا للشّافعيّ (1).

و لو مزجت بيومين فاليومان الأوّلان و الأخيران طهر قطعا،و تعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة،ثمَّ تغتسل آخر الثّاني عشر،و الثّامن عشر،و الثّاني و العشرين، و الثّامن و العشرين للانقطاع.

و لو مزجت ذات الخمسة إحدى العشرات بالأخرى بيوم،فالستّة الأولى طهر قطعا و كذا الأواخر،و الخامس عشر،و السّادس عشر طهر قطعا،و تعمل فيما عداها كالمستحاضة،و تغتسل آخر الحادي عشر،و الرّابع عشر،و الحادي و العشرين،و الرّابع و العشرين للانقطاع.

و لو مزجت بيومين فالثّمانية الاولى و الأواخر طهر قطعا،و الرّابع عشر،و الخامس عشر،و السّادس عشر،و السّابع عشر كذلك،ثمَّ تفعل في الباقي ما تعمله المستحاضة، و تغتسل في آخر الثّاني عشر،و الثّالث عشر،و الثّاني و العشرين،و الثّالث و العشرين للانقطاع.

و لو تيقّنت ذات العشرة مزج أحد النّصفين بصاحبه بيوم،فالسّتّة الاولى من الشّهر،و الأخرى طهر قطعا،و الخامس عشر،و السّادس عشر حيض قطعا،لزيادة عدد أيّامها و هي عشرة على نصف الزّمان المشكوك فيه،و هو ما بين السّادس،و الخامس،

ص:336


1- 1المجموع 2:493،السّراج الوهّاج:32-33،مغني المحتاج 1:117.

و العشرين بيوم،تعمل ما تعمله المستحاضة فيما عدا اليومين،ثمَّ تغتسل آخر السّادس عشر،و الرّابع و العشرين للانقطاع.قال الشّيخ:تعمل ما تعمله المستحاضة من يوم الخامس عشر إلى آخر الرّابع و العشرين (1).و ليس بجيّد.

و لو مزجت إحداهما بالآخر بيومين،فالثّمانية الاولى و الأواخر طهر قطعا،و الرّابع عشر،و الخامس عشر،و السّادس عشر،و السّابع عشر حيض قطعا،و الباقي مشكوك فيه.

و لو مزجت ذات تسعة أيّام و نصف إحدى العشرات بالأخرى بيوم و الكسر في الأوّل،فالتّسعة الأخيرة من الشّهر طهر قطعا،و كذا اليوم الأوّل و نصف الثّاني و نصف الثّاني عشر،و تعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة،ثمَّ تغتسل آخر الحادي عشر،و آخر الحادي و العشرين للانقطاع.

و لو قالت:الكسر في العشر الثّاني،فالتّسعة الأولى (2)طهر قطعا،و كذا النّصف الأخير من التّاسع و العشرين،و اليوم الآخر و الباقي مشكوك فيه،تعمل ما تعمله المستحاضة و تغتسل آخر النّصف الأوّل من التّاسع عشر و آخر النّصف الأوّل من التّاسع و العشرين.

و لو مزجت هذه أحد النّصفين بالآخر و الكسر في الأوّل،فستّة أيّام و نصف من أوّل الشّهر طهر بيقين،و من النّصف الثّاني من السّابع إلى آخر السّادس عشر حيض قطعا،و الباقي طهر قطعا،و ينعكس (3)لو قالت:الكسر في آخره.

و لو قالت ذات تسعة و نصف:انّ المزج بيوم كامل و الكسر من العشرين معا،فهو خطأ،لأنّه إذا كان الكسر في العشرين لا يختلط بيوم كامل.

ص:337


1- 1المبسوط 1:62. [1]
2- 2) «ق»«خ»«م»«ن»:الأوّل.
3- 3) «خ»:و تنعكس.
فروع:في التّلفيق.

و هو ضمّ الدّم إلى الدّم الّذي يتخلّل بينهما نقاء.

و اعلم انّ الأصل عندنا،انّ الطّهر لا يكون أقلّ من عشرة،فعلى هذا لو رأت بين ثلاثة أيّام الحيض و العاشر نقاء،ثمَّ رأت العاشر دما،كان الكلّ حيضا،و قد تقدّم الدّليل على ذلك (1).فإذا انقطع الدّم بعد الثّلاثة و أدخلت القطنة و خرجت نقيّة، صلّت و صامت إجماعا،لرواية عائشة:لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء (2).

بضمّ القاف-و المراد به:القطنة الّتي تحشى في القبل.و قيل:انّه شيء يتبع الحيض أبيض (3).فإن عاودها الدّم في العشرة و انقطع،قضت ما فعلته من الصّيام،للعلم بوقوعه حال الحيض،فإنّ النّقاء المتخلّل ليس له حكم الطّهر.و به قال أبو حنيفة (4)، و هو أحد قولي الشّافعيّ (5).لأنّ الدّم من شأنه أن ينقطع تارة و يسيل اخرى.و القول الآخر للشّافعيّ:انّ النّقاء طهر كما انّ الدّم حيض (6).و سواء عبر العادة أو لم يعبر إذا لم يتجاوز العشرة،فإنّه متى تجاوز العشرة كان استحاضة إجماعا.

ص:338


1- 1تقدّم في ص 287-288. [1]
2- 2) صحيح البخاري 1:87،الموطّأ 1:59 حديث 97، [2]كنز العمّال 9:624 حديث 27712،جامع الأصول 8:239 حديث 5423.
3- 3) المغني 1:400،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:380،النّهاية لابن الأثير 4:71.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 3:156،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1: 153،المجموع 2:502،فتح العزيز بهامش المجموع 2:539،المغني 1:400.
5- 5) الام 1:66،المهذّب للشّيرازي 1:44،المجموع 2:501،فتح العزيز بهامش المجموع 2:539، ميزان الكبرى 1:130،فتح الوهّاب 1:27،السّراج الوهّاج:33،مغني المحتاج 1:119،المغني 1:400.
6- 6) المهذّب للشّيرازي 1:44،المجموع 2:501،فتح العزيز بهامش المجموع 2:536،السّراج الوهّاج: 33،مغني المحتاج 1:119.

و إنّما الخلاف في أمرين:أحدهما إذا عاد في العادة فمذهبنا ما قلناه،و به قال الثّوري،و أصحاب الرّأي (1)،و الشّافعيّ (2)،لأنّه صادف زمن العادة فأشبه ما لو لم ينقطع.و قال عطاء،و أحمد:ليس بحيض،لأنّه عاد بعد طهر صحيح (3)(4).و نحن لمّا كان الأصل عندنا انّ الطّهر عشرة أيّام سقط هذا الكلام،فلو جاوز أكثر الحيض بعد المعاودة فعندنا تتحيّض بالعادة،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:انّ المقتضي للرّدّ إلى العادة موجود،و هو سيلان الدّم،و المعارض و هو تخلّل النّقاء لا يصلح للمانعيّة،لما بيّنّا (6)انّ أقلّ الطّهر عشرة.

الثّاني:لو انقطع لأكثره فما دون بعد أن تجاوز العادة،فمن قال:انّ المعاود في العادة ليس بحيض،فهذا أولى عنده أن لا يكون حيضا،و من قال:انّه يكون حيضا،ففيه على قوله ثلاثة أوجه:

أحدها:انّ الجميع حيض بناء على انّ الزّائد على العادة حيض ما لم يتجاوز الأكثر،و هو مذهبنا.

الثّاني:انّ ما وافق العادة حيض،و ما زاد عليها فليس بحيض،لخروجه عنها.

الثّالث:انّ الجميع ليس بحيض،لاختلاطه بما ليس بحيض (7).

و لو رأت أقلّ من ثلاثة أيّام ثمَّ رأت النّقاء كذلك ثمَّ الدّم و انقطع لما دون

ص:339


1- 1المغني 1:400،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:381.
2- 2) المغني 1:400.
3- 3) المغني 1:400.
4- 4) المغني 1:400،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:381،الكافي لابن قدامة 1:98،الإنصاف 1: 373-374.
5- 5) المجموع 2:507،المبسوط للسّرخسي 3:154.
6- 6) راجع ص 288.
7- 7) للاطّلاع على الأقوال انظر:المغني 1:400-401،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:381،الإنصاف 1:374.

العشرة كان طهرا عند أكثر الأصحاب (1)،و عند بعضهم يضمّ الثّاني إلى الأوّل،فإن بلغ ثلاثة فالجميع حيض (2).و كذا لو تناوب الدّم و النّقاء في السّاعات.

و إن كانت عادتها عشرة فرأتها متفرّقة و تجاوز،تحيّضت بعادتها و احتسب النّقاء من الحيض عند القائلين بالتّلفيق مطلقا (3)،و عندنا يشترط أن يتقدّمه حيض صحيح.

و لو رأت يوما دما و ثمانية طهرا،و رأت يوم العاشر دما،لم يكن حيضا عند علمائنا أجمع،إذ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام،و هو قول كلّ من اشترط هذا العدد في القلّة (4)إلاّ أبا يوسف،فإنّه بناه على أصل له هو انّ الطّهر المتخلّل بين الدّمين إذا انتقص عن أقلّه لم يفصل بينهما،و كانا كالدّم المتّصل،ثمَّ ينظر إن كان ذلك كلّه لا يزيد على العشرة،فذلك حيض كلّه ما رأت فيه الدّم و ما لم تر،سواء كانت مبتدئة أو ذات عادة،و إن زاد،فالعشرة حيض إن كانت مبتدئة ما رأت فيه الدّم و ما لم تر،و ما عداه طهر أو دم استحاضة (5).و كذا عنده لو رأت ساعة دما،ثمَّ عشرة أيّام إلاّ ساعتين طهرا،ثمَّ ساعة دما فالعشرة حيض (6).

ص:340


1- 1منهم الشّيخ في المبسوط 1:67،و [1]المحقق الحلي في المعتبر 1:202-203،و سلار في المراسم:43، و أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه:128،و ابن إدريس في السّرائر:27،و يحيى بن سعيد في الجامع للشّرائع:41.
2- 2) النّهاية:26،المهذّب 1:34.
3- 3) المجموع 2:501-502،فتح العزيز بهامش المجموع 2:537،المغني 1:400،بداية المجتهد 1: 51،52.
4- 4) المغني 1:354،المبسوط للسّرخسي 3:147،الهداية للمرغيناني 1:30،بدائع الصّنائع 1:40، المجموع 2:380،المحلّى 2:193،عمدة القارئ 3:307،بداية المجتهد 1:50،سنن التّرمذي 1:228،فتح العزيز بهامش المجموع 2:412،شرح فتح القدير 1:142.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:154-155،بدائع الصّنائع 1:43،شرح فتح القدير 1:152-153،الهداية للمرغيناني 1:32.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 3:155-156،بدائع الصّنائع 1:43،شرح فتح القدير 1:153.

و لو رأت ثلاثة أيّام دما و ستّة طهرا،ثمَّ يوما دما،فالجميع عندنا حيض.و هو قول أبي يوسف،و زفر (1).و قال محمّد:انّ الثّلاثة الأولى حيض و الأخرى استحاضة، و بناه على أصل له،و هو انّ الطّهر إذا تخلّل بين الدّمين إن كان الطّهر أقلّ من ثلاثة أيّام لم يفصل بحال،و إن كان ثلاثة أيّام فإن كان أقلّ من الدّمين معا لم يفصل،لأنّه صار مغلوبا،و كذا إن ساواهما،تغليبا للمحرّم على المبيح،و إن زاد عليهما فصل،ثمَّ يجعل الممكن من الدّمين حيضا،فإن أمكنا فأسبقهما هو الحيض (2).فعلى أصله لو رأت يومين دما و سبعة طهرا و يوما دما،فلا حيض لها،لأنّ الطّهر أكثر من ثلاثة و هو أكثر من الدّمين،ففصل،و ليس في أحد الطّرفين ما يمكن جعله حيضا،فكانا استحاضة.و لو رأت أربعة دما و خمسة طهرا،ثمَّ يوما دما فالعشرة حيض،لأنّ الطّهر ساوى الدّمين، فلم يفصل.و لو رأت يوما دما و يومين طهرا و يوما دما،فالأربعة حيض عنده (3)،لأنّ الطّهر أقلّ من ثلاثة أيّام.و لو رأت ثلاثة دما و ستّة طهرا و ثلاثة دما،فعندنا ترجع إلى العادة،و إن كانت مبتدئة تحيّضت بالرّوايات.و عند أبي يوسف،و أبي حنيفة،و زفر تجلس عشرة (4).و قال محمّد:الطّهر يوجب الفصل (5)،فالثّلاثة الأولى حيض و الباقي استحاضة،لأنّ الطّهر أكثر من الدّمين الّذين رأتهما في العشرة،لأنّ مجموعهما أربعة أيّام و الطّهر ستّة،فأوجب الفصل.

و لو كانت عادتها عشرة في أوّل الشّهر فرأت قبل عادتها يوما دما و طهرت عادتها أجمع،ثمَّ رأت بعدها يوما دما و انقطع،فلا حيض لها عندنا.و هو قول محمّد (6)،خلافا

ص:341


1- 1المبسوط للسّرخسي 3:153-156،شرح فتح القدير 1:153-154.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:44،المبسوط للسّرخسي 3:156،شرح فتح القدير 1:153.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 3:157،شرح فتح القدير 1:154.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 3:157،شرح فتح القدير 1:154-155.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:157،شرح فتح القدير 1:154-155.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:155-156،شرح فتح القدير 1:153.

لأبي يوسف فإنّه جعل العشرة حيضا (1).

لنا:انّ هذين الدّمين ليسا بحيض،فلا يجوز جعل الطّهر بما ليس بحيض حيضا.

قال أبو يوسف:انّ هذا طهر فاسد،فكان دما حكما،كالدّم الفاسد طهر حكما (2)، و بناه على أصل له،هو أن يبتدئ الحيض بالطّهر و يختم به،بشرط أن يكون قبل ابتدائه و بعد انتهائه دم و لو ساعة،و يجعل الطّهر حيضا بإحاطة الدّمين.

و لو رأت قبل عشرتها يوما و رأت يوما طهرا في أوّل عشرتها،ثمَّ رأت ثمانية أيّام دما من عشرتها و رأت العاشر طهرا،ثمَّ الحادي عشر دما،فعشرتها حيض في قول أبي يوسف،و إن حصل ختمها و ابتداؤها بالطّهر،لأنّ قبلها و بعدها دم.و عند محمّد يكون حيضها ثمانية أيّام (3)،و هو الوجه عندي.

و لو لم تر الدّم في اليوم الّذي قبل عشرتها،فعند أبي يوسف حيضها تسعة أيّام (4)،لأنّه لا يبتدئ الحيض بالطّهر،لأنّه ليس قبله دم و يختم به لوجود الدّم بعدها، و كذا لو لم تر الدّم المتأخّر و رأت المتقدّم،كان حيضها تسعة أيّام الّتي رأت في عادتها، و اليوم الّذي رأت قبل أيّامها حيض تبعا لأيّامها،فكان المجموع عشرة،و اليوم العاشر الّذي رأت فيه الطّهر ليس بحيض،لأنّه لا يختم الحيض بالطّهر إذا لم يكن بعده دم، و عند محمّد:الحيض ثمانية أيّام (5)،و لو لم تر قبلها و لا بعدها فالحيض ثمانية عندهما معا.

ص:342


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:155-156،شرح فتح القدير 1:153.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 3:155،شرح فتح القدير 1:153-154.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 3:155،شرح فتح القدير 1:153.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 3:180،شرح فتح القدير 1:153.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 3:180.
فروع:
الأوّل:إذا قلنا بالتّلفيق فكلّ قدر من الدّم لا يجعل حيضا تامّا

،و كذا كلّ قدر من الطّهر،لكنّ جميع الدّماء حيض واحد يفرّق،و جميع النّقاء طهر كامل واحد حتّى انّ العدّة لا تنقضي بعود الدّم ثلاث مرّات،و لو كان كلّ قدر من النّقاء طهرا كاملا خرجت العدّة بعد ثلاثة.

الثّاني:إذا رأت الدّم يوما و انقطع لم يجب الغسل إلاّ إذا غمس القطنة

،لأنّه إن لم يعد لم يكن له حكم الحيض،و إن عاد تبيّن انّ الزّمان زمان الحيض،و ليس للغسل في وقت (1)الحيض حكم إن قلنا انّ أيّام النّقاء حيض،بل نأمرها بالوضوء و الصّلاة.

الثّالث:لو رأت يوما دما أسود و يوما أصفر و هكذا،فعندنا تتحيّض على

التّوالي،

و من يعتبر التّمييز يلفّق أيّام الدّماء السّود.

البحث الرّابع:في الأحكام
مسألة:يحرم على الحائض الصّلاة و الصّوم.

و هو مذهب عامّة أهل الإسلام.

روى البخاري بإسناده قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(أ ليست أحدا كنّ إذا حاضت لا تصوم و لا تصلّي) (2).

و قالت حمنة للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّي أستحاض حيضة شديدة منكرة قد

ص:343


1- 1هامش«خ»:زمن.
2- 2) صحيح البخاري 1:83-بتفاوت،و بهذا اللّفظ،انظر:المغني 1:347.

منعتني الصّلاة و الصّوم (1).

و قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لفاطمة بنت أبي حبيش:(إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصّلاة) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد،فلتدع الصّلاة» (3).

و روى،عن زياد بن سوقة[1]،و عن أبي جعفر عليه السّلام«تقعد عن الصّلاة أيّام الحيضة» (4).

و عن عيص بن القاسم البجليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن امرأة طمثت في رمضان قبل أن تغيب الشّمس؟قال:«تفطر» (5).

و عن عليّ بن عقبة[2]،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة حاضت في

ص:344


1- 1سنن أبي داود 1:176 حديث 287،سنن التّرمذي 1:221 حديث 128،سنن ابن ماجه 1:203 حديث 622،مسند أحمد 6:439، [1]جامع الأصول 8:231 حديث 5405،كنز العمّال 9:629 حديث 27741-في بعضها بتفاوت يسير.
2- 2) صحيح البخاري 1:66،84،صحيح مسلم 1:262 حديث 62،سنن أبي داود 1:74 حديث 382-383،سنن التّرمذي 1:217 حديث 125،سنن النّسائي 1:118،122،184-186، سنن ابن ماجه 1:203 حديث 621،الموطّأ 1:61 حديث 104. [2]
3- 3) التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 1:152 حديث 432،الوسائل 2:536 الباب 2 من أبواب الحيض،حديث 2.و [4]في الجميع:تقعد عن الصّلاة أيّام الحيض.
5- 5) التّهذيب 1:393 حديث 1215،الاستبصار 1:145 حديث 498،الوسائل 2:601 الباب 50 من أبواب الحيض،حديث 1. [5]

رمضان حتّى إذا ارتفع النّهار بان الطّهر؟قال:«تفطر ذلك اليوم كلّه،تأكل و تشرب، ثمَّ تقضيه»و عن امرأة أصبحت في رمضان طاهرا حتّى إذا ارتفع النّهار رأت الدّم؟ قال:«تفطر ذلك اليوم كلّه» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في المرأة تطهر في أوّل النّهار في رمضان،أ تفطر أو تصوم؟قال:«تفطر»و في المرأة ترى الدّم في أوّل النّهار في شهر رمضان،أ تفطر أو تصوم؟قال:«تفطر،إنّما فطرها من الدّم» (2).قوله عليه السّلام:

«إنّما فطرها من الدّم»،قاض بالإفطار حالة الأكل و الشّرب و عدمهما.

و في رواية يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«فإن رأت بعد ذلك الدّم و لم يتمّ لها من يوم طهرت عشرة أيّام فذلك من الحيض تدع الصّلاة» (3).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا كانت المرأة طامثا،فلا تحلّ لها الصّلاة» (4).

و في رواية سماعة قال:«و تدع الصّلاة ما دامت ترى الدّم ما لم يجز العشرة» (5).

ص:345


1- 1التّهذيب 1:153 حديث 434،الوسائل 2:602 الباب 50 من أبواب الحيض،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:153 حديث 435،الوسائل 2:602 الباب 50 من أبواب الحيض،حديث 7. [2]
3- 3) الكافي 3:76 حديث 5، [3]التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:555 الباب 12 من أبواب الحيض،حديث 2. [4]
4- 4) الكافي 3:101 حديث 4، [5]التّهذيب 1:159 حديث 456،الوسائل 2:587 الباب 40 من أبواب الحيض،حديث 2. [6]
5- 5) الكافي 3:79 حديث 1، [7]التّهذيب 1:380 حديث 1178،الوسائل 2:559 الباب 14 من أبواب الحيض،حديث 1. [8]
فروع:
الأوّل:لا يحرم عليها سجود الشّكر و لا سجود التّلاوة،

لعدم اشتراط الطّهارة لا فيهما.و عند الشّافعيّ:الطّهارة شرط،فلهذا حكم بتحريمهما (1).

الثّاني:لا فرق بين صلاة الفريضة و النّافلة في التّحريم

،لاشتراطهما بالطّهارة.

و كذا الصّوم الواجب و النّدب.

الثالث:الحائض غير مخاطبة بالصّوم.

و هو قول بعض الشّافعيّة (2).و قال بعضهم:انّها مخاطبة به (3).

لنا:أنّها ممنوعة من الصّوم،فلا يصحّ أمرها به،و إلاّ لزم التّكليف بالنّقيضين.

احتجّوا بأنّ وجوب القضاء يستلزم وجوب الأداء (4).

و الجواب:المنع من الاستلزام.نعم،يستلزم قيام سبب الوجوب،أمّا نفس الوجوب فلا،أو نقول:القضاء بأمر متجدّد (5).

مسألة:و تترك ذات العادة الصّلاة و الصّوم برؤية الدّم في وقت عادتها.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،لأنّ العادة كالمتيقّن.و روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(دعي الصّلاة أيّام أقرائك)و هو لا يتحقق إلاّ بالتّرك في أوّل الأيّام.

ص:346


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:86،مغني المحتاج 1:217،فتح العزيز بهامش المجموع 2:192،417، المجموع 2:353 و 4:63،السّراج الوهّاج:62،ميزان الكبرى 1:164،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:61.
2- 2) المجموع 2:355،فتح العزيز بهامش المجموع 2:420،السّراج الوهّاج:31،مغني المحتاج 1:109.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:355،فتح العزيز بهامش المجموع 2:420،مغني المحتاج 1:109.
4- 4) المجموع 2:355،فتح العزيز بهامش المجموع 2:420.
5- 5) «خ»:جديد.

و من طريق الخاصّة:رواية زياد بن سوقة،عن الباقر عليه السّلام«تقعد عن الصّلاة أيّام الحيضة» (1).

و رواية محمّد بن مسلم الحسنة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة ترى الصّفرة في أيّامها؟فقال:«لا تصلّي حتّى تنقضي أيّامها» (2).

و في رواية يونس،عن رجاله،عن الصّادق عليه السّلام«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر فاطمة بنت أبي حبيش أن تدع الصّلاة قدر أقرائها و قدر حيضها» (3).

أمّا المبتدئة و المضطربة فقد اختلف الأصحاب في ابتداء وقت التّرك لهما،فقال الشّيخ بتركهما بمجرّد الرّؤية،فإن استمرّ ثلاثة فهو حيض قطعا،و إن انقطع عرفت انّه دم فساد،و قضت ما تركته من الصّلاة و الصّيام (4).و قال السّيّد المرتضى:لا تترك الصّلاة حتّى تمضي ثلاثة أيّام (5).و اختاره ابن إدريس (6)،و الأقرب عندي الأوّل.

لنا:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فإذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة» (7)و هذا لا يصحّ أن يكون المرجع إلى ذات العادة،لأنّا قد بيّنّا (8)انّ الاعتبار في ذات العادة إنّما هو

ص:347


1- 1الكافي 3:94 حديث 2، [1]التّهذيب 1:152 حديث 432،الوسائل 2:536 الباب 2 من أبواب الحيض،حديث 2.و [2]في الجميع:تقعد عن الصّلاة أيّام الحيض.
2- 2) الكافي 3:78 حديث 1، [3]التّهذيب 1:396 حديث 1230،الوسائل 2:540 الباب 4 من أبواب الحيض،حديث 1. [4]
3- 3) الكافي 3:83 حديث 1، [5]التّهذيب 1:381 حديث 1183،الوسائل 2:542 الباب 5 من أبواب الحيض،حديث 1. [6]
4- 4) المبسوط 1:42.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:213. [7]
6- 6) السّرائر:29.
7- 7) التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [8]
8- 8) تقدّم بيانه في ص 346.

بعادتها لا بالتّمييز.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحبلى ترى الدّم اليوم و اليومين؟قال:«إن كان دما عبيطا فلا تصلّي ذلك اليومين،و إن كان صفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (1)و ذلك مطلق،فالتّقييد بذات العادة غير مدلول من اللّفظ،فلا يصار إليه إلاّ لدليل.على انّ الحكم معلّق على الصّفة، و ذلك لا يعتبر في ذات العادة،و قد سلف.و لأنّها رأت دما يمكن أن يكون حيضا في وقت يمكن للحيض،فكان حيضا كذات العادة،و المستمرّ بها الدّم ثلاثة.و لأنّ الاحتياط للصّلاة في حقّ الحائض غير معتبر شرعا،فإنّ ذات العادة إذا استمرّ بها الدّم بعد عادتها تستظهر بيوم أو يومين في ترك العبادة لما بيّنّا (2)،و ذلك ينافي الاحتياط.و لأنّ الاحتياط لو اعتبر في المبتدئة كان الموجب له إنّما هو ثبوت الصّلاة في الذّمة مع عدم العلم بالمزيل،و هذا المعنى يتحقّق في ذات العادة،فإنّها ربّما تتغيّر عادتها و ينقطع الدّم لدون الأقلّ،فكان ينبغي الاحتياط لشغل الذمّة المتيقّن مع عدم العلم بالمزيل.

لا يقال:هذا هو الأصل،إلاّ أنّ الظّنّ حاصل هاهنا بأنّه حيض بخلاف صورة النّزاع،فإنّ الظّنّ بكون الدّم المرئيّ في العادة حيضا ليس كالظّنّ بكون المرئيّ في الابتداء حيضا.

لأنّا نقول:إن اعتبرت مطلق الظّن فهو موجود ها هنا،فإنّ العادة قاضية بأنّ المرأة في سنّ البلوغ ترى الحيض،فإذا رأت في وقته ما هو بصفته،غلب على ظنّها انّه حيض، و إن اعتبرت ظنّا غالبا،فلا بدّ من الإشارة إلى تلك المرتبة من الظّنّ،ثمَّ من الدّلالة على انّ تلك المرتبة موجبة للحكم دون الأقل منها،و هما ممتنعان،ثمَّ كيف اعتبر السّيّد

ص:348


1- 1التّهذيب 1:387 حديث 1192،الاستبصار 1:141 حديث 483،الوسائل 2:578 الباب 30 من أبواب الحيض،حديث 6. [1]
2- 2) تقدّم في ص 316. [2]

الاحتياط ها هنا،و لم يلتفت إليه في المستمرّ دمها إذا كانت مبتدئة؟!فإنّه قال هناك:

تتحيّض من ثلاثة إلى عشرة.و لأنّه لو لم يحكم عليها بالحيض في الثّلاثة إلاّ بعد انقضائها،لما دام الحكم عليها به فيها،و التّالي باطل اتّفاقا،فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة:انّها بعد مضيّ الثّلاثة ربّما رأت دما أسود و يتجاوز،فيكون هو الحيض لا الثّلاثة.

لا يقال:الفرق بأنّ اليوم و اليومين ليس حيضا حتّى تستكمل ثلاثة،و الأصل عدم التتمّة حتّى يتحقّق،أمّا إذا استمرّ ثلاثا فقد كمل ما يصلح أن يكون حيضا،و لا يبطل هذا إلاّ مع التّجاوز،و الأصل عدمه حتّى يتحقّق.

لأنّا نقول:إمّا أنّ يعتبر في صيرورة الدّم حيضا صلاحيّته له،أو وجود ما يعلم معه انّه حيض،و الثّاني يلزم منه أن لا يحكم بالحيض إلاّ بعد الانقطاع على العشرة، فإنّه بدونه لا يقطع على انّ ما رأته حيض،لجواز أن يكون الحيض ما يتلوه،و إن اعتبرت الصّلاحية فهي موجودة في البابين.

احتجّ بأنّ الأصل لزوم العبادة حتّى يتيقّن المسقط،و لا يقين قبل الاستمرار ثلاثة (1).

و الجواب:لا نسلّم انّ الأصل لزوم العبادة بل الأصل البراءة.

فإن قلت:انّها صارت أصلا بعد ثبوت الأوامر.قلت:فلم قلت:انّ تلك الأوامر متوجّهة ها هنا؟سلّمنا،لكن لا نسلّم انّه لا يسقط إلاّ مع تيقّن المسقط،بل قد يسقط مع ظنّه.سلّمنا،لكنّ اليقين هاهنا حاصل،فإنّا نقطع بأنّ الشّرع أسقط عن المرأة-مع غلبة ظنّها بأنّ الدّم حيض-ما شغل ذمّتها عليها.

مسألة:و يحرم عليها اللّبث في المساجد.

و هو مذهب عامّة أهل العلم.

روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(لا أحلّ المسجد لحائض

ص:349


1- 1المعتبر 1:213. [1]

و لا جنب) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه» (2)و لأنّ الحائض مشاركة للجنب في الحدث و ممتازة عنه بزيادة حمل النّجاسة،فحكم حدثها أغلظ،فالمنع من الاستيطان في المسجد في حقّها أقرب.

فروع:
الأوّل:يجوز لها الاجتياز في المساجد،إلاّ المسجدين،

و الاستثناء مختصّ بهما.

أمّا جواز الاجتياز،فقد ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول ابن مسعود،و ابن عبّاس (3)، و ابن المسيّب (4)،و ابن جبير،و الحسن (5)،و مالك (6)،و الشّافعيّ (7).و قال أبو حنيفة (8)،و الثّوريّ،و إسحاق:لا تدخل المسجد،فإن اضطرّت تيمّمت (9).

ص:350


1- 1سنن أبي داود 1:60 حديث 232،نيل الأوطار 1:287 حديث 5.
2- 2) التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:488 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 17. [1]
3- 3) المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [2]تفسير القرطبي 5:206، [3]نيل الأوطار 1:287،المجموع 2:160.
4- 4) المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [4]المجموع 2:160.
5- 5) المغني 1:166،المجموع 2:160،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:32،تفسير القرطبي 5:206، [5]المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241.
7- 7) الام 1:54،المهذّب للشّيرازي 1:30،38،المجموع 2:160، [6]مغني المحتاج 1:109،السّراج الوهّاج:31،أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [7]المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 241،تفسير القرطبي 5:206، [8]بدائع الصّنائع 1:38،نيل الأوطار 1:287.
8- 8) المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،المحلّى 2:185،المجموع 2:160، [9]المبسوط للسّرخسيّ 1:118،بدائع الصّنائع 1:38،شرح فتح القدير 1:147.
9- 9) المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،المحلّى 2:185،المجموع 2:160، [10]تفسير القرطبي 5:206. [11]

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لعائشة:(ناوليني الخمرة من المسجد)قالت:إنّي حائض؟قال:(إنّ حيضتك ليست في يدك) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه» (2)إشارة إلى الجنب و الحائض.

و ما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن يحيى[1]رفعه،عن أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام:«و لا بأس أن يمرّا في المساجد و لا يجلسان فيها» (3).

احتجّ أبو حنيفة (4)بقوله عليه السّلام:«لا أحلّ المسجد لحائض و لا جنب» (5).

و الجواب:انّه مخصوص بمسجده عليه السّلام،و هو دليل لنا على الاستثناء المذكور.

و أمّا تحريم الاجتياز في المسجدين فرواية الجمهور تدلّ عليه،و من طريق الخاصّة:

ص:351


1- 1صحيح مسلم 1:245 حديث 298،سنن أبي داود 1:68 حديث 261،سنن التّرمذي 1:241 حديث 134،سنن الدّارمي 1:248،سنن النّسائي 1:146،192،سنن ابن ماجه 1:207 حديث 632،نيل الأوطار 1:285 حديث 1،كنز العمّال 9:414 حديث 26748.
2- 2) التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:488 الباب 5 من أبواب الجنابة،حديث 17. [1]
3- 3) الكافي 3:73 حديث 14، [2]الوسائل 1:485 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 3. [3]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:168، [4]الهداية للمرغيناني 1:31،بدائع الصّنائع 1:38،شرح فتح القدير 1:146،نيل الأوطار 1:287،المحلّى 2:185. [5]
5- 5) سنن أبي داود 1:60 حديث 232،نيل الأوطار 1:287 حديث 5.

ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام:«و لا يقربان المسجدين الحرمين» (1).

و ما رواه ابن يعقوب،عن محمّد بن يحيى رفعه،عن أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام:«إذا كان الرّجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فأصابته جنابة فليتيمّم،و لا يمرّ في المسجد إلاّ متيمّما حتّى يخرج منه و يغتسل،و كذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك،و لا بأس أن يمرّا في سائر المساجد و لا يجلسان فيها» (2).

الثّاني:إذا اتّفق لها الحيض في أحد المسجدين لم تقطعه خارجة إلاّ بالتّيمّم،

لرواية أبي حمزة المذكورة و هي و إن كانت مقطوعة السّند إلاّ انّها مناسبة للمذهب، و لأنّ الاجتياز فيهما حرام عليها إلاّ مع الطّهارة،و هي متعذّرة،و التّيمّم يقوم مقامها في جواز الصّلاة،فكان قائما مقامها في قطع المسجد و إن لم يكن التّيمّم هاهنا طهارة.

الثّالث:قال الشّيخ في الخلاف:يكره لها الاجتياز في غير المسجدين .

(3)

و لم نقف فيه على حجّة،و أباحه في غيره (4)،و هو اختيار المفيد (5)،و السّيّد المرتضى (6).

لنا:انّ الكراهة حكم شرعيّ،فيقف عليه،و يمكن أن يقال:السّبب في الكراهة إمّا جعل المسجد طريقا،و إمّا الدّخول بالنّجاسة إليه.و قال الشّافعيّ:إن لم تعصّب[1]

ص:352


1- 1التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:488 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 17. [1]
2- 2) الكافي 3:73 حديث 14، [2]الوسائل 1:485 الباب 15 من أبواب الجنابة،حديث 3. [3]
3- 3) الخلاف 1:196 مسألة-259.
4- 4) المبسوط 1:41،النّهاية:25.
5- 5) المقنعة:6.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:222. [4]

فرجها لم يبح بها،لأنّه لا نؤمن أن تلوّث المسجد،و إن عصّبت فرجها فوجهان (1).

الرّابع:قال أصحابنا:يحرم على الحائض أن تضع شيئا في المسجد و يجوز لها أن

تأخذ منه

،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟قال:«نعم، و لكن لا يضعان في المسجد شيئا» (2).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سألته كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد و لا تضع فيه؟فقال:«انّ الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره و لا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلاّ منه» (3).

مسألة:و يحرم عليها الطّواف،

و هو إجماع،لأنّه يفتقر إلى الدّخول إلى المسجد الحرام و هو حرام،و إلى الطّهارة و لا يصحّ منها فعلها،لوجود الحدث الملازم الضّد،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعائشة و قد حاضت:(افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) (4)فإن طافت لم تعتدّ به بلا خلاف.

مسألة:و يحرم عليها قراءة العزائم.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و نقله الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و عمر.و به قال الحسن،و النّخعيّ،و الزّهريّ،و قتادة،و الشّافعيّ، و أصحاب الرّأي،و الأوزاعيّ (5)،و زادوا تحريم غيره.و قال مالك:يجوز للحائض أن تقرأ القرآن مطلقا و لم يخصّص،و لا يجوز للجنب (6).

ص:353


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:358،مغني المحتاج 1:109،السّراج الوهّاج:31،فتح الوهّاب 1:26.
2- 2) التّهذيب 1:125 حديث 339،الوسائل 1:490 الباب 17 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:397 حديث 1233،الوسائل 2:583 الباب 35 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
4- 4) صحيح البخاري 1:84،و 2:195،صحيح مسلم 2:874 حديث 1211،سنن الدّارمي 2: 44، [3]الموطّأ 1:411 حديث 244، [4]مسند أحمد 6:273، [5]نيل الأوطار 5:119 حديث 4.
5- 5) المغني 1:165،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240،المجموع 2:357، [6]المحلّى 1:78.
6- 6) بداية المجتهد 1:49،بلغة السّالك 1:81،المغني 1:165،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:240،المبسوط للسّرخسي 3:152،فتح العزيز بهامش المجموع 2:143، [7]شرح فتح القدير 1:148.

لنا:على تحريم العزائم:ما قدّمناه في باب الجنب (1)،و لأنّ الحائض آكد في الحدث من الجنب.

فروع:
الأوّل:لا يحرم عليها قراءة غير العزائم

عملا بالأصل،و بما تقدّم من الرّوايات في باب الجنب (2)،و هو أحد قولي الشّافعيّ (3)،و في الآخر:يحرم (4).

الثّاني:يحرم عليها قراءة بعض السّورة حتّى البسملة إذا نوت أنّها من العزائم، لأنّها جزء منها.

الثّالث:يكره لها قراءة ما زاد على سبع آيات

،و قيل:سبعين (5).و قد تقدّم الكلام في ذلك كلّه (6).

مسألة:و يحرم عليها مسّ كتابة القرآن.

و هو إجماع،و لقوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (7).

و لما رواه الشّيخ،عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«يا بنيّ اقرأ المصحف»فقال:إنّي لست على وضوء؟فقال:«لا تمسّ الكتاب و مسّ

ص:354


1- 1تقدّم في ص 215.
2- 2) تقدّم في ص 215.
3- 3) المجموع 2:356،فتح العزيز بهامش المجموع 2:143،مغني المحتاج 1:72.
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:158،فتح العزيز بهامش المجموع 2:143،مغني المحتاج 1:72،السّراج الوهّاج:21،فتح الوهّاب 1:26،المغني 1:166،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:241،نيل الأوطار 1:284.
5- 5) المبسوط 1:29. [1]
6- 6) تقدّم في ص 219.
7- 7) الواقعة:79. [2]

الورق و اقرأه» (1)و الحائض ليست على وضوء فكانت داخله تحت هذا المنع.

و روى عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عمّن قرأ في المصحف و هو على غير وضوء،قال:«لا بأس و لا يمسّ الكتاب» (2)و الحائض داخلة.

و روى في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام قال:قال:

«الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثّوب و يقرءان من القرآن ما شاءا إلاّ السّجدة» (3).

و حكم الحائض في الفروع الّتي ذكرناها في باب الجنب في هذه المسألة (4)حكم الجنب.

أصل:صيغة«افعل»حقيقة في الوجوب

،لقوله تعالى ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ (5)ذمّه على التّرك عقيب الأمر،إذ ليس المقصود منه الاستفهام،و لا يتحقّق إلاّ مع القول بأنّه للوجوب.

و كذا في قوله تعالى وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ» (6).

و أيضا قال تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (7)أمر المخالف للأمر بالحذر،فلا بدّ من السّبب الموجب للحذر،و لا سبب إلاّ وصف المخالفة،فيكون علّة،

ص:355


1- 1التّهذيب 1:126 حديث 342،الاستبصار 1:113 حديث 376،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:127 حديث 343،الاستبصار 1:113 حديث 377،الوسائل 1:269 الباب 12 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:371 حديث 1132،الوسائل 1:494 الباب 19 من أبواب الجنابة،حديث 7. [3]
4- 4) تقدّم في ص 215.
5- 5) الأعراف:12. [4]
6- 6) المرسلات:48. [5]
7- 7) النّور:63. [6]

للمناسبة و الاقتران.

و أيضا تارك المأمور عاص،لقوله تعالى لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (1)لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ (2)أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي (3)و العاصي يستحقّ العقاب،لقوله:

وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها (4).

و لأنّه عليه السّلام ذمّ أبا سعيد الخدريّ حيث لم يجبه (5)،و تمسّك بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ (6).

و لأنّه عليه السّلام قال:(لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك عند كلّ صلاة) (7)و«لو لا»موضوعة للانتفاء عند الوجود،و لا شكّ في تحقّق النّدبيّة، فيكون غير مأمور به.

و لأنّ الصّحابة تمسّكوا بالأمر على الوجوب و لم يظهر إنكار،فكان إجماعا،و ذلك كما في قوله عليه السّلام:(سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب) (8)و قوله عليه السّلام:

(فليغسله سبعا) (9)و قوله عليه السّلام:(فليقضها إذا ذكرها) (10).

ص:356


1- 1الكهف:69. [1]
2- 2) التّحريم:6. [2]
3- 3) طه:93. [3]
4- 4) الجنّ:23. [4]
5- 5) صحيح البخاري 6:77،و نقل بمعناه في التّفسير الكبير 15:146. [5]
6- 6) الأنفال:24. [6]
7- 7) صحيح البخاري 2:5،صحيح مسلم 1:220 حديث 252،سنن أبي داود 1:12 حديث 47، سنن التّرمذي 1:34 حديث 22،سنن ابن ماجه 1:105 حديث 287،سنن النّسائي 1:12، 266،سنن الدّارمي 1:174، [7]الموطّأ 1:66 حديث 114-115،و [8]من طريق الخاصّة،انظر: الكافي 3:22 حديث 1، [9]الفقيه 1:34 حديث 123،الوسائل 1:354 الباب 3 من أبواب السّواك،حديث 4،و [10]الباب 5 حديث 3.
8- 8) أمالي الطّوسي 1:375 حديث 20،الوسائل 11:98 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ،حديث 9. [11]
9- 9) صحيح البخاري 1:54.
10- 10) صحيح مسلم 1:477 حديث 684،و فيه:فليصلّها إذا ذكرها.

و لأنّ العقلاء يذمّون العبد إذا لم يفعل ما أمره السّيّد،و يعللون حسن الذّمّ بالتّرك.

و لأنّ الأمر دالّ على اقتضاء الفعل و وجوده،فكان مانعا من النّقيض كالخبر، بجامع انّ اللّفظ وضع لإفادة معنى،فلا بدّ و أن يكون مانعا من نقيضه تكميلا للمقصود، و تقوية لحصوله.

و لأنّ المطلوب لا بدّ و أن يكون قد اشتمل على مصلحة و يكون خاليا عن المفسدة عند المعتزلة،و راجحا في المصلحة عند غيرهم.

و على كلا التّقديرين فالأصل عدم الإذن في تفويت المصلحة الخالصة،أو الرّاجحة،لاستلزامه الإذن في تفويت الخالصة،و هو قبيح.

و لأنّ شرعيّة المنع من التّرك أرجح في الظّنّ من شرعيّة الإذن فيه،لأنّه أكثر إفضاء إلى وجود الرّاجح الّذي هو المطلوب في (1)الأوّل،و لا شكّ انّ الّذي يكون أكثر إفضاء إلى الشّيء الرّاجح،راجح في الظّنّ على ما يكون أكثر إفضاء إلى المرجوح.

و لأنّ الوجوب معنى تشتدّ الحاجة إليه،فوجب أن يوضع له لفظ يدلّ عليه كسائر المعاني،لاستلزام القدرة و الدّاعي الفعل،و لا لفظ إلاّ صيغة«افعل».

و لأنّ الحمل على الوجوب يقتضي القطع بعدم الإقدام على المخالفة،و مع النّدب يحصل الشّكّ،فالأوّل أولى.

و قولهم:العلم بإفادته للوجوب ليس بعقليّ قطعا و لا نقليّ،لفقدان التّواتر و عدم إفادة الآحاد،و انّ أهل اللّغة قالوا:لا فرق بين الأمر و السّؤال إلاّ الرّتبة،فلو كان للوجوب لم يكن الحصر صادقا،و لأنّه قد ورد للنّدب فلا يمكن جعله حقيقة فيهما،و إلاّ لزم الاشتراك،و لا في أحدهما،و إلاّ لزم المجاز،فكان للقدر المشترك،ليس بشيء.

ص:357


1- 1«د»«خ»:من.

أمّا الأوّل:فيجوز ان يحصل من المركّب،كما تقول:تارك المأمور[به] (1)عاص بالنّقل،و العاصي يستحق العقاب به،فيحصل القطع بالعقل بأنّه للوجوب.و لأنّه يجوز أن يثبت بالآحاد فإنّها ليست مسألة علميّة بل لغويّة.

و أمّا الثّاني فإنّ السّؤال يدلّ على الإيجاب،إذ السّائل إنّما يطلب طلبا لا يسوغ فيه العمل بالنّقيض،أقصى ما في الباب انّه لا يلزم من إيجابه الوجوب.

و أمّا الثّالث:انّ المجاز يصار إليه،لما ذكرنا من الأدلّة.

مسألة:يحرم على الرّجل وطء الحائض قبلا.

و هو مذهب عامّة علماء الإسلام، قال اللّه تعالى فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ (2)و هذا أمر يدلّ على الوجوب،ثمَّ قال وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ (3)و هذا نهي،و هو يدلّ على التّحريم.

و أمّا غير القبل فما فوق السّرّة و دون الرّكبة يجوز الاستمتاع به بالنّصّ (4)و الإجماع.

و اختلف في الاستمتاع بينهما،فقال أكثر علمائنا بالكراهيّة دون التّحريم (5).و قال أحمد:هو مباح (6)،و هو قول عكرمة،و عطاء،و الشعبيّ،و الثّوريّ،و إسحاق، و الأوزاعيّ،و أبو ثور،و داود،و محمّد بن الحسن،و النّخعيّ،و أبو إسحاق المروزيّ، و ابن المنذر (7).و قال السّيّد المرتضى بالتّحريم (8)،و هو اختيار أبي حنيفة (9)،

ص:358


1- 1أضفناه لاستقامة المعنى.
2- 2) البقرة:222. [1]
3- 3) البقرة:222. [2]
4- 4) الوسائل 2:571 الباب 26 من أبواب الحيض.
5- 5) الخلاف 1:69 مسألة-2،المعتبر 1:224، [3]السّرائر:29.
6- 6) المغني 1:384،الإنصاف 1:350، [4]الكافي لابن قدامة 1:92، [5]المجموع 2:366،فتح العزيز بهامش المجموع 2:428،نيل الأوطار 1:349،فتح الباري 1:321،عمدة القارئ 3:267، شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:335،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30.
7- 7) المجموع 2:363-365، [6]المغني 1:384،نيل الأوطار 1:349،المحلّى 2:183، [7]عمدة القارئ 3:267،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:335.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 1:224. [8]
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 1:21، [9]تفسير القرطبي 3:87. [10]بداية المجتهد 1:56،عمدة القارئ 3:266،شرح فتح القدير 1:147،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:335، [11]نيل الأوطار 1:349،المغني 1:384، [12]المحلّى 2:176، [13]المجموع 2:365، [14]فتح العزيز بهامش المجموع 2:428، [15]ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30.

و مالك (1)،و الشّافعيّ (2)،و أبي يوسف (3).

لنا:قوله تعالى فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ (4)و هو اسم لمكان الحيض كالمقيل و المبيت،فالتّخصيص بالموضع المعيّن يدلّ على إباحة ما سواه.أو نقول:الأصل الإباحة،و التّحريم إنّما يتناول القبل فيبقى الباقي على الأصل.

لا يقال:المحيض هو الحيض،يقال:حاضت المرأة حيضا و محيضا،و يدلّ عليه أوّل الآية و هو قوله وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً (5)و الأذى هو الحيض،

ص:359


1- 1المدوّنة الكبرى 1:52،بداية المجتهد 1:56،تفسير القرطبي 3:87، [1]الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:81،أحكام القرآن للجصّاص 2:21، [2]المغني 1:384، [3]ميزان الكبرى 1:129،عمدة القارئ 3:266،شرح فتح القدير 1:147،المحلّى 2:176، [4]شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:335،المجموع 2:365،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30،نيل الأوطار 1:349،مقدّمات ابن رشد 1:87.
2- 2) الام 1:59،المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:362، [5]شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:335، [6]فتح الوهّاب 1:26،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30،ميزان الكبرى 1:129،مغني المحتاج 1:110،السّراج الوهّاج:31،المغني 1:384،تفسير القرطبي 3:87، [7]بداية المجتهد 1:56،أحكام القرآن للجصّاص 2:21، [8]عمدة القارئ 3:266،شرح فتح القدير 1:147،المحلّى 2:176، [9]نيل الأوطار 1:349.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 2:21، [10]شرح فتح القدير 1:147،عمدة القارئ 3:266،تفسير القرطبي 3:87. [11]
4- 4) البقرة:222. [12]
5- 5) البقرة:222. [13]

لا موضعه،و قال اللّه تعالى وَ اللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ (1)و إنّما يريد به الدّم.

لأنّا نقول:استعمال المحيض في الحيض لا ينافي مطلوبنا،إذا الحيض هاهنا غير مراد لوجوه:

أحدها:انّ ما ذكرناه قياس اللّفظ،فيحمل عليه.

الثّاني:لو نزل على الحيض لوجب الإضمار،إذ يستحيل حمل اللّفظ على حقيقته، سلّمنا،لكن إضمار الموضع أولى من إضمار الزّمن،لأنّه يلزم من الثّاني الأمر باعتزال النّساء في مدّة الحيض بالكلّيّة،و قد انعقد الإجماع على خلافه.

الثّالث:انّ ما ذكرناه أولى،لأنّ سبب نزول هذه الآية انّ اللّه تعالى قصد مخالفة اليهود حيث كانوا يعتزلون النّساء،فلا يؤاكلوهنّ،و لا يشاربوهنّ مدّة الحيض،و لا يجامعوهنّ في البيت،فسأل أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك فنزلت هذه الآية،فقال صلّى اللّه عليه و آله:(اصنعوا كلّ شيء غير النّكاح) (2).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(اجتنب منها شعار الدّم) (3).

و روى مسلم،عنه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(اصنعوا كلّ شيء غير النّكاح) (4).

ص:360


1- 1الطّلاق:4. [1]
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 2:21، [2]تفسير الطّبري 2:380، [3]تفسير القرطبي 3:80-81، [4]التّفسير الكبير 6:63، [5]أحكام القرآن لابن العربي 1:158، [6]المغني 1:384. صحيح مسلم 1:246 حديث 302،سنن أبي داود 1:67 حديث 258،سنن ابن ماجه 1:211 حديث 644،سنن الدّارمي 1:245، [7]سنن النّسائي 1:152-187،سنن البيهقي 1:313،نيل الأوطار 1:348 حديث 1،مسند أحمد 3:132، [8]جامع الأصول 8:211 حديث 5379،كنز العمّال 9:408 حديث 26726.في بعضها بتفاوت يسير.
3- 3) المغني 1:384.
4- 4) صحيح مسلم 1:246 حديث 302.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتّقى موضع الدّم» (1).

و ما رواه،عن عبد الملك بن عمرو[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا لصاحب المرأة الحائض منها؟قال:«كلّ شيء ما عدا القبل بعينه» (2).

و ما رواه،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الرّجل يأتي المرأة فيما دون الفرج و هي حائض؟قال:«لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع» (3)و لأنّ المنع من الوطء لأجل الأذى،فاختصّ بمحلّه كالدّبر عندهم.

احتجّ السّيّد المرتضى (4)بما رواه الشّيخ،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في الحائض ما يحلّ لزوجها منها؟قال:«تتّزر بإزار إلى الرّكبتين و تخرج سرّتها،ثمَّ له ما فوق الإزار» (5).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الحائض ما يحلّ

ص:361


1- 1التّهذيب 1:154 حديث 436،الاستبصار 1:128 حديث 437،الوسائل 2:570 الباب 25 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 1:154 حديث 437،الاستبصار 1:128 حديث 438-و فيه:عن عبد الكريم بن عمرو، الوسائل 2:570 الباب 25 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:154 حديث 438،الاستبصار 1:129 حديث 439،الوسائل 2:571 الباب 25 من أبواب الحيض،حديث 6. [3]
4- 4) نقل احتجاجه في المعتبر 1:225. [4]
5- 5) التّهذيب:14 حديث 439،الاستبصار 1:129 حديث 442،الوسائل 2:571 الباب 26 من أبواب الحيض،حديث 1. [5]

لزوجها منها؟قال:«تتّزر بإزار إلى الرّكبتين و تخرج ساقها و له ما فوق الإزار» (1).

و عن حجّاج الخشّاب[1]،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض و النّفساء ما يحلّ لزوجها منها؟قال:«تلبس درعا،ثمَّ تضطجع معه» (2).

و عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل ما يحلّ له من الطّامث؟قال:«لا شيء حتّى تطهر» (3)و هذا عام،إذ هو نكرة في معرض المنع (4)،خرج ما فوق السّرة و تحت الرّكبة بالإجماع،فيبقى النّهي متناولا للباقي.

احتجّ أبو حنيفة و من وافقه (5)بما رواه البخاريّ،عن عائشة،قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأمرني فأتّزر فيباشرني و أنا حائض (6).

و عن عمر،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عمّا يحلّ للرّجل من امرأته و هي حائض؟فقال:«فوق الإزار» (7).

ص:362


1- 1التّهذيب 1:154 حديث 440،الاستبصار 1:129 حديث 443،الوسائل 2:572 الباب 26 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:155 حديث 441،الاستبصار 1:129 حديث 444،الوسائل 2:572 الباب 26 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:155 حديث 444،الاستبصار 1:130 حديث 445،الوسائل 2:569 الباب 24 من أبواب الحيض،حديث 12. [3]
4- 4) «خ»:النّفي.
5- 5) المغنيّ 1:384،بداية المجتهد 1:56.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:82-بتفاوت يسير.
7- 7) بهذا اللّفظ انظر:المغني 1:384.و بمعناه انظر:مسند أحمد 1:14،سنن البيهقي 1:312.

و الجواب عن الرّواية الأولى:انّها دالّة على تحليل ما فوق الإزار لا على تحريم ما عداه إلاّ من حيث المفهوم بدليل الخطاب،و ليس حجّة خصوصا مع معارضة المنطوق له،و كذا رواية أبي بصير،و رواية حجّاج.على انّ قوله عليه السّلام:«تلبس درعا ثمَّ تضطجع معه»ليس دالاّ على الوجوب بل على الاستحباب،ثمَّ انّ هذه الرّوايات لا تخلو من ضعف في سندها.و أيضا:فهي معارضة بما رواه الشّيخ،عن عمر بن حنظلة قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما للرّجل من الحائض؟قال:«ما بين الفخذين» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما للرّجل من الحائض؟قال:«ما بين إليتيها،و لا يوقب» (2).

و أمّا رواية عبد الرّحمن فإنّهما متروكة بالإجماع،فإن خصّصتموها بما تحت السرّة و فوق الرّكبة خرج اللّفظ عن حقيقته،فكان (3)مجازا،فنقول:لم لا تحمل نفي الحلّ على الكراهية مجازا؟!سلّمنا،لكنّا نقول:ثبت التّخصيص فيما ذكرتم،فكذا في صورة النّزاع بالقياس،و الجامع ما اشتركا فيه من المصلحة الناشئة من دفع الضّرر الحاصل بوجوب الاحتراز مع خلوص الدّاعي.

و الجواب عن احتجاج الشّافعيّ (4):انّه دالّ على حلّ ما فوق الإزار لا على تحريم غيره،و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد يترك بعض المباح تحرّزا،ثمَّ هو معارض بما رواه عكرمة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على

ص:363


1- 1التّهذيب 1:155 حديث 442،الاستبصار 1:129 حديث 440،الوسائل 2:571 الباب 25 من أبواب الحيض،حديث 7. [1]
2- 2) التّهذيب 1:155 حديث 443،الاستبصار 1:129 حديث 441،الوسائل 2:571 الباب 25 من أبواب الحيض،حديث 8. [2]
3- 3) «د»«ح»«ق»«ن»«م»:و كان.
4- 4) راجع ص 362 عبارة:احتجّ أبو حنيفة و من وافقه،و المراد بمن وافقه(هو الشّافعيّ و مالك و غيره).

فرجها ثوبا (1).و أيضا:ما ذكرناه (2)منطوق،و هذا دليل خطاب فلا يعارضه.

مسألة:و يحرم طلاقها.

و هو مذهب علماء الإسلام،و يدلّ عليه قوله تعالى إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (3)قال ابن عبّاس:هو أن يطلّقها طاهرا من غير جماع.و به قال مجاهد،و الحسن،و ابن سيرين،و قتادة،و الضّحّاك[1]،و السّدي[2]، و عامّة المفسّرين (4).و لمّا طلّق ابن عمر امرأته و هي حائض،أمره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله برجعتها و إمساكها حتّى تطهر (5).و لو طلّق لم يقع عندنا خاصّة،و خالف باقي الفقهاء فيه (6)،و سيأتي البحث في باب الطّلاق إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يحرم عليها الاعتكاف،

و هو ظاهر،لأنّه عبارة عن اللّبث في المسجد، و قد بيّنّا تحريم (7)اللّبث عليها (8).

ص:364


1- 1سنن أبي داود 1:71 حديث 272،نيل الأوطار 1:349 حديث 2،سنن البيهقيّ 1:314،جامع الأصول 8:215 حديث 5385.
2- 2) راجع ص 358. [1]
3- 3) الطّلاق:1. [2]
4- 4) تفسير الطّبريّ 28:128، [3]تفسير القرطبيّ 18:150، [4]التّفسير الكبير 29:30. [5]
5- 5) صحيح البخاريّ 6:193 و ج 7:52،صحيح مسلم 2:1093 حديث 1471،سنن أبي داود 2: 255 حديث 2179 و 2182، [6]سنن التّرمذيّ 3:479 حديث 1176، [7]سنن ابن ماجه 1:652 حديث 2023،سنن النّسائيّ 6:138،مسند أحمد 2:81،130. [8]
6- 6) المغنيّ 8:238،المبسوط للسّرخسيّ 6:57،تفسير القرطبيّ 18:150، [9]التّفسير الكبير 29:31، [10]نيل الأوطار 7:7.
7- 7) «خ»:حرمة.
8- 8) تقدّم في ص 349.

و روى الشّيخ،عن عليّ بن عقبة،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة اعتكفت،ثمَّ انّها طمثت،قال:«ترجع،ليس لها اعتكاف» (1).

مسألة:و يجب عليها الغسل عند انقطاع الدّم،

و هو مذهب علماء الأمّة كافّة.

و يدلّ عليه النّصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ (2)بالتّشديد،أي:يغتسلن.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك،ثمَّ اغتسلي و صلي) (3).

و عن حمنة بنت جحش[1]قالت:كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فجئت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب،فقلت:يا رسول اللّه انّ لي إليك حاجة،و انّه لحدث (4)ما منه بدّ،و انّي لأستحي منه،فقال:(ما هي يا هنتاه)[2]قلت:انّي امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها؟ فقال:(أنعت[3]لك الكرسف)فقلت:هو أشدّ من ذلك،فقال:تلجّمي،فقلت:

ص:365


1- 1التّهذيب 1:398 حديث 1339،الوسائل 2:603 الباب 51 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
2- 2) البقرة:222. [2]
3- 3) صحيح مسلم 1:264 حديث 334،سنن أبي داود 1:72 حديث 279،سنن النّسائيّ 1:119، مسند أحمد 6:222، [3]سنن البيهقي 1:330.
4- 4) «خ»:لحديث.

هو أشدّ من ذلك-فذكرت الخبر إلى أن قال-:(انّها ركضة من ركضات الشّيطان تحيّضي في علم اللّه ستّا أو سبعا،ثمَّ اغتسلي حتّى إذا رأيت انّك قد طهرت و استنقأت فصلّي[أربعا] (1)و عشرين ليلة و أيّامها أو[ثلاثا] (2)و عشرين و أيّامها،و صومي فإنّه يجزيك) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإذا حاضت المرأة و كان حيضها خمسة أيّام،ثمَّ انقطع الدّم، اغتسلت و صلّت» (4).

و ما رواه،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و غسل الحائض إذا طهرت واجب» (5).

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألت عن الحائض أ عليها غسل مثل غسل الجنب؟قال:«نعم» (6).

و ما رواه،عن الحسن الصّيقل[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

ص:366


1- 1في النّسخ:أربعة،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) في النّسخ:ثلاثة،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:221 حديث 128،سنن أبي داود 1:76 حديث 287،سنن ابن ماجه 1:205 حديث 627،كنز العمّال 9:629 حديث 27741،سنن البيهقي 1:338،سنن الدّار قطني 1: 214-في الجميع بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:555 الباب 12 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
5- 5) التّهذيب 1:104 حديث 270،الاستبصار 1:97 حديث 315،الوسائل 1:462 الباب 1 من أبواب الجنابة، [2]حديث 3،و ج 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3.
6- 6) التّهذيب 1:106 حديث 275 و 162 حديث 464،الاستبصار 1:98 حديث 318،الوسائل 1: 463 الباب 1 من أبواب الجنابة،حديث 7. [3]

«الطّامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء» (1).

و ما رواه،عن يونس،عن رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام،قال:«إذا رأيت الدّم البحرانيّ فدعي الصّلاة،و إذا رأيت الطّهر و لو ساعة من نهار فاغتسلي و صلّي» (2).

و بهذا الإسناد عنه عليه السّلام،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لحمنة بنت جحش:«تحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه ستّة أيّام أو سبعة أيّام،ثمَّ اغتسلي غسلا و صومي ثلاثة و عشرين أو أربعة و عشرين يوما» (3).و أمر فاطمة بنت أبي حبيش أن تدع الصّلاة أيّام أقرائها،ثمَّ تغتسل و تتوضّأ لكلّ صلاة (4).

فروع:
الأوّل:المراد بوجوب الغسل هاهنا وجوبه

لأجل الصّلاة،و الطّواف الواجبين، أو غيرهما من الأفعال الواجبة المشروطة بالطّهارة،لا انّه مستقرّ في ذمّتها،و إن كان للنّظر فيه مجال،إذ الأمر ورد مطلقا بالوجوب.

ص:367


1- 1التّهذيب 1:106 حديث 276،الاستبصار 1:147 حديث 507،الوسائل 1:510 الباب 31 من أبواب الجنابة،حديث 2،و [1]ج 2:564 الباب 20 من أبواب الحيض،حديث 1.
2- 2) التّهذيب 1:381 حديث 1183،الوسائل 2:538 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 4،و 554 [2]الباب 11 من أبواب الحيض،حديث 4.
3- 3) التّهذيب 1:383 حديث 1183،الوسائل 2:54 [3]2 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 3،5 من أبواب الحيض،حديث 1.
4- 4) التّهذيب 1:383 حديث 183،الوسائل 2:542 الباب 5 من أبواب الحيض، حديث 1. [4]
الثّاني:الغسل شرط في الصّلاة.

و عليه علماء الإسلام،و هل هو شرط في الطّواف؟اتّفق علماؤنا عليه،خلافا لأبي حنيفة (1).

لنا:انّ الطّواف منهيّ عنه لأجل الدّخول في المسجد المحرّم على الحائض،فكان فاسدا،و هل هو شرط في صحّة الصّوم بحيث لو أخلّت به ليلا حتّى أصبحت بطل صومها؟فيه نظر.

و يدل على الاشتراط:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن طهرت بليل من حيضتها،ثمَّ توانت أن تغتسل في رمضان حتّى أصبحت كان عليها قضاء ذلك اليوم» (2)و في طريقها عليّ بن فضّال،و هو فطحيّ، و عليّ بن أسباط و إن كان فطحيّا إلاّ انّ الأصحاب شهدوا لهما بالثّقة و الصّدق.قال النّجاشيّ:عليّ بن الحسن بن فضّال،فقيه أصحابنا بالكوفة،و وجههم،و ثقتهم، و عارفهم بالحديث و المسموع قوله فيه،سمع منه شيئا كثيرا فلم يعثر له على زلّة فيه،و قلّ ما روى عن ضعيف،و كان فطحيّا (3).و قال:عليّ بن أسباط ثقة و كان فطحيّا جرى بينه و بين عليّ بن مهزيار[1]رسائل في ذلك رجعوا فيها إلى أبي جعفر الثّاني عليه السّلام،فرجع عليّ بن أسباط عن ذلك القول و تركه (4).

ص:368


1- 1المبسوط للسرخسي 4:38،بدائع الصّنائع 2:129،الهداية للمرغيناني 1:165،شرح فتح القدير 2:458-459،بداية المجتهد 1:343،المجموع 8:17.
2- 2) التّهذيب 1:393 حديث 1213،الوسائل 2:534 الباب 1 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
3- 3) رجال النّجاشي:257.
4- 4) رجال النّجاشي:252.
الثّالث:يجب في الغسل الترتيب.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و يدلّ عليه:ما رواه الشّيخ،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبي[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«غسل الجنابة و الحيض واحد» (1).

و روى،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (2).و بمثله روى في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و لا يتحقّق الوحدة إلاّ مع اعتبار الشّرائط الموجودة هناك.

و أيضا:ان صدق بعض غسل الحيض يجب فيه التّرتيب المخصوص به،صدق كلّ غسل حيض فيه التّرتيب المذكور،و التّالي كالمقدّم حقّ.بيان الملازمة:عدم القائل بالفصل،و بيان صدق المقدّم:انّه لو لم يصدق الحكم الجزئيّ صدق نقيضه، و ينعكس،لا شيء.ممّا يجب فيه التّرتيب المخصوص بغسل الحيض بغسل حيض، و ذلك باطل قطعا.

الرّابع:يجب فيه النّيّة،

لما ذكرناه في التّرتيب،و للأدلّة العامّة المذكورة في الجنابة (4).

و اعلم انّ جميع الأحكام المذكورة في غسل الجنابة آتية ها هنا،لتحقّق الوحدة إلاّ

ص:369


1- 1التّهذيب 1:162 حديث 463،الوسائل 2:566 الباب 23 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:106 حديث 275،الاستبصار 1:98 حديث 318،الوسائل 1:463 الباب 1 من أبواب الجنابة،حديث 7. [2]
3- 3) التّهذيب 1:395 حديث 1223،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 9. [3]
4- 4) تقدّم في ص 193.

شيئا واحدا،و هو الاكتفاء به عن الوضوء،فإنّ فيه خلافا ذكرناه فيما سلف (1).

مسألة:و يجب عليها الاستبراء عند الانقطاع إن انقطع لدون عشرة،

و كيفيّته أن تدخل قطنة،فإن خرجت ملوّثة صبرت حتّى تنقى أو تبلغ العشرة،و إن خرجت نقيّة اغتسلت،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتدخل قطنة،فإن خرج فيها شيء من الدّم فلا تغتسل[و إن لم تر شيئا فلتغتسل] (2)و إن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ و لتصلّ» (3).

و مثله روى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فإن خرج دم فلم تطهر،و إن لم يخرج فقد طهرت» (4).

أمّا إذا كان الانقطاع لعشرة فلا استبراء،لأنّه إنّما يراد به معرفة وجود دم الحيض من عدمه،و ذلك لا يتمّ مع التّجاوز للعشرة.

مسألة:و يجب عليها قضاء الصّوم دون الصّلاة

،و هو مذهب علماء الإسلام.

و قالت الخوارج:يجب عليها قضاء الصّلاة (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة انّها قالت:كنّا نحيض على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فنؤمر بقضاء الصّوم و لا نؤمر بقضاء الصّلاة (6).

ص:370


1- 1تقدّم في ص 237. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 1:161 حديث 460،الوسائل 2:562 الباب 17 من أبواب الحيض،حديث 1.و [2]في المصادر:فلتستدخل قطنة.
4- 4) التّهذيب 1:161 حديث 462،الوسائل 2:562 الباب 17 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]
5- 5) فتح الباري 1:334،عمدة القارئ 3:300،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 2:400،إرشاد السّاري 1:359،نيل الأوطار 1:354.
6- 6) صحيح مسلم 1:265 حديث 335،سنن أبي داود 1:69 حديث 263،سنن التّرمذيّ 3:154 حديث 787، [4]سنن النّسائيّ 4:191،سنن ابن ماجه 1:207 حديث 631 و 534 حديث 1670، سنن البيهقي 1:308.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن عقبة،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الحائض في رمضان:«تأكل و تشرب،ثمَّ تقضيه» (1).

و ما رواه،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن رأت الدّم ثلاثة أيّام فهو من الحيض و لم يجب عليها قضاء الصّلاة» (2).

و ما رواه،عن أبان،عمّن أخبره،عن أبي جعفر و ابي عبد اللّه عليهما السّلام [قالا] (3):«الحائض تقضي الصّيام و لا تقضي الصّلاة» (4).

و ما رواه،عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الحائض تقضي الصلاة؟قال:«لا»قلت:تقضي الصّوم؟قال:«نعم»قلت:من أين جاء هذا؟قال:«انّ أوّل من قاس إبليس» (5).

و ما رواه في الحسن،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قضاء الحائض الصّلاة،ثمَّ تقضي الصّيام؟فقال:«ليس عليها أن تقضي الصّلاة،و عليها أن تقضي صوم شهر رمضان ثمَّ أقبل عليّ فقال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر بذلك فاطمة عليها السّلام،و كان يأمر بذلك المؤمنات» (6).

أصل:ما يجوز تركه لا يكون فعله واجبا،

لأنّ حدّ الواجب هو الّذي يذمّ تاركه، و الجائز هو الّذي لا ضرر في تركه،و بينهما منافاة.

ص:371


1- 1التّهذيب 1:153 حديث 434،الوسائل 2:602 الباب 50 من أبواب الحيض،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:157 حديث 452،الوسائل 2:555 الباب 12 من أبواب الحيض،حديث 2- [2]بتفاوت يسير.
3- 3) في النّسخ:قال،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:160 حديث 457،الوسائل 2:589 الباب 41 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]
5- 5) التّهذيب 1:160 حديث 458،الوسائل 2:589 الباب 41 من أبواب الحيض،حديث 3. [4]
6- 6) التّهذيب 1:160 حديث 459،الوسائل 2:589 الباب 41 من أبواب الحيض،حديث 2.و [5]فيهما: و كانت تأمر بذلك المؤمنات.
فروع:
الأوّل:صوم الحائض ليس بواجب،

لأنّه يجوز تركه فلا يكون واجبا،و وجوب القضاء لا يستلزم وجوب الأداء،لأنّه بأمر متجدّد.نعم،لا بدّ و أن يكون سبب الوجوب ثابتا.

الثّاني:لو دخل الوقت و هي طاهر و لم تصلّ مع الإمكان فحاضت،قضت.

و هو اختيار الشّافعيّ (1)،خلافا لأبي حنيفة،فإنّه قال:لو حاضت و قد بقي من الوقت شيء قليل لم تقض (2)،بناء على انّ الوجوب يتعلّق بالآخر.

الثّالث:يشترط إدراك الفريضة و الطّهارة.

و هو أحد قولي الشّافعيّ،لأنّ الصّلاة لا تصحّ بدونها،و في القول الآخر:لا يشترط،لعدم اختصاص الطّهارة بوقت (3).

الرّابع:لو مضى من الوقت أقلّ من أداء الفريضة ثمَّ حاضت،لم يجب

القضاء.

و قال بعض الشّافعيّة:يجب القضاء كما لو أدركت من آخر الوقت (4).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن الفضل بن يونس[1]،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:«و إذا رأت المرأة الدّم بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام

ص:372


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:67،فتح العزيز بهامش المجموع 3:88-89،المغنيّ 1: 415،المحلّى 2:175،بداية المجتهد 1:101.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 2:14،بداية المجتهد 1:101،المحلّى 2:175.فتح العزيز بهامش المجموع 3: 90.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:87،91.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:67،فتح العزيز بهامش المجموع 3:91.

فلتمسك عن الصّلاة،فإذا طهرت من الدّم فلتقض الظّهر،لأنّ وقت الظّهر دخل عليها و هي طاهرة و خرج عنها وقت الظّهر و هي طاهرة فضيّعت صلاة الظّهر فوجب عليها قضاؤها» (1)و الفضل و إن كان واقفيّا إلاّ انّ النّجاشيّ حكم بتوثيقه.

و ما رواه في الحسن،عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و إذا طهرت في وقت فأخّرت الصّلاة حتّى يدخل وقت صلاة أخرى،ثمَّ رأت دما كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرّطت فيها» (2).

و روى،عن أبي الورد قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المرأة الّتي تكون في صلاة الظّهر و قد صلّت ركعتين،ثمَّ ترى الدّم؟قال:«تقوم من مسجدها و لا تقضي الرّكعتين» (3)و هذا يدلّ على عدم القضاء مع التّضيّق،و لأنّ وجوب القضاء تابع لوجود سبب وجوب الأداء و هو منتف،فإنّ التّكليف يستدعي وقتا،و إلاّ لزم تكليف ما لا يطاق.

لا يقال:انّ الحديثين الأوّلين دلاّ على وجوب القضاء مع خروج الوقت بالكلّيّة لا مع خروج وقت إمكان الفعل،و أنتم لا تقولون به.

لأنّا نقول:انّهما من حيث المنطوق دلاّ على وجوب القضاء مع الخروج بالكلّيّة، و من حيث المفهوم على الوجوب مع خروج وقت الإمكان،لأنّ الأوّل رتّب الحكم فيه على الضّياع،و الثّاني على التّفريط و ذلك متحقّق في صورة النّزاع.

و أيضا روى الشّيخ في الموثّق،عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:373


1- 1التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:596 الباب 48 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:391 حديث 1208،الاستبصار 1:145 حديث 496،الوسائل 2:597 الباب 48 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:392 حديث 1210،الاستبصار 1:144 حديث 495،الوسائل 2:597 الباب 48 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]

السّلام،قال:في امرأة إذا دخل وقت الصّلاة و هي طاهر،فأخّرت الصّلاة حتّى حاضت؟قال:«تقضي إذا طهرت» (1)علّق الحكم على التّأخير عن الوقت،و ذلك يتناول الخروج بالكلّيّة و عدمه.

و ما رواه،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،قال:سألت عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشّمس و لم تصلّ الظّهر هل عليها قضاء تلك الصّلاة؟قال:«نعم» (2)و الفرق بين أوّل الوقت و آخره ظاهر،و هو عدم التّمكّن من الإتيان بالفرض حال إدراك الأوّل و وجوده عند إدراك الثّاني،و لهذا لو أدركت ركعة من آخر الوقت،ثمَّ جنّت لم يجب القضاء إجماعا.

الخامس:لو عقّبت بالنّفاس بأن شربت دواءا فألقت الولد،لم يجب قضاء أيّام

نفاسها

بخلاف السّكران.

مسألة:لو دخل الوقت و هي حائض فطهرت،وجب عليها الصّلاة

إن بقي من الوقت ما يتّسع للغسل و أداء ركعة،فلو بقي للغروب مقدار ما توقع الغسل و تصلّي ثمان ركعات،وجبت عليها الصّلاتان.و كذا لو بقي مقدار ما تصلّي فيه خمس ركعات،أمّا لو بقي مقدار ما تصلّي فيه أربع ركعات لا غير وجب عليها العصر خاصّة.و كذا البحث لو تخلّف من النّصف الأوّل من اللّيل مقدار خمس ركعات وجبت الصّلاتان.و لو تخلّف إلى الغروب ما لا يسع الغسل و أداء ركعة سقط عنها الفرضان.و لو أهملت في الصّور الّتي أوجبنا فيها الصّلاة،وجب عليها القضاء،و لا قضاء إلاّ مع اتّساع الزّمان،فلا

ص:374


1- 1التّهذيب 1:392 حديث 1211،الاستبصار 1:144 حديث 493،الوسائل 2:597 الباب 48 من أبواب الحيض،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:394 حديث 1221،الاستبصار 1:144 حديث 494،الوسائل 2:597 الباب 48 من أبواب الحيض،حديث 5. [2]

يجب في غيره.و قال الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد:إذا طهرت قبل الغروب لزمها الفريضتان،و لو طهرت قبل الفجر لزمها المغرب و العشاء (3).

لنا:انّ التّكليف يستدعي وقتا يقع فيه الفعل لا يقصر عنه،فمع (4)القصور يسقط التّكليف و إلاّ لزم التّكليف بالمحال،و إذا سقط الأداء سقط القضاء،لأنّه تابع.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد بن زرارة[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أيّما امرأة رأت الطّهر و هي قادرة على أن تغتسل وقت صلاة ففرّطت فيها حتّى يدخل وقت صلاة اخرى،كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرّطت فيها، فإن رأت الطّهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك،فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة أخرى،فليس عليها قضاء و تصلّي الصّلاة الّتي دخل وقتها» (5).

و روى في الحسن،عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا رأت المرأة الطّهر و هي في وقت صلاة،ثمَّ أخّرت الغسل حتّى يدخل وقت صلاة اخرى كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرّطت فيها» (6)و التّفريط إنّما يقع مع إمكان الفعل في وقته.

ص:375


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:53-54،المجموع 3:65-66،فتح العزيز بهامش المجموع 3:91-92، المغنيّ 1:441،بداية المجتهد 1:100.
2- 2) المغني 1:441.
3- 3) المغنيّ 1:441،الإنصاف 1:442،الكافي لابن قدامة 1:119. [1]
4- 4) «م»:و في.
5- 5) التّهذيب 1:392 حديث 1209،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 1:391 حديث 1208،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 4. [3]

و روى في الموثّق،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في المرأة تقوم في وقت الصّلاة فلا تقضي ظهرها حتّى تفوتها الصّلاة و يخرج الوقت،أ تقضي الصّلاة الّتي فاتتها؟قال:«إن كانت توانت قضتها،و إن كانت دائبة في غسلها فلا تقضي» (1)و في طريقها عليّ بن فضّال و قد شهد له بالثّقة مع كونه فطحيّا.

لا يقال:يعارض هذا:ما رواه أبو همام[1]،عن أبي الحسن عليه السّلام:في الحائض إذا اغتسلت في وقت العصر،تصلّي العصر ثمَّ تصلّي الظّهر (2).

و ما رواه،عن الفضل بن يونس،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة ترى الطّهر قبل غروب الشّمس كيف تصنع بالصّلاة؟قال:«إذا رأت الطّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام فلا تصلّي إلاّ العصر،لأنّ وقت الظّهر دخل عليها و هي في الدّم و خرج عنها الوقت و هي في الدّم،فلم يجب عليها أن تصلّي الظّهر،و ما طرح اللّه عنها من الصّلاة و هي في الدّم أكثر» (3).

و ما رواه،عن أبي الصّباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب و العشاء،و إن طهرت قبل أن تغيب الشّمس صلّت الظّهر و العصر» (4).

ص:376


1- 1التّهذيب 1:391 حديث 1207،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 8. [1]
2- 2) التّهذيب 1:398 حديث 1241،الاستبصار 1:143 حديث 488،الوسائل 2:601 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 14. [2]
3- 3) التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 1:390 حديث 1203،الاستبصار 1:143 حديث 489،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الصّلاة،حديث 7. [4]

و ما رواه،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا طهرت المرأة قبل غروب الشّمس فلتصلّ الظّهر و العصر،و إن طهرت من آخر اللّيل فلتصلّ المغرب و العشاء» (1).

و ما رواه،عن داود الدّجاجيّ[1]،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشّمس صلّت الظّهر و العصر،و إن طهرت في اللّيل صلّت المغرب و العشاء الآخرة» (2).

و ما رواه،عن عمر بن حنظلة،عن الشّيخ عليه السّلام قال:«إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب و العشاء،و إن طهرت قبل أن تغيب الشّمس صلّت الظّهر و العصر» (3).

لأنّا نجيب عن الرّواية الأولى باحتمال أن تكون قد فرّطت في وقت الظّهر،لأنّ قوله عليه السّلام:«إذا اغتسلت في وقت العصر»يشعر بأنّ الطّهر حصل في وقت الظّهر،و يحتمل أن يكون الأمر للاستحباب.

و عن الثّانية:انّها مبنيّة على انّ وقت الظّهر أربعة أقدام،ثمَّ تصير قضاء،

ص:377


1- 1التّهذيب 1:390 حديث 1204،الاستبصار 1:143 حديث 490،الوسائل 2:600 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 1:390 حديث 1205،الاستبصار 1:143 حديث 491،الوسائل 2:600 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 12. [2]
3- 3) التّهذيب 1:391 حديث 1206،الاستبصار 1:144 حديث 492،الوسائل 2:600 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 12. [3]

و سيأتي البحث فيه (1)،على انّ راويها الفضل،و هو ضعيف.

و قال الشّيخ أبو جعفر الطّوسي رحمه اللّه:و الّذي أعوّل عليه انّ المرأة إذا طهرت بعد الزّوال إلى أن يمضي أربعة أقدام يجب عليها قضاء الصّلاتين،و لو طهرت بعد مضيّ أربعة أقدام وجب عليها قضاء العصر لا غير،و يستحبّ لها قضاء الظّهر إذا كان طهرها إلى مغيب الشّمس (2).

أقول:و سيأتي تحقيق هذا في باب المواقيت إن شاء اللّه تعالى.

و عن الثّالثة:انّه لا منافاة فيها لما ذكرناه،لأنّها إذا طهرت قبل نصف اللّيل أو قبل الغروب بمقدار ما تسع الصّلاتين و الغسل،يصدق انّها قد طهرت قبل الفجر و الغروب،فيحمل عليه جمعا بين الأدلّة،على انّ في طريقها ابن فضّال،و هو فطحيّ.

و عن الرّابعة:بما ذكرناه ها هنا،و قوله عليه السّلام:«و إن طهرت من آخر اللّيل»يحمل على النّصف مجازا لما ذكرناه،أو يحمل الأمر على الاستحباب،و في طريقها ضعف أيضا.و كذا الجواب عن الرّوايتين الأخيرتين.

احتجّ الشّافعيّ (3)بما رواه الأثرم[1]،و ابن المنذر بإسنادهما،عن عبد اللّه بن عبّاس و عبد الرّحمن بن عوف،انّهما قالا في الحائض:تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلّي المغرب و العشاء و إذا طهرت قبل غروب الشّمس صلّت الظّهر و العصر جميعا (4).

ص:378


1- 1«ح»«ق»:عنه.
2- 2) التّهذيب 1:391،الاستبصار 1:144.
3- 3) المغني 1:442،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،المجموع 3:66،فتح العزيز بهامش المجموع 3:73.
4- 4) سنن البيهقي 1:387.

و الجواب:انّه يحتمل انّهما قالاه عن اجتهاد لا نقلا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلا اعتداد به،و يحتمل انّهما قالاه على جهة الاستحباب.

و أيضا:فهو معارض بما ذكرناه من الأدلّة،و بما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت:المرأة ترى الطّهر عند الظّهر فتشتغل في شأنها حتّى يدخل وقت العصر؟قال:«تصلّي العصر وحدها،فإن ضيّعت (1)فعليها صلاتان» (2).

و روى الشّيخ،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا طهرت الحائض قبل العصر صلّت الظّهر و العصر،فإن طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر» (3).

فروع:
الأوّل:إذا طهرت قبل غروب الشّمس بمقدار خمس،فقد بيّنّا انّه يجب

الفرضان،

و هل الأربع للظّهر أو العصر؟فيه احتمال،و تظهر الفائدة لو أدركت قبل الانتصاف مقدار أربع ركعات،فإن قلنا:الأربعة للظّهر،وجب هنا الفرضان،و إن قلنا:للعصر،وجبت العشاء خاصّة،و الرّوايات تدلّ على الثّاني،و سيأتي.

الثّاني:لا تجب الصّلاة إلاّ بإدراك الطّهارة و ركعة.

و هو أحد قولي الشّافعيّ (4)،

ص:379


1- 1«ق»«ن»«ح»ضيّقت.
2- 2) التّهذيب 1:389 حديث 1200،الاستبصار 1:142 حديث 486،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
3- 3) التّهذيب 1:390 حديث 1201،الاستبصار 1:142 حديث 487،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 6. [2]
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:65-66،مغني المحتاج 1:131،السّراج الوهّاج 36،فتح العزيز بهامش المجموع 3:79.

لأنّ الصّلاة لا تصحّ بدونها،و في الآخر:لا تشترط الطّهارة،لعدم اختصاصها بوقت (1).

الثّالث:لو أدركت الطّهارة و أقلّ من ركعة،لم تجب الصّلاة عندنا

بل تستحبّ.

و هو أحد قولي الشّافعيّة (2)،و في الآخر:تجب (3).و حينئذ هل تجب ما قبلها؟قالوا:

إن كانت لا تجمع إليها كالعشاء و الصّبح،أو الصّبح و الظّهر لم تجب،و إن كانت تجمع معها كالظّهر،و العصر،و المغرب،و العشاء فوجهان.

الرّابع:إذا قلنا:انّ الوقت مشترك بين الصّلاتين من الزّوال إلى الغروب و من

المغرب إلى نصف اللّيل حتّى تطهر قبل الغروب بمقدار أربع ركعات

وجب عليها العصر و قضاء الظّهر،و كذا في المغرب و العشاء،و هو قول الشّافعيّ (4).

و لو قلنا:انّ الوقت يختصّ بكلّ فريضة فأوّل الوقت يختصّ بالظّهر،و آخره بالعصر حتّى تطهر قبل الغروب بأربع وجب عليها العصر لا غير.و هو اختيار أبي حنيفة (5)، و هو الحقّ عندي،لما يأتي في باب الأوقات.

مسألة:لو سمعت سجدة التّلاوة،قال في النّهاية:لا يجوز لها أن تسجد .

(6)

و هو اختيار الشّافعيّ (7)،و أبي (8)حنيفة،و أحمد (9).و قال عثمان،و سعيد بن المسيّب في

ص:380


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:54،المجموع 3:65،مغني المحتاج 1:132،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 79،السّراج الوهّاج:37،المغني 1:442.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:53،المجموع 3:65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:70.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:68-80،مغني المحتاج 1:131-132،السراج الوهّاج:36.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:66،فتح العزيز بهامش المجموع 3:81.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:143،بداية المجتهد 1:98،المجموع 1:65-66،عمدة القارئ 5:49.
6- 6) النّهاية:25. [1]
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:86،المجموع 2:353 و ج 4:63،فتح العزيز بهامش المجموع 2:417، ج 4،192،مغني المحتاج 1:217،السّراج الوهّاج 62:ميزان الكبرى 1:166،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:62.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 2:5،بدائع الصّنائع 1:186،الهداية للمرغينانيّ 1:79،شرح فتح القدير 1: 468،ميزان الكبرى 1:166.
9- 9) المغنيّ 1:685،الإنصاف 2:193،الكافي لابن قدامة 1:205،منار السّبيل 1:114.

الحائض تسمع السّجدة،قال:تومئ برأسها و تقول:اللّهم لك سجدت (1)(2).و قيل:

لا تمنع من السّجود،و هو الأقرب.

لنا:انّ الأمر بالسّجود ورد مطلقا،فساغ مع عدم الطّهارة.

احتجّوا (3)بقوله عليه السّلام:(لا يقبل اللّه صلاة بغير طهور) (4)و السّجود جزء الصّلاة،فيدخل فيها ضمنا،و لأنّه سجود وقع على وجه الطّاعة،فيشترط فيه الطّهارة كسجود الصّلاة و السّهو.

و الجواب عن الأوّل:انّ السّجود الّذي هو جزء الصّلاة ليس مطلق السّجود،بل سجود خاصّ،و ليس سجود التّلاوة جزءا،كما انّ سجود الشّكر ليس جزءا،و لا يشترط فيه الطّهارة.

و عن الثّاني:بالفرق،فإنّ سجود السّهو معرض لأن يكون جزءا من الصّلاة، فاشترط فيه الطّهارة،بخلاف سجدة التّلاوة،على انّا نمنع كون سجود السّهو مفتقرا إلى الطّهارة،ثمَّ يعارض هذا:ما رواه محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن ابن رئاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الطّامث تسمع

ص:381


1- 1عمدة القارئ 7:95،المغنيّ 1:685،ميزان الكبرى 1:164،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:61.
2- 2) عمدة القارئ 7:95،المغنيّ 1:685،ميزان الكبرى 1:164،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:61.
3- 3) المغنيّ 1:685.
4- 4) صحيح مسلم 1:204 حديث 224،سنن أبي داود 1:16 حديث 59،سنن التّرمذي 1:5 حديث 1،سنن النّسائيّ 1:87 و ج 5:56،سنن ابن ماجه 1:100 حديث 271-274،سنن الدّارميّ 1:175، [1]مسند أحمد 2:20،39،51،57،73،و ج 5:74 و 75.

السّجدة؟فقال:«إذا كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها» (1).

و رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبيدة الحذّاء،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).و روى أبو بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا قرئ شيء من العزائم الأربع و سمعتها فاسجد،و إن كنت على غير وضوء،و إن كنت جنبا و إن كانت المرأة لا تصلّي،و سائر القرآن أنت فيه بالخيار،إن شئت سجدت،و إن شئت لم تسجد» (3)هذا إذا استمعت.أمّا إذا سمعت هي أو الجنب،قال الشّيخ:يمنعان من السّجود (4)،لرواية عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن الحائض[هل] (5)تقرأ القرآن و تسجد السّجدة إذا سمعت السّجدة؟قال:

«تقرأ و لا تسجد» (6).

و قال في المبسوط:يجوز (7).لرواية عليّ بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا قرئ شيء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد،و إن كنت على غير وضوء،و إن كنت جنبا،و إن كانت المرأة لا تصلّي،و سائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت و إن شئت لم تسجد» (8).

ص:382


1- 1الكافي 3:106 حديث 3، [1]الوسائل 2:584 الباب 36 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]
2- 2) التّهذيب 1:129 حديث 353،الاستبصار 1:115 حديث 385،الوسائل 2:584 الباب 36 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]
3- 3) الكافي 3:318 حديث 2، [4]التّهذيب 1:291 حديث 1171،الوسائل 2:584 الباب 36 من أبواب الحيض،حديث 2. [5]
4- 4) النّهاية:25. [6]
5- 5) أثبتناه من المصدر.
6- 6) التّهذيب 2:292 حديث 1172،الاستبصار 1:320 حديث 1193،الوسائل 2:584 الباب 36 من أبواب الحيض،حديث 4.و [7]في الأخيرين:«لا تقرأ،و لا تسجد».
7- 7) المبسوط 1:114. [8]
8- 8) الكافي 3:318 حديث 2، [9]التّهذيب 2:291 حديث 1171،الوسائل 2:584 الباب 36 من أبواب الحيض،حديث 2. [10]
مسألة:و يستحبّ لها الوضوء عند كلّ صلاة،و ذكر اللّه تعالى في مصلاّها بقدر

زمان الصّلاة،

كذا قال الشّيخ (1).و قال المفيد:تجلس ناحية من مصلاّها (2).و أطلق باقي الأصحاب (3)،و هو الأقوى،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زيد الشّحّام،قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«ينبغي للحائض أن تتوضّأ عند وقت كلّ صلاة،ثمَّ تستقبل القبلة فتذكر اللّه عزّ و جلّ مقدار ما كانت تصلّي» (4).

و ما رواه في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا كانت المرأة طامثا فلا تحلّ لها الصّلاة و عليها أن تتوضّأ وضوء الصّلاة عند وقت كلّ صلاة،ثمَّ تقعد في موضع طاهر فتذكر اللّه عزّ و جل و تسبّحه و تهلّله و تحمده كمقدار صلاتها،ثمَّ تفرغ لحاجتها» (5)و لأنّ فيه نوع تشبيه بالطّاعة،فكان مطلوبا،و لأنّ فيه تمرينا على الطّاعات،إذ التّرك في أكثر الأوقات قد يشقّ معه الفعل عند الوجوب،فيكون سببا للإهمال.

فروع:
الأوّل:لا تنوي بهذا الوضوء رفع الحدث،و لا استباحة الصّلاة،

لوجود الحدث، و حصول التّحريم للصّلاة،بل تنوي وضوءا متقرّبا به إلى اللّه تعالى.

ص:383


1- 1النّهاية:25، [1]الخلاف 1:72 مسألة-5.
2- 2) المقنعة:7.
3- 3) منهم ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):665،و ابن البراج في المهذّب 1:36،و سلاّر في المراسم:43،و ابن إدريس في السّرائر:28،و المحقّق الحلّي في المختصر النّافع:10،و الشّرائع 1:31.
4- 4) التّهذيب 1:159 حديث 455،الوسائل 2:587 الباب 40 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
5- 5) التّهذيب 1:159 حديث 456،الوسائل 2:587 الباب 40 من أبواب الحيض،حديث 2. [3]
الثّاني:لو توضّأت بنيّة التّقرّب في وقت يتوهّم انّه حيض فبان طهرا،لم يجز لها

الدّخول به في الصّلاة

،لأنّها لم تنو طهارة،فلم تقع.و الفرق بينها و بين المجدّد حيث قلنا انّه يسوغ له الدّخول به في الصّلاة و إن بان محدثا،لأنّه ثمَّ ينوي الفضيلة الّتي لا تحصل إلاّ مع الطّهارة،أمّا هاهنا فلمّا لم تتوقّف الفضيلة على الطّهارة،لم تكن الطّهارة حاصلة.

الثّالث:لو نوت بوضوئها رفع الحدث في وقت يتوهّم فيه انّها حائض فبانت

طاهرا،فالوجه انّها لا تدخل به في الصّلاة

،لأنّها أقدمت على القبيح،فلا يقع على وجه التّقرّب.

الرّابع:لو اغتسلت عوض الوضوء لم تدرك به فضيلة الوضوء،

إذ النّصّ تناول الوضوء.

الخامس:لو فقدت الماء هل تتيمّم أم لا؟الوجه:لا،

لأنّها طهارة اضطراريّة و لا ضرورة هنا،و لعدم تناول النّصّ له.

مسألة:و يكره لها الخضاب.

و هو مذهب علمائنا أجمع،لما رواه الشّيخ،عن عامر بن جذاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تختضب الحائض و لا الجنب» (1)و هذا النّهي ليس للتّحريم،لما رواه ابن يعقوب،عن سهل بن اليسع[1]، عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن تختضب المرأة و هي حائض» (2).

ص:384


1- 1التّهذيب 1:182 حديث 521،الاستبصار 1:116 حديث 388،الوسائل 1:498 الباب 22 من أبواب الجنابة،حديث 9،و [1]ج 2:593 الباب 42 من أبواب الحيض،حديث 7.
2- 2) الكافي 3:109 حديث 1، [2]الوسائل 2:592 الباب 42 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]بتفاوت في اللّفظ.

و عن عليّ بن أبي حمزة قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام:تختضب المرأة و هي طامث؟فقال:«نعم» (1)فظهر انّ الرّواية الأولى تدلّ على الكراهية،و هاتان على الإباحة.

و يكره لها حمل المصحف،و لمس هامشه،و قال المرتضى:يحرم (2).و قد تقدّم البحث فيه في باب الجنابة (3)و يكره الاستمتاع منها بما فوق الرّكبة و تحت السّرّة إلاّ موضع الدّم،فإنّه محرّم (4).

مسألة:لا خلاف في تحريم وطء الحائض قبلا،

و قد (5)تقدّم.و اتّفقوا على تعلّق الكفّارة بالواطئ مع العلم بالحيض و التّحريم،و وقع الخلاف في وجوبها،قال الشّيخ في الجمل و المبسوط:تجب (6)،و هو قول المفيد (7)،و السّيّد المرتضى (8)،و ابني بابويه (9)،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (10)،و أحد قولي الشّافعيّ (11).و قال الشّيخ

ص:385


1- 1الكافي 3:109 حديث 2، [1]الوسائل 2:592 الباب 42 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
2- 2) نقل عنه في المعتبر 1:234. [3]
3- 3) تقدّم في ص 221. [4]
4- 4) «ق»«خ»:يحرم.
5- 5) تقدّم في ص 358. [5]
6- 6) الجمل و العقود:44،المبسوط 1:41.
7- 7) المقنعة:7.
8- 8) الانتصار:33.
9- 9) انظر قول عليّ بن بابويه في المعتبر 1:229،و [6]قول محمّد بن عليّ بن بابويه في الفقيه 1:53،و المقنع: 16.
10- 10) المغنيّ 1:384،الإنصاف 1:351، [7]الكافي لابن قدامة 1:93،سنن التّرمذيّ 1:246،تفسير القرطبيّ 3:87،منار السّبيل 1:57،نيل الأوطار 1:351،بداية المجتهد 1:59،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30،المجموع 2:361،ميزان الكبرى 1:129،فتح العزيز بهامش المجموع 2:424،المحلّى 2:187،عمدة القارئ 3:266.
11- 11) المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:359،فتح العزيز بهامش المجموع 2:422.رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30،ميزان الكبرى 1:129،عمدة القارئ 3:266،إرشاد السّاري 1:346،نيل الأوطار 1:352،المغنيّ 1:385.

في الخلاف:إن كان جاهلا بالحيض أو التّحريم،لم يجب عليه و يجب على العالم بهما (1).و قال في النّهاية بالاستحباب (2).و هو قول مالك (3)،و أبي حنيفة (4)، و أكثر أهل العلم (5)،و هو الحقّ عندي.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(من أتى حائضا فقد كفر بما انزل (6)على محمّد صلّى اللّه عليه و آله) (7)و لم يذكر كفّارة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عيص بن القاسم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل واقع امرأته و هي طامث؟قال:«لا يلتمس فعل ذلك،قد نهى اللّه أن يقربها»قلت:فإن فعل أ عليه كفّارة؟قال:«لا أعلم فيه شيئا،يستغفر اللّه» (8).

و ما رواه،عن ليث المراديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقوع

ص:386


1- 1الخلاف 1:69 مسألة-1.
2- 2) النّهاية:26.
3- 3) بداية المجتهد 1:59،تفسير القرطبيّ 3:87، [1]المجموع 2:360،المغنيّ 1:385،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30،ميزان الكبرى 1:129.و فيها:لا كفارة عليه.
4- 4) شرح فتح القدير 1:147،عمدة القارئ 3:266،المغنيّ 1:385،المجموع 2:360،بداية المجتهد 1:59،تفسير القرطبيّ 3:87، [2]رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30،المجموع 2: 361،ميزان الكبرى 1:129.و فيها ما عدا شرح فتح القدير:لا كفّارة عليه.
5- 5) المغنيّ 1:385،عمدة القارئ 3:266،المجموع 2:361.
6- 6) «خ»«م»«ن»:أنزل اللّه.
7- 7) سنن التّرمذيّ 1:242 حديث 135،سنن ابن ماجه 1:209 حديث 639،سنن الدّارميّ 1:259، [3]مسند أحمد 2:408 و 476، [4]سنن أبي داود 4:15 حديث 3904،بتفاوت.
8- 8) التّهذيب 1:164 حديث 472،الاستبصار 1:134 حديث 460،الوسائل 2:576 الباب 29 من أبواب الحيض،حديث 1. [5]

الرّجل على امرأته و هي طامث خطأ؟قال:«ليس عليه شيء و قد عصى ربّه» (1).

لا يقال:هذا لا يدلّ على المطلوب،إذ النّفي مصروف إلى الخاطئ لا إلى العامد.

لأنّا نقول:لو لم يكن الواطئ هاهنا عامدا لما حكم عليه بالعصيان.

و ما رواه،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الحائض يأتيها زوجها؟قال:«ليس عليه شيء يستغفر اللّه و لا يعود» (2)و لأنّه وطء نهي عنه لأجل الأذى،فأشبه الدّبر عندهم،و لأنّ الأصل براءة الذّمة و عصمة المال،فالقول بالإيجاب هدم (3)لهما.

احتجّ الشّيخ (4)على الإيجاب بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:

سألته عمّن أتى امرأته و هي طامث؟قال:«يتصدّق بدينار و يستغفر اللّه» (5)و تأوّله على انّه في أوّله.

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدّق به» (6)و تأوّله على الوسط.

و ما رواه،عن عبيد اللّه بن علي الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن

ص:387


1- 1التّهذيب 1:165 حديث 473،الاستبصار 1:134 حديث 461،الوسائل 2:576 الباب 29 من أبواب الحيض،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:165 حديث 474،الاستبصار 1:134 حديث 462،الوسائل 2:576 الباب 29 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
3- 3) «ح»«م»«ق»:معدم.
4- 4) التّهذيب 1:163.
5- 5) التّهذيب 1:163 حديث 467،الاستبصار 1:133 حديث 455،الوسائل 2:575 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]
6- 6) التّهذيب 1:163 حديث 468،الاستبصار 1:133 حديث 456،الوسائل 2:575 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 4. [4]

الرّجل يقع على امرأته و هي حائض ما عليه؟قال:«يتصدّق على مسكين بقدر شبعه» (1)و تأوّله إذا كان يبلغ المقدّر.

و ما رواه،عن عبد الملك بن عمرو،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن رجل أتى جاريته و هي طامث؟قال:«يستغفر ربّه» (2)قال عبد الملك:فإنّ النّاس يقولون عليه نصف دينار أو دينار؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فليتصدّق على عشرة مساكين» (3).

و روى،عن داود بن فرقد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في كفّارة الطّمث، «انّه يتصدّق إذا كان في أوّله بدينار،و في وسطه بنصف دينار،و في آخره بربع دينار» قلت:فإن لم يكن عنده ما يكفّر؟قال:«فليتصدّق على مسكين واحد و إلاّ استغفر اللّه و لا يعود،فإنّ الاستغفار توبة و كفّارة لكلّ من لم يجد السّبيل إلى شيء من الكفّارة» (4).

و احتجّ في الخلاف على مذهبه فيه بالإجماع (5).و بمثله استدلّ السّيّد رحمه اللّه (6).

و احتجّ أحمد (7)بما رواه ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في الّذي يأتي

ص:388


1- 1التّهذيب 1:163 حديث 469،الاستبصار 1:133 حديث 457،الوسائل 2:575 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) «ح»«ق»:يستغفر اللّه.
3- 3) التّهذيب 1:164 حديث 470،الاستبصار 1:133 حديث 458،الوسائل 2:574 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 1:164 حديث 471،الاستبصار 1:134 حديث 459،الوسائل 2:574 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]
5- 5) الخلاف 1:69 مسألة-1.
6- 6) الانتصار:34. [4]
7- 7) المغنيّ 1:384،الكافي لابن قدامة 1:93،منار السّبيل 1:57،تفسير القرطبيّ 3:87، [5]بداية المجتهد 1:59،نيل الأوطار 1:351،المجموع 2:361،فتح العزيز بهامش المجموع 2:424،المحلّى 2:187.

امرأته و هي حائض:(يتصدّق بدينار أو بنصف دينار) (1).

و الجواب عن الرّواية الأولى من وجهين:أحدهما:انّ محمّد بن مسلم لم يسند إلى إمام:الثّاني:انّها محمولة على الاستحباب،جمعا بين الرّوايات.

و عن الثّانية بوجهين:أحدهما:الحمل على الاستحباب.و الثّاني:ضعف سندها،فإنّ في طريقها عليّ بن فضّال (2).

و عن الثّالثة بالوجهين المذكورين.

و أمّا الرّابعة:فإنّها تدلّ على الاستحباب،فإنّ القائل بالوجوب لم يوجب ما قدّره،و في طريقها أبان بن عثمان (3)،و فيه قول.

و أمّا الخامسة:فإنّها مرسلة و محمولة على الاستحباب.ثمَّ الّذي يدلّ على الاستحباب اختلاف مقادير الكفّارات،و ذلك بحسب ما تراه الأئمّة عليهم السّلام من العقوبات،بالنّظر إلى زيادة قبح الفعل و نقصانه،بصدوره عن العارف و الجاهل.

و أمّا الإجماع،فلم نحقّقه.و كيف يدّعى فيه ذلك،و فيه ما فيه من الخلاف.

و عن حجّة أحمد:بضعف روايته،فإنّ مدارها على عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب[1]،و قد قيل لأحمد:في نفسك من هذا الحديث شيء؟قال:نعم،

ص:389


1- 1سنن ابن ماجه 1:210 حديث 640،سنن أبي داود 1:69 حديث 264 و ج 2:251 حديث 2168،سنن النّسائي 1:158،188،سنن الدّارمي 1:254،255،مسند أحمد 1:230،237، 286،312،339،سنن البيهقي 1:317،318،سنن الدّار قطني 3:286-277 حديث 155- 156.
2- 2) مرّت ترجمته في 152.
3- 3) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 60.

لأنّه من حديث فلان،و أشار به إلى عبد الحميد.و قال أيضا:لو صحّ ذلك الحديث،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كنّا نرى عليه الكفّارة (1)،و هذا يدلّ على ضعفه عنده،فلا احتجاج به.

فروع:
الأوّل:الكفّارة في أوّله دينار قيمته عشرة دراهم

جيادا،و في أوسطه نصف دينار،و في آخره ربع دينار.و هو مذهب أكثر علمائنا القائلين بالوجوب و الاستحباب (2)،و قول ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (3)،و قال في المقنع:يتصدّق على مسكين بقدر شبعه،و جعل الّذي قدّرناه رواية (4).و قال بعض الحنفيّة:يتصدّق بدينار أو نصف دينار (5).و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (6)،و انّهما على التّخيير.

و روي عن أبي يوسف انّه قال:يتصدّق بدينار في اليوم الأوّل،و بنصف دينار في اليوم الثّاني.و عن أبي يوسف و محمّد انّهما قالا:إن كان في إقبال الدّم فعليه دينار،و إن كان في إدباره فعليه نصف دينار.و هو قول النّخعيّ (7)،و قول الشّافعيّ (8)،و له قول

ص:390


1- 1المغنيّ 1:385،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:350-351.
2- 2) راجع:ص 385. [1]
3- 3) الفقيه 1:53.
4- 4) المقنع:16. [2]
5- 5) تفسير القرطبيّ 3:87، [3]المحلّى 2:187.
6- 6) المغنيّ 1:385،الانصاف 1:351،منار السّبيل 1:57،بداية المجتهد 1:59،فتح العزيز بهامش المجموع 2:424،المحلّى 2:187،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30.
7- 7) المغنيّ 1:385. [4]
8- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:38،المجموع 2:359، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 2:422، [6]مغني المحتاج 1:110،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30.

آخر:عتق رقبة (1).و في الرّواية الأخرى عن أحمد:إن كان الدّم أحمر فدينار،و إن كان أصفر فنصف دينار (2)،و هو قول إسحاق (3).و قال الشّافعيّ:إن كان الدّم عبيطا فدينار،و في آخره نصف دينار (4).و حكي عن الحسن البصريّ و عطاء الخراسانيّ[1] انّهما قالا:تجب فيه كفّارة الفطر في رمضان (5).

لنا:رواية داود بن فرقد،و قد تقدّمت (6)،و لا يمنع ضعف سندها العمل بها،إذ الاتّفاق وقع على صحّتها،فبعض استدلّ بها على الرّجحان المانع من النّقيض (7)، و بعض استدلّ بها على مطلق الرّجحان (8).

و احتجّ ابن بابويه برواية الحلبيّ،و قد تقدّم بيان ضعفها.على انّ القول بالاستحباب لا ينافي تلك،إذ قد يؤمر بأدون الرّاجحين كما يؤمر بأعلاهما.

و احتجّ الباقون برواية ابن عباس.

و الجواب عنها مثل هذا الجواب.

ص:391


1- 1المجموع 2:360،فتح العزيز بهامش المجموع 2:422،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:30.
2- 2) المغنيّ 1:385،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:351،الإنصاف 1:351.
3- 3) المغنيّ 1:385،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:351.
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 2:424.
5- 5) المجموع 2:361،المحلّى 2:187،البحر الزّخّار 2:137.
6- 6) تقدّمت في ص 388.
7- 7) المبسوط 1:41،الخلاف 1:69 مسألة 1.
8- 8) المعتبر 1:232.
الثّاني:قال الشّيخ و ابن بابويه:من جامع أمته و هي حائض تصدّق بثلاثة

أمداد من طعام .

(1)(2)

و الأقرب الاستحباب عملا بالأصل.و رواية عبد الملك تدلّ على إطعام عشرة مساكين،و قد بيّنّا ضعفها.

الثّالث:الأوّل،و الأوسط،و الآخر مختلف باختلاف النّساء في عاداتهنّ،

فلو كانت عادتها ستّة،فالأوّل:اليومان الأوّلان،و الأوسط:التّاليان،و الآخر:

الأخيران.و لو كانت أربعة،فاليوم الأوّل و ثلث الثّاني:أوّل،و ثلثا الثّاني و ثلثا الثّالث:أوسط،و ثلث الثّالث و الرّابع بأسره:آخر.و هكذا كلّ عدد تفرضه فإنّك تقسّمه أثلاثا.

الرّابع:لو عجز عن الكفّارة سقطت

وجوبا و استحبابا،و لو عجز عن بعضها،قال بعض الجمهور:تسقط (3).و لو قيل بدفع ذلك البعض كان قويّا.

الخامس:حكم الأجنبيّة حكم الزّوجة،

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في رواية أبي بصير:«من أتى حائضا» (4)علّق الحكم على المطلق من غير تقييد،فكان كالعام.

السّادس:لو وطئ جاهلا أو ناسيا،فالوجه عدم تعلّق الكفّارة به

وجوبا و استحبابا،لقوله عليه السّلام:(رفع عن أمّتي الخطأ و النّسيان) (5)و لأنّها إنّما تجب

ص:392


1- 1النّهاية:571-572.
2- 2) الفقيه 1:53،المقنع:16. [1]
3- 3) المغني 1:385،الشرح الكبير بهامش المغني 1:351.
4- 4) التّهذيب 1:163 حديث 468،الاستبصار 1:133 حديث 456،الوسائل 2:575 الباب 28 من أبواب الحيض،حديث 4. [2]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:659 حديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357. و من طريق الخاصّة انظر:الخصال 417 حديث 9،الفقيه 1:36 حديث 132،الوسائل 4:1284 الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة،حديث 2،و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة،حديث 2،و ج 11:295 الباب 56 من أبواب جهاد النّفس،حديث 1،3.

لمحو المأثم (1)،و لا إثم مع النّسيان كاليمين.و بعض الجمهور القائل بالوجوب أوجبها (2)عملا بعموم الخبر،و الأوّل أقوى.

السّابع:لو وطئ طاهرا فحاضت في أثناء وطئه،وجب عليه النّزع

مع العلم،فإن لم ينزع تعلّقت به الكفّارة على إحدى صفتي الوجوب و الاستحباب،و إن لم يعلم فالحكم فيه كما في الجاهل.

الثّامن:لو وطئ الصّبيّ لم يتعلّق به إثم إجماعا

،لأنّه فرع التّكليف و لا تكليف مع عدم البلوغ،و قال ابن حامد[1]:تلزمه الكفّارة،للعموم (3)،و لم يعلم انّ العموم انّما يتناول المكلّف.

التّاسع:لو كرّر الوطء،قال الشّيخ:لا يتكرّر،عملا بالأصل .

(4)

و اختاره ابن إدريس (5).و التّفصيل في هذا الباب أولى،و هو أن يقال:إن كان الوطء قد تكرّر في حال واحد كالأوّل و لم يكفّر أوّلا فلا تكرار،و إلاّ تكرّرت.

العاشر:يجب على الواطئ التّعزير،

لأنّه أقدم على فعل محرّم،هذا إن كان عالما بالحيض و التّحريم،و لو جهل أحدهما،فالوجه عدم العقوبة.

الحادي عشر:لو وطئ مستحلاّ وجب قتله

،لأنّه ينكر ما علم ثبوته من الدّين قطعا.

الثّاني عشر:يجب عليه الامتناع من الوطء وقت الاشتباه

،كما في حالة استمرار

ص:393


1- 1«ح»«ق»:الإثم.
2- 2) المغنيّ 1:386،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:351،الإنصاف 1:352.
3- 3) المغنيّ 386،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:351،الإنصاف 1:353.
4- 4) المبسوط 1:41.
5- 5) السّرائر:28.

الدّم،لأنّ الاجتناب حالة الحيض واجب،و الوطء حالة الطّهر مباح،فيحتاط بتغليب الحرام،لأنّ الباب باب الفروج.

الثّالث عشر:لا تجب الكفّارة على المرأة و لو غرّت زوجها،

لعدم الدّليل،و لأنّ الأصل براءة الذّمّة و عصمة المال،و لأنّا قلنا:انّ الزّوج لا يجب عليه الكفّارة فالمرأة أولى (1).و قال أحمد:لو غرّته وجب عليهما معا الكفّارة،قياسا على الإحرام (2):

و القياس عندنا باطل خصوصا في باب الكفّارات،أمّا لو كانت مكرهة أو جاهلة،فلا كفّارة عليها إجماعا.

الرّابع عشر:حكم النّفساء في ذلك حكم الحائض

،لتساوي أحكامهما على ما يأتي.

الخامس عشر:لا فرق في الإخراج بين المضروب و التّبر

،لتناول الاسم لهما،و يشترط أن يكون صافيا من الغشّ،و في إخراج القيمة نظر،أقربه عدم الإجزاء،لأنّه كفّارة فاختصّ ببعض أنواع المال كسائر الكفّارات.

السّادس عشر:مصرف هذه الكفّارة مصرف سائر الكفّارات،

لأنّها كفّارة، و لأنّها حقّ اللّه تعالى،و المساكين مصرف حقوق اللّه تعالى.

السّابع عشر:وطء المستحاضة مباح

عندنا على ما يأتي،فلا يتعلّق به كفّارة.

و القائلون بالتّحريم (3)قالوا بعدم الوجوب أيضا،لأنّ الوجوب من الشّرع،و لم يرد بإيجابها في حقّها،و هي ليست في معنى الحائض،لما بينهما من الاختلاف.

مسألة:و لو انقطع دمها حلّ وطؤها قبل الغسل.

و هو قول أكثر علمائنا (4)،

ص:394


1- 1راجع ص:385.
2- 2) المغنيّ 1:386،الإنصاف 1:352.
3- 3) انظر المغنيّ 1:387،388،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:401،402،الإنصاف 1:382.
4- 4) منهم المفيد في المقنعة:7،و السيّد المرتضى في الانتصار:24،و الطّوسي في النّهاية:26،و سلاّر في المراسم:43،و ابن إدريس في السّرائر:29.

خلافا لابن بابويه من أصحابنا فإنّه حرّمه قبل الغسل (1).و به قال الشّافعيّ (2)، و الزّهريّ،و ربيعة (3)،و مالك (4)،و اللّيث،و الثّوريّ (5)،و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور (7).و قال أبو حنيفة:إن انقطع الدّم لأكثر الحيض حلّ وطؤها،و إن انقطع لدون ذلك لم يبح حتّى تغتسل،أو تتيمّم،أو يمضي عليها وقت الصّلاة (8).

لنا:قوله تعالى وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ (9)بالتّخفيف،أي:حتّى يخرجن من الحيض،فيجب القول بالإباحة بعد هذه الغاية.

و أيضا:قوله تعالى فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ (10)و المنع متعلّق به،

ص:395


1- 1الفقيه 1:53،الهداية:22. [1]
2- 2) الام 1:59،الأم(مختصر المزنيّ)8:11،المهذّب للشّيرازي 1:38،المجموع 2:368،370، فتح العزيز بهامش المجموع 2:421،مغني المحتاج 1:110،فتح الوهّاب 1:26،السّراج الوهّاج: 31،ميزان الكبرى 1:129،التّفسير الكبير 6:68، [2]تفسير القرطبيّ 3:88، [3]بداية المجتهد 1:57.
3- 3) المجموع 2:370،أحكام القرآن لابن العربي 1:165، [4]المحلّى 2:173.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:52،مقدمات ابن رشد 1:97،أقرب المسالك بهامش بلغة السّالك 1:81،تفسير القرطبي 3:88، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:165، [6]بداية المجتهد 1:57،المجموع 2:370، التّفسير الكبير 6:68. [7]
5- 5) المجموع 2:370،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:165. [8]
6- 6) المغنيّ 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:349،المجموع 2:370،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:165، [9]الإنصاف 1:349،350، [10]الكافي لابن قدامة 1:93.
7- 7) المجموع 2:370،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:165. [11]
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 2:35، [12]المغنيّ 1:387، [13]الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:349، [14]المجموع 2:370،فتح العزيز بهامش المجموع 2:422،ميزان الكبرى 1:129،المبسوط للسّرخسيّ 2: 16،الهداية للمرغينانيّ 1:32،شرح فتح القدير 1:150-151،المحلّى 2:173، [15]بداية المجتهد 1:57-58،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:165، [16]تفسير القرطبيّ 3:88، [17]التّفسير الكبير 6:68، [18]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30.
9- 9) البقرة:222. [19]
10- 10) البقرة:222. [20]

فمع زواله يثبت (1)الحلّ،لأنّ الأصل الإباحة،و لأنّ وجوب الغسل لا يمنع الوطء كالجنابة.

و ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيّامها؟فقال:«إن أصاب زوجها شبق فلتغسل فرجها ثمَّ يمسّها زوجها إن شاء قبل أن تغتسل» (2).

و روى،عن عليّ بن يقطين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا انقطع الدّم و لم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء» (3).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في المرأة ينقطع عنها دم الحيض (4)في آخر أيّامها؟قال:«إن أصاب زوجها شبق فلتغسل فرجها،ثمَّ يمسّها إن شاء قبل أن تغتسل» (5).

و روى،عن عبد اللّه بن المغيرة،عمّن سمع من العبد الصّالح عليه السّلام:«في المرأة إذا طهرت من الحيض و لم تمسّ الماء فلا يقع عليها:زوجها حتّى تغتسل فإن فعل ذلك فلا بأس به،و قال:تمسّ الماء أحبّ إليّ» (6).

و عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السّلام في الحائض ترى الطّهر يقع (7)

ص:396


1- 1«ح»«ق»«م»«ن»«د»:ثبت.
2- 2) التّهذيب 1:166 حديث 475،الاستبصار 1:135 حديث 463،الوسائل 2:572 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:166 حديث 476،الوسائل 2:573 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
4- 4) «خ»:الحيضة.
5- 5) التّهذيب 1:166 حديث 477،الاستبصار 1:135 حديث 463،الوسائل 2:572 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]
6- 6) التّهذيب 1:167 حديث 480،الاستبصار 1:136 حديث 467،الوسائل 2:573 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 4. [4]
7- 7) في المصادر:أ يقع.

بها زوجها قبل أن تغتسل؟قال:«لا بأس،و بعد الغسل أحبّ إليّ» (1)و هذه الأحاديث تدلّ على استحباب تقديم الغسل.

احتجّ المانعون بقوله تعالى:حَتّى يَطَّهَّرْنَ (2)بالتّشديد،أي:يغتسلن،و لأنّها ممنوعة من الصّلاة بحدث الحيض فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقلّ الحيض.

و بما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطّهر،أ يقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟قال:«لا،حتّى تغتسل»و عن امرأة حاضت في السّفر،ثمَّ طهرت فلم تجد ماء يوما و اثنين،أ يحلّ لزوجها أن يجامعها قبل أن تغتسل؟قال:«لا يصلح حتّى تغتسل» (3).

و روى،عن سعيد بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:المرأة تحرم عليها الصّلاة،ثمَّ تطهر فتتوضّأ من غير أن تغتسل،أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟قال:«لا،حتّى تغتسل» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّا قدّمنا انّ التّخفيف قراءة،فصارت القراءتان كآيتين، فيجب العمل بهما،فتحمل عند الاغتسال و عند الانقطاع،أو نقول:يحمل قراءة التّشديد على الاستحباب،و الأولى على الجواز،صونا للقراءتين عن التّنافي.

لا يقال:قوله فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ (5)دالّ على اشتراط الغسل،إذ المراد

ص:397


1- 1التّهذيب 1:167 حديث 481،الاستبصار 1:136 حديث 468،الوسائل 2:573 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) البقرة:222. [2]
3- 3) التّهذيب 1:166 حديث 478،الاستبصار 1:136 حديث 465،الوسائل 2:573 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 6. [3]
4- 4) التّهذيب 1:167 حديث 479،الاستبصار 1:136 حديث 466،الوسائل 2:574 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 7. [4]
5- 5) البقرة 222. [5]

بالتّطهير هاهنا الغسل.و كذا قوله وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (1)أثنى عليهم فدلّ على انّه فعل منهم،و الفعل هو الاغتسال لا الانقطاع،فشرط لإباحة الوطء شرطين:

الانقطاع،و الاغتسال،فلا يباح إلاّ بهما.

لأنّا نقول:لم لا يجوز أن يكون قوله فَإِذا تَطَهَّرْنَ يعني به:فإذا طهرن، كما يقال:قطعت الحبل فتقطّع،و كسرت الكوز فتكسّر.و حاصله انّ«تفعّل»قد جاء بمعنى فعل كما يقال:تطعّمت الطّعام و طعمته،بمعنى واحد.سلّمنا،لكن لم لا يجوز أن يكون كلاما مستأنفا لا مدخل له في الشّرط و الغاية؟سلّمنا،لكن يحمل على غسل الفرج جمعا بين الأدلّة.

و أمّا قوله وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (2)فلا يدلّ على ما ذكرتم،لاحتمال الاستئناف،أو يكون المراد منه التّنزّه من الذّنوب،فإنّ الطّهارة في اللّغة هي النّزاهة، فيحمل عليها هاهنا لمناسبة التّوبة،فإنّه لا استبعاد أن يكون المراد إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ أي:عن الإقدام على الوطء بعد فعله،فإنّ التّوبة إنّما تكون بعد الإيقاع وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ أي المتنزّهين عن إيقاع الوطء الّذي هو الذّنب مطلقا.

و عن الثّاني:انّه غير وارد علينا،و إنّما هو وارد على مذهب أبي حنيفة.

و عن الثّالث:انّ النّهي فيه يحمل على الكراهة جمعا بين الأدلّة،على انّ الرّواية في طريقها عليّ بن أسباط،و فيه قول،و كذا الجواب عن الرّواية الثّانية.

فروع:
الأوّل:لو كانت عادتها دون العشرة فانقطع عليها،جاز للزّوج وطؤها.

و قال أبو حنيفة:لا توطأ حتّى تغتسل،أو يمضي عليها وقت أداء الصّلاة إليها مع القدرة على

ص:398


1- 1البقرة 222. [1]
2- 2) البقرة:222. [2]

الغسل،مثل أن يكون الانقطاع في وقت صلاة،فإن وجدت في الوقت مقدار ما تغتسل فتجد من الوقت ساعة تصحّ فيها الصّلاة فإنّه يحكم بطهارتها بمضيّ ذلك الوقت،و يجوز وطؤها بعد مضيّه،اغتسلت أو لا (1).و قال زفر:لا يجوز أن يقربها حتّى تغتسل،و لو بقي من الوقت مقدار الاغتسال لا غير،لم يحكم بطهارتها حتّى يمضي ذلك الوقت أو تغتسل أو يمضي وقت صلاة أخرى (2).مبناه على أصل هو انّ المرأة إذا كانت أيّامها دون العشرة في الحيض،فإنّ مدّه الاغتسال من الحيض،و لو كانت عشرة فمدّته ليس من الحيض.و لو فقدت الماء فتيمّمت حكم بطهارتها،و جاز للزّوج أن يقربها،و هل تنقطع الرّجعة بنفس التّيمّم من غير صلاة به؟قال أبو حنيفة و أبو يوسف:لا تنقطع (3).خلافا لمحمّد (4)،فلو رأت بعد ذلك الماء حلّ للزّوج وطؤها،و لا تقرأ القرآن،لأنّها بالتّيمّم خرجت من الحيض،فلمّا وجدت الماء وجب عليها الغسل، فصارت كالجنب.

قال أبو حنيفة:و لو انقطع في ليل رمضان،و وجدت من اللّيل مقدار ما تغتسل و تجد ساعة من اللّيل،فإنّه يجب عليها قضاء العشاء و يصحّ صومها في الغد،و لو بقي أقلّ من ذلك لم يجب القضاء و لم يصحّ صومها،أمّا لو كانت عادتها عشرة و وجدت بعد الانقطاع مقدار زمان الغسل،وجب عليها قضاء صلاة العشاء و صحّ صوم غدها (5).

ص:399


1- 1المبسوط للسّرخسي،2:16،أحكام القرآن للجصّاص 2:35، [1]الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1:150-151،المغني 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:349،المجموع 2:370، المحلّى 2:173،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:30،أحكام القرآن لابن العربي 1:165، [2]تفسير القرطبي 3:88،التّفسير الكبير 6:68. [3]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 2:16،شرح فتح القدير 1:152.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 2:8،شرح فتح القدير 4:21،المبسوط للسّرخسي 6:23.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 2:8،شرح فتح القدير 4:21.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 2:142،بدائع الصّنائع 2:89.

و نحن عندنا انّ الشّرط الّذي ذكره ليس بصحيح،و قد تقدّم بيانه.

الثّاني:يكره للزّوج وطؤها قبل الغسل

،لما بيّنّاه من الأحاديث الدّالّة على المنع، و لوقوع الخلاف في الجواز و عدمه،و ذلك يثمر كراهيّته.

الثّالث:لو غلبته الشّهوة أمرها بغسل فرجها

استحبابا،ثمَّ يطؤها إن شاء،لرواية محمّد بن مسلم،و قد تقدّمت.

لا يقال:انّها تدلّ على الوجوب،لأنّه أمره أن لا يقربها إلاّ بعد غسل فرجها، و الأمر للوجوب.

لأنّا نقول:الأمر و إن كان في الأصل للوجوب،لكن قد يترك ذلك الأصل لوجود دليل و قد وجد ها هنا،و هو رواية عليّ بن عبد اللّه بن المغيرة (1).

مسألة:و عرق الحائض طاهر إذا لم يلاق النّجاسة،

لأنّه الأصل،فلا يزول اعتقاد ثبوته إلاّ بدليل،و لما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن سورة بن كليب[1]، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحائض أ تغسل ثيابها الّتي لبستها في طمثها؟قال:«تغسل ما أصاب ثيابها من الدّم و تدع ما سوى ذلك»قلت له:و قد عرقت فيها؟قال:«انّ العرق ليس من الحيض» (2).

و ما رواه،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الحائض تصلّي في ثوبها ما لم يصبه دم» (3)جعل الغاية في الإباحة إصابة الدّم،و العرق ليس

ص:400


1- 1التّهذيب 1:167 حديث 480،الاستبصار 1:136 حديث 467،الوسائل 2:573 الباب 27 من أبواب الحيض،حديث 4.و [1]في المصادر:عبد اللّه بن المغيرة.
2- 2) الكافي 3:109 حديث 1، [2]الوسائل 2:1040 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
3- 3) الكافي 3:109 حديث 2، [4]الوسائل 2:1040 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [5]

به،فساغ الصّلاة فيه،فكان طاهرا.

و كذا لا ينجس ما تباشره من المائع،لما رواه الشّيخ،و محمّد بن يعقوب في كتابيهما في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن الحائض تناول الرّجل الماء؟فقال:«قد كان بعض نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله تسكب عليه الماء و هي حائض و تناوله الخمرة» (1)و لأنّ الأصل عدم النّجاسة.

فصول في هذا الباب:
فصل:و لا ينبغي أن تشرب المرأة دواءا إذا احتبس دمها

،لما رواه محمّد بن يعقوب في الصّحيح،عن رفاعة النّخّاس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:أشتري الجارية فربّما احتبس طمثها من فساد دم أو ريح فتسقى دواء لذلك فتطمث من يومها،أ فيجوز ذلك لي و أنا لا أدري من حبل هو أو من غيره؟فقال:«لا تفعل ذلك» فقلت له:إنّما ارتفع طمثها منها شهرا،و لو كان ذلك من حبل إنّما كان نطفة كنطفة الرّجل الّذي يعزل،فقال لي:«انّ النّطفة إذا وقعت في الرّحم تصير إلى علقة،ثمَّ إلى مضغة،ثمَّ إلى ما شاء اللّه،و إنّ النّطفة إذا وقعت في غير الرّحم لم يخلق منها شيء فلا تسقها دواءا إذا ارتفع طمثها شهرا و جاز وقتها الّذي كانت تطمث فيه»[1]و هذا النّهي يدلّ على انّ المنع إنّما كان للحبل،فعلى هذا لو كانت خالية منه لم أر به بأسا.

فصل:و أغلب ما يجيء الحيض في كلّ شهر مرّة.

روى ابن يعقوب،عن أديم بن الحرّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ اللّه تعالى حدّ للنّساء في كلّ شهر

ص:401


1- 1الكافي 3:110 حديث 1، [1]التّهذيب 1:397 حديث 1238،الوسائل 2:595 الباب 45 من أبواب الحيض،حديث 1. [2]

مرّة» (1).

و روى في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن قوله تعالى إِنِ ارْتَبْتُمْ (2).فقال:«ما جاز الشّهر،فهو ريبة» (3).

و روى ابن بابويه،عن الباقر عليه السّلام،قال:«انّ الحيض نجاسة للنّساء رماهنّ اللّه تعالى بها،و قد كنّ في زمن نوح عليه السّلام إنّما تحيض المرأة في كلّ سنة حيضة حتّى خرج نسوة من مجانهنّ (4)و كنّ سبعمائة امرأة فانطلقن فلبسن المعصفرات من الثّياب و تحلّين و تعطّرن،ثمَّ خرجن فتفرّقن في البلاد،فجلسن مع الرّجال و شهدن الأعياد معهم،و جلسن في صفوفهم،فرماهنّ اللّه بالحيض عند ذلك في كلّ شهر،يعني أولئك النّسوة بأعيانهنّ،فسالت دماؤهنّ فأخرجن من بين الرّجال فكنّ يحضن في كلّ شهر حيضة فشغلهنّ اللّه تعالى بالحيض و كسر شهوتهنّ و كان غيرهنّ من النّساء اللّواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كلّ سنة حيضة،قال:فتزوّج بنو اللّواتي (5)يحضن في كلّ شهر حيضة بنات اللّواتي (6)يحضن في كلّ سنة حيضة،فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء و هؤلاء في كلّ شهر حيضة» (7).

و يجوز أن يقع في النّدرة خلاف ذلك،روى ابن بابويه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:«ان فاطمة عليها السّلام ليست كإحداكنّ،انّها لا ترى دما في حيض و لا نفاس» (8).

ص:402


1- 1الكافي 3:75 حديث 1، [1]الوسائل 2:550 الباب 9 من أبواب الحيض،حديث 2. [2]
2- 2) الطّلاق:4. [3]
3- 3) الكافي 3:75 حديث 2، [4]الوسائل 2:549 الباب 9 من أبواب الحيض،حديث 1. [5]
4- 4) «خ»:محالهنّ،«ح»:محاريبهنّ.
5- 5) «م»«ن»«ق»:اللاّتي.
6- 6) «خ»«م»«ن»«ق»:اللاّتي.
7- 7) الفقيه 1:49 حديث 193،الوسائل 2:550 الباب 9 من أبواب الحيض،حديث 3. [6]
8- 8) الفقيه 1:50 حديث 194.
فصل:النّاسية للعدد و الوقت ليس لها حيض و لا طهر

بيقين فتستعمل الاحتياط، و تغتسل عند كلّ صلاة،و تصلّي إلى أن تمضي ثلاثة أيّام،ثمَّ تغتسل عند كل صلاة،لاحتمال انقطاع دم الحيض،و هكذا تفعل ما تفعله المستحاضة،و تغتسل للانقطاع إلى آخر الشّهر،و يردّها إلى آخر الأحوال في أمور ثمانية:

الأوّل:منعها من الاستمتاع،فلا يحلّ على الزّوج دائما.

الثاني:لا تنقطع عدّتها إلاّ بثلاثة أشهر.

الثّالث:إذا أرادت قضاء صوم يوم،صامت يومين:أوّل و حادي عشر،و على ما اخترناه تضعيف إليهما الثّاني و الثّاني عشر،لاحتمال أن يكون ابتداؤه من نصف الأوّل إلى نصف الحادي عشر فيصحّ الثّاني عشر،و يحتمل أن يكون انقطاعه في نصف الثّاني،بأن يكون قد مزجت من الشّهر الأوّل إلى نصف الثّاني عشر،و يبتدئ الحيض الثّاني من نصف الثّاني عشر،فيصحّ الحادي عشر،و يحتمل انقطاعه في نصف اليوم الأوّل،ثمَّ يبتدئ في نصف الحادي عشر فيصحّ الثّاني،و يحتمل أن يكون الأوّل طهرا فيصحّ.

الرّابع:إذا طلّقت واحدة افتقر إلى إيقاعها في هذه الأيّام الأربعة.

الخامس:تصوم شهر رمضان بأجمعه و تقضي أحد عشر على ما اخترناه.و لو أرادت القضاء في أيّام الدّم صامت شهرين ليحصل لها في كلّ شهر عشرة أيّام.

السّادس:منعها من المساجد و الطّواف.

السّابع:منعها من قراءة العزائم.

الثّامن:أمرها بالصّلوات،و الغسل عند كلّ صلاة.

فصل:قال ابن بابويه:و لا يجوز للحائض أن تختضب

،لأنّه يخاف عليها[من] (1)

ص:403


1- 1أضفناه من المصدر.

الشّيطان (1).أقول:و ليس مراده بذلك التّحريم،لما بيّنّاه من الأحاديث الدّالّة على الجواز (2).

و كذا قال:و الحائض تغتسل بتسعة أرطال من ماء بالرّطل المدنيّ (3)،و ليس المراد بذلك الأمر الوجوب،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها» (4)و هذا يشعر على انّ وصول الماء إلى الجسد مع حصول مسمّى الغسل مجز.

و رواية الحسن الصّيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الطّامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء» (5)(6)لا يعارض هذا،إذ الأمر هنا للاستحباب.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن عليه السّلام عن الحائض كم يكفيها من الماء؟فقال:«فرق» (7)قال أبو عبيدة:و لا اختلاف بين النّاس فيما أعلمه انّ الفرق ثلاثة أصوع (8).

لأنّا نقول:انّه على الاستحباب،فإنّ أحدا لم يوجب الاغتسال بفرق.

فصل:و لو شكّت المرأة في حال الصّلاة هل حاضت أم لا؟

«أدخلت يدها فتمسّ

ص:404


1- 1الفقيه 1:51.
2- 2) راجع:ص 384.
3- 3) الفقيه 1:50.و فيه:نقل عن أبيه.
4- 4) التّهذيب 1:400 حديث 1249،الاستبصار 1:148 حديث 508،الوسائل 2:564 الباب 20 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
5- 5) «ح»«ق»:الماء.
6- 6) الكافي 3:82 حديث 2، [2]التّهذيب 1:106 حديث 276 و 399 حديث 1246،الاستبصار 1: 147 حديث 507،الوسائل 2:564 الباب 20 من أبواب الحيض،حديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 1:399 حديث 1247،الاستبصار 1:148 حديث 509،الوسائل 2:564 الباب 20 من أبواب الحيض،حديث 3. [4]
8- 8) المغنيّ 1:255،و فيه:قال أبو عبيد:و لا اختلاف بين النّاس فيما أعلمه انّ الفرق ثلاثة آصع.

الموضع فإن رأت شيئا انصرفت و إن لم تر شيئا أتمّت صلاتها» (1)رواه الشّيخ و ابن يعقوب،و في الطّريق ضعف إلاّ انّ فيها احتياطا فلا بأس بالعمل بمضمونها.

فصل:و إذا كان على الحائض جنابة فليس عليها أن تغتسل حتّى ينقطع حيضها.

و به قال أحمد و إسحاق (2)،لأنّ الغسل لا يفيد شيئا من الأحكام.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سألته عن المرأة تحيض و هي جنب هل عليها غسل الجنابة؟قال:«غسل الجنابة و الحيض واحد» (3).

و روى،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا حاضت المرأة و هي جنب أجزأها غسل واحد» (4).

تذنيب:لو اغتسلت للجنابة في زمن حيضها لم ترتفع جنابتها

و لم يصحّ غسلها،خلافا لأكثر الجمهور (5).

لنا:انّ الحدث ملازم،و لأنّ الحيض أكبر من الغسل،و لأنّه لو توضّأ ليزيل الحدث الأصغر لم يعتدّ به مع الجنابة،فكذا ها هنا.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض و هي في المغتسل،تغتسل أو

ص:405


1- 1الكافي 3:104 حديث 1، [1]التّهذيب 1:394 حديث 1222،الوسائل 2:594 الباب 44 من أبواب الحيض،حديث 1-و [2]في الجميع:تدخل يدها.
2- 2) المغنيّ 1:242،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:239،الإنصاف 1:240. [3]
3- 3) التّهذيب 1:395 حديث 1223،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 9. [4]
4- 4) التّهذيب 1:395 حديث 1225،الاستبصار 1:146 حديث 502،الوسائل 1:526 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 4. [5]
5- 5) انظر المغنيّ 1:242-243،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:240،الإنصاف 1:240،المجموع 2: 150.

لا تغتسل؟قال:«لا تغتسل،قد جاءها ما يفسد الصّلاة» (1).

و روى في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن رجل أصاب من امرأته،ثمَّ حاضت قبل أن تغتسل؟قال:«تجعله غسلا واحدا» (2)و الأمر ظاهر للوجوب.

و روى في الموثّق،عن الحجّاج الخشّاب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع على امرأته فطمثت بعد ما فرغ،أ تجعله غسلا واحدا[إذا تطهّرت] (3)أو تغتسل مرّتين؟قال:«تجعله غسلا واحدا عند طهرها» (4).

لا يقال:يعارض هذا:ما رواه الشّيخ،عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام قالا في الرّجل يجامع امرأته فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة،قال:«غسل الجنابة عليها واجب» (5).

لأنّا نقول:انّ سماعة واقفيّ،و الرّاوي عنه عثمان بن عيسى و هو واقفيّ أيضا، فلا تعويل على هذه الرّواية.على انّا نقول:نحن نسلّم هذه الرّواية،فإنّ الحيض لا يسقط وجوب غسل الجنابة و ليس فيها دلالة على وجوب فعل غسل الجنابة حالة الحيض.

ص:406


1- 1التّهذيب 1:395 حديث 1124،الوسائل 2:565 الباب 22 من أبواب الحيض،حديث 1.و [1]فيها: قد جاءها ما يفسد الصّلاة، [2]لا تغتسل.
2- 2) التّهذيب 1:395 حديث 1226،الاستبصار 1:147 حديث 503،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 5. [3]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:395 حديث 1227،الاستبصار 1:147 حديث 504،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 6. [4]
5- 5) التّهذيب 1:395 حديث 1228،الاستبصار 1:147 حديث 505،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 8. [5]

احتجّ المخالف بأنّ أحد الحدثين لا يمنع ارتفاع الآخر،كما لو اغتسل الجنب المحدث الحدث الأصغر (1).

و الجواب:المنع من بقاء الحدث الأصغر مع غسل الجنابة.

سلّمنا،لكنّا نقول:انّ الحدث الأصغر لا يرتفع إلاّ بمجموع الطّهارتين،فكان كلّ واحد منهما كجزء طهارة،و فعل الجزء لا يمنع من فعل الجزء الآخر،بخلاف طهارتي الجنابة و الحيض.على انّ الشّيخ يلوح من كلامه في التّهذيب جواز الاغتسال (2)،لرواية عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المرأة يواقعها زوجها،ثمَّ تحيض قبل أن تغتسل،قال:«إن شاءت أن تغتسل فعلت و إن لم تفعل فليس عليها شيء، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة» (3)و في طريقها ابن فضّال و عمّار السّاباطيّ،و كلاهما ضعيفان.

فصل:قد بيّنّا الاختلاف في الاكتفاء بغسل الحيض عن الطّهارة الصّغرى و عدمه ،

(4)

فعلى القول بالعدم يجوز تقديم الوضوء و تأخيره،و أيّهما قدّم جاز أن ينوي به استباحة الصّلاة،و هل ينوي بالمتقدّم رفع الحدث أم بالمتأخّر لا غير؟فيه نظر،من حيث انّ الحدث لا يرتفع إلاّ بهما،فكان الأوّل غير رافع،فلا ينوي به الرّفع،أو انّه مع المتأخّر كالجزء فجازت نيّة رفع الحدث،و كان أبي رحمه اللّه يذهب إلى الأوّل،و عندي فيه توقّف.

فصل:و يستحبّ لها الغسل للإحرام،و الجمعة،و دخول الحرم،

و غيرها من الأغسال

ص:407


1- 1المغنيّ 1:243،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:240،الإنصاف 1:241.
2- 2) التّهذيب 1:396.
3- 3) التّهذيب 1:396 حديث 1229،الاستبصار 1:147 حديث 506،الوسائل 1:527 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 7. [1]
4- 4) راجع ص 240.

المستحبّة عملا بالعموم،و ليس شيء منها رافعا للحدث،فلا يصلح الحيض للمانعيّة.

فصل:و روى ابن بابويه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،

قال:«من جامع امرأته و هي حائض فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (1).

و سئل الصّادق عليه السّلام عن المشوّهين في خلقهم،فقال:«هم الّذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطّمث» (2).

قال ابن بابويه:و لا يجوز للنّساء أن ينظرن إلى أنفسهنّ في المحيض،لأنّهنّ قد نهين عن ذلك (3).

فصل:و لا بأس أن تغتسل المرأة و عليها الزّعفران،

لرواية عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الحائض تغتسل و على جسدها الزّعفران لم يذهب به الماء؟قال:«لا بأس به» (4).

فصل:بدن الحائض و الجنب و النّفساء ليس بنجس،

فلو أصاب أحدهم بيده ثوبا رطبا لم ينجس،و حكي عن أبي يوسف انّه قال:بدن الحائض و الجنب نجس حتّى لو أدخل الجنب رجله في ماء قليل صار نجسا (5)،و ليس بشيء،لقوله عليه السّلام لعائشة:(ليست حيضتك في يدك) (6).

ص:408


1- 1الفقيه 1:53 حديث 201،الوسائل 2:568 الباب 24 من أبواب الحيض،حديث 4. [1]
2- 2) الكافي 5:539 حديث 5، [2]الفقيه 1:53 حديث 202،الوسائل 2:568 الباب 24 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]في الكافي و الوسائل بتفاوت.
3- 3) الفقيه 1:54.
4- 4) الكافي 3:82 حديث 5، [4]الفقيه 1:55 حديث 208،التّهذيب 1:400 حديث 1248،الوسائل 1:510 الباب 30 من أبواب الجنابة،حديث 3. [5]
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:53،المغني 1:246.
6- 6) صحيح مسلم 1:244 و 245 حديث 298 و 299،سنن النّسائيّ 1:146،سنن أبي داود 1:68 حديث 261،سنن التّرمذيّ 1:241 حديث 134،كنز العمّال 9:408 حديث 26724،جامع الأصول 8:218 حديث 5389. و من طريق الخاصّة،انظر:الفقيه 1:40 حديث 154،الوسائل 2:595 الباب 45 من أبواب الحيض،حديث 2. [6]
الفصل الثّالث:في الاستحاضة
اشارة

و هو في الأغلب دم أصفر بارد رقيق،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و دم الاستحاضة أصفر بارد» (1).

و روى في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«دم الاستحاضة بارد» (2).

و روى في الصّحيح،عن إسحاق بن جرير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«دم الاستحاضة دم فاسد بارد» (3).

و قد يتّفق بهذه الصّفات حيضا إذا كان في العادة،و أن يكون استحاضة و إن لم يكن بهذه الصّفات إذا تجاوز العادة،أو كان بعد أكثر أيّام النّفاس و الحيض،أو كان أقلّ من ثلاثة.و قد سلف بيان ذلك كلّه (4).

مسألة:و يجب على المستحاضة أن تعتبر الدّم في قلّته و كثرته و توسّطه،
اشارة

لتغيّر أحكامها في الأحوال الثّلاث،و ذلك بأن تدخل قطنة في فرجها،فإن لطّخ الدّم باطنها و لم يظهر عليها،لزمها (5)إبدالها عند كل صلاة و الوضوء لكلّ صلاة،و لا خلاف عندنا في وجوب الإبدال.و أمّا الوضوء،فهو قول أكثر الأصحاب (6)خلافا لابن أبي

ص:409


1- 1التّهذيب 1:151 حديث 429،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:151 حديث 430،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 1 [2]
3- 3) التّهذيب 1:151 حديث 431،و فيه:إسحاق بن جرير عن حريز عن أبي عبد اللّه(ع)،الوسائل 2:537 الباب 3 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]
4- 4) راجع:ص 295-300.
5- 5) «م»:لزم.
6- 6) منهم:المفيد في المقنعة:7،و الشّيخ في المبسوط 1:67،و [4]ابن إدريس في السّرائر:30،و القاضي في المهذّب 1:37،و المحقّق في الشّرائع 1:34.

عقيل (1)،و مالك (2)،و قال أبو حنيفة:تتوضّأ لوقت كلّ صلاة (3).و قد تقدّم البحث في (4)ذلك.و لو غمس الدّم القطنة و لم يسل،لزمها مع الوضوء و الإبدال تغيير الخرقة و الغسل لصلاة الغداة و الوضوء لكلّ صلاة.و قال ابن أبي عقيل:يجب عليها ثلاثة أغسال (5).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فإن لم يجز[الدّم] (6)الكرسف فعليها الغسل لكلّ يوم مرّة،و الوضوء لكلّ صلاة» (7).

و روى الشّيخ،عن الحسين بن نعيم الصحّاف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«فإن لم ينقطع عنها الدّم إلاّ بعد أن تمضي الأيّام الّتي كانت ترى الدّم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل و لتحتشي و لتستثفر و تصلّي الظّهر و العصر،ثمَّ لتنظر،فإن كان الدّم فيما بينهما و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضّأ و لتصلّ عند وقت كلّ صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها،فإن طرحت الكرسف عنها و سال الدّم،وجب عليها الغسل» (8).

ص:410


1- 1المعتبر 1:242. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:60،مقدّمات ابن رشد 1:87،المغني 1:389،المبسوط للسّرخسي 1:184، المجموع 2:535.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:84،و ج 2:17،الهداية للمرغيناني 1:32، [2]شرح فتح القدير 1:159، المجموع 2:535،فتح العزيز بهامش المجموع 2:437،المغني 1:389،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:389.
4- 4) راجع:ج 1:203.
5- 5) المعتبر 1:244. [3]
6- 6) أضفناه من المصدر.
7- 7) التّهذيب 1:170 حديث 485،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 6. [4]
8- 8) التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:140 حديث 482،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 7. [5]

و روى في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«فإذا نفذ اغتسلت و صلّت». (1).

و في رواية إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«المستحاضة تقعد أيّام قرئها،ثمَّ تحتاط بيوم أو يومين،فإن هي رأت طهرا اغتسلت و إن هي لم تر طهرا اغتسلت و احتشت و لا تزال تصلّي بذلك الغسل حتّى يظهر الدّم على الكرسف، فإذا ظهر أعادت الغسل و أعادت الكرسف» (2).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت له:النّفساء متى تصلّي؟قال:

«تقعد قدر حيضها و تستظهر بيومين،فإن انقطع الدّم و إلاّ اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت،فإن جاز الدّم الكرسف تعصّبت و اغتسلت،ثمَّ صلّت الغداة بغسل،و الظّهر و العصر بغسل،و المغرب و العشاء بغسل،و إن لم يجز الكرسف صلّت بغسل واحد» قلت:فالحائض (3)؟قال:«مثل ذلك سواء،فإن انقطع الدّم و إلاّ فهي مستحاضة تصنع مثل النّفساء سواء» (4).

و اعلم انّ هذه الرّوايات كلّها لا تخلو عن ضعف.

أمّا الأولى:فراويها سماعة،و الرّاوي عنه عثمان بن عيسى،و هما واقفيّان (5).

و أمّا الثّانية:فإنّ الحكم فيها معلّق على السّيلان،و مع ذلك ففي طريقها من لا يحضرني الآن حال عدالته و جرحه.

ص:411


1- 1التّهذيب 1:169 حديث 483،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 1:171 حديث 488،الاستبصار 1:149 حديث 512،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 10. [2]
3- 3) «ح»«ق»:و الحائض.
4- 4) التّهذيب 1:173 حديث 496،الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 5. [3]
5- 5) مرّت ترجمتهما في الجزء الأوّل ص 84-39.

و أمّا الثّالثة:فإنّ في طريقها ابن بكير،و فيه قول (1).و رواية إسماعيل في طريقها القاسم بن محمّد،و هو واقفيّ (2)،و أبان بن عثمان،و هو ضعيف ذكره الكشّيّ (3).

و أمّا رواية زرارة فإنّه لم يسندها إلى إمام،و إن كانت ثقته تدلّ على انّه لا يسندها إلاّ إلى إمام،إلاّ انّ ذلك لا يخلو من احتمال،فإنّه من الممكن أن يخبر عن غير إمام.

و قد روى ابن يعقوب في كتابه في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل،عن الفضل بن شاذان[1]،عن حمّاد بن عيسى و ابن أبي عمير،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المستحاضة تنظر أيّامها،فلا تصلّي فيها و لا يقربها بعلها،فإذا جازت أيّامها و رأت الدّم يثقب الكرسف اغتسلت للظّهر و العصر تؤخّر هذه و تعجّل هذه،و للمغرب و العشاء غسلا تؤخّر هذه و تعجّل هذه،و تغتسل للصّبح و تحتشي و تستثفر و لا تحيّي (4)و تضمّ فخذيها في المسجد و سائر جسدها خارج،و لا يأتيها بعلها أيّام قرئها،و إن كان الدّم لا يثقب الكرسف توضّأت و دخلت المسجد و صلّت كلّ صلاة بوضوء،و هذه يأتيها بعلها إلاّ في أيّام حيضها» (5)و هذه رواية صحيحة و عليها أعمل.

أمّا لو سال دمها فعليها ثلاثة أغسال:غسل للصّبح،و إن كانت تصلّي صلاة اللّيل أخّرتها إلى قرب الصّبح،ثمَّ اغتسلت لها و للصّبح،و غسل للظّهر و العصر،و غسل

ص:412


1- 1مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 204.
2- 2) مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 83.
3- 3) رجال الكشّي:352. [1]
4- 4) في«ح»و بعض نسخ المصدر:لا تحني.
5- 5) الكافي 3:88 حديث 2، [2]الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 1. [3]

للمغرب و العشاء.و هو مذهب علمائنا أجمع،خلافا لأكثر الجمهور،فإنّ بعضهم لم يوجب الغسل أصلا (1)،و مالك لم يجعله ناقضا (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه أمر حمنة (3)و سهلة بنت سهيل (4)بالغسل (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الرّوايات.

و ما رواه الشّيخ،عن الحسين بن نعيم بن الصّحّاف قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و إن كان الدّم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقأ، فإنّ عليها أن تغتسل في كلّ يوم و ليلة ثلاث مرّات و تحتشي و تصلّي و تغتسل للفجر و تغتسل للظّهر و العصر،و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة» (6).

و روى في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«المستحاضة تغتسل عند صلاة الظّهر و تصلّي الظّهر و العصر،ثمَّ تغتسل عند المغرب و تصلّي المغرب و العشاء،ثمَّ تغتسل عند الصّبح و تصلّي الفجر،و لا بأس أن يأتيها بعلها

ص:413


1- 1المجموع 2:535،536،المغني 1:408،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:399،400،البحر الزخّار 2:143.
2- 2) بداية المجتهد 1:60،مقدّمات ابن رشد 1:87،المبسوط للسّرخسي 1:84،المغني 1:389.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:205 حديث 627،سنن أبي داود 1:76 حديث 287،سنن الدّار قطني 1:214 حديث 48،سنن التّرمذي 1:221 حديث 128،مسند أحمد 6:381،439،سنن البيهقي 1:338.
4- 4) سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشيّة من بني عامر بن لؤيّ،و هي امرأة أبي حذيفة بن عتبة هاجرت إلى الحبشة و هي من السّابقين إلى الإسلام،و ولدت له بالحبشة محمّد بن أبي حذيفة. أسد الغابة 5:483، [1]الإصابة 4:336. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:79 حديث 295،سنن البيهقي 1:352-353.
6- 6) التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:140 حديث 482،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 7. [3]

متى شاء إلاّ في أيّام حيضها فيعتزلها زوجها» (1).

و ما رواه،عن يونس،عن رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حمنة بنت جحش حين قالت:إنّي أثجّه ثجّا،فقال:

تلجّمي و تحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه سبعة أيّام أو ستّة أيّام (2)،ثمَّ اغتسلي غسلا و صومي ثلاثا و عشرين،أو أربعا و عشرين،و اغتسلي للفجر غسلا،و أخّري الظّهر و عجّلي العصر و اغتسلي غسلا،و أخّري المغرب،و عجّلي العشاء،و اغتسلي غسلا» (3).

و روى في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«و إن كان صفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (4)و قد مضى البحث مع المخالف (5).

فروع:
الأوّل:قال المفيد رحمه اللّه:إذا كان الدّم كثيرا صلّت بوضوئها و غسلها الظّهر

و العصر معا

على الاجتماع،و تفعل مثل ذلك في المغرب و العشاء،و تفعل مثل ذلك لصلاة اللّيل و الغداة (6).و قال السّيّد المرتضى (7)و ابنا بابويه:تكتفي بالأغسال (8)عن

ص:414


1- 1التّهذيب 1:171 حديث 487،الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 4. [1]
2- 2) في المصادر:ستّة أيّام أو سبعة أيّام.
3- 3) الكافي 3:83 حديث 1، [2]التّهذيب 1:381 حديث 1183،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 1:387 حديث 1192،الاستبصار 1:141 حديث 483،الوسائل 2:553 الباب 10 من أبواب الحيض،حديث 13. [4]
5- 5) راجع:ص 295 إلى ص 300.
6- 6) المقنعة:7.
7- 7) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):188.
8- 8) الفقيه 1:50،المقنع:15.

الوضوء.و هو الظّاهر من كلام الشّيخ رحمه اللّه (1)،و الحقّ عندي أنّها تتوضّأ لكلّ صلاة مع هذه الأغسال.

لنا:قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (2)و ذلك عام.

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ،عن الحسين بن نعيم الصّحّاف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و إن طرحت الكرسف عنها و لم يسل الدّم فلتوضّأ و لتصلّ و لا غسل عليها»قال:«فإن كان الدّم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقأ،فإنّ عليها أن تغتسل في كلّ يوم و ليلة ثلاث مرّات و تحتشي و تصلّي و تغتسل للظّهر و العصر و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة» (3).

و ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:الطّامث تقعد بعدد أيّامها كيف تصنع؟قال:«تستظهر بيوم أو يومين،ثمَّ هي مستحاضة فلتغتسل و لتستوثق من نفسها و تصلّي كلّ صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدّم،فإذا نفذ اغتسلت و صلّت» (4)و هذا التّفصيل قاطع للشّركة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قد تقدّمت.

لأنّا نقول:انّ إيجاب الغسل لا يمنع إيجاب الوضوء مع كلّ غسل،و لا مع كلّ صلاة،لما تقدّم من قولهم عليهم السّلام«كلّ غسل لا بدّ معه من الوضوء إلاّ غسل الجنابة» (5)و قوله:التّفصيل قاطع للشّركة،مسلّم،فإنّ ذات الدم القليل تقدّم على

ص:415


1- 1النّهاية:28، [1]الخلاف 1:80 مسألة 28.
2- 2) المائدة:6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:140 حديث 482،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 7. [3]
4- 4) التّهذيب 1:169 حديث 483،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 9. [4]
5- 5) تقدم في ص 238-239. [5]

الصّلاة بالوضوء لا غير،و ذات الكثير به و بالغسل معا،فانقطعت الشّركة.

لا يقال:انّ رواية عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام تنافي هذا، لأنّه قال:«تغتسل عند صلاة الظّهر و تصلّي الظّهر و العصر،ثمَّ تغتسل عند المغرب فتصلّي المغرب و العشاء،ثمَّ تغتسل عند الصّبح فتصلّي الفجر» (1)و هذا يدلّ على تعقيب الفعل للغسل،فلا يجب الوضوء.

لأنّا نقول:انّه من حيث المفهوم دالّ على ما ذكرتم،و ما قدّمناه من احتياج كلّ غسل إلى وضوء منطوق،فكان العمل به أولى،على انّه يمكن حمل الصّلاة على المعنى الشّرعيّ،و جزء مفهومها حينئذ الوضوء،و في طريق الرّواية عليّ بن فضّال،و فيه قول (2).

الثّاني:حكم النّيّة هاهنا حكم نيّة الحيض

في الوضوء و الغسل معا.

الثّالث:إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرة،

لأنّ الاستحاضة حدث يبطل الطّهارة بوجوده،فمع الإتيان بما ذكر من الوضوء حالة القلّة،و الأغسال حالة الكثرة يخرج عن حكم الحدث.

و يجوز لها استباحة كلّما يشترط فيه الطّهارة كالصّلاة،و الطّواف،و دخول المساجد و قراءة العزائم و إباحة الوطء،و لو لم تفعل ذلك كان حدثها باقيا.و هل يصحّ صومها حينئذ؟قال أصحابنا:يجب عليها القضاء.كذا قال الشّيخ في المبسوط (3).

الرّابع:قد بيّنّا انّ المستحاضة لا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد

على الأشهر عندنا (4).و قال الشّافعيّ:لا تجمع بين فريضتين،و تجمع بين الفريضة و ما شاءت من

ص:416


1- 1التّهذيب 1:401 حديث 1254،الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 4. [1]
2- 2) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 76.
3- 3) المبسوط 1:68. [2]
4- 4) راجع الجزء الأوّل ص 204.

النّوافل (1).و قال أبو حنيفة (2)و أحمد:تجمع بين فريضتين في وقت واحد،و تبطل طهارتها بخروج وقت الصّلاة (3).و قال ربيعة (4)،و مالك (5)،و داود:لا وضوء على المستحاضة (6).و قال الأوزاعيّ،و اللّيث:تجمع بطهارتها بين الظّهر و العصر (7).

الخامس:انقطاع دم الاستحاضة ليس بموجب للغسل

،فلو اغتسلت ذات الدّم الكثير وقت الصّبح و صلّت به،ثمَّ انقطع الدّم وقت الظّهر لم يجب الغسل و اكتفت بالوضوء،و لو كان الدّم الكثير سائلا ففرّطت في غسل الصّبح،اجتزأت بغسل واحد للظّهر و العصر مع الوضوءين،و لو أرادت قضاء الصّبح حينئذ كفاها الوضوء،أمّا لو أرادت قضاءه قبل الظّهر وجب أن تغتسل،و لا يكفيها عن غسل صلاة الظّهر و إن أوقعته قبل الزّوال بشيء يناسب تقديم غسل الصّبح لصلاة اللّيل.و كذا ليس لها أن تقدّم غسل الزّوال عليه،و لا غسل الغروب عليه.

مسألة:المستحاضة مع الأفعال يجوز وطؤها.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال أكثر الفقهاء (8).و قال أحمد:يحرم وطؤها إلاّ أن يخاف على نفسه الوقوع في محذور (9).و هو

ص:417


1- 1المهذب للشيرازي 1:46،المجموع 2:535،المبسوط للسّرخسي 1:84،مغني المحتاج 1:112، المحلّى 1:253.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:84،الهداية للمرغيناني 1:32،شرح فتح القدير 1:159،المجموع 2: 535،فتح العزيز بهامش المجموع 2:437.
3- 3) المغنيّ 1:390،الكافي لابن قدامة 1:105،الانصاف 1:378 و 379.
4- 4) المجموع 2:535،المغنيّ 1:191 و 389،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:389،عمدة القارئ 3: 277.
5- 5) بداية المجتهد 1:60،المدوّنة الكبرى 1:11،المغني 1:389،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1: 389،المجموع 2:535،المحلّى 1:253،عمدة القارئ 3:277.
6- 6) المجموع 2:535،عمدة القارئ 3:277.
7- 7) البحر الزّخّار 2:143،144.فيه قول الأوزاعي فقط.
8- 8) المجموع 2:372،الام 1:59،عمدة القارئ 3:277،بداية المجتهد 1:63،ميزان الكبرى 1: 130.
9- 9) المغنيّ 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:401،الإنصاف 1:382،الكافي لا بن قدامة 1: 106،عمدة القارئ 3:277،المجموع 2:372،ميزان الكبرى 1:130،بداية المجتهد 1:63.

اختيار ابن سيرين (1)،و الشّعبيّ (2)،و النّخعيّ (3)و الحكم (4).

أمّا مع عدم الأفعال،فالّذي تعطيه عبارة أصحابنا التّحريم.

لنا:على الإباحة قوله تعالى فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ (5)و ذلك عام.

و ما رواه الجمهور،عن حمنة بنت جحش:انّها كانت مستحاضة و كان زوجها طلحة يجامعها (6)،و كانت أمّ حبيبة تستحاض و كان زوجها عبد الرّحمن بن عوف يجامعها (7)،و قد سألتا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8)من أحكام المستحاضة،فلو كان حراما لبيّنه لهما.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه

ص:418


1- 1المغني 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:401،المجموع 2:372،عمدة القارئ 3:314.
2- 2) المغني 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:401،المجموع 2:372،سنن البيهقي 1:329.
3- 3) المغني 1:387،المجموع 2:372،بداية المجتهد 1:63،نيل الأوطار 1:356،عمدة القارئ 3:314.
4- 4) المغني 1:387،المجموع 2:372،بداية المجتهد 1:63،نيل الأوطار 1:356،عمدة القارئ 3:314.
5- 5) البقرة:222. [1]
6- 6) سنن أبي داود 1:83 حديث 310،سنن البيهقي 1:329،جامع الأصول 8:239 حديث 4521.
7- 7) سنن أبي داود 1:83 حديث 309،سنن البيهقي 1:329،جامع الأصول 8:238 حديث 4520.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:205 حديث 627،سنن أبي داود 1:76 حديث 287،سنن التّرمذي 1:221 حديث 128،مسند أحمد 6:381،439، [2]سنن البيهقي 1:338،سنن الدّار قطني 1:214 حديث 48،صحيح البخاري 1:89،صحيح مسلم 1:263 حديث 334،سنن أبي داود 1:74 حديث 285 و 77 حديث 288،289،290 و ص 78 حديث 291،سنن ابن ماجه 1:205 حديث 626،سنن التّرمذي 1:229 حديث 129،سنن النّسائي 1:182-186،سنن الدّارمي 1:196، [3]مسند أحمد 6:83،128،187، [4]سنن البيهقي 1:348،349.

السّلام،قال:«و هذه يأتيها بعلها إلاّ في أيّام حيضها» (1)عني المستحاضة.

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و لا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلاّ في أيّام حيضها» (2).

و أمّا ما يدلّ على اشتراط الأفعال،فما رواه الشّيخ،في الموثّق،عن فضيل، و زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في المستحاضة:«فإذا حلّت لها الصّلاة حلّ لزوجها أن يغشاها» (3)و لا ريب انّ الصّلاة لا تحلّ إلاّ مع الأفعال،فكذا المعلّق معه بحرف الشّرط.

و ما رواه،عن مالك بن أعين،عن أبي جعفر عليه السّلام،في المستحاضة:«و لا يغشاها حتّى يأمرها فتغتسل،ثمَّ يغشاها إن أراد» (4).

و ما رواه،عن سماعة قال:«و إذا أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل» (5).

و احتجّ أحمد (6)بما روي،عن عائشة انّها قالت:المستحاضة لا يغشاها زوجها (7).و لأنّ بها أذى،فيحرم وطؤها،كالحائض الممنوع وطؤها بالأذى،لترتّب الحكم عليه بفاء التّعقيب المشعر بالعلّيّة.

و الجواب عن الأوّل:باحتمال أن يكون ذلك باجتهاد منها لا نقلا عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فلا يكون حجّة.

ص:419


1- 1لم نعثر على رواية لزرارة بهذا اللّفظ،و الموجود في المصادر عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انظر:التّهذيب 1:106 حديث 277 و 170 حديث 484،الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:171 حديث 487،الوسائل 2:605 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 1:401 حديث 1253،الوسائل 2:608 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 12. [3]
4- 4) التّهذيب 1:402 حديث 1257،الوسائل 2:609 الباب 3 من أبواب الاستحاضة،حديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 1:170 حديث 485،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة.حديث 6. [5]
6- 6) المغني 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:401،نيل الأوطار 1:356.
7- 7) سنن الدّارمي 1:208، [6]سنن البيهقي 1:329 بتفاوت يسير.

و أيضا:يمكن أن يكون المراد لا يغشاها زوجها في أيّام أقرائها،أو مع الاشتباه فإنّ الصّيغة ليست للعموم.

و عن الثّاني:انّ ما ذكرتموه مفهوم،فلا يعارض المنطوق.سلّمنا،لكن يمكن ترتيب الحكم على أذى الحيض،لا على كلّ أذى،خصوصا مع قوله «فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ» (1)و هذا يدلّ بمنطوقه على تحليل الوطء.

لا يقال:يمنع اشتراط الأفعال فإنّ اللّه تعالى قال «فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ» و قال «وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ» (2)و ذلك يدلّ على عموميّة التّحليل،و لأنّ رواية ابن سنان تدلّ على الإباحة مطلقا،و لأنّ الوطء لا يشترط فيه خلوّ الموطوءة من الحدث كالحائض إذا انقطع دمها و الجنب،و لأنّ الأصل الحلّ،و قد سلم من المعارض،فيعمل به.و أيضا:فإنّ رواية زرارة غير دالّة على مطلوبكم،لأنّ الظّاهر انّ المنع لمّا كان من الحيض،كان الحلّ بالخروج منه،كما يقال:لا تحلّ الصّلاة في المغصوب،فإذا خرج حلّت،أي زال منع الغصب و إن افتقر إلى الطّهارة.و رواية ابن أعين يحتمل انّه أراد غسل الحيض.

لأنّا نقول:ما ذكرتم من الآيات لا تدلّ من حيث المنطوق على العموم،إذ ليست هذه الصّيغ موضوعة له.و لو سلّمناه لكن ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما،و هو الجواب عن رواية ابن سنان.على انّها إنّما وردت عقيب أمرها بالاغتسال و الوضوء.

و أمّا ما ذكرتموه من القياس على الحائض،فهو ينقلب عليكم،لأنّا نقول:يشترط فيه انقطاع الدّم كالحائض،و أمّا التّمسّك بالأصل فضعيف مع ما ذكرنا من الأدلّة.

و أمّا ما ذكره في تأويل رواية زرارة فضعيف،إذا المنطوق تعليق الحلّ بالحلّ و الاحتمال الّذي ذكروه في رواية ابن أعين لم يدلّ عليه اللّفظ،فلا يكون مقبولا.

ص:420


1- 1البقرة:222. [1]
2- 2) المؤمنون:5-6. [2]

مسألة:و يجب عليها التّحفّظ بمنع الدّم من التّعدّي على قدر الإمكان،بأن تحتشي،و تستثفر[1]،و تحتاط بحشو القطن أو ما يشبهه لردّ (1)الدّم،لما رواه يونس، عن رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر حمنة لمّا شكت إليه كثرة الدّم«احتشي كرسفا»فقالت:انّه أشدّ من ذلك انّي أثجّه ثجّا؟فقال لها:«تلجّمي» (2).

و في رواية فضيل و زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام:«و تحتشي».

و في رواية ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و احتشت كرسفا و تنظر،فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفها» (3).

و في رواية ابن نعيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لتحتش بالكرسف و لتستثفر» (4).

و في رواية زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و تستوثق من نفسها» (5).

و في رواية معاوية بن عمّار.«و تحتشي و تستثفر و تضمّ فخذيها في المسجد» (6).

ص:421


1- 1«م»:ليردّ.
2- 2) الكافي 3:83-386 حديث 1، [1]التّهذيب 1:381-383 حديث 1183،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:402 حديث 1258،الوسائل 2:608 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 13. [3]
4- 4) التّهذيب 1:168 حديث 482،الاستبصار 1:14 حديث 482،الوسائل 2:606 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 7. [4]
5- 5) التّهذيب 1:169 حديث 483،الوسائل 2:607 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 9. [5]
6- 6) التّهذيب 1:106 حديث 277،و 170 حديث 484،الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 1. [6]

و في رواية صفوان،عن أبي الحسن عليه السّلام:«و تستدخل قطنة» (1)و الأحاديث في ذلك كثيرة (2).

و روى محمّد بن يعقوب في كتابه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«تستدخل قطنة و تستثفر بثوب» (3)و لأنّ طهارة البدن من النّجاسة شرط في الإذن في الدّخول في الصّلاة،فيجب تحصيله بقدر الإمكان.

و كذا البحث في صاحب السّلس و المبطون و صاحب الجرح،و قد تقدّم (4)،إلاّ انّ الاستحاضة تفارقهم بوجوب تغيير الشّداد للنّص،و ليس ذلك بواجب في حقّهم لعدم الدّلالة.

مسألة:قد ذكرنا أنّ المستحاضة إذا انقطع دمها انتقض وضوؤها .
اشارة

(5)

و هو قول الشّيخ في المبسوط (6)،و قد أطلق الشّيخ هذا.و الّذي يقتضيه النّظر التّفصيل،فإنّ الانقطاع إن كان للبرء ثبت ما قاله الشّيخ،أمّا لو انقطع،ثمَّ عاد،فالوجه انّه لا عبرة بهذا الانقطاع،لأنّ اعتباره ممّا يشقّ،و العادة في المستحاضة و أصحاب الأعذار كالسّلس و المبطون انّ الخارج يجري تارة و ينقطع اخرى،و اعتبار مقدار الانقطاع بما يمكن فعل العبادة فيه يشقّ جدّا،و إيجاب الوضوء عند كلّ انقطاع غير مستقرّ حرج لم يثبت بدليل شرعيّ اعتباره،و لم يسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه المستحاضة الّتي استفتته،فلم يكن معتبرا.

ص:422


1- 1التّهذيب 1:170 حديث 486،الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 3. [1]
2- 2) الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة. [2]
3- 3) الكافي 3:89 حديث 3، [3]الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة،حديث 2. [4]
4- 4) تقدّم في ص 137-138.
5- 5) راجع الجزء الأوّل ص 203.
6- 6) المبسوط 1:68.
فروع:
الأوّل:لو انقطع دمها في أثناء الصّلاة للبرء،احتمل وجوب الإتمام و الإعادة

حينئذ،لأنّها دخلت في الصّلاة دخولا مشروعا فليس لها إبطاله،كالمتيمّم يجد الماء بعد الدّخول،و الإبطال،لأنّ حدثها لم يرتفع،و إنّما دخلت مع الحدث للضّرورة و قد زالت،و الحمل على المتيمّم قياس،و الأوّل أقوى.

الثّاني:لو كان دمها يجري تارة و ينقطع أخرى،فإن اتّسع وقت الانقطاع للطّهارة

و الصّلاة انتظرته

ما لم يخرج الوقت،و إن لم يتّسع جاز لها الوضوء و الصّلاة مع جريان الدّم.و لو توضّأت حال جريانه و انقطع فدخلت في الصّلاة جاز.و لو استمرّ الانقطاع بطلت صلاتها،لظهور انّ هذا الانقطاع قد أبطل طهارتها قبل الشّروع في الصّلاة.

الثّالث:لو توضّأت حال الجريان،ثمَّ صلّت بعد الانقطاع،فإن علمت انّه يعاود

صحّت صلاتها

،و إن شكّت لم يصحّ،سواء عاد إليها الدّم و هي في الصّلاة أو لا،أمّا مع عدمه فظاهر،و أمّا مع عوده فلأنّها دخلت بطهارة مشكوك فيها فلم يصحّ،و إن تبيّنت صحّتها،كما لو دخل الشّاك في الطّهارة في الصّلاة،ثمَّ تبيّن انّه متطهّر فإنّه يعيد.

مسألة:و غسلها كغسل الحائض سواء في اعتبار النّيّة،و التّرتيب،و مقارنة

الوضوء

،و غيره من الأحكام،لا نعرف فيه خلافا بين علمائنا.و لو كانت جنبا أو لم تغتسل للحيض كفاها غسل واحد.و البيان كما تقدّم (1).

مسألة:و لو اغتسلت لكلّ صلاة و توضّأت فهو أبلغ للتّطهير ،

(2)

و كان مستحبّا و ليس بواجب.

ص:423


1- 1تقدّم في ص 405. [1]
2- 2) «خ»:في التّطهير.

أمّا استحبابه،فلأنّه طهر فيسنّ فيه التّكرار،لقوله عليه السّلام:«الطّهر على الطّهر عشر حسنات» (1).

و أمّا عدم الوجوب،فلما روي من قولهم عليهم السّلام:تغتسل لكلّ صلاتين (2).و لا نعرف في ذلك خلافا بين علمائنا.و ذهب بعض الجمهور إلى انّه يجب عليها الغسل لكلّ صلاة (3)،و رووه،عن عليّ عليه السّلام،و ابن عمر،و ابن عبّاس، و ابن الزّبير (4)،و هو أحد قولي الشّافعيّ في المتحيّرة (5).و نحن نذهب إلى ما قاله الشّافعيّ في المتحيّرة،لما تقدّم من الأحاديث (6).و قال بعضهم:تغتسل كلّ يوم غسلا (7).

احتجّ القائلون بوجوب التّكرار عند كلّ صلاة:بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ حبيبة لمّا استحيضت بالغسل لكلّ صلاة (8).

و الجواب:انّه معارض بما تقدّم من الأحاديث،و لأنّ الرّاوي عائشة،فيحتمل انّها

ص:424


1- 1الكافي 3:72 حديث 10، [1]الوسائل 1:264 الباب 8 من أبواب الوضوء،حديث 3. [2]
2- 2) الوسائل 2:604 الباب 1 من أبواب الاستحاضة.
3- 3) المغني 1:408،بداية المجتهد 1:60،سنن التّرمذي 1:230. [3]
4- 4) المجموع 2:536، [4]المغني 1:408،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:399،سنن البيهقي 1:356، المحلّى 2:213-214. [5]
5- 5) مغني المحتاج 1:117،فتح الوهّاب 1:28،السّراج الوهّاج:32،المغني 1:408،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:399،فتح العزيز بهامش المجموع 2:495. [6]
6- 6) تقدّمت في ص 307. [7]
7- 7) المغني 1:408،بداية المجتهد 1:60،المجموع 2:536، [8]سنن البيهقي 1:356،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:399.
8- 8) صحيح البخاري 1:89،صحيح مسلم 1:263 حديث 334،سنن أبي داود 1:74 حديث 285، سنن ابن ماجه 205 حديث 426،سنن النّسائي 1:183،سنن الدّارمي 1:196،199، [9]مسند أحمد 6:83،128،187. [10]

توهّمت الأمر فيما ليس أمرا،و لو سلم عن ذلك يحمل على الاستحباب.

الفصل الرّابع:في النّفاس
اشارة

و هو دم يقذفه الرّحم عقيب الولادة،يقال:نفست المرأة و نفست بضمّ النّون و فتحها و في الحيض بالفتح لا غير،و هو مأخوذ إمّا من النّفس و هي الدّم لغة،أو من تنفّس الرّحم بالدّم.

مسألة:و لا يكون نفاس إلاّ مع الدّم،

سواء ولدته تامّا أو ناقصا.و هو قول أحمد في إحدى الرّوايتين (1)،و أحد قولي الشّافعيّ.و في القول الآخر:يجب عليها الغسل (2)(3).و هو قول أحمد في إحدى الرّوايتين (4)،و ذلك على الاختلاف بين زفر و أبي يوسف في وجوب الاغتسال عليها،فأوجبه أحدهما (5)دون الآخر.

لنا:انّ النّفاس هو الدّم المخصوص و لم يوجد،و لأنّ الأصل براءة الذّمّة من وجوب الغسل،و استباحة الأفعال الممنوعة منها النّفساء،و القول بوجوب الغسل إبطال للأصل من غير دليل.و لأنّ الوجوب حكم شرعيّ،و لم يرد بالغسل هاهنا النّص و لا معناه،فإنّه ليس بدم و لا منيّ،و إنّما ورد الشّرع بالإيجاب بهذين الشّيئين.

احتجّوا بأنّ الولادة مظنّة النّفاس الموجب،فقامت مقامه في الإيجاب،كالتقاء الختانين،و لأنّ استبراء الرّحم يحصل بها كالحيض،فيثبت فيها حكمه،و لأنّ الولد خلق من المنيّ،و خروج المنيّ يوجب الغسل.

ص:425


1- 1المغني 1:394،الكافي لابن قدامة 1:72،الإنصاف 1:241،المجموع 2:150.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:30،فتح العزيز بهامش المجموع 2:580،المجموع 2:149.
3- 3) أي:يجب عليها الغسل و لو لم تر الدّم.
4- 4) المغني 1:394،الإنصاف 1:241،المجموع 2:150،الكافي لابن قدامة 1:72-73.
5- 5) شرح فتح القدير 1:165.

و الجواب عن الأوّل:انّ المظنّة إنّما تعتبر بالنّصّ أو الإجماع،و لم يوجدا ها هنا.

و عن الثّاني:انّه قياس طرديّ لا معنى تحته.ثمَّ انّ النّفاس و الحيض اختلفا في كثير من الأحكام،فليس شبهه به في هذا الحكم أولى من مخالفته لمخالفة في سائر الأحكام،و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحسين بن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام عن النّفساء،قال:«تدع[الصّلاة] (1)ما دامت ترى الدّم العبيط» (2)و هذا دالّ على المنع من التّرك في وقت عدم الرّؤية للدّم (3).

و عن الثّالث:انّ الموجب خروج المنيّ،لا ما يتكوّن منه.

مسألة:و لو خرج الدّم قبل الولادة لم يكن نفاسا
اشارة

إجماعا،كما انّه لو خرج بعد الولادة كان نفاسا إجماعا.أمّا ما يخرج مع الولادة فقد صرّح الشّيخ في الخلاف و المبسوط انّه نفاس (4).و هو قول أبي إسحاق المروزيّ،و أبي العبّاس بن القاص من أصحاب الشّافعيّ (5).و قال السّيّد المرتضى:النّفاس هو الدّم الّذي تراه المرأة عقيب الولادة (6).

و هو اختيار بعض الشّافعيّة (7)،و مذهب أبي حنيفة (8).

و استدلّ الشّيخ في الخلاف،بأنّ اللّفظ يتناوله،فيحمل على عموم ما ورد في هذا

ص:426


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:174 حديث 497،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 16.و [1]فيها: عن الحسن بن عليّ بن يقطين،عن أخيه الحسين،عن عليّ بن يقطين.
3- 3) ليست في«م»«ن»«د».
4- 4) الخلاف 1:78 مسألة 24،المبسوط 1:68.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:518، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 2:579. [3]
6- 6) النّاصريات(الجوامع الفقهيّة):191.
7- 7) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:518-519، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 2:578. [5]
8- 8) بدائع الصّنائع 1:41،المبسوط للسّرخسي 2:19 و ج 3:210،الهداية للمرغيناني 1:33،شرح فتح القدير 1:164.

الباب.

أمّا ما تراه مع الطّلق قبل الولادة فليس بنفاس،لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في المرأة يصيبها الطّلق أيّاما أو يوما أو يومين فترى الصّفرة أو دما؟قال:«تصلي ما لم تلد،فإن غلبها الوجع ففاتتها صلاة لم تقدر أن تصلّيها فعليها قضاء تلك الصّلاة» (1)و يؤيّدها الأصل من شغل الذّمّة بالعبادة بعد التّكليف.

و روى الشّيخ،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل،يعني إذا رأت المرأة الدّم و هي حامل لا تدع الصّلاة إلاّ أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطّلق و رأت الدّم تركت الصّلاة» (2).

فروع:
الأوّل:لو وضعت شيئا تبيّن فيه خلق الإنسان فرأت الدّم فهو نفاس

إجماعا،و لو كان مضغة فهو كالولد،لأنّه دم جاء عقيب حمل،و لأنّه بدء خلق آدميّ و كان نفاسا، كما لو تبيّن فيها خلق آدميّ.و هو أحد الوجهين عند أحمد،و في الوجه الآخر:ليس بنفاس (3).و هو اختيار الحنفيّة (4)،لأنّه لم يتبيّن فيها خلق آدميّ فأشبهت النّطفة،

ص:427


1- 1التّهذيب 1:403 حديث 1261،الوسائل 2:618 الباب 4 من أبواب النّفاس،حديث 1.و [1]فيهما: أن تصليها من الوجع.
2- 2) التّهذيب 1:387 حديث 1196،الاستبصار 1:140 حديث 481،الوسائل 2:618 الباب 4 من أبواب النّفاس،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:408،الإنصاف 1:387.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1:165.

و لعلّ بين الأمرين فرقا.أمّا العلقة و النّطفة:فلا يتعيّن (1)معهما الحمل،فيكون حكم الدّم الحاصل بعدها حكم الدّم الحائل،إمّا حيض أو استحاضة.

الثّاني:لو خرج بعض الولد كانت نفاسا

عندنا.خلافا لبعض الحنفيّة (2)، و الوجه فيه ما تقدّم.

الثّالث:الدّم الخارج قبل الولادة،قال الشّيخ في الخلاف و المبسوط:ليس

بحيض

(3)

مأوّلا على الإجماع،على انّ الحامل المستبين حملها لا تحيض،و نحن لمّا نازعنا في ذلك،سقط هذا الكلام عندنا.و للشّافعيّ قولان:أحدهما:انّه حيض.

و الثّاني:انّه استحاضة،لاستحالة تعاقب النّفاس و الحيض من غير طهر بينهما صحيح (4).و نحن ننازع في هذا.

الرّابع:الدّم المتخلّل بين الولدين التّوأمين نفاس.

و هو قول مالك (5)،و أبي حنيفة (6)،و أبي يوسف (7)،و أصحّ وجهي الشّافعي (8)،و قول أبي إسحاق المروزيّ من أصحابه و إحدى الرّوايتين عن أحمد (9).و قال بعض الشّافعيّة (10)،و محمّد (11)،

ص:428


1- 1«خ»:تيقّن.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:43،النّهاية بهامش شرح فتح القدير 1:165.
3- 3) الخلاف 1:78 مسألة-25،المبسوط 1:68. [1]
4- 4) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:521-522.
5- 5) المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:408،المجموع 2:526، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 2:583. [3]
6- 6) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 2:20،الهداية للمرغيناني 1:34،المجموع 2:526، المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:408،شرح فتح القدير 1:167.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 2:20،الهداية للمرغيناني 1:34،المجموع 2:526، شرح فتح القدير 1:167.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:526-527،فتح العزيز بهامش المجموع 2:582.
9- 9) المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:408،الكافي لا بن قدامة 1:108،المجموع 2: 526، [4]الإنصاف 1:386. [5]
10- 10) المجموع 2:526-527، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 2:583، [7]المغني 1:396،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409.
11- 11) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 2:20،الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1: 167،المجموع 2:526. [8]

و زفر:انّه ليس بنفاس (1).و هو الوجه الضّعيف للشّافعيّ (2)و الرّواية الأخرى لأحمد (3).

لنا:انّ النّفاس إمّا أن يكون مشتقّا من تنفّس الرّحم،أو من خروج النّفس الّذي هو الولد،أو من النّفس الّذي هو اسم الدّم.و على كلّ تقدير فالدّم الحاصل عقيب الولد الأوّل يصدق عليه المعنى المشتقّ منه،فيصدق عليه اسم (4)المشتقّ،لوجوب الاطّراد في الاشتقاق.

احتجّ محمّد بأنّ المرأة حامل ما دام في بطنها ولد آخر،و دم الحامل ليس بحيض، فلا يكون نفاسا،لأنّهما في الحكم سواء،و لأنّ العدّة تنقضي بالولد الأخير فكذلك النّفاس،لأنّهما حكمان متعلّقان بالولادة (5).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الحامل لا تحيض.و قد سلف (6).

سلّمنا،لكنّ الحامل إنّما لم تحض،لانسداد فم الرّحم و كان الخارج غير دم

ص:429


1- 1المبسوط للسّرخسي 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،المجموع 2:526، [1]المغني 1:396،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409.
2- 2) المجموع 2:526،فتح العزيز بهامش المجموع 2:582-583،المغني 1:396،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409.
3- 3) المغني 1:395-396،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409،الكافي لابن قدامة 1:108، الإنصاف 1:386،المجموع 2:526.
4- 4) «خ»«ن»:الاسم.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1:167.
6- 6) تقدّم في ص 273.

الرّحم،أمّا هاهنا فبالولد الأوّل انفتح فم الرّحم،فكان الخارج دمه.

و عن الثّاني:بالفرق،فإنّ العدّة تنقضي بوضع الحمل،و الحمل اسم لجميع ما في البطن،على انّا نمنع توقّف الانقضاء على الولد الثّاني.و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه.

و قد ظهر ممّا تقدّم:انّ ابتداء النّفاس من الأوّل،و عدد أيّامه من الثّاني،و هو أحد وجوه الشّافعيّ و الوجه الثّاني له:انّ المعتبر بأوّل النّفاس و آخره بالأوّل (1)،و به قال أبو يوسف (2)و أبو حنيفة أيضا (3)،حتّى قالوا:لو كان بين الولدين أكثر مدّة النّفاس و هي أربعون،أو ستّون على الخلاف،لم يكن ما يوجد من الدّم بعد الثّاني نفاسا (4).

و الوجه الثّالث له:انّه يعتبر ذلك بالثّاني (5).و به قال محمّد (6)،و زفر (7).

و الحقّ ما قلناه من انّه يعتبر أوّله بالأوّل،و آخره بالثّاني.

مسألة:و لا حدّ لأقلّ النّفاس.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (8)،

ص:430


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:526.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 2:20 و ج 3:212،الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1:167،المجموع 2:526.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:43،المبسوط للسّرخسي 2:20 و 3:212،الهداية للمرغيناني 1:34،المغني 1: 395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:408،شرح فتح القدير 1:167،المجموع 2:526.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 3:212-213،شرح فتح القدير 1:167.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:526.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 2:20 و ج 3:212،بدائع الصّنائع،1:43،الهداية للمرغيناني 1:34، المجموع 2:526.
7- 7) المبسوط للسّرخسي 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغيناني 1:34،المغني 1:396، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409،المجموع 2:526.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:522، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 2:574، [2]فتح الوهّاب 1: 29،السّراج الوهّاج:33،مغني المحتاج 1:119،بداية المجتهد 1:52،المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403،نيل الأوطار 1:359.

و الأوزاعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3)و أبو حنيفة (4)،و الثّوري (5).و قال محمّد بن الحسن،و أبو ثور:أقلّه ساعة (6)(7).و قال أبو عبيد:أقلّه خمسة و عشرون يوما (8).و قال أبو يوسف فيما روي عنه:أقلّه أحد عشر يوما (9).و روي عن أحمد:أقلّه يوم (10).

و حكي عن الثّوريّ:انّ أقلّه ثلاثة أيّام،لأنّها أقلّ الحيض (11).و قال المزنيّ:أربعة أيّام،و بناه على أصول،منها:انّ أقلّ الحيض يوم و ليلة،و انّ أكثره خمسة عشر يوما، و انّ أكثر النّفاس أربعة أضعاف أكثر الحيض،فيكون أقلّه أربعة أضعاف أقلّ الحيض (12).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام انّه قال:(لا يحلّ للنّفساء إذا رأت

ص:431


1- 1المجموع 2:523.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:53،بداية المجتهد 1:52،مقدّمات ابن رشد 1:91،بدائع الصّنائع 1:41، المجموع 2:523.
3- 3) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403،الكافي لابن قدامة 1:108،الإنصاف 1: 384، [1]المجموع 2:523،منار السّبيل 1:60.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 2:19،بدائع الصّنائع 1:41،الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1: 165،المجموع 2:525،فتح العزيز بهامش المجموع 2:575.
5- 5) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403.
6- 6) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403،شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1: 165،المجموع 2:523.
7- 7) المغني 1:393،الشرح الكبير بهامش المغني 1:403،المجموع 2:523.
8- 8) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403.
9- 9) شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1:165،بداية المجتهد 1:52،المحلّى 2:207،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:403، [2]نيل الأوطار 1:359.
10- 10) الإنصاف 1:384. [3]
11- 11) المجموع 2:525،نيل الأوطار 1:359.
12- 12) المجموع 2:525،فتح العزيز بهامش المجموع 2:575.

الطّهر إلاّ أن تصلي) (1)و ما رواه انّ امرأة ولدت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم تر دما،فسمّيت ذات الجفوف (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحسين بن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام:في النّفساء كم يجب عليها الصّلاة؟قال:«تدع ما دامت ترى الدّم العبيط» (3)و هذا يدلّ على انّ الانقطاع و إن قلّ عدد أوقات الدّم قبله يوجب الصّلاة.

و لأنّ اليسير دم وجد عقيب سببه و هو الولادة،فيكون نفاسا كالكثير،فعلى هذا لو رأته لحظة،ثمَّ انقطع،حكم لها بالنّفاس تلك اللّحظة.

مسألة:و في حدّ كثرته خلاف بين علمائنا.
اشارة

قال الشّيخ (4)و عليّ بن بابويه:انّه لا يزيد عن أكثر الحيض (5)،و هو أحد قولي المفيد،و القول الآخر له:أكثره ثمانية عشر يوما (6).و هو اختيار السيّد المرتضى (7)،و ابن الجنيد (8)،و أبي جعفر محمّد بن بابويه (9)،و سلاّر (10).و قال ابن أبي عقيل:أيّامها أيّام حيضها،و أكثره أحد

ص:432


1- 1سنن البيهقي 1:342،سنن الدّار قطني 1:223 حديث 81.
2- 2) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:404،المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2: 522.
3- 3) التّهذيب 1:174 حديث 497،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 16 و [1]فيه:عن الحسن بن عليّ بن يقطين،عن أخيه الحسين،عن عليّ بن يقطين.
4- 4) النهاية:29، [2]المبسوط 1:69، [3]الخلاف 1:77 مسألة-20-،الجمل و العقود:48.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:253. [4]
6- 6) المقنعة:7.
7- 7) الانتصار:35،رسائل الشّريف المرتضى 1:172. [5]
8- 8) نقل عنه في المعتبر 1:253. [6]
9- 9) الفقيه 1:55،الهداية:22. [7]
10- 10) المراسم:44.

و عشرون يوما،فإن انقطع دمها في أيّام حيضها،صلّت و صامت،و إن لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما،ثمَّ استظهرت بيوم أو يومين،فإن كانت كثيرة الدّم صبرت ثلاثة أيّام،ثمَّ اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت (1).و قال الشّافعيّ (2)،و مالك (3)، و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه:أكثره ستّون يوما (4).و به قال عطاء (5)، و الشّعبيّ (6)،و أبو ثور،و داود (7)،و حكي عن عبيد اللّه بن الحسن العنبري[1]، و الحجّاج بن أرطاة[2] (8).و قال أبو حنيفة (9)،و أحمد في الرّواية الأخرى (10)،

ص:433


1- 1نقل عنه في المعتبر 1:253. [1]
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:524،الام(مختصر المزني)8:11،السّراج الوهّاج:33، رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:33،بداية المجتهد 1:52،المحلّى 2:203،بدائع الصّنائع 1: 41،المغني 1:392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،نيل الأوطار 1:358.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:53،بداية المجتهد 1:52،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:81،بدائع الصّنائع 1:41،المغني 1:312،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،المجموع 2:524،المحلّى 2:203،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:33،نيل الأوطار 1:358.
4- 4) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،الإنصاف 1:383. [2]
5- 5) سنن التّرمذي 1:259، [3]المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:524.
6- 6) المهذّب للشيرازي 1:45،سنن التّرمذي 1:259، [4]بدائع الصّنائع 1:41،المجموع 2:524.
7- 7) المجموع 2:524.
8- 8) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:524. [5]
9- 9) بدائع الصّنائع 1:41،المبسوط للسّرخسي 2:19،الهداية 1:34، [6]شرح فتح القدير 1:166،بداية المجتهد 1:52،مقدّمات ابن رشد 1:91،المحلّى 2:203، [7]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:33.
10- 10) المغني 1:392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،الكافي لابن قدامة 1:107،الإنصاف 1: 383، [8]منار السّبيل 1:61،سنن التّرمذي 1:258، [9]رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:33،نيل الأوطار 1:358.

و الثّوريّ (1)،و إسحاق (2)،و أبو عبيد:أكثره أربعون يوما (3)،و نقل عن مالك أيضا انّ أكثره سبعون يوما (4).و حكى ابن المنذر عن الحسن البصريّ انّه قال:خمسون يوما (5).و الحقّ عندي الأوّل.

لنا:انّ النّفاس دم الحيض في الحقيقة،و قد بيّنّا انّ أكثره عشرة (6)،فكذا النّفاس.و لأنّ العبادة شاغلة في الذّمّة،ترك العمل بها في العشرة للإجماع،فيبقى الباقي على ذلك الأصل.و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«النّفساء تكفّ عن الصّلاة أيّامها الّتي كانت تمكث فيها،ثمَّ تغتسل كما تغتسل المستحاضة» (7).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت له:النّفساء متى تصلّي؟قال:

ص:434


1- 1سنن التّرمذي 1:258، [1]المغني 1:392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،المجموع 2:524، [2]نيل الأوطار 1:358.
2- 2) المغني 1:392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،سنن التّرمذي 1:258، [3]المجموع 2:524. [4]
3- 3) المغني 1:392،المجموع 2:524. [5]
4- 4) المجموع 2:524.و فيه:قال اللّيث:قال بعض النّاس:انّه سبعون يوما.
5- 5) سنن التّرمذي 1:258،سنن الدّارمي 1:229،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،مقدّمات ابن رشد 1:91،المجموع 2:524،نيل الأوطار 1:358.
6- 6) تقدم في ص 279.
7- 7) التهذيب 1:173 حديث 495،الاستبصار 1:151 حديث 524،الوسائل 2:611 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 1- [6]بتفاوت يسير.

«تقعد قدر حيضها و تستظهر بيومين،فإن انقطع الدّم و إلاّ اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت» (1).

و ما رواه في الحسن،عن الفضيل بن يسار و زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«النّفساء تكفّ عن الصّلاة أيّام أقرائها الّتي كانت تمكث فيها،ثمَّ تغتسل و تعمل كما تعمل المستحاضة» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن يونس بن يعقوب قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام قال:«النّفساء تجلس أيّام حيضها الّتي كانت تحيض،ثمَّ تستظهر و تغتسل و تصلّي» (3).

و ما رواه في الموثّق،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تقعد النّفساء أيّامها الّتي كانت تقعد في الحيض» (4).

و ما رواه في الحسن،عن يونس قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:عن امرأة ولدت فرأت الدّم أكثر ممّا كانت ترى؟قال:«فلتقعد أيّام قرئها الّتي كانت تجلس، ثمَّ تستظهر بعشرة أيّام» (5)قال الشّيخ:أراد به إلى عشرة أيّام،لأنّ حروف الصّفات يقوم بعضها مقام بعض (6).

ص:435


1- 1التّهذيب 1:173 حديث 496،الوسائل 2:611 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:175 حديث 499،الاستبصار 1:150 حديث 519،الوسائل 2:611 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:175 حديث 500،الاستبصار 1:150 حديث 520،الوسائل 2:613 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 8. [3]
4- 4) التّهذيب 1:175 حديث 501،الاستبصار 1:151 حديث 521،الوسائل 2:612 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 1:175 حديث 502،الاستبصار 1:151 حديث 522،الوسائل 2:612 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 3. [5]
6- 6) التّهذيب 1:176 ذيل حديث 502،الاستبصار 1:151 ذيل حديث 522.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام:في امرأة نفست و بقيت ثلاثين ليلة أو أكثر،ثمَّ طهرت و صلّت،ثمَّ رأت دما أو صفرة؟فقال:«إن كانت صفرة فلتغسل و لتصلّ و لا تمسك عن الصّلاة،و إن كان دما ليس بصفرة فلتمسك عن الصّلاة أيّام قرئها،ثمَّ لتغتسل و لتصلّ» (1).

و روى في الموثّق،عن مالك بن أعين قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن النّفساء يغشاها زوجها و هي في نفاسها من الدّم؟قال:«نعم،إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيّام عدّة حيضها،ثمَّ[تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فتغتسل،ثمَّ] (2)يغشاها إن أحب» (3)و حلّ الوطء يستلزم الخروج عن حدّ النّفاس.

احتجّ السيّد المرتضى (4)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:كم تقعد النّفساء حتّى تصلّي؟قال:«ثمان عشرة، سبع عشرة ثمَّ تغتسل و تحتشي و تصلّي» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سألته عن النّفساء كم تقعد؟فقال:«انّ أسماء بنت عميس[1]أمرها رسول اللّه صلّى

ص:436


1- 1التّهذيب 1:176 حديث 503،الاستبصار 1:151 حديث 523،الوسائل 2:619 الباب 5 من أبواب النّفاس،حديث 3. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 1:176 حديث 505،الاستبصار 1:152 حديث 525،الوسائل 2:620 الباب 7 من أبواب النّفاس،حديث 1. [2]
4- 4) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة)191،رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الأولى):172.
5- 5) التّهذيب 1:177 حديث 508،الاستبصار 1:152 حديث 528،الوسائل 2:614 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 12. [3]

اللّه عليه و آله أن تغتسل لثمان عشرة،و لا بأس أن تستظهر[بيوم أو] (1)بيومين» (2).

و الجواب عن الأوّل:انّ ما رويناه أكثر،و الكثرة دلالة (3)على الرّجحان،و لأنّ الأصل لزوم العبادة،فكان الحديث مرجوحا،فلا يعتمد عليه،و بما يأتي من بعد.

و عن الثّاني:انّ أسماء إنّما سألته(عليه السّلام) (4)بعد مضي ثمانية عشر يوما، و لا شكّ انّه حينئذ يجب عليها الاغتسال،و ليس فيه دلالة على تحديد مدّة النّفاس بذلك العدد.

و يدلّ على وقوع السّؤال بعد الانقضاء:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن إبراهيم،عن أبيه رفعه قال:سألت امرأة أبا عبد اللّه عليه السّلام فقالت:انّي كنت أقعد في نفاسي عشرين يوما حتّى أفتوني بثمانية عشر يوما،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و لم أفتوك بثمانية عشر يوما؟»(فقال الرّجل) (5):للحديث الّذي روي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمّد بن أبي بكر[1].فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«انّ أسماء سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد أتى لها ثمانية عشر يوما،و لو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل و تفعل كما تفعل المستحاضة» (6).

ص:437


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:178 حديث 511،الاستبصار 1:153 حديث 531،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 15. [1]
3- 3) «ح»«ق»:دالّة.
4- 4) «م»«ن»:عنه.
5- 5) في التّهذيب:فقال رجل.و في الاستبصار:فقالت.
6- 6) التّهذيب 1:178 حديث 512،الاستبصار 1:153 حديث 532،الوسائل 2:613 الباب 3 من أبواب النفاس،حديث 7. [2]

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«انّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أرادت الإحرام بذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف و الخرق و تهلّ بالحجّ،فلمّا قدموا و نسكوا المناسك فأتت لها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تطوف بالبيت و تصلّي و لم ينقطع عنها الدّم،ففعلت ذلك» (1).

و ما رواه،عن فضيل و زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام انّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أرادت الإحرام من ذي الحليفة أن تغتسل و تحتشي بالكرسف و تهلّ بالحجّ،فلمّا قدموا و نسكوا المناسك سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الطّواف بالبيت و الصّلاة فقال لها:«منذ كم ولدت؟»فقالت:منذ ثماني عشرة ليلة،فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تغتسل و تطوف بالبيت و تصلّي و لم ينقطع عنها الدّم ففعلت مثل ذلك (2).فسقط الاحتجاج بذلك.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما روته أمّ سلمة قالت:كانت النّفساء تجلس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعين يوما أو أربعين ليلة (4).و لأنّ النّفاس دم الحيض و مدّة احتباسه ستّة أشهر،و الغالب انّ الحيض ستّة أو سبعة،فإذا جعل في الشّهرين ستّة

ص:438


1- 1التّهذيب 1:179 حديث 513،الوسائل 2:612 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:179 حديث 514،الوسائل 2:616 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 19. [2]
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:34،شرح فتح القدير 1:166،بدائع الصّنائع 1:41،المجموع 2:525، مغني المحتاج 1:120،المحلّى 2:203.
4- 4) سنن التّرمذي 1:256 حديث 139،سنن الدّارمي 1:229، [3]سنن أبي داود 1:83 حديث 311، سنن ابن ماجه 1:213 حديث 648،جامع الأصول 8:239 حديث 5425،مسند أحمد 6،300، [4]سنن البيهقي 1:341،المستدرك للحاكم 1:175.

و في الأربعة سبعة،كان الجميع أربعين.

و الجواب عن الأوّل:انّ هذا الحديث لم يعرف إلاّ من أبي سهل كثير بن زياد[1].كذا قال التّرمذيّ (1)،و ذلك ممّا يوجب تطرّق التّهمة إليه،لأنّ الانفراد مع اشتداد الحاجة إلى الاشتراك يوجب تطرّق التّهمة،على انّ مالكا أنكره.و أيضا:فإنّ أمّ سلمة لم تروه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلا يكون حجّة.

و عن الثّاني انّ الحيض في حال الحمل ينصرف غذاء للولد فلا يحتبس،و عند الولادة يندفع ما كان للتّغذية،فيكون حيضة واحدة.

لا يقال:قد روى هذا المقدار الشّيخ،عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه،عن علي عليهما السّلام:قال:«النّفساء تقعد أربعين يوما،فإن طهرت و إلاّ اغتسلت و صلّت و يأتيها زوجها،و كانت بمنزلة المستحاضة تصوم و تصلّي» (2).

و عن محمّد بن يحيى الخثعميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«النّفساء تقعد ما بين الأربعين إلى الخمسين» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تقعد

ص:439


1- 1سنن التّرمذي 1:257.
2- 2) التّهذيب 1:177 حديث 506،الاستبصار 1:152 حديث 526،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 17. و [1]في المصادر:عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليهم السّلام.
3- 3) التّهذيب 1:177 حديث 507،الاستبصار 1:152 حديث 527،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 18- [2]بتفاوت في الجميع.

النّفساء إذا لم ينقطع عنها الدّم أربعين يوما إلى الخمسين» (1).لأنّا نجيب عن الأوّلين بالمنع من صحّة سندهما،و أيضا:فإنّهما معارضان بما قدّمناه من الأحاديث الصّحيحة.

قال أبو جعفر ابن بابويه:الأحاديث الّتي وردت في قعودها أربعين يوما و ما زاد إلى أن تطهر،معلولة كلّها لا يفتي بها إلاّ أهل الخلاف (2).و هذا هو الجواب عن الأخير.

و احتجّ الشّافعيّ بما روي،عن الأوزاعيّ انّه قال:عندنا امرأة ترى النّفاس شهرين (3).و روي مثل ذلك عن عطاء انّه وجده،و المرجع في ذلك إلى الوجود (4).

و لأنّ أكثر النّفاس أربعة أمثال أكثر الحيض إجماعا،و قد ذكرنا أنّ أكثره خمسة عشر يوما (5)،فيكون النّفاس شهرين.

و الجواب عن الأوّل:باحتمال انّ الزّيادة كانت حيضا أو استحاضة،كما لو زاد دمها على الستّين،أو كما لو زاد دم الحيض على خمسة عشر يوما عنده.

و عن الثّاني:انّه لا يعرف بالقياس فأتبعنا النّصّ فيهما جميعا.على انّا نمنع الإجماع على انّ أكثره أربعة أمثال أكثر الحيض،و كيف يحكم بالإجماع على ذلك،و مالك (6)و أحمد (7)و غيرهما من الفقهاء (8)،و من الصّحابة:عمر (9)و ابن عبّاس (10)،و غيرهما

ص:440


1- 1التّهذيب 1:177 حديث 509،الاستبصار 1:152 حديث 529،الوسائل 2:614 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 13- [1]بتفاوت يسير.
2- 2) الفقيه 1:56.
3- 3) المهذّب للشّيرازي 1:45،المجموع 2:522،فتح العزيز بهامش المجموع 2:573،المغني 1: 393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402.
4- 4) المغني 1:393،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402.
5- 5) تقدّم في ص 280. [2]
6- 6) بداية المجتهد 1:52،المدوّنة الكبرى 1:53،المجموع 2:524،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 573،مقدّمات ابن رشد 1:91،المحلّى 2:203،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:33،نيل الأوطار 1:358.
7- 7) المغني 1:392،الكافي لابن قدامة 1:107،المجموع 2:524،فتح العزيز بهامش المجموع 2: 573،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:33،نيل الأوطار 1:358،سنن التّرمذي 1:258.
8- 8) انظر:سنن التّرمذي 1:258،نيل الأوطار 1:357،358،المجموع 2:524،مغني المحتاج 1: 119،فتح العزيز بهامش المجموع 2:573،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:33،المغني 1: 392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،بداية المجتهد 1:52،المحلّى 2:203.
9- 9) سنن البيهقي 1:341،المغني 1:392،المجموع 2:524.
10- 10) سنن البيهقي 1:341،سنن الدّارمي 1:229،المجموع 2:524،المحلّى 2:205.

نازعوا في ذلك.على انّه قال في أحد وجهيه:أكثر الحيض ثلاثة عشر يوما.

احتجّ مالك بأنّه قد روي في بعض الأخبار انّه سبعون (1).

و الجواب:انّه غريب،و المشهور ما قلناه.

و احتجّ ابن أبي عقيل بما رواه البزنطيّ في جامعة في الصّحيح،عن جميل،عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

و بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«تقعد النّفساء تسع عشرة ليلة،فإن رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة» (3).

و الجواب:انّه مع شذوذه مناف للأصل المقتضي لشغل الذّمّة بالعبادة،مع انّ ابن سنان الرّاوي المذكور روى انّ أكثره مقدار الحيض (4).

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن يقطين،عن أبي الحسن الماضي

ص:441


1- 1لم نعثر على قول مالك في المصادر الموجودة،و لكن قال في المجموع 2:524:قال الليث:قال بعض النّاس:انه سبعون يوما.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:253. [1]
3- 3) التّهذيب 1:177 حديث 510،الاستبصار 1:152 حديث 530،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 14-و [2]في الوسائل: [3]سبع عشرة ليلة.
4- 4) التّهذيب 1:178 الاستبصار 1:153.

عليه السّلام انّ أكثره ثلاثون يوما (1).

لأنّا نقول:هذه رواية شاذّة لم يعمل بها أحد،فلا تكون معارضة للرّوايات المتقدّمة (2)،و مع ذلك فهي محتملة للتّأويل.

مسألة:لو انقطع الدّم لدون العشرة،أدخلت قطنة،فإن خرجت نقيّة اغتسلت و صلّت،و جاز لزوجها أن يقربها،و حلّ عليها جميع ما يحلّ على الطّاهرات،و إن خرجت ملوّثة صبرت إلى النّقاء،أو تمضي مدّة الأكثر و هي عشرة أيّام إن كانت عادتها،و إلاّ صبرت عادتها خاصّة و استظهرت بيوم أو يومين،و كذا البحث لو استمرّ بها الدّم.و بعض المتأخّرين غلط ها هنا،فتوهّم انّ مع الاستمرار تصبر عشرة (3)،و لا نعرف عليه دليلا سوى ما رواه يونس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«تستظهر بعشرة أيّام» (4)و ذلك غير دالّ على محلّ النّزاع،إذ من المحتمل أن تكون عادتها ثمانية أيّام أو تسعة أيّام،و يدلّ على ما اخترناه،الأحاديث الّتي قدّمناها (5)،فإنّها دالّة على حوالة النّفساء على الحائض في الأيّام و الاستظهار بيوم أو يومين.

فروع:
الأوّل:لا يرجع إذا تجاوز دمها إلى عادتها في النّفاس،

لما رويناه من الأحاديث الدّالة على الحوالة على أيّام الحيض (6).

ص:442


1- 1التّهذيب 1:174 حديث 497،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 16. [1]
2- 2) في ص 531 و 532.
3- 3) المعتبر 1:255،257، [2]المختصر النّافع:11.
4- 4) التّهذيب 1:175 حديث 502،الاستبصار 1:151 حديث 522،الوسائل 2:612 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 3. [3]
5- 5) راجع:ص 430-432.
6- 6) انظر:ص 430-432.

و ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن يحيى الخثعميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن النفساء؟فقال:«كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها»قلت:فلم تلد فيما مضى؟قال:«بين الأربعين إلى الخمسين» (1).ليست مشهورة مع ضعف سندها و لم يعمل على مضمونها أحد من الأصحاب،و هي معارضة للرّوايات الصّحيحة، فكانت مدفوعة بالكلّيّة.على انّه يحتمل انّه أراد:إذا تطابقت أيّامها في النّفاس المتقدّم مع أيّامها في الحيض.

الثّاني:هل ترجع إلى عادة أمّها و أختها في النّفاس؟لا نعرف فتوى

لأحد ممّن تقدّمنا في ذلك.

و قد روى الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«النّفساء إذا ابتليت بأيّام كثيرة مكثت،مثل أيّامها الّتي كانت تجلس قبل ذلك و استظهرت بمثل ثلثي أيّامها،ثمَّ تغتسل و تحتشي و تصنع كما تصنع المستحاضة،و إن كانت لا تعرف أيّام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيّام أمّها،أو أختها،أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك،ثمَّ صنعت كما تصنع المستحاضة،تحتشي و تغتسل» (2)و الرّواية شاذّة و في سندها ضعف،و الأقوى الرّجوع إلى أيّام الحيض.

الثّالث:لو كانت مبتدئة،أو مضطربة،أو ذات عادة منسيّة فإن انقطع الدّم

لعشرة فما دون فهو نفاس

قطعا،و لو تجاوز ففي قدر أيّامها حينئذ نظر،فإنّه يمكن أن يقال:انّها تجلس ستّة أيّام،أو سبعة،لأنّ الحائض تقعد ذلك فكذلك النّفساء،لأنّه حيض في الحقيقة،و لأنّ قوله عليه السّلام:«تجلس أيّام حيضها الّتي كانت

ص:443


1- 1التّهذيب 1:177 حديث 507،الاستبصار 1:152 حديث 527،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 18- [1]في جميع المصادر:من أولادها و ما جربت.
2- 2) التّهذيب 1:403 حديث 1262،و فيه:بمثل أيّام أمّها أيّامها،ثمَّ تغتسل.الوسائل 2:616 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 20. [2]

تحيض» (1)كما يتناول الماضي يتناول المستقبل،و فيه ضعف.و يمكن أن يقال:انّها تجلس عشرة أيّام،لأنّه حيض في الحقيقة فلا يزيد على أيّامه،و لرواية يونس،و لأنّ العشرة،أيّام الحيض فتنفّست بها،و لأنّ النّفاس قد ثبت بيقين،فلا يزول إلاّ بيقين و هو بلوغ العشرة بخلاف الحيض،لأنّه لم يثبت من الابتداء بيقين.

و يمكن أن يقال:تجلس ثمانية عشر،لرواية محمّد بن مسلم الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كم تقعد النّفساء حتّى تصلّي؟قال«:ثمان عشرة،سبع عشرة» (2).

و للرّواية الصّحيحة،عن أبي جعفر عليه السّلام بمثله (3)و تحمل هذه النّفساء على المبتدئة جمعا بين الأخبار،فإنّ هذه مطلقة.و الأحاديث المتقدّمة دالّة على سبق عادة للمرأة فتعمل بتلك في موضعها،و تحمل هذه الرّواية المطلقة على المبتدئة،و هذا الأخير كأنّه أقرب إلى الصّواب،و للشّافعيّ قولان:في أحدهما:يرد إلى لحظة،و في الآخر:إلى أربعين (4).

الرّابع:الأقرب انّ الاستظهار بيوم أو يومين لذات العادة ليس بواجب،

لما رواه الشّيخ،عن زرارة و فضيل في الصّحيح،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«تكفّ عن الصّلاة أيّامها،ثمَّ تغتسل» (5)فترك الاستظهار بترك العبادة عقيب السّؤال دالّ على

ص:444


1- 1الكافي 3:99 حديث 5، [1]التّهذيب 1:175 حديث 500،الاستبصار 1:150 حديث 520، الوسائل 2:613 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 8. [2]
2- 2) التّهذيب 1:177 حديث 508،الاستبصار 1:152 حديث 528،الوسائل 2:614 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 12. [3]
3- 3) التّهذيب 1:180 حديث 515،الاستبصار 1:153 حديث 531،الوسائل 2:615 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 15. [4]
4- 4) المجموع 2:531،فتح العزيز بهامش المجموع 2:589،مغني المحتاج 1:120.
5- 5) التّهذيب 1:173 حديث 495،الاستبصار 1:150 حديث 519،الوسائل 2:611 الباب 3 من أبواب النّفاس،حديث 1- [5]مع تفاوت يسير.

عدم الوجوب.

الخامس:إذا تجاوز الدّم أكثر أيّام النّفاس فهو استحاضة،

سواء صادف أيّام العادة في الحيض أو لم يصادف،خلافا لأحمد،فإنّه قال:إن صادف أيّام العادة فهو حيض،و إلاّ فهو استحاضة (1).

لنا:أنّه دم حيض قد احتبس فلا يتعقّبه حيض ما لم يفصل الطّهر بينهما،و بين هذا الدّم،و الموجود قبل الوضع فرق ما.

السّادس:لو تخلّل النّقاء بين الدّمين و لم يتجاوز أكثر النّفاس فالجميع نفاس

تقضي الصّوم الّذي فعلته عند الانقطاع.و هو قول أبي (2)حنيفة،و للشافعيّ فيما إذا رأت الدّم العائد يوما و ليلة بعد طهر خمسة عشر يوما قولان:

أحدهما:انّه حيض.و هو قول أبي يوسف (3)،و محمّد (4)،لأنّ الدّم فصل بينهما طهر صحيح،فلم يضمّ أحدهما إلى الآخر.

و الثّاني:هو نفاس (5).و به قال أبو حنيفة،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (6)، و هو قول (7)عطاء و الشّعبيّ (8)،لأنّهما دمان في زمان (9)أيّام النّفاس،فكانا نفاسا،

ص:445


1- 1المغني 1:393،الانصاف 1:384،الكافي لا بن قدامة 1:108.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 2:19 و ج 3:211،شرح فتح القدير 1:166،المجموع 2:528.
3- 3) المبسوط للسرخسي 3:211،المجموع 2:528،شرح فتح القدير 1:166.
4- 4) المبسوط للسرخسي 3:211،شرح فتح القدير 1:166،المحلى 2:203،المجموع 2:528.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:45،المجموع 2:528-529،فتح العزيز بهامش المجموع 2:599-600، المغني 1:395، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:407. [2]
6- 6) المغني 1:394،الكافي لا بن قدامة 1:108،الإنصاف 1:384،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 406.
7- 7) المغني 1:394،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:406.
8- 8) المغني 1:394،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:406.
9- 9) «م»:زمن.

كما لو تخلّل بينهما أقلّ من خمسة عشر يوما.و في الرّواية الأخرى عن أحمد (1)انّه مشكوك فيه،فتصوم فيه و تصلّي و تقضي الصّوم،أمّا ما صامته في زمن الطّهر فقد نصّ أحمد (2)على انّه صحيح لا قضاء فيه.

لنا:انّه دم في زمن النّفاس،فكان نفاسا كالأوّل،و كما لو اتّصل،و مع ثبوت انّه نفاس كانت أيّام النّقاء كذلك،لأنّها لا تفصل ما لم تكمل أقلّ الطّهر و هو عشرة.

السّابع:لو لم يعد إلاّ بعد العاشر،اختصّ النّفاس بأيّام الدّم و كانت أيّام النّقاء

طهرا

،لأنّ النّفاس هو الدّم،و لم يوجد صورة و لا حكما.

أمّا القائلون من أصحابنا بأنّ أكثر النّفاس ثمانية عشر (3)،لو رأت ساعة بعد الولادة،ثمَّ انقطع عشرة أيّام،ثمَّ رأته ثلاثة أيّام،فإنّه يحتمل أن يكون حيضا،لأنّه بعدد أيّامه بعد طهر كامل،و أن يكون نفاسا،لأنّه في وقت إمكانه (4).فعلى الأوّل لو رأته أقلّ من ثلاثة،كان دم فساد لأنّه أقلّ من عدد الحيض بعد طهر كامل،فكان فسادا.و على الثّاني يكون نفاسا،و لم نقف لهم على نصّ في ذلك.

الثّامن:لو ولدت و لم تر دما إلاّ يوم العاشر فهو النّفاس خاصّة،

و ما قبله طهر و ما بعده استحاضة،لما قلناه من انّ النّفاس هو الدّم،و إنّ حدّه عشرة أيّام،و لو لم تر في العشرة دما،ثمَّ رأت بعدها،فإنّ استمرّ ثلاثة فهو حيض،و لا نفاس لها،لأنّ أيّامه قد انقضت بغير دم،و إن كان أقلّ فهو استحاضة إلاّ أن يعود قبل انقضاء العشرة الثّانية

ص:446


1- 1المغني 1:394،الإنصاف 1:385،الكافي لابن قدامة 1:108،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:406.
2- 2) المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:407.
3- 3) منهم المفيد في المقنعة:7،و الصّدوق في الفقيه 1:55،و السّيّد المرتضى في الانتصار:35،و سلاّر في المراسم:44،و المحقّق الحلّي في المعتبر 1:253.
4- 4) «م»«ن»«د»:أحكامه.

و يكمل ثلاثة فإنّه يكون حيضا عند القائلين بالتّلفيق.

التّاسع:المعتادة في الحيض لو كانت ذات جفاف،ثمَّ ولدت و استحيضت،

جرت على عادتها،

فلو كانت عادتها في الحيض خمسة من كلّ شهر و نفست عشرا،ثمَّ طهرت شهرا مرّتين أو مرارا،ثمَّ استحيضت،رجعت إلى عادتها في الحيض و لم تنتقل بتغيّر الطّهر.

العاشر:لو ولدت و لم تر الدّم إلى خمسة عشر يوما،ثمَّ رأته،فعندنا ليس بنفاس

إذ النّفاس قد خرج.و عند القائلين بأنّ أكثره ثمانية عشر يوما يكون نفاسا،و للشّافعيّ فيه وجهان (1).

الحادي عشر:لا اعتبار بعادتها في النّفاس عندنا

،لما بيّنّاه،خلافا لأكثر الجمهور (2)،فعلى قولهم لو كانت عادتها في النّفاس ثلاثين،فولدت فرأت الدّم عشرين و رأت الطّهر عشرة أيّام من عادتها،ثمَّ رأت الدّم حتّى جاوز الأربعين في قول من يجعل الأربعين حدّ الأكثر (3)،قال أبو يوسف:يكون نفاسها ثلاثين (4).و قال محمّد:

نفاسها عشرون (5)،لأنّ أبا يوسف يختم النّفاس بالطّهر،خلافا لمحمّد.

الثّاني عشر:القائلون باعتبار العادة فيه،اختلفوا فيما يزيد عليها،

فعند الشّافعيّ إن كانت معتادة يرد إليها،ثمَّ يحكم بالطّهر بعد العادة على قدر عادتها،ثمَّ يبتدئ

ص:447


1- 1المجموع 2:529،فتح العزيز بهامش المجموع 2:600،601.
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:34 بدائع الصّنائع 1:42،المجموع 2:530،المبسوط للسّرخسي 2:19،فتح العزيز بهامش المجموع 2:586.
3- 3) منهم:أبو حنيفة،و الثّوري،و أحمد،و إسحاق،و أبو عبيد. انظر:بدائع الصّنائع 1:41،المحلّى 2:203،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى:33،شرح فتح القدير 1:166،المبسوط للسّرخسي 2:19،مقدّمات ابن رشد 1:91،بداية المجتهد 1:52، المغني 1:392،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:402،نيل الأوطار 1:358،سنن التّرمذي 1: 258،الإنصاف 1:383،المجموع 2:524.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:42،43 المبسوط للسّرخسي 2:19،20.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:42،43 المبسوط للسّرخسي 2:19،20.

حيضها.قال:و لو ولدت مرارا و هي ذات جفاف،ثمَّ ولدت و استحيضت،فهي كالمبتدئة و عدم النّفاس لا يثبت لها عادة،كما انّها لو حاضت خمسا و طهرت سنة و هكذا مرارا،ثمَّ استحيضت فلا نقول:الدّور سنة،بل أقصى ما يرتقي إليه الدّور تسعون يوما،و هو ما تنقضي به عدّة الآئسة و ما فوقه لا يؤثّر فيه العادة (1).و في المبتدئة قولان تقدّما (2).

و المميّزة حكمها حكم الحائض في شروط التّمييز إلاّ انّ السّتّين هاهنا بمنزلة خمسة عشر،و في المتحيّرة قولان:أحدهما:تردّ إلى الاحتياط.و في الآخر:إلى المبتدئة (3).

الثّالث عشر:لو ولدت توأمين فما بعد الثّاني نفاس قطعا،

و لكنّهم اختلفوا، فذهب علماؤنا إلى أنّ أوّله من الأوّل،و آخره من الثّاني.و به قال أبو إسحاق المروزيّ من أصحاب الشّافعيّ،و أبو الطيّب الطّبري[1]،و بعض الحنابلة (4).فعلى هذا لو رأت الدّم بعد الأوّل عشرة كان نفاسا،فلو ولدت بعد العشرة بلا فصل حتّى جاوز دمها إلى العشرة كان نفاسها عشرين.و قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين:انّ النّفاس كلّه من الأوّل،أوّله و آخره (7).فعلى هذا لو ولدت الثّاني عقيب

ص:448


1- 1فتح العزيز بهامش المجموع 2:585.
2- 2) تقدما في 443.
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 2:594.
4- 4) المغنيّ 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:409،الإنصاف 1:386. [1]
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغيناني 1:34، [2]شرح فتح القدير 1: 167،المغني 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:409،المجموع 2:526.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:54،المغنيّ 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:408،المجموع 2:526.
7- 7) المغنيّ 1:395،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:408،الكافي لابن قدامة 1:108،المجموع 2: 526، [3]الإنصاف 1:386، [4]منار السّبيل 1:61.

مضي أكثر النّفاس لم يكن الثّاني نفاسا.و قال زفر:انّ ابتداءها و انتهاءها من الثّاني، فلم تجعل ما قبل الولادة الثّانية نفاسا (1).

لنا:انّ الثّاني دم يعقب ولادة،فلا ينتهي قبل انتهاء مدّة النّفاس كالمنفرد.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ أوّله من الولد الأوّل (2)،لما بيّنّاه فيما سلف (3)،فآخره منه كالمنفرد.

و الجواب:الفرق ظاهر لتكثّر الولادة الموجبة لتعدّد أيّام النّفاس في الصّورة الثّانية دون الاولى،و احتجاج زفر،و الجواب عنه قد مضى (4).

مسألة:و حكم النّفساء حكم الحائض

في جميع ما يحرم عليها و يكره و يباح، و يسقط عنها من الواجبات و يستحبّ،و تحريم وطئها،و جواز الاستمتاع بما دون الفرج لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم،و إنّما يتفارقان في أقلّ أيّامه فلا حدّ له ها هنا،و في أكثره على رأي (5)،و بانقضاء العدّة فإنّ الحيض علّة فيه بخلاف النّفاس،إذ المقتضي للخروج من العدّة إنّما هو الوضع،و بالدّلالة على البلوغ،فإنّه يحصل بالحيض دونه، لحصوله بالحمل قبله.و خالفت الحنفيّة في انقضاء العدّة به،فجعلوه علّة،فعلى هذا إذا طلّقها بعد الولادة،ثمَّ قالت بعد ذلك انقضت عدّتي،قال أبو حنيفة:لا تصدّق في أقلّ

ص:449


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغينانيّ 1:34:167،المغنيّ 1: 396،الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:409،المجموع 2:526.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 2:20،بدائع الصّنائع 1:43،الهداية للمرغينانيّ 1:34،شرح فتح القدير 1:167.
3- 3) تقدّم في ص 428.
4- 4) تقدّم في ص 429.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:53،بداية المجتهد 1:52،مقدّمات ابن رشد 1:91،المحلّى 2:203، المجموع 2:524. [1]

من خمسة و ثمانين يوما،و في رواية عنه:لا تصدّق في أقلّ من مائة يوم،و في أخرى:لا تصدّق في أقلّ من مائة و خمسة عشر يوما.و قال أبو يوسف:لا تصدّق في أقلّ من خمسة و ستّين.و في قول محمّد:لا تصدّق في أقلّ من أربعة و خمسين يوما و ساعة.و هذه المسألة تبنى عندهم على انّ الدّمين إذا استدارا في الأربعين كان ذلك كلّه نفاسا في قول أبي حنيفة،و في قول صاحبيه:إذا كان الطّهر أقلّ من خمسة عشر يوما لم يفصل،و إلاّ فصل.

و أيضا:المعتدّة لا تصدّق في الإخبار عن انقضاء العدّة في أقلّ من شهرين في قول أبي حنيفة،و عندهما لا تصدّق في أقلّ من تسعة و ثلاثين يوما.و اختلفت الرّوايات عنه في تخريج قوله:فروى محمّد انّه يبدأ بالطّهر خمسة عشر،ثمَّ الحيض خمسة،ثلاثة أدوار، فيكون ستّين.و روى عنه الحسن بن زياد انّه يبدأ بالحيض عشرة،ثمَّ الطّهر خمسة عشر، ثلاثة أدوار،فطهران،و ثلاث حيض،فيكون المجموع ستّين يوما (1).

إذا عرفت هذا،فنقول:ظهر على قول أبي حنيفة على الرّواية الاولى،[انّه] (2)يجعل النّفاس خمسة و عشرين يوما،و خمسة عشر طهرا لتأمن عليها الانتقاض،ثمَّ يضمّ خمسة و عشرين النّفاس إلى شهرين،فتصير خمسة و ثمانين يوما،الحيض خمسة،ثمَّ الطّهر خمسة عشر يوما،ثمَّ الحيض خمسة.

و في الرّواية الثّانية:انّه يجعل الحيض عشرة،و محمّد يجعل الحيض خمسة،فإن زاد ثلاث مرّات خمسة،فعلى هذا صارت مائة.

و في الرّواية الّتي يجعل مائة و خمسة عشر يجعل النّفاس أربعين و يضمّ خمسة عشر إلى مائة.

و أمّا أبو يوسف،فإنّه يجعل النّفاس أحد عشر و الطّهر بعده خمسة عشر،ثمَّ يضمّ إلى ذلك تسعة و ثلاثين على مذهبه في المعتدّة فتصير خمسة و ستّين يوما،و إنّما جعل النّفاس

ص:450


1- 1لا حظ هذه الأقوال كلّها في:المبسوط للسّرخسي 3:216-219.
2- 2) في النّسخ:لأنّه.و لعلّ الأنسب ما أثبتناه.

أحد عشر،لأنّ النّفاس غالبا يزيد على أكثر الحيض،و السّاعات لا تضبط (1)فانتقل عنها إلى الأيّام،و أقلّ الأيّام يوم،فاقتصر عليه.

و أمّا محمّد فإنّه يصدّقها في أقلّ النّفاس-و هو ساعة-كما في أقلّ الحيض،ثمَّ بعدها طهر خمسة عشر،ثمَّ يضمّ ذلك إلى تسعة و ثلاثين فتصير أربعة و خمسين يوما و ساعة.

و هذا الفرع ساقط عندنا،لأنّه مبنيّ على أصول ذهب فساد بعضها،و سيأتي إبطال الباقي إن شاء اللّه.

مسألة:و غسلها واجب،
اشارة

لا نعرف فيه مخالفا من أهل القبلة.و كيفيّته:كغسل الحيض،و لا بدّ معه من الوضوء على الخلاف (2)،و يجوز تقديم الوضوء و تأخيره،و تقديمه أفضل.نصّ عليه الشّيخ في المبسوط (3)،و قال في الجمل بوجوب تقديم الوضوء عليها و على الحائض (4).و الأقرب عدم الوجوب،إذ الأصل عدمه.

و روى الشّيخ في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«في كلّ غسل وضوء إلاّ الجنابة» (5).

و المعيّة الحقيقيّة غير مرادها هنا لتعذّره،فيحمل على المقارنة (6)الممكنة بالتّقدّم اليسير أو التّأخّر.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي

ص:451


1- 1«د»«ح»:لا تنضبط.
2- 2) جمل العلم و العمل:51.
3- 3) المبسوط 1:30.
4- 4) الجمل و العقود:45،47.
5- 5) التّهذيب 1:143 حديث 403 و ص 303 حديث 881،الاستبصار 1:209 حديث 733،الوسائل 1:516 الباب 35 من أبواب الجنابة،حديث 2. [1]
6- 6) «خ»«م»«ن»:المقاربة.

عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّ غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة» (1).

لأنّا نقول:هذه صيغة إخبار،و هو غير مراد،فلا بدّ من إضمار شيء أو صرفه إلى الأمر،فيخرج عن الدّلالة الظّاهرة،فلا يبقى حجّة.نعم،الأولويّة ثابتة.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سمعته يقول:ليس على النّفساء غسل في السّفر» (2).

لأنّا نقول:هذا الحديث متروك الظّاهر بالإجماع،فلا بدّ من تأويله بالمحتمل،و هو ما إذا تعذّر استعمال الماء إمّا للحاجة إليه،أو لتعذّره،أو لغيرهما من الموانع بقرينة السّفر الّذي هو مظنّة الأعذار.

تذنيب:لو طهرت،ثمَّ ولدت و لم تر دما لم تنتقض طهارتها،

لأنّ الولادة بمجرّدها ليست ناقضة.

الفصل الخامس:في غسل مسّ الأموات
مسألة:و يجب الغسل على من مسّ ميّتا
اشارة

من النّاس بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالغسل.

و هو قول أكثر علمائنا (3)،و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و أبي هريرة،و سعيد بن المسيّب،و ابن سيرين،و الزّهريّ،و أبي سعيد الجوزجانيّ (4)(5)،و الشّافعيّ في

ص:452


1- 1التّهذيب 1:139 حديث 391،الاستبصار 1:126 حديث 428،الوسائل 1:516 الباب 35 من أبواب الجنابة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:107 حديث 280،الاستبصار 1:99 حديث 320،الوسائل 2:610 الباب 1 من أبواب النّفاس،حديث 3. [2]
3- 3) منهم:الشّيخ في المبسوط 1:40،و [3]أبو الصّلاح في الكافي:129،و [4]ابن البرّاج في المهذّب 1:33، و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):664،و المحقّق في المعتبر 1:351،و [5]الشّرائع 1:25. [6]
4- 4) كذا في النّسخ،و الصّحيح:أبو إسحاق الجوزجاني كما في المصدر.و هو إبراهيم بن يعقوب صاحب التّصانيف،سمع الحسين بن علي الجعفي و يزيد بن هارون،و حدّث عنه أبو داود و التّرمذي و النّسائي و أبو زرعة.مات سنة 259 ه.تذكرة الحفّاظ 2:549،العبر 1:372، [7]شذرات الذّهب 2:139. [8]
5- 5) المغنيّ 1:243، [9]الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:243. [10]

البويطيّ[1] (1)،و به قال أحمد في الكافر خاصّة (2).

و قال السّيّد المرتضى:هو مستحبّ و ليس بواجب (3).و هو مذهب الشّافعيّ (4)، و أبي حنيفة (5)،و أبي ثور (6)،و نقل عن ابن عبّاس،و ابن عمر،و عائشة و الحسن، و النّخعيّ،و إسحاق (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(من غسل ميّتا فليغتسل) (8)قال التّرمذيّ:و هذا حديث حسن.

و ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه أمر عليّا عليه السّلام أن يغتسل لمّا غسل أباه (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:453


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:129،المجموع 5:185.
2- 2) المغنيّ 1:243، [1]الشّرح الكبير بهامش المغنيّ 1:243. [2]
3- 3) جمل العلم و العمل:1.
4- 4) الام(مختصر المزني)8:10،المهذّب للشّيرازيّ 1:129،المجموع 5:186،المغنيّ 1:243،سنن التّرمذيّ 3:319، [3]المحلّى 2:24،مغني المحتاج 1:291،منار السّبيل 1:43.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:82،المجموع 5:186،المحلّى 2:14،المغني 1:243.
6- 6) المغنيّ 1:243،المحلّى 2:24،المجموع 5:186،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:243،منار السّبيل 1:43.
7- 7) المغنيّ 1:243،المحلّى 2:24،المجموع 5:186،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:243،منار السّبيل 1:43.
8- 8) سنن أبي داود 3:201 حديث 3161، [4]سنن ابن ماجه 1:470 حديث 1463،سنن البيهقي 1: 300،مسند احمد 2:280،433،454،472،و [5]نقله بتفاوت في سنن التّرمذي 3:318 حديث 993. [6]
9- 9) سنن البيهقيّ 1:304،مسند أحمد 1:103،129،المغنيّ 1:243.

قال:«و غسل من غسل ميّتا واجب» (1).

و ما رواه،عن يونس،عن رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و غسل من غسل ميّتا» (2)و عدّه في الفروض.

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اغتسل إذا غسلت ميّتا» (3).

و ما رواه في الحسن،عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من غسل ميّتا فليغتسل» (4).

و ما رواه،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يغتسل الّذي غسل الميّت» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«الغسل في سبعة عشر موطنا»و قال:«إذا غسلت ميّتا و كفّنته أو مسسته بعد ما يبرد» (6).

ص:454


1- 1التّهذيب 1:104 حديث 270.
2- 2) التّهذيب 1:105 حديث 271،الاستبصار 1:98 حديث 316،الوسائل 1:463 الباب 1 من أبواب الجنابة،حديث 4،و [1]ج 2:930 الباب 1 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 17،في جميع المصادر:عن يونس عن بعض رجاله.
3- 3) التّهذيب 1:105 حديث 273،الوسائل 2:933 الباب 4 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 2،و 939 [2] الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9.
4- 4) التّهذيب 1:108 حديث 283،الاستبصار 1:99 حديث 321،الوسائل 2:929 الباب 1 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 14. [3]
5- 5) التّهذيب 1:108 حديث 284،الاستبصار 1:99 حديث 322،الوسائل 2:930 الباب 1 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 15. [4]
6- 6) التّهذيب 1:114 حديث 302،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 11. [5]

احتجّ المخالف (1)بما رووه،عن صفوان بن عسّال قال:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيّام إلاّ من جنابة (2).و لأنّه غسل آدميّ فلم يوجب الغسل كغسل الحيّ.

و الجواب عن الأوّل،من وجوه:

أحدها:الطّعن في الحديث،فإنّ مالك بن أنس لم يعمل به،و لو كان صحيحا لما ردّه.

الثّاني:انّ قوله:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ليس نصّا في الباب،لجواز أن يكون توهّم ما ليس بأمر أمرا.

الثّالث:أنّهم تارة ينقلون عن صفوان و اخرى عن عوف بن مالك الأشجعي[1] (3)،و ذلك دليل الاضطراب و تطرّق التّهمة.

الرّابع:انّهم نقلوه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غزاة تبوك،و لو قلنا بموجبة،لما كان نقضا،لأنّ الغالب في أحوال (4)الحرب استناد الموت إلى القتل،و نحن نقول:انّه لا يجب على من مسّه،الغسل حينئذ.

ص:455


1- 1المغنيّ 1:243،الشّرح الكبير [1]بهامش المغنيّ 1:244.
2- 2) سنن التّرمذيّ 1:159 حديث 96، [2]سنن ابن ماجه 1:161 حديث 478،سنن الدّار قطنيّ 1:197 حديث 15،سنن النّسائيّ 1:84،نيل الأوطار 1:228 حديث 4،سنن البيهقي 1:276 مع تفاوت يسير.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:197 حديث 18،سنن البيهقيّ 1:275.
4- 4) «م»:حال.

الخامس:انّه عليه السّلام إنّما أمرهم بذلك بناء على الغالب،فلا يكون دالاّ على النّفي عن غيره.

و عن الثّاني:بالفرق،فإنّ الميّت نجس عندنا،لما يأتي بخلاف الحيّ.

فروع:
الأوّل:يجب الغسل على الغاسل و من مسّه بغير الغسل،

لرواية محمّد بن مسلم.

و قد تقدّمت (1).

الثّاني:لا فرق في اللّمس بين أن يكون أحدهما رطبا أو كلاهما يابسين

(2)

عملا بالعموم.

الثّالث:لو مسّه رطبا ينجس نجاسة عينيّة،

لما يأتي من انّ الميّت نجس.و لو مسّه يابسا فالوجه انّ النّجاسة حكميّة،فلو لاقى ببدنه (3)بعد ملاقاته للميّت رطبا لم يؤثّر في تنجيسه،لعدم دليل التّنجيس و ثبوت الأصل الدّالّ على الطّهارة.

مسألة:و لا يجب الغسل لو مسّه بعد تطهيره بالغسل و لا قبل برده بالموت،
اشارة

و هو مذهب علماء الأمصار،لأنّه بعد التّطهير طاهر،فلا يؤثّر في التّنجيس العيني و الحكميّ، و قبل البرد طاهر،لعدم انتقال الرّوح بالكلّيّة،فلا يؤثّر في التّنجيس.و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و لا تغتسل من مسّه إذا أدخلته القبر و لا إذا حملته» (4).

و روى في الحسن،عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و إن مسّه ما

ص:456


1- 1تقدّمت في ص 454.
2- 2) «ح»«د»:المس.
3- 3) «خ»بدنه.
4- 4) التّهذيب 1:105 حديث 273،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9. [1]

دام حارّا فلا غسل عليه» (1).

و عن ابن سنان عنه عليه السّلام:«و إن قبّل الميّت بعد موته-و هو حار-فليس عليه غسل،و لكن إذا مسّه و قبّله و قد برد فعليه الغسل،و لا بأس بمسّه بعد الغسل و تقبيله» (2).

فروع:
الأوّل:قال الشّيخ في المبسوط:لو مسّه قبل برده لم يجب الغسل

و يغسل يده (3).و في وجوب غسل اليد عندي نظر.

الثّاني:الأقرب في الشّهيد انّه لا يجب الغسل بمسّه،

لأنّ الرّواية تدلّ بمفهومها على انّ الغسل إنّما يجب في الصّورة الّتي يجب فيها تغسيل الميّت قبل غسله.

الثّالث:المقتول قودا،أو مرجوما،أو حدّا،إذا فعل ما أمر به من الغسل،هل

يجب الغسل بمسّه بعد برده بالموت؟فيه نظر

من حيث انّه قد أمر بالتّطهير أوّلا،و أوجب ابن إدريس الغسل به (4).و لو مات حتف أنفه بعد الغسل قبل القتل وجب إعادة الغسل عليه،و يجب على من مسّه الغسل.

الرّابع:السّقط الّذي لدون أربعة أشهر لا يجب بمسّه الغسل.

قاله المفيد رحمه اللّه (5)و هو قويّ لما ذكرنا في المقتول،و لأنّه لا يسمّى ميّتا،إذ الموت إنّما يكون بعد

ص:457


1- 1التّهذيب 1:108 حديث 283،الاستبصار 1:99 حديث 321،الوسائل 2:929 الباب 1 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 14. [1]
2- 2) التّهذيب 1:108 حديث 284،الاستبصار 1:99 حديث 322،الوسائل 2:930 الباب 1 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 15، [2]بتفاوت في الجميع.
3- 3) المبسوط 1:179. [3]
4- 4) السّرائر:33.
5- 5) المقنعة:12.

حياة سابقة،و هو إنّما يتمّ في أربعة أشهر،نعم،يجب غسل اليد.

الخامس:الأقرب انّ الغسل يجب بمسّ الكافر،

لأنّه في حياته نجس و بالموت لا يزول عنه ذلك الحكم،و يحتمل العدم،لأنّ قولهم قبل تطهيره بالغسل،إنّما يتحقّق في ميّت يقبل التّطهير.

السّادس:لو تعذّر الماء فيمّم الميّت وجب على من مسّه بعده الغسل،

لأنّ النّصّ قيّد فيه التّطهير بالغسل.

مسألة:و يجب الغسل بمسّ قطعة من الميّت ذات عظم

لأنّها بعضه،فيجب فيها ما يجب فيه،و لأنّ المسّ المعلّق عليه الوجوب يصدق بمسّ الجزء،و ليس الكلّ مقصودا، و الانفصال لا يغيّر حكما،أمّا لو كانت خالية من العظم لم يجب الغسل بمسّها،بل يجب غسل ما مسّها به خاصّة،نصّ عليه الأصحاب.و كذا الحكم لو قطعت من حيّ يجب بمسّها الغسل إن كانت ذات عظم،و إلاّ فلا.

مسألة:و لو مسّ ميّتا من غير النّاس لم يجب الغسل
اشارة

و إنّما يجب غسل ما مسّه به، و لا أعرف في عدم وجوب الغسل خلافا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن يونس بن عبد الرّحمن،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته هل يجوز أن يمسّ الثّعلب و الأرنب أو شيئا من السّباع حيّا أو ميّتا؟قال:«لا يضرّه،و لكن يغسل يده» (1).

فروع:
الأوّل:لو كانت الميتة غير ذات نفس سائلة لم تنجس بالموت

لما يأتي،فلا تؤثّر في التّنجيس.

الثّاني:لا فرق بين أن يمسّ الميتة برطوبة أو لا في إيجاب غسل اليد خاصّة،

و لا

ص:458


1- 1التّهذيب 1:277 حديث 816،الوسائل 2:935 الباب 6 من أبواب غسل مسّ الميّت،حديث 4. [1]

فرق بين كون الميتة مأكولة اللّحم أولا.

الثّالث:لو مسّ الصّوف المتّصل بها،أو الشّعر،أو الوبر ففي إيجاب غسل اليد

نظر

ينشأ من صدق اسم مسّ الميتة،و من كون الممسوس لو كان طاهرا فلا يؤثّر اتّصاله نجاسة (1)المماسّ.

الرّابع:هل تنجس اليد لو كانت الميتة يابسة؟فيه نظر

ينشأ من كون النّجاسات العينيّة اليابسة غير مؤثّرة في الملاقي،و من عموم وجوب الغسل،و إنّما يكون مع التّنجيس،و حينئذ تكون نجاستها عينيّة أو حكميّة؟الأقرب:الثّاني،فلو لامس رطبا قبل غسل يده لم يحكم بنجاسته على إشكال،و ينجس لو لامس الرّطبة من الميتة نجاسة عينيّة.

مسألة:قال بعض الجمهور:يجب الغسل على من غسل الكافر الحيّ ،

(2)

و لا نعلم له حجّة بوجه أصلا،مع انّ أهل العلم كافّة على خلافه.و أمّا كيفيّة غسل الأموات فسيأتي في باب الجنائز إن شاء اللّه تعالى.

الفصل السّادس:في الأغسال المندوبة
و هي إمّا أن تستحبّ للوقت،
اشارة

أو للمكان،أو للفعل.و للأوّل أقسام:

منها:غسل الجمعة،و هو مستحبّ عند أكثر علمائنا (3)،و أكثر أهل العلم (4)، و هو قول الأوزاعيّ،و الثّوريّ (5)،و مالك (6)،و الشّافعيّ (7)،و أبي حنيفة (8)،

ص:459


1- 1«خ»:بنجاسة.
2- 2) المغنيّ 1:244،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:244.
3- 3) منهم:المفيد في المقنعة:6،و الشّيخ في المبسوط 1:40،و ابن إدريس في السّرائر:23،و أبو الصّلاح في الكافي:135،و المحقّق في الشّرائع 1:44.
4- 4) المغنيّ 2:199،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:198.
5- 5) المغنيّ 2:199،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:198.
6- 6) بداية المجتهد 1:164،مقدّمات ابن رشد 1:43،المغنيّ 2:199،المجموع 4:535،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:198.
7- 7) الام 1:211،المجموع 4:535،المغنيّ 2:199،فتح العزيز بهامش المجموع 4:614،الام: (مختصر المزني)8:10.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:89،المجموع 4:535،بدائع الصّنائع 1:269.

و أحمد (1).

و روي،عن مالك انّه واجب (2).و كذا روي،عن أحمد أيضا (3)،و عن أبي هريرة (4)،و هو قول عليّ بن بابويه من أصحابنا و ولده أبي جعفر (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن سمرة بن جندب[1]قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من توضّأ يوم الجمعة فبها و نعمت،و من اغتسل فالغسل أفضل) (6).

و عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(من توضّأ فأحسن الوضوء ثمَّ أتى الجمعة فاستمع و أنصت غفر له ما بينه و بين الجمعة و زيادة ثلاثة أيّام) (7)و لو

ص:460


1- 1المغنيّ 2:199، [1]الإنصاف 1:247 و ج 2:407، [2]المجموع 4:535. [3]الكافي لابن قدامة 1:298.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:89،بدائع الصّنائع 1:270،الهداية للمرغينانيّ 1:17،المجموع 4:535، نيل الأوطار 1:290.
3- 3) المغنيّ 2:199،الإنصاف 2:407.
4- 4) المغنيّ 2:199،المجموع 4:535.
5- 5) الفقيه 1:61،المقنع:45،الهداية:22.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:369 حديث 497، [4]سنن ابن ماجه 1:347 حديث 1091،سنن أبي داود 1:97 حديث 354،سنن النّسائيّ 3:94،سنن الدّارميّ 1:362، [5]في سنن ابن ماجه رواه عن أنس بن مالك.
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:371 حديث 498، [6]صحيح مسلم 2:588 حديث 857،سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1090،نيل الأوطار 1:291.

كان واجبا لبيّنة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الغسل في الجمعة و الأضحى و الفطر؟قال:«سنّة و ليس بفريضة» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن غسل الجمعة،فقال:«سنّة في السّفر و الحضر إلاّ أن يخاف المسافر على نفسه القرّ»[1] (2).

و ما رواه،عن أحمد بن محمّد،عن القاسم،عن عليّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل العيدين أ واجب هو؟فقال:«هو سنّة»قلت:فالجمعة؟قال:«هو سنّة» (3).

و لأنّ الأصل براءة الذّمّة،فشغلها يحتاج إلى دليل،و قد وقع الإجماع على التّرجيح فيبقى الزّائد منفيّا بالأصل.

احتجّ:المخالف (4)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(غسل

ص:461


1- 1التّهذيب 1:112 حديث 295،الاستبصار 1:102 حديث 333،الوسائل 2:944 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 1:112 حديث 296،الاستبصار 1:102 حديث 334،الوسائل 2:945 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 1:112 حديث 297،الاستبصار 1:103 حديث 335،الوسائل 2:945 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 12. [3]
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:89،المجموع 4:535،المغنيّ 2:199،نيل الأوطار 1:290،بدائع الصّنائع 1:270،الهداية للمرغينانيّ 1:17.

الجمعة واجب على كلّ محتلم) (1)و قوله عليه السّلام:(من أتى منكم الجمعة فليغتسل) (2)و الأمر للوجوب.

و عن أبي هريرة عنه عليه السّلام قال:(حقّ على كلّ مسلم أن يغتسل في كلّ سبعة أيّام يوما و يغسل رأسه و جسده) (3).

و احتجّ ابنا بابويه (4)بما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«غسل الجمعة واجب في السّفر و الحضر إلاّ انّه رخّص للنّساء في السّفر لقلّة الماء» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«اغتسل يوم الفطر و الأضحى و الجمعة و إذا غسلت ميّتا» (6)و الأمر للوجوب.

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«الغسل من الجنابة و يوم الجمعة» (7)و لا ريب انّ الأوّل واجب،فكذا الثّاني،لأنّ حرف الصّلة لا بدّ له من متعلّق عامل فيه،و لا يصحّ تعلّقه بغير الوجوب،و العطف

ص:462


1- 1صحيح البخاريّ 2:6،صحيح مسلم 2:580 حديث 846،سنن أبي داود 1:94 حديث 341، سنن النّسائيّ 3:93،سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1089،الموطّأ 1:102 حديث 4، [1]نيل الأوطار 1:293 حديث 2،جامع الأصول 8:199 حديث 5354،سنن الدّارميّ 1:361.و [2]فيها: غسل يوم الجمعة.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:6،صحيح مسلم 2:579 حديث 844،سنن التّرمذيّ 2:364 حديث 492، [3]سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1088،سنن النّسائيّ 3:93،الموطّأ 1:102 حديث 5، [4]سنن الدّارميّ 1:361، [5]جامع الأصول 8:200 حديث 5358.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:7،صحيح مسلم 2:582 حديث 849،نيل الأوطار 1:294 حديث 3.
4- 4) الفقيه 1:45،61 حديث 176،الهداية:22. [6]
5- 5) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [7]
6- 6) التّهذيب 1:105 حديث 273،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9. [8]
7- 7) التّهذيب 1:110 حديث 290،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 10. [9]

يقتضي التّشريك.

و ما رواه في الحسن،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن الرّضا عليه السّلام قال:سألته عن غسل الجمعة،فقال:«واجب على كلّ ذكر و أنثى من عبد أو حرّ» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن عبيد اللّه (2)قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن غسل يوم الجمعة،فقال:«واجب على كلّ ذكر و أنثى من عبد أو حرّ» (3).

و الجواب عن الأوّل:انّها دالّة على تأكّد الاستحباب لا الإيجاب لما بيّنّاه،جمعا بين الأدلّة،و لأنّه ذكر في سياقه:و السّواك،و أن يمسّ طيبا.كذا رواه مسلم (4)، و السّواك و مسّ الطّيب ليسا بواجبين،فكذا الغسل.

و عن الرّواية الاولى من أحاديث ابني بابويه:انّها ضعيفة السّند،فإنّ سماعة (5)و عثمان بن عيسى (6)و الرّاوي عنه واقفيّان فلا تعويل على هذه الرّواية،و يحتمل انّه أراد بالوجوب شدّة الاستحباب لما بيّنّاه من الأحاديث،و هو الجواب عن باقي الرّوايات.

و قوله:انّ الأمر للوجوب،مسلّم،إلاّ انّه غير مراد هنا،لما بيّنّاه من الدّليل، و لأنّه لو كان للوجوب لكانت الأغسال الّتي عدّدها واجبة،و ليس كذلك.

و قوله:حرف الصّلة لا بدّ له من عامل يتعلّق به،و لا يصحّ تعلّقه بغير الوجوب

ص:463


1- 1التّهذيب 1:111 حديث 291،الاستبصار 1:103 حديث 336،الوسائل 2:943 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [1]
2- 2) «م»«ح»:عبد اللّه.
3- 3) التّهذيب 1:111 حديث 292،الاستبصار 1:103 حديث 337،الوسائل 2:944 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 6. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:581 حديث 846.
5- 5) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص:84.
6- 6) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص:39.

ممنوع،بل يتعلّق (1)بما تدلّ عليه قرينة الحال،و هو عموم الثّبوت و الاستقرار،و هذا لا ينافي الوجوب لدليل زائد.

فروع:
الأوّل:وقته للمختار من طلوع الفجر إلى الزّوال،

(2)

و هو قول مجاهد،و الحسن، و النّخعيّ،و الثّوريّ،و الشّافعيّ و إسحاق (3).و قال الأوزاعيّ:يجزيه قبل الفجر (4).

و عن مالك انّه لا يجزيه الغسل إلاّ أن يتعقّبه الرّواح (5).

لنا:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(من اغتسل يوم الجمعة) (6)و اليوم من طلوع الفجر.

و كذا من طريق الخاصّة قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«اغتسل يوم الجمعة» (7).

و أمّا انّ انتهاء وقته الزّوال،فلأنّ العلّة إنّما هي حضور المسجد للصّلاة،لما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان النّاس يروحون إلى الجمعة بهيئتهم فتظهر لم رائحة، فقيل لهم:لو اغتسلتم.رواه مسلم (8).

ص:464


1- 1«م»:متعلّق.
2- 2) «م»:وقت المختار.
3- 3) المغني 2:200،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:200،المجموع 4:536،المحلّى 2:20.
4- 4) المغني 2:200،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:200،المجموع 4:536،المحلّى 2:20.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:145،الموطّأ 1:102،المغني 2:200،الشّرح الكبير 2:200، [1]المجموع 4: 536،نيل الأوطار 1:293.
6- 6) سنن أبي داود 1:94 حديث 343 و ص 95:345،سنن التّرمذي 2:367 حديث 496،سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1087،سنن النّسائي 3:97،سنن الدّارمي 1:363،مسند أحمد 2:209.
7- 7) التّهذيب 1:105 حديث 273،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9.
8- 8) صحيح مسلم 2:581 حديث 847-بتفاوت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كانت الأنصار تعمل في نواضحها و أموالها،فإذا كان يوم الجمعة جاؤا فتأذّى النّاس بأرواح آباطهم و أجسادهم،فأمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السّنّة» (1).

و روى،عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرّجل لا يغتسل يوم الجمعة في أوّل النّهار،قال:«يقضيه في آخر النّهار فإن لم يجد فيقضيه يوم السّبت» (2)و القضاء إنّما يكون بعد فوات الوقت.

الثّاني:و الغسل مستحبّ لليوم،

خلافا لأبي يوسف (3)،فلو أحدث بعد الغسل لم يبطل غسله و كفاه الوضوء.و هو قول مجاهد،و الحسن،و مالك،و الأوزاعيّ، و الشّافعيّ (4)،و استحبّ طاوس،و الثّوريّ،و قتادة،و يحيى بن أبي كثير (5)إعادة الغسل.

لنا:انّه اغتسل يوم الجمعة فأتى بالمجزي،و الأمر لا يقتضي التّكرار،و لأنّ الغسل للتّنظيف،و قد حصل،و الحدث لا يضادّه،و لأنّه غسل،فلا يؤثّر الحدث في إبطاله كالجنابة،و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن بكير بن أعين قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في أيّ اللّيالي أغتسل في شهر رمضان؟قال:«في تسع عشرة،و في إحدى

ص:465


1- 1التّهذيب 1:366 حديث 1112،الوسائل 2:945 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،ذيل حديث 15. [1]
2- 2) التّهذيب 1:113 حديث 300،الاستبصار 1:104 حديث 340،الوسائل 2:949 الباب 10 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [2]
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:89-90،بدائع الصّنائع 1:270،الهداية للمرغيناني 1:17،شرح فتح القدير 1:59،عمدة القارئ 6:166.
4- 4) المغني 2:200،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:200-201،المجموع 4:536.
5- 5) المغني 2:200،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:201،المجموع 4:536، [3]المحلّى 2:22.

و عشرين،و في ثلاث و عشرين،و الغسل أوّل اللّيل»قلت:فإن نام بعد (1)الغسل؟ قال:«هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك» (2).

الثّالث:لو فاته يوم الجمعة قبل الزّوال قضاه بعده،

و لو فاته يوم الجمعة أصلا قضاه يوم السّبت.

لنا:أنّه عبادة مؤقّتة فات وقتها،فاستحبّ قضاؤها كغيرها من مؤقّتات العبادات.و يؤيّده:رواية سماعة بن مهران،و قد تقدّمت.

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة،قال:«يغتسل ما بينه و بين اللّيل،فإن فاته اغتسل يوم السّبت» (3).

و لو فاته يوم السّبت لم يستحبّ قضاؤه،لأنّ الأصل عدمه،و قد سلم عن معارضة النّصّ الدّالّ على خلافه بخلاف السّبت.

الرّابع:لو غلب على ظنّه يوم الخميس فقدان الماء في الجمعة استحبّ له تقديمه يوم

الخميس،

لأنّه طاعة في نفسه،فلا يؤثّر فيها الوقت،و لما رواه الشّيخ،عن محمّد بن الحسين،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لأصحابه:

«إنّكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد،فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة» (4).

و ما رواه،عن أحمد بن محمّد،عن الحسين (5)بن موسى بن جعفر،عن امّه و أمّ

ص:466


1- 1في النّسخ:يعيد،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 1:373 حديث 1142،الوسائل 2:950 الباب 11 من أبواب الأغسال المسنونة، حديث 2. [1]
3- 3) التّهذيب 1:113 حديث 301،الوسائل 2:950 الباب 10 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 1:365 حديث 1109،الوسائل 2:948 الباب 9 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. [3]
5- 5) الحسين بن موسى بن جعفر،روى عن أبيه و عن امّه و أمّ أحمد بن موسى بن جعفر(ع). جامع الرّواة 1:256، [4]معجم رجال الحديث 6:99. [5]

أحمد[1]ابنة[2]موسى بن جعفر عليه السّلام قالتا:كنّا مع أبي الحسن عليه السّلام بالبادية و نحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس:«اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة» (1).

تذنيب:لو اغتسل يوم الخميس لخوف الإعواز،ثمَّ وجد الماء يوم الجمعة،استحبّ له

الإعادة،

لأنّ البدل إنّما يجزي مع تعذّر المبدل،و غسل الخميس هنا بدل،أمّا لو وجده بعد الزّوال فالأقرب (2)عدم الإعادة لفوات الوقت،و القضاء كالتّقديم في البدليّة.

آخر:لو خاف الفوات يوم الجمعة دون السّبت احتمل استحباب التّقديم

للعموم، و لأنّ فيه مسارعة إلى فعل الطّاعة.و عدمه،لأنّ القضاء أولى من التّقديم كما في صلاة اللّيل للشّاب و المسافر.

الخامس:لا بدّ فيه من النّيّة،

لأنّه عبادة محضة فافتقرت إلى النّيّة كتجديد الوضوء،و الأقرب انّه لا بدّ من ذكر السّبب و نيّة النّدب و التّقرّب.

السّادس:يستحبّ فيه الدّعاء،

لما رواه عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و إذا اغتسلت للجمعة فقل:اللّهمّ طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق به ديني و تبطل به عملي،اللّهم اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين» (3).

ص:467


1- 1التّهذيب 1:365 حديث 1110،الوسائل 2:949 الباب 9 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 2. [1]
2- 2) «خ»«ن»«ح»«ق»«د»:فإنّ الأقرب.
3- 3) التّهذيب 1:367 حديث 1116،الوسائل 1:520 الباب 37 من أبواب الجنابة،حديث 3. [2]في التّهذيب:تبطل بها عملي.
السّابع:هو مستحبّ للرجال و النّساء،الحاضرين و المسافرين

و العبيد و الأحرار سواء في ذلك.و قال أحمد:لا يستحبّ لمن لا يأتي الجمعة،فليس على النّساء غسل، و على قياسهنّ الصّبيان،و المسافر،و المريض (1)،و كان ابن عمر،و علقمة (2)(3)لا يغتسلان للسّفر (4)،و كان طلحة (5)يغتسل (6).و بالاغتسال في السّفر قال مجاهد و طاوس (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:غسل الجمعة واجب على كلّ محتلم (8)،و قد بيّنّا انّ الوجوب المعنيّ به ها هنا:الاستحباب المؤكّد (9)،و هو عام في الذّكور و الإناث،العبيد و الأحرار،المسافرين و الحضّار.

ص:468


1- 1المغني 2:201،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:201.
2- 2) علقمة بن قيس بن عبد اللّه النّخعيّ الكوفيّ،فقيه العراق و صاحب ابن مسعود،سمع من عمر و عثمان و ابن مسعود و علي(ع)مات سنة 62 ه. تذكرة الحفّاظ 1:48،العبر 1:49، [1]شذرات الذّهب 1:70.
3- 3) المغني 2:201،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:201،المجموع 4:536.
4- 4) كذا في النّسخ،و في المصادر:في السّفر.
5- 5) أبو محمد طلحة بن عبيد اللّه بن عثمان بن عمرو التيمي،لمّا أسلم آخى رسول اللّه(ص)بينه و بين الزبير بمكّة،و بينه و بين أبي أيوب الأنصاري بالمدينة،و هو أحد العشرة المبشرة و أحد أصحاب الشورى،و هو ممن قام بحرب علي(ع)خليفة رسول اللّه(ص)في وقعة الجمل و قتل فيها بسهم مروان بن الحكم سنة 36 ه. الإصابة 2:229، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:59، [3]العبر 1:27، [4]أسد الغابة 3:59. [5]
6- 6) المغني 2:201،202،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:201،المجموع 4:536.
7- 7) المغني 2:201،202،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:201،المجموع 4:536.
8- 8) صحيح البخاري 2:6،صحيح مسلم 2:580 حديث 846،سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1089،سنن أبي داود 1:94 حديث 341،الموطّأ 1:102 حديث 4، [6]سنن النّسائي 3:93،سنن الدّارمي 1:361. [7]
9- 9) تقدّم في ص 463. [8]

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على العموم (1)،سفرا و حضرا،للنّساء و الرّجال،عبيدا (2)و أحرارا.

و روى الشّيخ في الحسن،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن النّساء أ عليهنّ غسل الجمعة؟قال:«نعم» (3).

احتجّوا بقوله عليه السّلام:(من أتى الجمعة فليغتسل) (4)و لأنّ المقصود التّنظيف و قطع الرّائحة،و هذا يختصّ بالآتي إلى المسجد.

و الجواب عن الأوّل:انّه يدلّ على استحبابه للآتي،لا على نفيه عن غيره،و دليل الخطاب ليس بحجّة.

و عن الثّاني:انّ المقصود و إن كان ذلك،لكنّ التّعليل به غير جائز،إذ الأمور الخفيّة غير صالحة للتّعليل،بل إنّما تعتبر مظانّها،كالسّفر للمشقّة.

الثّامن:لو حضر الجمعة من لا تجب عليه،استحبّ الغسل له إجماعا،

أمّا عندنا فلما بيّنّاه،و أمّا عند المخصّصين (5)بالحاضر فلوجود المعنى الموجب للاستحباب، و الغسل لم يستحبّ للصّلاة الواجبة،بل للحضور و الصّلاة مطلقا،و هما حاصلان في حقّ الحاضر على جهة الاستحباب.

التّاسع:كلّما قرب فعله من الزّوال كان أفضل،

لأنّه-غالبا-إنّما يستحبّ

ص:469


1- 1تقدّمت في ص 463.
2- 2) «ح»«ق»:أو.
3- 3) التّهذيب 1:111 حديث 294،الوسائل 2:944 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 8. [1]
4- 4) صحيح البخاري 2:6،صحيح مسلم 2:579 حديث 844،سنن ابن ماجه 1:346 حديث 1088،سنن التّرمذي 2:364 حديث 492،الموطّأ 1:102 حديث 5،سنن النّسائي 3:93،سنن الدّارمي 1:361،جامع الأصول 8:200 حديث 5358.
5- 5) «ن»«م»«ح»«ق»:المخصّص.

للحضور،فالمقاربة (1)أولى،و يتفاوت الاستحباب بتفاوت القرب منها و البعد.

مسألة:و يستحبّ الغسل في يومي:الفطر و الأضحى.

و به قال عليّ عليه السّلام،و ذهب إليه علقمة،و عروة،و عطاء،و النّخعيّ،و الشّعبيّ،و قتادة،و أبو الزّناد (2)،و مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،لما رواه ابن عباس،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يغتسل يوم الفطر و الأضحى (5).

و روي عنه عليه السّلام انّه قال في جمعة من الجمع:(هذا يوم جعله اللّه عيدا للمسلمين فاغتسلوا،و من كان عنده طيب فلا يضرّه أن يمسّ منه و عليكم بالسّواك) (6)علّل هذه الأشياء بكون الجمعة عيدا،فيثبت الحكم في الأصل قطعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و غسل يوم الفطر و غسل يوم الأضحى سنّة لا أحبّ تركها» (7).

و ما رواه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«الغسل من الجنابة و غسل الجمعة و العيدين» (8).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اغتسل يوم الأضحى و الفطر» (9)و ليس الأمر هاهنا للإيجاب فيبقى الرّجحان المطلق مرادا و هو

ص:470


1- 1«م»:و المقارنة.
2- 2) المغني 2:228،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:227.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:167،بداية المجتهد 1:216،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:227،المغني 2: 228.
4- 4) الام 1:231،المهذّب للشّيرازي 1:119،المجموع 5:7،مغني المحتاج 1:312.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:417 حديث 1315،سنن البيهقي 3:278.
6- 6) الموطّأ 1:65 حديث 113. [1]
7- 7) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [2]
8- 8) التّهذيب 1:105 حديث 272،الوسائل 2:940 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 12. [3]
9- 9) التّهذيب 1:105 حديث 273،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 9. [4]

دالّ على النّدبيّة.

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«الغسل في سبعة عشر موطنا» (1)و عدّ منها يوم العيدين.

فروع:
الأوّل:وقت الغسل بعد طلوع الفجر.

خلافا لأحمد في أحد قوليه (2).

لنا:انّ اليوم إنّما يطلق على ما بعد الفجر،فلم يجز قبله كغسل الجمعة،و لأنّه أبلغ في التّنظيف.

الثّاني:هل يمتدّ وقته بامتداد اليوم،الأقرب أنّه مضيّق عند الصّلاة،

لأنّ المقصود منه التّنظيف للاجتماع في الصّلاة،و إن كان اللّفظ الوارد دالاّ على امتداد وقته.

الثّالث:لو فات لم يستحبّ قضاؤه،

لأنّ الأمر تعلّق بنفس اليوم،فلا يتعدّى إلى غيره،و لأنّ المقصود الاجتماع،و هو قد فات.

الرّابع:الأقرب استحبابه على النّساء و من لا يحضر العيد

كالجمعة،و إن كان اللّفظ لم يدلّ بالنّصّ على ذلك إلاّ في رواية زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها» (3).

و هل يستحبّ للصّبيان؟قالت الشّافعيّة به،لأنّ المراد هاهنا التّنظيف للتّجمّل و الزّينة،بخلاف الجمعة،لأنّ القصد فيه زوال الرّائحة (4)،و عندي في ذلك نظر.

ص:471


1- 1التّهذيب 1:114 حديث 302،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 11. [1]
2- 2) المغني 2:229،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:227،الإنصاف 1:248. [2]
3- 3) الكافي 3:41 حديث 1، [3]التّهذيب 1:107 حديث 279،الوسائل 1:525 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 1. [4]
4- 4) المهذب للشيرازي 1:119،المجموع 5:6.
الخامس:لا بدّ فيه من النّيّة،

لما قلناه في الجمعة (1).و لو أحدث بعد الغسل أجزأه،لما بيّنّاه (2)ثمَّ.

مسألة:و يستحبّ الغسل

ليلة الفطر،و أوّل ليلة من شهر رمضان،و ليلة النّصف منه،و سبع عشرة،و تسع عشرة،و إحدى و عشرين،و ثلاث و عشرين،و ليلة النّصف من رجب،و يوم السّابع و العشرين منه،و ليلة النّصف من شعبان،و يوم الغدير،و يوم المباهلة،و يوم عرفة،و يوم التّروية،و يوم نيروز الفرس،لما رواه الشّيخ في الصّحيح، عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«الغسل في سبعة عشر موطنا:

ليلة سبع عشرة من رمضان و هي ليلة التقى الجمعان،و ليلة تسع عشرة و فيها يكتب الوفد وفد السّنة-،و ليلة إحدى و عشرين و هي اللّيلة الّتي أصيب فيها أوصياء الأنبياء و فيها رفع عيسى بن مريم و قبض موسى عليه السّلام،و ليلة ثلاث و عشرين يرجى فيها ليلة القدر،و يوم العيدين،و إذا دخلت الحرمين،و يوم تحرم،و يوم الزّيارة،و يوم تدخل البيت،و يوم التّروية،و يوم عرفة،و إذا غسّلت ميّتا،و كفّنته،أو مسسته بعد ما يبرد، و يوم الجمعة،و غسل الجنابة فريضة،و غسل الكسوف إذا احترق القرص كلّه فاغتسل» (3).

و ما رواه،عن الحسن بن راشد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(فما ينبغي لنا أن نعمل فيها-يعني ليلة الفطر؟فقال:«إذا غربت الشّمس فاغتسل» (4).

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صوموا شعبان

ص:472


1- 1تقدم في ص 467. [1]
2- 2) تقدّم في ص 465. [2]
3- 3) التّهذيب 1:114 حديث 302،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة، حديث 11.و [3]فيهما:أو كفّنته.
4- 4) التّهذيب 1:115 حديث 303،الوسائل 2:954 الباب 15 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. [4]

و اغتسلوا ليلة النّصف منه،ذلك تخفيف من ربّكم» (1).

و ما رواه،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و غسل المباهلة واجب» (2)أراد به شدّة الاستحباب.

و عنه عليه السّلام:«و غسل أوّل ليلة من شهر رمضان يستحبّ» (3)و باقي الأوقات يستحبّ فيها الزّيارة،لما يأتي،فيستحبّ فيها الغسل.

الثّاني:ما يستحبّ للمكان،

و هو أقسام:

غسل دخول الحرم،و المسجد الحرام،و الكعبة،و المدينة،و مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و مشاهد الأئمّة عليهم السّلام لقوله عليه السّلام:«و إذا دخلت الحرمين، و يوم تحرم،و يوم الزّيارة،و يوم تدخل البيت» (4).

و في حديث محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و حين تدخل الحرم، و إذا أردت دخول البيت الحرام،و إذا أردت دخول مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و في رواية ابن سنان الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و دخول مكّة و المدينة،و دخول الكعبة» (6).

الثالث:ما يستحبّ للفعل،
اشارة

و هي أمور:

غسل الإحرام،و الطّواف،و زيارة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم

ص:473


1- 1التّهذيب 1:117 حديث 308،الوسائل 2:959 الباب 23 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب أ من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،3. [3]
4- 4) التّهذيب 1:114 حديث 302،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 11. [4]
5- 5) التّهذيب 1:105 حديث 272،الوسائل 2:940 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 12. [5]
6- 6) التّهذيب 1:110 حديث 290،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 10. [6]

السّلام،لما رواه سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و غسل الزّيارة واجب إلاّ من علّة،و غسل المحرم واجب» (1)و المراد الاستحباب.

و ما رواه الشّيخ،عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال«الفرض من الغسل ثلاث» (2)و عدّ منها غسل الإحرام.

و في رواية ابن سنان الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و حين يحرم و غسل الزّيارة (3).

فروع
الأوّل:الإحرام يعمّ إحرام الحجّ و العمرة،

فيعمّهما الحكم باستحباب الغسل.

الثّاني:الزّيارة تعمّ زيارة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام،

فيعمّ الاستحباب.

الثّالث:هذا الحكم عام في الرّجال و النّساء،

لرواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام:«و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و غسلها من حيضها و عيدها» (4).

مسألة:و الغسل من توبة الفسق مستحبّ،

سواء كان الفسق مشتملا على كبيرة أو صغيرة،و هو مذهب علمائنا أجمع،لما رواه الشّيخ و ابن بابويه في كتابيهما،عن أبي

ص:474


1- 1الفقيه 1:45 حديث 176،الكافي 3:40 حديث 2، [1]التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2: 937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [2]
2- 2) التّهذيب 1:105 حديث 271،الاستبصار 1:98 حديث 316،الوسائل 1:463 الباب 1 من أبواب الجنابة،حديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 1:110 حديث 290،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 10. [4]
4- 4) التّهذيب 1:107 حديث 279،الوسائل 1:525 الباب 43 من أبواب الجنابة،حديث 1. [5]في المصادر:و إحرامها و جمعتها.

عبد اللّه عليه السّلام انّه جاء إليه رجل،فقال له:إنّ لي جيرانا و لهم جوار يتغنّين و يضر بن بالعود فربّما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منّي لهنّ،فقال له عليه السّلام:«لا تفعل»فقال:و اللّه ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع أسمعه بأذني، فقال الصّادق عليه السّلام:«يا للّه أنت أ ما سمعت اللّه يقول« إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً » (1)فقال الرّجل:كأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب اللّه عزّ و جلّ من عربيّ و لا عجميّ،لا جرم انّي قد تركتها و انّي أستغفر اللّه،فقال له الصّادق عليه السّلام:«قم فاغتسل و صلّ ما بدا لك،فلقد كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك،استغفر اللّه و اسأله التّوبة من كلّ ما يكره،فإنّه لا يكره إلاّ القبيح،و القبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا» (2).

و لأنّ الغسل طاعة في نفسه،فكان مستحبّا عقيب التّوبة ليظهر أثر العمل الصّالح.

مسألة:و يستحبّ من توبة الكفر سواء كان ارتدادا،أو أصليّا،

اغتسل قبل إسلامه،أو لم يغتسل،إلاّ أن يوجد منه في حالة الكفر ما يوجب سبب الوجوب، فيجب.و هو مذهب علمائنا أجمع،و اختاره أبو بكر القاضي (3)(4)،و هو مذهب الشّافعيّ (5)،و لم يوجب أبو حنيفة الغسل عليه بحال (6)،و أوجبه أحمد مطلقا (7)،و هو

ص:475


1- 1الإسراء:39. [1]
2- 2) التّهذيب 1:116 حديث 304،الفقيه 1:45 حديث 177،الوسائل 2:957 الباب 18 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. [2]
3- 3) عبد العزيز بن جعفر بن أحمد أبو بكر الفقيه الحنبلي،صاحب الخلال و شيخ الحنابلة صاحب التّصانيف روى عن موسى بن هارون و أبي خليفة الجمحي.مات سنة 363 ه. العبر 2:116، [3]شذرات الذّهب 3:45، [4]تاريخ بغداد 10:459. [5]
4- 4) المغني 1:239،الإنصاف 1:236،المجموع 2:153.
5- 5) الام 1:38،المهذّب للشّيرازيّ 1:30،المجموع 2:153،نيل الأوطار 1:281،المغني 1: 239.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:35،المجموع 2:153،المغني 1:239.
7- 7) المغني 1:239،الكافي لابن قدامة 1:72،الإنصاف 1:236.

مذهب مالك،و أبي ثور (1).

لنا على الرّجحان:انّ الكفر أعظم من الفسق،و قد ثبت بالحديث (2)الأوّل استحباب الغسل للفاسق،فالكافر أولى.و لأنّ تعليله عليه السّلام أمره بالاغتسال يدلّ عليه من حيث المفهوم،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر قيس بن عاصم لمّا أسلم بالاغتسال بماء و سدر (3).

و أمّا على عدم الوجوب:فما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه لمّا بعث معاذا إلى اليمن فقال:(ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله،فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم و تردّ في فقرائهم) (4)و لو كان الغسل واجبا لأمرهم به،لأنّه أوّل واجبات الإسلام.

و لأنّه نقل نقلا متواترا انّ العدد الكثير أسلموا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلو أمر كل من أسلم بالغسل لنقل متواترا أو ظاهرا،و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

احتجّ أحمد برواية قيس (5).

و الجواب:انّه لو كان الأمر للوجوب،لوجب عليه الغسل بالماء و السّدر،لأنّه

ص:476


1- 1المغني 1:239،المجموع 2:153.
2- 2) «ح»«ق»:في الحديث.
3- 3) سنن أبي داود 1:98 حديث 355، [1]سنن النّسائي 1:109،نيل الأوطار 1:281 حديث 1،جامع الأصول 8:209 حديث 5374.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:130 و ج 5:206،صحيح مسلم 1:51،سنن التّرمذيّ 3:21 حديث 625، [2]سنن ابن ماجه 1:568 حديث 1783،سنن أبي داود 2:105 حديث 1584، [3]سنن النّسائيّ 5:55،سنن الدّارميّ 1:379، [4]سنن الدّار قطنيّ 2:136 حديث 4،5،مسند أحمد 1:233. [5]في الجميع بتفاوت.
5- 5) المغني 1:239،الكافي لابن قدامة 1:72.

المأمور به،و قد وافقنا على عدم ذلك.و أمّا الوجوب عند حصول السّبب،فقد قدّمنا بيانه.

مسألة:و يستحبّ الغسل لصلاة الاستسقاء،

لما رواه ابن عباس،قال:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للاستسقاء متواضعا متخشّعا متضرّعا حتّى أتى المصلّي فلم يخطب كخطبتكم هذه،لكن لم يزل في الدّعاء و التّضرّع و التّكبير و صلّى ركعتين كما كان يصلّي في العيد (1).قال التّرمذيّ:هذا حديث حسن صحيح (2).و قد بيّنا استحباب الغسل لصلاة العيد (3)،فيثبت فيما ماثلها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«و غسل الاستسقاء واجب» (4)أراد به شدّة الاستحباب،و لأنّ المقتضي لاستحباب الغسل إمّا التّنظيف للاجتماع،أو زيادة التّطهير للصّلاة،و المعنيان موجودان في الاستسقاء فاستحبّ.

مسألة:و يستحبّ عند صلاة الاستخارة،و صلاة الحاجة،

لما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحيم القصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:انّي اخترعت دعاء فقال:«دعني من اختراعك إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صلّ ركعتين تهديهما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»قلت:كيف أصنع؟ قال:«تغتسل و تصلّي ركعتين.»ثمَّ ذكر الحديث،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

ص:477


1- 1سنن التّرمذي 2:445 حديث 558،و [1]بتفاوت يسير،انظر:سنن أبي داود 1:302 حديث 1165، سنن ابن ماجه 1:403 حديث 1266،سنن النّسائيّ 3:163.
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:445. [2]
3- 3) تقدّم بيانه في ص 470. [3]
4- 4) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [4]

«أنا الضّامن على اللّه أن لا يبرح حتّى تقضى حاجته» (1).

و ما رواه،عن مقاتل بن مقاتل (2)قال:قلت للرّضا عليه السّلام:جعلت فداك علّمني دعاء لقضاء الحوائج؟قال:فقال:«إذا كانت لك حاجة إلى اللّه مهمّة فاغتسل و البس أنظف ثيابك.» (3)و ذكر الحديث.

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الأمر يطلبه الطّالب من ربّه،قال:«يتصدّق في يومه على ستّين مسكينا على كلّ مسكين صاع بصاع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإذا كان اللّيل فاغتسل ثلث اللّيل الباقي (4)و يلبس أدنى ما يلبس»و ذكر الحديث،إلى أن قال:«فإذا رفع رأسه في السّجدة الثّانية استخار اللّه مائة مرة» (5).

مسألة:و يستحبّ غسل المولود عند ولادته،

لما رواه الشّيخ،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«غسل المولود واجب» (6)و المراد به الاستحباب المؤكّد،و لأنّه خرج من محلّ الخبث،فاستحبّ غسله.و قال بعض أصحابنا بوجوبه (7).

و هو متروك.

ص:478


1- 1التّهذيب 1:116 حديث 305،الوسائل 2:958 الباب 20 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. و [1]ج 5:257 الباب 28 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة،حديث 5.في التّهذيب:«أن لا تبرح من مكانك حتّى تقضى حاجتك».
2- 2) مقاتل بن مقاتل البلخيّ،روى عن الرّضا(ع)،له كتاب عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع). رجال النّجاشيّ:424،رجال الطّوسي:390،391.
3- 3) التّهذيب 1:117 حديث 306،الوسائل 2:958 الباب 20 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 2. [2]
4- 4) «ح»«ق»«خ»:الثّاني.
5- 5) التّهذيب 1:117 حديث 307،الوسائل 2:958 الباب 21 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 1. [3]
6- 6) التّهذيب 1:104 حديث 270،الوسائل 2:937 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة،حديث 3. [4]
7- 7) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):664.
مسألة:و يستحبّ الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمّدا

مع استيعاب الاحتراق.و هو مذهب أكثر الأصحاب (1)،و قال بعضهم:هو واجب (2).و الأصل الرّجحان مطلقا،لما رواه الشّيخ،عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا انكسف القمر فاستيقظ الرّجل[فكسل أن يصلّي] (3)فليغتسل من غد و ليقض الصّلاة،و إن لم يستيقظ و لم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلاّ القضاء بغير غسل» (4)و هذه الرّواية و إن دلّت على الوجوب ظاهرا لكنّها مقطوعة السّند.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام، قال:«و غسل الكسوف إذا احترق القرص كلّه فاغتسل» (5)و هذه الرّواية ظاهرة في الوجوب،فلو قلنا به لهذه الرّواية و للاحتياط،كان قويّا.

مسألة:قال ابن بابويه:روي انّ من قتل وزغا فعليه الغسل،

قال:و قال بعض مشايخنا:انّ العلّة في ذلك انّه يخرج من ذنوبه فيغتسل منها،قال:و روي انّ من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة (6).و الوجه:الاستحباب.

ص:479


1- 1منهم:المفيد في المقنعة:6،و ابن البراج في المهذّب 1:33،و ابن إدريس في السّرائر:23.
2- 2) كالشّريف المرتضى في رسائله(المجموعة الاولى):223،و سلاّر في المراسم:40،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:135.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 3:157 حديث 337،الاستبصار 1:453 حديث 1758،الوسائل 5:155 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات،حديث 5،و [1]ج 2:960 الباب 25 من أبواب الأغسال المسنونة، حديث 1.
5- 5) التّهذيب 1:114 حديث 302،الوسائل 2:939 الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة، حديث 11. [2]
6- 6) الفقيه 1:44-45 حديث 174-175.
فروع:
الأوّل:لو اجتمعت أسباب الاستحباب،فالأقرب الاكتفاء بغسل واحد عنها.
الثّاني:لا ترفع هذه الأغسال الحدث.

خلافا للسّيد المرتضى،و قد تقدّم.

الثّالث:ما يستحبّ للمكان و الفعل يقدّم عليهما،

و ما يستحبّ للوقت يفعل بعد دخوله.

الرّابع:ما كان للفعل يستحبّ أن يوقع الفعل عليه،

فلو أحدث استحبّ إعادته، و ما كان للوقت كفاه و إن أحدث.

الخامس:لو نوى بالغسل الواحد الواجب و النّدب،فالوجه عدم إجزائه عنهما

معا،

لاستحالة وقوعه على صفتي ما نواه،و التّرجيح من غير مرجّح.و هو مذهب أبي سهل الصّعلوكيّ من الشّافعيّة (1).

و قال الشّيخ و ابن أبي عقيل بالإجزاء (2)،و هو أصحّ وجهي الشّافعيّة (3).

السّادس:لا عوض لهذه الأغسال المندوبة،

فلا يجزي الوضوء و لا التّيمّم و إن كان الماء متعذّرا بل يسقط الفعل،لأنّ المأمور به الغسل،و شيء منهما لا يصدق عليه اسمه،فلا يتحقّق الإجزاء.

و قال الشّيخ:انّ التّيمّم قد يكون بدلا من غسل الإحرام عند فقد الماء (4).

السابع:كيفيّة هذه الأغسال مثل غسل الجنابة،

فلو نذر غسل الجمعة وجب فيه التّرتيب.

ص:480


1- 1المجموع 1:326.
2- 2) المبسوط 1:40.
3- 3) المجموع 1:326،المغني 1:253.
4- 4) المبسوط 1:314. [1]
الثّامن:لو نوى المجنب غسل الجنابة خاصّة في يوم الجمعة لم يحصل له فضل

غسل الجمعة

إن لم نقل بالتّداخل.و لو نوى غسل الجمعة خاصّة لم يحصل غسل الجنابة قطعا،و هل يصحّ غسل الجمعة؟الأقوى ذلك.و للشّافعيّة قولان،هذا أحدهما،لأنّه نوى شيئا و فعله فصحّ له،و الثّاني:لا يصحّ،لأنّه نوى التّنظيف،و مع الجنابة لا نظافة (1).

مسألة:و ليس على المجنون و المغمى عليه إذا أفاقا الغسل،

لا وجوبا،و لا استحبابا،خلافا للحنابلة في الاستحباب (2).

لنا:الإجماع على انّه لا يجب،و لأنّ زوال العقل في نفسه ليس بموجب للغسل، و الإنزال مشكوك فيه،فلا يزول عن اليقين بالشّكّ،و الاستحباب حكم شرعيّ يفتقر إلى دليل و لم يقم.

و لو وجد منهما الإنزال،وجب الغسل بعد الإفاقة لوجود السّبب.

مسألة:قال بعض الحنفيّة:يستحبّ للصّبيّ إذا أدرك،الغسل .

(3)

و لا نعرف عليه نصّا،و لا شك انّ الاستحباب حكم شرعيّ،فيقف على الدّليل.

ص:481


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:113،المجموع 4:534.
2- 2) المغني 1:244.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:35.

المجلد 3

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

مقدمة التحقيق

قبسات من حياة العلامة

ص:7

ص:8

تقدمة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين،و صلّى اللّه على محمّد و آله الطّيبين الطّاهرين، و صحبه الأخيار المنتجبين،و من تابعهم إلى قيام يوم الدّين،و بعد:

إذا كانت الحضارات و الأمم الحيّة تعنى بحياة عظمائها،و مفكّريها،و تخليدا لذكراهم،تقيم لهم التّماثيل،و تشيّد لهم النّصب التّذكاريّة،و تقدّم حياتهم لأبنائها كمنهج دراسيّ يستلهمون منه الدّروس و العبر،لا لشيء إلاّ لأنّها ترى في ذلك دعما لحضارتها،و إحياء لتراثها،و تشييدا لنهضتها.فحريّ بنا نحن المسلمين أن ندرس حياة أئمّتنا و عظمائنا و مفكّرينا و علمائنا،و أن نبحث عن آثارهم،و ننقّب عن أخبارهم،و نتّخذ من حياتهم و سيرهم مصدر إشعاع للفكر، و منهلا عذبا للخير،و ينبوعا فيّاضا بالحكمة و العطاء،و رصيدا ضخما في الكمالات و المعرفة.فهي مصدر علميّ أخلاقي ثريّ،و مدرسة كبرى للإنسانية،و معالم وضّاءة لتحقيق الحقّ و العدالة.

و لو أنّنا معاشر المسلمين عموما،و الشّيعة خصوصا،أخذنا بسير هؤلاء العظام من أسلافنا الصّالحين و ترجمناها إلى واقعنا السّلوكي و التّطبيق العمليّ،لكنّا قد حصلنا على أعظم مكسب في مجال التّوجيه و الأخلاق،و لقدّر لنا أن نرتقي أعلى درجات الارتقاء،إذ لم تعهد البشريّة جمعاء-بقادتها و علمائها و مفكّريها و ذوي

ص:9

الكفاءات فيها-على مرّ العصور و الأجيال بمثل هذا العطاء الزّاخر،و هذه القمم الأخلاقيّة السّامقة،و لقدّر لنا أن نسود العالم و الأمم،و أن نتصدّرهم من خلال امتداد رسالة السّماء إلى كافّة أرجاء المعمورة،تلك الرّسالة الّتي أعطتنا عند ما تمسّكنا بها:هويّة،و عزّة،و عظمة،و ارتقت بنا إلى سلالم المجد و الخلود،و تلك الّتي عند ما تركنا العمل بتعاليمها و مبادئها:هوينا إلى أحطّ درجات الانحطاط، و أدنى مستويات التسيّب و الإسفاف،و صرنا بعد أن كنّا أمّه حيّة،مهابة الجانب، يفتخر الغير بالاقتداء و الاهتداء بها،صرنا امّة يطمع بها لضعفها،و يرثي لحالها من فقرها و جدبها،و ليس هذا،الّذي توخّاه لنا الدين،و لا هو،الّذي أراده لنا النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-،و لنعم ما قال أحد الشّعراء العرب،معلّلا سبب انهيارنا بعد ذاك العزّ التّليد:

محمّد هل لهذا جئت تسعى و هل لك ينتمي همل مشاع

أ إسلام و تغلبهم يهود و آساد و تغلبهم ضباع

شرعت لهم طريق الحقّ لكن أضاعوا شرعك السّامي فضاعوا

فما أحرانا سيّما و نحن في مثل هذا الدّهر الّذي ضاعت فيه كلّ القيم الإنسانيّة،و المبادي الأخلاقيّة،و عاد فيه الدّين غريبا كما بدأ غريبا،و ما أحوجنا إلى أن نخلّد ذكري أئمّتنا و علمائنا،و ذلك من خلال إلزام أنفسنا باتّباعهم، و الانتهاج بمنهجهم،و الاحتذاء بحذوهم،و الأخذ من عظاتهم و سلوكهم بلسما لأمراضنا الاجتماعيّة الّتي جرّتنا إلى هذه الهوّة السّحيقة،و الأخذ بمثل هذه السّير العطرة لهؤلاء العظماء،كي نخرج من هذا الواقع المعاب،إلى واقع مشرّف،طافح بالعزّة و الكرامة،و أن نستعيد مجدنا الإسلاميّ التّليد،بعد هذا الإعراض الطّويل العتيد،ليعود لواء الإسلام المحمّديّ الأصيل عاليا خفّاقا على العالم من جديد.

و من أبرز هؤلاء العظام،الشّخصيّة العلميّة الفذّة،صاحب المكانة المرموقة في أفق العلم و العلماء،العلاّمة الحلّيّ الشّيخ الحسن بن يوسف بن عليّ بن

ص:10

المطهّر«قدّس سرّه».

ولادته و نشأته

ذكر العلاّمة في الرّياض أنّه قال في أجوبة مسائل مهنّأ بن سنان المدنيّ الموسومة بالمسائل المهنّائيّة:

و أمّا مولد العبد،فالّذي وجدته بخطّ والدي،ما صورته:ولد ولدي المبارك أبو منصور الحسن بن يوسف بن مطهّر:ليلة الجمعة في الثّلث الأخير من الليل 27 رمضان من سنة 648 ق.و اشتباه سبع بتسع قريب.

فكانت ولادته في مدينة الحلّة بجنوب العراق،البلدة المعروفة بطيب المناخ، و نقاء الجوّ،و جمال الطّبيعة،و في بيئة صالحة كريمة،عرفت بالنّبوغ الذّهنيّ، و الذّكاء الفطريّ،و بعلوّ الرّتبة،و سموّ القدر،من أبوين كريمين:الشّيخ الجليل و العالم النّحرير سديد الدّين،و عقيلته كريمة الشّيخ أبي يحيى الحسن بن يحيى الحلّي-صاحب كتاب«الجامع»و أخت المحقّق الحلّيّ صاحب كتاب «الشّرائع».

في مثل هذا البيت الشّريف الممتلئ بالسّؤدد و الفضل،نشأ و ترعرع تحت رعاية والده الشّيخ،و خاله المحقّق الّذي كان له-هو الآخر-بمنزلة الأب الشّفيق و الوالد الرّحيم،و نال العلاّمة من تربيته القسط الأوفر،و تلمّذ عليه أكثر من غيره، و نهل من معينة الصّافي الرّقراق ما كان له زادا نافعا طيلة مدّة حياته،سيّما في الفقه و الأصول،اللّذين اشتهر فيهما أكثر من غيرهما،فنشأ التّلميذ كما توخّاه خاله الأستاذ،و تغلّب على أقرانه المتتلمذين،و عرف بالنّبوغ الفكريّ و الاستعداد الذّهنيّ،و المستوي العلميّ الرفيع و هو بعد لم يبلغ سنّ المراهقة،و انتقلت إليه الرّئاسة الدّينيّة،و الرّيادة في التّدريس و الفتيا بعد وفاة أستاذه و خاله المحقّق، فكان له النّصيب الأوفر بعد ذلك في تطوير المناهج العلميّة في الفقه و الأصول،

ص:11

و في إلباس الفقه الإماميّ أقشب الحلل و أنيقها.

لقد تألّق ذكر العلاّمة في الآفاق،و سطع نجمة،و تصدّرت مكانته،و ليس أدلّ على ذلك من الوقوف على سرّ تسميته و تلقيبه ب«العلاّمة»و اختصاصه به على الإطلاق،حتّى عاد هذا اللّقب المستعار اسما له،يشخّصه و يميّزه من بقيّة الفطاحل من العلماء و الفقهاء الّذين تقدّموا عليه و عاصروه.

فما يكاد يذكر هذا اللّقب و هذا الاسم،إلاّ و يتبادر إلى الذّهن شخصيّة عيلمنا المترجم له،و الّذي يبدو لنا في سرّ هذه التّسمية و اختصاصها به،أنّه:

حصل عليها عقب مناظرته المشهورة في مجلس السّلطان الجايتو محمّد خدابنده الّذي تشيّع بعدها على يديه[1]،حيث كشفت عن سعة فهمه،و وفور علمه،و دقّة نظره،و حدّة ذهنه،و الّتي منحت له في بداية الأمر على سبيل الارتجال،ثمَّ لازمته بدافع الشّهرة في نهاية المطاف[2].

ففي عصره استبصر هذا السّلطان،و تشيّع،و ضرب النّقود باسم الأئمّة في عام 708 ق فتخلّصت الأمّة الإسلاميّة من بدعة الخلافة الّتي قامت بموت النّبيّ -صلّى اللّه عليه و آله-،فانفصلت السّلطة السّياسيّة عن الإمامة الرّوحية،و أعطيت بعض الحريّات الدّينية التي كان العبّاسيّون يضنّون بها.

فلو كان العبّاسيّون قبل ذلك مقتنعين بالسّلطة السّياسيّة،و تاركين الإمامة الرّوحيّة لأهلها،فلعلّه لم يحصل ما حصل من الدّمار.

و في عصره أرجعت إلى الحلّة-و هي مدينة بابل-مكانتها العلميّة القديمة، فصارت مركزا فلسفيّا للشّيعة،و ازدهرت فيها مدارسهم بعد ما عانت من الاضطهاد

ص:12

مددا طويلة،و منها كانت تستقي مدرسته السّيّارة (1)،الّتي أسّست في معسكر السّلطان لتجوب البلاد الإسلاميّة لنشر العلم و الفلسفة (2).

و قد كان من تظلّع العلاّمة في الميادين العلميّة و تبحّره بها أن برع في المعقول و المنقول منها،و حاز على قصب السّبق و هو في ريعان شبابه و مقتبل عمره،على زملائه من العلماء و الفحول،إذ قيل:انّه كان في عصره في الحلّة:

أربعمائة مجتهد (3).

و قد ذكر العلاّمة نفسه في مقدّمة كتابه«منتهى المطلب»أنّه فرغ من تصنيفاته الحكميّة و الكلاميّة،و أخذ في تحرير الفقه قبل أن يكمل له 26 سنة.

كما تقدّم في فقه الشّريعة و صنّف فيه-كما سيمرّ عليك-المؤلّفات المتنوّعة و المختلفة من موسوعات و مطوّلات و شروح و إيضاحات و مختصرات و رسائل،كانت من الرّفعة في المقام لدرجة أنّها لا زالت تحتلّ الصّدارة في مختلف المدارس العلميّة،و شتّى الميادين الثّقافيّة،و لا زالت محطّ أنظار العارفين و العلماء،من عصره إلى اليوم،بحثا و تدريسا،و شرحا و تعليقا.فهي تمثّل عصارة النّتاج الفكريّ المنبثق من ذلك العقل المبدع و الفكر الوقّاد،فكان-رحمه اللّه-حسنة من حسنات الدّهر،و فلتة من فلتأت الزّمان،علما،و عملا،و زهدا،و خلقا،إذ جمع اللّه فيه ضروب الفضائل،فجدير بنا معاشر الشّيعة الإماميّة أن نثمّن هذه الشخصيّة كلّ الثمن،و أن نستلهم منها الدّروس و العبر،و نأخذ منها ما يكون لنا زادا نافعا في حياتنا و في مسيرنا إلى اللّه تعالى.

ص:13


1- 1سيأتي ذكرها فيما بعد،و سبب تسميتها.
2- 2) طبقات أعلام الشّيعة،ق 8 ص 53.
3- 3) طبقات أعلام الشيعة،ق 8 ص 53.

نبذة تأريخيّة عن مدرسة الحلّة

برزت مدرسة الحلّة الفقهيّة بعد احتلال بغداد على يد هولاكو التّتار،فقد كانت مدرسة بغداد قبل الاحتلال،حافلة بالفقهاء و الباحثين و حلقات الدّراسة الواسعة،و كان النّشاط الفكريّ فيما قبل الاحتلال على قدم و ساق.

و حينما احتلّت بغداد من قبل المغول،أوفد أهل الحلّة وفدا إلى قيادة الجيش المغوليّ،يلتمسون الأمان لبلدهم،فاستجاب لهم هولاكو و آمنهم على بلدهم بعد أن اختبرهم على صدقهم (1).

و بذلك ظلّت الحلّة مأمونة من النّكبة،الّتي حلّت بسائر البلاد في محنة الاحتلال المغوليّ،و أخذت-الحلّة-تستقطب الشّاردين من بغداد من الطّلاّب و الأساتذة و الفقهاء.

و اجتمع في الحلّة عدد كبير من الطّلاّب و العلماء،و انتقل معهم النّشاط العلميّ من بغداد إلى الحلّة،و احتفلت هذه البلدة-و هي يومئذ من الحواضر الإسلاميّة الكبرى-بما كانت تحتفل به بغداد من وجوه النّشاط الفكريّ:ندوات البحث و الجدل،و حلقات الدّراسة،و المكاتب،و المدارس،و غيرها.

و استقرّت المدرسة في الحلّة،و ظهر في هذا الدّور في الحلّة:فقهاء كبار، كان لهم الأثر الكبير في تطوير مناهج الفقه و الأصول الإماميّ،و تجديد صياغة عمليّة الاجتهاد،و تنظيم أبواب الفقه كالمحقّق الحلّي،و العلاّمة،و ولده فخر المحقّقين،و ابن نما،و ابن أبي الفوارس،و الشّهيد الأوّل،و ابن طاوس،و غيرهم من فطاحل الأعلام و رجال الفكر.

و مهما يكن من أمر،فقد كانت(مدرسة الحلّة)امتدادا لمدرسة بغداد،

ص:14


1- 1راجع سبب إعطاء الأمان إليهم في الموضوع التّالي.

و تطويرا لمناهجها و أساليبها،فبالرغم من الفتح الفقهيّ الكبير الّذي قدّر لمدرسة بغداد على يد شيخ الطّائفة الطّوسيّ،كانت المدرسة بداية لفتح جديد،و مرحلة جديدة الاستنباط لم تخلّ من بدائيّة.

فقدّر لمدرسة الحلّة-نتيجة لممارسة هذا اللّون الجديد من التّفكير و الاستنباط-أن تمسح عنها مظاهر البدائيّة،و أن تسوّي من مسالكها،و أن توسّع الطّريق للسّالكين،و تمهّدها لهم.

و لئن كان الشّيخ الطّوسيّ بلغ قمّة الفكر الفقهيّ لمدرسة بغداد،فقد بلغ-من بعده-العلاّمة الحلّي قمّة الفكر الفقهيّ لمدرسة الحلّة.

و لو لا جهود علماء هذا العصر،لظلّت مدرسة بغداد على المستوي الّذي خلّفها الشّيخ عليه من ورائه،و لما قطعت هذه المراحل الطّويلة الّتي قطعتها فيما بعد على أيدي علماء كبار،أمثال:المحقّق الحلّي و العلاّمة و الشّهيد الأوّل و غيرهم (1).

بين والده و هولاكو

و ممّا يناسب المقام هنا بعد ذكر هذه النّبذة التّأريخيّة المختصرة عن مدرسة الحلّة الفقهيّة،ما نقله العلاّمة نفسه في كتابه:«كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين-عليه السّلام-»ص 28 في أخبار مغيّبات أمير المؤمنين-عليه السّلام- قال:

و من ذلك إخباره-عليه السّلام-بعمارة بغداد،و ملك بني العبّاس،و أحوالهم، و أخذ المغول الملك منهم،رواه والدي رحمه اللّه،و كان ذلك سبب سلامة أهل الكوفة و الحلّة و المشهدين الشّريفين من القتل[و الفتك].

لمّا وصل السّلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها،هرب أكثر أهل الحلّة

ص:15


1- 1و من أراد التّوسّع،فليراجع تقديم العلاّمة الآصفي لكتاب اللّمعة ج 1 ص 68-76.

إلى البطائح إلاّ القليل،فكان من جملة القليل والدي رحمه اللّه،و السّيّد مجد الدّين ابن طاوس،و الفقيه ابن أبي العزّ،فأجمع رأيهم على مكاتبة السّلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الايليّة[1]،و انفذوا به شخصا أعجميا،فأنفذ السّلطان إليهم فرمانا[2]مع شخصين،أحدهما يقال له:نكله،و الآخر:علاء الدّين،و قال لهما:

قولا لهم:إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم،تحضرون إلينا.

فجاء الأميران،فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه،فقال والدي -رحمه اللّه-:إن جئت وحدي كفى؟فقالا:نعم،فاصعد معهما،فلمّا حضر بين يديه و كان ذلك قبل فتح بغداد و قبل قتل الخليفة،قال له:كيف قدمتم على مكاتبتي و الحضور عندي قبل أن تعلموا بما ينتهي إليه أمري و أمر صاحبكم؟ و كيف تأمنون إن يصالحني[3]و رحلت عنه؟فقال والدي-رحمه اللّه-:

إنّما أقدمنا على ذلك،لأنّا روينا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب-عليه السّلام-أنّه قال في خطبة الزّوراء[4]:.

و ما أدراك ما الزّوراء،أرض ذات أثل[5]،يشيّد فيها البنيان،و تكثر فيها السّكّان،و يكون فيها مهادم و خزّان،يتّخذها ولد العبّاس موطنا،و لزخرفهم مسكنا،تكون لهم دار لهو و لعب،يكون بها الجور الجائر،و الخوف المخيف، و الأئمّة الفجرة،و الأمراء الفسقة،و الوزراء الخونة،تخدمهم أبناء فارس و الرّوم، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه،و لا يتناهون عن منكر إذ أنكروه،تكفى الرّجال منهم بالرجال،و النّساء بالنّساء،فعند ذلك:الغمّ العميم،و البكاء الطّويل،و الويل

ص:16

و العويل لأهل الزّوراء من سطوات التّرك،و هم صغار الحدق[1]،وجوههم كالمجانّ المطرقة[2]،لباسهم الحديد،جرد مرد[3]،يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم،جهوريّ الصّوت،قويّ الصّولة،عالي الهمّة،لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، و لا ترفع عليه رأيه إلاّ نكّسها،الويل الويل لمن ناوأه[4]،فلا يزال كذلك حتّى يظفر[5].

فلمّا وصف لنا ذلك و وجدنا الصّفات فيكم،رجوناك فقصدناك،فطيّب قلوبهم و كتب لهم فرمانا باسم والدي-رحمه اللّه-،يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة و أعمالها.

فكان بفضل حزم و تدبير والد العلاّمة،سلامة مدينة الحلّة الفيحاء و الكوفة الغرّاء و المشاهد المشرّفة للأئمّة الطّاهرين،بعيدة محفوظة عن فتك المغول و وحشيّتهم،و إتماما لهذه البادرة العقلائيّة الخيّرة من هذا الشّيخ الجليل،كانت مبادرة السيّد مجد الدّين محمّد بن الحسن بن موسى بن جعفر بن طاوس،حيث ألّف كتابا خاصّا أسماه:«البشارة»و أهداه إلى هولاكو،فكان من بركته أن ردّ -هولاكو-إليه شؤون النّقابة في البلاد الفراتيّة،و أمر بسلامة المشهدين الشّريفين للإمامين الكاظمين الجوادين،و مدينتهم:الحلّة الفيحاء.

و مهما قيل عن هاتين المبادرتين الخيّرتين من تفسير و تأويل،فإنّهما كانتا مثمرتين بثمار مفيدة،منتهيتين بنتائج نافعة تركت آثارا طيّبة إلى يومنا هذا،و لم يكن علماء الحلّة و لا غيرهم من سائر علمائنا العظام من أولئك المساومين أو

ص:17

النّازلين على حكم الأجنبي الغادر،خصوصا إذا كان بهذه الدرجة من الوحشيّة الكاسرة،و البعد عن حمل المظاهر الإنسانيّة.

كلّ ما في الأمر أنّهم أرادوا أن يطلبوا الأمان لأنفسهم،و يكونوا بعيدين عن الفتك و السّفك،حفظا لحرمهم،و حقنا لدمائهم،و صونا لمقدّساتهم عن التّعرّض و الانتهاك.

مشايخه في القراءة و الرّواية

درس العلاّمة الحلّي-رحمه اللّه-على جمهور كثير من الفقهاء و الأعلام المبرّزين في عصره-عامّة و خاصّة-و إليك أسماءهم شيعة فسنّة:

1-خاله الأكرم و أستاذه الأعظم،رئيس العلماء و المحقّق على الإطلاق، فقيه مدرسة آل محمّد-صلّى اللّه عليه و آله-:الشّيخ نجم الدّين أبو القاسم جعفر بن سعيد الهذليّ الحلّيّ-صاحب الشّرائع و المختصر النّافع و النّكت-الرّائد الأوّل لمدرسة الحلّة الفقهيّة،و من أعاظم فقهاء الإماميّة،توفّي سنة 676 ق.درس عليه العلوم الفقهيّة و الأصوليّة و العربيّة خاصّة.

وصفه تلميذه ابن داود قائلا:الإمام العلاّمة واحد عصره،كان ألسن أهل زمانه،و أقومهم بالحجّة،و أسرعهم استحضارا (1).

2-والده الأجل و الشّيخ الأكمل،الفقيه،المتكلّم،الأصوليّ:سديد الدّين يوسف ابن زين الدّين عليّ بن المطهّر الحلّيّ.

3-أستاذه،سلطان المحقّقين:الخواجة نصير الدّين محمّد بن الحسن الطّوسيّ.درس عليه الفلسفة و الكلام و الهيئة و الرّياضيّات،كما أشار العلاّمة نفسه إلى أنّه قرأ عليه:«إلهيّات الشّفاء،لابن سينا»و كتاب«التّذكرة في الهيئة،

ص:18


1- 1الكنى و الألقاب ج 3 ص 134.

للطّوسيّ»و غيرهما.

4-الشّيخ الجليل:مفيد الدّين محمّد بن عليّ بن محمّد بن جهم الحلّيّ الأسديّ.

5-الحكيم المتألّه:كمال الدّين ميثم بن عليّ بن ميثم البحرانيّ،صاحب الشّروح الثّلاثة على نهج البلاغة.

6-الشّيخ نجيب الدّين أبو زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذليّ الحلّيّ-صاحب كتاب:نزهة النّاظر،و جامع الشّرائع-ابن عمّ المحقّق الحلّيّ.

7-العالم النّحرير:الحسن بن الشّيخ كمال الدّين عليّ بن سليمان البحرانيّ.

8-السّيد الجليل:رضيّ الدّين عليّ بن موسى بن طاوس.

9-جمال الدّين أبو الفضائل و المناقب:السّيد أحمد بن موسى بن جعفر بن طاوس.

10-نجم الملّة و الدّين:جعفر بن نجيب الدّين محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة اللّه بن نما الحلّيّ الرّبعيّ،المتوفّى سنة 645-صاحب كتاب:أخذ الثأر،و مثير الأحزان.

11-الشّيخ الأعظم:بهاء الدّين عليّ بن عيسى الإربليّ-صاحب كتاب:

كشف الغمّة.

12-السّيد عبد الكريم بن طاوس-صاحب كتاب:فرحة الغريّ.

كما درس القرآن الكريم و تعلّم علومه و أتقن فنونه على أستاذه الخاص (محرم)الّذي كان والده قد عيّنه له.

كان هؤلاء شيوخه من الإماميّة،أمّا شيوخه من العامّة الّذين درس عليهم:

1-نجم الدّين عليّ بن عمر الكاتبيّ القزوينيّ الشّافعيّ المعروف بدبيران

ص:19

المنطقي،تلميذ المحقّق الطّوسيّ،صاحب كتاب:متن الشّمسيّة في المنطق، و التّصانيف الكثيرة،كان من أفضل علماء الشّافعية و أعلم أهل زمنه بالمنطق و الهندسة و آلات الرّصد،و كان عارفا بالحكمة،كما عن إجازة العلاّمة لبني زهرة.

2-الشّيخ برهان الدّين النّسفيّ.

3-الشّيخ جمال الدّين حسين بن آبان النّحويّ.

4-الشّيخ عز الدّين الفاروقي الواسطيّ،و هو من كبار فقهاء العامّة.

5-الشّيخ تقيّ الدّين عبد اللّه بن جعفر بن عليّ الصّبّاغ الحنفيّ الكوفيّ.

6-شمس الدّين محمّد بن محمّد بن أحمد الكشّيّ-المتكلّم الفقيه-ابن أخت قطب الدّين العلاّمة الشّيرازيّ.

7-رضيّ الدّين الحسن بن عليّ الصّنعانيّ الحنفيّ،فإنّ العلاّمة قد روى عنه.

8-عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزليّ،المتوفّى سنة 655 ق،صاحب الموسوعة الغرّاء:شرح نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين-عليه السّلام.

تلاميذه في القراءة و الرّواية

لقد فاز العلاّمة الحلّيّ بالمقام الرّفيع و المثوبة العظيمة،بتربية نخبة من أعاظم الفقهاء و العلماء على يديه،كانوا بعد ذلك مشاعل نيّرة و أعلاما خيّرة في سبيل إحياء تراث الأئمّة الخالد الّذي يمثّل عظمة روّاد مدرسة أهل البيت-عليهم السّلام-،فمن هؤلاء التّلاميذ العظام:

1-ولده الصّالح،أجلّ الفقهاء و أعظم الأساتيذ،المحقّق البحّاثة،فخر المحقّقين أبو طالب محمّد-الّذي خصّه العلاّمة بتأليف الكثير من كتبه لأجله، كما خصّه بالوصيّة الغرّاء الّتي أوردها في آخر كتابه القواعد (1)،أمره فيها بإتمام

ص:20


1- 1سنذكرها كاملة فيما بعد.

ما بقي ناقصا من كتبه بعد وفاته،و إصلاح ما وجد فيها من الخلل،و هي تتضمّن أنبل المواعظ الأخلاقيّة،و أسمي النّصائح الرّبّانيّة-المتولّد في ليلة الاثنين 20 جمادى الأولى سنة 628 ق و المتوفّى ليلة الجمعة 25 جمادى الآخرة سنة 771 ق.

2-ابنا أخته السّيّدان الجليلان و الحسينيّان الأعرجيّان:عميد الدّين عبد المطّلب و السّيد ضياء الدّين عبد اللّه،ابنا السّيد مجد الدّين أبي الفوارس محمّد الحسينيّ.و لهما أعقاب علماء أجلاّء،كما و أنّ لفخر المحقّقين(ولد العلاّمة) ولدين عالمين هما:ظهير الدّين محمّد،و أبو المظفّر يحيى.

3-الشّيخ تقيّ الدّين إبراهيم بن محمّد البصريّ،كتب العلاّمة:مبادي الوصول إلى علم الأصول،بطلب منه.

4-الشّيخ محمّد بن عليّ بن محمّد الجرجانيّ الغرويّ،شرح كتاب أستاذه:مبادي الوصول و أسماه:غاية البادئ في شرح المبادي.

5-الشّيخ تقيّ الدّين إبراهيم بن الحسين بن عليّ الآمليّ.

6-رضيّ الدّين أبو الحسن عليّ بن جمال الدّين أحمد بن يحيى المزيديّ، المتوفّى سنة 757 ق.

7-الشّيخ عليّ بن الحسن الإماميّ،و قد شرح من تأليفات أستاذه العلاّمة كتاب:مبادي الوصول و أسماه:خلاصة الأصول.

8-الشّيخ الفقيه زين الملّة و الدّين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن طراد المطارآبادي المتوفّى سنة 762 ق.

9-السّيد بدر الدّين محمّد،أخو علاء الدّين-التّالي ذكره.

10-السّيد علاء الدّين أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الحسن بن زهرة الحسنيّ الحلّيّ،و هو الّذي كتب العلاّمة له و لولده و لأخيه الإجازة الكبيرة لأبناء زهرة.

ص:21

11-السّيد شرف الدّين أبو عبد اللّه الحسين بن علاء الدّين-المتقدّم ذكره- و هم من أبناء زهرة.

12-السّيد الجليل مهنّأ بن سنان بن عبد الوهاب المدنيّ الحسينيّ، صاحب الجوابات الاولى و الثّانية.

13-السّيد العالم النّحرير:أحمد بن أبي إبراهيم محمّد بن الحسن بن زهرة الحسنيّ الحلبيّ.

14-السّيد النّقيب تاج الدّين أبو عبد اللّه محمّد بن القاسم بن الحسين بن معيّة الحلّيّ الحسنيّ.

15-الشّيخ العالم:الحسن بن الحسين بن الحسن السّرابشنويّ(نزيل قاسان).

16-الشّيخ الحكيم المتألّه:قطب الدّين أبو جعفر محمّد بن محمّد الرّازيّ البويهيّ،صاحب شرح الشّمسيّة و المطالع.

17-الشّيخ الحسن بن الحسين بن الحسن بن معانق[1].

18-السّيد أحمد العريضي[2].ذكره صاحب الرّياض.

طرقه الى كتب الأحاديث

قال في آخر الخلاصة:

لنا طرق متعدّدة إلى الشّيخ السّعيد أبي جعفر الطّوسيّ-رحمه اللّه-و كذا إلى الشّيخ الصّدوق أبي جعفر بن بابويه،و كذا إلى الشّيخين أبي عمرو الكشّيّ و أحمد

ص:22

أبي العبّاس النّجاشي.و نحن نثبت هاهنا منها ما يتّفق،و كلّها صحيحة،فالّذي إلى الشّيخ الطّوسيّ-رحمه اللّه-فإنّا نروي جميع رواياته و مصنّفاته و إجازاته عن والدي الشّيخ يوسف بن عليّ بن مطهّر-رحمه اللّه-عن الشّيخ يحيى بن محمّد بن يحيى بن الفرج السّوراويّ،عن الفقيه الحسن بن هبة اللّه بن رطبة،عن المفيد أبي عليّ الحسن بن محمّد بن الحسن الطّوسيّ،عن والده الشّيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطّوسيّ.

و عن والدي عن السّيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضيّ العلويّ الحسينيّ، عن برهان الدّين محمّد بن محمّد بن عليّ الحمدانيّ القزوينيّ-نزيل الرّيّ-عن السّيد فضل اللّه أبي عليّ الحسينيّ الرّاونديّ،عن عماد الدّين أبي الصّمصام ذي الفقار بن معبد الحسينيّ،عن الشّيخ أبي جعفر الطّوسيّ.

و عن والدي أبي المظفّر يوسف بن مطهّر-رحمه اللّه-عن السّيد فخار بن معد بن فخار العلويّ الموسويّ،عن الشّيخ شاذان بن جبرئيل القمّي،عن الشّيخ أبي القاسم العماد الطّبريّ،عن المفيد أبي عليّ الحسن بن محمّد بن الحسن الطّوسيّ، عن الشّيخ والده أبي جعفر الطّوسيّ.

و الّذي لي إلى الشّيخ أبي جعفر بن بابويه،فإنّا نروى جميع مصنّفاته و إجازته عن والدي-رحمه اللّه-عن السّيد أحمد بن يوسف بن أحمد بن العريضيّ الحسينيّ،عن البرهان محمّد بن عليّ الحمدانيّ القزوينيّ،عن السيّد فضل اللّه بن عليّ الحسينيّ الرّاونديّ،عن العماد أبي الصّمصام بن معبد الحسينيّ،عن الشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه-رحمه اللّه.

و بهذا الإسناد عن أبي الصّمصام عن النّجاشيّ بكتابه عن الشّيخ أبي جعفر الطّوسيّ-رحمه اللّه.

و بالإسناد عن أبي هارون بن موسى التّلعكبريّ-رحمه اللّه-عن أبي عمرو

ص:23

محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي-رحمه اللّه-بكتابه،و قد اقتصرت من الرّوايات إلى هؤلاء المشايخ بما ذكرت،و الباقي من الرّوايات إلى هؤلاء المشايخ و إلى غيرهم مذكور في كتابنا الكبير،من أراده،وقف عليه هناك.

تقسيمه الحديث إلى أقسامه المشهورة

قال المحقّق الكبير السّيد محسن الأمين العامليّ:

اعلم أنّ تقسيم الحديث إلى أقسامه المشهورة،كان أصله من غيرنا و لم يكن معروفا بين قدماء علمائنا،و إنّما كانوا يردّون الحديث بضعف السّند،و يقبلون ما صحّ سنده،و قد يردّونه لأمور أخر،و قد يقبلون ما لم يصحّ سنده،لاعتضاده بقرائن الصّحّة أو غير ذلك،و لم يكن معروفا بينهم الاصطلاح المعروف في أقسام الحديث اليوم،و أوّل من استعمل ذلك الاصطلاح:العلاّمة الحلّي،فقسّم الحديث إلى:الصّحيح،و الحسن،و الموثّق،و الضّعيف،و المرسل،و غير ذلك.و تبعه من بعده إلى اليوم.

و عاب عليه و على سائر المجتهدين ذلك الأخباريّون،لزعمهم أنّ جميع ما في كتب الأخبار صحيح،مع أنّ نفس أصحاب الكتب الأربعة قد يردّون الرّواية بضعف السّند.

و بالغ بعض متعصّبة الأخباريّة فقال:هدم الدّين مرّتين،ثانيتهما:يوم أحدث الاصطلاح الجديد في الأخبار.و ربّما نقل عن بعضهم جعل الثّانية:يوم ولد العلاّمة الحلّيّ.و هذا كلّه جهل فاضح ساعد عليه:تسويل إبليس،و ضعف التّقوى،فأصحابنا لم يريدوا أن يكونوا محرومين من فائدة تقسيم الحديث إلى أقسامه،و لا أن يمتاز غيرهم بشيء عنهم،فقسّموا الحديث إلى أقسامه المشهورة، و تركوا للمجتهد الخيار فيما يختاره منها أن يكون مقبولا عنده،فمن عابها بذلك فهو

ص:24

أولى بالعيب و الذّمّ (1).

أقوال علماء الشّيعة فيه

قال معاصره ابن داود في رجاله:

شيخ الطّائفة و علاّمة وقته،صاحب التّحقيق و التّدقيق،كثير التّصانيف، انتهت رئاسة الإماميّة إليه في المعقول و المنقول.

و أثنى عليه البحّاثة الرّجاليّ الميرزا عبد اللّه الأصفهاني في المجلّد الثّاني من رياض العلماء،قائلا:

الإمام الهمام،العالم العامل،الفاضل،الكامل،الشّاعر،الماهر،علاّمة العلماء،و فهّامة الفضلاء،أستاذ الدّنيا،المعروف فيما بين الأصحاب بالعلاّمة على الإطلاق،و الموصوف بغاية العلم،و نهاية الفهم،و الكمال في الآفاق،كان ابن أخت المحقّق،و كان-رحمه اللّه-آية لأهل الأرض،و له حقوق عظيمة على زمرة الإماميّة و الطّائفة الحقّة الاثنى عشريّة،لسانا و بيانا و تدريسا،و تأليفا.و قد كان-رضي اللّه عنه-جامعا لأنواع العلوم،مصنّفا في أقسامها،حكيما،متكلّما، فقيها،محدّثا،أصوليّا،أديبا،شاعرا ماهرا،و قد رأيت إشعاره ببلدة أردبيل،و هي تدلّ على جودة طبعه في أنواع النّظم أيضا،و كان وافر التّصانيف،متكاثر التّآليف،أخذ و استفاد عن جمّ غفير من علماء عصره من العامّة و الخاصّة،و أفاد على جمع غفير من فضلاء دهره من الخاصّة،بل من العامّة.

و كان من أزهد النّاس و أتقاهم،و من زهده:ما حكاه السّيد حسين المجتهد في رسالة النّفحات القدسيّة انّه-قدّس سرّه-أوصى بجميع صلواته و صيامه مدّة عمره،و بالحج عنه مع أنّه كان قد حجّ.

ص:25


1- 1أعيان الشيعة ج 5 ص 401.

و أطراه العلاّمة المجلسيّ قائلا:

الشّيخ الأجلّ الأعظم،فريد عصره و وحيد دهره،بحر العلوم و الفضائل،و منبع الأسرار و الدّقائق،مجدّد المذهب و محييه،و ما حي أعلام الغواية و مفنيه،الإمام العلاّمة الأوحد،آية اللّه المطلق جمال الدّين.

كان من فطاحل علماء الشّريعة،و أعاظم فقهاء الجعفريّة،جامعا لشتّى العلوم،حاويا مختلفات الفنون،مكثرا للتصانيف و مجوّدا فيها،استفادت الأمّة جمعاء من تصانيفه القيّمة منذ تأليفها،و تمتّعوا من إنظاره الثّاقبة طيلة حياته و بعد مماته،له ترجمة ضافية في كتب التّراجم و غيرها،تعرب عن تقدّمه في العلوم و تضلّعه فيها،و تنمّ عن مراتبه السّامية في العلم و العمل،و قوّة عارضته في الظّهور على الخصم،و ذبّه عن حوزة الشّريعة،و نصرته للمذهب.

و قال العلاّمة الفقيه الشّيخ أسد اللّه التّستريّ الكاظميّ في كتاب المقابس:

الشّيخ الأجل الأعظم،بحر العلوم و الفضائل و الحكم،حافظ ناموس الهداية، كاسر ناقوس الغواية،حامي بيضة الدّين،ماحي آثار المفسدين،الّذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النّجوم،و على المعاندين الأشقياء أشدّ من عذاب السّموم،و أحدّ من الصّارم المسموم،صاحب المقالات الفاخرة،و الكرامات الباهرة،و العبارات الزّاهرة،و السّعادات الظّاهرة،لسان الفقهاء و المتكلّمين و المحدّثين و المفسّرين،ترجمان الحكماء و العارفين،و السّالكين و المتبحّرين النّاطقين،مشكاة الحقّ المبين،الكاشف عن أسرار الدّين المتين،آية اللّه التّامّة العامّة،و حجّة الخاصّة على العامّة،علاّمة المشارق و المغارب،و شمس سماء المفاخر و المناقب و المكارم و المآرب.

و امتدحه العلاّمة النّوريّ بعد أن بالغ في مدحه و ثنائه قائلا:

و لآية اللّه العلاّمة بعد ذلك من المناقب و الفضائل ما لا يحصى،أمّا درجاته في العلوم و مؤلّفاته فيها:فقد ملأت الصّحف،و ضاق عنها الدّفتر،و كلّما أتعب نفسي

ص:26

فحالي كناقل التّمر إلى هجر،فالأولى-تبعا لجمع من الأعلام-الإعراض عن هذا المقام.

و أثنى عليه صاحب المجالس قائلا:

العلاّمة جمال الدّين حسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي،حامي بيضة الدّين،و ماحي آثار المفسدين،و ناشر ناموس الهداية،و كاسر ناقوس الغواية،متمّم العقليّة،و حاوي أساليب الفنون النّقليّة،محيط دائرة الدّرس و الفتوى،مركز دائرة الشّرع و التّقوى،مجدّد مئاثر الشّريعة المصطفويّة،و محدّد جهات الطّريقة المرتضويّة.

و قال الشّيخ عبّاس القميّ في السّفينة:

العلاّمة:هو الشّيخ الأجل الأعظم،بحر العلوم و الفضائل و الحكم،حامي بيضة الدّين،ماحي آثار المفسدين،لسان الفقهاء و المتكلّمين و المحدّثين و المفسّرين،ترجمان الحكماء و العارفين و السّالكين المتبحّرين،النّاطق عن مشكاة الحقّ المبين،الكاشف عن أسرار الدّين المتين،علاّمة المشارق و المغارب، و شمس سماء المفاخر و المناقب،آية اللّه الشّيخ.أفاض اللّه على تربته شآبيب الرّحمة و الرّضوان،و أسكنه أعلى غرف الجنان،محقّق،مدقّق،عظيم الشّأن، لا نظير له في الفنون و العلوم العقليّات و النّقليّات.

و قال السّيد بحر العلوم في فوائده الرّجاليّة:

علاّمة العالم،و فخر نوع بني آدم،أعظم العلماء شأنا،و أعلاهم برهانا، سحاب الفضل الهاطل،و بحر العلم الّذي ليس له ساحل،جمع من العلوم ما تفرّق في جميع النّاس،و أحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس،مروّج المذهب و الشّريعة في المائة السّابعة،و رئيس علماء الشّيعة من غير مدافعة،صنّف في كلّ علم كتبا،و آتاه اللّه من كلّ شيء سببا،.إلى أن قال:إنّه مع ذلك كان شديد التّورّع،كثير التّواضع،خصوصا مع الذّريّة الطّاهرة النّبويّة،و العصابة

ص:27

العلويّة،كما يظهر من المسائل المدنيّة و غيرها.و قد سمعت من مشايخنا-رضوان اللّه عليهم-أنّه:كان يقضي صلاته إذا تبدّل رأيه في بعض ما يتعلّق بها من المسائل،حذرا من احتمال التّقصير في الاجتهاد،و هذا غاية الاحتياط،و منتهى الورع و السّداد،و ليت شعري كيف كان يجمع بين هذه الأشياء الّتي لا يتيسّر القيام ببعضها لأقوى العلماء و العبّاد،و لكنّ ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء،و في مثله يصحّ قول القائل:

ليس على اللّه بمستبعد أن يجمع العالم في واحد

و قال السّماهيجي في إجازته:

إنّ هذا الشّيخ رحمه اللّه،بلغ في الاشتهار بين الطّائفة،بل العامّة شهرة الشّمس في رائعة النّهار،و كان فقيها،متكلّما،حكيما،منطقيا،هندسيّا، رياضيّا،جامعا لجميع الفنون،متبحّرا في كلّ العلوم من المعقول و المنقول،ثقة إماما في الفقه و الأصول،و قد ملأ الآفاق بتصنيفه،و عطّر الأكوان بتأليفه مصنّفاته،و كان أصوليّا بحتا،و مجتهدا صرفا.

و قال المولى الرّجالي الجليل الشّيخ عبد النّبي بن عليّ الكاظميّ-قدّس سرّه- في كتابه الرّجال-الّذي هو تعليقة على كتاب:نقد الرّجال للتّفرشيّ:

الحسن بن يوسف بن المطهّر،هذا الرّجل اتّفق علماء الإسلام على وفور علمه في جميع الفنون و سرعة التّصنيف،و بالغوا فيه و في وثاقته.

و قال فقيه الشّيعة الشّيخ يوسف البحرانيّ في لؤلؤة البحرين:

و كان هذا الشّيخ وحيد عصره،و فريد دهره،الّذي لم تكتحل حدقة الزّمان له بمثيل و لا نظير،كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما بلغ إليه من عظم الشّأن في هذه الطّائفة و لا ينبؤك مثل خبير.

و أطراه الشّيخ الحرّ في تذكرة المتبحّرين قائلا:

فاضل،عالم،علاّمة العلماء،محقّق،مدقّق،ثقة،ثقة،فقيه،محدّث،

ص:28

متكلّم،ماهر،جليل القدر،عظيم الشّأن،رفيع المنزلة،لا نظير له في الفنون و العلوم العقليّات و النّقليّات،و فضائله و محاسنه أكثر من أن تحصى.

و امتدحه المولى نظام الدّين في نظام الأقوال بقوله:

شيخ الطّائفة و علاّمة وقته،صاحب التّحقيق و التّدقيق،و كلّ من تأخّر عنه استفاد منه،و فضله أشهر من أن يوصف.

و قال الشّيخ البهائي في إجازته لصفيّ الدّين محمّد القميّ:

العلاّمة آية اللّه في العالمين،جمال الحقّ و الملّة و الدّين.

و ذكره الفاضل التّفرشي في نقد الرّجال قائلا:

و يخطر ببالي أن لا أصفه،إذ لا يسع كتابي هذا ذكر علومه و تصانيفه، و فضائله و محامده،و أنّ كلّ ما يوصف به النّاس من جميل و فضل فهو فوقه،له أكثر من سبعين كتابا في الأصول و الفروع و الطّبيعيّ و الإلهيّ و غيرها.

و أطراه عليّ بن هلال في إجازته للمحقّق الكركيّ،بقوله:

الشّيخ الإمام الأعظم المولى الأكمل الأفضل الأعلم جمال الملّة و الحقّ و الدّين.

و في إجازة المحقّق الكركيّ لسميّه الميسيّ:

شيخنا الإمام،شيخ الإسلام،مفتي الفرق،بحر العلوم،أوحد الدّهر،شيخ الشّيعة بلا مدافع،جمال الملّة و الحقّ و الدّين.

و في إجازته للمولى حسين بن شمس الدّين محمد الأسترآباديّ،قال:

الإمام السّعيد،أستاذ الكلّ في الكلّ،شيخ العلماء و الرّاسخين،سلطان الفضلاء المحقّقين،جمال الملّة و الحقّ،و الدّين.

و قال الشّهيد الأوّل في إجازته لابن الخازن:

الإمام الأعظم الحجّة،أفضل المجتهدين:جمال الدّين.

و أثنى عليه الشّهيد الثّاني في إجازته للسّيد عليّ بن الصّائغ،قائلا

ص:29

شيخ الإسلام و مفتي فرق الأنام،الفاروق للحقّ بالحقّ،جمال الإسلام و المسلمين،و لسان الحكماء و الفقهاء و المتكلّمين،جمال الدّين.

و قال شرف الدّين الشّولستاني في إجازته للعلاّمة المجلسيّ الأوّل:

الشّيخ الأكمل العلاّمة آية اللّه في العالمين،جمال الملّة و الحقّ و الدّين.

و امتدحه ابن أبي جمهور الأحسائي في إجازته للشّيخ محمّد بن صالح الحليّ، قائلا:

شيخنا و إمامنا،و رئيس جميع علمائنا،العلاّمة الفهّامة،شيخ مشايخ الإسلام و الفارق بفتاويه بين الحلال و الحرام،و المسلّم له الرّئاسة في جميع فرق الإسلام.

و قال السّيد حسن الصّدر في كتابه تأسيس الشّيعة لفنون الإسلام:

لم يتّفق في الدّنيا مثله،لا في المتقدّمين و لا في المتأخّرين،و خرج من عالي مجلس تدريسه:خمسمائة مجتهد.كان اسما طابق المسمّى،و وصفا طابق المعنى،و هو بحر العلوم على التّحقيق،و المحقّق في كلّ معنى دقيق، أستاذ الكلّ في الكلّ بلا تأمّل.

و قال العلاّمة الشّهيد مرتضى المطهّريّ:

كان من أعاجيب الرّجال الأفذاذ،كتب في الفقه و الأصول و الكلام و المنطق و الفلسفة و الرّجال و غيرها،يوجد الآن من كتبه ما يقرب من مائة كتاب مطبوع أو مخطوط،يكفي بعضها كتذكرة الفقهاء،ليكون مرآة لنبوغ هذه الشخصيّة الفقهيّة.

إلى غير ذلك من كلمات و أقوال الفطاحل من الفقهاء،و مؤلّفي معاجم التّراجم في حقّ هذا العبقريّ،الّذي عقمت أعصار الدّهر أن تلد مثله،فكان مثال قول القائل:

هيهات أن يأتي الزّمان بمثله إنّ الزّمان لمثله لعقيم

ص:30

أقوال علماء السّنّة فيه

قال ابن حجر في لسان الميزان ج 2 ص 317:

الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ،عالم الشّيعة و مصنّفهم،و كان آية في الذّكاء،شرح مختصر ابن الحاجب شرحا جيّدا سهل المأخذ غاية في الإيضاح، و اشتهرت تصانيفه في حياته،و هو الّذي ردّ عليه الشّيخ تقيّ الدّين ابن تيميّة في كتابه المعروف بالرّدّ على الرّافضيّ.و كان ابن المطهّر مشهّر الذّكر و حسن الأخلاق،و لمّا بلغه بعض كتاب ابن تيميّة،قال:لو كان يفهم ما أقول أجبته[1].

و قال أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي في كتابه النّجوم الزّاهرة الجزء التّاسع ص 267:.

فيها توفّي شيخ الرّافضة،جمال الدّين الحسين بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ المعتزليّ،شارح كتاب:«مختصر ابن الحاجب»في المحرّم.كان عالما بالمعقولات،و كان رضيّ الخلق،حليما،و له وجاهة عند خربندا-ملك التّتار-و له عدّة مصنّفات،غير أنّه كان رافضيّا خبيثا على مذهب القوم،و لابن تيميّة عليه ردّ في أربعة مجلّدات،و كان يسمّيه ابن المنجّس،يعني عكس شهرته كونه كان يعرف بابن المطهّر.

و قال خير الدّين الزّركليّ في إعلامه ج 2 ص 244:

الحسن،و يقال:الحسين بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ،جمال الدّين،و يعرف بالعلاّمة:من أئمّة الشّيعة،و أحد كبار العلماء.نسبته إلى الحلّة (في العراق)و كان من سكّانها،مولده و وفاته فيها،له كتب كثيرة،منها.ثمَّ عدّ كتبه.

ص:31

قال العلم النّسّابة السّيد شهاب الدّين المرعشيّ النّجفيّ:

رأيت بخطّ بعض العلماء الشّوافع في مجموعه و قد أطرى في الثّناء على المترجم:و أنّه فاق علماء الإسلام في عصره في بابي القضاء و الفرائض،لم ير له مثيل،و نقل عنه مسائل عويصة و معاضل مشكلة في هذين البابين.

و قال ابن حجر العسقلانيّ في الدّرر الكامنة ج 2 ص 71:

الحسن بن يوسف بن مطهّر الحلّيّ،جمال الدّين الشّهير بابن المطهّر الأسديّ -يأتي في الحسين-ثمَّ قال هناك:الحسين بن يوسف بن المطهّر الحليّ المعتزليّ،جمال الدّين الشّيعي.و لازم النّصير الطّوسيّ مدّة،و اشتغل في العلوم العقليّة فمهر فيها،و صنّف في الأصول و الحكمة،و كان صاحب أموال و غلمان و حفدة،و كان رأس الشّيعة بالحلّة،و اشتهرت تصانيفه،و تخرّج به جماعة،و شرحه على مختصر ابن الحاجب في غاية الحسن في حلّ ألفاظه و تقريب معانيه في فقه الإماميّة،و كان قيّما بذلك داعيا إليه،و له كتاب في الإمامة ردّ عليه فيه ابن تيميّة بالكتاب المشهور،و قد أطنب فيه و أسهب و أجاد في الرّدّ،إلاّ أنّه تحامل في مواضع عديدة و ردّ أحاديث موجودة و إن كانت ضعيفة بأنّها مختلقة،و إيّاه عنى الشّيخ تقيّ الدّين السّبكيّ بقوله:

و ابن المطهّر لم تطهر خلائقه داع إلى الرّفض غال في تعصّبه

و لابن تيميّة ردّ عليه به أجاد في الرّدّ و استيفاء أضربه

قال:و له كتاب الأسرار الخفيّة في العلوم العقليّة،و بلغت تصانيفه مائة و عشرين مجلّدة فيما يقال،و لمّا وصل إليه كتاب ابن تيميّة في الردّ عليه،كتب أبياتا أوّلها:

لو كنت تعلم كلّ ما علم الورى طرّا لصرت صديق كلّ العالم

لكن جهلت فقلت إنّ جميع من يهوى خلاف هواك ليس بعالم

قال:و قد أجابه الشّمس الموصليّ على لسان ابن تيميّة،و يقال:إنّه تقدّم

ص:32

في دولة خربندا و كثرت أمواله و كان مع ذلك في غاية الشّحّ،و حجّ في أواخر عمره و تخرّج به جماعة في عدّة فنون.

و للعلاّمة الحجّة السّيد محسن الأمين تعليق على هذا،نورده هنا إتماما للفائدة،و دحضا لشبه المبطلين،قال:

و في كلام ابن حجر هذا مواقع للنّظر و أمور محتاجة للشّرح و الإكمال،فهو قد أنصف بعض الإنصاف في قوله:إنّ ابن تيميّة تحامل في مواضع عديدة و ردّ أحاديث موجودة بأنّها مختلقة،لكنّه ما أنصف في قوله:إنّها ضعيفة.فإنّ فيها:

المتواتر،و المستفيض،و ما روته الثّقات،و أودعته في كتبها الرّواة.

و الصّواب:أنّ ابن تيميّة بلغ به التّحامل إلى إنكار متواتر الأخبار و مسلّمات التّأريخ.و قد خطر بالبال عند قراءة أبيات السّبكيّ-الّتي نقلها-هذه الأبيات:

لا تتّبع كلّ من أبدى تعصّبه لرأيه نصرة منه لمذهبه

بالرّفض يرمى وليّ الطّهر حيدرة و ذاك يعرب عن أقصى تنصّبه

كن دائما لدليل الحقّ متّبعا لا للّذي قاله الآباء و انتبه

و ابن المطهّر وافى بالدّليل فإن أردت إدراك عين الحقّ فأت به

إنّ السّباب سلاح العاجزين و بالبرهان إن كان يبدو كلّ مشتبه

و الشّتم لا يلحق المشتوم تبعته لكنّه عائد في وجه صاحبه

و ابن المطهّر قد طابت خلائقه داع إلى الحقّ خال من تعصّبه

و لابن تيميّة ردّ عليه و ما أجاد في ردّه في كلّ أضربه

حسب ابن تيميّة ما كان قبل جرى له و عاينه من أهل مذهبه

في مصر أو في دمشق و هو بعد قضى في السّجن ممّا رأوه من مصائبه

مجسّم و تعالى اللّه خالقنا عن أن يكون له بالجسم من شبه

بذاك صرّح يوما فوق منبره بالشّام حسبك هذا من معائبه

اللّه ينزل من فوق السّماء كما

و الأبيات الّتي أرسلها العلاّمة إلى ابن تيميّة و جوابها الّذي أجاب به الشّمس الموصليّ،قد نقلها ابن عراق في تذكرته فيما حكاه عنه صاحب مجالس المؤمنين،فقال:قال الشّيخ نور الدّين عليّ بن عراق المصريّ في تذكرته:

ص:33

لا تتّبع كلّ من أبدى تعصّبه لرأيه نصرة منه لمذهبه

بالرّفض يرمى وليّ الطّهر حيدرة و ذاك يعرب عن أقصى تنصّبه

كن دائما لدليل الحقّ متّبعا لا للّذي قاله الآباء و انتبه

و ابن المطهّر وافى بالدّليل فإن أردت إدراك عين الحقّ فأت به

إنّ السّباب سلاح العاجزين و بالبرهان إن كان يبدو كلّ مشتبه

و الشّتم لا يلحق المشتوم تبعته لكنّه عائد في وجه صاحبه

و ابن المطهّر قد طابت خلائقه داع إلى الحقّ خال من تعصّبه

و لابن تيميّة ردّ عليه و ما أجاد في ردّه في كلّ أضربه

حسب ابن تيميّة ما كان قبل جرى له و عاينه من أهل مذهبه

في مصر أو في دمشق و هو بعد قضى في السّجن ممّا رأوه من مصائبه

مجسّم و تعالى اللّه خالقنا عن أن يكون له بالجسم من شبه

بذاك صرّح يوما فوق منبره بالشّام حسبك هذا من معائبه

اللّه ينزل من فوق السّماء كما

و الأبيات الّتي أرسلها العلاّمة إلى ابن تيميّة و جوابها الّذي أجاب به الشّمس الموصليّ،قد نقلها ابن عراق في تذكرته فيما حكاه عنه صاحب مجالس المؤمنين،فقال:قال الشّيخ نور الدّين عليّ بن عراق المصريّ في تذكرته:

إنّ الشّيخ تقيّ الدّين بن تيميّة كان معاصرا للشّيخ جمال الدّين و يتكلّم على الشّيخ جمال الدّين في غيابه،فكتب إليه الشّيخ جمال الدّين:

لو كنت تعلم كلّما علم الورى طرّا لصرت صديق كلّ العالم

لكن جهلت فقلت إنّ جميع من يهوى خلاف هواك ليس بعالم

فكتب الشّيخ شمس الدّين محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الموصليّ في جوابه هذين البيتين:

يا من يموّه في السّؤال مسفسطا إنّ الّذي ألزمت ليس بلازم

هذا رسول اللّه يعلم كلّما علموا و قد عاداه جلّ العالم

قال السّيد الأمين:

السفسطة،هي من الشّمس الموصليّ،فالعلاّمة الحلّي يقول:إنّ ردّك عليّ لجهلك بما أقول و عدم فهمك إيّاه على حقيقته،فلو علمت كلّ ما علم الورى و وصل إليه علمهم من الحقّ،لكنت تذعن لهم و لا تعاديهم،لكنّك جهلت حقيقة ما قالوا فنسبت من لا يهوى هواك منهم إلى الجهل فهو نظير قول القائل:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت أعلم ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني و علمت أنّك جاهل فعذرتكا

فأين هذا من نقضه السّوفسطائي بأنّ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-يعلم كلّما يعلمه النّاس و قد عاداه جلّ النّاس.و لمّا اطّلعت على بيتي الموصليّ خطر بالبال هذان البيتان:

أحسنت في التّشبيه كلّ معاند

أمّا نسبته إلى غاية الشّح:فلا تكاد تصحّ و لا تصدّق في عالم فقيه عظيم عرف مذامّ الشّح و قبحه.فهو إن لم يكن سخيّا بطبعه فلا بدّ أن يتسخّى بسبب علمه،مع أنّنا لم نجد ناقلا نقلها غيره،و ليس الباعث على هذه النّسبة إلاّ عدم ما يعاب به في علمه و فضله و ورعه و تقواه فعدل إلى العيب بالشّح الّذي لم تجر عادة بذكره في صفة العلماء،بل و لا بذكر الكرم و السّخاء غالبا 1.

ص:

أحسنت في التّشبيه كلّ معاند

أمّا نسبته إلى غاية الشّح:فلا تكاد تصحّ و لا تصدّق في عالم فقيه عظيم عرف مذامّ الشّح و قبحه.فهو إن لم يكن سخيّا بطبعه فلا بدّ أن يتسخّى بسبب علمه،مع أنّنا لم نجد ناقلا نقلها غيره،و ليس الباعث على هذه النّسبة إلاّ عدم ما يعاب به في علمه و فضله و ورعه و تقواه فعدل إلى العيب بالشّح الّذي لم تجر عادة بذكره في صفة العلماء،بل و لا بذكر الكرم و السّخاء غالبا (1).

و قد ذكر العلاّمة كثير من علماء أهل السنّة في غير هذه الكتب،لم نثبت ما قالوا به،لعدم وجودها في مكتبتنا،و من أحبّ الاستزادة،فليرجع إلى:

فهرس دار الكتب ج 1 ص 567،و الفهرس التّمهيديّ ص 170 و 268 و 331،و ابن الورديّ ج 2 ص 279،و قال فيه:من غلاة الشّيعة،و المنهل الصّافي،و غيرها.

مؤلّفاته و آثاره العلميّة

لقد برع العلاّمة في علم الفقه و أصوله و ألّف فيهما المؤلّفات المتنوعة من مطوّلات و متوسّطات و مختصرات،كانت كلّها محطّ أنظار العلماء في البحث و التّدريس و التّحقيق.كما برع في الحكمة العقليّة حتّى أنّه باحث الحكماء السّابقين في تأليفاته و أورد عليهم الإشكالات فيها،و حاكم بين شرّاح الإشارات لابن سينا،و ناقش أستاذه:إمام الكلام الخواجة نصير الدّين الطّوسيّ،حتّى أنّه لمّا سئل بعد عودته من زيارته لمدينة الحلّة عمّا شاهده فيها قال:رأيت خرّيتا ماهرا، و عالما إذا جاهد فاق.عنى بالخرّيت الماهر:المحقّق الحلّي،و بالعالم:عيلمنا المترجم له،و جاء في ركاب الخواجة نصير الدّين من الحلّة إلى بغداد فسأله في الطّريق عن اثنتي عشرة مسألة من مشكلات العلوم،إحداها:انتقاض حدود

ص:


1- 1أعيان الشّيعة ج 5 ص 398.

الدّلالات بعضها ببعض.و باحث الفيلسوف الإسلاميّ الكبير ابن سينا و خطّأه، و كتب في علم أصول الدّين و فنّ المناظرة و الجدل و علم الكلام من الطّبيعيات و الإلهيّات و الحكمة العقليّة و مباحثة ابن سينا،و ألّف في الرّدّ على الخصوم و الاحتجاج المؤلّفات الكثيرة النّافعة،و ليس أدلّ على سبقه في هذا الفنّ من مناظرته المشهورة الّتي تشيّع بعدها السّلطان على يده-كما سنذكرها لاحقا.

و مهر في علم المنطق و ألّف فيه التّصانيف الكثيرة و تقدّم في معرفة الرّجال، و ألّف فيه المطوّلات و المختصرات،إلاّ أنّ بعضها فقد،و لم يعرف له غير (الخلاصة)و تفوّق في علم الحديث،و تفنّن في التّأليف فيه و في شرح الأحاديث و لكن فقدت مؤلّفاته في الحديث،كما برع في علم التّفسير و كتب فيه،و في الأدعية المأثورة و في علم الأخلاق،و تربّى على يده من العلماء الكبار،العدد الكثير و فاقوا علماء أعصارهم،و هاجر إليه الشّهيد الأول من جبل عامل ليقرأ عليه، فوجده قد توفّي فقرأ على ولده-فخر المحقّقين-تيمّنا و تبرّكا،لا حاجة و تعلّما، و لذلك قال فخر المحقّقين:استفدت منه أكثر ممّا استفاد منّي.

و له في مختلف العلوم و شتّى الحقول الثّقافيّة كتب كثيرة نافعة اشتهر صيتها في جميع البلدان من عصره إلى اليوم.

ذكر في نقد الرّجال أنّ له أكثر من سبعين مؤلّفا،و ذكر الطّريحيّ في مجمع البحرين مادّة(علم)أنّه:رأى خمسمائة مجلّد بخطّه،و لكنّ العلاّمة نفسه ذكر في (خلاصة الأقوال)أسماء 67 مصنّفا له،و في إجازته لمهنّأ بن سنان الّتي كتبها قبل وفاته بستّ سنوات ذكر 52 منها.

و أورد العلاّمة المدرّس الخيابانيّ في«ريحانة الأدب»120 عنوانا لتأليفاته:

15 منها فقهيّة،و 10 أصوليّة،و أكثر من أربعين مجلّدا في الكتب الكلاميّة و الفلسفيّة.

و ذكر العلاّمة آغا بزرگ الطّهرانيّ في طبقات أعلام الشّيعة عن رجال أبي

ص:36

عليّ في ترجمة العلاّمة عن بعض شرّاح التّجريد أنّه:بلغ أسماء تصانيفه نحوا من ألف عنوان.

و في الرّياض:قد اشتهر أنّ مؤلّفات العلاّمة بلغت في الكثرة إلى حدّ لو قسّمت على أيّام عمره،لكان لكلّ يوم ألف بيت،أي:ألف سطر،كلّ سطر خمسون حرفا.

و في اللؤلؤة:لقد قيل:انّه وزّع تصنيف العلاّمة على أيّام عمره-من ولادته إلى موته-فكان قسط كلّ يوم كرّاسا،مع ما كان عليه من الاشتغال بالإفادة و الاستفادة و التّدريس و الأسفار،و الحضور عند الملوك،و المباحثات مع الجمهور،و القيام بوظائف العبادة و المراسم العرفيّة،و نحو ذلك من الأشغال،و هذا هو العجب العجاب،الّذي لا شكّ فيه و لا ارتياب إلى غير ذلك من كلمات الأصحاب.

و نقل بعض متأخّري الأصحاب أنّه ذكر ذلك عند العلاّمة المجلسيّ فقال:

و نحن بحمد اللّه لو وزّعت تصانيفنا على أيّامنا،كانت كذلك.فقال بعض الحاضرين:إنّ تصانيف مولانا الآخوند مقصورة على النّقل،و تصانيف العلاّمة مشتملة على التّحقيق و البحث بالعقل.فسلّم له ذلك حيث كان الأمر كذلك.

و إليك أسماء كتبه مرتّبة على حسب حروف الهجاء:

1-آداب البحث-رسالة مختصرة-توجد نسخة في خزانة المولى محمّد عليّ الخوانساريّ في النّجف الأشرف.

2-الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة-ذكره مؤلّفه في الخلاصة،عليه شرح للشّيخ ناصر بن إبراهيم البويهيّ،و شرح للملاّ هادي السّبزواريّ،يوجدان في الخزانة الرّضوية المقدّسة.

3-إثبات الرّجعة-توجد نسخة في مكتبة مدرسة فاضل خان بمدينة مشهد كما ذكر ذلك صاحب الذّريعة،و مكتبة جامعة طهران.

4-الإجازة الكبيرة لبني زهرة-ذكرها صاحب أمل الآمل-و هم خمسة

ص:37

أ-علاء الدّين أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن محمّد بن أبي الحسن بن أبي المحاسن زهرة الحسينيّ الحلبيّ.

ب-ولده شرف الدّين أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ.

ج-أخوه بدر الدّين أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم.

د-ولده أمين الدّين أبو طالب أحمد بن محمّد.

ه-ولده الآخر عزّ الدّين أبو محمّد الحسن بن محمّد.

5-الإجازة الكبيرة للسّيد نجم الدين مهنّأ بن سنان بن عبد الوهّاب الحسنيّ المدنيّ،ذكر فيها فهرس تصانيفه.

6-الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمّة الطّاهرة-عليهم السّلام.ورد في بعض نسخ الخلاصة،أنّه:يقع في أربعة أجزاء.

7-الأربعون مسألة في أصول الدّين.

8-إرشاد الأذهان إلى معرفة أحكام الإيمان-في الفقه-قال صاحب الذّريعة:مجلّد حسن التّرتيب مبلغ مسائله خمسة عشر ألف مسألة.و هو كثير الحواشي و الشّروح،ذكر منها 38 شرحا و حاشية مختلفة لأهل العصر،و منها نحو عشرين شرحا لمشاهير العلماء القدماء،من جملتها تسعة شروح للعلماء العامليّين القدماء.و من شروحه:الهادي إلى الرّشاد.

9-استقصاء الاعتبار في تحقيق معاني الأخبار-قال العلاّمة عنه:ذكرنا فيه كلّ حديث وصل إلينا،و بحثنا في كلّ حديث على صحّة السّند،أو إبطاله، و كون متنه محكما أو متشابها،و ما اشتمل عليه المتن من المباحث الأصوليّة و الأدبيّة و ما يستنبط من المتن من الأحكام الشّرعيّة و غيرها،و هو كتاب لم يعمل مثله.و أشار إليه في كتابه المختلف في مسألة سؤر كلّ ما يؤكل لحمه بما دلّ على أنّه في غاية البسط.

10-استقصاء(البحث)و النّظر في القضاء و القدر-و كأنّما هي الّتي

ص:38

و سمها البعض برسالة:إبطال الجبر،الّتي ألّفها للسّلطان خدابنده،لمّا سأله بيان الأدلّة الدّالّة على أنّ العبد مختار في أفعاله و أنّه غير مجبور عليها،و قد ألّف بعض علماء الهند-من غير الشّيعة-قديما كتابا في ردّه،فكتب القاضي الشّهيد التّستريّ ردّا عليه سمّاه(النّور الأنور في تنوير خفايا رسالة،القضاء و القدر)زيّف فيه اعتراضات الهنديّ على العلاّمة،و قد طبعه الشّيخ عليّ الخاقاني بالنّجف الأشرف عام 1354 ق.

11-الأسرار الخفيّة في العلوم العقليّة-من الحكمة و الكلام و المنطق، ثلاثة أجزاء،موجود في المكتبة الحيدريّة بالنّجف الأشرف،يردّ به على الفلاسفة،ألّفه باسم هارون بن شمس الدّين الجوينيّ،توجد نسخة أيضا في مكتبة الإمام الحكيم العامّة بالنّجف الأشرف و يظهر أنّها بخطّ العلاّمة،تقع في 460 صفحة.

12-الإشارات إلى معاني الإشارات.مجلّد،و هو من شروح العلاّمة على كتاب الإشارات لابن سينا.

13-الألفين في إمامة أمير المؤمنين-عليه السّلام-كتبه بطلب من ولده فخر المحقّقين و لم يتمّه بسبب موافاة الأجل،و أتمّه ولده من بعده.قال العلاّمة في مقدّمته:

أمّا بعد فإنّ أضعف عباد اللّه تعالى،الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي يقول:أجبت سؤال ولدي العزيز عليّ:محمّد،أصلح اللّه أمر داريه،كما هو برّ بوالديه،و رزقه أسباب السّعادات الدّنيويّة و الأخرويّة،كما أطاعني في استعمال قواه العقليّة و الحسّيّة،و أسعفه ببلوغ آماله،كما أرضاني بأقواله و أفعاله،و جمع له بين الرّئاستين،كما لم يعصني طرفة عين من إملاء هذا الكتاب الموسوم بكتاب الألفين،الفارق بين الصّدق و المين.أورد فيه ألفا و ثمانية و ثلاثين دليلا على وجوب عصمة الإمام أمير المؤمنين-عليه السّلام.

ص:39

14-أنوار الملكوت في شرح فصّ الياقوت-في الكلام-لأبي إسحاق إبراهيم النّوبختيّ.مطبوع في إيران ضمن منشورات جامعة طهران.

15-إيضاح الاشتباه في أسماء الرّواة-مطبوع،و قد رتّبه على النّهج المألوف:جدّ صاحب الرّوضات،و زاد عليه أيضا:ابن ملاّ محسن الكاشانيّ، و طبع من فهرست الشّيخ في اوربّا،كما أنّه مطبوع منضمّا إلى فهرست الشّيخ في كلكته.

16-إيضاح التّلبيس من كلام الرّئيس-قال في الخلاصة:باحثنا فيه الشّيخ أبا عليّ بن سينا.

17-إيضاح مخالفة السّنّة-و هو يعدّ من كتب التّفاسير لما فيه من تفسير الآيات و بيان مداليلها-توجد نسخة منه في مكتبة مجلس الشّورى الإسلاميّ بطهران.

18-إيضاح المعضلات من شرح الإشارات-و هو شرح لشرح أستاذه الخواجة نصير الطّوسيّ على إشارات ابن سينا الموسوم بحلّ مشكلات الإشارات.

19-إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد-و هو شرح لكتاب حكمة العين،للكاتبيّ القزوينيّ المعروف بدبيران،توجد نسخة منه في مكتبة جامعة طهران.

20-الباب الحادي عشر فيما يجب على عامّة المكلّفين،من معرفة أصول الدّين-ألحقه بمختصر مصباح المتهجّد الموسوم بمنهاج الصّلاح في اختصار المصباح،و هو مطبوع مع شرحه للفاضل المقداد السّيوريّ،له شروح بلغت 22 شرحا،كما ذكره صاحب الذّريعة.

21-بسط الإشارات-مجلّد،و هو شرح إشارات الشّيخ الرّئيس ابن سينا.

22-بسط الكافية-و هو اختصار شرح الكافية في النّحو،ذكره العلاّمة في الخلاصة.

ص:40

23-تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين،و هو كتاب فتوائي في الفقه.

مطبوع و عليه عدّة شروح مختلفة لأهل هذه الأعصار،ناهزت الثّلاثين شرحا،كما يوجد عليه شرح أيضا للعلاّمة المحقّق السّيد محسن الأمين العامليّ،مطبوع معه.

24-تحرير الأبحاث في معرفة العلوم الثّلاثة:المنطق،و الطّبيعيّ، و الإلهيّ-مجلّد.

25-تحرير الأحكام الشّرعية على مذهب الإماميّة-فتوائيّ في الفقه-يقع في أربعة مجلّدات،مطبوع كلّه في مجلّد واحد.

قال عنه في الخلاصة:حسن جيّد استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصار.و قال صاحب الذّريعة:أحصيت مسائله،فبلغت أربعين ألف مسألة، و عليه عدّة شروح.

26-تحصيل السّداد شرح واجب الاعتقاد.مطبوع.

27-تحصيل الملخّص-و يبدو أنّه شرح على ملخّص فخر الدّين الرّازيّ في الحكمة و المنطق،ذكره العلاّمة في جواب مسائل مهنّأ بن سنان،و قال:انّه خرج منه مجلّد،و يظهر أنّه لم يكمل حتّى ذلك الوقت.

28-تذكرة الفقهاء-قال في الخلاصة:خرج منه إلى النّكاح أربعة عشر جزءا.و هو مطبوع في مجلّد كبير،يعدّ هذا الكتاب أوّل موسوعة فقهيّة زاخرة في الفقه المقارن،فريدة من نوعها في تاريخ تطوّر الفقه الإماميّ من حيث السّعة و الإحاطة و الشّمول و المقارنة،و تطوّر مناهج البحث العلميّ،و هو بعد هذا و ذاك:

يعدّ مرجعا لمذهب الإماميّة،و لكلّ المذاهب الإسلاميّة الأخرى.

29-تسبيل الأذهان إلى أحكام الإيمان-في الفقه،مجلّد.

30-تسليك الأفهام في معرفة الأحكام-في الفقه.

31-تسليك النّفس إلى حضرة القُدس-في بيان نكات علم الكلام و دقائقه.توجد نسخة منه في الخزانة الغرويّة بالنّجف الأشرف.

ص:41

32-التّعليم الثّاني التّام-في الحكمة و الكلام.يقع في عدّة مجلّدات، خرج منه بعضها كما في بعض نسخ الخلاصة.

33-تلخيص الفهرست للشّيخ الطّوسيّ-بحذف الكتب و الأسانيد.

34-تلخيص المرام في معرفة الأحكام-في قواعد الفقه و مسائله.

35-التّناسب بين الأشعريّة و فرق السّوفسطائيّة.

36-تنقيح قواعد الدّين المأخوذة عن آل ياسين-عليهم السّلام-يقع في عدّة أجزاء.

37-تهذيب طريق الوصول إلى علم الأصول-توجد منه نسخة في المكتبة الرّضويّة في مشهد بالطّبعة الحجريّة من نسخ طهران بتاريخ 1308 ق،و كان المرحوم الشّيخ محمّد صالح العلاّمة الحائريّ قد أوقفها للمكتبة،و بهامش هذا الكتاب شرح من السّيد عميد الدّين،موسوم بمنيّة اللّبيب في شرح التّهذيب.

قال في الخلاصة:صنّفه باسم ولده فخر المحقّقين.و هو مطبوع،و كان عليه مدار التّدريس في العراق و جبل عامل قبل المعالم،و عليه شروح و حواش كثيرة جدّا،ذكرها العلاّمة الآغا بزرگ في الذّريعة.

38-تهذيب النّفس في معرفة المذاهب الخمس.

39-جامع(مجامع)الأخبار.

40-جوابات مسائل مهنّأ بن سنان المدني الأولى.

41-جوابات مسائل مهنّأ بن سنان المدنيّ الثّانية.

42-جواهر المطالب في فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب-عليه السّلام.

43-الجوهر النّضيد في شرح منطق التّجريد.و هو مطبوع.

44-حاشية التّلخيص-كتبها على تلخيص الأحكام.

45-حاشية على قواعد الأحكام-كتبها على كتابه القواعد.

46-خلاصة الأقوال في معرفة أحوال الرّجال-رتّبه قسمين:الأوّل:فيمن

ص:42

يعتمد عليه،و الثّاني:فيمن يتوقّف فيه.مجلّد مطبوع.و قد اعتنى بأقواله كلّ من كتب في الرّجال،فنقلوها كلّها في كتبهم مع أنّه يقتصر غالبا على ما في فهرست الشّيخ و رجال النّجاشي،و قد يزيد عنهما.

47-خلاصة الأخبار.قال آية اللّه المرعشي النّجفي:و هو صغير،و عندنا نسخة منه،كتب بعض العلماء على ظهرها:أنّه بعينه خلاصة الأخبار من تآليف مولانا العلاّمة.

48-الدّر المكنون في علم القانون-في المنطق.

49-الدّرّ و المرجان في الأحاديث الصّحاح و الحسان-مجلّد،و قيل:يقع في عشرة أجزاء.و هذا الكتاب و النّهج الوضّاح و المصابيح و استقصاء الاعتبار ليس لها عين و لا أثر،و يبدو أنّه ضاعت و ذهبت بذهاب حوادث الدّهر.

50-الرّسالة السّعديّة-في الكلام-مطبوعة.صنّفها في سفره مع السّلطان خدابنده ببلدة جرجان.

51-رسالة في تحقيق معنى الإيمان،و نقل الأقوال فيه.

52-رسالة مختصرة في جواب السّلطان محمّد خدابنده عن حكمة النّسخ في الأحكام الشّرعيّة.

53-رسالة في جواب سؤالين سأل عنهما رشيد الدّين فضل اللّه الطّبيب الهمدانيّ وزير غازان بن أرغون المغولي،و وزير أخيه محمد خدابنده.موجودة في مكتبة الشّيخ علي المدرّس.قال في مقدّمتها كما في النّسخة الّتي موجودة عند الشّيخ المدرّس:

يقول العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر:

إنّني لمّا أمرت بالحضور بين يدي الدّرگاه[1]المعظّمة الممجّدة الإيلخانيّة،

ص:43

أيّد اللّه سلطانها،و شيّد أركانها،و أعلى على الفرقدين شأنها،و أمدّها بالدّوام و الخلود،إلى يوم الموعود،و كبت كلّ عدوّ لها و حسود،وجدت الدّولة القاهرة مزيّنة بالمولى الأعظم،و الصّاحب الكبير المخدوم المعظّم،مربّي العلماء، و مقتدى الفضلاء،أفضل المحقّقين،رئيس المدقّقين،صاحب النّظر الثّاقب، و الحدس الصّائب،أوحد الزّمان،المخصوص بعناية الرّحمن، المميّز عن غيره من نوع الإنسان،ترجمان القرآن،الجامع لكمالات النّفس،المترقّي بكماله إلى حظيرة القدس،ينبوع الحكمة العمليّة،و موضع أسرار العلوم الرّبّانيّة،موضّح المشكلات،و مظهر النّكت الغامضات،وزير الممالك شرقا و غربا،و بعدا و قربا، خواجه رشيد الملّة و الحقّ و الدّين-أعزّ اللّه أنصاره،و ضاعف أقداره،و أيّده بالألطاف،و أمدّه بالإسعاف-وجدت فضله بحرا لا يساجل،و علمه لا يقاس و لا يماثل،و حضرت بعض اللّيالي خدمته للاستفادة من نتائج قريحته،فسئل تلك اللّيلة سؤالين مشكلين،فأجاد في الجواب عنهما،و أوردت في هذه الرّسالة تقرير ما بيّنه.إلخ.

السّؤال الأوّل:أنّه من المعلوم أنّ النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-أعلى مرتبة من الوصيّ،و قد قال (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) كما حكاه القرآن الكريم،و قال أمير المؤمنين -عليه السّلام-:لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا؟.

السّؤال الثّاني:في الجمع بين قوله تعالى (وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ، فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) و قوله تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ) .انتهى ما في النّسخة.

قال العلاّمة السّيد محسن الأمين العامليّ جوابا على هذين السّؤالين:

يمكن الجواب عن السّؤال الأوّل:بأنّ قول أمير المؤمنين-عليه السّلام-:(لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا)معناه:بلوغ أقصى درجات الإيمان باللّه تعالى، و أقصى ما يمكن من معرفة اللّه تعالى،و قوله-صلّى اللّه عليه و آله-:(ربّ زدني

ص:44

علما)يدلّ على أنّ علمه قابل للزّيادة،و هو لا ينافي بلوغه أقصى درجات الإيمان، و أقصى ما يمكن من معرفة اللّه تعالى.

و أمّا الجمع بين ما دلّ على سؤال العباد يوم القيامة و ما دلّ على عدم سؤالهم:بأنّ عدم السّؤال عمّا يصدر منهم في ذلك الموقف،و السّؤال:عمّا صدر في دار الدّنيا.

و قيل:لا يُسأل:سؤال استفهام،لأنّ اللّه قد أحصى الأعمال،و إنّما يسأل سؤال تقريع.

و رشيد الدين،هو:فضل اللّه الطّبيب الهمذانيّ وزير غازان خان و أخيه الجايتو ( خدابنده)محمّد خان المغولي.و صاحب الدّرگاه المذكور،هو:الجايتو محمّد الّذي تشيّع على يد العلاّمة،و كان اجتماعه بهذا الوزير في ذلك السّفر الّذي حضر فيه عند الجايتو (1).

54-رسالة في خلق الأعمال.

55-رسالة في شرح الكلمات الخمس لأمير المؤمنين-عليه السّلام-في جواب صاحبه كميل بن زياد النّخعيّ.و قد طبعت في ضمن مجموعة بطهران.

56-رسالة في واجبات الحج و أركانه-من دون ذكر الأدعية و المستحبّات و نحوها.

57-رسالة في واجبات الحج و أركانه-من دون ذكر الأدعية و المستحبّات و نحوها.

57-رسالة في واجبات الوضوء و الصّلاة-ألّفها باسم الوزير(ترمتاش) ذكرها صاحب الرّياض.

58-شرح الحديث القدسيّ.

59-شرح حكمة الإشراق-في الفلسفة،للسّهرورديّ المقتول سنة 587 ق، و هذا الكتاب غير شرح حكمة العين.

ص:45


1- 1أعيان الشّيعة ج 5 ص 400.

60-غاية الأحكام في تصحيح تلخيص المرام-كتبه على كتابه التّلخيص.

61-غاية السّؤول في شرح مختصر منتهى المأمول.

62-قواعد الأحكام في معرفة مسائل الحلال و الحرام-مجلّدان،بلغت مسائله 6600 مسألة شرعيّة.و هو كثير الشّروح و الحواشي،منها:شرح السّيد عميد الدّين-ابن أخت العلاّمة-و لولد العلاّمة:فخر المحقّقين:إيضاح على كتاب الفوائد في شرح القواعد.

63-القواعد الجليّة في شرح الرّسالة الشّمسية،لاستاذه الكاتبيّ المعروف بدبيران.توجد نسخته بخطّه الشّريف في الخزانة الرّضويّة المقدّسة.

64-القواعد و المقاصد-في المنطق و الطّبيعيّ و الإلهيّ.

65-القول(السّرّ)الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

66-كاشف الأستار في شرح كشف الأسرار-مجلّد.

67-كتاب السّلطان.

68-كشف الحقّ و نهج الصّدق-مطبوع في بغداد-صنّفه باسم السلطان خدابنده،كما صرّح العلاّمة في خطبته،و هو الّذي ردّه الفضل بن روزبهان،و ردّ على ردّ الفضل:القاضي الشّهيد نور اللّه التّستري بكتاب أسماه(إحقاق الحقّ و إزهاق الباطل)كما ردّ عليه أيضا:الحجّة الحسن المظفّر بكتاب أسماه(دلائل الصّدق)و هما مطبوعان.

69-كشف الخفاء من كتاب الشّفاء-في الحكمة-لابن سينا.خرج منه مجلّدات.

70-كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد.

71-كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد-لاستاذه الخواجة نصير الدّين الطّوسيّ-في علم الكلام.مطبوع،و له شرح منطقة خاصّة أسماه(الجوهر النضيد في شرح منطق التّجريد).

ص:46

72-كشف(حلّ)المشكلات من كتاب التّلويحات-يقع في مجلّدين.

73-كشف المقال في معرفة أحوال الرّجال-و هو أكبر من كتابه الخلاصة و يحيل عليه فيها.و في إيضاح الاشتباه:لا وجود له-كما ذكر سلفا.

74-كشف المكنون من كتاب القانون-و هو اختصار شرح الكافية في النّحو.

75-كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين-عليه السّلام-مطبوع.

76-لبّ الحكمة.

77-المباحث و المعارضات النّصيريّة.

78-مبادي الوصول إلى علم الأصول-مطبوع بتحقيق الأستاذ البقّال.

79-المحاكمات بين شرّاح الإشارات-ذكره العلاّمة في المسائل المهنّائيّة،يقع في ثلاثة مجلّدات.

80-مختصر شرح نهج البلاغة-ذكره في الخلاصة،و استظهر غير واحد أنّه مختصر الشّرح الكبير لاستاذه ابن ميثم البحراني المتوفى سنة 679 ق.

81-مختلف الشّيعة في أحكام الشّريعة.قال عنه في الخلاصة:ذكرنا فيه خلاف علمائنا خاصّة،و حجّة كلّ شخص و التّرجيح لما نصير إليه.

و يعدّ هذا الكتاب واحدا من أفخر الكتب الدّراسيّة الّتي تستعرض المسائل الخلافيّة بين فقهاء الشّيعة الإماميّة أنفسهم بشكل متفرّد،و هو عطاء فقهيّ علميّ غزير و ثريّ،و لم يصنّف بعده كتاب يماثله من حيث السّعة و الشّموليّة.يقع في سبعة مجلّدات مطبوعة.

82-مدارك الأحكام-في الإجازة:يخرج منه الطّهارة و الصّلاة.مجلد، و منه أخذ صاحب المدارك اسم الكتابة.

83-مراصد التّدقيق و مقاصد التّحقيق-في المنطق و الطّبيعيّ و الإلهيّ- نسخة المنطق موجودة بمكتبة جامعة طهران،و نسخة الإلهيّ في مكتبة النّصيريّ

ص:47

بطهران.

84-مرثيّة الحسين-عليه السّلام.

85-مصابيح الأنوار-قال عنه:ذكرنا فيه كلّ أحاديث علمائنا،و جعلنا كلّ حديث يتعلّق بفنّ في بابه،و رتّبنا كلّ فنّ على أبواب ابتدأنا فيها بما روي عن النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-ثمَّ بما روي عن أمير المؤمنين عليّ-عليه السّلام- و هكذا.إلى آخر الأئمّة-عليهم السّلام.

86-المطالب العليّة في علم العربيّة-ذكره في الخلاصة.آ 87-معارج الفهم في شرح النّظم-في الكلام-و هو شرح لكتابة:نظم البراهين-الآتي ذكره.

88-المعتمد-في الفقه.

89-المقاصد الوافية بفوائد القانون و الكافية-قال عنه في الخلاصة:جمعنا فيه بين الجزوليّة و الكافية في النّحو،مع تمثيل ما يحتاج إلى المثال.

90-المقاومات-قال عنه في الخلاصة:باحثنا فيه الحكماء السّابقين،و هو يتمّ مع تمام عمرنا.

91-مقصد(مقاصد)الواصلين في معرفة أصول الدّين-ذكره في الخلاصة:

و أنَّه يقع في مجلد-كما في إجازته لمهنأ بن سنان المدني.

92-المناهج السوية.

93-منتهى المطلب في تحقيق المذهب-قال عنه في الخلاصة:لم يعمل مثله،ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه،و رجّحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه،يتمّ إن شاء اللّه تعالى عملنا منه إلى هذا التّاريخ و هو:شهر ربيع الآخر سنة 693 ق.سبعة مجلّدات مطبوع بالحجريّ.و مطبوع بالطّبع الحديث بتحقيق قسم الفقه و الأصول بمؤسّسة البحوث الإسلاميّة التّابعة للرّوضة الرّضويّة المقدّسة، يقوم بتحقيقه أيضا مؤسّسة آل البيت-عليهم السّلام-لإحياء التّراث،بقم

ص:48

المشرّفة.

94-منتهى الوصول إلى علمي الكلام و الأصول-ذكره في إجازة السّيد مهنّأ بن سنان في عداد كتب أصول الفقه،و لو لا ذلك لظنّ أنّه في أصول الدّين لذكر الأصول فيه مع الكلام.

95-منهاج السّلامة إلى معراج الكرامة-في الكلام-ذكره في الخلاصة.

96-منهاج الصّلاح في اختصار المصباح-و هو مختصر كتاب(مصباح المتهجّد)للشّيخ الطّوسيّ،ألّفه بطلب من الوزير محمّد بن محمّد القوفهديّ،و رتّبه على عشرة أبواب ثمَّ ألحق به كتاب الباب الحادي عشر في أصول الدّين-كما بيّنّا سابقا.

97-منهاج(تاج)الكرامة في إثبات الإمامة-سمّاه صاحب كشف الظّنون (منهاج الاستقامة)و هو مطبوع مستقلا على هامش بعض طبقات كتاب الألفين، صنّفه باسم السّلطان خدابنده،و هو الّذي ردّ عليه ابن تيميّة بكتاب أسماه(منهاج السّنّة)و ردّ على منهاج السّنّة:السيّد محمّد مهدي القزوينيّ بكتاب أسماه:

(منهج الشّريعة)و هو مطبوع في مجلّدين.

98-منهاج الهداية و معراج الدّراية-في علم الكلام.

99-منهاج اليقين في أصول الدّين-عليه شرح لابن العتائقي،موجود في الخزانة الغرويّة الشّريفة،أسماه:(الإيضاح و التّبيين).

100-المنهاج في مناسك الحاج، 101-نظم البراهين في أصول الدّين-ذكره في الخلاصة،و للمصنّف نفسه شرح عليه-تقدّم ذكره.

102-النّكت البديعة في تحرير الذّريعة-للسّيد المرتضى،في أصول الفقه.ذكره العلاّمة في الخلاصة.

103-نهاية الأحكام في معرفة الحلال و الحرام-توجد نسخة من أوّله إلى

ص:49

كتاب البيع في مكتبة الإمام الحكيم العامّة بالنّجف الأشرف بتاريخ 859 ق.

104-نهاية الفقهاء.ذكره العلاّمة المجلسيّ الثّاني و عدّه من كتبه.

105-نهاية المرام في علم الكلام-يقع في أربعة أجزاء،ذكره في إجازته المهنّائيّة.

106-نهاية الوصول إلى علم الأصول-يقع في أربعة مجلّدات.

107-نهج الإيمان في تفسير القرآن.قال عنه في الخلاصة:ذكرنا فيه ملخّص الكشّاف و التّبيان و غيرهما.

108-نهج العرفان في علم الميزان-في المنطق-مجلّد.

109-نهج المسترشدين في أصول الدّين-مطبوع مع شرحه للفاضل المقداد السّيوريّ.

110-نهج الوصول إلى علم الأصول.

111-النّهج الوضّاح في الأحاديث الصّحاح.

112-النّور المشرق في علم المنطق.

113-الهادي.

114-واجب الاعتقاد على جميع العباد-في الأصول و الفروع-و عليه شرح للفاضل المقداد السّيوريّ،طبع حديثا بتحقيقنا،و على شرح الفاضل شرح اسمه:

نهج السّداد إلى شرح واجب الاعتقاد.

كتب منسوبة إليه

1-الإسرار في إمامة الأئمّة الأطهار.و هذا بعيد جدّا أن يكون له،لأنّه من تأليفات الحسن الطّبرسيّ،أو أحد العلماء الطّبرسيّين.

2-رسائل الدّلائل البرهانيّة في تصحيح الحضرة الغرويّة.

3-الكشكول فيما جرى على آل الرّسول.

ص:50

قال العلاّمة السّيد محسن الأمين:أمّا نسبة الكشكول إليه،فهو سهو ظاهر، فإنّه ليس البتّة من مصنّفاته:

أمّا أوّلا:فلأن سياقه ليس على سياق مؤلّفاته كما لا يخفى على من تفحّصها و تأمّل فيها.

و أمّا ثانيا:فلأنّ في أوّل هذا أورد تاريخ التّأليف و قال:إنّه في سنة 735 ق،فهو بعد وفاة العلاّمة بعشر سنين تقريبا،لأنّ وفاته سنة 726 ق.

و أمّا ثالثا:فلأنّه من مؤلّفات السّيد حيدر بن عليّ العبيدلي الآمليّ الحسينيّ الصّوفيّ الّذي وصل إلى خدمة الشّيخ فخر الدّين ولد العلاّمة و أضرابه،و صرّح بذلك:القاضي نور اللّه التّستريّ في مجالس المؤمنين في ترجمة ذلك السّيد و غيره في غيره (1).

ما عيب عليه في التّأليف

قال في اللّؤلؤة ما حاصله بعد حذف الأسجاع:

كان لاستعجاله في التّصنيف و كثرة مؤلّفاته يرسم كلّما ترجّح عنده وقت التّأليف،و لا يراجع ما سبق له فيقع منه تخالف بين الفتاوى،و لذلك طعن عليه بعض المتحذلقين اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ،و جعلوا ذلك طعنا في أصل الاجتهاد،و هو خروج عن مذهب الصّواب و السّداد،و إنّ غلط بعض المجتهدين-على تقدير تسليمه-لا يستلزم بطلان أصل الاجتهاد متى ما كان مبنيّا على دليل الكتاب و السّنّة.انتهى.

و تعليقا على هذا،قال العلاّمة السيّد محسن الأمين العامليّ:

مخالفة العلماء فتاواهم السّابقة في كتبهم بتجدّد اجتهادهم خارج عن حدّ

ص:51


1- 1أعيان الشيعة ج 5 ص 407.

الحصر،و قد جعل له العلماء بحثا خاصّا في باب الاجتهاد و التّقليد.و ليس العلاّمة أوّل من وقع منه ذلك (1).

قصّة تشيّع السّلطان خدابنده

ذكر العلاّمة المجلسيّ الأوّل في شرح الفقيه:أنّ السّلطان الجايتو محمّد المغولي الملقّب بشاة خدابنده[1]غضب على إحدى زوجاته فقال لها:أنت طالق ثلاثا،ثمَّ ندم،فسأل العلماء،فقالوا:لا بدّ من المحلّل،فقال:لكم في كلّ مسألة أقوال،فهل يوجد هنا اختلاف؟فقالوا:لا،فقال أحد وزرائه:في الحلّة عالم يفتي ببطلان هذا الطّلاق،فقال العلماء:إنّ مذهبه باطل و لا عقل له و لا لأصحابه،و لا يليق بالملك أن يبعث إلى مثله،فقال الملك:أمهلوا حتّى يحضر و نرى كلامه،فبعث،فأحضر العلاّمة الحلّيّ،فلمّا حضر جمع له الملك جميع علماء المذاهب،فلمّا دخل على الملك أخذ نعله بيده و دخل و سلّم و جلس إلى جانب الملك،فقالوا للملك:ألم نقل لك إنّهم ضعفاء العقول؟فقال:اسألوه عن كلّ ما فعل.

فقالوا:لما ذا لم تخضع للملك بهيئة الرّكوع؟ فقال:لأنّ رسول اللّه-صلَّى اللّه عليه و آله و سلم-لم يكن يركع له أحد،و كان يسلّم عليه،و قال اللّه تعالى (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُبارَكَةً) و لا يجوز الرّكوع و السّجود لغير اللّه.

قالوا:فلم جلست بجنب الملك؟ قال:لأنّه لم يكن مكان خال غيره.

ص:52


1- 1أعيان الشّيعة ج 5 ص 403.

قالوا:فلم أخذت نعليك بيدك و هو مناف للأدب؟ قال:خفت أن يسرقه بعض أهل المذاهب،كما سرقوا نعل رسول اللّه-صلَّى اللّه عليه و آله.

فقالوا:إنّ أهل المذاهب لم يكونوا في عهد رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-، بل ولدوا بعد المائة فما فوق من وفاته-صلَّى اللّه عليه و آله-كلّ هذا و التّرجمان يترجم للملك كلّما يقوله العلاّمة.

فقال العلاّمة للملك:قد سمعت اعترافهم هذا،فمن أين حصروا الاجتهاد فيهم و لم يجوّزوا الأخذ من غيرهم و لو فرض أنّه أعلم؟! فقال الملك:ألم يكن أحد من أصحاب المذاهب في زمن النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-و لا الصّحابة؟.

قالوا:لا.

قال العلاّمة:و نحن نأخذ مذهبنا عن علي بن أبي طالب نفس رسول اللّه -صلَّى اللّه عليه و آله-و أخيه،و ابن عمّه،و وصيّه،و عن أولاده من بعده.فسأله عن الطّلاق،فقال العلاّمة:باطل،لعدم وجود الشّهود العدول.

و جرى البحث بينه و بين العلماء حتّى ألزمهم جميعا،فتشيّع الملك و خطب بأسماء الأئمّة الاثني عشر في جميع بلاده،و أمر فضربت السّكّة بأسمائهم و أمر بكتابتها على المساجد و المشاهد.

قال المجلسيّ:و الموجود بأصبهان في الجامع القديم في ثلاثة مواضع بتاريخ ذلك الزّمان،و في معبد(بيرمكران لنجان)و معبد(الشّيخ نور الدّين النّطنزيّ)من العرفاء و على منارة دار السّيادة الّتي تمّمها السّلطان المذكور بعد ما ابتدأ بها أخوه غازان.

و كان من جملة القائمين بمناظرة العلاّمة:الشّيخ نظام الدّين عبد الملك المراغيّ-أفضل علماء الشّافعيّة-فاعترف المراغيّ بفضله،كما عن تاريخ الحافظ

ص:53

(أبرو)من علماء السّنّة و غيره.

من هو السّلطان؟

هو السّلطان المؤيّد غياث الدّين الجايتو محمّد المشتهر ب(خدابنده)ابن أرغون شاه ابن أباقا خان ابن هولاكو خان بن تولوي خان بن چنگيزخان،الملك المغوليّ الشّهير.

كان خدابنده من أعدل الملوك و أرأفهم و أبرّهم للرّعيّة،ذا شوكة و نجدة و علوّ همّة،و حلم و وقار،و سكينة و سلامة نفس،و سخاء و كرم و سؤدد،وفقه اللّه للاستبصار،و انتقل إلى مذهب التّشيّع باختياره بعد ملاحظة أدلّة الطّرفين،و كان استبصاره ببركة العلاّمة الحلّي.

قال المؤرّخ الجليل معين الدّين النّطنزيّ في كتابه(منتخب التّواريخ):

إنّ السّلطان محمّد خدابنده الجايتو:كان ذا صفات جليلة،و خصال حميدة، لم يقترف طيلة عمره فجورا و فسقا،و كان أكثر معاشرته و مؤانسته مع الفقهاء و الزّهاد و السّادة و الأشراف،مصّر بلدة السّلطانية و بنى فيها تربة لنفسه ذات قبّة سامية عجيبة،و عيّنها مدفنا له، وفّقه اللّه لتأسيس صدقات جارية،منها:أنّه بنى ألف دار من بقاعا لخير و المستشفيات و دور الحديث و دور الضّيافة و دور السّيادة و المدارس و المساجد و الخانقاهات بحيث أراح الحاضر و المسافر،و كان زمانه من خير الأزمنة لأهل الفضل و التّقى،ملك الممالك،و حكم عليها ستّ عشرة سنة، و كان من بلاد العجم إلى إسكندريّة مصر،و إلى ما وراء النّهر تحت سلطته،توفّي سنة 717 أو 719 ق،و دفن بمقبرته الّتي أعدّها قبل موته في بلدة(سلطانيّة).

و قال العلم النّسّابة المرعشي النّجفي في ترجمة السّلطان خدابنده:

إنّ لهذا الملك الجليل عدّة بنين و بنات،أشهرهم ابنه السّلطان أبو سعيد،و له و لإخوته عقب متسلسل و ذرّيّة مباركة،فيهم:الفقهاء و الأمراء و الشّعراء،و أرباب

ص:54

الفضل و الحجى و الورع و التّقى.

ثمَّ قال:و لا يذهب عليك أنّه بعد ما اختار التّشيّع،لقّب ب(خدابنده) و بعض المتعصّبين من العامّة كابن حجر العسقلاني و غيره،غيّروا ذاك اللّقب الشّريف إلى( خربنده[1])و ذلك لحميّتهم الجاهليّة الباردة،و من الواضح لدى العقلاء إنّ صيانة قلم المؤرّخ و طهارة لسانه و عفّة بيانه من البذاءة و الفحش من الشّرائط المهمّة في قبول نقله و الاعتماد عليه و الرّكون إليه،و من العجب أنّ بعض المتأخّرين من الخاصّة،تبع تعبير القوم عن هذا الملك الجليل،و لم يتأمّل أنّه لقب تنابزوا به،و ما ذلك إلاّ لبغض آل الرّسول،الدّاء الدّفين في قلوبهم،و تلك الأحقاد البدريّة و الحنينيّة.و إلاّ،فما ذنب هذا الملك؟بعد اعترافهم بجلالته و عدالته،و شهامته و رقّة قلبه،و حسن سياسته و تدبيره (1).

مناظرة أخرى

و من مناظراته أيضا في نصرة مذهب أهل البيت-عليهم السّلام-:تلك الّتي كانت بحضرة السّلطان الجايتو أيضا في سنة 708 ق،و كان مائلا إلى الحنفيّة ثمَّ رجع إلى الشّافعيّة بعد ما وقع بحضرته مناظرة بين القاضي نظام الدّين عبد الملك الشّافعي و علماء الحنفيّة،فأفحمهم القاضي ثمَّ تحيّر هو و أمراؤه فبقوا متذبذبين في مدّة ثلاثة أشهر في تركهم دين الإسلام،و ندموا على تركهم دين الآباء بعد ما ورد عليه ابن صدرجهان الحنفيّ من بخارى،فوقعت بينه و بين القاضي مناظرة في جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزّنا،حتّى قدم على السّلطان السيّد تاج الدّين الآويّ الإماميّ مع جماعة من الشّيعة،و ناظروا مع القاضي نظام الدّين بمحضر

ص:55


1- 2) اللّئالي المنتظمة و الدّرر الثّمينة ص 70،72.

السّلطان في مباحث كثيرة،فعزم السّلطان على الرّواح إلى بغداد و زيارة الإمام أمير المؤمنين-عليه السّلام.

فلمّا ورد رأى بعض ما قوّى به دين الشّيعة،فعرض السّلطان الواقعة على الأمراء فحرّضه عليه من كان منهم في مذهب الشيعة فصدر الأمر بإحضار أئمّة الشّيعة،فطلبوا جمال الدّين العلاّمة و ولده فخر المحقّقين،و كان مع العلامة من تأليفاته:كتاب(نهج الحق و كشف الصّدق)و كتاب:(منهاج الكرامة)فأهداهما إلى السّلطان و صار موردا للإلطاف،فأمر السّلطان قاضي القضاة نظام الدّين-أفضل علماء زمانهم-أن يناظر مع آية الله العلاّمة،و هيّأ مجلسا عظيما مشحونا بالعلماء و الفضلاء،فأثبت العلاّمة بالبراهين القاطعة و الدّلائل السّاطعة خلافة مولانا أمير المؤمنين-عليه السّلام-بعد رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-بلا فصل،و أبطل خلافة الثّلاثة بحيث لم يبق للقاضي مجال للمدافعة و الإنكار،بل شرع في مدح العلاّمة و استحسن أدلّته.

قال:غير أنّه لمّا سلك السّلف سبلا،فاللازم على الخلف أن يسلكوا سبيلهم لإلجام العوام،و دفع تفرّق كلمة الإسلام،يستر زلاّتهم،و يسكت في الظّاهر من الطّعن عليهم.

فدخل السّلطان و أكثر أمرائه-في ذلك المجلس-في مذهب الإماميّة،و أمر السّلطان في تمام ممالكه بتغيير الخطبة و إسقاط أسامي الثّلاثة عنها،و بذكر أسامي أمير المؤمنين-عليه السّلام-و سائر الأئمّة-عليهم السّلام-على المنابر، و بذكر(حيّ على خير العمل)في الأذان،و بتغيير السّكّة و نقش الأسامي المباركة عليها.

و لمّا انقضى مجلس المناظرة،خطب العلاّمة خطبة بليغة شافية،حمد اللّه تعالى،و أثنى عليه،و صلّى على النّبيّ و آله-صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين- فقال السّيد ركن الدّين الموصليّ و كان ينتظر عثرة منه و لم يعثر عليها:ما الدّليل

ص:56

على جواز الصّلاة على غير الأنبياء؟فقرأ العلاّمة (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ) فقال الموصليّ:و ما الّذي أصاب عليّا و أولاده من المصيبة حتى استوجبوا الصّلاة عليهم؟فذكر العلاّمة بعض مصائبهم،ثمَّ قال له:أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن يكون مثلك تدّعي أنّك من أولادهم،ثمَّ تسلك سبيل مخالفيهم،و تفضّل بعض المنافقين عليهم،و تزعم أنّ الكمال في شرذمة من الجهّال! فاستحسنه الحاضرون و ضحكوا على السيّد المطعون،فأنشد بعض من حضر:

إذا العلويُّ تابع ناصبيّا بمذهبه فما هو من أبيه

و كان الكلب خيرا منه طبعا لانّ الكلب طبع أبيه فيه

و جعل السّلطان بعد ذلك السيّد تاج الدّين محمّد الآويّ-المتقدّم ذكره،و هو من أقارب السّيد الجليل رضي الدّين محمّد بن محمّد الآويّ-نقيب الممالك.

أقول:لعلّ هذه القصّة هي الّتي تشيّع بعدها السّلطان،فتكون واحدة مع الّتي ذكرناها سابقا من حيث المضمون،لأنّ فيها شبها كبيرا.و مهما يكن اختلاف في قصّة التّشيّع،فليس يختلف اثنان في أنّ العلاّمة المترجم له سبب تشيّعه بعد ماظرة خالدة دارت بمحضر السّلطان نفسه.

مكاتبه في مسألة أصوليّة

حكى البحّاثة الكبير الميرزا عبد اللّه الأصفهاني في كتاب رياض العلماء عن كتاب لسان الخواص للآقا رضيّ القزوينيّ:

أنّ القاضي البيضاويّ لمّا وقف على ما أفاد العلاّمة الحلّي في بحث الطّهارة من القواعد بقوله:و لو تيّقنهما-أي:الطّهارة و الحدث-و شكّ في المتأخّر،فإن لم يعلم حاله قبل زمانهما تطهّر،و إلاّ استصحبه.

كتب القاضي بخطّه إلى العلاّمة

ص:57

يا مولانا جمال الدّين-أدام اللّه فواضلك-أنت إمام المجتهدين في علم الأصول،و قد تقرّر في الأصول مسألة إجماعية،هي:أنّ الاستصحاب حجّة ما لم يظهر دليل على رفعه،و معه لا يبقى حجّة،بل يصير خلافه هو الحجّة،لأنّ خلاف الظّاهر إذا عضده دليل صار هو الحجّة و هو ظاهر،و الحالة السّابقة على حالة الشكّ قد انتقض بضدّه،فإن كان متطهّرا فقد ظهر أنّه أحدث حدثا ينقض تلك الطّهارة، ثمَّ حصل الشكّ في رفع هذا الحدث،فيعمل على بقاء الحدث بأصالة الاستصحاب،و بطل الاستصحاب الأوّل،و إن كان محدثا فقد ظهر ارتفاع حدثه بالطّهارة المتأخّرة عنه،ثمَّ حصل الشّكّ في ناقض هذه الطّهارة و الأصل فيها البقاء،و كان الواجب على القانون الكلّيّ الأصوليّ أن يبقى على ضدّ ما تقدّم.

فأجابه العلاّمة:وقفت على ما أفاده المولى الإمام العالم-أدام اللّه فضائله، و أسبغ عليه فواضله-و تعجّبت من صدور هذا الاعتراض عنه،فإنّ العبد ما استدلّ بالاستصحاب،بل استدل بقياس مركّب من منفصلة مانعة الخلوّ بالمعنى الأعم عناديّة و حمليّتين،و تقريره:أنّه إن كان في الحالة السّابقة متطهّرا،فالواقع بعدها:

إمّا أن يكون الطّهارة و هي سابقة على الحدث،أو الحدث الرّافع للطّهارة الأولى فيكون الطّهارة الثّانية بعده،و لا يخلو الأمر منهما،لأنّه صدر منه طهارة واحدة رافعة للحدث في الحالة الثّانية و حدث واحد رافع للطّهارة،و امتناع الخلوّ بين أن يكون السّابقة الطّهارة الثّانية أو الحدث ظاهر،إذ يمتنع أن يكون الطّهارة السّابقة،و إلاّ كانت طهارة عقيب طهارة رافعة للحدث،و التّقدير:خلافه،فتعيّن أن يكون السّابق الحدث،و كلّما كان السّابق الحدث فالطّهارة الثّانية متأخّرة عنه،لأنّ التّقدير أنّه لم يصدر عنه إلاّ طهارة واحدة رافعة للحدث،فإذا امتنع تقدّمها على الحدث وجب تأخّرها عنه،و إن كان في الحالة السّابقة محدثا،فعلى هذا التّقدير:إمّا أن يكون السّابق الحدث أن الطّهارة،و الأول محال و إلاّ كان حدث عقيب حدث،فلم يكن رافعا للطّهارة،و التّقدير:أنّ الصّادر حدث واحد رفع للطّهارة،فتعيّن أن يكون

ص:58

السّابق هو الطّهارة،و المتأخّر هو الحدث،فيكون محدثا.فقد ثبت بهذا البرهان أنّ حكمه في هذه الحالة موافق للحكم في الحالة الأولى بهذا الدّليل لا بالاستصحاب،و العبد إنّما قال:استصحبه،أي:عمل بمثل حكمه.انتهى كلامه.ثمَّ أنفذه إلى شيراز و لمّا وقف القاضي البيضاويّ على هذا الجواب استحسنه جدّا،و أثنى على العلاّمة (1).

و لم يكن هذا غريبا من العلاّمة المترجم له أن يكون بهذا المستوي من التّظلّع و الإحاطة،فربّما كان من جملة العوامل و الأسباب الّتي جعلته من سادة هذا الفنّ و أشياخه،هي:

1 التّربية الاسريّة،فقد عرف عنه أنّه عاش في بيت يعجّ بالأعاظم من العلماء،و من المتبحّرين في علم الأصول من أمثال:خاله المحقّق،و والده البحّاثة،و ابن عمّ والدته الشّيخ نجيب الدّين و غيرهم.

2 تلقّيه المعارف الأساسيّة في هذا الفنّ-إماميّة و غير إماميّة-من مصادرها الأصليّة على خيرة أساتذتها المبرّزين،و ذلك بقراءته و سماعه فترة زمنيّة طويلة.

3 ثقافته الموسوعيّة في بقيّة نواحي العلوم الحياتيّة الأخرى،حتّى أنّ كتبه الّتي ألّفها في هذا المجال زادت على العشرة كتب،-ذكرناها في جملة مؤلّفاته و آثاره العلميّة-الأمر الّذي مكّنه من الاستيعاب و الإحاطة بكلّ ما له صلة بموضوعه من بحوثها.

4 احتكاكه المباشر بالوسط العلميّ الّذي عاصره،و الّذي كان يضمّ مختلف المدارس الفكريّة،و برجالها و علمائها،خاصّة في مدينة الحلّة الّتي كانت امتدادا لمدرسة الشّيخ الطّوسيّ في بغداد،بعد أن تعرّضت الأخيرة للغزو

ص:59


1- 1بحار الأنوار ج.من الطّبعة الجديدة،المدخل ص 248،بتصرّف.

البربريّ الكاسر من قبل المغول.

5 رحلاته و أسفاره الكثيرة إلى مختلف الحواضر الإسلاميّة،و بالأخصّ تلك الّتي أملت عليه أن يكون على علم تام بمعارف المذاهب المناظرة له، خصوصا و أنّه كان موفدا إلى مهمّة خطيرة جدا و ذات أهمّيّة مصيريّة،قد يترتّب عليها مستقبله و مستقبل الشّيعة الإماميّة بصفته مذهبا معاصرا،و منافسا من قبل بقيّة المذاهب الإسلامية الأربعة،ألا و هي المناظرة الخالدة الّتي دارت في مجلس السّلطان محمّد خدابنده الّذي كان حنفيّ المذهب أوّلا ثمَّ صار شافعيا.و أمام طائفة كبيرة جدّا من أساطين العلم و فحول الجدل،الوحيد بينهم في صحّة ما يدّعي،إذ لم يكن أحد يناصره في مذهبه الإماميّ[1].

مدرسته السّيّارة

اقترح العلاّمة بعد مناظرته المعروفة على السّلطان محمّد خدابنده تأسيس مدرسة لتربية و إعداد طلاّب العلوم الدّينيّة،فرحّب السّلطان بهذا الاقتراح و أجابه بالقبول،و لمّا كانت رغبة السّلطان بحضور العلاّمة بمجالسة المختلفة و الاستئناس به و بتلاميذه حتّى في طريقه و سفره،كانت المدرسة هذه مدرسة متنقّلة و سمّيت (بالمدرسة السّيّارة[2])،و كانت تضمّ أكثر من مائة تلميذ و طالب للعلوم،كلّهم مكفول المأكل و المشرب و الملبس و المنام و جميع ما يحتاجون إليه،و كان يدرّس فيها مختلف العلوم و في شتّى الميادين الثّقافيّة بما في ذلك علوم:الكلام، و أصول الدّين،و الفقه،و الأصول،و الحديث،و التّاريخ،و الدّراية،و الفلسفة، و المنطق،و الطّبيعة و الرّياضيّات،و علم النّفس و التّربية،و آداب البحث و الاحتجاج

ص:60

و قواعد الجدل و المناظرة،و قد تخرّج من هذه المدرسة علماء كثيرون،برعوا و اشتهروا في مختلف الفنون،ذكرنا بعضهم في جملة تلامذته.

و قد ألّفت هذه المدرسة،من:أربعة أواوين،و مجموعة غرف مكوّنة من الخيام الكرباسيّة الغليظة،و كان الطّلاّب يرحلون برحيل السّلطان و يقيمون بإقامته.

رؤيته في المنام

يحكى:أنّ ولده رآه في المنام بعد موته،فسأله عن حاله،فقال له:لو لا كتاب الألفين،و زيارة الحسين،لقصمت الفتوى ظهر أبيك نصفين.

و تشبّث بهذا المنام بعض العامّة فيما حكاه المولى محمّد أمين الأسترابادي في أواخر الفوائد المدنيّة،فقال:

إنّ العلاّمة الّذي هو أفضل علمائكم يقول هكذا،فعلم أنّ مذهبكم باطل.

و قال:إنّه أجابه بعض الفضلاء،بأنّ هذا المنام لنا لا علينا،فإنّ كتاب الألفين يشتمل على ألف دليل لإثبات مذهبنا،و ألف دليل لإبطال مذهب غيرنا.

كما تشبّث بهذا المنام الملاّ محمّد أمين الأسترابادي الأخباريّ المذكور في فوائده.بحمل ذلك المنام على تأليف العلاّمة في أصول الفقه الّذي لا يرتضيه الأخباريّة.

و نحن نقول:إنّ هذا المنام مختلق مكذوب على العلاّمة،و إمارة ذلك:ما فيه من التّسجيع،مع أنّ العلاّمة إمّا مأجور أو معذور،و تأليفه في علم أصول الفقه من أفضل أعماله.و لا يستند إلى المنامات إلاّ ضعفاء العقول أو من يروّجون بها نحلهم و أهواءهم (1).

ص:61


1- 1أعيان الشّيعة ج 5 ص 400.

وصاياه الأخلاقيّة

و للعلاّمة-رحمه اللّه-وصايا أخلاقيّة كثيرة،نذكر منها اثنتين:الاولى:

الوصيّة الّتي أوردها في آخر كتابه القواعد،و الثّانية:الّتي أوصى بها ولده محمّد عند ما كان مشغولا بإتمام كتاب والده الألفين في إمامة أمير المؤمنين-عليه السّلام-،الّذي ظلّ ناقصا بسبب وفاة العلاّمة،أمّا الاولى،قال فيها لابنه فخر المحقّقين:

اعلم يا بنيّ أعانك اللّه على طاعته،و وفّقك لفعل الخير و ملازمته،و أرشدك إلى ما يحبّه و يرضاه،و بلّغك من الخير ما تأمله و تتمنّاه،و أسعدك في الدّارين، و حباك بكلّ ما تقرّبه العين،و مدّ لك في العمر السّعيد و العيش الرّغيد،و ختم أعمالك بالصّالحات،و رزقك أسباب السّعادات،و أفاض عليك من عظائم البركات،و وقاك اللّه كلّ محذور،و دفع عنك الشّرور.

إنّي قد لخّصت لك في هذا الكتاب لبّ فتاوى الأحكام،و بيّنت لك فيه قواعد شرائع الإسلام،بألفاظ مختصرة،و عبارة محرّرة،و أوضحت لك فيه نهج الرّشاد و طريق السّداد،و ذلك بعد أن بلغت من العمر الخمسين،و دخلت في عشر السّتين،و قد حكم سيّد البرايا،بأنّها مبدأ اعتراك المنايا،فإن حكم اللّه تعالى عليّ فيها بأمره،و قضى فيها بقدره،و أنفذ ما حكم به على العباد،الحاضر منهم و الباد.

فإنّي أوصيك كما افترض اللّه تعالى عليّ من الوصيّة،و أمرني به حين إدراك المنيّة،بملازمة تقوى اللّه تعالى،فإنّها السّنّة القائمة،و الفريضة اللاّزمة،و الجنّة الواقية،و العدّة الباقية،و أنفع ما أعدّه الإنسان ليوم تشخص فيه الأبصار،و يعدم عنه الأنصار.

عليك باتّباع أوامر اللّه تعالى،و فعل ما يرضيه،و اجتناب ما يكرهه،و الانزجار

ص:62

عن نواهيه،و قطع زمانك في تحصيل الكمالات النّفسانية،و صرف أوقاتك في اقتناء الفضائل العلميّة،و الارتقاء عن حضيض النّقصان إلى ذروة الكمال، و الارتفاع إلى أوج العرفان عن مهبط الجهّال،و بذل المعروف،و مساعدة الإخوان، و مقابلة المسيء بالإحسان،و المحسن بالامتنان،و إيّاك و مصاحبة الأرذال،و معاشرة الجهّال،فإنّها تفيد خلقا ذميما،و ملكة ردّية،بل عليك بملازمة العلماء، و مجالسة الفضلاء،فإنّها تفيد استعدادا تامّا لتحصيل الكمالات،و تثمر لك ملكة راسخة لاستنباط المجهولات،و ليكن يومك خيرا من أمسك،و عليك بالتّوكّل و الصّبر و الرّضاء،و حاسب نفسك في كلّ يوم و ليلة،و أكثر من الاستغفار لربّك، و اتّق دعاء المظلوم،خصوصا اليتامى و العجائز،فإنّ اللّه تعالى لا يسامح بكسر كسير،و عليك بصلاة اللّيل،فإنّ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-حثّ عليها، و ندب إليها،و قال:(من ختم له بقيام اللّيل ثمَّ مات فله الجنّة).

و عليك بصلة الرّحم فإنّها تزيد في العمر،و عليك بحسن الخلق،فإنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه و آله-قال:(إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم،فسعوهم بأخلاقكم).

و عليك بصلة الذّرّيّة العلويّة،فإنّ اللّه تعالى قد أكّد الوصيّة فيهم،و جعل مودّتهم أجر الرّسالة و الإرشاد فقال تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) و قال رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-:(إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف و لو جاءوا بذنوب أهل الدّنيا:رجل نصر ذرّيتي،و رجل بذل ماله لذرّيّتي عند المضيق،و رجل أحبّ ذرّيّتي باللّسان و القلب،و رجل سعى في حوائج ذرّيتي إذا طردوا و شردوا)و قال الصّادق-عليه السّلام-:(إذا كان يوم القيامة،نادى مناد:أيّها الخلائق أنصتوا فإنّ محمّدا يكلّمكم،فينصت الخلائق،فيقوم النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-فيقول:يا معشر الخلائق،من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتّى أكافيه،فيقولون:بآبائنا و أمّهاتنا،و أيّ يد و أيّ منّة و أيّ معروف لنا؟بل اليد و المنّة و المعروف للّه و لرسوله على جميع الخلائق؟!فيقول:بلى من آوى أحدا من أهل بيتي

ص:63

أو برّهم أو كساهم من عري أو أشبع جائعهم،فليقم حتّى أكافيه،فيقوم أناس قد فعلوا ذلك،فيأتي النّداء من عند اللّه:يا محمّد،يا حبيبي،قد جعلت مكافاتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت،فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمّد -صلّى اللّه عليه و آله-و أهل بيته-صلوات اللّه عليهم).

و عليك بتعظيم الفقهاء،و تكريم العلماء،فإنّ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله- قال:(من أكرم فقيها مسلما،لقي اللّه تعالى يوم القيامة و هو عنه راض،و من أهان فقيها مسلما،لقي اللّه تعالى يوم القيامة و هو عليه غضبان).

و جعل النّظر إلى وجه العلماء عبادة،و النّظر إلى باب العالم عبادة، و مجالسة العلماء عبادة.

و عليك بكثرة الاجتهاد في ازدياد العلم و الفقه في الدّين،فإنّ أمير المؤمنين -عليه السّلام-قال لولده:(تفقّه في الدّين،فإنّ الفقهاء ورثة الأنبياء،و أنّ طالب العلم يستغفر له من في السّماوات و من في الأرض،حتّى الطّير في جوّ السماء، و الحوت في البحر،و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به).

و إيّاك و كتمان العلم و منعه عن المستحقّين لبذله،فإنّ اللّه تعالى يقول (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ) .

و قال رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-:(إذا ظهرت البدع في أمّتي،فليظهر العالم علمه،فمن لم يفعل،فعليه لعنة اللّه).

و قال-صلّى اللّه عليه و آله-:(لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها،و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم).

و عليك بتلاوة القرآن العزيز،و التّفكّر في معانيه،و امتثال أوامره و نواهيه، و تتّبع الأخبار النّبويّة،و الآثار المحمّديّة،و البحث عن معانيها،و استقصاء النّظر فيها،و قد وضعت لك كتبا متعدّدة في ذلك كلّه.

ص:64

هذا ما يرجع إليك،و أمّا ما يرجع إليّ و يعود نفعه عليّ:فأن تتعهّدني بالتّرحّم في بعض الأوقات،و أن تهدي عليّ ثواب بعض الطّاعات،و لا تقلل من ذكري، فينسبك أهل الوفاء إلى الغدر،و لا تكثر من ذكري،فينسبك أهل العزم إلى العجز،بل اذكرني في خلواتك و عقيب صلواتك،و اقض ما عليّ من الدّيون الواجبة،و التّعهّدات اللاّزمة،و زر قبري بقدر الإمكان،و اقرأ عليه شيئا من القرآن، و كلّ كتاب صنّفته و حكم اللّه تعالى بأمره قبل إتمامه،فأكمله،و أصلح ما تجده من الخلل و النّقصان،و الخطأ و النّسيان.

هذه وصيّتي إليك،و اللّه خليفتي عليك،و السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.

و أمّا الثانية:فهي الّتي نقلها ولده فخر المحقّقين محمّد في كتاب الألفين، قال:

يقول محمّد بن الحسن بن المطهّر حيث وصل في ترتيب هذا الكتاب و تبيينه إلى هذا الدّليل.خطر لي أنّ هذا خطابي لا يصلح في المسائل البرهانيّة، فتوقّفت في كتابته،فرأيت والدي عليه الرّحمة تلك اللّيلة في المنام و قد سلاّني السّلوان،و صالحني الأحزان،فبكيت بكاءا شديدا و شكيت إليه من قلّة المساعد و كثرة المعاند،و هجر الإخوان،و كثرة العدوان،و تواتر الكذب و البهتان،حتّى أوجب ذلك لي جلاء عن الأوطان،و الهرب إلى أراضي آذربايجان،فقال لي:

اقطع خطابك فقد قطعت نياط قلبي،و قد سلّمتك إلى اللّه،فهو سند من لا سند له،و جاز في المسيء بالإحسان،فلك ملك عالم عادل قادر لا يهمل مثقال ذرّة،و عوض الآخرة أحبّ إليك من عوض الدّنيا،و من أجرته إلى الآخرة فهو أحسن و أنت أكسب،ألا ترضى بوصول أعواض لم تتعب فيها أعضاؤك،و لم تكلّ بها قواك،و اللّه لو علم الظّالم و المظلوم بخسارة التّجارة و ربحها لكان الظّلم عند المظلوم مترجّى،و عند الظّالم متوقّى،دع المبالغة في الحزن عليّ،فإنّي قد بلغت من المني أقصاها،و من الدّرجات أعلاها،و من الغرف ذراها،و أقلل من البكاء،

ص:65

فأنا مبالغ لك في الدّعاء (1).ثمَّ سأله ابنه عن الدّليل و أجابه عليه،فثبّته بما أفاده العلاّمة.

و إلى جانب هاتين الوصيّتين الرّفيعتين،هناك وصايا له كثيرة،ذكرها في ذيل الإجازات الشّريفة لتلاميذه و من رووا عنه.

مناقبه

و له-رحمه اللّه-مناقب كثيرة،نذكر منها واحدة فقط،رواها المحدّث القمّي -قدّس سرّه-في السّفينة،قال:

ذكر القاضي في المجالس،و بعض فضلاء عصر الشّيخ البهائي في كشكوله حكاية له،بهذا اللّفظ:

قيل:إنّه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه و كان يأبى عليه و كان كتابا كبيرا جدّا،فاتّفق أنّه أخذه منه مشترطا بأنّه لا يبقى عنده غير ليلة واحدة، و هذا الكتاب لا يمكن نسخة إلاّ في سنة أو أكثر،فأتى به الشّيخ رحمه اللّه و شرع في كتابته في تلك اللّيلة،فكتب منه صفحات و ملّ،و إذا برجل يدخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز،فسلّم و جلس،ثمَّ قال:أيّها الشّيخ تمسطر لي الأوراق و أنا أكتب،فكان الشّيخ يمسطر له الأوراق و ذلك الرّجل يكتب،و كان لا يلحق الممسطر بسرعة كتابته،فلما نقر ديك الصّباح و صاح و إذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.

و قيل:إنّ العلاّمة-رحمه اللّه-لمّا ملّ الكتابة نام،فرأى الكتاب مكتوبا، و صرّح في المجالس بأنّه كان هو الحجّة-عليه السّلام- (2).

ص:66


1- 1الألفين ص 127.
2- 2) سفينة البحار ج 2 ص 228.

أعقابه

خلّف-رحمه اللّه-عدّة أولاد ذكورا و إناثا،أرباب الفضل و ربّاته،أشهرهم و أجلّهم:الشّيخ الإمام الهمام القدوة فخر الإسلام محمّد-صاحب كتاب إيضاح القواعد-المتوفّى سنة 771 ق.

ثمَّ إنّه-قدّس سرّه-منّ على من بعده من المستفيدين بإقدامه على شرح كتب المتقدّمين و التّعليقة عليها،سيّما مصنّفات أستاذه في العلوم العقليّة،بحيث قال أستاذه المذكور في حقّه على ما في بعض المجاميع المخطوطة ما لفظه:

لو لم يكن هذا الشّابّ العربي،لكانت كتبي و مقالاتي في العلوم كبخاتي خراسان،غير ممكنة من السّلطة عليها.

و ينقل عن شيخه و خاله المحقّق،أنّه وصفه بما يقرب من هذا بالنّسبة إلى كتبه الفقهيّة و الأصوليّة (1).

إشعاره

قال العلاّمة المجلسيّ في البحار:

قد سمعت من صاحب الرّياض أنّه وصفه بالشّاعر الماهر،و لم نجد له في كتب التّراجم شعرا غير ما ذكره صاحب الرّوضات،قال:

اتّفق لي العثور في هذه الأواخر على مجموعة من ذخائر أهل الاعتبار، و لطائف آثار فضلاء الأدوار،فيها نسبة هذه الأشعار الأبكار إليه:

ليس في كلّ ساعة أنا محتاج و لا أنت قادر إن تنيلا

فاغتنم حاجتي و يسرك فأحرز فرصة تسترق فيها الخليلا

ص:67


1- 1اللّئالي المنتظمة و الدّرر الثّمينة ص 62.

و قال:و له أيضا:ما كتبه إلى العلاّمة الطّوسيّ مسترخصا للسّفر إلى العراق من السّلطانيّة:

محبّتي تقتضي مقامي و حالتي تقتضي الرّحيلا

هذان خصمان لست أقضي بينهما خوف أن أميلا

و لا يزالان في اختصام حتّى نرى رأيك الجميلا

و كتب إلى الشّيخ تقيّ الدّين ابن تيميّة-كما مرّ بنا-بعد ما بلغه أنّه ردّ على كتابه في الإمامة،و وصل إليه كتابه أبياتا أوّلها:

لو كنت تعلم كلّ ما علم الورى طرّا لصرت صديق كلّ العالم

لكن جهلت فقلت إنّ جميع من يهوى خلاف هواك ليس بعالم (1)

وفاته و مدفنه

و توفّي-رحمه اللّه-في مدينته(الحلّة المزيديّة)يوم السّبت،الحادي و العشرين من محرّم الحرام سنة 726 ق،فيكون عمره الشّريف 78 عاما و أربعة أشهر و تسعة أيّام.

و نقل إلى الحضرة الحيدريّة-على صاحبها آلاف التّحيّة و السّلام-فدفن في حجرة عن يمين الدّاخل إلى الحرم الغرويّ من جهة الشّمال،و قبره ظاهر معروف مزور إلى اليوم،و يقابله قبر المحقّق الأردبيليّ،فأكرم بهما من بوّابين لتلك القبّة السّامقة،و الرّوضة الرّبّانيّة الشّريفة.

صفاء الدّين البصريّ مشهد المقدّسة 1414 ق

ص:68


1- 1بحار الأنوار ج.(المدخل)ص 248 من الطّبعة الجديدة.

اشارة

ص :1

ص :2

تتمة كتاب الطهارة

اشارة

تحقيق قسم الفقه في المجمع البحوث الإسلاميّة

ص:3

ص:4

نحمد اللّه تعالى على أن وفّقنا للعمل في تحقيق كتاب منتهى المطلب للعلاّمة الحلّي-قدّس سرّه-و ذلك بالاستفادة من إمكانيات مجمع البحوث الإسلاميّة، و مصادر مكتبته الغنيّة.و قد صدر منه-لحد الآن-مجلّدان،و ها نحن نقدّم المجلّد الثّالث بين يدي طلاّب العلم،و الّذي يبدأ من أوّل«المقصد الرابع:في أحكام التّيمّم»و ينتهي بآخر«المقصد الخامس:في الطّهارة من النّجاسات و أحكامها، و كلام في الأواني و الجلود».و هو آخر الجزء الأوّل من المنتهى-حسب تقسيم العلاّمة نفسه للكتاب.

و هنا نودّ أن نحيط قرّاءنا الأعزّاء علما بأن بقيّة أجزاء الكتاب ستخرج إلى عالم النور في القريب العاجل،إن شاء اللّه.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:5

ص:6

المقصد الرّابع

اشارة

في التيمّم

ص:7

ص:8

و هو في اللّغة:القصد (1)،قال اللّه تعالى «وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» (2).و نقل في الشّرع إلى مسح الوجه و اليدين بالتّراب على وجه التّقرّب، و حدّه انّه طهارة ترابيّة مقرونة بالنّيّة،و هو جائز بالنّصّ و الإجماع.و النّظر فيه يتعلّق بشروطه،و ما به يكون التّيمّم،و كيفيّته،و أحكامه.فهاهنا أربعة مباحث:

الأوّل:في الشّروط:
مسألة:إنّما يباح التّيمّم عند العجز عن استعمال الماء،
اشارة

و للعجز أسباب.

أحدها:فقد الماء سفرا،

طويلا كان أو قصيرا.و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (3)،خلافا للشّافعيّ في أحد القولين،فإنّه اشترط السّفر الطّويل في إباحة التيمّم (4).

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً» (5)دلّ بمطلقه على إباحة

ص:9


1- 1النّهاية لابن الأثير 5:300. [1]
2- 2) البقرة:267. [2]
3- 3) المغني 1:266،تفسير القرطبي 5:218،عمدة القارئ 4:7،الام(مختصر المرني)8:7،الام 1:45
4- 4) المجموع 2:303.
5- 5) المائدة:6، [3]النّساء:43. [4]

التّيمّم في كلّ سفر.

و ما رواه الجمهور،عن أبي ذر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(انّ الصّعيد الطّيّب طهور المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين،فإذا وجد الماء فليمسّه بشرته،فإنّ ذلك خير) (1).قال التّرمذيّ:و هو حديث حسن صحيح (2)،و ذلك عام في قصير السّفر و طويله.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا لم يجد الرّجل طهورا أو كان جنبا فليمسح من الأرض و ليصلّ فإذا وجد الماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته الّتي صلاّها» (3)و ذلك عام في كلّ فاقد،و لأنّ السّفر القصير يكثر فيكثر عدم الماء فيه،فيحتاج معه إلى التّيمّم،فيسقط به الفرض كالسّفر الطّويل.

فرعان:
الأول:لا فرق بين السّفر إذا كان طاعة أو معصية،

لأنّ التّيمّم واجب على الفاقد مطلقا،فلا يجوز تركه،و لأنّه رخصة لا يختصّ بالسّفر،فساغ في سفر المعصية، و لا إعادة عليه لأنّها وقعت مأمورا بها،فوجب الإجزاء.

الثّاني:لو خرج من بلده إلى أرض من ضياعه لحاجة كالزّرع و الحصاد

و الاحتطاب و أشباهها

و لم يستصحب الماء للوضوء فحضرت الصّلاة و لا ماء معه و لا يمكنه الرّجوع إلاّ مع فوات حاجته الضّروريّة،ساغ[1]له التّيمم،لأنّه في محلّ

ص:10


1- 1سنن التّرمذي 1:212 حديث 124،نيل الأوطار 1:336.
2- 2) سنن التّرمذي 1:213. [1]
3- 3) التّهذيب 1:197 حديث 572،الاستبصار 1:161 حديث 558،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [2]

الضّرورة.

مسألة:لو فقد الماء حضرا

بأن انقطع الماء عنه أو حبس،وجب عليه التّيمّم و الصّلاة.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال مالك (1)،و الثّوريّ،و الأوزاعي (2)، و الشّافعيّ (3)،و حكاه الطّحاويّ عن أبي حنيفة،و أبي يوسف و محمد.و قال أبو حنيفة:

أوّلا لا يصلّي (4).و هو قول أحمد في[رواية] (5).و قال زفر:لا يصلّي أصلا (6)قولا واحدا.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي ذر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(الصّعيد الطّيّب وضوء المسلم و لو لم يجد الماء عشر سنين) (7)و هي عامّة.

و ما رووه عنه عليه السّلام انّه قال:(جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا،أينما أدركتني الصّلاة تيمّمت و صلّيت)[1]و ذلك عام في السّفر و الحضر.

ص:11


1- 1المدوّنة الكبرى 1:44،بداية المجتهد 1:66،المغني 1:267،المجموع 2:305،ميزان الكبرى 1: 124.تفسير القرطبي 5:218، [1]عمدة القارئ 4:7.
2- 2) المغني 1:267،المجموع 2:305.
3- 3) المجموع 2:305،ميزان الكبرى 1:124،بداية المجتهد 1:66،المغني 1:267.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:123،بدائع الصّنائع 1:50،المغني 1:267،عمدة القارئ 4:7، المجموع 2:305.
5- 5) المغني 1:267،الكافي لابن قدامة 1:88.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:50،المحلّى 2،139،تفسير القرطبي 5:218، [2]المحلّى 2،118،عمدة القارئ 4:7.
7- 7) سنن التّرمذي 1:212 حديث 124،سنن النّسائي 1:171،مسند أحمد 5:180، [3]مستدرك الحاكم 1:176-177.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث ابن سنان،فإنّه عام في الفاقد سفرا و حضرا.

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن حمران،و جميل،من أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«انّ اللّه تعالى جعل التّراب طهورا كما جعل الماء طهورا» (1)و المشابهة تستلزم التّساوي في كلّ الأحكام،و خرجت عنه صورة وجود الماء،فيبقى الباقي على العموم، و طهوريّة الماء غير مشروطة بالسّفر فكذا التّراب.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ اللّه تعالى شرط السّفر لجواز التّيمّم،فلا يجوز لغيره (2)، تحقيقا لمعنى الشّرط.

و الجواب:المنع من اشتراط السّفر،و الآية لا تدلّ عليه لأنّه تعالى ذكر أمورا في الأغلب هي أعذار كالمرض و السّفر،و إذا خرج الوصف مخرج الأغلب لا يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه إجماعا.و لو سلّمنا،لكنّه إنّما يدلّ من حيث دليل الخطاب،و أبو حنيفة لا يقول به،فكيف استجاز هاهنا أن يعمل به،و هل ذلك إلاّ مناقضة؟!

فروع:
الأوّل:إذا1صلّى بهذا التّيمّم لا يجب عليه الإعادة.

و به قال مالك (3)، و المزني (4).و قال الشّافعيّ:يعيد (5).و سيأتي.

ص:12


1- 1التّهذيب 1:404 حديث 1264،الوسائل 2:994 الباب 23 من أبواب التّيمّم،حديث 1.و 995 [1]الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 2 و ج 1:99 الباب 1 من أبواب الماء المطلق،حديث 1.
2- 2) المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:268.
3- 4) المجموع 2:305،المغني 1:267،المدوّنة الكبرى 1:421،تفسير القرطبي 4:218، [2]عمدة القارئ 4:7،ميزان الكبرى 1:124.
4- 5) المجموع 2:305،الام(مختصر المزني)8:7.
5- 6) المجموع 2:304،المغني 1:267.
الثّاني:مسافر افتتح الصّلاة بالتّيمّم،ثمَّ نوى الإقامة في أثناء صلاته،

مضى في صلاته إجماعا و لا يعيد عندنا.

و قال الشّافعيّ:يعيد (1)،لأنّ الإقامة إذا قارنت ابتداء الصّلاة منعت من الاحتساب بالصّلاة في حقّ المتيمّم،فكذا إذا طرأت،لأنّ الصّلاة لا ينتقض حكمها.

الثالث:مسافر دخل في طريقه إلى بعض البلاد فعدم الماء،فإنّه يصلّي بالتّيمّم.

و هل يلزمه الإعادة؟أمّا عندنا فلا يلزمه إجماعا،و أمّا عند الشّافعيّ فوجهان،هذا أحدهما،لأنّه مسافر،فلهذا يباح له الفطر و القصر.و الثّاني:يعيد،لأنّ عدم الماء في دار الإقامة نادر و لا يدوم،فتجب الإعادة (2)كما وجب على الحائض قضاء الصّوم لندوره و عدم دوامه.

مسألة:لو وجد الماء بثمن مثله في موضعه و هو يقدر عليه مع استغنائه عنه،وجب

عليه شراؤه.

و لا نعرف فيه خلافا،لأنّه واجد لأنّ القدرة على ثمن العين الكاملة كالقدرة على عينها في المنع من الانتقال إلى العين النّاقصة كالرّقبة.أمّا لو وجده بزيادة عن ثمن مثله،فإن كانت الزّيادة يسيرة وجب عليه شراؤه.و هو مذهب علمائنا،و به قال أحمد (3)،و أبو حنيفة (4)،و مالك (5).و قال الشّافعيّ:لا يجب (6).

لنا:انّه قادر على ثمن العين،فكان قادرا على العين،فإنّ القدرة على الثّمن كالقدرة على العين في المنع من الانتقال إلى البدل بدليل ما لو بيعت بثمن مثلها، و كالرّقبة في باب الظّهار.

و لو وجده بثمن زائد عن ثمن المثل زيادة كثيرة،قال الشّيخ:يجب عليه شراؤه مع

ص:13


1- 1المجموع 2:304.
2- 2) المجموع 2:304.
3- 3) المغني 1:273،الكافي لابن قدامة 1:83.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:49،شرح فتح القدير 1:125،المجموع 2:255.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:46،تفسير القرطبي 5:228. [1]
6- 6) المجموع 2:254،بدائع الصّنائع 1:49،تفسير القرطبي 5:228، [2]المحلّى 2:136.

المكنة و دفع الضّرر (1).و هو مذهب المرتضى (2)،و اختاره مالك (3).و قال ابن الجنيد:

لا يجب (4)،و هو قول الشّافعيّ (5)،و أصحاب الرّأي (6).و لأحمد وجهان (7)،و الحقّ الأوّل.

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا» (8)و هذا واجد لما بيّنّا انّ وجدان الثّمن كوجدان العين.

و ما رواه الجمهور،عن أبي ذر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(فإذا وجد الماء فليمسّه بشرته) (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن يعقوب في الصّحيح،عن صفوان،قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام،عن رجل احتاج إلى الوضوء للصّلاة و هو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضّأ به بمائة درهم أو بألف درهم و هو واجد لها،يشتري و يتوضّأ أو يتيمّم؟قال:«لا بل يشتري،قد أصابني مثل هذا فاشتريت و توضّأت و ما يشترى بذلك مال كثير» (10).

و أيضا:عندهم انّ المريض يلزمه الغسل،و ضرر النّفس أعظم من ضرر المال،

ص:14


1- 1المبسوط 1:30.
2- 2) نقل عنه في المعتبر 1:369. [1]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:46،المحلّى 2:136.
4- 4) نقل عنه في المعتبر 1:369. [2]
5- 5) المجموع 2:254،بدائع الصّنائع 1:49،تفسير القرطبي 5:228، [3]المحلّى 2:136،المغني 1:273.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:115،الهداية للمرغيناني 1:28،المغني 1:273،المجموع 2:254-255، بدائع الصّنائع 1:49،شرح فتح القدير 1:125.
7- 7) المغني 1:273،الكافي لابن قدامة 1:83.
8- 8) النّساء:48،المائدة:6. [4]
9- 9) سنن التّرمذي 1:212 حديث 124،مستدرك الحاكم 1:176-177،مسند أحمد 5:180. [5]
10- 10) التّهذيب 1:406 حديث 1276،الكافي 3:74 حديث 17، [6]الوسائل 2:997 الباب 26 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [7]

فلمّا أسقطوا اعتبار الضّرر ثمَّ،وجب سقوطه هنا.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام(لا ضرر و لا إضرار) (2)،و زيادة الثّمن ضرر، و لأنّه لو خاف لصّا على ماله لو فارقه إلى الوضوء لساغ له التّيمم،فلا يجب صرفه ثمنا.

و الجواب عن الأوّل:انّه ليس محلّ النّزاع،إذ البحث فيما لا ضرر فيه،و أيضا:فهو مخصوص بالثّمن المساوي،فإنّه نوع ضرر،و مع ذلك لم يلتفت إليه،فكذا هنا يجامع ما يشتركان فيه من المصلحة النّاشئة من تحصيل ثواب الطّهارة.

و عن الثّاني بالفرق.

أمّا أوّلا:فلوجود النّصّ الدّالّ على إباحة التّيمّم مع الخوف على المال،و وجود النّصّ الدّالّ على وجوب الشّراء بالثّمن الكثير.

و أمّا ثانيا:فلانتفاضة بصورة المساوي.

و أمّا ثالثا:فللفرق بينهما،فإنّ في صورة الخوف يسوغ له التّيمّم،لأنّ عوض المال هناك على اللصّ،فلا يزيد عليه.و في صورة الشّراء العوض فيه على اللّه تعالى فيحصل الثّواب و هو زائد على المال فافترقا.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن تكون الزّيادة ممّا يتغابن النّاس بها أو لا عندنا.

و قالت الحنفيّة:إن كانت الزّيادة ممّا يتغابن النّاس في مثلها،لزمه شراؤها كالوكيل في الشّراء يجوز أن يشتري بأزيد من ثمن المثل ممّا يتغابن النّاس به،و إن كانت ممّا لا يتغابن النّاس بها،لم يجز الشّراء (3).و الحقّ عندنا وجوب الشّراء مطلقا.

الثّاني:لو بذل له ماء للطّهارة وجب عليه قبوله،

لأنّه قادر على استعماله و لا منّة

ص:15


1- 1المغني 1:273.
2- 2) مسند أحمد 1:313،سنن الدّار قطني 4:228 حديث 84-85.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:115،بدائع الصّنائع 1:49،شرح فتح القدير 1:125-126.

عليه في قبوله،فكان الشّرط مفقودا.

الثّالث:لو وجده بثمن لا يقدر عليه،فبذل له الثّمن،وجب عليه قبوله.

و هو اختيار الشّيخ (1)،خلافا للشّافعي (2).

لنا:انّه واجد فلا يجوز له التّيمّم.

احتجّوا بأنّ المنّة تلحقه بذلك فلا يلزمه القبول.

و الجواب:انّ المنّة غير معتبرة في نظر الشّرع،و لهذا أوجبوا قبول الماء،فثمنه مساو له في عدم المنّة و ثبوتها.

الرّابع:لو كانت الزّيادة كثيرة تجحف بماله،

سقط عنه وجوب الشّراء و لا نعرف فيه مخالفا.

الخامس:إذا لم يكن معه الثّمن،

فبذل له بثمن في ذمّته يقدر على أدائه في بلده وجب عليه قبوله،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:انّه قادر على أخذه بما لا ضرر عليه فيه،فكان واجبا،كما لو اشتراه بثمن مثله و كان واجدا.

احتجّ المخالف بأنّ بقاء الدّين في ذمّته ضرر،لجواز تلف ماله قبل أدائه (4).

و الجواب:لا اعتبار بهذا التّجويز مع غلبة الظّنّ بإمكان الأداء.

السّادس:لو لم يبذله و كان فاضلا عن حاجته لم يجز له المكابرة عليه،

لعدم الضّرورة إلى ذلك،لوجود البدل و هو التّيمّم بخلاف الطّعام في المجاعة.

السّابع:لو كان عليه دين مستغرق وجب عليه الشّراء في الذّمّة إن وجد البائع،

لأنّه ممكن،خلافا للشّافعي (5).

ص:16


1- 1الخلاف 1:44 مسألة-120-،المبسوط 1:31. [1]
2- 2) مغني المحتاج 1:91،فتح العزيز بهامش المجموع 2:232-233.
3- 3) المغني 1:274.
4- 4) المغني 1:274.
5- 5) المجموع 2:255،المغني المحتاج 1:90،السّراج الوهّاج:26.
الثّامن:لو احتاج إلى الثّمن للنّفقة

لم يجب عليه الشّراء قولا واحدا.

التّاسع:لو علم مع قوم1ماء فعليه أن يطلبه منهم،

لأنّهم إذا بذلوه لزمه قبوله منهم،و قد يبذلونه عند طلبه فلزمه ذلك،و يحتمل عدم الوجوب.و كذا لا يجب أن يستوهب الماء،نعم لو وهب وجب القبول،و يحتمل وجوب الاستيهاب،لأنّه شروع في التّحصيل،فوجب كالطّلب.

العاشر:لو امتنع من اتّهاب الماء،

لم تصحّ صلاته بالتّيمّم ما دام الماء باقيا في يد الواهب المقيم على الهبة،و للشّافعيّة وجه آخر،هو عدم الوجوب،فتصحّ الصّلاة به (1).

الحادي عشر:لو فقد الثّمن لكنّه يمكنه التّكسّب2و الشّراء وجب عليه ذلك،

خلافا للشّافعيّة (2).

لنا:انّه ممكن[3]،فيجب.

الثّاني عشر:لو وجد ماء موضوعا في الفلاة في حبّ أو كوز أو نحو ذلك للسّابلة

جاز له الوضوء منه و لم يسغ له التّيمّم،خلافا لبعض الجمهور. (3)

لنا:انّه واجد،فلم يسغ التّيمّم.

قالوا:انّه وضع للشّرب لا غير ظنّا،فلا تباح الطّهارة به.قلنا:إن غلب ذلك على ظنّه،وجب التّيمّم.

أمّا لو كان كثيرا فالكثرة أمارة على جواز الإباحة في الشّرب و الوضوء،فلا خلاف في الجواز

ص:17


1- 2) المجموع 2:256،المغني المحتاج 1:91،السّراج الوهّاج:26.
2- 4) المجموع 2:255،فتح العزيز بهامش المجموع 2:233.
3- 6) المجموع 2:248،بدائع الصّنائع 1:48.
مسألة:و لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته،وجب عليه التّيمّم

سواء كان جنبا أو محدثا حدثا أصغر،و هو مذهب علمائنا،و لا يجب عليه استعمال الماء في الوضوء إذا كان جنبا،و لا في غسل بعض أعضائه[1]فيه و في الحدث الأصغر،و هو أحد قولي الشّافعيّ (1)،و الأوزاعيّ (2)،و الزّهريّ،و حمّاد (3)،و مالك (4)،و أصحاب الرّأي (5).و قال أحمد:يتوضّأ إذا[2]كان جنبا و يتيمّم و إن كان محدثا تيمّم (6).و قال الشّافعيّ:يستعمل الجنب و المحدث الماء ثمَّ يتيمّم (7)،و به قال عطاء،و الحسن بن صالح (8).و حكي،عن الحسن البصريّ انّه قال:يغسل الجنب وجهه و يديه،و به قال عطاء و زاد عليه فقال:إذا وجد من الماء ما يغسل به وجهه،غسله و مسح كفّيه بالتّراب (9).

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (10)و أراد به ماء مطهّرا لكم، حتّى تحصل المغايرة بين الأوّل و الثّاني،و لا شكّ انّ هذا لا يطهّره،فلا يلزمه استعماله،

ص:18


1- 2) الأم 1:49،الام(مختصر المزني)8:7،المهذب للشيرازي 1:35،المجموع 2:268، [1]مغني المحتاج 1:89،90،المغني 1:270،تفسير القرطبي 5:230. [2]
2- 3) المجموع 2:268.
3- 4) المغني 1:270،الشرح الكبير بهامش المغني 1:281.
4- 5) المدوّنة الكبرى 1:47،المغني 1:270،تفسير القرطبي 5:230، [3]المجموع 2:268.
5- 6) المغني 1:270،المجموع 2:268، [4]تفسير القرطبي 5:230، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:281 المبسوط للسّرخسي 1:113.
6- 8) المغني 1:270،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:280-281.
7- 9) الأم 1:49،الام(مختصر المزنيّ)8:7،المغني 1:270،تفسير القرطبي 1:230. [6]
8- 10) المغني 1:270،المجموع 2:268.
9- 11) المغني 1:270.
10- 12) النّساء:43، [7]المائدة:6. [8]

و لأنّ الآية إنّما سيقت له،و إنّما الماء المحلّق للصّلاة ماء مقدور،و حديث أبي ذر دالّ عليه أيضا،لأنّ قوله عليه السّلام:(الصّعيد الطّيّب طهور المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين) (1)إنّما أراد به،و إن لم يجد الماء الطّهور أي:الّذي تحصل به الطّهارة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام في رجل أجنب في سفر و معه ماء قدر ما يتوضّأ به،قال:«يتيمّم و لا يتوضّأ» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (3).

و ما رواه،عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يجنب و معه من الماء بقدر ما يكفيه لوضوء الصّلاة أ يتوضّأ بالماء أو يتيمّم؟قال:

«يتيمّم» (4).

و ما رواه ابن يعقوب في الحسن،عن الحلبيّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا لم يجد الرّجل طهورا و كان جنبا فليمسح من الأرض و يصلّي» (5)و لأنّه ماء لا يطهّر فلا يلزمه استعماله كالمستعمل.و لأنّه عدم الماء المقيّد للطّهارة المحلّلة للصّلاة، فساغ التّيمّم كما لو كان عنده ماء نجس أو ماء يحتاج إليه للعطش.و هذا لأنّ الغسل بالماء إنّما وجب لأداء الصّلاة لا لذاته،فإذا لم يفده صار كالعدم.

احتجّوا (6)بقوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (7).

ص:19


1- 1سنن التّرمذي 1:213 حديث 124،سنن ابي داود 1:91 حديث 333،النّسائي 1:171،مسند أحمد 5:146،155،180، [1]سنن البيهقي 1:212،220،سنن الدّار قطني 1:186 حديث 1-6 بتفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 1:405 حديث 1272،الوسائل 2:996 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 1:405 حديث 1273،الوسائل 2:996 الباب 24 من أبواب التّيمّم،ذيل حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 1:404 حديث 1266،الوسائل 2:996 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [4]
5- 5) الكافي 3:63 حديث 3، [5]الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [6]
6- 6) المغني 1:270،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:280-281.
7- 7) النّساء:43، [7]المائدة:6. [8]

و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (1).

و لأنّه وجد ما يمكنه استعماله في بعض جسده،فلزمه كما لو كان أكثر بدنه صحيحا و بعضه جريحا،و لأنّه قدر على بعض الشّرط،فلزمه كالسّترة و إزالة النّجاسة، و لأنّه يكفيه مسح بعض وجهه و يديه بالتّراب،فغسل جميعهما[1]أولى.

و الجواب عن الأوّل:ما بيّنّا من دلالة الآية لنا،و عن الثّاني:انّه عليه السّلام إنّما أشار بذلك إلى فعل يقبل الشّدّة،و الزّيادة،و النّقصان،و الطّهارة ليست كذلك،نعم عدد مرّاتها قابل بخلاف ذاتها،على انّه ليس هاهنا ما يدلّ على العموم في هذه الصيغة.

و عن الثّالث:بالفرق بين الأكثر و صورة النّزاع،على انّا نمنع الحكم في الأصل.

و سيأتي.

و عن الرّابع:انّ ستر كلّ واحدة من العورتين و إزالة النّجاسة عن كلّ جزء شرط، بخلاف الطّهارة الّتي إنّما هي شرط بمجموع أجزائها،و فيه بحث،فإنّ لقائل أن يقول:

انّ غسل كلّ عضو أيضا شرط،لاشتراطه في تحقّق المجموع.

و يمكن الجواب بأنّ الغسل مطلقا ليس بشرط،بل الغسل بصفة الطّهوريّة و هو إنّما يحصل مع انضمام العضو الآخر إليه على تلك الصّفة و لا يدور،و لأنّه ينتقض بالطّهارة الصّغرى،مع انّ أظهر أقوالهم فيها التّيمّم من غير طهارة البعض.

فروع:
الأوّل:قالوا و إذا قلنا بصرف2استعماله في بعض أعضاء الطّهارتين،

وجب

ص:20


1- 1صحيح البخاري 9:117،صحيح مسلم 2:975 حديث 1337 و ج 4:1830 حديث 2337. سنن ابن ماجه 1:1 حديث 2،سنن النّسائيّ 5:110،مسند أحمد 2:313،314،495،580. [1]

استعماله قبل التّيمّم لتحقّق الإعواز المشترط.

الثّاني:لو تيمّم فاقد الماء ثمَّ وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته،

لم ينتقض تيمّمه عندنا،و هو أحد قولي الشّافعيّ،و الآخر:ينتقض فيستعمل الماء في بعض أعضاء الطّهارة ثمَّ يتيمّم (1).

الثّالث:لو وجد من الماء ما لا يكفيه للطّهارة،

و فقد التّراب فكالفاقد للمطهّرين.و لو فقد الماء و وجد من التّراب ما يكفيه لمسح وجهه فكذلك.

السّبب الثّاني:أن يخاف على نفسه أو ماله لصّا،أو سبعا،أو عدوّا،أو حريقا،

أو التّخلف عن الرّفقة و ما أشبه،فهو كالعادم لا نعرف فيه خلافا،لأنّه غير واجد،إذ المراد بالوجدان تمكّن الاستعمال،لاستحالة الأمر بما لا يطاق.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن يعقوب بن سالم[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل لا يكون معه ماء،و الماء عن يمين الطّريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك قال:«لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض له لصّ أو سبع» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن داود الرّقيّ[2]قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أكون في السّفر و تحضر الصّلاة و ليس معي ماء و يقال:انّ الماء قريب منّا فطلب الماء و أنا في وقت يمينا و شمالا؟قال:«لا تطلب الماء و لكن تيمّم فإنّي أخاف عليك

ص:21


1- 1المجموع 2:270. [1]
2- 3) التّهذيب 1:184 حديث 528،الوسائل 2:964 الباب 2 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [2]

التّخلّف عن أصحابك فتضلّ و يأكلك السّبع» (1).

فروع:
الأوّل:لو كان الماء بمجمع الفسّاق فخافت المرأة على نفسها منهم،

كانت بمنزلة العادم،لما في الأمر بالمضيّ إلى الماء من التّعرّض للزّنا و هتك عرضها،و ربما أفضى ذلك إلى قتلها،مع أنّه قد أبيح لها التّيمّم عند الخوف على قليل المال فعند الخوف على النّفس أولى.

الثّاني:لو خاف على ماله ساغ له التّيمّم

و كان عذرا لأنّه في محلّ الضّرورة و ذلك أيضا مفهوم من قوله عليه السّلام:«فيعرض له لصّ أو سبع».

الثّالث:لو خاف على أهله إن مضى إلى الماء

و تركهم من لصّ،أو سبع،أو خوف شديد فهو كالعادم للضّرورة.

الرّابع:لو كان يخاف جبنا لاعن سبب موجب للخوف فهل يعذر أم لا؟

فيه نظر منشأه[1]انّه بمنزلة الخائف بسبب.

السّبب الثّالث:أن يحتاج إلى الماء لعطشه في الحال أو لتوقّعه في ثاني الحال.

و قد أجمع كلّ من يحفظ عنها لعلم على انّ المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش،حفظ الماء للشّرب و تيمّم،منهم،عليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و الحسن،و عطاء،و مجاهد، و طاوس،و قتادة،و الضّحّاك[2]،و الثّوري (2)،و مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و أصحاب

ص:22


1- 1التّهذيب 1:185 حديث 536،الوسائل 2:964 الباب 2 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
2- 4) المغني 1:300، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:273. [3]
3- 5) المدوّنة الكبرى 1:46،بلغة السّالك 1:68،المغني 1:300، [4]تفسير القرطبي 5:228. [5]
4- 6) المهذّب للشيرازي 1:34،المجموع 2:244-245، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 2:239-240، [7]مغني المحتاج 1:92،السّراج الوهاج:26،المغني 1:300. [8]

الرّأي (1)،و علماؤنا أجمع،لا نعرف فيه خلافا،لأنّه خائف على نفسه من استعمال الماء،فأبيح له التّيمّم كالمريض.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:في رجل أصابته جنابة في السّفر و ليس معه إلاّ ماء قليل يخاف إن هو اغتسل أن يعطش؟قال:«إن خاف عطشا فلا يهرق منه قطرة و ليتيمّم بالصّعيد،فإنّ الصّعيد أحبّ إليّ» (2).

و ما رواه في الموثّق،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون معه الماء في السّفر فيخاف قلّته؟قال:«يتيمّم بالصّعيد و يستبقي[الماء] (3)فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعلهما طهورا:الماء و الصّعيد» (4).

و ما رواه،عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الجنب يكون معه الماء القليل،فإن هو اغتسل به خاف العطش،أ يغتسل به أو يتيمّم؟فقال:«بل يتيمّم، و كذلك إذا أراد الوضوء» (5).

فروع:
الأوّل:لو خاف على رفيقه أو حيوان محترم أو بهائمه ساغ له التّيمّم،

لأنّ المعنى المقتضي لإباحة التّيمّم و هو الضّرورة النّاشئة من خوف هلاك النّفس موجود في ذلك

ص:23


1- 1بدائع الصّنائع 1:47،أحكام القرآن للحصّاص 4:10،المبسوط للسّرخسي 1:114،المغني 1:300. [1]
2- 2) التّهذيب 1:404 حديث 1267،الوسائل 2:996 الباب 25 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:405 حديث 1274،الوسائل 2:997 الباب 25 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [3]
5- 5) التّهذيب 1:406 حديث 1275،الوسائل 2:997 الباب 25 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [4]

كلّه،و حرمة الرّفيق و العبيد و الإماء كحرمة نفسه،و حرمة بهائمه كحرمة ماله.

الثّاني:لو وجد خائف العطش ماء طاهرا و ماء نجسا يكفيه أحدهما لشربه تحفّظ

بالطّاهر للشّرب،

خلافا لبعض الجمهور،فإنّه أوجب التّوضّؤ بالطّاهر و استبقاء النّجس للشّرب (1).

لنا:انّ رخصة التّيمّم أوسع من رخصة استعمال الماء النّجس.و أيضا:فهو غير قادر على ما يجوز الوضوء به و لا على ما يجوز شربه سوى هذا الطّاهر،فجاز حبسه للشّرب كما لو لم يكن معه سواه.

احتجّ المخالف بأنّه وجد ماء طاهرا يستغني عن شربه فأشبه ما لو كان ماء كثيرا طاهرا (2).

و الجواب:المنع متّجه على الاستغناء عن الشّرب،إذ النّجس لا يجوز شربه مع وجود الطّاهر،فأشبه ما لو لم يكن موجودا.

الثّالث:لو وجدهما و هو عطشان،شرب الطّاهر و أراق النّجس

مع الاستغناء سواء كان في الوقت أو قبله،خلافا لبعض الشّافعيّة،فإنّه أوجب التّطهير في الوقت (3)،و إن لم يكن في الوقت جوّز شرب الطاهر.

لنا:انه محتاج إلى الشّرب دفعا لضرورة العطش،و شرب النّجس مع وجود الطّاهر حرام فتعيّن الطّاهر.

احتجّ بأنّ الطّاهر مستحقّ للطّهارة،فهو كالمعدوم.

و الجواب:إنّما يصير مستحقّا لو لم يتعلّق به وجوب الشّرب لدفع الضّرر و هاهنا هو كذلك،إذ شرب النّجس حرام.

ص:24


1- 1المغني 1:301،المجموع 2:245،الإنصاف 1:266.
2- 2) المغني 1:301.
3- 3) المغني 1:301.
الرّابع:لو وجد عطشانا يخاف تلفه وجب أن يسقيه الماء و يتيمّم

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:انّه بسقيه يصدق عليه إحياء النّفس،فيدخل تحت قوله تعالى (وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً) (2)و لأنّ حرمة الآدميّ تقدّم على الصّلاة،كما لو شاهد في الصّلاة غريقا لزمه تركها و إنقاذه،فلأن يقدّمها على الطّهارة بالماء أولى، و لأنّ حفظ نفس الغير واجب لا عوض له،و الوضوء و إن كان واجبا إلاّ أنّ التّيمّم يقوم مقامه.

الخامس:لو مات صاحب الماء و رفقاؤه عطاش،

يمّموه و شربوا الماء و غرموا ثمن الماء لأجل الضّرورة.

السّادس:لو احتاج إلى ثمن ما معه من الماء للنّفقة جاز له بيعه و التّيمّم،

لأنّ ما استقرّ فيه حاجة الإنسان يجعل كالمعدوم شرعا.

السّابع:لو لم يحتج إليه في يومه لكن في غده،

فإن ظنّ فقدانه في الغد تيمّم و حفظه.و إن علم وجوده في الغد توضّأ به،و إن ظنّ،احتمل إلحاقه بالعالم و بالأوّل لأنّ الأصل العدم.

الثّامن:لو خاف على حيوان الغير التّلف،

ففي وجوب سقيه إشكال،فإن أو جبناه فالأقرب رجوعه على المالك بالثّمن.

السّبب الرّابع:المرض و الجرح و ما أشبههما،

و قد ذهب علماؤنا أجمع إلى انّه إذا خاف على نفسه من استعمال الماء فله التّيمّم،و هو قول أكثر أهل العلم،منهم:ابن عباس، و مجاهد،و عكرمة،و طاوس،و النّخعيّ،و قتادة (3)،و مالك (4)،و الشّافعيّ (5)،

ص:25


1- 1المغني 1:301،فتح العزيز بهامش المجموع 2:242. [1]
2- 2) المائدة:32. [2]
3- 3) المغني 1:294،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:45،بداية المجتهد 1:66،المغني 1:294،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.
5- 5) المجموع 2:285، [3]مغني المحتاج 1:92،السّراج الوهاج:26،المغني 1:294،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.

و أصحاب الرأي (1)و لم يرخص عطاء في التّيمّم إلاّ عند عدم الماء (2)،و نحوه عن الحسن في المجدور الجنب،قال:لا بدّ من الغسل (3).

لنا:قوله تعالى (وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (4)و قوله (وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (5).

و ما رواه الجمهور في حديث ابن عباس و جابر في الّذي أصابته الشّجّة (6)و في (7)حديث عمرو بن العاص حين تيمّم من خوف البرد (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسكين (9)و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قيل له:انّ فلانا أصابته جنابة و هو مجدور فعسّلوه فمات، فقال:«قتلوه ألا سألوا؟ألا يمّموه؟انّ شفاء العي السّؤال».

قال الشّيخ و ابن يعقوب معا عقيب هذا الحديث:قال و روي ذلك في الكسير

ص:26


1- 1بدائع الصّنائع 1:48،المبسوط للسّرخسي 1:122،الهداية للمرغيناني 1:25، [1]شرح فتح القدير 1: 108،109.
2- 2) المغني 1:294-295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،الجموع 2:285،بداية المجتهد 1:66.
3- 3) المغني 1:295، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271، [3]المجموع 2:285. [4]
4- 4) البقرة:195. [5]
5- 5) النّساء:29. [6]
6- 6) سنن ابن ماجه 1:189 حديث 572،سنن أبي داود 1:93 حديث 337،سنن البيهقي 1:227،سنن الدّار قطني 1:190-191 حديث 4-7،مستدرك الحاكم 1:178.
7- 7) سنن أبي داود 1:93 حديث 336،سنن البيهقي 1:227-228،سنن الدّار قطني 1:189 حديث 3.
8- 8) سنن أبي داود 1:92 حديث 334،سنن البيهقي 1:225،مسند أحمد 4:203،مستدرك الحاكم 1: 177.
9- 9) محمّد بن سكين أو مسكين بن عمّار النّخعيّ الجمّال،ثقة،روى أبوه عن أبي عبد اللّه(ع). الفهرست:151،رجال النّجاشيّ:361،رجال العلاّمة:158. [7]

و المبطون يتيمّم و لا يغتسل (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الجنب يكون به القروح،قال:«لا بأس بأن لا يغتسل و يتيمّم» (2).

و ما رواه في الحسن،عن داود بن سرحان[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل تصيبه الجنابة و به جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد؟قال:«لا يغتسل و يتيمّم» (3).

و ما رواه في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل تكون به القروح في جسده فتصيبه الجنابة؟قال:«يتيمّم» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه قال:«يؤمّم المجدور و الكسير إذا أصابتهما الجنابة»[2].

و لأنّه يسوغ التّيمّم عند خوف العطش و السّبع فكذا هاهنا،إذ الخوف واحد و اختلاف جهاته لا يوجب تغايره.

احتجّ المخالف بأنّه تعالى شرط في التّيمّم عدم الماء فلم يجز معه مطلقا (5).

ص:27


1- 1الكافي 3:68 حديث 5، [1]التّهذيب 1:184 حديث 529،الوسائل 2:967 الباب 5 من أبواب التّيمم،حديث 1. [2]
2- 2) التّهذيب 1:184 حديث 530،الوسائل 2:967 الباب 5 من أبواب التيمّم،حديث 5. [3]
3- 4) التّهذيب 1:185 حديث 531،الوسائل 2:968 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 8. [4]
4- 5) التّهذيب 1:185 حديث 532،الوسائل 2:968 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 9. [5]
5- 7) المغني 1:294،295،المجموع 2:285.

و الجواب:المراد من الوجد انّ،التّمكّن من الاستعمال،لما قلناه.

مسألة:لا فرق في الخوف بين خوف التّلف،أو زيادة المرض،

أو تباطؤ البرء،أو الشّين الفاحش،أو الألم الّذي لا يحتمله.و هو على الإطلاق مذهب أكثر علمائنا (1).

و قال الشّيخ رحمه اللّه:إن كان الخائف قد تعمّد الجنابة وجب عليه الغسل و إن لحقه برد،إلاّ أن يبلغ حدّا يخاف على نفسه التّلف (2).

و قال الشّافعيّ في الأم:لا يباح التّيمّم للخائف مطلقا إلاّ مع خوف التّلف (3).

و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (4)،و حكاه ابن المنذر،عن عطاء،و الحسن البصري (5)، و له قول آخر انّه يجوز له التّيمّم و إن خاف ما ذكرناه (6).و هو قول أصحاب الرأي (7)، و الرّواية الأخرى لأحمد (8).

لنا:قوله تعالى «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى» (9)و ذلك عام.

و لأنّه يجوز له التّيمّم إذا خاف ذهاب شيء من ماله،أو ضررا في نفسه،أو سبعا،أو لصّا،أو لم يجد الماء إلاّ بالكثرة الضّارّة فلأن يجوز هاهنا أولى.

ص:28


1- 1منهم:الصّدوق في الفقيه 1:58-59،و الشّيخ في المبسوط 1:30،و القاضي ابن البرّاج في المهذّب 1: 47-48،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:136،و المحقّق الحلّي في المعتبر 1:363،365. [1]
2- 2) النّهاية:46. [2]
3- 3) الامّ 1:42،تفسير القرطبي.
4- 4) المغني 1:295،الإنصاف 1:265، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:272. المجموع 2:286،سبل السّلام 1:98.
5- 5) المغني 1:294-295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،تفسير القرطبي 5:216. [4]
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:35،المجموع 2:285،فتح العزيز بهامش المجموع 2:270-271،تفسير القرطبيّ 5:217. [5]
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:112،الهداية للمرغيناني 1:25،شرح فتح القدير 1:108-109،المغني 1: 295،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:272،المجموع 2:285. [6]
8- 8) المغني 1:295،الكافي لابن قدامة 1:82،الإنصاف 1:265، [7]المجموع 2:285.
9- 9) النّساء:42، [8]المائدة:6. [9]

و لأنّ ترك القيام في الصّلاة و تأخير الصّيام و ترك الاستقبال لا ينحصر في خوف التّلف،فكذا هاهنا.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر:في الرّجل تصيبه الجنابة و به قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه البرد؟قال:«لا يغتسل يتيمّم» (1)و رواه في الحسن،عن داود بن سرحان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).

احتجّ الشّيخ بما رواه،عن عليّ بن أحمد[1]رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن مجدور أصابته جنابة؟قال:«إن كان أجنب هو فليغتسل و إن كان احتلم فليتيمّم» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن سليمان بن خالد و أبي بصير و عبد اللّه بن سليمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل كان في أرض باردة فتخوف إن هو اغتسل أن يصيبه عنت[2]من الغسل كيف يصنع؟قال:«يغتسل و إن أصابه ما أصابه»قال:

و ذكر انّه كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة و هو في مكان بارد و كانت ليلة شديدة الرّيح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم:احملوني فاغسلوني،فقالوا:إنّا نخاف عليك، فقلت:ليس بدّ،فحملوني و وضعوني على خشبات،ثمَّ صبّوا عليّ الماء فغسلوني (4).

ص:29


1- 1التّهذيب 1:196 حديث 566،الوسائل 2:968 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [1]
2- 2) التّهذيب 1:185 حديث 531،الوسائل 2:968 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 8. [2]
3- 4) التّهذيب 1:198 حديث 574،الاستبصار 1:162 حديث 562،الوسائل 2:986 الباب 17 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [3]
4- 6) التّهذيب 1:198 حديث 575،الاستبصار 1:162 حديث 563،الوسائل 2:986 الباب 17 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [4]

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تصيبه الجنابة في أرض باردة و لا يجد الماء و عسى أن يكون الماء جامدا،فقال:

«يغتسل على ما كان»حدّثه رجل انّه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد،فقال:«اغتسل على ما كان فإنّه لا بدّ من الغسل»و ذكر أبو عبد اللّه عليه السّلام انّه اضطرّ إليه و هو مريض فأتوه به مسخنا فاغتسل،و قال:«لا بدّ من الغسل» (1).

و هذه الرّوايات و إن كانت صحيحة السّند إلاّ انّ مضمونها مشكل،إذ هو معارض بعموم قوله تعالى «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (2)و بقوله عليه السّلام (لا ضرر و لا ضرار) (3)،و معارض أيضا بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لا آمره أن يضرّ بنفسه»[1].و هو يدلّ بمفهومه على صورة النّزاع.

فروع:
الأوّل:المريض أو الجريح الّذي لا يخاف الضّرر باستعمال الماء كالصّداع

ص:30


1- 1التّهذيب 1:198 حديث 576،الاستبصار 1:163 حديث 564،الوسائل 2:987 الباب 17 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [1]
2- 2) الحج:78. [2]
3- 3) الكافي 5:292-294 حديث 2،6،8، [3]الفقيه 3:45 حديث 154،و 147 [4] حديث 648،التّهذيب 7: 146 حديث 651،و 164 حديث 727،الوسائل 17:319 الباب 5 من أبواب الشّفعة،حديث 1، و 340،341 الباب 12 من أبواب إحياء الموات،حديث 1،3،4،5. و من طريق العامّة انظر: سنن ابن ماجه 2:784 حديث 2340،2341،الموطّأ 2:745 حديث 31،سنن الدّار قطني 4: 227-228 حديث 83-85،مستدرك الحاكم 2:57،سنن البيهقي 6:69،70،156،157، و ج 10:133،مسند أحمد 1:313،و ج 5:327. [5]

و الحمّى الحار لا يجوز له التّيمّم،نصّ عليه الشّيخ (1).و هو مذهب أكثر الجمهور (2)خلافا لمالك (3)و داود (4)فإنّهما أباحا التّيمّم للمريض مطلقا.

لنا:انّه واجد لا يستضر فوجب عليه الاستعمال كالصّحيح.

احتجّا بقوله تعالى «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى» (5)و ذلك مطلق.

و الجواب:أنّها مشروطة بعدم الماء،فلا يتناول صورة النّزاع.

و أيضا:فلا بدّ من إضمار الضّرورة و هي إنّما تحصل عند الضّرر.

الثّاني:لو خاف من شدّة البرد و أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن

الضّرر

مثل أن يغسل عضوا عضوا كلّما غسل شيئا ستره وجب عليه ذلك،و إن لم يقدر تيمّم و صلّى.و هو قول أكثر أهل العلم (6).و قال الحسن و عطاء:يغتسل و إن مات، و هو قول ابن مسعود (7).

لنا:ما قدّمناه في المسألة الاولى من الاستدلال.

و ما رواه الجمهور،عن عمرو بن العاص قال:احتلمت ليلة باردة في غزوة ذات السّلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيمّمت،ثمَّ صلّيت بأصحابي الصّبح، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:(يا عمرو أ صلّيت بأصحابك و أنت جنب؟)فأخبرته بالّذي منعني من الاغتسال و قلت:انّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول:

ص:31


1- 1الخلاف 1:38 مسألة 103.
2- 2) المجموع 2:284-285،عمدة القارئ 4:33،المغني 1:295.
3- 3) الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:68،المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:272، عمدة القارئ 4:33.
4- 4) المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:272،عمدة القارئ 4:33.
5- 5) النّساء:43، [1]المائدة:6. [2]
6- 6) المغني 1:298،نيل الأوطار 1:325.
7- 7) المغني 1:298،نيل الأوطار 1:325.

«وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً» (1)فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يقل شيئا[1].فسكوته صلّى اللّه عليه و آله يدلّ على الرّضا.

و أمّا وجوب التّسخين فلأنّ الواجب استعمال الماء مع التّمكّن،و هو حاصل مع التّسخين،و ما لا يتمّ الواجب إلاّ به و كان مقدورا فهو واجب.

الثّالث:لو خاف الشّين باستعمال الماء جاز له التّيمّم.

قاله علماؤنا.

و قال الشّافعيّ:ليس له التّيمّم (2).

لنا:قوله عليه السّلام:(لا ضرر و لا إضرار) (3)و قوله تعالى «يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (4).

مسألة:لو أمكن الجريح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له

التّيمّم.

قال الشّيخ في الخلاف:و لا يغسل الأعضاء الصّحيحة أصلا فإن غسلها،ثمَّ تيمّم كان أحوط (5).و قال أبو حنيفة و مالك:إن كان أكثر بدنه أو أكثر أعضائه صحيحا غسله و لا تيمّم عليه،و إن كان أكثره جريحا تيمّم و لا غسل عليه (6)(7).و قال الشّافعيّ و أحمد:يجب عليه غسل ما أمكنه و تيمّم للباقي (8)(9).

ص:32


1- 1النّساء:29. [1]
2- 3) المجموع 2:286،فتح العزيز بهامش المجموع 2:273-274،السّراج الوهّاج:26.
3- 4) تقدّم في ص 15. [2]
4- 5) البقرة:185. [3]
5- 6) الخلاف 1:38 مسألة 105.
6- 7) المبسوط للسّرخسي 1:122،بدائع الصّنائع 1:51،المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 277،التّفسير الكبير 11:166-167. [4]
7- 8) المدوّنة الكبرى 1:45،المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:277.
8- 9) المهذّب للشّيرازي 1:35-36،المجموع 2:287،المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:277.
9- 10) المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:277،الكافي لابن قدامة 1:86،الإنصاف 1:271. [5]

لنا:انّ كمال الطّهارة متعذّر للضّرر و بالبعض لا يحصل الإجزاء،و الجمع بين البدل و المبدل منه غير واجب كالصّيام و الإطعام في الكفّارة،و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على جواز استعمال التّيمّم للمجروح.

احتجّ الموجب بما رواه جابر قال:خرجنا في سفر فأصاب رجلا منّا شجّة في وجهه، ثمَّ احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التّيمّم؟قالوا:ما نجد لك رخصة و أنت قادر على الماء فاغتسل فمات،فلمّا قدمنا على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخبر بذلك فقال:(قتلوه قتلهم اللّه ألا سألوا إذ لم يعلموا؟فإنّما شفاء العيّ السّؤال،إنّما كان يكفيه أن يتيمّم و يعصب على جرحه،ثمَّ يمسح عليه،ثمَّ يغسل سائر جسده) (1).و مثله عن ابن عبّاس (2).

و لأنّ كلّ جزء من الجسد يجب تطهيره بشيء مع استواء الأجزاء في الصّحّة و المرض،فكذا مع الاختلاف.

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أن يكون قوله:(و يعصب)عطف على(أن يتيمّم) و نحن نقول بموجبة فإنّه يجوز أن يعصب على الجراح خرقة و يغسل جسده و يمسح على تلك الخرقة.و حاصله حصول الاكتفاء بالتّيمّم،و التّعصيب و المسح و غسل سائر الجسد على معنى انّ كلّ واحد منهما كاف.و يحتمل أن يكون عطفا على لفظة يتيمّم و يكون الواو بمعنى(أو)و لا استبعاد في ذلك.

و عن الثّاني:انّ الطّهارة إنّما تجب على كلّ جزء مع حصول طهارة بقيّة الأجزاء،إذ الطّهارة إنّما تحصل بالمجموع و لا اعتبار بكلّ واحد من الأعضاء بانفراده.

قال الشّيخ:و إنّما قلنا باستحباب الجمع ليؤدّي الصّلاة بالإجماع و ليس عليه في ذلك

ص:33


1- 1سنن أبي داود 1:93 حديث 336،سنن الدّار قطني 1:189 حديث 3،سنن البيهقي 1:227-228.
2- 2) سنن أبي داود 1:93 حديث 337،سنن ابن ماجه 1:189 حديث 572،مستدرك الحاكم 1: 178،سنن البيهقي 1:227،سنن الدّار قطني 1:190-191 حديث 4-7.

ضرر (1).

فروع:
الأوّل:لو كان الجرح ممّا يتمكّن من شدّه و غسل باقي العضو

و مسح الخرقة الّتي عليه بالماء وجب و لا يتيمّم،و إن لم يتمكّن من ذلك تيمّم.

الثّاني:إن علم انّ الماء يضرّه أو ظنّ ذلك وجب التّيمّم،

و إن لم يظنّ ذلك وجب الرّجوع فيه إلى قول العارف المسلم،و لا يكفيه قول الذّمّي و إن كان عارفا.

و يكفيه قول العارف الفاسق أو المراهق لحصول الظّنّ بالضّرر.

الثّالث:لو كان الجرح في غير الأعضاء و خاف من استعمال الماء في الأعضاء،

سقط الوضوء و وجب التّيمّم كالمريض.

الرّابع:إذا كان الصّحيح لا يمكن غسله إلاّ بالوصول إلى الجرح

كان حكمه حكمه في جواز المسح عليه.

الخامس:لا فرق بين تقديم التّيمّم على استعمال الماء في العضو الصّحيح

و بين تأخيره عنه إجماعا،لأنّ التّيمّم للعجز و هو موجود في كلّ حال،بخلاف التّيمّم إذا كان لقلّة الماء مع وجود بعض الماء عند من يقول بوجوب صرفه إلى بعض الأعضاء (2)، لأنّ الموجب ثمَّ الإعواز،و إنّما يتحقّق بالاستعمال.

السّادس:إذا قلنا بالجمع في الجريح لم يجز التّبعيض بأن يغسل السّليم و ييمّم باقي

أعضاء الطّهارة تيمّما،

لأنّ كلّ واحد منهما ليس بطهارة فالمجموع كذلك،لتوقّف

ص:34


1- 1الخلاف:39 مسألة 105.
2- 2) المغني 1:270-271،الشرح الكبير بهامش المغني 1:280-281،المهذّب للشّيرازي 1:34، المجموع 2:268،الام 1:49،الام(مختصر المزني)8:7،المبسوط للسّرخسي 1:113،مغني المحتاج 1:89،تفسير القرطبي 5:230.

حصول الزّائد على المجموعيّة على دليل.و خالف فيه بعض الجمهور (1).

السّابع:يجوز تقديم الغسل للصّحيح على التّيمّم و بالعكس مع القول بالجمع.

و قال بعض الجمهور:يجب التّرتيب فيجعل التّيمّم في مكان الغسل الّذي يتيمّم بدلا عنه،فإن كان الجرح في وجهه بحيث لا يمكنه غسل شيء منه لزمه التّيمّم أوّلا،ثمَّ يتمّم الوضوء.و إن كان في بعض وجهه تخيّر بين غسل صحيح وجهه،ثمَّ التّيمّم،ثمَّ يتمّم الوضوء،و بين أن يتيمّم أوّلا،ثمَّ يغسل صحيح وجهه و يتمّم الوضوء فإن كان الجرح في بعض الأعضاء غسل ما قبله.و لو كان في سائر أعضائه احتاج في كلّ عضو إلى تيمّم في محلّ غسله ليحصل التّرتيب (2).

لنا:انّ الجمع ليس بواجب لما قلناه فكيفيّته أولى بعدم الوجوب.و لأنّ التّرتيب إنّما يجب في نوع كلّ طهارة،أمّا مع الاختلاف فلا دليل عليه،و الأصل عدمه.و لأنّ التّيمّم طهارة منفردة فلا يجب التّرتيب بينها و بين اخرى كما لو كان الجريح جنبا.

و لأنّ فيه حرجا،و لأنّه تيمّم عن الحدث الأصغر فلم يجب أن يتيمّم عن كلّ عضو في موضع غسله،كما لو تيمّم عن جملة الوضوء.

احتجّوا بأنّه على تقدير أن يكون الجرح في وجهه و يديه،لو تيمّم لهما تيمّما واحدا أدّى إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه و اليدين في حالة واحدة (3).

و الجواب:انّه ينتقض بما إذا كان التّيمّم بدلا عن جملة الطّهارة حيث يسقط الفرض عن جميع الأعضاء دفعة واحدة.

السّبب الخامس:فقد الآلة الّتي يتوصّل بها إلى الماء كما لو كان على شفير بئر أو نهر

و لم

ص:35


1- 1المغني 1:295،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:277،المهذّب للشّيرازي 1:36،المجموع 2: 287-288،مغني المحتاج 1:93.
2- 2) المغني 1:296-297،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:279.
3- 3) المغني 1:297،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:279.

يتمكّن من الوصول إلى الماء إلاّ بمشقّة أو تغرير بالنّفس و لا آلة معه يغرف به (1)الماء، أبيح له التّيمّم.و هو قول علمائنا أجمع،و ذهب إليه الشّافعيّ (2)و الثّوري (3)و أحمد (4)، لأنّه فاقد للماء معنى،فجاز التّيمّم.

و لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يمرّ بالرّكيّة و ليس معه دلو،قال:«ليس عليه أن ينزل الرّكيّة، انّ ربّ الماء هو ربّ الأرض فليتيمّم» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور و عنبسة بن مصعب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أتيت البئر و أنت جنب فلم تجد دلوا و لا شيئا تغرف به فتيمّم بالصّعيد الطّيّب فإنّ ربّ الماء ربّ الصّعيد و لا تقع في البئر و لا تفسد على القوم ماءهم» (6).

أمّا لو قدر على النّزول من غير ضرر،أو على آلة كالدّلو،أو الثّوب يبلّه،ثمَّ يعصره،وجب عليه ذلك لزوال العذر الموجب للرّخصة.

و لو وجد ثمن الآلة وجب عليه شراء لأنّه بالشّراء يكون واجدا،و تحصيل الطّهارة واجب فيجب ما يتوقّف عليه و كذا لو أعير الآلة.أمّا لو وهب له ثمنها أو وهبت هي، فالحقّ الوجوب لما قدّمناه أوّلا،خلافا للشّافعي (7).

ص:36


1- 1كذا في«خ»،و الصّحيح:بها.
2- 2) المغني 1:273،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275،المجموع 2:247.
3- 3) المغني 1:273،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
4- 4) المغني 1:273،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
5- 5) التّهذيب 1:184 حديث 527،الوسائل 2:966 الباب 3 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [1]
6- 6) التّهذيب 1:185 حديث 535،الاستبصار 1:127 حديث 435،الوسائل 2:965 الباب 3 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [2]
7- 7) المجموع 2:253،مغني المحتاج 1:91.
فروع:
الأوّل:لو ازدحم الواردون على الماء،و علم انّ النّوبة لا تنتهي إليه إلاّ بعد

الوقت،

صبر إلى أن يتمكّن من الأخذ،فلعلّ علمه الأوّل يصير ظنّا ببطلانه في ثاني الحال،فإن تضيّق الوقت و لم يتمكّن فهو كالعادم.و كذا راكب السّفينة إذا لم يتمكّن من اغتراف الماء و لا آلة له تصعد الماء،ساغ له التّيمم.

الثّاني:لو وجد الآلة بأكثر من ثمن المثل،

وجب الشّراء مع المكنة على ما تقدّم بيانه في الماء (1)،و كذا البحث في مال الإجارة أو اجرة من يستأجر لنقل الماء أو للاستقاء.

الثّالث:لو غصب آلة للاستقاء فعل حراما

و صحّت صلاته و طهارته،بخلاف ما لو غصب الماء.

الرّابع:لو كان معه ثياب يمكنه أن يوصل بعضها في بعض إلى أن يصل إلى الماء

و يعصره و يتطهّر في المتساقط منه وجب مع تعذّر الماء إلاّ به،سواء كان ذلك ينقص قيمة الثّوب بأكثر من ثمن الحبل و الدّلو أولا.

و كذا لو افتقر إلى شقّ الثّوب الّذي معه بنصفين،و يوصل أحدهما في الأخر سواء غلا ثمنه أولا.

السّبب السّادس:الضّعف عن الحركة،

فلو كان يحتاج إلى حركة عنيفة ليتوصّل[1]بها إلى الماء و عجز عنها،إمّا لمرض،أو ضعف قوّة فهو كالعادم،لأنّه لا سبيل له إلى الماء، فكان كالواقف على شفير البئر و فقد الآلة.

ص:37


1- 1تقدّم في ص 13.
فروع:
الأوّل:لو وجد من يناوله الماء

قبل خروج الوقت فهو كالواجد.

الثّاني:لو لم يجد من يناوله الماء إلاّ بأجرة،

وجب عليه مع المكنة و عدم الضّرر، كثرت الأجرة أو قلّت.

الثّالث:لو خاف خروج الوقت قبل مجيئه لم يجز له التّيمّم

إلاّ في آخر الوقت، خلافا لبعض الجمهور (1).

السّبب السّابع:ضيق الوقت،

فلو كان الماء موجودا إلاّ انّه إن اشتغل بتحصيله فاته الوقت جاز له التّيمّم.و هو قول الأوزاعيّ و الثّوريّ (2)،خلافا للشّافعي (3)،و أبي ثور (4)،و أصحاب الرّأي،فإنّهم منعوا من جواز التّيمّم،و أوجبوا عليه التّحصيل و إن خرج الوقت (5).

لنا:انّ الصّلاة قد تعيّن عليه فعلها و تحصيل الطّهارة المائيّة متعذّر،فجاز التّيمّم القائم مقامها.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل لا يجد الماء أ يتيمّم لكلّ صلاة؟فقال:«لا هو بمنزلة الماء» (6).

ص:38


1- 1المغني 1:272،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
2- 2) المغني 1: 301،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275،312 المجموع 2:244.
3- 3) المجموع 2:244،فتح العزيز بهامش المجموع 2:219،المغني 1:301،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 275.
4- 4) المغني 1:301،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:55،الهداية للمرغيناني 1:27،شرح فتح القدير 1:123،المغني 1:301،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
6- 6) التّهذيب 1:200 حديث 581،الاستبصار 1:163 حديث 566،الوسائل 2:995 الباب 23 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]

و إنّما يكون بمنزلته لو ساواه في أحكامه،و لا ريب انّه لو وجد الماء و تمكّن من استعماله وجب عليه،فكذا لو وجد ما ساواه.

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن حمران و جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «فإنّ اللّه جعل التّراب طهورا كما جعل الماء طهورا» (1)و التّشبيه يقتضي المساواة في الأحكام إلاّ ما أخرجه الدّليل.

احتجّوا بقوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا) جعل الشّرط الفقدان و هو منتف هاهنا، و لأنّه قادر على الماء فلم يجز له التّيمّم كما لو لم يخف فوت الوقت.و لأنّ الطّهارة شرط فلم يبح تركها خيفة فوت وقتها كسائر شرائطها (2).

و الجواب عن الأوّل:لا نسلّم انّه واجد،إذ المراد به التّمكّن من الاستعمال، و هذا غير متمكّن منه مع تعيّن الصّلاة عليه.

و عن الثّاني بذلك أيضا،فإنّكم إن عنيتم بقدرة تحصيل الطّهارة القدرة على تحصيل طهارة هذه الصّلاة،فهو ممنوع،إذ البحث فيما إذا خاف فوت الوقت،و إن عنيتم القدرة على تحصيل الطّهارة للصّلاة الآتية غير هذه،فذلك غير محلّ النّزاع.

و عن الثّالث:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل.و سيأتي.

فروع:
الأوّل:لو خاف فوت العيد جاز له التّيمّم،

لأنّ المقتضي للجواز موجود و هو تعذّر استعمال الماء،و لأنّه يخاف فوتها بالكلّيّة فأشبه العادم.و هذا اختيار الأوزاعيّ (3)،

ص:39


1- 1التّهذيب 1:404 حديث 1264،الوسائل 2:995 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
2- 2) المغني 1:301،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:312،المجموع 2:244.
3- 3) المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:312.

و أصحاب الرّأي (1).و خالف فيه بعض الجمهور (2).

الثّاني:الجنازة لا يشترط فيها الطّهارة،

لما يأتي،لكن يستحبّ،فلو خاف فوتها جاز له التّيمّم.و هو قول النّخعيّ،و الزّهريّ،و الحسن،و يحيى الأنصاريّ،و سعد بن إبراهيم،و اللّيث بن سعد،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق،و أصحاب الرّأي (3)و إن كانوا يقولون باشتراط الطّهارة،و خالف فيه أحمد في إحدى الرّوايتين (4).

لنا:انّها لا ركوع فيها و لا سجود و إنّما هي دعاء فأشبهت الدّعاء في غير الصّلاة.

احتجّ المخالف (5):بقوله عليه السّلام:(لا يقبل اللّه الصّلاة إلاّ بطهور) (6).

و الجواب:لا نسلّم أنّها صلاة حقيقة،سلمنا،لكنّ التّيمّم أحد الطّهورين فلم قلتم باشتراط الوضوء؟

الثّالث:لو صلّى بالتّيمّم،ثمَّ ظهر فساد خياله،

لم يجتز بتلك الصّلاة،لظهور فساد ما ظنّه،فلم يكن معتبرا.

السّبب الثّامن:خوف الزّحام يوم الجمعة أو عرفة،

فلو كان في الجامع يوم الجمعة فأحدث و لم يقدر على الخروج للطّهارة لأجل الزّحام،قال الشّيخ:يتيمّم و يصلّي و يعيد (7)،و في الإعادة بحث سيأتي،و التّعويل في ذلك على رواية السّكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام انّه سئل عن رجل يكون في وسط الزّحام يوم

ص:40


1- 1المغني 1:302،بدائع الصّنائع 1:51،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:312.
2- 2) المغني 1:302.
3- 3) المغني 1:302،المجموع 2:244. [1]
4- 4) المغني 1:302،الإنصاف 1:304، [2]الكافي لابن قدامة 1:83.
5- 5) المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:313.
6- 6) صحيح مسلم 1:204 حديث 224،سنن ابن ماجه 1:100 حديث 271-274،سنن التّرمذي 1:5 حديث 1،سنن النّسائي 1:87-88،سنن الدّرامي 1:175،مسند أحمد 2:73،سنن الدّار قطني 1: 355 حديث 4،كنز العمّال 9:280 حديث 26013،26015.
7- 7) النّهاية:47، [3]المبسوط 1:31. [4]

الجمعة أو يوم عرفة لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة النّاس،قال:«يتيمّم و يصلّي معهم و يعيد إذا انصرف» (1)و لأنّه غير متمكّن من استعمال الماء.

مسألة:و هذه الأسباب المبيحة للتّيمّم مشتركة بين المحدث و المجنب

حتّى انّ الجنب لو حصل له أحد هذه الأسباب ساغ له التّيمّم.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال جمهور العلماء كعليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و عمّار،و به قال عمرو بن العاص، و أبو موسى،و الثّوريّ (2)،و مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و أبو ثور،و إسحاق (5)، و أصحاب الرأي (6).و كان ابن مسعود لا يرى التّيمّم للجنب (7)،و رواه ابن المنذر، عن النّخعيّ[1]،و هو قول عمر (8)،و روي عن ابن مسعود انّه رجع عن قوله (9).

ص:41


1- 1التّهذيب 1:185 حديث 534،الوسائل 2:965 الباب 3 من أبواب التّيمّم،حديث 3،و 985 [1]الباب 15 من أبواب التّيمّم،حديث 1.
2- 2) المغني 1:294،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:284،بدائع الصّنائع 1:44.
3- 3) الموطّأ 1:56-57، [2]المدوّنة الكبرى 1:42،الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:67،بداية المجتهد 1:64،المغني 1:294.
4- 4) الام 1:44،المهذّب للشّيرازيّ 1:32،المجموع 2:207، [3]مغني المحتاج 1:87،السّراج الوهّاج: 24،المغني 1:294. [4]
5- 5) المغني 1:294، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:284. [6]
6- 6) الهداية للمرغيناني 1:25، [7]أحكام القرآن للحصّاص 4:2،بدائع الصّنائع 1:45،شرح فتح القدير 1:111،المغني 1:294. [8]
7- 7) بدائع الصّنائع 1:44،شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1:111،المغني 1:294، [9]المجموع 2: 208،بداية المجتهد 1:64،نيل الأوطار 1:322.
8- 9) المغني 1:294،بدائع الصّنائع 1:44،شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1:111،المجموع 2: 208، [10]بداية المجتهد 1:64،نيل الأوطار 1:322.
9- 10) المغني 1:294،المجموع 2:208، [11]نيل الأوطار 1:322،بدائع الصّنائع 1:44.

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (1)و ذلك ثابت في حقّ كلّ فاقد.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حديث أبي ذر (2)، و عمرو بن العاص (3)،و جابر،و ابن عباس في الّذي أصابته الشّجّة (4)(5).

و ما رواه عمران بن حصين[1]انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا معتزلا لم يصلّ مع القوم،فقال:(يا فلان ما منعك أن تصلّي مع القوم؟)فقال:أصابتني جنابة و لا ماء،قال:(عليك بالصّعيد فإنّه يكفيك) (6).

و عن عمّار قال:أجنبت فتمعّكت في التّراب،فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

(إنّما يكفيك هكذا)و ضرب بيديه على الأرض و مسح وجهه و كفّيه (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح من حديث ابن سنان في قول أبي

ص:42


1- 1المائدة:6. [1]
2- 2) سنن التّرمذي 1:211 حديث 124،سنن النّسائي 1:171،مسند أحمد 5:180،سنن البيهقي 1: 220.
3- 3) سنن أبي داود 1:92 حديث 334،سنن البيهقي 1:225-226،مسند أحمد 4:203، [2]مستدرك الحاكم 1:177.
4- 4) سنن أبي داود 1:93 حديث 336،سنن البيهقي 1:227-228،سنن الدّار قطني 1:189 حديث 3، سنن أبي داود 1:90-91،حديث 332،333.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:189 حديث 572،سنن أبي داود 1:93 حديث 337،سنن البيهقي 1:277،سنن الدّار قطني 1:190-191 حديث 4-7،مستدرك الحاكم 1:178.
6- 7) صحيح البخاري 1:93 94،96،سنن النّسائي 1:171:سنن الدّارمي 1:189-190، [3]مسند أحمد 4:434، [4]سنن البيهقي 1:216.
7- 8) صحيح مسلم 1:280 حديث 368،سنن البيهقي 1:209-211،كنز العمّال 9:591 حديث 27562.في بعضها بتفاوت يسير.

عبد اللّه عليه السّلام و كان جنبا (1).و كذا في رواية ابن يعقوب عن الحلبي (2).

و في رواية محمّد بن مسلم في الصّحيح،عن أحدهما عليهما السّلام في رجل أجنب في سفر و معه ماء قدر ما يتوضّأ به،قال:«يتيمّم» (3)و الأحاديث في ذلك كثيرة، تقدّمت قطعة كثيرة منها.و لأنّه حدث فيجوز التّيمّم منه عند عدم الماء كالأصغر.قال شقيق بن سلمة:انّ أبا موسى ناظر ابن مسعود فاحتجّ عليه بحديث عمّار و بالآية الّتي في المائدة فما درى عبد اللّه ما يقول:فقال:إنّا لو رخّصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه و يتيمّم (4).

احتجّوا بأنّ اللّه تعالى ذكر التّيمّم للأحداث دون الجنابة (5).و هو غلط لأنّ قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» (6)راجع إلى الكلّ.

مسألة و لا نعرف خلافا بين أهل العلم في انّ الإعواز شرط في جواز التّيمّم،

لأنّ اللّه تعالى شرطه فقال (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) و قال عليه السّلام:«التّراب كافيك ما لم تجد الماء» (7)فاشترطه.

مسألة و يجب الطّلب عند إعواز الماء،

فلو أخلّ به مع التّمكّن لم يعتدّ بتيمّمه.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (8)و هو أظهر الرّوايتين عن أحمد (9).و قال

ص:43


1- 1التّهذيب 1:193 حديث 556،الاستبصار 1:159 حديث 549،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [1]
2- 2) الكافي 3:63، [2]الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 1:405 حديث 1272،الوسائل 2:996 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [4]
4- 4) صحيح البخاري 1:95-96،صحيح مسلم 1:280 حديث 368،سنن أبي داود 1:87 حديث 321،سنن النّسائي 1:170،سنن الدّار قطني 1:179 حديث 15،سنن البيهقي 1:211.
5- 5) المجموع 2:208.
6- 6) المائدة:6، [5]النّساء:43. [6]
7- 7) المغني 1:270،و بمعناه في كنز العمّال 9:593 حديث 27567.
8- 8) الام 1:47،المهذّب للشّيرازي 1:34،المجموع 2:249،أحكام القرآن للحصّاص 4:14،بدائع الصّنائع 1:47،المغني 1:269،بداية المجتهد 1:67.
9- 9) المغني 1:269،الكافي لابن قدامة 1:83،المجموع 2:249.

أبو حنيفة:لا يشترط الطّلب (1).و هو الرّواية الأخرى لأحمد (2).

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا» و لا يتحقّق هذا الوصف إلاّ بعد الطّلب، لإمكان قرب الماء منه و لا يعلمه.و لهذا لمّا أمر بالإعتاق في كفّارة الظّهار،ثمَّ بصيام الشّهرين إن لم يجد،كان الطّلب واجبا ثمَّ،حتّى انّه قبل الطّلب لا يعد انّه غير واجد،فكذا هاهنا.

و لأنّه سبب للطّهارة،فيلزمه الاجتهاد في تحصيله بالطّلب و البحث عند الإعواز كالقبلة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت،فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت،فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل» (3).

و ما رواه الشّيخ،عن السّكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام انّه قال:«يطلب الماء في السّفر إن كانت الحزونة فغلوة،و إن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك» (4).

ص:44


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 4:14، [1]بدائع الصّنائع 1:47،شرح فتح القدير 1:125،الهداية للمرغيناني 1:27. المغني 1:269،بداية المجتهد 1:67.
2- 2) المغني 1:269،الكافي لابن قدامة 1:83.
3- 3) التّهذيب 1:192 حديث 555،الاستبصار 1:159 حديث 548،الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 1:202 حديث 586،الاستبصار 1:165 حديث 571،الوسائل 2:963 الباب 1 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [3]

لا يقال:يعارضه ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن سالم[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:أتيمّم و أصلّي،ثمَّ أجد الماء و قد بقي علي وقت،فقال:

«لا تعد الصّلاة،فإنّ ربّ الماء هو ربّ الصّعيد»فقال له داود بن كثير الرّقي:أ فأطلب لماء يمينا و شمالا؟فقال:«لا تطلب الماء يمينا و شمالا» (1).

و ما رواه،عن يعقوب بن سالم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطّريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك؟قال:«لا آمره أن يضرّ[2]بنفسه فيعرض له لصّ أو سبع» (2).

و ما رواه،عن السّكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن أبي ذر انّه أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه هلكت،جامعت على غير ماء؟قال:فأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمحمل فاستترت به،و بماء،فاغتسلت أنا و هي،ثمَّ قال:

«يا أبا ذر يكفيك الصّعيد عشر سنين» (3)و لم يشترط الطّلب فزيادته تكون نسخا.

لأنّا نقول:الأحاديث الّتي ذكرتموها ليس شيء منها يسلم عن الطّعن في سنده، فلا تعويل عليها مع الرّواية الصّحيحة.

و أيضا فيحمل النّهي في الأوّل انّه إنّما كان لأجل الضّرورة و يدلّ عليه الحديث الثّاني و هو قوله:«فيعرض له لصّ أو سبع»فإنّ إدخال الفاء على الوصف الصّالح للعلّيّة يشعر بها،خصوصا إذا لم يكن لذكره فائدة إلاّ التّعليل.و الحديث الأخير ليس

ص:45


1- 2) التّهذيب 1:202 حديث 587،الاستبصار 1:165 حديث 572،الوسائل 2:964 الباب 2 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
2- 4) التّهذيب 1:184 حديث 528،الوسائل 2:964 الباب 2 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [2]
3- 5) التّهذيب 1:194 حديث 561،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 12. [3]

فيه دلالة على الاكتفاء دائما،لأنّه نكرة إذ الجمل نكرات.و لو كان للعموم في كلّ وقت،لم يكن فقدان الماء شرطا،و هو منفيّ بالإجماع.

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) (2)و هو قبل الطّلب غير واجد،فساغ له التّيمّم.

و بقوله عليه السّلام:(التّراب كافيك ما لم تجد الماء) (3)و لأنّه غير عالم بوجود الماء قريبا منه،فأشبه ما لو طلب فلم يجد.

و الجواب عن الأوّل:انّ عدم الوجدان إنّما يكون بعد الطّلب و قد سبق تقريره، و هو الجواب عن الحديث،و عن القياس بالفرق،فإنّ مع الطّلب يتحقّق فقدان الماء الّذي هو الشّرط في التّرخّص،بخلاف ما إذا لم يطلب،فإنّه غير عالم و لا ظانّ بوجود الشّرط،و مع الشّك في وجود الشّرط لا يتحقّق الجواز المشروط.

مسألة:اختلف عبارة الأصحاب في الطّلب و حدّه،
اشارة

فقال الشّيخ في المبسوط:

الطّلب واجب قبل تضيّق الوقت،في رحله و عن يمينه و عن يساره و سائر جوانبه رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف (4)،و قال في النّهاية:و لا يجوز له التّيمّم في آخر الوقت إلاّ بعد طلب الماء في رحله،و عن يمينه و يساره مقدار رمية أو رميتين،إذا لم يكن هناك خوف (5).و أسقط لفظة سائر جوانبه.و قال المفيد في المقنعة:و من فقد الماء فلا يتيمّم حتّى يدخل وقت الصّلاة،ثمَّ يطلبه أمامه و عن يمينه و عن شماله مقدار رمية سهمين من كلّ جهة إن كانت الأرض سهلة،و إن كانت حزنة،طلبه من كل جهة

ص:46


1- 1المغني 1:269،شرح فتح القدير 1:153.
2- 2) النّساء،43، [1]المائدة:6. [2]
3- 3) تقدّم الحديث في ص 43. [3]
4- 4) المبسوط 1:31. [4]
5- 5) النّهاية:48. [5]

مقدار رمية سهم واحد (1).فزاد ذكر الإمام و التّفصيل،و كلام الشّيخ و إن احتمله إلاّ انّه ليس بنصّ فيه.و قال أبو الصّلاح مثل قول المفيد (2).و قال صاحب الوسيلة فيها:

و إنّما يصحّ التّيمّم بعد طلبه قبل التّضيّق عن اليمين و اليسار مقدار رمية في حزن الأرض و رميتين في سهلها (3).و قال ابن إدريس:و حدّ ما وردت به الرّوايات و تواتر به النّقل في طلبه إذا كانت الأرض سهلة،غلوة سهمين و إذا كانت حزنة فغلوة سهم (4).و لم يقدّره السّيّد المرتضى في الجمل (5)و لا الشّيخ في الخلاف و الجمل (6)بقدر،و لم نقف في ذلك إلاّ على حديث واحد (7)،و في سنده قول،و يمكن العمل به لاعتضاده بالشّهرة،إلاّ انّه إنّما يدلّ على الطّلب غلوة سهمين في السّهلة،و غلوة في الحزنة،و ليس فيه تعميم التّقدير بالجهات،فعلى هذه الرّواية يغلب على ظنّه جهة الماء،ثمَّ يطلبه في تلك الجهة.و لو قيل:التّحرّي باطل و التّخصيص بالبعض ترجيح من غير مرجّح،فلا بدّ من الطّلب في الجميع،و لأنّ كلّ جهة يجوز أن يكون الماء موجودا فيها فيجب الطّلب عندها،إذ الموجب للتجويز كان قويّا.و لأنّ الطّلب واجب و الأكثر من المقدّر ضرر،و به يحصل غلبة الظّنّ بالفقد،فساغ التّيمّم معه.

فروع:
الأوّل:لو خاف على نفسه أو ماله لو فارق مكانه لم يجب الطّلب،

لأنّ الخوف

ص:47


1- 1المقنعة:8.
2- 2) الكافي في الفقه:136. [1]
3- 3) الوسيلة [2](الجوامع الفقهيّة):667.
4- 4) السّرائر:26.
5- 5) جمل العلم و العمل:52.
6- 6) الخلاف 1:35-مسألة 95-،الجمل و العقود:53.
7- 7) التّهذيب 1:202 حديث 586،الاستبصار 1:165 حديث 571،الوسائل 2:963 الباب 1 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [3]

مسقط للمشروط فالشّرط أولى،و يؤيده رواية يعقوب بن سالم (1).

الثّاني:ينبغي له أن يطلب الماء في رحله،

ثمَّ إن رأى ما يقضي العادة بوجود الماء عنده كالخضرة،قصده و طلب الماء عنده و إن زاد عن المقدّر.و لو كان بقربه قرية طلبها، و لو كان هناك ربوة أتاها.

و الحاصل وجوب الطّلب عند ما يغلب على الظّنّ وجود الماء معه.

الثّالث:لو تيقّن عدم الماء في الجوانب بأسرها سقط عنه الطّلب،

لأنّ الفائدة تحصيل الماء،و مع التّيقّن بعدمه يجب السّقوط،و هو أحد وجهي الشّافعيّة و في الثّاني يجب (2)،لعموم الآية.و لو غلب على ظنّه ذلك لم يسقط،لجواز كذبه.

الرّابع:لو طلبه حواليه أوّلا فلم يجده و صلّى متيمّما،

ثمَّ حضرت الصّلاة الثّانية ففي وجوب إعادة الطّلب نظر أقربه الوجوب،و للشّافعيّ فيه وجهان (3)و علّتهما ظاهرة.

الخامس:لو تيقّن وجود الماء لزمه السّعي إليه ما دام الوقت باقيا و المكنة حاضرة،

سواء كان قريبا أو بعيدا يمكنه الوصول إليه من غير مشقّة،و حدّه الشّافعيّ بما تردّد إليه المسافر للرعي و الاحتطاب و هو فوق حدّ يلحقه غوث الرّفاق (4).

لنا:انّ الطّلب واجب و لا سبب لوجوبه إلاّ تحصيل الماء وهما،فمع التّيقّن يكون أولى.

السّادس:لو توهّم قرب الماء منه وجب عليه الطّلب ما دام الوقت باقيا،

لما قلناه.

ص:48


1- 1تقدّمت في ص 45 رقم 4. [1]
2- 2) المجموع 2:249،فتح العزيز بهامش المجموع 2:195.
3- 3) المجموع 2:252،فتح العزيز بهامش المجموع 2:200.
4- 4) المجموع 2:257،فتح العزيز بهامش المجموع 2:202-203.
السّابع:لو كان البعد قد انتهى إلى حيث لا يجد الماء في الوقت،

لم يجب عليه الطّلب حينئذ لعدم فائدته.و لو كان بين مرتبتي البعد المذكور و القرب الّذي حدّه الغوث،وجب الطّلب لما قلناه،و اختاره الشّافعيّ فيما إذا كان عن يمين المنزل و يساره دون المقصد (1)،لأنّ جوانب المنزل منسوبة إليه دون صوب الطّريق.و هو ضعيف.

الثّامن:لو كان يطلب الماء فظهرت قافلة كثيرة لزمه طلب الماء من جميعهم

ما لم يخف فوت الصّلاة،فيطلبه حينئذ إلى أن يبقى من الوقت قدر الفعل فيتيمّم و يصلّي، و قال بعض الشّافعيّة:يطلبه إلى أن يبقى قدر ركعة لإدراك الصّلاة بإدراكها (2).و لا إثم في التّأخير،لأنّه من مصلحة الصّلاة.

التاسع:لو أمر غيره فطلب الماء فلم يجد لم يكتف به،

لأنّ الخطاب بالطّلب للمتيمّم فلا يجوز أن يتولاّه غيره،كما لا يجوز له أن يؤمّمه و للشّافعيّة وجهان (3).

العاشر:لو طلب قبل الوقت لم يعتدّ به و وجب إعادته،

لأنّه طلب قبل المخاطبة بالتّيمّم فلم يسقط فرضه،كالشّفيع لو طلب قبل البيع.

و لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«فليطلب ما دام في الوقت،فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم» (4).

لا يقال:إذا كان قد طلب قبل الوقت و دخل الوقت و لم يتجدّد حدوث ماء،كان طلبه عبثا.

لأنّا نقول:إنّما يتحقّق انّه لم يحدث إذا كان ناظرا إلى مواضع الطّلب و لم يتجدّد فيها شيء،و هذا يجزيه بعد دخول الوقت،لأنّ هذا هو الطّلب.

ص:49


1- 1المجموع 2:258،فتح العزيز بهامش 2 لمجموع 2:205-206.
2- 2) مغني المحتاج 1:88،المجموع 2:251.
3- 3) المجموع 2:251،فتح العزيز بهامش المجموع 2:169.
4- 4) التّهذيب 1:203 حديث 589،الاستبصار 1:165 حديث 574،الوسائل 2:993 الباب 22 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]

و أمّا إذا غاب عنه جاز أن يتجدّد فيها حدوث الماء،فاحتاج إلى الطّلب.

مسألة و يشترط في التّيمّم دخول الوقت.و هو مذهب علمائنا أجمع،

و به قال مالك (1)،و الشّافعيّ (2)،و أحمد (3)،و داود (4).و قال أبو حنيفة:يصحّ التّيمّم قبل وقت الصّلاة (5).

لنا:قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (6)عقب إرادة القيام بالغسل،ثمَّ عطف عليه التّيمّم و لا يصحّ القيام إلى الصّلاة إلاّ بعد الوقت،خرج عنه موضع الإجماع و هو الوضوء،فيبقى الباقي على الأصل.

و ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد انّ رجلين خرجا في سفر فحضرت الصّلاة و ليس معهما ماء فتيمّما صعيدا طيّبا،فصلّيا،ثمَّ وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء و الصّلاة و لم يعد الآخر،ثمَّ أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فذكرا له ذلك،فقال للّذي لم يعد:(أصبت السّنّة) (7)و أصابته للسّنّة إنّما هو بفعله كلّه،فدلّ على انّ من تيمّم قبل الوقت لم يصب السّنّة.

ص:50


1- 1بداية المجتهد 1:67،المدوّنة الكبرى 1:42،المغني 1:268،المجموع 2:243،نيل الأوطار 1: 329.
2- 2) الاُم 1:46،مغني المحتاج 1:105،المجموع 2:243،المغني 1:268،نيل الأوطار 1:329،بدائع الصّنائع 1:54،بداية المجتهد 1:67،التّفسير الكبير 11:173. [1]
3- 3) المغني 1:268،الشرح الكبير بهامش المغني 1:266،المجموع 2:243،الكافي لابن قدامة 1:84، الانصاف 1:263،منار السبيل 1:45.
4- 4) المجموع 2:243،نيل الأوطار 1:329.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:54،المغني 1:268، [2]المجموع 2:243، [3]التّفسير الكبير 11:173، [4]بداية المجتهد 1: 67،المبسوط للسرخسي 1:109.
6- 6) المائدة:6. [5]
7- 7) سنن أبي داود 1:93 حديث 338،سنن الدّرامي 1:190،سنن الدّار قطني 1:188 حديث 1،سنن البيهقي 1:231،مستدرك الحاكم 1:178.

و عن طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«فليطلب ما دام في الوقت» (1).و لأنّها طهارة ضروريّة فلم يجز قبل الوقت كطهارة المستحاضة،و أيضا:هو قبل الوقت مستغن عن التّيمّم للفرض فأشبه ما لو تيمّم عند وجود الماء.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها طهارة تبيح الصّلاة فأبيح تقديمها على وقت الصّلاة كسائر الطّهارات (2).

و الجواب:الفرق بأنّ سائر الطّهارات ليست ضروريّة بخلافه،و النّقض بطهارة المستحاضة.

مسألة:ذهب أكثر علمائنا إلى انّه لا يجوز التّيمّم إلاّ في آخر الوقت

و اشترطوا التّضيّق،ذهب إليه الشّيخ في كتبه (3)،و السّيّد المرتضى (4)،و المفيد (5)،و أبو الصّلاح (6)،و صاحب الوسيلة (7)،و ابن إدريس (8).و نقل عن ابن بابويه انّه يجوّز التّيمّم في أوّل الوقت (9).و روى الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،استحباب التّأخير.و هو قول عطاء،و الحسن،و ابن،سيرين،و الزّهريّ،و الثّوريّ،و أصحاب الرّأي.و قال الشّافعيّ في أحد قوليه:التّقديم أفضل إلاّ أن يكون واثقا بوجود الماء في

ص:51


1- 1التّهذيب 1:203 حديث 589،الاستبصار 1:165 حديث 574،الوسائل 2:993 الباب 22 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:109،بدائع الصّنائع 1:54،55،المغني 1:268.
3- 3) المبسوط 1:31، [2]الخلاف 1:35 مسألة-94-النّهاية:47.
4- 4) الانتصار:31،جمل العلم و العمل:52،النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):189.
5- 5) المقنعة:8.
6- 6) الكافي في الفقه:136. [3]
7- 7) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
8- 8) السّرائر:26.
9- 9) نقله عنه في المختلف:47.

الوقت (1).

و قال بعض الجمهور:يستحبّ التّأخير إن رجا وجود الماء،و إلاّ استحبّ تقديمه (2).و هو قول مالك (3)،و نقل عن أبي حنيفة هذا التّفصيل (4).و نقل عن مالك استحباب التّيمّم وسط الوقت مطلقا (5).

لنا ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام في الجنب يتلوم ما بينه و بين آخر الوقت،فإن وجد الماء و إلاّ تيمّم (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«إذا لم يجد المسافر ماء فليطلب ما دام في الوقت،فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت» (7).

و ما رواه،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام بهذه العبارة إلاّ انّه قال:

«فليمسك»عوض قوله:فليطلب (8).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سمعته يقول:«إذا لم تجد الماء و أردت التّيمّم فأخّر التّيمّم إلى آخر الوقت،فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض» (9)و لأنّها

ص:52


1- 1الام 1:46،المغني 1:276.
2- 2) المغني 1:276،بدائع الصّنائع 1:55.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:42،المغني 1:276،المحلّى 2:120،عمدة القارئ 4:13.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:54،شرح فتح القدير 1:120،المبسوط للسّرخسي 1:106،عمدة القارئ 4:13.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:55،شرح فتح القدير 1:120،المحلّى 2:120،المدوّنة الكبرى 1:42،عمدة القارئ 4:13.
6- 6) سنن الدّار قطني 1:186 حديث 5،المغني 1:276،بدائع الصّنائع 1:55،عمدة القارئ 4:13.
7- 7) التّهذيب 1:192 حديث 555،الاستبصار 1:165 حديث 574،الوسائل 2:993 الباب 22 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
8- 8) التّهذيب 1:194 حديث 560.
9- 9) التّهذيب 1:203 حديث 588،الاستبصار 1:165 حديث 573،الوسائل 2:993 الباب 22 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]

طهارة ضروريّة فتتقدّر بقدر الضّرورة،و لا ضرورة قبل التّضيّق.

و لأنّه يمكن وصول الماء إليه،فكان التّأخير أولى،فإنّه قد استحبّ تأخيرها لإدراك الجماعة،فتأخيرها لإدراك الشّرط أولى.

و احتجّ ابن بابويه (1)بقوله تعالى «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا» ثمَّ قال «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (2).و لا شك انّ الأوّل خطاب في أوّل الوقت فكذا الثّاني،لوجوب الاشتراك بالعطف.

و بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:فإن أصاب الماء و قد صلّى بتيمّم و هو في وقت؟قال:«تمّت صلوته و لا إعادة عليه» (3).

و لو كان التّضيّق شرطا لوجبت عليه الإعادة،و لأنّه عليه السّلام قال:«إنّما هو بمنزلة الماء» (4)فيثبت له جميع أحكامه إلاّ ما خرج بالدّليل.و قال عليه السّلام:«انّ اللّه جعل التّراب طهورا كما جعل الماء طهورا» (5)و قول ابن بابويه في غاية من القوّة، فالأقرب عندي انّ التّأخير مستحبّ و التّقديم جائز.و لأنّه لو وجب التّأخير لرجاء حصول الطّهارة لوجب على أصحاب الأعذار ذلك،كالمستحاضة و صاحب السّلس

ص:53


1- 1لم نعثر على احتجاجه إلاّ في المختلف:48.
2- 2) المائدة:6. [1]
3- 3) التّهذيب 1:194 حديث 562،الاستبصار 1:160 حديث 552،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 9. [2]
4- 4) التّهذيب 1:200 حديث 581،الاستبصار 1:163 حديث 566،الوسائل 2:995 الباب 23 من أبواب التّيمّم،حديث 2- [3]في المصادر:(لا)بدل(إنّما).
5- 5) الكافي 3:66 حديث 3،و [4]ليس فيه(كما جعل الماء طهورا)،الفقيه 1:60 حديث 223،التّهذيب 1: 404 حديث 1264،و ج 3:167 حديث 365،الاستبصار 1:425 حديث 1638،الوسائل 2: 995 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 2،و [5] 994 الباب 23 حديث 1،و ج 1:99 الباب 1 من أبواب الماء المطلق،حديث 1،و ج 5:401 الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة،حديث 1.

لوجود المقتضي،و التّالي باطل.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الصّلاة في أوّل الوقت مستحبّ فلا يترك مع تحقّقه لأمر مظنون (1).

و الجواب:انّ انتظار أكمل الطّهارتين مستحبّ و كان متحقّقا.

البحث الثّاني:فيما به يكون التّيمّم:
أصل:«إنّما»تفيد الحصر بالنّقل

-حكاه أبو عليّ الفارسيّ في الشّيرازيّات- و الاستعمال،كما في قول الفرزدق[1]:و إنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي[2].

و في قول الأعشى[3]:و إنّما العزّة للكاثر[4].

ص:54


1- 1المغني 1:276. [1]

و بأنّ لفظة«إن»للإثبات«و ما»للنّفي،فمع التّركيب تبقى الدّلالتين،و إلاّ لكان التّركيب يخرج الشّيء عن حقيقته،و ذلك باطل.

و إذا ثبت هذا فنقول:إن كان الإثبات للمذكور و النّفي لما عداه،فهو المطلوب، و إن تواردا،لزم المحال،و إن كان بالعكس،فهو خرق الإجماع،و قوله تعالى «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» (1)محمول على المبالغة.

مسألة قال علماؤنا:لا يجوز التّيمّم إلاّ بالتّراب و الأرض.

و هو مذهب الشّافعيّ (2)،و إسحاق (3)،و أبي يوسف (4)،و داود (5)،و أحمد (6).و قال مالك،و أبو حنيفة:يجوز بكلّ ما كان من جنس الأرض كالرّماد،و الزّرنيخ و الجصّ،و النّورة، و الكحل (7)(8).و قال مالك:يجوز بالثّلج و الملح (9).

لنا قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» (10)قال ابن دريد:الصّعيد هو

ص:55


1- 1الأنفال:2 [1]
2- 2) الاُم 1:50،المجموع 2:213، [2]مغني المحتاج 1:96،المحلّى 2:160، [3]تفسير القرطبي 5:236، [4]المغني 1:281،عمدة القارئ 4:10،نيل الأوطار 1:328،المبسوط للسّرخسيّ 1:108،بداية المجتهد 1:71،مقدّمات ابن رشد 1:78.
3- 3) المغني 1:281.
4- 4) المغني 1:281،بدائع الصّنائع 1:53.
5- 5) المجموع 2:213،المغني 1:281،نيل الأوطار 1:328.
6- 6) المغني 1:281،الإنصاف 1:284،المجموع 2:213،عمدة القارئ 4:10.
7- 7) تفسير القرطبي 5:236، [5]المغني 1:281،بداية المجتهد 1:71،المجموع 2:213.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:108،المغني 1:281،بداية المجتهد 1:71،المجموع 2:213،المحلّى 2: 161،عمدة القارئ 4:10،شرح فتح القدير 1:112،الهداية 1:25. [6]
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:46،بداية المجتهد 1:71،عمدة القارئ 4:10،المجموع 2:213،المحلّى 2:160.
10- 10) المائدة:6. [7]

التّراب الخالص الّذي لا يخالطه سبخ و لا رمل.و نقله في كتاب الجمهرة عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى (1).و قال ابن فارس[1]:و الصّعيد:التّراب (2).قال:و في كتاب الخليل[2]:تيمّمْ بالصّعيد،أي:خذ من غباره،و الصّعيد:الأرض المستوية (3).

قال ابن عباس:الصّعيد:التّراب،و الطّيّب:الطّاهر (4).

و ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(أعطيت ما لم يعط نبيّ من أنبياء اللّه:جعل لي التّراب طهورا)و ذكر الحديث.رواه الشّافعيّ في مسنده (5).

و روى حذيفة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(جعلت لي الأرض مسجدا، و ترابها طهورا) (6)و لو كان غير التّراب طهورا لذكره فيما منّ اللّه تعالى به عليه،و لم يكن للتّخصيص معنى.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

ص:56


1- 1جمهرة اللّغة 2:272.
2- 3) معجم مقاييس اللّغة 3:287. [1]
3- 5) العين 1:290، [2]معجم مقاييس اللّغة 3:282. [3]
4- 6) المغني 1:281، [4]مغني المحتاج 1:96،تفسير القرطبي 5:236.
5- 7) لم نعثر عليه في مسند الشّافعي،رواه في مسند أحمد 1:98،سنن البيهقي 1:213،مجمع الزّوائد 1: 260.
6- 8) صحيح مسلم 1:371 حديث 521،سنن الدّار قطني 1:175 حديث 1،و فيهما:تربتها كان ترابها. سنن البيهقي 1:213. و بهذا اللّفظ من الخاصّة انظر: عوالي اللّئالي 2:13،208، [5]الوافي 1 أبواب أحكام المياه 4، [6]دعائم الإسلام 1:120-121. [7]

عن الرّجل يكون معه اللّبن أ يتوضّأ منه للصّلاة؟قال:«لا،إنّما هو الماء و الصّعيد» (1)أتى بصيغة إنّما الدّالّة على الحصر.

و ما رواه عن،السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:

أ يتيمّم بالرّماد؟فقال:«لا،انّه ليس يخرج من الأرض و إنّما يخرج من الشّجر» (2)و ذكر«انّ»الدّالّة على التّعليل يوجب التّعمم في الطّرفين.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ ما شابه أجزاء الأرض في النّعومة و الانسحاق يشبه التّراب، فيجوز التّيمم به.

و الجواب:ليس المقتضي لجواز التّيمّم هو الانسحاق مطلقا،بل الأرضية لا غير.

و أيضا:فالطّهارة اختصّت بأعمّ المائعات وجودا و هو الماء،فيختصّ بأعمّ الجامدات وجودا و هو التّراب.

و أيضا:لو جاز التّيمّم الشّرعيّ بغير التّراب و ما يشبهه كالأرض لجاز إمّا مع الوجوب أو مع عدمه،و الأوّل منتف إجماعا،و الثّاني أيضا منتف،لأنّه لو كان كذلك لكان أعمّ منه،ضرورة ثبوته مع الواجب،و يلزم من عدم الأعمّ عدم الأخصّ، فيثبت الوجوب عند عدم الجواز،هذا خلف،و فيه بحث.

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام و قد سئل عن كيفيّة التّيمّم فوضع كفّيه في الأرض،ثمَّ مسح وجهه و كفّيه (3)،و التّخصيص في معرض البيان يدلّ على النّفي إجماعا.

مسألة:و يجوز التّيمّم بالأرض و إن لم يكن عليها تراب.
اشارة

ذكره الأصحاب (4)

ص:57


1- 1التّهذيب 1:188 حديث 540،الاستبصار 1:155 حديث 534،الوسائل 1:146 الباب 1 من أبواب الماء المضاف،حديث 1 و [1]ج 2:970 الباب 7 من أبواب التّيمّم،حديث 6.
2- 2) التّهذيب 1:187 حديث 539،الوسائل 2:971 الباب 8 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:208 حديث 603،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [3]
4- 4) المبسوط 1:31، [4]السّرائر:26،الشّرائع 1:47. [5]

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» (2)قال أهل اللّغة:و الصّعيد:وجه الأرض (3).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا) (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم.

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام،عن التّيمّم فضرب بيده الأرض (5)،و ذكر الحديث.

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سمعته يقول:«إذا لم تجد الماء و أردت التّيمّم فأخّر التّيمّم إلى آخر الوقت،فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض» (6)و إنّما يكون وجدان الأرض نافعا لو جاز الطّهور بها،و لأنّ الأرض تراب اكتسب رطوبة أفادته استمساكا فهي تراب في الحقيقة،فجاز التّيمّم بها.

فروع:
الأوّل هل يجوز التّيمّم بالحجر؟

نصّ الشّيخ على جوازه (7)،و كذا الحصى و هو

ص:58


1- 1المغني 1:281،المجموع 2:213، [1]المحلّى 2:160،بداية المجتهد 1:71.
2- 2) المائدة:6. [2]
3- 3) الصّحاح 2:498، [3]المصباح المنير:339. [4]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:91،سنن ابن ماجه 1:187 حديث 567،مسند أحمد 5:145. [5]
5- 5) التّهذيب 1:211 حديث 613،الاستبصار 1:171 حديث 593 و فيه(بتفاوت)،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [6]
6- 6) التّهذيب 1:203 حديث 588،الاستبصار 1:165 حديث 573،الوسائل 2:993 الباب 22 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [7]
7- 7) النّهاية:49،المبسوط 1:32، [8]الخلاف 1:30 مسألة-77.

اختيار المفيد (1)،و ابن إدريس (2)،و ابن حمزة (3)،و هو قول مالك (4)،و أبي حنيفة (5).

و قال الشّافعيّ:لا يجوز إلاّ أن يعلق على يديه شيء من الغبار (6).

و اختلف الأصحاب في التّرتيب،فقال الشّيخ في النّهاية:و لا بأس بالتّيمّم بالأحجار و أرض النّورة،و أرض الجصّ إذا لم يقدر على التّراب (7).و قال المفيد في المقنعة بعد أن ذكر انّ الصّعيد هو التّراب:سمّي بذلك لصعوده على وجه الأرض،فإن كان في أرض صخر و أحجار ليس عليها التّراب وضع يديه أيضا عليها و مسح بهما وجهه و كفّيه،و ليس عليه حرج في الصّلاة بذلك لموضع الاضطرار (8).

و قال ابن إدريس:و لا يعدل إلى الحجر إلاّ إذا فقد التّراب (9).و بمثله قال ابن حمزة في الوسيلة (10)،و أطلق الشّيخ في المبسوط و الخلاف الجواز (11).

و تحرير البحث:انّ اسم الصّعيد إن تناول الحجر جاز التّيمّم به،و إلاّ فلا،ما لم يحصل عليه تراب،فيجري مجرى الثّوب و شبهه،و الأقرب الأوّل،لتناول اسم الأرض له.

الثّاني يجوز التّيمّم بالرّمل،

لكنّه مكروه،نصّ عليه الأصحاب.و هو قول أبي

ص:59


1- 1المقنعة:8.
2- 2) السّرائر:26.
3- 3) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
4- 4) بداية المجتهد 1:71،أحكام القرآن للجصّاص 4:30، [1]مقدّمات ابن رشد 1:78.
5- 5) عمدة القارئ 4:10،بداية المجتهد 1:71،المبسوط 1:109.
6- 6) الام 1:50،الام(مختصر المزني)8:6،تفسير القرطبي 5:237.
7- 7) النّهاية:49. [2]
8- 8) المقنعة:7-8.
9- 9) السّرائر:26.
10- 10) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
11- 11) المبسوط 1:32، [3]الخلاف 1:30 مسألة-77.

حنيفة (1)،و مالك (2)،و الأوزاعيّ (3)،و الشّافعيّ في أحد قوليه (4)،و قال في الآخر:لا يجوز (5).

لنا:قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» (6)و اسم الصّعيد يتناول الرّمل إذ هو أجزاء أرضيّة في الحقيقة اكتسبت حرارة شديدة أوجبت لها التّشتّت،و تغيّرا ما في كيفيّتها لا تخرج به عن حقيقة الأرض إلى المعدنيّة.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،قال:انّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه إنّا نكون بالرّمل فتصيبنا الجنابة و الحيض و النّفاس و لا نجد الماء أربعة أشهر؟فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،(عليكم بالأرض) (7)و إنّما أشار عليه السّلام بذلك إلى أرضهم ليقع الجواب مطابقا للسّؤال،و لأنّ الألف و اللام هاهنا توهم انّها للعهد،فلو لم تكن له لزم التّلبيس.على انّه قد روي بصيغة أخرى و هي التنصيص، فقال:(عليكم بأرضكم) (8)رواها صاحب مختلف الرّواية.

الثّالث:يجوز التّيمّم بالأرض السّبخة سواء كان عليها غبار أو لم يكن،

خلافا

ص:60


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:25،شرح فتح القدير 1:112،المبسوط للسّرخسيّ 1:108،عمدة القارئ 4: 10،تفسير القرطبيّ 5:236.
2- 2) بداية المجتهد 1:71،عمدة القارئ 4:10،تفسير القرطبيّ 5:236.
3- 3) المغني 1:281،عمدة القارئ 4:10،المجموع 2:213.
4- 4) المهذب للشيرازيّ 1:32،المجموع 2:314،فتح العزيز بهامش المجموع 2:311،السّراج الوهّاج: 27،مغني المحتاج 1:96.
5- 5) الام 1:50،المهذب للشّيرازيّ 1:32،المجموع 2:314،فتح العزيز بهامش المجموع 2:311، السّراج الوهّاج:27،مغني المحتاج 1:96.
6- 6) النّساء:43، [1]المائدة:6. [2]
7- 7) سنن البيهقيّ 1:217،كنز العمّال 9:594 حديث 27572 مع تفاوت.و بهذا اللّفظ انظر:المغني 1: 281.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 4:30. [3]

لبعض الجمهور (1)،لتناول اسم الأرض لها،و لم يخرج بالحرارة المكتسبة المفيدة تغيرا ما في كيفيّتها عن حقيقتها.

الرّابع:حكم الرّخام حكم الحجر،

و لم يذكره أصحابنا بالتّنصيص.

الخامس:الحجر أعمّ من أن يكون مطبوخا بالنّار و أن لا يكون،

فالقول بجواز الحكم[للعام]يستلزم ذلك،و كذا الخزف.و لو دقّهما جاز التّيمّم بهما،لأنّا قلنا انّ الطّبخ لم يخرجهما عن حقيقة الأرضيّة،و عندي فيه إشكال.و قال الشّافعيّ:لا يجوز (2).أمّا الطّين الصّلب كالأرمنيّ فإنّه يجوز التّيمّم به و إن لم يكن مدقوقا.خلافا لبعض الجمهور (3).

السّادس:يجوز التّيمّم بتراب القبر سواء كان منبوشا أو غير منبوش،

إلاّ أن يعلم مخالطة شيء من النّجاسة له،لتناول اسم الصّعيد له،و الشّكّ فيه لا يمنع من استعماله كالماء.و قال الشّافعيّ:المقبرة إذا تكرّر نبشها لا يجوز التّيمّم بترابها،لاختلاطه بصديد الموتى،و إن لم يتكرّر جاز،و إن جهل فوجهان:المنع،لأنّ الظّاهر نبشها،و الجواز للأصل (4).

السّابع:يجوز التّيمّم بالتّراب المستعمل،

و هو المجتمع من التّراب المتناثر من أعضاء المتيمّم.و به قالت الحنفيّة (5)،خلافا لأكثر أصحاب الشّافعيّ (6).و قد سبق البحث في المستعمل من الماء (7)،و حكم التراب حكمه.

ص:61


1- 1المغني 1:282،المجموع 2:218،عمدة القارئ 4:10.
2- 2) الام 1:50،المهذّب للشّيرازيّ 1:33،المجموع 2:213،فتح العزيز بهامش المجموع 2:311.
3- 3) الام 1:50،المجموع 2:218.
4- 4) الام 1:51،المجموع 2:216،فتح العزيز بهامش المجموع 2:311،الا أنه لم يذكر فيها التكرر.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:25،عمدة القارئ 4:10،المغني 1:923.
6- 6) الام 1:50،المهذّب للشّيرازيّ 1:33،مغني المحتاج 1:96،فتح العزيز بهامش المجموع 2:312، السّراج الوهّاج:27،المجموع 2:218.
7- 7) تقدّم في الجزء الأوّل ص 128.
الثّامن:البطحاء هو من مسيل1السّيول للمكان السّهل الّذي لا جصّ فيه و لا

حجر.

و كذا الأبطح،و يجوز التّيمّم به.و قال الشّافعيّ في الأم:لا يقع اسم الصّعيد على البطحاء الغليظة و الرّقيقة (1).

مسألة:و يستحبّ أن يكون التّراب من ربي الأرض و عواليها دون المهابط،

و إن استعمل جاز،و لم يفرّق الجمهور بينهما في الأولويّة.

لنا:انّ ملاقاتها للنّجاسة أقل وجودا من ملاقاة المهابط لها،لانحدار الماء و البول إلى المهابط،و لأنّ وصول الماء من السّماء المطهّر إلى العوالي أكثر من المهابط.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن النّوفليّ[2]،عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«و لا وضوء من موطإ»قال النّوفليّ:

يعني ما تطأ عليه برجلك (2).

و روى،عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«نهى أمير المؤمنين عليه السّلام أن يتيمّم الرّجل بتراب من أثر الطّريق» (3).قال الشّيخ:

و هذان الخبران يدلاّن على الكراهية (4)و هو حقّ،لسبق دلالة الآية على جواز التّيمّم من الصّعيد مطلقا.

مسألة:و لا يجوز التّيمّم بما ليس بأرض على الإطلاق،
اشارة

كالمعادن،و النّبات

ص:62


1- 2) الام 1:50.
2- 4) التّهذيب 1:186 حديث 537،الوسائل 2:969 الباب 6 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
3- 5) التّهذيب 1:187 حديث 538،الوسائل 2:969 الباب 6 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [2]
4- 6) التّهذيب 1:187.

المنسحق،و الأشجار و غيرهما،سواء كان متّصلا بالأرض أو لم يكن،و سواء كان من جنسها أو لم يكن.و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو قول الشّافعيّ (1).و قال أبو حنيفة:

كلّ ما كان من جنس الأرض أو متّصلا بها من الثّلج و الشّجر،جاز التّيمم به (2)،و به قال مالك،إلاّ انّه اعتبر أن يكون من جنس الأرض ما يتّصل بها (3).و قال الثّوريّ و الأوزاعيّ:يجوز التّيمّم بالأرض و بكلّ ما عليها،سواء كان متّصلا بها أو غير متّصل (4)(5).

لنا:انّه تعالى قال «صَعِيداً» و قد بيّنّا انّ الصّعيد هو التّراب و الأرض لا غير.

و الأحاديث من طرق الجمهور و طرقنا قد سلفت أيضا.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدّقيق يتوضّأ به؟قال:«لا بأس بأن يتوضّأ به و ينتفع به» (6).

لأنّا نقول:انّ هذه الرّواية ضعيفة السّند،إذ في طريقها ابن بكير و هو فطحيّ، و أيضا:يحتمل أن يكون المراد بالتّوضّي هاهنا المفهوم اللّغويّ،بل هو الواجب،إذ مع تعذّر حمل اللّفظ على المعنى الشّرعيّ،يحمل على اللّغويّ،و لا ريب انّ الوضوء لا يصحّ استعماله إلاّ في غسل الأعضاء بالماء شرعا،و ذلك غير متحقّق هاهنا.و لو حمل على

ص:63


1- 1الأم 1:50،مغني المحتاج 1:96.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 4:29، [1]الهداية للمرغيناني 1:25،بدائع الصّنائع 1:53،شرح فتح القدير 1:112،عمدة القارئ 4:10،المجموع 2:213،تفسير القرطبيّ 5:236. [2]
3- 3) بداية المجتهد 1:71،تفسير القرطبيّ 5:236، [3]أحكام القرآن للجصّاص 4:30، [4]المجموع 2:213، عمدة القارئ 4:10.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 4:30، [5]المجموع 2:213،تفسير القرطبيّ 5:236، [6]عمدة القارئ 4:10، نيل الأوطار 1:328.
5- 5) المجموع 2:213،عمدة القارئ 4:10،نيل الأوطار 1:328.
6- 6) التّهذيب 1:188 حديث 541،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [7]

التّيمّم لكان حمل اللّفظ على مجازه بالنّظر إلى الاستعمالين،و لا يصحّ مع إمكان حمله على حقيقته اللّغويّة.

و يؤيّد هذا الاحتمال:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يطلي بالنّورة فيجعل الدّقيق بالزّيت،ثمَّ يلتّه به يتمسّح به بعد النّورة ليقطع ريحها؟قال:«لا بأس» (1).

فروع:
الأوّل:لا يجوز التّيمّم بالرّماد.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و قد تقدّمت الرّواية الدّالّة عليه (2).و كذا لا يجوز بالأشنان و الدّقيق و لا ما أشبهه في نعومته و انسحاقه،لعدم تناول اسم الأرض لهذه الأشياء.

الثّاني:نصّ الأصحاب على انّه لا يجوز التّيمّم بالزّرنيخ،

لأنّه معدن،و اختلفوا في النّورة،فقال المرتضى:يجوز التّيمّم بها (3).و قال الشّيخان:يجوز التّيمّم بأرض النّورة و أرض الجصّ (4).و جوّز المرتضى التّيمّم بالجص أيضا (5).و منع ابن إدريس من التّيمّم بالنّورة (6).و هو الأقرب،لأنّها معدن فخرجت عن اسم الأرض.و لا تعويل على ما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ،عن جعفر عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام انّه سئل عن التّيمّم بالجص؟فقال:«نعم»فقيل:بالنّورة؟فقال«نعم»فقيل:بالرّماد؟فقال:

ص:64


1- 1التّهذيب 1:188 حديث 542،الوسائل 1:396 الباب 38 من أبواب آداب الحمّام،حديث 1. [1]
2- 2) تقدّمت في ص 57.
3- 3) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):26،جمل العلم و العمل:52.
4- 4) المفيد في المقنعة:8،و الطّوسي في النّهاية:49،و المبسوط 1:32. [2]
5- 5) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):26،جمل العلم و العمل:52.
6- 6) السّرائر:26.

«لا» (1)لأنّ رواتها ضعيفة و الأولى اعتبار الاسم.

الثّالث:لو اختلط التّراب بغيره ممّا لا يجوز التّيمّم به كالمعادن،

قال في الخلاف:لا يجوز التّيمّم به سواء غلب عليه أو لم يغلب (2).و قال في المبسوط:يجوز إذا كان مستهلكا (3).و بالأوّل قال الشّافعيّ (4)،و بالثّاني قال بعض الشّافعيّة،و اعتبر الغلبة (5)و هو الأقوى عندي،لبقاء الاسم معه،و لأنّه يتعذّر في بعض المواضع.

الرّابع:لو اختلط التّراب بما لا يتعلّق باليد كالشّعير،

جاز التّيمّم به،لأنّ التّراب موجود فيه و الحائل لا يمنع من التصاق اليد به،فكان سائغا.

الخامس:يجوز التّيمّم بالتّراب و إن اختلفت ألوانه كالأسود،

و الأصفر، و الأبيض،و الأخضر لتناول الاسم له.

مسألة:لو فقد التّراب نفض ثوبه،
اشارة

أو لبد سرج دابّته،أو عرفها و يتيمّم بغباره.

و قال مالك:لا يجوز التّيمّم بغبار اللّبد و الثّوب،مع قوله بأنّه يجوز التّيمّم بكلّ ما يصاعد على وجه الأرض،كالثّلج،و الحشيش،و غيرهما (6).

لنا:قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً» (7)و هو التّراب،فأين وجد كان مجزيا،.عملا بالأصل.

احتجّ مالك (8)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا ضرب بيده نفخهما (9).و ذلك

ص:65


1- 1التّهذيب 1:187 حديث 539،الوسائل 2:971 الباب 8 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
2- 2) الخلاف 1:30 مسألة 78.
3- 3) المبسوط 1:32. [2]
4- 4) الام 1:50،المجموع 2:217،مغني المحتاج 1:96.
5- 5) المجموع 2:217،مغني المحتاج 1:96.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:46،بداية المجتهد 1:71،المغني 1:283،مقدّمات ابن رشد 1:78.
7- 7) النّساء:43، [3]المائدة:6. [4]
8- 8) المغني 1:283.
9- 9) صحيح البخاري 1:92،سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569،سنن أبي داود 1:88 حديث 322، سنن النّسائي 1:165،مسند أحمد 4:265،سنن البيهقي 1:214.

يدلّ على انّه لا يجوز بالغبار.

و الجواب:انّ النّفخ عندنا مستحبّ و لا يزيل الغبار الملاصق،و ذلك يكفي،إذ لفظة«من»في الآية[1]للتّبعيض.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،انّ النّبيّ صلّ اللّه عليه و آله ضرب بيده على الحائط و مسح بهما وجهه،ثمَّ ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه (1).

و ليس ثمَّ إلاّ الغبار،فكما ساغ في الحائط ساغ في غيره.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت في حال لا تقدر إلاّ على الطّين فتيمّم به،فإنّ اللّه أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف و لا لبد تقدر على أن تنفضه و تتيمّم به» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أرأيت المواقف إن لم يكن على وضوء كيف يصنع و لا يقدر على النّزول؟قال:«تيمّم من لبده أو سرجه أو معرفة دابّته،فإنّ فيها غبارا و يصلّي» (3).

و ما رواه في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إن أصابك[2] الثّلج فلينظر لبد سرجه فليتيمّم من غباره أو من شيء معه،و إن كان في حال لا يجد إلاّ

ص:66


1- 2) سنن أبي داود 1:90 حديث 330،سنن البيهقي 1:215،سنن الدار قطني 1:177 حديث 7 في الجميع:ضرب بيديه.
2- 3) التّهذيب 1:189 حديث 543،الاستبصار 1:156 حديث 537،الوسائل 2:973 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [1]
3- 4) التّهذيب 1:189 حديث 544،الاستبصار 1:157 حديث 541،الوسائل 2:972 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]

الطّين فلا بأس أن يتيمّم منه» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب و لا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمّم منه فإنّ:ذلك توسيع من اللّه عزّ و جل»قال:«فإن كان في ثلج فلينظر في لبد سرجه فليتيمّم من غباره أو شيء مغبر،و إن كان في موضع لا يجد إلاّ الطّين فلا بأس أن يتيمّم منه» (2).

فروع:
الأوّل:هل يشترطفي1التّيمم بغبار هذه و ما شابهها فقد التّراب أم لا؟

عبارة الشّيخ (3)و أكثر الأصحاب تقتضي الاشتراط (4)،و نصّ ابن إدريس في كتابه عليه (5)،و السّيد المرتضى في كتاب الجمل أطلق القول بالجواز (6).و هو اختيار أبي حنيفة،و محمّد (7).و الوجه الاشتراط على ما ذكره أكثر الأصحاب،و اختاره أبو يوسف (8).

ص:67


1- 1التّهذيب 1:189 حديث 545،الاستبصار 1:158 حديث 545،الوسائل 2:972 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:189 حديث 546،الاستبصار 1:156 حديث 539،الوسائل 2:972 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [2]
3- 4) النّهاية:49، [3]الخلاف:391 مسألة-107-،المبسوط 1:32.
4- 5) منهم المفيد في المقنعة:8،و سلارّ في المراسم:53،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):668.
5- 6) السّرائر:26.
6- 7) جمل العلم و العمل:52-53.
7- 8) بدائع الصّنائع 1:54،المبسوط للسّرخسي 1:109،الهداية للمرغيناني 1:26،شرح فتح القدير 1: 113.
8- 9) المبسوط للسّرخسي 1:109،بدائع الصّنائع 1:54،شرح فتح القدير 1:113.

لنا:انّ النّصّ يتناول الصّعيد،و هو:التّراب السّاكن الثّابت.قال أبو يوسف:

و غبار الثّوب و اللّبد ليس بتراب من كلّ وجه،بل هو ثوب و لبد من وجه،لخروجه منهما فلا يجوز إلاّ عند الضّرورة (1).

و يؤيّد ما اخترناه:ما تقديم من الرّوايات،فإنّها دالّة على الاشتراط.

احتجّ أبو حنيفة و محمّد:بأنّ الصّعيد وجه الأرض،و الغبار تراب حقيقة و إن استخرج من غير الأرض،لأنّه كان مجاورا له،فإذا نفض عاد إلى أصله فصار ترابا مطلقا (2).و فيه قوّة.

الثّاني:اشترط السّيّد المرتضى في الجمل أن يكون الغبار الّذي على الثّوب

أو ما يجري مجراه،ممّا يجوز أن يتيمّم بمثله،كالتّراب لا كالأشنان و الزّرنيخ (3).و تبعه ابن إدريس (4)في ذلك.و هو جيّد.

الثّالث:قال الشّيخ في النّهاية:و لو كان في أرض وحلة لا تراب فيها و لا صخر

و كانت معه دابّة،فلينفض عرفها أو لبد سرجها و يتيمّم بغبرته،فإن لم يكن معه دابّة و كان معه ثوب تيمّم منه (5).و هذا يعطي التّرتيب،و الوجه عدمه.و لعلّه رتّب ذلك لكثرة وجود أجزاء التّراب في دابّته و قلّته في الثّوب.

مسألة:و لو لم يجد إلاّ الوحل تيمّم منه.
اشارة

و هو مذهب علمائنا،إلاّ انّه إذا تمكّن من أخذ شيء من الوحل يلطّخ به جسده حتّى يجفّ،وجب عليه ذلك ليتيمّم بتراب، و إن لم يتمكّن لضيق الوقت أو لغيره،وجب عليه التّيمّم به.و قال أبو حنيفة:إذا لم

ص:68


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:109،شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 1:113،بدائع الصّنائع 1:54، شرح فتح القدير 1:113.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:109،بدائع الصّنائع 1:54،شرح فتح القدير 1:113.
3- 3) جمل العلم و العمل:52.
4- 4) السّرائر:26.
5- 5) النّهاية:49. [1]

يتمكّن لم يصلّ (1).و به قال الشّافعيّ[1].و قال أبو يوسف:يصلّي بالإيماء،ثمَّ يعيد (2)،و اختاره محمّد في إحدى الرّوايات عنه (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّه قال:يأخذ الطّين فيطلي به جسده،فإذا جفّ تيمّم به (4).و هذا يبطل قول أبي يوسف.و يدلّ على إبطال قول أبي حنيفة أنّه مأمور بالصّلاة،فلا يجوز تركها،لفقد صفة الشّرط كغيره من الشّروط،و لأنّه بممازجته للماء لم يخرج عن حقيقة الأرضيّة،فجاز التّيمّم به خصوصا و من مذهبه جواز التّيمّم بكلّ ما كان من جنس الأرض (5)،و لأنّه مركّب من العنصرين المطهّرين،فكان مطهّرا كأحدهما.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير في الحسن و ما رواه في الموثّق،عن زرارة و ما رواه في الصّحيح،عن رفاعة و قد تقدمت (6).

و ما رواه،عن عليّ بن مطر[2]،عن بعض أصحابنا قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن الرّجل لا يصيب الماء و لا التّراب أ يتيمّم بالطّين؟فقال:«نعم صعيد طيّب و ماء طهور» (7).

ص:69


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 4:19، [1]بدائع الصّنائع 1:50،المبسوط للسّرخسي 1:123،المغني 1: 284.
2- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:19، [2]المبسوط للسّرخسي 1:123،بدائع الصّنائع 1:50.
3- 4) بدائع الصّنائع 1:50،المبسوط للسّرخسي 1:123.
4- 5) المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:290،تفسير القرطبي 5:238. [3]
5- 6) بدائع الصّنائع 1:53،تفسير القرطبي 5:236، [4]عمدة القارئ 4:10،المجموع 2:213،المبسوط للسّرخسي 1:108.
6- 7) تقدّمت الرّوايات في ص 66-67. [5]
7- 9) التّهذيب 1:190 حديث 549،الوسائل 2:973 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [6]

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الطّهارة شرط و لا تصحّ إلاّ بالماء أو التّراب،و الوحل ليس واحدا منهما (1).

و الجواب:قد بيّنّا انّه لا يخرج بالمزج عن الحقيقة.

فروع:
الأوّل:الطّين مرتبة ثالثة بعد غبار الثّوب و اللّبد و شبههما،

بمعنى انّه لا يعدل إليه إلاّ مع فقده،و هو قول علمائنا،لأنّ التّراب الخالص موجود في الغبار و ليس موجودا في الطّين إلاّ مع المزج،فكان الأوّل أولى،و يؤيّده:الرّوايات المتقدّمة.

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

قلت:رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء و فيها طين،ما يصنع؟قال:«يتيمّم فإنّه الصّعيد»قلت:فإنّه راكب و لا يمكنه النّزول من خوف و ليس هو على وضوء،قال:

«إن خاف على نفسه من سبع أو غيره و خاف فوت الوقت فليتيمّم يضرب بيده على اللّبد و البرذعة و يتيمّم و يصلّي» (2).

لأنّا نقول:هذه الرّواية ضعيفة السّند،و مع ذلك فهي غير منافية لما قلناه،لأنّه لم يتعرّض لنفي التّراب بل لنفي الماء،و هو لا يستلزم ذلك،و لا قوله:و فيها طين أيضا.

الثّاني:إذا1تمكّن من جفاف أجزاء الطّين بحيث يصير ترابا و يتيمّم به،

تعيّن ذلك،و كان أولى من التّيمّم بغبار الثّوب و اللّبد،لأنّه في هذه الصّورة متيمّم بتراب حقيقة.و لأنّا قد بيّنّا تأخّر مرتبة اللّبد و شبهه عن التّراب و الأرض.

الثّالث:يشترط في الوحل أن تكون أرضه ممّا يجوز التّيمّم منها،

و إلاّ كان حكم

ص:70


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 4:19،بدائع الصّنائع 1:50،المبسوط للسّرخسي 1:123.
2- 2) التّهذيب 1:190 حديث 547،الاستبصار 1:156 حديث 540،الوسائل 2:973 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [1]

ما لو لم يجد ما يتطهّر به،و سيأتي.

مسألة:و لو لم يجد إلا الثّلج،

قال الشّيخ:يضع يديه على الثّلج باعتماد حتّى تنتديا (1)،ثمَّ يمسح وجهه من قصاص شعر رأسه إلى محادر شعر ذقنه مثل الدّهن،ثمَّ يضع يده اليسرى على الثّلج كما وصفناه،و يمسح يده اليمنى بها من المرفق إلى أطراف الأصابع،ثمَّ يضع يده اليمنى على الثّلج كذلك،و يمسح يده اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع و يمسح بباقي نداوة يديه رأسه و قدميه.و إن كان قد وجب عليه الغسل فعل بجميع بدنه مثل ذلك،فإن خاف على نفسه من البرد،أخّر الصّلاة إلى أن يجد الماء فيغتسل،أو التّراب فيتيمّم (2).و هو اختيار المفيد (3)رحمه اللّه،و ابن حمزة (4).

و قال السّيّد المرتضى:يضرب بيديه عليه و يتيمّم بنداوته (5)و ابن إدريس منع منهما، و أوجب التّأخير إلى أن يجد الماء أو التّراب (6).و جوّز مالك،التّيمّم بالثّلج في حال وجود التّراب (7).قال الشّيخ:و إن لم يحصل نداوة لم يجزئه مطلقا،سواء حصل على بدنه نداوة أو لم يحصل.و قال الأوزاعيّ:يجزيه مطلقا،سواء حصل أو لم يحصل (8).

و الّذي أذهب إليه،انّه إن بلغت النّداوة حدّا تجري على العضو المغسول بحيث يسمّى غسلا،فينتقل الجزء من الماء على جزء من البدن إلى آخر،وجب عليه فعل ما ذكره الشّيخ،و كان مقدّما على التّراب.و إن لم يكن كذلك فالأقرب ما قاله الشّيخ من

ص:71


1- 1«د»تتندّيا.و ما في المتن مطابق للمصدر.
2- 2) النّهاية:47. [1]
3- 3) المقنعة:8.
4- 4) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:377. [2]
6- 6) السّرائر:26.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:46،بداية المجتهد 1:71،المغني 1:283،المجموع 2:213.
8- 8) المجموع 2:213. بلغة السّالك 1:74.

استعمال الثّلج،لما رواه ابن يعقوب في كتابه في الصّحيح،عن زرارة و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إنّما الوضوء حدّ من حدود اللّه ليعلم اللّه من يطيعه و من يعصيه،و انّ المؤمن لا ينجّسه شيء إنّما يكفيه مثل الدّهن» (1).

و ما رواه ابن يعقوب،عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«يجزيك من الغسل و الاستنجاء ما بلّت يمينك» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الوضوء،قال:

«إذا مسّ جلدك الماء فحسبك» (3).

و ما رواه الشّيخ،عن معاوية بن شريح،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده فقال:يصيبنا الدّمق و الثّلج و نريد أن نتوضّأ فلا نجد إلاّ ماء جامدا،فكيف أتوضّأ؟أدلك به جلدي؟قال:«نعم» (4)و لأنّه في محلّ الضّرورة،فسقط عنه المقدار المجزي،كستر العورة،فإنّه يكتفى فيها مع الضّرورة بالأقلّ.و لأنّ الواجب عليه أمران:

إمساس جسده بالماء،و إجراؤه عليه،فلا يسقط أحدهما بتعذّر الآخر.

احتجّ السّيد المرتضى:بما رواه ابن يعقوب في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يجنب في السّفر فلا يجد إلاّ الثّلج أو ماء جامدا؟قال:«هو بمنزلة الضّرورة يتيمّم و لا أرى أن يعود إلى هذه الأرض الّتي توبق دينه» (5).

ص:72


1- 1الكافي 3:21 حديث 2، [1]الوسائل 1:340 الباب 52 من أبواب الوضوء،حديث 1. [2]
2- 2) الكافي 3:22 حديث 6، [3]الوسائل 1:511 الباب 31 من أبواب الجنابة،حديث 5. [4]
3- 3) الكافي 3:22 حديث 7، [5]الوسائل 1:341 الباب 52 من أبواب الوضوء،حديث 3. [6]
4- 4) التّهذيب 1:191 حديث 552،الاستبصار 1:157 حديث 543،الوسائل 2:975 الباب 10 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [7]
5- 5) الكافي 3:67 حديث 1، [8]التّهذيب 1:191 حديث 553،الوسائل 2:973 الباب 9 من أبواب التّيمّم،حديث 9. [9]

قال الشّيخ:فالوجه في هذا الخبر انّه إذا لم يتمكّن من استعماله من برد أو غيره.

و استدلّ على هذا التّأويل،بما رواه عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:

سألته عن الرّجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء و هو يصيب ثلجا و صعيدا أيّهما أفضل؟التّيمّم أو يتمسّح بالثّلج وجهه؟قال:«الثّلج إذا بلّ رأسه و جسده أفضل،فإن لم يقدر على أن يغتسل به،فليتيمّم» (1)و هذا التّأويل من الشّيخ و الاستدلال عليه،يشعر بتقدّم استعماله على التّراب،و هو يؤيّد ما ذكرناه من انّه متى حصل مسمّى الغسل وجب،و إلاّ فالتّراب أولى.

و يحتمل الحديث وجهين آخرين:

أحدهما:التّجويز بالتّيمّم عن المسح بالثّلج،للاشتراك في المسح.

و الثّاني:تخصيص عدم الوجدان بالماء و يكون التّراب حاصلا.

احتجّ ابن إدريس بانعقاد الإجماع على انّ التّيمّم إنّما يكون بالأرض أو ما أطلق عليه اسمها،و الثّلج ليس أحدهما،فلا يجوز التّيمّم به و لا المسح أيضا،لأنّ المأخوذ إنّما هو الغسل،و حدّه ما جرى على العضو المغسول (2).ثمَّ أخذ بالثّناء على نفسه، و ليس ذلك موجبا له.أمّا الإجماع فإنّما انعقد على المتمكّن من استعمال الأرض،أمّا على المضطرّ فلا نسلّم تحقّقه،سلّمناه،لكن لم لا يجوز استعماله على سبيل الدّهن؟ و الأمر و إن توجّه بالغسل لكن مع الاختيار،أمّا مع الضّرورة فلا.

مسألة:إذا فقد جميع هذه الأشياء،

قال بعض الأصحاب:تسقط الصّلاة أداء (3).و به قال الشّيخ (4).و قال السّيد المرتضى في المسائل النّاصريّة:ليس

ص:73


1- 1التّهذيب 1:192 حديث 554،الاستبصار 1:158 حديث 547-و فيهما:أ يتيمّم.،الوسائل 2: 975 الباب 10 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
2- 2) السّرائر:26.
3- 3) هو ظاهر المقنعة:8،و السّرائر:26،و المعتبر 1:379.
4- 4) المبسوط 1:31.

لأصحابنا في هذه المسألة نصّ صريح،و يقوي في نفسي انّ الصّلاة لا تجب عليه،و إذا تمكّن من الماء أو التّراب الطّاهر قضى الصّلاة و إن خرج الوقت (1).و الّذي قوّى في نفس السّيد هو الأقوى عندي.و به قال أبو حنيفة (2)،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (3).و قال الشّافعيّ (4)،و اللّيث بن سعد،و أحمد (5)،و أبو يوسف (6)،و محمّد:يصلّي على حسب حاله و يعيد (7).و قال مالك:تسقط الصّلاة أداء و قضاء (8)و هو قول لبعض أصحابنا (9)و قول داود (10)و أنكر ابن عبد البرّ (11)هذه الرّواية عن مالك (12).

لنا على السّقوط:قوله تعالى «وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا» (13)نهى عن القرب للصّلاة قبل الاغتسال،و مع الفقد،التّيمّم.و أيضا:

ص:74


1- 1النّاصريّات [1](الجوامع الفقهيّة):190.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 4:18-19، [2]بدائع الصّنائع 1:50،المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:286،المجموع 2:280، [3]فتح البارى 1:349،المحلّى 2:139. [4]
3- 3) المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:286،المجموع 2:280، [5]أحكام القرآن للجصّاص 4: 19. [6]المحلّى 2:139، [7]فتح الباري 1:349.
4- 4) الام 1:51،المهذّب للشّيرازيّ 1:35،المجموع 2:278،مغني المحتاج 1:105-106،السّراج الوهّاج:30،عمدة القارئ 4:12،المحلّى 2:139.
5- 5) المغني 1:284،الكافي لابن قدامة 1:89،الإنصاف 1:282-283، [8]المجموع 2:280. [9]
6- 6) عمدة القارئ 4:12،المبسوط للسّرخسي 1:116،بدائع الصّنائع 1:50.
7- 7) عمدة القارئ 4:12،بدائع الصّنائع 1:50.
8- 8) بلغة السالك 1:75،المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:287،عمدة القارئ 4:12.
9- 9) و هو قول المفيد.كذا نقل عنه في المعتبر،1:380. [10]
10- 10) المجموع 2:280.
11- 11) أبو عمرو بن عبد البرّ يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البر بن عاصم النّمريّ القرطبيّ،روى عن سعيد بن نصر،و عبد اللّه بن أسد و ابن ضيفون و طبقتهم.مات سنة 463 ه. العبر 2:316، [11]شذرات الذّهب 3:314. [12]
12- 12) المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:287.
13- 13) النّساء:43. [13]

فإنّه شرط،و قد فقد،ففقد[1]المشروط.و لأنّها عبادة لا تسقط القضاء فلم تكن واجبة كصيام الحائض.

و على وجوب القضاء ما يأتي من وجوب قضاء الفوائت.

احتجّ الشّافعيّ بما رواه مسلم انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث أناسا لطلب قلادة أضلّتها عائشة،فحضرت الصّلاة،فصلّوا بغير وضوء فأتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فذكروا ذلك له،فنزلت آية التّيمّم (1)و لم ينكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك و لا أمرهم بإعادة.و لأنّ الطّهارة شرط،فلم يؤخّر الصّلاة عند عدمه كالاستقبال.

احتجّ أبو يوسف و محمّد بأنّه قد عجز عن الصّلاة فيتشبّه بالمصلّين كالعاجز عن الصّوم يتشبّه بالصّائمين (2).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ ذلك قد كان ثابتا قبل شرع التّيمّم على تقدير تسليمه، و لا يمكن بقاء ذلك التّقدير بعد نزول الآية،فلم يكن فيها حجّة.

و عن الثّاني:بأنّ الشّرط من حقيقته استلزام عدمه عدم المشروط،و الاستقبال إنّما سقط لوجود[2]البدل و هو الاستقبال إلى غير القبلة.

و عن الثّالث:بأنّ التّشبّه إنّما يجوز بما هو مشروع في نفسه،و صوم بعض اليوم مشروع في الجملة،كالإمساك في الحائض إذا طهرت قبل الإفطار،بخلاف الصّلاة بغير طهارة،فإنّها غير مشروعة.

احتجّ مالك بأنّه عجز عن الطّهارة،فلم يجب عليه الصّلاة كالحائض و إذا سقطت أداء سقطت قضاء إذ هو تابع (3).

ص:75


1- 2) صحيح مسلم 1:279 حديث 367.
2- 3) بدائع الصّنائع 1:50،المبسوط للسّرخسي 1:116.
3- 5) المغني 1:284،الشرح الكبير بهامش المغني 1:287،عمدة القارئ 2:12،المجموع 2:281،بلغة السّالك 1:75.

و الجواب:القضاء إنّما يجب بأمر جديد.

مسألة:و لا يجوز التّيمّم بالتّراب المغصوب،
اشارة

و كذا الماء المغصوب لا يجوز التّطهير به غسلا و وضوءا.و هو مذهب علمائنا أجمع،خلافا للجمهور (1).

لنا:انّ التّصرّف في مال الغير قبيح عقلا و شرعا،و القبيح لا يكون مأمورا به، فيبقى في عهدة الأمر.

احتجّوا بأنّه قد أتى بالغسل و التّيمّم،فكان مجزيا.

و الجواب:انّ المأمور به إنّما هو الفعل الحسن الخالي عن جهات القبح،و ذلك غير حاصل في صورة النّزاع،لأنّه منهيّ عنه،فيستحيل أن يكون مأمورا به،و إلاّ لزم تكليف المحال.

أصل:النّهي عن الشّيء يقتضي الفساد في العبادات خاصّة.

أما الأوّل:فلأنّه بعد الإتيان بالمنهيّ عنه،يصدق عليه أنّه غير آت بالمأمور به، لأنّ المنهيّ عنه يستحيل أن يكون عين المأمور به،لأنّ أقلّ مراتب الأمر،رفع الحرج عن الفعل المأمور به قطعا،و المنهيّ عنه هو الّذي لم يرفع الحرج عن فعله،فالجمع بينهما ممتنع، و إذا لم يكن آتيا وجب القول بشغل الذّمّة،و البقاء في عهدة الأمر.

و قولهم:لو اقتضاه لفظا لاستلزم الوضع،أو معنى لاستلزم الالتزام و هما منفيّان، مدفوع بحصول اللّزوم،إذ النّهي دلّ على مغايرة المأمور به للنّهي عنه،و النّص دلّ على انّ الخروج عن العهدة إنّما يحصل بالإتيان بالمأمور به،فيحصل من ذلك انّ الإتيان بالمنهيّ عنه لا يقتضي الخروج عن العهدة.

و قولهم:انّ النّهي قد تعلّق بالصّلاة في الأماكن المكروهة مع الصّحّة،مدفوع بالمنع من اتّحاد متعلّقي الصّحّة و النّهي.

ص:76


1- 1المجموع 1:215،إلاّ أحمد فإنّه قال بمذهبنا،انظر:الإنصاف 1:286،المجموع 1:251.

و أمّا الثّاني:فلانتفاء الدّلالة اللّفظيّة فيه،إذ لفظ النّهي إنّما يدلّ على الزّجر و العقوبة،إذ لا استبعاد في أن يقال:نهيتك عن البيع و إن أتيت به حصل الملك،فإن عارضوا بالنّهي في العبادات،قلنا:المراد من الفساد ثمَّ عدم الإجزاء و هاهنا عدم إفادة الأحكام المترتّبة على العقد،و أحدهما غير الآخر.

قالوا:أجمعت الصّحابة على فساد الرّبا بالنّهي عنه،و لأنّ النّهي نقيض الأمر الدّال على الإجزاء،فيكون ذلك دالاّ على الفساد.

قلنا:نمنع استناد الإجماع إلى النّهي،و كيف يكون كذلك مع انّهم قد حكموا بصحّة كثير من المنهيّات؟! و عن الثّاني:بأنّ المختلفات قد تتساوى في الأحكام،سلّمنا لكنّ الأمر لمّا دلّ على الإجزاء وجب أن يكون نقيضه لا يدلّ عليه لا انّه يدلّ على الفساد.

فروع:
الأوّل:لو استعمل المغصوب،

ماء كان أو ترابا في الطّهارة لم يجزئه و وجب عليه الاستئناف،و لم يرتفع حدثه،لأنّه عبادة فالنّهي عنها يقتضي الفساد.

الثّاني:لو كانت الآنية مغصوبة دون الماء،صحّت الطّهارة،

لوجود المقتضي و هو الغسل أو التّيمّم السّليم عن معارضة الفساد النّاشئ بغصبيّة ما يتطهّر به.

لا يقال:ما ذكرتموه ثمَّ عائد هنا،لأنّ استعمال الماء إنّما يكون بأخذ من الآنية فهو لا ينفكّ عن الغصبيّة،فكان هنا هنا منهيّا عنه،فلم يكن مجزيا.

لأنّا نقول:ها هنا تصرّفان،أحدهما:أخذ الماء من الآنية،و ذلك منهيّ عنه و لا يتوجّه إليه فساد،إذ ليس عبادة.

و الثّاني:صرف الماء في الأعضاء،و ذلك غير منهيّ عنه،فكان مجزيا.و لقائل أن يقول:انّهما و إن تغايرا لكن الثّاني ملزوم للأوّل،و فيه بحث.

الثّالث:لو اشترى الماء بثمن مغصوب،

فإن اشتراه بالعين لم يصحّ الوضوء،و إن

ص:77

اشتراه في الذّمّة صحّ.

مسألة:و يشترط في التّراب أن يكون طاهرا كالماء،
اشارة

و لا نعرف فيه مخالفا و يدلّ عليه قوله تعالى «صَعِيداً طَيِّباً» (1)و الطّيّب هو الطّاهر.

فروع:
الأوّل:لو أصاب التّراب بول أو ماء نجس لم يجز التّيمّم به.

و قال داود:إن غيّر رائحته لم يجز،و إن لم يغيّر جاز،و اعتبره بالماء،و هو غلط لقوله تعالى «صَعِيداً طَيِّباً» .و لأنّ الجامد لا يعتبر فيه التّغيّر كالثّوب يصيبه الماء النّجس،و للفرق بأنّ للماء قوة الغلبة بخلاف التّراب،و لأنّه لا نقول بالقياس.

الثّاني:لو جفّ هذا التّراب بعد ملاقاة البول له،

فإن كان بالشّمس طهر و جاز التّيمّم منه،و إن كان بغيرها لم يطهر.و قال الشّافعيّ:يجوز أن يصلّى عليه و لا يتيمّم منه.

الثّالث:لا فرق بين قلّة النّجاسة و كثرتها،

و لا بين كثرة التّراب و قلّته،بخلاف الماء الكثير،لأنّه يستهلك النّجاسة.

البحث الثّالث:في كيفيّته:
مسألة:و يجب فيه النّية و لا نعلم فيه خلافا بين علمائنا،
اشارة

و ممّن قال بذلك:

ربيعة (2)،و مالك (3)،و اللّيث (4)،و الشّافعيّ (5)،و أبو عبيد،و أبو ثور (6)،و أصحاب

ص:78


1- 1المائدة:6، [1]النّساء:43. [2]
2- 2) المغني 1:286،الشرح الكبير بهامش المغني 1:292.
3- 3) بداية المجتهد 1:67،بلغة السّالك 1:67،أحكام القرآن لابن العربي 1:447،المغني 1:286، الشرح الكبير بهامش المغني 1:292.
4- 4) المغني 1:286،الشرح الكبير بهامش المغني 1:292.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:33،المجموع 2:220،المغني 1:286،التّفسير الكبير 11:171.
6- 6) المغني 1:286.

الرّأي،و عامّة أهل العلم (1)غير ما حكي عن الأوزاعي،و الحسن بن صالح بن حيّ انّه يصحّ بغير نيّة (2)اعتبارا بإزالة النّجاسة.و الحجّة فيه ما تقدم في باب الوضوء (3)، و زيادة قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» و التّيمّم:القصد،فتجب النّية، و ينوي استباحة الصّلاة،و لا يجوز أن ينوي رفع الحدث لأنّه غير رافع.و هو مذهب علمائنا أجمع،و مالك (4)،و الشّافعي (5)،و أكثر أهل العلم (6).و نقل عن أبي حنيفة انّه يرفع الحدث (7).

و نقل الشّيخ في الخلاف عن داود و بعض أصحاب مالك كمذهب أبي حنيفة (8).

لنا:انّه لو وجد الماء لزمه استعماله لرفع الحدث السّابق جنابة كان أو حدثا أصغر أو حيضا.و لو كان التّيمّم مزيلا للحدث لما وجب عليه الغسل،لأنّ رؤية الماء لا توجب الغسل،و كان يلزم استواء الجميع لاستوائهم في الوجدان،و لأنّها طهارة ضروريّة،فلم ترفع الحدث كطهارة المستحاضة.

ص:79


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:117،بدائع الصّنائع 1:52،شرح فتح القدير 1:114،الهداية للمرغيناني 1: 26،المغني 1:286،الشرح الكبير بهامش المغني 1:292،التفسير الكبير 11:171.
2- 2) المغني 1:286،بداية المجتهد 1:67،الشرح الكبير بهامش المغني 1:293،المجموع 1:313.
3- 3) تقدّم في ج 1:238.
4- 4) المغني 1:286،بلغة السّالك 1:72،مقدمات ابن رشد 1:82.
5- 5) المهذّب للشّيرازي 1:33،مغني المحتاج 1:97،السّراج الوهّاج:28،المجموع 2:220،ميزان الكبرى 1:122،المغني 1:286.
6- 6) المجموع 2:221، [1]المغني 1:286،تفسير القرطبي 5:234، [2]سبل السّلام 1:93-94،بلغة السّالك 1:72.
7- 7) المغني 1:286،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293.
8- 8) الخلاف 1:34 مسألة-92.

و يؤيّده:رواية عمرو بن العاص فإنّه لمّا حكى للنّبي صلّى اللّه عليه و آله ما فعل قال له:(يا عمرو صلّيت بأصحابك و أنت جنب؟)فذكر العذر،فضحك صلّى اللّه عليه و آله (1).و تسميته صلّى اللّه عليه و آله له جنبا يدلّ على بقاء الحدث.

فروع:
الأوّل:لو نوى بتيمّمه فريضة فله أن يصلّى به ما شاء من الفرض و النّفل،

سواء نوى فريضة معينة أو مطلقة،و استباح كلّما يستباح بالتّيمّم و لا نعرف فيه مخالفا،لكن قال الشافعيّ:إن نوى معيّنة صحّ أن يصلّيها به و لو نوى فريضة مطلقة فكذلك عنده (2)، إلاّ ما حكى بعض أصحابه عنه انّه لا يجوز أن يستبيح به أكثر من فريضة واحدة و يجوز عنده أن يتيمّم لفريضة و يصلّي غيرها (3).

الثّاني:لو نوى للفرض جاز أن يتطوّع به قبل الفريضة

و هذا إنّما يصحّ على رأي من يجوّز التّيمّم قبل التّضيّق[1] (4)،و هو الّذي اخترناه في كتابنا هذا (5):و به قال الشّافعي (6)،و أحمد (7)،و أصحاب الرّأي (8)،و مالك،و إن جوّز التّقديم قبل

ص:80


1- 1سنن أبي داود 1:92 حديث 334،مسند أحمد 4:203، [1]سنن الدار قطني 1:178 حديث 12،كنز العمّال 9:27563،سنن البيهقي 1:227،مستدرك الحاكم 1:177.
2- 2) المجموع 2:221،فتح العزيز بهامش المجموع 2:319.
3- 3) المجموع 2:221،فتح العزيز بهامش المجموع 2:319.
4- 5) راجع ص 51 و ما بعدها.
5- 6) تقدّم في ص 53.
6- 7) الام 1:47،المهذّب للشّيرازي 1:33،36،المجموع 2:224،المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297،المحلّى 2:129.
7- 8) المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297،الكافي لابن قدامة 1:80،الانصاف 1:292.
8- 9) المبسوط للسّرخسي 1:113،بدائع الصّنائع 1:55،الهداية للمرغيناني 1:27، [2]شرح فتح القدير 1: 121،المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297.

التّضيّق[1]،إلاّ أنّه قال:لا يتطوّع قبل الفريضة بصلاة غير راتبة (1).و مثله حكي عن أحمد (2)و الشّافعيّ (3).

لنا:أنّه تطوّع فأبيح له فعله إذا نوى الفرض،كالسّنن المرتّبة،و لأنّه يصحّ التّطوّع بعد الفرض فيصحّ قبله.

احتجّ مالك بأنّ التّطوّع تبع للفرض،فلا يتقدّم متبوعه (4).

و الجواب:التّبعيّة إنّما هي في الاستباحة لا في الفعل،كالمرتّبات من السّنن و قراءة القرآن و غيرهما.

الثّالث:لو نوى نفلا،أو صلاة مطلقة جاز الدّخول بها في الفرائض.

و هو مذهب علمائنا،و به قال أبو حنيفة (5)،خلافا للشّافعيّ (6)،و مالك (7)،و أحمد (8).

لنا:انّه نوى الطّهارة فيجب حصولها مع الفعل،عملا بقوله عليه السّلام:(إنّما الأعمال بالنّيّات)و بقوله:(إنّما لامرئ ما نوى) (9)و لأنّها طهارة يصحّ بها النّفل فيصحّ

ص:81


1- 2) المدوّنة الكبرى 1:47،المغني 1:288،المحلّى 2:129. المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297،المحلّى 2:129.
2- 3) المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297،الإنصاف 1:292. [1]
3- 4) المهذّب للشّيرازي 1:36،المجموع 2:224،299،فتح العزيز بهامش المجموع 2:322.
4- 5) بلغة السّالك 1:69،المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:297.
5- 6) المبسوط للسّرخسي 1:117،المجموع 2:222،المغني 1:287،الشرح الكبير بهامش المغني 1:294.
6- 7) الام 1:47،المهذّب للشّيرازي 1:33،المجموع 2:222،فتح العزيز بهامش المجموع 2:319،مغني المحتاج 1:98.
7- 8) بلغة السّالك 1:73،المجموع 2:222.
8- 9) المغني 1:288،الشرح الكبير بهامش المغني 1:294،الكافي لابن قدامة 1:80،الانصاف 1: 291،المجموع 2:222.
9- 10) صحيح البخاري 1:2،صحيح مسلم 3:1515 حديث 1907،سنن التّرمذي 4:179 حديث 1647،سنن أبي داود 2:262 حديث 2201، [2]سنن ابن ماجه 2:1413 حديث 4227،سنن النّسائي 1:58،سنن البيهقي 7:341،مسند أحمد 1:25،43، [3]سنن الدّار قطني 1:50 حديث 1.

بها الفرض كالطّهارة المائيّة.

احتجّ الشّافعيّ[1]بقوله عليه السّلام:(الأعمال بالنّيّات)و هو لم ينو الفرض.

الجواب:انّه نوى الطّهارة فيجب حصولها،و لا يشترط جزئيّات مما تتوقّف عليه الطّهارة و إلاّ لما صحّ النّفل لو نوى الفرض،و لما صحّ قراءة القرآن و اللّبث في المساجد إلاّ بطهارات متعدّدة و هو باطل بالاتّفاق.

الرّابع:لو نوى استباحة دخول المساجد و كان جنبا،

أو قراءة العزائم أو مسّ الكتابة أو الطّواف،فالأقرب أنّه يصحّ له الدّخول في الصّلاة،لأنّه نوى الطّهارة لتوقّف هذه الأفعال عليها،فيجب حصولها،فساغت له الصّلاة.و كذا لو نوى نفل الطّواف،استباح فرضه و بالعكس.و قال الشّافعيّ:و إن نوى النّافلة جاز له الدّخول في المساجد،و قراءة العزائم،و وطء الحائض (1).لأنّ الطّهارة في النّافلة آكد.و لو نوى أحد هذه لم تستبح الفريضة،و في استباحة النّافلة وجهان.

الخامس:لا يصحّ تيمّم الكافر،

لأنّه لا يصحّ منه النّيّة.

السّادس:يجب نيّة التّقرّب،

لأنّه عبادة فشرط[2]فيها الإخلاص،و لأنّه بدل من الغسل أو الوضوء لاختلافه فيهما،فلا يتخصّص لأحدهما إلاّ بنيّة.

السّابع:لو بلغ الصّبي المتيمّم نفلا لإحدى الصّلوات الخمس،

جاز له الدّخول في الصّلاة الواجبة،لأنّه متطهّر كما لو كان متطهّرا بالماء.

الثّامن:يجب استدامتها حكما،

و تقديمها بأن يأتي بها عند الضّرب.

التّاسع:لو تيمّم لقضاء فريضة فلم يصلّها حتّى دخل وقت اخرى،

جاز له أن

ص:82


1- 2) المجموع 2:223،مغني المحتاج 1:99.

يصلّيها به.و هو قول أكثر الشّافعيّة (1).و قال بعضهم:لا يجوز (2)،و إلاّ لزم أن يتيمّم للفريضة قبل دخول وقتها.و ليس بجيّد،لأنّه إنّما تيمّم للفائتة لا لما يدخل وقتها.

مسألة:و يجب مسح الوجه في التّيمّم بالنّصّ و الإجماع،
اشارة

و إنّما الخلاف في تقديره فأكثر علمائنا على انّ حدّ الوجه هنا:من قصاص الشّعر إلى طرف الأنف.

اختاره الشّيخ في كتبه (3)،و المفيد (4)،و المرتضى في انتصاره (5)،و ابن إدريس (6)،و أبو الصّلاح (7).و قال عليّ بن بابويه بالاستيعاب،كالغسل في الوضوء (8)،و هو يلوح من كلام ابن أبي عقيل،فإنّه قال:و لو مسح ببعض وجهه أجزأه (9).و بمثله قال سليمان بن داود[1] (10)،و الجمهور أوجبوا الاستيعاب (11).

لنا:قوله تعالى «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ» (12)و الباء للتّبعيض،و قد تقدّم.

و لأنّها طهارة ضروريّة فلا يجب فيها الاستيعاب،و لأنّ استيعاب اليدين عند بعضهم

ص:83


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:34،المجموع 2:241.
2- 2) المصدر نفسه.
3- 3) النّهاية:49، [1]المبسوط 1:33،الجمل و العقود:53،مصباح المتهجد:13.
4- 4) المقنعة:8.
5- 5) الانتصار:32.
6- 6) السّرائر:26.
7- 7) الكافي في الفقه:136. [2]
8- 8) نقله عنهما في المعتبر 1:384. [3]
9- 9) نقله عنهما في المعتبر 1:384. [4]
10- 11) المغني 1:290.
11- 12) المغني 1:290،الشرح الكبير بهامش المغني 1:291،الام 1:48،المهذب للشّيرازي 1:32، المجموع 2:210،الهداية للمرغيناني 1:25،بداية المجتهد 1:68،البحر الزّخار 2:124.
12- 13) المائدة:6، [5]النّساء:43. [6]

-على ما يأتي-غير واجب،و كذا الوجه،لأنّه إنّما لم يستوعب ثمَّ للتّخفيف.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

سألته عن التّيمّم،فضرب بيده على الأرض،ثمَّ رفعهما[1]فنفضهما[2]،ثمَّ مسح بهما جنبيه و كفّيه مرّة واحدة (1).

و روى،عن عمرو بن أبي المقدام[3]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه وصف التّيمّم فضرب بيديه على الأرض،ثمَّ رفعهما فنفضهما،ثمَّ مسح على جبينه و كفيه مرّة واحدة (2).

و ما رواه ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في الصّحيح،عن زرارة قال:

قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ألا تخبرني من أين علمت و قلت:انّ المسح ببعض الرأس و بعض الرّجلين؟فضحك و قال:(يا زرارة،قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نزل به الكتاب من اللّه عزّ و جل قال «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» فعرفنا انّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل،ثمَّ قال «وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ» فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه،فعرفنا انّهما ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين،ثمَّ فصّل بين الكلام،فقال «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ» فعرفنا حين قال:برؤسكم انّ المسح ببعض الرّأس لمكان الباء،ثمَّ وصل الرّجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال «وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» فعرفنا

ص:84


1- 3) التّهذيب 1:211 حديث 613،الاستبصار 1:171 حديث 593،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]في
2- 5) التّهذيب 1:212 حديث 614،الاستبصار 1:171 حديث 594،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [2]

حين وصلهما بالرأس انّ المسح على بعضهما،ثمَّ فسّر ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنّاس فضيّعوه،ثمَّ قال «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ» فلمّا أن وضع[الوضوء] (1)عمّن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا، لأنّه قال «بِوُجُوهِكُمْ» ثمَّ وصل بها «وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ» أى من ذلك التّيمّم،لأنّه علم انّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه،لأنّه يعلق من ذلك الصّعيد ببعض الكفّ و لا يعلق ببعضها،ثمَّ قال «ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ» (2)و الحرج:

الضّيق) (3).

و روى في الصّحيح أيضا،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم لعمّار في سفر له:«يا عمار بلغنا أنّك أجنبت فكيف صنعت؟قال تمّرغت يا رسول اللّه في التّراب،قال:فقال له:«كذلك يتمرّغ الحمار،أ فلا صنعت كذا؟»ثمَّ أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصّعيد، ثمَّ مسح جبينيه بأصابعه و كفّيه إحداهما بالأخرى،ثمَّ لم يعد ذلك[1].

و احتجّ ابن بابويه بأنّه تعالى قال «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ» و أحال بذلك على ما ثبت في الغسل،و الاستيعاب ثابت في الوضوء فكذا في التّيمّم،و لأنّ الباء زائدة للإلصاق،فيجب التّعميم.

و بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:ثمَّ مسح وجهه (4).

ص:85


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) المائدة:6. [1]
3- 3) الفقيه 1:56 حديث 212،الوسائل 2:980 الباب 13 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
4- 5) التّهذيب 1:208 حديث 603،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [3]

و ما رواه،عن داود بن النّعمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ثمَّ رفعهما فمسح وجهه (1).

و ما رواه،عن سماعة قال:سألته كيف التّيمّم؟فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه و ذراعيه إلى المرفقين (2).و بمثله روى،عن ليث المرادي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و احتجّ الجمهور بالآية (4)،و قد بيّنّا كيفيّة استدلالهم فيها.

و الجواب عن الأوّل:لا نسلّم انّه أراد بلفظ الوجه في التّيمّم جميع ما قصده في الوضوء،كيف و قد أتى فيه بالباء الدّالّة على التّبعيض.

و عن الثّاني:بمنع زيادة الباء فإنّه متى أمكن حمل كلام اللّه تعالى على معنى،وجب أن لا يحمل على الزّيادة الّتي لا تفيد معنى النّيّة،و قد بيّنّا انّ الباء إذا دخلت على المتعدّي أفادت التّبعيض،فيحمل عليه.

و عن الثّالث:بأنّ الوجه كما يصدق على الجميع يصدق على البعض نظرا إلى الاستباق[1]لا على المجاز بل على الحقيقة،فإذا دلّ دليل على صرفه إلى أحد المعنيين وجب حمله عليه،و هو الجواب عن الخبرين الأخيرين.على انّ الخبر الثّالث ضعيف السّند و مع ذلك فإنّ سماعة لم يسنده عن إمام،فلا تعويل عليه حينئذ.

ص:86


1- 1التّهذيب 1:207 حديث 598،الاستبصار 1:170 حديث 591،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:208 حديث 602،الاستبصار 1:170 حديث 592،الوسائل 2:981 الباب 13 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:209 حديث 608،الاستبصار 1:171 حديث 596،الوسائل 2:978 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [3]
4- 4) المغني 1:290،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:291.

قال الشّيخ:و يحتمل انّه إنّما أراد به الحكم لا الفعل،بمعنى انّه إذا مسح ظاهر الكفّ فكأنّه غسل ذراعيه في الوضوء (1)،و هذا هو الجواب عن الرّواية الرّابعة،و أيضا:

في طريقها محمّد بن سنان،و هو ضعيف (2).

فروع:
الأوّل:قال الشّيخ في كتبه في كيفيّة المسح على الوجه:

ثمَّ يمسح بهما وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف أنفه (3).و كذا عبارة المفيد (4)،و السّيّد المرتضى (5)، و ابن حمزة (6)،و أبي الصّلاح (7).و المراد هو الطّرف الأعلى لا الأسفل،إذا العبارة الموجودة في الأحاديث بأربع صيغ:

أحدها:مسح جبينه.

و ثانيها:مسح جبهته.

و ثالثها:مسح وجهه.

و رابعها:ضربة للوجه.

لكن في العبارتين الأوّلتين دلالة على التّفسير الأوّل،فالعمل عليه،و لأنّ الأصل براءة الذّمّة.

و في كتاب المقنع لابن بابويه:و تمسح بهما بين عينيك إلى أسفل حاجبيك (8).

ص:87


1- 1التّهذيب 1:208،الاستبصار 1:171.
2- 2) مرّت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 25.
3- 3) المبسوط 1: 33، [1]النّهاية:49، [2]الجمل و العقود:53،مصباح المتهجّد:13. [3]
4- 4) المقنعة:8.
5- 5) الانتصار:32.
6- 6) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
7- 7) الكافي في الفقه:136. [4]
8- 8) المقنع:9. [5]
الثّاني:ظاهر عبارة المشايخ يقتضي وجوب الابتداء من القصاص

و الانتهاء إلى الطّرف،فلو نكس أعاد كالوضوء.

الثّالث:لا يجب مسح ما تحت شعر الحاجبين،

بل ظاهره كالماء،لما بيّنّاه أوّلا (1).

مسألة:و يجب مسح اليدين بالنّصّ و الإجماع،

و اختلفوا في قدر ما يمسح منهما، فقال أكثر علمائنا بوجوب المسح من الرّسغ إلى أطراف الأصابع (2).و به قال عليّ عليه السّلام،و عمّار،و ابن عبّاس،و عطاء،و الشّعبيّ،و مكحول،و الأوزاعيّ، و مالك،و أحمد،و إسحاق،و الشّافعيّ قديما (3).

و قال عليّ بن بابويه من أصحابنا باستيعاب المسح إلى المرفقين كالغسل (4).و به قال الشّافعيّ (5)ثانيا،و أبو حنيفة (6)،و هو مرويّ،عن ابن عمر،و ابنه سالم، و الحسن،و الثّوري (7).و قال بعض أصحابنا:انّ المسح من أصول الأصابع إلى رءوسها،

ص:88


1- 1تقدّم بيانه في ص 83. [1]
2- 2) منهم:المفيد في المقنعة:8،و الطّوسيّ في المبسوط 1:33،و [2]المرتضى في الجمل:52،و سلاّر في المراسم:54،و ابن البرّاج في المهذّب 1:47،و أبو الصّلاح في الكافي في الفقه:136. [3]
3- 3) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309،سنن التّرمذي 1:269، [4]المحلّى 2:156،فتح الباري 1:353،المجموع 2:211، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 2:329، [6]تفسير القرطبي 5:240، [7]نيل الأوطار 1:333،عمدة القارئ 4:19.
4- 4) نقل عنه في المعتبر 1:384.
5- 5) الام 1:49،المهذّب للشّيرازيّ 1:33،مغني المحتاج 1:99،المجموع 2:210،فتح العزيز بهامش المجموع 2:327.
6- 6) المبسوط للسّرخسي 1:107،بدائع الصّنائع 1:46،الهداية للمرغيناني 1:25،شرح فتح القدير 1: 110 و 111،عمدة القارئ 4:19.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 4:27، [8]سنن التّرمذي 1:269،و 270، [9]المغني 1:278،المحلّى 2:148، المجموع 2:210 و 211،عمدة القارئ 4:19 و 20،نيل الأوطار 1:333.

نقله ابن إدريس (1).و قال مالك أيضا:انّ التّيمّم على الكفّ و نصف الذّراع (2).

و قال الزّهريّ:يمسح يديه إلى المنكبين[1] (3).

لنا:قوله تعالى «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ» (4)و اليد مطلقا إنّما يتناول ما ذكرناه.

و ما رواه الجمهور،عن عمّار قال:بعثنا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حاجة فأجنبت فلم أجد ماء فتمرّغت في الصّعيد كما تمرّغ الدّابّة ثمَّ أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فذكرت ذلك له،فقال:(إنّما يكفيك أن تقول بيديك هكذا)ثمَّ ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة،ثمَّ مسح الشّمال على اليمين و ظاهر كفّيه و وجهه (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح في حكاية عمّار،و قد تقدّم (6).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الكاهليّ:قال:سألته عن التّيمّم قال:

فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه،ثمَّ مسح كفّيه إحداهما على ظهر الأخرى (7).

ص:89


1- 1السّرائر:26.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:43،44،المحلّى 2:153.
3- 4) بداية المجتهد 1:69،المجموع 2:211،المحلّى 2:153،نيل الأوطار 1:334.
4- 5) النّساء:43، [1]المائدة:6. [2]
5- 6) صحيح البخاري 1:96،سنن أبي داود 1:87 حديث 321،سنن التّرمذي 1:368 حديث 144 (بتفاوت يسير)،سنن النّسائي 1:170،سنن الدّارمي 1:190،مسند أحمد 4:264،265،سنن [3]مسند أحمد 4:264،265، [4]سنن البيهقي 1:210.
6- 7) تقدّم في ص 85. [5]
7- 8) التّهذيب 1:207 حديث 600،الاستبصار 1:170 حديث 589،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [6]

و ما رواه في الموثّق،عن زرارة:قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن التّيمّم؟ فضرب بيديه الأرض،ثمَّ رفعهما فنفضهما،ثمَّ مسح بهما جبهته و كفّيه مرّة واحدة (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة:قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول، و ذكر التّيمّم و ما صنع عمّار،فوضع أبو جعفر عليه السّلام كفّيه في الأرض،ثمَّ مسح وجهه و كفّيه و لم يمسح الذّراعين بشيء (2).

و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على انّ المسح على الكفّين،و ما يأتي.و لأنّه حكم معلّق على مطلق اليدين فلم يدخل فيه الذّراع،كالقطع و مسّ الفرج،و هذه حجّة ابن عبّاس (3).

احتج ابن بابويه (4)بقوله تعالى «وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ» (5)و أحال بالأيدي على ما ذكر في الغسل،إذ الكلام كالجملة الواحدة،فيجب التّناسب فيهما.و لأنه لمّا بيّن في الأوّل لم يحتج في الثّاني إلى بيان.

و بما رواه الشّيخ،عن سماعة،و ليث المراديّ.و قد تقدّمتا (6).

و بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم:قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّيمّم؟فضرب بكفّيه الأرض،ثمَّ مسح بهما وجهه،ثمَّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها و واحدة على بطنها،ثمَّ ضرب بيمينه الأرض،ثمَّ صنع بشماله كما صنع بيمينه،ثمَّ قال:هذا التّيمّم على ما كان

ص:90


1- 1التّهذيب 1:207 حديث 601،الاستبصار 1:170 حديث 590،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:208 حديث 603،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.
4- 4) الفقيه 1:56.
5- 5) المائدة:6. [3]
6- 6) تقدّمتا في ص 86. [4]

فيه الغسل،و في الوضوء الوجه و اليدين إلى المرفقين،و ألقى ما كان عليه مسح الرّأس و القدمين فلا يؤمّم بالصّعيد (1).

احتجّ أبو حنيفة بما رواه ابن الصّمّة[1]انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله تيمّم فمسح وجهه و ذراعيه (2).

و روى ابن عمر (3)،و جابر (4)،و أبو أمامة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

(التّيمّم ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى المرفقين) (5).

و بما رواه عمّار،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله(يكفيك أن تضع كفّيك على الأرض و تمسح بهما وجهك،ثمَّ تعيدهما فتمسح بهما يديك إلى المرفقين) (6).

و لأنّه بدل يؤتى به في محلّ مبدله فكان حدّه فيهما واحدا كالوجه.

و احتجّ مالك بأنّ العلماء اختلفوا فيه،فمنهم من أوجبه إلى المرفقين،و منهم من

ص:91


1- 1التّهذيب 1:210 حديث 612،الاستبصار 1:172 حديث 600،الوسائل 2:979 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 5، [1]المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.
2- 3) سنن أبي داود 1:89 حديث 329،سنن النّسائي 1:165(بتفاوت)،سنن البيهقي 1:205،سنن الدّار قطني 1:176 حديث 3.
3- 4) سنن البيهقي 1:207،سنن الدّار قطني 1:180 حديث 16،مستدرك الحاكم 1:179،كنز العمّال 9:401 حديث 26688.
4- 5) سنن البيهقي 1:207،سنن الدّار قطني 1:181 حديث 22،مستدرك الحاكم 1:180.
5- 6) مجمع الزّوائد 1:262.
6- 7) صحيح البخاري 1:93،صحيح مسلم 1:280 حديث 368،سنن أبي داود 1:88 حديث 322، سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569،سنن النّسائي 1:165،مسند أحمد 4:265،سنن البيهقي 1: 209 و في الجميع بتفاوت.

أوجبه إلى الرّسغ و لا نصّ في مقداره (1)،فقلنا قولا بينهما و قد ورد ذلك في أخبارنا.

روى الشّيخ،عن داود بن النّعمان[1]قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّيمّم؟فحكى واقعة عمّار،ثمَّ قال:«فوضع يديه على الأرض،ثمَّ رفعهما فمسح وجهه و يديه فوق الكفّين قليلا»[2].

و احتجّ من قال بوجوب المسح من أصول الأصابع بما رواه الشّيخ،عن حمّاد بن عيسى،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه سئل عن التّيمّم فتلا هذه الآية «وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» (2)و قال «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ» (3)و قال:امسح على كفّيك من حيث موضع القطع.

و قال «وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» (4)(5).و لأنّ القطع يثبت من هذا الموضع فيثبت المسح،لتناول اسم اليد لهما.

و احتجّ القائلون بوجوب المسح من الكتفين بأنّ الآية وردت بمسح اليد و المفهوم منها عند الإطلاق ذلك،و لهذا مسح الصّحابة من المنكب (6).

ص:92


1- 1مقدّمات ابن رشد 1:79.
2- 4) المائدة:38. [1]
3- 5) المائدة:6. [2]
4- 6) مريم:64. [3]
5- 7) التّهذيب 1:207 حديث 599،الاستبصار 1:170 حديث 588،الوسائل 2:980 الباب 13 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [4]
6- 8) بدائع الصّنائع 1:45،المغني 1:278،المجموع 2:211.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الإحالة على اليد السّابقة،و تقييد المعطوف عليه لا يوجب تقييد المعطوف إجماعا،إنّما الخلاف في العكس،سلّمنا ذلك لكن لا خلاف في انّ العطف يقتضي تكرير العامل،و القراءة هاهنا بالجرّ لا غير،فيجب تقدير الباء في الأيدي فيلزم البعضيّة و ذلك إنّما يكون بالمسح من الزّند.

و رواية سماعة و ليث (1)تقدّم الجواب عنهما،و هو بعينه الجواب عن رواية محمّد بن مسلم.و لو حمل على الاستحباب كان وجها.

و عن أحاديث أبي حنيفة:بضعفها،فإنّ أكثر العلماء أنكرها (2).قال الخلال[1]:

الأحاديث في ذلك ضعيفة جدّا و لم يرو منها أصحاب السّنن إلاّ حديث ابن عمر.و قال أحمد:انّه ليس بصحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،إنّما هو عن ابن عمر،و هو عندهم منكر.و قال الخطّابي:يرويه محمّد بن ثابت[2]،و هو ضعيف (3).و قال ابن عبد البر:لم يروه غير محمّد بن ثابت،و به يعرف و من أجله يضعف و هو عندهم حديث منكر (4).و حديث ابن الصّمّة محرّف،لأنّه إنّما جاء في المتّفق عليه فمسح وجهه و يديه، و ذلك لا ينفعهم،بل هو حجّة لنا،لأنّ ما علّق على مطلق اليد لا يتناول الذّراعين.

ص:93


1- 1تقدّمتا في ص 86.
2- 2) المغني 1:279،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.
3- 5) المغني 1:279،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.
4- 6) المغني 1:279،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.

و حديث عمّار إلى المرفقين لا يعوّل عليه،لأنّه إنّما رواه بهذا القيد سلمة[1]و شكّ فيه،و قال له منصور[2]،ما تقول فيه فإنّه لا يذكر الذّراعين أحد غيرك؟فشكّ و قال:

لا أدري أذكر الذّراعين أم لا.ذكر ذلك النّسائيّ[3] (1)،و مع الشّك كيف يصحّ التّعويل عليه مع انّه لو تيقّن لم يعمل على حديثه،مع معارضته لما قدّمناه من الأدلّة.

قالوا:يحتمل انّه أراد بالكفّين اليدين إلى المرفقين (2)،و هذا تأويل ضعيف جدّا.

أمّا أوّلا:فلأنّ عمّار الرّاوي له الحاكي لفعل الرّسول صلّى اللّه عليه و آله أفتى بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في التّيمّم للوجه و الكفّين،و قد شاهد فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الفعل لا احتمال فيه.

و أمّا ثانيا:فإنّه تأويل غير معروف بين أهل اللّغة فلا يكون مسموعا،إذ لا يعبّر في اللّغة بالكفّين عن الذّراعين.

و عن قياسهم:بالنّقض في الغسل،إذ لا يستوعب المسح أجزاء البدن،و بباقي أعضاء الوضوء من المسح و غسل الرجلين و المضمضة و الاستنشاق.و كذا نقول في الوجه

ص:94


1- 4) المغني 1:279.
2- 5) المغني 1:279.

فإنّه لا يجب فيه الاستيعاب،و قد سبق (1).

و الجواب عن قول مالك:انّه خروج عن قول العلماء.

و الجواب عن الأخير بالمنع من فهم ذلك،و لو سلّم فالباء مقدّرة و هي تفيد التّبعيض،و عمل الصّحابة مدفوع،إذ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّن لهم انّ المسح من الزّند.

مسألة:و يجب استيعاب مواضع المسح.ذهب إليه علماؤنا،

و الشّافعيّ (2)، و أحمد (3)،و الكرخيّ (4).و قال أبو حنيفة:لو مسح الأكثر أجزأه (5).و هو قول أبي يوسف،و زفر (6).

لنا:انّ الواجب المسح على المقدّر و[مع][1]ترك البعض لا يحصل الامتثال.

و لأنّ الغسل لا يجتزى فيه بالأكثر،فكذا في بدله.و لأنّه شرط في الوضوء،فكذا هو شرط في التّيمّم،و الجامع انّ الحدث لا يتجزّأ و قليله يمنع،فكذا كثيره.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ اشتراط الاستيعاب في التّيمّم حرج،لأن التّراب لا يصل إلى كلّ موضع منه إلاّ بتكلّف،و الحرج مدفوع شرعا بخلاف الوضوء،لوصول الماء إلى كلّ موضع.

ص:95


1- 1تقدّم في ص 83.
2- 2) الام 1:49،المهذّب للشّيرازي 1:32،المجموع 2:210،مغني المحتاج 1:99،فتح العزيز بهامش المجموع 2:326،المغني 1:290.
3- 3) المغني 1:290،الشرح الكبير بهامش المغني 1:291،الكافي لابن قدامة 1:79،الإنصاف 1: 287. [1]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:46،المجموع 2:239.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:46،فتح العزيز بهامش المجموع 2:326،المجموع 2:239،التّفسير الكبير 11: 172،المبسوط للسّرخسي 1:107.
6- 6) المجموع 2:239.

و الجواب:نحن لا نشترط وصول التّراب إلى جميع الأجزاء،فسقط ما ذكره.

و قوله:انّه حرج،مبني عليه،و أيضا:فالحرج غير ملتفت إليه مع ورود التّكليف و قد بيّنّا وجود التّكليف،فلو أخلّ بشيء منه وجب عليه الإعادة من أوّله.

مسألة:و كيفيّته أن يضرب بيديه على الأرض،

ثمَّ ينفضهما مستحبّا،ثمَّ يسمح بهما وجهه إلى الحدّ الّذي ذكرناه،ثمَّ يمسح ظهر يده اليمنى ببطن يده اليسرى،ثمَّ ظهر يده اليسرى ببطن يده اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع.أمّا استحباب النّفض فهو مذهب علمائنا خلافا للجمهور.

لنا:ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه ضرب بيديه على الأرض،ثمى نفضهما و مسح بهما وجهه و كفّيه (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،ثمَّ رفعهما فنفضهما،ثمَّ مسح (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،ثمَّ ينفضهما نفضة للوجه و مرّة لليدين (3).

و ما رواه،عن عمرو بن أبي المقدام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،ثمَّ رفعهما فنفضهما (4).

ص:96


1- 1صحيح البخاري 1:93،و 96،صحيح مسلم 1:280 حديث 368،سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569-570،سنن أبي داود 1:87 حديث 321 و ص 88 حديث 322،سنن النّسائي 1:171،سنن البيهقي 1:214 بتفاوت يسير في الجميع.
2- 2) التّهذيب 1:207 حديث 601،الاستبصار 1:170 حديث 590،الوسائل 2:999 الباب 29 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:210 حديث 611،الاستبصار 1:172 حديث 599،الوسائل 2:978 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 1:212 حديث 614،الاستبصار 1:171 حديث 594،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [3]

و أمّا وجوب التّرتيب فهو مذهب علمائنا أجمع.و قال الشّافعي:يجب التّرتيب بين الوجه و اليدين بأنّ يقدّم الوجه،و لا ترتيب في اليدين (1).و قال أبو حنيفة:لا يجب التّرتيب مطلقا (2).

لنا:قوله تعالى «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ» (3)و قد بيّنّا انّ الواو للتّرتيب (4).

و ما رواه الجمهور،عن عمّار قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(يكفيك أن تضع يديك على الأرض فتمسح بهما وجهك،ثمَّ تعيدهما فتمسح بهما يديك) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الكاهليّ فمسح بهما وجهه، ثمَّ مسح كفّيه (6)،و ثمَّ للتّرتيب بإجماع أهل اللّغة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،ثمَّ مسح بهما وجهه،ثمَّ ضرب بشماله الأرض فمسح بهما مرفقه إلى أطراف الأصابع،ثمَّ ضرب بيمينه الأرض،ثمَّ صنع بشماله كما صنع بيمينه (7).و يحمل المرفق على الرّسغ مجازا.و ما قلناه في باب الوضوء آت هاهنا.

مسألة:و لا يجب استعمال التّراب في الأعضاء الممسوحة.
اشارة

ذكره علماؤنا،و هو

ص:97


1- 1الام 1:49،المهذّب للشّيرازي 1:34،المجموع 2:233،مغني المحتاج 1:99،المحلّى 2:161.
2- 2) عمدة القارئ 4:37،المحلّى 2:161. [1]
3- 3) المائدة:6. [2]
4- 4) تقدّم في الجزء الثّاني ص 102.
5- 5) سنن النّسائي 1:170،سنن الدار قطني 1:180 حديث سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569 سنن أبي داود 1:88 حديث 324.
6- 6) التّهذيب 1:207 حديث 600،الاستبصار 1:170 حديث 589،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 1:210 حديث 612،الاستبصار 1:172 حديث 600،الوسائل 2:979 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [4]

اختيار أبي حنيفة (1).و قال الشّافعي (2)و محمّد:يجب المسح بالتّراب،فلو لم يلتصق باليد و لم يعلق عليها بحيث ينتقل إلى الأعضاء الممسوحة لم يجز (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه نفض يديه،ثمَّ مسح بهما (4)و مع النّفض تزول الأجزاء التّرابيّة.

و لأنّه تعالى أمر بالضّرب على الصّعيد و المسح و لم يشترط بقاء التّراب،و إذا ضرب بيديه امتثل و إذا مسح الوجه و اليدين امتثل فيحصل الإجزاء.

و من طريق الخاصّة:ما روي من استحباب النّفض،و قد تقدّم (5).

و أيضا:فليس يجوز اشتراط تعلّق التّراب باليد من القائل بالضّربة الواحدة،لأنّ مسح الوجه يستوعب التّراب و لا يبقى على اليد منه شيء.

احتجّ الشّافعيّ:بأنّ المأمور المسح بالتّراب فيشترط فيه الإلصاق،و بقوله تعالى:

«فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ» (6)أي من التّراب (7).

و الجواب عن الأوّل:المنع من تعلّق الأمر بالمسح بالتّراب،فإنّه نفس النّزاع.

و عن الثّاني:بأنّ لفظة من،مشتركة فلا أولوية في الاحتجاج بها لكم دوننا.

فروع:
الأوّل:لو كان مقطوع اليدين من فوق الزّند سقط المسح عليهما،

لتعلّق المسح بمحلّ

ص:98


1- 1بدائع الصّنائع 1:46،الهداية للمرغيناني 1:25،شرح فتح القدير 1:110،المجموع 2:239.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:33،المجموع 2:238.بداية المجتهد 1:70.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:53-54.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:188 حديث 570،سنن النّسائي 1:171،سنن البيهقي 1:214،سنن الدّار قطني 1:179 حديث 14-في الجميع بتفاوت يسير.
5- 5) تقدّم في ص 96. [1]
6- 6) المائدة:
7- 7) المهذّب للشّيرازي 1:33،المجموع 2:214.

مفقود،فكان ساقطا،لاستحالة التّكليف بما لا يطاق،و براءة الذّمّة من الانتقال عن محلّ الفرض إلى غيره.

قال في المبسوط:و لو كان مقطوع اليدين من المرفق استحبّ له مسح ما بقي (1).

الثّاني:لو كان مقطوعا من تحت الزّند وجب مسح ما تخلّف منه،

لأنّ الواجب مسح الجميع،و بفوات بعض أجزائه لا يجب سقوط الباقي،فكان المقتضي ثابتا و المانع زائلا.

الثّالث:لو كان مقطوعا من الزّند،هل يجب مسح موضع القطع؟

قال بعض الجمهور بوجوبه،لأنّ الرّسغين في التّيمّم كالمرفقين في الوضوء (2)،و ثَّمَ تعلّق الوجوب بالمرفقين،فكذا هنا.و عندي فيه تردّد،منشأه انّ الغاية هل تدخل أم لا؟و الأقرب السّقوط،لأنّ الفرق تعلّق بالكفّ،و قد زال،فيزول المتعلّق،و العظم الباقي مع بقاء الكفّ إنّما وجب مسحه لضرورة توقّف الواجب و هو مسح اليد عليه،فلمّا زال الأصل سقط ما وجب لضرورته،كمن سقط الصّوم عنه لا يجب عليه صوم جزء من اللّيل.

الرّابع:لا يستحبّ مسح إحدى الراحتين بالأخرى،

خلافا لبعض الجمهور (3).

و لا تخليل الأصابع،لأنّ الاستحباب يتوقّف على الدّليل الشّرعيّ،و لم نقف عليه، و لأنّ فرض الرّاحتين قد سقط بإمرار كلى واحدة على ظهر الكف.

الخامس:لو كان له لحم زائد أو إصبع زائدة

وجب عليه مسحه كما قلناه في الوضوء (4).

مسألة:و يجب أن يتولّى المسح بنفسه،
اشارة

لتعلّق الأمر به،فلا يجزيه لو فعله غيره

ص:99


1- 1المبسوط 1:33. [1]
2- 2) المغني 1:292،الشرح الكبير بهامش المغني 1:292.
3- 3) المغني 1:290،المجموع 2:232.
4- 4) يراجع الجزء الثاني ص 38.

فيه و لا خلاف فيه عندنا.و قال الشّافعيّ:يجوز (1).

فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من استعمال التّراب بنفسه،

وجب أن يستعين بغيره،كما قلناه في الوضوء (2).

الثّاني:لو أوصل التّراب إلى محلّ الفرض بخرقة،

أم خشبة،أو غيرهما من الآلات لم يجز،خلافا للشّافعيّ (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث عمّار(يكفيك أن تضع كفيك على الأرض فتمسح بهما وجهك،ثمَّ تعيدهما فتمسح بهما يديك) (4)و ذلك نصّ في الباب.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على وجوب استعمال اليدين في المسح (5)،و كان ذلك في معرض السّؤال،فكان بيانا فكان واجبا.

الثّالث:لو وضع جبهته على الأرض فمسحها بها،

ثمَّ فعل بكفّيه ذلك لم يجزئه، لما قلناه.

الرّابع لو تعرّض لمهبّ الهواء لم يكف نقل التّراب إلى أعضائه به،

لما قلناه.و به قال الشّافعيّ (6).و قال بعض أصحابه:يجوز،كما لو جلس المغتسل تحت الميزاب (7).

ص:100


1- 1الام 1:49،المهذّب للشّيرازيّ 1:34،المجموع 2:235.
2- 2) يراجع الجزء الثاني ص 38.
3- 3) الام 1:49،المجموع 2:228.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569،سنن أبي داود 1:89 حديث 326،سنن النّسائي 1:170، سنن الدّار قطني 1:179 حديث 15،و 183 حديث 33.
5- 5) تقدّم في ص 96-97.
6- 6) الام 1:49،المهذّب للشّيرازيّ 1:34،المجموع 2:235،فتح العزيز بهامش المجموع 2:317.
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:34،المجموع 2:235.

و الجواب:الفرق،فإنّه في التّيمّم مأمور بالمسح و لم يتحقّق،و في الغسل بالتّطهير و قد حصل بالجلوس تحت الميزاب.

الخامس:لو نقل الهواء التّراب إلى وجهه فردّه بيده لم يجزئه،

سواء قصده أو لم يقصد،نوى أو لم ينو،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث عمّار(يكفيك أن تضع كفيك على الأرض) (2)و ذلك في معرض البيان،فكان هو الواجب.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من وجوب الضّرب على الأرض (3).

السّادس:لو أخذ ما على بعض أعضائه من التّراب فمسح به،

فالوجه الجواز، بخلاف ما لو أمرّ ما على وجهه منه على وجهه،لأنّه لم يأخذ التّراب لوجهه،و فيه احتمال.

السّابع:لو كان على محلّ الفرض جبائر لا يتمكّن من نزعها،

مسح بالتّراب على الجبائر و صلّى،و إذا أزالها لم يجب عليه إعادة الصّلاة،لأنّها وقعت على الوجه المأمور به شرعا فتكون مجزية.و قال الشّافعيّ:يعيد الصّلاة (4).أمّا التّيمّم فإنّه إذا نزع الجبيرة وجب عليه إعادته،إن أوجبنا إعادة الوضوء لو مسح على الجبيرة،و إلاّ فلا.

مسألة:و اختلف الأصحاب في عدد الضّربات،
اشارة

فالمشهور عندنا انّه يكفيه للوضوء ضربة واحدة للوجه و اليدين معا،و لما هو بدل من الغسل ضربتان:واحدة للوجه و الأخرى لليدين ذهب إليه الشّيخ (5)،و أبو جعفر بن بابويه (6)،و المفيد (7)،

ص:101


1- 1المغني 1:280،الشرح الكبير بهامش المغني 1:311.
2- 2) ورد بمضمونه في سنن البيهقي 1:208-210.
3- 3) تقدّم في ص 96-97.
4- 4) المذهب للشّيرازيّ 1:37،المجموع 2:328. [1]
5- 5) النّهاية:49، [2]المبسوط 1:33، [3]الخلاف 1:29 مسألة-76.
6- 6) الفقيه 1:57.
7- 7) المقنعة:8.

و سلاّر (1)،و أبو الصّلاح (2)،و ابن حمزة (3)،و ابن إدريس (4).و به قال السّيّد المرتضى في المصباح،و قال في شرح الرّسالة بالضّربة الواحدة في الغسل و الوضوء معا و لم يفصل بينهما (5).و هو اختيار ابن أبي عقيل من أصحابنا (6)،و نقله الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و عمّار،و ابن عبّاس،و عطاء،و الشّعبيّ،و مكحول،و الأوزاعيّ، و مالك (7)،و إسحاق (8)،و أحمد (9).و قال عليّ بن بابويه:يضرب بيديه على الأرض مرّة و ينفضهما و يمسح بهما وجهه،ثمَّ يضرب يساره و يمسح بها يمينه من المرفق، ثمَّ يضرب بيمينه و يمسح بها يساره (10).فأوجب الضّربتين في الكلّ و لم يفصل،و هو مذهب ابن عمر،و ابنه سالم،و الحسن،و الثّوريّ (11)،و الشّافعيّ (12)،و أصحاب الرّأي (13).و قال ابن سيرين:يضرب ثلاث ضربات،ضربة للوجه،و ضربة

ص:102


1- 1المراسم:54.
2- 2) الكافي في الفقه:136. [1]
3- 3) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):668.
4- 4) السّرائر:26.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 1:388. [2]
6- 6) نقله عنه في المختلف:50.
7- 7) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.
8- 8) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309،المجموع 2:211، [3]عمدة القارئ 4:19.
9- 9) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309،الإنصاف 1:301، [4]الكافي لابن قدامة 1 79،منار السّبيل 1:49،عمدة القارئ 4:19.
10- 10) نقله عنه في المعتبر 1:388. [5]
11- 11) المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309،المجموع 2:210.
12- 12) الام 1:49،المهذّب للشّيرازيّ 1:32،المجموع 2:210،مغني المحتاج 1:99،السّراج الوهّاج: 28،المغني 1:278،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:309،فتح العزيز بهامش المجموع 2:329.
13- 13) بدائع الصّنائع 1:45،المجموع 2:211،المغني 1:278،الشرح الكبير بهامش المغني 1:309.

للكفّين،و ضربة للذراعين (1).

لنا:على الاكتفاء بالضّربة في الوضوء قوله تعالى (فَامْسَحُوا) (2)و لم يوجب التّعدّد،فكان الأصل عدمه،و حصول الإجزاء مع فعل ما أمر به.

و ما رواه الجمهور في حديث عمّار:(إنّما يكفيك أن تقول بيديك هكذا) (3)ثمَّ ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة،ثمَّ مسح الشّمال على اليمين و ظاهر كفّيه و وجهه.

و هذا الحديث ذكرناه في معرض الإلزام لا الاستدلال.

و من طريق الخاصّة:رواية داود بن النّعمان،و الكاهليّ،و زرارة.و قد تقدّمت (4).و رواية زرارة الموثّقة صريحة في الدّلالة،و روايته الصّحيحة و الباقيتان ظاهرة في ذلك.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت:

كيف التّيمّم؟فقال:«هو ضرب واحد للوضوء،و للغسل من الجنابة تضرب بيديك مرّتين،ثمَّ تنفضهما نفضة للوجه،و ضربة لليدين،و متى تصيب الماء فعليك الغسل إن كنت جنبا و الوضوء إن لم تكن جنبا» (5).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ التّيمّم من الوضوء مرّة واحدة و من الجنابة مرّتان (6).

و في خبر عمرو بن أبي المقدام (7)دلالة على الاكتفاء بالمرّة الواحدة في الوضوء،

ص:103


1- 1بدائع الصّنائع 1:45،شرح فتح القدير 1:111،المجموع 2:211.
2- 2) المائدة:6.
3- 3) تقدّم في ص 89. [1]
4- 4) تقدمت في ص 92-97. [2]
5- 5) التّهذيب 1:210 حديث 611،الاستبصار 1:172 حديث 599،الوسائل 2:978 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 4-و [3]فيها جميعا:أصَبْتَ.
6- 6) التّهذيب 1:211 حديث 612،الوسائل 2:980 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 8. [4]
7- 7) التّهذيب 1:212 حديث 614،الاستبصار 1:171 حديث 594،الوسائل 2:977 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [5]

و على الضّربتين في الغسل رواية زرارة و محمّد بن مسلم.

احتجّ القائلون بالاكتفاء بالمرّة مطلقا من أصحابنا بقوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا» ذكره عقيب الحدثين و المراد منه شيء واحد و الأصل براءة الذّمّة من الضّربتين،فوجب أن يكون التّساوي باعتبار دلالته على الوحدة.

و بما رواه الشّيخ في واقعة عمّار لمّا قال:فكيف التّيمّم،فوضع بيديه على الأرض،ثمَّ رفعهما فمسح وجهه و يديه فوق الكفّ قليلا (1)،و لم يذكر تعدّد الضّرب، و الواقعة في حدث الجنابة.

و في رواية زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام سألته عن التّيمّم،فضرب بيديه الأرض،ثمَّ رفعهما فنفضهما،ثمَّ مسح بهما جبهته و كفّيه مرّة واحدة (2).

و السّؤال وقع عن الماهيّة أو عن العام،إذ الألف و اللام إمّا أن تدلّ على الأوّل أو الثّاني،لانتفاء دلالتها على العهد،إذ لا معهود هنا.و على التّقديرين يثبت المطلوب،و إلاّ لزم التّأخير في البيان،و زيادة الإجمال،إذ ترك التّفصيل فيما هو ثابت فيه،مشعر بعدمه.

و بما رواه الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن التّيمّم من الوضوء و الجنابة و من الحيض للنّساء سواء؟فقال:«نعم» (3)و التّفصيل ينافي التّسوية.

ص:104


1- 1التّهذيب 1:207 حديث 598،الاستبصار 1:170 حديث 591،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:207 حديث 601،الاستبصار 1:170 حديث 590،الوسائل 2:976 الباب 11 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:212 حديث 617،الوسائل 2:979 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [3]

و احتجّ مالك (1)بما رووه،عن عمّار،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في واقعته من انّه ضرب بيديه[1]فمسح يديه و وجهه (2).

و احتجّ القائلون بالمرّتين من أصحابنا بما رواه الشّيخ في الحسن،عن إسماعيل بن همام الكنديّ[2]،عن الرّضا عليه السّلام،قال:«التّيمّم ضربة للوجه و ضربة للكفّين» (3).و ذلك مطلق.

و بما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن التّيمّم،فقال:«مرّتين مرّتين للوجه و اليدين» (4).

و بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن التّيمّم فضرب بكفّيه الأرض،ثمَّ مسح بهما وجهه،ثمَّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها و واحدة على بطنها،ثمَّ ضرب بيمينه الأرض،ثمَّ صنع بشماله كما صنع بيمينه (5).

ص:105


1- 1مقدمات ابن رشد 1:80.
2- 3) صحيح البخاري 1:96،صحيح مسلم 1:280 حديث 368،سنن ابن ماجه 1:188 حديث 569، سنن أبي داود 1:87 حديث 321،سنن التّرمذي 1:268 حديث 144،سنن الدارمي 1:190، سنن البيهقي 1:210-211-بتفاوت في اللّفظ.
3- 5) التّهذيب 1:210 حديث 609،الاستبصار 1:171 حديث 597،الوسائل 2:978 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
4- 6) التّهذيب 1:210 حديث 610،الاستبصار 1:172 حديث 598،الوسائل 2:978 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
5- 7) التّهذيب 1:210 حديث 612،الاستبصار 1:172 حديث 600،الوسائل 2:979 الباب 12 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [3]

و احتجّ الشّافعيّ بما رواه أبو أمامة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(التّيمّم ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى المرفقين)[1].

و الجواب عن الأوّل:انّ الآية تدلّ على وجوب التّيمّم مطلقا،و الكيفيّة مستفادة من السّنّة،و لا دلالة فيها على الوحدة و لا التّعدّد.

قوله:المراد منه شيء واحد،قلنا:مسلّم و هو التّيمّم المطلق كما لو ذكر حدثين، ثمَّ قال عقبيهما:و اطّهّروا مع انّه لا يقتضي اتّحادهما،فكذا هنا،و الحاصل انّ التّيمّم مقول بالتّواطؤ بين البدلين لا بالاشتراك اللّفظيّ.

و عن الثّاني:انّ عدم الذّكر لا يدلّ على العدم،إذ قد استفيد من دليل آخر و هو ما ذكرناه من الأحاديث الدّالّة على التّعدّد.و هو الجواب عن الثّالث،مع انّه جاز أن يكون السّؤال عن بدل الوضوء و إن لم ينقل،ذكره أو لم يذكره،لكنّه عليه السّلام فهم من قصده ذلك،أو لأنّه أجاب على الغالب،و أخّر ما يقع نادرا ليبينه في وقت آخر، و رواية عمّار ضعيفة السّند و هي محتملة للتّأويل و غير دالّة على العموم،إذ صدق التّسوية المقيّدة يستلزم صدق مطلق التّسوية.

و عن حجّة مالك:انّ الحديث رواه الجمهور هكذا:(يكفيك أن تضع يديك على الأرض فتمسح بهما وجهك،ثمَّ تعيدهما فتمسح بهما يديك) (1).و ذلك يدلّ على التّعدّد.

و عن الرّوايات الّتي احتج بها الأصحاب:أنّها مطلقة،و ما ذكرناه من الأحاديث مفصّلة،فيحمل عليها جمعا بين الأدلّة،و الرّواية الأخيرة من تتمّتها قال:هذا التّيمّم على ما كان فيه الغسل.و نحن نقول به.

ص:106


1- 2) ورد مؤدّاه في سنن ابن ماجه 1:189 حديث 571،سنن البيهقي 1:209،سنن الدّار قطني 1:179 حديث 15.

و عن احتجاج الشّافعيّ:بأنّه يحمل على التّفصيل الّذي ذكرناه،جمعا بين الأدلّة

فروع:
الأوّل:لو ضرب فيما هو بدل من الوضوء مرّتين

ففي جوازه إشكال ينشأ من وجوب الموالاة في التّيمّم و كون الثّانية ليست منه.

الثّاني:لو ضرب مرّة واحدة فيما هو بدل من الغسل لم يجزئه،

لأنّه فعل البعض فلم يكن مجزيا.

الثّالث:التّيمّم في جميع الأغسال واحد،

و يدلّ عليه رواية عمّار و هي ضعيفة السّند،و في رواية محمّد بن مسلم ذكر الجنابة،و في رواية زرارة تقييد الغسل بالجنابة فلا دلالة فيهما.و حمل أصحابنا الأحاديث الموجبة للتّعدّد على ما هو بدل من الغسل لا يصلح أن يكون حجّة هنا،و لا شكّ في مساواته الجميع في تكرار الضّرب،إنّما المشكل الاكتفاء به و عدمه،فإنّ الغسل من الحيض و شبهه غير كاف بل لا بدّ من انضمام الوضوء إليه،فهل الحكم كذلك في البدل؟فيه إشكال.و الوجه انّ ما عدا غسل الجنابة من الأغسال يجب فيه التّيمّم مرّتين،مرّة هي بدل من الغسل تشتمل على ضربتين،و مرّة هي بدل من الوضوء تشتمل على ضربة واحدة.و الفرعان الأوّلان نازع فيهما بعض الجمهور.

أصل:الفاء تفيد التّعقيب،

و أجمع عليه أهل العربيّة،و لأنّه يدخل على الجزاء إذا لم يكن بلفظ الماضي و المستقبل كقوله:من دخل داري فله درهم،دخولا واجبا.

و لمّا كان داخلا على الجزاء-و لا ريب في انّ الجزاء لا بدّ و أن يحصل عقيب الشّرط- وجب اقتضاء الفاء للتّعقيب.و لا يعارض بقوله:

مَن يَْفعَلِ الحَسَنَاتِ اللّهُ يَشْكُرُهَا.

لأنّ المبرّد أنكره (1)،و روي:مَْن يفْعَلِ الْخَيْرَ فالرَّحمنُ يَشْكُرُهُ (2).

ص:107


1- 1المقتضب 2:72-73، [1]مغني اللّبيب 1:165،و [2]عجز البيت:و الشّر بالشّر عند اللّه مثلان.
2- 2) المقتضب 2:72-73،مغني اللّبيب 1:165،و [3]عجز البيت:و الشّر بالشّر عند اللّه مثلان.

و لا بقوله تعالى «فَيُسْحِتَكُمْ» (1)و لا بقوله «فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ» (2)و لا بدخول الفاء على التّعقيب،لأنّه في مقابلة النّصّ فلا يعارضه بل ينزل على التّأويل المحتمل،و هو تنزيل اللّفظ في الأوّل على المجاز بقرينة ذكر العذاب الصّارف عن إرادة التّعقيب،و في الثّاني على التّأكيد.

مسألة:قال علماؤنا:الموالاة واجبة في التّيمّم،

خلافا للجمهور (3).

لنا:قوله تعالى «فَتَيَمَّمُوا» أوجب علينا التّيمّم عقيب إرادة القيام إلى الصّلاة،و لا يتحقّق إلاّ بمجموع أجزائه من المسح على الوجه و الكفّين،فيجب فعلهما عقيب الإرادة على حسب الإمكان بأن يأتي بأحدهما،ثمَّ يعقّبه بالباقي من غير فصل.

و أيضا:عند القائلين بوجوب التّيمّم في آخر الوقت يكون وجوب الموالاة ظاهرا (4).و لأنّها عبادة يفسدها الحدث فاشترطت لها الموالاة كالصّلاة.

احتجّوا بأنّه أمر بالمسح مطلقا و قد فعل.

و الجواب:لا نسلّم الإطلاق و قد بيّنّاه.

البحث الرّابع في الأحكام:
مسألة:قال علماؤنا:يجوز للمتيمّم أن يصلّي بتيمّمه الواحد ما شاء من
اشارة

الصّلوات فرائضها و نوافلها،

حواضر أو فوائت،أو هما،ما لم يحدث،أو يجد الماء.و هو

ص:108


1- 1طه:61.
2- 2) البقرة:283. [1]
3- 3) مغني المحتاج 1:100،المبسوط للسّرخسي 1:121،المجموع 2:233.
4- 4) منهم المفيد في المقنعة:8،و الشّيخ في الخلاف 1:31-مسألة 85،و ابن البرّاج في المهذّب 1:49، و المحقّق في المعتبر 1:391.

مذهب سعيد بن المسيّب،و الحسن،و الزّهريّ،و الثّوريّ،و داود،و ابن المنذر (1)، و المزني (2)،و أصحاب الرأي (3)،و هو مرويّ،عن ابن عبّاس (4).و قال الشّافعيّ:لا يجمع المتيمّم بين فريضتين و يصلّي الفرض و النّافلة و صلاة الجنازة بتيمّم واحد (5).

و نقله الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و عبد اللّه بن عمر،و ابن العاص، و النّخعيّ،و قتادة،و ربيعة،و اللّيث بن سعد،و إسحاق (6).و قال مالك:لا يصلّي المتيمّم بتيمّم واحد صلاتي فرض،و لا يصلّي فرضا و نافلة إلاّ بأن يكون الفرض قبل النّافلة (7).و قال شريك:يتمّم لكلّ صلاة (8).و روي،عن أحمد انّه قال:يجمع بين فوائت و لا يجمع بين راتبتين و كان يتمّم لوقت الفريضة (9).و به قال أبو ثور (10).

لنا:قوله تعالى «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا» (11)أوجب علينا الغسل عند القيام إلى جنس الصّلاة المتناول للقلّة و الكثرة،ثمَّ عقّب بالتّيمّم بقوله «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» .فكأنّه تعالى قال:الطّهارة بالماء إذا وجدتموه تجزيكم لجنس الصّلاة و إذا فقدتموه أجزأكم التّيمّم للجنس.

ص:109


1- 1المغني 1:299،المجموع 2:294،عمدة القارئ 4:24،المحلّى 2:128.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:294.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:55،عمدة القارئ 4:24،المغني 1:299،المجموع 2:294.
4- 4) المجموع 2:294، [1]عمدة القارئ 4:24،المغني 1:299.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:293، [2]عمدة القارئ 4:24،المبسوط للسّرخسي 1:113، بدائع الصّنائع 1:55،المحلّى 2:129.
6- 6) المغني 1:299،المجموع 2:294، [3]عمدة القارئ 4:24،المحلّى 2:129.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:48،بداية المجتهد 1:74،المحلّى 2:129.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 4:21، [4]المحلّى 2:129،عمدة القارئ 4:24،فتح البارى 1:354.
9- 9) المغني 1:300،الكافي لابن قدامة 1:84،التّفسير الكبير 11:174، [5]الإنصاف 1:292.
10- 10) المغني 1:300،المحلّى 2:129، [6]المجموع 2:294. [7]
11- 11) المائدة:6. [8]

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لأبي ذر رضي اللّه عنه يا أبا ذر(الصّعيد الطّيّب طهور المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين،فإذا وجدت الماء فأمسّه بشرتك) (1).

و ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(التّراب طهور المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يحدث أو يجد الماء) (2).و هذا نصّ في الباب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل تيمّم،قال:«يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:

يصلّي الرّجل بتيمّم واحد صلاة اللّيل و النّهار كلّها؟فقال:«نعم،ما لم يحدث أو يصب ماء» (4)الحديث.

و ما رواه في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، عن الرّجل لا يجد الماء أ يتيمّم لكلّ صلاة؟فقال:«لا هو بمنزلة الماء» (5).

و ما رواه،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،قال:

«لا بأس بأن يصلّي صلاة اللّيل و النّهار بتيمّم واحد ما لم يحدث أو يصب الماء» (6).

ص:110


1- 1سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن التّرمذيّ 1:211 حديث 124،سنن الدّار قطني 1:187 حديث 3 سنن البيهقيّ 1:7،مسند أحمد 5:146،155 [1] بتفاوت يسير.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:44،المبسوط للسّرخسي 1:113.
3- 3) التّهذيب 1:200 حديث 579،الوسائل 2:990 الباب 20 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 1:200 حديث 580،الاستبصار 1:164 حديث 570،الوسائل 2:989 الباب 19 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 1:200 حديث 581،الاستبصار 1:163 حديث 566،الوسائل 2:995 الباب 23 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [4]
6- 6) التّهذيب 1:201 حديث 582،الاستبصار 1:163 حديث 567،الوسائل 2:991 الباب 20 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [5]

و ما رواه،عن السّكونيّ،عنه عليه السّلام،عن أبيه،عن أبي ذر أنّه أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه هلكت جامعت على غير ماء،قال:فأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمحمل فاستترت به و دعا بماء فاغتسلت أنا و هي،ثمَّ قال:«يا أبا ذر يكفيك الصّعيد عشر سنين» (1).و لأنّها طهارة تبيح الصّلاة،فلم يتقدّر بالوقت كطهارة الماء.

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ،عن أبي همام،عن الرّضا عليه السّلام قال:

«يتيمّم لكلّ صلاة حتّى يوجد الماء» (2).

و ما رواه،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،قال:

«لا يتمتّع بالتّيمّم إلاّ صلاة واحدة و نوافلها»[1].

لأنا نقول:يحمل ذلك على الاستحباب كما في تجديد الوضوء.

قال الشّيخ:انّ أبا همام رواه تارة عن الرّضا(ع)و تارة عن محمّد بن سعيد بن غزوان[2]،و الحكم واحد (3).و هذا يوجب الضّعف.

احتجّ الشّافعيّ (4)بما رواه الحارث،عن عليّ عليه السّلام انّه قال:(التّيمّم لكلّ

ص:111


1- 1التّهذيب 1:199 حديث 578،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 12. [1]
2- 2) التّهذيب 1:201 حديث 583،الاستبصار 1:163 حديث 568،الوسائل 2:991 الباب 20 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [2]
3- 5) التّهذيب 1:201،الاستبصار 1:164.
4- 6) المجموع 2:295،عمدة القارئ 4:24.

صلاة) (1).و لأنّها طهارة ضروريّة فتقيّدت بالوقت كطهارة المستحاضة.

و الجواب عن الأوّل:بأنّ لفظة كلّ تتناول تارة كلّ واحد،و تارة الكلّ المجموعيّ و لا احتجاج بها إلاّ على تقدير الأوّل.و أيضا:فقوله:التّيمّم لكلّ صلاة،لا دلالة فيه على المطلوب،إذ لو أريد منه انّ التّيمّم الواحد لكلّ صلاة لم يكن بعيدا بل هو الأقرب و لا حجّة فيه إذن على مطلوبهم.

و أيضا:يحتمل أن يقال:انّه صالح لكلّ صلاة من فريضة و نافلة و صلاة جنازة و غيرها على معنى انّه لا يتخصّص بصلاة دون صلاة.

و عن الثّاني:بوجهين:

أحدهما:الفرق،فإنّ المستحاضة حدثها مع بقائه متجدّد بخلاف المحدث،فجاز استناد الفرق إلى هذا الوصف.

الثّاني:انّ ما ذكرتموه قياس في مقابلة النّصّ،فلا يكون مقبولا،و معارضة بقياسات منها:انّها طهارة صحيحة أباحت فرضا فأباحت ما عداه كالماء.

و منها:انّه بعد الفرض الأوّل تيمّم صحيح مبيح للتّطوّع نوى به المكتوبة،فكان له أن يصلّي ما شاء كحال الابتداء.

و منها:انّ الطّهارة في الأصل إنّما تتقيّد بالوقت دون الفعل،كطهارة الماسح على الخفّ،و هذا يبطل قوله في انّه لا يجوز الجمع بين الفرضين و إن كان غير دالّ على جواز الغرضين مع اختلاف الوقتين.

و منها:انّ كلّ تيمّم أباح ما هو من نوعها بدليل صلاة النّوافل.

و احتجّ الشّافعيّ (2)أيضا بما رواه ابن عبّاس انّه قال:من السّنّة أن لا يصلّي

ص:112


1- 1سنن الدّار قطني 1:184 حديث 2،سنن البيهقي 1:221.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:295،فتح العزيز بهامش المجموع 2:341،المغني 1:299.

بالتّيمّم إلاّ صلاة واحدة،ثمَّ يتيمّم للأخرى (1)و هذا يقتضي سنّة النّبي صلّى اللّه عليه و آله.

و الجواب من وجهين:

أحدهما:انّ لفظة السّنّة قد يعني به ذلك،و قد يعني به النّدب على التّساوي، فصرفه إلى أحد المعنيين يحتاج إلى دليل.

الثّاني:ضعف السّند،فإنّ راويه الحسن بن عمار[ة] (2)[1]و هو ضعيف،ثمَّ هو معارض بالنّوافل.

و احتجّ مالك (3)بمثل ما احتجّ الشّافعيّ،و الجواب ما تقدّم.

و احتجّ شريك (4)برواية ابن عباس.و الجواب قد سلف.

فروع:
الأوّل:يجوز الجمع بين فوائت الصّلاة

و حواضرها فرضا و نفلا،للعموم.

الثّاني:يجوز أن يجمع بين صلاة واجبة و صلاة منذورة،

للعموم.و قال الشّافعيّ:

إن سلكنا بالمنذورة مسلك جائز الشّرع جاز،و إن سلكنا بها مسلك واجبه لم يجز (5).

الثّالث:يجوز الجمع بين الصّلاة و الطّواف و صلاته أيضا.

و قال الشّافعيّ:لا

ص:113


1- 1سنن الدّار قطني 1:185 حديث 5،7،سنن البيهقي 1:221.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 4) المدوّنة الكبرى 1:48،المجموع 2:295،المغني 1:299.
4- 5) يظهر ذلك من المحلّى 2:131.
5- 6) المجموع 2:293،مغني المحتاج 1:103،فتح العزيز بهامش المجموع 2:342.

يجوز أن يجمع بين مكتوبتين و لا بين طوافين و لا بين فريضة و طواف (1).و كذا يجمع بين فريضة و صلاة جنازة،سواء تعيّنت عليه أولا في أحد القولين،و في الآخر بالتّفصيل (2).

الرّابع:لو نسي من تعيين صلاة فائتة فوجب عليه صلاة خمس،

أجزأه تيمّم واحد، أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند الشّافعيّ فلأنّ الواجب في الأصل واحدة،حتّى انّه لو ذكرها يسقط عنه الباقي،فلم يكن له حكم الواجب،و كذا لو نسي صلاتين عندنا.

و قال الشّافعيّ:ان شاء أدّى الخمس،كلّ واحدة بتيمّم،و إن شاء اقتصر على تيمّمين،و أدّى بالأوّل الأربعة الأول من الخمس،و بالثّاني الأربعة الأخيرة.و يصلّي بالأوّل الصّبح و الظّهر و العصر و المغرب،و بالثّاني الظّهر و العصر و المغرب و العشاء،و لا يكفيه أن يصلّي الخمس بتيمّمين،لأنّه لا بدّ و أن يجمع بين صلاتين بتيمّم واحد، فربّما كانت المتروكتان (3).

الخامس:يتيمّم لصلاة الخسوف بالخسوف،

و لصلاة الاستسقاء باجتماع النّاس في الصّحراء،و للفائتة بتذكّرها،و للنّوافل الرّواتب بدخول وقتها.و لو تيمّم للفائتة ضحوة النّهار فلم يؤدّ بها إلاّ ظهرا بعد الزّوال فهو جائز،و هو أصحّ الوجهين للشّافعيّ (4).

و لو تيمّم للنّافلة ضحوة ممّا يستحبّ فعلها فيه فأدّى بها الظّهر جاز،و للشّافعيّ قولان (5).

السّادس:إذا كان التّيمّم لنافلة،لم يجز التّيمّم لها في وقت نهي عن فعلها فيه،

ص:114


1- 1المجموع 2:293-294،مغني المحتاج 1:103.
2- 2) المجموع 2:299-300،مغني المحتاج 1:103-104،فتح العزيز بهامش المجموع 2:343-344، السّراج الوهّاج:29.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:296-297، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 2:345-346، [2]مغني المحتاج 1:104،السّراج الوهّاج 1:29-30.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:34،المجموع 2:241،مغني المحتاج 1:105.
5- 5) المجموع 2:242،فتح العزيز بهامش المجموع 2:348،350.

لأنّه ليس بوقت لها،و إن كانت فائتة فريضة جاز التّيمّم مطلقا،و إن كانت نافلة تيمّم إذا أراد قضاءها في غير الوقت المنهيّ عنه.

السّابع:قد بيّنا انّه يجوز الجمع بين فريضتين بتيمّم واحد ،

(1)

خلافا للشّافعيّ (2).و اختلف أصحابه فيما لو أراد أن يجمع بين صلاتي الجمع بالتّيمّم،فقال بعضهم:لا يجوز،لأنّه يحتاج إلى أن يطلب للثّانية و يجدّد التّيمّم و ذلك يقطع الجمع، كما إذا انتفل بينهما.و قال بعضهم:يجوز لأنّهما فريضتان صلاّهما بتيمّمين.و التّفريق هنا من مصلحة الصّلاة،فلا يزيد على قدر الإقامة في العادة بخلاف النّافلة،لأنّه لا حاجة به إليها (3).و هذا عندنا ساقط.

الثّامن:لو تعيّن لصلاة الجنازة،بأن لا يكون غيره،جاز له أن يصلّي بغير طهارة

عندنا.

و قال الشّافعيّ:لا يجوز (4).و هل يجوز أن يصلّي بتيمّم صلّى به فريضة؟فيه وجهان:أقواهما عنده الجواز،لأنّها من فروض الكافيات فليس لها مزيّة على فرائض الأعيان (5).

و لو حضرت جنازتان و تعيّنت الصّلاة عليه،لم يجز له أن يصلّي عليهما بتيمّم واحد على أحد الوجهين،و لا أن يصلّي عليهما صلاة واحدة بتيمّم،لأنّه يريد إسقاط فرضين عنه بتيمّم واحد (6).

ص:115


1- 1راجع ص 108.
2- 2) المجموع 2:293، [1]المبسوط للسّرخسي 1:113،المحلّى 2:129،المهذّب للشّيرازيّ 1:36،عمدة القارئ 4:24،التّفسير الكبير 11:174، [2]المغني 1:299.
3- 3) المجموع 2:252،فتح العزيز بهامش المجموع 2:349.
4- 4) الام 1:275،المهذّب للشّيرازيّ 1:132،المجموع 5:222-223، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 5: 184-185، [4]مغني المحتاج 1:344.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:300،فتح العزيز بهامش المجموع 2:343،مغني المحتاج 1: 103-104.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:300،فتح العزيز بهامش المجموع 2:343،مغني المحتاج 1: 103-104.
أصل:الإتيان بالمأمور به يقتضي الإجزاء،

بمعنى انّه كاف في سقوط الأمر، لأنّ الأمر لو توجّه عليه بعد الإتيان،لكان إمّا بذلك الفعل بعينه و هو تكليف بما لا يطاق،لاستحالة إعادة المعدوم،و إمّا بغيره و ذلك يستلزم كون الأمر قد تناوله، و حينئذ لا يكون الآتي آتيا بتمام المأمور به و هو خلاف التّقدير.و لأنّه لو وجب فعله ثانيا و ثالثا و هكذا دائما لزم إفادة الأمر للتّكرار و هو باطل،فلم يبق إلاّ الخروج عن العهدة بما[يطلق][1]عليه الاسم.و قولهم:أنّه قد أمر بإتمام الحجّ الفاسد مع عدم الإجزاء ضعيف،لأنّه مجز بالنّسبة إلى الأمر الوارد بإتمامه،و غير مجز بالنّسبة إلى الأمر الأوّل،لأنّ الأمر الأوّل اقتضى إيقاع المأمور به لا على هذا الوجه.

قالوا:الأمر بالشّيء يفيد كونه مأمورا به،فأمّا كون الإتيان سببا في سقوط التّكليف فلا يدلّ عليه.

قلنا:الإتيان بتمام المأمور به يوجب أن لا يقع الأمر مقتضيا بعد ذلك،و هذا هو المراد بالإجزاء.

مسألة:قال علماؤنا:إذا تيمّم و صلّى،ثمَّ خرج الوقت لم تجب عليه الإعادة،
اشارة

و عليه إجماع[2]أهل العلم (1).و حكي عن طاوس أنّه يعيد ما صلّي بالتّيمّم،لأنّ التّيمّم بدل فإذا وجد الأصل نقض حكم البدل،كالحاكم إذا حكم بالقياس،ثمَّ وجد النّصّ على خلافه (2).

و لنا:انّ الأمر تناول الصّلاة بالتّيمّم و قد فعل فتجزي.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(التّراب

ص:116


1- 3) المغني 1:277،المجموع 2:306. [1]
2- 4) المغني 1:277،المجموع 2:306،التّفسير الكبير 11:174، [2]نيل الأوطار 1:336.

طهور المؤمن عشر سنين) (1).

و من طريق:الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«إذا لم يجد طهورا و كان جنبا فليمسح من الأرض و ليصلّ،فإذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته الّتي صلّى» (3).

أما لو وجد الماء و الوقت باق،فمن ذهب من أصحابنا إلى انّ التّيمّم يجب في آخر الوقت (4)يجب عليه عنده الإعادة هنا،لوقوع الصّلاة على غير الوجه المشروع.أمّا نحن فلا نوجب الإعادة لما بيّنّا من جواز فعل التّيمّم في أوّل الوقت (5).و أمّا الجمهور فاختلفوا هاهنا،فقال أبو سلمة،و الشّعبيّ،و النّخعيّ،و الثّوريّ (6)،و مالك (7)، و الشّافعيّ (8)،و أحمد (9)،و إسحاق،و ابن المنذر (10)،و أصحاب الرّأي:لا يجب

ص:117


1- 1سنن أبي داود 1:90 حديث 332،سنن النّسائيّ 1:171،سنن البيهقي 1:212،سنن الدّار قطني 1:186.
2- 2) التّهذيب 1:192 حديث 555،و 194 حديث 560،الاستبصار 1:159 حديث 548،و 165 حديث 574،الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 1:193 حديث 556،و 197 حديث 572،الاستبصار 1:159 حديث 549،و 161 حديث 558،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [2]
4- 4) منهم الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:31،و [3]النّهاية:47،و [4]السّيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:52، و سلاّر في المراسم:54.
5- 5) تقدّم في ص 53. [5]
6- 6) المغني 1:277،المجموع 2:306.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:42،المغني 1:277،المجموع 2:306،نيل الأوطار 1:336.
8- 8) المغني 1:277،المجموع 2:306،نيل الأوطار 1:336.
9- 9) المغني 1:277،الإنصاف 1:264، [6]الكافي لابن قدامة 1:85،المجموع 2:307، [7]نيل الأوطار 1:336.
10- 10) المغني 1:277،المجموع 2:306. [8]

الإعادة (1).و قال عطاء،و طاوس،و القاسم بن محمّد،و مكحول،و ابن سيرين، و الزّهريّ،و ربيعة:يعيد الصّلاة مع اتّفاقهم على الجواز في أوّل الوقت (2).

لنا:على عدم وجوب الإعادة ما تقدّم و التّضيق ليس بشرط على ما بيّناه فوجد المقتضي و انتفى المانع فيثبت الحكم.

و ما رواه الجمهور،عن أبي داود،عن أبي سعيد انّ رجلين خرجا في سفر فحضرت الصّلاة و ليس معهما ماء فتيمّما صعيدا فصلّيا،ثمَّ وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء و الصّلاة و لم يعد الآخر،ثمَّ أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فذكرا له ذلك، فقال للّذي لم يعد:(أصبت السّنّة و أجزأتك صلاتك)و قال للّذي أعاد:(لك الأجر مرّتين) (3).

و نقل أحمد،عن ابن عمر انّه تيمّم و هو يرى بيوت مكّة فصلّى العصر،ثمَّ دخل المدينة و الشّمس مرتفعة فلم يعد (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:فإن أصاب الماء و قد صلّى بتيمّم و هو في وقت،قال:«تمّت صلاته و لا إعادة عليه» (5).

و ما رواه في الموثّق،عن يعقوب بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل تيمّم

ص:118


1- 1المغني 1:277،المجموع 2:306، [1]نيل الأوطار 1:336.
2- 2) المغني 1:277،المجموع 2:306،تفسير القرطبي 5:234، [2]المحلّى 2:124،نيل الأوطار 1:336.
3- 3) سنن أبي داود 1:93 حديث 338،سنن النّسائي 1:213،سنن الدّارمي 1:190، [3]سنن الدار قطني 1:188 حديث 1،مستدرك الحاكم 1:178-بتفاوت يسير في الجميع.
4- 4) المغني 1:277.
5- 5) التّهذيب 1:194 حديث 562،الاستبصار 1:160 حديث 552،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 9. [4]

و صلّى،ثمَّ أصاب الماء و هو في وقت؟قال:«قد مضت صلاته و ليتطهّر» (1).

و ما رواه،عن معاوية بن ميسرة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل في السّفر لا يجد الماء،ثمَّ صلّى،ثمَّ أتى بالماء و عليه شيء من الوقت أ يمضي على صلاته أم يتوضّأ و يعيد الصّلاة؟قال:«يمضي على صلاته فإنّ ربّ الماء ربّ التّراب» (2).

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل تيمّم و صلّى،ثمَّ بلغ الماء قبل أن يخرج الوقت؟فقال:«ليس عليه إعادة الصّلاة» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن العيص قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يأتي الماء و هو جنب و قد صلّى؟قال:«يغتسل و لا يعيد الصّلاة» (4).

و الاستدلال من وجهين:

أحدهما:من حيث الإطلاق،و لو كان فيه تفصيل لوجب عليه أن يبيّنه.

الثّاني:انّ الإعادة إنّما تطلق غالبا في الإتيان بالفعل في وقته مرّة ثانية.

و ما رواه في الصّحيح،عن محمد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أجنب فتيمّم بالصّعيد و صلّى،ثمَّ وجد الماء؟فقال:«لا يعيد،إنّ ربّ الماء ربّ الصّعيد فقد فعل أحد الطّهورين» (5)و فيه إشارة إلى العلّة.

ص:119


1- 1التّهذيب 1:195 حديث 563،الاستبصار 1:160 حديث 553،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 14. [1]
2- 2) التّهذيب 1:195 حديث 564،الاستبصار 1:160 حديث 554،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 13. [2]
3- 3) التّهذيب 1:195 حديث 565،الاستبصار 1:160 حديث 555،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 1:197 حديث 569،الاستبصار 1:161 حديث 556،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 16. [4]
5- 5) التّهذيب 1:197 حديث 571،الاستبصار 1:161 حديث 557،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 15. [5]

و ما رواه في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«هو بمنزلة الماء» (1)و لأنّه أدّى فرضه كما أمر،فلا تجب الإعادة كما لو فعله بعد الوقت.

و لأنّ عدم الماء عذر معتاد فيسقط مع التّيمّم به القضاء كالمرض.و لأنّه أسقط فرض الصّلاة فلم يعد إلى ذمّته كما لو وجده بعد الوقت.

و احتجّ الشّيخ بأنّ التّيمّم آخر الوقت شرط،فيبطل بدونه،فلا يعتد بالصّلاة الواقعة به (2).

و بما رواه في الصّحيح،عن يعقوب بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل تيمّم فصلّى فأصاب بعد صلاته ماء أ يتوضّأ و يعيد الصّلاة أم تجوز صلاته؟ قال:«إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضّأ و أعاد،فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه» (3).

و الجواب عن الأوّل بالمنع من الشّرطيّة،و قد سلف (4).و عن الرّواية:بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

فروع:
الأوّل:لو كان محبوسا فصلّى بتيمّمه لم يعد بعد الوقت.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول مالك (5)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (6)،و في رواية عن أبي يوسف (7).

ص:120


1- 1التّهذيب 1:200 حديث 581،الاستبصار 1:163 حديث 566،الوسائل 2:995 الباب 23 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
2- 2) الاستبصار 1:159،التّهذيب 1:193.
3- 3) التّهذيب 1:193 حديث 559،الاستبصار 1:159 حديث 551،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 8. [2]
4- 4) تقدّم في ص 53.
5- 5) المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:269.
6- 6) المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:269،الإنصاف 1:303،الكافي لابن قدامة 1:88.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:50.

و قال الشّافعيّ:يعيد (1).و هو إحدى الرّوايتين،عن أحمد (2)،و قول أبي حنيفة (3)، و محمّد (4).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة على عدم الإعادة (5).و لأنّه أتى بالتّيمّم المشروع على الوجه المشروع،فأشبه المريض و المسافر.و لأنّه عادم للماء بعذر متطاول معتاد فهو كالمسافر.و لأنّ عدم هذا للماء أكثر من عدم المسافر له،فالنّصّ على التّيمّم للمسافر تنبيه على التّيمّم ها هنا.

احتجّ المخالف بأنّ هذا عذر نادر،فلا يسقط به القضاء،كالحيض في الصّوم (6)، و لأنّ العجز ثبت بفعل العبادة فلا يجعل عذرا،إمّا لأنّه يمكن إزالته في الجملة غالبا، و إمّا لأنّه منع لا من قبل من له الحقّ،فلا يوجب سقوط حقّ صاحب الحقّ و صار كما إذا كان معه ماء و منعه منه غيره عن استعماله.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من النّدرة.و لو سلّم فلا يجوز التّعليل بها لعدم ضبطها، و لوقوعها في حقّ بعض المسافرين و المرضى.و الفرق بينهما و بين الحائض انّ الفعل قد وقع هاهنا بخلاف الحائض،ثمَّ الحقّ في الجواب،انّ القضاء إنّما يجب بأمر جديد و قد ثبت في الحائض و لم يثبت هاهنا بل ثبت نقيضه.

و عن الثّاني:بأنّه لو لم يكن عذرا لكان معاقبا بتأخير الصّلاة عن طهارة مائيّة، و ليس كذلك اتّفاقا،و المقيس عليه ممنوع عندنا.

ص:121


1- 1الام 1:51،المجموع 2:278،المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني المحلّى 2:139.
2- 2) المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:269،الإنصاف 1:303.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:123،المحلّى 2:139.
4- 4) المحلّى 2:139،المبسوط للسّرخسي 1:123.
5- 5) تقدّم في ص 53.
6- 6) المغني 1:267،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:269،الكافي لابن قدامة 1:88،المجموع 2:281.
الثّاني:لو كان محبوسا بدين يقدر على قضائه لم يكن عذرا،

و صار كما لو كان الماء قريبا منه و تمكّن من استعماله فلم يستعمله حتّى ضاق الوقت بحيث لا يتمكّن من المضيّ إليه و استعماله.

الثّالث:لو تيمّم بسبب الخوف من عدوّ أو لصّ أو سبع و صلّى فلا إعادة عليه

للعموم،

و لو بان فساد وهمه فكذلك،لأنّه صلّى صلاة مشروعة فلم تجب إعادتها كما لو كان السّبب محقّقا و هو قول بعض الجمهور (1).و قال بعضهم بالإعادة،لأنّه تيمّم من غير سبب يبيح التّيمّم (2).

و الجواب:المنع من عدم السّبب،إذ السّبب هو الخوف لا وجود المخوف تحقيقا.

الرّابع:لو كان معه ماء فأراقه قبل الوقت أو مرّ بماء قبل الوقت فتجاوزه و عدم الماء

في الوقت،

صلّى بتيمّمه المتجدّد إجماعا و لا يعيد.و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).

و قال الأوزاعيّ:إن ظنّ انّه يدرك الماء في الوقت فكقولنا،و إلاّ صلّى بالتّيمّم و عليه الإعادة (5).

لنا:انّه في تلك الحال،لم يجب عليه استعمال الماء،فأشبه ما لو ظنّ انّه يدرك الماء في الوقت.

الخامس:لو أراقه في الوقت و لم يستعمله،ثمَّ عدم الماء،ثمَّ تيمّم و صلّى،

ففي الإعادة وجهان:

أحدهما:الوجوب،حيث وجبت عليه الصّلاة بوضوء و تمكّن،و فوّت الواجب فلم يكن عذرا.

ص:122


1- 1المغني 1:272،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
2- 2) المغني 1:272،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:275.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:37،المجموع 2:307،المغني 1:274،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:283.
4- 4) المغني 1:274،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:283،الكافي لابن قدامة 1:88،الإنصاف 1:277. [1]
5- 5) المغني 1:274،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:283.

الثّاني:السّقوط،حيث انّه صلّى بتيمّم مشروع تحقّقت شرائطه فأشبه ما لو أراقه قبل الوقت.و كذا لو كان بقرب الماء و تمكّن من استعماله و أهمل حتّى ضاق الوقت فصار بحيث لو مشى إليه خرج الوقت فإنّه يتيمّم.و في الإعادة وجهان:أقربهما الوجوب.

السّادس:لو وهبه بعد دخول الوقت لم ينتقل عن ملكه،

لتعلّق الوجوب بالوضوء به،فلو تيمّم مع بقائه لم يصحّ،و لو تصرّف الموهوب فيه فهو كالإراقة.

السّابع:قال الشّيخ:لو تيمّم يوم الجمعة لأجل الزّحام و صلّى،

ثمَّ خرج،توضّأ و أعاد (1)،تعويلا على رواية السّكونيّ (2)،و فيه ضعف،و الأقرب الصّحّة.

الثّامن:لو كان المتطهّر محبوسا في موضع نجس و لا ثوب معه،صلّى قائما و يركع

و يسجد،

و لا يضع جبهته على النّجاسة،بل يومئ قاعدا و لا إعادة عليه.و خالف الشّافعيّ في موضعين:

أحدهما:انّه يصلّي قائما و لا يقعد للسّجود،بل يومئ بأن يدني رأسه من الأرض و لا يدع جبهته و لا أنفه و لا يديه و لا ركبتيه.و عندنا:كما قال في الجبهة دون اليدين و الرّكبتين.

الثّاني:الإعادة (3).

و الحقّ عندنا:انّه لا يعيد.و هو أحد قولي الشّافعيّ،و قال في القديم:انّه يعيد، لأنّه عذر نادر فأوجب الإعادة كعدم الماء في المصر (4).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل،و له أربعة أقوال:

ص:123


1- 1المبسوط 1:31، [1]النّهاية:47. [2]
2- 2) التّهذيب 1:185 حديث 534،الوسائل 2:965 الباب 3 من أبواب التّيمّم،حديث 3 و 985 الباب 15 من أبواب التّيمّم،حديث 1.
3- 3) الام 1:51،المجموع 3:154،بدائع الصّنائع 1:50.
4- 4) المجموع 3:154.

أحدها:انّه لا اعتداد بالأولى و إن وجبت عليه لما عرفت.

الثّاني:كلاهما فرض.

الثّالث:الاولى فرض و الثّانية استحباب.

الرّابع:يحتسب له اللّه تعالى أيّهما شاء (1).

مسألة:لو نسي الماء في رحله أو موضع يمكنه استعماله،
اشارة

فتيمّم و صلّى،فإن كان قد طلب و اجتهد و لم يظفر به لخفائه أو لظنّه انّه ليس معه ماء صحّت صلاته،و إن كان قد فرّط في الطّلب أعاد،قاله علماؤنا.و قال الشّافعيّ (2)و أبو يوسف:تجب عليه الإعادة مطلقا (3).و هو أحد قولي أحمد (4)،و أحد قولي مالك (5).و القول الآخر لهما:

عدم الإعادة (6).و هو مذهب أبي حنيفة (7)،و أبي ثور (8)،و محمّد (9).

لنا:انّ الطّلب واجب،فمع الإخلال به لم يقع الفعل على الوجه المطلوب،فلا يكون مجزيا.و قد تقدّم تمامه.و مع الطّلب يكون قد صلّى صلاة مشروعة فيثبت الإجزاء.و لأنّه مع النّسيان غير قادر على استعمال الماء فهو كالعادم.

احتجّوا:بأنّها طهارة تجب مع الذّكر،فلم تسقط بالنّسيان،كما لو صلّى ناسيا

ص:124


1- 1المجموع 2:280،و 3:154.
2- 2) الام 1:46،المجموع 2:266،أحكام القرآن للجصّاص 4:13،المغني 1:275،التّفسير الكبير 11: 175.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [1]التّفسير الكبير 11:175، [2]المجموع 2:267.
4- 4) المغني 1:275،المجموع 2:267، [3]التّفسير الكبير 11:175. [4]
5- 5) راجع نفس المصادر.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [5]المغني 1:275،المجموع 2:267.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [6]المغني 1:275،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:283،المجموع 2: 267،التّفسير الكبير 11:175.
8- 8) المغني 1:275،المجموع 2:267.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 4:13. [7]

لحدثه ثمَّ ذكر (1).

و الجواب:الفرق ثابت،إذ البدل موجود في صورة النّزاع بخلاف المقيس عليه.

فروع:
الأوّل:لو ضلّ عن رحله أو كان يعرف بئرا فضاعت عنه فتيمّم و صلّى ثمَّ

وجدها،

فالصّحيح أن لا إعادة،لأنّه عادم،و قيل:هو كالنّاسي (2)،و ليس بشيء، و بالأوّل قال الشّافعيّ (3).و الفرق بينه و بين النّاسي ظاهر،فإنّ النّاسي مفرط بخلاف هذا.

الثّاني:لو كان الماء مع عبده و لم يعلم به

فصلّى بالتّيمّم فالوجه الصّحّة،لأنّ التّفريط من غيره.

الثّالث:لو صلّى فبان الماء بقربه إمّا في بئرا أو مصنع أو غيرهما،

فإن كان خفيّا و طلب فلم يظفر فلا إعادة،لأنّه فعل المأمور به،و إن لم يطلب أعاد.

الرّابع:لو وضع له غيره الماء في رحله و لم يعلم،

فالوجه الإعادة أيضا،لأنّ المقتضي للإعادة هناك ليس النّسيان بل ترك الطّلب.

مسألة:الجنب إذا فقد الماء تيمّم و صلّى و لا إعادة عليه مطلقا عند علمائنا.
اشارة

لنا:قوله تعالى «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (4)فمع الفعل يقع الامتثال،فيحصل الإجزاء.

و ما رواه الجمهور،عن أبي ذر انّه قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:انّي أعزب عن

ص:125


1- 1المغني 1:275،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:284،المجموع 2:267.
2- 2) المغني 1:275،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:284.
3- 3) المغني 1:275،المجموع 2:266.
4- 4) المائدة:6. [1]

الماء و معي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلّي بغير طهور فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

(الصّعيد الطّيّب طهور) (1).

و أصاب ابن عبّاس جارية له روميّة و هو عادم للماء و صلّى بأصحابه و فيهم عمّار، فلم ينكروه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن الصّادق عليه السّلام قال:«إذا لم يجد الرّجل طهورا و كان جنبا فليمسح الأرض و ليصلّ،فإذا وجد الماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته الّتي صلّى» (3).

و ما رواه،عن السّكوني في حديث أبي ذر (4).

و ما رواه،عن العيص في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).و حديث محمّد بن مسلم المشار فيه إلى العلّة،و قد تقدّم (6).

فروع:
الأوّل:لو أجنب مختارا و خشي البرد تيمّم عندنا،

و قد مضى البحث فيه (7).

و هل تلزمه الإعادة،قال الشّيخ:نعم (8).و هو قول أبي يوسف،و محمّد،و الشّافعيّ (9)،

ص:126


1- 1سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن الدّار قطني 1:187 حديث 2.
2- 2) المغني 1:312.
3- 3) التّهذيب 1:193 حديث 556،و 197 حديث 572،الاستبصار 1:159 حديث 549،و 161 حديث 558،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 7. [1]
4- 4) التّهذيب 1:194 حديث 561،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 12.
5- 5) التّهذيب 1:197 حديث 569،الاستبصار 1:161 حديث 556،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 16.
6- 6) تقدّم في ص 119. [2]
7- 7) تقدّم في ص 28. [3]
8- 8) النّهاية:46، [4]المبسوط 1:30.
9- 9) المغني 1:298-299،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.

و إحدى الرّوايتين عن أحمد (1).و الحقّ عندي انّه لا إعادة عليه.و هو مذهب جماعة من أصحابنا (2)،و قول الثّوريّ (3)،و مالك (4)،و أبي حنيفة (5)،و أبي بكر بن المنذر (6)،و الرّواية الأخرى عن أحمد (7).لكنّ الشّيخ فرّق بين المختار و غيره،و الباقي لم يفرّقوا،و أبو يوسف فرّق بين الحاضر و المسافر فأوجب الإعادة على الحاضر خاصّة، و الباقون لم يفرّقوا.

لنا:ما رواه الجمهور،عن حديث عمرو بن العاص لما حكى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يأمره بالإعادة (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسكين و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قيل له:انّ فلانا أصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات، فقال:«قتلوه،ألا سألوا،ألا يمّموه؟!انّ شفاء العي السّؤال» (9).و غيره من الأحاديث المتقدّمة (10)كحديث داود بن سرحان الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل تصيبه الجنابة و به جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد فقال:«لا،

ص:127


1- 1المغني 1:298،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،الكافي لابن قدامة 1:82،الإنصاف 1:281.
2- 2) منهم:المفيد في المقنعة:13،و الطّوسيّ في الخلاف 1:39 مسألة-108-،و ابن إدريس في السّرائر: 27.
3- 3) المغني 1:298،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،نيل الأوطار 1:325.
4- 4) راجع المصادر السّابقة.
5- 5) المغني 1:298،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،عمدة القارئ 4:34،نيل الأوطار 1:325.
6- 6) المغني 1:298،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،نيل الأوطار 1:325.
7- 7) المغني 1:298،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271،الكافي لابن قدامة 1:82،الإنصاف 1:281. [1]
8- 8) صحيح البخاري 1:95،سنن أبي داود 1:92 حديث 334،سنن البيهقي 1:225،سنن الدار قطنيّ 1:178 حديث 12،مستدرك الحاكم 1:177.
9- 9) التّهذيب 1:184 حديث 529،الوسائل 2:967 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
10- 10) تقدّمت في ص 27. [3]

يغتسل و يتيمّم» (1).و إذا فعل ما أمر به مع انّه هو الواجب عليه و إلاّ لما حصل الاكتفاء به،ثبت الإجزاء.و لأنّه خائف على نفسه فأشبه المريض.و لأنّه أتى بالمأمور به فأشبه غيره.

احتجّ الشّيخ (2)بما رواه،عن جعفر بن بشير[1]،عمّن رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل أصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التّلف إن اغتسل؟قال:«يتيمّم،فإذا أمن البرد اغتسل و أعاد الصّلاة» (3).

و بما رواه،عن جعفر بن بشير أيضا،عن عبد اللّه بن سنان أو غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (4).

و احتجّ أبو يوسف و محمّد بأنّه عذر نادر غير متّصل،فلم يمنع الإعادة كنسيان الطّهارة (5).

و الجواب عن الأوّل:انّ الرّواية الأولى مقطوعة السّند،فلا تعويل عليها و الرّواية الثّانية مشكوك في المرويّ عنه فيها فلا تعويل عليها أيضا،مع انّ الرّاوي واحد و ذلك يوجب الضّعف.

و عن الثّاني:بالفرق،إذ النّاسي غير آت بالشّرط و هذا آت،و هاهنا قول آخر

ص:128


1- 1التّهذيب 1:185 حديث 531،الوسائل 2:968 الباب 5 من أبواب التّيمّم،حديث 8. [1]
2- 2) التّهذيب 1:196،الاستبصار 1:162.
3- 4) التّهذيب 1:196 حديث 567،الاستبصار 1:161 حديث 559،الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 6. [2]
4- 5) التّهذيب 1:196 حديث 568،الاستبصار 1:161 حديث 560،الوسائل 2:986 الباب 16 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [3]
5- 6) المغني 1:298، [4]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.

لبعض الجمهور،و هو انّه إن (1)كان مسافرا فلا إعادة عليه و إن كان حاضرا ففيه وجهان (2).و قال الشّافعيّ:إن كان حاضرا أعاد،و إن كان مسافرا فعلى قولين (3).

الثّاني:يجوز للعادم الجماع و إن كان معه ماء يكفيه للوضوء قبل الوقت،

عملا بالمقتضي،و هو قوله تعالى «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ» (4)السّالم عن المعارض، و هو وجوب الصّلاة بالطّهارة،لكن هل يكره أم لا؟قال جابر بن زيد،و الحسن، و قتادة،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق،و أصحاب الرأي:انّه لا يكره (5).

و قال أحمد في إحدى الرّوايتين:هو مكروه (6).و قال الأوزاعيّ:إن كان بينه و بين أهله أربع ليال فليصب أهله،و إن كان ثلاثا فما دونها فلا يصبها (7).و الوجه عندي الأوّل.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله لأبي ذر حين سأله عن الجماع مع الفقد:(التّراب طهور المسلم) (8).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ في هذه القصّة[1]بعينها (9).

ص:129


1- 1«م»:إذا.
2- 2) المغني 1:299،المجموع 2:322.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:37،المجموع 2:321،مغني المحتاج 1:107،المغني 1:299،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:271.
4- 4) البقرة:223. [1]
5- 5) المغني 1:311،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:315،المجموع 2:209. [2]
6- 6) المغني 1:311،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:315.
7- 7) المغني 1:311.
8- 8) سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن التّرمذيّ 1:211 حديث 124،سنن النّسائيّ 1:171، مسند أحمد 5:146،155،180،سنن البيهقي 1:212-217،مستدرك الحاكم 1:176،سنن الدار قطنيّ 1:186 حديث 1-6.
9- 10) التّهذيب 1:194 حديث 561 و 199 حديث 578،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم، حديث 12. [3]

لا يقال:هذه الرّواية ضعيفة،و مع ذلك فهي معارضة بما رواه الشّيخ،عن إسحاق بن عمّار قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل يكون معه أهله في السّفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟فقال:«ما أحبّ أن يفعل ذلك إلاّ أن يكون شبقا أو يخاف على نفسه» (1).

لأنّا نقول:انّ روايتنا و إن كانت ضعيفة،إلاّ انّ الجماعة قد شهدوا لرواتها بالثّقة،و أمّا رواية إسحاق فإنّ في طريقها عليّ بن السّنديّ و لا يحضرني الآن حاله،فإن كان ثقة فالعمل عليها.

أمّا لو دخل الوقت و معه ماء يكفيه للوضوء فالوجه تحريم الجماع عليه حينئذ،لأنّه يفوت الواجب و هو الصّلاة بالمائيّة.و لو لم يكن معه ماء أصلا فالأقرب جواز فعله، لعدم وجوب الطّهارة المائيّة عليه حينئذ.و التّراب كما قام مقام الماء في الصّغرى، فكذا في الكبرى،و كما جاز فعل النّاقص للصّغرى فكذا الكبرى.

و لو كان على الطّهارة فدخل الوقت،ثمَّ فقد الماء و علم استمراره،وجب عليه فعل الصّلاة بتلك الطّهارة،و حرم عليه نقضها قبل الفعل مع التّمكّن.

الثّالث:لو جامعها و معه من الماء ما لا يكفيه للغسل،غسل به فرجه و فرجها،ثمَّ

تيمّما و صليا.

و لا نعرف فيه خلافا،لأنّ طهارة البدن شرط و قد أمكنت،و الطّهارة الشّرعيّة شرط أيضا لكنّها غير ممكنة فلا يلزم من سقوطها سقوط تلك.على انّ هذه ذات بدل بخلاف تلك.

مسألة:و لو كان التّيمّم من حدث الغائط وجب عليه الاستنجاء قبل الصّلاة،

و يجوز قبل التّيمّم و بعده لأنّ إزالة النّجاسة واجب و هو ممكن هنا هنا بالأحجار فكان واجبا.و لو كان معه ماء يكفيه للطّهارة،استنجى بالأحجار و صرف الماء إلى الوضوء

ص:130


1- 1التّهذيب 1:405 حديث 1269،الوسائل 2:998 الباب 27 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]

لأن الجمع بين إزالة النّجاسة و الوضوء واجب و قد أمكن.أمّا لو تعدّى المخرج،أو كان بولا وجب عليه إزالته بالماء،و إن قلّ عن الطّهارة و تيمّم للطّهارة.

مسألة:و لو كان على بدنه نجاسة و معه من الماء ما يكفي أحدهما صرفه إلى الإزالة
اشارة

لا إلى الطّهارة،لأنّ الطّهارة واجب لها بدل،بخلاف إزالة النّجاسة.و لا نعرف فيه خلافا.و كذا لو كانت النّجاسة على ثوبه.و قال أحمد:انّه يتوضّأ و يدع الثّوب،لأنّه واجد للماء (1).و هو ضعيف،إذ المراد بالوجدان التّمكّن من الاستعمال و هذا غير متمكّن منه شرعا فكان كالنّجاسة على البدن.و لو نجسا معا،فالأقرب غسل البدن دون الثّوب.و قال بعض الجمهور:يغسل الثّوب و يتيمّم (2)و الأقرب الأوّل.

فرع:لو كان على قرحة في محل الفرض دم يخاف إن غسله أن يملى جرحه،

تيمّم و صلّى و لا إعادة عليه.و به قال أبو حنيفة و المزني (3).و قال الشّافعي:يعيد (4).

لنا:انّه عاجز عن استعمال الماء فوجب عليه التيمّم و إذا امتثل لم يعد،لأنّ الأمر يقتضي الإجزاء.

احتجّ بأنّه عذر نادر فيعيد (5).

و الجواب:المنع من المقدّمتين.

مسألة:و لو كان الثّوب نجسا و لا ماء معه،نزعه و صلّى عاريا بتيمّم،

و لا إعادة عليه،أمّا لو لم يتمكّن من نزعه صلّى فيه بتيمّم،و هل يجب الإعادة أم لا؟قال الشّيخ:يجب (6)،تعويلا على رواية عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص:131


1- 1المغني 1:309،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:286.
2- 2) المغني 1:309،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:286.
3- 3) الام(مختصر المزني)8:7.
4- 4) الام 1:43-44،الام(مختصر المزني)8:7،مغني المحتاج 1:107.
5- 5) مغني المحتاج 1:107.
6- 6) النّهاية:55. [1]

انّه سئل عن رجل ليس عليه إلاّ ثوب و لا تحلّ الصّلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟قال:«يتيمّم و يصلّي فإذا أصاب ماء غسله و أعاد الصّلاة» (1).و حملها الشّيخ على حال الضّرورة الّتي لا يمكن نزعه معها،و الرّواية ضعيفة السّند مع منافاتها للأصل الدّال على الإجزاء مع الامتثال،فالأقرب عندي عدم وجوب الإعادة.

مسألة:قال الشّيخ:و لو كان على البدن نجاسة أو جامع زوجته و لم يجد ماء
اشارة

لغسل الفرجين تيمّما و صلّيا

و لا إعادة عليهما،عملا بقوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (2)و لم يفصل،و الأحوط أن نقول:عليهما الإعادة و كذلك صاحب النّجاسة (3).هذا قوله رحمه اللّه.و الوجه عندي عدم الإعادة،لما قدّمناه من الاستدلال (4).

تذنيب:

على قول الشّيخ هل تتعلّق الإعادة به عند غسل النّجاسة أو عند وجود الماء الكافي للطّهارتين؟ظاهر كلامه الأوّل،فإنّه قال:ثمَّ يعيد إذا غسل الموضع.

و لأنّ المؤثّر هو وجود النّجاسة،و قد زالت.

مسألة:لو نسي الجنابة و تيمّم للحدث،
اشارة

قال الشّيخ في الخلاف:الّذي يقتضيه المذهب انّه لا يجوز له الدّخول به في الصّلاة (5).و به قال أحمد (6)،و مالك (7)،و أبو

ص:132


1- 1التّهذيب 1:407 حديث 1279 و 2:224 حديث 886،الاستبصار 1:169 حديث 587، الوسائل 2:1000 الباب 30 من أبواب التّيمّم،حديث 1،و 1067 [1] الباب 45 من أبواب النّجاسات، حديث 8.
2- 2) النّساء:43، [2]المائدة:6. [3]
3- 3) المبسوط 1:35. [4]
4- 4) تقدّم في ص 127.
5- 5) الخلاف 1:32 مسألة 87.
6- 6) المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293،الإنصاف 1:290، [5]الكافي لابن قدامة 1: 80،منار السّبيل 1،48،المجموع 2:225.
7- 7) الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:73،المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293، المجموع 2:225.

ثور (1).و قال أبو حنيفة،و الشّافعيّ:يجزيه (2)(3).و هو رواية عن مالك أيضا (4).

لنا:افتقار التّيمّم إلى نيّة انّه بدل عن الوضوء أو الغسل،و إذا لم ينوه لم يصحّ لقوله عليه السّلام:(الأعمال بالنيات) (5)و لأنّهما سببان مختلفان،فلم يجزئه أحدهما عن الآخر كالحجّ و العمرة.و لأنّهما طهارتان فلا تحصل إحداهما بنيّة الأخرى كطهارة الماء.

و لأنّهما بدل فلهما حكم المبدل.

احتجّ المخالف بأنّ طهارتهما واحدة فسقطت إحداهما بفعل الأخرى كالبول و الغائط (6).

و الجواب:بالمنع من التّساوي،و قد بيّنّاه.و بالفرق بأنّ الأصل حكمهما واحد و هو الحدث الأصغر و لهذا يجزي أحدهما عن نيّة الآخر في طهارة الماء.و الأجود على رأي من سوّى بين بدل الأصغر و الأكبر الإجزاء،لأنّه لا ينوي رفع الحدث بل الاستباحة و قد وجدت،و لأنّه لو أعاده لم تجب زيادة على ما فعله.

فروع:
الأوّل:لو نوى بتيمّمه استباحة الصّلاة من حدث،جاز له الدّخول في الصّلاة،

ص:133


1- 1المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:52،الهداية للمرغيناني 1:26،شرح فتح القدير 1:114-115،المغني 1:302، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293-294.
3- 3) الام(مختصر المزني)8:6،المجموع 2:225،مغني المحتاج 1:97،المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:293-294.
4- 4) بلغة السّالك 1:73.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:1،صحيح مسلم 3:1515 حديث 1907،سنن أبي داود 2:262 حديث 2201،سنن النّسائيّ 1:58،مسند أحمد 1:25،سنن الدّار قطني 1:50 حديث 1،سنن البيهقي 7: 341.
6- 6) المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:294.

و قوّاه الشّيخ في الخلاف،قال:و الأحوط التّعيين (1).

الثّاني:لو نوى الجنابة

أجزأ عن الحدث الأصغر،و الخلاف فيه كالأوّل.

الثّالث:

لو نوى مجموع الحدثين أجزأه قولا واحدا.

الرابع:لو تيمّم للجنابة دون الحدث استباح ما يستبيحه الطّاهر منهما،

خلافا لبعض الجمهور (2).فلو أحدث،انتقض تيمّمه و صار جنبا و حرم عليه ما يحرم على الجنب،خلافا لبعضهم (3).

مسألة:و إنّما يجب التّيمّم من الأحداث الموجبة للطّهارتين،لا غير.

و هو مذهب علمائنا أجمع،فلو كان على بدنه نجاسة و لم يتمكّن من الماء مسحها بالتّراب و صلّى إن كان على طهارة من غير تيمّم.و هو قول أكثر أهل العلم (4).و قال أحمد:إذا عجز عن غسلها لعدم الماء أو لخوف الضّرر باستعماله تيمّم لها و صلّى (5).

لنا:انّ الشّرع إنّما ورد بالتّيمّم للحدث و ليس إزالة النّجاسة منه و لا في معناه، لأنّها إنّما يؤتى بها في محلّ النّجاسة.

و لأنّ المقصود من غسل النجاسة إزالتها و ذلك لا يحصل بالتّيمّم.

احتجّوا (6)بقوله عليه السّلام:(الصّعيد الطّيّب طهور المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين) (7).

ص:134


1- 1الخلاف 1:32 مسألة 87.
2- 2) المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:294.
3- 3) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:294.
4- 4) المغني 1:307.
5- 5) المغني 1:307،الكافي لابن قدامة 1:81.
6- 6) المغني 1:307.
7- 7) سنن التّرمذي 1:211 حديث 124،سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن النّسائي 1:171، سنن البيهقي 1:212،سنن الدار قطني 1:187 حديث 1 إلى 6.

و لأنّها طهارة تراد للصّلاة فجاز لها التّيمّم عند عدم الماء كالحدث.

و الجواب عنهما:انّ الطّهارة من المشتركات اللّفظيّة،لم يلتفت الشّارع إلى الاشتراك المعنويّ بينهما.و أيضا فالحديث إنّما ورد في واقعة أبي ذر و ذلك يدلّ على انّ المراد الطّهارة من الحدث،و المشترك في القياس ليس بعلّة و إلاّ لاشترطت النّيّة.أمّا لو كانت النّجاسة على ثوبه فإنّه لا يجب لها التّيمّم إجماعا.

مسألة:التّيمّم مشروع لكلّ ما يشترط فيه الطّهارة و لصلاة الجنازة استحبابا،

لأنّها غير مشروطة بها و لا يشترط فيه هنا عدم الماء.و به قال الشّعبيّ (1)و ابن جرير (2).

و قال الشّافعيّ:لا يجوز لها التّيمّم مع وجود الماء بل تجب المائيّة (3).و به قال مالك (4)،و أحمد (5)،و أبو ثور (6)،سواء خاف فوتها مع الإمام أولا.و قال أبو حنيفة:

إن خاف فوتها إن توضّأ،تيمّم و صلاّها (7).و به قال الثّوريّ (8)،و الأوزاعيّ (9)، و اللّيث بن سعد (10)،و إسحاق (11).

لنا:انّها دعاء للميّت و صلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلا تفتقر إلى

ص:135


1- 1المغني 1:302،المجموع 5:223،بداية المجتهد 1:243.
2- 2) المجموع 5:223.
3- 3) المجموع 5:223،بداية المجتهد 1:243،المبسوط للسّرخسي 1:118.
4- 4) المجموع 5:223،بداية المجتهد 1:243.
5- 5) المغني 1:302،المجموع 5:223،بداية المجتهد 1:243.
6- 6) المجموع 5:223.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:51،الهداية للمرغيناني 1:27،عمدة القارئ 8:123،المبسوط للسّرخسي 1: 118،المجموع 5:223،فتح العزيز بهامش المجموع 5:185،بداية المجتهد 1:243.
8- 8) المغني 1:302،المجموع 5:223،عمدة القارئ 8:123.
9- 9) المغني 1:302،بداية المجتهد 1:243،المجموع 5:223،عمدة القارئ 4:16 و ج 8:123.
10- 10) المغني 1:302،المجموع 5:223،عمدة القارئ 4:16 و ج 8:123.
11- 11) المغني 1:302،المجموع 5:223،عمدة القارئ 8:123.

الطّهارة كسائر الأدعية.

احتجّ الشّافعيّ (1)بقوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بطهور» (2)و هي صلاة لقوله تعالى «وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ» (3).

و الجواب:المنع من كون اسم الصّلاة عليها حقيقة شرعيّة بل لغويّة.

مسألة:لو وجد الماء قبل الدّخول في الصّلاة انتقض تيمّمه.
اشارة

و هو قول أهل العلم كافّة،لأنّها طهارة ضروريّة و قد زالت الضّرورة،فتزول الرّخصة.و لو وجده بعد الصّلاة،فقد بيّنا (4)أنّها لا تبطل صلاته لكن ينتقض تيمّمه،لما يأتي.

و لو وجده في أثناء الصّلاة،ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب الانصراف ما لم يركع.اختاره الشّيخ في النّهاية (5)،و المرتضى في المصباح (6)و الجمل[1]،و ابن أبي عقيل في المتمسّك (7)،و قال الشّيخ في الخلاف و المبسوط:يرجع ما لم يكبر (8).و اختاره السّيّد المرتضى في شرح الرّسالة (9)،و عليّ بن بابويه في الرّسالة،و المفيد في المقنعة (10)، و ابن إدريس (11)،و هو الحقّ عندي.و قال سلار:يرجع ما لم يكبر،و يقرأ (12).و قال

ص:136


1- 1المجموع 5:223.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:355 حديث 4.
3- 3) التّوبة:103. [1]
4- 4) راجع ص 116.
5- 5) النّهاية:48.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:400. [2]
7- 8) نقله عنه في المختلف:51.
8- 9) الخلاف 1:33 مسألة-89-،المبسوط 1:33.
9- 10) نقله عنه في المعتبر 1:400. [3]
10- 11) المقنعة:8.
11- 12) السّرائر:27.
12- 13) المراسم:54.

ابن الجنيد:ما لم يركع في الثّانية (1).

و أما الجمهور،فقال الثّوريّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد في رواية:يرجع مطلقا و يتوضّأ و يصلّي (4).و قال مالك (5)،و الشّافعيّ (6)،و داود (7)،و أحمد في رواية (8)،و أبو ثور (9)،و ابن المنذر يتمّ صلاته مطلقا (10)،و هو الذي قلناه نحن إلاّ انّ الشّافعيّ و من وافقه جوّز له الخروج منها للوضوء (11).و هو قويّ عندي.و قال الأوزاعيّ:تصير نفلا.

لنا:على الأوّل:أنّه قد دخل دخولا مشروعا فلا يجوز له إبطاله لقوله تعالى:

«وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (12).

ص:137


1- 1نقله عنه في المختلف:51.
2- 2) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،التّفسير الكبير 11:174، [1]المحلّى 2:126،نيل الأوطار 1:336،المجموع 2:318.
3- 3) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،المحلّى 2:126،تفسير القرطبيّ 5:235، [2]التّفسير الكبير 11:174،نيل الأوطار 1:336،المجموع 2:318.
4- 4) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،التّفسير الكبير 11:174،المجموع 2: 318-319.
5- 5) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،المحلّى 2:126،التّفسير الكبير 11:174، تفسير القرطبي 5:235، [3]نيل الأوطار 1:336،المجموع 2:318.
6- 6) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،المحلّى 2:126،المجموع 2:318،تفسير القرطبي 5:235. [4]
7- 7) المحلّى 2:126،المجموع 2:318،نيل الأوطار 1:336.
8- 8) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،التّفسير الكبير 11:174، [5]المجموع 2:318.
9- 9) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،المحلّى 2:126،المجموع 2:318.
10- 10) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306،المجموع 2:318، [6]تفسير القرطبيّ 5:235. [7]
11- 11) مغني المحتاج 1:102،السّراج الوهّاج 1:29.
12- 12) محمّد:33. [8]

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الصّعيد الطّيّب وضوء المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين) (1)أخرجه أبو داود و النّسائيّ،أي هو بمنزلة الوضوء فتجب مشاركته له في كلّ الأحكام إلاّ ما أخرجه الدّليل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن معاوية بن ميسرة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل في السّفر لا يجد الماء،ثمَّ صلّى،ثمَّ أتى بالماء و عليه شيء من الوقت أ يمضي على صلاته أم يتوضّأ و يعيد الصّلاة؟قال:«يمضي على صلاته فإنّ ربّ الماء ربّ التراب» (2)و هو مطلق في حقّ من دخل بركوع أو بغيره.و نحوه روي عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب فتيمّم بالصّعيد و صلّى،ثمَّ وجد الماء،فقال:«لا يعيد انّ ربّ الماء ربّ الصّعيد فقد فعل أحد الطّهورين» (4).و هذا التّعليل يدلّ على المنع من الإعادة مطلقا.

و ما رواه في الحسن،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت،فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت،فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل» (5)و هو مطلق فلا يتقيّد بالرّكوع.

ص:138


1- 1سنن أبي داود 1:90 حديث 332،سنن النّسائي 1:171.
2- 2) التّهذيب 1:195 حديث 564،الاستبصار 1:160 حديث 554،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 13. [1]
3- 3) التّهذيب 1:195 حديث 565،الاستبصار 1:160 حديث 555،الوسائل 2:983 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 11. [2]
4- 4) التّهذيب 1:197 حديث 571،الاستبصار 1:161 حديث 557،الوسائل 2:984 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 15. [3]
5- 5) التّهذيب 1:192 حديث 555،الاستبصار 1:159 حديث 548،الوسائل 2:982 الباب 14 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [4]

و ما رواه،عن محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له رجل تيمّم،ثمَّ دخل في الصّلاة و قد طلب الماء فلم يقدر عليه،ثمَّ يؤتى بالماء حين يدخل في الصّلاة،قال:«يمضي في الصّلاة» (1).

و لأنّ حرمة الصّلاة مانعة من التّوضؤ فصار عادما للماء حكما كما لو وجد الماء بزيادة يسيرة في الثّمن عندهم،لأنّ حرمة الصّلاة فوق حرمة الزّيادة،و لأنّه وجد المبدل بعد التّلبّس بمقصود البدل،فلم يلزمه الخروج،كما لو وجد الرّقبة بعد التّلبّس بالصّيام.

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قلت:

فإن أصاب الماء و قد دخل في الصّلاة،قال:«فلينصرف و ليتوضّأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فإنّ التّيمّم أحد الطّهورين» (2).

و بما رواه،عن عبد اللّه بن عاصم[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل لا يجد الماء فيتيمّم و يقوم في الصّلاة فجاء الغلام فقال:هو ذا الماء،فقال:«إن كان لم يركع انصرف و ليتوضّأ،و إن كان قد ركع فليمض في صلاته» (3).

و بما رواه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل تيمّم، قال:«يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء» (4).و هذا يدلّ بمفهومه على بطلان الصّلاة مطلقا

ص:139


1- 1التّهذيب 1:203 حديث 590،الاستبصار 1:166 حديث 575،الوسائل 2:992 الباب 21 من أبواب التّيمّم،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:200 حديث 580،الوسائل 2:991 الباب 21 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [2]
3- 4) التّهذيب 1:204 حديث 591،الاستبصار 1:166 حديث 576،الوسائل 2:992 الباب 21 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [3]
4- 5) التّهذيب 1:200 حديث 579،الوسائل 2:990 الباب 20 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [4]

خرج ما لو ركع فيبقى الباقي على العموم.

و احتجّ أبو حنيفة بأنّه فقد شرط الصّلاة،إذ الطّهارة شرط،و قد فقدت،إذ حصولها مشروط بالعجز لقوله عليه السّلام:(التّراب طهور المسلم و لو إلى عشر سنين) (1).

و في حديث آخر:(الصّعيد الطّيّب وضوء المسلم ما لم يجد الماء و لو عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمسّه جلدك) (2)و قد انتفى العجز،و لأنّ الحديث دلّ بمفهومه على انّه لا يكون طهورا عند وجود الماء،و بمنطوقه على وجوب الإمساس عند الوجود،و لأنّه قادر على الاستعمال،فبطل تيمّمه كالخارج من الصّلاة.

و الجواب عن الأوّل:بالحمل على الاستحباب لا الوجوب،و قد ذكره الشّيخ في المبسوط (3)،و يدلّ عليه مفهوم قوله عليه السّلام:«فإنّ التّيمّم أحد الطّهورين»و هذا التّعليل ثابت قبل الفعل.

و يمكن أن يحمل قوله:و قد دخل في الصّلاة،أي:قارب الدّخول فيها،أو دخل في مقدّماتها من التّوجّه بالأذان و التّكبيرات.

و قوله:«فلينصرف و ليتوضّأ ما لم يركع»أي:ما لم يدخل في الصّلاة ذات الرّكوع و أطلق على الصّلاة اسما للرّكوع مجازا من باب إطلاق اسم الجزء على الكلّ و هذان المجازان و إن بعدا إلاّ انّ المصير إليهما للجمع أولى.و هذا هو الجواب عن الثّاني.

و عن الثّالث:انّه يدلّ من حيث المفهوم،فلا يعارض المنطوق.

و أيضا:نمنع بأنّه واجد إذ المراد به المتمكّن[1]،و مع دخوله في الصّلاة فهو غير

ص:140


1- 1سنن أبي داود 1:90 حديث 332،سنن التّرمذي 1:211 حديث 124،سنن النّسائي 1:171، سنن الدار قطني 1:186 حديث 1 بتفاوت يسير.
2- 2) سنن البيهقي 1:212،سنن الدّار قطني 1:187 حديث 2.
3- 3) المبسوط 1:33.

متمكّن،كما لو وجده بعد الرّكوع.

و عن الرّابع:بالمنع من فقد الشّرط،و يحقّقه قوله عليه السّلام:(التّراب طهور المسلم).قوله:دوام العجز شرط لبقائها.قلنا ممنوع عندنا و هو ظاهر،و عندكم لأنّ مقتضاه بطلان الصّلاة من حينه،كما لو سبقه الحدث في أثناء الصّلاة،فإنّ الصّلاة تبطل من حينه و يبني،و أنتم قضيتم هاهنا بالاستئناف.سلّمنا:لكنّ دوام العجز موجود هنا،إذ العجز قد يطلق بحسب الحقيقة و هو ظاهر،و بحسب العرف الشّرعيّ كخائف العطش،و العجز الشّرعيّ موجود هنا،لتحريم قطع الصّلاة بالآية،فحينئذ لا يمكنكم الاستدلال على قطع الصّلاة إلاّ بعد بيان كونه قادرا،و ذلك لا يتمّ إلاّ بعد بيان جواز القطع و هو دور،و الحديثان دالاّن على كونه طهورا عند عدم الماء،لا على نفي الطّهوريّة عند وجود الماء و كيف يمكن ذلك و قد يكون طهورا عند وجوده كما في المريض و العطشان.و لو دلّ فإنّما يدلّ بمفهوم دليل الخطاب و هو ضعيف،و أبو حنيفة لا يقول به،و دلالته على إمساس الماء عند الوجود غير نافع،للزوم الدّور المتقدّم بيانه، و هذا يبطل قياسهم،إذ القدرة ممنوعة،و تمنع[1]المساواة بين الأصل و الفرع.

فروع:
الأوّل:لو قلنا بجواز الخروج قبل الرّكوع توضّأ و استأنف،

لأنّ الطّهارة شرط و قد فاتت ببطلان التّيمّم،فلا تبقى الصّلاة مع فوات شرطها،و خالف فيه بعض الجمهور فإنّه جوّز البناء،كما لو سبقه الحدث (1).و الجواب:بمنع الحكم في الأصل و سيأتي.و لو سلّم فالفرق حاصل إذ ما مضى من الصّلاة في صورة النّزاع مبنيّ على طهارة ضعيفة فلم يمكن البناء عليه كطهارة المستحاضة بخلاف من سبقه الحدث.

ص:141


1- 2) المغني 1:304،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:306.
الثّاني:لو قلنا انّ فاقد الماء و التّراب يصلّي

-كما ذهب بعض علمائنا (1)و بعض الجمهور (2)-لو وجد الماء في أثناء الصّلاة خرج منها بكلّ حال،لأنّها صلاة بغير طهارة ثبت التّرخّص فيها لمحلّ الضّرورة و قد زالت.

الثّالث:لو يمّم الميّت،ثمَّ وجد الماء في أثناء الصّلاة عليه،

وجب تغسيله،لأنّ غسله ممكن،خلافا لبعض الجمهور (3).

الرّابع:هل يجوز له الخروج إذا وجد الماء و إن لم يجب عليه كما ذهبنا إليه؟

أمّا إذا وجده بعد الرّكوع فلا،عملا بالآية و الأحاديث،و أمّا إذا وجد قبل الرّكوع فالآية و إن دلّت على المنع من الخروج،إلاّ انّه يمكن أن يقال بجواز[1]الخروج،عملا بحديث زرارة،و لأنّه شرع في مقصود البدل فخيّر بين الرّجوع إلى المبدل و بين إتمام ما شرع فيه، كما في صوم الكفّارة لو وجد الرّقبة،و خالف فيه بعض الجمهور (4)،لأنّ ما لا يوجب الخروج من الصّلاة لا يتّجه،كسائر الأشياء.

الخامس:لو وجد الماء بعد الرّكوع استمرّ على فعله و لم ينتقض تيمّمه في تلك

الصّلاة،

فإذا فرغ بعد فقده قال الشّيخ:يبطل تيمّمه في حقّ ما يستقبل من الصّلوات (5).و هو عندي مشكل،إذ المبطل وجود الماء مع التّمكّن من استعماله و هذا غير متمكّن شرعا،فجرى مجرى غير المتمكّن حقيقة،و كلام الشّيخ رحمه اللّه لا يخلو عن قوّة.

أمّا لو وجده قبل الرّكوع،فإن أوجبنا عليه الانصراف كما هو مذهب بعض

ص:142


1- 1المبسوط 1:31. [1]
2- 2) المجموع 2:279،المغني 1:284،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:286.
3- 3) المغني 1:304،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:307.
4- 5) المغني 1:304،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:308.
5- 6) النّهاية:48،المبسوط 1:33. [2]

علمائنا (1)،انتقض تيمّمه قولا واحدا في حقّ هذه الصّلاة و غيرها،و وجب عليه الوضوء منه و الاستئناف.و إن لم يوجب عليه الانصراف،فإن قلنا بتحريمه،فهو كما لو وجده بعد الرّكوع،و إن قلنا بجوازه فالأقرب حينئذ البطلان،لأنّه واجد غير ممنوع شرعا من استعماله.

السّادس:لو تلبّس بنافلة

فالأقرب مساواتها للفريضة و إن كان فيه بحث.

السّابع:الطّهارة شرط في صلاة العيدين دون صلاة الجنازة،

و يجوز أن يتيمّم للجنازة مع وجود الماء،و الجمهور شرطوا الطّهارة فيها (2).

إذا عرفت هذا،فلا فرق بين صلاة العيد و الفرائض اليوميّة لأنّها فرائض،أمّا الجنازة فإنّ تيمّمها ليس شرطا فلا ينتقض بوجود الماء،لأنّه يجوز مع وجود الماء.أمّا أبو حنيفة فإنّه قال:لا يبطل التّيمّم لو وجده[1]في أثناء صلاة الجنازة و العيدين (3)،خلافا للشّافعيّ (4).

الثّامن:سؤر الحمار و البغل عندنا طاهر،

فإذا وجد الماء من سؤرهما في الأثناء،لم يبطل تيمّمه.و أبو حنيفة و إن أبطلها مع وجود الماء في الأثناء فإنّه هنا لا يبطلها (5).

مسألة:و يبطل التّيمّم كلّ نواقض الطّهارة المائيّة،
اشارة

و يزيد عليه رؤية الماء المقدور استعماله و لا نعرف فيه خلافا إلاّ ما نقله الشّيخ،عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن فإنّه قال:لا يبطل (6).لأنّه بدل فلا يزيد على حكم مبدله في انتقاضه بما ينتقض به أصله.

ص:143


1- 1النّهاية:48. [1]
2- 2) المجموع 5:223،المغني 1:302،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:312،عمدة القارئ 8:123،بداية المجتهد 1:243،الامّ 1:275.
3- 4) المجموع 5:223، [2]عمدة القارئ 8:123.
4- 5) الام 1:275،المجموع 5:223، [3]المبسوط للسّرخسي 1:118،عمدة القارئ 8:123.
5- 6) بدائع الصّنائع 1:59.
6- 7) الخلاف 1:33 مسألة 88.

و لأنّه تعالى سوّغ التّيمّم عند عدم الوجدان،فمعه تزول الرّخصة.و يؤيّده:ما رواه الجمهور،من قوله عليه السّلام:(فإذا أصبت الماء فأمسّه جسدك) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:يصلّي الرّجل بتيمّم واحد صلاة اللّيل و النّهار كلّها،فقال:«نعم،ما لم يحدث أو يصب ماء»قلت:فإن أصاب الماء و رجا أن يقدر على ماء آخر،و ظنّ انّه يقدر عليه،فلمّا أراد تعسّر عليه قال:«ينقض ذلك التّيمّم و عليه أن يعيد التّيمّم» (2).

و ما رواه،عن السّكونيّ،عن جعفر عليه السّلام،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام قال:«لا بأس بأن يصلّي صلاة اللّيل و النّهار بتيمّم واحد ما لم يحدث أو يصب الماء» (3).

فروع:
الأوّل:لا ينتقض التّيمّم بتوهّم وجود الماء،

فلو رأى ركبا توهّم انّ الماء معه،أو رأى خضرة أو شيئا يدلّ على الماء وجب عليه الطّلب،لما تقدّم (4)،و إن وجد انتقض التّيمّم و إلاّ فلا،خلافا للشّافعيّ (5)،لأنّه على يقين من الطّهارة فلا ينقضها بالشّك، و وجوب الطّلب ليس بناقض،لعدم النّصّ و معناه،أمّا لو طلع الرّكب و هو في الصّلاة فإنّه لا تبطل صلاته و لا ينتقض تيمّمه،لأنّه دخل في الصّلاة دخولا مشروعا،

ص:144


1- 1سنن الدّار قطني 1:187 حديث 6.سنن أبي داود 1:91 حديث 333،مسند أحمد 5:146 و 147، مع تفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 1:200 حديث 580،الاستبصار 1:164 حديث 570،الوسائل 2:989 الباب 19 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 1:201 حديث 582،الاستبصار 1:163 حديث 567،الوسائل 2:991 الباب 20 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [2]
4- 4) راجع ص 48. [3]
5- 5) المجموع 2:259،المغني 1:305،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:305.

فلا تبطل بالوهم.

قال الشّافعيّ:إذا تيمّم و لم يدخل في الصّلاة حتّى طلع عليه ركب بماء،فامتنع أن يعطيه،أو وجد ماء فحيل بينه و بينه،لم يجز التّيمّم الأوّل (1).و ليس بجيّد لأنّ النّاقض إنّما هو التّمكّن من استعمال الماء لا مطلق وجود الماء.قال:و لو طلع عليه راكب و هو لا يعلم أ معه ماء أم لا لزمه السّؤال،فإن لم يكن معه شيء لزم هذا السّائل إعادة التّيمّم (2).و ليس بشيء.

الثّاني:هل يجب عليه إذا طلع الرّكب بعد التّيمّم أن يسألهم عن الماء،

قال الشّيخ في الخلاف:لا يجب.خلافا للشّافعيّ،فاستدلّ بأنّ هذه الحال حال وجوب الصّلاة و تضيّق وقتها و الخوف من فوتها و قد مضى وقت الطّلب فلا يجب عليه (3).و هذا جيّد على أصله.

الثّالث:خروج وقت الصّلاة لا ينقض التّيمّم،

و لا دخول وقت الصّلاة، خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (5)عقيب الأمر بالوضوء عند القيام إلى جنس الصّلاة الشّامل للقليل و الكثير.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:(الصّعيد طهور المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين) (6).و من طريق الخاصّة:رواية زرارة و غيرها،و قد

ص:145


1- 1المجموع 2:259،المهذّب للشيرازيّ 1:34،الامّ 1:48.
2- 2) المهذّب للشّيرازي 1:34.
3- 3) الخلاف 1:37 مسألة 99.
4- 4) المغني 1:299،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:299.
5- 5) المائدة:6. [1]
6- 6) سنن التّرمذيّ 1:211 حديث 124،سنن النّسائيّ 1:171،سنن الدّار قطني 1:187،سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن البيهقيّ 1:212 مع تفاوت يسير.

تقدّم.

قالوا:طهارة ضروريّة فتتقدّر بالوقت كالمستحاضة (1).قلنا:فيتقدّر لكلّ صلاة كالمستحاضة،و بعضهم لا يقول بالتّعدّد و بالفرق.و قد تقدّم (2).

الرّابع:لا يبطل التّيمّم بنزع العمامة و الخفّ،

و هذا عندنا ظاهر،لأنّ المسح على الخفّين و العمامة في الوضوء باطل عندنا.

أمّا الجمهور فقد اختلفوا فقال أحمد:انّه يبطل التّيمّم كما أبطل الوضوء (3)و خالفه الباقي في ذلك لأنّ التّيمّم طهارة لم يمسح فيها عليه فلا يبطل بنزعه (4)،و قياسه باطل، لأنّ الوضوء يبطل بنزع ما هو ممسوح عليه فيه.

الخامس:لو أحدث المتيمّم من جنابة حدثا أصغر و معه من الماء ما يكفيه

للوضوء،

قال السّيّد المرتضى:يتوضّأ به لأنّ حدث الجنابة ارتفع بالتّيمّم و تجدّد حدث آخر،و معه من الماء ما يزيله،فيجب استعماله (5).و خالف فيه الشّيخ (6)و الحقّ معه، لأنّ التّيمّم عندنا غير رافع للحدث بل مبيح للصّلاة،فمع الحدث زالت تلك الرّخصة، فيعود إلى ما كان.

السّادس:لو رعف المتيمّم،ثمَّ وجد ماء يكفيه لأحد الأمرين،

إمّا الوضوء أو غسل الدّم،لم ينتقض تيمّمه لأنّه لم يجد ما يتمكّن من الوضوء به.و قال الشّافعيّ:

ينتقض (7)،لأنّ وجود الطّلب[1]ينقض التّيمّم.

ص:146


1- 1المغني 1:299،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:300،المجموع 2:243.
2- 2) تقدّم في ص 112.
3- 3) المجموع 2:333،المغني 1:306،الكافي لابن قدامة 1:87،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:303.
4- 4) المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:303،المجموع 2:332.
5- 5) نقل عنه في المعتبر 1:395. [1]
6- 6) النّهاية:50،المبسوط 1:34، [2]الخلاف 1:45 مسألة 125.
7- 7) الأم 1:48،المجموع 2:318.
مسألة:و يجوز التّيمّم لكل ما يتطهّر له من فريضة،و نافلة،و مسّ مصحف،
اشارة

و قراءة عزائم،و دخول مساجد،و غيرها.و به قال عطاء،و مكحول،و الزّهريّ، و ربيعة،و يحيى الأنصاريّ (1)،و مالك (2)،و الشّافعيّ (3)،و الثّوريّ (4)،و أصحاب الرّأي (5).و قال أبو مخرمة[1]:لا يتيمّم إلاّ لمكتوبة (6)،و كره الأوزاعي أن يمسّ المتيمّم المصحف (7).

لنا:قوله تعالى «وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا» ثمَّ قال:

«فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (8).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الصّعيد الطّيّب طهور المسلم) (9).

ص:147


1- 1المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:47،بداية المجتهد 1:73،بلغة السّالك 1:70،المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
3- 3) الام 1:47،المهذّب للشّيرازيّ 1:36،المجموع 2:301،المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
4- 4) المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:52،الهداية للمرغينانيّ 1:26، [1]شرح فتح القدير 1:114،المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
6- 7) المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
7- 8) المغني 1:306،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:304.
8- 9) النّساء:43. [2]
9- 10) سنن التّرمذيّ 1:211 حديث 124،سنن أبي داود 1:91 حديث 333،سنن النّسائيّ 1:171، سنن البيهقيّ 1:212،سنن الدّار قطنيّ 1:187-بتفاوت يسير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن حمران و جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«فإن اللّه جعل التّراب طهورا كما جعل الماء طهورا» (1).

و لأنّه يستباح بطهارة الماء هذه الأشياء فيستباح بالتّيمّم كالمكتوبة.

فروع:
الأوّل:الميّت إذا لم يوجد الماء لغسله وجب أن يؤمّم كما يؤمّم الحيّ،

و يتيمّم من يؤمّمه،ثمَّ يدفن،فإذا وجد الماء اغتسل.

الثّاني:لو وجد الماء بالثّمن

وجب أن يشتري من تركة الميّت،لأنّه كالكفن.

الثّالث:لو خاف الغاسل على نفسه من البرد و أمكن تسخين الماء وجب،

و إن لم يمكن انتقل الفرض إلى التّيمّم،لأنّه حرج.

الرّابع:يجوز أن يتيمّم لصلاة الجنازة مع وجود الماء،

لأنّها غير مشروطة بالطّهارة على ما يأتي،و لا يدخل به في غيرها من الصّلوات،و يجوز أن يصلّي عليها من غير تيمّم.

الخامس:يستباح بالتّيمّم ما يستباح بالمائيّة،

و هل يجب للجنب إذا تعذّر عليه الغسل قبل الفجر؟أقربه عدم الوجوب.و كذا الحائض و المستحاضة،فيصحّ صومهم و إن كانوا محدثين من غير تيمّم إذا لم يجدوا الماء.

السّادس:إذا انقطع دم الحيض جاز الوطء و إن لم تغتسل،

على ما بيّنّاه (2).

و لا يشترط التّيمّم،خلافا للشّافعيّ (3)،و هو مبنيّ على اشتراط فعل الطّهارة و عدمه و قد

ص:148


1- 1التّهذيب 1:404 حديث 1264،الوسائل 2:995 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
2- 2) يراجع الجزء الثاني ص 394.
3- 3) الام 1:59،المهذّب للشّيرازيّ 1:38،المجموع 2،370،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:31،مغني المحتاج 1:110.

سبق (1).لكنّه مستحبّ.

روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المرأة إذا تيمّمت من الحيض هل تحلّ لزوجها؟قال:«نعم» (2).

و أوجب بعض الجمهور التّيمّم حتّى انّ بعضهم قال:إن قلنا انّ كلّ صلاة تحتاج إلى تيمّم،احتاج كلّ وطء إلى تيمّم (3).و ليس بشيء.

و على القول باشتراط الطهارة في الوطء يحتمل وجوب التّيمّم له و يستباح الوطء به حينئذ،و به قال الشّافعي (4).و قال أبو حنيفة:لا يستبيح (5)الوطء بمجرّد التّيمّم حتّى تصلّي به (6)،فلو أحدثت لم يحرم على الزّوج وطؤها على ما اخترناه.و عند المشترطين من أصحابنا يحتمل التّحريم (7)،لبقاء الحدث الأكبر.

مسألة:الكافر لا يصحّ تيمّمه-و قد تقدّم
اشارة

(8)

-سواء كان بنيّة الإسلام أولا.و به قال أبو حنيفة و محمّد.و قال أبو يوسف:لو تيمّم بنيّة الإسلام و أسلم له أن يصلّي بذلك التّيمّم (9).

لنا:انّ الشّرط النّيّة،و لا تصحّ من الكافر.

ص:149


1- 1يراجع الجزء الثاني ص 395.
2- 2) التّهذيب 1:405 حديث 1268،الوسائل 2:565 الباب 21 من أبواب الحيض،حديث 2. [1]
3- 3) المغني 1:303،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:296.
4- 4) الام 1:59،المهذّب للشّيرازيّ 1:38،المجموع 2:370،مغني المحتاج 1:110،ميزان الكبرى 1: 129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:31.
5- 5) كذا في النّسخ،و لعلّ الأنسب:لا يستباح.
6- 6) المجموع 2:370،المغني 1:387،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:349،ميزان الكبرى 1:129،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:31،المبسوط 2:16.
7- 7) الفقيه 1:50،الهداية:22.
8- 8) تقدّم في ص 82.
9- 9) الهداية للمرغيناني 1:26،بدائع الصّنائع 1:52،شرح فتح القدير 1:116.

احتجّ بأنّ الإسلام عبادة و قد نواه بتيمّمه،و شرط صحّة التّيمّم أن ينوي به عبادة و قد وجد (1).

و الجواب:الشّرط نيّة عبادة لا تصحّ بدون الطّهارة،و الإسلام يصحّ بدونها.

فرعان:
الأوّل:لو ارتدّ المتيمّم المسلم

لم يبطل تيمّمه،و قد تقدّم (2).

الثّاني:لو تيمّم مرتدّا لم يعتدّ به و وجب عليه استئنافه،

لأنّه عبادة فيشترط فيها الإسلام.

مسألة:و لو وجد المتيمّم بعد دخوله في الصّلاة نبيذ التّمر لم يقطع صلاته عند

علمائنا أجمع.

و هو قول أبي يوسف و من لم يجوّز التّوضّؤ به.و قال أبو حنيفة:يقطعها.

و قال محمّد:يمضي فيها،ثمَّ يتوضّأ بنبيذ التّمر و يعيدها (3).

لنا:انّه غير طهور و قد سلف (4)،فلا يجوز قطع الصّلاة به و لا التّوضؤ به ابتداء.

احتجّ أبو حنيفة (5)بحديث ابن مسعود في ليلة الجنّ و انّه عليه السّلام قال:(تمرة طيّبة و ماء طهور) (6).

و الجواب ما تقدّم (7).

ص:150


1- 1راجع المصادر السّابقة.
2- 2) يراجع الجزء الثاني ص 242.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:27،بدائع الصّنائع 1:59،الهداية للمرغيناني 1:24،شرح فتح القدير 1:103-104،المبسوط للسّرخسي 1:124.
4- 4) تقدّم في الجزء الأوّل ص 116.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:24،شرح فتح القدير 1:103.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:135 حديث 384،سنن أبي داود 1:21 حديث 84،سنن التّرمذي 1:147 حديث 88،سنن البيهقي 1:9.
7- 7) تقدّم في الجزء الأوّل ص 118-119.

قال محمّد:التّوضؤ بالنّبيذ عرف ليلة الجنّ،و التّيمّم عرف بالآية،و لا نعرف المتأخّر،فكان مشكلا،فجمعنا بينهما احتياطا (1).

و الجواب:المنع من العرفان في النّبيذ،و قد سلف (2).

و لو وجد سؤر الحمار قبل الدّخول استعمله لأنّه طاهر،و لا يتيمّم عندنا لأنّه طهور،و قد سلف (3).و الحنفيّة لمّا شكّوا فيه جمعوا بينه و بين التّيمّم،ثمَّ اختلفوا،فقال زفر:لو تيمّم أوّلا لم يصحّ لأنّه تيمّم و عند ماء مأمور بالتّوضي به،فلم يكن سائغا (4).

و قال أبو حنيفة و صاحباه:لو قدّمه أو أخّره أجزأه،لأنّ الفرض الطّهارة المتيقّنة،فإن كان السّؤر طهورا فالتّيمّم سائغ في الحالين و إلاّ فهو المعتبر فيهما،فعلى كلا التّقديرين تحصل الطّهارة المتيقنة (5).

مسألة:و لو أحدث المتيمّم في صلاته حدثا يوجب الوضوء ناسيا

و وجد الماء توضّأ و بنى على ما مضى من صلاته،ذكره الشّيخان (6)،ما لم يتكلّم أو يستدبر القبلة،و منع ابن إدريس (7)منه،لأنّ الطّهارة انتقضت بالحدث،فتبطل الصّلاة معها كما في الطّهارة المائيّة.

و احتجّ الشّيخان (8)بما رواه زرارة و محمّد بن مسلم في الصّحيح،عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت له:رجل دخل في الصّلاة و هو متيمّم فصلّى ركعة،ثمَّ

ص:151


1- 1الهداية للمرغيناني 1:24،شرح فتح القدير 1:104.
2- 2) تقدّم في الجزء الأوّل ص 119.
3- 3) تقدّم في الجزء الأوّل ص 148.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:24،شرح فتح القدير 1:102،المبسوط للسّرخسي 1:116.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:116،الهداية للمرغيناني 1:24،شرح فتح القدير 1:102.
6- 6) المفيد في المقنعة:8،و الطّوسيّ في النّهاية:48. [1]
7- 7) السّرائر:27.
8- 8) المفيد في المقنعة:8،و الطّوسيّ في التّهذيب 1:204.

أحدث فأصاب الماء،قال:«يخرج و يتوضّأ،ثمَّ يبني على ما مضى من صلاته الّتي صلّى بالتّيمّم» (1).

و ما رواه زرارة و محمّد بن مسلم في الصّحيح قال:قلت:في رجل لم يصب الماء و حضرت الصّلاة فتيمّم و صلّى ركعتين،ثمَّ أصاب الماء أ ينقض الرّكعتين أو يقطعهما و يتوضّأ،ثمَّ يصلّي؟قال:«لا و لكنّه يمضي في صلاته و لا ينقضهما لمكان انّه دخلها و هو على طهور بتيمّم»قال زرارة:قلت له:دخلها و هو متيمّم فصلّى ركعة و أحدث فأصاب ماء قال:«يخرج و يتوضّأ و يبني على ما مضى من صلاته الّتي صلّى بالتّيمّم»[1].

قال الشّيخ:و لا يلزم مثل ذلك في المتوضّئ،لأنّ الشّريعة منعت من ذلك في حقّه،أمّا لو كان متعمّدا فإنّه يبطل الصّلاة إجماعا (2).

مسألة:قال علماؤنا:يكره أن يؤمّ المتيمّم المتوضّئين.

و قال الجمهور:انّه جائز غير مكروه (3).و قال محمّد بن الحسن:لا يجوز (4).و نقله ابن إدريس عن بعض أصحابنا (5).

لنا:قوله تعالى «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» (6)سوّغ الدّخول في الصّلاة مع

ص:152


1- 1التّهذيب 1:204 حديث 594،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة،حديث 10. [1]
2- 3) التّهذيب 1:205.
3- 4) المجموع 4:263،المحلّى 2:143،المغني 2:52،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:42،عمدة القارئ 4:24،بدائع الصّنائع 1:56.
4- 5) بدائع الصّنائع 1:56،الهدية للمرغيناني 1:57،شرح فتح القدير 1:319،المحلّى 2:143،عمدة القارئ 4:24،المجموع 4:263.
5- 6) السّرائر:27.
6- 7) المائدة:6. [2]

التّيمّم على الإطلاق،إماما كان أو مأموما كالطّهارة.

و ما رواه الجمهور في حديث أبي ذر،عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(التّراب طهور المسلم عشر سنين) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل و محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«فإنّ اللّه جعل التّراب طهورا،كما جعل الماء طهورا» (2).

احتجّ محمّد بأنّ هذا اقتداء كامل الحال بناقص الحال فلا يجوز كاقتداء اللاّبس بالعاري (3).

و الجواب:ينتقض بائتمام القائم بالقاعد و هو جائز عندهم (4)،لما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى آخر صلاته قاعدا و أصحابه خلفه قيام (5).

و لأنّ التّيمّم خلف عن الوضوء،و الخلف يقوم مقام الأصل كالغاسل،بالماسح على الخفّين عندهم،و بالماسح على الجبائر،بخلاف ما ذكره،لأنّ الأصل فات،فلا خلف له.

مسألة:إذا اجتمع ميّت و محدث و جنب و الماء يكفي أحدهم،
اشارة

خصّ به الجنب و تيمّم المحدث و يمّم الميّت،ذكره الشّيخ (6)،و رواه ابن بابويه في كتاب من لا يحضره

ص:153


1- 1سنن أبي داود 1:90 حديث 332،سنن التّرمذيّ 1:211 حديث 124،سنن النّسائيّ 1:171، سنن البيهقيّ 1:212،سنن الدّار قطني 1:186 حديث 1-6-بتفاوت.
2- 2) التّهذيب 1:404 حديث 1264،الوسائل 2:995 الباب 24 من أبواب التّيمّم،حديث 2. [1]
3- 3) الهداية للمرغيناني 1:57،شرح فتح القدير 1:319.
4- 4) المغني 2:50،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:50،المجموع 4:264،الهداية للمرغيناني 1:58،شرح فتح القدير 1:320.
5- 5) صحيح البخاري 1:167،صحيح مسلم 1:309 حديث 412،سنن أبي داود 1:165 حديث 605،الموطّأ 1:135 حديث 17،سنن البيهقي 3:79.
6- 6) النّهاية:50. [2]

الفقيه في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن أبي نجران[1]قال:سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر،أحدهم جنب،و الثّاني ميّت و الثّالث على غير وضوء و حضرت الصّلاة و معهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم،من يأخذ الماء و كيف يصنعون؟قال:«يغتسل المجنب و يدفن الميّت و يتيمّم الّذي هو على غير وضوء لأنّ الغسل من الجنابة فريضة،و غسل الميّت سنّة،و التّيمّم للآخر جائز» (1).

و البحث في الأولويّة هاهنا إنّما هو إذا لم يكن الماء ملكا لأحدهم بل وجدوه في المباح،أو سمح[2]المالك ببذله.و لو كان ملكا لأحدهم اختصّ به،لأنّه يحتاج إليه لنفسه،فلا يجوز له بذله لغيره،سواء كان المالك هو الميّت أو الإحياء.

فروع:
الأوّل:لو اجتمع ميّت و جنب و حائض،

قال الشّيخ:إذا لم يكن الماء ملكا لأحدهم،كانوا مخيّرين في أن يستعمله واحد منهم،و إن كان ملكا لأحدهم فهو أولى به (2).و قال الشّافعيّ:الميّت أحقّ به (3).و هو أحد قولي أحمد و القول الآخر يخصّ به أحد الحيّين إمّا الجنب على أحد الوجهين أو الحائض على الآخر (4).

احتجّ الشّيخ بأنّ هذه فروض قد اجتمعت،و لا أولويّة لأحدها و لا دليل يوجب

ص:154


1- 2) الفقيه 1:59 حديث 222،الوسائل 2:987 الباب 18 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]
2- 4) الخلاف 1:43 مسألة 118،المبسوط 1:34. [2]
3- 5) الام(مختصر المزني)8:8،المهذّب للشيرازيّ 1:35،الجموع 2:375.
4- 6) المغني 1:310، [3]الكافي لابن قدامة 1:90،الإنصاف 1:305.

التّخصيص فوجب التّخيير (1)،و لأنّ الرّوايات اختلفت في التّرجيح،ففي رواية التّفليسيّ[1]،عن الرّضا عليه السّلام في القوم يكونون في السّفر فيموت منهم ميّت و معهم جنب و معهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما،أيّهما يبدأ به؟قال:«يغتسل الجنب و يترك الميّت» (2).

و روى محمّد بن عليّ[2]،عن بعض أصحابنا قال:قلت:الجنب و الميّت يتفقان في مكان و لا يكون الماء إلاّ بقدر ما يكفي أحدهما،أيّهما أولى أن يغتسل بالماء؟قال:

«يتيمّم الجنب و يغسّل[3]الميّت» (3)و وجه هذه الرّواية انّ غسله خاتمة طهارته، فيستحبّ إكمالها،و الحيّ قد يجد الماء فيغتسل.و أيضا:القصد في غسل الميّت التّنظيف و لا يحصل بالتّيمّم،و في الحيّ الدّخول في الصّلاة و هو حاصل به.وجه الاولى انّه متعبّد بالغسل مع وجود الماء،و الميّت قد سقط عنه الفرض بالموت،و لأنّ الطّهارة في حقّ الحيّ تفيد فعل الطّاعات على الوجه الأكمل بخلاف الميّت.

ص:155


1- 1الخلاف 1:43 مسألة-118.
2- 3) التّهذيب 1:110 حديث 287،الاستبصار 1:102 حديث 331،الوسائل 2:988 الباب 18 من أبواب التّيمّم،حديث 4. [1]
3- 6) التّهذيب 1:110 حديث 288،الاستبصار 1:102 حديث 332،الوسائل 2:988 الباب 18 من أبواب التّيمّم،حديث 5. [2]
الثّاني:لو اجتمع محدث و جنب،

قال الشّيخ بالتّخيير (1).و هو أحد أقوال الشّافعيّ (2)و قال أيضا:يخصّ المحدث به،و قال أيضا:يخصّ به الجنب (3).

و في رواية أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة و ليس معهم من الماء إلاّ ما يكفي الجنب لغسله يتوضّئون هم هو أفضل،أو يعطون الجنب فيغتسل و هم لا يتوضّئون؟فقال:«هم يتوضّئون و يتيمّم الجنب»[1].و في الطّريق وهب بن حفص،و فيه قول[2].

الثّالث:لو اجتمع ميّت و جنب فعلى قول الشّيخ ينبغي التّخيير.

و لو قيل:

يخصّ[3]به الحيّ أو الميّت عملا بأقوى الدّليلين السّابقين كان وجها.

الرّابع:لو وجدوه في مكان مباح فهو للأحياء،

لأنّ الميت غير واجد.

الخامس:لو كان للميّت ماء ففضل منه فضلة فهو لوارثه،

فإن لم يكن حاضرا جاز للحيّ أن يقوّمه و يستعمله،لأنّ في تركه إتلافا له.و قال بعض الجمهور:ليس له أخذه لأنّ مالكه لم يأذن فيه،إلاّ أن يخاف العطش،فيأخذه بشرط الضّمان (4).

السّادس:لو تغلّب المرجوح على غيره أساء و أجزأه،

لأنّ الآخر ليس بمالك و إنّما

ص:156


1- 1الخلاف 1:44 مسألة-119.
2- 2) المجموع 2:276.
3- 3) المجموع 2:276.
4- 7) المغني 1:311.

التّرجيح لشدّة حاجته.

السّابع:لو اجتمع ميّت و من على جسده نجاسة،احتمل تقديم الميّت

لما تقدّم، و الآخر لوجود البدل في طهارة الميت بخلاف غسل النّجاسة.و لو اجتمع من على بدنه نجاسة مع جنب أو محدث أو حائض فهو أولى لعدم البدل بخلافهم.و لو اجتمع حائض و جنب،احتمل تقديم الحائض لغلظ الحيض،و التّساوي،و كذا الحائض و المحدث.

مسألة:لو شاهد المأموم المتوضّئ الماء في أثناء الصّلاة

و لم يشاهده إمامه المتيمّم لا تفسد صلاته.و هو قول زفر (1)،خلافا لأبي حنيفة و صاحبيه فإنّهم قالوا:تفسد صلاته (2).أمّا صلاة الإمام فتصحّ على القولين.

لنا:انّه لو شاهد الإمام لم تبطل صلاته،لما بيّنّاه (3)فالأولى في المتوضّئ ذلك، و لو قلنا بمذهب الشّيخ (4)من إبطال الصّلاة بالمشاهدة قبل الرّكوع فالوجه أيضا ذلك، لأنّ التّيمّم إنّما يبطل برؤية المتيمّم الماء لا برؤية غيره،و الإمام لم ير الماء،و المأموم الّذي رآه ليس بمتيمّم.

احتجّوا بأنّ الإمام صار واجدا للماء فيما يرجع إلى المقتدي فيبطل تيمّم الإمام فيما يرجع إليه،ففسدت صلاته فيما يرجع إليه،فتفسد صلاته،لأنّه بنى على صلاته (5).

و الجواب:المنع من كونه واجدا،و قوله:انّه واجد بالنّسبة إلى المأموم ضعيف، لأنّه ليس من المضاف حتّى يكون ثابتا بالنّسبة إلى شخص دون غيره.

مسألة:و لو ظنّ فناء مائة فتيمّم و صلّى لم يجزئه إن أخلّ بالطّلب،

و إلاّ أجزأه.

ص:157


1- 1شرح فتح القدير 1:320،المبسوط للسّرخسي 1:120.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:120.
3- 3) مرّ في ص 136.
4- 4) النّهاية:48، [1]المبسوط 1:33.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:120.

و لو كان الماء معلّقا في عنقه أو على ظهره فنسيه،فإن طلب أجزأه و إلاّ فلا.و لو كان معلّقا على رحله فإن طلب و لم يجد لخفائه سقط عنه الإعادة و إلاّ فلا.و قالت الحنفيّة إن كان راكبا و الماء مقدّم الرحل جاز،و إن كان مؤخّره لم يجز،و إن كان سائقا فبالعكس (1).و الوجه تعلّق الحكم بالطّلب.

مسألة:و لو وجد خمسة متيمّمون ماء يكفي أحدهم في المباح،

انتقض تيمّمهم جميعا،لوجود الدليل الدالّ على انتقاض التّيمّم بوجود الماء،و هو صادق في حقّ كلّ واحد منهم،و لو كان ملكا لواحد فقال لهم:ليستعمله من شاء منكم،فكذلك أيضا، أمّا لو وهبهم أو أباحهم على الجمع[1]لم ينتقض تيمّم واحد منهم،و لو أذن لواحد منهم انتقض تيمّمه خاصّة.و لو مرّ المتيمّم على الماء و لم يعلم به لم ينتقض تيمّمه.

مسألة:و لو اغتسل الجنب فبقي على جسده لمعة لم يصبها الماء و لم يعلم،

ثمَّ أراق ماءه و فقده تيمّم لبقاء الجنابة،فلو أحدث قبل التيمّم تيمّم للجنابة و لو أحدث بعد التّيمّم،ثمَّ وجد الماء و كان يكفيه للمعة فعلى قولنا من انّ المحدث في أثناء الغسل يعيد، و انّ المحدث عقيب تيمّم الجنابة يعيد التّيمّم و لا يتوضّأ،لا اعتبار بذلك،إلاّ أن يكون الماء كافيا للغسل.و إنّما يتفرّع هذا على قول السّيّد المرتضى (2)المخالف في الأصلين، فإنّه على قوله يمكن أن يقال:لا اعتداد به أيضا،لأنّ الواجب عليه،الوضوء في الأصلين.

و لو وجد ماء يكفيهما،غسل اللّمعة و توضّأ[2].و لو كان يكفي الوضوء خاصّة توضّأ به بدلا عن التّيمّم لا من حيث تخلّل[2]الحدث،لأنّه يكون حكمه حكم الجنب إذا تيمّم،ثمَّ أحدث و وجد ما يكفيه لوضوئه.

ص:158


1- 1شرح فتح القدير 1:124.
2- 3) المعتبر 1:196. [1]

و لو وجد ما يكفي أحدهما فالأقرب على قوله صرفه في الوضوء،لأنّه غير متمكّن من الدّخول في الصّلاة بغسله،لوجود الحدث الأصغر.أمّا لو وجد ما يكفيه للمعة و لم يحدث،صرفه إليها قولا واحدا.

و لو وجد من الماء ما يكفي وضؤه أو غسل ثوبه على البدل صرفه في غسل الثّوب لما قلناه.و لا فرق بين تقديم التّيمّم و تأخيره إلاّ عند من يقول بالتّضيّق من أصحابنا (1).

و لو رأى سرابا فظنّه ماء فانصرف ليتوضّأ به،ثمَّ ظهر فساد ظنّه لم يبطل تيمّمه.

مسألة:و لو لم يجد الماء إلاّ في المسجد و كان جنبا فالأقرب انّه يجوز له الدّخول

و الأخذ من الماء و الاغتسال خارجا.و لو لم يكن معه ما يغترف به فالأقرب جواز اغتساله فيه،و لم أقف فيه على نصّ للأصحاب.

و لو نسي الماء في رحله فإن كان قد أخلّ بالطّلب وجب عليه الإعادة،لأنّه أخلّ بشرطه،و إن لم يكن أخلّ بالطّلب صحّت صلاته.و حكى أبو ثور،عن الشّافعيّ انّه لا إعادة عليه (2).و الصّحيح عنه وجوب الإعادة (3).و به قال أحمد (4)،و أبو يوسف (5).

و قال أبو حنيفة:لا إعادة عليه (6).و عن مالك روايتان (7)لأنّه مع النّسيان غير قادر على استعماله،لأنّ النّسيان حال بينه و بين الماء،فكان فرضه التّيمّم كالعادم، و المعتمد التّفصيل.

ص:159


1- 1كالمفيد في المقنعة:8،و الطّوسيّ في النّهاية:47،و المحقّق الحلّي في الشّرائع 1:48.
2- 2) المجموع 2:264.
3- 3) المغني 1:275،أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [1]التّفسير الكبير 11:175. [2]
4- 4) المغني 1:275،المجموع 2:267،التّفسير الكبير 11:175. [3]
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [4]الهداية للمرغينانيّ 1:27،شرح فتح القدير 1:124،المجموع 2: 267،التّفسير الكبير 11:175، [5]المبسوط للسّرخسي 1:121.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 4:13، [6]الهداية للمرغينانيّ 1:27، [7]شرح فتح القدير 1:124،المغني 1: 275،المجموع 2:267، [8]التّفسير الكبير 11:175. [9]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:43،المغني 1:275،المجموع 2:267.
مسألة:روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،

عن أحدهما عليهما السّلام انّه سئل عن الرّجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي و صلاح الإبل؟ قال:«لا» (1)و في التّحريم إشكال،فالأقرب الحمل على الكراهية.

ص:160


1- 1التّهذيب 1:405 حديث 1270،الوسائل 2:999 الباب 28 من أبواب التّيمّم،حديث 1. [1]

المقصد الخامس

اشارة

في الطهارة من النجاسات و أحكامها،

و كلام في الأواني و الجلود،

و فيه مباحث

ص:161

ص:162

البحث الأوّل:في أصناف النّجاسات
مسألة:قال علماؤنا:بول الآدمي نجس.
اشارة

و هو قول علماء الإسلام،روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الّذي مرّ به و هو يعذّب في قبره(انّه كان لا يستبرئ (1)من بوله) (2)متّفق عليه.

و رووا،عنه عليه السّلام:(تنزّهوا من البول،فإنّ عامّة عذاب القبر من البول) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثّوب يصيب البول؟قال:(اغسله في المركن مرّتين،فإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة) (4).

و ما رواه في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الجسد؟قال:(اغسله مرّتين فإنّما هو ماء) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته

ص:163


1- 1«ن»:يستتر.
2- 2) صحيح البخاري 1:65،و 8:20،صحيح مسلم 1:240 حديث 292،سنن ابن ماجه 1:125 حديث 347،سنن أبي داود 1:6 حديث 20،سنن التّرمذي 1:102 حديث 70،سنن النّسائي 1: 28،سنن الدّارمي 1:188،مسند أحمد 1:225. [1]
3- 3) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 2،كنز العمّال 9:345 حديث 26365.
4- 4) التّهذيب 1:250 حديث 717،الوسائل 2:1002 الباب 2 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 1:249 حديث 714،و ص 269 حديث 790،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 4،و [3]فيهما:صبّ عليه الماء مرّتين.

عن البول يصيب الثّوب؟فقال:(اغسله مرّتين) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن أبي يعفور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الثّوب؟قال:(اغسله مرّتين) (2).

و لأنّه مستخبث فيدخل تحت قوله تعالى «وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ» (3)و التّحريم يتناول جميع أنواع التّصرّف.

فروع:
الأوّل:يجب إزالة قليل البول و كثيرة عن الثّوب و البدن لأجل الصّلاة.

و به قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور (6)،و أحمد (7).و قال أبو حنيفة:يعفى عن الدّرهم فما دون (8).

لنا:قوله تعالى (وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (9).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(تنزّهوا من البول) (10).

ص:164


1- 1التّهذيب 1:251 حديث 721،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:251 حديث 722،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) الأعراف:157. [3]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:22،بلغة السّالك 1:26،المغني 1:760،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:337.
5- 5) الاُمّ 1:55،المهذّب للشّيرازيّ 1:46،مغني المحتاج 1:188،المبسوط للسّرخسيّ 1:60،بداية المجتهد 1:81،المغني 1:760،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:337.
6- 6) المغني 1:760،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:337.
7- 7) المغني 1:760،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:337،الكافي لابن قدامة 1:137،الإنصاف 1: 483،منار السّبيل 1:75.
8- 8) المبسوط للسّرخسي 1:60،بدائع الصّنائع 1:79،الهداية للمرغينانيّ 1:35، [4]شرح فتح القدير 1: 178،بداية المجتهد 1:81،المغني 1:760،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:337.
9- 9) المدّثر:4. [5]
10- 10) سنن الدّارقطنيّ 1:127 حديث 2،كنز العمّال 9:345 حديث 26365.

و من طريق الخاصّة ما تقدّم (1)،فإنّها غير دالّة على التّقييد،بل علّق الحكم فيها على إصابة البول المطلق،فيعمّ بعموم صور وجوده.

و لأنّها نجاسة لا تشقّ إزالتها،فتجب كالكثير.و لأنّ مبنى الصّلاة على التّعظيم، و كمال التّعظيم بالطّهارة من كلّ وجه،و ذلك بإزالة قليل النّجاسة و كثيرها إلاّ ما يخرج بالدّليل.و لأنّ القليل من النّجاسة الحكميّة و هو الحدث يمنع،فالحقيقيّة أولى،لأنّها أقوى.

احتجّ أبو حنيفة بقول عمر:إذا كانت النّجاسة مثل ظفري هذا لم يمنع جواز الصّلاة،و ظفره كان قريبا من كفّ أحدنا (2).و لأنّ في التّحرّز عن القليل حرجا، و الحرج منفيّ و لأنّها يجتزى فيها بالمسح في محلّ الاستنجاء،و لو لم يعف عنها لم يكف فيها المسح كالكثير،و لأنّه يشقّ التّحرّز عنه فيعفى عن قليله كالدّم.

و الجواب عن الأوّل:انّه ليس بحجّة،إذ لم يروه عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.

و لأنّ ما ذكره من الفتوى عامّ في النّجاسة،و ما ذكرناه من الحديث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خاصّ في البول،و الخاصّ مقدّم على العام.و لأنّه يمكن أن يكون المراد بالنّجاسة الدّم.

و عن الثّاني:بالمنع من ثبوت الحرج،إذ ملاقاة البول غير دائمة.

و عن الثّالث:بالمنع من الاجتزاء بالمسح فيها،و قد سلف (3).

و عن الرّابع:انّه لا مشقّة لندوره بخلاف الدّم،فإنّ الإنسان لا يكاد يخلو من بثرة[1]،أو حكّة،أو دمل و يخرج من أنفه و فيه و غيرهما،فيشقّ التّحرّز منه،فعفي عن يسيرة.

ص:165


1- 1تقدّم في ص 163. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:60،بدائع الصّنائع 1:79.
3- 3) تقدّم في الجزء الأوّل ص 256.
الثّاني:لا فرق بين بول المرأة و الرّجل

في التّنجيس،بلا خلاف.

الثّالث:

لا فرق بين بول المسلم و الكافر،بلا خلاف.

مسألة:و بول ما لا يؤكل لحمه ممّا له نفس سائلة نجس.
اشارة

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الشّافعي (1)،و أبو حنيفة (2)،و أبو يوسف (3)،و محمّد (4)،و زفر (5)، و أكثر أهل العلم (6).و قال النّخعيّ:أبوال البهائم كلّها طاهرة،أكل لحمها أم لم يؤكل (7).

لنا:قوله تعالى «وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ» (8).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله:(تنزّهوا من البول) (9)و هو مطلق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ ممّا تقدّم من الأحاديث الدّالّة على الأمر بالغسل من الثّوب مطلقا.

و ما رواه في الحسن،عن عبد اللّه بن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

ص:166


1- 1المجموع 2:548،فتح العزيز بهامش المجموع 1:177،السّراج الوهّاج:22،ميزان الكبرى 1:108، بداية المجتهد 1:80،المحلّى 1:169.
2- 2) المبسوط للسّرخسي 1:60،شرح فتح القدير 1:178،بداية المجتهد 1:80،المحلّى 1:168، المجموع 2:548،بدائع الصّنائع 1:61.
3- 3) المبسوط للسّرخسي 1:61.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:61.
5- 5) المحلّى 1:169.
6- 6) المغني 1:767،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341،المجموع 2:548،الإنصاف 1:340. [1]
7- 7) المجموع 2:548-549.
8- 8) الأعراف:157. [2]
9- 9) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 2،كنز العمّال 9:345 حديث 26365.

(اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (1).

و ما رواه،عن داود الرّقّيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الخشاشيف[1]يصيب ثوبي فأطلبه و لا أجده؟قال:(اغسل ثوبك) (2).

و ما رواه في الموثّق،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إن أصاب الثّوب شيء من بول السّنّور فلا تصلح الصّلاة فيه) (3)و لأنّه بول ما لا يؤكل لحمه، فكان نجسا كالآدميّ،و لا نعرف للنّخعيّ دليلا على ما قال.

فروع:
الأوّل:حكم هذا البول حكم بول الإنسان في إزالة قليله و كثيره،

خلافا لأبي حنيفة،و قد سبق (4).

الثّاني:لو كان المأكول قد عرض له التّحريم إمّا بالجلل أو بوطء الإنسان له،

كان بوله نجسا،لعموم قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:(اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (5).

الثّالث:لو كان ما لا يؤكل لحمه غير ذي نفس سائلة كان بوله طاهرا.

ص:167


1- 1التّهذيب 1:264 حديث 770،الوسائل 2:1008 الباب 8 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 3) التّهذيب 1:265 حديث 777،الاستبصار 1:188 حديث 658،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [2]
3- 4) التّهذيب 1:420 حديث 1329،الوسائل 2:1007 الباب 8 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
4- 5) تقدّم في ص 164.
5- 6) الكافي 3:57 حديث 3، [4]التّهذيب 1:264 حديث 770،الوسائل 2:1008 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [5]

و قال الشّافعيّ (1)و أبو حنيفة (2)و أبو يوسف:انّه نجس (3).

لنا:الأصل الطّهارة،و لأنّ التّحرّز عنه متعذّر و حرج فيكون منفيّا،و حكم روثه حكم بوله.

أصل:إذا تعارض خبران بينهما عموم من وجه و كانا معلومين،أو مظنونين،

أو المتأخّر معلوما و المتقدّم مظنونا،كان المتأخّر ناسخا للمتقدّم عند قوم.و الأقرب أنّه ليس كذلك،بل يرجع إلى التّرجيح.

و إن جهل التّاريخ و كانا معلومين وجب التّرجيح لا في الطّريق بل في الحكم،فإن فقد فالتّخيير.

و إن كانا مظنونين جاز التّرجيح أيضا بقوّة الإسناد،و مع الفقد التّخيير[1].

و إن كان أحدهما معلوما و الآخر مظنونا جاز ترجيح المعلوم على المظنون،فإن ترجّح المظنون بما يتضمّنه الحكم حتّى حصل التّعارض كان الحكم ما قدّمناه.

آخر:إذا كان أحد الخبرين أعلى إسنادا من الآخر كان العمل به أولى،

لأنّ الرّواة كلّما كانوا أقل،كان احتمال الغلط و الكذب أقل،فكان احتمال الصّحّة أظهر.

آخر:إذا كان أحدهما مقرّرا لحكم الأصل و الآخر ناقلا،

فقد قيل:انّ المبقي أولى،لأنّ حمل الحديث على ما لا يستفاد إلاّ من الشّرع أولى من حمله على ما يستقلّ العقل بمعرفته،فلو جعلنا المبقي متقدّما على النّاقل،لكان واردا،حيث لا يحتاج إليه،

ص:168


1- 1المجموع 2:550،فتح العزيز بهامش المجموع 1:177،ميزان الكبرى 1:108،المحلّى 1:169،بداية المجتهد 1:80.
2- 2) انظر:بدائع الصّنائع 1:61،المجموع 2:548،المحلّى 1:168،بداية المجتهد 1:80.
3- 3) انظر:بدائع الصّنائع 1:61.

لمعرفتنا بذلك الحكم بالعقل.و لو قلنا:انّ المبقي وارد[1]بعد النّاقل،لكان واردا حيث يحتاج إليه فكان الحكم بتأخّره عن النّاقل أولى من الحكم بتقدّمه.و قيل:النّاقل أولى،لأنّه يستفاد منه ما لا يعلم إلاّ منه،و أما المبقي فإنّ حكمه معلوم بالعقل فكان النّاقل أولى.و لأنّ القول بتقديم النّاقل يستلزم كثرة النّسخ،لأنّه أزال حكم العقل ثمَّ المبقي أزاله بخلاف العكس،و هذا إنّما يصحّ في أخبار الرّسول صلّى اللّه عليه و آله، و أما في أخبار الأئمّة عليهم السّلام فلا.

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:بول الطّيور كلّها طاهر،

سواء أكل لحمها أو لم يؤكل،و ذرقها إلاّ الخشّاف (1).و حجّته ما رواه في الحسن،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(كلّ شيء يطير فلا بأس بخرئه و بوله) (2)و الرّواية مشكلة،و هي معارضة لرواية ابن سنان،و تلك أقلّ رجالا من هذه و هي متضمّنة للنّاقل إلاّ انّ لقائل أن يقول:انّها غير مصرّحة بالتّنجيس،أقصى ما في الباب انّه أمر بالغسل منه،و هذا غير دالّ على النّجاسة إلاّ من حيث المفهوم،و دلالة المنطوق أقوى.

و روى غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:(لا بأس بدم البراغيث، و البقّ،و بول الخشاشيف) (3)و في الطّريق نظر،فإنّ الرّاوي إن كان غياث بن إبراهيم فهو بتريّ.

قال الشّيخ:هذه رواية شاذّة (4)،و يجوز أن يكون قد وردت للتّقيّة.

مسألة:و بول ما يؤكل لحمه طاهر.

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول عطاء،

ص:169


1- 2) المبسوط 1:39. [1]
2- 3) التّهذيب 1:266 حديث 779،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
3- 4) التّهذيب 1:266 حديث 778،الاستبصار 1:188 حديث 659،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
4- 5) التّهذيب 1:266.

و النّخعيّ (1)،و مالك (2)،و الزّهريّ (3)،و أحمد (4)،و محمّد (5)،و زفر (6)،و اللّيث بن سعد (7).قال مالك:لا يرى أهل العلم أبوال ما أكل لحمه و شرب لبنه نجسا (8).

و قال الشّافعيّ (9)،و أبو حنيفة (10)،و أبو يوسف (11)،و أبو ثور:انّه نجس (12).و هو مرويّ،عن ابن عمر[1]و نحوه،عن الحسن البصريّ (13).

لنا:ما رواه الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المؤمنين أن يشربوا من أبوال الإبل (14)،و النّجس لا يؤمر بشربه.

ص:170


1- 1المجموع 2:549،المغني 1:768،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:340.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:5،المغني 1:768،فتح العزيز بهامش المجموع 1:178،المجموع 2:549،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:340.
3- 3) المغني 1:768،المجموع 2:549،نيل الأوطار 1:60.
4- 4) المغني 1:768،الكافي لابن قدامة 1:109،الإنصاف 1:339،فتح العزيز بهامش المجموع 1: 178،نيل الأوطار 1:60.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:54،بدائع الصّنائع 1:61،الهداية للمرغينانيّ 1:21،شرح فتح القدير 1: 180.
6- 6) المحلّى 1:169،شرح فتح القدير 1:179.
7- 7) المجموع 2:549.
8- 8) المغني 1:768.
9- 9) المجموع 2:549،فتح العزيز بهامش المجموع 1:177،ميزان الكبرى 1:108،نيل الأوطار 1:61.
10- 10) المبسوط للسّرخسي 1:54،بدائع الصّنائع 1:61،الهداية للمرغينانيّ 1:21، [1]شرح فتح القدير 1: 180،181،المجموع 2:549. [2]
11- 11) المبسوط للسّرخسي 1:54،بدائع الصّنائع 1:61،الهداية للمرغينانيّ 1:21،المجموع 2:549.
12- 12) المغني 1:769،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:340.
13- 14) المغني 1:769،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:340.
14- 15) صحيح مسلم 3:1296 حديث 1671،سنن ابن ماجه 2:861 حديث 2578،سنن أبي داود 4: 130 حديث 4364،مسند أحمد 3:161،163،177،186،287،290،سنن التّرمذي 1: 106 حديث 72 و ج 4:281 حديث 1845.

لا يقال:انّه أمرهم للضّرورة،إذ شرب البول حرام في نفسه،لاستخباثه و إن كان طاهرا.

لأنّا نقول:كان يجب أن يأمرهم بغسل أثره منهم إذا أرادوا الصّلاة.

و ما رواه الجمهور،عن البراء بن عازب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة أنّهما قالا:(لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه) (2).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ألبان الإبل،و البقر،و الغنم و أبوالها و لحومها،فقال:(لا توضّأ[1]منه[و] (3)إن أصابك منه شيء أو ثوبا لك فلا تغسله إلاّ أن تتنظّف)[2] (4).

و ما رواه في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(كلّما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه) (5).

و ما رواه،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يمسّه بعض أبوال البهائم أ يغسله أم لا؟قال:(يغسل بول الفرس،و الحمار، و البغل،فأمّا الشّاة و كلّما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله) (6)و لأنّه متحلّل معتاد من حيوان

ص:171


1- 1سنن الدّار قطني 1:128 حديث 3،سنن البيهقيّ 3:413.
2- 2) التّهذيب 1:246 حديث 710،الوسائل 2:1010 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
3- 4) أضفناه من المصدر.
4- 6) التّهذيب 1:264 حديث 771،الاستبصار 1:178 حديث 620،الوسائل 2:1010 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
5- 7) التّهذيب 1:266 حديث 781،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 12. [3]
6- 8) التّهذيب 1:266 حديث 780،الاستبصار 1:179 حديث 624،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 9. [4]

يؤكل لحمه،فكان طاهرا كاللّبن.و لأنّه كان يلزم تنجيس الحبوب الّتي تدوسها البقر، إذ لا تنفكّ عن أبوالها و يختلط الطّاهر بالنّجس،فيصير حكم الجميع حكم النّجس.

احتجّوا (1)بقوله عليه السّلام:(تنزّهوا عن البول) (2)و هو عامّ.

و الجواب:المنع من العموم،للدّليل.

مسألة:و في أبوال الخيل و البغال و الحمير للأصحاب قولان:

أصحّهما الطّهارة (3).

لنا:انّه حيوان مأكول اللّحم،فكان بوله طاهرا-لما تقدّم-و يؤيّد ما قلناه:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام في أبوال الدّوابّ تصيب الثّوب فكرهه،فقلت:أ ليس لحومها حلالا؟فقال:(بلى و لكن ليس ممّا جعله اللّه للأكل) (4)و هذا يدلّ على الكراهية.

احتجّ المانعون من أصحابنا بما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن أبوال الدّوابّ،و البغال،و الحمير؟فقال:

(اغسله،فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثّوب كلّه،فإن شككت فانضحه) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أبوال

ص:172


1- 1المغني 1:769،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:340.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 2،كنز العمّال 9:345 حديث 26365.
3- 3) القائل بالطّهارة:الصّدوق في الفقيه 3:71،و قال ابن إدريس في السّرائر:36،و ابن حمزة في الوسيلة (الجوامع الفقهيّة):669 بالكراهة،و القائل بالنّجاسة:ابن الجنيد-كما نقله عنه في المعتبر 1:413، و [1]الطّوسيّ في النّهاية:51.
4- 4) التّهذيب 1:264 حديث 772،و ص 422 حديث 1338،الاستبصار 1:179 حديث 626، الوسائل 2:1010 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [2]
5- 5) التّهذيب 1:264 حديث 771،الاستبصار 1:178 حديث 620،الوسائل 2:1010 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [3]

الخيل،و البغال؟فقال:(اغسل ما أصابك منه) (1).

و الجواب:هذه الأحاديث تدلّ على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.و يؤيّده:ما رواه ابن يعقوب في كتابه،عن أبي الأعزّ النّحّاس[1]قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أعالج الدّوابّ فربّما خرجت باللّيل و قد بالت و راثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه؟فقال:(ليس عليك شيء) (2).

و روي،عن المعلّى بن خنيس،و عبد اللّه بن أبي يعفور قالا:كنّا في جنازة و قربنا حمار فبال،فجاءت الرّيح ببوله حتّى صكّت وجوهنا و ثيابنا فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبرناه،فقال:(ليس عليكم شيء)نعم هو مكروه،و كذا كلّ ما كان مكروه اللّحم[2].

مسألة:و روث ما لا يؤكل لحمه كالآدميّ و غيره ممّا له نفس سائلة نجس في قول
اشارة

علماء الإسلام.

أمّا روث ما يؤكل لحمه،فمذهب علمائنا أنّه طاهر.و هو قول عطاء، و النّخعيّ،و الثّوريّ (3)،و مالك (4)،و الزّهريّ (5)،و أحمد (6)،و زفر (7).و قال اللّيث بن

ص:173


1- 1التّهذيب 1:265 حديث 774،الاستبصار 1:178 حديث 622،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 11. [1]
2- 3) الكافي 3:58 حديث 10، [2]الوسائل 2:1009 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
3- 5) المغني 1:768،المجموع 2:549.
4- 6) المدوّنة الكبرى 1:5،المغني 1:768،المجموع 2:549،بدائع الصّنائع 1:62.
5- 7) المجموع 2:549.
6- 8) المغني 1:768،الكافي لابن قدامة 1:109،الإنصاف 1:339.
7- 9) بدائع الصّنائع 1:62،شرح فتح القدير 1:179،المجموع 2:549.

سعد،و محمّد بن الحسن:أبوال ما يؤكل لحمه طاهرة و أرواثها نجسة (1).و قال الشّافعيّ (2)،و أبو حنيفة،و أبو يوسف:أنّها نجسة (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن البراء بن عازب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(ما أكل لحمه فلا بأس ببوله و سلحه) (4)(5).

و ما رووه،عن عمّار،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(إنّما يغسل الثّوب من البول،و الدّم،و المنيّ) (6)و لفظة«إنّما»للحصر،و ذلك يفيد التّعميم في النّفي إلاّ ما يخرجه الدّليل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن يعقوب،عن أبي الأعزّ النّخاس،و قد تقدّم.

و ما رواه الشّيخ،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا بأس بروث الحمير و اغسل أبوالها) (7).

و ممّا يدلّ على ذلك ما رواه الجمهور انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي في مرابض الغنم (8).متّفق عليه،و قال:(صلّوا في مرابض الغنم) (9).و قال ابن المنذر:

ص:174


1- 1المجموع 2:549.
2- 2) المجموع 2:549،ميزان الكبرى 1:108.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:62،المجموع 2:549.
4- 4) سنن الدّار قطني 1:128 حديث 3،سنن البيهقيّ 1:252،كنز العمّال 9:368 حديث 26505- بتفاوت يسير.
5- 5) السّلاح:النّجو،و هو من الطّائر كالتّغوط من الإنسان.لسان العرب 2:487،المصباح المنير 1:284. [1]
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 5:369. [2]
7- 7) التّهذيب 1:265 حديث 773،الاستبصار 1:178 حديث 621،الوسائل 2:1009 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:117،صحيح مسلم 1:374 حديث 524،سنن أبي داود 1:124 ذيل حديث 453،سنن التّرمذيّ 2:182 حديث 350،سنن النّسائيّ 2:40،مسند أحمد 3:123،131، 194،212. [4]
9- 9) سنن التّرمذيّ 2:180 حديث 348،مسند أحمد 5:56،57. [5]

أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على إباحة الصّلاة في مرابض الغنم و لم يكن للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا لأصحابه ما يصلّون عليه من الأوطئة و المصلّيات،إنّما كانوا يصلّون على الأرض،و لا ريب انّ المرابض لا تنفكّ عن البعر و البول،فدلّ على انّهم كانوا يباشرونها في صلاتهم (1)،و ذلك يدلّ على طهارتها.و لأنّه متحلّل معتاد من حيوان يؤكل لحمه،فكان طاهرا كاللّبن و ذرق الطّائر،عند أبي حنيفة (2).

احتجّوا بأنّه رجيع،فكان نجسا كرجيع الآدميّ (3).و بقوله تعالى «نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً» (4)فامتنّ علينا بأن سقانا طاهرا من بين نجسين.

و الجواب عن الأوّل:الفرق بين مأكول اللّحم و غير مأكوله ثابت،و لهذا قالوا:انّ مأكول اللّحم نجاسته حقيقيّة (5).و مع الفرق لا يتمّ القياس.

و عن الثّاني:انّ الامتنان يجوز أن يكون بمطلق السّقي،و التّخصيص للفرث و الدّم بالذّكر إظهارا للقدرة،فإنّ إخراج الأبيض من بين دم أحمر و فرث أصفر في غاية من القدرة.

فروع:
الأوّل:أرواث البغال،و الحمير،و الدّوابّ طاهرة لكنّها مكروهة

-و قد تقدّم

ص:175


1- 1المغني 1:768-769.
2- 2) المغني 1:769.
3- 3) المغني 1:769.
4- 4) النّحل:66. [1]
5- 5) انظر:بدائع الصّنائع 1:61.

البحث فيها في باب البول (1)-و رواية أبي الأعزّ و الحلبيّ تدلاّن عليه.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن أبي مريم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول في أبوال الدّواب و أرواثها؟قال:(أمّا أبوالها فاغسل إن أصابك،و أمّا أرواثها فهي أكثر[1]من ذلك) (2).

و عن عبد الأعلى بن أعين قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أبوال الحمير، و البغال؟قال:(اغسل ثوبك)قال:قلت:فأرواثهما؟قال:(هو أكثر[2]من ذلك) (3).

لأنّا نقول:انّهما محمولتان على الاستحباب.على انّ سندهما لا يخلو من قول.

الثّاني:خرء ما لا يؤكل لحمه من سباع الطّير كالبازي و الصّقر نجس،

و كذلك غير سباعه،و قال الشّيخ:انّه طاهر (4)،و كذا قال ابن بابويه (5)،و احتجّا برواية أبي بصير (6)و هي حسنة.و قال أبو حنيفة:انّه نجس نجاسة خفيفة.و قال أبو يوسف و محمّد:

نجاسة غليظة (7).قال أبو حنيفة:انّ فيه ضرورة،لأنّها تذرق من الهواء فلا يمكن

ص:176


1- 1تقدّم في ص 172.
2- 3) التّهذيب 1:265 حديث 775،الاستبصار 1:178 حديث 623،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 8. [1]
3- 5) التّهذيب 1:265 حديث 776،الاستبصار 1:179 حديث 625،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 13. [2]
4- 6) المبسوط 1:39.
5- 7) الفقيه 1:41.
6- 8) الكافي 3:58 حديث 9،التّهذيب 1:266 حديث 779،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 1.
7- 9) شرح فتح القدير 1:182.

التّجافي عنه،فيخفّف حكمه (1).و قال أبو يوسف و محمّد:انّه لا يعمّ به البلوى،لأنّه لا يكثر إصابته (2).و نقل الكرخيّ،عن أبي حنيفة و أبي يوسف:انّه طاهر (3).و عن محمّد:انّه نجس نجاسة غليظة (4).

الثّالث:خرء ما يؤكل لحمه من الطّيور طاهر عندنا،

و استثنى بعض علمائنا الدّجاج (5).و هو مذهب الحنفيّة،و استثنوا مع الدّجاج الإوز و البط (6).و قال الشّافعيّ:انّه نجس سواء كان من الحمام و العصافير أو غيرهما (7).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث عمّار إنّما يغسل الثّوب من المنيّ،و الدّم، و البول (8).

و ما رووه،عن البراء بن عازب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله(ما أكل لحمه فلا بأس ببوله و سلحه) (9)و ذلك عامّ في الطّيور و غيرها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(كلّما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه) (10)و لأنّ النّاس أجمعوا على إمساك الحمام في المساجد مع وجوب تطهير المساجد.

ص:177


1- 1بدائع الصّنائع 1:62،الهداية للمرغينانيّ 1:36.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:62.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:62،المبسوط للسّرخسي 1:57،شرح فتح القدير 1:182.
4- 4) المبسوط للسّرخسي 1:57،بدائع الصّنائع 1:62،شرح فتح القدير 1:182.
5- 5) كالمفيد في المقنعة:10،و الطّوسيّ في المبسوط 1:36. [1]
6- 6) بدائع الصّنائع 1:62،المبسوط للسّرخسي 1:57،المجموع 2:550.
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:46،المجموع 2:550،بدائع الصّنائع 1:62،بداية المجتهد 1:80.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 5:369. [2]
9- 9) سنن الدّار قطني 1:128 حديث 3،كنز العمّال 9:368 حديث 26505،سنن البيهقيّ 1:252- بتفاوت.
10- 10) التّهذيب 1:266 حديث 781،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 12. [3]

احتجّ الشّافعيّ بأنّه يستحيل إلى نتن و فساد،فأشبه غير مأكول اللّحم (1).

و الجواب:لا نتن فيه،و فساده بمنزلة فساد النّخامة و خبثها،و ذلك غير دالّ على النّجاسة.و أمّا استثناء الدّجاج،فشيء ذهب إليه الشّيخ في بعض كتبه (2)و المفيد (3).

و قال ابن بابويه:و لا بأس بخرء الدّجاجة،و الحمامة يصيب الثّوب (4).

و احتجّ الشّيخ بما رواه،عن فارس[1]قال:كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدّجاج تجوز الصّلاة فيه؟فكتب(لا) (5)و فارس لم يسندها إلى الإمام فلا تعويل عليها.و الحقّ عندي ما ذكره ابن بابويه.و قد ذهب إليه الشّيخ أيضا في الاستبصار، و استدلّ عليه فيه بما رواه،عن وهب بن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام انّه قال:(لا بأس بخرء الدّجاج،و الحمام يصيب الثّوب) (6)و تأوّل الرّواية الأولى بحملها على الجلاّل منه،أو على الاستحباب،أو على التّقيّة (7).

احتجّ أبو حنيفة على التّنجيس مطلقا بأنّ فيه نتنا و فسادا،فأشبه رجيع الآدميّ (8).

ص:178


1- 1المجموع 2:550.
2- 2) المبسوط 1:36،الخلاف 1:181 مسألة 230.
3- 3) المقنعة:10.
4- 4) الفقيه 1:41.
5- 6) التّهذيب 1:266 حديث 782،الاستبصار 1:178 حديث 619،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [1]
6- 7) الاستبصار 1:177 حديث 618،الوسائل 2:1013 الباب 10 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
7- 8) الاستبصار 1:178.
8- 9) المبسوط للسّرخسي 1:57،بدائع الصّنائع 1:62،المجموع 2:550.

و الجواب:العلّة مكسورة[1]،لأنّ كلّ واحد من الوصفين قد وجد بدون الحكم.

الرّابع:لو كان الدّجاج و الحمام جلالا كان ذرقه نجسا،

لأنّه حينئذ غير مأكول اللّحم.و لو كان الحيوان غير ذي نفس سائلة كان رجيعه طاهرا.

الخامس:لو تناول ما لا يؤكل لحمه الحبّ و خرج من بطنه صحيحا،

فإن كانت الصّلابة باقية بحيث لو زرع نبت لم يكن نجسا،بل يجب غسل ظاهره،لعدم تغيّره إلى فساد،فصار كما لو ابتلع نواة،و إن كانت قد زالت صلابته فهو نجس.

السّادس:الحبّ إذا نبت في النّجاسة كان طاهرا،

لأنّه فرع الحبّ،لكن يجب غسل ما لاقته النّجاسة رطبا منه،و كذا الشّجرة إذا سقيت ماء نجسا فالثّمرة، و الأغصان،و الأوراق طاهرة،و لا نعلم فيه خلافا.

السّابع:روث السّمك عندنا طاهر،

لأنّه مأكول اللّحم،و لأنّه لا نفس له سائلة.و لو كان في البحر حيوان له نفس سائلة كان حراما و كان روثه نجسا،و عند الشّافعيّ انّ روث السّمك نجس،لأنّه غذاء مستحيل إلى فساد (1)،و فيه وجه آخر انّه طاهر،و كذا حكم الجراد (2).أمّا سائر الحشرات،فإنّها تبنى على نجاسة ميّتها عنده، فإن قال بنجاستها (3)فكذا رجيعها،و إلاّ فلا.

مسألة:قال علماؤنا:المنيّ نجس.
اشارة

و هو قول مالك (4)،و الأوزاعي (5)،

ص:179


1- 2) المجموع 2:550،مغني المحتاج 1:79.
2- 3) المجموع 2:550.
3- 4) المجموع 2:550.
4- 5) بداية المجتهد 1:82،المجموع 2:554،المغني 1:772،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341،ميزان الكبرى 1:108،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:11.
5- 6) المغني 1:772،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341،المجموع 2:554.

و أصحاب الرّأي (1)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (2)،و به قال الشّافعيّ في القديم (3).

و قال في الجديد:هو طاهر (4).و هو الرّواية الشّهيرة عن أحمد (5)،و هو قول سعد بن أبي وقّاص،و ابن عمر (6).و قال ابن عبّاس:امسحه عنك بإذخرة[1]أو خرقة و لا تغسله إن شئت.و قال ابن المسيب:إذا صلّى فيه لم يعد (7).و هو قول أبي ثور (8).و حكى الطّحاوي،عن الحسن بن صالح بن حيّ انّه قال:يعيد الصّلاة من المنيّ في البدن و إن قلّ،و لا يعيدها من المنيّ في الثّوب[2].

لنا:قوله تعالى «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ» (9)قال أهل التّفسير:المراد بذلك أثر الاحتلام (10).

و استدلّ المرتضى بهذه الآية في المسائل النّاصريّة بوجه آخر،و هو:انّ الرّجز و الرّجس و النّجس بمعنى واحد،لقوله تعالى «وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ» (11)و أراد به عبادة

ص:180


1- 1المغني 1:772،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341،المجموع 2:554.
2- 2) المغني 1:771،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341،الكافي لابن قدامة 1:109،الإنصاف 1: 340، [1]المجموع 2:554.
3- 3) مغني المحتاج 1:80.
4- 4) الام 1:55،المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:553،مغني المحتاج 1:37،ميزان الكبرى 1: 108،المغني 1:772،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:11.
5- 5) المغني 1:771،الكافي لابن قدامة 1:109،الإنصاف 1:340، [2]المجموع 2:554، [3]ميزان الكبرى 1:108،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:11،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:341.
6- 6) المغني 1:771،المجموع 2:554،المحلّى 1:126.
7- 8) المغني 1:771،المجموع 2:554. [4]
8- 9) المغني 1:772.
9- 11) الأنفال:11. [5]
10- 12) التّبيان 5:86، [6]فقه القرآن للرّاونديّ 1:69، [7]التّفسير الكبير 15:133، [8]تفسير الطّبريّ 9:194. [9]
11- 13) المدّثّر:5. [10]

الأوثان،فعبّر عنها تارة بالرّجز و اخرى بالرّجس،فاتّحد معناهما،و إذا سمّى اللّه تعالى المنيّ رجسا،ثبت نجاسته.و لأنّه تعالى أطلق اسم التّطهير و لا يراد شرعا إلاّ في إزالة النّجاسة أو غسل الأعضاء الأربعة (1).

و ما رواه الجمهور،عن عمّار بن ياسر رحمه اللّه تعالى انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له حين رآه يغسل ثوبه من النّخامة:(ما نخامتك و دموع عينيك و الماء الّذي في ركوتك إلاّ سواء،و إنّما يغسل الثّوب من خمس:البول،و الغائط،و الدّم،و القيء، و المنيّ) (2).

و ما رووه،عن ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(سبعة يغسل الثّوب منها البول و المني).

و ما رووه،عن عائشة انّها كانت تغسل المنيّ من ثوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قالت:ثمَّ أرى فيه بقعة أو بقعا (3).

و عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في المنيّ يصيب الثّوب:(إن كان رطبا فاغسليه،و إن كان يابسا فافركيه) (4)و الأمر للوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المنيّ يصيب الثّوب؟قال:(إن عرفت مكانه فاغسله، فإن خفي عليك مكانه فاغسله كلّه) (5).

و ما رواه،عن ميسر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آمر الجارية فتغسل ثوبي

ص:181


1- 1النّاصريّات [1](الجوامع الفقهيّة):181.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 1،سنن البيهقيّ 1:14،نيل الأوطار 1:66،بدائع الصّنائع 1: 60.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:67،سنن أبي داود 1:102 حديث 373،مسند أحمد 6:142،162. [2]
4- 4) سنن الدّار قطنيّ 1:125 حديث 3-بتفاوت يسير-و بهذا اللّفظ في المغني 1:772.
5- 5) التّهذيب 1:251 حديث 725،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [3]

من المنيّ فلا تبالغ في غسله فأصلّي فيه فإذا هو يابس؟قال:(أعد صلاتك،أما انّك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء) (1).

و ما رواه،عن سماعة قال:سألته عن المنيّ يصيب الثّوب؟قال:(اغسل الثّوب كلّه إذا خفي عليك مكانه،قليلا كان أو كثيرا) (2).

و ما رواه في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا احتلم الرّجل فأصاب ثوبه منيّ فليغسل الّذي أصابه،فإن ظنّ أنّه أصابه منيّ و لم يستيقن و لم ير مكانه فلينضحه بالماء،و إن استيقن أنّه أصابه و لم ير مكانه فليغسل ثوبه كلّه فإنّه أحسن) (3).

و ما رواه،عن عنبسة بن مصعب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المنيّ يصيب الثّوب فلا يدري أين مكانه؟قال:(يغسل كلّه،و إن علم مكانه فليغسله) (4).

و روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكر المنيّ فشدّده و جعله أشدّ من البول،ثمَّ قال:(إن رأيت المنيّ قبل أو بعد ما تدخل في الصّلاة فعليك إعادة الصّلاة،و إن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه،ثمَّ صلّيت فيه، ثمَّ رأيته بعد فلا إعادة عليك،و كذلك البول) (5).و لأنّ الواجب بخروجه أكبر الطّهارتين و هو الغسل،فدلّ ذلك على انّ إيجاب الطّهارة لا يعمل إلاّ في محلّ النّجاسة.

و لأنّه خارج معتاد من السّبيل فأشبه البول.و لأنّه خارج يوجب الطّهارة فأشبه البول.

و لأنّه خارج ينقض الطّهارة فأشبه البول و الغائط.

ص:182


1- 1التّهذيب 1:252،حديث 726،الوسائل 2:1024 الباب 18 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:252،حديث 727،الوسائل 2:1025 الباب 19 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:252،حديث 728،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 1:252،حديث 729،الوسائل 2:1006 الباب 7 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [4]
5- 5) التّهذيب 1:252،حديث 730،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [5]

احتجّ المخالف (1)بقول عائشة:كنت أفرك المنيّ من ثوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يصلّي فيه (2)،و لو كان نجسا لمنع الشّروع فيها.و لأنّه أحد أصلي الآدميّ،فيكون طاهرا،كالتّراب الّذي هو الأصل الآخر.و لأنّ ابن عبّاس أمر بمسحه بإذخرة أو خرقة لا بغسله فكان طاهرا.و لأنّه لا يجب غسله إذا جفّ فلم يكن نجسا كالبصاق.

و الجواب عن الأوّل:باحتمال انّه كان يصلّي فيه بعد الفرك لا في تلك الحال كما يقال:كنت أخبز الخبز و هو يأكل،و كنت أخيط الثّوب و هو يلبس.و الفرك و إن كان عندنا غير مجز إلاّ أنّه يحتمل أن يكون بعده الغسل،فإنّ الفرك مستحبّ.

و عن الثّاني:انّه لا اعتبار به لانتقاضه بالدّم و العلقة.

و عن الثّالث:بالمنع من النّقل عن ابن عبّاس،و لو سلّم فيحتمل أنّه قاله عن اجتهاده،إذ لم يسنده،فلا يكون حجة.

و عن الرّابع:بالمنع من العلّة-و سيأتي.

فروع:
الأوّل:منيّ الحيوان ذي النّفس السّائلة نجس

كمنيّ الآدميّ سواء كان مأكولا أو لم يكن،و للشّافعيّة ثلاثة أقوال:

أحدها:انّه طاهر إلاّ ما كان نجس العين،كالكلب و الخنزير و ما تولّد منهما.

و الثّاني:انّه بأجمعه نجس.

و الثّالث:اعتباره باللّبن،فإن كان لحمه مأكولا فهو طاهر كاللّبن،و إلاّ فهو

ص:183


1- 1المغني 1:772،الكافي لابن قدامة 1:109،المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:554،مغني المحتاج 1:80.
2- 2) صحيح مسلم 1:238 حديث 288،سنن أبي داود 1:101 حديث 372.

نجس (1).

لنا:العموم الدّال على نجاسة المنيّ.و لأنّه حيوان إذا مات صار نجسا،فقبل حصول الحياة فيه ينبغي أن يكون نجسا.

الثّاني:منيّ ما لا نفس له سائلة

الأقرب طهارته.

الثّالث:منيّ المرأة كمنيّ الرّجل،

لتناول الأدلّة له،و الشّافعيّ و إن قال بطهارة منيّ الرّجل إلاّ انّه قال:انّ في منيّها وجهين:

أحدهما:الطّهارة كالرّجل.

و الثّاني:النّجاسة،لأنّه لا ينفكّ من رطوبة فرجها (2).و عنده في رطوبة فرجها وجهان (3).

الرّابع:لو تكوّن المنيّ في الرّحم فصار علقة فهو نجس.

و به قال أبو حنيفة (4)،و أبو إسحاق المروزي من أصحاب الشّافعيّ (5)،و هو أشهر الرّوايتين عن أحمد (6).و قال الصّيرفيّ[1]من أصحاب الشّافعيّ:أنّها طاهرة (7)،و هو الرّواية الضّعيفة عن أحمد (8).

لنا:انّه منيّ استحال دما،فكان نجسا.

ص:184


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:47،فتح العزيز بهامش المجموع 1:191.
2- 2) المجموع 2:553،مغني المحتاج 1:80.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:570،مغني المحتاج 1:81،السّراج الوهّاج:23.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:61،المبسوط للسّرخسي 1:81.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:47.
6- 6) المغني 1:773،الكافي لابن قدامة 1:111.
7- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:559.
8- 9) المغني 1:773،الكافي لابن قدامة 1:111.

قالوا:هو مبدأ خلق آدميّ،فكان طاهرا (1).

قلنا:قد بيّنا ضعف هذا الكلام،و لو سلّم لكنّ المنيّ جاز أن يخرج إلى النّجاسة بالاستحالة كالعصير.و لأنّه دم خارج من الفرج،فأشبه الحيض.و كذا البحث في المضغة و البيضة إذا صارت دما.

الخامس:المشيمة الّتي يكوّن فيها الولد نجسة

لانفصالها عن الحيّ،و قال صلّى اللّه عليه و آله:(ما أبين من حيّ فهو ميّت) (2).

مسألة:و المذي و الودي عندنا طاهران،
اشارة

و المذي:ماء لزج رقيق يخرج عقيب الشّهوة على طرف الذّكر،و الودي:ماء أبيض يخرج عقيب البول خاثر.و قال أكثر الجمهور بنجاستهما (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس انّه قال:انّ المذي بمنزلة البصاق و المخاط (4).و لا نقوله إلاّ بالتّوقيف.

و ما رووه،عن سهل بن حنيف[1]قال:كنت ألقي من المذي شدّة و عناء فذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فقال:(يجزيك منه الوضوء).

ص:185


1- 1المغني 1:773،الكافي لابن قدامة 1:111.
2- 2) سنن ابن ماجه 2:1072 حديث 3216،سنن التّرمذيّ 4:74 حديث 148،مسند أحمد 5،218، مستدرك الحاكم 4:124،239،سنن البيهقيّ 1:23 و ج 9:245،سنن الدّار قطني 4:292 حديث 83-84.
3- 3) المغني 1:767،المجموع 2:552،بدائع الصّنائع 1:25،بداية المجتهد 1:34،المحلّى 1:106.
4- 4) المغني 1:767،772.

قلت:فكيف بما أصاب ثوبي منه؟قال:(يكفيك أن تأخذ كفّا من ماء فتنضح به حيث ترى أنّه[أصابه] (1)) (2)و لو كان نجسا لوجب غسله بحيث لا يتخلّف في المحلّ منه شيء،و لما أجزأ فيه النّضح،للزوجته و شدّة ملازمته لما يلاصقه.و ما رووه من حديث عمّار (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المذي يصيب الثّوب،قال:(لا بأس به)فلمّا رددنا عليه قال:(تنضحه بالماء) (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(ليس في المذي من الشّهوة و لا من الإنعاظ و لا من القبلة و لا من مسّ الفرج و لا من المضاجعة وضوء و لا يغسل منه الثّوب و لا الجسد) (5).

و ما رواه،عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(الودي لا ينقض الوضوء،إنّما هو بمنزلة المخاط و البزاق) (6)و إنّما يكون بمنزلتهما لو ساواهما في الطّهارة و غيرها.

و ما رواه في الصّحيح،عن زيد الشّحّام و زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:(إن سال من ذكرك شيء من مذي أو ودي فلا تغسله و لا تقطع

ص:186


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:169 حديث 506،سنن أبي داود:54 حديث 210،سنن التّرمذيّ 1:197 حديث 115،سنن الدّارميّ 1:184. [1]
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:127 حديث 1،سنن البيهقيّ 1:14.
4- 4) التّهذيب 1:253 حديث 733،الوسائل 1:1023 الباب 17 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
5- 5) التّهذيب 1:253 حديث 734،الاستبصار 1:174 حديث 605،الوسائل 1:191 الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 2. [3]
6- 6) التّهذيب 1:21 حديث 51،الاستبصار 1:94 حديث 304،الوسائل 1:198 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 15. [4]

له الصّلاة و لا تنقض له الوضوء،إنّما ذلك بمنزلة النّخامة،و كلّ شيء خرج منك بعد الوضوء فإنّه من الحبائل) (1)و الأحاديث كثيرة.

و لأنّ الأصل الطّهارة فيستصحب إلى أن يقوم الدّليل المنافي.و لأنّه ممّا يعمّ به البلوى و يكثر و يردّد،فلو كان نجسا لوجب نقله إمّا متواترا أو مشهورا كما في البول و الغائط.

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المذي يصيب الثّوب؟قال:(إن عرفت مكانه فاغسله،و إن خفي مكانه عليك فاغسل الثّوب كلّه) (2).

و عنه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المذي الّذي يصيب الثّوب فيلتزق به؟قال:(يغسله و لا يتوضّأ) (3).

لأنّا نقول:انّهما محمولان على الاستحباب،و يؤيّده:انّ الرّاوي بعينه روى عدم وجوب الغسل (4).

احتجّ المخالف (5)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا عليه السّلام بغسل ذكره منه (6).و لأنّه خارج من السّبيل،فكان نجسا كالبول.

ص:187


1- 1التّهذيب 1:21 حديث 52،الاستبصار 1:94 حديث 305،الوسائل 1:196 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء،ذيل حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 1:253 حديث 731،الاستبصار 1:174 حديث 606،الوسائل 2:1024 الباب 18 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 1:253 حديث 732،الاستبصار 1:175 حديث 607،الوسائل 2:1024 الباب 17 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 1:253 حديث 733،الوسائل 2:1023 الباب 17 من أبواب النّجاسات،حديث 2.
5- 5) المبسوط للسّرخسي 1:67،المدوّنة الكبرى 1:12،المغني 1:194،الكافي لابن قدامة 1:70، المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:553،المحلّى 1:106.
6- 6) صحيح مسلم 1:247 حديث 303،سنن أبي داود 1:53 حديث 206،سنن النّسائيّ 1: 214-215،مسند أحمد 1:80،124،125،145.

و الجواب عن الأوّل بالمنع من الرّواية،فإنّ الرّواية المشهورة عند أهل البيت عليهم السّلام انّ المقداد سأله لاستحياء أمير المؤمنين عليه السّلام من ذلك فقال:(ليس بشيء) (1)و هؤلاء أعرف به من غيرهم،فالحجّة في قولهم،و لو سلّم فالأمر هاهنا يحمل على الاستحباب،جمعا بين الرّوايتين،و لأنّهما تعارضتا،فيصار إلى الأصل.

و عن الثّاني بالفرق،فإنّ البول ممّا يمكن التّحفّظ منه و الاحتراز منه،بخلاف المذي،على انّا نمنع كون ما ذكروه من المشترك علّة.

تذنيب:الأصل في رطوبة فرج المرأة:الطّهارة،

لأنّه ليس بمنيّ.و عن الجمهور قولان:

أحدهما:انّه نجس،لأنّه في الفرج لا يخلق منه الولد،فأشبه المذي.

و الثّاني:الطّهارة (2)،لأنّ عائشة كانت تفرك المنيّ من ثوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3)و هو من جماع،فإنّه ما احتلم نبيّ قطّ،و هو يلاقي رطوبة الفرج.و قال بعضهم:ما أصاب منه في حال الجماع فهو نجس،لأنّه لا يسلم من المذي،و هو نجس (4).

مسألة:قال علماؤنا:الدّم المسفوح من كلّ حيوان ذي نفس سائلة
اشارة

-أي يكون خارجا بدفع من عرق-نجس.و هو مذهب علماء الإسلام،لقوله تعالى «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً

ص:188


1- 1التّهذيب 1:17 حديث 39،الاستبصار 1:91 حديث 292،الوسائل 1:197 الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 7.
2- 2) المغني 1:768،الكافي لابن قدامة 1:110،المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:570-571، مغني المحتاج 1:81،السّراج الوهّاج:23.
3- 3) صحيح مسلم 1:238 حديث 288،سنن ابن ماجه 1:179 حديث 537،538،سنن أبي داود 1: 101 حديث 371،372،سنن النّسائيّ 1:156-157.
4- 4) المغني 1:768. [1]

أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» (1).

و روى الجمهور،عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله انّه قال لعمّار بن ياسر رحمه اللّه:

(إنّما تغسل ثوبك من الغائط،و البول،و الدّم،و المنيّ) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت له:

أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منّي فعلّمت أثره إلى أن أصيب له الماء [فأصبت] (3)و حضرت الصّلاة و نسيت انّ بثوبي شيئا و صلّيت،ثمَّ انّي ذكرت بعد ذلك؟قال:(تعيد الصّلاة و تغسله) (4).

و ما رواه في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يسيل من أنفه الدّم فهل عليه أن يغسل باطنه حتّى جوف الأنف؟فقال:(إنّما عليه أن يغسل ما ظهر منه) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت:فالرّجل يكون في ثوبه نقط الدّم لا يعلم به،ثمَّ يعلم فينسى أن يغسله فيصلّي، ثمَّ يذكر بعد ما صلّى،أ يعيد صلاته؟قال:(يغسله و لا يعيد صلاته إلاّ أن يكون مقدار الدّرهم مجتمعا فيغسله و يعيد الصّلاة) (6).

ص:189


1- 1الأنعام:145. [1]
2- 2) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 1،سنن البيهقيّ 1:14.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:421 حديث 1335،الاستبصار 1:183 حديث 641،الوسائل 2:1063 الباب 42 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
5- 5) التّهذيب 1:420 حديث 1330،الوسائل 2:1032 الباب 24 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 1:255 حديث 740،الاستبصار 1:176 حديث 611،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
فروع:
الأوّل:دم ما لا نفس له سائلة كالبقّ و البراغيث و الذّباب و نحوه طاهر

.و هو مذهب علمائنا،و هو قول أبي حنيفة،و أصحابه (1)،و أحمد بن حنبل (2).و رخّص في دم البراغيث عطاء،و طاوس،و الحسن،و الشّعبيّ،و الحكم،و حبيب بن أبي ثابت[1]، و حمّاد،و إسحاق (3).و قال مالك في دم البراغيث:إذا تفاحش غسل،و إن لم يتفاحش لا بأس به (4).و روي،عن أبي حنيفة:انّ دم ما لا نفس له سائلة إن كثر غسل.و هو قول أبي سعيد الإصطخريّ من الشّافعيّة (5).و قال الشّافعيّ:انّ دم ما لا نفس له سائلة نجس (6).

لنا:قوله تعالى «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (7)و هذا ليس بمسفوح،فلا يكون نجسا.

و قوله تعالى «وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (8)و هذا حرج.و لأنّه ليس بأكثر من الميتة،و ميتته طاهرة.و لأنّه ليس بمسفوح،فلا يكون نجسا كالدّم في

ص:190


1- 1المبسوط للسّرخسي 1:86،بدائع الصّنائع 1:62،شرح فتح القدير 1:183،المجموع 2:557، [1]المحلّى 1:105.
2- 2) المغني 1:763،الكافي لابن قدامة 1:111،الإنصاف 1:327، [2]المجموع 2:557.
3- 4) المغني 1:763،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:335.
4- 5) المدوّنة الكبرى 1:21،بلغة السّالك 1:32،المغني 1:763،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:335.
5- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:60،المجموع 3:133.
6- 7) المجموع 2:557،بدائع الصّنائع 1:62.
7- 8) الأنعام:145. [3]
8- 9) الحجّ:78. [4]

العروق بعد الذّكاة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما تقول في دم البراغيث؟فقال:(ليس به بأس)قال:

قلت:انّه يكثر؟قال:(و إن كثر) (1).

و ما رواه،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دم البراغيث يكون في الثّوب،هل يمنعه ذلك من الصّلاة؟فقال:(لا،و إن كثر) (2).

و ما رواه،عن محمّد بن ريّان[1]قال:كتبت إلى الرّجل عليه السّلام هل يجري دم البق عليه مجرى دم البراغيث؟و هل يجوز لأحد أن يقيس بدم البقّ على البراغيث فيصلّي فيه؟و أن يقيس على نحو هذا فيعمل به؟فوقّع عليه السّلام:(تجوز الصّلاة، و الطّهر منه أفضل) (3).

و يلحق بذلك الدّم المتخلّف في اللّحم المذكّى إذا لم يقذفه الحيوان،لأنّه ليس بمسفوح.

الثّاني:دم السّمك طاهر.

و هو مذهب علمائنا.لأنّه ليس له نفس سائلة،و به قال أبو حنيفة (4).و للشّافعيّ (5)،و أحمد قولان:أحدهما:التّنجيس (6).و هو قول أبي

ص:191


1- 1التّهذيب 1:255 حديث 740،الاستبصار 1:176 حديث 611،الوسائل 2:1030 الباب 23 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:259 حديث 753،الوسائل 2:1027 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [2]
3- 4) التّهذيب 1:260 حديث 754،الوسائل 2:1031 الباب 23 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [3]
4- 5) أحكام القرآن للجصّاص 1:152،المبسوط للسّرخسي 1:87،بدائع الصّنائع 1:61،شرح فتح القدير 1:183،الهداية للمرغينانيّ 1:37،المحلّى 1:105،المجموع 2:557.
5- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:557.
6- 7) الإنصاف 1:327،المجموع 2:557.

ثور (1).

لنا:قوله تعالى «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ» (2)(وجه الدّلالة انّ)[1]التّحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه،و ذلك يستلزم الطّهارة.

و قوله تعالى «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (3)و دم السّمك ليس بمسفوح،فلا يكون محرّما،فلا يكون نجسا.و لأنّه لو كان نجسا لتوقّفت إباحته على سفحه كالحيوان البرّي.و لأنّه لو ترك صار ماء.

احتجّوا بقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ) (4)و لأنّه دم مسفوح،فدخل تحت قوله تعالى «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» .

و الجواب عن الآية الاولى:انّ المراد بالدّم إنّما هو المسفوح،و يدلّ عليه التّقييد في الآية الأخرى.و لأنّ الميتة مقيّدة به أيضا.و لأنّه ليس من ألفاظ العموم،فيحمل على المسفوح،توفيقا بين الأدلّة.

و عن الثّانية:بالمنع من كونه مسفوحا،إذ المراد منه ماله عرق يخرج الدّم منه بقوّة لا رشحا كالسّمك.

و يدلّ على ما ذكرناه أيضا:ما رواه الشّيخ،عن السّكوني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(انّ عليّا عليه السّلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذكّ يكون في الثّوب، فيصلّي فيه الرّجل يعني دم السّمك) (5).

ص:192


1- 1المغني 1:764،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:335.
2- 2) المائدة:96. [1]
3- 4) المائدة:3.
4- 5) الأنعام:145. [2]
5- 6) التّهذيب 1:260 حديث 755،الوسائل 2:1030 الباب 30 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
الثّالث:قال الشّيخ:الصّديد و القيح طاهران ،

(1)

خلافا للجمهور،فإنّهم قالوا بنجاستهما (2)،و قال بعضهم بطهارتهما (3).و الحقّ ما قاله الشّيخ في القيح.

لنا:انّه ليس بدم.قال صاحب الصّحاح:القيح:المِدَّةُ لا يخالطها دم (4).

و الأصل الطّهارة،فثبت المقتضي و انتفى المانع،فيثبت الحكم.

و يؤيّده:ما رواه الجمهور من حديث عمّار (5).

و أمّا الصّديد فهو ماء الجرح المختلط بالدّم قبل أن تغلظ المِدَّةُ.ذكره صاحب الصّحاح (6).

قال بعض الجمهور:انّه طاهر (7)أيضا.قال إسماعيل السّرّاج[1]:رأيت إزار مجاهد قد يبست من الصّديد و الدّم من قروح كانت بساقية (8).و اعتبر بعضهم النّتن، فقال:إن كانت له رائحة فهو نجس،و إلاّ فلا (9).

لنا:انّه ليس بدم،فلا يجب غسله،لحديث عمّار.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يخرج به القروح فلا تزال تدمى كيف يصلّي؟

ص:193


1- 1المبسوط 1:38. [1]
2- 2) بدائع الصّنائع 1:60،الكافي لابن قدامة 1:111،مغني المحتاج 1:79.
3- 3) المغني 1:762.
4- 4) الصّحاح 1:398. [2]
5- 5) سنن الدّار قطني 1:127 حديث 1،سنن البيهقيّ 1:14.
6- 6) الصّحاح 2:496. [3]
7- 7) المغني 1:762.
8- 9) المغني 1:762.
9- 10) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:558. [4]

فقال:(يصلّي و إن كانت الدّماء تسيل) (1).

و عن ليث المرادي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل تكون به الدّماميل و القروح فجلده و ثيابه مملوّة دما وقيحا؟فقال:(يصلّي في ثيابه و لا يغسلها و لا شيء عليه) (2).

و عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:الجرح يكون في مكان لا نقدر على ربطه فيسيل منه الدّم و القيح فيصيب ثوبي؟فقال:(دعه فلا يضرّك [أن] (3)لا تغسله) (4).و لأنّ الأصل الطّهارة،و الاستدلال بالأحاديث المذكورة ضعيف،إذ ليس محلّ النّزاع،و عندي فيه تردّد،لما ذكره صاحب الصّحاح.

احتجّوا بأنّه مستحيل من الدّم،فكان نجسا (5).

و الجواب:ينتقض ما ذكروه بالمنيّ،فإنّه طاهر عندهم،و باللّحم و العظم و ما أشبه ذلك ممّا أصله الدّم.

الرّابع:لو اشتبه الدّم المرئي في الثّوب

هل هو دم طاهر أو نجس،فالأصل الطّهارة.

الخامس:في نجاسة دم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إشكال ينشأ من انّه دم مسفوح،

و من انّ أبا طيبة الحجّام[1]شربه و لم ينكر عليه (6).و كذا في بوله عليه السّلام من حيث

ص:194


1- 1التّهذيب 1:256 حديث 744،الاستبصار 1:177 حديث 615،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:258 حديث 750،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:259 حديث 751،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [3]
5- 5) المغني 1:763،الكافي لابن قدامة 1:111،مغني المحتاج 1:79.
6- 7) فتح العزيز بهامش المجموع 1:179،182.

انّه بول و من انّ أمّ أيمن[1]شربته (1).

مسألة:الميتة من الحيوان ذي النّفس السّائلة نجسة سواء كان آدميّا أو غير
اشارة

آدميّ.

و هو مذهب علمائنا أجمع.و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على نجاسة لحم غير الآدميّ منه،لأنّ تحريم ما ليس بمحرّم و لا فيه ضرر كالسّمّ يدل على نجاسته،أمّا جلده فكذلك عندنا.و هو قول عامّة العلماء.و حكي عن الزّهريّ انّه قال:جلد الميتة لا ينجس (2).و هو أحد وجهي الشّافعيّة،حكاه ابن القطّان[2]منهم (3)،و إنّما الزّهومة الّتي في الجلد تصير نجسة،فيؤمر بالدّبغ لإزالتها.

لنا:انّه تحلّه الحياة،فكان ميتة،فكانت نجسة كاللحم.

و أمّا الآدميّ،فللشّافعيّ في تنجيسه بالموت قولان:أحدهما:التّنجيس،و الثّاني:عدمه (4).

لنا:انّه حيوان لو فارقته الحياة ينجس كغيره من الحيوانات.

احتجّ:بأنّه يغسل،فلا يكون نجسا،لانتفاء الفائدة.

و الجواب:المنع من الملازمة،و لا استبعاد في طهارة الآدميّ بالغسل دون غيره من

ص:195


1- 2) مستدرك الحاكم 4:63.
2- 3) المجموع 1:217.
3- 5) المجموع 1:215.
4- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:561-562،فتح العزيز بهامش المجموع 1:162،مغني المحتاج 1:78،ميزان الكبرى 1:108،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:10.

النّجاسات،لاختصاصه بالتّكريم.و لأنّه معارض بأنّه لو كان طاهرا لما أمر بغسله كالأعيان الطّاهرة.و أما غير ذي النّفس النّفس السّائلة فلا ينجس بالموت،خلافا للشّافعيّ (1)في أحد قوليه.و قد تقدّم البحث في هذه المسألة،فلا حاجة إلى إعادته.و حكم أبعاض الميتة حكمها.أمّا الصّوف،و الشّعر،و الوبر،و العظم،و ما لا تحلّه الحياة فهي طاهرة، إلاّ أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب،و الخنزير،و الكافر.و أطلق أبو حنيفة التّطهير (2)،و الشّافعيّ التّنجيس (3).و نقل صاحب المهذّب[1]عن الشّافعيّ رواية انّه رجع عن تنجيس شعر الآدميّ،قال:و اختلف أصحابنا في هذه الرّواية،فمنهم من لم يثبتها،و منهم من قال:ينجس الشّعر بالموت قولا واحدا،لأنّه متّصل بالحيوان اتّصال خلقة،فينجس كالأعضاء.و منهم من جعل الرّجوع عن تنجيس شعر الآدميّ رجوعا عن تنجيس جميع الشّعور (4).و ممّن قال بأنّ الشّعر فيه حياة ينجس بموت الحيوان عطاء، و الحسن البصريّ،و الأوزاعيّ،و اللّيث بن سعد (5).و ذهب مالك (6)،و أبو حنيفة (7)،

ص:196


1- 1فتح العزيز بهامش المجموع 1:163.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:63،الهداية للمرغينانيّ 1:21،شرح فتح القدير 1:84،المجموع 1:236، [1]بداية المجتهد 1:78.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:236، [2]المغني 1:85،بدائع الصّنائع 1:63،الهداية للمرغينانيّ 1:21،شرح فتح القدير 1:84.
4- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:11.
5- 6) المجموع 1:236، [3]عمدة القارئ 3:35.
6- 7) بداية المجتهد 1:78،المجموع 1:236، [4]عمدة القارئ 3:35.
7- 8) أحكام القرآن للجصّاص 1:149، [5]بداية المجتهد 1:78،المجموع 1:236،المحلّى 1:122، [6]عمدة القارئ 3:35.

و الثّوريّ،و أحمد (1)،و إسحاق (2)،و المزني إلى انّه لا روح فيه و لا ينجس بموت الحيوان (3).و حكي عن حمّاد بن أبي سليمان انّه ينجس بموت الحيوان و يطهر بالغسل.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه ناول شعره أبا طلحة الأنصاريّ[1]يقسمه بين النّاس (4).و كلّ جزء من الحيوان ينجس بالموت فإنّه ينجس بالانفصال.

و ما رووه عنه عليه السّلام انّه قال:(لا بأس بشعر الميتة و صوفها إذا غسل) (5).

و لأنّه ليس الموت منجّسا باعتبار ذاته بل المنجّس الرّطوبات السّيّالة و الدّماء،و لا رطوبة في هذه الأشياء.و لأنّه تعالى قال «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً» (6)و ما لا تحلّه الحياة لا يسمّى ميّتا،إذ الموت فقد الحياة عمّا من شأنه أن يكون حيّا.و لأنّ الأصل الطّهارة و المعارض و هو الموت ليس بثابت،فثبت التّطهير.

احتجّوا (7)بقوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» (8)و بقوله

ص:197


1- 1المغني 1:95،الإنصاف 1:92، [1]المجموع 1:236، [2]عمدة القارئ 3:35.
2- 2) المجموع 1:236، [3]عمدة القارئ 3:35.
3- 3) الام(مختصر المزني)8:1،المجموع 1:236،عمدة القارئ 3:35.
4- 5) صحيح مسلم 2:948 حديث 1305.
5- 6) سنن الدّار قطنيّ 1:47 حديث 19.
6- 7) الأنعام 1:145. [4]
7- 8) المغني 1:85، [5]المجموع 1:236.
8- 9) المائدة:5. [6]

عليه السّلام:(لا تنتفعوا من الميتة بشيء) (1)و لأنّ الشّعر و الصّوف و القرن و ما عدّدناه جزء نام لحياة الأصل فتنجّس بالموت كاللّحم.

و الجواب:المنع من تسمية ما ذكرناه ميتة-و قد بيّنا وجهه-مع أنّ التّحريم المضاف إلى الأعيان إنّما يتناول ما يقصد به عرفا،و المقصود هنا الأكل،و إلاّ لزم الإجمال.و قد روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إنّما حرّم من الميتة أكلها) (2)فخرج قوله:(لا تنتفعوا من الميتة بشيء)و الفرق بين اللّحم و ما ذكرناه ظاهر لوجود الحياة في اللّحم دونه.

و يؤيد ما ذكرناه من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ عن الحسين بن زرارة[1]قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(العظم،و الشّعر،و الصّوف،و الرّيش كل ذلك نابت لا يكون ميّتا) (3).

و ما رواه،عن يونس،عنهم عليهم السّلام،قال:(خمسة أشياء ذكيّة ممّا فيها منافع الخلق:الأنفحة،و البيضة،و الصّوف،و الشّعر،و الوبر) (4).

و ما رواه،عن عليّ بن الحسين بن رباط[2]و عليّ بن عقبة،قال:(و الشّعر،

ص:198


1- 1نقله في المغني 1:85.
2- 2) صحيح البخاري 7:124-125،صحيح مسلم 1:276 حديث 363،سنن أبي داود 4:65 حديث 4120.
3- 4) التّهذيب 9:78 حديث 332،الوسائل 2:1089 الباب 68 من أبواب النّجاسات، [1]حديث 4،و ج 16:448 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 8.
4- 5) التّهذيب 9:75 حديث 319،الوسائل 16:446 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2. [2]

و الصّوف كلّه ذكيّ) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن حريز قال:قال(أبو عبد اللّه عليه السّلام)[1]لزرارة و محمّد بن مسلم:(اللّبن،و اللّبأ،و البيضة،و الشّعر،و الصّوف،و القرن،و النّاب، و الحافر و كلّ شيء يفصل من الشّاة و الدّابّة فهو ذكيّ،و إن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله و صلّ فيه) (2)و الأقرب انّه لا يشترط الجزّ.نعم،لو قلع وجب أن يغسل موضع الاتّصال.

و أمّا العظم،فقال علماؤنا:انّه طاهر إلاّ أن يكون من عين نجسة-كما قلناه-لأنّه لا تحلّه الحياة،و هو قول محمّد بن سيرين و غيره،و عطاء،و طاوس،و الحسن،و عمر بن عبد العزيز (3)،و أصحاب الرّأي (4).و قال مالك (5)،و الشّافعي (6)،و أحمد (7)، و إسحاق:انّه نجس (8).و سئل فقيه العرب[2]عن الوضوء من إناء معوّج،فقال:

إن كان الماء يصيب تعويجه لم يجز،و إن كان لا يصيب تعويجه جاز،و الإناء المعوّج:

ص:199


1- 1التّهذيب 9:75 ضمن حديث 320،الوسائل 16:448 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 5. [1]
2- 3) التّهذيب 9:75 حديث 321،الاستبصار 4:88 حديث 338،الوسائل 16:447 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 3. [2]
3- 4) المغني 1:89.
4- 5) أحكام القرآن للجصّاص 1:149، [3]بدائع الصّنائع 1:63،الهداية للمرغينانيّ 1:21،شرح فتح القدير 1:84،المغني 1:90.
5- 6) الشّرح الصّغير بهامش بلغة السّالك 1:21،المجموع 1:236، [4]المغني 1:89. [5]
6- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:236،المغني 1:89.
7- 8) المغني 1:89، [6]الكافي لابن قدامة 1:24، [7]الإنصاف 1:92. [8]
8- 9) المغني 1:89. [9]

الّذي جعل فيه العاج (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ثوبان،انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اشترى لفاطمة قلادة من عصب و سوارين من عاج (2).

و من طريق الخاصّة:رواية الحسين بن زرارة-و قد تقدّمت-و لأنّه لا تحلّه الحياة، فلا يحلّه الموت،فلا ينجس به كالشّعر.و لأنّ المنجّس اتّصال الدّماء و الرّطوبات بالشّيء،و العظم لا يوجد فيه ذلك.

احتجّوا (3)بقوله تعالى «قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» (4)فكانت قابلة للموت.

و الجواب:الإحياء إنّما يتوجّه إلى المكلّف صاحب العظام.

فروع:
الأوّل:الظّفر،و القرن،و الحافر،و السّنّ كالعظم طاهر،

لأنّه لا تحلّه الحياة، و القائلون بنجاسة العظم قالوا بنجاسة (5).و فيما يتساقط من قرون الوعول[1]عند القائلين بنجاسته وقت الموت قولان:

أحدهما:الطّهارة و هو الصّحيح،لأنّه طاهر حال اتّصاله مع عدم الحياة فيه،فلم ينجس بالفصل من الحيوان و لا يموت الحيوان كالشّعر.

و الآخر:النّجاسة (6)،لقوله عليه السّلام:(ما يقطع من البهيمة و هي حيّة فهو

ص:200


1- 1المجموع 1:243.
2- 2) سنن أبي داود 4:87 حديث 2413، [1]مسند أحمد 5:275. [2]
3- 3) المغني 1:90، [3]المجموع 1:238. [4]
4- 4) يس:78،79. [5]
5- 5) المغني 1:90،المجموع 1:236.
6- 7) المغني 1:90.

ميتة) (1)قال التّرمذي:هو حديث حسن.

و الجواب:المراد ما يقطع ممّا فيه حياة،لأنّه بفصله بموت و تفارقه الحياة بخلاف ما لا تحلّه الحياة.

الثّاني:ما لا ينجس بالموت كالسّمك لا بأس بعظامه،

و هو وفاق.

الثّالث:الرّيش كالشّعر،لأنّه في معناه،

و أمّا أصولهما إذا كانت رطبة و نتف من الميتة،غسل و صار طاهرا،لأنّه ليس بميتة و قد لاقاها برطوبة،فكان طاهرا في أصله، نجسا باعتبار الملاقاة.

و قال بعض الجمهور:هو نجس و إن غسل،لأنّه جزء من اللّحم لم يستكمل شعرا و لا ريشا (2).

و الجواب:التّقدير صيرورته كذلك.

الرّابع:شعر الآدميّ إذا انفصل في حياته فهو طاهر،

على قول علمائنا و أكثر الجمهور (3)خلافا للشّافعيّ (4).

لنا:ما رواه مسلم و أبو داود انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرّق شعره بين أصحابه، قال أنس:لمّا رمى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نحر نسكه ناول الحالق شقّه الأيمن فحلقه،ثمَّ دعا أبا طلحة الأنصاريّ فأعطاه إيّاه،ثمَّ ناوله الشّقّ الأيسر،قال:(احلق) فحلقه،و أعطاه أبا طلحة،فقال:(اقسمه بين النّاس) (5)و لو كان نجسا لما ساغ هذا،

ص:201


1- 1سنن التّرمذيّ 4:74 حديث 1480،سنن ابن ماجه 2:1072 حديث 3216،سنن أبي داود 3: 111 حديث 2858،سنن الدارمي 2:93،مسند أحمد 5:218. [1]
2- 2) المغني 1:96،المجموع 1:236،الإنصاف 1:93.
3- 3) المغني 1:96،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 5:431.
4- 4) المغني 1:96،المجموع 1:232.
5- 5) صحيح مسلم 2:948 حديث 1305،سنن أبي داود 2:203 حديث 1981، [2]في سنن أبي داود بدون عبارة:(اقسمه بين النّاس).

مع علمه بأنّهم يأخذونه للبركة و يحملونه معهم،و ما كان طاهرا من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كان طاهرا من غيره كسائره.و لأنّ متّصلة طاهر فنفصله كذلك كشعر الحيوانات كلّها.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه جزء من الآدميّ انفصل في حياته،فكان نجسا كعضوه (1).

و الجواب:الفرق بحلول الحياة و عدمها.و للشّافعيّ في شعر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجهان (2)،و أمّا شعر غيره ممّا هو غير نجس العين،فإنّه طاهر عندنا،و قال الشّافعيّ:إن كان الحيوان غير مأكول كان نجسا،و إن كان مأكولا و جزّ كان طاهرا، لأنّ الجزّ كالذّكاة (3).و لو نتف فوجهان:

أحدهما:التّنجيس،لأنّه ترك طريق تطهيره و هو الجزّ و كان كما لو خنق الشّاة (4).

الخامس:حكم أجزاء الميتة ممّا تحلّه الحياة،

حكمها،لوجود معنى الموت فيها، سواء أخذت من حيّ أو ميّت،لوجود المعنى في الحالين.

السّادس:الوزغ لا ينجس بالموت،

لأنّه لا نفس له سائلة،و خالف فيه بعض الجمهور (5)و احتجوا عليه بما روي،عن عليّ عليه السّلام انّه كان يقول:(إذا ماتت الوزغة أو الفأرة في الحبّ فصبّ ما فيه،و إذا ماتت في بئر فانزعها حتّى تغلبك) (6).

و الجواب:انّه مع صحّة هذه الرّواية إنّما أمر بذلك من حيث الطّبّ.

و يدلّ عليه:ما رواه الخاصّة في أخبارهم،روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار

ص:202


1- 1المغني 1:96.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:11 المجموع 1:232.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:11 المجموع 1:241،مغني المحتاج 1:81.
4- 4) المجموع 1:241.
5- 5) المغني 1:70،الإنصاف 1:339.
6- 6) المغني 1:70.

السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:سئل عن العضاية تقع في اللّبن،قال:(يحرم اللّبن)و قال:(انّ فيها السّمّ) (1)فالتّعليل يشعر بما قلناه.

السّابع:اختلف علماؤنا في شعر الكلب و الخنزير،

فقال الأكثر:انّه نجس العين (2)،و هو قول أكثر الجمهور (3).و قال السّيّد المرتضى في المسائل النّاصريّة:انّه طاهر سواء كانا حيّين أو ميّتين (4).

لنا:قوله تعالى «أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» (5)و الضّمير عائد إلى أقرب المذكورين،و الرّجس هو النّجس،و الشّعر كالجزء منه.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل الهر و الشّاة إلى أن قال:حتّى انتهيت إلى الكلب،فقال:

(رجس نجس) (6).

و احتجّ السّيّد المرتضى بأنّه لا تحلّه الحياة،فلا يكون نجسا،لأنّه إنّما يكون من جملة الكلب و الخنزير إذا كان محلاّ لها.

و الجواب:المنع من ذلك.

قال الشّيخ في النّهاية:و لا يجوز أن يستعمل شعر الخنزير مع الاختيار،فإن اضطرّ فليستعمل منه ما لم يكن بقي فيه دسم،و يغسل يده عند حضور الصّلاة (7).

ص:203


1- 1التّهذيب 1:285 حديث 832،الوسائل 16:466 الباب 46 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2. [1]
2- 2) المبسوط 1:15،الشّرائع 1:52، [2]الجامع للشّرائع:26. [3]
3- 3) المغني 1:97،المجموع 1:234.
4- 4) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):182.
5- 5) الأنعام:145. [4]
6- 6) التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 2:1014 الباب 11 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [5]
7- 7) النّهاية:587. [6]

و روى الشّيخ عن الحسين بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:فشعر الخنزير يعمل حبلا يستقى به من البئر الّذي يشرب منها و يتوضّأ منها؟فقال:(لا بأس) (1)و في الطّريق ابن فضّال،و فيه ضعف.و لأنّه لا يلزم من ذلك ملامسته بالرّطوبة و إن كان الأغلب ذلك،فيحمل على النّادر،جمعا بين الأدلّة.

الثّامن:روى الشّيخ،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

قال:

سألته عن مسّ عظم الميت؟قال:(إذا جاز سنة فليس به بأس) (2).

و في التّقييد بالسّنة نظر،و يمكن أن يقال:العظم لا ينفكّ من بقايا الأجزاء، و ملاقاة الأجزاء الميتة منجّسة و إن لم تكن رطبة،أمّا إذا جاءت عليه سنة،فإنّ الأجزاء الميّتة تزول عنه،و يبقى العظم خاصّة و هو ليس بنجس إلاّ من نجس العين.

التّاسع:المشهور عند علمائنا انّ اللّبن من الميتة المأكولة اللّحم بالذّكاة

نجس .

(3)

و قال بعضهم:هو طاهر (4).و الأوّل قول مالك (5)،و الشّافعيّ (6)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (7).و الثّاني:مذهب أبي حنيفة (8)،و الرّواية الضّعيفة عن أحمد (9)، و هو قول داود (10).

ص:204


1- 1التّهذيب 9:75 حديث 320،الوسائل 16:447 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:277 حديث 814،الاستبصار 1:192 حديث 673،الوسائل 2:931 الباب 2 من أبواب غسل المسّ،حديث 2. [2]
3- 3) المراسم:211،السّرائر:369،الشّرائع 3:223.
4- 4) المقنعة:90،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):732،النهاية:585، [3]الجامع للشّرائع:390. [4]
5- 5) المغني 1:90،المجموع 1:244.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:244،مغني المحتاج 1:80،المبسوط للسّرخسيّ 24:27.
7- 7) المغني 1:90،الكافي لابن قدامة 1:25،الإنصاف 1:92،المجموع 2:244.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 24:27،بدائع الصّنائع 1:63،المغني 1:90،المجموع 1:244.
9- 9) المغني 1:90،الكافي لابن قدامة 1:25،الإنصاف 1:92.
10- 10) المغني 1:90.

لنا:على التّنجيس:أنّه مائع في وعاء نجس،فكان نجسا،كما لو احتلب في وعاء نجس.و لأنّه لو أصاب الميتة بعد حلبه،نجس،فكذا لو انفصل قبله،لأنّ الملاقاة ثابتة في البابين.

احتجّ أبو حنيفة بما روي انّ الصّحابة أكلوا الجبن لمّا دخلوا المدائن و هو إنّما يعمل في الإنفحة[1]و هو بمنزلة اللّبن،و ذبائحهم ميتة (1).

و احتجّ الأصحاب بما رواه الشّيخ في حديث محمّد بن مسلم و قد سبق (2).

و بما رواه،عن يونس،عنهم عليهم السّلام قال:(و لا بأس بأكل الجبن كلّه ما عمله مسلم أو غيره) (3).

و ما رواه عن الحسين بن زرارة قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و أبي يسأله عن الشّيء (4)من الميتة،و الإنفحة من الميتة،و اللّبن من الميتة،و البيضة من الميتة؟ فقال:(كلّ هذا ذكيّ) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميّت؟قال:(لا بأس به)قلت:اللّبن يكون في ضرع الشّاة و قد ماتت؟قال:(لا بأس به) (6).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الإنفحة و اللّبن بالحاجة.

ص:205


1- 2) المغني 1:90،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102.
2- 3) سبق في ص 199.
3- 4) التّهذيب 9:75 حديث 319،الوسائل 16:446 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2. [1]
4- 5) في التّهذيب:عن اللبن،و في الوسائل:عن السّن.
5- 6) التّهذيب 9:75 حديث 320،الوسائل 16:447 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 4. [2]
6- 7) التّهذيب 9:76 حديث 324،الاستبصار 4:89 حديث 339،الوسائل 16:449 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 10. [3]

و أمّا الأحاديث الّتي رواها الأصحاب،فهي معارضة بما ذكرناه.

و بما رواه الشّيخ،عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ[1]،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة؟فكتب:(لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب و كلّما كان من السّخال من الصّوف-و إن جزّ-،و الشّعر،و الوبر،و الإنفحة،و القرن و لا يتعدّى إلى غيرها إن شاء اللّه)[2]و لم يذكر اللّبن.

و بما رواه،عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام انّ عليّا عليه السّلام سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن،فقال عليّ عليه السّلام:(ذلك الحرام محضا) (1)قال الشّيخ:هذه رواية شاذّة لم يروها غير وهب بن وهب،و هو ضعيف جدّا عند أصحاب الحديث،و إن كان صحيحا حمل على التّقيّة،لأنّه موافق لمذهب العامّة،لأنّهم يحرّمون كلّ شيء من الميتة (2).

ص:206


1- 3) التّهذيب 9:76 حديث 325،الاستبصار 4:89 حديث 340،الوسائل 16:449 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 11. [1]
2- 4) التّهذيب 9:77.

أمّا لبن الحيّ،فإن كان الحيوان طاهرا،كان لبنه طاهرا،و إلاّ فلا،ثمَّ إن كان مأكولا،كان شرب لبنه جائزا،و إلاّ فلا.و قال الشّافعيّ:انّ لبن غير المأكول نجس كلحمه (1).

و الجواب:المنع من نجاسة لحمه بعد التّذكية،و على تقدير طهارته عنده،هل يحلّ شربه؟وجهان (2).

العاشر:الإنفحة من الميتة طاهرة.

و هو قول علمائنا،و أبي حنيفة (3)،و داود (4)خلافا للشّافعيّ (5)،و أحمد (6).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث من طريق الجمهور و الأصحاب (7).

احتجّ المخالف بأنّها جزء الميتة فكانت نجسة (8).

و الجواب:انّها مخصوصة بالأحاديث لمكان الضّرورة،و لأنّ الحاجة ماسّة إلى استعمالها،فكان القول بطهارتها مناسبا للحكمة بخلاف أجزاء الميتة.

الحادي عشر:البيضة من الدّجاجة الميتة طاهرة إن اكتست الجلد الصّلب.

و هو

ص:207


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:46،المجموع 2:569،مغني المحتاج 1:80،فتح الوهّاب 1:20،السّراج الوهّاج:23.
2- 2) المجموع 2:569.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:63،المبسوط للسّرخسيّ 24:27،المغني 1:90،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 102.
4- 4) المغني 1:90،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102.
5- 5) المجموع 2:570،فتح العزيز بهامش المجموع 1:187،مغني المحتاج 1:80،المغني 1:90،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102.
6- 6) المغني 1:90،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102،الكافي لابن قدامة 1:25،الإنصاف 1:92.
7- 7) تقدّم في ص 198 و ما بعدها.
8- 8) المجموع 2:570.

قول علمائنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1)،و أحمد (2)،و ابن المنذر،و ابن القطّان من الشّافعيّة[1].و قال الشّافعيّ:أنّها نجسة (3)،و نقله الجمهور،عن عليّ عليه السّلام، و عن ابن مسعود (4).

لنا:انّها صلبة القشر لاقت نجاسة بعد تمام خلقتها فلم تكن نجسة في نفسها بل بالملاقاة-كما لو لاقت النّجاسة الطّارئة-و لأنّها خارجة من حيوان يخلق منها مثل أصلها،فكانت طاهرة كالولد الحيّ.و لأنّ نماءها في بطنها لا ينقطع بموت حاملها، فصار كالجبن.

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في بيضة خرجت من است دجاجة ميّتة،قال:(إن كانت قد اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها) (5)،و ما تقدّم من الأحاديث أيضا (6).

احتجّ بأنّ عليّا عليه السّلام،و ابن عمر،و ربيعة كرهوا ذلك (7).و لأنّها جزء من الميتة.

و الجواب عن الأوّل بأنّ الكراهة لا تستلزم التّحريم.

و عن الثّاني بالمنع من كونها جزءا،بل هي متّصلة بها اتّصال المحويّ بالحاوي.و لو لم تكتس القشر الأعلى فهي نجسة،لأنّ الصّادق عليه السّلام علّق الحكم بالطّهارة

ص:208


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 24:28،المجموع 1:245،المغني 1:91،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102.
2- 2) المغني 1:91،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102،الكافي لابن قدامة 1:25،الإنصاف 1:942.
3- 4) المجموع 1:244.
4- 5) المجموع 1:245. [1]
5- 6) التّهذيب 9:76 حديث 322،الوسائل 16:448 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 6. [2]
6- 7) تقدّمت في ص 198.
7- 8) المغني 1:91،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:102.

عليه،فينتفي مع انتفائه.و لأنّه ليس عليها حائل حصين يمنع من ملاقاة النّجاسة.و قال بعض الجمهور:هي طاهرة،لأنّ عليها غاشية رقيقة تحول بينها و بين النّجاسة (1).

و أمّا بيض الدّجاجة الميتة[1]الجلالة أو بيض ما لا يؤكل لحمه ممّا له نفس سائلة فالأقوى فيه النّجاسة.و لو جعلت تحت طائر فخرجت فرخا فهو طاهر في قول أهل العلم كافّة (2).

الثّاني عشر:فأرة المسك إذا انفصلت عن الظّبية في حياتها

أو بعد التّذكية طاهرة،و إن انفصلت بعد موتها فالأقرب النّجاسة.

الثّالث عشر:ما لا يؤكل لحمه ممّا يقع عليه الذّكاة إذا ذبح كان جلده طاهرا،

و كذا لحمه.و قال الشّافعيّ:أنّهما نجسان (3).و قال أبو حنيفة:الجلد طاهر (4).و في اللّحم روايتان (5).

لنا:الأصل.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ ذبحه لا يفيد اباحة لحمه،فلا يفيد طهارة الجلد كذكاة المجوسيّ (6).

و الجواب:الفرق بأنّ تذكية المجوسيّ غير معتدّ بها،فكان ميتة.

الرّابع عشر:المشيمة الّتي فيها الولد نجسة،

لأنّه جزء حيوان أبين منه،فكان ميتة.

الخامس عشر:الوسخ الّذي ينفصل عن بدن الآدميّ في الحمّام و غيره طاهر،

لأنّه

ص:209


1- 1المغني 1:92، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:103. [2]
2- 3) المغني 1:91،المجموع 1:244.
3- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:245،المغني 1:88.
4- 5) الهداية للمرغينانيّ 4:69،الإنصاف 1:89،المغني 1:88،المجموع 1:245.
5- 6) المجموع 1:245.
6- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المغني 1:88،الهداية للمرغينانيّ 4:69.

ليس جزءا من الآدميّ،و عند الشّافعيّ انّه نجس،لأنّ الوسخ يتولّد من البشرة (1).

و كذا الوسخ المنفصل عن سائر الحيوانات حكمه حكم الميتة عنده (2)،و ليس بجيّد،لأنّه من الفضلات،فأشبه البصاق.

السّادس عشر:الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الإنسان من الأجزاء

الصّغيرة،

مثل البثور،و الثّالول[1]و غيرهما،لعدم إمكان التّحرّز عنها،فكان عفوا دفعا للمشقّة.

السّابع عشر:الدّود المتولّد من الميتة طاهر،خلافا لبعض الشّافعيّة ،

(3)

لعدم إطلاق اسم الميتة عليه،و كذا(بثورا له)[2]خلافا له.و لا خلاف في طهارة دود القزّ.

الثّامن عشر:المسك طاهر بالإجماع و إن قيل انّه دم،

لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يستعمله و كان أحبّ الطّيب إليه (4).و كذا فأرته عندنا،و للشّافعيّة وجهان (5).

مسألة:الكلب و الخنزير نجسان عينا قاله علماؤنا أجمع.
اشارة

و به قال في الصّحابة:

ابن عباس،و أبو هريرة،و عروة بن الزّبير (6)،و هو مذهب الشّافعيّ (7)،و أبي حنيفة،

ص:210


1- 1المجموع 2:573.
2- 2) المجموع 2:573.
3- 4) المجموع 2:572،فتح العزيز بهامش المجموع 1:161.
4- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 1:193.
5- 7) المجموع 2:573،فتح العزيز بهامش المجموع 1:193.
6- 8) المغني 1:70.
7- 9) المهذّب للشّيرازيّ 1:46،المجموع 2:567،مغني المحتاج 1:78،السّراج الوهّاج:22،المغني 1: 70.

و أصحابه (1)،و أبي ثور و أبي عبيد (2)،و أحمد (3).و ذهب الزّهريّ،و داود (4)،و مالك إلى انّ الكلب طاهر و انّ الأمر بالغسل من ولوغه تعبّد (5).و كذا الخنزير-عند الزّهريّ،و مالك (6)،و داود-طاهر.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه دعي إلى دار فأجاب، و إلى أخرى فامتنع فطلب العلّة منه فقال:(انّ في دار فلان كلبا)فقيل:و في دار فلان هرّة،فقال:(الهرّة ليست بنجسة) (7)و ذلك يدلّ على نجاسة الكلب.

و قوله تعالى «أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» (8)و لأنّه أشدّ حالا في التّنجيس من الكلب،و لهذا استحبّ قتله.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرّجل؟قال:(يغسل المكان الّذي أصابه) (9).

و ما رواه في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

(إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله،و إن مسّه جافّا فاصبب عليه الماء)قلت:

ص:211


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:48،بدائع الصّنائع 1:63،المجموع 2:567.
2- 2) المجموع 2:567، [1]المغني 1:70.
3- 3) المغني 1:70،الكافي لابن قدامة 1:112،الإنصاف 1:310، [2]المجموع 2:567. [3]
4- 4) المغني 1:70،المجموع 2:567.
5- 5) المغني 1:70،المجموع 2:567،الإنصاف 1:310،فتح العزيز بهامش المجموع 1:161.
6- 6) المجموع 2:568،فتح العزيز بهامش المجموع 1:161.
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،فتح العزيز بهامش المجموع 1:160.
8- 8) الأنعام:145. [4]
9- 9) التّهذيب 1:23 حديث 61،و ص 260 حديث 758،الاستبصار 1:90 حديث 287،الوسائل 2: 1015 الباب 12 من أبواب النّجاسات،حديث 4،8. [5]

لِمَ صار بهذه المنزلة؟قال:(لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بقتلها) (1).

و ما رواه معاوية ابن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت:أ ليس هو سبع يعني الكلب؟قال:(لا و اللّه انّه نجس،لا و اللّه انّه نجس) (2).

و مثله روى معاوية بن ميسرة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و روي في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله،فذكر و هو في صلاته كيف يصنع به؟قال:

(إن كان دخل في صلاته فليمض و إن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلاّ أن يكون فيه أثر فيغسله) (4)و هذا يدلّ على انّ في الصّورة الأولى لم تكن المماسّة برطوبة،أمّا مع وجود الأثر فالأمر بالغسل مطلق.

احتجّ المخالف (5)بقوله تعالى «فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ» (6)و لم يأمر بغسله.

و بما رواه أبو سعيد الخدريّ انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن الحياض الّتي بين مكّة و المدينة تردها السّباع و الكلاب و الحمر،و عن الطّهارة بها،فقال:(لها ما حملت في بطونها و لنا ما أبقت شراب و طهور) (7).و لأنّه حيوان فكان طاهرا كالمأكول.

ص:212


1- 1التّهذيب 1:261 حديث 759،الوسائل 2:1015 الباب 12 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:225 حديث 647،الاستبصار 1:19 حديث 41،الوسائل 2:1015 الباب 12 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:225 حديث 648،الاستبصار 1:19 حديث 42،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار،حديث 6. [3]
4- 4) التّهذيب 1:261 حديث 760،الوسائل 2:1017 الباب 13 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
5- 5) المغني 1:71،المجموع 2:567.
6- 6) المائدة:4. [5]
7- 7) سنن ابن ماجه 1:173 حديث 519،سنن البيهقي 1:258-بتفاوت يسير.

و الجواب عن الأوّل:انّه تعالى أمر بالأكل،و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالغسل.و لأنّه في محلّ الضّرورة.

و عن الثّاني:انّه قضيّة في عين،فيحتمل انّ الحياض كانت كثيرة الماء.

و عن الثّالث:بالفرق،فإنّ كونه مأكولا يناسب طهوريّته،و كونه غير مأكول يناسب نجاسته،فيضاف الحكم إليه عملا بالمناسبة و الاعتبار.

فروع:
الأوّل:الحيوان المتولّد من الكلب و الخنزير نجس

و ان لم يقع عليه اسم أحدهما على إشكال،و أمّا المتولّد من أحدهما و من الطّاهر،فالأقرب عندي فيه اعتبار الاسم.

الثّاني:لعاب الكلب و سائر رطوباته و الخنزير نجس لأنّه ملاق له،

و لأنّه جزء منه منفصل عنه فلم يكن طاهرا بالانفصال،و كذا سائر أجزائهما رطبة كانت أو يابسة.

الثّالث:الأقرب انّ كلب الماء لا يتناوله هذا الحكم،

لأنّ اللّفظ مقول عليه و على المعهود،بالاشتراك اللّفظيّ.

مسألة:الخمر نجس.
اشارة

و هو قول أكثر أهل العلم (1)،و قال ابن بابويه من أصحابنا:و لا بأس بالصّلاة في ثوب أصابه خمر (2).و قال داود طاهرة (3).و روى الطّحاويّ،عن اللّيث بن سعد،عن ربيعة انّه قال:هو طاهر (4).

لنا:قوله تعالى «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ» (5)

ص:213


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:46،المجموع 2:563،مغني المحتاج 1:77،السّراج الوهّاج:22،المغني 10: 337،الكافي لابن قدامة 1:111،بدائع الصّنائع 1:66.
2- 2) الفقيه 1:43.
3- 3) المجموع 2:563.
4- 4) المجموع 2:563.
5- 5) المائدة:90. [1]

و الرّجس في اللّغة:النّجس.قال صاحب الصّحاح و المجمل معا:الرّجس-بالكسر- القذر (1).و لأنّ ما حرم على الإطلاق كان نجسا كالدّم و البول.و لأنّه تعالى قال:

«فَاجْتَنِبُوهُ» و هذا أمر يقتضي الوجوب،فيحمل على جميع معاني الاجتناب،من عدم أكله،و ملاقاته،و تطهير المحلّ بإزالة عنه،و إلاّ لما كان مجتنبا،و لا معنى للنّجس إلاّ ذلك.

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن مصدّق بن صدقة،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(و لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتّى تغسل) (2).

و ما رواه،عن يونس،عن بعض من رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت موضعه،و إن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه،فإن صلّيت فيه فأعد صلاتك) (3).

و ما رواه،عن خيران الخادم[1]قال:كتبت إلى الرّجل عليه السّلام أسأله عن الثّوب يصيبه الخمر و لحم الخنزير أ يصلّى فيه أم لا فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه؟ فكتب:(لا تصلّ فيه فإنّه رجس) (4).

ص:214


1- 1الصّحاح 3:933.
2- 2) التّهذيب 1:278 حديث 817،الاستبصار 1:189 حديث 660،الوسائل 2:1056 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [1]
3- 3) التّهذيب 1:278 حديث 818،الاستبصار 1:189 حديث 661،الوسائل 2:1055 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [2]
4- 5) التّهذيب 1:279 حديث 819،الاستبصار 1:189 حديث 662،الوسائل 2:1055 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]

و ما رواه،عن زكريّا بن آدم[1]قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قِدر فيه لحم كثير و مرق كثير؟قال:(يهراق المرق أو يطعمه أهل الذّمّة أو الكلب،و اللّحم اغسله و كله)قلت:فإنّه قطر فيه الدّم؟قال:(الدّم تأكله النّار إن شاء اللّه)قلت:فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم؟قال:فقال:(فسد)قلت:

أبيعه من اليهوديّ و النّصرانيّ و أبيّن لهم؟قال:(نعم فإنّهم يستحلّون شربه)قلت:

و الفقاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شيء من ذلك؟قال:فقال:أكره أن آكله إذا قطر في شيء من طعامي) (1).

و ما رواه في الحسن،عن عليّ بن مهزيار قال:قرأت في كتاب عبد اللّه بن محمّد[2] إلى أبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك روى زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام في الخمر يصيب ثوب الرّجل انّهما قالا:(لا بأس أن يصلّي فيه إنّما حرم شربها)و روى،[غير][3]زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:(إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه،و إن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه،و إن صلّيت فيه فأعد صلاتك) (2)فأعلمني ما آخذ به؟فوقّع بخطّه عليه السّلام

ص:215


1- 2) التّهذيب 1:279 حديث 820،الوسائل 2:1056 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 8. [1]
2- 5) التّهذيب 1:281 حديث 826،الاستبصار 1:190 حديث 669،الوسائل 2:1055 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]

و قرأته:(خذ بقول أبي عبد اللّه) (1)أمره عليه السّلام بالأخذ بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام بانفراده،فدلّ على انّ الرّواية عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام لم تصحّ عنده، و إلاّ لكان امتثال أمرهما أولى.

احتجّ المخالف بالاستصحاب،فإنّه كان عصيرا طاهرا.

و بما رواه الشّيخ،عن أبي بكر الحضرميّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أصاب ثوبي نبيذ أصلّي فيه؟قال:(نعم)قلت:قطرة من نبيذ[قطرت] (2)في حبّ أشرب منه؟قال:(نعم انّ أصل النّبيذ حلال،و انّ أصل الخمر حرام) (3).

و ما رواه،عن الحسن بن أبي سارة[1]قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إن أصاب ثوبي شيء من الخمر أصلّي فيه قبل أن أغسله؟قال:(لا بأس،انّ الثّوب لا يسكر) (4).

و ما رواه،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سئل-و أنا عنده-عن المسكر و النّبيذ يصيب الثّوب،قال:(لا بأس) (5).

ص:216


1- 1التّهذيب 1:281 حديث 826،الاستبصار 1:190 حديث 669،الوسائل 2:1055 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 1:279 حديث 821،الاستبصار 1:89 حديث 663،الوسائل 2:1056 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 9. [2]
4- 5) التّهذيب 1:280 حديث 822،الاستبصار 1:189 حديث 664،الوسائل 2:1057 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 10-و [3]فيه:عن الحسين بن أبي سارة.
5- 6) التّهذيب 1:280 حديث 823،الوسائل 2:1057 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 11. [4]

و ما رواه الحسن بن أبي سارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّا نخالط اليهود و النّصارى و المجوس و ندخل عليهم و هم يأكلون و يشربون،فيمرّ ساقيهم فيصبّ على ثيابي الخمر،فقال:(لا بأس به إلاّ أن تشتهي أن تغسله لأثره) (1).

و عن الحسين بن موسى الحنّاط[1]قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يشرب الخمر ثمَّ يمجه من فيه فيصيب ثوبي؟فقال:(لا بأس) (2).

و الجواب عن الأوّل بأنّ الاستصحاب إنّما يكون دليلا ما لم يظهر مناف،و الأدلّة الّتي ذكرناها تزيل حكم الاستصحاب.

و عن الأخبار:الطّعن في سندها،و باحتمال إرادة المجاز،فإنّ العصير قد يسمّى خمرا،لأنّه يئول إليه،فيحمل عليه جمعا بين الأدلّة.و يحتمل انّ رفع البأس إنّما هو عن اللّبس لا عن الصّلاة فيه،و الأخير لا احتجاج به،لأنّ البصاق عندنا طاهر.

فروع:
الأوّل:أجمع علماؤنا على انّ حكم الفقاع حكم الخمر،

و يؤيّده:ما تقدّم من الأحاديث (3).و ما رواه الشّيخ،عن أبي جميلة البصريّ قال:كنت مع يونس ببغداد و أنا أمشي معه في السّوق ففتح صاحب الفقاع فقاعه فقفز فأصاب ثوب يونس فرأيته قد اغتمّ لذلك حتّى زالت الشّمس،فقلت له:يا أبا محمّد إلا تصلّي؟فقال لي:ليس

ص:217


1- 1التّهذيب 1:280 حديث 824،الاستبصار 1:190 حديث 666،الوسائل 2:1057 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 12. [1]
2- 3) التّهذيب 1:280 حديث 825،الاستبصار 1:190 حديث 667،الوسائل 2:1059 الباب 39 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 4) تقدّم في ص 214. [3]

أريد أصلّي[حتّى][1]أرجع إلى البيت و أغسل هذا الخمر من ثوبي،فقلت له:هذا رأي رأيته أو شيء ترويه؟فقال:أخبرني هشام بن الحكم انّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفقاع،فقال:(لا تشربه،فإنّه خمر مجهول،فإذا أصاب ثوبك فاغسله) (1).

الثّاني:بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوّثا بالنّجاسة،

لرواية الحسين بن موسى الحنّاط.

و ما رواه الشّيخ،عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم[2]قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل شرب الخمر فبصق فأصاب ثوبي من بصاقه؟فقال:(ليس بشيء) (2).

و لأنّه ليس بخمر و انّما هو رطوبة منفصلة من الإنسان،و البواطن لا تقبل النّجاسة.

الثّالث:كلّ مسكر حكمه حكم الخمر،

و به قال الشّافعيّ (3).و قال أبو حنيفة:

كلّ المسكرات طاهرة إلاّ الخمر (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عمرو ابن عمر انّهما قالا:النّبيذ نجس.

و من طريق الخاصّة:رواية عمار،و يونس،و زكريّا بن آدم،و عليّ بن مهزيار-و قد

ص:218


1- 2) التّهذيب 1:282 حديث 828،الوسائل 17:288 الباب 27 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 8. [1]
2- 4) التّهذيب 1:282 حديث 827،الاستبصار 1:191 حديث 670،الوسائل 2:1058 الباب 39 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
3- 5) المجموع 2:564، [3]مغني المحتاج 1:77،السّراج الوهّاج:22.
4- 6) المجموع 2:564.

تقدّمت (1).

و ما رواه الشّيخ،عن عطاء بن يسار،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(كلّ مسكر حرام و كلّ مسكر خمر) (2).

و ما رواه،عن عمر بن حنظلة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما ترى في قدح من مسكر يصبّ عليه الماء حتّى تذهب عاديته و يذهب سكره؟فقال:(لا و اللّه و لا قطرة تقطر منه في حبّ إلا أهريق ذلك الحبّ) (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال:(انّ اللّه لم يحرّم الخمر لاسمها،و لكن حرّمها لعاقبتها،فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر) (4)و لأنّه مسكر فأشبه الخمر في النّجاسة.

الرّابع:حكم العصير إذا غلى و اشتدّ

حكم الخمر ما لم يذهب ثلثاه.

الخامس:الخمر إذا انقلب بنفسه طهر.

و هو قول علماء الإسلام،لأنّ المقتضي للتّحريم و النّجاسة صفة الخمريّة،و قد زالت.و أمّا إذا طرح فيها شيء طاهر فانقلب خلاّ طهر عند علمائنا،خلافا للشّافعيّ (5).

لنا:حصول المقتضي و هو الأصل و زوال المانع،فيحصل الحكم و هو الطّهارة.

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال في الرّجل إذا باع عصيرا فحبسه السّلطان حتّى صار خمرا فجعله صاحبه خلاّ،

ص:219


1- 1تقدّمت الرّوايات في ص 214،215. [1]
2- 2) التّهذيب 9:111 حديث 482،الوسائل 17:260 الباب 15 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 9:112 حديث 485،الوسائل 17:287 الباب 26 من أبواب الأطعمة و الأشربة، حديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 9:112 حديث 486،الوسائل 17:273 الباب 19 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 1. [4]
5- 5) الاُمّ 3:159،المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:576،فتح العزيز بهامش المجموع 10:82، المبسوط للسّرخسيّ 24:22،المغني 10:338،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:327.

فقال:(إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس به) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن جميل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يكون لي على الرّجل الدّراهم فيعطيني بها خمرا؟فقال:(خذها،ثمَّ أفسدها قال علي:و اجعلها خلاّ) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد العزيز بن المهتدي[1]قال:كتبت إلى الرّضا عليه السّلام:جعلت فداك،العصير يصير خمرا فيصبّ عليه الخلّ و شيء يغيّره حتّى يصير خلاّ؟قال:(لا بأس به) (3).

لكن يستحبّ تركه لينقلب من نفسه،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام سئل عن الخمر يجعل فيها الخلّ؟فقال:(لا إلاّ ما جاء من قبل نفسه) (4).

احتجّ المخالف (5)بما رووه،عن أبي طلحة قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:220


1- 1التّهذيب 9:117 حديث 507،الاستبصار 4:93 حديث 357،الوسائل 17:297 الباب 31 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 9:118 حديث 508،الاستبصار 4:93 حديث 358،الوسائل 17:297 الباب 31 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 6. [2]
3- 4) التّهذيب 9:118 حديث 509،الاستبصار 4:93 حديث 359،الوسائل 17:297 الباب 31 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 8. [3]
4- 5) التّهذيب 9:118 حديث 510،الاستبصار 4:93 حديث 360،الوسائل 17:297 الباب 31 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 7. [4]
5- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:575،الشّرح الكبير [5]بهامش المغني 1:327،المغني 10: 338-339.

و آله عن أيتام ورثوا خمرا؟فقال:(أهرقها)فقال:أولا أخللها؟فقال:(لا) (1)فنهاه عن التّخليل،فدلّ على انّه لا يجوز.

و ما رووه،عن عمر انّه خطب فقال:لا يحلّ خلّ من خمر أفسدت حتّى يبدّل اللّه إفسادها،فعند ذلك يطيب الخل (2).و لأنّه إذا طرح فيها الخلّ نجس الخلّ بالخمر، فإذا زالت الشّدتة بقيت نجاسة الخلّ فلم يطهر.

و الجواب عن الأوّل بأنّ النّهي يدلّ على الكراهية-لما قلناه.

و عن الثّاني بأنّ عمر لم ينقله عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بل قاله من نفسه، فاحتمل أن يكون عن اجتهاد،فلا يكون حجّة.

و عن الثّالث بأنّ النّجاسة في الخلّ إنّما هي مستفادة من النّجاسة الخمريّة،فإذا انقلبت طهر،أمّا لو طرح فيها شيء نجس،أو كان المعتصر مشركا،فالوجه انّها لا تطهر،لأنّ الانقلاب يزيل نجاسة الخمريّة لا غير،فإن قالوا:النّجاسة لا تقبل التّفاوت،منعنا ذلك.

و لو نقلها من الشّمس إلى الظّلّ أو بالعكس حتّى تخلّل،طهر عندنا قولا واحدا،و للشّافعيّ وجهان:

أحدهما:الطّهارة،للانقلاب.و الثّاني:النّجاسة،لأنّه فعل محظور يتوصّل به إلى استعجال ما يحلّ في الثّاني،فلا يحلّ،كما لو نفّر صيدا حتّى خرج من الحرم إلى الحلّ (3).

و الجواب:المنع من تحريم التّوصّل-و قد سلف.

ص:221


1- 1سنن أبي داود 3:326 حديث 3675، [1]مسند أحمد 3:119. [2]
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:574،المغنيّ 10:339.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:575،مغني المحتاج 1:81،السّراج الوهّاج:23،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:327،المغني 10:338.
السّادس:لم أقف على قول لعلمائنا في الحشيشة المتّخذة من ورق القنَّب1،

و الوجه انّها إن أسكرت فحكمها حكم الخمر في التّحريم،أمّا النّجاسة فلا،و كذا حكم ما عداها من الجامدات إذا أسكرت فإنّها تكون محرّمة لا نجسة.أمّا لو جمد الخمر،فإنّه لا يخرج عن حكم النّجاسة إلاّ أن تزول عنه صفة الإسكار.

السّابع:الخمر المستحيل في بواطن حبّات العنب نجس لوجود المقتضي،

خلافا لبعض الشّافعيّة،حيث قاسوه على ما في باطن الحيوان (1)،و الأصل ممنوع.

مسألة:الكفّار أنجاس.
اشارة

و هو مذهب علمائنا أجمع،سواء كانوا أهل كتاب،أو حربيين،أو مرتدّين،و على أيّ صنف كانوا،خلافا للجمهور (2).

لنا:قوله تعالى «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ» (3).

لا يقال:انّه مصدر،فلا يصحّ وصف الجنّة به إلاّ مع حرف النّسبة[2]،و لا دلالة فيه حينئذ.

لأنّا نقول:انّه يصحّ الوصف بالمصادر إذا كثرت معانيها في الذّات،كما يقال:

رجل عدل.و ذلك يؤيّد ما قلناه.

و ما رواه الجمهور،عن أبي ثعلبة قال:قلت:يا رسول اللّه،إنّا بأرض أهل كتاب أ فنأكل في آنيتهم؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها،و إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها و كلوا فيها) (4)متّفق عليه.

ص:222


1- 2) المجموع 2:564،578.
2- 3) التّفسير الكبير 16:24. [1]
3- 4) التّوبة:28. [2]
4- 6) صحيح البخاريّ 7:111،114،117،صحيح مسلم 3:1523 حديث 1930،سنن ابن ماجه 2: 1069 حديث 3207،سنن التّرمذيّ 4:129 حديث 1560، [3]سنن الدّارميّ 2:233، [4]مسند أحمد 4: 195- [5]في بعضها بتفاوت يسير.

و ما رووه،عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:(المؤمن ليس بنجس)[1]و تعليق الحكم على الوصف يدلّ على سلبه عمّا عداه.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن فراش اليهوديّ و النّصراني ينام عليه؟قال:(لا بأس،و لا تصلّ في ثيابهما،و لا يأكل المسلم مع المجوسيّ في قصعة واحدة،و لا يقعده على فراشه و لا مسجده،و لا يصافحه)قال:و سألته عن رجل اشترى ثوبا من السّوق للّبس لا يدري لمن كان هل تصلح الصّلاة فيه؟قال:(إن اشتراه من مسلم فليصلّ فيه،و إن اشتراه من نصرانيّ فلا يصلّي فيه حتّى يغسله)[2].

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل صافح مجوسيّا؟قال:(يغسل يده و لا يتوضّأ) (1).

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال في مصافحة المسلم لليهوديّ و النّصرانيّ،قال:(من وراء الثّياب،فإن صافحك بيده فاغسل يدك) (2)و لأنّ أسئارهم نجسة،و لا موجب إلاّ نجاستهم.و لأنّهم لا ينفكّون عن النّجاسات، فكان الكفر مظنّة النّجاسة،فتعلّق تحريم الملاقاة بهم.و لأنّ فيه إذلالا لهم،فكان الحكم بنجاستهم مناسبا،فيكون علّة،إذ المناسبة و الاقتران يوجبان التّعليل.

ص:223


1- 3) التّهذيب 1:263 حديث 765،الوسائل 2:1018 الباب 14 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [1]
2- 4) التّهذيب 1:262 حديث 764،الوسائل 2:1019 الباب 14 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]

احتجّوا (1)بقوله تعالى «وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ» (2)و لو كان نجسا لكان حراما.و بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أضافه يهوديّ بخبز (3).

و الجواب عن الأوّل بحمل الطّعام على ما لا يقبل النّجاسة،جمعا بين الأدلّة،قال صاحب المجمل:قال بعض أهل اللّغة:الطّعام البرّ خاصّة.و ذكر حديث أبي سعيد كنّا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صاعا من طعام أو صاعا من كذا (4).و قال صاحب الصّحاح:و ربّما خصّ اسم الطّعام بالبّر (5).و لأجل ذلك ذكر المحامل[1]و الأقطع[2]في كتابيهما الخلاف بين الشّافعيّ و أبي حنيفة في الوكيل لشراء الطّعام:هل يختصّ بالحنطة أو بها و بالدّقيق؟.

و عن الثّاني:لعلّه كان من خبز المسلمين،فلا احتجاج به،لأنّه واقعة في قضيّة عين،فلا يعم.

فروع:
الأوّل:حكم النّاصب حكم الكافر،

لأنّه ينكر ما يعلم من الدّين ثبوته بالضّرورة.و الغلاة أيضا كذلك،و هل المجسّمة و المشبّهة كذلك؟الأقرب المساواة، لاعتقادهم انّه تعالى جسم،و قد ثبت انّ كل جسم محدث.

ص:224


1- 1المغني 1:97، [1]المجموع 1:264. [2]
2- 2) المائدة:5. [3]
3- 3) المغني 1:98، [4]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:91، [5]مسند أحمد 3:210-211،270. [6]
4- 4) سنن التّرمذيّ 3:59، [7]سنن النّسائيّ 5:51.
5- 5) الصّحاح 5:1974. [8]
الثّاني:لو أسلم طهر إجماعا،

لأنّ المقتضي للطّهارة و هو الأصل موجود،و المانع و هو الكفر مفقود،فيثبت الحكم.

الثّالث:لو باشر شيئا في حال كفره برطوبة نجسه،

فإذا أسلم وجب غسله.

الرّابع:ثوب الكافر طاهر ما لم يعلم مباشرته له برطوبة،

و الأفضل اجتنابه،لأنّ الأصل طهارة الثّوب و لم يحصل علم المباشرة برطوبة.

مسألة:السّباع كلّها طاهرة،
اشارة

و كذا غيرها من الحيوانات عدا الكلب و الخنزير و الكافر و النّاصب.و هو قول أكثر علمائنا (1)،و كذا لعابها و عرقها و دمعها و سائر رطوباتها عدا ما استثني.و قد خالف جماعة من علمائنا و جماعة من الجمهور في أشياء نحن نعدّها عدّا،و نذكر ما احتجّوا به،و نفسخ احتجاجاتهم،و نذكر الحقّ عندنا في ذلك.

الأوّل:الهرة طاهرة،و هو مذهب علمائنا أجمع و أكثر أهل العلم من الصّحابة و التّابعين (2)،إلاّ انّ أبا حنيفة قال:القياس يقتضي أنّها نجسة،و كره الوضوء بسؤرها، فإن فعل أجزأه (3).و هو مرويّ عن ابن عمر،و يحيى الأنصاريّ،و ابن أبي ليلى (4).

و قال أبو هريرة:يغسل مرّة أو مرّتين (5)،و قال ابن المسيّب (6).و الحسن،و ابن سيرين:يغسل مرّة (7).و قال طاوس:يغسل سبعا كالكلب (8).

ص:225


1- 1منهم ابن إدريس في السرائر:38،و المحقق الحلّي في الشرائع 1:52.
2- 2) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المجموع 1:173،فتح العزيز بهامش المجموع 1: 269.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 1:49،51،بدائع الصّنائع 1:65،المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المجموع 1:173.
4- 4) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المجموع 1:173. [1]
5- 5) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المحلّى 1:118.
6- 6) المجموع 1:173،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345.
7- 7) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345.
8- 8) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المجموع 1:173،المحلّى 1:118.

و اعلم انّ أبا حنيفة قسّم الأسئار أربعة:ضرب هو نجس.و هو سؤر الكلب، و الخنزير،و السّباع كلّها،و ضرب هو مكروه-و هو حشرات الأرض،و جوارح الطّير و الهرّ-و ضرب مشكوك فيه-و هو سؤر الحمار،و البغل-و ضرب طاهر غير مكروه-و هو كلّ حيوان يؤكل لحمه (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن كبشة بنت كعب بن مالك[1]-و كانت تحت ابن أبي قتادة[2]-انّ أبا قتادة[3]دخل عليها فسكبت له وضوءا،قالت:فجاءت هرّة فأصغى لها الإناء حتّى شربت،قالت كبشة:فرآني أنظر إليه فقال:أ تعجبين يا ابنة أخي!فقلت:نعم،فقال:انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(انّها ليست بنجس،انّها من الطّوّافين عليكم و الطّوّافات) (2)قال التّرمذيّ:و هو حديث حسن صحيح،و هو أحسن شيء في هذا الباب.

ص:226


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:47،بدائع الصّنائع 1:63،الهداية للمرغينانيّ 1:23-24،شرح فتح القدير 1:94،المجموع 1:173. [1]
2- 5) سنن ابن ماجه 1:131 حديث 367،سنن أبي داود 1:19 حديث 75،سنن التّرمذيّ 1:153 حديث 92، [2]سنن النّسائيّ 1:55،الموطّأ 1:22، [3]سنن الدّارميّ 1:187، [4]مسند أحمد 5:303. [5]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي الصّباح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(كان عليّ عليه السّلام يقول:لا تدع فضل السّنّور أن تتوضّأ منه،إنّما هي سبع) (1).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(في كتاب عليّ عليه السّلام انّ الهرّ سبع،و لا بأس بسؤره و انّي لأستحيي من اللّه أن أدع طعاما لأنّ الهرّ أكل منه) (2)و لأنّ التّنجيس حرج عظيم إذ لا يمكن التّحرّز منها فكان منفيّا.

احتجّوا (3):بما رواه أبو هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا و لغت فيه الهرّة غسل مرّة) (4).

و الجواب:انّه معارض بما روته عائشة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(انّها ليست بنجس انّها من الطّوافين عليكم)و قد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بفضلها (5).رواه أبو داود فيبقى الأوّل سالما.على انّه يحتمل أن يكون الأمر للنّدب،أو أن يكون على فم الهرّة نجاسة.

فروع:
الأوّل:لو أكلت الهرّة فأرة،

ثمَّ و لغت في ماء قليل قال الشّيخ لا بأس باستعماله،سواء غابت عن العين أولا (6)،لعموم الخبر،و لقوله عليه السّلام:(انّها من الطّوّافين عليكم و الطّوّافات)أراد انّه لا يمكن الاحتراز منها،و هو أحد وجهي

ص:227


1- 1التّهذيب 1:227 حديث 653،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:227 حديث 655،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار حدث 2. [2]
3- 3) المغني 1:73،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:345،المجموع 1:175.
4- 4) سنن أبي داود 1:19 حديث 72،سنن التّرمذي 1:151 حديث 91، [3]سنن البيهقي 1:241.
5- 5) سنن أبي داود 1:19 حديث 76.
6- 6) الخلاف 1:60 مسألة-167-،المبسوط 1:10. [4]

الشّافعيّة (1).و الثّانية:انّه نجس إن لم تغب عن العين،و طاهر إن غابت (2).

الثّاني:الحمر الأهليّة،

و البغال طاهرة عندنا،و هو قول أكثر الجمهور (3)،خلافا لأحمد في إحدى الرّوايتين (4).

لنا:ما ثبت بالتّواتر انّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله كان يركب الحمار (5)و كذا الصّحابة و لو كان نجسا لنقل احترازهم عنه لعموم البلوى به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في سؤر الدّواب،و الغنم،و البقر أ يتوضّأ منه و يشرب؟فقال:(لا بأس) (6)و لو كانت نجسة لكان الماء الباقي نجسا.و لأنّهما ممّا لا يمكن التّحرّز منهما لأربابهما،فأشبها السّنّور.

احتجّوا (7)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال يوم حنين في الحمر:(انّها رجس) (8)،و لأنّه حيوان حرم أكله لا لحرمة يمكن التّحرّز منه غالبا فأشبه الكلب.

و الجواب عن الأوّل:انّه أراد(أنّها رجس)محرّمة،و يحتمل انّه أراد لحمها الّذي في قدورهم إذ تذكية الكفّار ميته.

و عن الثّاني بالمنع من كونه حراما،و من إمكان التّحرّز منه.

ص:228


1- 1المهذّب للشّيرازي 1:8،المجموع 1:170،فتح العزيز بهامش المجموع 1:169.
2- 2) المجموع 1:170.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 1:50،المجموع 1:172،الهداية للمرغيناني 1:24،المحلّى 1:132،المغني 1: 71،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:344،الكافي لابن قدامة 1:18.
4- 4) المغني 1:71،الكافي لابن قدامة 1:18،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:344،الإنصاف 1:342.
5- 5) صحيح البخاري 6:49،صحيح مسلم 3:1422 حديث 1798،مسند أحمد 5:203.
6- 6) التّهذيب 1:227 حديث 657،الوسائل 1:167 الباب 5 من أبواب الأسئار،حديث 4. [1]
7- 7) المغني 1:72،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:344،الكافي لابن قدامة 1:18.
8- 8) صحيح البخاريّ 5:167 و ج 7:124،صحيح مسلم 3:1540 حديث 1940،سنن ابن ماجه 1: 1066 حديث 3196،سنن الدّارميّ 2:87.
الثّالث:الفيل طاهر.

و هو قول بعض الجمهور (1)،خلافا لمحمّد (2).

لنا:الأصل الطّهارة و لأنّه منتفع به حقيقة،فكان منتفعا به شرعا،اعتبارا بسائر السّباع،و هذا هو الأصل إلاّ ما اخرج بالدّليل كالخنزير.

احتجّ بأنّه بمنزلة الخنزير في تناول اللّحم،فكان نجس العين كالخنزير.

و الجواب:لا يلزم من تحريم لحمه نجاسته.

فرع:لا بأس باتّخاذ الأمشاط منها و استعمال الأواني و غيرها المصنوعة من عظامها.

و به قال أبو حنيفة (3)،خلافا للشّافعيّ (4).

لنا:ما رواه ثوبان انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(اشتر لفاطمة قلادة من عصب و سوارين من عاج) (5).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشّيخ،عن[الحسين بن الحسن بن][1][2]عاصم، عن أبيه انّه قال:دخلت على أبي إبراهيم عليه السّلام و في يده مشط عاج يتمشّط به، فقلت له:جعلت فداك انّ عندنا بالعراق من يزعم انّه لا يحلّ التّمشّط بالعاج؟قال:

(العاج يذهب بالوباء)[3].

ص:229


1- 1المغني 1:89، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:103، [2]المجموع 1:243.
2- 2) شرح فتح القدير 1:85،بدائع الصّنائع 1:86.
3- 3) شرح فتح القدير 1:85،المجموع 1:243.
4- 4) الام 1:9،المجموع 1:242.
5- 5) سنن أبي داود 4:87 حديث 4213. [3]

و عن القاسم بن الوليد[1]قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عظام الفيل مداهنها و أمشاطها،فقال:(لا بأس) (1)،و لأنّه عظم،فلا تحلّه الحياة،فكان طاهرا.

احتجّوا بأنّه ميتة،فيكون نجسا (2).

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

الرّابع:السّباع طاهرة،

خلافا لأحمد في إحدى الرّوايتين (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه سئل أ يتوضّأ بما أفضلت الحمير؟فقال:(نعم و بما أفضلت السّباع كلّها) (4)رواه الشّافعيّ في مسنده.

و لو كانت نجسة لكان الفضل نجسا.

و ما رووه عنه عليه السّلام في الحياض الّتي تردها السّباع،فقال:(لها ما حملت في بطونها و لنا ما أبقت) (5)و لأنّه حيوان يجوز الانتفاع به من غير ضرورة،فكان طاهرا كالشّاة.

و من طريق الخاصّة ما تقدّم من الرّوايات في الهرّ (6).

احتجّوا (7)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل عن الماء و ما ينوبه من السّباع؟

ص:230


1- 2) الكافي 6:489 حديث 11، [1]الوسائل 1:427 الباب 72 من أبواب آداب الحمّام،حديث 3. [2]
2- 3) المجموع 1:238.
3- 4) المغني 1:71،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:343،الكافي لابن قدامة 1:17،الإنصاف 1:342. [3]
4- 5) مسند الشّافعيّ:8.
5- 6) سنن ابن ماجه 1:173،حديث 519،سنن الدّار قطنيّ 1:31 حديث 12،سنن البيهقيّ 1:258، كنز العمّال 9:584،حديث 27534.
6- 7) تقدّم في ص 227.
7- 8) المغني 1:72،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:343،الكافي لابن قدامة 1:17،المجموع 1:173. [4]

فقال:(إذا بلغ الماء قلّتين لم ينجس) (1)و لو كانت طاهرة لم يكن للتّحديد معنى.

و الجواب:انّ من جملة السّباع الخنزير،و هو نجس،فصحّ التّحديد.

و أيضا:فإنّهم سألوه عن الماء متى ينجس؟فحدّ لهم بذلك،و وقع ذكر السّباع حشوا ليس بمقصود.

الخامس:الأظهر بين علمائنا طهارة الثّعلب،و الأرنب،

و الفأرة،و الوزغة، و سائر الحشرات.و قال الشيخ في النّهاية:و متى أصاب الثّوب أو البدن الثّعلب أو الأرنب أو الفأرة أو الوزغة وجب الغسل مع الرّطوبة (2).

لنا:الأصل الطّهارة،و لأنّ الاحتراز عن الفأرة و الوزغة ممّا يشقّ جدّا،و الثّعلب و الأرنب من السّباع.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشّيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الهرّة:(انّها من أهل البيت) (3).و هذا يدلّ من حيث المفهوم على طهارة سائر الحشرات،و كذا قوله:(انّها من الطّوّافين عليكم و الطّوّافات) (4).

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الفأرة الرّطبة قد وقعت في الماء تمشي على الثّياب،أ يصلّى فيها؟قال:(اغسل ما رأيت من أثرها،و ما لم تره فانضحه بالماء) (5).

و ما رواه،عن يونس بن عبد الرّحمن،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته هل يجوز أن يمسّ الثّعلب،و الأرنب،أو شيئا من السّباع حيّا أو

ص:231


1- 1سنن ابن ماجه 1:172 حديث 517،سنن أبي داود 1:17 حديث 63،سنن التّرمذيّ 1:97 حديث 67،سنن النّسائيّ 1:46،سنن الدّارميّ 1:186، [1]مسند أحمد 2:27. [2]
2- 2) النّهاية:52. [3]
3- 3) التّهذيب 1:226 حديث 652،الوسائل 1:164 الباب 2 من أبواب الأسئار،حديث 1. [4]
4- 4) تقدّم الحديث في ص 226. [5]
5- 5) التّهذيب 1:261 حديث 761،الوسائل 2:1049 الباب 33 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [6]

ميّتا؟قال:(لا يضرّه ذلك،و لكن يغسل يده) (1).

و الجواب عنهما بأنّ الأمر للاستحباب،على انّ الرّواية الثّانية مرسلة و مع ذلك فإنّها غير دالّة على المطلوب،لأنّ قوله:(لا يضرّه ذلك)ينافي التّنجيس،و قوله:

(و لكن يغسل يده)بحمل على ما إذا كان ميّتا-كما في الرّواية.

السّادس:لعاب البغل و الحمار لا يمنع الصّلاة و إن كثر،

لأنّه طاهر،و كذا ما يخرج من منخره،خلافا لأبي يوسف (2).

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشّيخ،عن مالك الجهنيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يخرج من منخر الدّابّة فيصيبني؟قال:(لا بأس) (3).

احتجّ بأنّ لحمه نجس و اللّعاب متولّد منه (4).

و الجواب:المنع من النّجاسة-و قد تقدّم (5).

السّابع:عرق الجنب طاهر و إن كان من الحرام،

و عرق الإبل طاهر و إن كانت من الجلاّلة و كذا غيرهما كالحائض.و قال الشّيخ بنجاسة العرقين في بعض كتبه (6).

و في المبسوط قال:يجب غسل ما عرق فيه الجنب من الحرام-على رواية بعض أصحابنا (7).و سلاّر استحبّ الإزالة (8).

لنا:انّ الأصل الطّهارة،فيستصحب.

ص:232


1- 1التّهذيب 1:262 حديث 763،الوسائل 2:1050 الباب 34 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:50.
3- 3) التّهذيب 1:420 حديث 1328،الوسائل 2:1014 الباب 11 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:65.
5- 5) تقدّم في ص 225.
6- 6) النّهاية:53. [3]
7- 7) المبسوط 1:38. [4]
8- 8) المراسم:56.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن أبي أسامة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يعرق في ثوبه،أو يغتسل فيعانق امرأته و يضاجعها و هي حائض أو جنب فيصيب جسده من عرقها؟قال:(هذا كلّه ليس بشيء) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القميص يعرق فيه الرّجل و هو جنب حتّى يبتلّ القميص؟فقال:(لا بأس،و إن أحبّ أن يرشّه بالماء فليفعل) (2).

و ما رواه،عن حمزة بن حمران[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا يجنب الثّوب الرّجل،و لا يجنب الرّجل الثّوب) (3).

و عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن جدّه،عن عليّ عليه السّلام قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الجنب و الحائض يعرقان في الثّوب حتّى يلصق عليهما؟فقال:(انّ الحيض و الجنابة حيث جعلهما اللّه عزّ و جلّ ليس في العرق،فلا يغسلان ثوبهما) (4).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

ص:233


1- 1التّهذيب 1:268 حديث 786،الاستبصار 1:184 حديث 644،الوسائل 2:1037 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:269 حديث 791،الاستبصار 1:185 حديث 647،الوسائل 2:1038 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 8. [2]
3- 4) التّهذيب 1:268 حديث 788،الاستبصار 1:185 حديث 646،الوسائل 2:1038 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
4- 5) التّهذيب 1:269 حديث 792،الاستبصار 1:185 حديث 648،الوسائل 2:1038 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 9. [4]

الحائض تعرق في ثيابها أ تصلّي فيها قبل أن تغسلها؟فقال:(نعم لا بأس) (1).

احتجّ الشّيخ بما رواه في الحسن،عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل أجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره،قال:(يصلّي فيه و إذا وجد الماء غسله) (2)قال:وجه الدّلالة انّ المراد بهذا الخبر:من عرق في الثّوب من جنابة إذا كانت من حرام،لأنّ الجنابة لا تتعدّى إلى الثّوب،و عندنا انّ عرق الجنب لا ينجّس الثّوب، فلم يبق معنى يحمل عليه الخبر إلاّ عرق الجنابة من حرام (3).و هذا الاستدلال ضعيف جدّا-كما ترى-و الأولى حمله على المعنى الظّاهر منه،و هو أن يكون الثّوب قد أصابته النّجاسة فيصلّي فيه لمكان الضّرورة،لقوله:(و ليس معه غيره)يفهم منه حاجة إليه.

و احتجّ على نجاسة عرق الإبل الجلاّلة بما رواه في الحسن،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا تشرب من ألبان الإبل الجلاّلة و إن أصابك شيء من عرقها فاغسله) (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

(لا تأكل اللّحوم الجلاّلة،و إن أصابك من عرقها فاغسله) (5).

و الجواب:انّه محمول على الاستحباب أو التّعبّد،و الحديثان قويّان،و لأجل ذلك جزم الشّيخ في المبسوط بوجوب إزالة عرقها،و جعل إزالة عرق الجنب رواية (6)،و عليه أعمل.

ص:234


1- 1التّهذيب 1:269 حديث 793،الاستبصار 1:186 حديث 649،الوسائل 2:1041 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:271 حديث 799،الاستبصار 1:187 حديث 655،الوسائل 2:1039 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 11. [2]
3- 3) التّهذيب 1:271.
4- 4) التّهذيب 1:263 حديث 767،الوسائل 2:1021 الباب 15 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 1:263 حديث 768،الوسائل 2:1021 الباب 15 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
6- 6) المبسوط 1:38.
فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن يكون الجنب رجلا أو أمره،

و لا بين أن تكون الجنابة من زنا،أو لواط،أو وطء بهيمة،أو وطء ميتة و إن كانت زوجة[1]،أو وطأ محرما،و سواء كان مع الجماع إنزال أولا،و الاستمناء باليد كالزّنا،أمّا الوطء في الحيض أو الصّوم فالأقرب طهارة العرق فيه،و في المظاهرة إشكال.

الثّاني:لو وطأ الصّغير أجنبيّة و ألحقنا به حكم الجنابة

بالوطء ففي نجاسة عرقه إشكال ينشأ من عدم التّحريم في حقّه.

الثّالث:الأقرب اختصاص الحكم في الجلاّل بالإبل،

اقتصارا على مورد النّصّ (1)،و تمسّكا بالأصل.

الرّابع:بدن الجنب من الحرام و الإبل الجلاّلة طاهر،

فلو مسّا ببدنهما الخالي من عرق رطبا فالأقرب انّه طاهر.

الخامس:لم يثبت عندي نجاسة المسوخ و لا لعابها،

و قد نجّسه الشّيخ (2)،و الأصل الطّهارة إلاّ الخنزير.و قد روى الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(انّ الضّبّ و الفأرة و القردة و الخنازير مسوخ) (3).

و روى في الضّعيف،عن أبي سهل القرشيّ[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:235


1- 2) تقدّم في ص 234. [1]
2- 3) الخلاف 1:47 مسألة 131،المبسوط 1:14.
3- 4) التّهذيب 1:39 حديث 163،الوسائل 16:379 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 1. [2]

قال:(الكلب مسخ) (1).

و روى،عن الحسين بن خالد[1]قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:[أ يحلّ أكل لحم الفيل؟فقال:(لا)فقلت:لِمَ؟][2]قال:(الفيل مثلة و قد حرّم اللّه الأمساخ و لحم ما مثّل به في صورها) (2).

و روى،عن أحمد بن محمّد،[عن محمّد][3]بن الحسن الأشعريّ[4]،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:(الفيل مسخ كان ملكا زنّاء،و الذّئب كان أعرابيّا ديّوثا،و الأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها و لا تغتسل من حيضها،و الوطواط مسخ كان يسرق تمور النّاس،و القرد و الخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السّبت، و الجرّيث و الضّبّ فرقة من بني إسرائيل حين[5]نزلت المائدة على عيسى بن مريم عليه السّلام لم يؤمنوا فتاهوا فوقعت فرقة في البحر و فرقة في البرّ،و الفأرة هي الفويسقة، و العقرب كان نمّاما،و الدّبّ و الوزغ و الزّنبور كان لحّاما يسرق في الميزان (3).

و روى عن سليمان الجعفريّ،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:(الطّاووس مسخ) (4)و في الطّريق ضعف.

ص:236


1- 1التّهذيب 9:39 حديث 164،الوسائل 16:380 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 4. [1]
2- 4) التّهذيب 9:39 حديث 165،الوسائل 16:380 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2. [2]
3- 8) التّهذيب 9:39 حديث 166،الوسائل 16:381 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 7. [3]
4- 9) التّهذيب 9:18 حديث 70،الوسائل 16:381 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 6. [4]

و روى،عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر بن محمّد عليه السّلام انّ الغراب فاسق (1).و غياث ضعيف،و هذا شيء ذكرناه هاهنا بالعرض.

مسألة:القيء ليس بنجس.
اشارة

و هو مذهب علمائنا إلاّ من شذّ منهم،نقله الشّيخ (2)و ابن إدريس (3)،و خالف فيه أكثر الجمهور (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عمّار بن ياسر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إنّما يغسل الثّياب من البول و الدّم و المنيّ) (5)و ذلك يقتضي تعميم المنع عمّا عدا الثّلاثة إلاّ ما خرج بالدّليل،و لأنّه طاهر قبل الاستحالة فيستصحب.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سألته عن القيء يصيب الثّوب فلا يغسل؟قال:(لا بأس) (6).

احتجّوا (7)بما رواه عمّار انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إنّما يغسل الثّياب من البول و المنيّ و القيء و الدّم) (8).

قلنا:قد روي،عن عمّار ما قدّمناه و رويتم هذه الزيادة،و ذلك ممّا يقتضي تطرّق التّهمة،فتسقط و يبقى الحكم على الأصل.و أيضا:فإنّ الغسل لا يستلزم التّنجيس، و تعديده مع غيره لا يقتضي اتّحاده في العلّة،فجاز أن تكون العلّة فيه نفور النّفس،و في

ص:237


1- 1التّهذيب 9:19 حديث 74،الاستبصار 4:66 حديث 238،الوسائل 16:396 الباب 7 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 2.
2- 2) المبسوط 1:38.
3- 3) السّرائر:37.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،المجموع 2:551،الإنصاف 1:331،مغني المحتاج 1:79،الكافي لابن قدامة 1:110،بدائع الصّنائع 1:60.
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 5:369. [1]
6- 6) التّهذيب 1:423 حديث 1340،الوسائل 2:1070 الباب 48 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:47،بدائع الصّنائع 1:60.
8- 8) سنن البيهقيّ 1:14،سنن الدّار قطنيّ 1:127 حديث 1.

غيره النّجاسة.

فروع:
الأوّل:النّخامة طاهرة:

و هو قول أكثر أهل العلم (1)،لما روي انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في يوم الحديبية ما تنخّم نخامة إلاّ وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه (2).رواه البخاريّ و لو كانت نجسة لم يفعلوا ذلك.

و روى أبو هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى نخامة في قبلة المسجد فأقبل على النّاس فقال:(ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربّه فيتنخّع أمامه،أ يحبّ أن يستقبل فيتنخَّع في وجهه؟فإذا تنخّع أحدكم فليتنخّع عن يساره أو تحت قدمه،فإن لم يجد فليقل هكذا)و وصف القاسم فتفل في ثوبه،ثمَّ مسح بعضه ببعض.أخرجه البخاريّ (3).

الثّاني:لا فرق في القيء بين خروجه قبل الاستحالة و بعدها

إلاّ أن يستحيل غائطا،فيكون نجسا،و في بعضه قولان سلفا (4).

الثّالث:لا فرق بين ما ينزل من الرّأس و ما يخرج من الصّدر من البلغم في

الطّهارة.

و به قال أبو حنيفة (5)،و الشّافعيّ (6).و قال أبو الخطّاب[1] (7)،و المزنيّ:

ص:238


1- 1المغني 1:769،الكافي لابن قدامة 1:110،المجموع 2:551، [1]بدائع الصّنائع 1:60،المبسوط للسّرخسيّ 1:75.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:69-70.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:112-113-بتفاوت يسير.و بهذا اللّفظ رواه مسلم،انظر صحيح مسلم 1:389.
4- 4) راجع الجزء الأوّل ص:188-189.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:75،المغني 1:769.
6- 6) المجموع 2:551.
7- 8) المغني 1:770،الكافي لابن قدامة 1:110.

البلغم نجس (1).

لنا:انّه دخل في عموم الخبرين،و لأنّه أحد نوعي النّخامة،فكان طاهرا كالآخر.

احتجّ بأنّه طعام استحال في المعدة،فأشبه القيء (2).

و الجواب:المنع من استحالته،و إنما هو شيء يتكوّن من الأبخرة،فهو كالنّازل من الرأس،و لو سلّم فالمنع في الأصل قائم.

الرّابع:المرّة الصّفراء طاهرة.

و قال الشّافعيّة:انّها نجسة (3).

لنا:الأصل الطّهارة.

مسألة:و روى الشّيخ،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

(انّ الحديد نجس) (4)و هي رواية منافية للأصل و لعمل الأصحاب،فلا اعتداد بها.

و روى في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المداد يصيب الثّوب (5)[فلا يغسل]؟قال:(لا بأس به) (6).

و روى،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب،عن وهب عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك و زاد(و لا بأس بالسّمن و الزّيت إذا أصابا الثّوب أن يصلّي فيه) (7)و هاتان مناسبتان للمذهب.

ص:239


1- 1الام(مختصر المزني)8:4،المجموع 2:551.
2- 2) المغني 1:770.
3- 3) المجموع 2:552.
4- 4) التّهذيب 1:425 حديث 1353،الاستبصار 1:96 حديث 311،الوسائل 2:1102 الباب 83 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [1]
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) التّهذيب 1:423 حديث 1341،الوسائل 2:1078 الباب 57 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
7- 7) التّهذيب 1:423 حديث 1342،الوسائل 2:1078 الباب 57 من أبواب النّجاسات،حديث 2. و [3]فيهما:عن وهيب.

و روى،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنيف يكون خارجا فتمطر السّماء فتقطر عليّ القطرة؟قال:(ليس به بأس) (1)و الأصحاب عملوا بهذه الرّواية لكن يشترط[1]أن لا يتلوّن الماء بلون النّجاسة،فإنّه حينئذ يكون مقهورا.

و روى،عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن عليّ عليهما السّلام[2]قال:قال:(لبن الجارية و بولها يغسل منه الثّوب قبل أن تطعم،و لبن الغلام لا يغسل منه الثّوب و لا بوله قبل أن يطعم،لأنّ لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين) (2).و في طريقها ضعف،و الصّحيح عندي:أنّ اللّبن طاهر سواء كان لأنثى أو لذكر.

مسألة:طين الطّريق طاهر ما لم يعلم فيه نجاسة عملا بالأصل،
اشارة

فإن علمت فيه نجاسة فهو نجس و إذا وقع المطر فطينه طاهر أيضا،و يستحبّ إزالته إذا مضى عليه ثلاثة أيّام لغلبة الظّنّ بعدم سلامته من النّجاسة.و لا يجب لعدم العلم بها،فلا يترك يقين الطّهارة بشكّ المتجدّد.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن إسماعيل،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن عليه السّلام قال في طين المطر:(انّه لا بأس به أن يصيب الثّوب ثلاثة أيّام إلاّ أن يعلم انّه قد نجّسه شيء بعد المطر،فإن أصابه بعد ثلاثة أيّام فاغسله،فإن كان الطّريق نظيفا لم يغسله) (3).

ص:240


1- 1التّهذيب 1:424 حديث 1348،الوسائل 1:110 الباب 6 من أبواب الماء المطلق،حديث 8. [1]
2- 4) التّهذيب 1:250 حديث 718،الاستبصار 1:173 حديث 601،الوسائل 2:1003 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [2]
3- 5) التّهذيب 1:267 حديث 783،الوسائل 2:1096 الباب 75 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
فرع:لو سقط عليه ماء من طريق لا يعلم ما هو،

فالأصل الطّهارة،و لا يجب عليه السّؤال عنه.و هو قول أهل العلم (1).لما رواه الجمهور انّ عمر مرّ هو و عمرو بن العاص على حوض فقال عمرو:يا صاحب الحوض ترد السّباع على حوضك؟فقال عمر:يا صاحب الحوض لا تخبرنا،فإنّا نرد عليها و ترد علينا (2).رواه مالك في الموطّأ،و هذا مع دلالته على المطلوب يدلّ على طهارة سؤر السّباع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال:(ما أبالي[أ] (3)بول أصابني أو ماء إذا لم أعلم) (4)و لأنّ الأصل الطّهارة.و لو سأل لم يجب على المسئول ردّ الجواب،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:حديث عمر،فإنّه نهاه عن الجواب،و حديث عليّ عليه السّلام مطلق في عدم المبالاة مع عدم العلم.

احتجّوا بأنّه سئل عن شرط الصّلاة،فلزمه الجواب إذا علم،كما لو سأله عن القبلة (6).

و الجواب:الفرق حاصل،لأنّ الشّرط حاصل مع عدم الجواب في صورة النّزاع، إذ هو عدم العلم بالنّجاسة لا العلم بعدمها،بخلاف القبلة.

ص:241


1- 1المغني 1:83.
2- 2) الموطّأ 1:23 حديث 14. [1]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 1:253 حديث 735،الاستبصار 1:180 حديث 629.الوسائل 2:1054 الباب 37 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
5- 5) المغني 1:83.
6- 6) المغني 1:83.
البحث الثّاني:في الأحكام:
مسألة:يجب إزالة النّجاسة عن الثّوب و البدن للصّلاة و الطّواف و دخول
اشارة

المساجد.

و هو قول أكثر أهل العلم كابن عبّاس،و سعيد بن المسيّب،و قتادة (1)، و مالك (2)،و الشّافعيّ (3)،و أصحاب الرّأي (4).و يروى عن ابن عبّاس انّه قال:ليس على ثوب جنابة.و مثله عن النّخعيّ (5).و سئل سعيد بن جبير عن الرّجل يرى في ثوبه الأذى و قد صلّى:فقال:اقرأ على الآية الّتي فيها غسل الثّياب (6).

لنا:قوله تعالى (وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (7)قال المفسّرون:هو الغسل بالماء (8).

و ما رواه الجمهور،عن أسماء بنت أبي بكر قالت:سمعت امرأة تسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا[رأت][1]الطّهر،أ تصلّي فيه؟ قال:(تنظر فيه،فإن رأت فيه دما فلتقرصه بشيء من ماء و لتنضح ما لم تر و لتصلّ

ص:242


1- 1المغني 1:750.
2- 2) مقدّمات ابن رشد 1:115،بداية المجتهد 1:116،بلغة السّالك 1:26،المغني 1:750.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:59،60،61،المجموع 3:131،142،مغني المحتاج 1:188،190،ميزان الكبرى 1:157،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54،السّراج الوهّاج:53،المغني 1:750.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:114،الهداية للمرغينانيّ 1:34، [1]شرح فتح القدير 1:167،168،المغني 1: 750،ميزان الكبرى 1:157،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
5- 5) المغني 1:750.
6- 6) المغني 1:750.
7- 7) المدّثّر:4. [2]
8- 8) تفسير الطبري 29:146،أحكام القرآن للجصّاص 5:369، [3]تفسير القرطبي 9:65، [4]احكام القرآن لابن العربي 4:1888،التبيان 10:173.

فيه) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا احتلم الرّجل فأصاب ثوبه منيّ فليغسل الّذي أصابه،فإن ظنّ أنّه أصابه منيّ و لم يستيقن و لم ير مكانه فلينضحه بالماء،و إن استيقن انّه قد أصابه و لم ير مكانه فليغسل ثوبه كلّه فإنّه أحسن) (2)و الأحاديث كثيرة تأتي في موضع الحاجة إليها، و لأنّها إحدى الطّهارتين،فكانت شرطا للصّلاة كالطّهارة من الحدث،و لأنّ النّجاسة التّقديريّة تجب إزالتها بالوضوء،فالعينيّة أولى.

فروع:
الأوّل:يجب إزالة العين بالماء،

فإن تعذّر أزيلت بغيره إن أمكن،ثمَّ غسل المحلّ بالماء.و كذا يجب إزالة الأثر و هو اللّون،و أمّا الرّائحة فلا.و لو تعذّر إزالة اللّون أجزأ إزالة العين،و استحبّ ستر ذلك اللّون بشيء من الأصباغ.

الثّاني:إذا تعذّر إزالة اللّون طهر المحلّ بإزالة العين.

و هو أحد وجهي الشّافعيّة، و الآخر انّه يكون عفوا لا طاهرا (3).

الثّالث:لو صبغ الثّوب بصبغ نجس و غسله،

أو خضّب يده بالحنّاء النّجس طهر المحلّ بالغسل و إن بقي اللّون،لأنّ نجاسته عارضة.و قال أبو إسحاق الإسفراييني[1]:لا

ص:243


1- 1سنن أبي داود 1:99 حديث 360.
2- 2) التّهذيب 1:252 حديث 728،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
3- 3) المجموع 2:594،فتح العزيز بهامش المجموع 1:238،239،241،242.

يطهر،لأنّ بقاء اللّون دليل بقاء العين[1].و هو خطأ،فإنّ اللّون هنا طاهر،و إنّما عرض له التّنجيس بخلاف الدّم.

مسألة:و لا فرق بين قليل النّجاسة و كثيرها في وجوب الإزالة إلاّ الدّم

-و سيأتي بيانه-و به قال الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).و قال أبو حنيفة:يراعى في النّجاسات كلّها قدر الدّرهم البغليّ،فإن زاد وجبت إزالته و إلاّ فلا،إلاّ بول ما يؤكل لحمه،فإنّه نجس و لا تجب إزالته بالماء إلاّ أن يتفاحش (4).و اختلف أصحابه في التّفاحش،فقال الطّحاوي:أن يكون ربع الثّوب.و منهم من قال:ذراع في ذراع.

و قال أبو بكر الرّازي[2]:أن يكون شبرا في شبر (5).

لنا:قوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (6)و ذلك عامّ.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(تنزّهوا من البول،فإنّ عامّة عذاب القبر منه) (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما

ص:244


1- 2) الام 1:55،المهذّب للشّيرازيّ 1:60،المغني 1:760،الهداية للمرغينانيّ 1:35،بداية المجتهد 1: 81،شرح فتح القدير 1:177.
2- 3) بداية المجتهد 1:81،المدوّنة الكبرى 1:21،المغني 1:760.
3- 4) المغني 1:760،الكافي لابن قدامة 1:117،الإنصاف 1:325.
4- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:61،الهداية للمرغيناني 1:35،شرح فتح القدير 1:177،فتح العزيز بهامش المجموع 4:76،77.
5- 7) راجع شرح فتح القدير 1:178.
6- 8) المدّثّر:4. [1]
7- 9) سنن الدّار قطنيّ 1:127 حديث 2.

عليهما السّلام قال:سألته عن البول يصيب الثّوب،فقال:(اغسله مرّتين) (1)و غيره من الأحاديث الآتية.و لأنّها نجاسة لا تشقّ إزالتها فتجب كالكثير،و لأنّها إحدى الطّهارتين،فلا يتقدّر سببها بقدر كالأخرى.و لأنّ قليل الحكميّة مانع،فالحقيقيّة أولى.

و لأنّ مبنى الصّلاة على التّعظيم،و كماله بالطّهارة من كلّ وجه و ذلك بإزالة قليل النّجاسة و كثيرها.

احتجّ أبو حنيفة بقول عمر:إذا كانت النّجاسة مثل ظفري هذا لم يمنع جواز الصّلاة-و ظفره كان قريبا من كفّ أحدنا (2)-و لأنّ في التّحرّز عن القليل حرجا، فيكون مدفوعا كالدّم.و لأنّه يجتزى فيها بالمسح في محلّ الاستنجاء،و لو لم يعف عنها لم يكف فيها المسح كالكثير.

و الجواب عن الأوّل باحتمال أن يكون ذلك قاله عن اجتهاد،إذ لم يسنده،فلا يكون حجّة،و لو سلّم فيحتمل أن يكون المراد بالنّجاسة الدّم.

و عن الثّاني بالمنع من مشقّة الاحتراز بخلاف الدّم الّذي لا ينفكّ الإنسان منه،إذ لا يخلو من حكّة أو بثرة أو دمل أو جرح أو رعاف أو غير ذلك،فكانت المشقّة فيه أبلغ.على انّ التّعليل بالحرج تعليل لوصف غير منضبط،فلا يكون مقبولا،و لأنّ غيره من النّجاسات أغلظ منه و لهذا أوجب البول و الغائط:الوضوء و المنيّ:الغسل، بخلاف الدّم.

و عن الثّالث بأنّ الاستنجاء مزيل للنّجاسة،فكان كالماء في حصول الطّهارة،فلا يجوز قياس ثبوت النّجاسة على زوالها.

مسألة:الدّم النّجس قسمان:
أحدهما:تجب إزالته مطلقا قلّ أو كثر،و هو دم الحيض و الاستحاضة و النّفاس،

ص:245


1- 1التّهذيب 1:251 حديث 721،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:60.

أمّا دم الحيض فشيء ذكره الشّيخان (1)،و السّيّد المرتضى (2)،و ابن بابويه (3)، و أتباعهم (4).و أمّا الآخران فقد ذكره[1]الشّيخ (5)و من تبعه (6).و الجمهور لم يفرّقوا بين الدّماء (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال لأسماء لمّا سألته عن دم الحيض يكون في الثّوب:(اقرصيه،ثمَّ اغسليه بالماء) (8)و ذلك عامّ في القليل و الكثير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير قال:(لا تعاد الصّلاة من دم لم تبصره إلاّ دم الحيض،فإنّ قليله و كثيره في الثّوب إن رآه و إن لم يره سواء) (9)و هذه الرّواية و إن كانت مرسلة إلاّ انّها من المشاهير،و لأنّ الأصل وجوب الإزالة-لمّا بيّنّا-و لقوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (10)و أمّا الدّمان الآخران فتدلّ عليهما الآية و الأصل.و لأنّ دم النّفاس دم الحيض في الحقيقة.

الثّاني:ما لا تجب إزالته في حال قلّته،

و هو إمّا أن لا تجب إزالته و إن كثر،و إمّا

ص:246


1- 1المفيد في المقنعة:10،و الطّوسيّ في المبسوط 1:35،و النّهاية:51.
2- 2) الانتصار:13.
3- 3) الفقيه 1:42.
4- 4) منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:51،و سلاّر في المراسم:55،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة): 550.
5- 6) النّهاية:51،المبسوط 1:35.
6- 7) انظر مصادر الهامش«4».
7- 8) المغني 1:763، [1]المدونة الكبرى 1:20.
8- 9) صحيح البخاريّ 1:84،سنن ابن ماجه 1:206 حدث 629،سنن أبي داود 1:99 حديث 361، سنن التّرمذيّ 1:254 حديث 138،سنن النّسائيّ 1:195،سنن الدّارميّ 1:197. [2]
9- 10) التّهذيب 1:257 حديث 745،الوسائل 2:1028 الباب 21 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
10- 11) المدّثّر:4. [4]

أن تجب،

فالأوّل دم الجروح السّائلة و القروح الدّامية الّتي تشقّ إزالتها و لا يقف

جريانها،

لما رواه الجمهور،عن ابن عمر انّه كان يسجد فيخرج يديه فيضعهما بالأرض و هما يقطران دما من شقاق[1]كان في يده و عصر بثرة فخرج منها شيء من دم وقيح فمسحه بيديه و صلّى (1).و لم ينكر عليه أحد،و إلاّ لنقل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يخرج به القروح فلا تزال تدمي كيف يصلّى؟ فقال:(يصلّي و إن كان كان الدّم يسيل) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو يصلّي،فقال لي قائدي:انّ في ثوبه دما،فلمّا انصرف قلت له:انّ قائدي أخبرني انّ في ثوبك دما،فقال:(انّ بي دماميل و لست أغسل ثوبي حتّى تبرأ) (3).

و ما رواه،عن ليث المراديّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل تكون به الدّماميل و القروح فجلده و ثيابه مملوّة دما وقيحا؟فقال:يصلّي(في ثيابه و لا يغسلها و لا شيء عليه) (4).

و ما رواه،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه،فيسيل منه الدّم و القيح فيصيب ثوبي؟ فقال:(دعه فلا يضرّك أن لا تغسله) (5).

ص:247


1- 2) المغني 1:761.
2- 3) التّهذيب 1:256،حديث 744،الاستبصار 1:177 حديث 615،الوسائل 2:1029 الباب 21 من أبواب النّجاسات،حديث 4-و [1]فيهما:و ان كانت الدّماء تسيل.
3- 4) التّهذيب 1:258 حديث 747،الاستبصار 1:177 حديث 616،الوسائل 2:1028 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
4- 5) التّهذيب 1:258 حديث 750،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
5- 6) التّهذيب 1:259 حديث 751،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [4]

و ما رواه في الموثّق،عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا كان بالإنسان جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتّى يبرأ و ينقطع الدّم)[1] و لأنّه يشقّ التّحرّز منه،فكان التّرخّص[2]واجبا.

فروع:
الأوّل:يستحبّ لصاحب هذا العذر أن يغسل ثوبه في كلّ يوم مرّة،

لأنّ فيه تطهيرا غير مشق فكان مطلوبا،و لما رواه الشّيخ،عن سماعة قال:سألته عن الرّجل به القرح أو الجرح فلا يستطيع أن يربطه و لا يغسل دمه قال:(يصلّي و لا يغسل ثوبه كلّ يوم إلاّ مرّة فإنّه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كلّ ساعة) (1).

الثّاني:لو تمكّن من إبدال الثّوب فالأقرب الوجوب،

لانتفاء المشقّة حينئذ، فينتفي التّرخّص لانتفاء المعلول عند انتفاء علّته.

الثّالث:لا فرق بين الثّوب و البدن في هذا الحكم،

لوجود المشقّة فيها.

الرّابع:لو تعدّى الدّم عن محلّ الضّرورة في الثّوب أو البدن

بأن لمس بالسّليم من بدنه دم الجرح أو بالطّاهر من ثوبه،فالأقرب عدم التّرخّص فيه،و تجب إزالته،لعدم المشقّة،و كذا لو ترشّش عليه من دم غيره.

الخامس:لا يخرج هذا النّوع من الدّم عن مقتضاه و هو النّجاسة باعتبار العفو عنه

لا في محلّ المشقّة و لا غيره،و هل يسري العفو عنه إلى ما لاقاه؟الوجه المنع،فلو لاقاه جسم رطب ينجس،و لو لاقى ذلك الجسم جسم آخر رطب ينجس أيضا.

ص:248


1- 3) التّهذيب 1:258 حديث 748،الاستبصار 1:177 حديث 617،الوسائل 2:1029 الباب 22 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
القسم الثّاني:ما عدا ما ذكرنا من الدّماء،فإن كان مجتمعا وجب إزالة ما زاد

على الدّرهم البغليّ سعة

إجماعا منّا و هو قول قتادة،و النّخعيّ،و سعيد بن جبير، و حمّاد بن أبي سليمان،و الأوزاعي،و أصحاب الرّأي (1)،و الشّافعيّ (2).و قال أحمد:

لا تجب إزالته ما لم يتفاحش و تكثر (3).و هو قول مالك (4).

و اختلفا في حدّ التّفاحش:فقال أحمد في رواية:أنّه شبر في شبر (5)،و قال في أخرى:قدر الكفّ (6).و قال مالك:التّفاحش نصف الثّوب (7).

لنا:انّ الأصل وجوب إزالة النّجاسة،و الاحتياط يقتضيه،و قوله تعالى:

«وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (8).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(تعاد الصّلاة من قدر الدّرهم من الدّم)فالزائد أولى (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إن أصاب ثوب الرّجل الدّم فصلّى فيه و هو لا يعلم فلا إعادة عليه،و إن هو علم قبل أن يصلّي فنسي و صلّى فعليه الإعادة) (10).

و ما رواه،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،(و إن كان أكثر من

ص:249


1- 1المغني 1:761،المجموع 3:136.
2- 2) الام 1:55،المجموع 3:136، [1]المغني 1:761.
3- 3) المغني 1:761،الكافي لابن قدامة 1:117،المجموع 3:136.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:21.
5- 5) المغني 1:762،المجموع 3:136.
6- 6) المغني 1:762.
7- 7) المجموع 3:136.
8- 8) المدّثّر:4. [2]
9- 9) سنن الدّار قطنيّ 1:401 حديث 1،سنن البيهقيّ 2:404.
10- 10) التّهذيب 1:254 حديث 737،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [3]

قدر الدّرهم و كان رآه فلم يغسله حتّى صلّى فليعد صلاته،و إن لم يكن رآه حتّى صلّى فلا يعيد الصّلاة) (1).

احتجّوا بأنّ الشّارع لم يقدّره،فوجب صرفه إلى المعتاد (2).

و الجواب:المنع من عدم التّقدير الشّرعيّ،لأنّ الحديث الّذي ذكرناه يدلّ عليه.

و قد عفى عمّا نقص عن الدّرهم إجماعا منّا و هو قول أكثر أهل العلم (3)،إلاّ الشّافعيّ (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(تعاد الصّلاة من قدر الدّرهم من الدّم)و ذلك يدلّ على انّ الأقلّ لا تعاد الصّلاة منه،و إلاّ لم يكن للتّعليق بذلك المقدار فائدة.

و ما رواه،عن عمر انّه قال:إن كانت النّجاسة مثل ظفري هذا لم يمنع جواز الصّلاة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال في الدّم يكون في الثّوب:(إن كان أقلّ من الدّرهم فلا يعيد الصّلاة،و إن كان أكثر.)الحديث.و لأنّه لا ينفكّ الإنسان عن ملاقاته إمّا من بثر أو جرح أو رعاف أو غيرها،فالاحتراز عن القليل مشقّة عظيمة فكانت منفيّة.

أمّا ما بلغ درهما من الدّراهم البغليّة المضروبة من درهم و ثلث و لم يزد،فقد اختلف

ص:250


1- 1التّهذيب 1:255 حديث 739،الاستبصار 1:175 حديث 610،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 2) المغني 1:762.
3- 3) المغني 1:762.
4- 4) المجموع 3:134،بداية المجتهد 1:81.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:60،عمدة القارئ 3:141.

علماؤنا على قولين:فبعض أوجب إزالته (1).و هو قول النّخعيّ،و الأوزاعيّ (2).

و بعض لم يوجبه (3).و هو مذهب أبي حنيفة (4).فالطّائفة الأولى جعلوا الدّرهم في حدّ الكثرة،و الأخرى جعلوه في حدّ القلّة،و الأقرب الأوّل.

لنا:ما رواه الجمهور في قوله صلّى اللّه عليه و آله:(تعاد الصّلاة من قدر الدّرهم) (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابنا،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام انّهما قالا:(لا بأس بأن يصلّي الرّجل في ثوب و فيه الدّم متفرّقا شبه النّضح،و إن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك فلا بأس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدّرهم) (6).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام [قال][1]:قلت:فالرّجل يكون في ثوبه نقط الدّم لا يعلم به،ثمَّ يعلم فنسي أن يغسله فيصلّي،ثمَّ يذكر بعد ما صلّى،أ يعيد صلاته؟قال:(يغسله و لا يعيد صلاته إلاّ أن يكون مقدار الدّرهم مجتمعا فيغسله و يعيد الصّلاة) (7)و لأنّ الأصل وجوب الإزالة بقوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (8)إلاّ ما خرج بالدّليل،و لأنّه نجس فوجبت إزالته كما لو زاد.

ص:251


1- 1كابن بابويه في الهداية:15،و المفيد في المقنعة:10،و الطّوسيّ في المبسوط 1:35،و ابن البراج في المهذّب 1:51،و ابن إدريس في السّرائر:35.
2- 2) المغني 1:762،المجموع 3:136.
3- 3) كسلاّر في المراسم:55.
4- 4) المجموع 3:136،بداية المجتهد 1:81.
5- 5) سنن الدّارقطنيّ 1:401 حديث 1.
6- 6) التّهذيب 1:256 حديث 742،الاستبصار 1:176 حديث 612،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
7- 8) التّهذيب 1:255 حديث 740،الاستبصار 1:176 حديث 611،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
8- 9) المدّثّر:4. [3]

احتجّ المخالف من الأصحاب بما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:

قلت له:الدّم يكون في الثّوب عليّ و أنا في الصّلاة،قال:(إن رأيت و عليك ثوب غيره فاطرحه و صلّ،فإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك و لا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدّرهم،[و ما كان أقلّ][1]من ذلك فليس بشيء،رأيته أو لم تره،فإذا كنت قد رأيته و هو أكثر من مقدار الدّرهم فضيّعت عليك غسله و صلّيت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صلّيت فيه)[2].

و برواية إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام:(إن كان أقلّ من الدّرهم فلا يعيد الصّلاة،و ان كان أكثر من قدر الدّرهم فليعد إذا رآه فلم يغسله)و لأنّ في إزالته مشقّة كما لو كان أقلّ (1).

و الجواب عن الأوّل بأنّ الرّواية مرسلة،فلعلّ محمّد بن مسلم أسند الحديث إلى غير إمام،فلا يكون حجّة.

و عن الثّاني:انّه لا دلالة على مطلوبكم فيه،إذ دلالته على حكمي الزّائد و النّاقص،و المساوي لم يتعرّض له،فيحمل على الأصل.

فروع:
الأوّل:لو كان الدّم متفرّقا في كلّ موضع أقل من الدّرهم،

قال الشّيخ في النّهاية:لا يجب إزالته ما لم يتفاحش و يكثر (2).و قال في المبسوط:إذا كان الدّم متفرّقا

ص:252


1- 3) التّهذيب 1:255 حديث 739،الاستبصار 1:175 حديث 610،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 4) النّهاية:52. [2]

لا يجب إزالته،و لو قلنا:إذا كان جميعه لو جمع كان مقدار الدّرهم وجب إزالته،كان أحوط للعبادة (1).و ابن حمزة[2]اعتبر الدّرهم لو جمع (2).و ابن إدريس أطلق القول بعدم وجوب الإزالة (3).و الأقرب عندي اعتبار الدّرهم لو جمع.

لنا:انّ الحكم معلّق على قدر الدّرهم،و هو أعمّ من أن يكون مجتمعا أو متفرّقا.

و لأنّ الأصل وجوب الإزالة للآية،عفى عمّا نقص عن قدر الدّرهم لكثرة وقوعه،فلا تتعدّى الرّخصة إلى المتفرّق النّادر لعدم المشقّة فيه.و لأنّه يلزم انّه لو كان الثّوب قد استولت النّجاسة عليه صحّت الصّلاة فيه،و مع عدم الاستيلاء لا يلزم مع التّساوي في إمكان الإزالة،و اللاّزم باطل قطعا،فالملزوم مثله.

بيان الملازمة:انّه لو كان بين كلّ موضعين من الثّوب حصل فيهما أقلّ من سعة الدّرهم بجزء لا يتجزّأ ما هو خال عن الدّم و هو قليل جدّا كجزء لا يتجزّأ،صدق انّه لم يجتمع فيه قدر الدّرهم.

احتجّ المخالف برواية جميل بن دراج عن أبي جعفر عليهما السّلام-و قد تقدّمت (4).

و الجواب:انّها مرسلة،و مع ذلك فهي غير ناصّة على المطلوب،فإنّه يحتمل أن يكون المراد القليل من الدّم المتفرّق،و يدلّ عليه قوله:(شبه النّضح)و يحتمل أيضا أن يكون اسم«يكن»في قوله:(ما لم يكن مجتمعا قدر الدّرهم)هو الدّم المتفرّق،و ذلك هو ما قلناه،و يكون معناه ما لم يكن الدّم المتفرّق لو جمع قدر الدّرهم،و يكون قوله:

ص:253


1- 1المبسوط 1:36. [1]
2- 3) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):669.
3- 4) السّرائر:35.
4- 5) تقدّمت في ص 251. [2]

(مجتمعا)حالا،و الخبر قوله:(قدر الدّرهم).

الثّاني:لو كان الدّم متفرّقا و لو جمع لزاد على الدّرهم

فعلى أحد قولي الشّيخ:لا يجب (1).أمّا على قوله المختار من اعتبار الدّرهم:فالمصلّي بالخيار،إن شاء أن يزيل الجميع فعل،و هو الأولى،و إن شاء أزال(ما يبقى معه حدّ القلّة)[1]لأنّه حينئذ يصدق عليه انّ في ثوبه أقلّ من درهم،فساغ له الدّخول في الصّلاة به.

الثّالث:الدّماء بأسرها متساوية في اعتبار الدّرهم إلاّ ما استثنيناه.

و استثنى قطب الدّين الرّاونديّ دم الكلب و الخنزير فألحقهما بدم الحيض (2)في وجوب إزالة ما قلّ أو كثر،و كذا ابن (3)حمزة.و أوجب أحمد إزالة قليل دم الكلب و الخنزير دون قليل دم الحيض (4).و المشهور مساواة غيرهما من الحيوانات لما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على الإطلاق (5).

احتجّ قطب الدين بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله،و إن مسحه جافّا فاصبب عليه الماء)قلت:لم صار بهذه المنزلة؟قال:(لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بقتلها)[2]و إذا كان حال رطوبته كذلك فحال دمه أبلغ في الاحتراز،و لأنّ

ص:254


1- 1المبسوط 1:36.
2- 3) نقله عنه ابن إدريس في السّرائر:35.
3- 4) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):669.
4- 5) المغني 1:563.
5- 6) تقدم في ص 245-252. [1]

المشقّة إنّما تحصل بدم الإنسان نفسه،لعدم انفكاكه منه غالبا،أمّا دم الكلب فنادر، فلا حرج في إزالته.

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الرّطوبة و الدّم،إذ قد ثبت في الدّم العفو عمّا نقص عن الدّرهم،و لم يثبت فيما هو أخفّ نجاسة منه كبول الصّبيّ.

و عن الثّاني:بأنّ المشقّة غير مضبوطة،فلا تعتبر في التّعليل،بل المظنّة الّتي هي الدّم،الموجود في دم الكلب،و لو سلّم ذلك لزم عدم اعتبار الدّرهم في جميع الدّماء إلاّ دم الإنسان نفسه،و ذلك باطل بالإجماع.و الأقرب عندي قول قطب الدّين،لأنّ نجس العين يحصل لدمه بملاقاته نجاسة غير معفوّ عنها،و هكذا حكم دم الكافر.

الرّابع:لو أصاب الدّم نجاسة،لم يعف عنه قليلا و كثيرا،

لأنّ المعفوّ عنه إنّما هو النّجاسة الدّمويّة لا غير.

الخامس:روى الشّيخ،عن مثّنى بن عبد السّلام1،عن أبي عبد اللّه عليه

السّلام

[قال][2]:قلت له:انّي حككت جلدي فخرج منه دم؟فقال:(إن اجتمع قدر حمّصة فاغسله و إلاّ فلا) (1)و هذه الرّواية تحمل على الاستحباب،أو على انّ القدر ليس في السّعة بل في الوزن،فإنّه تقريبا يساوي سعة الدّرهم.

السّادس:حكم البدن حكم الثّوب في هذا الباب.

ذكره أصحابنا، و يؤيّده:رواية مثنّى بن عبد السّلام،و لأنّ المشقّة في البدن موجودة كالثّوب بل أبلغ،لكثرة وقوعها،إذ لا يتعدّى إلى الثّوب غالبا إلاّ منه،و هل

ص:255


1- 3) التّهذيب 1:255 حديث 741،الاستبصار 1:176 حديث 613،الوسائل 2:1027 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [1]

يتساوى[1]الثّوب الملبوس و المصحوب؟فيه إشكال.فلو لم يكن على بدنه و لا على ثوبه الّذي يلبسه دم و كان في كمّه ثوب فيه دم يسير،ففي العفو عنه إشكال ينشأ من عموم التّرخّص،و من كونه مشروعا لأجل المشقّة.

السّابع:الرّطب الطّاهر لو تنجّس بالدّم ثمَّ أصاب الثّوب لم يعتبر الدّرهم فيه،

بل وجب إزالة قليله،لأنّه نجس ليس بدم،فوجب إزالته بالأصل السّالم عن المعارض.

لا يقال:انّ النّجاسة مستفادة من الدّم،فكان الحكم له.

لأنّا نقول:قد لا يثبت في الفرع ما ثبت في الأصل،خصوصا في هذا الباب،إذ الرّخصة لا تتعدّى،و لأنّ الاعتبار بالمشقّة المستندة إلى كثرة الوقوع،و ذلك غير موجود في صورة النّزاع لندوره.

أمّا لو زالت عين الدّم بما لا يطهّرها،ففي جواز الصّلاة نظر أقربه الجواز،لأنّه مع العينيّة يجوز و بزوال العين تخفّ النّجاسة،فكان الدّخول سائغا،و فارق خفّة النّجاسة في البول للصّبيّ،لأنّ شدّة النّجاسة و خفّتها هاهنا تعتبران بالقياس إلى الدّم نفسه،لا إليه و إلى غيره.

الثّامن:يجب غسل الدّم في كلّ موضع يجب غسله بالماء،

و ذلك لما سبق من انّ المزيل للنّجاسة إنّما هو الماء لا غير،و في دم الحيض إذا لم يزل أثره بالغسل يستحبّ صبغه بالمشق-بكسر الميم-و هو المغرة،قاله صاحب الصّحاح (1).لما رواه الشّيخ،عن أبي بصير:و سألته امرأة انّ بثوبي دم الحيض و غسلته و لم يذهب أثره؟فقال:(اصبغيه بمشق) (2).

ص:256


1- 2) الصّحاح 4:1555.
2- 3) التّهذيب 1:257 حديث 746،الوسائل 2:1033 الباب 25 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]بتفاوت في السند.

و قد روى الشّيخ في الموثّق،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(و لا بأس أيضا بشبهه من الرّعاف ينضحه و لا يغسله) (1)و في طريقها قول.و الحقّ عندي انّه يجب غسله سواء كان دم رعاف أو غيره،لما مرّ من الأحاديث (2)الدّالّة على وجوب غسله،و يحمل قوله:(ينضحه)على صبّ الماء عليه بحيث يزول أثره و حينئذ يطهر.

و يؤيّد ما ذكرنا:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يسيل من أنفه الدّم فهل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الأنف؟فقال:(إنّما عليه أن يغسل ما ظهر منه) (3).

و روى الشّيخ أيضا،عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:(لا بأس أن يغسل الدّم بالبصاق) (4).

و روى،عن غياث أيضا،عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال:(لا يغسل بالبصاق[1]شيء غير الدّم) (5)و الرّوايتان ضعيفتان،فلا تعويل عليهما،بل المتعيّن هو الماء،و يحتمل انّهما يغسلان بالبصاق،ثمَّ يغسلان بالماء،لأنّه لا تنافي بينهما.

التّاسع:لو كان الثّوب ضعيفا فأصاب الدّم أحد الجانبين و اتّصل بالجانب الآخر

فهما نجاسة واحدة يعتبر فيها قدر الدّرهم،أمّا لو لم يتّصلا بل حال بينهما شيء لم يصبه الدّم تعدّدتا،فإن بلغ مجموعهما الدّرهم لم يعف عنه،كما لو كان في موضعين من جهة واحدة.

مسألة:و قد عفى عن النّجاسة مطلقا دما كانت أو غيره عمّا لا تتم الصّلاة فيه
اشارة

ص:257


1- 1التّهذيب 1:259 حديث 753،الوسائل 2:1027 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [1]
2- 2) تقدّمت في ص 252.
3- 3) التّهذيب 1:420 حديث 1330،الوسائل 2:1032 الباب 24 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
4- 4) التّهذيب 1:425 حديث 1350،الوسائل 1:149 الباب 4 من أبواب الماء المضاف،حديث 2. [3]
5- 6) التّهذيب 1:423 حديث 1339،الوسائل 1:148 الباب 4 من أبواب الماء المضاف،حديث 1. [4]

منفردا.قال ابن بابويه:و من أصاب قلنسوته،أو تكّته،أو عمامته،أو جوربه،أو خفّه منّي،أو بول،أو غائط فلا بأس بالصّلاة فيه،ذلك لأنّ الصّلاة لا تتمّ في شيء من هذا وحده (1).

و قال الشّيخ في المبسوط و النّهاية:و إذا أصاب خفّه،أو جوربه،أو قلنسوته،أو تكّته،أو ما لا تتم الصّلاة فيه منفردا شيء من النّجاسة لم يكن بالصّلاة فيه بأس، و إزالته أفضل (2).و قال في الجمل:و يشترط الخلوّ من النّجاسة إلاّ ما لا تتم الصّلاة فيه منفردا،مثل التّكّة،و الجورب،و الخفّ،و القلنسوة،و النّعل،و التّنزّه عنه أفضل (3).

و قال في الخلاف:كلّما لا تتم الصّلاة فيه منفردا لا بأس بالصّلاة فيه و إن كان فيه نجاسة مثل الخفّ-إلى آخر ما ذكر في الجمل (4).

و قال المفيد:و لا بأس بالصّلاة في الخفّ و إن كان فيه نجاسة،و كذلك النّعل و التّنزّه أفضل،و إذا أصاب تكّته،أو جوربه نجاسة لم يخرج بالصّلاة فيهما،لأنّهما ممّا لا تتم الصّلاة بها دون ما سواهما من اللّباس (5).

و قال السّيّد المرتضى،و انفردت الإماميّة بجواز صلاة من في قلنسوته نجاسة،أو تكّته،أو ما جرى مجراهما ممّا لا تتم الصّلاة به على الانفراد (6).

و قال أبو الصّلاح:و معفوّ عن الصّلاة في القلنسوة،و التّكّة،و الجورب،و النّعلين، و الخفّين و إن كان نجسا (7).

و قال سلاّر:و ما يلبس ضربان:أحدهما لا تتم الصّلاة به منفردا و هو القلنسوة، و الجورب،و التّكة،و الخفّ،و النّعل،فكلّ ذلك إذا كان فيه نجاسة جاز الصّلاة فيه،

ص:258


1- 1الفقيه 1:42.
2- 2) المبسوط 1:38، [1]النّهاية:54. [2]
3- 3) الجمل و العقود:64.
4- 4) الخلاف 1:178 مسألة:223.
5- 5) المقنعة:10.
6- 6) الانتصار:38.
7- 7) الكافي في الفقه:140. [3]

و ما عدا ذلك من الملابس إن كان فيه نجاسة فلا تجوز الصّلاة فيه (1).

و هذه العبارات مختلفة،ففي بعضها تصريح التّعميم في كلّ ما لا تتمّ الصّلاة فيه بانفراده كالخاتم،و السّوار،و ما أشبههما،و في البعض التخصيص بما ذكر.و قد ادّعى ابن إدريس التّعميم (2)،و خالف الجمهور في ذلك كلّه.و الأقرب عندي التّعميم.

احتجّ الآخرون بأنّ إباحة الصّلاة في التّكّة،و الجورب،و القلنسوة،و النّعل، و الخفّ خاصّة ممّا اتّفق عليه الأصحاب أمّا ما عدا ذلك فلا،و إدخال العمامة في كلام ابن بابويه ضعيف،إذ قد تتم الصّلاة بها.

لنا على مطلق العفو:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(إذا وطئ أحدكم بخفّه قذرا فطهوره التّراب) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حمّاد،عمّن رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يصلّي في الخفّ الّذي قد أصابه القذر،فقال:(إذا كان ممّا لا تتمّ الصّلاة فيه فلا بأس) (4).

و ما رواه،عن حفص بن[أبي][1]عيسى[2]قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي وطئت عذرة بخفّي و مسحته حتّى لم أر فيه شيئا،ما تقول في الصّلاة فيه؟فقال:(لا بأس) (5).

ص:259


1- 1المراسم:56.
2- 2) السّرائر:37.
3- 3) سنن أبي داود 1:105 حديث 385،مستدرك الحاكم 1:166.بتفاوت.
4- 4) التّهذيب 1:274 حديث 807،الوسائل 2:1045 الباب 31 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
5- 7) التّهذيب 1:274 حديث 808،الوسائل 2:1047 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [2]

و على التّعميم ما رواه[1]عبد اللّه بن سنان،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:(كلّما كان على الإنسان أو معه ممّا لا يجوز الصّلاة فيه وحده فلا بأس أن يصلّي فيه و إن كان فيه قذر مثل القلنسوة،و التّكّة،و الكمرة و النّعل،و الخفّين و ما أشبه ذلك) (1).

و لأنّ التّكّة و شبهها لا حظّ لها في أجزاء الصّلاة،و لا تصحّ الصّلاة فيها على الانفراد،فكان وجودها كالعدم.

فروع:
الأوّل:هذا الحكم إنّما يتعلّق بما لا تتمّ الصّلاة فيه منفردا من الملابس،

أمّا غيرها فلا،فلو كان معه دراهم نجسة أو غيرها لم تصحّ صلاته.

الثّاني:إنّما يعفى عن نجاسة هذه الأشياء إذا كانت في محالّها،

فلو وضع التّكّة على رأسه و الخفّ في يده و كانا نجسين لم تصحّ صلاته،و إلاّ لم يبق فرق بين الملبوس و غيره.

الثّالث:لا فرق بين أن يكون النّجس واحدا من هذه الأشياء أو أكثر أو الجميع،

عملا بعموم العفو عمّا لا تتمّ الصّلاة فيه منفردا.

مسألة:لا يجزي في المنيّ الفرك،بل لا بدّ من غسله بالماء رطبا كان أو يابسا،

منيّ إنسان كان أو غيره،ذكرا أو أنثى.و هو قول مالك (2)،و الأوزاعيّ، و الثّوريّ (3).و قال أبو حنيفة:يغسل رطبا و يفرك يابسا (4).و قال أحمد بالفرك إذا

ص:260


1- 2) التّهذيب 1:275 حديث 810،الوسائل 2:1046 الباب 31 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [1]
2- 3) المدوّنة الكبرى 1:21،بداية المجتهد 1:82،المغني 1:772،المجموع 2:554،المحلّى 1:126.
3- 4) المغني 1:772،المجموع 2:554.
4- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:81،بدائع الصّنائع 1:84،الهداية للمرغينانيّ 1:35، [2]شرح فتح القدير 1: 173،المغني 1:772،المجموع 2:554،بداية المجتهد 1:82.

كان يابسا،تفريعا على التّنجيس،إذ له فيه روايتان،و ذلك في منيّ الرّجل.أمّا منيّ المرأة،فلا يجزي فيه إلاّ الغسل،تفريعا على التّنجيس (1).

لنا:قوله تعالى «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ» (2)قال المفسرون:المراد به أثر الاحتلام امتنّ اللّه تعالى علينا بجعل الماء مطهّرا منه،فلا يجزي فيه غيره (3).

و ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(سبعة يغسل منها الثّوب:البول،و المنيّ).و في حديث عمّار:(إنّما تغسل ثوبك من الغائط و البول و المنيّ) (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا احتلم الرّجل فأصاب ثوبه منيّ فليغسل الّذي أصابه) (5).

و عن ابن أبي يعفور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المنيّ يصيب الثّوب؟قال:(إن عرفت مكانه فاغسله،فإن خفي عليك مكانه فاغسله كلّه) (6)و لأنّه نجس فتجب إزالته باليقين و لا يقين بالفرك،لاستبعاد زوال أجزائه به.

احتجّوا بما (7)روته عائشة،عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله قال في المنيّ يصيب الثّوب:(إن كان رطبا فاغسليه،و إن كان يابسا فافركيه) (8).و روت انّها كانت

ص:261


1- 1المغني 1:771 و 773، [1]الإنصاف 1:341، [2]الكافي لابن قدامة 1:109. [3]
2- 2) الأنفال:11. [4]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:225، [5]التّفسير الكبير 15:134، [6]التّبيان 5:86. [7]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 5:369. [8]
5- 5) التّهذيب 1:252 حديث 728،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [9]
6- 6) التّهذيب 1:251 حديث 725،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [10]
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:81،بدائع الصّنائع 1:84،المغني 1:772،المجموع 2:554،الهداية للمرغينانيّ 1:35.
8- 8) سنن الدّار قطنيّ 1:125 حديث 3.

تفرك المنيّ من ثوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيصلّي فيه (1).

و الجواب عنهما:أنّهما قضيّة في عين،فلعلّها بعد الفرك تغسله،و ذلك للفرق بين الرّطب و اليابس،فإنّ الأوّل يمكن زواله بسرعة بخلاف الثّاني،فاستحبّ الفرك للاستظهار.

مسألة:و يستحبّ قرص الثّوب و حتّه،ثمَّ غسله بالماء من دم الحيض.

و هو مذهب علمائنا،و به قال أكثر أهل العلم (2).و ذهب قوم من أهل الظّاهر إلى انّه يجب القرص و الحتّ (3).

لنا:قوله تعالى «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ» (4)فلو لم يكن كافيا لم تحصل المنّة به،و لم يجعله اللّه تعالى مطهّرا.

و ما رواه الجمهور،عن خولة بنت يسار قالت:قلت:يا رسول اللّه،أرأيت لو بقي أثره؟قال:(الماء يكفيك و لا يضرّك أثره) (5)فأخبر عليه السّلام بالاكتفاء بالماء، فالزّائد غير واجب.و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

تذنيب:الحتّ بالظّفر لتذهب خشونته،ثمَّ يقرصه ليلين للغسل،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لأسماء في دم الحيض:(حتّيه،ثمَّ اقرصيه،ثمَّ اغسليه بالماء) (6).

ص:262


1- 1سنن ابن ماجه 1:179 حديث 537،سنن أبي داود 1:101 حديث 372،سنن التّرمذيّ 1:199 حديث 116.
2- 2) المغني 1:78،المجموع 2:594،فتح العزيز بهامش المجموع 1:242.
3- 3) قال في المجموع 2:594:إنّ الحتّ و القرص مستحبّان و ليسا بشرط،و في وجه شاذّ:هما شرط.
4- 4) الأنفال:11. [1]
5- 5) سنن أبي داود 1:100 حديث 365،مسند أحمد 2:364، [2]سنن البيهقيّ 2:408-بتفاوت يسير.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:206 حديث 629،سنن أبي داود 1:99 حديث 361،سنن التّرمذيّ 1:254 حديث 138،سنن النّسائيّ 1:195،سنن الدّارميّ 1:197، [3]سنن البيهقي 1:13.بتفاوت في الجميع.
مسألة:و يجب غسل الثّوب من البول مرّتين،
اشارة

لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الجسد؟ قال:([صبّ عليه الماء])[1]مرّتين،فإنّما هو ماء)و سألته عن الثّوب يصيبه البول؟ قال:(اغسله مرّتين) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الثّوب يصيبه البول؟قال:(اغسله مرّتين) (2).

و ما رواه،عن أبي إسحاق النّحويّ[2]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن البول يصيب الثّوب؟قال:(اغسله مرّتين)[3].

و في الصّحيح،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الثّوب قال:(اغسله مرّتين) (3).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن الثّوب يصيبه البول؟قال:(اغسله في المركن مرّتين،فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة) (4)و الأقرب عندي وجوب الإزالة،فإن حصل بالمرّة الواحدة كفى.

ص:263


1- 2) التّهذيب 1:249 حديث 714،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 3) التّهذيب 1:251 حديث 721،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
3- 6) التّهذيب 1:251 حديث 722،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
4- 7) التّهذيب 1:250 حديث 717،الوسائل 2:1002 الباب 2 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
فروع:
الأوّل:النّجاسات الّتي لها قوام و ثخن كالمنيّ و شبهه أولى بالتّعدّد في الغسلات.

و يؤيّده:قول أبي عبد اللّه عليه السّلام عن البول،فإنّما هو ما يدلّ بمفهومه على انّ غير الماء أكثر عددا.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكر المنيّ فشدّده و جعله أشدّ من البول (1).

و يستحبّ فركه إن كان يابسا و قد تقدّم.و غير المنيّ من النّجاسات المتجسّدة[1] كالمنيّ في استحباب الفرك مقدّما على الغسل،لأنّ فيه استظهارا.

الثّاني:النّجاسة إذا لم تكن مرئيّة طهرت بالغسل مرّة واحدة.

و به قال الشّافعيّ (2).و قال أصحاب الرأي:لا يطهر إلاّ بالغسل ثلاثا (3).

لنا:انّ المطلوب من الغسل إنّما هو إزالة العين و الأثر،و غير المرئيّة لا عين ه، فكان الاكتفاء فيها بالمرّة ثابتا.و لأنّ الماء غير مطهّر عقلا،لأنّه إذا استعمل في المحلّ جاورته النّجاسة فينجس،و هكذا دائما،و إنّما عرفت طهارته بالشّرع بتسميته طهورا بالنّص،فإذا وجد استعمال الطّهور مرّة عمل عمله من الطّهارة و صار كالنّجاسة الحكميّة.

احتجّوا (4)بقوله عليه السّلام(إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في

ص:264


1- 1التّهذيب 1:252 حديث 730،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 3) بدائع الصّنائع 1:87.
3- 4) بدائع الصّنائع 1:87،الهداية للمرغينانيّ 1:37.
4- 5) بدائع الصّنائع 1:87.

الإناء حتّى يغسلها ثلاثا،فإنّه لا يدري أين باتت يده) (1)و لأنّ طهوريّة الماء مستندة إلى كونه مزيلا و ذلك لا يحصل بالمرّة الواحدة،و الكثرة مؤثّرة،فقدّرناها بالثّلاث،لأنّه أدنى الكثير[1].

و الجواب عن الأوّل:انّ غسل اليد ليس للنّجاسة،و إنّما هو تعبّد شرعيّ لا معنى له،فلا يصحّ القياس عليه،على انّ ابن عباس و عائشة أنكرا هذا الحديث و لذلك قالا:فكيف يصنع بالمهراس.

و عن الثّاني بأنّ الإزالة إنّما تكون لعين ثابتة،و التّقدير انّها غير مرئيّة،و انّ المرّة مزيلة.

الثّالث:لا يكفي صبّ الماء في النّجاسة بل لا بدّ من عصر الثّوب و دلك الجسد،

لأنّ فيه استظهارا.و لأنّ الأجزاء من النّجاسة دخلت أجزاء الثّوب و بالملاقاة لأجزاء الماء ينجس الماء فيجب زواله عن الثّوب بقدر الإمكان.و لأنّ الغسل إنّما يفهم منه في الثّوب صبّ الماء مع العصر،و يدلّ عليه رواية الفضل أبي العبّاس الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،(إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله،و إن مسحه جافّا فاصبب عليه الماء)[2].

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:و سألته عن الصّبيّ يبول على الثّوب؟قال:(تصبّ عليه الماء قليلا ثمَّ

ص:265


1- 1صحيح مسلم 1:233 حديث 278،سنن ابن ماجه 1:138 حديث 393،سنن أبي داود 1:25 حديث 103،الموطّأ 1:21 حديث 9،سنن التّرمذيّ 1:36 حديث 24،سنن البيهقي 1:46،مسند أحمد 2:241، [1]سنن الدّار قطني 1:49 حديث 1.بتفاوت في الجميع.

تعصره) (1).

و ما رواه في الموثّق،عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن قدح أو إناء يشرب منه الخمر،قال:(تغسله ثلاث مرّات)سئل:أ يجزيه أن يصبّ فيه الماء؟قال:(لا يجزيه حتّى يدلكه بيده و يغسله ثلاث مرّات) (2).

وجه الاستدلال منه من وجهين:

أحدهما:انّه أمر بدلك الإناء لأجل ملاقاته للنّجاسة،و هذا المعنى موجود في البدن و غيره.

الثّاني:انّه أجاب بالغسل فلو لم يتضمّن الدّلك،ثمَّ أوجبه بعد ذلك لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة،و ذلك غير جائز.

لا يقال:انّه عطف الغسل على الدّلك و ذلك يقتضي المغايرة.

لأنّا نقول:لا شكّ في المغايرة،إذ جزء الماهية مغاير لها،و لا استحالة في عطف الكلّ على الجزء.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الجسد؟قال:(اصبب عليه الماء مرّتين) (3).

لأنّا نقول:لا منافاة لما ذكرناه،إذ وجوب الصّب لا ينافي وجوب الدّلك،مع أنّ هذا الرّاوي روى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب[الثّوب][1]، قال:(اغسله مرّتين)[2]و قد بيّنّا انّ الغسل يشتمل على الدّلك.و الأقرب عندي انّ

ص:266


1- 1التّهذيب 1:249 حديث 714،الاستبصار 1:174 حديث 603،الوسائل 2:1002 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:283 حديث 830،الوسائل 2:1074 الباب 51 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 1:249 حديث 714،الوسائل 2:1001 الباب 1 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]

الدّلك في الجسد مستحبّ مع تيقّن زوال النّجاسة.

الرابع:لو كان المتنّجس1بساطا أو فراشا يعسر عصره غسل ما ظهر في وجهه،

و إن سرت النّجاسة في أجزائه غسل الجميع و اكتفى بالتّقليب و الدّقّ عن العصر للضّرورة.روى الشّيخ في الحسن،عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت للرّضا عليه السّلام:الطّنفسة و الفراش يصيبهما البول كيف يصنع به و هو[ثخين][2]كثير الحشو؟ قال:(يغسل ما ظهر منه في وجهه) (1)و هذا يحمل على ما فرضناه من التّقدير،لما رواه ابن يعقوب،عن إبراهيم بن عبد الحميد قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الثّواب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر و عن الفرو و ما فيه من الحشو؟قال:(اغسل ما أصاب منه و مسّ الجانب الآخر،فإن أحببت مسّ شيء منه فاغسله و إلاّ فانضحه بالماء) (2).

الخامس:لو أخلّ بالعصر في الثّوب لم يطهر،

خلافا لابن سيرين،فإنّه قال بطهارته و طهارة الماء المنفصل.

لنا:انه أخلّ بشرط التّطهير و هو العصر،فلا يحصل المشروط،و الماء المنفصل قليل لاقى نجاسة،فيحكم بنجاسته،و قياسه على ما في المحلّ ضعيف،للفرق بالحرج،و هو أحد وجهي الشّافعيّة.

و الثّاني:انّه يطهر (3)،و مبنى الخلاف على طهارة الغسالة و نجاستها،فإن قالوا بالطّهارة فالثّوب طاهر،و إن قالوا بالنّجاسة فهو نجس،و كذا لو لم يرشّ الماء عن الإناء.

السّادس:لو غسل بعض الثّوب النّجس طهر المغسول دون غيره.

و هو قول أكثر

ص:267


1- 3) التّهذيب 1:251 حديث 724،الوسائل 2:1004 الباب 5 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 4) الكافي 3:55 حديث 3، [2]الوسائل 2:1004 الباب 5 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
3- 5) المجموع 2:593.

أهل العلم (1).و قال بعض الشّافعيّة:لا يطهر (2).

لنا:انّ الماء مطهّر و قد لاقى محلا قابلا،فيطهر أثره.

احتجّ المخالف بأنّ المغسول يجاور النّجس فينجس كلّ جزء منه بالمجاورة (3).

و الجواب:انّ هذا خيال ضعيف،فإنّه يلزم نجاسة العالم بالملاقاة،و لأنّ طهارة كلّ جزء لو كان شرطا لطهارة الآخر لزم الدّور.

السّابع:إذا أراد غسل الثّوب بالماء القليل ينبغي أن يورد الماء عليه،

و لو صبّه في الإناء ثمَّ غمسه فيه لم يطهر.قاله السّيد،و هو جيّد،و فرّق بين ورود النّجاسة على الماء و ورود الماء عليها،و هو أحد وجهي الشّافعيّة.

و الآخر انّه يطهر (4)،لأنّ غمسه يزيل نجاسته،و إذا قصد ذلك كان بمنزلة إيراد الماء عليه،و ليس بجيّد،لأنّ القصد لا يؤثّر،و لهذا لو غسل الصّبيّ أو المجنون طهر المحلّ.

مسألة:في بول الصّبي روايتان:روى الشّيخ في الحسن،
اشارة

عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و سألته عن الصّبيّ يبول على الثّوب؟قال:

(يصبّ عليه الماء قليلا،ثمَّ يعصره) (5).

و الأخرى رواها في الحسن،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الصّبيّ؟قال:(تصبّ عليه الماء،فإن كان قد أكل فاغسله غسلا،و الغلام و الجارية شرع سواء) (6)و المشهورة بين علمائنا الأخيرة،و هي صبّ الماء على بول

ص:268


1- 1المغني 1:78،المجموع 2:595. [1]
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:595.
3- 3) المجموع 2: 595،مغني المحتاج 1:189.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:593.
5- 5) التّهذيب 1:249 حديث 714،الاستبصار 1:174 حديث 603،الوسائل 2:1002 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 1:249 حديث 715،الاستبصار 1:173 حديث 602،الوسائل 2:1003 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]

الصّبيّ،أمّا الصّبيّة،فلا بدّ من غسله.و هو قول عليّ عليه السّلام (1)،و عطاء، و الحسن (2)،و الشّافعيّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5)و أبو عبيد (6).و قال الثّوريّ (7)، و أبو حنيفة (8)،و مالك:يغسل بول الغلام كما يغسل بول الجارية (9).و لا خلاف بين أهل العلم في نجاسة البولين إلاّ داود،فإنّه قال:بول الصّبيّ طاهر و يستحبّ الرّش (10).

لنا على الإجزاء[1]بالصّب:ما رواه الجمهور،عن أمّ قيس بنت محصن[2] إنّها أتت بابن صغير لها لم يأكل الطّعام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأجلسه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجره فبال على ثوبه،فدعا بماء فنضحه و لم يغسله (11).

ص:269


1- 1المغني 1:770،المجموع 2:590،المحلّى 1:101،نيل الأوطار 1:58.
2- 2) المغني 1:770،المحلّى 1:102،نيل الأوطار 1:58.
3- 3) المجموع 2:589،المغني 1:770،المحلّى 1:102.
4- 4) المغني 1:770،الكافي لابن قدامة 1:115،المحلّى 1:102،المجموع 2:590،نيل الأوطار 1: 58.
5- 5) المغني 1:770،المجموع 2:590،المحلّى 1:102،نيل الأوطار 1:58.
6- 6) المجموع 2:590.
7- 7) المغني 1:771،المجموع 2:590.
8- 8) المغني 1:771،المجموع 2:590،المحلّى 1:102، [1]نيل الأوطار 1:158.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:24،المجموع 2:590،المحلّى 1:102.
10- 10) يستفاد من ظاهر المجموع 2:590.
11- 13) صحيح البخاريّ 1:66،صحيح مسلم 1:238 حديث 287،سنن ابن ماجه 1:174 حديث 524، سنن أبي داود 1:102 حديث 374،سنن التّرمذيّ 1:104 حديث 71،سنن النّسائيّ 1:157، سنن الدّارميّ 1:189، [2]الموطّأ 1:64 حديث 110، [3]مسند أحمد 6::355. [4]

و عن عائشة قالت:اتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه بوله و لم يغسله (1).متفق عليه.

و رووا،عن لبابة بنت الحرث[1]قالت:كان الحسين بن عليّ عليهما السّلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبال عليه فقلت:البس ثوبا آخر و أعطني إزارك حتّى أغسله؟قال:(إنّما يغسل من بول الأنثى و ينضح من بول الذكر) (2)رواه أبو داود.

و رووا،عن عليّ،عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(بول الغلام ينضح و بول الجارية يغسل) (3).

و من طريق الخاصّة:رواية الحلبيّ-و قد تقدّمت.

و ما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام انّ عليّا عليه السّلام قال:(لبن الجارية و بولها يغسل منه الثّوب قبل أن تطعم،[لأنّ لبنها يخرج من مثانة أمّها][2].و لبن الغلام لا يغسل منه الثّوب و لا بوله قبل أن يطعم،لأنّ لبن الغلام

ص:270


1- 1صحيح البخاريّ 1:66،صحيح مسلم 1:237 حديث 286،سنن ابن ماجه 1:174 حديث 523، سنن النّسائيّ 1:157،الموطّأ 1:64 حديث 109، [1]مسند أحمد 6:52. [2]
2- 3) سنن أبي داود 1:102 حديث 375.
3- 4) سنن ابن ماجه 1:174 حديث 525،سنن أبي داود 1:103 حديث 377، [3]سنن التّرمذيّ 2:509 حديث 610، [4]مسند أحمد 1:76،97،137 و ج 6:339. [5]

يخرج من العضدين و المنكبين) (1).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه بول نجس،فوجب غسله كغيره من النّجاسات،و لأنّه حكم يتعلّق بالنّجاسة،فاستوى فيه الذّكر و الأنثى (2).

و الجواب:ما ذكرناه من الأحاديث نصوص،و ما ذكره قياس،و النّصّ أولى.

و أيضا:فالنّجاسات قابلة للشّدّة و الضّعف،و حينئذ يبطل القياس.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن سماعة قال:سألته عن بول الصّبيّ يصيب الثّوب؟فقال:(اغسله)قلت:فإن لم أجد مكانه؟قال:(اغسل الثّوب كلّه) (3).

لأنّا نقول:هذه الرّواية ضعيفة،و مع ذلك فيمكن أن تتناول من أكل الطّعام و من لم يأكل،و الجمع يقتضي حملها على الأوّل،و لو حملت على الثّاني كان ترجيحا من غير مرجّح،و إبطالا لما ذكرناه من الأحاديث،فكان قولنا أولى.

تذنيب:هذا التّحقيق متعلّق بمن لم يأكل،

و حدّه ابن إدريس بالحولين (4)،و ليس شيئا،إذ روايتا الحلبيّ و السّكونيّ دلّتا على الأكل و الطّعم سواء بلغ الحولين أو لم يبلغ،و لا أعلم علّته في ذلك،بل الأقرب تعلّق الحكم بطعمه مستندا إلى إرادته و شهوته و إلاّ لتعلّق الغسل بساعة الولادة،إذ يستحبّ تحنيكه بالتّمر.

مسألة:و يكتفي في المربّية للصّبيّ
اشارة

-إذا لم تجد إلاّ ثوبا واحدا-بالمرّة في اليوم.

ذكره الشّيخ (5)،لأنّه متكرّر،فيشقّ إزالته،فجرى مجرى دم القروح السّائلة.

ص:271


1- 1التّهذيب 1:250 حديث 718،الاستبصار 1:173 حديث 601،الوسائل 2:1003 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) المغني 1:771.
3- 3) التّهذيب 1:251 حديث 723،الاستبصار 1:174 حديث 604،الوسائل 2:1003 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [2]
4- 4) السّرائر:38.
5- 5) المبسوط 1:39،النّهاية:55. [3]

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي حفص[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سئل عن امرأة ليس لها إلاّ قميص و لها مولود فيبول عليها،كيف تصنع؟قال:(تغسل القميص في اليوم مرّة) (1).

فروع:
الأوّل:اسم اليوم يطلق على النّهار و اللّيل،

فيكتفى فيهما بالمرّة.

الثّاني:لو قيل باستحباب جعل الغسلة2

آخر النّهار لتوقّع الصّلوات الأربع في الطّهارة كان حسنا.

الثّالث:روى عبد الرّحيم القصير قال:كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام

عن خصيّ يبول فيلقى من ذلك شدّة و يرى البلل بعد البلل؟قال:(يتوضّأ و ينضح ثوبه في النّهار مرّة واحدة) (2)و في الطّريق كلام،لكنّ العمل بمضمونها أولى،لما فيه من الرّخصة عند المشقّة.

مسألة:كلّ نجاسة لاقت البدن أو الثّوب رطبا وجب غسل موضع الملاقاة،

و إن كان يابسا استحبّ رشّ الثّوب بالماء و مسح البدن بالتّراب إن كانت النّجاسة كلبا أو خنزيرا.أمّا وجوب الغسل لهما مع ملاقاة الرّطب منهما لكلّ نجاسة فاتّفاق،إذ النّجاسة تؤثّر بالملاقاة،و يدلّ عليه ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه

ص:272


1- 2) التّهذيب 1:250 حديث 719،الوسائل 2:1004 الباب 14 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 4) الكافي 3:20 حديث 6، [2]الفقيه 1:43 حديث 168،التّهذيب 1:353 حديث 1051،الوسائل 1: 208 الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 8. [3]

و آله(إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيّة فطهورهما التّراب) (1).رواه أبو داود.

و ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا) (2)أخرجه أبو داود،و لا طهور إلاّ مع التّنجيس.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يصيب ثوبه جسد الميّت؟فقال:(يغسل ما أصاب الثّوب) (3).

و أمّا استحباب النّضح مع اليبوسة،فلما رواه الشّيخ،عن حريز،عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إذا مسّ ثوبك كلب فإن كان يابسا فانضحه،و إن كان رطبا فاغسله) (4).

و عن الحسين بن سعيد،عن القاسم،عن عليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الكلب يصيب الثّوب؟قال:(انضحه،و إن كان رطبا فاغسله) (5).

و في الصّحيح،عن الفضل أبي العبّاس قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:(إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و إن مسحه جافّا فاصبب عليه الماء)[1].

و في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام في الخنزير يمسّ الثّوب؟(و إن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلاّ أن يكون فيه أثر فيغسله) (6).و أما مسح الجسد،فشيء ذكره بعض الأصحاب (7)،و لم يثبت.

ص:273


1- 1سنن أبي داود 1:105 حديث 386.
2- 2) سنن أبي داود 1:19 حديث 71.
3- 3) التّهذيب 1:276 حديث 812،الاستبصار 1:192 حديث 671،الوسائل 2:1050 الباب 34 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
4- 4) التّهذيب 1:260 حديث 756،الوسائل 2:1034 الباب 26 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
5- 5) التّهذيب 1:260 حديث 757،الوسائل 2:1034 الباب 26 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]
6- 7) التّهذيب 1:261 حديث 760،الوسائل 2:1017 الباب 13 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
7- 8) المبسوط 1:37. [5]
مسألة:و البول إذا لاقى الأرض و البواري و الحصر و جفّفته الشّمس كانت المحالّ
اشارة

طاهرة

في قول الشّيخين (1)،و ابن إدريس (2).و قال ابن الجنيد:الأحوط تجنّبها إلاّ أن يكون ما يلاقيها من الأعضاء يابسا (3).و قال الرّاونديّ (4)و ابن حمزة:تجوز الصّلاة عليها و إن كانت نجسة (5).و قال الشّافعيّ في القديم:انّها تطهر مع الجفاف (6).و هو قول أبي حنيفة (7).و قال أبو يوسف (8)،و محمّد:انّها تطهر بالجفاف و إن كان بغير الشّمس (9).و قال مالك (10)،و أحمد (11)،و أبو ثور (12)،و زفر (13)،و الشّافعيّ في القول الآخر:انّها لا تطهر إلاّ بالماء (14).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(ذكاة الأرض

ص:274


1- 1المفيد في المقنعة:10،و الطّوسيّ في المبسوط 1:38،و [1]النّهاية:53. [2]
2- 2) السّرائر:36،38.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 1:446. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:446. [4]
5- 5) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):670.
6- 6) المجموع 2:596.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:85،الهداية للمرغيناني 1:35،المغني 1:775،المجموع 2:596، [5]ميزان الكبرى 1:103،نيل الأوطار 1:52.
8- 8) المجموع 2:596، [6]نيل الأوطار 1:52.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:85،المغني 1:775،المجموع 2:596.
10- 10) المجموع 2:596، [7]نيل الأوطار 1:52.
11- 11) المغني 1:775،الكافي لابن قدامة 1:113،المجموع 2:596،الإنصاف 1:317، [8]منار السّبيل 1: 51.
12- 12) المغني 1:775.
13- 13) بدائع الصّنائع 1:85،المجموع 2:596،نيل الأوطار 1:52.
14- 14) الامّ 1:53،المجموع 2:596،المغني 1:775، [9]بدائع الصّنائع 1:85،نيل الأوطار 1:52.

يبسها) (1).

و عن ابن عمر قال:كانت الكلاب تبول و تقبل و تدبر في المسجد فلم يكونوا يرشّون من ذلك شيئا.أخرجه أبو داود (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سئل عن الشّمس هل تطهّر الأرض؟قال:(إذا كان الموضع قذرا من البول و غير ذلك فأصابته الشّمس،ثمَّ ييبس الموضع فالصّلاة على الموضع جائزة،و إن أصابته الشّمس و لم ييبس الموضع القذر و كان رطبا فلا تجوز الصّلاة عليه حتّى ييبس، و إن كانت رجلك رطبة أو جبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلّ على ذلك الموضع حتى ييبس،و إن كان غير الشّمس أصابه حتّى ييبس فإنّه لا يجوز ذلك) (3).

و ما رواه،عن عليّ بن جعفر في الصّحيح،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:

سألته عن البواري يصيبها البول،هل تصلح الصّلاة عليها إذا جفّت من غير أن يغسل؟ قال:(نعم،لا بأس) (4).

و ما رواه،عن أبي بكر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:(يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشّمس فقد طهر) (5).

ص:275


1- 1نيل الأوطار 1:52.
2- 2) سنن أبي داود 1:104 حديث 382.
3- 3) التّهذيب 1:272 حديث 802،الاستبصار 1:193 حديث 675،الوسائل 2:1042 الباب 29 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
4- 4) التّهذيب 1:273 حديث 803،الاستبصار 1:193 حديث 676،الوسائل 2:1042 الباب 29 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [2]
5- 5) التّهذيب 1:273 حديث 804،الاستبصار 1:193 حديث 677،الوسائل 2:1043 الباب 29 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]

و قال ابن إدريس:هذه رواية شاذّة (1).و نحن نقول:انّها لا تحمل على إطلاقها،بل على الأرض و البواري و شبههما،توفيقا بين الأدلّة.

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن البول يكون على السّطح أو في المكان الّذي يصلّى فيه؟فقال:(إذا جفّفته الشّمس فصلّ عليه فهو طاهر) (2)و لأنّ حرارة الشّمس تفيد تسخينا و هو يوجب تبخير الأجزاء الرّطبة و تصعيدها و الباقي تشربه الأرض فيكون الظّاهر طاهرا.

قال الشّيخ (3):و يمكن أن يستدلّ بقوله عليه السّلام:(جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا،أينما أدركتني الصّلاة صلّيت) (4).

و اعلم انّ الشّيخ لمّا استدلّ بخبري عمّار و عليّ بن جعفر،نظر بعض المتأخّرين فيه فوجد الحديث الثّاني غير دالّ على الطّهارة،بل على جواز الصّلاة التزم بذلك و قال:انّها غير دالّة على جواز السّجود عليها و لا على طهارتها،و اختار مذهب الرّاونديّ (5)،و ليس ما ذكره بجيّد،لأنّ رواية عمّار فرّقت بين اليبوسة بالشّمس و غيرها،فجوّز الصّلاة في الأوّل دون الثّاني،و لو كان كما ذكره لم يبق فرق بينهما،إذ المذهب جواز الصّلاة على الأرض النّجسة إذا لم تتعدّ النّجاسة و كان موضع السّجود طاهرا،و لأنّ الإذن في الصّلاة مطلقا في الرّوايتين دليل على جواز السّجود عليها،إذ هو أحد أجزائها،و من شرط السّجود طهارة المحلّ.هذا بالنّظر إلى هاتين الرّوايتين،و أمّا رواية ابن بابويه فهي صريحة بالطّهارة و هي صحيحة،و رواية أبي بكر الحضرميّ أيضا

ص:276


1- 1السّرائر:36.
2- 2) الفقيه 1:157 حديث 732،الوسائل 2:1042 الباب 29 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
3- 3) الخلاف 1:186 مسألة:236.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:91،صحيح مسلم 1:370-371 حديث 521-523،سنن النّسائيّ 1: 210-211 بتفاوت يسير.
5- 5) هو المحقّق الحلّي،انظر:المعتبر 1:446. [2]

تدلّ على الطّهارة.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال:سألته عن الأرض و السّطح يصيبه البول و ما أشبهه هل تطهّره الشّمس من غير ماء؟قال:

(كيف يطهر من غير ماء) (1).

و الجواب من وجهين:

أحدهما:انّها مرسلة،فلعلّ محمّدا سأل من ليس بإمام،فلا حجّة فيها.

الثّاني:يحتمل انّها جفّت بغير الشّمس.و يؤيّد هذا التّأويل رواية عمّار.

احتجّ المخالف (2)بقوله عليه السّلام:(أهريقوا على بوله سجلا[1]من ماء) (3)و الأمر للوجوب،و لأنّه محلّ نجس،فلا يطهر بغير الماء كالثّياب.

و الجواب عن الأوّل:انّه واقعة في عين جزئية فلعلّها كانت فيما لا تصل الشّمس إليه.

و أيضا:الواجب تطهير ذلك الموضع،و الماء أسرع في ذلك من الشّمس،فالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بما هو أسرع إفضاء إلى المقصود لحكمة التطهير عن النّجاسة الثّانية في المسجد،و لئلاّ يتأذّى بها من يدخل جاهلا.

و عن الثّاني:بالفرق،إذ الأرض يعسر غسلها بخلاف الثّوب،و لا يلزم من اشتراط الغسل في الأسهل اشتراطه في الأصعب،و لا فرق بين بول الصّحيح و المرطوب و المحرور و غيرهم للعموم.

ص:277


1- 1التّهذيب 1:273 حديث 805،الاستبصار 1:193 حديث 678،الوسائل 1:1043 الباب 29 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [1]
2- 2) المغني 1:776.
3- 4) صحيح البخاريّ 1:65،سنن النّسائيّ 1:49،مسند أحمد 2:282. [2]
فروع:
الأوّل:لو جفّ بغير الشّمس لم يطهر عندنا قولا واحدا،خلافا للحنفيّة .

(1)

لنا:الأصل بعد ملاقاة النّجاسة ثبوتها و استصحابها،و ما رويناه من حديث عمّار و غيره.

لا يقال:قد روى ابن بابويه في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن البيت و الدّار لا تصيبهما الشّمس و يصيبهما البول،و يغتسل فيهما من الجنابة أ يصلّى فيهما إذا جفّا؟قال:(نعم) (2).

و سأل عمّار السّاباطيّ أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البارية يبلّ قصبها بماء قذر، هل تجوز الصّلاة عليها؟فقال:(إذا جفّت فلا بأس بالصّلاة عليها) (3)و ذلك مطلق، و لأنّ الجفاف ثابت في الموضعين و ذلك يقتضي زوال عين النّجاسة،فلا وجه للتّخصيص.

و الجواب عن الأوّل بأنّا نحملها على الصّلاة عليها مع نجاستها إذا سجد على طاهر،جمعا بين الأخبار.

و عن الثّاني:انّها مطلقة فيقيّد بما رواه عمّار أيضا.

و عن الثّالث:بالفرق،إذ مفارقة أجزاء النّجاسة بالتّسخين ليس مساويا لمفارقتها بالنّشف.

الثّاني:قال الشّيخ في الخلاف:انّ الأرض لو جفّت بغير الشّمس لم تطهر .

(4)

ص:278


1- 1شرح فتح القدير 1:174.
2- 2) الفقيه 1:158 حديث 738،الوسائل 2:1043 الباب 30 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 1:158 حديث 738،التّهذيب 2:370 حديث 1539،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
4- 4) الخلاف 1:185 مسألة:236.

و قال في موضع آخر:لو طلعت عليها الشّمس أو هبّت عليها الرّيح حتّى زالت عين النّجاسة فإنّها تطهر و يجوز السّجود عليها و التّيمّم بترابها،و إن لم يطرح عليها الماء (1)، فأخذ ابن إدريس عليه ذلك (2).و هو جيّد،لأنّه إن اشترط مجموع الأمرين نازعناه، و لا دليل عليه،و إن جعل المطهّر أحدهما لا بعينه فهو أشكل و يناقض لما ذكره أوّلا.

و يمكن الاعتذار بأنّ الرّيح المزيلة لعين النّجاسة هاهنا المراد بها إذا زالت الأجزاء الأرضيّة الملاقية أيضا،جمعا بين الكلامين.

الثّالث:قال في المبسوط:لو وقع الخمر لم تطهّره الشّمس ،

(3)

لأنّ حمله على البول قياس.و قال في موضع آخر منه:إن كانت النّجاسة مائعة طهرت بالتّجفيف من الشّمس (4).و قال في الخلاف:الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول و ما أشبهه و طلعت عليها الشّمس أو هبّت عليها الرّيح حتّى زالت عين النّجاسة طهرت (5).و ما ذكره في المبسوط جيّد،لأنّ الرّوايات الصّحيحة إنّما تضمّنت البول فالتّعدية بغير دليل لا يجوز، و رواية عمّار و إن دلّت على التّعميم إلاّ انّها لضعف سندها لم يعوّل عليها.

الرّابع:لا تطهر غير الأرض و البارية و الحصر و ما يشبههما من المعمول من نبات

الأرض غير القطن و الكتّان بالشّمس،

من الثّياب و الأواني و غيرها ممّا ينقل و يحوّل، أمّا ما لا ينقل ممّا ليس بأرض كالنّباتات و غيرها فالوجه الطّهارة،دفعا للمشقّة.

الخامس:لا يطهر الكنيف و شبهه بالشّمس.

قاله ابن الجنيد (6)،لاختصاص إزالة الشّمس بالأجزاء الرّطبة،أمّا الأجزاء التّرابيّة النّجسة فلا.و كذا لو اختلط التّراب

ص:279


1- 1الخلاف 1:66 مسألة:186.
2- 2) السّرائر:36.
3- 3) المبسوط 1:93. [1]
4- 4) المبسوط 1:38. [2]
5- 5) الخلاف 1:66 مسألة:186.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:447. [3]

بعظم الكلب و الخنزير و انسحقا و كذا ما أشبههما.

السّادس:يجوز التّيمم بالأرض اليابسة بالشّمس لأنّها طاهرة،

و كذا السّجود عليها.

مسألة:و تطهر الأرض من البول إذا وقع عليها ذنوب من ماء بحيث يقهره و يزيل
اشارة

لونه و ريحه،

و يبقى الماء على الطّهارة.ذكره الشّيخ (1)،و ابن إدريس (2)،و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال أبو حنيفة:لا تطهر الأرض حتّى ينفصل الماء فيكون المنفصل نجسا (5).و الأقرب عندي انّها لا تطهر بذلك.

لنا:الأصل النّجاسة،فلا تزول إلاّ مع اليقين،و الماء الملاقي ماء قليل فينجس بالملاقاة.

احتجّ الشّيخ (6)بما رواه أنس قال:جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره النّاس فنهاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا قضى بوله أمر بذنوب[1]من ماء (7)فأهريق عليه.و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما يأمر بالطّهارة بالمؤثّر لا بما يزيد التّنجيس، فيلزم طهارة الماء أيضا.

و الجواب:أنّ هذه الرّواية عندنا ضعيفة،فكيف يعوّل عليها،مع أنّها معارضة بالأصل،و بما رواه ابن معقل[2]انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(خذوا ما بال عليه

ص:280


1- 1المبسوط 1:92،الخلاف 1:185 مسألة:235.
2- 2) السّرائر:38.
3- 3) الام 1:52،المغني 1:773.
4- 4) المغني 1:773،الكافي لابن قدامة 1:113،الإنصاف 1:315،منار السّبيل 1:51.
5- 5) المغني 1:773.
6- 6) الخلاف 1:185 مسألة:235،إلاّ أنّه احتجّ برواية أبي هريرة.
7- 8) صحيح البخاري 1:65،المغني 1:774.

من التّراب و أهريقوا على مكانه ماء) (1).

و ما رواه أبو بكر بن عيّاش،عن أبي وائل،عن عبد اللّه،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:فأمر به فحفر (2).قالوا:حديث ابن معقل مرسل (3).قلنا:هذا لا يتأتّى من أبي حنيفة،فإنّه يعمل بالمرسل،و أيضا:فهي مؤثّرة في الظنّ،و مع ظنّ وجود المعارض لا يبقى حديثهم سليما.و أيضا:فيحتمل انّه عليه السّلام إنّما أمر بذلك بعد يبوسة الأرض بالشّمس،كما ذكره بعض الجمهور.

فروع:
الأوّل:لا تطهر الأرض من نجاسة البول و شبهه إلاّ بإجراء الماء الكثير عليه،

أو بوقوع المطر أو السّيل بحيث يذهب أثرها،أو بوقوع الشّمس حتّى يجفّ به البول.قال الشّيخ:و تطهر الأرض أيضا بزوال الأجزاء النّجسة،أو بتطيّن الأرض بطين طاهر (4).

و في الحقيقة هذان غير مطهّرين ما كان نجسا.

الثّاني:لا فرق بين قليل المطر إذا وقع و كثيره إذا أزال العين و الأثر.

و اعتبر أحمد (5)وقوع ما يكون بقدر الذّنوب عليه،و ليس عندنا هذا بشيء،لما رواه الجمهور بأنّ الصّحابة و التّابعين كانوا يخوضون المطر في الطّرقات فلا يغسلون أرجلهم من القذر.

و لأنّ ماء المطر مطهّر لكلّ ما يلاقيه على ما بان (6).

ص:281


1- 1سنن أبي داود 1:104 حديث 381.
2- 2) سنن الدّار قطني 1:131 حديث 2.
3- 3) سنن أبي داود 1:104،المغني 1:774.
4- 4) المبسوط 1:94.
5- 5) المغني 1:774.
6- 6) المغني 1:775.
الثّالث:لا تطهر الأرض مع وجود الرائحة أو اللّون،

لأنّ وجودها دليل على بقائها،إلاّ أن يعلم أنّ الرّائحة لأجل المجاورة.

الرابع:لو كانت النّجاسة جامدة أزيلت عينها،

و لو خالطت أجزاء التّراب لم يطهر إلاّ بإزالة الجميع.

مسألة:و تطهّر الأرض أسفل الخفّ و النّعل و القدم مع زوال النّجاسة.
اشارة

قال المفيد:و إذا مسّ خفّ الإنسان أو نعله نجاسة،ثمَّ مسحها بالتّراب طهرا بذلك (1).

و قال ابن الجنيد (2):لو وطئ برجله أو ما هو وقاء لها نجاسة،ثمَّ وطئ بعده على أرض طاهرة يابسة،طهر ما مسّ الأرض من رجله و الوقاء و لو مسحها حتى تذهب عين النّجاسة و أثرها بغير ماء أجزأه مع طهارة الممسوح به.و هو اختيار الأوزاعيّ، و إسحاق (3)،و إحدى الروايات عن أحمد (4)،و الرواية الثّانية:انّه يجب غسله كسائر النّجاسات (5)،و الثّالثة:يجب غسله من البول و العذرة خاصّة (6).و قال أبو حنيفة:

النّجاسة الجرميّة إذا أصابت الخفّ و نحوه و جفّت و دلكها بالأرض طهر،و إن كانت رطبة لم يطهر إلاّ بالغسل (7).و قال أبو يوسف كما قلناه (8).فقال محمّد (9)، و الشّافعيّ (10)في الجديد بالرّواية الثّانية عن أحمد.

ص:282


1- 1المقنعة:10.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:447. [1]
3- 3) المغني 1:765،نيل الأوطار 1:54.
4- 4) المغني 1:765،الكافي لابن قدامة 1:114،الإنصاف 1:323،نيل الأوطار 1:55.
5- 5) المغني 1:765،الكافي لابن قدامة 1:114،الإنصاف 1:323.
6- 6) راجع نفس المصادر.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:84،الهداية للمرغينانيّ 1:34.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:84،الهداية للمرغينانيّ 1:35،نيل الأوطار 1:54.
9- 9) بدائع الصّنائع 1:84،نيل الأوطار 1:55.
10- 10) المهذّب للشّيرازيّ 1:50،المجموع 2:598،بدائع الصّنائع 1:84،نيل الأوطار 1:55.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التّراب) (1).

و في لفظ آخر:(إذا وطئ أحدكم بنعليه الأذى فإنّ التراب له طهور) (2).

و روت عائشة عنه صلّى اللّه عليه و آله مثله (3).

و عن أبي سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر،فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه و ليصلّ فيهما) (4).

و عن ابن مسعود قال:كنّا لا نتوضّأ من موطئ.أخرج (5)ذلك أبو داود.و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصّحابة كانوا يصلّون في نعالهم مع أنّها لا تنفكّ غالبا عن ملاقاة نجاسة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ عن حفص بن أبي عيسى قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:انّي وطئت عذرة بخفيّ و مسحته حتّى لم أر فيه شيئا،ما تقول في الصّلاة فيه؟فقال:(لا بأس) (6).

و ما رواه في الصّحيح،عن زرارة بن أعين قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

رجل وطئ على عذرة فساخت رجله فيها أ ينقض ذلك وضوءه؟و هل يجب عليه غسلها؟فقال:(لا يغسلها إلاّ أن يقذرها و لكنّه يمسحها حتّى يذهب أثرها و يصلّي) (7).

ص:283


1- 1سنن أبي داود 1:105 حديث 386.
2- 2) سنن أبي داود 1:105 حديث 385.
3- 3) سنن أبي داود 1:105 حديث 387.
4- 4) سنن أبي داود 1:175 حديث 650،سنن الدّارميّ 1:320، [1]مسند أحمد 3:20. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:53 حديث 204.
6- 6) التّهذيب 1:274 حديث 808،الوسائل 2:1047 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [3]
7- 7) التّهذيب 1:275 حديث 809،الوسائل 2:1048 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [4]

و ما رواه ابن يعقوب في كتابه في الصّحيح،عن الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يطأ على الموضع الّذي ليس بنظيف،ثمَّ يطأ بعده مكانا نظيفا قال:

(لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك) (1).

و ما رواه ابن يعقوب في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:كنت مع أبي جعفر عليه السّلام إذا مرّ على عذرة يابسة فوطئ عليها فأصابت ثوبه،فقلت:جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك؟فقال:(أ ليس هي يابسة)؟فقلت:بلى،فقال:

(لا بأس انّ الأرض يطهّر بعضها بعضا) (2).

و ما رواه ابن يعقوب في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:نزلنا في مكان بيننا و بين المسجد زقاق قذر،فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال:(أين نزلتم)؟فقلت:

نزلنا في دار فلان،فقال:انّ بينكم و بين المسجد زقاقا قذرا-أو قلنا له:انّ بيننا و بين المسجد زقاقا قذرا-فقال:(لا بأس الأرض يطهّر بعضها بعضا)فقلت:السّرقين الرّطب أطأ عليه،قال:(لا يضرك مثله) (3)و لأنّ الخفّ و النّعل لا ينفكّان عن ملاقاة النّجاسة فلو اقتصرنا في إزالتها عنهما على الماء كان حرجا،و التّراب من طبعه إحالة ما يلاقيه، فإذا زالت العين زالت النّجاسة.

احتجّ الشّافعيّ،و محمّد بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في نعليه:(انّ فيهما قذرا) (4)و بأنّ هذه عين تنجّست بإصابة النّجاسة،فلا تطهر بغير الغسل كغيرها من الأعيان،و الدّلك لا يذهب جميع أجزاء النّجاسة (5).

و احتجّ أبو حنيفة على الفرق بأنّ الجلد صلب لا يتشرّب كثير النّجاسة فتبقى

ص:284


1- 1الكافي 3:38 حديث 1، [1]الوسائل 2:1046 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
2- 2) الكافي 3:38 حديث 2، [3]الوسائل 2:1047 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [4]
3- 3) الكافي 3:38 حديث 3، [5]الوسائل 2:1047 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [6]
4- 4) سنن أبي داود 1:175 حديث 650،سنن الدّارميّ 1:320،مسند أحمد 3:92. [7]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:50،فتح العزيز بهامش المجموع 4:45،بدائع الصّنائع 1:84.

الرّطوبة على ظاهره،فإذا جفّت النّجاسة عادت الرّطوبة إلى جرمها و تزول بزواله و لا كذلك الرّطب (1).

و الجواب عن الأوّل:انّه عليه السّلام لم يعلم بقذرهما فلم يدلّكهما حتّى أخبره جبرئيل عليه السّلام بأنّهما قذرة،فنزعهما.

و عن الثّاني:انّه قياس في معرض النّص،فلا يكون مقبولا.

و أيضا:فالفرق ظاهر بلزوم المشقّة،إذ الغالب ملاقاة النّجاسة،فكان الإنسان دائما لا ينفكّ عن الغسل.

و عن الثّالث:فعل التّراب في الإزالة واحد في البابين،و لأنّ الرّوايات ظاهرة العموم و العمل بها.

فروع:
الأوّل:قال بعض أصحابنا:انّ أسفل القدم حكمه حكم الخفّ و النّعل .

(2)

و يدلّ عليه رواية زرارة (3)،و عندي فيه توقّف.

الثّاني:لو دلكهما قبل جفاف النّجاسة أو بعدها استويا إذا زالت العين،

عملا بمطلق الرّوايات،خلافا لبعض الجمهور (4).

الثّالث:الدّلك مطهّر،خلافا لبعض الجمهور ،

(5)

لرواية أبي هريرة (6).

ص:285


1- 1بدائع الصّنائع 1:84،الهداية للمرغينانيّ 1:35،شرح فتح القدير 1:172.
2- 2) المعتبر 1:447. [1]
3- 3) التّهذيب 1:275 حديث 809،الوسائل 2:1048 الباب 32 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [2]
4- 4) المغني 1:766،المهذّب للشّيرازيّ 1:50،المجموع 2:598،الإنصاف 1:324،بدائع الصّنائع 1: 84،الهداية للمرغينانيّ 1:34، [3]نيل الأوطار 1:55.
5- 5) المغني 1:765،الكافي لابن قدامة 1:114،الإنصاف 1:323.
6- 6) سنن أبي داود 1:105 حديث 385،386.

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم و الحلبيّ.

مسألة:الجسم الصّقيل كالسّيف و المرآة و شبههما إذا لاقته نجاسة،

قال السّيد المرتضى:تطهر بالمسح المزيل للعين (1).و به قال أبو حنيفة (2).قال الشّيخ:و لست أعرف به أثرا (3)،و الظّاهر انّه لا يطهر إلاّ بالغسل بالماء.و به قال الشّافعيّ (4)، و الأقرب عندي ما قاله الشّيخ،لقوله تعالى «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ» (5)فلو كان غيره مطهّرا لكان التّخصيص في معرض الامتنان منافيا للغرض،و لأنّ حصول النّجاسة معلوم،فيفتقر في زوال حكمها إلى دليل.

احتجّ السّيد المرتضى بأنّ المسح يزيل عين النّجاسة،و الحكم بالتّنجيس تابع، و يرتفع بارتفاع المتبوع.

و الجواب:المسح إنّما يزيل عين النّجاسة الظّاهرة،أمّا الأجزاء الملاصقة فلا،و لأنّ النّجاسة الرّطبة يتعدّى حكمها إلى الملاقي و لا تطهر بزوالها.

مسألة:الأعيان النّجسة إذا استحالت فقد تطهر في مواضع قد وقع الاتّفاق على
اشارة

بعضها،

و نحن نعدّها هاهنا.

الأوّل:الخمر إذا انقلب خلاّ طهر إجماعا.

و قد تقدّم (6)البحث فيه.

الثّاني:جلود الميتة إذا دبغت،

قال بعض الجمهور (7):انّها تطهر.و اتّفق علماؤنا

ص:286


1- 1نقله عنه في الخلاف 1:178 مسألة:222،و المعتبر 1:450. [1]
2- 2) بدائع الصّنائع 1:85،الهداية للمرغينانيّ 1:35،المجموع 2:599.
3- 3) الخلاف 1:178 مسألة:222.
4- 4) المجموع 2:599.
5- 5) الأنفال:11. [2]
6- 6) تقدّم في ص 219. [3]
7- 7) الام 1:9،المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:217،ميزان الكبرى 1:107،السّراج الوهّاج: 23،التّفسير الكبير 5:16، [4]أحكام القرآن للجصّاص 1:142، [5]بدائع الصّنائع 1:85،الهداية للمرغينانيّ 1:20،المغني 1:84،المحلّى 1:122،بداية المجتهد 1:78،نيل الأوطار 1:74.

إلاّ ابن الجنيد (1)على خلافه-و سيأتي.

الثّالث:النّطفة و العلقة إذا تكوّنتا إنسانا طهرتا إجماعا من القائلين بالتّنجيس.

و كذا الدّم إذا صار قيحا أو صديدا عند علمائنا.

الرّابع:إذا وقع الخنزير و شبهه في ملاحة فاستحال ملحا،

و العذرة في البئر فاستحالت حمأة لم تطهر.و هو قول أكثر أهل العلم (2)،خلافا لأبي حنيفة (3).

لنا:انّ النّجاسة قائمة بالأجزاء لا بالصّفات،و الأجزاء باقية،و تغاير الأوصاف لا يخرجها عن الذاتيّة،و لأنّ نجاستها لم تحصل بالاستحالة،فلا تزول بها.

و احتجّ بالقياس على الخمر (4).

و الجواب:الفرق بينهما بما ذكرناه من حصول نجاسته بالاستحالة دون ما نحن فيه.

الخامس:الأعيان النّجسة إذا أحرقت بالنّار فصارت رمادا طهرت.

قاله الشّيخ (5)،و هو مذهب أبي حنيفة (6)،و خالف فيه الشّافعيّ (7)،و أحمد (8).

لنا:على الطّهارة ما رواه الحسن بن محبوب[1]،قال:سألت أبا الحسن عليه

ص:287


1- 1نقله عنه في المعتبر 1:463.
2- 2) المغني 1:776،المجموع 2:579،شرح فتح القدير 1:176.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:85،المجموع 2:579.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:85.
5- 5) الخلاف 1:187 مسألة:239.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:85،المجموع 2:579.
7- 7) المجموع 2:579.
8- 8) المغني 1:776،الكافي لابن قدامة 1:112، [1]الإنصاف 1:318،المجموع 2:579.

السّلام عن الجصّ يوقد عليه عذرة و عظام الموتى،و يجصّص به المسجد[أ][1]يسجد عليه؟فكتب إليّ بخطّه:(انّ الماء و النّار قد طهّراه) (1)و في الاستدلال بهذه إشكال من وجهين:

أحدهما:انّ الماء الممازج هو الّذي يحلّ به،و ذلك غير مطهّر.إجماعا.

الثّاني:انّه حكم بنجاسة الجصّ،ثمَّ بتطهيره،و في نجاسته بدخان الأعيان النّجسة إشكال،و الأقرب أن يقال:النّار أقوى إحالة من الماء،فكما انّ الماء مطهّر فالنّار أولى،و لأنّ النّاس بأسرهم لم يحكموا بنجاسة الرّماد،إذ لا يتوقّون منه و لو كان نجسا لتوقّوا منه قطعا.

السّادس:قال الشّيخ:اللّبن المضروب من الطّين النجس إذا طبخ آجرا

أو عمل خزفا طهّرته النّار (2)،و استدلّ بالحديث الأوّل و فيه إشكال،و قال الشّافعيّ:لا يطهر بذلك (3).

السّابع لو استحال الدّبس النّجس إلى الخلّ لم يطهر،

لاختصاص التّطهير بالاستحالة بنجاسة الخمريّة.

الثّامن:لو صارت الأعيان النّجسة ترابا فالأقرب الطّهارة،

لأنّ الحكم معلّق على الاسم و يزول بزواله.و لقوله عليه السّلام:(التّراب طهور المسلم) (4)(جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا) (5).

ص:288


1- 2) الكافي 3:330 حديث 3، [1]الفقيه 1:175 حديث 829،التّهذيب 2:235 حديث 828، الوسائل 2:1099 الباب 81 من أبواب النّجاسات حديث 1. [2]
2- 3) الخلاف 1:187 حديث مسألة:239،المبسوط 1:94. [3]
3- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:50،المجموع 2:597.
4- 5) سنن أبي داود 1:90 حديث 332،سنن النّسائي 1:171،سنن الدّار قطنيّ 1:187 حديث 3،سنن البيهقيّ 1:217-بتفاوت في الجميع.
5- 6) صحيح البخاريّ 1:91،صحيح مسلم 1:371 حديث 522،سنن الدار قطنيّ 1:175 حديث 1 و 176 حديث 2،سنن البيهقيّ 1:213-بتفاوت في الجميع-و من طريق الخاصّة انظر:دعائم الإسلام 1:120. [4]
التّاسع:العجين إذا كان ماؤه نجسا لم تطهّره النّار إلاّ بصيرورته رمادا،

و لا يجوز أكله.و قال الشّيخ في موضع من النّهاية:انّ النّار قد طهّرته،و في موضع آخر:انّها لا تطهّره (1).

لنا:ما رواه الشيخ،عن زكريّا بن آدم قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم،قال:فقال:(فسد)قلت:أبيعه من اليهود و النّصارى و أبيّن لهم؟قال:نعم فإنّهم يستحلّون شربه) (2)فلو كانت النّار تطهّره لبيّنه له.

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(يدفن و لا يباع) (3).

احتجّ المخالف بما رواه الشّيخ،عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن الزّبير[1]،عن جدّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البئر تقع فيها الفأرة و غيرها من الدّواب فتموت فيعجن من مائها أ يؤكل ذلك الخبز؟قال:(إذا أصابته النّار فلا بأس بأكله) (4).

و عن ابن أبي عمير،عمّن رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في عجين عجن و خبز

ص:289


1- 1النّهاية:8،590. [1]
2- 2) التّهذيب 1:279 حديث 820،الوسائل 2:1056 الباب 38 من أبواب النّجاسات،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 1:414 حديث 1306،الاستبصار 1:29 حديث 77،الوسائل 1:174 الباب 11 من أبواب الأسئار،حديث 2. [3]
4- 5) التّهذيب 1:413 حديث 1303،الاستبصار 1:29 حديث 74،الوسائل 1:129 الباب 14 من أبواب الماء المطلق،حديث 17. [4]

ثمَّ علم انّ الماء كانت فيه ميتة،قال:(لا بأس،أكلت النّار ما فيه) (1).

و الجواب عن الرّواية الأولى بضعف سندها،فإنّ في طريقها أحمد بن الحسين الميثميّ[1]و هو واقفيّ،و الرّواية الثانية مرسلة و إن كانت مراسيل ابن أبي عمير معمولة بها إلاّ انّها معارضة بالأصل،فلا تكون مقبولة،و لأنّ النّار لم تحلّه بل جفّفته و أزالت عنه بعض الرّطوبة،فالنّجاسة موجودة.أمّا ما تضمّنته الرّواية من البيع ففيه نظر،و الأقرب أنّه لا يباع،لرواية ابن أبي عمير.فإن استدلّ بما رواه ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا و ما أحسبه إلاّ عن حفص بن البختريّ،قال:قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام-عن العجين-يعجن من الماء النّجس،كيف يصنع به؟قال:(يباع ممّن يستحلّ أكل الميتة) (2).

و الجواب عنها:انّها معارضة بما قدمناه،و يمكن أن يحمل على البيع على غير أهل الذّمّة و إن لم يكن ذلك بيعا في الحقيقة.

و يجوز إطعامه الحيوان المأكول اللّحم،خلافا لأحمد (3)،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للقوم الّذين اختبزوا من آبار الّذين مسخوا:(أعلفوه النّواضح)[2]و قال مالك،

ص:290


1- 1التّهذيب 1:414 حديث 1304،الاستبصار 1:29 حديث 75،الوسائل 1:129 الباب 14 من أبواب الماء المطلق،حديث 18. [1]
2- 3) التّهذيب 1:414 حديث 1305،الاستبصار 1:29 حديث 76،الوسائل 1:174 الباب 11 من أبواب الأسئار،حديث 1. [2]
3- 4) المغني 1:65.

و الشّافعيّ:يطعم البهائم (1).و قال ابن المنذر:لا يطعم شيئا (2)،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل عن شحوم الميتة يطلي بها السّفن و يدهن بها الجلود و يستصبح بها النّاس؟فقال:(لا،هو حرام) (3).

و الجواب:النّهي وقع عن الميتة،و ليس محلّ النّزاع و لا شبهه.

العاشر:الصّابون إذا انتقع في الماء النّجس و السّمسم و الحنطة إذا انتقعا

كان حكمها حكم العجين.و قال أبو يوسف:الحنطة و السّمسم و الخشبة إذا تنجّست بالماء، و اللّحم إذا كان مرقه نجسا،يطهر،بأن يغسل ثلاثا و يترك حتّى يجفّ في كلّ مرّة، فيكون ذلك كالعصر (4)،و هو الأقوى عندي،لأنّه قد ثبت ذلك في اللّحم مع سريان أجزاء الماء النّجسة فيه،فكذا ما ذكرناه.

فرع:لا بأس أن يطعم العجين النّجس الدّواب،

إذ لا تحريم في حقّها،و المحرّم على المكلّف تناولها و لم يحصل،و لأنّ فيه نفعا،فكان سائغا.و خالف فيه بعض الجمهور، و هو باطل،لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للقوم الّذين اختبزوا من آبار الّذين مسخوا:(أعلفوه النّواضح)[1].و يجوز أن يطعم لما يؤكل في الحال،خلافا لأحمد (5).و كذا ما يحلب لبنه وقت أكله،عملا بالإطلاق.

الحادي عشر:الدّهن النّجس لا يطهر بالغسل.

نعم،لو صبّ في كرّ ماء و مازجت

ص:291


1- 1المغني 1:65.
2- 2) المغني 1:65.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:110،صحيح مسلم 3:1207 حديث 1581،سنن ابن ماجه 2:732 حديث 2167،سنن أبي داود 3:279 حديث 3486، [1]سنن التّرمذيّ 3:591 حديث 1297، [2]سنن النّسائيّ 7:309،مسند أحمد 2:213. [3]
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 24:25.
5- 6) المغني 1:66.

أجزاء الماء أجزاءه و استظهر على ذلك بالتّوصيل بحيث يعلم وصول أجزاء الماء إلى جميع أجزائه طهر.

الثّاني عشر:طين الطّريق طاهر ما لم يعلم فيه نجاسة بناء على الأصل.

نعم، يستحبّ إزالته بعد ثلاثة أيّام.و للشّافعيّ قولان:أحدهما:وجوب الإزالة،لعدم انفكاكه من النّجاسة.و الثّاني:الاستحباب[1].و كذا البحث في الميازيب الجارية من المطر و غيره،الأصل فيه الطّهارة ما لم يعلم نجاسته.و للشّافعيّ قولان:أحدهما:

الوجوب لعدم انفكاك السّطوح من النّجاسات[2].

الثّالث عشر:دخان الأعيان النّجسة طاهر عندنا،

لخروجها عن المسمّى،خلافا لأحمد (1)،أمّا البخار المتصاعد من الماء النّجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل و تقاطر فإنّه نجس،إلاّ أن يعلم تكوّنه من الهواء،كالقطرات الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس،فإنّها طاهرة.

مسألة:إذا كان حصول النّجاسة في الثّوب أو البدن معلوما وجب غسل ما
اشارة

أصابه،

و إن كان مشكوكا يستحبّ نضحه بالماء،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل يبول بالليل فيحسب أنّ البول أصابه فلا يستيقن،فهل يجزيه أن يصبّ على ذكره إذا بال و لا يتنشّف؟ قال:(يغسل ما استبان أنّه أصابه و ينضح ما يشكّ فيه من جسده و ثيابه و يتنشّف قبل أن يتوضّأ) (2).

ص:292


1- 3) الكافي لابن قدامة 1:112.
2- 4) التّهذيب 1:421 حديث 1234،الوسائل 2:1053 الباب 37 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]

و روى في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:(فإن ظنّ أنّه أصابه منيّ و لم يستيقن و لم ير مكانه فلينضحه بالماء،و إن استيقن انّه قد أصابه و لم ير مكانه فليغسل ثوبه كلّه،فإنّه أحسن) (1).

فصل:و روي استحباب النّضح في مواضع أخر:

منها:في المذي،رواه الشّيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2)،و في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام (3).

و منها:في الكلب إذا أصاب الثّوب يابسين-و قد تقدّم (4).

و منها:في الخنزير إذا أصاب الثّوب كذلك.

و منها:في الفأرة إذا لاقت الثّوب و هي رطبة و لم ير الموضع،رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام (5).

و منها:في بول الدّواب و البغال و الحمير إذا شكّ في إصابتها للثّوب،رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

و منها:في الثّوب يصيبه عرق الجنب،رواه الشّيخ،عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

و منها:في بول البعير و الشّاة،رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن

ص:293


1- 1التّهذيب 1:252 حديث 728،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 1:253 حديث 733،الوسائل 2:1023 الباب 17 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:267 حديث 784،الوسائل 2:1023 الباب 17 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
4- 4) تقدّم في ص 273. [4]
5- 5) التّهذيب 1:261 حديث 761،الوسائل 2:1049 الباب 33 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [5]
6- 6) التّهذيب 1:264 حديث 771،الاستبصار 1:178 حديث 620،الوسائل 2:1010 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [6]
7- 7) التّهذيب 1:268 حديث 787،الاستبصار 1:185 حديث 645،الوسائل 2:1037 الباب 27 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [7]

أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و روى الشّيخ،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام سألته عن الرّجل إذا قصّ أظفاره بالحديد أو أخذ من شعره أو حلق قفاه(فإنّ عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلّي) (2)و الأقرب انّه على الاستحباب.

مسألة:و إذا علم بموضع النّجاسة وجب غسله،
اشارة

و إن اشتبه وجب غسل كلّما يحتمل إصابة النّجاسة له،فإذا لم يعلم جهتها من الثّوب أو البدن وجب غسل الجميع منهما،و إن علمها في إحدى جهتيه وجب غسل تلك الجهة كلّها.و هو قول علمائنا أجمع،و به قال النّخعيّ،و الشّافعيّ،و مالك،و أحمد (3).و قال عطاء،و الحكم، و حمّاد:إذا خفيت النّجاسة في الثّوب نضحه كلّه (4).و قال ابن شبرمة[1]:يتحرّى مكان النّجاسة فيغسله (5).

لنا:قوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (6)و مع تطهير أحد المواضع المشكوك فيها لا يحصل الامتثال،و لأنّه متيقّن للمانع من الدّخول في الصّلاة،فلم يبح له إلاّ بيقين الزّوال،كالمتيقّن للحدث إذا شكّ في الطّهارة،و أمّا النّضح فلا يزيل النّجاسة،فلا يكون مجزيا.

ص:294


1- 1التّهذيب 1:422 حديث 1337،الوسائل 2:1011 الباب 9 من أبواب النّجاسات،حديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 1:425 حديث 1353،الاستبصار 1:96 حديث 311،الوسائل 1:204 الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:766.
4- 4) المغني 1:766.
5- 6) المغني 1:766.
6- 7) المدّثّر:4. [3]

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام،و قال في المنيّ الّذي يصيب الثّوب:(فإن عرفت مكانه فاغسله،و إن خفي عليك مكانه فاغسله كلّه) (1).

و عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المنيّ يصيب الثّوب؟قال:(إن عرفت مكانه فاغسله،فإن خفي عليك مكانه فاغسله كلّه) (2).

و عن سماعة قال:سألته،عن بول الصّبيّ يصيب الثّوب؟فقال:(اغسله) قلت:فإن لم أجد مكانه؟قال:(اغسل الثّوب كلّه) (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،(و إن استيقن انّه قد أصابه منيّ و لم ير مكانه فليغسل الثّوب كلّه،فإنّه أحسن) (4).

و عن يونس،عمّن رواه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت موضعه،و إن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه،فإن صلّيت فيه فأعد صلاتك).

احتجّ المخالف (5)بما رواه سهل بن حنيف،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المذي قال:قلت:يا رسول اللّه فكيف بما أصاب ثوبي منه؟قال:(يجزئك أن تأخذ كفّا من ماء فتنضح به حيث ترى انّه أصاب منه)فأمر بالتّحرّي و النّضح (6).

ص:295


1- 1التّهذيب 1:267 حديث 784،الوسائل 2:1021 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:251 حديث 725،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 1:251 حديث 723،الاستبصار 1:174 حديث 174 حديث 604،الوسائل 2:1003 الباب 3 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 1:252 حديث 728،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [4]
5- 5) المغني 1:766.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:169 حديث 506،سنن أبي داود 1:54 حديث 210،سنن التّرمذيّ 1:197 حديث 115،سنن الدّارميّ 1:184، [5]مسند أحمد 3:485. [6]

و الجواب:انّ المذي عندنا طاهر و يستحبّ نضحه،فلا احتجاج به،و لأنّه حكم في نجاسة معيّنة عند القائلين بنجاسته،و النّجاسات قد تختلف في الأحكام،فلا تتعدّى إلى غيرها.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت:فإنّي قد علمت انّه قد أصابه و لم أدر أين هو فأغسله؟قال:(تغسل من ثوبك النّاحية الّتي ترى انّه قد أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك) (1)و هذا دليل التّحرّي.

لأنّا نقول:أمّا أوّلا:فزرارة لم يسندها إلى إمام،فلا احتجاج بها.و أمّا ثانيا:

فإنّ الرّؤية هاهنا بمعنى العلم،و يكون الواجب عليه غسل النّاحية الّتي يعلم وصول النّجاسة إليها بأجمعها،و إن كانت النّجاسة حصلت في جزء منها،ليكون على يقين من الطّهارة،و هذا التّعليل في الرّواية يدلّ على ما ذكرناه.

فروع:
الأوّل:لو تيقّن حصول النّجاسة غير المعفوّ عنها في أحد الثّوبين و جهل المعيّن

وجب عليه غسلهما معا.و هو قول علمائنا أجمع،و قول أحمد،و أبي ثور،و المزني،و ابن الماجشون[1].

لنا:وجوب غسل واحد متيقّن،لقوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (2)و النّجاسة متيقّنة،و لا وجه للتّخصيص،إذ كلّ ثوب يحتمل أن يكون هو النّجس،فإمّا أن لا يجب غسل شيء منهما و هو باطل إجماعا،أو يجب غسل الجميع و هو المطلوب.

الثّاني:لا يجوز له التّحرّي فيهما،

بل يصلّي في كلّ واحد منهما الصّلاة المعيّنة لو لم

ص:296


1- 1التّهذيب 1:421 حديث 1335،الاستبصار 1:183 حديث 641،الوسائل 2:1006 الباب 7 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 3) المدّثر:4. [2]

يتمكّن من غسلهما.و هو قول أكثر علمائنا (1)،و ذهب إليه أحمد (2)،و ابن الماجشون (3).و حكى الشّيخ في الخلاف عن بعض أصحابنا طرحهما و أن يصلّي عريانا (4).و اختاره ابن إدريس (5)،و به قال أبو ثور،و المزنيّ (6).و قال الشّافعيّ (7)، و أبو حنيفة:يتحرّى فيهما،فإن غلب ظنّه على طهارة أحدهما صلّى فيه و إلاّ نزعهما و صلّى عريانا و أعاد (8).

لنا:انّه أمكنه أداء الصّلاة بيقين الطّهارة من غير مشقّة،فيجب عليه،كما لو اشتبه عليه تعيّن الصّلاة المنسيّة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان،فأصاب أحدهما بول و لم يدر أيّهما هو و حضرت الصّلاة و خاف فوتها و ليس عنده ماء،كيف يصنع؟قال:(يصلّي فيهما) (9).

احتجّ ابن إدريس بأنّ الواجب عليه عند افتتاح كلّ صلاة القطع بطهارة الثّوب، و لا يجوز له الدّخول مع الشّك،و هذا الشّرط غير حاصل هنا،و لا يجوز أن تكون صلاته موقوفة على أمر يظهر بعد،فإنّ كون الصّلاة واجبة وجه تقع عليه الصّلاة،فلا يؤثّر فيه

ص:297


1- 1منهم:الصّدوق في الفقيه 1:161،و الطّوسيّ في المبسوط 1:90-91،و [1]المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 438. [2]
2- 2) المغني 1:82،الإنصاف 1:77.
3- 3) المغني 1:82،المجموع 1:181.
4- 4) الخلاف 1:56 مسألة:153.
5- 5) السّرائر:37.
6- 6) المغني 1:82.
7- 7) المجموع 1:181،مغني المحتاج 1:189،السّراج الوهّاج:53،المغني 1:82. [3]
8- 8) المغني 1:82،المجموع 1:181.
9- 9) التّهذيب 2:225 حديث 887،الوسائل 2:1082 الباب 64 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]

ما بعده (1).

و احتجّ أبو ثور،و المزنيّ بالقياس على الأواني (2).

و احتجّ الشّافعيّ،و أبو حنيفة بالقياس عليها أيضا و على القبلة (3).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من اشتراط القطع،فإنّه نفس النّزاع،إذ هو شرط مع القدرة،و لا قدرة مع الاشتباه.قوله:وجوب الصّلاة وجه تقع عليه الصّلاة فلا يؤثّر فيه ما بعده،و هو اليقين بالبراءة عقيب الصّلاتين.

قلنا:هذا بناء على اعتقاده انّا نقول:انّ إحدى الصّلاتين واجبة و الأخرى غير واجبة،فإذا فعلهما حصل له اليقين بفعل الواجب.و نحن لا نقول به،بل الصّلاتان معا واجبتان،لكنّ إحداهما بالذّات و الأخرى لأجل الاشتباه-كما في القبلة و الصّلاة المنسيّة-ثمَّ نقول:إن اشترطت القطع بعدم النّجاسة فهو غير محقّق و تكليف ما لا يطاق، و إن اشترطت عدم القطع بالنّجاسة فهو ثابت عند الصّلاة لكلّ واحد من الثّوبين.

و عن الثّاني:بالفرق بين الأواني و الثّياب،إذ باستعمال النّجس ينجس و ذلك يمنعه من صحّة صلاته في الحال و فيما بعد،و لأنّ الثّوب النّجس قد تجوز الصّلاة فيه، بخلاف الماء النّجس.

و عن الثّالث:بالمنع عن ثبوت الحكم في الأصل،أمّا الأواني فقد بيّنّا انّه لا يجوز التّحرّي فيها (4)،و أمّا القبلة فكذلك-لما يأتي.

و أيضا:فالفرق قد يظهر بين الأواني و بين الثّوبين،و أمّا بين القبلة و بينهما،فلأنّ القبلة يكثر الاشتباه فيها،بخلاف الثّوبين،فسقط اليقين فيها للمشقّة و لأنّ الاشتباه في

ص:298


1- 1السّرائر:37.
2- 2) المغني 1:82.
3- 3) المغني 1:82،المجموع 1:181.
4- 4) تقدّم بيانه في الجزء الأوّل ص 174،179.

الثّوبين حصل بتفريطه،إذ كان ينبغي له غسل النّجس قبل الاشتباه أو تعليمه،و لا يمكن ذلك في القبلة،و لأنّ الأدلّة قائمة في القبلة كالنّجوم و الشّمس و المغرب و المشرق، فيصحّ الاجتهاد فيها،و يقوى دليل الإصابة بحيث يضعّف و هم الخطأ جدّا،بخلاف الثّوبين.

و أيضا:ينتقض ما ذكروه بأجزاء الثّوب الواحد.و قد فرّق بعض الشّافعيّة بأنّ الأصل في كلّ واحد من الثّوبين الطّهارة،فإذا اجتهد استند اجتهاده إلى أصل الطّهارة، و الثّوب الواحد قد بطل فيه حكم الأصل،فلم يجز التّحرّي (1).

و الجواب:أنّ البحث ليس في الثّوب كلّه حتّى يبطل فيه حكم الأصل،بل في أجزائه.

الثّالث:لو تعدّدت الثّياب النّجسة صلّى بعددها

و زاد صلاة على ذلك العدد و لم يجز له التّحرّي كالثّوبين،خلافا لبعض الحنابلة (2)،حيث فرّق بينهما.و هو غلط،لأنّه إذا صلّى في عدد النّجس بأجمعه فإن حصل له صلاة في طاهر برئت ذمّته،و إلاّ وجب عليه أن يصلّي في آخر فيحصل له اليقين،و لأنّه إذا جاز له التّحرّي بين متيقّن النّجاسة و الطّاهر كان جواز التّحرّي بين مشتبه النّجس و الطّاهر أولى.

الرّابع:لو صلّى الظّهر في أحدهما،ثمَّ كرّرها في الآخر صحّت له الظّهر،

و لو صلّى الظّهر في ثوب،ثمَّ العصر في آخر،ثمَّ الظّهر فيه،ثمَّ العصر في الأوّل صحّت الظّهر لا غير و وجب عليه إعادة العصر في الثّاني.

الخامس:لو نجس أحد الكمّين و اشتبها لم يجز له التّحرّي،

و غسلهما معا لما سبق، أو نزعه و صلّى عريانا إن لم يجد ماء و لا ثوبا آخر.و به قال أبو إسحاق من الشّافعيّة (3).و قال أبو العبّاس منهم:يجوز له التّحرّي (4).و لو فصل أحد الكمين من

ص:299


1- 1المجموع 1:180.
2- 2) المغني 1:82،الإنصاف 1:77.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:61،المجموع 3:144.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:61،المجموع 3:144.

الآخر اتّفقوا على جواز التّحرّي و الاجتهاد،لأنّ الطّاهر قد تميّز من النّجس بخلاف الصّورة الأولى،لأنّها في ثوب واحد.

و لو شقّ الثّوب بنصفين و النّجاسة فيه مشتبهة،لم يجز له أن يتحرّى فيهما إجماعا منا و منهم،لجواز أن ينقسم النّجاسة فيهما،فلم يبطل ما حكموا به من الانتقال عن حكم الأصل فيه مع هذا الجواز.

و لو كان الثّوب واحدا و نجس موضع منه و لم يعرف موضعه لم يجز له التّحرّي عند الشّافعيّ (1)أيضا قولا واحدا بخلاف الكمين فإنّ فيه وجهين.

و لو تيقّن نجاسة أحد البيتين[1]لم يجز له التّحرّي عندنا و صلّى في غيرهما.و قال الشافعي:يجوز (2).و لو أصابت موضعا من بيت فكالثّوب.

السّادس:لو غسل النّجس بالاشتباه صحّت الصّلاة فيه قطعا لطهارته،

أمّا الآخر فإنه باق على المنع،إذ احتمال النّجاسة موجود فيه،لجواز أن يكون المغسول هو الطّاهر.

السّابع:لو جمعهما و صلّى فيهما لم تصحّ صلاته،

سواء غسل أحدهما أو لم يغسل، و سواء غسل مع عدم الاجتهاد أو معه،أمّا مع عدم الغسل فلأنّه صلّى في ثوب نجس متيقّن النّجاسة،و أمّا إذا غسل أحدهما فلأنّه جمع بين الثّوبين فقد صار في حكم الثّوب، و قد تيقّن حصول النّجاسة و لم يتيقّن زوالها،لجواز أن يكون المغسول هو الطّاهر،فكان حكمه حكم الثّوب الواحد إذا أصاب بعضه نجاسة و هذا اختيار أبي إسحاق من الشّافعيّة (3).و ذهب أبو العبّاس بن سريج منهم إلى صحّة صلاته (4)،لأنّ أحد الثّوبين

ص:300


1- 1الأم 1:55،المهذّب للشّيرازيّ 1:61،المجموع 3:143،مغني المحتاج 1:189،السّراج الوهّاج: 53.
2- 3) مغني المحتاج 1:189.
3- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:61.
4- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:61.

طاهر قطعا و هو المغسول،و الآخر طاهر بالاجتهاد و ذلك يجري مجرى اليقين و لهذا تجوز الصّلاة فيه،فإذا جمعهما جاز الصّلاة فيهما،بخلاف الثّوب الواحد الّذي لا يجوز الاجتهاد فيه،فلا يحصل الحكم بطهارة جميعه،و هاهنا قد صحّ الاجتهاد،فيثبت حكمه.

و هذا إنّما يتأتّى على قولهم في جواز التّحرّي في الثّوبين،أمّا عندنا فلا.

الثّامن:لو كان معه ثوب متيقّن الطّهارة تعيّن للصّلاة،

و لم يجز له أن يصلّي في الثّوبين،لا متعدّدة و لا منفردة.و لو كان أحدهما طاهرا و الآخر نجسا نجاسة معفوّا عنها تخيّر في الصّلاة في أيّهما كان،و الأولى له الصّلاة في الطّاهر.و كذا لو كانت إحدى النّجاستين المعفوّ عنهما في الثّوب أقلّ من الأخرى،كان الأولى الصّلاة في الأقلّ.

مسألة:لو لم يكن معه إلاّ ثوب نجس و لم يتمكّن من تطهيره،
اشارة

قال الشّيخ في المبسوط و النّهاية و الخلاف:ينزعه و يصلّي عريانا بالإيماء،و لا إعادة عليه (1).و اختاره ابن البراج في الكامل،و ابن إدريس (2)،و هو قول الشّافعيّ (3).و قال في البويطيّ:

و قد قيل:انّه يصلّي و يعيد.قال أصحابه:و ليس هذا مذهبه،بل حكاه[1]عن غيره (4).و قال مالك:يصلّي فيه و لا إعادة عليه (5).و به قال محمّد بن الحسن (6)، و المزنيّ (7).و قال أبو حنيفة:إن كان أكثره طاهرا لزمه الصّلاة فيه و لا إعادة،و إن كان أكثره نجسا تخيّر في الصّلاة فيه و عريانا،و لا إعادة في الموضعين (8).

ص:301


1- 1المبسوط 1:38،النّهاية:55، [1]الخلاف 1:179 مسألة:225.
2- 2) السّرائر:38.
3- 3) الام 1:91،المهذّب للشّيرازيّ 1:61،المجموع 3:142،مغني المحتاج 1:186،المغني 1:666.
4- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:61.
5- 6) المدوّنة الكبرى 1:34،بلغة السّالك 1:26،المغني 1:666،المجموع 3:143.
6- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:187.
7- 8) المغني 1:666،المجموع 3:143.
8- 9) المبسوط للسّرخسيّ 1:187،الهداية للمرغينانيّ 1:44،المغني 1:666،المجموع 3:143.

احتجّ الشّيخ (1)بما رواه زرعة،عن سماعة قال:سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلاّ ثوب واحد و أجنب فيه و ليس عنده ماء،كيف يصنع؟ قال:(يتيمّم و يصلّي عريانا قاعدا و يومئ) (2).

و روى عن محمّد بن علي الحلبيّ[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أصابته جنابة و هو بالفلاة و ليس عليه إلاّ ثوب واحد و أصاب ثوبه منّي؟قال:(يتيمّم و يطرح ثوبه و يجلس مجتمعا و يصلي و يومئ إيماءا)[2]و لأنّ الصّلاة مع العري يسقط بها الفرض،و مع النّجاسة لا يسقط لأنّه يجب إعادتها،و قد روى أصحابنا أيضا أنّه يصلّي فيه[3].و روى ذلك الشّيخ،عن محمّد الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يجنب في الثّوب أو يصيبه بول و ليس معه ثوب غيره؟قال:(يصلّي فيه إذا اضطرّ إليه) (3).

و روى عن أبان،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل يجنب في ثوب و ليس معه غيره و لا يقدر على غسله؟قال:

ص:302


1- 1الخلاف 1:176 مسألة:218.
2- 2) التّهذيب 2:223 حديث 881،الاستبصار 1:168 حديث 582،الوسائل 2:1068 الباب 46 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
3- 6) التّهذيب 2:224 حديث 883،الاستبصار 1:169 حديث 584،الوسائل 2:1067 الباب 45 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [2]

(يصلّي فيه) (1)و جمع الشّيخ بين هذه الأخبار في الخلاف (2)بجواز الصّلاة فيه مع الاضطرار من برد و غيره،و بوجوب النّزع مع عدمه،لرواية الحلبيّ.و جمع في التّهذيب بأنّه يجوز الصّلاة فيه إلاّ انّه يجب عليه عند وجود الماء غسله و إعادة الصّلاة (3).

و احتج (4)بما رواه عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن رجل ليس معه إلاّ ثوب و لا تحلّ الصّلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله،كيف يصنع؟قال:

(يتيمّم و يصلّي،فإذا أصاب ماء غسله و أعاد الصّلاة) (5).و الأقرب عندي أن المصلّي مخيّر بين الصّلاة عاريا و بين الصّلاة فيه،لأنّ ستر العورة شرط و طهارة الثّوب شرط،فلا أولويّة لاعتبار أحدهما.

و يدلّ عليه:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن رجل عريان و حضرت الصّلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كلّه،يصلّي فيه أو يصلّي عريانا؟فقال:(إن وجد ماء غسله،و إن لم يجد ماء صلّى فيه و لم يصلّ عريانا) (6)و هذه الرّواية و إن دلّت على انّه لا يصلّي عاريا إلاّ انّ الرّوايات المتقدّمة قد دلّت على الصّلاة عاريا،فقلت بالتّخيير بينهما.

و أمّا الجمع الأوّل للشّيخ للرّواية الحلبيّ،غير سليمة عن الطّعن،و مع ذلك فإنّ الاضطرار يكفي فيه عدم التّمكّن من غيره،و الجمع الثّاني ضعيف،و رواية عمّار لا

ص:303


1- 1التّهذيب 2:224 حديث 885،الاستبصار 1:169 حديث 586،الوسائل 2:1067 الباب 45 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [1]
2- 2) الخلاف 1:176.
3- 3) التّهذيب 2:224.
4- 4) الخلاف 1:176 مسألة:218.
5- 5) التّهذيب 1:407 حديث 1279،الاستبصار 1:169 حديث 587،الوسائل 2:1067 الباب 45 من أبواب النّجاسات،حديث 8 و [2]ص 1000 الباب 30 من أبواب التّيمّم،حديث 1.
6- 6) التّهذيب 2:224 حديث 884،الاستبصار 1:169 حديث 585،الوسائل 2:1067 الباب 45 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]

تعويل عليها.

فرع:لو صلّى عاريا لم يعد الصّلاة قولا واحدا.

و لو صلّى في الثّوب فالأقرب انّه لا يعيد أيضا و إن كان الشّيخ قد أوجب عليه الإعادة مع التّمكّن من غسل الثّوب معوّلا على رواية عمّار،و هي عندنا ضعيفة،و الأصل صحّة الصّلاة،إذ الأمر يقتضي الإجزاء.

مسألة:من صلّى في ثوب نجس نجاسة مغلّظة عالما بنجاسته متمكّنا من غيره

أو غسله لم تصحّ صلاته،و وجب عليه إعادة الصّلاة في الوقت و خارجه.و هو قول علمائنا أجمع،و ذهب إليه أكثر أهل العلم (1).و نقل عن مالك انّه قال:إذا صلّى بالنّجاسة أعاد في الوقت (2).و هذا يفهم منه انّه لا يوجب الإعادة خارجا.و عن ابن مسعود انّه نحر جزورا فأصابه من فرثه و دمه فصلّى و لم يغسله.

لنا:قوله تعالى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (3).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال لمّا سئل كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطّهر أ تصلّي فيه؟قال:(تنظر فيه فإن رأت فيه دما فلتقرصه بشيء من ماء و لتنضح ما لم تر و لتصلّ فيه) (4)جعل الطّهارة شرطا،و مع الإخلال به تبطل الصّلاة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إن رأيت المنيّ قبل أو بعد ما تدخل في الصّلاة فعليك إعادة الصّلاة) (5)و لأنّه أخل بالشّرط فيبطل المشروط تحقيقا لمعنى الشّرط.

ص:304


1- 1المغني 1:750،المجموع 3:131.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:34.
3- 3) المدّثّر:4. [1]
4- 4) سنن أبي داود 1:99 حديث 360.
5- 5) التّهذيب 1:252 حديث 730،الوسائل 2:1022 الباب 16 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
مسألة:و لو صلّى في الثّوب النّجس جاهلا،
اشارة

فله حالتان:الاولى:سبق العلم و لنا فيه روايتان:إحداهما:وجوب الإعادة في الوقت و القضاء خارجه،روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت:أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منيّ فعلمت أثره إلى أن أصيب له الماء فأصبت و حضرت الصّلاة فنسيت انّ بثوبي شيئا و صلّيت،ثمَّ انّي ذكرت بعد ذلك،قال:(تعيد الصّلاة و تغسله) (1).

و عن منصور[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:رجل أصابته جنابة باللّيل فاغتسل و صلّى فلمّا أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة،فقال:(الحمد للّه الّذي لم يدع شيئا إلاّ و قد جعل له حدّا)،إن كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا إعادة عليه،و إن كان حين قام لم ينظر فعليه الإعادة) (2).

و عن ميسر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آمر الجارية فتغسل ثوبي من المنيّ فلا تبالغ في غسله فأصلّي فيه فإذا هو يابس،قال:(أعد صلاتك،أما انّك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء) (3).

ص:305


1- 1التّهذيب 1:421 حديث 1335،الاستبصار 1:183 حديث 641،الوسائل 2:1063 الباب 42 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 3) الكافي 3:406 حديث 7، [2]التّهذيب 1:424 حديث 1346،الاستبصار 1:182 حديث 640، الوسائل 2:1062 الباب 41 من أبواب النّجاسات،حديث 3 و [3]في التّهذيب و الوسائل: [4]عن ميمون الصّيقل.
3- 4) التّهذيب 1:252 حديث 726،الوسائل 2:1024 الباب 18 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [5]

و روى في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:(فإذا كنت قد رأيته و هو أكثر من مقدار الدّرهم فضيّعت غسله و صلّيت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صلّيت فيه) (1).

و روى في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(إن أصاب ثوب الرجل الدّم فصلّى فيه و هو لا يعلم فلا إعادة عليه،و إن هو علم قبل أن يصلّي فنسي و صلّى[فيه][1]فعليه الإعادة) (2).

و عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يرى في ثوبه الدّم فينسى أن يغسله حتّى يصلّي؟قال:(يعيد صلاته كي يهتم بالشّيء إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه) (3).

و بمثله روى في الصّحيح،عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام (4)، و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

و روى في الحسن،عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم؟قال:(إن كان علم انّه أصاب ثوبه جنابة قبل أن يصلّي،ثمَّ صلّى فيه و لم يغسله فعليه أن يعيد ما صلّى،و إن كان يرى أنّه أصابه شيء

ص:306


1- 1التّهذيب 1:254 حديث 736،الاستبصار 1:175 حديث 609،الوسائل 2:1027 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [1]
2- 3) التّهذيب 1:254 حديث 737،الاستبصار 1:182 حديث 637،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 7. [2]
3- 4) التّهذيب 1:254 حديث 738،الاستبصار 1:182 حديث 638،الوسائل 2:1064 الباب 42 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
4- 5) التّهذيب 1:255 حديث 739،الاستبصار 1:175 حديث 610،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [4]
5- 6) التّهذيب 1:255 حديث 740،الاستبصار 1:176 حديث 611،الوسائل 2:1026 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [5]

فنظر فلم ير شيئا أجزأه أن ينضحه بالماء) (1).

و بهذه الروايات أفتى الشّيخ في النّهاية في باب الجنابة (2)و أطلق في غيرها.و قال في المبسوط و الخلاف بمثل ما قاله في النّهاية من وجوب الإعادة مطلقا (3)،و ادّعى ابن إدريس الإجماع فيه (4)،و هو اختيار المرتضى في المصباح،و ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه (5)،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (6)،و مذهب الشّافعيّ (7).لأنّه أخلّ بالشّرط مع تمكّنه من تحصيله،فلزمه القضاء.

الرواية الثّانية انّه لا يعيد،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (8)،لأنّ النّسيان معفوّ عنه،لقوله عليه السّلام:(عفى عن أمتّي الخطأ و النّسيان) (9)و هي رواية الشّيخ في الصّحيح،عن العلاء[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصيب ثوبه الشّيء ينجّسه فينسى أن يغسله فيصلّي فيه،ثمَّ بذكر انّه لم يكن غسله أ يعيد

ص:307


1- 1التّهذيب 2:359 حديث 1488،الاستبصار 1:182 حديث 636،الوسائل 2:1059 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [1]
2- 2) النّهاية:20.
3- 3) المبسوط 1:28،90،الخلاف 1:178.
4- 4) السّرائر:37.
5- 5) الفقيه 1:161 حديث 758.
6- 6) المغني 1:751،الإنصاف 1:486،الكافي لابن قدامة 1:138،المجموع 3:157.
7- 7) الام(مختصر المزني)8:18،المجموع 3:157،المغني 1:751.
8- 8) المغني 1:751،الكافي لابن قدامة 1:138،الإنصاف 486.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:659 حديث 2043-2045،سنن البيهقيّ 7:357،سنن الدّار قطنيّ 4:170 حديث 33،كنز العمّال 12:155 حديث 34457-بتفاوت يسير.

الصّلاة؟قال:(لا يعيد،قد مضت الصّلاة و كتبت له) (1).

قال الشّيخ في الاستبصار:الوجه في هذا الخبر انّه يحمل على انه يكون قد مضى الوقت،لأنّه متى نسي غسل النّجاسة عن الثّوب إنّما يلزمه إعادتها ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه (2).و هو ينافي ما ذكره في كتبه (3).و استدلّ على هذا التّأويل بما رواه عن عليّ بن مهزيار قال:كتب إليه سليمان بن رشيد[1]يخبره أنّه بال في ظلمة اللّيل و انّه أصاب كفّه برد نقطة من البول لم يشكّ أنّه أصابه و لم يره،و انّه مسحه بخرقة،ثمَّ نسي أن يغسله و تمسّح بدهن فمسح به كفيه و وجهه و رأسه،ثمَّ توضّأ وضوء الصّلاة فصلّى؟فأجابه بجواب قرأته بخطّه:(أمّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء إلاّ ما تحقّق،فإن تحقّقت ذلك كنت حقيقا أن تعيد الصّلوات الّتي كنت صلّيتهنّ بذلك الوضوء بعينه ما كان منهنّ في وقتها،و ما فات وقتها فلا إعادة عليك لها، من قبل،انّ الرّجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصّلاة إلاّ ما كان في وقت،و إذا كان جنبا أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصّلوات المكتوبات اللّواتي فاتته،لأنّ الثّوب خلاف الجسد،فاعمل على ذلك إن شاء اللّه) (4)و هذا التّأويل لا بأس به.

الحالة الثّانية:لو لم يسبقه العلم و لم يعلم حتّى فرغ من الصّلاة فيه روايتان لعلمائنا،و قولان بحسبهما:

ص:308


1- 1التّهذيب 1:423 حديث 1345 و ج 2:360 حديث 1492،الاستبصار 1:183 حديث 642، الوسائل 2:1063 الباب 42 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [1]
2- 2) الاستبصار 1:184.
3- 3) تقدّم في ص 307.
4- 5) التّهذيب 1:426 حديث 1355،الاستبصار 1:184 حديث 643،الوسائل 2:1063 الباب 42 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]

إحداهما:لا يعيد مطلقا،و أفتى الشّيخ به في موضع من كتاب النّهاية (1)، و الاستبصار (2)،و اختاره المفيد (3)،و السّيّد المرتضى (4)،و ابن إدريس (5).و هو قول ابن عمر،و عطاء،و سعيد بن المسيّب،و سالم،و مجاهد،و الشّعبيّ،و النّخعيّ، و الزهريّ،و يحيى الأنصاريّ،و إسحاق،و ابن المنذر (6)،و هو الأقوى عندي.

الثّانية:يعيد في الوقت لا خارجه،اختاره الشّيخ في باب المياه من كتاب النّهاية،و في المبسوط (7)،و به قال ربيعة (8)،و مالك (9).و أكثر علمائنا على انّه لا يعيد خارج الوقت (10)و هو قول أكثر أهل العلم (11)،خلافا لأبي قلابة (12)، و الشّافعيّ (13).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد قال:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره،فخلع النّاس نعالهم فلمّا قضى رسول

ص:309


1- 1النّهاية:52.
2- 2) الاستبصار 1:181.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 1:442. [1]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:442. [2]
5- 5) السّرائر:37.
6- 6) المغني 1:751،المجموع 3:157. [3]
7- 7) النّهاية:8،المبسوط 1:28.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:34،المغني 1:751.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:34،بلغة السّالك 1:26،المغني 1:751.
10- 10) منهم أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:140،و ابن إدريس في السّرائر:37،و المحقّق الحلّي في المعتبر 1:442. [4]
11- 11) المغني 1:751،المجموع 3:157.
12- 12) المغني 1:751،المجموع 3:157.
13- 13) الام 1:55،المهذّب للشّيرازيّ 1:63،الام(مختصر المزني)8:18،المجموع 3:157،المغني 1: 751.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاته قال:(ما حملكم على إلقائكم نعالكم)؟قالوا:

رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا،قال:(انّ جبرائيل عليه السّلام أتاني فأخبرني انّ فيهما قذرا) (1)رواه أبو داود.و لو اشترطت الطّهارة مع عدم العلم لاستأنف.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يصلّي و في ثوبه عذرة من إنسان،أو سنّور،أو كلب،أ يعيد صلاته؟قال:(إن كان لم يعلم فلا يعيد) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلّى في ثوب رجل أيّاما،ثمَّ انّ صاحب الثّوب أخبره انّه لا يصلّي فيه؟ قال:(لا يعيد شيئا من صلاته) (3).

و عن حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:(ما أبالي بول أصابني أو ماء إذا لم أعلم) (4).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(و سألته عن رجل يصلّي و في ثوبه جنابة أو دم حتّى فرغ من صلاته،ثمَّ علم، قال:(مضت صلاته و لا شيء عليه) (5)و لأنّه حينئذ مأمور بالصّلاة،فمع الامتثال يحصل الإجزاء.

ص:310


1- 1سنن أبي داود 1:175 حديث 650.
2- 2) التّهذيب 2:359 حديث 1487،الاستبصار 1:180 حديث 630،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [1]
3- 3) التّهذيب 2:360 حديث 1490،الاستبصار 1:180 حديث 631،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [2]
4- 4) التّهذيب 1:253 حديث 735،الاستبصار 1:180 حديث 629،الوسائل 2:1054 الباب 37 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [3]
5- 5) التّهذيب 2:360 حديث 1489،الاستبصار 1:181 حديث 634،الوسائل 2:1059 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [4]

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن وهب بن عبد ربّه[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الجنابة تصيب الثّوب و لا يعلم بها صاحبه فيصلّي فيه،ثمَّ يعلم بعد؟قال:

(يعيد إذا لم يكن علم)[2].

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل صلّى و في ثوبه بول أو جنابة،فقال:(علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصّلاة إذا علم) (1).

و الوجه في هاتين الرّوايتين سبق العلم و عدمه حال الصّلاة.

احتجّ الشّيخ بأنّه يجب عليه لو علم في الصّلاة الإعادة،فكذا إذا علم في الوقت بعد الفراغ.

و احتجّ الشّافعيّ بأنّها طهارة مشترطة للصّلاة،فلم تسقط بجهلها،كطهارة الحدث (2).

و الجواب عن الأوّل بالمنع من الإعادة،و سيأتي البحث فيه،و لو سلّم فالفرق حاصل،إذ الدّخول ليس كالفراغ.

و عن الثّاني بالفرق بين الطّهارتين،فإنّ طهارة الحدث آكد،إذ لا يعفى عن يسيرها،بخلاف هذه.

ص:311


1- 3) التّهذيب 2:202 حديث 792،الاستبصار 1:182 حديث 639،الوسائل 2:1061 الباب 40 من أبواب النّجاسات،حديث 9. [1]
2- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:63،المجموع 3:156،المغني 1:751.
فروع:
الأوّل:لو دخل في الصّلاة و لم يعلم،

ثمَّ تجدّد له العلم بسبق النّجاسة على الصّلاة في أثنائها فيه روايتان:

إحداهما:يعيد الصّلاة من رأس.و هي رواية زرارة في الصّحيح قلت:ان رأيته في ثوبي و أنا في الصّلاة؟قال:(تنقض الصّلاة و تعيد) (1)و في هذه الرواية نظر،إذ زرارة لم يسندها إلى إمام و إن كان الغالب على الظّنّ ذلك.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

(إن رأيت المنيّ قبل أو بعد ما تدخل في الصّلاة فعليك إعادة الصّلاة)ثمَّ قال بعد كلام:(و كذلك البول) (2)و هذه الرّواية مناسبة للقائلين بوجوب الإعادة بعد الفراغ في الوقت.

الثّانية:الإتمام،روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر و هو في صلاته، كيف يصنع به؟قال:(إن كان دخل في صلاته فليمض) (3).

و في الاستدلال بهذه الرّواية نظر،إذ يمكن أن تكون الإصابة مع يبوستها.و هو الأظهر،إذ الأصل عدم الرّطوبة،و يؤيّده تتمّة الحديث،و هو قوله:(و إن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلاّ أن يكون فيه أثر فيغسله).

ص:312


1- 1التّهذيب 1:421 حديث 1335،الاستبصار 1:183 حديث 641،الوسائل 2:1065 الباب 44 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 1:252 حديث 730 و ج 2:223 حديث 880،الوسائل 2:1062 الباب 41 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 1:261 حديث 760،الوسائل 2:1017 الباب 13 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]

و روى الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:قلت:له الدّم يكون في الثّوب عليّ و أنا في الصّلاة؟قال:(إن رأيت و عليك ثوب غيره فاطرحه و صلّ،فإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك و لا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدّرهم،[و إن كان أقلّ][1]من ذلك فليس بشيء رأيته أو لم تره) (1)الحديث،و فيه نظر،إذ محمّد بن مسلم لم يسندها إلى إمام.و بنحو هذه الرّواية أفتى الشّيخ في النّهاية (2)و المبسوط،فإنّه قال:

إن كان عليه غيره طرحه و أتمّ،و إلاّ طرحه و أخذ ما يستر عورته إن كان بالقرب منه بشيء و يتمّ،و إن لم يكن بالقرب شيء و لا عنده غيره يناوله،قطع الصّلاة و أخذ ما يستر به عورته و استأنف الصّلاة.قاله في المبسوط (3).و لو لم يملك طاهرا أصلا تمّم صلاته من قعود إيماءا و هو الحقّ عندي.

إذا عرفت هذا،فكلّ موضع يجب إعادة الصّلاة إنّما يجب إعادة صلاة واحدة، سواء كانت النّجاسة رطبة أو يابسة،و سواء كانت في الصّيف أو الشّتاء.و به قال الشّافعيّ.و قال أبو حنيفة:إن كانت رطبة أعاد صلاة واحدة،و كذا إن كانت يابسة في الصّيف،و إن كانت يابسة في الشّتاء أعاد خمس صلوات[2].

الثّاني:لو صلّى ثمَّ رأى النّجاسة و شكّ هل كانت عليه في الصّلاة أم لا؟

فالصّلاة صحيحة،لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم،عملا بالأصلين:الصّحّة، و عدم النّجاسة.

ص:313


1- 2) التّهذيب 1:254 حديث 736،الاستبصار 1:175 حديث 609،الوسائل 2:1027 الباب 20 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [1]
2- 3) النّهاية:96.
3- 4) المبسوط 1:90. [2]
الثّالث:لو سقطت عليه نجاسة ثمَّ زالت عنه و هو لا يعلم ثمَّ علم،

استمرّ على صلاته على ما اخترناه،و على القول الآخر:ينبغي القول بالاستئناف.و لو رآها قبل زوالها و تمكّن من إزالتها أزالها إن لم يحتجّ إلى فعل كثير.

الرّابع:لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللّحم صحّت صلاته،

و كذا غير المأكول، لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حمل أمامة بنت أبي العاص[1] (1).و ركب الحسن و الحسين عليهما السّلام ظهره صلّى اللّه عليه و آله و هو ساجد (2).نقله الجمهور كافّة، و لأنّ النّجاسة في المحمول في معدنه كالحامل.أمّا لو حمل قارورة مشدودة الرّأس،فيها نجاسة فقال الشّيخ في المبسوط:انّه تبطل صلاته (3).و اختاره ابن إدريس (4)،و هو قول أكثر الجمهور (5)،و قوّاه في الخلاف و قال فيه:و ليس لأصحابنا فيه نصّ معيّن،و الّذي يقتضيه المذهب انّه لا تبطل الصّلاة به.و به قال ابن أبي هريرة من الشّافعيّة قياسا على الحيوان الطّاهر.ثمَّ استدلّ بأنّ قواطع الصّلاة معلومة بالشّرع،و لا شرع يدلّ عليه.ثمَّ قال:و لو قلنا بالبطلان كان قويّا للاحتياط و للإجماع،فإنّ خلاف ابن أبي هريرة لا اعتداد به (6).

و في ادّعائه الإجماع نظر،إلاّ أن يكون المراد به إجماع الجمهور،إذ قد ذكر انّه ليس

ص:314


1- 2) صحيح البخاريّ 1:137،صحيح مسلم 1:385 حديث 543،سنن أبي داود 1:241 حديث 917،918،و ص 242 حديث 920،الموطّأ 1:170 حديث 81.
2- 3) سنن النّسائيّ 2:229،مسند أحمد 3:493-494،و ج 6:467.
3- 4) المبسوط 1:94. [1]
4- 5) السّرائر:38.
5- 6) المغني 1:752، [2]المجموع 3:150.
6- 7) الخلاف 1:190 مسألة:244.

لأصحابنا فيه نصّ.و ذلك غير حجّة عندنا و عندهم.

و لو قيل بالصّحّة من حيث انّ الصّلاة لا تتمّ فيه منفردا كان وجها.هذا إن قلنا بتعميم جواز الدّخول مع نجاسة ما لا تتمّ الصّلاة فيها منفردا و إلاّ فالأقوى ما ذكره الشّيخ في المبسوط و إن كان لم يقم عليه عندي دليل.

و قول الجمهور انّه حامل نجاسة فتبطل صلاته،كما لو كانت على ثوبه،ضعيف، إذ الثّوب شرط الدّخول به طهارته.فإن احتجّ في هذا المقام برواية محمّد بن مسلم (1)في الثّوبين إذا كان أحدهما نجسا يطرحه.فالجواب انّها مرسلة،و الفرق بين الثّوب و صورة النّزاع ظاهر.

الخامس:لو جبر عظمه بعظم حيوان طاهر فقد أجمع أهل العلم على جوازه،

أمّا عظم الميتة فعندنا انّه كذلك بناء على طهارته-و قد سلف (2)،أمّا عظم الكلب و الخنزير فيجب عليه نقله ما لم يحصل له ضرر،فيسقط عنه وجوب الإزالة،و تصحّ صلاته فيه.و هو قول أكثر أهل العلم (3).و قيل:يجب قلعه ما لم يخف التّلف (4).

لنا:قوله تعالى «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (5)و لأنّها نجاسة باطنة يستضرّ بإزالتها،فأشبهت الدّم المبثوث في الجسد.

و لو انقلعت سنّه(فأثبتها لحرارة)[1]الدّم لم يلزمه قلعها،سواء استضر أو لم يستضر، لأنّها طاهرة عندنا.أمّا الشّافعيّ،فقال:إن لم يستضر وجبت الإزالة،و إن استضر ضررا لا يخاف معه تلفه و لا تلف بعض أعضائه فكذلك،فإن لم يفعل جبره السّلطان

ص:315


1- 1تقدّمت في ص 313 رقم 5.
2- 2) تقدّمت في ص 196.
3- 3) المجموع 3:138، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:27، [2]مغني المحتاج 1:190،السّراج الوهّاج:54.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:60.
5- 5) الحجّ:78. [3]

على قلعه،فإن مات و لم يقلع لم يقلع بعد موته،لأنّه صار ميّتا كلّه (1).و قال أبو بكر الصّيرفيّ[1]:الأولى قلعه لئلاّ يلقى اللّه بمعصية[2].و هو ضعيف،لأنّ المعصية لو ثبت لم تزل بالنّزع و لا معصية في بقائه،و المعنى الموجب للنّزع ما عليه من التّكليف،و قد زال بالموت.أمّا لو خاف التّلف أو تلف عضو فقال أبو إسحاق:لا يجب قلعه (2).

و قيل:يجب (3).و أبو حنيفة قال:لا يجب قلعه (4)في المسألتين الأخيرتين.و هذا كلّه بناء على الطّهارة و النّجاسة-و قد مضى.

السّادس:يكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر غيرها رجلا كان أو امرأة،

و لا بأس أن تصل بشعر حيوان طاهر،و لا يجوز أن تصل بشعر نجس العين.و قال الشّافعيّ:إن كان الشّعر نجسا منع من صحّة الصّلاة،و إن كان طاهرا فإن كان لها زوج أو مولى كره ذلك و إلاّ فلا (5).و قال أحمد:يكره مطلقا (6).و لا بأس بالقرامل[3].و هو اختيار أحمد (7)،و ابن جبير.و نقل عن الشّافعيّ:انّ الرّجل متى وصل شعره بشعر ما لا يؤكل

ص:316


1- 1الام 1:54،المهذّب للشّيرازيّ 1:60،المجموع 3:138،مغني المحتاج 1:191،السّراج الوهّاج: 54.
2- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:60.
3- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:60.
4- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 4:27.
5- 7) المجموع 3:139.
6- 8) المغني 1:107.
7- 10) المغني 1:107. [1]

لحمه بطلت صلاته (1).

لنا:انّ الشّعر غير قابل للنّجاسة إذا لم يكن من حيوان نجس العين،فكان حكمه حكم غيره،و أمّا كراهيّة ذلك فبالاتّفاق.

و من طريق الجمهور:انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعن الواصلة و المستوصلة، و النّامصة و المتنّمصة،و الواشرة و المستوشرة.فالواصلة هي الّتي تصل شعرها بغيره أو شعر غيرها،و المستوصلة الموصول شعرها بأمرها (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن القاسم بن محمّد،عن عليّ قال:سألته عن امرأة مسلمة تمشّط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك و قد دخلها ضيق؟قال:(لا بأس،و لكن لا تصل الشّعر بالشّعر) (3).

و ما رواه،عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

دخلت ماشطة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لها بعد كلام طويل:(لا تصل الشّعر بالشّعر) (4)و هذا النّهي ليس للتّحريم و إن كان بعض الجمهور قد ذهب إليه (5)، عملا بالحديث المتضمّن للعن الواصلة و المستوصلة.

و لنا:ظن براءة الذّمة،و الحديث لم يثبت عندنا،و لو ثبت فقد روى الشّيخ ما يمكن حمله عليه،و هو ما رواه سعد الإسكاف[1]قال:سئل أبو جعفر عليه السّلام عن

ص:317


1- 1الام 1:54،المجموع 3:140.
2- 2) صحيح البخاريّ 7:213،سنن أبي داود 4:77،حديث 4168، [1]سنن النّسائيّ 8:145،146،مسند أحمد 2:21،339- [2]بتفاوت في الجميع.
3- 3) التّهذيب 6:359 حديث 1030،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 6:359 حديث 1031،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به،حديث 2. [4]
5- 5) المغني 1:107،فتح العزيز بهامش المجموع 4:31.

القرامل الّتي تضعها النّساء في رءوسهنّ يصلنه بشعورهنّ؟فقال:(لا بأس به على المرأة ما تزيّنت به لزوجها)قال:قلت:بلغنا انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعن الواصلة و الموصولة؟فقال:(ليس هناك،إنّما لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الواصلة الّتي تزني في شبابها،فلمّا كبرت قادت النّساء إلى الرّجال،فتلك الواصلة و الموصولة) (1).

و مع تطرّق هذا الاحتمال لا يبقى للحديث دلالة على المطلوب.

السّابع:لو شرب خمرا أو أكل ميتة ففي وجوب قيئه نظر أقربه الوجوب،

و هو أصحّ قولي الشّافعيّة (2).و قال بعضهم:لا يجب (3).

لنا:انّ شربه محرّم فاستدامته كذلك،لأنّ التّغذية موجودة،و الظّاهر انّ المنع من الشّرب و الأكل إنّما هو لذلك.

و لو أدخل دما تحت جلده فنبت عليه اللّحم،فإن أمكنه نزعه من غير مشقّة وجب و إلاّ فلا.و الشّافعيّ أطلق وجوب إخراجه و أوجب إعادة كلّ صلاة صلاّها مع ذلك الدّم (4).

الثّامن:لو كان وسطه مشدودا بطرف حبل و طرفه الآخر مشدودا في نجاسة

و صلّى لم تبطل صلاته،

لأنّه ليس بحامل للنّجاسة،و سواء كان الحبل مشدودا في كلب أو سفينة فيها نجاسة،صغيرين أو كبيرين،و سواء كان الطّرف الطّاهر من الحبل مشدودا

ص:318


1- 1التّهذيب 6:360 حديث 1032 و فيه:تصنعها النّساء،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به حديث 3. [1]
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:60،المجموع 3:139،مغني المحتاج 1:191.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:61،المجموع 3:139.
4- 4) الأم 1:54.

في المصلّى أو تحت قدميه،لا خلاف بين علمائنا فيه.و قال أصحاب الشّافعيّ:إن كان واقفا على الحبل صحّت صلاته،و إن كان حاملا له بطلت (1).و قال بعضهم:

إن كان الكلب كبيرا لا يتحرّك بحركته صحّت صلاته،و إن كان صغيرا يتحرّك لو تحرّك المصلّي بطلت،و كذا القول في السّفينة (2).و قال آخرون في السّفينة:إن كان مشدودا في موضع طاهر صحّت،و إن كان الشّدّ في موضع نجس فسدت (3).و الكلّ باطل،إذ بطلان الصّلاة يتوقّف على الشّرع،و لا شرع،إذ المبطلات مضبوطة.

التّاسع:يجوز أن يصلّي على فراش قد أصابته نجاسة إذا لم يتعدّ إليه و كان موضع

السّجود طاهرا،

و بعض أصحابنا اشترط طهارة المساجد (4)-و البحث فيه سيأتي.

و يدلّ عليه:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن أبي عمير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أصلّي على الشّاذكونة و قد أصابها الجنابة؟قال:(لا بأس) (5).

مسألة:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،

عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلح له أن يصب الماء من فيه يغسل به الشّيء يكون في ثوبه؟قال:(لا بأس) (6).و هذه الرّواية موافقة للمذهب،إذ المطلوب الإزالة،و لا فائدة في الوعاء الحاوي للمزيل.

مسألة:و لا بأس بالصّلاة في ثياب الصّبيان.

و هو قول أهل العلم (7)،لأنّ

ص:319


1- 1المجموع 3:149،مغني المحتاج 1:190،فتح العزيز بهامش المجموع 4:23.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:61،مغني المحتاج 1:190.
3- 3) المجموع 3:148.
4- 4) الكافي في الفقه:140.
5- 5) التّهذيب 2:370 حديث 1538،و ج 1:374 حديث 806،الاستبصار 1:393 حديث 1500، الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النّجاسات،حديث 4،و [1]ج 3:469 الباب 38 من أبواب مكان المصلّي،حديث 4.
6- 6) التّهذيب 1:423 حديث 1343،الوسائل 2:1079 الباب 59 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
7- 7) المغني 1:99،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:93.

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حمل أمامة بنت أبي العاص بن الرّبيع و هو في الصّلاة (1).

و كان يصلّي،فإذا سجد وثب الحسن و الحسين عليهما السّلام على ظهره (2).نعم، يكره،لعدم تحفظّهم من النّجاسات.

و كذا لا بأس بالصّلاة في ثوب الحائض،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تعرق في ثيابها، أ تصلّي فيها قبل أن تغسلها؟فقال:(نعم لا بأس) (3).

و يكره إذا لم يكن مأمونة،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسحاق بن عمّار قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة الحائض تعرق في ثوبها؟قال:(تغسله)قلت:

فإن كان دون الدّرع إزار فإنّما يصيب العرق ما دون الإزار؟قال:(لا تغسله) (4)و ليس المراد انّ العرق موجب للغسل،إذ هو طاهر،لما قدّمناه في الحديث الأوّل،و الأمر بالغسل إنّما هو مع ملاقاة النّجاسة،جمعا بين الأدلّة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار بن موسى السّاباطيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تعرق في ثوب تلبسه؟فقال:(ليس عليها شيء إلاّ أن يصيب شيء[من مائها][1]أو غير ذلك من القذر فتغسل ذلك الموضع الّذي أصابه ذلك بعينه) (5).

ص:320


1- 1صحيح البخاريّ 1:137،صحيح مسلم 1:385 حديث 543،سنن أبي داود 1:241 حديث 917،الموطّأ 1:170 حديث 81.
2- 2) سنن النّسائيّ 1:229،مسند أحمد 3:493-494 و ج 6:467. [1]
3- 3) التّهذيب 1:269 حديث 793،الاستبصار 1:186 حديث 649،الوسائل 2:1041 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 1:270 حديث 794،الاستبصار 1:186 حديث 650،الوسائل 2:1041 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 8. [3]
5- 6) التّهذيب 1:270 حديث 795،الاستبصار 1:186 حديث 651،الوسائل 2:1041 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [4]

و قد روى الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يصلّي في شعرنا أو لحفنا[1].و هذا محمول على الكراهية أيضا،لما رووه عنه عليه السّلام أنّه قال:(انّ حيضتك ليست في يدك) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سورة بن كليب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(انّ العرق ليس من الحيضة) (2).و كذا ثوب الجنب،عرق فيه أولا، و يدلّ عليه ما تقدّم.

و لعاب الصّبيان طاهر.و هو مذهب كافّة أهل العلم،لا يغسل منه الثّوب و تجوز الصّلاة فيه،روى الجمهور،عن أبي هريرة قال:رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حاملا الحسين بن علي عليهما السّلام على عاتقه و لعابه يسيل عليه.و حمل أبو بكر[2] الحسن بن علي عليهما السّلام على عاتقه و لعابه يسيل عليه (3)،و عليّ عليه السّلام إلى جانبه و لم ينكر عليه.

مسألة:و الثّوب إذا كان على كافر لم تجز الصّلاة فيه،

لأنّه نجس بملاقاته-و قد

ص:321


1- 2) صحيح مسلم 1:244 حديث 298-299،سنن أبي داود 1:68 حديث 261،سنن التّرمذيّ 1: 241 حديث 134، [1]سنن النّسائيّ 1:146،مسند أحمد 2:70 و ج 6:101- [2]بتفاوت يسير.
2- 3) التّهذيب 1:270 حديث 796،الاستبصار 1:186 حديث 652،الوسائل 2:1040 الباب 28 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
3- 5) سنن ابن ماجه 1:216 حديث 658،مسند أحمد 2:279،406،447.و [4]الحديث يتعلّق بالحسن(ع).و انظر المغني 1:99،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:93.

سلف بيان نجاسة الكفّار (1)-فينجس ما يلاقونه برطوبة.و كذا لو قصّره،أو صبغه،أو غسله،أو غسل غزله،أو سداه،أو بلّه عند العمل فإنّه لا تجوز الصّلاة فيه عندنا.

و يكره الصّلاة في ثياب شارب الخمر و غيره من المحرّمات ما لم يعلم انّه قد أصاب الثّوب شيء من النّجاسات.

البحث الثّالث:في الأواني و الجلود
مسألة:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على تحريم الأكل و الشّرب في الآنية
اشارة

المتّخذة من الذّهب و الفضّة،

إلاّ ما نقل عن داود انّه يحرم الشّرب (2)خاصّة،و عن الشّافعيّ في القديم انّ النّهي نهي تنزيه (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:(لا تشربوا في آنية الذّهب و الفضّة،و لا تأكلوا في صحافها فإنّها لهم في الدّنيا و لكم في الآخرة) (4).

و نهى عليه السّلام عن الشّرب في آنية الفضّة،قال عليه السّلام:(من شرب في آنية الفضّة في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة) (5).

و قال:(الّذي يشرب في آنية الفضّة إنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم) (6)معناه:يلقي

ص:322


1- 1تقدّمت في ص 222.
2- 2) المجموع 1:249،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 8:339،نيل الأوطار 1:81.
3- 3) المجموع 1:250،شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 8:339،عمدة القارئ 21: 60،فتح العزيز بهامش المجموع 1:301،نيل الأوطار 1:81.
4- 4) صحيح البخاريّ 7:146،صحيح مسلم 3:1637 حديث 2067-بتفاوت فيهما.
5- 5) صحيح مسلم 3:1636 حديث 2066.
6- 6) صحيح البخاريّ 7:146،صحيح مسلم 3:1634 حديث 2065،سنن ابن ماجه 2:1130 حديث 3413 و 3415،سنن الدّارميّ 2:121، [1]مسند أحمد 6:98،301،302،304،306. [2]

في جوفه نار جهنّم،يقال:جرجر فلان الماء في حلقه إذا جرعه جرعا متتابعا يسمع له صوت،و الجرجرة حكاية ذلك الصّوت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا تأكل في آنية من فضة و لا في آنية مفضّضة) (1).

و ما رواه،عن داود بن سرحان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(لا تأكل في آنية الذّهب و الفّضة) (2).

و ما رواه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام انّه نهى عن آنية الذّهب و الفضّة (3).

و ما رواه،عن ابن فضّال،عن بريد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،انّه كره الشّرب في الفضّة و في القداح المفضّضة و كذلك أن يدهن في مدهن مفضّض و المشط كذلك (4).

و ما رواه،عن موسى بن بكر،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:(آنية الذّهب و الفضّة متاع الّذين لا يوقنون) (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن آنية الذّهب و الفضّة؟فكرهها،فقلت له:قد روى بعض أصحابنا انّه كانت لأبي الحسن عليه السّلام مرآة ملبّسة فضّة،فقال:(لا و اللّه[1]إنّما

ص:323


1- 1التّهذيب 9:90 حديث 386،الوسائل 2:1085 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 9:90 حديث 384،الوسائل 2:1083 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 9:90 حديث 385،الوسائل 2:1083 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 9:90 حديث 387،الوسائل 2:1085 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [4]
5- 5) التّهذيب 9:91 حديث 389،الوسائل 2:1084 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [5]

كانت لها حلقة من فضة و هي عندي،ثمَّ قال:(انّ العبّاس[1]حين عذر عمل له قضيب ملبّس من فضّة من نحو ما يعمل للصّبيان تكون فضّة نحوا من عشرة دراهم،فأمر به أبو الحسن عليه السّلام فكسر) (1)و لأنّ إزالة الفخر و الخيلاء و كسر قلب الفقراء أمر مطلوب،و التّحريم طريق صالح،فيضاف إليه عملا بالمناسبة.

فروع:
الأوّل:هل يحرم استعمالها مطلقا في غير الأكل و الشّرب؟

قال به علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (2)،و مالك (3).و حرّم أبو حنيفة التّطيّب مع الأكل و الشّرب (4).و أباح داود ما عدا الشّرب (5).

لنا:ما تضمّنه حديث الجمهور،عنه عليه السّلام في قوله:(فإنّها لهم في الدّنيا و لكم في الآخرة) (6)و هذا يقتضي تحريم أنواع الاستعمال.

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم،فإنّ النّهي عن الآنية إنّما يتناول النّهي

ص:324


1- 2) التّهذيب 9:91 حديث 390،الوسائل 2:1083 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
2- 3) المجموع 1:248،250،مغني المحتاج 1:29،فتح العزيز بهامش المجموع 1:302،المغني 1:92.
3- 4) بلغة السّالك 1:24،25،المغني 1:92.
4- 5) بدائع الصّنائع 5:132،الهداية للمرغينانيّ 4:78،شرح فتح القدير 8:441.
5- 6) المجموع 1:249-250، [2]شرح النّووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 8:339، [3]نيل الأوطار 1: 81.
6- 7) صحيح البخاريّ 7:146،صحيح مسلم 3:1637 حديث 2067،سنن ابن ماجه 2:1130 حديث 3414،سنن أبي داود 3:337 حديث 3723،سنن التّرمذيّ 4:299 حديث 1878.

عن استعمالها،إذ النّهي عن الأعيان يتناول المعنى المطلوب منها عرفا و لرواية موسى بن بكر،و محمّد بن إسماعيل بن بزيع،و لأنّ فيه كسر قلب الفقراء و نوعا من الخيلاء،و لأنّ التّحريم استعماله في غير الطّهارة،فالتّحريم فيها من حيث انّها عبادة أولى.

احتجّ داود بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصّ على تحريم الشّرب.

و الجواب:قد بيّنّا تحريم غيره.

الثّاني:لو توضّأ من الآنية أو اغتسل صحّت طهارته.

و به قال الشّافعي (1)، و إسحاق،و ابن المنذر،و أصحاب الرّأي (2)،خلافا لبعض الحنابلة (3).

لنا:انّ فعل الطّهارة و ماءها لا يتعلّق بشيء من ذلك،و لأنّ النّزع ليس جزءا من الطهارة،بل الطّهارة تحصل بعده،فلا يكون مؤثّرا في بطلانها.

احتجّ المخالف بأنّه استعمل المحرّم في العبادة،فكان مبطلا،كالصّلاة في المكان المغصوب (4).

و الجواب:الفرق،فإنّ الكون في المكان أحد أجزاء الصّلاة،و هو منهيّ عنه، فكان مؤثّرا في البطلان،بخلاف صورة النّزاع.و لو قيل انّ الطّهارة لا تتمّ إلاّ بانتزاع الماء المنهيّ عنه فيستحيل الأمر بها لاشتمالها على المفسدة،كان وجها-و قد سلف نظيره.

الثّالث:لو جعلت مصبّا لماء الوضوء ينفصل الماء عن أعضائه إليه صحّت

طهارته،

لأنّ رفع الحدث قد حصل قبل الاستعمال،فلم يؤثّر في البطلان.و خالف فيه بعض الجمهور من حيث انّ الاستعمال المحرّم قد حصل،إلاّ انّه قد تأخّر في الوجود عن

ص:325


1- 1الام 1:10،المجموع 1:251،المغني 1:93.
2- 2) المغني 1:93.
3- 3) المغني 1:93،الكافي لابن قدامة 1:22،الإنصاف 1:81.
4- 4) المغني 1:93،الكافي لابن قدامة 1:22.

الوضوء،و في الصّورة المتقدّمة قد تقدّم،فهما متساويان معنى و إن اختلفا صورة.

(و الحق بطلانه)[1]فإنّ الفرق واقع بين التّقدّم الّذي هو شرط في الطّهارة و التّأخر المستغني عنه،على انّ المنع ثابت في الصّورة المتقدّمة-و قد مضى.

الرّابع:قال الشّيخ يحرم اتّخاذ أواني الذّهب و الفضّة .

(1)

و هو مذهب أحمد بن حنبل (2)،و أصحّ قولي الشّافعيّ (3).و حكي عنه عدم التّحريم (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله:(فإنّها لهم في الدّنيا و لكم في الآخرة)دلّ بمفهومه على تحريم الاتّخاذ مطلقا.

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم،فإنّ النّهي عن الآنية يتناول نهي اتّخاذها.و رواية موسى بن بكر تدل عليه أيضا،و لأنّ تحريم استعمالها مطلقا يستلزم تحريم اتّخاذها على هيئة الاستعمال كالطّنبور،و لأنّ فيه تعطيلا للمال،فيكون سرفا،لعدم الانتفاع به،و لأنّ التّعطيل مناسب للإتلاف المنهيّ عنه.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الخبر إنّما دلّ على تحريم الاستعمال،فلا يحرم الاتّخاذ،كما لو اتّخذ الرّجل ثياب الحرير (5).

و الجواب:إنّا قد بيّنّا استلزام تحريم الاستعمال تحريم[2]الاتّخاذ،فنحن نسلّم

ص:326


1- 2) المبسوط 1:13. [1]
2- 3) المغني 1:93،الكافي لابن قدامة 1:21،الإنصاف 1:79،منار السّبيل 1:14.
3- 4) المجموع 1:247،فتح العزيز بهامش المجموع 1:302،مغني المحتاج 1:29،السّراج الوهّاج:10.
4- 5) المجموع 1:247،فتح العزيز بهامش المجموع 1:302،مغني المحتاج 1:29،السّراج الوهّاج:10، المغني 1:93.
5- 6) المجموع 1:247،مغني المحتاج 1:29،المغني 1:93.

انّ الخبر إنّما دلّ بمنطوقه على تحريم الاستعمال،و الفرق بين الثّياب و بين صورة النّزاع ظاهر،إذ اتّخاذ الثّياب مباح للنّساء و التّجارة فلم يحرم استعماله مطلقا.

الخامس:تحريم الاستعمال مشترك بين الرّجال و النّساء لعموم الأدلّة،

و إباحة التّحلّي للنّساء بالذّهب لا يقتضي إباحة استعمالهنّ الآنية منه،إذ الحاجة و هي التّزيين ماسّة في التّحلّي،و هو مختصّ به،فتختصّ به الإباحة.

السّادس:لو اتّخذ إناء من ذهب أو فضّة،و موّهه بنحاس أو رصاص حرم

استعماله،

لوجود المنهيّ عنه.و هو أحد قولي الشّافعيّ،و في الآخر لا يحرم (1)،لأنّه لا يظهر للنّاس السّرف فيه،فلا يخشى منه فتنة الفقراء و لا إظهار التّكبّر (2).

و الجواب:السّرف موجود فيه و إن لم يظهر.

مسألة:و في المفضّض قولان:
اشارة

ففي الخلاف شرّك بينهما في الحكم (3).و قال في المبسوط:يجوز استعماله (4).و به قال أبو حنيفة (5).و قال الشّافعيّ:إن كان الذّهب أو الفضّة كثيرا حرم،و إلاّ كان مباحا (6).

و الأقرب عندي الكراهية.

لنا:على الإباحة:ما رواه الجمهور،عن أنس قال:انّ قدح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انكسر فاتّخذ مكان الشّعب سلسلة من فضّة (7).رواه البخاريّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي

ص:327


1- 1المجموع 1:259،فتح العزيز بهامش المجموع 1:303-304،مغني المحتاج 1:29-30.
2- 2) الخلاف 1:8 مسألة:15.
3- 3) الخلاف 1:8 مسألة:15.
4- 4) المبسوط 1:13.
5- 5) بدائع الصّنائع 5:132،الهداية للمرغينانيّ 4:78،المغني 1:94،المجموع 1:261.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:12،المجموع 1:258،فتح العزيز بهامش المجموع 1:305،مغني المحتاج 1: 30،السّراج الوهّاج:11،المغني 1:94.
7- 7) صحيح البخاريّ 4:101.

عبد اللّه عليه السّلام،قال:(لا بأس بأن يشرب الرّجل في القدح المفضّض و اعزل فيك عن موضع الفضّة) (1).

احتجّ الشّيخ على القول الثّاني له (2)برواية الحلبيّ،قال:(لا تأكل في آنية من فضّة،و لا في آنية مفضّضة) (3)و العطف يقتضي التّساوي في الحكم،و قد ثبت التّحريم في آنية الفضّة،فيثبت في المعطوف.و برواية بريد،عن الصّادق عليه السّلام انّه كره الشّرب في الفضّة و في القداح المفضّضة (4).و المراد بالكراهيّة في الأوّل التّحريم،فيكون في الثّاني كذلك تسوية بين المعطوف و المعطوف عليه.و لأنّه لو لا ذلك لزم استعمال اللّفظ المشترك في كلا معنييه،أو اللّفظ الواحد في معنى الحقيقة و المجاز،و ذلك باطل.

و بما رواه،عن عمرو بن أبي المقدام قال:رأيت أبا عبد اللّه الحسين عليه السّلام قد اتي بقدح من ماء فيه ضبّة من فضّة فرأيته ينزعها بأسنانه (5).

احتجّ الشّافعيّ بأنّ في المضبّب بالكثير سرفا و خيلاء،فأشبه الخالص (6).

و الجواب عن الحديث الأوّل:انّ المعطوف و المعطوف عليه قد اشتركا في مطلق النّهي،و ذلك يكفي في المساواة،و يجوز الافتراق بعد ذلك بكون أحدهما نهي تحريم و الآخر نهي كراهة.و كذا الجواب عن الرّواية الثّانية مع سلامتها عن الطّعن،و استعمال اللّفظ المشترك في كلا معنييه أو في الحقيقة و المجاز غير لازم،إذ المراد بالكراهيّة مطلق رجحان العدم،غير مقيّد بالمنع من النّقيض و عدمه،فكان من قبيل المتواطئ.

و عن الثّالثة:أنّ ما فعله أبو عبد اللّه عليه السّلام لا يدلّ على التّحريم،فلعلّه فعل

ص:328


1- 1التّهذيب 9:91 حديث 392،الوسائل 2:1086 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [1]
2- 2) الخلاف 1:8 مسألة:15.
3- 3) التّهذيب 9:90 حديث 386،الوسائل 2:1085 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 9:90 حديث 387،الوسائل 2:1085 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 9:91 حديث 388،الوسائل 2:1086 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 6. [4]
6- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 1:305، [5]المغني 1:94.

ذلك للتّنزيه.

و يؤيّده:ما رآه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الشّرب في القدح فيه ضبّة من فضّة؟فقال:(لا بأس إلاّ أن يكره (1)الفضّة فينزعها).

و عن كلام الشّافعيّ:المنع من المساواة في البابين،و من كون العلّة ما ذكره.

نعم،يجوز أن يكون علّة،أمّا التّعليل بما ذكره قطعا فلا،إذ يجوز اتّخاذ الأواني من غير الذّهب و الفضّة و استعمالها في الأكل و غيره و إن كثرت أثمانها،ثمَّ يعارضه بأنّه تابع للمباح،فكان مباحا،كالمضبّب باليسير.

فروع:
الأوّل:قال الشّيخ:يجب عزل الفم عن موضع الفضّة .و هو جيّد،

(2)

لرواية عبد اللّه بن سنان الصّحيحة:(و اعزل فيك عن موضع الفضّة) (3)و الأمر للوجوب،و لا احتجاج في رواية معاوية بن وهب (4)على الضّدّ،كما صار إليه بعض الأصحاب (5).

الثّاني:الأحاديث وردت في المفضّض و هو مشتقّ من الفضّة،

ففي دخول الآنية المضببة بالذّهب نظر،و لم أقف للأصحاب فيه على قول.و الأقوى عندي جواز اتّخاذه، عملا بالأصل،فالنّهي إنّما يتناول استعمال آنية الذّهب و الفضّة.نعم،هو مكروه،إذ لا ينزل عن درجة الفضّة.

الثّالث:لا بأس باتّخاذ الفضّة اليسيرة كالحلية للسّيف،

و القصعة،و السّلسلة

ص:329


1- 1التّهذيب 9:91 حديث 391،الوسائل 2:1086 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) المبسوط 1:13،النّهاية:589.
3- 3) التّهذيب 9:91 حديث 392،الوسائل 2:1086 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [2]
4- 4) التّهذيب 9:91 حديث 391،الوسائل 2:1086 الباب 66 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [3]
5- 5) المعتبر 1:455. [4]

الّتي يشعب بها الإناء،و أنف الذّهب،و ما يربط به أسنانه،لما رواه الجمهور في قدح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1)،و الخاصّة في مرآة موسى عليه السّلام (2).

و روى الجمهور،انّ عرفجة بن أسعد[1]أصيب أنفه يوم الكلاب،فاتّخذ آنفا من ورق،فأنتن عليه،فأمره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتّخذ آنفا من ذهب (3).

و للحاجة إلى ذلك و اتخاذ ذلك جائز مع الحاجة و بدونها،خلافا لبعض الجمهور (4).أمّا ما ليس بإناء،فالوجه الكراهية فيه،و ذلك كالصّفائح في قائم السّيف و الميل،لما فيه من النّفع،و لما رواه انس قال:كان نعل سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من فضّة و قبيعة سيفه فضّة،و ما بين ذلك حلق الفضّة (5).

و رواية محمّد بن إسماعيل لمّا أمر موسى عليه السّلام بكسر قضيب العبّاس الملبّس بالفضّة قد تحمل على الكراهية (6).

الرّابع:يجوز اتّخاذ الأواني من كلّ ما عدا الذّهب و الفضّة مرتفعا كان في الثّمن

أولا،

عملا بالأصل.و لا يكره استعمال شيء منها في قول أكثر أهل العلم (7)،إلاّ انّه قد روي عن ابن عمر انّه كره الوضوء في الصّفر،و النّحاس،و الرّصاص،و شبهه (8)،

ص:330


1- 1صحيح البخاريّ 7:147 و ج 4:101.
2- 2) التّهذيب 9:91 حديث 390،الوسائل 2:1083 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 1.
3- 4) سنن أبي داود 4:92 حديث 4232، [1]سنن التّرمذيّ 4:240 حديث 1770، [2]سنن النّسائيّ 8:164.
4- 5) المغني 1:94،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:90.
5- 6) سنن أبي داود 3:30 حديث 2583، [3]سنن الدّارميّ 2:221،سنن النّسائيّ 8:219.
6- 7) التّهذيب 9:91 حديث 390،الوسائل 2:1083 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 1.
7- 8) الام 1:10،المجموع 1:252،المغني 1:95.
8- 9) المغني 1:95.

و اختاره أبو الفرج المقدسيّ[1]لتغيّر الماء منه (1).و للشّافعيّ في الثّمن قولان:أحدهما:

التّحريم (2).و قال بعض الجمهور:يكره الشّرب في الصّفر.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن زيد قال:أتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضّأ.رواه البخاري (3).

و روى أبو داود،عن عائشة قالت:كنت أغتسل أنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في تور من شبه[2] (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن يوسف بن يعقوب[3]قال:انّ أبا عبد اللّه عليه السّلام استسقى ماء فاتي بقدح من صفر فيه ماء،فقال له بعض جلسائه:انّ عبّاد البصريّ[4]يكره الشّرب في الصّفر،فقال:(سله أذهب هو أو فضّة) (5).

ص:331


1- 2) المغني 1:95.
2- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:12،فتح العزيز بهامش المجموع 1:302،مغني المحتاج 1:30،المغني 1:95.
3- 4) صحيح البخاريّ 1:61.
4- 6) سنن أبي داود 1:24 حديث 98. [1]
5- 9) التّهذيب 9:92 حديث 393،الوسائل 2:1084 الباب 65 من أبواب النّجاسات،حديث 6- [2]بتفاوت يسير.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ تحريم اتّخاذ الأثمان بيّنة على تحريم ما هو أعلى،و لأنّ فيه سرفا و كسرا (1).

و الجواب:انّ كسر القلب لا يحصل به للفقراء،لعدم معرفتهم بالجواهر المثمّنة غالبا،و لأنّها لقلّتها لا يحصل اتّخاذ الآنية منها إلاّ نادرا،فلا تفضي إباحتها إلى اتّخاذها و استعمالها،بخلاف الأثمان الكثيرة منها،كما انّه يحرم اتّخاذ خاتم الذّهب لا الخاتم من الجواهر المثمّنة.

الخامس:لو أكل من آنية الذّهب أو الفضّة على القول بالتّحريم أو شرب يكون

قد فعل محرّما،

أمّا المأكول و المشروب فلا يكون محرّما،إذ النّهي عن الاستعمال لا يتناول المستعمل،فيكون مباحا بالأصل السّالم عن المعارض.

مسألة:إذا ولغ الكلب في الإناء نجس الماء و وجب غسله.
اشارة

و هو قول أكثر أهل العلم (2)إلاّ من شذّ (3)،و به قال في الصّحابة عليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و أبو هريرة (4).و روي ذلك عن عروة بن الزّبير (5)،و هو مذهب الشّافعيّ (6)،و أبي حنيفة، و أصحابه (7)،و أبي ثور،و أبي عبيد (8)،و أحمد (9).و ذهب الزّهري (10)،و مالك (11)،

ص:332


1- 1المغني 1:95.
2- 2) الام 1:6،المغني 1:70،المجموع 2:580، [1]المحلّى 1:109،المبسوط للسّرخسيّ 1:48،الهداية للمرغيناني 1:23،شرحة فتح القدير 1:94، [2]ميزان الكبرى 1:105،مغني المحتاج 1:83.
3- 3) المغني 1:70،المجموع 2:580، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:48،فتح الباري 1:221،المحلّى 1:113، ميزان الكبرى 1:105.
4- 4) المجموع 2:580،المحلّى 1:112،نيل الأوطار 1:42.
5- 5) المغني 1:70،المجموع 2:580، [4]المحلّى 1:112،نيل الأوطار 1:42.
6- 6) الام 1:6،المهذّب للشّيرازيّ 1:48،الام(مختصر المزني)8:8،المجموع 2:580، [5]مغني المحتاج 1: 83،فتح العزيز بهامش المجموع 1:160، [6]ميزان الكبرى 1:105،المغني 1:70.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:48،بدائع الصّنائع 1:64،الهداية للمرغينانيّ 1:23،شرح فتح القدير 1: 94،النّافع الكبير شرح الجامع الصّغير:74،المجموع 2:580، [7]المحلّى 1:113. [8]
8- 8) المغني 1:70،المجموع 2:580، [9]المحلّى 1:112،نيل الأوطار 1:42.
9- 9) المغني 1:70،المجموع 2:580، [10]المحلّى 1:112،الكافي لابن قدامة 1:17،نيل الأوطار 1:42.
10- 10) المغني 1:70.
11- 11) المدوّنة الكبرى 1:5،مقدّمات ابن رشد 1:60،المحلّى 1:113،المغني 1:70،المجموع 2:580، [11]المبسوط للسّرخسيّ 1:48،بدائع الصّنائع 1:64،عمدة القارئ 3:39،نيل الأوطار 1:43.

و داود إلى انّه طاهر يجوز التّطهير به (1)،و اختاره ابن المنذر.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرّات) (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه البقباق،عنه عليه السّلام انّه سئل عن الكلب، فقال:(رجس نجس لا يتوضّأ بفضله) (3)الحديث.

و اعلم انّ مالكا احتجّ بما رواه جابر قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الحياض بين مكّة و المدينة تردها السّباع و الكلاب؟قال:(لها ما شربت في بطونها و لنا ما أبقت شرابا و طهورا) (4).

و الجواب:انّه محمول على الماء الكثير.

إذا ثبت هذا،فاعلم أنّ الولوغ عبارة عن شرب الكلب ممّا فيه بطرف لسانه.

ذكره صاحب الصّحاح (5).و اختلف العلماء في العدد،فقال علماؤنا أجمع إلاّ ابن

ص:333


1- 1المغني 1:70.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:54،صحيح مسلم 1:234 حديث 279،سنن ابن ماجه 1:130 حديث 363-366،سنن النّسائيّ 1:52،الموطّأ 1:34 حديث 35، [1]مسند أحمد 2:245،253،271، 360،398،460،480،482- [2]مع تفاوت يسير.
3- 3) التّهذيب 1:225 حديث 646،الاستبصار 1:19 حديث 40،الوسائل 2:1015 الباب 12 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [3]
4- 4) بدائع الصّنائع 1:64،المبسوط للسّرخسيّ 1:48،سنن ابن ماجه 1:173 حديث 715-بتفاوت يسير-و فيه عن أبي سعيد الخدري.
5- 5) الصّحاح 4:1329.

الجنيد:انّه يجب غسله ثلاث مرّات إحداهنّ بالتّراب (1).و اختلف الشّيخان هنا، فقال المفيد:انّ التّراب في وسطى الثّلاث (2).و قال أبو جعفر الطّوسيّ:انّه يكون في الأول (3).و هو الحقّ عندي و به قال سلاّر (4)،و ابن البرّاج (5)،و ابن حمزة (6)،و ابن إدريس (7).و قال السّيّد المرتضى في الانتصار و الجمل:يغسل ثلاث مرّات إحداهنّ بالتّراب (8).و بمثله قال الشّيخ في الخلاف (9).و قال عليّ بن بابويه:يغسل مرّة بالتّراب و مرّتين بالماء.و بمثله قال ولده أبو جعفر في من لا يحضره الفقيه (10).و قال الشّافعيّ:يغسل سبع مرّات إحداهنّ بالتّراب (11).و هو قول ابن الجنيد (12)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد.و في الرّواية الأخرى عنه انّه يغسل ثماني مرّات،الثّامنة بالتّراب (13).و هو مذهب الحسن البصريّ (14).و قال الأوزاعيّ مثل قول السّيّد المرتضى (15).و قال أبو حنيفة:لا يجب العدد في شيء من النّجاسات،بل الواجب

ص:334


1- 1نقله عنه في المعتبر 1:458.
2- 2) المقنعة:9.
3- 3) المبسوط 1:14،النّهاية:53. [1]
4- 4) المراسم:36.
5- 5) المهذّب 1:28.
6- 6) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):670.
7- 7) السّرائر:15.
8- 8) الانتصار 9،جمل العلم و العمل:49.
9- 9) الخلاف 1:47 مسألة:130.
10- 10) الفقيه 1:8.
11- 11) الام 1:6،المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:580،مغني المحتاج 1:83،السّراج الوهّاج:23، المغني 1:74.
12- 12) نقله عنه في المعتبر 1:458. [2]
13- 13) المغني 1:74،الكافي لابن قدامة 1:112،المجموع 2:580،المحلّى 1:112.
14- 14) المغني 1:74.
15- 15) كذا نسب إليه و لكن عدّه النّووي في المجموع 1:580،و ابن حزم في المحلى 1:12.

الغسل حتّى يغلب الظّنّ زوال النّجاسة (1).و نقل عن مالك (2)و داود انّهما قالا:

يجب الغسل تعبّدا و لا يعتبر العدد،و نقل عنهما استحباب الغسل سبعا[1].

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرّات)رواه أبو هريرة (3).

و ما رواه أبو هريرة أيضا عنه عليه السّلام:(إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا) (4)وجه الاستدلال:أنّه عليه السّلام أوجب الثّلاث، و لم يجوّز الاقتصار على أقلّ منها بالأمر،و قوله:(أو خمسا أو سبعا)للتّخيير،و التّخيير يسقط وجوب الزّيادة.

لا يقال:انّه خيّر بين الثّلاث و الخمس و السّبع،و لا يجوز التّخيير بين الواجب و النّدب،فتعيّن وجوب كلّ واحد من هذه.

لأنّا نقول:هذا خلاف الإجماع،إذ لم يقل أحد بوجوب كلّ واحد من هذه الثّلاث كوجوب الآخر،فإنّ القائلين بوجوب السّبع لا يجعلون الثّلاث و الخمس واجبات و يخيّرون بينها و بين الثّلاث،لأنّهم يوجبون السّبع دون ما عداها.و ما ذكروه غير لازم،إذ الثّلاث داخلة في الخمس و في السّبع،و إنّما وقع التّخيير بين الاقتصار على الواجب و هو الثّلاث،و بين فعله مع الزّيادة.

ص:335


1- 1من القائلين بوجوب الغسل سبعا. المجموع 2:580،المغني 1:74،ميزان الكبرى 1:105.
2- 2) المجموع 2:580،بدائع الصّنائع 1:64،ميزان الكبرى 1:105،المغني 1:70،المبسوط للسّرخسّي 1:48.
3- 4) سنن الدّار قطنيّ 1:66 حديث 16،17-بتفاوت يسير.
4- 5) سنن البيهقيّ 1:240،سنن الدّار قطنيّ 1:65 حديث 13.

و من طريق الخاصّة ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي العبّاس الفضل قال:

سألته عن الكلب؟فقال:(رجس نجس لا يتوضّأ بفضله و اغسله بالتّراب أوّل مرّة،ثمَّ بالماء مرّتين)[1].

احتجّ ابن الجنيد بما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(يغسل الخمر سبعا و كذلك الكلب) (1)و في عمّار قول:

و احتجّ أحمد (2)بما رواه عبد اللّه بن المغفّل[2]انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرّات و عفّروه الثّامنة بالتّراب) (3).

و احتجّ الشّافعيّ (4)بما رواه أبو هريرة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهنّ بالتّراب) (5).

و احتجّ أبو حنيفة (6)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في الكلب يلغ في

ص:336


1- 2) التّهذيب 9:116 حديث 502،الوسائل 17:294 الباب 30 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 2- [1]بتفاوت يسير.
2- 3) المغني 1:74،المجموع 2:581.
3- 5) صحيح مسلم 1:235 حديث 280،سنن ابن ماجه 1:130 حديث 365،سنن أبي داود 1:19 حديث 74،سنن النّسائيّ 1:54،سنن الدّارميّ 1:188، [2]مسند أحمد 4:86 و ج 5:56. [3]
4- 6) الام 1:6،المجموع 2:581، [4]مغني المحتاج 1:83.
5- 7) صحيح مسلم 1:234 حديث 279،سنن التّرمذيّ 1:151 حديث 91،سنن أبي داود 1:19 حديث 71،سنن النّسائيّ 1:177،مسند أحمد 2:427. [5]
6- 8) بدائع الصّنائع 1:64،المجموع 2:580.

الإناء:(يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا) (1)و ذلك نصّ في عدم تعيين العدد،و لأنّها نجاسة،فلا يجب العدد فيها كما لو كانت على الأرض.

و الجواب عن الحديثين الأوّلين:انّ الأمر فيهما للاستحباب،لرواية أبي حنيفة،فإنّه لو كان للوجوب لنا في التّخيير،فيسقط الحديث بالكلّيّة،بخلاف ما لو علمنا بهما فإنّه أولى.

و عن احتجاج أبي حنيفة:انّا قد بيّنّا انّه حجّة لنا،و قياسه باطل،لحصول المشقّة في غسل الأرض،و لكثرة ملاقاته لها،فلم يعتبر فيها ما يعتبر في الأسهل.

فروع:
الأوّل:قال المفيد:يغسل ثلاث مرّات،

مرّتين منها بالماء،و مرّة بالتّراب تكون في أوسط الغسلات،ثمَّ يجفّف و يستعمل (2).و عندي:ليس التّجفيف شرطا في الاستعمال،إذ الماء المتخلف في المغسول طاهر و إلاّ لم يطهّره التّجفيف.

الثّاني:لو لم يوجد التّراب،

قال الشّيخ:جاز الاقتصار على الماء (3).و ذلك يعطي أحد معنيين:إمّا استعمال الماء ثلاث مرّات،أو استعمال الماء مرّتين.

و وجه الاحتمال الأوّل:انّه قد أمر بالغسل و قد فات ما يغسل به،فينتقل إلى ما هو أبلغ و هو الماء.

و وجه الثّاني:انّه قد أمر بالغسل بالتّراب و لم يوجد،فالتّعدية خروج عن المأمور به،و تنجيس الإناء دائما تكليف بالمشقّة،فوجب القول بطهارته بالغسل مرّتين، و هو قويّ.

ص:337


1- 1سنن البيهقيّ 1:240،سنن الدّار قطنيّ 1:65 حديث 13.
2- 2) المقنعة:9.
3- 3) المبسوط 1:14. [1]
الثّالث:قال:لو لم يوجد التّراب و وجد ما يشبهه،

كالأشنان و الصّابون و الجصّ و نظائرها أجزأ.و هو قول ابن الجنيد (1)،و للشّافعيّ وجهان:أحدهما:الإجزاء.

و الثّاني:عدمه (2).و كذا عند أحمد الوجهان معا (3).

أمّا الأوّل،فلأنّ هذه الأشياء أبلغ من التّراب في الإزالة،فالنّصّ لمّا يتناول الأدون،كان دالاّ بالتّنبيه على الأعلى،و لأنّه جامد أمر به في إزالة النّجاسة فالحق به ما يماثله كالحجر في الاستجمار.

و أمّا الثّاني،فلأنّ التّعبّد في هذه الطّهارة وقع بالتّراب،فلم يجز بغيره كالتّيمّم، و لأنّه غير معقول المعنى،فلا يجوز فيه القياس.و الأخير عندي أقوى،فإنّ المصلحة النّاشئة من التّعبّد باستعمال التّراب لو حصلت بالأشنان و شبهه لصح استعماله مع وجود التّراب.و تردّد أصحاب الشّافعيّ في القول الأوّل،فقال بعضهم:انّ القولين في حال عدم التّراب،فأمّا مع وجوده فلا يجوز بغيره قولا واحدا (4).و قال آخرون:انّ القولين في الأحوال كلّها،لأنّه في أحد القولين جعله كالتّيمّم،و في الآخر كالاستنجاء،و في الأصلين لا فرق بين وجود المنصوص عليه و بين عدمه (5).

الرّابع:لو خيف فساد المحل

باستعمال التّراب فهو كما لو فقد التّراب.

الخامس:لو غسله بالماء بدل التّراب مع وجوده لم يجزئه،

لأنّ التّعبّد وقع بالتّراب،فلا يكون غيره مجزيا كالماء في طهارة الحدث.و للشّافعيّ وجهان:أحدهما:

ص:338


1- 1نقله عنه في المعتبر 1:459.
2- 2) الام 1:6،المهذّب للشّيرازيّ 1:48،الام(مختصر المزني)8:8،المجموع 2:583،مغني المحتاج 1: 83.
3- 3) المغني لابن قدامة 1:75.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:48.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:48.

كما قلناه،و الثّاني:الإجزاء (1)،لأنّ الماء أبلغ من التّراب.و الجواب عنه قد تقدّم.

السّادس:قال ابن إدريس:الغسل بالتّراب غسل بمجموع الأمرين منه و من الماء

لا يفرد أحدهما عن الآخر،

إذ الغسل بالتّراب لا يسمّى غسلا،إذ حقيقته جريان المائع على الجسم المغسول،و التّراب وحده غير جار (2).و في اشتراط الماء نظر و إن كان ما قاله قويّا.

السّابع:لو تكرّر الولوغ كفت الثّلاث،

اتّحد الكلب أو تعدّد،لأنّ النّجاسة واحدة،فلا فرق بين القليل منها و الكثير،و للشّافعيّ في تكرّر الغسل مع تعدّد الكلب وجهان (3).

الثّامن:لا يغسل بالتّراب إلاّ من الولوغ خاصّة،

فلو أدخل الكلب يده أو رجله أو غيرهما كان كغيره من النّجاسات.ذكره الشّيخ في الخلاف (4)و ابن إدريس (5).و قال عليّ بن بابويه و ولده بالتّسوية بين الولوغ و الوقوع (6)(7).و قال الشّافعيّ و أحمد:لا فرق بين الولوغ و الملاقاة بكلّ واحد من أجزائه (8)(9).و قال مالك و داود:لا يجب غسل الإناء (10)[1]منه.و بناه على أصلهما من طهارة الكلب،و إنّما يغسل من ولوغه

ص:339


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:583-584. [1]
2- 2) السّرائر:15.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:584،مغني المحتاج 1:84.
4- 4) الخلاف 1:51 مسألة:142.
5- 5) السّرائر:15.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:459. [2]
7- 7) من لا يحضره الفقيه 1:8.
8- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:48،المجموع 2:586.
9- 9) المغني 1:77.
10- 10) مقدّمات ابن رشد 1:61،الشّرح الصغير بهامش بلغة السّالك 1:34،عمدة القارئ 3:39،ميزان الكبرى 1:105،سبل الإسلام 1:22.

تعبّدا (1).

لنا:انّه تكليف غير معقول المعنى،فيقف على النّصّ،و هو إنّما دلّ على الولوغ.

احتجّ المخالف بأنّ كل جزء من الحيوان يساوي بقيّة الأجزاء في الحكم (2).

و الجواب:التّساوي ممنوع و الفرق واقع،إذ في الولوغ تحصل ملاقاة الرّطوبة اللّزجة للإناء المفتقرة إلى زيادة في التّطهير.

التّاسع:المتولّد من الكلب و غيره

يعتبر في إلحاق حكمه به حصول الاسم.

العاشر:قال الشّيخ في المبسوط و الخلاف:

حكم الخنزير في الولوغ حكم الكلب (3).و هو مذهب الجمهور.و نقل ابن القاص[1]،عن الشّافعيّ في القديم:يغسل مرّة واحدة.و خطّأه سائر أصحابه،قالوا:لأنّه في القديم قال:يغسل بقول مطلق،و إنّما أراد به السّبع (4).و قال ابن إدريس:حكم الخنزير حكم غيره من النّجاسات في أنّه لا يعتبر فيه التّراب (5).و هو الحقّ.

لنا:اختصاص الحكم بالكلب،و هو غير معقول فلا يتعدّى إلى غيره.

احتجّ الشّيخ بوجهين:أحدهما:انّه يسمّى كلبا في اللّغة،فيتناوله الحكم المعلّق على الاسم.

ص:340


1- 1تقدّم بيانه في ص 335. [1]
2- 2) المغني 1:77.
3- 3) المبسوط 1:15، [2]الخلاف 1:52 مسألة:143.
4- 5) المهذّب للشّيرازيّ 21:49،المجموع 2:586.
5- 6) السّرائر:15.

الثّاني:انّ الإناء يغسل من جميع النّجاسات ثلاث مرّات،و الخنزير نجس بلا خلاف (1).

و احتجّ الجمهور بأنّه أسوأ حالا من الكلب،للإجماع على نجاسته و تحريم ميتته، فيعتبر فيه ما يعتبر في الأخفّ (2).

و الجواب عن الأوّل بالمنع من التّسمية لغة،و لو سلّم كان مجازا،و الأصل عدمه في الخبر الدّالّ على تعليق الحكم على الاسم.

و عن الثّاني بالمنع من وجوب الغسل ثلاثا،و لو سلّم فأين الدّليل على وجوب استعمال التّراب.

و عن الثّالث بالمنع من كونه أسوأ من الكلب،و لو سلّم لم يدلّ على المطلوب.و لو قيل بوجوب غسل الإناء منه سبع مرّات كان قويّا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:و سألته عن خنزير شرب في إناء كيف يصنع به؟قال:(يغسل سبع مرّات) (3)و حمله على الاستحباب ضعيف،إذ لا دليل عليه مع ثبوت انّ الأمر للوجوب.

الحادي عشر:لو وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد،

فإن كانت ذات عدد مساو للباقي كان كافيا،و إلاّ حصلت المداخلة في الباقي و اتي بالزّائد،و هكذا لو وقع فيه نجاسة قبل الغسل،إلاّ انّ التّراب لا بدّ منه للولوغ،ثمَّ إن كانت النّجاسة تفتقر إلى الغسل ثلاثا وجبت الثّلاث من غير التّراب.و بالجملة إذا تعدّدت النّجاسة،فإن تساوت في الحكم تداخلت،و إن اختلفت فالحكم لأغلظها.

الثّاني عشر:لو غسله بالتّراب،ثمَّ بالماء مرّة واحدة فولغ مرّة ثانية

وجب

ص:341


1- 1الخلاف 1:52 مسألة:143.
2- 2) الأم(مختصر المزني)8:8،المهذّب للشّيرازيّ 1:49،مغني المحتاج 1:83.
3- 3) التّهذيب 1:261 حديث 760،الوسائل 2:1017 الباب 13 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]

الاستئناف،و لا يجب الإكمال،ثمَّ الاستئناف.

الثّالث عشر:لو وقع إناء الولوغ في ماء قليل،نجس الماء

و لم يحتسب بغسلة،و لو وقع في كثير لم ينجس،و هل يحصل له غسلة أم لا؟الأقرب أنّه لا يحصل،لوجوب تقديم التّراب.هذا على قولنا،أمّا على قول المفيد (1)و الجمهور (2)،فانّ الوجه الاحتساب بغسلة.

و لو وقع في ماء جار و مرّت عليه جريات متعدّدة احتسب كلّ جرية بغسلة،خلافا للشّيخ (3)،إذ القصد غير معتبر،فجرى مجرى ما لو وضعه تحت المطر.

و لو خضخضه في الماء و حرّكه بحيث تخرج تلك الأجزاء الملاقية عن حكم الملاقاة و يلاقيه غيرها احتسب بذلك غسلة ثانية كالجريات.

و لو طرح فيه ماء لم يحتسب به غسلة حتّى يفرغ منه،سواء كان كثيرا بحيث يسع الكرّ أو لم يكن،خلافا لبعض الجمهور،فإنّه قال في الكثير:إذا وسع قلتين أو طرح فيه ماء و خضخض احتسب به غسلة ثانية (4).و الوجه:انّه لا يكون غسلة إلاّ بتفريغه منه، مراعاة للعرف.

و لو كان المغسول ممّا يفتقر إلى العصر لم يحتسب له غسلة إلاّ بعد عصره، و الأقرب عندي بعد ذلك كلّه انّ العدد إنّما يعتبر لو صبّ الماء فيه،أمّا لو وقع الإناء في ماء كثير أو ماء جار و زالت النّجاسة طهر.

الرّابع عشر:ليس حكم الماء الّذي يغسل به إناء الولوغ حكم الولوغ

في انّه متى لاقى جسما يجب غسله بالتّراب،لأنّها نجاسة،فلا يعتبر فيها حكم المحلّ الّذي انفصلت

ص:342


1- 1المقنعة:9.
2- 2) المغني 1:77،المجموع 2:587.
3- 3) المبسوط 1:14.
4- 4) المغني 1:77،المجموع 2:587.

عنه.و قال الشّافعيّ (1)،و بعض الحنابلة:يجب غسله بالتّراب و إن كان المحلّ الأوّل قد غسل بالتّراب (2).و قال بعضهم:يجب غسله من الغسلة الأولى ستّا،و من الثّانية خمسا،و من الثّالثة،أربعا و هكذا،فإنّه بكل غسلة ارتفع سبع النّجاسة عنده فإن كان قد انفصلت عن محلّ غسله بالتّراب غسل محلّها بغير تراب،و إن كانت الاولى بغير تراب غسلت هذه بالتّراب (3).و هذا كلّه ضعيف فإنّه بكل غسلة ارتفع سبع النّجاسة عنده فيلزم غسل ما أصابه مرّة واحدة.و الوجه:أنّه يساوي غيره من النّجاسات،لاختصاص النّصّ بالولوغ.

الخامس عشر:الأقرب اشتراط طهارة التّراب،

سواء أضفناه أولا،لأنّ المطلوب منه التّطهير،و هو غير مناسب بالنّجس.

السّادس عشر:لو ولغ الكلب في إناء فيه طعام جامد،

القي ما أصابه فمه و انتفع بالباقي،كما لو ماتت الفأرة في سمن جامد.

السّابع عشر:لو اجتمع ماء الغسلات كان نجسا،

على ما اخترناه (4)،و على ما قاله الشّيخ (5)،و الشّافعيّ (6)في بعض أقوالهما من اعتبار التّغيّر و الانفصال عن محلّ طاهر يحتمل ذلك أيضا،لأنّ الغسلتين انفصلتا عن محلّ نجس،و الثّالثة لا تطهّرها إلاّ أن يصير كرّا،و يحتمل الطّهارة،لأنّه ماء غير متغيّر انفصل عن محلّ طاهر،فكان طاهرا.

الثّامن عشر:لا يجب التّراب في غير نجاسة الكلب،

و هو إحدى الرّوايتين عن

ص:343


1- 1المجموع 2:585.
2- 2) المغني 1:76.
3- 3) المغني 1:76.
4- 4) تقدّمت في ج 1:145.
5- 5) الخلاف 1:50 مسألة:137.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:585.

أحمد (1)،للأصل،و لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إذا أصاب إحداكنّ الدّم من الحيضة فلتقرصه،ثمَّ لتنضحه بماء،ثمَّ لتصلّ فيه) (2).

و الثّانية:انّه يجب لوجوب السّبع،فأشبه الكلب (3).و المقدّمتان ممنوعتان.

مسألة:و هل يعتبر العدد في غير الولوغ أم لا؟
اشارة

قال الشّيخ (4):نعم:إلاّ انّه لا يعتبر التّراب،و النّظر هنا يتعلّق بأمور:

الأوّل:قال الشّيخان:يغسل الإناء من الخمر سبعا (5).و للشّيخ قول آخر انّه يغسل ثلاثا (6)،و كذا غيره من المسكرات.و الأقرب عندي عدم اعتبار العدد،بل الواجب الإنقاء.

لنا:محلّ نجس فوجب تطهيره بصيرورته إلى الحال الاولى،و ذلك إنّما يحصل بالنّقاء فيجب الإنقاء،لكنّ الغالب انّه لا يحصل إلاّ مع الثّلاث،فيجب لا باعتبار انّه مقدر.

احتجّ الشّيخ على الأوّل بما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الإناء يشرب منه النّبيذ،قال:(يغسله سبع مرّات) (7).

و على الثّاني (8)بما رواه عمّار أيضا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الإناء يشرب فيه الخمر هل يجزيه أن يصبّ فيه الماء؟قال:(لا يجزيه حتّى يدلكه بيده و يغسله

ص:344


1- 1المغني 1:76،الكافي لابن قدامة 1:116،الإنصاف 1:314.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:84،سنن أبي داود 1:99 حديث 361.
3- 3) المغني 1:76،الكافي لابن قدامة 1:116،الإنصاف 1:314.
4- 4) المبسوط 1:15،الخلاف 1:50 مسألة:138.
5- 5) المفيد في المقنعة:10،و الطّوسيّ في المبسوط 1:15،و [1]النّهاية:53. [2]
6- 6) النّهاية:592. [3]
7- 7) التّهذيب 9:116 حديث 502،الوسائل 17:294 الباب 30 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 2. [4]
8- 8) الخلاف 1:50 مسألة:138.

ثلاث مرّات) (1)و وجه الجمع بينهما:حمل الاولى على الاستحباب،و الثّانية على الإجزاء.

لا يقال:إذا كانت الثّانية دالّة على حدّ الإجزاء تعيّنت الثّلاث.

لأنّا نقول:لمّا كان الإنقاء إنّما يحصل غالبا بالثّلاث لا جرم علّق الحكم عليه، و التّعليق إذا جرى مجرى الغالب لا يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه إجماعا.و قد روى الشّيخ،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الدّنّ يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه الخلّ و ماء كامخ[1]أو زيتون؟قال:(إذا غسل فلا بأس) و عن الإبريق و غيره يكون فيه خمر أ يصلح أن يكون فيه ماء؟قال:(إذا غسل فلا بأس) (2)و لم يعتبر هنا العدد،فعلم انّ الواجب هو مطلق الغسل المشتمل على إزالة المانع.

الثّاني:يستحبّ غسل الإناء لموت الجرذ سبعا و أقلّه ثلاث مرّات،و كذا الفأرة.

و قال الشّيخ في النّهاية:يغسل لموت الفأرة سبعا (3).و جعله في المبسوط،و الجمل رواية (4).و احتجّ على ما ذكره في النّهاية بما رواه عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:(اغسل الإناء الّذي يصيب فيه الجرذ ميّتا سبع مرّات) (5)و الرّواية ضعيفة السّند،فالأولى الاستحباب عملا بالاحتياط.

الثّالث:يغسل الإناء من باقي النّجاسات مرّة واحدة وجوبا،و يستحبّ الثّلاث

ص:345


1- 1التّهذيب 9:115 حديث 501،الوسائل 17:294 الباب 30 من أبواب الأشربة المحرّمة،حديث 1. [1]
2- 3) التّهذيب 9:115 حديث 501،الرسائل 17:294 الباب 30 من أبواب الأشربة المحرّمة حديث 1. [2]
3- 4) النّهاية:5. [3]
4- 5) المبسوط 1:15، [4]الجمل و العقود:57.
5- 6) التّهذيب 1:284 حديث 832،الوسائل 2:1076 الباب 53 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [5]

للاحتياط.و قال الشّيخ في الخلاف:يغسل الإناء من سائر النّجاسات سوى الولوغ ثلاث مرّات (1).و بمثله قال في المبسوط،و جعل المرّة رواية (2)،و اختاره ابن الجنيد (3).و قال أبو حنيفة:الواجب ما يغلب على الظّنّ معه حصول الطّهارة (4).

و لأحمد قولان:أحدهما:مثل ما قلناه (5).و هو قول الشّافعيّ (6).و الثّاني:سبع مرّات أو ثمان مرّات (7).و به قال ابن عمر كالولوغ (8).

لنا:ثبت وجوب إزالة النّجاسة بالغسل و لم يثبت العدد فالأصل عدمه، و استحباب الثّلاث للاحتياط،و أيضا:روى الجمهور،عن ابن عمر قال:كانت الصّلاة خمسين،و الغسل من الجنابة سبع مرّات،و الغسل من البول سبع مرّات،فلم يزل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يسأل حتّى جعلت الصّلاة خمسا،و الغسل من البول مرّة،و الغسل من الجنابة مرّة.رواه أحمد و أبو داود (9).

و ما رواه البخاريّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا أصاب إحداكنّ الدّم من الحيضة فلتقرصه،ثمَّ لتنضحه بماء،ثمَّ لتصلّ) (10)و لم يقدّر بعدد.

و ما رواه أبو داود انّ امرأة ركبت ردف النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ناقته،فلمّا

ص:346


1- 1الخلاف 1:50 مسألة:138.
2- 2) المبسوط 1:15. [1]
3- 3) نقله عنه في المعتبر 1:461. [2]
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:37،شرح فتح القدير 1:185.
5- 5) المغني 1:75،الكافي لابن قدامة 1:116،الإنصاف 1:313.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:592،الام(مختصر المزني)8:8،مغني المحتاج 1:86، المغني 1:75.
7- 7) المغني 1:75،الكافي لابن قدامة 1:116،الإنصاف 1:313،المجموع 2:592.
8- 8) المغني 1:75.
9- 9) سنن أبي داود 1:64 حديث 247 و فيه:و غسل البول من الثّوب مرّة.مسند أحمد 2:109. [3]
10- 10) صحيح البخاريّ 1:84.

نزلت إذا على حقيبته[1]شيء من دمها،فأمرها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن تجعل في الماء ملحا،ثمَّ تغسل به الدّم (1).و لم يأمرها بعدد.

و من طريق الخاصّة:رواية عمّار في إطلاق الغسل-و قد تقدّمت-و لأنّ الأصل براءة الذّمّة.

احتجّ الشّيخ بالاحتياط،فإنّه مع الغسل ثلاث مرّات يعلم الطّهارة إجماعا منّا و من الشّافعيّ،و ما زاد عليه يحتاج إلى دليل (2).

و برواية عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الكوز و الإناء يكون قذرا كيف يغسل؟و كم مرّة يغسل؟قال:(يغسل ثلاث مرّات،يصبّ فيه الماء فيحرّك فيه،ثمَّ يفرغ[منه ذلك الماء][2]،ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر[فيحرّك فيه][3]،ثمَّ يفرغ[منه ذلك الماء،ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه،ثمَّ يفرغ منه][4] و قد طهر) (3).و قال:في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر؟قال:(يغسله ثلاث مرّات) و سئل:أ يجزيه أن يصبّ فيه الماء؟قال:(لا يجزيه حتّى يدلكه بيده،و يغسله ثلاث مرّات) (4).

ص:347


1- 2) سنن أبي داود 1:84 حديث 313.
2- 3) الخلاف 1:50 مسألة:138.
3- 7) التّهذيب 1:284 حديث 832،الوسائل 2:1076 الباب 53 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [1]
4- 8) التّهذيب 1:283 حديث 830،الوسائل 2:1074 الباب 51 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [2]

و احتجّ أحمد بالقياس على نجاسة الولوغ (1)،و بما روي،عن ابن عمر انّه قال:

أمرنا بغسل الأنجاس سبعا.فينصرف إلى أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و الجواب عن الأوّل:انّ الاحتياط لا يقتضي الإيجاب،و هو معارض ببراءة الذّمة،فكان الاستحباب أشبه.و قد توهّم بعض النّاس (3)انّ الشّيخ استدلّ هنا بالإجماع،و استبعده مع روايته للمرّة.و الشّيخ لم يستدلّ بالإجماع هنا كما ترى،بل بالاحتياط،و لا ريب فيه.

و عن الثّاني:انّ رواية عمّار لا يعوّل عليها،إذ مع كونها منافية للأصل غير سليمة عن الطّعن.

و عن الثّالث ببطلان القياس هنا،إذ القياس لا يجري في المقدّرات،لكونها غير معقولة المعنى،و القياس فرع ما يعقل المعنى،و هو معارض للنّصّ،فلا يكون مقبولا، و معارض أيضا بقياس مثله،فإنّا نقول:انّها نجاسة غير الكلب،فلا يجب فيها العدد، كنجاسة الأرض.

و ممّا يدلّ على بطلان قول أحمد خاصّة:ما رواه مسلم،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتّى يغسلها ثلاثا، فإنّه لا يدرى أين باتت يده) (4)أمر بغسلها ثلاثا ليرتفع و هم النّجاسة،و ذلك إنّما يكون بما يرفع حقيقتها.

و البخاري روى هذا الحديث أيضا (5)إلاّ قوله:(ثلاثا)،فكان الإطلاق يجزي فيه بالمرّة الواحدة،و يسوق البحث.

ص:348


1- 1المغني 1:75،الكافي لابن قدامة 1:116.
2- 2) المغني 1:75.
3- 3) المحقّق في المعتبر 1:461.
4- 4) صحيح مسلم 1:233 حديث 278.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:52.

مسألة:أواني المشركين طاهرة ما لم يعلم ملاقاتهم لها برطوبة أو ملاقاة نجاسة، عملا بالأصل،فلا يزول إلاّ مع تيقّن السّبب،سواء كانوا أهل كتاب أولا،خلافا للجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي ثعلبة،قلت:يا رسول اللّه،إنّا بأرض أهل الكتاب،أ فنأكل من آنيتهم؟فقال:(إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها،و إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها و كلوا فيها) (2)فلو كان ما يباشرونه طاهرا،لما جاز التّأخير عن وقت الحاجة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن آنية أهل الذّمّة و المجوس،فقال:(لا تأكلوا في آنيتهم و لا من طعامهم الّذي يطبخونه،و لا في آنيتهم الّتي يشربون فيها) (3)و لأنّهم أنجاس-لما سبق- فينجس ما يباشرونه.

احتجّوا بأنّه عليه السّلام توضّأ من مزادة مشركة،و توضّأ عمر من جرّة نصرانيّة (4).

و الجواب:انّه ليس في الخبرين دلالة على مباشرتهم،و لو سلّم منعنا صحّة السّند، و لو سلّم عارضناه برواية أبي ثعلبة.و أيضا فما نقلناه قول،و ما نقلوه فعل،فقولنا أولى،

ص:349


1- 1المغني 1:98، [1]المهذّب للشّيرازيّ 1:12،المبسوط للسّرخسيّ 1:47،و ج 24:27،تفسير القرطبيّ 6:78، [2]الام(مختصر المزنيّ)8:1،مغني المحتاج 1:31،المجموع 1:264.
2- 2) صحيح البخاريّ 7:111،114،117،صحيح مسلم 3:1533 حديث 1930،سنن التّرمذيّ 4:64 حديث 1464،و ص 129 حديث 1560، [3]سنن ابن ماجه 2:1069.حديث 3207،سنن الدّارميّ 2: 233، [4]مسند أحمد 4:194. [5]في الجميع:في آنيتهم.
3- 3) التّهذيب 9:88 حديث 372،الوسائل 2:1092 الباب 72 من أبواب النّجاسات، [6]حديث 2. و ج 16:475 الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 3.و فيهما:يشربون فيها الخمر.
4- 4) المغني 1:98،المهذّب للشّيرازيّ 1:12،الام(مختصر المزني)8:1،مغني المحتاج 1:31،سنن البيهقي 1:32.

و حديث عمر لا حجّة فيه،إذ يجوز أن يكون رأيا له.

فرع:لو جهل مباشرتهم لها كان استعمالها مكروها،

لاحتمال النّجاسة و لأنّ الاحتياط مطلوب في باب الطّهارة.

مسألة:و يطهر بالغسل من الخمر ما كان متّخذا من الجواهر الصّلبة الّتي لا
اشارة

تتشرّب أجزاء الخمر،

كالرّصاص،و الصّفر،و الحجر،و الخزف المطلي إجماعا،أمّا ما كان من الخشب،و الخزف غير المغضور،و القرع فالأقرب انّه مكروه.و هو اختيار الشّيخ (1).و قال ابن الجنيد:لا يطهر بالغسل (2).و هو قول أحمد (3).

لنا:انّ الواجب إزالة النّجاسة و الاستظهار بالغسل،و قد حصل،فلا يجب طلب غير المعلوم.

احتجّ ابن الجنيد (4)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الظّروف؟فقال:(نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الدّباء و المزفّت و زدتم أنتم الحنتم[يعني (5)]الغضار،و المزفّت يعني المزفّت الّذي يكون في الزّق و يصبّ في الخوابي ليكون أجود للخمر)قال:و سألته،عن الجرار الخضر، و الرّصاص؟قال:(لا بأس بها) (6)و ما رواه الشّيخ،عن أبي الرّبيع الشّامي[1]،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الظّروف الّتي يصنع فيها المسكر؟فقال:

ص:350


1- 1المبسوط 1:15.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:467. [1]
3- 3) المغني 1:79.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 1:467. [2]
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) التّهذيب 9:115 حديث 500،الوسائل 2:1075 الباب 52 من أبواب النّجاسات حديث 1. [3]

(نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الدّبّاء و المزفت و الحنتم و النّقير)قلت:و ما ذلك؟قال:(الدّباء:القرع،و المزفّت:الدّنان،و الحنتم:الجرار الرّزق،و النّقير:

خشب كان أهل الجاهليّة ينقرونها حتّى يصير لها أجواف ينبذون فيها) (1)و لأنّ الآنية تتشرّب أجزاء الخمر،فلا تطهر البتّة.

و الجواب:انّ النّهي يحتمل أن يكون نهي تنزيه،عملا بإطلاق الأمر بغسل الآنية، و قد حصل،و ما ذكره من تشرب الآنية للأجزاء فضعيف،لوصول الماء إلى ما وصلت إليه أجزاء الخمر.

فروع:
الأوّل:لا تجب إزالة الرّائحة مع زوال العين.

و ذهبت الشّافعيّة إلى الوجوب (2).

لنا:الأصل:عدم التّكليف.

احتجّوا بأنّ بقاء الرّائحة يدلّ على بقاء العين،لاستحالة انتقال الأعراض (3).

و الجواب:المنع،و العرض لم ينتقل،بل انفعل الإناء بمجاورة الملاقي.

الثّاني:لو كان في إناء بول أو ماء نجس و قلب منه و غسل الإناء طهر.

و لو قذف فيه الماء قبل قلبه لم يطهر.و هو أحد قوليّ الشّافعيّ.و في الآخر:انّه يطهر (4)،لأنّه لو كأثر الإناء بالماء لطهّره،فكذا ما فيه من النّجاسة لو كأثر لطهر.و الفرق ظاهر لانتقال[1]الماء بالنجاسة الموجودة،بخلاف الإناء النّجس،للضّرورة هنا المنتفية[2] هناك.

ص:351


1- 1التّهذيب 9:115 حديث 499،الوسائل 2:1075 الباب 52 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [1]
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:593-594،فتح العزيز بهامش المجموع 1:240-241.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:593-594،فتح العزيز بهامش المجموع 1:240-241.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:49،المجموع 2:593،بدائع الصّنائع 1:89.
الثّالث:غسل النّجاسة يختلف باختلاف محلّها،

فإن كان جسما لا يتشرّب النّجاسة كالآنية،فغسله بإمرار الماء عليه كلّ مرّة غسلة،سواء كان بفعل آدميّ أو غيره،لانتفاء اعتبار القصد،فإن وقع في ماء قليل نجّسه و لم يطهر،و إن كان كثيرا راكدا احتسب بوضعه فيه و مرور الماء على أجزائه غسلة،و إن خضخضه فيه و حرّكه بحيث تمرّ عليه أجزاء غير الّتي كانت ملاقية له،احتسب بذلك غسلة ثانية،كما لو مرّت عليه جريات من الماء الجاري.و إن كان المغسول إناء و طرح فيه الماء،لم يحتسب به غسلة حتّى يفرغه منه،لأنّه العادة في غسله،إلاّ أن يسع كرّا فصاعدا،فإنّ إدارة الماء فيه تجري مجرى الغسلات بمرور جريات من الماء غير الاولى على أجزائه.

و لو كان المغسول جسما يدخل فيه أجزاء النّجاسة لم يحتسب برفعه من الماء غسلة إلاّ بعد عصره،و لو تعذّر كالبساط الثّقيل دقّ و قلب.

مسألة:اتّفق علماؤنا على انّ جلد الميتة لا يطهر بالدّباغ
اشارة

إلاّ ابن الجنيد (1)،سواء كان طاهرا في حال الحياة أو لم يكن.و به قال عليّ عليه السّلام،و هو المشهور،عن أحمد (2)،و إحدى الرّوايتين عن مالك (3).و به قال عمر،و ابنه عبد اللّه،و عمران بن حصين،و عائشة (4).و قال الشّافعيّ:كلّ حيوان طاهر في الحياة يطهر جلده بعد الموت بالدّباغ (5).و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام (6).و هو مرويّ،عن عطاء،

ص:352


1- 1نقله عنه في المعتبر 1:463. [1]
2- 2) المغني 1:84،الكافي لابن قدامة 1:23،الإنصاف 1:86، [2]المجموع 1:217،التّفسير الكبير 5: 16، [3]المحلّى 1:121،نيل الأوطار 1:74.
3- 3) المغني 1:84،المجموع 1:217،بدائع الصّنائع 1:85،تفسير القرطبيّ 2:219، [4]نيل الأوطار 1: 74.
4- 4) المغني 1:84،المجموع 1:217، [5]نيل الأوطار 1:74.
5- 5) الام 1:9،الام(مختصر المزني)8:1،المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:217، [6]التّفسير الكبير 5: 16، [7]المغني 1:84،بداية المجتهد 1:79،بدائع الصّنائع 1:85،المحلّى 1:122،نيل الأوطار 1:74.
6- 6) المجموع 1:217،نيل الأوطار 1:74،سبل السّلام 1:31.

و الحسن،و الشّعبيّ،و النّخعيّ،و قتادة،و يحيى الأنصاريّ،و سعيد بن جبير، و الأوزاعيّ،و اللّيث،و الثّوريّ،و ابن المبارك،و إسحاق (1).و روي أيضا،عن عمر، و ابن عبّاس،و ابن مسعود،و عائشة (2).و إن اختلفوا فيما هو طاهر في الحياة،فعند الشّافعي:طهارة الحيوانات كلّها إلاّ الكلب و الخنزير،فيطهر عنده كلّ جلد إلاّ جلدهما،و في الآدميّ عنده وجهان (3).و قال أبو حنيفة:يطهر كلّ جلد بالدّباغ إلاّ الخنزير و الإنسان (4).و حكي عن أبي يوسف طهارة كلّ جلد حتّى الخنزير (5).و هو رواية عن مالك (6)،و به قال داود (7).و نقل الحنفيّة عن الشّافعيّ انّه لا يطهر بالدّباغ (8).و قال الأوزاعيّ:يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل (9).و هو مذهب أبي ثور (10)،و إسحاق (11).و نقل الشّيخ عن مالك انّه قال:يطهر الظّاهر منه دون الباطن (12).فيصلّى عليه و لا يصلّى فيه،و يستعمل في الأشياء اليابسة دون الرّطبة،و لا نعرف خلافا بين العلماء في نجاسته قبل الدّبّاغ إلاّ ما نقله الشّيخ عن

ص:353


1- 1المغني 1:84،نيل الأوطار 1:75.
2- 2) المغني 1:84.
3- 3) المجموع 1:216،فتح العزيز بهامش المجموع 1:290،المغني 1:84.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:85،الهداية للمرغينانيّ 1:20،المغني 1:84،المجموع 1:217،المحلّى 1:122، التّفسير الكبير 5:16، [1]نيل الأوطار 1:76.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:86،المجموع 1:217،المغني 1:84، [2]نيل الأوطار 1:76.
6- 6) المغني 1:84،تفسير القرطبيّ 2:219، [3]نيل الأوطار 1:75.
7- 7) المجموع 1:217،التّفسير الكبير 5:16، [4]نيل الأوطار 1:76.
8- 8) المجموع 1:217، [5]التّفسير الكبير 5:16، [6]نيل الأوطار 1:76.
9- 9) المغني 1:87،المجموع 1:217،التّفسير الكبير 5:16، [7]نيل الأوطار 1:75.
10- 10) المغني 1:87،التّفسير الكبير 5:16، [8]نيل الأوطار 1:75.
11- 11) المغني 1:87،المجموع 1:217، [9]نيل الأوطار 1:75.
12- 12) الخلاف 1:6 مسألة:9.

الزّهريّ انّه يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدّباغ و بعده (1).

لنا:قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (2)و الجلد ممّا تحلّه الحياة، فيدخل تحت المحرّم،و لم يخصّ التّحريم بشيء معيّن،فينصرف إلى الانتفاع مطلقا.

و ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن عكيم[1]انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتب إلى جهينة(انّي كنت رخّصت لكم في جلود الميتة،فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب) (3)رواه أبو داود،و أحمد و قال:إسناد جيّد (4).و في لفظ آخر:أتانا كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل وفاته بشهر أو شهرين (5).

و روى أبو بكر الشّافعيّ[2]بإسناده،عن أبي الزّبير[3]،عن جابر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(لا تنتفعوا من الميتة بشيء) (6)و إسناده حسن.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن المغيرة قال:قلت

ص:354


1- 1الخلاف 1:6 مسألة:9.
2- 2) المائدة:3. [1]
3- 4) سنن أبي داود 4:67 حديث 4127-4128، [2]مسند أحمد 4:310-311- [3]بتفاوت.
4- 5) المغني 1:84-85،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:94.
5- 6) سنن التّرمذيّ 4:222 ذيل حديث 1729، [4]مسند أحمد 4:310. [5]
6- 9) كنز العمّال 9:421 حديث 29787،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:94.

لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك،الميتة ينتفع بشيء منها؟قال:(لا) قلت:بلغنا انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بشاة ميّتة فقال:(ما كان على أهل هذه الشّاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها)؟فقال:(تلك شاة لسودة بنت زمعة[1]زوجة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها،فتركوها حتّى ماتت،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها-أي تذكّى) (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الميتة قال:(لا تصلّ في شيء منه و لا شسع) (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجلد الميّت أ يلبس في الصّلاة إذا دبغ؟فقال:(لا،و لو دبغ سبعين مرّة) (3).

و ما رواه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما في حديث انّ أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة و يزعمون انّ دباغه ذكاته) (4)أجاب به عند سؤال نزع الفراء عنه عليه السّلام وقت الصّلاة.

و عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته أدخل سوق المسلمين فأشتري منهم الفرا للتجارة،فأقول لصاحبها:أ ليس هي ذكيّة؟فيقول:

ص:355


1- 2) التّهذيب 2:204 حديث 799،الوسائل 16:452 [1] الباب 34 من أبواب الأطعمة و الأشربة حديث 1، و ج 2:1080 الباب 61 من أبواب النّجاسات،حديث 2.
2- 3) التّهذيب 2:203 حديث 793،الوسائل 3:273 الباب 14 من أبواب لباس المصلّي،حديث 6. [2]
3- 4) التّهذيب 2:203 حديث 794،الوسائل 2:1080 الباب 61 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [3]
4- 5) التّهذيب 2:203 حديث 796،الوسائل 3:338 الباب 61 من أبواب لباس المصلّي،حديث 2. [4]

بلى،فهل يصلح لي أن أبيعها على انّها ذكيّة؟فقال:(لا،و لكن لا بأس أن تبيعها و تقول:قد شرط الّذي اشتريتها منه انّها ذكيّة)قلت:و ما أفسد ذلك؟قال:

(استحلال أهل العراق للميتة،و زعموا انّ دباغ جلد الميتة ذكاته،ثمَّ لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلاّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) (1).

و ما روي،عن موسى عليه السّلام انّه كتب:(لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب) (2)و لأنّ الموت ينجس لذاته كاللّحم،فكان كجلد الخنزير.و لأنّه جزء من الميتة فلا يطهر بالدّباغ كاللّحم.و لأنّه نجس قبل الدّباغ فكذا بعده عملا بالاستصحاب.و لأنّه حرم بالموت و كان نجسا كما قبل الدّبغ.و لأنّ الموت سبب للتّنجيس بالمناسبة،لتعريضه الجثّة للنّتن و التّغيرات الّتي تحسن معها المجانبة.و لأنّه علّة للنّجاسة بالدّوران وجودا و عدما،فكان نجسا دائما لوجود السّبب.

احتجّ ابن الجنيد (3)بما رواه الشّيخ،عن الحسين بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في جلد شاة ميّتة يدبغ و يصبّ فيه اللّبن[أو الماء فأشرب][1]منه و أتوضّأ؟ قال:(نعم)[و قال:][2](يدبغ و ينتقع به و لا يصلّي فيه) (4).

و احتجّ الجمهور (5)بما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إذا دبغ

ص:356


1- 1التّهذيب 2:204 حديث 798،الوسائل 2:1081 الباب 61 من أبواب النّجاسات،حديث 4. [1]
2- 2) الكافي 6:258 حديث 6، [2]التّهذيب 9:76 حديث 323،الاستبصار 4:89 حديث 341، الوسائل 16:448 الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 7. [3]
3- 3) نقله عنه في المعتبر 1:463. [4]
4- 6) التّهذيب 9:78 حديث 332،الاستبصار 4:90 حديث 343،الوسائل 16:453 الباب 34 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 7. [5]
5- 7) المغني 1:84،المجموع 1:217،بدائع الصّنائع 1:85،بداية المجتهد 1:79.

الإهاب فقد طهر) (1)و لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وجد شاة ميّتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصّدقة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(هلاّ انتفعتم بجلدها)؟ قالوا:انّها ميتة؟قال:(إنّما حرم أكلها) (2)و لأنّه إنّما كان نجسا باتّصال الدّماء و الرّطوبات به بالموت،و الدّبغ يزيل ذلك،فيرجع الجلد إلى أصله في حال الحياة.

و الجواب عن حديث ابن الجنيد:انّه معارض بما ذكرناه،فيرجع إلى أصل النّجاسة.

و أيضا:فالانتفاع لا يستلزم الطّهارة،لأنّه لو كان طاهرا لم يكن للنّهي عن الصّلاة فيه معنى.

و عن حديثهم من وجهين:أحدهما:معارضته بحديثنا،و مع التّعارض يرجع إلى أصل النّجاسة الحاصل بالموت.و لأنّ حديثنا متأخّر إذ لفظه دالّ على سبق التّرخّص، و آخر الأحاديث أولى من السّابق.و لأنّه قد نقل،عن جماعة من الصّحابة:نجاسة الجلد بعد الدّباغ،كعائشة،و عمر،و ابنه (3).و لو كان طاهرا لما خفي عنهم،لكثرة وقوع الموت في دوابّهم و دعوى الحاجة إلى ما ينتفع منها.

و أيضا:فقوله عليه السّلام:(إذا دبغ الإهاب فقد طهر)ليس عاما فيحمل على المذكّى،و يكون الدّباغ شرطا في جواز الاستعمال كما هو مذهب بعضهم،و بهذا خرج الجواب عن الحديث الثّاني،على انّ القصّة قد رويت[1]على غير هذه الصّفة،و قد

ص:357


1- 1صحيح مسلم 1:277 حديث 366،سنن ابن ماجه 2:1193 حديث 3609،سنن أبي داود 4:66 حديث 4123، [1]سنن التّرمذيّ 4:221 حديث 1728، [2]الموطّأ 2:498 حديث 17، [3]سنن الدّارميّ 2: 85،مسند أحمد 1:219،270.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:276 حديث 363،سنن ابن ماجه 2:1193 حديث 3610،سنن أبي داود 4:65 حديث 4120، [4]الموطّأ 2:498 حديث 16، [5]سنن الدّارميّ 2:86. [6]
3- 3) المغني 1:84.

تقدّمت في حديث ابن المغيرة.

و أيضا:فالانتفاع بالجلد لا يستلزم الطّهارة،و تعليل النّجاسة باتّصال الرّطوبات باطل،و إلاّ لاختصّ التّنجيس بالباطن،و هو باطل إجماعا،و مع ذلك فهو غير مسموع من الشّافعيّ (1)و هو يحكم بنجاسة الشّعر،و الصّوف،و العظم.و لا من أبي حنيفة (2)القائل بطهارة جلد الكلب مع نجاسته عنده حيّا.

فروع:
الأوّل:في جواز الانتفاع به في اليابسات نظر أقربه عدم الجواز،

عملا بعموم النّهي الدّالّة عليه رواية ابن المغيرة.

و من طريق الجمهور:رواية عبد اللّه بن عكيم.و لأحمد روايتان:إحداهما كما قلناه،و الثّانية:الجواز (3)،لقوله عليه السّلام:(ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به) (4)و لأنّ الصّحابة لمّا فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم و أسلحتهم و ذبائحهم ميتة (5).

و لأنّه انتفاع من غير ضرر،فكان كالاصطياد بالكلب:و الأقرب ما ذكرناه أوّلا، لعموم النّصّ،و حديثهم قد بيّنّا ضعفه،و القياس لا يعارض النّص.

الثّاني:قال أبو إسحاق من الشّافعيّة:الدّباغ لا يطهر،

بل لا بدّ من الغسل بالماء، لأنّ ما لاقاه نجس به (6).و قال ابن القاص منهم:انّه طاهر (7).و هذا الفرع ساقط

ص:358


1- 1الام 1:9،المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:236،المغني 1:85.
2- 2) المغني 1:85،شرح فتح القدير 1:81-82.
3- 3) المغني 1:86،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:95،الإنصاف 1:87.
4- 4) صحيح مسلم 1:277 حديث 102 ذيل رقم 363،سنن ابن ماجه 2:1193 حديث 3610،سنن البيهقيّ 1:15،سنن النّسائي 7:172.
5- 5) المغني 1:86،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:95.
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:225-226.
7- 7) المجموع 1:225-226.

عنّا،لأنّه عندنا نجس،و إنّما يتأتّى على رأي ابن الجنيد (1).

الثّالث:قال الشّافعيّ:إنّما يطهر بالدّباغ الجلد خاصّة،

أمّا الشّعر،و الصّوف، و الوبر،و الرّيش فإنّ فيه روحا يموت مع الحيوان و ينجس بالموت (2).و عندنا:انّ هذه الأشياء لا تحلّها الحياة،و هي طاهرة من الميّت إلاّ الكلب و الخنزير.

مسألة:اتّفق علماؤنا على انّ الكلب،و الخنزير لا يقع عليهما الذّكاة،
اشارة

و جلدهما لا يطهر بالدّباغ.و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال أبو حنيفة (5)،و داود:يطهر جلد الكلب بالدّباغ (6).

لنا:انّ الدّباغ كالحياة،و الحياة لا تدفع النّجاسة عن الكلب و الخنزير،فكذا الدّباغ.

احتجّوا (7)بقوله صلّى اللّه عليه و آله:(أيّما إهاب دبغ فقد طهر) (8).

و الجواب:انّ الدّبغ إنّما يؤثّر في دفع نجاسة حادثة بالموت،فيبقى ما عداه على قضيّة العموم.على انّ هذا الحديث ورد في شاة ميمونة،فلا يتعدّاها على رأي قوم.

و أمّا الإنسان فكذلك لا يقع عليه الذّكاة،فلا يطهر جلده بالدّباغ.و حكي،عن

ص:359


1- 1نقله عنه في المعتبر 1:463. [1]
2- 2) الام(مختصر المزنيّ)8:1،المهذّب للشّيرازيّ 1:11،المجموع 1:231،المغني 1:85.
3- 3) الام 1:9،المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:215.
4- 4) المغني 1:84،الكافي لابن قدامة 1:23،الإنصاف 1:86.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:85،التّفسير الكبير 5:16، [2]الهداية للمرغينانيّ 1:20.
6- 6) المجموع 1:217، [3]التّفسير الكبير 5:16. [4]
7- 7) بدائع الصّنائع 1:85،المجموع 1:221،الهداية للمرغينانيّ 1:20،نيل الأوطار 1:76.
8- 8) صحيح مسلم 1:277 حديث 366،سنن ابن ماجه 2:1193 حديث 3609،سنن أبي داود 4:66 حديث 4123،سنن التّرمذيّ 4:221 حديث 1728، [5]الموطّأ 2:498 حديث 17،سنن الدّارميّ 2: 85، [6]مسند أحمد 1:219،270.

بعض الشّافعيّة،انّه يطهر بالدّباغ (1)،و قال بعضهم:لا يتأتّى فيه الدّباغ (2).

و أمّا الحيوان الطّاهر حال الحياة ممّا لا يؤكل لحمه كالسّباع،فإنّه يقع عليه الذّكاة،و يطهر الجلد بها.و هو قول مالك (3)،و أبي حنيفة (4).و قال الشّيخ (5)،و السّيد المرتضى:لا يطهر إلاّ بالدّباغ (6).و به قال الشّافعيّ (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (8).و في الأخرى:لا يجوز الانتفاع بجلود السّباع قبل الدّبغ و لا بعده (9).

و به قال الأوزاعيّ،و يزيد بن هارون[1]،و ابن المبارك،و إسحاق،و أبو ثور.و منع عليّ عليه السّلام من الصّلاة في جلود الثّعالب.و كرهه سعيد بن جبير،و الحكم، و مكحول،و إسحاق.و كره الانتفاع بجلود السّنانير عطاء،و طاوس،و مجاهد،و عبيدة السّلمانيّ[2].و رخّص في جلود السّباع جابر.و أباح الحسن البصريّ،و الشّعبيّ،

ص:360


1- 1المجموع 1:216،فتح العزيز بهامش المجموع 1:290.
2- 2) المجموع 1:216.
3- 3) المغني 1:88،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:101،المجموع 1:245.
4- 4) بدائع الصّنائع 1:86،الهداية للمرغينانيّ 1:21،المجموع 1:245،المغني 1:88،التّفسير الكبير 5: 18. [1]
5- 5) المبسوط 1:15. [2]
6- 6) الانتصار 2:13.
7- 7) الام 1:9،المجموع 1:245،التّفسير الكبير 5:18، [3]المغني 1:88.
8- 8) المغني 1:86،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:98،الإنصاف 1:89. [4]
9- 9) المغني 1:86.

و أصحاب الرّأي:الصّلاة في جلود الثّعالب (1)لأنّها تفدى في الإحرام،فكانت مباحة و الملازمة ممنوعة.و قال أحمد (2)،و الشّافعيّ:إذا ذبح ما لا يؤكل لحمه كان جلده نجسا (3).و وافقنا مالك (4)،و أبو حنيفة على طهارته (5).

لنا:قوله تعالى «إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ» (6).

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(دباغ الأديم ذكاته) (7)أي:كذكاته.

و في حديث آخر:(ذكاة الأديم دباغه) (8)أقام كلّ واحد منهما مقام الآخر،و لمّا كان الدّباغ مطهّرا،فكذا الذّكاة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام[عن] (9)لباس الفراء،و السّمّور،و الفنك،و الثّعالب و جميع الجلود؟فقال:(لا بأس بذلك) (10).

و ما رواه في الموثّق،عن ابن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:(الصّلاة

ص:361


1- 1المغني 1:86،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:97.
2- 2) المغني 1:88،الكافي لابن قدامة 1:25،الإنصاف 1:89.
3- 3) الام 1:9،المجموع 1:245،التّفسير الكبير 5:18، [1]المغني 1:88.
4- 4) المغني 1:88،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:101،المجموع 1:245.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:86،الهداية للمرغينانيّ 1:21،المجموع 1:245،المغني 1:88،التّفسير الكبير 5: 18. [2]
6- 6) المائدة:3. [3]
7- 7) مسند أحمد 1:372-بتفاوت يسير،سنن البيهقيّ 1:21،24.
8- 8) سنن النّسائيّ 7:173-174،مسند أحمد 3:476 و ج 5:6، [4]سنن البيهقيّ 1:21،24.
9- 9) أضفناه من المصدر.
10- 10) التّهذيب 2:211 حديث 826،الاستبصار 1:385 حديث 1560،الوسائل 3:255 الباب 5 من أبواب لباس المصلّي،حديث 1. [5]

في كلّ شيء نهي عن أكله أو حرم عليك أكله فاسدة،ذكّاه الذّبح أو لم يذكّه) (1)و هذا دالّ على كون الذّبح مطهّرا،و الحديث الأوّل عمّ جواز لبس الجلود،فلو اشترط الدّباغ لوجب التّقييد.

احتجّوا (2)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،نهى عن افتراش جلود السّباع و ركوب النّمور (3)،و ذلك عامّ في المذكّى و غيره.

و الجواب:المنع من العموم.و أيضا:فلعلّ الرّاوي توهّم ما ليس بنهي نهيا، و أيضا:فهو معارض بما قدّمناه،و أيضا:فالذّكاة تقع عليه و إلاّ لكان ميتة،و الميتة لا تطهر بالدّباغ،سواء كان مأكولا أو لم يكن.

و يكره استعماله قبل الدّباغ،عملا بالاحتياط.

فروع:
الأوّل:قد بيّنّا انّ جلد الميتة لا يطهر بالدّباغ

(4)

سواء كان مأكولا أو لم يكن و أكثر الجمهور على طهارة ما يؤكل لحمه بعد الدّباغ (5).و اختلفوا في جواز أكله حينئذ،فذهب أكثر أهل العلم إلى تحريمه (6).و قال بعض أصحاب الشّافعيّ:يحلّ

ص:362


1- 1التّهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلّي،حديث 1- [1]بتفاوت في الألفاظ.
2- 2) المغني 1:88.
3- 3) سنن أبي داود 4:67 حديث 4129،سنن التّرمذيّ 4:241 حديث 1770،سنن النّسائيّ 7:176، سنن الدّارميّ 2:85،مسند أحمد 4:95،سنن البيهقيّ 1:21.
4- 4) تقدّم في ص 352. [2]
5- 5) المجموع 1:217،المغني 1:84،المحلّى 1:118-122،نيل الأوطار 1:74-76،التّفسير الكبير 5: 16.
6- 6) المغني 1:87،المجموع 1:230،المحلّى 1:118،نيل الأوطار 1:77.

أكله (1).و اختاره في الجديد (2).

و لو كان غير مأكول،قال أكثر أهل العلم:انّه لا يؤكل (3)،لأنّ الدّباغ كالذّكاة و هي لا تحلّه.و عن بعض الشّافعيّة جوازه (4).و الحقّ:انّه لا يحلّ،لأنّه عندنا لا يطهر.و أمّا عند القائلين بالطّهارة،فلقوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» (5)و الجلد منها.

و قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(إنّما حرّم من الميتة أكلها) (6)و لأنّه جزء من الميتة،فلا تحلّ كغيره منها.

احتجّوا بقوله عليه السّلام:(دباغ الأديم ذكاته).

و الجواب:لا يلزم من الطّهارة إباحة الأكل كالخبائث غير المحرّمة.

و قالوا:الدّباغ معنى يفيد الطّهارة في الجلد،فيبيح الأكل كالذّبح (7).

قلنا:هذا قياس لا يعارض النّصّ.

الثّاني:يجوز استعمال الطّاهر في الدّباغ كالشّبّ1،

و القرظ[2]،

ص:363


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:10.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:230،فتح العزيز بهامش المجموع 2:298.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:230.
4- 4) المجموع 1:230.
5- 5) المائدة:3. [1]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:274 حديث 363،سنن أبي داود 4:65 حديث 4120،سنن النّسائيّ 7:171-172.الموطّأ 2:498 حديث 16، [2]سنن الدّارميّ 2:86،سنن البيهقيّ 1:23،مسند أحمد 1:262.
7- 7) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المغني 1:87.

و العفص (1)،و قشور الرّمّان و غيرها.

و القائلون بتوقيف الطّهارة على الدّباغ من أصحابنا و الجمهور اتّفقوا على حصول الطّهارة بهذه الأشياء.أمّا الأشياء النّجسة فلا يجوز استعمالها في الدّباغ،و هل يطهر أم لا؟و أمّا عندنا فإنّ الطّهارة حصلت بالتّذكية،فكان ملاقاة النّجس موجبة لتنجيس المحلّ و يطهر بالغسل.

و أمّا القائلون بتوقيف الطّهارة على الدّباغ،فقد ذهب بعضهم إلى عدم الطّهارة.

ذكره ابن الجنيد (2)،و بعض الجمهور (3)،لأنّها طهارة من نجاسة،فلا تحصل بالنّجس،كالاستجمار و الغسل،و ينبغي أن يكون ما يدبغ به منشفّا للرّطوبة،مزيلا للخبث.

و قد روي،عن الرّضا عليه السّلام عدم جواز الصّلاة في الجلود المدبوغة بخرء الكلاب (4).و الرّواية ضعيفة،و مع تسليمها تحمل على المنع من الصّلاة قبل الغسل.

الثّالث:لا يفتقر بعد الدّبغ إلى الغسل.

و هو قول بعض الجمهور (5)،خلافا لبعضهم (6)،و لا يحضرني الآن قول لعلمائنا في ذلك.

لنا:قوله عليه السّلام:(ذكاة الأديم دباغه).

و قوله:(أيّما إهاب دبغ فقد طهر) (7).

ص:364


1- 1العفص:تمر معروف كالبندقة يدبغ به و يتّخذ منه الحبر.مجمع البحرين 4:175. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 1:466. [2]
3- 3) المغني 1:88،المجموع 1:225،فتح العزيز بهامش المجموع 2:292.
4- 4) الكافي 3:403 حديث 25، [3]التّهذيب 2:373 حديث 1552،الوسائل 2:1091 الباب 71 من أبواب النّجاسات،حديث 1. [4]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:266،المغني 1:88.
6- 6) راجع نفس المصادر.
7- 7) صحيح مسلم 1:277 حديث 366،سنن ابن ماجه 2:1193 حديث 3609.سنن أبي داود 4:66 حديث 4123،سنن التّرمذيّ 4:221 حديث 1728، [5]الموطّأ 2:498 حديث 17،سنن الدّارميّ 2:85، [6]مسند أحمد 1:219،270. [7]

احتجّوا بأنّ ما يدبغ به نجس بملاقاة الجلد،و مع الدّباغ تبقى الآلة نجسة،فتبقى نجاسة الجلد بملاقاتها له،فافتقر إلى الغسل (1).

و الجواب:المنع من نجاسة الجلد.

الرّابع:لا يفتقر الدّبغ إلى فعل،

فلو وقع المدبوغ في مدبغة فاندبغ طهر،كالآنية الواقعة تحت المطر.

الخامس:القائلون بجواز الانتفاع بجلد الميتة بعد الدّباغ اختلفوا في جواز بيعها،

و اتّفقوا على المنع قبل الدّبغ لأنّه نجس،و اختلفوا فيما بعده.قال الشّافعيّ في القديم:لا يجوز (2).و به قال مالك (3)لثبوت التّحريم بالموت.و رخّص في الانتفاع به فيبقى ما عداه على المنع.و قال في الجديد بالجواز (4).و هو مذهب أبي حنيفة (5)،لأنّه منع من البيع لنجاسته و قد زالت بالدّباغ.

و هذا الفرع ساقط عنّا،إذ النّجاسة ثابتة في الحالين إلاّ عند ابن الجنيد منّا (6).

السّادس:إن قلنا بجواز البيع جاز الانتفاع به في كلّ ما يمكن الانتفاع به

من الإجارة و العارية و غيرهما.

هذا آخر الجزء الأوّل من كتاب منتهى المطلب فرغ من(تصنيفه مصنّفه)[1] حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ في سادس عشر شهر ربيع الآخر من سنة اثنين و ثمانين و سبعمائة من الهجرة النّبويّة،و الحمد للّه ربّ العالمين.

ص:365


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المغني 1:88،المجموع 1:226.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:228-229.
3- 3) المحلّى 1:122.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:10،المجموع 1:229.
5- 5) المجموع 1:229،المحلّى 1:122.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 1:463.

المجلد 4

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

تتمة القاعدة الأولى

الكتاب الثاني

اشارة

في الصلاة،و فيه مقدمة و مقاصد

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

و به نستعين (1)

أمّا المقدّمة،ففيها فصول:
الأوّل:الصّلاة في اللّغة هي الدّعاء،

قال اللّه تعالى وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (2).و قال تعالى وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ وَ صَلَواتِ الرَّسُولِ (3)يعني:دعاه (4).

و روي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم،و إن كان صائما فليصلّ) (5).

و قال الأعشى:

تقول بنتي و قد قربت مرتحلا يا ربّ جنّب أبي الأوصاب و الوجعا

عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضي نوما فإنّ لجنب المرء مضطجعا (6)

ص:7


1- 1«م»«غ»:و به ثقتي.
2- 2) التّوبة:103. [1]
3- 3) التّوبة:99. [2]
4- 4) تفسير التّبيان 5:286، [3]تفسير القرطبيّ 8:235. [4]
5- 5) سنن التّرمذيّ 3:150 حديث 780 [5] بدون عبارة(فإن كان مفطرا فليطعم)،سنن أبي داود 2:331 حديث 2460، [6]مسند أحمد 2:507، [7]سنن البيهقيّ 7:263.
6- 6) تفسير التّبيان 5:286، [8]المغني 1:410،لسان العرب 14:465، [9]تهذيب اللّغة 12:236. [10]

و قال:

و صلّى على دنّها و ارتسم (1)

أي دعا لها.و قيل:إنّها للمتابعة (2)،و لهذا سمّي المصلّي مصلّيا،لأنّه يتبع السّابق.

و أمّا في الشّرع،فإنّها عبارة عن الأفعال المخصوصة المقترنة بالأذكار المعيّنة.و قد تتجرّد الأفعال عن الأذكار،كصلاة الأخرس،و بالعكس،كالصّلاة بالتّسبيح.

و الأقرب انّ إطلاق اللّفظ الشّرعيّ حقيقة في الأوّل و مجاز في الأخيرين،فإذا علّق حكم على الصّلاة انصرف بإطلاقه إلى ذات الرّكوع و السّجود،صرفا للّفظ عند إطلاقه إلى الحقيقة.

الفصل الثّاني:في وجوبها.

و هي واجبة بالكتاب و السّنّة و الإجماع،قال اللّه تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ (3)و قال وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ (4)و قال أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (5)و قال اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (6)و قال حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (7)و قال إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (8)

ص:8


1- 1صدره:و قابلها الرّيح في دنّها. انظر الصّحاح 6:2402، [1]لسان العرب 14:464، [2]تهذيب اللّغة 12:237. [3]
2- 2) لسان العرب 14:467،تهذيب اللّغة 12:237. [4]
3- 3) البقرة:43،83،110.
4- 4) البيّنة:5. [5]
5- 5) الإسراء:78. [6]
6- 6) الحج:77. [7]
7- 7) البقرة:238. [8]
8- 8) النّساء:103. [9]

الآيات كثيرة.

و روي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:(بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلا اللّه و انّ محمّدا رسول اللّه،و إقام الصّلاة،و إيتاء الزّكاة، و صيام رمضان،و حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (1).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

أخبرني عمّا فرض اللّه تعالى من الصّلوات؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» (2).و لا خلاف بين المسلمين في وجوب خمس صلوات متكرّرة في اليوم و اللّيلة.

الفصل الثّالث:في بيان فضلها.

و هي من أفضل العبادات و أهمّها في نظر الشّرع،روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ما من صلاة يحضر وقتها إلاّ نادى ملك بين يدي النّاس،أيّها النّاس قوموا إلى نيرانكم الّتي أوقدتموها على ظهوركم فأطفؤوها بصلاتكم» (3).

و دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسجد،و فيه ناس من أصحابه،فقال:

تدرون ما قال ربّكم؟قالوا:اللّه و رسوله أعلم،فقال:«انّ ربّكم يقول:هذه الصّلوات الخمس المفروضات من صلاهنّ لوقتهنّ و حافظ عليهنّ لقيني يوم القيامة و له عندي عهد أدخله به الجنّة،و من لم يصلّهنّ لوقتهنّ و لم يحافظ عليهنّ فذاك إليّ إن شئت عذّبته،و إن شئت غفرت له» (4).

ص:9


1- 1صحيح البخاريّ 1:9،صحيح مسلم 1:45 حديث 22،سنن التّرمذيّ 5:5 حديث 2609. [1]
2- 2) الفقيه 1:124 حديث 600،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:133 حديث 624،الوسائل 3:88 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]
4- 4) الفقيه 1:134 حديث 625،الوسائل 3:80 الباب 1 من أبواب المواقيت،حديث 10. [4]

و قال الصّادق عليه السّلام:«أوّل ما يحاسب[به] (1)العبد الصّلاة،فإذا قبلت قبل منه سائر عمله،و إذا ردّت عليه ردّ عليه سائر عمله» (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا زالت الشّمس فتحت أبواب السّماء و أبواب الجنان و استجيب الدّعاء،فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح» (3).

و قال الرّضا عليه السّلام:«الصّلاة قربان كلّ تقيّ» (4).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما مثل الصّلاة فيكم كمثل السّريّ-و هو النّهر-على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم و اللّيلة يغتسل منه خمس مرّات،فلم يبق الدّرن على (5)الغسل خمس مرّات،و لم تبق الذّنوب على (6)الصّلاة خمس مرّات» (7).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«ليس منّي من استخفّ بصلاته،لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه،ليس منّي من شرب مسكرا،لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه» (8).

و قال الصّادق عليه السّلام:«انّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصّلاة» (9).

و روى ابن يعقوب في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم و أحبّ ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ ما هو؟فقال:«ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة،ألا ترى انّ العبد الصّالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال:

ص:10


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:134 حديث 626.
3- 3) الفقيه 1:135 حديث 633،الوسائل 3:121 الباب 12 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 1:136 حديث 637،الوسائل 3:30 الباب 12 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [2]
5- 5) في المصادر:مع.
6- 6) في المصادر:مع.
7- 7) الفقيه 1:136 حديث 640،الوسائل 3:9 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 8. [3]
8- 8) الفقيه 1:132 حديث 617،الوسائل 3:16 الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 5. [4]
9- 9) الفقيه 1:133 حديث 618،الوسائل 3:16 الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [5]

وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (1) (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يزال الشّيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصّلوات الخمس،فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه فأدخله في العظائم» (3).

و روى ابن يعقوب في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلّي فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نقر كنقر الغراب،لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» (4).

المقصد الأوّل:في مقدّمات الصّلاة،و فيه فصول:
الفصل الأوّل:في أعدادها.
اشارة

و هي واجبة و مندوبة.

و الواجبات تسع:الصّلوات الخمس اليوميّة،و صلاة الجمعة،و العيدين، و الكسوف،و الزّلزلة،و الآيات،و صلاة الطّواف الواجب،و ما يوجبه الإنسان على نفسه بنذر،أو عهد أو يمين.و ما عدا ذلك مسنون.

مسألة:و لا تجب الصّلاة إلاّ على البالغ العاقل،

في قول أهل العلم كافّة،إذ التّكليف منوط بالوصفين بلا خلاف.و هل التّمكّن من الطّهور شرط في الوجوب أم لا؟مضى البحث فيه (5).

ص:11


1- 1مريم:32. [1]
2- 2) الكافي 3:265 حديث 1، [2]الوسائل 3:25 الباب 10 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [3]
3- 3) الكافي 3:269 حديث 8، [4]الوسائل 3:18 الباب 7 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [5]
4- 4) الكافي 3:268 حديث 6، [6]الوسائل 3:20 الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [7]
5- 5) تقدّم في الجزء الثالث ص 73.

و ليس الإسلام شرطا في الوجوب عندنا و عند أكثر أهل العلم (1)،خلافا لأصحاب الرّأي (2)،و قد تقدّم البحث في ذلك حيث بيّنّا انّ الكفّار مخاطبون بالفروع (3).

مسألة:و عدد الفرائض في الحضر سبع عشرة ركعة

بلا خلاف بين أهل الإسلام:

الظّهر أربع ركعات بتشهّدين و تسليم،و العصر كذلك،و المغرب ثلاث بتشهّدين و تسليم، و العشاء كالظّهر،و الصّبح ركعتان بتشهّد و تسليم.و يسقط في السّفر من كلّ رباعيّة ركعتان.

و ما عدا ما ذكرنا من الصّلوات غير واجب.و هو قول علمائنا أجمع،و أكثر أهل العلم (4).و قال أبو حنيفة:الوتر واجب (5).و هو عنده ثلاث ركعات بتسليمة واحدة لا يزاد عليها و لا ينقص،و أوّل وقته بعد المغرب و العشاء مقدّمة،و آخره الفجر (6).

لنا:التّمسّك بالأصل،و ما رواه الجمهور،عن طلحة بن عبيد اللّه انّ أعرابيّا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه،ما ذا فرض اللّه عليّ من الصّلاة؟ قال:(خمس صلوات)فقال:هل علي غيرها؟قال:(لا،إلاّ أن تتطوّع شيئا)فقال الرّجل:و الّذي بعثك بالحقّ لا أزيد عليها و لا أنقص منها،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أفلح الرّجل إن صدق) (7).

ص:12


1- 1المغني 1:444،المجموع 3:4،مقدّمات ابن رشد 1:110.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:35.
3- 3) تقدّم في الجزء الثّاني ص 188.
4- 4) المغني 1:411،بداية المجتهد 1:89،المجموع 3:3،مقدّمات ابن رشد 1:99،الكافي لابن قدامة 1: 118،المهذّب للشّيرازيّ 1:50.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:270،الهداية للمرغينانيّ 1:65،عمدة القارئ 7:11،المجموع 4:19،بداية المجتهد 1:89،المغني 1:411،إرشاد السّاري 2:228.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:271،الهداية للمرغينانيّ 1:66،شرح فتح القدير 1:372.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:30،صحيح مسلم 1:40 حديث 11،سنن أبي داود 1:106 حديث 391،سنن النّسائيّ 1:266،الموطّأ 1:175 حديث 94. [1]

و ما رووه،عن عليّ عليه السّلام انّ الوتر ليس بحتم و لا[كصلاتكم] (1)المكتوبة،و لكنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أوتر،ثمَّ قال:(يا أهل القرآن أوتروا، فإنّ اللّه وتر يحبّ الوتر) (2).

و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(فرض اللّه على أمّتي خمسين صلاة)و ذكر الحديث إلى أن قال:فرجعت فقال:(هي خمس و هي خمسون لا يبدّل القول لديّ) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبان بن تغلب قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام بالمزدلفة،فلمّا انصرف التفت إليّ فقال:«يا أبان، الصّلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهنّ و حافظ على مواقيتهنّ لقي اللّه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنّة،و من لم يقم حدودهنّ و لم يحافظ على مواقيتهنّ لقي اللّه و لا عهد له،إن شاء عذّبه و إن شاء غفر له» (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عمّا فرض اللّه من الصّلاة؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» (5)الحديث.

و عن أبي أسامة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن الوتر،فقال:«سنّة ليس بفريضة» (6).

ص:13


1- 1في النّسخ:يصلّونكم،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:370 حديث 1169،سنن التّرمذيّ 2:316 حديث 453، [1]سنن النّسائيّ 3:228، مسند أحمد 1:148. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:98،صحيح مسلم 1:149 حديث 163،سنن ابن ماجه 1:448 حديث 1399، سنن التّرمذيّ 1:417 حديث 213،سنن النّسائي 1:221.
4- 4) التّهذيب 2:239 حديث 945،الوسائل 3:78 الباب 1 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:243 حديث 961،الوسائل 3:66 الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3 و [5]فيهما:ليست بفريضة.

و عن الحلبيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الوتر:«إنّما كتب اللّه الخمس و ليس الوتر مكتوبة،إن شئت صلّيتها و تركها قبيح» (1)و لأنّها صلاة يجوز فعلها على الرّاحلة مع القدرة،فكانت نفلا كالسّنن.و لأنّ وجوب سادسة يستلزم نسخ قوله تعالى «وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» (2)و ذلك لا يجوز بخبر الواحد.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(انّ اللّه قد زادكم صلاة و هي الوتر) (4).

و بما روي عنه عليه السّلام،انّه قال:(الوتر حقّ فمن أحبّ أن يوتر بخمس فليفعل،و من أحبّ أن يوتر بثلاث فليفعل،و من أحبّ أن يوتر بواحدة فليفعل) (5).

و الجواب:انّ الزّيادة لا تستلزم الوجوب،و قوله:(الوتر حقّ)لا يدلّ على الوجوب،إذ الحقّ نقيض الباطل،و ذلك لا يستلزم الوجوب.

و أيضا:فلو كان واجبا لما تطرّقت إليه الزيادة و لا النّقصان كغيره من الواجبات،و ما ذكره من الحديث يدلّ على الزيادة و على النّقصان،إذ مذهبه انّ الوتر ثلاث (6).و من العجب انّ أبا حنيفة لا يعمل بخبر الواحد فيما تعمّ به البلوى (7)، و أوجب الوتر على كلّ مكلّف بخبر الواحد المعارض لما ذكرناه من الأدلّة.

قال حمّاد بن زيد:قلت لأبي حنيفة:كم الصّلوات؟قال:خمس،قلت:

ص:14


1- 1التّهذيب 2:11 حديث 22،الوسائل 3:48 الباب 16 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1-و [1]فيهما: و ليست الوتر.
2- 2) البقرة:238. [2]
3- 3) بدائع الصّنائع 1:271،شرح فتح القدير 1:369،إرشاد السّاري 2:228.
4- 4) مسند أحمد 2:180،208،و ج 5:242،و [3]ج 6:7.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:376 حديث 1390،سنن أبي داود 2:62 حديث 1422، [4]سنن النّسائيّ 3:239.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:66،المجموع 4:23.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:270،شرح فتح القدير 1:372.

فالوتر؟قال:فرض،قلت:لا أدري تغلّط في الجملة أو في التّفصيل (1).

مسألة:و تنقسم النّوافل إلى راتبة و غير راتبة،

و الراتبة إلى تابعة للفرائض و إلى غير تابعة لها،فالتّابعة للفرائض ثلاث و عشرون ركعة،ركعتان قبل الفجر،و ثمان قبل الظّهر،و ثمان قبل العصر،و أربع بعد المغرب،و ركعتان من جلوس بعد العشاء تحسبان بركعة.

و قال الشّافعيّ في أحد الوجهين:إنّها إحدى عشرة ركعة:ركعتا الفجر،و أربع مع الظّهر،قبلها ركعتان،و بعدها ركعتان،و بعد المغرب ركعتان،و بعد العشاء ركعتان، و الوتر ركعة (2).و به قال أحمد (3).و في الوجه الثّاني:انّها ثلاث عشرة،و زاد ركعتين قبل الظّهر (4).و قال أبو حنيفة:ركعتان قبل الفجر،و أربع قبل الظّهر،و قبل العصر أربع في إحدى الرّوايتين (5).و في الأخرى:ركعتان،و ركعتان بعد المغرب،و أربع قبل العشاء أو بعدها،أيّهما أحبّ فعل (6).

لنا:انّها عبادة متلقّاة من الشّرع غير معقولة المعنى،بل المأخوذ فيها اتّباع ما وظّفه الشّارع،و المنقول عن أهل البيت عليهم السّلام يجب الأخذ به،لأنّهم أعرف بمظانّ الشّرع.

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن فضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«الفريضة و النّافلة إحدى و خمسون ركعة،منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة[و هو قائم،الفريضة منها سبع عشرة ركعة] (7)،و النّافلة أربع و ثلاثون ركعة» (8).

ص:15


1- 1بدائع الصّنائع 1:170،شرح فتح القدير 1:372.
2- 2) المجموع 4:7،فتح العزيز بهامش المجموع 4:210.
3- 3) الإنصاف 2:176.
4- 4) المغني 1:798.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:284،شرح فتح القدير 1:385.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:284.
7- 7) أضفناه من المصدر.
8- 8) التّهذيب 2:4 حديث 2،الاستبصار 1:218 حديث 772،الوسائل 3:32 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [1]

و في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار و الفضل بن عبد الملك و بكير،قالوا:سمعنا أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي من التّطوّع مثلي الفريضة و يصوم من التّطوّع مثلي الفريضة» (1).

و عن حنّان قال:سأل عمرو بن حريث (2)أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا جالس عن صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقال:«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ثماني (3)ركعات الزوال،و أربعا الأولى،ثماني (4)بعدها،و أربعا العصر،و ثلاثا المغرب،و أربعا بعد المغرب،و العشاء الآخرة أربعا،و ثماني (5)صلاة اللّيل،و ثلاثا الوتر،و ركعتي الفجر،و صلاة الغداة ركعتين» (6).

و عن الحارث بن المغيرة النّصريّ (7)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

ص:16


1- 1التّهذيب 2:4 حديث 3،الاستبصار 1:218 حديث 773،الوسائل 3:32 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [1]
2- 2) عمرو بن حريث:أبو أحمد الصّيرفيّ،ثقة روى عن أبي عبد اللّه،ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:يظهر لنا أنّه ليس هو الّذي ذكره الشّيخ في أصحاب أمير المؤمنين(ع)،و ذكر أنّه عدوّ اللّه ملعون. رجال النّجاشيّ:289،رجال العلاّمة:121. [2]
3- 3) «م»«غ»:ثمان.
4- 4) «ق»«غ»:ثمان.
5- 5) «غ»:ثمان.
6- 6) التّهذيب 2:4 حديث 4،الاستبصار 1:218 حديث 774،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [3]
7- 7) الحارث بن المغيرة النّصريّ:أبو علي،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر(ع)بقوله:الحرث بن المغيرة النّصريّ،و اخرى من أصحاب الصّادق(ع)قائلا:الحارث بن المغيرة النّصريّ أبو عليّ. رجال الطّوسيّ:117،179،رجال النّجاشيّ:139.

«صلاة النّهار ستّ عشرة ركعة،ثمان إذا زالت الشّمس،و ثمان بعد الظّهر،و أربع ركعات بعد المغرب،يا حارث لا تدعهنّ في سفر و لا حضر،و ركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصلّيهما و هو قاعد،و أنا أصلّيهما و أنا قائم،و كان يصلّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاث عشرة ركعة من اللّيل» (1).

احتجّ الشّافعيّ (2)بما روى ابن عمر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(رحم اللّه امرأ صلّى قبل العصر أربعا) (3).

و عن عائشة لمّا سئلت عن صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:كان يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعا،ثمَّ يخرج فيصلّي،ثمَّ يدخل فيصلّي ركعتين و كان يصلّي المغرب،ثمَّ يدخل فيصلّي ركعتين،ثمَّ يصلّي بالنّاس العشاء و يدخل بيتي فيصلّي ركعتين (4).

احتجّ أحمد (5)بما رواه ابن عمر قال:حفظت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عشر ركعات،ركعتين قبل الظّهر،و ركعتين بعدها،و ركعتين بعد المغرب في بيته،و ركعتين بعد العشاء في بيته،و ركعتين قبل الصّبح (6).و مثله روت عائشة (7).

و الجواب:انّ هذه الأحاديث متعارضة،إذ ابن عمر قد روى حديثين غير متّفقين

ص:17


1- 1التّهذيب 2:4 حديث 5،و ص 9 حديث 16،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض، حديث 9. [1]
2- 2) المجموع 4:8،فتح العزيز بهامش المجموع 4:214،مغني المحتاج 1:220،إرشاد السّاري 2:336، عمدة القارئ 7:234.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:295 حديث 430، [2]سنن أبي داود 2:23 حديث 1271، [3]مسند أحمد 2:117. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:504 حديث 730،سنن أبي داود 2:18 حديث 1251، [5]مسند أحمد 6:30، [6]بتفاوت فيها.
5- 5) المغني 1:798،الكافي لابن قدامة 1:191. [7]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:74،سنن التّرمذيّ 2:298 حديث 433، [8]مسند أحمد 2:73- [9]بتفاوت.
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:299 حديث 436. [10]

و كذا عائشة،و إذا اختلف نقل الرّاوي وجب اطّراحه خصوصا مع معارضة نقل أهل البيت عليهم السّلام و هم أعرف بذلك،مع انّ أحاديثهم لا تنافي ما قلناه،إذ ليس فيها نهي عن الزّائد،و لعلّه عليه السّلام كان يفعل البعض ظاهرا و الباقي في منزله فيخفى عن الرّاوي،و لأنّه مندوب قد يتركه في بعض الأوقات لعذر.

مسألة:و غير التّابعة للفرائض صلاة اللّيل.

و فيها فضل كثير و ثواب جزيل،روى ابن بابويه قال:نزل جبرئيل عليه السّلام على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:«يا جبرئيل عظني،قال:يا محمّد عش ما شئت فإنّك ميّت،و أحبب من شئت فإنّك مفارقه،و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه،شرف المؤمن صلاته باللّيل،و عزّه كفّ الأذى عن النّاس» (1).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«انّ من روح اللّه عزّ و جلّ ثلاثة:التّهجّد باللّيل،و إفطار الصّائم،و لقاء الإخوان» (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:«عليكم بصلاة اللّيل فإنّها سنّة نبيّكم،و دأب الصّالحين قبلكم،و مطردة الدّاء عن أجسادكم» (3).

و مدح اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام في كتابه بقيام اللّيل فقال عزّ و جل أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ (4)و آناء اللّيل:ساعاته.

ص:18


1- 1الفقيه 1:298 حديث 1363،الوسائل 5:269 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:298 حديث 1364،الوسائل 5:273 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 21. [2]
3- 3) الفقيه 1:299 حديث 1366،الوسائل 5:271 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 10. [3]
4- 4) الزّمر:9. [4]

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«انّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال:لو لا الّذين يتحابّون بجلالي،و يعمرون مساجدي،و يستغفرون بالأسحار لولاهم لأنزلت عذابي» (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه:(يا أبا ذرّ احفظ وصيّة نبيّك:من ختم له بقيام ليله،ثمَّ مات فله الجنّة) (2).

و عن الصّادق عليه السّلام:«انّ الرّجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة اللّيل، فإذا حرم صلاة اللّيل حرم الرّزق» (3).

و عنه عليه السّلام:«صلاة اللّيل تحسّن الوجه،و تحسّن الخلق،و تطيّب الرّيح، و تدرّ الرّزق،و تقضي الدّين،و تذهب بالهمّ،و تجلو البصر» (4).

و روى الشّيخ،عن النّوفليّ قال:سمعته يقول:«انّ العبد ليقوم في اللّيل فيميل به النّعاس يمينا و شمالا و قد وقع ذقنه على صدره،فيأمر اللّه تعالى أبواب السّماء فتفتح،ثمَّ يقول للملائكة:انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التّقرّب إليّ بما لم افترض عليه راجيا منّي ثلاث خصال:ذنبا أغفره له،أو توبة أجدّدها له،أو رزقا أزيده فيه،اشهدوا ملائكتي انّي قد جمعتهنّ له» (5)و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و عددها في المشهور إحدى عشرة ركعة،

ثمان منها صلاة اللّيل،و اثنتان

ص:19


1- 1الفقيه 1:300 حديث 1372،الوسائل 4:1202 الباب 27 من أبواب الذكر،حديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:300 حديث 1376،الوسائل 5:274 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 24. [2]
3- 3) التّهذيب 2:122 حديث 463،الوسائل 5:278 الباب 40 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 3. [3]
4- 4) ثواب الأعمال:86، [4]التّهذيب 2:121 حديث 461،الوسائل 5:272 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة،حديث 17. [5]
5- 5) التّهذيب 2:121 حديث 460،الوسائل 5:272 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 16. [6]

للشّفع يسلّم فيهما،ثمَّ يوتر بواحدة.ذهب إليه علماؤنا.

و ممّن قال انّ الوتر واحدة:عثمان بن عفّان (1)،و سعد بن أبي وقّاص (2)، و زيد بن ثابت (3)،و ابن عبّاس (4)،و ابن عمر (5)،و ابن الزّبير (6)،و أبو موسى (7)، و عائشة (8)،و سعيد بن المسيّب (9)،و عطاء (10)،و مالك (11)،و الأوزاعيّ (12)، و الشّافعيّ (13)،و إسحاق (14)،و أحمد (15)،و أبو ثور (16).و قال أصحاب الرأي:أنّه

ص:20


1- 1المغني 1:818،المجموع 4:23، [1]المحلّى 3:48،نيل الأوطار 3:39.
2- 2) المغني 1:818،المجموع 4:23، [2]المحلّى 3:48، [3]الموطّأ 1:125، [4]عمدة القارئ 7:4،مجمع الزّوائد 2: 242،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:818، [5]المجموع 4:23. [6]
4- 4) المغني 1:818، [7]المجموع 4:23، [8]المحلّى 3:48، [9]فتح الباري 2:386،نيل الأوطار 3:39.
5- 5) المغني 1:818، [10]المجموع 4:23، [11]المحلّى 3:48،نيل الأوطار 3:39.
6- 6) المغني 1:818، [12]نيل الأوطار 3:39.
7- 7) المغني 1:818، [13]المجموع 4:23، [14]نيل الأوطار 3:39.
8- 8) المغني 1:818،المحلّى 3:43، [15]عمدة القارئ 7:3-4،إرشاد السّاري 2:230،نيل الأوطار 3:41.
9- 9) المغني 1:819.
10- 10) المغني 1:819،نيل الأوطار 3:39.
11- 11) المدوّنة الكبرى 1:126،بداية المجتهد 1:201،سنن التّرمذيّ 2:325، [16]المغني 1:819،فتح العزيز بهامش المجموع 4:226، [17]نيل الأوطار 3:39.
12- 12) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:753،نيل الأوطار 3:39.
13- 13) الام 1:140،المجموع 4:12، [18]فتح العزيز بهامش المجموع 4:229، [19]إرشاد السّاري 2:228،المغني 1: 819،بداية المجتهد 1:200،عمدة القارئ 7:3، [20]سنن التّرمذيّ 2:325،نيل الأوطار 3:39.
14- 14) سنن التّرمذيّ 2:325، [21]المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:24، [22]نيل الأوطار 3:39.
15- 15) المغني 1:818،سنن التّرمذيّ 2:325، [23]الكافي لابن قدامة 1:194،الإنصاف 2:167، [24]منار السّبيل 1:106،إرشاد السّاري 2:228.
16- 16) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:24، [25]نيل الأوطار 3:39.

ثلاث ركعات (1).أضافوا إليه ركعتي الشّفع فسلّم في الثّلاث واحدة.و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و أبيّ (2)،و أنس (3)،و ابن مسعود (4)،و ابن عبّاس (5).و قال الثّوريّ:الوتر ثلاث و خمس و سبع و تسع و إحدى عشرة (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،و ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الوتر ركعة من آخر اللّيل) (7).

و عن عائشة،كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة (8).

و عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله-فيما رواه مسلم-:(صلاة اللّيل مثنى مثنى،فإذا خشيت الصّبح فأوتر بواحدة) (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما جرت به السّنّة في الصّلاة؟فقال:«ثمان ركعات بعد الزّوال»

ص:21


1- 1بدائع الصّنائع 1:271،الهداية شرح البداية 1:66،شرح فتح القدير 1:372،المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:22، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:225، [2]بداية المجتهد 1: 200.
2- 2) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4.
4- 4) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4،نيل الأوطار 3:39.
5- 5) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4.
6- 6) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،سنن التّرمذيّ 2:32. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:518 حديث 752-754،سنن ابن ماجه 1:371 حديث 1175،سنن أبي داود 2: 62 حديث 2:62 حديث 1421، [4]سنن النّسائيّ 3:223،مسند أحمد 2:43،52. [5]
8- 8) صحيح البخاريّ 2:31،صحيح مسلم 1:508 حديث 736-737،سنن ابن ماجه 1:432 حديث 1358،سنن التّرمذيّ 2:303 حديث 440، [6]سنن النّسائيّ 2:243،الموطّأ 1:120 حديث 8، [7]سنن الدّارميّ 1:337،344. [8]
9- 9) صحيح مسلم 1:516 حديث 750.

إلى قوله:«و ثلاث عشرة ركعة من آخر اللّيل،منها واحدة الوتر،و ركعتا الفجر» (1).

و ما رواه ابن يعقوب في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى العشاء الآخرة أمر بوضوئه و سواكه فوضع عند رأسه مخمّرا فيرقد ما شاء اللّه،ثمَّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات،ثمَّ يرقد،ثمَّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات،ثمَّ يرقد حتّى إذا كان في وجه الصّبح قام فأوتر،ثمَّ صلّى الرّكعتين» (2)الحديث.

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«و في السّحر ثمان ركعات[،ثمَّ يوتر،] (3)و الوتر ثلاث ركعات مفصولة» (4).

و سأل سعد بن سعد الأشعريّ (5)الرّضا عليه السّلام.الوتر فصل أو وصل؟قال:

«فصل» (6).و النّوافل غير الرّواتب تأتي في أماكنها إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يسقط في السّفر من النّوافل الرّاتبة:نافلتا الظّهر و العصر،و الركعتان

من جلوس

.و هو مذهب علمائنا.لأنّ وجوب القصر في الفرض يدلّ ظاهرا على السّقوط في النّافلة.و لما رواه الشّيخ عن أبي يحيى الحنّاط قال:سألت أبا عبد اللّه عليه

ص:22


1- 1التّهذيب 2:7 حديث 12،الوسائل 3:43 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3-و [1]فيهما: ثمان ركعات الزّوال.
2- 2) الكافي 3:445 حديث 13، [2]الوسائل 3:196 الباب 53 من أبواب المواقيت،حديث 2. [3]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 2:6 حديث 11،الاستبصار 1:219 حديث 777،الوسائل 3:42 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [4]
5- 5) سعد بن سعد بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعريّ القميّ،روى عن الرّضا و الجواد(ع).قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع)و وثّقه. رجال النّجاشي:179،رجال الطّوسيّ:378.
6- 6) التّهذيب 2:128 حديث 492،الاستبصار 1:348 حديث 1314،الوسائل 3:47 الباب 15 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 12. [5]

السّلام عن صلاة النّافلة بالنّهار في السّفر؟فقال:«يا بنيّ لو صلحت النّافلة في السّفر تمّت الفريضة» (1).

و عن صفوان بن يحيى قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن التّطوّع بالنّهار و أنا في سفر؟فقال (2):«لا».

أمّا صلاة العشاء،فإنّا نسقط نافلتها،فلا ينتقض ما ذكرناه بها،و الأربع السّابقة عليها نافلة المغرب و هي لا تقصّر،فكذا نافلتها.

و في الصّحيح،عن سيف التّمّار (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«إنّما فرض اللّه على المسافر ركعتين لا قبلهما و لا بعدهما شيء إلاّ صلاة اللّيل على بعيرك حيث توجّه بك» (4)و هذه الرّواية تدلّ على صلاة اللّيل خاصّة.

و أمّا نافلة المغرب،فيدلّ عليها ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحارث بن المغيرة قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا تدع أربع ركعات بعد المغرب في السّفر و لا في الحضر،و كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة باللّيل في سفر و لا حضر» (5).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«صلّ صلاة اللّيل و الوتر و الركعتين في المحمل» (6).

ص:23


1- 1التّهذيب 2:16 حديث 44،الاستبصار 1:221 حديث 780،الوسائل 3:60 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 2:16 حديث 45،الاستبصار 1:221 حديث 781،الوسائل 3:60 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 5. [2]
3- 3) سيف بن سليمان التّمّار،كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق (ع)و عنونه في الفهرست ب:سيف التّمّار.وثّقه المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:189،رجال الطّوسيّ:215،الفهرست:78، [3]رجال العلاّمة:82. [4]
4- 4) التّهذيب 2:16 حديث 43،الوسائل 3:62 الباب 22 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [5]
5- 5) التّهذيب 2:15 حديث 39،الوسائل 3:65 الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 9. [6]
6- 6) التّهذيب 2:15 حديث 42،الوسائل 3:66 الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [7]

و أمّا ركعتا الفجر،فيدلّ عليها مع ما مضى ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«صلّ ركعتي الفجر في المحمل» (1).

فرع:

قال الشّيخ في بعض كتبه:و يجوز أن يصلّي الرّكعتين من جلوس بعد العشاء في السّفر (2).و عوّل في ذلك على رواية الفضل بن شاذان،عن الرّضا عليه السّلام:«إنّما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها،لأنّ الرّكعتين ليستا من الخمسين،و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا،ليتمّ بهما بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتين من التّطوّع» (3).و الأولى السّقوط،لما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصّلاة في السّفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء إلاّ المغرب،فإنّ بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في حضر و لا سفر» (4).

مسألة:ركعتا الفجر أفضل من الوتر.

و هو أحد قولي الشّافعيّ و عكس في الآخر (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:(صلّوهما و لو طردتكم الخيل) (6).

و عن عائشة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن على شيء من النّوافل أشدّ معاهدة منه على ركعتين قبل الصّبح (7).

ص:24


1- 1التّهذيب 2:15 حديث 38،الوسائل 3:76 الباب 33 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [1]
2- 2) النّهاية:57. [2]
3- 3) الفقيه 1:290 حديث 1320،الوسائل 3:70 الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 2:14 حديث 36،الوسائل 3:61 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 7. [4]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المجموع 4:26،فتح العزيز بهامش المجموع 4:261،نيل الأوطار 3:23.
6- 6) سنن أبي داود 2:20 حديث 1258، [5]مسند أحمد 2:405- [6]بتفاوت في اللّفظ،سنن البيهقيّ 2:471.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:71،صحيح مسلم 1:501 حديث 723،سنن أبي داود 2:19 حديث 1254، [7]سنن البيهقي 2:470.

و من طريق الخاصّة:ما روي،عن عليّ عليه السّلام في قوله إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (1)قال:«ركعتا الفجر يشهدهما ملائكة اللّيل و النّهار» (2).

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الوتر قيل بوجوبه (3)،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله توعّد عليه فقال:(من لم يوتر فليس منّا) (4).

و الجواب:انّ القول بوجوبه خطأ عندنا و عنده،فلا يجوز أن يكون حجّة،و التّوعّد منصرف إلى من لم يعتقد استحبابه.

قال ابن بابويه:ثمَّ يتلوهما في الفضل ركعة الوتر (5).و ذلك لما روي،عن الصّادق عليه السّلام:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر» (6)قال:و بعدها ركعتا الزوال،و بعدهما نوافل المغرب،و بعدها تمام صلاة اللّيل،و بعدها تمام نوافل النّهار (7).

مسألة:سجود الشّكر في المغرب ينبغي أن يكون بعد نافلتها،

لما رواه الشّيخ،عن حفص الجوهريّ (8)قال:صلّى بنا أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشّكر بعد السّابعة،فقلت له:كان آباؤك يسجدون بعد الثّلاثة،

ص:25


1- 1الإسراء:78. [1]
2- 2) تفسير العيّاشيّ 2:309 حديث 139.و [2]فيه:عن الحلبي عن أحدهما.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:84،فتح العزيز بهامش المجموع 4:261.
4- 4) سنن أبي داود 2:62 حديث 1419، [3]مسند أحمد 2:443 و ج 5:357.
5- 5) الفقيه 1:314.
6- 6) التّهذيب 2:341 حديث 1412،الوسائل 3:70 الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [4]
7- 7) الفقيه 1:314.
8- 8) أبو عبد اللّه حفص الجوهريّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الجواد(ع). رجال الطّوسيّ:400.

فقال:«ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السّبعة» (1).

و قد روى جواز التّعفير في سجدة الشّكر بعد المغرب جهيم بن أبي جهمة (2)،قال رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و قد سجد بعد الثّلاث ركعات من المغرب،فقلت له:جعلت فداك،رأيتك سجدت بعد الثّلاث؟فقال:«و رأيتني؟» فقلت:نعم،قال:«فلا تدعها،فإنّ الدّعاء فيها مستجاب» (3).

و يكره الكلام بين المغرب و نوافلها،لما رواه أبو الفوارس (4)قال:نهاني أبو عبد اللّه عليه السّلام أن أتكلّم بين الأربع الّتي بعد المغرب (5).

مسألة:الأفضل في النّوافل أن يصلّي كلّ ركعتين بتشهّد واحد و تسليم بعده،

ليلا كان أو نهارا،إلاّ في الوتر و صلاة الأعرابيّ.و به قال الشّافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة:يجوز أن يتطوّع ليلا بركعتين و بأربع و بستّ و بثمان،و يتشهّد في

ص:26


1- 1التّهذيب 2:114 حديث 426،الاستبصار 1:347 حديث 1308،الوسائل 4:1058 الباب 31 من أبواب التّعقيب،حديث 1. [1]
2- 2) جهيم بن أبي جهمة،و يقال له:ابن أبي جهمة-كما عن الصّدوق في مشيخة الفقيه،و النّجاشيّ في رجاله -و في كثير من الأخبار جهم بن أبي جهم،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)،روى عنه سعدان بن مسلم و ابن محبوب. الفقيه 4:شرح المشيخة:54،رجال النّجاشيّ:131،رجال الطّوسيّ:345.
3- 3) التّهذيب 2:114 حديث 427،الاستبصار 1:347 حديث 1309،الوسائل 4:1058 الباب 31 من أبواب التّعقيب،حديث 2. [2]
4- 4) أبو الفوارس،روى حجّاج الخشّاب عنه عن أبي عبد اللّه(ع).قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله،و ليس له ذكر في كتب أصحابنا الرّجاليّة. تنقيح المقال 3:31 [3] من فصل الكنى.
5- 5) الكافي 3:443 حديث 7، [4]التّهذيب 2:114 حديث 425،الوسائل 4:1057 الباب 30 من أبواب التّعقيب،حديث 1. [5]
6- 6) المجموع 4:56،إرشاد السّاري 2:228،مغني المحتاج 1:228،بداية المجتهد 1:207،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،عمدة القارئ 7:3،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1:391.

الآخر من ذلك و يسلّم مرّة واحدة،أمّا في النّهار،فإنّه يجوز أن يتطوّع بركعتين و بأربع خاصّة (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(مفتاح الصّلاة الطّهور و بين كلّ ركعتين تسليمة) (2).

و عن ابن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(صلاة اللّيل و النّهار مثنى مثنى) (3)رواه البارقي (4).و لأنّه عليه السّلام هكذا فعل.روت عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة إلى أن ينصدع الصّبح إحدى عشرة ركعة يسلّم في كلّ ثنتين و يوتر بواحدة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه سئل الصّادق عليه السّلام لم صارت المغرب ثلاث ركعات و أربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر و لا سفر؟فقال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ صلاة ركعتين» (6)الحديث.

فروع:
الأوّل:لو تطوّع بثلاث من غير أن يفصل بينهنّ بتسليم أو ما زاد على ذلك

،قال في

ص:27


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:158،بدائع الصّنائع 1:295،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1: 389،المجموع 4:56،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،المغني 1:796،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:804.
2- 2) المغني 1:796.
3- 3) سنن أبي داود 2:29 حديث 1295، [1]سنن التّرمذيّ 2:491 حديث 597، [2]مسند أحمد 2:26. [3]
4- 4) علي بن عبد اللّه الأزديّ:أبو عبد اللّه بن الوليد البارقيّ.و بارق:جبل كان ينزله الأزد،فنسب إليه. روى عن ابن عمر و ابن عبّاس و روى عنه مجاهد و يعلى بن عطاء العامريّ و قتادة و غيرهم. تهذيب التّهذيب 7:358، [4]ميزان الاعتدال 3:142،رجال صحيح مسلم 2:58.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:432 حديث 1358،سنن أبي داود 2:39 حديث 1336، [5]سنن النّسائيّ 2:30، مسند أحمد 6:143، [6]سنن البيهقيّ 3:7.
6- 6) الفقيه 1:289 حديث 1319،الوسائل 3:64 الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [7]

المبسوط:لا يجوز (1)،و قال في الخلاف:يكون قد خالف السّنّة (2).

و قال أبو حنيفة:يكره ما زاد على الأربع (3).

و قال الشّافعيّ:يجوز ما أراد،لكن لا يزيد في التّشهّد على تشهّدين،و يكون بين التّشهّدين ركعتان،حتّى لو أراد أن يصلّي ثمان ركعات و يتشهّد بعد الرّابعة و الثّامنة لم يجز،بل إمّا بتشهّد واحد في الأخير،أو بتشهّد عقيب السّادسة و الثّامنة،و لو صلّى عشرا بتشهّدين،تشهّد الأوّل بعد الثّامنة،و الآخر بعد العاشرة و سلّم و هكذا (4).

لنا:انّها عبادة شرعيّة متلقّاة عن الشّرع،و الّذي ثبت فعله من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه كان يصلّي مثنى مثنى (5)،فيجب اتّباعه فيه.

الثّاني:هل يجوز أن يقتصر على الواحدة فيما عدا الوتر؟

قال في الخلاف بعدمه (6).و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين (7)،و به قال أبو حنيفة (8).و في الأخرى:

يجوز (9).و به قال الشّافعيّ (10).

ص:28


1- 1المبسوط 1:71.
2- 2) الخلاف 1:200 مسألة:267.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:295،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1:389،المجموع 4:56،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،فتح الباري 3:38.
4- 4) المجموع 4:50،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:31،صحيح مسلم 1:519 حديث 157،سنن ابن ماجه 1:371 حديث 1174 و ص 372 حديث 1177،سنن التّرمذيّ 2:325 حديث 461، [1]الموطّأ 1:121 حديث 11 و 122 حديث 12 و 123 حديث 13،مسند أحمد 2:31،45. [2]
6- 6) الخلاف 1:200 مسألة 267.
7- 7) المغني 1:797،الإنصاف 2:192. [3]
8- 8) بدائع الصّنائع 1:293،عمدة القارئ 7:4،المجموع 4:56.
9- 9) المغني 1:797،الإنصاف 2:192، [4]منار السّبيل 1:112.
10- 10) المهذّب للشّيرازيّ 1:85،المجموع 4:50،فتح العزيز بهامش المجموع 4:270،مغني المحتاج 1:227، السّراج الوهّاج:65.

لنا:انّ التّقدير الشّرعيّ ورد بالاثنين (1)،فمن نقص يكون مخالفا.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن البتيراء (2).بمعنى الرّكعة الواحدة.

احتجّ أحمد بأنّ عمر صلّى ركعة،ثمَّ خرج من المسجد فقيل له:إنّما صلّيت ركعة، فقال:هو تطوّع فمن شاء زاد و من شاء نقص (3).

و الجواب:انّه قال عن رأي،فلا يكون حجّة.

الثّالث:لو جوّزنا الزّيادة على اثنين فقام إلى الثّالثة سهوا قعد

،كما في الفرائض، و إن تعمّد فإن قصد أن يفعل ثلاثا صحّ،كالمسافر إذا نوى التّقصير في إحدى الأربعة، ثمَّ نوى الإتمام في الأثناء،و إن لم يقصد صلاة ثلاث أو ما زاد بطلت صلاته،كما لو زاد في الفريضة.

مسألة:صلاة الضّحى بدعة عند علمائنا.

خلافا للجمهور،فإنّهم قد أطبقوا على استحبابها (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:ما رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الضّحى قطّ (5).

و سألها عبد اللّه بن شقيق (6)قال:قلت لعائشة:أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:29


1- 1الوسائل 3:31 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،و ص 45 الباب 15.
2- 2) عمدة القارئ 7:4،لسان الميزان 4:152،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:797.
4- 4) المغني 1:802،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:811،المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المجموع 4:36،عمدة القارئ 7:240،الإنصاف 2:191،منار السّبيل 1:112.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:62،صحيح مسلم 1:497 حديث 718،سنن أبي داود 2:28 حديث 1293، [1]الموطّأ 1:152 حديث 29، [2]سنن البيهقيّ 3:50.
6- 6) أبو عبد الرّحمن،و يقال:أبو محمّد،عبد اللّه بن شقيق العقيليّ،روى عن أبيه و علي عليه السّلام و عمر و عثمان و عائشة،و روى عنه ابنه عبد الكريم و محمّد بن سيرين و عاصم.مات سنة 108 ه.تهذيب التّهذيب 5:253. [3]

و آله يصلّي الضّحى؟قالت:لا،إلاّ أن يجيء من مغيبه (1).

و عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:ما حدّثني أحد أنّه رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الضّحى إلاّ أمّ هانئ (2)فإنّها حدّثت،انّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله دخل بيتها يوم فتح مكّة،فصلّى ثماني ركعات،ما رأيته قطّ صلّى صلاة أخفّ منها (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،و ابن مسلم، و الفضيل قالوا:سألناهما عليهما السّلام عن الصّلاة في رمضان نافلة باللّيل جماعة؟ فقالا:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام على منبره فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمَّ قال:«أيّها النّاس انّ الصّلاة باللّيل في شهر رمضان النّافلة في جماعة بدعة،و صلاة الضّحى بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة اللّيل،و لا تصلّوا صلاة الضّحى فإنّ ذلك معصية،ألا و انّ كلّ بدعة ضلالة،و كلّ ضلالة سبيلها إلى النّار،ثمَّ نزل و هو يقول:

قليل في سنّة خير من كثير في بدعة» (4)و لأنّها لو كانت مستحبّة لدوام عليها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كان لا يخفى ذلك عن أصحابه و نسائه،و قد نفت عائشة ذلك،

ص:30


1- 1صحيح مسلم 1:497 حديث 717،سنن أبي داود 2:28 حديث 1292، [1]مسند أحمد 6:204، [2]سنن البيهقيّ 3:50.
2- 2) أمّ هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم ابنة عمّ النّبيّ(ص)و أخت عليّ(ع)،قيل:اسمها: فاختة أو فاطمة أو هند،أمّها فاطمة بنت أسد،كانت تحت هبيرة بن أبي وهب،أسلمت عام الفتح، و فرّق الإسلام بينها و بين هبيرة فخطبها النّبيّ(ص).روت عن النّبيّ،و روى عنها ابنها جعدة و ابن عمّها عبد اللّه بن عبّاس. أسد الغابة 5:624، [3]الإصابة 4:503، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 4:503. [6]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:73،صحيح مسلم 1:497 حديث 336،سنن أبي داود 2:28 حديث 1291، [7]سنن التّرمذيّ 2:338 حديث 474- [8]في بعضها بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 3:69 حديث 226،الاستبصار 1:467 حديث 1807،الوسائل 5:191 الباب 10 من أبواب نافلة رمضان،حديث 1. [9]

و عبد الرّحمن و غيرهما.

احتجّ المخالف (1)بما رواه أبو هريرة،قال:أوصاني خليلي بثلاث:صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر،و ركعتي الضّحى،و أن أوتر قبل أن أرقد (2).و مثله رواه أبو الدّرداء عنه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و الجواب:انّ هاتين الرّوايتين معارضتان بما ذكرناه من الأحاديث.مع انّه صلّى اللّه عليه و آله في أغلب أحواله في منزل عائشة،فكيف يخفى عنها ذلك.

و معارض أيضا بما رواه أحمد في مسنده،قال:رأى أبو بكرة (4)ناسا يصلّون الضّحى فقال:انّهم ليصلّون صلاة ما صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا عامّة أصحابه (5).

و روى الأصحاب عن عليّ عليه السّلام إنكار هذه الصّلاة بالكلّيّة،و عن أولاده عليهم السّلام (6).

لا يقال:الصّلاة مستحبّة في نفسها فكيف حكمتم هاهنا بكونها غير مستحبّة.

ص:31


1- 1المغني 1:802،المجموع 4:37، [1]مغني المحتاج 1:222،الكافي لابن قدامة 1:197،نيل الأوطار 3: 75.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:73،و ج 3:53،صحيح مسلم 1:499 حديث 721،سنن أبي داود 2:65 حديث 1432، [2]سنن النّسائيّ 3:229،218،مسند أحمد 2:271،392،402،459،489، 497.
3- 3) صحيح مسلم 1:499 حديث 722،سنن أبي داود 2:66 حديث 1433، [3]سنن البيهقيّ 3:47.
4- 4) نقيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج.أبو بكرة الثّقفيّ،و قيل:اسمه:مسروح،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه أولاده عبيد اللّه و عبد الرّحمن و عبد العزيز،و ابن سيرين و إبراهيم بن عبد الرّحمن. مات بالبصرة في ولاية زياد سنة 50،و قيل:51 ه. أسد الغابة 5:151، [4]تهذيب التّهذيب 10:469. [5]
5- 5) مسند أحمد:5:45. [6]
6- 6) الوسائل 3:74 الباب 31 من أبواب أعداد الفرائض،الفقيه 1:357 حديث 1566.

لأنّا نقول:إذا أتى بالصّلاة من حيث أنّها نافلة مشروعة في هذا الوقت كان بدعة،أمّا إن أوقعها على أنّها نافلة مبتدئة فلا يمنع منه.و هي عندهم ركعتان،و أكثرها ثمان،و فعلها وقت اشتداد الحرّ (1).

مسألة:و التّطوّع في الصلاة قائما أفضل منه جالسا،

و يجوز أن يتطوّع جالسا.و لا نعرف في الحكمين مخالفا،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من صلّى قائما فهو أفضل و من صلّى قاعدا فله نصف أجر القائم) (2)لكنّه يحتسب كلّ ركعتين من جلوس بركعة من قيام و يسلّم عقيب كلّ ركعتين من جلوس،و لو احتسب كلّ ركعة من جلوس بركعة من قيام جاز.روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(صلاة الرّجل قاعدا نصف الصّلاة) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكسل أو يضعف فيصلّي التّطوّع جالسا؟قال:«يضعف ركعتين بركعة» (4).

و في الصّحيح،عن الحسن بن زياد الصّيقل قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صلّى الرّجل جالسا و هو يستطيع القيام فليضعف» (5).

ص:32


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المغني 1:803،المجموع 4:35،الكافي لابن قدامة 1:197،نيل الأوطار 3: 75.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:59،سنن ابن ماجه 1:388 حديث 1231،سنن أبي داود 1:250 حديث 951، سنن التّرمذيّ 2:207 حديث 371،سنن النّسائي 3:223.
3- 3) صحيح مسلم 1:507 حديث 735،سنن البيهقيّ 7:62.
4- 4) التّهذيب 2:166 حديث 655،الاستبصار 1:293 حديث 1080،الوسائل 4:697 الباب 5 من أبواب القيام،حديث 3. [1]
5- 5) التّهذيب 2:166 حديث 656،الاستبصار 1:293 حديث 1081،الوسائل 4:697 الباب 5 من أبواب القيام،حديث 4. [2]

و عن سدير بن حكيم (1)قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أ تصلّي النّوافل و أنت قاعد؟فقال:«ما أصلّيها إلاّ و أنا قاعد منذ حملت هذا اللّحم و بلغت هذا السّنّ» (2).

فرع:يستحبّ له إذا صلّى جالسا أن يربّع،

فإذا أراد الرّكوع قام و ركع.روى الجمهور عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان يصلّي في اللّيل قاعدا حتّى أسنّ،فكان يقرأ قاعدا حتّى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين، ثمَّ ركع (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:قلت له:الرّجل يصلّي و هو قاعد فيقرأ السّورة،فإذا أراد أن يختمها قام و ركع بآخرها؟فقال:«صلاته صلاة القائم» (4).

و في الصّحيح،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يصلّي و هو جالس؟فقال:«إذا أردت أن تصلّي و أنت جالس و يكتب لك بصلاة القائم فاقرأ و أنت جالس،فإذا كنت في آخر السّورة فقم فأتمّها و اركع،فتلك تحسب لك بصلاة القائم» (5)و لأنّ فيه تشبيها بالقائم في أهمّ الأفعال و هو الرّكوع،فكان مستحبّا.

ص:33


1- 1سدير بن حكيم بن صهيب الصّيرفيّ،يكنّى أبا الفضل والد حنّان،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة السّجّاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام. رجال الطّوسيّ:91،125،217،رجال العلاّمة:85. [1]
2- 2) التّهذيب 2:169 حديث 674،الوسائل 4:696 الباب 4 من أبواب القيام،حديث 1. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:60-بتفاوت يسير،صحيح مسلم 1:505 حديث،731 الموطّأ 1:137 حديث 22، [3]مسند أحمد 6:178، [4]سنن البيهقيّ 2:490.
4- 4) التّهذيب 2:170 حديث 675،الوسائل 4:700 الباب 9 من أبواب القيام،حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 2:170 حديث 676،الوسائل 4:701 الباب 9 من أبواب القيام،حديث 3. [6]

و أمّا استحباب التّربيع في حال الجلوس فهو قول علمائنا،و الشّافعيّ (1)، و مالك (2)،و الثّوريّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).و روي عن ابن عمر،و ابن سيرين، و مجاهد،و سعيد بن جبير (6)،خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس انّه صلّى متربّعا،فلمّا ركع ثنى رجليه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حمران بن أعين (9)،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«كان أبي إذا صلّى جالسا تربّع فإذا ركع ثنى رجليه» (10).و لأنّ القيام يخالف القعود،فينبغي أن تخالف هيئته في بدله هيئة غيره،كمخالفة القيام غيره.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ القيام قد سقط،فتسقط هيئته (11).

ص:34


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:101،المجموع 4:309،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287،المغني 1:812،نيل الأوطار 3:102.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:76،بلغة السّالك 1:130،المجموع 4:311،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287، فتح الباري 2:468،المغني 1:812،نيل الأوطار 3:102.
3- 3) المغني 1:812،المجموع 4:311.
4- 4) المغني 1:812-813،الكافي لابن قدامة 1:202،الإنصاف 2:188، [1]المجموع 4:311،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287،فتح الباري 2:468،نيل الأوطار 3:102.
5- 5) المغني 1:812،المجموع 4:311.
6- 6) المغني 1:812.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:69،شرح فتح القدير 1:400-401،عمدة القارئ 7:161،المجموع 4:311، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 3:287. [3]
8- 8) المغني 1:812.
9- 9) حمران بن أعين الشّيبانيّ:أخو زرارة،يكنّي أبا الحسن من الممدوحين.و قد خاطبه الإمام الباقر(ع) بقوله:(أنت من شيعتنا في الدّنيا و الآخرة).و روى الكشّي في رجاله روايات في مدحه.عدّة الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام. رجال الكشّيّ:176،رجال الطّوسيّ:117،181.
10- 10) التّهذيب 2:171 حديث 679،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام،حديث 4. [4]
11- 11) المغني 1:812،شرح فتح الغدير 1:400.

و الجواب:انّ السّقوط في الأوّل للمشقّة،فلا يستلزم سقوط ما لا مشقّة فيه.

و لو صلّى كيف ما أراد جاز،لما رواه الشّيخ،عن معاوية بن ميسرة أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد سئل أ يصلّي الرّجل و هو جالس متربّعا و مبسوط الرّجلين؟ فقال:«لا بأس» (1).

و أمّا استحباب ثني الرّجلين في الرّكوع فهو قول علمائنا.و به قال الثّوريّ (2)، و قال أبو يوسف،و محمّد (3)،و أحمد:إنّما يثني في حال السّجود خاصّة (4).

لنا:ما تقدّم من حديث أنس،و حمران.

الفصل الثّاني:في المواقيت،و فيه مباحث:
الأوّل:في مواقيت الفرائض

أصل:لا يمكن أن يكلّف اللّه تعالى بفعل في وقت قاصر عن الفعل،لأنّه يكون تكليف ما لا يطاق،إلاّ أن يكون الغرض منه وجوب القضاء.

و أمّا جواز التّكليف في وقت موافق،فمتّفق عليه بين أهل العلم،كصوم يوم.و في جواز زيادة الوقت على التّكليف خلاف،الأصحّ فيه الجواز و الوقوع،لأنّ الأمر تعلّق بجميع أجزاء الوقت،و الوجوب مستفاد منه،و يكون في الحقيقة المرجع بهذا الوجوب إلى المخيّر،و لا حاجة إلى البدل على المذهب الحقّ،خلافا للسّيّد المرتضى،لأنّ العزم

ص:35


1- 1التّهذيب 2:170 حديث 678،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام،حديث 3. [1]
2- 2) المغني 1:812.
3- 3) المغني 1:812.
4- 4) المغني 1:812،الكافي لابن قدامة 1:202،الإنصاف 2:188.

إن كان مساويا للفعل في جميع المصالح المطلوبة منه،كان الإتيان به سببا لسقوط التّكليف بالفعل،لأنّ الأمر وقع بالفعل مرّة واحدة و التّقدير مساواة بدله له من كلّ وجه و قد أتى به،و إن لم يكن مساويا لم يكن بدلا،إذ بدل الشّيء ما يقوم مقامه في جميع الأمور المطلوبة منه.

لا يقال:لا يلزم من البدل المساواة كما في التّيمّم و الكفّارات المرتّبة.

لأنّا نقول:البدل يفهم منه معنيان:

أحدهما:ما يقوم مقام الشّيء و يساويه و يسدّ مسدّه في كلّ وقت و حال.

و الثّاني:ما يكون بدلا منه،بمعنى انّه يحصل بعض المصالح المتعلّقة بذلك الشّيء و يقوم مقامه لا في كلّ وقت،بل في وقت تعذّر الإتيان بالمبدل منه،فالعزم لا يمكن أن يقال انّه بدل على الوجه الثّاني،إذ ترك المبدل منه جائز في أوّل الوقت إجماعا،فينبغي أن يكون بالمعنى الأوّل و يلزم ما ذكرناه،و لأنّ الموجود هو الأمر بالفعل و لا دلالة على إيجاب بدله،فلا دليل عليه،و لأنّه إذا أتى بالعزم في أوّل الوقت ففي ثانية إن وجب العزم لزم تكرار بدل ما لا تكرار فيه و شأن البدل المساواة و إن لم يجب و جاز ترك الفعل فيه لزم المطلوب.و في هذين نظر،فالأولى الاعتماد على الأوّل.و قولهم:لو كان واجبا في أوّل الوقت لما جاز تركه فيه،مدفوع بما حقّقناه في الأوّل من كون هذا الواجب كالواجب المخيّر.

مسألة:أجمع المسلمون على انّ كلّ صلاة من الصّلوات الخمس مؤقّتة بوقت

معيّن مضبوط،

و قد ورد في ذلك أحاديث صحاح،أنا أتلوها عليك بعون اللّه تعالى.

و اعلم انّ لكلّ صلاة وقتين:أوّل و آخر،فالوقت الأوّل وقت الفضيلة،و الآخر وقت الإجزاء.اختاره السّيد المرتضى (1)،و ابن الجنيد (2)،و أتباعهما (3).و قال

ص:36


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:26. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:26. [2]
3- 3) منهم ابن إدريس في السّرائر:40.

الشّيخان:الوقت الأوّل وقت من لا عذر له،و الثّاني وقت من له عذر (1).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أحبّ الوقت إلى اللّه عزّ و جلّ أوّله حين يدخل وقت الصّلاة فصلّ الفريضة،فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب الشّمس» (2).

احتجّ الشّيخ (3)بما رواه،عن إبراهيم الكرخيّ قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام متى يدخل وقت الظّهر؟قال:«إذا زالت الشّمس»فقلت:متى يخرج وقتها؟ فقال:«من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام،انّ وقت الظّهر ضيّق ليس كغيره» قلت:فمتى يدخل وقت العصر؟فقال:«انّ آخر وقت الظّهر هو أوّل وقت العصر» فقلت:فمتى يخرج وقت العصر؟فقال:«وقت العصر إلى أن تغرب الشّمس و ذلك من علّة و هو تضييع»فقلت له:لو انّ رجلا صلّى الظّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام أ كان عندك غير مؤدّ لها؟فقال:«إن تعمّد ذلك ليخالف السّنّة و الوقت لم تقبل منه كما لو انّ رجلا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشّمس متعمّدا من غير علّة لم تقبل منه.انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد وقّت للصّلوات المفروضات أوقاتا،و حدّ لها حدودا في سنّته للنّاس،فمن رغب عن سنّة من سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّه» (4).

و الجواب:انّ الحديث دالّ على انّ التّرك رغبة عن السّنّة،و نحن نقول بتحريم ذلك،و ليس البحث فيه.

ص:37


1- 1المفيد في المقنعة:14،و الطّوسي في الخلاف 1:87 مسألة 13،و النّهاية:58،و [1]المبسوط 1:72. [2]
2- 2) التّهذيب 2:24 حديث 69،الاستبصار 1:260 حديث 935،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
3- 3) التّهذيب 2:26،الاستبصار 1:261.
4- 4) التّهذيب 2:26 حديث 74،الاستبصار 1:258 حديث 926،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 32. [4]
مسألة:أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس

بلا خلاف بين أهل العلم،قال اللّه تعالى:« أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » (1)و الدّلوك هنا:الزّوال،قاله صاحب الصّحاح (2).و قال ابن مسعود:الدّلوك:الغروب (3).و نقله الجمهور،عن علي عليه السّلام (4).و المشهور بين أهل العلم هو الأوّل (5)،و نقل ذلك في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:سألته عمّا فرض اللّه من الصّلاة؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» فقلت:هل سمّاهنّ اللّه في كتابه و بيّنهنّ؟فقال:«نعم،قال اللّه عزّ و جلّ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (6)الحديث.

و روى الجمهور،عن بريد (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّ رجلا سأله عن وقت الصّلاة؟فقال:(صلّ معنا هذين اليومين)فلمّا زالت الشّمس أمر بلالا فأذّن،ثمَّ أمره فأقام[الظّهر] (8)،ثمَّ أمره فأقام العصر و الشّمس مرتفعة بيضاء نقيّة لم

ص:38


1- 1الإسراء:78. [1]
2- 2) الصّحاح 4:1584. [2]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:248، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:141،المجموع 3:25، [4]تفسير القرطبيّ 10: 303. [5]
4- 4) المجموع 3:25، [6]تفسير القرطبيّ 10:303، [7]التّفسير الكبير 21:25. [8]
5- 5) الام 1:68،المبسوط للسّرخسيّ 1:141،أحكام القرآن للجصّاص 3:248، [9]تفسير القرطبيّ 10: 303، [10]المجموع 3:25، [11]التّفسير الكبير 21:25. [12]
6- 6) التّهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [13]
7- 7) بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه بن الحارث الأسلميّ،أبو عبد اللّه،أسلم قبل بدر و لم يشهدها و شهد خبير و فتح مكّة،و استعمله النّبيّ(ص)على صدقات قومه،انتقل من المدينة إلى البصرة [14]ثمَّ إلى مرو فمات بها. روى عن النّبيّ(ص)و عنه ابناه عبد اللّه و سليمان و عبد اللّه بن أوس.مات سنة 63 ه. أسد الغابة 1:175، [15]تهذيب التّهذيب 1:432، [16]رجال صحيح مسلم 1:97.
8- 8) في النّسخ الصّلاة،و ما أثبتناه من المصدر.

يخالطها صفرة،ثمَّ أمره فأقام المغرب حتّى غابت الشّمس،ثمَّ أمره فأقام العشاء حين غاب الشّفق،ثمَّ أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر (1)الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سعيد بن الحسن (2)قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أوّل الوقت زوال الشّمس و هو وقت اللّه الأوّل و هو أفضلهما» (3).

و عن عيسى بن أبي منصور (4)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك فقد دخل وقت الظّهر» (5).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«إذا زالت الشّمس دخل الوقتان الظّهر و العصر،و إذا غابت الشّمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة» (6).

ص:39


1- 1صحيح مسلم 1:428 حديث 613،سنن ابن ماجه 1:219 حديث 667،مسند أحمد 5:349، [1]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 25،سنن البيهقيّ 1:371-بتفاوت يسير.
2- 2) سعيد بن الحسن أبو عمرو العبسيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و قال:أسند عنه. و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح،و ظاهره كونه إماميّا. رجال الطّوسيّ:204،تنقيح المقال 2:26. [2]
3- 3) التّهذيب 2:18 حديث 50،الاستبصار 1:246 حديث 880،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 6. [3]
4- 4) عيسى بن أبي منصور المعروف ب«شلقان»و اسم أبي منصور:صبيح،و كنيته:أبو صالح،مدحه الصّادق(ع)بقوله:من أحبّ أن يرى رجلا من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا.و الرّجل عنونه النّجاشيّ ب: عيسى بن صبيح العرزميّ.و الشّيخ عنونه في أصحاب الباقر(ع)ب:عيسى بن أبي منصور القرشيّ،و في أصحاب الصّادق تارة ب:عيسى بن منصور الكوفيّ،و اخرى ب:عيسى بن شلقان،و ثالثة ب:عيسى بن صبيح العرزميّ.و نقل المحقّق المامقانيّ أقوال العلماء في أنّه واحد أم متعدّد. رجال الكشّي:329،رجال النّجاشيّ:296،رجال الطّوسيّ:129،257،258،رجال العلاّمة: 122، [4]تنقيح المقال 2:357. [5]
5- 5) التّهذيب 2:21 حديث 60،الاستبصار 1:248 حديث 889،الوسائل 3:97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 8.و [6]فيها:فصلّيت سبحتك.
6- 6) الفقيه 1:140 حديث 648،الوسائل 3:91 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 1. [7]
مسألة:و يستحب تأخيرها عن أوّل الوقت بمقدار ما يصلّي فيه النّافلة

على ما يأتي بيان وقتها،و من لم يصلّ لا يستحبّ له التّأخير بل التّقديم،خلافا لمالك،فإنّه قال:

أحبّ تأخير الظّهر حتّى يصير الظّلّ ذراعا (1).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (2)و ظاهر الأمر الوجوب.

و ما رواه الجمهور في حديث بريدة.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم.و لأنّه محافظة على الصّلاة فكان أولى،خرج عن هذا:الوقت الّذي يفعل فيه النّافلة بمعنى فعل الطّاعة،و هو غير موجودة في صورة التّرك.

احتجّ مالك بما روي انّ حائط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قامة،فإذا صار الفيء ذراعا صلّى الظّهر (3).

و الجواب:انّه محمول على انّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل النّافلة،بل ذلك متعيّن،لمحافظته على الطّاعات واجبة أو مندوبة.

و قد ورد هذا التّأويل في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان حائط مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قامة فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظّهر،و إذا مضى من فيئه ذراعان،صلّى العصر»ثمَّ قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لا، قال:«من أجل الفريضة،إذا دخل وقت الذّراع و الذّراعين بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (4).

ص:40


1- 1المدوّنة الكبرى 1:55.
2- 2) الإسراء:78. [1]
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) التّهذيب 2:19 حديث 55،الاستبصار 1:250 حديث 899،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 3- [2]بتفاوت.

و رواه ابن بابويه في الصّحيح،إلاّ انّه قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لم جعل ذلك؟قال:«لمكان النّافلة،لك أن تتنفّل من زوال الشّمس إلى أن يمضي ذراع» (1)الحديث.

و مع ذلك فهو معارض بما تقدّم من الأخبار،و بما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار أو ابن وهب،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضله» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه، وقت كلّ صلاة أوّل الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟فقال:«أوّله،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:انّ اللّه يحبّ من الخير ما يعجّل» (3).

مسألة:و زوال الشّمس ميلها عن وسط السّماء

و انحرافها عن دائرة نصف النّهار، و يعرف بزيادة الظّلّ بعد نقصانه،بأن ينصب مقياس و يقدّر ظلّه،ثمَّ يصبر قليلا،ثمَّ يقدّره ثانيا،فإن كان دون الأوّل لم تزل،و إن زاد و لم ينقص فقد زالت.

و الضّابط في معرفة ذلك الدّائرة الهنديّة،و صفتها أن تسوّي موضعا من الأرض، خاليا من ارتفاع و انخفاض،و تدير عليه دائرة بأيّ بعد شئت،و تنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدّد الرّأس يكون نصف قطر الدّائرة بقدر ضعف المقياس على زاوية قائمة،و تعرف ذلك بأن تقدّر ما بين رأس المقياس و محيط الدّائرة من ثلاثة مواضع،فإن تساوت الأبعاد فهو عمود،ثمَّ ترصد ظلّ المقياس قبل الزّوال حين يكون خارجا من محيط الدّائرة نحو المغرب،فإذا انتهى رأس الظلّ إلى محيط الدّائرة يريد الدّخول فيه،تعلّم عليه علامة،ثمَّ ترصده بعد الزّوال قبل خروج الظّلّ من الدّائرة،فإذا أراد الخروج عنه علّم

ص:41


1- 1الفقيه 1:140 حديث 653،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:40 حديث 125،الاستبصار 1:244 حديث 871،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 11،و [2]فيها:و أوّل الوقت أفضلهما.
3- 3) التّهذيب 2:40 حديث 127،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 12. [3]

عليه علامة،و تصل ما بين العلامتين بخطّ مستقيم،و تنصف ذلك الخطّ،و تصل بين مركز الدّائرة و منتصف الخطّ[بخطّ] (1)،فهو خطّ نصف النّهار،فإذا ألقى المقياس ظلّه على هذا الخطّ الّذي قلنا انّه خطّ نصف النّهار،كانت الشّمس في وسط السّماء لم تزل، فإذا ابتدأ رأس الظلّ يخرج عنه فقد زالت الشّمس،و بذلك يعرف أيضا القبلة.

و قد يزيد الظّلّ و ينقص،و يختلف باختلاف الأزمان و البلدان،ففي الشّتاء يكثر الفيء عند الزّوال و عند الصّيف يقلّ،و قد يعدم بالكلّيّة و ذلك بمكّة مثلا و قبل أن ينتهي طول النّهار بستّة و عشرين يوما،و كذا بعد انتهائه بستّة و عشرين يوما،و قد روي في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام هذا الاختلاف،روى عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تزول الشّمس في النّصف من حزيران على نصف قدم، و في النّصف من تمّوز على قدم و نصف،و في النّصف من آب على قدمين و نصف،و في النّصف من أيلول على ثلاثة و نصف،و في النّصف من تشرين الأوّل على خمسة و نصف،و في النّصف من تشرين الآخر على سبعة و نصف،و في النّصف من كانون الأوّل على تسعة و نصف،و في النّصف من كانون الآخر على سبعة و نصف،و في النّصف من شباط على خمسة و نصف،و في النّصف من آذار على ثلاثة و نصف،و في النّصف من نيسان على قدمين و نصف،و في النّصف من أيار على قدم و نصف» (2)و الظّاهر انّ هذه الرّواية مختصّة بالعراق و الشّام و ما قاربهما.

و اعلم انّ المقياس قد يقسّم مرّة باثني عشر قسما،و مرّة بسبعة أقسام أو ستّة و نصف،و مرّة بستّين قسما.فإن قسّم باثني عشر قسما سمّى الأقسام أصابع فظلّه ظلّ الأصابع،و إن قسّم بسبعة أقسام أو ستّة و نصف سميّت أقداما،و إن قسّم بستّين قسما سمّيت أجزاء.

ص:42


1- 1أضفناه لاستقامة المعنى.
2- 2) التّهذيب 2:276 حديث 1096،الوسائل 3:120 الباب 11 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]

قيل في الهيئة:أطول ما يكون الظّلّ المنبسط في ناحية الشّمال ظلّ أوّل الجدي، و أقصره أوّل السّرطان،و هو يناسب رواية عبد اللّه بن سنان،عن الصّادق عليه السّلام.

و لو كان في موضع لا يكون للشّخص فيه ظلّ اعتبر الزّوال بظهور الفيء،و قد يعرف الزّوال بالتّوجّه إلى الرّكن العراقيّ لمن كان بمكّة،فإذا وجد الشّمس على حاجبه الأيمن علم انّها قد زالت.

مسألة:آخر وقت الظّهر للفضيلة إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،

بمعنى انّ الفيء إذا زاد على ما زالت عليه الشّمس قدر ظلّ الشّخص فهو آخر وقت الظّهر،و معرفة ذلك أن يضبط ما زالت عليه الشّمس و هو الظّلّ الّذي بقي بعد تناهي النّقصان،و هذا الظّل قد يكون في الشّتاء أكثر من الشّخص و يقلّ في الصّيف،ثمَّ ينظر قدر الزّيادة عليه، فإن كانت قد بلغت قدر الشّخص فقد انتهى وقت الظّهر،و الإنسان طوله ستّة أقدام و نصف بقدمه،فإذا أردت أن تعتبر المثل فقدّر الزّيادة من الفيء بقدمك،و ذلك بأن تقف في موضع مستو من الأرض،و تعلّم على الموضع الّذي انتهى إليه[فيئه] (1)و تعرف قدر ما زالت عليه الشّمس،و تقدّر[فيئه] (2)بالأقدام،فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه اليسرى و يلصق عقبه بإبهامه اليسرى،فإذا مسحه بالأقدام أسقط منه القدر الّذي زالت عليه الشّمس،فإذا بلغ الباقي ستّة أقدام و نصف فقد بلغ المثل،فإذا بلغ ذلك فقد خرج وقت الفضيلة.و به قال علم الهدى (3)،و ابن الجنيد (4)،و اختاره مالك،و عطاء،و طاوس (5).و لا خلاف في انّ وقت الظّهر يمتدّ إلى هذه الغاية للمختار،و إنّما الخلاف في انّ الوقت هل يمتدّ للمختار إلى قبل الغروب بمقدار العصر أم

ص:43


1- 1في النّسخ:فيه،و الأنسب ما أثبتناه.
2- 2) في النّسخ:فيه،و الأنسب ما أثبتناه.
3- 3) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193،رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):273.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:30. [1]
5- 5) المغني 1:416،الشرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21.

لا؟فالّذي ذهب إليه علم الهدى،و ابن الجنيد انّه ممتدّ إلى تلك الغاية.و هو الّذي نختاره نحن.و به قال مالك (1)،و عطاء،و طاوس (2).

و قال الشّيخ:آخر وقت المختار إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،فإذا صار ذلك خرج وقت الظّهر (3).و به قال الثّوريّ (4)،و الأوزاعيّ (5)،و اللّيث بن سعد (6)، و الشّافعيّ (7)،و أبو يوسف،و محمّد (8)،و أحمد بن حنبل (9).

و قال أبو حنيفة:وقت الظّهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله (10)(11).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (12).قال

ص:44


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [1]بلغة السّالك 1:83،المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 465،المجموع 3:21،فتح العزيز بهامش المجموع 3:10-11.
2- 2) المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21. [2]
3- 3) المبسوط 1:72، [3]الخلاف 1:82 مسألة 4،الجمل و العقود:59.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [4]المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3: 21،عمدة القارئ 5:33.
5- 5) المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 3:254، [5]المجموع 3:21.
7- 7) الام 1:72،المجموع 3:21، [6]مغني المحتاج 1:121،السّراج الوهّاج:34،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 14، [7]أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [8]المغني 1:416،بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:142،أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [9]شرح فتح القدير 1:193،المغني 1: 416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33، [10]المجموع 3:21. [11]
9- 9) المغني 1:415، [12]الكافي لابن قدامة 1:121، [13]المجموع 3:21، [14]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465، [15]عمدة القارئ 5:33. [16]
10- 10) «غ»«ن»:مثليه،روي في بعض الكتب عن أبي حنيفة في آخر وقت الظّهر روايتان:إحداهما:أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله،و الثّانية:أن يصير ظلّ كلّ شيء مثليه،انظر:الهداية للمرغينانيّ 1:38. [17]أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [18]المغني 1:416.
11- 11) المبسوط للسّرخسيّ 1:142،شرح فتح الغدير 1:193، [19]بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465.
12- 12) الإسراء:78. [20]

صاحب الصّحاح:و الغسق أوّل ظلمة اللّيل (1).و الظّاهر انّ الغاية و البداية لصلاة واحدة.

و لا ينافي ذلك فعل العصر في ذلك الوقت،لأنّ المقصود من ذلك صحّة صلاة الظّهر فيما عدا الوقت المختصّ بالعصر،و لأنّه غاية إمّا للظّهر و العصر معا أو للعصر،و على كلا التّقديرين يثبت مطلوبنا،إذ لا قائل بأنّ آخر وقت العصر الغروب،و آخر وقت الظّهر إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه جمع بين الظّهر و العصر في وقت العصر في الحضر (2).

و عن أبي ذرّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المؤذّن بالأذان حين رأينا فيء التّلول (3).و هذا إنّما يكون بعد تجاوز المثل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت الظّهر و العصر؟فقال:«إذا زالت الشّمس دخل وقت الظّهر و العصر جميعا إلاّ انّ هذه قبل هذه،ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشّمس» (4).

و عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أحبّ الوقت إلى اللّه عزّ و جلّ أوّله حين يدخل وقت الصّلاة فصلّ الفريضة،فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب

ص:45


1- 1الصّحاح 4:1537. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:490 حديث 705،سنن ابن ماجه 1:340 حديث 1070،سنن التّرمذيّ 1:354 حديث 187، [2]سنن النّسائيّ 1:290،الموطّأ 1:144 حديث 4. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:431 حديث 616،سنن أبي داود 1:110 حديث 401، سنن التّرمذيّ 1:297 حديث 158،مسند أحمد 5:155- [4]بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 2:24 حديث 68،الاستبصار 1:246 حديث 881،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]

الشّمس» (1).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«منها صلاتان من عند زوال الشّمس إلى غروب الشّمس إلاّ انّ هذه قبل هذه» (2).

احتجّ الشّيخ (3)بما رواه إبراهيم الكرخيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام،فقلت:

لو انّ رجلا صلّى الظّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام،أ كان عندك غير مؤدّ لها؟فقال:«إن كان تعمّد ذلك ليخالف السّنّة و الوقت لم تقبل منه» (4).

و بما رواه في الموثّق،عن زرارة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لعمرو بن سعيد بن هلال:«إذا كان ظلّك مثلك فصلّ الظّهر،و إذا كان ظلّك مثليك فصلّ العصر» (5).

و ما رواه،عن محمّد بن حكيم (6)،عن العبد الصّالح عليه السّلام،و هو يقول:

ص:46


1- 1التّهذيب 2:24 حديث 69،الاستبصار 1:260 حديث 935،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:25 حديث 72،الاستبصار 1:261 حديث 938،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 2:26.
4- 4) التّهذيب 2:26 حديث 74،الاستبصار 1:258 حديث 926،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 32. [3]
5- 5) التّهذيب 2:22 حديث 62،الاستبصار 1:248 حديث 891،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 13. [4]
6- 6) محمّد بن حكيم،ذكره الشّيخ في الفهرست مرّتين من دون وصف،و قال:له كتاب،و عدّه في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)،و يظهر من الكشّيّ أيضا أنّه من أصحاب الكاظم(ع)،و احتمل المحقّق الأردبيليّ و المحقّق الخوئيّ اتّحاده مع محمّد بن حكيم الخثعميّ الّذي قال النّجاشيّ:إنّه روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع).و تردّد المحقّق المامقانيّ في الاتّحاد. الفهرست:149،153، [5]رجال الطّوسيّ:358،رجال الكشّيّ:348، [6]رجال النّجاشيّ:357،جامع الرّواة 2:102، [7]تنقيح المقال 3:109، [8]معجم رجال الحديث 16:37. [9]

«انّ أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس،و آخر وقتها قامة من الزّوال،و أوّل وقت العصر قامة،و آخر وقتها قامتان»قلت:في الشّتاء و الصّيف[سواء؟] (1)قال:«نعم» (2).

و عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أتى جبرئيل عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمواقيت الصّلاة فأتاه حين زالت الشّمس فأمره فصلّى الظّهر،ثمَّ أتاه حين زاد من الظّلّ قامة فأمره فصلّى العصر،ثمَّ أتاه حين غربت الشّمس فأمره فصلّى المغرب،ثمَّ أتاه حين سقط الشّفق فأمره فصلّى العشاء،ثمَّ أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلّى الصّبح،ثمَّ أتاه من الغد حين زاد في الظّلّ قامة فأمره فصلّى الظّهر،ثمَّ أتاه حين زاد في الظّلّ قامتان فأمره فصلّى العصر،ثمَّ أتاه حين غربت الشّمس فأمره فصلّى المغرب،ثمَّ أتاه حين ذهب ثلث اللّيل فأمره فصلّى العشاء،ثمَّ أتاه حين نوّر الصّبح فأمره فصلّى الصّبح،ثمَّ قال:ما بينهما وقت» (3).

و عن الفضل بن يونس الشّيبانيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الحائض تطهر بعد مضيّ أربعة أقدام؟قال:«لا يجب عليها قضاء الظّهر لأنّ الوقت دخل و هي

ص:47


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:251 حديث 994،الاستبصار 1:256 حديث 917،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 29. [1]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1001،الاستبصار 1:257 حديث 922،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 5. [2]
4- 4) لم نجد في الكتب الرّجاليّة و الحديثيّة رجلا بهذا العنوان روى عن أبي عبد اللّه،و الموجود فيها:الفضل بن يونس الكاتب البغداديّ الّذي مرّت ترجمته في الجزء الثّاني ص 372،و روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر(ع)و هو واقفيّ،و روى عنه ابن محبوب،و لعلّه المراد به هنا،حيث أنّ الرّواية في التّهذيب و الوسائل [3]عن ابن محبوب عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن،مضافا إلى أنّ المحقّق في المعتبر و المصنّف هنا لمّا أجابا عنها قالا:هو واقفيّ،و لعلّ إضافة كلمة:الشّيبانيّ مأخوذة عن المعتبر فتدبّر،و لتوضيح الحال راجع: المعتبر 2:32،34، [4]تنقيح المقال 2:13، [5]معجم رجال الحديث 13:343. [6]

حائض و خرج و هي حائض» (1)احتجّ الشّافعيّ (2)بما روي انّ جبرئيل عليه السّلام صلّى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين كان الفيء مثل الشّراك في اليوم الأوّل،و في اليوم الثّاني حين صار ظلّ كلّ شيء مثله،ثمَّ قال:يا محمّد صلّى اللّه عليه و آله(هذا وقت الأنبياء من قبلك و الوقت فيما بين هذين) (3).

احتجّ أبو حنيفة (4)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إنّما مثلكم و مثل أهل الكتابين كرجل استأجر أجيرا فقال:من يعمل لي من غدوة إلى نصف النّهار على قيراط؟فعملت اليهود،ثمَّ قال:من يعمل لي من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراط؟فعملت النّصارى،ثمَّ قال:من يعمل لي من العصر إلى غروب الشّمس على قيراطين؟فأنتم هم.فغضبت اليهود و النّصارى و قالوا:ما لنا أكثر عملا و أقلّ عطاء، قال:هل نقصتكم من حقّكم؟قالوا:لا.قال:(فذلك فضلي أوتيه من أشاء) (5)و هذا يدلّ على انّ من الظّهر إلى العصر أكثر من العصر إلى المغرب.

و الجواب عن الأوّل قد تقدّم (6).

و عن الثّاني:انّه دالّ على الأمر بالصّلاة في الوقتين،و ليس فيه بيان انّه آخر الوقت.

ص:48


1- 1التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 2.و [1]فيها:عن أبي الحسن(ع)،و الظّاهر هو الصّواب.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:51،المجموع 3:23،فتح العزيز بهامش المجموع 3:5،مغني المحتاج 1:121.
3- 3) سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333، [2]سنن البيهقيّ 1:366.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:143،المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،بداية المجتهد 1:93،المجموع 3:23.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:117،سنن البيهقيّ 6:118.
6- 6) تقدّم في ص 37. [4]

لا يقال:الأمر في ذلك الوقت للوجوب بناء على الأصل.

لأنّا نقول:نعم انّه للوجوب،إذ أجزاء الزّمان في الواجب الموسّع متساوية في صدق الوجوب فيها.

و عن الثّالث:انّه دالّ على انّ آخر الوقت ما ذكر،لكنّه مطلق يتناول المختار و المضطرّ،و ذلك غير مراد قطعا،فلا بدّ من حمله على ما هو المراد فليس بحمله على ما ذكره أولى من حمله على بيان وقت الفضيلة.بل ما ذكرناه أولى،لتصريحهم عليهم السّلام بأنّ الوقت الأوّل أفضل.و قد نصّ الباقر عليه السّلام على أبلغ من ذلك فقال:(فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب الشّمس).

و عن الرّابع:انّه ليس فيه دلالة على المطلوب،إذ موضع ما يتوهّم فيه الدّلالة شيئان:

أحدهما:فعل الصّلاة في هذه الأوقات،و ذلك لا يدلّ على المطلوب قطعا.

و الثّاني:قوله:(و ما بينهما وقت)و هذا أيضا غير دالّ إلاّ من حيث مفهوم الخطاب مع حصول المعارض.

ثمَّ نقول:انّه إن دلّ على نفي الوقت مطلقا عن غير المحدود فهو غير مراد بالإجماع و إن دلّ على نفي الوقت المعيّن،فنحن نحمله على الوقت المشتمل على الفضيلة لا على وقت الاختيار.

و عن الخامس:انّ الفضل بن يونس قال الشّيخ:انّه واقفيّ (1)،فلا تعويل إذن على روايته،مع أنّها منفيّة بالإجماع،إذ لا خلاف بيننا انّ آخر وقت الظّهر للمعذور يمتدّ إلى قبل الغروب بمقدار العصر.و لأنّه علّق الحكم على الطّهارة بعد أربعة الأقدام، فيحتمل انّه أراد بذلك ما إذا تخلّص الوقت للعصر.

و عن السّادس:انّه دالّ على وقت الفضيلة،و لهذا قال:(انّه وقت الأنبياء قبلك)

ص:49


1- 1رجال الطّوسيّ:357.

و من المعلوم شدّة اهتمام الأنبياء عليهم السّلام بفعل العبادات في أوائل أوقاتها.و قوله:

(و الوقت فيما بين هذين)قد بيّنا عدم دلالته.

لا يقال:الألف و اللاّم فيه مستوعبة.

لأنّا نقول:يحتمل العهديّة خصوصا مع تقدّم الذّكر.

و عن السّابع:انّه غير دالّ على المطلق،لاحتمال أن يكون آخر وقت الظّهر قبل الغروب بأربع و هو الظّاهر ليحصل المطلوب و هو الزّيادة المناسبة للوقت الأوّل، و النّقيصة المطلوبة لإظهار شرف أتباعه عليه السّلام.

و نقول أيضا:قد ثبت انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبرد بالصّلاة (1).رواه الجمهور،و رواه الخاصّة،روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان المؤذّن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحرّ في صلاة الظّهر،فيقول له عليه السّلام:أبرد أبرد» (2).و ذلك يكون بعد تجاوز المثل،فلو كان هو الوقت المضروب لزم تأخير الصّلاة عن وقتها.

و أيضا:روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن الحسن بن على الوشّاء،قال:سمعت الرّضا عليه السّلام يقول:«كان أبي ربما صلّى الظّهر على خمسة أقدام» (3).

تنبيه:

قد اختلفت الرّوايات عن الأئمّة عليهم السّلام من اعتبار الأقدام و الأذرع و القامات،روى الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل و زرارة و بكير و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام،قالا«وقت

ص:50


1- 1صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:430 حديث 615،سنن أبي داود 1:110 حديث 402، سنن التّرمذيّ 1:295 حديث 157،الموطّأ 1:16 حديث 28،مسند أحمد 5:162،سنن الدّارميّ 1: 274.
2- 2) الفقيه 1:144 حديث 671،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
3- 3) بحار الأنوار 83:44 حديث 19، [2]المستدرك 1:186 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 3،4. [3]

الظّهر بعد الزّوال قدمان،و وقت العصر بعد ذلك قدمان،و هذا أوّل وقت إلى أن يمضي أربعة أقدام للعصر» (1).

و القامات وردت في رواية محمّد بن حكيم و قد سلفت (2).

و الأذرع رواها الشّيخ،عن إسماعيل بن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان الفيء في الجدار ذراعا صلّى الظّهر،و إذا كان ذراعين صلّى العصر»قلت:الجدران تختلف منها قصير و منها طويل،قال:«انّ جدار مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يومئذ قامة،و إنّما جعل الذّراع و الذّراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة» (3).

و عن يعقوب بن شعيب (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سألته عن صلاة الظّهر؟فقال:«إذا كان الفيء ذراعا»قلت:ذراعا من أي شيء؟قال:

«ذراعا من فيئك»قلت:فالعصر؟قال:«الشّطر من ذلك»قلت:هذا شبر،قال:

«أو ليس شبر كثيرا» (5).

قال الشّيخ:و المراد من الجميع شيء واحد (6)،لما رواه عليّ بن أبي حمزة،قال:

ص:51


1- 1التّهذيب 2:255 حديث 1012،الاستبصار 1:248 حديث 892،الوسائل 3:102 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [1]
2- 2) تقدمت في ص 46.
3- 3) التّهذيب 2:250 حديث 993،الاستبصار 1:255 حديث 916،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
4- 4) يعقوب بن شعيب بن ميثم بن يحيى التّمّار،أبو محمّد ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق و الكاظم(ع). رجال النّجاشيّ:450،رجال الطّوسيّ:140،336،363.
5- 5) التّهذيب 2:251 حديث 996،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 18. [3]
6- 6) التّهذيب 2:22 حديث 996،الاستبصار 1:251.

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام،يقول:«القامة هي الذّراع» (1)قال:و يحتمل أن يكون ذلك باعتبار تفاوت فعل النّافلة في الزّيادة و النّقصان (2).

و يؤيّده:ما رواه في الصّحيح،عن منصور بن حازم،قال:كنا نقيس (3)الشّمس بالمدينة بالذّراع،فقال لنا أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ألا أنبّئكم بأبين من هذا» قال:قلنا:بلى جعلنا اللّه فداك،قال:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الظّهر إلاّ انّ بين يديها سبحة،و ذلك إليك فإن أنت خفّفت سبحتك فحين تفرغ من سبحتك، و إن أنت طوّلت فحين تفرغ من سبحتك» (4)قال:و يحتمل عود الاختلاف إلى اختلاف ظلّ المنصوب بحسب الأوقات،فتارة ينتهي الظّل منه في القصور حتّى لا يبقى بينه و بين أصل المنصوب أكثر من قدم،و تارة ينتهي إلى حدّ يكون بينه و بين ذراع، و تارة يكون مقداره مقدار الخشب المنصوب،فإذا رجع الظّلّ إلى الزّيادة و زاد مثل ما كان قد انتهى إليه من الحدّ فقد دخل الوقت،سواء كان قدما أو ذراعا أو مثل الجسم المنصوب (5).

و يؤيّده:ما رواه يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عمّا جاء في الحديث أن صلّ الظّهر إذا كانت الشّمس قامة و قامتين،و ذراعا و ذراعين،و قدما و قدمين؟فكيف هذا و قد يكون الظّلّ في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال:«إنّما قال:ظلّ القامة و لم يقل:اقامة الظّلّ،و ذلك انّ ظلّ القامة يختلف،مرّة

ص:52


1- 1التّهذيب 2:23 حديث 65،الاستبصار 1:251 حديث 901،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 15. [1]
2- 2) التّهذيب 2:22،الاستبصار 1:251.
3- 3) «ق»:نعتبر.
4- 4) التّهذيب 2:22 حديث 63،الاستبصار 1:250 حديث 898،الوسائل 3:96 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [2]
5- 5) التّهذيب 2:23.

يكثر و مرّة يقلّ،و القامة قامة أبدا لا تختلف ثمَّ قال:ذراع و ذراعان و قدم و قدمان فصار ذراع و ذراعان تفسير القامة و القامتين في الزّمان الّذي يكون فيه ظلّ القامة ذراعا و ظلّ القامتين ذراعين،فيكون ظلّ القامة و القامتين و الذّراع و الذّراعين متّفقين في كلّ زمان معروفين مفسّرا أحدهما بالآخر مسدّدا به،فإذا كان الزّمان يكون فيه ظلّ القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظلّ القامة،و كانت القامة ذراعا من الظّلّ،و إذا كان ظلّ القامة أقلّ أو أكثر كان الوقت محصورا بالذّراع و الذّراعين،فهذا تفسير القامة و القامتين و الذّراع و الذّراعين» (1).

أقول:و الاحتمال الثّاني يدلّ على انّ التّوقيت للفضيلة لا للوجوب.

فائدة:

قال الشّيخ:المعتبر في زيادة الظلّ قدر الظّلّ الأوّل لا قدر الشّخص المنصوب (2).

و قال الأكثر:المعتبر قدر الشّخص (3).

احتجّ الشّيخ برواية يونس (4)و قد تقدّمت،و هي مرسلة و في طريقها صالح بن سعيد،و هو مجهول (5).

احتجّ غيره (6)بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صار ظلّك مثلك فصلّ الظّهر

ص:53


1- 1التّهذيب 2:24 حديث 67،الوسائل 3:110 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 34. [1]
2- 2) المبسوط 1:73،الخلاف 1:83،التّهذيب 2:23.
3- 3) المقنعة:13،الجمل و العقود:51،الوسيلة(الجوامع الفقهية):670،المهذّب 1:69،المعتبر 2:50. [2]
4- 4) التّهذيب 2:23.
5- 5) صالح بن سعيد الأحول،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و قال:مجهول،كما صرّح بذلك المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:352،رجال العلاّمة:229. [3]
6- 6) المعتبر 2:50،51. [4]

و إذا صار ظلّك مثليك فصلّ العصر» (1).

و بما رواه يزيد بن خليفة (2)،عن الصّادق عليه السّلام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:انّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت،فقال عليه السّلام:«إذن لا يكذب علينا»قلت:ذكر أنّك قلت:انّ أوّل صلاة افترضها اللّه على نبيّه الظّهر،و هو قول اللّه عزّ و جلّ «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» (3)فإذا زالت الشّمس لم يمنعك إلاّ سبحتك،ثمَّ لا تزال في وقت الظّهر إلى أن يصير الظّلّ قامة و هو آخر الوقت،فإذا صار الظّلّ قامة دخل وقت العصر،فلم تزل في وقت العصر حتّى يصير الظّلّ قامتين، و ذلك المساء قال:«صدق» (4).

فائدة أخرى:

ظهر من ذلك انّ الوقت المختصّ بالظّهر من الزّوال إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات حضرا و ركعتين سفرا،ثمَّ يشترك الوقت مع العصر إلى أن يبقى من النّهار مقدار أداء العصر فيختصّ بالعصر.

و قد نبّه على هذه الفائدة الصّادق عليه السّلام،روى الشّيخ،عن داود بن فرقد، عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الظّهر حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات،فإذا مضى ذلك فقد

ص:54


1- 1التّهذيب 2:22 حديث 62،الاستبصار 1:248 حديث 891،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
2- 2) يزيد بن خليفة الحارثيّ الحلوانيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع)و قال: واقفيّ.و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:338،364،رجال العلاّمة:265. [2]
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) الكافي 3:275 حديث 1، [4]التّهذيب 2:20 حديث 56،الاستبصار 1:260 حديث 932،الوسائل 3: 97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

دخل وقت الظّهر و العصر حتّى يبقي من الشّمس مقدار ما يصلّي أربع ركعات،فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظّهر و بقي وقت العصر حتّى تغيب الشّمس» (1).

و أيضا:لا يمكن وجوب فعل الصّلاتين في أوّل الوقت دفعة و لا تقديم العصر، فتعيّن اختصاص ذلك الوقت بالظّهر.

ثمَّ قد ثبت الاشتراك بقولهم عليهم السّلام:«فقد دخل الوقتان إلاّ انّ هذه قبل هذه» (2)فإذا تخلّف (3)من الوقت مقدار أربع ركعات خرج وقت الظّهر،إذ لا يمكن فعلهما فيه و لا فعل الظّهر،لأنّ قوله عليه السّلام:«إلاّ انّ هذه قبل هذه»يشعر باختصاص آخر الوقت بالمتأخّرة.

و مع هذا التّحقيق ظهر انّ الإطلاق بدخول وقت الصّلاتين الموجود في كلام الأئمّة عليهم السّلام و عبارات علمائنا محمول على ما قلناه،و ليس كما ظنّه بعض المتوهّمين (4)،حتّى انّه تقدّم بجهله على تخطئة هذا القول،و لو انّه نظر فيه و تأمّل لما ارتضى ذلك لنفسه.فإنّهم لم يطلقوا ذلك،بل قيّدوا بقولهم:«إلاّ انّ هذه قبل هذه» و هذا يدلّ على الاشتراك فيما عدا وقت الاختصاص.

و أيضا:فإنّه لمّا لم يكن للظّهر وقت مضبوط،بل أيّ وقت أمكن إيقاعها فيه كان هو المختصّ و لو قصر جدّا،كما في حالة شدّة الخوف بحيث يصير الوقت مقدار تسبيحة، أو ظنّ الزّوال فصلّى،ثمَّ دخل الوقت قبل إكمالها بأقلّ زمان أمكن أن يصلّي العصر في ذلك الوقت إلاّ ذلك المقدار،كان لقلّته و عدم ضبطه ما عبّر به في الرّواية حسنا، و هكذا البحث في المغرب و العشاء على ما يأتي.

ص:55


1- 1التّهذيب 2:25 حديث 70،الاستبصار 1:261 حديث 936،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 7. [1]
2- 2) الوسائل 3:95 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 21.
3- 3) «ح»«ق»:كان.
4- 4) السّرائر:40.
مسألة:أوّل وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظّهر.

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال مالك (1)،و ربيعة (2)،و إسحاق (3).و قال باقي الجمهور:انّه لا يدخل وقت العصر حتّى يخرج وقت الظّهر،إمّا إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،أو مثلية (4)على الخلاف إلاّ أبا حنيفة فإنّه قال:لا بدّ من الزّيادة على المثلين (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(أمّني جبرئيل عليه السّلام عند البيت مرّتين.فصلّى بي الظّهر لوقت العصر بالأمس) (6)و لأنّه عليه السّلام جمع بين الصّلاتين في الحضر (7).رواه مالك.

لا يقال:انّه قد كان صلّى الظّهر في آخر وقتها،و العصر في أوّل وقتها.

لأنّا نقول:انّ ذلك ليس بجمع،إذ كلّ من الصّلاتين قد وقع في وقته.

و ما رووه،عن أبي أمامة قال:صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظّهر،ثمَّ دخلنا على أنس و هو يصلّي العصر،[فقلت:يا عمّ] (8)ما هذه الصّلاة؟فقال:العصر و هذه صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (9).

لا يقال:لعلّها وقعت بعد صيرورة الظّلّ مثل الشّخص.

ص:56


1- 1بداية المجتهد 1:94،مقدمات ابن رشد 1:106،بلغة السّالك 1:83،المجموع 3:21.
2- 2) المغني 1:418،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:469.
3- 3) المغني 1:418،المجموع 3:21،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:469،عمدة القارئ 5:33.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [1]المغني 1:417،المجموع 3:21، [2]بداية المجتهد 1:92،94، المجموع 3:21، [3]عمدة القارئ 5:33،مقدمات ابن رشد 1:105،الهداية للمرغينانيّ 1:38، [4]شرح فتح القدير 1:194،195.
5- 5) المغني 1:417،المجموع 3:21.
6- 6) سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333. [5]
7- 7) الموطّأ 1:144 حديث 4.
8- 8) في النّسخ:فقلنا:يا عمر.و ما أثبتناه من المصدر.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:144،صحيح مسلم 1:434 حديث 623،سنن النّسائي 1:253.

لأنّا نقول:لو كان كذلك لم يكن للتّعجّب معنى و لا للإنكار فائدة.

و ما رووه،عن ابن عبّاس قال:ألا أخبركم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في السّفر؟كان إذا زالت الشّمس و هو في منزله جمع بين الظّهر و العصر في الزّوال (1)و لو لم يكن الوقت مشتركا لم يجز الجمع كما لا يجوز الجمع بين العصر و المغرب في وقت أحدهما.

و عن أحمد،عن ابن عبّاس بإسناده:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظّهر و العصر،و المغرب و العشاء من غير خوف و لا مطر.قيل:لم فعل ذلك؟قال:لئلاّ يحرج أمّته (2).

و من طريق الخاصّة:ما نقل عنهم عليهم السّلام من قولهم:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين»و قد تقدّم (3).

و ما رواه الشّيخ،عن ابن ميسرة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إذا زالت الشّمس في طول النّهار للرّجل أن يصلّي الظّهر و العصر؟قال:«نعم،و ما أحبّ أن يفعل ذلك في كلّ يوم» (4).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:يكون أصحابنا في المكان مجتمعين فيقوم بعضهم يصلّي الظّهر،و بعضهم يصلّي العصر قال:

«كلّ واسع» (5).

ص:57


1- 1سنن الدّارقطنيّ 1:388 حديث 1،سنن البيهقيّ 3:163-بتفاوت يسير.
2- 2) مسند أحمد 1:283. [1]
3- 3) تقدّم في ص 45. [2]
4- 4) التّهذيب 2:247 حديث 980،الاستبصار 1:252 حديث 904،الوسائل 3:94 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 15 و [3]في التّهذيب:عن معبد بن ميسرة.
5- 5) التّهذيب 2:251 حديث 997،الاستبصار 1:256 حديث 918،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 8. [4]

و عن زرارة بن أعين،قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجلان يصلّيان في وقت واحد،و أحدهما يعجّل العصر،و الآخر يؤخّر الظّهر قال:«لا بأس» (1).

و نحو ذالك رواه في الموثّق،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

و في الصّحيح،عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأل إنسان و أنا حاضر،فقال:ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّي العصر،و بعضهم يصلّي الظّهر؟فقال:«أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فأخذوا برقابهم» (3).

و عن ذريح (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،انّه صلّى الأولى إذا زالت الشّمس،و صلّى العصر بعدها (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس و آخر وقتها حين يدخل وقت العصر) (7).

ص:58


1- 1التّهذيب 2:252 حديث 998،الاستبصار 1:256 حديث 919،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 2:252 حديث 999،الاستبصار 1:256 حديث 920،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1000،الاستبصار 1:257 حديث 921،الوسائل 3:100 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
4- 4) ذريح بن محمّد بن يزيد أبو الوليد المحاربيّ،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)مع إسقاط كلمة(ابن محمّد)و هذا سهو من قلمه الشّريف كما ذكره أرباب المعاجم. رجال النّجاشيّ:163،رجال الطّوسيّ:191،الفهرست:69، [4]رجال العلاّمة:70. [5]
5- 5) التّهذيب 2:253 حديث 1004،الاستبصار 1:258 حديث 925،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 8. [6]
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [7]المغني 1:418،شرح فتح القدير 1:195.
7- 7) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [8]مسند أحمد 2:232، [9]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 22- بتفاوت يسير.

و بما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(أمّني جبرئيل عليه السّلام مرّتين فصلّى بي الظّهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشّراك،ثمَّ صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شيء مثله) (1).

احتجّ أبو حنيفة (2)بقوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ (3)و لو لم يكن كما قلناه من الزّيادة على المثلين لكان وسط النّهار.

و الجواب عن الأوّل:انّه غير دالّ على مطلوبهم،إذ آخر وقت الظّهر المختصّ هو أوّل وقت العصر المشترك عندنا.أو نقول:المراد آخر وقتها المشترك أوّل وقت العصر المختصّ.أو نقول:انّ ذلك محمول على الفضيلة.

و بهذا الأخير نجيب عمّا رواه الشّيخ،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«ثمَّ لا تزال في وقت الظّهر إلى أن يصير الظّلّ قامة و هو آخر الوقت،فإذا صار الظّلّ قامة دخل وقت العصر» (4).

و عن الثّاني:انّه دالّ على جواز الصّلاة في ذلك الوقت،لا انّه أوّل الوقت،لأنّه لو كان كذلك لما صحّ قوله في تتمّة الحديث:(و صلّي بي في المرّة الثّانية الظّهر حين صار ظلّ كلّ شيء مثله لوقت العصر بالأمس).

و عن احتجاج أبي حنيفة:بأنّ الصّلاة لم تعيّن،فيحتمل أن يكون المراد غير العصر.

و أيضا:فإنّا نقول بموجبة،إذ طرف النّهار ما بعدي الوسط،و بعد خروج الوقت

ص:59


1- 1سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333، [1]سنن الدّارقطنيّ 1:258 حديث 7،سنن البيهقيّ 1:366.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [2]المغني 1:417.
3- 3) هود:114. [3]
4- 4) التّهذيب 2:20 حديث 56،الاستبصار 1:260 حديث 932،الوسائل 3:97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]

المختصّ بالظّهر يصدق على ما بقي أنّه طرف.

لا يقال:العصر هو العشيّ و به سمّيت صلاة العصر،فلا يفعل قبله.

لأنّا نقول:العشيّ من الزّوال إلى اللّيل.قاله الهرويّ (1).

قال الجوهريّ في الصّحاح:قال قوم:العشاء من زوال الشّمس إلى طلوع الفجر (2).

مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إذا صار ظلّ كلّ شيء مثليه،

و للإجزاء غروب الشّمس.و به قال السّيّد المرتضى (3)،و ابن الجنيد (4)،و أبو حنيفة (5).و ذهب الشّيخ إلى انّ وقت المختار ينتهي إذا صار ظلّ كل شيء مثليه (6)،و المعذور ينتهي بالغروب.و به قال مالك (7)،و الشّافعيّ (8)،و أحمد (9)،و الثّوريّ (10).

ص:60


1- 1أحمد بن محمّد بن عبد الرّحمن أبو عبيد الهرويّ صاحب الغريبين،أخذ عن أبي سليمان الخطابيّ و أبي منصور الأزهريّ،و روى عنه عبد الواحد المليحيّ.مات سنة 401 ه. بغية الوعاة:161،العبر 2:199. [1]
2- 2) الصّحاح 6:2426. [2]
3- 3) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:37.
5- 5) المجموع 3:54،شرح فتح القدير 1:195،الهداية للمرغيناني 1:38،بداية المجتهد 1:92،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465.
6- 6) الخلاف 1:83 مسألة 5.
7- 7) بداية المجتهد 1:94،مقدّمات ابن رشد 1:105،المغني 1:418،المجموع 3:21،عمدة القارئ 5: 33.
8- 8) الام 1:73،الام(مختصر المزنيّ)8:11،المجموع 3:25،فتح العزيز بهامش المجموع 3:13،مغني المحتاج 1:122،المغني 1:418،بداية المجتهد 1:94،عمدة القارئ 5:33.
9- 9) المغني 1:418،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:468،الكافي لابن قدامة 1:122،المجموع 3:21،منار السّبيل 1:70.
10- 10) المغني 1:418،المجموع 3:21،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،عمدة القارئ 5:33.

و قال أبو يوسف،و محمّد،و أبو ثور،و الأوزاعيّ:آخره للمختار تغيّر الشّمس و اصفرارها (1).

لنا:قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ (2)و كما انّ أحد طرفيه أوّل جزء منه،فكذا طرفه الآخر،و لا يمكن عود ذلك إلى شيء من الصّلوات إلاّ العصر.

و قوله تعالى إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (3)قال في الصّحاح:و الغسق أوّل ظلمة اللّيل (4).

لا يقال:يحمل على المعذور أو على المقارنة.

لأنّا نجيب عن الأوّل:بأنّ هذه الآيات وردت في أوّل التّشريع للصّلاة،فلا يحمل على النّادر.

و عن الثّاني:انّه خلاف الظّاهر،فلا يصار إليه إلاّ لدليل.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (5)و هذا يتناول المعذور و غيره،و هو متّفق عليه،فلو لم يكن ما زاد على المقدّر وقتا،لما أدرك الصّلاة بإدراك ركعة فيه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معمّر بن يحيى (6)،قال:

ص:61


1- 1المغني 1:419،المجموع 3:21. [1]
2- 2) هود:114. [2]
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) الصّحاح 4:1537. [4]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:146،صحيح مسلم 1:425 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 699، سنن أبي داود 1:112 حديث 412،مسند أحمد 2:254،282- [5]بتفاوت في الجميع.
6- 6) معمّر بن يحيى بن سالم العجليّ كوفيّ عربيّ صميم ثقة متقدّم،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه(ع)و قد أبدل المصنّف في الخلاصة،سالما ب:المسافر،و قال:ثقة. رجال النّجاشيّ:425،رجال العلاّمة:169. [6]

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«وقت العصر إلى غروب الشّمس» (1).

و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على انّ آخر وقت الصّلاتين غروب الشّمس (2).

احتجّ الشّيخ بما تقدّم من اعتبار الأقدام و غيرها (3).

و الجواب:قد تقدّم انّ المراد بذلك الاستحباب.

فإن احتجّ بما رواه ربعيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«انّا لنقدّم و نؤخّر و ليس كما يقال:من أخطأ وقت الصّلاة فقد هلك،و إنّما الرّخصة للنّاسي و المريض و المدنف،و المسافر،و النّائم في تأخيرها» (5).

فالجواب:انّ ذلك دالّ على مطلوبنا،لأنّ قوله:«انّا لنقدّم و نؤخّر»و لا يزيد مع العذر،لأنّ ذلك لم يقل بالهلاك معه أحد،فلا يبقى المراد بحصر الرّخصة فيما ذكر،إلاّ ترك الأفضل،إذ لا ريب في شدّة تأكيد استحباب فعل الصّلاة في أوّل الوقت،بحيث سمّي التّأخير رخصة.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن سليمان بن جعفر،عن الفقيه عليه السّلام،قال:

«آخر وقت العصر ستّة أقدام و نصف» (6).

ص:62


1- 1التّهذيب 2:25 حديث 78،الاستبصار 1:261 حديث 937،الوسائل 3:113 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
2- 2) تقدّم في ص 45.
3- 3) التّهذيب 2:19،و قد تقدّم في ص 872-873.
4- 4) أبو نعيم ربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود بن أبي سبرة الهذليّ-أو العبديّ-البصريّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)و صحب الفضيل بن يسار و أكثر الأخذ عنه،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق (ع)و قال في الفهرست:له أصل. رجال النّجاشيّ:167،رجال الطّوسيّ:194،الفهرست:70، [2]رجال العلاّمة:71. [3]
5- 5) التّهذيب 2:41 حديث 132،الاستبصار 1:262 حديث 939،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 7. [4]
6- 6) التّهذيب 2:256 حديث 1014،الاستبصار 1:259 حديث 927،الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

لأنّا نقول:المراد بذلك الفضيلة،إذ هو خبر واحد لو أخذ على عمومه كما في القرآن و الإجماع،و لو خصّص بالاختيار منعنا ذلك،لعدم اعتضاده بدليل آخر،و حملنا على الفضيلة،إذ مع هذا التّأويل لا استبعاد في اختلاف التّقديرات بالنّظر إلى كثرة فعل النّوافل و قلّتها.

و كذا البحث في رواية محمّد بن حكيم،عن العبد الصّالح عليه السّلام من انّ آخر وقت العصر قامتان (1).

و كذا ما رواه سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«العصر على ذراعين فمن تركها حتّى يصير على ستّة أقدام فذلك المضيّع» (2)و المراد به:المضيّع لفضيلة أوّل الوقت.

مسألة:أوّل وقت المغرب غروب الشّمس.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،لا نعرف فيه خلافا،و قد دلّت الأخبار عليه،روى الجمهور،عن أبي هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس) (3).

و في حديث ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أمّني جبرئيل مرّتين،ثمَّ صلّى المغرب حين وجبت الشّمس) (4)قال صاحب الصّحاح:وجبت أي:

غابت (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:63


1- 1التّهذيب 2:251 حديث 994،الاستبصار 1:256 حديث 917،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 29. [1]
2- 2) التّهذيب 2:256 حديث 1016،الاستبصار 1:259 حديث 928،الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [3]مسند أحمد 2:232. [4]
4- 4) مسند أحمد 1:333 و 354، [5]سنن البيهقيّ 1:366.
5- 5) الصّحاح 1:232. [6]

السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (1).

و عن عمرو بن أبي نصر،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المغرب:

«إذا توارى القرص كان وقت الصّلاة و أفطر» (2).

و روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن عبد اللّه بن مسكان، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«وقت المغرب إذا غربت الشّمس فغاب قرصها» (3).

و رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

و يعرف الغروب بذهاب الشّفق المشرقيّ.ذهب إليه أكثر علمائنا (5)،و هو قول الشّيخ في النّهاية (6).و قال في المبسوط:باستتار القرص و غيبوبته عن العين (7).

و هو قول الجمهور (8).قال:و من أصحابنا من يراعي زوال الحمرة من المشرق،و هو

ص:64


1- 1التّهذيب 2:27 حديث 78،الاستبصار 1:262 حديث 941،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [1]
2- 2) التّهذيب 2:27 حديث 77،الاستبصار 1:262 حديث 940،الوسائل 3:133 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 30. [2]
3- 3) مستدرك الوسائل 1:190 باب أوّل وقت المغرب،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:28 حديث 81،الاستبصار 1:263 حديث 944،الوسائل 3:130 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 16.
5- 5) منهم:المفيد في المقنعة:14،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:137،و ابن إدريس في السّرائر: 39،و المحقّق الحلّي في المعتبر 2:51. [4]
6- 6) النّهاية:59.
7- 7) المبسوط 1:74. [5]
8- 8) المغني 1:424، [6]المدوّنة الكبرى 1:56،أحكام القرآن للجصّاص 3:257، [7]المجموع 3:29، 34، [8]مقدّمات ابن رشد 1:106،الهداية للمرغينانيّ 1:38،شرح فتح القدير 1:195،عمدة القارئ 5:58،نيل الأوطار 1:403.

أحوط (1).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن أحمد بن أشيم،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق» (2).

و عن بريد بن معاوية،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من ناحية المشرق فقد غابت الشّمس من شرق الأرض و من غربها» (3).

و عن محمّد بن عليّ (4)قال:صحبت الرّضا عليه السّلام في السّفر فرأيته يصلّي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السّواد (5).

و عن محمّد بن شريح (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن وقت

ص:65


1- 1المبسوط 1:74. [1]
2- 2) التّهذيب 2:29 حديث 83،الاستبصار 1:265 حديث 959،الوسائل 3:126 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 2:29 حديث 84،الاستبصار 1:265 حديث 957،الوسائل 3:126 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
4- 4) الرّجل مشترك بين عدّة أفراد و لم يتعيّن بالخصوص في الكتب الرّجاليّة و لعلّه مردّد أمره بين محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ الثّقة الّذي قال النّجاشيّ:هو و أبوه وكيل النّاحية،روى عن جدّه عن الرّضا(ع)و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. و بين محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى أبو جعفر القرشيّ الملقّب ب(أبي سمينة)الّذي صرّح النّجاشيّ و المصنّف بأنّه ضعيف جدّا فاسد الاعتقاد. رجال النّجاشيّ:332،344،رجال العلاّمة:155،253. [4]
5- 5) التّهذيب 2:29 حديث 86،الاستبصار 1:265 حديث 958،الوسائل 3:128 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 8. [5]
6- 6) محمّد بن شريح الحضرميّ أبو عبد اللّه ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و ذكره في الفهرست مرّتين،و قال:له كتاب. رجال النّجاشيّ:366،رجال الطّوسيّ:291،الفهرست:141،152، [6]رجال العلاّمة:159. [7]

المغرب؟فقال:«إذا تغيّرت الحمرة في الأفق،و ذهبت الصفرة،و قبل أن تشتبك النّجوم» (1).

و عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّما أمرت أبا الخطّاب أن يصلّي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشّمس،فجعل هو الحمرة الّتي من قبل المغرب،و كان يصلّي حين يغيب الشّفق» (2).

فإن احتجّ الشّيخ بما رواه،عن سماعة بن مهران،قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام في المغرب إنّا ربّما صلّينا و نحن نخاف أن تكون الشّمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل؟قال:فقال:«ليس عليك صعود الجبل».

و بما رواه في الحسن،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«وقت المغرب إذا غاب القرص،فإن رأيته بعد ذلك و قد صلّيت أعدت الصّلاة و مضى صومك و تكفّ عن الطّعام إن كنت أصبت منه شيئا» (3)و بما رواه عمرو بن أبي نصر قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المغرب:«إذا توارى القرص كان وقت الصّلاة و أفطر» (4).

و عن عليّ بن الحكم (5)،عمّن حدّثه،عن أحدهما عليهما السّلام،انّه سئل عن

ص:66


1- 1التّهذيب 2:257 حديث 1024،الوسائل 3:129 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 12. [1]
2- 2) التّهذيب 2:259 حديث 1033،الاستبصار 1:265 حديث 960،الوسائل 3:128 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 2:261 حديث 1039،و ج 4:271 حديث 818،الاستبصار 2:115 حديث 376، الوسائل 3:130 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 17. [3]
4- 4) التّهذيب 2:27 حديث 77،الاستبصار 1:262 حديث 940،الوسائل 3:133 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 30. [4]
5- 5) عليّ بن الحكم الكوفيّ،قال الشّيخ في الفهرست: [5]ثقة جليل القدر له كتاب،و قال المصنّف في الخلاصة:عليّ بن الحكم الكوفيّ ثقة جليل القدر،و الرّجل مشترك بين عدّة أفراد و التّمييز برواية محمّد بن السّنديّ و أحمد بن محمّد عنه. الفهرست:87، [6]رجال العلاّمة:93. [7]

وقت المغرب؟فقال:«إذا غاب كرسيّها»قلت:و ما كرسيّها؟قال:«قرصها» فقلت:متى يغيب قرصها؟قال:«إذا نظرت إليه فلم تره» (1).

و بما رواه حريز،عن أبي أسامة أو غيره،قال:صعدت مرّة جبل أبي قبيس و النّاس يصلّون المغرب،فرأيت الشّمس لم تغب إنّما توارت خلف الجبل عن النّاس، فلقيت أبا عبد اللّه عليه السّلام،فأخبرته بذلك،فقال لي:«و لم فعلت ذلك؟بئس ما صنعت،إنّما تصليها إذا لم ترها خلف جبل،غابت أو غارت ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلّها،و إنّما عليك مشرقك و مغربك،و ليس على النّاس أن يبحثوا» (2).

فالجواب عن الأوّل:انّ سماعة واقفيّ (3)،و في الطّريق أيضا أحمد بن هلال و هو ضعيف جدّا (4).و لأنّها غير دالّة على المطلوب،إذ أقصى ما يدلّ عليه،جواز فعل الصّلاة من غير تتبّع للشّمس بالصّعود إلى الجبل و النّظر إليها هل غابت أم لا،و لا شكّ انّ هذا الاعتبار غير واجب.

و عن الثّاني:انّ الحكم معلّق على غيبوبة القرص و نحن نقول بموجبة،إلاّ انّ العلامة عندنا غيبوبة الحمرة.و لأنّه لو كان الوقت قد دخل بالاستتار لما أمر بالإعادة عند الظّهور،إذ هي صلاة قد فعلت في وقتها فلا يستتبع وجوب الإعادة.

و عن الثّالث:بالأوّل من جوابي الثّاني.

ص:67


1- 1التّهذيب 2:27،حديث 79،الاستبصار 1:262 حديث 942،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 25. [1]
2- 2) التّهذيب 2:264 حديث 1053،الاستبصار 1:266 حديث 961،الوسائل 3:145 الباب 20 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 84.
4- 4) مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 135.

و عن الرّابع:انّه مرسل،و بما ذكرناه قبل.

و عن الخامس:بأنّه مرسل أيضا،إذ الشّكّ في المرويّ عنه يستلزم عدم الإسناد إلى شخص معيّن،و بما قلناه أوّلا.

و تعارض أيضا هذه الأحاديث بما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن صباح (1)،قال:

كتبت إلى العبد الصّالح عليه السّلام،يتوارى القرص و يقبل اللّيل،ثمَّ يزيد اللّيل ارتفاعا و تستتر عنّا الشّمس،و ترتفع فوق اللّيل حمرة،و يؤذّن عندنا المؤذّنون،فأصلّي حينئذ و أفطر إن كنت صائما؟أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة الّتي فوق اللّيل؟فكتب إليّ:«أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدينك» (2).

مسألة:و آخر وقت المغرب للفضيلة غيبوبة الشّفق من ناحية المغرب،

و يمتدّ وقتها للإجزاء إلى أن يبقى إلى انتصاف اللّيل مقدار أربع ركعات حضرا،و ركعتين سفرا.و به قال السّيّد المرتضى في الجمل (3).

و قال بعض علمائنا:يمتدّ وقت المضطرّ حتّى يبقي للفجر وقت العشاء (4).و قال الشّيخ:آخره للمختار ذهاب الشّفق،و للمضطرّ إلى قبل نصف اللّيل بأربع (5).و به قال السّيّد المرتضى في المصباح (6).

ص:68


1- 1المتن مطابق لما في الاستبصار،و الصّحيح،عبد اللّه بن وضّاح-بتشديد الضّاد المعجمة و الحاء المهملة أخيرا -أبو محمّد كوفيّ ثقة من الموالي صاحب أبا بصير يحيى بن القاسم كثيرا و عرف به.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:215،رجال الطّوسيّ:355،رجال العلاّمة:110. [1]
2- 2) التّهذيب 2:259 حديث 1031،الاستبصار 1:264 حديث 952،الوسائل 3:129 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 14. [2]
3- 3) لم نعثر على قوله في الجمل.و لكنّه موجود في الرّسائل(المجموعة الاولى):274.
4- 4) منهم الصّدوق في الفقيه 1:232-233،و المحقّق في المعتبر 2:40،و [3]يحيى بن سعيد في الجامع للشّرائع:60. [4]
5- 5) المبسوط 1:75. [5]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:40. [6]

و قال في النّهاية:آخر وقتها غيبوبة الشّفق و قد رخّص للمسافر التّأخير إلى ربع اللّيل (1).و أطلق في الجمل انّ آخر الوقت غيبوبة الشّفق (2).و كذا ابن أبي عقيل في كتابه (3).

و قال سلاّر:آخر الوقت غيبوبة الشّفق،و قد روي انّ تأخير المغرب للمسافر إذا جدّ به السّير إلى ربع اللّيل (4).

و قال أبو الصّلاح:آخر وقت الإجزاء ذهاب الحمرة من المغرب،و آخر وقت المضطرّ ربع اللّيل (5).

و قال الشّافعيّ (6)،و الأوزاعيّ (7)و مالك:ليس لها إلاّ وقت واحد عند مغيب الشّمس (8)و قال الثّوري (9)،و أحمد:آخره مغيب الشّفق (10).و به قال إسحاق،و أبو ثور (11)،و أصحاب الرّأي (12).

ص:69


1- 1النّهاية:59. [1]
2- 2) الجمل و العقود(الرّسائل العشر):174.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:40. [2]
4- 4) المراسم:62.
5- 5) الكافي في الفقه:137. [3]
6- 6) الامّ 1:73،الامّ(مختصر المزنيّ)8:11،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:28،أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [4]المغني 1:424،بداية المجتهد 1:95،نيل الأوطار 1:402.
7- 7) المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:56،بداية المجتهد 1:95،بلغة السّالك 1:83،مقدّمات ابن رشد 1:106، المغني 1:424،المجموع 3:34.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [5]المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.
10- 10) المغني 1:425،الكافي لابن قدامة 1:122،الإنصاف 1:434،المجموع 3:34،بداية المجتهد 1:95، عمدة القارئ 5:56.
11- 11) المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56،نيل الأوطار 1:403.
12- 12) المبسوط للسّرخسيّ 1:144،أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [6]شرح فتح القدير 1:195،المغني 1: 424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.

لنا:انّ المغرب و العشاء صلاتا جمع فيشترك وقتهما،كالظّهر و العصر.

و ما رواه الشّيخ،عن عبيد اللّه بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (1).

و ما رواه داود بن فرقد،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«إذا غابت الشّمس فقد دخل وقت المغرب حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات،فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف اللّيل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات،فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب و بقي وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف اللّيل» (2).

احتجّ من قال من أصحابنا (3)بامتداد الوقت إلى الفجر،بما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تفوت الصّلاة من أراد الصّلاة لا تفوت صلاة النّهار حتّى تغيب الشّمس و لا صلاة اللّيل حتّى يطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتّى تطلع الشّمس» (4).

و من الجمهور (5)،بما رواه ابن المنذر،عن عبد الرّحمن بن عوف (6)و عبد اللّه بن

ص:70


1- 1التّهذيب 2:27،حديث 78،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [1]
2- 2) التّهذيب 2:28 حديث 82،الاستبصار 1:263 حديث 945،الوسائل 3:134 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 1:232،الجامع للشّرائع:60. [3]
4- 4) التّهذيب 2:256 حديث 1015،الاستبصار 1:260 حديث 933،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 9. [4]
5- 5) عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحرث بن زهرة بن كلاب القرشيّ الزّهريّ:أبو محمّد،روى عن النّبيّ(ص)و عن عمر،و روى عنه أولاده:إبراهيم و حميد و عمر و مصعب و أبو سلمة و ابن عبّاس و جابر و جبير بن مطعم.مات سنة 32 ه و قيل 31. أسد الغابة 3:313، [5]الإصابة 2:416، [6]تهذيب التّهذيب 6:244. [7]
6- 6) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،فتح العزيز بهامش المجموع 3:73.

عبّاس انّهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر:تصلّي المغرب و العشاء (1)،و لو لا امتداد الوقت إلى تلك الغاية لما وجب،لاستيعاب عذرها الوقت كما لا يجب لو طهرت بعد الفجر.

و احتجّ من قال من أصحابنا بغيبوبة الشّفق (2)،بما رواه الشّيخ في الموثّق،عن جميل بن درّاج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول في الرّجل يصلّي المغرب بعد ما يسقط الشّفق؟فقال:«لعلّه لا بأس» (3).

و ما رواه سعيد بن جناح (4)،عن بعض أصحابنا،عن الرّضا عليه السّلام،قال:

«انّ أبا الخطّاب (5)كان أفسد عامّة أهل الكوفة،و كانوا لا يصلّون المغرب حتّى يغيب الشّفق و إنّما ذلك للمسافر و الخائف و لصاحب الحاجة» (6)فلو كان ما بعد الشّفق وقتا للمختار لم يعلّق التّأخير في الأوّل بالعلّة،و لم يحصره في الثّاني بما عدّده.

و ما رواه في الموثّق،عن عبد اللّه سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

ص:71


1- 1سنن البيهقيّ 1:387،و بمعناه في سنن الدّارميّ 1:219.
2- 2) المهذّب 1:69،الخلاف 1:84 مسألة 6.
3- 3) التّهذيب 2:33 حديث 101،الاستبصار 1:268 حديث 969،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
4- 4) سعيد بن جناح أصله كوفيّ نشأ ببغداد و مات بها مولى الأزد و يقال:مولى جهينة،روى عن أبي الحسن و الرّضا(ع)وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:191،رجال العلاّمة:80. [2]
5- 5) محمّد بن مقلاص الأسديّ الكوفيّ أبو الخطّاب ملعون غال،و يكنّي مقلاص أبا زينب،لعنه الرّضا(ع) و الحجّة(عج)و تنسب إليه الخطّابية،روى الكشّيّ روايات في ذمّه و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و قال:غال ملعون. رجال الكشّيّ:224،رجال الطّوسيّ:304.
6- 6) التّهذيب 2:33 حديث 99،الاستبصار 1:268 حديث 968،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 15. [3]

«وقت المغرب من حين تغيب الشّمس إلى أن تشتبك النّجوم» (1)و اشتباك النّجوم في الغالب إنّما يكون بعد غيبوبة الشّفق من الجانب الغربيّ.

و في الموثّق،عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن وقت المغرب؟قال:«ما بين غروب الشّمس إلى سقوط الشّفق» (2).

و في الصّحيح،عن بكر بن محمّد (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأله سائل عن وقت المغرب؟قال:«انّ اللّه يقول في كتابه لإبراهيم عليه السّلام:« فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً » (4)فهذا أوّل الوقت،و آخر ذلك غيبوبة الشّفق،و أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة،و آخر وقتها إلى غسق اللّيل نصف اللّيل» (5).

و عن عليّ بن يقطين،قال:سألته عن الرّجل تدركه صلاة المغرب في الطّريق، أ يؤخّرها إلى أن يغيب الشّفق؟قال:«لا بأس بذلك في السّفر فأمّا في الحضر فدون ذلك شيئا» (6).

و احتجّ القائلون بالتّأخير إلى ربع اللّيل (7)،بما رواه الشّيخ،عن عمر بن يزيد

ص:72


1- 1التّهذيب 2:257 حديث 1023،الاستبصار 1:263 حديث 948،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 15. [1]
2- 2) التّهذيب 2:258 حديث 1029،الاستبصار 1:263 حديث 950،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 14. [2]
3- 3) بكر بن محمّد بن عبد الرّحمن بن نعيم الأزديّ الغامديّ:أبو محمّد وجه في هذه الطّائفة من بيت جليل بالكوفة،خيّر فاضل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة:الصّادق و الكاظم و الرّضا(ع)،و في باب من لم يرو عنهم.رجال النّجاشيّ:108،رجال الكشّيّ:592-1107،رجال الطّوسيّ:344،370.
4- 4) الأنعام:76. [3]
5- 5) التّهذيب 2:30 حديث 88،الاستبصار 1:264 حديث 953،الوسائل 3:127 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]
6- 6) التّهذيب 2:32 حديث 97،الاستبصار 1:267 حديث 967،الوسائل 3:144 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 15. [5]
7- 7) المقنعة:14،المبسوط 1:75 مسألة 6، [6]الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):670،المعتبر 2:40. [7]

قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت المغرب؟فقال:«إذا كان أرفق بك، و أمكن لك في صلاتك،و كنت في حوائجك فلك أن تؤخّرها إلى ربع اللّيل»قال:

قال لي:هذا و هو شاهد في بلده (1).و لأنّه ورد استحباب تأخير المغرب للمفيض من عرفات إلى المزدلفة و إن صار ربع اللّيل (2)،و لو لم يكن ذلك وقتا لها لما ساغ ذلك.

و احتجّ الشّافعيّ (3)بأنّ جبرئيل صلاّها بالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في اليومين لوقت واحد (4)في بيان مواقيت الصّلاة.و لو كان لها وقتان كغيرها لصلاّها به في أحدهما مرّة و في الآخر اخرى،ليحصل البيان،كما فعل في غيرها.

و بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:لا تزال أمّتي بخير ما لم يؤخّروا المغرب إلى أن تشتبك النّجوم (5)و لأنّ المسلمين مجمعون على فعلها في وقت واحد في أوّل الوقت.

و احتجّ أصحاب الرّأي بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى المغرب في اليوم الثّاني حين غاب الشّفق (6).

و بما رواه عبد اللّه بن عمرو،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(وقت المغرب ما لم يغب الشّفق) (7).

ص:73


1- 1التّهذيب 2:31 حديث 94،و ص 259 حديث 1034،الاستبصار 1:267 حديث 964،الوسائل 3: 142 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 8. [1]
2- 2) الوسائل 10:38 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر. [2]
3- 3) الام 1:73،المجموع 3:28-30،المغني 1:424،الهداية للمرغينانيّ 1:38،بداية المجتهد 1:95، شرح فتح القدير 1:195.
4- 4) سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،سنن أبي داود 1:107 حديث 393،مسند أحمد 1:333.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:225 حديث 689،سنن أبي داود 1:113 حديث 418،مسند أحمد 4:147 و ج 5: 417. [3]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:195.
7- 7) صحيح مسلم 1:427 ذيل حديث 612،مسند أحمد 2:210،223. [4]

و بما رواه أبو هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(انّ للصّلاة أوّلا و آخرا، و انّ أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس و انّ آخر وقتها حين يغيب الأفق) (1).

و الجواب عن الأوّل:انّ في طريقها أحمد بن فضّال و فيه ضعف (2).

و أيضا:يحتمل انّه أراد بصلاة اللّيل النّوافل،أو يحمل على صاحب الضّرورة إذا دامت إلى ذلك الوقت.ذكرهما الشّيخ في الاستبصار (3).

و عن الثّاني:باحتمال أن يكون ذلك رأيا لهما لا أنّهما نقلاه،عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فلا حجّة فيه.

و عن الثّالث:بأنّ في طريقه الحسن بن محمّد بن سماعة و هو واقفيّ (4).و لأنّه دالّ على جواز فعل المغرب بعد سقوط الشّفق،و لو لم يكن الوقت ممتدّا لما ساغ ذلك، و نفي الحكم عن فاقد العلّة من باب دليل الخطاب،و هو ضعيف.

و عن الرّابع:انّه إنكار على أبي الخطّاب،إذ توهّم انّ أوّل وقت المغرب سقوط الشّفق،و لا شكّ في انّ أوّل الوقت أفضل،و إنّما يسقط اعتبار الأوّليّة في حقّ هؤلاء المعدودين و من شابههم،فصحّ الحصر.

و عن الخامس:انّه بيان لوقت الفضيلة،إذ الاشتباك يحصل قبل غيبوبة الشّفق

ص:74


1- 1سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151،مسند أحمد 2:232. [1]
2- 2) أحمد بن الحسن بن عليّ.بن فضّال،صرّح النّجاشيّ و المصنّف بأنّه كان فطحيّا.و قال المصنّف:أنا أتوقّف في روايته. رجال النّجاشيّ:80،رجال العلاّمة:203. [2]
3- 3) الاستبصار 1:261،273 ذيل حديث 989.
4- 4) الحسن بن محمّد بن سماعة الكنديّ الصّيرفيّ،يكنّى أبا علي أو أبا محمّد من شيوخ الواقفة و كان يعاند في الوقف،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. مات بالكوفة سنة 263 ه.و لا يخفى أنّ المراد من:الثّالث،في قول العلاّمة رواية جميل بن دراج المتقدّمة في ص 71 و لم نجد في طريقها الحسن بن محمّد بن سماعة،فتدبّر. رجال النّجاشيّ:40،رجال العلاّمة:212. [3]

في كثير من الأحوال.

و عن السّادس:انّ ذلك بيان لوقت الفضيلة،و أيضا في الطّريق الحسن[بن محمّد] (1)بن سماعة،و قد تقدّم ضعفه.

و عن السّابع:انّه بيان لوقت الفضيلة أيضا.

و عن الثّامن:انّ تعليق الحكم على ما ذكر لا يدلّ على عدمه عن غيره،و إن دلّ فمن حيث مفهوم الخطاب و هو غير قطعيّ،فلا يعارض ما تقدّم.

و أيضا:يحمل على الاستحباب،لما رواه الشّيخ،عن داود الصّرميّ (2)،قال:

كنت عند أبي الحسن الثّالث عليه السّلام يوما فجلس يحدّث حتّى غابت الشّمس،ثمَّ دعا بشمع و هو جالس يتحدّث،فلما خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشّفق قبل أن يصلّي المغرب،ثمَّ دعا بالماء فتوضّأ و صلّى (3)و لا يحمل على ذلك الضّرورة،إذ ليس هناك أمارة الاضطرار.

و عن التّاسع:انّ التّأخير إلى ربع اللّيل لا يدلّ على نفي التّأخير عن الزّائد و كذا الجواب عن العاشر.

و عن الحادي عشر:بما رواه بريدة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى المغرب في

ص:75


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) داود الصّرميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الهادي(ع)و قال:يكنّى أبا سليمان و يظهر من المحقّق الأردبيليّ اتّحاده مع داود بن مافنة الصّرميّ الّذي قال النّجاشيّ في ترجمته:كوفيّ روى عن الرّضا(ع)و يكنّى أبا سليمان و بقي إلى أيّام أبي الحسن صاحب العسكر(ع)و ردّه المحقّق المامقانيّ بأنّ هذا من أصحاب الرّضا(ع)و ذاك من أصحاب الهاديّ(ع)و اللّه العالم. رجال النّجاشيّ:161،رجال الطّوسيّ:415 في النّسخة الّتي بأيدينا عنونه ب الصّيرفيّ مكان الصّرميّ و لعلّه اشتباه من النّسّاخ.الفهرست:68، [1]جامع الرّواة 1:305، [2]تنقيح المقال 1:411. [3]
3- 3) التّهذيب 2:30 حديث 90،الاستبصار 1:264 حديث 955،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 10. [4]

اليوم الثّاني حين غاب الشّفق (1).

و عن أبي موسى،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر المغرب في اليوم الثّاني حتّى كان عند سقوط الشّفق (2)،رواه مسلم و أبو داود و لأنّها إحدى الصّلوات،فكان لها وقت متّسع كغيرها من الصّلوات.و لأنّ ما قبل مغيب الشّفق وقت لاستدامتها، فكان وقتا لابتدائها كأوّل وقتها.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن أديم بن الحرّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام،يقول:«انّ جبرئيل عليه السّلام أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصّلوات كلّها،فجعل لكلّ صلاة وقتين إلاّ المغرب فإنّه جعل لها وقتا واحدا» (3).

و في الصّحيح،عن زيد الشّحّام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت المغرب؟فقال:«انّ جبرئيل عليه السّلام أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكلّ صلاة بوقتين غير صلاة المغرب،فإنّ وقتها واحد،و وقتها وجوبها» (4).

لأنّا نقول:انّ ذلك محمول على الفضيلة،لما رواه ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صفة صلاة جبرئيل عليه السّلام:«و صلّى المغرب في الغد قبل سقوط الشّفق» (5).

و لما رواه،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إلاّ انّ رسول اللّه

ص:76


1- 1صحيح مسلم 1:428 حديث 176 و ص 429 حديث 177،سنن أبي داود 1:108 ذيل حديث 395.
2- 2) صحيح مسلم 1:429 حديث 178،سنن أبي داود 1:108 حديث 395.
3- 3) التّهذيب 2:260 حديث 1035،الاستبصار 1:269 حديث 974،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 11. [1]
4- 4) التّهذيب 2:260 حديث 1036،الاستبصار 1:270 حديث 975،الوسائل 3:136 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:257 حديث 1022،الاستبصار 1:263 حديث 949،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 13. [3]

صلّى اللّه عليه و آله كان إذا جدّ به السّير أخّر المغرب و يجمع بينها و بين العشاء» (1).

و مثله رواه،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام (2).

و عن عمر بن يزيد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أكون مع هؤلاء و انصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصّلاة فإن أنا نزلت أصلّي معهم لم أستمكن من الأذان و لا من الإقامة و افتتاح الصّلاة،فقال:«ائت منزلك و انزع ثيابك،و إن أردت أن تتوضّأ فتوضّأ و صلّ فإنّك في وقت إلى ربع اللّيل» (3).

و لا ريب انّ هذا السّائل سأل عن حال الاختيار،إذ ترك الأذان و الإقامة و غيرهما من المستحبّات كالافتتاح ليس عذرا يجوز معه تأخير الصّلاة عن وقتها.

و عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز أن تؤخّر ساعة؟قال:«لا بأس،إن كان صائما أفطر، و إن كانت له حاجة قضاها،ثمَّ صلّى» (4)و لو كان وقتها واحدا لما ساغ ذلك.

قوله:الإجماع على فعل الصّلاة في وقت الغروب.

قلنا:لا نزاع في جواز ذلك و انّه الأفضل،إنّما البحث في انّه هل هو كلّ الوقت؟ و الإجماع لا يدلّ عليه فادّعاؤه فيه مغالطة.

و عن الثّاني عشر:انّ فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الوقت المذكور لا يدلّ على انّه كمال الوقت و آخره.و عن الحديثين الأخيرين بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

ص:77


1- 1التّهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:32 حديث 96،الاستبصار 1:267 حديث 966،الوسائل 3:144 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 16. [2]
3- 3) التّهذيب 2:30 حديث 91،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 2:31 حديث 93،الاستبصار 1:266 حديث 963،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 12. [4]
مسألة:أوّل وقت العشاء بعد غروب الشّمس بمضيّ مقدار ثلاث ركعات،

و الضّابط ما قدّمناه.و انّ المغرب لها وقت مختصّ من أوّل الغروب إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات،ثمَّ يشترك الوقت بينهما و بين العشاء إلى أن يبقى لانتصاف اللّيل مقدار أداء أربع ركعات،فيختصّ بالعشاء.و هو أحد قوليّ السّيّد المرتضى (1).و به قال ابن الجنيد (2).و الشّيخ في الجمل قال:و روى انّ أوّل الوقت غيبوبة الشّفق (3).

و الظّاهر من كلام ابن أبي عقيل،انّ أوّل وقتها ما قلناه (4).و به قال أبو الصّلاح (5)أيضا،و ابن إدريس (6).و قال الشّيخ في النّهاية و المبسوط و الخلاف (7)و المصباح:أوّل وقتها غيبوبة الشّفق (8).و به قال سلاّر،و السّيّد المرتضى أيضا (9).

و هو مذهب الجمهور كافّة (10).

لنا:انّهما صلاتا جمع فيشترك وقتاهما كاشتراك صلاتي الظّهر و العصر.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين المغرب و العشاء من غير خوف و لا سفر (11).و عنه أيضا من غير خوف و لا مطر (12).

ص:78


1- 1رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):274،النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:42. [1]
3- 3) الجمل و العقود:59.
4- 4) نقله عنه في المختلف:69.
5- 5) الكافي في الفقه:137.
6- 6) السّرائر:39.
7- 7) النّهاية:59،المبسوط 1:75،الخلاف 1:85 مسألة 7.
8- 8) لم نعثر على قوله في مصباح المتهجّد،و لكن انظر:الاقتصاد:394.
9- 9) المراسم:62،النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
10- 10) المغني 1:426،المجموع 3:38،بداية المجتهد 1:96.
11- 11) صحيح مسلم 1:489 حديث 705،سنن أبي داود 2:6 حديث 1210،الموطّأ 1:144 حديث 4، [2]سنن النّسائي 1:290.
12- 12) صحيح مسلم 1:490 حديث 750،سنن أبي داود 2:6،حديث 1211،سنن التّرمذيّ 1:354 حديث 187، [3]سنن النّسائيّ 1:290.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام و أبا عبد اللّه عليهما السّلام عن الرّجل يصلّي العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق؟فقالا:«لا بأس به» (1).

و في الموثّق،عن عبيد اللّه و عمران (2)ابني عليّ الحلبيّ (3)،قالا:كنّا نختصم في الطّريق في الصّلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق،و كان منّا من يضيق بذلك صدره،فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام،فسألنا عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق؟فقال:«لا بأس بذلك»قلنا:و أيّ شيء الشّفق؟فقال:

«الحمرة» (4).

و ما تقدّم من حديث داود بن فرقد (5).

و ما رواه،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (6).

و ما رواه،عن الحسن بن عليّ (7)،عن إسحاق (8)،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه

ص:79


1- 1التّهذيب 2:34 حديث 104،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) عمران بن عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)وثّقه النّجاشيّ في ترجمة أخيه عبيد اللّه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:256،رجال النّجاشيّ:230،رجال العلاّمة:125. [2]
3- 3) عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ:أبو عبيد اللّه و عمران،وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في ترجمة ابنه عبيد اللّه. رجال النّجاشيّ:230،رجال العلاّمة:112.
4- 4) التّهذيب 2:34 حديث 105،الاستبصار 1:271 حديث 979،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 6 و [3]في الجميع:ابني عليّ الحلبيّين.
5- 5) تقدّم في ص 70. [4]
6- 6) التّهذيب 2:27 حديث 78،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 11. [5]
7- 7) الحسن بن عليّ بن فضّال التّيمليّ الكوفيّ يكنّي أبا محمّد،قال النّجاشيّ:كان الحسن عمره فطحيّا مشهورا بذلك حتّى حضره الموت،فمات و قد قال بالحقّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع)،و قال في الفهرست:روى عن الرّضا(ع)و كان خصيصا به وثّقه في الحديث و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قد تقدّم له ذكر في الجزء الأوّل ص 76 عند ترجمة ابن فضّال. رجال النّجاشيّ:34،رجال الطّوسيّ:371،الفهرست:47، [6]رجال العلاّمة:37. [7]
8- 8) إسحاق البطّيخيّ-بيّاع البطّيخ-ليس له عين و لا أثر في كتب الرّجال المتقدّمين.و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف إلاّ على رواية الحسن بن عليّ بن فضّال عنه عن أبي عبد اللّه(ع)في باب أوقات الصّلاة من التّهذيبين. تنقيح المقال 1:112. [8]

السّلام يصلّي العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق،ثمَّ ارتحل (1).

و في الصّحيح،عن أبي عبيدة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كانت ليلة مظلمة و ريح و مطر،صلّى المغرب،ثمَّ مكث قدر ما يتنفّل النّاس،ثمَّ قام مؤذّنه،ثمَّ صلّى العشاء الآخرة،ثمَّ انصرفوا» (2).

و في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يعجّل العشاء الآخرة في السّفر قبل أن يغيب الشّفق» (3).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن تؤخّر المغرب في السّفر حتّى يغيب الشّفق،و لا بأس بأنّ تعجّل العتمة في السّفر قبل مغيب الشّفق» (4)و لو لم يكن ما قبل غيبوبة الشّفق وقتا لما جازت الصّلاة

ص:80


1- 1التّهذيب 2:34 حديث 106،الاستبصار 1:271 حديث 980،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 7. [1]
2- 2) التّهذيب 2:35 حديث 109،الاستبصار 1:272 حديث 985،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 2:35 حديث 107،الاستبصار 1:272 حديث 983،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 2:35 حديث 108،الاستبصار 1:272 حديث 983،الوسائل 3:147 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 1 و [4]في الجميع:قبل أن يغيب الشّفق،مكان:مغيب.

فيه،سواء كان هناك عذر أو لم يكن،كما لا يجوز تقديم المغرب على الغروب مطلقا.

احتجّ الشّيخ (1)بما رواه في الصّحيح،عن عمران بن عليّ الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام متى تجب العتمة؟قال:«إذا غاب الشّفق،و الشّفق الحمرة» فقال عبيد اللّه:أصلحك اللّه انّه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«انّ الشّفق إنّما هو الحمرة و ليس الضّوء من الشّفق» (2).

و احتجّ الجمهور (3)بما رواه ابن عمر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الشّفق الحمرة،فإذا غاب الشّفق وجبت العشاء) (4).و لأنّه عليه السّلام كان يصلّي العشاء لسقوط القمر لثالثة (5).

و عن أبي مسعود (6)،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي هذه الصّلاة حين يسود الأفق (7).

و الجواب:ما ذكرتموه من الأحاديث دالّة على الفضيلة،لما ثبت من انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام قد كانوا يصلّون قبل ذلك.

ص:81


1- 1التّهذيب 2:33،الاستبصار 1:270.
2- 2) التّهذيب 2:34 حديث 103،الاستبصار 1:270 حديث 977،الوسائل 3:149 الباب 23 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
3- 3) المغني 1:427،3:263،الكافي لابن قدامة 1:123، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 3:28. [3]
4- 4) سنن الدّارقطنيّ 1:269 حديث 3،سنن البيهقيّ 1:373،نيل الأوطار 1:410 حديث 1.
5- 5) سنن أبي داود 1:114 حديث 419،سنن التّرمذيّ 1:306 حديث 165، [4]سنن النّسائيّ 1:264، سنن الدّارميّ 1:275، [5]سنن البيهقيّ 1:373،سنن الدّارقطني 1:269 حديث 1.
6- 6) عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن الحارث.بن الخزرج أبو مسعود الأنصاريّ المعروف ب«البدريّ»لأنّه سكن ماء بدر،شهد العقبة.روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه ابنه بشير،و عبد اللّه بن يزيد الخطميّ و أبو وائل و علقمة.مات سنة 40 ه و قيل:41،أو 42. أسد الغابة 5:296، [6]تهذيب التّهذيب 7:247. [7]
7- 7) سنن أبي داود 1:107 حديث 394،سنن البيهقيّ 1:364.
مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إلى ثلث اللّيل،

و للإجزاء إلى نصف اللّيل.و به قال السّيّد المرتضى في المصباح (1)،و ابن الجنيد (2)،و سلاّر (3)،و ابن بابويه (4)، و ابن إدريس (5).و به قال الشّيخ في المبسوط (6).

و قال في الجمل،و الخلاف (7)،و المصباح (8)،و النّهاية:آخره ثلث اللّيل و جعل النّصف رواية (9).و هو اختيار المفيد (10)،و ابن البرّاج (11).

و قال ابن أبي عقيل:آخره ربع اللّيل للمختار فإن تجاوز ذلك دخل في الوقت الأخير (12).

و قال أبو الصّلاح:آخر وقت الإجزاء ربع اللّيل،و آخر وقت المضطرّ نصف اللّيل (13).

و قال ابن حمزة:آخره للمختار الثّلث،و للمضطرّ النّصف (14).

ص:82


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:43. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:43. [2]
3- 3) المراسم:62.
4- 4) الفقيه 1:141 حديث 657.
5- 5) السّرائر:39.
6- 6) المبسوط 1:75. [3]
7- 7) الجمل و العقود:59،الخلاف 1:85 مسألة 8.
8- 8) لم نجد هذا القول في مصباح المتهجّد،و يحتمل أن يكون المراد كتابة الاقتصاد:394 حديث هذا القول موجود فيه.
9- 9) النّهاية:59. [4]
10- 10) المقنعة:14.
11- 11) المهذّب 1:69،شرح جمل العلم و العمل:66.
12- 12) نقله عنه في المختلف:70.
13- 13) الكافي في الفقه:137. [5]
14- 14) الوسيلة(الجوامع الفقهية):670.

و قال أبو حنيفة:آخره طلوع الفجر الثّاني (1).و للشّافعي قولان:أحدهما انّ آخره ثلث اللّيل قاله في الجديد (2).و به قال عمر بن الخطّاب،و أبو هريرة،و عمر بن عبد العزيز (3)،و مالك (4)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (5).

و الثّاني:نصف اللّيل ذكره في القديم و الإملاء (6).و هو الرّواية الثّانية لأحمد (7)،و به قال الثّوريّ،و أبو ثور (8).و قال النّخعيّ:آخره ربع اللّيل (9).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس قال:أخّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة العشاء إلى نصف اللّيل (10).و عن عبد اللّه بن عمر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:83


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:263، [1]المبسوط للسّرخسيّ 1:145،الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:196-197.
2- 2) الام 1:74،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 3:27، [2]الام(مختصر المزنيّ)8:11،بداية المجتهد 1:97،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،المبسوط للسّرخسيّ 1:145، شرح فتح القدير 1:196،عمدة القارئ 5:62.
3- 3) المغني 1:427،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،نيل الأوطار 1:413.
4- 4) بداية المجتهد 1:97،مقدّمات ابن رشد 1:106،بلغة السّالك 1:84،المغني 1:427،عمدة القارئ 5:62. [3]
5- 5) المغني 1:427،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،الكافي لابن قدامة 1:123،منار السّبيل 1:70، فتح العزيز بهامش المجموع 3:29. [4]
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 3:27،مغني المحتاج 1:124، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474.
7- 7) المغني 1:428،الكافي لابن قدامة 1:123،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،الإنصاف 1:435، فتح العزيز بهامش المجموع 3:29.
8- 8) المغني 1:428،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474.
9- 9) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،عمدة القارئ 5:62.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:150،صحيح مسلم 1:427 حديث 612،و قريب منه في:سنن ابن ماجه 1: 226 حديث 692،سنن النّسائيّ 1:268،سنن البيهقيّ 1:374.

و آله:(وقت العشاء إلى نصف اللّيل) (1).

و عن أبي سعيد قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لو لا ضعف الضّعيف و سقم السّقيم لأمرت هذه الصّلاة أن تؤخّر إلى شطر اللّيل) (2)و الشّطر النّصف،و لو لم يكن وقتا لما ساغ الأمر بالتّأخير على تقدير عدم ضعف الضّعيف و سقم السّقيم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«انّ اللّه افترض أربع صلوات أوّل وقتها من زوال الشّمس إلى انتصاف اللّيل» (3).

و عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه) (4).

و ما تقدّم من حديث داود بن فرقد (5).

و في الصّحيح،عن بكر بن محمّد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة،و آخر وقتها إلى غسق اللّيل،نصف اللّيل» (6).

و في الموثّق،عن هارون بن خارجة (7)،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه

ص:84


1- 1صحيح مسلم 1:427 حديث 173-174،سنن أبي داود 1:109 حديث 396،مسند أحمد 2:210، 213،223 [1] سنن البيهقيّ 1:374.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:226 حديث 693،سنن أبي داود 1:114 حديث 422-بتفاوت يسير،سنن النّسائيّ 1:268،مسند أحمد 3:5، [2]سنن البيهقيّ 1:375.
3- 3) التّهذيب 2:25 حديث 72،الاستبصار 1:261 حديث 938،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) الكافي 3:281 حديث 12، [4]التّهذيب 2:27 حديث 78،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [5]
5- 5) تقدّم في ص 70.
6- 6) الفقيه 1:141 حديث 657،التّهذيب 2:30 حديث 88،الاستبصار 1:264 حديث 953، الوسائل 3:127 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 6 و [6]في التّهذيب و الفقيه و الوسائل: [7]يعني:نصف اللّيل.
7- 7) هارون بن خارجة:أبو الحسن الصّيرفيّ مولى كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)قائلا:و أخوه مراد الصّيرفيّ و ابنه الحسن،و قال في الفهرست:له كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:437،رجال الطّوسيّ:328،الفهرست:176، [8]رجال العلاّمة:180. [9]

السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو لا انّي أخاف أن أشقّ على أمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث اللّيل و أنت في رخصة إلى نصف اللّيل،و هو غسق اللّيل، فإذا مضى الغسق نادى ملكان:من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف اللّيل فلا رقدت عيناه» (1).

و عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«آخر وقت العتمة نصف اللّيل» (2).

و في الموثّق،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«العتمة إلى ثلث اللّيل أو إلى نصف اللّيل و ذلك التّضييع» (3).

قوله عليه السّلام:«و ذلك التّضييع»أي للفضيلة،لأنّه إذا كان الوقت ممتدّا إلى تلك الغاية لم يكن التّأخير تضييعا للواجب عن وقته.

احتجّ الشّيخ بما رواه يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«وقت العشاء حين يغيب الشّفق إلى ثلث اللّيل» (4).

و ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و آخر وقت العشاء ثلث

ص:85


1- 1التّهذيب 2:261 حديث 1041،الاستبصار 1:272 حديث 986،الوسائل 3:146 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:262 حديث 1042،الاستبصار 1:273 حديث 987،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:262 حديث 1043،الاستبصار 1:273 حديث 988،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 9. [3]
4- 4) التّهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [4]

اللّيل» (1).

و عن ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أتى جبرئيل عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»و ساق الحديث إلى قوله:«و صلّى العتمة حين ذهب ثلث اللّيل» (2).

و كذا رواه معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و لأنّ الثّلث مجمع عليه فيقتصر على توقيته أخذا بالمتيقّن.

و احتجّ أبو حنيفة بما روي عنه عليه السّلام انّه قال:(لا يخرج وقت صلاة حتّى يدخل وقت اخرى) (4).

و بما روي عنه عليه السّلام قال(ليس التّفريط في النّوم إنّما التّفريط في اليقظة و هو أن يؤخّر الصّلاة حتّى يدخل وقت الأخرى) (5)و هو يدلّ على انّه لا تفريط بتأخيرها إلى قبل طلوع الفجر.

و الجواب عن الأوّل:انّه يدلّ على الفضيلة،جمعا بين الأدلّة.و لأنّه جعل أوّل الوقت غيبوبة الشّفق،و ذلك ابتداء وقت الفضيلة على ما يأتي و مضى،فيكون المنتهى كذلك أيضا.و لأنّ الرّاوي و هو يزيد بن خليفة لا يحضرني الآن حاله (6).

ص:86


1- 1التّهذيب 2:262 حديث 1045،الاستبصار 1:269 حديث 973،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:253 حديث 1004،الاستبصار 1:258 حديث 925،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1001،الاستبصار 1:257 حديث 922،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:145،بدائع الصّنائع 1:124.
5- 5) سنن أبي داود 1:121 حديث 441-و بتفاوت يسير انظر:صحيح مسلم 1:427 حديث 681،سنن النّسائيّ 1:294،سنن البيهقيّ 1:376،سنن الدّارقطنيّ 1:386 حديث 12.
6- 6) تقدّمت ترجمته في ص 54،و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة و قال:واقفيّ و طريقه غير متصل.رجال العلامة:265.

و عن الثّاني:ما تقدّم في وقت الظّهر و العصر (1).

و عن الثّالث:انّ الثّلث إن عنيت انّه مجمع على كونه غاية فهو نفس المتنازع، و إن عنيت انّه تجوز الصّلاة فيه،فهو مسلّم،لكن ذلك لا يدلّ على كونه غاية،و لا يجوز التّمسّك في مثل هذا بالإجماع،و قد سلف بيان ذلك في الأصول.

و عن الرّابع بعد تسليم النّقل:انّه غير عامّ،إذ لفظة صلاة نكرة ليست للعموم في معرض الإثبات و لو سلّم فالدّخول موجود،إذ صلاة اللّيل تدخل بالانتصاف.

لا يقال:انّه عنى بذلك الصّلاة الواجبة.

لأنّا نقول:انّه ليس في الخبر ما يدلّ عليه.

و عن الخامس:بمثل ما مضى في الرّابع.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال«إن نام،أو نسي المغرب،أو العشاء الآخرة،فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما،و إن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء،و إن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الصّبح،ثمَّ المغرب،ثمَّ العشاء قبل طلوع الشّمس» (2).

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن نام رجل و لم يصلّ صلاة المغرب و العشاء الآخرة،أو نسي،فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما،و إن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و إن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر،ثمَّ المغرب،ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع

ص:87


1- 1تقدّم في ص 43.
2- 2) التّهذيب 2:270 حديث 1076،الاستبصار 1:288 حديث 1053،الوسائل 3:209 الباب 62 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]

الشّمس،فإن خاف أن تطلع الشّمس فتفوته إحدى الصّلاتين فليصلّ المغرب و يدع العشاء الآخرة حتّى تطلع الشّمس و يذهب شعاعها،ثمَّ ليصلّها» (1).

و عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا طهرت المرأة آخر اللّيل فلتصلّ المغرب و العشاء» (2)و هذه الأخبار تدلّ على امتداد الوقت إلى طلوع الفجر.

لأنّا نقول:لا نسلّم دلالتها على ذلك قطعا،إذ قوله عليه السّلام:«فإن استيقظ قبل الفجر»يحتمل انّه استيقظ قبل نصف اللّيل أيضا،إذ الحوالة فيه على ما ثبت من انّ وقت العشاء الآخرة نصف اللّيل،فقال:«قدر ما يصلّيهما كلتيهما»يعني في وقتيهما.

و رواية ابن سنان دالّة على الاستحباب لا الوجوب،جمعا بين الأدلّة.

مسألة:أوّل وقت صلاة الغداة طلوع الفجر الثّاني

بلا خلاف بين علماء الإسلام.

و اعلم انّ ضوء النّهار من ضياء الشّمس،و إنّما يستضيء بها ما كان كملا في نفسه،كثيفا في جوهره،كالأرض،و القمر،و أجزاء الأرض المتّصلة و المنفصلة.و كلّما يستضيء(وجهه من الشمس) (3)فإنّه يقع له ظلّ من ورائه،و قد قدّر اللّه تعالى بلطيف حكمته دوران الشّمس حول الأرض،فإذا كانت تحتها،وقع ظلّها فوق الأرض على شكل مخروط و يكون الهواء المستضيء بضياء الشّمس محيطا بجوانب ذلك المخروط، فتستضيء نهايات الظّلّ بذلك الهواء المضيء،لكنّ ضوء النّهار ضعيف،إذ هو مستعار،فلا ينفذ كثيرا في أجزاء المخروط،بل كلّما ازداد بعدا،ازداد ضعفا،فإذن متى يكون في وسط المخروط،يكون في أشدّ الظّلام،و إذا قربت الشّمس من الأفق الشّرقيّ، مال مخروط الظّل عن سمت الرّأس،و قربت الأجزاء المستضيئة من حواشي الظّلّ

ص:88


1- 1التّهذيب 2:270 حديث 1077،الاستبصار 1:288 حديث 1054،الوسائل 3:209 الباب 62 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:390 حديث 1204،الاستبصار 1:143 حديث 490،الوسائل 2:600 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 10. [2]
3- 3) «غ»:من جهة الشّمس.

بضياء الهواء من البصر و فيه أدنى قوّة فيدركه البصر عند قرب الصّباح.و على هذا كلّما ازدادت الشّمس قربا من الأفق ازداد مخروط الضّوء فيزداد الضّوء من نهايات الظّلّ إلى أن تطلع الشّمس،و أوّل ما يظهر الضّوء عند قرب الصّباح يظهر مستدقّا مستطيلا كالعمود و يسمّى الصّبح الكاذب،و الأوّل يشبه ذنب السّرحان لدقّته و استطالته و يسمّى الأوّل لسبقه على الثّاني،و الكاذب لكون الأفق مظلما،أي لو كان يصدق انّه نور الشّمس لكان المنير ما يلي الشّمس دون ما يبعد منه،و يكون ضعيفا دقيقا،و يبقى وجه الأرض على ظلامة بظلّ الأرض،ثمَّ يزداد هذا الضّوء إلى أن يأخذ طولا و عرضا فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة و هو الفجر الثّاني الصّادق،لأنّه صدقك عن الصّبح و بيّنه لك،و الصّبح ما جمع بياضا و حمرة،و منه سمّي الرّجل الّذي في لونه بياض و حمرة أصبح.ثمَّ يزداد الضّوء إلى أن يحمرّ الأفق،ثمَّ تطلع الشمس.و بالفجر الثّاني يتعلّق الحكم من وجوب الصّلاة و أحكام الصّوم الآتية،لا الفجر الأوّل و عليه إجماع أهل العلم (1).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ركعتي الصّبح[و هي الفجر] (2)إذا اعترض الفجر و أضاء حسنا» (3).

و عن حصين بن أبي الحصين (4)،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«الفجر هو

ص:89


1- 1المغني 1:429،أحكام القرآن للجصّاص 3:250، [1]المجموع 3:44، [2]بداية المجتهد 1:97.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:36 حديث 111،الاستبصار 1:273 حديث 990،الوسائل 3:154 الباب 27 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
4- 4) حصين بن أبي الحصين،روى عن أبي جعفر(ع)و روى عنه الحسين بن سعيد،و يظهر من المصنّف اتّحاده مع أبي الحصين بن الحصين الحصينيّ حيث ذكره في القسم الأوّل من الخلاصة من أصحاب الجواد(ع)،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد(ع)في باب كناه،و قال:ثقة. رجال الطّوسيّ:408،رجال العلاّمة:187. [4]

الخيط الأبيض المعترض،و ليس هو الأبيض صعدا و لا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تتبيّنه» (1).

مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إسفار الصّبح،

و للإجزاء طلوع الشّمس.ذهب إليه المفيد (2)،و السّيّد المرتضى (3)،و ابن الجنيد (4)،و أبو الصّلاح (5)،و ابن إدريس (6).و به قال أبو حنيفة (7).

و قال الشّيخ في الخلاف:وقت المختار إلى أن يسفر الصّبح،و وقت المضطرّ إلى طلوع الشّمس (8).و به قال الشّافعيّ (9)،و أحمد (10).

و قال ابن أبي عقيل:آخره أن تبدو الحمرة،فإن تجاوز دخل في الوقت الأخير (11).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

ص:90


1- 1التّهذيب 2:36 حديث 115،الاستبصار 1:274 حديث 994،الوسائل 3:153 الباب 27 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) المقنعة:14.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:45.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:45.
5- 5) الكافي في الفقه:138. [2]
6- 6) السّرائر:39.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:141،الهداية للمرغينانيّ 1:38، [4]بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:421.
8- 8) الخلاف 1:86 مسألة 10.
9- 9) الأم 1:75،الام(مختصر المزنيّ)8:11،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:43،فتح العزيز بهامش المجموع 3:34،مغني المحتاج 1:124،السّراج الوهّاج:35.
10- 10) المغني 1:439،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:476،الإنصاف 1:438،بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:420.
11- 11) نقله عنه في المعتبر 2:45. [5]

(وقت الفجر ما لم تطلع الشّمس) (1).

و عن أبي هريرة،عنه عليه السّلام،(أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر،و آخر وقتها حين تطلع الشّمس) (2).

و ما رواه أبو هريرة و عبد اللّه بن عمرو بن العاص،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (انّ للصّلاة وقتين،أوّلا و آخرا،و انّ أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر و آخره حين تطلع الشّمس) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس» (4).

احتجّ الشّيخ (5)بما رواه في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصّبح السّماء،و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنّه وقت لمن شغل،أو نسي،أو نام» (6).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«لكلّ صلاة وقتان،و أوّل الوقتين أفضلهما،و وقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصّبح السّماء،و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا،و لكنّه وقت من شغل،أو نسي،أو سهى،أو نام،و وقت المغرب حين تجب الشّمس إلى أن تشتبك النّجوم،

ص:91


1- 1صحيح مسلم 1:427 حديث 172،سنن أبي داود 1:109 حديث 396،سنن النّسائيّ 1:260،سنن البيهقيّ 1:367،مسند أحمد 2:213. [1]
2- 2) سنن الدّارقطني 1:262 حديث 22.
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [2]سنن البيهقيّ 1:376،مسند أحمد 2:232. [3]
4- 4) التّهذيب 2:36 حديث 114،الاستبصار 1:275 حديث 998،الوسائل 3:152 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]
5- 5) التّهذيب 2:38،الاستبصار 1:276.
6- 6) التّهذيب 2:38 حديث 121،الاستبصار 1:276 حديث 1001،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]

و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلاّ من عذر،أو من علّة» (1).

و احتجّ الشّافعي بما رواه بريدة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه صلّى الفجر حين طلع الفجر،و في اليوم الثّاني أسفر بها،ثمَّ قال:(وقت صلواتكم بين ما رأيتم) (2).

و الجواب عن الأوّل:انّه محمول على الفضيلة،و يدلّ عليه انّه أتى بلفظة:لا ينبغي،و هي غالبا إنّما تستعمل في ذلك.

و عن الثّاني:انّه غير دالّ بصريحة على انّ ما عدا ذلك،ليس بوقت،فلا يعارض النّصّ القطعيّ في ذلك.

روى أبو داود،عن أبي موسى،انّه عليه السّلام،صلّى الفجر في اليوم الثّاني و انصرف،فقلنا:طلعت الشّمس (3)و لا ريب في انتفاء الضّرورة هناك.

البحث الثّاني:في أوقات النّوافل الرّواتب:
مسألة:وقت نافلة الظّهر من الزّوال إلى أن تبلغ زيادة الظّلّ قدمين.

اختاره الشّيخ في النّهاية (4).و قال في المبسوط:إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله (5).

و الأخبار في ذلك مختلفة،روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه

ص:92


1- 1التّهذيب 2:39 حديث 123،الاستبصار 1:276 حديث 1003،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:428 حديث 613،سنن ابن ماجه 1:219 حديث 667.مسند أحمد 5:349، [2]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 25.
3- 3) سنن أبي داود 1:108 حديث 395.
4- 4) النّهاية:60. [3]
5- 5) المبسوط 1:76. [4]

السّلام،قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لم؟قال:«لمكان الفريضة،لك أن تتنفّل من زوال الشّمس إلى أن تبلغ ذراعا،فإذا بلغت ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (1).

و عن سماعة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام،«إذا زالت الشّمس فصلّ ثمان ركعات،ثمَّ صلّ الفريضة أربعا،فإذا فرغت من سبحتك قصّرت أو طوّلت فصلّ العصر» (2).

و عن ذريح المحاربيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأله أناس و أنا حاضر،فقال:«إذا زالت الشّمس فهو وقت لا يحبسك منه إلاّ سبحتك،تطيلها أو تقصّرها».فقال بعض القوم:انّا نصلّي الأولى إذا كانت على قدمين،و العصر على أربعة أقدام،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«النّصف من ذلك أحبّ إليّ» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصّلاة في الحضر ثماني ركعات إذا زالت الشّمس ما بينك و بين أن يذهب ثلثا القامة،فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة» (4).

و في الصّحيح،عن محمّد بن أحمد بن يحيى (5)،قال:كتب بعض أصحابنا إلى أبي

ص:93


1- 1التّهذيب 2:245 حديث 974،الاستبصار 1:249 حديث 893،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 20. [1]
2- 2) التّهذيب 2:245 حديث 976،الاستبصار 1:249 حديث 895،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 11. [2]
3- 3) التّهذيب 2:246 حديث 978،الاستبصار 1:249 حديث 897،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 12. [3]
4- 4) التّهذيب 2:248 حديث 985،الاستبصار 1:253 حديث 908،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 23. [4]
5- 5) أبو جعفر محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ القميّ كان ثقة في الحديث،إلاّ أنّ أصحابنا قالوا:كان يروي عن الضّعفاء و [5]يعتمد المراسيل،قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم بقوله تارة:محمّد بن أحمد بن يحيى روى عنه التّلعكبريّ إجازة،و اخرى بقوله: محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ صاحب نوادر الحكمة،و قال في الفهرست:هو جليل القدر كثير الرّواية له كتاب«نوادر الحكمة». رجال النّجاشيّ:348،رجال الطّوسيّ:491،493،الفهرست:144. [6]

الحسن عليه السّلام،روي عن آبائك القدم و القدمان و الأربع،و القامة و القامتان، و ظلّ مثلك،و الذّراع و الذّراعان،فكتب عليه السّلام:«لا القدم و لا القدمان،إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين و بين يديها سبحة و هي ثماني ركعات،فإن شئت طوّلت،و إن شئت قصّرت،ثمَّ صلّ الظّهر،فإذا فرغت كان بين الظّهر و العصر سبحة و هي ثمان ركعات،إن شئت طوّلت،و إن شئت قصّرت،ثمَّ صلّ العصر» (1).

و عن محمّد بن الفرج (2)،قال:كتبت أسأل عن أوقات الصّلاة؟فأجاب:«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك و أحبّ أن يكون فراغك من الفريضة و الشّمس على قدمين» (3).

و هذه الأخبار و إن اختلفت إلاّ انّها قريبة من الاتّفاق في المعنى،و ذلك لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام،يقول:«كان حائط مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قامة،فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى

ص:94


1- 1التّهذيب 2:249 حديث 990،الاستبصار 1:254 حديث 913،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 13. و [1]في الجميع:«القدم و القدمين و الأربع،و القامة و القامتين،و ظلّ مثلك،و الذّراع و الذّراعين.».
2- 2) محمّد بن الفرج الرّخجيّ-نسبة إلى رخج مدينة من نواحي كإبل،أو إلى الرّخجة قرية على نحو فرسخ من بغداد-عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الرّضا و الجواد و الهادي(ع)و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه. رجال الطّوسيّ:387،405،422،رجال العلاّمة:140. [2]
3- 3) التّهذيب 2:250 حديث 991،الاستبصار 1:255 حديث 914،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 31. [3]

الظّهر،و إذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر»ثمَّ قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لا،قال:«من أجل الفريضة،إذا دخل وقت الذّراع و الذّراعين بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (1).

و روى،عن عليّ بن حنظلة (2)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«في كتاب عليّ عليه السّلام:القامة ذراع،و القامتان ذراعان» (3)و هذان الحديثان يدلاّن على اعتبار المثل و المثلين في نوافل الظّهر و العصر،لأنّ التّقدير انّ الحائط ذراع لأنّه قامة.

و ما تقدّم من الأخبار الدّالة على إرادة التّطويل و التّقصير فمحمول على عدم تجاوز المثل و المثلين.و الأخبار الدّالّة على ثلثي القامة دالّة على الأفضليّة،أمّا على عدم جواز فعلها فيما تجاوز فعلا.

مسألة:و وقت نافلة العصر من حين الفراغ من صلاة الظّهر

إلى أن يصير الظّلّ إلى أربعة أقدام،ذكره الشّيخ في النّهاية (4).و اعتبر في المبسوط المثلين (5)يدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الظّهر على ذراع و العصر على نحو ذلك» (6)و هذا يدلّ على

ص:95


1- 1التّهذيب 2:250 حديث 992،الاستبصار 1:255 حديث 915،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 27. [1]
2- 2) عليّ بن حنظلة:أبو الحسن العجليّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الإمام الباقر(ع)مع أخيه عمر بن حنظلة،و اخرى من أصحاب الصّادق(ع). رجال الطّوسيّ:241.
3- 3) التّهذيب 2:251 حديث 995،الاستبصار 1:251 حديث 900،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 26. [2]
4- 4) النّهاية:60. [3]
5- 5) المبسوط 1:76. [4]
6- 6) التّهذيب 2:248 حديث 987،الاستبصار 1:253 حديث 910،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 24. [5]

اعتبار ذراع آخر و هو المثل الثّاني.

و عن محمّد بن الفرج،قال:كنت أسأل عن أوقات[الصّلاة] (1)فأجاب،«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك،و أحبّ أن يكون فراغك من الفريضة و الشّمس على قدمين،ثمَّ صلّ سبحتك،و أحبّ أن يكون فراغك من العصر و الشّمس على أربعة أقدام،فإن عجّل بك أمر فابدأ بالفريضتين و اقض بعدهما».

و عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان الفيء في الجدار ذراعا صلّى الظّهر،و إذا كان ذراعين صلّى العصر»قلت:الجدران تختلف منها قصير و منها طويل،قال:«انّ جدار مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يومئذ قامة»و إنّما جعل الذّراع و الذّراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة (2).

مسألة:وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربيّة.

و عليه اتّفاق علمائنا،لأنّ العشاء يستحبّ تأخيرها إلى هذه الغاية،فكان الاشتغال بالنّافلة حينئذ مطلوبا.أمّا عند ذهاب الحمرة فإنّه يقع الاشتغال بالفريضة فتكره النّافلة حينئذ.و لما رواه الشّيخ،عن عمرو بن حريث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ثلاثا المغرب،و أربعا بعدها» (3).

و روى ابن بابويه،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«فإذا آبت الشّمس-و هو أن تغيب-صلّى المغرب ثلاثا،و بعد المغرب

ص:96


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:21 حديث 58،الاستبصار 1:255 حديث 916،الوسائل 3:105،الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 10 و [1]في التّهذيب و الوسائل [2]لم يرد تمام الحديث.
3- 3) التّهذيب 2:4 حديث 4،الاستبصار 1:218 حديث 774،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [3]

أربعا،ثمَّ لا يصلّي شيئا حتّى يسقط الشّفق،فإذا سقط صلّى العشاء» (1)و هذا يدلّ على انّ آخر وقتها غيبوبة الحمرة-كما قلنا-لأنّ اشتغال الرّسول صلّى اللّه عليه و آله بالعشاء في ذلك الوقت إنّما يكون بعد دخول وقت العشاء،و حينئذ لا تطوّع لما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوّع» (2).

مسألة:وقت ركعتي الوتيرة بعد العشاء و تمتدّ بامتداد وقتها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأنّها نافلة الصّلاة تفعل بعدها فتقدّر بوقتها ضرورة.قال الشّيخ:و يستحبّ أن يجعلها بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها (3).

مسألة:وقت صلاة اللّيل بعد انتصافه،

و كلّما قرب من الفجر كان أفضل.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال مالك:الثّلث الأخير (4).و قال الشّافعيّ:إن جزّأ اللّيل نصفين فالنّصف الآخر أفضل،و إن جزّأه أثلاثا كان الثّلث الأوسط أفضل (5).

لنا:قوله تعالى «وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ» (6)مدح اللّه تعالى المستغفرين في وقت السّحر،و هو قبل الصّبح على ما قاله أصحاب اللّغة (7)،فدلّ على أفضليّة الدّعاء فيه و الإنابة على غيره و الصّلاة فيها الدّعاء و الاستغفار.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينام أوّل

ص:97


1- 1الفقيه 1:146 حديث 678،الوسائل 3:43 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 2:167 حديث 661،الاستبصار 1:252 حديث 906،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 3 و [2]في الجميع:فإذا دخلت الفريضة فلا تطوّع.
3- 3) المبسوط 1:76، [3]النّهاية:60. [4]
4- 4) بلغة السّالك 1:146،أقرب المسالك بهامش بلغة السّالك 1:146.
5- 5) الام 1:143،الام(مختصر المزنيّ)8:21،المجموع 4:44،مغني المحتاج 1:227.
6- 6) آل عمران:17. [5]
7- 7) الصّحاح 2:678،القاموس المحيط 2:46،المصباح المنير 1:267.

اللّيل و يحيي آخره (1).

و عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(أفضل الصّلاة صلاة داود،كان ينام نصف اللّيل و يقوم ثلثه و ينام سدسه) (2).

و عن عمرو بن عنبسة (3)،قال:قلت:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّ اللّيل أسمع؟قال:(جوف اللّيل الأخير فصلّ ما شئت) (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن فضالة (5)،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي بعد ما ينتصف اللّيل ثلاث عشرة ركعة» (6).

و في الصّحيح،عن عمر بن يزيد انّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام«انّ في اللّيل لساعة لا يوافقها عبد مسلم و يدعو اللّه فيها إلاّ استجاب له في كلّ ليلة»قلت:أصلحك اللّه فأيّة ساعة من اللّيل؟قال:«إذا مضى نصف اللّيل إلى الثّلث الباقي» (7).

ص:98


1- 1صحيح مسلم 1:510 حديث 739-بتفاوت-سنن ابن ماجه 1:434 حديث 1265،سنن النّسائيّ 3:218،مسند أحمد 6:102. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:63-بتفاوت-صحيح مسلم 2:816 حديث 1159،سنن ابن ماجه 1:546 حديث 1712،سنن النّسائيّ 3:214،مسند أحمد 2:160. [2]
3- 3) عمرو بن عبسة أو عنبسة بن خالد بن عامر بن غاضرة بن عتّاب بن امرئ القيس:أبو نجيح،و قيل:أبو شعيب،أسلم بمكّة،روى عن النّبيّ(ص)،و روى عنه ابن مسعود و سهل بن سعد و أبو أمامة الباهليّ. مات بحمّص في أواخر خلافة عثمان.أسد الغابة 4:120،الإصابة 3:5، [3]تهذيب التّهذيب 8:69. [4]
4- 4) لم نعثر عليه بهذا اللفظ نعم ورد بمعناه في:سنن ابن ماجه 1:396 حديث 1251،سنن النّسائيّ 1: 279،سنن التّرمذيّ 5:526 حديث 3499 و [5]فيه:عن أبي أمامة.
5- 5) كذا في النّسخ،و الصّحيح:فضيل حيث أنّ الرّاويّ عنه هو:عمر بن أذينة و هو لا يروي عن فضالة.و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:ص 144.
6- 6) التّهذيب 2:117 حديث 442،الاستبصار 1:279 حديث 1012،الوسائل 3:180 الباب 43 من أبواب المواقيت،حديث 3. [6]
7- 7) التّهذيب 2:117 حديث 441،الوسائل 4:1118 الباب 26 من أبواب الدّعاء،حديث 1. [7]

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى العشاء الآخرة أوى إلى فراشه لا يصلّي شيئا إلاّ بعد انتصاف اللّيل لا في شهر رمضان و لا في غيره» (1).

و عن محمّد بن عمر (2)،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ الثّمانية ركعات يصلّيها العبد آخر اللّيل زينة الآخرة» (3).

و في الصّحيح،عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ (4)،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن ساعات الوتر؟فقال:«أحبّها إلي الفجر الأوّل» (5)و سألته عن أفضل ساعات اللّيل؟قال:«الثّلث الباقي».

و عن مرازم (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:متى أصلّي صلاة اللّيل؟ قال:«صلّها أخر اللّيل» (7).

ص:99


1- 1التّهذيب 2:118 حديث 443،الاستبصار 1:279 حديث 1013،الوسائل 3:180 الباب 43 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السّابريّ،روى عن أبي الحسن(ع).و روى عنه ابن أخيه عمر بن عليّ بن عمر.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع).رجال النّجاشيّ:364،رجال الطّوسيّ:391.
3- 3) التّهذيب 2:120 حديث 455،الوسائل 5:271 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 12. [2]
4- 4) إسماعيل بن سعد الأحوط الأشعريّ القميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرّضا(ع) و قال:ثقة.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:367،رجال العلاّمة:8. [3]
5- 5) التّهذيب 2:339 حديث 1401،الوسائل 3:197 الباب 54 من أبواب المواقيت،حديث 4. [4]
6- 6) مرازم بن حكيم الأزديّ المدائنيّ،ثقة يكنّى أبا محمّد،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع)و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:مات في أيّام الرّضا(ع). رجال النّجاشيّ:424،رجال الطّوسيّ:319،359،رجال العلاّمة:170. [5]
7- 7) التّهذيب 2:335 حديث 1382،الوسائل 3:186 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 6. [6]

و في الصّحيح،عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ساعات الوتر؟فقال:«الفجر أفضل ذلك» (1).

مسألة:و ركعتا الفجر بعد الفراغ من صلاة اللّيل،

و تأخيرها إلى طلوع الفجر الأوّل أفضل،و يمتدّ الوقت إلى طلوع الحمرة فيشتغل بالفريضة حينئذ.فهاهنا أحكام:

الأوّل:أنّهما بعد صلاة اللّيل.و هو مذهب أهل العلم.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن ركعتي الفجر؟فقال:«احشوا بهما صلاة اللّيل» (2).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:ركعتا الفجر من صلاة اللّيل هي؟قال:«نعم» (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟فقال:«قبل الفجر انّهما من صلاة اللّيل،ثلاث عشرة ركعة صلاة اللّيل،أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أ كنت تتطوّع؟إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة» (4).

و في هذا الحديث فوائد:

أحدها الحكم بأنّهما قبل الفجر.

و ثانيها:انّهما و إن كانا قبل الفجر فإنّهما يسمّيان بركعتي الفجر،و ذلك من باب

ص:100


1- 1التّهذيب 2:336 حديث 1388،الوسائل 3:197 الباب 54 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:132 حديث 511،الاستبصار 1:283 حديث 1029،الوسائل 3:191 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:132 حديث 512،الاستبصار 1:283 حديث 1030،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 2:133 حديث 513،الاستبصار 1:283 حديث 1031،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 3. [4]

التّجوّز تسمية للشّيء باسم ما يقاربه.

و ثالثها:الحكم بأنّهما من صلاة اللّيل.

و رابعها:تعليل انّهما من قبل الفجر بأنّهما من صلاة اللّيل،و ذلك يدلّ على أنّ ما بعد الفجر ليس من اللّيل،خلافا للأعمش (1)و غيره،و لحذيفة على ما روي عنه، حيث ذهبوا إلى أنّ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس من اللّيل،و أنّ صلاة الصّبح من صلوات اللّيل (2)،و إنّه يباح للصّائم الأكل و الشرب إلى طلوع الشّمس،و يؤيّده فسادا قوله تعالى :«أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ» (3)و اتّفق المفسّرون على أنّ المراد بذلك صلاة الصّبح و العصر (4).

و خامسها:انّ صلاة اللّيل إحدى عشرة ركعة،و مع ركعتي الفجر ثلاث عشرة، خلافا لأكثر الجمهور على ما تقدّم (5).

و سادسها:انّ قوله:(أ تريد أن تقايس)فيه إنكار للعمل بالقياس و تعريض بالمنع منه كما ذهب إليه أكثر علمائنا (6)و طائفة من الجمهور (7)،خلافا لابن الجنيد منّا (8)،و لأكثر الجمهور (9).

ص:101


1- 1أبو محمّد سليمان بن مهران الأسديّ الكاهليّ مولاهم الأعمش،روى عن ابن أبي أوفى و أبي وائل، و روى عنه الحكم بن عتيبة و أبو إسحاق السّبيعيّ.مات سنة 148 ه. العبر 1:160، [1]تهذيب التّهذيب 4:222. [2]
2- 2) المجموع 3:45. [3]
3- 3) هود:11.
4- 4) تفسير الطّبريّ 12:127-128، [4]تفسير القرطبيّ 9:109، [5]التّفسير الكبير 18:73، [6]تفسير التّبيان 6: 79. [7]
5- 5) تقدّم في ص 19.
6- 6) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):202،الغنية(الجوامع الفقهيّة):543،السّرائر:4-5، فقه القرآن للرّاونديّ 1:5.
7- 7) بداية المجتهد 1:2،المحلّى 1:56.
8- 8) رجال النّجاشيّ:388.
9- 9) مقدمات ابن رشد 1:14.

و سابعها:انّ قوله:(لو كان عليك من شهر رمضان أ كنت تتطوّع)يدلّ على المنع من صوم النّافلة لمن عليه صوم واجب،لأنّه عليه السّلام جعله أصلا،فلا بدّ و أن يكون الحكم فيه ثابتا لنقيس عليه المنع من فعل النّافلة في وقت الفريضة بجامع شغل الذّمّة بواجب.

و ثامنها:الأمر بفعل الفريضة عند دخول وقتها و ترك التّعرّض بالنّافلة إلاّ ما استثنيناه لأدلّة خاصّة.

و تاسعها:انّ المراد بقوله:(الفجر)هو الفجر الثّاني،لدلالة سياق الحديث عليه، فحينئذ يجوز فعلهما بعد طلوع الفجر الأوّل.

الحكم الثّاني:تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأوّل،و فيه قولان:

أحدهما:للشّيخين،قالا:انّهما يعقبان صلاة اللّيل و إن لم يطلع الفجر الأوّل (1).

و الثّاني:للسّيّد المرتضى،انّ وقتهما من طلوع الفجر الأوّل (2).

أمّا الأوّل:فيدلّ عليه ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام،عن أوّل وقت ركعتي الفجر؟قال:«سدس اللّيل الباقي» (3).و ما تقدّم من حديث ابن أبي نصر،و حديث زرارة.

و أمّا الثّاني:فيدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن يعقوب بن سالم،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلّهما بعد الفجر،و اقرأ فيهما في الأولى:(قل يا ايّها الكافرون)و في الثّانية:«قل هو اللّه احد» (4).

ص:102


1- 1المفيد في المقنعة:13،و الطّوسيّ في المبسوط 1:76،و [1]النّهاية:61،و [2]الجمل و العقود:60.
2- 2) نقل عنه في المعتبر 2:56. [3]
3- 3) التّهذيب 2:133 حديث 515،الاستبصار 1:283 حديث 1033،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 5. [4]
4- 4) التّهذيب 2:134 حديث 521،الاستبصار 1:284 حديث 1038،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

و في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«صلّهما بعد ما يطلع الفجر» (1).

و في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ربّما صلّيتهما و عليّ ليل،فإن قمت و لم يطلع الفجر أعدتهما» (2).

و ما رواه في الموثّق،عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام،يقول:«انّي لأصلّي صلاة اللّيل و أفرغ من صلاتي و أصلّي الرّكعتين فأنام ما شاء اللّه قبل أن يطلع الفجر،فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما» (3).و القول الأوّل أشهر بين الأصحاب (4)، و تحمل الأحاديث الّتي استدلّ بها السّيّد المرتضى على الاستحباب،و انّ الأولى تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأوّل.

الحكم الثّالث:جواز فعلهما إلى طلوع الحمرة،و يدلّ عليه ما رواه الجمهور،عن حفصة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أذّن المؤذّن و طلع الفجر يصلّي ركعتين (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«صلّ ركعتي الفجر قبل الفجر و بعده و عنده» (6).

ص:103


1- 1التّهذيب 2:134 حديث 523،الاستبصار 1:284 حديث 1040،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:135 حديث 527،الاستبصار 1:285 حديث 1044،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:135 حديث 528،الاستبصار 1:285 حديث 1045،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 9. [3]
4- 4) الفقيه 1:313،الكافي في الفقه:159، [4]المراسم:63،المعتبر 2:55، [5]الجامع للشّرائع:62. [6]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:160،صحيح مسلم 1:500 حديث 723-بتفاوت،سنن النّسائيّ 3:253، الموطّأ 1:127 حديث 29، [7]سنن الدّارميّ 1:336.
6- 6) التّهذيب 2:133 حديث 518،الاستبصار 1:284 حديث 1035،الوسائل 3:194 الباب 52 من أبواب المواقيت،حديث 1. [8]

و مثله رواه في الصّحيح،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و عن الحسين بن أبي العلاء،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يقوم و قد نوّر بالغداة،قال:«فليصلّ السّجدتين اللّتين قبل الغداة،ثمَّ ليصلّ الغداة» (2).

و لأنّها نافلة مرتّبة على الفريضة و تساويها في الوقت كالنّوافل المقدّمة.

الحكم الرّابع:أخر وقتهما طلوع الحمرة،لأنّه وقت يتضيّق فيه الفريضة للمتأيّد في صلاته،فيمنع النّافلة.

و لما رواه الشّيخ،عن إسحاق بن عمّار،عمّن أخبره،عنه عليه السّلام،قال:

«صلّ الرّكعتين ما بينك و بين أن يكون الضّوء حذاء رأسك،فإذا كان بعد ذلك فابدأ بالفجر» (3).

و عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر و تظهر الحمرة و لم يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخّرهما؟قال:

«يؤخّرهما» (4).

البحث الثّالث:في الأحكام
مسألة:قد بيّنّا فيما مضى جواز التكليف بالواجب الموسّع و وقوعه،

(5)

و إنّما بقي

ص:104


1- 1التّهذيب 2:134 حديث 519،الاستبصار 1:284 حديث 1036،الوسائل 3:195 الباب 52 من أبواب المواقيت حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:135 حديث 525،الاستبصار 1:285 حديث 1042،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 2:134 حديث 524،الاستبصار 1:284 حديث 1041،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]
4- 4) التّهذيب 2:340 حديث 1409،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 1. [4]
5- 5) تقدّم في ص 35. [5]

البحث هاهنا في شيء واحد،و هو انّ الوجوب هل يثبت بأوّل الوقت أم لا؟فالّذي نختاره انّه تجب الصّلاة مثلا بأوّل الوقت وجوبا موسّعا.و هو اختيار الشّيخ (1)،و ابن أبي عقيل (2)،و جماعة من أصحابنا (3)،و ذهب إليه الشّافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال المفيد رحمه اللّه:إن أخّرها،ثمَّ اخترم في الوقت قبل أن يؤدّيها كان مضيّعا لها،و إن بقي حتّى يؤدّيها في أخر الوقت أو فيما بين الأوّل و الآخر عفى عن ذنبه (6).و فيه تعريض بالتّضييق.و قال أيضا في بعض المواضع:إن أخّرها لغير عذر كان عاصيا و يسقط عقابه لو فعلها في بقيّة الوقت (7).

و قال أبو حنيفة:يجب بآخر الوقت إذا بقي منه ما لا يتّسع لأكثر منها (8).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» (9)و الأمر يقتضي الوجوب.و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على مقدار المواقيت (10).و لأنّ دخول الوقت سبب للوجوب،فيترتّب عليه مسبّبه حين الوجود.و لأنّه يشترط فيها نيّة الوجوب،و لو

ص:105


1- 1المبسوط 1:77،الخلاف 1:89 مسألة 18،التّهذيب 2:41.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:29. [1]
3- 3) منهم:أبو الصّلاح في الكافي في الفقه:138،و ابن إدريس في السّرائر:39،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2: 29. [2]
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:47، [3]فتح العزير بهامش المجموع 3:41، [4]المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464.
5- 5) المغني 1:414،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،الكافي لابن قدامة 1:124،الإنصاف 1:429، [5]المجموع 3:47. [6]
6- 6) المقنعة:14.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:29. [7]
8- 8) المجموع 3:47،مقدّمات ابن رشد 1:109،المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،بداية المجتهد 1:101.
9- 9) الإسراء:78. [8]
10- 10) تقدّم في ص 94-95.

لم تكن واجبة (1)لما صحّت نيّته،كما في النّافلة.

احتجّ أبو حنيفة (2)بأنّه يتخيّر في فعلها و تركها أوّل الوقت،فلا تكون واجبة كالنّافلة.

و الجواب:انّ التّخيّر ينافي الوجوب المعيّن،أمّا المخيّر فلا.و نحن فقد بيّنّا (3)فيما سلف رجوع هذا الواجب إلى الواجب المخيّر.و الفرق بينه و بين النّافلة انّ النّافلة يجوز تركها من غير عزم على الإتيان بها بخلاف هذا.

لا يقال:هذا ينافي ما ذكرتم أوّلا من عدم وجوب العزم.

لأنّا نقول:العزم إنّما يجب لا بالأمر،بل من حيث انّه من أحكام الدّين،الواجبة بأمر مغاير.

مسألة:و يستقرّ الوجوب بأن يمضي من الوقت قدر الطّهارة و فعل الصّلاة،

فلو تجدّد عذر مسقط،كجنون،أو حيض،أو إغماء قبل مضيّ هذه المدّة و إن كان الوقت قد دخل حتّى استوعب الوقت لم يجب القضاء.ذهب إليه الشّيخ رحمه اللّه (4)،و به قال الشّافعيّ (5)،و إسحاق (6)،و أبو عبد اللّه بن بطّة (7)(8).و قال أحمد:يستقرّ الوجوب بإدراك جزء من أوّل الوقت.

ص:106


1- 1في جميع النّسخ يوجد:«و إلاّ»و إنّما حذفناه من المتن لاستقامة العبارة.
2- 2) المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،المجموع 3:47-48.
3- 3) تقدّم في ص 35.
4- 4) الخلاف 1:88 مسألة 15 و ص 90،المبسوط 1:73.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:67،مغني المحتاج 1:131،المغني 1:415. [1]
6- 6) المغني 1:415. [2]
7- 7) أبو عبد اللّه بن عبيد اللّه بن محمّد بن محمد بن حمدان بن بطّة العكبريّ الفقيه الحنبليّ،صنّف كتابا كبيرا في السّنّة.روى عن البغويّ و أبي ذرّ بن الباغنديّ.مات سنة 387 ه. العبر 1:171، [3]شذرات الذّهب 3:122. [4]
8- 8) المغني 1:415،الإنصاف 1:441. [5]

و يلوح من كلام السّيّد المرتضى استقرار الوجوب بإدراك الصّلاة في الوقت أو أكثرها (1).

لنا:أنّ وجوب الأداء ساقط،لاستحالة تكليف ما لا يطاق،و القضاء تابع لوجوب الأداء،فيسقط لسقوط متبوعه.و لأنّه وقت لا يمكنه أن يصلّي فيه فلا يجب القضاء،كما لو طرأ العذر قبل دخول الوقت.

احتجّ المخالف (2)بأنّها صلاة وجبت عليه،فوجب قضاؤها إذا فاتته كما لو أمكنه الأداء.

و الجواب:المنع من الوجوب،لتوقّفه على الوقت المتّسع.

فروع:
الفرع الأوّل:الواجب الموسّع قد يتضيّق،

و ذلك إذا غلب على ظنّ المكلّف الهلاك قبل آخر الوقت،فيتعيّن فعله حينئذ،و يعصي بتأخيره إجماعا،فلو أخّره،ثمَّ ظهر له فساد ظنّه و لمّا يخرج الوقت فهو أداء،لأنّه ظنّ ظهر بطلانه،فلا حكم له في نقل صفة العبادة.

و قال بعض الجمهور:انّه يكون قضاء،و هو بعيد (3).

و لو لم يغلب على ظنّه ذلك،جاز له تركه إلى آخر الوقت،فلو مات حينئذ لم يعص على أحسن الوجهين و إلاّ لنافي جواز التّأخير فظهر انّ هذا الوصف منوط بالظّنّ.

و هذا حكم الواجب الموسّع الذي وقته العمر،كقضاء الواجبات،فإنّه متى غلب على ظنّه التّلف تعيّن عليه فعله و يضيّق وقته.

الفرع الثّاني:

لو أدرك من أوّل الوقت مقدار أداء الصّلاة وجب القضاء مع عدم

ص:107


1- 1المغني 1:442،الكافي لابن قدامة 1:124،الإنصاف 1:441.
2- 2) جمل العلم و العمل:67.
3- 3) يستفاد من ظاهر المجموع 3:50.

الفعل،فلو أدرك من الزّوال مقدار ثماني ركعات وجبت الصّلاتان،لاشتراك الوقتين.و كذا البحث في المغرب و العشاء.و لو أدرك من آخر الوقت مقدار ركعة وجبت أداء،فلو أخلّ حينئذ وجب القضاء.

أمّا إدراك الصّلاة بإدراك ركعة فلا خلاف فيه بين أهل العلم (1)،لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (2).

و في رواية:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الأصبغ بن نباته (4)،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام«من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامّة» (5).

و عن عمّار بن موسى السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«فإن صلّى ركعة

ص:108


1- 1المغني 1:420،المجموع 3:65-66، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 41، [2]إرشاد السّاري 1:497،نيل الأوطار 1:425،387.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،سنن ابن ماجه 1:356 حديث 1122،سنن النّسائيّ 1:274،الموطّأ 1:10 حديث 15، [3]سنن الدّارميّ 1:277. [4]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186، [5]سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [6]سنن الدّارميّ 1: 278، [7]مسند أحمد 2:462. [8]
4- 4) الأصبغ بن نباته التّميميّ الحنظليّ المجاشعيّ الكوفيّ كان من خاصّة أمير المؤمنين(ع)و عمّر بعده،روى عهد مالك الأشتر،و وصيّة عليّ(ع)إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليّ(ع)و ابنه الحسن(ع).ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:مشكور. رجال النّجاشيّ:8،رجال الطّوسيّ:34،66،رجال العلاّمة:24. [9]
5- 5) التّهذيب 2:38 حديث 119،الاستبصار 1:275 حديث 999،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 2. [10]

من الغداة،ثمَّ طلعت الشّمس فليتمّ و قد جازت صلاته،و إن طلعت الشّمس قبل أن يصلّي ركعة فليقطع الصّلاة و لا يصلّي حتّى تطلع الشّمس و يذهب شعاعها» (1).

و أمّا كونها أداء فقد اختلف علماؤنا فيه،فقال بعضهم:انّه يكون مؤدّيا لجميعها بفعل ركعة في الوقت (2)،و اختاره الشّيخ (3).

و قال آخرون:يكون قاضيا (4).

و قال الباقي:يكون قاضيا للمفعول في خارج الوقت (5).

و الأوّل أشبه عندي بالصّواب.لقوله عليه السّلام:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (6).

و في لفظ آخر:(من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت) (7)و مع القضاء لا يكون إدراكا.و لأنّ الجمعة تدرك بركعة،فكذا ها هنا.

الفرع الثّالث:لو أدرك أقلّ من ركعة لم يكن مدركا.

ذهب إليه علماؤنا،و هو أحد قولي الشّافعيّ (8)،و مذهب مالك (9)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (10).و قال أبو

ص:109


1- 1التّهذيب 2:262 حديث 1044،الاستبصار 1:276 حديث 1000 فيه صدر الحديث،الوسائل 3: 158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) المعتبر 2:47، [2]الشّرائع 1:63.
3- 3) الخلاف 1:86 مسألة 11،المبسوط 1:72-73. [3]
4- 4) القائل هو السّيّد المرتضى على ما حكى عنه في الخلاف 1:86.
5- 5) انظر:المعتبر 2:47. [4]
6- 6) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،الموطّأ 1:10 حديث 15. [5]
7- 7) لم نعثر على هذا اللّفظ في المصادر الموجودة إلاّ في المعتبر 2:47، [6]نعم نقل بمعناه في:صحيح البخاريّ 1: 151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608.
8- 8) الام 1:73،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:64-65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:70،مغني المحتاج 1:131،نيل الأوطار 1:426.
9- 9) بلغة السّالك 1:86،الشّرح الصغير بهامش بلغة السّالك،1:86،المغني 1:420،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،فتح العزيز بهامش المجموع 3:70،نيل الأوطار 1:426.
10- 10) المغني 1:420،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،الكافي لابن قدامة 1:125،الإنصاف 1:439، منار السّبيل 1:71.

حنيفة:لو أدرك تكبيرة الإحرام كان مدركا (1).و هو القول الآخر للشّافعيّ (2).

لنا:أنّه عليه السّلام خصّص بالرّكعة في قوله:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (3)و التّقييد دليل على الاقتصار.

و من طريق الخاصّة:رواية عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«و إن طلعت الشّمس قبل أن يصلّي ركعة فليقطع الصّلاة» (4).و لأنّه أدرك للصّلاة،فلا يحصل بأقلّ من ركعة كالجمعة.

احتجّ أبو حنيفة (5)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشّمس فليتمّ صلاته،و إذا أدرك سجدة من صلاة الصّبح قبل أن تطلع الشّمس فليتمّ صلاته) (6).و لأنّ الإدراك إذا تعلّق به حكم في الصّلاة استوى فيه الرّكعة و ما دونها،كالجماعة.

و الجواب عن الأوّل:من وجهين:

أحدهما:انّ أبا هريرة روى(من أدرك ركعة من صلاة العصر) (7)و إذا اختلفت

ص:110


1- 1المغني 1:421،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،المجموع 3:47،فتح العزيز بهامش المجموع 3:68، عمدة القارئ 5:49،نيل الأوطار 1:426.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:53-54،المجموع 3:64-65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:68،المغني 1: 421،الشّرح الكبير [1]بهامش المغني 1:478،بداية المجتهد 1:100،نيل الأوطار 1:426.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:51،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،الموطّأ 1:10 حديث 15. [2]
4- 4) التّهذيب 2:262 حديث 1044،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
5- 5) المغني 1:421،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،نيل الأوطار 1:426.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:146،سنن النّسائيّ 1:257،سنن البيهقيّ 1:378،مسند أحمد 2:399، 474، [4]سنن الدّارقطنيّ 2:84 حديث 1،في الأخيرين بتفاوت يسير.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186،سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [5]سنن الدّارميّ 1:278، [6]مسند أحمد 2:462. [7]

رواية الرّاوي طرحت،لتطرّق التّهمة إليها.

الثّاني:انّا نقول بموجبة،إذ من أدرك السّجدة يحصل إدراك الرّكعة،و ذلك دليل لنا.

و عن الثّاني:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي.

الفرع الرّابع:قال الشّيخ:لو أدرك من آخر وقت الظّهرين أربعا

فاتت الظّهر و تعيّنت العصر.و لو أدرك خمسا فقد أدرك الصّلاتين (1).و هو حسن بناء على ما حقّقناه (2)من انّ الوقت يشترك (3)بعد أربع إلى أن يبقي للغروب مقدار أربع.

أمّا على قول بعض أصحابنا من اشتراك الوقتين من الزّوال إلى الغروب،فإنّه يكون مدركا للصّلاتين لو أدرك أربعا (4).و هو قول للشّافعيّ (5).

الفرع الخامس:الحائض،و النّفساء،و الصّبيّ إذا بلغ،

و المغمى عليه إذا أفاق، و المجنون إذا برئ،و الكافر إذا أسلم و قد بقي للغروب مقدار ركعة و الطّهارة،تعيّنت العصر عليهم و سقطت الظّهر.ذهب إليه أكثر علمائنا (6).و كذا البحث في المغرب و العشاء.و قال أكثر الجمهور:يصلّون الصّلاتين معا (7).و هو رواية لنا.و قال الحسن البصريّ:لا تجب إلاّ الصّلاة الّتي طهرت في وقتها (8).و هو قول الثّوريّ (9)،

ص:111


1- 1المبسوط 1:73.
2- 2) راجع ص 53-55. [1]
3- 3) «م»:مشترك.
4- 4) الفقيه 1:139-140،الهداية:29. [2]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:65-66.
6- 6) الخلاف 1:87 مسألة 13،المعتبر 2:47، [3]الجامع للشّرائع:61. [4]
7- 7) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،المجموع 3:65-66،بداية المجتهد 1:99-100، فتح العزيز بهامش المجموع 3:73،مغني المحتاج 1:132،نيل الأوطار 1:355.
8- 8) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،المجموع 3:66، [5]نيل الأوطار 1:355.
9- 9) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،المجموع 3:66.

و أصحاب الرّأي (1).

لنا:انّ وقت الاولى خرج و هو معذور فلا يجب،كما لو لم يدرك من وقت الثّانية شيئا.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (2)و لو كان مدركا للصّلاتين لم يكن لتخصيص العصر فائدة بل كان ينبغي ذكر الصّلاتين معا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معمّر بن يحيى،قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الحائض تطهر عند العصر،تصلّي الاولى؟قال:«لا إنّما تصلّي الصّلاة الّتي تطهر عندها» (3).

و في الموثّق،عن الفضل بن يونس،عن أبي الحسن الكاظم عليه السّلام،قال:

قلت:المرأة ترى الطّهر قبل غروب الشّمس كيف تصنع بالصّلاة؟قال:«إذا رأت الطّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام فلا تصلّي إلاّ العصر،لأنّ وقت الظّهر دخل عليها و هي في الدّم،و خرج عنها الوقت و هي في الدّم،فلم يجب عليها أنّ تصلّي الظّهر و ما طرح اللّه عنها من الصّلاة و هي في الدّم أكثر» (4).

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:قلت:المرأة ترى الطّهر

ص:112


1- 1المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،المجموع 3:66، [1]فتح العزير بهامش المجموع 3:73، [2]بداية المجتهد 1:100،عمدة القارئ 5:49.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186، [3]سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [4]مسند أحمد 2: 462. [5]
3- 3) التّهذيب 1:389 حديث 1198،الاستبصار 1:141 حديث 484،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 3-و [6]فيه:معمّر بن عمر.
4- 4) التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 2. [7]

عند الظّهر فتشتغل في شأنها حتّى يدخل وقت العصر،قال:«تصلّي العصر وحدها،فإن ضيّعت فعليها صلاتان» (1).

احتجّ الجمهور (2)بما رواه الأثرم و ابن المنذر بإسنادهما،عن عبد الرّحمن بن عوف و عبد اللّه بن عبّاس انّهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة:تصلّي المغرب و العشاء،فإذا طهرت قبل أن تغرب الشّمس صلّت الظّهر و العصر جميعا (3).و لأنّ وقت الثّانية وقت الاولى حالة العذر،فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثّانية.

و الجواب عن الأوّل:بأنّ عبد الرّحمن،و ابن عبّاس لم يسندا قولهما إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فجاز أن يكون فتوى عن اجتهاد،فلا يكون مسموعا.و لأنّه يحمل على الاستحباب،و بهذا الثّاني نجيب عن الأخبار الواردة عندنا بالقضاء إذا طهرت الحائض قبل الغروب (4)،جمعا بين الأحاديث.

و عن الثّاني بالمنع من اشتراك الوقت،و من إيقاع الاولى في وقت الثّانية على ما تقدّم (5).

الفرع السّادس:لو أدرك المكلّف من وقت صلاتي الأولى قدرا يجب به،

ثمَّ جنّ،أو كانت امرأة فحاضت أو نفست،ثمَّ زال العذر بعد وقتهما لم تجب الثّانية و لا قضاؤها، لأنّه لم يدرك جزءا من وقتها و لا وقتا يسعها،فلا يجب،كما لو لم يدرك من وقت الأولى شيئا.

الفرع السّابع:لو أفاق المجنون و المغمى عليه قبل أن يمضي الوقت بمقدار ركعة،

ثمَّ عاد

ص:113


1- 1التّهذيب 1:389 حديث 1200،الاستبصار 1:142 حديث 486،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) المغني 1:442،الشّرح الكبير [2]بهامش المغني 1:482،نيل الأوطار 1:355.
3- 3) سنن البيهقيّ 1:387،المغني 1:442،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،نيل الأوطار 1:355.
4- 4) الوسائل 2:596 الباب 48 من أبواب الحيض،و [3] 598 الباب 49.
5- 5) راجع ص 111. [4]

إليه الجنون قبل انقضاء الوقت أو عند انقضائه،لم يلزمه قضاؤها،لأنّه لم يلحق جميع الوقت الّذي يمكنه إيقاع الفعل فيه.

الفرع الثّامن:قال الشّيخ في المبسوط:إذا بلغ الصّبيّ في أثناء الصّلاة بما لا يفسدها

أتمّ .

(1)

و قال في الخلاف:يستأنف إن كان الوقت باقيا (2).و ما ذكره في الخلاف أشبه عندي بالصّواب.أمّا لو بلغ بما ينافيها فإنّه يستأنف من رأس.

الفرع التّاسع:لو بلغ في الوقت بعد فراغه من الصّلاة،

و أمكنه الطّهارة و أداء ركعة فيه، وجبت عليه و لم يجزئه ما فعله أوّلا.و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).لأنّه صلّى قبل وجوبها عليه و قبل حصول سبب الوجوب،فلم يجزئه عن صلاة وجد سبب وجوبها كما لو صلّي قبل الوقت.و لأنّ ما أوقعه إنّما أوقعه على جهة النّفل،فلا يكون مجزيا عن الفرض،كما لو نوى بالفريضة النّافلة.و لأنّه بلغ قبل العبادة و قبل فعلها،فيجب إعادتها كالحجّ.و قال الشّافعيّ:يجزئه و لا تجب عليه الإعادة،لأنّه أدّى وظيفة الوقت،فلم يلزمه إعادتها كالبالغ (5).

و الجواب:وظيفة البالغ صلاة واجبة و لم يأت بها.

مسألة:الصّلاة في أوّل الوقت أفضل إلاّ العشاء و المغرب للمفيض من عرفات،

و الظّهر في الحرّ الشّديد للجميع روى الجمهور،عن جابر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الظّهر بالهاجرة (6)،و العصر و الشّمس نقيّة،و المغرب إذا وجبت (7)،

ص:114


1- 1المبسوط 1:73. [1]
2- 2) الخلاف 1:102.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:95،المغني 1:445،المجموع 3:12،فتح العزيز بهامش المجموع 3:82.
4- 4) المغني 1:445،الكافي لابن قدامة 1:119،الإنصاف 1:397،المجموع 3:12.
5- 5) الام(مختصر المزنيّ)8:14،المهذّب للشّيرازيّ 1:51،المجموع 3:12،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 82،المغني 1:445.
6- 6) الهاجرة:نصف النّهار عند اشتداد الحرّ.الصّحاح 2:851. [2]
7- 7) وجبت الشّمس:أي غابت.الصّحاح 1:232. [3]

و العشاء أحيانا و أحيانا،إذا رآهم اجتمعوا عجّل،و إذا رآهم أبطأوا أخّر،و الصّبح كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّيها بغلس (1)(2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضله،و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلاّ في عذر من غير علّة» (3).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضلهما» (4).

و عن بكر بن محمّد قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فضل الوقت الأوّل على الأخير خير للمؤمن من ولده و ماله» (5).

و في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه وقت كلّ صلاة أوّل الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟فقال:«أوّله،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:انّ اللّه يحبّ من الخير ما يعجّل» (6).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«اعلم انّ الوقت الأوّل أبدا أفضل فتعجّل الخير ما استطعت،و أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ ما داوم

ص:115


1- 1الغلس:ظلمة آخر اللّيل إذا اختلطت بضوء الصّباح. الصّحاح 3:956، [1]النّهاية لابن الأثير 3:377. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:147،صحيح مسلم 1:446 حديث 646،سنن أبي داود 1:109 حديث 397، سنن النّسائيّ 1:264،مسند أحمد 3:369 و [3]في بعضها بتفاوت يسير.
3- 3) التّهذيب 2:39 حديث 124،الاستبصار 1:244 حديث 870،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 13. [4]
4- 4) التّهذيب 2:40 حديث 125،الاستبصار 1:244 حديث 870،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 13. [5]
5- 5) التّهذيب 2:40 حديث 126،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 14. [6]
6- 6) التّهذيب 2:40 حديث 127،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 12. [7]

العبد عليه و إن قلّ» (1).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«إذا دخل وقت صلاة فتحت أبواب السّماء لصعود الأعمال،فما أحبّ أن يصعد عمل أوّل من عملي،و لا يكتب في الصّحيفة أحد أوّل منّي» (2).

و لأنّها طاعة فيستحبّ تعجيلها كغيرها،و لا نعرف في ذلك خلافا.

فروع:
الفرع الأوّل:لا نعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب تعجيل الظّهر في غير الحرّ .

(3)

قالت عائشة:ما رأيت أحدا أشدّ تعجيلا للظّهر من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

و أمّا في الحرّ فيستحبّ الإبراد بها إن كانت البلاد حارّة،و صلّيت في المسجد جماعة.و به قال الشّافعيّ (5)،لقوله عليه السّلام:(إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة فإنّ شدّة الحرّ من فيح جهنّم) (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن معاوية بن وهب،عن الصّادق عليه السّلام،قال:«كان المؤذّن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحرّ في صلاة الظّهر

ص:116


1- 1التّهذيب 2:41 حديث 130،الوسائل 3:88 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 2:41 حديث 131،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:293،المغني 1:433،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:54،59،نيل الأوطار 1:384.
4- 4) سنن التّرمذيّ 1:292 حديث 155،مسند أحمد 6:135،215. [3]
5- 5) الام 1:72،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:59،بداية المجتهد 1:93،المغني 1:434،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،نيل الأوطار 1:385.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:430 حديث 615،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 677، سنن أبي داود 1:110 حديث 402،سنن التّرمذيّ 1:295 حديث 157،سنن النّسائيّ 1:248، سنن الدّارميّ 1:274. [4]

فيقول له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أبرد أبرد» (1).و لأنّه موضع ضرورة،فاستحبّ التّأخير لزوالها.

أمّا لو لم يكن الحرّ شديدا أو كانت البلاد باردة أو صلّى في بيته،فالمستحبّ فيه التّعجيل.و هو مذهب الشّافعيّ (2)خلافا لأصحاب الرّأي،و أحمد (3).

لنا:المقتضي لاستحباب التّعجيل موجود و المانع مفقود،فيوجّه الأثر لقوله عليه السّلام:«الوقت الأوّل من الصّلاة رضوان اللّه و الوقت الأخير عفو اللّه» (4).

أمّا الجمعة فلا يستحبّ تأخيرها.و هو قول أهل العلم كافّة (5)،لضيق وقتها.

و لأنّه نقل التّعجيل دائما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6)،و لو كان التّأخير مستحبّا لما داوم على خلافه.

الفرع الثّاني:لا يستحبّ تأخير العصر لما قدّمناه .

(7)

و هو قول عمر و ابن مسعود، و عائشة،و ابن المبارك،و أهل المدينة،و الأوزاعيّ (8)،و الشّافعيّ (9)،

ص:117


1- 1الفقيه 1:144 حديث 671،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) الام 1:72،73،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:59،المغني 1:434،فتح العزيز بهامش المجموع 3:53،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467.
3- 3) بداية المجتهد 1:93.
4- 4) الفقيه 1:140 حديث 651،الوسائل 3:90 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 16. و انظر أيضا:سنن التّرمذيّ 1:321 حديث 172،سنن البيهقيّ 1:435،سنن الدّارقطنيّ 1:249 حديث 20-21.
5- 5) المغني 1:434،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:60، الإنصاف 1:432،عمدة القارئ 5:21.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:17،و ج 3:143،صحيح مسلم 2:588 حديث 860،859،سنن ابن ماجه 1: 350 حديث 1099،سنن التّرمذيّ 2:403 حديث 378،مسند أحمد 5:336.
7- 7) تقدّم في ص 116.
8- 8) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،سنن التّرمذيّ 1:300، [2]المجموع 3:54.
9- 9) الام 1:73،سنن التّرمذيّ 1:300، [3]المجموع 3:28،54،المغني 1:436،فتح العزيز بهامش المجموع 3:54،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المبسوط للسّرخسيّ 1:147.

و إسحاق (1)،و أحمد (2).

و روي عن ابن شبرمة،و أبي قلابة (3):انّ تأخيرها أفضل (4).و هو قول أصحاب الرأي (5).

لنا:ما تقدّم (6)،و ما رواه الجمهور،عن أبي امامة (7)،قال:صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظّهر،ثمَّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلّي العصر، فقلنا:يا[عمّ] (8)،ما هذه الصّلاة الّتي صلّيت؟قال:العصر و هذه صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّتي كنّا نصلّيها معه،رواه البخاريّ (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الظّهر و العصر حين زالت

ص:118


1- 1سنن التّرمذيّ 1:300، [1]المغني 1:436، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471. [3]
2- 2) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،الكافي لابن قدامة 1:122،الإنصاف 1:434، [4]سنن التّرمذيّ 1:300. [5]
3- 3) أبو قلابة عبد الملك بن محمّد بن عبد الملك الرّقاشيّ البصريّ،روى عن أبيه و أبي عامر و يزيد بن هارون، و روى عنه ابن ماجه و الصّغانيّ و ابن خزيمة،مات سنة 276 ه. العبر 1:397، [6]شذرات الذّهب 2:170، [7]تهذيب التّهذيب 6:419. [8]
4- 4) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:147،الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:199،المغني 1:436، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المجموع 3:54.
6- 6) تقدّم في ص 116.
7- 7) أبو أمامة أسعد بن سهيل بن حنيف الأنصاريّ المدنيّ كان من علماء المدينة،روى عن النّبيّ مرسلا و عن عمر و أبيه سهل و ابن عبّاس.روى عنه ابناه سهل و محمّد و ابن عمّه أبو بكر بن عثمان بن حنيف.مات سنة 100 ه. أسد الغابة 5:139، [9]العبر 1:89، [10]تهذيب التّهذيب 1:263. [11]
8- 8) «ح»«ق»:يا أبا عمر،«غ»«ن»،يا أبا عمرة،«م»:يا أبا عمرو.و ما أثبتناه من المصدر.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:144.

الشّمس في جماعة من غير علّة» (1).

و في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

يكون أصحابنا في المكان مجتمعين فيقوم بعضهم يصلّي الظّهر،و بعضهم يصلّي العصر، قال:«كلّ واسع» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:بين الظّهر و العصر حدّ معروف؟فقال:«لا» (3)و إذا لم يكن بينهما حدّ معيّن،كان وقت العصر حين الفراغ من الظّهر،فيكون فعلها فيه أولى.

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الموتور أهله و ماله من ضيّع صلاة العصر.قيل:و ما الموتور أهله و ماله؟ قال:لا يكون له أهل و لا مال في الجنّة.قيل:و ما تضييعها؟قال:يدعها حتّى تصفّر أو تغيب» (4).

احتجّ المخالف (5)بما رواه رافع بن خديج (6)،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر بتأخير العصر (7).و لأنّها آخر صلاتي جمع،فاستحبّ تأخيرها كصلاة العشاء.

ص:119


1- 1التّهذيب 2:19 حديث 53،الوسائل 3:101 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 2:251 حديث 997،الاستبصار 1:256 حديث 918،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:255 حديث 1013،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 1:141 حديث 654،التّهذيب 2:256 حديث 1018،الاستبصار 1:259 حديث 930، الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 1،7- [4]بتفاوت في الجميع.
5- 5) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المجموع 3:54،شرح فتح القدير 1:199-200.
6- 6) أبو عبد اللّه رافع بن خديج بن رافع بن عديّ بن يزيد بن جشم بن حارثة بن الحارث الأنصاريّ الأوسيّ المدنيّ.روى عن النّبيّ(ص)و عن عمّه ظهير بن رافع و روى عنه ابنه عبد الرّحمن و محمود بن لبيد و سليمان بن يسار.مات سنة 73 و قيل 74 ه. الإصابة 1:495، [5]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:495، [6]أسد الغابة 2:151. [7]
7- 7) سنن التّرمذيّ 1:300، [8]سنن الدّار قطنيّ 1:251 حديث 5،سنن البيهقيّ 1:443.

و الجواب عن الأوّل،انّ التّرمذيّ طعن في الحديث (1).و قال الدّار قطنيّ:يرويه عبد الواحد (2)بن نافع و ليس بالقويّ (3).

و عن الثّاني:انّه قياس في باب الأوقات،فيكون باطلا،لأنّه من باب التّقديرات.

الثالث الثّالث:لو قيل باستحباب تأخير الظّهر و المغرب في الغيم كان وجها،

ليحصل اليقين بدخول الوقتين.و قد ذهب إليه بعض الجمهور (4).

الفرع الرّابع:لا يستحبّ تأخير المغرب عن الغروب

في قول أهل العلم كافّة (5)،روى جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه كان يصلّيها إذا وجبت الشمس (6).

و عن رافع بن خديج:كنّا نصلّي المغرب مع النّبي صلّى اللّه عليه و آله فينصرف أحدنا و انّه ليبصر بمواقع نبله (7).

ص:120


1- 1سنن التّرمذيّ 1:300.
2- 2) عبد الواحد بن نافع الكلاعيّ:أبو الرمّاح،قال ابن حبّان:شيخ يروي عن أهل الحجاز المقلوبات،و عن أهل الشّام الموضوعات،لا يحلّ ذكره في الكتب إلاّ على سبيل القدح فيه.روى عن عبد اللّه بن رافع بن خديج عن أبيه،و روى عنه حرميّ بن عمارة و أبو عاصم و سلمة. المجروحين لابن حبّان 2:154،الجرح و التّعديل 6:24،ميزان الاعتدال 2:676،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 2:157.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:251.
4- 4) المغني 1:435،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،المبسوط للسّرخسيّ 1:148.
5- 5) المغني 1:437،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:55،المبسوط للسّرخسيّ 1:147،سنن التّرمذيّ 1:305،مقدّمات ابن رشد 1:106،شرح فتح القدير 1:200.
6- 6) صحيح البخاري 1:147،صحيح مسلم 1:446 حديث 646،سنن التّرمذيّ 1:281 حديث 150، [1]سنن النّسائيّ 1:264،مسند أحمد 3:330،351،369،سنن الدّارميّ 1:267،سنن البيهقيّ 1: 370،447.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:147،صحيح مسلم 1:441 حديث 637،سنن ابن ماجه 1:224 حديث 687- بتفاوت يسير،مسند أحمد 4:141. [2]

و قال عليه السّلام:(لا تزال أمّتي بخير)،أو قال:(على الفطرة حتّى يؤخّروا المغرب،إلى أن تشتبك النّجوم) (1)رواه أبو داود.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زيد الشّحام،قال:قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أؤخّر المغرب حتّى تستبين النّجوم؟فقال:«خطّابيّة» (2)؟انّ جبرئيل عليه السلام نزل بها على محمد صلى الله عليه و آله حين سقط القرص» (3).

و عن سعيد بن جناح،عن بعض أصحابنا،عن الرضا عليه السلام،قال:«ان أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة،و كانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق،و إنما ذلك للمسافر و الخائف و لصاحب الحاجة» (4).

و عن محمد بن أبي حمزة (5)،عمن ذكره،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

قال:«ملعون من أخر المغرب طلب فضلها» (6).

و عن ذريح،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:ان أناسا من أصحاب أبي الخطاب يسمون بالمغرب حتى تشتبك النجوم،قال:«أبرأ إلى الله ممن فعل ذلك متعمدا» (7).

ص:121


1- 1سنن أبي داود 1:113 حديث 418.
2- 2) الخطابية:فرقة منسوبة إلى محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي:أبو الخطاب الذي لعنه الإمام الصادق (ع)و قد مرت ترجمته في ص 886.
3- 3) التهذيب 2:28 حديث 80 و ص 32 حديث 98،الاستبصار 1:262 حديث 943،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 18. [1]
4- 4) التهذيب 2:33 حديث 99،الاستبصار 1:268 حديث 968،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 19. [2]
5- 5) محمد بن أبي حمزة-و اسم أبي حمزة:ثابت بن أبي صفية-الثمالي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و وثقه المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:358،رجال الطوسي:322،الفهرست:148، [3]رجال العلامة:152. [4]
6- 6) التهذيب 2:33 حديث 100،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 20. [5]
7- 7) التهذيب 2:33 حديث 102،الاستبصار 1:268 حديث 970،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 12. [6]

و ما ورد في ذلك من الأحاديث الدالة على التأخير،فبعضها محمول على العذر، و بعضها مكذوب،لشهادة الصادق و الرضا عليهما السلام بكذبها و نسبته إلى أبي الخطاب.

الخامس الخامس:يستحب تأخير العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي.

و أكثر أهل (1)العلم على استحباب التأخير،خلافا للشافعي (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي برزة (3)،ان النبي صلى الله عليه و آله كان يستحب أن يؤخر من العشاء التي يدعونها العتمة (4).

و عن النبي صلى الله عليه و آله:(لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه).قال الترمذي:و هو حديث حسن صحيح (5).

و روى البخاري،عن عائشة،قالت:اعتم رسول الله صلى الله عليه و آله بالعشاء حتى ناداه عمر بالصلاة،نام النساء و الصبيان،فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله فقال:(ما ينتظرها أحد غيركم) (6).

ص:122


1- 1المغني 1:437،الشرح الكبير بهامش المغني 1:475،سنن الترمذي 1:412،المبسوط للسرخسي 1: 147،المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:56،57.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 563،فتح العزيز بهامش المجموع 3:54،المغني 1:437، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:475، [2]المبسوط للسّرخسي 1:147.
3- 3) أبو برزة:نضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي،سكن البصرة،له صحبة شهد فتح خيبر و مكة،روى عن النبي(ص)و عن أبي بكر،و روى عنه ابنه المغيرة و أبو عثمان النهدي و أبو المنهال سيار بن سلامة.قيل: مات بخراسان سنة 64 ه.و قيل:مات بالبصرة سنة 60 ه. أسد الغابة 5:146، [3]الإصابة 3:556. [4]
4- 4) صحيح البخاري 1:144،سنن النسائي 1:265،مسند أحمد 4:423، [5]سنن البيهقي 1:450.
5- 5) سنن الترمذي 1:310 حديث 167. [6]
6- 6) صحيح البخاري 1:149.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى ثلث الليل» (1).

و في الموثق،عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل أن يسقط الشفق؟فقال:«لعله لا بأس» (2).

و في الصحيح،عن الحلبي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام متى تجب العتمة؟قال:«إذا غاب الشفق،و الشفق الحمرة»فقال عبيد الله:أصلحك الله انه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض،فقال أبو عبد الله عليه السلام:«ان الشفق إنما هو الحمرة،و ليس الضوء من الشفق» (3).و لا يريد بذلك هذا الوجوب لما بيناه (4)من أنه بعد الغروب بثلاث ركعات.

و لما رواه الشيخ في الموثق،عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر و أبا عبد الله عليهما السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق؟فقالا:«لا بأس به» (5).

و في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«أخر رسول الله صلى الله عليه و آله ليلة من الليالي العشاء[الآخرة] (6)ما شاء الله،فجاء عمر فدق الباب،فقال:يا رسول الله:[نام النساء (7)]

ص:123


1- 1التهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:33 حديث 101،الاستبصار 1:268 حديث 969،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 13. [2]
3- 3) التهذيب 2:34 حديث 103،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:149 الباب 23 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
4- 4) راجع ص 78. [4]
5- 5) التهذيب 2:34 حديث 104،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]
6- 6) أضفناه من المصدر.
7- 7) أضفناه من المصدر.

نام الصبيان،فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله فقال:ليس لكم أن تؤذوني و لا تأمروني،إنما عليكم أن تسمعوا و تطيعوا» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«لو لا أني أخاف أن أشق على أمتي لأخرت العتمة إلى ثلث الليل،و أنت في رخصة إلى نصف الليل و هو غسق الليل،فإذا مضى الغسق نادى ملكان:من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه» (2).

الفرع السادس:الشفق هو الحمرة من ناحية المغرب،

و الحال فيه كالحال في الفجر إلا انه على العكس،لأن الشمس متى غربت احمر الأفق في ناحية المغرب و يكون الهواء مضيئا كما كان قبل الطلوع،ثمَّ يأخذ في الضعف إلى أن تغيب الحمرة و يبقى البياض كبياض الصبح الصادق،ثمَّ يتبعه شيئا فشيئا إلى أن يغيب،ثمَّ يتبعه خيط البياض المستطيل.

و ممن قال ان الشفق هو الحمرة،ابن عباس،و ابن عمر،و عطاء،و مجاهد، و سعيد بن جبير،و الزهري (3)،و مالك (4)،و الثوري (5)،و أحمد (6)،و ابن أبي ليلى (7)،

ص:124


1- 1التهذيب 2:28 حديث 81،الوسائل 3:145 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:261 حديث 1041،الاستبصار 1:272 حديث 986 و فيه عن أبي عبد الله(ع)، الوسائل 3:146 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:426، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [4]المجموع 3:42-43، [5]أحكام القران للجصاص 3: 258، [6]نيل الأوطار 1:411.
4- 4) بداية المجتهد 1:96،مقدمات بان رشد 1:106،أحكام القران للجصاص 3:258، [7]المغني 1:426، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [9]المجموع 2:43، [10]عمدة القارئ 5:56. [11]
5- 5) المغني 1:426، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [13]المجموع 2:43، [14]أحكام القرآن للجصاص 1: 258، [15]عمدة القارئ 5:56، [16]نيل الأوطار 1:411.
6- 6) المغني 1:426، [17]الشرح الكبير بهامش المغني،الكافي لابن قدامة 1:22،الانصاف 1:434، [18]المجموع 3: 43، [19]عمدة القارئ 5:56.
7- 7) المغني 1:426، [20]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [21]المجموع 3:43، [22]أحكام القرآن للجصاص 3:258، [23]عمدة القارئ 5:56، [24]نيل الأوطار:411.

و الشافعي (1)،و إسحاق (2)،و أبو يوسف،و محمد (3).

و قال أبو حنيفة:الشفق هو البياض (4).و به قال أنس،و أبو هريرة،و عمر بن عبد العزيز،و الأوزاعي،و المزني،و زفر،و ابن المنذر (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(الشفق الحمرة،فإذا غاب الشفق وجبت العشاء) (6).رواه الدار قطني.

و من طريق الخاصة:رواية الحلبي الصحيحة،عن أبي عبد الله عليه السلام،و قد تقدمت (7).

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبيد الله و عمران ابني علي الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلنا:و أي شيء الشفق؟فقال:«الحمرة» (8).

احتج المخالف (9)بما رواه أبو مسعود،قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:125


1- 1الام 1:74،المهذب للشيرازي 1:52،المجموع 3:42، [1]مغني المحتاج 1:122،بداية المجتهد 1:96، أحكام القرآن للجصاص 3:258، [2]الهداية للمرغيناني 1:39، [3]المغني 1:426.
2- 2) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:43، [4]عمدة القارئ 5:56. [5]
3- 3) أحكام القرآن للجصاص 3:258، [6]بدائع الصنائع 1:124،المبسوط للسرخسي 1:145،عمدة القارئ 5:56، [7]المغني 1:426،المجموع 3:43، [8]نيل الأوطار 1:411.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:144،بدائع الصنائع 1:124،أحكام القرآن للجصاص 3:258، [9]الهداية للمرغيناني 1:39،شرح فتح القدير 1:195،عمدة القارئ 5:56،المغني 1:426،المجموع 3:43، بداية المجتهد 1:96،نيل الأوطار 1:411.
5- 5) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:43، [10]عمدة القارئ 5:56،أحكام القرآن للجصاص 3:258، [11]شرح فتح القدير 1:195-196،نيل الأوطار 1:411.
6- 6) سنن الدار قطني 1:269 حديث 3.
7- 7) تقدمت في ص 123. [12]
8- 8) التهذيب 2:34 حديث 105،الاستبصار 1:271 حديث 979،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 6. [13]في الجميع:ابني علي الحلبيين.
9- 9) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،أحكام القرآن للجصاص 3:261.

يصلي العشاء حين يسود الأفق (1).و لا ريب ان وقت العشاء بعد غيبوبة الشفق،فلو كان الشفق هو الحمرة لصلاها عليه السلام قبل ذلك.

و الجواب:لا دلالة فيما ذكرتم لوجهين:

الأول:ان اسوداد الأفق قد يكون مع غيبوبة الحمرة و وجود البياض لخفائه و قلة ظهوره.

الثاني:ان تأخيرها عن أول الوقت أولى لتحصل الجماعة و تكثر،و لهذا قال عليه السلام لبلال:(اجعل بين أذانك و إقامتك قدر ما يفرغ الأكل من أكله،و المتوضي من وضوئه،و المعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) (2).

الفرع السابع:الأفضل في صلاة الصبح التعجيل

.و به قال مالك (3)،و الشافعي (4)، و أحمد (5)،و إسحاق (6)،و هو مروي،عن ابن مسعود،و عمر بن عبد العزيز (7).و قال أصحاب الرأي:الأفضل فيها الإسفار (8).

ص:126


1- 1سنن أبي داود 1:107 حديث 394،سنن البيهقي 1:435،سنن الدار قطني 1:250 حديث 1.
2- 2) سنن الترمذي 1:373 حديث 195، [1]مستدرك الحاكم 1:204،مسند أحمد 5:143، [2]سنن البيهقي 1: 428 و ج 2:19 بتفاوت يسير.
3- 3) المدونة الكبرى 1:56،بداية المجتهد 1:97،مقدمات ابن رشد 1:108،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،المجموع 3:51،نيل الأوطار 1:420.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:51،سنن الترمذي 1:289، [3]المبسوط للسرخسي 1:145،بداية المجتهد 1:97،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،الإنصاف 438، [4]سنن الترمذي 1:289. [5]المجموع 3:51،بداية المجتهد 1،97،نيل الأوطار 1:420.
5- 5) المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،الانصاف 1:438، [6]سنن الترمذي 1:289، [7]المجموع 3:51،بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:420.
6- 6) سنن الترمذي 1:289،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،المجموع 3:51،نيل الأوطار 1:420.
7- 7) المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،نيل الأوطار 1:420.
8- 8) بدائع الصنائع 1:124،المبسوط للسرخسي 1:145،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 477،المجموع 3:51، [8]بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:421.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس (1).

و عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه و آله غلس بالصبح،ثمَّ أسفر مرة،ثمَّ لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله (2).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟قال:«مع طلوع الفجر ان الله تعالى يقول (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (3)يعني صلاة الفجر يشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار) (4).

و في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام» (5)و لأنها عبادة فاستحب المبادرة إليها لما فيه من المحافظة على الطاعات.

الفرع الثامن:لا إثم في تعجيل الصلاة التي يستحب تأخيرها،

و لا في تأخير الصلاة التي يستحب تقديمها إذا عزم على فعلها،ما لم يخرج الوقت أو يتضيق عن جميعها،لأن جبرئيل عليه السلام صلاها في الوقتين بالنبي صلى الله عليه و آله و قال:«ما بين هذين

ص:127


1- 1صحيح البخاري 1:151 بتفاوت يسير،صحيح مسلم 1:446 حديث 645،سنن أبي داود 1:115 حديث 423،سنن النسائي 1:271،الموطأ 1:5 حديث 4، [1]مسند أحمد 6:37. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:108 حديث 394.
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) التهذيب 2:37 حديث 116،الاستبصار 1:275 حديث 995،الوسائل 3:154 الباب 28 من أبواب المواقيت،حديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 2:38 حديث 121،الاستبصار 1:276 حديث 1001،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 1. [5]

وقت» (1).

مسألة:لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها.

و هو قول أهل العلم كافة إلا ما روي، عن ابن عباس في مسافر صلى الظهر قبل الزوال يجزئه.و بمثله قال الحسن، و الشعبي (2).

لنا:الإجماع على ذلك،و خلاف هؤلاء لا اعتداد به،و قد انقرض أيضا،فلا تعويل عليه.و لأن المكلف مخاطب بالفعل عند دخول الوقت و لم يوجد بعد ذلك ما يزيله،فيبقى في عهدة التكليف.

و لما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«من صلى في غير الوقت فلا صلاة له» (3).

و عن محمد بن الحسن العطار (4)،عن أبيه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«لأن أصلي الظهر في وقت العصر أحب إلي من أن أصلي قبل أن تزول الشمس،فإني إذا صليت قل أن تزول الشمس لم تحس لي،و إذا صليت في وقت العصر حسبت لي» (5).و مثله رواه عبد الله بن سليمان عنه عليه السلام (6).

ص:128


1- 1سنن الترمذي 1:278 حديث 149،سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن النسائي 1:256، مسند أحمد 1:333، [1]مستدرك الحاكم 1:193،سنن الدار قطني 1:256 حديث 1،3.
2- 2) المغني 1:441،الشرح الكبير بهامش المغني 1:480.
3- 3) التهذيب 2:254 حديث 1005،الاستبصار 1:244 حديث 868،الوسائل 3:123 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 7. [2]
4- 4) محمد بن الحسن بن زياد العطار،كوفي ثقة،روى أبوه عن أبي عبد الله(ع)،كذا عنونه النجاشي و المصنف في الخلاصة،و عنونه الشيخ في الفهرست بقوله:محمد بن الحسن العطار،له كتاب.و استظهر المحقق المامقاني من عبارة النجاشي اتحادهما و قال:ينسب تارة إلى أبيه الحسن و تارة إلى جده. رجال النجاشي:369،الفهرست:149، [3]رجال العلامة:160. [4]
5- 5) التهذيب 2:254 حديث 1006،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 8. [5]
6- 6) التهذيب 2:254 حديث 1007،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت، [6]ضمن حديث 8.

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى الغداة بليل غرة من ذلك القمر و نام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل؟قال:«يعيد صلاته» (1).

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن عبيد الله الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا صليت في السفر شيئا[من الصلاة] (2)في غير وقتها فلا يضر» (3)و هذا يدل على جواز التقديم في السفر.

لأنا نقول:انه محمول على التأخير لعذر و جواز القضاء،أو أنه محمول على النوافل،إذ لا عموم هنا،أو انه محمول على غير وقت الفضيلة.

فروع:
الأول:لا بأس بتقديم نافلة الليل على الانتصاف

لمسافر أو شاب يمنعه النوم من الاستيقاظ،و الأفضل قضاؤها من الغد.ذهب إليه أكثر علمائنا (4)و قال زرارة بن أعين من قدمائنا:كيف تقضي صلاة قبل وقتها،ان وقتها بعد انتصاف الليل (5).

و اختاره ابن إدريس (6).

لنا:ما رواه الشيخ،عن ليث المرادي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل؟فقال:«نعم،نعم

ص:129


1- 1التهذيب 2:254 حديث 1008،الوسائل 3:122 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:141 حديث 551،الاستبصار 1:244 حديث 869،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 9. [2]
4- 4) منهم الطوسي في المبسوط 1:76،و ابن البراج في المهذب 1:142،و المحقق الحلي في الشرائع 1:62، و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:62. [3]
5- 5) التهذيب 2:119 حديث 448،الاستبصار 1:280 حديث 1016،الوسائل 3:186 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 7. [4]
6- 6) السرائر:41.

ما رأيت،و نعم ما صنعت» (1).

و في الصحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:فإن من نسائنا أبكار الجارية تحب الخير و أهله و تحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربما قضت و ربما ضعفت عن قضائه،و هي تقوى عليه أول الليل،فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن و ضيعن القضاء (2).و هو يدل من حيث المفهوم على مساواة حكم الرجل لهن لتعلق الحكم على الضعف.

و في الموثق،عن الحلبي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الليل و الوتر في أول الليل في السفر إذا تخوفت البرد أو كانت علة؟فقال:«لا بأس،أنا أفعل ذلك إذا تخوفت» (3).

و عن علي بن سعيد،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الليل و الوتر في السفر في أول الليل إذا لم يستطع أن يصلي في آخره؟قال:«نعم» (4).

و أما ان القضاء أفضل،فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكا إليه ما يلقى من النوم،فقال:اني أريد القيام للصلاة بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع و الشهرين أصبر على ثقله،فقال:«قرة عين و الله»و لم

ص:130


1- 1التهذيب 2:118 حديث 446،الاستبصار 1:279 حديث 1014،الوسائل 3:181 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:119 حديث 447،الاستبصار 1:279 حديث 1015،الوسائل 3:185 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [2]
3- 3) التهذيب 2:168 حديث 664،الاستبصار 1:280 حديث 1017،الوسائل 3:182 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 8. [3]
4- 4) التهذيب 2:169 حديث 670،الاستبصار 1:280 حديث 1018،الوسائل 3:182 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 4 و [4]ذيل حديث 5.

يرخص له في الصلاة في أول الليل،و قال:«القضاء بالنهار أفضل» (1)و.لأنها عبادة موقتة،فكان الأصل عدم جواز فعلها قبل وقتها كغيرها إلا أنا صرنا إلى التقديم في مواضع تعذر القضاء محافظة على فعل السنن،فيسقط في غيرها.

الثاني:لو ظن دخول الوقت فصلى،ثمَّ ظهر له فساد ظنه أعاد،

إلا أن يكون الوقت قد دخل قبل الفراغ و لو بالتسليم.اختاره الشيخ في المبسوط و النهاية (2)إلا أن في عبارته في النهاية تسامحا.و اختاره المفيد (3)أيضا،و سلار (4)،و ابن البراج (5)،و أبو الصلاح (6)،و ابن إدريس (7).و قال علم الهدى (8)و ابن الجنيد:يعيد (9).و هو مذهب الجمهور كافة (10).

لنا:انه مأمور باتباع ظنه و قد فعل،فيكون خارجا عن العهدة و لا يلزم على ذلك ما لو دخل الوقت بعد الفراغ،إذ لم يقع في الوقت شيء،من الصلاة،فيبقي الأمر متوجها عليه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إسماعيل بن رياح (11)،عن أبي عبد الله عليه

ص:131


1- 1التهذيب 2:119 حديث 447،الاستبصار 1:279 حديث 1015،الوسائل 3:185 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [1]
2- 2) المبسوط 1:74،النهاية:62.
3- 3) المقنعة:14.
4- 4) المراسم:63.
5- 5) المهذب 1:71،شرح جمل العلم و العمل:66.
6- 6) الكافي في الفقه:138. [2]
7- 7) السرائر:41.
8- 8) نقله عنه في السرائر:41،و المعتبر 2:62. [3]
9- 9) نقله عنه في المعتبر 2:62. [4]
10- 10) المغني 1:440،الشرح الكبير بهامش المغني 1:480.
11- 11) إسماعيل بن رياح-أو رباح-الصيرفي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع).و نقل المحقق المامقاني اختلاف الأقوال في اسم أبيه رياح أبو رباح،و اختار أن الصحيح هو رياح.رجال الطّوسيّ:154،تنقيح المقال 1:134. [5]

السلام،قال:«إذا صليت و أنت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك» (1).و المراد بالرؤية هاهنا الظن،لاستحالة حملها على العلم و النظر بالعين.

احتج المرتضى بأنه أدى ما لم يؤمر به،فلا يكون مجزيا عنه (2).

و بما رواه أبو بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام:«من صلى في غير وقت فلا صلاة له» (3).

و الجواب عن الأول:ان النزاع واقع في المقدمة الأولى،فإنا نقول:مأمور باتباع ظنه.

و عن الثاني:بالحمل على ما إذا وقعت الصلاة بأجمعها خارج الوقت،و هو الذي يدل عليه حقيقة.أما لو دخل في الصلاة قبل الوقت من غير استناد إلى علم أو ظن، فإنه لا يعتد بها،سواء صلاها بأجمعها خارج الوقت أو بعضها فيه.

الثالث:لو شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخوله،

أو يغلب على ظنه مع عدم طريق له إلى العلم.

الرابع:لو كان له طريق إلى العلم لم يجز له التعويل على الظن،

لأنه لا يؤمن معه الخطأ،و ترك ما يؤمن معه الخطأ به قبيح عقلا.

الخامس:لو أخبره عدل بدخول الوقت،

فإن كان الإخبار عن علم و لم يكن للمخبر طريق سواه،بنى على خبره،لأنه يثمر ظنا فيصار إليه مع عدم طريق إلى غيره، و لو كان له طريق علمي لم يعمل بقوله،لأنه لا يفيده قطعا،و إن كان الإخبار عن

ص:132


1- 1التهذيب 2:35 حديث 110،الوسائل 3:150 الباب 25 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) انظر:المعتبر 2:63. [2]
3- 3) التهذيب 2:254 حديث 1005،الاستبصار 1:244 حديث 868،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]

اجتهاد لم يقلّده في ذلك،و اجتهد هو حتّى يغلب على ظنّه،لأنّه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه فلا يعمل باجتهاد غيره كما في القبلة.

السادس:لو سمع الأذان من ثقة عارف بالوقت،

فإن كان متمكنا من العلم بالوقت لم يعول عليه لما تقدم،و إن لم يكن،جاز له التعويل على قوله،لما رواه الجمهور، عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(المؤذن مؤتمن) (1).و لو لا جواز تقليده لم يكن مؤتمنا.

و عنه عليه السلام:(خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين،صلاتهم و صيامهم) (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن ذريح المحاربي قال:قال لي أبو عبد الله عليه السلام:«صل الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشد شيء مواظبة على الوقت» (3).

و في الصحيح،عن محمد بن خالد (4)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

أخاف أن نصلي يوم الجمعة قبل أن تزول الشمس؟فقال:«إنما ذاك على المؤذنين» (5).و لأنه مشروع للإعلام بدخول الوقت،فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع الأذان لها.خرج من ذلك ما لو تمكن من العلم لمعنى لم يوجد في الظن،فيبقى صورة النزاع على الأصل تحصيلا للحكمة المطلوبة.

السابع:قال الشيخ:معرفة الوقت واجبة .

(6)

و هو حسن لئلا تقع الصلاة في غير

ص:133


1- 1سنن أبي داود 1:143 حديث 517،سنن الترمذي 1:402 حديث 207،مسند أحمد 2:284،382.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:236 حديث 712.
3- 3) التهذيب 2:284 حديث 1136،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب الأذان،حديث 1. [1]
4- 4) محمد بن خالد بن عبد الله البجلي القسري الكوفي،كان أبوه و الي المدينة،ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الفقيه 4:شرح المشيخة:75،رجال الطوسي:286.
5- 5) التهذيب 2:284 حديث 1137،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
6- 6) المبسوط 1:74. [3]

الوقت.

الثامن:قال:إذا ستر الشمس غيم و تحقق الزوال بادر إلى الصلاة

ليدرك فضيلة الوقت،و لو غلب على ظنه مضي وقت النافلة اشتغل بالفريضة و قضى النافلة (1).

التاسع:قال:الأعمى يقلد غيره في دخول الوقت،

فلو ظهر له انه صلى قبله أعاد،و لو تبين انها وقعت بعده كان جائزا.

و أما مع سلامة الحاسة فلا يجوز تقليد الغير،و يستظهر إذا لم يكن له معرفة حتى يغلب على ظنه دخول الوقت (2).

العاشر:لو دخل في الصلاة مع الشك بدخول وقتها لم يجزئه

و إن كان الفعل وقع في الوقت،لأنه صلى مع الشك في شرطها من غير دليل فلا يصح،كما لو صلى إلى القبلة مع الشك من غير اجتهاد،و كما لو صلى بشك الطهارة.

الحادي عشر قبول صلاة التطوع

روى الشيخ في الحسن،عن محمد بن عذافر (3)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتي بها قبلت،فقدم منها ما شئت،و أخر منها ما شئت» (4).

و عن القاسم بن الوليد الغساني (5)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت

ص:134


1- 1المبسوط 1:74. [1]
2- 2) المبسوط 1:74. [2]
3- 3) محمد بن عذافر بن عيسى الصيرفي المدائني:أبو عبد الله،قال النجاشي:ثقة روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)و عمر إلى أيام الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله بعنوان:محمد بن عذافر الصيرفي من أصحاب الصادق و الكاظم(ع).و ذكره أيضا في أصحاب الصادق بعنوان:محمد بن عيثم-بدل-عيسى. و استظهر المحقق المامقاني اتحادهما. رجال النجاشي:359،رجال الطوسي:297،322،359،تنقيح المقال 3:150. [3]
4- 4) التهذيب 2:267 حديث 1066،الاستبصار 1:278 حديث 1010،الوسائل 3:170 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 8. [4]
5- 5) القاسم بن الوليد القرشي العماري أو الغفاري أو الغساني الكوفي،عنونه النجاشي و الشيخ في رجاله من عداد أصحاب الصادق(ع)بالعماري،و روى في التهذيب 2:267 حديث 1063 رواية ظريف في ناصح عن القاسم بن الوليد الغساني،و روى هذا الخبر بعينه في ج 8 حديث 17 عن القاسم بن الوليد الغفاري،و هذا دليل على اتحادهما،و استظهر المحقق المامقاني تبعا للمحقق الأردبيلي اتحاد العماري و الغفاري و الغساني،و الله العالم. رجال النجاشي:313،رجال الطوسي:273،جامع الرواة 2:22، [5]تنقيح المقال 2:باب القاف 26. [6]

له:جعلت فداك،صلاة النهار صلاة النوافل في كم هي؟قال:«ست عشرة ركعة (1)أي ساعات النهار شئت أن تصليها صليتها إلا انك إذا صليتها في مواقيتها أفضل» (2).

و في الصحيح،عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت له:

اني أشتغل؟قال:«فاصنع كما أصنع،صل ست ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر يعني ارتفاع الضحى الأكبر و اعتد بها من الزوال» (3).

قال الشيخ:و هذه الروايات رخصة لمن علم من حاله انه إن لم يقدمها اشتغل عنها و لم يتمكن من القضاء (4).لما رواه محمد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يشتغل عن الزوال أ يعجل من أول النهار؟فقال:«نعم إذا علم أنه يشتغل فيعجلها في صدر النهار كلها» (5).

مسألة:إذا صلي نوافل الظهر فخرج وقتها قبل إكمالها أكملها

و زاحم بها الفريضة،و إن كان قد تلبس بركعة.لما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد

ص:135


1- 1«ح»بزيادة:من.
2- 2) التهذيب 2:267 حديث 1063،الاستبصار 1:277 حديث 1007،الوسائل 3:169 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 2:267 حديث 1062،الاستبصار 1:277 حديث 1006،الوسائل 3:169 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 2:267،الاستبصار 1:278.
5- 5) التهذيب 2:268 حديث 1067،الوسائل 3:168 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]

الله عليه السلام،قال:«للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضي قدمان فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة،أو قبل أن يمضي قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات،و إن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة واحدة بدأ بالأولى و لم يصل الزوال إلا بعد ذلك» (1).و لأنها صلاة نافلة تلبس بها و لم يتضيق وقت فريضتها فليتمها كالفريضة.و لأنه محافظة على فعل السنن التي لم يتضيق وقت فرائضها.

و كذا البحث في نوافل العصر لما رواه الشيخ،عن عمار أيضا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«و للرجل أن يصلي من نوافل العصر ما بين الاولى إلى أن تمضي أربعة أقدام،فإن مضت أربعة أقدام و لم يصل من النوافل شيئا فلا يصلي النوافل،و إن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها،ثمَّ يصلي العصر»و قال:«للرجل أن يصلي إن بقي عليه شيء من صلاة الزوال إلى أن يمضي بعد حضور الاولى نصف قدم، و للرجل إذا كان قد صلى من نوافل الأولى شيئا قبل أن يحضر العصر فله أن يتم نوافل الاولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم»و قال:«القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الاولى في الوقت سواء» (2).

مسألة:و لو ذهبت الحمرة المغربية و لم تكمل نوافل المغرب

ابتدأ بالعشاء و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه،لأن النافلة لا تزاحم غير فريضتها،لما رواه الشيخ،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا دخلت الفريضة فلا تطوع» (3).

و عن نجية (4)قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:تدركني الصلاة و يدخل وقتها

ص:136


1- 1التهذيب 2:273 حديث 1086،الوسائل 3:178 الباب 40 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) راجع نفس المصدر.
3- 3) التهذيب 2:167 حديث 661،الاستبصار 1:252 حديث 906،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
4- 4) نجية بن الحارث القواس،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق(ع)و بحذف القواس من أصحاب الكاظم(ع)و يظهر من الكشي اتحاده مع ناجية بن عمارة الصيداوي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و المصنف في القسم الأول من الخلاصة حيث قال في ترجمته: هو:نجية بن الحارث.و الذي ظهر لنا من تضاعيف الكلام أن ناجية بن أبي عمارة و نجية بالمثناة و نجية بالمفردة واحد بقرينة الراوي و المروي عنه.و أنه روى عن الباقر و الصادق و أبي الحسن(ع). رجال الكشي:216،رجال الطوسي:326،362،رجال العلامة:175-176، [3]جامع الرواة 2: 289. [4]

فأبدأ بالنافلة؟قال:فقال أبو جعفر:«لا،و لكن ابدأ بالفريضة و اقض النافلة» (1).

مسألة:و لو صلى من صلاة الليل أربع ركعات،ثمَّ طلع الفجر،صلاها مخففة،

ثمَّ صلى الفريضة في إحدى الروايتين.

روى الشيخ،عن محمد بن النعمان،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع أم لم يطلع» (2).

و أما الرواية الأخرى فقد رواها الشيخ،عن يعقوب البزاز (3)،قال:قلت له:

أقوم قبل الفجر فأصلي أربع ركعات،ثمَّ أتخوف أن ينفجر الفجر،أبدأ بالوتر أو أتم الركعات؟قال:«لا،بل أوتر و أخر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار» (4).

و الرواية الأولى أشبه لأنها مناسبة للحكمة من حيث المحافظة على السنن،و لأن الثانية غير مسندة إلى إمام،فلا تعويل عليها،و عمل الأصحاب على الاولى فقد اعتضدت بما لم يحصل للثانية.

ص:137


1- 1التهذيب 2:167 حديث 662،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:125 حديث 475،الاستبصار 1:282 حديث 1025،الوسائل 3:189 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
3- 3) هو:يعقوب بن سالم،مرت ترجمته في الجزء الثاني ص:21.
4- 4) التهذيب 2:125 حديث 476،الاستبصار 1:282 حديث 1026،الوسائل 3:189 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 2. [3]

أما لو خشي ضيق وقت الفريضة فإنه يتركها و يشتغل بالفريضة قطعا.

و لو لم يصل أربعا و طلع الفجر اشتغل بالفريضة بحصول المنافي و هو فعل النافلة في غير وقت فريضتها السالم عن معارضة فعل النصف المناسب للإكمال من حيث عدم التضيق.

و لو خرج الوقت و طلع الفجر و لم يصل شيئا أصلا ففيه روايتان،أشهرهما الاشتغال بالفريضة،لأنه تضييق للفريضة بفعل غير نافلتها في وقتها،روى الشيخ في الصحيح،عن إسماعيل بن جابر،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أوتر بعد ما يطلع الفجر؟قال:«لا» (1).

و أما الرواية الأخرى فقد رواها الشيخ،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أقوم و قد طلع الفجر و لم أصل الليل،فقال:«صل صلاة الليل و أوتر و صل ركعتي الفجر» (2).

و يحتمل أن يكون الوجه في هذه الرواية ان المراد بالفجر،الفجر الأول أو ان ذلك يقع ليلة،لا انه مستمر،كما رواه عمر بن يزيد،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن صلاة الليل و الوتر بعد طلوع الفجر؟فقال:«صلها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها و لا تعمد ذلك كل ليلة»و قال:«أوتر أيضا بعد فراغك منها» (3).

نعم يستحب له أن يصلي ركعتي الفجر،لأنها نافلة للصبح تزاحم بها في وقتها،

ص:138


1- 1التهذيب 2:126 حديث 479،الاستبصار 1:281 حديث 1021،الوسائل 3:188 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:126 حديث 478،الاستبصار 1:281 حديث 1023،الوسائل 3:190 الباب 48 من أبواب المواقيت،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:126 حديث 480،الاستبصار 1:282 حديث 1024،الوسائل 3:189 الباب 48 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]

كغيرها من النوافل السابقة للفرائض.

مسألة:و تصلى الفرائض أداء و قضاء ما لم تتضيق الحاضرة

و هو إجماع.قال عليه السلام:«من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها ما لم يتضيق وقت حاضرة» (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،انه سئل عن رجل صلى بغير طهور،أو نسي صلاة لم يصلها،أو نام عنها؟ فقال:«يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار،فإذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق[بوقتها] (2)فليقضها (3)،فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى، و لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها» (4).

أما النافلة فإنها تصلي في كل وقت ما لم يدخل وقت فريضة لما تقدم (5)،أو يكون من الأوقات المستثناة الآتية.

مسألة:يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات:

ثلاثة للوقت عند طلوع الشمس، و غروبها،و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة،و اثنان للفعل بعد الصبح،و بعد العصر إلا النوافل المرتبة،و ما له سبب،كصلاة الزيارة،و تحية المسجد،و الإحرام.ذهب إليه أكثر أهل العلم (6).

ص:139


1- 1لم نجد حديثا بهذا اللفظ إلا في المعتبر 2:60. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) في المصادر:فليصلها.
4- 4) التهذيب 2:266 حديث 1059،الاستبصار 1:286 حديث 1046،الوسائل 3:206 الباب 61 من أبواب المواقيت،حديث 3.و [2]في الجميع:أو نسي صلوات.
5- 5) راجع ص 135-138.
6- 6) الام 1:149،المجموع 4:166،المغني 1:791،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:838،بداية المجتهد 1: 103.

و نقل الجمهور،عن علي عليه السلام انه صلى بعد العصر ركعتين (1).و هو مروي عن الزبير (2)،و ابنه،و النعمان بن بشير،و أبي أيوب،و عائشة،و تميم الداري (3)(4).

و قال ابن المنذر:لا تكره الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس (5).

و قال داود:يجوز فعل النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس قال:شهد عندي رجال مرضيون ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس و بعد العصر حتى تغرب الشمس (7).و عن أبي سعيد،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا

ص:140


1- 1المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838،المجموع 4:171،المحلى 3:3.
2- 2) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الأسدي:أبو عبد الله،شهد بدرا و ما بعدها و هو من أصحاب الشورى الذين ذكرهم عمر بن الخطاب للخلافة بعده و شهد الجمل مقاتلا لعلي(ع)فناداه و قال له:أ تذكر إذ كنت أنا و أنت.فقال النبي(ص)لك:لتقاتلنه و أنت له ظالم. روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه:عبد الله و عروة،و الأحنف.قتل يوم الجمل سنة 36 ه. أسد الغابة 2:196، [1]الإصابة 1:545، [2]تهذيب التهذيب 3:318. [3]
3- 3) تميم بن أوس بن خارجة بن سواد بن خذيمة بن وداع-و يقال:ذراع-بن عدي بن الدار:أبو رقية الداري، كان نصرانيا أسلم في سنة تسع من الهجرة له صحبة مع النبي(ص)و كان يسكن المدينة ثمَّ انتقل إلى الشام،روى عن النبي(ص)و عنه ابن عمر و ابن عباس و أبو هريرة و أنس بن مالك و غيرهم،وجد على قبره أنه مات سنة 40 ه. أسد الغابة 1:215، [4]الإصابة 1:183، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 1:184، [7]تهذيب التهذيب 1: 511. [8]
4- 4) المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838،المجموع 4:171،المحلى 3:3-5.
5- 5) المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838.
6- 6) المجموع 4:172.
7- 7) صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:566 حديث 826،سنن ابن ماجه 1:396 حديث 1250،سنن أبي داود 2:24 [9] حديث،سنن النسائي 1:276،مسند أحمد 1:18،39،50- [10]في بعضها بتفاوت يسير.

صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس و لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس) (1).

و عن عبد الله بن عمر،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إذا بدأ حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز،و إذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب) (2).

و عن عقبة بن عامر (3)،قال:ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه و آله ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا:حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع،و إذا تضيفت للغروب،و نصف النهار (4).و معنى قوله:تضيفت أي مالت.يقال:

تضيفت فلانا إذا ملت إليه و نزلت به.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن محمد الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس،فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان و تغرب بين قرني الشيطان،و قال:لا صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب» (5).

و عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة بعد العصر

ص:141


1- 1صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:567 حديث 827،سنن ابن ماجه 1:395 حديث 1249،سنن النسائي 1:277.
2- 2) صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:568 حديث 829،مسند أحمد 2:19، [1]سنن البيهقي 2: 453.
3- 3) عقبة بن عامر بن عبس.الجهني:أبو حماد،و يقال:أبو سعاد،و أبو عمرو،روي عن النبي(ص) كثيرا،و روى عنه ابن عباس و أبو امامة و أبو إدريس الخولاني و خلق من أهل مصر.مات سنة 58 ه. أسد الغابة 3:417، [2]الإصابة 2:489، [3]تهذيب التهذيب 7:242. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:568 حديث 831،سنن النسائي 1:275،مسند أحمد 4:152، [5]سنن الدارمي 1: 333، [6]سنن البيهقي 2:454.
5- 5) التهذيب 2:174 حديث 694،الاستبصار 1:290 حديث 1065،الوسائل 3:170 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 1. [7]

حتى تصلي المغرب،و لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» (1).

و عن أبي الحسن علي بن بلال (2)،قال:كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و من بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟فكتب«لا يجوز ذلك إلا للمقتضي فأما لغيره فلا» (3).

قال الشيخ:قد رويت رخصة في الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها (4).

روى أبو جعفر محمد بن علي،قال:روى لي جماعة من مشايخنا،عن أبي الحسن محمد بن جعفر الأسدي (5)رضي الله عنه انه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري (6)قدس الله روحه«و أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع

ص:142


1- 1التهذيب 2:174 حديث 695،الاستبصار 1:290 حديث 1066،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) أبو الحسن علي بن بلال البغدادي عده الشيخ في رجاله من أصحاب أبي جعفر الجواد(ع)و أبي الحسن الهادي(ع)و أبي محمد العسكري(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:278،رجال الطوسي:404،417،432،رجال العلامة:93. [2]
3- 3) التهذيب 2:175 حديث 696،الاستبصار 1:291،حديث 1068،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:175،الاستبصار 1:291.
5- 5) محمد بن جعفر الأسدي:أبو الحسين الرازي كان أحد الأبواب في زمان السفراء المحمودين للناحية المقدسة، وردت عليه توقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل،عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم،و قال في الفهرست:محمد بن جعفر الأسدي يكني أبا الحسين له كتاب الرد على أهل الاستطاعة.مات رحمه الله سنة 312 ه. رجال الطوسي:496،الفهرست 1:151، [4]الفقيه 4:شرح المشيخة:76.
6- 6) أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي الكوفي ثاني السفراء الأربعة المحمودين الذين ناب المولى خليفة أبيه في مقامه بأمر صاحب الزمان(عج)،ذكره الصدوق في مشيخته،و عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم،و قال:هو و أبوه وكيلان من جهة صاحب الزمان(عج)و لهما منزله جليلة عند الطائفة، و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. الفقيه 4:شرح المشيخة:122،رجال الطوسي:509،رجال العلامة:149. [5]

الشمس و عند غروبها[فلئن كان كما] (1)يقول الناس ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان،و تغرب بين قرني الشيطان فما أرغم أنف الشيطان بشيء أفضل من الصلاة فصل و أرغم أنف الشيطان» (2).

احتج داود بما روته أم سلمة،قالت:دخل علي رسول الله صلى الله عليه و آله بعد العصر فصلى ركعتين (3).

و عن عائشة،قالت:و الله ما ترك رسول الله صلى الله عليه و آله ركعتين عندي بعد العصر قط (4).

و احتج ابن المنذر بما رواه بإسناده عن علي عليه السلام انه دخل فسطاطه فصلى ركعتين بعد العصر (5).

و روى ابن المنذر أيضا،عن علي عليه السلام قال:(قال رسول الله صلى الله عليه و آله:لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا و الشمس مرتفعة) (6).

و الجواب عن الأول:أنها صلاة كان لها سبب،لأنها كانت ركعتي الظهر شغله عنها وفد بني تميم فقضاها و دام عليها،لأنه كان ملتزما بالمداومة لما يفعله من الطاعات.

و عن الثاني:انه احتجاج بفعل و لا عموم له،فربما كان ما فعله من النوافل التي

ص:143


1- 1في النسخ:فليس كما،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:315 حديث 1431،التهذيب 2:175 حديث 697،الاستبصار 1:291 حديث 1067، الوسائل 3:172 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 8. [1]
3- 3) مسند أحمد 6:310. [2]
4- 4) صحيح البخاري 1:153،صحيح مسلم 1:572 حديث 299،سنن النسائي 1:281،مسند أحمد 6: 50، [3]سنن الدارمي 1:334. [4]
5- 5) المحلى 3:3.
6- 6) سنن أبي داود 2:24 حديث 1274، [5]سنن النسائي 1:280،مسند أحمد 1:129،130،141. [6]إلا أن الراوي ليس ابن المنذر.

لها سبب،أو قضاء لنافلة سالفة على ما اختاره بعض فضلائنا (1).و أما حديث ابن المنذر،فإن الرواية الشهيرة في هذا الباب النهي.

فروع:
الأول قضاء النوافل

قال المفيد رحمه الله:يكره قضاء النوافل عند طلوع الشمس و غروبها، و أجازها قضاء بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس،و بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس (2).و أجاز الشيخ القضاء للنافلة في كل وقت خلافا (3)لبعض الجمهور (4).

و هو الأقوى.

لنا:ما رواه جبير بن مطعم (5)قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(يا بني عبد المطلب من ولي منكم شيئا من أمور الناس فلا يمنع أحدا طاف بالبيت و صلي أي وقت شاء من ليل أو نهار) (6).

و عن عائشة قالت:ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله في بيتي في يوم بعد

ص:144


1- 1منهم الشيخ الطوسي في المبسوط 1:76،و الخلاف 1:197 مسألة 263.
2- 2) المقنعة:23.
3- 3) النهاية:127، [1]المبسوط 1:76، [2]الخلاف 1:197 مسألة 263.
4- 4) المغني 1:794،المبسوط للسرخسي 1:151،بداية المجتهد 1:103،عمدة القارئ 5:77،الهداية للمرغيناني 1:40،نيل الأوطار 3:108.
5- 5) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي أسلم عام خيبر و قيل يوم الفتح،روى عن النبي(ص)و روى عنه سليمان بن صرد و سعيد بن المسيب و ابناه محمد و نافع،مات سنة 59 ه و قيل 58. أسد الغابة 1:271، [3]الإصابة 1:225، [4]تهذيب التهذيب 2:63. [5]
6- 6) سنن ابن ماجه 1:398 حديث 1254،سنن أبي داود 2:180 حديث 1894، [6]سنن الترمذي 3:220 حديث 868، [7]سنن النسائي 1:284،مسند أحمد 4:84، [8]سنن الدارمي 2:70، [9]سنن الدار قطني 1: 423 حديث 1،سنن البيهقي 2:461-بتفاوت في الجميع.

العصر إلا صلى ركعتين (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن سليمان بن هارون (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن قضاء الصلاة بعد العصر؟قال:«نعم إنما هي النوافل فاقضها متى شئت» (3).

و في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار كل ذلك سواء» (4).

و عن عبد الله بن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام في قضاء صلاة الليل و الوتر تفوت الرجل أ يقضيها بعد صلاة الفجر أو بعد العصر؟قال:«لا بأس بذلك» (5).و مثله رواه محمد بن الفرج،عن العبد الصالح عليه السلام (6).

الثاني:النهي الوارد هاهنا للكراهية،

لأن أخبارنا ناطقة بذلك (7)،خلافا

ص:145


1- 1صحيح البخاري 1:154،صحيح مسلم 1:572 ذيل حديث 835،سنن أبي داود 2:25 حديث 1279، [1]سنن الترمذي 1:347 [2] ضمن حديث 184،سنن النسائي 1:281،مسند أحمد 6:176، [3]سنن الدارمي 1:334، [4]سنن البيهقي 2:458 بتفاوت في الجميع.
2- 2) سليمان بن هارون مشترك بين العجلي و الأزدي و النخعي،عدهم الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (ع)بعد ما عد العجلي منهم من أصحاب الباقر(ع)و ذكر المصنف الأخير في القسم الثاني من الخلاصة و ضعفه.و قال المحقق المامقاني:يعرف الأخير برواية سيف بن عميرة عنه. رجال الطوسي:124،207،رجال العلامة:225، [5]تنقيح المقال 2:66. [6]
3- 3) التهذيب 2:173 حديث 690،الاستبصار 1:290 حديث 1061،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 11. [7]
4- 4) التهذيب 2:173 حديث 691،الاستبصار 1:290 حديث 1062،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 13. [8]
5- 5) التهذيب 2:173،حديث 687،الاستبصار 1:289 حديث 1058،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 10. [9]
6- 6) التهذيب 2:173 حديث 688،الاستبصار 1:289 حديث 1059،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 5 و [10]ص 177 الباب 39 حديث 19.
7- 7) الوسائل 3:170 الباب 38 من أبواب المواقيت. [11]

لبعض الجمهور (1).

الثالث:هذا النهي لا يتناول الفرائض.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال علي عليه السلام،و أبو العالية،و النخعي،و الشعبي،و الحكم،و حماد (2)، و مالك (3)،و الأوزاعي (4)،و الشافعي (5)،و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن المنذر (7).

و قال أصحاب الرأي:لا تقضي فوائت الفرائض في الأوقات الثلاثة المنهي عنها للوقت إلا عصر يومه يصليها قبل غروب الشمس (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله،قال:(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) (9).

ص:146


1- 1المغني 1:795،المجموع 4:180،منار السبيل 1:116.
2- 2) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
3- 3) بداية المجتهد 1:103،المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،المحلى 3:9،نيل الأوطار 1:112.
4- 4) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:170،فتح العزيز بهامش المجموع 3:109،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،المحلى 3:10،نيل الأوطار 3:112.
6- 6) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،الكافي لابن قدامة 1:158،الإنصاف 2:204، [1]منار السبيل 1:117.
7- 7) المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:150،الهداية للمرغيناني 1:40، [2]شرح فتح القدير 1:203،المجموع 4:171، [3]بداية المجتهد 1:103،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
9- 9) صحيح البخاري 1:155،صحيح مسلم 1:477 حديث 684،سنن ابن ماجه 1:227 حديث 696، 698،سنن أبي داود 1:121 حديث 442،سنن الترمذي 1:335 حديث 178،سنن النسائي 1: 294،سنن الدارمي 1:280، [4]مسند أحمد 3:100،267،269،282،243،سنن البيهقي 2: 218.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،عن الباقر عليه السلام و قد تقدم (1)و لأنها صلاة فريضة فات وقتها فأشبهت عصر اليوم.و لأنه قول غير واحد من الصحابة مع عدم إنكار من أحد منهم،فكان إجماعا.

و احتج أبو حنيفة (2)بأخبار النهي (3)،و هي عامة تتناول الفرائض و النوافل.

و لأن النبي صلى الله عليه و آله لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس أخرها حتى ابيضت الشمس.رواه مسلم (4).

و لأنها صلاة فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل.

و الجواب عن الأول:انها مختصة بالقضاء في الوقتين الأخيرين،و بعصر يومه، فيقيس محل النزاع عليه،و حديثهم باطل لاستحالة صدور ذلك عن النبي صلى الله عليه و آله،و قياسهم ينتقض بهذه أيضا.

الرابع:لو طلعت الشمس و قد صلى من الصبح ركعة أتمها واجبا.

و به قال أكثر أهل العلم (5)،خلافا لأصحاب الرأي فإنهم قالوا:يفسد صلاته (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح) (7).

ص:147


1- 1تقدم في ص 139. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:153،154،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
3- 3) تقدمت في ص 140-141.
4- 4) صحيح مسلم 1:474 حديث 682.
5- 5) المغني 1:784، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:834، [3]المجموع 3:47،فتح العزيز بهامش المجموع 3:41.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:152،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834،المجموع 3:47، [4]نيل الأوطار 1:425.
7- 7) صحيح البخاري 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 68،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 699، سنن أبي داود 1:112 حديث 412،الموطأ 1:6 حديث 5، [5]سنن الترمذي 1:353 حديث 186، [6]سنن النسائي 1:257.

و في لفظ آخر:(من صلى ركعة من صلاة الصبح،ثمَّ طلعت الشمس فليتم صلاته) (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الأصبغ بن نباته،قال:قال:

أمير المؤمنين عليه السلام:«من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة» (2).

احتج أبو حنيفة بأن الصلاة في هذا الوقت منهي عنها (3)،و النهي يدل على الفساد.

و الجواب:ان ما ذكرناه خاص فيصرف (4)العام عن ظاهره.و لأن ما ذكره ينتقض بمن صلى بعض صلاة العصر،ثمَّ اصفرت الشمس فإنه مسلم ان صلاته لا تبطل.

الخامس:يصلي المنذورة في وقت النهي

سواء أطلق النذر أو قيده،خلافا لأبي حنيفة (5).

لنا:أنها صلاة واجبة فأشبهت فوائت الفرائض و الجنازة و صلاة عصر اليوم.

احتج أبو حنيفة بأنه وجوب تعلق بفعله و هو النذر فجرى مجرى وجوب النافلة بالدخول فيها و مع ذلك يكره (6).

و الجواب:ينتقض ما ذكره بسجود التلاوة فإنه يتعلق بفعله و هو التلاوة.

ص:148


1- 1مسند أحمد 2:306، [1]سنن الدار قطني 1:382 حديث 4.
2- 2) التهذيب 2:38 حديث 119،الاستبصار 1:275 حديث 999،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،نيل الأوطار 1:425.
4- 4) «م»:فينصرف.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المجموع 4:171، المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208.

و الفرق بين المنذورة و النّافلة ظاهر لأنّ النّافلة لا تجب عنده إلاّ بالدّخول و هو مكروه،و النّذر هاهنا غير مكروه في الجملة.

السّادس:تصلّى صلاة الطّواف في أوقات النّهي و إن كانت نفلا.

ذهب إليه علماؤنا،و فعله الحسن و الحسين عليهما السّلام،و ابن عمر،و ابن الزّبير،و عطاء، و طاوس،و ابن عبّاس،و مجاهد،و القاسم بن (1)محمّد بعد الصّبح و العصر،و فعله عروة بعد الصّبح (2)،و ذهب إليه الشّافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور (5).و أنكر ذلك أبو حنيفة (6)،و مالك (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جبير بن مطعم انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

(يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت و صلّى في أيّ ساعة شاء من ليل أو نهار) (8).رواه التّرمذيّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«خمس صلوات لا تترك على كلّ حال،إذا طفت

ص:149


1- 1القاسم بن محمّد بن أبي بكر،أبو محمّد أو أبو عبد الرّحمن،روى عن أبيه و عن عمّته عائشة و عبد اللّه بن جعفر و غيرهم،و روى عنه ابنه عبد الرّحمن و الشّعبيّ و ابن أبي مليكة.مات سنة 107 ه،و قيل 108. تهذيب التّهذيب 8:333، [1]العبر 1:100. [2]
2- 2) المغني 1:785، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:836. [4]
3- 3) الام 1:149،المهذّب للشّيرازيّ 1:93،سنن التّرمذيّ 3:220،المبسوط للسّرخسيّ 1:153، المغني 1:785، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:836، [6]المجموع 4:179. [7]
4- 4) المغني 1:785، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 1:836، [9]الكافي لابن قدامة 1:158،الإنصاف 2:205، [10]سنن الترمذي 3:220.
5- 5) المغني 1:785، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 1:836. [12]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المغني 1:785، الشرح الكبير بهامش المغني 1:836،المجموع 4:180. [13]
7- 7) سنن الترمذي 3:221، [14]المجموع 4:180، [15]المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:836.
8- 8) سنن الترمذي 3:220 حديث 868. [16]

بالبيت،و إذا أردت أن تحرم،و صلاة الكسوف،و إذا نسيت فصل إذا ذكرت، و الجنازة» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«خمس صلوات تصليهن في كل وقت:صلاة الكسوف،و الصلاة على الميت،و صلاة الإحرام و الصلاة التي تفوت،و صلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس،و بعد العصر إلى الليل» (2)و لأن ركعتي الطواف تابعة له فإذا أبيح المتبوع أبيح التابع.

احتجا بعموم النهي (3).

و الجواب:حديثنا أخص فيعمل به.و لأن حديثهم مخصوص بالفوائت و حديثنا غير مخصوص فيكون أولى.

السابع:يصلي على الجنازة بعد الصبح

إلى أن تطلع الشمس و بعد العصر إلى الغروب.و هو مذهب علماء الإسلام.

و أما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة الباقية فإنه يجوز عند علمائنا أجمع و هو مذهب الشافعي (4)،و أحمد في إحدى الروايتين (5).

و في الأخرى:لا يجوز (6)،و هو قول أصحاب الرأي (7).

ص:150


1- 1التهذيب 2:172 حديث 683،الوسائل 3:175 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:171 حديث 682،الوسائل 3:175 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:785،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:836،المجموع 4:172.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:168،بداية المجتهد 1:103،المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835.
5- 5) المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الكافي لابن قدامة 1:159،الإنصاف 2:206. [4]
6- 6) المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الكافي لابن قدامة 1:159،المجموع 4:172، [5]الإنصاف 2:206. [6]
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:152،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:204،المجموع 4:172.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(اني لأرى طلحة (1).

قد حدث فيه الموت،فأذنوني به و عجلوا،فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن يحبس بين ظهراني أهله) (2).و تأخير الصلاة عن هذه الأوقات ينافي التعجيل.

و من طريق الخاصة:رواية معاوية بن عمار و أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام و قد تقدمتا.و لأنها صلاة تباح بعد الصبح و العصر فأبيحت في سائر الأوقات كالفرائض.و لأنها صلاة تصلي في وقتين من أوقات النهي فتصلي في الباقي.و لأنها صلاة فريضة فأشبهت الفوائت.

احتج المخالف (3)بقول عقبة:ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه و آله ينهانا أن نصلي فيهن و أن نقبر فيهن موتانا (4).

و الجواب:انه مخصوص بالنوافل على ما بينا (5).

الثامن:

يصلي الكسوف و صلاة الإحرام في الأوقات المذكورة لروايتي أبي بصير، و معاوية بن عمار،بلا خلاف بين علمائنا.

التاسع:يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلى منفردا

لما يأتي و إن كان

ص:151


1- 1طلحة بن البراء بن عمير بن و برة بن ثعلبة بن غنم بن سري بن سلمة بن أنيف الأنصاري،أسلم لما قدم رسول الله(ص)المدينة و أخذ يلصق به و يقبل قدميه و يقول:مرني بما أجبت،ثمَّ مرض و مات فصلي رسول الله(ص)على قبره و دعا له،روى حديثه حصين بن وحوح. أسد الغابة 3:57، [1]الإصابة 2:226، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:226. [4]
2- 2) سنن أبي داود 3:200 حديث 3159، [5]سنن البيهقي 3:386.بتفاوت.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:152،المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:202،عمدة القارئ 5:83.
4- 4) صحيح مسلم 1:568 حديث 831،سنن النسائي 1:275،مسند أحمد 4:152، [6]سنن الدارمي 1: 333، [7]سنن البيهقي 2:454،و ج 4:32.
5- 5) تقدم في ص 143.

في أوقات النهي.و هو قول أكثر الجمهور (1).

و قال أبو حنيفة:لا يعاد الفجر و لا العصر و لا المغرب (2).و سيأتي البحث في ذلك.

العاشر:

أكثر أهل العلم على ان الأوقات المكروهة هي الخمسة (3)التي عددناها أولا (4).

و قال ابن المنذر:إنما يكره في ثلاثة أوقات لحديث عقبة بن عامر (5)خصص الأوقات بالكراهية فيها و يبقى الباقي على الأصل.

و الجواب:ان الأحاديث التي ذكرناها من طرقهم و طرقنا دالة على كراهية الصلاة في الوقتين الآخرين و التخصيص بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه.

الحادي عشر:لا بأس بصلاة ركعتي الفجر بعد الفجر قضاء

عند السيد المرتضى (6)،و أكثر الجمهور (7)،و أداء عندنا على ما بينا الخلاف في ذلك (8).

و قال مالك (9)و أصحاب الرأي:لا يجوز (10)لأنه قضاء النافلة في وقت النهي.

ص:152


1- 1ميزان الكبرى 1:174،المهذب للشيرازي 1:95،المغني 1:786،الكافي لابن قدامة 1:158، المجموع 4:225،الإنصاف 2:205. [1]
2- 2) المغني 1:786،المجموع 4:225،ميزان الكبرى 1:174،الشرح الكبير بهامش المغني 1:837.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:150،المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:164،المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:829،الإنصاف 2:201،الهداية للمرغيناني 1:40.
4- 4) راجع ص 139.
5- 5) المغني 1:790،الشرح الكبير بهامش المغني 1:831.
6- 6) الناصريات(الجوامع الفقهية):194.
7- 7) المغني 1:793،الشرح الكبير بهامش المغني 1:841،المهذب للشيرازي 1:93،الإنصاف 2:209، المجموع 4:42.
8- 8) تقدم في ص 102. [2]
9- 9) بداية المجتهد 1:207،المدونة الكبرى 1:126.
10- 10) المبسوط للسرخسي 1:161،بدائع الصنائع 1:287،الهداية للمرغيناني 1:71،شرح فتح القدير 1:416،المجموع 4:43،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:841.

لنا:ما تقدم (1)و ما رواه الجمهور،عن قيس بن فهد (2)قال:رآني رسول الله صلى الله عليه و آله و أنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر فقال:(ما هاتان الركعتان يا قيس؟)قلت:يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان (3).رواها أحمد، و أبو داود،و الترمذي.و السكوت دال على الجواز.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي الحسن علي بن بلال قال:كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و من بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟فكتب:«لا يجوز ذلك إلا للمقتضي،فأما لغيره فلا» (4).و لأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف،و احتجاجهم قد بينا (5)تخصيصه بالابتداء.

الثاني عشر:لا بأس بقضاء السنن الراتبة بعد العصر.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و به قال الشافعي (6)،و أحمد (7)و منعه أصحاب الرأي (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أم سلمة قالت:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:153


1- 1تقدم في ص 140.
2- 2) قيس بن فهد و قيل:قيس بن عمرو،و قيل:قيس بن سهل بن ثعلبة بن عبيد بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري المدني،جد يحيى بن سعيد بن قيس،و اختلف في أنه ابن فهد أو ابن عمرو،و قيل هما اثنان، روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه سعيد و عطاء و محمد بن إبراهيم. أسد الغابة 4:222،224، [1]الإصابة 3:255،257، [2]تهذيب التهذيب 8:401. [3]
3- 3) سنن أبي داود 2:22 حديث 1267، [4]سنن الترمذي 2:284 حديث 422.
4- 4) التهذيب 2:175 حديث 696،الاستبصار 1:291 حديث 1068،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 3. [5]
5- 5) راجع ص 143. [6]
6- 6) المجموع 4:170،مغني المحتاج 1:220،224،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
7- 7) المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842،الإنصاف 2:208،الكافي لابن قدامة 1:159، ميزان الكبرى 1:170.
8- 8) بدائع الصنائع 1:287،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

ينهى عن الركعتين بعد العصر،ثمَّ رأيته يصليهما و قال:(يا بنت أبي أمية أنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان) (1)رواه مسلم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:(اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار و كل ذلك سواء) (2).

الثالث عشر:

يصلي تحية المسجد في الأوقات المذكورة خلافا لأحمد (3)، و أصحاب الرأي (4)،و كذا كل ما له سبب لقوله عليه السلام:(إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين) (5)و هذا أخص من الأخبار الدالة على النهي، فيكون مقدما عليها،و لأنها ذات سبب فأشبهت ما ثبت جوازه.

الرابع عشر:

لا فرق بين مكة و غيرها في تناول النهي.و به قال أبو حنيفة (6)، و أحمد (7).و فرق الشافعي و أجاز التنفل بمكة في كل وقت (8).

ص:154


1- 1صحيح مسلم 1:571 حديث 834.
2- 2) التهذيب 2:173 حديث 691،الاستبصار 1:290،حديث 1062،الوسائل 3:201 الباب 57 من أبواب المواقيت،حديث 12. [1]
3- 3) المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:840،الكافي لابن قدامة 1:159،الإنصاف 2:208.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:153،بدائع الصنائع 1:296،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 840.
5- 5) صحيح البخاري 1:120،صحيح مسلم 1:495،حديث 714،سنن أبي داود 1:127 حديث 467، سنن الترمذي 2:129،حديث 316،سنن النسائي 2:53،الموطأ 1:162 حديث 57، [2]سنن الدارمي 1:323،مسند أحمد 5:295 و [3]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:151،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المجموع 4:180، ميزان الكبرى 1:171.
7- 7) المغني 1:795،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842،الإنصاف 2:203،المجموع 4:180،ميزان الكبرى 1:171.
8- 8) الام 8(مختصر المزني):20،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:179، [4]المغني 1:795،ميزان الكبرى 1:171،المبسوط للسرخسي 1:151.

لنا:عموم النهي،و هو معنى يقتضي المنع من الصلاة،فتستوي فيه مكة و غيرها كالحيض.

احتج الشافعي (1)بما رواه أبو ذر،قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(لا يصلين أحد بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس،و لا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس إلا بمكة)قاله ثلاثا (2).

و قال عليه السلام:(لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت و صلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار) (3).

و الجواب عن الأول:ان رواية عبد الله بن المؤمل (4)و هو ضعيف،ذكره يحيى بن معين.

و عن الثاني:المراد به ركعتا الطواف و هو مسلم،لأنهما ذات سبب.

الخامس عشر:

لا فرق في تناول النهي بين الشتاء و الصيف.و هو قول أهل العلم (5).

و قال عطاء:تباح الصلاة في وقت قيام الشمس في الشتاء دون الصيف (6).

ص:155


1- 1الأم(مختصر المزني)8:19،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:179، [1]المبسوط للسرخسي 1:151.
2- 2) مسند أحمد 5:165، [2]سنن الدار قطني 1:424 حديث 6،الام(مختصر المزني)8:19.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:398 حديث 1254،سنن الترمذي 3:220 حديث 868، [3]سنن النسائي 5:223.
4- 4) عبد الله بن المؤمل بن وهب الله القرشي المخزومي العابدي المدني،روى عن أبيه و أبي الزبير و ابن أبي مليكة و عطاء و روى عنه الوليد بن مسلم و زيد بن الحباب.ذكره ابن حبان في الضعفاء،و عن ابن معين أنه ضعيف.مات بمكة سنة 50 و ه و قيل 60. تهذيب التهذيب 6:46، [4]المجروحين لابن حبان 2:27،ميزان الاعتدال 2:510.
5- 5) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
6- 6) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

لنا:ما رواه الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(ان الشمس تطلع و معها قرن الشيطان،فإذا ارتفعت فارقها،ثمَّ إذا استوت قارنها،و إذا زالت فارقها، و إذا دنت للغروب قارنها،فإذا غربت فارقها) (1)و نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن الصلاة في تلك الساعات.

احتج عطاء بأن شدة الحر من فيح جهنم (2)،و ذلك الوقت حين تسجر جهنم و لا شك في ضعفه.

السادس عشر:قال علماؤنا:لا بأس بالتنفل عند قيام الشمس يوم الجمعة.

و هو قول الحسن البصري،و طاوس،و الأوزاعي،و سعيد بن عبد العزيز (3)، و الشافعي (4)،و إسحاق،و أبي قتادة (5)،و عطاء (6)،خلافا لأبي حنيفة (7)، و أحمد (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن

ص:156


1- 1سنن ابن ماجه 1:397 حديث 1253،سنن النسائي 1:275،الموطأ 1:219 حديث 44، [1]مسند أحمد 4:348،349. [2]
2- 2) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
3- 3) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
4- 4) الام 1:149،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:176،المغني 1:796،بداية المجتهد 1:102، الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
5- 5) أبو قتادة الأنصاري السلمي فارس رسول الله و اسمه الحارث بن ربعي و قيل:نعمان،و قيل:عمرو، روى عن النبي(ص)و معاذ بن جبل،و روى عنه ولداه:ثابت و عبد الله و مولاه:أبو محمد و أنيس و جابر و غيرهم.مات بالكوفة سنة 54 ه-و قيل:38. أسد الغابة 5:274، [3]الإصابة 4:158، [4]تهذيب التهذيب 12:204. [5]
6- 6) المغني 1:796.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:151،الهداية للمرغيناني 1:41،المجموع 4:177،المغني 1:796،بداية المجتهد 1:103،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
8- 8) المغني 1:795،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (1).و مثله رواه أبو قتادة (2).

رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة» (3).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟قال:«قبل الأذان» (4).و لأن الناس في هذا الوقت ينتظرون الجمعة،و يشق عليهم مراعاة الشمس،و في ذلك قطع للنوافل و يحتاجون إلى الاشتغال بالصلاة عن النوم أيضا.

احتجوا بعموم النهي (5).

و الجواب:أحاديثنا خاصة فتقدم.

السابع عشر:

قال بعض الشافعية:جمع يوم الجمعة مستثنى،لأنه قد ورد في بعض الأخبار ان جهنم تسجر في الأوقات الثلاثة في سائر الأيام إلا في يوم الجمعة (6).و هذا ليس بصحيح لعموم النهي إلا ما ورد فيه الاستثناء.

مسألة:اختلف علماؤنا في الصلاة الوسطى،

فقال الشيخ في الخلاف:انها الظهر (7).و تبعه جماعة من أصحابنا (8).و به قال زيد بن ثابت،و عائشة،و عبد

ص:157


1- 1المغني 1:796،المهذب للشيرازي 1:93،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
2- 2) سنن أبي داود 1:284 حديث 1083.
3- 3) التهذيب 3:13 حديث 44،الاستبصار 1:412 حديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها،حديث 6. [1]
4- 4) التهذيب 3:247 حديث 677،الوسائل 5:22 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها،حديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:796.
6- 6) ميزان الكبرى 1:170.
7- 7) الخلاف 1:97 مسألة 40.
8- 8) جواهر الفقه(الجوامع الفقهية):475،المعتبر 2:52، [3]الجامع للشرائع:61.

الله بن شداد (1)(2).

و قال علم الهدى:انها العصر (3).و تبعه جماعة.و به قال أبو هريرة،و أبو أيوب، و أبو سعيد،و عبيدة السلماني،و الحسن،و الضحاك (4)،و أبو حنيفة (5)، و أصحابه (6)،و أحمد (7).و نقله الجمهور عن علي عليه السلام (8).

و قال طاوس،و عطاء،و عكرمة،و مجاهد (9)،و الشافعي:هي الصبح (10).

و قيل:انها المغرب (11).و قيل:هي العشاء (12).و الأقرب الأول.

لنا:ما رواه الجمهور،عن زيد بن ثابت،قال:كان رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:158


1- 1عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي:أبو الوليد المدني و امه سلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء،روى عن أبيه،و علي(ع)و عمر و طلحة و ابن مسعود،و روى عنه سعد بن إبراهيم و معبد بن خالد و الحكم بن عتيبة.مات سنة 81 ه.العبر 1:69، [1]شذرات الذهب 1:90. [2]
2- 2) المغني 1:421،المجموع 3:61،نيل الأوطار 1:393.
3- 3) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الاولى):275.
4- 4) المغني 1:421،التفسير الكبير 6:150، [3]تفسير القرطبي 3:210، [4]سنن البيهقي 1:461،المجموع 3: 61،نيل الأوطار 1:393.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:141،المغني 1:421،التفسير الكبير 6:150، [5]تفسير القرطبي 3:210، [6]المجموع 3:61،ميزان الكبرى 1:135،مقدمات ابن رشد 1:99،نيل الأوطار 1:393.
6- 6) المغني 1:421،تفسير القرطبي 3:210. [7]
7- 7) المغني 1:421،الكافي لابن قدامة 1:121،الإنصاف 1:432، [8]ميزان الكبرى 1:135،المجموع 3: 61،نيل الأوطار 1:393.
8- 8) سنن البيهقي 1:461،المغني 1:421،المجموع 3:61،نيل الأوطار 1:393.
9- 9) المغني 1:421،المجموع 3:60،سنن البيهقي 1:462،الدر المنثور 1:301، [9]التفسير الكبير 6:148، نيل الأوطار 1:393.
10- 10) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:60،التفسير الكبير 6:148، [10]ميزان الكبرى 1:135،المغني 1: 421،نيل الأوطار 1:393.
11- 11) تفسير القرطبي 3:210، [11]أحكام القرآن لابن العربي 1:225. [12]
12- 12) نيل الأوطار 1:394.

يصلي الظهر بالهاجرة و لم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله منها فنزلت: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» (1)(2)رواه أبو داود.

و روى الترمذي و أبو داود،عن عائشة،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قرأ « حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و صلاة العصر » (3).

و من طريق الخاصة:«ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» هي صلاة الظهر،و هي أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه و آله،و هي وسط النهار،و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر،و في بعض القراءة «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و صلاة العصر ، وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» (4).

أقول:و العطف يقتضي المغايرة،و قد ورد في روايتي عائشة،و الباقر عليه السلام.

لا يقال:الواو زائدة كما في قوله تعالى «وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ» (5).

لأنا نقول:الزيادة منافية للأصل،فلا يصار إليها إلا لموجب،و المثال الذي ذكروه يمنع زيادة الواو فيه،بل هي للعطف على بابها.و لأنها أشق الصلوات فعلا لإيقاعها في الهاجرة وقت شدة تنازع الإنسان إلى النوم و الراحة،فيكون الأمر بالمحافظة عليها أولى.

ص:159


1- 1البقرة:238. [1]
2- 2) سنن أبي داود 1:112 حديث 411.
3- 3) سنن الترمذي 5:217 حديث 2982، [2]سنن أبي داود 1:112 حديث 410.
4- 4) التهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها،حديث 1. [3]
5- 5) الأحزاب:40. [4]

احتج السيد المرتضى بإجماع الشيعة على ذلك (1).

و احتج أبو حنيفة (2)بما روي،عن علي عليه السلام،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال يوم الأحزاب:(شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم و قبورهم نارا) (3).

و عن ابن مسعود قال:[قال:] (4)رسول الله صلى الله عليه و آله(صلاة الوسطى صلاة العصر) (5).

و احتج الشافعي (6)بقوله: «وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» (7)و القنوات طول القيام و هو مختص بالصبح.و لأنها من أثقل الصلاة على المنافقين،و لهذا اختصت بالوصية بالمحافظة عليها،قال الله تعالى «وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ» (8)يعني صلاة الفجر و العصر.

و احتج القائلون بأنها المغرب بأن الأولى هي الظهر فتكون المغرب وسطى،و لأنها وسطى في عدد الركعات و وسطى في الأوقات،لأنه آخر النهار و أول الليل (9).

و احتج القائلون بالعشاء (10)بما رواه ابن عمر قال:مكثنا ليلة ننتظر رسول الله

ص:160


1- 1رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الاولى):275.
2- 2) المجموع 3:61،مقدمات ابن رشد 1:99،المغني 1:423،التفسير الكبير 6:150. [1]
3- 3) صحيح مسلم 1:437،حديث 627،سنن أبي داود 1:112 حديث 409،سنن الترمذي 5:217 حديث 2984، [2]سنن البيهقي 1:459،الدر المنثور 1:303. [3]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) سنن الترمذي 1:339 حديث 181،و ج 5:218 حديث 2985، [4]نيل الأوطار 1:397.
6- 6) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:61، [5]المغني 1:421. [6]
7- 7) البقرة 238. [7]
8- 8) ق:39.
9- 9) المغني 1:422.
10- 10) المغني 1:423.

صلى الله عليه و آله لصلاة العشاء الآخرة،فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده فقال:(انكم لتنظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم و لو لا أن أشق على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) (1)و قال:(ان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الغداة و العشاء و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوا) (2).

و الجواب عن الأول بمنع الإجماع،فإنا لا نتحققه مع وجود الخلاف.

و عن الثاني و الثالث بمنع الروايتين،فإن مالكا أطرحهما (3)مع قرب عهده،و هما معارضتان بما ذكرناه من الأحاديث.

و عن الرابع:ان القنوت هو الطاعة فلا يختص الدعاء.

و لو سلمنا ذلك،لكن اختصاص الصبح بذلك ممنوع لما يأتي من استحباب القنوت في الصلوات كلها.و لو سلم اختصاص القنوت بالصبح لكن لا نسلم ان الأمر بالقيام يستلزم عود ذلك إلى الوسطى و قوله:إنها أشد على المنافقين و ما بعد ذلك من حججهم ضعيف،لأنه لا يعارض ما أوردناه من النصوص هذه الأوهام.

مسألة:قال الشيخ:يكره تسمية العشاء بالعتمة ،

(4)

و كأنه نظر إلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله(لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء و انهم يعتمون بالإبل) (5)و لكن هذا الحديث لم يرد من طرف الأصحاب.قال:و كذا يكره تسمية الصبح بالفجر (6).و قال أيضا:قضاء نافلة الليل بالنهار أفضل،و قضاء

ص:161


1- 1صحيح مسلم 1:442 حديث 639،سنن النسائي 1:267.
2- 2) صحيح البخاري 1:147،سنن ابن ماجه 1:261 حديث 797،سنن الدارمي 1:291، [1]كنز العمال 7:401 حديث 19494 بتفاوت في الجميع.
3- 3) الموطأ 1:130 فإنه لم يذكر هذين الحديثين.
4- 4) المبسوط 1:75. [2]
5- 5) صحيح مسلم 1:445 حديث 644،سنن ابن ماجه 230 حديث 704،سنن النسائي 1:270،مسند أحمد 2:19،49،144، [3]كنز العمال 7:402 حديث 19503،نيل الأوطار 1:419 حديث 2.
6- 6) المبسوط 1:75. [4]

نافلة النهار بالليل أفضل (1).و هو حسن لما فيه من المسارعة.

الفصل الثالث:في القبلة،و فيه مباحث:
الأول:القبلة هي الكعبة مع الإمكان،و إلا فجهتها.

ذهب إليه السيد المرتضى (2)، و اختاره الجمهور كافة.

و قال الشيخ:الكعبة قبلة أهل المسجد،و المسجد قبلة أهل الحرم،و الحرم قبلة من خرج عنه (3).

و قال بعض الشافعية:القبلة عين الكعبة للبعيد و القريب (4).

لنا:قوله تعالى :«جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ» (5).

و ما رواه الجمهور،عن البراء قال:قدم رسول الله صلى الله عليه و آله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا،ثمَّ انه وجه إلى الكعبة فمر رجل كان صلى مع النبي صلى الله عليه و آله على قومه من الأنصار فقال:ان رسول الله صلى الله عليه و آله قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام قال:«ان بني عبد الأشهل أتوهم و هم في الصلاة قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم:ان نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال و الرجال مكان

ص:162


1- 1المبسوط 1:77. [1]
2- 2) الناصريات(الجوامع الفقهية):194-195.
3- 3) النهاية:62، [2]المبسوط 1:77،الخلاف 1:98 مسألة 41.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:67.
5- 5) المائدة:97. [3]
6- 6) سنن النسائي 1:243.و نقله في صحيح البخاري 6:27،و صحيح مسلم 1:374 حديث 525 بتفاوت.

النساء و جعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة،فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين،فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين» (1).

و أما ان المأخوذ على البعيد الاستقبال إلى الجهة فلقوله:«وَ حَيثُ ما كُنتُم فَوَلوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ» (2)و الشطر:النحو.و لأن تكليف الاستقبال إلى عين الكعبة يستلزم إبطال صلاة بعض الصف المتطاول في سمت مستقيم،و إبطال صلاة أهل العراق أو خراسان،لبعد ما بينهما،مع ان قبلتهما واحدة،إذ من المستحيل محاذاة كل واحد منهما عين الكعبة.

احتج الشيخ بالإجماع (3)،و بأنه يلزم إما إبطال بعض صلاة الصف المتطاول،أو إلزام المأمومين الصلاة خلف الإمام،كما لو صلى في المسجد و اللازم بقسميه باطل بالإجماع.

و بما رواه عبد الله بن محمد الحجال (4)،عن بعض رجاله،عن أبي عبد الله عليه السلام«ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد،و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم، و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا» (5).

و عن بشر بن جعفر الجعفي أبو الوليد (6)قال:سمعت جعفر بن محمد الصادق

ص:163


1- 1التهذيب 2:43 حديث 138،الوسائل 3:216 الباب 2 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) البقرة:145. [2]
3- 3) الخلاف 1:98 مسألة 41.
4- 4) عبد الله بن محمد الأسدي الحجال المزخرف:أبو محمد ثقة ثقة ثبت،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة.رجال الطوسي:381،الفهرست:102، [3]رجال العلامة:105. [4]
5- 5) التهذيب 2:44 حديث 139،الوسائل 3:220 الباب 3 من أبواب القبلة،حديث 139. [5]
6- 6) بشر بن جعفر الجعفي:أبو الوليد،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و قال:روى عنه أحمد بن الحارث الأنماطي.و ذكر الأردبيلي روايته عن الصادق(ع). رجال الطوسي:107،جامع الرواة 1:122. [6]

عليهما السلام،يقول:«البيت قبلة لأهل المسجد و المسجد قبلة لأهل الحرم و الحرم قبلة للناس جميعا» (1).

و الجواب عن الأول:بمنع الإجماع مع ثبوت الخلاف.

و عن الثاني:ان الملازمة إنما تتم لو قلنا ان المصلي خارج الحرم يتوجه إلى نفس الكعبة و بيتها،و نحن لا نقول ذلك،بل الواجب التوجه إلى جهة الكعبة أي السمت الذي فيه الكعبة،و ذلك متسع يمكن أن يوارى جهة كل مصل.

و أيضا فالإلزام يتجه عليه في الحرم،لأنه لم يبلغ في الطول إلى حد يتوجه إليه أهل العراق و خراسان.

و عن الحديثين بضعف سندهما،أما الأول فإنه مرسل،و أما الثاني فإن رواية كان ابن عقدة (2)و هو زيدي،و في رجاله من لا نعرفه،فلا احتجاج.

مسألة:لو صلى المكتوبة في الكعبة تخير في استقبال أي جدرانها شاء.

و قد اختلف قول الشيخ ها هنا،فقال في النهاية،و المبسوط،و الجمل،و الاستبصار:

بالكراهية (3).و قال في الخلاف:لا يجوز اختيارا،و حكاه عن مالك (4).و الأول أقوى.

لنا:انه استقبل الجهة و هو المطلوب،فيخرج عن العهدة.

احتج الشيخ بالإجماع،و بأن القبلة هي الكعبة للمشاهد،فتكون جملتها القبلة لا

ص:164


1- 1التهذيب 2:44 حديث 140،الوسائل 3:220 الباب 3 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبيد الله بن زياد بن عجلان السبيعي الهمداني المعروف ب«ابن عقدة»قال الشيخ في الفهرست: [2]كان زيديا جاروديا،و عده في رجاله ممن لم يرو عنهم، و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة.مات بالكوفة سنة 333 ه. رجال النجاشي:94،رجال الطوسي:441،الفهرست:28، [3]رجال العلامة:203. [4]
3- 3) النهاية:101، [5]المبسوط 1:85،الجمل و العقود:65،الاستبصار 1:299.
4- 4) الخلاف 1:159 مسألة 186.

بعضها،و المصلّي في جوفها إنّما يستقبل بعضها.

و بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«لا تصلّ المكتوبة في الكعبة» (1).

و الجواب عن الأوّل:بمنع الإجماع و كيف يصحّ ادّعاء ذلك منه مع مخالفته له فيما ذكرناه من كتبه،إلاّ أن يكون المراد بقوله:لا يجوز:الكراهية،فإنّه كثيرا ما يستعمل هذا اللّفظ في هذا المعنى.

و عن الثّاني:بالمنع من كون جملة الكعبة هي القبلة بالنسبة إلى مصل واحد في وقت واحد،فإن استقبال الواحد جملة البنية محال بل إنما يحاذيه ما يساوي بدنه و الباقي خارج عن مقابلته.

و عن الحديث بالمنع من إرادة التحريم فيه بل يحمل على الكراهية.

فروع:
الأول:

لا بأس بالنوافل جوف الكعبة و هو إجماع،بل هي مستحبة لا نعرف فيه مخالفا إلا ما نقل عن محمد بن جرير الطبري (2).

الثاني:

لو كانت الحال حال ضرورة جازت الصلاة جوف الكعبة من غير كراهية.و هو إجماع أهل العلم كافة.

الثالث:

إذا صلى جوفها اضطرارا أو اختيارا على ما ذهبنا نحن إليه استقبل أي جدرانها شاء.و هو قول كل أهل العلم.

الرابع:

لو استهدم البيت و العياذ بالله صلى إلى موضعه،لأن الاعتبار بالجهة لا البنية،فإنا لو وضعنا الحيطان في موضع آخر لم يجز الاستقبال إليها إجماعا.

ص:165


1- 1التهذيب 2:376 حديث 1564،الوسائل 3:245 الباب 17 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) المجموع 3:194.
الخامس:

لو صلى جوفها و هي مستهدمة أبرز بين يديه بعضها و صلى.و لو صلى على طرفها و لم يبرز شيئا لم تصح صلاته.

و قال الشافعي:لا تصح في الموضعين (1).

لنا:ان المأخوذ عليه الاستقبال إلى جزء الناحية،و قد امتثل،فيخرج عن العهدة.

السادس:

لو صلى في جوفها و الباب مفتوحة و لا عتبة مرتفعة صحت صلاته أيضا بناء على ما ذكرنا،و الخلاف مع الشافعي (2)كما ثمَّ.

السابع:

لو صلى في المسجد استقبل أي جدران الكعبة شاء.

و لو صلى في المسجد جماعة و استطال المأمومين حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة فصلاة من خرج عن السمت باطلة.

مسألة:و لو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها و لو قليلا و صلى قائما.

و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشيخ في النهاية و الخلاف:يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور بالإيماء (4).و قال في المبسوط:و إن صلى كما يصلي[إذا كان] (5)جوفها كانت صلاته ماضية،سواء كانت للسطح سترة من نفس البناء أو معرورا فيه،و سواء وقف على سطح البيت أو على حائطه إلا أن يقف على طرف الحائط بحيث لا يبقى بين يديه جزء من البيت لأنه حينئذ يكون مستدبرا لا مستقبلا (6).و هو يوافق في الحقيقة ما

ص:166


1- 1المجموع 3:198-199.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:67،المجموع 3:198.
3- 3) المبسوط للسرخسي 2:79،بدائع الصنائع 1:121،الهداية للمرغيناني 1:95،شرح فتح القدير 2:111.
4- 4) النهاية:101، [1]الخلاف 1:160 مسألة 188.
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) المبسوط 1:85. [2]

ذكرناه نحن،لأن جواز القيام يستلزم وجوبه،لأنه شرط مع الإمكان.

لنا:أن المأخوذ عليه الصلاة إلى الجهة و هو يحصل مع القيام و إبراز البعض، فيحصل الامتثال،فلا معنى للصلاة بالاستلقاء.

احتج الشيخ بالإجماع و بما رواه عبد السلام (1)،عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة،قال:«إن قام لم يكن له قبلة،و لكن يستلقي على قفاه و يفتح عينيه إلى السماء و يعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور،و يقرأ،فإذا أراد أن يركع غمض عينيه،فإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه،و السجود على نحو ذلك» (2).

و الجواب:ان الإجماع ممنوع ها هنا،خصوصا مع ما ذكره في المبسوط.و أما الرواية فضعيفة رواها إسحاق بن محمد (3)،و قد قال النجاشي:إسحاق بن محمد معدن التخليط،فإن يكن الراوي هو هذا فقد ظهر ضعفه،و إلا فهو ضعيف لالتباسه بالمضعف،فلا يطرح عموم الأمر بالقيام،و عموم قوله تعالى:

ص:167


1- 1عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الخراساني،ثقة صحيح الحديث له كتاب وفاة الرضا(ع).قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)و صرح بأنه عامي،و العجب من المصنف حيث إنه ذكره تارة في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة صحيح الحديث و اخرى في القسم الثاني من الخلاصة في باب الكني و قال:عامي.و قوى المحقق المامقاني كونه شيعيا و استدل بأمور ليس هنا موضع ذكرها. رجال النجاشي:245،رجال الطوسي:380،396،رجال العلامة:117،267، [1]تنقيح المقال 2: 151. [2]
2- 2) التهذيب 2:376،حديث 1566،الوسائل 3:248 الباب 19 من أبواب القبلة،حديث 2. [3]
3- 3) إسحاق بن محمد بن أبان بن مرار بن عبد الله بن الحرث أبو يعقوب النخعي الأحمر أخو الأشتر، قال النجاشي:هو معدن التخليط،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:لا أقبل روايته. و ميزه في المشتركات برواية الجرمي عنه و رواية علي بن محمد عنه. رجال النجاشي:73،رجال العلامة:201، [4]هداية المحدثين:180. [5]

«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (1)و عموم الأمر بالركوع و السجود على وجههما بمثل هذا الحديث الضعيف.

فرع:

لو صلى على موضع مرتفع ارفع بناء من الكعبة كجبل أبي قبيس صلى إلى جهة القبلة قائما كما قلناه في السطح،لأن المأخوذ عليه التوجه إلى الجهة بقوله :«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» .

و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن خالد بن أبي إسماعيل (2)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة،فقال:«لا بأس» (3).

و كذا لو صلى في موضع منخفض عن الكعبة فإنه يستقبل الجهة و تصح صلاته، و لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم.

مسألة:أجمع كل أهل الإسلام على ان استقبال القبلة واجب في الفرائض،

و شرط فيها،قال الله تعالى :«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» و قال :

«جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ» (4).

و روى إبراء قال:قدم رسول الله صلى الله عليه و آله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا،ثمَّ انه وجه إلى الكعبة فمر رجل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه و آله على قوم من الأنصار،فقال:ان رسول الله صلى الله عليه و آله قد وجه إلى الكعبة

ص:168


1- 1البقرة:145. [1]
2- 2) خالد بن أبي إسماعيل الكوفي ثقة قاله النجاشي،و قال الشيخ في الفهرست:له أصل،و ذكره الصدوق في مشيخته في طريق عبد الأعلى مولى آل سام،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و وثقه. رجال النجاشي:150،الفقيه 4:شرح المشيخة:37،الفهرست:66، [2]رجال العلامة:65. [3]
3- 3) التهذيب 2:376 حديث 1565،الوسائل 3:247 الباب 18 من أبواب القبلة،حديث 2. [4]
4- 4) المائدة:97. [5]

فانحرفوا إلى الكعبة (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،قال:صلى رسول الله صلى الله عليه و آله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاثة عشرة سنة بمكة،و تسعة عشر شهرا بالمدينة،ثمَّ عيرته اليهود فقالوا له:انك تابع لقبلتنا،فاغتم لذلك غما شديدا،فلما كان في بعض الليل خرج عليه السلام يقلب وجهه في آفاق السماء،فلما أصبح صلى الغداة،فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له :«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» (2)الآية،ثمَّ أخذ بيد النبي صلى الله عليه و آله فحول وجهه إلى الكعبة و حول من خلفه وجوهكم حتى قام الرجال مقام النساء و النساء مقام الرجال،فكان أول صلاته إلى بيت المقدس و آخرها إلى الكعبة،و بلغ الخبر مسجدا بالمدينة و قد صلى أهله من العصر ركعتين،فحولوا نحو الكعبة،فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدس، و آخرها إلى الكعبة،فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين،فقال المسلمون:صلاتنا إلى بيت المقدس تضيع يا رسول الله؟فأنزل الله عز و جل «وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ» (3)يعني صلاتكم إلى بيت المقدس (4).

و في هذا الحديث فوائد فقهية و أصولية ذكرناها في كتاب استقصاء الاعتبار.

مسألة:وجوب الاستقبال يستدعي وجوب معرفة القبلة،

و إلا لزم التكليف بالمحال،و معرفة القبلة قد تحصل بالمشاهدة،و هذا يختص الحاضرين في المسجد الحرام، و قد تحصل بالدلائل و العلامات،و ذلك حكم الغائبين في الأمصار.و البحث هاهنا في

ص:169


1- 1سنن النسائي 1:243.و نقله في صحيح البخاري 6:27،و صحيح مسلم 1:374 حديث 525 بتفاوت.
2- 2) البقرة:145. [1]
3- 3) البقرة:144. [2]
4- 4) الفقيه 1:178 حديث 843،الوسائل 3:218 الباب 2 من أبواب القبلة،حديث 12. [3]

الدلالة.و أوثق أدلتها النجوم،قال الله تعالى :«وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» (1)و كل إقليم يتوجهون سمت الركن الذي يليهم،فأهل الشرق يتوجهون إلى الركن العراقي، و أهل الغرب إلى الغربي،و أهل الشام إلى الشامي،و أهل اليمن إلى اليمني.

و لنبدأ بالعراقي و استقبال أهله إليه،و علامتهم وضع الجدي خلف المنكب الأيمن، روى الشيخ،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن القبلة؟ قال:«ضع الجدي في قفاك و صل» (2).

و لهم علامة أخرى،بأن يجعلوا المشرق محاذيا للمنكب الأيسر،و المغرب مقابله،أو يجعلوا الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.و القمر يبدو أول ليلة من الشهر هلالا في المغرب عن يمين المصلي،ثمَّ يتأخر كل ليلة نحو المشرق منزلا حتى يكون ليلة السابع وقت المغرب في قبلة المصلي أو مائلا عنها قليلا،ثمَّ يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدرا،و ليلة إحدى و عشرين يكون في قبلة المصلي أو قريبا منها وقت الفجر.

و أما الاستدلال بالأنهار فلا اعتداد به،لاختلافه و عدم ضبطه.

و أما علامات أهل الشام فست:بنات نعش،و الجدي،و موضع مغيب سهيل، و طلوعه،و الصبا،و الشمال،فإذا كانت بنات نعش حال غيبوبتها خلف الاذن اليمنى و الجدي خلف الكتف الأيسر إذا طلع،و موضع مغيب سهيل على العين اليمني و طلوعه بين العينين،و الصبا على الخد الأيسر و الشمال على الكتف الأيمن كان مستقبلا للقبلة.

و علامات أهل المغرب ثلاث:الثريا،و العيوق،و الجدي،فإذا كان الثريا على يمينه و العيوق على شماله و الجدي على صفحة خده الأيسر فقد استقبل القبلة.

و علامات أهل اليمن ثلاث:الجدي،و سهيل،و الجنوب،فإذا كان الجدي وقت

ص:170


1- 1النحل:16. [1]
2- 2) التهذيب 2:45 حديث 143،الوسائل 3:222 الباب 5 من أبواب القبلة،حديث 1. [2]

طلوعه بين عينيه و سهيل حين يغيب بين كتفيه و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى فقد توجه إلى القبلة.ذكر علامات هذه الأركان الثلاثة ابن حمزة (1)من علمائنا رحمة الله.

مسألة:و قد ورد في أخبارنا التياسر قليلا لأهل العراق ،

(2)

و أفتى به الشيخ (3)، و ظاهر كلامه يعطي الوجوب،و الأشبه الاستحباب،و ذلك إنما يكون على تقدير أن يكون التوجه إلى الحرم.أما إذا قلنا بالتوجه إلى الكعبة على ما اخترناه فلا يتمشى فيه ذلك.

روى الشيخ،عن المفضل بن عمر (4)انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة،و عن السبب فيه؟فقال:«ان الحجر الأسود لما نزل به من الجنة و وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر الأسود (5)،فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال،و عن يسارها ثمانية أميال كله اثنى عشر ميلا،فإذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب

ص:171


1- 1الوسيلة [1](الجوامع الفقهية):671.
2- 2) الفقيه 1:178 حديث 842،التهذيب 2:44 حديث 142،الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:78، [3]النهاية:63، [4]الخلاف 1:98 مسألة 42.
4- 4) أبو عبد الله المفضل بن عمر الجعفي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم(ع)و قد وقع الخلاف في توثيقه و تضعيفه.و ثقة المفيد في الإرشاد بقوله:إنه من شيوخ أصحاب أبي عبد الله(ع) و خاصته و بطانته و ثقاته.و عن غيبة الشيخ:أنه كان من قوام الأئمة و كان محمودا عندهم.و ضعفه النجاشي بقوله:فاسد المذهب مضطرب الرواية،و المصنف بذكره إياه في القسم الثاني من الخلاصة، و روى الكشي في شأنه أخبارا مادحة و ذامة،و قد ذكرهما المحقق المامقاني و رجح الأخبار المادحة و أجاب عن الأخبار الذامة ثمَّ قال:فالرجل عندي من عظم الشأن و جلالة القدر بمكان. الإرشاد للمفيد 2:208، [5]رجال الطوسي:314،360،رجال النجاشي:416،رجال الكشي: 135-306،رجال العلامة:258، [6]تنقيح المقال 3:238. [7]
5- 5) ليست في«م»«ن»«غ»«ق».

الحرم،و إذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة» (1).

و روى محمد بن يعقوب،عن علي بن محمد (2)رفعه،قال:قيل لأبي عبد الله عليه السلام:لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟فقال:«لأن للكعبة ستة حدود،أربعة منها على يسارك،و اثنان منها على يمينك،فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار» (3)و المفضل بن عمر ضعيف،و الثانية مرسلة،فلا تعويل عليهما.

مسألة:و لو فقد العلم بجهة القبلة اجتهد،

فإن غلب على ظنه جهة القبلة لأمارة من الأمارات عول عليه.و هو قول أهل العلم.

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (4).

و عن سماعة قال:سألته عن الصلاة بالليل و النهار إذا لم تر الشمس و لا القمر و لا النجوم؟قال:«اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك» (5).

و لو لم يغلب على ظنه،و فقدت الأمارة و حصل الاشتباه،صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات أربع دفعات.ذهب إليه علماؤنا.

ص:172


1- 1التهذيب 2:44 حديث 142،الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) علي بن محمد بن أبي القاسم-و اسم أبي القاسم:عبد الله بن عمران البرقي،و هو من مشايخ الكليني و قد أكثر الرواية عنه و أطلق،و من ثمَّ قد يقال بجهالته،عنونه النجاشي بعلي بن أبي القاسم،بإسقاط محمد- و لكن المصنف عنونه ب«علي بن محمد بن أبي القاسم»و استظهر المحقق المامقاني اتحادهما،كما قطع به المحقق السيد الخوئي في معجم رجاله. رجال النجاشي:256،رجال العلامة:100، [2]تنقيح المقال 2:302، [3]معجم رجال الحديث 11: 256،و ج 12:138. [4]
3- 3) الكافي 3:487 حديث 6، [5]الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 1. [6]
4- 4) التهذيب 2:45 حديث 146،الاستبصار 1:295 حديث 1087،الوسائل 3:223 الباب 6 من أبواب القبلة،حديث 1. [7]
5- 5) التهذيب 2:46 حديث 147،الاستبصار 1:295 حديث 1088،الوسائل 3:223 الباب 6 من أبواب القبلة،حديث 2. [8]

و قال داود:يصلّي إلى أيّ جهة شاء (1).

و قال الشّافعيّ:يقلّد غيره (2).

و قال أبو حنيفة،و أحمد:يصلّي ما بين المشرق و المغرب،و يتحرّى الوسط (3).

لنا:انّ الاستقبال واجب،و لا يتمّ إلاّ بما قلناه،فيكون واجبا،لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به يكون واجبا،و إلاّ لزم التّكليف بالمحال أو خروج الواجب المطلق عن الوجوب.

و ما رواه الشّيخ عن خراش (4)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت:جعلت فداك،ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون:إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا و أنتم سواء في الاجتهاد؟فقال:«ليس كما يقولون،إذا كان كذلك فليصل لأربع وجوه» (5)و قول الشافعي جيد إذا أثمر التقليد الظن،و قول أبي حنيفة جيد،و ليس البحث على تقدير العلم بجهة المشرق و المغرب، فإنه متى حصل العلم بهما أمكن العلم بالقبلة لما بيناه في الدلائل.

روى الشيخ في الصحيح عن،معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:قلت:الرجل يقوم في الصلاة،ثمَّ ينظر بعد ما فرغ[فيرى] (6)انه قد انحرف عن

ص:173


1- 1المحلى 3:230.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:228،مغني المحتاج 1:146،السراج الوهاج:40.
3- 3) المغني 1:491.
4- 4) خراش بن إبراهيم الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و هذه الرواية تدل على كونه إماميا،و اختلف في اسمه،نقل المحقق المامقاني عن بعض:خداش-بالخاء و الدال-كما في الكتب الرجالية.و عن بعض:خراش-بالخاء و الراء المهملة-كما في التهذيب و نسخة من رجال الطوسي. رجال الطوسي:189،تنقيح المقال 1:396. [1]
5- 5) التهذيب 2:45 حديث 144،الاستبصار 1:295 حديث 1085،الوسائل 3:226 الباب 8 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
6- 6) أضفناه من المصدر.

القبلة يمينا[أ] (1)و شمالا؟قال:«قد مضت صلاته،و ما بين المشرق و المغرب قبلة» (2).

فروع:
الأول:لو لم يتسع الوقت لأربع صلى ما يتسع له الوقت

ثلاثا،أو اثنين،أو واحدة بحسب ضيق الوقت و سعته،و كذا لو منع بعدو أو سبع،و يتخير في الواحدة بين الواجبة و الساقطة،لأن التقدير عدم الترجيح،فلا اختصاص للبعض بالوجوب إلا بحسب الخيرة.

الثاني:

لا يجوز الاجتهاد مع إمكان العلم،لأن الاستقبال مع اليقين ممكن، فيسقط حكم الظن.

الثالث:لو صلى عن اجتهاد إلى جهة،ثمَّ أراد أن يصلي اخرى،

قال الشيخ في المبسوط:يعيد اجتهاده إلا أن يعلم أن الأمارات لم تتغير (3).و هو قول الشافعي (4)، و أحمد (5).فلو تغير اجتهاده في الصلاة الثانية لم يعد الصلاة الأولى بغير خلاف فيما نعلمه.

و لو تغير اجتهاده في الصلاة،فإن كان منحرفا يسيرا استدار إلى القبلة و أتم و لا إعادة،و إن كان مشرقا أو مغربا أو مستدبرا أعاد.

ص:174


1- 1أضفناه من بعض المصادر.
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 157،الاستبصار 1:297 حديث 1095،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:81.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:216،السراج الوهاج:40،المغني 1:500،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.
5- 5) المغني 1:500،الكافي لابن قدامة 1:152،الإنصاف 2:18،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.

و قال بعض الجمهور:يعيد مطلقا (1).و ليس بجيد.

و قال آخرون:لا يرجع و يمضي على الاجتهاد الأول (2)و هؤلاء عن التحقيق بمعزل.و كذا لو تجدد يقين بالجهة المخالفة في أثناء الصلاة استدار إليها،كأهل قباء لما استداروا إلى القبلة،و لا نعرف فيه خلافا.

الرابع:العالم بجهة القبلة لا يقلد غيره بلا خلاف،

لأن التقليد إنما يثمر الظن، و لا حكم له مع العلم،و كذا المجتهد.أما فاقد الاجتهاد و من لا يعرفه كالعامي هل يجوز له الرجوع إلى قول العدل أم لا؟نص في المبسوط (3)على انه يرجع إلى قول العدل.و به قال الشافعي (4).و ظاهر كلام الشيخ في الخلاف:انه يصلي إلى أربع جهات مع السعة و إلى واحدة يتخيرها مع الضيق (5).و الأقرب عندي الأول،لأن قول العدل أحد الأمارات المفيدة للظن،فيلزم العمل به مع فقد أقوى و معارض.

لا يقال:ان له عن التقليد مندوحة فلا يجوز له فعله،لأن الوقت إن كان واسعا صلى إلى أربع جهات،و إن كان ضيقا تخير في الجهات.

لأنا نقول:القول بالتخيير مع حصول الظن باطل،لأنه ترك للراجح و عمل بالمرجوح.

الخامس:لو اجتهد و صلى،ثمَّ شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد،

أما لو كان في الأثناء فإنه لا يلتفت إلى الشك و لا يقطع الصلاة للاجتهاد ثانيا،لأنه دخل في الصلاة دخولا مشروعا بدليل ظاهر و هو الاجتهاد،فلا يزول عنه بالشك.

ص:175


1- 1المهذب للشيرازي 1:68.
2- 2) المغني 1:501،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.
3- 3) المبسوط 1:79. [1]
4- 4) الام 1:94،المهذب للشيرازي 1:68،الأم(مختصر المزني)8:13،مغني المحتاج 1:146،السراج الوهاج:40.
5- 5) الخلاف 1:100 مسألة 49.
السادس:لو بان له الخطأ في أثناء الصلاة و لم يعرف جهة القبلة،

كرجل صلى إلى جهة،ثمَّ رأى بعض منازل القمر في قبلته و لم يدر أ هو في المشرق أو المغرب و احتاج إلى الاجتهاد أبطل صلاته،لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة،و لا جهة يتوجه إليها، فتعذر إتمامها.

السابع:الأعمى يقلد غيره و إن كان ذلك الغير صبيا أو امرأة.

ذكره الشيخ في المبسوط (1)،و ظاهر كلامه في الخلاف:انه يصلي إلى أربع جهات مع السعة،و مع الضيق إلى جهة يتخيرها (2).و الأول أقرب،لأنه لا طريق له إلى الاجتهاد،فلم يكن واجبا عليه كالعامي في الأحكام.

الثامن:لو صلى الأعمى من غير تقليد بل برأيه

و لم يستند إلى أمارة يعلمها،فإن أخطأ أعاد،و إن أصاب قال الشيخ:لا يعيد (3).

و قال الشافعي:يعيد (4).

احتج الشيخ بأنه امتثل ما أمر به من التوجه نحو المسجد الحرام،فيكون مجزيا.

و لأن بطلان الصلاة حكم شرعي،فيقف على الدلالة،و هي مفقودة (5).

احتج الشافعي بأنه لم يفعل ما أمر به و هو الرجوع إلى قول الغير،فجرى مجرى عدم الإصابة،و كلاهما قويان.

قال الشيخ:و لو كان مع ضيق الوقت كانت صلاته ماضية (6).و في إطلاقه نظر.

ص:176


1- 1المبسوط 1:80. [1]
2- 2) الخلاف 1:100 مسألة 49.
3- 3) المبسوط 1:80،الخلاف 1:101 مسألة 50.
4- 4) الأم 1:94،المهذب للشيرازي 1:68،السراج الوهاج:40.
5- 5) الخلاف 1:101 مسألة 50.
6- 6) المبسوط 1:80. [2]
التاسع:

لو صلى الأعمى بقول واحد و أخبر آخر بخلافه مضى في صلاته مع التساوي في العدالة.

العاشر:لو صلى الأعمى بقول بصير،ثمَّ أبصر،عمل على اجتهاده،

فإن وافق قول البصير استمر بلا خلاف،لأن الاجتهادين قد اتفقا،و إن خالف عدل إلى ما أداه إليه اجتهاده و لم يستأنف،لأنه دخل دخولا مشروعا.و لو لم يبين له الصواب من الخطأ و احتاج إلى تأمل كثير و اجتهاد متطاول ففي الإبطال نظر.قاله بعض الجمهور (1)،لأن فرضه الاجتهاد،فلا يجوز العدول عنه إلى التقليد،كما لو كان بصيرا في الابتداء.و يعارضه انه دخل دخولا مشروعا،فيستمر عملا بالاستصحاب،فنحن في هذا من المتوقفين.

أما لو كان مقلدا،ثمَّ أبصر،مضى في صلاته قولا واحدا،لأنه لا يتمكن إلا من الدليل الذي استدل به أولا و هو قول الغير.

الحادي عشر:لو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده و هو بصير فعمي،

مضى في صلاته،لأنه لا يمكنه إلا الرجوع إلى الغير،فإلى اجتهاده أولى.و لو استدار عن القبلة، فإن أمكن الرجوع على اليقين (2)رجع و أتم،و إن اشتبه و وجد المرشد أتم،و إن تطاول استأنف مع توقع المرشد،و إن لم يتفق صلى إلى الأربع مع السعة،و إلى الواحدة مع الضيق.

الثاني عشر:

من وجب عليه الأربع إذا غلب على ظنه الجهة فإن كان ما عليه الفعل استمر قطعا،و إلا مال إلى الجهة المظنونة و استمر.قال في المبسوط:ما لم يكن مستدبرا (3).و الأقرب عندي الاستئناف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

الثالث عشر:

لو قلد مجتهدا فأخبره بالخطإ فتيقن استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

ص:177


1- 1المهذب للشيرازي 1:68.
2- 2) «م»«ن»:التعيين.
3- 3) المبسوط 1:81.
مسألة:و إذا اختلف اجتهاد رجلين عول كل منهما على اجتهاد نفسه

و لا يتبع أحدهما صاحبه.و نعني بالمجتهد في القبلة:العالم بأدلتها و إن كان جاهلا بأحكام الشرع،و المقلد:من لا يتمكن من الصلاة باجتهاد،إما لعدم بصره كالأعمى،أو لعدم علمه كالعامي الذي لا يمكنه التعلم و الصلاة باجتهاده قبل خروج الوقت.أما من يتمكن فإنه يلزمه التعلم،لأن كل واحد منهما يحكم بخطإ صاحبه،فلا يجوز له التعويل عليه فيه.

فروع:
الأول:

لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا فيه مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في هذه المسألة،كالعالمين في الحادثة،فإنه لا يرجع غير الأعلم إلى الأعلم فيها.

الثاني:

لو اجتهد أحدهما و أراد الآخر تقليده من غير اجتهاد لم يجز ذلك،لأنه يتمكن من الاجتهاد فلا يعول على غيره،هذا إذا كان الوقت واسعا،أما مع ضيق الوقت عن الاجتهاد ففي جواز الرجوع إلى التقليد نظر أقربه الجواز،كمن دخل إلى مدينة،فإنه يعول على قبلة أهلها.

الثالث:

قال الشيخ:إذا اختلف الاجتهاد لم يأتم أحدهما بالآخر (1).و به قال الشافعي (2)،خلافا لأبي ثور (3).

لنا:ان كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه،فلا يجوز له أن يأتم به،كما لو خرجت من أحدهما ريح و اعتقد كل منهما انها من صاحبه.

احتج أبو ثور بأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة صاحبه و ان فرضه التوجه إلى ما توجه إليه.

ص:178


1- 1المبسوط 1:79،الخلاف 1:100 مسألة 48.
2- 2) الأم 1:94،الام(مختصر المزني)8:13،المجموع 3:214، [1]المغني 1:503.
3- 3) المجموع 3:214،المغني 1:504،الشرح الكبير بهامش المغني 1:523.

و الجواب:إن وجبت المتابعة لزم صيرورة التابع إلى خلاف اجتهاده لأجل الغير، و ذلك باطل.و إن لم يجب لم يبق قوله عليه السلام:(إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به) (1)مطلقا مع أصالته.

الرابع:

لو اتفق الإمام و المأمومون في الجهة بالاجتهاد،ثمَّ عرض له في أثناء الصلاة ظن الفساد استدار،فإن غلب على ظن المأمومين ذلك تابعوه،و إلا ثبتوا على حالهم و أتموا منفردين.و لو اختلف المأمومون صلى كل منهم إلى جهة ظنه و فارقوا الإمام.

الخامس:

يرجع الأعمى و المقلد إلى أوثق المجتهدين عدالة و معرفة في نفسه،لأن الصواب إليه أقرب.و لو قلد المفضول لم تصح صلاته.خلافا للشافعي (2).

لنا:انه ترك المأمور به،فلا يجزي ما فعله،كالمجتهد إذا ترك اجتهاده.

احتج الشافعي بأنه رجع إلى من له الرجوع إليه لو انفرد،فكذا مع الاجتماع كما لو استويا.

و الجواب:الفرق ظاهر.

السادس:

لا عبرة بظن المقلد هنا،فإنه لو غلب على ظنه إصابة المفضول لم يمنعه ذلك من تقليد الأفضل،و لو تساويا تخير في تقليد من شاء منهما،كالعامي مع المجتهدين.

السابع:

حكم المجتهد إذا حضره مانع كرمد العين،أو عارض يمنعه من الاجتهاد كالحبس،حكم الأعمى و المقلد سواء،لأنه كالأعمى في عدم التمكن من الاجتهاد، فيساويه في الحكم.

ص:179


1- 1صحيح البخاري 1:177،صحيح مسلم 1:308 حديث 411 و ص 311 حديث 417.سنن ابن ماجه 1:276 حديث 846،سنن أبي داود 1:164 حديث 601،603، [1]سنن النسائي 2:98،مسند أحمد 2:324،420. [2]
2- 2) المغني 1:506،الشرح الكبير بهامش المغني 1:524.
الثامن:

لو شرع في الصلاة بتقليد مجتهد فقال له آخر:قد أخطأت،فإن استند المخبر بالخطإ إلى اليقين رجع إلى قوله مع عدالته،لأن الظن الحاصل من قوله أقوى،و إن استند إلى الاجتهاد استمر على حاله إن تساويا في العدالة،و إلا رجع إلى قوله.

البحث الثاني:فيما يستقبل له.
مسألة:لا نعرف خلافا بين أهل العلم في كون الاستقبال شرطا في الفرائض

أداء و قضاء مع التمكن و زوال العذر،فأما النوافل،فالأقرب أنها كذلك.نص عليه الشيخ (1)،لأنه شرط للصلاة،فاستوى الفرض و النفل كالطهارة و الاستتار إلا في حال السفر.و هو قول أكثر أهل العلم (2).

مسألة شرطية الاستقبال في غير الصلاة

و يجب الاستقبال إلى القبلة للذبيحة،و احتضار الأموات،و غسلهم، و الصلاة،و دفنهم.ذهب إليه علماؤنا.و هذه الأحكام بعضها قد مضى و الباقي سيأتي.

مسألة:و يسقط فرض الاستقبال مع شدة الخوف

بحيث لا يتمكن من استيفاء واجبات الصلاة،قال الله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (3).

و روى الجمهور،عن نافع،عن ابن عمر،قال:فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة و غير مستقبليها.قال نافع:لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه و آله (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«الذي يخاف اللصوص و السبع يصلي صلاة الموافقة إيماءا على دابته»

ص:180


1- 1النهاية:62.
2- 2) المغني 1:485،الشرح الكبير بهامش المغني 1:517،المجموع 3:189.مغني المحتاج 1:142.
3- 3) البقرة:239. [1]
4- 4) صحيح البخاري 6:38،الموطأ 1:184 حديث 3، [2]نيل الأوطار 2:182 حديث 1.

قال:قلت أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع و لا يقدر على النّزول؟ قال:«يتيمّم من لبد سرجه أو دابّته أو من معرفة دابّته فإنّ فيها غبارا،و يصلّي و يجعل السّجود أخفض من الرّكوع،و لا يدور إلى القبلة،و لكن أينما دارت دابّته،غير أنّه يستقبل القبلة بأوّل تكبيرة حين يتوجّه (1).و لأنّه حال ضرورة،فيسقط فرض الاستقبال تخفيفا كغيره.

مسألة:و يستقبل بأوّل تكبيرة القبلة و هي تكبيرة الافتتاح واجبا.

ذهب إليه علماؤنا.و هذا مع التّمكّن،أمّا بدونه فلا.و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين،و عنه:

لا يجب (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس بن مالك:انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في السّفر فأراد أن يصلّي على راحلته استقبل القبلة،ثمَّ كبّر،ثمَّ صلّى حيث توجّهت[به] (3)(4).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام«غير انّه يستقبل بأوّل تكبيرة حين يتوجّه».و لأنّه جزء من الصّلاة الّتي يجب فيها الاستقبال مع الإمكان، فيكون حكمه حكمها في وجوب الاستقبال مع الإمكان،ضرورة توقّف الاستقبال في الكل عليه،و ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجب.

احتجّ المخالف بأنّه جزء من أجزاء الصّلاة،فلم يجب الاستقبال فيه كبقيّة الأجزاء (5).

ص:181


1- 1التّهذيب 3:173 حديث 383،الوسائل 5:484 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة، حديث 8. [1]
2- 2) المغني 1:482،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:519،الكافي لابن قدامة 1:156،الإنصاف 2:5.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 2:9 حديث 1225، [2]مسند أحمد 3:203، [3]سنن الدار قطنيّ 1:396 حديث 2،3.
5- 5) المغني 1:482،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:519.

و الجواب:الفرق ظاهر لوجود المكنة فيه دون بقيّة الأجزاء،و قياس ما فيه المعنى المقتضي للوجوب على الخالي عنه في انتفاء الوجوب باطل.

مسألة:و الطّالب للعدوّ الّذي يخاف فواته يصلّي مستقبلا.

و هو قول أكثر أهل العلم (1).

و قال الأوزاعيّ،و أحمد في إحدى الرّوايتين:انّه يصلّي صلاة خائف (2).

لنا:قوله تعالى «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (3).شرط الخوف.و لأنّه أمن،فتلزمه صلاة الأمن،كما لو لم يخف الفوات.

احتجّ أحمد بما رواه عبد اللّه بن أنيس (4)،قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى خالد بن سفيان الهذليّ،و كان نحو عرفة أو عرفات،قال:(اذهب فاقتله)فرأيته و حضرت صلاة العصر،فقلت:انّي لأخاف أن يكون بيني و بينه ما يؤخّر الصّلاة، فانطلقت أمشي و أنا أصلّي أومى إيماءا نحوه،فلما دنوت منه قال لي:من أنت؟قلت:

رجل من العرب بلغني أنّك تجمع لهذا الرّجل فجئتك لذلك،قال:انّي لعلى ذلك فمشيت معه ساعة حتّى إذا أمكنني علوته بسيفي حتّى برد (5).و لأنّها إحدى حالتي الحرب،فأشبه حالة الهرب.

و الجواب عن الأوّل:انّه لا احتجاج به.

ص:182


1- 1المغني 1:483،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:142،الام 1:96.
2- 2) المغني 1:483،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:141،الكافي لابن قدامة 1:155.
3- 3) البقرة:239. [1]
4- 4) أبو يحيى المدنيّ عبد اللّه بن أنيس الجهنيّ الأنصاريّ من بني جشم بن الحارث بن الخزرج،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه أولاده عطيّة و عمر و ضمرة و جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ.مات سنة 54 ه، و قيل 80. الإصابة 2:278، [2]أسد الغابة 3:119،تهذيب التّهذيب 5:149. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:18 حديث 1249، [4]سنن البيهقيّ 9:38 و فيها:و كان نحو عرنة و عرفات،مكان:عرفة أو عرفات.

أمّا أوّلا،فلأنّ فعله ليس حجّة.

و أمّا ثانيا،فإنّه لا استبعاد في أن يكون خائفا من فواته الضّرر عليه بالرّجوع إليه.

و أمّا ثالثا،فإنّه ربّما كان في تلك الحال مستقبلا للقبلة.

و عن الثّاني:بالفرق،فإنّ المقتضي للتّخفيف حالة الهرب هو الخوف،و هو مفقود حالة الطّلب.

فرع:

هذا الخلاف إنّما هو في الطّالب الّذي يأمن عود العدوّ إليه إن تشاغل بالصّلاة، و يأمن على أصحابه.أمّا الخائف من ذلك فحكمه حكم المطلوب.

مسألة:و لا تصلّى الفريضة على الرّاحلة اختيارا.

ذهب إليه كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يصلّي على الدّابّة الفريضة إلاّ مريض يستقبل القبلة،و يجزيه فاتحة الكتاب و يضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء،و يومئ في النّافلة إيماءا» (1).

و عن منصور بن حازم،قال:سأله أحمد بن النّعمان (2)فقال:أصلّي في محملي و أنا مريض؟قال:فقال:«أمّا النّافلة فنعم،و أمّا الفريضة فلا» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يصلّى الرّجل

ص:183


1- 1التّهذيب 3:308 حديث 952،الوسائل 3:236،الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) عبد اللّه بن النّعمان،روى عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال:سأل أحمد بن النّعمان أبا عبد اللّه(ع)،في الفقيه 3:275 حديث 1307،و قال المحقّق المامقانيّ:هو غير مذكور في الرّجال.جامع الرّواة 1:74، [2]تنقيح المقال 1:99. [3]
3- 3) التّهذيب 3:308 حديث 953،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 10. [4]

شيئا من المفروض راكبا؟فقال:«لا إلاّ من ضرورة» (1).

فرع:

لو اضطرّ إلى الصّلاة الفريضة على الرّاحلة صلّى عليها و استقبل القبلة على ما يمكنه.ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للباقين.

لنا:قوله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (2)دلّ بفحواه على باقي الضّرورات.

و ما رواه الجمهور،عن أنس بن مالك انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إذا كان في السّفر فأراد أن يصلّي على راحلته استقبل القبلة،ثمَّ صلّى حيث توجّهت به (3).

و من طريق الخاصّة:رواية عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه (4).

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن مندل بن عليّ (5)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على راحلته الفريضة في يوم مطير» (6)و مثله رواه في الصّحيح،عن الحميريّ (7)،عن أبي الحسن عليه السّلام (8).

ص:184


1- 1التّهذيب 2:308 حديث 954،الوسائل 3:237 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
2- 2) البقرة:239. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:9 حديث 1225، [3]مسند أحمد 2:203، [4]سنن الدّار قطني 1:396 حديث 2،3،نيل الأوطار 2:183 حديث 3.
4- 4) التّهذيب 3:308 حديث 952،الوسائل 3:236 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 1. [5]
5- 5) مندل بن عليّ العتريّ أو العنزيّ أبو عبد اللّه الكوفيّ، وثّقة النّجاشيّ بقوله:هو و أخوه حيّان ثقتان، و ضعفه المصنّف حيث انّه ذكره في القسم الثّاني من الخلاصة،و نقل عن البرقيّ أنّه عامّيّ. رجال النّجاشيّ:422،رجال العلاّمة:260. [6]
6- 6) التّهذيب 3:231 حديث 599،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 8. [7]
7- 7) عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميريّ:أبو العبّاس القميّ شيخ القمّيين و وجههم صنّف كتبا كثيرة،عدّة الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادي(ع)بعنوان:عليّ بن عبد اللّه.، و اخرى من أصحاب العسكريّ(ع).و قال في الفهرست:له كتب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة من أصحاب أبي محمّد العسكريّ(ع). رجال النّجاشيّ:219،رجال الطّوسيّ:419،432.
8- 8) التّهذيب 3:231 حديث 600،الوسائل 3:237 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 5. [8]

و في الصّحيح،عن جميل بن درّاج قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفريضة في المحمل في يوم و حل و مطر» (1).

مسألة:و لا بأس بالتّنفّل على الرّاحلة سفرا مع الاختيار.

و قد أجمع أهل العلم كافّة على جواز ذلك في السّفر الطّويل الّذي يباح فيه القصر،و علماؤنا أجمع على انّ السّفر القصير كذلك.و به قال الشّافعيّ (2)،و اللّيث،و الحسن بن حيّ (3)، و أصحاب الرأي (4)،و أحمد (5).و قال مالك:لا يباح التّنفّل على الرّاحلة في السّفر القصير (6)لنا:قوله تعالى :«وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (7)قال ابن عمر:نزلت هذه الآية في التطوّع خاصّة حيث توجّه بك بعيرك (8)و هو مطلق يتناول محلّ النزاع.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يوتر على

ص:185


1- 1التّهذيب 3:231 حديث 600،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 9. [1]
2- 2) الأمّ 1:97،الام(مختصر المزنيّ)8:13،المهذّب للشّيرازيّ 1:69،سنن التّرمذيّ 2:336، [2]المجموع 3:233،مغني المحتاج 1:142،السّراج الوهاج:39،تفسير القرطبيّ 2:81. [3]
3- 3) المغني 1:485،تفسير القرطبيّ 2:81. [4]
4- 4) المغني 1:485،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:517،تفسير القرطبيّ 2:81. [5]
5- 5) المغني 1:485،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:517،الكافي لابن قدامة 1:155، [6]الإنصاف 2:3. [7]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:80،بلغة السّالك 1:109،المغني 1:485،المجموع 3:234،تفسير القرطبيّ 2: 81، [8]إرشاد السّاري 2:297،عمدة القارئ 4:137.
7- 7) البقرة:115. [9]
8- 8) تفسير الطّبريّ 1:503، [10]التّفسير الكبير 4:19، [11]الدرّ المنثور 1:109. [12]

بعيره (1).و في رواية:كان يسبّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه إلاّ الفرائض (2).

رواه البخاريّ.و هو يدلّ بفحواه على غير الوتر من النّوافل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ انّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة النّافلة على البعير و الدّابّة؟فقال:«نعم حيث كان متوجّها، و كذلك فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:قال لي أبو جعفر عليه السّلام:«صلّ صلاة اللّيل و الوتر و الرّكعتين في المحمل» (4).

و روي نحوه في الصّحيح،عن عليّ بن مهزيار،عن أبي الحسن عليه السّلام (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن المغيرة،و صفوان بن يحيى،و محمّد بن أبي عمير،عن أصحابهم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصّلاة في المحمل،فقال:«صلّ متربّعا و ممدود الرّجلين و كيف أمكنك» (6).و لأنّه ممّا يشقّ النّزول فيه فأبيح التنفّل على تلك الحال،كالسّفر الطّويل.

احتجّ مالك بأنّه رخصة سفر،فاشترط الطّول فيه كالقصر (7).

و الجواب:المنع من اختصاص الجامع بالعلّة لما يأتي.و بالفرق لأنّ إباحة الصّلاة

ص:186


1- 1صحيح البخاريّ 2:32،صحيح مسلم 1:487 حديث 700،سنن ابن ماجه 1:379 حديث 1200، الموطّأ 1:124 حديث 15،سنن النّسائيّ 3:232،سنن الدّارميّ 1:373،مسند أحمد 2:57. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:32.
3- 3) التّهذيب 3:228 حديث 581،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 6،7. [2]
4- 4) التّهذيب 3:228 حديث 582،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 5،7. [3]
5- 5) التّهذيب 3:228 حديث 583،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 8. [4]
6- 6) التّهذيب 3:228 حديث 584،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 9. [5]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:80،بلغة السّالك 1:109،تفسير القرطبيّ 2:81،المغني 1:485،عمدة القارئ 4:137.

على الرّاحلة تخفيف في التطوّع،لئلاّ تؤدّي إلى قطعها و نقلها،و هو يستوي فيه القصير و الطّويل،و القصر يراعى فيه المشقّة و هي إنّما توجد غالبا في الطّويل.

فروع:
الأوّل:

قال الشيخ في الخلاف:و يتوجه إلى القبلة بتكبيرة الإحرام لا غير (1).

و قال الشافعي:يلزمه حال الركوع و السجود أيضا (2).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (3)و قد قال الصادق عليه السلام:«انها مختصة بالنوافل» (4)و نقلناه أولا عن ابن عمر و هو مطلق في أحوال الصلاة.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة و غير مستقبليها (5).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن إبراهيم الكرخي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:اني أقدر على أن أتوجه إلى القبلة في المحمل؟فقال:«ما هذا الضيق،أما لك برسول الله صلى الله عليه و آله أسوة» (6)و لأنه نوع رخصة،فيباح في النافلة كغيرها من الرخص.

و أما استقبال القبلة بالتكبيرة فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي

ص:187


1- 1الخلاف 1:99 مسألة 43.
2- 2) الأم 1:97،المجموع 3:237، [1]السراج الوهاج:39.
3- 3) البقرة:115. [2]
4- 4) النهاية:64، [3]الوسائل 3:242 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 19. [4]
5- 5) صحيح البخاري 6:38،سنن ابن ماجه 1:399،الموطأ 1:184، [5]نيل الأوطار 4:11.في بعض المصادر:بتفاوت.
6- 6) التهذيب 3:229 حديث 586،الوسائل 3:239 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 2. و [6]فيه:(أما لكم في رسول الله)و هو الموافق لنسخة(ح).

نجران،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل؟ قال:«إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة،ثمَّ كبر و صل حيث ذهب بك بعيرك»قلت:جعلت فداك في أول الليل؟فقال:«إذا خفت الفوت في آخره» (1).

الثاني:

قال الشيخ:لا بأس بالتنفل على الراحلة في غير السفر (2).و به قال أبو سعيد الإصطخري،و أبو يوسف (3).و قال ابن أبي عقيل:لا يتنفل في الحضر على الراحلة (4).و به قال أكثر أصحاب الشافعي (5).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» ».

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،و قد تقدم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،عن أبي الحسن الأول عليه السلام،في الرجل يصلي النافلة و هو على دابته في الأمصار،قال «لا بأس» (6).

و في الحسن،عن عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يصلي النوافل في الأمصار و هو على دابته حيث توجهت به؟فقال:«نعم لا بأس» (7).

الثالث:

التنفل على الراحلة و إن كان جائزا في الحضر إلا ان الأفضل

ص:188


1- 1التهذيب 3:233 حديث 606،الوسائل 3:241 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 13. [1]
2- 2) المبسوط 1:80،الخلاف 1:99 مسألة 45.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:69،المبسوط للسرخسي 1:250،المجموع 3:239،عمدة القارئ 4:137، السراج الوهاج:39،نيل الأوطار 2:149.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:77. [2]
5- 5) المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:239. [3]
6- 6) التهذيب 3:229 حديث 589،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 10. [4]
7- 7) التهذيب 3:230 حديث 591،الوسائل 3:239 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 11. [5]

النزول،لأنه نوع رخصة،فالأولى تركه.

و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة،أو كنت مستعجلا بالكوفة؟فقال:«إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول و تخوفت فوت ذلك إن تركته و أنت راكب فنعم،و إلا فإن صلاتك على الأرض أحب إلي» (1).

الرابع:

حكم الصلاة على الراحلة حكم صلاة الخوف،في انه يومئ للركوع و السجود،و يجعل السجود أخفض على حسب مكنته،و لا نعرف فيه خلافا،روى الجمهور،عن جابر،قال:بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله في حاجة،فجئت و هو يصلي على راحلته نحو المشرق،و السجود أخفض من الركوع (2).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة في المحمل،فقال:«صل متربعا و ممدود الرجلين و كيف أمكنك» (3).

الخامس:

لا فرق بين الصلاة على البعير و الحمار و غيرهما في قول أهل العلم،روى الجمهور،عن ابن عمر قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي على حمار و هو متوجه إلى خبير (4).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير و الدابة؟فقال:«نعم حيث كان متوجها،

ص:189


1- 1التهذيب 3:232 حديث 605،الوسائل 3:241 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 12. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:9 حديث 1227. [2]
3- 3) التهذيب 3:228 حديث 584،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 9. [3]
4- 4) سنن أبي داود 2:9 حديث 1226. [4]

و كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه و آله» (1).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«صل صلاة الليل و الوتر و الركعتين في المحمل» (2)و هو مطلق.

السادس:

لو كان الحيوان نجسا نجاسة تتعدى إليه،افتقر إلى حائل طاهر و إلا فلا.

السابع:

لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء و تمكن منه في الأثناء،فالوجه انه مأمور بالاستقبال وجوبا في الفريضة و نفلا في النافلة،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:انه متمكن من الاستقبال في الجزء و هو مأمور بالاستقبال في الجميع المستلزم للاستقبال في كل جزء.

احتج المخالف بأنه قد سقط عنه فرض الاستقبال في الابتداء،فكذا في الأثناء (4).

و الجواب:السقوط ثمَّ لمعنى مفقود ها هنا،فيبطل الإلحاق.

الثامن:

قبلة هذا المصلي حيث توجهت به راحلته،فلو عدل عنها فإن كان عدوله إلى الكعبة فلا نعلم خلافا في جوازه،لأنه الأصل،و إنما عدل عنه للضرورة،و عليه أهل العلم كافة،و إن عدل إلى غير الكعبة فالوجه عندي الجواز،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (6)و قد قال الصادق عليه السلام:«انها في النوافل خاصة»نقله الشيخ (7).و نقلناه عن ابن عمر (8)ذلك أيضا

ص:190


1- 1التهذيب 3:228 حديث 581،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 6،7. [1]
2- 2) التهذيب 3:228 حديث 582،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:487.
4- 4) المغني 1:487.
5- 5) المغني 1:486،المجموع 3:235،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518.
6- 6) البقرة:115. [3]
7- 7) النهاية:64، [4]الوسائل 3:242 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 19. [5]
8- 8) المغني 1:485.

و هو يدل بعمومه على جواز الاستقبال إلى أي جهة شاء.

التاسع:

لا فرق بين كل التطوعات في ذلك سواء فيه النوافل المرتبة،و السنن المطلقة،و الوتر،لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم.

العاشر:

قد بينا (1)جواز التنفل على الراحلة في الأمصار،و لا فرق في ذلك بين مصره و غير مصره،و سواء دخل غير بلده ناويا للإقامة القاطعة للسفر أو غير ناو لها (2)، و سواء نزل فيه غير مستوطن أو لم ينزل.و المشترطون للسفر قد يفرقون بما هو ظاهر.

الحادي عشر:

لو كان على الراحلة مصليا فاحتاج إلى النزول قبل الإتمام نزل و أتم على الأرض،كالخائف يصلي صلاة آمن مع زوال خوفه في أثناء صلاته (3).

و لو كان يتنفل على الأرض فاحتاج إلى الركوب في الأثناء فهل يتم صلاته أو يبتدئ من رأس الأقرب الأول كالآمن يخاف،فيتم صلاة خائف.

مسألة:و لا يجوز أن يصلي الفريضة ماشيا مع الاختيار و الأمن.

و هو قول أهل العلم كافة.لأنه كيفية مشروعة فيقف على النقل،و لم يثبت هو،و لا ما هو في معناه،لأنه يحتاج إلى عمل كثير و تتابع مشي يقطع الصلاة و يوجب بطلانها،لا نعرف فيه خلافا.

أما المضطر فإنه يصلي على حسب حاله ماشيا يستقبل القبلة ما أمكنه،و يومئ بالركوع و السجود،و يجعل السجود أخفض من الركوع.ذهب إليه علماؤنا أجمع و جماعة من الجمهور (4).لقوله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (5).

ص:191


1- 1تقدم في ص 185. [1]
2- 2) «ن»:ناويها.
3- 3) «غ»:الصلاة.
4- 4) الام 1:96،المغني 1:482.
5- 5) البقرة:239. [2]

و لما رواه الشيخ،عن إبراهيم بن ميمون (1)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«إن صليت و أنت تمشي كبرت،ثمَّ مشيت فقرأت،فإذا أردت أن تركع أومأت،ثمَّ أومأت بالسجود فليس في السفر تطوع» (2).

و في الصحيح،عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر و أنا أمشي؟قال:«أو إيماءا و اجعل السجود أخفض من الركوع» (3).و لأنها حالة ضرورة فأشبهت حالة الخوف.

أما حالة الخوف فقد ذهب أبو حنيفة إلى جواز الصلاة ماشيا (4)،و هو حق إن لم يتمكن من الصلاة قائما،و أما مع التمكن فلا.

مسألة:و لا بأس بالتنفل ماشيا حالة الاختيار.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء،و الشافعي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى،لا يباح له ذلك (6)، و هو قول أبي حنيفة (7).

لنا:ان التنفل محل الترخص (8)،فأبيحت هذه كغيرها طلبا للمداومة على فعل

ص:192


1- 1إبراهيم بن ميمون الكوفي بياع الهروي-أي بياع الثياب المجلوبة من هرات-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق في موضعين مقتصرا في أحدهما على اسمه و اسم أبيه و الوصف بالكوفي،و في الآخر ب(بياع الهروي)و ذكره الصدوق في مشيخته.رجال الطوسي:145،154،الفقيه 4:شرح المشيخة: 63.الفقيه(شرح المشيخة)4:63.
2- 2) التهذيب 3:229 حديث 587،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 3:229 حديث 588،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 3. [2]
4- 4) كذا نسب إليه،و الموجود في المصادر خلافه بمعنى أنه قائل بعدم الجواز انظر:حلية العلماء 2:256 التفسير الكبير 6:154.
5- 5) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الام 1:97،المهذب للشيرازي 1:69، المجموع 3:237،السراج الوهاج:39.
6- 6) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الإنصاف 2:4،المجموع 3:237.
7- 7) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الإنصاف 2:4، [3]المجموع 2:237.
8- 8) «ن»«ح»«ق»:الرخص.

النافلة،و كثرة التشاغل بالعبادة.و لأن حالة المشي إحدى حالتي سير المسافر،فأبيحت الصلاة فيها كالراكب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في السفر و هو يمشي،و لا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار و هو يمشي يتوجه إلى القبلة،ثمَّ يمشي و يقرأ،فإذا أراد أن يركع حول وجهه إلى القبلة و ركع و سجد،ثمَّ مشى» (1).

فروع:
الأول:

لا فرق بين النوافل في ذلك،سواء كانت راتبة أو غير راتبة،قضاء أو أداء،لعموم الأخبار في ذلك (2).

الثاني:

حكم الماشي حكم الراكب على الراحلة في سقوط استقبال القبلة إلا مع المكنة،بل يستقبل الجهة التي يتحرك إليها.

الثالث:

لا يشترط السفر في إباحة الصلاة ماشيا لعموم الأدلة.

الرابع:

روى الشيخ،عن حريز،عمن ذكره،عن أبي جعفر عليه السلام انه لم يكن يرى بأسا أن يصلي الماشي و هو يمشي و لكن لا يسوق الإبل (3).و الرواية مرسلة.

الخامس:

حكم المنذورات و صلاة الجنائز حكم الفرائض اليومية في جميع ما سلف،لوجوبهما.

السادس:

البعير المعقول و الأرجوحة (4)المعلقة بالحبال لا تصح الفريضة فيهما مع

ص:193


1- 1التهذيب 3:229 حديث 585،الوسائل 3:244 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة.
3- 3) التهذيب 4:230 حديث 592،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
4- 4) الأرجوحة:حبل يشد طرفاه في موضع عال ثمَّ يركبه الإنسان و يحرك و هو فيه،سمي به لتحركه و مجيئه و ذهابه.النهاية لابن الأثير 2:198. [3]

الاختيار،لأنهما لو يوضعا للقرار،بخلاف السفينة الجارية و الواقفة،لأنها كالسرير و الماء كالأرض.

السابع:

لو مشى في نجاسة قصدا،فإن كانت متعدية فالوجه بطلان الصلاة، و إلا فلا.

الثامن:

لا يلزمه المبالغة في التحفظ عند كثرة النجاسة في الطرق،لأنه ضرر فينافي الترخص بالصلاة ماشيا.

البحث الثالث في أحكام الخلل:
مسألة:من ترك الاستقبال متعمدا أعاد

واجبا في الوقت و خارجه في الفرائض بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك.

و لو صلى ظانا انه مستقبل،ثمَّ تبين الخطأ و هو في الأثناء،فإن كان بين المشرق و المغرب استدار،لأنه متمكن من الإتيان بشرط الصلاة فيجب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته؟قال:«إن كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم،و إن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة،ثمَّ يحول وجهه إلى القبلة،ثمَّ يفتتح الصلاة» (1).

و روى عن القاسم بن الوليد،قال:سألته عن رجل تبين له و هو في الصلاة انه على غير القبلة؟قال:«يستقبلها إذا ثبت ذلك،و إن كان فرغ منها فلا يعيدها» (2).

ص:194


1- 1التهذيب 2:142 حديث 555،الاستبصار 1:298 حديث 1100،الوسائل 3:229 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 158،الاستبصار 1:297 حديث 1096،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 3. [2]
مسألة:و لو صلى ظانا،ثمَّ تبين له الخطأ بعد فراغه،

فإن كان بين المشرق و المغرب لم يعد صلاته،و هو قول أهل العلم،لقوله عليه السلام«ما بين المشرق و المغرب قبله» (1)رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام.

أما لو صلى إلى المشرق أو المغرب فإنه يعيد في الوقت خاصة،و لا يعيد خارج الوقت.ذهب إليه علماؤنا.

و قال مالك (2)،و أحمد (3)،و الشافعي في أحد القولين (4)،و أبو حنيفة:لا يعيد مطلقا (5).

و قال الشافعي في الآخر:يلزمه الإعادة مطلقا (6).

لنا:على الإعادة في الوقت انه قد أخل بشرط الواجب مع بقاء وقته و التمكن من الإتيان به بشرطه،فلا يكون مجزيا كما لو أخل بالطهارة.

لا يقال:انه يرد مع خروج الوقت.

لأنا نقول:القضاء تكليف متجدد يقف على الدلالة المستفادة من دليل خارج عما دل عليه الأمر الأول،بخلاف الصورة الأولى،إذا الأمر دل على وجوب الإتيان

ص:195


1- 1التهذيب 2:48 حديث 157،الاستبصار 1:296 حديث 1095،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:112،مقدمات ابن رشد 1:112،المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 526،عمدة القارئ 4:143.
3- 3) المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1:526،الإنصاف 2:17، [2]منار السبيل 1:78.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:225،ميزان الكبرى 1:158،السراج الوهاج:40،المغني 1: 514.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:45،شرح فتح القدير 1:237،المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 526،بداية المجتهد 1:112.
6- 6) الأم 1:94،المجموع 3:225،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:55،بدائع الصنائع 1:119،الهداية للمرغيناني 1:45،مقدمات ابن رشد 1:112.

بالفعل بشروطه،فلا يسقط إلا معه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا صليت و أنت على غير القبلة و استبان لك انك صليت و أنت على غير القبلة و أنت في وقت فأعد،و إن فاتك الوقت فلا تعد» (1).

و في الصحيح،عن سليمان بن خالد،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة،ثمَّ يضحى فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف يصنع؟قال:«إن كان في وقت فليعد صلاته،و إن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده» (2).

و مثله رواه،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام (3)،و يعقوب بن يقطين،عن العبد الصالح موسى عليه السلام (4).

لا يقال:هذه الأحاديث تتناول أيضا ما لو صلى إلى ما بين المشرق و المغرب و أنتم لا تقولون به.

لأنا نقول:انا خصصنا تلك النصوص (5)بحديث معاوية بن عمار و قد تقدم.

لا يقال:ليس تخصيص هذه الأحاديث بخبر معاوية بن عمار أولى من تخصيص خبر معاوية بأن يقول ان قوله عليه السلام:«و ما بين المشرق و المغرب قبلة»أي لمن خرج

ص:196


1- 1التهذيب 2:47،حديث 151،الاستبصار 1:296 حديث 1090،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:47 حديث 152،153 و ص 142 حديث 553،الاستبصار 1:296 حديث 1092، الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:48،حديث 156،الاستبصار 1:297 حديث 1094،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:48 حديث 155،الاستبصار 1:296 حديث 1093،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 2. [4]
5- 5) «غ»«ن»«م»:الصورة.

الوقت بعد صلاته إلى غير القبلة.

لأنّا نقول:ما ذكرناه أولى لوجهين:

أحدهما:موافقة الأصل و هو براءة الذمة،إذ لو حملنا حديث معاوية على ما ذكرتم لزمت الإعادة لمن صلى بين المشرق و المغرب في الوقت،و الأصل عدمه.

الثاني:انا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا،لأن قوله عليه السلام:

«ما بين المشرق و المغرب قبلة»ليس مخصصا للحديث الدال على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى إلى غير القبلة،إذا أقصى ما يدل عليه ان ما بين المشرق و المغرب قبلة.بل لقائل أن يكون:ان قوله«إذا صليت و أنت على غير القبلة»يتناول لفظة القبلة فيه ما بين المشرق و المغرب أيضا.

و لنا على عدم الإعادة مع خروج الوقت:ما رواه الجمهور،عن ربيعة (1)،قال:

كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة،فصلى كل رجال حالية،فلما أصبحنا ذكرنا ذلك النبي صلى الله عليه و آله فنزل :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (2)(3)رواه الترمذي.

و عن جابر،قال:كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في مسير،فأصابنا غيم فتحيرنا فاختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة و جعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا،فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه و آله فلم يأمرنا بالإعادة،و قال:(قد أجزأتكم صلاتكم (4)رواه الدار قطني.

ص:197


1- 1ربيعة بن كعب بن مالك بن يعمر:أبو فراس الأسلمي المدني كان من أهل الصفة،خدم النبي(ص) و روى عنه.و عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن و محمد بن عمرو بن عطاء.مات سنة 63 ه. أسد الغابة 2:171، [1]الإصابة 1:511،تهذيب التهذيب 3:262. [2]
2- 2) البقرة:115. [3]
3- 3) سنن الترمذي 2:176 حديث 345.
4- 4) سنن الدار قطني 1:271 حديث 4.

و من طريق الخاصة:ما تقدم من الأحاديث.و لأنه أتى بما أمر به،فيخرج عن العهدة،كما لو أصاب.و لأنه صلى إلى غير الكعبة للعذر،فلا يعيد كالخائف.و لأنه شرط عجز عنه فأشبه سائر الشروط.

احتج القائلون بعد الإعادة مطلقا بحديث ربيعة و جابر (1).

و احتج الشافعي على الإعادة مطلقا بأنه قد بان له الخطأ في شرط من شروط الصلاة،فيلزمه الإعادة،كما لو بان له انه صلى قبل الوقت أو على غير طهارة (2).

و الجواب عن الأول:ان الحديثين غير عامين،لأنهما وقائع،و حكاية الحال لا توجب عموما.و أيضا فإن فحواهما يدلان على خروج الوقت،لأنه في الرواية الأولى قال:فلما أصبحنا.و ذلك يدل على خروج الوقت.

و عن الثاني:بالفرق،فإن المصلي قبل الوقت غير مأمور بالصلاة،و إنما أمر بعد دخول الوقت،و لم يأت بما أمر به.

أما صورة النزاع فإنه مأمور بالصلاة بغير شك و لم يؤمر إلا بهذه الصلاة.

و أما الطهارة فإنه إنما يجب عليه الإعادة مع ظهور الخطأ فيها،لأنها ليست في محل الاجتهاد.

لا يقال:قد روى الشيخ،عن معمر بن يحيى بطرق متعددة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن رجل صلى إلى غير القبلة،ثمَّ تبينت له القبلة و قد دخل وقت صلاة أخرى؟قال:«يصليها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها إلا أن يخاف فوت التي دخل وقتها» (3).

ص:198


1- 1المغني 1:515،الشرح الكبير بهامش المغني 1:526،عمدة القارئ 4:143،بداية المجتهد 1:112.
2- 2) المغني 1:515، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:526. [2]
3- 3) التهذيب 2:46 حديث 150،الاستبصار 1:297 حديث 1099،الوسائل 3:228 الباب 9 من أبواب القبلة،حديث 5. [3]

لأنا نقول:الراوي لهذه الرواية بالطرق المتعددة الطاطري (1)،و هو ضعيف،فلا تعويل عليها.

و أيضا:يحتمل انه صلى مع عدم الاجتهاد وسعة الوقت فأمره بالإعادة،لأن فرضه أربع صلوات.

فرع:

هل يكون حكم الناسي و المصلي لشبهة حكم الظان؟قال في النهاية به (2)،حتى انه إنه كان الوقت باقيا أعاد،و إن خرج لم يعد.و فيه تردد.

مسألة:و لو صلى ظانا أو مع ضيق الوقت،ثمَّ تبين له انه استدبر القبلة،

قال الشيخان:يعيد إن كان الوقت باقيا،و يقضي إن كان خارجا (3).

و قال السيد المرتضى:يعيد في الوقت خاصة (4)،و جعل حكمه حكم المشرق و المغرب،و هو الأقرب عندي.

لنا:انه أتى بالمأمور به أولا،إذ المأمور به اتباع الظن،فيخرج عن العهدة، و القضاء إنما يجب بأمر جديد،و مقتضى ما ذكرناه عدم الإعادة في الوقت،لكن أوجبناه لأدلة تقدمت (5).و لأن ما ذكرناه من الأحاديث (6)دالة على عدم القضاء مع

ص:199


1- 1علي بن الحسن الطائي الطاطري الجرمي،يكنى أبا الحسن،كان من وجوه الواقفة،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و قال:واقفي،و صرح بذلك أيضا في الفهرست،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:كان شديد العناد في مذهبه. رجال النجاشي:254،رجال الطوسي:357،الفهرست:92، [1]رجال العلامة:232. [2]
2- 2) النهاية:64. [3]
3- 3) المفيد في المقنعة:14،و الطوسي في:النهاية:64،و [4]المبسوط 1:80،و الخلاف 1:101 مسألة 51.
4- 4) الناصريات(الجوامع الفقهية):194،جمل العلم و العمل:53.
5- 5) تقدم البحث حول هذه المسألة في ص 195.
6- 6) تقدمت الأحاديث في ص 196.

خروج الوقت على الإطلاق،و هو يتناول صورة الاستدبار،كما يتناول صورة التشريق و التغريب.

احتج الشيخ في الخلاف (1)بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى إلى غير القبلة،فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته،قال:

«إن كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم،و إن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع،ثمَّ يحول وجهه إلى القبلة،ثمَّ يفتتح الصلاة» (2).

و الجواب:ان هذه الرواية ضعيفة السند،و مع ذلك فهي غير دالة على صورة النزاع،إذ هي إنما تدل على وجوب الإعادة في الوقت و نحن نقول بموجبة،و ليس فيها دلالة على الإعادة بعد خروج الوقت.

فرع:

و لا فرق بين أن تكون الأدلة مكشوفة و اشتبهت عليه،أو مستورة بغيم أو غيره، لعموم الأحاديث الدالة على الإعادة في الوقت دون خارجه (3)،و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و البصير في الحضر يتبع قبلة أهل البلد

(4)

إذا لم يكن متمكنا من العلم، فلو صلى من غير دليل أعاد إذا أخطأ،لأنه متمكن من استعلام القبلة بالاستخبار من أهل البلد و نصب محاريبهم،فلا يكون له أن يجتهد اجتهادا يفيد الظن.و كذا الأعمى.

أما المحبوس فإنه ينزل منزلة المسافر في ان له أن يجتهد في تحصيل القبلة،و لا يجوز أن يتبع دلالة المشرك،لأنه ركون إليه،و قد نهى الله تعالى عنه في قوله:

ص:200


1- 1الخلاف 1:101 مسألة 50.
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 159،الاستبصار 1:298 حديث 1100،الوسائل 3:229 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
3- 3) الوسائل 3:229 الباب 11 من أبواب القبلة.
4- 4) «م»:البلد.

«وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» (1).

فروع:
الأول:

لا يقبل قول الفاسق،لأنه ظالم.

الثاني:

لو أفاد قول الكافر أو الفاسق الظن للمتحير،ففي المصير إلى قولهما نظر أقربه اتباع ظنه.و كذا لو وجد قبلة للمشركين،كالنصارى إذا وجد في كنائسهم محاريب إلى المشرق هي يستدل به على المشرق؟فيه التوقف.

أما لو وجد محرابا لا يعلم هل هو للمسلمين أو للكفار،لم يعول عليه،لأن الاستدلال إنما هو بمحاريب المسلمين،و كذا لو كان عليه آثار الإسلام على تردد.و لو دخل بلدا للمسلمين (2)،و علم ان قبلتهم على الخطأ لم يعول عليها و اجتهد بنفسه.

الثالث:

لو أخبره مسلم لا يعلم عدالته و جرحه،و لم يتمكن من الاجتهاد فالأقرب قبوله،لأنه إخبار مسلم أصله العدالة و لا غرض في الكذب،فيوجب الظن.

الرابع:

يقبل خبر كل مسلم بالغ عاقل،سواء كان رجلا أو امرأة،لأنه خبر من أخبار الدين،فأشبه الرواية،و يقبل من الواحد لما قلناه (3).

الخامس:

لا يقبل خبر الصبي لتطرق التهمة إليه،و لأنه غير مقبول الشهادة و الرواية،و ما نحن فيه لا يخلو عنهما.و لأنه إن لم يكن مميزا فلا وثوق بخبره،و إن كان مميزا عرف انه لا إثم عليه في الكذب،فاستوى الكذب عنده و الصدق،فلا وثوق بقوله أيضا.

السادس:

لو لم يعلم حال المخبر و شك في إسلامه،و كفره لم يقبل قوله إلا إذا أفاد الظن،بخلاف ما إذا لم يعلم عدالة المسلم و فسقه،لأن حال المسلم يبنى على العدالة.

ص:201


1- 1هود:113. [1]
2- 2) «م»:بلد المسلمين.
3- 3) تقدم في ص 175.
مسألة:لو استقبل ببعضه الكعبة

و خرج الباقي من بدنه عن المحاذاة لم تصح صلاته،لأنه مأمور بالاستقبال،و الإشارة ليست متوجهة إلى بعضه.

مسألة:و المصلي في السفينة يستقبل القبلة ما أمكنه،

فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الافتتاح القبلة،ثمَّ استقبل صدر السفينة،و سيأتي تمام البحث فيه إن شاء الله تعالى.

مسألة:و لو اشتبهت عليه القبلة و بحضرته من يسأله و لم يسأله

و لم يتمكن من الأربع فتحرى جهة و صلى إليها،ثمَّ ظهر له الصواب فالأقرب الإجزاء،و لو لم يصب فالأقرب عدمه،لأن الواجب السؤال.و لو سألهم فلم يخبروه فتحرى و صلى،ثمَّ ظهر الصواب أجزأه قطعا،و لو تبين الخطأ أعاد في الوقت إن كان مستدبرا أو مشرقا أو مغربا و إلا فلا.

الفصل الرابع في اللباس:و فيه مباحث:
الأول:فيما يحرم الصلاة فيه:
مسألة:لا يجوز الصلاة في جلد الميتة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و كل من قال بنجاسته،و قد تقدم البحث فيه (1).

لنا:أنه نجس و طهارة الثوب شرط في الصلاة،و قد مضى بيان ذلك كله.

و ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن عكيم،ان النبي صلى الله عليه و آله كتب إلى جهينة:(اني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب) (2)قال أحمد:و هو إسناد جيد (3).

ص:202


1- 1تقدم في الجزء الثالث ص 352.
2- 2) سنن أبي داود 4:67 حديث 4127،4128، [1]سنن الترمذي 4:222 حديث 1729، [2]سنن ابن ماجه 2: 1194 حديث 3613،سنن النسائي 1:175،مسند أحمد 4:310،311 [3] بتفاوت في الجميع.
3- 3) المغني 1:84.

و عن جابر ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(لا تنتفعوا من الميتة بشيء) (1)و هو عام.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة،قال:«لا تصل في شيء منه و لا في شسع» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة إذا دبغ؟فقال:«لا،و لو دبغ سبعين مرة» (3).

و في الصحيح،عن علي بن المغيرة (4)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

جعلت فداك الميتة ينتفع بشيء منها؟قال:«لا»قلت:بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه و آله مر بشاة ميتة فقال:«ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها»فقال:«تلك شاة لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و آله، و كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها،فتركوها حتى ماتت،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابا!أي تذكى» (5).

ص:203


1- 1المغني 1:85.
2- 2) التهذيب 2:203 حديث 793،الوسائل 3:249 الباب 1 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 2:203 حديث 794،الوسائل 3:249 الباب 1 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) علي بن المغيرة أو أبو المغيرة-و اسم أبو المغيرة:حسان-الزبيدي الأزرق،و ثقة النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن علي بن أبي المغيرة بقوله:هو و أبوه ثقتان،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق (ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشي:49،رجال الطوسي:131،241،رجال العلامة:103. [3]
5- 5) التهذيب 2:204 حديث 799،الوسائل 2:1080 الباب 61 من أبواب النجاسات،حديث 2 و [4]في أكثر النسخ و بعض المصادر:زوجة النبي(ص).
فروع:
الأول:

لا فرق في التحريم بين المدبوغ و غيره،لأنا قد بينا فيما مضى ان الدباغ لا يطهر (1)الميتة.و هو مذهب علمائنا أجمع،و ما رواه الجمهور في حديث جابر،و عبد الله بن عكيم.

و من طريق الخاصة:رواية محمد بن مسلم،عن الصادق عليه السلام.

و ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء؟فقال:«كان علي بن الحسين عليهما السلام رجلا صردا (2)مبردا فلا يدفئه فراء الحجاز،لأن دباغها بالقرظ (3)،فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه،فإذا حضرت الصلاة ألقاه و ألقى القميص الذي يليه،فكان يسأل عن ذلك فيقول:«ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة و يزعمون ان دباغة ذكاته» (4).

الثاني:

لا فرق في الصلاة كلها فرضها و نفلها في ذلك،و لا نعرف فيه خلافا.

الثالث:

يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم،أو في سوق المسلمين،أو في البلد الغالب فيه الإسلام،و عدم العلم بالموت،لأن الأصل في المسلم العدالة،و هي تمنع من الإقدام على المحرمات.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن إسحاق بن عمار،عن العبد الصالح عليه السلام انه قال:«لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام»

ص:204


1- 1تقدم في الجزء الثالث ص 352.
2- 2) الصرد:البرد.فارسي معرب.و صرد الرجل-بالكسر-يصرد صردا فهو صرد و مصراد:يجد البرد سريعا.الصحاح 2:496. [1]
3- 3) القرظ:حب-و قيل:ورق-يخرج من كل شجرة كبيرة و لها شوك يستعمل في دبغ الأديم.المصباح المنير: 499.
4- 4) التهذيب 2:203 حديث 796،الوسائل 3:338 الباب 61 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]

قلت:فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟قال:«إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس» (1).

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فرو لا يدري أ ذكية هي أم غير ذكية،أ يصلي فيها؟فقال:«نعم،ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول:ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك» (2).

و عن علي بن أبي حمزة ان رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام و أنا عنده عن الرجل يتقلد السيف و يصلي فيه؟قال:«نعم»فقال الرجل:ان فيه الكيمخت!!فقال:

«و ما الكيمخت؟»قال:جلود دواب منه ما يكون ذكيا،و منه ما يكون ميتة،فقال:

«ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه» (3)و هو يدل بمفهومه على جواز الصلاة فيما لا يعلم أنه ميتة.

الرابع:

تذكية الكفار بمنزلة الموت،فلا تصح الصلاة في جلود ما ذكوه.

الخامس:

لا يكتفي بعدم العلم بالموت خاصة،فلو وجد جلدا مطروحا لا يعلم أ ذكي هو أم ميت،لم يصل فيه لأن الأصل عدم التذكية،و لأن طهارة الثوب شرط و لا يكتفي بعدم العلم بانتفائه،كغيره من الشروط.

السادس:

التحريم كما يتناول الثوب فكذا يتناول غيره،فلا تصح (4)الصلاة و مع المصلي سيف تقليده من الميتة و شبهه،لأنه نجس فلا يجوز استصحابه في الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة،قال:سألت أبا عبد الله عليه

ص:205


1- 1التهذيب 2:368 حديث 1532 و فيه:القز اليماني،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 3 و [1]فيه:الفراء اليماني.
2- 2) التهذيب 2:368 حديث 1529،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:368 حديث 1530،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) «م»«ن»:تصلح.

السلام عن تقليد السيف في الصلاة فيه الفراء و الكيمخت؟فقال:«لا بأس ما لم يعلم أنه ميتة» (1).

و في الصحيح،عن أبي عبد الله عليه السلام«لا تصل في شيء منه و لا في شسع» و قد تقدم.

السابع:

لا فرق بين ميت الطاهر في حياته و النجس،و ميت ما لا يؤكل لحمه و ما يؤكل،عملا بالعمومات و الأحاديث الدالة على عدم التفصيل،كما في الشاة.

و قد تقدمت.

الثامن:

لا فرق بين أن يكون على جسده ثوب طاهر مما تصح الصلاة فيه غير الجلد و بين أن لا يكون في البطلان.

التاسع:

لو وجد الجلد مع من يستحل الميتة لم يحكم بتذكيته و إن أخبره،لأنه غير موثوق به و لا تصح فيه الصلاة،لأن الشرط و هو التذكية غير معلوم.

لا يقال:ينتقض ما ذكرتموه بالثوب إذا وجد مطروحا أو مع المستحل للنجاسة، فإن الشرط و هو الطهارة غير معلوم مع صحة الصلاة فيه إجماعا.

لأنا نقول:الأصل في الثوب الطهارة،و الأصل في الجلد عدم التذكية.و كذا لو وجد الجلد مع من يتهم في استعمال الميتة.

مسألة:و لا تجوز الصلاة في جلد الخنزير دبغ أم لم يدبغ.

و هو مذهب علماء الإسلام،و كذا الكلب عند علمائنا أجمع خلافا لأكثر الجمهور (2).

لنا:انه نجس العين فلا يطهره الذكاة و لا الدباغ،لأنه لا يخرج به عن كونه كلبا ميتا،و الكلب نجس العين و الميتة كذلك،و النجاسة من لوازم الذات،فلا يخرج عنها بالعارض.

ص:206


1- 1التهذيب 2:205 حديث 800،الوسائل 2:1073 الباب 50 من أبواب النجاسات،حديث 12. [1]
2- 2) الأم 1:9،بدائع الصنائع 1:85،بداية المجتهد 1:78،المغني 1:84،المحلى 1:118،المجموع 1: 217،نيل الأوطار 1:76،الهداية للمرغيناني 1:20.

و يؤيّده:ما رواه أبو سهل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لحم الكلب حرام هو؟قال:«نجس»أعيدها ثلاث مرّات كلّ ذلك يقول:«هو نجس» (1)و قد تقدّم البحث فيه (2).

مسألة:و لا تجوز الصّلاة في جلود السّباع

و هو ما لا يكتفي في الاغتذاء بغير اللّحم،كالأسد و النّمر،سواء دبغت أو لم تدبغ.ذهب إليه علماؤنا أجمع،خلافا للجمهور (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن المقدام بن معد يكرب (4)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه نهى عن جلود السّباع و الرّكوب عليها (5).و النّهي لا يتناول الأعيان،فينصرف إلى المنافع المطلوبة،ترك العمل به في الاستعمال في غير الصّلاة،فيعمل به في الصّلاة، و إلاّ لزم تركه مطلقا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسماعيل بن سعد بن الأحوص قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن الصّلاة في جلود السّباع؟فقال:«لا تصلّ فيها» (6).

و في الموثّق،عن سماعة قال:«أمّا جلود السّباع فاركبوا عليها و لا تلبسوا منها شيئا

ص:207


1- 1الكافي 6:245 حديث 6، [1]التّهذيب 9:39 حديث 164،الوسائل 16:380 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 4. [2]
2- 2) تقدّم في الجزء الثالث ص 210،359.
3- 3) المغني 1:86،بداية المجتهد 1:78،المحلّى 1:123،نيل الأوطار 1:74-75.
4- 4) المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب:أبو كريمة،روى عن النّبيّ(ص)و عن خالد بن الوليد و معاذ بن جبل و أبي أيّوب الأنصاريّ،و روى عنه ابنه يحيى و خالد بن معدان و حبيب بن عبيد. مات سنة 87 ه. أسد الغابة 4:411، [3]تهذيب التّهذيب 10:287، [4]العبر 1:76. [5]
5- 5) سنن أبي داود 4:68 حديث 4131. [6]
6- 6) التّهذيب 2:205 حديث 801،الوسائل 3:257 الباب 6 من أبواب لباس المصلّى،حديث 1. [7]

تصلّون فيه» (1).

و في الموثّق عن ابن بكير قال:سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السّلام،عن الصّلاة في الثّعالب،و الفنك،و السّنجاب و غيره من الوبر؟فأخرج كتابا زعم انّه إملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،انّ الصّلاة في كلّ شيء حرام أكله فالصّلاة في وبره، و شعره و جلده و بوله،و روثه،و كلّ شيء منه فاسد،لا تقبل تلك الصّلاة حتّى يصلّي في غيره ممّا أحلّ اللّه أكله،ثمَّ قال:«يا زرارة،هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة،فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصّلاة في وبره،و شعره، و بوله،و روثه،و ألبانه،و كلّ شيء منه جائزة إذا علمت أنّه ذكيّ قد ذكّاه الذّبح، و إن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله أو حرم عليك أكله فالصّلاة في كلّ شيء منه فاسد،ذكّاه الذّبح أم لم يذكه» (2).

و ما رواه ابن بابويه،عن هاشم الحناط (3)(4)انه قال:سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام،يقول:«ما أكل الورق و الشجر فلا بأس بأن يصلى فيه،و ما أكل الميتة فلا تصل فيه» (5)و لأن خروج الروح سبب للموت،و هو يقتضي المنع من الاستعمال لما بيناه،و الذباحة بمجردها لا تقتضي الإباحة ما لم يكن المحل قابلا،

ص:208


1- 1التهذيب 2:205 حديث 802،الوسائل 3:256 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 6،4. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) «ن»«م»«غ»«ح»:الخياط.
4- 4) هاشم الحناط،ذكره الصدوق في المشيخة،روى عن موسى بن جعفر(ع)،كذا في بعض نسخ الفقيه، و في الأخرى:الخياط،و الأول هو الصحيح لعدم وجود شخص بعنوان:هاشم الخياط.ثمَّ الظاهر أن هاشم الحناط هذا هو هاشم بن المثنى الحناط الذي وثقه النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الفقيه(شرح المشيخة)4:43،رجال النجاشي:435،رجال الطوسي:331.
5- 5) الفقيه 1:168 حديث 790،الوسائل 3:257 الباب 6 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]

و إلا لكانت ذباحة الآدمي مطهرة لجلده،و الاعتذار بأن الحكم يختلف هنا للنهي عن الذباحة باطل بذبح الشاة المغصوبة،و بالالة المغصوبة،و قبول السباع لأحكام الذباحة ممنوع،و لا ينتقض بجواز الاستعمال في غير الصلاة،لأنه علم ذلك بدليل ليس موجودا في الصلاة،فلا يلزم النقض.

مسألة:و جلد كل ما لا يؤكل لحمه لا تصح الصلاة فيه

كالقنفذ،و اليربوع، و الحشرات.ذهب إليه علماؤنا أجمع إلا ما نستثنيه،لأن وقوع الذكاة عليها مشكوك بل الأقرب عدم وقوع الذكاة عليها،لأن إزهاق الروح سبب للموت المقتضي للمنع، و الطهارة بالذبح مستفادة من الشرع،فيقف عليه،مع ان الأصل تحريم الذبح،فلا يكون مطهرا،و الدباغ غير مطهر لما مضى،فالمنع فيها ثابت مطلقا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في حديث زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

أخرج لنا كتابا زعم انه إملاء رسول الله صلى الله عليه و آله«ان الصلاة في كل شيء حرام أكله فالصلاة في وبره،و شعره،و جلده،و بوله،و روثه،و كل شيء منه فاسدة لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره» (1)و لأنه حيوان غير مأكول فأشبه السباع (2).

مسألة:أما المسوخ،فقد أطلق الشيخ في الخلاف أنها نجسة ،

(3)

روى محمد بن الحسن الأشعري،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:«الفيل مسخ كان ملكا زناء،و الذئب مسخ كان أعرابيا ديوثا،و الأرنب مسخ كان امرأة تخون زوجها و لا تغتسل من حيضها،و الوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس،و القردة و الخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت،و الجريث و الضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث

ص:209


1- 1التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) «ح»«ق»:السبع.
3- 3) الخلاف 2:540 مسألة 12.

نزلت المائدة على عيسى بن مريم،لم يؤمنوا فتاهوا،فوقعت فرقة في البحر و فرقة في البر، و الفأرة هي الفويسقة،و العقرب كان نماما،و الدب،و الوزغ،و الزنبور كان لحاما يسرق في الميزان» (1).

و قال المفيد في المقنعة (2)،و السيد المرتضى في المصباح (3)بمثل قول الشيخ، و الأقرب عندي الطهارة.أما الصلاة في جلودها فلا تصح قولا واحدا لما تلوناه من الأحاديث،و قد تقدم ما يدل على طهارة سؤرها،لرواية البقباق (4)،و طهارة السؤر تستلزم طهارتها،و قد روي أيضا:أنه لا بأس بأمشاط العاج (5).و هو يدل على طهارة عظم الفيل.

و في وقوع الذكاة عليها إشكال أقربه أنه لا يقع عليه لما تقدم.

مسألة:و لا تصح الصلاة في شعر كل ما يحرم أكله،و صوفه،و وبره

إلا ما نستثنيه.و هو إجماع علمائنا،خلافا للجمهور (6).

لنا:ان القول بجواز الصلاة في شيء من ذلك مع المنع من جواز الصلاة في جلده مما لا يجتمعان،و الثاني ثابت،فالأول منتف.

أما عدم الاجتماع فبالإجماع،أما عندنا فللمنع من الأمرين،و أما عند أبي حنيفة (7)فلجواز الأمرين إلا الآدمي و الخنزير،و أما عند الشافعي (8)فلجواز الصلاة في

ص:210


1- 1الكافي 6:246 حديث 14، [1]التهذيب 9:39 حديث 166،الوسائل 16:381 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة،حديث 7. [2]
2- 2) المقنعة:25.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:81. [3]
4- 4) التهذيب 1:225 حديث 646،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار،حديث 4. [4]
5- 5) انظر:الوسائل 1:427 الباب 72 من أبواب آداب الحمام.
6- 6) بداية المجتهد 1:78،المغني 1:74،المجموع 1:236،شرح فتح القدير 1:84.
7- 7) بدائع الصنائع 1:85،المغني 1:84،المجموع 1:236.
8- 8) الام 1:9،بداية المجتهد 1:76،78.

الجلد بعد دباغه دون شعره.

و أما ثبوت الثاني فلما تقدم من الأدلة على المنع من الصلاة في الجلد.

و يؤيده:رواية زرارة.و قد تقدمت.

و ما رواه،عن إبراهيم بن محمد الهمداني،قال:كتبت إليه:يسقط على ثوبي الوبر و الشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة؟فكتب:«لا تجوز الصلاة فيه» (1).

و عن الحسن بن علي الوشاء قال:كان أبو عبد الله عليه السلام يكره الصلاة في وبر كل شيء لا يؤكل لحمه (2).

مسألة:و اختلفت الرواية في الثعالب و الأرانب،

فروى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلود الثعالب أصلي فيها؟ فقال:«ما أحب أن أصلي فيها» (3).

و عن أحمد بن إسحاق الأبهري (4)،قال:كتبت إليه:جعلت فداك،عندنا جوارب و تكك تعمل من وبر الأرانب،فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير

ص:211


1- 1التهذيب 2:209 حديث 819،الاستبصار 1:384 حديث 1455،الوسائل 3:251 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 820،الوسائل 3:251 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:205 حديث 803،الاستبصار 1:381 حديث 1443،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأحوص الأشعري أو الأبهري:أبو علي القمي،كان وافد القميين،روى عن أبي جعفر و أبي الحسن(ع)و كان من خاصة أبي محمد(ص).قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد و العسكري(ع)،و قال:قمي ثقة،و قال في الفهرست: [4]كبير القدر و رأى صاحب الزمان،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:91،رجال الطوسي:398،427،الفهرست:26، [5]رجال العلامة:15. [6]

ضرورة و لا تقية؟فكتب:«لا تجوز الصلاة فيها» (1).و مثله رواه،عن علي بن مهزيار (2).

و عن محمد بن أبي زيد (3)،قال:سئل الرضا عليه السلام عن جلود الثعالب الذكية؟فقال:«لا تصل فيها» (4).

و عن علي بن مهزيار،عن رجل سأل الرضا عليه السلام عن الصلاة في الثعالب،فنهى عن الصلاة فيها و في الثوب الذي يليه،فلم أدر أي الثوبين الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد فوقع بخطه:«الذي يلصق بالجلد»و ذكر أبو الحسن أنه سأله عن هذه المسألة؟فقال:«لا تصل في الذي فوقه و لا في الذي تحته» (5).

و عن الوليد بن أبان (6)قال:قلت للرضا عليه السلام:أصلي في الفنك،

ص:212


1- 1التهذيب 2:206 حديث 805،الاستبصار 1:383 حديث 1452،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3 و [2]ص 259 حديث 5.
3- 3) كذا في النسخ،و في المصادر:جعفر بن محمد بن أبي زيد،أو:أبي يزيد،قال المحقق المامقاني:لم أقف فيه إلا على رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه عن الرضا(ع)،و هو مهمل في كتب الرجال،و قال المحقق الأردبيلي:في بعض نسخ التهذيب:عن جعفر بن محمد عن أبي زيد،و قال:هو الصواب،و أبو زيد هذا هو أبو زيد المكي الذي عده الشيخ في رجاله في باب كنى أصحاب الرضا(ع)،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال:مجهول. رجال الطوسي:379،جامع الرواة 1:156 و 2:386، [3]رجال العلامة:267، [4]تنقيح المقال 1:222 و 3:17 [5] من فصل الكنى.
4- 4) التهذيب 2:206 حديث 807،الاستبصار 1:381 حديث 1445،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [6]
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 808،الاستبصار 1:381 حديث 1446،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [7]
6- 6) الوليد بن أبان الضبي الرازي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع) رجال الطوسي:394.

و السنجاب؟قال:«نعم»فقلت:يصلي في الثعالب إن كانت ذكية؟قال:«لا تصل فيها» (1)فهذه الأخبار تدل على المنع.و أيضا:رواية زرارة الموثقة تدل عليه،و قد تقدمت (2).

و عن مقاتل بن مقاتل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور،و السنجاب،و الثعالب؟فقال:«لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم» (3).

و عن أبي علي بن راشد (4)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:فالثعالب يصلى فيها؟قال:«لا و لكن تلبس بعد الصلاة»قلت:أصلي في الثوب الذي يليه؟قال:«لا» (5).

و عن داود الصرمي،عن بشير بن بشار،قال:قال:«و لا تصل في الثعالب و لا السمور» (6).

و أما الرواية الدالة على الجواز،فقد رواها الشيخ في الصحيح،عن الحلبي عن

ص:213


1- 1التهذيب 2:207 حديث 811،الاستبصار 1:382 حديث 1450،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 7 و [1]ص 359 الباب 7 حديث 7.
2- 2) تقدمت في ص 209.
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 821،الاستبصار 1:384 حديث 1456،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) أبو علي بن راشد،كان وكيلا مقام الحسين بن عبد ربه،أقامه الإمام الهادي(ع)،و قال في حقه:إنه عاش و سعيدا و مات شهيدا.ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال الكشي:512،603،رجال العلامة:190. [3]
5- 5) التهذيب 2:210 حديث 822،الاستبصار 1:384 حديث 1457،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 2:210 حديث 823،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [5]

أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن (1)الفراء و السمور،و السنجاب،و الثعالب و أشباهه؟قال:«لا بأس بالصلاة فيه» (2).

و عن علي بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء، و السمور،و الفنك،و الثعالب و جميع الجلود؟قال:«لا بأس بذلك» (3).

و الروايات الأولى أكثر،و هي أيضا أشهر بين الأصحاب،فالعمل بمضمونها أولى،و لأن فيها احتياطا للعبادة.

مسألة:و في التكة،و القلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال،

الأحوط المنع،عملا بعموم الأحاديث الدالة على النهي عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه (4)،و دليل الاحتياط للعبادة،لكن الشيخ قال في التهذيب عقيب ما رواه في الصحيح،عن جميل،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في جلود الثعالب؟فقال:«إذا كانت ذكية فلا بأس» (5):انه يحتمل أن يكون المراد به،إذا كان على مثل القلنسوة أو ما أشبهها مما لا تتم الصلاة بها.

و استدل على تأويله بما رواه في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار (6)،قال:

ص:214


1- 1«ح»«ق»بزيادة:لباس.
2- 2) التهذيب 2:210 حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1459،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 2:210،حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1459،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) الوسائل 3:272 الباب 14 من أبواب لباس المصلي. [3]
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 809،الاستبصار 1:382 حديث 1447،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [4]
6- 6) محمد بن عبد الجبار،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الإمام الجواد(ع)،و بإضافة:و هو ابن أبي صهبان قمي ثقة من أصحاب الإمام الهادي(ع)،و بعنوان:محمد بن أبي الصهبان من أصحاب الإمام العسكري(ع).و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:قمي من أصحاب أبي الحسن الثالث.رجال الطوسي:407،423،435،رجال العلامة:142. [5]

كتبت إلى أبي محمّد عليه السّلام أسأله:هل أصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه،أو تكة حرير،أو تكة من وبر الأرانب؟فكتب:«لا تحل الصلاة في الحرير المحض،و إن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه» (1)و هذا الحديث كما يدل على جواز الصلاة في القلنسوة يدل على ان الأرنب مما يقبل الذكاة.

فرع:

لو عمل القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه أو التكة منه أو من حرير،ففيه قولان للشيخ:

أحدهما:المنع،ذكره في النهاية (2).

و الثاني:الكراهة،ذكره في المبسوط (3).

حجته على المنع:ما تقدم من الأحاديث الدالة على عموم المنع،و على الجواز:

ما تقدم من حديث محمد بن عبد الجبار عن أبي محمد عليه السلام (4).فإن رجح الأول بكونه من باب القول،و الثاني من باب الكتابة و القول أرجح،عورض برجحان الثاني بالأصل،و بأنه أخص.و إن رجح برواية أحمد بن إسحاق،و برواية علي بن مهزيار أنه كتب إليه إبراهيم بن عقبة (5):عندنا جوارب و تكك تعمل من وبر الأرانب،فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة و لا تقية؟فكتب:«لا يجوز الصلاة فيها» (6)

ص:215


1- 1التهذيب 2:207 حديث 810،الاستبصار 1:383 حديث 1453،الوسائل 3:273 الباب 14 من أبواب لباس المصلي،حديث 4 و [1]في الجميع:(هل يصلي)مكان(هل أصلي).
2- 2) النهاية:98. [2]
3- 3) المبسوط 1:84.
4- 4) إبراهيم بن عقبة الربعي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الهادي(ع).رجال الطوسي:409.
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]

عورض برواية الحلبي الصحيحة،و علي بن يقطين الدالة على جواز الصلاة في الجلود كلها،و بأن أحمد بن إسحاق،و علي بن مهزيار كلاهما أسندا الحديث إلى الكتابة و فيه ضعف،و إلى غير معين فيحتمل أن يكون المكتوب إليه غير الإمام عليه السلام، فالأقرب عندي في هذا الباب الكراهية.

مسألة:و في السمور،و الفنك،و السنجاب روايتان:

روى الشيخ،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالسنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عنه،إذ نهى عن كل ذي ناب و مخلب» (1).

و روى،عن الوليد بن أبان،قال:قلت للرضا عليه السلام:أصلي في الفنك و السنجاب؟قال:«نعم»فقلت:يصلى في الثعالب إن كانت ذكية؟قال:«لا تصل فيها» (2).

و عن مقاتل بن مقاتل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور،و الثعالب؟فقال:«لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم» (3).

و عن أبي علي بن،راشد،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:ما تقول في الفراء أي شيء يصلى فيه؟قال:«أي الفراء؟»قلت:الفنك،و السنجاب،و السمور، قال:«فصل في الفنك،و السنجاب،فأما السمور فلا تصل فيه» (4).

ص:216


1- 1التهذيب 2:203 حديث 797،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:207 حديث 811،الاستبصار 1:382 حديث 1450،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي حديث 7،و [2]ص 259 الباب 7 حديث 7.
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 821،الاستبصار 1:384 حديث 1456،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي حديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 2:210 حديث 822،الاستبصار 1:384 حديث 1457،الوسائل 3:253 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [4]

و عن بشير بن بشار (1)قال:سألته عن الصلاة في الفنك،و الفراء،أو السنجاب،و السمور،و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك و ببلاد الإسلام أن أصلي فيه لغير تقية؟قال:فقال:«صل في السنجاب،و الحواصل الخوارزمية،و لا تصل في الثعالب،و لا السمور» (2).

و في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الفراء،و السمور،و السنجاب،و الثعالب،و أشباهه؟قال:«لا بأس بالصلاة فيه» (3).

و عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء، و السمور،و الفنك،و الثعالب،و جميع الجلود؟قال:«لا بأس» (4).

و في الصحيح،عن الريان (5)بن الصلت،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس فراء السمور،و السنجاب،و الحواصل،و ما أشبهها،و المناطق،

ص:217


1- 1بشير بن بشار في التهذيب،و في الاستبصار:بشير بن يسار،و عنونه المحقق الأردبيلي ب«بشر بن يسار» البشري الكوفي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع).رجال الطوسي: 108،155،جامع الرواة 1:123. [1]
2- 2) التهذيب 2:210 حديث 823،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 2:210 حديث 826،الاستبصار 1:385 حديث 1560،الوسائل 3:255 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]
5- 5) الريان بن الصلت البغدادي الأشعري القمي،خراساني الأصل:أبو علي،روى عن الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا(ع)و اخرى من أصحاب الهادي(ع)و ثالثة في باب من لم يرو عنهم(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:كان ثقة صدوقا. رجال النجاشي:165،رجال الطوسي:376،415،473،رجال العلامة:70. [5]

و الكيمخت،و المحشو بالقز،و الخفاف من أصناف الجلود؟فقال:«لا بأس بهذا كله إلا الثعالب» (1).

و أما الرواية الأخرى،فقد روى الشيخ في الموثق،عن زرارة انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب،و الفنك،و السنجاب،و غيره من الوبر؟ فأخرج(كتابا (2)زعم)انه إملاء رسول الله صلى الله عليه و آله:«ان الصلاة في كل شيء حرام أكله فالصلاة في وبره،و شعره،و جلده،و بوله،و روثه،و كل شيء منه فاسدة لا تقبل بذلك الصلاة حتى يصلي في غيره» (3)الحديث.

و في الصحيح،عن سعد بن سعد الأشعري،عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن جلود السمور؟فقال:«يصيد»؟»فقلت:نعم،يأخذ الدجاج و الحمام،قال:

«لا» (4).

و الذي نختاره نحن:جواز الصلاة في السنجاب خاصة،لاشتهار الأحاديث الدالة عليه،و عمل الأصحاب أكثرهم بها،أما الفنك و السمور فلا.

و ادعى الشيخ في المبسوط الإجماع على جواز الصلاة في السنجاب، و الحواصل (5).و هذا يدل على جواز ذلك عند أكثر الأصحاب،و فتوى الشيخ في الجزء الثاني من النهاية بالمنع من الصلاة فيه (6)،مستندة إلى ما ذكرناه من الأحاديث الدالة على المنع،و هي معارضة بما ذكرناه من الأحاديث الدالة على الجواز.

ص:218


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1533،الوسائل 3:256 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) «م»«ن»:لنا ما زعم.
3- 3) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 2:211 حديث 827،الاستبصار 1:385 حديث 3 1463،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) المبسوط 1:83.
6- 6) النهاية:587. [4]
مسألة:و تحرم الصلاة في الحرير المحض للرجال.

ذهب إليه علماء الإسلام،روى الجمهور عن أبي موسى ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(حرم لباس الحرير و الذهب على ذكور أمتي و أحل لأناثهم) (1)رواه أبو داود،و الترمذي.

و عن رسول الله صلى الله عليه و آله(لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) (2).

و عن حذيفة قال:نهانا النبي صلى الله صلى الله عليه و آله أن نشرب في آنية الذهب و الفضة،و أن نأكل منها،و أن نلبس الحرير و الديباج،و أن نجلس عليه (3).رواهما البخاري.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن أبي الجارود (4)،عن أبي جعفر عليه السلام،ان النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي عليه السلام:«اني أحب لك ما أحب لنفسي،و أكره لك ما أكره لنفسي،فلا تتختم بخاتم ذهب،فإنه زينتك في الآخرة،و لا تلبس القرمز (5)فإنه من أردية إبليس،و لا تركب بميثرة (6)حمراء فإنها من مراكب إبليس،و لا تلبس الحرير فيحرق الله جلدك يوم تلقاه.و لم يطلق النبي صلى

ص:219


1- 1سنن أبي داود 4:50 حديث 4057،سنن الترمذي 4:217 حديث 1720. [1]
2- 2) صحيح البخاري 7:194.
3- 3) صحيح البخاري 7:193.
4- 4) زياد بن المنذر:أبو الجارود الهمداني الكوفي الخارقي-الحوفي،الخرقي-الأعمى،تابعي زيدي المذهب،و إليه تنسب الجارودية من الزيدية،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع)،ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:لا شبهة في ذمة،و سمي:سرحوبا باسم شيطان أعمى يسكن البحر. رجال النجاشي:170،رجال الطوسي:122،197،الفهرست:72، [2]رجال العلامة:223. [3]
5- 5) القرمز:صبغ أحمر تصبغ به الثياب.النهاية لابن الأثير 4:50. [4]
6- 6) الميثرة:بالكسر،مفعلة من الوثارة،هي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج.النهاية لابن الأثير: 150، [5]الصحاح 2:844، [6]المصباح المنير 2:647.

الله عليه و آله لبس الحرير لأحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف،و ذلك انه كان رجلا قملا» (1).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن إسماعيل بن سعد الأحوص،عن الرضا عليه السلام،و سألته هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟قال:«لا» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار،عن أبي محمد عليه السلام انه كتب إليه «لا تحل الصلاة في الحرير المحض» (3).

و عن أبي الحرث (4)،قال:سألت الرضا عليه السلام هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟قال:«لا» (5).

فروع:
الأول:

ذهب علماؤنا أجمع إلى بطلان الصلاة في الحرير المحض للرجال إلا مع الضرورة و في الحرب.و هو اختيار أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى انها تصح و إن

ص:220


1- 1الفقيه 1:164 حديث 774،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:205 حديث 801،الوسائل 3:266 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:207 حديث 810،الاستبصار 1:383 حديث 1453،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) أبو الحارث،روى عنه علي بن أسباط،قاله المحقق الأردبيلي،و قال المحقق المامقاني:اسمه:كثير بن كلثم أو كلثمة أو كلثوم الذي قال النجاشي:كوفي ثقة،روى عن أبي جعفر و أبي عبد الله(ع)،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق بعنوان:كثير بن كلثمة الكوفي و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. ملاحظة:في النسخ:أبو الحرث،و في المصادر:أبو الحارث،و هو الصحيح،حيث ان المحقق المامقاني قال:يكتب أبو الحرث و يقرأ:أبو الحارث.
5- 5) التهذيب 2:208 حديث 814،الاستبصار 1:386 حديث 1464،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [4]

كان حراما (1).و هو مذهب أبي حنيفة (2)و الشافعي (3).

لنا:ان ستر العورة عبادة متلقاة من الشرع،و قد نهى عن هذا المخصوص،و النهي في العبادات يدل على الفساد،و مع فساد الشرط و عدم التفات نظر الشرع إليه يفسد المشروط قطعا.

احتج المخالف بان التحريم لا يختص بالصلاة (4)و لا النهي يعود إليها،فلا يمنع الصحة،و لأن الشرط الستر و هو متحقق لا يرتفع بالنهي.

و الجواب عن الأول:ان تحريم الشرط يستلزم فساد المشروط،فيعود النهي في الحقيقة إلى الصلاة.

و عن الثاني:بالمنع من كون الستر مطلقا شرطا،و إلا لكان هذا الستر المخصوص منهيا عنه مأمورا به و ذلك محال.

الثاني:

قال الشيخان (5)،و المرتضى و أتباعهم:لا فرق بين أن يكون المعمول من حرير محض ساترا،و بين أن يكون غير ساتر،بأن تكون العورة مستورة بغيره (6).

و خالف فيه فقهاء الجمهور (7)عدا أحمد،فإنه روي عنه البطلان (8)كقول علمائنا.

لنا:ان الصلاة فيه محرمة بما تقدم من الأحاديث،فتكون باطلة لأن النهي يدل على الفساد في باب العبادات.

ص:221


1- 1المغني 1:661،الكافي لابن قدامة 1:147،الإنصاف 1:457. [1]
2- 2) المغني 1:660.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:142، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:104، [3]المغني 1:660.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:66.
5- 5) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:82.
6- 6) نقل عنهم في المعتبر 2:87. [4]
7- 7) المجموع 3:180.
8- 8) المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148،المجموع 3:180.
الثالث:

لا بأس بلبس الحرير لأجل الضرورة.و هو فتوى علمائنا،و قول أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:لا يباح (1)،و هو قول مالك (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس،قال:ان عبد الرحمن بن عوف،و الزبير شكوا إلى النبي صلى الله عليه و آله القمل،فرخص لهما لبس الحرير في غزاة لهما (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن أبي الجارود،عن الباقر عليه السلام قال:«و لم يطلق النبي صلى الله عليه و آله لبس الحرير لأحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف،و ذلك انه كان رجلا قملا» (4)و ذكر العلة يؤذن بالتعميم،و ما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره،لقوه عليه السلام:«حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (5)و لأنه منهي عنه فيتخصص بحال الاختيار كغيره من المنهيات.و لأن التكليف يسقط مع الضرورة.

احتج مالك بعموم لفظ التحرير و الرخصة يحتمل أن تكون خاصة (6)بعبد الرحمن و الزبير.

و الجواب ان تخصيص الرخصة بهما على خلاف الأصل.

الرابع:

و يجوز لبسه للرجال في حال الحرب من غير ضرورة.و هو قول عروة، و عطاء،و أحمد في أحد الوجهين،و في الوجه الآخر:لا يجوز (7).

ص:222


1- 1المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148.
2- 2) المغني 1:662.
3- 3) صحيح البخاري 7:195،صحيح مسلم 3:1646 حديث 2076،سنن ابن ماجه 2:1188 حديث 3592،سنن الترمذي 4:218 حديث 1722 و [1]في بعض المصادر،بتفاوت يسير.
4- 4) الفقيه 1:164 حديث 774،الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
5- 5) عوالي اللئالى 1:456 حديث 197. [3]
6- 6) المغني 1:662.
7- 7) المغني 1:662. [4]

لنا:ما رواه الجمهور،عن عروة انّه كان له يلمق من ديباج بطانته من سندس محشو قزا،و كان يلبسه في الحرب (1).و قد شهده جماعة من التابعين و لم ينكروه مع سماع النهي العام،فلو لم ينقلوا الترخص في هذه الحالة (2)لأنكروا عليه.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة بن مهران قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج؟فقال:«أما في الحرب فلا بأس» (3).

و ما رواه في الصحيح،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،عن الصلاة في ثوب ديباج؟فقال:«ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس» (4)قال الشيخ:و المقصود بذلك جواز لبسه حالة الحرب (5).و هو حسن،و لأنه يحصل معه قوة القلب و هي أمر مطلوب في الحرب،فأشبه الضرورة.و لأن المنع من لبسه لأجل ما فيه من الخيلاء و هو غير مذموم في الحرب،قال رسول الله صلى الله عليه و آله حين رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيته:(انها لمشية يبغضها الله إلا في الحرب» (6).

احتج أحمد بعموم النهي (7).

و الجواب:انه مخصوص بالضرورة،فكذا هاهنا،لاشتراكهما في المقتضي المبيح.

ص:223


1- 1المغني 1:662.
2- 2) في النسخ يوجد:و إلا،حذفناها لاستقامة المعنى.
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 816،الاستبصار 1:386 حديث 1466،الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 2:208 حديث 815،الاستبصار 1:386 حديث 1465،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
5- 5) التهذيب 2:208،الاستبصار 1:386.
6- 6) كنز العمال 4:317 حديث 10685.
7- 7) المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148.
الخامس:

لا بأس بلبسه للنساء.ذهب إليه كل من يحفظ عنه العلم.و في لبسه لهن في الصلاة خلاف بين علمائنا،فالذي ذهب إليه الشيخان (1)،و السيد المرتضى (2)،و أتباعهم،الجواز (3)،و الذي ارتضاه أبو جعفر بن بابويه، التحريم (4).

احتج الأولون بأن الأمر بالصلاة مطلق فالتقييد مناف (5)،ترك العمل به في حق الرجل لوجود الدليل،فيبقى الباقي على الإطلاق.

احتج ابن بابويه،بما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار انه كتب إليه أبو محمد عليه السلام:«لا تحل الصلاة في الحرير المحض» (6)و هو عام في حق الرجال و النساء و ما رواه،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز،أو كتان،أو قطن و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (7).

و لا ريب ان النهي في حق الرجال للتحريم،و كذا في النساء قضية للعطف، و كذا لفظ«يكره»المراد بها التحريم في حق الرجال،فكذا في النساء للعطف، و القولان قويان،فنحن في هذا من المتوقفين.

السادس:

هل تجوز الصلاة للرجال في التكة و القلنسوة إذا عملا من حرير

ص:224


1- 1المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في النهاية:97.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:89.
3- 3) المراسم:64،الوسيلة(الجوامع الفقهية):671.
4- 4) الفقيه 1:171.
5- 5) نقله عنهم في المعتبر 2:89. [1]
6- 6) التهذيب 2:207 حديث 812،الاستبصار 1:385 حديث 1462،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
7- 7) التهذيب 2:367 حديث 1524،الاستبصار 1:386 حديث 1468،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [3]

محض؟فيه إشكال،و الأقرب المنع.قال ابن بابويه:لا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم (1).و أفتى الشيخ بجوازه في النهاية و المبسوط (2).

لنا:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار قال:كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟فكتب:

«لا تحل الصلاة في حرير محض»و العبرة و إن كانت بعموم اللفظ على الخلاف،لكن بالاتفاق يتناول صورة السبب.و لأنه منهي عنه فلا تجوز الصلاة في شيء منه كالجلد الميت.

احتج الشيخ بما رواه الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال«كل ما لا تتم الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم،و القلنسوة،و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلي فيه» (3).

و الجواب:ان في طريقها أحمد بن هلال و هو ضعيف جدا.

السابع:

لا بأس بالوقوف على الثوب المعمول من الإبريسم المحض و الديباج و افتراشه.

روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال:و سألته عن فراش حرير و مثله من الديباج و مصلي حرير و مثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه و التكأة و الصلاة؟قال:«يفرشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه» (4).

الثامن:

الحشو بالإبريسم لا يرفع التحريم.خلافا للشافعي (5).

ص:225


1- 1الفقيه 1:172.
2- 2) النهاية:98، [1]المبسوط 1:83.
3- 3) التهذيب 2:397 حديث 1478،الوسائل 3:273 الباب 14 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:373 حديث 1553،الوسائل 3:274 الباب 15 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438،المغني 1:663.

لنا:عموم النهي.

احتج الشافعي بأنه لا خيلاء فيه،فلا بأس به.

و الجواب بمنع تعليل التحريم بالخيلاء،بل لعلة السرف و التضييع للمال،أو لمنع النفس عن المبالغة في اللباس.و لأنه ينتقض بما لو جعل بطانة الجبة حريرا،فإنه لا خيلاء هناك مع ثبوت التحريم.

و أما ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحسين بن سعيد،قال:قرأت كتاب محمد بن إبراهيم (1)إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز؟فكتب إليه:«لا بأس بالصلاة فيه» (2)فإن ابن بابويه قال:المراد به قز الماعز دون قز الإبريسم (3).

التاسع:

لا بأس للرجال بالصلاة في الحرير إذا لم يكن محضا،كالممزوج بالقطن،أو الكتان،أو الخز و لو كثر الإبريسم ما لم يستهلكه بحيث يصدق على الثوب أنه إبريسم.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال ابن عباس (4)،و جماعة من أهل العلم (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و الشافعي:يحرم إذا غلب الحرير،و إن غلب غيره جاز (7)،

ص:226


1- 1محمد بن إبراهيم روى عنه الحسين بن سعيد كتابة قاله المحقق الأردبيلي،و هو محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني الذي كان أبوه وكيل الناحية المقدسة،و روى الكشي رواية في مدحه،و قد مر في ترجمة إبراهيم بن محمد الهمداني ما يدل على وكالة جميع ولد إبراهيم. رجال الكشي:608،جامع الرواة 2:45. [1]
2- 2) التهذيب 2:364 حديث 1509،الوسائل 3:323 الباب 47 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:171.
4- 4) المغني 1:662.
5- 5) المغني 1:662،المجموع 4:438. [3]
6- 6) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438. [4]
7- 7) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438،المغني 1:663.

و في المتساوي وجهان للشافعي.

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس،قال:إنما نهى النبي صلى الله عليه و آله عن الثوب المصمت من الحرير،و أما العلم و سدى الثوب فليس به بأس (1).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن يوسف بن إبراهيم (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالثوب أن يكون سداه و زره و علمه حريرا و إنما كره الحرير المبهم للرجال» (3).

و عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام،ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته،أو سداه خز،أو كتان،أو قطن،و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (4).و لأنه يخرج بالمزج عن اسم الحرير،فيبقى على الأصل و هو الحل.

العاشر:

لا بأس بثوب مكفوف بالحرير المحض على الكراهية.ذكره الشيخ (5)و أتباعه (6).

و المراد بالكف:ما يوضع في رءوس الأكمام،و أطراف الذيل،و حول الزيق.و لا بأس بالعلم أيضا،روى الجمهور ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الحرير إلا موضع

ص:227


1- 1سنن أبي داود 4:49 حديث 4055. [1]
2- 2) يوسف بن إبراهيم:أبو داود،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)و قال المحقق المامقاني باتحاده مع يوسف بن إبراهيم الطاطري الذي مرت ترجمته في ص 975.
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 817،الاستبصار 1:386 حديث 1467،الوسائل 3:272 الباب 13 من أبواب لبسا المصلي،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:367 حديث 1524،الاستبصار 1:386 حديث 1468،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [3]
5- 5) النهاية:96.
6- 6) الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،المهذب 1:75.

إصبعين أو ثلاثا أو أربعا (1).رواه مسلم و أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن جراح المدائني (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج (3).

الحادي عشر:

لو خيط الحرير بالقطن أو الكتان لم يزل التحريم عنه،و كذا لو بطن به أو جعل ظهاره،لعموم المنع.

الثاني عشر:

هل يحرم على الولي تمكين الطفل من لبس الحرير؟فيه نظر أقربه انه لا يحرم.و هو قول بعض الجمهور (4).

لنا:انه غير مكلف،فلا يحرم في حقه،و لأن التحريم مستند إلى الخيلاة و لا اعتبار به في حقهم.

و قال بعض الجمهور:يحرم (5)،لقوله عليه السلام:(حرام على ذكور أمتي) (6).

و عن جابر:كنا ننزعه عن الغلمان و نتركه على الجواري (7).

و الجواب عن الأول بما مضي من ان التحريم يتناول المكلفين (8)خاصة.

و عن الثاني:باحتمال انه قد فعل بالمراهقين و من قارب البلوغ،زيادة في التورع.

ص:228


1- 1صحيح مسلم 3:1643 حديث 2069،سنن أبي داود 4:47 حديث 4042. [1]
2- 2) جراح المدائني،روى عن أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر(ع)،و اخرى من أصحاب الصادق(ع). رجال النجاشي:130،رجال الطوسي:112،165.
3- 3) التهذيب 2:364 حديث 1510،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [2]
4- 4) المغني 1:664،الكافي لابن قدامة 1:148.
5- 5) المغني 1:664،الكافي لابن قدامة 1:148.
6- 6) سنن أبي داود 4:50 حديث 4057. [3]
7- 7) سنن أبي داود 4:50 حديث 4059. [4]
8- 8) «م»«ن»«ح»«ق»:المكلف.
مسألة:و تحرم الصلاة في الثوب المغصوب إذا كان عالما بالغصب.

و هو إجماع أهل العلم كافة،لما ثبت من تحريم التصرف في ملك الغير بغير إذنه،تواترا عن رسول الله صلى الله عليه و آله.

و اختلف العلماء في بطلان الصلاة فيه،فالذي عليه علماؤنا بطلان الصلاة (1)فيه،و اختاره أبو علي الجبائي،و ابنه أبو هاشم (2)،و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين (3)إذا كان هو الساتر،شرطه أحمد خاصة.

لنا:ان الصلاة طاعة و قيامه و قعوده في هذا الثوب منهي عنهما،فيكون مأمورا بما هو منهي عنه،و ذلك تكليف ما لا يطاق.و لأن الواجب عليه صلاة مأمور بها،و لم يثبت من الشرع الأمر بهذه الصلاة،فيبقى في عهدة التكليف،إذ المخرج عن العهدة بالأمر القطعي الفعل المطلوب قطعا.

احتج المخالف بأنه أتى بالصلاة المأمور بها (4)،و التحريم لا يختص الصلاة،و لا النهي يعود إليها،فلا يمنع الصحة،كما لو غسل ثوبه من النجاسة بالماء المغصوب.

و الجواب بالمنع في المقدمتين،إذ قد بينا ان الصلاة المأمور بها شيء يخرج به عن عهدة التكليف،و لم يثبت ذلك في حق هذه الصلاة.و قوله:النهي لا يعود إليها ممنوع،إذ الحركة في هذا الثوب منهي عنها،و هي جزء من الصلاة،و النهي عن الجزء يستحيل مجامعته مع الأمر بالكل،و بهذا وقع الفرق بين صورة النزاع و بين المقيس عليه،لأن الماء المغصوب ليس جزءا من إزالة النجاسة.

و أيضا:فما نحن فيه عبادة،و قد بينا ان النهى فيها يستلزم الفساد بخلاف المقيس عليه.

ص:229


1- 1«م»«ن»«غ»:العبادة.
2- 2) المجموع 3:164.
3- 3) المغني 1:660،الكافي لابن قدامة 1:146،الإنصاف 1:456،المجموع 3:164.
4- 4) المغني 1:660.
فروع:
الأول:

لا فرق بين أن يكون الثوب المغصوب ساترا،أو غير ساتر،بأن يكون فوق السائر أو تحته على إشكال.

الثاني:

هل تبطل الصلاة في الخاتم المغصوب و شبهه،كالسوار،و القلنسوة، و العمامة؟فيه تردد أقربه البطلان.

الثالث:

لو جهل الغصب لم يكن قد فعل محرما و صحت صلاته،لارتفاع النهي.

الرابع:

لو علم الغصب و جهل التحريم لم يكن معذورا،لأن التكليف لا يتوقف على العلم بالتكليف،و إلا لزم الدور المحال.

الخامس:

لو علم بالغصب في أثناء الصلاة نزعه،ثمَّ إن كان عليه غيره أتم الصلاة،لأنه دخل دخولا مشروعا،و لو لم يكن عليه غيره أبطل الصلاة و ستر عورته، ثمَّ استأنف.

السادس:

تحرم الصلاة في الثوب المغصوب على الغاصب و غيره ممن علم بالغصب ما لم يأذن له المالك،فلو أذن للغاصب أو لغيره صحت صلاته فيه،و لو أذن في الصلاة فيه مطلقا صحت صلاة غير الغاصب،أما الغاصب فلا،عملا بشاهد الحال.

السابع:

لو تقدم علمه بالغصبية،ثمَّ نسي حال الصلاة و صلى فيه صحت صلاته.لقوله عليه السلام:(رفع عن أمتي الخطأ و النسيان) (1).و القياس على النجاسة باطل.

ص:230


1- 1سنن ابن ماجه 1:659 حديث 2043،2045،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة،حديث 2. [1]
مسألة:و في بطلان الصلاة لمن لبس خاتم ذهب تردد

أقربه البطلان،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ان الصلاة فيه استعمال له و هو محرم بالإجماع،و قد عرفت ان النهي في العبادات يدل على الفساد.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن موسى بن أكيل النميري (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام في الحديد:«انه حلية أهل النار،و الذهب حلية أهل الجنة،و جعل الله الذهب في الدنيا زينة للنساء فحرم على الرجال لبسه و الصلاة فيه،و جعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن و الشياطين،فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في حال الصلاة، إلا أن يكون قبال عدو،فلا بأس به»قال:قلت:فالرجل في السفر يكون معه السكين في خفه لا يستغني عنه،أو في سراويله مشدود،أو المفتاح يخشى إن وضعه ضاع أو يكون في وسطه المنطقة من حديد؟قال:«لا بأس بالسكين و المنطقة للمسافر في حال الضرورة،و كذلك المفتاح إذا خاف الضيعة و النسيان،و لا بأس بالسيف و كل آلة السلاح في الحرب،و في غير ذلك لا يجوز الصلاة في شيء من الحديد،فإنه نجس ممسوخ» (3)و تحريم الصلاة فيه يستلزم البطلان لما مر.

فروع:
الأول:

حكم المنطقة حكم الخاتم في البطلان على التردد.

الثاني:

الثوب المنسوج بالذهب،و المموه تحرم الصلاة فيه مطلقا على التردد في

ص:231


1- 1المغني 1:661.
2- 2) موسى بن أكيل النميري كوفي ثقة،روى عن أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة.رجال النجاشي: 408.رقم 1086،رجال الطوسي:323،الفهرست:162، [1]رجال العلامة:166. [2]
3- 3) التهذيب 2:227 حديث 894،الوسائل 3:304 الباب 32 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [3]

غير الساتر.

الثالث:

هل يجوز افتراش الثوب المنسوج بالذهب أو المموه به؟فيه تردد أقربه الجواز.

الرابع:

تكره الصلاة في خاتم حديد،ذكره الشيخ (1).

و قال المفيد في المقنعة:و لو صلى و في إصبعه خاتم حديد لم يضره ذلك (2).و قال بعض أصحاب الحديث منا بالمنع (3)،احتجاجا بما رواه الشيخ،عن موسى بن أكيل و قد تقدم.

و بما رواه الشيخ،عن السكوني،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:لا يصلي الرجل و في يده خاتم حديد» (4).و الحق الجواز،و لو قيل بالكراهية كان قويا،أما المنع فلا،و رواية موسى بن أكيل ضعيفة، لأن الشيخ رواها مرسلة،مع اشتمالها على تنجيس الحديد و لم يقل به أحد،فهي ضعيفة لا يعول عليها.و يحتمل انه أراد بالتحريم شدة الكراهية مجازا مستعملا.و رواية السكوني ضعيفة السند مع احتمال النهي للكراهية.

مسألة:و لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالنعل السندي و الشمشك.

ذكره الشيخ (5)،و قال في المبسوط:انه مكروه (6).و هو الوجه عندي.

لنا:الأصل الجواز،و الكراهية إنما صرنا إليها لوجود الخلاف.

احتج الشيخ بأن النبي صلى الله عليه و آله لم ينقل عنه ذلك.

ص:232


1- 1الخلاف 1:191 مسألة 250.
2- 2) المقنعة:25.
3- 3) كذا في المعتبر 2:93. [1]
4- 4) التهذيب 2:227 حديث 895،الوسائل 3:303 الباب 32 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
5- 5) النهاية:98. [3]
6- 6) المبسوط 1:83.

و الجواب:انه لا يستلزم التحريم.

فروع:
الأول:

لا بأس بما له ساق كالخف و الجرموق-بضم الجيم-و هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف،لأن النبي صلى الله عليه و آله و الصحابة فعلوا ذلك.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن يحيى،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي في الخف الذي قد أصابه قذر،فقال:«إذا كان مما لا تتم الصلاة فيه،فلا بأس» (1).

و في الصحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«كل ما كان لا يجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس أن يكون عليه شيء مثل القلنسوة و التكة و الجورب» (2)و إذا جازت الصلاة فيها في حال نجاستها فمع الطهارة أولى.

و في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:سألت الرضا عليه السلام عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أ ذكي هو أم لا،ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري أ يصلي فيه؟قال:«نعم أنا أشتري الخف من السوق و يصنع لي فأصلي فيه و ليس عليكم المسألة» (3).

و في الصحيح،عن الحلبي قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق؟فقال:«اشتر و صل فيها حتى تعلم انه ميت بعينه» (4).

الثاني:

لا فرق بين الطاهر و النجس في الجواز،و قد دلت عليه الأحاديث المذكورة و قد سلف البحث فيه.نعم،يشترط أن يكون من جلد ما يصح الصلاة فيه.

ص:233


1- 1التهذيب 2:357 حديث 1479،الوسائل 2:1045 الباب 31 من أبواب النجاسات،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:358 حديث 1482،الوسائل 2:1045 الباب 31 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:371 حديث 1545،الوسائل 2:1072 الباب 50 من أبواب النجاسات،حديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 2:234 حديث 920،الوسائل 3:310 الباب 38 من أبواب لباس المصلى،حديث 2. [4]
الثالث:

يستحب الصلاة في النعل العربية.ذهب إليه علماؤنا،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن إسماعيل،قال:رأيته يصلي في نعليه لم يخلعهما،و أحسبه قال:«ركعتي الطواف» (1).

و في الصحيح،عن معاوية بن عمار،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي في نعليه غير مرة و لم أره ينزعهما قط (2).

و في الصحيح،عن عبد الله بن المغيرة،قال:«إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة» (3)و عبد الله ثقة،فإخباره بأنه من السنة يدل على الثبوت.

و عن علي بن مهزيار في الصحيح،قال:رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام و عليه نعلاه لم ينزعها (4).

و في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال ذلك من السنة» (5).

مسألة:و تحرم الصلاة في الثوب النجس

عدا ما عفى عنه من النجاسات.و قد تقدم (6)،بلا خلاف بين علماء الإسلام.

ص:234


1- 1التهذيب 2:233 حديث 915،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:233 حديث 916،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:233 حديث 917،الوسائل 3:309 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 2:233 حديث 918،الوسائل 3:309 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [4]
5- 5) التهذيب 2:233 حديث 919،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [5]
6- 6) تقدم في الجزء الثالث ص 242.
البحث الثاني:فيما تجوز الصلاة فيه من اللباس
مسألة:تجوز الصلاة في جلد ما يؤكل لحمه إذا ذكي.

ذهب إليه العلماء أجمع، و لا نعرف فيه خلافا.

و في اشتراط الدباغ خلاف،فالذي ذهب إليه أكثر علمائنا عدم الاشتراط و قد تقدم البحث في ذلك.

مسألة:و الصوف،و الشعر،و الوبر مما يؤكل لحمه طاهر تجوز الصلاة فيه

إذا جز منه في حياته أو بعد التذكية،بلا خلاف بين العلماء فيه،أما إذا أخذ جزا من الميت فقد اختلف فيه،فالذي عليه علماؤنا أجمع طهارته و صحة الصلاة فيه.و به قال الحسن،و ابن سيرين،و مالك،و الليث بن سعد،و الأوزاعي،و إسحاق،و ابن المنذر،و أصحاب الرأي (1)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:انه نجس لا يصح فيه الصلاة (2).و هو قول الشافعي (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا بأس بصوف الميتة و شعرها إذا غسل) (4)رواه الدار قطني.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه

ص:235


1- 1المغني 1:95.
2- 2) المغني 1:95،الإنصاف 1:92. [1]
3- 3) المهذب للشيرازي 1:11،المجموع 1:236،المغني 1:95. [2]
4- 4) سنن الدار قطني 1:47 حديث 19.

روح» (1)و لأنه طاهر قبل الموت،فيكون كذلك بعده،عملا بالاستصحاب.و لأن طهارته غير موقوفة على الذكاة فلا ينجس بالموت،كما لو جز من حي.و لأنه لا تحله الحياة،فلا ينجس بالموت كالبيضة.

احتج الشافعي بأنه ينمي من الحيوان،فينجس بموته كأعضائه (2).

و الجواب:النمو لا يستلزم الحياة،و كل ما لا تحله الحياة لا يقبل الموت لاشتراط اتحاد الموضوع في مثلهما.

فروع:
الأول:

لو قلعه من الميت،قال الشيخ:لا يجوز استعماله (3).و الأقرب جوازه مع الغسل لموضع الاتصال.و ربما عول الشيخ على انه بالقلع نزع شيئا من مادته الميتة، فيكون نجسا،و نحن لما اشترطنا الغسل زال هذا المحذور.

الثاني:

لو جزه من حي كان طاهرا قولا واحدا،و لو قلع فكذلك.و الوجه وجوب غسل موضع الاتصال أيضا،لأنه بالقلع لا بد من استصحاب شيء من مادته معه،و هي بعد الانفصال ميتة لقوله عليه السلام:«ما أبين من حي فهو ميت» (4).

الثالث:

لو شك في الشعر،أو الصوف،أو الوبر انه هل هو مما يؤكل لحمه أو لا لم يجز الصلاة فيه،لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه و هو غير متحقق، و الشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط.

مسألة:

و لا بأس بالصلاة في الخز الخالص،بمعنى أن لا يكون مغشوشا بوبر

ص:236


1- 1التهذيب 2:368 حديث 1530،الوسائل 3:333 الباب 56 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:95.
3- 3) النهاية:585.
4- 4) سنن أبي داود 3:111 حديث 2858،سنن الترمذي 4:74 حديث 1480 بتفاوت في الألفاظ،و بهذا اللفظ انظر:المغني 1:96.

الأرانب،و الثعالب.ذهب إليه علماؤنا.

و الخز دابة ذات أربع تصاد من الماء فإذا فقدته ماتت،روي ذلك عن الصادق عليه السلام (1).

و يدل على جواز الصلاة في الخالص منه:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن سعد (2)،عن أبيه،قال:رأيت رجلا ببخاري على بغلة بيضاء عليه عمامة خز،فقال:

كسانيها رسول الله صلى الله عليه و آله (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معمر بن خلاد،قال:

سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز؟فقال:«صل فيه» (4).

و عن أحمد بن محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص انه لا بأس به (5).

و في الصحيح،عن سليمان بن جعفر الجعفري،قال:رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز (6).

و في الصحيح،عن الحلبي،قال:سألته عن لبس الخز؟فقال:«لا بأس به،ان علي بن الحسين عليه السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء،فإذا جاء الصيف

ص:237


1- 1الكافي 3:399 حديث 11، [1]التهذيب 2:211 حديث 828،الوسائل 3:261 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
2- 2) عبد الله بن سعد بن عثمان الدشتكي:أبو عبد الرحمن المروزي نزيل الري،روى عن أبيه و أشعث بن إسحاق القمي و خارجة بن مصعب و روى عنه ابنه عبد الرحمن و عمار بن الحسن و أبو الوليد الطيالسي. تهذيب التهذيب 5:234، [3]الجرح و التعديل 5:64.
3- 3) سنن البيهقي 3:271،المغني 1:664.
4- 4) التهذيب 2:212 حديث 829،الوسائل 3:261 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [4]
5- 5) التهذيب 2:212 حديث 830،الاستبصار 1:387 حديث 1469،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 2:212 حديث 832،الوسائل 3:260 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [6]

باعه و تصدق بثمنه،و كان يقول:اني لأستحي من ربي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه» (1).

فروع:
الأول:لا تجوز الصلاة في الخز المغشوش بوبر الأرانب،و الثعالب.

و عليه فتوى علمائنا.

لما رواه الشيخ في الموثق،قال:سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام،إلى أن قال عن رسول الله صلى الله عليه و آله:«ان الصلاة في وبر كل شيء حرام أكله فالصلاة في شعره،و وبره،و جلده،و بوله،و روثه و كل شيء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله» (2)و هو عام خرج منه الخالص للروايات المخصصة،فيبقى الباقي على العموم.

و ما رواه،عن أيوب بن نوح رفعه قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«الصلاة في الخز الخالص لا بأس به،فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه» (3).

و ما رواه،عن أحمد محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص، «انه لا بأس به،فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه» (4).

ص:238


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1534،الوسائل 3:265 الباب 10 من أبواب لباس المصلي،حديث 13. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:212 حديث 831،الاستبصار 1:387 حديث 1470،الوسائل 3:262 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:212 حديث 830،الاستبصار 1:387 حديث 1469،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]

لا يقال:هاتان الروايتان مرسلتان،فلا يعتمد عليهما،و لأنه قد روى الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟فكتب:«يجوز ذلك» (1).

لأنا نجيب عن الأول بأنهما و إن كانتا مرسلتين إلا ان راوييهما ثقتان،فالظاهر انهما لم يرسلا إلا مع علمهما.

و أيضا:فقال اعتضدت بعمل الأصحاب،فإن كثيرا من أصحابنا ادعوا الإجماع ها هنا (2).

و أيضا:فالرواية الاولى دالة بعمومها على صورة النزاع.

و عن الثاني:بأن المسئول عنه غير معين،فربما لم يكن إماما.و أيضا:فقد اشتملت على المكاتبة.

و أيضا:فإن الشيخ قد روى،عن داود الصرمي المذكور،قال:سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟فكتب:«يجوز ذلك» (3)و هذا يدل على اضطراب الراوي في الرواية،لأنه تارة أضاف السؤال إلى رجل،و تارة إلى نفسه،قال الشيخ:و هذا مناف (4).

الثاني:الثوب المعمول من الإبريسم،و الخز لا بأس بالصلاة فيه،

لأن الخز تجوز الصلاة في خالصة،و الإبريسم تجوز الصلاة في مغشوشة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام نهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو قطن

ص:239


1- 1التهذيب 1:212 حديث 833،الاستبصار 1:387 حديث 1471،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) الخلاف 1:193 مسألة 257،الغنية(الجوامع الفقهية):555،السرائر:56.
3- 3) التهذيب 2:213 حديث 834،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:213.

أو كتان،و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (1).

الثالث:و في المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه أو شعره تردد،

و الأحوط فيه المنع،لأن الرخصة وردت في الخالص،و لأن العموم الوارد في المنع من الصلاة في شعر ما لا يؤكل لحمه و صوفه يتناول المغشوش بالخز و غيره.

الرابع:الرخصة وردت في وبر الخز لا في جلده،

فيبقى على المنع المستفاد من العموم.

مسألة:و يجوز الصلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا،

و يكره إذا كان شافا رقيقا.ذكره الشيخ في المبسوط (2)،و به قال علم الهدى في المصباح (3).و قال بعض أصحابنا:يكره في ثوب واحد للرجال (4).و به قال أحمد (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي في ثوب واحد متوشحا (6)به.رواه البخاري.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في ثوب واحد (7).

و في الحسن،عن رفاعة بن موسى قال:حدثني من سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب واحد يأتزر (8)به؟قال:«لا بأس به إذا رفعه إلى

ص:240


1- 1التهذيب 2:367 حديث 1524،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) المبسوط 1:83.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:95. [2]
4- 4) المعتبر 2:95. [3]
5- 5) المغني 1:657.
6- 6) صحيح البخاري 1:99 بدون عبارة(متوشحا به)و الحديث بنصه موجود في:صحيح مسلم 1:369 حديث 518.
7- 7) التهذيب 2:216 حديث 848،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [4]
8- 8) «ح»:متزرا.

الثديين» (1).

و ما رواه،عن زياد بن سوقة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد و أزراره محلولة،ان دين محمد حنيف» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي في قميص واحد،أو قباء طاق،أو قباء محشو و ليس عليه إزار؟فقال:

«إذا كان القميص صفيقا أو القباء ليس بطويل الفرج،و الثوب الواحد إذا كان يتوشح به،و السراويل بتلك المنزلة كل ذلك لا بأس به،و لكن إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا و لو حبلا» (3).

احتج أحمد (4)بما رواه ابن عمر قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله،أو قال:

قال عمر:إذا كان لأحد كم ثوبان فليصل فيهما،فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به و لا يشتمل اشتمال اليهود (5).

و الجواب:ان ابن عمر قد شك في المروي عنه هل هو رسول الله صلى الله عليه و آله،أو أبوه،فعلى تقدير أن يكون أباه لم يكن حجة.

و أما كراهيته إذا كان شافا،فلما رواه الشيخ،عن أحمد بن حماد (6)رفعه إلى

ص:241


1- 1التهذيب 2:216 حديث 849،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:216 حديث 850،و 357 حديث 1477،الاستبصار 1:392 حديث 1492،الوسائل 3: 285 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:216 حديث 852،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) المغني 1:657.
5- 5) سنن أبي داود 1:172 حديث 635.
6- 6) أحمد بن حماد المروزي المحمودي:أبو علي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد مرتين،تارة مقتصرا على اسمه و اسم أبيه،و اخرى مضيفا إليهما:المروزي.و عده أيضا من أصحاب الإمام الحسن العسكري(ع). رجال الطوسي:398،428.

أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل فيما شف أو صف،يعني الثوب المصقل» (1).

و عن محمد بن يحيى رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام مثله (2).

فرع:

لو حكى ما تحته لم يجز الصلاة فيه،لأنه غير ساتر و الشرط الستر،هذا إذا حكى لونه،أما إذا حكى خلقته لم يكن به بأس،لأنه قد يحصل في الثوب الصفيق ذلك.

مسألة:و يكره الصلاة في الثوب الذي تحت وبر الأرانب و الثعالب

و الذي فوقه.و منع منه الشيخ في النهاية (3).

لنا:انه ثوب يصح في جنسه الصلاة.و المانع و هو نجاسة الوبرين مفقود لما بينا (4)من طهارتهما فتصح فيهما الصلاة.

احتج الشيخ بما رواه علي بن مهزيار،عن رجل سأل[الرضا] (5)عليه السلام عن الصلاة في الثعالب فنهى عن الصلاة فيها و في الثوب الذي يليه،فلم أد رأي الثوبين:الذي يلصق بالوبر،أو الذي يلصق بالجلد؟فوقع بخطه:«الذي يلصق بالجلد»و ذكر أبو الحسن انه سأله عن هذه المسألة فقال:«لا تصل في الذي فوقه و لا في الذي تحته» (6).

ص:242


1- 1التهذيب 2:214 حديث 837،الوسائل 3:282 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:214 حديث 837،الوسائل 3:282 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) النهاية:98.
4- 4) راجع ص 235.
5- 5) في النسخ:الماضي،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) التهذيب 2:206 حديث 808،الاستبصار 1:381 حديث 1446،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [3]

و الجواب:ان هذه الرواية مقطوعة السند،فلا تكون حجة.و أيضا:يحتمل أن يكون النهي للكراهية.و أيضا:فهي مشتملة على المكاتبة لا السماع.و أيضا:فإنه لم ينقل الصيغة بل قال:نهى،و لعله توهم ما ليس بنهي نهيا،و كل هذه مضعفة للرواية، فالعمل على ما قلناه،و إنما صرنا إلى الكراهية لوجود الخلاف.و لو قلنا بتنجيس الوبرين لم يجز الصلاة في الثوب الملاصق إذا وجدت الرطوبة في أحدهما،أما مع عدمها فلا.

مسألة:و يكره الصلاة في الثياب السود ما عدا العمامة و الخف.

ذكره علماؤنا، خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم،و كفنوا فيها موتاكم) (2)و تعليق الحكم بالوصف يشعر بنفيه عن غيره.

و أيضا:فإن اختصاص البياض بذلك لمصلحة راجحة موجودة فيه،فيكون ما يضاده غير مشارك له في المصلحة،و أشد الألوان مضادة له السواد.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أحمد بن محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام:قال:«يكره السواد إلا في ثلاثة:الخف،و العمامة،و الكساء» (3).

و عن محسن بن أحمد (4)،عمن ذكره،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:قلت له:

أصلي في القلنسوة السواد؟فقال:«لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار» (5).

ص:243


1- 1الإنصاف 1:482. [1]
2- 2) سنن أبي داود 4:51 حديث 4061، [2]سنن الترمذي 3:319 حديث 994، [3]مسند أحمد 1:247. [4]
3- 3) التهذيب 2:213 حديث 835،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
4- 4) محسن بن أحمد القيسي من موالي قيس عيلان،يكني أبا أحمد،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)،و روى عنه،و قال في الفهرست:له كتاب. رجال النجاشي:423،رجال الطوسي:393،الفهرست:168. [6]
5- 5) التهذيب 2:213 حديث 836،الوسائل 3:280 الباب 20 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [7]

و روى ابن بابويه،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال فيما علم أصحابه:«لا تلبس السواد فإنه من لباس فرعون» (1).

و عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه كان يكره السواد إلا في ثلاثة:العمامة، و الخف،و الكساء (2).

قال و روي انه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و آله و عليه قباء أسود و منطقة فيها خنجر،فقال له:«يا جبرئيل ما هذا الزي؟»فقال:«زي ولد عمك العباس يا محمد،ويل لولدك من ولد عمك العباس»فخرج النبي صلى الله عليه و آله إلى العباس،فقال:«يا عم،ويل لولدي من ولدك»فقال:يا رسول الله أ فأجب نفسي؟قال:«جف القلم بما فيه» (3).

و عن حذيفة بن منصور (4)انه قال:كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة (5)يدعوه فدعا بمطر (6)أحد وجهيه أسود و الآخر أبيض

ص:244


1- 1الفقيه 1:163 حديث 766،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 1:163 حديث 767،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:163 حديث 768،الوسائل 3:279 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 6 و [3]في الفقيه:جرى القلم بما فيه.
4- 4) حذيفة بن منصور بن كثير بن سلمة بن عبد الرحمن الخزاعي بياع السابري:أبو محمد،وثقه النجاشي، و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال بعد نقل توثيقه عن الكشي و المفيد،و بعد نقل تضعيفه عن ابن الغضائري،بأن حديثه غير نقي يروي الصحيح و السقيم،و الظاهر عندي التوقف فيه لما قاله هذا الشيخ، و لما نقل عنه أنه كان واليا من قبل بني أمية،و يبعد انفكاكه عن القبيح. رجال النجاشي:147،رجال الطوسي:119،179،الفهرست:65، [4]رجال العلامة:60. [5]
5- 5) أبو العباس السفاح،عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب،أول خلفاء الدولة العباسية و أحد الجبارين،و لقب ب«السفاح لكثرة ما سفح من دماء بني أمية»مات بالأنبار سنة 136 ه.العبر 1:142، [6]شذرات الذهب 1:195. [7]
6- 6) الممطر:ما يلبس في المطر يتوقى به.الصحاح 2:818. [8]

فلبسه،ثمَّ قال عليه السلام:«أما إني ألبسه و أنا أعلم انه لباس أهل النار» (1)قال ابن بابويه:فأما لبس السواد للتقية فلا إثم فيه (2).و استدل بهذا الحديث.

احتج (3)المخالف بما روى عنه عليه السلام:انه دخل مكة يوم الفتح و عليه عمامة سوداء (4).

و الجواب:ليس هذا محل النزاع،إذ قد نفينا الكراهية عن العمامة.

مسألة:و يكره المزعفر و المعصفر للرجال،

روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه نهى الرجال عن المزعفر (5).

و عن علي عليه السلام نهانا النبي صلى الله عليه و آله عن لباس المعصفر (6).

و عن عبد الله بن عمر قال:رآني النبي صلى الله عليه و آله على ثوبين معصفرين فقال:(ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما) (7).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الموثق،عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم» (8).

و عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره الصلاة في المصبغ بالعصفر المضرج بالزعفران (9).

ص:245


1- 1الفقيه 1:163 حديث 770،الوسائل 3:279 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [1]
2- 2) الفقيه 1:163.
3- 3) المجموع 4:452.
4- 4) سنن ابن ماجه 2:1186 حديث 3586،سنن الترمذي 4:225 حديث 1735، [2]سنن النسائي 8: 211،سنن الدارمي 2:74.
5- 5) صحيح البخاري 7:197،صحيح مسلم 3:1662 حديث 2101.
6- 6) صحيح مسلم 3:1648 حديث 2078،سنن الترمذي 4:219 حديث 1725، [3]سنن النسائي 8:204.
7- 7) صحيح مسلم 3:1647 حديث 2077،سنن النسائي 8:203.
8- 8) التهذيب 2:373 حديث 1549،الوسائل 3:336 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [4]
9- 9) التهذيب 2:373 حديث 1550،الوسائل 3:336 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [5]
مسألة:و يكره الصلاة في الثوب الأحمر.

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ما روى الجمهور،عن الرسول صلى الله عليه و آله أنه مر عليه رجل عليه بردان أحمران فسلم عليه فلم يرد النبي صلى الله عليه و آله عليه (2).

و عن رافع بن خديج،قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في سفر، فرأى رسول الله صلى الله عليه و آله على رواحنا أكسية فيها خيوط عهن أحمر،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إلا أرى هذه الحمرة قد علتكم)فقمنا سراعا لقول رسول الله صلى الله عليه و آله حتى نفر بعض إبلنا و أخذنا الأكسية فنزعناها عنها (3).

رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن جراح المدائني،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره الميثرة الحمراء فإنها ميثرة إبليس (4).

و عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم» (5)و المفدم-بسكون الفاء-المصبوغ المشبع بالحمرة.

احتج المخالف بما رواه،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:بينا هو يخطب إذ رأى الحسن و الحسين عليهما السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران،فنزل النبي صلى الله عليه و آله و لم ينكر لباسهما ذلك (6).

و الجواب:انهما عليهما السلام كانا صغيرين،فهما في محل الزينة،فلا يتعدى الحكم إلى غيرهما.

ص:246


1- 1المجموع 4:452،الإنصاف 1:482.
2- 2) سنن أبي داود 4:53 حديث 4069، [1]المغني 1:660.
3- 3) سنن أبي داود 4:53 حديث 4070. [2]
4- 4) التهذيب 2:364 حديث 1510،الوسائل 3:323 الباب 48 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:373 حديث 1549،الوسائل 3:323 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [4]
6- 6) سنن ابن ماجه 2:1190 حديث 3600.
مسألة:و يكره أن يأتزر فوق القميص.

ذكره الشّيخان (1).و السّيّد المرتضى (2)،و متابعوهم (3)،خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:انّه نوع تشبّه باليهود،و قد نهى النّبيّ صلّى الله عليه و آله عن ذلك،فقال:

(لا تشتملوا اشتمال اليهود) (5).رواه الجمهور.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن إسماعيل،عن بعض أصحابنا،عن أحدهم عليهم السّلام،قال:قال:«الارتداء فوق التوشّح في الصّلاة مكروه،و التّوشّح فوق القميص مكروه» (6).

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا ينبغي أن تتوشّح بإزار فوق القميص إذا أنت صلّيت،فإنّه من زيّ الجاهليّة» (7)و الّذي أذهب إليه كراهية التّوشّح فوق القميص،للحديثين.

أمّا شدّ المئزر فوقه فلا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن موسى بن عمر بن بزيع (8)،قال:قلت للرّضا عليه السّلام:أشدّ الإزار و المنديل فوق قميصي في الصّلاة،

ص:247


1- 1المفيد في المقنعة:25،و الطّوسيّ في المبسوط 1:83،و [1]النّهاية:97. [2]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:96. [3]
3- 3) منهم:ابن البراج في المهذّب 1:74،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):672.
4- 4) المغني 1:657.
5- 5) سنن أبي داود 1:172 حديث 635،المغني 1:659.
6- 6) التّهذيب 2:214 حديث 839،الاستبصار 1:387 حديث 1472،الوسائل 3:288 الباب 24 من أبواب لباس المصلّي،حديث 3. [4]
7- 7) التّهذيب 2:214 حديث 840،الاستبصار 1:388 حديث 1473،الوسائل 3:287 الباب 24 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [5]
8- 8) موسى بن عمر بن بزيع مولى المنصور،ثقة كوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد و الهادي(ع)، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:409،رجال الطّوسيّ:405،423،رجال العلاّمة:165. [6]

فقال:«لا بأس» (1).

و في الصّحيح،عن موسى بن القاسم البجليّ (2)،قال:رأيت أبا جعفر الثّاني عليه السّلام يصلي في قميص قد اتّزر فوقه بمنديل و هو يصلي (3).و لأنّه زيادة في السّتر، فكان سائغا،كما لو كان تحت القميص.

أمّا شدّ الوسط بما يشبه الزّنار فمكروه،لما فيه من التّشبّه بأهل الكتاب.

فروع:
الأوّل:

لا يكره شدّ الوسط بمئزر تحت القميص.و لا أعرف فيه خلافا.

الثّاني:

لو كان القميص رقيقا يحكي شكل ما تحته لا لونه جاز أن يأتزر بإزار و تزول الكراهية حينئذ.

الثّالث:

يكره اشتمال الصّمّاء.و هو قول أهل العلم كافّة،روى الجمهور،عن أبي هريرة،و أبي سعيد انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن لبستين:اشتمال الصّمّاء،و أن يحتبي الرّجل بثوب ليس بين فرجه و بين السّماء شيء (4).رواه البخاريّ.

ص:248


1- 1التّهذيب 2:214 حديث 842،الاستبصار 1:388 حديث 1475،الوسائل 3:288 الباب 24 من أبواب لباس المصلّي،حديث 5. [1]
2- 2) موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجليّ:أبو عبد اللّه يلقّب ب«المجلّي»ثقة جليل واضح الحديث حسن الطّريقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين:الرّضا و الجواد(ع)،و قال في الفهرست: [2]له ثلاثون كتابا مثل كتب الحسين بن سعيد مستوفاة حسنة و زيادة كتاب الجامع،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:405،رجال الطّوسيّ:389،405،الفهرست:162، [3]رجال العلاّمة:165. [4]
3- 3) التّهذيب 2:215 حديث 843،الاستبصار 1:388 حديث 1476،الوسائل 3:288،الباب 24 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [5]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:102-103.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر الباقر عليهما السّلام انّه قال:«إيّاك و التحاف الصّمّاء» (1).

و اختلفوا في تفسيره،فالّذي ذكره الشّيخ هو أن يلتحف بالإزار و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد (2).

و قال بعض الجمهور:هو أن يضطبع الرّجل بثوب ليس عليه غيره (3)،و معنى الاضطباع أن يضع وسط الرّداء تحت عاتقه الأيمن،و يجعل طرفيه على منكبه الأيسر فيبقى منكبه الأيمن مشكوفا،فكره لذلك.

و قال بعض الشّافعيّة:هو أن يلتحف بالثّوب،ثمَّ يخرج يديه من قبل صدره (4).

و قال أبو عبيد:اشتمال الصّمّاء عند العرب أن يشتمل الرّجل بثوب يجلّل به جسده كلّه،و لا يرفع منه جانبا يخرج منه يده كأنّه يذهب به (5)إلى أنّه لعلّه يصيبه شيء يريد الاحتراس منه فلا يقدر عليه،و تفسير الفقهاء أولى،لأنّهم أعرف،و ما ذكره الشّيخ أصحّ الأقوال،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الباقر عليه السّلام انّه قال:

«إيّاك و التحاف الصّمّاء»قلت:و ما التحاف الصّمّاء؟قال:«أن تدخل الثّوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد» (6).

الرّابع:

اشتمال الصّمّاء مكروه و إن كان على الرّجل ثوب غيره،لعموم النّهي.

ص:249


1- 1التّهذيب 2:214 حديث 841،الاستبصار 1:388 حديث 1474،الوسائل 3:289 الباب 25 من أبواب لباس المصلّي،حديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:83. [2]
3- 3) المغني 1:658.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:65،المغني 1:658.
5- 5) المغني 1:658.
6- 6) التّهذيب 2:214 حديث 841،الاستبصار 1:388 حديث 1474،الوسائل 3:289 الباب 25 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [3]
الخامس:

قال ابن إدريس:يكره السّدل في الصّلاة كما يفعل اليهود (1)،و هو أن يتلفّف بالإزار و لا يرفعه على كتفيه،و هذا تفسير أهل اللّغة في اشتمال الصّمّاء.و هو اختيار السّيّد المرتضى (2).

و يدلّ على كراهية السّدل:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«خرج أمير المؤمنين عليه السّلام على قوم فرآهم يصلّون في المسجد قد سدلوا أرديتهم،فقال:ما لكم قد سدلتم ثيابكم كأنّكم يهود قد خرجوا من فهرهم يعني بيعتهم،إيّاكم و سدل ثيابكم» (3).

السّادس:

لا بأس أن يصلي الرّجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه و يرتدي بالبعض الآخر.

مسألة:و يكره الصلاة في عمامة لا حنك لها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه نهى عن الاقتعاط و أمرنا بالتّلحّي.قال صاحب الصّحاح:و الاقتعاط لوث العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن أبي عمير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من تعمّم و لم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (5).

و عن عيسى بن حمزة (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اعتمّ فلم يدر

ص:250


1- 1السّرائر:56.
2- 2) نقله عنه في السّرائر:56.
3- 3) الفقهي 1:168 حديث 791،الوسائل 3:290 الباب 25 من أبواب لباس المصليّ،حديث 3. [1]
4- 4) الصّحاح 3:1154 و [2]فيه:و الاقتعاط:شدّ العمامة على الرأس.
5- 5) التّهذيب 2:215 حديث 846،الوسائل 3:291 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [3]
6- 6) عيسى بن حمزة المدائنيّ الثّقفيّ،روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الباقر(ع). رجال النّجاشيّ:294،رجال الطّوسيّ:131،257.

العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (1).

و روى ابن بابويه،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:

«من خرج في سفر و لم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:«ضمنت لمن خرج من بيته معتمّا أن يرجع إليهم سالما» (3).

و قال عليه السّلام:«انّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجة و هو على وضوء كيف لا تقضي حاجته،و انّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجة و هو معتمّ كيف لا تقضي حاجته» (4).

فرع:

ظهر بهذه الأحاديث استحباب التّحنّك مطلقا سواء كان في الصّلاة أو غيرها.

مسألة:و يكره للرّجل أن يؤمّ بغير رداء.

و الرّداء الثّوب الّذي يجعل على الكتفين،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء؟فقال:«لا ينبغي إلاّ أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها» (5).و لأنّه مميز عنهم بفضيلة الإمامة،فينبغي أن

ص:251


1- 1التّهذيب 2:215 حديث 847،الوسائل 3:291 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:173 حديث 814،الوسائل 3:292 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 5. [2]
3- 3) الفقيه 1:173 حديث 815،الوسائل 3:292،الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [3]
4- 4) الفقيه 1:173 حديث 816،الوسائل 3:292،الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 7. [4]
5- 5) التّهذيب 2:366 حديث 1521،الوسائل 3:329،الباب 53 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [5]

يمتاز عنهم في رأي العين.

مسألة:و يكره أن يصحب معه حديدا بارزا.

ذكره الشّيخ في المبسوط (1).و روى في التهذيب،عن موسى بن أكيل النّميريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).و قد تقدّم البحث فيه.

و الرّواية و إن اشتملت على تنجيس الحديد إلاّ أنّ المراد بالتّنجيس هناك شدّة استحباب الاجتناب منه،إذ التّنجيس مخالف للإجماع،فيحمل على المحتمل.قال الشّيخ في التّهذيب عقيب هذه الرّواية:و قد قدّمنا في رواية عمّار انّ الحديد متى كان في غلاف لا بأس بالصّلاة فيه (3).

مسألة:و تكره الصّلاة في ثوب يتّهم صاحبه بعدم توقّيه من النّجاسة،

لأنّ فيه احتياطا للعبادة،روى الشّيخ في الصّحيح،عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلي في ثوب المرأة و في إزارها و يعتمّ بخمارها؟قال:

«نعم إذا كانت مأمونة» (4).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يبعث إلى العراق فيؤتى بالفرو فيلبسه،فإذا حضرت الصّلاة ألقاه و ألقى القميص الّذي يليه،فكان يسأل عن ذلك؟فيقول:انّ أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة و يزعمون انّ دباغه ذكاته» (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

ص:252


1- 1المبسوط 1:84.
2- 2) التّهذيب 2:227 حديث 894،الوسائل 3:304 الباب 32 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [1]
3- 3) التّهذيب 2:227.
4- 4) التّهذيب 2:364 حديث 1511،الوسائل 3:325 الباب 29 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:203 حديث 796،الوسائل 3:338 الباب 61 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [3]

الّذي يعير ثوبه لمن لم يعلم أنّه يأكل الجرّيّ (1)و يشرب الخمر فيردّه،أ يصلّي فيه قبل أن يغسله؟قال:«لا يصلّي فيه حتّى يغسله» (2).

و هذه الأخبار و إن دلّت على المنع لكن لا منع تحريم،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،قال:سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر:

انّي أعير الذّمّي ثوبي و أنا أعلم انّه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير فيردّ عليّ فأغسله قبل أن أصليّ؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلّ فيه و لا تغسله من أجل ذلك، فإنّك أعرته إيّاه و هو طاهر و لم تستيقن أنّه نجسه،فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجّسه» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخفاف الّتي تباع في السّوق؟فقال:«اشتر و صلّ فيها حتّى تعلم انّه ميّت بعينه» (4).

مسألة:و لا بأس بالصّلاة في الثّوب إذا كان عمل أهل الذّمّة،

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي البلاد (5)،عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثّياب السّابريّة يعملها المجوس و هم أخباث و هو يشربون الخمر

ص:253


1- 1الجريّ:ضرب من السّمك.لسان العرب 14:143. [1]
2- 2) التّهذيب 2:361 حديث 1494،الاستبصار 1:393 حديث 1498،الوسائل 2:1095،الباب 74 من أبواب النجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 2:361 حديث 1495،الاستبصار 1:392 حديث 1497،الوسائل 2:1095 الباب 74 من أبواب النجاسات،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:234 حديث 920،الوسائل 3:310 الباب 38 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [4]
5- 5) إبراهيم بن أبي البلاد و اسم أبي البلاد يحيى بن سليم،و قيل:ابن سليمان مولى بني عبد اللّه بن غطفان يكنّى أبا الحسن،و قال ابن بابويه في الفقيه:يكنّى:أبا إسماعيل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الصّادق و الكاظم و الرّضا(ع)،و يظهر من رواية الكافي في باب النّبيذ أنّه أدرك الإمام الجواد(ع)،و وثّقة النّجاشيّ و الشّيخ و المصنف في القسم الأوّل من الخلاصة بقوله:ثقة أعمل على روايته. رجال النّجاشيّ:22،رجال الطوسيّ:145،342،368،الفقيه(شرح المشيخة)4:68،رجال العلامة:3، [5]الكافي:6:416 حديث 5. [6]

و نساؤهم على تلك الحال،ألبسها و لا أغسلها و أصليّ فيها؟قال:«نعم»قال معاوية:فقطعت له قميصا و خطته و فتلت له إزارا و رداء من السّابريّ،ثمَّ بعثت بها إليه في يوم جمعة حين ارتفع النّهار،فكأنّه عرف ما أريد،فخرج فيها إلى الجمعة (1).

و عن المعلّى بن خنيس،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا بأس بالصّلاة في الثياب التي يعملها المجوس و النّصارى و اليهود» (2)و لأنّ الأصل الطّهارة، و النجاسة أمر طارئ يحصل بمباشرتهم مع الرّطوبة،و ذلك غير متيقن،فيعمل بالأصل.

فروع:
الأوّل:

لو علم انّهم في حال عملهم باشروها برطوبة لم يحلّ له استعمالها في الصّلاة و غيرها إلاّ بعد غسلها،لوجود المقتضي للتّنجيس.

الثّاني:

لو لم يعلم المباشرة بالرّطوبة استحبّ غسلها،لأنّ فيه احتياطا،و لما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن جميل بن عيّاش أبي عليّ البزّاز (3)قال:أخبرني أبي قال:

سألت جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن الثّوب يعمله أهل الكتاب أصلّي فيه قبل أن يغسل؟قال:«لا بأس،و إن يغسل أحبّ إليّ» (4).

روى الشيخ،عن عبيد اللّه بن علي الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة في ثوب المجوسيّ؟فقال:«يرشّ بالماء» (5).

ص:254


1- 1التّهذيب 2:362 حديث 1497،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 1، و [1]فيهما:و فتلت له أزرارا.
2- 2) التّهذيب 2:361 حديث 1496،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) عبد اللّه بن جميل بن عيّاش:أبو عليّ البزّاز،لم نعثر على ترجمة له في كتب الرّجال أكثر ممّا قال فيه المحقّق السّيّد الخوئيّ:انّه روى عنه محمّد بن الحسن. معجم رجال الحديث 10:155. [3]
4- 4) التّهذيب 2:219 حديث 862،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 2:362 حديث 1498،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [5]
الثّالث:

هل هذا الحكم ثابت في حقّ جميع الكفّار و إن كانوا حربيّن؟الأقرب نعم،لأنّ المقتضي لجواز الصّلاة و هو الطّهارة الأصليّة السّالم عن معارضة العلم بالنّجاسة الحاصلة بالمباشرة سار فيهم،فيثبت الحكم.

الرّابع:

لو استعار ثوبا من غيره فصلّى فيه أيّاما،ثمَّ أخبره صاحبه انه كان نجسا لم يعد شيئا من صلاته،لأنها وقعت على الوجه المشروع،فلا يستعقب القضاء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما،ثمَّ ان صاحب الثوب أخبره انه لا يصلي فيه؟قال:«لا يعيد شيئا من صلاته» (1).

مسألة:و يكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل.

و قال الشيخ في المبسوط:لا يجوز (2).

و يمكن أن يكون المراد بذلك الكراهية،فإنه كثيرا ما يستعمل هذه الصيغة في هذا المعنى،لما رواه عمر بن خالد (3)،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام و محمد بن مروان،عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام،قالا:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:ان جبرئيل أتاني فقال:انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد» (4)(5).و نفور الملائكة يؤذن بالكراهية.

ص:255


1- 1التهذيب 2:360 حديث 1490،الاستبصار 1:180 حديث 631،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النجاسات،حديث 6. [1]
2- 2) المبسوط 1:84.
3- 3) عمرو بن خالد:أبو خالد الواسطي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)قائلا:عمرو بن خالد الواسطي بتري،و صرح الكشي بأنه من رؤساء الزيدية. رجال النجاشي:288،رجال الطوسي:131،رجال الكشي:390.
4- 4) الكافي 3:393 حديث 26، [2]التهذيب 2:377 حديث 1569،الوسائل 3:465 الباب من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [3]
5- 5) الكافي 3:393 حديث 27، [4]التهذيب 2:377 حديث 1570،الوسائل 3:464 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [5]

و ما رواه ابن بابويه،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع انه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الثوب المعلم؟فكره ما فيه التماثيل (1).

و عن عمار بن موسى:انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في ثوب يكون في علمه (2)مثال طير أو غير ذلك؟قال:«لا» (3).

فروع:
الأول:

لو غير الصورة من الثوب زالت الكراهية،لعدم المقتضي لها.و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه» (4).

الثاني:

لو صلى إلى القبلة و فيها و سادة ذات تمثال كره،و ينبغي أن يضعها في أحد جانبيه أو خلفه أو يغطيها عن نظره،لأنه يكره الصلاة إلى الإنسان المواجه،فكذا إلى ما شابهه صورة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن ليث المرادي،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو شمال؟فقال:«لا بأس ما لم تكن في تجاه القبلة،فإن كان شيء منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه و صل» (5)و لأنه ربما يقع الاشتغال بالنظر إليها عن العبادة.

الثالث:

لو صلى على بساط فيه تماثيل لم يكن به بأس،لما رواه الشيخ في

ص:256


1- 1الفقيه 1:172 حديث 810،الوسائل 3:318 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) «ق»:عمله.
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 776،الوسائل 3:320 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 15. [2]
4- 4) التهذيب 2:363 حديث 1503،الوسائل 3:320 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 13. [3]
5- 5) التهذيب 2:363 حديث 1504،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [4]

الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك» (1).

و قد روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن التماثيل تكون في البساط لها عينان و أنت تصلي؟فقال:«إن كان لها عين واحدة فلا بأس،و إن كان لها عينان فلا» (2).

الرابع:

لو كانت الحال حال ضرورة زالت الكراهية،لأنها مزيلة للتحريم، فللكراهية أولى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج؟فقال:«أما في الحرب فلا بأس و إن كان فيه تماثيل» (3).

الخامس:

لو كانت معه دراهم فيها تماثيل،استحب له أن يواريها عن نظره،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدراهم السود فيها التماثيل أ يصلي الرجل و هي معه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا كانت مواراة» (4).

و عن ليث المرادي،عن أبي عبد الله عليه السلام:«و إذا كانت معك دراهم سود فيها تماثيل فلا تجعلها بين يديك و اجعلها من خلفك» (5).

و روى ابن بابويه،عن عبد الرحمن بن الحجاج (6)،انه سأل أبا عبد الله عليه

ص:257


1- 1التهذيب 2:363 حديث 1505،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 2:363 حديث 1506،الوسائل 3:318 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 816،الاستبصار 1:386 حديث 1466.الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:364 حديث 1508،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [4]
5- 5) التهذيب 2:363 حديث 1504،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [5]
6- 6) عبد الرحمن بن الحجاج البجلي،مولاهم كوفي بياع السابري،سكن بغداد و رمي بالكيسانية.روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)و لقي الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:237،رجال الطوسي:230،353،رجال العلامة:113. [6]

السلام عن الدراهم السود تكون مع الرجل و هو يصلي مربوطة أو غير مربوطة؟فقال:

«ما أشتهي أن يصلي و معه هذه الدراهم التي فيها التماثيل»ثمَّ قال عليه السلام:«ما للناس بد من حفظ بضاعتهم،فإن صلى و هي معه فلتكن من خلفه و لا يجعل شيئا منها بينه و بين القبلة» (1).

السادس:

تكره الصلاة في الخاتم الذي فيه الصورة.لما رواه الشيخ،عن عمار بن موسى،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك؟قال:«لا تجوز الصلاة فيه» (2)و لا يعتمد على هذه الرواية في الدلالة على التحريم،لقصور اللفظ عنه،و لضعف السند،فالأولى الكراهية.

السابع:

تكره الصلاة للمرأة في خلخال له صوت،و إن كان أصم لم يكن به بأس،لأنه ربما اشتغلت به.

و يؤيده:ما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام،عن الخلاخيل هل يصلح لبسها للنساء و الصبيان؟قال:«إن كن صماء فلا بأس،و إن كان لها صوت فلا يصلح» (3).

مسألة:و يكره اللثام للرجل إذا لم يمنع من سماع القراءة،

فإن منع لم يجز.

أما الكراهية،فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:أ يصلي الرجل و هو متلثم؟فقال:«أما على الأرض

ص:258


1- 1الفقيه 1:166 حديث 779،الوسائل 3:317 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:372 حديث 1548،الوسائل 3:320 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 15. [2]
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:338 الباب 62 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]

فلا،و أما على الدابة فلا بأس» (1).

و المنع للكراهية،لما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و يقرأ القران و هو متلثم؟فقال:«لا بأس» (2).

و عن الحسن بن علي،عمن ذكره من أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام انه قال:«لا بأس بأن يقرأ الرجل في الصلاة و ثوبه على فيه» (3).

و يدل على ما ذكرناه من الشرط:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه على فيه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة» (4).و هو يدل بمفهومه على ثبوت البأس مع فقد السماع قضية للشرط.

فروع:
الأول:

لو كان اللثام على جبهته وجب عليه كشفه ليسجد على ما يصح السجود عليه،لما رواه الشيخ،عن علي بن النعمان (5)،عمن رواه،عن أبي عبد الله عليه

ص:259


1- 1التهذيب 2:229 حديث 900،الاستبصار 1:397 حديث 1516،الوسائل 3:306 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:229 حديث 901،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:229 حديث 902،الاستبصار 1:398 حديث 1518،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:229 حديث 903،الاستبصار 1:398 حديث 1519،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]
5- 5) علي بن النعمان الأعلم النخعي:أبو الحسن مولاهم كوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:كان ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطريقة. رجال النجاشي:274،رجال الطوسي:383،الفهرست:405،رجال العلامة:95. [5]

السلام في الرجل يصلي و هو يومئ على دابته متعمما؟قال:«يكشف موضع السجود» (1).و سيأتي تمام البحث فيه.

الثاني:

الشرط سماع قراءة نفسه لرواية الحلبي.

الثالث:

يكره للمرأة النقاب في الصلاة مع الاختيار،لما رواه الشيخ في الموثق، عن سماعة،قال:سألته عن المرأة تصلي متنقبة؟قال:«إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس به،و ان أسفرت فهو أفضل» (2).

الرابع:

قال الشيخان (3)،و السيد المرتضى:يكره للرجل أن يصلي و عليه قباء مشدود،إلا أن يكون في حال الحرب فلا يتمكن أن يحله،فيجوز ذلك للاضطرار (4).

قال الشيخ في التهذيب:ذكر هذا علي بن الحسين بن بابويه،و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا (5).

مسألة:و لا بأس أن يصلي الإنسان و معه فأرة المسك،

لأنها طاهرة،روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن فأرة المسك تكون مع الرجل يصلي و هي في جيبه أو ثيابه؟فقال:«لا بأس بذلك» (6).

و في الصحيح،عن عبد الله بن جعفر (7)،قال:كتبت إليه-يعني أبا محمد عليه

ص:260


1- 1التهذيب 2:229 حديث 899،الوسائل 3:306 الباب 34 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:230 حديث 904،الوسائل 3:305 الباب 33 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:83. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:99. [4]
5- 5) التهذيب 2:232.
6- 6) التهذيب 2:362 حديث 1499،الوسائل 3:314 الباب 41 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
7- 7) عبد الله بن جعفر بن الحسن بن مالك بن جامع الحميري:أبو العباس القمي،شيخ القميين و وجههم، قدم الكوفة سنة نيف و تسعين و مائتين و صنف كتبا كثيرة،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الهادي و العسكري(ع)،و أبدل في نسخة من رجال الشيخ في باب أصحاب الهادي(ع)عبد الله ب«علي بن عبد الله»و هو من زيادة النساخ،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:219،رجال الطوسي:419،432،رجال العلامة:106. [6]

السلام-:يجوز للرجل أن يصلي و معه فأرة المسك؟فكتب:«لا بأس به إذا كان ذكيا» (1).

مسألة:و لا بأس أن يصلي الرجل و عليه البرطلة،

لما رواه الشيخ في الموثق،عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و عليه البرطلة؟فقال:«لا يضره» (2).

مسألة:و لا بأس للرجل و المرأة أن يصليا و هما مختضبان

أو عليهما خرقة الخضاب إذا كانت طاهرة،عملا بالأصل.و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن رفاعة قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المختضب إذا تمكن من السجود و القراءة أياض أ يصلي في حنائه؟قال:«نعم إذا كانت خرقته طاهرة و كان متوضئا» (3).

و عن سهل بن اليسع (4)،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته أ يصلي الرجل في خضابه إذا كان على طهر؟فقال:(نعم) (5).

فروع:
الأول:

هذا و إن كان جائزا إلا أن الأولى نزع الخرقة،و أن يصلي و يده بارزة.

ص:261


1- 1التهذيب 2:362 حديث 1500،الوسائل 3:315 الباب 41 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:362 حديث 1501،الوسائل 3:315 الباب 42 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:356 حديث 1470،الاستبصار 1:391 حديث 1487،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع)قائلا: سهل بن اليسع بن عبد الله الأشعري القمي جميعا من أصحاب أبي الحسن موسى(ع)،وثقه النجاشي، و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:ثقة روى عن موسى الكاظم و الرضا(ع). رجال النجاشي:186،رجال الطوسي:377،رجال العلامة:81. [4]
5- 5) التهذيب 2:356 حديث 1471،الاستبصار 1:391 حديث 1488،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [5]

لما رواه الشيخ،عن أبي بكر الحضرمي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و عليه خضابه؟فقال:«لا يصلي و هو عليه و لكن ينزعه إذا أراد أن يصلي»قلت:ان حناءه و خرقته نظيفة،فقال:«لا يصلي و هو عليه،و المرأة لا تصلي و عليها خضابها» (1).

الثاني:

لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك.عملا بالأصل المقتضي للجواز فيهما، و بما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تصلي و يداها مربوطتان بالحناء؟فقال:«إن كانت توضأت قبل ذلك فلا بأس بالصلاة و هي مختضبة و يداها مربوطتان» (2).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل و المرأة مختضبان أ يصليان و هما بالحناء و الوسمة؟فقال:«إذا أبرزا الفم و المنخر فلا بأس» (3).

الثالث:

يجوز للرجل أن يصلي و يداه تحت ثوبه،و إن أخرجهما كان أولى،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و لا يخرج يديه من ثوبه؟فقال:«إن أخرج يديه فحسن،و إن لم يخرج فلا بأس» (4).

ص:262


1- 1التهذيب 2:355 حديث 1469،الاستبصار 1:390 حديث 1486،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:356 حديث 1472،الاستبصار 1:391 حديث 1489،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:356 حديث 1473،الاستبصار 1:391 حديث 1490،الوسائل 3:311 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:356 حديث 1474،الاستبصار 1:391 حديث 1491،الوسائل 3:313 الباب 40 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]

و لا يعارض هذا:ما رواه الشّيخ،عن عمّار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و يدخل يده في ثوبه؟قال:«إن كان عليه ثوب آخر،إزار أو سراويل فلا بأس،و إن لم يكن فلا يجوز له ذلك،و إن أدخل يدا واحدة و لم يدخل الأخرى فلا بأس» (1).

أما أولا:فلأن رواتها ضعيفة.

و أما ثانيا:فلأنها معارضة للأصل المقتضي للجواز.

و أما ثالثا:فلأن قوله:«لا يجوز»يحمل على الكراهية لاحتماله ذلك.

مسألة:و تجوز الصلاة في الثياب القطن أو الكتان،

و في كل ما ينبت من الأرض من أنواع الحشيش إذا كان مملوكا أو في حكمه و كان خاليا من النجاسة،بغير خلاف بين أهل العلم.

مسألة:و لا بأس أن يصلي و في كمه طائر إذا خاف فوته،

لما رواه ابن بابويه، عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يصلي و في كمه طير؟فقال:«إن خاف عليه ذهابا فلا بأس» (2).

و يجوز أن يصلي،و في فيه الخرز و اللؤلؤ إذا لم يمنعه من القراءة،و يحرم لو منع،عملا بالأصل في الأول،و قضية للشرط و هو القراءة في الثاني.

و لما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي و في فيه الخرز و اللؤلؤ؟قال:«إن كان يمنعه من قراءته فلا،و إن كان لا يمنعه فلا بأس» (3).

ص:263


1- 1التهذيب 2:356 حديث 1475،الاستبصار 1:392 حديث 1494،الوسائل 3:314 الباب 40 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:336 الباب 60 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:337 الباب 60 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
مسألة:و يكره للرجل أن يصلي و هو معقوص الشعر،

و لا بأس به للمرأة.

و قال الشيخ:يبطل به الصلاة (1).

لنا:الأصل الجواز،و على الكراهية ما ظهر من الخلاف،فالاحتراز عنه تحفظا من الوقوع في المحرم أولى.

احتج الشيخ بما رواه عن مصادف (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة و هو معقوص الشعر،قال:«يعيد صلاته» (3).

و الجواب بعد تسليم صحة السند:انه محمول على الاستحباب.و العقص:

الضفر،قال في الصحاح:و عقص الشعر:ضفره وليه على الرأس،كالكبة (4)و قد قيل:ان المراد بذلك ضفر الشعر و جعله كالكبة في مقدم الرأس على الجبهة.فعلى هذا يكون ما ذكره الشيخ حقا،لأنه يمنع من السجود.

مسألة:و لا بأس أن يصلي الإنسان و على ثوبه شيء من شعره أو أظفاره

و إن لم ينفضه لأنهما طاهران لا مانع من استصحابهما في الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن ريان (5)،قال:كتبت إلى أبي

ص:264


1- 1الخلاف 1:192 مسألة 255.
2- 2) مصادف مولى أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)بقوله:مصادف مولاه(ع)، و نقل المحقق المامقاني أن الشيخ عده في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و لم نجده في النسخة التي بأيدينا من رجال الشيخ،و الموجود فيه:مصادف بن عقبة الجرزي،و مصادف أبو إسماعيل المدني. رجال الطوسي:319،320،359،تنقيح المقال 3:217. [1]
3- 3) التهذيب 2:232 حديث 914،الوسائل 3:308 الباب 36 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الصحاح 3:1046. [3]
5- 5) علي بن الريان بن الصلت الأشعري القمي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الهادي و العسكري(ع)،و قال في الفهرست:علي و محمد ابنا الريان لهما كتاب مشترك بينهما،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:روى عن الرضا(ع)،و كان ثقة صدوقا. رجال النجاشي:165،رجال الطوسي:419،433،الفهرست:90، [4]رجال العلامة:70.

الحسن عليه السلام:هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه؟فوقع:«يجوز» (1).

البحث الثالث:في ستر العورة،

و النظر في الساتر،و العورة،و أحكام الخلل.

و الساتر قد تقدم فهاهنا مطلبان

المطلب الأول:في العورة.
مسألة:أجمع علماء الإسلام على ان ستر العورة واجب في الصلاة،

و اختلفوا في فصلين:

أحدهما:انه هل هو شرط أم لا.

و الثاني:ان العورة ما هي.

الأول:فقد أجمع علماؤنا على انه شرط في الصلاة كما انه واجب.و به قال الشافعي (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

و قال بعض أصحاب مالك:انه شرط مع الذكر دون النسيان (5)،و قال باقي أصحابه:انه واجب و ليس بشرط (6).

ص:265


1- 1التهذيب 2:367 حديث 1526،الوسائل 3:277 الباب 18 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:167،بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:116،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1: 223-224،بداية المجتهد 1:114،المجموع 3:167،المغني 1:651.
4- 4) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:448،منار السبيل 1:73.
5- 5) بلغة السالك 1:104،المغني 1:651،المجموع 3:167.
6- 6) بلغة السالك 1:104،بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651،المجموع 3:167.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (1)رواه أبو داود،و الترمذي.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان،فأصاب أحدهما بول و لم يدر أيهما هو و حضرت الصلاة و خاف فوتها و ليس عنده ماء كيف يصنع؟قال:«يصلي فيهما جميعا» (2).و الأمر للوجوب،فلو لم يكن ستر العورة شرطا (3)لما أوجب عليه الصلاة الأخرى.و في الاستدلال به نظر،و الأقوى في ذلك:

ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن قوم صلوا جماعة و هم عراة؟قال:«يتقدمهم الإمام بركبتيه و يصلي بهم جلوسا و هو جالس» (4).

وجه الاستدلال به ان القيام واجب و شرط في الصلاة على ما يأتي،و قد جاز تركه مع عدم اللباس،فمع وجوده يكون واجبا،فالستر شرط في القيام الذي هو شرط في الصلاة.

و في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:رجل خرج من سفينة عريانا،أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه،فقال:«يصلي إيماءا،و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها،و إن كان رجلا وضع يده على سوأته،ثمَّ يجلسان فيومئان إيماءا و لا يركعان و لا يسجدان فيبدو ما خلفهما،تكون صلاتهما إيماءا

ص:266


1- 1سنن أبي داود 1:174 حديث 641،سنن الترمذي 2:215 حديث 377.
2- 2) التهذيب 2:225 حديث 887،الوسائل 2:1082 الباب 64 من أبواب النجاسات،حديث 1. [1]
3- 3) في النسخ يوجد:و الا،حذفناها لاستقامة المعنى.
4- 4) التهذيب 2:365 حديث 3 و ج 3:178 حديث 404،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]

برؤوسهما» (1).

احتج المخالف بأن وجوب الستر غير مختص بالصلاة،فلم يشترط لها،كقضاء الدين عند الطلب (2).

و الجواب:لا قياس مع وجود النص،على انا نمنع من ثبوت الحكم في الأصل، فإن الصلاة إذا فعلت في أول وقتها مع المطالبة للقادر بطلت.

و أما الثاني:فالذي عليه أكثر علمائنا ان عورة الرجل قبله و دبره.ذكره الشيخان (3)،و السيد المرتضى (4)،و أتباعهم (5)،و به قال أحمد في إحدى الروايتين (6)،و داود،و ابن أبي ذئب (7)(8).

و قال ابن البراج من علماءنا:العورة ما بين السرة و الركبة (9).و جعله المرتضى

ص:267


1- 1التهذيب 2:364 حديث 1512،و ج 3:178 حديث 403،الوسائل 3:327 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:651،المجموع 3:167.
3- 3) المفيد،نقل عنه في المعتبر 2:100،و [2]الطوسي في المبسوط 1:87.
4- 4) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):28.
5- 5) منهم سلار في المراسم:64،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن إدريس في السرائر: 55.
6- 6) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:449،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 86-87.
7- 7) أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب،و اسمه هشام بن شعبة القرشي العامري المدني الفقيه،روى عن أخيه المغيرة و خاله الحارث بن عبد الرحمن و عكرمة مولى ابن عباس و الزهري و غيرهم،و روى عنه الثوري و معمر و سعد بن إبراهيم و ابن أبي فديك و غيرهم.مات سنة 159 ه. العبر 1:177، [3]تهذيب التهذيب 9:303. [4]
8- 8) المغني 1:652.
9- 9) المهذب 1:83.

رواية (1).و به قال مالك (2)،و الشافعي (3)،و أحمد في الرواية الأخرى (4)،و أصحاب الرأي (5)،و أكثر الفقهاء (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس ان النبي صلى الله عليه و آله يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى اني أنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه و آله (7).رواه البخاري.

و عن عائشة قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله في بيته كاشفا فخذيه فاستأذن أبو بكر فأذن له و هو على ذلك،ثمَّ استأذن عمر[فأذن] (8)و هو على ذلك (9).و هو يدل على انه ليس بعورة.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن الصادق عليه السلام،قال:

«الفخذ ليس من العورة» (10).

و ما رواه الشيخ،عن محمد بن حكيم قال:الميثمي (11)لا أعلمه إلا قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام،أو من رآه متجردا و على عورته ثوب،فقال:«ان الفخذ

ص:268


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:100. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651،المجموع 3:169.
3- 3) الام 1:89،المجموع 3:169،مغني المحتاج 1:185،فتح العزيز بهامش المجموع 4:84،بداية المجتهد 1: 114،المغني 1:651،شرح فتح القدير 1:224.
4- 4) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:449،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:87،المغني 1:651.
5- 5) المغني 1:651،بداية المجتهد 1:114.
6- 6) المغني 1:651.
7- 7) صحيح البخاري 1:104-105.
8- 8) أضفناه من المصدر.
9- 9) مسند أحمد 6:62، [2]نيل الأوطار 2:50 حديث 1،المغني 1:652.
10- 10) الفقيه 1:67 حديث 253،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 4. [3]
11- 11) هو لقب جمع،و لعله يعقوب بن شعيب الأسدي الذي مرت ترجمته في ص:51.

ليست من العورة» (1).

و عن أبي يحيى الواسطي،عن بعض أصحابه،عن أبي الحسن الماضي عليه السلام،قال:«العورة عورتان:القبل و الدبر،و الدبر مستورة بالأليتين،فإذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة» (2)و لأن ما عداهما ليس محل الحدث،فلا يكون عورة كالساق.

احتج المخالف (3)بما رواه أحمد عن جرهد (4)ان رسول الله صلى الله عليه و آله رآه قد كشف عن فخذه،فقال:(غط فخذك فإن الفخذ من العورة) (5).

و بما رواه أبو داود ان النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي عليه السلام:(لا تكشف فخذك و لا تنظر إلى فخذ حي و لا ميت) (6).

و عن أبي أيوب الأنصاري قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(أسفل السرة و فوق الركبتين من العورة) (7).

و الجواب:يحمل ما ذكر تموه على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

فروع:
الأول:

الحر و العبد في ذلك سواء،لعموم الأحاديث فيهما.

ص:269


1- 1التهذيب 1:374 حديث 1150،الوسائل 1:364 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:374 حديث 1151،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:652.
4- 4) جرهد بن خويلد بن بجرة.الأسلمي يكنى أبا عبد الرحمن،من أهل الصفة،و شهد الحديبية،روى عن النبي.مات بالمدينة في خلافة يزيد.
5- 5) مسند أحمد 3:478-479، [3]المغني 1:652.
6- 6) سنن أبي داود 4:40 حديث 4051. [4]
7- 7) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
الثاني:

الركبة ليست من العورة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و هو قول مالك (1)، و أحمد (2)،و الشافعي (3).

و قال أبو حنيفة:انها من العورة (4).و هو قول بعض الشافعية (5).

لنا:(رواية أبي) (6)أيوب في قول النبي صلى الله عليه و آله:(فوق الركبة من العورة) (7)و ذلك يدل على انها ليست من العورة.و لأن الركبة حد العورة عندهم،فلا يكون منها،كالسرة.

احتج أبو حنيفة (8)بما روي،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(الركبة من العورة) (9).

و الجواب:ان رواية أبو الجنوب (10)،و أهل النقل لا يثبتونه.

الثالث:

السرة ليست من العورة.و به قال أحمد (11)،و مالك (12)،و أبو

ص:270


1- 1مقدمات ابن رشد 1:134،المغني 1:652،المجموع 3:169. [1]
2- 2) المغني 1:652،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:451، [2]المجموع 3:169، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:87. [4]
3- 3) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:168، [5]مغني المحتاج 1:185،المغني 1:652.
4- 4) الهداية للمرغيناني 1:42،شرح فتح القدير 1:224،المغني 1:652،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:85.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:168.
6- 6) «ح»«ق»:ما رواه أبو.
7- 7) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
8- 8) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225،المغني 1:652.
9- 9) سنن الدار قطني 1:231 حديث 4.
10- 10) أبو الجنوب،عقبة بن علقمة اليشكري الكوفي،روى عن علي(ع)و روى عنه النصر بن منصور العنزي و عبد الله بن عبد الله الرازي،ضعفه أبو حاتم و الدار قطني. تهذيب التهذيب 7:247، [6]سنن الدار قطني 1:231،الجرح و التعديل 6:313،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزي 2:181.
11- 11) المغني 1:652،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:451،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:87.
12- 12) مقدمات ابن رشد 1:134،المجموع 3:169،المغني 1:652.

حنيفة (1).

و قال الشافعي:انها من العورة (2).

لنا:رواية أبي أيوب من قوله عليه السلام:(أسفل السرة من العورة) (3)و هو يدل على انها ليست عورة.

و ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه كان يقبل سرة الحسين عليه السلام.و قبل أبو هريرة سرة الحسن عليه السلام (4)،و لو كانت من العورة لما وقع ذلك.

مسألة:و جسد المرأة البالغة الحرة عورة،

بلا خلاف بين كل من يحفظ عنه العلم.لقول النبي صلى الله عليه و آله:(المرأة عورة) (5)رواه الجمهور،و قال الترمذي:

أنه حديث حسن.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما تصلي فيه المرأة؟قال:«درع و ملحفة فتنشرها على رأسها و تجلل بها» (6).و لأن النظر إلى كل جزء منها متعلق الشهوة فأشبه العورة.

ص:271


1- 1الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:224،المغني 1:652،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:85.
2- 2) المجموع 3:168. [1]
3- 3) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
4- 4) مسند أحمد 255،493،سنن البيهقي 2:232،نيل الأوطار 2:53 حديث 2.
5- 5) سنن الترمذي 3:476 حديث 1173. [2]
6- 6) التهذيب 2:217 حديث 853،الاستبصار 1:388 حديث 1478،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [3]
فروع:
الأول:لا يجب ستر الوجه في الصلاة.

و هو قول كل من يحفظ عنه العلم،حرة كانت المرأة أو أمة،بالغة أو صغيرة،و لقوله تعالى وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها » (1)قال ابن عباس:الوجه و الكفين (2).و لأنه يجب بذله في الإحرام، فلم يكن من العورة.

الثاني:

قال علماؤنا:الكفان بمنزلة الوجه.و به قال مالك (3)،و الشافعي (4)، و أصحاب الرأي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6)،و في الأخرى:انهما عورة يجب سترها (7).

لنا:قوله تعالى:« إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها »و هو يتناول الكفين في قول ابن عباس.

و لأنهما تشتد الحاجة إليهما في الأخذ و العطاء،كالوجه في البيع و الشراء،فلا يحرم كشفهما في الصلاة كالوجه.و لأنه يحرم سترهما بالقفازين في حال الإحرام كما يحرم ستر الوجه بالنقاب.

احتج المخالف (8)بقوله عليه السلام:(المرأة عورة) (9).

ص:272


1- 1النور:31. [1]
2- 2) سنن البيهقي 2:225،المهذب للشيرازي 1:64،الدر المنثور 5:41، [2]المغني 1:672. [3]
3- 3) مقدمات ابن رشد 1:133،بداية المجتهد 1:115،تفسير القرطبي 12:229،المجموع 3:169، المغني 1:672.
4- 4) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:169،مغني المحتاج 1:185،المغني 1:672.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225،المجموع 3:169.
6- 6) المغني 1:673،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:452،المجموع 3:169.
7- 7) الكافي لابن قدامة 1:142،الإنصاف 1:452.
8- 8) المغني 1:673،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح الغدير 1:225.
9- 9) سنن الترمذي 3:476 حديث 1173.

و الجواب:انه خرج عنه الكفان كما خرج عنه الوجه للاشتراك في الحاجة.

الثالث:

قال الشيخ:لا يجب عليها ستر ظهر القدمين (1).و به قال أبو حنيفة. (2)

و قال الشافعي (3)،و مالك (4)،و أحمد:يجب سترهما (5).

لنا:انهما يظهران غالبا فأشبها الكفين و الوجه.و لأن ظهورهما ليس بفاحش، فكانا أولى بالترخص من الوجه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:قلت له:ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟فقال:«إذا كان كثيفا فلا بأس،و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة إذا كان الدرع كثيفا،يعني إذا كان ستيرا» (6).

وجه الاستدلال انه عليه السلام اجتزأ في حق المرأة بالدرع و المقنعة،و الدرع:

القميص،قاله صاحب الصحاح.و ليس القميص غالبا ساترا لظهر القدمين (7).

احتجوا بقوله عليه السلام:(المرأة عورة).

و الجواب:التخصيص،كما تقدم.

الرابع:

يستحب لها أن تستر سائر جسدها بثلاثة أثواب:درع،و قناع،و إزار.

ذهب إليه العلماء كافة.لأنه زيادة في الستر.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،قال:سألت أبا عبد الله

ص:273


1- 1المبسوط 1:87. [1]
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225-226،المغني 1:672،بداية المجتهد 1:115.
3- 3) المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:83،مغني المحتاج 1:185،المغني 1:672.
4- 4) بداية المجتهد 1:115،مقدمات ابن رشد 1:133،المجموع 3:169. [2]
5- 5) المغني 1:672،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:453،المجموع 3:169،منار السبيل 1: 74.
6- 6) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:281 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
7- 7) الصحاح 3:1206.

عليه السلام عن المرأة تصلي في درع و خمار؟فقال:«تكون عليها ملحفة تضمها عليها» (1).

و عن ابن أبي يعفور،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«تصلي المرأة في ثلاثة أثواب:إزار و درع و خمار» (2).

الخامس:

لا نعرف خلافا في استحباب الإزار و انه ليس بواجب.روى الجمهور، عن أم سلمة أنها قالت:يا رسول الله أ تصلي المرأة في درع و خمار و ليس عليها إزار؟ فقال:«نعم،إذا كان سابغا تغطي ظهور قدميها) (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة» (4).

و ما رواه ابن بابويه،عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«صلت فاطمة صلوات الله عليها في درع و خمارها على رأسها،ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها و أذنيها» (5).

السادس:

روى الشيخ في الموثق،عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه، عن علي عليهم السلام،قال:«لا تصلي المرأة عطلا» (6).

مسألة:و تجتزي الأمة و الصبية بستر الجسد

و لا يجب عليهما ستر الرأس.و أجمع علماء الأمصار على ذلك إلا الحسن البصري،فإنه أوجب الخمار للأمة إذا تزوجت أو اتخذها

ص:274


1- 1التهذيب 2:218 حديث 860،الاستبصار 1:390 حديث 1484،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [1]
2- 2) التهذيب 2:217 حديث 856،الاستبصار 1:389 حديث 1480،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:173 حديث 640،الموطأ 1:142 حديث 36، [3]مستدرك الحاكم 1:250.
4- 4) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:294 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [4]
5- 5) الفقيه 1:167 حديث 785:الوسائل 3:293 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 2:371 حديث 1543،الوسائل 3:335 الباب 58 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [6]

الرجل لنفسه (1).

لنا:الإجماع و خلافه لا اعتداد به.

و ما رواه الجمهور ان عمر كان ينهى الإماء عن التقنع.روى أبو قلابة ان عمر بن الخطاب كان لا يدع أمة تتقنع في خلافته،و ضرب أمة لآل أنس رآها مقنعة،و قال اكشفي رأسك و لا تشبهي بالحرائر (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«ليس على الإماء أن يتقنعن في الصلاة و لا ينبغي للمرأة أن تصلي إلا في ثوبين» (3).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قلت:رحمك الله،الأمة تغطي رأسها إذا صلت؟فقال:«ليس على الأمة قناع» (4).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:الأمة تغطي رأسها؟فقال«لا» (5)و لأنها أمة،فلا يجب عليها ستر رأسها كغير المزوجة و المتسرى بها.

و أما الصبية فعدم الوجوب في حقها ظاهر،لسقوط التكليف عنها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبد الله بن بكير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالمرأة المسلمة أن تصلي و هي مشكوفة الرأس» (6).

ص:275


1- 1المغني 1:674،بداية المجتهد 1:116.
2- 2) المغني 1:674،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:492.
3- 3) التهذيب 2:217 حديث 854،الاستبصار 1:389 حديث 1479،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:218 حديث 859،الاستبصار 1:390 حديث 1483،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 2:218 حديث 857،الاستبصار 1:389 حديث 1481،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 5،و [5]فيها:لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة.

و عن عبد الله بن بكير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن تصلي المرأة المسلمة و ليس على رأسها قناع» (1)و هذا يتناول الصغيرة قطعا،و الكبيرة الحرة غير مرادة منه،لما تقدم من الأخبار.

فروع:
الأول:

هل يستحب للأمة القناع؟الأولى ذلك،و لم أقف فيه على نص.و به قال عطاء (2)،خلافا لباقي الجمهور،فإنهم لم يستحبوه (3).

لنا:انه زيادة ستر،فكان مطلوبا،لأنه أنسب بالخفر و الحياء،و هو مطلوب من الحرائر.

و أما ما احتج الباقون بأن عمر نهى عن ذلك.

و الجواب:ان فعل عمر ليس بحجة،لجواز أن يكون من رأيه.

الثاني:

أم الولد كالأمة سواء كان ولدها حيا أو لا.و به قال النخعي، و مالك،و الشافعي،و أبو ثور،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يجب عليها ستر رأسها (4).

لنا:انها لم تخرج بذلك عن حكم الإماء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:الأمة تغطي رأسها؟فقال:«لا،و لا على أم الولد أن تغطي

ص:276


1- 1التهذيب 2:218 حديث 858،الاستبصار 1:389 حديث 1482،الوسائل 3:298 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:674،بداية المجتهد 1:116.
3- 3) المغني 1:674.
4- 4) المغني 1:676،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:493.

رأسها إذا لم يكن لها ولد» (1).

لا يقال:الرخصة في أم الولد مشروطة بعدمه في الحديث و أنتم اخترتم الإطلاق.

لأنا نقول:انه استدلال بالمفهوم و هو ضعيف،على انه يحمل على شدة استحباب ستر الرأس مع وجود الولد،فلم تكن مساوية للأمة في ذلك،لا ان المراد الوجوب.

احتج المخالف بأنها لا تباع،فأشبهت الحرة.و لأنه قد انعقد سبب حريتها انعقادا متأكدا لا يمكن إبطاله،فيحكم فيها بحكم الحرة (2).

و الجواب عن الأول:ان عدم البيع لا يقتضي زوال الملك كالموقوفة.

و عن الثاني:بأن انعقاد سبب الحكم لا يثبته كالتدبير،و الكتابة،و لأنه لا يثبت في تحريم الوطء.

الثالث:

المدبرة،و المكاتبة المشروطة،و المطلقة التي لم تؤد من مكاتبتها شيئا حكمها حكم الأمة،لثبوت وصف الرقية فيهن.

أما المكاتبة المطلقة إذا تحرر بعضها فإنها بحكم الحرة،لأن فيها حرمة تقتضي الستر،فوجب الستر.

الرابع:

الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا و إن كان أحدهما زائدا.و هل يجب عليه ستر جميع جسده كالمرأة؟فيه تردد ينشأ من أصالة براءة الذمة فيصار إليها، و من العمل بالاحتياط في وجوب ستر الجميع.و الأقرب الثاني،لأن الشرط بدون ستر الجميع لا يتيقن حصوله.

الخامس:

لو صلت مكشوفة الرأس و أعتقت في أثناء الصلاة،قال الشيخ في المبسوط:إن قدرت على ثوب تغطي رأسها وجب عليها أخذه و تغطية الرأس،و إن لم يتم

ص:277


1- 1التهذيب 2:218 حديث 859،الاستبصار 1:390 حديث 1483،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) المغني 1:676،الشرح الكبير بهامش المغني 1:493.

لها ذلك إلا بأن تمشي خطى قليلة من غير أن تستدبر القبلة كان مثل ذلك،و إن كان بالبعد منها و خافت فوات الصلاة أو احتاجت إلى استدبار القبلة صلت كما هي و ليس عليها شيء و لا تبطل صلاتها (1).

و قال في الخلاف:تستمر على صلاتها و أطلق (2).

و قال الشافعي:إن كان بقربها ثوب أخذته و سترت به رأسها،و كذا لو كان بعيدا و حصل المناول.و لو تطاولت المدة ففيه وجهان:أحدهما:تبطل صلاتها،و الآخر لا تبطل و إن احتاجت أن تمشي إليه مشت (3).

و قال أبو حنيفة:تبطل صلاتها (4).و ما ذكره في المبسوط هو الأقرب عندي.

أما لو لم تخف فوت الصلاة و لم يتمكن من الستر إلا بفعل كثير فعلى قوله في الخلاف:تستمر على الصلاة،لأنها دخلت دخولا مشروعا،و عندي فيه تردد.

السادس:

لو لم تعلم بالعتق حتى أتمت صلاتها مشكوفة الرأس صحت،لأنها فعلت المأمور فأجزأها،خلافا لبعض الجمهور (5).

السابع:

لو علمت بالعتق و لم تعلم لوجوب الستر لم تكن معذورة في ذلك.

الثامن:

لو أعتقت في أثناء الصلاة و لم تقدر على ستر الرأس مضت في صلاتها بإجماع علماء الأمصار،لأن الستر عليها حينئذ غير واجب للعجز فأشبهت الحرة الأصلية العاجزة.

ص:278


1- 1المبسوط 1:87. [1]
2- 2) الخلاف 1:140 مسألة 146.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:183-184،مغني المحتاج 1:187،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 102.
4- 4) تبيين الحقائق 1:99
5- 5) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:184،المغني 1:675،الشرح الكبير بهامش المغني 1:494،فتح العزيز بهامش المجموع 4:102.
التاسع:

لو بلغت الصبية في أثناء الصلاة،فإن كان بما يبطلها كالحيض أفسدت الصلاة،و إن كان بالزمان فهي كالأمة.

العاشر:

لا يجوز للأمة كشف ما عدا الوجه و الكفين و القدمين و الرأس.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعي:ان حكمها حكم الرجل (1).

لنا:ان الرخصة وردت في الرأس،فيبقي الباقي على الأصل.و لأن ما عدا ما ذكرناه لا يظهر عادة و لا تدعو الحاجة إلى كشفه،فأشبه ما بين السرة و الركبة.

احتج الشافعي بما روي،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته،فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة) (2)يريد به الأمة،فإن الأجير و العبد لا يختلف بالتزويج و عدمه.

و الجواب:انه استدلال بالمفهوم،و هو ضعيف.

المطلب الثاني في أحكام الخلل:
مسألة:الفاقد للساتر لا يسقط عنه فرض الصلاة،

و هو مذهب علماء الإسلام، لأنه شرط للصلاة حال المكنة،فلا يسقط المشروط مع العجز،كالاستقبال.و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه أن يستر به وجب،لأنه قادر على الساتر.

ص:279


1- 1المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:168-169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:91،مغني المحتاج 1: 185،السراج الوهاج:52،المغني 1:675،الشرح الكبير بهامش المغني 1:490-491.
2- 2) سنن أبي داود 1:133 حديث 496، [1]سنن البيهقي 2:226 و ج 7:94،سنن الدار قطني 1:230 حديث 2،نيل الأوطار 2:53.

و لو وجد طينا وجب عليه أن يستر به بأن يطين (1)عورته.و هو قول بعض الشافعية (2)،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:انه متمكن من الساتر بقدر الإمكان،فيكون واجبا.

و يؤيده:ما رواه الخاصة،عن الصادق عليه السلام،انه قال:«النورة ستر» (4).

احتج المخالف بأنه يتناثر عنه إذا جف،و فيه مضرة و لا يستر الخلقة (5).

و الجواب:التناثر بعد الستر غير مسقط للوجوب،كما لو وجد ثوبا يستتر به و يعلم ذهابه في أثناء الصلاة،فإنه يجب عليه الاستتار به،و لأنه نوع استتار،فيجب في بعض الصلاة،كما يجب مع الجميع،و المشقة منفية و لم يعتبرها الشارع في كثير من المواضع، و ستر الخلقة مع العجز غير واجب.

مسألة:و مع عدم الساتر،قال علم الهدى رحمه الله:يصلي قاعدا بالإيماء .

(6)

و به قال ابن عمر،و عطاء،و عكرمة،و قتادة،و الأوزاعي (7)،و أصحاب الرأي (8)،

ص:280


1- 1«ح»:يطلي.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:180،فتح العزيز بهامش المجموع 4:94،مغني المحتاج 1:186، المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
3- 3) المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
4- 4) الكافي 6:497 حديث 7،الفقيه 1:65،حديث 250،الوسائل 1:378 الباب 18 من أبواب آداب الحمام،حديث 1. [1]الحديث منقول عن الباقر(ع).
5- 5) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:180،فتح العزيز بهامش المجموع 4:94،مغني المحتاج 1:186، المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
6- 6) جمل العلم و العمل:80.
7- 7) المغني 1:664،المجموع 3:183.
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:186،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:664، الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،المجموع 3:183.

و أحمد (1).

و قال الشيخان:يصلي جالسا إن كان بحيث يراه أحد،و إلا قائما و يومئ لركوعه و سجوده (2).

و قال مالك (3)،و الشافعي:يصلي قائما بركوع و سجود (4).و الأقرب ما قاله الشيخان.

لنا:انه مع حالة الأمن من الرأي متمكن من القيام فيجب عليه،و المانع و هو كشف العورة لا يظهر أثره مع الأمن،فلا يعتد به.أما مع الخوف من المطلع فإنه يجب عليه الاستتار و لا يتمكن إلا بالجلوس و الإيماء،فيكون واجبا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن ابن مسكان،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة،قال:«يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد،فإن رآه أحد صلى جالسا» (5).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا و حضرت الصلاة كيف يصلي؟قال:

«إن أصحاب حشيشا يستر به عورته أتم صلاته في الركوع و السجود،و إن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم» (6).

ص:281


1- 1المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،الكافي لابن قدامة 1:145،الإنصاف 1:464، المجموع 3:183.
2- 2) المفيد في المقنعة:36،و الطوسي في:النهاية:130،و المبسوط 1:87،و [1]الخلاف 1:142،مسألة 151.
3- 3) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،المجموع 3:183.
4- 4) الأم 1:91،المجموع 3:182،و ج 2:335،فتح العزيز بهامش المجموع 2:362،المبسوط للسرخسي 1:186،المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500.
5- 5) التهذيب 2:365 حديث 1516،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 2:365 حديث 1515 و ج 3:296 حديث 900،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]

احتج السيد المرتضى بما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه؟فقال:«يصلي إيماءا،و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها،و إن كان رجلا وضع يده على سوأته،ثمَّ يجلسان فيومئان إيماءا،و لا يركعان و لا يسجدان فيبدو ما خلفهما،تكون صلاتهما إيماءا برؤوسهما» (1).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلا ثوب واحد و أجنب فيه و ليس عنده ماء كيف يصنع؟قال:«يتيمم و يصلي عريانا قاعدا و يومئ» (2).و مثله رواه عن محمد بن علي الحلبي (3).

و احتج من وافقه من الجمهور بما روي،عن ابن عمر في قوم انكسرت بهم مراكبهم فخرجوا عراة؟قال:(يصلون جلوسا يومئون إيماءا برؤوسهم) (4)و لأن الستر آكد من القيام،لأنه لا يسقط مع القدرة بخلاف القيام الساقط في النافلة،و لعدم اختصاص الستر بالصلاة،و اختصاص القيام بها،فترك القيام الأخف أولى.

و احتج الشافعي (5)بما رواه البخاري،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:

(صل قائما فإن لم تستطع فجالسا) (6).و لأنه مستطيع للقيام،فلم يجز له تركه،كالقادر على الساتر.

و الجواب عن الأول:انه محمول على حالة خوف المطلع،لأنه مطلق،و حديثنا

ص:282


1- 1التهذيب 2:364 حديث 1512،الوسائل 3:327 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:223 حديث 881،الاستبصار 1:168 حديث 582،الوسائل 2:1068 الباب 46 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:223 حديث 882،الاستبصار 1:168 حديث 583،الوسائل 2:1068 الباب 46 من أبواب النجاسات،حديث 4. [3]
4- 4) المغني 1:665،الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.
5- 5) المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.
6- 6) صحيح البخاري 1:60.

مفصل،فيحمل عليه،و هو الجواب عن الحديث الثاني.على ان في طريقه قول و هو غير مسند إلى إمام.

و عن الثالث:بأن قول ابن عمر ليس حجة،إذا لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه و آله.و لأنا نقول بموجبة،إذ مع الجماعة يصلي العاري جالسا.

و عن الرابع:بالمنع من أولوية الستر،فإن القيام جزء من الصلاة،و الاستتار شرط،و الجزء من العبادة أولى بالتحصيل من شرطها.

و لو سلم لكن مع ترك القيام لا يحصل الستر كله،لأن العورة عندهم من السترة إلى الركبة،فلا يفي الحاصل من الستر بترك القيام.

و عن الخامس:انا نقول بموجبة،لأنه حالة الأمن متمكن من القيام،فيجب عليه،و في حالة خوف المطلع يجب عليه ستر عورته و هو غير ممكن إلا بالجلوس،فيجب، فيسقط القيام للعجز الشرعي،و هو الجواب عن السادس.

فروع:
الأول:

لو صلى العاري على ما أمر به لم يجب عليه الإعادة عند وجود الساتر.و لا نعلم فيه خلافا،لأنه أتى بالمأمور به،و الأمر لا يقتضي التكرار و يقتضي الإجزاء.

الثاني:

لو صلى على غير ما أمر به،بأن يصلي في حالة الخوف قائما بركوع و سجود،فالوجه الإعادة و إن لم يره أحد،لأنه لم يأت بالمأمور به،خلافا لأصحاب الرأي (1).

الثالث:

لو انكشفت عورته في أثناء الصلاة و لم يعلم صحت صلاته،لأنه مع عدم العلم غير مكلف.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى بن

ص:283


1- 1المبسوط للسرخسي 1:187،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:665، الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.

جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و فرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة؟قال:«لا إعادة عليه و قد تمت صلاته» (1).

الرابع:

لو علم بانكشاف عورته في أثناء الصلاة سترها و لم تبطل صلاته، تطاولت المدة قبل علمه أو لم تطل،كثيرا كان الكشف أو قليلا،و سواء أدى ركنا من الصلاة حالة الكشف أو لم يؤد.

و قالت الحنفية:إن أدى ركنا مع الانكشاف،ثمَّ ستر فسدت صلاته (2).

و لو لم يؤد شيئا و لكنه مكث مقدار ما يمكنه أداء ركن،ثمَّ ستر فعند أبي يوسف تفسد صلاته (3)خلافا لمحمد (4).

لنا:ان التكليف منوط بالعلم و لم يحصل،فلا تكليف،و لما رواه علي بن جعفر، و قد سلف.

احتج أبو يوسف بأنه كشف العورة مع المكنة،فلا تصح صلاته (5).

و الجواب:المكنة ممنوعة.

الخامس:

لو انكشف ربع عورته أو أقل أو أزيد،و تمكن من الساتر و لم يفعله بطلت صلاته.

و قال أبو يوسف انكشاف ربع العورة لا يمنع جواز الصلاة (6).

و في النصف روايتان (7).

ص:284


1- 1التهذيب 2:216 حديث 851،الوسائل 3:293 الباب 27 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]بتفاوت.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:196-197،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:226-227.
3- 3) شرح فتح القدير 1:226.
4- 4) شرح فتح القدير 1:226.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1: 226-227.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1: 226-227.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:226.

لنا:ان الواجب ستر الجميع و لا يحصل إلا بستر أبعاضه.

السادس:

لو صلى قائما أو جالسا على ما قلناه (1)من التفصيل ينبغي له أن يتضام و يتستر مهما أمكنه،و لا يربع في حال جلوسه،لأنه إظهار للعورة.

السابع:

لو وجد حفيرة دخلها و صلى قائما بركوع و سجود.خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:ان الستر عن المشاهد قد يحصل و هو واجب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أيوب بن نوح،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة (3)دخلها فسجد (4)فيها و ركع» (5)(6).

احتج المخالف بأنها لا تلتصق بجلده،فهي كالجدار.

و الجواب:المساواة بين المقيس و المقيس عليه عندنا.

الثامن:

لو وجد وحلا أو ماء كدرا لو نزله لستره لم يجب عليه ذلك،لأن فيه مشقة و ضررا.و لو اعتبرت المشقة فيجب النزول مع عدمها،و عدم النزول مع وجودها كان حسنا.

التاسع:

لو وجد سترة يستضر بها كالبارية و نحوها لم يلزمه الاستتار بها،لأن الضرر قد يحصل بدخول القصب في جلده،و لأنه لا يحصل معه كما الركوع و السجود.

ص:285


1- 1راجع ص 280.
2- 2) المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
3- 3) «غ»:حفيرة.
4- 4) «ح»«ق»:فيسجد.
5- 5) «ح»«ق»:و يركع.
6- 6) التهذيب 3:179 حديث 405،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
العاشر:

لو وجد ما يستر به إحدى العورتين وجب سترها و صلي كما يصلي العاري،لأن ستر العورتين واجب،فلا يسقط وجوب إحداهما بفوات الأخرى.

لا يقال:الواجب ستر المجموع و البحث ليس فيه بل في أفراده.

لأنا نقول:ان وجوب ستره يستلزم وجوب ستر كل واحد من أجزائه،لأنه لا يتم المجموع إلا به،و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.و لأن وجوب ستر كل واحد من العورتين ليس مشروطا بوجوب ستر الأخرى،لأنه إن عكس فدور،و إلا فترجيح من غير مرجح،و لا بحصوله لا على نعت الوجوب و إلا لجاز ترك كل واحد منهما، لاشتراطها بشرط غير واجب التحصيل.

إذا ثبت هذا فنقول:هل يتخير في ستر أيهما شاء أم لا؟قال قوم:يتخير لعدم الأولوية.و قال آخرون:الاولى له ستر الدبر،لأنه أفحش و ينفرج في الركوع و السجود.و قال آخرون:القبل أولى،لأنه يستقبل به القبلة،و الدبر مستور بالأليتين (1)،و الأخير عندي أقرب،لأن ركوعه و سجوده بالإيماء.

الحادي عشر:

قال الشيخ في المبسوط:لا بأس أن يصلي الرجل في ثوب و إن لم يزر جيبه،فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة لا بأس به،و إن حاذى العورة لم يجز، قال:و لا بأس أن يصلي الرجل في قميص واحد و أزراره محلولة واسع الجيب كان أو ضيقه،دقيق الرقبة كان أو غليظها،كان تحته مئزر أو لم يكن (2).

و قد روي حل الأزرار،عن زياد بن سوقة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد و أزراره محلولة (3)،ان دين محمد صلى الله

ص:286


1- 1المجموع 3:181،مغني المحتاج 1:186،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:668،الإنصاف 1: 463،السراج الوهاج:53،بلغة السالك 1:106.
2- 2) المبسوط 1:88. [1]
3- 3) «ح»:محللة.

عليه و آله حنيف» (1).

و روى ابن بابويه،قال:قال أبو بصير لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يجزئ الرّجل من الثّياب أن يصلي فيه؟فقال:«صلى الحسين بن علي صلوات الله عليهما في ثوب قد قلص عن نصف ساقه،و قارب ركبتيه،و ليس على منكبه (2)منه إلا قدر جناحي الخطاف و كان إذا ركع سقط عن منكبيه،و كلما سجد يناله عنقه فيرده على منكبيه بيده، فلم يزل ذلك دأبه مشتغلا به حتى انصرف» (3)و ذلك أوسع من الجيب.و لو كان الجيب واسعا تظهر له عورته منه لو ركع لم يجب ستر ذلك عن نفسه و كانت صلاته ماضية،لأن المقصود تحريم نظر غيره إلى عورته.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن رجل،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:قلت:

يقولون الرجل إذا صلى و أزراره محلولة و يداه داخلة[في] (4)القميص إنما يصلي عريانا، قال:«لا بأس» (5).

مسألة:و لا يجب على العاري تأخير الصلاة إلى آخر الوقت.

ذهب إليه الشيخ (6)،و أكثر علمائنا (7).

ص:287


1- 1الكافي 3:395 حديث 8، [1]الفقيه 1:174 حديث 823،التهذيب 2:357 حديث 1477، الاستبصار 1:392 حديث 1492،الوسائل 3:285 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
2- 2) «ح»«ق»:منكبيه.
3- 3) الفقيه 1:167 حديث 784،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [3]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 2:326 حديث 1335،الاستبصار 1:392 حديث 1493،الوسائل 3:286 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) النهاية:130. [5]
7- 7) منهم:المفيد في المقنعة:36،و أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه:147،و ابن البراج في المهذب 1: 116،و ابن إدريس في السرائر:80،و المحقق الحلي في الشرائع 1:70 و لا يخفى أن ذلك يفهم من إطلاق عباراتهم.

و قال السيد المرتضى (1)،و سلار:انه يجب عليه تأخير الصلاة إلى آخر الوقت (2).

لنا:انه مأمور بالصلاة في أول وقتها،لقوله تعالى :«أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (3)و هو مطلق يتناول العاري كما يتناول غيره.و لأن الأخبار دالة على ان العاري إذا لم يجد ما يستر به العورة،يصلي بالإيماء،فلو كان التضييق في الوقت واجبا لما أهمل.

احتج السيد المرتضى بأن الشرط ستر العورة غير حاصل و يمكن حصوله،فيجب التأخير رجاء حصوله كالتيمم.

و الجواب:ان ستر العورة شرط مع التمكن،أما مع عدمه فلا،و لا يجوز تعليق الذمة بالوجوب لإمكان الحصول،لمنافاته للأصل من غير دليل،و القياس على التيمم باطل،و الحكم في الأصل ممنوع.

فروع:
الأول:

لو غلب على ظنه وجود الساتر في أثناء الوقت فالوجه وجوب التأخير، لأنه يمكنه تحصيل الصلاة بشروطها،فيجب.

الثاني:

لو وجد من يعيره ثوبا يستر به عورته وجب عليه قبوله،لأنه متمكن من الستر فيجب.أما المعير فلا يجب عليه الإعادة،لأنه لا دليل على ذلك،مع انه قد يتضرر بالإعادة.

أما لو وجد من يهبه الثوب،قال الشيخ:يجب عليه القبول (4).خلافا لبعض

ص:288


1- 1رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):49.
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في المراسم:62:و أنت في فسحة من تأخير صلاة الظهر و العصر لعذر.
3- 3) 78 الإسراء. [1]
4- 4) المبسوط 1:88.

الجمهور (1)،و قول الشيخ جيد،لأنه متمكن فيجب،كما يجب عليه قبول العارية.

احتج المخالف بأنه يلحقه المنة.

و جوابه:العار الذي يلحقه بسبب انكشاف عورته أعظم من المنة التي تلحقه بقبول الهبة.

الثالث:

لو وجد من يبيعه ثوبا و معه الثمن وجب عليه الشراء إذا لم يستضر ببذل الثمن في الحال،لأنه متمكن.هذا إذا باع بثمن مثله.أما لو باعه بأزيد من ثمن المثل،فالوجه إن كانت الزيادة تجحف به لم يجب عليه الشراء،و إلا وجب،كالماء في الوضوء،و الأصل في ذلك كله مراعاة الضرر،فمعه لا وجوب إجماعا.

الرابع:

لو لم يجد إلا ثوبا نجسا تخير في الصلاة فيه و عريانا.و هو اختيار أبي حنيفة (2)،و قد سلف البحث في ذلك (3).

الخامس:

لو لم يجد إلا ثوبا مغصوبا صلى عريانا،لأن الحق هنا لادمي،فأشبه الماء المغصوب،فإنه يتركه المصلي و يتيمم.

السادس:

لو لم يجد إلا ثوب حرير،أو جلد ما لا يؤكل لحمه،أو جلد ميتة لم يصل فيها و صلي عاريا.

و قال الشيخ في المبسوط:فإن لم يجد ثوبا يستر العورة و وجد جلدا طاهرا،أو ورقا، أو قرطاسا يمكنه أن يستر به عورته وجب (4)،و هذا يدل على ان مقصوده بالجلد المذكور جلد ما لا يؤكل لحمه،لأن جلد ما يؤكل لحمه لا يشترط في لبسه فقدان الثوب.

و يمكن أن تكون حجته انه متمكن من الستر و هو شرط،فيجب.

ص:289


1- 1المغني 1:66،المجموع 3:187،الإنصاف 1:464،بلغة السالك 1:104،المهذب للشيرازي 1:67، الكافي لابن قدامة 1:146.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:187،شرح فتح القدير 1:229،المغني 1:666.
3- 3) تقدم في الجزء الثالث ص 301.
4- 4) المبسوط 1:88. [1]

و لنا انه منهي عن الصلاة في هذه الأشياء على الإطلاق،فأشبه جلد الميتة عنده.

أما مع الضرورة إلى لبسه كخوف البرد مثلا،فإنه يصلي فيه و لا إعادة عليه.

مسألة:و لو وجد العاري ما يستر به عورته،كالوزرة و السروال صلى فيه،

و لا يجب عليه أن يطرح على عاتقه شيئا.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال الشافعي (1)، و مالك،و أصحاب الرأي (2).

و قال أحمد:يجب أن يطرح المصلي على عاتقه شيئا من اللباس (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(إذا كان الثوب صفيقا فاشدده على حقويك) (4)(5)و لأن ستر العورة قد حصل،فلا يجب عليه الزائد، و لأنهما ليسا من العورة،فأشبها بقية البدن.

احتج أحمد (6)بما رواه أبو هريرة،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء منه) (7).

و عن بريدة قال:نهى النبي صلى الله عليه و آله أن يصلى في لحاف و لا يتوشح به،و أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء (8).

و الجواب:انه محمول على الاستحباب،على انهما يدلان على ما لم يذهب إليه أحمد،

ص:290


1- 1الام 1:89،المجموع 3:175،المغني 1:654.
2- 2) المغني 1:675،المجموع 3:175.
3- 3) المغني 1:654،الكافي لابن قدامة 1:144،منار السبيل 1:74.
4- 4) سنن أبي داود 1:171 حديث 634.
5- 5) الحقو:موضع شد الإزار،و هو الخاصرة،ثمَّ توسعوا حتى سموا الإزار الذي يشد على العورة حقوا. المصباح المنير 1:145. [1]
6- 6) المغني 1:654،منار السبيل 1:654.
7- 7) صحيح البخاري 1:100،صحيح مسلم 1:368 حديث 516،سنن أبي داود 1:169 حديث 626، سنن البيهقي 2:238.
8- 8) سنن أبي داود 1:172 حديث 636.

لأن الأول دل على ان الساتر من الثوب و لم يشترطه أحمد،و الثاني دل على التوشح بالساتر،و أيضا:لا يشترطه أحمد،و على الرداء و لا يشترطه جماعة من أصحابه.

فروع:
الأول:

ستر المنكبين و إن لم يكن واجبا لكنه مستحب،لأن النبي صلى الله عليه و آله صلى كذلك دائما (1).

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن علي بن حديد،عن جميل قال:سأل مرازم أبا عبد الله عليه السلام و أنا حاضر معه عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به؟قال:

«يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يتردى به» (2).

الثاني:

لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح عليه مهما كان و لو حبلا استحبابا،لما رواه الجمهور،عن إبراهيم (3)،قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله إذا لم يجد أحدهم ثوبا ألقى على عاتقه عقالا و صلى (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:

سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ليس معه إلا سراويل؟قال:«يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه و يصلي»قال:«و إن كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلد السيف و يصلي قائما» (5).

ص:291


1- 1سنن أبي داود 1:169 حديث 628.
2- 2) التهذيب 2:366 حديث 1518،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
3- 3) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمر و بن ربيعة بن ذهل النخعي:أبو عمران الكوفي،روى عن عائشة،و عن خالية:الأسود و عبد الرحمن ابني يزيد،و مسروق،و روى عنه الأعمش و منصور و ابن عون و غيرهم.مات سنة 96 ه،و قيل:95. تهذيب التهذيب 1:177، [2]العبر 1:85. [3]
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 1:495.
5- 5) التهذيب 2:366 حديث 1519،الوسائل 3:329 الباب 53 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]

و عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا و لو حبلا» (1).

الثالث:

لا يجب ستر المنكبين إجماعا،بل يكتفي في الاستحباب عندنا،و في الوجوب عند المخالف بوضع ثوب على أحد عاتقيه و إن حكى ما تحته.

الرابع:

الأقرب الاكتفاء في الاستحباب أو الوجوب عند المخالف مهما أمكن، كالحبل و شبهه،لما رواه الجمهور،عن جابر انه صلى في ثوب واحد متوشحا.قال الراوي:كأني أنظر إليه كان على عاتقه ذنب فأرة (2).

و من طريق الخاصة:رواية ابن بابويه،عن الحسين صلوات الله عليه و آله:انه صلى في ثوب واحد ليس على منكبيه منه إلا قدر جناحي الخطاف (3).

الخامس:

لا فرق بين فرائض الصلوات و نوافلها في ذلك،لعموم الأخبار الدالة على الاستحباب.

مسألة:قد ذكرنا ان مع انكشاف العورة أو بعضها

و التمكن من الاحتراز عنه لو صلى بطلت،لأنه أخل بشرط.و به قال الشافعي (4).

و قال أبو حنيفة (5)و أحمد:لو انكشف من العورة شيء يسير لم تبطل صلاته (6)، لما روي عن عمرو بن سلمة الجرمي (7)قال:انطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله

ص:292


1- 1التهذيب 2:216 حديث 852،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:369 حديث 518،المغني 1:655.
3- 3) الفقيه 1:167 حديث 784،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
4- 4) الام 1:89،ميزان الكبرى 1:157،المغني 1:653.
5- 5) شرح فتح القدير 1:237،المغني 1:653،ميزان الكبرى 1:157.
6- 6) المغني 1:653،الإنصاف 1:456،ميزان الكبرى 1:157.
7- 7) عمرو بن سلمة بن قيس الجرمي:أبو بريد،أو أبو يزيد البصري، وفد أبوه على النبي(ص).و كان عمرو يصلي بقومه و هو صغير،روى عن أبيه،و روى عنه أبو قلابة الجرمي و عاصم الأحول و أبو الزبير. تهذيب التهذيب 8:42. [3]

عليه و آله في نفر من قومه فعلمهم الصلاة فقال:(يؤمكم أقرؤكم)فكنت أقرأهم، فقدموني فكنت أؤمهم و علي بردة لي صغيرة صغراء،فكنت إذا سجدت فيها(خرجت استي) (1)فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم،فاشتروا لي قميصا عمانيا، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به (2).

و الجواب:انه عمل بعض الصحابة و قد بينا انه ليس حجة.و لأنه يدل على ظهور.

عورته المغلظة،و أبو حنيفة لا يجيز هذا،بل يعتبر فيها ظهور قدر الدرهم،فيبطل الصلاة بظهور ما زاد و يعتبر في الحقيقة الربع (3)،فما يذهب إليه لا يدل الخبر عليه،و ما يدل عليه لا يقول به،فكيف يصح له الاستدلال به.

مسألة:و يستحب الجماعة للعراة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال قتادة، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الأوزاعي:يصلون فرادى (7).و به قال الشافعي في القديم،و قال أيضا:الجماعة و الانفراد سواء (8).و قال مالك:و يتباعد بعضهم من بعض،و إن كانوا في ظلمة صلوا جماعة و يتقدمهم إمامهم (9).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(صلاة الرجل في الجمع

ص:293


1- 1في بعض المصادر:تكشفت عني.
2- 2) سنن أبي داود 1:159 حديث 585،سنن النسائي 2:80.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:43-44،شرح فتح القدير 1:226-227.
4- 4) المغني 1:668،الإنصاف 1:467. [1]
5- 5) المغني 1:668،المحلى 3:226.
6- 6) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:668،المحلى 3:226.
7- 7) المغني 1:668.
8- 8) الأم 1:91،المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:185،المغني 1:668،المحلى 3:226.
9- 9) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:668،المحلى 3:226.

تفضل صلاته وحده بسبع و عشرين درجة) (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفرد بأربع و عشرين درجة تكون خمسا و عشرين صلاة» (2)و ذلك مطلق في حق العاري و المكتسي، فيتناولهما بمفهومه.و لأنه قدر على الصلاة جماعة من غير ضرر،فأشبه المستترين.

فروع:
الأول:

اختلف علماؤنا في كيفية صلاتهم جماعة مع اتفاقهم على انهم يصلون جلوسا،فالذي اختاره الشيخ ان الإمام يتقدمهم بركبتيه و يركع و يسجد بالإيماء، و المأمومون يركعون و يسجدون كالمستترين (3).

و الذي ارتضاه المفيد (4)،و السيد المرتضى:ان صلاة المأمومين كصلاة الإمام بالإيماء في الركوع و السجود (5).

احتج الشيخ بما رواه،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:قوم قطعت عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراة و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟فقال:«يتقدمهم إمامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيومئ إيماءا بالركوع و السجود،و هم يركعون و يسجدون خلفه على وجوههم» (6).

و ادعى ابن إدريس الإجماع (7)على ما ذهب إليه السيد المرتضى،و هو جهل

ص:294


1- 1صحيح البخاري 1:165،صحيح مسلم 1:451 حديث 250.
2- 2) التهذيب 3:25 حديث 85،الوسائل 5:370 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة،حديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:88، [2]النهاية:130.
4- 4) المقنعة:36.
5- 5) جمل العلم و العمل:80.
6- 6) التهذيب 2:365 حديث 1514،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
7- 7) السرائر:80.

و سخف،و الأولى العمل على الرواية.

لا يقال:انه قد ثبت ان العاري مع وجود غيره يصلي بالإيماء.

لأنا نقول:إنما ثبت ذلك فيما إذا خاف من المطلع و هو مفقود ها هنا،إذ كل واحد منهم مع سمت صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي الركوع و السجود.

الثاني:

لو كان العراة نساء استحبت لهم الجماعة،و فعلوا كما يفعل الرجال عملا بالعموم.و هو اختيار علمائنا أجمع.و مذهب الشافعي (1)،و أحمد خلافا لمالك، و أصحاب الرأي (2).

الثالث:

لو كثرت الجماعة بحيث لا يسعهم الصف الواحد،فالوجه انهم يصلون صفوفا،و لكن يركعون و يسجدون بالإيماء خوفا من الاطلاع.

الرابع:

إذا اجتمع الرجال و النساء،فإن قلنا بتحريم المحاذاة لم يجمعوا جميعا،بل يصلي الرجال أولا،ثمَّ النساء.و لو قيل بجواز ذلك و تكون النساء خلف الرجال كما قلنا في الجماعة الكثيرة كان وجها،و إن قلنا بالكراهية جاز أن يقفوا صفا واحدا.

الخامس:

لو كان معهم من له ثوب صلى فيه قائما بركوع و سجود واجبا،لأنه قادر على السترة،فإن أعاره و صلى عريانا لم تصح صلاته،و إذا صلي فيه استحب (3)له أن يعيره لغيره،لأنه مساعدة على الطاعة،فيدخل تحت قوله :«وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى» (4).

و لا يجب عليه إعادته،لأنه يعود بالضرورة عليه من غير حاجة شديدة،بخلاف الطعام الفاضل عن شعبة،فإنه يجب بذله لمن يخاف تلفه،و يجب على المبذول له القبول،لإمكان الشرط،فيصلي فيه واحدا بعد واحد.

ص:295


1- 1الام 1:91،المجموع 3:186.
2- 2) المغني 1:668،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502-503.
3- 3) «م»«ن»:أبيحت.
4- 4) المائدة:2. [1]

و لا يجوز لهم الصلاة عراة و لا الصلاة جماعة مع سعة الوقت،و يجوز مع الضيق فيؤم صاحب الثوب أو من يعيره إياه بالعراة،و لا يأتم هو بهم.

السادس:

قال الشيخ:لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه و خافوا فوات الوقت صلوا عراة و لا يجوز لهم الانتظار (1).

و قال الشافعي:يتوقعون (2)و إن خرج الوقت (3).

لنا:انه مخاطب بالصلاة في هذا الوقت،فلا يجوز له إخلاؤه عنها،و الشرط يسقط اعتباره لعدم التمكن من تحصيله في الوقت.

احتج المخالف بأنه قادر على تحصيل الشرط،فلا تصح الصلاة بدونه،كواجد الماء لا يتيمم و إن خاف فوت الوقت (4).

و الجواب:الفرق،فإن التيمم مع وجود الماء ليس بطهارة.

السابع:

لو كان صاحب الثوب أميا مع عراة قراء و امتنع من الإعارة لم يؤمهم، لأنه أمي،و لم يأتم بهم،لأنه قائم و هو قعود.

الثامن:

لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحب له أن يعير القارئ ليأتم به الأمي العاري،و يجوز له أن يعير غيره و يكون حكمه ما تقدم.

التاسع:

لو استووا استحب له أن يعيره بالقرعة،فمن خرجت له فهو أولى بالتخصيص،و كذا لو لم يكن الثوب لواحد منهم.

العاشر:

لو كان معهم نساء عراة فلصاحب الثوب أن يخصص من شاء، و يستحب له أن يخصص النساء بذلك،لأن عورتهن أفحش و آكد في الستر،و إذا صلين أخذه الرجال.

ص:296


1- 1المبسوط 1:88. [1]
2- 2) «ح»«ق»:يتوقفون.
3- 3) الام 1:91،المهذب للشيرازي 1:67.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 1:503.
الفصل الخامس في المكان،و فيه مباحث:
البحث الأول:فيما يحرم الصلاة فيه.
مسألة:أجمع كل من يحفظ عنه العلم على تحريم الصلاة في المكان المغصوب

مع العلم بالغصبية.

و قال أحمد:يجوز صلاة الجمعة خاصة في الموضع المغصوب (1).

لنا:انه تصرف في ملك الغير،و هو قبيح عقلا.

احتج أحمد بأن الجمعة تؤدي في موضع معين،فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب،فإن امتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة.

و الجواب:ان الإمام عندنا يستحيل منه وقوع الجمعة في المكان المغصوب،لأنه عدل لا يفعل القبيح.

مسألة:و ذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه.

و هو مذهب أبي علي الجبائي (2)،و ابنه أبي هاشم (3)،و أحد قولي الشافعي (4)،و إحدى الروايتين عن أحمد (5).

و قال الشافعي في موضع أخر:أنها تصح فيه و إن كانت محرمة (6).و هو مذهب أبي حنيفة،و مالك (7).

ص:297


1- 1المغني 1:758،الإنصاف 1:494،منار السبيل 1:77.
2- 2) المجموع 3:164. [1]
3- 3) المجموع 3:164،و فيه:و غيره من المعتزلة.
4- 4) المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
5- 5) المغني 1:758،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:491،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513، المجموع 3:164،منار السبيل 1:74.
6- 6) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:164،المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
7- 7) المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.

لنا:أنها صلاة منهي عنها،و النهي يدل على الفساد في العبادات.

احتج المخالف بأن النهي لا يعود إلى الصلاة،فلم يمنع صحتها،كما لو صلى و هو يرى غريقا يمكن إنقاذه فلم ينقذه،أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفه،أو مطل غريمه الذي يقدر على إيفائه و صلى (1).و لأن النهي لا يدل على الفساد كالنهي عن الوضوء في المكان المغصوب،و عن إزالة النجاسة بالماء المغصوب.

و الجواب عن الأول:ان الصلاة مركبة من أشياء من جملتها القيام و القعود و هو منهي عنهما،فكان النهي متناولا للصلاة بخلاف الحريق،لأنه ليس بمنهي عن الصلاة،بل هو مأمور بإطفائه و إنقاذ الغريق و إيفاء الدين و بالصلاة إلا ان أحدهما آكد من الآخر،و في صورة النزاع أفعال الصلاة منهي عنها،فافترق البابان.

و عن الثاني:بالفرق بين الوضوء في المكان المغصوب و الصلاة فيه،فإن الكون ليس جزءا من الوضوء و لا شرطا و هو جزء من الصلاة،و إزالة عين النجاسة ليس عبادة في نفسه ما لم يقترن بالنية،و إذا صح وقوعها غير عبادة أمكن مع العصيان بها،كما يزيل الكافر و الصبي،بخلاف الصلاة التي لا تقع إلا عبادة،فلا تصح مع النهي عنها.

فروع:
الأول:

لو كان جاهلا بالغصبية صحت صلاته إجماعا.أما لو كان عالما بالغصبية و جاهلا بالتحريم،فإنه لا يكون معذورا،و لا تصح صلاته عندنا لما مر.

الثاني:

لو كان مضطرا إلى الصلاة في المكان المغصوب بأن يكون محبوسا أو شبهه من المضطرين صلي في المكان المغصوب،لأن التحريم يزول مع الكراهية،و هل يجب عليه التأخير إلى آخر الوقت؟فيه خلاف بين علمائنا.

ص:298


1- 1المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
الثالث:

قال الشيخ في المبسوط:لا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن اذن له في الصلاة (1)فيه،و هو حق،إذ تصرف الغاصب لا يصح فيه مباشرة،فلا يصح إذنه.و قد حمل بعض المتأخرين الإذن هاهنا على أنه من المالك (2)،فاستضعف لذلك قول الشيخ،و ليس جيدا.

الرابع:

لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يأخذها أو يدعي ملكيتها،و بين أن يغصب منافعها،بأن يدعي إجارتها و هو ظالم،أو يضع يده عليها للسكنى مدة.و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له،أو يغصب سفينة و يصلي فيها،أو راحلة،أو يخرج لوحا مغصوبا في سفينة و يصلي عليه،أو يصلي على بساط مغصوب و إن كانت الأرض مملوكة،الحكم في ذلك كله واحد.

مسألة:و لو أذن له المالك صحت صلاته،

سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره،بغير خلاف بين أهل العلم،لأن التحريم منوط بعدم الإذن،و قد فقد.

فروع:
الأول:

لا اعتبار بإذن غير المالك بلا خلاف.

الثاني:

لو أذن المالك على الإطلاق صح لغير الغاصب الصلاة قطعا،و في الغاصب تردد أقربه عدم انصراف الإذن إليه عملا بشاهد الحال.

الثالث:

لو أذن له في الصلاة فيه صح قطعا،و كذا لو أذن له بالكون فيه،إذ الظاهر انه حينئذ لا يكره الصلاة فيه،و كذا لو أذن في التصرف فيه،لأن الصلاة نوع تصرف.

الرابع:

لو دخل ملك غيره بغير إذنه،و علم بشاهد الحال أن المالك لا يكره

ص:299


1- 1المبسوط 1:84. [1]
2- 2) المحقق في المعتبر 2:109. [2]

الصلاة فيه،جاز له أن يصلي،لأنه مأذون فيه عادة.

و على هذا تجوز الصلاة في البساتين،و الصحاري و إن لم يعرف أربابها،لأن الإذن معلوم بإعادة،إلا أن يعرف كراهية المالك.

الخامس:

لو دخل في ملك غيره،فأمره بالخروج عنه وجب،ثمَّ إن كان الوقت واسعا لم يصل فيه،لأنه يكون غاصبا،و إن ضاق صلى و هو خارج،لأنه يكون جامعا بين الواجبين و هو أولى.و لا اعتبار في ذلك بالقبلة و يومئ في الركوع و السجود و هو آخذ في الخروج.

السادس:

قال أبو هاشم:لو توسط أرضا مغصوبة و هو آخذ في الخروج كان عاصيا بالكون المطلق،فيعصي حينئذ بالخروج،لأنه يتصرف بالكون فيه و باللبث، لأنه تصرف أيضا.فعلى هذا القول لا يجوز له الصلاة و هو آخذ في الخروج،سواء تضيق الوقت أولا،لكن هذا القول عندنا باطل،لأنه يلزم منه التكليف بما لا يطاق، إذ من القبيح أن ينهى الحكيم عن فعل الضدين إذا لم يخل المكلف منهما،كما انه يستحيل منه التكليف بالجمع بين الضدين،و أبو هاشم في هذا المقام عن التحقيق بمعزل.

مسألة:و يشترط في المكان أن يكون خاليا من نجاسة متعدية

إلى ثوب المصلي أو بدنه،ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأن طهارة الثوب و البدن شرط في الصلاة،و مع النجاسة المتعدية يفقد الشرط.

أما إذا لم يتعد النجاسة،فإنه لا يشترط طهارته إلا في موضع معين من الأعضاء و هو موضع السجود على ما يأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى.

و قال الشافعي:يجب أن يكون جميع مصلاه طاهرا حتى انه إذا صلى لم يقع ثوبه على شيء منها،رطبة كانت أو يابسة،فإن وقعت ثيابه على شيء منها بطلت صلاته (1).

ص:300


1- 1المجموع 3:151،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34.

و قال أبو حنيفة:الاعتبار بموضع قدميه،فإن كان موضعهما نجسا لم تصح صلاته و إن كان ما عداه طاهرا.

و أما موضع السجود ففيه روايتان:روى محمد انه يجب أن يكون موضع السجود طاهرا.و روى أبو يوسف انه لا يحتاج إليه،لأنه إنما يسجد على قدر الدرهم،و قدر الدرهم من النجاسة لا يمنع من صحة الصلاة (1).

لنا:الأصل الجواز و عدم التكليف.

و يؤيده:ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد قال:بينا رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره،فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و آله صلاته،قال:(ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟)قالوا:رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا،قال:(ان جبرئيل عليه السلام أتاني فأخبرني أنهما كانتا قذرتين) (2)و لو كانت طهارة موضع القدمين شرطا مع العلم لكانت شرطا مع عدمه كالطهارة.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن الشاذكونة يكون عليها الجنابة،أ يصلي عليها في المحمل؟فقال:«لا بأس» (3).

و عن محمد بن أبي عمير،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي على الشاذكونة و قد أصابتها الجنابة؟فقال:«لا بأس» (4).

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبد الله بن بكير،قال:

ص:301


1- 1المبسوط للسرخسي 1:204،شرح فتح القدير 1:168-169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34.
2- 2) سنن أبي داود 1:175،مسند أحمد 3:92، [1]نيل الأوطار 2:121 حديث 3.
3- 3) التهذيب 2:369 حديث 1537،الاستبصار 1:393 حديث 1499،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 2:370 حديث 1538،الاستبصار 1:393 حديث 1500،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 4. [3]

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أ يصلي عليها؟فقال:

«لا» (1).

لأنا نقول:ان عبد الله بن بكير فطحي،فلا تعويل على ما ينفرد به.و أيضا:يحمل على الاستحباب.

احتج (2)المخالف بما رواه[ابن] (3)عمر ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:

(سبعة مواطن لا يجوز فيها الصلاة:المجزرة،و المزبلة،و المقبرة،و معاطن الإبل، و الحمام،و قارعة الطريق،و فوق بين الله العتيق) (4).فذكر المجزرة و المزبلة يدل على ان المنع فيهما لأجل النجاسة،فكانت الطهارة مشترطة.

و الجواب بعد سلامة النقل عن الطعن:ان المراد هاهنا الكراهية،إذ هي مراده في حق الحمام،و معاطن الإبل،و قارعة الطريق على ما ذهبوا إليه،فيكون كذلك في الباقي،إذ يستحيل إرادة الحقيقة و المجاز من لفظ واحد،أو المعان المتكثرة من المشترك.

فروع:
الأول:

البساط كالأرض في انه متى كان نجسا نجاسة لا تتعدى إليه صحت الصلاة عليه.خلافا للجمهور (5)،سواء كان ما يلاقي بدنه طاهرا أو نجسا.

و قال الشافعي:إن كان الملاقي له طاهرا صحت صلاته إذا لم تلاق ثيابه شيئا من مواضع النجاسة و إلا فسدت (6).

ص:302


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1536،الاستبصار 1:393 حديث 1501،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:754.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 247 حديث 747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،نيل الأوطار 2:142 حديث 8(بتفاوت يسير).
5- 5) المغني 1:752،الشرح الكبير بهامش المغني 1:511.
6- 6) الام(مختصر المزني)8:19،مغني المحتاج 1:190،المجموع 3:152.

لنا:ما تقدم.و لا فرق بين أن يتحرك موضع النجاسة من البساط بصلاته عليه بأن يكون على سرير أو لا يتحرك.و به قال الشافعي أيضا (1).و قال أبو حنيفة:إن تحرك النجس بحركته بطلت صلاته و إلا فلا (2).

لنا:انه بتحركه لا يصير حاملا له،فلا تبطل صلاته،و لا ملاقيا له فلا تبطل صلاته عندهم.

الثاني:

لو كان الموضع نجسا فبسط عليه شيئا طاهرا و صلي صحت صلاته عندنا،و هو طاهر،و عندهم (3)،لأنه غير مباشر للنجاسة و لا حامل لما هو متصل بها.

الثالث:

لو صلى على مصلي مبطن على بطانته نجاسة فقام على ظاهره الطاهر صحت صلاته عندنا و عند محمد،خلافا لأبي يوسف.

لنا:ما تقدم،و لأنه لم يستعمل النجاسة،لأنها على البطانة لا على الطهارة.

احتج أبو يوسف بأنه ثوب واحد معنى و عرفا،فصار مستعملا لكله.

و الجواب:المنع من الوحدة،و معها يمنع استعماله بأسره،و معه يمنع البطلان لما بيناه أولا.

الرابع:

لو صلى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب،صحت صلاته،لأنه ليس حاملا للكلب.و كذا لو شد طرف الحبل في وسطه،أو أمسكه بيده،خلافا للشافعي،فإنه قال:تبطل صلاته إن كان الكلب ميتا،و ان كان حيا فإنها تبطل أيضا.و فيه وجه آخر عنده و هو الصحة (4)،لأن له اختيارا فليس بحامل له.

و هذا كله عندنا ضعيف،لأن الحمل للملاصق ليس حملا للنجاسة.

و كذا لو كان الحبل مشدودا في زورق فيها نجاسة سواء كان الحبل تحت قدمه،أو

ص:303


1- 1المجموع 3:152،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34-35.
2- 2) راجع نفس المصادر.
3- 3) المغني 1:759،الإنصاف 1:484،المهذب للشيرازي 1:62،فتح العزيز بهامش المجموع 4:35.
4- 4) المجموع 3:148،فتح العزيز بهامش المجموع 4:25.

مشدودا في وسطه،أو كان في يده،و سواء كان طرفه الآخر مشدودا في موضع نجس من السفينة،أو طاهر لا فرق بين ذلك كله عندنا.

الخامس:

البارية و الحصير و الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول و جففته الشمس جازت الصلاة عليه إجماعا و يكون طاهرا.خلافا لبعض المتأخرين من أصحابنا (1).

لنا:ان جواز الصلاة عليه يستلزم تطهيره.

و ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن زرارة انه سأل أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلي فيه؟فقال:«إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر» (2).

مسألة:و في تحريم الصلاة الفريضة في جوف الكعبة خلاف بين علمائنا،

ذكرناه في باب القبلة (3).

مسألة:و في تحريم الصلاة إلى جانب المرأة المصلية أو خلفها قولان:

أحدهما:الثبوت.ذكره الشيخان (4).

و الآخر:الكراهية.و اختاره السيد المرتضى رحمه الله (5).و هو قول الشافعي (6)،و أحمد.

و قال أبو حنيفة:إن اشتركا في الصلاة بطلت صلاة من إلى جانبيها و الاشتراك عنده أن ينوي الإمام إمامتها،قال:فإن وقفت بين رجلين حينئذ و ليس الإمام أحدهما بطلت صلاة من إلى جنبيها خاصة،و لا تبطل صلاة من إلى جانب جانبيها لأنهما

ص:304


1- 1المعتبر 1:446. [1]
2- 2) الفقيه 1:157 حديث 732،الوسائل 2:1042 الباب 29 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) راجع ص 164.
4- 4) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:86،و النهاية:100. [3]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:110. [4]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:183.

حجباهما عنها،و إن صلت إلى جانب الإمام بطلت صلاة الجميع،لأن بطلان صلاة الإمام عنده يستلزم بطلان صلاة المأمومين (1).

لنا:على عدم التحريم ان الأمر مطلق بالصلاة،فالتقييد ينافيه،و الأصل عدمه.

و على الكراهية:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة و امرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى؟قال:«لا ينبغي ذلك،و إن كان بينهما شبر أجزأه،يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر» (2).

و في الموثق،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل و المرأة يصليان جميعا في بيت واحد،المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟قال:«لا،حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه» (3).

و عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي و المرأة تصلي بحذاه؟قال:«لا بأس» (4)و لأنها لو وقفت في غير صلاة لم تبطل صلاة الرجل،فكذا لو وقفت في الصلاة.و لأن المحاذاة لا توجب فساد صلاة المرأة،فلا توجب فساد صلاة الرجل.و هذا يخص أبا حنيفة،و لأن فساد الصلاة بترك أركانها،أو بوجود ما يناقضها،و لم يوجد من الرجل شيء من ذلك.و لأنه كان يلزم انه كلما أرادت المرأة إفساد صلاة الرجل وقفت إلى جانبه أو بين يديه و صلت،و ذلك ضرر عظيم و حرج

ص:305


1- 1المبسوط للسرخسي 1:183،بدائع الصنائع 1:159،الهداية للمرغيناني 1:57،شرح فتح القدير 1: 313.
2- 2) التهذيب 2:230 حديث 905،الاستبصار 1:398 حديث 1520،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:230 حديث 908،الاستبصار 1:399 حديث 1523،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 2:232 حديث 912،الاستبصار 1:400 حديث 1527،الوسائل 3:428 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [3]

كثير.و لأن ذلك لا يبطل صلاة الجنازة،فكذا غيرها.

احتج الشيخ بإجماع الفرقة على البطلان (1)،و بأن شغل الذمة بالصلاة متيقن، و مع الصلاة إلى جانب المرأة لا يحصل يقين البراءة،و برواية أبي بصير و قد تقدمت.

و بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،انه سئل عن الرجل [يستقيم] (2)له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟قال:«لا يصلي حتى يجعل بينه و بينها أكثر من عشرة أذرع،و إن كانت عن يمينه أو يساره جعل بينه و بينها مثل ذلك، فإن كانت تصلي خلفه فلا بأس،و إن كانت تصيب ثوبه،و إن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت» (3).

و بما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله،انه قال:(أخرهن من حيث أخرهن الله)فأمر بتأخيرهن،فمن خالف ذلك وجب أن يبطل صلاته،و بهذا احتج أبو حنيفة (4).و بأنه أخطأ الموقف،إذ موقفه متقدم على موقفها فتبطل صلاته،كما لو أخطأ الموقف في الإمام فصلى قدام إمامه.

و الجواب عن الأول:منع الإجماع مع وجود الخلاف.

و عن الثاني:ان البراءة المتيقنة إنما تكون بفعل ما أمر به قطعا من الأركان و الأفعال الواجبة،و نحن نقول بحصولها منه.

و عن الثالث:ان رواية أبي بصير مع سلامة سندها لا تدل على التحريم.

و أيضا:فإنه قدر فيها البعد بينهما بشبر أو ذراع،و الشيخ لا يقول به.

و عن الرابع:بضعف سندها،فإن رواتها فطحية.و أيضا:فنحملها على الكراهية

ص:306


1- 1الخلاف 1:210 مسألة 10.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:231 حديث 911،الاستبصار 1:399 حديث 1526،الوسائل 3:430 الباب 7 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:184،شرح فتح القدير 1:313.

جمعا بين الأدلة.

و عن الخامس:انه غير منقول من طرقنا،فلا تعويل عليه،و لا يصح احتجاج أبي حنيفة به،لأنه إذا وجب عليه أن يؤخرها وجب عليها أن تتأخر،و لا فرق بينهما بل الأولى أن يقول ان المنهي إنما هو المرأة عن التقدم،فإذا لم تبطل صلاتها بفعل ما نهيت عنه،فالأولى أن لا تبطل صلاة من يليها.و قياس أبي حنيفة باطل،لأن المأموم إذا تقدم الإمام كان واقفا في غير موقف المأموم بحال،و هاهنا وقف موقف المأموم بحال فلم يبطل الصلاة.و أيضا:عدم التقدم هناك لمعنى مفقود هنا و هو التطلع على أحوال الإمام ليتابع.

فروع:
الأول:

لو كانت قدامه قائمة،أو نائمة،أو جالسة،أو على أي حال كان و هي غير مصلية،لم تبطل الصلاة إجماعا.

الثاني:

لو صلت قدامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما حائل أو بعد عشرة أذرع فما زاد لم تبطل صلاة واحد منهما إجماعا.و كذا لو صلت متأخرة عنه و لو بشبر أو بقدر مسقط الجسد.

الثالث:

لو كانا في موضع لا يمكن التباعد،صلى الرجل أولا،ثمَّ المرأة استحبابا عندنا،و عند الشيخ وجوبا (1).

روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا؟فقال:«لا،و لكن يصلي الرجل،فإذا فرغ صلت المرأة» (2).

ص:307


1- 1النهاية:101.
2- 2) التهذيب 2:231 حديث 907،الاستبصار 1:399 حديث 1522،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [1]

و لو عكس ذلك فصلت المرأة أولا،ثمَّ الرجل صحت صلاتهما إجماعا.

الرابع:

قال الشيخ في المبسوط:لو صلت خلف الإمام بطلت صلاة من إلى جانبيها،و من يحاذيها،و من إلى خلفها دون غيرهم (1).

و لو صلت إلى جنبه بطلت صلاتهما و صلاة الامام،و لا تبطل صلاة المأمومين.

و يلزم على مذهبه بطلان صلاة من يحاذيها من ورائها.

الخامس:روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأة بحياله تصلي معه و هي تحسب انها العصر،هل يفسد ذلك على القوم؟و ما حال المرأة في صلاتها معهم و قد كانت صلت الظهر؟قال:«لا يفسد ذلك على القوم و تعيد المرأة الصلاة» (2).و وجه هذه الرواية ان المرأة منهية عن هذا الموقف فيختص الفساد بها،لكنا لما بينا (3)ان ذلك مكروه،حملنا ذلك الأمر على الاستحباب.

البحث الثاني:فيما تجوز الصلاة فيه من المكان
مسألة:الأمكنة على خمسة أضرب.

منها:ما تحرم الصلاة فيه،و قد (4)تقدم.

و منها:ما تكره الصلاة فيه.

ص:308


1- 1المبسوط 1:86. [1]
2- 2) التهذيب 2:232 حديث 913،و 379 حديث 1583،الوسائل 3:432 الباب 9 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) راجع ص 306.
4- 4) تقدم في ص 297. [3]

و منها:ما تجب الصلاة فيه و هو موضع واحد لصلاة واحدة،و هي ركعتا الطواف في المقام على ما يأتي،و يلحق به الصلاة المنذورة في المواضع المعينة بالنذر.

و منها:ما تستحب الصلاة فيه و هو المساجد و مواطن العبادات.

و منها:ما تجوز الصلاة فيه،و هو ما عدا ما ذكرناه،قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي:جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و نصرت بالرعب،و أحل لي المغنم،و أعطيت جوامع الكلم،و أعطيت الشفاعة» (1)فتجوز الصلاة في المواضع كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة فيها.

مسألة:و لا خلاف بين أهل العلم في ان المكتوبة في المسجد أفضل

إلا في الكعبة،لما ثبت عن الرسول صلى الله عليه و آله من المواظبة على ذلك و حثه على الصلاة في مسجده مع الجماعة.

روى الشيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«هم رسول الله صلى الله عليه و آله بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم و لا يصلون الجماعة،فأتاه رجل أعمى فقال:يا رسول الله اني ضرير البصر و ربما أسمع النداء و لا أجد من يقودني إلى الجماعة و الصلاة معك؟فقال له النبي صلى الله عليه و آله:شد من منزلك إلى المسجد حبلا و احضر الجماعة» (2)و لأنه موضع العبادة،فكان إيقاعها فيه أولى.

ص:309


1- 1الفقيه 1:155 حديث 724،الخصال:292 حديث 56،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التيمم،حديث 4،و [1]ج 3:422 الباب 1 من أبواب مكان المصلي،حديث 2.و من طريق العامة، انظر: صحيح البخاري 1:91،صحيح مسلم 1:370 حديث 521،سنن النسائي 1:209،سنن الدارمي 1:322. [2]
2- 2) التهذيب 3:266 حديث 753،الوسائل 5:377 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة،حديث 9. [3]

و قد روي في ذلك شيء كثير (1)يأتي بعضه إن شاء الله تعالى.

أما النافلة،فذهب علماؤنا إلى أن إيقاعها في المنزل أفضل،لأن إيقاعها في حال الاستتار يكون أبلغ في الإخلاص،كما في قوله تعالى :«إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» (2).

و روى زيد بن ثابت،قال:جاء رجال يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله،فخرج مغضبا و أمرهم أن يصلوا النوافل في بيوتهم (3).

و روى زيد بن ثابت،عنه عليه السلام،قال:(أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) (4).و لأن المقتضي للاستحباب فعل الفريضة في المسجد و هو الجماعة مفقود في النوافل،فلا يكون فعلها فيه مستحبا،و خصوصا نافلة الليل.قاله الشيخ (5).

مسألة:تكره الصلاة في الحمام.

ذهب إليه أكثر علمائنا (6).و هو مذهب الشافعي (7).

و قال أبو الصلاح من علمائنا:لا تجوز الصلاة فيه (8).و هو مذهب أحمد (9).

لنا على الجواز:ما رواه الجمهور و الخاصة من قوله عليه السلام:(جعلت لي

ص:310


1- 1الوسائل 5 الباب 1،2 من أبواب صلاة الجماعة. [1]
2- 2) البقرة:271. [2]
3- 3) صحيح البخاري 8:34،صحيح مسلم 1:539 حديث 781،سنن أبي داود 2:69 حديث 1447، مسند أحمد 5:187.
4- 4) صحيح البخاري 8:34،صحيح مسلم 1:539 حديث 781،سنن أبي داود 2:69 حديث 1447، [3]مسند أحمد 5:187. [4]
5- 5) المبسوط 1:162.
6- 6) منهم:الشيخ الطوسي في المبسوط 1:85،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن البراج في المهذب 1:75.
7- 7) الام 1:92،المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:57.
8- 8) الكافي في الفقه:141.
9- 9) المغني 1:753،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512، المحلى 4:32،نيل الأوطار 2:137.

الأرض مسجدا) (1)و هو يدل بإطلاقه على صورة النزاع.

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام،عن الصلاة في بيت الحمام؟قال:«إذا كان موضعا نظيفا فلا بأس» (2)و لأنه محل طاهر،فصحت الصلاة فيه كغيره.

و ما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،عن الصلاة في بيت الحمام،فقال:«إن كان الموضع نظيفا فلا بأس» (3).

احتج أبو الصلاح بما رواه عبد الله بن الفضل (4)،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«عشرة مواضع لا يصلى فيها:الطين،و الماء،و الحمام،و القبور، و مسان الطريق،و قرى النمل،و معاطن الإبل،و مجرى الماء،و السبخ،و الثلج» (5)و النهي يدل على التحريم.

ص:311


1- 1الفقيه 1:155 حديث 724،الخصال:292 حديث 56،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التيمم،حديث 4 و [1]ج 3:422 الباب 1 من أبواب مكان المصلي،حديث 2.و من طريق العامة،انظر: صحيح البخاري 1:91،119،صحيح مسلم 1:370 حديث 521،سنن ابن ماجه 1:187 حديث 567،سنن أبي داود 1:132 حديث 489،سنن الترمذي 2:131،ذيل حديث 317،سنن النسائي 1: 209،سنن الدارمي 1:322.
2- 2) التهذيب 2:374 حديث 1554،الاستبصار 1:395 حديث 1505،الوسائل 3:466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:156 حديث 727،الوسائل 3:466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) عبد الله بن الفضل بن ببة بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب:أبو محمد النوفلي الهاشمي، روى عن أبي عبد الله ثقة.قاله النجاشي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،إلا أنه حذف كلمة(ابن)بين عبد الله و بين ببة،و قال المحقق الأردبيلي و المحقق الخوئي باتحاده مع عبد الله بن الفضل الهاشمي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). رجال النجاشي:223،رجال الطوسي:222،رجال العلامة:111، [4]جامع الرواة 1:499، [5]معجم رجال الحديث 10:289. [6]
5- 5) الكافي 3:390 حديث 12، [7]التهذيب 2:219 حديث 863،الاستبصار 1:394 حديث 1504، الوسائل 3:441 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 6،7. [8]

و احتج أحمد (1)بما رواه أبو داود،عن النبي صلى الله عليه و آله بإسناده،قال:

(الأرض كلها مسجد إلا الحمام،و المقبرة) (2).

و الجواب عن الأول:ان المراد الكراهية.على ان سنده ضعيف.

و عن الثاني بعد تسليم النقل:انه يحتمل الاستثناء الكراهية،و يجوز استثناء مثلها من الجائز لزيادتها في المعنى عليه.

فروع:
الأول:

لو صلى في الحمام صحت صلاته و هو ظاهر على قولنا.قال أبو الصلاح:و في صحة الصلاة (3)نظر،و وجهه انه قد نهي عن الصلاة فيه،و النهي يدل على الفساد.

و جوابه:انه إنما يدل على الفساد لو كان النهي نهي تحريم،أما نهي الكراهة فلا.

و هاهنا سؤال صعب،و هو أن يقال:ان الصلاة في مثل هذا المكان و إن كانت مكروهة لو أجزأت لزم اجتماع الضدين،أعني الكراهة و الوجوب في الفعل الواحد كما قلنا في الصلاة في المكان المغصوب (4)،و لا يلتفت إلى من يعتذر بأن النهي في المكان المغصوب للتحريم،و هاهنا للكراهة،لأنه لا فرق بينهما في مضادة الوجوب.

بل الجواب أن نقول (5):قد وقع الاتفاق على صحة هذه الصلاة،فيجب صرف النهي إلى وصف منفك عنها،ككونه محلا للنجاسات و الأوساخ غالبا،أو كونه مأوى

ص:312


1- 1المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139، [1]نيل الأوطار 2: 136.
2- 2) سنن أبي داود 1:132 حديث 492.
3- 3) الكافي في الفقه:141.
4- 4) راجع ص 298 و ما بعدها. [2]
5- 5) «ح»:يقال.

الشيطان على ما قيل (1)،و هو منفك عن الصلاة بخلاف الصلاة في المكان المغصوب، فإنه نهي عنه لكونه تصرفا و هو جزء من الصلاة.

الثاني:

لا بأس بالصلاة في المسلخ و ليس مكروها.و قال بعض الجمهور:إن عللت الكراهة في الحمام بالنجاسة خرج المسلخ،و إن عللت بكونه مأوى الشيطان لكشف عورات الناس فيه فالمسلخ داخل في الكراهية،لأن العورات تكشف في المسلخ (2).

و لنا:ان النهي اختص بالحمام،فيتبع الاشتقاق.

الثالث:

لا بأس بالصلاة على سطح الحمام،لأن النهي يتناول الحمام،فيقتصر عليه.

و أيضا:إن كان النهي تعبدا اقتصر على مورده،و إن كان لمعنى فليس إلا ما ذكرنا (3)من الأمرين،و هما منتفيان على السطح.

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة عليه،و كذا قال في المسلخ،لأن الهواء تابع للقرار، فيثبت فيه حكمه،فإنه لو حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث (4).

و الجواب:المنع من ذلك.و سيأتي عدم الحنث.

الرابع:

لو كان الموضع الذي يصلي فيه من الحمام نجسا و علمه لم تصح صلاته فيه قولا واحدا.و لو كان طاهرا صحت صلاته على قول الأكثر (5).و لو شك في طهارته و نجاسته عمل على الأصل.

مسألة:و تكره الصلاة في المقابر.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال علي عليه

ص:313


1- 1المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:162،نيل الأوطار 2:137.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
4- 4) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
5- 5) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،المدونة الكبرى 1:90،المهذب للشيرازي 1: 63،بدائع الصنائع 1:115.

السلام،و ابن عباس،و ابن عمر،و عطاء،و النخعي،و ابن المنذر (1).

و قال الشافعي:إن علم انه قد تكرر الدفن في القبر و نبش لم يجز الصلاة عليه (2)، و لو صلى بطلت،و إن كان جديدا لم ينبش كرهت الصلاة عليه،و إن لم يعلم هل تكرر الدفن فيه أم لا؟ففي صحة الصلاة عليه أو إلى جنبه قولان:قال في الأم:لا يجوز (3)،و قال في الإملاء:يجوز (4).

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة مطلقا (5).

لنا:على الجواز قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (6)و هو يدل بمفهوم إطلاقه على صورة النزاع.

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معمر بن خلاد،عن الرضا عليه السلام،قال:

«لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة» (7).

و ما رواه في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟قال:«لا بأس» (8)و لأنها أرض طاهرة، فصحت الصلاة فيها كغيرها.

ص:314


1- 1المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،المجموع 3:158.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:158.
3- 3) الام 1:92.
4- 4) المجموع 3:158.
5- 5) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489، المحلى 4:32،المجموع 3:158،نيل الأوطار 2:136.
6- 6) تقدم في ص 310.
7- 7) التهذيب 2:228 حديث 897،الاستبصار 1:397 حديث 1514،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
8- 8) التهذيب 2:374 حديث 1555،الاستبصار 1:397 حديث 1515،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]

و على الكراهية:حديث عبد الله بن الفضل،و قد تقدم (1).

و ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل يصلي بين القبور؟قال:«لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه و بين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه،و عشرة أذرع من خلفه و عشرة أذرع عن يمينه،و عشرة أذرع عن يساره،ثمَّ يصلي إن شاء» (2).

احتج الشافعي بأنها مع تطاول المدة يكثر الدفن فيها،فلا ينفك عن صديد الميت و أجزائه و هي نجسة (3).

و احتج أحمد (4)بما رواه أبو سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:

(الأرض كلها مسجد إلا المقبرة،و الحمام) (5).

و الجواب عن الأول:انا نقطع بالطهارة بالأصل،فلا يزول بتوهم مخالطة أجزاء الميت للتراب.و لو سلم لكنا قد بينا أن طهارة الموضع ليس شرطا (6).

و عن الثاني:انه محمول على الكراهية.

فروع:
الأول:

لا فرق بين المقبرة الجديدة و العتيقة في كراهية الصلاة و إجزائها،و قد

ص:315


1- 1تقدم في ص 311. [1]
2- 2) التهذيب 2:227 حديث 896،الاستبصار 1:397 حديث 1513،الوسائل 3:453،الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) الام 1:92،المهذب للشيرازي 1:63.
4- 4) المغني 1:753،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:512.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 745،سنن أبي داود 1:132 حديث 492،سنن الترمذي 2:131 حديث 317،مسند أحمد 3:83،96، [4]سنن الدارمي 1:323، [5]كنز العمال 7:343 حديث 19187.
6- 6) تقدم في ص 300.

فرق الشافعي بينهما،و قد ذكرناه،و أحمد لم يفرق بينهما في البطلان (1).و نقل الشيخ، عن بعض علمائنا مثل مذهب أحمد (2)،لرواية عمار.و دليلنا ما تقدم.

الثاني:

لو كان في الموضع قبر أو قبران لم يكن بالصلاة فيها بأس إذا تباعد عن القبر بنحو من عشرة أذرع،أو جعل بينه و بين القبر حائلا بلا خلاف.

أما عندنا فظاهر،و أما عند أهل الظاهر فلأنها بالواحد و الاثنين لا يسمى مقبرة (3)،فلا يتناولها النهي.

الثالث:

لو نقلت القبور منها إلى موضع آخر جازت الصلاة فيها،و هو عندنا ظاهر،و عند أهل الظاهر (4)،لأنها خرجت عن اسم المقبرة،و لأن مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله كانت فيه قبور المشركين فنبشت (5)،رواه الجمهور.

الرابع:

لو بني مسجد في المقبرة لم تزل الكراهية،لأنها لم تخرج بذلك عن الاسم.

الخامس:

تكره الصلاة إلى القبور،و أن يتخذ القبر مسجدا يسجد (6)عليه.و قال ابن بابويه:لا يجوز فيهما (7).و هو قول بعض الجمهور (8).

ص:316


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:491، نيل الأوطار 2:136.
2- 2) الخلاف 1:186 مسألة 237.
3- 3) نيل الأوطار 2:136.
4- 4) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
5- 5) صحيح البخاري 1:117،و ج 3:26،و ج 5:86،صحيح مسلم 1:373 حديث 524،سنن ابن ماجه 1:245 حديث 742،سنن أبي داود 1:123 حديث 453،سنن النسائي 3:40،مسند أحمد 3:123،212، [1]نيل الأوطار 2:152 حديث 3.
6- 6) «م»:ليسجد.
7- 7) الفقيه 1:156.
8- 8) المغني 1:753، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:512، [3]المجموع 3:158،الكافي لابن قدامة 1:139، الإنصاف 1:489،المحلى 4:32،نيل الأوطار 2:136.

لنا على الجواز:الأصل،و ما رواه الجمهور،عن أبي ذر،قال:قلت:يا رسول الله،أي مسجد وضع في الأرض أول؟قال:(المسجد الحرام)قلت:ثمَّ أي؟قال:

(المسجد الأقصى)قلت:كم بينهما؟و قال:(أربعون سنة)و قال:(و حيثما أدركت فصل) (1).

و في حديث حذيفة عنه عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا) (2)و لم يستثن.

و على الكراهية:ما رواه الجمهور،عن أبي مرثد الغنوي (3)أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(لا تصلوا إلى القبور و لا تجلسوا إليها) (4)(5).

و عن علي عليه السلام،قال:(نهاني حبيبي أن أصلي في مقبرة،أو في أرض بابل،فإنها أرض ملعونة) (6).

و عن عائشة و عبد الله بن عباس،قالا:لما حضرت رسول الله صلى الله عليه و آله الوفاة كشف وجهه و قال:(لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (7).

و عنه عليه السلام،انه قال:«ان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم

ص:317


1- 1صحيح البخاري 4:197،صحيح مسلم 1:370 حديث 520،سنن ابن ماجه 1:248 حديث 753، سنن النسائي 2:32،مسند أحمد 5:150،156،157،160،166. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:371 حديث 522 بتفاوت يسير.
3- 3) كناز بن الحصين بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن سعد.أبو مرثد الغنوي،حليف حمزة بن عبد المطلب، شهد بدرا،روى عن النبي(ص)و روى عنه واثلة بن الأسقع. أسد الغابة 5:294، [2]تهذيب التهذيب 8:448. [3]
4- 4) في المصدر:عليها.
5- 5) صحيح مسلم 2:668 حديث 972،سنن أبي داود 3:217 حديث 3229، [4]سنن الترمذي 3:367. حديث 1050-1051،سنن النسائي 2:67،مسند أحمد 4:135، [5]نيل الأوطار 2:137 حديث 4.
6- 6) سنن أبي داود 1:132 حديث 490.
7- 7) صحيح البخاري 1:116،و ج 2:111،128،صحيح مسلم 1:377 حديث 531،سنن أبي داود 3: 216 حديث 3227، [6]الموطأ 1:172 حديث 85، [7]سنن النسائي 2:40،سنن الدارمي 1:326. [8]

و صلحائهم مساجد،ألا فلا تتخذوا القبور مساجد اني أنها كم عن ذلك) (1).

و احتج المانع بهذه الأحاديث و بحديث عمار و معمر بن خلاد،و قد تقدما (2).

و الجواب:ان ذلك محمول على الكراهية،إذ القصد بذلك النهي عن التشبه بمن تقدمنا في تعظيم القبور،بحيث يتخذ مساجد،و من صلى لا لذلك لم يكن قد فعل محرما،إذ لا يلزم من المساواة التحريم،كالسجود لله تعالى المساوي للسجود للصنم في الصورة.

السادس:

قال الشيخ:قد رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة عليهم السلام (3).و الأصل الكراهية،و الرواية رواها الشيخ،عن محمد بن عبد الله الحميري (4)،قال:كتبت إلى الفقيه عليه السلام،أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟و هل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟فأجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت:«أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة،بل يضع خده الأيمن على القبر،و أما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام و لا يجوز أن يصلي بين يديه،لأن الإمام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله» (5).

ص:318


1- 1صحيح مسلم 1:379 حديث 532،كنز العمال 7:344-345 حديث 19193-19195،نيل الأوطار 2:139 حديث 6.
2- 2) تقدما في ص 314-315.
3- 3) النهاية:99، [1]المبسوط 1:85. [2]
4- 4) محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جعفر بن جامع بن مالك الحميري:أبو جعفر القمي،كان ثقة وجها كاتب صاحب الأمر(عج)و سأله مسائل،عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم ثلاث مرات، و قال في الفهرست:له مصنفات،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:354،رجال الطوسي:494،507،513،الفهرست:156، [3]رجال العلامة:157. [4]
5- 5) التهذيب 2:228 حديث 898،الوسائل 3:454 الباب 26 من أبواب مكان المصلي،حديث 1،2. [5]

و اعلم انّ المراد بقوله:(لا يجوز أن يجعله خلفه)الكراهية لا التّحريم،و يفهم من ذلك كراهية الاستدبار له في غير الصّلاة.

السّابع:

لو كان بينه و بين القبر حائل أو بعد عشرة أذرع لم يكن بالصّلاة إليه بأس،أمّا مع الحائل فلأنّ القبر يخرج عن كونه قبلة،و لأنّه كان يلزم الكراهية و لو كان بينهما جدران متعدّدة.و أمّا البعد فلرواية عمّار (1).

مسألة:و تكره الصّلاة في معاطن الإبل.

ذهب إليه أكثر علمائنا (2)،و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و مالك (5).

و قال:أبو الصّلاح من علمائنا:لا تجوز الصّلاة فيها (6).و هو مذهب أهل الظّاهر (7).

لنا على الجواز:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على كون الأرض مسجد إلاّ ما أخرجناه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة،قال:سألته عن الصّلاة في أعطان الإبل،و في مرابض البقر و الغنم؟فقال:«إن نضحته بالماء و قد كان يابسا فلا بأس بالصّلاة فيها،فأمّا مرابض الخيل و البغال فلا» (9)و لأنّها أرض طاهرة

ص:319


1- 1التّهذيب 2:227 حديث 896،الاستبصار 1:397 حديث 1513،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلّي،حديث 5.
2- 2) منهم:الطّوسيّ في المبسوط 1:85،و [1]سلاّر في المراسم:65،و ابن البرّاج في المهذّب 1:75.
3- 3) الامّ 1:93،المهذّب للشّيرازيّ 1:63،المجموع 3:161.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:207،بدائع الصّنائع 1:115.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:90،بداية المجتهد 1:117.
6- 6) الكافي في الفقه:141. [2]
7- 7) المحلّى 4:24.
8- 8) تقدّم في ص 311،314.
9- 9) التّهذيب 2:220 حديث 867،الاستبصار 1:395 حديث 1506،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [3]

لا تنجس (1)بأبوال الإبل و أرواثها لما بيّنّا من طهارتهما (2)،فصحّت الصّلاة فيها كغيرها.

و على الكراهية:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة في أعطان الإبل؟فقال:«إن تخوّفت الضّيعة على متاعك فاكنسه و انضحه و صلّ،و لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم» (3)فاشتراط الخوف في الصلاة فيها دليل على استحباب اجتنابها.

احتج أبو الصلاح برواية عبد الله بن الفضل،و قد تقدمت (4).

و احتج أحمد (5)بما رواه عبد الله بن مغفل،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:

(إذا أدركتم الصلاة و أنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة و بركة،و إذا أدركتم الصلاة و أنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت،ألا ترونها إذا انفردت كيف تشمخ بأنفها) (6).

و عن جابر بن سمرة (7):ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و آله:أ نصلي

ص:320


1- 1«ع»«ح»«ق»:تتنجس.
2- 2) تقدم بيانه في الجزء الثالث ص 172.
3- 3) التهذيب 2:220 حديث 868،الاستبصار 1:395 حديث 1507،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
4- 4) تقدمت في ص 311. [2]
5- 5) المغني 1:753.
6- 6) الام 1:92،سنن البيهقي 2:449،كنز العمال 7:340 حديث 19167.
7- 7) جابر بن سمرة بن جنادة،و يقال:ابن عمرو بن جندب بن حجير بن رئاب.السوائي:أبو عبد الله، و يقال:أبو خالد،روى عن النبي(ص)و عن أبيه و خاله سعد بن أبي وقاص و عمر و علي(ع)،و روى عنه سماك بن حرب و تميم بن طرفة،و جعفر بن أبي ثور.مات سنة 73 ه،و قيل:76،و قيل غيره. أسد الغابة 1:254، [3]تهذيب التهذيب 2:39. [4]

في مرابض الغنم؟قال:(نعم)قال:أ نصلي في مبارك الإبل؟قال:(لا) (1).

و عن البراء قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين) (2)و النهي يقتضي التحريم.

و الجواب عن ذلك كله:ان النهي للكراهة،جمعا بين الأدلة.

فروع:
الأول:

معاطن الإبل هي مباركها حول الماء ليشرب عللا بعد نهل.قاله صاحب الصحاح (3).و العلل:الشرب الثاني،و النهل:الشرب الأول.و الفقهاء جعلوه أعم من ذلك و هي مبارك الإبل مطلقا التي تأوي إليها (4)،و يدل عليه ما فهم من التعليل بكونها من الشياطين.

الثاني:

لو صلى فيها صحت صلاته عندنا،و هو ظاهر.و به قال أبو الصلاح (5).

لنا:في إفساد الصلاة نظر،و وجهه ما بيناه و أجبنا عنه.و عند أحمد:تبطل الصلاة،لأنه صلى في مكان منهي عنه (6).

ص:321


1- 1صحيح مسلم 1:275 حديث 360،سنن الترمذي 2:181 حديث 349،سنن البيهقي 1:158،نيل الأوطار 2:140 حديث 7.
2- 2) سنن أبي داود 1:133 حديث 493،سنن الترمذي 2:181 ذيل حديث 349،كنز العمال 7:341. حديث 19170،جامع الأصول 6:311،حديث 3662،نيل الأوطار 2:140 ذيل حديث 7.
3- 3) الصحاح 6:2165. [1]
4- 4) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513،المجموع 3:160،المحلى 4:24،نيل الأوطار 2: 141.
5- 5) الكافي في الفقه:141.
6- 6) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489، المحلى 2:26،نيل الأوطار 2:141.

و الجواب:ان النهي للتنزيه و الكراهة لا للتحريم.

الثالث:

المواضع التي تبيت فيها الإبل في سيرها،أو تناخ لعلفها أو وردها، الوجه انها لا بأس بالصلاة فيها،لأنها لا تسمى معاطن الإبل.

الرابع:

لو صلى إلى هذه المواضع لم يكن به بأس و ليس مكروها،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (2)و هو يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته.

احتج المانع بالقياس على الصلاة إلى القبور (3).

و الجواب:ان النهي في القبور إن كان تعبدا فهو غير معقول المعنى،فلا يصح فيه القياس،و إن كان لمعنى التشريف لأرباب القبور فذلك غير موجود في صورة النزاع، فلا تصح أيضا.

الخامس:

لو صلى على مكان مرتفع و تحته معطن لم يكن بالصلاة فيه بأس، خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:ان النهي يتناول المعاطن و هو إنما يتناول مواضع البروك.

احتج المخالف بأن الهواء تابع للقرار (5).

و الجواب قد سلف (6).

أما لو عمل مسجدا،ثمَّ حدث عطن تحته فإنه لا بأس بالصلاة فيه إجماعا،لأن

ص:322


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
2- 2) تقدم في ص 311.
3- 3) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
4- 4) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
5- 5) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
6- 6) تقدم في ص 313. [1]

الهواء هنا لا يتبع ما حديث بعده.

السادس:

لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم و ليس مكروها،ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و هو قول ابن عمر (2)،و جابر بن سمرة (3)،و الحسن،و مالك،و إسحاق و أبي ثور (4)،و الشافعي (5)،و أبي حنيفة (6)،و أحمد (7).

و قال أبو الصلاح:لا تجوز الصلاة فيها (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أسيد بن حضير ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:

(صلوا في مرابض الغنم و لا تصلوا في مبارك الإبل) (9).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في مرابض الغنم؟فقال:«صل فيها» (10).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم» (11).

احتج أبو الصلاح بما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة قال:سألته عن الصلاة في أعطان الإبل و في مرابض البقر و الغنم؟فقال:«إن نضحته بالماء و قد كان يابسا فلا

ص:323


1- 1منهم الطوسي في المبسوط 1:86. [1]
2- 2) المغني 1:753،سنن ابن ماجه 1:166،سنن الترمذي 2:181،نيل الأوطار 2:140.
3- 3) المغني 1:753،المجموع 3:160،نيل الأوطار 2:140.
4- 4) المغني 1:753.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:161،المغني 1:753.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:207،بدائع الصنائع 1:115،المغني 1:753.
7- 7) المغني 1:753،سنن الترمذي 2:181.
8- 8) الكافي في الفقه:141. [2]
9- 9) كنز العمال 7:342 حديث 19175،مجمع الزوائد 2:26-27،نيل الأوطار 2:140.
10- 10) الفقيه 1:157 حديث 729،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
11- 11) التهذيب 2:220 حديث 868،الاستبصار 1:395 حديث 1507،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

بأس بالصلاة فيها،فأما مرابض الخيل و البغال فلا» (1)و هذا يدل على اشتراك مرابض الغنم و أعطان الإبل في الحكم،و قد ثبت تحريم الصلاة في الأعطان،فكذا في المرابض.

و الجواب:أما أولا:فالرواية ضعيفة السند،فإن سماعة واقفي و رواها عنه زرعة و هو واقفي.

و أما ثانيا:فلأن سماعة لم يسندها إلى إمام.

و أما ثالثا:فلأنا نمنع تحريم الصلاة في المعان،و قد سلف (2).

و أما رابعا:فلا نسلم الاشتراك لو ثبت التحريم هناك.

السابع:

يكره الصلاة في مرابط الخيل،و البغال،و الحمير سواء كانت وحشية، أو إنسية.و قال أبو الصلاح:لا يجوز (3).و الشيخ في بعض كتبه يذهب إلى وجوب الاحتراز عن أبوالها و أرواثها،فيلزمه المنع من الصلاة فيها (4).

لنا:ما تقدم من بيان طهارة أبوالها و أرواثها (5)،فيبقي المقتضي سالما عن المعارض.

احتج أبو الصلاح برواية سماعة.و الجواب قد تقدم.

الثامن:

يكره الصلاة في بيت فيه كلب،لما رواه ابن بابويه،عن الصادق عليه السلام قال:«لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب الصيد و أغلقت دونه بابا فلا بأس،فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب،و لا بيتا فيه تماثيل،و لا بيتا فيه بول مجموع في آنية» (6).

ص:324


1- 1التهذيب 2:220 حديث 867،الاستبصار 1:395 حديث 1506،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) راجع ص 321.
3- 3) الكافي في الفقه:141. [2]
4- 4) النهاية:151. [3]
5- 5) تقدم في الجزء الثالث ص 172.
6- 6) الفقيه 1:159 حديث 744،الوسائل 3:465 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [4]

و روى الشيخ،عن محمد بن مروان،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:ان جبرئيل أتاني فقال:إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب،و لا تمثال جسد،و لا إناء يبال فيه» (1).و نفور الملائكة يؤذن بكونه ليس موضع رحمة،فلا يصلح أن يتخذ للعبادة.

التاسع:

يكره الصلاة في معاطن الإبل و إن لم يكن فيها إبل في حال الصلاة، لأنها بانتفائها عنها لا يخرج عن اسم المعطن،إذ كانت تأوي إليها.

مسألة:تكره الصلاة في بيوت الغائط،

لأنها لا تنفك عن النجاسة،و لأن الصلاة في الحمام إنما كرهت عند بعضهم (2)لتوهم النجاسة،فمع تيقنها يكون الحكم أولى،و لأنه قد منع من ذكر الله تعالى فيها،فالصلاة أولى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن الفضيل بن يسار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة القذرة؟فقال:«تنح عنها ما استطعت و لا تصل على الجواد» (3)و لما تقدم من الأحاديث الدالة على نفور الملائكة عن بيت يبال فيه (4).

فروع:
الأول:

تكره الصلاة في المزبلة و هي الموضع الذي يجمع فيه الزبل،لعدم انفكاكه عن النجاسة.

و روى الجمهور،عن رسول الله صلى الله عليه و آله:(انه قال:«سبعة مواطن لا يجوز

ص:325


1- 1التهذيب 2:377 حديث 1570،الوسائل 3:464 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
3- 3) التهذيب 2:226 حديث 893،و ص 376 حديث 1563،الوسائل 3:460 الباب 31 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) تقدم في ص 324.

فيها الصلاة:ظهر بيت الله تعالى،و المقبرة،و المزبلة،و المجزرة،و الحمام،و عطن الإبل،و محجة الطريق) (1)رواه ابن عمر.

الثاني:

لا بأس بالصلاة على سطح الحش.خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:ان المقتضي إنما هو الخبث و هو غير موجود في السطح.

احتج بأن الهواء تابع (3)،و قد تقدم جوابه (4).

الثالث:

يكره أن يصلي إلى الحش،لما رواه الشيخ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها؟ فقال:«إن كان نزه من البالوعة فلا تصل فيه،و إن كان نزه من غير ذلك فلا بأس» (5)و هذا يدل بمفهومه على المطلوب.

الرابع:

يكره الصلاة في بيت يبال فيه،لأن الصادق عليه السلام علل النهي عن الصلاة فيه و فيه كلب بنفور الملائكة و حكم عليه السلام بنفورهم عنه و فيه بول (6).

مسألة:يكره الصلاة في بيوت المجوس،

لأنها لا تنفك عن النجاسات.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي جميلة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل في بيت فيه مجوسي و لا بأس في بيت فيه يهودي،أو نصراني» (7).

ص:326


1- 1سنن ابن ماجه 1:246 حديث 746-747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،كنز العمال 7:339 حديث 19166،نيل الأوطار 2:142 حديث 8.
2- 2) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515،الإنصاف 1:492. [1]
3- 3) المغني 1:515،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،الإنصاف 1:493،الكافي لابن قدامة 1:141. [2]
4- 4) تقدم في ص 313.
5- 5) التهذيب 2:221 حديث 871،الوسائل 3:444،الباب 18 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
6- 6) الفقيه 1:159 حديث 744،الوسائل 3:465 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [4]
7- 7) التهذيب 2:377 حديث 1571،الوسائل 3:442 الباب 16 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [5]
فروع:
الأول:

لا بأس بالصلاة في البيت إذا كان فيه يهودي،أو نصراني،لأنهم أهل كتاب ففارقوا المجوس.و يؤيده رواية أبي جميلة.

الثاني:

لو اضطر إلى الصلاة في بيت المجوسي صلى فيه بعد أن يرش الموضع بالماء على جهة الاستحباب،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في بيوت المجوس؟فقال:«رش و صل» (1).

الثالث:

لا بأس بالصلاة في البيع و الكنائس.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول الحسن البصري،و عمر بن عبد العزيز،و الشعبي،و الأوزاعي (2)،و كره مالك ذلك (3).

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (4).و هو يدل على صورة النزاع.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن العيص بن القاسم،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البيع و الكنائس يصلى فيها؟فقال:«نعم»و سألته هل يصلح بعضها مسجدا؟قال:«نعم» (5).

و عن حكم بن الحكم قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول و سئل عن الصلاة في البيع و الكنائس؟فقال:«صل فيها قد رأيتها ما أنظفها»قلت:أ يصلي فيها

ص:327


1- 1التهذيب 2:222 حديث 877،الوسائل 3:439 الباب 14 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) المغني 1:759،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،المجموع 3:158.
3- 3) المدونة الكبرى 1:90،بداية المجتهد 1:118،المغني 1:759،المجموع 3:158،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.
4- 4) تقدم في ص 309.
5- 5) التهذيب 2:222 حديث 874،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]

و إن كانوا يصلون فيها؟فقال:«نعم» (1).

احتج مالك بأن فيها صورا (2).

و الجواب:انا نسلم كراهية الصلاة حينئذ لوجود الصور فيها لا لكونها كنيسة.

الرابع:

الأقرب انه يستحب رش الموضع الذي يصلي فيه من البيع و الكنائس، لما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الصلاة في البيع و الكنائس،و بيوت المجوس؟فقال:«رش و صل» (3)و العطف يقتضي التشريك في الحكم.

الخامس:

تكره الصلاة في بيت فيه خمر أو مسكر،لأنه ليس محل إجابة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر» (4).

السادس:

تكره الصلاة في بيوت النيران.ذكره أكثر الأصحاب (5)لئلا يحصل التشبه بعباد النيران.و قال أبو الصلاح بالتحريم (6).

مسألة:و تكره الصلاة في جواد الطرق.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (7).

ص:328


1- 1التهذيب 2:222 حديث 876،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) المدونة الكبرى 1:91،المغني 1:759،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.
3- 3) التهذيب 2:222 حديث 875،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:220 حديث 864 و ص 377 حديث 1568،الوسائل 3:449 الباب 21 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) منهم:الطوسي في النهاية:100،و [4]ابن البراج في المهذب 1:76،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن إدريس في السرائر:58.
6- 6) الكافي في الفقه:141. [5]
7- 7) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:162،المدونة الكبرى 1:91،المغني 1:755،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة فيها (1).

لنا:ما رواه الجمهور،من قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا)و رواه الخاصة أيضا (2).

و على الكراهية أيضا:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بأن يصلي بين الظواهر و هي الجواد،جواد الطرق (3)و يكره أن يصلى في الجواد» (4).

و في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الصلاة في ظهر الطريق؟فقال:«لا بأس أن تصلي في الظواهر التي بين الجواد،فأما على الجواد فلا تصل فيها» (5).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر؟فقال:«لا تصل على الجادة و اعتزل على جانبيها» (6).

احتج أحمد (7)بما رواه ابن عمر،عن الرسول صلى الله عليه و آله:(لا تجوز الصلاة في سبع مواطن)و ذكر منها:(محجة الطريق)و في لفظ آخر:(قارعة الطريق) (8).

و محجة الطريق:هي الجادة المسلوكة.و قارعة الطريق:هي التي تقرعها الأقدام.

و فاعل هاهنا بمعنى مفعول،كالشارع.

ص:329


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:492. [1]
2- 2) تقدم في ص 309.
3- 3) «ح»:الطريق.
4- 4) التهذيب 2:375 حديث 1560،الوسائل 3:444 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 2:220 حديث 865،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 2:221 حديث 869،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [4]
7- 7) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،الكافي لابن قدامة 1:140. [5]
8- 8) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 746-747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،كنز العمال 7:339 حديث 19166،نيل الأوطار 2:142 حديث 8.

و الجواب:المراد الكراهية،على ان رواية العمري (1)و زيد بن جبيرة (2)و فيهما طعن عند أرباب الحديث.

فروع:
الأول:

لا بأس بالصلاة في الظواهر التي بين الجواد،للأحاديث (3)،و لأن النهي لم يتناولها.

الثاني:

تكره الصلاة فيها و إن لم يكثر استطراقها،لتناول اسم قارعة الطريق لها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ و ابن بابويه،عن الرضا عليه السلام،قال:«كل طريق يوطأ و يتطرق كانت فيه جادة أو لم تكن لا (4)ينبغي الصلاة فيه»قلت:فأين أصلي؟ قال:«يمنة و يسرة» (5).

الثالث:

لا فرق في الكراهية بين أن يكون في الطريق سالك وقت الصلاة أو لم

ص:330


1- 1عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني:أبو عبد الرحمن العمري،يروي عن نافع،و روى عنه العراقيون و أهل المدينة،ضعفه البخاري و ابن المديني،و قال ابن حبان:غلب عليه التعبد حتى غفل عن ضبط الأخبار مات سنة 173 ه. الضعفاء الصغير للبخاري:133،تهذيب التهذيب 5:326، [1]المجروحين لابن حبان 2:6،ميزان الاعتدال 2:465،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزي 2:133.
2- 2) زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري:أبو جبيرة المدني،روى عن أبيه و داود بن الحصين،و روى عنه الليث بن سعد و يحيى بن أيوب،قال البخاري:منكر الحديث،و قال ابن حبان:يروي المناكير عن المشاهير،و نقل في التهذيب و الميزان تضعيفه عن النسائي و الدار قطني و غيرهما. الضعفاء الصغير للبخاري:98،تهذيب التهذيب 3:400، [2]المجروحين لابن حبان 1:309،ميزان الاعتدال 2:99.
3- 3) الوسائل 3:444 الباب 19 من أبواب مكان المصلي. [3]
4- 4) «غ»«م»«ن»«ق»:فلا.
5- 5) الفقيه 1:156 حديث 728،التهذيب 2:220 حديث 866،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [4]

يكن،لعموم النهي.

الرابع:

لو بني ساباط على طريق جازت الصلاة فيه،خلافا لبعض الجمهور (1)، لأن النهي مختص بالطريق،فلا يتعداه.

مسألة:

و يستحب له أن يجعل بينه و بين ممر الطريق ساترا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامة أهل العلم.روى الجمهور،عن أبي جحيفة (2)ان النبي صلى الله عليه و آله ركزت له العنزة فتقدم و صلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار،و الكلب لا يمنع (3).

و عن طلحة بن عبيد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل و لا يبال من وراء ذلك) (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«كان طول رحل رسول الله صلى الله عليه و آله ذراعا،فكان يضعه بين يديه إذا صلى ليستره ممن يمر بين يديه» (5).

ص:331


1- 1المغني 1:757،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
2- 2) وهب بن عبيد الله:أبو جحيفة السوائي كان صاحب شرطة علي(ع)،فكان يقوم تحت منبره يوم الجمعة،روى عن النبي(ص)و عن علي(ع)و البراء بن عازب،و روى عنه ابنه عون و سلمة بن كهيل و الشعبي و غيرهم.مات سنة 74 ه. تهذيب التهذيب 11:164، [1]العبر 1:62. [2]
3- 3) صحيح البخاري 1:133،صحيح مسلم 1:360 حديث 503،سنن أبي داود 1:183 حديث 688، سنن الترمذي 1:375 حديث 197، [3]سنن النسائي 1:87 و ج 2:73،سنن الدارمي 1:328. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:358 حديث 499،سنن ابن ماجه 1:303 حديث 940،سنن أبي داود 1:183 حديث 685،سنن الترمذي 2:156 حديث 335، [5]كنز العمال 7:349 حديث 19217،نيل الأوطار 3:4 حديث 5.في بعض المصادر:بتفاوت.
5- 5) التهذيب 2:322 حديث 317،الاستبصار 1:406 حديث 1549،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [6]

و عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يجعل العنزة بين يديه إذا صلى (1).و العنزة هي العصا التي في أسفلها حديدة.

فروع:
الأول:

قد السترة ذراع تقريبا.و به قال الثوري،و أصحاب الرأي (2).

و قال أحمد:أنها قدر عظم الذراع،و هو قول مالك،و الشافعي (3).

لنا:ان النبي صلى الله عليه و آله قدرها مثل مؤخرة الرحل (4).و قال أبو عبد الله عليه السلام:«انها كانت ذراعا» (5).

أما الغلظ و الدقة فلا قدر لهما.و الأقرب الاستتار بما هو أعرض،لأن قول النبي صلى الله عليه و آله:(استتروا في الصلاة و لو بسهم) (6)يؤذن ان غيره أولى منه.

الثاني:

لو لم يجد المقدار الذي ذكرناه استحب له الاستتار بالحجر،و السهم و غيرهما.

ص:332


1- 1التهذيب 2:322 حديث 1316،الاستبصار 1:406 حديث 1548،الوسائل 3:436 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 2:68،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
3- 3) المغني 2:68،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
4- 4) صحيح مسلم 1:358 حديث 241،سنن ابن ماجه 1:303 حديث 940،سنن أبي داود 1:183 حديث 685،سنن الترمذي 2:156 حديث 335،كنز العمال 7:349 حديث 19217،نيل الأوطار 3:4 حديث 5.
5- 5) الكافي 3:296 حديث 2،التهذيب 2:322 حديث 1317،الاستبصار 1:406 حديث 1549، الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
6- 6) سنن البيهقي 2:270،مستدرك الحاكم 1:252،كنز العمال 7:346 حديث 19203،و ص 351 حديث 19225.

روى الجمهور،عن أبي سعيد،قال:كنا نستتر بالسهم و الحجر في الصلاة (1).

و روى سبرة (2)ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(استتروا في الصلاة و لو بسهم) (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«إذا صلى أحدكم بأرض فلاة فليجعل بين يديه مثل مؤخرة الرحل،فإن لم يجد فحجرا،فإن لم يجد فسهما، فإن لم يجد فليخط في الأرض بين يديه» (4).

و في الموثق،عن غياث،عن أبي عبد الله عليه السلام:«ان النبي صلى الله عليه و آله وضع قلنسوة و صلى إليها» (5).

الثالث:

لو لم يجد شيئا فليجعل بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه خطأ.

و به قال الأوزاعي،و سعيد بن جبير،و الشافعي في القديم،و أحمد.

و قال مالك،و الليث بن سعد،و أبو حنيفة:يكره الخط (6).

و قال الشافعي في الجديد:يخط بالعراق و لا يخط بمصر إلا أن يكون فيه سنة

ص:333


1- 1المغني 2:69،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
2- 2) سبرة بن معبد،و يقال:ابن عوسجة بن حرملة:أبو الربيع،صحابي نزل المدينة و أقام بذي المروة،روى عنه ابنه الربيع.مات في خلافة معاوية. أسد الغابة 2:260، [1]الإصابة 2:14.
3- 3) سنن البيهقي 2:270،مستدرك الحاكم 1:252،كنز العمال 7:346 حديث 19203،و ص 351 حديث 19225.
4- 4) التهذيب 2:379 حديث 1577،الاستبصار 1:407 حديث 1556،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 2:379 حديث 1578،الاستبصار 1:406 حديث 1550،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [3]
6- 6) المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:661،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:247، [4]المدونة الكبرى 1:113،المبسوط للسرخسي 1:192،شرح فتح القدير 1:228.

تتبع (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا،فإن لم يجد فلينصب عصا،فإن لم يكن معه عصا فليخط خطأ،ثمَّ لا يضره من مر أمامه) (2).

و من طريق الخاصة:رواية السكوني،و قد تقدمت (3).

و ما رواه الشيخ،عن محمد بن إسماعيل،عن الرضا عليه السلام في الرجل يصلي،قال:«يكون بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه بخط» (4).

الرابع:

لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و آله و لا عن الأئمة عليهم السلام صفة الخط،فعلى أي كيفية فعله المصلي أصاب السنة سواء وضعه على الاستقامة أو على الاستدارة.

و قال أحمد:يوضع مستديرا كالهلال عرضا (5).و الحق ما قلناه (6)لإطلاق الأحاديث في ذلك.

الخامس:

لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها فليلقها بين يديه و يستتر بها،و يستحب له أن يلقيها عرضا.و به قال سعيد بن جبير،و الأوزاعي،و أحمد،و كرهه النخعي (7).

لنا:انه في معنى الخط،فيقوم مقامه،و الوضع على ما قلنا أولى من الطول،لأن

ص:334


1- 1المجموع 3:246،المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:661.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:303 حديث 943،سنن أبي داود 1:183 حديث 689،مسند أحمد 2:249، [1]كنز العمال 7:348 حديث 19213،نيل الأوطار 3:4 حديث 6.
3- 3) تقدمت في ص 333. [2]
4- 4) التهذيب 2:378 حديث 1574،الاستبصار 1:407 حديث 1555،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [3]
5- 5) المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:662،المجموع 3:247.
6- 6) راجع ص 333.
7- 7) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:662.

الاستتار فيما قلناه أكثر.

السّادس:

لا بأس أن يستتر ببعير،أو حيوان.و هو قول ابن عمر،و أنس، و أحمد (1).

و قال الشّافعيّ:لا يستتر بدابّة (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى إلى بعير (3).

و رووا عنه عليه السّلام انّه كان يعرض راحلته و يصلّي إليها،قال:قلت:فإذا ذهب الرّكاب،قال:كان يعرض الرّحل و يصلّي إلى آخرته (4).و كذا لا بأس أن يستتر بالإنسان إذا جعل ظهره إليه.

السّابع:

لا فرق بين مكّة و غيرها في استحباب السّترة.خلافا لأهل الظّاهر.

لنا:انّ المقتضي للاستحباب هو منع العبور الموجب للتّشاغل عن العبادة،و هو في مكّة أولى،لكثرة النّاس فيما زمن الحاجّ.

احتجّ أحمد (5)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى ثمَّ ليس بينه و بين الطّواف سترة.و لأنّ النّاس يكثرون بها لقضاء النّسك،فلو منعوا من العبور على المصلّي لضاق بالنّاس (6).

ص:335


1- 1المغني 2:70،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:660،المجموع 3:248. [1]
2- 2) راجع نفس المصادر.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:117،135،صحيح مسلم 1:359 حديث 248،سنن أبي داود 1:184 حديث 692،سنن التّرمذيّ 2:183 حديث 352،مسند أحمد 2:26،106. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:135.
5- 5) المغني 2:74،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:665.
6- 6) سنن ابن ماجه 2:986،حديث 2958،سنن أبي داود 2:211 حديث 2016،سنن النّسائيّ 2:67، مسند أحمد 6:399،نيل الأوطار 3:9 حديث 4.

و الجواب:المعارضة باستحباب السّترة مطلقا،و ذلك لا ينافي ما ذكرتم من فعله عليه السّلام.

الثّامن:

يستحبّ للمصلّي أن يدنو من سترته.

روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله(إذا صلّى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشّيطان عليه صلاته) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز،و أكثر ما يكون مربط فرس» (2)و لأنّ قربه من السّترة أصون لصلاته و أبعد من أن يمرّ بينه و بينها شيء يتشاغل به عن العبادة.

التّاسع:

السّترة ليست واجبة بغير خلاف بين علماء الإسلام.روى ابن عبّاس قال:أقبلت راكبا على حمار أتان و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بالنّاس بمنى إلى غير جدار (3).

و عنه قال:صلّى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في فضاء ليس بين يديه شيء (4).

و روى الفضل بن العبّاس (5)قال:كنّا ببادية فأتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:336


1- 1سنن ابن ماجه 1:307 حديث 954،سنن أبي داود 1:185 حديث 695،سنن النّسائيّ 2:62، مسند أحمد 4:2، [1]نيل الأوطار 3:2 حديث 1.
2- 2) الفقيه 1:253 حديث 1145،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلّي،حديث 6. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:29،132،218،صحيح مسلم 1:361 حديث 504،سنن أبي داود 1:190 حديث 715،الموطّأ 1:155 حديث 38، [3]سنن النّسائيّ 2:64،مسند أحمد 1:219، [4]نيل الأوطار 3: 16 حديث 6.
4- 4) مسند أحمد 1:224، [5]نيل الأوطار 3:5 حديث 8.و فيهما:«فما بالي»بدل«ما يأبى».
5- 5) الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم ابن عمّ النّبيّ(ص):أبو عبد اللّه،غزا مع النّبيّ(ص)الفتح و حنين و شهد معه حجّة الوداع،و حضر غسل رسول اللّه(ص).روى عنه النّبيّ(ص)و روى عنه أخواه: عبد اللّه و قثم،و ابن أخيه عبّاس،و خلق كثير،قيل:قتل يوم اليرموك،و قيل:مات بطاعون عمواس سنة(18)ه.أسد الغابة 4:183، [6]تهذيب التّهذيب 8:280. [7]

و معه العبّاس فصلّى في صحراء و ليس بين يديه سترة،و كلبة و حمار لنا يعبثان بين يديه ما يأبى ذلك (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يقطع الصّلاة شيء ممّا بمرّ بالرّجل و لكن استتروا ما استطعتم،فإن كان بين يديك قد ذراع رافع من الأرض فقد استترت» (2).

العاشر:

سترة الإمام سترة لمن خلفه في قول أهل العلم،لأنّه يصدق على المأمومين انّهم نصبوا بين أيديهم شيئا،إذ لا يشترط المحاذاة،و فيه بحث.

مسألة:و لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يديّ المصلّي.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و قال أحمد في إحدى الرّوايتين:انّه يقطعها الكلب الأسود (4).و في رواية أخرى:

و المرأة و الحمار أيضا (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا يقطع الصّلاة شيء و ادرأوا ما استطعتم،فإنّما هو شيطان) (6).

ص:337


1- 1سنن أبي داود 1:191 حديث 718.
2- 2) التّهذيب 2:323 حديث 1319،الاستبصار 1:406 حديث 1551،الوسائل 3:453 الباب 11 من أبواب مكان المصلّي،حديث 10. [1]
3- 3) المغني 2:82،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:668،المهذّب للشّيرازيّ 1:69،سنن 2 للترمذيّ 2:161، المدوّنة الكبرى 1:114،المجموع 3:250،المحلّى 4:12،نيل الأوطار 3:13.
4- 4) المغني 2:81،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:666،سنن التّرمذيّ 2:163، [2]المجموع 3:250،المحلّى 4: 11،الكافي لابن قدامة 1:255،نيل الأوطار 3:12.
5- 5) المغني 2:81، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:666، [4]الكافي لابن قدامة 1:255،سنن التّرمذيّ 2: 163، [5]المحلّى 4:11. [6]
6- 6) سنن أبي داود 1:191 حديث 719،720،كنز العمّال 7:349 حديث 19219،نيل الأوطار 3:15 حديث 5.

و عن الفضل بن العبّاس انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ببادية ليس بين يديه سترة،و كلبة و حمار لنا يعبثان بين يديه ما يأبى ذلك.

و عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي صلاته من اللّيل كلّها و أنا معترضة بينه و بين القبلة (1).

و عن زينب بنت أمّ سلمة (2)مررت بين يديّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلم يقطع صلاته (3).

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير،و قد تقدّمت (4).و لأنّها صلاة شرعيّة يتوقّف إبطالها على الشّرع،و لم يثبت.

احتجّ أحمد (5)بما رواه أبو هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(يقطع الصّلاة المرأة،و الحمار،و الكلب،و يقي ذلك مثل مؤخّرة الرّحل) (6).

و الجواب:انّه منسوخ بما ذكرناه من الأحاديث.

ص:338


1- 1صحيح البخاريّ 1:107،136،137،صحيح مسلم 1:366 حديث 512 و ص 511 حديث 774، سنن أبي داود 1:189 حديث 710-711،سنن ابن ماجه 1:307 حديث 956،سنن النّسائيّ 1: 101،مسند أحمد 6:37،199،231، [1]سنن الدّارميّ 1:238، [2]نيل الأوطار 3:9 حديث 1.في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم،و أمّها أمّ سلمة،ولدت بأرض الحبشة و كان اسمها برّة فسمّاها رسول اللّه(ص)زينب،روت عن النّبيّ(ص)و عن أمّها و عائشة و زينب بنت جحش،و روى عنها ابنها أبو عبيدة و حميد بن نافع و عروة بن الزّبير و غيرهم.ماتت سنة 73 ه. أسد الغابة 5:468، [3]تهذيب التّهذيب 12:421. [4]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:305 حديث 947،مسند أحمد 6:294، [5]نيل الأوطار 3:15 حديث 4.
4- 4) تقدّمت في ص 337.
5- 5) المغني 2:81،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:668،المجموع 3:250.
6- 6) صحيح مسلم 1:365 حديث 511،سنن ابن ماجه 1:305 حديث 950،مسند أحمد 2:425، [6]كنز العمّال 7:350 حديث 19222،نيل الأوطار 3:11 حديث 1.

و أيضا:لا بدّ من إضمار شيء فيما ذكرتموه،إذا الكلب نفسه لا يقطع الصّلاة، فإن ادّعيتم إضمار المرور من غير دليل فهو باطل و لا دليل،فيبقى مجازا.

فروع:
الأوّل:

لا خلاف بين العلماء في انّ غير ما ذكرناه (1)لا يقطع مروره الصّلاة، و كذا الكلب الأسود إذا لم يكن بهيما،أي:لا يخالط سواده شيء.

الثّاني:

لو مرّ الكلب الأسود من وراء سترة المصلّي لم يقطع الصّلاة عندنا و هو ظاهر.و لا عند غيرنا،لأنّ فائدة السّترة عنده ذلك (2).

الثّالث:

لو صلّى إلى سترة مغصوبة صحّت صلاته و لم يكن قد فعل المأمور به من الاستتار،إذ هو منهيّ عنه بهذه الأدلّة،فلو اجتاز ورائها كلب أسود لم تنقطع صلاته عندنا و هو ظاهر،و عند أحمد في أحد الوجهين،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(يقي ذلك مثل مؤخّرة الرّحل)و قد وجد.و في الآخر:انّه تبطل صلاته،لأنّه ممنوع من نصبها و الصلاة إليها،فوجودها كعدمها (3).

الرابع:

لو مر إنسان بين يدي المصلي فالذي يقتضيه المذهب انه ان كان يصلي في طريق مسلوك فليس له أن يرده،لأن المكروه يكون قد صدر عنه لا من المار.و إن لم يكن كذلك،بأن يكون في فلاة يمكنه السلوك بغير ذلك الطريق فهل يستحب له أن يرده أم لا؟فيه احتمال أقربه الاستحباب،لأنه يكون أمرا بمعروف مندوب.و هو قول الجمهور (4)،لما رواه أبو سعيد،قال:سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول:(إذا كان أحدكم يصلي إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه،

ص:339


1- 1راجع ص 337. [1]
2- 2) المغني 2:85،الشرح الكبير بهامش المغني 1:666،الكافي لابن قدامة 1:254.
3- 3) المغني 2:86،الشرح الكبير بهامش المغني 1:673.
4- 4) المغني 2:76،المجموع 3:249. [2]

فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان) (1).

و المراد بالمقاتلة هاهنا المبالغة في الرد ما لم يخرجه إلى فعل كثير فليتركه،و ليس المراد بذلك ما هو ظاهره،لأنه إنما أمر بالرد حفظا للصلاة عما ينقصها،فيعلم انه لم يرد ما يفسدها بالكلية.

و قد روت أم سلمة قالت:كان النبي صلى الله عليه و آله يصلي في حجرة أم سلمة،فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة (2)،فقال بيده فرجع،فمرت زينب بنت أم سلمة،فقال بيده هكذا فمضت،فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و آله قال:

(هن أغلب) (3)و في هذا دلالة على فساد قول أحمد (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل هل يقطع صلاته شيء مما يمر به؟قال:«لا يقطع صلاة المسلم شيء و لكن ادرؤا ما استطعتم» (5).

الخامس:

لو مر بين يديه إنسان فعبر،لم يستحب رده من حيث جاء،لفوات المعنى المقتضي و هو عدم المرور.و به قال الشعبي،و إسحاق.

ص:340


1- 1صحيح البخاري 1:135،صحيح مسلم 1:362 حديث 505،سنن أبي داود 1:185 حديث 697، سنن النسائي 2:66،و ج 8:62،الموطأ 1:154 حديث 33، [1]سنن الدارمي 1:328، [2]مسند أحمد 3: 34. [3]
2- 2) عبد الله أو عمر بن أبي سلمة و اسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ربيب النبي(ص).روى عن النبي(ص)و عن امة أم سلمة،و روى عنه ابنه محمد و أبو امامة و سعيد بن المسيب.مات بالمدينة سنة 83 ه.و قيل:قتل مع علي(ع)يوم الجمل. أسد الغابة 4:79، [4]تهذيب التهذيب 7:456. [5]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:305 حديث 948،مسند أحمد 6:294. [6]
4- 4) تقدم في ص 337. [7]
5- 5) التهذيب 2:322 حديث 1318،الاستبصار 1:406 حديث 1552،الوسائل 3:435 الباب 11 من أبواب مكان المصلي،حديث 9. [8]

و روي،عن ابن مسعود انه يرده من حيث جاء،لأن النبي صلى الله عليه و آله أمر برده،و هو يتناول العابر (1)و هو ضعيف،لأنه مرور ثان،فلا يفعله كالأول.

و الحديث لم يتناول العابر،لأن الخبر هكذا:(فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)و بعد العبور فليس مريدا للاجتياز.

السادس:

قال أبو الصلاح من علمائنا:يكره الصلاة إلى إنسان مواجه (2)، و هو حسن،لأن فيه تشبها بالساجد لذلك الشخص.

و في حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه و آله كان يصلي حذاء وسط السرير و أنا مضطجعة بينه و بين القبلة تكون لي الحاجة فأكره أن أقوم فاستقبله فأنسل انسلالا (3).

مسألة:و يكره أن يصلي إلى نار مظلمة.

ذهب إليه أكثر علمائنا (4).

و قال أبو الصلاح،لا يجوز (5)،و تردد في إفساد الصلاة لو توجه إليها.

لنا على الجواز:الأصل،و ما رواه الشيخ،عن الحسن بن علي الكوفي (6)،عن الحسين بن عمرو (7)،عن أبيه،عن عمرو بن إبراهيم الهمداني (8)رفع الحديث،قال:

ص:341


1- 1المغني 2:78.
2- 2) الكافي في الفقه:141. [1]
3- 3) صحيح البخاري 1:136 و ج 8:76،سنن النسائي 2:66،مسند أحمد 6:125. [2]
4- 4) منهم:الطوسي في المبسوط 1:86،و [3]ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و سلار في المراسم: 66،و ابن إدريس في السرائر:58.
5- 5) الكافي في الفقه:141.
6- 6) الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي:أبو محمد من أصحابنا الكوفيين ثقة ثقة.قاله النجاشي،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره الصدوق في مشيخته بعنوان:الحسن بن علي الكوفي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. الفقيه 4(شرح المشيخة):40،رجال النجاشي:62،الفهرست:50، [4]رجال العلامة:44. [5]
7- 7) الحسين بن عمرو بن إبراهيم الهمداني،نقل المحقق المامقاني عن الصدوق أنه مجهول،و قد صرح الصدوق بجهالته و جهالة أبيه،و لا يخفى أن إسناد الرواية في التهذيب و الاستبصار:عن الحسن بن علي الكوفي عن الحسين بن عمرو عن أبيه عمرو بن إبراهيم الهمداني،و ظاهر ذلك أن والد الحسين هو عمرو بن إبراهيم، و إسناد الرواية في الفقيه:الحسين بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن إبراهيم و ذلك يدل على أن والد الحسين غير عمرو بن إبراهيم. الفقيه 1:162،تنقيح المقال 1:339، [6]معجم رجال الحديث 6:63. [7]
8- 8) عمرو بن إبراهيم الهمداني قد وقع في طريق الصدوق و صرح بجهالته،و نقل المحقق الأردبيلي و المامقاني تصريح الصدوق بجهالته أيضا. الفقيه 1:162،جامع الرواة 1:615، [8]تنقيح المقال 2:339. [9]

قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا بأس أن يصلي الرجل و النار و السراج و الصورة بين يديه،ان الذي يصلي[له أقرب إليه] (1)من الذي بين يديه» (2).

و على الكراهية:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و السراج موضوع بين يديه في القبلة؟ فقال:«لا يصلح له أن يستقبل النار» (3).قال ابن بابويه:هذا هو الأصل الذي يجب أن يعمل به،فأما الحديث المروي،عن أبي عبد الله عليه السلام فهو حديث منقطع السند يرويه ثلاثة من المجهولين:الحسين بن عمرو،عن أبيه،عن عمرو بن إبراهيم الهمداني و هم مجهولون،و لكنها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات،ثمَّ اتصلت بالمجهولين و الانقطاع،فمن أخذ بها لم يكن مخطئا،بعد أن يعلم ان الأصل هو النهي،و ان الإطلاق رخصة (4).

احتج أبو الصلاح بأنها صلاة منهي عنها،و لأن فيه تشبها بعباد النيران،لأنها

ص:342


1- 1في النسخ:ان الذي يصلي إليه أقرب من الذي.
2- 2) التهذيب 2:226 حديث 890،الاستبصار 1:396 حديث 1512،الوسائل 3:459 الباب 30 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:225 حديث 889،الاستبصار 1:396 حديث 1511،الوسائل 3:459 الباب 30 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 1:162.

تعبد من دون اللّه.

و الجواب عن الأوّل:انّ النّهي للكراهية.

و عن الثّاني:انه يقتضي الكراهية لا التحريم.

مسألة:و تكره الصلاة إلى الصور و التماثيل.

ذهب إليه علماؤنا،و أكثر الجمهور (1).لأن الصور تعبد من دون الله،فكره التشبه بفاعله.و لأنه يشغل بالنظر إليها.

و روى الجمهور،عن عائشة،قالت:كان لنا ثوب فيه تصاوير،فجعلته بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله و هو يصلي،فنهاني عن ذلك (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أصلي و التماثيل قدامي و أنا أنظر إليها؟قال:«لا،اطرح عليها ثوبا،و لا بأس بهذا إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك،و إن كانت في القبلة فاطرح عليها ثوبا و صل» (3).

مسألة:و يكره إلى المصحف المفتوح و الباب المفتوح.

و قال أبو الصلاح:لا يجوز (4)إلى المصحف المفتوح،و تردد في الفساد.

لنا:الأصل الجواز،و أما الكراهية،فلأن فيه تشاغلا عن العبادة.

احتج أبو الصلاح بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي و بين يديه مصحف مفتوح في قبلته،قال:«لا» (5).

ص:343


1- 1المدونة الكبرى 1:91،المبسوط للسرخسي 1:210،نيل الأوطار 2:98.
2- 2) سنن الدارمي 2:284. [1]
3- 3) التهذيب 2:226 حديث 891،و 370 حديث 1541،الاستبصار 1:394 حديث 1502،الوسائل 3: 461 الباب 32 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) لم نعثر على قوله.
5- 5) الكافي 3:390 حديث 15، [3]الفقيه 1:165 حديث 776،التهذيب 2:225 حديث 888،الوسائل 3:456 الباب 27 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

و جوابه:النهي للكراهية،على ان في السند قولا،أما لو كان المصحف في غلاف،فإنه لا تكره الصلاة إليه،لعدم التشاغل حينئذ.

و يؤيده رواية عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:فإن كان في غلاف؟ قال:«نعم».

فروع:
الأول:

يكره أن يكتب في القبلة شيء،لأن التشاغل يحصل معه.

الثاني:

لا فرق في النهي بين حافظ القرآن و جاهله،و لا بين القارئ و من لا يحسن الكتابة،لأن التشاغل يحصل للجميع.

الثالث:

يكره تزويق القبلة و نقشها،لأن فيه تشاغلا عن العبادة.

الرابع:

روى ابن بابويه،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام، قال:سألته عن الرجل يصلي و أمامه شيء من الطير (1)؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي و أمامه النخلة و فيها حملها؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي في الكرم و فيه حمله؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي و أمامه حمار واقف؟قال:«يضع بينه و بينه قصبة،أو عودا،أو شيئا يقيمه بينهما،ثمَّ يصلي فلا بأس» (2).

الخامس:

يكره أن يصلي إلى حائط ينز من بالوعة يبال فيها،روي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام،و قد تقدم (3).

السادس:

يكره أن يصلي إلى سيف مشهر (4)أو غيره من السلاح.و قال أبو

ص:344


1- 1في بعض المصادر:الطين.
2- 2) الفقيه 1:64 حديث 775،الوسائل 3:467 الباب 37 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
3- 3) تقدم في ص 326. [2]
4- 4) «غ»:مشهور.

الصلاح:لا يجوز،و تردد في الإفساد (1).

لنا:الأصل الجواز حتى يظهر مناف بدليل شرعي و لم يوجد.

احتج أبو الصلاح بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«لا يصلي الرجل و في قبلته نار،أو حديد»قلت:إله أن يصلي و بين يديه مجمرة شبه (2)؟قال:«نعم،فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته» (3).

و جوابه:انه يدل على الكراهية،على ان السند ضعيف.

السابع:

قال أبو الصلاح:تكره إلى السلاح المتواري،و مقابلة وجه الإنسان، و المرأة نائمة أشد كراهية (4).و الأقرب عندي:لا تكره إلى المرأة النائمة.و هو قول بعض الجمهور (5).و قال آخرون منهم بالكراهية (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي في الليل و عائشة معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة،و النبي صلى الله عليه و آله لا يفعل مكروها (7)مع إمكان التحرز منه.

ص:345


1- 1الكافي في الفقه:141.
2- 2) الشبه:ضرب من النحاس.الصحاح 6:2236.
3- 3) الكافي 3:390 حديث 15، [1]الفقيه 1:165 حديث 776،التهذيب 2:225 حديث 888،الوسائل 3: 456 الباب 27 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الكافي في الفقه:141. [3]
5- 5) المجموع 3:251،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:297.
6- 6) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:663،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:297، نيل الأوطار 3:9.
7- 7) صحيح البخاري 1:107،136،137،صحيح مسلم 1:366 حديث 512 و ص 511 حديث 744، سنن ابن ماجه 1:307 حديث 956،سنن أبي داود 1:189 حديث 710-711،سنن النسائي 1: 101 و ج 2:67،سنن الدارمي 1:328، [4]مسند أحمد 6:37،199،231،نيل الأوطار 3:9 حديث 1.في بعض المصادر بتفاوت.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه (1)عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال:«لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل و هو يصلي،فإن النبي صلى الله عليه و آله[كان يصلي] (2)و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض،فكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد» (3).

احتج المخالف (4)بما روي ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الصلاة إلى النائم و المحدث (5).

و الجواب:حديثنا أقوى دلالة،لأنه حكاية فعله عليه السلام،و حديثكم تضمن الأخبار بالنهي،فلعل الراوي توهم ما ليس بنهي نهيا.

فرع:

لو خاف من العدو جاز أن يصلي إلى السيف المشهر (6)للضرورة و لم يكن مكروها،ذكره الشيخ (7).

مسألة:و تكره الصلاة في المجزرة،

و هي مذابح الأنعام المعدة لذلك.

و قال أبو الصلاح:لا يجوز (8).

ص:346


1- 1«ن»بزيادة:في الصحيح.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) الفقيه 1:159 حديث 749،الوسائل 3:424،الباب 4 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
4- 4) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:663،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:272، نيل الأوطار 3:9.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:308 حديث 959،سنن أبي داود 1:185 حديث 694،كنز العمال 7:346 حديث 19200،نيل الأوطار 3:9.
6- 6) «غ»:المشهور.
7- 7) المبسوط 1:86. [2]
8- 8) الكافي في الفقه:141. [3]

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (1).و هو بمفهومه يدل على صورة النزاع.و أما الكراهية،فلأنها لا تنفك من النجاسات،و قد بينا (2)كراهية الصلاة في مثلها.

و تكره الصلاة في قرى النمل،لحديث عبد الله بن الفضل،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام (3).و لأنه قد يتأذى بها،فيشتغل عن العبادة.

و تكره في بطون الأودية لأنها مسيل المياه،و سيأتي كراهية الصلاة فيه.

و تكره في الأرض السبخة.ذهب إليه علماؤنا.لأن الجبهة لا تقع جيدا على الأرض.و يؤيده:ما رواه عبد الله بن الفضل،و قد تقدم.

و لا يعارض ذلك بما رواه الشيخ،عن سماعة في الموثق،قال:سألته عن الصلاة في السباخ؟فقال:«لا بأس» (4)لأن الرواة ضعفاء،و لم يسندها سماعة إلى إمام، و ليس ببعيد (5)من الصواب أن تحمل هذه الرواية على حالة التمكن من وضع الجبهة على الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في السبخة لم تكره؟قال:«لأن الجبهة لا تقع مستوية» فقلت:إن كان فيها أرض مستوية؟فقال:«لا بأس» (6).

ص:347


1- 1تقدم في ص 309. [1]
2- 2) راجع ص 325. [2]
3- 3) التهذيب 2:219 حديث 863،الاستبصار 1:394 حديث 1504،الوسائل 3:441 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 2:221 حديث 872،الاستبصار 1:395 حديث 1508،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلي،حديث 8. [4]
5- 5) «م»:بعيدا.
6- 6) التهذيب 1:221 حديث 873،الاستبصار 1:396 حديث 1509،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلي،حديث 7. [5]

و تكره في أرض الثلج،لرواية عبد الله بن الفضل (1).

مسألة:و تكره الصلاة في مجرى الماء.

ذهب إليه علماؤنا.لرواية عبد الله بن الفضل،و لأنه يشبه الطريق،و قد مضى بيان الكراهية هناك (2).

فروع:
الأول:

تكره الصلاة في السفينة،لأنه يكون قد صلى في مجرى الماء.و كذا لو صلى على ساباط تحته نهر يجري،أو ساقية.

الثاني:

هل يشترط في الكراهية جريان الماء؟عندي فيه توقف أقربه عدم الاشتراط.

الثالث:

لا فرق بين الماء الطاهر و النجس في ذلك.

الرابع:

هل تكره الصلاة على الماء الواقف؟فيه تردد أقربه الكراهية.

مسألة:و تكره الصلاة في ثلاثة مواطن بطريق مكة:

البيداء،و ذات الصلاصل،و ضجنان.

و تكره الصلاة في وادي الشقرة،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق:البيداء و هي ذات الجيش،و ذات الصلاصل،و ضجنان» (3).

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:إنا كنا في البيداء في آخر الليل،فتوضأت و اسكت و أنا أهم بالصلاة،ثمَّ كأنه دخل قلبي شيء،فهل يصلي في البيداء في المحمل؟فقال:«لا تصل في

ص:348


1- 1تقدمت في ص 311. [1]
2- 2) راجع ص 328.
3- 3) التهذيب 2:375 حديث 1560،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]

البيداء» (1).

و في الصحيح،عن أيوب بن نوح،عن أبي الحسن الأخير عليه السلام،قال:

قلت له:تحضر الصلاة و الرجل بالبيداء؟قال:«يتنحى عن الجواد يمنة و يسرة و يصلي» (2).

و روى الشيخ،عن أحمد بن فضال،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل في وادي الشقرة» (3).

فروع:
الأول:

البيداء في اللغة:المفازة (4)،و ليس ذلك على عمومه هاهنا،بل المراد.

بذلك موضع معين.

روى الشيخ في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قلت:و أين حد البيداء؟فقال:«كان أبو جعفر عليه السلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير و لا يصلي حتى يأتي معرس النبي صلى الله عليه و آله»،قلت:فأين ذات الجيش؟قال:«دون الحفيرة بثلاثة أميال» (5).

و قد ورد أنها أرض خسف.روي ان جيش السفياني يأتي إليها قاصدا مدينة الرسول صلى الله عليه و آله فيخسف الله تعالى بتلك الأرض،و بينها و بين ميقات أهل المدينة الذي هو ذو الحليفة ميل واحد و هو نصف فرسخ فحسب.

الثاني:

تكره الصلاة في أرض الخسف،لأنها مسخوط عليها،فليست محلا،

ص:349


1- 1التهذيب 2:375 حديث 1558،الوسائل 3:450 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:375 حديث 1559،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:375 حديث 1561،الوسائل 3:452 الباب 24 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) الصحاح 2:450.
5- 5) التهذيب 2:375 حديث 1558،الوسائل 3:450 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

للإجابة و العبادة،و قد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كره الصلاة في أرض بابل، فلما عبر الفرات إلى الجانب الغربي،وفاته لأجل ذلك أول الوقت،ردت له الشمس إلى موضعها في أول الوقت،و صلى بأصحابه العصر (1).و لا نعتقد ان الشمس غابت بالكلية،لأنه يحرم ترك الصلاة لأجل كراهية المحل.

الثالث:

لو ضاق الوقت و هو في تلك الأرض صلى فيها،لأنه محل ضرورة.

و يؤيده:ما رواه ابن بابويه،عن علي بن مهزيار،قال:سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يصير بالبيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها،كيف يصنع بالصلاة و قد نهي أن يصلي بالبيداء؟فقال:«يصلي فيها و يتجنب قارعة الطريق» (2).

الرابع:

ضجنان جبل بمكة.ذكره صاحب الصحاح (3).و الصلاصل جمع صلصال،و هي الأرض التي لها صوت و دوي.و الشقرة-بفتح الشين و كسر القاف- واحدة الشقر و هو شقائق النعمان،و كل موضع فيه ذلك يكره فيه الصلاة.و قيل:

وادي الشقرة موضع مخصوص بطريق مكة.ذكره ابن إدريس (4).

و الأقرب:الأول،لما فيه من اشتغال القلب بالنظر إليه.و قيل:هذه مواضع خسف (5)،فتكره الصلاة فيها لذلك.

الخامس:

تكره الصلاة في أرض الرمل المنهال،لأنه لا يتمكن من السجود عليه فتتناوله العلة التي أشار إليها الصادق عليه السلام في الأرض السبخة (6).و كذا تكره

ص:350


1- 1الفقيه 1:130 حديث 611،علل الشرائع 2:352 حديث 4،الوسائل 3:468 الباب 38 من أبواب مكان المصلي،حديث 1،2،3. [1]
2- 2) الفقيه 1:157 حديث 734،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [2]
3- 3) الصحاح 6:2154.
4- 4) السرائر:56.
5- 5) المعتبر 2:115. [3]
6- 6) التهذيب 2:221 حديث 873،الاستبصار 1:396 حديث 1509،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلّي،حديث 7. [4]

في أرض الوحل و حوض الماء إذا تمكن من استيفاء الواجبات،أما لو أخل ببعضها، فإنه لا يجوز إلا مع الضرورة.

البحث الثالث:فيما يسجد عليه
مسألة:قال علماؤنا:لا يجوز السجود على ما ليس بأرض و لا ينبت منها

كالجلود، و الصوف،و الشعر،و أشباهها،خلافا للجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة،و اليدين،و الركعتين،و أطراف القدمين) (2).

قال صاحب الصحاح:السجود وضع الجبهة على الأرض (3).و عن عكرمة:قال:

قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبهة) (4)و هو يدل على وجوب إصابة الجبهة الأرض.

و عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض) (5).

و عن خباب (6)قال:شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله حر الرمضاء في

ص:351


1- 1المغني 1:593،المجموع 3:425،المحلى 4:83،الهداية للمرغيناني 1:50،شرح فتح القدير 1:265.
2- 2) صحيح البخاري 1:206،صحيح مسلم 1:354 حديث 230،سنن ابن ماجه 1:286 حديث 883-884،سنن النسائي 2:209،سنن الدارمي 1:302، [1]نيل الأوطار 2:287 حديث 2.
3- 3) الصحاح 1:480.
4- 4) سنن الدار قطني 1:348 حديث 2،كنز العمال 7:465 حديث 19803،نيل الأوطار 2:288.
5- 5) مجمع الزوائد 3:275.
6- 6) خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد التميمي:أبو عبد الله،شهد بدرا،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه عبد الله و أبو أمامة و أبو معمر و سعيد بن وهب و مسروق،نزل الكوفة و مات بها سنة 37 ه. الإصابة 1:416، [2]أسد الغابة 2:98، [3]تهذيب التهذيب 3:133. [4]

جباهنا و أكفنا فلم يشكنا (1).و ذلك يدل على ان السجود لا يجوز على الفرش و إلا لما افتقر إلى الشكوى و كان يشكيهم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك قال:

قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا يسجد إلا على الأرض،أو ما أنبتته الأرض إلا القطن و الكتان» (2).

و في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أسجد على الزفت -يعني القير-فقال:«لا،و لا على الثوب الكرسف،و لا على الصوف،و لا على شيء من الحيوان،و لا على طعام،و لا على شيء من ثمار الأرض،و لا على شيء من الرياش» (3).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب جبهته الأرض؟قال:«لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته إلى الأرض» (4).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،و ابن بابويه جميعا،عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السجود على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس» (5).

ص:352


1- 1صحيح مسلم 1:433 حديث 619،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 675،سنن النسائي 1:247، مسند أحمد 5:108،110. [1]
2- 2) التهذيب 2:303 حديث 1225،الاستبصار 1:331 حديث 1241،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:303 حديث 1226،الاستبصار 1:331 حديث 1242،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:174 حديث 826،التهذيب 2:234 حديث 924،و ص 313 حديث 1274،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [5]

و عن علي بن يقطين،انه سأل أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح و البساط؟فقال:«لا بأس به إذا كان في حال تقية،و لا بأس بالسجود على الثياب في حال التقية» (1).

و عن هشام بن الحكم،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام،أخبرني عمار يجوز السجود عليه؟و عما لا يجوز؟قال:«السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس» (2)و لأن النبي صلى الله عليه و آله سجد على الأرض (3)و كان ذلك بيانا للواجب،فيكون واجبا.و لأنه قال:(صلوا كما رأيتموني أصلي) (4)و هو يتناول جميع الأحوال.و لأن السجود عبادة شرعية يتوقف في إيضاحها على الشرع، و قد وقع الاتفاق على الأرض و ما أنبتته،فيقتصر عليه.و لأن السجود أبلغ شيء في التذلل،فيكون على أبلغ الأحوال و أتمها في الخضوع.

مسألة:

و لا يسجد على ما استحال من الأرض و خرج بالاستحالة عن اسمها، كالمعادن،سواء كانت منطبعة كالقير،و النفط،و الزئبق،أو غير منطبعة كالعقيق و شبهه،لأن النبي صلى الله عليه و آله واظب على السجود على الأرض،و ذلك الاقتصار يقتضي أن يكون من كيفيات السجود فيتبع،لقوله:(صلوا كما رأيتموني أصلي).

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن أبي الحسن الرضا عليه

ص:353


1- 1الفقيه 1:176 حديث 831، [1]التهذيب 2:235 حديث 930،و ص 307 حديث 1245، الاستبصار 1:332 حديث 1244،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [2]
2- 2) الفقيه 1:177 حديث 840،التهذيب 2:234 حديث 925،الوسائل 3:591 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1263،الوسائل 3:609 الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه، حديث 6814.و [4]من طريق العامة انظر:سنن الترمذي 2:54 حديث 270،جامع الأصول 6:253 حديث 3515،نيل الأوطار 2:286 حديث 6.
4- 4) صحيح البخاري 1:162،و ج 8:11،سنن الدارمي 1:286، [5]مسند أحمد 5:53.

السلام قال:«لا تسجد على القير و لا على القفر و لا على الصاروج» (1).

و في القير و القفر رواية أخرى رواها الشيخ،عن معاوية بن عمار،قال:سأل المعلى بن خنيس أبا عبد الله عليه السلام و أنا عنده عن السجود على القفر و على القير؟ فقال:«لا بأس» (2)و حمل الأصحاب هذه الرواية على التقية أو على حال الضرورة (3)توفيقا بين الأخبار،و هو حسن.

و لا يسجد على شيء من الثمار و لا على المطعومات و إن كانت من نبات الأرض، لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يسجد عليه،و لا ريب ان السجود عبادة شرعية، فيتلقى عن صاحب الشرع.

و يؤيده:قولهم عليهم السلام:«لا يجوز السجود إلا على الأرض و ما أنبتته الأرض إلا ما أكل أو لبس» (4).

فرع:

و لا يسجد على الجمار،لأنه مأكول،و لا على الغلات كالحنطة و الشعير على إشكال،و الوجه الجواز،لأنها في تلك الحال غير مأكولة عادة.

و كذا لا يجوز السجود على البقول المأكولة كالهندباء،و الرشاد و ما أشبههما.

مسألة:و في السجود على القطن،و الكتان روايتان،

أظهرهما بين الأصحاب المنع،و هو فتوى

ص:354


1- 1التهذيب 2:304 حديث 1228،الاستبصار 1:334 حديث 1254،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:303 حديث 1224،الاستبصار 1:334 حديث 1255،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:303،الاستبصار 1:334.
4- 4) الوسائل 3:591 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1-6. [3]

الشيخين (1)،و من تابعهما (2)،و السيد المرتضى رحمه الله في المصباح (3).و قال في المسائل الموصلية:يكره في الثوب المنسوج من قطن أو كتان كراهية تنزه و طلب فضل،لا أنه محظور و محرم (4).

لنا:ما تقدم في رواية الفضل،عن الصادق عليه السلام،و رواية زرارة عن الباقر عليه السلام،و رواية حماد بن عثمان،و قد تقدم ذلك (5).

احتج السيد المرتضى بما رواه الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على الكتان و القطن من غير تقية؟فقال:

«جائز» (6).

و عن الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني (7)،قال:كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن السجود على القطن و الكتان من غير تقية و لا ضرورة؟ فكتب إلي:«ذلك جائز» (8).

ص:355


1- 1المفيد،نقله عنه في المعتبر 2:119،و [1]الطوسي في المبسوط 1:89،و النهاية:102،و الخلاف 1:124.
2- 2) الكافي في الفقه:140، [2]المراسم:66،المهذب 1:75،الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،السرائر: 57.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:119. [3]
4- 4) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الأولى):174.
5- 5) تقدم في ص 352. [4]
6- 6) التهذيب 2:307 حديث 1246،الاستبصار 1:332 حديث 1246،الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 6. [5]
7- 7) الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني نقل المحقق الأردبيلي رواية سعد بن عن عبد الله بن جعفر عنه،و قال المحقق الخوئي:الصحيح:الحسن بن علي بن كيسان،و لا يبعد وقوع التحريف فيه. جامع الرواة 1:249، [6]معجم رجال الحديث 5:55. [7]
8- 8) التهذيب 2:308 حديث 1248،الاستبصار 1:333 حديث 1253،الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [8]

و عن ياسر الخادم (1)قال:مر بي أبو الحسن عليه السلام و أنا أصلي على الطبري و قد ألقيت عليه شيئا أسجد عليه،فقال لي:«مالك لا تسجد عليه؟أ ليس هو من نبات الأرض؟» (2).

و تأول الشيخ الحديث الأول بالجواز في حال الضرورة (3)،لما رواه منصور بن حازم،عن غير واحد من أصحابنا،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أ نسجد عليه؟قال:«لا،و لكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا أو كتانا» (4)و كذا تأول الرواية الثانية عليه (5).

و قوله:من غير ضرورة أي من غير ضرورة توجب الهلاك،و هذا و إن كان بعيدا إلا انه محتمل.

و تأول الرواية الثالثة بالتقية (6)،لما رواه في الصحيح،عن علي بن يقطين، قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح (7)و البساط؟فقال:

«لا بأس إذا كان في حال تقية» (8).فعلمنا ثبوت الرخصة في هذين الشيئين لأجل

ص:356


1- 1ياسر القمي خادم الرضا(ع)و هو مولى حمزة بن اليسع،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)، و قال في الفهرست:له مسائل عن الإمام الرضا(ع). رجال النجاشي:453،رجال الطوسي:395،الفهرست:183. [1]
2- 2) التهذيب 2:235 حديث 927،و ص 308 حديث 1249،الاستبصار 1:331 حديث 1243، الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:307،الاستبصار 1:332.
4- 4) التهذيب 2:308 حديث 1247،الاستبصار 1:333 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [3]
5- 5) التهذيب 2:308،الاستبصار 1:333.
6- 6) التهذيب 2:308،الاستبصار 1:331.
7- 7) المسح:الكساء من الشعر.لسان العرب 2:596،و [4]هذه الترجمة موجودة في ص 367 إلا انها هناك تبقى في مكانها.
8- 8) التهذيب 2:235 حديث 930،و ص 307 حديث 1245،الاستبصار 1:332 حديث 1244، الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [5]

التقية،فكذا في صورة النزاع.

فرع:

و كذا كل ثوب يعمل من غير القطن و الكتان كالثياب المعمول من القنب (1)، و الصوف،و الشعر و غيرها،لأنها ملبوسة بمجرى (2)العادة،و هل يصح السجود على ما يكون من نبات الأرض إذا عمل ثوبا و إن لم يكن بمجرى العادة ملبوسا؟فيه تردد أقربه الجواز.

مسألة:و لا يجوز السجود على كور العمامة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول الشافعي (3)،و إحدى الروايتين عن أحمد.

و قال في الرواية الأخرى:يجوز السجود (4)عليه،و هو قول مالك (5)،و أبي حنيفة (6).

لنا:قوله تعالى :«اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» (7)و السجود هو وضع الجبهة على الأرض.

ص:357


1- 1القنب:بفتح النون المشددة،نبات يؤخذ لحاؤه ثمَّ يفتل حبالا،و له حب يسمى:الشهدانج.المصباح المنير 2:517. [1]
2- 2) «م»«ن»«ق»«ح»:لمجرى.
3- 3) المجموع 3:425،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:301،المغني 1:593،عمدة القارئ 4:118.
4- 4) المغني 1:593،الكافي لابن قدامة 1:176،الإنصاف 1:68،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،المجموع 3:425،عمدة القارئ 4:117،منار السبيل 1:84.
5- 5) المدونة الكبرى 1:74،المغني 1:593،المجموع 3:425،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،إرشاد الساري 1:408،عمدة القارئ 4:117.
6- 6) الهداية للمرغيناني 1:50، [2]شرح فتح القدير 1:265،المغني 1:593،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،المجموع 3:425،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 1:301،إرشاد الساري 1:407،عمدة القارئ 4:117.
7- 7) الحج 22.

ذكره الجوهري (1).

و ما رواه الجمهور في حديث خباب (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:قلت له:الرجل يسجد و عليه القلنسوة أو عمامة؟فقال:«إذا مس جبهته الأرض فيما بين حاجبيه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه» (3).

و عن أبان،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب جبهته الأرض؟قال:«لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته إلى الأرض» (4).

و عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليهم السلام،انه كان لا يسجد على الكمين و لا العمامة (5).و لأنه يسجد على ما هو حامل له فلم يجز،كما لو سجد على يديه.

احتج المخالف (6)بما رواه أنس،قال:كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه و آله فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود (7).

ص:358


1- 1الصحاح 1:480.
2- 2) صحيح مسلم 1:433 حديث 189-190،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 675،سنن النسائي 1: 247،مسند أحمد 5:108،110.
3- 3) التهذيب 2:85 حديث 314،و ص 235 حديث 931،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 2:310 حديث 1155،الوسائل 3:606 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [3]
6- 6) المغني 1:593،المجموع 3:426،عمدة القارئ 4:117،إرشاد الساري 1:408.
7- 7) صحيح البخاري 1:107،صحيح مسلم 1:433 حديث 620،سنن ابن ماجه 1:329 حديث 1033،سنن أبي داود 1:177 حديث 660،سنن الدارمي 1:308، [4]نيل الأوطار 2:289 حديث 1. في بعض المصادر بتفاوت.

و عن ثابت بن صامت (1)ان رسول الله صلى الله عليه و آله في بني عبد الأشهل و عليه كساء ملتف به يضع يديه عليه يقيه برد الحصا (2).و في رواية:فرأيته واضعا يديه على قرنه إذا سجد (3).و لأنه عضو من أعضاء السجود،فجاز السجود على حائلة كالقدمين.

و الجواب عن الحديث الأول:انه غير محل النزاع،إذا يجوز السجود على الحائل مع الضرورة.

و عن الثاني:انا نقول بموجبة إذ إصابة اليدين الأرض غير واجب عندنا.

و عن الثالث:ان السجود عبادة شرعية يتبع فيها النقل،و قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه و آله،المداومة على وضع الجبهة على الأرض،فيكون واجبا بالنص (4)، فيبطل القياس مع قيام الفرق،إذ وضع الجبهة على الأرض أبلغ أنواع الخضوع و هو أمر مطلوب،و مع الحائل تفوت بخلاف القدمين.

فرع:

المنع عندنا من السجود على كور العمامة لا من حيث هو حامل له و إن لاح من

ص:359


1- 1ثابت بن الصامت بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل الأنصاري،قيل:مات في الجاهلية،و قيل:له صحبة.روى عن النبي(ص)عن طريق عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن ثابت،و روى عنه ابنه عبد الرحمن. أسد الغابة 1:224، [1]الإصابة 1:193. [2]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:329 حديث 1032.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:328 حديث 1031،عمدة القارئ 4:118،نيل الأوطار 2:291 حديث 3.
4- 4) صحيح البخاري 1:206،صحيح مسلم 1:354 حديث 490،سنن ابن ماجه 1:286 حديث 883-884،سنن أبي داود 1:235 حديث 891-890،سنن الترمذي 2:61 حديث 272-273،سنن النسائي 2:209،سنن الدارمي 1:302،كنز العمال 7:458 حديث 19770،نيل الأوطار 2:287 حديث 2.

كلام الشيخ (1)التعليل بذلك،فعلى هذا لو كان المحمول مما يصح السجود عليه كالخوص (2)أو النبات مثلا صح السجود عليه،سواء كان عمامة،أو طرف رداء،أو غيرهما.و الشيخ إن علل ذلك بكونه حاملا له كما هو مذهب الشافعي (3)طالبناه بالدلالة عليه،فطن احتج برواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (4)،منعنا صرف النهي إلى محل النزاع،إذ المفهوم من العمامة في غالب الاستعمال ما يتخذ من الملبوس عادة.

و كذا لو وضع بين جبهته و كور العمامة ما يصح السجود عليه كقطعة من خشب يستصحبها في قيامه و ركوعه،فإذا سجد كانت جبهته موضوعة عليها صحت صلاته.

مسألة:و لا يجوز السجود على بعض أعضائه اختيارا،

لأنه مأمور بالسجود على الأرض على ما مر (5)و لم يأت به،و ما تقدم من الأحاديث (6).

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الحسن،عن حماد بن عيسى،عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل،«ثمَّ سجد و بسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه» (7)و البيان للمجمل الواجب واجب إلا ما يخرج بالدليل.و لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يفعله،و المداومة على الترك تدل على المنع.و لحديث زرارة و قد تقدم (8).و لأنه يؤدي إلى تداخل السجود.

مسألة:و لا يجوز السجود على القير،و النفط،و شبههما و لا على الصاروج،

لأنها

ص:360


1- 1الخلاف 1:124 مسألة 113.
2- 2) الخوص:ورق النخل.المصباح المنير 1:183.
3- 3) الام 1:114،المهذب للشيرازي 1:76،المجموع 3:423، [1]مغني المحتاج 1:168،ميزان الكبرى 1: 152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،إرشاد الساري 1:408.
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [2]
5- 5) راجع ص 351.
6- 6) تقدم في ص 352.
7- 7) التهذيب 2:81 حديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة،حديث 1،2. [3]
8- 8) تقدم في ص 358.

خرجت بالاستحالة عن اسم الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:«لا تسجد على القفر،و لا على القير،و لا على الصاروج» (1).

و عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تسجد على الذهب،و لا على الفضة» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن الحسين،ان بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج؟قال:فلما نفد كتابي إليه تفكرت و قلت:هو مما أنبتت الأرض،و ما كان لي أن أسأل عنه!قال:فكتب إلي:

«لا تصل على الزجاج و إن حدثتك نفسك انه مما أنبتت الأرض و لكنه من الملح و الرمل،و هما ممسوخان» (3).

و لا يجوز السجود على الثلج،لأنه عنصر مغاير للأرض،فيدخل تحت المنع.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن معمر بن خلاد،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن السجود على الثلج؟فقال:«لا تسجد على (4)السبخة و لا على الثلج» (5).

مسألة:و يجوز السجود على كل ما أنبتت الأرض

مما لا يؤكل و لا يلبس من سائر أنواع الحشيش،و النبات،و الخشب و غيرها،لما تقدم من الأحاديث (6).و لأن

ص:361


1- 1التهذيب 2:304 حديث 1228،الاستبصار 1:334 حديث 1254،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:304 حديث 1229،الوسائل 3:604 الباب 12 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:304 حديث 1231،الوسائل 3:604 الباب 12 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
4- 4) «ح»«ق»:في،و كذا في التهذيب و الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 2:310 حديث 1257،الاستبصار 1:335 حديث 1262،الوسائل 3:602 الباب 9 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [5]
6- 6) راجع ص 352.

النبي صلى الله عليه و آله سجد على الخمرة (1)،و هي معمولة من سعف النخل.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:الرجل يصلي على سرير ما ساج و يسجد على الساج؟قال:«نعم» (2).

و في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:ذكر ان رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام و سأله عن السجود على البوريا و الخصفة و النبات؟ قال:«نعم» (3).

و عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس بالصلاة على البوريا،و الخصفة،و كل نبات إلا الثمرة» (4)و لأن الأصل الأرض،فجاز السجود عليه كأصله.

فروع
الأول:

السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات،لأن الخضوع هناك أتم.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إسحاق بن الفضل (5)انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن السجود على الحصر و البواري؟فقال:«لا بأس،و أن يسجد على الأرض

ص:362


1- 1مسند أحمد 6:111.
2- 2) التهذيب 2:310 حديث 1259،الوسائل 3:607 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1261،الوسائل 3:593 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 2:311 حديث 1262،الوسائل 3:593 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 9. [3]
5- 5) إسحاق بن الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و قال:روى عن أبي جعفر و أبي عبد الله،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة في ترجمة الحسن بن محمد بن الفضل،و قال:كذلك إسحاق و يعقوب و إسماعيل. رجال الطوسي:105،رجال العلامة:43. [4]

أحب إلي،فإن رسول الله صلى الله عليه و آله كان يحب[ذلك] (1)أن تمكن جبهته من الأرض،فأنا أحب لك ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله يحبه» (2).

الثاني:

لا بأس بالسجود على القرطاس،و يكره إذا كان مكتوبا.

أما الأول:فللأصل و لأنه من الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن مهزيار،قال:سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟فكتب:«يجوز» (3).

و أما الثاني:فلأنه ربما اشتغل بنظره في الكتابة عن الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتاب (4).

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن صفوان الجمال،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس و أكثر ذلك يومئ إيماءا (5).و لو كان السجود عليه سائغا لما أومأ.

لأنا نقول:ليس في هذا الحديث دلالة على المنع،بل هو يدل على الجواز،لأنه عليه السلام كان يسجد عليه،و لو لم يكن سائغا لما فعله،و الإيماء يحتمل أن يكون لعدم تمكنه من السجود،لكونه في المحمل،و يكون ذلك في النافلة أو الفريضة مع الضرورة.

ص:363


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 2:311 حديث 1263،الوسائل 3:609 الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:235 حديث 929،و ص 309 حديث 1250،الاستبصار 1:334 حديث 1257، الوسائل 3:601 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:304 حديث 1232،الاستبصار 1:334 حديث 1256،الوسائل 3:601 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 2:309 حديث 1251،الاستبصار 1:334 حديث 1258،الوسائل 3:600 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [4]
الثالث:

روى الشيخ،عن عمر بن حنظلة،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:يكون الكدس من الطعام مطينا مثل السطح؟قال:«صل عليه» (1)و هذه الرواية مناسبة للمذهب،و لا ينافيها ما رواه الشيخ،عن محمد بن مضارب (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن كدس حنطة مطين أصلي فوقه؟فقال:«لا تصل فوقه»قلت:فإنه مثل السطح مستو،فقال:«لا تصل عليه» (3)لأن هذه الرواية محمولة على الكراهية.قال الشيخ:و لا بأس به (4).

الرابع:

لا بأس بالسجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط.قال الشيخ:و لا يجوز إذا كانت معمولة بالسيور إن كانت ظاهرة تشمل الجبهة (5).

روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه كان يصلي على الخمرة (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن حمران،عن أحدهما عليهما السلام، قال:«كان أبي يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة و يسجد عليها،فإذا لم يكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد» (7).

ص:364


1- 1التهذيب 2:309 حديث 1253،الاستبصار 1:400 حديث 1528،الوسائل 3:470 الباب 39 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) محمد بن مضارب،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)تارة بقوله:محمد بن مضارب، كوفي،و اخرى بقوله:محمد بن المضارب كوفي يكنى:أبا المضارب.
3- 3) التهذيب 2:309 حديث 1252،الاستبصار 1:400 حديث 1529،الوسائل 3:470 الباب 39 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:309،الاستبصار 1:400.
5- 5) المبسوط 1:90، [3]النهاية:102. [4]
6- 6) صحيح البخاري 1:107،صحيح مسلم 1:458 حديث 513،سنن ابن ماجه 1:328 حديث 1028،سنن أبي داود 1:176 حديث 656،سنن الترمذي 2:151 حديث 331،سنن النسائي 2:57.
7- 7) التهذيب 2:305 حديث 1234،الاستبصار 1:335 حديث 1259،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [5]

و في الموثق،عن الحلبي،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:دعا أبي بخمرة فأبطأت عليه،فأخذ كفا من حصى فجعله على البساط،ثمَّ سجد (1).

و أما ما ذكره الشيخ من الاشتراط فيدل عليه ما رواه علي بن الريان،قال:كتب بعض أصحابنا بيد إبراهيم بن عقبة إليه يعني أبا جعفر عليه السلام يسأله عن الصلاة على الخمرة المدنية؟فكتب:«صل فيها ما كان[معمولا] (2)بخيوطة و لا تصل على ما كان معمولا بسيورة» (3).

الخامس:

يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه،كالصوف،و الشعر، و الثياب كلها إذا كان موضع الجبهة مما يجوز السجود عليه عملا بالأصل،و لأن النبي صلى الله عليه و آله سجد على الخمرة (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن الفضيل بن يسار،و بريد بن معاوية،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر، و الصوف إذا كان يسجد على الأرض،و إن كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه و السجود عليه» (5).

لا يقال:يعارض ذلك ما رواه الشيخ،عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليه السلام انه قال:«لا يسجد الرجل على شيء ليس عليه سائر جسده» (6).

ص:365


1- 1التهذيب 2:305 حديث 1235،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:306 حديث 1238،الوسائل 3:603،الباب 11 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
4- 4) مسند أحمد 6:111. [3]
5- 5) التهذيب 2:305 حديث 1236،الاستبصار 1:335 حديث 1260،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [4]
6- 6) التهذيب 2:305 حديث 1233،الاستبصار 1:335 حديث 1261،الوسائل 3:602 الباب 8 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [5]

لأنا نقول:ان هذه الرواية ضعيفة السند،فلا تعارض روايتنا،مع اعتضادها بالأصل و فعل النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام.

مسألة:و تخصيص ما ذكرناه بجواز السجود عليه إنما هو في حال الاختيار،

أما في حال الضرورة فلا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأن مع حصول الضرورة لا تكليف.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:أكون في السفر فتحضر الصلاة و أخاف الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟قال:

«تسجد على بعض ثوبك»قلت:ليس علي ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه و لا ذيله، قال:«اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد» (1).

و عن القاسم بن الفضيل (2)،قال:قلت للرضا عليه السلام:جعلت فداك، الرجل يسجد على كمه من أذى الحر و البرد؟قال:«لا بأس به» (3).

و عن أحمد بن عمر (4)،قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على

ص:366


1- 1التهذيب 2:306 حديث 1240،الاستبصار 1:333 حديث 1249،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [1]
2- 2) القاسم بن الفضيل بن يسار النهدي البصري:أبو محمد ثقة،روى عن أبي عبد الله(ع)،عده الشيخ في رجاله بإسقاط-النهدي-من أصحاب الصادق(ع)،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة، و نقل المحقق الأردبيلي روايته عن أبي عبد الله و الرضا(ع). رجال النجاشي:313،رجال الطوسي:274،جامع الرواة 2:19، [2]رجال العلامة:134. [3]
3- 3) التهذيب 2:306 حديث 1241،الاستبصار 1:333 حديث 1250،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [4]
4- 4) أحمد بن عمر الحلال كان يبيع الحل يعني الشيرج،روى عن الرضا(ع)و له عنه مسائل.قاله النجاشي، و عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا(ع)بزيادة:كوفي أنما طي ثقة ردي الأصل،و اخرى في باب من لم يرو عنهم(ع)و قال:روى عنه محمد بن عيسى اليقطيني،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال بعد نقل قول الشيخ:فعندي توقف في قبول روايته،ثمَّ ان المحقق المامقاني قال: الموجود في أكثر النسخ الرجالية:الحلال-بالحاء المهملة-و في بعض النسخ الرجالية:الخلال،و هو غلط. رجال النجاشي:99،رجال الطوسي:368،447،رجال العلامة:14، [5]تنقيح المقال 1:74. [6]

كم قميصه من أذى الحر و البرد،أو على ردائه إذا كان تحته مسح (1)أو غيره مما لا يسجد عليه؟فقال:«لا بأس به» (2)و بنحوه روى ابن يسار،عن أبي الحسن عليه السلام (3).

و عن منصور بن حازم،عن غير واحد من أصحابنا،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أ فنسجد عليه؟فقال:«لا،و لكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا أو كتانا» (4).

فروع:
الأول:

حالة التقية بعض أحوال الضرورة،فيثبت فيها الترخص كغيرها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح؟فقال:«إذا كان في تقية فلا بأس» (5).

و في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح و البساط؟فقال:«لا بأس إذا كان في حال تقية» (6).

ص:367


1- 1المسح:الكساء من الشعر.لسان العرب 2:596. [1]
2- 2) التهذيب 2:307 حديث 1242،الاستبصار 1:333 حديث 1251،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:307 حديث 1243،الاستبصار 1:333 حديث 1252،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:307 حديث 1247،الاستبصار 1:332 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [4]
5- 5) التهذيب 2:307 حديث 1244،الاستبصار 1:332 حديث 1245،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 2:307 حديث 1245،الاستبصار 1:332 حديث 1244،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [6]
الثاني:

السجود على القطن و الكتان أولى من السجود على الثلج،لأنه من نبات الأرض بخلاف الثلج،لأنه من نبات الأرض بخلاف الثلج الذي ليس بأرض و لا منها.و يؤيده:حديث منصور بن حازم (1).

الثالث:

روى الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،قلت له:اني أخرج في هذا الوجه و ربما لم يكن موضع أصلي فيه من الثلج فكيف أصنع؟قال:«إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه،و إن لم يمكنك فسوه و اسجد عليه» (2).

الرابع:

فعل هذه الصلاة على ما ذكرناه لا يستتبع القضاء،لأنها مأمور بها، فكانت مجزئة كغيرها.

الخامس:

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن المريض؟فقال:«يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو الأفضل من الإيماء،إنما كره من كره السجود على المروحة من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون الله،و إنا لم نعبد غير الله قط فاسجد على المروحة،أو على عود،أو على سواك» (3).

السادس:

لا يجوز السجود على الوحل لعدم استقرار الجبهة عليه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن حد الطين الذي لا يسجد فيه ما هو؟قال:«إذا غرقت الجبهة و لم تثبت على الأرض» (4).

ص:368


1- 1التهذيب 2:308 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 2:310 حديث 1256،الاستبصار 1:336 حديث 1263،الوسائل 3:457 الباب 28 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1264،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [3]
4- 4) التهذيب 2:312 حديث 1267،و ص 376 حديث 1562،الوسائل 3:442 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 9. [4]

و لو اضطر أومأ،لما رواه عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام:«فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود إيماءا» (1).

السابع:

يكره السجود على الأرض السبخة،و قد تقدم (2).

مسألة:و يشترط لموضع السجود أمران:

الملك أو ما في حكمه،و قد مضى البحث فيه (3).

و الطهارة،فلو سجد على شيء نجس لم تصح صلاته إجماعا منا.و هو قول أهل العلم كافة،إلا في رواية،عن أبي يوسف انها تفسد سجدته دون صلاته (4).و ليست شيئا،لأن فساد جزء الصلاة يستلزم فساد باقيها كما في الركوع.

احتج بأنه سجد على النجاسة،فلا يعتبر،فيصير كالعدم.

و جوابه:المنع من عدم اعتبارها في البطلان.

فرعان:
الأول:

هل يشترط طهارة مواضع الأعضاء السبعة التي يسجد عليها أم لا؟ فاختلف علماؤنا،فالأكثر اشترطوا طهارة موضع الجبهة لا غير،و استحبوا طهارة الباقي (5).و أبو الصلاح اشترط طهارة الجميع (6).و الأقرب عندي ما ذهب إليه

ص:369


1- 1التهذيب 2:312 حديث 1266،الوسائل 3:440 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) تقدم في ص 361.
3- 3) راجع ص 297.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:204.
5- 5) منهم:الطوسي في الخلاف 1:188 مسألة 242،و المحقق الحلي في الشرائع 1:72.
6- 6) الكافي في الفقه:140.

الأكثر،و هو اختيار أبي حنيفة و أصحابه،إلا أن أبا حنيفة اعتبر الموقف،فإن كان موضع القدمين نجسا لم تصح صلاته (1).و قال الشافعي بمثل قول أبي الصلاح (2).

لنا:الأصل عدم الاشتراط،و لأن وضع اليدين و الركبتين على الأرض عنده ليس بشرط للجواز،فطهارة موضعها أولى بعدم الاشتراط.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الشاذكونة تكون عليها الجنابة أ يصلي عليها في المحمل؟قال:«لا بأس» (3).

و عن محمد بن أبي عمير،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام،أصلي على الشاذكونة و قد أصابتها الجنابة؟فقال:«لا بأس» (4).

احتج المخالف بأنه استعمل النجاسة في الصلاة،فصار كحاملها (5).

و الجواب:المنع من المقدمتين.

الثاني:

إذا تيقن حصول النجاسة في مكان و جهل تعينها،فإن كان الموضع محصورا كالبيت و شبهه لم يسجد على شيء منه،و إن كان متسعا كالصحراء جاز،دفعا للمشقة.

الفصل السادس في الأذان و الإقامة:و فيه مباحث:
الأول:

الأذان لغة:الإعلام،قال الله تعالى :«وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ» (6)

ص:370


1- 1المبسوط للسرخسي 1:204.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:61-62،المجموع 3:152. [1]
3- 3) التهذيب 2:369 حديث 1537،الاستبصار 1:393 حديث 1499،الوسائل 3:1044،الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 2:370 حديث 1538،الاستبصار 1:393 حديث 1500،الوسائل 3:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 4.و [3]ج 3:469 الباب 38 من أبواب مكان المصلي،حديث 4.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:204.
6- 6) الحج:27. [4]

و قال «وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ» (1).

و قال الشاعر:

آذنتنا ببينها أسماء (2).

و في الشرع عبارة عن أذكار مخصوصة موضوعة للإعلام بأوقات الصلوات.

و هو من السنن المؤكدة إجماعا،روى الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة) (3).

و قال صلى الله عليه و آله:(ثلاثة على كثبان (4)المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون و الآخرون:رجل نادى بالصلوات الخمس في كل يوم و ليلة،و رجل يؤم قوما و هم به راضون،و عبد أدى حق الله و حق مواليه) (5).و رواه الأصحاب أيضا (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن يحيى الحلبي (7)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا أذنت في أرض فلاة و أقمت،صلى خلفك صفان من الملائكة،و إن أقمت و لم تؤذن،صلى خلفك صف واحد» (8).

ص:371


1- 1التوبة:3. [1]
2- 2) المغني 1:448.
3- 3) صحيح مسلم 1:290 حديث 387،سنن ابن ماجه 1:240 حديث 725.
4- 4) كثبت الشيء:إذا جمعته،و كل ما انصب في شيء فقد انكثب فيه،و منه سمي الكثيب من الرمل،لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه.الصحاح 1:209. [2]
5- 5) سنن الترمذي 4:697 حديث 2566. [3]
6- 6) التهذيب 2:283 حديث 1127،الوسائل 4:613 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]
7- 7) يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة الحلبي،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)ثقة ثقة صحيح الحديث،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)بهذا العنوان،و بعنوان:يحيى بن عمران بن علا من أصحاب الكاظم(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة من دون تكرار:ثقة. رجال النجاشي:444،رجال الطوسي:335،364،الفهرست:177، [5]رجال العلامة:182. [6]
8- 8) التهذيب 2:52 حديث 173،الوسائل 4:620 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [7]

و نحوه روى في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام (1).

و روى ابن بابويه،عن عبد الله بن علي (2)قال:حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها،فبينا أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل،شديد الادمة (3)،أبيض الرأس و اللحية،عليه طمران أحدهما أسود و الآخر أبيض،فقلت:من هذا؟فقالوا:

هذا بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و آله،فأخذت ألواحي فأتيته فسلمت عليه، فقلت:السلام عليك أيها الشيخ،فقال:و عليك السلام،قلت:يرحمك الله حدثني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:و ما يدرك من أنا،فقلت:أنت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:فبكى و بكيت حتى اجتمع الناس علينا و نحن نبكي،قال:ثمَّ قال:يا غلام من أي البلاد أنت؟قلت:من أهل العراق،قال:بخ بخ،فمكث ساعة،ثمَّ قال:اكتب يا أخا أهل العراق:بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم،و صومهم،و لحومهم،و دمائهم لا يسألون الله شيئا إلا أعطاهم،و لا يشفعون في شيء إلا شفعوا»قلت:زدني يرحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله تعالى يوم القيامة و له عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا»قلت:زدني رحمك الله، قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن عشرين عاما بعثه الله يوم القيامة و له من النور مثل نور السماء»قلت:زدني رحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:

ص:372


1- 1التهذيب 2:52 حديث 174،الوسائل 4:620 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [1]
2- 2) عبد الله بن علي لم يذكر حاله في كتب الرجال،و قد وقع في طريق الصدوق. الفقيه(شرح المشيخة)4:53.
3- 3) الادمة،بالضم:السمرة.الصحاح 5:1859. [2]

«من أذن عشر سنين أسكنه الله:(عز و جل مع إبراهيم في قبته أو في درجته»قلت:زدني رحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن سنة واحدة بعثه الله يوم القيامة و قد غفرت ذنوبه كلها بالغا ما بلغت، و لو كانت مثل زنة جبل احد»قلت:زدني رحمك الله،قال:نعم فاحفظ و اعمل و احتسب،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقربا إلى الله عز و جل غفر الله له ما سلف من ذنوبه،و من عليه بالعصمة فيما بقي من عمره،و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة»قلت:زدني يرحمك الله بأحسن ما سمعت،قال:و يحك يا غلام قطعت أنياط قلبي،و بكى و بكيت حتى اني و الله لرحمته،ثمَّ قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«إذا كان يوم القيامة و جمع الله عز و جل الناس في صعيد واحد،بعث الله عز و جل إلى المؤذنين بملائكة من نور،معهم ألوية و أعلام من نور يقودون جنائب (1)، أزمتها زبرجد أخضر و خفائفها المسك الأذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلى صوتهم بالأذان»ثمَّ بكى بكاءا شديدا حتى انتحب و بكيت، فلما سكت قلت:ممم بكاؤك؟قال:و يحك ذكرتني أشياء،سمعت حبيبي و صفيي عليه السلام يقول:«و الذي بعثني بالحق نبيا انهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب فيقولون:الله أكبر الله أكبر،فإذا قالوا ذلك سمعت لأمتي ضجيجا»فسأله أسامة بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟قال:«الضجيج:التسبيح،و التحميد،و التهليل، فإذا قالوا:أشهد ان لا إله إلا الله،قالت:أمتي:إياه كنا نعبد في الدنيا،فيقال لهم:

صدقتم،فإذا قالوا،أشهد ان محمدا رسول الله،قالت أمتي:هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله و آمنا به و لم نره،فيقال لهم:صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم و كنتم به مؤمنين فحقيق على الله أن يجمع بينكم و بين نبيكم فينتهي بهم إلى

ص:373


1- 1الجنائب:الجنيبة:العليقة و هي الدابة التي تقاد.لسان العرب 1:279. [1]

منازلهم و فيها ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر»ثمَّ نظر إلي فقال:

«إن استطعت-و لا قوة إلا بالله-أن لا تموت إلا مؤذنا فافعل» (1)الحديث و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و فصول الأذان و الإقامة خمسة و ثلاثون:

الأذان ثمانية عشر،و الإقامة سبعة عشر.

صورة الأذان:الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر.

أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله.

أشهد أن محمدا رسول الله،أشهد أن محمدا رسول الله.

حي على الصلاة،حي على الصلاة.

حي على الفلاح،حي على الفلاح.

حي على خير العمل،حي على خير العمل.

الله أكبر،الله أكبر.

لا إله إلا الله،لا إله إلا الله.

و الإقامة مثل ذلك الا انه يسقط فيها التكبير مرتين من أولها،و مرة واحدة لا إله إلا الله في آخرها،و يزاد فيها بعد حي على خير العمل:قد قامت الصلاة مرتين.هذا الذي عليه فتوى أكثر علمائنا و إن اختلفت أخبارهم.و خالفنا الجمهور في مواضع، تشتمل عليها مسائل.

المسألة الأولى:التكبير في أول الأذان أربع مرات.

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال أبو حنيفة (2)،و الثوري (3)،و الشافعي (4)،و إسحاق (5)،و أحمد (6).

ص:374


1- 1الفقيه 1:189 حديث 905.
2- 2) المبسوط 1:129 بدائع الصنائع 1:147،شرح فتح القدير 1:210،عمدة القارئ 5:108،بداية المجتهد 1:105،المجموع 3:93،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،تفسير القرطبي 6:227. [1]
3- 3) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،المجموع 3:93،تفسير القرطبي 6:227. [2]
4- 4) الام 1:85،الام(مختصر المزني)8:12،المهذب للشيرازي 1:55،مغني المحتاج 1:135،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،المجموع 3:93،المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،تفسير القرطبي 6:226، [3]عمدة القارئ 5:108.
5- 5) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430.
6- 6) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،الكافي لابن قدامة 1:128،الإنصاف 1:412، [4]شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،منار السبيل 1:68.

و قال مالك:التكبير في أول الأذان مرتان (1).و هو قول أبي يوسف (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن زيد (3)،قال:علم رسول الله صلى الله عليه و آله بلالا الأذان و التكبير في أوله أربع مرات (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:قال لي أبو جعفر عليه السلام:«يا زرارة،تفتح الأذان بأربع تكبيرات و تختمه بتكبيرتين و تهليلتين» (5).

ص:375


1- 1المدونة الكبرى 1:57،بداية المجتهد 1:105،بلغة السالك 1:91،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:91،المغني 1:450،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463، المجموع 3:93،المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:147،عمدة القارئ 5:108،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:35،شرح فتح القدير 1:210.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:147،نيل الأوطار 2:16.
3- 3) عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي:أبو محمد المدني،شهد العقبة و بدرا و المشاهد،و هو الذي أرى النداء للصلاة في النوم،روى عن النبي(ص) و روى عنه ابنه محمد و ابن ابنه عبد الله بن محمد و سعيد بن المسيب.مات سنة 32 ه. أسد الغابة 3:165، [1]تهذيب التهذيب 5:223، [2]العبر 1:24. [3]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الترمذي 1:358 حديث 189، [4]سنن الدارمي 1:269، [5]مسند أحمد 4:43،سنن البيهقي 1:390.
5- 5) التهذيب 2:61 حديث 213،الاستبصار 1:307 حديث 1137،الوسائل 4:642 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]

و عن إسماعيل الجعفي،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«الأذان و الإقامة خمسة و ثلاثون حرفا» (1).

و عن أبي بكر الحضرمي و كليب الأسدي جميعا،عن أبي عبد الله عليه السلام،انه حكى لهما الأذان فقال:«الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر» (2)إلى آخره.

و لأنه ذكر الله تعالى منقول،فاستحب فعله كغيره من الأذكار.

احتج مالك (3)بأن أبا محذورة (4)كان يؤذن و يجعل التكبير في أوله مرتين.و لأن الأذان ذكر واحد فتتساوى أجزاؤه.

و الجواب عن الأول:انه معارض بحديث بلال،و الأخذ به أولى،لأنه كان أكثر ملازمة لرسول الله صلى الله عليه و آله.و لأن رواية مالك حكاية لفعل بعض الصحابة.

و عن الثاني:انها وظيفة شرعية فتقف عليه،و لأنه ينتقض بالتهليل في آخره عندهم.

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام (5)،و عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام حكاية

ص:376


1- 1التهذيب 2:59 حديث 208،الاستبصار 1:305 حديث 1132،الوسائل 4:642 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:60 حديث 211،الاستبصار 1:306 حديث 1135،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [2]
3- 3) المدونة الكبرى 1:57،بداية المجتهد 1:106،تفسير القرطبي 6:227، [3]المغني 1:450،عمدة القارئ 5:108.
4- 4) أبو محذورة القرشي الجمحي المكي المؤذن،اختلف في اسمه،فقيل:أوس،و قيل:سمرة،و قيل: سلمة،و قيل:سلمان،و كان رسول الله قد سمعه يحكي الأذان فأعجبه صوته فأمر أن يؤتى به فأسلم يومئذ و أمره بالأذان بمكة،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه عبد الملك و ابن ابنه عبد العزيز بن عبد الملك و زوجته أم عبد الملك و أبو سليمان المؤذن.مات بمكة سنة 59 ه،و قيل:79. أسد الغابة 5:292، [4]تهذيب التهذيب 12:222. [5]
5- 5) التهذيب 2:59 حديث 209،الاستبصار 1:305 حديث 1133،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [6]

الأذان و جعلا التكبير في أوله مرتين (1).

لأنا نقول:ان القصد كان تفهيم السائل كيفية التلفظ لا تعريف العدد،لما قدمنا من الروايات.

المسألة الثانية:الترجيع في الأذان مكروه.

ذهب إليه علماؤنا و هو تكرار الشهادتين مرتين.

و قال الشيخ في المبسوط:الترجيع غير مسنون في الأذان،و هو تكرار التكبير و الشهادتين في أول الأذان،فإن أراد تنبيه غيره جاز تكرير الشهادتين (2).و ممن كره الترجيع:الثوري (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5)،و أصحاب الرأي (6).

و قال الشافعي:الترجيع مستحب (7)،و هو أن يذكر الشهادتين مرتين مرتين يخفض بذلك صوته،ثمَّ يعيدهما رافعا بهما صوته.

لنا:ما رواه الجمهور في حديث عبد الله بن زيد ان رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:377


1- 1التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [1]
2- 2) المبسوط 1:95. [2]
3- 3) المغني 1:450،تفسير القرطبي 6:227، [3]المجموع 3:93.
4- 4) المغني 1:450-451،الإنصاف 1:412،المجموع 3:93.
5- 5) المغني 1:450.
6- 6) بدائع الصنائع 1:147-148،المبسوط للسرخسي 1:128،الهداية للمرغيناني 1:41، [4]شرح فتح القدير 1:210-211،ميزان الكبرى 1:133،المغني 1:450،المجموع 3:93،تفسير القرطبي 6: 227، [5]نيل الأوطار 2:17،سبل السلام 1:121.
7- 7) الام 1:84،الام(مختصر المزني)8:12،المهذب للشيرازي 1:56،المجموع 3:91،مغني المحتاج 1: 136،ميزان الكبرى 1:133،السراج الوهاج:37،بدائع الصنائع 1:147،المبسوط للسرخسي 1: 128،الهداية للمرغيناني 1:41،عمدة القارئ 5:107،شرح فتح القدير 1:211،المغني 1:450، نيل الأوطار 2:17،تفسير القرطبي 6:227. [6]

علم بلالا الأذان كما وصفناه.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن مهران الجمال، قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام الأذان مثنى مثنى (1).و مثله روى أبو همام،عن أبي الحسن عليه السلام (2).

احتج الشافعي (3)بما رواه أبو محذورة،ان النبي صلى الله عليه و آله لقنه الأذان، فقال له:(تقول:أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد ان محمدا رسول الله،أشهد ان محمدا رسول الله تخفض بها صوتك،ثمَّ ترفع صوتك بالشهادة:

أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد ان محمدا رسول الله،أشهد أن محمدا رسول الله) (4)،ثمَّ ذكر الأذان.

و الجواب:ان أبا محذورة لا تعويل على روايته،فإن أصحاب الحديث قالوا:إنما خص النبي صلى الله عليه و آله أبا محذورة بذلك ليحصل له الإخلاص بالشهادتين، لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ،لأنه كان مستهزئا يحكي أذان مؤذن النبي صلى الله عليه و آله على سبيل الاستهزاء،فسمع رسول الله صلى الله عليه و آله صوته،فدعاه، فأمره بالأذان.قال أبو محذورة:و لا شيء عندي أبغض من النبي صلى الله عليه و آله و لا مما يأمرني به،فقصد النبي صلى الله عليه و آله نطقه بالشهادتين سرا ليسلم بذلك (5).و مع هذا كيف يجوز ترك الروايات الشهيرة لهذه الرواية الضعيفة.

ص:378


1- 1التهذيب 2:62 حديث 217،الاستبصار 1:307 حديث 1141،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1111،الوسائل 4:649 الباب 20 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) الام 1:84،المهذب للشيرازي 1:56،المجموع 3:93، [3]المغني 1:450، [4]بدائع الصنائع 1:147،عمدة القارئ 5:108. [5]
4- 4) صحيح مسلم 1:287 حديث 379،سنن ابن ماجه 1:235 حديث 708-709،سنن أبي داود 1: 137 حديث 503،سنن الترمذي 1:366،حديث 191، [6]سنن النسائي 2:4-6،سنن الدارمي 1: 271، [7]سنن البيهقي 1:392.
5- 5) المغني 1:451.
فرع:

لو أراد المؤذن إشعار قوم بذلك ساغ له تكرير الشهادتين مرتين على ما قاله الشيخ، لأنه ذكر لله تعالى يحصل منه فائدة لا تحصل بدونه،فكان مشروعا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لو ان مؤذنا أعاد في الشهادة و في حي على الصلاة،أو حي على الفلاح المرتين و الثلاث و أكثر من ذلك إذا كان إماما يريد جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس» (1).

المسألة الثالثة:قول حي على خير العمل في الأذان و الإقامة سنة

يبطل الأذان بتركه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أنكره الجمهور كافة.

لنا:ما رواه الجمهور انه قد كان في زمن النبي صلى الله عليه و آله يفعل ذلك (2)، و ادعاؤهم النسخ لم يثبت.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن المعلى بن خنيس،عن أبي عبد الله عليه السلام (3).

و رواه في الصحيح،عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن الباقر عليه السلام في حديث الإسراء (4).

المسألة الرابعة:التهليل في آخر الأذان مرتان.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أطبق الجمهور على المرة.

ص:379


1- 1التهذيب 2:63 حديث 225،الاستبصار 1:309 حديث 1149،الوسائل 4:652 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) سنن البيهقي 1:424،كنز العمال 8:342 حديث 23174.
3- 3) الاستبصار 1:306 حديث 1136،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [3]

لنا:ما رووه،عن أنس،قال:أمر بلال أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة (1).

و عن سويد بن غفلة (2)،قال:سمعت بلالا يؤذن مثنى مثنى و يقيم مثنى (3).

و عن سويد،قال:أذن بلال مثنى مثنى و أقام مثل ذلك (4).

و من طريق الخاصة:رواية زرارة و الفضيل بن يسار،عن الباقر عليه السلام (5).و رواية أبي بكر الحضرمي و كليب الأسدي،عن أبي عبد الله عليه السلام (6).

المسألة الخامسة:

روي في بعض أخبارنا ان التكبير في آخر الأذان أربع مرات (7)،و التعويل على ما تقدم من الأحاديث،و تحمل هذه الرواية على إرادة الإشعار.

ص:380


1- 1صحيح البخاري 1:158،صحيح مسلم 1:286 حديث 378،سنن ابن ماجه 1:241 حديث 729-730،سنن أبي داود 1:141 حديث 580،سنن الترمذي 1:369 حديث 193،سنن النسائي 2:3،سنن البيهقي 1:412،سنن الدار قطني 1:240 حديث 17،نيل الأوطار 2:20 حديث 2.
2- 2) سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن معاوية.أبو أمية الجعفي الكوفي،قيل:انه صلى مع النبي(ص)و قيل:قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله(ص).روى عن علي(ع)و أبي بكر و عمر و عثمان و بلال و أبي ذر و الحسن بن علي(ع)،و روى عنه أبو إسحاق و إبراهيم النخعي،مات سنة 80 ه،و قيل:81. تهذيب التهذيب 4:278، [1]العبر 1:68. [2]
3- 3) مجمع الزوائد 1:331،التلخيص الحبير هامش فتح العزيز(ضمن المجموع)3:163،نيل الأوطار 2: 22.
4- 4) التلخيص الحبير هامش فتح العزيز(ضمن المجموع)3:163،نيل الأوطار 2:22.
5- 5) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [3]
6- 6) التهذيب 2:60 حديث 211،الاستبصار 1:306 حديث 1135،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [4]
7- 7) مصباح المتهجد:26، [5]الوسائل 4:648 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 23. [6]

و أما ما روي في الشاذ من قول ان عليا ولي الله،و آل محمد خير البرية (1)فمما لا يعول عليه.قال الشيخ في المبسوط:فإن فعله لم يكن آثما (2).و قال في النهاية:كان مخطئا (3).

المسألة السادسة:التثويب في أذان الغداة و غيرها غير مشروع،

و هو قول(الصلاة خير من النوم)ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و هو قول الشافعي (5).و أطبق الجمهور على استحبابه في الغداة،لكن،عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته،فرواية كما قلناه، و الأخرى:ان التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر و إقامته:حي على الصلاة مرتين،حي على الفلاح مرتين (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن زيد (7)،فإنه لم يذكره في أذانه الذي نقله عن رسول الله صلى الله عليه و آله.

و من طريق الخاصة:رواية زرارة و الفضيل،عن الباقر عليه السلام في حكاية أذان الملك (8).

ص:381


1- 1الفقيه 1:188،الوسائل 4:648 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 25. [1]
2- 2) المبسوط 1:99. [2]
3- 3) النهاية:69. [3]
4- 4) منهم:الطوسي في النهاية:67،و [4]المرتضى في الانتصار:39،و ابن البراج في المهذب 1:59.
5- 5) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:56،الام(مختصر المزني)8:12،المجموع 3:92،بدائع الصنائع 1: 148،بداية المجتهد 1:106،نيل الأوطار 2:18.
6- 6) بدائع الصنائع 1:148،المبسوط للسرخسي 1:130،الجامع الصغير للشيباني:83،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1:214،المغني 1:454.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،مسند أحمد 4:42-43، سنن الدارمي 1:269،سنن البيهقي 1:390-391.
8- 8) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [5]

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التثويب الذي يكون بين الأذان و الإقامة؟فقال:«ما نعرفه» (1)و لأنه مكروه في غيرها من الصلوات،فليحق بغيرها.

احتج المخالف (2)بما رواه أبو محذورة قلت:يا رسول الله علمني سنة الأذان،فقال بعد قوله حي على الفلاح:(فإن كان في صلاة الصبح،قلت:الصلاة خير من النوم) (3).

و الجواب:ان هذه الرواية ضعيفة،لما بيناه من حال أبي محذورة عند أهل الحديث منهم.

و أيضا:فإن الشافعي علل كراهية التثويب بأن أبا محذورة لم يذكره (4).

و قد أنكر هذه الرواية جماعة منهم كأبي عيسى،فإنه قال:هذا التثويب الذي أنكره أهل العلم و كرهوه،و هو الذي خرج منه ابن عمر من المسجد لما سمعه (5).

و قال إسحاق:هذا شيء أحدثه الناس (6).

و العجب ان أبا حنيفة لا يعمل بخبر الواحد فيما يعم به البلوى،و عمل هاهنا برواية أبي محذورة مع ما فيها من المطاعن،و معارضتها لروايات صحاح.

لا يقال:قد روى الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

ص:382


1- 1التهذيب 2:63 حديث 223،الاستبصار 1:308 حديث 1147،الوسائل 4:650 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:454.
3- 3) سنن أبي داود 1:136 حديث 500،سنن النسائي 2:7،14،سنن البيهقي 1:421-422،نيل الأوطار 2:17.
4- 4) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:65،الام(مختصر المزني)8:12،بدائع الصنائع 1:148.
5- 5) المغني 1:454.
6- 6) المغني 1:454.

«النداء و التثويب في الإقامة من السنة» (1).

و عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«كان أبي ينادي في بيته:الصلاة خير من النوم،و لو رددت ذلك لم يكن به بأس» (2).

لأنا نقول بعد تسليم صحة السند:انهما حديثان ضعيفان،لعدم اعتضادهما بغيرهما،:و بعمل الأصحاب،و منافات باقي الروايات لهما،فيحملان على التقية، ذكره الشيخ (3).

و روي،عن بلال انه أذن،ثمَّ جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و آله يؤذنه بالصلاة.فقيل له بأن رسول الله صلى الله عليه و آله نائم.فقال بلال:الصلاة خير من النوم مرتين (4).فيحتمل أن يكون مستند فتوى القائلين به إلى هذه الرواية.

المسألة السابعة:

يكره أن يقول بين الأذان و الإقامة:حي على الصلاة حي على الفلاح.و به قال الشافعي (5).

و قال محمد بن الحسن:كان التثويب الأول:الصلاة خير من النوم مرتين بين الأذان و الإقامة،ثمَّ أحدث الناس بالكوفة:حي على الصلاة،حي على الفلاح مرتين بينهما.و هو حسن (6).و قال بعض أصحاب أبي حنيفة:يقول بعد الأذان:حي على الصلاة،حي على الفلاح بقدر ما يقرأ عشر آيات (7).

ص:383


1- 1التهذيب 2:62 حديث 221،الوسائل 4:651 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:63 حديث 222،الاستبصار 1:308 حديث 1146،الوسائل 4:651 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:63،الاستبصار 1:308.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:237 حديث 716،سنن البيهقي 1:422،كنز العمال 8:356-358،مجمع الزوائد 1:330.
5- 5) الام 1:85.
6- 6) بدائع الصنائع 1:148،حلية العلماء 2:40.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:131،بدائع الصنائع 1:150،فتح العزيز بهامش المجموع 3:172.و فيها: عشرين آية بدل:عشر.

لنا:ما رواه الجمهور،أن عمر أنكر على أبي محذورة لما أذن بالصلاة،فقال:

حي على الصلاة،حي على الفلاح،قال:ويحك أ مجنون أنت ما كان في دعائك الذي دعوتنا ما نأتيك حتى تأتينا بهذا (1).فدل على انه مكروه،لأنه لو لم يكن كذلك لما أنكره،و أحاديث أهل البيت عليهم السلام تدل عليه.

المسألة الثامنة:فصول الإقامة مثنى عدا التهليل في آخرها،

فإنه مرة واحدة.

ذهب إليه علماؤنا.

و قال أبو حنيفة:الإقامة مثنى مثنى كما قلناه إلا انه يجعل بدل حي على خير العمل التكبير في أولها كالأذان (2).و للشافعي قولان:أحدهما أنها مرة مرة (3).و الثاني:ان التكبير مرتان في أولها و الباقي مرة مرة إلا قد قامت الصلاة،فإنها مرتان (4).و به قال الأوزاعي (5)،و أحمد (6)و إسحاق،و أبو ثور،و عروة بن الزبير،و الحسن البصري (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي محذورة ان النبي صلى الله عليه و آله علمه الإقامة

ص:384


1- 1كنز العمال 8:340 حديث 23168 بدون(ويحك أ مجنون أنت؟).
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:148،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1: 212،المحلى 3:153،حلية العلماء 2:40،المغني 1:451،ميزان الكبرى 1:132،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:461،تفسير القرطبي 6:227. [1]
3- 3) المهذب للشيرازي 1:57،فتح العزيز بهامش المجموع 1:163،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:460،عمدة القارئ 5:104،المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:21.
4- 4) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:94،فتح العزيز بهامش المجموع 1:163،حلية العلماء 2:40،مغني المحتاج 1:136،السراج الوهاج:37،ميزان الكبرى 1:132،تفسير القرطبي 6: 227، [2]بداية المجتهد 1:110،بدائع الصنائع 1:148،المبسوط للسرخسي 1:129،المغني 1:451، شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:460،نيل الأوطار 2:21.
5- 5) المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.
6- 6) المغني 1:451،الكافي لابن قدامة 1:128،حلية العلماء 2:40،المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.
7- 7) المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.

سبع عشرة كلمة (1).قال الترمذي:و هو حديث حسن صحيح (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن مهران الجمال قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«الأذان مثنى مثنى،و الإقامة مثنى مثنى» (3)و حكاه الباقر عليه السلام في أذان الملك و إقامته (4).

احتج المخالف (5)بما رواه عبد الله بن عمر انه قال:كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله مرتين مرتين،و الإقامة مرة مرة إلا انه يقول:قد قامت الصلاة،قد قامت الصلاة (6).

و الجواب:المعارضة بما تقدم من الأحاديث،و ما ذكرناه أحوط،فكان العمل به أولى.

فرع:

يجوز في السفر و عند العذر إفراد فصول الأذان و الإقامة للحاجة إلى ذلك.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي عبيدة الحذاء قال:رأيت أبا جعفر

ص:385


1- 1سنن ابن ماجه 1:235 حديث 709،سنن أبي داود 1:137 حديث 502،سنن الترمذي 1:367 حديث 192، [1]سنن النسائي 2:4،سنن الدارمي 1:271، [2]مسند أحمد 6:401، [3]سنن البيهقي 1: 416،نيل الأوطار 2:23-24.
2- 2) سنن الترمذي 1:367. [4]
3- 3) التهذيب 2:62 حديث 217،الاستبصار 1:307 حديث 1141،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [5]
4- 4) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [6]
5- 5) المغني 1:452، [7]المجموع 3:95.
6- 6) سنن أبي داود 1:141 حديث 510،سنن النسائي 2:21،سنن الدارمي 1:270، [8]مسند أحمد 2: 85. [9]

عليه السلام يكبر واحدة واحدة في الأذان،فقلت:له لم تكبر واحدة؟فقال:«لا بأس به إذا كنت مستعجلا» (1).

و عن بريد بن معاوية،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة،الأذان واحدا واحدا و الإقامة واحدة واحدة» (2).

آخر:روى الشيخ،عن يزيد مولى الحكم (3)،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سمعته يقول:«لأن أقيم مثنى مثنى أحب إلي من أن أؤذن و أقيم واحدا واحدا» (4).

المسألة التاسعة:

قال الشيخ في النهاية:و الذي ذكرناه من فصول الأذان هو المختار المعمول عليه،و قد روي سبعة و ثلاثون فصلا في بعض الروايات يضيف إلى ما ذكرناه التكبير مرتين في أول الإقامة،و قد روي ثمانية و ثلاثون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا لا إله إلا الله مرة أخرى في آخر الإقامة،و قد روي اثنان و أربعون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا التكبير في آخر الأذان مرتين،و في آخر الإقامة مرتين،فمن عمل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوما (5).

المسألة العاشرة:آخر فصول الأذان لا إله إلا الله.و هو قول أهل العلم (6).

ص:386


1- 1التهذيب 2:62 حديث 216،الاستبصار 1:307 حديث 1140،الوسائل 4:650 الباب 21 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:62 حديث 219،الاستبصار 1:308 حديث 1143،الوسائل 4:650 الباب 21 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) يزيد البزاز يكنى:أبا خالد مولى الحكم بن أبي الصلت الثقفي،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق(ع)،و بعنوان:يزيد مولى الحكم بن أبي الصلت الثقفي من أصحاب الباقر(ع). رجال الطوسي:140،338.
4- 4) التهذيب 2:62 حديث 218،الاستبصار 1:308 حديث 1142،الوسائل 4:649 الباب 20 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]
5- 5) النهاية:68-69. [4]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:129،المهذب للشيرازي 1:56،المغني 1:450.

و نقل شارح الطحاوي،عن أهل المدينة،ان آخره لا إله إلا الله و الله أكبر،و هو غير معتمد.

مسألة:و يشترط في الأذان و الإقامة الترتيب،

بمعنى ان المخل به لا يكون آتيا بالأذان،و لا يعتد به في الجماعة،و لا يبرئه لو حلف أن يؤذن،لأنها عبادة شرعية لا مجال للعقل فيها،فيقف على صاحب الشرع.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«من سها في الأذان فقدم أو أخر عاد على الأول الذي أخره حتى يمضي إلى آخره» (1).

و عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام أو سمعته يقول:

«فإن نسي حرفا من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه،ثمَّ يقول من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة» (2).

مسألة:و يستحب في الأذان و الإقامة الوقوف في فصولهما

لا يظهر في أواخرها الإعراب و عليه فتوى علمائنا.و به قال أحمد (3)،خلافا للباقين.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحدر) (4).

حكى ابن الأنباري (5)،عن أهل اللغة:انه حال ترسله و درجه لا يصل الكلام

ص:387


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1115،الوسائل 4:662 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1114،الوسائل 4:662 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:453،الإنصاف 1:414. [3]
4- 4) سنن الترمذي 1:373 حديث 195.
5- 5) القاسم بن محمد بن بشار:أبو محمد الأنباري النحوي كان محدثا أخباريا عارفا بالأدب،أخذ عن سلمة بن عاصم و أبي عكرمة الضبي،له مصنفات منها:الأمثال،المقصور و الممدود،غريب الحديث.مات سنة 304 ه. بغية الوعاة:380.

بعضه ببعض بل جزما.

و قال إبراهيم النخعي:شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما:الأذان و الإقامة (1).

و الظاهر انه أشار بذلك إلى الصحابة كافة.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«الأذان جزم بإفصاح الألف و الهاء،و الإقامة حدر» (2).

و مثله روي،عن خالد بن نجيح (3)،عن الصادق عليه السلام (4).

مسألة:و يستحب ترسل الأذان و إحدار الإقامة.

و الترسل:هو التأني و التمهل،و الحدر:الإسراع،و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور،عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحدر) (5).

و قال عمر لمؤذن بين المقدس:إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحذم (6)(7).

و قال الأصمعي (8):الحذم في المشي هو الإسراع (9).

ص:388


1- 1المغني 1:453،الإنصاف 1:414.
2- 2) التهذيب 2:58،حديث 203،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [1]
3- 3) خالد بن نجيح الجوان-أو:الجواز-الكوفي،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق(ع)بعنوان:خالد بن نجيح الجواز الكوفي،و أخرى من أصحاب الصادق الكاظم(ع) بعنوان:خالد بن نجيح،و بعد عده أسماء بعنوان:خالد الجوان،و الكل واحد. رجال النجاشي:150،رجال الطوسي:186،349.
4- 4) التهذيب 2:58 حديث 204،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
5- 5) سنن الترمذي 1:373 حديث 195.
6- 6) «غ»«ح»«ق»:فاحدر.
7- 7) كنز العمال 8:337 حديث 23156،سنن الدارمي 1:238 حديث 10،سنن البيهقي 1:428.
8- 8) عبد الملك بن قريب بن عبد الملك به علي:أبو سعيد الأصمعي البصري اللغوي،أحد أئمة اللغة و الغريب،روى عن أبي عمرو بن العلاء و قرة بن خالد و حماد بن سلمة،له مصنفات،مات سنة 216،ه.و قيل 215.بغية الوعاة:313،العبر 1:291، [3]تأريخ بغداد 5:410.
9- 9) المغني 1:354.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن السري (1)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الأذان ترسل و الإقامة حدر» (2)و لأن الأذان إعلام البعد، فاستحب فيه التمهل،و الإقامة إعلام الحاضرين فاكتفي فيها بالإدراج.

مسألة:و يستحب الفصل بين الأذان و الإقامة

بركعتين،أو سجدة،أو جلسة،أو خطوة إلا المغرب،فإنه يفصل فيهما بخطوة،أو سكتة،أو تسبيحة.ذهب إليه علماؤنا.

و به قال أحمد (3)،خلافا للشافعي (4)،و أبي حنيفة (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر،عن النبي صلى الله عليه و آله قال لبلال:

(اجعل بين أذانك و إقامتك بقدر ما يفرغ الأكل من أكله،و الشارب من شربه، و المعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) (6).و المعتصر هو الذي يصيب من الشيء و يأخذ منه.

و عن أبي هريرة قال:جلوس المؤذن بين الأذان و الإقامة سنة (7).

و عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله انهم كانوا إذا أذن المؤذن ابتدروا

ص:389


1- 1الحسن بن السري الكاتب الكرخي و أخوه علي،رويا عن أبي عبد الله(ع)،له كتاب رواه عنه الحسن بن محبوب،قاله النجاشي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و وثقه،و هو متحد مع الحسن بن السري الكاتب الكرخي العبدي الأنباري الذي ذكره الصدوق في مشيخته. رجال النجاشي:47،الفقيه(شرح المشيخة)4:51،رجال العلامة:42. [1]
2- 2) التهذيب 2:65 حديث 232،الوسائل 4:653 الباب 24 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
3- 3) المغني 1:457،الكافي لابن قدامة 1:134،الإنصاف 1:421.
4- 4) المغني 1:457.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:139،بدائع الصنائع 1:150،المغني 1:457،المجموع 3:121.
6- 6) سنن الترمذي 1:373 حديث 192،سنن البيهقي 1:428.
7- 7) المغني 1:458.

السواري فصلوا ركعتين (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن شهاب (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بد من قعود بين الأذان و الإقامة» (3).

و في الصحيح،عن سليمان بن جعفر الجعفري،قال:سمعته يقول:«الفرق بين الأذان و الإقامة بجلوس أو ركعتين» (4).

و عن سيف بن عميرة (5)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«بين كل أذانين قعدة إلا المغرب،فإن بينهما نفسا» (6).

و عن أبي علي صاحب الأنماط (7)،عن أبي عبد الله و أبي الحسن عليهما السلام

ص:390


1- 1صحيح البخاري 1:161،صحيح مسلم 1:573 حديث 303،سنن النسائي 2:75،مسند أحمد 3: 280، [1]المغني 1:458.
2- 2) الحسن بن شهاب بن يزيد البارقي الأزدي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع)و قال:روى عنهما. رجال الطوسي:113،167.
3- 3) التهذيب 2:64 حديث 226،الوسائل 4:631 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 2:64 حديث 227،الوسائل 4:631 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]
5- 5) سيف بن عميرة النخعي الكوفي،ثقة،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم(ع)،و قال في الفهرست:ثقة له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:189،رجال الطوسي:215،351،الفهرست:78، [4]رجال العلامة:82. [5]
6- 6) التهذيب 2:64 حديث 229،الاستبصار 1:309 حديث 1150،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [6]
7- 7) أبو علي صاحب الأنماط الكوفي،عده الشيخ في رجاله في الكنى من أصحاب الصادق(ع)،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،قال المحقق المامقاني:لم أقف على اسمه و لا حاله. رجال الطوسي:339،تنقيح المقال 3:28 [7] من فصل الكنى.

كان«يؤذن للظهر على ست ركعات،و يؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر» (1).

فروع:
الأول:

قد روي الجلوس بين أذان المغرب و إقامتها،روى الشيخ،عن إسحاق الجريري (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«من جلس فيما بين أذان المغرب و الإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله» (3).

الثاني:

روى الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن مسكان،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام أذن و أقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس (4).

الثالث:

روى الشيخ،عن جعفر بن محمد بن يقطين (5)،رفعه إليهم،قال:

«يقول الرجل إذا فرغ من الأذان و جلس:اللهم اجعل قلبي بارا،و رزقي دارا و اجعل لي عند قبر رسول الله صلى الله عليه و آله قرارا و مستقرا» (6).

ص:391


1- 1التهذيب 2:286 حديث 1144،الوسائل 4:667 الباب 39 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [1]
2- 2) إسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي،و ثقة النجاشي و عده الشيخ في رجاله بالعنوان المذكور من أصحاب الصادق(ع)و بعنوان إسحاق بن جرير واقفي من أصحاب الكاظم(ع) و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال بعد التصريح بأنه واقفي:الأقوى التوقف في رواية ينفرد بها. رجال النجاشي:71،رجال الطوسي:149،343،رجال العلامة:200. [2]
3- 3) التهذيب 2:64 حديث 231،الاستبصار 1:309 حديث 1151،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 10. [3]
4- 4) التهذيب 2:285 حديث 1138،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [4]
5- 5) جعفر بن محمد بن يقظان-أو:يقطين-روى عنه الحسين بن أسد في الكافي باب بدء الأذان و الإقامة، و [5]لكن في الوسائل [6]نقلا عن الكافي و [7]التهذيب عنه:الحسين بن راشد و فيه:يقطين.لم أعثر على ترجمة له في الكتب الرجالية إلا ما ذكره المحقق الخوئي في معجم رجاله. معجم رجال الحديث 4:125. [8]
6- 6) التهذيب 2:64 حديث 230،الوسائل 4:634 الباب 12 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [9]

و عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،سئل ما الذي يجزئ من التسبيح بين الأذان و الإقامة؟قال:«يقول:الحمد لله» (1).

مسألة:و لا يستحب الكلام في أثناء الأذان،

فإن تكلم لم يعده عامدا كان أو ساهيا،إلا أن يتطاول بحيث يخرج عن الموالاة،و كذا لو سكت طويلا يخرج به في العادة عن نظام الموالاة.

و يكره الكلام في الإقامة بغير خلاف بين أهل العلم،روى الشيخ،عن عمرو بن أبي نصر،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أ يتكلم الرجل في الأذان؟فقال:

«لا بأس»قلت:في الإقامة؟قال:«لا» (2).

و عن سماعة،قال:سألته عن المؤذن يتكلم و هو يؤذن؟قال:«لا بأس حتى يفرغ من أذانه» (3).

و عن أبي هارون المكفوف (4)،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«يا أبا هارون الإقامة من الصلاة،فإذا أقمت فلا تتكلم و لا تؤم بيدك» (5)و لأنه يستحب حدرها، و أن لا يفرق بينها.

ص:392


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1114،الوسائل 4:668 الباب 40 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:54 حديث 182،الاستبصار 1:300 حديث 1110،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:54 حديث 183،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
4- 4) أبو هارون المكفوف،عده الشيخ في رجاله في كنى أصحاب الباقر(ع)،و قال في كنى الفهرست:له كتاب،و روى الكشي فيه طعنا عظيما عن الإمام الباقر(ع)،و لكن يظهر من رواية الكافي [4]كونه محل عناية الصادق(ع)مضافا إلى أن في إسناد روايته محمد بن أبي عمير و هو من أصحاب الإجماع.و قال المحقق الخوئي بتضعيف رواية الكشي لوجود ابن بندار فيها. رجال الطوسي:141،الفهرست:183، [5]رجال الكشي:222،الكافي 5:480، [6]معجم رجال الحديث 22:73. [7]
5- 5) التهذيب 2:54 حديث 185،الاستبصار 1:301 حديث 1111،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [8]
فروع:
الأول:

الكراهية تتأكد بعد قوله قد قامت الصلاة.و قال الشيخان (1)، و السيد المرتضى:يحرم الكلام حينئذ (2).

لنا:الأصل براءة الذمة.

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل،أ يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟قال:«نعم» (3).

و عن الحسن بن شهاب قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«لا بأس بأن يتكلم الرجل و هو يقيم الصلاة،و بعد ما يقيم إن شاء» (4).

احتج الشيخ (5)بما رواه ابن أبي عمير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد،إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى و ليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض:تقدم يا فلان» (6).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تتكلم إذا أقمت الصلاة،فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة» (7).

ص:393


1- 1المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في النهاية:66.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:123. [1]
3- 3) التهذيب 2:54 حديث 187،الاستبصار 1:301 حديث 1114،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [2]
4- 4) التهذيب 2:55 حديث 188،الاستبصار 1:301 حديث 1115،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 10. [3]
5- 5) التهذيب 2:55،الاستبصار 1:301.
6- 6) التهذيب 2:55 حديث 189،الاستبصار 1:301 حديث 1116،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [4]
7- 7) التهذيب 2:55 حديث 191،الاستبصار 1:301 حديث 1112،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [5]

و عن سماعة،قال:أبو عبد الله عليه السلام:«إذا أقام (1)المؤذن الصلاة (2)فقد حرم الكلام،إلا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام» (3).

و الجواب:ان ذلك محمول على شدة الكراهية،جمعا بين الروايات.

الثاني:

لا خلاف في تسويغ الكلام بعد قد قامت الصلاة إذا كان مما يتعلق بالصلاة،كتقديم إمام أو تسوية صف.

الثالث:

لو تكلم خلال الإقامة استحب له إعادتها،لرواية محمد بن مسلم.

الرابع:

لو جن،أو أغمي عليه،أو نام خلال الأذان،ثمَّ زالت الأوصاف، فإن حصلت الموالاة عادة أتم و إلا أعاد.و كذا لو ارتد في أثنائه،أو بعد الأذان قبل الإقامة،ثمَّ عاد.

و لو تكلم في خلال الأذان يسيرا محرما كالسب و نحوه لم يبطل أذانه،لأنه لا يخل بالمقصود،فكان كالمباح،خلافا لقوم (4).

البحث الثاني في المؤذن
مسألة:يعتبر في المؤذن العقل و الإسلام،

إجماعا،لعدم الاعتداد بعبادة المجنون، و سقوط التكليف عنه،و الكافر ليس أهلا للأمانة.

و المؤذن مؤتمن،لقول النبي صلى الله عليه و آله:(الإمام ضامن،و المؤذن

ص:394


1- 1«ح»:قام.
2- 2) «غ»:للصلاة.
3- 3) التهذيب 2:55 حديث 190،الاستبصار 1:302 حديث 1117،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [1]
4- 4) المغني 1:471،الشرح الكبير بهامش المغني 1:440.

مؤتمن،اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين) (1)و فيه دلالة على كونه أهلا للاستغفار.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن عيسى بن عبد الله الهاشمي،عن أبيه، عن جده،عن علي عليه السلام،قال:«المؤذن مؤتمن،و الإمام ضامن» (2).

و عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سئل هل يجوز أن يكون الأذان عن غير عارف؟قال:«لا يستقيم الأذان و لا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف،فإن علم الأذان فأذن به و لم يكن عارفا لم يجز أذانه و لا إقامته و لا يقتدى به» (3)و هذا حكم متفق عليه بين أهل العلم.

مسألة:و لا يعتبر فيه البلوغ.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء، و الشعبي،و ابن أبي ليلي (4)،و الشافعي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6).

و قال أبو حنيفة:يعتبر فيه البلوغ إذا أذن للرجال.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس (7)قال:ان عمومته كانوا يأمرونه بالأذان لهم،و هو غلام لم يحتلم،و أنس بن مالك حاضر لا ينكر (8).

ص:395


1- 1سنن أبي داود 1:143 حديث 5017،سنن الترمذي 1:402 حديث 207،مسند أحمد 2:232، 284، [1]سنن البيهقي 1:430.
2- 2) التهذيب 2:282 حديث 1121،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:654 الباب 26 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]
4- 4) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448.
5- 5) الام 1:84،المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:100،مغني المحتاج 1:137،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:36،السراج الوهاج:38،المغني 1:459.
6- 6) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:423، [4]المجموع 3:100.
7- 7) عبد الله-أو:عبيد الله-بن أبي بكر بن أنس بن مالك:أبو معاذ الأنصاري.روى عن أبيه و عن جده، و روى عنه أخوه بكر بن أبي بكر و شداد بن سعيد و مبارك بن فضالة و آخرون. تهذيب التهذيب 6:5، [5]الجرح و التعديل 5:17.
8- 8) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم» (1).

و عن إسحاق بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول:«لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم» (2)و لأنه ذكر تصح صلاته،فاعتد بأذانه كالبالغ.

احتج المخالف بأنه لا يقبل خبره و لا روايته،فلا يعتد بأذانه (3).و بقوله عليه السلام:(ليؤذن لكم خياركم) (4).

و الجواب عن الأول بمنع صحة القياس،لعدم الجامع فيه،و الفرق ظاهر،لأن إخباره يحتمل الكذب بخلاف إيقاعه للأذان.

و عن الثاني:انه يدل على الأمر بالخيار،و لا يدل على المنع من أذان الصبي.

مسألة:و يستحب أن يكون المؤذن عدلا

و إن لم تكن العدالة شرطا.ذهب إليه علماؤنا، و أحمد في إحدى الروايتين (5).

لنا:انه يصح أذانه الشرعي لنفسه،لكونه عاقلا،فيعتبر (6)أذانه في حق غيره كالعدل،و لأن الأمر بالأذان ورد مطلقا.

احتج أحمد،بأنه لا يقبل خبره و لا روايته،فلا يعتد بأذانه (7).

ص:396


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1112،الوسائل 4:661 الباب 32 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:53 حديث 181،و ج 3:29 حديث 103،الاستبصار 1:423 حديث 1632،الوسائل 4: 661 الباب 32 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:449،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:423.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:240 حديث 726،سنن أبي داود 1:161 حديث 590.
5- 5) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:449،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:424.
6- 6) «ح»«ق»:فتعين.
7- 7) المغني 1:459.

و الجواب:الفرق ما بينا في الصبي.

و أما استحباب العدالة فلا خلاف فيه،لأنه مؤتمن،و هو وصف منوط بالعدالة، و لأنه لا يؤمن من تطلعه على العورات حال أذانه على مرتفع،و لأنه لا يؤمن أن يغر غيره في الأوقات.

مسألة:و يعتد بأذان العبد.

و هو قول كل من يحفظ عنه العلم،لعموم الأمر بالأذان المتناول (1)للحر و العبد على حد واحد،و لأنه يصح أن يؤتم به فيصح أن يعتد بأذانه،لأن تسويغ متابعته في أعلى المرتبتين يقتضي تسويغ متابعته في أدناهما.

مسألة:و ليس على النساء أذان و لا إقامة.

و لا نعرف فيه خلافا،لأنهما عبادة شرعية يتوقف توجه التكليف بهما على الشرع و لم يرد.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة[أ] (2)عليها أذان و إقامة؟فقال:«لا» (3).

فروع:
الأول:

يجوز أن تؤذن المرأة للنساء و يعتدون به.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعي:إن أذن و أقمن فلا بأس (4).

و قال عطاء،و مجاهد،و الأوزاعي:أنها يقمن (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة انها كانت تؤذن و تقيم (6).

ص:397


1- 1«ح»«ق»:المساوي.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:57 حديث 200،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [1]
4- 4) الام 1:84،المغني 1:467.
5- 5) المغني 1:467.
6- 6) سنن البيهقي 1:408،مستدرك الحاكم 1:203.

و عن أم ورقة (1)ان النبي صلى الله عليه و آله أذن لها أن يؤذن لها و يقام تؤم نساء أهل دارها (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤذن للصلاة؟فقال:«حسن إن فعلت، و إن لم تفعل أجزأها أن تكبر و أن تشهد أن لا إله إلا الله و ان محمدا رسول الله» (3)و لأنها تصح إمامتها لهن،فيجوز أذانها،لأن منصب الإمامة أعظم.

الثاني:

قال علماؤنا:إذا أذنت المرأة أسرت بصوتها لئلا يسمعه الرجال،و هو عورة.

الثالث:

قال الشيخ:انه يعتد بأذانهن للرجال (4).و هو ضعيف،لأنها إن جهرت ارتكبت معصية،و النهي يدل على الفساد،و إلا فلا اجتزاء به،لعدم السماع.

الرابع:

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:النساء عليهن أذان؟فقال:«إذا شهدت الشهادتين فحسبها» (5).

الخامس:

الخنثى لا يؤذن للرجال،لاحتمال أن يكون امرأة،و لا تؤذن المرأة له، لاحتمال أن يكون رجلا.

مسألة:و يستحب أن يكون المؤذن متطهرا من الحدثين،

و عليه إجماع العلماء،روى

ص:398


1- 1أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عمير(عويمر)بن نوفل الأنصارية،و يقال لها:بنت نوفل،فنسبت إلى جدها الأعلى،و هي التي استأذنت النبي(ص)في الخروج إلى بدر و قالت:لعل الله يرزقني الشهادة، فقال لها النبي(ص):اقعدي في بيتك،فإن الله سيهدي إليك شهادة في بيتك.كان رسول الله(ص) يزورها و يسميها:الشهيدة،و قد أمرها أن تؤم أهل دارها و أن تتخذ في دارها مؤذنا. أسد الغابة 5:626، [1]الإصابة 4:505، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:504. [4]
2- 2) سنن أبي داود 1:161 حديث 592،مستدرك الحاكم 1:203،سنن الدار قطني 1:279 حديث 2.
3- 3) التهذيب 2:58 حديث 202،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [5]
4- 4) المبسوط 1:97.
5- 5) التهذيب 2:57 حديث 201،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]

الجمهور عن وائل بن حجر (1)ان النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال:(حق و سنة أن لا يؤذن أحد إلا و هو طاهر) (2).

و عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:(لا يؤذن إلا متوضئ) (3).

فروع:
الأول:

ليست الطهارة شرطا في الأذان.ذهب إليه علماؤنا،و أكثر أهل العلم (4).

و قال أحمد في إحدى الروايتين:إن أذن جنبا لم يعتد به (5).و هو قول إسحاق بن راهويه (6).

لنا:ان الجنابة أحد الحدثين،فلا يشترط فقده كالآخر،و لأنه لا يزيد على قراءة القرآن و الطهارة غير شرط فيه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن تؤذن و أنت على غير طهور،و لا تقيم إلا و أنت على وضوء» (7).

ص:399


1- 1وائل بن حجر بن وائل بن يعمر،و يقال:ابن حجر بن سعد بن مسروق بن وائل، وفد على النبي(ص) من اليمن،فلما دخل عليه رحب به و أدناه و بسط له رداءه.استعمله النبي(ص)على الأقيال من حضرموت و أقطعه أرضا.شهد مع علي(ع)صفين.روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه:علقمة و عبد الجبار و مولى لهم و أم يحيى زوجته،و كليب بن شهاب و حجر بن عنبس.مات في ولاية معاوية بن أبي سفيان. أسد الغابة 5:81، [1]الإصابة 3:628، [2]تهذيب التهذيب 11:108. [3]
2- 2) سنن البيهقي 1:397،كنز العمال 8:343 حديث 23180،المغني 1:459،عمدة القارئ 5:107.
3- 3) سنن الترمذي 1:389 حديث 200،سنن البيهقي 1:397.
4- 4) المغني 1:459،المجموع 3:105،عمدة القارئ 5:148.
5- 5) المغني 1:458.
6- 6) المغني 1:459،المجموع 3:105.
7- 7) التهذيب 2:53 حديث 179،الوسائل 4:627 الباب 9 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [4]

و عن إسحاق بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه،عن علي عليه السلام قال:«لا بأس أن يؤذن المؤذن و هو جنب،و لا يقيم حتى يغتسل» (1).

احتج المخالف بحديث وائل و أبي هريرة (2).

و الجواب:انه محمول على الاستحباب،لأن عمل المسلمين على خلاف ذلك.

الثاني:

الطهارة في الإقامة أشد استحبابا منها في الأذان،لحديث ابن سنان، و ابن عمار،و الأقرب اشتراط الطهارة فيها للحديثين.

الثالث:

لو أحدث في خلال الأذان تطهر و بني،لأن الحدث لا يمنع منه ابتداء، فكذا استدامة،و لو كان في الإقامة استأنف.

الرابع:

لو أحدث في أثناء الصلاة أعادها و لم يعد الإقامة.ذكره الشيخ (3)،لأن فائدة الإقامة و هي الدخول بها في الصلاة قد حصل.أما لو تكلم أعادها مع الصلاة، لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح،عن أبي عبد الله عليه السلام«لا تتكلم إذا أقمت الصلاة،فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة» (4).

مسألة:و يستحب أن يكون صيتا،

لأن القصد به الإعلام،و النفع بالصيت فيه أبلغ،و لا نعرف فيه خلافا،روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال لعبد الله بن زيد:(القه على بلال،فإنه أندى منك صوتا) (5)و اختار عليه السلام أبا محذورة للأذان لكونه صيتا (6).

ص:400


1- 1التهذيب 2:53 حديث 181،الوسائل 4:627 الباب 9 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:459،عمدة القارئ 5:148.
3- 3) المبسوط 1:98.
4- 4) التهذيب 2:55 حديث 191،الاستبصار 1:301 حديث 1112،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الدارمي 1:269، [3]سنن الترمذي 1:359 حديث 189، [4]سنن البيهقي 1:399.
6- 6) المغني 1:460،المهذب للشيرازي 1:57.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن محمد بن مروان،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«المؤذن يغفر له مد صوته بشهادة كل شيء سمعه» (1).

و عن سعد بن طريف (2)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من أذن عشر سنين محتسبا يغفر له مد بصره و صوته في السماء،و يصدقه كل رطب و يابس سمعه،و له من كل من يصلي معه في مسجده سهم،و له من كل من يصلي بصوته حسنة» (3).

و في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا أذنت فلا تخفين صوتك،فإن الله يأجرك مد صوتك» (4).

مسألة:و يستحب أن يؤذن على مرتفع،

لأنه أبلغ في رفع الصوت،فيكون النفع به أتم.

و قال الشيخ في المبسوط:يكره الأذان في الصومعة.قال:و لا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة أو على الأرض (5).و الأولى ما اخترناه من استحباب العلو.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،

ص:401


1- 1التهذيب 2:52 حديث 175،الوسائل 4:615 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 11. [1]
2- 2) سعد بن طريف الحنظلي الإسكاف،مولى بني تميم الكوفي،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب السجاد(ع)مضيفا إلى ما في العنوان قوله:و يقال:سعد الخفاف،روى عن الأصبغ بن نباتة،و هو صحيح الحديث.و اخرى من أصحاب الباقر(ع)بعنوان:سعد بن طريف،و ثالثة من أصحاب الصادق (ع)بعنوان:سعد بن طريف التميمي الحنظلي مولى كوفي،و بعنوان سعد بن طريف الشاعر.و قال النجاشي في حقه:يعرف و ينكر،و نقل الكشي عن حمدويه أن سعد الإسكاف و سعد الخفاف و سعد بن طريف واحد،و كان ناووسيا وقف على أبي عبد الله(ع).و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة. و قد مرت ترجمة سعد الإسكاف في الجزء الثالث:317. رجال النجاشي:198،رجال الطوسي:92،124،203،رجال الكشي:214، [2]رجال العلامة: 226. [3]
3- 3) التهذيب 2:284 حديث 1131،الوسائل 4:614 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 2:58 حديث 205،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [5]
5- 5) المبسوط 1:96. [6]

قال:كان طول حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله قامة،فكان عليه السلام يقول لبلال:«إذا دخل الوقت اعل فوق الجدار،و ارفع صوتك بالأذان فإن الله عز و جل قد وكل بالأذان ريحا ترفعه إلى السماء» (1).

و قد روى الشيخ،عن علي بن جعفر،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،عن الأذان في المنارة أ سنة هو؟فقال:«إنما كان يؤذن للنبي صلى الله عليه و آله في الأرض و لم يكن يومئذ منارة» (2)و هذا لا ينافي ما ذكرناه من استحباب العلو.

مسألة:و يستحب أن يؤذن قائما

و يتأكد في الإقامة.و هو قول أهل العلم كافة، لأن النبي صلى الله عليه و آله قال لبلال:(قم فأذن) (3).و كان مؤذنوه عليه السلام يؤذنون قياما (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن حمران،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأذان جالسا؟فقال:«لا يؤذن جالسا إلا راكب أو مريض» (5)،و لأن رفع الصوت مع القيام يكون أبلغ.

فروع:
الأول:

القيام في الإقامة آكد،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم، قال:قلت:يؤذن الرجل و هو قاعد؟قال:«نعم،و لا يقيم إلا و هو قائم» (6).

ص:402


1- 1التهذيب 2:58 حديث 206،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 2:284 حديث 1134،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
3- 3) صحيح البخاري 1:157،صحيح مسلم 1:285 حديث 377،سنن النسائي 2:3،مسند أحمد 2: 148،عمدة القارئ 5:105،و فيها:يا بلال قم فناد.
4- 4) المغني 1:469.
5- 5) التهذيب 2:57 حديث 199،الاستبصار 1:302 حديث 1120،الوسائل 4:636 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 11. [3]
6- 6) التهذيب 2:56 حديث 194،الاستبصار 1:302 حديث 1118،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:«يؤذن الرجل و هو جالس و لا يقيم إلا و هو قائم» (1).

الثاني:

يجوز له أن يؤذن راكبا،و على الأرض أفضل،و يتأكد في الإقامة،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:«تؤذن و أنت راكب، و لا تقيم (2)إلا و أنت على الأرض» (3).

الثالث:

يجوز له أن يؤذن و هو ماش،و الوقوف أفضل،و يتأكد في الإقامة،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الرجل يؤذن و هو يمشي،أو على ظهر دابته،أو على غير طهور؟فقال:«نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس» (4).

و عن سليمان بن صالح (5)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا يقيم أحدكم الصلاة و هو ماش،و لا راكب،و لا مضطجع إلا أن يكون مريضا،و ليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة» (6).

و يجوز الإقامة ماشيا،روى ذلك يونس الشيباني (7)،عن أبي عبد الله عليه

ص:403


1- 1التهذيب 2:56 حديث 195،الاستبصار 1:302 حديث 1119،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) «ن»«م»:تقم.
3- 3) التهذيب 2:56 حديث 195،الاستبصار 1:302 حديث 1119،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:56 حديث 196،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [3]
5- 5) سليمان بن صالح الجصاص الكوفي،ثقة له كتاب،روى عن أبي عبد الله،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق(ع)،و اخرى فيمن لم يرو عنهم(ع).و قال في الفهرست:له كتاب. و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:184،رجال الطوسي:208،475،الفهرست:78، [4]رجال العلامة:78. [5]
6- 6) التهذيب 2:56 حديث 197،الوسائل 4:636 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [6]
7- 7) يونس الشيباني،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع).قال المحقق المامقاني:ظاهره كونه إماميا إلا أن حاله مجهول،و الرجل في متن التهذيب:يونس النسباني. رجال الطوسي:337،تنقيح المقال 3:337. [7]

السلام،قال:قلت له:أؤذن و أنا راكب؟فقال:«نعم»قلت:فأقيم و أنا راكب؟ قال:«لا»قلت:فأقيم و رجلي في الركاب؟قال:«لا»قلت:فأقيم و أنا قاعد؟ قال:«لا»قلت:فأقيم و أنا ماش؟قال:«نعم ماش إلى الصلاة» (1).

مسألة :و يستحب أن يؤذن مستقبل القبلة،

(2)

و يتأكد في الإقامة.و قال السيد المرتضى:يجوز الأذان بغير وضوء من غير استقبال القبلة إلا في الشهادتين، و الإقامة لا تجوز إلا على وضوء و استقبال القبلة (3).

أما استحباب الاستقبال،فلما تقدم من الأحاديث،كحديث محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

و أما عدم الوجوب،فلأنه كيفية لمندوب،فلا يزيد حكمه على حكم أصله.

فرع:

المستحب ثبات المؤذن على الاستقبال في أثناء الأذان و الإقامة،و يكره له الالتفات يمينا و شمالا.

و قال أبو حنيفة:يستحب له أن يدور بالأذان في المأذنة (4).

و قال الشافعي:يستحب أن يلتفت عن يمينه عند قوله:حي على الصلاة،و عن يساره عند قوله:حي على الفلاح (5).

ص:404


1- 1التهذيب 2:57 حديث 198،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [1]
2- 2) «غ»:فرع.
3- 3) جمل العلم و العمل:58.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:130،بدائع الصنائع 1:149،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1: 213،حلية العلماء 2:43،المجموع 3:107.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:106،مغني المحتاج 1:136.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله ان مؤذنيه كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة (1)،و لأن الاستقبال فيه مستحب إجماعا،فيستحب في أبعاضه.

احتجوا (2)بأن بلالا أذن و التفت يمينا و شمالا إلا عند الحيعلتين (3).

و الجواب:انه معارض بما ذكرناه،و لأنه يحتمل أن يكون فعل ذلك لا لكونه مستحبا،بل لاعتقاد كونه كذلك،أو لأمور آخر.

مسألة:و يستحب له أن يرفع صوته بالأذان،

لأنه أنفع،فالثواب به أكثر،و لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدير الثواب بمقادير بعد الأصوات (4)،و لا يجهد نفسه في رفع صوته،لحصول الضرر بذلك،و المستحب له أن يرفع صوته في جميع فصوله.و لو كان الأذان للحاضرين جاز له إخفاته،بحيث لا يتجاوزهم الصوت.و يستحب أن يكون حسن الصوت،ليكون إقبال الناس عليه أبلغ.

مسألة:و يجوز أن يكون أعمى بلا خلاف،

و يستحب أن يكون مبصرا ليأمن الغلط،فإن أذن الأعمى يستحب أن يكون معه من يسدده و يعرفه دخول الوقت،فإن ابن أم مكتوم (5)كان يؤذن للنبي صلى الله عليه و آله و كان أعمى لا ينادي حتى يقال

ص:405


1- 1المغني 1:472.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:103،مغني المحتاج 1:136.
3- 3) صحيح البخاري 1:163،سنن أبي داود 1:143 حديث 520،سنن الترمذي 1:375 حديث 197، سنن النسائي 2:12،مسند أحمد 4:308 و في الجميع بتفاوت يسير.
4- 4) تقدم في ص 400. [1]
5- 5) عمرو بن زائدة،و يقال:عمرو بن قيس بن زائد،و يقال:زياد بن الأصم،و اسم الأصم:جندب بن هرم بن رواحة بن حجر.العامري المعروف ب«ابن أم مكتوم»مؤذن النبي(ص)،و قيل:اسمه عبد الله،هاجر قبل مقدم النبي(ص)إلى المدينة،و استخلفه النبي(ص)على المدينة ثلاث عشرة مرة، و هو الأعمى المذكور في القرآن في«عبس و تولى».روى عن النبي(ص)،و روى عنه أنس بن مالك و عبد الله بن شداد و زر بن حبيش و غيرهم. أسد الغابة 4:127، [2]تهذيب التهذيب 8:34. [3]

و الجواب:أمر ابن عمر لا يعارض أقوال النبي صلى الله عليه و آله و أهل البيت عليهم السلام،و لو ترك ذلك جاز،و لا يستحب ذلك في الإقامة لعدم النقل.

مسألة:لا يختص الأذان بقوم دون قوم.

ذهب إليه علماؤنا.و قال الشافعي:

أحب أن يكون ممن جعل النبي صلى الله عليه و آله فيهم الأذان كأبي محذورة، و سعد (1).

لنا:الأحاديث الدالة على استحباب الأذان،فإنها مطلقة،و التقييد يحتاج (2)إلى دليل،و لم يثبت.

فروع:
الأول:

لو تشاح المؤذنون قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة،فإن اتفقت في الجميع أقرع بينهم لعدم الأولوية.

و يؤيده:قول النبي صلى الله عليه و آله:(لو يعلم الناس ما في النداء و الصف الأول،ثمَّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه) (3).

الثاني:

قال الشيخ:يجوز أن يكون المؤذنون اثنين اثنين إذا أذنوا أذانا واحدا (4).

و لو أخذ واحد بعد آخر بمعنى أن يبني كل واحد على فصول الآخر لم يكن مستحبا،لأن كل واحد منهما لم يؤذن.و يجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد كل واحد في زاوية من المسجد،و أن يؤذن واحد بعد واحد.و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحب.

الثالث:

يجوز أن يتولى الأذان واحد و الإقامة آخر،فقد روي ان أبا عبد الله عليه

ص:406


1- 1المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:102،مغني المحتاج 1:138،تفسير القرطبي 6:227.
2- 2) «ح»«ق»:محتاج.
3- 3) صحيح البخاري 1:159،صحيح مسلم 1:325 حديث 437،سنن الترمذي 1:437 حديث 225، الموطأ 1:68 حديث 3، [1]مسند أحمد 2:236، [2]سنن البيهقي 1:428.
4- 4) المبسوط 1:98. [3]

له:أصبحت أصبحت،و كان يؤذن بعد أذان بلال (1).

و يستحب أن يكون المؤذن بصيرا بالأوقات ليجتنب الغلط،فإنه إذا لم يكن عالما ربما أذن في غير وقت الصلاة و قلده غيره.و لو أذن الجاهل جاز بلا خلاف،لأن الأعمى يؤذن،فالجاهل أولى.

مسألة:و يستحب أن يجعل المؤذن إصبعيه في أذنيه حال الأذان.

و هو قول الجمهور إلا أحمد،فإنه قال:يستحب أن يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن بلال انه أذن و وضع إصبعيه في أذنيه (3).و عن سعد (4)مؤذن رسول الله صلى الله عليه و آله ان النبي صلى الله عليه و آله أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه (5).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان» (6).

احتج أحمد بأن ابن عمر كان إذا بعث مؤذنا يقول له:اضمم أصابعك مع كفيك و اجعلها مضمومة على أذنيك (7).

ص:407


1- 1صحيح البخاري 1:160،الموطأ 1:74 حديث 15،مسند أحمد 2:123،سنن البيهقي 1:427.
2- 2) المغني 1:468،الإنصاف 1:417. [1]
3- 3) صحيح البخاري 1:163،سنن ابن ماجه 1:236 حديث 711.
4- 4) سعد بن عائذ المؤذن،مولى عمار بن ياسر المعروف ب«سعد القرظ»لتجارته فيه،جعله النبي(ص)مؤذن مسجد قبا في حياته و خليفة بلال إذا غاب،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه عمار و عمرو حفيده حفص بن عمر.مات في أيام الحجاج. أسد الغابة 2:283، [2]الإصابة 2:29، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:54، [4]تهذيب التهذيب 3:474. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:237 حديث 710،سنن البيهقي 1:396،كنز العمال 7:693 حديث 20955، مجمع الزوائد 1:334.
6- 6) التهذيب 2:284 حديث 1135،الوسائل 4:641 الباب 17 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]
7- 7) المغني 1:469.

السلام كان يقيم بعد أذان غيره،و يؤذن و يقيم غيره،و أن يفارق موضعه،ثمَّ يقيم (1).

الرابع:

قيل:لا يقيم حتى يأذن له الإمام (2)،روى الجمهور،عن علي عليه السلام انه قال:(المؤذن أملك بالأذان و الإمام أملك بالإقامة) (3).

مسألة:و يكره أن يكون المؤذن لحانا،

لأنه قد يخل بالمعنى فينصب لفظ رسول الله صلى الله عليه و آله مثلا،فيخرج عن كونه خبرا و يختل به المقصود،و قد يمد لفظة أكبر فيصير بذلك على صيغة«أكبار»و هو جمع كبر،و هو الطبل.

و يستحب له أن يظهر الهاء في لفظتي الله و الصلاة،و الحاء من الفلاح،لما روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يؤذن لكم من يدغم الهاء) (4)قلنا:و كيف يقول؟قال:(يقول:أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن محمدا رسول الله).

و يستحب أن يكون فصيحا،و يكره أن يكون ألثغ (5)،فإن لم يتغير به المعنى فلا بأس،فقد قيل:ان بلالا كان يجعل الشين سينا (6).

البحث الثالث فيما يؤذن له

مسألة:الأذان ليس بواجب في شيء من الصلوات.
اشارة

ذهب إليه أكثر

ص:408


1- 1الكافي 3:306 حديث 25، [1]التهذيب 2:281 حديث 1117،الوسائل 4:660 الباب 31 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
2- 2) المغني 1:461،الشرح الكبير بهامش المغني 1:440.
3- 3) سنن البيهقي 2:19،كنز العمال 7:694 حديث 20963 و ص 695 حديث 20970.
4- 4) المغني 1:479. [3]
5- 5) اللثغة:حبسة في اللسان حتى تصير الراء لاما أو غينا أو السين ثاء و نحو ذلك.المصباح المنير 2:549. [4]
6- 6) المغني 1:479.

علمائنا (1)،و به قال أبو حنيفة (2)،و الشافعي (3).

و نقل السيد المرتضى في المسائل الطرابلسية،عن بعض علمائنا ان الأذان و الإقامة واجبان على الرجال خاصة دون النساء في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر.

و يجبان عليهم جماعة و فرادى في الفجر،و المغرب،و صلاة الجمعة،و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات المكتوبات (4).

و ذهب بعض أصحاب الشافعي إلى انهما من فروض الكفاية (5)،و به قال مالك إلا ان مالكا إنما أوجبه في مساجد الجماعة التي يجمع فيها للصلاة (6)،و أحمد أوجبه على أهل المصر و لا يجب على المسافرين (7).

و قال عطاء،و مجاهد:انهما واجبان على الأعيان (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال للذي عليه الصلاة:

(إذا أردت الصلاة فأحسن الوضوء،ثمَّ استقبل القبلة فكبر) (9)و لم يأمره بالأذان،و لو كان واجبا لما أخل به،لأنه تأخير للبيان عن وقت الحاجة،و هو غير جائز.

ص:409


1- 1منهم:الطوسي في الخلاف 1:93 مسألة:28،و أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه:120،و ابن إدريس في السرائر:43.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:133،بدائع الصنائع 1:147،المغني 1:461،المجموع 3:82،ميزان الكبرى 1:132،نيل الأوطار 2:10،بداية المجتهد 1:107.
3- 3) الام 1:83،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:82،ميزان الكبرى 1:132،المغني 1:461،بداية المجتهد 1:107،نيل الأوطار 2:10.
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:81،المغني 1:461،نيل الأوطار 2:10.
6- 6) المدونة الكبرى 1:61،بداية المجتهد 1:107،المغني 1:462،المجموع 3:82،عمدة القارئ 5:104، نيل الأوطار 2:10.
7- 7) المغني 1:462.
8- 8) المغني 1:461،المجموع 3:82،عمدة القارئ 5:104،نيل الأوطار 2:10.
9- 9) كنز العمال 8:14 حديث 21656،المغني 1:462.

و ما رووه،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(الأئمة ضمناء،و المؤذنون أمناء) (1)و الأمانة غير واجبة على المؤتمن.

و ما رووه،عن علقمة و الأسود انهما قالا:دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان و لا إقامة (2).رواه الأثرم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي الأذان و الإقامة حتى دخل في الصلاة؟قال:

«فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة» (3)و لأن الأصل عدم الوجوب،فيقف ثبوته على الشرع،و لأنه مما يعم به البلوى،فلو كان واجبا لاشتهر وجوبه،و لوقع الإنكار بتركه في بعض الأمصار،و لأنه دعاء إلى الصلاة فأشبه قول المؤذن:الصلاة ثلاثا في غير الخمس،و قوله:الصلاة جامعة عندهم.

احتج الموجبون (4)له بما رواه مالك بن الحويرث (5)،قال:أتيت النبي صلى الله عليه و آله أنا و رجل نودعه فقال:(إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما و ليؤمكما أكبركما) (6)و الأمر للوجوب،و لأنه من شعائر الإسلام،فأشبه الجهاد.

و احتج من أوجبه على الكفاية بذلك و على الوصف بأن بلالا كان يؤذن للنبي

ص:410


1- 1مسند الإمام الشافعي:33،كنز العمال 7:592 حديث 20407.
2- 2) سنن البيهقي 1:406.
3- 3) التهذيب 2:285 حديث 1139،الاستبصار 1:304 حديث 1130،الوسائل 4:656 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
4- 4) نيل الأوطار 2:10.
5- 5) مالك بن الحويرث بن حشيش بن عوف بن جندع:أبو سليمان الليثي الصحابي،روى عن النبي(ص)،و روى عنه أبو قلابة و أبو عطية و نصر بن عاصم الليثي.مات سنة 74 ه.و قيل:94. أسد الغابة 4:277، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:374،تهذيب التهذيب 10:13. [3]
6- 6) صحيح البخاري 1:162،175،صحيح مسلم 1:465 حديث 674،سنن ابن ماجه 1:313 حديث 979،سنن الترمذي 1:399 حديث 205،سنن الدارمي 1:286،مسند أحمد 3:436،و ج 5:53. [4]

صلى الله عليه و آله فيكتفي به (1).قال مالك:إنما شرع الأذان للإعلام ليجتمع الناس إلى الصلاة،فتحصل لهم فضيلة الجماعة (2).

و الجواب عن الأول:ان الأمر هنا للاستحباب لما قلناه،و يؤيده الأمر بالإمامة،و هي غير واجبة.

و عن الثاني بالفرق بين الأصل و الفرع،لأن الأصل وضع للدخول في الدين،و هو من أعظم الواجبات،فكان الطريق إليه واجبا،و الأذان وضع للدخول في الجماعة و هي غير واجبة،فالأولى بالوسيلة أن لا تكون واجبة.

فروع:
الأول:

قال الشيخ في المبسوط (3)،و السيد المرتضى في بعض كتبه:انهما واجبان في الجماعة (4).و هو قول المفيد رحمة الله (5).

و قال الشيخ في الخلاف:انهما سنتان مؤكدتان على الرجال (6).و هو الأقوى عندي،لما تقدم من الأدلة.

احتج الموجبون بما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته أ يجزي أذان واحد؟قال:«إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان و إقامة،و إن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك تجزئك إقامة،إلا الفجر و المغرب فإنه ينبغي أن

ص:411


1- 1المغني 1:461،الشرح الكبير بهامش المغني 1:425.
2- 2) المغني 1:462،الشرح الكبير بهامش المغني 1:425.
3- 3) المبسوط 1:95.
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المقنعة:15. [1]
6- 6) الخلاف 1:93 مسألة 28.

تؤذن فيهما و تقيم،من أجل انه لا تقصر فيهما كما تقصر في سائر الصلوات» (1)و لأن تكبير الجماعة بالأذان أمر مطلوب،و الوجوب طريق صالح.

و الجواب عن الأول:ان في السند علي بن أبي حمزة،و هو واقفي (2)،فلا تعويل على ما ينفرد به مع منافاته للأصل،و لأنه يحتمل الاستحباب،و يدل عليه إلزامه بالإقامة حالة الانفراد،و قد وافقنا الشيخان (3)،و السيد (4)رحمهم الله على عدم وجوبها.

و ربما احتج القائلون بوجوب الإقامة بمثل هذه الرواية،و هي ضعيفة.

الثاني:

قال الشيخ في المبسوط:لو صلى جماعة بغير أذان و إقامة لم تحصل فضيلة الجماعة و الصلاة ماضية (5).

و قال السيد في بعض كتبه بالوجوب (6).و فيه ضعف لما بيناه أولا.

الثالث:

قال فيه:لو قضى جماعة فريضة فإنه وجب الأذان و الإقامة (7).و هو بناء على مذهبه.

مسألة:و لا يؤذن لغير الصلوات الخمس.

و هو قول علماء الإسلام،و يستحب للصلوات الخمس أداء و قضاء،للمنفرد و الجامع على خلاف مضى،و يتأكد استحبابهما فيما يجهر فيه بالقراءة،و آكد ذلك الغداة و المغرب.ذكره الشيخ (8)،لأن في

ص:412


1- 1التهذيب 2:50 حديث 163،الاستبصار 1:299 حديث 1105،الوسائل 4:624 الباب 6،7 من أبواب الأذان و الإقامة، [1]حديث 1،7.
2- 2) تقدمت ترجمته في الجزء الأول ص:83.
3- 3) المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في المبسوط 1:95. [2]
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المبسوط 1:95. [3]
6- 6) جمل العلم و العمل:57.
7- 7) المبسوط 1:95. [4]
8- 8) المبسوط 1:95، [5]النهاية:64. [6]

الجهر دلالة على اعتناء (1)الشارع بالتنبيه عليها،و في الأذان زيادة تنبيه،فيتأكد فيها.

و أما التأكيد في المغرب و الغداة فيدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«تجزئك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة و المغرب» (2).

و عن سماعة،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا تصل الغداة و المغرب إلا بأذان و إقامة و رخص في سائر الصلوات بالإقامة،و الأذان أفضل» (3).

لا يقال:ان هذه الأحاديث تدل على الوجوب.لأنا نمنع ذلك بما تقدم و بما رواه الشيخ في الصحيح،عن عمر بن يزيد،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإقامة بغير أذان في المغرب؟فقال:«ليس به بأس و ما أحب أن يعتاد» (4).و كذا يتأكد الاستحباب في صلاة الجماعة لما مضى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبيد الله بن علي الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه أنه كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة و لم يؤذن (5).

و في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«تجزئك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان» (6)و هذا يدل على الاجتزاء بالإقامة للمنفرد،لأن الإعلام غير متحقق في حقه،فلا يتأكد استحباب الأذان

ص:413


1- 1«ن»:اعتبار.
2- 2) التهذيب 2:51 حديث 168،الاستبصار 1:300 حديث 1107،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:51 حديث 167،الاستبصار 1:299 حديث 1106،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 2:51 حديث 169،الاستبصار 1:300 حديث 1108،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 2:50 حديث 165،الوسائل 4:622 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [4]
6- 6) التهذيب 2:50 حديث 166،الوسائل 4:622 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [5]

هناك.

مسألة:لو صلى في مسجد جماعة و جاء آخرون

اجتزؤا بالأذان الأول ما دامت الصفوف باقية،فإن تفرقت أذن الآخرون و أقاموا.قاله الشيخ رحمه الله (1)،و هو قول الحسن البصري،و الشعبي،و النخعي،و عروة (2)،و وجهه ان القصد من الأذان الإعلام و قد حصل،فلا وجه لإعادته.أما مع التفرق فإن صلاته بعد ذلك كالصلاة المستأنفة،فيستحب لها الأذان كغيرها.

و يدل عليه:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألته عن الرجل ينتهي إلى الإمام حين يسلم؟فقال:«ليس عليه أن يعيد الأذان،فليدخل معهم في أذانهم،فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان» (3).

و عن زيد بن علي،عن آبائه،عن علي عليه السلام،قال:«دخل رجلان المسجد و قد صلى الناس،فقال لهما علي عليه السلام:إن شئتما فليؤم أحد كما صاحبه و لا يؤذن و لا يقيم» (4).

مسألة:و لو سمع أذان غيره جاز أن يجتزأ به

في الجماعة و إن لم يكن منهم،لأن القصد الإعلام،و قد حصل.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي مريم الأنصاري قال:صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة،فلما انصرف قلت له:عافاك الله صليت بنا في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة؟فقال:«ان قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون على إزار و لا رداء،و إني مررت بجعفر و هو يؤذن و يقيم(فلم

ص:414


1- 1المبسوط 1:98.
2- 2) المغني 1:467.
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1100،الوسائل 4:653 الباب 25 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 2:281 حديث 1119،الوسائل 4:654 الباب 25 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]

أكلم) (1)فأجزأني ذلك» (2).

و عن عمرو بن خالد،قال:كنا مع أبي جعفر عليه السلام فسمع إقامة جار له في الصلاة،فقال:«قوموا»فقمنا فصلينا معه بغير أذان و لا إقامة،قال:«يجزئكم أذان جاركم» (3).

قال الشيخ:لو أذن بنية الانفراد،ثمَّ أراد أن يصلي جماعة،استحب له الاستئناف (4)،تعويلا على رواية عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:سئل[عن] (5)الرجل يؤذن و يقيم ليصلي وحده فيجيء رجل آخر،فيقول له:

نصلي جماعة،هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان و الإقامة؟قال:«لا و لكن يؤذن و يقيم» (6)و الطريق ضعيف،إلا انها تدل على إعادة ذكر الله تعالى،و هو حسن و ليس النزاع فيه،بل في استحباب إعادة الأذان من حيث هو أذان،لا من حيث هو ذكر الله تعالى.فالأولى الاعتماد على ما تقدم من الأخبار،فإنها تدل على الاجتزاء بأذان غيره إذا كان منفردا،فبأذانه أولى.

مسألة:و القاضي للفرائض الخمس يؤذن لأول صلاة من ورده،

ثمَّ يقيم لكل واحدة إقامة،و إن اقتصر على الإقامة في الكل جاز،و إن جمع بين الأذان و الإقامة لكل فريضة كان أفضل.و هو قول الشيخين (7)،و أحمد (8)،و أحمد أقوال الشافعي.

ص:415


1- 1أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1113،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. و [1]ج 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 7.
3- 3) التهذيب 2:285 حديث 1141،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
4- 4) النهاية:65، [3]المبسوط 1:98.
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:655 الباب 27 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [4]
7- 7) المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في الخلاف 1:92 مسألة 26.
8- 8) المغني 1:462،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422، [5]منار السبيل 1:66.

و الثاني له:انه يقيم و لا يؤذن (1)،و هو قول مالك (2).

و الثالث:إن رجا اجتماع الناس أذن و إلا فلا.

و قال أبو حنيفة:يؤذن لكل صلاة و يقيم (3).

أما استحباب إعادة الأذان و الإقامة معها فلقوله عليه السلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (4)و قد كان من حكم الفائتة استحباب تقديم الأذان عليها،و كذا قضاؤها.

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان و الإقامة؟قال:«نعم» (5)و لأنهما مسنونان في الأداء.فكذا في القضاء كسائر المسنونات.

و أما الاجتزاء بالأذان في الأول و تعدد الإقامة،فيدل عليه:ما رواه الجمهور،عن أبي عبيدة بن عبد الله (6)،عن أبيه ان المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه و آله عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله،قال:فأمر بلالا فأذن و أقام

ص:416


1- 1الام 1:86،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:84،مغني المحتاج 1:135،الهداية للمرغيناني 1: 42،المغني 463.
2- 2) المدونة الكبرى 1:62،المغني 1:463،المجموع 3:85.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:136،بدائع الصنائع 1:154،الهداية للمرغيناني 1:42،شرح فتح القدير 1: 217،المغني 1:463،المجموع 3:85.
4- 4) الكافي 3:435 حديث 7، [1]التهذيب 3:162 حديث 350،الوسائل 5:359 الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات،حديث 1. [2]بتفاوت.
5- 5) التهذيب 3:167 حديث 367،الوسائل 5:361 الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات،حديث 2. [3]
6- 6) أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي،و يقال:اسمه كنيته،روى عن أبيه و عن أبي موسى الأشعري و عمرو بن الحارث بن المصطلق،و روى عنه إبراهيم النخعي و أبو إسحاق السبيعي و سعد بن إبراهيم و غيرهم.مات سنة 81 ه. تهذيب التهذيب 5:75، [4]العبر 1:69. [5]

و صلي الظهر،ثمَّ أمره فأقام و صلى العصر،ثمَّ،أمره فأقام و صلى المغرب،ثمَّ أمره فأقام فصلى العشاء (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء،و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فأذن لها و أقم،ثمَّ صلها،ثمَّ صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة» (2)و لأن القصد بالأذان الإعلام،و هو يحصل بالأول.

و أما جواز الاقتصار على إقامة إقامة بغير أذان مبتدأ،فيدل عليه ما رواه الجمهور، عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه و آله أمر بلالا بالإقامة في كل صلاة و لم يأمره بالأذان (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه موسى بن عيسى (4)،قال:كتبت إليه:رجل تجب عليه إعادة الصلاة أ يعيدها بأذان و إقامة؟فكتب عليه السلام:«يعيدها بإقامة» (5)و لأن الأذان وضع للإعلام بأوقات الصلاة و هو مفقود مع الفوات،و الإقامة لاستفتاح الصلاة و هو موجود.

و ما ذكرناه من الأدلة على التفصيل فهو دليل للمخالف على الإطلاق،و لا منافاة إلا في الفتيا.

ص:417


1- 1سنن الترمذي 1:337 حديث 179، [1]سنن النسائي 2:17،مسند أحمد 1:375،423، [2]سنن البيهقي 1:403،نيل الأوطار 2:46 حديث 2-بتفاوت يسير.
2- 2) التهذيب 3:158 حديث 340،الوسائل 3:211 الباب 63 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
3- 3) سنن النسائي 2:17،مسند أحمد 3:25،49،67،68،سنن البيهقي 1:402،نيل الأوطار 2:7 حديث 2-بتفاوت يسير.
4- 4) موسى بن عيسى،قال المحقق المامقاني:عنونه ابن شهرآشوب في معالم العلماء،و قال:مختلط له خصال الملوك.و يظهر من التهذيب 5:134 حديث 447 أن لقبه:اليعقوبي،روى عن العباس بن معروف. تنقيح المقال 3:258. [4]
5- 5) التهذيب 2:282 حديث 1124،الوسائل 4:666 الباب 37 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [5]
مسألة:و لو جمع بين صلاتين
اشارة

أذن و أقام للأولى منهما و يقيم للأخرى،سواء كان في وقت الأولى أو وقت الثانية.قاله الشيخ (1)،و هو قول أحمد (2).

و قال أبو حنيفة:لا يقيم للثانية (3).

و قال الشافعي:إن جمع بينهما في وقت الأولى أذن و أقام للأولى و أقام للثانية،و إن كان في وقت الثانية فكالفوائت (4).

و قال مالك:يؤذن و يقيم لكل واحدة منهما (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر ان النبي صلى الله عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بعرفة،و بين المغرب و العشاء بمزدلفة بأذان و إقامتين (6).رواه مسلم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الفضيل و زرارة و غيرهما، عن أبي جعفر عليه السلام،ان رسول الله صلى الله عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين و جمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (7).و لأن الأذان إعلام بدخول الوقت،فإذا صلى في وقت الأولى أذن لوقتها،ثمَّ أقام للأخرى،لأنه لم يدخل وقت يحتاج فيه إلى الإعلام،و إن جمع بينهما في وقت الثانية أذن لوقت الثانية،ثمَّ صلى الأولى،لأنها مترتبة عليها و لا يعاد الأذان للثانية.

احتج أبو حنيفة (8)بأن ابن عمر روى انه صلى مع النبي صلى الله عليه و آله

ص:418


1- 1المبسوط 1:96، [1]الخلاف 1:93 مسألة 27.
2- 2) المغني 1:464،الإنصاف 1:422، [2]منار السبيل 1:66.
3- 3) المغني 1:464.
4- 4) الام 1:86،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:86، [3]مغني المحتاج 1:135.
5- 5) المدونة الكبرى 1:61،المغني 1:464،الشرح الكبير بهامش المغني 1:445.
6- 6) صحيح مسلم 2:891 حديث 1218.
7- 7) التهذيب 3:18 حديث 66،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]
8- 8) المغني 1:464.

المغرب و العشاء بمزدلفة بإقامة واحدة (1).

و قال الشافعي:إذا جمع في وقت الأولى أذن لها،و إن كان في وقت الثانية فقد فات وقت الاولى،فيكون حكمها حكم الفوائت (2).

و احتج مالك بأن الثانية صلاة شرع لها الأذان،و هي مفعولة في وقتها،فيؤذن لها كالأولى (3).

و الجواب عن ذلك كله بما قدمناه من الأحاديث،فلا مشاحة في ذلك.

فروع:
الأول:

قال علماؤنا:يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد و إقامتين،لأن يوم الجمعة يجمع بين الصلاتين و يسقط ما بينهما من النوافل،فيكتفي فيهما بأذان واحد.

الثاني:

يجمع بين الظهرين بعرفة بأذان واحد و إقامتين،و كذا بين المغرب و العشاء بمزدلفة.و قد تقدم في حديث الجمهور ذلك.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن و يقيم للظهر،ثمَّ يصلي،ثمَّ يقوم فيقيم للعصر بغير أذان،و كذلك في المغرب و العشاء بمزدلفة» (4).

الثالث:

هل الأذان الثاني بدعة؟أما في يوم الجمعة فيأتي،و أما في الموضعين فالأظهر انه كذلك،لرواية ابن سنان.

مسألة:لو ترك الأذان و الإقامة متعمدا و دخل في الصلاة

مضى فيها و لا يرجع، و إن كان ناسيا تداركهما ما لم يركع،و يستقبل صلاته استحبابا.و به قال السيد

ص:419


1- 1صحيح مسلم 2:938 حديث 290.
2- 2) الام 1:86،المجموع 3:86.
3- 3) المغني 1:464،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:445-446.
4- 4) التهذيب 2:282 حديث 1122،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]

المرتضى رحمه الله (1).

و قال الشيخ في النهاية:إن تركهما متعمدا انصرف من الصلاة و تداركهما،ثمَّ استأنف صلاته ما لم يركع،و إن كان ناسيا استمر على حالته (2).و لم يفصل في المبسوط،بل أطلق القول بالاستئناف ما لم يركع (3).

و قال ابن أبي عقيل:إن ترك الأذان متعمدا و مستخفا فعليه الإعادة (4).

لنا:انه مع النسيان معذور بالترك،فكان له تداركه قبل الركوع لا بعده،لأنه ركن فلا تبطل الصلاة معه.أما مع العمد فلا يسوغ له إبطال الصلاة الواجبة،لقوله تعالى «وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (5)و التدارك لا معنى له ها هنا،لأنه تركه ذاكرا، و ليس الأذان من الواجبات بحيث يخل تركه بالصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن و تقيم،ثمَّ ذكرت قبل أن تركع،فانصرف فأذن و أقم و استفتح الصلاة،و إن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك» (6)و ليس الأمر ها هنا للوجوب،لأن الأذان في نفسه مستحب،فكيف يجب إبطال الواجب له مع عدم وجوبه ابتداء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت

ص:420


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:129. [1]
2- 2) النهاية:65. [2]
3- 3) المبسوط 1:95. [3]
4- 4) نقله عنه في المختلف:88.
5- 5) محمد:33. [4]
6- 6) التهذيب 2:278 حديث 1103،الاستبصار 1:304 حديث 1127،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [5]

له:رجل ينسى الأذان و الإقامة حتى يكبر؟قال:«يمضي على صلاته و لا يعيد» (1).

و عن نعمان الرازي (2)،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام و سأله أبو عبيدة الحذاء عن حديث رجل نسي أن يؤذن و يقيم حتى كبر و دخل في الصلاة؟قال:«إن كان دخل المسجد و من نيته أن يؤذن و يقيم فليمض في صلاته و لا ينصرف» (3).

و قد روي جواز الانصراف ما لم يقرأ،و مع التلبس بها يتم.رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال في الرجل ينسى الأذان و الإقامة حتى يدخل في الصلاة،قال:«إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي صلى الله عليه و آله و ليقم،و إن كان قد قرأ فليتم صلاته» (4).

و في الصحيح،عن حسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة،ثمَّ يذكر انه لم يقم؟قال:«فإن ذكر انه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم على النبي صلى الله عليه و آله و سلم،ثمَّ يقيم و يصلي،و إن ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته» (5)و هذا يدل على ان الإقامة كالأذان و الإقامة في الحكم.

ص:421


1- 1التهذيب 2:279 حديث 1106،الاستبصار 1:302 حديث 1121،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [1]
2- 2) النعمان الرازي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و ذكره الصدوق في مشيخته،روى عنه جعفر بن بشير و ابن أبي عمير بواسطة حماد. رجال الطوسي:325،الفقيه(شرح المشيخة)4:59.
3- 3) التهذيب 2:279 حديث 1107،الاستبصار 1:303 حديث 1126،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [2]
4- 4) التهذيب 2:278 حديث 1102،الاستبصار 1:303 حديث 1126،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 2:278 حديث 1105،الاستبصار 1:304 حديث 1129،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]

و قد روي عن ذكريا بن آدم،قال:قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:جعلت فداك،كنت في صلاتي فذكرت في الركعة الثانية و أنا في القراءة اني لم أقم فكيف أصنع؟قال:«اسكت موضع قراءتك و قل:قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة،ثمَّ امض في قراءتك و صلاتك و قد تمت صلاتك» (1).و هذا يؤذن بما رويناه أولا من ان الإقامة تنزل منزلة الجزء من الصلاة.

أما لو ذكر بعد الصلاة انه لم يؤذن و لم يقم،لم يعد صلاته إجماعا،لأنها وقعت مشروعة،فلا تستعقب القضاء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي الصباح،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل نسي الأذان حتى صلى؟قال:«لا يعيد» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«سألته عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى انصرف،يعيد صلاته؟قال:«لا يعيدها و لا يعود لمثلها» (3).

و قد روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة و قد افتتح الصلاة؟قال:«إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته،و إن لم يكن فرغ من صلاته فليعد» (4).و حمله الشيخ على الاستحباب (5)و هو جيد،لكن مع شرط آخر و هو عدم الدخول في الركوع،لما تقدم من

ص:422


1- 1التهذيب 2:278 حديث 1104،الاستبصار 1:304 حديث 1128،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:279 حديث 1108،الاستبصار 1:303 حديث 1123،الوسائل 4:655 الباب 27 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:279 حديث 1109،الاستبصار 1:303 حديث 1124،الوسائل 4:656 الباب 28 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:279 حديث 1110،الاستبصار 1:303 حديث 1125،الوسائل 4:656 الباب 28 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [4]
5- 5) التهذيب 2:279،الاستبصار 1:303.

الأحاديث،و لم نقف للشيخ و ابن أبي عقيل على دلالة جيدة فيما ذكراه.

مسألة:و لا يجوز الأذان قبل دخول الوقت في غير الصبح.
اشارة

و عليه علماء الإسلام، لأنه وضع للإعلام بدخول الوقت،فلا يجزى قبله،لأنه يخل بمقصوده.

أما الفجر فلا بأس بالأذان قبله.و عليه فتوى علمائنا،و به قال:مالك (1)، و الأوزاعي (2)،و الشافعي (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).و منع منه أبو حنيفة (6)، و الثوري (7)،و محمد بن الحسن (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(ان بلالا يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) (9).و في حديث الخاصة:«ان ابن أم مكتوم يؤذن بليل،فإذا سمعتم أذانه فكلوا و اشربوا حتى تسمعوا أذان بلال» (10)و هو

ص:423


1- 1المدونة الكبرى 1:60،بلغة السالك 1:92،بداية المجتهد 1:107،المغني 1:455،المجموع 3:89، المحلى 3:119،عمدة القارئ 5:130.
2- 2) المغني 1:455،المجموع 3:89،المحلى 3:119،عمدة القارئ 5:130.
3- 3) الام 1:83،المهذب للشيرازي 1:55 المجموع 3:89،السراج الوهاج:38،المحلى 3:119،بداية المجتهد 1:107،بدائع الصنائع 1:154،المغني 1:455،المبسوط للسرخسي 1:134،شرح فتح القدير 1:221،عمدة القارئ 5:130.
4- 4) المغني 1:455،الكافي لابن قدامة 1:127،الإنصاف 1:420،المجموع 3:89،عمدة القارئ 5: 130،منار السبيل 1:64.
5- 5) المغني 1:455،المجموع 3:89،عمدة القارئ 5:130.
6- 6) بدائع الصنائع 1:154،المبسوط للسرخسي 1:134،الهداية للمرغيناني 1:43، [1]شرح فتح القدير 1: 221،عمدة القارئ 5:130،المحلى 3:119،بداية المجتهد 1:107،المجموع 3:89،المغني 1:455، نيل الأوطار 2:32.
7- 7) المغني 1:455،المجموع 3:89،المحلى 3:119،نيل الأوطار 2:32.
8- 8) المجموع 3:89،المغني 1:455،عمدة القارئ 5:130،نيل الأوطار 2:32.
9- 9) صحيح البخاري 1:160،سنن النسائي 2:10،سنن البيهقي 1:380،عمدة القارئ 5:130.
10- 10) الكافي 4:98 حديث 2،3، [2]التهذيب 4:184 حديث 513،الوسائل 4:625 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2،3. [3]

الأولى،لأن ابن أم مكتوم كان أعمى.و عنه عليه السلام،انه قال:(ان بلالا يؤذن بليل لينبه نائمكم) (1)و هو دليل الجواز،لما فيه من المداومة و ترك النهي عنه.

و عن زياد بن الحارث الصدائي (2)قال:أمرني النبي صلى الله عليه و آله فأذنت،فجعلت أقول:أقيم يا رسول الله؟و هو ينظر ناحية المشرق و يقول:(لا)حتى طلع الفجر نزل فبرز،ثمَّ انصرف إلي و قد تلاحق أصحابه،فتوضأ،فأراد بلال أن يقيم،فقال النبي صلى الله عليه و آله:(ان أخا صداء قد أذن،و من أذن فهو يقيم).

قال:فأقمت (3).و هذا الحديث كما هو دال على المقصود فهو دال على إبطال من قال:

إنما يجوز ذلك إذا كان له مؤذنان،فإذا زيادا أذن وحده.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عمران بن علي قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان قبل الفجر؟فقال:«إذا كان في جماعة فلا،و إذا كان وحده فلا بأس» (4)و الشرط في الرواية حسن،لأن القصد به الإعلام للاجتماع،و مع الجماعة لا يحتاج إلى الإعلام للتأهب بخلاف المنفرد،و لأنه وقت النوم فتقديم الأذان يفيد التنبه و التأهب للصلاة بخلاف غيرها من الصلوات.

احتج المانع (5)بما رواه بلال أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال له:(لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا،و مد بيده عرضا) (6)و لأن الأذان قبل الفجر يفوت

ص:424


1- 1صحيح البخاري 1:160،سنن ابن ماجه 1:541 حديث 1696،سنن النسائي 2:11،مسند أحمد 1:386،392،435،عمدة القارئ 5:130.
2- 2) زياد بن الحارث الصدائي من اليمن،بايع النبي(ص)و أذن بين يديه،روى عنه زياد بن نعيم الحضرمي. أسد الغابة 2:213، [1]تهذيب التهذيب 3:359. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:142،حديث 514،سنن البيهقي 1:399.
4- 4) التهذيب 2:53 حديث 176،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
5- 5) بدائع الصنائع 1:154،المغني 1:455،شرح فتح القدير 1:221،نيل الأوطار 2:32.
6- 6) سنن أبي داود 1:147 حديث 534 سنن البيهقي 1:384،نيل الأوطار 2:33،المغني 1:455، المغني 1:455،و في بعض المصادر بتفاوت يسير.

الإعلام بالدخول فلم يجز،كغيرها من الصلوات.

و الجواب عن الأول:انه حديث ضعيف منقطع.قاله ابن عبد البر (1).

و عن الثاني بالفرق الذي ذكرناه.

فروع:
الأول:

يستحب لمن أذن قبل الفجر أن يعيدها مع طلوعه.و به قال الشيخ (2).

لتحصل فائدة العلم بالقرب من الأول،و بالدخول من الثاني.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:ان لنا مؤذنا يؤذن بليل،فقال:«ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة،و أما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر،و لا يكون بين الأذان و الإقامة إلا الركعتان» (3).

الثاني:

شرط بعض أهل الظاهر أن يكون مؤذنان،كبلال و ابن أم مكتوم (4)، و ليس صحيحا،لما تقدم في حديث زياد بن الحارث،و لأن العلة في التقديم ثابتة في الصورتين.

الثالث:

قال بعضهم:يكره الأذان قبل الفجر في رمضان لئلا يتركوا سحورهم (5).و ليس شيئا لقول النبي صلى الله عليه و آله:(لا يمنعنكم من السحور أذان بلال،فإنه يؤذن بليل لينبه نائمكم و يرجع قائمكم) (6).

ص:425


1- 1المغني 1:456.
2- 2) النهاية:66. [1]
3- 3) التهذيب 2:53 حديث 177،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [2]
4- 4) المحلى 3:117،المجموع 3:123،الشرح الكبير بهامش المغني 1:443.
5- 5) الشرح الكبير بهامش المغني 1:443.
6- 6) صحيح البخاري 1:160،سنن ابن ماجه 1:541 حديث 1696،سنن النسائي 2:11،مسند أحمد 1: 386،392،435، [3]عمدة القارئ 5:130.
الرابع:

ينبغي لمن يؤذن للفجر قبل الوقت أن يجعل لنفسه ضابطا فيؤذن في الليالي كلها في وقت واحد،و لا يؤذن في الوقت تارة و قبله اخرى لعدم الفائدتين،فإنه يحصل اللبس بين قرب الوقت و دخوله،و ربما امتنع المتسحر من سحوره،و المتنفل من عبادته، و كذا لا يقدم الأذان كثيرا في بعض الليالي و قليلا في الأخرى فلا يعلم الوقت بأذانه فتذهب فائدته.

مسألة:و يستحب الأذان في كل موطن سفرا و حضرا،
اشارة

و رخص للمسافر في ترك الأذان و الاجتزاء بالإقامة،لأنه مظنة المشقة.و به قال أكثر أهل العلم (1).و كان ابن عمر يقيم لكل صلاة إقامة إلا الصبح،فإنه يؤذن لها و يقيم و كان يقول:إنما الأذان على الأمير و الإمام الذي يجمع الناس لا على الراعي و أشباهه.و انه كان لا يقيم الصلاة في أرض تقام فيها الصلاة (2).

لنا:ما رواه الجمهور ان النبي صلى الله عليه و آله كان يؤذن له في السفر و الحضر (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن يحيى الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا أذنت في أرض فلاة و أقمت صلى خلفك صفان من الملائكة،و إن أقمت قبل أن تؤذن صلى خلفك صف واحد» (4).

و أما الرخصة في السفر بترك الأذان،فلأنه مظنة المشقة،و خفف عنه بعض الواجب،فبعض النفل أولى.

ص:426


1- 1المغني 1:465،بدائع الصنائع 1:153،المبسوط للسرخسي 1:132،الهداية للمرغيناني 1:43، عمدة القارئ 5:143.
2- 2) سنن البيهقي 1:411،المغني 1:466 و فيه:إنما الأذان على الأمير و الإقامة على الذي يجمع الناس.
3- 3) المغني 1:466.
4- 4) التهذيب 2:52 حديث 173،الوسائل 4:619 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1.و [1]فيهما: و إن أقمت و لم تؤذن.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سمعته يقول:«يقصر الأذان في السفر كما تقصر الصلاة، تجزى إقامة واحدة» (1).

و كلام ابن عمر باطل بما قلناه،و بما رواه عقبة بن عامر،قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(يعجب ربك من راعي غنم في رأس الشظية (2)للجبل يؤذن للصلاة و يصلي فيقول الله عز و جل:انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي و أدخلته الجنة) (3).

و قال سلمان الفارسي رحمة الله:إذا كان الرجل بأرض قي (4)فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان،فإن أذن و أقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى قطراه يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يؤمنون على دعائه (5).

فرع:

يكتفي بأذان واحد في المصر إذا كان بحيث يسمعونه.

و يؤيده:ما تقدم من الأحاديث الدالة عليه.و به قال مجاهد،و الشعبي، و النخعي،و عكرمة،و أصحاب الرأي (6).و لو أذن كل واحد كان أفضل.

مسألة:و ينبغي أن يؤذن في أول الوقت.

و هو قول أهل العلم،روى ابي بن كعب،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال:(يا بلال،اجعل بين أذانك

ص:427


1- 1التهذيب 2:51 حديث 170،الوسائل 4:623 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [1]
2- 2) الشظية:قطعة مرتفعة في رأس الجبل.النهاية لابن الأثير 2:476. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:4 حديث 1203،سنن النسائي 2:20.
4- 4) القي:الأرض القفر الخالية.النهاية لابن الأثير 4:136. [3]
5- 5) المغني 1:466، [4]شرح فتح القدير 1:222.
6- 6) المغني 1:462.

و إقامتك نفسا يفرغ الآكل من طعامه في مهل و يقضي حاجته في مهل) (1).و لا ريب في استحباب الصلاة في أول الوقت.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في حديث ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام:«و أما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر» (2)و لأنه وضع للإعلام بدخول الوقت،و مع التأخير عنه يذهب فضيلة أول الوقت.

مسألة:إذا دخل المسجد و كان الإمام ممن لا يقتدى به،

لم يعتد بأذانه بل يؤذن لنفسه و يقيم،و إن صلى خلفه،لأنه غير عدل،فلا يوثق بأذانه.

و يؤيده:ما رواه عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«فإن علم الأذان فأذن به و لم يكن عارف لم يجز أذانه و لا إقامته و لا يقتدى به» (3)فإن خشي فوات الصلاة اقتصر على تكبيرتين،و على قوله:قد قامت الصلاة،لأن ذلك أهم فصول الإقامة.

روى معاذ بن كثير (4).عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا دخل الرجل المسجد و هو لا يأتم بصاحبه و قد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن و أقام أن يركع،فليقل:قد قامت الصلاة،قد قامت الصلاة،الله أكبر،الله أكبر،لا إله إلا الله،و ليدخل في الصلاة» (5).قال الشيخ:و روي انه يقول:حي على خير العمل

ص:428


1- 1مسند أحمد 5:143. [1]
2- 2) التهذيب 2:53 حديث 178،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [2]
3- 3) الكافي 3:304 حديث 13، [3]التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:654 الباب 26 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [4]
4- 4) معاذ بن كثير الكسائي الكوفي،عده المفيد من شيوخ أصحاب أبي عبد الله(ع)و خاصته و بطانته و ثقاته،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الإرشاد للمفيد 2:208، [5]رجال الطوسي:314.
5- 5) الكافي 3:306 حديث 22، [6]التهذيب 2:281 حديث 1116،الوسائل 4:663 الباب 34 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [7]

دفعتين،لأنه لم يقل ذلك (1).

فصول في هذا الباب
اشارة

الأذان عند أهل البيت عليهم السلام و حي على لسان جبرئيل عليه السلام علمه رسول الله صلى الله عليه و آله،و عليا عليه السلام،و أطبق الجمهور على خلاف ذلك.

لنا:قوله تعالى «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى» (2)و لأن مبنى الأمور الشرعية على رعاية المصالح،و هي أمور خفية لا يمكن الاطلاع عليها و لا يعلم تفصيلها إلا الله تعالى،فلا يكون للنبي صلى الله عليه و آله فيها خيرة،و لأن ما هو أقل ثوابا من الأمور المشروعة مستفاد من الوحي،فكيف المهم منها؟! و يؤيده:ما رواه الشيخ في الحسن،عن منصور،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لما هبط جبرئيل عليه السلام بالأذان على رسول الله صلى الله عليه و آله كان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام و أقام،فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:يا علي سمعت؟قال:نعم،قال:حفظت؟قال:نعم، قال:ادع بلالا فعلمه فدعا علي عليه السلام بلالا فعلمه» (3).

و في الصحيح،عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«لما اسري برسول الله صلى الله عليه و آله فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام و أقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه و آله و صف الملائكة و النبيون خلف رسول الله صلى الله عليه و آله»و حكى الأذان الذي قدمناه،ثمَّ قال:

«فأمر بها رسول الله صلى الله عليه و آله بلالا،فلم يزل يؤذن بها حتى قبض الله رسوله

ص:429


1- 1النهاية:66، [1]المبسوط 1:99. [2]
2- 2) النجم:3،4. [3]
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1099،الوسائل 4:612 الباب 1 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]

صلى الله عليه و آله» (1).

احتجوا (2)بما رواه عبد الله بن زيد،قال:لما أمر رسول الله صلى الله عليه و آله بالناقوس ليجمع (3)به الناس طاف بي و أنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت:يا عبد الله أ تبيع الناقوس؟فقال:و ما تصنع به؟قلت:ندعوا به إلى الصلاة،فقال:ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟قلت:بلى،قال:تقول:الله أكبر،إلى آخر الأذان، ثمَّ استأخر غير بعيد،ثمَّ قال:تقول إذا قمت إلى الصلاة:الله أكبر إلى آخر الإقامة، فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله فأخبرته بما رأيت فقال:(إنها رؤيا حق إن شاء الله،فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به،فإنه أندى صوتا منك) فقمت مع بلال،فجعلت القي عليه و يؤذن،فسمع ذلك عمر بن الخطاب و هو في بيته فخرج يجر رداءه فقال:يا رسول الله و الذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:(فلله الحمد) (4).

و الذي نقله أهل البيت عليهم السلام أصح،لأنهم أعرف بمأخذ الشريعة و أنسب بحال النبي صلى الله عليه و آله،إذ من المستبعد أن يكون مستند النبي صلى الله عليه و آله في مثل هذا إلى منام عبد الله بن زيد.

فصل:

و الإقامة أفضل من الأذان لكثرة الحث عليها،و اعتناء الشارع بها،و الاكتفاء بها في أكثر المواضع،و إسقاط الأذان،و الجمع بين الأذان و الإقامة أفضل،و الجمع بينهما

ص:430


1- 1التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [1]
2- 2) المغني 1:449،الشرح الكبير بهامش المغني 1:423،المجموع 3:75،مغني المحتاج 1:133.
3- 3) «ح»«ق»:ليجتمع.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الترمذي 1:358 حديث 189، [2]مسند أحمد 4:43، [3]سنن البيهقي 1:390،نيل الأوطار 2:15 حديث 1.

و بين الإمامة أفضل.قال الشيخ في المبسوط:و الإمامة بانفرادها أفضل من الأذان و الإقامة منفردين عنها،لأن النبي صلى الله عليه و آله تولى الإمامة بنفسه و ولي الأذان و الإقامة غيره (1).و كذلك الأئمة عليهم السلام،و لا يختارون إلا الأفضل.و لأن الإمامة يختار لها الأكمل بخلاف الأذان.

و قال الشافعي:الأذان أفضل من الإمامة (2)لقول النبي صلى الله عليه و آله:

(الإمام ضامن و المؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين) (3)و الأمانة أعلى من الضمان،و المغفرة أعلى من الإرشاد،و الأصل ما قلناه.

فصل:

قال الشيخ في المبسوط:يجوز أن يعطى المؤذن من بيت المال و من خاص الإمام (4).و قال في الخلاف:لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان (5).و في النهاية قال:

و أخذ الأجرة على الأذان و الصلاة بالناس حرام (6).

و قال الشريف المرتضى:يكره أخذ الأجرة على الأذان (7).و هو قول أبي حنيفة (8)،لأن النبي صلى الله عليه و آله قال لعثمان بن أبي العاص:(و اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا) (9).

ص:431


1- 1المبسوط 1:98. [1]
2- 2) المهذب للشيرازي 1:54،المجموع 3:78،فتح الوهاب 1:35،المغني 1:448،عمدة القارئ 5: 113.
3- 3) سنن أبي داود 1:143 حديث 517،كنز العمال 7:992،حديث 20407.
4- 4) المبسوط 1:98. [2]
5- 5) الخلاف 1:96 مسألة 36.
6- 6) النهاية:365. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:134. [4]
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:140،بدائع الصنائع 1:152،المحلى 3:146،المغني 1:460،المجموع 3: 127،بداية المجتهد 1:109.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:236 حديث 714،سنن أبي داود 1:146 حديث 531،سنن الترمذي 1:409 حديث 209،مسند أحمد 4:217، [5]سنن البيهقي 1:429،نيل الأوطار 2:43 حديث 1.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليه السلام،قال:«آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال:يا علي،إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك،و لا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا» (1).

و الأقرب أن أخذ الرزق عليه من بيت المال سائغ،و في الأجرة نظر.

فصل:

و يستحب حكاية قول المؤذن.و هو وفاق بين العلماء،روى الجمهور،عن أبي سعيد ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن أبي جعفر عليه السلام انه قال لمحمد بن مسلم:«يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال،و لو سمعت المنادي ينادي بالأذان و أنت على الخلاء فاذكر الله عز و جل و قل كما يقول [المؤذن]» (3)(4).

قال ابن بابويه:و روي ان من سمع الأذان فقال كما يقول المؤذن زيد في رزقه (5).

و قال الشيخ في المبسوط:و كل من كان خارج الصلاة و سمع المؤذن فينبغي أن

ص:432


1- 1التهذيب 2:283 حديث 1129،الوسائل 4:666 الباب 38 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) صحيح البخاري 1:159،صحيح مسلم 1:288 حديث 383،سنن ابن ماجه 1:238 حديث 720، سنن الترمذي 1:407 حديث 208، [2]سنن النسائي 2:23،الموطأ 1:67 حديث 2، [3]سنن الدارمي 1: 272، [4]نيل الأوطار 2:35 حديث 1 و في بعض المصادر بتفاوت يسير.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:187 حيث 892،الوسائل 4:671 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [5]
5- 5) الفقيه 1:189،حديث 904،الوسائل 4:672 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [6]

يقطع كلامه إن كان متكلما،و إن كان يقرأ القرآن فالأفضل له أن يقطع القرآن و يقول كما يقول المؤذن،عملا بعموم الخبر (1).

و لو دخل المسجد و المؤذن يؤذن ترك صلاة التحية إلى فراغ المؤذن استحبابا، ليجمع (2)بين المندوبين.

فصل:

قال الشيخ في المبسوط:و لو قاله في الصلاة لم تبطل صلاته إلا في قوله:حي على الصلاة،فإنه متى قال ذلك مع العلم بأنه لا يجوز فسدت صلاته،لأنه ليس بتحميد و لا تكبير بل هو كلام الآدميين،فإن قال بدلا من ذلك،لا حول و لا قوة إلا بالله،لم تبطل صلاته.

فصل:

قال أيضا:روي انه إذا قال:أشهد أن لا إله إلا الله،يستحب أن يقول:و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،و ان محمدا عبده و رسوله،رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا،و بالأئمة الطاهرين أئمة.ثمَّ يقول:اللهم رب هذه الدعوة التامة،و الصلاة القائمة،آت محمدا الوسيلة و الفضيلة،و ابعثه المقام المحمود الذي وعدته،و ارزقني شفاعته يوم القيامة.و يقول عند أذان المغرب:اللهم هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك و أصوات دعاتك فاغفر لي (3).

قال ابن بابويه:و قال الصادق عليه السلام،من قال حين يسمع أذان الصبح:

اللهم إني أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلواتك و أصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم.و قال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب،ثمَّ

ص:433


1- 1المبسوط 1:97. [1]
2- 2) «ح»«ق»:للجمع.
3- 3) المبسوط 1:97. [2]

مات من يومه أو من ليلته مات تائبا (1).

و عن الحارث بن المغيرة النصري،عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال:«من سمع المؤذن يقول:أشهد أن لا إله إلا الله،و أشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله،فقال مصدقا محتسبا:و أنا أشهد أن لا إله إلا الله،و ان محمدا رسول الله أكتفي بهما عن كل من أبي و جحد،و أعين بهما من أقر و شهد.كان له من الأجر عدد من أنكر و جحد،و عدد من أقر و شهد» (2).

و روى في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«لا يجزئك من الأذان إلا ما أسمعت[نفسك] (3)أو فهمته،و أفصح بالألف و الهاء،و صل على النبي صلى الله عليه و آله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره» (4).

فصل:

و إذا نقص المؤذن من أذانه شيئا أتمته أنت مع نفسك تحصيلا لكمال السنة.

و يؤيده:ما رواه ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام«إذا نقص المؤذن الأذان و أنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه» (5).

فصل:

و يقوم الإمام و المأموم إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة.و به قال أحمد (6)و مالك (7).

ص:434


1- 1الفقيه 1:187 حديث 890،الوسائل 4:669 الباب 43 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) الكافي 32:307 حديث 30، [2]الفقيه 1:187 حديث 891،الوسائل 4:671 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [3]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:184 حديث 875،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6 و [4]ص 669 الباب 42 حديث 1.
5- 5) التهذيب 2:280 حديث 1112،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [5]
6- 6) المغني 1:538،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538،الكافي لابن قدامة 1:163،المجموع 3:253.
7- 7) المدونة الكبرى 1:62،بداية المجتهد 1:150،المغني 1:538،المجموع 3:253.

و قال الشافعي:إذا فرغ من الإقامة (1).

و قال أبو حنيفة:إذا قال حي على الصلاة،فإذا قال قد قامت الصلاة كبر (2).

لنا:أن قوله:قد قامت الصلاة،صورة إخبار ماض يظهر أثره مع الفعل،و قول أبي حنيفة باطل،لتفويت بعض أجزاء الإقامة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن حفص بن سالم (3)،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة،أ يقوم القوم على أرجلهم،أو يجلسون حتى يجيء إمامهم؟قال:«لا،بل يقومون على أرجلهم،فإن جاء إمامهم و إلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم» (4).

فصل:

روى الشيخ و ابن بابويه،عن علي بن مهزيار،عن محمد بن راشد (5)،قال:

حدثني هشام بن إبراهيم (6)أنه شكى إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام سقمه و انه لا

ص:435


1- 1المجموع 3:253،مغني المحتاج 1:252،المغني 1:538،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538.
2- 2) المغني 1:538،المجموع 3:253،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538.
3- 3) حفص بن سالم:أبو ولاد الحناط،مولى جعفي،كوفي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)، و قال في الفهرست:ثقة كوفي له أصل،و قال النجاشي:ثقة لا بأس به،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و يظهر منه و من النجاشي أنه متحد مع حفص بن يونس المخزومي. رجال النجاشي:135،رجال الطوسي:184،الفهرست:62، [1]رجال العلامة:58. [2]
4- 4) التهذيب 2:285 حديث 1143،الوسائل 4:668 الباب 41 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]
5- 5) محمد بن راشد البصري،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،قال المحقق المامقاني:وقع محمد بن راشد في ضمن حديث شكاية هشام بن إبراهيم سقمه إلى أبي الحسن الرضا(ع)،و يحتمل بقائه إلى زمانه(ع). رجال الطوسي:287،تنقيح المقال 3:116. [4]
6- 6) هشام بن إبراهيم الأحمر،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)و نقل المحقق الأردبيلي رواية إبراهيم بن هاشم و محمد بن راشد عنه. رجال الطوسي:394،جامع الرواة 2:311. [5]

يولد له ولد،فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله قال:ففعلت فأذهب الله عني سقمي و كثر ولدي.قال محمد بن راشد:و كنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي و جماعة خدمي،فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فأذهب الله عني و عن عيالي العلل (1).

فصل:

و روى ابن بابويه في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام انه قال:

«ان أدنى ما يجزى من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة،و يفتتح النهار بأذان و إقامة،و يجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان» (2).

و روى الشيخ،عن عمار الساباطي،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«لا بد للمريض أن يؤذن و يقيم إذا أراد الصلاة و لو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلم به»سئل:فإن كان شديد الوجع؟قال:«لا بد من أن يؤذن و يقيم،لأنه لا صلاة إلا بأذان و إقامة» (3)و هذا دليل على شدة اعتناء الشارع بهما لا أنهما واجبان، لما قدمناه أولا.

فصل:

روى ابن بابويه قال:لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله امتنع بلال من الأذان و قال:لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و ان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم:اني أشتهي أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالأذان،فبلغ ذلك بلالا،فأخذ في الأذان،فلما قال:الله أكبر،الله أكبر،ذكرت أباها و أيامه فلم تتمالك من البكاء،فلما بلغ إلى قوله:أشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:436


1- 1الفقيه 1:189 حديث 903،التهذيب 2:59 حديث 207،الوسائل 4:641 الباب 18 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:186 حديث 885،الوسائل 4:623 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:282 حديث 1123،الاستبصار 1:300 حديث 1109،الوسائل 4:664 الباب 35 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]

شهقت فاطمة عليها السلام شهقة و سقطت لوجهها و غشي عليها،فقال الناس لبلال:

أمسك يا بلال،فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه و آله الدنيا،و ظنوا انها قد ماتت،فقطع أذانه و لم يتمه،فأفاقت فاطمة عليها السلام و سألته أن يتم الأذان،فلم يفعل و قال لها:يا سيده النساء اني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان!فأعفته من ذلك (1)و روى أيضا:ان رسول الله صلى الله عليه و آله أذن فكان يقول:أشهد أني رسول الله،و كان يقول تارة:أشهد ان محمدا رسول الله (2).

فصل:

و ذكر الفضل بن شاذان في العلل،عن الرضا عليه السلام انه قال:«إنما أمر الناس بالأذان لعلل كثيرة،منها ان فيه تذكيرا للساهي،و تنبيها للغافل،و تعريفا لمن جهل الوقت و اشتغل عنه،و يكون المؤذن بذلك داعيا إلى عبادة الخالق و مرغبا فيها، مقرا له بالتوحيد،مجاهرا بالإيمان،معلنا بالإسلام،مؤذنا لمن ينسيها و إنما يقال له:

مؤذن،لأنه يؤذن بالصلاة.و إنما بدأ فيه بالتكبير،و ختم بالتهليل،لأن الله عز و جل أراد أن يكون الابتداء بذكره و اسمه،و اسم الله في أول التكبير في أول الحرف،و في التهليل في آخره،و إنما جعل مثنى مثنى ليكون مكررا في أذان المستمعين،مؤكدا عليهم إن سها أحدهم عن الأول لم يسه عن الثاني،و لأن الصلاة ركعتان ركعتان،فكذلك جعل الأذان مثنى مثنى،و جعل التكبير في أول الأذان أربعا،لأن أول الأذان إنما يبدو غفلة و ليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الأوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الأذان،و جعل بعد التكبير الشهادتان،لأن أول الإيمان هو التوحيد و الإقرار لله تعالى بالوحدانية،و الثاني الإقرار للرسول صلى الله عليه و آله بالرسالة،و ان طاعتهما و معرفتهما

ص:437


1- 1الفقيه 1:194 حديث 906.
2- 2) الفقيه 1:193،الوسائل 4:654 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 13. [1]

مقرونتان،و لأن أصل الإيمان إنما هو الشهادتان،فعل شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شهادتان،فإذا أقر العبد لله عز و جل بالوحدانية،و أقر للرسول صلى الله عليه و آله بالرسالة فقد أقر بجملة الإيمان،لأن أصل الإيمان إنما هو الإقرار بالله و برسوله،و إنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة،لأن الأذان إنما وضع لموضع الصلاة و إنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان،و دعاء إلى الفلاح و إلى خير العمل،و جعل خاتمة الكلام باسمه كما فتح باسمه (1).

فصل:

روى الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن علي عليهم السلام،ان النبي صلى الله عليه و آله كان إذا دخل المسجد و بلال يقيم الصلاة جلس (2).

و عن عمران[الحلبي] (3)قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان في الفجر قبل الركعتين أو بعدهما؟قال:«إذا كنت إماما تنتظر جماعة فالأذان قبلهما، و إن كنت وحدك فلا يضرك[أ] (4)قبلهما أذنت أو بعدهما» (5).

ص:438


1- 1عيون أخبار الرضا(ع):105. [1]
2- 2) التهذيب 2:281 حديث 1118،الوسائل 4:660 الباب 31 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 2:285 حديث 1142،الوسائل 4:667 الباب 39 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]

المجلد 5

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

ص :3

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :4

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :5

ص :6

تتمة كتاب الصلاة

المقصد الثاني:في أفعال الصلاة و تروكها

اشارة

و فيه فصول:

الأوّل:في الأفعال الواجبة
اشارة

العلم بالصّلاة الواجبة واجب لتوجّه الأمر بها المتوقّف (1)على معرفتها و هو متوقّف (2)على العلم بأجزائها،إذ معرفة المركّب مسبوقة بمعرفة أجزائه.

و أجزاء الصلاة تنقسم إلى (3)قسمين،واجب و ندب،و كذا كيفيّاتها و تروك الصلاة،و لا بدّ من معرفة الواجب ليؤدّيه على وجهه،فإنّه لو فعل الواجب بنيّة الندب بطلت صلاته،و لو فعل النّدب بنيّة الواجب دخل تحت حُكم:مَن فَعل فعلا ليس من أفعال الصلاة،فتبطل مع الكثرة.

و اعلم أنّ الواجب،منه ركن،و منه غير ركن،و نعني بالرّكن هنا ما لو أخلّ به المصلّي عامدا أو ساهيا (4)،ثمَّ ذكره (5)بطلت صلاته،و أنا أسوق إليك الأفعال الواجبة أوّلا، و كيفيّاتها (6)الواجبة و المندوبة و ما يليق بفعل فَعَل،ثمَّ أتلو عليك الأفعال المندوبة و كيفيّاتها،و أختم ذلك بالتّروك بعون اللّه تعالى في مباحث.

ص:7


1- 1ح و م:للتوقّف.
2- 2) غ و م:يتوقّف.
3- 3) ليست في:غ،ق،م و ن.
4- 4) ح و ق:و ساهيا.
5- 5) ح و ق:ذكر.
6- 6) ح و ق:و كيفيّتها.
البحث الأول:في القيام
مسألة:القيام واجب و ركن مع القدرة عليه

ذهب إليه كلّ علماء الإسلام.

قال اللّه تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لرافع بن خديج:«صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبى عبد اللّه عليه السّلام في صفة الصّلاة:فقام أبو عبد اللّه عليه السّلام مستقبل القبلة منتصبا (3).و هو في بيان الواجب،فيكون ما أتى به واجبا إلاّ ما أخرجه (4)الدّليل.

و عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قلت له فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (5)قال:«النحر الاعتدال في القيام» (6).

و في الحسن،عن جميل بن درّاج أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المريض الّذي يصلّي قاعدا فقال:«إنّ الرجل ليوعك و يحرج و لكنّه أعلم بنفسه و لكن إذا قوي فليقم» (7).

و في الحسن،عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:8


1- 1البقرة(2):238. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن أبي داود 1:250 الحديث 952،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372،مسند أحمد 4:426. [2]ليست في المصادر عبارة:قال لرافع بن خديج.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 1. [3]
4- 4) ح:خرجه.
5- 5) الكوثر(108):2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:694 الباب 2 من أبواب القيام الحديث 3. [5]
7- 7) التّهذيب 2:169 الحديث 673،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 3. [6]

اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ) (1)قال:«الصحيح يصلّي قائما،و قعودا،المريض يصلّي جالسا، وَ عَلى جُنُوبِهِمْ الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالسا» (2).

و قد ثبت بالتّواتر مداومة النبي صلّى اللّه عليه و آله عليه و بيّن به الواجب.

مسألة:و لو تعذّر عليه القيام و أمكنه مع الاعتماد وجب،فإن لم يتمكّن صلّى جالسا،و عليه إجماع العلماء.

روى (3)الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صلّ قائما،فإن لم تستطع فقاعدا،فإن لم تستطع فعلى جنب» (4).

و من طريق الخاصّة روايتا جميل (5)و أبي حمزة (6).

فروع:
الأوّل:لو أمكنه القيام إلاّ أنّه خشي زيادة مرضه،أو بطء برئه،أو شقّ عليه مشقّة شديدة صلّى جالسا

خلافا لأحمد (7).

لنا:أنّه حرج و هو منفيّ،لقوله (8)تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (9).

الثّاني:لو أمكنه القيام و عجز عن الرّكوع قائما أو السّجود لم يسقط عنه فرض القيام

ص:9


1- 1آل عمران(3):191. [1]
2- 2) التّهذيب 2:169 الحديث 672،الوسائل 4:689 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 1. [2]
3- 3) ن:و روى.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372،سنن أبي داود 1:250 الحديث 952،مسند أحمد 4:426. [3]
5- 5) التّهذيب 2:169 الحديث 673،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 3.
6- 6) التّهذيب 2:169 الحديث 672،الوسائل 4:689 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 1.
7- 7) المغني 1:813،الإنصاف 2:305.
8- 8) م،ح و ق:بقوله.
9- 9) الحجّ(22):78. [4]

القيام،بل يصلّي قائما و يومئ للرّكوع،ثمَّ يجلس و يومئ للسّجود.و عليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال أبو حنيفة:يسقط عنه القيام (3).

لنا:قوله عليه السّلام لعمران بن حصين:«صلّ قائما،فإن لم تستطع فجالسا» (4).

جعل مرتبة الجلوس مشروطة (5)بعدم الاستطاعة على القيام،فلا يجوز بدونه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن إبراهيم،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يصلّي المريض قائما،فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا» (6).

و لأنّ القيام ركن قدر عليه فيلزمه الإتيان به كالقراءة،و العجز عن (7)غيره لا يقتضي سقوطه،كالقراءة إذا عجز عنها.

احتجّ أبو حنيفة بأنّها صلاة لا ركوع فيها و لا سجود،فيسقط فيها القيام كالنّافلة على الرّاحلة (8).

و الجواب:أنّ قياسهم فاسد.

أمّا أوّلا:فلأنّ الصّلاة على الرّاحلة لا يسقط فيها الرّكوع.

و أمّا ثانيا:فلأنّ القيام غير واجب فيها فلا يسقط في الرّاحلة لسقوط (9)الركوع

ص:10


1- 1الامّ 1:81،المهذّب للشيرازي 1:101،المجموع 4:313،مغني المحتاج 1:154،السّراج الوهّاج:42، المغني 1:814.
2- 2) المغني 1:814،الكافي لابن قدامة 1:269،المجموع 4:313.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 1:213،الهداية للمرغينانيّ 1:77،شرح فتح القدير 1:460،المغني 1:814، المجموع 4:313.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372.
5- 5) م:مشروط.
6- 6) التّهذيب 3:176 الحديث 393،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 13. [1]
7- 7) ح و ق:من.
8- 8) المغني 1:814.
9- 9) ح و ق:بسقوط.

و السّجود،بل لعدم وجوبه،و لهذا (1)له أن يصلّي جالسا على الأرض مع التمكّن (2).

الثالث:لو عجز صلّى قاعدا

بلا خلاف،فلو وجد في أثناء الصّلاة خفّا قام و أتمّ صلاته.ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد (6).

و قال محمّد بن الحسن:تبطل صلاته (7)،كالعاري إذا وجد السّاتر في أثناء الصّلاة.

لنا:أنّه أتى بالمأمور به،فيكون مجزئا،و قياسه فاسد لمنع حكم الأصل.

الرّابع:لو عجز عن القعود صلّى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء مستقبلا للقبلة بوجهه

(8).

ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (9)،و الشّافعيّ (10)،و أحمد (11).و قال سعيد بن المسيّب:يصلّي مستلقيا و وجهه و رجلاه إلى القبلة (12).و هو قول أبي ثور (13)، و أصحاب الرّأي (14).

لنا:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعمران:«فإن لم تستطع فعلى جَنب» (15).

ص:11


1- 1ح و ق:لهذا.
2- 2) ح و ق:التمكين.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:76،عمدة القارئ 7:162.
4- 4) الأمّ 1:81،المهذّب للشّيرازيّ 1:101،المجموع 4:318،مغني المحتاج 1:155،عمدة القارئ 7:162.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:77،عمدة القارئ 7:162.
6- 6) المغني 1:818،الكافي لابن قدامة 1:270.
7- 7) عمدة القارئ 7:162.
8- 8) ح و ق:وجهه.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:77،المجموع 4:316،المغني 1:815.
10- 10) الأمّ 1:81،المبسوط للسرخسيّ 1:213،المهذّب للشيرازيّ 1:101،المغني 1:815،المجموع 4:316.
11- 11) المغني 1:815،الكافي لابن قدامة 1:270،الإنصاف 2:306،المجموع 4:316.
12- 12) المغني 1:815.
13- 13) المغني 1:815.
14- 14) المغني 1:815،المجموع 4:317،الهداية للمرغينانيّ 1:77، [1]المبسوط للسرخسىّ 1:213، عمدة القارئ 7:161-162.
15- 15) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن الترمذيّ 2:208 الحديث 372.

و قوله تعالى (وَ عَلى جُنُوبِهِمْ) (1).قال المفسّرون:أراد (2)به الصّلاة في حال المرض (3).و هو قول أبي جعفر عليه السّلام في تفسير هذه الآية (4).

احتجّوا بأنّه إذا صلّى على جنبه كان وجهه في الإيماء إلى غير القبلة،و إذا صلّى على ما ذكرناه كان إيماؤه إليها (5).

و الجواب:أنّه غير مستلق إلى القبلة بل إلى السّماء،و لهذا يوضع الميّت في قبره على ما ذكرناه،و الإيماء إلى القبلة حالة الرّكوع و السّجود غير مطلوب من (6)الصحيح،بل يومئ إلى الأرض فكيف يطلب من (7)المريض.

الخامس:إذا عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا مومئا برأسه،فإن لم يستطع برأسه

فبعينيه

(8).

و قال أبو حنيفة:يؤخّر الصّلاة (9).

لنا:قوله عليه السّلام:فعلى جنبك تومئ (10).

و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر،فإنّه له جائز،و يستقبل بوجهه القبلة،ثمَّ يومئ بالصّلاة إيماءا» (11)و الإيماء يقع على الإيماء بالعين و الرّأس،و كذا في رواية محمّد بن

ص:12


1- 1آل عمران(3):191. [1]
2- 2) م:المراد.
3- 3) تفسير القمّيّ 1:129.
4- 4) تفسير العيّاشيّ 1:211 الحديث 172،173 و 174. [2]
5- 5) المغني 1:815.
6- 6) ح و ق:في.
7- 7) م:عن.
8- 8) م،ن،ق و ح:فبعينه.
9- 9) الهداية للمرغينانيّ 1:77.
10- 10) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن الترمذيّ 2:208 الحديث 372.
11- 11) التّهذيب 3:175 الحديث 392،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 10. [3]

إبراهيم (1).

السّادس:لو عجز عن السّجود رفع ما يسجد عليه،و لم يجز الإيماء حينئذ إلاّ مع عدمه أو عدم التمكّن

خلافا للشافعيّ (2)،و أبي حنيفة (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أمّ سلمة أنّها سجدت على المرفقة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير قال:سألته عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا يسجد عليه؟فقال:«لا،إلاّ أن يكون مضطرّا ليس عنده غيرها، و ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ و قد أحلّه لمن اضطرّ إليه» (5).و لأنّ ذلك أشبه بالسّجود من (6)الإيماء.و لأنّ تكليفه بالسّجود يستلزم الحرج،و تكليفه الإيماء يستلزم (7)ترك السّجود مع القدرة.

احتجّ المخالف بما روي،عن ابن مسعود أنّه دخل على مريض يعوده فرآه يسجد على عود،فانتزعه (8)و رمى به و قال:هذا ممّا عرض به لكم الشّيطان (9).

و الجواب:لا حجّة فيما يفعله (10)ابن مسعود،لأنّه توهّم التشبّه بعبادة (11)الأوثان.

و يدلّ عليه ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح قال:سألته عن

ص:13


1- 1الكافي 3:411 الحديث 12، [1]التّهذيب 3:176 الحديث 393،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام ذيل الحديث 13. [2]
2- 2) الأمّ 1:81،المهذّب للشيرازيّ 1:101،المجموع 4:311،مغني المحتاج 1:155.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:218،عمدة القارئ 7:161، [3]الهداية للمرغينانيّ 1:77.
4- 4) المغني 1:817،المبسوط للسرخسيّ 1:218.
5- 5) التّهذيب 3:177 الحديث 397،الوسائل 4:690 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 7. [4]
6- 6) م:عن.
7- 7) ن:مستلزم.
8- 8) ح و ق:فأنزعه.
9- 9) مجمع الزّوائد 2:149 بتفاوت يسير،المبسوط للسرخسيّ 1:217-218.
10- 10) م:نقله،ح و ق:يفعل.
11- 11) غ،م و ن:بعبّاد.

المريض هل يسجد على الأرض أو على مروحة أو على سواك يرفعه؟فقال:«هو أفضل من الإيماء و إنّما كره من كره السّجود على المروحة من أجل الأوثان الّتي كانت تعبد من دون اللّه و إنّا لم نعبد غير اللّه قطّ،فاسجد على المروحة أو على سواك أو عود» (1).

السّابع:كلّ معذور بما يمنعه عن القيام و القعود يصلّي مستلقيا لا تفاوت بين الأعذار دفعا للحرج

خلافا لمالك (2).و يؤيّد ما ذكرناه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ و قد أحلّه لمن اضطرّ إليه» (3).

الثّامن:لو وجد المضطجع أو المستلقي خفّا قام و أتمّ

خلافا لأبي حنيفة (4).

لنا:أنّه أتى بالمأمور به فيكون مجزئا.

احتجّ بأنّ اقتداء الرّاكع السّاجد بالمومئ غير جائز فلا تبنى إحدى الصّلاتين على الأُخرى (5).

و الجواب:لا جامع،و الفرق ثابت،لأنّ الإمام متبوع و لا يتحقّق للرّاكع السّاجد مع المومئ.

التّاسع:قال الشّيخ في النهاية:إذا صلّى قاعدا تربّع حال القراءة و ثنّى رجليه حال الركوع

(6)

(7).

قال في المبسوط:و يتورّك في التشهّد (8).و هو قول ابن عمر،و أنس،

ص:14


1- 1الفقيه 1:236 الحديث 1039،التّهذيب 3:177 الحديث 398،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1،2. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) المغني 1:816،المجموع 4:314.
3- 3) التّهذيب 3:306 الحديث 945،الوسائل 4:690 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 6. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:218،المجموع 4:321،الهداية للمرغينانيّ 1:78.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1،218،الهداية للمرغينانيّ 1:78.
6- 6) ن:و يثنّي،ح و ق:و تثنّي.
7- 7) النّهاية:129-130. [3]
8- 8) المبسوط 1:115.

و ابن سيرين،و مجاهد،و سعيد بن جبير،و مالك،و الثّوريّ،و الشّافعيّ،و إسحاق (1).

و قال أبو حنيفة:يجلس كيف شاء (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس أنّه صلّى متربّعا،فلمّا ركع ثنّى رجليه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حمران بن أعين،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«كان أبي عليه السّلام إذا صلّى جالسا تربّع فإذا ركع ثنّى رجليه» (4).و لأنّ القيام يخالف القعود،فينبغي أن يخالف هيئته في بدله هيئة غيره،كمخالفة القيام غيره.

احتجّ بأنّ القيام سقط عنه فسقطت عنه هيئته (5).

و الجواب:السّقوط هناك للمشقّة و الهيئة لا مشقّة فيها،و ليس هذا على الوجوب بالإجماع،لعدم الدّليل على وجوبه.

و روى معاوية بن ميسرة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل،أ يصلّي الرجل و هو جالس متربّعا و مبسوط الرّجلين؟فقال:«لا بأس بذلك» (6).

و روى ابن بابويه في كتابه،عن الصّادق عليه السّلام قال في الصّلاة في المحمل:«صلّ متربّعا و ممدود الرّجلين و كيف ما أمكنك» (7).

العاشر:لو كان قيامه كهيئة الرّكوع فإن كان لحدب أو كبر وجب أن يقوم

(8)

ص:15


1- 1المغني 1:812.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:106،المغني 1:812.
3- 3) المغني 1:812.
4- 4) التّهذيب 2:171 الحديث 679،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام الحديث 4. [1]
5- 5) المغنيّ 1:812.
6- 6) الفقيه 1:238 الحديث 1050،التّهذيب 2:170 الحديث 678،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام الحديث 3. [2]
7- 7) الفقيه 1:238 الحديث 1051.
8- 8) ن و ح:لحدث.

بلا خلاف،لأنّه قيام مثله،و إن كان لغير (1)ذلك كقصر السّقف،و من كان في سفينة مظلّلة (2)لا يتمكّن من استيفاء القيام فيها،أو كان خائفا،وجب عليه القيام بما يتمكّن منه كالأحدب،خلافا لبعضهم (3).

الحادي عشر:لو تمكّن المريض من القيام منفردا ،و عجز عنه مأموما لزمه القيام و يصلّي منفردا

(4)

لأنّه لا يترك الفرض للنفل،خلافا لأحمد (5).

و احتجّ بأنّه لو كان إمام الحيّ عاجزا،أبحنا له ترك القيام و إن كان قادرا،للمتابعة، مراعاة للجماعة،فهاهنا أولى.و هو ضعيف لما يأتي في فساد الأصل،و اختاره الشّافعيّ (6)، و احتجّ بأنّ الأجر يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام،فإنّ صلاة القاعد بنصف صلاة القائم (7).و صلاة الجماعة تفضل المنفرد بخمس و عشرين (8).

و الجواب:إنّما تفضل صلاة الجماعة مع استيفاء أركانها،أمّا مع اختلالها فلا.

الثّاني عشر:لو كان المرض في عينه فقال أهل الطّبّ:إن صلّى بالاستلقاء أمكن

المداواة،جاز ذلك

و به قال الثّوريّ (9)،و أبو حنيفة (10)،خلافا لمالك (11)،

ص:16


1- 1ح و ق:بغير.
2- 2) غ:تظلّله،م و ن:مظلمة.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:2،الهداية للمرغينانيّ 1:78،المجموع 3:242،المغني 1:814.
4- 4) غ:متفرّدا.
5- 5) المغني 1:815،الإنصاف 2:309،الكافي لابن قدامة 1:269،منار السّبيل 1:133.
6- 6) هذا ما نسب إليه في المغني 1:815،و مختاره في غيره خلافه،يلاحظ:الامّ 1:171،الامّ(مختصر المزنيّ)8:22،مغني المحتاج 1:240،حلية العلماء 2:203،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:71.
7- 7) مسند أحمد 2:162،192،193،201،203،سنن النسائيّ 3:223،سنن البيهقيّ 2:491.
8- 8) مسند أحمد 3:55،سنن البيهقيّ 3:60.و بتفاوت يسير ينظر:صحيح البخاريّ 1:166، صحيح مسلم 1:449 الحديث 649.
9- 9) المغني 1:816.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:215،المغني 1:816،المجموع 4:314.
11- 11) المدوّنة الكبرى 1:78،المبسوط للسرخسيّ 1:215،المغني 1:816،المجموع 4:314.

و الأوزاعيّ (1).

لنا:أنّه يلحقه بتركه ضرر (2)و حرج،فيكون منفيّا.

احتجّ المخالف بما روي،عن ابن عبّاس أنّه لمّا كفّ بصره أتاه رجل فقال:إن صبرت على سبعة أيّام لا تصلّي إلاّ مستلقيا داويت عينك و رجوت أن تبرأ.فأرسل في ذلك إلى عائشة و أبي هريرة و غيرهما من الصّحابة فقالوا:إن (3)متّ في هذه الأيّام ما الّذي تصنع بالصّلاة؟فترك المعالجة (4).

و الجواب:يحتمل أن لا يكون المخبر (5)قد استند إلى اليقين (6)،أو أنّهم لم يقبلوا خبره.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يفرق بين قدميه قائما من ثلاث أصابع إلى شبر

لأنّه أمكن في الصّلاة.و لما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه و قرّب بين قدميه حتّى كان بينهما قدر ثلاث أصابع منفرجات (7)و استقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرّفهما (8)عن القبلة (9).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا قمت في الصّلاة

ص:17


1- 1المغني 1:816،المجموع 4:314.
2- 2) غ بزيادة:عظيم.
3- 3) ح:إذا.
4- 4) المغني 1:816.
5- 5) ح و ق:الخبر.
6- 6) ح و ق:التعيّن.
7- 7) م،غ و ن:متفرّجات.
8- 8) غ و م:يحرّفها.
9- 9) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 1. [1]

فلا تلصق قدمك (1)بالأخرى،دع (2)بينهما فصلا إصبعا أقلّ ذلك إلى شبر» (3).

و يستحبّ أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة ليحصل كمال التّوجّه إليها بقدر الإمكان و لرواية حمّاد.

البحث الثّاني:في النّيّة
اشارة

و هي واجبة في الصلاة بلا خلاف بين علماء الإسلام،و ركن فيها في قول العلماء كافّة.

قال اللّه تعالى (وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (4).و الإخلاص لا يتحقّق إلاّ بالنيّة.

و قال عليه السّلام:«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لامرئ ما نوى» (5).

و قال الرّضا عليه السّلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (6). (7)و لأنّ الأفعال تقع (8)على وجوه مختلفة بعضها غير مراد اللّه تعالى،فلا يختصّ المراد إلاّ بالنيّة،و هي عرض محلّها القلب و لا اعتبار بالنّطق (9)فيها،و لا يفتقر إليه،لأنّ الأفعال المختلفة يفتقر في وقوعها على وجوهها (10)

ص:18


1- 1ن:قدميك.
2- 2) ح:ودع.
3- 3) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 2. [1]
4- 4) البيّنة(98):5. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،و من طريق الخاصّة ينظر:التّهذيب 1:83 الحديث 218،الوسائل 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2. [3]
6- 6) ح و ق:بالنيّة.
7- 7) التّهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 4. [4]
8- 8) غ:يتبع.
9- 9) غ:باللفظ.
10- 10) ح و ق:وجوبها.

إلى الإرادة،و هي من أفعال القلوب (1)،و لا أثر للنّطق (2)في اختصاص الأفعال بوجه دون آخر،فيسقط (3)اعتباره عملا بالأصل.

و قال بعض الشّافعيّة:يستحبّ أن يضاف إلى الاعتقاد (4)القلبيّ النّطق اللّسانيّ (5)،و آخرون منهم قالوا بالوجوب (6).و ليس شيئا.

مسألة:و هل هي شرط في الصلاة أو جزء منها؟الأقرب الأوّل

لأنّ الشّرط هو ما يقف عليه تأثير المؤثّر،أو ما يقف عليه صحّة الفعل،و هذا متحقّق فيها،و لأنّ النيّة مقارنة لأوّل جزء من الصّلاة أعني التّكبير،أو سابقة عليه،فلا يكون جزءا.

مسألة:و لا بدّ في الصلاة المكتوبة من نيّة التعيين و الفعل

بلا خلاف،لأنّ مجرّد ذكر الفعل و هو الصّلاة مثلا لا يتخصّص بمعيّنة دون أُخرى إلاّ بالنيّة،فيجب اعتبارها.

و لا بدّ من نيّة القربة بلا خلاف،لأنّ الإخلاص هو التّقرّب.

و يشترط أيضا نيّة الوجوب أو النّدب.ذهب إليه الشّيخ رحمه اللّه (7)و هو جيّد،خلافا لبعض الشّافعيّة (8)،و لبعض الحنابلة (9).

لنا:القصد (10)من النيّة تخصيص بعض الأفعال الّتي يمكن

ص:19


1- 1ح و ق:القلب.
2- 2) ح،ق و ن:للمنطق.
3- 3) غ:فسقط.
4- 4) ح و ق:الاعتبار.
5- 5) مغني المحتاج 1:150،السّراج الوهّاج:41.
6- 6) المجموع 3:277.
7- 7) المبسوط 1:101،الخلاف 1:103 مسألة-57.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:70،مغني المحتاج 1:149،السراج الوهّاج:49.
9- 9) المغني 1:544،الكافي لابن قدامة 1:161،الإنصاف 2:19،منار السّبيل 1:79.
10- 10) ن:المقصد.

وقوعها (1)على (2)الوجوه المختلفة،و نيّة التّعيين (3)غير كافية،إذ الظّهر مثلا يقع على النّافلة كظهر الصّبيّ و المعيد لها جماعة.

احتجّ المخالف بأنّ التّعيين (4)يغني عنها،إذ الظّهر لا يكون إلاّ فرضا (5).

و الجواب:قد بيّنّا وقوع الظّهر على أشياء مختلفة،و كلّ (6)ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر (7)اختصاصه بأحد الوجوه إلى النيّة.

مسألة:و لا بدّ من أن ينوي الأداء أو القضاء

لاشتراك المعيّنة بينهما،فلا بدّ من التّخصيص،خلافا لبعض النّاس (8).

احتجّوا بأنّ نيّة الفرض تنصرف إلى الحاضرة (9).و ليس بشيء؛لأنّ الحضور لا يكفي عن النّيّة كما لم يكف عن نيّة الوجوب.

فروع:
الأوّل:لو نوى الأداء فبان أنّ وقت الصّلاة كان قد خرج،فعلى ما اخترناه يلزمه الإعادة

،لأنّ الواجب عليه القضاء و لم ينوه فلا يقع فعله قضاء.

الثّاني:لو نوى القضاء لظنّه خروج الوقت،ثمَّ بان الكذب

فعلى ما اخترناه يلزمه

ص:20


1- 1ح و ق:وقوعه.
2- 2) ح و ق:بأعلى.
3- 3) ح و ق:التعيّن.
4- 4) ح و ق:التعيّن.
5- 5) المغني 1:544.
6- 6) م:فكلّ.
7- 7) ح و ق:فيعيّن.
8- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:70،المغني 1:544،الكافي لابن قدامة 1:161،المجموع 3:279،منار السّبيل 1: 79.
9- 9) المغني 1:544.

الإعادة أيضا لما قلناه.

الثّالث:تسقط نيّة التّعيين في صورة واحدة

(1)

عند بعض أصحابنا (2)،و هو ما إذا نسي تعيّن (3)الفائتة.

الرّابع:لو كان عليه ظهر و عصر فنوى بالصّلاة أداءهما لم يجزئ عن واحدة منهما

لأنّهما لا يتداخلان و لم ينو واحدة بعينها.

مسألة:و لا يشترط نيّة القصر و التمام

أمّا في مواضع لزوم أحدهما فلا يفتقر إلى نيّته (4)،لأنّ الفرض متعيّن له،و أمّا في مواضع التّخيير كالمسافر في أحد المواطن الأربعة، فلا يتعيّن أحدهما بالنيّة،بل جائز له أن يقتصر على الرّكعتين،و جائز أن يتمّ،فلا يحتاج أحدهما إلى التّعيين (5).

و النّافلة المعيّنة كالاستسقاء تفتقر إلى التّعيين،و الرّاتبة كنوافل الظّهر و غيرها لا تفتقر إلى التّعيين،و لا بدّ من نيّة التّقرّب و النّدب (6)في الجميع.

مسألة:و يشترط في النيّة مقارنتها لتكبير الافتتاح

ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (7)،و ابن المنذر (8).و قال أبو حنيفة:يجوز أن تتقدّم على التكبير بالزمان اليسير (9).

ص:21


1- 1ح و ق:التعيّن.
2- 2) يظهر ذلك من المعتبر 2:412. [1]
3- 3) م،ن و غ:تعيين.
4- 4) ح،ق،م و غ:نيّة.
5- 5) م:التعيّن.
6- 6) غ و ن:في الندب.
7- 7) الامّ 1:99،المهذّب للشّيرازيّ 1:70،المجموع 3:277،المغني 1:546،بدائع الصّنائع 1:129.
8- 8) المغني 1:546.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:10،بدائع الصّنائع 1:129،المغني 1:546. [2]

لنا:قوله تعالى (وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (1).و الحال لبيان (2)هيئة الفاعل وقت الفعل،و قلنا:الإخلاص هو النّية،و لأنّ النيّة شرط فلا يجوز خلوّ العبادة عنها كغيرها من الشّرائط.

احتجّ بأنّها عبادة فجاز أن يتقدّم نيّتها عليها كالصّوم (3).

و الجواب:العمل بالآية أولى.

و يجب استدامة حكمها لتقع الأفعال منويّة،و لا يشترط استدامتها حقيقة،لما في ذلك من المشقّة و الحرج،فإنّ الإنسان قد يعرض ما يشغله عن استحضارها،فلو أوجبنا الاستدامة حقيقة لما انفكّ الإنسان من الصّلاة و ذلك ضرر عظيم،و نعني باستدامة حكمها أن لا ينوي قطع الصّلاة،و لو ذهل عنها أو زالت عن خاطره في أثناء الصّلاة لم يؤثّر ذلك في صحّتها.

فروع:
الأوّل:لو دخل في الصّلاة بنيّة متردّدة بين إتمامها و قطعها لم تصحّ صلاته

(4)

(5)لعدم النيّة،إذا لا جزم مع التّردّد.

الثّاني:لو دخل في الصّلاة بنيّة صحيحة،ثمَّ نوى قطعها و الخروج منها

أو أنّه سيخرج منها أو تردّد (6).

هل يخرج أم لا؟قال الشيخ في الخلاف:لا تبطل صلاته (7).و به قال

ص:22


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) أثبتناها من نسخة ح.
3- 3) المغني 1:547.
4- 4) ح:لا تصحّ.
5- 5) غ:الصّلاة.
6- 6) ح و ق:يتردّد.
7- 7) الخلاف 1:103 مسألة-55.

أبو حنيفة (1).لأنّها عبادة صحّ دخوله فيها فلم تفسد بنيّة الخروج منها كالحجّ.و قال الشّافعيّ تبطل (2).[ثمَّ] (3)قال الشيخ:و يقوى في نفسي أنّها تبطل،لأنّه عمل بغير نيّة، و لأنّه حكم النيّة قبل إتمام صلاته ففسدت كما لو سلّم للخروج،و كذا مع التّردّد؛لأنّ استدامة النيّة شرط و مع التّردّد لا استدامة (4).و الأخير عندي أقرب.

الثّالث:لو عزم على فعل ما ينافي الصّلاة من حدث أو كلام أو ما أشبههما،ثمَّ لم يفعل لم تبطل صلاته

(5)

لأنّه بمجرّد النيّة لا يكون فاعلا و لا يكون رافعا لنيّته (6)الاولى.

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:لو نوى بالقيام أو بالقراءة أو الرّكوع أو السّجود غير الصّلاة بطلت صلاته

لأنّه لا عمل إلاّ بنيّة يطابقها (7).

الخامس:لو نوى ببعض أفعال الصّلاة الرّياء بطلت صلاته

لأنّه فعل منهيّ عنه و النّهي يقتضي الفساد.

السّادس:يجوز نقل النيّة في مواضع

كمن صلّى و ذكر أنّ عليه فائتة،فإنّه يعدل نيّته إلى الفائتة،و كذا لو نقل الفرض إلى النفل في صورة الجماعة إذا طلب فضيلتها (8)أو سبق إلى غير صورة الجمعة،لورود النّص في مثل هذه و لا يجوز التّعديّ؛لأنّه خارج عن الأصل،فيقتصر فيه على مورد النّقل.

السّابع:لو شكّ هل نوى أو لا في الحال استأنف

لأنّ الأصل العدم،فإن انتقل

ص:23


1- 1المغني 1:545،المجموع 3:286.
2- 2) الاُمّ 1:100،المجموع 3:282،المغني 1:545.
3- 3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4- 4) الخلاف 1:103 مسألة-55.
5- 5) م و ن:حرف.
6- 6) غ،ح و ق:لنيّة.
7- 7) المبسوط 1:102. [1]
8- 8) ح و ق:فضلها.

أو ذكر النيّة (1)استمرّ،لعدم المبطل و غلبة الظنّ بأنّ الانتقال بعد الإكمال.و لو عمل عملا مع الشّكّ الموجب للاستئناف لم يصحّ؛لأنّه عري عن النيّة و حكمها،فإنّ استصحاب حكمها مع الشّكّ لا يوجد.

و لو شكّ هل نوى فرضا أو نفلا و هو في الحال استأنف أيضا.

و في رواية عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلّى ركعة و هو ينوي (2)أنّها نافلة؟فقال:«هي الّتي قمت فيها و لها»و قال:«إذا قمت و أنت تنوي الفريضة فدخلك الشّكّ بعد فأنت في الفريضة على الّذي قمت له،و إن كنت دخلت فيها و أنت تنوي نافلة،ثمَّ إنّك تنويها بعد فريضة فأنت في النّافلة،و إنّما يحسب للعبد من صلاته الّتي ابتدأ في أوّل صلاته» (3).و المراد بهذه الرّواية الاستمرار بعد الانتقال.

و لو شكّ هل أحرم بظهر أو عصر في الحال استأنف أيضا؛لأنّ التّعيين (4)شرط و قد زال بالشّكّ.

الثّامن:لو تأخّرت النيّة عن التكبير لم يصحّ

لأنّه يقتضي وقوع بعض الأفعال غير منويّ.و قال بعض الحنفيّة:إن كان بحال لو سئل عن صلاته أيّ صلاة يصلّي فأجاب بغير تكلّف جاز (5).و ليس شيئا.

و قال آخرون منهم:لو توضّأ بنيّة الصّلاة و لم يشتغل فيما بين ذلك بشيء من أعمال الدّنيا كفته تلك النّيّة و جازت صلاته (6)،و قد بيّنّا فساده.

ص:24


1- 1ن،ح و ق:للنيّة.
2- 2) غ،م و ن:يرى.
3- 3) التّهذيب 2:382 الحديث 1594،الوسائل 4:712 الباب 2 من أبواب النيّة الحديث 3. [1]
4- 4) غ:اليقين.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:10،بدائع الصّنائع 1:129.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:129.
التّاسع:لا بدّ من نيّة الائتمام للمأموم و لا يفتقر الإمام إلى ذلك

و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

البحث الثالث:في تكبيرة الإحرام
اشارة

و إنّما أخّرناه عن النّيّة،لتقدّمها عليه إمّا حكما أو وجودا،و أخّرناهما عن القيام؛ لأنّه شرط في صحّتهما.و قد أجمع المسلمون على أنّ التكبير واجب في الصّلاة،و هو ركن عندهم عدا الزّهريّ،و الأوزاعيّ،فإنّهما قالا:لو (1)أخلّ به المصلّي عامدا بطلت صلاته، و لو أخلّ به ناسيا (2)أجزأته تكبيرة الرّكوع (3).و به قال سعيد بن المسيّب (4)،و الحسن، و قتادة،و الحكم (5).

لنا:قوله عليه السّلام:«تحريمها التّكبير» (6)دلّ على أنّ الدّخول في الصّلاة متوقّف عليه،و هو شامل للعمد و السّهو.

و ما رواه رفاعة (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يقبل اللّه صلاة امرئ

ص:25


1- 1ن:إذ.
2- 2) غ:ساهيا.
3- 3) المغني 1:541،المجموع 3:291.
4- 4) المغني 1:541،المجموع 3:291.
5- 5) المغني 1:541،المجموع 3:291.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3، [1]سنن الدّارميّ 1:175،مسند أحمد 1:123.
7- 7) رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان،أبو معاذ الزرقيّ،شهد بدرا و سائر المشاهد،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عبادة بن الصّامت،و عنه ابناه:عبيد و معاذ،و ابن أخيه يحيى بن خلاّد بن رافع و ابنه عليّ بن يحيى.و قال ابن عبد البرّ:شهد رفاعة مع عليّ عليه السّلام الجمل و صفّين.مات سنة 42 ه. أُسد الغابة 2:178، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:501، [3]تهذيب التّهذيب 3:281. [4]

حتّى يضع الطّهور مواضعه ثمَّ يستقبل القبلة و يقول:اللّه أكبر» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل ينسى (2)تكبيرة الافتتاح؟قال:«يعيد» (3).

و في الصحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام في الّذي يذكر أنّه لم يكبّر في أوّل صلاته،فقال:«إذا استيقن أنّه لم يكبّر فليعد و لكن كيف يستيقن؟!» (4).و عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل ينسى (5)أن يفتتح الصّلاة حتّى يركع؟ قال:«يعيد الصّلاة» (6).

و عن ذريح المحاربيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ينسى (7)أن يكبّر حتّى قرأ؟قال:«يكبّر» (8).

و إعادة التّكبير يستلزم إعادة النّية؛لما بيّنّا من وجوب المقارنة (9).لا يقال:قد روى الشّيخ في الصحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام

ص:26


1- 1سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم.1:241،بتفاوت،المغني 1:540.
2- 2) ق:نسي.
3- 3) التّهذيب 2:143 الحديث 557،الاستبصار 1:351 الحديث 1326،الوسائل 4:715 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 2:143 الحديث 558،الاستبصار 1:351 الحديث 1327،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [2]
5- 5) ن:نسي.
6- 6) التّهذيب 2:143 الحديث 560،الاستبصار 1:351 الحديث 1329،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [3]
7- 7) غ،م،و ن:نسي.
8- 8) التّهذيب 2:143 الحديث 559،الاستبصار 1:351 الحديث 1328،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [4]
9- 9) يراجع:ص 21.

قال:قلت له:رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتّى كبّر للركوع،فقال:«أجزأه» (1).

و في الصحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتّى دخل في الصّلاة؟فقال:«أ ليس كان من نيّته أن يكبّر؟» قلت:نعم،قال:«فليمض في صلاته» (2).

لأنّا نقول:إنّهما محمولان على من نسي و لم يتيقّن (3)التّرك بل شكّ فيه،عملا بالجمع بين الأحاديث.

و يؤيّده:ما رواه الفضل بن عبد الملك و ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الرّجل يصلّي و لم يفتتح بالتّكبير هل تجزئه تكبيرة الرّكوع؟قال:«لا،بل يعيد صلاته إذا حفظ أنّه لم يكبّر» (4).و كذا قوله عليه السّلام:«و لكن كيف يستيقن؟!» (5).

و كذا ما ورد في هذا الباب.

مسألة:و تكبيرة الإحرام جزء من الصّلاة لا يكون المصلّي داخلا في الصّلاة

إلاّ بإكمالها

قاله الشّيخ في الخلاف (6)،خلافا لأصحاب أبي حنيفة (7).

لنا:قوله عليه السّلام في الصّلاة:«إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (8).

ص:27


1- 1التّهذيب 2:144 الحديث 566،الاستبصار 1:353 الحديث 1334،الوسائل 4:718 الباب 3 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:144 الحديث 565،الاستبصار 1:352 الحديث 1330،الوسائل 4:717 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 9. [2]
3- 3) غ:يتعيّن.
4- 4) الكافي 3:347 الحديث 2، [3]التهذيب 2:143 الحديث 562،الاستبصار 1:352 الحديث 1333،الوسائل 4: 718 الباب 3 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 2:143 الحديث 558،الاستبصار 1:351 الحديث 1327،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [5]
6- 6) الخلاف 1:107 مسألة-67.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:195،عمدة القارئ 5:268،المغني 1:544،المجموع 3:290.
8- 8) صحيح مسلم 1:381 الحديث 535،سنن النّسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام:«تحريمها التّكبير» (2).أضاف التكبير إلى الصّلاة، و الشّيء لا يضاف إلى نفسه.و هو خطأ،لأنّ الإضافة تقتضي المغايرة،و لا ريب في مغايرة الشّيء لجزئه،فما ذكروه لا يدلّ على مطلوبهم.

مسألة:و الصيغة الّتي تنعقد بها الصّلاة:اللّه أكبر

و عليه علماؤنا،و هو قول أحمد (3).و للجمهور خلاف في مواضع.

الأوّل:قال أبو حنيفة:تنعقد الصّلاة بكلّ اسم للّه تعالى على وجه التّعظيم،كقوله:

اللّه (4)عظيم،أو جليل،أو سبحان اللّه و نحوه (5).و الباقي ذهبوا إلى تعيين التّكبير كما اخترناه.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«تحريمها التّكبير» (6).

و في حديث رفاعة،عنه صلّى اللّه عليه و آله:«ثمَّ يستقبل القبلة و يقول:اللّه أكبر» (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (8).

احتجّ بأنّه ذكر اللّه تعالى على وجه التّعظيم،فأشبه قوله:اللّه أكبر،و بالقياس على الخطبة حيث لم يتعيّن لفظها (9).

ص:28


1- 1المغني 1:544.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّارميّ 1:175.
3- 3) المغني 1:540،الكافي لابن قدامة 1:163،الإنصاف 2:41،منار السّبيل 1:82.
4- 4) ح و ق بزيادة:أعظم أو.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:35،عمدة القارئ 5:268،الهداية للمرغينانيّ 1:47،بداية المجتهد 1:123، المغني 1:540.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3،سنن الدّارميّ 1:175،مسند أحمد 1:123.
7- 7) سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم 1:241 بتفاوت في الألفاظ،المغني 1:540.
8- 8) تقدّم في ص 25.
9- 9) المغني 1:540.

و الجواب عن الأوّل:أنّه قياس في معارضة النّصّ (1)فلا يكون مقبولا،و ينتقض بقوله:اللّهمّ اغفر لي.و الفرق بينه و بين الخطبة ظاهر،إذ لم يرد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيها لفظ معيّن،و المقصود الاتّعاظ (2).

الثّاني:الّذي نذهب إليه،الإتيان بلفظ اللّه أكبر،لأنّه لا تنعقد الصّلاة بمعناها و لا بغير العربيّة مع القدرة.و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو يوسف،و محمد (4).و قال أبو حنيفة:

يجزئه (5).

لنا:ما تقدّم و ما ثبت بالتّواتر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يداوم على هذه الصّيغة،و كان ذلك بيانا للواجب فيكون واجبا،و لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (6).

احتجّ أبو حنيفة (7)بقوله تعالى (وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) (8).و هذا قد ذكر.

و الجواب:أنّه إخبار عن ذكر اللّه تعالى و هو غير مبيّن،و فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مبيّن له فيقتصر عليه.

ص:29


1- 1ن:للنّصّ.
2- 2) غ:الإيقاظ.
3- 3) الاُمّ 1:100،المغني 1:542،المبسوط للسّرخسيّ 1:37،المجموع 3:301.
4- 4) المغني 1:542،المبسوط للسّرخسيّ 1:36،المجموع 3:301.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:37،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [1]المغني 1:542،مغني المحتاج 1:152.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [2]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
7- 7) المغني 1:542،المجموع 3:301. [3]
8- 8) الأعلى(87):15. [4]
فرع:

لو لم (1)يحسن العربيّة وجب عليه التّعلّم،فإن خشي الفوات كبّر بلغته.و به قال الشّيخ في المبسوط (2)،و هو اختيار الشّافعيّ (3).

و قال قوم من الجمهور:يكون كالأخرس (4).

لنا:أنّ التّكبير ذكر،فإذا تعذّر اللّفظ أتى بعناه تحصيلا لفائدة المعنى.

الثّالث:لو أتى بلفظ أكبر معرّفا فقال:اللّه الأكبر لم يصحّ.و به قال الشّيخ في المبسوط (5)،و أكثر أهل العلم قالوا به (6).و قال الشّافعيّ:تنعقد بها (7).و اختاره ابن الجنيد منّا (8).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث رفاعة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«و يقول اللّه أكبر» (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد وصف له الصّلاة:«و قال بخشوع:اللّه أكبر» (10).و بيان الواجب واجب، و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يداوم على هذه الصيغة،و لو لم تكن متعيّنة (11)لعدل

ص:30


1- 1م:لو عجز من لم.
2- 2) المبسوط 1:103.
3- 3) الاُمّ 1:100،المجموع 3:293،مغني المحتاج 1:152،المغني 1:543.
4- 4) المغني 1:543،الكافي لابن قدامة 1:163.
5- 5) المبسوط 1:102.
6- 6) المغني 1:540،المجموع 3:292.
7- 7) المغني 1:540،المجموع 3:292،مغني المحتاج 1:151،السراج الوهّاج:41.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:152. [1]
9- 9) سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم 1:241،المغني 1:540.
10- 10) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
11- 11) م:معيّنة.

عنها في بعض الأوقات.

قال الشّافعيّ:إنّه لم يغيّر البنية (1)و لا المعنى (2)،و هو ضعيف،لأنّه قبل التّعريف كان متضمّنا لإضمار أو تقدير فزال،فإنّ قوله:اللّه أكبر معناه من كلّ شيء.

الرّابع:التّرتيب شرط فيها فلو عكس فقال:الأكبر اللّه أو أكبر اللّه لم تنعقد صلاته.و هو قول أحمد (3)،خلافا لبعض الشّافعيّة (4)،و لأبي حنيفة (5).

لنا:ما تقدّم،و لأنّه لا يسمّى حينئذ تكبيرا.

الخامس:قال في المبسوط:يجب أن يأتي ب«أكبر»،على وزن أفعل،فلو مدّ (6)خرج عن المقصود (7)،لأنّه حينئذ يصير جمع«كبر»و هو الطّبل (8).و هو جيّد مع القصد،أمّا مع عدمه فإنّه بمنزلة مدّ الألف.و لأنّه قد ورد الإشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى الحروف في لغة العرب و لم يخرج بذلك عن الوضع.و كذا لا ينبغي له أن يمدّ الهمزة الاُولى من لفظ (9)اللّه،لأنّه يصير (10)مستفهما،فإن قصده بطلت (11).

مسألة:الأخرس ينطق بالممكن

فإن تعذّر النّطق أصلا قال الشّيخ:

يكبّر بالإشارة بإصبعه و يومئ (12).و قال بعض الجمهور:يسقط فرضه

ص:31


1- 1م و ح:النيّة.
2- 2) الاُمّ 1:100،المغني 1:540.
3- 3) المغني 1:542.
4- 4) المجموع 3:292،حلية العلماء 2:90.
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) أي مدّ حركة الباء فيقول:أكبار.
7- 7) ح،م و ق:المقصد.
8- 8) المبسوط 1:102. [1]
9- 9) غ:لفظة.
10- 10) غ و ق:ينفي،م و ن:يبقي.
11- 11) م،غ و ن:بطل.
12- 12) المبسوط 1:103.

عنه (1).

لنا:أنّ الصحيح يجب عليه النّطق بتحريك لسانه،و العجز عن أحدهما لا يسقط الآخر.قالوا:الإشارة و حركة اللّسان يتبع اللّفظ،فإذا سقط فرضه سقطت توابعه.و هو باطل،لأنّ إسقاط أحد الواجبين لا يستلزم إسقاط الآخر،و عندي فيه نظر.

مسألة:و يجب على المصلّي أن يسمع نفسه بالتّكبير إن كان صحيح السّمع و إلاّ أتى بما لو كان صحيحا سمعه

لأنّه ذكر،محلّه اللّسان،و لا يحصل إلاّ بالصّوت،و الصّوت ما يمكن سماعه،و أقرب السّامعين نفسه،فمتى لم يسمعه لم يعلم إتيانه (2)بالقول،و الرّجل و المرأة في ذلك سواء.

مسألة:و يجب أن يكبّر قائما

لأنّه جزء من الصّلاة المشترطة (3)به مع القدرة،فلو اشتغل بالتّكبير و هو آخذ في القيام لم يتمّه أو انحنى إلى الرّكوع مثلا،بأن كان مأموما قبل إكماله بطلت صلاته.و قال الشّافعيّ:إن انحنى قبل إكماله و كانت فرضا بطلت و انعقدت نافلة (4).و هو باطل،لأنّها إذا بطلت لم تنعقد نافلة،لأنّه لم ينو النّافلة.

مسألة:و لو أخلّ بحرف منها لم تنعقد صلاته

لأنّ الإخلال بالجزء يستلزم الإخلال بالجميع.

و كذا لو قال:اللّه أكبر بالتّقطيع،لأنّ التّعظيم إنّما يحصل بالإخبار و مع التّقطيع يكون بمنزلة الأصوات الّتي ينعق (5)بها و لا يكون تركيبها دالاّ على شيء،و فيه إخلال بالجزء الصّوريّ.

مسألة:و روى علماؤنا استحباب التّوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام

ص:32


1- 1المغني 1:543،الكافي لابن قدامة 1:164.
2- 2) غ:إثباته.
3- 3) ح و ق:المشترط.
4- 4) المجموع 3:296.
5- 5) هامش ح:ينطق.

و هي واجبة.

روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن زيد الشحّام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الافتتاح؟فقال:«تكبيرة تجزئك»قلت:فالسّبع (1)؟قال«ذلك الفضل» (2).

و في الصحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«التّكبيرة الواحدة في افتتاح الصّلاة تجزئ،و الثّلاث أفضل،و السّبع أفضل كلّه» (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة فارفع كفّيك،ثمَّ ابسطهما بسطا،ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات ثمَّ قل:اللّهمّ أنت الملك الحقّ (4)لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت،ثمَّ كبّر (5)تكبيرتين،ثمَّ قل:لبّيك و سعديك،و الخير في يديك،و الشرّ ليس إليك،و المهديّ من هديت،لا ملجأ (6)منك إلاّ إليك سبحانك و حنانيك،تباركت و تعاليت،سبحانك ربّ البيت،ثمَّ تكبّر تكبيرتين،ثمَّ تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ،عالم الغيب و الشّهادة،حنيفا مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين،ثمَّ تعوّذ من الشّيطان،ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب» (7).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة فكبّر إن شئت واحدة،و إن شئت ثلاثا،و إن شئت خمسا،و ان شئت سبعا كلّ ذلك مجزي عنك

ص:33


1- 1ق:بسبع.
2- 2) التّهذيب 2:66 الحديث 241،الوسائل 4:713 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التّهذيب 2:66 الحديث 242،الوسائل 4:714 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) ح بزيادة:المبين،ق بزيادة:الّذي.
5- 5) غ:تكبّر.
6- 6) ح:منجى.
7- 7) التّهذيب 2:67 الحديث 244،الوسائل 4:723 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [3]

غير أنّك إذا كنت إماما لم تجهر إلاّ بتكبيرة واحدة» (1).

قال أصحابنا:و المصلّي بالخيار أيّها شاء جعلها تكبيرة الإحرام،فإن نوى بها أوّل التّكبيرات وقعت البواقي في الصّلاة،و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى و أيّها شاء (2).

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين علمائنا في استحباب التّوجّه بسبع تكبيرات بالأدعية

المأثورة

واحدة منها تكبيرة الإحرام في أوّل كلّ فريضة.و قال بعض الجمهور:ليس قبل تكبيرة الإحرام دعاء مسنون (3). (4)

لنا:ما تقدّم من الأحاديث.

احتجّ المخالف بقوله تعالى «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (5).و ليس فيه حجّة،لأنّ الرّغبة إليه بالدّعاء أتمّ من التّكبير و القراءة.

الثّاني:قال الشّيخ في النهاية و المبسوط ،و المفيد في المقنعة:يستحبّ التّوجّه بسبع تكبيرات بينهنّ ثلاثة أدعية في سبعة مواضع

(6)

في أوّل كلّ فريضة،و أوّل صلاة اللّيل و الوتر،و أوّل نافلة الزّوال،و أوّل نافلة المغرب،و أوّل ركعتي الإحرام،و في الوتيرة (7).

و قال في الخلاف:يستحبّ في مواضع مخصوصة من النّوافل (8).و قال في التّهذيب:ذكر

ص:34


1- 1التّهذيب 2:66 الحديث 239.و فيه:فكلّ ذلك،مكان:كلّ ذلك.الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3.و [1]فيه:و كلّ ذلك.(واحدة)ليست في المصادر.
2- 2) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:104،و [2]المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:79. [3]
3- 3) ح و ق:منقول.
4- 4) المغني 1:550،المجموع 3:321، [4]بداية المجتهد 1:123.
5- 5) الانشراح(94):7،8. [5]
6- 6) النّهاية:73، [6]المبسوط 1:104. [7]
7- 7) المقنعة:17. [8]
8- 8) الخلاف 1:107 مسألة-65.

ذلك عليّ بن الحسين بن بابويه في رسالته و لم أجد به (1)خبرا مسندا (2).

و لو قيل باستحباب ذلك في كلّ صلاة كان حسنا،عملا بالإطلاق،و لما فيه من الذّكر.

الثالث:روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:رأيت أبا جعفر عليه السّلام أو قال:سمعته استفتح الصّلاة بسبع تكبيرات ولاء .

(3)

و في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أخفّ ما يكون من التّكبير في الصّلاة؟قال:«ثلاث تكبيرات فإذا كنت إماما فإنّه يجزئك أن تكبّر واحدة تجهر فيها و تسرّ ستّا» (4).

الرّابع:التّوجّه بالأدعية مستحبّ

لما تقدّم (5).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يجزئك في الصّلاة من الكلام في التّوجّه إلى اللّه تبارك و تعالى أن تقول وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ،لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين، و يجزيك تكبيرة واحدة» (6).و هذا الدّعاء يكون بعد تكبيرة الافتتاح،ثمَّ يتعوّذ باللّه من الشّيطان الرّجيم،ثمَّ يقرأ الحمد.

قال الشّيخ في النّهاية:و إن قال في التّوجّه:وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات و الأرض على ملّة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ حنيفا مسلما إلى آخر الكلام كان

ص:35


1- 1ح:له.
2- 2) التّهذيب 2:94.
3- 3) التّهذيب 2:287 الحديث 1152،الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) التّهذيب 2:287 الحديث 1151،الوسائل 4:730 الباب 12 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [2]
5- 5) تقدّم في ص 34. [3]
6- 6) التّهذيب 2:67 الحديث 245،الوسائل 4:724 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [4]

أفضل (1).و قاله ابن بابويه في كتابه (2).

مسألة:و يستحبّ رفع اليدين بالتّكبير

بلا خلاف بين أهل العلم في فرائض الصّلوات و نوافلها.

روى الجمهور،عن ابن عمر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا افتتح الصّلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،و إذا أراد أن يركع،و بعد ما يرفع رأسه من الرّكوع (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام حين افتتح الصّلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا (4).

و في الصّحيح،عن صفوان بن مهران قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا كبّر في الصّلاة رفع يديه حتّى يكاد يبلغ اذنيه (5).

و في الصّحيح،عن ابن سنان قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح (6).

و اختلف في حدّه،فقال الشّيخ:يحاذي بهما شحمتي اذنيه (7).و هو اختيار أبي حنيفة (8).و قال الشّافعيّ:يرفعهما إلى حدّ المنكبين (9).

ص:36


1- 1النّهاية:70. [1]
2- 2) الفقيه 1:199.
3- 3) صحيح مسلم 1:292 الحديث 390،سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 858،سنن التّرمذيّ 2:35 الحديث 255، [2]سنن أبي داود 1:192 الحديث 722.
4- 4) التّهذيب 2:65 الحديث 234،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:66 الحديث 236،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [5]
7- 7) المبسوط 1:103.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:11،الهداية للمرغينانيّ 1:46،عمدة القارئ 5:272،بداية المجتهد 1:134.
9- 9) الاُمّ 1:104،المجموع 3:305، [6]مغني المحتاج 1:152،السّراج الوهّاج:42،المغني 1:547،بداية المجتهد 1: 134.

لنا:ما رواه الجمهور،عن وائل بن حجر (1)و مالك بن الحويرث،عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يرفع يديه إذا كبّر حتّى يحاذي بهما اذنيه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة و كبّرت فلا تجاوز أُذنيك» (3).

و في رواية عمّار،رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفعهما (4)حيال وجهه (5).

احتجّوا بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رفع يديه إلى المنكبين (6).

و الجواب:ما ذكرناه أولى،لأنّه أحوط،و لو فعل أيّهما شاء كان جائزا.

فروع:
الأوّل:لو نسيه و ذكر قبل انتهاء التّكبير رفع يديه مستحبّا

و لو انتهى لم يرفع، سواء تركه عمدا أو سهوا لفوات محلّه.

الثّاني:يستحبّ مدّ الأصابع و ضمّها و الاستقبال بباطنهما القبلة عند التّكبير.

(7)

و قال السيّد المرتضى (8)و ابن الجنيد:يجمع بين الأربع و يفرّق الإبهام (9).و قال الشّافعي:

يفرّق أصابعه (10).

ص:37


1- 1سنن ابن ماجه 1:281 الحديث 867،سنن أبي داود 1:192 الحديث 724،726 و 728.
2- 2) صحيح مسلم 1:293 الحديث 391،سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 859.
3- 3) التّهذيب 2:65 الحديث 233،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [1]
4- 4) ح:رفعهما.
5- 5) التّهذيب 2:66 الحديث 236،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3.و في الجميع عن ابن سنان.
6- 6) الاُمّ 1:103،المغني 1:547،المجموع 3:306،مغني المحتاج 1:152.
7- 7) ح:بباطنها.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:156. [2]
9- 9) نقله عنه في المعتبر 2:156. [3]
10- 10) المجموع 3:307،المغني 1:548،الشرح الكبير بهامش المغني 1:547.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّ (1)النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا دخل في الصّلاة رفع يديه مدّا (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و لا تشبّك أصابعك،و لتكونا على فخذيك قبالة ركبتيك» (3).

و في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد وصف الصّلاة،فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينشر أصابعه (6).و لا حجّة فيه،لأنّ النّشر يحصل ببسط الكفّ و إن كانت الأصابع مضمومة،كما يقال:نشرت الثّوب و هو لا يقتضي التّفريق.

و في رواية منصور بن حازم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام افتتح الصّلاة فرفع يديه حيال وجهه و استقبل القبلة ببطن كفّيه (7).

الثالث:لو كانت يده تحت ثيابه استحبّ له أن يرفعهما

عملا بعموم الأمر.و روى وائل بن حجر قال:أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصّلاة (8).

الرّابع:الإمام و المأموم و المنفرد و المتنفّل و المفترض و الرّجل و المرأة في استحباب ذلك على السّواء

عملا بالعموم.

ص:38


1- 1في النّسخ:عن،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:5 ذيل الحديث 239 و ص 6 الحديث 240، [1]سنن البيهقيّ 2:27.
3- 3) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:71،المغني 1:548،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:547.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:5 الحديث 239،سنن البيهقيّ 2:27.
7- 7) التّهذيب 2:66 الحديث 240،الوسائل 4:726 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 6. [4]
8- 8) سنن أبي داود 1:194 الحديث 729.
الخامس:يكره أن يتجاوز بهما رأسه

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا افتتحت و كبّرت فلا تجاوز أُذنيك،و لا ترفع يديك فتجاوز بهما رأسك» (1).

و عن عليّ عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ برجل يصلّي و قد رفع يديه فوق رأسه فقال:«ما لي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم كأنّها آذان خيل شمس» (2).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه التّكبير

و لا نعرف فيه خلافا، ليحصل لهم المتابعة،فإنّهم لا يجوز لهم أن يكبّروا قبل تكبيره.

و في رواية الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن كنت إماما أجزأك أن تكبّر واحدة تجهر بها و تسرّ ستّا» (3).

فروع:
الأوّل:لا يشترط العلوّ المفرط في ذلك

بل ما يسمعه المجاورون له.

الثّاني:إذا لم يمكنه إسماعهم لكثرتهم،أسمع من يليه

و يسمع المأموم غيره.

الثالث:لا يستحبّ للإمام أن يجهر بغير تكبيرة الإحرام من السّبع

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و تسرّ ستّا».

و في رواية أبي بصير،عنه عليه السّلام:«فإن كنت إماما لم تجهر إلاّ بتكبيرة الإحرام» (4).و لأنّه ربّما التبس على المأمومين،فدخلوا معه في الصّلاة و إن لم يتلبّس هو بها.

ص:39


1- 1التّهذيب 2:65 الحديث 233،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) المعتبر 2:157، [2]الوسائل 4:729 الباب 10 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 2:287 الحديث 1151،الوسائل 4:730 الباب 12 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:66 الحديث 239،الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [5]في المصادر: بدون كلمة:(الإحرام).
الرّابع:لا يستحبّ للمأموم أن يسمع الإمام ذلك

(1)

لعدم الفائدة و فقد النّص الدالّ عليه.

مسألة:و يستحبّ التعوّذ أمام القراءة بعد التّوجّه

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال الحسن،و ابن سيرين،و عطاء،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (2)،و الشّافعيّ (3)، و إسحاق (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرّأي (6).و قال مالك:لا يستحبّ في الفريضة و يستحبّ في قيام رمضان (7)،و حكي عن محمّد بن سيرين أنّه كان يتعوّذ بعد القراءة (8).

لنا:قوله تعالى (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (9).

و الأصل الإجراء على العموم إلى أن (10)يظهر المخصّص.

و ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا قام إلى الصّلاة استفتح،ثمَّ يقول:«أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم» (11).

ص:40


1- 1ح و ق:لا يجب.
2- 2) المغني 1:554،الشرح الكبير بهامش المغني 1:551،المجموع 3:325.
3- 3) الاُمّ 1:107،المجموع 3:325،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43،حلية العلماء 2:99،المغني 1: 554،الشرح الكبير بهامش المغني 1:551،المحلّى 3:247.
4- 4) المغني 1:554،المجموع 3:325.
5- 5) المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:551،الإنصاف 2:119، [1]زاد المستقنع:12،المجموع 3:325.
6- 6) المبسوط للسّرخسيّ 1:13،بدائع الصّنائع 1:202،الهداية للمرغينانيّ 1:48، [2]المحلّى 3:247،مجمع الأنهر: 95،شرح فتح القدير 1:252-253،المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:551،المجموع 3:325.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:64،المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552،المجموع 3:325،فتح العزيز بهامش المجموع 3:304،المحلّى 3:247،ميزان الكبرى 1:139،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:42، حلية العلماء 2:99.
8- 8) المجموع 3:325، [3]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:42،ميزان الكبرى 1:139،حلية العلماء 2:99.
9- 9) النّحل(16):98. [4]
10- 10) ح:إلاّ إذا.
11- 11) سنن أبي داود 1:206 الحديث 775،سنن التّرمذيّ 2:9 الحديث 242، [5]سنن الدّارميّ 1:282، [6]مسند أحمد 3: 50. [7]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ثمَّ تعوّذ من الشيطان،ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب» (1).و لأنّ وسوسة الشّيطان إنّما تعرض عند اشتغال العبد بالطّاعات،فيستحبّ التعوّذ منه دفعا لمفسدته.

احتجّ مالك (2)بما رواه أنس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يفتتح الصّلاة بالحمد للّه ربّ العالمين (3).

و الجواب:المراد بالصّلاة هاهنا (4)القراءة،كما روى أبو هريرة،أنّ اللّه تعالى قال:

«قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين» (5).و فسّر ذلك بالفاتحة،و كلام ابن سيرين ضعيف.

فروع:
الأوّل:صورة التعوّذ أن يقول:أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم

و هو قول أبي حنيفة (6)،و الشّافعيّ (7)،لأنّه لفظ القرآن المجيد.و لو قال:أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم،قال الشّيخ:كان جائزا (8)،لقوله تعالى (فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (9).

ص:41


1- 1التّهذيب 2:67 الحديث 244،الوسائل 4:723 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552.
3- 3) صحيح مسلم 1:299 الحديث 399،سنن ابن ماجه 1:267 الحديث 813،سنن التّرمذيّ 2:15 الحديث 246.
4- 4) ح و ق:هنا.
5- 5) صحيح مسلم 1:296 الحديث 395،سنن ابن ماجه 2:1243 الحديث 3784،سنن أبي داود 1:216 الحديث 821،سنن التّرمذيّ 5:201 الحديث 2953،سنن النّسائيّ 2:135،موطّإ مالك 1:84 الحديث 39، [2]مسند أحمد 2:241،285،460. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:13،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المغني 1:554.
7- 7) الاُمّ 1:107،المجموع 3:325، [4]مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43،المغني 1:554.
8- 8) المبسوط 1:104. [5]
9- 9) فصّلت(41):36. [6]
الثّاني:قال الشّيخ:يستحبّ الإسرار به و لو جهر لم يكن به بأس

(1).

و في رواية حنّان بن سدير قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام فتعوّذ بإجهار،ثمَّ جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم (2).

الثّالث:يستحبّ التعوّذ في أوّل ركعة من الصّلاة خاصّة

ثمَّ لا يستحبّ في باقي الرّكعات.و هو مذهب علمائنا،و قول عطاء،و الحسن،و النّخعيّ،و الثّوريّ (3).و قال الشّافعيّ (4)،و ابن سيرين:يتعوّذ في كلّ ركعة (5).

لنا:القصد هو التعوّذ من الوسوسة و هو حاصل في أوّل الرّكعة فيكتفى به في الباقي.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا نهض من الرّكعة الثّانية استفتح بقراءة الحمد (6).رواه مسلم.

الرّابع:لو تركها عمدا أو نسيانا حتّى قرأ مضى في قراءته و لا يعيدها و لا في الرّكعة الثّانية،

خلافا لبعض الجمهور (7).

لنا:فعل فات محلّه فيفوت بفواته كالاستفتاح.

الخامس:المأموم إذا أدرك الإمام بعد فوات الاُولى لم يستفتح و لا يتعوّذ

(8)

و لا إذا فرغ الإمام و قام (9)لتمام صلاته.و قال أحمد:يستفتح و يتعوّذ إذا فارق الإمام (10)بناء منه

ص:42


1- 1المبسوط 1:105. [1]
2- 2) التّهذيب 2:289 الحديث 1158،الوسائل 4:758 الباب 21 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) المجموع 3:326،المغني 1:606.
4- 4) الاُمّ 1:107،المجموع 3:326،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43.
5- 5) المجموع 3:326،المحلّى 3:249،المغني 1:606.
6- 6) صحيح مسلم 1:419 الحديث 599.
7- 7) المجموع 3:324،مغني المحتاج 1:156،الإنصاف 1:74.
8- 8) ح و ق:قراءة.
9- 9) م،ح و ق:و قال.
10- 10) المغني 1:606.

على أنّ ما يدركه المأموم آخر صلاته و يقضي الأوّل بعد فراغ الإمام،و عندنا أنّ ما يدركه المأموم هو أوّل صلاته و سيأتي.

فروع من كتاب المبسوط:
الأوّل:قال الشّيخ رحمه اللّه فيه:إذا كبّر و نوى الافتتاح،ثمَّ كبّر اخرى و نوى بها الافتتاح بطلت صلاته

لأنّ الثّانية غير مطابقة للصّلاة،فإن كبّر ثالثة و نوى بها الافتتاح انعقدت صلاته،و على هذا أبدا،و إن لم ينو بما بعد تكبيرة الإحرام الافتتاح صحّت صلاته بل هو مستحبّ على ما قلناه من الاستفتاح بسبع تكبيرات (1).

الثّاني:قال:و من كان في لسانه آفة من تمتمة أو غُنّة أو لُثغة و غير ذلك جاز له أن يكبّر

(2)(3)(4)

كما يتأتّى له و يقدر عليه،و لا يجب عليه غير ذلك (5).

و الوجه أنّه إن كانت الآفة توجب تغيير باقي الحروف (6)وجب عليه التّعلّم بقدر الإمكان،فإن لم يمكنه كان الواجب عليه ما يقدر عليه،و إن لم تكن مغيّرة لم يكن به بأس.

الثّالث:قال:و من أدرك الإمام و قد ركع وجب عليه أن يكبّر تكبيرة الافتتاح،ثمَّ يكبّر تكبيرة الرّكوع

،فإن خاف الفوت اقتصر على تكبيرة الإحرام و أجزأته عنهما (7).

ص:43


1- 1المبسوط 1:105. [1]
2- 2) تمتم الرّجل تمتمة:إذا تردّد في التّاء فهو تمتام-بالفتح-أو هو الّذي يعجل في الكلام و لا يُفهمُكَ.المصباح المنير: 77. [2]
3- 3) الغُنّة:صوت يخرج من الخيشوم،و النّون أشدّ الحروف(غُنّة)و(الأغَنّ):الّذي يتكلّم من قِبل خياشيمه. المصباح المنير:455. [3]
4- 4) اللُّثغة:و وزان غُرفة:حُبسة في اللّسان حتّى تصير الرّاء لاما أو غينا،أو السّين ثاء و نحو ذلك.المصباح المنير: 549. [4]
5- 5) المبسوط 1:103. [5]
6- 6) ح و ق:لوجب تغييرا في الحروف.م:تغيّر باقي الحروف.
7- 7) المبسوط 1:102. [6]

و ليس قوله رحمه اللّه:ثمَّ يكبّر تكبيرة الرّكوع،عطفا على يكبّر تكبيرة الافتتاح؛لأنّه يقتضي وجوب تكبيرة الرّكوع و هو مناف لمذهبه (1)،و إن كان كلامه مشعرا بذلك.

و كذا لوّح في النّهاية بوجوبها (2).و ليس بشيء.قال:و لو نوى بها تكبيرة الرّكوع لم تصحّ صلاته (3).و هو جيّد؛لأنّه لم يكبّر للإحرام.قال:و أمّا صلاة النّافلة فلا يتعذّر فيها، لأنّ عندنا صلاة النّافلة لا تصلّى جماعة إلاّ أن يفرض في صلاة الاستسقاء،فإن فرض فيها كان حكمها حكم الفريضة،سواء في وجوب الإتيان بها مع الاختيار،و في جواز الاقتصار على تكبيرة الإحرام عند التّعذّر (4).و هذا تصريح بوجوب تكبيرة الرّكوع و ليس مقصودا؛لأنّ النّافلة مستحبّة فكيف يجب فيها تكبيرة الرّكوع.

الرّابع:قال:ينبغي أن يقول في توجّهه:و أنا من المسلمين،و لا يقول:و أنا أوّل المسلمين

و ما رواه عليّ عليه السّلام،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أنا أوّل المسلمين»فإنّما جاز؛لأنّه كان أوّل المسلمين من هذه الأُمّة (5).

الخامس:قال:ينبغي أن يكون تكبيرة المأموم بعد تكبيرة الإمام و فراغه منه

فإن كبّر معه كان جائزا إلاّ أنّ الأفضل ما قدّمناه،فإن كبّر قبله لم يصحّ و وجب عليه أن يقطعها بتسليمة و يستأنف بعده أو معه تكبيرة الإحرام،و كذلك إن كان قد صلّى شيئا من الصّلاة و أراد أن يدخل في صلاة الإمام قطعها و استأنف معه (6).و قال في الخلاف:لا ينبغي أن يكبّر المأموم إلاّ بعد فراغ الإمام من التّكبير (7).و هو قول مالك (8)،و الشّافعيّ (9)،

ص:44


1- 1ح:للمذهب.
2- 2) النّهاية:115.
3- 3) المبسوط 1:102. [1]
4- 4) المبسوط 1:102. [2]
5- 5) المبسوط 1:104. [3]
6- 6) المبسوط 1:103. [4]
7- 7) الخلاف 1:108 مسألة-69.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:64،حلية العلماء 2:82.
9- 9) مغني المحتاج 1:255،السّراج الوهّاج:76،حلية العلماء 2:82.

و أبو يوسف (1).و قال أبو حنيفة (2)،و سفيان،و محمّد:يجوز أن يكبّر معه (3).

قال:دليلنا:أنّه لا خلاف في جواز الصّلاة مع التّكبير بعده و اختلفوا فيه إذا كبّر معه فينبغي الأخذ بالاحتياط.و أيضا:فالإمام إنّما قيل إنّه إمام ليقتدى به،و بالتّكبير معه لا يحصل الاقتداء به،لأنّه يحتاج إلى أن يفعل الفعل على الوجه الّذي فعله (4).

و روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«إنّما الإمام مؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا» (5).و هذا نصّ.

البحث الرّابع:في القراءة
مسألة:إذا فرغ من التعوّذ قرأ

و لا نعلم خلافا في وجوب القراءة و كونها شرطا في الصّلاة بين العلماء،إلاّ ما حكاه الشّيخ عن الحسن بن صالح بن حيّ من أنّه قال:ليست القراءة شرطا فيها (6).و كذا حكي عن الأصمّ (7).

لنا:قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) .و قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (8).

ص:45


1- 1حلية العلماء 2:82.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:38،المغني 1:554، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:544، [2]حلية العلماء 2:82.
3- 3) حلية العلماء 2:82.
4- 4) الخلاف 1:108 مسألة-69.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:187،صحيح مسلم 1:308 الحديث 411،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن النّسائيّ 2:97.
6- 6) الخلاف 1:111 مسألة-80.
7- 7) المجموع 3:330. [3]
8- 8) المزّمّل(73):20. [4]

و ما رواه الجمهور،عن عبادة بن الصّامت (1)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام:«فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصّلاة» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:سألته عن ا الّذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته؟قال:«لا صلاة له إلاّ أن يقرأ بها في جهر أو إخفات» (4).و خلاف المذكورين منقرض (5)لا اعتبار به.

مسألة:و يتعيّن الحمد في كلّ ثنائيّة و في الأُوليين من الثّلاثيّة

و الرّباعيّة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (6)،و الثّوريّ (7)،

ص:46


1- 1عبادة بن الصّامت بن أصرم بن فهر.أبو الوليد الخزرجيّ،أحد النّقباء ليلة العقبة شهد بدرا فما بعدها،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عنه أبنائه:الوليد و داود و عبيد اللّه و غيرهم،ولي قضاء القدس و مات بالرّملة سنة 34 ه. أُسد الغابة 3:106، [1]تهذيب التّهذيب 5:111، [2]العبر 1:26. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [4]سنن النّسائيّ 2:137.
3- 3) التّهذيب 2:146 الحديث 569،الاستبصار 1:353 الحديث 1335،الوسائل 4:767 الباب 27 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
4- 4) التّهذيب 2:147 الحديث 576،الاستبصار 1:310 الحديث 1152،الوسائل 4:732 الباب 1 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [6]
5- 5) ح و ق:متعرّض.هامش ح:معترض.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:66،بداية المجتهد 1:126،شرح الزّرقانيّ على موطّإ مالك 1:175،إرشاد السّالك:23، مقدّمات ابن رشد 1:130،المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،حلية العلماء 2:101، المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،ميزان الكبرى 1:140،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13.
7- 7) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،المجموع 3:327.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (2).و في الأُخرى:يجزئ مقدار آية واحدة (3).

و هو منقول عن أبي حنيفة (4)،و نقل عنه أنّه يجزئ مقدار ثلاث آيات من أيّ آيات القرآن شاء (5).

لنا:قوله عليه السّلام:«لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب» (6).رواه عبادة،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله داوم عليها،و مواظبته تدلّ على تعيّنها (7).

و لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (8).

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام (9).

ص:47


1- 1الاُمّ 1:107،المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج: 43،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43،ميزان الكبرى 1:140،حلية العلماء 2:101،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13،المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556.
2- 2) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،زاد المستقنع:13،الإنصاف 2:49،المجموع 3:327، فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،حلية العلماء 2:101،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43، ميزان الكبرى 1:140.
3- 3) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:19،الهداية للمرغينانيّ 1:48،شرح فتح القدير 1:255،المغني 1:555،الشرح الكبير بهامش المغني 1:556،المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،حلية العلماء 2:101، شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13،بداية المجتهد 1:126،ميزان الكبرى 1:140، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43.
5- 5) المجموع 3:327.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247،سنن الدارميّ 1:283،سنن النّسائيّ 2:137.
7- 7) م،ح و ق:تعيينها.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
9- 9) التّهذيب 2:147 الحديث 576،الاستبصار 1:310 الحديث 1152،الوسائل 4:732 الباب 1 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» (2).و بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (3).و لأنّ الفاتحة مساوية لآيات القرآن في الأحكام فكذا في الصّلاة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الشّافعيّ رواه بإسناده،عن رفاعة بن رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ بأُمّ القرآن و ما شاء اللّه أن تقرأ» (4).ثمَّ نحمله على الفاتحة و ما تيسَّر معها ممّا زاد عليها.و يحتمل أنّه لم يكن يحسن الفاتحة.

و كذا الجواب عن الآية:فإنّه يحتمل أنّه أراد الفاتحة و ما تيسّر معها،و يحتمل أنّها نزلت قبل الفاتحة؛لأنّها مكّيّة.و قولهم:الفاتحة مساوية لغيرها ممنوع في كلّ شيء،و لهذا أجمعنا على أنّ من تركها مسيء (5)بخلاف غيرها.

مسألة:«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم»آية من أوّل الحمد و من كلّ سورة إلاّ براءة

و هي بعض آية في سورة النّمل تجب قراءتها في الصّلاة مبتدئا بها في أوّل الفاتحة.و هو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السّلام.و قال الشّافعيّ:إنّها آية من أوّل الحمد بلا خلاف (6).و في كونها آية من كلّ سورة قولان:أحدهما:أنّها آية من كلّ أوّل سورة.

و الآخر:أنّها بعض من أوّل كلّ سورة و يتمّ بما بعدها آية (7).و قال أحمد (8)،

ص:48


1- 1المغني 1:555.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:193،سنن ابن ماجه 1:336 الحديث 1060.
3- 3) المزّمّل(73):20. [1]
4- 4) مسند الشافعيّ:34.
5- 5) كذا أكثر النسخ،و في ح:«شيء»و هي بعينها في نسخة:ق،إلاّ أنّها بلا نُقط،و يحتمل قويّا أن تكون«ثنّى» و هو الأولى.
6- 6) الاُمّ 1:107،المجموع 3:333، [2]المحلّي 3:252،المبسوط للسرخسيّ 1:15،بداية المجتهد 1:124،عمدة القارئ 5:291، [3]أحكام القرآن للجصّاص 1:8، [4]تفسير القرطبيّ 1:93، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:2. [6]
7- 7) المجموع 3:333،تفسير القرطبيّ 1:93. [7]
8- 8) المغني 1:557،المجموع 3:334،بداية المجتهد 1:124،الإنصاف 2:28، [8]التّفسير الكبير 1:203،تفسير القرطبيّ 1:96. [9]

و إسحاق (1)،و أبو ثور (2)،و أبو عبيدة (3)،و عطاء،و الزّهريّ (4)،و عبد اللّه بن المبارك:

إنّها آية من كلّ سورة (5).و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)،و الأوزاعيّ (8)،و داود:ليست آية من فاتحة الكتاب و لا من سائر السّور (9).ثمَّ قال مالك (10)،و الأوزاعيّ (11)،و داود:

يكره أن يقرأها في الصّلاة (12).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّه قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته،ثمَّ قرأ:الحمد للّه ربّ العالمين إلى آخر الفاتحة،ثمَّ قال:و الّذي نفسي بيده إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (13).رواه النّسائيّ.

و روى ابن المنذر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأ في الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (14).

و عن أُمّ سلمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرأ في الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص:49


1- 1المجموع 3:334،تفسير القرطبيّ 1:96،المغني 1:557.
2- 2) بداية المجتهد 1:124،تفسير القرطبيّ 1:96.
3- 3) المغني 1:558،المجموع 3:334،بداية المجتهد 1:124،تفسير القرطبيّ 1:96.و [1]فيها:أبو عبيد.
4- 4) المجموع 3:334، [2]حلية العلماء 2:102.
5- 5) المغني 1:557،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،حلية العلماء 2:102.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 1:8، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:15،حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334، عمدة القارئ 5:284،المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554.
7- 7) تفسير القرطبيّ 1:93، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:2، [5]التّفسير الكبير 1:194، [6]حلية العلماء 2:103، المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،المجموع 3:334،حلية العلماء 2:102.
8- 8) المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،المجموع 3:334.
9- 9) حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334. [7]
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:64،المغني 1:558،حلية العلماء 2:104.
11- 11) المغني 1:558.
12- 12) حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334. [8]
13- 13) سنن النسائيّ 2:134.
14- 14) المغني 1:556.

و عدّها آية،الحمد للّه ربّ العالمين،اثنتين إلى آخرها (1).

و عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فإنّها أُمّ الكتاب و السّبع المثاني و بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية منها» (2).

و عن ابن عبّاس أنّه قال:سرق الشّيطان من النّاس مائة و ثلاث عشرة آية حين (3)ترك بعضهم قراءة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في أوائل السّور (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما،فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و أخفى ما سوى ذلك (5).

و في الصحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إذا قمت للصّلاة أقرأُ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في فاتحة القرآن؟قال:«نعم»قلت:فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأُ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم مع السّورة؟قال:«نعم» (6).

و في الصّحيح،عن يحيى بن عمران الهمدانيّ (7)قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه

ص:50


1- 1سنن البيهقيّ 2:44.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:45،سنن الدّار قطنيّ 1:312 الحديث 36.
3- 3) غ و ح:حتّى.
4- 4) سنن البيهقيّ 2:50،الدّرّ المنثور 1:7 و [1]فيهما قطعة من الحديث.
5- 5) التّهذيب 2:68 الحديث 246،الاستبصار 1:310 الحديث 1154،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:69،الحديث 251،الاستبصار 1:311 الحديث 1155،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 5. [3]
7- 7) يحيى بن عمران الهمدانيّ،عدّه الشّيخ بهذا العنوان من أصحاب الرّضا عليه السّلام،و ذكره الصّدوق في مشيخته بعنوان:يحيى بن أبي عمران الهمدانيّ.قال المحقّق الأردبيليّ:الظّاهر أنّه رجل واحد و أنّ لفظة«أبي»سقطت من قلم النسّاخ بقرينة رواية عليّ بن مهزيار عنه عن أبي جعفر و اتّحاد الخبر.رجال الطّوسيّ:394. جامع الرّواة 2:334. [4]

السّلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السّورة تركها؟فقال العبّاسيّ (1):ليس بذلك بأس،فكتب عليه السّلام بخطّه:«يعيدها مرّتين على رغم أنفه»يعني العبّاسيّ (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السّبع المثاني و القرآن العظيم هي (3)الفاتحة؟قال:«نعم»قلت:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من السّبع؟قال:«نعم،هي أفضلهنّ» (4).

و لأنّ اللّه تعالى قال (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (5).قال المفسّرون:إنّها الفاتحة تثنّى في كلّ صلاة مرّتين (6)،و إنّما تكون سبعا بالتّسمية.و لأنّها ثابتة في المصاحف بخطّ القرآن و قد كانت الصّحابة تتشدّد (7)في التّعشيرات و النّقط و أسماء السّور،فكيف يجوز لهم إثبات ما ليس من القرآن فيه.و لأنّ القرّاء يقرؤنها في أوائل السّور كغيرها من الآيات.

احتجّ أبو حنيفة (8)بما رواه أبو هريرة قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«قال اللّه تعالى:قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل،فإذا قال:

الحمد للّه ربّ العالمين،قال اللّه تعالى:حمدني عبدي،فإذا قال:الرّحمن الرّحيم،قال اللّه

ص:51


1- 1هشام بن إبراهيم العبّاسيّ نسبة إلى العبّاس لكن لا بالنّسب بل بكتابة رسالة في إمامة العبّاس،قال المحقّق المامقانيّ:إنّ الأخبار في ذمّه مستفيضة.تنقيح المقال 3:291. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69،الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 [2] الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 6،و ص 767 الباب 27 الحديث 3.في الاستبصار:العيّاشيّ بدل العبّاسيّ.
3- 3) ح:أ هي.
4- 4) التّهذيب 2:289،الحديث 1157،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 2. [3]
5- 5) الحجر(15):87. [4]
6- 6) التبيان 6:353، [5]مجمع البيان 3:344،تفسير الطبريّ 14:54، [6]التفسير الكبير 19:207. [7]
7- 7) غ:تشدّد،ح:تتشيّد.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:15-16.

تعالى:أثنى عليّ عبدي،فإذا قال:مالك يوم الدّين،قال اللّه (1):مجّدني عبدي،فإذا قال:

إيّاك نعبد و إيّاك نستعين،قال اللّه (2):هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل،فإذا قال:

اهدنا الصّراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين، قال:هذا لعبدي و لعبدي ما سأل» (3).فلو كانت البسملة آية لعدّها و بدأ بها و لم يتحقّق التنصيف.و لأنّها لو كانت آية من كلّ سورة لتواترت كغيرها.

و الجواب عن الأوّل:أنّ قسمة الصّلاة ليست قسمة للسّورة (4).و لأنّه أراد ذكر التّساوي في قسمة الصّلاة لا قسمة السّورة،و يؤيّده:اختصاص اللّه تعالى بثلاث آيات أوّلا،ثمَّ مشاركته مع العبد في الرّابعة،و حينئذ لا يبقى التّنصيف في السّورة ثابتا (5).

قوله:لو كانت آية لبدأ بها و عدّها.قلنا:قد روى ذلك عبد اللّه بن زياد بن سمعان (6)عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله قال:«يقول عبدي إذا افتتح الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فيذكرني عبدي» (7).و ساق الحديث،و هذا نصّ في الباب.

و عن الثّاني:أنّا نقول بموجبة و ندّعي التّواتر في نقلها،و قوّة الشّبهة فيها منعت من تكفير المخالف.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:52


1- 1ح بزيادة:تعالى.
2- 2) غ بزيادة:تعالى.
3- 3) صحيح مسلم 1:296 الحديث 395،سنن ابن ماجه 2:1243 الحديث 3784،سنن أبي داود 1:217 الحديث 821،سنن النّسائيّ 2:136.
4- 4) ح و ق:السورة.
5- 5) م:لا ينبغي التنصيف في السّورة ثانيا.
6- 6) عبد اللّه بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزوميّ أبو عبد الرّحمن المدنيّ مولى أُمّ سلمة،روى عن الزّهريّ و مجاهد بن جبر و زيد بن أسلم،و روى عنه روح بن القاسم و عبد الرزّاق و عبد اللّه بن وهب. تهذيب التّهذيب 5:219. [1]
7- 7) سنن الدّار قطنيّ 1:312 الحديث 35.

عليه السّلام عن الرّجل يكون إماما فيستفتح الحمد و لا يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟ فقال:«لا يضرّه و لا بأس» (1).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ و محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهما سألاه عمّن يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم حين يريد أن يقرأ فاتحة الكتاب؟قال:«نعم،إن شاء سرّا و إن شاء جهرا»فقالا:أ فيقرأها مع السّورة الأُخرى؟ فقال:«لا» (2).

لأنّا نقول:إنّا نحمل الرّواية الأُولى على إمام اتّقى،فجائز (3)له أن يتركها أو يخافت بها،لما (4)رواه الشّيخ،عن أبي حسن جرير بن زكريّا بن إدريس القمّيّ (5)قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يصلّي بقوم يكرهون أن يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟فقال:«لا يجهر» (6).أو يكون محمولا على النّاسي.

و عن الثّانية:أنّها محمولة على النّافلة،و كذلك جميع ما ورد (7)في هذا الباب.

ص:53


1- 1التّهذيب 2:288 الحديث 1156،الاستبصار 1:312 الحديث 1159،الوسائل 4:749 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:68 الحديث 249،الاستبصار 1:312 الحديث 1161،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) غ:فجاز.
4- 4) م و ن:بما.
5- 5) كذا في النسخ،و الصّحيح عن أبي جرير زكريّا بن إدريس القمّيّ،و هو زكريّا بن إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعريّ القمّيّ أبو جُرير-بضمّ الجيم مصغّرا-عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق عليه السّلام و اخرى من أصحاب الرّضا عليه السّلام و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:كان وجها يروي عن الرّضا عليه السّلام.رجال الطّوسيّ:200،377،رجال النجّاشيّ:173،رجال العلاّمة:76. [3]
6- 6) التّهذيب 2:68 الحديث 248،الاستبصار 1:312 الحديث 1160،الوسائل 4:747 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
7- 7) ح:أورده.
مسألة:فإذا فرغ من الحمد في كلّ ثنائيّة،و في أوّلتي كلّ ثلاثيّة و رباعيّة من الفرائض قرأ سورة أُخرى تامّة وجوبا حال الاختيار.

(1)

ذهب إليه أكثر علمائنا (2).و قال في النّهاية:لا تجب السّورة الأُخرى (3).و به قال الشّافعيّ (4)و غيره من الجمهور (5).

قال الشّيخ في الخلاف و المبسوط:الظّاهر من روايات أصحابنا و مذهبهم أنّ قراءة سورة أُخرى مع الحمد واجب في الفرائض،و لا يجزئ الاقتصار على أقلّ منها (6).و به قال بعض أصحاب الشّافعيّ (7)إلاّ أنّه جوّز بدل ذلك ما يكون قدر آيها من القرآن.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي قتادة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الرّكعتين الأوّلتين من الظّهر بفاتحة الكتاب و سورتين يطوّل في الاُولى و يقصّر في الثّانية و كذا في العصر و الصّبح يطوّل في الاُولى من كلّ منهما و يقصّر في الثّانية (8).

و أمر معاذا فقال:«اقرأ بالشّمس و ضحاها،و سبّح اسم ربّك الأعلى،و اللّيل إذا يغشى» (9).

و قد تواتر النّقل عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه صلّى بالسّورة بعد الحمد و داوم عليها (10)،و ذلك يدلّ على الوجوب.و أيضا قوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني

ص:54


1- 1ح و ق:أوّلي.
2- 2) منهم:الشّيخ المفيد في المقنعة:16،و الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:114 مسألة-86،و ابن إدريس في السّرائر:45.
3- 3) النّهاية:75. [1]
4- 4) الاُمّ 1:109،المجموع 3:388.
5- 5) المجموع 3:388-389.
6- 6) الخلاف 1:114 مسألة-86،المبسوط 1:107. [2]
7- 7) المجموع 3:388.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:193،سنن أبي داود 1:212 الحديث 798،799،سنن النّسائيّ 2:165.
9- 9) سنن النّسائيّ 2:172-173.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:193-195،سنن أبي داود 1:211-215،سنن التّرمذيّ 2:108-114، سنن النّسائيّ 2:165-173.

أُصلّي» (1).

و روى الجمهور أيضا،عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب و معها غيرها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن يحيى بن عمران الهمدانيّ قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام:جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السّورة تركها؟فقال العبّاسيّ:ليس بذلك بأس فكتب عليه السّلام بخطّه:«يعيدها مرّتين على رغم أنفه»يعني العبّاسيّ (3).و ترك الجميع يستلزم ترك البسملة فكان أولى بوجوب الإعادة.

و عن منصور بن حازم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة و لا بأكثر» (4).

و في رواية حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في تعليم صفة الصّلاة،ثمَّ قرأ الحمد و سورة (5).و كان ذلك في معرض البيان.

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّورتين في الرّكعة؟فقال:«لا،لكلّ سورة ركعة» (6).و لأنّ الاحتياط

ص:55


1- 1صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدّارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
2- 2) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819،مسند أحمد 2:428،سنن البيهقيّ 2:59.بتفاوت في الألفاظ.
3- 3) التّهذيب 2:69 الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 6. [2]
4- 4) التّهذيب 2:69 الحديث 253،الاستبصار 1:314 الحديث 1167،الوسائل 4:736 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
5- 5) الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 254،الاستبصار 1:314 الحديث 1168،الوسائل 4:736 الباب 14 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]

يقتضي ذلك،إذ البراءة (1)تحصل باليقين مع قراءتها لا مع تركها.

احتجّ الشّيخ بما رواه،عن الحلبيّ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ فاتحة الكتاب وحدها تجزئ في الفريضة» (2).

و احتجّ الجمهور (3)بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (4).و بما رواه أبو داود قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اخرُج فَنادِ في المدينة أنّه لا صلاة إلاّ بقرآن و لو بفاتحة الكتاب» (5).و هذا يدلّ على أنّه لا يتعيّن الزّيادة على الحمد.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الضّرورة أو حالة الاستعجال.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن الحسن الصّيقل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يجزئ عنّي أن أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلا أو أعجلني شيء؟فقال:«لا بأس» (6).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها،و يجوز للصّحيح في قضاء الصّلاة التّطوّع باللّيل و النّهار» (7).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«لا بأس بأن يقرأ الرّجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الرّكعتين الأوّلتين إذا ما أعجلت به

ص:56


1- 1ح:و البراءة.ق.
2- 2) التّهذيب 2:71 الحديث 260،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
4- 4) المزّمّل(73):20. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819.
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 255،الاستبصار 1:314 الحديث 1170،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]
7- 7) التّهذيب 2:70 الحديث 256،الاستبصار 1:315 الحديث 1171،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 5. [4]

حاجة أو تخوّف شيئا» (1).و هذا نصّ في جواز الاقتصار على الحمد مع العذر فيحمل الإطلاق عليه جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين أهل العلم في جواز الاقتصار على الحمد لصاحب الضّرورة

دفعا للحرج.و يؤيّده:رواية عبد اللّه بن سنان،و حسن الصّيقل.

الثّاني:لو لم يحسن إلاّ الحمد و أمكنه التّعلّم و كان الوقت واسعا وجب عليه التّعلّم

لأنّها كالحمد في الوجوب،أمّا لو لم يمكنه التّعلّم أو ضاق الوقت صلّى بالحمد وحدها للضّرورة،و لا خلاف في جواز الاقتصار على الحمد في هذه المواضع و في النّوافل للعارف المختار.

الثّالث:البسملة آية من السّورة كما هي آية من الحمد،فلا يجوز تركها

لأنّه يكون قد قرأ بعض السّورة فلم يأت بالواجب.

و يؤيّده:رواية يحيى بن عمران الهمدانيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).أمّا لو كانت سورة براءة لم تجب البسملة فيها،لأنّها ليست آية منها بدليل حذفها في المصاحف.

الرّابع:لا يجوز الاقتصار على بعض السّورة

ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،خلافا للشّيخ في النّهاية (4)،و للجمهور (5).

ص:57


1- 1التّهذيب 2:71 الحديث 261،الاستبصار 1:315 الحديث 1172،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69 الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 6.
3- 3) منهم:السيّد المرتضى في الانتصار:44،و الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:114 مسألة-86،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82.
4- 4) النّهاية:76.
5- 5) الاُمّ 1:109،المغني 1:568،بدائع الصّنائع 1:112.

لنا:ما تقدّم من الأحاديث (1).و في رواية منصور بن حازم،عن الصّادق عليه السّلام:«لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة و لا بأكثر» (2).

و يجوز مع الضّرورة و في النّافلة و لغير العارف إذا لم يمكنه التّعلّم أو ضاق عليه الوقت الاقتصار على ما يحسنه بلا خلاف.قال الشّيخ في المبسوط:قراءة سورة بعد الحمد واجب غير أنّه إن قرأ بعض سورة لا يحكم ببطلان الصّلاة (3).

و قال ابن الجنيد:و لو قرأ بأُمّ الكتاب و بعض السّورة في الفرائض أجزأه (4).

و احتجّوا بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:«أ يقرأ الرّجل السّورة الواحدة في الرّكعتين من الفريضة؟فقال:«لا بأس إذا كانت أكثر من ثلاث آيات» (5).

و في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ سورة واحدة في الرّكعتين من الفريضة و هو يحسن غيرها فإن فعل فما عليه؟ قال:«إذا أحسن غيرها فلا يفعل،و إن لم يحسن غيرها فلا بأس» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن السّورة أ يصلّي الرّجل بها في الرّكعتين من الفريضة؟فقال:«نعم،إذا كانت ستّ آيات قرأ بالنّصف منها في الرّكعة

ص:58


1- 1تقدّمت في ص 55. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69 الحديث 253،الاستبصار 1:314 الحديث 1167،الوسائل 4:736 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:107. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:174. [4]
5- 5) التّهذيب 2:71 الحديث 262،الاستبصار 1:315 الحديث 1173،الوسائل 4:739 الباب 6 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]
6- 6) التّهذيب 2:71 الحديث 263،الاستبصار 1:315 الحديث 1174،الوسائل 4:738 الباب 6 من أبواب القراءة الحديث 1. [6]

الاولى،و النّصف الآخر في الرّكعة الثّانية» (1).

و عن إسماعيل بن الفضل (2)قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام و أبو جعفر عليه السّلام،فقرأ بفاتحة الكتاب و آخر سورة المائدة فلمّا سلّم التفت إلينا فقال:«أما إنّي (3)أردت أن أعلّمكم» (4).

و في الصّحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:

سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد و نصف سورة هل يجزئه في الثّانية أن لا يقرأ الحمد و يقرأ ما بقي من السّورة؟فقال:«يقرأ الحمد،ثمَّ يقرأ ما بقي من السّورة» (5).

و تأوّل الشّيخ الحديث الأوّل بأن حمله على أنّه يجوز له إعادة السّورة في الرّكعة الثّانية دون أن يبعّضها (6)،و ذلك إذا لم يحسن غيرها،فأمّا إذا أحسن غيرها فإنّه يكره ذلك (7)،و استدلّ على هذا التّأويل بالرّواية الثّانية.

و تأوّل الرّواية الثّالثة بأنّها محمولة على حالة التقيّة دون الاختيار (8)،و استدلّ عليه

ص:59


1- 1التّهذيب 2:294 الحديث 1182،الاستبصار 1:315 الحديث 1175،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) إسماعيل بن الفضل بن يعقوب بن الفضل الهاشميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام و قال:ثقة من أهل البصرة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و نقل قول الصّادق عليه السّلام في حقّه:(هو كهل من كهولنا و سيّد من ساداتنا)و كفاه بهذا شرفا.رجال الطّوسيّ:104،147، رجال العلاّمة:7. [2]
3- 3) غ،م،ن و ق:إنّما.
4- 4) التّهذيب 2:294 الحديث 1183،الاستبصار 1:316 الحديث 1176،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:295 الحديث 1191،الاستبصار 1:316 الحديث 1177،الوسائل 4:737 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 6. [4]
6- 6) ح و ق:ينقصها.
7- 7) التّهذيب 2:71،الاستبصار 1:315.
8- 8) التّهذيب 2:294،الاستبصار 1:316.

بالرّواية الرّابعة.

و حمل الرّواية الخامسة على النّافلة و استدلّ عليه بما رواه في الصّحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن تبعيض السّورة؟قال:«أكره و لا بأس به في النافلة» (1).و هذه التّأويلات و إن كانت ممكنة إلاّ أنّ فيها ما لا يخلو عن بعد.

و لو قيل:فيه روايتان،إحداهما جواز الاقتصار على البعض،و الأُخرى المنع،كان وجها،و يحمل المنع على كمال الفضيلة.

الخامس:لا يجزئ عن السّورة تكرار الحمد

لأنّ المفهوم من فحاوي الأحاديث و فتاوى الأصحاب أنّ السّورة غير الحمد.

السّادس:يجب أن يقرأ الحمد أوّلا،ثمَّ يقرأ السّورة،فلو عكس لم يصحّ

و وجب عليه استئناف الصّلاة إن تعمّد،و استئناف القراءة إن كان ساهيا،لأنّ المنقول عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)و أفعال الأئمّة عليهم السّلام التّرتيب (3)،و هذه الأُمور إنّما تثبت (4)توقيفا.

السّابع:يجوز أن يقرأ السّورة الواحدة في الرّكعتين مكرّرا لها فيهما،و أن يقرأ سورتين متساويتين فيهما

و قال بعض الجمهور:يستحبّ أن تغاير (5)بينهما (6).

قال ابن الجنيد:و الأفضل أن يقرأ أطولهما في الاُولى و أقصرهما في الثّانية (7).و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يسوّي بين الرّكعتين في مقدار السّورتين اللّتين تقرأ فيهما بعد

ص:60


1- 1التّهذيب 2:296 الحديث 1192،الاستبصار 1:316 الحديث 1178،الوسائل 4:737 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) الوسائل 4:679 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 10.
3- 3) الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
4- 4) ن و م:يثبت،ح:ثبت.
5- 5) غ:يغاير.
6- 6) المغني 1:572.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:174. [2]

الحمد،و ليس لأحدهما ترجيح على الآخر (1).و لا ريب في أنّ التّرجيح حكم شرعيّ،إن ثبت عمل به و إلاّ فلا.

و قد روى الجمهور،عن رجل من جهينة (2)أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في الصّبح إذا زلزلت في الرّكعتين كلتيهما فلا أدري أنسي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أم قرأ ذلك عمدا.رواه أبو داود،و النّسائيّ (3).و عندنا لا يقع من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهو.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قلت له:أُصلّي بِقُل هو اللّه أحد؟قال:«نعم،قد صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلتي الرّكعتين بِقُل هو اللّه أحد لم يصلّ قبلها و لا بعدها بِقُل هو اللّه أحد أتمّ منها» (4).

الثّامن:يجوز أن يقرأ في الثّانية بالسّورة الّتي تلي السّورة الّتي قرأها في الرّكعة الأُولى

و بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخّرات عنها من غير ترجيح،خلافا لبعض الجمهور فإنّهم يستحبّون أن يقرأ في الثّانية بما بعد الأُولى في النّظم (5).

لنا:ما رواه البخاريّ عن الأحنف (6)أنّه قرأ بالكهف في الأُولى و في الثّانية بيوسف

ص:61


1- 1الخلاف 1:116 مسألة-89.
2- 2) الرّواية رواها معاذ بن عبد اللّه بن خبيب الجهنيّ المدنيّ،روى عن أبيه و أخيه عبد اللّه و عقبة بن عامر الجهنيّ و ابن عبّاس و رجل من جهينة،و عنه عبد اللّه بن سليمان و زيد بن أسلم و سعد بن سعيد الأنصاريّ. تهذيب التّهذيب 10:191. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:215 الحديث 816،و لم نعثر عليه في سنن النّسائيّ.
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 359،الوسائل 4:740 الباب 7 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:572.
6- 6) الأحنف بن قيس السّعديّ التميميّ البصريّ،و اسمه:الضّحّاك،و الأحنف لقبه عرف به،يكنّى أبا بحر،أدرك النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،روى عن عليّ عليه السّلام و عمر و عثمان و أبي ذرّ،و روى عنه الحسن البصريّ و طلق بن حبيب و غيرهما.مات بالكوفة سنة 67 ه. أُسد الغابة 1:55،تهذيب التّهذيب 1:191، [3]الجمع بين رجال الصّحيحين 1:50.

و ذكر أنّه صلّى مع عمر الصّبح بهما (1).و لأنّ الأصل عدم التّرجيح و لم ينقل إلينا عن الأئمّة عليهم السّلام في هذا شيء.

التّاسع:إذا قلنا بجواز الاقتصار على بعض السّورة فلا فرق بين أوّلها و آخرها و أوسطها

،خلافا لأحمد في إحدى الرّوايتين،فإنّه كره أواخر السّور (2). (3)

لنا:أنّ المأخوذ عليه هو قراءة ما زاد على الحمد و قد حصل.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ في الآخرة من صلاة الصّبح آخر آل عمران و آخر الفرقان (4).رواه الخلاّل.

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير (5)،و إسماعيل بن الفضل (6)،و قد تقدّمنا.

العاشر استحباب قراءة سورة بعد الحمد في النّوافل

العاشر:لا نعرف خلافا في استحباب قراءة سورة (7)بعد الحمد في النّوافل.

مسألة:و تبطل الصّلاة لو أخلّ بحرف واحد من الحمد أو من السّورة إن قلنا

بوجوبها أجمع عمدا

بلا خلاف في الحمد؛لأنّ الإتيان بها واجب،لقوله عليه السّلام:

«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (8).و وجودها أجمع يتوقّف على وجود أجزائها،فمع الإخلال

ص:62


1- 1صحيح البخاريّ 1:196.
2- 2) غ،م و ن:السورة.
3- 3) المغني 1:572.
4- 4) المغني 1:571.
5- 5) التّهذيب 2:294 الحديث 1182،الاستبصار 1:315 الحديث 1175،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
6- 6) التّهذيب 2:294 الحديث 1183،الاستبصار 1:316 الحديث 1176،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
7- 7) ح و ق:السّورة.
8- 8) ورد هذا الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».في:صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1: 295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [3]سنن النّسائيّ 2:137.و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695،و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

بحرف منها يقع الإخلال بها،و كذا الإعراب لو أخلّ به عامدا بطلت صلاته،سواء أتى بحركات مضادّة لحركات الإعراب أو حذف الإعراب و سكن الحرف،و سواء اختلّ المعنى باللّحن كما لو كسر كاف إيّاك أو ضمّ تاء أنعمت،أو لم يغيّر كما لو ضمّ هاء اللّه،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالإعراب المتلقّى عنه عليه السّلام و قال:

«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).و لأنّه تعالى:وصف القرآن بكونه عربيّا فما ليس بعربيّ فليس بقرآن.

فروع:
الأوّل:لو لم يحسن الإعراب وجب عليه التعلّم بقدر الإمكان

و لو عجز أو ضاق الوقت صلّى على ما يحسنه،و لو لم يمكنه التعلّم على الاستقامة هل يجب عليه ترك الإعراب لاحتمال الخطأ و التّسكين أولا؟فيه تردّد ينشأ من كون حذف الحركات يبطل الجزء الصّوريّ من الكلام،و من كون الواجب عليه الإتيان بالصّحيح و ترك الخطأ و قد فات الأوّل فيجب الثّاني،و الأخير أقرب.

الثّاني:الأقرب أنّه يجب على الجاهل العاجز الائتمام بغيره من العارفين

و كذا لو لم يعرف القراءة.

الثّالث:ترتيب آيات القرآن واجب

فلو أخلّ به عامدا بطلت صلاته،و لو أخلّ به ناسيا استأنف القراءة ما دام في حالها،لأنّ مع الإخلال بالتّرتيب لا يتحقّق الإتيان بها.

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:التّشديد في مواضعه واجب

(3)و هو حقّ؛لأنّه

ص:63


1- 1المغني 1:559.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،و ج 8:11،سنن الدّارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) المبسوط 1:106.

حرف مغاير للمنطوق به،بدليل أنّ شدّة راء الرّحمن أُقيمت مقام اللاّم،و شدّة ذال الّذين أُقيمت مقام اللاّم،فالإخلال به إخلال بحرف من الحمد و ذلك مبطل.و هو مذهب الشّافعيّ (1)،خلافا لبعض الجمهور حيث جوّز ترك التّشديد،لأنّه غير ثابت في المصحف، و إنّما هو صفة للحرف و يسمّى تاركه قارئا (2).و ليس شيئا (3).و في سورة الحمد أربع عشرة تشديدة بلا خلاف.

و لا ينبغي المبالغة في التّشديد،لأنّه في كلّ موضع أُقيم مقام حرف ساكن،فإذا زاد على ذلك يكون بمنزلة من زاد على الحرف الأصليّ (4).

الخامس:يقرأ بما نقل متواترا في المصحف الّذي يقرأ به النّاس أجمع

و لا يعوّل على ما يوجد في مصحف ابن مسعود،لأنّ القرآن ثبت بالتّواتر و مصحف ابن مسعود لم يثبت متواترا (5)،و لو قرأ به بطلت صلاته،خلافا لبعض الجمهور (6).

لنا:أنّه قرأ (7)بغير القرآن فلا يكون مجزئا.

السّادس:يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من السّبعة

لتواترها أجمع،و لا يجوز أن يقرأ بالشّاذّ و إن اتّصلت رواية (8)،لعدم تواترها و أحبّ القراءات (9)إليّ ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش،و قراءة أبي عمرو بن العلاء،فإنّهما أولى من قراءة حمزة و الكسائيّ؛لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المدّ،و ذلك كلّه تكلّف،و لو قرأ به

ص:64


1- 1الاُمّ 1:107،المجموع 3:392،المغني 1:559.
2- 2) المغني 1:559.
3- 3) ح:بشيء.
4- 4) غ:الأصيل.
5- 5) ح:بتواتر.
6- 6) المغني 1:571، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:571. [2]
7- 7) ح و ق:قراءة.
8- 8) ح:روايته.
9- 9) ح و ق:القرآن،م:القراءة.

صحّت صلاته بلا خلاف.

السّابع:يجب أن يأتي بالحروف من مخارجها

لئلاّ يبدّل حرفا بحرف،فلو أخرج الضّاد في قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ) (1).من مخرج الظّاء لاختلّ المعنى و بطلت صلاته إن فعله متعمّدا،و إن كان جاهلا وجب عليه التعلّم.

الثّامن:قال الشّيخ في المبسوط:لو قرأ في خلالها من غيرها سهوا،ثمَّ عاد إلى

موضعه أجزأ

و لو تعمّد استأنف؛لأنّه أخلّ بالتّرتيب (2).قال:و لو نوى قطعها و قطع القراءة استأنف صلاته،و إن لم يقطع القراءة استمرّ؛لأنّه مع القطع يظهر (3)أثر النيّة فيفسد صلاته،لأنّه نوى إفسادها و فعل ما نوى،بخلاف ما لو لم يقطع (4).قال:و لو أخلّ بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة أبطل صلاته،و لو كان ناسيا لم تبطل (5).

مسألة:و لا يجزئ بالتّرجمة و لا بمرادفها من العربيّة

و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام،و به قال الشّافعيّ (6)،و أبو يوسف،و محمّد (7).و قال أبو حنيفة:يجوز ذلك (8).

ص:65


1- 1الفاتحة(1):7. [1]
2- 2) المبسوط 1:105.
3- 3) ح:ليظهر،ق:لظهر
4- 4) المبسوط 1:105.
5- 5) المبسوط 1:106. [2]
6- 6) الاُمّ 1:100،المجموع 3:379،حلية العلماء 2:110،فتح العزيز بهامش المجموع 3:336،المغني 1:562، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:567،ميزان الكبرى 1:143،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:44،بدائع الصّنائع 1:112،المبسوط للسّرخسيّ 1:37.
7- 7) المغني 1:562،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:567.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:37،بدائع الصّنائع 1:112،الجامع الصّغير للشّيبانيّ:94،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [3]مجمع الأنهر 1:92-93،حلية العلماء 2:110،المجموع 3:380،المغني 1:562،الشرح الكبير بهامش المغني 1:567،ميزان الكبرى 1:143،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:44،المحلّى 3:254. [4]

لنا:أنّه بغير العربيّة ليس بقرآن؛لقوله تعالى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (1).أخبر أنّه أنزل القرآن بالعربيّ،فما ليس بعربيّ لم يكن قرآنا.و كذا قوله تعالى (إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (2).و لأنّ القرآن ما ثبت نقله بالتّواتر،و التّرجمة و المرادف ليس كذلك،و لأنّه معجز بالإجماع إمّا بفصاحته أو نظمه أو بهما أو بالصرفة (3)،فلو كان معناه قرآنا لما تحقّق الإعجاز،و لما حصل التّحدّي به،و لكانت التّفاسير قرآنا،و يلزم أنّ من أتى بمعنى شعر امرؤ القيس (4)نظما أن يكون هو بعينه شعر امرؤ القيس،و ذلك جهالة.

و أيضا:قوله تعالى (وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (5).فالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاهم بالقرآن بلغة العرب فادّعوا أنّ رجلا من العجم يعلّمه،فأكذبهم اللّه تعالى و قال:هذا الّذي يضيفون إليه التّعليم أعجميّ،و الّذي أتاكم به لسان عربيّ.فلو استويا في كونهما قرآنا لم ينكر عليهم ما ادّعوه،و إذا لم يكن قرآنا لم يكن مجزئا،لقوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بقرآن» (6).و قوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (7).

ص:66


1- 1الشعراء(26):195. [1]
2- 2) يوسف(12):2. [2]
3- 3) و هي إحدى وجوه إعجاز القرآن المشهورة بالصرفة الّتي أقامها السيّد المرتضى،قال في الذخيرة:«إنّ اللّه تعالى صرف العرب عن معارضته،و سلبهم العلم الذي به يتمكّنون من مماثلة في نظمه و فصاحته و لو لا هذا الصرف لعارضوا».الذخيرة في علم الكلام:378.
4- 4) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكنديّ من بني آكل المرار أشهر شعراء العرب على الإطلاق،يمانيّ الأصل مولده بنجد،اشتهر بلقبه،و اختلف المؤرّخون في اسمه،فقيل:حُندج،و قيل:مليكة،و قيل:عديّ،و كان أبوه ملك أسد و غطفان.الأعلام للزركلي 2:11. [3]
5- 5) النّحل(16):103. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819.
7- 7) ورد الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»في صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [5]سنن النّسائيّ 2:137. و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695 و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

و أيضا:روى عبد اللّه بن أبي أوفى أنّ رجلا سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:

إنّي لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فما ذا أصنع؟فقال له:«قل:سبحان اللّه و الحمد للّه» (1).فلو كان معنى القرآن مجزئا لأوجب عليه السّلام القراءة بأيّ لسان كان، أو الإتيان بمعناه و إن أخلّ بلفظه،و لأنّه ثبت بالتّواتر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصلّي بالعربيّة و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).و فعل ذلك بيانا للواجب فكان واجبا.

احتجّ المخالف (3)بقوله تعالى (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ) (4).و إنّما ينذر كلّ قوم بلسانهم.و بقوله تعالى:( إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى) (5).و قوله:

(وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) (6).و تلك (7)لم تكن بالعربيّة،و لأنّه تعالى حكى عن نوح قوله:

(رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً) (8).و لم يقولوا ذلك بالعربيّة إلاّ أنّهم لمّا حكى المعنى عنهم أضاف القول إليهم،و ذلك يقتضي أنّ من عبّر عن القرآن بالفارسيّة يكون عبارته قرآنا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه إذا فسّره لهم كان الإنذار بالمفسّر دون التّفسير،و لأنّ الإنذار بالقرآن لا يستلزم نقل اللّفظ بعينه،فإنّه لو أوضح لهم المعنى قيل:إنّه أنذرهم به، بخلاف صورة النّزاع.

و عن الثّاني:أنّا نعلم أنّ القرآن بعينه لم يكن في تلك اللّغة بل معناه و المجاز قد يصار

ص:67


1- 1سنن أبي داود 1:220 الحديث 832،مسند أحمد 4:353،356. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [2]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:112،المغني 1:562،المجموع 3:380،المحلّى 3:254. [3]
4- 4) الأنعام(6):19. [4]
5- 5) الأعلى(87):18،19. [5]
6- 6) الشّعراء(26):196. [6]
7- 7) غ:و ذلك.
8- 8) نوح(71):26. [7]

إليه لقرينة.و قيل:إنّه أراد صفة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و ذكر شريعته في الصّحف الاُولى (1)و هو (2)الجواب عن الثّالث.

مسألة:و لو لم يحسن القراءة وجب عليه التّعلّم بالعربيّة.و هو قول كلّ من أوجب القراءة بها؛لأنّ القراءة واجبة و هي متوقّفة على التّعلّم فيكون واجبا،و لو أخلّ به مع المكنة بطلت صلاته؛لأنّه غير قارئ مع إمكانه.و لو ضاق الوقت قرأ ما يحسن و تعلّم لما يستأنف بلا خلاف؛لأنّه حال لا يتّسع للزّيادة على ما يعلمه فيقتصر عليه،و وجوب التعلّم في المستقبل لإمكانه.

فروع:
الأوّل:لو لم يحسن القراءة و عجز عن التّعلّم أو ضاق الوقت قرأ من غيرها ما تيسّر

(3)

لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به» (4).و هل يجب أن يأتي بسورة (5)كاملة؟الحقّ عندنا نعم؛لأنّها واجبة مع الحمد فلا يسقط بفواتها لعذر، و هل يجب أن يأتي بسورة أُخرى عوض الحمد؟الأقرب لا،و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه،و هل يجب عليه أن يقرأ بعدد آيها؟الأقرب أنّه لا يجب،خلافا لبعض الشّافعيّة (6)لأنّها بدل عندهم.

الثّاني:لو لم يحسن إلاّ آية واحدة منها قرأها و اجتزأ بها

لأنّ الآية منها أقرب إليها من غيرها،و هل يكرّرها سبعا؟الأقرب عندنا أنّه لا يجب،خلافا لأحمد (7)،و القولان

ص:68


1- 1تفسير القرطبيّ 13:138.
2- 2) غ:و هذا.
3- 3) م:و ضاق.
4- 4) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302.
5- 5) ح و ق:سورة.
6- 6) المجموع 3:375-376،المغني 1:564،حلية العلماء 2:109.
7- 7) المغني 1:562.

للشّافعيّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن رفاعة بن رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قمت إلى الصّلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به و إلاّ فاحمد اللّه و هلّله و كبّره» (2).فلم يأمره بالتّكرار بل اقتصر على ما معه.

الثّالث:لو لم يحسن إلاّ بعض آية منها هل يجب قراءتها أم لا؟فيه تردّد

ينشأ من أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله للأعرابيّ أن يحمد اللّه و يكبّره و يهلّله و قوله:الحمد للّه،بعض آية و لم يأمره بها و لا اقتصر عليها،و من قوله عليه السّلام:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به».و الأقرب اعتبار الاسم إن كان ذلك البعض يسمّى قرآنا قرأ به و إلاّ فلا.

الرّابع:لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبّر اللّه و هلّله و سبّحه

(3)

و لا يقرأ بالمعنى لأنّه غير قرآن فيدخل تحت قوله عليه السّلام:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به و إلاّ فاحمد اللّه و هلّله و كبّره» (4).و المعنى ليس بقرآن.

الخامس:قال الشّيخ في الخلاف:إذا لم يحسن شيئا من القرآن ذكر اللّه و كبّره و لا يقرأ معنى القرآن

(5)و لم يحدّ ذلك بحدّ.و قال بعض الجمهور:يجزئ ما علّمه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلا (6)قال:يا رسول اللّه إنّي لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلّمني ما يجزئني،فقال:«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» (7)،قال:هذا للّه فمالي؟قال:«تقول:اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و ارزقني و اهدني

ص:69


1- 1المجموع 3:375،المغني 1:563،حلية العلماء 2:109.
2- 2) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن البيهقيّ 2:380.
3- 3) غ:بزيادة:تعالى.
4- 4) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن البيهقيّ 2:380.
5- 5) الخلاف 1:118 مسألة-94.
6- 6) المغني 1:563.
7- 7) غ،ح و ق بزيادة:العليّ العظيم.

و عافني» (1).

و قال بعض الشّافعيّة:لا بدّ مع الكلمات المقدّمة (2)من كلمتين ليقوم العدد سبعا مقام الحمد (3).و ليس بجيّد،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله اقتصر عليه في معرض السّؤال عن الإجزاء،و الجواب يتضمّن إعادة السّؤال،أمّا لو قيل بالاستحباب تحصيلا للمشابهة كان وجها.

السّادس:يجوز لمن لم يحفظ أن يقرأ في المصحف

(4)

و هو قول أكثر أهل العلم (5).

و قال أبو حنيفة:تبطل الصّلاة به إذا لم يكن حافظا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة أنّه كان يؤمّها عبد لها يقرأ في المصحف.رواه الأثرم و أبو داود (7). (8)و عن الزّهريّ:كان خيارنا يفعلونه (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحسن بن زياد الصّيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:ما تقول في الرّجل يصلّي و هو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السّراج قريبا منه؟قال:«لا بأس» (10).و لأنّ القدر الواجب هو القراءة محفوظة كانت أو لم تكن.

ص:70


1- 1سنن أبي داود 1:220 الحديث 832،مسند أحمد 4:353،356، [1]سنن البيهقيّ 2:381،سنن الدّار قطنيّ 1: 314 الحديث 2.
2- 2) م:المتقدّمة.
3- 3) المجموع 3:377،مغني المحتاج 1:160،المغني 1:564.
4- 4) ح:إن.
5- 5) المغني 1:648-649، [2]حلية العلماء 2:106.
6- 6) المغني 1:649،حلية العلماء 2:106.
7- 7) كذا في النّسخ،و الصّحيح:ابن أبي داود.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:177.
9- 9) المغني 1:649.
10- 10) التهذيب 2:294 الحديث 1184،الوسائل 4:780 الباب 41 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه عمل كثير فيكون مبطلا (1)،و بما رواه ابن عبّاس قال:نهانا أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أن نؤمّ النّاس في المصاحف و أن يؤمنّا إلاّ محتلم (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّه من أعمال الصّلاة فلا يكون مبطلا.و لأنّه نظر إلى موضع معيّن فلم تبطل الصّلاة به كما لو كان حافظا.

و عن الثّاني:أنّ النهي لتقديم المفضول فلا يتناول صورة النّزاع.

مسألة:و الأخرس يحرّك لسانه بالقراءة و يعقد بها قلبه

لأنّ القراءة معتبرة و قد تعذّرت فيأتي ببدلها و هو حركة اللّسان،و لا يكون بدلا إلاّ مع النيّة،و اكتفى الشّيخ بالأوّل (3)،و فيه نظر.

مسألة:و لا يقرأ في الثّالثة من كلّ فريضة و الرابعة سورة أُخرى بعد الحمد.

(4)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أهل العلم إلاّ الشّافعيّ في أحد القولين،فإنّه قال فيه:

يسنّ أن يقرأ سورة مع الفاتحة في الأخيرين (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الرّكعتين الأوّلتين (6)من الظّهر بأُمّ الكتاب و سورتين،و في الرّكعتين الأخيرتين (7)بأُمّ الكتاب (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:71


1- 1المغني 1:649.
2- 2) المغني 1:649.
3- 3) المبسوط 1:106. [1]
4- 4) أكثر النّسخ:و رابعة.
5- 5) الاُمّ 1:109،حلية العلماء 2:113،المجموع 3:386،المغني 1:650.
6- 6) غ:الأُوليين.
7- 7) ن:الأخيرين.
8- 8) سنن أبي داود 1:212 الحديث 798،سنن الدّارميّ 1:296، [2]سنن البيهقيّ 2:63،66.

السّلام:«و يقرأ الرّجل في الأخيرتين إذا صلّى وحده بفاتحة الكتاب» (1).

و روى في الصّحيح،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّكعتين الأخيرتين من الظّهر؟قال:«تسبّح و تحمد اللّه و تستغفر لذنبك،و إن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد و دعاء» (2).

احتجّ الشّافعيّ (3)بما روي،عن أبي بكر أنّه صلّى المغرب و قرأ في الأخيرة بأُمّ الكتاب و هذه الآية (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) (4)(5).

و الجواب:فعله ليس بحجّة مع معارضته لفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و اتّباع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أولى،مع أنّه يجوز أن يكون قد طلب بهذه الدّعاء لا القرآن.

مسألة:و لا يتعيّن الحمد في الثّالثة و الرّابعة من الفرائض بل يتخيّر المصلّي فيها و في التّسبيح أيّهما فعل أجزأه

ذهب إليه علماؤنا،و به قال أبو حنيفة (6)،و الثّوريّ،و النّخعيّ (7).

و قال الشّافعيّ (8)،و أحمد:يجب الحمد في كلّ ركعة (9).و قال مالك:يجب في معظم الصّلاة،

ص:72


1- 1التهذيب 2:295 الحديث 1186،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:98 الحديث 368،الاستبصار 1:321 الحديث 1199،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 1:650.
4- 4) آل عمران(3):8. [3]
5- 5) سنن البيهقيّ 2:64،كنز العمّال 8:105 الحديث 22100.
6- 6) المبسوط للسّرخسيّ 1:19،الهداية للمرغينانيّ 1:67،مجمع الأنهر 1:100-101،شرح فتح القدير 1: 394-395،بداية المجتهد 1:126،المجموع 3:361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،المغني 1:561، التفسير الكبير 1:216،تفسير القرطبيّ 1:124-125،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
7- 7) المغني 1:561،الشرح الكبير بهامش المغني 1:560،تفسير القرطبيّ 1:124،125. [4]
8- 8) الاُمّ 1:109،المجموع 3:361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:312،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج: 43،التفسير الكبير 1:216، [5]بداية المجتهد 1:126،المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560، تفسير القرطبيّ 1:119، [6]المبسوط للسّرخسيّ 1:18.
9- 9) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560،الإنصاف 2:112،زاد المستقنع:13،المجموع 3: 361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،تفسير القرطبيّ 1:119. [7]

فإن كانت ثلاثيّة وجبت في الأوّلتين،و إن كانت رباعيّة ففي ثلاث (1).

و قال الحسن:يجب في ركعة واحدة (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّه قرأ في الأوّلتين،و سبّح في الأخيرتين (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمد بن قيس (4)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا صلّى يقرأ في الأوّلتين من صلاته الظّهر سرّا،و يسبّح في الأخيرتين من صلاته الظّهر على نحو من صلاته العشاء، و كان يقرأ في الأوّلتين من صلاة العصر سرّا،و يسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء،و كان يقول:أوّل صلاة أحدكم الرّكوع» (5).

و ما تقدّم في (6)حديث عبيد بن زرارة (7)؛و لأنّ القراءة لو تعيّنت في الأخيرتين

ص:73


1- 1إرشاد السّالك:23،بداية المجتهد 1:126،مقدّمات ابن رشد 1:130،الهداية للمرغينانيّ 1:67،المجموع 3: 361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،التفسير الكبير 1:216،المبسوط للسّرخسيّ 1:18،المغني 1: 561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
2- 2) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560،المجموع 3:361،تفسير القرطبيّ 1:118، [1]بداية المجتهد 1:126،التفسير الكبير 1:216، [2]المبسوط للسّرخسيّ 1:18.
3- 3) تفسير القرطبيّ 1:125،المجموع 3:362.
4- 4) محمّد بن قيس أبو عبد اللّه البجليّ ثقة،عين،كوفيّ روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام له كتاب القضايا المعروف،رواه عنه عاصم بن حميد الحنّاط و يوسف بن عقيل،قاله النجاشيّ،و يظهر منه أنّه غير محمّد بن قيس الأسديّ،حيث قال في ذيل ترجمة محمّد بن قيس:أبو نصر الأسديّ،:و لنا محمّد بن قيس البجليّ و له كتاب يساوي كتاب محمّد بن قيس الأسديّ،و لكن ظاهر العلاّمة في القسم الأوّل من الخلاصة اتّحادهما حيث جمع بين كلامي النجاشيّ فقال:و هذا محمّد بن قيس البجلي يكنّى أبا عبد اللّه. رجال النجّاشي:323،رجال العلامة:150. [3]
5- 5) التّهذيب 2:97 الحديث 362،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 9. [4]
6- 6) ح و ق:من.
7- 7) تقدّمت في ص 72.

ليس فيها الجهر كالأوّلتين.

احتجّ الشّافعيّ (1)بما رواه أبو قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في أُوليي الظهر بأُمّ الكتاب و سورتين،و يقرأ في الأُخريين بأُمّ الكتاب (2).

و الجواب:لا منافاة بين فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ما اخترناه،لأنّ التّخيير لا يقتضي سقوط القراءة؛لأنّ للمصلّي أن يقرأ و أن يسبّح أيّهما شاء فعل.

و طعن الحنابلة في حديث عليّ بأنّ رواية الحارث الأعور (3)و قد قال الشّعبي إنّه كان كذّابا (4)،باطل،لأنّ المشهور من حال الحارث الصّلاح و ملازمته لعليّ عليه السّلام، أمّا الشّعبي فالمعلوم منه الانحراف عنه عليه السّلام و ملازمته لبني أُميّة و متابعته لهم حتّى عدّ في شيعتهم (5).

و أيضا:فقد تواتر النّقل عن أهل البيت عليهم السّلام بما ذكرناه (6)فلا عبرة بمخالفته (7)،و لأنّهما محلّ التّخفيف و لهذا (8)سقطا أصلا في بعض الفرائض كالصّبح و في السّفر و سقطت السّورة فيهما فكان التّخيير مناسبا (9).

ص:74


1- 1المجموع 3:362.
2- 2) سنن أبي داود 1:212 الحديث 799،سنن النّسائيّ 2:165،سنن الدّارميّ 1:296. [1]
3- 3) الحارث بن عبد اللّه الأعور الهمدانيّ،عنونه الكشّيّ بعنوان:الحارث الأعور،و قال:كان جليلا فقيها،و هو من الأولياء في أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام و قال المحقّق المامقانيّ:أنّ الأعور صفة له لا لأبيه،روى عن عليّ عليه السّلام و ابن مسعود،و عنه عمرو بن مرّة و أبو إسحاق. رجال الكشّيّ:88،تنقيح المقال 1:242، [2]تهذيب التّهذيب 2:145، [3]ميزان الاعتدال 1:435.
4- 4) المغني 1:561.
5- 5) تنقيح المقال 2:115: [4]الكنى و الألقاب 2:332.
6- 6) الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة.
7- 7) م و ن:بمخالفيه.
8- 8) غ:فلهذا.
9- 9) ح و ق:مناسبها.
فروع:
الأوّل:لا فرق بين القراءة و التّسبيح في الفضل للمنفرد

لثبوت التّخيير بينهما، و الحكم (1)بالفرق ينافي التّخيير بين الرّاجح و المرجوح.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن حنظلة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن الرّكعتين[الأخيرتين] (2)ما أصنع فيهما؟فقال:«إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب، و إن شئت فاذكر اللّه فهو سواء»قال:قلت فأيّ ذلك أفضل؟قال:«هما و اللّه سواء إن شئت سبّحت،و إن شئت قرأت» (3).

الثّاني:الأفضل للإمام القراءة و للمأموم التّسبيح

لأنّه ربّما يأتي مسبوق،فلو لم يقرأ الإمام لخلت (4)صلاة المسبوق من قراءة،لجواز أن يسبّح هو،و الأولى للمأموم التّسبيح وقت قراءة الإمام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت إماما فاقرأ في الرّكعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب،و إن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل» (5).

و روى،عن محمّد بن حكيم قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام،أيّما أفضل القراءة في الرّكعتين الأخيرتين أو التّسبيح؟فقال:«القراءة أفضل» (6).و حمله الشّيخ

ص:75


1- 1ق:و الحكمة.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:98 الحديث 369،الاستبصار 1:321 الحديث 1200،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
4- 4) ح:فخلت.
5- 5) التّهذيب 2:99 الحديث 371،الاستبصار 1:322 الحديث 1202،الوسائل 4:794 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 11. [2]
6- 6) التّهذيب 2:98 الحديث 370،الاستبصار 1:322 الحديث 1201،الوسائل 4:794 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 10. [3]

على الإمام (1)،جمعا بين هذه الرّواية و رواية ابن حنظلة.

و عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القراءة خلف الإمام في الرّكعتين الأخيرتين؟قال:«الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب و من خلفه يسبّح،فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما و إن شئت فسبّح» (2).

الثّالث:اختلف أصحابنا في المجزي من التّسبيح

فقال المفيد رحمه اللّه:يجزئ أربع تسبيحات أن يقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر (3).و اختاره الشّيخ في الاستبصار (4).و قال في المبسوط و الجمل:هو مخيّر بين القراءة و عشر تسبيحات صورتها:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه.ثلاث مرّات و يقول عقيب الثّالثة:و اللّه أكبر (5).و به قال ابن أبي عقيل،و السيّد المرتضى في المصباح (6)،و ابن إدريس (7).و قال في النهاية:اثنى عشر تسبيحة،يضيف قوله:و اللّه أكبر إلى الثّلاث (8).

و قال أبو الصّلاح:مخيّر (9)بين الحمد و ثلاث تسبيحات:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه (10).و قال حريز بن عبد اللّه السّجستانيّ في كتابه:تسع تسبيحات (11).أسقط التّكبير و كرّر التّسبيح و التّحميد و التّهليل ثلاثا،و به قال أبو جعفر بن بابويه (12).

ص:76


1- 1التّهذيب 2:98،الاستبصار 1:322.
2- 2) التّهذيب 2:294 الحديث 1185،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
3- 3) المقنعة:18. [2]
4- 4) الاستبصار 1:321.
5- 5) المبسوط 1:106، [3]الجمل و العقود:69.
6- 6) نقله عنهما في المعتبر 2:189. [4]
7- 7) السّرائر:46.
8- 8) النّهاية:76. [5]
9- 9) ح و ق:يتخيّر.
10- 10) الكافي في الفقه:117. [6]
11- 11) السّرائر:479-480.
12- 12) الفقيه 1:256.

و الأقرب الأوّل.

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ما يجزئ من القول في الرّكعتين الأخيرتين؟قال:«أن تقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و تكبّر و تركع» (1).و هذا نصّ في الباب.

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت في الرّكعتين لا تقرأ فيهما فقل:الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر» (2).و هذا يدلّ على الاجتزاء بذلك،لكنّا أوجبنا التّهليل لرواية زرارة،فيبقى سقوط ما زاد مستفادا منهما، و قوله عليه السّلام قال:«لا تقرأ»ليس نهيا له عن القراءة بل (3)بمعنى غير،كأنّه قال:غير قارئ،فيكون حالا.و لأنّ الأصل برأيه الذمّة،و قول حريز رواه في كتابه،عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تقرأ في الرّكعتين الأخيرتين من الأربع الرّكعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام»قال:قلت:فما أقول فيهما؟قال:«إن كنت إماما فقل:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه (4)ثلاث مرّات ثمَّ تكبّر و تركع، و إن كنت خلف إمام فلا تقرأ شيئا في الأُوليين (5)و أنصت لقراءته و لا تقولنّ شيئا في الأخيرتين (6)،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول للمؤمنين (وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) يعني في الفريضة خلف الإمام (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (7)و الأخيرتان تبع

ص:77


1- 1التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:99 الحديث 372،الاستبصار 1:322 الحديث 1203،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 7. [2]
3- 3) ح و ق بزيادة:نهى.
4- 4) ح و ق بزيادة:و اللّه أكبر.
5- 5) ن و ح:الأوّلتين.
6- 6) م،ن،ق و ح:الآخرتين.
7- 7) الأعراف(7):204. [3]

الأوّلتين» (1).و النّهي هاهنا متوجّه على من يعتقد وجوب القراءة،فقال عليه السّلام:«لا تقرأ»بمعنى (2)معتقدا وجوب القراءة على التّعيين،و هذه الرّواية محمولة على الفضيلة لما قدّمناه من الرّواية (3).

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّكعتين الأخيرتين من الظّهر؟قال:«تسبّح و تحمد اللّه و تستغفر لذنبك و إن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد و دعاء» (4).فما تضمّنته هذه الرّواية من الاستغفار الأقرب أنّه ليس بواجب؛لرواية زرارة (5).

الرّابع:الأقرب أنّ ترتيب هذه الأذكار واجب

عملا بالاحتياط و برواية زرارة (6)،و في رواية الحلبيّ تقديم الحمد على التّسبيح (7)،و هو محمول على بيان التّسبيح لا على ترتيبه.

مسألة:القراءة ليست بركن و إن كانت واجبة،فتبطل الصّلاة بالإخلال بها عمدا لا سهوا

و هو مذهب أكثر علمائنا (8).و حكى الشّيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا أنّ

ص:78


1- 1الفقيه 1:256 الحديث 1158 و 1160،الوسائل 4:791 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) ح:يعني.
3- 3) هي رواية زرارة و الحلبيّ المتقدّمة في ص 65.
4- 4) التّهذيب 2:98 الحديث 368،الاستبصار 1:321 الحديث 1199،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [4]
7- 7) التّهذيب 2:99 الحديث 372،الاستبصار 1:322 الحديث 1203،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 7.
8- 8) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:105،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن إدريس في السّرائر:50،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:81.

القراءة ركن تبطل الصّلاة بتركها عمدا و سهوا (1)(2).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ و النّسيان» (3).و ارتفاع عينه محال فلا يكون مرادا فيحمل على ارتفاع حكمه،لأنّه أقرب مجاز (4)إلى الحقيقة،إذ نفي الماهيّة (5)يستلزم نفي جميع صفاتها،و أعمّها ما ذكرناه.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

«إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض الرّكوع و السّجود و القراءة سنّة،فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصّلاة،و من نسي القراءة فقد تمّت صلاته و لا شيء عليه» (6).

و عن منصور بن حازم في الموثّق قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها،فقال:«أ ليس قد أتممت الرّكوع و السّجود؟» قلت:بلى قال:«فقد تمّت صلاتك إذا كنت ناسيا» (7).

احتجّ المخالف (8)بقوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (9).

ص:79


1- 1ح:أو سهوا.
2- 2) المبسوط 1:105.
3- 3) الوسائل 4:1284 [1] الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 2.و من طريق العامّة ينظر:سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2043،2045، كنز العمّال 12:155 الحديث 34458،سنن الدّار قطنيّ 4:170.في الجميع:بتفاوت يسير.
4- 4) غ،ح و ق:مجازا.
5- 5) م و ح:المهيّة.
6- 6) التّهذيب 2:146 الحديث 569،الوسائل 4:767 الباب 27 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
7- 7) التّهذيب 2:146 الحديث 570،الوسائل 4:769 الباب 29 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
8- 8) المغني 1:555،المهذّب للشّيرازيّ 1:72،المجموع 3:327،332.
9- 9) ورد هذا الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»في صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1: 295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247،سنن النّسائيّ 2:137.و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695 و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

و الجواب:أنّه مع الذّكر لما بينّاه.

فرع:

لو أخلّ بالقراءة في الأُوليين (1)ناسيا لم تتعيّن في الآخرتين (2)على إحدى الرّوايتين، بل يبقى على التّخيير و هو الأقوى عملا بعموم الأخبار الدّالة على التّخيير (3).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:الرّجل يسهو عن القراءة في الرّكعتين الأوّلتين فيذكر في الرّكعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ،قال:«أتمّ الرّكوع و السّجود؟»قلت:نعم،قال:«إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها» (4).

و اختار الشّيخ في الخلاف أنّه يقرأ في الآخرتين قال:و روي أنّ التّخيير قائم، و احتجّ بأنّ الصّلاة تخلو من قراءة،و قال عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (5).

و الجواب:ما تقدّم.

مسألة:و في جواز القران بين سورتين مع الحمد في كلّ ركعة من الفرائض قولان:

أحدهما:المنع،اختاره الشّيخ في النّهاية و المبسوط (6)و قوّاه في الخلاف (7)، و اختاره السيّد المرتضى (8)،و أومأ الشّيخ في الاستبصار إلى الكراهية (9)،و قال في

ص:80


1- 1ح:الأوّلتين.
2- 2) غ:الأخيرتين،م و ن:الآخرين.
3- 3) الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة. [1]
4- 4) التّهذيب 2:146 الحديث 571،الاستبصار 1:354 الحديث 1337،الوسائل 4:770 الباب 30 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) الخلاف 1:117 مسألة-93.
6- 6) النهاية:75،المبسوط 1:107.
7- 7) الخلاف 1:115 مسألة-87.
8- 8) الانتصار:44.
9- 9) الاستبصار 1:317.

المبسوط:قراءة سورة بعد الحمد واجب غير أنّه إن قرأ بعض سورة أو قرن بين سورتين بعد الحمد لا يحكم ببطلان الصّلاة (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي في كلّ ركعة بسورة (2)واحدة بعد الحمد (3)،و متابعته واجبة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

سألته عن الرّجل يقرأ السّورتين في الرّكعة؟فقال:«لا،لكلّ سورة ركعة» (4).

و ما رواه،عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أقرأ سورتين في ركعة؟قال:«نعم»قلت:أ ليس يقال:أعط كلّ سورة حقّها من الرّكوع و السّجود؟فقال:

«ذلك في الفريضة فأمّا النّافلة فليس به بأس» (5).دلّ بمفهومه على ثبوت البأس في الفريضة،و لأنّ يقين البراءة يثبت بقراءة سورة واحدة للاتّفاق عليه،بخلاف الجمع فيكون المصير إليه أولى.

احتجّ المجوّزون بما رواه الشّيخ في الموثّق عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:

«إنّما يكره أن يجمع بين السّورتين في الفريضة فأمّا النّافلة فليس به بأس» (6).

و ما رواه،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القران بين السّورتين في المكتوبة و النّافلة؟قال:«لا بأس» (7).و لأنّ الأصل الجواز فيصار إليه.

ص:81


1- 1المبسوط 1:107. [1]
2- 2) ح و ق:سورة.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:193،سنن أبي داود 1:212 الحديث 798-799،سنن النسائيّ 2:165.
4- 4) التّهذيب 2:70 الحديث 254،الاستبصار 1:314 الحديث 1168،الوسائل 4:740 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:70 الحديث 257،الاستبصار 1:316 الحديث 1179،الوسائل 4:741 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 258،الوسائل 4:741 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
7- 7) التّهذيب 2:296 الحديث 1192،الاستبصار 1:317 الحديث 1181،الوسائل 4:742 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 9. [5]

و الجواب عن الأوّل:أنّ حديثنا أصحّ طريقا و كان العمل به أولى،و لأنّ الكراهية يشتمل (1)التّحريم،و يدلّ على إرادته قوله عليه السّلام:«فأمّا النّافلة فليس به بأس».

و عن الثّاني:أنّه معارض بما تلوناه من الأحاديث.

و عن الثّالث:أنّه معارض بالاحتياط،و بالجملة فنحن في هذه المسألة من المتردّدين.

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين أهل العلم في جواز القران بين السّورتين و أكثر في النّافلة

فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرأ سورة البقرة و آل عمران و النّساء في ركعة (2).و ما تقدّم من الأحاديث يدلّ عليه.

الثّاني:هل القران مبطل عند القائلين بتحريمه؟

قال الشّيخ في النّهاية:تبطل (3)، و قال في المبسوط:لا تبطل (4)و إن كان غير جائز.و فيه تردّد ينشأ من كونه فعلا كثيرا منهيّا عنه.

الثّالث:قال الشّيخان و ابن بابويه و علم الهدى:الضّحى و ألم نشرح سورة واحدة

(5)(6)

لا تفرد إحداهما عن الأُخرى،و كذا الفيل و لإيلاف (7).

ص:82


1- 1ن:تشمل.
2- 2) صحيح مسلم 1:536 الحديث 772،المغني 1:572.
3- 3) النّهاية:76.
4- 4) المبسوط 1:107.
5- 5) ينظر قول الشّيخ الطّوسيّ في النّهاية:78،و [1]المبسوط 1:107،و [2]لم نعثر على قول للمفيد بهذا الخصوص في المصادر الموجودة لدينا،و في المعتبر 2:187(.و [3]به قال الشّيخان في النّهاية و المبسوط.)و هي كما ترى غير متلائمة.
6- 6) الهداية:31، [4]الفقيه 1:200.
7- 7) الانتصار:44.

و احتجّوا على ذلك بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زيد الشّحّام قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام الفجر فقرأ الضّحى و ألم نشرح في ركعة واحدة (1).

و ذكر أحمد بن محمّد بن أبي نصر في كتابه عن المفضّل قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ الضّحى و أَ لَمْ نَشْرَحْ و سورة الفيل و لِإِيلافِ قُرَيْشٍ » (2).و هاتان الرّوايتان غير دالّتين على مطلوبهم،إذ أقصى ما يدلّ عليه الجواز،أمّا الوجوب فلا.

الرّابع:هل تعاد البسملة بين الضّحى و ألم نشرح و بين الفيل و لإيلاف؟قال

الشّيخ في التّبيان:لا تعاد

(3)و قال في الاستبصار:الضّحى و ألم نشرح عند آل محمّد عليه و عليهم السّلام سورة واحدة و ينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا،و لا يفصل بينهما ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الفرائض (4).و قال ابن إدريس:تجب قراءة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الاُولى و الثّانية (5).و هو الوجه عندي،لأنّها ثابتة في المصحف فتكون آية منها.

احتجّ الشّيخ بأنّهما سورة واحدة فلا يعاد بينهما البسملة (6).

و الجواب:المنع من وحدتهما،و ما ذكرتموه إنّما يدلّ على وجوب قراءتهما أمّا على وحدتهما فلا،بل رواية المفضّل تدلّ على تسميتهما سورتين،لأنّ الاستثناء متّصل.

مسألة:و في جواز قراءة سورة من العزائم الأربع في الفرائض قولان

أكثر علمائنا

ص:83


1- 1التّهذيب 2:72 الحديث 266،الاستبصار 1:317 الحديث 1182،1183،الوسائل 4:743 الباب 10 من أبواب القراءة الحديث 1،2. [1]
2- 2) المعتبر 2:188، [2]الوسائل 4:744 الباب 10 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
3- 3) التبيان 10:371. [4]
4- 4) الاستبصار 1:317.
5- 5) السّرائر:46.
6- 6) الاستبصار 1:317.

على المنع (1).و قال ابن الجنيد منّا:لو قرأ سورة من العزائم في النّافلة سجد،و إن كان في فريضة أومأ،فإذا فرغ قرأها و سجد (2).و هذا يدلّ على التّسويغ.و أطبق الجمهور على الجواز.

لنا:أنّه لو جاز ذلك لزم أحد محذورين (3)إمّا زيادة السّجود في الصّلاة و هو مبطل لها،و إمّا ترك السّجود مع توجّه الأمر به و كلاهما منفيّان.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم،فإنّ السّجود زيادة في المكتوبة» (4).

و ما رواه،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة قال:من قرأ:اقرأ باسم ربّك،فإذا ختمها فليسجد،فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب و ليركع،قال:و إن ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزئك الإيماء و الرّكوع و لا تقرأ في الفريضة و اقرأ في التّطوّع (5).و الحديثان و إن كانا لا يخلوان من ضعف.

أمّا الأوّل:فلأنّ في طريقها ابن بكير و هو فطحيّ،و القاسم بن عروة (6)و لا

ص:84


1- 1منهم:السيّد المرتضى في الانتصار:43،و الجمل:60،و الشّيخ الطّوسيّ في النّهاية:77،و ابن إدريس في السّرائر:45،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:175. [1]
3- 3) ح و ق:المحظورين.
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 361،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1174،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
6- 6) القاسم بن عروة أبو محمّد،مولى أبي أيّوب الخوزيّ بغداديّ و بها مات،و روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له كتاب.قال المامقانيّ: اختلفت الآراء فيه،فمنهم من ضعّفه كما ظهر من المصنّف حيث إنّه لم يذكره في الخلاصة،و قال هنا و في مواضع من المختلف:لم يحضرني الآن حاله.و منهم من حسّنه،إلى أن قال:و الإنصاف أنّ عدّ حديث الرّجل في الصّحيح و عدّه في الضّعيف في طرفي الإفراط و التّفريط،و القول الفصل،هو عدّ حديثه من الحسن. رجال الطّوسيّ:276،الفهرست:127، [4]رجال النّجاشيّ:314،تنقيح المقال 2:21 باب القاف. [5]

يحضرني حاله.

و أمّا الثاني:فلأنّ في طريقها عثمان بن عيسى و سماعة و هما واقفيّان،و هي موقوفة لم يسندها سماعة إلى إمام،فإنّ فتوى أكثر الأصحاب على المنع،و الاحتياط دالّ عليه.

و يمكن أن يجوّز على قول الشّيخ من جواز الاقتصار على بعض السّورة،فيقرأ حتّى يبلغ السّجدة و يترك (1)،أو نقول:يجوز على قول من يجوّز الزّيادة على السّورة،فيترك إذا بلغ السّجدة و يقرأ من غيرها.و قد رواها الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم،فقال:«إذا بلغ موضع السّجدة فلا يقرأها،و إن أحبّ أن يرجع فيقرأ سورة غيرها و يدع الّتي فيها السّجدة و يرجع إلى غيرها» (2).

مسألة:و يحرم عليه أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته

كما لو ضاق الوقت فقرأ بالبقرة و أشباهها،بحيث يعلم خروج الوقت قبل الإتمام.ذكره الشّيخ في المبسوط (3)و هو الاختيار؛لأنّه يلزم منه الإخلال بالصّلاة أو بعضها حتّى يخرج الوقت عمدا و ذلك غير جائز.

مسألة:و يجب على المصلّي الجهر في الصّبح،و أُوليي المغرب،و أُوليي العشاء

(4)(5)

و الإخفات في ثالثة المغرب و الظّهرين معا،و الأخيرتين (6)من العشاء.ذهب إليه أكثر علمائنا (7)،و هو قول ابن أبي ليلى من الجمهور (8).

ص:85


1- 1لم نعثر على قوله هذا.
2- 2) التّهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المبسوط 1:108.
4- 4) غ:و أوّلتي.
5- 5) غ:و أوّلتي.
6- 6) غ:و الآخرتين.
7- 7) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:108،و ابن إدريس في السّرائر:45،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82. [2]
8- 8) حكاه المحقّق في المعتبر 2:176. [3]

و قال علم الهدى في المصباح:هو من وكيد السّنن حتّى روي أنّ من تركها عامدا أعاده (1).و قال ابن الجنيد:هو مستحبّ (2)،و هو مذهب الجمهور كافّة.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يجهر فيما قلناه و يسرّ فيما عداه (3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (4).و لأنّه مستحبّ عندهم فنقول:إنّه عليه السّلام لمّا بيّن الصّلاة إن كان قد فعل ما فصّلناه وجب اتّباعه (5)؛لأنّه بيان للواجب،و إن كان قد خالف وجب اتّباعه،و لم يقل به أحد.و لأنّه يلزم منه عدول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من المسنون إلى المكروه و هو قبيح.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه و أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه،فقال:«أيّ ذلك فعل متعمّدا (6)فقد نقض (7)صلاته و عليه الإعادة،و إن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه و قد تمّت صلاته» (8).

و روى ابن بابويه في كتابه،عن محمّد بن حمران (9)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:86


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:176. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:176. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:193-197،سنن أبي داود 1:213-216،سنن البيهقيّ 2:194-195.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [3]مسند أحمد 5:53.
5- 5) غ:إيقاعه.
6- 6) غ،م،ن و ق:إن فعل ذلك متعمّدا.
7- 7) ق:نقص.
8- 8) التّهذيب 2:162 الحديث 635،الاستبصار 1:313 الحديث 1163،الوسائل 4:766 الباب 26 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
9- 9) في النّسخ:محمّد بن حمران،و في الفقيه:محمّد بن عمران،و كلاهما وقع في طريق الصّدوق رحمة اللّه عليه،فلا بدّ للتعرّض لكلّ منهما:أمّا الأوّل:فهو محمّد بن حمران النهديّ أبو جعفر البزّاز،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام و قال النّجاشيّ:ثقة كوفيّ الأصل نزل جرجرايا.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. و نقل المحقّق المامقانيّ عن الأردبيليّ القول باتّحاده مع محمّد بن حمران بن أعين،و ردّه بأنّ ذاك مولى بني شيبان دون هذا و هذا نهديّ فالحقّ أنّ البناء على اتّحادهما اشتباه و الصّواب التعدّد.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ محمّد بن حمران الّذي في طريق الصّدوق هو النّهديّ لعدم وجود رواية واحدة عن ابن أعين في الفقيه. أمّا الثّاني:فهو محمّد بن عمران العجليّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام و قال المحقّق المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:285،322،رجال النّجاشيّ:359،رجال العلاّمة:158، [5]تنقيح المقال 3:110،166، [6]معجم رجال الحديث 16:49. [7]

الجهر في صلاة الجمعة و المغرب و العشاء الآخرة و الغداة،و الإخفات في الظّهر و العصر (1).و روى نحوه عن الفضل عن الرّضا عليه السّلام (2).

احتجّ ابن الجنيد:بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلّي الفريضة ممّا يجهر فيه هل له أن لا يجهر؟قال:

«إن شاء جهر و إن شاء لم يفعل» (3).قال الشّيخ في الاستبصار:هذا الخبر موافق للعامّة و لسنا نعمل به،و العمل على الخبر الأوّل (4).و هو جيّد،لجواز أن يكون قد خرج مخرج التقيّة فلا تعويل عليه حينئذ.

فروع:
الأول:أقلّ الجهر الواجب أن يسمع غيره القريب أو يكون بحيث يسمع لو كان

سامعا

بلا خلاف بين العلماء،و الإخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع (5)لو كان سامعا

ص:87


1- 1الفقيه 1:202 الحديث 925،الوسائل 4:764 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:203 الحديث 927،الوسائل 4:763 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:162 الحديث 636،الاستبصار 1:313 الحديث 1164،الوسائل 4:765 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 6. [3]
4- 4) الاستبصار 1:313.
5- 5) غ،م و ن:سمع.

و هو وفاق؛لأنّ الجهر هو الإعلان و الإظهار و هو يتحقّق بسماع الغير القريب فيكتفى (1)به،و الإخفات السّرّ،و إنّما حدّدناه بما قلناه،لأنّ ما دونه لا يسمّى كلاما و لا قرآنا و ما زاد عليه يسمّى جهرا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة عن الباقر عليه السّلام قال:

«لا يكتب من القراءة و الدّعاء إلاّ ما أسمع نفسه» (2).

و في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل يقرأ الرّجل في صلاته و ثوبه على فيه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا أسمع أُذنيه الهمهمة» (3).

و عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن قوله تعالى (وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها) (4)قال:«المخافتة دون سمعك،و الجهر أن ترفع صوتك شديدا» (5).

و قد خرج (6)بهذا الجواب بيان فساد من استدلّ بهذه الآية على التّخيير بين الجهر و الإخفات،لأنّ ظاهرها غير مراد قطعا،إذ نفي الجهر و الإخفات مع القراءة غير ممكن، فلا بدّ من صرفها إلى ما قاله عليه السّلام.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلح له أن يقرأ في صلاته و يحرّك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟قال:«لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهّم توهّما» (7).لأنّ الشّيخ

ص:88


1- 1ن و م:فيكفي.
2- 2) التّهذيب 2:97 الحديث 363،الاستبصار 1:320 الحديث 1194،الوسائل 4:773 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:97 الحديث 364،الاستبصار 1:320 الحديث 1195،الوسائل 4:774 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 4. [2]
4- 4) الإسراء(17):110. [3]
5- 5) التّهذيب 2:290 الحديث 1164،الوسائل 4:773 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
6- 6) ح و ق:صرّح.
7- 7) التّهذيب 2:97 الحديث 365،الاستبصار 1:321 الحديث 1196،الوسائل 4:774 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 5. [5]

حمل هذه الرّواية على من كان مع قوم لا يقتدي بصلاتهم و يخاف من إسماعه نفسه بالقراءة (1)،و استدلّ عليه بما رواه محمّد بن أبي حمزة،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك من القراءة معهم مثل حديث النّفس» (2).

الثّاني:ليس على المرأة جهر في شيء من الصّلوات كافّة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛لأنّ صوتها عورة فلا يجوز لها إبرازه إلى الرّجال،نعم لا تقصر في الإخفات عن إسماع نفسها لو كانت تسمع.

الثّالث:حكم القضاء حكم الأداء في الجهر و الإخفات

بلا خلاف عندنا،سواء كان القضاء مفعولا في نهار أو ليل،و قد أجمع أهل العلم على الإسرار في صلاة النّهار إذا قضيت في نهار أو ليل،و كذا صلاة اللّيل إذا قضيت في اللّيل جهر بها،و إن قضاها بالنّهار جهر بها عندنا.و به قال أبو حنيفة،و أبو ثور،و ابن المنذر (3).و قال الشّافعيّ:يسرّ بها.و هو قول الأوزاعيّ،و أحمد (4).

لنا:قوله عليه السّلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (5).و لا يتحقّق المشابهة إلاّ بما قلناه.

احتجّوا بأنّها صلاة نهار فتدخل تحت قوله عليه السّلام:«إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في صلاة النّهار فارجموه بالبعر» (6).رواه

ص:89


1- 1التّهذيب 2:97،الاستبصار 1:321.
2- 2) التّهذيب 2:97 الحديث 366،الاستبصار 1:321 الحديث 1197،الوسائل 4:796 الباب 52 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 1:643،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:570.
4- 4) يراجع:نفس المصادر.
5- 5) عوالي الئالي 2:54 الحديث 143 و ج 3:107 الحديث 150.
6- 6) المغني 1:643،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:570،المهذّب للشيرازيّ 1:74،كنز العمّال 7:444 الحديث 19706-19708.

أبو حفص (1).

و الجواب:المنع من كونها صلاة نهار و إن فعلت فيه،و لهذا ينوي قضاء صلاة العشاء مثلا.

الرّابع:الجهر على الإمام واجب عندنا في المواضع المذكورة

و عند الجمهور مستحبّ.أمّا المأموم فلا خلاف في أنّه لا يسنّ له الجهر،أمّا عندنا فلأنّه يجب عليه الإنصات أو يستحبّ له،و أمّا عندهم فلأنّه يستحبّ له الإنصات.و أمّا المنفرد فإنّه يجب عليه الجهر عندنا في المواضع المذكورة،و عند الشّافعيّ يستحبّ (2)،لأنّه غير مأمور بالإنصات فكان كالإمام.و قال أحمد:لا يستحبّ له الجهر (3)؛لأنّه غير مأمور بإسماع غيره فلا يستحبّ له.و الأوّل أصحّ.

الخامس:لو ترك الجهر أو الإخفات في موضعه ناسيا أو جاهلا بوجوبه فلا إعادة عليه

لرواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام،و قد تقدّمت (4).

و لو ذكر في أثناء القراءة التّرك انتقل إلى ما يجب عليه من الجهر أو الإخفات و لا يستأنف القراءة؛لأنّه لو ذكر بعد فوات قراءتها لم يستأنف فكذا حكم أبعاضها.

السّادس:يستحبّ للإمام أن يجهر بقراءته بحيث يسمعه المأمومون ما لم يبلغ صوته حدّ العلوّ المفرط

و هو إجماع العلماء كافّة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّما يقول،و لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئا ممّا

ص:90


1- 1عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز الباهليّ أبو حفص الصّيرفيّ الفلاس،روى عن عبد الوهّاب الثقفيّ و يزيد بن زريع و معاذ بن معاذ،و روى عنه أبو زرعة و أبو حاتم،و روى النّسائيّ عن زكريّا السّجزيّ عنه.مات سنة 249 ه. تهذيب التّهذيب 8:80. [1]
2- 2) المغني 1:643،المهذّب للشيرازيّ 1:174.
3- 3) المغني 1:643.
4- 4) تقدّمت في ص 88.

يقول» (1).

السّابع:الجهر إنّما يجب في القراءة خاصّة

و لا يجب في شيء من أذكار الصّلاة؛لأنّ الأصل عدمه.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال:سألته عن التّشهّد و القول في الرّكوع و السّجود و القنوت للرّجل أن يجهر به؟قال:«إن شاء جهر و إن شاء لم يجهر» (2).

نعم يستحبّ للإمام الجهر به؛لرواية أبي بصير (3)؛و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه التّشهّد و لا يسمعونه شيئا» (4).

الثّامن:لا خلاف بين علمائنا القائلين بوجوب الجهر أنّه يجب الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في المواضع الّتي تجهر فيها بالقراءة

؛لأنّها آية من الحمد و السّورة فيجب الجهر بها.

و الجمهور اختلفوا فقال الشّافعيّ و من تبعه:يجهر بها مطلقا (5).و أبو حنيفة و من تبعه قالوا:يسرّ بها مطلقا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّه قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و قال:أنا

ص:91


1- 1التّهذيب 2:102 الحديث 383،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:102 الحديث 385،الوسائل 4:917 الباب 20 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
3- 3) تقدّمت في نفس الصفحة رقم 1.
4- 4) التّهذيب 2:102 الحديث 384،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [3]
5- 5) المجموع 3:341،حلية العلماء 2:103،ميزان الكبرى 1:141،أحكام القرآن للجصّاص 1:16،سنن التّرمذيّ 2:16،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المغني 1:557.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 1:16،المبسوط للسرخسيّ 1:15،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المجموع 3:342، حلية العلماء 2:104،ميزان الكبرى 1:141،بداية المجتهد 1:124.

أشبهكم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن أُمّ سلمة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى فقرأ:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (2).و مثله رواه ابن المنذر (3).و الإخبار بالقراءة يستلزم السّماع و هو معنى الجهر.

و روى أبو هريرة أنّه قال:ما أسمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسمعناكم و ما أخفى علينا أخفينا عليكم (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و أخفى ما سوى ذلك (5).

و عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام في مسجد بني كأهل فجهر مرّتين ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم،و قنت في الفجر،و سلّم واحدة ممّا يلي القبلة (6).

و في الموثّق،عن مسمع البصريّ قال:صلّيت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،الحمد للّه ربّ العالمين،ثمَّ قرأ السّورة (7).و لأنّها آية من الحمد

ص:92


1- 1سنن النّسائيّ 2:134،سنن البيهقيّ 2:46.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:44.
3- 3) المغني 1:556،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:195،صحيح مسلم 1:297 الحديث 396،سنن أبي داود 1:211 الحديث 797،سنن النّسائيّ 2:163،سنن البيهقيّ 2:40.
5- 5) التّهذيب 2:68 الحديث 246،الاستبصار 1:310 الحديث 1154،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
6- 6) التّهذيب 2:288 الحديث 1155،الاستبصار 1:311 الحديث 1157،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 4. [2]
7- 7) التّهذيب 2:288 الحديث 1154،الاستبصار 1:311 الحديث 1158،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]

و غيرها فكان لها حكم باقي الآيات.

احتجّ المخالف بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأ الفاتحة و لم يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (1).روته عائشة (2).فدلّ على عدم الجهر فيها.

و الجواب:لعلّها لم تسمعه لبعدها عنه،و قد ثبت أنّه عليه السّلام قرأها.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ و محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهما سألاه عمّن يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب؟قال:«نعم،إن شاء سرّا،و إن شاء جهرا» (3).

لأنّا نحمل هذه الرّواية على الصّلاة الإخفاتيّة،جمعا بين الأدلّة.

التّاسع:قال أكثر علمائنا يستحبّ الجهر بها في موضع الإخفات

(4)قال علم الهدى:

و من أصحابنا من يرى الجهر بها في كلّ صلاة للإمام،أمّا المنفرد فيجهر بها في صلاة الجهر، و يخفت بها في الإخفات (5).و قال ابن إدريس:إنّما يستحبّ الجهر بها في أوّلتي الظّهر و العصر دون أواخرهما،و ثالثة المغرب و اخرى العشاء (6)(7).

لنا:ما تقدّم من حديث صفوان (8).

و ما رواه الشّيخ،عن أبي حمزة الثماليّ قال:قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«يا

ص:93


1- 1المغني 1:557،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:553.
2- 2) سنن أبي داود 1:208 الحديث 783،سنن البيهقيّ 2:51،التفسير الكبير 1:201. [1]
3- 3) التّهذيب 2:68 الحديث 249،الاستبصار 1:312 الحديث 1161،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
4- 4) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:113 مسألة-83،و القاضي ابن البرّاج في المهذّب 1:92،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:117،و [3]المحقق الحلّيّ في الشرائع 1:82. [4]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:180. [5]
6- 6) كذا في النّسخ،و الأنسب:اُخريي العشاء.
7- 7) السّرائر:45.
8- 8) تقدّم في ص 92.

ثماليّ إنّ الصّلاة إذا أُقيمت جاء الشّيطان إلى قرين الإمام فيقول:هل ذكر ربّه؟فإن قال:

نعم،ذهب،و إن قال:لا،ركب على كتفيه،فكان إمام القوم حتّى ينصرفوا»قال:فقلت:

جعلت فداك أ ليس يقرؤن القرآن؟قال:«بلى ليس حيث تذهب يا ثماليّ إنّما هو الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم» (1).و ذلك مطلق فيجري على إطلاقه إلى أن يظهر المقيّد، و تخصيص ابن إدريس استحباب الجهر بما يتعيّن فيه القراءة ممّا لا وجه له،و تمسّكه بالاحتياط غير دالّ عليه،و احتجاجه بقول الشّيخ في الجمل:و يستحبّ الجهر بها في الموضعين (2).فاسد،لاحتمال أن يكون مراده أوّل الحمد و أوّل السّورة لا الظّهر و العصر كما فهمه هو.

العاشر:يجوز الإسرار بها حالة التقيّة و إن وجب الجهر بها،للضّرورة

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي جرير زكريّا بن إدريس القمّيّ قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يصلّي بقوم يكرهون أن يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟فقال:«لا يجهر» (3).

الحادي عشر:المستحبّ في نوافل النّهار المخافتة،و في نوافل اللّيل الجهر بالقراءة

و هو مذهب علمائنا أجمع،لما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في صلاة النّهار فارجموه بالبعر» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحسن بن فضّال،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«السنّة في صلاة النّهار بالإخفات،و السنّة في صلاة اللّيل

ص:94


1- 1التّهذيب 2:290 الحديث 1162،الوسائل 4:758 الباب 21 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) الجمل و العقود:71-72.
3- 3) التّهذيب 2:68 الحديث 248،الاستبصار 1:312 الحديث 1160،الوسائل 4:747 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
4- 4) كنز العمّال 7:444 الحديث 19706-19708 و فيه:عن بريدة،المغني 1:643.

بالإجهار» (1).و لأنّ فيه تنبيها للنّائم بخلاف النّهار لأنّه ربّما يشوبه (2)رياء.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يسكت بعد قراءة الحمد و بعد السّورة

و به قال أحمد،و الأوزاعيّ،و الشّافعيّ،و كرهه مالك،و أصحاب الرّأي (3)،و قال بعضهم:يسكت عقيب الافتتاح و بعد الحمد خاصّة (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن الأثرم،عن عروة بن الزّبير قال:أمّا أنا فأغتنم من الإمام اثنتين (5)إذا قال (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ) (6).فأقرأُ عندها و حين يختم السّورة فأقرأُ قبل أن يركع (7).و هذا يدلّ على اشتهار ذلك فيما بينهم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن غياث بن كلّوب (8)،عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام أنّ رجلين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اختلفا في صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كم كان له من سكتة؟فكتبا إلى ابيّ بن كعب فقال:كان له سكتتان:إذا فرغ من أُمّ القرآن،و إذا فرغ من السّورة (9).و لأنّ المقتضي لسكوته بعد الحمد موجود بعد السّورة.

ص:95


1- 1التّهذيب 2:289 الحديث 1161،الاستبصار 1:313 الحديث 1165،الوسائل 4:759 الباب 22 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) ن و م:يشعر به.
3- 3) المغني 1:567.
4- 4) المغني 1:567.
5- 5) ح و ق:آيتين.
6- 6) الفاتحة(1):7. [2]
7- 7) المغني 1:567.
8- 8) غياث بن كلّوب بن فيهس البجليّ،عدّه الشّيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم،و قال:روى عنه الصفّار،و قال في الفهرست:له كتاب عن إسحاق بن عمّار،و قال النجاشيّ:له كتاب أخبرنا ابن شاذان.،و قد أهمله المصنّف في الخلاصة. رجال الطّوسيّ:489،رجال النجّاشيّ:305،الفهرست:123. [3]
9- 9) التّهذيب 2:297 الحديث 1196،الوسائل 4:785 الباب 46 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب و سورة أُخرى في النّفس الواحد؟قال:«إن شاء قرأ في نفس و إن شاء غيره» (1).لأنّ النّدب لا ينافي التّخيير.

مسألة:المعوّذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في الفرائض

بلا خلاف بين أهل العلم كافّة،و خلاف الآحاد انقرض.روى الشّيخ،عن منصور بن حازم قال:أمرني أبو عبد اللّه عليه السّلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة (2).

و عن داود بن فرقد،عن مولى بسّام (3)قال:أمّنا أبو عبد اللّه عليه السّلام في صلاة المغرب فقرأ المعوّذتين،ثمَّ قال:«هما من القرآن» (4).و لا نعرف الآن فيه خلافا.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يرتّل قراءته بأن يبيّنها من غير مبالغة

و يجب عليه النّطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يخفى بعضها في بعض؛لقوله تعالى (وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (5).

و سئلت عائشة عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقالت:لا كسردكم هذا لو أراد السّامع أن يعدّ حروفه لعدّها (6).

ص:96


1- 1التّهذيب 2:296 الحديث 1193،الوسائل 4:785 الباب 46 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:96 الحديث 356،الوسائل 4:786 الباب 47 من أبواب القراءة الحديث 3. [2]
3- 3) صابر مولى بسّام بن عبد اللّه الصيرفيّ مولى بني أسد روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام له كتاب أخبرنا عدّة من أصحابنا عن جعفر بن محمّد.قاله النّجاشيّ،و نقل في جامع الرّواة [3]رواية داود بن فرقد و أبي الصّباح مولى بسّام و عبد المؤمن عنه،و يستفاد من رواية جماعة عنه الّتي نقلها النّجاشيّ حُسن حاله. رجال النّجاشيّ:203،جامع الرّواة 1:404. [4]
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 357 ليس فيه:«ثمَّ قال:هما من القرآن»،الوسائل 4:786 الباب 47 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
5- 5) المزّمّل(73):4. [6]
6- 6) لم نعثر عليه بهذا اللّفظ،و بهذا المضمون ينظر:مسند أحمد 6:138،157،257. [7]

و سئلت أُمّ سلمة (1)عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقالت:كان يقطّع قراءته آية آية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،الحمد للّه ربّ العالمين،الرّحمن الرّحيم،مالك يوم الدّين،إيّاك نعبد و إيّاك نستعين (2).رواه أحمد.و هذا يدلّ على أنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية من الحمد.

و روى البخاريّ بإسناده،عن أنس قال:كانت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مدّا،ثمَّ قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم يمدّ بسم اللّه و يمدّ بالرّحمن و يمدّ بالرّحيم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتّل قراءته،و إذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النّار سأل اللّه الجنّة و تعوّذ باللّه من النّار،و إذا مرّ بيا أيّها النّاس و يا أيّها الّذين آمنوا قال:لبّيك ربّنا» (4).

و يكره التمطيط (5)و هو المدّ المفرط،لأنّه يخرج الحركات إلى الحروف.

فرع :

(6)

يجوز له أن يقطع القراءة بسكوت و دعاء و ثناء بحيث لا يخرج به عن اسم القارئ، و لا نعرف فيه خلافا بين علمائنا.

مسألة:و يستحبّ أن يقرأ في الظّهر و العصر و المغرب بقصار المفصّل

كالقدر و الجحد و التّوحيد و ألهاكم و ما شابهها.و في العشاء بمتوسّطاته،كالانفطار و الطّارق و الأعلى و شبهها.و في الصّبح بمطوّلاته كالمدّثّر و المزّمّل و هل أتى و شبهها،ذكره الشّيخ

ص:97


1- 1غ:بزيادة:رضي اللّه عنها.
2- 2) مسند أحمد 6:302. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 6:241.
4- 4) التّهذيب 2:124 الحديث 471،الوسائل 4:753 الباب 18 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) ق:المطيط.
6- 6) غ:مسألة.

رحمه اللّه (1)،و أومأ المفيد (2)،و علم الهدى إلى بعضه (3).

روى الجمهور،عن جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الفجر ب«ق و القرآن المجيد» (4).رواه مسلم.

و روي،عن ابن عمر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في المغرب:قل يا أيّها الكافرون و قل هو اللّه أحد.أخرجه ابن ماجه (5).

و روى أبو حفص بإسناده قال:كتب عمر إلى أبي موسى أن اقرأ في الصّبح بطوال المفصّل،و اقرأ في الظهر بأوساط المفصّل،و اقرأ في المغرب بقصار المفصّل (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:القراءة في الصّلاة فيها شيء مؤقّت؟قال:«لا،إلاّ الجمعة يقرأ بالجمعة و المنافقون»قلت:فأيّ السّور تقرأ في الصّلوات؟قال:«أمّا الظّهر و العشاء الآخرة يقرأ فيهما سواء،و العصر و المغرب سواء،و أمّا الغداة فأطول،فأمّا الظّهر و العشاء الآخرة فسبّح اسم ربك الأعلى و الشّمس و ضحاها و نحوها،و أمّا العصر و المغرب فإذا جاء نصر اللّه،و ألهاكم التّكاثر و نحوها،و أمّا الغداة فعمّ يتساءلون،و هل أتاك حديث الغاشية،و لا اقسم بيوم القيامة،و هل أتى على الإنسان حين من الدّهر» (7).

ص:98


1- 1المبسوط 1:108، [1]النّهاية:78. [2]
2- 2) المقنعة:17.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:181. [3]
4- 4) صحيح مسلم 1:337 الحديث 458.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:272 الحديث 833.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:110،111،113.و [4]لكنّ الرّواية ليست عن أبي حفص،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 569.
7- 7) التّهذيب 2:95 الحديث 354،الوسائل 4:787 [5] الباب 48 من أبواب القراءة الحديث 2،و ص 815 الباب 70 الحديث 5.

و عن عيسى بن عبد اللّه القمّيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الغداة بعمّ يتساءلون،و هل أتاك حديث الغاشية و لا اقسم بيوم القيامة و شبهها،و كان يصلّي الظّهر بسبّح اسم و الشّمس و ضحاها و هل أتاك حديث الغاشية و شبهها،و كان يصلّي المغرب بقل هو اللّه أحد و إذا جاء نصر اللّه و الفتح،و إذا زلزلت،و كان يصلّي العشاء الآخرة بنحو ممّا يصلّي في الظّهر،و العصر بنحو من المغرب» (2).

و عن أبي جعفر محمّد بن أبي طلحة (3)خال سهل بن عبد ربّه (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قرأت في صلاة الفجر بقل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون و قد فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و عن ابن راشد قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك إنّك كتبت إلى

ص:99


1- 1عيسى بن عبد اللّه القمّيّ عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال:روى عنه أبان،و قال في الفهرست:له مسائل أخبرنا به ابن أبي جيد.و قال النّجاشيّ:عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و يظهر من الشّيخ و النّجاشيّ اتّحادهما و لكن ظاهر المصنّف في الخلاصة كونهما رجلين حيث جعلهما تحت عنوانين في القسم الأوّل منها،و كيف كان فالرّجل في أعلى مراتب العدالة و الوثاقة،و كفى بذلك ما نقله الكشّيّ عن الصّادق عليه السّلام في حقّه بأنّ«عيسى بن عبد اللّه رجل منّا حيّا و ميّتا».رجال الطّوسيّ:258،رجال الكشّيّ:332-333،رجال النّجاشيّ:296،الفهرست:116، [1]رجال العلاّمة:122،123. [2]
2- 2) التّهذيب 2:95 الحديث 355،الوسائل 4:787 الباب 48 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
3- 3) أبو جعفر محمّد بن أبي طلحة بيّاع السّابري خال سهل بن عبد ربّه عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول.رجال الطّوسيّ:322،تنقيح المقال 2:60.(باب محمّد). [4]
4- 4) لم نعثر على شخص بهذا العنوان في كتب التّراجم و نقل المحقّق المامقانيّ عن التّهذيب أنّ محمّد بن أبي طلحة خال سهل بن شهاب بن عبد ربّه،و قد وقع شهاب بن عبد ربّه في طريق الصّدوق. الفقيه(شرح المشيخة)4:96،تنقيح المقال 2:60(باب محمّد). [5]
5- 5) التّهذيب 2:96 الحديث 358،الوسائل 4:762 الباب 24 من أبواب القراءة الحديث 3. [6]

محمّد بن الفرج تُعلمه أنّ أفضل ما يقرأ في الفرائض إنّا أنزلناه و قل هو اللّه أحد،و أنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر،فقال عليه السّلام:«لا يضيقنّ صدرك بهما فإنّ الفضل و اللّه فيهما» (1).و هذه الأخبار تدلّ على عدم تعيين شيء واجب في هذا الباب بل أيّ سورة قرأها جاز عدا ما استثناه (2).

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يقرأ في ظهري الجمعة بالجمعة و المنافقون و كذا في الجمعة

و سيأتي البحث فيه (3).

الثّاني:قال الشّيخ:يستحبّ أن يقرأ ليلة الجمعة في المغرب و العشاء الآخرة الجمعة و الأعلى

،و في غداة يوم الجمعة و قل هو اللّه (4)،قال في المبسوط:و روي المنافقون (5).

و روى حريز و ربعيّ رفعاه إلى أبي جعفر عليه السّلام،قال:«يستحبّ أن يقرأ في عتمة (6)الجمعة سورة (7)الجمعة و المنافقون،و في الصّبح مثل ذلك،و في الجمعة مثل ذلك،و في صلاة العصر مثل ذلك» (8).

و في رواية أبي الصّباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و في العشاء الآخرة بالجمعة

ص:100


1- 1التّهذيب 2:290 الحديث 1163،الوسائل 4:760 الباب 23 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) كذا في أكثر النسخ،و لعلّ المراد:عدا ما استثنى الشارع،نعم يمكن أن يكون ما في نسخة غ:ما استثنيناه.
3- 3) م بزيادة:إنشاء اللّه.
4- 4) النّهاية:78، [2]المبسوط 1:108. [3]
5- 5) المبسوط 1:108. [4]
6- 6) م:ليلة.
7- 7) غ،م،ح و ق:بسورة.
8- 8) التّهذيب 3:7 الحديث 18،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]

و سبّح اسم ربّك الأعلى،و في غداة الجمعة بالجمعة و قل هو اللّه أحد،و في صلاة الجمعة بسورة الجمعة و المنافقين و في عصر الجمعة بسورة الجمعة و قل هو اللّه أحد» (1).

الثّالث:قال الشّيخ:يستحبّ أن يقرأ غداة الاثنين و الخميس سورة هل أتى

(2).قال ابن بابويه:و يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس في الرّكعة الأُولى الحمد و هل أتى،و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية،فإن قرأهما في الاثنين و الخميس وقاه اللّه شرّ اليومين (3).قال و حكى من صحب الرّضا عليه السّلام إلى خراسان لمّا أشخص إليها أنّه كان يقرأ ما ذكرناه (4).

الرّابع عدم ترك قراءة قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن

الرّابع:روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن معاذ بن مسلم (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تدع أن تقرأ بقل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن، في الرّكعتين قبل الفجر،و ركعتي الزّوال و ركعتين (6)بعد المغرب،و ركعتين في (7)أوّل صلاة

ص:101


1- 1التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) النّهاية:78، [2]المبسوط 1:108. [3]
3- 3) الفقيه 1:201.
4- 4) الفقيه 1:202 الحديث 923،الوسائل 4:791 الباب 50 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
5- 5) معاذ بن مسلم الهرّاء الأنصاريّ النّحويّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان: معاذ بن مسلم الهرّاء،و من أصحاب الصّادق عليه السّلام مضيفا إليه:الأنصاريّ النّحويّ الكوفيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه،و نقل الكشّيّ و الشّيخ في قضاء التّهذيب ما يدلّ على وثاقته و جلالة قدره، هذا و قد يظهر من الفقيه اتّحاده مع معاذ بن كثير،ففي نوادر كتاب الصّوم من الفقيه 2:110 أنّ في رواية حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير و يقال له:معاذ بن مسلم الهرّاء.و يظهر من النّجاشيّ اتّحاده مع معاذ بن مسلم بن أبي سارة حيث قال في ترجمة محمّد بن الحسن بن أبي سارة:و على مُعاذ و محمّد فَقِهَ الكسائيّ علم العرب، فإنّه إذا انضمّ إلى ذلك من قراءة الكسائيّ على معاذ بن مسلم الهرّاء علم باتّحادهما.ثمَّ إنّ المذكور في بعض الرّوايات:معاذ الفرّاء كما في الكافي 6:25 الحديث 9،و [5]لكن في الفقيه و الكشّيّ وصفه بالهرّاء،و روى الشّيخ في التّهذيب 6 الحديث 539 أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام يسمّيه:النّحويّ. رجال الطّوسيّ:137،314،رجال النّجاشيّ:324،التّهذيب 6:225،رجال الكشّيّ:252.
6- 6) ح:و الرّكعتين.
7- 7) ح:من.

اللّيل،و ركعتي الإحرام و الفجر إذا أصبحت بها،و ركعتي الطّواف» (1).قال في التّهذيب:

و في رواية اخرى أنّه يقرأ في هذا كلّه بقل هو اللّه أحد،و في الثّانية بقل يا أيّها الكافرون إلاّ في الرّكعتين قبل الفجر فإنّه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون،ثمَّ يقرأ في الرّكعة الثّانية بقل هو اللّه أحد (2).

و روي،عن محسن الميثميّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يقرأ في صلاة الزّوال في الرّكعة الأُولى الحمد و قل هو اللّه أحد،و في الرّكعة الثّانية الحمد و قل يا أيّها الكافرون،و في الرّكعة الثّالثة الحمد و قل هو اللّه أحد و آية الكرسيّ،و في الرّكعة الرّابعة الحمد و قل هو اللّه أحد و آخر البقرة من (آمَنَ الرَّسُولُ) (4)إلى آخرها،و في الرّكعة الخامسة الحمد و قل هو اللّه أحد و الخمس آيات من آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) (5)إلى قوله (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (6)و في الرّكعة السّادسة الحمد و قل هو اللّه أحد و ثلاث آيات السّخرة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ) (7)إلى قوله (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (8).و في الرّكعة السّابعة الحمد و قل هو اللّه أحد و الآيات من سورة الأنعام (وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ) (9)إلى قوله:

ص:102


1- 1التّهذيب 2:74 الحديث 273،الوسائل 4:751 الباب 15 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:74 الحديث 274،الوسائل 4:751 الباب 15 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) لم نعثر على حاله في التّراجم إلاّ أنّه روى عن يعقوب بن شعيب،و روى عنه أبو داود المسترقّ في الكافي،و [3]روى عنه أبو داود المنشد و هو(المسترقّ)في التّهذيب باب كيفيّة الصّلاة و صفتها.أُصول الكافي 2:76،التّهذيب 2: 73 الحديث 272،جامع الرّواة 2:42. [4]
4- 4) البقرة(2):285. [5]
5- 5) آل عمران(3):190. [6]
6- 6) آل عمران(3):194. [7]
7- 7) الأعراف(7):54. [8]
8- 8) الأعراف(7)56. [9]
9- 9) الأنعام(6):100. [10]

(وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (1).و في الرّكعة الثّامنة الحمد و قل هو اللّه أحد و آخر سورة الحشر من قوله (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) (2)إلى آخرها،فإذا فرغت فقل:«اللّهمّ مقلّب القلوب و الأبصار ثبّت قلبي على دينك و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب»سبع مرّات،ثمَّ تقول:«أستجير باللّه من النّار»سبع مرّات (3).

و عن محمّد بن أبي طلحة،عن عبد الخالق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه كان يقرأ في الرّكعتين بعد العتمة بالواقعة و قل هو اللّه أحد (4).

و عن محمّد بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في كلّ ركعة من صلاة اللّيل خمس عشرة آية و يكون ركوعه مثل قيامه و سجوده مثل ركوعه و رفع رأسه من الرّكوع و السّجود سواء» (5).

و عن أبي مسعود الطّائيّ (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في آخر صلاة اللّيل هل أتى على الإنسان،قال عليّ بن النّعمان (7):

ص:103


1- 1الأنعام(6)103. [1]
2- 2) الحشر(59):21-24. [2]
3- 3) التّهذيب 2:73 الحديث 272،الوسائل 4:749 الباب 13 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:295 الحديث 1190،الوسائل 4:784 الباب 45 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
5- 5) التّهذيب 2:123 الحديث 468،الوسائل 4:947 الباب 26 من أبواب الركوع الحديث 1. [5]ليس فيهما«من صلاة اللّيل».
6- 6) أبو مسعود الطّائيّ،قال المحقّق الأردبيليّ روى في باب كيفيّة الصّلاة من التّهذيب 2:124 الحديث 469 عن ابن أبي عمير،و روى في أحكام الجماعة منه ج 3:26 الحديث 91 عن جعفر بن بشير عن حمّاد عنه عن الحسن الصّيقل،و عن سعدان في أُصول الكافي 2:667،و [6]عن سعيد بن جناح منه 2:503،و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله. جامع الرّواة 2:417، [7]تنقيح المقال 3:34 فصل الكنى. [8]
7- 7) عليّ بن النعمان الأعلم النّخعيّ أبو الحسن مولاهم كوفيّ،روى عن الرّضا عليه السّلام و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا عليه السّلام و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:كان عليّ ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطّريقة. رجال النّجاشيّ:274،رجال الطّوسيّ:383،الفهرست:96، [9]رجال العلاّمة:95. [10]

و قال الحرث (1):و سمعته يقول:قل هو اللّه أحد ثلث القرآن،و قل يا أيّها الكافرون تعدل ربعه،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجمع قل هو اللّه أحد في الوتر لكي يجمع القرآن كلّه» (2).قال الشّيخ و روي أنّ من قرأ في الرّكعتين الأوّلتين من صلاة اللّيل في كلّ ركعة منهما الحمد مرّة و قل هو اللّه أحد ثلاثين مرّة انفتل و ليس بينه و بين اللّه عزّ و جلّ ذنب إلاّ غفر له (3).

مسألة:إذا قرأ سورة من العزائم في النّافلة سجد عند السّجدة،ثمَّ قام فأتمّ ما بقي عليه من القراءة،ثمَّ ركع

(4)لأنّ الأمر بالسّجود واجب فلا يترك لأجل النّفل،و جاز في النّافلة لأنّه عبادة لا ينافيها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«إذا قرأت السّجدة فاسجد و لا تكبّر حتّى ترفع رأسك» (5).

ص:104


1- 1كذا في النّسخ و الصّحيح:الحارث،قال المحقّق المامقانيّ:أنّ التّتبّع في كلماتهم يقتضي بقيام قرينة عندهم على أنّ ما كتب حرثا يراد به الحارث،نحو كتابة إسماعيل،إسماعيل،و إسحاق،إسحاق،حيث إنّ في جملة من كتب التّراجم عنون بعضهم رجلا بالحرث و عنونه بعينه آخر بالحارث،مضافا إلى أنّ عليّ بن النّعمان،روى في التّهذيب 2:9 الحديث 16 عن الحارث بن المغيرة،فهو الحارث بن المغيرة النّصريّ،أبو عليّ عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام بقوله:الحرث بن المغيرة النّصريّ يكنّى أبا عليّ،و اخرى من أصحاب الصّادق عليه السّلام بقوله:الحارث بن المغيرة النّصريّ أبو عليّ أسند عنه بيّاع الزطّيّ،و قال في الفهرست:له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و ضبط النّصريّ بالصّادق غير المعجمة.رجال الطّوسيّ:117، 179،الفهرست:65، [1]رجال النّجاشيّ:139،رجال العلاّمة:55، [2]تنقيح المقال 1:241،247 من أبواب الحاء. [3]
2- 2) التّهذيب 2:124 الحديث 469،الوسائل 4:796 الباب 53 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
3- 3) التّهذيب 2:124 الحديث 470،الوسائل 4:796 الباب 54 من أبواب القراءة الحديث 1. [5]
4- 4) م:يركع.
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1175،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 3. [6]
فروع:
الأوّل:لو كانت السّجدة في آخر السّورة مثلالعلق و النّجم سجد

(1)

(2)،فإذا قام قرأ الحمد مستحبّا،ثمَّ ركع ليكون ركوعه عقيب قراءة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يقرأ السّجدة في آخر السّورة؟قال:«يسجد ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثمَّ يركع و يسجد» (3).

و روى الشّيخ،عن وهب بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن عليّ عليهما السّلام قال:«إذا كان آخر السّورة[السجدة] (4)أجزأك أن تركع بها» (5).قال الشّيخ:

لا ينافي بينهما،لأنّ هذا محمول على من صلّى مع قوم لا يمكنه أن يسجد و يقوم[و] (6)يقرأ الحمد،فإنّه لا بأس أن يركع معهم (7).و بالجملة فإنّ وهب بن وهب ضعيف لا يعوّل على روايته.

الثّاني:لو نسي السّجدة حتّى ركع سجدها إذا ذكر

(8)

لأنّه واجب فسقوطه

ص:105


1- 1في النّسخ:القلم،و الصّواب ما أثبتناه.
2- 2) ن:يسجد.
3- 3) التّهذيب 2:291 الحديث 1167،الاستبصار 1:319 الحديث 1189،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1173،الاستبصار 1:319 الحديث 1190،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 3. [2]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التّهذيب 2:292،الاستبصار 1:319.
8- 8) م:يركع.

يحتاج (1)إلى دليل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّجدة فينساها حتّى يركع و يسجد؟قال:«يسجد إذا ذكر إذا (2)كانت من العزائم» (3).

الثّالث:يستحبّ له إذا رفع رأسه من السّجود أن يكبّر

رواه الشّيخ في الصّحيح، عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك،و لكن تكبّر حين ترفع رأسك،و العزائم أربعة:حم السّجدة و[الم] (4)تنزيل و النّجم،و اقرأ باسم ربّك» (5).

الرّابع:لو كان مع إمام لم يسجد و لم يتمكّن من السّجود فليوم إيماءا

لأنّ السّجود واجب بمطلق الأمر و قد تعذّر فعله فيأتي ببدله و هو الإيماء.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام اقرأ باسم ربّك الّذي خلق،أو شيئا من العزائم،و فرغ من قراءته و لم يسجد فأوم إيماءا» (6).

مسألة:يجوز للمصلّي أن يعدل من سورة إلى أُخرى ما لم يتجاوز نصفها،إلاّ سورة الكافرون و الإخلاص

(7)

،فإنّه لا ينتقل عنهما إلاّ في صلاة الظّهر يوم الجمعة،فإنّه لا بأس به

ص:106


1- 1م و ن:محتاج.
2- 2) ح و ق:إذ.
3- 3) التّهذيب 2:292 الحديث 1176،الوسائل 4:778 الباب 39 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التّهذيب 2:291 الحديث 1170،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:291 الحديث 1168،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:778 الباب 38 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
7- 7) غ،ن و م:الكافرين.

أن (1)ينتقل عنهما إلى سورة الجمعة و المنافقون.ذكره الشّيخ رحمه اللّه (2)لقوله تعالى:

(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (3).و ذلك مطلق.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يريد أن يقرأ السّورة فيقرأ غيرها فقال (4):«له أن يرجع ما بينه و بين أن يقرأ ثلثيها» (5).

و روى،عن عمرو بن أبي نصر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يقوم في الصّلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون،فقال:«يرجع من كلّ سورة إلاّ من قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون» (6).

و نحوه روى في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

فروع:
الأوّل:هل يحرم الرّجوع عن قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون؟

(8)

قال السيّد المرتضى:يحرم (9)،عملا بهذه الرّواية،و في الاستدلال بها على التّحريم نظر.

الثّاني:لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول عنها إلى غيرها

لأنّه يجوز مع عدم الغلط فمعه أولى.

ص:107


1- 1غ:لا بأس بأن.
2- 2) النّهاية:77، [1]المبسوط 1:107.
3- 3) المزّمّل(73):20. [2]
4- 4) غ:قال.
5- 5) التّهذيب 2:293 الحديث 1180،الوسائل 4:776 الباب 36 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
6- 6) التّهذيب 2:290 الحديث 1166،الوسائل 4:775 الباب 35 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
7- 7) التّهذيب 2:190 الحديث 753،الوسائل 4:775 الباب 35 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
8- 8) ح و ق:من.
9- 9) الانتصار:44. [6]

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

رجل قرأ سورة في ركعة فغلط[أ] (1)يدع المكان الّذي غلط فيه و يمضي في قراءته [أ] (2)و يدع تلك السّورة و يتحوّل منها إلى غيرها؟فقال:«كلّ ذلك لا بأس به و إن قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع» (3).و حملها الشّيخ على النّافلة (4).

و روى في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من غلط في سورة فليقرأ قل هو اللّه أحد ثمَّ ليركع» (5).

الثّالث:إذا غلط الإمام في القراءة جاز له أن يعدل كغيره

و يجوز للمأموم أن يردّ عليه و ينبّهه (6)موضع الغلط بلا خلاف.

مسألة:إذا مرّ المصلّي بآية رحمة استحبّ له أن يسأل اللّه تعالى إيصالها إليه،و بآية نقمة تعوّذ باللّه منها

رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«ينبغي لمن يقرأ القرآن إذا مرّ بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو،و يسأل العافية من النّار و من العذاب» (7).

و في الموثّق،عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الرّجل إذا قرأ و الشّمس و ضحاها فيختمها أن يقول:صدق اللّه و صدق رسوله،و الرّجل إذا قرأ (آللّهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ) (8)أن يقول:اللّه خير اللّه خير اللّه أكبر،و إذا قرأ

ص:108


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:293 الحديث 1181،الوسائل 4:776 [1] الباب 36 من أبواب القراءة الحديث 1،و ص 737 الباب 4 الحديث 7.
4- 4) التّهذيب 2:294.
5- 5) التّهذيب 2:295 الحديث 1187،الوسائل 4:783 الباب 43 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
6- 6) ق:و ينبّه.
7- 7) التّهذيب 2:286 الحديث 1147،الوسائل 4:828 الباب 3 من أبواب القراءة القرآن الحديث 2. [3]
8- 8) النّمل(27):59. [4]

(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (1)أن يقول:كذب العادلون باللّه،و الرّجل إذا قرأ (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (2)أن يقول:اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر».قلت:فإن لم يقل الرّجل شيئا من هذا إذا قرأ؟قال:

«ليس عليه شيء» (3).

مسألة:و إذا أراد الرّجل أن يتقدّم في صلاته سكت عن القراءة،ثمَّ تقدّم

لأنّه في تلك الحال غير واقف.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في الرّجل يصلّي في موضع،ثمَّ يريد أن يتقدّم قال:«يكفّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى الموضع الّذي يريد،ثمَّ يقرأ» (4).

مسألة:قال علماؤنا:يحرم قول آمين و تبطل به الصّلاة

و قال الشّيخ:سواء كان ذلك سرّا أو جهرا،في آخر الحمد أو قبلها،للإمام و المأموم و على كلّ حال (5).و ادّعى الشّيخان (6)،و السيّد المرتضى رحمهما اللّه تعالى إجماع الإماميّة عليه (7).

و قال الشّافعيّ:يستحبّ للإمام و المأموم (8).و هو مرويّ،عن ابن عمر، و ابن الزبير،و به قال عطاء،و أحمد،و أصحاب الرّأي (9).و قال مالك:لا يسنّ

ص:109


1- 1الأنعام(6):1. [1]
2- 2) الإسراء(17):111. [2]
3- 3) التّهذيب 2:297 الحديث 1195،الوسائل 4:755 الباب 20 من أبواب القراءة الحديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 2:290 الحديث 1165،الوسائل 4:775 الباب 34 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
5- 5) الخلاف 1:113 مسألة-84.
6- 6) المفيد في المقنعة:16،و الطّوسيّ في الخلاف 1:114-115 مسألة-84.
7- 7) الانتصار:42.
8- 8) الاُمّ 1:109،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،حلية العلماء 2:107،المهذّب للشّيرازيّ 1:72،المجموع 3: 373،مغني المحتاج 1:160،السّراج الوهّاج:44،المغني 1:564،الشرح الكبير بهامش المغني 1:564.
9- 9) المغني 1:564،الشرح الكبير بهامش المغني 1:564.

للإمام (1).

لنا:ما رواه الجمهور و الأصحاب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين» (2).و التّأمين من كلامهم.

و عنه عليه السّلام أنّه قال:«إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (3).و لفظة (إنّما)للحصر و(آمين)ليس واحدا منها.

و ما رواه أبو حميد السّاعديّ (4)في جماعة من الصّحابة أنّه قال:أنا أعلمكم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.قالوا:اعرض علينا،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قام إلى الصّلاة يرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،ثمَّ يكبّر حتّى يقرّ كلّ عضو في موضعه معتدلا،ثمَّ يقرأ،ثمَّ يكبّر فيرفع يديه حتّى يحاذي منكبيه،ثمَّ يركع (5).و لو كان التأمين مسنونا لذكره،و الزّيادة على فعله عليه السّلام بدعة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت:الحمد للّه ربّ العالمين،و لا تقل:آمين» (6).

ص:110


1- 1المجموع 3:373، [1]تفسير القرطبيّ 1:129، [2]شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:180،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:7. [3]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن أبي داود 1:245 الحديث 930،سنن النّسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447،سنن البيهقيّ 2:249،250.بتفاوت يسير.
3- 3) هذا الحديث هو إكمال للّذي قبله.
4- 4) أبو حميد السّاعديّ الأنصاريّ المدنيّ،اختلف في اسمه،فقيل:عبد الرّحمن،و قيل:المنذر،روى عنه من الصّحابة جابر بن عبد اللّه،و من التابعين عروة بن الزّبير و عبّاس بن سهل و محمّد بن عمرو بن عطاء و غيرهم.مات في آخر خلافة معاوية و أوّل خلافة يزيد.أُسد الغابة 5:174، [4]تهذيب التّهذيب 12:79. [5]
5- 5) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن الدّارميّ 1:313، [6]سنن البيهقيّ 2:72.
6- 6) التّهذيب 2:74 الحديث 275،الاستبصار 1:318 الحديث 1185،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 1. [7]

و في الموثّق،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب:آمين؟قال:«لا» (1).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول النّاس في الصّلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين؟فقال:«ما أحسنها، و أخفض الصّوت بها» (2).لأنّ هذا الرّاوي قد روى ضدّ روى ذلك (3)،فنحمل هذه الرّواية على التّقيّة لأنّه في موضعها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أقول آمين إذا قال الإمام:غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين؟قال:«هم اليهود و النّصارى».و لم يجب عليه السّلام عن هذا (4)(5)،فعدوله عن الجواب دليل على كراهية هذه اللّفظة،و لم يتمكّن من التّصريح للتقيّة،فعدل عن الجواب مطلقا.

و لأنّ التأمين يستدعي سبق الدّعاء و هو لا يتحقّق إلاّ مع القصد،فعلى تقدير عدم القصد إليه يكون التأمين لغوا.

و لأنّه لو كان النّطق بها تأمينا لم يجز إلاّ لمن قصد الدّعاء و لكن ذلك ليس شرطا بالإجماع،أمّا عندنا فللمنع مطلقا،و أمّا عندهم فللاستحباب مطلقا.

لا يقال:إنّ الدّعاء في الصّلاة جائز عندكم فجاز التأمين لأنّه دعاء.

ص:111


1- 1التّهذيب 2:74 الحديث 276،الاستبصار 1:318 الحديث 1186،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:75 الحديث 277،الاستبصار 1:318 الحديث 1187،الوسائل 4:753 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 2:174 الحديث 275،الاستبصار 1:318 الحديث 1185،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) غ،م،ن و ق:ذلك.
5- 5) التّهذيب 2:75 الحديث 278،الاستبصار 1:319 الحديث 1188،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]

لأنا نقول:لا نسلّم أنّه دعاء.

أمّا أوّلا:فلأنّه اسم للدعاء (1)،و الفرق بين الاسم و المسمى ظاهر،و لا يستلزم الإذن في أمر الإذن في ما غايره.

و أمّا ثانيا:فلأنّ بعض الجمهور ذهب إلى أنّ«آمين»اسم من أسماء اللّه تعالى (2)فكيف يتحقّق الدّعاء فيها؟سلّمنا لكنّ الدّعاء يستدعي القصد و هو غير شرط عندكم، فلم يكن المسوّغ لها (3)كونها دعاء.

احتجّ المخالف (4)بما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قال الإمام:غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين،فقولوا:آمين،فإنّه من وافق قوله قول الملائكة غفر اللّه له» (5).

و عن أبي هريرة:إذا أمّن الإمام فأمّنوا (6).و عن وائل بن حجر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قال:و لا الضّالّين قال:آمين و رفع صوته بها (7).

و الجواب عن الحديثين الأوّلين:بالمنع من صحّة سندهما،فإنّ أبا هريرة اتّفق له مع عمر بن الخطّاب واقعة شهد فيها عليه بأنّه عدوّ اللّه و عدوّ المسلمين و حكم عليه بالخيانة،و أوجب عليه عشرة ألف دينار ألزمه بها بعد ولايته البحرين (8)،و إذا كانت هذه

ص:112


1- 1ح و ق:الدعاء.
2- 2) تفسير القرطبيّ 1:128،نيل الأوطار 2:245،المصباح المنير 1:25. [1]
3- 3) ق و ح:يمكن المسوّغ بها.
4- 4) المغني 1:564.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:198،صحيح مسلم 1:307 الحديث 410 و فيه بتفاوت يسير في الألفاظ،سنن أبي داود 1:246 الحديث 935،الموطّأ 1:87 الحديث 45. [2]
6- 6) صحيح البخاريّ 1:198،صحيح مسلم 1:307 الحديث 410،سنن التّرمذيّ 2:30 الحديث 250، [3]سنن أبي داود 1:246 الحديث 936،الموطّأ 1:88 الحديث 45. [4]
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:27 الحديث 248 و [5]فيه:و مدّ بها صوته،سنن أبي داود 1:246 الحديث 932.
8- 8) سير أعلام النّبلاء 2:578.

حاله فكيف يركن إليه و يوثق بروايته.و نقل عن أبي حنيفة أنّه لم يعمل برواية أبي هريرة (1).

و عن الثّالث:أنّ مالكا أنكر هذه الرّواية (2)،فلو كانت صحيحة (3)عندهم لما خفي عنه.

البحث الخامس:في الرّكوع
اشارة

و هو في اللغة:الانحناء،قاله صاحب الصّحاح (4).

قال الشّاعر:

و لا تُهين[الفقير] (5)علّك أن تركع يوما و الدّهر قد رفعه (6)

و هو في الشّرع:أيضا الانحناء،و هو واجب في كلّ ركعة مرّة إلاّ في الكسوف و أخواته،و وجوبه ثابت بالنّصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا) (7).و لا خلاف بين علماء الإسلام في وجوبه مرّة واحدة في كلّ ركعة،و فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدلّ عليه.

مسألة:و هو ركن في الصّلاة

بلا خلاف؛لأنّ الصّلاة مجموع ركعات،و المجموع لا يتحقّق بدون أجزائه.

ص:113


1- 1أُصول السّرخسيّ 1:240-242،سير أعلام النّبلاء 2:578.
2- 2) شرح الزّرقانيّ على موطّإ مالك 1:180.
3- 3) غ،ن،م و ق:حقّة.
4- 4) الصّحاح 3:1222. [1]
5- 5) في النّسخ:الكريم،و الصّواب ما أثبتناه.
6- 6) الصّحاح 6:2218، [2]لسان العرب 8:133. [3]
7- 7) الحجّ(22):77. [4]

و يؤيّده:ما رويناه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«أوّل الصّلاة الرّكوع» (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أيقن الرّجل أنّه ترك ركعة من الصّلاة و قد سجد سجدتين (2)و ترك الرّكوع استأنف الصّلاة» (3).

و في الصّحيح،عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل ينسى أن يركع حتّى يسجد و يقوم؟قال:«يستقبل» (4).قال الشّيخ:هو ركن في الصّبح و المغرب و صلاة السّفر و أُوليي (5)الرّباعيّات (6)،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يجب فيه الانحناء

بلا خلاف؛لأنّه حقيقته (7)،و قدره أن يكون بحيث تبلغ يداه إلى ركبتيه.و هو قول أهل العلم كافّة إلاّ أبا حنيفة،فإنّه أوجب مطلق الانحناء (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا ركعت فضع كفّيك على ركبتيك» (9).و هو يستلزم التّحديد المذكور.

و عن أبي حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:رأيته إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه (10).

ص:114


1- 1التّهذيب 2:97 الحديث 362،الوسائل 4:932 الباب 9 من أبواب الرّكوع الحديث 6. [1]
2- 2) ن و م:السجدتين.
3- 3) التّهذيب 2:148 الحديث 580 و ص 149 الحديث 587،الاستبصار 1:355 الحديث 1343 و ص 356 الحديث 1349،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 2:148 الحديث 581،الاستبصار 1:355 الحديث 1344،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) غ:و أوّلتي.
6- 6) المبسوط 1:109، [4]الاستبصار 1:356.
7- 7) ح:حقيقة معناه.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:105،المجموع 3:410.
9- 9) مجمع الزّوائد 1:271 باب الغسل من الجنابة،و فيه:فأمكن بدل فضع.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:200،سنن البيهقيّ 2:84.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و تمكّن (1)راحتيك من ركبتيك» (2).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«ثمَّ ركع و ملأ كفّيه من ركبتيه» (3).و كان ذلك بيانا للواجب فيكون واجبا.

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار و ابن مسلم و الحلبيّ قالوا:و بلّع بأطراف أصابعك عين الرّكبة فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك و أحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك» (5).و الوضع غير واجب،على ما يأتي،فتعيّن وجوب الانحناء إلى هذا الحدّ.

فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من هذا الحدّ وجب عليه الإتيان بالممكن

لأنّ الزّيادة عليه يستلزم تكليف ما لا يطاق و وجوب الإتيان بالمعذور،لأنّه بعض الواجب فلا يسقط بسقوط (6)الآخر.

الثّاني:لو لم يتمكّن من الرّكوع أصلا أومأ

لأنّه القدر الممكن فيتعيّن (7).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن إبراهيم الكرخيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء و لا يمكنه الرّكوع و السّجود،فقال:«ليؤم برأسه

ص:115


1- 1غ و ن:و مكّن.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:949 الباب 28 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) المعتبر 2:193. [3]
5- 5) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:949 الباب 28 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [4]
6- 6) م و ن:لسقوط.
7- 7) ن:فتعيّن.

إيماءا و إن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد،فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماءا» (1).

الثّالث:قال الشّيخ في المبسوط:من كان بصورة الرّاكع لكبر أو زمن يقوم على

حسب حاله

ثمَّ ينحني للرّكوع قليلا ليكون فارقا بين القيام و الرّكوع و إن لم يلزمه (2).

و هو جيّد لأنّه حدّ الرّكوع فلا يجب الزّيادة عليه.

مسألة:و يجب فيه الطّمأنينة بقدر الذّكر الواجب

و الطّمأنينة هي السّكون حتّى يرجع كلّ عضو مستقرّه و إن قلّ.و هو قول علمائنا أجمع.

قال الشّيخ في الخلاف:هو ركن (3).و به قال الشّافعيّ (4)و أحمد (5).و قال أبو حنيفة:

لا يجب الطّمأنينة (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للأعرابيّ المسيء في صلاته:«ثمَّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا» (7).و الأمر للوجوب،و لأنّه بيان الواجب.

و عن أبي قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أسوء النّاس سرقة الّذي يسرق من صلاته»قيل:و كيف يسرق من صلاته؟قال:«لا يتمّ ركوعها و لا سجودها».و قال:

«لا تجزئ صلاة لا يقيم الرّجل ظهره فيها في الرّكوع و السّجود» (8).

ص:116


1- 1التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:110. [2]
3- 3) الخلاف 1:120 مسألة-98.
4- 4) المجموع 3:410،مغني المحتاج 1:164،المغني 1:577.
5- 5) المغني 1:577.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:105،الهداية للمرغينانيّ 1:49،شرح فتح القدير 1:261،عمدة القارئ 6:66،المغني 1:577،المجموع 3:410. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:124.
8- 8) مسند أحمد 5:310، [4]سنن الدّارميّ 1:305، [5]سنن البيهقيّ 2:386.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإذا ركعت فصفّ قدميك و اجعل بينهما شبرا،و أقم صلبك و مدّ عنقك» (1).و إنّما قيّدناه بقدر الذّكر الواجب؛لأنّ الذكر فيه واجب على ما يأتي فلا بدّ من الطّمأنينة بقدر أدائه.

و يدلّ عليه ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إذا ركع أحدكم و قال:سبحان ربي العظيم و بحمده،فقد تمَّ ركوعه و ذلك أدناه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بكر الحضرميّ (3)قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أيّ شيء حدّ الرّكوع و السّجود؟قال:«تقول:سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاثا في الرّكوع،و سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاثا في السّجود،فمن نقص واحدة،نقص ثلث صلاته،و من نقص اثنين نقص ثلثي صلاته،و من لم يسبّح فلا صلاة له» (4).و هذا يدلّ على التّحديد الّذي ذكرناه.

احتجّ أبو حنيفة (5)بقوله تعالى (ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا) (6).و غير المطمئنّ آت بمطلق المأمور فيكون مجزئا.

ص:117


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،سنن أبي داود 1:234 الحديث 886،سنن البيهقيّ 2:110.
3- 3) عبد اللّه بن محمّد أبو بكر الحضرميّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام قائلا.سمع أبا الصقيل تابعيّ روى عنهما،و الظّاهر رجوع الضّمير إلى الباقر و الصّادق عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و يظهر ممّا روى الكشّيّ من مناظرة جرت بينه و بين زيد،و ما رواه في الكافي [2]في باب تلقين الميّت كونه إماميّا ممدوحا. الكافي 3:122، [3]رجال الطّوسيّ:224،رجال الكشّيّ:416،رجال العلاّمة:110. [4]
4- 4) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 7. [5]
5- 5) بدائع الصّنائع 1:105،المغني 1:577،المجموع 3:410.
6- 6) الحجّ(22):77. [6]

و الجواب:أنّ فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مبيّن له،فلم يكن المطلق مجزئا.و قول الشّيخ:أنّه ركن.إن عنى بالرّكن ما بيّنّاه فهو في موضع المنع على ما يأتي من عدم إفساد الصّلاة بتركه سهوا،و إن أطلق عليه اسم الرّكن بمعنى أنّه واجب،إطلاقا لاسم الكلّ على الجزء فهو مسلّم.

مسألة:و يجب فيه الذّكر

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (1)و باقي (2)أهل الظّاهر كداود (3)،و إسحاق بن راهويه (4).و قال الشّافعيّ (5)،و مالك (6)،و أبو حنيفة:

لا يجب (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:لمّا نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (8).قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اجعلوها في ركوعكم» (9).

و عن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرّات:سبحان ربّي العظيم و بحمده و ذلك أدناه» (10).أخرجهما أبو داود،و ابن ماجه.

و روى الأثرم عن حذيفة بإسناده أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع يقول:«سبحان ربّي العظيم» (11).فقد وجد الأمر القوليّ و الفعليّ بالذّكر فيكون واجبا.

ص:118


1- 1المغني 1:578،الإنصاف 2:60،المجموع 3:414،حلية العلماء 2:118،المحلّى 3:260.
2- 2) كذا في النّسخ،و الظّاهر أنّ كلمة«باقي»زائدة.
3- 3) المجموع 3:414،حلية العلماء 2:118،المحلّى 3:260،نيل الأوطار 2:271.
4- 4) المجموع 3:414،نيل الأوطار 3:271.
5- 5) الاُمّ 1:111،المجموع 3:414،حلية العلماء 2:117.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:72،بداية المجتهد 1:128،المجموع 3:414، [1]المغني 1:578،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:578.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:208،المجموع 3:414، [2]نيل الأوطار 2:271.
8- 8) الواقعة(56):74،96. [3]
9- 9) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 887،سنن أبي داود 1:230 الحديث 869.
10- 10) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،سنن أبي داود 1:234 الحديث 886.و فيهما بدون كلمة:و بحمده.
11- 11) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 888،سنن أبي داود 1:230 الحديث 870،سنن التّرمذيّ 2:48،الحديث 262،سنن النّسائيّ 2:190،المغني 1:578.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن هشام بن سالم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّسبيح في الرّكوع و السّجود؟قال:«تقول في الرّكوع:سبحان ربّي العظيم، و في السّجود:سبحان ربّي الأعلى،الفريضة من ذلك واحدة،و السّنة ثلاث،و الفضل في سبع» (1). (2)

احتجّ المخالف (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمسيء في صلاته:

«ثمَّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا،ثمَّ ارفع حتّى تعتدل قائما» (4).و لم يأمره بالتّكبير و لا بالتّسبيح.

و الجواب:أنّه قد أمره أوّلا،لما (5)ثبت من الأحاديث،و تعليم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان لهيئات الأفعال لا للأفعال،لأنّ الأعرابيّ كان يفعل الأفعال لا على الهيئة المطلوبة للشّارع.

فروع:
الأوّل:هل يجب التّسبيح أو يجزئ مطلق الذّكر؟

الأقرب عندي الثّاني و هو اختيار الشّيخ في النّهاية و المبسوط و الجمل (6)،و ابن إدريس (7).و أوجب الشّيخ في

ص:119


1- 1ح و ق:السّبع.
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) المجموع 3:414. [2]
4- 4) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303،سنن النّسائيّ 2:124.
5- 5) ح و ق:بما.
6- 6) النّهاية:81،المبسوط 1:111، [3]الجمل و العقود:68.و فيه:«.المفروض من الأفعال في أوّل ركعة ثلاثة عشر شيئا.و الرّكوع و التّسبيح فيه.».
7- 7) السّرائر:46.

الخلاف التّسبيح (1)،و هو قول ابن أبي عقيل (2)،و ابن بابويه (3)،و المفيد (4)،و السيّد المرتضى (5)،و أبي الصّلاح (6).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:يجزئ أن أقول مكان التّسبيح في الرّكوع و السّجود:لا إله إلاّ اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر؟فقال:«نعم،كلّ هذا ذكر اللّه» (7).و مثله روى في الصّحيح،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (8).و فيه إشارة إلى العلّة،و ذلك يقتضي الإجزاء بمطلق الذّكر.

و في الصّحيح،عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك من القول في الرّكوع و السّجود ثلاث تسبيحات أو قدر هنّ مترسّلا و ليس له و لا كرامة أن يقول:

سبّح سبّح سبّح» (9).و ليس المراد من القدر التسبيح أيضا و إلاّ لزم التخيير بين الشيء و نفسه و هو باطل.و لأنّ الأصل براءة الذمّة فيعمل به إلى أن يظهر المنافي.

احتجّ الموجبون للتّسبيح برواية هشام بن سالم و قد تقدّمت (10).

و بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:ما يجزئ من القول في الرّكوع و السّجود؟فقال:«ثلاث تسبيحات في ترسّل،و واحدة تامّة

ص:120


1- 1الخلاف 1:120 مسألة-99.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:195. [1]
3- 3) الفقيه 1:206.
4- 4) المقنعة:16.
5- 5) جمل العلم و العمل:60،الانتصار:45.
6- 6) الكافي في الفقه:118. [2]
7- 7) التّهذيب 2:302 الحديث 1217،الوسائل 4:929 الباب 7 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
8- 8) التّهذيب 2:302 الحديث 1218،الوسائل 4:929 الباب 7 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]
9- 9) التّهذيب 2:77 الحديث 286،الوسائل 4:925 الباب 5 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [5]
10- 10) تقدّمت في ص 119. [6]

تجزئ» (1).

و في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسجد،كم يجزئه من التّسبيح في ركوعه و سجوده؟فقال:«ثلاث و تجزئه واحدة» (2).و لأنّ الاحتياط يقتضي وجوب التّسبيح على التّعيين (3).

و الجواب عن الأحاديث:أنّها دالّة على وجوب التّسبيح و نحن نقول به لكن على وجه التّخيير بينه و بين الذّكر،و التّخيير لا ينافي الوجوب كخصال الكفّارة،و دليل الاحتياط معارض بالبراءة الأصليّة.

الثّاني:اتّفق الموجبون للتّسبيح من علمائنا على أنّ الواجب من ذلك تسبيحة

واحدة تامّة كبرى صورتها:سبحان ربّي العظيم

أو ثلاث صغريات صورتها:سبحان اللّه، ثلاثا مع الاختيار (4)،و مع الضّرورة تجزئ الواحدة من الصّغرى (5)،لرواية زرارة (6).

و الاجتزاء بالواحدة الكبرى دلّ عليه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث هشام بن سالم:«تقول في الرّكوع:سبحان ربّي العظيم،الفريضة من ذلك تسبيحة،و السنّة

ص:121


1- 1التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 285،الاستبصار 1:323 الحديث 1207،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 4. [2]
3- 3) ن و ق:التعيّن.
4- 4) ح و ق:الاحتياط.
5- 5) منهم:الصدوق في الفقيه 1:206،و ابن أبي عقيل نقله عنه في المعتبر 2:195،و [3]السيّد المرتضى في الجمل: 68،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:118.و [4]قال المفيد في المقنعة:16:«و يقول في ركوعه.سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاث مرّات».
6- 6) التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [5]

ثلاث،و الفضل[في] (1)سبع» (2).

و على قيام الثّلاث الصّغر (3)مقامها ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أخفّ ما يكون من التّسبيح؟قال:«ثلاث تسبيحات مترسّلا تقول:سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه» (4).و الاجتزاء بواحدة صغرى في حال الضّرورة مستفاد من الإجماع.

الثّالث:يستحبّ أن يقول في ركوعه:سبحان ربّي العظيم و بحمده،و في السّجود:

سبحان ربّي الأعلى و بحمده

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و توقّف أحمد في زيادة و بحمده (5)، و أنكرها الشّافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن حذيفة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في ركوعه:

سبحان ربّي العظيم و بحمده،و في سجوده:سبحان ربّي الأعلى و بحمده (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و قل:سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاث مرّات» (9).و مثله روى أبو بكر الحضرميّ عنه عليه السّلام (10).و لأنّه زيادة حمد.

ص:122


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) ح:ثلاث صغريات.
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 288،الاستبصار 1:324 الحديث 1212،الوسائل 4:925 الباب 5 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:579،الكافي لابن قدامة 1:173،الإنصاف 2:60، [3]نيل الأوطار 2:273.
6- 6) الاُمّ 1:111،المجموع 3:411 و 412،مغني المحتاج 1:164،السراج الوهّاج:45.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:49،شرح فتح القدير 1:259،عمدة القارئ 6:70،المغني 1:579.
8- 8) سنن الدّار قطنيّ 1:341 الحديث 1،المغني 1:579.
9- 9) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع ذيل الحديث 7. [4]
10- 10) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 5. [5]

احتجّ المخالف،بأنّها زيادة لم تحفظ (1)عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و الجواب:روايتنا أصحّ لأنّها مشتملة على الإثبات.

الرّابع:يجب أن يأتي بالتّسبيح الواجب حالة الرّكوع

(3)

فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الرّكوع،أو اشتغل بالرّفع و هو مسبّح لم يجزئ؛لأنّ الواجب التّسبيح فيه،و لا يتحقّق إلاّ بما قلناه.

الخامس:أكمل التّسبيح سبع،و أقلّ منه خمس،و أقلّ منه ثلاث

و قال الشّافعيّ:

أكمله خمس (4)،و بعض أصحابه ثلاث (5).

لنا:أنّه زيادة في التّسبيح،و يؤيّده:ما تقدّم في حديث هشام بن سالم (6)،و يجوز الزّيادة عليها.

روى الشّيخ،عن حمزة بن حمران و الحسن بن زياد قالا:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده قوم يصلّي بهم العصر و قد كنّا صلّينا فعدّدنا له في ركوعه سبحان ربّي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرّة،و قال أحدهما في حديثه:و بحمده في الرّكوع و السّجود (7).

و عن أبان بن تغلب قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو يصلّي فعدّدت

ص:123


1- 1ح:نحفظه.
2- 2) المغني 1:579.
3- 3) ح و ق:حال.
4- 4) المجموع 3:412، [1]المبسوط للسّرخسيّ 1:22.
5- 5) المجموع 3:412. [2]
6- 6) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 2:300 الحديث 1210،الاستبصار 1:325 الحديث 1214،الوسائل 4:927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]

له في الرّكوع و السّجود ستّين تسبيحة (1).و لأنّه زيادة في التّسبيح.

السّادس:يستحبّ للإمام التّخفيف في التّسبيح،فيأتي بثلاث تسبيحات

و قال الثّوريّ:ينبغي للإمام أن يقول:سبحان ربي العظيم خمسا ليدرك المأموم ثلاثا (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع قال:«سبحان ربّي العظيم»ثلاث مرّات،و إذا سجد قال:«سبحان ربّي الأعلى»ثلاث مرّات (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة قال:قال:«يجزئك في الرّكوع ثلاث تسبيحات تقول:سبحان اللّه ثلاثا،و من كان يقوى على أن يطوّل الرّكوع و السّجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه و تحميده و الدّعاء و التضرّع فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه و هو ساجد،فأمّا الإمام فإنّه إذا قام بالنّاس فلا ينبغي (4)أن يطوّل بهم،فإنّ في النّاس الضّعيف،و من له الحاجة،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى بالنّاس خفّ بهم» (5).

و لأنّه ربّما يشقّ على المأموم التّطويل.و قول الثّوريّ باطل،لأنّ المأموم يركع مع الإمام فيدرك ما يدركه،و لا ينافي هذا ما رويناه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه صلّى بقوم فسبّح أربعا و ثلاثين (6).لأنّه محمول على من كان يقدر على ذلك.

السّابع:يستحبّ أن يدعو في ركوعه

لأنّه موضع إجابة لكثرة الخضوع فيه.

ص:124


1- 1التّهذيب 2:299 الحديث 1205،الوسائل 4:926 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:22،بداية المجتهد 1:129،حلية العلماء 2:118.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:47 الحديث 261، [2]سنن أبي داود 1:230 الحديث 870.
4- 4) غ بزيادة:له.
5- 5) التّهذيب 2:77 الحديث 287،الاستبصار 1:324 الحديث 1211،الوسائل 4:926 الباب 5 [3] من أبواب الرّكوع الحديث 3،و ص 927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 4.
6- 6) التّهذيب 2:300 الحديث 1210،الاستبصار 1:325 الحديث 1214،الوسائل 4:927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]

و يؤيّده:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أمّا الرّكوع فعظّموا الرّبّ فيه،و أمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء فقمن أن يستجاب لكم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب:اللّه أكبر،ثمَّ اركع و قل (2)ربّ لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكّلت و أنت ربّي،خشع لك قلبي و سمعي (3)و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عصبي و عظامي و ما أقلّته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر و لا مستجير،سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرّات في ترسّل» (4).

و روى الشّافعيّ ما يقاربه،عن عليّ عليه السّلام (5)،إلاّ أنّه قدّم التّسبيح فيه.

الثّامن:لا يستحبّ القراءة في الرّكوع و السّجود

و هو وفاق،لما رواه عليّ عليه السّلام:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قراءة القرآن في الرّكوع و السّجود.

رواه الجمهور (6).

و لأنّها عبادة فيستفاد كيفيّتها من صاحب الشّرع عليه السّلام،و قد ثبت أنّه لم يقرأ فيهما،فلو كان مستحبّا لنقل فعله.

مسألة:و يجب رفع الرّأس من الرّكوع و الطّمأنينة فيه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،

ص:125


1- 1سنن أبي داود 1:232 الحديث 876،سنن الدّارميّ 1:304، [1]النهاية لابن الأثير 4:111.و [2]فيه:«.فإنّه قَمِنٌ.»يقال:قَمَنٌ و قَمِنٌ و قَمِينٌ:أي خليق و جدير.
2- 2) ح بزيادة:اللّهمّ.
3- 3) م،ن و غ:خشع لك سمعي.
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) مسند الشّافعيّ:38،الاُمّ 1:111،سنن البيهقيّ 2:87.
6- 6) صحيح مسلم 1:348 الحديث 479،سنن التّرمذيّ 2:49 الحديث 264. [4]

و قال الشّيخ في الخلاف:هو ركن (1).و به قال الشّافعيّ (2)،و أحمد (3).و قال أبو حنيفة:

لا يجب (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمسيء في صلاته:«ثمَّ ارفع حتّى تعتدل قائما» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«ثمَّ استوى قائما» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا رفعت رأسك من الرّكوع فأقم صلبك فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه» (7).و لأنّ الرّكوع ركن و هو خفض،فالرّفع منه واجب كالسّجود.

احتجّوا بأنّه تعالى لم يأمر به،و لأنّه لو كان واجبا لتضمّن ذكرا واجبا كالقيام الأوّل (8).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من عدم الأمر مع قوله تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ (9).و ما أمر به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و دوام على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (10).

ص:126


1- 1الخلاف 1:121 مسألة-102.
2- 2) المجموع 3:419،مغني المحتاج 1:165،السّراج الوهّاج:45،المغني 1:583،نيل الأوطار 2:280.
3- 3) المغني 1:583،الكافي لابن قدامة 1:174،المجموع 3:419،نيل الأوطار 2:280.
4- 4) المغني 1:583،المجموع 3:419،نيل الأوطار 2:281،حلية العلماء 2:119.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:200،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،المغني 1:582،المجموع 3:410، 417 و 419.
6- 6) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
7- 7) التّهذيب 2:78 الحديث 290،الوسائل 4:939 الباب 16 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
8- 8) المغني 1:583.
9- 9) البقرة(2):238. [3]
10- 10) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [4]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10،مسند أحمد 5:53.

و ما ذكروه منقوض بالرّكوع و السّجود،فإنّهما ركنان و لا يجب فيهما ذكر عندهم، و بالرّفع من السّجود،و بالإجماع لا يجب فيه ذكر.

فروع:
الأوّل:لو عرض له مانع يمنعه عن القيام بعد الرّكوع سقط عنه و يسجد

(1)

(2)لأجل العذر،و لو زال العارض بعد السّجود لم يقم للرّكوع،لأنّه فات محلّه،فلا يجب تداركه عملا بالأصل،و لأنّه يستلزم أحد محذورين:إمّا زيادة السّجود إن أعاده معه،أو تقديم السّجود على الرّكوع،و هما منفيّان.

الثّاني:لو زال المانع قبل السّجود،قال الشّيخ في المبسوط:مضى في صلاته

(3).و هو مشكل،لأنّ الانتصاب و الطمأنينة فيه واجبان لم يفت محلّهما و لم يحصل المنافي فيجب فعلهما.

الثّالث:لو سجد ثمَّ زال المانع فقام للانتصاب،فإن كان عالما بأنّه لا يجوز له ذلك ففي إبطال الصّلاة نظر

أمّا لو كان ساهيا فإنّه لا يبطل صلاته و عليه سجدتا السّهو بل يقعد و يأتي بالسّجدة الثّانية.

الرّابع:لو ركع فاطمأنّ فسقط إلى الأرض قبل القيام،قيل:سجد و لا يحتاج إلى

القيام

لفوات محلّه لعذر (4)فلم يجب الإتيان به (5).و عندي فيه نظر.

الخامس:لو سقط قبل ركوعه فإنّه يرجع و يأتي بالرّكوع

لأنّه ركن لم يفت محلّه فيجب عليه فعله،و لو سقط بعد الرّكوع قبل الطّمأنينة فيه ففي إعادة الرّكوع إشكال أقربه

ص:127


1- 1م و ن:من.
2- 2) غ،ح و ق:و سجد.
3- 3) المبسوط 1:112. [1]
4- 4) غ،م و ن:بعذر.
5- 5) المعتبر 2:205. [2]

عدم الإعادة،لأنّه أتى بالرّكوع المشروع،فلو أعاده زاد ركنا.

السّادس:قال الشّيخ في الخلاف:إذا خرّ ساجدا فشكّ في الرّكوع مضى في صلاته

و استدلّ بإجماع الفرقة،على أنّ من شكّ في شيء و قد انتقل عنه إلى حالة اخرى لا يلتفت (1).و قال الشّافعيّ:ينتصب قائما،ثمَّ يسجد عن قيام (2).و هو ضعيف.

السّابع:لا يرفع يديه وقت قيامه من الرّكوع

ذكره ابن أبي عقيل؛لأنّه غير منقول (3).

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد الرّكوع أن يكبّر قبله قائما

يقول:اللّه أكبر،ثمَّ يركع.

و هو قول أكثر أهل العلم (4)،قال الشّيخ في المبسوط:تكبير الرّكوع مع باقي التّكبيرات سنّة مؤكّدة على الظّاهر من المذهب،و لا تبطل الصّلاة بتركها عمدا و لا نسيانا و إن ترك الأفضل (5).و قال سلاّر:و من أصحابنا من ألحق بالواجب تكبير الرّكوع و السّجود (6)، و به قال إسحاق،و داود (7).و قد قام بإزاء هؤلاء طائفة أُخرى لم يجعلوا التّكبير مشروعا، و هو قول عمر بن عبد العزيز،و سالم،و القاسم،و سعيد بن جبير (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبّر في كلّ خفض و رفع و قيام و قعود.رواه التّرمذيّ (9).

ص:128


1- 1الخلاف 1:122 مسألة-104.
2- 2) الأُمّ 1:113،المجموع 3:416.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المغني 1:573،المبسوط للسرخسيّ 1:19،المجموع 3:396 و 397،مغني المحتاج 1:164،عمدة القارئ 6:58.
5- 5) المبسوط 1:110. [1]
6- 6) المراسم:69.
7- 7) المغني 1:579.
8- 8) المغني 1:573،المجموع 3:397. [2]
9- 9) سنن التّرمذيّ 2:33 الحديث 253. [3]

و ما رواه أبو هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قام إلى الصّلاة يكبّر حين يقوم،ثمَّ حين يركع (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع قال له:«فقل و أنت منتصب:اللّه أكبر،و اركع» (2).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ صبر هنيئة يعني بعد قراءة قل هو اللّه أحد بقدر ما يتنفّس و هو قائم،ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم،ثمَّ ركع (3).و لأنّه شروع في ركن فشرع فيه التّكبير كحالة ابتداء الصّلاة،و لأنّه انتقال من ركن إلى ركن فشرع فيه ذكر يعلم به المأموم الانتقال ليقتدي به،كحال الرّفع من الرّكوع،فهذا يدلّ على المشروعيّة.

و أمّا ما يدلّ على عدم الوجوب فالأصل مع عدم المعارض.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ ما تيسّر من القرآن،ثمَّ اركع» (4).و لو كان التّكبير واجبا لما أخلّ به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن أدنى ما يجزئ من التّكبير في الصّلاة؟قال:«تكبيرة واحدة» (5).

احتجّ الموجبون بما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تتمّ صلاة أحد من النّاس حتّى يكبّر،ثمَّ يركع حتّى يطمئنّ» (6).

ص:129


1- 1صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:293 الحديث 392.
2- 2) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303،سنن النّسائيّ 2:124،سنن البيهقيّ 2:372.
5- 5) التّهذيب 2:66 الحديث 238،الوسائل 4:714 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [3]
6- 6) سنن أبي داود 1:226 الحديث 857،سنن الدّارميّ 1:305 و فيه بتفاوت.

و من طريق الخاصّة:بحديث زرارة (1)،فإنّه عليه السّلام أمره بالتّكبير،و الأمر للوجوب.و فعله الصّادق عليه السّلام لمّا علّم حمّادا و قال له:«هكذا صلّ» (2).

أحتجّ الآخرون (3)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعلّمه المسيء في صلاته (4)،و لو كان مشروعا لعلّمه.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد به الاستحباب،لأنّ نفي التمام يفهم منه ذلك،و تحمل الأحاديث الدّالّة على الأمر به على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

و عن الأخير أنّه عليه السّلام علّمه الواجب،و لأنّه عليه السّلام علّمه الهيئات دون الأفعال،لأنّه كان يعرفها.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يكبّر قائما،فإذا فرغ من القيام ركع

و به قال أبو حنيفة (5)، و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يهوي بالتّكبير (6).فإن أراد به المساواة فهو ممنوع،و به قال الشّافعيّ (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي حميد السّاعديّ في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه

ص:130


1- 1الكافي 3:319 الحديث 1، [1]التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [2]
2- 2) الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
3- 3) المغني 1:579،المجموع 3:414.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:49.
6- 6) الخلاف 1:120 مسألة-96.
7- 7) الأُمّ 1:110،المجموع 3:396،عمدة القارئ 6:59.

عليه و آله قال:يقرأ ثمَّ يرفع يديه حتّى يحاذي منكبيه،ثمَّ يركع (1).

و من طريق الخاصّة:رواية حمّاد (2)و غيرها (3).

الثّاني:رفع اليدين مستحبّ عند التّكبير كما هو في تكبير الافتتاح

ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و كذا يستحبّ رفع اليدين عند كلّ تكبير.

و قال السيّد المرتضى في الانتصار:يجب رفع اليدين في تكبيرات الصّلاة كلّها (5).

و ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الرّفع (6).و قال الثّوريّ،و أبو حنيفة،و إبراهيم النّخعيّ:لا يرفع يديه إلاّ عند الافتتاح (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن الزّهريّ،عن سالم،عن أبيه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا استفتح الصّلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،و إذا أراد أن يركع (8).

و عن أبي عبد حميد السّاعديّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ثمَّ يكبّر فيرفع يديه بحذاء منكبيه،ثمَّ يرفع رأسه (9).

و قد رواه جماعة من الصّحابة كعليّ عليه السّلام،و وائل بن حجر،و عمر بن

ص:131


1- 1سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:105 الحديث 304، [1]سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862 و 863،سنن البيهقيّ 2:72.
2- 2) الكافي 3:311 الحديث 8، [2]التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
3- 3) ينظر:الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة.
4- 4) منهم:الحلبيّ في الكافي في الفقه:122،و ابن البرّاج في المهذّب 1:92،و المحقّق في الشّرائع 1:85.
5- 5) الانتصار:44.
6- 6) المغني 1:574،المجموع 3:399.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:14،المغني 1:574، [3]المجموع 3:400.
8- 8) سنن أبي داود 1:191 الحديث 721،سن التّرمذيّ 2:35 الحديث 255، [4]سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 858،سنن النّسائيّ 2:122.
9- 9) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:35 الحديث 256، [5]سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862 و 863،سنن البيهقيّ 2:72.

الخطّاب،و مالك بن الحويرث،و أنس،و أبي هريرة،و جابر بن عمر (1)و غيرهم (2)فصار كالمتواتر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم،ثمَّ ركع (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفع يديه إذا ركع،و إذا رفع رأسه من الرّكوع،و إذا سجد،و إذا رفع رأسه من السّجود،و إذا أراد أن يسجد الثّانية (4).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«في الرّجل يرفع يده كلّما أهوى إلى الرّكوع و السّجود،و كلّما رفع رأسه من ركوع أو سجود (5)قال:

هي العبوديّة» (6).

و عن زرارة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«رفعك يديك في الصّلاة زينتها» (7).و لأنّه تكبير شرع للانتقال إلى ركن،فاستحبّ فيه الرّفع كالاستفتاح.

ص:132


1- 1كذا في النّسخ،و في المغني 1:575 جابر بن عمير الليثيّ،و في سنن التّرمذيّ 1:36 [1] عن جابر و عمير الليثيّ و هو الصّحيح،لأنّ ما روي في سنن ابن ماجه 1:280-281 روايتان إحداهما عن جابر بن عبد اللّه و ثانيهما عن عمير بن حبيب و هو: عمير بن حبيب الليثيّ جدّ عبيد بن عمير،و قيل:إنّ اسم جدّه عمير بن قتادة روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابنه عبيد.تهذيب التّهذيب 8:144. [2]
2- 2) سنن التّرمذي 2:36 الحديث 256، [3]المغني 1:575.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:75 الحديث 279،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [5]
5- 5) ح و ق:من ركوعه أو سجوده.
6- 6) التّهذيب 2:75 الحديث 280،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [6]
7- 7) التّهذيب 2:76 الحديث 281،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 4. [7]

احتجّ السيّد المرتضى بالإجماع و بالاحتياط (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع منه.نعم،المعلوم الاستحباب،فإن كان مراد السيّد بالواجب هاهنا الاستحباب المؤكّد صحّ التمسّك بالإجماع و إلاّ فلا.

و عن الثّاني:بمعارضة الأصل،و لأنّه لا احتياط في اعتقاد ما ليس بواجب واجبا، و لا في الإتيان بما ليس بواجب على جهة الوجوب،لإمكان المؤاخذة بالجهل.

و احتجّ أبو حنيفة (2)بما رواه ابن مسعود أنّه قال:ألا أُصلّي بكم (3)صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلم يرفع يده إلاّ في الأوّل مرّة (4).

و عن البراء بن عازب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يرفع يديه إذا افتتح الصّلاة،ثمَّ لا يعود (5).و لأنّه نسخ.

و الجواب عن الحديثين:أنّهما معارضان للأحاديث المتقدّمة مع كثرة رواتها و زيادة عدالتهم على رواه هاتين الرّوايتين،و عمل الصّحابة بما قلناه و عمل أهل البيت عليهم السّلام مع أنّه الحجّة (6)و هم أعرف بمظانّ الأُمور الشّرعيّة.

و أيضا رواياتنا دالّة على الإثبات،و روايتهم دالّة على النّفي،و الإثبات مقدّم، و لأنّه فعل مندوب فجاز الإخلال به في وقت،و الرّاوي روى ما رأى،فلا ينتفي ما لم يره.

و عن النّسخ بالمنع منه،فإنّ الصحابة كافّة رفعوا أيديهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أهل البيت عليهم السّلام أفتوا به بعده مع أنّ الأصل عدم النّسخ.

الثالث:يستحبّ رفع اليدين إلى حذاء وجهه

و في رواية إلى اذنيه (7)،و بها قال

ص:133


1- 1الانتصار:45.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:14،المغني 1:574،المجموع 3:400. [1]
3- 3) ح و ق:لكم.
4- 4) سنن أبي داود 1:199 الحديث 748،سنن التّرمذيّ 2:40 الحديث 257، [2]سنن النّسائيّ 2:195.
5- 5) سنن أبي داود 1:200 الحديث 749،سنن التّرمذيّ 2:40 الحديث 257. [3]
6- 6) هامش ح:أنّهم الحجج.
7- 7) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]

الشّيخ (1)،و قال الشّافعيّ:إلى منكبيه (2).و هو رواية لنا عن أهل البيت عليهم السّلام (3).

لنا:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم ثمَّ ركع (4).

و في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (5).قال:«هو رفع يديك حيال وجهك» (6).

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن صفوان بن مهران الجمّال قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا كبّر في الصّلاة رفع يديه حتّى يكاد يبلغ اذنيه (7).و هذه كيفيّة مستحبّة يجوز فعل القليل منها و البالغ في الفضل.

الرّابع:المستحبّ أن يبدأ برفع يديه عند ابتدائه بالتّكبير و ينتهى الرّفع عند انتهائه و يرسلهما بعد ذلك

و لا نعرف فيه خلافا،لأنّ المشروع رفع اليدين بالتّكبير و هو لا يتحقّق إلاّ بما قلناه.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي وضع الكفّين على عيني الرّكبتين مفرّجات الأصابع عند

الرّكوع

و هو مذهب العلماء كافّة إلاّ ما روي،عن ابن مسعود أنّه كان إذا ركع طبّق يديه

ص:134


1- 1المبسوط 1:103،الخلاف 1:109 مسألة-72.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:305،مغني المحتاج 1:152،السراج الوهّاج:42،فتح الباري 2:176.
3- 3) قال في الجواهر 9:233 [1]نقلا عن كشف الغطاء:«و [2]يستحبّ فيها كغيرها من التكبيرات رفع اليدين إلى شحمتي الأُذنين أو المنكبين أو الخدّين أو الأُذنين أو الوجه أو النحر».لكن لا يخفى عليك دخول البعض في البعض و أنّه لا دليل على المنكبين و إن حكي عن الحسن بن عيسى أنّه جعله أحد الفردين و الثاني الخدّين،اللّهمّ إلاّ أن يكون الدليل ما يحكى عن الشيخ من نسبته إلى رواية عن أهل البيت بعد أن حكاه عن الشّافعيّ،للتسامح في المستحبّ.
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1 و 2. [3]
5- 5) الكوثر(108):2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:66 الحديث 237،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [5]
7- 7) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [6]

و جعلهما بين ركبتيه (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي حميد السّاعديّ أنّه وصف ركوع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما قلناه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك،و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى،و تُلقم بأطراف أصابعك عين الرّكبة،و فرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك» (3).

و ما رواه في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن الصّادق عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

ثمَّ ركع و ملأ كفّيه من ركبتيه مفرّجات (4)فردّ ركبتيه إلى خلفه (5).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك،و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى،و بلّع بأطراف أصابعك عين الرّكبة،و فرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك،فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك،و أحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الرّكبة و تفرّج بينها» (6).

احتجّ ابن مسعود بأنّه رواه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و الجواب:ما قلناه أكثر رواه،فالعمل عليه متعيّن،و لو صحّ فهو منسوخ.روى

ص:135


1- 1سنن البيهقيّ 2:84،نيل الأوطار 2:271.
2- 2) سنن أبي داود 1:149 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:105 الحديث 304،سنن البيهقيّ 2:72.
3- 3) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
4- 4) م و ن:منفرجات.
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3،و [3]فيهما:«و بلّغ بأطراف أصابعك.»و الصّحيح ما أثبتناه كما في الكافي 3:319 الحديث 1. [4]

مصعب بن سعد بن أبي وقّاص (1)قال:صلّيت إلى جنب أبي فطبّقت يديّ و جعلتهما بين ركبتيّ فضرب أبي في يدي فلمّا انصرف قال:يا بنيّ إنّا كنّا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكفّ على الرّكب (2).

فروع:
الأوّل:لو كانت يداه عليلتين بلغ من الرّكوع ما لو كانت يداه صحيحتين لوضعهما على ركبتيه

و سقط عنه استحباب الوضع للعذر.

الثّاني:لو كانت إحدى يديه عليلة وضع الأُخرى مستحبّا

لأنّه فعل تعلّق بهما، فلا يسقط عن إحداهما بحصول العذر في الأُخرى كما في الوضوء.

الثّالث:لو ترك وضع يديه فرفع رأسه و شكّ هل بلغ بالرّكوع قدر الإجزاء؟ففي

إعادة الرّكوع تردّد

ينشأ من كون الشكّ حصل في هيئته (3)بعد فوات محلّه فلا التفات،و من كونه قد شكّ في الرّكوع (4)المعتدّ به و هو قائم فيركع.

مسألة:و يستحبّ له أن يردّ ركبتيه إلى خلفه،و أن يسوّي ظهره و يمدّ عنقه محاذيا لظهره

و هو مذهب العلماء كافّة.

روى الجمهور،عن أبي حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك كلّه (5).

و عن عائشة:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع لم يرفع رأسه و لم يصوّبه

ص:136


1- 1مصعب بن سعد بن أبي وقّاص الزّهريّ،أبو زرارة المدنيّ.روى عن عليّ عليه السّلام و أبيه و طلحة و ابن عمر و عاصم بن بهدلة.مات سنة 103 ه. تهذيب التّهذيب 10:160، [1]العبر 1:95، [2]شذرات الذّهب 1:125.
2- 2) سنن أبي داود 1:229 الحديث 867،سنن النّسائيّ 2:185.بتفاوت يسير.
3- 3) غ و ن:تعيينه.
4- 4) م بزيادة:قدر الإجزاء.
5- 5) سنن التّرمذيّ 2:46 الحديث 260،سنن الدّارميّ 1:313،نيل الأوطار 2:198،سنن البيهقيّ 2:84-85.

و لكن بين ذلك (1).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا ركع لو كان على ظهره قدح ماء لم يتحرّك عنه،لاستواء ظهره (2).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام:«و أقم صلبك و مدّ عنقك» (3).و رواية حمّاد عن الصّادق عليه السّلام:و ردّ ركبتيه إلى خلفه،ثمَّ سوّى ظهره و مدّ عنقه (4).

و يستحبّ أن يصفّ في ركوعه بين قدميه،لا يقدّم إحداهما على الأُخرى و يجعل بينهما قدر شبر،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و تصفّ في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر» (5).

مسألة:و يستحبّ له أن يقول بعد انتصابه من الرّكوع:«سمع اللّه لمن حمده»

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (6).و قال إسحاق:هذا القول واجب (7)،و هو أحد قولي أحمد (8).

لنا:على عدم الوجوب،ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يعلّمه المسيء في صلاته (9)،و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه

ص:137


1- 1صحيح مسلم 1:357 الحديث 498،سنن ابن ماجه 1:282 الحديث 869.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:283 الحديث 872.بتفاوت في الألفاظ.
3- 3) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
6- 6) الأُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:417،مغني المحتاج 1:165.
7- 7) المغني 1:579،المجموع 3:414.
8- 8) المغني 1:579،الكافي لابن قدامة 1:174،الإنصاف 2:61،منار السبيل 1:88.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:200-201،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856.

السّلام لمّا علّمه الصّلاة لم يذكر له ذلك (1).و على الاستحباب اتّفاق العلماء.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تتمّ صلاة أحدكم».

و ساق الحديث إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«فلمّا استمكن من القيام قال:سمع اللّه لمن حمده» (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«ثمَّ قل:سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب قائم» (4).

احتجّ الموجب (5)بقوله عليه السّلام:«لا تتمّ صلاة أحدكم»إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده».

و الجواب:أنّ المراد بذلك:لا تتمّ صلاته بأجمعها الشّاملة للواجب و النّدب،و لأنّ الأصل عدم الوجوب و قد ظهر المنافي فيحمل ذلك على الاستحباب.

فروع:
الأوّل:هذا القول مستحبّ للإمام و المأموم و المنفرد

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال ابن سيرين،و أبو بردة (6)و أبو يوسف،و محمّد (7)،و الشّافعيّ (8)،

ص:138


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3.
2- 2) سنن النّسائيّ 2:225-226،سنن الدّارميّ 1:305،تفسير القرطبيّ 1:348. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) المغني 1:579.
6- 6) أبو بُردة بن أبي موسى الأشعريّ الفقيه اسمه الحارث و قيل:عامر.و قيل:اسمه كنيته.روى عن عليّ عليه السّلام و أبيه و حذيفة و عبد اللّه بن سلام و غيرهم،و روى عنه أولاده سعيد و بلال و الشعبيّ،مات سنة 104 ه. تهذيب التّهذيب 12:18، [4]العبر 1:97. [5]
7- 7) المغني 1:585،المبسوط للسرخسيّ 1:20،المجموع 3:419.
8- 8) الاُمّ 1:112،المجموع 3:419،المبسوط للسّرخسيّ 1:21،المغني 1:586،المحلّى 3:262.

و إسحاق (1).و قال ابن مسعود،و ابن عمر،و مالك،و الشّعبيّ (2)و أبو حنيفة (3)،و أحمد:

لا يشرع للمأموم ذلك (4).

لنا:قوله عليه السّلام:«لا تتمّ صلاة أحدكم»إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده» (5).و قول الباقر عليه السّلام:«ثمَّ قل سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب» (6).و ذلك عامّ،و لأنّه انتقال من ركن إلى آخر،فشرع الذّكر على العموم كالتّكبير،و لأنّه ذكر مشروع للإمام فشرع للمأموم كغيره من الأذكار.

الثّاني:يستحبّ للإمام أن يجهر به كالتّكبير

لأنّه ذكر شرع (7)للانتقال من ركن إلى آخر و مع الجهر يحصل الإعلام،و لا نعرف فيه خلافا.

الثّالث:يستحبّ الدّعاء بعد التسميع

بأن يقول:الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين.سواء كان إماما أو مأموما،و هو فتوى علمائنا.و قال الشّافعيّ:يقول بعد التسميع:ربّنا لك الحمد،إماما كان أو مأموما (8).و قال أبو حنيفة (9)،و مالك:يقولها المأموم خاصّة دون الإمام و المنفرد (10).و لأحمد كالقولين، و في وجوبها عنده قولان (11).

ص:139


1- 1المغني 1:585،المجموع 3:419.
2- 2) المغني 1:585-586،المجموع 3:419.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:20،المغني 1:586،المجموع 3:419،المحلّى 3:262.
4- 4) المغني 1:585،المجموع 3:419.
5- 5) سنن النّسائيّ 2:225،سنن الدّارميّ 1:305، [1]تفسير القرطبيّ 1:348. [2]
6- 6) الكافي 3:319 الحديث 1، [3]التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [4]
7- 7) غ:مشروع.
8- 8) المجموع 3:419،المبسوط للسّرخسيّ 1:21،المغني 1:585.
9- 9) المبسوط للسّرخسيّ 1:20،الهداية للمرغينانيّ 1:49، [5]شرح فتح القدير 1:260،المجموع 3:419.
10- 10) المغني 1:584،الشرح الكبير بهامش المغني 1:584،المجموع 3:419. [6]
11- 11) المغني 1:583-584،الشرح الكبير بهامش المغني 1:584.

لنا:أنّ قوله:سمع اللّه لمن حمده،إذكار بالحمد و ترغيب فيه،فيستحبّ للإمام و المأموم و المنفرد،و أولى ما أتى به ما ذكرناه نحن،لأنّه لفظ القرآن.

و لما رواه الجمهور،عن حذيفة بن اليمان قال:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان إذا رفع رأسه من الرّكوع قال:«سمع اللّه لمن حمده»ثمَّ قال:«الحمد للّه ذي الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة».رواه أحمد في مسنده (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«ثمَّ قل و أنت منتصب قائم:سمع اللّه لمن حمده،الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين،تجهر بها صوتك» (2).

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:و إن قال:ربّنا و لك الحمد لم تفسد صلاته

(3).

و اختلفوا في الواو،فأسقطها الشّافعيّ لأنّها للعطف و لا شيء يعطف عليه هنا (4)،و أثبتها باقي الجمهور،لأنّ المعطوف عليه هاهنا مقدّر إذ الواو يدلّ عليه،و تقديره:ربّنا حمدناك و لك الحمد،فيكون ذلك أبلغ في الحمد (5).و الأولى عندنا ترك الجميع،و قول ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام (6).

الخامس:لو عكس فقال:من حمد اللّه سمع له،لم يأت بالمستحبّ

خلافا للشافعيّة (7).

لنا:أنّه خلاف المنقول و عكس المشروع فلا يكون مجزئا كما لو قال في التّكبير:

الأكبر اللّه.

ص:140


1- 1مسند أحمد 5:396. [1]
2- 2) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط 1:112. [3]
4- 4) المجموع 3:418،المغني 1:585،الشرح الكبير بهامش المغني 1:585.
5- 5) المغني 1:585،الشرح الكبير بهامش المغني 1:585.
6- 6) الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع.
7- 7) المجموع 3:415،المغني 1:588.

احتجّوا بأنّه أتى باللّفظ و المعنى (1).

و الجواب:المنع،فإنّ قوله:سمع اللّه لمن حمده،صيغة خبر قد يراد للدّعاء و يصلح له،و عكسه شرط و جزاء لا يصلح لذلك.

السّادس:لو عطس عند الرّفع قال:الحمد للّه ربّ العالمين،و نوى بذلك التّحميد

للعطسة و المستحبّ بعد الرّفع جاز

خلافا لأحمد (2).

لنا:أنّ انضمام هذه النيّة لم يغيّر شيئا من مقاصد الكلام،فلم تكن مؤثّرة في المنع، و لأنّها عبادة ذات سببين فلم يضرّ جمعها في نيّة واحدة،كما لو نوى بالطّهارة رفع حدثين.

مسألة:قال الشّيخ في المبسوط:يكره أن يركع و يده تحت ثيابه

(3)

و يستحبّ أن تكون بارزة أو في كمّه،و لو خالف لم تبطل صلاته (4).قال:و من قدر على القيام و عجز عن الرّكوع صلّى قائما،فإن أمكنه أن يعتمد ليركع اعتمد واجبا،و إن لم يمكنه الرّكوع إلاّ على جانب لزمه ذلك،فإن لم يمكنه على ذلك حنى رأسه و ظهره،فإن لم يقدر أومأ برأسه (5).

مسألة:و يستحبّ له في حال ركوعه أن يتجافى فلا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلاّ اليدين بلا خلاف

(6)

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لم يضع شيئا من بدنه على شيء منه في ركوع و لا سجود و كان مجنحا» (7).

ص:141


1- 1المجموع 3:415،المغني 1:588،الشرح الكبير بهامش المغني 1:588.
2- 2) المغني 1:588،الإنصاف 2:63.
3- 3) في النسخ:يداه،و ما أثبتناه من المصدر،و هو الّذي يقتضيه السياق.
4- 4) المبسوط 1:112. [1]
5- 5) المبسوط 1:109. [2]
6- 6) م:حالة.
7- 7) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
البحث السّادس:في السّجود
اشارة

و هو في اللّغة:الخضوع (1)و الانحناء (2)،و في الشّرع:عبارة عن وضع الجبهة على الأرض،و هو خضوع خاصّ و انحناء خاصّ فيكون مجازا لغويّا و حقيقة شرعيّة، و السّجدة بالفتح،الواحدة،و بالكسر،الاسم،و المسجد،و المسجد واحد المساجد.

مسألة:و هو واجب في الصّلاة بالنصّ و الإجماع

قال اللّه تعالى اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (3).و قد ثبت بالتّواتر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن الأئمّة عليهم السّلام السّجود في الصّلاة.

و يجب في كلّ ركعة سجدتان بلا خلاف بين علماء الإسلام،و هما معا ركن في الصّلاة.

روى الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تعاد الصّلاة إلاّ في خمسة:الطّهور،و الوقت،و القبلة،و الرّكوع،و السّجود» (4).و كلّ واحدة منهما ليست ركنا على ما يأتي و إن كانت واجبة.

مسألة:و يجب الطّمأنينة فيهما و الخلاف فيه كما في الرّكوع

لنا:قوله عليه السّلام للمسيء في صلاته:«ثمَّ اسجد حتّى تطمئنّ ساجدا» (5).

و من طريق الخاصّة:ما يأتي من وجوب الذّكر فيه،و هو يستلزم الطمأنينة.

و يجب فيه السّجود على الأعضاء السّبعة:الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و إبهاما

ص:142


1- 1م:الخشوع.
2- 2) الصحاح 2:483-484( [1]سجد).
3- 3) الحجّ(22):77. [2]
4- 4) التّهذيب 2:152 الحديث 597،الوسائل 4:934 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 5. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:201،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:193.

الرجلين.ذهب إليه الشّيخان (1)،و أتباعهما (2)،و به قال طاوس (3)،و الشّافعيّ في أحد قوليه (4)،و أحمد (5)،و إسحاق (6).و قال علم الهدى:بدل الكفّين مفصل الكفّين عند الزّندين (7).و قال أبو حنيفة (8)،و مالك (9)،و الشّافعيّ في القول الآخر:لا يجب السّجود على غير الجبهة (10).

لنا:قوله تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ (11).قال جماعة من المفسّرين:المراد بها:

أعضاء السّجود السّبعة (12).

و ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أُمرت بالسّجود على سبعة أعظم:اليدين،و الرّكبتين،و أطراف القدمين،و الجبهة» (13).

و عن ابن عمر رفعه:«إنّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه،فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه،و إذا رفعه فليرفعهما».رواه أبو داود،و أحمد (14).

ص:143


1- 1المقنعة:16،النّهاية:71.
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:60،و القاضي في المهذّب 1:93،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة:673،و سلاّر في المراسم:71.
3- 3) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:591،المجموع 3:425.
4- 4) الاُمّ 1:113،المجموع 3:427،المبسوط للسّرخسيّ 1:34.
5- 5) المغني 1:591،الكافي لابن قدامة 1:175،الإنصاف 2:66،المجموع 3:425.
6- 6) المغني 1:591،المجموع 3:425.
7- 7) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):32.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:34،المغني 1:591.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:71،بداية المجتهد 1:138،تفسير القرطبيّ 1:346، [1]المغني 1:591.
10- 10) الاُمّ 1:114،المجموع 3:428،المغني 1:591. [2]
11- 11) الجنّ(72):18. [3]
12- 12) التبيان 10:155، [4]تفسير القرطبيّ 19:20. [5]
13- 13) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490.
14- 14) سنن أبي داود 1:235 الحديث 892،مسند أحمد 2:6. [6]

و إذا وجب السّجود على اليدين وجب على بقيّة الأعضاء السّبعة،لعدم القائل بالفرق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:السّجود على سبعة أعظم:الجبهة، و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين،و ترغم بأنفك إرغاما،أمّا الفرض فهذه السّبعة،و أمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

و سجد على ثمانية أعظم:الكفّين،و الرّكبتين،و أنامل إبهامي الرجلين،و الجبهة،و الأنف، و قال:سبع منها فرض يسجد عليها،و هي الّتي ذكرها اللّه عزّ و جلّ في كتابه و قال:

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ و هي:الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و الإبهامان،و وضع الأنف على الأرض سنّة» (2).

احتجّ أبو حنيفة (3)بقوله عليه السّلام:«سجد وجهي» (4)و لو ساواه غيره لما خصّه بالذّكر،و لأنّ وضع الجبهة على الأرض يسمّى سجودا بخلاف غيره،فينصرف الأمر المطلق إليه،لأنّه محصّل المسمّى،و لأنّه لو وجب السّجود على غيره لوجب كشفه كما يكشف الجبهة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ تخصيص الشّيء لا يدلّ على نفيه عمّا عداه (5)،و العجب أنّ أبا حنيفة يساعد على أنّ المفهوم لا يعمل به و قد عمل به هاهنا،و هل هذا إلاّ مناقضة!

ص:144


1- 1التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) عمدة القارئ 6:90،المغني 1:591.
4- 4) صحيح مسلم 1:534 الحديث 201،سنن الدار قطنيّ 1:296 الحديث 1،سنن البيهقيّ 2:109.
5- 5) ح:سواه.

على أنّه يجوز أن يكون سبب التّخصيص ما اشتملت عليه الوجه من كثرة الخضوع، و يحتمل أن يكون أراد بالوجه هاهنا الذّات،لقوله تعالى وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ (1).

و بالجملة فالاستدلال بهذا الحديث في مثل هذا الموضع في غاية الضّعف.

قوله:وضع الجبهة يسمّى سجودا.قلنا:مسلّم،و كذا غيره (2)،كما في قوله عليه السّلام:«سجد لحمي و عظمي و ما أقلّته قدماي» (3).

و عن الثّاني:المنع من المساواة،إذ لا جامع،ثمَّ يظهر الفرق بأنّ الجبهة هي الأصل دون غيرها.

فروع:
الأوّل:لو أخلّ بالسّجود على بعض هذه الأعضاء عامدا بطلت صلاته عالما كان

أو جاهلا

لأنّه لم يأت بالمأمور به،فيبقى في عهدة الأمر،و لو كان ناسيا صحّت صلاته إذا ذكر بعد الرّفع،لفوات المحلّ.

الثّاني:لو كان على بعض أعضاء السّجود مانع يمنع من السّجود عليه وجب أن يسجد بباقي الأعضاء

(4)

و يقرّب ذلك العضو من الأرض بقدر الإمكان؛لأنّها واجبات متعدّدة،فلا يسقط البعض لسقوط الآخر لعذر.

الثّالث:لو كان على جبهته دمّل أو شبهه من جرح و غيره ممّا يمنعه عن السّجود عليها

و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل (5)فيها ليقع السّليم من الجبهة على الأرض وجب؛ لأنّ المأخوذ عليه السّجود على بعض الجبهة و بالفعل الّذي ذكرناه يحصل المأمور به فيكون

ص:145


1- 1الرحمن(55):27. [1]
2- 2) غ،ح و ق:غيرها.
3- 3) أورده المحقّق في المعتبر 2:207. [2]
4- 4) غ،ح و ق:ببعض،مكان:على بعض.
5- 5) ح و ق:نزل.

واجبا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن مصادف قال:خرج بي دمّل فكنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد اللّه عليه السّلام أثره فقال:«ما هذا؟»فقلت:لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمّل فإنّما أسجد منحرفا،فقال لي:«لا تفعل ذلك و لكن احفر حفيرة و اجعل الدّمّل في الحفيرة حتّى تقع جبهتك على الأرض» (1).

الرّابع:لو تعذّر عليه السّجود على الجبهة و لم يمكنه الحفيرة

(2)لاستغراق الجبهة بالمانع مثلا أو بغيره سجد على أحد الجبينين،و لا يسقط السّجود عن بقيّة الأعضاء،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:أنّ المأمور به السّجود على سبعة أعضاء فلا يسقط بعضها لحصول المسقط في الآخر،و لأنّ الجبهة مع الجبينين كالعضو الواحد فيقوم أحدهما مقامها للعذر،و لأنّ السّجود على أحدهما أشبه بالسّجود على الجبهة من الإيماء،و الإيماء سجود مع تعذّر الجبهة فالجبين أولى.

احتجّ المخالف (4)بأنّ بقيّة الأعضاء تبع،فيسقط اعتبارها لسقوط الأصل.

و الجواب:المنع من التّبعيّة.

الخامس:لو تعذّر السّجود على أحد الجبينين سجد على الذّقن

لقوله تعالى:

يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (5).و الذّقن مجتمع اللّحيين (6)،و إذا صدق عليه اسم السّجود وجب أن يكون مجزيا في الأمر بالسّجود مع العذر (7).

ص:146


1- 1التّهذيب 2:86 الحديث 317،الوسائل 4:965 الباب 12 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) ق،غ و م:الحفر.
3- 3) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
4- 4) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
5- 5) الإسراء(17):109. [2]
6- 6) م و ن:اللحيتين.
7- 7) غ:التعذّر.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن يعقوب،عن عليّ بن محمّد بإسناده قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السّجود عليها؟قال:«يضع ذقنه على الأرض،إنّ اللّه تعالى يقول يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (1).

السّادس:لو تعذّر عليه ذلك كلّه أومأ إيماءا

لأنّه حالة ينتقل إليها مع الضّرورة، و يؤيّده:رواية إبراهيم الكرخيّ (2)و قد تقدّمت في الرّكوع (3).

السّابع:لا يجب السّجود على جميع أجزاء الجبهة

لأنّ المطلق يكفي فيه أقلّ ما يطلق عليه الاسم.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن حدّ السّجود؟فقال:«ما بين قصاص الشّعر إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزأك» (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت:الرّجل يسجد و عليه قلنسوة (5)أو عمامة؟فقال:«إذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه» (6).

الثّامن:شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم

(7)

(8)و ليس شيئا،للرّوايتين؛و لأنّ

ص:147


1- 1الكافي 3:334 الحديث 6، [1]التّهذيب 2:86 الحديث 318،الوسائل 4:965 الباب 12 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
2- 2) التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]
3- 3) يراجع:ص 115. [4]
4- 4) التّهذيب 2:85 الحديث 313،الوسائل 4:962 الباب 9 من أبواب السّجود الحديث 2. [5]
5- 5) غ،م،ن و ق:القلنسوة.
6- 6) الفقيه 1:176 الحديث 833،التّهذيب 2:85 الحديث 314،الوسائل 4:962 الباب 9 من أبواب السّجود الحديث 1. [6]
7- 7) هامش ح:ملاقاتها.
8- 8) المقنع:26،الفقيه 1:175.

الواجب تحصيل ما (1)يسمّى سجودا،و كذا البحث في بقيّة الأعضاء و إن كان الأولى استغراق جميعها (2)في الملاقاة.

مسألة:و الذّكر فيه واجب بلا خلاف بين علمائنا

و به قال أحمد (3)و باقي (4)أهل الظّاهر (5).و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)،و الشّافعيّ:لا يجب (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:لمّا نزل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (9)قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ضعوها (10)في سجودكم» (11).و الأمر للوجوب.

و عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا سجد أحدكم فليقل:سبحان ربّي الأعلى ثلاثا» (12).

و من طريق الخاصّة:رواية هشام بن سالم (13)و قد تقدّمت

ص:148


1- 1م و ن:بما.
2- 2) ح و ق:جبهته.
3- 3) المغني 1:597،الكافي لابن قُدامة 1:173،الإنصاف 2:70،منار السبيل 1:88.
4- 4) كذا في النّسخ،و الظاهر أنّ كلمة:(باقي)زائدة.
5- 5) المجموع 3:414،نيل الأوطار 2:271.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:50، [1]نيل الأوطار 2:271،المجموع 3:414.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:72،بداية المجتهد 1:128،المغني 1:578،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:578،نيل الأوطار 2:271.
8- 8) المجموع 3:414،نيل الأوطار 2:271.
9- 9) الأعلى(87):1. [2]
10- 10) هامش ح:ثبّتوها،و في المصادر:اجعلوها.
11- 11) سنن أبي داود 1:230 الحديث 869،سنن ابن ماجه 2:287 الحديث 887،سنن البيهقيّ 2:86،نيل الأوطار 2:273 الحديث 2. و من طريق الخاصّة ينظر:التّهذيب 2:313 الحديث 1273.
12- 12) سنن التّرمذيّ 2:47 الحديث 261، [3]سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،نيل الأوطار 2:274.
13- 13) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:323 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1.

في الرّكوع (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:

ما يجزئ من القول في الرّكوع و السّجود؟فقال:«ثلاث تسبيحات في ترسّل،و واحدة تامّة تجزئ» (2).و الإجزاء يفهم منه الوجوب.

و في رواية أبي بكر الحضرميّ عن أبي جعفر عليه السّلام:«و من لم يسبّح،فلا صلاة له» (3).

احتجّوا بأنّ اللّه تعالى (4)أمر بمطلق السّجود (5).

و الجواب:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّنه بفعله و قوله.

فروع:
الأوّل:الّذي أذهب إليه:الاكتفاء فيه بالذّكر مثل:الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر،و نظائرها

(6)

للرّوايات الّتي ذكرناها في الرّكوع (7)،و الخلاف هنا كالخلاف ثَمَّ،و كذا البحث في العدد.

الثّاني:الذّكر واجب في السّجدتين معا

بلا خلاف بين القائلين (8)بوجوب الذّكر

ص:149


1- 1يراجع:ص 119. [1]
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 7. [3]
4- 4) ح و ق:عزّ و جلّ.
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) ن:به.
7- 7) يراجع:ص 121.
8- 8) غ،ن و م:القائل.

في السّجود.

الثّالث:الأولى التّسبيح لرفع الخلاف،و الواحدة التّامّة تجزئ

و الفضل في ثلاث أكثر،و أكثر من ذلك الخمس،و السّبع أكمل لما تقدّم (1).

الرّابع:يستحبّ أمام التّسبيح الدّعاء

و هو وفاق،لما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في سجوده:«اللّهمّ لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت أنت ربّي سجد وجهي للّذي خلقه،و شقّ سمعه و بصره، فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » (2).

و عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أقرب ما يكون العبد من ربّه و هو ساجد فأكثروا (3)من الدّعاء» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سجدت فكبّر و قل:اللّهمّ لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكّلت و أنت ربّي سجد وجهي للّذي خلقه،و شقّ سمعه و بصره،و الحمد للّه ربّ العالمين،تبارك اَللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ،ثمَّ قل:سبحان ربّي الأعلى و بحمده،ثلاث مرّات» (5).

و عن أبي جرير الرّواسيّ (6)قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام و هو يقول:«اللّهمّ إنّي أسألك الرّاحة عند الموت و العفو عند الحساب»يردّدها (7).

ص:150


1- 1يراجع:ص 123.
2- 2) سنن أبي داود 1:201 الحديث 760،سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1054،سنن النّسائيّ 2:221.
3- 3) ح و ق:فيما كثر.
4- 4) سنن أبي داود 1:231 الحديث 875،سنن النّسائيّ 1:226،مسند أحمد 2:421. [1]
5- 5) التّهذيب 2:79 الحديث 295،الوسائل 4:951 الباب 2 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
6- 6) لم نعثر على ترجمته في الكتب أكثر ممّا ذكر المحقّق الأردبيليّ بقوله:أبو جرير الرّواسيّ روى عنه ابن محبوب في التّهذيب 2:300 الحديث 1209،و في الكافي 3:323 الحديث 10. [3]جامع الرّواة 2:371. [4]
7- 7) التّهذيب 2:300 الحديث 1209،و نقل المفيد في الإرشاد 2:223: [5]إنّه كان يقول في سجوده.

و عن عبد الرّحمن بن سيابة (1)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أدعو و أنا ساجد؟فقال:«نعم فادع للدّنيا و الآخرة فإنّه ربّ الدّنيا و الآخرة» (2).

الخامس:يجب أن يأتي بالذّكر الواجب و هو ساجد

فلو أخذ في السّجود و هو ذاكر أو رفع رأسه و لم يتمّم (3)لم يجزئه ذلك.

السّادس:الذّكر ليس بركن

لو تركه ناسيا لم تبطل صلاته،و سيأتي البحث فيه.

مسألة:و لا يجوز أن يكون موضع سجوده أعلى من موقف المصلّي بما يعتدّ به

قال الشّيخ:فإن زاد بمقدار لبنة لم يكن به بأس و إن زاد لم يجز (4).ذهب إليه علماؤنا،لأنّ العلوّ المعتدّ به يخرج (5)بسببه المصلّي عن الهيئة المنقولة عن الشّارع.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن موضع جبهة السّاجد أ يكون أرفع من مقامه؟فقال:«لا،و لكن ليكن مستويا» (6).

و أمّا التّقدير الّذي ذكره الشّيخ فيدلّ عليه ما رواه،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن السّجود على الأرض المرتفعة؟فقال:«إذا كان موضع

ص:151


1- 1عبد الرّحمن بن سيابة الكوفيّ البجليّ البزّاز عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و روى الكشّيّ أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام دفع إليه ألف دينار ليقسّمها في عيالات من أُصيب مع عمّه زيد،قال المحقّق المامقانيّ:هذه الرّواية تدلّ على وثاقة الرّجل و لم يتعرّض المصنّف لحال الرّجل في الخلاصة،و قال في المختلف: 289:لم يحضرني حاله. رجال الكشّيّ:338،رجال الطّوسيّ:230،تنقيح المقال 2:144. [1]
2- 2) التّهذيب 2:299 الحديث 1207،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
3- 3) م،ح و ق:يتمّ.
4- 4) المبسوط 1:115،النّهاية:83. [3]
5- 5) غ:مخرج.
6- 6) التّهذيب 2:85 الحديث 315،الوسائل 4:963 الباب 10 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]

جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس» (1).

فرع:

لو وقعت جبهته على المرتفع جاز له أن يرفع رأسه و يسجد (2)على المساوي؛لأنّه لم يحصل كمال السّجود،فيجوز العود لتحصيل التّكميل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن الحسين بن حمّاد (3)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع؟فقال:«ارفع رأسك ثمَّ ضعه» (4).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها،و لكن جرّها على الأرض» (5).

و عن حسين بن حمّاد قال:قلت له:أضع وجهي للسّجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع،أُحوّل وجهي إلى مكان مستو؟قال:«نعم،جرّ وجهك على الأرض من غير أن ترفعه» (6).

ص:152


1- 1التّهذيب 2:313 الحديث 1271،الوسائل 4:964 الباب 11 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:و سجد.
3- 3) الحسين بن حمّاد بن ميمون العبديّ-مولاهم-كوفيّ،أبو عبد اللّه،ذكر في رجال أبي عبد اللّه عليه السّلام قاله النّجاشيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام و ذكره في أصحاب الصّادق عليه السّلام تارة بعنوان الحسين بن حمّاد كوفيّ،و قال في الفهرست:له كتاب.و الظّاهر كونه إماميّا و من الحسان. رجال النّجاشيّ:55،رجال الطّوسيّ:115،169،183،الفهرست:57. [2]
4- 4) التّهذيب 2:302 الحديث 1219،الاستبصار 1:330 الحديث 1237،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 4. [3]
5- 5) التّهذيب 2:302 الحديث 1221،الاستبصار 1:330 الحديث 1238،الوسائل 4:960 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:312 الحديث 1269،الاستبصار 1:330 الحديث 1239،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 2. [5]

و عن أحمد بن محمّد بن عيسى (1)،عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسجد على الحصى فلا يمكّن جبهته من الأرض؟قال:«يحرّك جبهته حتّى يتمكّن (2)فينحّي الحصى عن (3)جبهته و لا يرفع رأسه» (4).

لأنّا نحمل هذه الأخبار على ما إذا كان المقدار (5)المرتفع لبنة فما دون،فلو رفع رأسه حينئذ،لزمه أن يزيد سجدة متعمّدا و هو غير سائغ.

مسألة:و لو تعذّر عليه الانحناء لعارض رفع ما يسجد عليه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (6)،و منعه أبو حنيفة (7).

لنا:أنّ السّجود واجب فيجب بقدر الممكن،و لأنّه أشبه بالسّجود من الإيماء فيكون أولى من الواجب فيكون واجبا،لاستحالة اشتمال ما ليس بواجب على المصالح المطلوبة من الواجب.

و يؤيّده:رواية الكرخيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إن كان له من يرفع

ص:153


1- 1أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري من بني ذُخران بن عوف بن الجُماهر بن الأشعر يكنّى أبا جعفر،و أوّل من سكن قم من آبائه سعد بن مالك الأحوص قاله النّجاشي عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الرّضا و الجواد و الهادي عليهم السّلام،و قال في الفهرست: و [1]أبو جعفر شيخ قم و وجهها و فقيهها غير مدافع و كان أيضا الرئيس الّذي يلقى السّلطان بها،و لقي أبا الحسن الرّضا عليه السّلام و صنّف كتبا.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و زاد على ما في الفهرست [2]أنّه لقي الرّضا و أبا جعفر الثّاني و أبا الحسن العسكريّ عليهم السّلام. رجال النّجاشيّ:81،رجال الطّوسيّ:366،397،409،الفهرست:25، [3]رجال العلاّمة:13. [4]
2- 2) غ،م،ن و ق:يمكن.
3- 3) ح و ق:من.
4- 4) التّهذيب 2:312 الحديث 1270،الاستبصار 1:331 الحديث 1240،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 3. [5]في التهذيب:عن عليّ بن جعفر.
5- 5) غ،م و ن:مقدار.
6- 6) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:217،الهداية للمرغينانيّ 1:77،شرح فتح القدير 1:458.

الخمرة إليه فليسجد،فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماءا» (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن المريض؟فقال:«يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو الأفضل من الإيماء،إنّما كره من كره السّجود على المروحة من أجل الأوثان الّتي كانت تعبد من دون اللّه، و إنّا لم نعبد غير اللّه قطّ،فاسجد على المروحة،أو على عود،أو على سواك» (2).

و اعلم أنّ حرف(أو)في قوله:«على الأرض أو على المروحة»للتّفصيل.

مسألة:و يجب رفع الرّأس من السّجدة الاُولى و الطّمأنينة فيه جالسا

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال مالك (5)،و أبو حنيفة (6):الرّفع واجب مثل حدّ السّيف،أمّا الطّمأنينة فلا.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول صلّى اللّه عليه و آله إذا رفع من السّجدة لم يسجد حتّى يستوي قاعدا (7).و قولنا:كان فلان يفعل كذا،إنّما يستعمل في الفعل المداوم عليه،و الدّوام يدلّ على الوجوب و قوله عليه السّلام للمسيء في صلاته:

«ثمَّ ارفع رأسك حتّى تطمئنّ» (8).

ص:154


1- 1الفقيه 1:238 الحديث 1052،التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:311 الحديث 1264،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1 و 2. [2]
3- 3) الاُمّ 1:116،المجموع 3:440،مغني المحتاج 1:171،السراج الوهّاج:47،المغني 1:598.
4- 4) المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:598،الكافي لابن قدامة 1:177،منار السّبيل 1:85.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:72،المغني 1:598،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:598،المجموع 4:440.
6- 6) المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:598،المجموع 3:440.
7- 7) صحيح مسلم 1:357 الحديث 498،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 893،سنن البيهقيّ 2:121،المغني 1: 598.
8- 8) سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:193،سنن البيهقيّ 2:372،المغني 1:582.في بعض المصادر بتفاوت يسير في الألفاظ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع رأسه من السّجود فلمّا استوى جالسا قال:«اللّه أكبر» و قال له:«هكذا صلّ» (1).و الأمر للوجوب إلاّ ما يخرج بالدليل و غير ذلك من الأحاديث،و هي كما دلّت على الرّفع دلّت على الطّمأنينة.و كذا يجب رفع الرّأس من السّجدة الثّانية بلا خلاف.

مسألة:يجب إبراز الجبهة للسّجود على ما يصحّ عليه السّجود

و هو قول علمائنا أجمع،و يسقط مع الضّرورة،و به قال الشّافعيّ (2).و قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و أحمد:

لا يجب (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن خبّاب قال:شكونا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّ الرّمضاء في جباهنا و أكفّنا فلم يُشكِنا (6).رواه مسلم.و لو جاز السّجود على الحائل لما كان للشّكوى معنى و لأشكاهم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل يسجد و عليه العمامة لا تصيب جبهته الأرض؟قال:

«لا يجزئه ذلك حتّى تصل جبهته[إلى] (7)الأرض» (8).و يستحبّ إبراز اليدين دون غيرهما.

مسألة:و يستحبّ التّكبير قائما قبل السّجود،ثمَّ يهوي إليه

و عليه فتوى علمائنا،

ص:155


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:73 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) الاُمّ 1:114،المجموع 3:422-423،مغني المحتاج 1:168،المغني 1:593.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:50،شرح فتح القدير 1:265،المغنيّ 1:598،المجموع 3:425.
4- 4) المغني 1:593،الشرح الكبير بهامش المغني 1:593،المجموع 3:425.
5- 5) المغني 1:593،المجموع 3:425. [2]
6- 6) صحيح مسلم 1:433 الحديث 619.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التّهذيب 2:86 الحديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1. [3]

و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يهوى به (1).و به قال الشّافعيّ (2).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث السّاعديّ (3)و الأعرابيّ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ كبّر و هو قائم و رفع يديه حيال وجهه،ثمَّ سجد (5).و ما ذكره الشّيخ جائز لكنّ الأولى ما قلناه.

مسألة:و إذا أهوى للسّجود استقبل الأرض بيديه و لا يتلقّاها بركبتيه أوّلا

و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال الأوزاعيّ (6)،و مالك (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين.

و قال في الأُخرى:يسبق بركبتيه (8).و به قال النّخعيّ (9)،و أبو حنيفة (10)، و الثّوريّ (11)،و الشّافعيّ (12).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا

ص:156


1- 1الخلاف 1:122 مسألة-107.
2- 2) الأُمّ 1:113،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:421،مغني المحتاج 1:170.
3- 3) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862،سنن الدّارميّ 1:313،سنن البيهقيّ 2:72.
4- 4) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303.
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
6- 6) المجموع 3:421،حلية العلماء 2:120،نيل الأوطار 2:282.
7- 7) المغني 1:590، [2]المجموع 3:421.
8- 8) المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590،حلية العلماء 2:120،المجموع 3:421.
9- 9) المغني 1:590،المجموع 3:421،نيل الأوطار 2:282.
10- 10) حلية العلماء 2:120،المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590.
11- 11) المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590،المجموع 3:421.
12- 12) الاُمّ 1:113،المجموع 3:421،المغني 1:591،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590.

سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه و لا يبرك بروك البعير».رواه النّسائيّ (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سئل عن الرّجل يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه؟قال:«نعم» (2)يعني في الصّلاة.و عن الحسين بن أبي العلاء مثله (3). (4)

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و ابدأ بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا» (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه وائل بن حجر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا سجد وضع يديه بعد ركبتيه،و إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه (7).

و عن أبي هريرة:«إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه و لا يبرك بروك الفحل» (8).

و عن أبي سعيد قال:كنّا نضع اليدين قبل الرّكبتين،فأُمرنا بوضع الرّكبتين قبل اليدين (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه حكاية فعل،و القول أولى من الفعل،و لأنّه كيفيّة مندوبة

ص:157


1- 1سنن النّسائيّ 2:207،المغني 1:590.
2- 2) التّهذيب 2:78 الحديث 293،الاستبصار 1:326 الحديث 1217،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
3- 3) ح:بمثله.
4- 4) التّهذيب 2:78 الحديث 292،الاستبصار 1:325 الحديث 1216،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [3]
6- 6) المغني 1:590،المجموع 3:421. [4]
7- 7) سنن أبي داود 1:222 الحديث 838،سنن التّرمذيّ 2:56 الحديث 268، [5]سنن النّسائيّ 2:207،سنن الدّارميّ 1:303. [6]
8- 8) سنن البيهقيّ 2:100.و فيه:بروك الجمل،بدل بروك الفحل،المغني 1:590،المجموع 3:422.
9- 9) المغني 1:590،نيل الأوطار 2:282.و فيه:عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص.

يجوز فعلها في وقت دون آخر،و سوّغ تركها للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض الأوقات ليكون أبلغ في تعريف جواز الترك.و رواية أبي هريرة معارضة بروايته الّتي نقلناها عنه، و ذلك ممّا يوجب تطرّق التّهمة إليه.و قول أبي سعيد لا حجّة فيه،لجواز أن يكون الآمر غير النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

فروع:
الأوّل:رفع الرّكبتين عند القيام يستحبّ أن يكون سابقا على رفع اليدين

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد،و إذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه (1).

الثّاني:يستحبّ أن يكون وضع يديه دفعة واحدة ليقع دفعة واحدة

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام:«تضعهما معا» (2).

الثّالث:هذه الكيفيّات مستحبّة لا واجبة،عملا بالأصل

و ما (3)رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل إذا ركع ثمَّ رفع رأسه أ يبدأ (4)فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه؟قال:«لا يضرّه بأيّ ذلك بدأ فهو مقبول منه» (5).

و روى أبو بصير في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس إذا صلّى

ص:158


1- 1التّهذيب 2:78 الحديث 291،الاستبصار 1:325 الحديث 1215،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) ح و ق:بما.
4- 4) غ،م،ن و ق:ابتدأ.
5- 5) التّهذيب 2:300 الحديث 1211،الاستبصار 1:326 الحديث 1219،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 3. [3]

الرّجل أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه» (1).

الرّابع:لو كان بيديه مانع أو مرض و شبهه استقبل الأرض بركبتيه

للعذر و إن كان الأوّل مندوبا.

مسألة:و الإرغام بالأنف حالة السّجود مستحبّ ليس بواجب

و الإرغام:هو إلصاق الأنف بالرّغام-و هو التّراب-ذهب إلى استحبابه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء، و طاوس،و عكرمة،و الحسن،و ابن سيرين (2)،و الشّافعيّ (3)،و أبو ثور (4)،و محمّد، و أبو يوسف (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين،و في الأُخرى:يجب السّجود عليه (6)،و هو قول سعيد بن جبير،و إسحاق (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم» (8)و لم يذكر الأنف،و لو كان واجبا لما أخّر بيانه.

و عن جابر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سجد بأعلى جبهته على قصاص الشّعر (9).رواه تمام (10).و إذا سجد بأعلى الجبهة لم يسجد على الأنف.

ص:159


1- 1التّهذيب 2:78 الحديث 294،الاستبصار 1:326 الحديث 1218،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 5. [1]
2- 2) المغني 1:592،المجموع 3:425،تفسير القرطبيّ 1:346. [2]
3- 3) الاُمّ 1:114،المجموع 3:425،المغني 1:592.
4- 4) المغني 1:592،المجموع 3:425.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:34،المغني 1:592،المجموع 3:425.
6- 6) المغني 1:592،المجموع 3:425.
7- 7) المغني 1:592،المجموع 3:425، [3]تفسير القرطبيّ 1:346. [4]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490،سنن البيهقيّ 2:101.
9- 9) سنن الدّار قطنيّ 1:349،المغني 1:592.
10- 10) تمام بن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر،أبو القاسم البجليّ الرّازيّ ثمَّ الدّمشقيّ الحافظ ابن الحافظ أبي الحسين كان محدّث دمشق في عصره له كتاب(الفوائد)ثلاثون جزءا روى عن خيثمة و أبي عليّ الحصائريّ مات سنة 414 ه. العبر 2:226، [5]شذرات الذّهب 3:200، [6]الأعلام للزركلي 2:87. [7]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة قال:«سبع منها فرض سجد عليها»و عدّها،ثمَّ قال:

«و وضع الأنف على الأرض سنّة» (1).

و عن محمّد بن مصادف قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إنّما السّجود على الجبهة و ليس على الأنف سجود» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«السّجود على سبعة أعظم:الجبهة،و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين من الرّجلين (3)،و ترغم بأنفك إرغاما،فأمّا الفرض فهذه السّبعة،و أمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (4).و هذه الأحاديث كما دلّت على عدم الوجوب فقد دلّت على الاستحباب،و لأنّ الأصل عدم الوجوب إلى أن يظهر المنافي.

احتجّ الموجبون (5)بما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة».و أشار بيده إلى الأنف (6).

و في لفظ آخر رواه ابن عبّاس أيضا:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة، و الأنف،و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين» (7).

و عن عكرمة قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من

ص:160


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301 و فيه:«يسجد عليها»،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:298 الحديث 1200،الاستبصار 1:326 الحديث 1220،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
3- 3) ليست في غ،م و ن.
4- 4) التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [3]
5- 5) المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592،المجموع 3:425.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490،سنن الدّارميّ 1:302. [4]
7- 7) سنن النّسائي 2:209،المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.

الأرض ما تصيب الجبهة» (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا يمكن أن يكون إشارته إلى الأنف و يريد به الجبهة،و إلاّ لتعيّن بالسّجود عليه،فلعلّ الرّاوي رأى محاذاة يديه لأوّل الجبهة فتوهّم الأنف.على أنّ رواية ابن عبّاس قد اختلفت روايته (2)،و ذلك ممّا تطرّق التّهمة إلى الضّبط فيها.

و قوله عليه السّلام:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم».ثمَّ عدّ الأنف،دليل على أنّه غير مراد بأمر الوجوب،و إلاّ لكان المأمور به ثمانية أعضاء.

و عن الرّواية الأخيرة أنّها مرسلة،قاله أحمد بن حنبل (3)،فلا تعويل عليها حينئذ.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:

«قال عليّ عليه السّلام:لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف ما يصيب الجبين» (4).

لأنّا نقول:إنّ راويها عمّار و هو ضعيف (5)،و أيضا فهي محمولة على الاستحباب.

فروع:
الأوّل:لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزئه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (6)،و أحمد (7).و قال أبو حنيفة:يجزئه (8).قال ابن المنذر:و لا أعلم أحدا سبقه إلى

ص:161


1- 1سنن الدّار قطنيّ 1:348،سنن البيهقيّ 2:104،المغني 1:592.
2- 2) ففي بعضها:الجبهة و اليدين و الكفّين و الرّكبتين،و في بعضها:أشار بيده إلى أنفه،و في بعضها:أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم فقط.
3- 3) المغني 1:592.
4- 4) التّهذيب 2:298 الحديث 1202،الاستبصار 1:327 الحديث 1223،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 4. [1]
5- 5) هو:عمّار بن موسى السّاباطيّ،صرّح المصنّف بأنّه كان فطحيّا.رجال العلاّمة:243. [2]
6- 6) الاُمّ 1:114،المجموع 3:424.
7- 7) الكافي لابن قُدامة 1:175،الإنصاف 2:66،منار السبيل 1:84.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:34،الهداية للمرغينانيّ 1:50،شرح فتح القدير 1:263،عمدة القارئ 6:90، المغني 1:592.

هذا (1).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على السّجود على الجبهة،و الأنف ليس منها.

و عن ابن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا سجدت فمكّن جبهتك من الأرض» (2).و الأمر للوجوب.

و من طريق الخاصّة:حديث زرارة (3)،و حمّاد بن عيسى (4)،و محمّد بن مصادف (5)و قد تقدّم ذلك كلّه (6).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأنف و الجبهة عضو واحد،فإذا سجد على الأنف وجب أن يجزئه،كما إذا سجد على بعض الجبهة (7).

و الجواب:المنع من وحدتهما و النّقض بعظم الرّأس،فإنّه متّصل بعظم الجبهة.

الثّاني:لو سجد على خدّه أو رأسه دون الجبهة لم يجزئه

بلا خلاف.

الثّالث:قال السيّد علم الهدى رحمه اللّه:الإرغام بطرف الأنف الّذي

يلي الحاجبين

(8)و الأقرب عندي الاكتفاء بما أصاب من الأنف،لتحقّق المعنى المشتقّ منه.

الرّابع:يستحبّ تمكين الجبهة بما يزيد على القدر الواجب

(9)

لأنّه أبلغ في التثبّت (10)

ص:162


1- 1المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:593،المجموع 3:425. [1]
2- 2) مجمع الزّوائد 3:275.
3- 3) التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
5- 5) التّهذيب 2:298 الحديث 1200،الاستبصار 1:326 الحديث 1220،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]
6- 6) يراجع:ص 160. [4]
7- 7) المغني 1:592،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:592.
8- 8) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):32.
9- 9) غ:أن يمكّن.
10- 10) ق:في القلوب،ح:بالقلوب.

للدّعاء،و يستحبّ أن يكون موضع الجبهة مساويا للموقف،لأنّه أنسب بالاعتدال المطلوب في السّجود،و أمكن للساجد.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يرفع موضع جبهته في المسجد؟فقال:«إنّي أُحبّ أن أضع وجهي في موضع قدمي».و كرهه (1).أي و كره الرّفع.

مسألة:و يستحبّ له أن يتجافى في حال سجوده

لا يضع شيئا من جسده على شيء،بل يجافي عضديه عن جنبيه،و بطنه عن فخذيه،و فخذيه عن ساقيه بلا خلاف.

روى الجمهور،عن أبي حُمَيد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه (2).

و عن البراء أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا سجد جَخَّ،و الجخّ:الخاوي.

رواه أبو داود (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حفص الأعور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان عليّ عليه السّلام إذا سجد يتخوّى (4)كما يتخوّى البعير الضّامر عند بروكه» (5).

ص:163


1- 1التّهذيب 2:85 الحديث 316،الوسائل 4:964 الباب 10 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) سنن النّسائيّ 2:211 و فيه:جافى عضديه عن إبطيه،و بهذا اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:237 الحديث 900 و [2]لكنّ الراوي فيه:أحمر بن جزء.
3- 3) روى الحديث عن أبي داود،و الموجود في سننه 1:236 الحديث 896 هكذا:وصف لنا البراء بن عازب فوضع يديه و اعتمد على ركبتيه و رفع عجيزته،و قال:هكذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يسجد. و هذا هو معنى الجخّ.و بهذا اللّفظ ينظر:النّهاية لابن الأثير 1:242، [3]لسان العرب 3:12، [4]المغني 1:595،سنن النّسائيّ 2:212 و فيه:.كان إذا صلّى جَخّى.
4- 4) في النّسخ و المصادر من باب التفعّل و المضبوط في اللّغة من التفعيل،قال في المصباح المنير:185: [5]خوّى الرّجل في سجوده رفع بطنه عن الأرض،و قيل:جافى عضديه.
5- 5) التّهذيب 2:79 الحديث 296،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 1 و [6]فيه:يعني بروكه، مكان:عند بروكه.

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:و لم يستعن بشيء من بدنه على شيء منه في ركوع و لا سجود،و كان مجنحا،و لم يضع ذراعيه على الأرض (1).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لا تفترش ذراعيك افتراش السّبع ذراعيه (2)،و لا تضعن ذراعيك على ركبتيك و فخذيك،و لكن تجنح بمرفقيك،و لا تلزق كفّيك بركبتيك» (3).

فروع:
الأوّل:الاعتدال في السّجود مستحبّ

ذهب إليه العلماء (4)كافّة.

روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«اعتدلوا في السّجود و لا يسجد أحدكم و هو باسط ذراعيه على الأرض» (5).

و عن جابر قال:«إذا سجد أحدكم فليعتدل و لا يفترش ذراعيه افتراش الكلب» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تفترش ذراعيك افتراش السّبع،و ابسط كفّيك و لا تجعلهما بين ركبتيك

ص:164


1- 1الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:ذراعه.
3- 3) الكافي 3:334 الحديث 1، [2]التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [3]
4- 4) ح:علماؤنا.
5- 5) سنن التّرمذيّ 2:66 الحديث 276،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 892،سنن النّسائيّ 2:213،المغني 1:594.بتفاوت يسير.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:66 الحديث 275،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 891،المغني 1:594.

و لكن تحرفهما عن ذلك شيئا» (1).و عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«و لا تفترش ذراعيك» (2).و الافتراش المنهيّ عنه في هذه الأحاديث هو عبارة عن بسط الذّراعين على الأرض كما هو في حديث حمّاد.

الثّاني:يستحبّ أن يضع راحتيه على الأرض مبسوطتين،مضمومتي الأصابع بين

منكبيه موجّهات إلى القبلة

و هو قول أهل العلم كافّة،لما رواه أبو حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن وائل بن حجر قال:سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجعل كفّيه بحذاء اذنيه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لا تلزق كفّيك بركبتيك،و لا تدنهما من وجهك و بين ذلك حيال منكبيك،و لا تجعلهما بين يدي ركبتيك،و لكن تحرّفهما عن ذلك شيئا،و ابسطهما على الأرض بسطا،و اقبضهما إليك قبضا،و إن كان تحتهما ثوب فلا يضرّك،و إن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل،و لا تفرّجنّ بين أصابعك في سجودك و لكن اضممهنّ (5)جميعا» (6).

ص:165


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3.و [1]اللفظ فيه:«و لا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه و لا تضعنّ ذراعيك على ركبتيك و فخذيك و لكن تجنح بمرفقيك و لا تلزق كفّيك بركبتيك،و لا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك و لا تجعلهما بين يدي ركبتيك،و لكن تحرفهما عن ذلك شيئا.».
2- 2) التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:210،سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862،سنن الدّارميّ 1:313، [3]سنن البيهقيّ 2:72.
4- 4) سنن النّسائيّ 2:211،سنن البيهقيّ 2:112،بتفاوت،و بهذا اللفظ يُنظر:المغني 1:596.
5- 5) ح:ضمّهنّ.
6- 6) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [4]
الثّالث:هل يجب استيعاب جميع الكفّ بالسّجود؟عندي فيه تردّد

و الحمل على الجبهة يحتاج إلى دليل،لورود النّصّ في خصوصيّة الجبهة،فالتعدّي بالاجتزاء (1)في البعض يحتاج إلى دليل.

الرّابع:لو جعل ظهور كفّيه إلى الأرض و سجد عليهما ففي الإجزاء نظر

(2)

أمّا ظاهر الإبهامين في الرّجلين لو سجد عليهما فالأقرب عندي الجواز.

مسألة:و يستحبّ التّكبير إذا استوى جالسا عقيب السّجدة الاُولى

و التّكبير للسّجدة الثّانية جالسا،ثمَّ يسجد،فإذا استوى في الثّانية قاعدا كبّر.

و قال علم الهدى في المصباح:و قد روي أنّه إذا كبّر للدّخول في فعل من الصّلاة ابتدأ بالتّكبير في حال ابتدائه و للخروج بعد الانفصال عنه (3).و الوجه عندي إكمال التّكبير قبل الدّخول؛لما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع رأسه من السّجود فلمّا استوى جالسا قال:«اللّه أكبر» و دعا.،ثمَّ كبّر و هو جالس و سجد الثّانية و قال كما قال في الأُولى (4).

مسألة:و إذا جلس عقيب السّجدة الأُولى دعا مستحبّا

(5)

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول أهل العلم إلاّ أبا حنيفة فإنّه أنكره (6)،و أحمد فإنّه أوجبه (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول بين

ص:166


1- 1ح و ق:بالإجزاء.
2- 2) م و ن:الاجتزاء.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:214. [1]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
5- 5) ح و ق:مسبّحا.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:51،شرح فتح القدير 1:267،عمدة القارئ 6:97.
7- 7) المغني 1:600،الشرح الكبير بهامش المغني 1:600،الكافي لابن قدامة 1:178،الإنصاف 2:70،منار السبيل 1:89.

السّجدتين:«اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و اهدني و عافني و ارزقني».رواه أبو داود (1).

و عن حذيفة أنّه صلّى مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان يقول بين السّجدتين:

«ربّ اغفر لي،ربّ اغفر لي».رواه النّسائيّ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه السّجود:«فإذا رفعت رأسك فقل بين السّجدتين:اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و أجرني (3)و ادفع عنّي و عافني إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير تبارك اللّه ربّ العالمين» (4).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

قال:«أستغفر اللّه ربّي و أتوب إليه» (5).و قول أحمد ضعيف جدّا؛لأنّ الأصل براءة الذمّة إلى أن يثبت الدّليل و لم يثبت.

مسألة:و يستحبّ أن يكون الجلوس بين السّجدتين على هيئة التورّك

بأن يجلس على وركه الأيسر و يخرج رجليه جميعا،و يفضي بمقعدته إلى الأرض،و يجعل رجله اليسرى على الأرض و ظاهر قدمه اليمنى على بطن (6)قدمه اليسرى،هكذا فسّره الشّيخ (7).

و قال علم الهدى في المصباح:يجلس مماسّا بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى للأرض رافعا فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر،و ينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض،و يستقبل بركبتيه معا القبلة (8).

ص:167


1- 1سنن أبي داود 1:224 الحديث 850،المغني 1:600.
2- 2) سنن النّسائيّ 2:199،المغني 1:600.
3- 3) ن:و اجبرني.كما في التهذيب.
4- 4) التّهذيب 2:79 الحديث 295،الوسائل 4:951 الباب 2 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) غ:باطن.
7- 7) الخلاف 1:126 مسألة-120.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:215. [3]

و قال أحمد:يجلس مفترشا،و هو أن يثني رجله اليسرى فيبسطها و يجلس عليها، و ينصب رجله اليمنى و يخرجها من تحته،و يجعل بطون أصابعه على الأرض معتمدا عليها ليكون أطراف أصابعها إلى القبلة (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلس في وسط الصّلاة و في آخرها متورّكا (2).

لا يقال:المراد بذلك حال التشهّد.

لأنّا نقول:اللّفظ مطلق و هو يتناول بمفهومه كلّ الصّلاة و ليس في كلّها تشهّدان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ قعد على فخذه الأيسر قد وضع قدمه اليمنى على بطن قدمه اليسرى (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الصّلاة فلا تجلس على يمينك و اجلس على يسارك» (4).

مسألة:يكره الإقعاء بين السّجدتين

و به قال الشّيخ في الجمل (5)،و معاوية بن عمّار،و محمّد بن مسلم (6)من قدمائنا،و الشّافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد (9)،و نقله

ص:168


1- 1المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:599،الكافي لابن قدامة 1:177،الإنصاف 2:75، [1]منار السبيل 1:85.
2- 2) مسند أحمد 1:459، [2]مجمع الزوائد 2:142 بتفاوت،المغني 1:607.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:83 الحديث 307،الوسائل 4:988 الباب 1 من أبواب التشهّد الحديث 3. [4]
5- 5) الجمل و العقود:74.
6- 6) نقله عنهما في المعتبر 2:218. [5]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:77،مغني المحتاج 1:154،السّراج الوهّاج:42،المغني 1:599.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:26،المغني 1:599،المجموع 3:439.
9- 9) المغني 1:599،المجموع 3:439. [6]

الجمهور،عن عليّ (1)عليه السّلام،و هو قول أكثر أهل العلم (2).

و قال الشّيخ في المبسوط بالجواز و إن كان التورّك أفضل (3).و به قال السيّد المرتضى (4)،و ابن بابويه (5)،و هو منقول عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و ابن الزّبير (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تقع بين السّجدتين» (7).

و عن أنس قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رفعت رأسك من السّجود فلا تقع كما يقعي الكلب» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار و ابن مسلم و الحلبيّ قالوا:قال:«لا تقع في الصّلاة بين السّجدتين كإقعاء الكلب» (9).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تقع بين السّجدتين إقعاء» (10).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«فإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض و فرّج بينهما شيئا،و ليكن ظاهر قدمك اليسرى على

ص:169


1- 1سنن التّرمذيّ 2:72، [1]سنن البيهقيّ 2:120،المغني 1:599،المجموع 3:436. [2]
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:74،المغني 1:599.
3- 3) المبسوط 1:113.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:218. [3]
5- 5) الفقيه 1:206.
6- 6) المغني 1:599، [4]المجموع 3:438. [5]
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:72 الحديث 282، [6]سنن ابن ماجه 1:289 الحديث 894،المغني 1:600.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:289 الحديث 896،المغني 1:600.
9- 9) التّهذيب 2:83 الحديث 306،الاستبصار 1:328 الحديث 1227،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 2. [7]
10- 10) التّهذيب 2:301 الحديث 1213،الاستبصار 1:327 الحديث 1225،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 1. [8]

الأرض،و ظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى و أليتاك على الأرض،و طرف (1)إبهامك اليمنى على الأرض،و إيّاك و القعود على قدميك فتتأذّى بذلك،و لا تكن قاعدا على الأرض فتكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد و الدّعاء» (2).و العلّة الّتي ذكرها عليه السّلام في التّشهّد منسحبة في غيره فيتعدّى الحكم إليه.

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالإقعاء في الصّلاة بين السّجدتين» (3).

و الجواب:إنّا نقول بموجبة إلاّ أنّا نثبت كيفيّة زائدة على رفع البأس هي (4)الكراهية، و ذلك لا ينافي هذا الحديث.

فرع:

الإقعاء عبارة عن أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه.و قال بعض أهل اللّغة:هو أن يجلس الرّجل على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب (5).

و الأوّل أولى،لأنّه تفسير الفقهاء و بحثهم فيه.

مسألة:يكره أن ينفخ موضع سجوده

ذهب إليه علماؤنا؛لأنّه فعل ليس من الصّلاة فيكره ترك العبادة له.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:الرّجل ينفخ في الصّلاة موضع جبهته؟فقال:«لا» (6).و المطلوب من

ص:170


1- 1ح:و أطراف.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 2:301 الحديث 1212،الاستبصار 1:327 الحديث 1226،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 3. [2]
4- 4) هامش ح:و هي.
5- 5) المصباح المنير:510-511. [3]
6- 6) التّهذيب 2:302 الحديث 1222،الاستبصار 1:329 الحديث 1235،الوسائل 4:958 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]

النّهي الكراهية (1)،لما رواه،عن إسحاق بن عمّار،عن رجل من بني عجل قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المكان يكون عليه الغبار فأنفخه إذا أردت السّجود؟ فقال:«لا بأس» (2).

و عن أبي بكر الحضرميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالنّفخ في الصّلاة في موضع السّجود ما لم يؤذ أحدا» (3).

مسألة:و يستحبّ له إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية أن يجلس للاستراحة قبل

النّهوض إلى الرّكعة الثّانية،و تسمّى جلسة الاستراحة

ذهب إليه علماؤنا إلاّ السيّد المرتضى رحمه اللّه،فإنّه قال بالوجوب (4)،و هو منقول عن الشّافعيّ (5).

و ممّن قال باستحبابه الشّافعيّ في أحد القولين (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (7).

و في الآخر للشّافعيّ (8)،و لأحمد أنّه لا يجلس،و إليه ذهب أكثر الجمهور (9).

لنا على عدم الوجوب:الأصل من غير معارض.

و ما رواه الجمهور،عن وائل بن حجر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا

ص:171


1- 1ن:الكراهة.
2- 2) التّهذيب 2:302 الحديث 1220،الاستبصار 1:329 الحديث 1234،الوسائل 4:959 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 2:329 الحديث 1351،الاستبصار 1:330 الحديث 1236،الوسائل 4:959 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
4- 4) الانتصار:46.
5- 5) لم نعثر على قول له بالوجوب،نعم،له في جلسة الاستراحة قولان:أحدهما يجلس،و الثاني لا يجلس.ينظر: المهذّب للشيرازيّ 1:77،فتح العزيز بهامش المجموع 3:485.
6- 6) المجموع 3:443،الهداية للمرغينانيّ 1:51،المغني 1:603،الشرح الكبير بهامش المغني 1:605.
7- 7) المغني 1:603،المجموع 3:443.
8- 8) المجموع 3:441.
9- 9) المغني 1:602،المجموع 3:443.

رفع رأسه من السّجود استوى قائما بتكبيرة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:رأيت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام إذا رفعا رءوسهما من السّجدة الثّانية نهضا و لم يجلسا (2).

و على الاستحباب ما رواه الجمهور،عن مالك بن الحويرث أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلس إذا رفع رأسه من السّجود قبل أن ينهض (3).و كذا في حديث أبي حُمَيد السّاعديّ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا رفعت رأسك في السّجدة الثّانية من الرّكعة الأُولى حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثمَّ قم» (5).

و ما رواه،عن عبد الحميد بن عوّاض،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:رأيته إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية من الرّكعة الأُولى جلس حتّى يطمئنّ ثمَّ يقوم (6).

و عن الأصبغ،عن عليّ عليه السّلام قال:كان إذا رفع رأسه من السّجود قعد حتّى يطمئنّ،ثمَّ يقوم،فقيل له:يا أمير المؤمنين قد كان من قبلك أبو بكر و عمر إذا رفعا

ص:172


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:77،المجموع 3:440، [1]التلخيص الحبير 3:486.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 305،الاستبصار 1:328 الحديث 1231،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:79 الحديث 287،سنن النّسائيّ 2:233-234،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 9،سنن البيهقيّ 2:123،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 3:197 الحديث 1931 و ص 198 الحديث 1932،كنز العمّال 8:128 الحديث 22234.
4- 4) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن الدّارميّ 1:313، [3]سنن البيهقيّ 2:72 و ص 123.
5- 5) التّهذيب 2:82 الحديث 303،الاستبصار 1:328 الحديث 1229،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 3. [4]
6- 6) التّهذيب 2:82 الحديث 302،الاستبصار 1:328 الحديث 1128 الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 1. [5]

من السّجود نهضا على صدور إقدامهما كما ينهض الإبل؟فقال:«إنّما يفعل ذلك أهل الجفاء من النّاس إنّ هذا من توقير الصّلاة» (1).

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن رحيم (2)قال:قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام:

جعلت فداك أراك إذا صلّيت فرفعت رأسك من السّجود في الرّكعة الاُولى و الثّالثة فتستوي (3)جالسا ثمَّ تقوم،فنصنع كما تصنع؟فقال (4):«لا تنظروا إلى ما أصنع أنا،اصنعوا ما تُؤمرون» (5).و هذا يدلّ على المنع من الجلسة.

لأنّا نقول:لو كانت مكروهة لما فعلها الإمام عليه السّلام،و إنّما أراد عليه السّلام:

لا تفعلوا كلّ ما تشاهدون على طريق الوجوب.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام:«و لكن اصنعوا ما تؤمرون».و الأمر إنّما هو للوجوب.

مسألة:و يستحبّ أن يدعو عقيب الجلوس من الثّانية

لأنّها حالة من حالات الصّلاة فلا يخلّيها من ذكر،و لإطلاق الأمر بالدّعاء،و أولى ما يقال:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت من السّجود قلت:اللّهمّ ربّي بحولك و قوّتك أقوم و أقعد،و إن شئت قلت:و أركع و أسجد» (6).

ص:173


1- 1التّهذيب 2:314 الحديث 1277،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 5. [1]
2- 2) قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية عليّ بن الحكم عنه عن أبي الحسن الرضا في باب كيفيّة الصّلاة من التّهذيب 2:82 الحديث 304،الاستبصار 1:328 الحديث 1230.و قال المحقّق الخوئيّ:الظّاهر أنّه متّحد مع رحيم عبدوس الخلنجيّ،روى عن الرّضا عليه السّلام في كامل الزّيارات الباب 99 [2] في ثواب زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر و محمّد بن عليّ الجواد عليهما السّلام ببغداد الحديث 9. تنقيح المقال 1:429، [3]معجم رجال الحديث 7:183. [4]
3- 3) أكثر النّسخ:تستوي.
4- 4) أكثر النّسخ:قال.
5- 5) التّهذيب 2:82 الحديث 304،الاستبصار 1:328 الحديث 1230 الوسائل 4:957 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 6. [5]
6- 6) التّهذيب 2:86 الحديث 320،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 1. [6]

و في رواية محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قام الرّجل من السّجود قال:بحول اللّه أقوم و أقعد» (1).

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد النّهوض أن يعتمد على يديه سابقا برفع ركبتيه

و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال مالك (2)،و الشّافعيّ (3)،و إسحاق (4)،و حكي عن ابن عمر،و عمر بن عبد العزيز (5).

و قال أبو حنيفة:لا يعتمد على يديه بل يرفعهما أوّلا و يعتمد على ركبتيه إلاّ مع المشقّة (6)،و به قال أحمد (7)،و الثّوريّ (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن مالك بن الحويرث لمّا وصف صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فلمّا رفع رأسه من السّجدة الأخيرة في الرّكعة الأُولى فاستوى قاعدا[ثمَّ] (9)قام و اعتمد على الأرض بيديه.رواه النّسائيّ (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد،و إذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه (11).و لأنّ ذلك أشبه بالتّواضع و أعون للمصلّي.

ص:174


1- 1التّهذيب 2:87 الحديث 321،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:72-73،المغني 1:603،المجموع 3:444،حلية العلماء 2:124.
3- 3) حلية العلماء 2:124،المجموع 3:444،المغني 1:603،الشرح الكبير بهامش المغني 1:603.
4- 4) لم نعثر على قوله.
5- 5) المجموع 3:444.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:211،حلية العلماء 2:124،المجموع 3:444.
7- 7) المغني 1:602-604،الكافي لابن قدامة 1:178.
8- 8) المجموع 3:444. [2]
9- 9) أثبتناها من المصدر.
10- 10) سنن النّسائيّ 2:234،سنن البيهقيّ 2:135.
11- 11) التّهذيب 2:78 الحديث 291،الاستبصار 1:325 الحديث 1215 الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]

احتجّ المخالف (1)بما رواه أبو هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينهض في الصّلاة معتمدا على صدور قدميه (2).

و ما رواه ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعتمد الرّجل على يديه إذا نهض في الصّلاة (3).

و ما رواه الأثرم،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«إنّ من السنّة في الصّلاة المكتوبة إذا نهض الرّجل في الرّكعتين الأُوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلاّ أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع» (4).

و الجواب عن الأوّل:ما تقدّم من بيان ضعف أبي هريرة (5).

و أيضا:بأنّ راويه خالد بن إلياس (6)،قال أحمد:ترك النّاس حديثه (7).

و أيضا:فإنّ خبرنا قد اشتمل على الزّيادة فيكون أولى.

و عن الثّاني:أنّه غير مضبوط؛لأنّ أحمد رواه بهذا اللّفظ:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يجلس الرّجل في الصّلاة و هو معتمد على يديه (8).

ص:175


1- 1بدائع الصّنائع 1:211،المغني 1:604،المجموع 3:444.
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:80 الحديث 288، [1]سنن البيهقيّ 2:124،المغني 1:604.
3- 3) سنن أبي داود 1:260 الحديث 992،سنن البيهقيّ 2:135،المغني 1:603-604.
4- 4) المغني 1:604،و بمضمونه في سنن البيهقيّ 2:136.
5- 5) يراجع:ص 158.
6- 6) خالد بن إلياس و يقال:(إياس)بن صخر بن أبي الجهم عبيد بن حذيفة أبو الهيثم العدويّ المدنيّ،روى عن ربيعة و سعيد المقبريّ و صالح و يحيى بن سعيد الأنصاريّ.قال أحمد:متروك الحديث.و قال ابن معين:ليس بشيء. و قال أبو حاتم:ضعيف الحديث منكر الحديث. الجرح و التعديل 3:321،ميزان الاعتدال 1:627،تهذيب التّهذيب 3:80. [2]
7- 7) المغني 1:604.
8- 8) مسند أحمد 2:147. [3]

و رواه أبو (1)خزيمة (2)بلفظ آخر و هو:أن يعتمد الرّجل على اليسرى (3).و ذلك يدلّ على عدم الضّبط و تطرّق الخلل إلى (4)هذه الرّواية.

و عن الثّالث:أنّه مدفوع عند أهل البيت عليهم السّلام،و هم كانوا أعرف بأقوال أمير المؤمنين عليه السّلام و أفعاله.

فروع:
الأوّل:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم أنّ هذه الكيفيّة مستحبّة

يجوز فعل خلافها

الثّاني:يجوز لمن في يديه مانع أن يعتمد على ركبتيه

(5)

و لا يكون قد فعل مكروها للضّرورة بلا خلاف.

الثّالث:يستحبّ له أن يبسط كفّيه على الأرض و لا يضمّهما

(6)لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سجد الرّجل ثمَّ أراد أن ينهض فلا يعجن بيديه في الأرض،و لكن يبسط كفّيه من غير أن يضع مقعدته على (7)الأرض» (8).

الرّابع:يستحبّ له أن يقول إذا قام :بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد

(9)

سواء قام

ص:176


1- 1غ،م و ن:ابن.
2- 2) عمرو بن خزيمة،أبو خزيمة المدنيّ.حديثه في أهل المدينة،روى عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت،و روى عنه هشام بن عروة.تهذيب التّهذيب 8:28. [1]في بعض النّسخ:ابن خزيمة بلحاظ أنّه عمرو بن خزيمة،و في بعض النّسخ:أبو خزيمة بلحاظ كنيته.
3- 3) نقله في الجامع الصغير للسيوطيّ 2:195.
4- 4) ح:في.
5- 5) ح و ق:يده.
6- 6) ن:يضمّمها.م و ح:يضمّها.
7- 7) أكثر النّسخ:في.
8- 8) التّهذيب 2:303 الحديث 1223،الوسائل 4:975 الباب 19 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
9- 9) ح و ق:إن أقام.

في الثّانية أو الثّالثة أو الرّابعة على ما يأتي.

مسألة:لو أراد السّجود فسقط من غير قصد أجزأته الإرادة السّابقة

(1)

و لو لم تسبقه الإرادة فالأقرب الإجزاء أيضا؛لأنّه لم يخرج بذلك عن هيئة الصّلاة و نيّتها،أمّا لو وقع على جنبه ثمَّ انقلب فماسّت جبهته الأرض ففي الإجزاء تردّد،ينشأُ من خروجه بذلك عن هيئة الصّلاة و لم يرد بانقلابه السّجود،و إنّما أراد الانقلاب فقطع بذلك نيّة السّجود، فصار كما لو نوى بغسل يده (2)التّبرّد لا غير.

و لو نوى ترك السّجود فسقط لا للسّجود لم يجزئه لعدم النيّة،و الأقرب البطلان لوجود ما ينافي الصّلاة.أمّا لو أهوى يريد السّجود أو كان على إرادته،ثمَّ يحدث (3)إرادة اخرى غير السّجود،ثمَّ استوى أجزأه ما لم يتطاول مدّة (4)الانقلاب.

البحث السّابع:في التشهّد
اشارة

التشهّد:تفعّل من الشّهادة و هي الخبر القاطع،و هو واجب في كلّ ثنائيّة مرّة و في كلّ ثلاثيّة و رباعيّة مرّتين،و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام،و به قال أحمد، و اللّيث بن سعد،و إسحاق (5).

و قال الشّافعيّ:الأوّل سنّة و الثّاني فرض (6).و قال أبو حنيفة:كلاهما مسنونان

ص:177


1- 1غ:إذا.
2- 2) غ:يديه.
3- 3) غ،ن،ق و ح:لم يحدث،مكان:ثمَّ يحدث.
4- 4) ق:هذه،ح:هذا.
5- 5) المغني 1:606 و 613،المجموع 3:450 و 462،عمدة القارئ 6:106 و 115.
6- 6) الاُمّ 1:117-118،المهذّب للشيرازيّ 1:78-79،المجموع 3:450 و 462،مغني المحتاج 1:172، بداية المجتهد 1:129،المغني 1:606 و 613،عمدة القارئ 6:106.

لكنّ الجلوس في التشهّد الثّاني بقدره واجب (1).

لنا على وجوب الأوّل:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمره بالتشهّدين (2)،و الأمر للوجوب،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله دوام على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (3).و متابعته واجبة في أقواله و أفعاله.

و عن ابن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التّشهّد في وسط الصّلاة و آخرها (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سورة بن كليب قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أدنى ما يجزئ من التشهّد؟قال:«الشّهادتان» (5).و الإجزاء يفهم منه الوجوب.

و قال أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه (6):و التّشهّد تشهّدان في الثانية و الرّابعة،فأمّا الّذي في الثّانية فما ذكره معاوية بن عمّار،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا

ص:178


1- 1بدائع الصّنائع 1:213-214،بداية المجتهد 1:129،المغني 1:606 و 613،المجموع 3:450 و 462 عمدة القارئ 6:106،المحلّى 3:270.
2- 2) صحيح مسلم 1:302 الحديث 403،سنن أبي داود 1:256 الحديث 974،سنن التّرمذيّ 2:83 الحديث 290،سنن ابن ماجه 1:291 الحديث 900،سنن البيهقيّ 2:140،المغني 1:607.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [1]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2: 345.
4- 4) مسند أحمد 1:459، [2]مجمع الزوائد 2:142.
5- 5) التّهذيب 2:101 الحديث 375،الاستبصار 1:341 الحديث 1285،الوسائل 4:993 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 6. [3]
6- 6) نقله عنه المحقق في المعتبر 2:221. [4]
7- 7) لم نعثر على رواية عن أبي بصير في طريقها معاوية بن عمّار،و الموجود ما رواه زرعة عن أبي بصير،ينظر:التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [5]

علّمه الصّلاة:فصلّى ركعتين على هذا و يداه مضمومتا الأصابع و هو جالس في التشهّد، فلمّا فرغ من التشهّد سلّم فقال:«يا حمّاد هكذا صلّ» (1).و الأمر للوجوب.

و عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد (2)في كتاب عليّ شفع» (3).و لأنّه أحد التشهّدين فكان واجبا كالآخر.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه يسقط بالسّهو فكان كالمندوبات (4).

و الجواب:المنع من السّقوط،فإنّه يجب قضاؤه عندنا على ما يأتي،و لو سلّم لم يدلّ على عدم الوجوب،كنسيان تسبيح الرّكوع مثلا مع وجوبه عندنا،و لو سلّم لكن متى يكون عدم القضاء دليلا على عدم الوجوب إذا سقط لا إلى بدل أو مع البدل؟الأوّل (5)مسلّم، و نحن لا نقول به،و الثّاني ممنوع و البدل عندنا هو سجدتا السّهو فكان ذلك جبرا كجبرانات الحجّ بخلاف السّنن.

و أمّا وجوب التشهّد الثاني فيدلّ عليه ما تقدّم من مداومته عليه السّلام و أمره به و تعليمه الصّحابة (6)إيّاه (7)،و ما رواه الأصحاب (8)،و بالإجماع المركّب.

مسألة:و صورة التشهّد الواجب:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمّدا

رسول اللّه

و ما زاد عليه فهو مندوب؛لرواية سورة بن كليب عن الباقر عليه السّلام (9).

ص:179


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) في النّسخ:التشهّدان،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:102 الحديث 380،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 5. [2]
4- 4) المغني 1:606.
5- 5) هامش ح:و الأوّل.
6- 6) م:للصّحابة.
7- 7) يراجع:ص 177.
8- 8) الوسائل 4:98 [3]9 الباب 3 من أبواب التّشهّد،و ص 991 الباب 4 من أبواب التّشهّد.
9- 9) التّهذيب 2:101 الحديث 375،الاستبصار 1:341 الحديث 1285،الوسائل 4:993 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 6. [4]

و ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:التشهّد في الصّلاة؟قال:«مرّتين»قال قلت:و كيف مرّتين؟قال:«إذا استويت جالسا فقل:

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،ثمَّ تنصرف» قال:قلت:قول (1)العبد:التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات[للّه] (2)،قال:«هذا اللّطف من الدّعاء يلطف العبد (3)ربّه» (4).

و في رواية عبد الملك بن عمرو الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين:الحمد للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله» (5).

و في رواية أبي بصير عنه عليه السّلام:«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله» (6).و الأصل في ذلك كلّه وجوب الشّهادتين.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

ما يجزئ من القول في التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين؟قال:«أن تقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له»قلت:فما يجزئ من تشهّد الرّكعتين الأخيرتين؟فقال:

«الشّهادتان» (7).و ذلك يدلّ على الاكتفاء بالشّهادة الواحدة في التشهّد الأوّل،و قد روى،

ص:180


1- 1ح:فقول.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) غ،م،ن و ق بزيادة:به.
4- 4) التّهذيب 2:101 الحديث 379،الاستبصار 1:342 الحديث 1289،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 4. [1]
5- 5) التّهذيب 2:92 الحديث 344،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التشهّد الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التشهّد الحديث 2. [3]
7- 7) التّهذيب 2:100 الحديث 374،الاستبصار 1:341 الحديث 1284،الوسائل 4:991 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [4]

عن حبيب الخثعميّ (1)،عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:«إذا جلس الرّجل للتشهّد فحمد اللّه أجزأه» (2).

و عن بكر بن حبيب (3)قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن التشهّد؟فقال:«لو كان كما يقولون واجبا على النّاس هلكوا،إنّما كان القوم يقولون:أيسر ما يعلمون إذا حمدت اللّه أجزأك» (4). (5)و ذلك يدلّ على أنّ الشّهادتين غير واجبتين بل مطلق الذّكر مجزي.

لأنّا نقول:إنّ الرّواية الأُولى دلّت على هذا المقدار و ليست مانعة من وجوب الزّيادة،فيعمل بما يتضمّنه حديث الزّيادة.

فإن قلت:إنّ الإجزاء لا يستعمل إلاّ مع نفي وجوب الزّائد،قلت:لو كان هذا المعنى مرادا هنا لوجب الاجتزاء بالشّهادة الواحدة في الأخير أيضا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك التّشهّد

ص:181


1- 1حبيب بن المعلّل الخثعميّ المدائنيّ قال النجاشيّ:روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن و الرّضا عليهم السلام ثقة ثقة صحيح،له كتاب رواه محمّد بن أبي عمير.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له أصل.و نقل المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة رواية ابن عقدة في تضعيفه و قال:و هذه الرّواية لا أعتمد عليها و المرجع فيه إلى قول النجّاشيّ.هذا و نقل المحقّق الأردبيليّ رواية سعد بن بكر عنه عن أبي جعفر عليه السّلام. رجال النّجاشيّ:141،رجال الطّوسيّ:172،الفهرست:64، [1]رجال العلاّمة:62، [2]جامع الرّواة 1:178. [3]
2- 2) التّهذيب 2:101 الحديث 376،الاستبصار 1:341 الحديث 1286 و ص 344 الحديث 1294،الوسائل 4: 993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [4]
3- 3) بكر بن حبيب الأحمسيّ البجليّ الكوفيّ عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام و قال:روى عن أبي عبد اللّه و كنيته أبو مريم،و اخرى من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال المحقّق المامقانيّ:إنّ هذا غير بكر بن حبيب الذي ذكره الشّيخ في أصحاب الباقر عليه السّلام بعد الرّجل بفصل عدّة أسماء.فتوهّم الاتّحاد لا وجه له. رجال الطّوسيّ:108 و 156،تنقيح المقال 1:177. [5]
4- 4) ح:أجزأ عنك.
5- 5) التّهذيب 2:101 الحديث 378،الاستبصار 1:342 الحديث 1288،الوسائل 4:993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 3. [6]

الّذي في الثّانية يجزئ أن أقول في الرّابعة؟قال:«نعم» (1).لكنّ التالي باطل لقوله:قلت:

فما يجزئ من تشهّد الرّكعتين الأخيرتين؟فقال:«الشّهادتان» (2).

و الحديث الثّاني إذا صحّ سنده محمول على حمد مضاف إلى الشّهادتين لا أنّه كاف عنهما و كذا الحديث الأخير.

فروع:
الأوّل:التحيّات ليست واجبة في واحد من التّشهّدين

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و أوجبها الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).

لنا:الأصل عدم الوجوب،و لأنّ الواجب هو التشهّد،و ليس هذا المعنى مأخوذا (5).

في التحيّات.

و يؤيّده:ما تقدّم من الرّوايات من طرقنا الدّالّة على الاكتفاء بالشّهادتين (6).

احتجّوا (7)بما رواه ابن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التشهّد فقال:التحيّات.إلخ (8).

و الجواب:أنّ هذه رواية فيما يعمّ به البلوى،فكيف يخصّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص:182


1- 1التّهذيب 2:101 الحديث 377،الاستبصار 1:342 الحديث 1287،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:100 الحديث 374،الاستبصار 1:341 الحديث 1284،الوسائل 4:991 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [2]
3- 3) الاُمّ 1:117،المجموع 3:455 و 458،بداية المجتهد 1:130،المغني 1:611.
4- 4) المغني 1:610،الكافي لابن قدامة 1:180،الإنصاف 2:115-116،بداية المجتهد 1:130.
5- 5) غ،ق و ح:موجودا.
6- 6) يراجع:ص 179-180.
7- 7) المغني 1:609،الكافي لابن قدامة 1:180،المجموع 3:455-456. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 8:73،سنن التّرمذيّ 2:81 الحديث 289،سنن ابن ماجه 1:290 الحديث 899،مسند أحمد 1:414 و 450، [4]سنن البيهقيّ 2:138،نيل الأوطار 2:312.

ابن مسعود بتعليم تكليف عامّ!نعم،إذا كان ندبا جاز أن يقتصر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في إبلاغه بطريق الواحد.

الثّاني:تقديم التّسليم على التشهّد مبطل للصّلاة

(1)و عليه فتوى علمائنا.و قال الشّافعيّ (2)و أحمد:المجزي من التّشهّد أن تقول:التحيّات للّه السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (3).هذا هو القدر الواجب.و اختلفوا في الأفضل،فقال أحمد و إسحاق (4):أفضله ما رواه عبد اللّه بن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التشهّد كما يعلّمني السّورة،التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات،السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (5).

و قال مالك:أفضله تشهّد عمر بن الخطّاب،التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات، السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (6).

و قال الشّافعيّ (7):أفضله ما روي،عن ابن عبّاس قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه

ص:183


1- 1م:يبطل الصّلاة.
2- 2) المجموع 3:458، [1]المغني 1:611.
3- 3) المغني 1:610، [2]الكافي لابن قدامة 1:108، [3]مغني المحتاج 1:174.
4- 4) المغني 1:608، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 1:609، [5]بداية المجتهد 1:130،سنن التّرمذيّ 2:82.
5- 5) سنن أبي داود 1:254 الحديث 968،سنن التّرمذيّ 2:81 الحديث 289، [6]سنن النّسائيّ 2:240،سنن الدّارميّ 1:309. [7]
6- 6) الموطّأ 1:90 الحديث 53، [8]المغني 1:608، [9]المجموع 3:456. [10]
7- 7) الاُمّ 1:117،المهذّب للشيرازيّ 1:78،المجموع 3:455، [11]بداية المجتهد 1:130،المغني 1:609، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 1:609. [13]

عليه و آله يعلّمني التشهّد كما يعلّمنا السّورة من القرآن فيقول:قولوا:التحيّات المباركات، الصّلوات الطيّبات للّه،سلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،سلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه (1).

لنا:أنّ التّسليم خروج من الصّلاة،لقوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (2).

و يلزم منه خروج الشّهادتين عن الصّلاة لوقوعهما (3)بعد التّسليم.

لا يقال:المخرج من الصّلاة:السّلام عليكم.

لأنّا نقول:إطلاق التّسليم يتناول فعل السّلام فتخصيص ما ذكرتم بالمراد به تحكّم، و لأنّ قوله:علينا و على عباد اللّه الصّالحين،يتناول الحاضرين و غيرهم من الصّلحاء، و قوله:السّلام عليكم،يختصّ بالحاضرين،فلو كان المخرج هو السّلام على الحاضرين لكان السّلام على الحاضرين مع غيرهم أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و تقول:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصّلاة» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«كلّما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصّلاة،فإذا قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فقد انصرفت» (5).

و عن ميسر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«شيئان يفسد النّاس بهما صلاتهم:قول

ص:184


1- 1سنن أبي داود 1:256 الحديث 974،سنن التّرمذيّ 2:83 الحديث 290، [1]سنن النّسائيّ 2:242.
2- 2) سنن الدّار قطنيّ 1:359،المغني 1:623،الشرح الكبير بهامش المغني 1:623. و من طريق الخاصّة يُنظر:الكافي 3:69 الحديث 2، [2]الفقيه 1:23 الحديث 68 و فيه:قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث 4 و 7 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 1.
3- 3) غ:لوقوعها.
4- 4) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8.و [3]في الجميع:عن ابن مسكان عن أبي بصير.
5- 5) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [4]

الرّجل:تبارك اسمك و تعالى جدّك و لا إله غيرك،و إنّما هو شيء قالته الجنّ بجهالة فحكى اللّه عنهم،و قول الرّجل:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين» (1).

و لا ريب في أنّه ليس المطلوب إسقاط هذا بالكلّيّة بل تقدّمه (2)على التشهّد،و ذلك يدلّ على ما أردناه.

احتجّوا (3)بالرّوايات المتقدّمة (4).

و الجواب:أمّا حديث عمر فضعيف،لأنّه لم يروه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أكثر أهل العلم من الصّحابة على خلافه.و حديث ابن عبّاس ضعيف أيضا، لانفراده بروايته و اختلاف لفظه.و حديث ابن مسعود قد بيّنّا ضعفه.

الثّالث:لو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه أجزأه

و كذا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمدا رسوله،أو عبده و رسوله.أو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله،من غير واو على تردّد.

و لو قال:أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،فالأقرب عدم (5)الإجزاء على إشكال،و كذا أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،أو بغير واو.

الرّابع:لو أتى عوض الشّهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها

(6)فيقول:أعلم،

ص:185


1- 1التّهذيب 2:316 الحديث 1290،الوسائل 4:1000 الباب 12 من أبواب التّشهد الحديث 1. [1]
2- 2) ح:مقدّمة.
3- 3) المغني 1:609، [2]المجموع 3:455، [3]الكافي لابن قدامة 1:180.
4- 4) ينظر:ص 183،184. [4]
5- 5) ق و متن ح:عنهم،هامش ح:عندي،و ما أثبتناه من غ،م و ن،و لعلّ الظّاهر هو الصّحيح،و هو الذي ذهب إليه في التذكرة، [5]حيث قال:«يجب الترتيب فيبدأ بالشهادة بالتوحيد،ثمَّ بالنبوّة،ثمَّ بالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لو عكس لم يجزئه وقوفا على المأخوذ عن صاحب الشرع.و قال الشّافعيّ:يجزئه لحصول المعنى فيكفي.و هو مدفوع».تذكرة الفقهاء 1:126. [6]
6- 6) ق و ح:يقارنها.

أو أُخبر عن علم،أو أتيقّن و ما شابهه لم يجزئه؛لأنّها أذكار يتعيّن فيها المنقول،و لأنّ الواجب التشهّد و هو مأخوذ من لفظ الشّهادة لا من المعنى،و كذا لو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه واحد،و أنّ الرّسول محمّد.

مسألة:و يجب فيه الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقيب الشّهادتين

ذهب إليه علماؤنا أجمع في التشهّد الأوّل و الثّاني.و قال الشّيخ في الخلاف:هي ركن فيهما (1)،و به قال أحمد (2).

و قال الشّافعيّ:هي مستحبّة في التشهّد الأوّل و فرض في الأخير (3).و قال أبو حنيفة:هي مستحبّة في الموضعين (4)،و به قال مالك (5).

لنا:قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ (6).و الأمر للوجوب.و لا يجب خارج الصّلاة بالإجماع فيتناول صورة النّزاع قطعا.

لا يقال:إنّ الكرخيّ أوجبها في العمر مرّة (7)،و الطّحاويّ أوجبها كلّما ذكر (8)، فلا يتحقّق الإجماع.

لأنّا نقول:الإجماع سبقهما فلا عبرة بتخريجهما.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

ص:186


1- 1الخلاف 1:129 مسألة-128.
2- 2) المغني 1:615،المجموع 3:467.
3- 3) الاُمّ 1:118،المغني 1:614،الشرح الكبير بهامش المغني 1:614،المجموع 3:463،المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52،مغني المحتاج 1:175.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52،المغني 1:613،المجموع 3:467.
5- 5) المغني 1:613،المجموع 3:467.
6- 6) الأحزاب(33):56. [1]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:52.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52.

«لا تقبل صلاة إلاّ بطهور و بالصّلاة عَلَيّ» (1).

و عن فضالة بن عبيد (2)سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا يدعو في صلاته لم يمجّد ربّه و لم يصلّ على النّبيّ و آله فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«عجل هذا»ثمَّ دعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«إذا صلّى أحدكم فليبدأ بتحميد (3)ربّه و الثّناء عليه،ثمَّ ليصلّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ ليدع بعده بما شاء» (4).و ظاهر الأمر الوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من تمام الصّوم إعطاء الزّكاة كالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من تمام الصّلاة،و من صام و لم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّدا،و من صلّى و لم يصلّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له إنّ اللّه بدأ بها قبل الصّلاة فقال قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (5)» (6).

و لأنّ الصّلاة عبادة شرط فيها ذكر اللّه تعالى فشرط فيها ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كالأذان.

احتجّوا (7)بما رواه ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله علّمه التشهّد،

ص:187


1- 1سنن الدّار قطنيّ 1:355.
2- 2) فضالة بن عبيد بن ناقذ بن قيس بن صهيبة أبو محمّد الأنصاريّ شهد أُحدا و ما بعدها،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر و أبي الدّرداء،و روى عنه حنش بن عبد اللّه الصنعانيّ و عمرو بن مالك الجنبيّ و محمّد بن كعب القرظيّ.مات سنة 53 ه،و قيل:سنة 69 ه. اسد الغابة 4:182، [1]العبر 1:41، [2]تهذيب التّهذيب 8:267. [3]
3- 3) ق و ح:بتمجيد.
4- 4) سنن التّرمذيّ 5:517 الحديث 3477، [4]سنن النّسائيّ 3:44،سنن البيهقيّ 2:147.
5- 5) الأعلى(87):14-15. [5]
6- 6) التّهذيب 2:159 الحديث 625،الاستبصار 1:343 الحديث 1292،الوسائل 4:999 الباب 10 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [6]
7- 7) المغني 1:615. [7]

ثمَّ قال:«إذا قلت هذا فقد تمّت صلاتك» (1).و لأنّ الوجوب شرعيّ فيقف عليه و لم يثبت.

و الجواب عن الأوّل:أنّ هذه الزّيادة من كلام ابن مسعود،قاله الدّار قطنيّ (2)، و لأنّه يحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و أيضا:فيحتمل أنّه أراد فقد قاربت (3)التّمام،كما في قوله عليه السّلام:«من وقف بعرفة فقد تمَّ حجّة» (4)أي قارب (5)التّمام.

و عن الثّاني:بالمنع من عدم ورود الشّرع بعد ما تلوناه من القرآن و الأحاديث.

مسألة:الصّلاة على آله عليه و عليهم السّلام واجبة في التّشهّد الأوّل و الثّاني

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو مذهب بعض الشّافعيّة (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (7)،و في الأُخرى أنّها مستحبّة (8)،و به قال الشّافعيّ (9)،و أبو حنيفة (10).

لنا:ما رواه كعب[بن عجرة] (11)قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول

ص:188


1- 1سنن أبي داود 1:255 الحديث 970،سنن الدّار قطنيّ 1:353 الحديث 13 و 14،سنن البيهقيّ 2:138.
2- 2) سنن الدّار قطنيّ 1:354،المغني 1:615.
3- 3) أكثر النسخ:قارنت.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:116.
5- 5) م:قارن.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:79،المجموع 3:465.
7- 7) الكافي لابن قدامة 1:182،المغني 1:615.
8- 8) حلية العلماء 2:130.
9- 9) المهذّب للشّيرازيّ 1:79،المجموع 3:466.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:29.
11- 11) في النّسخ:كعب الأحبار،و الصّحيح ما أثبتناه؛لأنّه في جميع المصادر كذلك.و لأنّ كعب الأحبار كان في الجاهليّة من كبار علماء اليهود في اليمن،و أسلم في زمن أبي بكر،فكيف يروي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله!و يشهد لذلك أنّ هذه الرّواية نقلها الشّيخ في الخلاف 1:370 عن كعب بن عجرة. و هو كعب بن عجرة بن أُميّة بن عديّ بن عبيد بن الحارث حليف الأنصار يكنّى أبا محمّد،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر،و روى عنه ابن عمر و جابر بن عبد اللّه و ابن عبّاس.مات بالمدينة سنة 51 ه، و قيل:52 ه. أُسد الغابة 4:243، [1]الإصابة 3:297، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:291. [3]

في الصّلاة:«اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد» (1).فيجب متابعته،لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و عن جابر،عن أبي جعفر،عن أبي مسعود الأنصاريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى صلاة و لم يصلّ فيها عَلَيّ و على أهل بيتي لم تقبل» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أُسمّي الأئمّة في الصّلاة؟قال:«أجملهم» (4).و الأمر للوجوب،و لا تجب إلاّ في الموضع المتنازع فيه بالإجماع.

و عن عبد الملك بن عمرو الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين الحمد للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و تقبّل شفاعته في أُمّته و ارفع درجته» (5).

فروع:
الأوّل:المجزي من الصّلاة على النّبيّ و آله عليهم السّلام أن يقول:اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد

و ما زاد فهو مستحبّ بلا خلاف.

الثّاني:لو لم يحسن التشهّد و الصّلاتين وجب عليه التعلّم

و لو ضاق الوقت أو عجز أتى بالممكن،و لو لم يقدر سقط عنه.

ص:189


1- 1سنن أبي داود 1:257 الحديث 976،سنن ابن ماجه 1:293 الحديث 904.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [1]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:355 الحديث 6.
4- 4) التّهذيب 2:131 الحديث 506،الوسائل 4:913 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:92 الحديث 344،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [3]
الثّالث:التّرتيب واجب يبدأ بالشّهادة بالتّوحيد،ثمَّ بالرّسالة،ثمَّ بالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ بالصّلاة على آله

و لو عكس لم يجزئه،خلافا للشّافعيّ (1).

لنا:أنّه تعبّد شرعيّ فيقف على المنقول.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ المعنى حاصل،و لأنّه ذكر من غير جنس المعجز فلا يجب فيه التّرتيب كالخطبة (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الاكتفاء بالمعنى كيف كان.

و عن الثّاني:بالمنع من المساواة لأنّه ذكر متعيّن اللّفظ بخلاف الخطبة.

مسألة:و يجب فيه الجلوس بقدر الشّهادتين،و الصّلاة على النّبيّ و آله

عليهم السّلام

ذهب إليه علماؤنا أجمع في التشهّد الأوّل و الثّاني،و هو قول كلّ من أوجب التشهّد؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله،و الصّحابة،و التّابعون،و ذلك يدلّ على الوجوب؛لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (3).و لأنّه فعله بيانا للواجب فكان واجبا،و إنّما يقدّر بقدر الشّهادتين و الصّلاتين،لأنّ الواجب فعلها جالسا،إذ لا يجوز الانصراف قبله،و لا القيام عمدا قبل الإكمال.

مسألة:و يستحبّ التورّك في التشهّدين

و عليه فتوى علمائنا،و به قال مالك (4).

و قال أحمد:يجلس مفترشا في الحالين (5).و قال الشّافعيّ:يجلس في الأوّل مفترشا،و في

ص:190


1- 1الأُمّ 1:118،المهذّب للشّيرازيّ 1:79،المغني 1:618،المجموع 3:460.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:79،المغني 1:618،المجموع 3:460.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
4- 4) المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607،المحلّى 3:269،حلية العلماء 1:125،نيل الأوطار 2:306.
5- 5) لم نعثر على هذا القول لأحمد في المصادر الّتي لدينا،بل ذهب إلى ما قال به الشّافعيّ و هو استحباب الجلوس في الأوّل مفترشا و في الثاني متورّكا.ينظر:المغني 1:612،الكافي لابن قدامة 1:181،الإنصاف 2:75، نيل الأوطار 2:306.

الثّاني متورّكا (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجلس في وسط الصّلاة و آخرها متورّكا (2).

و عن ابن الزّبير قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قعد في الصّلاة،جعل قدمه اليسرى تحت فخذه و ساقه،و فرش قدمه اليمنى (3).و اللّفظ مطلق فتجري عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض،و فرّج بينهما شيئا،و ليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض،و ظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى و أليتاك على الأرض،و طرف إبهامك اليمنى على الأرض،و إيّاك و القعود على قدميك فتتأذّى بذلك،و لا تكون قاعدا على الأرض فيكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد و الدّعاء» (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه أبو حميد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جلس يعنى للتشهّد، فافترش رجله اليسرى و أقبل بصدر اليمنى على قبلته (6).

و الجواب:أنّه لا يدلّ على المداومة،فلعلّه فعله مرّة،بخلاف حديثنا،لأنّ قوله:كان يفعل كذا،إنّما يستعمل في المداومة أو الأكثريّة.

مسألة:و يستحبّ أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة الأصابع مضمومة

ذهب إليه علماؤنا.و قال أحمد كما قلنا في اليسرى و كذا في اليمنى،إلاّ أنّه يعقد الخنصر

ص:191


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:79،المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607،المجموع 3:450،مغني المحتاج 1:172،السّراج الوهّاج:48،نيل الأوطار 2:306.
2- 2) مسند أحمد 1:459، [1]المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607.
3- 3) صحيح مسلم 1:408 الحديث 579،سنن أبي داود 1:259 الحديث 988،سنن البيهقيّ 2:130.
4- 4) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [2]
5- 5) المجموع 3:451،سنن التّرمذيّ 2:87.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:86 الحديث 293،سنن البيهقيّ 2:128-129.

و البنصر (1).

و قال الشّافعيّ في الأُمّ:يقبض أصابع يده اليمنى إلاّ المسبّحة (2).و قال في الإملاء:

يقبض أصابعه الثّلاث:الخنصر و البنصر و الوسطى،و يبسط المسبّحة و الإبهام.و قال أيضا:يقبض الخنصر و البنصر،و يجعل الوسطى مع الإبهام حلقة،و يشير بالمسبّحة متشهّدا (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن الزّبير أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا قعد يدعو،وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى و يده اليسرى على فخذه اليسرى و أشار بإصبعه [السبّابة] (4). (5)و العطف يقتضي التّسوية،و لأنّ ما ذكرناه أبلغ في الخضوع فيكون أولى.

مسألة:أكمل التشهّد

ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الرّكعة الثّانية فقل:بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة،و أشهد أنّ ربّي (6)نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و تقبّل شفاعته في أُمّته و ارفع درجته،ثمَّ تحمد اللّه مرّتين أو ثلاثا،ثمَّ تقوم فإذا جلست في الرّابعة قلت:بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة أشهد (7)أنّك نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،التّحيّات للّه و الصّلوات الطّاهرات الطيّبات الزّاكيات الغاديات الرّائحات

ص:192


1- 1المغني 1:607،الكافي لابن قدامة 1:180.
2- 2) الامّ 1:116.
3- 3) المجموع 3:454،حلية العلماء 2:126.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) صحيح مسلم 1:408 الحديث 579،سنن البيهقيّ 2:131.
6- 6) هامش ح و ن:أنّك،مكان:أنّ ربّي.
7- 7) ق و ح:و أشهد.

السّابغات النّاعمات للّه،ما طاب و زكا و طهر و خلص و صفا فللّه،أشهد (1)أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة،أشهد أنّ ربّي (2)نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،و أشهد أنّ السّاعة آتية لا ريب فيها،و أنّ اللّه يبعث من في القبور،الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه،الحمد للّه ربّ العالمين،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و بارك على محمّد و آل محمّد،و سلّم على محمّد و آل محمّد،و ترحّم على محمّد و (3)آل محمّد،كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و اغفر لنا و لإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان،و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوف رحيم،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و امنن عليّ بالجنّة،و عافني من النّار، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لمن دخل بيتي مؤمنا و للمؤمنين و المؤمنات (4)و لا تزد الظالمين إلاّ تبارا،ثمَّ قل:السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام على أنبياء اللّه و رسله،السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين،السّلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،ثمَّ تسلّم» (5).

مسألة:و يجوز الدّعاء في التشهّد مطلقا،سواء كان للدّين أو للدّنيا

ما (6)لم يكن المطلوب محرّما،و سواء ورد به الشّرع أو لم يرد.

و قال أبو حنيفة:يجوز بما ورد به الشّرع لا غير (7).و قال أحمد:يجوز أيضا بما يقرّب

ص:193


1- 1م و ن:و أشهد.
2- 2) أكثر النّسخ:أنّ اللّه،مكان:أنّ ربّي.
3- 3) أكثر النّسخ بزيادة:على.
4- 4) ليست جملة:و للمؤمنين و المؤمنات في ح.
5- 5) التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [1]
6- 6) ن و م:بما.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:28-29،بدائع الصنائع 1:212-213،الهداية للمرغينانيّ 1:51-52،شرح فتح القدير 1:272-273،عمدة القارئ 6:119-120.

من اللّه دون ما يقصد به الدّنيا (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لابن مسعود:«ثمَّ ليتخيّر من الدّعاء ما أعجبه» (2).

و في حديث مسلم بإسناده،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ثمَّ ليتخيّر من بعد من المسألة ما شاء و ما أحبّ» (3).

و في حديث أبي هريرة:«إذا تشهّد أحدكم فليتعوّذ من أربع،ثمَّ يدعو لنفسه ما بدا له» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن بكر بن حبيب قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أيّ شيء أقول في التشهّد و القنوت؟قال:«قل بأحسن ما علمت فإنّه لو كان موقّتا لهلك النّاس» (5).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجلان افتتحا الصّلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه،و دعا هذا و كان دعاؤه أكثر من تلاوته أيّهما أفضل؟قال:«كلّ فيه فضل»قلت:علمت أنّ كلاّ حسن؟فقال:«الدّعاء أفضل،أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (6)هي و اللّه العبادة،هي و اللّه أفضل» (7).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يُسمع من خلفه الشّهادتين

و قال أحمد:السنّة

ص:194


1- 1المغني 1:620-621،الكافي لابن قدامة 1:183،الإنصاف 2:81-82. [1]
2- 2) سنن أبي داود 1:254 الحديث 968،سنن النسائيّ 3:50-51.
3- 3) صحيح مسلم 1:301 الحديث 402.
4- 4) سنن النسائيّ 3:58،كنز العمّال 7:476 الحديث 19861.
5- 5) التّهذيب 2:102 الحديث 381،الوسائل 4:993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [2]
6- 6) غافر(40):60. [3]
7- 7) التّهذيب 2:104 الحديث 394،الوسائل 4:1020 الباب 6 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [4]

إخفاؤه (1).

لنا:أنّ في ذلك إعلانا بالاعتراف بالتّوحيد و الرّسالة فكان مسنونا كالقراءة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه كلّما يقول،و لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يُسمعه شيئا ممّا يقول» (2).

و في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه التشهّد و لا يُسمعونه شيئا» (3).و ليس ذلك على الوجوب،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عن الرّجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهّد و القول في الرّكوع و السّجود و القنوت؟قال:

«إن شاء جهر و إن شاء لم يجهر» (4).

احتجّ أحمد بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يجهر به (5).

و الجواب:لا نسلّم ذلك،فإن استند إلى رواية قلنا:رواية النّفي غير مقبولة؛لأنّه إخبار عن السّماع و ليس عدم السّماع مستلزما عدم المسموع،و لو سلّم فجاز أن يكون ذلك في وقت،لأنّه مندوب لا يجب المداومة عليه.

مسألة:و إذا قام إلى الثّالثة قال:بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد،و لا يحتاج إلى تكبير

و قال المفيد:يقوم بالتّكبير (6).و الأوّل اختيار الشّيخ (7).

لنا:أنّ التّكبير منحصر في خمس و تسعين تكبيرة:خمس للافتتاح،و خمس

ص:195


1- 1المغني 1:617، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:618. [2]
2- 2) التّهذيب 2:102 الحديث 383،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [3]
3- 3) التّهذيب 2:102 الحديث 384،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:102 الحديث 385،الوسائل 4:917 الباب 20 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
5- 5) المغني 1:617.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:232. [6]
7- 7) المبسوط 1:111. [7]

للقنوت،و الباقي للرّكوع و السّجود،فلو قام إلى الثّالثة بالتّكبير لزاد أربعا.

أمّا المفيد رحمه اللّه فإنّه أسقط تكبيرات القنوت من البين فصار التّكبير عنده أربعا و تسعين (1)،و الّذي يدلّ على العدد الّذي ذكرناه:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التكبير في صلاة الفرض في الخمس صلوات خمس و تسعون تكبيرة،منها القنوت خمس» (2).

و في الصّحيح،عن الصبّاح المزنيّ (3)قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«خمس و تسعون تكبيرة في اليوم و اللّيلة للصّلوات،منها تكبير القنوت» (4).

و ما رواه في الحسن،عن عبد اللّه بن المغيرة:و فسّر التّكبيرات الظّهر إحدى و عشرون تكبيرة،و في العصر إحدى و عشرون تكبيرة،و في المغرب ستّ عشرة تكبيرة،و في العشاء الآخرة إحدى و عشرون،و في الفجر إحدى عشرة تكبيرة،و خمس

ص:196


1- 1قال الشيخ في الاستبصار 1:337 بعد نقل الروايات الدالّة على استحباب التكبير للقنوت:«و بها كان يفتي شيخنا المفيد رحمه اللّه قديما،ثمَّ عنّ له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير».و قال في التهذيب 2:87:«و كان الشيخ رحمه اللّه ذكر في الكتاب أنّه يرفع يديه القنوت بغير التكبير».و لكنّ الموجود في المقنعة:16:«رفع يديه بالتكبير.و قنت».
2- 2) التّهذيب 2:87 الحديث 323،الاستبصار 1:336 الحديث 1264،الوسائل 4:719 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) صبّاح بن يحيى أبو محمّد المزنيّ ثقة،روى عن الباقر و الصّادق عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة بعنوان:صبّاح بن قيس بن يحيى المزنيّ،أبو محمّد كوفيّ زيديّ،و نقل عن ابن الغضائريّ أنّ حديثه في حديث أصحابنا ضعيف،و قال المحقّق المامقانيّ:أنت خبير بأنّ المعنون في رجال النّجاشيّ و ابن الغضائريّ صبّاح بن يحيى بغير توسّط كلمة قيس،ثمَّ قال:و على كلّ حال لا اعتداد بتضعيف العلاّمة؛لأنّه مأخوذ من ابن الغضائريّ سيّما مع تصريح النجاشيّ بالتوثيق. رجال النّجاشيّ:201،رجال العلاّمة:230، [2]تنقيح المقال 2:96. [3]
4- 4) التّهذيب 2:87 الحديث 325،الاستبصار 1:336 الحديث 1266،الوسائل 4:720 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [4]

تكبيرات القنوت في خمس صلوات (1).

و اعتبار إحدى عشرة تكبيرة في الفجر مضافة إلى تكبيرة القنوت يدلّ على ما قلناه،و إلاّ لكان الواجب الاقتصار على إحدى عشرة تكبيرة لا غير.

و يدلّ أيضا على أنّ ذكر القيام بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الرّكعتين الأُوليين فتشهّدت،ثمَّ قمت فقل:بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد» (2).

و في الصّحيح،عن رفاعة بن موسى قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام[يقول:

«كان عليّ عليه السّلام] (3)إذا نهض من الرّكعتين الأوّلتين (4)قال:بحولك و قوّتك أقوم و أقعد» (5).

و لأنّ ما ذكرناه يقتضي أن لا تخلو الأفعال في الصّلاة عن ذكر،ثمَّ إنّا نطالب الشّيخ المفيد رحمه اللّه بالدّليل (6)،قال الشّيخ:و كان شيخنا قديما يفتي بمضمون هذه الرّواية،ثمَّ عنّ (7)له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير،قال:و لست أعرف به حديثا أصلا (8).

ص:197


1- 1التّهذيب 2:87 الحديث 324،الاستبصار 1:336 الحديث 1265،الوسائل 4:719 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 2:88 الحديث 326،الاستبصار 1:337 الحديث 1267،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
3- 3) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
4- 4) ق و ح:الأوليين.
5- 5) التّهذيب 2:88 الحديث 327،الاستبصار 1:338 الحديث 1268،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 4. [3]
6- 6) أكثر النّسخ:بالدلالة.
7- 7) العنن:الاعتراض،يقال:عنّ لي الشّيء،أي اعترض.النّهاية لابن الأثير 3:313. [4]
8- 8) الاستبصار 1:337.
البحث الثّامن:في التّسليم
مسألة:اختلف أصحابنا في وجوبه في الصّلاة

فقال علم الهدى (1)، و ابن أبي عقيل (2)،و أبو الصّلاح:أنّه واجب تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا لا سهوا (3)،و به قال الشّافعيّ (4)،و مالك (5)،و أحمد (6).و قال الشّيخان:هو مسنون في الصّلاة (7).

و قال أبو حنيفة:ليس التّسليم من الصّلاة و لا يتعيّن الخروج به منها،بل الخروج من الصّلاة بكلّ ما ينافيها،سواء كان من فعل المصلّي كالتّسليم و الحدث،أو ليس من فعله كطلوع الشّمس أو وجود الماء للمتيمّم المتمكّن من الاستعمال (8).و الأقرب عندي الوجوب.

لنا:قوله تعالى وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (9).و الأمر للوجوب،و لا يجب في غير الصّلاة بالإجماع فيجب فيها قطعا.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«مفتاح الصّلاة الطّهور

ص:198


1- 1جمل العلم و العمل:62،الانتصار:47.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:233. [1]
3- 3) الكافي في الفقه:119.
4- 4) الاُمّ 1:122،حلية العلماء 2:132،المجموع 3:481،مغني المحتاج 1:177،المغني 1:623،بدائع الصنائع 1:194.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:126،المغني 1:623،بدائع الصنائع 1:194.
6- 6) المغني 1:623،الكافي لابن قدامة 1:184،الإنصاف 2:113،117، [2]زاد المستقنع:13.
7- 7) الشيخ المفيد في المقنعة:23،و الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:132 مسألة-134،و النهاية:89 و [3]المبسوط 1:115،و [4]التّهذيب 2:320.
8- 8) بدائع الصنائع 1:194،المغني 1:623،حلية العلماء 2:132،المجموع 3:481.
9- 9) الأحزاب(33):56. [5]

و تحريمها التّكبير و تحليلها التّسليم» (1).أضاف المصدر إلى الصّلاة فيفيد العموم،و يلزم منه انحصار التّحليل في التّسليم،و لأنّ التّسليم وقع خبرا عن التّحليل فيكون مساويا له أو أعمّ،لاستحالة الإخبار بالأخصّ عن الأعمّ،و لأنّ النّحويّين اتّفقوا على أنّ الخبر إذا كان مفردا كان هو المبتدأ على معنى أنّ ما صدق عليه أنّه تحليل الصّلاة صدق عليه التّسليم، و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يداوم على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن بابويه و علم الهدى عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«مفتاح الصّلاة الطّهور،و تحريمها التّكبير،و تحليلها التّسليم» (3).و قد مضى وجه الاستدلال به.

لا يقال:إنّه (4)خبر مرسل من طرقكم فلا يعمل به.

لأنّا نقول:لا نسلّم أنّه مرسل،فإنّ الأُمّة تلقّته (5)بالقبول،و نقله الخاصّ و العامّ، و مثل هذا الحديث البالغ في الشّهرة قد تحذف رواته اعتمادا على شهرته،على أنّ الشّيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رواه مسندا،عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه (6)،عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ (7)،عن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص:199


1- 1سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275 و 276،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3 و ج 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175، [1]مسند أحمد 1:123، [2]سنن الدار قطنيّ 1:360 الحديث 4.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:345.
3- 3) ينظر:رواية الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:132 مسألة-134،و رواية ابن بابويه في الفقيه 1:23 الحديث 68،و فيه:افتتاح الصّلاة [3]الوضوء.و رواية السيّد المرتضى في الناصريّات [4](الجوامع الفقهيّة):196.
4- 4) ق و ح:هذا.
5- 5) ق و ح:قطعته.
6- 6) هو مشترك بين أربعة،و الظاهر كما عن المحقّق الخوئيّ أنّه عليّ بن محمّد بن بندار الّذي هو من مشايخ الكلينيّ و قد أكثر الرّواية عنه،و قد مرّت ترجمته في الجزء الرّابع ص 172.معجم رجال الحديث 12:164. [5]
7- 7) جعفر بن محمّد الأشعريّ أبو جعفر،قيل:هو جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه أو جعفر بن محمّد بن عيسى الأشعريّ،قال المحقّق الخوئيّ:إنّ كلاّ منهما و إن كان محتملا في نفس الأمر لكنّه لا دليل عليه،حيث إنّ جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه لم يثبت أنّه كان أشعريّا،و مجرّد رواية كلّ منهما عن ابن القدّاح لا يثبت الاتّحاد،كما أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى لم يثبت أنّه كان له أخ سمّي بجعفر،هذا و من المطمئنّ به أنّ جعفر بن محمّد الأشعريّ قد روى عن ابن القدّاح كثيرا، و أمّا الرّواية عن ابن القدّاح بواسطة جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه لا تزيد على أربع روايات،و بما أنّ راوي كتاب عبد اللّه بن ميمون القدّاح هو جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه على ما ذكره النّجاشيّ في رجاله:214،و الشيخ في فهرسته:103،فبعيد جدّا أن تكون رواية راوي كتابه عنه أربعة. تنقيح المقال 1:222 [6] باب:جعفر،معجم رجال الحديث 4:102. [7]

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.»الحديث.إلاّ أنّه قال:«مفتاح الصّلاة الوضوء» (1).

و لو سلّم فهؤلاء الثّلاثة هم العمدة في ضبط الأحاديث،و لو لا علمهم بصحّته لما أرسلوه و حكموا (2)بأنّه من قوله عليه السّلام،على أنّ هذا المنع لا يسمع من أبي حنيفة،فإنّه يعمل بالمرسل.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:و سلّم،ثمَّ قال:«يا حمّاد هكذا صلّ» (3).و الأمر للوجوب.

و لأنّ الخروج من الصّلاة واجب كالدّخول فيها،و الحدث مناف لها فلا يجب فعله فيها.

و لأنّه يلزم أحد محذورين على قول أبي حنيفة،إمّا إبطال قوله،أو وقوع الحدث في الصّلاة،لأنّه قبل الحدث إمّا أن يخرج من الصّلاة أو لا،و يلزم من الأوّل الخروج لا بما ينافيها و هو خلاف مذهبه،و من الثّاني وقوع الحدث في الصّلاة إن أحدث.

و لأنّه لو خرج من الصّلاة بالصّلاة على النّبيّ و آله عليهم السّلام لما بطلت صلاة المتمّم في السّفر و من زاد خامسة عمدا أو سهوا،لأنّه لا يفتقر إلى ما يخرج به من الصّلاة.

ص:200


1- 1الكافي 3:69 الحديث 2، [1]الوسائل 4:715 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 10،و فيهما:افتتاح الصّلاة.
2- 2) م:و حكوا.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]

و لأنّه ذكر في أحد طرفي الصلاة فكان واجبا كالتكبير.

احتجّوا (1)بما رواه ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا علّمه التشهّد،ثمَّ قال:«إذا قلت هذا فقد مضت صلاتك» (2).و لأنّه عليه السّلام لم يعلّمه الأعرابيّ (3).

و بما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلّي،ثمَّ يجلس فيحدث قبل أن يسلّم؟قال:«تمّت صلاته» (4).و لو كان التّسليم واجبا لوجبت عليه الإعادة.و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

و الجواب عن الأوّل:أنّ قوله:«فإذا قلت هذا فقد مضت صلاتك»من كلام ابن مسعود.

و عن الثّاني:أنّ الأعرابيّ كان يعرف التّسليم،فلهذا لم يذكره له،أو كان ذلك قبل إيجاب التّسليم.

و عن الثّالث:بأنّ في طريقها أبان بن عثمان و هو واقفيّ لا تعويل على روايته.

و يعارضها ما تقدّم،و ما رواه أبو بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في رجل صلّى الصّبح فلمّا جلس في الرّكعتين قبل أن يتشهّد رعف،قال:«فليخرج فليغسل أنفه ثمَّ ليرجع فليتمّ صلاته،فإنّ آخر الصّلاة التّسليم» (5).

و عن الرّابع:أنّه معارض بالاحتياط.

مسألة:و له عبارتان إحداهما:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،

و الأُخرى:السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

و العبارة الأُولى لنا خاصّة لا يعرفها

ص:201


1- 1المجموع 3:481.
2- 2) سنن أبي داود 1:254 الحديث 970 و فيه:«إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك».
3- 3) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397.
4- 4) التّهذيب 2:320 الحديث 1306،الاستبصار 1:345 الحديث 1301،الوسائل 4:1011 الباب 3 من أبواب التّسليم الحديث 2. [1]
5- 5) التّهذيب 2:320 الحديث 1307،الاستبصار 1:345 الحديث 1302،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 4. [2]

الجمهور في التّسليم.

و من أصحابنا من أوجب العبارة الثّانية،ذهب إليه علم الهدى (1)،و أبو الصّلاح (2).

لنا:قوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (3).و هو يقع على كلّ واحد منهما،و كذا قوله عليه السّلام:«آخر الصّلاة التّسليم» (4).

و ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت إماما فإنّما التّسليم أن تسلّم على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تقول:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصّلاة،ثمَّ تؤذن القوم و أنت مستقبل القبلة فتقول:السّلام عليكم» (5).

و رواه الشّيخ في الموثّق،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6)،و عن أبي كهمس (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّكعتين الأوّلتين إذا جلست

ص:202


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:234. [1]
2- 2) الكافي في الفقه:119.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275 و 276،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61، [2]سنن الترمذيّ 1:8 الحديث 3 و ج 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175، [3]سنن الدار قطنيّ 1:360 الحديث 4،مسند أحمد 1:123، و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 1:23 الحديث 68، [4]الكافي 3:69 الحديث 2، [5]الوسائل 4:715 الباب 10 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 10. [6]
4- 4) التّهذيب 2:320 الحديث 1307،الاستبصار 1:345 الحديث 1302،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 4. [7]
5- 5) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8. [8]
6- 6) الظاهر أنّ رواية أبي بصير و ابن مسكان واحدة حيث إنّ في السّند:عن ابن مسكان عن أبي بصير.
7- 7) أبو كهمس،قال الشّيخ في التّهذيب 8:93 الحديث 318 إنّ اسم أبي كهمس:هيثم بن عبيد،و قال في الفهرست: له كتاب،و عنونه النجاشيّ بقوله:الهيثم بن عبد اللّه أبو كهمس كوفيّ عربيّ له كتاب،قال المحقّق المامقانيّ:يوجد في بعض الأسانيد:أبو كهمش و ظنيّ أنّه محرّف أبي كهمس-بالسين-و لم أقف لأبي كهمش على ذكر في اللغة. الفهرست:191،رجال النّجاشيّ:436،تنقيح المقال 3:32 [9] من فصل الكنى.

فيهما للتشهّد فقلت و أنت جالس:«السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته» انصراف هو؟قال:«لا و لكن إذا قلت السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين فهو الانصراف» (1).

و أمّا العبارة الثّانية فقد وقع الاتّفاق عليها،لما رواه وائل بن حجر قال:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان يسلّم عن يمينه:«السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر قال:رأيت إخوتي موسى،و إسحاق (3)،و محمّدا (4)بني جعفر يسلّمون في الصّلاة عن اليمين و الشّمال:

السّلام عليكم و رحمة اللّه،السّلام عليكم و رحمة اللّه (5).

ص:203


1- 1التّهذيب 2:316 الحديث 1292،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 2،و [1]فيهما:فقلت و أنا جالس مكان:و أنت جالس.
2- 2) سنن أبي داود 1:262 الحديث 997.
3- 3) إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال الشّيخ المفيد في الإرشاد: [2]كان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل و الصّلاح و الورع و الاجتهاد،و روى عنه النّاس الحديث و الآثار و كان ابن كاسب إذا حدّث عنه يقول:حدّثني الثّقة الرّضيّ إسحاق بن جعفر.و قال ابن حجر في ترجمته:ذكره ابن حبّان في الثّقات،و عن ابن معين:ما أراه كان إلاّ صدوقا. رجال الطوسيّ:149،الإرشاد للمفيد 2:203، [3]تهذيب التّهذيب 1:229. [4]
4- 4) محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين يلقّب بديباجة لحسن وجهه. عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال النّجاشيّ:له نسخة يرويها عن أبيه.و قال المفيد في الإرشاد: [5]كان محمّد بن جعفر سخيّا شجاعا،و كان يصوم يوما و يفطر يوما و يرى رأي الزيديّة في الخروج في الإرشاد: [6]كان محمّد بن جعفر سخيّا شجاعا،و كان يصوم يوما و يفطر يوما و يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسّيف.و قد نقل المحقّق المامقانيّ روايات عن الصّدوق تدلّ على أنّه قام بغير إذن الإمام و خالف الإمام الرّضا عليه السّلام و أنّه سعى عند الرّشيد لأخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،ثمَّ قال:و من هذا حاله لا يمكن الاعتماد بخبره. رجال النّجاشيّ:367،رجال الطوسيّ:279،تنقيح المقال 2:94. [7]
5- 5) التّهذيب 2:317 الحديث 1297،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 2. [8]
مسألة:و بأيّهما بدأ كان الآخر مستحبّا و كان الخروج بالأوّل

لقوله عليه السّلام:

«و تحليلها التّسليم» (1).و ذلك يتناول كلّ واحد منهما،فيحصل التحلّل (2)و الخروج من الصّلاة به،و لا نعرف خلافا في أنّه لا يجب عليه الإتيان بهما،إنّما النّزاع في وجوب تعيّن العبارة الأخيرة،و قد سلف جواز الاكتفاء بالعبارة الاُولى.

لا يقال:حجّتكم فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو إنّما يسلّم بالعبارة الثّانية، و لأنّ الإجماع واقع على أنّ الخروج منحصر في العبارة الثّانية أو فعل المنافي،و العبارة الأُولى ليست أحدهما.

لأنّا نقول:إنّا احتججنا بفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على وجوب التّسليم، و جواز العبارة الأُولى مستفاد من الأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام (3)، و من قوله:«و تحليلها التّسليم».و هو يصدق على العبارة الاولى،و الإجماع ممنوع،فإنّ النّصوص عن أهل البيت عليهم السّلام تدلّ على فساد هذه الدّعوى.

و قد صرّح الشّيخ في التّهذيب فقال:من قال:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين في التّشهّد فقد انقطعت صلاته،فإن قال بعد ذلك:السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته جاز (4).

فروع:
الأوّل:لا يخرج عن الصّلاة بقوله:السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته

ص:204


1- 1سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّار قطنيّ 1:359 الحديث 1،سنن البيهقيّ 2:85.و من طريق الخاصّة ينظر:الكافي 3:69 الحديث 2، [1]الفقيه 1:23 الحديث 68،الوسائل 1:256 الباب 1 [2] من أبواب الوضوء الحديث 4 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 1.
2- 2) ح و ق:التحليل.
3- 3) ينظر:الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم.
4- 4) ينظر:التّهذيب 2:129.

و لا نعرف فيه خلافا من القائلين بوجوبه،لأنّ المنقول هو الصّورتان المذكورتان (1).

و يؤيّده:رواية أبي كهمس و قد تقدّمت (2).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«كلّما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصّلاة،فإن قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فقد انصرفت» (3).

الثّاني:إن سلّم بالعبارة الأولى وجب أن يأتي بها على صورتها

و هو:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فلو عكس فقال:السّلام على عباد اللّه الصّالحين و علينا، أو قال:السّلام علينا و على عباد اللّه المخلصين أو العابدين لم يجز؛لأنّها منقولة عن آل الرّسول عليهم السّلام (4)فلا يجوز التعدّي عنها،و كذا لو أتى بالتّرجمة،ثمَّ إن أتى بغير المجزي متعمّدا بطلت صلاته،لأنّه كلام في الصّلاة غير مشروع،و إن بدأ بالعبارة الثّانية، ثمَّ أتى بالعبارة الأُولى جاز له أن يأتي بأيّ صيغة أراد،و على أيّ كيفيّة أوجدها صحّ،لأنّه يكون قد خرج من الصّلاة.

الثّالث:لو سلّم بقوله:السّلام عليكم و رحمة اللّه جاز

و إن لم يقل:و بركاته، بلا خلاف،و هل يجوز أن يقتصر على قوله:السّلام عليكم؟الأقرب عندي الجواز.و به قال ابن بابويه (5)،و ابن أبي عقيل (6)،و ابن الجنيد (7)،و به قال الشّافعيّ (8)،و أحمد (9).

ص:205


1- 1ذكرتا في ص 201.
2- 2) تقدّمت في ص 202 رقم 7. [1]
3- 3) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [2]
4- 4) ح:عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.مكان:عن آل الرّسول عليهم السّلام.
5- 5) المقنع:29.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:236. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:236. [4]
8- 8) المجموع 3:475-476،المغني 1:626. [5]
9- 9) المغني 1:626،الكافي لابن قدامة 1:185، [6]الإنصاف 2:84. [7]

و قال أبو الصّلاح:الفرض أن يقول:السّلام عليكم و رحمة اللّه (1).

لنا:ما رواه سعيد بإسناده عن عليّ عليه السّلام أنّه كان يسلّم عن يمينه و شماله (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه البزنطيّ في جامعه،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن تسليم الإمام و هو مستقبل القبلة؟قال:«يقول:

السّلام عليكم» (3).

و ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ثمَّ تؤذن القوم و أنت مستقبل القبلة فتقول:السّلام عليكم،و كذا إذا كنت وحدك» (4).

و لأنّ ذكر الرّحمة تكرير للثّناء فلم يجب،كقوله:و بركاته.

الرّابع:لو قال:سلام عليكم منكّرا منوّنا،فإن أتى به بعد قوله:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أجزأه

لأنّه يكون آتيا به خارج الصّلاة،و لو أتى به مبتدئا ناويا به الخروج،ففي الإجزاء تردّد ينشأ،من وقوع اسم التّسليم عليه،و كونه من تحيّة القرآن ورد بصورتها فيكون مجزئا،و هو قول الشّافعيّ (5)،و من كونه غير المنقول و فيه إخلال بلام الاستغراق فيغيّر المعنى.

الخامس:لو نكس فقال:عليكم السّلام،لم يجزئه

خلافا للشّافعيّ (6)؛لأنّه خلاف المنقول و خلاف تحيّة القرآن،و الاقتصار على المنقول و منطوق القرآن بناء على اليقين (7)فيقتصر عليه.

ص:206


1- 1الكافي في الفقه:119. [1]
2- 2) سنن البيهقيّ 2:178،المغني 1:627.
3- 3) المعتبر 2:236، [2]الوسائل 4:1009 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8. [4]
5- 5) المغني 1:627،الشرح الكبير بهامش المغني 1:627.
6- 6) الاُمّ 1:122،المهذّب للشيرازيّ 1:80،المغني 1:627، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 1:627. [6]
7- 7) م،ن و ق:التعيّن.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأبي تميمة (1):«لا تقل عليكم السّلام،فإن قولك عليك السّلام تحيّة الموتى» (2).رواه أحمد.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عثمان بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يسلّم عليه في الصّلاة؟قال:«يردّ يقول:سلام عليكم،و لا يقول:و عليكم السّلام،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قائما يصلّي فمرّ به عمّار بن ياسر فسلّم عليه،فردّ عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا» (3).

و إذا كان الإتيان بهذه الصّيغة منهيّا عنه في الصّلاة على سبيل الردّ،فكذا في التّسليم؛ لأنّه قبله لم يخرج عن الصّلاة و الردّ كالابتداء.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ المقصود المعنى،و هو يحصل مع العكس (4).

و الجواب:المنع من كون المعنى كلّ المراد.

السّادس:المستحبّ أن لا يطوّل السّلام و لا يمدّه

قال عليه السّلام:«حذف السّلام سُنّة» (5).أي:لا يمدّه و لا يطوّله.

مسألة:و المرّة الواحدة مجزئة للإمام و المأموم و المنفرد

و عن أحمد رواية أنّ الثّانية واجبة أيضا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،و سلمة بن الأكوع،و سهل بن سعد (7)رووا أنّ

ص:207


1- 1أبو تميمة الهُجيميّ البصريّ:طريف بن مجالد روى عن أبي موسى الأشعريّ و أبي هريرة و ابن عمر،و روى عنه خالد الحذّاء و سليمان التيميّ و سعيد الجريريّ.مات سنة 97 ه،و قيل:سنة 99 ه. أُسد الغابة 5:152، [1]تهذيب التّهذيب 5:12.و [2]في مسند أحمد 3:482: [3]الهُجينيّ بدل الهُجيميّ.
2- 2) مسند أحمد 3:482. [4]
3- 3) التّهذيب 2:328 الحديث 1348،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [5]
4- 4) المغني 1:627،الشرح الكبير بهامش المغني 1:627.
5- 5) سنن أبي داود 1:263 الحديث 1004،سنن التّرمذيّ 2:93 الحديث 297.
6- 6) المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625،حلية العلماء 2:133.
7- 7) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة.الأنصاريّ الساعديّ أبو العبّاس،و كان اسمه حزنا فسمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سهلا،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن ابيّ بن كعب و عاصم بن عديّ،و روى عنه ابنه عبّاس و الزّهريّ و أبو حازم و غيرهم.مات بالمدينة سنة 91 ه. أُسد الغابة 2:366، [6]تهذيب التّهذيب 4:252، [7]مستدرك الحاكم 3:571،الجرح و التّعديل 4:198.

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسلّم تسليمة واحدة،و كان المهاجرون يسلّمون تسليمة واحدة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،و محمّد بن مسلم، و معمّر بن يحيى،و إسماعيل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يسلّم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره» (2).

و لأنّ التّسليم مخرج من الصّلاة،لقوله عليه السّلام:«تحليلها التّسليم» (3).فلم يجب عليه شيء آخر فيها.

احتجّ أحمد بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،سلّم تسليمتين (4).

و الجواب:لا ريب في ندبيّته،ففعله المرّتين دليل الرّجحان،و اقتصاره على المرّة دليل (5)عدم المنع من النّقيض.

مسألة:و يستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة إلى القبلة و يومئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه،و الإمام بصفحة وجهه

و المأموم يسلّم تسليمتين بوجهه يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره،و إن لم يكن اقتصر بالتّسليم على يمينه.و ممّن قال إنّ الإمام يسلّم تسليمة

ص:208


1- 1سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 918،919 و 920،سنن البيهقيّ 2:179-180،المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625.
2- 2) التّهذيب 2:93 الحديث 348،الاستبصار 1:346 الحديث 1306،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 5. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّار قطني 1:360 الحديث 4،و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:23 الحديث 68،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث 4 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 1.
4- 4) المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625.
5- 5) م بزيادة:على.

واحدة:ابن عمر،و أنس،و سلمة بن الأكوع،و عائشة،و الحسن،و ابن سيرين، و عمر بن عبد العزيز،و مالك،و الأوزاعيّ.و نقل الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّه يستحبّ للإمام أن يسلّم تسليمتين عن يمينه و شماله.و كذا،عن عمّار،و ابن مسعود.و به قال عطاء،و الشّعبيّ،و الثّوريّ،و إسحاق،و ابن المنذر،و أحمد،و أصحاب الرّأي (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه (2).

و عن سلمة بن الأكوع قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى فسلّم مرّة واحدة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الحميد بن عوّاض،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن كنت تؤمّ قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك،و إن كنت مع إمام فتسليمتين،و إن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة» (4).

و في الصّحيح،عن منصور قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الإمام يسلّم واحدة و من وراه يسلّم اثنتين،و إن لم يكن عن شماله أحد سلّم واحدة» (5).

و عن عنبسة بن مصعب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يقوم في الصّفّ خلف إمام و ليس على يساره أحد كيف يسلّم؟قال:«تسليمة عن يمينه» (6).

ص:209


1- 1المغني 1:624،الشرح الكبير بهامش المغني 1:624،المجموع 3:481-482. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 919،المغني 1:624،الشرح الكبير بهامش المغني 1:624.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 920،المغني 1:624،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:624.
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 345،الاستبصار 1:346 الحديث 1303،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 3. [3]
5- 5) التّهذيب 2:93 الحديث 346،الاستبصار 1:346 الحديث 1304،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 4. [4]
6- 6) التّهذيب 2:93 الحديث 347،الاستبصار 1:346 الحديث 1305،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 6. [5]

أمّا الإشارة بمؤخّر العين فشيء ذكره الشّيخ في النّهاية (1).و قال في المبسوط:الإمام و المنفرد يسلّمان تجاه القبلة (2).

و يؤيّد ما ذكره في النّهاية:ما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك» (3).

و يؤيّد ما ذكره في المبسوط:رواية عبد الحميد (4)،و الكلّ جائز و إنّما البحث في الأولويّة.

مسألة:التّسليمة الاُولى من الصّلاة

قال علم الهدى في المسائل الطرابلسيّة:لم أجد لأصحابنا فيه نصّا و يقوى عندي أنّها من الصّلاة (5)،و به قال الشّافعيّ (6)،خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:أنّه ذكر شرع في محلّ من الصّلاة يجوز أن يرد عليه ما يفسد (8)الصّلاة،فكان منها كالتّشهّد.

و يؤيّده:ما تقدّم في رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«آخر

ص:210


1- 1النّهاية:72.
2- 2) المبسوط 1:116. [1]
3- 3) المعتبر 2:237، [2]الوسائل 4:1009 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 12. [3]
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 345،الاستبصار 1:346 الحديث 1303،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 3.
5- 5) لم نجده في المسائل الطرابلسيّة الّتي بأيدينا.نعم،ذكر المسألة في الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):195 مسألة-82.
6- 6) الأُمّ 1:122،المغني 1:623،الشرح الكبير بهامش المغني 1:623،مغني المحتاج 1:177،المجموع 3:481.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:53،بدائع الصّنائع 1:213،المغني 1:623،بداية المجتهد 1:131.
8- 8) م:يفيد،ن:يدلّ عليه ما يعد الصّلاة.مكان:يرد عليه ما يفسد الصّلاة.

الصّلاة التّسليم» (1).

احتجّ أبو حنيفة بقوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس،إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (2).و لأنّ السّلام ينافيها فلم يكن منها كالكلام.

و الجواب:أنّ الخبر محمول على ما لم يشرع بها،و بهذا فارق الكلام.

مسألة:و هل يجب عليه أن ينوي بالتّسليم الخروج من الصّلاة؟

لم أجد لأصحابنا فيه نصّا،و الأقرب أنّه لا يجب؛لأنّه ذكر من الصّلاة فلم يفتقر إلى نيّة (3)بانفراده، كأجزائها.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام:«فإن قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين فقد انصرفت» (4).و لم يشترط (5)نيّة الخروج.

فروع:
الأوّل:لو نوى بالتّسليم الخروج من الصّلاة كان أولى

لأنّه وضع له فشرعت له نيّته.

الثّاني:لو نوى مع ذلك الردّ على الملكين،و على من خلفه إن كان إماما،أو على من معه إن كان مأموما فلا بأس

خلافا لقوم من الجمهور (6).

لنا:أنّ القصد هو الخروج،و التّسليم على الصّالحين لا ينافيه.

ص:211


1- 1تقدّمت في ص 201. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النّسائيّ 3:14،مسند أحمد 5:447 و 448، [2]سنن البيهقيّ 2: 249.
3- 3) م،ق و ح:نيّته.
4- 4) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [3]
5- 5) ق و ن:يشرط.
6- 6) المغني 1:630،الشرح الكبير بهامش المغني 1:629،الإنصاف 1:86.

و ما رواه الجمهور،عن جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه،ثمَّ يسلّم على أخيه من على يمينه و شماله».رواه مسلم (1).

الثّالث:قال الشّيخ في المبسوط:ينبغي أن ينوي بالتّسليم الأوّل الخروج من الصّلاة

، و بالثّاني التّسليم على الملائكة أو على من في يساره (2).

روى ابن بابويه في كتابه:أنّ رجلا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام ما معنى قول الإمام:السّلام عليكم؟قال:«إنّ الإمام يترجم عن اللّه عزّ و جلّ و يقول في ترجمته لأهل الجماعة:أمان لكم من عذاب يوم القيامة» (3).

الرّابع التّسليم هو الإذن

الرّابع:روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّسليم ما هو؟فقال:«هو إذن» (4).

الفصل الثّاني:في الأفعال المندوبة
اشارة

و فيه مباحث:

الأوّل:يستحبّ له إذا مشى إلى الصّلاة أن يكون خاضعا خاشعا بخوف و وجل

و عليه السّكينة و الوقار

قال اللّه تعالى اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (5).و قال:

وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ (6).

و يستحبّ له أن يقول إذا قام إلى الصّلاة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبان و معاوية بن وهب جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت إلى الصّلاة فقل:اللّهمّ

ص:212


1- 1صحيح مسلم 1:322 الحديث 431.
2- 2) المبسوط 1:116. [1]
3- 3) الفقيه 1:210 الحديث 945،الوسائل 4:1013 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 2:317 الحديث 1296،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 7. [3]
5- 5) المؤمنون(23):2. [4]
6- 6) البقرة(2):45. [5]

إنّي أُقدّم إليك محمّدا بين يدي حاجتي و أتوجّه به إليك،فاجعلني به وجيها عندك في الدّنيا و الآخرة و من المقرّبين،اجعل صلاتي به متقبّلة،و ذنبي به مغفورا،و دعائي به مستجابا، إنّك أنت الغفور الرّحيم» (1).

و يستحبّ له أن يتوجّه بسبع تكبيرات،إحداها:تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية.

و يستحبّ له الاستكانة و الخشوع في صلاته،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام إذا قام في الصّلاة تغيّر لونه،فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ عرقا» (2).و أن يأتي بالصّلاة على الوجه الأكمل غير مستعجل،و ليكن على سكون و وقار.

روى الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ (3)دخل رجل فقام فصلّى فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده،فقال صلّى اللّه عليه و آله:نقر كنقر الغراب،لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» (4).

و في الصّحيح،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قام العبد من الصّلاة فخفّف صلاته قال اللّه تعالى لملائكته:أما ترون إلى عبدي كأنّه يرى أنّ قضاء حوائجه بيد غيري،إما يعلم أنّ قضاء حوائجه بيدي» (5).

و يستحبّ إيقاعها في المسجد جماعة،لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن طلحة بن زيد، عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:«لا صلاة لمن لم يشهد الصّلوات المكتوبات

ص:213


1- 1التّهذيب 2:287 الحديث 1149،الوسائل 4:708 الباب 15 من أبواب القيام الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:286 الحديث 1145،الوسائل 4:685 الباب 2 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 2. [2]
3- 3) م،ق و ح:إذا.
4- 4) التّهذيب 2:239 الحديث 948،الوسائل 4:922 الباب 3 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:240 الحديث 950،الوسائل 3:24 الباب 9 من أبواب أعداد الفرائض الحديث 1. [4]

من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا» (1).

و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«همّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإحراق قوم في منازلهم،كانوا يصلّون في منازلهم و لا يصلّون الجماعة،فأتاه رجل أعمى فقال:يا رسول اللّه إنّي ضرير البصر،و ربّما أسمع النّداء و لا أجد من يقودني إلى الجماعة و الصّلاة معك،فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«شدّ من منزلك إلى المسجد حبلا و احضر الجماعة» (2).

و لأنّها مواطن العبادة و مواضع الاستجابة فكان إيقاع الصّلاة فيها أولى.

و يستحبّ إيقاعها في أوّل الوقت.قال عليه السّلام:«أوّل الوقت رضوان و آخره عفو اللّه و العفو لا يكون إلاّ من ذنب» (3).

و قال عليه السّلام:«لفضل الوقت الأوّل على الآخر خير للمؤمن من ولده و ماله» (4).رواهما ابن بابويه.

البحث الثّاني:في القنوت
مسألة:اتّفق علماؤنا على استحباب القنوت في كلّ ثانية من كلّ فريضة و نافلة

و قال الشّافعيّ:القنوت في الصّبح مستحبّ في جميع الأوقات (5).و به قال مالك (6)،

ص:214


1- 1التّهذيب 3:261 الحديث 735،الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:266 الحديث 753،الوسائل 5:377 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [2]
3- 3) الفقيه 1:140 الحديث 651،الوسائل 3:90 الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث 16.و [3]فيهما:رضوان اللّه.
4- 4) الفقيه 1:140 الحديث 652،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث 14. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:81،المجموع 3:504،المغني 1:823،حلية العلماء 2:134،بداية المجتهد 1:132، الهداية للمرغينانيّ 1:66.
6- 6) المغني 1:823،المجموع 3:504،حلية العلماء 2:134،بداية المجتهد 1:131-132.

و ابن أبي ليلى (1)،و الحسن بن صالح بن حيّ (2).و نقله الشّافعيّ في القديم،عن عليّ عليه السّلام،و أبي بكر،و عمر،و عثمان،و أنس،و الحسن البصريّ (3).

و قال أبو حنيفة:إنّه غير مسنون بل هو مكروه في الصّلوات كلّها إلاّ الوتر (4)،و إليه ذهب الثوريّ (5).و قال أبو يوسف:إذا قنت الإمام فاقنت معه (6).

و قال أحمد:القنوت للأئمّة يدعون للجيوش فإن ذهب إليه ذاهب فلا بأس (7).و قال إسحاق:هو سنّة عند الحوادث لا يدعه الأئمّة (8).

لنا:قوله تعالى (وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) (9).

لا يقال:القنوت طول القيام؛لقوله عليه السّلام:أفضل الصّلاة طول القنوت أي القيام (10).

لأنّا نقول:المراد طول الدّعاء كما قلناه؛لأنّه صار حقيقة شرعيّة.و لأنّه دعاء فيكون مأمورا به؛لقوله تعالى اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (11).و لأنّ الدّعاء أفضل العبادات فلا يكون منافيا للصّلاة.

ص:215


1- 1المجموع 3:504، [1]المغني 1:823.
2- 2) المجموع 3:504،المغني 1:823.
3- 3) المجموع 3:504، [2]حلية العلماء 2:134.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:66،المحلّى 4:145،بداية المجتهد 1:132،المجموع 3:504،المغني 1:823،المبسوط للسرخسيّ 1:165.
5- 5) المجموع 3:504،المغني 1:823،حلية العلماء 2:134.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:66،حلية العلماء 2:135،بدائع الصّنائع 1:274.
7- 7) المجموع 3:504،حلية العلماء 2:134.
8- 8) المجموع 3:504،حلية العلماء 2:135.
9- 9) البقرة(2):238. [3]
10- 10) ذكري الشيعة:185،الوسائل 4:919 الباب 22 من أبواب القنوت الحديث 3.
11- 11) غافر(40):60. [4]

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت شهرا يدعو على حيّ من أحياء العرب ثمَّ تركه.رواه مسلم (1)،و ذلك يقتضي فعله في كلّ صلاة.

و ما رووه،عن أبي هريرة قال:لمّا رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه من الرّكعة الثّانية من الصّبح قال:«اللّهمّ أنج الوليد بن الوليد (2)،و سلمة بن هشام (3)، و عيّاش بن أبي ربيعة (4)،و المستضعفين بمكّة،و اشدد وطأتك على مُضَر (5)،و رِعل (6)،

ص:216


1- 1صحيح مسلم 1:466 الحديث 675.
2- 2) الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم من أشراف قريش في الجاهليّة،و هو أخو خالد بن الوليد،أُسر يوم بدر كافرا ففداه أخواه هشام و خالد بمال و انصرفا فأسلم،فلمّا أسلم حبسه أخواه بمكّة ثمَّ أفلت من إسارتهم بدعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لحق به.مات بالمدينة. أُسد الغابة 5:92، [1]الإصابة 3:639، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:628، [4]عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 8:122. [5]
3- 3) سلمة بن هشام بن المغيرة المخزوميّ أبو هاشم صحابيّ من السابقين،و هو أخو أبي جهل،حبسه كفّار قريش عن الهجرة و آذوه،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعو له في صلاته،قتل بمرج الصّفر سنة 14 ه أوّل خلافة عمر،و قيل بل قتل بأجنادين قبل وفاة أبي بكر. أُسد الغابة 2:341، [6]الإصابة 2:68، [7]عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 3:113. [8]
4- 4) عيّاش بن أبي ربيعة عمرو بن المغيرة يكنّى أبا عبد الرّحمن،و قيل:أبو عبد اللّه و هو أخو أبي جهل كان من السابقين الأوّلين،لمّا هاجر إلى المدينة قدم عليه أخواه لأُمّه أبو جهل و الحارث فذكرا له أنّ امّه حلفت أن لا يدخل رأسها دهن و لا تستظلّ حتّى تراه فرجع معهما فأوثقاه و حبساه بمكّة،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعو له في صلاته.قتل يوم اليرموك سنة 15 ه. أسد الغابة 4:161، [9]الإصابة 3:47، [10]عمدة القارئ 6:80،العبر 1:15. [11]
5- 5) مضر بن نزار بن معد بن عدنان:جدّ جاهليّ،من سلسلة النسب النبويّ.من أهل الحجاز،و هو شعب عظيم فيه قبائل كثيرة كقريش و هذيل و أسد و تميم.و كانت الرّئاسة لهم بمكّة و الحرم. عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 7:249. [12]
6- 6) رعل بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهتة:جدّ جاهليّ.بنوه بطن من بهتة من سليم من العدنانيّة.و هم الذين مكث النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقنت في الصّلاة شهرا و يدعو عليهم. عمدة القارئ 7:20،الأعلام للزركلي 3:28. [13]

و ذكوان (1)،و أرسل عليهم سنين كسني يوسف».رواه البخاريّ (2).

و عن أنس قال:ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقنت في الفجر حتّى فارق الدّنيا (3).و ذلك يبطل مذهب أبي حنيفة،و يبطل مذهب الشّافعيّ:ما تقدّم من الايات، و حديث أبي هريرة.

و ما رواه البراء بن عازب قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يصلّي صلاة مكتوبة إلاّ قنت فيها (4).

و ما رووه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قنت في صلاة المغرب[فدعا] (5)على أُناس و أشياعهم (6).و إذا ثبت القنوت في المغرب ثبت العموم لعدم القائل بالفرق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان الجمّال قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما فكان يقنت في كلّ صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها (7).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ صلاة في الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (8).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت في

ص:217


1- 1ذكوان بن ثعلبة بن بهتة:جدّ جاهليّ.بنوه بطن من سُليم من العدنانيّة.ينسب إليه كثيرون،منهم صفوان بن المعطّل،و عمير ابن الحُباب،و الحجاف. عمدة القارئ 7:21،الأعلام للزركلي 3:7. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:203 و ج 2:32.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 2:39 الحديث 9.
4- 4) سنن الدّار قطنيّ 2:37 الحديث 4،سنن البيهقيّ 2:198.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن البيهقيّ 2:245.
7- 7) التّهذيب 2:89 الحديث 329،الاستبصار 1:338 الحديث 1270،الوسائل 4:896 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 3. [2]
8- 8) التّهذيب 2:89 الحديث 330،الاستبصار 1:338 الحديث 1271،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 1. [3]

المغرب في الرّكعة الثانية و في صلاة العشاء و الغداة مثل ذلك،و في الوتر في الرّكعة الثّالثة» (1).

و في الموثّق،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ ركعتين من التطوّع أو الفريضة» (2).و لأنّه دعاء مشروع في بعض الصّلوات فيشرع في الباقي.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عبد الملك بن عمرو قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت قبل الرّكوع أو بعده؟قال:«لا قبله و لا بعده» (3).

و في الصّحيح،عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:

سألته عن القنوت هل يقنت في الصّلوات كلّها أم فيما يجهر فيها بالقراءة؟قال:

«ليس القنوت إلاّ في الغداة و الوتر و الجمعة و المغرب» (4).

و عن يونس بن يعقوب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت في أيّ الصّلوات أقنت؟فقال:«لا تقنت إلاّ في الفجر» (5).

لأنّا نقول:إنّ ذلك محمول على نفي الوجوب لا نفي الاستحباب،أو أنّه على سبيل التقيّة،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام

ص:218


1- 1التّهذيب 2:89 الحديث 332،الاستبصار 1:338 الحديث 1273،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]في التّهذيب و الوسائل: [2]عن ابن سنان.
2- 2) التّهذيب 2:90 الحديث 336،الاستبصار 1:339 الحديث 1277،الوسائل 4:896 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 2. [3]
3- 3) التّهذيب 2:91 الحديث 337،الاستبصار 1:339 الحديث 1278،الوسائل 4:902 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 2. [4]
4- 4) التّهذيب 2:91 الحديث 338،الاستبصار 1:340 الحديث 1279،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 6. [5]
5- 5) التّهذيب 2:91 الحديث 339،الاستبصار 1:340 الحديث 1280،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 7. [6]

قال:«قال أبو جعفر في القنوت:إن شئت فاقنت و إن شئت فلا تقنت»قال أبو الحسن عليه السّلام:«و إذا كانت التّقيّة فلا تقنت و أنا أتقلّد هذا» (1).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن القنوت فقال:«فيما يجهر فيه بالقراءة»قال:قلت له:إنّي سألت أباك عن ذلك فقال:«في الخمس كلّها»فقال:«رحم اللّه أبي إنّ أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحقّ،ثمَّ أتوني شكّاكا فأفتيتهم بالتّقيّة» (2).

احتجّ أبو حنيفة (3)بما روت أُمّ سلمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القنوت في الفجر (4).

و عن ابن مسعود،و أنس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قنت شهرا و ترك (5).

و احتجّ الشّافعيّ بعدم النّقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في القنوت في غير الصّبح، و عن الصّحابة (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ رواية محمّد بن يعلى (7)،عن عنبسة

ص:219


1- 1التّهذيب 2:91 الحديث 340،الاستبصار 1:340 الحديث 1281،الوسائل 4:901 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:91 الحديث 341،الاستبصار 1:340 الحديث 1282،الوسائل 4:897 الباب 10 من أبواب القنوت الحديث 10. [2]
3- 3) المجموع 3:504.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:393 الحديث 1242،سنن البيهقيّ 2:213-214.
5- 5) سنن البيهقيّ 1:213 و فيها حديث ابن مسعود،و ص 201 و فيها حديث أنس.
6- 6) المجموع 3:504-505.
7- 7) محمّد بن يعلي السّلميّ الكوفيّ و لقبه زُنبور،روى عن أبي الأشهب و عنبسة بن عبد الرّحمن و أبي هلال الرّاسبيّ، روى عنه أبو كريب و يحيى بن موسى.قال البخاريّ:هو ذاهب الحديث.و قال أبو حاتم:متروك الحديث.و قال النّسائيّ:ليس بثقة. الضعفاء الصغير للبخاريّ:219،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4:149،الجرح و التعديل 8:130،المجروحين لابن حبّان 2:267،ميزان الاعتدال 4:70.

بن عبد الرّحمن (1)،عن عبد اللّه بن نافع (2)،و هؤلاء كلّهم ضعاف عند أهل الحديث.

و عن الثّاني:أنّه متروك بخبر (3)أنس،و يحتمل أن يكون قوله:و ترك،أي الدّعاء على القوم،و كذا هو في حديث أنس.

و عن الثّالث:أنّ النّقل موجود في حديث البراء،و أبي هريرة،و عليّ عليه السّلام، و أهل البيت عليهم السّلام.

مسألة:و يتأكّد استحبابه في الفرائض و آكدها فيما يجهر فيه

لرواية ابن مسكان فإنّه خصّص فيها ما يجهر فيه.

و روى الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن القنوت في أيّ صلاة هو؟فقال:

«كلّ شيء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت» (4).

و القنوت قبل الرّكوع و بعد القراءة،و يتأكّد من الجهريّات في الغداة و المغرب؛

ص:220


1- 1عنبسة بن عبد الرّحمن بن عنبسة القرشيّ من ولد سعيد بن العاص،روى عن زيد بن أسلم،و عبد اللّه بن نافع مولى ابن عمر،و علاق بن أبي مسلم.و روى عنه الوليد بن مسلم،و عبد اللّه بن الحارث المخزوميّ،و محمّد بن يعلى زُنبور السّلميّ.قال البخاريّ:تركوه.و قال أبو حاتم:متروك الحديث.و قال ابن حبّان:صاحب أشياء موضوعة لا يحلّ الاحتجاج به. الضّعفاء الصغير للبخاريّ:183،الجرح و التّعديل 6:402،المجروحين لابن حبّان 2:178،ميزان الاعتدال 3: 301،تهذيب التّهذيب 8:160. [1]
2- 2) عبد اللّه بن نافع مولى ابن عمر من أهل المدينة يروي عن أبيه،و روى عنه عنبسة بن عبد الرّحمن،و عبّاد بن صهيب.قال البخاريّ:منكر الحديث.و قال ابن حبّان:كان ممّن يخطئ و لا يعلم.و عن النّسائيّ أنّه متروك الحديث.و قال ابن المدينيّ:روى أحاديث منكرة.و قال أبو حاتم:ضعيف. الضعفاء الصغير للبخاريّ:137،الجرح و التّعديل 5:183،المجروحين لابن حبّان 2:20،ميزان الاعتدال 2: 513،تهذيب التّهذيب 6:53. [2]
3- 3) ق و ح:لخبر.
4- 4) التّهذيب 2:89 الحديث 333،الاستبصار 1:339 الحديث 1274،الوسائل 4:898 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 1. [3]

لرواية سعد بن سعد،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام (1).

مسألة:و يستحبّ في المفردة من الوتر قبل الرّكوع و بعده

لا نعرف فيه خلافا؛لما رواه الجمهور،عن[عليّ عليه السّلام] (2)عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقول في آخر وتره:«اللّهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، و أعوذ بمعافاتك من عقوبتك،و أعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك،أنت كما أثنيت على نفسك» (3).

و من طريق الخاصّة:رواية ابن مسكان (4)،و سماعة،إذ الوتر ممّا يجهر فيه، و حديث سعد بن سعد (5).

و عن أبي بكر بن[أبي] (6)سمّاك (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:«قل في قنوت الوتر:اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدّنيا و الآخرة».و قال:

ص:221


1- 1التّهذيب 2:91 الحديث 338،الاستبصار 1:340 الحديث 1279،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 6. [1]
2- 2) ن و م:أبي إسحاق،غ،ق و ح:اُبي،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:373 الحديث 1179،المغني 1:820، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:757-758. [3]
4- 4) ينظر:ص 218 رقم 1.
5- 5) ينظر:ص 220 رقم 4 و ص 221 رقم 1. [4]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الرّبيع.قال النجاشيّ:إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الرّبيع يكنّى بأبي بكر بن أبي السمّال.و نقل المحقّق المامقانيّ عن ابن داود:سمال،باللاّم و تخفيف الميم،و منهم من شدّدها و يفتح السين. و عن إيضاح الاشتباه:السمّاك بالسّين المهملة المفتوحة و الكاف أخيرا،و ضبطه المصنّف [5]بالسّين المهملة و اللاّم،و على أيّ كان قد وثّقه النجاشيّ مع التّصريح بكونه واقفيّا،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام و نسب إليه و إلى أخيه الوقف،و صرّح المصنّف [6]في القسم الثّاني من الخلاصة بأنّه واقفيّ لا أعتمد على روايته. رجال النّجاشيّ:21،رجال الطّوسيّ:344،رجال العلاّمة:198، [7]تنقيح المقال 1:10 باب إبراهيم. [8]

«يجزئ من القنوت ثلاث تسبيحات» (1).

و عن أحمد بن عبد العزيز (2)،عن بعض أصحابنا قال:كان أبو الحسن الأوّل عليه السّلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال:«هذا مقام من حسناته نعمة منك،و شكره ضعيف،و ذنبه عظيم،و ليس لذلك إلاّ رفقك و رحمتك،فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل صلّى اللّه عليه و آله كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ.

وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (3).طال هجوعي و قلّ قيامي و هذا السّحر و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا».ثمَّ يخرّ ساجدا (4).

و روى ابن بابويه،عن أبي حمزة الثّماليّ قال:كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول في آخر وتره و هو قائم:«ربّ أسأت و ظلمت نفسي و بئس ما صنعت و هذه يداي جزاء بما صنعتا»قال:ثمَّ يبسط يديه جميعا قدّام وجهه و يقول:«و هذه رقبتي خاضعة لك لما أتت»قال:ثمَّ يطأطئ رأسه و يخضع برقبته،ثمَّ يقول:«و ها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرّضا من نفسي حتّى ترضى لك العتبى لا أعود لا أعود لا أعود»قال:و كان و اللّه إذا قال لا أعود لم يعد (5).

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقول في قنوت الوتر:

«اللّهمّ اهدني فيمن هديت،و عافني فيمن عافيت،و تولّني فيمن تولّيت،و بارك لي فيما أعطيت،و قني شرّ ما قضيت،فإنّك تقضي و لا يقضى عليك،سبحانك ربّ البيت

ص:222


1- 1التّهذيب 2:92 الحديث 342،الوسائل 4:907 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 5. [1]
2- 2) أحمد بن عبد العزيز الكوفيّ أبو شبل بكسر الشّين المعجمة و سكون الباء بعده اللاّم،عدّه الشّيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ [2]له كتاب السقيفة. [3]رجال الطّوسي:143،الفهرست:36. [4]
3- 3) الذّاريات(51):18-19. [5]
4- 4) الكافي 3:325 الحديث 16، [6]التّهذيب 2:132 الحديث 508.
5- 5) الفقيه 1:311 الحديث 1413.

أستغفرك و أتوب إليك،و اومن بك و أتوكّل عليك لا حول و لا قوّة إلاّ بك يا رحيم» (1).

و رواه الجمهور،عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

فروع:
الأوّل:القنوت في الوتر مستحبّ في جميع السّنة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن مسعود (3)،و إبراهيم النّخعيّ،و الحسن البصريّ،و أصحاب الرّأي،و أحمد في أقوى الرّوايتين.و قال في الأُخرى:إنّه لا يقنت إلاّ في النّصف الأخير من رمضان (4).و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و به قال ابيّ بن كعب،و ابن سيرين،و الزّهريّ (5)، و مالك (6)،و الشّافعيّ (7).

لنا:رواية ابيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول كذا (8).و لفظة كان للمداومة.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث.

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:

ص:223


1- 1الفقيه 1:308 الحديث 1405،المستدرك 1:318 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:372 الحديث 1178،سنن التّرمذيّ 2:328 الحديث 464، [2]سنن أبي داود 2:63 الحديث 1425،سنن النّسائيّ 3:248،سنن الدّارميّ 1:373.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:329، [3]المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24. [4]
4- 4) المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24. [5]
5- 5) المغني 1:820، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 1:755، [7]سنن التّرمذيّ 2:329. [8]
6- 6) المغني 1:820، [9]الشرح الكبير بهامش المغني 1:755، [10]المجموع 4:24. [11]
7- 7) المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24، [12]سنن التّرمذيّ 2:329. [13]
8- 8) سنن أبي داود 2:64 ذيل الحديث 1427،المغني 1:820.

«القنوت في كلّ الصّلوات» (1).و لأنّه وتر و يشرع فيه القنوت كالنّصف الآخر من رمضان، و لأنّه ذكر شرع في الوتر فيشرع في جميع السّنة كغيره من الأذكار.

الثّاني:يجوز القنوت في الوتر قبل الرّكوع و بعده

لما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر،قال:«ليس عليه شيء»و قال:

«إن ذكره و قد أهوى إلى الرّكوع قبل أن يضع[يديه] (2)على الرّكبتين فليرجع قائما فليقنت، ثمَّ ليركع و إن وضع يديه على ركبتيه فليمض في صلاته و ليس عليه شيء» (3).

فهذه الرّواية تدلّ على أنّ القنوت قبل الرّكوع،و رواية بعض أصحابنا،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام (4)،تدلّ على أنّه بعد الرّكوع،و كلاهما حسن.

الثّالث:ليس في قنوت الوتر شيء موظّف

لأنّ الوتر نافلة يقصد به تعظيم الرّبّ تعالى و الاستعطاف،فيجوز بكلّ (5)صنف يتخيّره المصلّي.و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نقل عنه أذكارا مختلفة في القنوت و هو دليل عدم الانحصار.

و من طريق أهل البيت عليهم السّلام ما رواه الشّيخ،عن إسماعيل بن الفضل قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا أقول في وتري؟قال:«ما قضى اللّه على لسانك و قدّره» (6).

و لأنّهم عليهم السّلام اختلفت الرّوايات في أذكارهم،فدلّ على عدم التّوظيف.

مسألة:و في الجمعة قنوتان أحدهما في الأُولى قبل الرّكوع،و الثّاني في الثّانية بعد الرّكوع

على خلاف فيه بين علمائنا و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و القنوت مستحبّ في جميع الصّلوات

فلو أخلّ به عامدا أو ناسيا لم تبطل

ص:224


1- 1الفقيه 1:312 الحديث 1417،الوسائل 4:895 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 1. [1]
2- 2) في النّسخ:يده،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:131 الحديث 507،الوسائل 4:914 الباب 15 من أبواب القنوت الحديث 2. [2]
4- 4) مستدرك الوسائل 1:320 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 1،2. [3]
5- 5) ن،ق و ح:لكلّ.
6- 6) التّهذيب 2:314 الحديث 1281،الوسائل 4:908 الباب 9 من أبواب القنوت الحديث 3. [4]

صلاته.ذهب إليه أكثر علمائنا.

و قال ابن بابويه:القنوت سنّة واجبة من تركها عمدا أعاد،لقوله تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (1). (2)

و روى ذلك ابن أُذينة،عن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت في الجمعة و الوتر و العشاء و العتمة و الغداة،فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له» (3).و به قال ابن أبي عقيل (4).و لا أعلم خلافا في أنّه لو تركه نسيانا لم تبطل صلاته.

لنا:الأصل عدم الوجوب فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقنت تارة و ترك اخرى،و هو دليل على عدم الوجوب.

و ما رواه الشّيخ،عن عبد الملك بن عمر و قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت قبل الرّكوع أو بعده؟قال:«لا قبله و لا بعده» (5).

و في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«قال أبو جعفر عليه السّلام في القنوت إن شئت فاقنت و إن شئت لا تقنت» (6).

و احتجاجهم بالآية ضعيف،لأنّه يتضمّن وجوب الدّعاء قائما،و الأمر المطلق لا يقتضي التّكرار،و لأنّه دلّ على وجوب القيام حال القنوت لا على وجوب القنوت.

و رواية وهب محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

ص:225


1- 1البقرة(2):238. [1]
2- 2) الفقيه 1:207.
3- 3) التّهذيب 2:90 الحديث 335،الاستبصار 1:339 الحديث 1276،الوسائل 4:898 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 2. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:243. [3]
5- 5) التّهذيب 2:91 الحديث 337،الاستبصار 1:339 الحديث 1278،الوسائل 4:902 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:91 الحديث 340،الاستبصار 1:340 الحديث 1281،الوسائل 4:901 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
مسألة:و محلّ القنوت قبل الرّكوع

و عليه علماؤنا،و به قال ابيّ،و ابن مسعود، و أبو موسى،و البراء،و ابن عبّاس،و أنس،و عمر بن عبد العزيز،و عبيدة،و عبد الرّحمن بن أبي ليلى (1)،و مالك (2)،و أبو حنيفة (3).و قال الشّافعيّ:إنّه بعد الرّكوع (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابيّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت قبل الرّكوع (5).

و عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت قبل الرّكوع (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ صلاة في الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (7).

و في حديث سماعة:«و القنوت قبل الرّكوع و بعد القراءة» (8).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كلّ قنوت قبل الرّكوع إلاّ الجمعة،فإنّ الرّكعة الأُولى فيها قبل الرّكوع و الأخيرة بعد الرّكوع» (9).

احتجّ الشّافعيّ (10)بما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قنت بعد

ص:226


1- 1المغني 1:821، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:756. [2]
2- 2) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،حلية العلماء 2:135.
3- 3) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756.
4- 4) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،المجموع 3:494، [3]سنن التّرمذيّ 2:329. [4]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:374 الحديث 1182،المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:757.
6- 6) الشرح الكبير [5]بهامش المغني 1:757.
7- 7) التّهذيب 2:89 الحديث 330،الاستبصار 1:338 الحديث 1271،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 1. [6]
8- 8) التّهذيب 2:89 الحديث 333،الاستبصار 1:339 الحديث 1274،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 3. [7]
9- 9) التّهذيب 2:90 الحديث 334،الاستبصار 1:339 الحديث 1275،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 12. [8]
10- 10) المجموع 3:506.

الرّكوع (1).

و الجواب:أنّه معارض بما قدّمناه من الأحاديث و هي أكثر.

مسألة:لو نسي القنوت حتّى ركع قضاه بعد الرّفع،فإن فاته فلا قضاء عليه

اختاره الشّيخ في المبسوط (2).و قال في النّهاية (3)،و المفيد:لو لم يذكر حتّى ركع في الثّالثة قضاه بعد فراغه من الصّلاة (4).و جعل الشّيخ القضاء بعد الفراغ رواية (5).

احتجّ على ما ذكره في المبسوط بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم و زرارة بن أعين قالا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل ينسى القنوت حتّى يركع؟قال:«يقنت بعد الرّكوع فإن لم يذكر فلا شيء عليه» (6).

و على ما ذكره في النّهاية بما رواه في الموثّق،عن أبي أيّوب الخزّاز (7)عن أبي بصير قال:سمعته يذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الرّجل إذا سها في القنوت:«قنت بعد

ص:227


1- 1صحيح مسلم 1:467 الحديث 675،سنن الدّارميّ 1:374، [1]سنن البيهقيّ 2:207.
2- 2) المبسوط 1:113. [2]
3- 3) النّهاية:89-90. [3]
4- 4) المقنعة:23.
5- 5) المبسوط 1:113. [4]
6- 6) التّهذيب 2:160 الحديث 628،الاستبصار 1:344 الحديث 1295،الوسائل 4:916 الباب 18 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
7- 7) إبراهيم بن عثمان أبو أيّوب الخزّاز الكوفيّ،و ضبط الخزّاز بالخاء و الزّائين بينهما ألف أي بيّاع الخزّ،و احتمل المصنّف كونه خرّاز بالرّاء أوّلا،و الزّاء أخيرا.قال المحقّق المامقانيّ:هذا من الموارد الّتي صدر منهم الخلط بجعل إبراهيم هذا متّحدا مع إبراهيم بن زياد الخزّاز،و جعل اخرى متّحدا مع إبراهيم بن عيسى.و بعد نقل الأقوال قال:أمّا اتّحاد ابن عثمان و ابن عيسى فاحتماله ليس بمستنكر حيث إنّ الشيخ في رجاله عنونه بإبراهيم بن عيسى من أصحاب الصادق عليه السّلام مضيفا إليه قوله:و يقال ابن عثمان.و قال النّجاشيّ:إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الخزّاز، و قيل:إبراهيم بن عثمان. و قال المصنّف في الخلاصة:إبراهيم بن عيسى،و قيل:إبراهيم بن عثمان وثّقه النّجاشيّ و الشيخ و المصنّف. رجال النجاشيّ:20،رجال الطّوسيّ:154،الفهرست:8، [6]رجال العلاّمة:5، [7]تنقيح المقال 1:26.باب إبراهيم. [8]

ما ينصرف و هو جالس» (1).و الأقرب عندي:الأوّل،لكثرة الرّوايات به مع سلامة سندها.و لأنّ الأصل عدم شغل الذّمّة بواجب أو ندب (2).

فرع:

لا خلاف عندنا في استحباب الإتيان بالقنوت بعد الرّكوع مع نسيانه قبله،و أمّا أنّه هل هو قضاء أو أداء ففيه تردّد،يَنشأ،من كون محلّه قبل الرّكوع و قد فات فيتعيّن (3)القضاء،و من كون الأحاديث لم تدلّ على كونه قضاء،مع أنّه قد روى الشّيخ،عن إسماعيل الجعفيّ،و معمّر بن يحيى،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت قبل الرّكوع و إن شئت فبعده» (4).و الرّواية غير سليمة عن الطّعن في السّند،و الأقرب الأوّل.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل ينسى القنوت حتّى يركع أ يقنت؟قال:«لا» (5).

لأنّا نقول:إنّه أراد نفي الإيجاب أو حال التقيّة،ذكرهما الشّيخ (6).

مسألة:و يجوز أن يدعو في قنوته للمسلمين عموما،و لإنسان معين

و أن يسأل ما هو مباح من أُمور الدّنيا

خلافا لأبي حنيفة،و أحمد (7).

ص:228


1- 1التّهذيب 2:160 الحديث 361،الاستبصار 1:345 الحديث 1298،الوسائل 4:915 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]
2- 2) غ:مندوب.
3- 3) ق و ح:فتعيّن.
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 343،الاستبصار 1:341 الحديث 1283،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 2:161 الحديث 633،الاستبصار 1:345 الحديث 1300،الوسائل 4:916 الباب 18 من أبواب القنوت الحديث 4. [3]
6- 6) التّهذيب 2:161،الاستبصار 1:345.
7- 7) لم نعثر على قولها.

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1)،و عليّا عليه السّلام كانا يدعوان في القنوت لأقوام بأعيانهم،و على آخرين معيّنين (2).

و ما رواه الجمهور،عن فضالة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد (3)اللّه و الثّناء عليه،ثمَّ يصلّي عليّ،ثمَّ يدعو بعده بما شاء» (4).

و عن أبي الدّرداء قال:إنّي لأدعو في صلاتي لسبعين أخا من إخواني بأسمائهم و أنسابهم (5).و لم ينكر عليه أحد.

و عن أبي مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ثمَّ ليتخيّر من الدّعاء أعجبه إليه» (6).

و في حديث مسلم:«ثمَّ ليتخيّر بعده من المسألة ما شاء أو ما أحبّ» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تدعو في الوتر على العدوّ و إن شئت سمّيتهم و تستغفر، و ترفع يديك في الوتر حيال وجهك و إن شئت تحت (8)ثوبك» (9).

ص:229


1- 1صحيح مسلم 1:467 باب استحباب القنوت في جميع الصّلاة،سنن ابن ماجه 1:393 باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر،سنن النّسائي 2:200 باب القنوت في صلاة الصبح،سنن أبي داود 2:67 باب القنوت في الصّلوات، سنن الدّارميّ 1:374 باب القنوت بعد الرّكوع،مسند أحمد 2:239،255،271 و 396،سنن البيهقيّ 2:344 باب ما يجوز من الدّعاء في الصّلاة.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:245،كنز العمّال 8:79 الحديث 21976.
3- 3) ق و ح:الحمد.
4- 4) مسند أحمد 6:18، [1]سنن البيهقيّ 2:147.
5- 5) سنن البيهقيّ 2:245.و فيه:«إنّي لأدعو لثلاثين من إخواني و أنا ساجد اسمّيهم بأسمائهم و أسماء آبائهم».
6- 6) صحيح البخاريّ 1:212،سنن أبي داود 1:254 الحديث 968.
7- 7) صحيح مسلم 1:302 الحديث 402.
8- 8) أكثر النّسخ:فتحت.
9- 9) التّهذيب 2:131 الحديث 504،الوسائل 4:912 الباب 12 و 13 الحديث 1. [2]

و روى ابن بابويه،عن معروف بن خرّبوذ (1)،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«ثمَّ ادع اللّه بما أحببت يعني في قنوت الوتر» (2).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام» (3).

فروع:
الأوّل:لا يجوز الدّعاء بالمحرّم

بالإجماع.

الثّاني:ليس في القنوت شيء متعيّن للقول

بل قد وردت أحاديث عن الرّسول و أهل بيته صلّى اللّه عليهم بأدعية مختلفة متغايرة،و ذلك يدلّ على الاكتفاء بأيّ دعاء كان.نعم،المستحبّ ما هو مأثور.

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن القنوت فيه قول معلوم؟فقال:«أثن على ربّك،و صلّ على نبيّك،و استغفر لذنبك» (4).

و عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت

ص:230


1- 1معروف بن خرّبوذ بالخاء المعجمة المفتوحة ثمَّ الرّاء المشدّدة ثمَّ الباء الموحّدة المضمومة ثمَّ الواو ثمَّ الذّال.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب السّجاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام بقوله:معروف بن خرّبوذ القرشيّ مولاهم مكّيّ.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.و قال الكشّيّ:إجماع الصّحابة على تصديق ستّة من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام منهم معروف بن خرّبوذ. رجال الكشّيّ:238،رجال الطّوسيّ:101،135 و 320،رجال العلاّمة:170، [1]تنقيح المقال 1:16 و ج 3: 227. [2]
2- 2) الفقيه 1:311 الحديث 1412.
3- 3) الفقيه 1:312 الحديث 1419،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4.
4- 4) الفقيه 1:207 الحديث 933،الوسائل 4:908 الباب 9 من أبواب القنوت الحديث 4. [3]

في الوتر الاستغفار و في الفريضة الدّعاء» (1).

و عن عبد الرّحمن بن أبي نجران،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يجزئك من القنوت خمس تسبيحات في ترسّل» (2).

و في رواية أبي بكر بن سمّاك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجزئ من القنوت ثلاث تسبيحات» (3).

و في الصّحيح،عن سعد بن أبي خلف (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك في القنوت:اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدّنيا و الآخرة إنّك على كلّ شيء قدير» (5).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام القول في قنوت الفريضة في الأيّام كلّها إلاّ في (6)الجمعة:«اللّهمّ إنّي أسألك لي و لوالديّ و لولدي و أهل بيتي و إخواني فيك اليقين و العفو و المعافاة و الرّحمة و العافية في الدّنيا و الآخرة» (7).

ص:231


1- 1الكافي 3:450 الحديث 32، [1]الفقيه 1:311 الحديث 1414،التّهذيب 2:131 الحديث 503،الوسائل 4: 907 الباب 8 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 2:131 الحديث 505،الوسائل 4:905 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 2:92 الحديث 342،الوسائل 4:905 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 3. [4]
4- 4) سعد بن أبي خلف يعرف ب«الزام»-بالزّاي المعجمة و الألف و الميم بمعنى المتكبّر-مولى بني زهرة بن الكلاب، كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،له كتاب قاله النجاشيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السّلام،و قال في الفهرست:صاحب أبي عبد اللّه عليه السّلام له أصل،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:203،351،الفهرست:76، [5]رجال النجاشيّ:178،رجال العلاّمة،78. [6]
5- 5) الكافي 3:340 الحديث 12، [7]التهذيب 2:87 الحديث 322،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 1. [8]
6- 6) م و ن:يوم.
7- 7) الفقيه 1:209 الحديث 944،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 2. [9]
الثّالث:يجوز الدّعاء بغير العربيّة

خلافا لسعد بن عبد اللّه (1)من قدمائنا (2).و به قال محمّد بن الحسن الصفّار منهم (3)،و ابن بابويه (4).

لنا:أنّه يصدق عليه اسم الدّعاء فيكون داخلا تحت قوله اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (5).

و لقول أبي جعفر الثّاني عليه السّلام قال:«لا بأس أن يتكلّم الرّجل في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي به ربّه عزّ و جلّ» (6).رواه ابن بابويه.

و لقوله عليه السّلام:«كلّما ناجيت به ربّك فليس بكلام» (7).أي بكلام (8)مبطل.

و لقول الصّادق عليه السّلام:«كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (9).رواه ابن بابويه.

و النّهي هنا غير موجود،و لا نعرف حجّة لسعد في ذلك.

ص:232


1- 1سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعريّ القمّيّ قال الشيخ في رجاله في باب أصحاب العسكريّ عليه السّلام: سعد بن عبد اللّه القمّيّ عاصره يعني العسكريّ عليه السّلام و لم أعلم أنّه روى عنه،و قال في باب من لم يرو عنهم عليهم السّلام:جليل القدر صاحب تصانيف،و قال في الفهرست:جليل القدر واسع الأخبار كثير التصانيف ثقة، و قال النجاشيّ:شيخ هذه الطائفة و وجهها،و قال المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:لقي مولانا أبا محمّد العسكريّ عليه السّلام،توفّي سنة 299 و [1]قيل 301 ه. رجال الطّوسيّ:431،475،الفهرست:75، [2]رجال النجاشيّ:177،رجال العلاّمة:78. [3]
2- 2) غ:فقهائنا.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:240. [4]
4- 4) الفقيه 1:208.
5- 5) غافر(40):60. [5]
6- 6) الفقيه 1:208 الحديث 936،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 2. [6]
7- 7) الفقيه 1:208 الحديث 939 و ص 312 الحديث 1419،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4،و [7]فيها:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام».
8- 8) م:كلام.
9- 9) الفقيه 1:208 الحديث 937،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 3. [8]
مسألة:و يستحبّ فيه الجهر مطلقا

و قال علم الهدى:يجهر في الجهريّة و يخافت في الإخفاتيّة و قد روي الجهر به على كلّ حال (1).و قال الشّافعيّ:يخافت به مطلقا (2).

لنا:أنّه تقديس اللّه تعالى و تعظيم و استغفار و سؤال فواضله فيحسن فيه الإجهار.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«القنوت كلّه جهار» (3).

احتجّ الشّافعيّ بأنّه مسنون فأشبه التشهّد الأوّل (4).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل و المطالبة بالجامع.

و يستحبّ فيه التطويل.روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أطولكم قنوتا في دار الدّنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف» (5).

و يستحبّ فيه رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين،لما رواه ابن بابويه،عن أبي حمزة الثّماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام في الحديث الّذي وصف فيه قنوته عليه السّلام (6).

و روى محمّد بن سليمان قال:كتبت إلى الفقيه أسأله عن القنوت،فقال:«إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين» (7).و هو يدلّ بالمفهوم على الرّفع مع عدم الضّرورة.

ص:233


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:243. [1]
2- 2) المجموع 3:501،فتح العزيز بهامش المجموع 3:441-443.
3- 3) الفقيه 1:209 الحديث 944،الوسائل 4:918 الباب 21 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
4- 4) المجموع 3:501، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 3:441-443.
5- 5) الفقيه 1:308 الحديث 1406،الوسائل 4:919 الباب 22 من أبواب القنوت الحديث 1. [4]
6- 6) الفقيه 1:311 الحديث 1413،المستدرك 1:321 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 6. [5]
7- 7) التهذيب 2:315 الحديث 1286،الوسائل 4:912 الباب 12 من أبواب القنوت الحديث 3.و [6]فيهما:عن عليّ بن محمّد بن سليمان.

و روى عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تدعو في الوتر على العدوّ،و إن شئت سمّيتهم و تستغفر،و ترفع يديك حيال وجهك،و إن شئت تحت ثوبك» (1).

و يستحبّ أن يتلقّى بباطنهما السّماء و يجوز العكس.

مسألة:و يستحبّ أن يرفع يديه بالتّكبير

ذهب إليه الشّيخ (2).و قال المفيد:

لا يكبّر (3).و قد سلف (4)ما يدلّ عليه (5)،و هل يستحبّ له أن يمسح وجهه بيديه عند الفراغ من الدّعاء؟قيل:نعم (6)،و لم يثبت.

البحث الثّالث:في شغل النّظر و الكفّين
مسألة:و يستحبّ له أن ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده

لئلاّ يشتغل نظره فيشتغل قلبه.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه

ص:234


1- 1الفقيه 1:309 الحديث 1410،التّهذيب 2:131 الحديث 504،الوسائل 4:911 [1] الباب 12 من أبواب القنوت الحديث 1،و ص 912 الباب 13 الحديث 1.
2- 2) المبسوط 1:113، [2]النهاية:89. [3]
3- 3) نسب إليه القول برفع اليدين إلى القنوت بغير تكبير كلّ من تعرّض لهذا الحكم حتّى الشّيخ في التهذيب 2:87 قال:«إنّ الشيخ رحمه اللّه ذكر في الكتاب أنّه يرفع يديه للقنوت بغير تكبير».و الموجود في المقنعة:16 رفع يديه بالتكبير،و من المظنون أن يكون ذلك بالسّماع منه،و يؤيّد ذلك ما في الاستبصار 1:337 فإنّه قال بعد ذكر الأخبار الدّالّة على استحباب التكبير:«و بها كان يفتي شيخنا المفيد ثمَّ عنّ له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير».
4- 4) غ:سبق.
5- 5) سلف في ص 196.
6- 6) شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:362.

الصّلاة:«و ليكن نظرك إلى موضع سجودك» (1).

و ما رواه غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«لا تجاوز بطرفك في الصّلاة موضع سجودك» (2).و لأنّه أبلغ في الاستكانة و الخضوع فكان فعله مشروعا.

مسألة:و لينظر في حال ركوعه إلى ما بين رجليه استحبابا

(3)قاله الشّيخان (4)، و علم الهدى (5).

و قال الشّيخ أيضا:و غمّض عينيك فإن لم تفعل فليكن نظرك إلى ما بين رجليك (6).

و يدلّ على الأوّل:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و ليكن نظرك إلى ما بين قدميك» (7).و ما رواه مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يغمّض الرّجل عينيه في الصّلاة (8).

و يدلّ على الثّاني:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ ركع و سوّى ظهره،و مدّ عنقه،و غمّض عينيه (9).و الكلّ عندي جائز.و رواية مسمع لا ينافي هذا؛لأنّ النّهي جاز أن يتناول غير حالة الرّكوع.

مسألة:و ينظر في حال قنوته إلى باطن كفّيه استحبابا

لأنّ النّظر إلى السّماء حينئذ

ص:235


1- 1التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:326 الحديث 1334،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 2. [2]
3- 3) غ،م،ن و ق:مستحبّا.
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:16،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:101،و [3]النهاية:71،و [4]الجمل و العقود:71.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:245-246. [5]
6- 6) النهاية:71. [6]
7- 7) التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [7]
8- 8) التهذيب 2:314 الحديث 1280،الوسائل 4:1252 الباب 6 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [8]
9- 9) التهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [9]

مكروه،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«اجمع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء» (1).و التّغميض مكروه،لرواية مسمع (2)فتعيّن شغلها بالنّظر إلى باطن الكفّين.

مسألة:و ينظر في سجوده إلى طرف أنفه،و في حال قعوده إلى حجره

لئلاّ يشتغل قلبه عن عبادة اللّه تعالى.

مسألة:و يستحبّ له وضع يديه في حال قيامه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه قد ضمّ أصابعهما

ذكره علماؤنا،و التّعويل على النّقل المشهور عن أهل البيت عليهم السّلام.

روى الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:فقام أبو عبد اللّه عليه السّلام مستقبل القبلة منتصبا،فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا قمت في الصّلاة فلا تلصق قدمك بالأُخرى،دع بينهما فصلا إصبعا أقلّ (4)ذلك إلى شبر أكثره،و أسدل منكبيك و أرسل يديك و لا تشبّك أصابعك،و ليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك» (5).

و يستحبّ وضعهما في حال ركوعه على عيني ركبتيه،و في سجوده حيال وجهه، و في جلوسه على فخذيه،و مستند ذلك كلّه النّقل عن أهل البيت عليهم السّلام (6).

ص:236


1- 1التهذيب 2:199 الحديث 782،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3.و [1]فيهما:اخشع بصرك،و بهذا اللفظ ينظر:المعتبر 2:246، [2]الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3. [3]
2- 2) تقدّمت في ص 235. [4]
3- 3) التهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:674 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [5]
4- 4) ح بزيادة:من.
5- 5) التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [6]
6- 6) الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة.
البحث الرّابع:في التّعقيب
مسألة:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على استحباب التّعقيب عقيب الصّلوات

روى الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا تشهّد أحدكم فليتعوّذ من أربع:من عذاب النّار،و عذاب القبر،و فتنة المحيا و الممات،و فتنة المسيح الدّجّال ثمَّ يدعو لنفسه بما بدا له» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن منصور بن يونس (2)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من صلّى صلاة فريضة و عقّب إلى أُخرى فهو ضيف اللّه، و حقّ على اللّه أن يكرم ضيفه» (3).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«الدّعاء بعد الفريضة أفضل من الصّلاة تنفّلا» (4).

مسألة:و ليس فيه شيء موظّف،بل يجوز الدّعاء بمهما أراد من أُمور الدّين

(5)

ص:237


1- 1سنن النّسائيّ 3:58،كنز العمّال 7:476 الحديث 19861.
2- 2) منصور بن يونس بُزُرج-بضمّ الباء المنقّطة تحتها نقطة و ضمّ الزّاء و إسكان الرّاء و الجيم-القرشيّ أبو يحيى، و قيل:أبو سعيد،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:روى عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،و اخرى من أصحاب الكاظم عليه السّلام و قال:له كتاب،واقفيّ.و قال في الفهرست:له كتاب من دون تعرّض لوقفه،و قال النجاشيّ:كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال بعد نقل قول الشيخ بالوقف و قول النجاشيّ بالوثوق:و الوجه عندي التوقّف فيما يرويه. رجال الكشّيّ:468،رجال الطوسيّ:313،360،الفهرست:164، [1]رجال النجاشيّ:413،رجال العلاّمة: 258، [2]تنقيح المقال 3:250. [3]
3- 3) التهذيب 2:103 الحديث 388،الوسائل 4:1014 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 2:103 الحديث 389،الوسائل 4:1020 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 2. [5]
5- 5) هامش ح:بكلّ ما أراد من أُمور.

و الدّنيا ممّا ليس بمحرّم لكن ما ورد به الأثر (1)أفضل.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال أبو حنيفة:يقتصر على ألفاظ القرآن و ما ورد من المأثور (2).

لنا:رواية أبي هريرة:«ثمَّ يدعو لنفسه بما بدا له».

و عن أنس قال:جاءت أُمّ سليم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه علّمني دعاء أدعو به في صلاتي،فقال:«احمدي اللّه عشرا،و سبّحي اللّه عشرا،ثمَّ سلي ما شئت» (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الرّوايات الدّالّة على الإذن في الدّعاء مطلقا (4).

و عن الوليد بن صبيح (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التّعقيب أبلغ في طلب الرّزق من الضّرب في البلاد» (6).يعني بالتّعقيب الدّعاء بعقب (7)الصّلاة (8).

مسألة:و أفضل ما يقال:ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام،و هو أنّه إذا سلّم كبّر ثلاثا

يرفع يديه إلى شحمتي أُذنيه بها قبل أن يثنّي رجليه ثمَّ يقول:ما رواه الشيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قل بعد التّسليم:اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد،يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت،بيده الخير

ص:238


1- 1ق و ح:الأمر.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:52،شرح فتح القدير 1:277.
3- 3) سنن النّسائيّ 3:51،المغني 1:621.
4- 4) تقدّم في ص 229 و ما بعدها.
5- 5) الوليد بن صبيح الأسديّ مولاهم الكوفيّ أبو العبّاس،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و روى الكشّيّ أنّ الإمام الصادق عليه السّلام ترحّم عليه،وثّقه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الكشّيّ:319، [1]رجال الطوسيّ:326،رجال النجاشيّ:431،رجال العلاّمة:177.
6- 6) التهذيب 2:104 الحديث 391،الوسائل 4:1013 الباب 1 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [2]
7- 7) غ:بعقيب،م و ق:يعقب.
8- 8) ن و غ:الصلوات.

و هو على كلّ شيء قدير،لا إله إلاّ اللّه وحده،صدق وعده،و نصر عبده،و هزم الأحزاب وحده،اللّهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك،إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (1).

و عن سلام المكّيّ (2)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أتى رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقال له:شيبة الهذيل،فقال:يا رسول اللّه إنّي شيخ قد كبر سنّي و ضعفت قوّتي عن عمل كنت قد عوّدته نفسي من صلاة و صيام و حجّ و جهاد،فعلّمني يا رسول اللّه كلاما ينفعني اللّه به و خفّف عليّ يا رسول اللّه،فقال:أعد فأعاد ثلاث مرّات،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما حولك شجرة و لا مدرة إلاّ و قد بكت من رحمتك،فإذا صلّيت الصّبح فقل عشر مرّات:سبحان اللّه العظيم و بحمده،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم،فإنّ اللّه يعافيك بذلك من العمى،و الجنون،و الجذام،و الفقر،و الهرم فقال:

يا رسول اللّه هذا للدّنيا فما للآخرة؟فقال:تقول في دبر كلّ صلاة:اللّهمّ اهدني من عندك، و أفض عليّ من فضلك،و انشر عليّ من رحمتك،و أنزل عليّ من بركاتك.قال:فقبض عليهنّ بيده ثمَّ مضى» (3).

و في الموثّق،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لأصحابه ذات يوم:أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثّياب و الآنية، ثمَّ وضعتم بعضه على بعض أ ترونه يبلغ السّماء؟قالوا:لا،يا رسول اللّه،فقال:يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،ثلاثين مرّة، و هنّ يدفعن الهدم و الغرق و الحرق و التردّي في البئر و أكل السّبع و ميتة السّوء و البليّة

ص:239


1- 1التهذيب 2:106 الحديث 402،الوسائل 4:1045 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 9. [1]
2- 2) سلام بن سعيد المخزوميّ المكّيّ مولى عطاء،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه بمدح و لا قدح. رجال الطوسيّ:210،تنقيح المقال 2:43. [2]
3- 3) التهذيب 2:106 الحديث 404،الوسائل 4:1046 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 10. [3]

الّتي نزلت على العبد في ذلك اليوم» (1).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أقلّ ما يجزئك من الدّعاء بعد الفريضة أن تقول:اللّهمّ إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك،و أعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك،اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في أُموري كلّها،و أعوذ بك من خزي الدّنيا و عذاب الآخرة» (2).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تنسوا الموجبتين» أو قال:«عليكم بالموجبتين في دبر كلّ صلاة»قلت:و ما الموجبتان؟قال:«تسأل اللّه الجنّة و تعوّذ باللّه من النّار» (3).

و عن محمّد الواسطيّ (4)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا تدع في دبر كلّ صلاة:أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي باللّه الواحد الصّمد حتّى تختمها،و أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ الفلق حتّى تختمها،و أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ النّاس حتّى تختمها» (5).

و روي،عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أنّه قال:«من أحبّ أن يخرج من الدّنيا و قد تخلّص من الذّنوب كما يتخلّص الذّهب الّذي لا كدر فيه و لا يطلبه أحد بمظلمة، فليقل في دبر كلّ صلاة (6)نسبة الربّ تبارك و تعالى اثنتي عشرة مرّة،ثمَّ يبسط يديه فيقول:اللّهمّ إنّي أسألك باسمك المكنون المخزون الطّاهر الطّهر المبارك،و أسألك باسمك

ص:240


1- 1التهذيب 2:107 الحديث 406،الوسائل 4:1031 الباب 15 من أبواب التعقيب الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:107 الحديث 407،الوسائل 4:1043 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:108 الحديث 408،الوسائل 4:1039 الباب 22 من أبواب التعقيب الحديث 1. [3]
4- 4) محمّد الواسطيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:روى عنه أبان،و قال المحقّق المامقانيّ:ظاهر كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:305،تنقيح المقال 3:196. [4]
5- 5) التهذيب 2:108 الحديث 409،الوسائل 4:1043 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 3. [5]
6- 6) ح:الصلوات الخمس، [6]مكان:كلّ صلاة.كما في الوسائل. [7]

العظيم و سلطانك القديم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،يا واهب العطايا،يا مطلق الأُسارى،يا فكّاك الرّقاب من النّار،أسألك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تعتق رقبتي من النّار،و تخرجني من الدّنيا آمنا،و تدخلني الجنّة سالما،و أن تجعل دعائي أوّله فلاحا،و أوسطه نجاحا،و آخره صلاحا إنّك أنت علاّم الغيوب».ثمَّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«هذا من المخبيات (1)ممّا علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أمرني أن أُعلّمه الحسن و الحسين عليهما السّلام» (2).

و عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:جعلت فداك إنّ شيعتك تقول:إنّ الإيمان مستقرّ و مستودع فعلّمني شيئا إذا قلته استكملت الإيمان،قال:«قل في دبر كلّ صلاة فريضة:رضيت باللّه ربّا،و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيّا،و بالإسلام دينا،و بالقرآن كتابا،و بالكعبة قبلة،و بعليّ عليه السّلام وليّا و إماما، و بالحسن و الحسين و الأئمّة صلوات اللّه عليهم،اللّهمّ إنّي رضيت بهم أئمّة فارضني لهم إنّك على كلّ شيء قدير» (3).

مسألة:و أفضل الأذكار كلّها تسبيح الزّهراء عليها السّلام

و قد أجمع أهل العلم كافّة على استحبابه.

روى الجمهور،عن أبي هريرة قال:جاء الفقراء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:ذهب أهل الدّثور من الأموال بالدّرجات العلى و النعيم المقيم،يصلّون كما نصلّي، و يصومون كما نصوم،و لهم فضول أموال يحجّون بها و يعتمرون و يتصدّقون،فقال:

«ألا أُحدّثكم بحديث إن أخذتم به أدركتم من سبقكم و لم يدرككم أحد بعدكم،و كنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلاّ من عمل مثله،تسبّحون و تحمدون و تكبّرون خلف كلّ صلاة

ص:241


1- 1ح:المنجيات.
2- 2) التهذيب 2:108 الحديث 410،الوسائل 4:1055 الباب 29 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:109 الحديث 412،الوسائل 4:1038 الباب 20 من أبواب التعقيب الحديث 1. [2]

ثلاثا و ثلاثين» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام قبل أن يثنّي رجليه من صلاة الفريضة غفر له و يبدأ بالتّكبير» (2).

و عن ابن أبي نجران،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من سبّح اللّه في دبر الفريضة تسبيح فاطمة عليها السّلام المائة،و أتبعها بلا إله إلاّ اللّه غفر له» (3).

و عن أبي هارون المكفوف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يا أبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السّلام كما نأمرهم بالصّلاة،فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي (4)» (5).

و عن صالح بن عقبة (6)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«ما عُبد اللّه بشيء من التّحميد أفضل من تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام،و لو كان شيء أفضل منه لنحله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة الزّهراء عليها السّلام» (7).و إنّما نسب إليها؛لأنّها سبب في تشريعه.

ص:242


1- 1صحيح البخاريّ 1:213،صحيح مسلم 1:416 الحديث 595 بتفاوت يسير في الألفاظ.
2- 2) التهذيب 2:105 الحديث 395،الوسائل 4:1021 الباب 7 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:105 الحديث 396،الوسائل 4:1021 الباب 8 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
4- 4) ح و ق:فيشقى.
5- 5) التهذيب 2:105 الحديث 397،الوسائل 4:1022 الباب 8 من أبواب التعقيب الحديث 2. [3]
6- 6) صالح بن عقبة عدّه الشيخ تارة بهذا العنوان من أصحاب الباقر عليه السّلام،و اخرى من أصحاب الكاظم عليه السّلام مضيفا إلى ما في العنوان:من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قال المحقّق الأردبيليّ:إنّه غير خارج عن صالح بن عقبة بن خالد الأسديّ و صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان،و قال المحقّق المامقانيّ:حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:126،352،جامع الرّواة 1:407، [4]تنقيح المقال 2:93. [5]
7- 7) التهذيب 2:105 الحديث 398،الوسائل 4:1024 الباب 9 من أبواب التعقيب الحديث 1. [6]

روى ابن بابويه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام (1)أنّه قال لرجل من بني سعد:

«إلا أُحدّثكم (2)عنّي و عن فاطمة عليها السّلام أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها،و طحنت بالرّحى حتّى مَجَلَت يداها،و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، و أوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها،فأصابها من ذلك ضرر شديد،فقلت لها:لو أتيت أباك فسألته (3)خادما يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل،فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوجدت عنده حُدّاثا فاستحيت فانصرفت،فعلم عليه السّلام أنّها جاءت لحاجة، فغدا علينا و نحن في لحافنا،فقال:السّلام عليكم،فسكتنا و استحيينا لمكاننا،ثمَّ قال:

السّلام عليكم،فسكتنا،ثمَّ قال:السّلام عليكم،فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف (4)، و قد كان يفعل ذلك يسلّم ثلاثا فإن أذن له و إلاّ انصرف،فقلت:و عليك السّلام يا رسول اللّه ادخل فدخل و جلس عند رؤوسنا فقال:يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد؟فخشيت إن لم نجبه أن يقوم،فأخرجت رأسي فقلت:أنا و اللّه أُخبرك يا رسول اللّه،إنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها،و جرّت الرّحى حتّى مَجَلَت يداها، و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها،و أوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها،فقلت لها:لو أتيت أباك فسألته (5)خادما يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل،قال:أ فلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعا و ثلاثين تكبيرة،و سبّحا ثلاثا و ثلاثين،و احمدا ثلاثا و ثلاثين،فأخرجت فاطمة عليها السّلام رأسها،فقالت:رضيت عن اللّه و عن رسوله،رضيت عن اللّه و عن رسوله» (6).

ص:243


1- 1ق و ح:صلوات اللّه عليه.
2- 2) في المصدر:أُحدّثك.
3- 3) ن،غ و م فسألتيه،كما في المصدر.
4- 4) ق و ح:انصرف.
5- 5) غ:فسألتيه،كما في المصدر.
6- 6) الفقيه 1:211 الحديث 947،الوسائل 4:1026 الباب 11 من أبواب التعقيب الحديث 2. [1]
مسألة:و تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام:التّكبير أربعا و ثلاثين،و التّحميد ثلاثا و ثلاثين،و التّسبيح ثلاثا و ثلاثين

على هذا التّرتيب في الأشهر.

روى الشّيخ،عن محمّد بن عذافر قال:دخلت مع أبي على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فسأله أبي عن تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام؟فقال:«اللّه أكبر»حتّى أحصى أربعا و ثلاثين مرّة،ثمَّ قال:«الحمد للّه»حتّى بلغ سبعا و ستّين،ثمَّ قال:«سبحان اللّه»حتّى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يبدأ بالتّكبير أربعا و ثلاثين،ثمَّ التّحميد ثلاثا و ثلاثين،ثمَّ التّسبيح ثلاثا و ثلاثين» (2).

قال ابن بابويه:فإذا فرغ من تسبيح فاطمة عليها السّلام،قال:اللّهمّ أنت السّلام و منك السّلام و لك السّلام و إليك يعود السّلام سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، و سلام على المرسلين،و الحمد للّه ربّ العالمين،السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام على الأئمّة الهادين المهديّين،السّلام على جميع أنبياء اللّه و رسله و ملائكته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،ثمَّ تسلّم على الأئمّة عليهم السّلام واحدا واحدا و تدعو بما بدا لك (3).

مسألة:و يستحبّ السّجود للشّكر عقيب الفرائض و عند تجدّد النّعم و دفع النّقم

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن

ص:244


1- 1التهذيب 2:105 الحديث 400،الوسائل 4:1024 الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:106 الحديث 401،الوسائل 4:1025 الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:212.
4- 4) الاُمّ 1:134،المغني 1:690،المهذّب للشيرازيّ 1:86،المجموع 4:70،فتح الوهّاب:56،مغني المحتاج 1: 218،فتح العزيز بهامش المجموع 4:203،نيل الأوطار 3:129.
5- 5) المغني 1:690،المجموع 4:70،نيل الأوطار 3:129.

المنذر (1).و قال النّخعيّ (2)،و مالك،و أبو حنيفة:يكره (3).

لنا:قوله تعالى وَ مِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَ النَّهارُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ (4).ثمَّ أوجب السّجود عقيب هذه النّعم،فيكون مشروعا عند تجدّد كلّ نعمة.

و ما رواه الجمهور،عن أبي بكرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أتاه أمر يسرّ به خرّ ساجدا (5).رواه ابن المنذر.و عن عليّ عليه السّلام أنّه سجد حين وجد ذا الثُّدَيَّة (6). (7)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن مرازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سجدة الشّكر واجبة على كلّ مسلم تتمّ بها صلاتك،و ترضي بها ربّك، و تعجب الملائكة منك،و إنّ العبد إذا صلّى ثمَّ سجد سجدة الشّكر فتح الرّبّ تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة فيقول:يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى فرضي و أتمّ عهدي،ثمَّ

ص:245


1- 1المغني 1:690،المجموع 4:70.
2- 2) المغني 1:690، [1]المجموع 4:70.
3- 3) المغني 1:690، [2]حلية العلماء 2:150،المجموع 4:70، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:203، [4]نيل الأوطار 3: 129.
4- 4) فصّلت(41):37. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:446 الحديث 1394،سنن أبي داود 3:89 الحديث 2774، [6]سنن الترمذيّ 4:141 الحديث 1578، [7]سنن الدار قطنيّ 1:410 الحديث 3،سنن البيهقيّ 2:370.
6- 6) حُرقوص بن زهير السعديّ،الملقّب بذي الخويصرة التميميّ،و هو الصحابيّ الذي بال في مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال للنبيّ:أعد،و خاصم الزّبير فأمر النّبيّ باستيفاء حقّه منه،و أمره عمر في عهده بقتال الهرمزان،ففتح حُرقوص سوق الأهواز و نزل بها،ثمَّ شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام و بعد الحكمين صار من أشدّ الخوارج على عليّ عليه السّلام،فقتل فيمن قتل بالنهروان. و ذكر بعض من جمع المعجزات أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يدخل النّار أحد شهد الحديبية إلاّ واحد فكان هو حرقوص بن زهير». الإصابة 1:320،484 و 485، [8]الذريعة 10:193، [9]الأعلام للزركلي 2:173. [10]
7- 7) مسند أحمد 1:107-108، [11]سنن البيهقيّ 2:371،نيل الأوطار 3:129،المغني 1:690.

سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه،ملائكتي ما ذا له (1)؟فتقول الملائكة:يا ربّنا رحمتك،ثمَّ يقول الرّبّ تعالى:ثمَّ ما ذا له؟فتقول الملائكة:يا ربّنا جنّتك،فيقول الرّبّ تعالى:ثمَّ ما ذا؟فتقول الملائكة:ربّنا كفاية مهمّة،فيقول الربّ ثمَّ ما ذا؟فلا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة،فيقول اللّه تعالى:يا ملائكتي ثمَّ ما ذا؟فتقول الملائكة:يا ربّنا لا علم لنا،فيقول اللّه تعالى:لأشكرنّه كما شكرني و اقبل إليه بفضلي و أُريه رحمتي» (2).

احتجّوا بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان في أيّامه الفتوح،و استسقى فسقي و لم يسجد شكرا (3).

و الجواب:المنع من ترك السّجود لما بيّنّاه في خبر أبي بكرة.

و ما رواه عبد الرّحمن بن عوف قال:سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأطال، فسألناه قال:«أتاني جبرئيل عليه السّلام فقال:من صلّى عليك مرّة صلّى اللّه عليه عشرا فخررت شكرا للّه» (4).

فروع:
الأوّل:يستحبّ السّجدة عند الفراغ من الفرائض

لرواية مرازم؛لأنّها مظنّة التّعبّد و موضع الخضوع و الشّكر على التّوفيق لأداء العبادة،و عند تجدّد النّعم و دفع النقم،لأنّ شكر المنعم واجب عقلا،و أبلغ أنواعه السّجود على ما روي أنّ منتهى العبادة من ابن آدم للّه تعالى السّجود (5).و أنّ أقرب ما يكون العبد إلى اللّه عزّ و جلّ إذا كان في سجوده،

ص:246


1- 1هامش ح بزيادة:عندي.
2- 2) التهذيب 2:110 الحديث 415،الوسائل 4:1071 الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 5. [1]
3- 3) المغني 1:690،المجموع 4:70.
4- 4) مسند أحمد 1:191، [2]سنن البيهقيّ 2:371.بتفاوت يسير.
5- 5) دعوات الراونديّ:33 الحديث 70.

لقوله:

وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (1). (2)

الثّاني:هذا السّجود عند القائلين به أجمع للاستحباب

و رواية مرازم تدلّ على تأكّد (3)الاستحباب.

الثالث:يستحبّ التعفير في السّجود للشكر

(4)و هو أن يضع خدّه الأيمن على الأرض عقيب السّجود،ثمَّ خدّه الأيسر.ذهب إليه علماؤنا أجمع و لم يعتبره الجمهور.

لنا:أنّه موضع استكانة و تذلّل،و ما ذكرناه أبلغ فيه فيكون مطلوبا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن إسحاق بن عمّار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان موسى بن عمران عليه السّلام إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض و خدّه الأيسر بالأرض» (5).

و قال إسحاق بن عمّار بن موسى السّاباطيّ:رأيت من آبائي من يصنع (6)ذلك.قال محمّد بن سنان:يعني موسى (7)في الحجر في جوف اللّيل (8).

ص:247


1- 1العلق(96):19.
2- 2) الكافي 3:323 الحديث 7 و ص 324 الحديث 11، [1]الوسائل 4:979 الباب 23 من أبواب السجود الحديث 5 و [2]ص 980 الحديث 9.
3- 3) ق و ح:تأكيد.
4- 4) م:الشكر.
5- 5) التهذيب 2:109 الحديث 414،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 2. [3]
6- 6) ح:يفعل.
7- 7) في جميع النّسخ بزيادة:بن جعفر عليه السّلام.و لعلّه من اشتباه النّسّاخ.و المراد من موسى هاهنا هو موسى الساباطيّ جدّ إسحاق بن عمّار.
8- 8) التهذيب 2:110 الحديث 414،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 3. [4]

و روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن جندب (1)في الحسن،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام أنّه أمره بذلك (2).

و روى ابن بابويه،عن الباقر عليه السّلام قال:«أوحى اللّه تعالى إلى موسى بن عمران عليه السّلام (3):أ تدري لِمَ اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟قال موسى عليه السّلام:

لا يا ربّ،قال:يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك،يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التّراب» (4).

الرّابع:أولى ما يقال في سجدة الشّكر:

ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام، و قد اختلفت الأدعية المأثورة عنهم عليهم السّلام،و ذلك يدلّ على عدم التعيين.

روى الشّيخ في الحسن،عن عبد اللّه بن جندب قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عمّا أقول في سجدة الشّكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟فقال:«قل و أنت ساجد:اللّهمّ إنّي أُشهدك و اشهد ملائكتك و أنبيائك و رسلك و جميع خلقك أنّك أنت اللّه ربي،و الإسلام ديني،و محمّد نبيّي،و عليّ و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ الجواد و عليّ بن محمّد و الحسن بن عليّ و الخلف الحجّة بن الحسن بن عليّ أئمتي،بهم أتولّى و من أعدائهم أتبرّأُ،اللّهمّ إنّي أنشدك دم المظلوم-ثلاثا-اللّهمّ إنّي أنشدك بإيوائك على نفسك

ص:248


1- 1عبد اللّه بن جُندَب البجليّ الكوفيّ عربيّ و كان أعور.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم و الرّضا عليهم السّلام و قال:ثقة.و أهمله في الفهرست و رجال النجاشيّ؛لأنّهما لم يذكرا إلاّ من له أصل أو كتاب،و هذا ليس له أصل و لا كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة.و روى الكشّيّ ما يدلّ على جلالة قدره،و أنّه من المخبتين. رجال الكشّيّ:585 و 586،رجال الطّوسيّ 226،355 و 379،رجال العلاّمة:105. [1]
2- 2) التهذيب 2:110 الحديث 416،الوسائل 4:1078 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [2]
3- 3) غ:على نبيّنا و عليه الصّلاة و السّلام.
4- 4) الفقيه 1:219 الحديث 974،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [3]

لأعدائك لتهلكنّهم بأيدينا و أيدي المؤمنين،اللّهمّ إنّي أنشدك[بإيوائك لنفسك] (1)لأوليائك لتظفرنّهم بعدوّك و عدوّهم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و على المستحفظين من آل محمّد-ثلاثا-اللّهمّ إنّي أسألك اليسر بعد العسر-ثلاثا-ثمَّ ضع (2)خدّك الأيمن بالأرض (3)و قُل (4):يا كهفي حين تعييني المذاهب و تضيق عليّ الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي و قد كنت (5)عن خلقي غنيّا،صلّ على محمّد و آل محمّد و على المستحفظين من آل محمّد (6)ثمَّ تضع خدّك الأيسر و تقول:يا مذلّ كلّ جبّار،و يا معزّ كلّ ذليل،قد و عزّتك بلغ بي مجهودي،فرّج عنّي (7)-ثلاثا-ثمَّ تقول:يا حنّان يا منّان يا كاشف الكرب العظام-ثلاثا-ثمَّ تعود إلى السّجود فتقول مائة مرّة:شكرا شكرا،ثمَّ تسأل اللّه حاجتك إن شاء اللّه» (8).

و عن محمّد بن سليمان،عن أبيه قال:خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام إلى بعض أمواله،فقام إلى صلاة الظّهر،فلمّا فرغ خرّ للّه ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين و تغرغر دموعه:«ربّ عصيتك بلساني و لو شئت و عزّتك لأخرستني،و عصيتك ببصري و لو شئت و عزّتك لأكمهتني،و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزّتك لأصممتني، و عصيتك بيدي و لو شئت و عزّتك لكنعتني،و عصيتك برجلي و لو شئت و عزّتك لجذمتني،و عصيتك بفرجي و لو شئت و عزّتك لعقمتني،و عصيتك بجميع جوارحي الّتي أنعمت بها عليّ و ليس هذا جزاؤك منّي».قال:ثمَّ أحصيت له ألف مرّة و هو يقول:

ص:249


1- 1ما بين المعقوفين أثبتناه من الوسائل. [1]
2- 2) ح:تضع.
3- 3) ح:على الأرض،كما في الوسائل. [2]
4- 4) ح:تقول.
5- 5) غ،م،ن و ق:كان.
6- 6) هامش ح بزيادة:ثلاثا،كما في الوسائل. [3]
7- 7) جملة:فرّج عنّي،ليست في أكثر النّسخ.
8- 8) التهذيب 2:110 الحديث 416،الوسائل 4:1078 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [4]

«العفو العفو»قال:ثمَّ ألصق خدّه الأيمن بالأرض فسمعته و هو يقول بصوت حزين:

«بؤت إليك بذنبي،عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذّنوب غيرك يا مولاي»-ثلاث مرّات-ثمَّ ألصق خدّه الأيسر بالأرض فسمعته و هو يقول:«ارحم من أساء و اقترف و استكان و اعترف»-ثلاث مرّات-ثمَّ رفع رأسه (1).

الخامس:قال الشّيخ في الخلاف:و ليس في سجدة الشّكر تكبير الافتتاح و لا

تكبير السّجود و لا تسليم

(2)و قال في المبسوط:يستحبّ التكبير لرفع الرّأس من السّجود (3).و لعلّه شبّهه بسجود التّلاوة.و قال الشّافعيّ:أنّها كسجود التّلاوة (4).

لنا:أنّ السّجود اسم لوضع الجبهة فيتحقّق معه الامتثال و ما زاد خارج عن المسمّى يفتقر إثباته إلى دليل.

السّادس:يستحبّ أن يكون لاطئا بالأرض في سجوده حتّى يلصق ذراعيه

و صدره بالأرض

لما رواه الشّيخ في الحسن،عن جعفر بن عليّ (5)قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام و قد سجد بعد الصّلاة فبسط ذراعيه على الأرض و ألصق جؤجؤه بالأرض (6).في بيانه قال صاحب الصّحاح:جؤجؤ السّفينة و الطّائر:صدرهما (7).

ص:250


1- 1التهذيب 2:111 الحديث 418،الوسائل 4:1079 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 5. [1]
2- 2) الخلاف 1:158 مسألة-184.
3- 3) المبسوط 1:114.
4- 4) المجموع 4:68،فتح العزيز بهامش المجموع 4:205-206،مغني المحتاج 1:218-219،المهذّب للشيرازيّ 1:86،السراج الوهّاج:63.
5- 5) جعفر بن عليّ روى عن أبي الحسن،و روى عنه ابن أبي عمير.و نقل الشيخ في الفهرست في ترجمة حنظلة الكاتب رواية يحيى بن إسماعيل عنه. قال المحقّق الخوئيّ:لا يبعد أن يكون هذا هو جعفر بن عبد اللّه الثّاني جدّ جعفر بن عبد اللّه رأس المدري،و نسب إلى جدّه عليّ عليه السّلام و إلاّ فهو مجهول. الفهرست:65، [2]جامع الرواة 1:154، [3]معجم رجال الحديث 4:82. [4]
6- 6) التهذيب 2:85 الحديث 311،الوسائل 4:1076 الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 3. [5]
7- 7) الصّحاح 1:39. [6]

و عن عبد الرّحمن بن خاقان (1)قال:رأيت أبا الحسن الثّالث عليه السّلام سجد سجدة الشّكر فافترش ذراعيه و ألصق صدره و بطنه فسألته عن ذلك؟فقال:«كذا يجب» (2).

مسألة:سجدات القرآن خمس عشرة

في الأعراف،و الرّعد،و النّحل،و بني إسرائيل،و مريم،و الحجّ في موضعين،و الفرقان،و النّمل،و الم تنزيل،و ص،و حم السّجدة،و النّجم،و إذا السّماء انشقّت،و اقرأ باسم ربّك.و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين (3)،و إسحاق (4).

و قال ابن بابويه:يستحبّ أن يسجد في كلّ سورة فيها سجدة (5).فيدخل فيه آل عمران،لقوله تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي (6).و غيرها.

و قال الشّافعيّ:إنّ السّجدات أربع عشرة و أنكر سجدة ص (7).و قال أبو حنيفة:

أربع عشرة (8)،كالشّافعيّ،إلاّ أنّه أنكر السّجدة الثّانية من الحجّ.و قال مالك في إحدى

ص:251


1- 1في النّسخ:عن عبد الرّحمن بن خاقان،و في الكافي و [1]التّهذيب:عن يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان،و هو الصّحيح؛لعدم وجود عبد الرحمن هذا في سلسلة إسناد الأحاديث،و هو الذي روى عنه عليّ بن إبراهيم في الكافي 3:324 باب السّجود الحديث 15،و [2]التّهذيب 2:85 الحديث 312.قال المحقّق المامقانيّ:هو غير مذكور في كتب الرجال فحاله مجهول.تنقيح المقال 3:318. [3]
2- 2) الكافي 3:324 الحديث 15، [4]التهذيب 2:85 الحديث 312،الوسائل 4:1076 الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 2. [5]
3- 3) المغني 1:683، [6]الكافي لابن قدامة 1:206،المجموع 4:62،الإنصاف 2:196.
4- 4) المغني 1:683، [7]المجموع 4:62.
5- 5) الفقيه 1:201.
6- 6) آل عمران(3):43. [8]
7- 7) المغني 1:683،المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60،السراج الوهّاج:61-62،مغني المحتاج 1: 214-215.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:6،الهداية للمرغينانيّ 1:78، [9]بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:683، [10]المجموع 4: 62.

الرّوايتين (1)،و الشّافعيّ:إنّها أحد عشر (2)،و أنكرا سجدات المفصّل.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عمرو بن العاص أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اقرأه خمس عشرة سجدة:منها ثلاث في المفصّل،و في سورة الحجّ سجدتان (3).

و عن عقبة بن عامر قال:قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:في سورة الحجّ سجدتان؟قال:«نعم و من لم يسجدهما فلا يقرأهما».رواهما أبو داود (4).و لأنّ عليّا عليه السّلام سجد في الحجّ مرّتين،و كذا عمر،و ابنه عبد اللّه،و أبو الدّرداء،و أبو موسى (5).

و قال ابن عبّاس:فضّلت الحجّ بسجدتين (6).و لا يقوله إلاّ عن توقيف،و هذا يبطل قول أبي حنيفة.

احتجّ (7)بأنّه جمع فيها بين الرّكوع و السّجود فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (8).فلم تكن سجدة كما في قوله تعالى اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ (9).

و الجواب:أنّ اقتران الرّكوع لا ينفي استحباب السّجدة كما في اقتران البكاء في قوله تعالى خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا (10).مع أنّه معارض بما تقدّم من الأحاديث،و بفعل

ص:252


1- 1المدوّنة الكبرى 1:109،المغني 1:683،المجموع 4:62.
2- 2) المغني 1:683، [1]المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60.
3- 3) سنن أبي داود 2:58 الحديث 1401. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:58 الحديث 1402. [3]
5- 5) المغني 1:684، [4]المجموع 4:62. [5]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:6،بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:684،المجموع 4:62.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:6،بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:685. [6]
8- 8) الحجّ(22):77. [7]
9- 9) آل عمران(3):43. [8]
10- 10) مريم(19):58. [9]

الصّحابة و التّابعين.قال ابن عمر:لو كنت تاركا إحداهما لتركت الاُولى (1).و قال أبو إسحاق:أدركت النّاس منذ سبعين سنة يسجدون في الحجّ سجدتين (2).و أيضا:فالأُولى إخبار و الثّانية أمر،و اتّباع الأمر أولى.

و لنا على إبطال (3)قول الشّافعيّ من إنكار سجدات المفصّل:ما رواه عمرو بن العاص أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اقرأه خمس عشرة سجدة (4).

و ما رواه أبو رافع (5)قال:صلّيت خلف أبي هريرة العتمة فقرأ:(إذا السماء انشقت)فسجد فقلت:ما هذه السّجدة؟فقال:سجدت بها خلف أبي القاسم صلّى اللّه عليه و آله فلا أزال أسجد فيها حتّى ألقاه (6).

و عن أبي هريرة قال:سجدنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في:(إذ السّماء انشقّت)و اقرأ باسم ربّك.رواه مسلم و أبو داود (7).

و عن عبد اللّه بن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سجد في سورة النّجم و ما بقي من القوم أحد إلاّ سجد (8).

و على إبطال قوله في ص:ما رواه أبو داود بإسناده،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه

ص:253


1- 1المغني 1:685،الشرح الكبير بهامش المغني 1:823.
2- 2) المغني 1:685،المجموع 4:62.
3- 3) غ:بطلان.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1057،سنن أبي داود 2:58 الحديث 1401، [1]المغني 1:683.
5- 5) نفيع بن رافع الصائغ أبو رافع المدنيّ نزيل البصرة أدرك الجاهليّة.روى عن عليّ عليه السّلام، و عمر،و عثمان،و ابن مسعود،و أبي موسى الأشعريّ،و أبي هريرة.و روى عنه الحسن البصريّ،و قتادة، و بكر بن عبد اللّه المزنيّ.تهذيب التهذيب 10:472، [2]رجال صحيح مسلم 2:292.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:52،صحيح مسلم 1:407 الحديث 578،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1408. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:406 الحديث 578،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1407. [4]
8- 8) صحيح مسلم 1:405 الحديث 576،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1406. [5]

عليه و آله سجد فيها (1).

احتجّ الشّافعيّ (2)على الأوّل بما رواه أبو الدّرداء قال:سجدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إحدى عشرة ليس فيها شيء من المفصّل (3).

و عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يسجد في شيء من المفصّل منذ تحوّل إلى المدينة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إسناده ضعيف،قاله أبو داود (5).و لأنّه شهادة على النّفي فلا تقبل مع رواية الإثبات.

و عن الثّاني:بذلك أيضا،و لأنّ أبا هريرة أسلم بالمدينة سنة سبع،فيكون أولى من حديث ابن عبّاس،لأنّه كان صبيّا لا يعرف أفعال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على التّفصيل.

و احتجّ (6)على الثّاني (7)بما رواه أبو سعيد قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو على المنبر ص،فنزل فسجد و سجد النّاس معه،فلمّا كان يوم آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تَشزَّن (8)النّاس للسّجود،فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما هي توبة نبيّ، و لكنّي رأيتكم تشزّنتم للسّجود».فنزل فسجد و سجدوا (9).

و عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سجد في ص و قال:«سجدها داود

ص:254


1- 1سنن أبي داود 2:59 الحديث 1409. [1]
2- 2) المغني 1:683. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:58 ذيل الحديث 1401، [3]سنن الترمذيّ 2:457 الحديث 568، [4]سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1056.
4- 4) سنن أبي داود 2:58،الحديث 1403. [5]
5- 5) سنن أبي داود 2:58،المغني 1:684.
6- 6) المغني 1:684،المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:61. [6]
7- 7) ح بزيادة:للسجود.
8- 8) التشزّن:التأهّب و التهيّؤ للشيء و الاستعداد له.النهاية لابن الأثير 2:471. [7]
9- 9) سنن أبي داود 2:59 الحديث 1410، [8]سنن الدّار قطني 1:408 الحديث 7،نيل الأوطار 3:120 الحديث 7.

توبة و نحن نسجدها شكرا» (1).

و الجواب:أنّهما يدلاّن على ما قلناه من السّجود فيها لكنّا نقول باستحبابه.

فروع:
الأوّل:أجمع علماؤنا على وجوب أربع منها،و هي:سجدةالم الّتي تلي لقمان،و حم السّجدة،و النّجم،و اقرأ باسم ربّك،و الباقي مستحبّ

(2)

و قال الشّافعيّ:الكلّ مستحبّ (3).و قال أبو حنيفة:الكلّ واجب (4).

لنا على وجوب الأربع:ما روي،عن عليّ عليه السّلام قال:«عزائم السّجود أربع» (5).و لأنّها تتضمّن الأمر بالسّجود فتكون واجبة،و ما عداها غير صريح في الأمر فتكون مستحبّة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك و لكن تكبّر حين ترفع رأسك،و العزائم أربعة:حم السّجدة،و تنزيل،و النّجم،و اقرأ باسم ربّك» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرئ شيء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد،و إن كنت على غير وضوء،و إن كنت جنبا و إن كانت المرأة لا

ص:255


1- 1سنن النّسائيّ 2:159.
2- 2) في النّسخ:و هي سجدة لقمان.و لعلّه من سهو النّسّاخ كما أشرنا إليه في الجزء الثاني ص 215.
3- 3) الأُمّ 1:136،المغني 1:687،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [1]المجموع 4:61.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:78،المغني 1:687،المجموع 4:61،ميزان الكبرى 1:164،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831. [2]
5- 5) كنز العمّال 8:146 الحديث 22317،مقدّمات ابن رشد 1:139.
6- 6) التهذيب 2:291 الحديث 1170 و فيه:و الم تنزيل،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [3]

تصلّي،و سائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت و إن شئت لم تسجد» (1).

الثّاني:قال الشّيخ:يجب على القارئ و المستمع

(2)أمّا السّامع:فعندي فيه تردّد، أحوطه الوجوب؛لرواية عبد اللّه بن سنان.و قيل:لا يجب بل يستحبّ عملا بالأصل (3).

و فيه قوّة و عليه أعمل،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل سمع السّجدة تُقرأ؟فقال:«لا يسجد إلاّ أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها،أو يصلّي بصلاته،فأمّا ان يكون في ناحية يصلّي و أنت في ناحية أُخرى فلا تسجد لما سمعت» (4).

الثّالث:قال الشيخ في الخلاف:موضع السّجود في حم السّجدة

عند قوله:

وَ اسْجُدُوا لِلّهِ (5).و قال في المبسوط:عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ (6)(7).و به قال مالك (8).و قال الشّافعيّ (9)و أهل الكوفة:عند قوله وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ (10).

لنا:أنّ الأمر بالسّجود مطلق للفور فلا يجوز التّأخير.

الرّابع:يجوز فعلها في الأوقات كلّها و إن كانت ممّا يكره فيه النّوافل

و هو قول

ص:256


1- 1التهذيب 2:291 الحديث 1171،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [1]
2- 2) الخلاف 1:156 مسألة-179،المبسوط 1:114. [2]
3- 3) و القائل الشيخ في الخلاف 1:156 مسألة-179،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:87.
4- 4) التهذيب 2:291 الحديث 1169،الوسائل 4:882 الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [3]
5- 5) الخلاف 1:155 مسألة-177.
6- 6) فصّلت(41):37. [4]
7- 7) المبسوط 1:114. [5]
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:109-110،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1664، [6]المغني 1:685،الشرح الكبير بهامش المغني 1:824،المجموع 4:60، [7]تفسير القرطبيّ 15:364. [8]
9- 9) أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1664، [9]المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60، [10]عمدة القارئ 7:97،تفسير القرطبيّ 15:364. [11]
10- 10) فصّلت(41):38. [12]

الشّافعيّ (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و مرويّ عن الحسن،و الشّعبيّ،و سالم، و عطاء،و عكرمة (3).و قال أحمد في الرّواية الأُخرى:إنّه لا يسجد،و به قال أبو ثور، و ابن عمر،و سعيد بن المسيّب،و إسحاق (4).

و قال مالك:يكره قراءة السّجدة في وقت النّهي (5).

لنا:إطلاق الأمر بالسّجود المتناول للأوقات كلّها،و لأنّها ذات سبب فجاز فعلها في وقت النّهي عن النّوافل كقضاء (6)النّوافل الرّاتبة.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يسمع السّجدة في السّاعة الّتي لا تستقيم الصّلاة فيها قبل غروب الشّمس و بعد صلاة الفجر،قال:«لا يسجد» (7).

لأنّا نقول:إنّ رواتها فطحيّة (8)،فلا تعارض ما ثبت بغيرها من الأخبار.

احتجّ المخالف (9)بقوله عليه السّلام:«لا صلاة بعد الفجر حتّى تطلع الشّمس و لا بعد العصر حتّى تغرب الشّمس» (10).

و الجواب:أنّ السّجدة ليست بصلاة و لا هي عندنا جزء صلاة،و لو سلّم فالنّهي

ص:257


1- 1المغني 1:687،بداية المجتهد 1:225،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [1]المجموع 4:72.
2- 2) المغني 1:687.
3- 3) المغني 1:687،المجموع 4:72.
4- 4) المغني 1:687.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:110،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [2]المغني 1:687،المجموع 4:72.
6- 6) ن:كقضائه.
7- 7) التهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 3. [3]
8- 8) و هم:أحمد بن حسن بن عليّ بن فضّال،و عمرو بن سعيد،و مصدّق بن صدقة،و عمّار بن موسى الساباطيّ. صرّح الكشّيّ بأنّهم من الفطحيّة. رجال الكشّيّ:253،345،563 و 612.
9- 9) المغني 1:687،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 1:832.
10- 10) كنز العمّال 7:422 الحديث 19610،سنن البيهقيّ 2:462.

يتناول النّفل المبتدأ به لا الواجب أو النّفل ذا السّبب.

الخامس:لا يفتقر إلى تكبيرة إحرام؛لأنّ الأمر ورد بمطلق السّجود

و هو إنّما يتناول وضع الجبهة،فالزّائد منفيّ بالأصل إلى أن يقوم الدّليل،و به قال مالك في غير الصّلاة (1)،أمّا إذا كان فيها فإنّه يكبّر.و قال الشّافعيّ (2)،و أبو حنيفة:يكبّر مطلقا (3)،و به قال الحسن، و ابن سيرين،و النّخعيّ (4).

لنا:ما تقدّم.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك و لكن تكبّر حين ترفع رأسك» (5).و مثله رواه،عن سماعة في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

احتجّ المخالف بأنّها صلاة فيشرع فيها تكبيرة الافتتاح (7).

و الجواب:المنازعة في (8)المقدّمة الأُولى.

السّادس:و لا يفتقر إلى تكبيرة السّجود

و قال أكثر الجمهور:يكبّر للسّجود (9).

و قال الشّافعيّ:يكبّر اثنين،للافتتاح واحدة و للسّجود اخرى (10).

لنا:ما تقدّم،فإنّه دالّ على انتفاء مطلق التّكبير.

ص:258


1- 1المغني 1:686،بداية المجتهد 1:225.
2- 2) المغني 1:686،المجموع 4:63،64.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:80،شرح فتح القدير 1:476،المغني 1:686.
4- 4) المغني 1:686. [1]
5- 5) التهذيب 2:291 الحديث 1170،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 2:292 الحديث 1175،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 3. [3]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:80.
8- 8) غ،م و ن:من.
9- 9) بداية المجتهد 1:225،المغني 1:686،نيل الأوطار 3:126،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:61،62.
10- 10) المجموع 4:64،65،مغني المحتاج 1:216.
السّابع:يستحبّ له إذا رفع رأسه أن يكبّر

و به قال الشّيخ في المبسوط (1)و الخلاف (2)،و المستند في ذلك رواية عبد اللّه بن سنان،و سماعة.

الثّامن:لا يفتقر إلى تشهّد بلا خلاف و لا إلى تسليم

(3)ذهب إليه علماؤنا.و به قال النّخعيّ،و الحسن،و سعيد بن جبير (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (6)، و الشّافعيّ في أحد القولين (7).و في الأُخرى لأحمد:يجب التّسليم (8).

لنا:أنّ الأمر بمطلق السّجود فالزّائد منفيّ بالأصل،و لأنّه لم ينقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا عن أحد من الأئمّة عليهم السّلام،و لأنّه لا تشهّد فيها فلا تسليم كغير الصّلاة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن إمام قرأ السّجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع؟ قال:«يقدّم غيره فيتشهّد و يسجد هو و ينصرف و قد تمّت صلاتهم» (9).أمره بالانصراف عقيب السّجود فانتفت رابطة التّسليم.

احتجّ المخالف (10)بقوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (11).

ص:259


1- 1المبسوط 1:114. [1]
2- 2) الخلاف 1:156 مسألة-181.
3- 3) ق و ح:سلام.
4- 4) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:80،المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
6- 6) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
7- 7) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826،المهذّب للشيرازيّ 1:86،المجموع 4:65-66، مغني المحتاج 1:216-217.
8- 8) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:825.
9- 9) التهذيب 2:293 الحديث 1178،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 4. [2]
10- 10) المغني 1:687،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:825.
11- 11) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن التّرمذيّ 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175،مسند الشافعيّ:34،مسند أحمد 1:123 و 129.

و الجواب:أنّ المراد بذلك الصّلاة،و السّجود للتّلاوة (1)ليس منها في شيء،و لو كان سجود التّلاوة داخلا فيها لافتقرت إلى تكبيرة الافتتاح،و أحمد لا يقول به.

التّاسع:لا يفتقر إلى طهارة،بل يجوز أن يسجد و إن كان جنبا أو محدثا أو كانت المرأة حائضا

و عليه فتوى علمائنا،و به قال الشّعبيّ (2).و قال أكثر الجمهور:يشترط الطّهارة من الحدثين (3).

لنا:الأصل عدم تعلّق الذّمّة بالطّهارة فيعمل به،و يؤيّده:رواية أبي بصير، و قد تقدّمت (4).

احتجّوا بأنّها صلاة فيفتقر إلى الطّهارة (5).

و الجواب:المنع من ذلك.

العاشر:لا يفتقر إلى استقبال القبلة،بل يجوز أن يسجد و إن كان مستدبرا

خلافا للجمهور (6).

لنا:ما تقدّم من الأصل،و لأنّه سجود لا يشترط فيه الطّهارة على ما بان، فلا يشترط فيه الاستقبال.و حجّتهم ما مضى.

و الجواب عنه:ما سلف.

الحادي عشر:وجوب السّجود على الفور في العزائم و الاستحباب في غيرها كذلك

فلو فاتت،قال الشّيخ في المبسوط:يقضي العزائم وجوبا،و في النّدب هو بالخيار (7).و قال

ص:260


1- 1ق و ح:في التلاوة.
2- 2) المغني 1:685.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:86،بدائع الصنائع 1:186،المغني 1:685،المجموع 4:63.
4- 4) تقدّمت في ص 256 رقم 1.
5- 5) المغني 1:685.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:86،بدائع الصّنائع 1:186،المغني 1:685،المجموع 4:63.
7- 7) المبسوط 1:114.

في الخلاف:تعلّقت ذمّته بفرض أو سنّة،و لا يبرأ إلاّ بقضائه (1).و لو قيل:إنّها تكون أداء لعدم التّوقيت كان وجها.

الثّاني عشر:يستحبّ له أن يقول في سجوده:إلهي آمنّا بما كفروا،و عرفنا منك ما أنكروا،و أجبناك إلى ما دعوا،إلهي فالعفو العفو

قاله ابن بابويه (2).

و قال أيضا:و قد روي أنّه يقول (3)في سجدة العزائم:«لا إله إلاّ اللّه حقّا حقّا،لا إله إلاّ اللّه إيمانا و تصديقا،لا إله إلاّ اللّه عبوديّة و رقّا،سجدت لك يا ربّ تعبّدا و رقّا، لا مستنكفا و لا مستكبرا،بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» (4).

الثّالث عشر:يجب السّجود و يستحبّ كلّما حصل السّبب المقتضي لها

لأنّ مع وجود المقتضي يحصل المقتضى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يعلّم السّورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد؟قال:

«عليه أن يسجد كلّما سمعها،و على الّذي يعلّمه أيضا أن يسجد» (5).

الرّابع عشر:لا يشترط لسجود المستمع كون التّالي ممّن يصلح أن يكون إماما له

خلافا للجمهور (6)،فلو استمع الرّجل من المرأة وجب عليه أن يسجد،و كذا القارئ من الأُمّيّ،و البالغ من الصّبيّ.

لنا:أنّ السّبب و هو الاستماع موجود فيثبت (7)الحكم.

ص:261


1- 1الخلاف 1:157 مسألة-181.
2- 2) الفقيه 1:201.
3- 3) غ،م:ن و ق:يقال.
4- 4) الفقيه 1:201،الوسائل 4:884 الباب 46 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [1]
5- 5) التهذيب 2:293 الحديث 1179،الوسائل 4:884 الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) بداية المجتهد 1:225،المغني 1:688. [3]
7- 7) ح:فثبت.

احتجّوا (1)بما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة،ثمَّ نظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّك كنت إمامنا و لو سجدت سجدنا» (2).

و الجواب:ليست الإمامة هاهنا حقيقة.

الخامس عشر:إذا لم يسجد التّالي سجد المستمع وجوبا في العزائم،و ندبا في غيرها

لنا:المقتضي موجود و ترك الغير للواجب لا يبيح تركه على المكلّف،و بمثل ما قلناه قال الشّافعيّ (3).

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يصلّي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلّي لنفسه و ربّما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟قال:«لا يسجد» (4).

لأنّا نقول:يحتمل أن يقال:يترك (5)ذلك تقيّة و يومئ؛لما رواه الشّيخ في الموثّق، عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ،أو شيئا من العزائم و فرغ من قراءته و لم يسجد فأوم إيماءا» (6).

السّادس عشر:لا يقوم الرّكوع مقام السّجود

و به قال أحمد (7)،خلافا لأبي حنيفة (8).

ص:262


1- 1المغني 1:688.
2- 2) المغني 1:688-689. [1]
3- 3) المغني 1:689،المجموع 4:58،مغني المحتاج 1:215-216،المهذّب للشيرازيّ 1:85.
4- 4) التهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:882 الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [2]
5- 5) ح:ترك،غ و م:بترك.
6- 6) التهذيب 2:291 الحديث 1168،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:778 الباب 38 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [3]
7- 7) المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.
8- 8) المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.

لنا:أنّ الواجب السّجود،فلا يقوم ما هو دونه مقامه،كسجود الصّلاة.

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله تعالى وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ (2).

و الجواب:المراد السّجود و عبّر عنه بالرّكوع؛لأنّ لفظة خر إنّما تستعمل في السّجود،و المرويّ،عن داود عليه السّلام السّجود لا الرّكوع (3)،و لو سلّم أنّه ركع حقيقة فليس بحجّة،لأنّ داود عليه السّلام فعل ذلك توبة لا لسجود التّلاوة.

السّابع عشر:إذا قرأ السّجدة على الرّاحلة في السّفر و أمكنه السّجود وجب

و إن كان على الرّاحلة،و إن لم يتمكّن أومأ بالسّجود حيث كان وجهه؛لأنّه بدل لكمال الفعل فقام مقامه مع العجز،و لأنّ عليّا عليه السّلام أومأ على الرّاحلة.نقله الجمهور (4).و لو كان ماشيا و أمكن السّجود على الأرض وجب و إلاّ أومأ.

الثّامن عشر:قال بعض الجمهور:يكره اختصار السّجود

و هو أن ينتزع الآيات الّتي فيها السّجود فيقرأها و يسجد فيها (5).و قيل:الاختصار أن يقرأ القرآن و يحذف آيات السّجود (6).و هو أيضا مكروه.

التّاسع عشر:لو نسي سجدة العزائم وجب عليه مع الذّكر

لوجود المقتضي و هو الأمر السّالم عن معارضة الفعل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّجدة فينساها حتّى يركع و يسجد؟قال:«يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم» (7).

ص:263


1- 1المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.
2- 2) (ص)38:24.
3- 3) سنن البيهقيّ 2:319،تفسير القرطبيّ 15:185،المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:819.
4- 4) سنن البيهقيّ 2:325،المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:819.
5- 5) المغني 1:690.
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 1:827.
7- 7) التهذيب 2:292 الحديث 1176،الوسائل 4:778 الباب 39 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [1]
مسألة:و يستحبّ للإمام أن لا ينصرف من مصلاّه حتّى يتمّ من خلفه الصّلاة

(1)لأنّ فيه تشبّها بالائتمام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«لا ينبغي للإمام أن ينتقل إذا سلّم حتّى يتمّ من خلفه الصّلاة».قال:و سألته عن الرّجل يؤمّ في الصّلاة هل ينبغي له أن يعقّب بأصحابه بعد التّسليم؟فقال:«يسبّح و يذهب من شاء لحاجته و لا يعقّب رجل لتعقيب الإمام» (2).

فرع

:

ليس عدم الانصراف واجبا بل هو مستحبّ؛إذ الائتمام في أصله مستحبّ و المفارقة جائزة فبعد الفراغ أولى،و لأنّه لا ائتمام هنا،و لا يعارضه ما رواه الشّيخ في الحسن،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أيّما رجل أمّ قوما فعليه أن يقعد بعد التّسليم و لا يخرج من ذلك الموضع حتّى يتمّ الّذين خلفه الّذين سبقوا صلاتهم،ذلك على كلّ إمام واجب إذا علم أنّ فيهم مسبوقا،و إن علم أنّ ليس فيهم مسبوقا بالصّلاة فليذهب حيث شاء» (3).لأنّه عليه السّلام عبّر بالواجب عن الاستحباب الشّديد.

آخر:

قال بعض الجمهور:و يكره للمأمومين القيام قبل الإمام (4).و استدلّ بقوله عليه السّلام:«إنّي إمامكم فلا تسبقوني بالرّكوع و لا بالسّجود و لا بالقيام و لا بالانصراف».

ص:264


1- 1م و ن:صلاته.
2- 2) التهذيب 2:103 الحديث 386،الوسائل 4:1017 الباب 2 [1] من أبواب التعقيب الحديث 2،و ص 1018 الباب 3 من أبواب التعقيب الحديث 1.
3- 3) التهذيب 2:103 الحديث 387،الوسائل 4:1017 الباب 2 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
4- 4) المغني 1:601.

رواه مسلم (1).

و ليس في ذلك دلالة؛لجواز (2)أن يكون المراد بالانصراف هنا التّسليم،فيكون النّهي راجعا إلى سبقه في أفعال الصّلاة لا في الانصراف بعدها.

مسألة:و يستحبّ له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه تبرّكا

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان بن مهران الجمّال قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا صلّى و فرغ من صلاته،رفع يديه جميعا فوق رأسه (3).

مسألة:و يجوز الدّعاء على الظّالم عقيب الصّلاة

لأنّه موضع إجابة و ربّما أفاد امتناعا من الظّلم.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا انحرفت عن صلاة مكتوبة فلا تنحرف إلاّ بانصراف لعن بني أُميّة» (4).و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا عليه السّلام دعوا على أقوام بأعيانهم في صلاتهم (5)ففي خارجها أولى.

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد أن ينصرف،الانصراف عن يمينه

(6)،خلافا للجمهور (7).

لنا:ما رووه،عن عائشة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التّيمن في تنعّله و ترجّله و طهوره و في شأنه كلّه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن

ص:265


1- 1صحيح مسلم 1:320 الحديث 426.
2- 2) ح:إذ يجوز.
3- 3) التهذيب 2:106 الحديث 403،الوسائل 4:1030 الباب 14 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 2:109 الحديث 411،الوسائل 4:1038 الباب 19 من أبواب التعقيب الحديث 2. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:203 و ج 2:32،سنن البيهقيّ 2:207-208 و 245.
6- 6) ح:يمناه.
7- 7) المغني 1:635.
8- 8) مسند أحمد 6:94،147 و 202، [3]فيض القدير 5:207.

أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا انصرفت من الصّلاة فانصرفت عن يمينك» (1).

احتجّوا (2)بما رواه هُلب (3)أنّه صلّى مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان ينصرف عن شقّيه (4).

و الجواب:أنّه مستحبّ،فيجوز تركه في بعض الأوقات لعذر و لغيره (5).

مسألة:و يكره للإمام أن يتنفّل موضع صلاته

نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام.

قال أحمد:لا أعرفه عن غيره عليه السّلام (6).

و رووا عن المغيرة بن شعبة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يتطوّع الإمام في مكانه الّذي يصلّي فيه بالنّاس» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن سليمان بن خالد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الإمام إذا انصرف فلا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك» (8).

مسألة:و يكره النّوم بعد الغداة كراهة شديدة

لقوله تعالى جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً (9).دلّ على كراهية النّوم في النّهار.

ص:266


1- 1الفقيه 1:245 الحديث 1090،الوسائل 4:1066 الباب 38 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:635.
3- 3) هُلب الطائيّ والد قبيصة اختلف في اسمه،فقيل:يزيد بن قناعة و قيل:يزيد بن عديّ بن قنافة،وفد على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو أقرع فمسح رأسه فنبت شعره.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابنه قبيصة. أُسد الغابة 5:69، [2]تهذيب التّهذيب 11:66. [3]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:300 الحديث 929،سنن أبي داود 1:273 الحديث 1041.
5- 5) م:و غيره.
6- 6) المغني 1:635.
7- 7) كنز العمّال 7:602 الحديث 20461،المغني 1:635.
8- 8) التهذيب 2:321 الحديث 1314،الوسائل 3:472 الباب 42 من أبواب مكان المصلّي الحديث 1. [4]
9- 9) غافر(40):61. [5]

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن النّوم بعد الغداة؟فقال:«إنّ الرّزق يبسط تلك السّاعة،فأنا أكره أن ينام الرّجل تلك السّاعة» (1).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«نومة الغداة مشومة تطرد الرّزق،و تصفرّ اللّون و تقبّحه و تغيّره،و هو نوم كلّ مشوم،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس فإيّاكم و تلك النّومة» (2).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من جلس في مصلاّه من صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس ستره اللّه من النّار» (3).

و روى الشّيخ،عن جابر،عن الباقر عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:قال اللّه:يا ابن آدم اذكرني بعد الفجر ساعة،و اذكرني بعد العصر ساعة أكفك ما أهمّك» (4).

فروع

:

الأوّل:يكره النّوم أيضا بعد العصر

لرواية جابر،و بعد المغرب قبل العشاء؛لما رواه ابن بابويه،عن الباقر عليه السّلام قال:«النّوم أوّل النّهار خرق،و القائلة نعمة،و النّوم بعد العصر حمق،و النّوم بين العشائين يحرم الرّزق» (5).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ إبليس إنّما يبثّ جنوده جنود اللّيل من حين تغيب الشّمس إلى مغيب الشّفق،و يبثّ جنود النّهار من حين يطلع الفجر إلى

ص:267


1- 1الفقيه 1:317 الحديث 1443،الوسائل 4:1063 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:318 الحديث 1445،الوسائل 4:1063 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 1:319 الحديث 1456،الوسائل 4:1035 الباب 18 من أبواب التعقيب الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:138 الحديث 536،الوسائل 4:1014 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 3. [4]
5- 5) الفقيه 1:318 الحديث 1446،الوسائل 4:1068 الباب 40 من أبواب التعقيب الحديث 4. [5]

مطلع الشّمس».و ذكر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:«أكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ في هاتين السّاعتين فإنّهما ساعتا غفلة،و تعوّذوا باللّه عزّ و جلّ من شرّ إبليس و جنوده، و عوّذوا صغاركم في هاتين السّاعتين فإنّهما ساعتا غفلة» (1).

الثّاني:يستحبّ القيلولة

لقوله عليه السّلام:«و القائلة نعمة» (2).و لما رواه ابن بابويه،قال:جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه إنّي كنت ذكورا و إنّي صرت نسيّا،فقال:«أ كنت تقيل؟»قال:نعم،قال:«و تركت ذاك؟»قال:نعم، قال:«عد»فعاد،فرجع إليه ذهنه (3).

قال:و روي:«قيلوا،فإنّ اللّه يطعم الصّائم في منامه و يسقيه» (4).

قال:و روي:«قيلوا،فإنّ الشّيطان لا يقيل» (5).

الثّالث قراءة دعاء الصباح إذا طلع الفجر

الثّالث:روى ابن بابويه،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تقول إذا طلع الفجر:الحمد للّه فالق الإصباح سبحان ربّ المساء و الصّباح،اللّهمّ صبّح آل محمّد ببركة و عافية،و سرور و قرّة عين و رزق واسع،و صبّحني و أهل بيتي ببركة و عافية، و سرور و قرّة عين،اللّهمّ إنّك تنزل بالليل و النّهار ما تشاء،فأنزل عليّ و على أهل بيتي من بركة السّماوات و الأرض رزقا حلالا واسعا تغنيني به عن جميع خلقك» (6).و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا استيقظ من منامه قال:«الحمد للّه الّذي أحياني بعد ما أماتني و إليه النّشور».و إذا أوى إلى فراشه قال:«باسمك اللّهمّ أحيا و باسمك أموت» (7).

ص:268


1- 1الفقيه 1:318 الحديث 1444،الوسائل 4:1064 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 1:318 الحديث 1446،الوسائل 4:1068 الباب 40 من أبواب التعقيب الحديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 1:318 الحديث 1449،الوسائل 4:1066 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 1:319 الحديث 1451،الوسائل 4:1067 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 1:319 الحديث 1452،الوسائل 4:1067 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 3. [5]
6- 6) الفقيه 1:317 الحديث 1442.
7- 7) صحيح مسلم 4:2083 الحديث 2711،سنن أبي داود 4:311 الحديث 5049، [6]مسند أحمد 5:385، [7]كنز العمّال 15:511 الحديث 41991.بتفاوت في الجميع.

و عن عبد الكريم بن عتبة،عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال:«من قال عشر مرّات قبل طلوع الشّمس و قبل غروبها:لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير،كانت كفّارة لذنوبه في ذلك اليوم» (1).

«و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول بعد صلاة الفجر:اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ و الحزن و العجز و الكسل و البخل و الجبن و ضَلَع الدّين و غلبة الرّجال و بوار الأيّم (2)و الغفلة و الذّلّة و القسوة و العيلة و المسكنة،و أعوذ بك من نفس لا تشبع و من قلب لا يخشع و من دعاء لا يسمع و من صلاة لا تنفع،و أعوذ بك من امرأة تشيبني قبل أوان مشيبي،و أعوذ بك من ولد يكون عليّ ربّا،و أعوذ بك من مال يكون عليّ عذابا،و أعوذ بك من صاحب خديعة إن رأى حسنة دفنها،و إن رأى سيّئة أفشاها،اللّهمّ لا تجعل لفاجر عندي يدا و لا منّة» (3).

و روى الشّيخ،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أصابك همّ فامسح يدك (4)على موضع سجودك،ثمَّ أمرّ (5)بيدك على وجهك يعني من جانب خدّك الأيسر،و على جبهتك إلى جانب خدّك الأيمن»كذلك وصفه إبراهيم الرّاوي«ثمَّ قل:بسم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشّهادة الرّحمن الرّحيم،اللّهمّ أذهب عنّي الهموم و الأحزان ثلاثا» (6).

و الدّعوات المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام كثيرة لا تحصى قد وضع الشّيخ

ص:269


1- 1الفقيه 1:221 الحديث 979،الوسائل 4:1049 الباب 25 من أبواب التعقيب الحديث 7. [1]
2- 2) الأيّم:العزب رجلا كان أو امرأة.المصباح المنير:33. [2]
3- 3) الفقيه 1:221 الحديث 980.
4- 4) ق و ح:بيدك.
5- 5) ح:اُمرر.
6- 6) التهذيب 2:112 الحديث 420،الوسائل 4:1077 الباب 5 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [3]

لمهمّا كتاب المصباح.

الفصل الثّالث:في التّروك
مسألة:يجب عليه أن يترك كلّ ما يبطل الطّهارة
اشارة

فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته،و لا خلاف في أنّه إذا أحدث عمدا أبطل صلاته إلاّ عند أبي حنيفة،فإنّه قال:

لو أحدث عقيب قعوده قدر التشهّد تمّت صلاته (1).لأنّ التشهّد عنده ليس بواجب (2)، و قد سلف بطلانه (3).

أمّا النّاسي إذا سبقه الحدث فإنّ أكثر أصحابنا أوجبوا عليه الاستئناف بعد الطّهارة (4).و قال الشّيخ في الخلاف (5)،و السيّد المرتضى في المصباح:إذا سبقه الحدث ففيه روايتان:إحداهما:يعيد الصّلاة،و الأُخرى:يعيد الوضوء و يبني على صلاته (6).

قال الشّيخ في الخلاف:و الّذي أعمل عليه و افتي به الرّواية الاُولى (7).و قال في المبسوط:و قد روي:إذا سبقه الحدث جاز أن يعيد الوضوء و يبني على صلاته (8)، و الأحوط الأوّل (9).

ص:270


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:59،المجموع 3:462،شرح فتح القدير 1:334.
2- 2) المغني 1:613،المجموع 3:462.
3- 3) يراجع:ص 179.
4- 4) منهم:السّيد المرتضى في الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):199،و الشيخ في النهاية:94 و أحد قوليه في الخلاف 1:146 مسألة-157،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن البرّاج في شرح جمل العلم و العمل:97،و الحلبيّ في الكافي في الفقه:120.
5- 5) الخلاف 1:146 مسألة-157.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:250. [1]
7- 7) الخلاف 1:147 مسألة-157.
8- 8) التهذيب 2:355 الحديث 1468.
9- 9) المبسوط 1:117. [2]

و قال الشّافعيّ في الجديد:تبطل صلاته و يستأنف بعد الوضوء (1).و به قال مالك (2)،و ابن شبرمة (3)،و أحمد (4)،و عطاء (5)،و النّخعيّ (6).و قال في القديم:

يتوضّأ و يبني (7).و هو رواية عن أحمد (8)،و به قال أبو حنيفة (9)،و ابن أبي ليلى (10)، و داود (11).

و قال الثّوريّ:إذا كان حدثه من رعاف أو قيء توضّأ و بنى،و إن كان من بول أو ريح أو ضحك أعاد الوضوء و الصّلاة (12).

و عن أحمد:إن كان حدثه من السّبيلين أعاد الوضوء و الصّلاة،و إن كان من غيرهما بنى (13).

ص:271


1- 1المجموع 4:74،فتح العزيز بهامش المجموع 4:4،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54،ميزان الكبرى 1:158.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:104،المحلّى 4:156،حلية العلماء 2:151،المجموع 4:76،ميزان الكبرى 1:158، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
3- 3) المجموع 4:76،المحلّى 4:156.
4- 4) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،المجموع 4:76،فتح العزيز بهامش المجموع 4:5، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
5- 5) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،المجموع 4:76.
6- 6) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.
7- 7) نقله عنه في المحلّي 4:156،و المجموع 4:74،و ميزان الكبرى 1:158،و رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
8- 8) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:169،بدائع الصنائع 1:220،المحلّى 4:153،ميزان الكبرى 1:158،المجموع 4: 76،حلية العلماء 2:151.
10- 10) المجموع 4:76.
11- 11) حلية العلماء 2:151.
12- 12) المحلّى 4:156،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54،حلية العلماء 2:152.
13- 13) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،الإنصاف 1:194.

و عن أبي حنيفة:إن كان منيّا بطلت صلاته،و إن كان دما فإن كان بغير فعله مثل أن شجّه إنسان أو فصده بطلت صلاته،و إن كان بغير فعل إنسان كالرّعاف لم تبطل صلاته (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ بن طلق (2)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا فسا أحدكم و هو في الصّلاة فلينصرف و ليتوضّأ و ليعد الصّلاة» (3).

و عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فمن وجد في بطنه رِزّا فلينصرف و ليغتسل أو ليتوضّأ و ليستقبل صلاته».رواه الأثرم (4).

و الرِّزّ:الصّوت،قاله صاحب الصّحاح (5).

و عنه عليه السّلام قال:«إنّ الشّيطان يأتي أحدكم و هو في الصّلاة فيقول:أحدثت فلا ينصرفنّ حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بكر الحضرميّ،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام أنّهما قالا:«لا يقطع الصّلاة إلاّ أربع:الخلاء،و البول،و الرّيح، و الصّوت» (7).

و عن الحسن بن الجهم (8)قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل صلّى الظّهر

ص:272


1- 1المحلّى 4:153، [1]بدائع الصنائع 1:221.
2- 2) عليّ بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفيّ اليماميّ،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه مسلم بن سلام.تهذيب التهذيب 7:341. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:263 الحديث 1005،سنن الدّار قطنيّ 1:153 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:255.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 1:156 الحديث 21،المغني 1:780.
5- 5) الصحاح 3:879.
6- 6) صحيح مسلم 1:276 الحديث 361،سنن أبي داود 1:45 الحديث 176،سنن الترمذيّ 1:109 الحديث 75، سنن النسائيّ 1:98،سنن البيهقيّ 1:117،مجمع الزوائد 1:242-243.
7- 7) التهذيب 2:331 الحديث 1362،الوسائل 4:1240 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
8- 8) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو محمّد الشيبانيّ ثقة،روى عن أبي الحسن موسى و الرضا عليهما السّلام،له كتاب قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان تارة من أصحاب الكاظم عليه السّلام و وثّقه،و اخرى بعنوان الحسن بن الجهم الرّازيّ من أصحاب الرضا عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:توصيفه بالرّازيّ من سهو الناسخ،و أصله الزراريّ نسبة إلى زرارة،لأنّه من قبيلته مع أنّ الموجود في النسخة المطبوعة من رجال الشيخ في باب أصحاب الرضا عليه السّلام الحسين بن الجهم الرازيّ،و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة: الحسن بن الجهم بن بكير،و استظهر المحقّق الخوئيّ عدم اتّحادهما فتدبّر. رجال النجاشيّ:50،رجال الطّوسيّ:347 و 373،رجال العلاّمة:43، [4]تنقيح المقال 1:271، [5]معجم رجال الحديث 4:302. [6]

أو العصر فأحدث حين جلس في الرّابعة؟فقال:«إن كان قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه فلا يعيد،و إن كان لم يتشهّد قبل أن يحدث فليعد» (1).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع:«فليس عليه شيء و لم ينقض وضوءه،و إن كان متلطّخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء،و إن كان في صلاته قطع الصّلاة و أعاد الوضوء و الصّلاة» (2).

و لأنّ الطّهارة شرط و قد فسد فيفسد المشروط،و لأنّه فقد شرط الصّلاة في أثنائها على وجه لا يعود إلاّ بعد زمن طويل و عمل كثير ففسدت صلاته كما لو تنجّس بنجاسة يحتاج في إزالتها إلى مثل ذلك،أو انكشفت عورة و لم يجد السّترة إلاّ في مكان بعيد.

احتجّ أصحابنا (3)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أكون في الصّلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا؟فقال:

«انصرف،ثمَّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا،و إن تكلّمت ناسيا فلا بأس عليك،فهو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا»قلت:و إن قلّب

ص:273


1- 1التّهذيب 1:205 الحديث 596 و ج 2:354 الحديث 1467،الاستبصار 1:401 الحديث 1531،الوسائل 4:1241 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:11 الحديث 20،الاستبصار 1:82 الحديث 258 و ص 401 الحديث 1532،الوسائل 1:184 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء الحديث 5. [2]
3- 3) الخلاف 1:146 مسألة-157.

وجهه عن القبلة؟قال:«نعم و إن قلّب وجهه عن القبلة» (1).

قال السيّد المرتضى:لو لم يكن الأذى و الغمز ناقضين للطّهارة لما أمره بالانصراف و الوضوء (2).

و عن أبي سعيد القمّاط (3)قال:سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول و هو في الصّلاة المكتوبة في الرّكعة الأُولى أو الثّانية أو الثّالثة أو الرّابعة؟قال:فقال:«إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضّأ،ثمَّ ينصرف إلى مصلاّه الّذي كان يصلّي فيه،فيبني على صلاته من الموضع الّذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصّلاة بكلام»قال:قلت:و إن التفت يمينا و شمالا أو ولّى عن القبلة؟قال:«نعم كلّ ذلك واسع،إنّما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة فإنّما عليه أن يبني على صلاته» (4).

و احتجّ أبو حنيفة (5)بما روته عائشة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف فليتوضّأ و ليبن على ما مضى من صلاته» (6).

و الجواب عن الأحاديث السّابقة:بمنع صحّة السّند،و بمعارضتها بالأخبار الّتي

ص:274


1- 1التهذيب 2:332 الحديث 1370،الاستبصار 1:401 الحديث 1533،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 9. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:251. [2]
3- 3) خالد بن سعيد:أبو سعيد القمّاط كوفيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،وثّقه النجاشيّ و المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و عدّه الشيخ في رجاله في باب الكنى من أصحاب الكاظم عليه السّلام. رجال النجاشيّ:149،رجال الطوسيّ:365،رجال العلاّمة:65. [3]
4- 4) التهذيب 2:355 الحديث 1468،الوسائل 4:1243 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 11. [4]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:169،بدائع الصنائع 1:220،الهداية للمرغينانيّ 1:59،شرح فتح القدير 1:33، نيل الأوطار 1:237.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1221،سنن البيهقيّ 2:255،نيل الأوطار 1:236،و بهذا اللفظ ينظر: الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.

أوردناها،فيبقى الدّليل العقليّ سالما.و أيضا:فالأذى و الغمز ليس بناقض،و ليس في الخبر أنّه أحدث،و قوله عليه السّلام:«ما لم ينقض الصّلاة متعمّدا»إنّما يدلّ على أنّ السّاهي لا يعيد من حيث دليل الخطاب،و ليس حجّة،و إن كان فمع عدم المعارض،و حديث أبي حنيفة ضعّفه الرّواة (1)منهم (2)،و مع تسليمه فالرّعاف و القيء ليسا بحدثين على ما مضى،و يحمل قوله عليه السّلام:«و ليتوضّأ»على غسله ما أصاب الثّوب من الدّم.

فرع:

على القول بالبناء لو انصرف من الصّلاة ليتوضّأ و يبني فأخرج باقي الحدث عامدا استأنف.و به قال الشّيخ (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال الشّافعيّ في القديم:يبني (5).

لنا:العمل بالإطلاق الدّالّ على وجوب الاستئناف مع العمد و طريقة الاحتياط.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه حدث طرأ على حدث فلا يكون مؤثّرا (6).

و الجواب:المنع من مساواة الحدثين؛إذ الأوّل غير ناقض للصّلاة بخلاف الثّاني.

مسألة:الالتفات يمينا و شمالا ينقص ثواب الصّلاة و لا يبطلها
اشارة

(7)

و عليه جمهور الفقهاء (8)،و الالتفات إلى ما وراءه يبطلها.أمّا الإبطال بالالتفات بالكلّيّة فلأنّ الاستقبال

ص:275


1- 1م،ق و ح:ضعيفة الرواة.
2- 2) قال ابن ماجه في سننه 1:386:في إسناده إسماعيل بن عيّاش و قد روى عن الحجازيّين و روايته عنهم ضعيفة.
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-158.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:170.
5- 5) المجموع 4:74-75.
6- 6) المجموع 4:75،فتح العزيز بهامش المجموع 4:8.
7- 7) غ و م:ينقض،ق و ح:لا ينقض.
8- 8) ينظر:المغني 1:696،بدائع الصنائع 1:215،المجموع 4:95،سنن البيهقيّ 2:281،نيل الأوطار 2:311 و 378.

شرط صحّة الصّلاة،و مع الالتفات بالكلّيّة يفوت الشّرط.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة أنّه سمع أبا جعفر عليه السّلام يقول:

«الالتفات يقطع الصّلاة إذا كان بكلّه» (1).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلّب وجهك عن القبلة فيفسد صلاتك،فإنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله في الفريضة فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (2).و اخشع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء و لكن حذاء وجهك في موضع سجودك» (3).

و أمّا النّقص (4)من الثّواب في الالتفات إلى أحد الجانبين مع بقاء الجسد مستقبلا،فلما رواه الجمهور،عن أبي ذرّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يزال اللّه مقبلا على العبد و هو في صلاته ما لم يلتفت،فإذا التفت انصرف عنه» (5).

و ليس ذلك للتّحريم؛لما رووه،عن ابن عبّاس،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلتفت يمينا و شمالا و لا يلوي عنقه خلف ظهره (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الملك (7)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه

ص:276


1- 1التّهذيب 2:199 الحديث 780،الاستبصار 1:405 الحديث 1543،الوسائل 4:1248 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) البقرة(2):144. [2]
3- 3) التّهذيب 2:286 الحديث 1146،الوسائل 3:227 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [3]
4- 4) م،ق و ح:النقض.
5- 5) سنن أبي داود 1:239 الحديث 909،سنن النسائيّ 3:8،سنن الدارميّ 1:331، [4]مسند أحمد 5:172، [5]المغني 1:696. [6]
6- 6) سنن النّسائيّ 3:9،مسند أحمد 1:275 و 306. [7]
7- 7) عبد الملك بن حكيم الخثعميّ الكوفيّ،قال النجاشيّ:ثقة عين،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام. و قال الشّيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه. رجال النجاشيّ:239،الفهرست:110، [8]رجال العلاّمة:115. [9]

السّلام عن الالتفات في الصّلاة أ يقطع الصّلاة؟فقال:«لا،و ما أُحبّ أن يفعل» (1).و إنّما أشار عليه السّلام بذلك إلى الالتفات يمينا و شمالا.

و عن الحلبيّ في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد إذا كان الالتفات فاحشا،و إن كنت قد تشهّدت فلا تعد» (2).

فرع:

لو التفت إلى ما وراءه ناسيا لم يعد صلاته؛لقوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ، و النّسيان،و ما استكرهوا عليه» (3).

مسألة:و يجب عليه ترك الكلام في الصّلاة
اشارة

فلو نطق بحرفين فصاعدا عمدا بطلت صلاته لا سهوا،و قد أجمع أهل العلم كافّة على أنّ من تكلّم في الصلاة عالما أنّه فيها و أنّه محرّم عليه لغير مصلحة الصّلاة و لا لأمر يوجب الكلام و لا داعيا،أنّه يبطل صلاته.

و هذه المسألة تشتمل على مطالب:

الأوّل:إبطال الصّلاة بما قد أجمعوا عليه

(4)

لما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس،إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (5).

ص:277


1- 1التّهذيب 2:200 الحديث 784،الاستبصار 1:405 الحديث 1546،الوسائل 4:1249 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:323 الحديث 1322،الاستبصار 1:405 الحديث 1547،الوسائل 4:1248 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [2]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307.
4- 4) غ:ممّا.
5- 5) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النّسائيّ 3:17،سنن الدارميّ 1:353، [3]سنن البيهقيّ 2:360.

و عن زيد بن أرقم (1):كنّا نتكلّم في الصّلاة،يكلّم أحدنا صاحبه و هو إلى جنبه حتّى نزلت وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (2)فأُمرنا بالسّكوت و نُهينا عن الكلام.رواه مسلم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام قال:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام» (4).و أراد بذلك أنّه ليس بكلام مبطل،و هو يدلّ على البطلان بما لا يناجي به الربّ تعالى.

المطلب الثّاني:لو تكلّم في الصّلاة جاهلا بتحريم الكلام في الصّلاة بطلت صلاته

(5)

خلافا للشّافعيّ (6).

لنا:أنّه تكلّم (7)متعمّدا فبطلت صلاته كالعالم،و الجهل ليس بعذر في التّكاليف (8)بل الأولى فيه زيادة العقوبة بالإعادة.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الكلام قد كان سائغا لحديث زيد،و النّسخ إنّما يثبت في حقّ من يعلم به (9).

ص:278


1- 1زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك.الأنصاريّ أبو عمرو. غزا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع عشرة غزوة و نزل الكوفة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و عن عليّ عليه السّلام،و روى عنه أنس بن مالك و أبو الطفيل،و شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام و كان من خواصّه.مات بالكوفة أيّام المختار سنة 66 ه و قيل:68 ه. الإصابة 1:560، [1]أُسد الغابة 2:219، [2]تهذيب التّهذيب 3:394، [3]رجال صحيح مسلم 1:213.
2- 2) البقرة(2):238. [4]
3- 3) صحيح مسلم 1:383 الحديث 539.
4- 4) الفقيه 1:208 الحديث 939،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4.
5- 5) م:في أثناء.
6- 6) الاُمّ 1:124،المبسوط للسرخسيّ 1:170،المغني 1:737،المجموع 4:77،بداية المجتهد 1:119.
7- 7) ح:متكلّم.
8- 8) م:التكليف.
9- 9) المغني 1:737.

و بما رواه معاوية بن الحكم السّلميّ (1)قال:بينا أنا أُصلّي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ عطس رجل من القوم فقلت:يرحمك اللّه،فرماني القوم بأبصارهم،فقلت:

و أثكل امِّياه ما شأنكم تنظرون إليّ،فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم،فلمّا رأيتهم يُصمِّتُوني سكتّ،فلمّا صلّى اللّه عليه و آله فبأبي هو و أُمّي ما رأيت معلّما قبله و لا بعده أحسن تعليما منه،فو اللّه ما كهرني و لا شتمني و لا ضربني،ثمَّ قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يَصلُح فيها شيء من كلام النّاس إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (2).

فلم يأمره بالإعادة.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من تسويغ الكلام،و لو سلّم لكنّ النّسخ لا يتوقّف على العلم به و إلاّ دار،بل على ورود الشّرع مع إمكان العلم به.

و عن الثّاني:أنّ التّسميت عندنا جائز فالنّاقض هو الكلام الثّاني.و في قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس» (3)أمر بالإعادة.

المطلب الثّالث:لو تكلّم متعمّدا لمصلحة الصّلاة بطلت صلاته

عندنا

و به قال أبو حنيفة (4)،و الشّافعيّ (5)،و أحمد في إحدى الرّوايات (6).و في الأُخرى:أنّها لا تبطل (7).و به قال مالك (8)،

ص:279


1- 1معاوية بن الحكم السّلميّ سكن المدينة،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابنه كثير، و عطاء بن يسار،و أبو سلمة بن عبد الرّحمن.أُسد الغابة 4:384، [1]تهذيب التّهذيب 10:205. [2]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النسائيّ 3:17.بتفاوت.
3- 3) صحيح مسلم 1:383 الحديث 539،سنن النّسائيّ 3:17،سنن الدّارميّ 1:353،سنن البيهقيّ 2:360.
4- 4) بداية المجتهد 1:119،حلية العلماء 2:152،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55.
5- 5) بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85، [3]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،مغني المحتاج 1:194.
6- 6) المغني 1:740،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712.
7- 7) المغني 1:740،بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85،نيل الأوطار 2:365.
8- 8) المغني 1:740،المجموع 4:85،الشرح الكبير بهامش المغني 1:713،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،حلية العلماء 2:153.

و الأوزاعيّ (1).

و في الثّالثة:إنّ صلاة الإمام المتكلّم لا تفسد و تفسد صلاة المأمومين الّذين تكلّموا (2).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على النّهي (3).

و ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«التّسبيح للرّجال و التّصفيق للنّساء» (4).و لو كان الكلام جائزا لتنبيه الإمام لاستغنى عن التّسبيح.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن الرّجل يصيبه الرّعاف و هو في الصّلاة؟فقال:«إن قدر على ماء عنده يمينا و شمالا بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه،ثمَّ ليصلّ ما بقي من صلاته، و إن لم يقدر على ماء حتّى ينصرف بوجهه أو يتكلّم فقد قطع صلاته» (5).و لأنّه كلام ليس من الصّلاة فأشبه غير المتعلّق بمصلحتها.

احتجّوا (6)بما رواه أبو هريرة،قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة

ص:280


1- 1نيل الأوطار 2:365.
2- 2) المغني 1:740،الشرح الكبير بهامش المغني 1:713.
3- 3) صحيح مسلم 1:381 باب تحريم الكلام في الصّلاة،سنن أبي داود 1:249 باب النهي عن الكلام في الصلاة،سنن النّسائيّ 3:14 باب الكلام في الصّلاة. و من طريق الخاصّة ينظر:الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:79-80،صحيح مسلم 1:318 الحديث 422،سنن ابن ماجه 1:329 الحديث 1034. سنن أبي داود 1:247 الحديث 939،سنن الترمذيّ 2:205 الحديث 369،سنن النسائيّ 3:11،سنن الدّارميّ 1:317، [1]مسند أحمد 2:261،376،432،440 و 473. [2]
5- 5) التّهذيب 2:200 الحديث 783،الاستبصار 1:404 الحديث 1541،الوسائل 4:1245 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [3]
6- 6) بداية المجتهد 1:119،المهذّب للشيرازيّ 1:87،المغني 1:740.

العصر فسلّم في ركعتين،فقام ذو اليدين (1)فقال:أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟ فأقبل على القوم و قال:«أصدق ذو اليدين؟»فقالوا:نعم،فأتمّ ما بقي من صلاته و سجد و هو جالس بعد التّسليم (2).

و الجواب:أنّ هذا الحديث مردود لوجوه:

أحدها:أنّه يتضمّن إثبات السّهو في حقّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو محال عقلا، و قد بيّناه في كتب الكلام (3).

الثّاني:أنّ أبا هريرة أسلم بعد أن مات ذو اليدين بسنين،فإنّ ذا اليدين قتل يوم بدر و ذلك بعد الهجرة بسنتين (4)،و أسلم أبو هريرة بعد الهجرة بسبع سنين (5).

و اعترض على هذا بأنّ الّذي قتل يوم بدر ذو الشّمالين،و اسمه عمير بن عبد

ص:281


1- 1ذو اليدين و اسمه الخرباق من بني سليم،قال ابن الأثير و ابن حجر في ترجمته:ليس هو ذا الشمالين،ذو الشمالين قتل يوم بدر،و لكنّهما قالا في ترجمة عبد عمرو بن نضلة الخزاعيّ:قيل:هو اسم ذي اليدين وقع ذلك في رواية محمّد بن كثير عن الأوزاعيّ.عن أبي هريرة قال:سلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الركعتين،فقام عبد عمرو بن نضلة رجل من خزاعة حليف لبني زهرة قال:أ قصرت الصلاة أم نسيت؟ثمَّ أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على الناس فقال:أصدق ذو الشمالين.و صريح هذا الحديث أنّ ذا اليدين و ذا الشمالين رجل واحد،و هو الذي قتل ببدر،و هذا ينافي الحديث الذي رواه أبو هريرة حيث إنّه أسلم عام خيبر و هي بعد بدر بخمس سنين. الإصابة 1:489 و ج 2:429، [1]أُسد الغابة 2:145 و ج 3:330. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:183 و ج 2:85-86 و ج 8:20،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن ابن ماجه 1:383 الحديث 1214،الموطّأ 1:93-94، [3]سنن النسائيّ 3:20-25،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399،مسند أحمد 2:423 و ص 459-460. [4]
3- 3) الرسالة السعديّة:72،كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد:274،نهج المسترشدين:59.
4- 4) ق و ح:لسنتين.
5- 5) كان إسلام أبي هريرة في عام خيبر سنة سبع من الهجرة. ينظر الإصابة 2:429، [5]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:491، [6]سير أعلام النبلاء 2:583.

عمرو بن نضلة الخزاعيّ (1)،و ذو اليدين عاش بعد وفاة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مات في أيّام معاوية،قال:و قبره بذي خشب و اسمه الخرباق،و الدّليل عليه أنّ عمران بن حُصين روى هذا الحديث،فقال فيه:فقام الخرباق (2)فقال:أ قُصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه (3)؟.و أُجيب بأنّ الأوزاعيّ روى فقال:فقام ذو الشّمالين فقال:

أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟و ذو الشّمالين قتل يوم بدر لا محالة (4).

و روى الأصحاب أنّ ذا اليدين كان يقال له:ذو الشّمالين.رواه سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

الثّالث:أنّه قد روي في هذا الخبر أنّ ذا اليدين قال:أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟فقال:«كلّ ذلك لم يكن» (6).

و روي أنّه عليه السّلام قال:«إنّما أسهو لابيّن (7)لكم» (8).

ص:282


1- 1ذو الشمالين:عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن غسّان بن مالك بن أفصى الخزاعيّ.و يقال:اسمه عبد عمرو و هو الذي قتل ببدر،و هو الذي وقع في قصّة السهو للصلاة.و قد عرفت في ترجمة عبد عمرو بن نضلة أنّه اسم ذي اليدين. الإصابة 1:486، [1]أُسد الغابة 2:141. [2]
2- 2) قد عرفت أنّ خرباق هو اسم ذي اليدين.
3- 3) صحيح مسلم 1:404 الحديث 574،سنن ابن ماجه 1:384 الحديث 1215.
4- 4) للاطّلاع على اختلاف ألفاظ الحديث و ما فيه من المناقشة ينظر:إرشاد الساري 2:365،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:240،المجموع 4:87،الاُمّ 1:123-124.
5- 5) ينظر:الكافي 3:357 الحديث 6، [3]التهذيب 2:345 الحديث 1433،الوسائل 5:311 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 16. [4]
6- 6) صحيح مسلم 1:404 الحديث 573،مسند أحمد 2:459-460، [5]الموطّأ 1:94 الحديث 59، [6]سنن النسائيّ 3:22.
7- 7) م و ن:لأُسنّ.
8- 8) أورده الشيخ في الخلاف 1:144 مسألة-154،و قريب منه في موطّإ مالك 1:100 الحديث 2.

و روي أيضا:أنّه قال:«لم أنس و لم تقصر الصّلاة» (1).

المطلب الرّابع:لو تكلّم عامدا لمصلحة لا يتعلّق بالصّلاة بطلت صلاته

ذهب إليه علماؤنا،كما لو خشي على ضرير أو صبيّ التردّي في الهلكة،أو رأى حيّة و نحوها تقصد غافلا أو نائما و لا يمكنه التّنبيه بالتّسبيح.و به قال الأوزاعيّ (2)،و سعيد بن المسيّب، و النّخعيّ،و حمّاد بن أبي سليمان (3)،و بعض الشّافعيّة (4).و قال أحمد (5)،و بعض الشّافعيّة:

لا تبطل الصّلاة بذلك (6).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على النّهي (7).

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه يحدث من أمره ما يشاء،و إنّ اللّه قد أحدث أن لا تكلّموا في الصّلاة» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هو في الصّلاة؟فقال:«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها» (9).

ص:283


1- 1سنن النّسائيّ 3:20-21.
2- 2) كذا نسب إليه و الموجود في المصادر خلاف ذلك،ينظر:حلية العلماء 2:153-154،المجموع 4:85،المغني 1: 740،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،ميزان الكبرى 1:158،بداية المجتهد 1:119.
3- 3) المجموع 4:85.
4- 4) المغني 1:739،المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:82. [1]
5- 5) المغني 1:739،الشرح الكبير بهامش المغني 1:715.
6- 6) المغني 1:739،الشرح الكبير بهامش المغني 1:715،المهذّب للشيرازيّ 1:87،حلية العلماء 2:154.
7- 7) صحيح مسلم 1:381 باب تحريم الكلام في الصّلاة،سنن أبي داود 1:249 باب النهي عن الكلام في الصّلاة، سنن النسائيّ 3:14 باب الكلام في الصّلاة. و من طريق الخاصّة ينظر:الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة. [2]
8- 8) صحيح البخاريّ 9:187،سنن أبي داود 1:243 الحديث 924،سنن النسائيّ 3:19،مسند أحمد 1: 377 و 435. [3]
9- 9) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [4]

و عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال في رجل يصلّي و يرى الصّبيّ يحبو إلى النّار،أو الشّاة تدخل البيت لتفسد الشّيء قال:

«فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف و يبني على صلاته ما لم يتكلّم» (1).و لأنّه تكلّم متعمّدا بما لا يتعلّق بالصّلاة و ليس منها،فأشبه ما إذا لم يتعلّق بالمصلحة.

احتجّوا (2)بأنّه كلام واجب (3).

و الجواب:المنع من كون الواجب غير مبطل.

المطلب الخامس:لو تكلّم في الصّلاة مجيبا للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بطلت صلاته و إن كان واجبا

خلافا للشّافعيّ (4).

لنا:العموم الدالّ على إبطال الصّلاة بالكلام العمد،و لأنّه يجري مجرى تنبيه المتردّي و في تلك الصّورة تبطل الصّلاة عند أكثر الشّافعيّة فكذا هنا.أجابوا بالفرق؛لأنّ ذلك ليس بمتحقّق،لجواز أن لا يقع الأعمى بخلاف إجابة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإنّها متحقّقة (5).

و ليس بجيّد؛لأنّ ذلك لا يمنع الوجوب،بل الإنذار واجب فساوى إجابة النّبي صلّى اللّه عليه و آله.

احتجّ الشّافعيّ (6)بما رواه أبو هريرة قال:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ابيّ بن كعب و هو يصلّي في المسجد فقال:«السّلام عليك يا ابيّ»فالتفت إليه أُبيّ فلم يجبه، ثمَّ خفّف الصّلاة،فلمّا انصرف أتى (7)النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:السّلام عليك

ص:284


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1375،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) ح:احتجّ المخالف.
3- 3) المغني 1:739،المهذّب للشيرازيّ 1:87.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
7- 7) ح:رأى.

يا رسول اللّه (1)،فقال:«و عليك السّلام،ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟»فقال:

يا رسول اللّه كنت أُصلّي،قال:«[أ] (2)فلم تجد فيما أوحي إليّ اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ؟ (3)»قال:بلى يا رسول اللّه لا أعود (4).

و الجواب:أنّه ليس محلّ النّزاع؛إذ ردّ السّلام عندنا واجب غير مبطل على ما يأتي.

المطلب السّادس:لو تكلّم مكرها ففي الإبطال به تردّد

ينشأ من كون النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بينه و بين النّاسي في العفو (5)،و الأقرب البطلان،لأنّه تكلّم عامدا بما ليس من الصّلاة،و الإكراه لا يخرج الفعل عن التعمّد و يقتضي (6)إبطال الصّلاة، كما لو اكره على زيادة ثالثة في الفجر،أو على زيادة ركوع في ركعة،و رفع المؤاخذة لا ينافي ذلك،إذ لو تكلّم غير مكره لكان معاقبا بخلاف المكره و إن اشتركا في الإبطال.

المطلب السّابع:لو تكلّم في الصّلاة ناسيا أنّه فيها لم تبطل صلاته

و عليه علماؤنا، و به قال الشّافعيّ (7)،و مالك (8)،و الأوزاعيّ،و إسحاق (9)،و أحمد (10)،و أبو ثور (11).و قال أبو حنيفة:يبطل ذلك الصّلاة (12).

ص:285


1- 1أكثر النّسخ:يا نبيّ اللّه.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) الأنفال(8):24. [1]
4- 4) سنن الترمذيّ 5:155 الحديث 2875،المجموع 4:81.
5- 5) ينظر:الوسائل 4:1284 الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة.و من طريق العامّة:سنن ابن ماجه 1:659.
6- 6) في النسخ:لا يقتضي،حذفنا كلمة«لا»لاقتضاء السياق.
7- 7) الاُمّ 1:125،المبسوط للسرخسيّ 1:170،بدائع الصنائع 1:233،المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،الهداية للمرغينانيّ 1:61،بداية المجتهد 1:119،حلية العلماء 2:152.
8- 8) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.
9- 9) المجموع 4:85.
10- 10) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.
11- 11) المجموع 4:85.
12- 12) الهداية للمرغينانيّ 1:61،بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.

لنا:إلزام الخصم بحديث ذي الشّمالين (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يتكلّم ناسيا في الصّلاة يقول:أقيموا صفوفكم؟ قال:«يتمّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتين»فقلت:سجدتي (2)السّهو قبل التّسليم هما أو بعده؟ قال:«بعده» (3).

احتجّ المخالف (4)بعموم النّهي في قوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الادميّين» (5).و لأنّ عمده يبطل الصّلاة فكذلك سهوه كالحدث.

و الجواب عن الحديث:أنّه لا دلالة فيه؛لأنّ الكلام لا يصلح في الصّلاة و ليس في الحديث ذكر الصّلاة الّتي وقع فيها.

و عن القياس بالفرق،فإنّ الحدث يبطل الطّهارة أو يوجبها و ليس ممّا حرّمته (6)الصّلاة.

المطلب الثّامن:لو ظنّ إتمام الصّلاة فتكلّم لم تفسد صلاته

خلافا للشّيخ في بعض

ص:286


1- 1صحيح البخاريّ 1:183 و ج 2:85 و ج 8:20،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن ابن ماجه 1: 383 الحديث 1214،الموطّأ 1:93،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399، [1]سنن الدارميّ 1:351،مسند أحمد 2:423، [2]سنن النسائيّ 3:20.
2- 2) ن:سجدتا.
3- 3) التّهذيب 2:191 الحديث 755،الاستبصار 1:378 الحديث 1433،الوسائل 5:313 الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 1 و [3]الباب 5 من نفس الأبواب الحديث 1.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:170-171،الهداية للمرغيناني 1:61،بدائع الصنائع 1:233،المجموع 4:86، شرح فتح القدير 1:344.
5- 5) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447-448.
6- 6) ق و ح:بما جرت.

أقواله (1)،و لأحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و لأصحاب الرّأي (3).

لنا:أنّه داخل في حيّز النّسيان فيدخل تحت قوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ،و النّسيان» (4).و رواية ذي اليدين و إن لم تكن حجّة لنا فهي في معرض الإلزام (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الرّجل يسهو في الرّكعتين و يتكلّم،قال:«يتمّ ما بقي من صلاته تكلّم أو لم يتكلّم و لا شيء عليه» (6).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ الصّلاة و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين قال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (7).

قال الشّيخ في المبسوط:و قد روي أنّه يقطع الصّلاة قال:و الأوّل أحوط (8).

احتجّوا بالمنع المطلق (9).

ص:287


1- 1كذا نسب إليه،و نسبه في الحدائق 9:23 أيضا إلى الشيخ حيث قال:«و ذهب الشيخ في النهاية إلى البطلان».و لم نعثر عليه في النهاية.
2- 2) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
3- 3) المغني 1:738،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
4- 4) ينظر:سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2043 و 2045. و من طريق الخاصّة:الوسائل 4:1284 الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
5- 5) م:الالتزام.
6- 6) التّهذيب 2:191 الحديث 756،الاستبصار 1:378 الحديث 1434،الوسائل 5:308 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 5. [2]
7- 7) التّهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 9. [3]
8- 8) المبسوط 1:118. [4]
9- 9) المغني 1:738،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 1:710،المجموع 4:85.

و الجواب:العمل بالخاصّ أولى،و هو معارض (1)بما نقل عن جماعة من الصّحابة أنّهم تكلّموا بعد التّسليم بظنّ الإتمام ثمَّ أتمّوا مع الذّكر،كالزّبير،و ابنيه عبد اللّه و عروة، و صوّبهم ابن عبّاس (2)و لم ينكر فكان إجماعا.

فرع:

لا فرق بين قليل الكلام و كثيره في الإبطال مع العمد و عدمه مع السهو،خلافا للشافعيّ،فإنّه أبطل بالكلام الكثير و إن صدر عن سهو (3).

لنا:عموم رفع السّهو،و ما رواه الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و الرّجل يذكر بعد ما قام و تكلّم و مضى في حوائجه أنّه إنّما صلّى ركعتين في الظّهر و العصر و العتمة و المغرب،قال:«يبني على صلاته فيتمّها و لو بلغ الصّين و لا يعيد» (4).و لأنّه سهو فكان معفوّا عنه كالقليل.

احتجّ الشّافعيّ بالقياس على الفعل الكثير (5).

و الجواب:منع الحكم في الأصل،و الفرق بأنّ الفعل آكد،كما أنّ عتق المجنون لا ينفذ و أفعاله من الجنايات ينفذ،و لأنّ القليل من الفعل معفوّ عنه مع العمد بخلاف الكلام، فحصل الفرق و هو كاف في إبطال القياس.

المطلب التّاسع:لو سلّم في الرّكعتين الأوّلتين ناسيا قام

فأتمّ صلاته و سجد للسّهو

و عليه علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (6)،

ص:288


1- 1ن و م:يعارض.
2- 2) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:170،بدائع الصنائع 1:233،المغني 1:739،المجموع 4:85.
4- 4) التّهذيب 2:192 الحديث 758،الاستبصار 1:379 الحديث 1437،الوسائل 5:312 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 20. [1]
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 4:112.
6- 6) المجموع 4:126.

و أبو حنيفة (1)،و أحمد (2).و قال سعيد بن المسيّب،و النّخعيّ،و حمّاد بن أبي سليمان:تبطل صلاته (3).

لنا:رواية ذي اليدين (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ صلاته و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين فقال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (5).

و كذا لو سلّم في ركعة واحدة.

المطلب العاشر:لو نام فتكلّم بطلت صلاته عندنا بالنّوم لا بالكلام

(6)

و قال أحمد:

لا تبطل؛لأنّ القلم مرفوع عنه (7).

و الجواب:رفع القلم يبطل التكليف فلا يصحّ صلاته فهو حجّة لنا،و الأصل في ذلك أنّ النّوم ناقض للطّهارة و أنّ نواقض الطّهارة مبطلة للصّلاة و قد تقدّم (8).

المطلب الحادي عشر:الكلام جنس يقع على القليل و الكثير

و الكلم جمع كلمة، و أقلّ ما يتركّب (9)منه الكلمة حرفان؛لأنّ سيبويه قسّم الكلمة إلى اسم،و فعل،و حرف و يدخل فيه مثل:أب،و أخ،و كُل،و قُم،و قَد،و عَن،فلو قال:لا،أفسد صلاته؛لأنّها

ص:289


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:76،المحلّى 4:160.
2- 2) المغني 1:700،الكافي لابن قدامة 1:208.
3- 3) المغني 1:737،المجموع 4:85،نيل الأوطار 2:360.
4- 4) مرّت في ص 281 رقم 2. [1]
5- 5) التّهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 9. [2]
6- 6) ح:للنوم.
7- 7) المغني 1:738،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:714.
8- 8) يراجع:ص 270.
9- 9) ق و ح:تركّب.

حرفان:لام،و ألف،و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته قاله الشّيخ (1).و به قال الشّافعيّ (2)، و أحمد في إحدى الرّوايتين.و في الأُخرى:لا يفسد صلاته مطلقا.و في أُخرى عنه:يفسد صلاته مطلقا (3).

لنا:أنّه مع انتظامه من حرفين يسمّى كلاما على ما مرّ،و بدونه لا يعدّ كلاما.

و احتجّ المخالف بقول ابن عبّاس:من نفخ في الصّلاة فقد تكلّم (4).

و الجواب:أنّه محمول على الإتيان بالحرفين.

فروع:
الأوّل:لو تكلّم بحرف واحد لم تبطل صلاته إجماعا

لأنّه لا يسمّى كلاما، إلاّ أن يكون مفيدا،كالأفعال الثلاثيّة المعتلّة الطرفين إذا أمر بها مثل:

ق و ع و ش،فإنّ عندي فيها تردّد،و الوجه إبطال الصّلاة بها؛لوجود مسمّى الكلام فيها.

الثّاني:لو نفخ موضع سجوده بحرفين أبطل صلاته

خلافا لأبي حنيفة،فإنّه قال:

النّفخ مطلقا لا يبطل إلاّ أن يكون مسموعا (5)،و لأحمد في السّجود خاصّة (6).

لنا:أنّه كلام فكان مبطلا.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه متى لم يسمع لم يعدّ كلاما (7).

ص:290


1- 1الخلاف 1:145 مسألة-155.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:89،مغني المحتاج 1:195،السراج الوهّاج:56.
3- 3) المغني 1:741،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717،المجموع 4:89،الإنصاف 2:138.
4- 4) المغني 1:741،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717،المجموع 4:89.
5- 5) بدائع الصنائع 1:234،المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.
6- 6) المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:234،المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.

و احتجّ أحمد (1)بما رواه عبد اللّه بن عمرو (2)قال:انكسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصف صلاته إلى أن قال:ثمَّ نفخ في سجوده فقال:«أف أف» (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه إن أراد ما لا يسمعه الإنسان من نفسه فليس بنفخ،و إن أراد ما لا يسمعه الغير فهو ممنوع؛إذ ما أبطل الإجهار به أبطل الإسرار به كالكلام.

و عن الثّاني:لعلّ النّفخ لم يكن بحرفين.

الثّالث:لو تنحنح بحرفين و سُمّي كلاما أبطل الصّلاة و إلاّ فلا

و قال بعض الجمهور:

لا تبطل الصّلاة مطلقا (4)؛لأنّ عليّا عليه السّلام قال:«كانت لي ساعة في السّحر أدخل فيها على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإن كان في صلاة تنحنح و كان ذلك إذني،و إن لم يكن في الصّلاة أذِنَ لي» (5).رواه الخلاّل بإسناده.و الوجه عندي اعتبار اسم الكلام.

الرّابع:قال الشّيخ:لو تأوّه بحرفين أبطل الصّلاة

(6)و به قال الشّافعيّ (7).

و قال أبو حنيفة:إن تأوّه من خشية اللّه تعالى لم تفسد صلاته و لو كان بحرفين، و يبطلها لو كان بغير ذلك (8).و كذا الخلاف في الأنين.

لنا:أنّه مع تسميته كلاما يدخل تحت عموم النّهي.

ص:291


1- 1المغني 1:742.
2- 2) عبد اللّه بن عمرو بن الحضرميّ حجازيّ حليف بني أُميّة،ولد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،روى عن عمر بن الخطّاب،و روى عنه السائب بن يزيد. أُسد الغابة 3:233، [1]تهذيب التّهذيب 5:341. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:310 الحديث 1194،سنن البيهقيّ 2:252.
4- 4) المغني 1:742، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 1:718. [4]
5- 5) سنن النّسائيّ 3:12،سنن البيهقيّ 2:247،المغني 1:742.
6- 6) المبسوط 1:118، [5]الخلاف 1:145 مسألة-155.
7- 7) المجموع 4:89،مغني المحتاج 1:195.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:61،بدائع الصنائع 1:235،المجموع 4:89،شرح فتح القدير 1:345.

و قد روى الشّيخ،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه (1)السّلام قال:«مَن أنَّ في صلاته فقد تكلّم» (2).و يحمل ذلك على الإتيان بحرفين.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ اللّه تعالى وصف إبراهيم عليه السّلام بالأوّاه (3)فكان ذكرا و الذّكر غير مبطل (4).

و الجواب:المدح لا يقتضي جواز فعله في الصّلاة كالمدح على الأفعال الكثيرة الحسنة المنافية للصّلاة كالكلمة الطيّبة.

المطلب الثّاني عشر:لا بأس بأصناف الكلام الّذي يناجي به الربّ تعالى

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن مهزيار قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي ربّه؟قال:«نعم» (5).

و عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أُسمّي الأئمّة عليهم السّلام في الصّلاة،قال:«أجملهم» (6).و من هذا الباب كلّ ذكر يقصد به تنبيه غيره.

مسألة:و يجب عليه ترك الضّحك في الصّلاة لا التّبسّم

فلو قهقه عمدا بطلت صلاته،سواء بان حرفان أو لا.و هو مذهب أهل العلم كافّة،و كذا الاتّفاق وقع على أنّ التّبسّم لا يبطل الصّلاة عمدا و سهوا.

روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من قهقه فليعد صلاته» (7).

و عن جابر بن عبد اللّه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«القهقهة تنقض الصّلاة

ص:292


1- 1ن،م و غ:عليهم.
2- 2) التّهذيب 2:330 الحديث 1356،الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [1]
3- 3) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ .التّوبة(9):114. إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ .هود(11):75. [2]
4- 4) بدائع الصنائع 1:235.
5- 5) التّهذيب 2:326 الحديث 1337،الوسائل 4:1262 الباب 13 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
6- 6) التّهذيب 2:326 الحديث 1338،الوسائل 4:913 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 1. [4]
7- 7) سنن الدار قطنيّ 1:167 الحديث 22.و فيه:«من كان منكم قهقه فليعد الوضوء و الصّلاة».

و لا تنقض الوضوء».رواه الدّار قطني (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصّلاة» (2).

و في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الضّحك هل يقطع الصّلاة؟قال:«أمّا التّبسّم فلا يقطع الصّلاة،و أمّا القهقهة فهي تقطع الصّلاة» (3).

مسألة:و يجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصّلاة
اشارة

فلو فعله عامدا بطلت صلاته.و هو قول أهل العلم كافّة؛لأنّه يخرج به عن كونه مصلّيا،و القليل لا يبطل الصّلاة بالإجماع.

روى أبو رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل عقربا و هو يصلّي (4).

و عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بقتل الأسودين في الصّلاة الحيّة و العقرب (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحسين بن أبي العلاء قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يرى الحيّة و العقرب و هو يصلّي المكتوبة؟ قال:«يقتلها» (6).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل

ص:293


1- 1سنن الدار قطنيّ 1:173 الحديث 58 و فيه:«الضحك ينقض الوضوء و لا ينقض الصلاة».و [1]بهذا اللفظ ينظر: المغني 1:741.
2- 2) التّهذيب 2:324 الحديث 1324،الوسائل 4:1252 الباب 7 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:324 الحديث 1325،الوسائل 4:1253 الباب 7 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
4- 4) سنن ابن ماجة 1:395 الحديث 1247.
5- 5) سنن أبي داود 1:242 الحديث 921، [4]سنن النسائيّ 3:10،سنن الدارميّ 1:354، [5]سنن البيهقيّ 2:266، مسند أحمد 2:284. [6]
6- 6) التّهذيب 2:330 الحديث 1357،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [7]

يكون في الصّلاة فيرى الحيّة و العقرب يقتلهما إن آذياه؟قال:«نعم» (1).

و في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرّجل يقتل البقّة و البرغوث و القملة (2)و الذّباب في الصّلاة أ تنقض صلاته و وضوءه؟قال«لا» (3).

و لم يحدّ الشّارع القلّة و الكثرة،فالمرجع في ذلك إلى العادة،و كلّ ما ثبت أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام فعلوه في الصّلاة أو أمروا به فهو من (4)حيّز القليل،كقتل البرغوث و الحيّة و العقرب.

و كما روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يحمل امامة بنت أبي العاص،فكان إذا سجد وضعها و إذا قام رفعها (5).

فروع:
الأوّل:قتل الحيّة و العقرب في الصّلاة غير مكروه

خلافا للنخعيّ (6).

لنا:رواية أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر بقتل الأسودين في الصّلاة (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (8).

ص:294


1- 1التّهذيب 2:330 الحديث 1358،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) ن و م:النملة.
3- 3) التّهذيب 2:330 الحديث 1359،الوسائل 4:1270 الباب 20 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) كذا في النسخ و لعلّ الأنسب:في.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:137،صحيح مسلم 1:358 الحديث 543،سنن أبي داود 1:241 الحديث 917،الموطّأ 1:170 الحديث 81، [3]سنن النّسائيّ 3:10،سنن الدارميّ 1:316، [4]سنن البيهقيّ 2:262.
6- 6) المغني 1:699،الشرح الكبير بهامش المغني 1:646،المجموع 4:105،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1: 56،حلية العلماء 2:158-159،ميزان الكبرى 1:160.
7- 7) تقدّمت في ص 293. [5]
8- 8) يراجع:ص 293.
الثّاني لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها و هي تصلّي فترضعه و هي تتشهّد

الثّاني:روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها و هي تصلّي فترضعه و هي تتشهّد» (1).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يكون في الصّلاة فيقرأ (2)فيرى حيّة بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟قال:«إن كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها و إلاّ فلا» (3).

صلاة الرجل قائما و إلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم و معه عصا له فأراد أن يتناولها فناولها المصلي له

الثّالث:روى الشّيخ،عن زكريّا الأعور (4)قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلّي قائما و إلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم و معه عصا له فأراد أن يتناولها،فانحطّ أبو الحسن عليه السّلام و هو قائم في صلاته فناول الرّجل العصا،ثمَّ عاد إلى صلاته (5).

الرّابع:لا بأس أن يعدّ الرّجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصى و شبهه

و عليه علماؤنا أجمع،بشرط أن لا يتلفّظ بل يعقده في ضميره و ليس مكروها، و به قال أهل العلم كافّة إلاّ أبا حنيفة فإنّه كرهه (6)،و كذا الشّافعيّ (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه عدّ الفاتحة في الصّلاة

ص:295


1- 1التّهذيب 2:330 الحديث 1355،الوسائل 4:1274 الباب 24 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]في الوسائل:و [2]ترضعه،و في التهذيب:أو ترضعه.
2- 2) توجد في هامش ح،و في الوسائل. [3]
3- 3) التّهذيب 2:331 الحديث 1364،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [4]
4- 4) زكريّا الأعور روى عن أبي الحسن عليه السّلام و روى عنه عليّ بن الحسن الرباطيّ في التهذيب 2:332 الحديث 1369.و في الفقيه 1:243 الحديث 1079.قال المحقّق الخوئيّ:و الظاهر وقوع التحريف(فيهما)و الصحيح: أبو زكريّا الأعور.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام و قال:ثقة روى عنه عليّ بن رباط. رجال الطوسيّ:365،معجم رجال الحديث 7:273. [5]
5- 5) التّهذيب 2:332 الحديث 1369،الوسائل 4:704 الباب 12 من أبواب القيام الحديث 1. [6]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:65،المغني 1:698،الشرح الكبير بهامش المغني 1:645،بدائع الصنائع 1:216، المجموع 4:100،الجامع الصغير للشيبانيّ:100،حلية العلماء 2:159.
7- 7) المغني 1:698،الشرح الكبير بهامش المغني 1:645،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:100،فتح العزيز بهامش المجموع 4:130،حلية العلماء 2:159.

و قطعها (1)،و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يفعل مكروها.

و عنه عليه السّلام أنّه كان يسبّح ثلاث تسبيحات و هو إنّما يكون بالعدد (2).

و عن أبي الدّرداء قال:إنّي لأدعو في صلاتي لسبعين رجلا من إخواني (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن عبد اللّه بن المغيرة أنّه قال عليه السّلام:«لا بأس أن يعدّ الرّجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذ بيده (4)فيعدّ به» (5).

احتجّ القائلون بالكراهية بأنّه عمل ليس من الصّلاة فكان مكروها كمسح الوجه (6).

و الجواب:الفرق موجود؛إذ هو و إن لم يكن من أعمال الصّلاة لكن فيه غرض مطلوب شرعا،و هو حفظ الرّكعات عن السّهو بخلاف مسح الوجه.

الخامس:البكاء جائز في الصّلاة إن كان خوفا من اللّه تعالى و خشية من النّار

لا يقطعها عمدا و لا سهوا،و إن كان لأُمور الدّنيا لم يجز و أبطل الصّلاة،سواء غلب عليه أو لا.

و يدلّ على جواز الأوّل قوله تعالى إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا (7).

و روى الجمهور،عن مُطرّف (8)،عن أبيه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:296


1- 1سنن الترمذي 5:185 الحديث 2927،كنز العمّال 7:52 الحديث 17911 و 17913.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 888،سنن أبي داود 1:230 الحديث 870،سنن الدار قطنيّ 1:341 الحديث 1.
3- 3) سنن البيهقيّ 2:245.و فيه:لثلاثين رجلا.
4- 4) ح و ن:يحصي بأحد يديه.
5- 5) الفقيه 1:224 الحديث 987،الوسائل 5:343 الباب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 3. [1]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:65.
7- 7) مريم(19):58. [2]
8- 8) مُطَرِّف بن عبد اللّه بن الشّخِّير العامريّ أبو عبد اللّه البصريّ،روى عن أبيه و عليّ عليه السّلام و عمّار و أبي ذرّ. و روى عنه أخوه و حميد بن هلال و ثابت البنانيّ.مات سنة 95 ه. تهذيب التّهذيب 10:173، [3]العبر 1:84. [4]

و لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (1).رواه الخلاّل.قال أبو عبيد (2)(3):الأزيز غليان صدره و حركته بالبكاء.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن منصور بن يونس بزرج أنّه سأل الصّادق عليه السّلام:عن الرّجل يتباكى في الصّلاة المفروضة حتّى يبكي فقال:«قرّة عين و اللّه»و قال:«إذا كان ذلك فاذكرني عنده» (4).«و كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين،عين بكت من خشية اللّه،و عين غضّت عن محارم اللّه،و عين باتت ساهرة في سبيل اللّه» (5).

و أمّا المنع من الثّاني:فلأنّه ليس من أفعال الصّلاة،فكان قاطعا كالكلام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن النّعمان بن عبد السّلام (6)،عن أبي حنيفة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البكاء في الصّلاة أ يقطع الصّلاة؟قال:«إن بكى لذكر جنّة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصّلاة،و إن كان لذكر ميّت له فصلاته فاسدة» (7).

ص:297


1- 1سنن أبي داود 1:238 الحديث 904،سنن النّسائيّ 3:13،الصحاح 3:864، [1]النهاية لابن الأثير 1:45، [2]مسند أحمد 4:25 و 26. [3]
2- 2) ح:أبو عبيدة.
3- 3) يمكن أن يكون المراد منه:أبو عبيد البغداديّ اللغويّ الفقيه و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:44.و يحتمل أن يكون المراد منه:أبو عبيدة معمّر بن المثنّى اللغويّ البصريّ الذي صنّف كتاب غريب الحديث و هو غير موجود لدينا،و مضت ترجمته أيضا في الجزء الأوّل:114.
4- 4) الفقيه 1:208 الحديث 940،الوسائل 4:1250 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:208 الحديث 942،الوسائل 4:1251 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [5]
6- 6) النعمان بن عبد السّلام،روى عنه سليمان بن داود،و روى عن أبي حنيفة. قال المحقّق المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فحاله مجهول.و قال ابن حجر في ترجمته:النعمان بن عبد السلام بن حبيب بن حطيط.أبو المنذر الأصبهانيّ أصله من نيسابور ثمَّ صار إلى البصرة فتفقّه. روى عن سلمة بن وردان و أبي خلدة.و روى عنه جمع.مات سنة 83 ه. تنقيح المقال 3:273، [6]جامع الرواة 2:295، [7]تهذيب التهذيب 10:454. [8]
7- 7) التّهذيب 2:317 الحديث 1295،الاستبصار 1:408 الحديث 1558،الوسائل 4:1251 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [9]
مسألة:و يجب عليه ترك التّكفير في الصّلاة
اشارة

و هو وضع اليمين على الشّمال حال القراءة،فلو فعله بطلت صلاته.ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و قال أبو الصّلاح:هو مكروه (2)، و هو قول مالك (3)،و ابن الزّبير (4)،و الحسن البصريّ (5).و قال الشّافعيّ (6)،و أحمد (7)، و أصحاب الرّأي:هو مستحبّ (8).

و قد استدلّ الشّيخ (9)،و السيّد المرتضى على ذلك بالإجماع (10).

لنا:أنّه فعل كثير ليس من أفعال الصّلاة فيكون مبطلا.و لأنّ أفعال الصّلاة متلقّاة عن الشّرع،و ليس هناك ما يدلّ على تشريعه.و لأنّ الاحتياط يقتضي ترك ما وقع الخلاف في كونه مبطلا.و لما رواه الشّيخ،عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام

ص:298


1- 1منهم:عليّ بن بابويه نقله عنه في المعتبر 2:256،و [1]ابنه محمّد بن عليّ في المقنع:23،و المفيد في المقنعة:16،و السيّد المرتضى في الانتصار:41،و الطوسيّ في النهاية:73 و المبسوط 1:117 و الخلاف 1:109 مسألة-74، و ابن البرّاج في المهذّب 1:97،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن إدريس في السرائر:50.
2- 2) الكافي في الفقه:125. [2]
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:47، [3]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:312،فتح العزيز بهامش المجموع 3:274،ميزان الكبرى 1:138،عمدة القارئ 5:279،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:41،نيل الأوطار 2:201.
4- 4) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311،عمدة القارئ 5:279،نيل الأوطار 2:201.
5- 5) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311،عمدة القارئ 5:279،نيل الأوطار 2:201.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:47، [4]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 3:273-274، [6]عمدة القارئ 5:279.
7- 7) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311، [7]عمدة القارئ 5:279.
8- 8) بدائع الصنائع 1:201،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [8]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549، المجموع 3:311، [9]عمدة القارئ 5:279.
9- 9) الخلاف 1:109 مسألة-74.
10- 10) الانتصار:41.

قال:«لا تكفّر إنّما يصنع ذلك المجوس» (1).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت:الرجل يضع يده في الصّلاة و حكى اليمنى على اليسرى؟فقال:«ذلك التّكفير لا يفعله» (2).

و النّهي يدلّ على التّحريم؛و لأنّه سنّة المجوس فيجب تركه،لقوله عليه السّلام:

«خالفوهم» (3).و الأمر للوجوب.

اعترض بعض المتأخّرين بمنع الإجماع،لوجود المخالف.و على الأوّل بأنّ وضع اليدين على الرّكبتين ليس بواجب و لم يتناول النّهي وضعهما في موضع معيّن فكان للمكلّف وضعهما كيف شاء.

و على الثّاني:بأنّه كما لم يثبت تشريع الوضع لم يثبت تحريمه،و عدم التّشريع لا يقتضي التّحريم؛لعدم دلالته على التّحريم (4).

و على الثّالث:بأنّ الاحتياط إنّما يتمّ إذا لم يوجد دليل الجواز و قد وجد،و هو الأمر بمطلق الصّلاة.

و أيضا:الاحتياط إنّما يكون إذا لم يعلم ضعف مستند المانع،و هنا ضعف مستند المانع معلوم،و الرّواية تدلّ على الكراهية لما تضمّنته من قوله:إنّه تشبّه (5)بالمجوس.و أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالمخالفة ليس على الوجوب؛لأنّهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد استناد الخير إلى اللّه تعالى.

و الجواب عن منع الإجماع:أنّه غير مسموع؛إذ هو دليل يصحّ أن يكون معلوما

ص:299


1- 1التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:84 الحديث 310،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 1:150،151.
4- 4) أكثر النسخ:لعدم دلالة التحريم.
5- 5) غ و م:تشبيه.

و أن يكون مظنونا و يقبل في نقله الآحاد.فقول السيّد المرتضى و الشّيخ رحمهما اللّه و إن لم يفد القطع بثبوته،فإنّه يثمر ظنّا فيكون حجّة،و خلاف أبي الصّلاح محدث لا يؤثّر فيما ادّعياه.

و عن الثّاني:بالمنع من عدم النّهي الدّالّ على وضعهما في موضع معيّن.

و عن الثّالث:بثبوت التّحريم بالأدلّة الّتي ذكرناها.

و عن الرّابع:أنّ الأمر بمطلق الصّلاة لا يقتضي جواز التّكفير،إلاّ أن يقال:الأمر توجّه بالصّلاة و هو غير مانع من التّكفير فكان سائغا بالأصل،فحينئذ يرجع حاصل هذا الاستدلال إلى عدم العلم بالدّليل،و ذلك لا يدلّ على عدم المدلول و لا فرق حينئذ بين الأمر بالصّلاة في هذا الباب،و بين الأمر بالزّكاة الدالّ على وجوبها،و لم يتعرّض للمنع من التّكفير في الصّلاة،و ضعف مستند المانع قد ظهر بطلانه،و تعليله كون النّهي للكراهية بالتّشبيه بالمجوس غير صحيح،إذ لا ينافي التّحريم،بل الأقرب ثبوته للتّشبيه،و مخالفتهم واجبة،و لا يؤثّر فيها ما ذكره،إذ تخصيص العامّ لا يخرجه عن الاستدلال به في غير صورة التّخصيص.

و استدلّ الجمهور على الاستحباب (1)بما رواه سهل بن سعد (2)قال:كان النّاس يؤمرون أن يضع الرّجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصّلاة.قال أبو حازم (3):

ص:300


1- 1المغني 1:549،المجموع 3:312. [1]
2- 2) سهل بن سعد بن مالك بن خالد.الأنصاريّ الساعديّ أبو العبّاس من مشاهير الصحابة،يقال:كان اسمه حزن فغيّره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و عن ابيّ،و عن عاصم. و روى عنه أبو هريرة،و سعيد بن المسيّب،و أبو حازم بن دينار،و الزهريّ و ابنه عبّاس.مات بالمدينة سنة 91 ه.و هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. أُسد الغابة 2:366، [2]الإصابة 2:88، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:95، [4]العبر 1:79. [5]
3- 3) سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج الأفزر التمّار المدنيّ القاص مولى الأسود.روى عن سهل بن سعد الساعديّ،و أبي أمامة بن سهل،و سعيد بن المسيّب.و روى عنه الزهريّ،و عبيد اللّه بن عَمرو،و ابن إسحاق و جمع كثير. مات سنة 140 ه. تهذيب التهذيب 4:143، [6]العبر 1:146. [7]

لا أعلمه إلاّ ينمي ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن ابن مسعود،أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ به و هو واضع شماله على يمينه، فوضع يمينه على شماله في الصّلاة (2).

و عن وائل بن حجر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فوضع يديه على صدره إحداهما على الأُخرى (3).

و الجواب عن الرّواية الأُولى:أنّها غير دالّة على الأمر،و قول أبي حازم:لا أعلمه إلاّ ينمي ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قول شاكّ غير جازم على نسبته إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.

و رواية ابن مسعود غير عامّة؛لأنّها واقعة مخصوصة،و معارضة بما ذكرنا من الأدلّة.

و رواية وائل بن حجر مخالفة لفعلهم؛إذ هم بين واضعين فوق السرّة و تحتها، و تركهم للعمل بمضمونها يدلّ على الضّعف.

فروع:
الأوّل:لا فرق في التّحريم بين وضعها فوق السّرّة و تحتها

لعموم الأدلّة.

الثّاني:قال الشّيخ في الخلاف:يحرم وضع الشّمال على اليمين

(4)و عندي فيه تردّد؛إذ رواية محمّد بن مسلم تضمّنت العكس (5)،و رواية حريز تدلّ على المنع

ص:301


1- 1صحيح البخاريّ 1:188،سنن البيهقيّ 2:28.و للاستدلال ينظر:المغني 1:549.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:266 الحديث 811،سنن أبي داود 1:200 الحديث 755،سنن البيهقيّ 2:28.
3- 3) صحيح مسلم 1:301 الحديث 401،سنن ابن ماجه 1:266 الحديث 810،سنن الترمذيّ 2:32 الحديث 252،سنن البيهقيّ 2:28،30 بتفاوت في الجميع.و بهذا اللفظ ينظر:المغني 1:550،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549.
4- 4) الخلاف 1:109 مسألة-74.
5- 5) التّهذيب 2:84 الحديث 310،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]

من التّكفير (1)،و في رواية محمّد بن مسلم:أنّ التّكفير هو وضع اليمين على الشّمال.فنحن نطالب الشّيخ بالمستند،و القياس عنده باطل،و قد عوّل على ما ذكرناه (2)من الأدلّة غير الخبرين (3).

الثّالث:التّحريم يتناول حال القراءة و غيرها

لرواية محمّد بن مسلم.

الرّابع:لا فرق بين وضع الكفّ على الكفّ و وضع الكفّ على الذّراع

لتناول اسم اليد له.

الخامس:لا فرق بين أن يضعها معتقدا للاستحباب و غير معتقد له
مسألة:و يحرم قطع الصّلاة إلاّ لضرورة
اشارة

كمن رأى دابّة له انفلتت،أو غريما يخاف فوته،أو مالا يخاف ضياعه،أو غريقا يخاف هلاكه،أو حريقا يلحقه،أو طفلا يخاف سقوطه.

أمّا الأوّل:فلقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (4).

و أمّا الثّاني:فلأنّ في البقاء على حاله ضررا و هو منفيّ شرعا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الرّجل يكون قائما في الصّلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوّف ضيعته أو هلاكه؟قال:«يقطع صلاته و يحرز متاعه،ثمَّ يستقبل الصّلاة»قلت:فيكون في الصّلاة الفريضة فَتَفلِتُ دابّته فيخاف أن تذهب أو يصيب منها عنتا؟فقال:«لا بأس بأن يقطع صلاته» (5).

و عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت في صلاة

ص:302


1- 1التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3.
2- 2) يراجع:ص 298. [1]
3- 3) ن:و قد عوّل على ما دلّ بأن الأدلّة غير الخبرين،و في م:و قد عوّل على ما ذكرنا من الأدلّة و غيره.
4- 4) محمّد(47):33. [2]
5- 5) التّهذيب 2:330 الحديث 1360،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2.و [3]فيه: «فتغلب»مكان:«فتفلت».

الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق،أو غريما لك عليه مال،أو حيّة تخافها على نفسك فاقطع الصّلاة و اتبع الغلام أو غريما لك و اقتل الحيّة» (1).

فرع:

إنّما يجوز ذلك إذا لم يحصل الغرض بدونه،فلو أمكن بدون قطعها لم يجز،عملا بالعموم السّالم عن معارضة الضّرورة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون في الصّلاة فيرى حيّة بحياله يجوز أن يتناولها فيقتلها؟فقال:«إن كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها و إلاّ فلا» (2).يعني إذا لم يخف (3).

إذا ثبت ذلك:فنقول:إذا فعله لم يبطل صلاته إجماعا.روى الجمهور عن أبي برزة أنّه صلّى و لجام دابّته في يده فجعلت الدّابّة تنازعه و جعل يتبعها و جعل رجل من الخوارج يقول:اللّهمّ[أخز]هذا (4)الشّيخ،فلمّا انصرف قال:إنّي سمعت قولكم و إنّي غزوت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّ غزوات أو سبع غزوات أو ثمان غزوات، و شهدت من تيسيره أنّي كنت أرجع مع دابّتي أحبّ إليّ من أن ترجع إلى مألفها فيشقّ عليّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر، عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام أنّه قال في رجل يصلّي و يرى الصبيّ يحبو إلى النّار،

ص:303


1- 1التّهذيب 2:331 الحديث 1361،الوسائل 4:1271 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:331 الحديث 1364،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [2]
3- 3) ح:يخط.
4- 4) في النسخ:افعل بهذا.و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) مسند أحمد 4:420،و [3]بهذا المضمون ينظر:المستدرك للحاكم 1:255.

أو الشّاة تدخل البيت لتفسد الشّيء،قال:«فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف و يبني على صلاته ما لم يتكلّم» (1).

مسألة:قال الشّيخ:الأكل و الشّرب يفسدان الصّلاة
اشارة

(2)و هو مذهب الجمهور كافّة.

و احتجّ الشّيخ بالإجماع (3)،و هو عندي مشكل،و الأولى أنّ مطلق (4)الأكل و الشّرب غير مبطل ما لم يتطاول بحيث يدخل تحت الفعل الكثير،فيكون إبطاله مستندا إلى الكثرة لا إلى كونه أكلا و شربا.

احتجّ الجمهور (5)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كفّوا أيديكم في الصّلاة».و بأنّه اشتغال عن العبادة بما ينافيها،و بأنّ ما أبطل الصّوم أبطل الصّلاة كالمباشرة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حقيقة في الأمر بكفّ اليد و نحن نقول بموجبة،إذ الأكل قد يمكن بغير اليد،فإن قلت:المراد المجاز و هو المنع من الأفعال الخارجة عن الصّلاة.قلت:

لا بدّ من الدّلالة على إرادة المجاز،و لو سلّم (6)فهو مخصوص بالفعل القليل.

و عن الثّاني:بأنّه باطل بالأفعال اليسيرة و نحن نتكلّم على تقدير قلّة الأكل.

و عن الثّالث:بالمنع من الإلحاق بالصّوم في صورة النّزاع؛إذ الصّوم هو الإمساك عن الأكل قليله و كثيره فهو ينافيهما و لا ينافي الصّلاة إذا كان قليلا.

فروع:
الأوّل:لو أكل أو شرب في الفريضة ناسيا لم تبطل صلاته عندنا قولا واحدا

و به

ص:304


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1375،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) الخلاف 1:147 مسألة-159،المبسوط 1:118. [2]
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-159.
4- 4) ح:أن يقال.
5- 5) لم نعثر على الاحتجاج.
6- 6) ن:نسلّم.

قال الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و عطاء (3).و قال الأوزاعيّ:يفسد صلاته (4).

لنا:عموم رفع أحكام النّسيان.

احتجّ بأنّه فعل مبطل من غير جنس الصّلاة فاستوى عمده و سهوه كالفعل الكثير (5).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل.

الثّاني:لو ترك في فيه شيئا يذوب كالسكّر فذاب فابتلعه لم يفسد صلاته عندنا

(6)

و عند الجمهور يفسد؛لأنّه يسمّى أكلا،أمّا لو بقي بين أسنانه شيء من بقايا الغداء فابتلعه في الصّلاة لم يفسد صلاته قولا واحدا؛لأنّه (7)لا يمكن التحرّز منه،و كذا لو كان في فيه (8)لقمة و لم يبلعها إلاّ في الصّلاة؛لأنّه فعل قليل.

الثّالث:قال الشّيخ:لا بأس بشرب الماء في النّافلة

(9)و به قال طاوس (10)، و ابن الزّبير (11)،و سعيد بن جبير (12)،و أحمد في إحدى الرّوايتين،و في الأُخرى:

ص:305


1- 1المغني 1:749، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:706، [2]المجموع 4:90.
2- 2) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706.
3- 3) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
4- 4) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
5- 5) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706.
6- 6) ق و ح:فمه.
7- 7) ح:إذ.
8- 8) ق و ح:فمه.
9- 9) الخلاف 1:147 مسألة-159.
10- 10) المغني 1:749،المجموع 4:90،حلية العلماء 2:158،ميزان الكبرى 1:159،شرح العناية على الهداية 1: 359.
11- 11) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
12- 12) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90،حلية العلماء 2:158،ميزان الكبرى 1: 159،شرح العناية على الهداية 1:359.

لا يجوز (1).و به قال الشّافعيّ (2).

احتجّ الشّيخ بالإباحة الأصليّة (3)،و بما رواه سعيد الأعرج قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أبيت و أُريد الصّوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدّعاء و أشرب،و أكره أن أصبح و أنا عطشان،و أمامي قلّة بيني و بينها خطوتان أو ثلاث؟فقال:«تسعى إليها و تشرب منها حاجتك،و تعود في الدّعاء» (4).

و الأقرب عندي مراعاة القلّة فيصحّ الصّلاة معها و تبطل بدونها،و رواية سعيد محمولة عليه،على أنّها وردت في واقعة مقيّدة بقيود إرادة الصّوم و خوف العطش و كونه في دعاء الوتر،و مع ذلك فهي واردة في صلاة الوتر خاصّة.

مسألة:و يكره أن يصلّي و هو معقوص الشّعر

و به قال المفيد (5)،و أبو الصّلاح (6)منّا،و أبو حنيفة (7)،و أكثر الجمهور (8).

و قال الشّيخ في النّهاية (9)و المبسوط:يحرم و يعيد لو صلّى كذلك (10).و قد تقدّم البحث في ذلك (11).

مسألة:و يكره الالتفات بوجهه يمينا و شمالا

و قال بعض الحنفيّة بالتّحريم (12)؛لما

ص:306


1- 1المغني 1:749، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:706، [2]ميزان الكبرى 1:159.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:88،المجموع 4:89-90.
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-159.
4- 4) التّهذيب 2:329 الحديث 1354،الوسائل 4:1273 الباب 23 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) المقنعة:25.
6- 6) الكافي في الفقه:125. [4]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:64،شرح فتح القدير 1:358.
8- 8) المغني 1:697،المجموع 4:98.
9- 9) النهاية:95.
10- 10) المبسوط 1:119. [5]
11- 11) يراجع:الجزء الرابع ص 264.
12- 12) البحر الرائق 2:21.

رواه عبد اللّه بن سلام (1)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تلتفتوا في صلاتكم فإنّه لا صلاة لملتفت» (2).

و الجواب:منع الرّواية بضعف عبد اللّه بن سلام عند المحدّثين،و لو سلّم فتحمل على الالتفات بالجميع و قد مضى البحث في ذلك (3).

مسألة:و يكره التّثاؤب في الصّلاة

لأنّه استراحة في الصّلاة و تغيير (4)لهيئتها المشروعة،و كذا يكره التمطّي أيضا لهذه (5)العلّة.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هي في الصّلاة؟فقال:«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها»قال:و سألته عن الرّجل يتثأّب في الصّلاة و يتمطّى؟قال:«هو من الشّيطان و لن يملكه» (6).و في ذلك كلّه دلالة على رجحان التّرك مع الإمكان.

و يكره العبث في الصّلاة بالإجماع؛لأنّه يذهب بخشوعها،و قد روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يعبث في الصّلاة فقال:«لو خشع قلب هذا لخشعت

ص:307


1- 1عبد اللّه بن سلام بن الحارث الإسرائيليّ أبو يوسف،كان اسمه في الجاهليّة الحصين،فسمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أسلم:عبد اللّه،و كان إسلامه حين قدم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة مهاجرا،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابناه:يوسف و محمّد،و أنس بن مالك و زرارة بن أوفى.مات سنة 43 ه. أُسد الغابة 3:176، [1]تهذيب التهذيب 5:249، [2]العبر 1:37. [3]
2- 2) كنز العمّال 7:505 الحديث 19987.
3- 3) يراجع:ص 275.
4- 4) غ:مغيّر.
5- 5) ق و ح:بهذه.
6- 6) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 [4] من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2 و ص 1259 الباب 11 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4.

جوارحه» (1).

و يكره التنخّم،و البصاق،و فرقعة الأصابع؛لما في ذلك من التّشاغل عن الخشوع (2).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي القاسم معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:الرّجل يعبث بذكره في الصّلاة المكتوبة،قال:«و ما له فعل؟!»قلت:عبث بذكره حتّى مسّه بيده،قال:«لا بأس» (3).و الاستفسار هنا للإنكار.

و ما رواه أبو بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا قمت إلى الصلاة فاعلم أنّك بين يدي اللّه،فإن كنت لا تراه فاعلم أنّه يراك،فأقبل قبل صلاتك،فلا تمتخط و لا تبصق،و لا تنقض أصابعك،و لا تورّك،فإنّ قوما عذّبوا بنقض الأصابع و التورّك في الصّلاة» (4).

و يكره التأوّه بحرف و قد مضى دليله.

مسألة:و يكره مدافعة الأخبثين
اشارة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.روى ثوبان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن،و لا يقوم إلى الصّلاة و هو حقن» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم،عن

ص:308


1- 1مستدرك الوسائل 1:404 الباب 11 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3،و [1]من طريق العامّة:كنز العمّال 3: 144 الحديث 5891،المغني 1:697.
2- 2) غ و ن:الخضوع.
3- 3) التّهذيب 2:333 الحديث 1373،الوسائل 4:1276 الباب 26 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 2:325 الحديث 1332،الوسائل 4:678 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 9.و [3]فيهما:«و لا تبزق»مكان:«و لا تبصق».
5- 5) سنن الترمذيّ 2:189 الحديث 357، [4]مسند أحمد 5:280.و [5]لفظ الحديث هكذا:«لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن،فإن نظر فقد دخل،و لا يؤمّ قوما فيخصّ نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم، و لا يقوم إلى الصّلاة و [6]هو حقن».سنن أبي داود 1:22 الحديث 90.

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة و هو بمنزلة من هو في ثوبه» (1).

و المراد بذلك نفي الكمال لا الصّحة.

و ما رواه أبو بكر الحضرميّ،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:لا تصلّ و أنت تجد شيئا من الأخبثين» (2).

و لأنّه شاغل عن الخشوع و حضور القلب.

فرع:

لو صلّى كذلك صحّت صلاته.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (3)، و الشّافعيّ (4)،و أحمد (5).و قال ابن أبي موسى (6):إن كان به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه و يشغله عن الصّلاة أعاد (7).و به قال مالك (8).

لنا:أنّه أتى بالمأمور على وجهه فيكون خارجا عن عهدة الأمر.

احتجّ مالك (9)بخبر ثوبان (10)،و بما روته عائشة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:309


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1372،الوسائل 4:1254 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:326 الحديث 1333،الوسائل 4:1254 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
4- 4) المجموع 4:105-106،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:214،المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
5- 5) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
6- 6) أبو عليّ محمّد بن أحمد بن أبي موسى الهاشميّ البغداديّ الحنبليّ،قاض من علماء الحنابلة صاحب التصانيف و من إليه انتهت رئاسة المذهب،أخذ عن أبي الحسن التميميّ و غيره.مات سنة 428 ه. العبر 2:260، [3]شذرات الذّهب 3:238، [4]الأعلام للزركلي 5:314. [5]
7- 7) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
8- 8) بداية المجتهد 1:181،المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
9- 9) بداية المجتهد 1:180-181،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
10- 10) سنن أبي داود 1:22 الحديث 90،سنن الترمذيّ 2:189 الحديث 357، [6]مسند أحمد 5:280،بداية المجتهد 1: 181 بتفاوت في الجميع،و قد أوردنا الحديث في هامش ص 308 رقم 5 بلفظ الترمذيّ.

و آله أنّه قال:«لا صلاة لمن يحضره طعام و لا و هو يدافعه الأخبثان» (1).

و الجواب:أنّ المراد من الخبرين الكراهية؛لأنّه وافقنا على صحّة صلاة من يحضره طعام،و من يشتغل قلبه بشيء من الدّنيا.

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أكون في الصّلاة و أجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا،فقال:«انصرف ثمَّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا،فإن تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك،فهو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا»قلت:و إن قلّب وجهه عن القبلة؟قال:

«نعم،و إن قلّب وجهه عن القبلة» (2).

و هذه الرّواية ضعيفة عندنا؛لأنّ وجود الغمز في البطن لا يوجب الطّهارة بمجرّده ما لم ينضمّ إليه الحدث و قد سلف (3).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع أن يصبر عليه أ يصلّي على تلك الحال أم لا يصلّي؟قال:فقال:«إن احتمل الصّبر و لم يخف إعجالا عن الصّلاة فليصلّ و ليصبر» (4).

مسألة:و يكره رفع البصر في الصّلاة

و هو إجماع،روى أنس،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم»فاشتدّ قوله في ذلك حتّى قال:«لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفنّ أبصارهم» (5).رواه البخاريّ.

ص:310


1- 1صحيح مسلم 1:393 الحديث 560،سنن أبي داود 1:22 الحديث 89، [1]سنن البيهقيّ 3:73،كنز العمّال 7:521 الحديث 20061.
2- 2) التّهذيب 2:332 الحديث 1370،الاستبصار 1:401 الحديث 1533،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) تقدّم في الجزء الأوّل:ص 234.
4- 4) التّهذيب 2:324 الحديث 1326،الوسائل 4:1253 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:191.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«اجمع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء» (1).

و يكره تغميض العين في الصّلاة،روى الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا قام أحدكم في الصّلاة فلا يغمّض عينيه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يغمّض الرّجل عينيه في الصّلاة (3).

و يكره لبس الخفّ الضّيق؛لما فيه من الشّغل.

و يكره التّورّك في الصّلاة،و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصّر.

روى الجمهور،عن أبي هريرة أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التخصّر في الصّلاة (4).

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لا يتورّك فإنّ قوما قد عذّبوا بنقض الأصابع و التورّك في الصّلاة» (6).

و يكره السّدل في الصّلاة،قاله علم الهدى في المصباح (7)،و ابن إدريس (8).و به قال

ص:311


1- 1التّهذيب 2:199 الحديث 782،الاستبصار 1:405 الحديث 1545،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 1،و [1]في الجميع:و اخشع بصرك،و نقل بهذا اللفظ في الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3 [2]عن المعتبر 2:246. [3]
2- 2) كنز العمّال 7:515 الحديث 20027 و ص 528 الحديث 20097.
3- 3) التّهذيب 2:314 الحديث 1280،الوسائل 4:1252 الباب 6 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:84،سنن البيهقيّ 2:287.
5- 5) غ،ح و ق:ما رواه أبو بصير.
6- 6) التّهذيب 2:325 الحديث 1332،الوسائل 4:678 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 9. [5]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:267. [6]
8- 8) السرائر:56.

أبو حنيفة (1)،و الشّافعيّ (2)،خلافا لمالك (3)،و هو عبارة عن وضع الثّوب على الرّأس أو الكتف و إرسال طرفيه.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن السّدل (4).

و من طريق الخاصّة:رواية ابن بابويه،و قد تقدّمت في باب اللّباس (5).

مسألة:و يجوز أن يستند إلى الحائط،و أن يضع يده عليه

لا أن يعتمد (6)عليه بحيث يسقط مع سقوطه.

أمّا الأوّل:فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد و هو يصلّي أو يضع يده على الحائط و هو قائم من غير مرض و لا علّة؟ فقال:«لا بأس»و عن الرّجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الرّكعتين الأوّلتين هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف و لا علّة؟قال:«لا بأس» (7).

و في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يصلّي متوكّئا على عصا أو على حائط؟فقال:«لا بأس بالتّوكّي على عصا و الاتّكاء على الحائط» (8).

ص:312


1- 1بدائع الصنائع 1:218،الهداية للمرغينانيّ 1:64،شرح فتح القدير 1:359.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:65،المجموع 3:177،المغني 1:658.
3- 3) بدائع الصنائع 1:219،المجموع 3:177.
4- 4) سنن أبي داود 1:174 الحديث 343،سنن البيهقيّ 2:242.
5- 5) تقدّمت في الجزء الرابع:ص 250.
6- 6) م:و لا يعتمد،ق:و لا أن يعتمد.
7- 7) التّهذيب 2:326 الحديث 1339،الوسائل 4:701 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 1. [1]
8- 8) التّهذيب 2:327 الحديث 1341،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 4. [2]

و عن سعيد بن يسار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّكأة في الصّلاة على الحائط يمينا و شمالا؟فقال:«لا بأس» (1).

و أمّا الثّاني:فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لا تستند إلى جدار إلاّ أن تكون مريضا» (2).و لأنّه حينئذ لا يكون قائما بالاستقلال.

مسألة:و يجوز للمصلّي أن يحمد اللّه إذا عطس و يصلّي على نبيّه و آله عليهم
اشارة

السّلام

و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره،و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام.و به قال الشّافعيّ،و أبو يوسف،و أحمد (3).و قال أبو حنيفة:تبطل صلاته (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عامر بن ربيعة (5)قال:عطس شابّ من الأنصار خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فقال:الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه حتّى يرضى ربّنا و بعد ما يرضى من أمر الدّنيا و الآخرة،فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من القائل الكلمة؟فإنّه لم يقل بأسا ما تناهت دون العرش» (6).رواه

ص:313


1- 1التّهذيب 2:327 الحديث 1340،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:176 الحديث 394،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:745.
4- 4) بدائع الصنائع 1:235،مجمع الأنهر 1:119،المغني 1:745.
5- 5) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة.أبو عبيد اللّه العنزيّ العدويّ،شهد بدرا و المشاهد كلّها.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عمر،و عنه ابنه عبد اللّه و عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب. قيل:مات في خلافه عثمان،و قيل:مات سنة 32 ه. أُسد الغابة 3:80، [3]تهذيب التهذيب 5:62. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:205 الحديث 774.و اللفظ فيه هكذا:عطس شابّ من الأنصار خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فقال:الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه حتّى يرضى ربّنا و بعد ما يرضى من أمر الدنيا و الآخرة.فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«مَن القائل الكلمة»؟قال:فسكت الشابّ،ثمَّ قال:«من القائل الكلمة فإنّه لم يقل بأسا»؟فقال:يا رسول اللّه أنا قلتها،لم أرد بها إلاّ خيرا،قال:«ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك و تعالى».

أبو داود.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن مسكان،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا عطس الرّجل[في الصلاة] (1)فليقل:

الحمد للّه» (2).و إذا جاز حمد اللّه في حقّه جاز في حقّ غيره؛لأنّه ثناء على اللّه تعالى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير قال:قلت له:أسمع العطسة فأحمد اللّه و أُصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أنا في الصّلاة؟قال:«نعم،و إن كان بينك و بين صاحبك اليمّ» (3).و لأنّه مناجاة للربّ و شكر له على نعمه فيكون سائغا.

فروع:
الأوّل:يجوز له أن يحمد اللّه على كلّ نعمة

لأنّه مناجاة للرّبّ تعالى فيكون سائغا للرّواية.

الثّاني:يجوز له أن يسمّت العاطس بالدّعاء

(4)

فيقول:يرحمك اللّه،أو يغفر اللّه لك،و ما أشبهه إذا كان مؤمنا؛لأنّه دعاء فكان سائغا.

الثّالث:قال بعض الجمهور:يستحبّ إخفاؤه

(5)،و لم يثبت عندي.

مسألة:و يجوز له أن يردّ السّلام إذا سلّم عليه نطقا
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو هريرة،و سعيد بن المسيّب،و الحسن،و قتادة (6).و قال مالك (7)،

ص:314


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:332 الحديث 1367،الوسائل 4:1268 الباب 18 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:332 الحديث 1368،الوسائل 4:1268 الباب 18 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [2]
4- 4) ح:تسميت.
5- 5) المغني 1:746.
6- 6) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،حلية العلماء 2:156،بداية المجتهد 1:181:عمدة القارئ 7:269،نيل الأوطار 2:363.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:99،بداية المجتهد 1:181،المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،عمدة القارئ 7:269.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد:يردّ بالإشارة (2).و قال أبو حنيفة:لا يردّ نطقا و لا إشارة (3).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (4).و هو عامّ.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كنّا نسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فيردّ علينا (5).و ادّعاؤهم أنّه منسوخ لم يثبت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسلّم عليه في الصّلاة؟قال:«يردّ، يقول (6):سلام عليكم،و لا يقل (7):عليكم (8)السّلام،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قائما يصلّي،فمرّ به عمّار بن ياسر فسلّم عليه،فردّ عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا» (9).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو في الصّلاة فقلت:السّلام عليك،فقال:«السّلام عليك»فقلت:كيف أصبحت؟فسكت، فلمّا انصرف قلت له:أ يردّ السّلام و هو في الصّلاة؟فقال:«نعم،مثل ما قيل له» (10).

ص:315


1- 1المجموع 4:104،حلية العلماء 2:155،المغني 1:747،عمدة القارئ 7:269،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،بداية المجتهد 1:181،نيل الأوطار 2:363.
2- 2) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،عمدة القارئ 7:269.
3- 3) بدائع الصنائع 1:237،الهداية للمرغينانيّ 1:64، [1]شرح فتح القدير 1:358،بداية المجتهد 1:181،المجموع 4:105،حلية العلماء 2:156.
4- 4) النّساء(4):86. [2]
5- 5) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923.
6- 6) غ و ق:بقول.
7- 7) ن و م:يقول.
8- 8) ن،ح و ق:و عليكم.
9- 9) التّهذيب 2:328 الحديث 1348،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
10- 10) التّهذيب 2:329 الحديث 1349،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]

و ما رواه البزنطيّ في جامعه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّ عمّارا سلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فردّ عليه (1).و لأنّ أبا هريرة أمر به (2)،و الظّاهر أنّه إنّما قاله توقيفا،و لأنّه دعاء في الحقيقة فكان سائغا.

احتجّ المخالف (3)بما رواه جابر قال:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبعثني في حاجة و هو يصلّي على راحلته و وجهه إلى غير القبلة فسلّمت فلم يردّ عليّ،فلمّا انصرف قال:«أما إنّه لم يمنعني أن أردّ عليك إلاّ أنّي كنت أُصلّي» (4).

و عن ابن مسعود قال:يا رسول اللّه كنّا نسلّم عليك في الصّلاة فتردّ علينا؟قال:

«إنّ في الصّلاة لشغلا» (5).و لأنّه كلام آدميّ فتكون الصّلاة محروسة عنه.

و الجواب عن الأوّل:لعلّه عليه السّلام قد كان مشغولا بالعبادة فلم يسمع،و علّل عليه السّلام ترك الرّدّ بالصّلاة؛لأنّها سبب شغل القلب عن السّماع.و يؤيّده:قوله عليه السّلام في حديث ابن مسعود:«إنّ في الصّلاة لشغلا».

و عن رواية ابن مسعود:بذلك أيضا،أو أنّه عليه السّلام قد كان يسلّم أوّلا عليهم بغير لفظ القرآن.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام في آخر حديث ابن مسعود:«إنّ اللّه يحدث من أمره ما يشاء،و إنّ اللّه قد أحدث أن لا تكلّموا في الصّلاة» (6).و السّلام الّذي نجوّزه نحن شيء ورد به القرآن فلا يكون كلام النّاس و بهذا خرج (7)الجواب عن قولهم:أنّه كلام آدميّ.

لا يقال:إذا قصد به ردّ السّلام خرج عن القرآن.لأنّا نمنع ذلك،فإنّه قرآن من حيث

ص:316


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:263. [1]
2- 2) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719.
3- 3) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:103.
4- 4) صحيح مسلم 1:384 الحديث 540.
5- 5) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،مسند أحمد 1:409. [2]
6- 6) سنن أبي داود 1:243 الحديث 924،سنن النسائيّ 3:19،سنن البيهقيّ 2:260.
7- 7) ح و ق:و بهذه أخرج.

النظم،و ردّ السّلام من حيث القصد له،و لهذا لو قرأ آية دعاء جاز له أن ينويه و لا يخرج به عن القرآن.

احتجّ الشّافعيّ (1)بما رواه ابن عمر قال:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قباء يصلّي فيه،قال:فجاءته الأنصار فسلّموا عليه و هو يصلّي،قال:فقلت لبلال:كيف رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يردّ عليهم حين كانوا يسلّمون عليه و هو يصلّي؟ قال:يقول هكذا،و بسط يعني كفّه[و بسط جعفر بن عون (2)كفّه] (3)و جعل بطنه أسفل و ظهره إلى فوق (4).و لأنّ ابن عبّاس سلّم عليه موسى بن جميل (5)و هو يصلّي فقبض على ذراعه و كان ردّا من ابن عبّاس عليه (6).

و الجواب:هذا يصلح حجّة على أبي حنيفة المانع من الإشارة لا علينا؛لجواز انضمام النّطق اللّسانيّ إلى الإشارة،و ليس في الحديثين ما يدلّ على عدم النّطق،و عدم سماع الرّاوي لا يدلّ على العدم.

فروع:
الأوّل:يجب أن يردّ مثل قوله:سلام عليكم و لا يقول:و عليكم السّلام

لأنّه

ص:317


1- 1المجموع 4:103.
2- 2) جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزوميّ أبو عون الكوفيّ،روى عن إسماعيل بن أبي خالد و هشام بن سعد و هشام بن عروة،و روى عنه أحمد بن حنبل و الحسن بن عليّ الحلوانيّ و إسحاق بن راهويه. مات منصرفا من الحجّ سنة 207 ه. تهذيب التهذيب 2:101، [1]العبر 1:276، [2]الجرح و التعديل 2:485،رجال صحيح مسلم 1:124.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 1:243 الحديث 927،سنن البيهقيّ 2:259-260.
5- 5) موسى بن عبد اللّه بن جميل الجمحيّ لم نعثر على ترجمته في التراجم أكثر ممّا وقع في حديث سلامه على ابن عبّاس. سنن البيهقيّ 2:259.
6- 6) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،سنن البيهقيّ 2:259.

ليس بلفظ القرآن،و لما تقدّم من الرّوايات (1).

الثّاني:لو سلّم عليه بغير قوله:سلام عليكم،قيل:لا يجوز إجابته إلاّ أن يقصد

الدّعاء و يكون مستحقّا

(2)و عندي فيه تردّد،ينشأ من قول الباقر عليه السّلام:«يقول:

مثل ما قيل له» (3).و ذلك عامّ.

لا يقال:إنّ مقصوده عليه السّلام قوله:سلام عليكم؛لأنّه منطوق القرآن.لأنّا نمنع ذلك؛لأنّ كيفيّة التّسليم (4)عليه في صلاته:السّلام عليك،و به أجاب عليه السّلام و ليس هو منطوق القرآن.

الثّالث إذا سلّم رجل من المسلمين على آخر و هو في الصّلاة ردّ عليه فيما

بينه و بين نفسه و لا يرفع صوته]

الثّالث:روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن المصلّي؟فقال:«إذا سلّم عليك رجل من المسلمين و أنت في الصّلاة فردّ عليه فيما بينك و بين نفسك و لا ترفع صوتك» (5).

و في الصّحيح،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سلّم عليك الرّجل و أنت (6)تصلّي قال:تردّ عليه خفيّا كما قال» (7).و هاتان محمولتان على ما إذا حصل للمصلّي تقيّة.

الرّابع:لو حيّاه بغير السّلام فعندي فيه تردّد

أقربه جواز ردّه؛لعموم الآية (8).

الخامس:لا يكره لمن دخل على المصلّي أن يسلّم عليه

خلافا لعطاء،و الشّعبيّ،

ص:318


1- 1تقدّم في ص 315.
2- 2) المعتبر 2:264-265. [1]
3- 3) التّهذيب 2:329 الحديث 1349،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) م:السلام.
5- 5) التّهذيب 2:331 الحديث 1365،الوسائل 4:1266 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [3]
6- 6) في النسخ:هو يصلّي،و ما أثبتناه من المصدر.
7- 7) التّهذيب 2:332 الحديث 1366،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [4]
8- 8) النساء(4):86.

و إسحاق (1).

لنا:عموم قوله تعالى فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ (2).أي أهل دينكم،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلّم عليه أصحابه فردّ عليهم (3)نطقا تارة و إشارة عندهم اخرى و لم ينكر عليهم (4).

احتجّوا بأنّه ربّما غلط المصلّي (5).

و الجواب:قد كان ينبغي أن يكره له الدّخول عليه؛لأنّه ربّما اشتغل خاطره فغلط و لمّا لم يلحظ ذلك هنا فكذا ثَمَّ.

مسألة:و يجوز الدّعاء في أحوال الصّلاة قائما و قاعدا و راكعا و ساجدا و متشهّدا و في جميع أحوالها بما هو مباح

سواء كان للدين أو للدّنيا بغير خلاف بين علمائنا؛لعموم قوله تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (6).و لقوله تعالى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ (7).و غيره من الآيات الدالّة على تعلّق غرض الشّارع به مطلقا،و قد ثبت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام أنّهما ادعيا على أقوام و لأقوام قائمين (8)، و قال عليه السّلام:«ادعوا اللّه في سجودكم» (9).

ص:319


1- 1المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720،المجموع 4:105.
2- 2) النور(24):61. [1]
3- 3) غ بزيادة:السلام.
4- 4) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،925 و 927،سنن البيهقي 2: 259،المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720.
5- 5) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720.
6- 6) غافر(40):60. [2]
7- 7) الفرقان(25):77. [3]
8- 8) الوسائل 4:913 الباب 13 من أبواب القنوت الحديث 2.و [4]من طريق العامّة ينظر:سنن البيهقيّ 2:153.
9- 9) ينظر بهذا المضمون:صحيح مسلم 1:350 الحديث 482،سنن البيهقيّ 2:110،و من طريق الخاصّة: الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السجود. [5]

و في حديث الصّادق عليه السّلام:«كلّما كلّمت اللّه به في صلاة الفريضة فلا بأس به و ليس بكلام» (1).

و روى الشّيخ،عن أبي جرير الرواسيّ قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام و هو يقول:«اللّهمّ إنّي أسألك الرّاحة عند الموت و العفو عند الحساب»يردّدها (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:صلّى بنا أبو بصير في طريق مكّة فقال-و هو ساجد و قد كانت ضلّت (3)ناقة لجمّالهم-:اللّهمّ ردّ على فلان ناقته.قال محمّد:فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبرته،فقال:«و فعل؟»فقلت:نعم،قال:فسكت،قلت:

أ فأعيد الصّلاة؟قال:«لا» (4).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة المكتوبة إمّا راكعا و إمّا ساجدا فيصلّي عليه و هو على تلك الحال؟فقال:«نعم،إنّ الصّلاة على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله كهيئة التّكبير و التّسبيح،و هي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيّهم يبلغها إيّاه» (5).

و عن عبد الرّحمن بن سيابة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أدعو و أنا ساجد؟فقال:«نعم،فادع للدّنيا و الآخرة فإنّه ربّ الدّنيا و الآخرة» (6).

مسألة:و إذا عرض للرّجل أو المرأة حاجة فله الإيماء بيده
اشارة

و تصفيق إحدى يديه بالأُخرى،و ضرب الحائط،و التّسبيح،و التّكبير،و أن يتلو شيئا من القرآن مجيبا لغيره

ص:320


1- 1الكافي 3:302 الحديث 5، [1]التّهذيب 2:325 الحديث 1330،الوسائل 4:1262 الباب 13 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3، [2]في الكافي و [3]الوسائل لا توجد:«و ليس بكلام».
2- 2) التّهذيب 2:300 الحديث 1209.
3- 3) غ،م،ن و ق:ضاعت،كما في التهذيب.
4- 4) التّهذيب 2:300 الحديث 1208،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]في الوسائل [5]بتفاوت يسير.
5- 5) التّهذيب 2:299 الحديث 1206،الوسائل 4:943 الباب 20 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [6]
6- 6) التّهذيب 2:299 الحديث 1207،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السجود الحديث 2. [7]

أو مبتدئا له بالخطاب،سواء نبّه الإمام في ذلك أو غيره.و به قال الشّافعيّ لكنّه كره للمرأة التّسبيح و قصرها على التّصفيق (1).

و قال أبو حنيفة:إن قصد بالتّسبيح مصلحة الصّلاة كإعلام الإمام شيئا نسيه لم تبطل صلاته و إلاّ بطلت (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا نابكم أمر فليسبّح الرّجال و لتصفّق النّساء».و في لفظ آخر:«من نابه شيء في صلاته فليقل:سبحان اللّه فإنّه لا يسمعه أحد حين يقول:سبحان اللّه إلاّ التفت» (3).رواهما مسلم و البخاريّ.

و في مسند أحمد عن عليّ عليه السّلام:«كنت إذا استأذنت على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إن كان في صلاة سبّح،و إن كان في غير صلاة أذن» (4).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه قال له رجل من الخوارج و هو في صلاة الغداة فناداه لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (5).قال:فأنصت له حتّى فهم، فأجابه و هو في الصّلاة فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (6). (7)

ص:321


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:87-88،المجموع 4:82،ميزان الكبرى 1:159،مغني المحتاج 1:197-198، حلية العلماء 2:154-155،السّراج الوهّاج:56،المغني 1:743،المحلّى 4:77،بداية المجتهد 1:198.
2- 2) بدائع الصنائع 1:235،المغني 1:743،المجموع 4:82،حلية العلماء 2:155،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 115،ميزان الكبرى 1:159،المحلّى 4:77.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:175 و ج 2:89 و ج 3:239،صحيح مسلم 1:316 الحديث 421.بتفاوت يسير في الألفاظ.
4- 4) مسند أحمد 1:77. [1]
5- 5) الزمر(39):65. [2]
6- 6) الرّوم(30):60. [3]
7- 7) سنن البيهقيّ 2:245.

احتجّ به أحمد (1)،و رواه أبو بكر النجّاد (2).

و عن عطاء بن السّائب (3)قال:استأذنّا على عبد الرّحمن بن أبي ليلى و هو يصلّي فقال اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ (4).فقلنا:كيف صنعت؟فقال:استأذنّا على عبد اللّه بن مسعود و هو يصلّي فقال اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هو في الصّلاة؟فقال:

«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها» (6).

و عن أبي الوليد (7)قال:كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله ناجية

ص:322


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 1:655. [1]
2- 2) أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل البغداديّ أبو بكر النّجّاد شيخ العلماء ببغداد،حنبليّ له تصانيف منها كتاب في السنن،و كتاب(الخلاف).مات سنة 348 ه. تذكرة الحفّاظ 3:868،العبر 2:78،الأعلام للزركلي 1:131. [2]
3- 3) عطاء بن السائب بن مالك،و يقال:زيد،و يقال:يزيد الثقفيّ،أبو السائب،و يقال:أبو زيد،و يقال:أبو محمّد الكوفيّ.روى عن أبيه و أنس و ربّما أدخل بينهما يزيد بن أبان و عبد اللّه بن أبي أوفى.و روى عنه إسماعيل بن أبي خالد و الأعمش و ابن جريج.مات سنة 136 ه. تهذيب التهذيب 7:203، [3]العبر 1:142، [4]شذرات الذهب 1:194. [5]
4- 4) يوسف(12):99. [6]
5- 5) المغني 1:746-747. [7]
6- 6) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [8]
7- 7) أبو الوليد كنية لإسماعيل بن كثير البكريّ و بشير بن جعفر و الحسن بن زياد الصيقل و ذريح بن محمّد و المثنّى بن راشد و نصر بن عبد الرحمن و نصير بن أبي الأشعث.روى عنه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في الكافي 3:301. و [9]في هامشه:الظاهر أنّه ذريح المحاربيّ.و في التهذيب 2:325 الحديث 1329. جامع الرواة 2:421. [10]

أبو حبيب (1)فقال له:جعلني اللّه فداك إنّ لي رحى أطحن فيها فربّما قمت في ساعة من اللّيل فأعرف من الرّحى أنّ الغلام قد نام فأضرب الحائط لأُوقظه؟فقال:«نعم،أنت في طاعة اللّه عزّ و جلّ تطلب رزقه» (2).

و عن محمّد بن بجيل (3)أخي عليّ بن بجيل قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يصلّي فمرّ به رجل و هو بين السّجدتين فرماه أبو عبد اللّه عليه السّلام بحصاة فأقبل إليه الرّجل (4).

و في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يكون في صلاته فيستأذن إنسان على الباب فيسبّح و يرفع صوته و يسمع جاريته فتأتيه فيريها بيده أنّ على الباب إنسانا،هل يقطع ذلك صلاته و ما عليه؟فقال:«لا بأس لا يقطع ذلك (5)صلاته» (6).

و لأنّ التّصفيق باليد،أو ضرب الحائط و ما أشبههما أفعال قليلة لا تؤثّر في البطلان.

و لأنّ التّنبيه بالتّسبيح،و تلاوة القرآن لا يخرجه عن كونه قرآنا و تسبيحا فيكون سائغا، لقوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه تسبيح و دعاء و قرآن» (7).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه خطاب آدميّ فكان داخلا تحت عموم النّهي عن الكلام،كما لو

ص:323


1- 1ناجية بن أبي عمارة الصيداويّ الأسديّ أبو حبيب.كنّاه في الفقيه بأبي حبيب،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان ناجية بن أبي عمارة،و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة بعنوان ناجية بن عمارة بإسقاط كلمة«أبي»و لعلّه سهو،قاله العلاّمة المامقانيّ. الفقيه(شرح المشيخة)4:62،رجال الطّوسيّ:138،رجال العلاّمة:175، [1]تنقيح المقال 3:265. [2]
2- 2) التّهذيب 2:325 الحديث 1329،الوسائل 4:1257 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 8. [3]
3- 3) محمّد بن بجيل بن عقيل الكوفيّ أخو عليّ بن بجيل وقع بهذا العنوان في طريق الصدوق في الفقيه.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكنّه مجهول الحال. الفقيه(شرح المشيخة)4:62،رجال الطوسيّ:283،تنقيح المقال 2:85 من أبواب الميم. [4]
4- 4) التّهذيب 2:327 الحديث 1342،الوسائل 4:1258 الباب 10 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [5]
5- 5) ح:بذلك.
6- 6) التّهذيب 2:331 الحديث 1363،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [6]
7- 7) سنن النسائيّ 3:17،سنن الدارميّ 1:353،354،المغني 1:735،نيل الأوطار 2:363.بتفاوت.

قال يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ (1).فإنّ صلاته تبطل و إن وجدت هذه الصّورة في القرآن (2).

و الجواب:القصد لا يخرجه عن كونه قرآنا و تسبيحا،لأنّه يقصد الأمرين فإنّ من دعا بسورة من القرآن لا يخرج عن كونه قارئا بل يسمّى داعيا قارئا.

و يؤيّده:ما رواه عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن ذكر السّورة من الكتاب يدعو بها في الصّلاة،مثل:قل هو اللّه أحد؟فقال:«إذا كنت تدعو بها فلا بأس» (3).

فروع:
الأوّل:يكره ذلك بغير ضرورة

(4)

لما فيه من اشتغال القلب بغير العبادة.

و يؤيّده:ما رواه أبو العبّاس الفضل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كان الرّجل مصلّيا فلا يشير إلى شيء و لا يومئ إلى شيء إلاّ أن لا يجد بُدّا» (5).

الثّاني:يجوز للمأموم أن يفتح على الإمام إذا ارتجّ عليه

و أن يردّ عليه إذا غلط في الفرض و (6)النّفل.و به قال عليّ عليه السّلام،و عثمان،و ابن عمر،و عطاء،و الحسن، و ابن سيرين.و كرهه ابن مسعود،و شريح،و الشّعبيّ،و الثّوريّ.

و قال أبو حنيفة:تبطل به الصّلاة (7).

ص:324


1- 1مريم(19):12. [1]
2- 2) بدائع الصنائع 1:235،المغني 1:746،ميزان الكبرى 1:159.
3- 3) الكافي 3:302 الحديث 4، [2]التهذيب 2:314 الحديث 1278،الوسائل 4:743 الباب 9 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) غ،ق و ح:لغير.
5- 5) المعتبر 2:268. [4]
6- 6) ح:أو.
7- 7) المغني 1:743،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651.

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه،فلمّا انصرف قال لأُبيّ:«أ صلّيت معنا؟»قال:نعم،قال:«فما منعك؟» (1).

و هذا عندنا و إن كان غير صحيح؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يجوز عليه التّرك،لكنّا ذكرناه في معرض الإلزام.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الإمام إذا أخطأ في القرآن فلا يدري ما يقول؟قال:«يفتح عليه بعض من خلفه» (2).

و لأنّه تنبيه لإمامه بما هو للإمام مشروع في الصّلاة فأشبه التّسبيح.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما رواه الحارث،عن عليّ عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يفتح على الإمام» (4).

و الجواب:أنّ هذه الرّواية ضعّفها المحدّثون (5).قال أبو داود:راويها أبو إسحاق و لم يرو عن الحارث إلاّ أربعة أحاديث ليس هذا منها (6).و ذلك يدلّ على ضعفها.

الثّالث:قيل:يكره أن يفتح من هو في الصّلاة على من هو في صلاة أُخرى أو على

من ليس في الصّلاة

(7)لقوله عليه السّلام:«إنّ في الصّلاة لشغلا» (8).و لا تبطل صلاته لو فعل؛لأنّه قرآن.

ص:325


1- 1سنن أبي داود 1:239 ضمن الحديث 907،المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651.
2- 2) التّهذيب 3:34 الحديث 123،الوسائل 4:783 الباب 43 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651،نيل الأوطار 2:373.
4- 4) سنن أبي داود 1:239 الحديث 908،المغني 1:744،نيل الأوطار 2:373.
5- 5) ينظر:المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:652،المجموع 4:241،نيل الأوطار 2:373.
6- 6) سنن أبي داود 1:239.
7- 7) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:653.
8- 8) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن ابن ماجه 1:325 الحديث 1019،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،مسند أحمد 1:409. [2]
مسألة:و لا يقطع الصّلاة رعاف و لا قيء،و لو جاءه الرّعاف أزاله و أتمّ الصّلاة ما لم يفعل ما ينافي الصّلاة

(1)

ذهب إليه علماؤنا؛لأنّه ليس بناقض للطّهارة على ما بيّنّاه (2)، و الإزالة من مصلحة الصّلاة فلا تبطلها؛لأنّ التّقدير عدم فعل الكثير.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل يأخذه الرّعاف و القيء في الصّلاة كيف يصنع؟قال:«ينفتل فيغسل أنفه و يعود في صلاته،و إن تكلّم فليعد صلاته،و ليس عليه وضوء» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يمسّ أنفه في الصّلاة فيرى دما،كيف يصنع أ ينصرف؟فقال:«إن كان يابسا فليرم به و لا بأس» (4).

و عن أبي حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:

«لا يقطع الصّلاة الرّعاف و لا الدّم و لا القيء،فمن وجد أذى فليأخذ بيد رجل من القوم من الصّفّ فليقدّمه يعني إذا كان إماما» (5).

و في الصّحيح،عن معاوية بن وهب البجليّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّعاف أ ينقض الوضوء؟قال:«لو أنّ رجلا رعف في صلاته و كان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله (6)فقال برأسه (7)فغسله فليبن على صلاته

ص:326


1- 1ق و ح:و من.
2- 2) يراجع:الجزء الأوّل:217 و ما بعدها.
3- 3) التّهذيب 2:323 الحديث 1323،الوسائل 4:1244 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [1]
4- 4) التّهذيب 2:324 الحديث 1327،الوسائل 4:1244 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 5. [2]
5- 5) التّهذيب 2:325 الحديث 1331،الوسائل 4:1245 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 8. [3]
6- 6) غ:فيتناوله.
7- 7) فقال بثوبه هكذا.العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال و تطلقه على غير الكلام و اللسان، [4]فتقول:قال بيده أي أخذ،و قال برجله أي مشى.قال الشاعر: و قالت له العينان سمعا و طاعة أي:أومأت النهاية لابن الأثير 4:124. [5]

و لا يقطعها» (1).

و في الصّحيح،عن إسماعيل بن عبد الخالق (2)قال:سألته عن الرّجل يكون في جماعة من القوم يصلّي المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع؟قال:«يخرج فإن وجد ماء قبل أن يتكلّم فليغسل الرّعاف ثمَّ ليعد و ليبن (3)على صلاته» (4).

لا يقال:يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّعاف و الحجامة و القيء؟قال:«لا ينقض هذا شيئا من الوضوء و لكن ينقض الصّلاة» (5).

و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا يقطع الصّلاة إلاّ رعاف و أزّ في البطن فادرؤهنّ (6)ما استطعتم» (7).

لأنّا نقول:إنّهما محمولتان على فعل المنافي،أو الاحتياج إلى فعل كثير،أو على

ص:327


1- 1التّهذيب 2:327 الحديث 1344،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 11. [1]
2- 2) إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربّه بن أبي ميمونة بن يسار مولى بني أسَد وجه من وجوه أصحابنا و فقيه من فقهائنا و هو من بيت الشيعة،عمومته شهاب و عبد الرحيم و وَهب و أبوه عبد الخالق كلّهم ثقات رووا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام.و إسماعيل نفسه روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السّجاد و الباقر و الصادق عليهم السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:27،رجال الطوسيّ:83،105،147،رجال العلاّمة:9. [2]
3- 3) ح:فليبن،كما في المصادر.
4- 4) التّهذيب 2:328 الحديث 1345،الاستبصار 1:403 الحديث 1537،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 12. [3]
5- 5) التّهذيب 2:328 الحديث 1346،الاستبصار 1:403 الحديث 1538،الوسائل 1:186 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء الحديث 7. [4]
6- 6) ح:فبادروا به.
7- 7) التّهذيب 2:328 الحديث 1347،الاستبصار 1:403 الحديث 1539،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 14. [5]في التهذيب و الوسائل: [6]فبادروا بهنّ.و في الاستبصار:فبادروا بهما.

الاستحباب.

مسألة:قيل:يكره مسّ الحصى

(1)لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا قام أحدكم إلى الصّلاة فإنّ الرّحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«إنّ عليّا عليه السّلام كره تنظيم الحصى في الصّلاة و كان يكره أن يصلّي على قصاص شعره حتّى يرسله إرسالا» (3).

و لأنّه نوع عبث فكان مكروها،أمّا لو قصد به عدّ الآي فالوجه عندي زوال الكراهية.

خاتمة:حكم المرأة حكم الرّجل في أفعال الصّلاة و هيئاتها الواجبة و المندوبة إلاّ ما استثني
اشارة

من وجوب السّتر لبدنها أجمع.و لا جهر عليها و لا أذان و لا إقامة،فإن فعلتهما خافتت فيهما؛لأنّ الخطاب كما يشمل الرّجل فهو شامل للمرأة،فالأصل أنّ كلّ ما ثبت في حقّه ففي حقّها هو ثابت إلاّ ما يستثنى.

و يستحبّ لها أن تفعل (4)كلّ ما يحصل به السّتر البالغ؛لأنّها عورة.

و يستحبّ لها أن تفعل ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:إذا قامت المرأة في الصّلاة جمعت بين قدميها،و لا تفرّج بينهما،و تضمّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها،فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلاّ تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها،فإذا

ص:328


1- 1المغني 1:697،الشرح الكبير بهامش المغني 1:642.و فيهما:مسح الحصى.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:327 الحديث 1027،سنن أبي داود 1:249 الحديث 945،سنن الدارميّ 1:322. [1]
3- 3) التّهذيب 2:298 الحديث 1203،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 3. [2]
4- 4) م و ن:أن تجمع بفعل،مكان:أن تفعل.

جلست فعلى أليتيها كما يقعد (1)الرّجل و إذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالرّكبتين قبل اليدين،ثمَّ تسجد لاطئة بالأرض،فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها و رفعت ركبتيها من الأرض،فإذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أوّلا (2).

فروع:
الأوّل:المستحبّ لها في الجلوس أن تجلس كالرّجل إلاّ أنّها تضمّ فخذيها و ترفع

ركبتيها من الأرض

لأنّه أبلغ في السّتر.

و يؤيّده:ما تقدّم في رواية زرارة،و ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألته عن جلوس المرأة في الصّلاة؟قال:«تضمّ فخذيها» (3).

و عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا قال:المرأة إذا سجدت تضمّمت،و الرّجل إذا سجد تفتّح (4).و كان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن مربّعات (5).و به قال أحمد (6).

لنا:ما تقدّم،و ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:«إذا صلّت المرأة فلتحتفز و لتضمّ فخذيها» (7).و لأنّه مسنون للرّجل فيسنّ (8)لها كغيره من المندوبات.

الثّاني إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها

الثّاني:روى الشّيخ في الموثّق،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص:329


1- 1ح:ليس كما يقعد.كما في الكافي و [1]الوسائل. [2]
2- 2) التّهذيب 2:94 الحديث 350،الوسائل 4:676 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 2:95 الحديث 352،الوسائل 4:988 الباب 1 من أبواب التشهّد الحديث 2. [4]
4- 4) التّهذيب 2:95 الحديث 353،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 3. [5]
5- 5) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 1:636.
6- 6) المغني 1:635،الشرح الكبير بهامش المغني 1:635.
7- 7) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 1:636.
8- 8) م و ن:فسنّ.

«إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها» (1).و هو حسن؛لما فيه من الاستتار.

الثّالث:يستحبّ لها أن تكثّف (2)الجلباب.قال الخليل:الجلباب أوسع من الخمار و ألطف من الإزار (3).و إنّما يستحبّ لها أن تجعله كثيفا؛لأنّه يمنع من وصفها.

فصل:

لا يقطع الصّلاة للرّجل و المرأة ما يمرّ بين يديهما إجماعا منّا و قد سلف (4)، و لا عقص الشّعر على خلاف،و قد تقدّم (5).

قال الشّيخ:لو نوى أن يصلّي بالتّطويل لم تبطل صلاته لو خفّفها (6).و هو حسن.

المقصد الثّالث:في باقي الصّلوات المفروضات

اشارة

و فيه فصول:

الأوّل:في الجمعة
اشارة

و فيه مباحث:

الأوّل:في الشّروط
مقدّمة:

روى الشّيخ،عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«ما طلعت

ص:330


1- 1التّهذيب 2:94 الحديث 351،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) ق و ح:تكنف.و كذا كلمة:كثيفا،تكون فيهما:كنيفا.
3- 3) العين 6:132. [2]
4- 4) يراجع:الجزء الرّابع ص 337.
5- 5) تقدّم في ص 306.
6- 6) المبسوط 1:118.

الشّمس بيوم أفضل من يوم الجمعة» (1).

و عن ابن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الجمعة سيّد الأيّام يضاعف اللّه فيه الحسنات،و يمحو فيه السيّئات،و يرفع فيه الدّرجات،و يستجيب فيه الدّعوات،و يكشف فيه الكربات، و يقضي فيه الحوائج (2)العظام،و هو يوم المزيد للّه فيه عتقاء و طلقاء من النّار،ما دعا اللّه فيه أحد من النّاس و عرف حقّه و حرمته إلاّ كان حقّا على اللّه أن يجعله من عتقائه و طلقائه من النّار،فإن مات في يومه و ليلته مات شهيدا و بعث آمنا،و ما استخفّ أحد بحرمته و ضيّع حقّه إلاّ كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يصليه نار جهنّم إلاّ أن يتوب» (3).

و روى ابن بابويه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول يعقوب لبنيه سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي (4)قال:«أخّرهم إلى السّحر ليلة الجمعة» (5).

و روى،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إنّ العبد المؤمن ليسأل اللّه الحاجة فيؤخّر اللّه عزّ و جلّ قضاء حاجته الّتي سأل إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة» (6).

و روى،عن الأصبغ بن نباتة،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«ليلة الجمعة ليلة غرّاء،و يومها يوم أزهر،من (7)مات ليلة الجمعة كتب له براءة من ضغطة القبر،و من مات يوم الجمعة كتب له براءة من النّار» (8).

ص:331


1- 1التّهذيب 3:2 الحديث 1،الوسائل 5:62 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:الحاجات.كما في التهذيب.
3- 3) التّهذيب 3:2 الحديث 2،الوسائل 5:63 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
4- 4) يُوسُف(12):98. [3]
5- 5) الفقيه 1:273 الحديث 1240،الوسائل 5:73 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]
6- 6) الفقيه 1:272 الحديث 1241،الوسائل 5:74 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [5]
7- 7) ح:و من.كما في الوسائل. [6]
8- 8) الفقيه 1:272 الحديث 1244،الوسائل 5:65 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 13. [7]

و روى،عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصّدقة و الصّوم و نحو هذا،قال:«يستحبّ أن يكون ذلك يوم الجمعة فإنّ العمل يوم الجمعة يضاعف» (1).

و روى أبو بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل اللّيل إلى آخره:ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته و دُنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه (2)؟ألا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه؟ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه يسألني (3)الزّيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده و أُوسّع عليه؟ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأُعافيه؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أُطلقه من حبسه قبل طلوع الفجر فأُطلقه من حبسه و اخلّي سربه؟ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له و آخذ له بظلامته؟» (4)قال:«فما يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر» (5).

و روى،عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت للرّضا عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه ما تقول في الحديث الّذي يرويه النّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى ينزل في كلّ ليلة جمعة إلى السّماء الدّنيا؟فقال عليه السّلام:«لعن اللّه المحرّفين الكلم عن مواضعه،و اللّه ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كذلك،إنّما قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى يُنزل ملكا إلى السّماء الدّنيا كلّ ليلة في الثّلث الأخير و ليلة الجمعة في أوّل اللّيل،فيأمره فينادي:هل من سائل فأُعطيه؟هل من تائب فأتوب عليه؟هل من مستغفر فأغفر له؟يا طالب الخير أقبل،و يا طالب الشرّ أقصر،فلا يزال ينادي بهذا حتّى

ص:332


1- 1الفقيه 1:272 الحديث 1245،الوسائل 5:66 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [1]
2- 2) ن و م:فأجبته.
3- 3) ح:فيسألني.كما في الوسائل. [2]
4- 4) ن،م و ق:ظلامته.
5- 5) الفقيه 1:271 الحديث 1237،الوسائل 5:73 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [3]

يطلع الفجر،فإذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السّماء،حدّثني بذلك أبي عن جدّي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

مقدّمة أُخرى:

الجمعة واجبة،و هو قول علماء الإسلام.و يدلّ عليه الكتاب و السنّة و الإجماع.

أمّا الكتاب:فقوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا (2).و الأمر للوجوب.

و أمّا السنّة:فما رواه الجمهور،عن أبي الجعد الضّمريّ (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من ترك ثلاث جُمَع تهاونا طبع اللّه على قلبه» (4).

و قال عليه السّلام:«الجمعة حقّ واجب على كلّ مسلم[في جماعة] (5)إلاّ أربعة» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح و ابن يعقوب بإسنادهما عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض في كلّ سبعة أيّام خمسا و ثلاثين صلاة،منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها (7)إلاّ

ص:333


1- 1الفقيه 1:271 الحديث 1238،الوسائل 5:72 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) الجُمعة(62):9. [2]
3- 3) أبو الجعد بن جنادة بن ضمرة الضمريّ من بني ضمرة.قيل:اسمه الأدرع.و قيل:جنادة.و قيل:عمرو بن بكر.و قال البخاريّ:لا أعرف اسمه و لا أعرف له إلاّ هذا الحديث.روى عنه عبيدة بن سفيان الحضرميّ. أُسد الغابة 5:159، [3]الإصابة 4:32. [4]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:357 الحديث 1125،سنن أبي داود 1:277 الحديث 1052،سنن الترمذيّ 2:373 الحديث 500، [5]سنن النسائيّ 3:88،سنن الدارميّ 1:369، [6]مسند أحمد 3:332، [7]نيل الأوطار 3:272 الحديث 3. رواه أحمد عن جابر.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن أبي داود 1:280 الحديث 1067،سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 2،نيل الأوطار 3:278 الحديث 3.
7- 7) م،ن و ق:شهدها.

خمسة» (1)الحديث.

و رؤيا في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«فرض اللّه على النّاس من الجمعة إلى الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه في جماعة و هي الجمعة،و وضعها عن تسعة» (2)الحديث.

و في الصّحيح،عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من ترك الجمعة ثلاث جُمَع متوالية طبع اللّه على قلبه» (3).

و أمّا الإجماع:فإنّه لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

مسألة:يشترط في الجمعة الإمام العادل أي المعصوم عندنا أو إذنه

أمّا اشتراط الإمام أو إذنه فهو مذهب علمائنا أجمع،و الحسن،و الأوزاعيّ (4)،و حبيب بن أبي ثابت (5)، و أبي حنيفة (6).

و قال محمّد:إن مرض الإمام أو سافر أو مات فقدّمت الرعيّة من يصلّي بهم صحّت؛ لأنّه موضع ضرورة (7).

ص:334


1- 1التهذيب 3:19 الحديث 69،الكافي 3:418 الحديث 1، [1]الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [2]
2- 2) التهذيب 3:21 الحديث 77،الكافي 3:419 الحديث 6، [3]الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
3- 3) التهذيب 3:238 الحديث 632،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 15. [5]
4- 4) المغني 2:173-174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المجموع 4:583.
5- 5) المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:25،34،الهداية للمرغينانيّ 1:82-83،المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،تفسير القرطبيّ 18:113، [6]المجموع 4:583،حلية العلماء 2:296،شرح فتح القدير 2:26.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:34.

و قال الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3)في إحدى الرّوايتين،و أبو ثور:ليس الإمام شرطا و لا إذنه بل متى اجتمع (4)جماعة من غير أمر الإمام فأقاموها بغير إذنه جاز (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أربع إلى الولاة:الفيء، و الحدود،و الصّدقات،و الجمعة» (6).

و قال في خطبته:«من ترك الجمعة في حياتي أو بعد موتي و له إمام عادل أو جائر استخفافا بها و جحودا فلا جمع اللّه له شمله و لا بارك له في أمره» (7)الحديث.علّق التوعّد على وجود الإمام فينتفي عند انتفائه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يقول:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط:الإمام و أربعة» (8).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟فقال:«أذان و إقامة،يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب،و لا يصلّي النّاس ما دام الإمام على المنبر،ثمَّ يقعد الإمام على المنبر قدر ما يقرأ:قل هو اللّه أحد،ثمَّ يقوم فيفتتح بخطبة،ثمَّ

ص:335


1- 1المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:583.
2- 2) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المدوّنة الكبرى 1:153،بلغة السالك 1:178،تفسير القرطبيّ 18:113، [1]حلية العلماء 2:296.
3- 3) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،الكافي لابن قدامة 1:293،المجموع 4:583، [2]حلية العلماء 2:296.
4- 4) غ،ق و ح:أجمع.
5- 5) المغني 2:173،المجموع 4:583. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:25.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081.
8- 8) التهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]

ينزل فيصلّي بالنّاس،ثمَّ يقرأ بهم في الرّكعة الأُولى بالجمعة و في الثّانية بالمنافقين» (1).

و ما رواه،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة يوم الجمعة؟ فقال:«أمّا مع الإمام فركعتان،و أمّا من صلّى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظّهر» (2).

و لأنّ انعقاد الجمعة حكم شرعيّ فيقف على الشّرع،و الآية (3)تفتقر إلى البيان بفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو قوله،و لم يُقم الجمعة إلاّ السلطان في كلّ عصر فكان إجماعا،و لو (4)كانت تنعقد بالرّعيّة لصلّوها في بعض الأحيان.

و لأنّه لو لم يعتبر أمر الإمام لسبقت طائفة إلى إقامتها لغرض ففاتت عن (5)أهل المصر،فجعلت إلى السّلطان الّذي يسوّي بين النّاس لئلاّ يفوت بعضهم.

احتجّ المخالف بأنّ عليّا عليه السّلام صلّى الجمعة و عثمان كان محصورا و الولاية له (6).

و الجواب:أنّ هذا عندنا ساقط بالكلّيّة؛إذ الولاية لعليّ عليه السّلام،و أيضا (7)عند المخالفين فإنّ عليّا عليه السّلام فعل ذلك بأمر عثمان.

مسألة:و العدد شرط في انعقاد الجمعة

و هو مذهب علماء الإسلام فلا تنعقد بالإمام وحده ابتداء،و إنّما الخلاف في كمّيّته،و الّذي (8)أكثر علمائنا عليه خمسة نفر،أحدهم الإمام.ذهب إليه المفيد (9)،و السيّد المرتضى (10)،و ابن

ص:336


1- 1التهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [2]
3- 3) ح:و لأنّه.
4- 4) ق و ح:فلو.
5- 5) غ،ق و ح:على.
6- 6) المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المجموع 4:584.
7- 7) غ:و أمّا.
8- 8) ق و ح:فالّذي.
9- 9) المقنعة:27.
10- 10) الانتصار:53،جمل العلم و العمل:71.

أبي عقيل (1)،و سلاّر (2)،و أبو الصّلاح (3)،و ابن إدريس (4).

و قال الشّيخ (5)،و ابن بابويه (6)،و ابن حمزة:إنّ أقلّ العدد الّذي يجب عليهم الجمعة سبعة نفر و يستحبّ للخمسة (7).

و قال الشّافعيّ (8)،و مالك (9)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه:إنّ الشّرط حضور أربعين (10)،و هو قول عمر بن عبد العزيز (11)،و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة (12)،

ص:337


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:281. [1]
2- 2) المراسم:77.
3- 3) الكافي في الفقه:151. [2]
4- 4) السرائر:63.
5- 5) المبسوط 1:143،الخلاف 1:235 مسألة-5،النهاية:103. [3]
6- 6) الفقيه 1:267 الحديث 1218.
7- 7) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675.
8- 8) الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،بدائع الصنائع 1:268،المجموع 4:502،تفسير القرطبيّ 18:112، [4]مغني المحتاج 1:282،السراج الوهّاج:86، عمدة القارئ 6:249،نيل الأوطار 3:285.
9- 9) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174.
10- 10) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الكافي لابن قدامة 1:285،حلية العلماء 2:270،بداية المجتهد 1:158،منار سبيل 1:143.
11- 11) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،حلية العلماء 2:270.
12- 12) عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود الهذليّ أبو عبد اللّه المدنيّ أحد الفقهاء السبعة و مؤدّب عمر بن عبد العزيز.روى عن أبيه و أرسل عن عمّ أبيه عبد اللّه بن مسعود.و روى عنه أخوه عون و الزّهريّ و سعد بن إبراهيم.مات سنة 98 ه. تهذيب التهذيب 7:23، [5]العبر 1:87. و [6]للاطّلاع على قوله ينظر:الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174.

و إسحاق (1).و الرّواية الأُخرى عن أحمد:خمسون (2).

و قال ربيعة:تنعقد باثني عشر لا بأقلّ (3).و قال الثّوريّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و محمّد:

تنعقد بأربعة،الإمام أحدهم (6).و قال اللّيث بن سعد (7)،و الأوزاعيّ (8)،و أبو ثور (9)، و أبو يوسف:تنعقد بثلاثة،الإمام أحدهم (10).و قال الحسن بن صالح بن حيّ:تنعقد باثنين (11).

لنا:أنّ الجمعة تجب على أهل المصر،و أقلّ عدد يتمّ نظامهم به هو الخمسة:الحاكم و نائبه،و المدّعي و المدّعى عليه،و المستوفي للحدود،فيجب عليهم الحضور،و لا يشترط الزّائد عملا بقوله تعالى فَاسْعَوْا .فذلك مطلق غير مقيّد بعدد،إلاّ ما أخرجناه بالدّليل.

ص:338


1- 1تفسير القرطبيّ 18:112. [1]
2- 2) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الكافي لابن قدامة 1:285، [2]الإنصاف 2:378. [3]
3- 3) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111. [4]
4- 4) المجموع 4:504،حلية العلماء 2:271،تفسير القرطبيّ 18:111. [5]
5- 5) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:271،تفسير القرطبيّ 18:111. [6]
6- 6) المجموع 4:504. [7]
7- 7) تفسير القرطبيّ 18:111، [8]نيل الأوطار 3:285.
8- 8) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،نيل الأوطار 3: 285.
9- 9) المغني 2:172،نيل الأوطار 3:285،عمدة القارئ 6:248.
10- 10) بدائع الصنائع 1:268،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111، [9]نيل الأوطار 3: 285.
11- 11) المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111، [10]عمدة القارئ 6:249،نيل الأوطار 3: 285.

و أيضا:بطلان قول كلّ واحد يستلزم صحّة قولنا،و سيأتي تفصيل أدلّتهم (1)و الاعتراض عليها.

و أيضا:ما رواه الشّيخ و ابن يعقوب في الحسن،عن زرارة قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يقول:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط:الإمام و أربعة» (2).

و ما رواه الشّيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا (4)،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم» (5).

و ما رواه،عن أبي العبّاس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أدنى ما يجزئ في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه» (6).

و ما رواه،عن الفضل بن عبد الملك قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات،فإن كان لهم من يخطب لهم جمّعوا إذا كانوا خمسة

ص:339


1- 1ق و ح:لأدلّتهم.
2- 2) التهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الكافي 3:419 الحديث 4، [1]الوسائل 5: 7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 3:239 الحديث 637،الاستبصار 1:419 الحديث 1611،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [3]
4- 4) م،ن،ق و ح:فما زاد.كما في الاستبصار.
5- 5) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
6- 6) التّهذيب 3:21 الحديث 76،الاستبصار 1:419 الحديث 1609،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

نفر،و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (1).

احتجّ الشّيخ (2)بما رواه في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلّوا» (3).

و ما رواه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين،و لا تجب على أقلّ منهم:الإمام،و قاضيه،و المدّعي حقّا، و المدّعى عليه،و الشّاهدان،و الّذي يضرب الحدود بين يدي الإمام» (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه الجمهور،عن كعب بن مالك (6)قال:أوّل من جمّع بنا أسعد بن زرارة و نحن أربعون (7).

و ما رواه،عن جابر بن عبد اللّه قال:مضت السنّة أنّ في كلّ أربعين فما فوقها جمعة (8).

ص:340


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
2- 2) الاستبصار 1:419.
3- 3) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الاستبصار 1:418 الحديث 1607،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [2]
4- 4) التّهذيب 3:20 الحديث 75،الاستبصار 1:418 الحديث 1608،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 9. [3]
5- 5) المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [4]نيل الأوطار 3:283.
6- 6) كعب بن مالك بن أبي كعب،و هو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة،و أحد الثلاثة الذين تاب اللّه عليهم و أنزل فيهم وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ .التوبة(9):118. روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن أُسيد بن حُضَير. و روى عنه أولاده:عبد اللّه و عبيد اللّه و محمّد،و ابن عبّاس و جابر و أبو أُمامة الباهليّ.مات سنة 50 ه. أُسد الغابة 4:247، [5]تهذيب التهذيب 8:440، [6]العبر 1:39. [7]
7- 7) سنن أبي داود 1:280 الحديث 1069،سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1082،سنن البيهقيّ 3:177،نيل الأوطار 3:282 الحديث 1.
8- 8) سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1 باب ذكر العدد في الجمعة،تفسير القرطبيّ 18:112-113، [8]سنن البيهقيّ 3: 177.

و احتجّ أحمد (1)بما رواه الجمهور،عن أبي أمامه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«تجب الجمعة على خمسين رجلا،و لا تجب على مَن دون ذلك» (2).

و بما رواه أبو هريرة قال:لمّا بلغ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسين جمّع بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و احتجّ ربيعة (4)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كتب إلى مُصعب بن عمير بالمدينة فأمره أن يصلّي الجمعة عند الزّوال ركعتين،و أن يخطب فيها،فجمّع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة (5)باثني عشر رجلا (6).

و عن جابر قال:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الجمعة فقدمت العير فخرج النّاس إليها فلم يبق إلاّ اثني عشر رجلا أنا فيهم،فأنزل اللّه تعالى وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً (7)(8).و ما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأربعة عدد يزيد على أقلّ الجمع المطلق،فانعقدت به الجمعة كالأربعين (9).

احتجّ أبو يوسف بأنّ الثّلاثة يصدق عليه اسم الجمع،فتنعقد به الجمعة كالأربعين،

ص:341


1- 1المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174-175.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:4 الحديث 2 و 3،نيل الأوطار 3:286،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 174.
3- 3) تفسير القرطبيّ 18:113، [1]المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
4- 4) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
5- 5) سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب.الأنصاريّ الأوسيّ،يكنّى أبا خيثمة.كان أحد النقباء بالعقبة. قيل:قتل يوم بدر،و قيل:بقي إلى غزوة تبوك. أُسد الغابة 2:275، [2]الإصابة 2:25. [3]
6- 6) سنن البيهقيّ 3:179،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
7- 7) الجمعة(62):11. [4]
8- 8) صحيح مسلم 2:590 الحديث 863،سنن الدار قطنيّ 2:4 الحديث 5 و 6.
9- 9) بدائع الصنائع 1:268،الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.

و لأنّه تعالى أمر الجمع فيدخل فيه الثّلاثة (1).

و احتجّ ابن حيّ بأنّ معنى الاجتماع موجود في الاثنين (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الأمر بالجمعة للسّبعة لا يستلزم نفيها عن الأقلّ إلاّ من حيث دليل الخطاب أو مفهوم الشّرط،و كلاهما لا يعارضان النّصّ.

و عن الثّاني:بعد تسليم صحّة السّند أنّه معارض بما ذكرناه من الأحاديث (3)فيبقى الأمر بالجمعة سليما عن الاشتراط.

و أيضا:فيحتمل أنّ الباقر عليه السّلام إنّما حكم بنفي الوجوب على الأقلّ بناء على الغالب؛إذ من المستبعد انفكاك المصر من العدد الّذي ذكره من الحاكم و غيره،و إذا كان الحكم إنّما هو على الغالب فلا دلالة فيه،و هذا التّأويل و إن كان بعيدا إلاّ أنّه أولى من الإسقاط.و يؤيّده:تعديده عليه السّلام بمن (4)ذكره.

و عن الثّالث:أنّه لا حجّة فيه؛إذ يجوز أن يكون قد وقع اتّفاقا لا أنّه شرط.

و عن الرّابع:أنّ ابن الجوزيّ (5)قد ضعّف هذا الحديث (6)فلا احتجاج فيه.

و أيضا:فإنّه دالّ على أنّ كلّ أربعين تجب عليهم الجمعة،لا على عدمها عن الأقلّ إلاّ من حيث دليل الخطاب و هو ضعيف.

ص:342


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:24،بدائع الصنائع 1:268.
2- 2) حلية العلماء 2:270،نيل الأوطار 3:285.
3- 3) يراجع:ص 338-340.
4- 4) أكثر النسخ:لمن.
5- 5) عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الجوزيّ القرشيّ البغداديّ،أبو الفرج صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلوم من التفسير و الحديث و الفقه و الزهد و الوعظ و الأخبار و التاريخ له ثلاثمائة مصنّف،منها:كتاب الضعفاء و المتروكين.مات سنة 597 ه. العبر 3:118، [1]شذرات الذهب 4:329، [2]الأعلام للزركلي 3:316. [3]
6- 6) الضعفاء و المتروكين 2:110،المغني 2:173.و ضعّفه من ناحية عبد العزيز بن عبد الرحمن.

و أيضا:فإنّ قوله:من السنّة (1).يحتمل أن لا يكون المراد سنّة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله؛لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها و أجر العامل بها إلى يوم القيامة» (2).و لو سلّم فالاستدلال بها ضعيف جدّا.

و عن الخامس:أنّه ضعيف عندهم،و مع ذلك فإنّ أحمد الّذي رواه قد عمل بخلافه، و ذلك ممّا تطرّق إليه التّهمة.

و عن السّادس:بمثله،و أيضا فإنّه يمكن أن يكون قد وقع اتّفاقا،لا أنّ اجتماع الخمسين شرط.

و عن السّابع:أنّه يمكن وقوعه اتّفاقا لا أنّه شرط،و كذا الثّامن.

و عن التّاسع:أنّه قياس في الأُمور المقدّرة و هو غير مسموع؛إذ باب التّقديرات مأخوذة من النصّ،و هو الجواب عن الباقي.

مسألة:و الخطبة شرط في الجمعة.و هو قول عامّة أهل العلم لا نعرف فيه مخالفا إلاّ الحسن البصريّ فإنّه قال:تجزئ الجمعة خطب الإمام أو لم يخطب (3).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (4).و المراد الخطبة،و وجوب السّعي إليها يستلزم وجوبها.و لأنّه عليه السّلام لم يصلّ إلاّ بخطبة (5)،و المداومة تقتضي الإيجاب.

و أيضا:قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (6).و هذا أمر (7)يفيد الوجوب.

و ما رواه الجمهور،عن عمر قال:قصرت الصّلاة لأجل الخطبة (8).و بمثله رووا عن

ص:343


1- 1كذا في النسخ و الصحيح:مضت السنّة.
2- 2) صحيح مسلم 2:705 الحديث 1017 و ج 4:2059(باب من سنّ سنّة حسنة.).
3- 3) المغني 2:150،المجموع 4:514.
4- 4) الجُمُعة(62):9. [1]
5- 5) ح:بالخطبة.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [2]
7- 7) م،ق و ح:هذا الأمر.
8- 8) المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.

عائشة و سعيد بن جبير (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم لمّا سأله عن الجمعة فقال:«فيصعد المنبر فيخطب» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من يخطب» (3).و يقدّم وجوب الخطبة بصدق هذا الشّرط على تقدير عدمها فيجب الظّهر.

و ما رواه الفضل بن عبد الملك:«و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتّى ينزل الإمام» (5).

احتجّ الحسن البصريّ:بأنّها صلاة عيد فلا تجب فيها الخطبة كالأضحى (6).

و الجواب:منع عدم وجوبهما (7)في الأضحى على ما يأتي،و لو سلّم فالفرق ثابت؛ إذ (8)هذه الخطبة قد غيّرت الفرض و قامت مقام بعضه،بخلاف الأضحى.

مسألة:الاجتماع شرط في الجمعة،فلا تصحّ فرادى

و لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة بعده إنّما صلّوها جماعة،و المداومة إنّما يكون في الواجب.و لأنّه

ص:344


1- 1المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
2- 2) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:39 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [4]
6- 6) المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
7- 7) م:وجوبها.
8- 8) غ،م و ن:إنّ.

عليه السّلام قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (1).

مسألة:و الوقت شرط للجمعة و هو الزّوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله

و هو مذهب علمائنا أجمع إلاّ ما نقله الشّيخ في الخلاف عن السيّد المرتضى قال:و في أصحابنا من قال:إنّه يجوز أن تصلّى الفرض عند قيام الشّمس يوم الجمعة خاصّة،و هو اختيار المرتضى (2).و الّذي اخترناه قول أكثر أهل العلم (3).

و ذهب أحمد إلى أنّ وقتها حين يرتفع النّهار،و عنه:أنّها تصلّى في السّاعة السّادسة (4).و روي عن ابن مسعود،و جابر،و سعيد،و معاوية (5):أنهم صلّوها قبل الزّوال (6).و قال بعض الحنابلة:إنّه يجوز فعلها في وقت صلاة العيد (7).و قال عطاء:كلّ عيد حين يمتدّ الضّحى،الجمعة،و الأضحى،و الفطر (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن سلمة بن الأكوع قال:كنّا نُجمِّع (9)مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا زالت الشّمس ثمَّ نرجع نتتبّع الفيء (10).متّفق عليه.

ص:345


1- 1صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [1]
2- 2) نقله عنه في الخلاف 1:246 مسألة-36.
3- 3) ينظر:المغني 2:210،المجموع 4:511. [2]
4- 4) المغني 2:209،الكافي لابن قدامة 1:283،المجموع 4:511،الإنصاف 2:375، [3]عمدة القارئ 6:201.
5- 5) معاوية بن أبي سفيان صخر ابن حرب بن أُميّة.ولاّه عثمان على الديار الشاميّة،فلمّا قتل عثمان عزله عليّ عليه السّلام،و علم معاوية بالأمر قبل وصول البريد،فنادى بثار عثمان و اتّهم عليّا عليه السّلام بدمه و حارب خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصفّين. الأعلام للزركلي 7:261، [4]العبر 1:47. [5]
6- 6) المغني 2:209،المجموع 4:511،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:19،نيل الأوطار 3:319.
7- 7) المغني 2:209،المجموع 4:511،عمدة القارئ 6:201.
8- 8) المغني 2:210،عمدة القارئ 6:201.
9- 9) جمّع القوم تجميعا،أي شهدوا الجُمعة و قضوا الصلاة فيها. الصحاح 3:1200. [6]
10- 10) صحيح مسلم 2:589 الحديث 860،نيل الأوطار 3:318 الحديث 4.

و روى البخاريّ عن أنس قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تميل الشّمس (1).و قول الصّحابيّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّه كان يفعل كذا إنّما يكون مع المداومة،و لو لا الوجوب لما داوم.و لقوله:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين (3)تزول الشّمس قدر شراك،و يخطب في الظلّ الأوّل فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشّمس فانزل فصلّ» (4).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال:«وقت صلاة الجمعة عند الزّوال» (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة نصف النّهار إلاّ الجمعة» (6).

و في الصّحيح،عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«فإنّ صلاة الجمعة من الأمر المضيّق إنّما لها وقت واحد حين تزول» (7).

و لأنّهما صلاتا وقت واحد فاتّحد الوقت لهما كالتّمام و القصر،و لأنّ الجمعة بدل فأشبهت المبدل،و لأنّ آخر وقتهما واحد فاتّحد الأوّل كصلاة الحضر و السّفر.

ص:346


1- 1صحيح البخاريّ 2:8.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [1]
3- 3) م،ن،ق و ح:حتّى.
4- 4) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 3:13 الحديث 43،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 3:13 الحديث 44،الاستبصار 1:412 الحديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [4]
7- 7) التّهذيب 3:13 الحديث 46،الوسائل 5:17 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [5]

احتجّ المخالف (1)بما رواه جابر بن عبد اللّه قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي يعني الجمعة ثمَّ نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشّمس (2).

و عن سهل بن سعد قال:ما كنّا نقيل و لا نَتَغَدّى إلاّ بعد الجمعة في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).قال ابن قتيبة (4):و لا يسمّى غداء و لا قائلة بعد الزّوال (5).

و بما رواه وكيع (6)[عن] (7)السلميّ (8)قال:شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته و خطبته قبل نصف النّهار (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بما ذكرناه من الأحاديث (10)و يجوز أن يكون

ص:347


1- 1المغني 2:210،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165.
2- 2) صحيح مسلم 2:588 الحديث 858،سنن النّسائيّ 3:100،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:18.
3- 3) صحيح مسلم 2:588 الحديث 859،سنن أبي داود 1:285 الحديث 1086،سنن الترمذيّ 2:403 الحديث 525، [1]سنن الدار قطنيّ 2:19 الحديث 3،نيل الأوطار 3:318 الحديث 5.في بعض المصادر بتفاوت يسير.
4- 4) أحمد بن عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ،أبو جعفر:قاض من أهل بغداد،له اشتغال بالأدب و الكتابة.كان يحفظ كتب أبيه و هي أحد و عشرون كتابا في غريب القرآن و الحديث و الأدب و الأخبار.مات سنة 322 ه. العبر 2:16، [2]الأعلام للزركلي 1:156. [3]
5- 5) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:18،المغني 2:210،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165،نيل الأوطار 3: 320.
6- 6) وكيع بن الجرّاح بن مليح الرّواسيّ،أبو سفيان الكوفيّ الحافظ.روى عن أبيه و إسماعيل بن أبي خالد و أيمن بن نابل و جمع كثير.و روى عنه أبناؤه سفيان و مليح و عبيد.و شيخه سفيان الثوريّ و خلق كثير.مات سنة 197 ه. تهذيب التهذيب 11:123، [4]العبر 1:253، [5]ميزان الاعتدال 4:335.
7- 7) في النسخ:وكيع الأسلميّ.و الصحيح ما أثبتناه.
8- 8) عبد اللّه بن سيدان المطروديّ السلميّ.قال البخاريّ:لا يتابع على حديثه.و قال اللالكائيّ:مجهول لا حجّة فيه. ميزان الاعتدال 2:437،الضعفاء الكبير للعقيليّ 2:265،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 2:126.
9- 9) سنن الدار قطنيّ 2:17،نيل الأوطار 3:319 الحديث 7،المغني 2:210-211،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165.
10- 10) ينظر:ص 345 رقم 10 و ما بعده.

الرّاوي قد سها في ذلك.

و عن الثّاني:أنّه لا دلالة فيه؛إذ مفهوم القيلولة هو النّوم في الظّهيرة و القائلة الظّهيرة كذا (1)ذكره صاحب الصّحاح (2).قال:و الظّهيرة:الهاجرة (3).و الهاجرة:نصف النّهار (4).فكيف يصحّ ما ذكره ابن قتيبة،على أنّه يحتمل إرادة المجاز للقرب،عملا بحديثنا الدالّ على أنّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان يصلّي بعد الزّوال.

و عن الثّالث:بما ذكرناه في الأوّل،و بأنّ عمل أبي بكر ليس بحجّة إجماعا.و أيضا:

لو جازت الصّلاة قبل الزّوال لفاتت أكثر المصلّين،فإنّ الوقت الحاضر لهم و الجامع لتبدّدهم (5)إنّما هو الزّوال لمعرفتهم به.

مسألة:و انفراد الجمعة شرط فيها بمعنى أنّه لا يصحّ (6)أن تصلّى جمعتان في موضعين إذا لم يكن بينهما ثلاثة أميال فصاعدا.ذهب إليه أكثر علمائنا،و هذا التّقدير لما بين الجمعتين و إن كانتا في بلد واحد.

و قال الشّافعيّ (7)،و مالك (8)،و أبو حنيفة:لا تصلّى جمعتان في بلد واحد (9).و قال أحمد:إن تعذّر الاجتماع في مسجد واحد لتباعد أقطار البلد أو للمشقّة الحاصلة من الاجتماع جازت إقامة الجمعتين في موضعين فإن حصل الاكتفاء بهما حرمت الثّالثة و إلاّ

ص:348


1- 1ح:كما.
2- 2) الصحاح 5:1808. [1]
3- 3) الصحاح 2:731. [2]
4- 4) الصحاح 2:851. [3]
5- 5) م:لتبعّدهم،ق و ح:لتبدّرهم.
6- 6) ح:يصلح.
7- 7) الاُمّ 1:192،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:585 و 591،المغني 2:182.
8- 8) المغني 2:182،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:297،ميزان الكبرى 1:193.
9- 9) المغني 2:182،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،ميزان الكبرى 1:193،المجموع 4:591، عمدة القارئ 6:187.

ساغت (1)،و هو قول عطاء إلاّ أنّه قال:إذا كان البلد واسعا لا يسعهم المسجد الأعظم فلكلّ قوم مسجد و يجمّعون فيه (2).فمنع من الزّائد على الواحدة مع الاختيار دون الزّائد على الاثنين.

و قال أبو يوسف:إن كان البلد ذا جانب واحد لم ينعقد فيه إلاّ جمعة واحدة،و إن كان ذا جانبين فإن كان بينهما جسر فهما كالجانب الواحد و إلاّ فكلّ جانب بلد بانفراده (3).

و قال محمّد بن الحسن:القياس أنّه لا يقام في البلد إلاّ جمعة واحدة،فإن أُقيمت في موضعين جاز استحسانا (4).و هو مرويّ عن أبي حنيفة (5)،و لم يعتبر (6)أحد من الجمهور بُعد ثلاثة أميال.

و قال داود:يجوز أن يصلّوا الجمعة في مساجدهم كما يصلّون سائر الصّلوات (7).

لنا:ما نقله الجمهور و الأصحاب من أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يجمّع إلاّ في موضع واحد،و كذلك الصّحابة بعده (8)،و قد قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (9).

و لم ينقل أحد أنّهم جمّعوا في موضعين بل (10)كان الصّلاة في موضعين أولى،لما فيه من عمارة المساجد بالعبادة،و لمّا لم ينقل فعله،دلّ على تحريمه.

ص:349


1- 1المغني 2:182،185،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،الكافي لابن قدامة 1:294،حلية العلماء 2: 298،المجموع 4:591.
2- 2) المغني 2:182،185،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،المجموع 4:591.
3- 3) بدائع الصنائع 1:260،المبسوط للسرخسيّ 2:120،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:297.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:120،بدائع الصّنائع 1:260،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:298،المحلّى 5:53.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:120،بدائع الصنائع 1:261،المجموع 4:591.
6- 6) ن:يعيّن.
7- 7) المجموع 4:591، [1]حلية العلماء 2:298.
8- 8) المغني 2:182،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [2]
10- 10) في هامش ح:(مع أنّه)مكان:بل.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر قال:لا تقام الجمعة إلاّ في المسجد الأكبر الّذي يصلّي فيه الإمام (1).و لم ينكر عليه أحد فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن يعقوب في الحسن عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا تكون جمعة إلاّ فيما بينه و بين ثلاثة أميال،و ليس تكون جمعة إلاّ بخطبة،و إذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمّع هؤلاء و يجمّع هؤلاء» (2).و ما رواه الشّيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمّع هؤلاء و يجمّع هؤلاء و لا يكون بين الجماعتين أقلّ من ثلاثة أميال» (3).

و لأنّ الجمعة سمّيت بهذا الاسم لاجتماع النّاس،فينبغي أن لا يفترقوا.

و اعلم:أنّ هذين الحديثين دلاّ على ما ذهبنا إليه من الجواز مع بُعد ثلاثة أميال، و لأنّ المشقّة تحصل بحضور من يكون على هذا الحدّ أو يزيد عليه فكان منفيّا،و الجمعة متعيّنة عليه فوجب فعلها في موطنه،و لأنّه يتعذّر حصول جامع ليسع من يكون على هذا البُعد خصوصا مع وجوب حضور أهل القرى الّذي على رأس فرسخين فما دون،فكان تسويغ الجمعة الثّانية لهؤلاء دفعا لهذه المفاسد فكان مشروعا.

احتجّ أحمد بأنّها صلاة شرع لها الاجتماع و الخطبة فجازت فيما يحتاج إليه من المواضع كصلاة العيد،و لأنّ في الاجتماع من عظم المصر مشقّة (4).

و احتجّ أبو يوسف بأنّ الجانبين بمنزلة المصرين فصحّت الجمعة فيهما (5).

ص:350


1- 1المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:498. [1]
2- 2) الكافي 3:419 الحديث 7، [2]التّهذيب 3:23 الحديث 79،الوسائل 5:16 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
3- 3) التّهذيب 3:23 الحديث 80،الوسائل 5:17 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]
4- 4) المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،الكافي لابن قدامة 1:295،المجموع 4:591.
5- 5) بدائع الصنائع 1:260،المبسوط للسرخسيّ 2:120.

و احتجّ محمّد (1)بما روي عن عليّ عليه السّلام أنّه كان يخرج فيصلّي العيد في الجبّان و يستخلف أبا مسعود البدريّ يصلّي بضَعَفَةِ النّاس (2).و حكم الجَبَّان عنده حكم البلد و الجمعة كالعيد عنده.

و احتجّ داود بما روي عن عمر أنّه كتب إلى أبي هريرة بالبحرين أن جمّعوا حيث ما كنتم (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المقيس عليه عندنا كالجمعة في ذلك،و سيأتي،و عن الثّاني:أنّ المشقّة ممنوعة؛إذ ليست العادة جارية بمشقّة الاجتماع في جامع البلد،و إن كان فيه مشقّة يسيرة فلا اعتبار بها،و أيضا:فالمشقّة إنّما تحصل مع البُعد الّذي قدّرناه،فحينئذ نقول:يجوز الجمعة الثّانية،أمّا مع الأقلّ فلا مشقّة.

و عن الثّاني:بالمنع من تعدّدهما،و لهذا لا يترخّص (4)المسافر إذا عبر إلى الجانب الآخر من موطنه و سافر منه إلاّ بعد غيبوبة بنائه عنه.

و عن الثّالث:بجواز (5)أن يكون بينهما ثلاثة أميال فصاعدا،هذا عندنا،و عند المخالف المنع من المساواة للعيد و الجمعة (6).

و عن الرّابع:أنّه حجّة لنا؛إذ أمر فيه بالجمع الّذي لا يفهم إلاّ من الاجتماع.

ص:351


1- 1بدائع الصنائع 1:261.
2- 2) سنن النسائيّ 3:181،المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:240.
3- 3) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9 و 8،عمدة القارئ 6:188،المغني 2:176، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، [2]فتح الباري 2:303.
4- 4) ق و ح:يرخّص.
5- 5) غ،م،ق و متن ح:يجوز.
6- 6) بداية المجتهد 1:218.
البحث الثّاني:في أُمور ظنّ أنّها شروط و ليست كذلك
مسألة:المصر ليس شرطا في الجمعة بل الوجوب متعلّق بأهل السّواد و القرى إذا حصلت فيهم الشّرائط كما تجب على أهل المصر

و هو قول علمائنا،و الشّافعيّ (1)،و هو منقول عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و عمر بن عبد العزيز،و الأوزاعيّ،و اللّيث، و مكحول،و عكرمة (2)،و مالك (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).

و قال أبو حنيفة:لا تجب على أهل السّواد (6).و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام (7)،و عن الحسن،و ابن سيرين،و إبراهيم،و محمّد بن الحسن (8).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (9).و ذلك عامّ.

و ما رواه الجمهور عن كعب بن مالك (10)قال:أوّل من جمّع بنا[أسعد بن زرارة] (11)في حرّة بني بياضة في نقيع يقال له:نقيع الخضمات (12).قال ابن جريج:قلت لعطاء:أ كان

ص:352


1- 1الاُمّ 1:190،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،المجموع 4:505، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:608. [2]
2- 2) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،المجموع 4:505. [3]
3- 3) المجموع 4:505، [4]المدوّنة الكبرى 1:152،تفسير القرطبيّ 18،112. [5]
4- 4) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [6]المجموع 4:505. [7]
5- 5) تفسير القرطبيّ 18:112، [8]المجموع 4:505. [9]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:82،المبسوط للسرخسيّ 2:23،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، المجموع 4:505،تفسير القرطبيّ 18:112، [10]حلية العلماء 2:269.
7- 7) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [11]المجموع 4:505.
8- 8) المغني 2:175، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، [13]المجموع 4:505. [14]
9- 9) الجُمُعة(62):9. [15]
10- 10) في النسخ:أسعد بن زرارة و ما أثبتناه من المصدر.
11- 11) أثبتناه من المصدر.
12- 12) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1082،سنن أبي داود 1:280 الحديث 1069.

ذلك بأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟قال:نعم.قال الخطّابيّ:حرّة بني بياضة قرية على ميل من المدينة (1).

و عن ابن عبّاس قال:إنّ أوّل جمعة جمّعت بعد جمعة المدينة،لَجُمعَة جمّعت بِجُوَاثَى (2)من البحرين من قرى عبد القيس (3).

و ما رواه أبو هريرة أنّه كتب يسأل عمر عن الجمعة بالبحرين و كان عامله عليها، فكتب إليه:جمّعوا حيث كنتم (4).

و ما رواه عبد اللّه بن عمرو أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجُمُعَةُ على من سمع النّداء» (5).و ذلك عامّ في أهل القرى و غيرهم.

و ما رواه مالك قال:كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّون الجمعة في هذه القرى الّتي بين مكّة و المدينة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين» (7).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من

ص:353


1- 1المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172-173.
2- 2) جُوَاثَى:اسم حِصنِ بالبحرين.الصّحاح 1:278. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:5 و 6،سنن أبي داود 1:280 الحديث 1068،نيل الأوطار 3:286 الحديث 2،معجم البلدان 2:155. [2]
4- 4) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،نيل الأوطار 3: 287.
5- 5) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطنيّ 2:6 الحديث 3،كنز العمّال 7:723 الحديث 21100.
6- 6) عمدة القارئ 6:188.
7- 7) التّهذيب 3:23 الحديث 80 و ص 240 الحديث 643،الوسائل 5:11 الباب 4 [3] من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2 و ص 17 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2.

يخطب» (1).و هذا يدلّ على أنّه مع وجود الخطيب يصلّونها ركعتين.

و ما رواه،عن الفضل بن عبد الملك قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات،فإن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا إذا كانوا خمسة نفر» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا» (3).

و ذلك عامّ إلاّ ما أخرجه الدّليل،و لأنّه بناء استوطنه العدد المشترط فوجبت عليهم كما لو كانوا في المصر.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن طلحة بن زيد (4)،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«لا جمعة إلاّ في مصر تقام فيه الحدود» (5).

لأنّا نقول:إنّ طلحة بن زيد عاميّ فلا تعويل على روايته،و يمكن أن يحمل على التقيّة،و رواية حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«ليس على أهل

ص:354


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [3]
4- 4) طلحة بن زيد أبو الخزرج النهديّ الشّاميّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام قائلا بأنّ طلحة بن زيد بتريّ،و اخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام من غير تعرّض لمذهبه،صرّح النجاشيّ و الشيخ في الفهرست و المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة أنّه عاميّ المذهب. رجال النجاشيّ:207،رجال الطوسيّ:126 و 221،الفهرست:86، [4]رجال العلاّمة:231. [5]
5- 5) التّهذيب 3:239 الحديث 639،الاستبصار 1:420 الحديث 1617،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [6]

القرى جمعة و لا خروج في العيدين» (1).لا تعويل عليها،لضعف حفص (2)،و يحتمل أنّه نفى وجوب الحضور إذا كانوا على أكثر من فرسخين.

احتجّ المخالف (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا جمعة و لا تشريق إلاّ في مصر جامع» (4).

و الجواب:هذا الحديث ضعيف،قال أحمد:رواه الأعمش عن سعيد المقبريّ و لم يلقه (5).

مسألة:و لا يشترط القربة أيضا

و خالف فيه أكثر الجمهور فاشترطوا القرية المبنيّة ممّا جرت العادة ببنائها بها،كالحجر،أو الطّين،أو اللّبن،أو القصب،أو الشّجر و نحوه، و لم يوجبوا الجمعة على أهل الخيام و بيوت الشّعر و أمثالهم و إن كانوا مستوطنين (6)(7)إلاّ الشّافعيّ في أحد قوليه (8). (9)و تردّد الشّيخ في المبسوط و قوّى الوجوب (10).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا (11).و ذلك عامّ.

و ما رواه الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من كان يؤمن

ص:355


1- 1التّهذيب 3:248 الحديث 679،الاستبصار 1:420 الحديث 1618،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [1]
2- 2) قال المصنّف في الخلاصة ص 218:ولي القضاء لهارون و كان عاميّا.مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:168.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:82،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 173،المجموع 4:505،نيل الأوطار 3:287.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:82،المغني 2:175.
5- 5) المغني 2:176.
6- 6) م و ن:متوطّنين.
7- 7) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،المجموع 4:501،ميزان الكبرى 1:188.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:501،السراج الوهّاج:85،مغني المحتاج 1:281.
9- 9) ق:قولين،ح:القولين.
10- 10) المبسوط 1:144.
11- 11) الجُمُعة(62):9. [2]

باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلاّ مريض أو مسافر أو امرأة أو صبيّ أو مملوك» (1).و في حديث عمر:جمّعوا حيث كنتم (2).

و ما رووه عن عبد اللّه بن عمر أنّه كان يرى أهل المياه يجمّعون فلا يعيب عليهم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن منصور في قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجمّع القوم إذا كانوا خمسة فما زادوا،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم، و الجمعة واجبة على كلّ أحد،لا يعذر النّاس فيها إلاّ خمسة:المرأة،و المملوك،و المسافر، و المريض،و الصّبيّ» (4).و لأنّهم قاطنون (5)في منازلهم فأشبهوا السّاكنين في المدن و القرى.

احتجّ المخالف بأنّ قبائل العرب لم يقيموا جمعة و لا أمرهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لو فعلوها أو أمرهم لنقل؛لكثرته و عموم البلوى به (6).

و الجواب:أمّا الأمر:فقد فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد بيّنّاه في الآية و الحديث.

و أمّا فعلهم:فلعلّهم إذا قاربوا المدينة صلّوا فيها،و مع بُعدهم يخفى حالهم،فلهذا لم ينقل أنّهم جمّعوا.

فروع:
الأوّل:لو كانوا قريبين بحيث يسمعون النّداء وجب عليهم الحضور

(7)

عند من

ص:356


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 2،سنن البيهقيّ 3:184.
2- 2) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:494،نيل الأوطار 3:287.
3- 3) المحلّى 5:52،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:494،فتح الباري 2:303.
4- 4) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
5- 5) م:واطنون.
6- 6) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،مغني المحتاج 1:281.
7- 7) م،ق و ح:قريتين.

يوجب الجمعة على أهل السّواد؛لأنّهم أشبهوا أهل القرية إلى جانب المصر.

الثّاني:إذا كانت القرية متّصلة البناء و فيهم العدد المعتبر وجبت عليهم الجمعة أو الحضور إلى البلد

و إن كانت متفرّقة تفرّقا يسيرا غير خارج عن العادة،كان حكمهم حكم القرية الواحدة،خلافا للشّافعيّ فإنّه اشتراط اتّصال البناء (1).و إن كان التّفرّق ممّا لم تجر العادة بمثله،بحيث لا يسمّى المجموع قرية واحدة،فإن كان في كلّ واحد منهم العدد المشترط،وجب عليهم الجمعة أو الحضور إن كانوا على بُعد فرسخين فما دون،و إن لم يكن في شيء منهم العدد المعتبر،فإن كانوا على فرسخين فما دون وجب عليهم الحضور أو على من هو بذلك القدر (2)،و إن بَعُدُوا عن ذلك لم يجب على أحد منهم الجمعة و لا الحضور،و إن كان بعضهم بذلك العدد وجب عليه الجمعة و على كلّ من كان بُعده عنه فرسخين الحضور إليه أو إلى البلد.

الثّالث:لو انهدمت القرية و هم على العدد المشترط وجبت عليهم الجمعة

لما بيّنّا أنّ البنيان ليس شرطا.

مسألة:و الاستيطان ليس شرطا

فلو كان مقيما في بلد على سبيل التّجارة أو طلب العلم أو غير ذلك و في نيّته الإبراح مع قضاء و طره (3)وجبت عليه الجمعة و انعقدت به عندنا.و قال أكثر الجمهور:لا تنعقد به (4)،و سيأتي البحث فيه.و كذا لو كانوا أهل قرية يظعنون عنها صيفا و يسكنونها شتاء أو بالعكس وجبت عليهم،خلافا لأكثر الجمهور (5).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة الدّالّة على وجوب الجمعة إلاّ من خرج بالدّليل.

ص:357


1- 1المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:171،المجموع 4:501،مغني المحتاج 1:280،السراج الوهّاج:85.
2- 2) هامش ح:العدد.
3- 3) الوطر:الحاجة.المصباح المنير:663.
4- 4) المغني 2:194.
5- 5) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،المجموع 4:501.
مسألة:و ليس إقامة الجمعة في البنيان شرطا،فيجوز إقامتها في الصّحراء

و به قال أبو حنيفة (1)،و أحمد (2).و قال الشّافعيّ:لا يجوز في غير البنيان (3).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ مصعب بن عمير جمّع في نقيع الخضمات،و النّقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدّة،فإذا نضب الماء نبت الكلأ (4).و في حديث عمر:جمّعوا حيث كنتم (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم لمّا سئل عن الجمعة،فوصفها (6)و لم يذكر الإقامة في البنيان،فلا يكون شرطا.و لأنّه تخصيص للعموم الدّالّ على الجواز في كلّ موطن من غير دليل.و لأنّه موضع لصلاة العيد فجازت الجمعة فيه كالجامع.و لأنّ الجمعة صلاة عيد فأشبهت الأضحى.و لأنّ الأصل عدم الاشتراط و لا نصّ في اشتراطه و لا معنى نصّ فكان ساقطا.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ القريب (7)موضع يجوز لأهل المصر قصر الصّلاة فيه فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه كالبعيد (8).

و الجواب:المنع من الفرق بين القريب و البعيد أوّلا،و من جواز التّقصير في القريب و سيأتي.

ص:358


1- 1بدائع الصنائع 1:260،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،المجموع 4:505. [1]
2- 2) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،الكافي لابن قدامة 1:285،المجموع 4:505، [2]الإنصاف 2:378. [3]
3- 3) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،المجموع 4:505،مغني المحتاج 1:280،السراج الوهّاج: 85.
4- 4) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172.
5- 5) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173.
6- 6) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
7- 7) غ:بأنّه،مكان:بأنّ القريب.
8- 8) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172.
مسألة:و ليس استدامة العدد المعتبر بعد الانعقاد شرطا في صحّة الجمعة

فلو صلّى العدد ثمَّ انفضّوا في الأثناء صحّت صلاة الباقي و لو كان الإمام وحده.قال الشّيخ:و لا نصّ لأصحابنا فيه،و الّذي يقتضيه مذهبهم أنّه لا تبطل الجمعة بعد الشّروع (1).و هو قول أبي يوسف،و محمّد (2)،و للشّافعيّ خمسة أقوال:

أحدها:الإتمام ظهرا و هو أصحّها عندهم (3).و به قال زفر (4).

الثّاني:كما قلناه (5).

الثّالث:إن بقي معه واحد أتّمها جمعة حكاه الشّيخ عنه في الخلاف (6)،و أبو ثور أيضا (7).

الرّابع:إن بقي معه اثنان أتمّها جمعة.و هو قول الثّوريّ (8).

الخامس:إن انفضّوا بعد أن صلّى ركعة أتمّها جمعة و إلاّ أتمّها ظهرا.و هو قول المزنيّ (9)، و مالك (10).

و قال أبو حنيفة:إن انفضّوا بعد ما صلّى ركعة بسجدة واحدة أتمّها

ص:359


1- 1الخلاف 1:236 مسألة-6.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:83،حلية العلماء 2:272،إرشاد الساري 2:192.
3- 3) الاُمّ 1:191،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المجموع 4:506،فتح العزيز بهامش المجموع 4:534،مغني المحتاج 1:283.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:266،إرشاد الساري 2:192.
5- 5) المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:284،فتح العزيز بهامش المجموع 4:534.
6- 6) الخلاف 1:236 مسألة-6.
7- 7) المغني 2:180،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
8- 8) المغني 2:179-180،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
9- 9) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،المجموع 4:506،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 534،مغني المحتاج 1:284.
10- 10) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،حلية العلماء 2:272.

جمعة (1).

و قال أحمد:تبطل و يستأنفونها (2)ظهرا إلاّ أن يكون هناك وقت يمكن استدراك الجمعة (3).

و قال إسحاق:إن بقي معه اثنا عشر أتمّها جمعة (4).

لنا:أنّه دخل في الصّلاة دخولا شرعيّا فلا تبطل إلاّ بدليل شرعيّ،و لا دليل على شيء من أقاويلهم فسقطت.و لأنّ الجماعة شرط الشّروع لا شرط البقاء؛لأنّ حاجة الإمام إلى الجماعة كحاجة الجماعة إليه و الإمام شرط الشّروع في حقّهم،فإنّ المسبوق يتمّها جمعة فكذا هنا،و لا استبعاد في أن يكون العدد شرطا في الابتداء لا الاستدامة،كعدم الماء في حقّ المتيمّم عندهم.

احتجّ الشّافعيّ على القول الأوّل:بأنّ الجماعة شرط و قد فاتت فتبطل الجمعة و ينتقل الفرض إلى الأصل (5).

و على الثّالث:بأنّه إن بقي معه واحد صدق اسم الجمع فيه إذ الاثنان جماعة (6).

و على الرّابع:أنّ الثّلاثة أقلّ (7)الجمع فمع بقائهم يصدق اسم الجمع عليهم (8).

ص:360


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:34،بدائع الصنائع 1:266،المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176، حلية العلماء 2:272.
2- 2) م و ن:و يستأنف بها،ح و ق:و يستأنفوا بها.
3- 3) المغني 2:179،181،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،الكافي لابن قدامة 1:285.
4- 4) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
5- 5) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:283،السراج الوهّاج:86.
6- 6) المغني 2:180،المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:284.
7- 7) ق و ح:أوّل.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:506، [1]مغني المحتاج 1:284.

و على الخامس (1):بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أُخرى» (2).و لأنّهم أدركوا ركعة فصحّت لهم الجمعة كالمسبوق إذا أدرك ركعة،و لأنّ العدد شرط يختصّ الجمعة فلم يفت بفواته في ركعة،كما لو دخل وقت العصر و قد صلّوا ركعة.

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ الجماعة شرط العقد و الشّروع،و الجماعة إنّما توجد بالمشاركة غير أنّ المقتدي بالشّروع قصد المشاركة مع الإمام فتثبت (3)الشّركة في حقّه من غير مؤكّد، و الإمام لم يشارك الجماعة قصدا فلا بدّ من مؤكّد و هو الرّكعة التّامّة (4)حتّى تثبت الشّركة حكما له،فإذا لم يقيّد بالسّجود لم تتحقّق الشّركة،كمصلّي الظّهر إذا قام إلى الخامسة قصدا للتنفّل خرج من الظّهر للحال.و لو قام غير قاصد للتنفّل لم يخرج عن الفرض ما لم يقيّد (5)الخامسة بالسّجدة،و إنّما اكتفينا بالسّجدة الواحدة؛لأنّ بإدراكها يدرك معظم الرّكعة،فأشبه ما لو أدركها (6)بسجدتيها (7).

احتجّ أحمد بأنّه قد فات بعض الشّرائط فكان كفوات الطّهارة (8).

و احتجّ إسحاق بأنّ أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انفضّوا عنه فلم يبق معه إلاّ

ص:361


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:10 سنن البيهقيّ 3:203،كنز العمّال 7:727 الحديث 21728 و 21729،المستدرك للحاكم 1:291.
3- 3) ن:فثبتت.
4- 4) ق و ح:الثانية.
5- 5) ن و م:يقصد.
6- 6) غ،ن و ق:أدركوها.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:34،بدائع الصنائع 1:266،الهداية للمرغينانيّ 1:83،شرح فتح القدير 2: 31-32.
8- 8) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،الكافي لابن قدامة 1:285.

اثنا عشر فأتمّها جمعة (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الجماعة شرطا في الاستدامة.

و عن الثّاني:أنّك إن اشترطت مطلق الجماعة قياسا على الابتداء لم يتمّ،بل لا بدّ من اعتبار عدد الابتداء،و إن لم تشترط الجماعة فليس لاعتبار الواحد و الاثنين معنى،و هو الجواب عن الثّالث.

و عن الرّابع:أنّه دالّ (2)على إدراك الجمعة لمن أدرك ركعة،لا على بطلان الجمعة مع التّفرّق،فأين أحد البابين من الآخر! فإن قلت:إنّه إذا انفضّ الجماعة قبل الرّكعة لم يدرك الإمام ركعة.

قلت:هذا بناء على اشتراط الجماعة لإدراك الإمام و المتخلّف للرّكعة و هو أوّل المسألة،فلو استدلّ بهذا الخبر عليه دار.

و عن الخامس:أنّا نسلّم أنّه إذا أدرك ركعة تمّت،و لكن إذا تفرّقوا (3)قبل الرّكعة هل يصحّ جمعة الباقي أم لا؟و القياس الّذي ذكرته لا يدلّ عليه و هو الجواب عن السّادس.

و عن السّابع:أنّه كلام خطابيّ لا طائل تحته،و الأصل الّذي ذكره ممنوع و سيأتي البحث فيه.

و قوله:أدرك معظم الرّكعة فأدركها منقوض بمن لم يَفُته من الرّكعة إلاّ السّجدتان فإنّه أدرك معظمها.

و عن الثّامن:بالمنع من كونه شرطا في الاستدامة.

و عن التّاسع:بأنّه عليه السّلام إنّما أتمّ جمعة؛لأنّه هو الواجب عندنا،و ليس الاثنا عشر (4)شرطا بل وقع اتّفاقا.

ص:362


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
2- 2) م:دلّ.
3- 3) ن:انصرفوا.
4- 4) م و غ:الاثنى عشر.
مسألة:و ليس بقاء الوقت مع التلبّس شرطا

فلو دخل في الجمعة في وقتها ثمَّ دخل عليه وقت العصر و لم يتمّها صحّت صلاته و أتمّها جمعة،و هل إدراك الرّكعة شرط؟ الأقرب عندي أنّه كذلك،و الشّيخ أطلق في كتابي الخلاف (1)و المبسوط (2).

و قال بعض الجمهور:إذا دخل وقت العصر قبل فعل الرّكعة فلا جمعة،و إن صلّى ركعة فدخل العصر صحّت جمعته (3).

و قال آخرون منهم:لو دخل وقت العصر بعد إحرامه بها أتمّها جمعة،قاله أبو الخطّاب (4).و قال أبو يوسف،و محمّد:لو دخل وقت العصر بعد تشهّده و قبل سلامه سلّم و أجزأته (5)،و هو قول أحمد (6)،و ذلك يعطي أنّه متى دخل قبل ذلك انقلبت ظهرا و بطلت جمعته.

و قال أبو حنيفة:إذا خرج وقت الجمعة قبل فراغه منها بطلت و لا يبني عليها ظهرا (7).و قال الشّافعيّ:لا يتمّها جمعة و يبني عليها ظهرا (8).

لنا:أنّه دخل فيها جمعة على الوجه المشروع فيستصحب و لا يبطل و لا ينقلب ظهرا إلاّ بدليل شرعيّ،و أيضا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها

ص:363


1- 1الخلاف 1:246 مسألة-37.
2- 2) المبسوط 1:145. [1]
3- 3) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:167،المجموع 4:509.
4- 4) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:167.
5- 5) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168.
6- 6) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513،فتح العزيز بهامش المجموع 4:489.
8- 8) الاُمّ 1:194،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513،فتح العزيز بهامش المجموع 4:488-489.

ركعة أُخرى» (1).و هذا الحديث يصدق في حقّ المسبوق و من خرج عليه الوقت.

و احتجّ المخالف بأنّ ما كان شرطا في بعضها كان شرطا في جميعها كالطّهارة (2).

و الجواب:أنّه قياس في مقابلة النّصّ فلا يكون مقبولا،و لانتفاضه بالجماعة فإنّه شرط يكتفي بإدراكه في ركعة.

فرع:

لو خرج الوقت و لم يتلبّس فلا خلاف في بطلان جمعته.

مسألة:و ليس الإسلام شرطا لوجوب الجمعة

(3)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول كلّ من لم يجعل الإسلام شرطا في التّكليف،و قد تقدّم البحث في أنّ الإسلام ليس شرطا في التكليف (4)،و ذلك يعمّ صورة النّزاع،نعم،هو شرط الجواز بلا خلاف.

البحث الثالث:فيمن تجب عليه
اشارة

أصل:اللّفظ المختصّ بالذّكور كالرّجال لا يتناول النّساء إجماعا و كذا العكس،أمّا ما لا يختصّ بأحد القبيلين،فإمّا أن لا يبيّن فيه تذكير و لا تأنيث كلفظة«مَن»و شبهها فهو يتناول القبيلين؛لوقوع الإجماع على أنّ مَن أوصى بهذه الصّيغة أو ربط بها توكيلا،أو إذنا في أمر،أو نذرا فإنّه لا يختصّ بأحدهما.و إمّا أن يبيّن فيه علامة التّذكير و التّأنيث و هاهنا اتّفق النّاس على أنّ الموجود فيه علامة التّأنيث لا يتناول المذكّرين و أمّا الموجود فيه علامة التّذكير فقال الأكثر:أنّه لا يتناول المؤنّث،خلافا لشذوذ.

ص:364


1- 1سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1121،سنن الدار قطنيّ 2:10 الحديث 1،المستدرك للحاكم 1:291.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:33،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168.
3- 3) م:في وجوب.
4- 4) ينظر:الجزء الرّابع ص 12.

لنا:أنّ الجمع تضعيف الواحد،و قام لا يتناول الإناث،فكذا قاموا.

احتجّ المخالف بأنّ أهل اللّغة قالوا إذا اجتمع المذكّر و المؤنّث غلبت صيغة المذكّر (1).

و الجواب:أنّه غير محلّ النّزاع.

مسألة:إنّما تجب الجمعة على الذّكور فلا يتعلّق الوجوب بالمرأة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛لأنّ الأصل عدم الوجوب و صيغة الخطاب تتناول الذّكور خاصّة.

و روى الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلاّ مريض،أو مسافر،أو امرأة،أو صبيّ، أو مملوك» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«فرض اللّه على النّاس من الجمعة إلى الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه عزّ و جلّ في جماعة و هي الجمعة،و وضعها عن تسعة:عن الصّغير و الكبير و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المريض و الأعمى و من كان على رأس فرسخين» (3).و لأنّ المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرّجال.

فروع:
الأوّل:لو تكلّفت الحضور صحّت الجمعة منها و وجبت عليها

لأنّ النّساء كنّ (4)يصلّين مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الجماعة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن حفص بن غياث قال:و سأل بعض مواليهم ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على المرأة و العبد و المسافر؟فقال ابن أبي ليلى:لا تجب الجمعة على واحد منهم و لا الخائف،فقال الرّجل:فما تقول إن حضر واحد منهم الجمعة مع

ص:365


1- 1المعتمد في أُصول الفقه لأبي الحسين البصريّ 1:233.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:184،كنز العمّال 7:726 الحديث 21120.
3- 3) التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
4- 4) جميع النسخ:كانوا.

الإمام فصلاّها معه هل تجزئه تلك الصّلاة عن ظهر يومه؟فقال:نعم،فقال الرّجل:و كيف يجزئ ما لم يفرضه اللّه عليه عمّا فرضه اللّه عليه و قد قلت:أنّ الجمعة لا تجب عليه و من لم تجب عليه الجمعة فالفرض عليه أن يصلّي أربعا و يلزمك فيه معنى أنّ اللّه فرض عليه أربعا فكيف أجزأ عنه ركعتان مع ما يلزمك أنّ من دخل فيما لم يفرضه (1)عليه لم يجزئ عنه ما (2)فرض عليه؟فما كان عند ابن أبي ليلى جواب فيها و طلب إليه أن يفسّرها له فأبى،ثمَّ سألته أنا عن ذلك ففسّرها لي،فقال:الجواب:أنّ اللّه فرض على جميع المؤمنين و المؤمنات و رخّص للمرأة و المسافر و العبد أن لا يأتوها،فلمّا حضروها سقطت الرّخصة و لزمهم الفرض الأوّل،فمن أجل ذلك أجزأ عنهم،فقلت:عمّن هذا؟فقال:عن مولانا أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

الثّاني:لا تنعقد الجمعة بالنّساء

فلو حضر أربعة و امرأة سقطت الجمعة؛لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط» (4).قال صاحب الصّحاح:الرّهط:ما دون العشرة من الرّجال لا تكون فيهم امرأة (5).

و في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة (6)فما زادوا،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم» (7).

ص:366


1- 1م،ق و ح:يفترضه.
2- 2) كذا في النسخ،و في المصدر:ممّا.
3- 3) التّهذيب 3:21 الحديث 78،الوسائل 5:34 الباب 18 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
5- 5) الصحاح 3:1128. [3]
6- 6) غ،م،ن و ق بزيادة:لا أقلّ.
7- 7) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]

قال صاحب الصّحاح:القوم:الرّجال دون النّساء (1).و يؤيّده:ذكر الباقي بالعدد الدّالّ (2)على التّذكير.

و في رواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا إذا كانوا خمسة نفر» (3).قال صاحب الصّحاح:النّفر بالتّحريك عدّة رجال من ثلاثة إلى عشرة (4).

الثّالث:لو اجتمع النّساء بانفرادهنّ لم تنعقد بهنّ جمعة

لما ذكرناه من اشتراط الرّجال في الجمعة.

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من يخطب» (5).و الاُناس يطلق على المذكّر و المؤنّث.

لأنّا نقول:لا دلالة له فيه؛إذ قوله:«يصلّون»إنّما يتناول المذكّر بالحقيقة و قد مضى.

الرّابع:يكره لهنّ حضور الجمعة،سواء كنّ عجائز أو لا

لما رواه الشّيخ،عن أبي همام،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«إذا صلّت المرأة في المسجد مع الإمام يوم الجمعة الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها،و إن صلّت في المسجد أربعا نقصت صلاتها لتصلّ في بيتها أربعا أفضل» (6).

مسألة:و العقل شرط فلا تجب على المجنون

و هو مذهب علماء الإسلام؛لأنّ العقل

ص:367


1- 1الصحاح 5:2016. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:العدد الدالّة.
3- 3) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [2]
4- 4) الصحاح 2:833. [3]
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 3:241 الحديث 644،الوسائل 5:37 الباب 22 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

شرط في التكليف،لاستحالة توجّهه إلى غير العاقل.

مسألة:و البلوغ شرط.و هو مذهب علمائنا أجمع،و ذهب إليه أكثر أهل العلم (1).

و قال بعض الحنابلة:إنّ الصّبيّ المميّز تجب عليه الجمعة (2).

لنا:أنّه غير مكلّف بالتّكاليف الشرعيّة أجمع فكيف يكون مكلّفا بنوع منها.

فرع:

و لا تنعقد به و إن كان مميّزا يصحّ منه التّطوّع.و هو قول الشّافعيّ في الأُمّ (3)،و قال في الإملاء:تنعقد به (4).

لنا:أنّه غير مكلّف فلا تنعقد معه الجمعة؛إذ وجوده كالعدم.و لأنّ انعقادها به يفتقر إلى دليل شرعيّ و لم يثبت.نعم،تصحّ منه؛لأنّ المميّز تصحّ منه الأفعال المندوبة.

مسألة:و الحرّيّة شرط

و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو قول عطاء، و عمر بن عبد العزيز،و الشّعبيّ،و مالك،و الثّوريّ (5)،و الشّافعيّ (6)،و إسحاق، و أبي ثور (7).

و قال الحسن البصريّ،و قتادة:تجب على العبد الّذي يؤدّي الضّريبة (8).و عن

ص:368


1- 1المغني 2:172.
2- 2) المغني 2:172،الإنصاف 2:365.
3- 3) الاُمّ 1:192.
4- 4) المجموع 4:249.
5- 5) المجموع 4:485.
6- 6) الاُمّ 1:189،المجموع 4:485.
7- 7) المجموع 4:485.
8- 8) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:153،المجموع 4:485،حلية العلماء 2:262.

أحمد روايتان (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر و قد تقدّم (2).

و عن تميم الدّاريّ قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«الجمعة واجبة إلاّ على خمسة:امرأة،أو صبيّ،أو مريض،أو مسافر،أو عبد» (3).رواه رجاء بن المرجئ (4)في سننه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن و الصّحيح معا،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و وضعها عن تسعة:عن الصّغير،و الكبير،و المجنون،و المسافر، و العبد،و المرأة،و المريض،و الأعمى و من كان على رأس فرسخين» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها إلاّ خمسة:المريض،و المملوك، و المسافر،و المرأة،و الصّبيّ» (6).

و لأنّ منافعه مملوكة لسيّده و هو محبوس عليه فكان كالمحبوس بالدّين،و لأنّها يجب السّعي إليها من بعيد فلم تجب[عليه] (7)كالحجّ،و لأنّه لو وجبت عليه لوجب عليه المضيّ

ص:369


1- 1المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:152،الكافي لابن قدامة 1:280،الإنصاف 2:369،المجموع 4:485،فتح العزيز بهامش المجموع 4:603،حلية العلماء 2:262،ميزان الكبرى 1:185،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:79.
2- 2) كنز العمّال 7:726 الحديث 21120.تقدّم في ص 365. [1]
3- 3) المغني 2:194.
4- 4) كذا في النسخ و في المصادر:رجاء بن مُرَجّى،و هو أبو محمّد السمرقنديّ الحافظ ببغداد.روى عن النضر بن شُمَيل و محمّد بن مجيب بن همام الدلاّل.و روى عنه أبو داود و ابن ماجه و أبو حاتم.مات سنة 249 ه. تهذيب التهذيب 3:269، [2]العبر 1:357، [3]شذرات الذهب 2:120. [4]
5- 5) التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]
6- 6) التّهذيب 3:19 الحديث 69،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [6]
7- 7) أثبتناها لاستقامة المعنى.

إليها و إن لم يأذن السيّد كالفرائض و هو باطل إجماعا.

احتجّ المخالف بعموم الأمر (1).

و احتجّ قتادة بأنّ حقّه عليه قد تحوّل إلى المال فأشبه من عليه الدّين (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية مخصوصة بذوي الأعذار و هو منهم،و لأنّها مخصّصة بما (3)قدّمناه من الأحاديث.

و عن الثّاني:أنّ استيلاء السيّد عليه و تملّك منافعه لم يزل بالضّريبة.

فروع:
الأوّل:المكاتب و المدبّر و أُمّ الولد و المخارج كالقنّ لا تجب عليهم

(4)

و هو قول أكثر أهل العلم (5).و أوجب الحسن البصريّ،و قتادة الجمعة على المكاتب كما أوجباها على المخارج (6)،و هو ضعيف؛لأنّ الرقّ ثابت في الجميع فيدخل تحت اسم المملوك و العبد.

قالا:منفعته له بإذن السيّد.قلنا:إباحة السيّد له التصرّفات لا يزيل ملكه عنه،كما لو أذن له السيّد أو أمره بصلاة الجمعة فإنّها لا تجب عليه عندهما.

الثّاني:لو انعتق بعضه فهايأه مولاه لم تجب الجمعة أيضا و إن اتّفقت في يوم نفسه

و هو قول من ذكرنا؛لوجود المانع و هو الرقّيّة.و قال الشّيخ في المبسوط:تجب عليه في يوم نفسه؛لأنّه ملكها فيه (7).

الثّالث:لو صلّى الظّهر فأعتق بعده لم تجب عليه الجمعة

لأنّه أدّى فرضه فلا يجب

ص:370


1- 1المغني 2:194.
2- 2) المغني 2:194.
3- 3) أكثر النسخ:لما.
4- 4) خارج عبده:اتّفق معه على ضريبة يردّها على سيّده كلّ شهر و يخلّي بينه و بين عمله.القاموس الفقهيّ:114. [1]
5- 5) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:154.
6- 6) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:153،حلية العلماء 2:262.
7- 7) المبسوط 1:145.

عليه بدله.

الرّابع:يستحبّ له الجمعة مع إذن المولى

لينال فضل الجمعة و ثوابها

الخامس:قال بعض علمائنا:إنّه تنعقد به الجمعة

ذكره في الخلاف (1)،و به قال أبو حنيفة (2)،خلافاً للشّيخ في المبسوط (3)،و للشّافعيّ (4)،و أحمد (5).

لنا:ما دلّ على اعتبار العدد عامّ غير مخصوص بعبد و غيره،و عدم الوجوب عليه لا يقتضي عدم الانعقاد به،كالمريض.

احتجّ المخالف بأنّهم ليسوا من أهل فرض الجمعة فلم تنعقد بهم،كالنّساء (6).

و الجواب:ينتقض ما ذكرتم بالمريض فيبقى دليلنا سالماً،و لا خلاف أنّه لو صلّى الجمعة أجزأته.

مسألة:و الحضر شرط في وجوب الجمعة

فلا تجب على المسافر ما لم يستوطن بلد الغُربة شهرا أو ينوي المقام عشرة أيّام.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عطاء، و عمر بن عبد العزيز،و الحسن،و الشّعبيّ،و مالك،و الثّوريّ (7)،و الشّافعيّ،و إسحاق، و أبي ثور (8).و قال الزّهريّ و النّخعيّ:إنّ الجمعة تجب على المسافر (9).

ص:371


1- 1الخلاف 1:241 مسألة-21.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:34،المغني 2:196،المجموع 4:505.
3- 3) المبسوط 1:145.
4- 4) الاُمّ 1:189،المحلّى 5:49،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:505،السراج الوهّاج:84، مغني المحتاج 1:276-277.
5- 5) المغني 2:196،الشرح الكبير بهامش المغني 2:155،الكافي لابن قدامة 1:281،الإنصاف 2:370.
6- 6) المغني 2:196.
7- 7) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151.
8- 8) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:485.
9- 9) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151،المجموع 4:485، [1]نيل الأوطار 3:279.

لنا:ما تقدّم من الأحاديث في فصل العبد (1).و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصّحابة بأسرهم و من بعدهم لم ينقل عنهم الجمعة في أسفارهم و هذا إجماع،و لأنّ السّفر مظنّة الترخّص فلا يكون مظنّة للمنافي.

احتجّ المخالف بعموم الأمر (2)،و بقوله عليه السّلام:«الجمعة على من سمع النّداء» (3).

و الجواب:أنّ الآية و الخبر مخصوصان بما ذكرناه من الدليل (4).

فروع:
الأوّل:هل تنعقد به؟قال بعض علمائنا:نعم

ذكره في الخلاف (5)،و هو قول أبي حنيفة (6)،خلافا للشّيخ في المبسوط (7)،و للشّافعيّ (8)،و قد تقدّم البحث في العبد و هو آت فيه.

الثّاني:لو نوى المقام عشرا وجبت عليه الجمعة

لأنّه بحكم المقيم،و كذا لو أقام شهرا من غير نيّة.و قال الشّافعيّ:لو أقام أربعة أيّام وجبت عليه الجمعة،لأنّه صار مقيما (9)و المشترطون (10)للاستيطان لم يوجبوها عليه و لو طال مقامه.

الثّالث:لو وجبت عليه انعقدت به

و هو ظاهر على مذهبنا،و للشّافعيّة قولان:

ص:372


1- 1ينظر:ص 369.
2- 2) أي:«فاسعوا إلى ذكر اللّه».المغني 2:193،المجموع 4:483،نيل الأوطار 3:275.
3- 3) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطنيّ 2:6 الحديث 2.
4- 4) أكثر النسخ:الدلائل.
5- 5) الخلاف 1:241 مسألة-21.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:34،المغني 2:196،المجموع 4:505،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:81.
7- 7) المبسوط 1:145.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:505.
9- 9) الاُمّ 1:189،المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:485،السراج الوهّاج:79.
10- 10) أكثر النسخ:المشرطين،و في ح:المشترطين.و الصواب ما أثبتناه.

قال أبو إسحاق:لا تنعقد به،لأنّ الشّافعيّ اشترط فيمن تنعقد به الجمعة الاستيطان.

و قال أبو[عليّ بن أبي] (1)هريرة:تنعقد به،لوجوبها عليه فأشبه المستوطن (2). (3)

الرّابع:الأفضل له حضور الجمعة

و لا خلاف في الإجزاء.

الخامس:لم أقف على قول لعلمائنا في اشتراط الطّاعة في السّفر

لسقوط (4)الجمعة، و الأقرب اشتراطه.

السّادس:لو صلّى الظّهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة

لسقوط الفرض عنه.

مسألة:لا تجب الجمعة على الأعمى

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أبي حنيفة (5)، سواء وجد قائدا أو لم يجد،و هو إحدى الرّوايتين عن أبي يوسف (6).و قال محمّد:إذا وجد قائدا وجبت عليه،و هو الرّواية الأُخرى عن أبي يوسف (7).و قال أحمد:يجب عليه الجمعة (8).

لنا:أنّه أبلغ عذرا من المرأة فكان التّرخيص (9)في حقّه ثابتا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:

ص:373


1- 1في النسخ:و قال أبو هريرة.و الصحيح ما أثبتناه.الحسن بن محمّد بن النضر أبو عليّ بن أبي هريرة،روى عن إسماعيل بن يزيد القطّان،و أحمد بن الفرات،و روى عنه ابن مندة.مات سنة 321 ه. العبر 2:11، [1]شذرات الذهب 2:289. [2]
2- 2) ن:المتوطّن،غ:المستوطنين.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:503،حلية العلماء 2:271.
4- 4) غ:بسقوط.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:22،بدائع الصنائع 1:259،الهداية للمرغينانيّ 1:83،مجمع الأنهر 1:169، المغني 2:195،المجموع 4:486،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:79.
6- 6) لم نعثر عليها بعد التّتبّع في المصادر الموجودة.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:23،بدائع الصنائع 1:259،مجمع الأنهر 1:169،المجموع 4:486.
8- 8) المغني 2:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150.
9- 9) م و ن:الترخّص.

و وضعها عن الأعمى (1).

احتجّوا بالعموم (2).

و الجواب:أنّه مخصوص بما ذكرناه،أو بالقياس على المعذور.

احتجّ محمّد بأنّه قادر على الإتيان مع القائد فوجب عليه (3).

و الجواب:أنّه عاجز بنفسه فلا يكون قادرا بغيره،لأنّ ذلك الغير ربّما امتنع عن الإعانة في الطّريق.

فروع:
الأوّل:لو حضر وجبت عليه

(4)

لعدم العذر.

الثّاني:الجمعة تنعقد به

لما بيّنّاه.

الثّالث:لو صلّى الظّهر ثمَّ حضر سقط عنه الجمعة

و هو قول الشّافعيّ (5)،و أحمد (6)، خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:أنّ فرضه الظّهر و قد أدّاه فلا يجب عليه بدله.

احتجّ بأنّ عموم فرض الجمعة ثابت إلاّ أنّه لم يؤمر بالأداء لعجزه عن الحضور،و معه هو قادر فيأتي بفرضه (8).

ص:374


1- 1التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:23.
4- 4) ن:لوجبت.
5- 5) حلية العلماء 2:267،المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:495.
6- 6) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،الإنصاف 2:373، [2]الكافي لابن قدامة 1:282.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:32،تحفة الفقهاء 1:160،بدائع الصنائع 1:257،الهداية للمرغينانيّ 1:84، المغني 2:198،المجموع 4:497.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:160،الهداية للمرغينانيّ 1:84،بدائع الصنائع 1:257.

و الجواب:المنع من عموم الخطاب له بعد العفو عنه،و هكذا البحث في كلّ من سقط عنه فرض الجمعة إذا صلّى الظّهر ثمَّ حضرها.

مسألة:و لا تجب على المريض

و هو مذهب علمائنا أجمع.و به قال علماء الأمصار، و ذلك لحديث جابر (1)و تميم (2)من طريق العامّة،و حديث زرارة (3)و أبي بصير و محمّد بن مسلم من طريق الخاصّة (4)،و لأنّه معذور للمشقّة الحاصلة بتكلّف الحضور،فسقطت عنه.

فروع:
الأوّل:هذا الحكم ثابت في حقّ المريض مطلقا لسائر أنواع المرض

لعدم التّخصيص و تناول اسم المريض للجميع.

الثّاني:سواء زاد المرض بالحضور أو لم يزد تسقط عنه

لحصول المانع فيهما.و قال الشّافعيّ:إنّما تسقط عنه مع زيادة المرض أو حصول مشقّة غير محتملة (5).

الثّالث:لو حضر وجبت عليه و انعقدت به

و هو قول أكثر أهل العلم (6).

الرّابع:لو صلّى الظّهر في بيته،ثمَّ حضر لم تجب عليه الجمعة و لم يبطل ظهره

الّتي صلاّها

لما بيّنّا،سواء زال عنه المانع أو لا،و كذا كلّ من لا تجب عليه الجمعة.

مسألة:و لا تجب على الأعرج

و هو مذهب علمائنا أجمع،لأنّه معذور بعرجه

ص:375


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:184.
2- 2) كنز العمّال 7:722 الحديث 21095.
3- 3) الفقيه 1:266 الحديث 1217،الكافي 3:419 الحديث 6،التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1.
4- 4) الكافي 3:418 الحديث 1، [1]التّهذيب 3:19 الحديث 69،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [2]
5- 5) الاُمّ 1:189،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:486،مغني المحتاج 1:277.
6- 6) المغني 2:196،فتح العزيز بهامش المجموع 4:604.

لحصول المشقّة في حقّه،و لأنّه مريض فسقطت عنه،و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به بلا خلاف.

مسألة:و لا تجب على من بعد عن الجمعة بأزيد من فرسخين

(1)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و تجب على من بينه و بين الجامع فرسخان فما دون،و هذا التّحديد إنّما هو للخارج عن البلد أمّا المستوطن (2)فيه فإنّه يجب عليه الحضور أو الجمعة إذا بعد ثلاثة أميال.

و قال سعيد بن المسيّب (3)،و اللّيث (4)،و مالك (5)،و أحمد:يجب الحضور على غير أهل المصر إذا كان بينهم و بين الجامع فرسخ واحد فما دون و لا يجب لو زاد (6).

و قال الشّافعيّ (7)،و إسحاق:إنّما تجب على من سمع النّداء (8)،و هو مرويّ عن عبد اللّه بن عمر (9).

و قال أبو حنيفة:لا جمعة على من كان خارج المصر و إن سمع النّداء (10).

ص:376


1- 1ن:أزيد.
2- 2) ن:المتوطّن،غ:المستوطنين.
3- 3) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
4- 4) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:216،المجموع 4:488،تفسير القرطبيّ 18: 104، [1]عمدة القارئ 6:198.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:153،بداية المجتهد 1:165،مقدّمات ابن رشد 1:163،تفسير القرطبي 18: 104،المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146،المجموع 4:488،حلية العلماء 2:263، عمدة القارئ 6:198.
6- 6) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146،الكافي لابن قدامة 1:280-281،الإنصاف 2:365.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:487،488،حلية العلماء 2:263،السراج الوهّاج:84، مغني المحتاج 1:277،المغني 2:214،عمدة القارئ 6:198.
8- 8) المغني 2:214،المجموع 4:488، [2]تفسير القرطبيّ 18:104، [3]عمدة القارئ 6:198.
9- 9) عمدة القارئ 6:198.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:23،الهداية للمرغينانيّ 1:82،شرح فتح القدير 2:22،عمدة القارئ 6:198، المجموع 4:488،حلية العلماء 2:264،تفسير القرطبيّ 18:104. [4]

و روي عن أبي هريرة،و ابن عمر،و أنس،و الحسن،و نافع،و عكرمة،و الحكم، و عطاء،و الأوزاعيّ:تجب على من آواه اللّيل إلى أهله (1).

لنا:عموم السّعي،خرج من بعد عن الفرسخين للمشقّة و لحديث زرارة (2)،فيبقى الباقي على أصل الاندراج.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمعة،فقال:«تجب على من كان منها على رأس فرسخين فإن زاد على ذلك فليس عليه شيء» (3).

و ما رواه عن زرارة و محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين» (4).و ذلك يدلّ من حيث المفهوم على سقوطها عمّن زاد بعده على ذلك.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:

«الجمعة واجبة على من إن صلّى الغداة في أهله إدراك الجمعة،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما يصلّي العصر في وقت الظّهر في سائر الأيّام كي إذا قضوا الصّلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجعوا إلى رحالهم قبل اللّيل و ذلك سنّة إلى يوم القيامة» (5).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و وضعها عن

ص:377


1- 1المغني 2:214-215،المجموع 4:488،حلية العلماء 2:263،عمدة القارئ 6:198،نيل الأوطار 3:278.
2- 2) الفقيه 1:266 الحديث 1217،الكافي 3:419 الحديث 6، [1]التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 3:240 الحديث 641،الاستبصار 1:421 الحديث 1619،الوسائل 5:12 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [3]
4- 4) التّهذيب 3:240 الحديث 643،الاستبصار 1:421 الحديث 1620،الوسائل 5:12 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 631،الاستبصار 1:421 الحديث 1621،الوسائل 5:11 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

تسعة:.،و من كان على رأس فرسخين» (1).

لأنّا نقول:أمّا الأوّل:فإنّ الوجوب المراد به هنا شدّة الاستحباب،للأحاديث السّابقة.

و أمّا الثّاني:فإنّه يحمل على من زاد عن الفرسخين بشيء قليل،إذ الحصول (2)على نفس الفرسخين ممتنع.

احتجّ مالك بعموم الأمر بالسّعي و هو يتناول غير أهل المصر (3).

و احتجّ الشّافعيّ (4)بما رواه عبد اللّه بن عمرو أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«الجمعة على من سمع النّداء» (5).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ عثمان صلّى العيد في يوم الجمعة،ثمَّ قال لأهل العوالي:من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف،و من أراد أن يقيم حتّى يصلّي الجمعة فليقم،و لأنّهم خارج المصر فأشبهوا أهل الحلل (6). (7)

و احتجّ الباقون (8)بما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجمعة على من آواه اللّيل إلى أهله» (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على التّحديد بالفرسخ و نحن نقول بموجبة.

ص:378


1- 1التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) ن و م:الحضور.
3- 3) المغني 2:215،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:486،المغني 2:214.
5- 5) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطني 2:6 الحديث 3،كنز العمّال 7:723 الحديث 21100.
6- 6) الحلّة بالكسر:القوم النازلون،و تطلق(الحلّة)على البيوت مجازا تسمية للمحلّ باسم الحالّ و هي مائة بيت فما فوقها،و الجمع:(حلال)بالكسر،و(حلل).المصباح المنير:148. [2]
7- 7) المغني 2:215،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
8- 8) المغني 2:215،المجموع 4:488،عمدة القارئ 6:198.
9- 9) سنن الترمذيّ 2:376 الحديث 502، [3]كنز العمّال 7:722 الحديث 21094.

و عن الثّاني:أنّ الوجوب على السّامع لا ينفي الوجوب عن غيره،و لأنّه لو لم يحصل النّداء لوجب السّعي،و لأنّ المقصود من السّماع ليس هو الحقيقة،فإنّ فاقد السّمع يجب عليه السّعي،و كذا الغافل و النّائم،و أيضا فالسّمع متفاوت فلا يجوز للشّارع ردّ النّاس إليه بغير ضابط،بل المراد منه القريب (1)فيجد بما ذكرناه للرّوايات عن أهل البيت عليهم السّلام،على أنّه قد طعن فيه أكثر الجمهور و قالوا:إنّه من كلام ابن عمر (2).

و عن الثّالث:بأنّا نقول بموجبة؛إذ مع اجتماع العيد و الجمعة يتخيّر المصلّي و سيأتي.

و عن الرّابع:بالمنع من عدم الوجوب في المقيس عليه،و لو سلّم فالفرق ثابت؛ إذ أولئك غير مستوطنين بخلاف أهل القرى.

و عن الخامس:أنّ راويه عبد اللّه بن سعيد المقبريّ (3)و هو ضعيف.

فروع:
الأوّل:لا خلاف عندنا في أنّه لو حضر وجبت عليه

و انعقدت به.

الثّاني:يستحبّ له الحضور

لرواية زرارة (4)،و لأنّه سعي إلى طاعة اللّه فكان مطلوبا.

الثّالث:إذا زاد البُعد عن فرسخين لم يجب عليهم الحضور إجماعا

فإن كانوا على الشّرائط وجبت عليهم الجمعة أو الحضور،و لو فقدوا الشّرائط تخيّروا بين الظّهر و الحضور، و لو نقص البُعد عن ذلك وجب عليهم الحضور أو الجمعة ما لم يكن بينهم و بين الجمعة

ص:379


1- 1م:القرب.
2- 2) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146 و فيهما:ابن عمرو.
3- 3) عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ كنيته أبو عبّاد،روى عن أبيه و جدّه،و روى عنه حفص بن غياث و محمّد بن جعفر و معارك بن عبّاد،ضعّفه البخاريّ و ابن معين و ابن حبّان و الدار قطنيّ. الضعفاء الصغير للبخاريّ:132،ميزان الاعتدال 2:429،المجروحين لابن حبّان 2:9،تهذيب التهذيب 5: 237. [1]
4- 4) ينظر:الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1 و ص 11 الباب 4 من نفس الأبواب الحديث 1.

ثلاثة أميال،و لو حضر بعضهم فإن تخلف من يصحّ منه الجمعة صحّت منه و إلاّ وجب عليه السّعي.

مسألة:و يسقط الوجوب مع المطر في الطّريق المانع من الحضور أو الوَحَل الّذي يشقّ معه المشي

و هو قول أكثر أهل العلم (1).و مالك لم يجعل المطر عذرا (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّه أمر مؤذّنه في يوم جمعة في يوم مطير:إذا قلت:أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،فلا تقل:حيّ على الصّلاة،قل:صلّوا في بيوتكم،قال:

فكأنّ النّاس استنكروا ذلك،فقال:أ تعجبون من ذا؟فعل ذا من هو خير منّي (3).رواه مسلم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا بأس بأن (4)تدع الجمعة في المطر» (5).

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

احتجّ مالك بالعموم.

و الجواب:أنّه يخرج من ذكرنا للعذر.

مسألة:و يسقط مع كلّ عذر يتعذّر معه الفعل

لأنّ فيه مشقّة فكان الوجوب ساقطا،فلو مرض له قريب و خاف موته جاز له الاعتناء به و ترك الجمعة،و لو لم يكن قريبا و كان معتنيا (7)به جاز له ترك الجمعة إذا لم يقم غيره مقامه.

ص:380


1- 1المغني 2:195،المهذّب للشيرازيّ 1:109،عمدة القارئ 6:196.
2- 2) المغني 2:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150،عمدة القارئ 6:196.
3- 3) صحيح مسلم 1:485 الحديث 699.
4- 4) م،غ،ح و ق:أن.
5- 5) التّهذيب 3:241 الحديث 645،الوسائل 5:37 الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
6- 6) الفقيه 1:267 الحديث 1221،الوسائل 5:37 الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]
7- 7) ح:معينا.

و لو كان عليه دين يخاف معه من الحضور و هو غير متمكّن سقطت عنه،و لو تمكّن لم يكن عذرا.

و لو كان عليه حدّ قذف أو شرب (1)أو غيرهما لم يجز له الاستتار عن الإمام لأجله و ترك الجمعة.

مسألة:و لا تجب على الشّيخ الكبير

و هو مذهب علمائنا؛للمشقّة فأشبه المريض، و تدلّ عليه الرّوايات السّابقة (2).

البحث الرّابع:في صفات الإمام
مسألة:يعتبر في الإمام التّكليف

و هو يشتمل على وصفين:البلوغ،و العقل، و ذلك ممّا لا خلاف فيه؛إذ من ليس بعاقل لا يصحّ منه إيقاع الفعل على وجه الطّاعة،و في المراهق نظر،أقربه عدم الجواز أيضا.و كلام الشّيخ في الخلاف يشعر بجواز إمامته (3)،و هو قول الشّافعيّ في الإملاء (4)،و قال في الأُمّ:لا يجوز (5).

لنا:أنّه غير مكلّف فلا يناط به صلاة غيره.

احتجّ الشّيخ بأنّ صلاته شرعيّة (6)؛لقوله عليه السّلام:«مروهم بالصّلاة و هم أبناء سبع» (7).

و الجواب:إن أردت بالشرعيّة ما أمر الشّارع بها للفاعل فهو باطل؛إذ الأمر منوط

ص:381


1- 1ن:سرق.
2- 2) الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها.
3- 3) الخلاف 1:212 مسألة-17.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:97،حلية العلماء 2:197،المجموع 4:249. [1]
5- 5) الاُمّ 1:166.
6- 6) الخلاف 1:212 مسألة-17.
7- 7) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494-495،مسند أحمد 2:180،187.بتفاوت يسير.

بالبلوغ،و إن أردت به ما يثاب عليه فهو ممنوع؛لعدم استحقاق الثّواب.نعم،يستحقّون العوض أمّا الثّواب فلا،و إن أردت بالشرعيّة ما أمر الشّارع بها لغير (1)الفاعل فهو مسلّم و ذلك لا يفيد المطلوب.

مسألة:و يعتبر فيه الإيمان

و هو مذهب علمائنا أجمع،و اعتبر الجمهور الإسلام.

لنا:أنّه فاسق فلا يصلح للإمامة،لما تقدّم في باب الجماعة.و يعتبر فيه العدالة لذلك (2)أيضا،خلافا للجمهور؛لما رواه الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تؤمّنّ امرأة رجلا،و لا فاجر مؤمنا،إلاّ أن يقهره بسلطان،أو يخاف سوطه أو سيفه» (3).

و يعتبر فيه طهارة المولد و جميع الشّروط (4)المعتبرة في إمام الجماعة و قد سلفت.

و يعتبر فيه الذّكورة (5)،فلا يصلح إمامة النّساء،أمّا للرّجال فلما مضى،و أمّا لأمثالهنّ فلسقوط الجمعة في حقّهنّ.

فرع:

لا يجوز أن يكون الخنثى إماما؛لاحتمال أن يكون امرأة،و متى عرض تجويز البطلان كان الحكم له عملا بالاحتياط.

مسألة:و في إمامة العبد قولان:أظهرهما الجواز إذا تمَّ العدد بغيره

و هو قول أبي حنيفة،و الشّافعيّ (6)،خلافا لمالك (7).

ص:382


1- 1ح و ق:بغير.
2- 2) غ:كذلك.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081،نيل الأوطار 3:199 الحديث 1.بتفاوت يسير.
4- 4) ح و ق:الشرائط.
5- 5) غ،م و ن:الذّكوريّة.
6- 6) حلية العلماء 22:2996.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:84-85،بلغة السالك 1:158،حلية العلماء 2:297.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يؤمّكم أقرؤكم» (1).

و هذا غير مخصوص بالحرّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام أنّه سئل عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به و كان أكثرهم قرآنا؟قال:«لا بأس» (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (3).و لأنّهم رجال يصحّ منهم الجمعة فجاز أن يكونوا أئمّة كالأحرار.

احتجّ المخالف (4)بما رواه السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام أنّه قال:«لا يؤمّ العبد إلاّ أهله» (5).و لأنّهم لا تجب عليهم الجمعة فلم يجز أن يؤمّوا كالنّساء.

و الجواب عن الأوّل:بضعف الرّواية.

و عن الثّاني:بالفرق مع أنّه قياس في معارضة النصّ فلا يكون مقبولا.

مسألة:و يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تمَّ العدد بغيره

قاله الشّيخ في المبسوط (6).و به قال أبو حنيفة (7)،و الشّافعيّ (8)،

ص:383


1- 1صحيح البخاريّ 1:177-178،صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 585، سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن النسائيّ 2:76.
2- 2) التّهذيب 3:29 الحديث 99،الاستبصار 1:423 الحديث 1628،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
3- 3) التّهذيب 3:29 الحديث 100،الاستبصار 1:423 الحديث 1629،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة ذيل الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 3:29.
5- 5) التّهذيب 3:29 الحديث 102،الاستبصار 1:423 الحديث 1631،الوسائل 5:401 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]
6- 6) المبسوط 1:149. [4]
7- 7) حلية العلماء 2:296.
8- 8) المجموع 4:248،حلية العلماء 2:296،مغني المحتاج 1:284،السّراج الوهّاج:86،شرح العناية 2:33.

و مالك (1)،خلافا لأحمد (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه تعالى» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يتقدّم القوم أقرؤهم للقرآن» (4).و لأنّه مكلّف يتعيّن عليه الجمعة مع الحضور فأشبه الحاضر.

احتجّ المخالف بأنّ الجمعة لا تجب عليه فلا يكون إماما كالنّساء (5).

و الجواب:بما تقدّم و النّقض بالمريض.

مسألة:و لو كان الإمام مريضا أو محبوسا بالعذر كالمطر و شبهه فتكلّف الحضور صحّ أن يكون إماما إذا جمع الشّرائط

(6)

لا نعرف فيه مخالفا من أهل العلم.

مسألة:و يجوز إمامة الأعمى

و هو قول أكثر أهل العلم (7)؛لأنّ فقد حاسّة لا يخلّ بشيء من أفعال الصّلاة فكان حكمه حكم فاقد السّمع و الشّمّ.

مسألة:و لا يؤمّ الأجذم و الأبرص

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«خمسة لا يؤمّون النّاس على كلّ حال:المجذوم،و الأبرص، و المجنون،و ولد الزّنا،و الأعرابيّ» (8).

ص:384


1- 1المدوّنة الكبرى 1:158-159.
2- 2) المغني 2:196،الكافي لابن قدامة 1:281،الإنصاف 2:368. [1]
3- 3) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 582،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235.
4- 4) التّهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
5- 5) المغني 2:196.
6- 6) ن:اجتمع.
7- 7) المغني 2:30،المجموع 4:287، [3]نيل الأوطار 3:197.
8- 8) التّهذيب 3:26 الحديث 92،الاستبصار 1:422 الحديث 1626،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [4]

و روى،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«لا يصلّي بالنّاس من في وجهه آثار» (1).

و قد روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن يزيد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المجذوم و الأبرص يؤمّان المسلمين؟قال:«نعم»قلت:هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟قال:

«نعم،و هل كتب البلاء إلاّ على المؤمن» (2).

قال الشّيخ:هذا محمول على الضّرورة في الجماعة (3).

مسألة:و إذا حضر إمام الأصل فهو أولى

و تعيّن الاجتماع معه لا خلاف فيه بين علمائنا؛لأنّ الولاية له.

و روى الشّيخ،عن حمّاد بن عيسى،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:

«إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمّع بالنّاس ليس ذلك لأحد غيره» (4).

مسألة:الّذي يظهر من عبارة الأصحاب أنّ المتولّي للخطبة هو الإمام

فلا يجوز أن يخطب واحد و يصلّي آخر،و لم أقف فيه على نصّ صريح لهم،لكنّ الأقرب ذلك إلاّ أن يكون هناك عذر؛لأنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام بعده هكذا فعلوا.

و قال عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (5).و لأنّ الخطبتين كالرّكعتين فيتولاّهما الواحد،و أمّا مع العذر فظاهر؛لأنّ الاستخلاف في بعض الصّلاة له جائز فمع الخطبة أولى.

ص:385


1- 1التّهذيب 3:281 الحديث 833،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 3:27 الحديث 93،الاستبصار 1:422 الحديث 1627،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 3:27،الاستبصار 1:423.
4- 4) التّهذيب 3:23 الحديث 81،الوسائل 5:36 الباب 20 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [4]
فرعان:
الأوّل:لو خطب أمير فعزل و ولي غيره،صلّى بهم

و هل تجب إعادة الخطبة؟فيه نظر.

الثّاني:هل يشترط أن يكون الثّاني قد حضر الخطبة؟الأقرب عدمه

لأنّ المسبوق يجوز استخلافه في الصّلاة فمع الخطبة أولى،و به قال الأوزاعيّ (1)،و الشّافعيّ (2)؛لأنّه ممّن تنعقد به الجمعة فجاز أن يؤمّ كما لو حضر الخطبة.و قال الثّوريّ:يشترط؛لأنّه إمام في الجمعة فاشترط حضوره[الخطبة] (3)،و به قال أبو ثور،و أصحاب الرّأي (4)،و ليس بشيء.

البحث الخامس:في الكيفيّة
مسألة:فإذا زالت الشّمس صعد الإمام المنبر لا يؤخّره،سواء كان صيفا أو شتاء

لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلاّها وقت الزّوال فيهما،و لأنّ النّاس يجتمعون فلو انتظروا الإبراد شقّ عليهم،و هل الصّعود على المنبر واجب؟الأقرب أنّه لا يجب؛لأنّ الواجب إسماع العدد الخطبة لكن يستحبّ،و لا نعرف فيه مخالفا؛لما رواه الجمهور،عن سهل بن سعد قال:أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى امرأة سماّها سهل أن مُرِي غلامك النجّار يعمل لي أعوادا أجلس عليهنّ إذا كلّمت النّاس (5).

ص:386


1- 1المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
2- 2) المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
3- 3) في النسخ:الجمعة،و الصحيح ما أثبتناه.
4- 4) المغني 2:154،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:11،سنن أبي داود 1:283 الحديث 1080،سنن النسائيّ 2:57-58،مسند أحمد 5: 339. [1]

و رووا،عن أُمّ هشام بنت حارثة بن النّعمان (1)قالت:ما أخذت(ق)إلاّ عن لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأها كلّ جمعة على المنبر إذا خطب النّاس (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تزول الشّمس قدر شراك،و يخطب في الظلّ الأوّل،فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشمس فانزل فصلّ» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟فقال:«أذان و إقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب» (4).

فرع:

قال الشّيخ:يستحبّ أن يقعد الخطيب دون الدّرجة العالية من المنبر (5).

أصل:إذا ورد لفظ من الشّرع يمكن حمله على معنى لغويّ و حكم شرعيّ مجدّد، فحمله على الثّاني أولى و ليس بمجمل،لأنّ المعهود من الشّرع إنّما هو تعريف الأحكام لا تعريف اللّغة،فكان اللفظ الصّادر عنه ظاهرا في الحكم الشّرعيّ المجدّد،و قولهم:إنّا عهدنا من باب الشّرع استعمال الألفاظ في معانيها اللغويّة فيتساوى الاحتمالان (6)،ضعيف؛

ص:387


1- 1أُمّ هشام بنت حارثة بن النعمان الأنصاريّة،بايعت بيعة الرضوان.روت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و زوى عنها يحيى بن عبد اللّه. أُسد الغابة 5:623-625، [1]الإصابة 4:504. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:595 الحديث 873،سنن أبي داود 1:288 الحديث 1100،1102،نيل الأوطار 3:328 الحديث 6.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
5- 5) المبسوط 1:148. [5]
6- 6) ينظر:بحث المجمل و المبيّن من كتاب نهاية الوصول إلى علم الأُصول للمؤلّف-مخطوط-،و الإحكام في أُصول الأحكام للآمديّ 3:20،21.

لأولويّة الشّرعيّ،لما ذكرناه.

مسألة:و في جواز تقديم الخطبة على الزّوال قولان:أقربهما عدم الجواز

(1).

لنا:أنّ السّعي إنّما يجب بعد الأذان و هو إنّما يكون بعد دخول الوقت.و ما رواه الجمهور،عن سلمة بن الأكوع قال:كنّا نجمّع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا زالت الشّمس ثمَّ نرجع نتتبّع الفيء (2).و الجمعة إنّما هي الخطبتان و الركعتان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟ فقال:«أذان و إقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب.» (3)الحديث.

و ما رواه،عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون» (4).

و لأنّ الفائدة من الخطبة إنّما هو الاستماع للاتّعاظ (5)المستلزم (6)للحضور،و ذلك إنّما يكون بعد الزّوال،لاشتغال النّاس قبله،فكان يلزم أن يفوت الخطبة أكثر المصلّين،و ذلك غير مطلوب في نظر الشّرع،و لأنّهما بدل من الصّلاة فلحقهما (7)حكمها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتّى ينزل الإمام» (8).

ص:388


1- 1و هو مذهب ابن أبي عقيل كما نقله عنه في المعتبر 2:287،و [1]ابن الجنيد كما نقله عنه في المختلف:104،و الحلبيّ في الكافي في الفقه:151،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،و ابن إدريس في السرائر:64.
2- 2) صحيح مسلم 2:589 الحديث 860،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:19.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [2]
4- 4) التّهذيب 3:244 الحديث 663،الوسائل 5:43 الباب 28 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [3]
5- 5) ق و ح:للألفاظ.
6- 6) غ و ن:المستلزمة.
7- 7) ق و ح:فحكمهما.
8- 8) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [4]

و لأنّ الخطبتين يصدق عليهما أنّهما صلاة لغة؛لاشتمالهما على الدّعاء،فنقول:ذلك غير مطلوب من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّها صلاة؛لأنّ الشّرع بتعريف الأحكام أكثر اعتناء من تعريف اللّغات،فلم يبق إلاّ أنّهما تساويان الصّلاة في الأحكام،و الصّلاة إنّما يصحّ بعد الزّوال؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة نصف النّهار إلاّ الجمعة» (1).

احتجّ الشّيخ (2)برواية عبد اللّه بن سنان الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تزول الشّمس قدر شراك، و يخطب في الظّلّ الأوّل،فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشّمس فانزل فصلّ» (3).

و الجواب:أنّ الظلّ الأوّل يمكن أن يكون المراد به ما يحصل بعد زوال الشّمس.

مسألة:و إذا استقبل النّاس سلّم عليهم مستحبّا

و هو اختيار السيّد المرتضى (4)،و ابن إدريس (5)،و به قال الأوزاعيّ (6)و الشّافعيّ (7).و قال الشّيخ في الخلاف:

لا يستحبّ (8).و به قال مالك (9)،و أبو حنيفة (10).

ص:389


1- 1التّهذيب 3:13 الحديث 44،الاستبصار 1:412 الحديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
2- 2) الخلاف 1:246 مسألة-36.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:288. [3]
5- 5) السرائر:64.
6- 6) المغني 2:144،المجموع 4:527.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:112،المجموع 4:527،حلية العلماء 1:278،المغني 2:144.
8- 8) الخلاف 1:248 مسألة-40.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:150،المغني 2:144،المجموع 4:527.
10- 10) المغني 2:144،المجموع 4:527.

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر سلّم (1).

و عن ابن عمر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل المسجد يوم الجمعة سلّم على من عند المنبر جالسا،فإذا صعد المنبر توجّه النّاس سلّم عليهم (2).

و عن الشّعبيّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل النّاس فقال:«السّلام عليكم و رحمة اللّه»و يحمد اللّه و يثني عليه و يقرأ سورة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عمرو بن جميع (4)رفعه،عن عليّ عليه السّلام قال:«من السنّة إذا صعد الإمام المنبر أن يسلّم إذا استقبل النّاس» (5).و لأنّه تحيّة فكان حسنا.

احتجّ الشّيخ بأنّ الأصل براءة الذمّة و شغلها بواجب أو مندوب يحتاج إلى دليل (6).

و الجواب:الدّليل ما قدّمناه،و لو (7)كان بالمدينة ابتدأ بالسّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ص:390


1- 1سنن ابن ماجه 1:352 الحديث 1109،سنن البيهقيّ 3:204،نيل الأوطار 3:321 الحديث 1.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:205،نيل الأوطار 3:321.بتفاوت يسير في الألفاظ،و بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:145.
3- 3) نيل الأوطار 3:321 الحديث 1،المغني 2:145.
4- 4) عمرو بن جُمَيع أبو عثمان الأزديّ البصريّ،قال النجاشيّ:ضعيف.و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام و قال:بتريّ،و اخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:قاضي الريّ،ضعيف الحديث.و قال في الفهرست:له كتاب.و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة:قاضي الريّ،ضعيف،بتريّ. رجال النجاشيّ:288،رجال الطّوسيّ:131 و 249،الفهرست:111، [1]رجال العلاّمة:241. [2]
5- 5) التّهذيب 3:244 الحديث 662،الوسائل 5:43 الباب 28 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
6- 6) الخلاف 1:248 مسألة-40.
7- 7) م و ن:فلو.
فرع:

و إذا (1)سلّم ردّ عليه النّاس؛لأنّ ردّ السّلام آكد من ابتدائه،و لقوله تعالى:

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (2).

مسألة:ثمَّ يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون للاستراحة

و لما رواه الجمهور،عن ابن عمر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب خطبتين كان يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون،ثمَّ يقوم فيخطب،ثمَّ يجلس فلا يتكلّم ثمَّ يقوم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر عليه السّلام،و قد تقدّم (4).

مسألة:و لا نعرف خلافا بين أهل العلم في مشروعيّة الأذان عقيب صعود الإمام

لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صعد المنبر جلس إلى أن يفرغ المؤذّنون (5)،و هذا هو الأذان الأوّل؛إذ ينبغي فعله مع أذان المؤذّنين في المنابر و هو الأذان الّذي يحرم به البيع و يتعلّق به وجوب السّعي،و إذا فرغ المؤذّنون من الأذان خطبهم قائما،و لو كان له عذر جاز له القعود،أمّا مع عدمه فلا،و به قال الشّافعيّ (6).و قال أبو حنيفة:لو خطب جالسا من غير علّة جاز (7).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب

ص:391


1- 1م و ن:فإذا.
2- 2) النّساء(4):86. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،سنن البيهقيّ 3:205.
4- 4) تقدّمت الرواية في ص 388 رقم 4.
5- 5) سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،المغني 2:145.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:514،مغني المحتاج 1:287،السراج الوهّاج:87.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:26،بدائع الصنائع 1:263،الهداية للمرغينانيّ 1:83،عمدة القارئ 6:219، شرح فتح القدير 2:29،المغني 2:150.

قائما خطبتين (1).

و كذا في حديث جابر بن سمرة قال:إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب قائما،ثمَّ يجلس،ثمَّ يقوم فيخطب قائما،فمن نبّأك أنّه كان يخطب جالسا فقد كذب،فقد و اللّه صلّيت معه أكثر من ألفي صلاة.رواه مسلم،و أبو داود،و النّسائيّ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ أوّل من خطب و هو جالس معاوية و استأذن النّاس في ذلك من وجع كان بركبتيه،و كان يخطب خطبة و هو جالس،و خطبة و هو قائم ثمَّ يجلس بينهما،ثمَّ قال:الخطبة و هو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلّم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين (3).

و لأنّهما بدل من الرّكعتين فاشترط (4)فيهما القيام كمبدلهما،و لأنّ حكمهما حكم الصّلاة؛لرواية عبد اللّه بن سنان،و قد مضى تقريرها (5).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلا يجب له القيام،كالأذان (6).

و الجواب:الفرق؛لأنّهما بدل بخلاف الأذان.

فرع:

لو كان له عذر من علّة أو زمانة جاز له القعود،فلو قدر في أثنائه على القيام وجب، و لو قعد لغير عذر قال الشّيخ:بطلت صلاته و صلاة من خلفه إن علموا،و يصحّ صلاة من

ص:392


1- 1صحيح البخاريّ 2:12،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1103،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092، [1]سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1093،سنن النسائيّ 3:110.
3- 3) التّهذيب 3:20 الحديث 74،الوسائل 5:31 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
4- 4) ن:فأشرط.
5- 5) مضت الرواية و تقريرها في ص 389.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:26،بدائع الصنائع 1:263،الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:150.

لم يعلم (1).

آخر:

لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره بل ينبغي التّعقيب؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2).

مسألة:و يستحبّ له أن يستقبل النّاس في حال خطبته و لا يلتفت يمينا و لا شمالا

و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال أبو حنيفة:يلتفت يمينا و شمالا (5).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل كذلك،روى البراء بن عازب قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبل علينا بوجهه،و نقبل عليه بوجوهنا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن يعقوب في كتابه،عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كلّ واعظ قبلة،يعني إذا خطب الإمام النّاس يوم الجمعة ينبغي للنّاس أن يستقبلوه بوجوههم» (7).

و ما رواه ابن بابويه في كتابه أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«كلّ واعظ قبلة و كلّ موعوظ قبلة للواعظ» (8).يعني في الجمعة و العيدين و صلاة الاستسقاء.

و لأنّه أبلغ في سماع النّاس و أعدل بينهم،فإنّه لو التفت إلى أحد الجانبين لأعرض

ص:393


1- 1المبسوط 1:147. [1]
2- 2) المغني 2:151.
3- 3) الاُمّ 1:200،المجموع 4:528،مغني المحتاج 1:289.
4- 4) المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
5- 5) المجموع 4:528،عمدة القارئ 6:221.
6- 6) سنن البيهقيّ 3:198.بتفاوت.
7- 7) الكافي 3:424 الحديث 9، [2]الوسائل 5:39 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]كلمة:«بوجوههم» غير موجودة فيهما.
8- 8) الفقيه 1:275 الحديث 1261،الوسائل 5:86 الباب 53 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [4]

عن الآخر.

احتجّ أبو حنيفة بالقياس على الأذان (1).

و الجواب:منع الحكم في الأصل.

فروع:
الأوّل:لو خطب مستقبل القبلة و استدبر النّاس صحّت الخطبة

لحصول المقصود و هو السّماع.

الثّاني:يستحبّ أن يستقبل النّاس الخطيب ليكون أبلغ في السّماع

و هو قول عامّة أهل العلم إلاّ الحسن البصريّ،فإنّه استقبل القبلة و لم ينحرف إلى الإمام (2).

و عن سعيد بن المسيّب أنّه كان لا يستقبل هشام بن إسماعيل (3)إذا خطب فوكّل به هشام شرطيّا يعطفه إليه (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عديّ بن ثابت،عن أبيه،عن جدّه قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم (5).

الثّالث:إنّما يستحبّ هذا للقريب بحيث يحصل له السّماع أو شدّته

أمّا البعيد الّذي لا يبلغه الصّوت فالأقرب عندي أنّه ينبغي له استقبال القبلة.

ص:394


1- 1المجموع 4:528.
2- 2) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
3- 3) هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة المخزوميّ والى المدينة،ولاّه عبد الملك عليها،و لمّا صارت الخلافة إلى هشام بن عبد الملك أبقاه. الأعلام للزركلي 8:84. [1]
4- 4) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:360 الحديث 1136،المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
مسألة:و لا يكفي الخطبة الواحدة بل لا بدّ من الخطبتين

فلو أخلّ بواحدة منهما فلا جمعة له.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (1).و قال مالك،و الأوزاعيّ، و إسحاق،و أبو ثور،و ابن المنذر (2)،و أصحاب الرّأي (3)،و أحمد:إنّه يجزئه خطبة واحدة (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عمر (5)و جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب خطبتين (6)و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (7).

و من طريق الخاصّة:رواية (8)معاوية بن وهب الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الخطبة و هو قائم خطبتان يجلس بينهما» (9)الحديث.

و في رواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (10).

و في رواية محمّد بن مسلم:«فيصعد المنبر فيخطب،ثمَّ يقعد ثمَّ يقوم فيفتتح بخطبته

ص:395


1- 1الاُمّ 1:199،بداية المجتهد 1:161،المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،المجموع 4:513، نيل الأوطار 3:327.
2- 2) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،نيل الأوطار 3:327.
3- 3) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،المجموع 4:514، [1]نيل الأوطار 3:327.
4- 4) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،نيل الأوطار 3:327.
5- 5) صحيح مسلم 2:589 الحديث 861،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1103،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506. [2]
6- 6) صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1105-1106،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1093، [3]سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506، [4]نيل الأوطار 3:327 الحديث 4.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [5]
8- 8) ق و ح:ما رواه.
9- 9) التّهذيب 3:20 الحديث 74،الوسائل 5:31 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
10- 10) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]

ثمَّ ينزل» (1).

و بمثله (2)في رواية سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و لأنّهما عوض الرّكعتين كلّ خطبة مقام ركعة،و الإخلال بأحدهما كالإخلال بإحدى الرّكعتين.

احتجّ المخالف (4)بقوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (5).و ليس فيه دلالة على وجوب ما زاد (6)على الخطبة.

و الجواب:أنّه مجمل و بيّنه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فكان (7)ما فعله واجبا.

مسألة:و يشترط في كلّ خطبة حمد اللّه و الثّناء عليه

و الصّلاة على النّبيّ و آله صلّى اللّه عليهم،و قراءة شيء من القرآن،و الوعظ،فهذه الأربعة لا بدّ منها،فلو أخلّ بأحدها لم يجزئه.و به قال الشّافعيّ (8).و قال أبو حنيفة:يجزئ من الخطبة كلمة واحدة:

الحمد للّه،أو اللّه أكبر،أو سبحان اللّه،أو لا إله إلاّ اللّه و ما شابه ذلك (9).

و قال أبو يوسف و محمّد:لا يجزئه حتّى يأتي بكلام يسمّى خطبة في العادة (10).

ص:396


1- 1الكافي 3:424 الحديث 7، [1]التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [2]
2- 2) ح:و مثله.
3- 3) الكافي 3:421 الحديث 4، [3]التّهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 و 16 الباب 5 و 6 من أبواب صلاة الجمعة [4]الحديث 3 و 8.
4- 4) المغني 2:150 و 152،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
5- 5) الجُمُعة(62):9. [5]
6- 6) ح:دلّ.
7- 7) ق و ح:و كان.
8- 8) الاُمّ 1:200،المجموع 4:519،520،المهذّب للشيرازيّ 1:111،112.
9- 9) الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:262،المغني 2:152،المجموع 4:522، [6]تفسير القرطبيّ 18: 115، [7]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83،شرح فتح القدير 2:30،حلية العلماء 2:278.
10- 10) الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:262،المجموع 4:522،تفسير القرطبيّ 18:115،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83،شرح فتح القدير 2:30،حلية العلماء 2:278.

و عن مالك روايتان:إحداهما:أنّ من هلّل أو سبّح أعاد ما لم يصلّ.

و الثّانية:أنّه لا يجزئ إلاّ ما يسمّيه العرب،خطبة (1).

أمّا حمد اللّه فلقوله عليه السّلام:«كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد اللّه فهو أبتر» (2).

و أمّا الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛فلما روي في تفسير قوله أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ . وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (3)قال:لا اذكر إلاّ ذكرت معي (4).و لأنّه وجب ذكر اللّه و الثّناء عليه فوجبت الصّلاة على النّبيّ و آله صلّى اللّه عليهم كالأذان و التّشهّد.

و أمّا الصّلاة على آله،فلما رواه ابن يعقوب،عن[عبيد] (5)اللّه بن عبد اللّه الدهقان (6)،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«كلّما ذكر اسم ربّه صلّ على محمّد و آله» (7).

و أمّا القراءة،فلما رواه الشّعبيّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل النّاس فقال:«السّلام عليكم»و يحمد اللّه و يثني عليه و يقرأ سورة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب ثمَّ ينزل (8).

و في رواية جابر كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطبتان يجلس بينهما و يقرأ

ص:397


1- 1الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:178،المغني 2:152،حلية العلماء 2:278،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83-84.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:610 الحديث 1894،سنن أبي داود 4:261 الحديث 4840،بتفاوت.و بهذا اللفظ ينظر: المغني 2:152،كنز العمّال 1:558 الحديث 2509-2510.
3- 3) الانشراح(94):1،4. [1]
4- 4) التبيان 10:373، [2]تفسير الطبريّ 30:235، [3]تفسير القرطبيّ 20:106، [4]تفسير القمّيّ 2:428. [5]
5- 5) في النسخ:عبد،و الصحيح ما أثبتناه.
6- 6) عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان الواسطيّ ضعّفه النجاشيّ و المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،من غير تعرّض إلى ضعفه. رجال النجاشيّ:231،الفهرست:107، [6]رجال العلاّمة:245. [7]
7- 7) الكافي 2:494 الحديث 18، [8]الوسائل 4:1217 الباب 41 من أبواب الذكر الحديث 1. [9]
8- 8) المغني 2:152.

القرآن و يذكّر النّاس (1).

و في رواية صفوان بن يعلى (2)،عن أبيه[قال] (3):سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ على المنبر وَ نادَوْا يا مالِكُ (4). (5)

و في رواية أُمّ هشام:تلقّنت (6)سورة(ق)من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خطب يوم الجمعة على المنبر (7).

و أمّا الوعظ،فلما روي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في خطبته:«ألا إنّ الدّنيا عرض حاضر يأكل منه البرّ و الفاجر،ألا و إنّ الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ينبغي للإمام الّذي يخطب بالنّاس يوم الجمعة[أن] (9)يلبس عمامة في الشّتاء و الصّيف،و يتردّى ببرد يمنيّة أو عدنيّ،و يخطب و هو قائم يحمد اللّه و يثني عليه،ثمَّ يوصي بتقوى اللّه،ثمَّ يقرأ سورة من القرآن قصيرة،ثمَّ يجلس،ثمَّ يقوم فيحمد اللّه و يثني

ص:398


1- 1صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1094،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1106،سنن النسائيّ 3:110،بتفاوت في الأخيرين.
2- 2) صفان بن يعلى بن أُميّة التميميّ.روى عن أبيه،و روى عنه ابن أخيه محمّد بن حيّ بن يعلى،و عطاء بن أبي رباح،و الزهريّ. تهذيب التهذيب 4:432، [1]الجمع بين رجال الصحيحين 1:223.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الزخرف(43):77. [2]
5- 5) صحيح مسلم 2:595 الحديث 871،سنن الترمذيّ 2:382 الحديث 508. [3]
6- 6) أكثر النسخ:تلقّيت.
7- 7) صحيح مسلم 2:595 الحديث 873،سنن النسائيّ 3:107،المغني 2:153،مسند أحمد 6:435، 436 و 463، [4]مستدرك الحاكم 1:284،الدرّ المنثور 6:101. [5]
8- 8) كنز العمّال 15:934 الحديث 43602.
9- 9) أثبتناها من المصدر.

عليه،و يصلّي على محمّد و آله (1)،و على أئمّة المسلمين،و يستغفر للمؤمنين و المؤمنات، فإذا فرغ من هذا قام المؤذّن[فأقام] (2)فصلّى بالنّاس ركعتين يقرأ في الأُولى بسورة الجمعة، و في الثّانية بسورة المنافقين» (3).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأمر مطلق بالسّعي إلى الذّكر المطلق (4)،و لما روي أنّ رجلا جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:علّمني عملا أدخل به الجنّة،فقال:«لئن أقصرت في الخطبة لقد أعرضت في المسألة» (5).

فالجواب عن الأوّل:ما تقدّم.

و أمّا الثّاني:فلا شكّ أنّه مجاز،فإنّ السّؤال لا يسمّى خطبة.

فروع:
الأوّل:اختلفت عبارة الأصحاب في كيفيّة الخطبتين

فالّذي ذكرناه عبارة الشّيخ في الخلاف (6)و المبسوط،إلاّ أنّه قال فيه:و قراءة سورة خفيفة من القرآن (7).

و قال في النّهاية:و يخطب الخطبتين،و يفصل بينهما بجلسة،و يقرأ سورة خفيفة، و يحمد اللّه في خطبته،و يصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و يدعو لأئمّة المسلمين، و يدعو أيضا للمؤمنين و المؤمنات،و يعظ،و يزجر،و ينذر،و يخوّف (8).

ص:399


1- 1ق و ح:و آل محمّد.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:37 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1 و [1]ص 38 الباب 25 من نفس الأبواب الحديث 2.
4- 4) بدائع الصنائع 1:262،المغني 2:152.
5- 5) مسند أحمد 4:299، [2]مجمع الزوائد 4:240،كنز العمّال 6:437،المغني 2:152.
6- 6) الخلاف 1:244 مسألة-30.
7- 7) المبسوط 1:147. [3]
8- 8) النهاية:105. [4]

و قال السيّد المرتضى في المصباح:يحمد اللّه في الاُولى و يمجّده و يثني عليه، و يشهد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالرّسالة،و يوشّحها بالقرآن،و يعظ.

و في الثّانية:الحمد و الاستغفار،و الصّلاة على النّبيّ و على آله،عليه و عليهم السّلام،و يدعو لأئمّة المسلمين و لنفسه و للمؤمنين (1).

و قال أبو الصّلاح:و خطبة في أوّل الوقت مقصورة على حمد اللّه و الثّناء عليه بما هو أهله،و الصّلاة على محمّد و آله المصطفين (2)،و وعظ،و زجر (3).

و قال ابن البرّاج بمثل قول الشّيخ في النّهاية (4).

و قال ابن حمزة بمثل قوله في المبسوط (5).

و قال الشّيخ في الجمل بمثل قوله في المبسوط (6).و بمثله قال ابن إدريس (7).

الثّاني:هل يجب قراءة سورة تامّة أم يجزئ بعضها؟

ظاهر كلامه في الخلاف الاجتزاء (8)بآية يتمّ فائدتها،و كذا كلام السيّد المرتضى في المصباح.و في رواية سماعة دلالة على وجوب السورة.

و لو قرأ إحدى العزائم نزل فسجد و سجد النّاس معه،و به قال أبو حنيفة (9).و قال الشّافعيّ:لا يجب السّجود،فيجوز له أن يترك،و أن ينزل و يسجد،و أن يسجد على المنبر

ص:400


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:284. [1]
2- 2) هكذا في المصدر،و في النسخ بإضافة:من آله.
3- 3) الكافي في الفقه:151. [2]
4- 4) المهذّب 1:103.
5- 5) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675.
6- 6) الجمل و العقود:82.
7- 7) السرائر:63.
8- 8) م و ن:الإجزاء.
9- 9) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.

إن يمكن (1).و قال مالك:لا ينزل (2).

لنا:أنّه واجب فلا يجوز تركه،و ما رواه الجمهور أنّ عثمان نزل و سجد،و كذا عمّار، و أبو موسى،و النّعمان بن بشير،و عقبة بن عامر (3)،و عمل هؤلاء الصّحابة إنّما يكون تلقّيا (4).

احتجّوا بأنّه غير واجب (5).

و الجواب:المنع و سيأتي.

الثّالث:هل الجلوس بين الخطبتين واجب أم لا؟فيه إشكال

و الظّاهر من عبارات الأصحاب (6)،و الأخبار الوجوب.و به قال الشّافعيّ (7)؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلسها (8)،و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (9).و قال أبو حنيفة (10)،و أحمد (11)، و مالك:إنّ الجلوس ليس بواجب (12).

و احتجّوا بما رواه أبو إسحاق قال:رأيت عليّا عليه السّلام يخطب على المنبر فلم

ص:401


1- 1المغني 2:156،المجموع 4:520،مغني المحتاج 1:286.
2- 2) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.
3- 3) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.
4- 4) م و ح:تلقينا.
5- 5) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188.
6- 6) ينظر:المبسوط 1:147،الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،المهذّب 1: 103،السرائر:64،الشرائع 1:95،الجامع للشرائع:94.
7- 7) الاُمّ 1:200،المغني 2:153،بداية المجتهد 1:161،المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228، مغني المحتاج 1:287،فتح الباري 2:324،السراج الوهّاج:87،نيل الأوطار 3:327.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:12،سنن البيهقيّ 3:197،المغني 2:153.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:345.
10- 10) المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228،شرح فتح القدير 2:29.
11- 11) المغني 2:153،المجموع 4:515،الإنصاف 2:397،منار السبيل 1:146.
12- 12) بداية المجتهد 1:161،المغني 2:154،المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228.

يجلس حتّى فرغ (1).و لأنّها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تكن واجبة.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من النّقل،و لو سلّم فلعلّه اشتبه على الرّاوي؛إذ في أقلّ ما يكون من الجلوس بلاغ،فلعلّه اشتغل عنه في تلك اللّحظة.

و عن الثّاني:بالنّقض بالجلوس بين الرّكعتين.

الرّابع في الخطبة جلوسا لعذر

الرّابع:لو خطب جالسا لعذر فصل بينهما بسكوت.

الخامس:يجب تقديم الخطبتين على الصّلاة

و لا نعرف فيه مخالفا،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2).

و روى الشّيخ،عن أبي مريم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل الصّلاة أو بعدها؟فقال:«قبل الصّلاة ثمَّ يصلّي» (3).

السّادس:لا يجب أن يخطب على صفة خطبة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

إذ قد خطب في مرّات متعدّدة بخطب مختلفة و كذا الأئمّة عليهم السّلام،بل الواجب اشتمال الخطبة على ما ذكرناه (4)و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و يشترط في الخطبتين:الطّهارة

ذهب إليه الشّيخ في الخلاف (5)و المبسوط (6)،و خالف فيه ابن إدريس،و جعل الطّهارة مستحبّة (7)،و للشّافعيّ قولان (8)،

ص:402


1- 1المغني 2:153،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 3:198.
2- 2) ينظر:الوسائل 5:30 الباب 15 من أبواب صلاة الجمعة. و [1]من العامّة:المغني 2:157،المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:513.
3- 3) التّهذيب 3:20 الحديث 72،الوسائل 5:30 الباب 15 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
4- 4) يراجع:ص 396.
5- 5) الخلاف 1:245 مسألة-32.
6- 6) المبسوط 1:147.
7- 7) السرائر:63.
8- 8) قال في القديم:تصحّ من غير طهارة.و قال في الجديد:لا تصحّ من غير طهارة،ينظر:المهذّب للشيرازيّ 1: 111،المجموع 4:515-516،ميزان الكبرى 1:191،المغني 2:154.

و لأحمد روايتان (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خطب متطهّرا،لأنّه كان يصلّي عقيب الخطبة و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي».و لأنّه فعله بيانا فكان واجبا،و لرواية عبد اللّه بن سنان أنّهما صلاة (2)؛و لأنّهما بدل فكان حكمهما حكم مبدلهما؛و لأنّهما ذكر هو شرط في الصّلاة فاشترطت فيه الطّهارة كالتّكبير.

احتجّ المخالف بأنّ الأصل عدم الوجوب الى أن يظهر دليل (3)؛و لأنّه ذكر يتقدّم الصّلاة فلم يكن الطّهارة فيه شرطا كالأذان.

و الجواب عن الأوّل:ما ذكرنا من الأدلّة،و لأنّ أصله معارض بأنّ الأصل شغل الذمّة بعد الخطاب فلا يحصل البراءة باليقين إلاّ مع الطّهارة فاشترطت.

و عن الثّاني:بالفرق؛إذ الخطبتان بدل و شرط.

فروع:
الأوّل:لو أحدث في أثنائها فالّذي يقتضيه النّظر الاستخلاف

إذ الطّهارة شرط و قد فاتت فكان كما لو أحدث في أثناء الصّلاة.و لو أحدث بعد الفراغ منهما (4)قبل الصّلاة،قال الشّيخ في المبسوط:يستخلف؛إذ الأمر بالاستخلاف مطلق (5).و هو في معنى ما ذكرناه.

الثاني:لو ظنّ الطّهارة فخطب

ثمَّ تيقّن الحدث تطهّر و استأنف.

الثّالث:يشترط فيها طهارة الثّوب و البدن من الخبث

لما ذكرناه.و اعلم أنّ المسائل

ص:403


1- 1المغني 2:154،الكافي لابن قدامة 1:289،المجموع 4:515،الإنصاف 2:391،منار السبيل 1:145، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:84.
2- 2) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4.
3- 3) المغني 2:154،المجموع 4:515.
4- 4) م و ن:منها.
5- 5) المبسوط 1:145.

المذكورة في الطّهارة و الحدث في الشّكّ و اليقين آتية هاهنا.

مسألة:و يشترط في الخطبتين أن يحضرهما العدد المعتبر في الجمعة

ذهب إليه علماؤنا،فلو حضر معه ثلاثة نفر لم يصحّ،و به قال الشّافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال أبو حنيفة:لا يشترط (3)العدد في الخطبتين (4).

لنا:الاحتياط يقتضي ذلك،و رواية الفضل (5)،و لأنّه ذكر من شرائط الجمعة فاعتبر فيه العدد كتكبيرة الإحرام (6).

احتجّ بالقياس على الأذان (7).

و الجواب:أنّه ليس بشرط بخلافهما،و يجب الاستماع؛لأنّ المقصود من الخطبة الاستماع للاتّعاظ و ذلك ظاهر.و لأنّه قد نهي النّاس عن الكلام حال الخطبة و لا سبب لذلك إلاّ المنع من الاستماع.و لرواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أهل القرى قال:«إن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا» (8).و لا يفهم من الخطبة بهم إلاّ إذا سمعوا.

ص:404


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:514، مغني المحتاج 1:287،السراج الوهّاج:87،حلية العلماء 2:280.
2- 2) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،الكافي لابن قدامة 1:289،الإنصاف 2:390، المجموع 4:514.
3- 3) م:يشرط.
4- 4) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المجموع 4:514،حلية العلماء 2:280.
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6.
6- 6) ق و ح:الافتتاح.
7- 7) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المجموع 4:514.
8- 8) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
فرع:

هل الاستماع شرط أم لا؟الأقرب عندي أنّه واجب غير شرط،لعدم الدّلالة على الاشتراط،فلو حضر فاقد السّمع و كان العدد يتمّ به وجبت الجمعة،و لو كانوا كلّهم كذلك وجبت أيضا،عملا بالعموم،و إنّما يشترط العدد في واجبات الخطبة لا في مسنوناتها.

مسألة:و إذا فرغ من الخطبة نزل

و يبتدئ المؤذّن الّذي بين يديه بالإقامة، و ينادي باقي المؤذّنين:الصّلاة الصّلاة،و صلّى بالنّاس ركعتين،و قد أجمع علماء الإسلام على أنّ الجمعة ركعتان،روى الجمهور عن عمر أنّه قال:صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة يوم الجمعة؟فقال:«أمّا مع الإمام فركعتان،و أمّا من صلّى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظّهر» (2).

مسألة:و يقرأ في الأُولى منهما الحمد و سورة الجمعة،و في الثّانية الحمد و المنافقين

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو ثور (4)،و أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:يقرأ من أيّ موضع شاء و لا يختصّ القراءة بسورة (6).

و قال مالك:يقرأ في الأُولى سورة الجمعة و في الثّانية الغاشية (7).

و قال أبو بكر عبد العزيز:يقرأ في الثّانية سبّح (8).

ص:405


1- 1سنن ابن ماجه 1:338 الحديث 1064،سنن النسائيّ 3:111،مسند أحمد 1:37، [1]المغني 2:157.
2- 2) التّهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 2:157،المجموع 4:531،عمدة القارئ 6:185،مغني المحتاج 1:290.
4- 4) المغني 2:157،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189،عمدة القارئ 6:185.
5- 5) المغني 2:157،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:162،بدائع الصنائع 1:269،المجموع 4:531،حلية العلماء 2:281.
7- 7) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189،المجموع 4:531، [3]عمدة القارئ 6:185.
8- 8) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبيد اللّه بن أبي رافع (1)قال:صلّى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بسورة الجمعة في الرّكعة الاُولى،و في الرّكعة الآخرة:إذا جاءك المنافقون،فلمّا قضى أبو هريرة الصّلاة أدركته فقلت:يا أبا هريرة إنّك قرأت السّورتين كان عليّ عليه السّلام قرأ بهما بالكوفة قال:إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ بهما في الجمعة.رواه مسلم (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي الصّباح الكنانيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و المنافقين» (3).

و عن أبي بصير عنه عليه السّلام:«و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقون» (4).

و في رواية محمّد بن مسلم:ثمَّ يقرأ بهم في الرّكعة الأُولى بالجمعة،و في الثّانية بالمنافقون (5).

و في رواية سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يقرأ في الأولى بسورة الجمعة و في الثّانية بسورة المنافقون» (6).

و لأنّ سورة الجمعة يليق بها؛لما فيها من الحثّ عليها فكان استحباب القراءة فيها

ص:406


1- 1في النسخ:عبد اللّه،و الصحيح:عبيد اللّه بن أبي رافع،و اسمه أسلم،مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مدنيّ.سمع عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و كان كاتبه،و روى عن أبي هريرة،و روى عنه الحسن بن محمّد بن الحنفيّة و محمّد بن عليّ بن الحسين و بسر بن سعيد و الأعرج عبد الرحمن. الجمع بين رجال الصحيحين 1:300،تهذيب التهذيب 7:10، [1]رجال صحيح مسلم 2:11.
2- 2) صحيح مسلم 2:597 الحديث 877.
3- 3) التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 3:6 الحديث 14،الاستبصار 1:413 الحديث 1582،الوسائل 4:788 الباب 49 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 2. [3]
5- 5) الكافي 3:424 الحديث 7، [4]التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [5]
6- 6) الكافي 3:421 الحديث 1، [6]التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:38 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]

مناسبا،و سورة المنافقون فيها إرغام لهم و قد كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بها لذلك (1)المعنى،و لا يخلو زمان منهم (2)،فاستحبّ قراءتها.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ النّقل قد اختلف،فتارة نقل أنّه عليه السّلام صلّى بالجمعة و المنافقين،و تارة نقل أنّه صلّى بسبّح و الغاشية و غير ذلك،و ذلك يدلّ على عدم اليقين (3).

و احتجّ مالك بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي بالجمعة و الغاشية (4).

و احتجّ أبو بكر عبد العزيز بما نقله مالك قال:أمّا الّذي جاء به الحديث:هل أتاك حديث الغاشية،مع سورة الجمعة،و الّذي أدركت عليه النّاس سبّح اسم ربّك الأعلى (5).

و الجواب عنهما:أنّ ما ذكرناه أولى؛لاشتماله على فعل أكثر الصّحابة مع فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لأنّ فيه زيادة ثواب لزيادة القراءة،و ما ذكروه يحتمل أن يكون في وقت الاستعجال و ذلك لا ينافي ما ذكرناه من الأولويّة.

فروع:
الأوّل:المستحبّ قراءة الجمعة في الاُولى و المنافقين في الثّانية

و لا نعرف فيه مخالفا بين القائلين بتعيينهما (6)؛لما تقدّم من الأحاديث (7).

الثّاني:هل يجب قراءة السّورتين أم لا؟

الّذي أذهب إليه الاستحباب.و هو اختيار

ص:407


1- 1ق و ح:بذلك.
2- 2) المغني 2:157،المجموع 4:530،عمدة القارئ 6:185،نيل الأوطار 3:339.
3- 3) تحفة الفقهاء 1:162،بدائع الصنائع 1:269،عمدة القارئ 6:185.
4- 4) المغني 2:158،المجموع 4:531،عمدة القارئ 6:185.
5- 5) المغني 2:158. [1]
6- 6) غ و م:بتعيّنهما.
7- 7) يراجع:ص 406.

الشّيخ في الخلاف (1)،و الظّاهر من كلامه في المبسوط ذلك أيضا (2)،و به قال السيّد المرتضى (3)،و ابن إدريس (4).و نقل عن بعض أصحابنا وجوب السّورتين (5).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا؟قال:«لا بأس بذلك» (6).

و ما رواه محمّد بن سهل بن الأشعريّ (7)،عن أبيه قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا؟قال:«لا بأس» (8).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة و قد ثبت الاستحباب فالزّائد يحتاج (9)إلى دليل.

احتجّ الموجبون بما رواه الشّيخ في الحسن،عن عمر بن يزيد قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من صلّى الجمعة بغير الجمعة و المنافقين أعاد الصّلاة في سفر

ص:408


1- 1الخلاف 1:245 مسألة-33.
2- 2) المبسوط 1:151.
3- 3) جمل العلم و العمل:72.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) الكافي في الفقه:151. [1]
6- 6) التّهذيب 3:7 الحديث 19،الاستبصار 1:414 الحديث 1586،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
7- 7) محمّد بن سهل بن اليسع.الأشعريّ القمّيّ،قال النجاشيّ،روى عن الرضا و الجواد عليهما السّلام.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام،و قال في الفهرست:له مسائل عن الرضا عليه السّلام،و روى العلاّمة المامقانيّ عن الخرائج ما يدلّ على حسن حاله.و لمّا مات غسّله أحمد بن محمّد بن عيسى،و كفّنه بملاءتين كان بعث بهما إليه أبو جعفر الجواد عليه السّلام. رجال النجاشيّ 367،رجال الطوسيّ:388،الفهرست:147، [3]تنقيح المقال 3:130. [4]
8- 8) التّهذيب 3:7 الحديث 20،الاستبصار 1:414 الحديث 1587،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 4. [5]
9- 9) ق و ح:محتاج.

أو حضر» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن صبّاح بن صبيح (2)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد،قال:«يتمّها ركعتين ثمَّ يستأنف» (3).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشارة لهم.و المنافقين توبيخا للمنافقين،و لا ينبغي تركهما،فمن تركهما متعمّدا فلا صلاة له» (4).

و الجواب:أنّ ذلك دليل على شدّة التّأكيد (5)لا على الوجوب،كما أنّه قد روي أنّ من دخل في الصّلاة بغير أذان استأنف (6)،و كذا من دخل الإمام و قد صلّى بعض الصّلاة أتمّها نافلة،ثمَّ دخل في الجماعة (7).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجمعة في السّفر ما أقرأ فيهما؟قال:«اقرأهما بقل هو اللّه أحد» (8).فدلّ ذلك

ص:409


1- 1التّهذيب 3:7 الحديث 21،الاستبصار 1:414 الحديث 1588،الوسائل 4:818 الباب 72 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) صبّاح بن صبيح الحذّاء الفزاريّ مولاهم،إمام مسجد دار اللؤلؤ بالكوفة،ثقة،عين،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:201،رجال الطّوسيّ:219،رجال العلاّمة:88. [2]
3- 3) التّهذيب 3:8 الحديث 22،الاستبصار 1:415 الحديث 1989،الوسائل 4:818 الباب 72 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 3:6 الحديث 16،الاستبصار 1:414 الحديث 1583،الوسائل 4:815 الباب 70 من أبواب القراءة الحديث 3. [4]
5- 5) غ:الاستحباب.
6- 6) ينظر:الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 3.
7- 7) ينظر:الوسائل 5:458 الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة. [5]
8- 8) التّهذيب 3:8 الحديث 23،الاستبصار 1:415 الحديث 1590،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 2. [6]

على أنّ قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أعاد في سفر أو حضر»إنّما أراد به المبالغة.

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«لا بأس بأن تقرأ فيها بغير الجمعة و المنافقين إذا كنت مستعجلا» (1).

الثّالث:لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين

لأنّه مستحبّ فات فعله في محلّه (2)فاستحبّ استدراكه،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو اللّه أحد،قال:«يرجع إلى سورة الجمعة» (3).

و في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت صلاتك بقُل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع إلاّ أن تكون في يوم الجمعة فإنّك ترجع إلى الجمعة و المنافقين منها» (4).

و في الموثّق،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في أُخرى؟قال:«فليرجع إلى السورة الأولى إلاّ أن يقرأ بقل هو اللّه أحد»قلت:رجل صلّى الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو اللّه أحد؟قال:

«يعود إلى سورة الجمعة» (5).

الرّابع:لو ذكر بعد تجاوز النّصف نقل نيّته إلى النّفل مستحبّا و أعاد الجمعة

ص:410


1- 1التّهذيب 3:242 الحديث 653،الاستبصار 1:415 الحديث 1591،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
2- 2) في م،ن،ق و متن ح:فإن فعله في محلّه.مكان:فات فعله في محلّه.و في هامش ح:فإن لم يفعله في محلّه.و ما أثبتناه من نسخة غ.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 649،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 3:242 الحديث 650،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 3:242 الحديث 651،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 3. [4]

بالسّورتين،ذكره الشّيخ (1)،و خالف فيه ابن إدريس (2)،و الأقرب عندي قول الشّيخ؛ لرواية صبّاح و قد مضت (3).

احتجّ ابن إدريس بأنّ النّقل يحتاج إلى دليل و لم يوجد (4).

و جوابه:أنّ الرّواية دلّت عليه،و لا خلاف أنّه ليس على سبيل الوجوب.

الخامس:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة

و لم أقف على قول للأصحاب في الوجوب و عدمه و الأصل عدمه.

و يدلّ على الجهر ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (5).و بمثله روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم (6).

و ما رواه،عن عبد الرّحمن العرزميّ (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدركت الإمام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أُخرى و أجهر فيها» (8).

و ما رواه في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و يجهر بالقراءة» (9).

السّادس:يستحبّ لمن يصلّي وحده الظّهر قراءة السّورتين

بلا خلاف بين علمائنا

ص:411


1- 1المبسوط 1:151. [1]
2- 2) لم نعثر على قوله هذا و الموجود في السرائر خلافه،ينظر:السرائر:65.
3- 3) يراجع:ص 409.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) التّهذيب 3:15 الحديث 53،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 8. [2]
6- 6) التّهذيب 3:15 الحديث 54،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 9. [3]
7- 7) عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الرزميّ الفزاريّ أبو محمّد،كذلك أثبته النجاشيّ و المصنّف و وثّقه، و عنونه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام بالعرزميّ نسبة إلى جبّانة عرزم بالكوفة. رجال النجاشيّ:237،رجال الطوسيّ 232،الفهرست:108، [4]رجال العلاّمة:114، [5]تنقيح المقال 2:148. [6]
8- 8) التّهذيب 3:244 الحديث 659،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 5. [7]
9- 9) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 4. [8]

لأنّها مستحبّتان في بدلها فاستحبّتا فيها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟فقال:«نعم»و قال:

«اقرأ بسورة (1)الجمعة و المنافقين يوم الجمعة» (2).

فرعان:
الأوّل:لو تلبّس بقراءة غيرهما فإن لم يتجاوز النّصف رجع إلى الجمعة و المنافقين

و إلاّ أتمّها نافلة و استأنف الفريضة بالسّورتين على جهة الاستحباب و البحث فيه كما في الجمعة.

الثّاني:هل يستحبّ الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة؟

قال الشّيخ:نعم (3)،و منع ابن إدريس من ذلك (4)،و هو مذهب الجمهور (5).

و قال السيّد المرتضى في المصباح:و أمّا المنفرد بصلاة الظّهر يوم الجمعة فقد روي أنّ عليه أن يجهر بالقراءة استحبابا،و روي أنّ الجهر إنّما يستحبّ لمن صلاّها مقصورة بخطبة أو صلاّها ظهرا أربعا في جماعة و لا جهر على المنفرد (6).و الأقرب عندي ما ذكره الشّيخ.

لنا:رواية الحلبيّ و قد تقدّمت.

و ما رواه الشّيخ،عن عمران الحلبيّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول

ص:412


1- 1ح:سورة.
2- 2) التّهذيب 3:14 الحديث 49،الاستبصار 1:416 الحديث 1593،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المبسوط 1:151، [2]الخلاف 1:252 مسألة-53.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) يعني استحباب الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة كما قال به الشيخ هو مذهب الجمهور،يلاحظ:المغني 2: 157،المجموع 4:530.
6- 6) نقله عنه في السرائر:65.

و سئل عن الرّجل يصلّي الجمعة أربع ركعات أ يجهر فيها بالقراءة؟فقال:«نعم،و القنوت في الثّانية» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لنا:«صلّوا في السّفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة،و أجهروا بالقراءة»فقلت:إنّه ينكر علينا الجهر بها في السّفر،فقال:«أجهروا بها» (2).

و ما رواه،عن محمّد بن مروان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة الظّهر يوم الجمعة كيف نصلّيها في السّفر؟فقال:«تصلّيها في السّفر ركعتين و القراءة فيها جهرا» (3).

و لأنّها مبدل لما يستحبّ فيه الجهر و لا يزيد البدل عن المبدل منه؛و لأنّ الأصل جواز الجهر.و لأنّ فيه تحريصا على العبادة فكان الجهر و الإعلان فيه مستحبّا.

احتجّ المخالف (4)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن[الجماعة يوم] (5)الجمعة[في السّفر] (6)؟فقال:«تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظّهر و لا يجهر الإمام فيها بالقراءة،إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (7).

ص:413


1- 1التّهذيب 3:14 الحديث 50،الاستبصار 1:416 الحديث 1594،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]بتفاوت في الأخير.
2- 2) التّهذيب 3:15 الحديث 51،الاستبصار 1:416 الحديث 1595،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 3:15 الحديث 52،الاستبصار 1:416 الحديث 1596،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 7. [3]
4- 4) المعتبر 2:304. [4]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التّهذيب 3:15 الحديث 53،الاستبصار 1:416 الحديث 1597،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 8. [5]

و في الصّحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن صلاة الجمعة في السّفر؟قال:

«تصنعون كما تصنعون في الظّهر و لا يجهر الإمام فيها بالقراءة،و إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (1).

و أجاب الشّيخ عنهما بتنزيلهما على حال التقيّة (2).و هو جيّد؛لرواية محمّد بن مسلم و ذكر الإنكار فيها.

و لما رواه في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم في قرية ليس لهم من يجمّع بهم،أيصلّون الظّهر يوم الجمعة جماعة؟قال:«نعم،إذا لم يخافوا» (3).فهاهنا صرّح بالتّقيّة.

البحث السّادس:في بقيّة الكلام في الأحكام و الآداب
مسألة:قد ذكرنا أنّ السّعي واجب يوم الجمعة

و له وقت وجوب-و هو الزّوال إن كان قريبا،أو قبله بحيث يدرك الجمعة إن كان بعيدا لا خلاف في هذا،لأنّ أداء الجمعة واجب و لا يتمّ إلاّ بالسّعي على الوجه الّذي ذكرناه فيكون واجبا-و وقت استحباب و هو أوّل النّهار.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول الأوزاعيّ (4)،و الشّافعيّ (5)،و ابن المنذر (6)،

ص:414


1- 1التّهذيب 3:15 الحديث 54،الاستبصار 1:416 الحديث 1598،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 3:15،الاستبصار 1:417.
3- 3) التّهذيب 3:15 الحديث 55،الاستبصار 1:417 الحديث 1599،الوسائل 5:26 الباب 12 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 2:147.
5- 5) المغني 2:147،المجموع 4:540، [3]السراج الوهّاج:89،بداية المجتهد 1:165.
6- 6) المغني 2:147.

و أحمد (1)،و أصحاب الرّأي (2).و قال مالك:لا يستحبّ التكبير قبل الزّوال (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة،ثمَّ راح في السّاعة الأُولى فكأنّما قرّب بَدَنَة،و من راح في السّاعة الثّانية فكأنّما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن، و من راح في السّاعة الرّابعة فكأنّما قرّب دَجَاجَة،و من راح في السّاعة الخامسة فكأنّما قرّب بَيضَة،فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر» (4).

و قال علقمة:خرجت مع عبد اللّه بن مسعود إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال:رابع أربعة و ما رابع أربعة ببعيد إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إنّ النّاس يجلسون من اللّه تعالى يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة» (5).

و روى التّرمذيّ بإسناده أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من غسّل يوم الجمعة و اغتسل،و بكّر و ابتكر كان له بكلّ خطوة يخطوها أجر سنة،صيامها و قيامها» (6).

و معنى قوله:«بكّر»أي خرج في بكرة النّهار أي أوّله و ابتكر أي بالغ،فجاء في أوّل البكرة، و قوله:«غسّل و اغتسل»أي غسّل امرأته ثمَّ اغتسل ليكون غاضّا لطرفه مع خروجه.

و قيل:غسّل رأسه و اغتسل في بدنه،قاله ابن المبارك (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:قال

ص:415


1- 1المغني 2:147،الكافي لابن قدامة 1:297.
2- 2) المغني 2:147.
3- 3) المغني 2:147،بداية المجتهد 1:165،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1807، [1]تفسير القرطبيّ 18:105. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن أبي داود 1:96 الحديث 351،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [3]سنن النسائيّ 3:99،الموطّأ 1:101 الحديث 1، [4]سنن البيهقيّ 3:226، كنز العمّال 7:750 الحديث 21228.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:348 الحديث 1094،المغني 2:147.
6- 6) سنن الترمذيّ 2:367 الحديث 496. [5]
7- 7) المغني 2:148.

أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فضّل اللّه الجمعة على غيرها من الأيّام،و إنّ الجنان لتزخرف و تزيّن يوم الجمعة لمن أتاها،فإنّكم تتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة،و إنّ أبواب السّماء لتفتح لصعود أعمال العباد» (1).

و عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:قول اللّه عزّ و جلّ:

فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (2)قال:قال:«اعملوا و عجّلوا فإنّه يوم مضيّق على المسلمين فيه،و ثواب أعمال المسلمين على قدر ما ضيّق عليهم،و الحسنة و السيّئة تضاعف فيه»قال:و قال أبو جعفر عليه السّلام:«و اللّه لقد بلغني أنّ أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانوا يجهّزون للجمعة يوم الخميس؛لأنّه يوم مضيّق على المسلمين» (3).

و عن جابر قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يبكّر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشّمس قِيد رمح (4)،فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك،و كان يقول:«إنّ لِجُمع شهر رمضان على جُمع سائر الشّهور فضلا كفضل شهر رمضان على سائر الشّهور» (5).

و لأنّه موطن (6)عبادة فاستحبّ المضيّ إليه و المباكرة له.و لأنّ المضيّ إلى الجمعة طاعة فيستحبّ المسارعة إليها؛لقوله تعالى وَ سارِعُوا (7).

احتجّ مالك (8)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من راح إلى الجمعة». (9)و الرّواح

ص:416


1- 1التّهذيب 3:3 الحديث 6،الوسائل 5:70 الباب 42 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) الجمعة(62):9. [2]
3- 3) التّهذيب 3:236 الحديث 620،الوسائل 5:46 الباب 31 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
4- 4) م،غ،ق و متن ح:قدر رمح،كما في الكافي 3:429 الحديث 8. [4]
5- 5) التّهذيب 3:244 الحديث 660،الوسائل 5:42 الباب 27 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
6- 6) ح و ق:موطئ.
7- 7) آل عمران(3):133.
8- 8) أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1807، [6]بداية المجتهد 1:165،المغني 2:147،تفسير القرطبيّ 18:105. [7]
9- 9) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 2:264،كنز العمّال 7:758 الحديث 21272.

بعد الزّوال.

و الجواب:أنّه لا ينافي ما ذكرناه،على أنّه يستعمل مجازا في غير ما ذكر؛لقوله عليه السّلام:«ثمَّ راح في السّاعة الاُولى» (1).و لأنّه عليه السّلام ذمّ المتأخّر فقال للّذي يتخطّى النّاس:«رأيتك آنيت و آذيت» (2).أي أخّرت المجيء.

مسألة:و يستحبّ أن يغتسل و قد مضى،و أن يمسّ شيئا من الطّيب جسده

و يسرّح لحيته،و يستاك،و يلبس أنظف ثيابه،و يعمّم و يرتدي؛لما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ هذا يوم عيد جعله اللّه للمسلمين،فمن جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل،و إن كان طيب فليمسّ منه و عليكم بالسّواك» (3).

و عن عبد اللّه بن سلام أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يوم الجمعة يقول:

«ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته» (4).و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتمّ (5)و يرتدي (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة يغتسل،و يتطيّب،و يسرّح لحيته، و يلبس أنظف ثيابه،و ليتهيّأ للجمعة،و ليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار،

ص:417


1- 1صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [1]سنن أبي داود 1:96 الحديث 351،الموطّأ 1:101 الحديث 1، [2]سنن النسائيّ 3:99،سنن البيهقيّ 3:226، كنز العمّال 7:750 الحديث 21228.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115.و بسند آخر ينظر:مسند أحمد 4:188،سنن البيهقيّ 3:231.
3- 3) الموطّأ 1:65، [3]سنن ابن ماجه 1:349 الحديث 1098،كنز العمّال 7:757 الحديث 21265.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:348 الحديث 1095،سنن أبي داود 1:282 الحديث 1078،كنز العمّال 7:737 الحديث 21172.و فيه:عن يوسف بن عبد اللّه بن سلام.
5- 5) ن،م،ق و ح:يعمّم.
6- 6) يلاحظ:المغني 2:202.

و ليحسن عبادة ربّه،و ليفعل الخير ما استطاع،فإنّ اللّه يطّلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات» (1).

و يستحبّ أخذ الشّارب و قصّ الأظفار فيه،روى الشّيخ،عن محمّد بن العلاء (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«من أخذ من شاربه و قلّم أظفاره يوم الجمعة ثمَّ قال:بسم اللّه على سنّة محمّد و آل محمّد،كتب اللّه له بكلّ شعرة و بكلّ قلامة عتق رقبة و لم يمرض مرضا يصيبه إلاّ مرض الموت» (3).

و روي في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«أخذ الشّارب و الأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام» (4).

و يستحبّ للخطيب أن يلبس عمامة و يتردّى ببرد يمنيّة أو عدنيّ؛لرواية سماعة (5)، و أن يكون عليه السّكينة و الوقار؛لرواية هشام (6).

و يستحبّ للمصلّي أن يمشي إلى الجمعة ماشيا إلاّ أن يقصد من بعد خارج عن البلد فإنّه يجوز له الرّكوب إذا كانت هناك مشقّة و إلاّ فالمشي أولى.

مسألة:و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان،و يكره له أن يتخطّى رقاب النّاس

سواء ظهر الإمام أو لم يظهر،و سواء كان له مجلس يعتاد (7)الجلوس فيه أو لم يكن.

ص:418


1- 1التّهذيب 3:10 الحديث 32،الوسائل 5:78 الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) محمّد بن العلاء روى الكلينيّ في الكافي 3:417،و [2]الشيخ في التهذيب 3:10 الحديث 33 عن عمر الجرجانيّ عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و لم يبيّن حاله إلاّ بما عن الشيخ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى القسريّ بأنّه روى عن أبي جعفر محمّد بن العلاء بشيراز،و كان أديبا فاضلا. تنقيح المقال 3:151 و ج 1:92(باب:أحمد). [3]
3- 3) التّهذيب 3:10 الحديث 33،الوسائل 5:52 الباب 35 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 3:236 الحديث 622،الوسائل 5:49 الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [5]
5- 5) التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:37 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
6- 6) التّهذيب 3:10 الحديث 32،الوسائل 5:78 الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]
7- 7) ق و ح:معتاد.

و به قال عطاء (1)،و سعيد بن المسيّب (2)،و الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال مالك:و إن لم يكن الإمام قد ظهر لم يكره،و إن ظهر كره إن لم يكن له مجلس معتاد و إلاّ لم يكره (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد آذيت» (6).

و عنه عليه السّلام أنّه قال:«من تخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة اتّخذ جسرا إلى جهنّم» (7).

و عن عبد اللّه بن بُسر (8)قال:جاء رجل يتخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس فقد آذيت» (9).

و لأنّه فعل يتأذى به فينبغي اجتنابه.

فروع:
الأوّل:لو رأى فرجة لا يصل إليها إلاّ بالتخطّي كان مكروها

لعموم الخبر،إلاّ أن لا يجد إلى مصلاّه سبيلا فيجوز له التخطّي إليه إذا لم يكن له موضع يتمكّن من الصّلاة فيه.

ص:419


1- 1المجموع 4:546،عمدة القارئ 6:208.
2- 2) المجموع 4:546،عمدة القارئ 6:208،نيل الأوطار 3:311.
3- 3) الاُمّ 1:198،المغني 2:204،المجموع 4:546،مغني المحتاج 1:293،عمدة القارئ 6:208.
4- 4) المغني 2:203،المجموع 4:546،الكافي لابن قدامة 1:299،الإنصاف 6:410.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:159،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1116،سنن الترمذيّ 2:388 الحديث 513. [1]
8- 8) عبد اللّه بن بسر بن أبي بسر المازنيّ القيسيّ أبو بسر،و يقال:أبو صفوان.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبيه.و روى عنه أبو الزاهريّة و خالد بن معدان و سليم بن عامر و جمع كثير.مات بحمص سنة 88 ه. أُسد الغابة 3:125، [2]تهذيب التهذيب 5:158، [3]العبر 1:76. [4]
9- 9) سنن أبي داود 1:292 الحديث 1118.

و به قال الشّافعيّ (1).و قال الأوزاعيّ:يتخطّاهم إلى السّعة مطلقا (2).و قال قتادة:

يتخطّاهم إلى مصلاّه (3).و قال الحسن البصريّ:يتخطّى رقاب الّذين يجلسون على أبواب المسجد فإنّه لا حرمة لهم (4).أمّا لو تركوا الصّفوف الأُولى خالية جاز له أن يتخطّاهم؛لأنّهم رغبوا عن الفضيلة فلا حرمة لهم يمنع التّخطّي (5).

الثّاني:لا يكره للإمام التخطّي

لأنّه موضع حاجة،فكان حكمه حكم من لا يجد مكانا إلاّ مع التخطّي.

الثّالث:لو جلس فبدت له حاجة فله الخروج و التخطّي له

بلا خلاف؛لأنّه موضع ضرورة،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالمدينة العصر فسلّم ثمَّ قام مسرعا فتخطّى رقاب النّاس إلى حجر بعض نسائه (6).فلو عاد كان أحقّ بمكانه على قول (7).

الرّابع:ليس له أن يقيم غيره و يجلس في موضعه

سواء كان معتادا بالجلوس فيه أو لم يكن؛لأنّ العادة لا يوجب التّمليك و لا الأولويّة و قد حصل السبق المفيد لها فلا يعدل عنه،و لقوله تعالى سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (8).

و لما روي عنه عليه السّلام أنّه قال:«من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحقّ به» (9).و هذا بلا خلاف.

ص:420


1- 1الاُمّ 1:198،المغني 2:204،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546،مغني المحتاج 1:292.
2- 2) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
3- 3) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
4- 4) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210.
5- 5) ق و ح:المتخطّي.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:215،سنن النسائيّ 3:84،المغني 2:204.
7- 7) المغني 2:204،الشرح الكبير بهامش المغني 2:213.
8- 8) الحجّ(22):25. [1]
9- 9) سنن أبي داود 3:177 الحديث 3071،سنن البيهقيّ 6:142،كنز العمّال 3:893 الحديث 9062 و ص 912 الحديث 9147،عوالي اللئالي 3:480. [2]في بعض المصادر:«فهو له»مكان:«فهو أحقّ به».
الخامس:لو قدّم صاحبا له يجلس في موضع فإذا جاء قام و أجلسه لم يكن به بأس

لأنّه يقوم باختياره فكان كما لو احتطب (1)له،أمّا لو لم يكن نائبا فقام ليجلس آخر لم يكن أيضا به بأس،لأنّه قام باختياره فأشبه النّائب،سواء انتقل القائم إلى مكان مثله أو دونه.

و قيل بالكراهية في الثّاني (2)؛لأنّه يؤثر على نفسه في الدّين،و الأوّل أولى لشرعيّة تقديم أهل الفضل،و لقوله عليه السّلام:«لِيَلني منكم أهل الفضل و النّهي» (3).

السّادس:لو آثر غيره بمكانه ففي اختصاص المخصوص به تردّد

(4)

أقربه الاختصاص؛لأنّ الحقّ للآثر و قد خصّ به غيره،فكان قائما مقام نفسه،كما لو حجّر موضعا ثمَّ آثر به غيره.و قيل:لا يختصّ؛لأنّه بالقيام عنه خرج استحقاقه فبقي على الأصل،كمن وسع لرجل في طريق فمرّ غيره (5).و لعلّ بينهما فرقا،من حيث أنّ الطريق جعل للمرور فيه، فمن انتقل من مكان فيها لم يبق له فيه حق،بخلاف المسجد الموضوع للإقامة.

السّابع:لو وجد عبده في مكان لم يكن له أن يقيمه

لعموم النّهي.و لأنّ هذا غير مال،بل هو حقّ دينيّ،فيستوي فيه السيّد و عبده كسائر الحقوق الدينيّة.

الثّامن:لو فرش له مفرش في مكان لم يكن مخصّصا و جاز لغيره رفعه و الجلوس

فيه

ذكره الشّيخ (6)؛إذ لا حرمة له.و لأنّ السّبق بالأبدان لا بما يجلس عليه.

التّاسع:يستحبّ الدّنوّ من الإمام

و هو اتّفاق؛لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من غسّل و اغتسل،و بكّر و ابتكر،و مشى و لم يركب،و دنا من الإمام

ص:421


1- 1م و ن:أخطب.
2- 2) المغني 2:205،المجموع 4:547.
3- 3) صحيح مسلم 1:323 الحديث 432،سنن البيهقيّ 3:97،كنز العمّال 7:626 الحديث 20592.و فيها: «ليلني منكم أُولُو الأحلام و النّهى».
4- 4) ن و م:الخصوص.
5- 5) المغني 2:205،الشرح الكبير بهامش المغني 2:212.
6- 6) المبسوط 1:146. [1]

فاستمع و لم يَلغُ،كان له بكلّ خطوةٍ عمل سنة أجر صيامها و قيامها» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يوما و قد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر،فلمّا كان دون الصّفوف ركعوا فركع وحده (2)ثمَّ سجد السّجدتين ثمَّ قام يمضي حتّى لحق بالصّفوف (3).

و إذا كان الحال كذلك في شيء لم يوجب فيه الاجتماع،ففيما أوجب أولى،و لأنّه أمكن من السّماع.

العاشر:لو غلبه النّعاس تشاغل بما يزيله و لو لم يزل إلاّ بالقيام جاز له ذلك

روى ابن عمر قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليتحوّل إلى غيره» (4).و لأنّ تحرّكه يزيل نعاسه فكان سائغا للسّماع.

مسألة:و يستحبّ أن يصعد الخطيب متوكّئا على قوس أو عكّاز أو سيف و ما

أشبهه

ذهب إليه عامّة أهل العلم.روى الحكم بن حزن (5)قال:وفدت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فأقمنا أيّاما شهدنا فيها الجمعة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقام متوكّئا على عصا أو قوس فحمد اللّه و أثنى عليه كلمات طيّبات خفيفات مباركات (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه

ص:422


1- 1سنن ابن ماجه 1:346 الحديث 1087،سنن النسائيّ 3:97،كنز العمّال 7:763 الحديث 21297،بتفاوت في الأخيرين،مسند أحمد 4:10. [1]
2- 2) ليست في أكثر النسخ،كما في التهذيب.
3- 3) ح:الصفوف،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التّهذيب 3:281 الحديث 829،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.
5- 5) الحكم بن حزن الكُلفيّ من بني تميم وفد على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.روى عنه شعيب بن زريق الطائفيّ له عند أبي داود حديث واحد في خطبة الجمعة. أسد الغابة 2:31، [3]تهذيب التهذيب 2:425. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:287 الحديث 1096،نيل الأوطار 3:330 الحديث 3.

عليه السّلام:«و ليلبس البرد و العمامة و يتوكّأ على قوس أو عصا» (1).

و لأنّ ذلك أعون له،و لو لم يفعل استحبّ له أن يصعد ساكن (2)الأطراف مرسلا يديه ساكنتين مع جنبيه و لا يضع اليمين على الشّمال كالصّلاة.

فرع:

و لو لم يوجد المنبر اتّخذ شيئا يشبهه ليصعد عليه،و لو كان في الصّحراء نظر إلى موضع مرتفع أو جمع شيئا من الآلات أو الأحجار (3)ثمَّ يصعد عليها؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل في خطبته.

مسألة:و يستحبّ أن يرفع صوته في الخطبة

ليحصل السّماع التامّ لأكثر النّاس.

روى جابر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خطب احمرّت عيناه و علا صوته و اشتدّ غضبه حتّى كأنّه منذر جيش يقول صبحكم مسّاكم (4).

و يستحبّ تقصير الخطبة؛لما رواه عمّار قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أطيلوا الصّلاة و أقصروا الخطبة» (5).

و روى جابر بن سمرة قال:كنت أُصلّي مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكانت صلاته قصدا و خطبته قصدا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّما كان يصلّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العصر في وقت الظّهر في سائر

ص:423


1- 1التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 5:38 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) ح و ق:سكن.
3- 3) م:الأجمار.
4- 4) صحيح مسلم 2:592 الحديث 867،سنن البيهقيّ 3:206.و فيهما:و مسّاكم.
5- 5) صحيح مسلم 2:594 الحديث 869،المغني 2:155.
6- 6) صحيح مسلم 2:591 الحديث 866،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 106،سنن أبي داود 1:288 الحديث 1101، [2]سنن الترمذيّ 2:381 الحديث 507. [3]

الأيّام كي إذا قضوا الصّلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجعوا إلى رحالهم قبل اللّيل» (1).و فيه دلالة من حيث المفهوم على المطلوب،و لأنّ فيه تخفيفا و تسهيلا.

و يستحبّ أن يكون فصيحا في خطبته بليغا،و يكون كلامه فوق الرديّ المسترذل و دون الوحشيّ المستثقل،و لا يستعجل فيه و لا يمطّطه بل يكون بيّنا،و يكون صادق اللّهجة،و إذا أُرتِج عليه جاز لغيره أن يذكّره.

مسألة:و ينبغي أن يبدأ في الخطبة بالحمد قبل الصّلاة على محمّد و آله،و الموعظة

فلو عكس ففي الإجزاء (2)نظر أقربه الثبوت؛لأنّه أتى بالمطلوب،و لو قرأ آيات تشتمل على ما هو مطلوب (3)ففي الإجزاء نظر،و يمكن أن يقال به لحصول الأمر المطلوب.

و تجب الموالاة فيها (4)،فلو فصل في أثناء الخطبة بكلام طويل أو سكوت طويل حتّى خرج عن اسم الخطيب استأنف و ذلك منوط بالعادة،و لا يشترط الموالاة بين الخطبة و الصّلاة ما لم يطل الفصل.

مسألة:و إذا صعد الخطيب المنبر ثمَّ أذّن المؤذّن حرم البيع

(5)

و هو مذهب علماء الأمصار،قال اللّه تعالى وَ ذَرُوا الْبَيْعَ (6).و الأمر للوجوب.

و لا يحرم بزوال الشّمس.ذهب إليه علماؤنا أجمع بل يكون مكروها، و به قال عطاء،و عمر بن عبد العزيز،و الزّهريّ (7)،و الشّافعيّ (8)،و أكثر أهل

ص:424


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 631،الاستبصار 1:421 الحديث 1621،الوسائل 5:11 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) أكثر النسخ:الاجتزاء.
3- 3) ح و ق:المطلوب.
4- 4) أكثر النسخ:فيهما.
5- 5) ق و ح:إن.
6- 6) الجمعة(62):9. [2]
7- 7) عمدة القارئ 6:204.
8- 8) الاُمّ 1:195،تفسير القرطبيّ 18:108، [3]المجموع 4:500،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:80.

العلم (1).و قال مالك (2)،و أحمد:إذا زالت الشّمس يوم الجمعة حرم البيع (3).

لنا:أنّه معلّق (4)على النّداء لا على الوقت،فلا يحرم قبله عملا بالأصل السّالم عن المعارض،و لأنّ المقصود منه إدراك الجمعة و هو يحصل بما ذكرناه.

و أمّا الكراهية وقت الزّوال فقد ذكرها الشّيخ في الخلاف قال:لأنّا قد بيّنّا أنّ الزّوال وقت الصّلاة،و أنّه ينبغي أن يخطب في الفيء و إذا زالت نزل فصلّى،فإذا أخّر فقد ترك الأفضل.

فروع:
الأوّل:إنّما يحرم البيع على من تجب عليه الجمعة

فيجوز للعبيد و النّساء و المرضى و المسافرين و غيرهم ممّن لا تجب عليهم عقد البيع.ذهب إليه أكثر أهل العلم (5).و قال مالك:يحرم عليهم كما يحرم على المخاطبين (6)،و به رواية عن أحمد (7).

لنا:أنّه تعالى إنّما حرّم البيع على من كلّفه السّعي فلا يتناول غيرهم عملا بالأصل السّالم،و لأنّ الغرض منه عدم الاشتغال عن الجمعة و هو إنّما يصحّ في المكلّف بها،و لأنّه غير محرّم في حقّ المسافر في غير المصر و لا في حقّ المقيم بقرية لا جمعة على أهلها إجماعا.

و كذا صورة النّزاع لاشتراكهما في عدم التّكليف بها.

ص:425


1- 1ينظر:تفسير القرطبيّ 18:108، [1]المجموع 4:500، [2]عمدة القارئ 6:204.
2- 2) تفسير القرطبيّ 18:108، [3]عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:187.
3- 3) المغني 2:145،المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269،ميزان الكبرى 1: 187،رحمة الأُمة بهامش ميزان الكبرى 1:80.
4- 4) ق و ح:يعلّق.
5- 5) ينظر:الاُمّ 1:195،المغني 2:146،المجموع 4:500.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:154.
7- 7) المغني 2:146.
الثّاني:لو كان أحد المتعاقدين ممّن تجب عليه دون الآخر فهو محرّم في حقّ المخاطب

إجماعا،أمّا الآخر فإنّه يكون قد فعل مكروها،ذكره الشّيخ في المبسوط؛لإعانته على المحرّم (1)،و به قال بعض الجمهور (2).و قال الشّافعيّ:إنّه أثم أيضا (3)؛لدليل الشيخ، و هو جيّد؛لقوله تعالى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (4).

الثّالث:لو تعاقد المخاطبان ففي صحّة البيع للأصحاب قولان:أقربهما الصحّة

(5)

و إن كان محرّما،نقله الشّيخ في المبسوط (6)،و به قال الشّافعيّ (7)و أبو حنيفة (8).و قال مالك (9)،و أحمد (10)،و داود بعدم الانعقاد (11)،و هو القول الآخر للأصحاب،اختاره الشّيخ (12).

لنا:أنّ النّهي لا يقتضي فساد المنهيّ عنه في المعاملات،و تحقيقه أنّ النّهي لأجل الصّلاة،و ذلك لا يختصّ بالبيع فلا يوجب فساده،كمن ترك صلاة واجبة و اشتغل بالبيع.

احتجّ الشّيخ بأنّ النّهي يدلّ على الفساد و هو ممنوع.

ص:426


1- 1المبسوط 1:150. [1]
2- 2) المجموع 4:500.
3- 3) المجموع 4:500، [2]مغني المحتاج 1:295.
4- 4) المائدة(5):2. [3]
5- 5) غ،م و ن:المتخاطبان.
6- 6) المبسوط 1:150،و به قال المحقّق في المعتبر 2:297،و [4]الشرائع 1:98،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:96.
7- 7) الاُمّ 1:195،أحكام القرآن للجصّاص 5:341،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1806،المجموع 4:501، حلية العلماء 2:269،عمدة القارئ 6:204،مغني المحتاج 1:295.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 5:341،المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 5:341،تفسير القرطبيّ 18:108، [5]عمدة القارئ 6:204.
10- 10) المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269.
11- 11) المجموع 4:501،حلية العلماء 2:269.
12- 12) الخلاف 1:251 مسألة-50،المبسوط 1:150.
الرّابع:هل يحرم غير البيع من العقود؟

فيه نظر،ينشأ من أنّه عقد يوجب الاشتغال عن الجمعة فكان النّهي عن البيع نهيا-من حيث المفهوم-عنه،و من اختصاص النّهي بالبيع فإلحاق غيره به قياس مع قيام الفرق؛لعدم مساواة غيره له في الاشتغال لقلّة وجوده بخلافه.

مسألة:و إذا خطب حرم الكلام على المستمعين في قول بعض علمائنا

(1).

و قال آخرون منهم:إنّه مكروه (2)،و القولان للشّيخ في الخلاف (3)،و بالأوّل قال الشّافعيّ في القديم و الإملاء (4)،و أبو حنيفة،و مالك،و الأوزاعيّ،و أحمد (5)، و ابن المنذر (6).و بالثّاني قال الشّافعيّ في الجديد (7)،و عروة بن الزّبير (8)،و الشّعبيّ، و النّخعيّ،و سعيد بن جبير (9)،و الثّوريّ (10).

وجه الأوّل:ما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قلت

ص:427


1- 1منهم:السيّد المرتضى في المصباح،نقله عنه في المعتبر 2:295،و [1]الحلبيّ في الكافي في الفقه:152،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،و ابن إدريس في السرائر:64.
2- 2) منهم:المحقّق في المعتبر 2:295،و [2]هو ظاهر ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):560.
3- 3) قال في الخلاف 1:243 مسألة-29:«إذا أخذ الإمام في الخطبة حرم الكلام على المستمعين حتّى يفرغ من الخطبتين».و في ص 248 مسألة-42 قال:«يكره الكلام للخطيب و السّامع و ليس بمحظور و لا يفسد الصلاة».و لعلّ منشأ القولين الفرق بين السامع و المستمع.
4- 4) بداية المجتهد 1:161،المغني 2:166،الشرح الكبير بهامش المغني 2:216،المجموع 4:523،عمدة القارئ 6:229،مغني المحتاج 1:287.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:84-85،بداية المجتهد 1:161،المغني 2:165، المجموع 4:525،فتح العزيز بهامش المجموع 4:587،عمدة القارئ 6:229.
6- 6) لم نعثر على قوله.
7- 7) المغني 2:166،المجموع 4:525،عمدة القارئ 6:229،مغني المحتاج 1:287.
8- 8) المجموع 4:525، [3]عمدة القارئ 6:229.
9- 9) بداية المجتهد 1:162،المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:215،المجموع 4:525. [4]
10- 10) المجموع 4:525، [5]عمدة القارئ 6:229.

لصاحبك:أنصت و الإمام يخطب فقد لغوت» (1).و اللّغو الإثم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلا ينبغي لأحد أن يتكلّم حتّى يفرغ الإمام من خطبته،فإذا فرغ من خطبته تكلّم ما بينه و بين أن تقام الصّلاة فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه» (2).

و عندي (3)الكراهية،عملا بالأصل،و رواية محمّد بن مسلم لا تدلّ على التّحريم، بل أكثر ما يستعمل:لا ينبغي،في المستحبّ،و رواية أبي هريرة معارضة بما رواه أنس، قال:بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب يوم الجمعة إذ قام إليه رجل فقال:يا رسول اللّه هلك الكراع[و] (4)هلك الشّاة فادع اللّه أن يسقينا-و ذكر الحديث[إلى أن] (5)قال-:ثمَّ دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قائم يخطب فاستقبله قائما فقال:يا رسول اللّه هلكت الأموال و انقطعت السّبل فادع اللّه يرفعها عنّا (6).

و روي أنّ رجلا قام إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو يخطب فقال:يا رسول اللّه متى السّاعة؟فأعرض عنه،و أومأ النّاس إليه بالسّكوت،فلم يقبل و أعاد،فلمّا كان في الثّالثة قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و يحك ما ذا أعددت لها؟»قال:حبّ (7)اللّه

ص:428


1- 1صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:583 الحديث 851،سنن ابن ماجه 1:352 الحديث 1110، سنن أبي داود 1:290 الحديث 1112،سنن الترمذيّ 2:387 الحديث 512،سنن النسائيّ 3:104،الموطّأ 1: 103، [1]سنن الدارميّ 1:364، [2]سنن البيهقيّ 3:218.
2- 2) التّهذيب 3:20 الحديث 73،الوسائل 5:29 الباب 14 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
3- 3) غ:و الأقرب عندي.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) أضفناها لاستقامة المعنى.
6- 6) سنن البيهقيّ 3:356 بتفاوت،المغني 2:166.
7- 7) في النسخ:أُحبّ اللّه،و ما أثبتناه من المصدر.

تعالى و رسوله،فقال:«إنّك مع من أحببت» (1).و هذا كما يدلّ على جواز الكلام من المستمع يدلّ على جوازه من الخطيب،على أنّ خبر أبي هريرة دلّ على جعله لاغيا لكلامه في الموضع الّذي يليق به السّكوت،و ليس كلّ لغو إثما،قال اللّه تعالى لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ (2).

فروع:
الأوّل:النّهي عن الكلام إنّما يتعلّق بالمكلّف حال الخطبتين،أمّا قبلهما و بعدهما فلا

(3)

سواء قلنا:إنّ (4)النّهي للتّحريم أو للتّنزيه.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء، و طاوس،و الزّهريّ،و المزنيّ،و النّخعيّ (5)،و مالك،و إسحاق (6)،و أبو يوسف (7)، و الشّافعيّ و أصحابه (8).و قال أبو حنيفة (9)،و محمّد:الكلام مباح ما لم يظهر الإمام، فإذا ظهر حرم حتّى يفرغ من الخطبتين و الصّلاة (10).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينزل يوم الجمعة

ص:429


1- 1سنن الترمذيّ 4:595 الحديث 2385، [1]مسند أحمد 3:167، [2]سنن البيهقيّ 3:221،كنز العمّال 9:20 الحديث 24727،مجمع الزوائد 10:280-281.في الجميع بتفاوت.
2- 2) البقرة(2):225. [3]
3- 3) ن:أو.
4- 4) م و ن:كان.
5- 5) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220.
6- 6) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:85.
8- 8) الاُمّ 2:203،المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220،فتح العزيز بهامش المجموع 4:589.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:85،المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 220،المجموع 4:555.
10- 10) كذا نسب إليه،و الموجود في المبسوط للسرخسيّ 2:29 و عمدة القارئ 6:230 و شرح فتح القدير 2: 37 خلاف ذلك.

من المنبر فيقوم معه الرّجل فيكلّمه في الحاجة ثمَّ ينتهي إلى مصلاّه فيصلّي (1).

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم و قد تقدّمت (2).

و إذا ثبت الجواز بعد الخطبتين فقبلهما أولى،و أيضا:حديث أبي هريرة دلّ (3)على تعليق النّهي بحال الخطبة.

احتجّ المخالف بأنّه بعد الخطبة يكره له الصّلاة فالكلام أولى (4).

و الجواب:أنّه غير دالّ على مطلوبه.

الثّاني:لا يكره له تسميت العاطس و لا ردّ السّلام

لقوله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (5).و لأنّه يجوز ذلك في الصّلاة ففي حال استماع الخطبة أولى.

و قال بعض الجمهور:لا يردّ السّلام و لا يسمّت العاطس؛لأنّ فرض الإنصات سابق (6).

و قال آخرون منهم:لا يردّ السّلام و يسمّت العاطس؛لأنّ المسلّم سلّم في غير موضعه بخلاف العاطس (7).

الثّالث:يكره الكلام للخطيب و ليس بمحرّم

ذكره الشّيخ في الخلاف (8)،و به قال الشّافعيّ في أحد قوليه،و قال في القديم:يحرم (9).و هو قول مالك،و الأوزاعيّ،

ص:430


1- 1سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1117،سنن أبي داود 1:292،الحديث 1120،سنن النسائيّ 3:110.
2- 2) يراجع:ص 428 رقم 2.
3- 3) ن:دليل.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:85.
5- 5) النّساء(4):86. [1]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:28،المغني 2:168،الشرح الكبير بهامش المغني 2:219،المجموع 4:524، عمدة القارئ 6:230،نيل الأوطار 3:337.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:115،المجموع 4:553.
8- 8) الخلاف 1:248 مسألة-42.
9- 9) المجموع 4:523،فتح العزيز بهامش المجموع 4:587-589،مغني المحتاج 1:287،عمدة القارئ 6:229.

و أبي حنيفة (1)،و أحمد (2).و حكى الشّافعيّ في القديم عن أبي حنيفة أنّه قال:إذا تكلّم حال الخطبة و صلّى أعادها (3)،و هكذا حكى عنه السّاجي (4).و قال محمّد:لا يعيد (5).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث و الأصل دالّ على جوازه.

و احتجّوا بحديث أبي هريرة (6).

و الجواب:ما تقدّم.

الرّابع:الإنصات مستحبّ للقريب و البعيد

عملا بالعموم،و للبعيد أن يذكر اللّه تعالى و يقرأ القرآن فيما بينه و بين نفسه،و يصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذلك؛لأنّه غير مستمع لبعده فلم يتعلّق به النّهي،و هل الإنصات أفضل أم الذّكر؟فيه نظر.

الخامس:لا ينهى المتكلّم بالكلام

لارتكابه ما نهي عنه،و لحديث أبي هريرة،بل ينبغي له الإشارة.و به قال زيد بن صوحان (7)،و عبد الرحمن بن أبي ليلى،و الثّوريّ، و الأوزاعيّ،و أحمد،و ابن المنذر.و كره طاوس الإشارة (8)،و ليس بجيّد؛لأنّه قد أومأ النّاس إلى السّائل متى السّاعة؟بالسّكوت بحضرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،و لأنّ الإشارة لا تكره في الصّلاة ففي الخطبة أولى.

ص:431


1- 1بدائع الصنائع 1:264،المغني 2:165،بداية المجتهد 1:161،عمدة القارئ 6:229.
2- 2) المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:215،بداية المجتهد 1:161،عمدة القارئ 6:229.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المؤتمن بن أحمد بن عليّ،أبو نصر،الرَبَعيّ الدير عاقوليّ المعروف بالساجي:عالم بالحديث،ثقة.كتب جامع الترمذيّ ستّ مرّات.مات ببغداد سنة 507 ه. تذكرة الحفّاظ 4:1246،العبر 2:391، [1]الأعلام للزركلي 7:318. [2]
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) المغني 2:166، [3]المجموع 4:525. [4]
7- 7) زيد بن صُوحان بن حجر العبديّ،من بني عبد القيس،من ربيعة:تابعيّ،من أصحاب عليّ عليه السّلام، و شهد وقائع الفتح فقطعت شماله يوم نهاوند.و لمّا كان يوم الجمل قاتل مع عليّ عليه السّلام،حتّى قتل. العبر 1:27، [5]الأعلام للزركلي 3:59. [6]
8- 8) المغني 2:168،الشرح الكبير بهامش المغني 2:219.
السّادس:و لا يكره من الكلام ما تضمّن مصلحة تفوت بفقده

كتحذير الضّرير من التردّي،و الواطئ حيوانا مؤذيا كالعقرب؛لأنّه يجوز في الصّلاة إفسادها به ففي الخطبة أولى.

السّابع:هل يكره الكلام في الجلسة بين الخطبتين؟الأقرب نعم

لأنّه سكوت يسير في أثناء الخطبتين فأشبه سكوت التنفّس.و به قال مالك،و الشّافعيّ،و الأوزاعيّ، و إسحاق (1)،إلاّ أنّهم قالوا بالتّحريم بناء على أصلهم في تحريم الكلام.

و قال الحسن البصريّ:لا يمنع من الكلام فيها؛لأنّ الإمام غير خاطب و لا متكلّم (2)فأشبه ما قبلها و ما بعدها (3).و هو ضعيف؛لأنّه و إن لم يكن خاطبا إلاّ أنّه في حكمه.

الثّامن:لو بلغ الخطيب إلى الدّعاء لم تزل كراهية الكلام

لأنّه لم يفرغ من الخطبة، إذ قد بيّنّا أنّها مشتملة عليه (4).و قال بعض الجمهور:يزول النّهي (5).

التّاسع:يكره له العبث و الإمام يخطب

لما فيه من الاشتغال بغير الطّاعة في وقتها، و لمنعه الفهم فلا يحصل الخشوع،و لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و من مسّ الحصى فقد لغا» (6).

العاشر:لا يكره له الشّرب و الإمام يخطب

لأنّه في محلّ الحاجة،و لأنّه لا يمنع السّماع.و به قال مجاهد،و طاوس (7)،و الشّافعيّ (8)،و كرهه مالك،

ص:432


1- 1المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
2- 2) م،ق و ح:يتكلّم.
3- 3) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
4- 4) يراجع:ص 399.
5- 5) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
6- 6) صحيح مسلم 2:588 الحديث 857،سنن الترمذيّ 2:371 الحديث 498. [1]
7- 7) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.
8- 8) الأُمّ 1:204،المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.

و أحمد (1)؛لأنّه فعل يشتغل به،و ليس بجيّد.و نقل ابن الصّبّاغ عن الأوزاعيّ أنّه يبطل الجمعة (2)،و ذلك خلاف الإجماع.

الحادي عشر:و لا يكره الصّدقة على السّؤال

خلافا لأحمد،فإنّه قال:حصبه أعجب إليّ؛لأنّ ابن عمر رأى سائلا يسأل و الإمام يخطب يوم الجمعة فحصبه (3).

لنا:العموم الدّالّ على فعل الصّدقة،و لأنّ كراهية السّؤال لا يوجب كراهية الإعطاء،على أنّا نمنع كراهية السّؤال؛لأنّه كلام في محلّ الحاجة و فعل ابن عمر ليس حجّة.

الثّاني عشر:و لا يكره فعل الحبوة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،و نقل عن عبادة (4)كراهية ذلك (5).

لنا:أنّه غير مانع من الاستماع و فيه غرض مطلوب فكان سائغا بالأصل السّالم، و بما رواه الجمهور عن يعلي بن شدّاد (6)،قال:شهدت مع معاوية بيت المقدس فجمّع بنا فنظرت فإذا جُلُّ مَن في المسجد أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيتهم مُحتبين و الإمام يخطب (7).

احتجّ عبادة بما رواه سهل بن معاذ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحبوة

ص:433


1- 1المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.
2- 2) المجموع 4:529.
3- 3) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
4- 4) عبادة بن نُسَيّ الكنديّ،أبو عمرو الشاميّ الاُردُنيّ،قاضي طبريّة.روى عن أوس بن أوس الثقفيّ، و شدّاد بن أوس،و الأسود بن ثعلبة.و روى عنه برد بن سنان،و المغيرة بن زياد الموصليّ،و عبد الرحمن بن زياد بن أنعم.مات سنة 118 ه. تهذيب التهذيب 5:113، [1]العبر 1:114. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:290 الحديث 1111،المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.
6- 6) يعلى بن شدّاد بن أوس بن ثابت الأنصاريّ الخزرجيّ.روى عن أبيه،و عبادة بن الصامت،و معاوية.و روى عنه ابنه عبد الرحمن،و سليمان بن عبد اللّه بن الزبرقان. تهذيب التهذيب 11:402، [3]ميزان الاعتدال 4:457.
7- 7) سنن أبي داود 1:290 الحديث 1111،المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.

يوم الجمعة (1).

و الجواب:أنّه ضعيف السّند،ذكره ابن المنذر (2).

الثّالث عشر:لو دخل و الإمام يخطب كره له الصّلاة تحيّة و غيرها بل يجلس

و به قال شريح،و ابن سيرين،و النّخعيّ،و قتادة،و الثّوريّ (3)،و مالك (4)،و اللّيث (5)، و أبو حنيفة (6).و قال الحسن البصريّ،و ابن عُيَينَة (7)،و مكحول،و الشّافعيّ،و إسحاق، و أبو ثور:يصلّي التحيّة (8).و قال الأوزاعيّ:إن كان قد صلّى تحيّة المسجد في داره لم يصلّ و إلاّ صلاّها (9).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا (10).قال المفسّرون:

أراد بالقرآن هنا الخطبة (11).

ص:434


1- 1سنن أبي داود 1:290 الحديث 1110،سنن الترمذيّ 2:390 الحديث 514. [1]
2- 2) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.
3- 3) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [2]نيل الأوطار 3:315.
4- 4) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4: 593، [4]نيل الأوطار 3:315.
5- 5) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [5]نيل الأوطار 3:315.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:29،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 4:593، [7]نيل الأوطار 3:315،شرح فتح القدير 2:37.
7- 7) سفيان بن عُيينَة بن أبي عمران ميمون الهلاليّ أبو محمّد الكوفيّ.روى عن عبد الملك بن عمير، و أبي إسحاق السبيعيّ،و زياد بن علاقة،و جمع كثير.و روى عنه الأعمش،و ابن جريج،و شعبة،و الثوريّ. مات سنة 198 ه. تهذيب التهذيب 4:117، [8]العبر 1:254. [9]
8- 8) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [10]نيل الأوطار 3:315.
9- 9) نيل الأوطار 3:318.
10- 10) الأعراف(7):204. [11]
11- 11) أحكام القرآن للجصّاص 4:215، [12]أحكام القرآن لابن العربيّ 2:828، [13]تفسير القرطبيّ 7:353، [14]الدّرّ المنثور 3: 157. [15]

و ما رواه الجمهور في قوله عليه السّلام للّذي يتخطّى رقاب النّاس:«اجلس فقد آذيت و آنيت» (1).

و ما رواه ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا خطب الإمام فلا صلاة و لا كلام» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟ إلى قوله:«فيصعد المنبر فيخطب و لا يصلّي النّاس ما دام الإمام على المنبر» (3).و لأنّ ذلك مانع من السّماع المطلوب فكره.

احتجّ المخالف (4)بما رواه جابر قال:جاء رجل و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب النّاس فقال:«صلّيت يا فلان؟»قال:لا،قال:«قم فاركع» (5).

و الجواب:أنّه معارض بما ذكرناه من الحديث.و بما رواه ثعلبة بن أبي مالك (6)أنّهم كانوا في زمن عمر يوم الجمعة يصلّون حتّى يخرج عمر فإذا خرج و جلس على المنبر و أخذ المؤذّنون جلسوا يتحدّثون حتّى إذا سكت المؤذّن و قام عمر سكتوا فلم يتكلّم أحد (7).

و ذلك يدلّ على اشتهار هذا الأمر بينهم.

ص:435


1- 1سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115،سنن أبي داود 1:292 الحديث 1118،سنن النسائيّ 3:103. بتفاوت في الأخيرين.
2- 2) مجمع الزوائد 2:184،سبل السلام 2:51.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب كيفيّة صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
4- 4) المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:15،صحيح مسلم 2:596 الحديث 875،سنن أبي داود 1:291 الحديث 1115، سنن الترمذيّ 2:384 الحديث 510، [2]سنن النسائيّ 3:103.
6- 6) ثعلبة بن أبي مالك القرظيّ يكنّى أبا يحيى.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عمر،و عثمان، و جابر،و حارثة بن النعمان.و روى عنه ابناه أبو مالك و منظور،و الزهريّ،و المسور بن رفاعة.أُسد الغابة 1: 245، [3]تهذيب التهذيب 2:25. [4]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:148،المغني 2:165،الكافي لابن قدامة 1:300-301،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 215،عمدة القارئ 6:234.في بعضها بتفاوت يسير.
مسألة:و يدرك الجمعة بإدراك الإمام راكعا في الثّانية

و به قال في الصّحابة:

ابن مسعود،و ابن عمر،و أنس بن مالك (1).و في التّابعين:سعيد بن المسيّب،و الزّهريّ (2).

و في الفقهاء:مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و الأوزاعيّ،و الثّوريّ (5)،و أحمد (6)،و أبو ثور، و أصحاب الرّأي (7).و قال عطاء،و طاوس،و مجاهد،و مكحول:من لم يدرك الخطبة صلّى أربعا (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصّلاة» (9).

و عن أبي هريرة عنه صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة» (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟فقال:«يصلّي ركعتين،فإن فاتته الصّلاة فلم يدركها فليصلّ أربعا»و قال:«إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت

ص:436


1- 1المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558.
2- 2) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558. [1]
3- 3) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558، [2]الموطّأ 1:105. [3]
4- 4) الاُمّ 1:198،المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:556، [4]مغني المحتاج 1:296.
5- 5) المغني 2:158،المجموع 4:558.
6- 6) المغني 2:158،المجموع 4:558،منار السبيل 1:148.
7- 7) المغني 2:158،المجموع 4:558.
8- 8) المغني 2:158،المجموع 4:558. [5]
9- 9) سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1121،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3:203،كنز العمّال 7: 724 الحديث 21109.بتفاوت في الجميع.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 الحديث 607،سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1122،سنن أبي داود 1:292 الحديث 1121،سنن الترمذيّ 2:402،الحديث 524، [6]الموطّأ 1:105. [7]

الصلاة،فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظّهر أربع» (1).

و عن أبي بصير و أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة و إن فاتته فليصلّ أربعا» (2).

و عن عبد الرّحمن العرزميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدركت الإمام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أُخرى و أجهر فيها،فإن أدركته و هو يتشهّد فصلّ أربعا» (3).و لأنّ في إدراك الجمعة بما ذكرناه نوع تخفيف.

احتجّ المخالف بأنّ الخطبة شرط،فلا تكون جمعة في حقّ من لم يوجد في حقّه شرطها (4).

و الجواب:وجود الخطبة شرط في صحّة الجمعة لا إدراكها،فإنّه نفس المتنازع.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تكون الجمعة إلاّ لمن أدرك الخطبتين» (5).

لأنّا نقول:إنّه أراد بذلك نفي الكمال جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لو أدرك معه أقلّ من ذلك بأن وجده قد رفع رأسه من الرّكعة الثّانية،فاتته الصلاة و وجبت الظهر

ص:437


1- 1التّهذيب 3:160 الحديث 343،الاستبصار 1:421 الحديث 255،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:243 الحديث 657،الاستبصار 1:422 الحديث 1623،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 3:160 الحديث 344،الاستبصار 1:422 الحديث 1625،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]
4- 4) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.
5- 5) التّهذيب 3:160 الحديث 345،الاستبصار 1:422 الحديث 1624،الوسائل 5:42 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (1).و قال النّخعيّ،و داود،و الحكم،و حمّاد،و أبو حنيفة،و أبو يوسف:يكون مدركا للجمعة بأيّ قدر أدركه من الصّلاة مع الإمام و لو كان يسيرا (2)،حتّى أنّ أبا حنيفة قال:لو أدركه في سجود السّهو بعد التّسليم كان مدركا لها (3).

لنا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصّلاة» (4).و ذلك يدلّ من حيث المفهوم على أنّ من أدرك الأقلّ فليس بمدرك؛لأنّه في مقام التّرغيب في الجماعة،فلو كانت تدرك بالأقلّ لكان ذكره أولى،و هذا المفهوم من قبيل أظهر المفهومات، و لأنّه قول جماعة كثيرة من الصّحابة و لم ينكر عليهم،فكان إجماعا،و لرواية الحلبيّ، و الفضل بن عبد الملك،و عبد الرّحمن و قد تقدّمت.

و ما رواه الجمهور أيضا،عن أبي سلمة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«من أدرك يوم الجمعة ركعة فليضف إليها أُخرى و من أدرك دونها صلاّها أربعا» (5).

احتجّ المخالف بالقياس على المسافر يدرك المقيم،و بأنّه أدرك جزءا من الصّلاة فكان مدركا لها كالظّهر (6).

و الجواب:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصلين،و لو سلّم فالفرق ثابت،أمّا في المسافر،فلأنّ إدراكه إدراك إلزام و هذا إدراك إسقاط للعدد فافترقا،و لذلك يتمّ المسافر خلف المقيم و لا يقصّر المقيم خلف المسافر.و أمّا الثّاني،فلأنّ الظّهر ليس من شرطها

ص:438


1- 1ينظر:المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:35،المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558،فتح العزيز بهامش المجموع 4:552،حلية العلماء 2:275.
3- 3) المجموع 4:558، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:552. [2]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:356 باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3: 203،كنز العمّال 7:724 الحديث 21109.
5- 5) كنز العمّال 7:727 الحديث 21129،المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.
6- 6) المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.

الجماعة بخلاف المتنازع.

الثّاني:لو أدرك معه ركعة ثمَّ نهض بعد فراغ الإمام ليأتي بالثّانية،فذكر

أنّه لم يسجد مع إمامه إلاّ سجدة واحدة قعد فسجد،ثمَّ قام

سواء اشتغل بالقراءة أو لم يشتغل على ما يأتي.و لو أتمّ الثّانية فذكر ترك سجدة و شكّ من أيّ الرّكعتين هي،أعاد سجدة و سجد سجدتي السّهو و يكون مدركا للجمعة،خلافا للشّافعيّ (1)،بناء على أنّ ترك سجدة لا يؤثّر في البطلان و لا فساد الرّكعة.

الثّالث:لو شكّ بعد تكبيره و ركوعه هل كان الإمام راكعا أو رافعا بطلت جمعته

إجماعا؛لأنّ الأصل أنّه ما أتى بها معه.

الرّابع:لو أدرك مع الإمام ما لا يتمّ له به جمعة فاتته الجمعة

إجماعا،و هل يتمّها ظهرا أم يستأنف؟الّذي نذهب إليه أنّه يستأنف الظّهر (2)نيّة و تكبيرا،و لا يدخل ممّا تقدّم منهما إلاّ إذا أدركه و هو في التشهّد فإنّه يكتفي بالأُولى؛و ضابطه أنّه إذا فاته الرّكوع الثّاني لم يلحق الجمعة، فإذا دخل معه يكون مدركا لفضيلة الجماعة،فإن سجد معه السّجدتين فإذا سلّم الإمام سلّم و أتى بنيّة أُخرى و تكبيرة إحرام أُخرى،لأنّه لو دخل بالأوّل يكون قد زاد ركنا،أمّا إذا أدركه بعد السّجدتين حتّى يدخل لم يكن قد زاد الرّكن.و الجمهور لم يفرّقوا بل اختلفوا،فقال أحمد:إذا دخل بنيّة الجمعة لم يبن عليها الظّهر؛لأنّ الظهر لا تتأدّى بنيّة الجمعة ابتداء فكذا دواما كالظّهر مع العصر (3).

ص:439


1- 1الاُمّ 1:206،المجموع 4:556.
2- 2) ن،غ و ق:للظهر.
3- 3) المغني 2:162،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178.

و قال قتادة،و أيّوب (1)،و يونس (2)، (3)و الشّافعيّ:ينوي الجمعة لئلاّ يخالف نيّة الإمام نيّة المأموم،ثمَّ يبني عليها ظهرا (4).و على ما قلناه نحن هل ينوي الجمعة أم الظّهر؟ الأصحّ الثّاني؛لأنّ الأُولى فاتت و هو يعلم عدم لحوقه فكانت نيّته عبثا.

الخامس:لو صلّى الإمام قبل الزّوال لم يصحّ الجمعة عندنا

و عند القائلين (5)بالجواز لو أدرك المأموم معه دون الرّكعة لم يكن له الدّخول معه؛لأنّها في حقّه ظهر فلا يجوز قبل الزّوال،فإذا دخل كانت نفلا و لم يجزئه عن الظّهر.

مسألة:و لو أحرم مع الإمام و ركع معه ثمَّ زوحم في السّجود

فلم يتمكّن من متابعته،لم يسجد على ظهر غيره

إجماعا منّا.و به قال عطاء،و الزهريّ،و مالك (6).و قال الثوريّ (7)،و أبو حنيفة (8)،

ص:440


1- 1أيّوب بن أبي تميمة كيسان السختيانيّ أبو بكر البصريّ فقيه أهل البصرة و أحد الأعلام.قال شعبة: كان سيّد الفقهاء. تابعيّ،رأى أنس بن مالك،و روى عن عمرو بن سلمة الجرميّ،و حميد بن هلال،و أبي قلابة و جمع كثير، و روى عنه الأعمش من أقرانه،و قتادة و هو من شيوخه،و الحمّادان،و السفيانان و خلق كثير.قيل:ولد سنة 66 ه.و قيل:سنة 68 ه.و قال البخاريّ:مات سنة 131 ه. تهذيب التهذيب 1:397، [1]العبر 1:132، [2]شذرات الذهب 1:181، [3]الأعلام للزركلي 2:38. [4]
2- 2) يونس بن عبيد بن دينار العبديّ مولاهم أبو عبيد البصريّ.رأى أنسا،و روى عن إبراهيم التيميّ، و ثابت البنانيّ،و الحسن البصريّ،و محمّد بن سيرين.و روى عنه ابنه عبد اللّه،و شعبة،و الثوريّ و خلق كثير.مات سنة 139 ه.و قيل:140 ه. تهذيب التهذيب 11:442، [5]العبر 1:145، [6]الأعلام للزركلي 8:262. [7]
3- 3) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178.
4- 4) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178،مغني المحتاج 1:296.
5- 5) م و ن:القائل.
6- 6) حلية العلماء 2:289،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
7- 7) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
8- 8) حلية العلماء 2:288،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،فتح العزيز بهامش المجموع 4:563.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و أبو ثور،و ابن المنذر:يلزمه السّجود على ظهر غيره أو قدمه و يجزئه (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و مكّن جبهتك من الأرض» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في حديث طويل و سجد على ثمانية أعظم:الكفّين،و الرّكبتين،و أنامل إبهامي الرّجلين،و الجبهة،و الأنف.و قال:«سبع منها فرض يسجد (5)عليها و هي الّتي ذكرها اللّه عزّ و جلّ في كتابه،و قال وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً (6).

و هي الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و الإبهامان،و وضع الأنف على الأرض سنّة» (7).

و عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام:«و يجزئك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض» (8).و لأنّ المأمور به هو السّجود و ليس هو إلاّ وضع الجبهة على الأرض.قال صاحب الصّحاح:و منه سجود الصّلاة و هو وضع الجبهة على

ص:441


1- 1الأُمّ 1:206،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المهذّب للشيرازيّ 1:115، المجموع 4:575،مغني المحتاج 1:298-299.
2- 2) حلية العلماء 2:288،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178،الكافي لابن قدامة 1:286، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،فتح العزيز بهامش المجموع 4:563،المجموع 4:575.
3- 3) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
4- 4) الفردوس 1:281 الحديث 1103،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.و بهذا المضمون ينظر:مسند أحمد 1:287.
5- 5) غ،م،ن و ق:سجد.
6- 6) الجنّ(72):18. [1]
7- 7) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث 2.و [2]فيه: «سبعة منها».
8- 8) التّهذيب 2:76 الحديث 284،الاستبصار 1:323 الحديث 1206،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [3]

الأرض (1).

احتجّ المخالف (2)بما روي،عن عمر أنّه قال:إذا اشتدّ الزحام فليسجد على ظهر أخيه (3).و لأنّه أشبه العاجز بالمرض فكان مجزئا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا احتجاج بقول عمر في معارضة قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته،فإنّه لو لم يرد (4)عنه و عن أهل بيته (5)عليهم السّلام ما يخالفه لم يكن حجّة فكيف مع الورود.

و عن الثّاني:بالفرق،إذ العجز هناك لا يتوقّع زواله بسرعة،فجاز له رفع ما يسجد عليه،بخلاف ما نحن فيه،إذ يمكنه الصّبر إلى أن يتمكّن من السّجود.

فروع:
الأوّل:لو أحرم معه بالتّكبير و لم يتمكّن من متابعته في الرّكوع و لا السّجود في الرّكعتين معا فلا جمعة له

لأنّه لم يدرك ركعة منها.و به قال قتادة،و أيّوب السّختيانيّ (6)،و يونس بن عبيد،و الشّافعيّ،و أبو ثور (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه (8).و قال الحسن،و الأوزاعيّ،و أصحاب الرّأي:إنّه يكون مدركا للجمعة يصلّي ركعتين،لأنّه أحرم بالصّلاة مع الإمام في أوّل ركعة فأشبه ما لو ركع و سجد معه (9).و ليس

ص:442


1- 1الصحاح 2:483. [1]
2- 2) المغني 2:160،المجموع 4:575.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:183،المغني 2:160.
4- 4) ح و ق:يرو.
5- 5) ح:البيت.
6- 6) في النسخ:السجستانيّ و الصواب ما أثبتناه.
7- 7) المغني 2:160،المجموع 4:575.
8- 8) المغني 2:159،المجموع 4:575.
9- 9) المغني 2:159،المجموع 4:575.

شيئا.

الثّاني:لو زوحم بعد ركوعه في الاولى في السّجود انتظر زوال الزّحام و سجد،ثمَّ لحق بإمامه

و لا نعرف فيه مخالفا،و لو لم يتخلّص المأموم إلاّ بعد ركوع الإمام،فإن أمكنه السّجود و اللّحاق به في ركوعه وجب و لا يجب عليه القراءة،و إن خاف فوت الرّكوع صبر حتّى يسجد الإمام و يتابعه و لا يركع معه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1)، و الشّافعيّ في أحد القولين (2).و قال مالك،و أحمد:إن خاف أنّه إن تشاغل بالسّجود ركع الإمام،لزمه متابعته في الرّكوع و تصير الثّانية أولاه (3)،و هو القول الآخر للشّافعيّ (4).

لنا:أنّه قد ركع مع الإمام فيجب عليه السّجود بعده،و قول مالك يستلزم زيادة ركن في الصّلاة.

و ما رواه الشيخ،عن حفص بن غياث قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في رجل أدرك الجمعة و قد ازدحم النّاس و كبّر مع الإمام و ركع و لم يقدر على السّجود، و قام الإمام و النّاس في الرّكعة الثّانية،و قام هذا معهم فركع الإمام و لم يقدر هو (5)على الرّكوع في الرّكعة الثّانية من الزّحام و قدر على السّجود كيف يصنع؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا الرّكعة الأولى فهي إلى عند الرّكوع تامّة،فلمّا لم يسجد لها حتّى دخل في الرّكعة الثّانية لم يكن له ذلك،فلمّا سجد في الثّانية فإن كان نوى أنّ هذه السّجدة هي (6)للرّكعة الأولى فقد تمّت له الأولى،فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعة ثمَّ (7)يسجد فيها ثمَّ يتشهّد

ص:443


1- 1المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
2- 2) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
3- 3) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
4- 4) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
5- 5) ح:هذا،كما في الوسائل. [1]
6- 6) ح:هاتين السجدتين.مكان:هذه السجدة هي.
7- 7) ليست في غ،م،ن و ق.

و يسلّم،و إن كان لم ينو أن تكون تلك السّجدة (1)للرّكعة الأُولى لم تجزئ عنه الاُولى و لا الثّانية،و عليه أن يسجد سجدتين و ينوي أنّهما للرّكعة الاُولى،و عليه بعد ذلك ركعة تامّة يسجد فيها» (2).

احتجّوا (3)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا ركع فاركعوا» (4).

و الجواب:أنّ الائتمام مفهومه الإتيان بمثل فعل الغير،و الإمام ركع الثّانية بعد تمام الاُولى،و لا يمكن تحقّق ذلك للمأموم إجماعا.

و أيضا فإنّه في تتمّة الحديث قال:«و إذا سجد فاسجدوا».فإن قلت:قد سقط الأمر بالسّجود للعذر و بقي الأمر بالمتابعة في الرّكوع متوجّها لإمكانه.قلت:لا نسلّم الإمكان؛إذ المطلوب فعل الرّكوع بعد السّجود.

و أيضا (5)ينتقض بما إذا كان الإمام قائما،فإنّه يجوز له السّجود إجماعا و الائتمام حينئذ.

الثّالث فإذا سجد الإمام سجد هو أيضا

الثّالث:قال الشّيخ في الخلاف (6)و المبسوط (7)بمضمون رواية حفص،و بمثله قال السيّد المرتضى في المصباح (8).و قال الشّيخ في النّهاية:فإذا سجد الإمام سجد هو أيضا،

ص:444


1- 1ح:السجدتين.مكان:أن تكون تلك السجدة.
2- 2) التّهذيب 3:21 الحديث 78،الوسائل 5:33 الباب 17 من أبواب حكم المأموم الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 2:161،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:179.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:187،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846، سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن النسائيّ 2:97،سنن الدارميّ 1:300. [3]
5- 5) م بزيادة:فإنّه.
6- 6) الخلاف 1:237 مسألة-9.
7- 7) المبسوط 1:145.
8- 8) نقله عنه في السرائر:65.

و جعل سجدتيه للرّكعة الاُولى،و يضيف إليهما ركعة بعد التّسليم،و إن لم ينو بهاتين السّجدتين أنّهما للرّكعة الأُولى،كان عليه إعادة الصّلاة (1).و جعله في المبسوط رواية (2).

و به قال ابن البرّاج (3)،و ابن إدريس (4).

و الّذي أذهب إليه هو اختياره في النّهاية؛لأنّه زاد ركنا في الصّلاة،فكان مبطلا.و ما ذكره في الخلاف فهو تعويل على رواية حفص و هو ضعيف.و هل يشترط نيّة أنّهما للأُولى، ظاهر كلامه يعطي ذلك.

و قال ابن إدريس:لا يفتقر في ذلك إلى نيّة،قال:لأنّ نيّة الصّلاة كافية في نيّة أبعاضها،و لا يفتقر كلّ فعل إلى نيّة (5).

و ما ذكره ليس بجيّد؛لأنّه تابع لغيره،فلا بدّ من نيّة تخرجه عن المتابعة في كونهما للثّانية.و ما ذكره من عدم افتقار الأبعاض إلى نيّة إنّما هو إذا لم يقم الموجب،أمّا مع قيامه فلا.

الرّابع:يستحبّ للإمام أن يطيل القراءة إذا عرف أنّه قد زحم بعض المأمومين

ليلحقوا به

كما يستحبّ له ذلك إذا عرف دخول المأموم إلى المسجد،فإذا سجد المأموم قام، فإن (6)وجد الإمام لم يركع صبر حتّى يفرغ من القراءة،ثمَّ ركع (7)معه متابعا،و إن كان قد ركع،فإن لحقه في الرّكوع اشتغل بالرّكوع معه قولا واحدا لنا،و لا يشتغل بقراءة ما فاته؛ لأنّ المأموم لا قراءة عليه عندنا.و هو أصحّ وجهي الشّافعيّة.و في الوجه الآخر:لهم قضاء

ص:445


1- 1النهاية:107. [1]
2- 2) المبسوط 1:145. [2]
3- 3) المهذّب 1:104.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) السرائر:65.
6- 6) غ:فإذا.
7- 7) م و ن:يركع.

القراءة الفائتة؛لأنّهم أدركوا محلّها مع الإمام فيلزمهم فعلها بخلاف المسبوق (1).و ليس بجيّد؛لأنّهم لم يدركوها،إذ الواجب عليهم قضاء السّجود و لم يتابعوه في محلّها فهم كالمسبوقين (2).

الخامس:إذا أدرك مع الإمام الرّكوع في الاُولى،و زوحم في السّجود

حتّى ركع (3)الإمام في الثّانية و سجد معه و نوى بهما للأُولى صحّت له ركعة واحدة و صحّت جمعته بها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4).

و قال بعض الحنابلة:إن لم يقم إلى الرّكعة الثّانية و لكن سجد السّجدتين من غير قيام تمّت له ركعة،أمّا إذا قام إلى الرّكعة الثّانية ليركع مع الإمام فيها ففاته،ثمَّ سجد السّجدتين للأُولى فلا جمعة له (5).

و قال بعض أصحاب الشّافعيّ:لا جمعة له مطلقا؛لأنّ إدراك الجمعة إنّما يكون بركعة كاملة و هذه ملفّقة (6).

لنا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة» (7).و ما ذكروه من التلفيق فليس بصحيح،لأنّ المسبوق إنّما يصلّي بالأُولى (8)مع الإمام و الإمام يصلّي الثّانية،كذلك السّجود قد اتّبعه فيه،و اختلافهما في الاحتساب لا يضرّ.

السّادس:لو زوحم في ركوع الاُولى و سجودها معا حتّى قام الإمام إلى الثّانية

ص:446


1- 1المجموع 4:570،فتح العزيز بهامش المجموع 4:564.
2- 2) ح و ق:كالمسبوق.
3- 3) ح:يركع.
4- 4) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:180.
5- 5) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:180.
6- 6) المجموع 4:566،571.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:356 باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3: 203،كنز العمّال 7:724 الحديث 21109.بتفاوت في الجميع.
8- 8) ن و غ:الأوّلة.ح و ق:بالأوّلة.

فهل له أن يركع و يسجد،ثمَّ يقوم إلى الثّانية أم لا؟فيه نظر،ينشأ من أنّه لم يدرك الرّكعة مع الإمام،و أنّه يجوز للمزحوم قضاء ما عليه و اللّحاق.

و قد روى الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون في المسجد إمّا في يوم الجمعة،و إمّا في غير ذلك من الأيّام،فيزحمه النّاس إمّا إلى حائط،و إمّا إلى أسطوانة،فلا يقدر على أن يركع و لا يسجد حتّى يرفع الناس رؤوسهم،فهل يجوز له أن يركع و يسجد وحده،ثمَّ يستوي (1)مع النّاس في الصفّ؟فقال:

«نعم،لا بأس بذلك» (2).

و في الطّريق محمّد بن سليمان،فإن كان هو ابن أعين (3)أو الأصفهانيّ (4)فهو ثقة،و إن كان ابن عبد اللّه الدّيلميّ (5)فهو ضعيف جدّا.و قد روى ابن بابويه هذا الحديث في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).و على هذا يمكن

ص:447


1- 1غ،م،ن و ق:استوى.
2- 2) التّهذيب 3:248 الحديث 680،الوسائل 5:33 الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 3. [1]
3- 3) محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بُكَير بن أعيَن أبو طاهر الزراريّ،وثّقه النجاشيّ بقوله:حسن الطريقة،ثقة،عين.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه.مات سنة 301 ه. رجال النجاشيّ:347،رجال العلاّمة:156. [2]
4- 4) محمّد بن سليمان الأصفهانيّ،كذا عنونه النجاشيّ و قال:ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه.و عنونه الشيخ في رجاله بقوله:محمّد بن سليمان بن عبد اللّه الأصفهانيّ الكوفيّ،و عدّه من أصحاب الصادق عليه السّلام.و قال المحقّق المامقانيّ:اتّحادهما ممّا لا ينبغي التوقّف فيه. رجال النجاشيّ:367،رجال الطّوسيّ:288،رجال العلاّمة:159، [3]تنقيح المقال 3:121،123. [4]
5- 5) محمّد بن سليمان بن عبد اللّه الديلميّ ضعيف جدّا لا يعوّل عليه في شيء،قاله النجاشيّ.و ذكره الشيخ في رجاله في باب أصحاب الصادق عليه السّلام و أهمل عن توثيقه و تضعيفه،و قال في باب أصحاب الرضا عليه السّلام: محمّد بن سليمان الديلميّ بصريّ ضعيف من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السّلام.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة بعنوان سليمان بن عبد اللّه الديلميّ و قال:ضعيف جدّا. رجال النجاشيّ:365،رجال الطوسيّ:290 و 386،رجال العلاّمة:255. [5]
6- 6) الفقيه 1:270 الحديث 1234.و فيه:عن أبي الحسن عليه السّلام.

القول بالقضاء و المتابعة و إن لم يكن فيه دلالة خاصّة على ذلك،و على هذه الرّواية لو قضى السّجود و لحق بالإمام فوجده رافعا من الرّكوع جاز له أن يركع و يلحق به.

السّابع:إذا اشتغل بقضاء السّجود،فلمّا فرغ وجد الإمام قد رفع رأسه من الركوع الثاني فقد أدرك الجمعة

لأنّه لحق بالإمام في أكثر الرّكعة الاُولى من القراءة و الرّكوع و التّكبير،و باقي الرّكعة فعلها في حكم إمامته،و هل يتابع الإمام في السّجدتين الأخيرتين و قعود التشهّد قبل أن يشتغل بالثّانية؟فالّذي يقتضيه المذهب أنّه يصبر لا يسجد و لا يشتغل بالثّانية حتّى يفرغ الإمام،ثمَّ يقوم فيأتي بالرّكعة الثّانية؛لأنّه لو تابعه لزاد في الصّلاة ركنا.

الثّامن:لو لم يتمكّن من السّجود و اللّحاق به،و صبر ليسجد معه في الثّانية للإمام

فلم يتمكّن أيضا حتّى قعد الإمام للتشهّد فهل يسجد أم لا؟و معه هل يلحق الجمعة أم لا؟الأقرب أنّه لا جمعة له و يستقبل الظّهر؛لأنّه لم يدرك ركعة مع الإمام،و فارق هذا الفرض الأوّل؛إذ هو في الأوّل مأمور بالقضاء و اللّحاق به،فأمكن أن يقال:أنّه يدرك (1)الجمعة بخلاف هذا،أمّا لو لم يتمكّن من السّجود إلاّ بعد تسليم الإمام فالوجه هاهنا فوات الجمعة قولا واحدا؛لأنّ ما يفعله بعد السّلام لم يكن في حكم صلاة الإمام.

التّاسع:لو صلّى الرّكعة الأُولى معه بسجدتيها،ثمَّ زوحم في سجود الثّانية،فزال

الزّحام

سجد و تبعه (2)في التشهّد،و صحّت له الجمعة إجماعا إلاّ في وجه ضعيف للشّافعيّة (3)؛لأنّه أدرك جميع الصّلاة بعضها فعلا و بعضها حكما،و لو لم يزل حتّى سلّم فقد أدرك الجمعة أيضا.

العاشر:لو دخل المسجد و الإمام راكع في الثّانية،فدخل معه،ثمَّ زوحم في السّجود

ص:448


1- 1غ:أدرك.
2- 2) غ:تابعه.
3- 3) المجموع 4:572-573.

ثمَّ زال الزّحام فسجد و تبع (1)الإمام في التّشهّد،فالأقرب أنّه لا جمعة له؛إذ لم يدرك الرّكعة، أمّا لو لم يدرك السّجود إلاّ بعد التّسليم،فالوجه الفوات لا غير.

الحادي عشر:لو لم يركع مع الإمام في الأُولى للزّحام

لا يسجد معه،بل يصبر إلى أن يركع الإمام في الثّانية فيركع (2)معه،و يكون أُولاه،ثمَّ يتمّم (3)،و يكون مدركا للجمعة- خلافا لبعض الشّافعيّة (4)-لأنّه لو أدرك الرّكوع في الثّانية كان مدركا للجمعة،فما زاد من الرّكعة الاُولى لا يكون مانعا من الإدراك.

قالوا:ملفّقة.

أجبنا:بالمنع فيهما.

الثّاني عشر:ليس الوقوف في الصّفّ شرطا في الجمعة و لا الجماعة

لا في الابتداء، و لا في الاستدامة.فلو صلّى مع الإمام ركعة،ثمَّ زوحم في الثّانية و أخرج من الصّفّ أتمّها مع الإمام و إن كان فذّا (5).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:مثل ما قلناه؛لأنّه قد يعفى في البناء عن تكميل الشّروط،كما لو خرج الوقت و قد صلّوا (6)ركعة.

و الأُخرى:أنّه لا يصحّ إلاّ إذا نوى الانفراد؛لأنّه فذّ في ركعة كاملة فأشبه ما لو فعل ذلك عمدا (7).

مسألة:و لو أحدث الإمام جاز له الاستخلاف

سواء فرغ من الخطبة و لم يشرع

ص:449


1- 1ح و ق:فيسجد و يتّبع.
2- 2) ق،م و ن:فركع.
3- 3) ح:يتمّ.
4- 4) ينظر:المجموع 4:572.
5- 5) الفذّ:الواحد.المصباح المنير:465.
6- 6) م،ح و ق:صلّى.
7- 7) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،الكافي لابن قدامة 1:288،الإنصاف 2:384.

في الصّلاة،أو شرع فيها.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)، و الثّوريّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق،و أبو ثور (5)،و الشّافعيّ في الجديد (6).و قال في القديم:

لا يجوز له الاستخلاف (7).

لنا:ما رواه الجمهور أنّه لمّا صلّى بالنّاس أبو بكر في حال مرض النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتهادى بين العبّاس و عليّ فدخل المسجد و أبو بكر يصلّي بالنّاس فتقدّم فصلّى بهم و تأخّر أبو بكر (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:رجل دخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة،و أحدث إمامهم فأخذ بيد ذلك الرّجل فقدّمه فصلّى بهم،أ تجزئهم صلاتهم بصلاته و هو لا ينويها صلاة؟فقال:

«لا ينبغي للرّجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها و إن كان قد صلّى فإنّ له صلاة أُخرى،و إلاّ فلا يدخل معهم و قد تجزئ عن القوم

ص:450


1- 1المدوّنة الكبرى 1:154-155.بلغة السالك 1:166-167،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1: 166،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،حلية العلماء 2:294.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:122،الهداية للمرغينانيّ 1:59،تحفة الفقهاء 1:222-223،بدائع الصنائع 1:224،فتح العزيز بهامش المجموع 4:555،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85.
3- 3) المغني 1:779،المجموع 4:245.
4- 4) المغني 1:779،الكافي لابن قدامة 1:221،الإنصاف 2:32، [1]المجموع 4:245،فتح العزيز بهامش المجموع 4:555،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85.
5- 5) لم نعثر على قوليهما بعد التتبّع.
6- 6) الاُمّ 1:207،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:578،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،مغني المحتاج 1:297،السراج الوهّاج:90.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:578،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،مغني المحتاج 1:297،السراج الوهّاج:90.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:175-176،صحيح مسلم 1:311 الحديث 418.

صلاتهم و إن لم ينوها» (1).

احتجّ المخالف (2)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه،فلمّا أحرم بالصّلاة ذكر أنّه جنب،فقال لأصحابه:«كما أنتم»و مضى و رجع و رأسه يقطر ماء (3)،و لم يستخلف النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فدلّ على عدم الجواز.

و الجواب:أنّ هذا عندنا باطل و الخبر كذب؛إذ الأنبياء معصومون عن وقوع الذّنب عمدا و سهوا.و أيضا:فإنّه لا يدلّ على المنع من الاستخلاف.

فإنّا نقول:إنّه إذا أمكنه العود بسرعة جاز له أن لا يستخلف.

فروع:
الأوّل:لا فرق عندنا بين الحدث بعد الخطبتين قبل الشّروع في الصّلاة و بعده في جواز الاستخلاف

عملا بالعموم في جواز الاستخلاف.

و قال الشّافعيّ:إذا أحدث بعد الخطبتين قبل الصّلاة يخطب بهم غيره و يصلّي،و إن لم يسع (4)الوقت صلّى الظّهر أربعا (5).و ليس بشيء؛لأنّ الخطبتين قائمتان مقام الرّكعتين، فكما جاز الاستخلاف في الصّلاة جاز فيما يعدّ (6)البدل.

الثّاني:لا فرق في جواز الاستخلاف بين أن يستخلف من سمع الخطبة و من لم

يسمعها

إلاّ أنّ الأفضل استخلاف من سمع؛لأنّ المسبوق عندنا يجوز استخلافه،فمع الخطبة

ص:451


1- 1التّهذيب 3:41 الحديث 143،الوسائل 5:437 الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:555.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:77،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1220،سنن أبي داود 1:60 و 61 الحديث 233 و 235،سنن البيهقيّ 2:398،399.في بعضها بتفاوت يسير.
4- 4) غ،م و ن:يتسع.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 4:561-562.
6- 6) في النسخ:بَعد و لعلّه تصحيف.

أولى،و كذا يجوز استخلاف من لم يحرم مع الإمام لذلك (1).

و قال الشّافعيّ:لا يستخلف المسبوق،سواء حضر الخطبة أو لا؛لأنّه يكون مبتدئا للجمعة،و لا يجوز له أن يبدأ بجمعة بعد جمعة (2).و ليس بشيء؛لأنّه بالنّسبة إليه ابتداء، و بالنّسبة إلى المأمومين ليس بابتداء،و ينتقض بالمأموم إذا سبق،فإنّه يكون مبتدئا و غير مبتدء.

الثّالث:لو أحدث في الثّانية جاز أن يستخلف من دخل معه قبل ركوعها

أو في ركوعها

و به قال الشّافعيّ أيضا (3)،و فرّق بين أن يكون الحدث في الأُولى أو الثّانية.

فإذا ثبت جواز الاستخلاف أتمّها المأمومون جمعة قولا واحدا عندنا و عنده،و هل يتمّ المستخلف جمعة أم ظهرا؟الوجه عندنا أنّه يتمّها جمعة،خلافا للشّافعيّ في أحد قوليه (4).

و لو أحدث في الرّكعة الاُولى و استخلف من قد أحرم معه،ثمَّ أحدث المستخلف بعد أن صلّى الرّكعة الاُولى،و استخلف من أدرك معه الرّكعة الثّانية،تمَّ (5)المأمومون جمعة،و كذا الإمام الثّاني عندنا،خلافا للشّافعيّ (6).قال أبو إسحاق من أصحابه:و فرق بين هذه المسألة و بين المأموم إذا أدرك ركعة أنّه يتمّها جمعة؛لأنّ المأموم يتبع إمامه فيجوز له أن يتمّ على وجه التّبع لإمامه،بخلاف الإمام،فإنّه لا يجوز أن يكون تبعا للمأمومين فيبني على صلاتهم،و لا يجوز أن يبني على صلاة الإمام الأوّل؛لأنّ الجمعة لم تتمّ له (7).

الرّابع:لو مات الإمام أو أُغمي عليه جاز للمأمومين الاستخلاف

و كذا لو لم

ص:452


1- 1م و ن:كذلك.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:557-558.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:581.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:581.
5- 5) ن:أتمّ.
6- 6) لم نعثر عليه.
7- 7) لم نعثر عليه.

يستخلف جاز لهم،أمّا لو لم يستخلفوا و نوى الكلّ الانفراد،هل يتمّون (1)الجمعة أو ظهرا أو تبطل؟لم أجد لأصحابنا فيه نصّا،و الوجه وجوب الاستخلاف،فمع عدمه تبطل الجمعة.

الخامس:هل يجوز له أن يستنيب من فاتته الجمعة و يكون الواجب عليه الظّهر؟

الأقرب الجواز.

السّادس:لو صلّى ما زاد على العدد المعتبر،ثمَّ بان للإمام أنّه كان محدثا

،صحّت جمعة المأمومين،و يجب على الإمام الظّهر،خلافا لبعض الجمهور (2).أمّا لو كان العدد غير زائد على المعتبر فالوجه عندنا أنّه كذلك،خلافا للشّافعيّ (3).

مسألة:و إذا زالت الشّمس وجبت الجمعة لا الظّهر

فلو صلّى من وجب عليه السّعي الظّهر لغير عذر لم تصحّ صلاته و يجب عليه السّعي،فإن أدرك الجمعة صلاّها و إلاّ أعاد ظهره.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (4)، و مالك (5)،و الثّوريّ (6)،و زفر (7)،و الشّافعيّ في الجديد.و قال في القديم:

الواجب هو الظّهر و لكن كلّف إسقاطها بالجمعة (8)(9).و به قال أبو حنيفة (10)،

ص:453


1- 1غ،م،و ن:يتمّمون.
2- 2) حلية العلماء 2:201،المجموع 4:258.
3- 3) المهذّب للشيرازي 1:97،حلية العلماء 2:201،المجموع 4:257.
4- 4) المغني 2:196،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،الكافي لابن قدامة 1:482،المجموع 4:497، حلية العلماء 2:267.
5- 5) الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:181،حلية العلماء 2:267،المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497.
6- 6) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497.
7- 7) بدائع الصنائع 1:257،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:497.
8- 8) ن:بإسقاطها.الجمعة.
9- 9) المهذّب للشيرازي 1:110،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:496،المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156.
10- 10) المبسوط للسرخسي 2:32،تحفة الفقهاء 1:159،بدائع الصنائع 1:256،الهداية للمرغينانيّ 1:84، المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497،حلية العلماء 2:267.

و أبو يوسف (1)،و اختلفا فيمن صلّى الظّهر في داره-بعد اتّفاقهما مع الشّافعيّ على الصّحّة-أنّه إذا سعى إلى الجمعة هل يبطل ظهره أم لا؟فقال أبو حنيفة:يبطل بالسّعي (2).

و قال أبو يوسف:لا يبطل به،لكنّه إذا وافى الجامع،فأحرم خلف الإمام،بطلت الآن ظهره و كانت الجمعة فرضه (3).و قال أبو حنيفة:و يلزمه السّعي،فإن سعى بطلت و إلاّ صحّت (4).

لنا:أنّ السّعي إلى الجمعة واجب بالآية (5)،فتكون الجمعة واجبة،و لأنّها واجبة بالإجماع و يأثم بتركها إجماعا و ترك السّعي إليها،فلا يخاطب إلاّ بها؛لاستحالة توجّه الخطاب بصلاتين في وقت واحد،و لأنّه يأثم بفعل الظّهر إذا ترك الجمعة،و لا يأثم بفعل الجمعة إذا ترك الظّهر إجماعا،و الواجب إنّما هو ما يتعلّق الإثم بتركه.

احتجّوا بأنّ الظّهر فرض الوقت كسائر الأيّام،و الجمعة بدل،و لهذا لو تعذّرت صلّى الظّهر،فمع الإتيان بالأصل ينبغي الإجزاء كسائر الأيّام (6).

و الجواب:المنع من أنّها هي الأصل و إلاّ لعوقب بتركها،و لما صحّ فعل البدل مع إمكان فعلها كالأبدال،و لما بطلت بالسّعي كالصّلوات الصّحيحة،و لأنّ الصّحيح مبرئ للذّمّة فلا يجوز اشتغالها بواجب آخر،و لأنّها مع الفراغ منها لم يبطل شيء من مبطلاتها، فكيف يبطل بما ليس من مبطلاتها مع عدم ورود الشّرع به.أمّا إذا فاتته الجمعة فإنّه يجب

ص:454


1- 1تحفة الفقهاء 1:159،بدائع الصنائع 1:256،المجموع 4:497.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:161،الهداية للمرغينانيّ 1:84،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:497،المغني 2:197، الشرح الكبير بهامش المغني 2:157.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:33،تحفة الفقهاء 1:161،الهداية للمرغينانيّ 1:84،حلية العلماء 2:267، المجموع 4:497.
4- 4) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:157،حلية العلماء 2:267.
5- 5) الجمعة(62):9.
6- 6) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156-157،حلية العلماء 2:267،المهذّب للشيرازيّ 1:110.

الظّهر؛لتوقّف الجمعة على شروط فاتته في قضائها،فتعيّن المصير إلى الظّهر،و هذا حال البدل.و قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث جابر:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة» (1).دالّ على ما ذكرناه.

فروع:
الأوّل:كما أنّ الجمعة ليست بدلا في حقّ من وجبت عليه فكذا الظّهر ليست بدلا

في حقّ من لم تجب عليه

فيجوز فعلها له و إن تمكّن من الحضور،إلاّ أنّه مع الحضور تجب الجمعة عليه و قد تقدّم.

الثّاني:لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة و شكّ هل صلّى قبل صلاة الإمام

أو بعدها وجبت عليه الإعادة

لأنّ الأصل بقاء الصّلاة في الذّمّة إلى أن يثبت (2)يقين البراءة.و لأنّه صلّى مع الشكّ في الشّرط فلا يصحّ،كالشكّ في الطّهارة.

الثّالث:هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة،أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة؟

(3)

عندي فيه توقّف،فعلى الأوّل،لو صلّى في بيته قبل صلاة الإمام أو معها و بين داره و الجامع ما يعلم معه الفوات لو سعى بطلت،لا الثّاني، و الأوّل أقرب؛لأنّه صلّى في غير وقت الفريضة،إذ ذلك الوقت في حقّه وقت الجمعة، و بتفريطه لا يخرج عن أن يكون وقتا لها.

الرّابع:من لا يجب عليه الجمعة كالمسافر و المرأة و العبد و غيرهم من المعذورين يجوز له فعل الظّهر قبل صلاة الإمام

و هو (4)قول علمائنا أجمع،و أكثر الجمهور (5)،خلافا

ص:455


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1.
2- 2) م و ن:ثبت.
3- 3) م،ن و ح:لو.
4- 4) ح:و عليه.
5- 5) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،المجموع 4:493.

لشذوذ (1).

لنا:أنّه غير مخاطب بها و مكلّف بالظّهر فيصحّ فعلها.

احتجّوا بأنّه لا يتيقّن بقاء العذر فلا تصحّ صلاته كغير المعذور (2).

و الجواب:أمّا عذر المرأة فبقاؤه متيقّن،و الأصل بقاء عذر غيرها،و الظّاهر استمراره.

الخامس:لا يكره لهؤلاء أن يصلّوا الظّهر جماعة

و هو قول علمائنا،و فعل ذلك ابن مسعود،و هو قول الأعمش (3)،و الشّافعيّ (4)،و إسحاق (5)،و أحمد (6).و كرهه الحسن،و أبو قلابة (7)،و أبو حنيفة (8).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على فضيلة الجماعة (9)،و لأنّ ابن مسعود فعله و هو من الصّحابة و لم ينكر عليه.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه لم يخل زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من معذورين و لم ينقل عنهم جماعة (10).

ص:456


1- 1المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،الكافي لابن قدامة 1:282.
2- 2) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159.
3- 3) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:266،المجموع 4:493-494،مغني المحتاج 1:279،المغني 2: 199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
5- 5) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
6- 6) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160،الكافي لابن قدامة 1:282،الإنصاف 2:373.
7- 7) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
8- 8) بدائع الصنائع 1:270،حلية العلماء 2:266،المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160، المجموع 4:494.
9- 9) الوسائل 5:أبواب صلاة الجماعة الباب 1،2،3،و من طريق العامّة،ينظر:صحيح مسلم 1:449 باب فضل صلاة الجماعة.
10- 10) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.

و الجواب:المنع بابن مسعود فإنّه صلّى بعلقمة و الأسود (1).و هكذا حكم من فاتته الجمعة.و لا يكره لهم فعل الجماعة في مسجد الجمعة بعد الفراغ منها (2)؛لعموم الأدلّة،خلافا لأحمد (3).

مسألة:إذا زالت الشّمس حرم السّفر على من يجب عليه الجمعة

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و ابن المنذر (6).

و قال أبو حنيفة (7)،و الأوزاعيّ:يجوز (8).

لنا:قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ (9).و النّداء وقت الزّوال،فإيجاب السّعي يقتضي تحريم ما يحصل به تركه.

احتجّوا بأنّ عمر قال:لا تحبس الجمعة عن سفر (10).

و الجواب:أنّ قول عمر ليس بحجّة؛لجواز أن يكون عن اجتهاده (11)،و نحمله على السّفر قبل الوقت،جمعا بين الأدلّة.

ص:457


1- 1المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
2- 2) ح و فيها.
3- 3) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،فتح العزيز بهامش المجموع 4:609، مغني المحتاج 1:278،المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
5- 5) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،الإنصاف 2:373، [1]الكافي لابن قدامة 1:296، زاد المستقنع:19،المجموع 4:499.
6- 6) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [2]المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،المجموع 4:499، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:609. [4]
8- 8) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
9- 9) الجمعة(62):9. [5]
10- 10) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [6]سنن البيهقيّ 3:187.
11- 11) ح،ق،م و ن،اجتهاد.
فروع:
الأوّل:لو كانت هناك ضرورة إلى السّفر جاز و إن كان بعد الزّوال

لأنّ الضّرورة مبيحة.

الثّاني:يكره السّفر بعد طلوع الفجر قبل الزّوال يوم الجمعة و ليس بمحرّم

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أكثر أهل العلم (1)،و أحد قولي الشّافعيّ (2)،و إحدى الرّوايات عن أحمد (3).

و قال الشّافعيّ في الجديد:لا يجوز (4)،و به قال ابن عمر،و عائشة (5)،و الحسن، و ابن سيرين (6)،و أحمد في رواية عنه،و في الرّواية الثّالثة أنّه يباح للجهاد خاصّة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجّه

ص:458


1- 1المغني 2:218،المجموع 4:499.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،مغني المحتاج 1:278،السراج الوهّاج:84.
3- 3) المغني 2:218،الشرح الكبير بهامش المغني 2:162،الكافي لابن قدامة 1:296،الإنصاف 2:374. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،مغني المحتاج 1:278،السراج الوهّاج:84.
5- 5) حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499.
6- 6) كذا نسب إليهما،و الموجود في المصادر خلاف ذلك،أي:يجوز السّفر بين الفجر و الزوال،ينظر:أحكام القرآن للجصّاص 5:343، [2]المغني 2:218،المجموع 4:499.
7- 7) المغني 2:218،الشرح الكبير بهامش المغني 2:162،الكافي لابن قدامة 1:296،الإنصاف 2:374، [3]حلية العلماء 2:268.

زيد بن حارثة (1)،و جعفر بن أبي طالب (2)،و عبد اللّه بن رواحة (3)في جيش مؤتة فتخلّف عبد اللّه فرآه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«ما خلّفك؟»فقال:الجمعة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لروحة في سبيل اللّه أو غدوة خير من الدّنيا و ما فيها».قال:فراح منطلقا (4).

و لأنّ الوجوب ليس بثابت،و إمكانه ليس بمانع كما في قبل طلوع الفجر،و لحديث عمر (5).

ص:459


1- 1زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبيّ،أبو أسامة،و هو الذي تبنّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد أن تبرّأ منه أبوه عند اختياره المقام عند النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال أبوه عند ذلك:يا معاشر قريش و العرب،إنّي قد تبرّءت من زيد فليس هو ابني.فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ذلك:«يا معاشر قريش:زيد ابني و أنا أبوه».فدعي زيد بن محمّد.آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين حمزة بن عبد المطّلب،و لمّا سيّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الجيش إلى الشام جعل أميرا عليهم زيدا بن حارثة،و قال:«.فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد اللّه بن رواحة».فقتل في مؤتة من أرض الشام في جمادى الآخرة سنة 8 ه. أُسد الغابة 2:224، [1]تهذيب التهذيب 3:401، [2]تنقيح المقال 1:462. [3]
2- 2) جعفر بن أبي طالب الطيّار ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخو عليّ عليه السّلام لأبويه،كان أشبه الناس برسول اللّه خلقا و خُلقا،أسلم بعد إسلام أخيه،و له هجرتان،هجرة إلى الحبشة و هجرة إلى المدينة،لمّا قدم من الحبشة بعد فتح خيبر اعتنقه رسول اللّه و قبّل بين عينيه،و قال:«ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر».و لمّا قطعت يداه بمؤتة،قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أبدله اللّه جناحين يطير بهما في الجنّة».عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. أُسد الغابة 1:286، [4]الإصابة 1:237، [5]رجال الطوسيّ:12،رجال العلاّمة:30. [6]
3- 3) عبد اللّه بن رواحة بن ثعلبة الأنصاريّ الخزرجيّ يكنّى أبا محمّد و قيل:أبو رواحة،و كان ممّن شهد العقبة و كان نقيب بني الحارث و شهد المشاهد كلّها إلاّ الفتح و ما بعده لأنّه كان قد قتل قبله،و هو أحد الأُمراء في غزوة مؤتة و استشهد فيها بعد جعفر بن أبي طالب في سنة 8 ه. أُسد الغابة 3:156، [7]الإصابة 2:306، [8]الاستيعاب [9]بهامش الإصابة 2:293. [10]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [11]المغني 2:218،و نقله بتفاوت في الألفاظ في:سنن الترمذيّ 2: 405 الحديث 527، [12]سنن البيهقيّ 3:187.
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 5:342،سنن البيهقيّ 3:187.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه وقت للرواح إلى الجمعة و قد يجب السّعي فيه لمن بَعُدَ طريقه (1).

و احتجّ أحمد بأنّه وقت للجمعة فيحرم السّفر فيه كما في بعد الزّوال (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرّواح (3)في ذلك الوقت مستحبّ و القياس على من بَعُدَ طريقه ليس بشيء؛لأنّ الكلام ليس فيه بل في المسافر قبل وجوب السّعي عليه.

و عن الثّاني:بالمنع،و قد تقدّم (4).

الثّالث:لا خلاف بين المسلمين في جواز السّفر قبل الفجر

و ليس بمكروه

مسألة:لو لم يكن الإمام ظاهرا هل يجوز فعل الجمعة؟

قال الشّيخ في النّهاية:يجوز إذا أمنوا الضّرر و تمكّنوا من الخطبة (5).

و ذكر في الخلاف:أنّه لا يجوز (6)،و هو اختيار السيّد المرتضى (7)،و ابن إدريس (8)، و سلاّر (9)و هو الأقوى عندي.

لنا:ما تقدّم من اشتراط الإمام أو نائبه (10)فمع الغيبة يجب الظّهر؛لفوات الشّرط.

مسألة:الأذان الثّاني يوم الجمعة بدعة

قاله الشّيخ

ص:460


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:110،فتح العزيز بهامش المجموع 4:610.
2- 2) الإنصاف 2:375.
3- 3) ح و ق:الروح.
4- 4) يراجع:ص 348.
5- 5) النهاية:107. [1]
6- 6) الخلاف 1:248 مسألة-43.
7- 7) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):41.
8- 8) السرائر:63.
9- 9) المراسم:77.
10- 10) يراجع:ص 334. [2]

في الخلاف (1).

و قال في المبسوط:إنّه مكروه (2)و ما ذكره في الخلاف أقوى.

لنا:أنّه لم يكن مشروعا في عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيكون بدعة،روى الجمهور عن السائب بن يزيد (3)،قال:كان النّداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر،فلمّا كان عثمان[و] (4)كثر النّاس فزاد النّداء الثّالث على الزوراء (5)،رواه البخاريّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«الأذان الثّالث يوم الجمعة بدعة» (6).أقول:إنّما سمّي ثالثا باعتبار الإقامة لا أنّ في الوضع كذلك،بل هو ثان،قال الشّيخ في المبسوط:و روي أنّ أوّل من فعل ذلك عثمان.و قال عطاء:إنّ أوّل من فعل ذلك معاوية.

و قال الشّافعيّ:ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أبو بكر و عمر أحبّ إليّ و هو السنّة.قال الشيخ:و هو مثل ما قلناه (7).

ص:461


1- 1كذا نسب إليه و لكن لم نجده في الخلاف بعد التتبّع،و حكى صاحب المفتاح نسبة القول عن المنتهى، [1]ثمَّ قال: و لم أجد ذلك فيه بعد التتبّع،و شهد لذلك قوله في كشف اللثام:و حكي ذلك عن الخلاف،و لو أنّه وجده فيه لحكاه من دون أن ينقل حكايته. مفتاح الكرامة 3:151، [2]كشف اللثام 1:256.
2- 2) المبسوط 1:151.
3- 3) السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود الكنديّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن حويطب بن عبد العزّى و عمر و عثمان و أبيه يزيد،و روى عنه ابنه عبد اللّه و الجعدة بن عبد الرحمن و إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظ.مات بالمدينة سنة 91 ه،و قيل:سنة 88 ه. أُسد الغابة 2:257، [3]تهذيب التهذيب 3:450، [4]العبر 1:78، [5]الجمع بين رجال الصحيحين 1:202.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:10.
6- 6) التّهذيب 3:19 الحديث 67،الوسائل 5:81 الباب 49 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
7- 7) المبسوط 1:149. [7]
فرعان:
الأوّل:إذا صلّى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

الثّاني:لو صلّى الظّهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إمّا منفردا أو مجتمعا هل يسقط الأذان الثّاني عنه أم لا؟

قال الشّيخ:يسقط (1).

و قال المفيد في المقنعة (2)و الأركان:يؤذّن و يقيم للعصر (3)،و به قال ابن البرّاج في الكامل (4)،و ابن إدريس (5)،و الوجه عندي الأوّل؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل و زرارة و غيرهما،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظّهر و العصر بأذان و إقامتين،و جمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (6).

احتجّ ابن إدريس بالإجماع على استحباب الأذان لكلّ صلاة (7).

و الجواب:ادّعاء الإجماع في موضع الخلاف باطل.

مسألة:و إذا كان الإمام ممّن لا يقتدى به فليقدّم صلاته على صلاته

و لو لم يتمكّن صلّى معه،فإذا سلّم الإمام قام فأضاف إليها (8)ركعتين تتمّة الظّهر.

لنا:أنّ الإمام (9)من شرطه العدالة فلا يجوز فعل الجمعة مع عدمه،و لما رواه الشّيخ عن أبي بكر الحضرميّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:كيف تصنع يوم الجمعة؟قال:

ص:462


1- 1النهاية:107.
2- 2) المقنعة:26.
3- 3) الأركان غير موجود لدينا،نقله عنه في السرائر:67.
4- 4) نقله عنه في السرائر:67.
5- 5) السرائر:67.
6- 6) التّهذيب 3:18 الحديث 66،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 2. [1]
7- 7) السرائر:67.
8- 8) غ:إليهما.
9- 9) ح:الإمامة.

«كيف تصنع أنت؟»قلت:أُصلّي في منزلي ثمَّ أخرج فأُصلّي معهم،قال:«كذلك أصنع أنا» (1).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّه يصلّي خلفه (2)و يجزئ بها عن الظّهر، و الأُخرى:يصلّي و يعيد (3).

مسألة:و في الجمعة قنوتان.

أحدهما:في الأُولى قبل الرّكوع.و الثّاني:في الثّانية بعد الرّكوع.ذهب إليه الشّيخ في أكثر كتبه (4)،و ابن البرّاج (5)،و ابن أبي عقيل (6)،و سلاّر (7).

و قال السيّد المرتضى:و على الإمام أن يقنت في الجمعة،و اختلفت الرّواية في قنوت الإمام فيها،فروي أنّه يقنت في الأُولى قبل الرّكوع و كذلك الّذين خلفه،و روي أنّ على الإمام إن صلاّها جمعة مقصورة قنوتين في الأُولى قبل الرّكوع،و في الثّانية بعد الرّكوع (8).

و قال المفيد:و القنوت في الاُولى من الرّكعتين في فريضة (9).

و قال ابن بابويه:و على الإمام فيها قنوتان،قنوت في الرّكعة الأُولى قبل الرّكوع، و في الرّكعة الثّانية بعد الرّكوع،و من صلاّها وحده فعليه قنوت واحد في الرّكعة الأُولى قبل الرّكوع،تفرّد بهذه الرّواية حريز عن زرارة.و الّذي أستعمله و أُفتي به و مضى عليه

ص:463


1- 1التّهذيب 3:246 الحديث 671،الوسائل 5:44 الباب 29 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) ح و ق:يصلّي جماعة.م و ن:صلّى خلفه.
3- 3) المغني 2:27،30.
4- 4) الخلاف 1:251 مسألة-51،النهاية:106، [2]المبسوط 1:151. [3]
5- 5) المهذّب 1:103.
6- 6) كذا نسب إليه،و نقل عنه في المختلف:106 قوله:(و كلّ القنوت قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة).
7- 7) المراسم:77.
8- 8) جمل العلم و العمل:72.
9- 9) المقنعة:27.

مشايخي رحمة اللّه عليهم هو أنّ القنوت في جميع الصّلوات في الجمعة و غيرها في الرّكعة الثّانية بعد القراءة و قبل الرّكوع (1).

و قال ابن إدريس:الّذي يقوى عندي أنّ الصّلاة لا يكون فيها إلاّ قنوت واحد،أيّة صلاة كانت،فلا نرجع عن إجماعنا بأخبار الآحاد (2).

وجه الأوّل:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير قال:سأل عبد الحميد أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا عنده-عن القنوت في يوم الجمعة؟و ساق الحديث فقال:

«هي في الأُولى و الأخيرة»قال:قلت:جعلت فداك قبل الرّكوع أو بعده؟قال:

«كلّ القنوت قبل الرّكوع إلاّ الجمعة فإنّ الرّكعة الأُولى القنوت فيها قبل الرّكوع،و الأخيرة بعد الرّكوع» (3).

و ما رواه في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن القنوت في الجمعة؟فقال:«أمّا الإمام فعليه القنوت في الرّكعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل أن يركع،و في الثّانية بعد ما يرفع رأسه من الرّكوع قبل السّجود» (4).

و وجه الثّاني:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و يقنت في الرّكعة الأولى منها قبل الرّكوع» (5).

و ما رواه في الحسن،عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«القنوت يوم الجمعة في الرّكعة الأولى» (6).

ص:464


1- 1الفقيه 1:266.
2- 2) السرائر:65.
3- 3) التّهذيب 3:17 الحديث 62،الاستبصار 1:418 الحديث 1606،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 12. [1]
4- 4) التّهذيب 3:245 الحديث 665،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 8. [2]
5- 5) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 11.و [3]فيهما:منهما، مكان:منها،و في أكثر النسخ:فيها،مكان:منها.
6- 6) التّهذيب 3:16 الحديث 56،الاستبصار 1:417 الحديث 1600،الوسائل 4:903 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 6. [4]

و عن عمر بن حنظلة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:القنوت يوم الجمعة، فقال:«أنت رسولي إليهم في هذا إذا صلّيتم في جماعة ففي الرّكعة الأولى،و إذا صلّيتم وحدانا ففي الرّكعة الثّانية» (1).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قنوت الجمعة:«إذا كان إماما قنت في الرّكعة الأولى،فإن كان يصلّي أربعا ففي الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (2).

و هذه الأخبار و إن اختلفت فالوجه الأوّل،و لا يضرّ اختلافهما؛إذ هو في فعل مستحبّ و ذلك يحتمل اختلافه لاختلاف الأوقات و الأحوال،فتارة يبالغ الأئمّة عليهم السّلام في الأمر بالكمال،و تارة يقتصر على ما يحصل معه بعض المندوب و لا استبعاد في ذلك.

و ممّا يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن داود بن الحصين (3)قال سمعت معمر بن أبي رئاب (4)يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن القنوت في الجمعة؟

ص:465


1- 1التّهذيب 3:16 الحديث 57،الاستبصار 1:417 الحديث 1601،الوسائل 4:903 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 3:16 الحديث 59،الاستبصار 1:417 الحديث 1603،الوسائل 4:902 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
3- 3) داود بن الحُصين الكوفيّ قد اختلفت الآراء فيه،فوثّقه النجاشيّ بقوله:داود بن حُصَين الأسديّ كوفيّ، ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السّلام و قال:واقفيّ.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:الأقوى عندي التوقّف في رواية. و رجّح المحقّق المامقانيّ و وثاقته لتقدّم شهادة النجاشيّ على جرح الشيخ. رجال النجاشيّ:159،رجال الطوسيّ:190 و 349،رجال العلاّمة:221، [3]تنقيح المقال 1:408. [4]
4- 4) معمر أو معمّر بن أبي رئاب روى الشيخ في باب عمل ليلة الجمعة و يومها من التهذيب عن داود بن الحصين و في الاستبصار في باب القنوت في صلاة الجمعة،قال المحقّق المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فحاله مجهول. جامع الرواة 2:252، [5]تنقيح المقال 3:233. [6]

فقال:«ليس فيها قنوت» (1).

و عن عبد الملك بن عمرو قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قنوت الجمعة في الرّكعة الأولى قبل الرّكوع و في الثّانية بعد الرّكوع؟فقال لي:«لا قبل و لا بعد» (2).فهاهنا قد اقتصر على فعل الصّلاة من غير قنوت إشعارا باستحبابه و أنّه (3)ليس فيها قنوت واجب.

فروع:
الأوّل:من يصلّي الظّهر إمّا جماعة أو فرادى فليس عليه إلاّ قنوت واحد

عملا بالأصل.

الثّاني:القنوت كلّه مستحبّ

و إن كان بعض الأصحاب قد يأتي في عبارته الوجوب (4).

الثّالث ما يقوله في قنوت الجمعة

الثّالث:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ قال في قنوت الجمعة:اللّهمّ صلّ على محمّد و على أئمّة المؤمنين،اللّهمّ اجعلني ممّن خلقته لدينك و ممّن خلقته لجنّتك، قلت:أُسمّي الأئمّة؟قال:سمّهم جملة (5).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت يوم الجمعة في الرّكعة

ص:466


1- 1التّهذيب 3:17 الحديث 61،الاستبصار 1:418 الحديث 1605،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 3:17 الحديث 60،الاستبصار 1:417 الحديث 1604،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 9. [2]
3- 3) غ:فإنّه.
4- 4) هو الصدوق في الفقيه 1:207 فإنّه قال فيه:و القنوت سنّة واجبة من تركها متعمّدا في كلّ صلاة فلا صلاة له.و قال في الهداية:29: [3]من ترك القنوت متعمّدا فلا صلاة له.و أوجبه أيضا ابن أبي عقيل نقله عنه في المعتبر 2:243،و [4]الحلبيّ نقله عنه في التنقيح الرائع 1:214.
5- 5) التّهذيب 3:18 الحديث 63،الوسائل 4:914 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 2. [5]

الأولى بعد القراءة،و يقول في القنوت:لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم،لا إله إلاّ اللّه العليّ العظيم،لا إله إلاّ اللّه ربّ السّموات السّبع و ربّ الأرضين السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم و الحمد للّه ربّ العالمين،اللّهمّ صلّ على محمّد كما هديتنا به،اللّهمّ صلّ على محمّد كما كرّمتنا به،اللّهمّ اجعلنا ممّن اخترت لدينك و خلقته لجنّتك،اللّهمّ لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب» (1).

مسألة:و يستحبّ التنفّل يوم الجمعة بعشرين ركعة،فيكون الزّائد على المعتاد أربع ركعات

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و اختلفوا في كيفيّة إيقاعها،فالّذي اختاره الشّيخ أنّ الأولى تقديمها على الزّوال (2)،و هو قول المفيد (3)،و أبي الصّلاح (4)،و ابن البرّاج (5)، و ابن إدريس (6).

قال الشّيخ:يصلّي ستّ ركعات عند انبساط الشّمس،و ستّ ركعات عند ارتفاعها، و ستّ ركعات إذا قرب من الزّوال،و ركعتين عند الزّوال (7).

و قال السيّد المرتضى:يصلّي ستّ ركعات عند الانبساط،و ستّ ركعات عند الارتفاع،و ركعتين عند الزّوال،و ستّا بعد الظّهر قبل العصر (8).و بنحوه قال ابن أبي عقيل (9).

ص:467


1- 1التّهذيب 3:18 الحديث 64،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 4. [1]
2- 2) المبسوط 1:150،النهاية:104.
3- 3) المقنعة:26.
4- 4) الكافي في الفقه:152.
5- 5) نقله عنه في المختلف:110.
6- 6) السرائر:66.
7- 7) المبسوط 1:150. [2]
8- 8) نقله عنه في السرائر:66.
9- 9) نقله عنه في المختلف:111.

و قال عليّ بن بابويه (1)،و ابنه أبو جعفر:الأولى تأخير النوافل إلى بعد الزوال (2).

و الأقرب عندي الأوّل؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن النافلة الّتي تصلّى يوم الجمعة،قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال:«قبل الصّلاة» (3).

و ما رواه،عن عمر بن حنظلة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة التطوّع يوم الجمعة إن شئت من أوّل النّهار و ما تريد أن تصلّيه بعد الجمعة فإن شئت عجّلته فصلّيته من أوّل النهار أيّ النهار شئت قبل أن تزول الشّمس» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:سألته عن الصّلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزّوال؟قال:«ستّ ركعات بكرة،و ستّ ركعات بعد ذلك اثنتي عشرة ركعة،و ستّ ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة،و ركعتان بعد الزّوال فهذه عشرون ركعة،و ركعتان بعد العصر فهذه ثنتان و عشرون ركعة» (5).و قد تضمّنت هذه الرّواية زيادة ركعتين.

و لأنّ وقت النّوافل يوم الجمعة قبل الزّوال إجماعا؛إذ يجوز فعلها فيه،و في غيره لا يجوز،و تقديم الطّاعة أولى من تأخيرها.

احتجّ السيّد المرتضى بما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:قال أبو الحسن عليه السّلام:«الصّلاة يوم الجمعة ستّ ركعات صدر النّهار،و ستّ ركعات عند ارتفاعه،

ص:468


1- 1نقله عنه في الفقيه 1:268،و المقنع:45،و السرائر:66.
2- 2) الفقيه 1:268،المقنع:45.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 38،الوسائل 5:23 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
4- 4) التّهذيب 3:245 الحديث 666،الاستبصار 1:413 الحديث 1579،الوسائل 5:24 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 8. [2]
5- 5) التّهذيب 3:246 الحديث 669،الاستبصار 1:411 الحديث 1571،الوسائل 5:23 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]

و ركعتان إذا زالت الشّمس،ثمَّ صلّ الفريضة،ثمَّ صلّ بعدها ستّ ركعات» (1).

و بمثله روي،عن مراد بن خارجة (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)، و يعقوب بن يقطين في الصّحيح،عن العبد الصّالح عليه السّلام (4).

و احتجّ ابن بابويه بما رواه سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:

فأيّهما أفضل أقدّم الرّكعات يوم الجمعة أم أُصلّيها بعد الفريضة؟قال:«تصلّيها بعد الفريضة» (5).

و ما رواه عقبة بن مصعب (6)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:أيّما أفضل أُقدّم الرّكعات يوم الجمعة أو أُصلّيها بعد الفريضة؟قال:«لا بل تصلّيها

ص:469


1- 1الاستبصار 1:409 الحديث 1565.و مع تفاوت ينظر:الكافي 3:427 الحديث 1، [1]التّهذيب 3:10 الحديث 34،الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 13. [2]
2- 2) مراد بن خارجة الأنصاريّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و يمكن استفادة توثيقه من عبارة النجاشيّ في ترجمة أخيه هارون بن خارجة حيث قال:هارون بن خارجة كوفيّ ثقة و أخوه مراد. رجال النجاشيّ:437،رجال الطوسيّ:319.
3- 3) الكافي 3:428 الحديث 2، [3]التّهذيب 3:11 الحديث 35،الاستبصار 1:410 الحديث 1566، الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 12. [4]
4- 4) التّهذيب 3:11 الحديث 36،الاستبصار 1:410 الحديث 1567،الوسائل 5:24 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [5]
5- 5) السرائر:473،الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [6]بتفاوت في بعض الألفاظ،و اللفظ فيهما:«عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:أيّما أفضل أُقدّم الركعتين يوم الجمعة أو أُصلّيهما بعد الفريضة؟قال تصلّيهما بعد الفريضة».و لعلّ الصواب ما أثبتناه؛لأنّ المقام يناسبه.
6- 6) عقبة بن مصعب،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و روى عنه إسحاق بن عمّار في التهذيب 3:246 باب العمل في ليلة الجمعة و يومها من أبواب الزيادات،الحديث 670.و في الاستبصار 1:411 باب تقديم النوافل يوم الجمعة قبل الزوال الحديث 1572.كذا في النسخ و المصادر،و لكن لا يبعد وقوع التحريف فيها، و الصحيح:عنبسة بن مصعب بقرينة رواية إسحاق بن عمّار عنه مكرّرا و عدم رواية عقبة غير هذا الخبر،كما قال المحقّق الأردبيليّ و المحقّق الخوئيّ.جامع الرواة 1:540، [7]معجم رجال الحديث 11:170. [8]

بعد الفريضة» (1).

و الجواب:أنّ هذه الروايات على تقدير سلامتها عن الطّعن،معارضة بما ذكرناه من الرّوايات،و يبقى الأصل و هو أولويّة فعل الطّاعة على وجه التّقديم،و لو فعل الإنسان بمهما شاء من ذلك لم يكن به بأس.

فرع:

يستحبّ تقديم ركعتي الزّوال عليه؛

لما رواه الشّيخ في الصّحيح عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:سألته عن ركعتي الزّوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟قال:

«قبل الأذان» (2).و لا ريب أنّ الأذان لا يجوز تقديمه على الزّوال إلاّ على قول شاذّ (3).

و قال بعض أصحابنا:إنّ الرّكعتين تصلّى بعد الزّوال (4)،و هو اختيار الجمهور (5)، و ليس بشيء.

مسألة:و يستحبّ الإكثار من الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الجمعة

لما رواه الجمهور،عن أبي الدّرداء قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أكثروا الصّلاة عليّ يوم الجمعة،فإنّه يوم مشهود يشهده الملائكة» (6).

ص:470


1- 1التّهذيب 3:246 الحديث 670،الاستبصار 1:411 الحديث 1572،الوسائل 5:27 الباب 13 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:247 الحديث 677،الوسائل 5:22 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) و القائل السيّد المرتضى نقله عنه في الخلاف 1:246 مسألة-36،و قال ابن إدريس في السرائر:64:«و لم أجد للسيّد المرتضى تصنيفا و لا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه.و لعلّ شيخنا أبا جعفر سمعه من المرتضى في الدرس و عرفه منه مشافهة دون المسطور».
4- 4) و القائل الحلبيّ،ينظر:الكافي في الفقه:152.
5- 5) المغني 2:219،الشرح الكبير بهامش المغني 2:195.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:524 الحديث 1637.

و عن أوس بن أوس (1)قال:«قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أفضل أيّامكم يوم الجمعة،فيه خلق آدم و فيه قبض،و فيه النّفخة،و فيه الصّعقة،فأكثروا عليّ من الصّلاة فيه؛فإنّ صلاتكم معروضة عليّ»قالوا:يا رسول اللّه كيف يعرض سلامنا عليك و قد أرِمتَ أي بليت؟قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ حرّم على الأرض أجساد الأنبياء» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عمر بن يزيد قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«يا عمر إنّه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السّماء ملائكة بعدد الذرّ، في أيديهم أقلام الذّهب و قراطيس الفضّة،لا يكتبون إلى ليلة السّبت إلاّ الصّلاة على محمّد و آل محمّد فأكثر منها» (3)و قال:«يا عمر إنّ من السنّة أن تصلّي على محمّد و على أهل بيته في كلّ جمعة ألف مرّة و في سائر الأيّام مائة مرّة» (4).

و يستحبّ قراءة سورة الكهف،لما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيّام من كلّ فتنة،فإن خرج الدجّال (5)عصم

ص:471


1- 1أوس بن أوس الصحابيّ الثقفيّ،سكن دمشق و مات بها.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه أبو الأشعث الصنعانيّ،و عبادة بن نُسَيّ.و نقل عن ابن معين اتّحاده مع أوس بن أبي أوس الذي مرّت ترجمته في ج 2:64.و قيل:أنّ ابن معين أخطأ في ذلك،لأنّ أوس بن أبي أوس هو أوس بن حذيفة و اللّه العالم. أُسد الغابة 1:139، [1]تهذيب التهذيب 1:381. [2]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:524 الحديث 1636،سنن أبي داود 1:275،الحديث 1047،سنن النسائيّ 3:91، سنن الدارميّ 1:369. [3]
3- 3) ن و م:فيها.
4- 4) التّهذيب 3:4 الحديث 9،الوسائل 5:72 الباب 43 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
5- 5) قد تكرّر ذكر الدَجّال في الحديث،و هو الكذّاب الذي يظهر في آخر الزمان يدّعي الأُلوهيّة.سمّي بذلك لكذبه؛ لأنّه يدجّل الحقّ بالباطل،و قيل:لأنّه يغطّي الأرض بكثرة جموعه،و قيل:لأنّه يغطّي على الناس بكفره،و قيل: لأنّه يدّعي الربوبيّة،و كلّ هذه المعاني متقاربة.و يظهر من الحديث الذي رواه الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ اسمه صائد بن الصيد،و في أحاديث العامّة ذكر له علامات،مثل أنّه أعور مكتوب بين عينيه أنّه كافر. لسان العرب 11:236، [5]سفينة البحار 1:439 مادة:دَجَلَ،كمال الدين و تمام النعمة:526،صحيح البخاريّ 9:74،سنن الترمذيّ 4:514، [6]عمدة القارئ 24:216.

منه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن أبي حمزة قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من قرأ الكهف في ليلة الجمعة كانت كفّارة لما بين الجمعة إلى الجمعة» (2).

قال:و روى غيره أيضا فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظّهر و العصر مثل ذلك (3).

و يستحبّ أن يقرأ عقيب غداة الجمعة سورة الرّحمن،روى ابن يعقوب في الصّحيح، عن حمّاد بن عثمان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«يستحبّ أن تقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة الرّحمن،ثمَّ تقول كلّما قلت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قلت:

لا بشيء من آلائك ربّ (4)أُكذّب» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«من قال في آخر سجدة من النّافلة بعد المغرب ليلة الجمعة-و إن قاله كلّ ليلة فهو أفضل-:اللّهمّ إنّي أسألك بوجهك الكريم و اسمك العظيم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تغفر لي ذنبي العظيم سبع مرّات،انصرف و قد غفر له» (6).

فصل:

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من قال

ص:472


1- 1كنز العمّال 1:576 الحديث 2604،المغني 2:207،الشرح الكبير بهامش المغني 2:207.
2- 2) الكافي 3:429 الحديث 7، [1]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) الكافي 3:429 الحديث 7، [3]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [4]
4- 4) م،ن،غ و ق:يا ربّ.
5- 5) الكافي 3:429 الحديث 6، [5]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
6- 6) الفقيه 1:273 الحديث 1249،الوسائل 5:76 الباب 46 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [7]

بعد الجمعة حين ينصرف جالسا من قبل أن يركع:الحمد مرّة،و قل هو اللّه أحد سبعا، و قل أعوذ بربّ الفلق سبعا،و قل أعوذ بربّ النّاس سبعا و آية الكرسيّ (1)، و آية السّخرة (2)،و آخر قوله لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ (3)إلخ،كانت كفّارة ما بين الجمعة إلى الجمعة» (4).

و روى الشّيخ عن ناجية قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل:اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك، و بارك عليهم بأفضل بركاتك و عليهم السّلام و على أرواحهم و أجسادهم و رحمة اللّه و بركاته»قال:«من قالها في دبر العصر كتب اللّه له مائة ألف حسنة،و محا عنه مائة ألف سيّئة،و قضى له مائة ألف حاجة،و رفع له بها مائة ألف درجة» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أطرفوا (6)أهليكم (7)كلّ يوم جمعة بشيء من الفاكهة و اللّحم (8)حتّى يفرحوا بالجمعة» (9).

ص:473


1- 1البقرة(2):255،256 و [1] 257.
2- 2) الأعراف(7):54. [2]
3- 3) التوبة(9):128. [3]
4- 4) التّهذيب 3:18 الحديث 65،الوسائل 5:79 الباب 48 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 3:19 الحديث 68،الوسائل 5:79 الباب 48 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
6- 6) م،ق و ح:اطرقوا.
7- 7) م و عليكم،ح:أهاليكم.
8- 8) غ،م،ن و ق:أو اللحم.
9- 9) الفقيه 1:273 الحديث 1246،الوسائل 5:82 الباب 50 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
فصل:

و يستحبّ الإكثار من الدّعاء يوم الجمعة فربّما وافق ساعة الإجابة،فقد روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ذكر يوم الجمعة فقال:«فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم و هو يصلّي يسأل اللّه إلاّ أعطاه إيّاه» (1).

و في لفظ آخر:«و هو قائم يصلّي» (2).

و اختلف في تلك السّاعة،قال الشّيخ:ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي النّاس في الصّفوف (3)؛لما رواه في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:السّاعة الّتي في يوم الجمعة الّتي لا يدعو فيها مؤمن إلاّ استجيب له،قال:

«نعم،إذا خرج الإمام»قلت:إنّ الإمام يعجّل و يؤخّر،قال:«إذا زاغت الشّمس» (4).

و قال عبد اللّه بن سلام و طاوس:هي آخر ساعة في يوم الجمعة (5)،و هو مرويّ أيضا عندنا،رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«السّاعة الّتي يستجاب فيها الدّعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي النّاس في الصّفوف،و ساعة أُخرى من آخر النّهار إلى غروب الشّمس» (6).

و بالّذي اختاره الشّيخ رواية عن الجمهور،روى مسلم بإسناده إلى أبي موسى قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى

ص:474


1- 1صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:583 الحديث 852،كنز العمّال 7:767 الحديث 21315- 21316،المستدرك للحاكم 1:278.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:584 الحديث 852،سنن ابن ماجه 1:360 الحديث 1137، كنز العمّال 7:767 الحديث 21318 و 21320.
3- 3) الخلاف 1:244 مسألة-31.
4- 4) التّهذيب 3:4 الحديث 8،الوسائل 5:46 الباب 30 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
5- 5) المغني 2:208،الشرح الكبير بهامش المغني 2:208.
6- 6) التّهذيب 3:235 الحديث 619،الوسائل 5:45 الباب 30 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]

الصّلاة» (1).و قيل:هي ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس و من العصر إلى غروبها (2).و قيل:هي السّاعة الثّالثة من النّهار (3).و قيل:أخفى اللّه على خلقه هذه السّاعة ليتضرّعوا له بالدّعاء في اليوم كلّه كما أخفى ليلة القدر (4).

فصل:
اشارة

و يكره فيه إنشاد الشّعر.روى ابن بابويه،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظّه من ذلك اليوم» (5).

و روي أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا رأيتم الشّيخ يحدّث يوم الجمعة بأحاديث الجاهليّة فارموا رأسه و لو بالحصى» (6).

و يكره السّعي في الحوائج و السفر يوم الجمعة بكرة لأجل الصّلاة،فأمّا بعد الصّلاة فجائز يتبرّك به،رواه ابن بابويه،عن الهادي عليه السّلام (7).

مسألة:و يستحبّ أن يقرأ في صلاة المغرب و العشاء ليلة الجمعة بالجمعة و الأعلى

و في الغداة بها و بالتّوحيد،و في الظّهر و العصر بها و بالمنافقون،ذكره الشّيخ في المبسوط (8)و النّهاية (9).

ص:475


1- 1صحيح مسلم 2:584 الحديث 583،المغني 2:208.
2- 2) المغني 2:209، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:209. [2]
3- 3) المغني 2:209،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:209.
4- 4) المغني 2:209،الشرح الكبير بهامش المغني 2:209.
5- 5) الفقيه 1:273 الحديث 1247،الوسائل 5:84 الباب 51 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
6- 6) الفقيه 1:273 الحديث 1248،الوسائل 5:82 الباب 50 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
7- 7) الفقيه 1:273 الحديث 1251،الوسائل 5:85 الباب 52 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
8- 8) المبسوط 1:108. [7]
9- 9) النهاية:78. [8]

و قال في المصباح:يقرأ في الثّانية من المغرب قل هو اللّه أحد (1).

و قال السيّد المرتضى:يقرأ في الثّانية من الغداة المنافقين (2)،و اختاره عليّ بن بابويه (3).

و قال الشّافعيّ:يقرأ في الأولى من الغداة سجدة لقمان (4)،و في الثّانية هل أتى (5).

لنا:ما تقدّم من تحريم قراءة العزائم في الواجبات (6).

و ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة و سبّح اسم ربّك الأعلى،و في الفجر سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقين» (7).

و عن أبي الصّبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و إذا كان في العشاء الآخرة فاقرأ سورة الجمعة و سبّح اسم ربّك الأعلى،فإذا كان صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و إذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة (8)الجمعة و المنافقين،و إذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرأ سورة (9)الجمعة و قل هو اللّه أحد» (10).

ص:476


1- 1مصباح المتهجّد:230. [1]
2- 2) الانتصار:54.
3- 3) نقله محمّد بن عليّ بن بابويه عن رسالة أبيه في المقنع:45.
4- 4) ق و ح:سورة لقمان.و لعلّ المراد سورة السجدة الّتي تلي سورة لقمان،و هي الّتي قال الشافعيّ بقراءتها في الأولى من الغداة.
5- 5) المجموع 3:385،مغني المحتاج 1:163.و فيهما:«استحبّ أن يقرأ فيها(أي الصبح)الم تنزيل السجدة و هل أتى على الإنسان».
6- 6) يراجع:ص 83،84.
7- 7) التّهذيب 3:6 الحديث 14،الوسائل 4:788 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
8- 8) م،غ،ن و ق:بسورة.
9- 9) غ،ن و ق:بسورة.
10- 10) التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]
مسألة:قد ذكرنا أنّ الخطبتين شرط،فلو ضاق الوقت عنهما وجب الظّهر و سقطت الجمعة
اشارة

(1)ذهب إليه علماؤنا،و هو قول كلّ من جعل الخطبتين شرطا.

لنا:فعل فات شرطه فيبطل (2)،قال الشّيخ في المبسوط:و قد روي أنّه من فاته (3)الخطبتان صلّى ركعتين.فعلى هذه الرّواية يمكن أن يقال:يصلّي الجمعة ركعتين و يترك الخطبتين،و الأوّل أحوط.قال:و الوجه في هذه الرّواية أن يكون مختصّة بالمأموم الّذي يفوته الخطبتان،فأمّا إن تنعقد الجمعة من غير خطبتين فلا تصحّ على حال (4).

أقول:و هذا التّأويل حسن يحتمله الرّواية،و أظنّ أنّها رواية الحلبيّ في الحسن قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟فقال:«يصلّي ركعتين فإن فاتته الصّلاة فلم يدركها فليصلّ أربعا».و يدلّ على قرب تأويل الشّيخ قوله في الرّواية:و قال:«إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الرّكعة الأخيرة فقد أدركت الصّلاة فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظّهر أربع» (5).

فروع:
الأوّل:لو أدرك الخطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة

لأنّ فوات المستحبّ لا يؤثّر في رفع الواجب.

الثّاني:لو أدرك الخطبتين و ركعة هل يصلّي جمعة أم الظّهر؟

ظاهر كلامه في المبسوط (6)أنّه يصلّي الظّهر،و لو قيل:يصلّي جمعة كان حسنا.

ص:477


1- 1يراجع:ص 395.
2- 2) م و ن:فبطل.
3- 3) ح:فاتته.
4- 4) المبسوط 1:147. [1]
5- 5) الكافي 3:427 الحديث 1، [2]التّهذيب 3:243 الحديث 656،الاستبصار 1:421 الحديث 1622،الوسائل 5: 41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [3]
6- 6) المبسوط 1:147. [4]
الثّالث:لو خطب و صلّى و شكّ هل كان الوقت باقيا أو خارجا،صحّت صلاته

لأنّ الأصل البقاء.و هو قول كلّ من اشترط بقاء الوقت أيضا.

مسألة:و لو أدرك مع الإمام ركعة،فلمّا سلّم الإمام قام ليأتي بأُخرى

فذكر أنّه ترك سجدة و لم يدر أ هي من الرّكعة الّتي أدركها مع الإمام أو من الأُخرى،أضاف إليها سجدة، لأنّ ركعة الإمام لا سهو (1)عليه فيها فيبقى الشكّ متوجّها إلى الثّانية و هو في موضعه فيأتي بما شكّ فيه،فإذا سجد،ثمَّ ذكر أنّ التّرك كان من ركعة الإمام،سجد بعد الفراغ سجدة (2)قضاء،و سجد سجدتي السّهو و يكون مدركا للجمعة،خلافا لبعض الجمهور (3)و قد سلف (4).و لو ذكر أنّها من الّتي انفرد بها،فقد تمّمها بسجدته الأُولى.

مسألة:قد ذكرنا أنّ انفراد الجمعة شرط ،فلو صُلّي في بلد واحد جمعتان و بينهما أقلّ من فرسخين بطلتا إن اقترنتا
اشارة

(5)

،و إن سبقت إحداهما صحّت السّابقة و بطلت الأُخرى، سواء كانت السّابقة هي جماعة الإمام الرّاتب أو جماعة غيره.و هو أحد قولي الشّافعيّ (6).

و قال في القول الآخر:إنّه تصحّ جماعة الإمام الرّاتب سواء تقدّمت أو تأخّرت أو قارنت (7).

لنا:أنّ السّابقة انعقدت صحيحة فلا تفسد بعقد الثّانية.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه كان يلزم أنّه متى شاء العدد المعتبر في الجمعة إفساد جمعة أهل

ص:478


1- 1ق و ح:يسهو.
2- 2) ح:بسجدة.
3- 3) الاُمّ 1:206،المغني 2:162.
4- 4) يراجع:ص 439. [1]
5- 5) يراجع:ص 348. [2]
6- 6) الأُمّ 1:192،الامّ(مختصر المزنيّ)8:28،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:586،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،السراج الوهّاج:85،مغني المحتاج 1:281.
7- 7) الاُمّ 1:193،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:588،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،السراج الوهّاج:85-86،مغني المحتاج 1:281.

البلد أمكنهم،بأن يجتمعوا و يعقدوا الجمعة (1).و هذا لا يتأتّى على قولنا أنّ الجمعة مشروطة بالإمام أو بمن (2)يأذن له،على أحد القولين،و بالعدل على القول الآخر،و هذا الفرض لا يقع من أحدهم و إنّما يرد على من يجوّز إمامة الفاسق.

فروع:
الأوّل:لا اعتبار بكون إحداهما في المسجد الجامع،و الأُخرى في غيره

و لا بكون إحداهما في قصبة البلد و الأُخرى في أقصاه،خلافا لمالك (3).

الثّاني:لو لم يعلم هل سبقت إحداهما الأُخرى بطلتا

و كذا لو علم سبق إحداهما و جهل عينها،أو علم عينها و أشكل بعد ذلك،خلافا للمزنيّ في الفرضين الأخيرين،قال:

لأنّ كلّ واحدة منهما عقدت على الصّحّة فلا يفسدها الشكّ (4).و هذا ليس بجيّد؛لأنّ كلّ واحدة إنّما تصحّ إذا علم أنّها السّابقة.

الثّالث:إذا وقعتا في حالة واحدة بطلتا

فإن أمكنت الجمعة وجبت و إلاّ وجبت الظّهر،أمّا لو سبق إحداهما قطعا و جهل عينها،أو علم ثمَّ أشكل و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل تجب أم لا؟قال الشّيخ:تجب الجمعة (5).و هو أحد قولي الشّافعيّ (6)؛لأنّا حكمنا بفسادهما معا،و وجوب الإعادة عليها (7)،فكان المصر ما صلّيت فيه جمعة

ص:479


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:588،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،مغني المحتاج 1:281.
2- 2) ن،ق و ح:لمن،م:ممّن.
3- 3) المغني 2:188،بلغة السالك 1:179.
4- 4) المجموع 4:589.
5- 5) المبسوط 1:149. [1]
6- 6) الاُمّ 1:192،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:589، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:507، [3]السراج الوهّاج:86،مغني المحتاج 1:282.
7- 7) ن و م:عليها.

صحيحة.و الوجه عندي أنّهم يصلّون ظهرا،و هو القول الآخر للشّافعيّ (1)؛لأنّ إحداهما قد سبقت و صحّت،و إنّما أوجبنا الإعادة فيهما حيث جهلنا التّعيين،فلا تنعقد (2)جمعة اخرى و جهل التعيين (3)لا يقتضي الفساد في نفس الأمر و إلاّ لكانت المرأة المزوّجة برجلين من وليّين أحدهما سابق العقد و جهل خالية عن الزوجين و هو باطل،بل يثبت حكم النكاح في حقّها فلا تنكح آخر دونهما،و بهذا ظهر الفرق بين علم السبق و جهل التعيين و بين علم المقارنة.

الرّابع:لو جهلنا كيفيّة وقوعهما فالوجه إقامتها جمعة

لعدم اليقين بنفي المانع من الصّحّة.و قيل:إنّما تجب ظهرا؛لأنّ سبق إحداهما و لو بالتكبير أظهر من المقارنة و أغلب (4)،و لا تحمل الأفعال على النادر؛لأنّه بمنزلة المعدوم (5).و ليس بشيء.

الخامس:قال الشيخ:يعتبر السبق بتكبيرة الإحرام

(6)و هو حسن،و به قال الشافعيّ في أحد قوليه،و في القول الآخر:يعتبر ذلك بالفراغ من إحداهما قبل الأُخرى (7).

لنا:أنّه متى أحرم بإحداهما حرم الإحرام بالأُخرى،و إذا انعقدت فما يطرء عليها يكون باطلا فلا يبطلها.قالوا:قبل تمامها لا نعلم صحّتها و تمامها،قلنا:صحّتها معلومة بالسبق.

السّادس:لو أحرم فأخبر في الأثناء بإقامة الجمعة في موضع آخر بطلت جمعته

إذا لم

ص:480


1- 1الاُمّ 1:193،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:589،فتح العزيز بهامش المجموع 4:507،السراج الوهّاج:86،مغني المحتاج 1:282،فتح الوهّاب 1:75.
2- 2) م،ن و غ:يعقد.
3- 3) ن و ق:التعيّن.
4- 4) ح:في الأغلب.
5- 5) المغني 2:191.
6- 6) المبسوط 1:149. [1]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:586،مغني المحتاج 1:282،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 502-503.

يكن بينهما فرسخ و لزمهم استئناف الظهر؛لأنّ ما فعله قد ظهر بطلانه.و قال بعض الجمهور:له إتمامها ظهرا (1)،و ليس بجيّد.

مسألة حكم الجمعة إذا فاتت

مسألة:لا نعرف خلافا بين أهل العلم أنّ الجمعة إذا فاتت تقضى ظهرا أربع ركعات.

ص:481


1- 1المغني 2:192.

المجلد 6

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

تتمة كتاب الصلاة

تتمة المقصد الثالث في بقية الصلوات

الفصل الثاني:في صلاة العيدين
اشارة

و فيه مقدّمة و بحثان

المقدمة

أصل:إذا فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعلا على جهة الوجوب وجب علينا اتّباعه،فيه إلاّ أن يعلم تخصيصه به،لقوله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ (1).و ذلك يدلّ على الوعيد.و للإجماع على الرجوع إليه في أفعاله،كرجوعهم في قُبلة الصّائم (2).و لقوله تعالى فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً (3).و لقوله:

وَ اتَّبِعُوهُ (4).

مقدّمة:قال علماؤنا:صلاة العيدين واجبة على الأعيان،و به قال أبو حنيفة،إلاّ أنّه قال:هي واجبة و ليست فرضا (5)،لأنّه فرق بين الفرض و الواجب،و نحن لمّا لم نفرق بينهما أطلقنا اللفظين عليها (6).

ص:7


1- 1الأحزاب(33):21. [1]
2- 2) بما روته عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كان يقبّل و هو صائم. ينظر:صحيح البخاريّ 3:39،صحيح مسلم 2:776-778 الحديث 1106،سنن أبي داود 2:311 الحديث 2382.
3- 3) الأحزاب(33):37. [2]
4- 4) الأعراف(7):158. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:37،بدائع الصنائع 1:275،الهداية للمرغينانيّ 1:85،شرح فتح القدير 2:39. المغني 2:223،الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:86،عمدة القارئ 6:273.
6- 6) غ،ق و ح:عليهما.

و قال أحمد:هي واجبة على الكفاية (1).و قال مالك (2)و أكثر أصحاب الشافعيّ:هي سنّة (3).

لنا:قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (4).ذهب المفسّرون إلى أنّ المراد بها صلاة العيد و الأمر للوجوب (5).و ما ثبت بالتواتر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصلّي صلاة العيدين (6).

و ما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى العيد بغير أذان و لا إقامة (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة العيدين فريضة» (8).

ص:8


1- 1المغني 2:223،الكافي لابن قدامة 1:304،الإنصاف 2:420،منار السبيل 1:149،فتح العزيز بهامش المجموع 5:4،الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:86،عمدة القارئ 6:273.
2- 2) مقدّمات ابن رشد 1:118،بداية المجتهد 1:219،بلغة السالك 1:187،المجموع 5:2،3،المغني 2: 224،الميزان الكبرى 1:194،عمدة القارئ 6:273،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:86.
3- 3) المهذب للشيرازيّ 1:118،المجموع 5:3،فتح العزيز بهامش المجموع 5:2،مغني المحتاج 1:310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:82،الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:86،المغني 2: 224.
4- 4) الكوثر(108):2. [1]
5- 5) تفسير التبيان 10:418، [2]تفسير الطبريّ 30:326، [3]أحكام القرآن للجصّاص 5:376، [4]تفسير القرطبيّ 20:218، [5]التفسير الكبير 32:130، [6]أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1986. [7]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:22،صحيح مسلم 2:602 كتاب صلاة العيدين،سنن الترمذيّ 2:411، [8]سنن ابن ماجه 1:406 باب ما جاء في صلاة العيدين،سنن الدارميّ 1:375 أبواب العيدين. [9]
7- 7) صحيح البخاريّ 2:22،صحيح مسلم 2:604 الحديث 886،سنن أبي داود 1:298 الحديث 1147، سنن الترمذيّ 2:413 ذيل الحديث 532،سنن ابن ماجه 1:406 الحديث 1274.
8- 8) التهذيب 3:127 الحديث 270،الاستبصار 1:443 الحديث 7711،الوسائل 5:94 الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [10]

و بمثله روي عن أبي أسامة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).و لأنّها صلاة شرعت لها الخطبة،فكانت واجبة على الأعيان كالجمعة.و لأنّها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة.و لأنّه يجب قتال تاركها،و إنّما يكون مع الوجوب،لأنّه عقوبة لا يتوجّه على تارك المندوب.

لا يقال:قد روى الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة العيدين مع الإمام سنّة» (2).

لأنّا نقول:المراد بالسنّة هنا ما علم ثبوته بالسنّة لا الندب.كذا ذكره الشيخ (3)،و هو حسن.

احتجّ أحمد بأنّها صلاة لا يشرع (4)لها الأذان فلا يجب على الأعيان كالجنازة (5).

و احتجّ مالك (6)بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للأعرابيّ حين ذكر خمس صلوات:هل عليّ غيرهنّ؟قال:«لا،إلاّ أن تتطوّع» (7).و بقوله عليه السلام:«خمس صلوات كتبهنّ اللّه على العبد» (8).

و لأنّها ذات ركوع و سجود لم يشرع لها الأذان فلا تجب ابتداء بالشرع

ص:9


1- 1التهذيب 3:127 الحديث 269.الاستبصار 1:443 الحديث 7710،الوسائل 5:95 الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 3:129 الحديث 277،و عن أبي جعفر عليه السّلام ينظر:التهذيب 3:134 الحديث 292، الاستبصار 1:443 الحديث 1712،الوسائل 5:95 الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث 2،3. [2]
3- 3) التهذيب 3:134،الاستبصار 1:444.
4- 4) غ:لا يسوغ.
5- 5) المغني 2:224.
6- 6) المغني 2:224.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:18 و ج 3:235،صحيح مسلم 1:40 الحديث 11،سنن أبي داود 1:106 الحديث 391،الموطّأ 1:175 الحديث 94، [3]سنن النسائيّ 1:226 و ج 4:120.
8- 8) سنن أبي داود 2:62 الحديث 1420،سنن النسائيّ 1:230،سنن الدارميّ 1:370، [4]الموطّأ 1:123 الحديث 14، [5]مسند أحمد 5:315 و 319. [6]

كالاستسقاء.

و الجواب عن الأوّل:بالمطالبة بدليل علّيّة الجامع.

و أيضا:فإنّ المحقّقين اتّفقوا على أنّ العدم لا يصلح للعلّيّة في القياس،و ينتقض بالصّلاة المنذورة،و بالفرق بين المقيس و المقيس عليه،إذ مسمّى الصّلاة في العيد أتمّ منه في الجنازة،و مع التفاوت يمتنع (1)القياس.

و عن الثّاني:بأنّ الأعرابيّ لا يجب عليه صلاة العيد كما لا يجب عليه الجمعة،لعدم الشرائط في حقّه في أغلب الأحوال.و لأنّ التخصيص وقع للأعرابيّ بعدم الوجوب فلا يطّرد،لجواز اختصاصه بما يقتضيه.و لأنّه عليه السّلام إنّما أجابه بما هو الغالب،فلا يدلّ على نفي وجوب كلّ ما عدا المذكور (2).و ينتقض بالجنازة و المنذورة.

و عن الثالث:بأنّ التصريح بوجوب الخمس لا يقتضي نفي الوجوب عن غيرها، لأنّه خرج مخرج الأغلب.و ينتقض بما ذكرنا (3).

و عن الرّابع:بأنّ وصف الرّكوع و السّجود لا مدخل له في العلّيّة،لوجودهما في النوافل كلّها و هي غير واجبة،فيجب حذفه،و يبقى المقتضي الوصف السلبيّ (4)،فيكون جوابه ما تقدّم،و ينتقض بالجنازة و المنذورة.

البحث الأوّل:في كيفيّتها
مسألة:و هي ركعتان

إذا صلّيت مع الإمام،و هو قول علماء الإسلام،لأنّ النبيّ

ص:10


1- 1ح:نمنع.
2- 2) م:المذكورة.
3- 3) م:ذكرناه.
4- 4) ح:لوصف السببين.

صلّى اللّه عليه و آله صلاّها كذلك (1).

و روى الجمهور عن عمر أنّه قال:صلاة العيد ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة العيدين ركعتان بلا أذان و لا إقامة ليس قبلهما و لا بعدهما شيء» (3).

مسألة:و يقرأ في كلّ ركعة الحمد و سورة.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

و قد وقع الخلاف في الأفضل،قال الشيخ في المبسوط (4)و النهاية:يستحبّ أن يقرأ في الأولى«الحمد»و«الأعلى»و في الثانية«الحمد»و«الشمس» (5).

و به قال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (6)،و سلاّر في الرسالة (7)،و ابن حمزة (8)، و ابن إدريس (9).

ص:11


1- 1صحيح البخاريّ 2:23.صحيح مسلم 2:606 الحديث 884،سنن أبي داود 1:301 الحديث 1159. سنن الترمذيّ 2:417 الحديث 537، [1]سنن ابن ماجه 1:409 الحديث 1288،سنن الدارميّ 1:376، سنن البيهقيّ 3:295،نيل الأوطار 3:370 الحديث 1.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:338 الحديث 1063،1064،سنن النسائيّ 3:183،مسند أحمد 1:37. [2]
3- 3) التهذيب 3:128 الحديث 271،الاستبصار 1:446 الحديث 1722،الوسائل 5:102 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 7.و [3]فيه:«العيد»مكان:«العيدين».
4- 4) المبسوط 1:170. [4]
5- 5) النهاية:135. [5]
6- 6) الفقيه 1:324.
7- 7) المراسم:78.ليست عبارة«في الرسالة»في ح و ق،و المراد منها كما ذكر ابن داود هي المراسم.ينظر:رجال ابن داود:104.
8- 8) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):677.
9- 9) السرائر:70.

و قال الشيخ في الخلاف (1)و الاستبصار:يقرأ في الأولى مع«الحمد» «الشمس»و في الثانية معها«الغاشية» (2).و به قال عليّ بن بابويه (3)،و المفيد (4)، و أبو الصلاح (5)،و السيّد المرتضى (6)،و ابن البرّاج (7)،و ابن زهرة (8).

و قال ابن أبي عقيل:يقرأ في الأولى مع«الحمد»«الغاشية»و في الثانية معها «الشمس» (9).

و قال الشافعيّ:يستحبّ أن يقرأ في الأولى ب«ق»و في الثانية ب«القمر» (10).

و قال مالك (11)،و أحمد:يقرأ في الأولى ب«سبّح»و في الثانية ب«الغاشية» (12).

ص:12


1- 1الخلاف 1:264 مسألة-12.
2- 2) لم نعثر على قوله هذا في الاستبصار و لكنّه نقل فيه حديثا بهذا المضمون ينظر:الاستبصار 1:448 الحديث 1733.
3- 3) كذا نسب إليه و لكن المصنّف نفسه قال في المختلف:112:(و قال عليّ بن بابويه في رسالته إلى ولده:تقرأ في الأولى الغاشية و في الثانية الأعلى.)و هكذا نسب إليه كلّ من نقل قوله،ينظر:الذكرى:243، [1]الحدائق 10: 252،مفتاح الكرامة 3:182، [2]جواهر الكلام 10:358. [3]
4- 4) المقنعة:32.
5- 5) الكافي في الفقه:153.
6- 6) جمل العلم و العمل:74.
7- 7) المهذّب 1:122.
8- 8) الغنية(الجوامع الفقهيّة):561،562.
9- 9) المختلف:112.
10- 10) الأمّ 1:237،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:18،الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،فتح العزيز بهامش المجموع 5:50،مغني المحتاج 1:311،فتح الوهّاب 1:83،السراج الوهّاج: 96،المحلّى 5:82،المغني 2:235،بداية المجتهد 1:217.
11- 11) الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،فتح العزيز بهامش المجموع 5:50.
12- 12) المغني 2:235،الشرح الكبير بهامش المغني 2:252،الكافي لابن قدامة 1:308،الإنصاف 2:428، منار السبيل 1:152،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،الميزان الكبرى 1:196،فتح العزيز بهامش المجموع 5:50.

و قال أبو حنيفة:ليس بعض السور أولى من بعض (1).و الذي أذهب إليه ما ذكره في الخلاف.

لنا:ما رواه الجمهور عن النعمان بن بشير قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في العيدين و في الجمعة ب«سبّح اسم ربّك الأعلى»و«هل أتاك»و ربّما اجتمعا (2)في يوم واحد فقرأ بهما (3).رواه مسلم (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة العيدين،قال:يقرأ في الأولى«الحمد»و«الشمس و ضحاها»و في الثانية«الحمد»و«هل أتاك حديث الغاشية» (5).

احتجّ الشيخ على قوله في المبسوط بما رواه عن إسماعيل الجعفي (6)،عن أبي جعفر عليه السّلام:يقرأ في الأولى مع أمّ القرآن«سبّح اسم ربّك الأعلى»و في الثانية

ص:13


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:40.بدائع الصنائع 1:277،الهداية للمرغينانيّ 1:86،المغني 2:235،فتح العزيز بهامش المجموع 5:50،المحلّى 5:82،الميزان الكبرى 1:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88، الشرح الكبير بهامش المغني 2:253.
2- 2) ن:اجتمعتا.
3- 3) ح و م:فقرأهما.
4- 4) صحيح مسلم 2:598 الحديث 878.
5- 5) التهذيب 3:129 الحديث 278،الاستبصار 1:448 الحديث 1733،الوسائل 5:105 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
6- 6) قد يطلق على إسماعيل بن جابر الجعفيّ الذي مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 38،و قد يطلق على إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفيّ الكوفيّ تابعيّ سمع أبا الطفيل عامر بن واثلة،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،و ذكره الصدوق في مشيخته،و في الاستبصار: إسماعيل الجبليّ.قال المحقّق الأردبيليّ:في نسخة أخرى من الاستبصار:الجعفيّ،و لعلّه الصواب لوجوده و عدم وجود الجبليّ في كتب الرجال. رجال الطوسيّ:104 و 147،الفقيه(شرح المشيخة)4:62،الاستبصار 1:499،جامع الرواة 1:94. [2]

و«الشمس» (1).

و ما رواه عن أبي الصبّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:يقرأ في الأولى«الحمد» و«سبّح»و في الثانية«الحمد»و«الشمس» (2).

و احتجّ الشافعيّ (3)بما روي عن عمر أنّه سأل أبا واقد (4)ما ذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ به في الفطر و الأضحى؟فقال:كان يقرأ ب«ق و القرآن المجيد» و«اقتربت السّاعة» (5).

و الجواب:المعارضة بالأحاديث التي نقلناها،مع أنّ هذا لم يرد في أخبار أهل البيت عليهم السّلام،و لو سلّم لكان دالاّ على الجواز و نحن نسلّمه،أمّا على الأفضليّة (6)فلا.و لأنّ في«سبّح»الحثّ على زكاة الفطرة،فاستحبّ قراءتها في يوم فعلها (7)كالجمعة.

و أمّا ما ذكره الشّيخ (8)،فإن صحّت الرّوايتان (9)تخيّر المصلّي فيهما،و يكون مدركا

ص:14


1- 1التهذيب 3:132 الحديث 288،الاستبصار 1:449 الحديث 1738،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 3:132 الحديث 290،الوسائل 5:132 الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [2]
3- 3) الأمّ 1:237،المهذّب للشيرازيّ 1:120،فتح العزيز بهامش المجموع 5:50، [3]المغني 2:235.
4- 4) أبو واقد الليثيّ،اختلف في اسمه،فقيل:الحارث بن عوف،و قيل:عوف بن الحارث،و قيل:الحارث بن مالك، روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن أبي بكر و عن عمر و أسماء بنت أبي بكر،روى عنه ابناه عبد الملك و واقد،و أبو سعيد الخدريّ،و عطاء بن يسار،و عروة.جاور بمكّة سنة و مات بها فدفن في مقبرة المهاجرين سنة 68 ه.الإصابة 4:215، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 4:215. [6]
5- 5) صحيح مسلم 2:607 الحديث 891،سنن أبي داود 1:300 الحديث 1154،سنن ابن ماجه 1:408 الحديث 1282،سنن النسائيّ 3:183،سنن الدار قطنيّ 2:45 الحديث 11،سنن البيهقيّ 3:294. في بعض المصادر:بتفاوت يسير.
6- 6) ح و ق:الفضيلة.
7- 7) ح و ق:فضلها.
8- 8) تقدّم في ص 11،12.
9- 9) تقدّمتا في ص 13،14.

للفضيلة بكلّ واحد منهما.

مسألة:فإذا فرغ من القراءة كبّر في الأولى خمسا،و في الثانية أربعا

عدا تكبيرة الإحرام و تكبيرتي الرّكوع،فيكون الزائد على المعتاد تسع تكبيرات،و هو مذهب أكثر علمائنا (1).

و قال ابن أبي عقيل،و ابن بابويه:الزائد سبع تكبيرات (2)،و المفيد جعل التكبير في الثانية ثلاثا،و زاد تكبيرة أخرى للقيام إليها (3).

و قال الشافعيّ (4)،و الأوزاعيّ،و إسحاق:إنّه يكبّر في الأولى سبعا غير تكبيرة الافتتاح،و في الثانية خمسا،فالجميع اثنا عشر (5)،غير تكبيرة الإحرام،و هو مرويّ عن أبي هريرة،و أبي سعيد الخدريّ،و ابن عبّاس،و ابن عمر،و يحيى الأنصاريّ (6).

و روي عن ابن عبّاس،و أنس،و المغيرة بن شعبة،و سعيد بن المسيّب،و النخعيّ:

يكبّر سبعا سبعا (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و الثوريّ:ثلاثا ثلاثا (9).

ص:15


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:170،و [1]ابن البرّاج في المهذّب 1:122،و ابن حمزة في الوسيلة (الجوامع الفقهيّة):677،و سلاّر في المراسم:78،و ابن إدريس في السرائر:70.
2- 2) نقله عنهما في المعتبر 2:311. [2]
3- 3) المقنعة:32. [3]
4- 4) الأمّ 1:236،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:310،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:17،فتح العزيز بهامش المجموع 5:46،مغني المحتاج 1:310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:83،الميزان الكبرى 1: 194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،المغني 2:236،بداية المجتهد 217.
5- 5) كذا في النسخ،و لعل الصّواب:اثنتا عشرة.
6- 6) المغني 2:236،المجموع 5:19، [4]نيل الأوطار 3:367،368.
7- 7) المغني 2:236، [5]المجموع 5:20،نيل الأوطار 3:368.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:38،بدائع الصنائع 1:277،الهداية للمرغينانيّ 1:86، [6]شرح فتح القدير 2:43. المغني 2:236، [7]المجموع 5:20، [8]بداية المجتهد 1:217،المحلّى 5:83، [9]الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،نيل الأوطار 3:368.
9- 9) المغني 2:236،نيل الأوطار 3:368.

و قال أحمد:يكبّر في الأولى سبعا مع تكبيرة الإحرام،غير تكبيرة الرّكوع،و في الثانية خمسا،غير تكبيرة النهوض (1).و هو مرويّ عن فقهاء المدينة السّبعة،و عمر بن عبد العزيز،و الزهريّ (2)،و مالك (3)،و المزنيّ (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكبّر في العيدين سبعا و خمسا (5).

و ما رووه عن عبد اللّه بن عمرو قال:قال نبيّ اللّه (6)صلّى اللّه عليه و آله:«التكبير في الفطر سبع في الأولى و خمس في الآخرة (7)» (8).

قال ابن عبد البرّ:قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من طرق كثيرة حسان،أنّه كبّر في العيد سبعا في الأولى و خمسا في الثانية (9).

أقول:و هذا يدلّ على ثبوت ذلك ثبوتا ظاهرا،و الظاهر أنّ التكبيرات هي جميع المراد،فيدخل فيه تكبيرة الافتتاح و الرّكوع،و ذلك ما ذهبنا إليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي الصبّاح قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:16


1- 1المغني 2:236،الكافي لابن قدامة 1:309،منار السبيل 1:151،المجموع 5:20،فتح العزيز بهامش المجموع 5:46،الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،نيل الأوطار 3:368.
2- 2) المغني 2:236،نيل الأوطار 3:368.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:169،بداية المجتهد 1:217،المغني 2:236،المجموع 5:20، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:46، [2]حلية العلماء 2:303،الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87.
4- 4) المغني 2:236،المجموع 5:20، [3]حلية العلماء 2:303،نيل الأوطار 3:368.
5- 5) سنن أبي داود 1:299 الحديث 1149،سنن الترمذيّ 2:416 الحديث 536، [4]سنن ابن ماجه 1:407 الحديث 1280،مسند أحمد 6:65 و 70، [5]سنن الدار قطنيّ 2:46 الحديث 13،سنن البيهقيّ 3:286. نيل الأوطار 3:367.
6- 6) ح و ق:النبيّ.
7- 7) ح و ق:الأخيرة.
8- 8) سنن أبي داود 1:299 الحديث 1151.
9- 9) المغني 2:236،نيل الأوطار 3:368.

عليه السّلام عن التكبير في العيدين،قال:«اثنتا عشرة تكبيرة،سبع في الأولى و خمس في الثانية» (1).

و ما رواه في الصّحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التكبير في الفطر و الأضحى اثنتا عشرة تكبيرة يكبّر في الأولى واحدة،ثمَّ يقرأ،ثمَّ يكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات و السابعة يركع بها،ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ،ثمَّ يكبّر أربعا و الخامسة يركع بها» (2).

و مثله روى يعقوب بن يقطين في الصّحيح (3)،و محمّد بن مسلم في الصحيح أيضا (4).

احتجّ الشافعيّ (5)بما روته عائشة:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبّر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح (6).

و احتجّ أبو حنيفة (7)بما رواه أبو موسى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكبّر أربعا تكبيرة على الجنائز (8).

ص:17


1- 1التهذيب 3:130 الحديث 280،الاستبصار 1:447 الحديث 1728،الوسائل 5:106 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 3:131 الحديث 286،الاستبصار 1:449 الحديث 1736،الوسائل 5:106 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 7. و [2]فيهما:تكبّر،تركع،تقوم.كلّها بصورة الخطاب كما في نسخة ح.
3- 3) التهذيب 3:132 الحديث 287،الاستبصار 1:449 الحديث 1737،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [3]
4- 4) التهذيب 3:132 الحديث 289،الاستبصار 1:449 الحديث 1739،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 11. [4]
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 5:47،المغني 2:236.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:46 الحديث 12،مستدرك الحاكم 1:298.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:38،شرح فتح القدير 2:43،المغني 2:236،المجموع 5:20.
8- 8) سنن أبي داود 1:299 الحديث 1153،سنن البيهقيّ 3:289.

و احتجّ أحمد (1)بحديث ابن عمرو و عائشة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المعروف من حديث عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل ما قدّمناه،و حديث أبي موسى ضعيف يرويه أبو عائشة (2)جليس لأبي هريرة و هو مجهول.

و احتجاج أحمد قد بيّنّا وجهه،و الوجه عندي أنّ التكبير مستحبّ لما يأتي،فجائز فيه الزيادة و النقصان.

مسألة:و يستحبّ رفع اليدين مع كلّ تكبيرة.

و به قال عطاء،و الأوزاعيّ (3)، و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أبو حنيفة (6).

و قال مالك (7)،و الثوريّ:لا يرفعهما فيما عدا تكبيرة الإحرام (8).

ص:18


1- 1المغني 2:236،الكافي لابن قدامة 1:309، [1]منار السبيل 1:151.
2- 2) أبو عائشة الأمويّ مولاهم جليس أبي هريرة،روى عن أبي موسى الأشعريّ و حذيفة في التكبير على الجنازة، و روى عنه مكحول و خالد بن معدان،و نقل ابن حجر عن ابن حزم و ابن القطّان أنّه مجهول. أسد الغابة 5:241،تهذيب التهذيب 12:146، [2]لسان ميزان 7:472،ميزان الاعتدال 4:543.
3- 3) المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،المجموع 5:21. [3]
4- 4) الأمّ 1:237،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:21،مغني المحتاج 1:311،السراج الوهّاج:95، فتح الوهّاب 1:83،فتح العزيز بهامش المجموع 5:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،المغني 2:237.
5- 5) المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،الكافي لابن قدامة 1:309،منار السبيل 1:151، المجموع 5:21.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:39،بدائع الصنائع 1:277،الهداية للمرغينانيّ 1:86، [4]شرح فتح القدير 2:45. المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،المجموع 5:21،فتح العزيز بهامش المجموع 5:51.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:169،تفسير القرطبيّ 20:222، [5]بلغة السالك 1:188،المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،المجموع 5:21، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 5:51، [7]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 87.
8- 8) المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249،المجموع 5:21،تفسير القرطبيّ 20:221. [8]

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يرفع يديه مع التكبير (1).

و عن عمر أنّه كان يرفع يديه في كلّ تكبيرة في الجنازة و في الفطر و في الأضحى (2)،و لم ينكر عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن يونس قال:سألته عليه السّلام عن تكبير العيدين أ يرفع يده مع كلّ تكبيرة أم يجزئه أن يرفع (3)في أوّل التكبيرة؟ (4)فقال:

«يرفع مع كلّ تكبيرة» (5).و لأنّه تكبير يقع في حال القيام فأشبه تكبيرة الإحرام.

احتجّ مالك بأنّها تكبيرات في أثناء الصّلاة،فأشبهت تكبيرات السّجود (6).

و الجواب:الفرق بأنّ هذه تقع طرفاها في حال القيام،فأشبهت تكبيرة الإحرام لا تكبيرات السّجود.

مسألة:و يقنت بين كلّ تكبيرتين.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (7)، و أحمد (8).

و حكي عن مالك أنّه قال:يقف بين كلّ تكبيرتين و لا يذكر شيئا (9).

ص:19


1- 1سنن أبي داود 1:192 الحديث 722 و 725،سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 861،مسند أحمد 3:310، و ج 4:316، [1]سنن البيهقيّ 3:293.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:293،نيل الأوطار 3:367.
3- 3) هامش ح بزيادة:يديه،كما في الوسائل. [2]
4- 4) ح:التكبير،كما في الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 3:288 الحديث 866،الوسائل 5:136 الباب 30 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]
6- 6) المغني 2:237،الشرح الكبير بهامش المغني 2:249.
7- 7) الأمّ 1:236،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:17،مغني المحتاج 1: 310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:83،فتح العزيز بهامش المجموع 5:48،الميزان الكبرى 1:194، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،المغني 2:238،نيل الأوطار 3:370.
8- 8) المغني 2:238،الإنصاف 2:431، [5]الكافي لابن قدامة 1:309،منار السبيل 1:151،المجموع 5:21، الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87.
9- 9) بلغة السالك 1:187،المغني 2:238،المجموع 5:21،الميزان الكبرى 1:194،فتح العزيز بهامش المجموع 5:49،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،نيل الأوطار 3:370.

و قال أبو حنيفة (1)،و الأوزاعيّ:يكبّر متواليا (2).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ عبد اللّه بن مسعود،و أبا موسى،و حذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة (3)قبل العيد يوما فقال لهم:إنّ هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟فقال عبد اللّه:تبدأ فتكبّر تكبيرة تفتح بها الصّلاة و تحمد ربّك و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ تدعو و تكبّر و تفعل مثل ذلك،إلى آخر الحديث.فقال حذيفة و أبو موسى:صدق عبد اللّه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الكلام الّذي يتكلّم به فيما بين التكبيرتين في العيدين،فقال:

«ما شئت من الكلام الحسن» (5).

و ما رواه عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و يقنت بين كلّ

ص:20


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:38 و 40،بدائع الصنائع 1:277،الهداية للمرغينانيّ 1:86،شرح فتح القدير 2: 44،المغني 2:238،فتح العزيز بهامش المجموع 5:49، [1]الميزان الكبرى 1:194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،نيل الأوطار 3:370.
2- 2) المغني 2:238،المجموع 5:21،نيل الأوطار 3:370.
3- 3) الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف و هو أخو عثمان لأمّه،و هو الّذي أخبر القرآن بفسقه،قال ابن عبد البرّ:لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أنّ قوله عزّ و جلّ: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ. نزلت في الوليد بن عقبة.إلى أن قال:نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و الوليد بن عقبة أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ .ولاّه عثمان أميرا على الكوفة.و خبر صلاته بهم و هو سكران و قوله:أزيدكم-بعد أن صلّى بهم الصبح-أربعا،مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث و أهل الأخبار.لمّا قتل عثمان نزل البصرة ثمَّ خرج إلى الرّقّة فنزلها و مات بها. الإصابة 3:637، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:631 و 636، [4]أسد الغابة 5:90، [5]تهذيب التهذيب 11:142. [6]
4- 4) سنن البيهقيّ 3:291،المغني 2:238،المجموع 5:15.
5- 5) التهذيب 3:288 الحديث 863،الوسائل 5:131 الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [7]

تكبيرتين» (1).

و في الموثّق عن سماعة قال:«و ينبغي أن يتضرّع بين كلّ تكبيرتين و يدعو اللّه» (2).

و مثله روى في الصّحيح عن يعقوب بن يقطين،عن العبد الصّالح عليه السّلام (3)، و عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام (4).

فرع:

أفضل ما يذكر في القنوت ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام.و المنقول روايتان:

إحداهما:ما رواه الشيخ عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا كبّر في العيدين قال بين كلّ تكبيرتين:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ أهل الكبرياء و العظمة،و أهل الجود و الجبروت،و أهل العفو و الرّحمة،و أهل التقوى و المغفرة،أسألك في هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيدا،و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا،أن تصلّي على محمّد و آل محمّد كأفضل ما صلّيت على عبد من عبادك و صلّ على ملائكتك و رسلك،و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات،اللّهمّ إنّي أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون،و أعوذ بك من شرّ ما عاذ بك منه عبادك المرسلون» (5).

ص:21


1- 1التهذيب 3:130 الحديث 279،الاستبصار 1:448 الحديث 1734،الوسائل 5:106 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:130 الحديث 283،الاستبصار 1:450 الحديث 1742،الوسائل 5:109 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 19. [2]
3- 3) التهذيب 3:132 الحديث 287،الاستبصار 1:449 الحديث 1737،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [3]
4- 4) التهذيب 3:132 الحديث 288،الاستبصار 1:449 الحديث 1738،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [4]
5- 5) التهذيب 3:140 الحديث 315،الوسائل 5:131 الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [5]

و مثل (1)هذه الرّواية روى محمّد بن عيسى بن أبي منصور (2)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،إلاّ أنّه لم يذكر الشهادتين،و ابتدأ بقوله:اللهمّ أهل الكبرياء و العظمة» (3).

الرّواية الثانية:ما رواه الشيخ و ابن بابويه معا،عن أبي الصّبّاح الكنانيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التكبير في العيدين،فقال:«اثنتا عشرة،سبع في الأولى،و خمس في الثانية،و إذا (4)قمت في (5)الصّلاة فكبّر واحدة و تقول (6):أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،اللّهمّ أنت أهل الكبرياء و العظمة،و أهل الجود و الجبروت و القدرة (7)و السلطان و العزّة،أسألك في هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيدا،و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا،أن تصلّي على محمّد و آل محمّد، و أن تصلّي على ملائكتك المقرّبين و أنبيائك المرسلين،و أن تغفر لنا و لجميع المؤمنين و المؤمنات،و المسلمين و المسلمات،الأحياء منهم و الأموات،اللّهمّ إنّي أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون،و أعوذ بك من شرّ ما عاذ منه عبادك المخلصون،اللّه أكبر،أوّل كلّ شيء و آخره،و بديع كلّ شيء و منتهاه،و عالم كلّ شيء و معاده و مصير كلّ شيء إليه و مردّه،مدبّر الأمور و باعث من في القبور،قابل الأعمال،مبدئ (8)الخفيّات،معلن السرائر، اللّه أكبر،عظيم الملكوت،شديد الجبروت،حيّ لا يموت،دائم لا يزول،إذا قضى أمرا فإنّما يقول له:كن فيكون،اللّه أكبر،خشعت لك الأصوات،و عنت لك الوجوه،و حارت دونك

ص:22


1- 1ح:و بمثل.
2- 2) محمّد بن عيسى بن أبي منصور،روى الشيخ في التهذيب عن سعدان بن مسلم عنه،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فهو مهمل مجهول.تنقيح المقال 3:167. [1]
3- 3) التهذيب 3:139 الحديث 314،الوسائل 5:131 الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
4- 4) ح:فإذا،كما في بعض المصادر.
5- 5) ح:إلى،كما في بعض المصادر.
6- 6) ق:فتقول،ح:تقول،كما في بعض المصادر.
7- 7) هامش ح و كذا الوسائل:و [3]أهل القدرة.
8- 8) ح و بعض المصادر:و مبدي.

الأبصار،و كلّت الألسن عن عظمتك،و النواصي كلّها بيدك و مقادير الأمور كلّها إليك، لا يقضي فيها غيرك و لا يتمّ منها شيء دونك،اللّه أكبر،أحاط بكلّ شيء حفظك،و قهر كلّ شيء عزّك،و نفذ كلّ شيء أمرك،و قام كلّ شيء بك،و تواضع كلّ شيء لعظمتك،و ذلّ كلّ شيء لعزّتك،و استسلم كلّ شيء لقدرتك،و خضع كلّ شيء لملكك،اللّه أكبر،و تقرأ الحمد و سبّح اسم ربّك و تكبّر السّابعة و تركع و تسجد،و تقوم و تقرأ الحمد و الشمس و ضحاها،و تقول:اللّه أكبر،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،اللّهمّ أنت أهل الكبرياء و العظمة،تتمّه كلّه كما قلته أوّل التكبير،يكون هذا القول في كلّ تكبيرة حتّى تتمّ خمس تكبيرات» (1).و الرّواية الأولى أشهر بين الأصحاب.

مسألة:و يستحبّ الجهر بالقراءة بحيث لا ينتهي إلى حدّ العلوّ،

خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:ما رووه عن عليّ عليه السّلام أنّه كان إذا قرأ في العيدين أسمع من يليه و لم يجهر ذاك الجهر (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و ينبغي للإمام أن يجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة» (4).

و ما رواه في الصحيح عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كان إذا صلّى

ص:23


1- 1الفقيه 1:324 الحديث 1485،التهذيب 3:132 الحديث 290،الاستبصار 1:450 الحديث 1743. الوسائل 5:132 الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [1]
2- 2) المغني 2:234،الشرح الكبير بهامش المغني 2:252.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:295،المغني 2:234.
4- 4) التهذيب 3:130 الحديث 282،الوسائل 5:111 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 3.و [2]الحديث فيهما هكذا:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعتمّ في العيدين شاتيا كان أو قائظا،و يلبس درعه،و كذلك ينبغي للإمام،و يجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة.

بالناس صلاة فطر أو أضحى خفض من صوته يسمع من يليه لا يجهر بالقرآن (1). (2)و لأنّها صلاة عيد فأشبهت الجمعة.

مسألة:و التكبير متأخّر عن القراءة في الرّكعتين.

ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،خلافا لابن الجنيد (4).

و قال الشافعيّ:إنّه قبل القراءة فيهما (5)،و هو مرويّ عن أبي هريرة،و الفقهاء السبعة،و عمر بن عبد العزيز،و الزهريّ (6)،و مالك (7)،و الليث (8)،و أحمد في إحدى الروايتين عنه،و في الرواية الأخرى عن أحمد أنّه في الأولى قبل القراءة،و في الثانية بعدها (9)،و هو مرويّ عن ابن مسعود،و حذيفة،و أبي موسى،و الحسن،و ابن سيرين، و الثوريّ (10)،و به قال أصحاب الرأي (11).

ص:24


1- 1هامش ح:بالقراءة.
2- 2) التهذيب 3:289 الحديث 871،الوسائل 5:137 الباب 32 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
3- 3) منهم:الشيخ الصدوق في الفقيه 1:324،و الشيخ المفيد في المقنعة:32،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1: 170،و القاضي ابن البرّاج في المهذّب 1:122،و سلاّر في المراسم:78،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة): 561،و ابن إدريس في السرائر:70 و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:312. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:313. [3]
5- 5) الأمّ 1:236،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:18، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 5:46، [5]مغني المحتاج 1:311،السراج الوهّاج:95،الميزان الكبرى 1:195،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،المغني 2:235.
6- 6) المغني 2:235.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1 169،الموطّأ 1:180، [6]بلغة السالك 1:187،بداية المجتهد 1:217،المغني 2:235، الميزان الكبرى 1:195،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87.
8- 8) المغني 2:235.
9- 9) المغني 2:235، [7]الكافي لابن قدامة 1:309،الإنصاف 2:429، [8]الميزان الكبرى 1:195.
10- 10) المغني 2:235. [9]
11- 11) المبسوط للسرخسيّ 2:38،بدائع الصنائع 1:277،الهداية للمرغينانيّ 1:86،شرح فتح القدير 2:43، الميزان الكبرى 1:195،المغني 2:235، [10]فتح العزيز بهامش المجموع 5:50، [11]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87.

لنا:أنّها صلاة فينبغي أن يبدأ فيها بالقراءة كغيرها من الصّلوات.و لأنّ التكبيرات للقنوت و محلّه بعد القراءة،إذ لا يتقدّم القراءة في غيرها إجماعا.

و ما رواه الشيخ في الصّحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ثمَّ يقرأ فاتحة الكتاب،ثمَّ الشمس،ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات،ثمَّ يكبّر و يركع»إلى قوله:«ثمَّ يقرأ الفاتحة و هل أتاك،ثمَّ يكبّر أربع تكبيرات» (1).

و ما رواه في الموثّق عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام نحوه (2).

و ما رواه في الصّحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (3).

و ما رواه عن عليّ بن أبي حمزة،عنه عليه السّلام (4).

و ما رواه عن يعقوب بن يقطين،عن العبد الصّالح عليه السّلام (5).و عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام (6).و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

ص:25


1- 1التهذيب 3:129 الحديث 278،الاستبصار 1:448 الحديث 1733،الوسائل 5:105 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]في بعض النسخ و كذا بعض المصادر:تقرأ،تكبّر،تركع.
2- 2) التهذيب 3:130 الحديث 281،الاستبصار 1:448 الحديث 1735،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 3:131 الحديث 286،الاستبصار 1:449 الحديث 1736،الوسائل 5:106 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 3:130 الحديث 279،الاستبصار 1:448 الحديث 1734،الوسائل 5:106 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 3:132 الحديث 287،الاستبصار 1:449 الحديث 1737،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [5]
6- 6) التهذيب 3:132 الحديث 288،الاستبصار 1:449 الحديث 1738،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [6]
7- 7) التهذيب 3:132 الحديث 289،الاستبصار 1:449 الحديث 1739،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 11. [7]

لا يقال:يعارض ما ذكرناه بما رواه الشيخ في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة،و في الأخيرة (1)خمس بعد القراءة» (2).

و مثله روى في الصّحيح عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام (3).

لأنّا نقول:إنّهما و إن كانا صحيحين إلاّ أنّ الأصحاب أكثرهم لم يعملوا بهما إلاّ من شذّ (4)،فكان ما ذكرناه أولى.

احتجّ الشافعيّ (5)بما روته عائشة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يكبّر في العيدين سبعا و خمسا قبل القراءة (6).

و احتجّ أبو حنيفة (7)بما رواه أبو موسى،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوالي (8)بين القراءتين (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّ عائشة قد اختلف نقلها في عدد التكبيرات،ففي هذه

ص:26


1- 1م،ن و غ:الآخرة،كما في الاستبصار.
2- 2) التهذيب 3:131 الحديث 284،الاستبصار 1:450 الحديث 1740،الوسائل 5:109 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 18. [1]
3- 3) التهذيب 3:131 الحديث 285،الاستبصار 1:450 الحديث 1741،الوسائل 5:109 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 20. [2]
4- 4) و هو ابن الجنيد،نقل قوله المحقّق في المعتبر 2:313. [3]
5- 5) المغني 2:236.
6- 6) سنن الترمذيّ 2:416 ذيل الحديث 536، [4]مسند أحمد 6:65، [5]سنن الدار قطنيّ 2:46 الحديث 13،سنن البيهقيّ 3:286.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:38،المغني 2:235،المجموع 5:21.
8- 8) ح و ق:يقرأ.
9- 9) المغني 2:235،236،الشرح الكبير بهامش المغني 2:247 و فيهما:«رواه أبو داود»و لم نعثر عليه في سننه، و الموجود فيه:«كان يكبّر أربعا،تكبيرة على الجنائز»سنن أبي داود 1:299 الحديث 1153.

الرّواية اثنتا عشرة تكبيرة،و في أخرى ثلاث عشرة (1)،فلا تعويل عليها.

و عن الثاني:أنّ الراوي عنه مجهول.

مسألة:و إذا فرغ من التكبير و القنوت ركع،ثمَّ انتصب و سجد سجدتين،

ثمَّ قام إلى الثّانية ففعل كما قلناه (2)،ثمَّ يركع و يسجد سجدتين،ثمَّ يتشهّد و يسلّم.

البحث الثاني:في الأحكام و الآداب
مسألة:إنّما يجب العيدان بشرائط الجمعة،

لا خلاف فيه بين علمائنا إلاّ الخطبة،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلاّها مع شرائط الجمعة و قال:«صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (3).

و مع فقد الشرائط يستحبّ أن تصلّى جماعة و فرادى سفرا و حضرا.و هو قول الحسن البصريّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (6)،و في الأخرى:لا تصلّى إلاّ في جماعة (7).و هو قول أبي حنيفة (8).

ص:27


1- 1المغني 2:236.
2- 2) يراجع:ص 15.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،و فيه:«صلّوا كما تروني أصلّي».سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
4- 4) المغني 2:245،بداية المجتهد 1:218.
5- 5) الأمّ 1:240،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:26،فتح العزيز بهامش المجموع 5:9،مغني المحتاج 1:310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:82،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،بداية المجتهد 1:218،المغني 2:245.
6- 6) المغني 2:245،الكافي لابن قدامة 1:304،الإنصاف 2:426.
7- 7) المغني 2:245،الإنصاف 2:424، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:9،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 87،الميزان الكبرى 1:194.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:37،بدائع الصنائع 1:275،المغني 2:245،بداية المجتهد 1:218،فتح العزيز بهامش المجموع 5:9. [3]

لنا:أنّها عبادة قد اشتملت على تعظيم اللّه تعالى،فات أحد شرائطها فاستحبّت كالحجّ.و لأنّه ليس من شرطها الاستيطان إجماعا،فلا تكون الجماعة من شرط استحبابها كالنوافل.

و ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل و ليتطيّب بما وجد و ليصلّ وحده كما يصلّي في الجماعة» (1).

و مثله (2)رواه في الصّحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و في الصّحيح عن الحلبيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل لا يخرج يوم الفطر و الأضحى،أ عليه صلاة وحده؟فقال:«نعم» (4).

فرع:

من صلاّها وحده فعلها (5)كما فعل (6)في الجماعة من الصّلاة ركعتين.و قال في المبسوط:و قد روي أنّه إن صلاّها أربع ركعات جاز (7).

لنا:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ما

ص:28


1- 1التهذيب 3:136 الحديث 297،الاستبصار 1:444 الحديث 1716،الوسائل 5:98 الباب 3 [1] من أبواب صلاة العيد الحديث 1 و ص 114 الباب 14 الحديث 1.
2- 2) ق و ح بزيادة:ما.
3- 3) التهذيب 3:136 الحديث 298،الوسائل 5:114 الباب 14 من أبواب صلاة العيد الحديث 1 و [2]ص 98 الباب 3 الحديث 1.
4- 4) التهذيب 3:136 الحديث 299،الاستبصار 1:444 الحديث 1717،الوسائل 5:98 الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [3]
5- 5) ن و م:فصلّها،كذا،و الصحيح:فصلاّها.
6- 6) غ:يفعل.
7- 7) المبسوط 1:169،و [4]للاطّلاع على الرواية ينظر:التهذيب 3:135 الحديث 295،الاستبصار 1:446، الحديث 1725،الوسائل 5:99 الباب 5 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [5]

تقدّم.

و ما رواه عن عبد اللّه بن المغيرة،عن بعض أصحابنا قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة الفطر و الأضحى،فقال:«صلّهما ركعتين في جماعة و غير جماعة و كبّر سبعا و خمسا» (1).

مسألة:من جمع الشرائط وجبت عليه،

فإن أخلّ بها عمدا عوقب على ذلك،و لو امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك،لأنّهم أخلّوا بواجب.

مسألة:و من جملة الشرائط،الإمام العادل أو إذنه

(2)

و قد مضى البحث فيه في الجمعة (3)،إلاّ أنّ هاهنا ما يدلّ عليه بالخصوصيّة،و هو ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه» (4).

و ما رواه عن معمّر بن يحيى،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا صلاة يوم الفطر و الأضحى إلاّ مع إمام (5)» (6).

و في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الصّلاة

ص:29


1- 1التهذيب 3:135 الحديث 294،الاستبصار 1:446 الحديث 1724،الوسائل 5:99 الباب 5 من أبواب صلاة العيد الحديث 1، [1]في الاستبصار:خمسا و سبعا.
2- 2) ق:أو من أذنه،ح:و من أذنه.
3- 3) تقدّم في الجزء الخامس:334.
4- 4) التهذيب 3:128 الحديث 273،الاستبصار 1:444 الحديث 1714،الوسائل 5:96 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [2]
5- 5) ح و ق:الإمام،كما في الاستبصار.
6- 6) التهذيب 3:128 الحديث 272،الاستبصار 1:444 الحديث 1713،الوسائل 5:97 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 11. [3]

يوم الفطر و الأضحى،فقال:«ليس صلاة إلاّ مع إمام (1)» (2).

و في الصّحيح عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«و من لم يصلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له و لا قضاء عليه» (3).

مسألة:و العدد شرط فيها كالجمعة.

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (4).و قال الشافعيّ:ليس العدد شرطا (5).

و قال ابن أبي عقيل:يشترط في العيدين العدد سبعة،مع أنّه اشترط في الجمعة خمسة (6)،و الفرق لم يقله أحد.

لنا:أنّ القول بالوجوب مع القول بانتفاء شرطيّة العدد ممّا لا يجتمعان إجماعا، و الأوّل ثابت،فينتفي الآخر بالضرورة.

مسألة:و الذكورة و العقل و الحرّيّة و الحضر شروط فيها،

(7)

و لا نعرف فيه خلافا، و البحث فيه كما في الجمعة.و لا يسقط بفقد (8)أحد هذه الشروط الاستحباب.

و ممّا يؤكّد سقوط الوجوب:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام

ص:30


1- 1ح و ق:الإمام،كما في الاستبصار.
2- 2) التهذيب 3:128 الحديث 275،الاستبصار 1:444 الحديث 1715،الوسائل 5:96 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 3:129 الحديث 276،الوسائل 5:97 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:37،بدائع الصنائع 1:275،شرح فتح القدير 2:39،المغني 2:245،فتح العزيز بهامش المجموع 5:9،الشرح الكبير بهامش المغني 2:238.
5- 5) الأمّ 1:240،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:15 و 26،فتح العزيز بهامش المجموع 5:5 و 9،مغني المحتاج 1:310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:82،الميزان الكبرى 1: 194،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:87،بداية المجتهد 1:218،المغني 2:245،الشرح الكبير بهامش المغني 2:238،الإنصاف 2:424. [3]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:318. [4]
7- 7) غ:شرط.
8- 8) ق و ح:لفقد.

قال:«إنّما صلاة العيدين على المقيم و لا صلاة إلاّ بإمام» (1).

و ما رواه في الموثّق عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس في السّفر جمعة و لا فطر و لا أضحى» (2).و لأنّ هذه الأعذار مسقطة للجمعة،فتكون مسقطة للعيدين للمشقّة.

و أمّا الاستحباب،فلما رواه في الصّحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:سألته عن المسافر إلى مكّة و غيرها،هل عليه صلاة العيدين، الفطر و الأضحى؟قال:«نعم،إلاّ بمنى يوم النحر» (3).

لا يقال:إنّ لفظة«على»تدلّ على الإيجاب.

لأنّا نقول:إنّها ليست نصّا فيه فتحمل على الاستحباب،لما بيّنّاه من الأدلّة.و أمّا النساء،فإنّه يكره للشوابّ منهنّ الخروج إلى العيدين،بل يصلّين في بيوتهنّ،و يجوز للعجائز ذلك.و هو قول أصحاب الرأي (4).و كره خروجهنّ مطلقا النخعيّ،و يحيى الأنصاريّ (5).و استحبّ خروجهنّ أحمد (6)،و رووه عن عليّ عليه السّلام،و أبي بكر (7).

لنا:أنّ فيه افتتانا.و ما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:هل يؤمّ الرّجل بأهله في صلاة العيدين في السّطح أو بيت (8)؟

ص:31


1- 1التهذيب 3:287 الحديث 862،الوسائل 5:97 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 3:289 الحديث 868،الاستبصار 1:446 الحديث 1726،الوسائل 5:104 الباب 8 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 3:288 الحديث 867،الاستبصار 1:447 الحديث 1727،الوسائل 5:104 الباب 8 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:41،بدائع الصنائع 1:275،شرح فتح القدير 2:41،المغني 2:232.
5- 5) المغني 2:232،نيل الأوطار 3:354.
6- 6) المغني 2:232،الكافي لابن قدامة 1:308،الإنصاف 2:427.
7- 7) المغني 2:232،نيل الأوطار 3:354.
8- 8) ح:في بيت،كما في الوسائل. [4]

قال:«لا يؤمّ بهنّ و لا يخرجن و ليس على النساء خروج»و قال:«أقلّوا لهنّ من الهيئة حتّى لا يسألنكم الخروج» (1).

احتجّوا (2)بما روت أمّ عطيّة قالت:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نخرجهنّ (3)في الفطر و الأضحى:العواتق و ذوات الخدور،فأمّا الحيّض فيعتزلن الصّلاة و يشهدن الخير و دعوة المسلمين،قلت:يا رسول اللّه،إحدانا لا يكون لها جلباب،قال:

«لتلبسها أختها من جلبابها» (4).

و الجواب:أنّ ذلك إنّما كان للتعرّض (5)لطلب الرّزق،لما رواه (6)الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:«إنّما رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرّض للرّزق» (7).و الأئمّة أعرف بمقاصد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله من غيرهم.و معارض أيضا بما روي عن عائشة قالت:لو رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما أحدث النساء لمنعهنّ كما منعت نساء بني إسرائيل (8).

مسألة:و وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال.

ذكره الشيخ في الجمل (9)،و السيّد

ص:32


1- 1التهذيب 3:289 الحديث 872،الوسائل 5:134 الباب 28 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:119،المجموع 5:8،المغني 2:232،المحلّى 5:87.
3- 3) ح،م،ن و غ:يخرجن.و بلفظ مسلم و أبي داود:«أن نخرج».
4- 4) صحيح البخاريّ 1:88 و ج 2:26 و 196،صحيح مسلم 2:605 الحديث 890،سنن أبي داود 1:296 الحديث 1136،سنن الترمذيّ 2:419 الحديث 539، [2]سنن ابن ماجه 1:414 الحديث 1307،سنن النسائيّ 1: 193 و ج 3:180،سنن الدارميّ 1:377، [3]مسند أحمد 5:84. [4]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
5- 5) ح:و الجواب عن ذلك إنّما كان المتعرض.
6- 6) ح و ق:روى.
7- 7) التهذيب 3:287 الحديث 858،الوسائل 5:133 الباب 28 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [5]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:219،صحيح مسلم 1:329 الحديث 445،سنن أبي داود 1:155 الحديث 569،سنن الترمذيّ 2:420 الحديث 540، [6]الموطّأ 1:198 الحديث 15، [7]مسند أحمد 6:91،193 و 235. [8]
9- 9) الجمل و العقود:86.

المرتضى (1)،و ابن إدريس (2).و قال الشيخ في الخلاف (3)،و ابن أبي عقيل:بعد طلوع الشمس (4).و قال في المبسوط:إذا ارتفعت الشمس و انبسطت (5).و قال أصحاب الشافعيّ كما قلناه أوّلا (6).و قال أحمد (7)كما قاله الشيخ في المبسوط.

لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن خمير (8)قال:خرج عبد اللّه بن بسر صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يوم عيد فطر أو أضحى،فأنكر إبطاء الإمام،فقال:إنّا كنّا قد فرغنا ساعتنا هذه،و ذلك حين صلاة التسبيح (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«ليس في الفطر أذان و لا إقامة،أذانهما طلوع الشمس،إذا طلعت خرجوا،و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة» (10)الحديث.

و لأنّها صلاة يوم فيجب بأوّله،كسائر الصّلوات المضافة (11)إلى الأوقات.

ص:33


1- 1جمل العلم و العمل:75.
2- 2) السرائر:70.
3- 3) الخلاف 1:271 مسألة-27.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:310. [1]
5- 5) المبسوط 1:169. [2]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 5:4،فتح العزيز بهامش المجموع 5:7،مغني المحتاج 1:310،السراج الوهّاج:95،فتح الوهّاب 1:82،المغني 2:233.
7- 7) المغني 2:232،الكافي لابن قدامة 1:305،منار السبيل 1:149.
8- 8) يزيد بن خمير بن يزيد الرّحبيّ الشاميّ أبو عمر الحمصيّ،روى عن عبد اللّه بن بسر المازنيّ و أبي أمامة الباهليّ و عبد الرحمن بن جبير بن نفير و جمع آخر،و روى عنه شعبة و صفوان بن عمرو و أبو عوانة. التاريخ الكبير للبخاريّ 8:329،تهذيب التهذيب 11:323، [3]الجرح و التعديل 9:258.
9- 9) سنن أبي داود 1:295 الحديث 1135،سنن ابن ماجه 1:418 الحديث 1317،سنن البيهقيّ 3:282، مستدرك الحاكم 1:295،نيل الأوطار 3:360 الحديث 1،جامع الأصول 7:86 الحديث 4231.
10- 10) التهذيب 3:129 الحديث 276،الوسائل 5:101 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [4]
11- 11) ح و ق:المعتادة.

احتجّ الشيخ (1)بما رواه سماعة قال:سألته عن الغدوّ إلى المصلّى في الفطر و الأضحى،فقال:«بعد طلوع الشمس» (2).

و احتجّ أحمد (3)بما رواه عقبة بن عامر قال:ثلاث ساعات كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينهانا أن نصلّي فيهنّ،و أن نقبر فيهنّ موتانا،حين تطلع الشمس بازغة حتّى ترتفع (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ رواته ضعفاء (5)،مع أنّ سماعة لم يسنده إلى إمام (6).

و عن الثّاني:أنّ النهي إنّما هو للنوافل،أمّا الفرائض فلا.

فرعان:

الأوّل:يستحبّ الخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس بلا خلاف.

الثّاني:يستحبّ تأخير الخروج يوم الفطر عن الخروج يوم الأضحى.ذهب إليه أهل العلم كافّة.

روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كتب إلى عمرو بن حزم أن:«أخّر صلاة الفطر و عجّل الأضحى» (7).و لأنّ الفطرة قبل الصّلاة و الأضحيّة بعدها،فاستحبّ تأخير الصّلاة في الأوّل لتحصيلها،و تقديمها في الثّاني للتهيّؤ لها.و لأنّه يستحبّ أن يطعم قبل الصّلاة في

ص:34


1- 1الخلاف 1:271.
2- 2) التهذيب 3:287 الحديث 859،الوسائل 5:135 الباب 29 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 2:233.
4- 4) سنن أبي داود 3:208 الحديث 3192، [2]سنن ابن ماجه 1:486 الحديث 1519،سنن الترمذيّ 3:348 الحديث 1030، [3]سنن النسائيّ 1:275 و 277 و ج 4:82،سنن الدارميّ 1:333، [4]سنن البيهقيّ 4:32،مسند أحمد 4:152. [5]
5- 5) ح:ضعيفا.
6- 6) ن:الإمام.
7- 7) مسند الشافعيّ:74،سنن البيهقيّ 3:282،نيل الأوطار 3:360 الحديث 2.

الفطر و بعدها (1)في الأضحى.

مسألة:إذا فاتت عمدا أو نسيانا أو جهلا لم يقض واجبا

و لا مندوبا،سواء كانت فرضا أو نفلا.و قال (2)الشيخ في التهذيب:من فاتته صلاة العيد لم يجب عليه القضاء، و يجوز له أن يصلّي إن شاء ركعتين أو أربعا،من غير أن يقصد بها القضاء (3).

و قال أحمد:يقضيها أربعا بسلام واحد أو بسلامين (4).و به قال ابن مسعود،و هو قول الثّوريّ (5).و قال (6)أحمد:إذا صلّى ركعتين فإن شاء أن يصلّيهما على صفة صلاة العيد (7)فعل (8)،و به قال النخعيّ (9)،و مالك (10)،و الشافعيّ (11)،و أبو ثور (12)، و ابن المنذر (13)،و إن صلاّهما ركعتين كالنوافل جاز.و هو قول الأوزاعيّ (14).

لنا:أنّ القضاء إنّما يجب بأمر مستأنف و لم يثبت.

ص:35


1- 1جميع النسخ:بعده،و الصواب ما أثبتناه.
2- 2) ح و ق:قال.
3- 3) التهذيب 3:134.
4- 4) المغني 2:244،الإنصاف 2:434، [1]الكافي لابن قدامة 1:312،المجموع 5:29،بداية المجتهد 1:219، الميزان الكبرى 1:195،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبير 1:87.
5- 5) المغني 2:244،المجموع 5:29،بداية المجتهد 1:219.
6- 6) غ:قال.
7- 7) ح و ق:العيدين.
8- 8) المغني 2:244،الكافي لابن قدامة 1:312،الإنصاف 2:433،المجموع 5:29،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88.
9- 9) المغني 2:244.
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:169،بداية المجتهد 1:219،المغني 2:244،المجموع 5:29.
11- 11) الأمّ 1:240،المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:29،الميزان الكبرى 1:195،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،المغني 2:244، [2]بداية المجتهد 1:219.
12- 12) المغني 2:244،المجموع 5:29،بداية المجتهد 1:219.
13- 13) المغني 2:244.
14- 14) المغني 2:244،المجموع 5:29.

و ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه» (1).

لا يقال:هذا الحديث عندكم متروك فلا يجوز الاستدلال به.

بيان الأوّل:أنّكم تذهبون إلى استحباب الصّلاة للمنفرد.

لأنّا نقول بموجبة،إذ نفي الصّلاة غير متحقّق (2)فلا بدّ من إضمار،و المضمر هاهنا الكمال،لما تقدّم (3).

احتجّ الشيخ (4)بما رواه أبو البختريّ عن جعفر عليه السّلام قال:«من فاتته صلاة العيد فليصلّ أربعا» (5).

احتجّ أحمد (6)على الأوّل بما رواه عن ابن مسعود أنّه قال:من فاته العيد فليصلّ أربعا (7).

و على الثاني:بما رواه عن أنس أنّه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله و مواليه،ثمَّ قام عبد اللّه بن أبي عتبة (8)مولاه فصلّى بهم ركعتين يكبّر فيهما (9).

ص:36


1- 1التهذيب 3:128 الحديث 273،الاستبصار 1:444 الحديث 1714،الوسائل 5:96 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [1]
2- 2) ح و ق:محقّق.
3- 3) تقدّم في ص 9،10.
4- 4) التهذيب 3:135.
5- 5) التهذيب 3:135 الحديث 295،الاستبصار 1:446 الحديث 1725،الوسائل 5:99 الباب 5 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
6- 6) المغني 2:244،الكافي لابن قدامة 1:312.
7- 7) مجمع الزوائد 2:205.
8- 8) عبد اللّه بن أبي عتبة الأنصاريّ البصريّ مولى أنس،روى عنه و عن أبي سعيد الخدريّ و أبي أيّوب و أبي الدرداء و جابر و عائشة،و عنه ثابت البنانيّ و قتادة و حميد و عليّ بن زيد بن جدعان. التاريخ الكبير للبخاريّ 5:158،تهذيب التهذيب 5:312، [3]الجرح و التعديل 5:124.
9- 9) المغني 2:244.

و الجواب عن الأوّل:بالطعن في السند،فإنّ أبا البختريّ ضعيف (1).

و عن الثّاني:أنّ قول ابن مسعود ليس حجّة.

و عن الثالث:أنّا نقول بموجبة،إذ ليس البحث في فعل صلاة العيد مع غير الإمام و استحبابه،و إنّما البحث في قضائها بعد فوات وقتها.

فروع:
الأوّل:لو أدرك الإمام في الثانية دخل معه و يتمّ بعد فراغ الإمام،

و لو أدركه في التشهّد فاتته الصّلاة و أتى بها منفردا مستحبّا،و يستحبّ له أن يجلس معه،فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين،ليدرك فضيلة الجماعة.

الثاني:لو أدركه و قد فرغ و هو في الخطبة استمع إلى الخطبة

(2)

و لا يشتغل بالقضاء، خلافا للشافعيّ (3).

روى (4)الشيخ في الصّحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:

أدركت الإمام على الخطبة،قال:قال:«تجلس حتّى يفرغ من خطبته ثمَّ تقوم فتصلّي» (5).

و الأمر بالصّلاة هاهنا يمكن أن يكون من حيث أنّه قد أدرك الخطبة،فكأنّه قد أدرك بعض الصّلاة،و إلاّ فالأصل أن لا قضاء عليه.

الثالث:هل يشتغل بالتحيّة حال الخطبة لو صلّى العيد في المسجد؟الأقرب لا،

لعموم النهي عن التطوّع بالصّلاة،إلاّ في مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (6). (7)

الرابع:لو لم يعلم بيوم العيد إلاّ بعد الزوال،فاتته الصّلاة إجماعا،

و لا قضاء عليه

ص:37


1- 1تقدّمت ترجمته و بيان حاله في الجزء الأوّل:163.
2- 2) م،ن،ق و ح:أسمع.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:24.
4- 4) ق و ح:و روى.
5- 5) التهذيب 3:136 الحديث 301،الوسائل 5:99 الباب 4 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [1]
6- 6) أكثر النسخ:عليه السلام.
7- 7) ينظر:الوسائل 5:102 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 10.

عندنا،لما تقدّم (1).و به قال أبو حنيفة (2).

و قال الأوزاعيّ،و الثوريّ،و إسحاق (3)،و أحمد:يخرج الإمام من الغد فيصلّي بهم العيد (4).و قال الشافعيّ:إن علم بعد غروب الشمس صلّى بهم في الغد،و إن علم بعد الزوال لم يصلّ مطلقا (5).

لنا:صلاة منوطة بوقت فات فلا تقضى،كالجمعة.

احتجّ الشافعيّ (6)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فطركم يوم تفطرون،و أضحاكم يوم تضحّون،و عرفتكم يوم تعرّفون» (7).و هو إنّما أفطر في اليوم الثاني.

و احتجّ أحمد (8)بما روى أبو عمير بن أنس (9)،عن عمومة له من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ ركبا جاءوا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فشهدوا أنّهم رأوا الهلال

ص:38


1- 1تقدّم في ص 34.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:39،بدائع الصنائع 1:279،المغني 2:244،المجموع 5:29،فتح العزيز بهامش المجموع 5:66.
3- 3) المغني 2:244،بداية المجتهد 1:219،نيل الأوطار 3:382.
4- 4) المغني 2:244،الكافي لابن قدامة 1:305،الإنصاف 2:420،منار السبيل 1:150،بداية المجتهد 1: 219،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،نيل الأوطار 3:382.
5- 5) الأمّ 1:229،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:32،المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:28،مغني المحتاج 1: 315،السراج الوهّاج:97،فتح الوهّاب 1:84،المغني 2:244.
6- 6) الأمّ 1:230،المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:27،المغني 2:245.
7- 7) سنن أبي داود 2:297 الحديث 2324، [1]سنن الترمذيّ 3:80 الحديث 697 و ص 165 الحديث 802، سنن ابن ماجه 1:531 الحديث 1660،سنن البيهقيّ 4:251،نيل الأوطار 3:383 الحديث 2 و 3.و لا توجد فيها:«و عرفتكم يوم تعرّفون».
8- 8) المغني 2:245،الكافي لابن قدامة 1:305،منار السبيل 1:150.
9- 9) أبو عمير بن أنس بن مالك الأنصاريّ و كان أكبر ولد أنس،قيل:اسمه:عبد اللّه،روى عن عمومة له من الأنصار من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في رؤية الهلال،و روى عنه أبو بشر جعفر بن أبي وحشيّة. تهذيب التهذيب 12:188، [2]ميزان الاعتدال 4:558.

بالأمس،فأمرهم أن يفطروا،فإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاّهم (1).

و الجواب عنهما:أنّهما معارضتان بأحاديث أهل البيت عليهم السّلام من سقوط القضاء (2)،و اتّباعهم أولى.

مسألة:التكبيرات الزائدة و القنوت بينها مستحبّ

لا تبطل الصّلاة بتركه عمدا و سهوا.ذهب إليه أكثر أهل العلم (3).و قال السيّد المرتضى:إنّ القنوت واجب (4).

روى الشيخ في الصحيح عن زرارة أنّ عبد الملك بن أعين (5)سأل أبا جعفر عليه السّلام عن الصّلاة في العيدين،فقال:«الصّلاة فيهما سواء،يكبّر الإمام تكبيرة (6)الصّلاة قائما،كما يصنع في الفريضة،ثمَّ يزيد في الرّكعة الأولى ثلاث تكبيرات،و في الأخرى ثلاثا سوى تكبيرة الصّلاة و الرّكوع و السّجود،و إن شاء ثلاثا و خمسا،و إن شاء خمسا و سبعا بعد أن يلحق ذلك إلى وتر (7)». (8)قال الشيخ:فتجويز الاقتصار على الثلاث و الخمس (9)يدلّ على أنّ الإخلال بها لا يضرّ بالصّلاة.ثمَّ قال:و من أخلّ بالتكبيرات السّبع لم يكن

ص:39


1- 1سنن أبي داود 1:300 الحديث 1157،سنن ابن ماجه 1:529 الحديث 1653،سنن النسائيّ 3:180، مسند أحمد 3:279 و ج 5:57،58،نيل الأوطار 3:260 و ج 4:381 الحديث 1.
2- 2) ينظر:الوسائل 5:96 الباب 2 من أبواب صلاة العيد.
3- 3) الأمّ 1:236،المغني 2:238،المجموع 5:21،الكافي لابن قدامة 1:310،الإنصاف 2:431.
4- 4) الانتصار:57.
5- 5) عبد الملك بن أعين الشيبانيّ أبو ضريس أخو زرارة بن أعين و حمران،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام،و أخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام،و عدّه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطوسيّ:128 و 233،رجال العلاّمة:115. [1]
6- 6) م و ح:تكبير،كما في الاستبصار و الوسائل. [2]
7- 7) م و ح:الوتر،كما في الاستبصار.
8- 8) التهذيب 3:134 الحديث 291،الاستبصار 1:447 الحديث 1732،الوسائل 5:109 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 17. [3]
9- 9) غ،م و ن:أو الخمس. [4]

مأثوما،إلاّ أنّه يكون تاركا سنّة و مهملا فضيلة (1).

و قال في الخلاف:و يستحبّ أن يدعو بين التكبيرات بما يسنح (2).

فروع:

الأوّل:لو نسي التكبير و ركع لم يقضه بعد الرّكوع،لعدم الدّليل على ذلك.و قال الشيخ في الخلاف:يقضيه بعد الصّلاة (3).و القائلون بتقديم التكبير على القراءة (4)قال بعضهم:لو نسي و شرع في القراءة لم يعد إليه (5).ذكره الشافعيّ في أحد قوليه (6)،لأنّه سنّة فلم يعد إليه بعد الشروع في القراءة كالاستفتاح.و في القول الآخر له:أنّه يعود إليه (7).و هو قول مالك (8)،و أبي ثور (9)،لأنّه ذكره في محلّه،فيأتي به كما لو لم يشرع،و هذا لا يتأتّى على قولنا إلاّ (10)على قول ابن الجنيد (11)و ابن بابويه (12)القائلين بتقديم التكبير.

الثاني:إذا ذكر في أثناء القراءة،فعند (13)القائلين بالتقديم أعاد التكبير،ثمَّ ابتدأ

ص:40


1- 1التهذيب 3:134.
2- 2) الخلاف 1:264 مسألة-11.
3- 3) الخلاف 1:264 مسألة-13.نسب إلى الشيخ قضاء التكبيرات المنسيّة بعد الصلاة في المعتبر 2:315، و [1]التحرير 1:46،و [2]الذكرى:242،و [3]الجواهر 11:370،و [4]الحدائق 10:261،و الموجود في الخلاف و المبسوط 1:171:« [5]إذا نسي التكبيرات حتّى ركع مضى في صلاته و لا شيء عليه».
4- 4) يراجع:ص 24، [6]مسألة:و التكبير متأخّر عن القراءة.
5- 5) المغني 2:238،الكافي لابن قدامة 1:310،الإنصاف 2:433،المجموع 5:21.
6- 6) الأمّ 1:237،المجموع 5:18،مغني المحتاج 1:311،السراج الوهّاج:95،المغني 2:238.
7- 7) المجموع 5:18،مغني المحتاج 1:311،السراج الوهّاج:96،المغني 2:238.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:170،المجموع 5:21،المغني 2:238.
9- 9) المغني 2:238.
10- 10) ح و ق:و لا.
11- 11) نقله عنه في المختلف:111.
12- 12) نقله عنه في المعتبر 2:313. [7]
13- 13) أكثر النسخ:عند.

بالقراءة (1)،لأنّه قطعها متعمّدا تطويل (2)الكلام.و لأنّ محلّه قبل القراءة فيستأنف القراءة،لأنّه أتى بها فيما بعد.و لو ذكر بعد القراءة لم يعد القراءة،و إن لم يذكره حتّى ركع، سقط وجها واحدا.

الثالث:المسبوق إذا أدرك الإمام راكعا لم يكبّر في حال ركوعه،لأنّه فعل فات محلّه.

و قال أبو حنيفة:يكبّر فيه،لأنّه بمنزلة القيام لإدراك الرّكعة به (3).

و ينتقض ما ذكره بالاستفتاح و قراءة السورة و القنوت،و إنّما أدرك الركعة بإدراكه، لأنّه يدرك معظمها و لم يفته إلاّ القيام.

الرّابع:لو شكّ في عدد التكبيرات يبني (4)على اليقين.

الخامس:إذا قلنا بالتأخير فقدّم على القراءة ناسيا أعاد بعد القراءة،لبقاء موضعها.

السادس:قال الشيخ في المبسوط:لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه، و لو خاف فوت الركوع و الى بينها،و إن خاف القنوت تركها و قضى بعد التسليم (5).

السابع:قال ابن الجنيد:لو ترك التكبير عامدا أعاد الصلاة،فإن قصد به الاستحباب فهو جيّد،ثمَّ قال:إنّ الزيادة كالنقصان (6).

مسألة:و يستحبّ أن يتنظّف و يغتسل و يتطيّب و يلبس أفخر ثيابه و يتسوّك و

يلبس العمامة شتاء و صيفا.

ذهب إليه كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الجمهور عن عائشة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما على أحدكم

ص:41


1- 1المغني 2:238،المدوّنة الكبرى 1:170،المهذّب للشيرازيّ 1:120،بدائع الصنائع 1:278،المجموع 5: 18،الإنصاف 2:433،مغني المحتاج 1:311،السراج الوهّاج:96.
2- 2) ح و ق:بطويل.
3- 3) بدائع الصنائع 1:278،المغني 2:239،شرح فتح القدير 2:46.
4- 4) غ:بنى.
5- 5) المبسوط 1:171. [1]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:315. [2]

أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته،لجمعته و عيده» (1).

و عن جابر،عنه عليه السّلام أنّه كان يعتمّ و يلبس برده الأحمر في العيدين و الجمعة (2).

و عن ابن عبّاس،عنه عليه السّلام:كان يلبس في العيدين برد حبرة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فليغتسل و ليتطيّب بما وجد»و قال خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (4)قال:«العيدان و الجمعة» (5).

و في الصّحيح عن محمّد بن مسلم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا بدّ من العمامة و البرد يوم الأضحى و الفطر،فأمّا الجمعة فإنّه يجزئ بغير عمامة و برد» (6).

و في الموثّق عن عمّار الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل ينسى أن يغتسل يوم الجمعة (7)حتّى صلّى،قال:«إن كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصّلاة، و إن مضى الوقف فقد جازت صلاته» (8).و هذا يدلّ على شدة الاستحباب دون الإيجاب.

و في الصّحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و ينبغي للإمام أن يلبس

ص:42


1- 1سنن أبي داود 1:282 الحديث 1078،سنن ابن ماجه 1:349 الحديث 1096،الموطّأ 1:110 الحديث 17، [1]سنن البيهقيّ 3:242،المغني 2:228.بتفاوت.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:280،نيل الأوطار 3:349،الشرح الكبير بهامش المغني 2:229.
3- 3) المسند للشافعيّ:74،سنن البيهقيّ 3:280،مجمع الزوائد 2:198،نيل الأوطار 3:349 الحديث 2.
4- 4) الأعراف(7):31. [2]
5- 5) التهذيب 3:136 الحديث 297،الاستبصار 1:444 الحديث 1716،الوسائل 5:114 الباب 14 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 3:284 الحديث 845،الوسائل 5:111 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [4]
7- 7) غ،م و ن:العيد.
8- 8) التهذيب 1:112 الحديث 298،الاستبصار 1:103 الحديث 338،الوسائل 2:948 الباب 8 من أبواب الأغسال المسنونة الحديث 1. [5]

حلّة و يعتمّ شاتيا كان أو صائفا» (1).

و في الصّحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتمّ في العيدين شاتيا كان أو قائظا،و يلبس درعه و كذلك ينبغي للإمام» (2).و هذه الأشياء يستحبّ للإمام فعلها آكد من المأموم،لأنّه المنظور إليه.

مسألة:و يستحبّ فعلها في الصّحراء إلاّ بمكّة،

فإنّه تصلّى فيها في المسجد الحرام.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام (3)،و استحسنه الأوزاعيّ (4)، و أصحاب الرأي (5).و هو قول أحمد (6)،و ابن المنذر (7).

و قال الشّافعيّ:إن كان مسجد البلد واسعا صلّي فيه و إلاّ صلّوا في المصلّي (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يخرج إلى المصلّى و يترك مسجده (9)،و الصحابة من بعده فعلوا ذلك،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يترك الأفضل مع

ص:43


1- 1التهذيب 3:131 الحديث 286،الاستبصار 1:449 الحديث 1736،الوسائل 5:106 [1] الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 7 و ص 111 الباب 11 الحديث 6.
2- 2) التهذيب 3:130 الحديث 282،الوسائل 5:111 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 3:311،كنز العمّال 8:644 الحديث 24543،المغني 2:229،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 239.
4- 4) المغني 2:229،الشرح الكبير بهامش المغني 2:239.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:39،بدائع الصنائع 1:280،المغني 2:229.
6- 6) المغني 2:229،الإنصاف 2:426، [3]الكافي لابن قدامة 1:306،منار السبيل 1:149.
7- 7) المغني 2:229.
8- 8) الأمّ 1:234،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 5:5،فتح العزيز بهامش المجموع 5:39،مغني المحتاج 1:312،السراج الوهّاج:96،الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،فتح الوهّاب 1:83،المغني 2:229،نيل الأوطار 3:359.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:22،صحيح مسلم 2:605 الحديث 889،سنن أبي داود 1:301 الحديث 1158، سنن الترمذيّ 2:427 الحديث 543، [4]سنن ابن ماجه 1:413 الحديث 1304 و 1306،كنز العمّال 8:644 الحديث 24542،سنن البيهقيّ 3:280.

سهولته.

و ما رووه عن عليّ عليه السّلام أنّه قيل له:قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس و عميانهم فلو صلّيت بهم في المسجد فقال:«أخالف السنّة إذا،و لكن نخرج إلى المصلّى و نستخلف من يصلّي بهم في المسجد أربعا» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار قال:«و يخرج إلى البرّ حيث ينظر إلى آفاق السّماء[و لا يصلّي على حصير و لا يسجد عليه] (2)و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخرج إلى البقيع فيصلّي بالناس» (3).

و ما رواه في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال الناس لأمير المؤمنين عليه السّلام:ألا تخلف رجلا يصلّي في العيدين؟فقال:لا أخالف السنّة» (4).

و عن محمّد بن يحيى رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيد (5)إلاّ أهل مكّة،فإنّهم يصلّون في المسجد الحرام» (6).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يخرج ماشيا حافيا عليه السكينة و الوقار.

(7)

روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يخرج إلى العيد ماشيا و يرجع ماشيا (8).

ص:44


1- 1ينظر:المغني 2:230،و قريب منه في سنن البيهقيّ 3:310،311.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 3:129 الحديث 278،الاستبصار 1:448 الحديث 1733،الوسائل 5:118 الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث 6. [1]
4- 4) التهذيب 3:137 الحديث 302،الوسائل 5:119 الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث 9. [2]
5- 5) هامش ح:العيدين،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 3:138 الحديث 307،الوسائل 5:118 الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [3]
7- 7) ح و ق:على.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:411 الحديث 1294.

و عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«من السنّة أن يأتي العيد ماشيا» (1).و الحفاء مستحبّ،لأنّ الرّضا عليه السّلام فعله (2).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من اغبرّت قدماه في سبيل اللّه حرّمهما اللّه على النار» (3).و لأنّ فيه خضوعا.

فرع:

لو كان موطنه بعيدا من المصلّى جاز له أن يركب للضرورة،و كذا لو كان عاجزا أو ذا علّة.

مسألة:و لا أذان و لا إقامة في العيدين.

ذهب إليه كلّ من يحفظ عنه العلم.

و روي عن[ابن] (4)الزبير أنّه أذّن و أقام (5).و كذا نقل عن زياد (6)أنّه أوّل من أذّن

ص:45


1- 1سنن الترمذيّ 2:410 الحديث 530، [1]سنن ابن ماجه 1:411 الحديث 1296 و 1297،كنز العمّال 8:638 الحديث 24507،جامع الأصول 7:97 الحديث 4253،نيل الأوطار 3:351 الحديث 1.
2- 2) عيون أخبار الرضا(ع)2:149 الحديث 21،أصول الكافي 1:488 الحديث 7،الوسائل 5:120 الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث 1.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:9 و ج 4:25،سنن الترمذيّ 4:170 الحديث 1632، [2]سنن النسائيّ 6:14،سنن الدارميّ 2:202، [3]مسند أحمد 3:367 و 479 و ج 5:225،226 و [4]ج 6:444،نيل الأوطار 8:24 الحديث 2.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) المغني 2:234،الشرح الكبير بهامش المغني 2:241،المجموع 5:14،الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،نيل الأوطار 3:364.
6- 6) في النسخ و كذا المغني و الشرح:ابن زياد،و الصحيح ما أثبتناه،كما في سائر المصادر.زياد بن أبيه،اختلفوا في اسم أبيه فقيل:عبيد الثقفيّ،و قيل:أبو سفيان،أسلم في عهد أبي بكر،استلحقه معاوية بنسبة سنة 44 ه فكان عضده الأقوى،و كان أشدّ الناس على آل عليّ عليه السّلام و شيعته،و هو الّذي سعى في قتل حجر بن عديّ و من معه.توفّي سنة 53 ه. لسان ميزان 2:493،العبر 1:41، [5]الأعلام للزركليّ 3:53. [6]

و أقام (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى العيدين بغير أذان و لا إقامة (2).

و قال جابر بن سمرة:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العيد غير مرّة و لا مرّتين بلا أذان و لا إقامة.رواه مسلم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و إقامة؟قال:«ليس فيهما أذان و لا إقامة،و لكن ينادى:الصّلاة،ثلاث مرّات» (4).

و ما رواه في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة العيدين ركعتان بلا أذان و لا إقامة» (5).

و في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«ليس في الفطر و الأضحى أذان و لا إقامة» (6).

فرع:

يستحبّ أن يقول المؤذّنون:الصلاة ثلاثا،ذكره الشيخ في المبسوط (7).و قال

ص:46


1- 1المغني 2:234،الشرح الكبير بهامش المغني 2:241،المجموع 5:14،عمدة القارئ 6:282، نيل الأوطار 3:364.
2- 2) سنن أبي داود 1:298 الحديث 1147،سنن الترمذيّ 2:413 ذيل الحديث 532، [1]سنن ابن ماجه 1:406 الحديث 1274،مسند أحمد 1:227. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:604 الحديث 887.
4- 4) التهذيب 3:290 الحديث 873،الوسائل 5:101 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 3:128 الحديث 271،الاستبصار 1:446 الحديث 1722،الوسائل 5:102 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 7. [4]
6- 6) التهذيب 3:129 الحديث 276،الوسائل 5:101 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [5]
7- 7) المبسوط 1:169.

ابن أبي عقيل:يقول:الصلاة جامعة (1).و به قال الشافعيّ (2)،خلافا لأكثر الجمهور (3).

لنا:أنّ فيه تنبيها للغافلين فاستحبّ.و لأنّه قد يخفى اشتغال الإمام بالصّلاة فكان الإعلام حسنا.و لرواية إسماعيل.

احتجّوا (4)بما رواه عطاء قال:أخبرني جابر أن لا أذان يوم الفطر و لا إقامة و لا نداء (5).

و الجواب:أنّ قول جابر ليس بحجّة،و هو لم يرفعه إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.

مسألة:و يستحبّ له أن يطعم شيئا من الحلوة قبل خروجه في الفطر،

(6)

و في الأضحى بعد عوده ممّا يضحّي به.و هو قول عامّة أهل العلم.

و نقل عن أحمد أنّه إن كان له ذبح أخّر في الأضحى،و إلاّ لم يبال أن يأكل قبل خروجه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن بريدة قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يخرج يوم الفطر حتّى يفطر،و لا يفطر يوم الأضحى حتّى يصلّي.رواه الترمذيّ (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه

ص:47


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:316. [1]
2- 2) الأمّ 1:235،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:14،فتح العزيز بهامش المجموع 5:43،المغني 2:234،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،حلية العلماء 2:301،فتح الباري 2: 362.
3- 3) الموطّأ 1:177،المغني 2:234،الشرح الكبير بهامش المغني 2:241،فتح الباري 2:362.
4- 4) المغني 2:234،الكافي لابن قدامة 1:308،فتح الباري 2:392،الشرح الكبير بهامش المغني 2:241.
5- 5) صحيح مسلم 2:604 الحديث 886،سنن البيهقيّ 3:284،جامع الأصول 7:87 الحديث 4234، نيل الأوطار 3:363 ذيل الحديث 2،و نظيره في الموطّأ 1:177 الحديث 1 مع اختلاف.
6- 6) غ:الحلو.
7- 7) المغني 2:229،الإنصاف 2:421، [2]نيل الأوطار 3:357.
8- 8) سنن الترمذيّ 2:426 الحديث 542. [3]

عليه السّلام قال:«اطعم يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلّى» (1).

و ما رواه عن جرّاح المدائنيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«اطعم يوم الفطر قبل أن تصلّي،و لا تطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام» (2).

و لأنّ الفطر أوّل يوم من شوّال واجب،فاستحبّ المبادرة إليه،ليحصل امتثال الأمر و المسارعة إليه،و في الأضحى المأمور به الصّلاة لا غير،فاستحبّ المبادرة إليها.

مسألة:و لو لم يتمكّن من الخروج إلى الصحراء صلاّها في المسجد أو في منزله.

روى الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل لا يخرج يوم الفطر و الأضحى،أ عليه صلاة وحده؟قال:«نعم» (3).

و ما رواه (4)الشيخ عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثمَّ ضحّى» (5).

و روى عن هارون بن حمزة الغنويّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الخروج يوم الفطر و الأضحى إلى الجبّانة حسن لمن استطاع الخروج إليها»فقلت:أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج،أ يصلّي في بيته؟قال:«لا» (6).و المراد به نفي الوجوب.

ص:48


1- 1التهذيب 3:138 الحديث 309،الوسائل 5:113 الباب 12 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 3:138 الحديث 310،الوسائل 5:113 الباب 12 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 3:136 الحديث 299،الاستبصار 1:444 الحديث 1717،الوسائل 5:98 الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [3]
4- 4) غ:و ما روى،ح و ق:روى،و ما أثبتناه من م و ن.
5- 5) التهذيب 3:136 الحديث 300،الاستبصار 1:445 الحديث 1718،الوسائل 5:98 الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [4]
6- 6) التهذيب 3:288 الحديث 864،الاستبصار 1:445 الحديث 1821،الوسائل 5:97 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [5]
فرع:

روى الشيخ عن عبد الرحمن بن سيابة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ على الإمام أن يخرج المحبسين (1)في الدّين يوم الجمعة إلى الجمعة،و يوم العيد إلى العيد،و يرسل معهم،فإذا قضوا الصّلاة و العيد ردّهم إلى السجن» (2).و هذه الرواية مناسبة للمذهب.

مسألة:و يستحبّ أمام التوجّه الدعاء

بما رواه الشيخ في الصّحيح عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام:«اللّهمّ من تهيّأ و تعبّأ.» (3).إلخ،و كذا في الجمعة.

مسألة:و يستحبّ أن يسجد على الأرض.

روى الشيخ في الصحيح عن الفضيل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أتي[أبي عليه السّلام] (4)بخمرة يوم الفطر فأمر بردّها و قال:هذا يوم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحبّ أن ينظر فيه إلى آفاق السماء و يضع جبهته على الأرض» (5).

و روى عن معاوية بن عمّار في الصّحيح،عن أبي عبد للّه عليه السّلام قال:

«و لا يصلّي على حصير و لا يسجد عليه» (6).و لأنّ الخشوع به أكثر.

مسألة:روى ابن بابويه عن إسماعيل بن مسلم،

عن الصّادق عليه السّلام قال:

«كانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنزة (7)في أسفلها عكّاز (8)يتوكّأ عليها و يخرجها في

ص:49


1- 1ح و ق:المحبوسين.
2- 2) التهذيب 3:285 الحديث 852،الوسائل 5:36 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 3:142 الحديث 316،مصباح المتهجّد:237.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 3:284 الحديث 846،الوسائل 5:118 الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [2]
6- 6) التهذيب 3:129 الحديث 278،الوسائل 5:118 الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث 6. [3]
7- 7) العنزة:عصا أقصر من الرمح و لها زج من أسفلها.المصباح المنير:432.
8- 8) لم نعثر في كتب اللغة على معنى مناسب لها إلاّ في منتهى الإرب في لغة العرب 2:866 حيث يقول:عكّازة: آهن پارۀ بر نيزه و مانند آن.

العيدين يصلّي إليها» (1).

مسألة:و الخطبتان واجبتان

كوجوبهما في الجمعة و هما بعد الصّلاة،و لا نعرف خلافا بين المسلمين في أنّ الخطبتين بعد الصّلاة،إلاّ عن بني أميّة.روي أنّ عثمان، و ابن الزبير،و مروان بن الحكم خطبوا قبل الصّلاة (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أبا بكر،و عمر،و عثمان،و عليّا كانوا يصلّون العيدين قبل الخطبة (3).

و روى طارق بن شهاب (4)قال:قدّم مروان الخطبة قبل الصّلاة،فقام رجل فقال:

خالفت السنّة،كانت الخطبة بعد الصّلاة،فقال:ترك ذلك يا أبا فلان،فقام أبو سعيد فقال:أمّا هذا المتكلّم فقد قضى ما عليه،قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من رأى منكم منكرا فلينكره بيده،فمن لم يستطع فلينكره بلسانه،فمن لم يستطع فلينكره بقلبه،و ذلك أضعف الإيمان» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام في صلاة العيدين قال:«الصّلاة قبل الخطبتين[و التكبير] (6)بعد القراءة

ص:50


1- 1الفقيه 1:323 الحديث 1476،الوسائل 5:112 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [1]
2- 2) الأمّ 1:235،سنن البيهقيّ 3:280 و 296،المبسوط للسرخسيّ 2:37،المغني 2:239،فتح الباري 2: 360.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:23،صحيح مسلم 2:605 الحديث 888،سنن الترمذيّ 2:411 الحديث 531، [2]سنن النسائيّ 3:183،سنن الدار قطنيّ 2:46 الحديث 14،سنن البيهقيّ 3:296،مسند أحمد 2:12 و 38. [3]
4- 4) طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة بن هلال بن عوف بن خثيم البجليّ الأحمسيّ أبو عبد اللّه الكوفيّ،رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و روى عنه مرسلا و عن الخلفاء الأربعة و بلال و حذيفة و جمع،و روى عنه إسماعيل بن أبي خالد و قيس بن مسلم و مخارق الأحمسيّ.مات سنة 82 و قيل 83 ه. أسد الغابة 3:48، [4]الإصابة 2:220، [5]تهذيب التهذيب 5:3.و [6]فيه:هلال بن سلمة.
5- 5) سنن أبي داود 1:296 الحديث 1140،سنن ابن ماجه 1:406 الحديث 1275،سنن البيهقيّ 3:296، مسند أحمد 3:10، [7]نيل الأوطار 3:374 الحديث 2.
6- 6) أثبتناها من التهذيب.

سبع في الأولى،و خمس في الأخيرة،و كان أوّل من أحدثها بعد الخطبة عثمان لمّا أحدث أحداثه،كان إذا فرغ من الصّلاة قام الناس ليرجعوا،فلمّا رأى ذلك قدّم الخطبتين و احتبس الناس للصّلاة» (1).و مثله رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).

و عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و الخطبة بعد الصّلاة» (3).

و في حديث سماعة:«و ينبغي للإمام أن يصلّي قبل الخطبة» (4).

و في الصّحيح عن يعقوب بن يقطين،عن العبد الصّالح عليه السّلام:«تكبير العيدين للصّلاة قبل الخطبة،يكبّر تكبيرة يفتتح بها الصّلاة» (5)الحديث.

و في الصّحيح عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و المواعظ و التذكرة يوم الأضحى و الفطر بعد الصّلاة» (6).

فروع:

الأوّل:الخطبتان فيهما كما في الجمعة،و يستحبّ الجلوس بينهما.و هو قول أهل العلم.روى جابر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:خرج عليه السّلام يوم فطر أو أضحى

ص:51


1- 1التهذيب 3:287 الحديث 860،الوسائل 5:110 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 3:129 الحديث 278،الاستبصار 1:448 الحديث 1733،الوسائل 5:110 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 3:130 الحديث 281،الاستبصار 1:448 الحديث 1735،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 9. [3]
4- 4) التهذيب 3:130 الحديث 283،الاستبصار 1:450 الحديث 1742،الوسائل 5:109 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 19. [4]
5- 5) التهذيب 3:132 الحديث 287،الاستبصار 1:449 الحديث 1737،الوسائل 5:107 الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث 8. [5]
6- 6) التهذيب 3:289 الحديث 871،الوسائل 5:111 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [6]

فخطب قائما،ثمَّ قعد ثمَّ قام (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال:

«الصّلاة قبل الخطبتين،يخطب قائما و يجلس بينهما» (2).

و ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إذا خطب الإمام فليقعد بين الخطبتين قليلا» (3).

الثّاني:هل يستحبّ له الجلوس قبل الخطبة (4)؟لا أعرف لعلمائنا فيه نصّا،إلاّ أنّهم أطلقوا أنّ كيفيّة الخطبتين كالجمعة.

و قيل:لا يستحبّ،لأنّه في الجمعة إنّما استحبّ جلوسه لأجل الأذان و لا أذان هنا (5)،و هو حسن.

الثالث:لا يجب حضور الخطبة و لا استماعها بغير خلاف.روى عبد اللّه ابن السائب (6)قال:شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العيد،فلمّا قضى الصّلاة قال:«إنّا نخطب،فمن أحبّ أن يجلس للخطبة فليجلس،و من أحبّ أن يذهب فليذهب» (7).لكنّه مستحبّ،لما فيه من الاتّعاظ و حضور

ص:52


1- 1سنن ابن ماجه 1:409 الحديث 1289،سنن أبي داود 1:286،سنن النسائيّ 3:191.
2- 2) التهذيب 3:287 الحديث 860،الوسائل 5:110 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 3:129 الحديث 278،الوسائل 5:110 الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [2]
4- 4) ح و ق:الخطبتين.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:120،المجموع 5:22،المغني 2:240،الشرح الكبير بهامش المغني 2:255.
6- 6) عبد اللّه بن السائب بن أبي السائب صيفيّ بن عائذ بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم المخزوميّ أبو السائب و يقال أبو عبد الرحمن المكّيّ القارئ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابنه محمّد و أبو سلمة بن سفيان و عطاء و مجاهد.مات قبل ابن الزبير بمدّة. أسد الغابة 3:170، [3]تهذيب التهذيب 5:229. [4]
7- 7) سنن أبي داود 1:300 الحديث 1155،سنن ابن ماجه 1:410 الحديث 1290،سنن النسائيّ 3:185. سنن البيهقيّ 3:301،سنن الدار قطنيّ 2:50 الحديث 30،نيل الأوطار 3:376 الحديث 6.و أيضا روي من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 5:136 الباب 30 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [5]

مجالس (1)الذكر.

الرابع:يستحبّ أن يخطب قائما بغير خلاف،فلو (2)خطب قاعدا أجزأه،و كذا لو خطب على راحلته.روى الجمهور عن أبي جميلة (3)قال:رأيت عليّا عليه السّلام صلّى يوم عيد فبدأ بالصّلاة قبل الخطبة،ثمَّ خطب على دابّته،و كذا عثمان (4).

الخامس:يكره نقل المنبر من موضعه بلا خلاف،بل ينبغي أن يعمل شبه المنبر من طين،لما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم ينقل منبره،و كذا الصحابة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و ليس فيهما منبر،المنبر لا يحوّل من موضعه،و لكن يصنع للإمام شيء شبه المنبر من طين،فيقوم عليه فيخطب الناس ثمَّ ينزل» (6).

مسألة:و الذبح في الأضحى بعد الصّلاة.

روى الجمهور عن جابر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من ذبح قبل أن يصلّي فإنّما هو شاة لحم عجّله لأهله ليس من النسك في شيء،و من ذبح قبل الصّلاة فليذبح مكانها أخرى،و من ذبح بعد الصّلاة فقد تمَّ نسكه و قد أصاب سنّة المسلمين (7)» (8).

ص:53


1- 1غ:مجلس.
2- 2) غ،ح و ق:و لو.
3- 3) ميسرة بن يعقوب أبو جميلة الطهويّ الكوفيّ صاحب راية عليّ عليه السّلام.روى عنه و عن عثمان و الحسن بن عليّ عليهما السلام،و روى عنه ابنه عبد اللّه و عطاء بن السائب و حصين. التاريخ الكبير للبخاريّ 4:374،تهذيب التهذيب 10:387، [1]الجرح و التعديل 8:252.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:298،المغني 2:241.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:22،صحيح مسلم 2:605 الحديث 889،سنن أبي داود 1:296 الحديث 1140، نيل الأوطار 3:374 الحديث 2.
6- 6) التهذيب 3:290 الحديث 873،الوسائل 5:137 الباب 33 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [2]
7- 7) ح و ق:المرسلين.
8- 8) المغني 2:241،الشرح الكبير بهامش المغني 2:255.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت:متى يذبح؟قال:«إذا انصرف الإمام» (1).

مسألة:و يكره التنفّل قبل صلاة العيد و بعدها إلى الزوال للإمام و المأموم،

إلاّ في المدينة،فإنّه يستحبّ أن يصلّي في مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله ركعتين قبل الخروج، سواء كان في المصلّى أو في المسجد.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عليّ عليه السّلام، و ابن عبّاس،و ابن عمر،و ابن مسعود،و حذيفة،و بريدة،و سلمة بن الأكوع،و جابر، و ابن أبي أوفى،و شريح،و عبد اللّه بن مغفّل،و مسروق (2)و الضحّاك (3)،و القاسم،و سالم، و معمّر،و ابن جريج (4)،و الشعبيّ (5)،و مالك (6)،و الزهريّ (7).

و قال أحمد:أهل المدينة لا يتطوّعون قبلها و لا بعدها،و أهل البصرة يتطوّعون قبلها و بعدها،و أهل الكوفة لا يتطوّعون قبلها و يتطوّعون بعدها (8).و هو قول علقمة،

ص:54


1- 1التهذيب 3:287 الحديث 861،الوسائل 5:96 الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث 6. [1]
2- 2) مسروق بن الأجدع الهمدانيّ أبو عائشة الفقيه،روى عن أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ عليه السّلام و معاذ بن جبل و ابن مسعود و كان صاحبه،و روى عنه ابن أخيه و أبو وائل و الشعبيّ و إبراهيم النخعيّ و جمع كثير.مات سنة 63 ه. تهذيب التهذيب 10:109، [2]العبر 1:50. [3]
3- 3) الضحّاك بن مزاحم الهلاليّ أبو القاسم،و يقال أبو محمّد الخراسانيّ،روى عن ابن عمر و ابن عبّاس و أبي هريرة و أبي سعيد و زيد بن أرقم و أنس بن مالك،و روى عنه جويبر بن سعيد و الحسن بن يحيى البصريّ.مات سنة 102 ه. تهذيب التهذيب 4:453، [4]العبر 1:94. [5]
4- 4) غ:و ابن خديجة،باقي النسخ:و ابن خديج.و ما أثبتناه من المغني و المجموع.
5- 5) المغني 2:242،المجموع 5:13، [6]عمدة القارئ 6:284،نيل الأوطار 3:371.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:170،بلغة السالك 1:189،المغني 2:242،نيل الأوطار 3:371.
7- 7) المغني 2:242،المجموع 5:13، [7]عمدة القارئ 6:284،نيل الأوطار 3:371.
8- 8) المغني 2:242،نيل الأوطار 3:372.

و الأسود،و مجاهد،و ابن أبي ليلى،و الثوريّ،و النخعيّ،و الأوزاعي (1)،و أصحاب الرأي (2).

و قال الشافعيّ:يكره التطوّع للإمام دون المأموم (3).و قال مالك:لا يتطوّع في المصلّى قبلها و لا بعدها،و في المسجد روايتان (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج يوم الفطر فصلّى ركعتين،لم يصلّ قبلهما و لا بعدهما (5).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه رأى قوما يصلّون قبل العيد،فقال:ما كان هذا يفعل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن صلاة العيدين،فقال:«ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء» (7).

ص:55


1- 1المغني 2:242،المجموع 5:13،عمدة القارئ 6:284.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:40،بدائع الصنائع 1:280،الهداية للمرغينانيّ 1:85،شرح فتح القدير 2:42، المغني 2:242،المجموع 5:13،نيل الأوطار 3:372.
3- 3) الأمّ 1:234،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:119،المجموع 5:13،مغني المحتاج 1: 313،السراج الوهّاج:96،فتح الوهّاب 1:84،الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 88،المغني 2:242،نيل الأوطار 3:372.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:170،المغني 2:242،بداية المجتهد 1:220،الميزان الكبرى 1:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:88،فتح العزيز بهامش المجموع 5:44،نيل الأوطار 3:372.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:30،صحيح مسلم 2:606 الحديث 884،سنن أبي داود 1:301 الحديث 1159. سنن ابن ماجه 1:410 الحديث 1291،سنن الترمذيّ 2:417 الحديث 537، [1]سنن النسائيّ 3:193، سنن الدارميّ 1:376، [2]سنن البيهقيّ 3:302،مسند أحمد 1:355، [3]نيل الأوطار 3:370 الحديث 1.
6- 6) المغني 2:242،الشرح الكبير بهامش المغني 2:258.
7- 7) التهذيب 3:129 الحديث 278،الاستبصار 1:448 الحديث 1733،الوسائل 5:103 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 11. [4]

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و ليس قبلها و لا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال» (1).

و ما رواه عن محمّد بن الفضل الهاشميّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ركعتان من السنّة ليس تصلّيان في موضع إلاّ بالمدينة»قال:«تصلّى في مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله في العيد قبل أن يخرج إلى المصلّى،ليس ذلك إلاّ بالمدينة،لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعله» (3).

و هذا الحديث يدلّ على المطلبين معا.و لأنّه وقت كره للإمام التنفّل فيه على مذهب الشّافعيّ،فكره للمأموم كسائر أوقات النّهي،و كما قبل الصّلاة عند أبي حنيفة،و كما لو كان في المصلّى عند مالك.

احتجّ مالك (4)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتّى يركع ركعتين» (5).

و احتجّ الشّافعيّ بأنّ الإمام لا يستحبّ له التشاغل عن الصّلاة،و لم يكره للمأموم،

ص:56


1- 1التهذيب 3:134 الحديث 292،الاستبصار 1:443 الحديث 1712،الوسائل 5:95 الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
2- 2) محمّد بن الفضل الهاشميّ المدنيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال في أصحاب الباقر عليه السّلام:محمّد بن الفضل الهاشميّ يكنّى أبا الربيع.قال المامقانيّ:الظاهر اتّحادهما.و في المقام اختلاف ذكره الكلينيّ في الكافي 3:461 [2] محمّد بن الفضل الهاشميّ،و لكن في التهذيب و الفقيه 1:322 الحديث 1475. محمّد بن الفضيل،قال السيّد الخوئيّ:في الطبعة القديمة منهما:محمّد بن الفضل،و الظاهر هو الصحيح،فإنّ محمّد بن الفضيل الهاشميّ لم يثبت وجوده لا في كتب الرجال و لا في الروايات. رجال الطوسيّ:136 و 297،تنقيح المقال 3:171، [3]معجم رجال الحديث 17:154. [4]
3- 3) التهذيب 3:138 الحديث 308،الوسائل 5:102 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 10. [5]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:169،بداية المجتهد 1:220،المغني 2:242،الشرح الكبير بهامش المغني 2:258.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:120،صحيح مسلم 1:495 الحديث 70،سنن ابن ماجه 1:323 الحديث 1012. سنن الدارميّ 1:323،الموطّأ 1:162 الحديث 57، [6]سنن النسائيّ 2:53،مسند أحمد 5:295،296،303، 305 و 311، [7]كنز العمّال 7:657 الحديث 20775.

لأنّه وقت لم ينه عن الصّلاة فيه أشبه ما بعد الزّوال (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصوص بالعيد (2)أو بمسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن الثّاني:أنّه لو كان النّهي للإمام لأجل التّشاغل بالصّلاة لساغ له فعل النّافلة بعدها.

فرعان:

الأوّل:لا يكره قضاء الواجب،خلافا لأحمد قال:لأنّه يخاف من الاقتداء به (4).

و هو ضعيف،لأنّه إذا ثبتت الكراهية لم يحصل ذلك.و يكره قضاء النّافلة،لأنّه كره ابتداؤها فكذا قضاؤها،لحصول المعنى الموجب و هو (5)الاشتغال.و لما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تقض وتر ليلتك-يعني في العيدين-إن كان فاتك،حتّى تصلّي الزوال في ذلك اليوم» (6).

الثّاني:النّهي عن التنفّل عامّ في موطن الصّلاة و غيره،خلافا لأحمد (7)،و كذا لو صلّى العيد في موضع،ثمَّ خرج منه،ثمَّ عاد إليه،عملا بعموم النهي.

مسألة:و إذا خرج بطريق،عاد بغيره مستحبّا.

و هو قول مالك (8)،

ص:57


1- 1المغني 2:242،الشرح الكبير بهامش المغني 2:259،المجموع 5:11،12.
2- 2) م:بالبعد.
3- 3) أكثر النسخ:عليه السّلام.
4- 4) المغني 2:243،الإنصاف 2:432.
5- 5) ح و ق:و هذا.
6- 6) الفقيه 1:322 الحديث 1474،الوسائل 5:101 الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
7- 7) المغني 2:243،الشرح الكبير بهامش المغني 2:260،الكافي لابن قدامة 1:311،الإنصاف 2:432.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:168،بداية المجتهد 1:222،بلغة السالك 1:188،المغني 2:243.

و الشافعيّ (1)،و أحمد (2).

روى الجمهور عن أبي هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن بابويه في الموثّق عن السّكونيّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا خرج إلى العيد (4)لم يرجع في الطريق الذي بدأ فيه،يأخذ في طريق غيره (5).و الفائدة فيه تبرّك الطريقين بوطئه عليه السّلام فيه.

و قيل:كان يحبّ المساواة بين أهلهما في التبرّك بمروره بهم.و لأنّه ينفعهم بجواب إن سألوه (6)،و يسرّون برؤيته.و قيل:ليشهد له الطّريقان.و قيل:لتحصل الصّدقة ممّن صحبه على أهل الطريقين من الفقراء (7).

مسألة:و يكره الخروج بالسّلاح يوم العيد،

لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يخرج السّلاح في العيدين إلاّ أن يكون عدوّ ظاهر» (8).

مسألة:و يستحبّ التّكبير ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب و العشاء،

و يوم الفطر

ص:58


1- 1الأمّ 1:233،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31،المهذّب للشيرازيّ 1:119،المجموع 5:12، [1]مغني المحتاج 1: 313،السراج الوهّاج:96،فتح الوهّاب 1:84،المغني 2:243.
2- 2) المغني 2:243، [2]الكافي لابن قدامة 1:307،الإنصاف 2:423، [3]منار السبيل 1:150.
3- 3) سنن الترمذيّ 2:424 الحديث 541، [4]سنن ابن ماجه 1:412 الحديث 1301،سنن الدارميّ 1:378، [5]سنن البيهقيّ 3:308،نيل الأوطار 3:357.
4- 4) ح:العيدين،كما في الوسائل.
5- 5) الفقيه 1:323 الحديث 1479،التهذيب 7:226 الحديث 987،المبسوط 1:171،الوسائل 5:139 الباب 36 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [6]
6- 6) غ:يسألوه.
7- 7) المغني 2:243،المجموع 5:12،مغني المحتاج 1:313،عمدة القارئ 6:306،نيل الأوطار 3:358.
8- 8) التهذيب 3:137 الحديث 305،الوسائل 5:116 الباب 16 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [7]

عقيب صلاة الصّبح و العيد،فالمستحبّ عقيب أربع صلوات.و قال ابن بابويه:عقيب ستّ صلوات.و أضاف إلى ما ذكرناه عقيب الظهر و العصر يوم الفطر (1).و ظاهر كلام ابن الجنيد (2)و السيّد المرتضى الوجوب (3).و هو قول داود (4).

و ممّن قال باستحباب التكبير:عمر بن عبد العزيز،و أبان بن عثمان،و النخعيّ، و سعيد بن جبير،و عبد الرّحمن بن أبي ليلى،و الحكم،و مجاهد (5)،و مالك (6)،و إسحاق (7)، و أحمد (8)،و أبو ثور،و ابن المنذر،إلاّ أنّهم قالوا:إنّما يستحبّ يوم الفطر (9).

و قال الشافعيّ:يستحبّ التكبير من غروب الشمس إلى خروج الإمام (10).و في رواية أخرى عنه:إلى فراغ الإمام من الصّلاة (11).

ص:59


1- 1الفقيه 2:108،109 الحديث 464،الأمالي:517.و قال في المختلف:«قال ابن بابويه في المقنع:عقيب ستّ صلوات».و الموجود فيه،ص 46:(و من السنّة التكبير ليلة الفطر و يوم الفطر في عشر صلوات).
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:319. [1]
3- 3) الانتصار:517،جمل العلم و العمل:75.
4- 4) المغني 2:226،الشرح الكبير بهامش المغني 2:262،المجموع 5:41،الميزان الكبرى 1:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،منار السبيل 1:153.
5- 5) المغني 2:231،المجموع 5:41. [2]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:167،بداية المجتهد 1:220،بلغة السالك 1:188،المغني 2:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:231،المجموع 5:41، [3]عمدة القارئ 6:295. [4]
7- 7) المغني 2:231،المجموع 5:41. [5]
8- 8) المغني 2:225،الإنصاف 2:434، [6]الكافي لابن قدامة 1:312،المجموع 5:41، [7]منار السبيل 1:153.
9- 9) المغني 2:231،المجموع 5:41. [8]
10- 10) الأمّ 1:231،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:30،المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:32،مغني المحتاج 1:314، السراج الوهّاج:96،الميزان الكبرى 1:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،المغني 2:227، عمدة القارئ 6:295.
11- 11) المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:32،مغني المحتاج 1:314،السراج الوهّاج:96،الميزان الكبرى 1: 197،المغني 2:227،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89.

و قال أبو حنيفة:يكبّر في الأضحى لا الفطر (1).و إبراهيم النخعيّ قال:إنّما يفعل ذلك الحوّاكون (2). (3).

لنا:قوله تعالى وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ (4).

روى الشيخ عن سعيد النقّاش (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و هو قول اللّه:

وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ » (6).

قال الشافعيّ:سمعت من أهل العلم بالقرآن يقول:و لتكملوا عدّة صوم رمضان و لتكبّروا اللّه عند إكماله على ما هداكم (7).

و ما رواه الجمهور عن أبي جميلة قال:رأيت عليّا عليه السّلام خرج يوم العيد فلم يزل يكبّر حتّى انتهى إلى الجبّانة (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سعيد النقّاش قال:قال أبو عبد اللّه

ص:60


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:85،شرح فتح القدير 2:41،بدائع الصنائع 1:279،المغني 2:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:231،المجموع 5:41،حلية العلماء 2:261،فتح العزيز بهامش المجموع 5:13،الميزان الكبرى 1:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،عمدة القارئ 6:295.
2- 2) حاك الثوب يحوكه حوكا و حياكة:نسجه فهو حائك،و قوم حاكة و حوكة أيضا،و نسوة حوائك.الصحاح 4: 1582. [1]
3- 3) المغني 2:231، [2]الميزان الكبرى 1:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89.
4- 4) البقرة(2):185. [3]
5- 5) سعيد النقّاش،قال المامقانيّ:قد وقع الرجل في طريق الصدوق في باب التكبير ليلة الفطر و يومه،و حاله غير معلوم و لا مذكور في كتب الرجال،و كفاية مجرّد وجود طريق للصدوق إليه مع وجود محمّد بن سنان في طريقه محلّ تأمّل. الفقيه(شرح المشيخة)4:89،تنقيح المقال 2:34. [4]
6- 6) التهذيب 3:138 الحديث 311،الوسائل 5:122 الباب 20 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [5]
7- 7) الأمّ 1:231،مغني المحتاج 1:314،فتح الوهّاب 1:84،سنن البيهقيّ 3:278،فتح العزيز بهامش المجموع 5:14. [6]
8- 8) المغني 2:231،سنن الدار قطنيّ 2:44 الحديث 3 و فيه:عن حنش بن المعتمر،عمدة القارئ 6:295.

عليه السّلام لي:«أما إنّ في الفطر تكبيرا و لكنّه مسنون»قال:قلت:و أين (1)هو؟قال:«في ليلة الفطر في المغرب و العشاء الآخرة،و في صلاة الفجر و صلاة (2)العيد» (3).

و لأنّ فيه تعظيما للّه تعالى فكان حسنا،و قد فعله الصّحابة بأسرهم.

احتجّ داود على الوجوب بظاهر الأمر في قوله وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ (4).

و الجواب:أنّه ليس بأمر،و لو سلّم فالوجوب منفيّ بالإجماع،و خلاف من ذكرنا لا يؤثّر في انعقاده.

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ ابن عبّاس سمع تكبير يوم الفطر فقال:أ مجانين الناس؟ (5)و الجواب:أنّه معارض بفعل الصّحابة بأسرهم،فلا اعتداد بما ينفرد (6)به ابن عبّاس.

فرع:

يستحبّ (7)التكبير سواء كبّر الإمام أو لا،عملا بالعموم.و قال ابن عبّاس:إن كبّر الإمام كبّر معه و إلاّ فلا (8).

مسألة:و يستحبّ التكبير في الأضحى.

و به قال الشيخ (9)،

ص:61


1- 1غ،م و ن:فأين.
2- 2) ح:و في صلاة،ق:بصلاة.
3- 3) التهذيب 3:138 الحديث 311،الوسائل 5:122 الباب 20 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
4- 4) المغني 2:226،الشرح الكبير بهامش المغني 2:262،منار السبيل 1:153.
5- 5) المغني 2:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:231،بدائع الصنائع 1:280،شرح فتح القدير 2:41.
6- 6) ح و ق:تفرّد.
7- 7) ح و ق:و يستحبّ.
8- 8) المغني 2:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:232،المجموع 5:41، [2]بداية المجتهد 1:221.
9- 9) المبسوط 1:170، [3]النهاية:136. [4]

و ابن إدريس (1).و قال السيّد المرتضى بالوجوب (2).

و اتّفق علماء الإسلام على مشروعيّة التكبير فيه،و قد وقع الخلاف في مدّته،فذهب علماؤنا أجمع إلى أنّ الابتداء به عقيب ظهر النحر،و آخره عقيب الصّبح من (3)اليوم الثالث من أيّام النحر لمن كان بمنى،و عقيب الصّبح من (4)اليوم الثاني منها لمن كان في غيرها من الأمصار.فالمستحبّ (5)في الأوّل عقيب خمس عشرة صلاة،و في الثاني عقيب عشر صلوات،و هذا الفرق لم يذهب إليه أحد من فقهاء الجمهور.

و قال الشافعيّ في أظهر قوليه:إنّا التكبير عقيب خمس عشرة صلاة،و البدأة بالظهر (6)من يوم النحر (7).و هو قول مالك (8)،و ابن عمر،و عمر بن عبد العزيز (9).فهو موافق لقولنا إلاّ في الفرق.

و قال الشافعيّ في أحد قوليه:إنّه من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر

ص:62


1- 1السرائر:70.
2- 2) جمل العلم و العمل:75،الانتصار:57.
3- 3) غ:في.
4- 4) غ:في.
5- 5) ح و ق:و المستحبّ.
6- 6) م و ن:بها لظهر.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:39،فتح العزيز بهامش المجموع 5:57،مغني المحتاج 1:314، السراج الوهّاج:97،فتح الوهّاب 1:84،الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90، المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،بداية المجتهد 1:221،عمدة القارئ 6:293، نيل الأوطار 3:388.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:172،بداية المجتهد 1:221،بلغة السالك 1:23،المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،المجموع 5:40،عمدة القارئ 6:293،نيل الأوطار 3:388.
9- 9) المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،المجموع 5:40،عمدة القارئ 6:293.

أيّام التشريق (1).و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام،و عمر،و ابن عبّاس، و ابن مسعود.و هو مذهب الثوريّ،و ابن عيينة،و أبي يوسف،و محمّد،و أبي ثور (2)، و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:إنّه يكبّر من غداة إلى العصر من يوم النحر (4).و إليه ذهب علقمة، و النّخعيّ،و روي عن ابن مسعود (5).

و قال الشافعيّ في قول آخر:يكبّر من المغرب ليلة النحر إلى الصّبح من الثالث من أيّام التشريق (6).

و قال الأوزاعيّ:يكبّر من الظهر من يوم النحر إلى الظهر من اليوم الثالث (7).و اختاره المزنيّ (8)،و يحيى بن سعيد الأنصاريّ (9).

ص:63


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:39،فتح العزيز بهامش المجموع 5:58،مغني المحتاج 1:314، السراج الوهّاج:97،فتح الوهّاب 1:84،الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90، المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،عمدة القارئ 6:293.
2- 2) المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،المجموع 5:40، [1]عمدة القارئ 6:293،نيل الأوطار 3:388.
3- 3) المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:264،الإنصاف 2:436، [2]الكافي لابن قدامة 1:313، منار السبيل 1:154،بداية المجتهد 1:221،المجموع 5:40، [3]عمدة القارئ 6:293،نيل الأوطار 3:388.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:43،الهداية للمرغينانيّ 1:87،شرح فتح القدير 2:48،المغني 2:246، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90،المجموع 5:40،الميزان الكبرى 1:198،عمدة القارئ 6:293، حلية العلماء 2:314،فتح العزيز بهامش المجموع 5:58،المحلّى 5:91،نيل الأوطار 3:388.
5- 5) المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،المجموع 5:40، [4]عمدة القارئ 6:293.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:34،فتح العزيز بهامش المجموع 5:58،مغني المحتاج 1:314، السراج الوهّاج:97،نيل الأوطار 3:388.
7- 7) حلية العلماء 2:314.
8- 8) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:31.
9- 9) المجموع 5:40.

و قال داود:يكبّر من الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيّام التشريق (1).

لنا:قوله تعالى وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (2)و هي أيّام التشريق،و ليس فيها ذكر مأمور به سوى التكبير،و ليست (3)عرفة منها.و لأنّ النّاس يوم عرفة يشتغلون بالتلبية،و يجوز النفر (4)في الثاني عقيب الصّبح فسقط (5)ما زاد.و لأنّ عليّا عليه السّلام بدأ بالتكبير عقيب ظهر النحر إلى صبح الثالث (6).و لأنّ التكبير إنّما يكون عقيب الرّمي،و الرّمي إنّما يكون يوم النحر،فأوّل صلاة بعد ذلك الظهر،و آخر صلاة تصلّي بمنى وجوبا صبح الثالث من أيّام التشريق.و لأنّ التكبير بمنى،و لا يستقرّ أحد بمنى بعد الزّوال.

و ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (7)قال:«التكبير في أيّام التشريق عقيب صلاة الظهر من يوم النحر إلى طلوع الفجر يوم الثالث،و في الأمصار (8)عشر صلوات» (9).

و في الحسن عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر (10)عليه السّلام:التكبير في (11)أيّام التشريق في دبر الصلوات؟فقال«التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة،و في سائر

ص:64


1- 1حلية العلماء 2:314،نيل الأوطار 3:388.
2- 2) البقرة(2):203. [1]
3- 3) م،ن و غ:و ليس.و لعلّه باعتبار يوم عرفة.
4- 4) ح و م:السفر.
5- 5) ح و ق:فيسقط.
6- 6) الفقيه 1:328 الحديث 1487،الوسائل 5:125 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 6. [2]
7- 7) البقرة(2):203. [3]
8- 8) ح و ق بزيادة:عقيب.
9- 9) التهذيب 5:269 الحديث 920،الاستبصار 2:299 الحديث 1068،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]
10- 10) هامش ح:لأبي عبد اللّه،كما في الوسائل. [5]
11- 11) ليست في أكثر النسخ.

الأمصار في دبر عشر صلوات.فأوّل (1)التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر» (2).

و أمّا أنّ التكبير عقيب عشر في الأمصار فللحديثين.و لأنّ الناس في التكبير تبع للحاجّ،و هم قد ينفرون في الأوّل فيسقط عنهم التكبير،فيسقط عمّن ليس بمنى.

روى الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و في الأمصار عشر صلوات،فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار،و من أقام بمنى فصلّى بها الظهر و العصر فليكبّر» (3).

و في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و إنّما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات التكبير،لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوّل أمسك أهل الأمصار عن التكبير و كبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير» (4).

احتج أحمد (5)بما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الصّبح يوم عرفة و أقبل علينا فقال:«اللّه أكبر اللّه أكبر»و مدّ التكبير إلى العصر من آخر أيّام التشريق (6).

و احتجّ:أبو حنيفة (7)بقوله تعالى وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ (8)و هي العشر،و الإجماع وقع على عدم التكبير قبل عرفة،فينبغي أن يكبّر يوم عرفة و يوم النحر.

ص:65


1- 1غ و ح:و أوّل،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:269 الحديث 921،الاستبصار 2:299 الحديث 1069،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:269 الحديث 920،الاستبصار 2:299 الحديث 1068،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:269 الحديث 921،الاستبصار 2:299 الحديث 1069،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [4]
5- 5) المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:264،الكافي لابن قدامة 1:313، [5]منار السبيل 1:154.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:50 الحديث 29،المغني 2:246.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:42،الهداية للمرغينانيّ 1:87،حلية العلماء 2:314،المغني 2:246،الشرح الكبير بهامش المغني 2:265،عمدة القارئ 6:293،شرح فتح القدير 2:48.
8- 8) الحج(22):28. [6]

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بما نقلناه عن أهل البيت عليهم السّلام،و هم أعرف بالشرعيّات.

و عن الثاني:أنّ المراد به ذكر اللّه تعالى يوم النحر على الهدي،أو ذكر اللّه تعالى في جميع أيّام العشر عند رؤية الأنعام،و هو أولى من تفسيرهم،لأنّهم لم يعملوا به إلاّ في يومين.

و معارض بما رواه الجمهور عن[محمّد] (1)بن سعيد أنّ عبد اللّه كان يكبّر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر،فأتانا عليّ عليه السّلام بعده فكبّر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق (2).و لأنّ الرمي في هذه الأيّام بأسرها،فشرع التكبير فيها كيوم النحر.

و أيضا:ما ذكره أبو حنيفة غير مانع،إذ أقصاه دلالة الآية على الذكر يوم عرفة،و قد ثبت ذكر اللّه في أيّام التشريق بآية أخرى (3)،فلا منافاة.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ في الخلاف:صفة التكبير أن يقول:

اللّه أكبر اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،اللّه أكبر و للّه الحمد (4).

و رواه ابن بابويه عن عليّ عليه السّلام في عيد الأضحى (5).فالتكبير في أوّله على هذه الرّواية مرّتان.و قال البزنطيّ:يكبّر في الأضحى ثلاثا (6).

و قال ابن الجنيد:يكبّر أربعا و يقول:لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،اللّه أكبر و للّه الحمد،اللّه

ص:66


1- 1م:عمير بن سعد،ن:عمير بن سعيد،غ،ح و ق:عمر بن سعيد،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) أورده في المغني 2:246،مغني المحتاج 2:314.
3- 3) البقرة(2):203. [1]
4- 4) الخلاف 1:268 مسألة-21.
5- 5) الفقيه 1:328 الحديث 1487،الوسائل 5:125 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 5،6.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:320. [2]

أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام،الحمد للّه على ما أبلانا (1).

و قال المفيد في المقنعة:يقول في الفطر:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و للّه الحمد،و الحمد للّه على ما هدانا،و له الشكر على ما أولانا،و في الأضحى:اللّه أكبر،اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،و الحمد للّه على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (2).

و قال الشيخ في النهاية:يقول:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،الحمد للّه على ما هدانا،و له الشكر على ما أولانا.و يزيد في الأضحى في الأخير:و رزقنا من بهيمة الأنعام (3).و قال في المبسوط:يقول:اللّه أكبر مرّتين،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و للّه الحمد، الحمد للّه على ما هدانا،و له الشكر على ما أولانا،و يزيد في الأضحى ما ذكره (4).

و قال الشافعيّ:يكبّر ثلاثا (5).و هو قول مالك (6).

و قال أبو حنيفة (7)،و أحمد:مرّتين (8)،و لم يزيدوا بعد قوله:و للّه الحمد،اللّه أكبر على

ص:67


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:321. [1]
2- 2) المقنعة:33. [2]
3- 3) النهاية:135. [3]
4- 4) المبسوط 1:171. [4]
5- 5) الأمّ 1:241،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:32،المهذّب للشيرازيّ 1:121،المجموع 5:39، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 5:11، [6]حلية العلماء 2:313،مغني المحتاج 1:315،السراج الوهّاج:97،فتح الوهّاب 1:84، الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90،بداية المجتهد 1:221،المبسوط للسرخسيّ 2:43،عمدة القارئ 6:293.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:172،بداية المجتهد 1:221،بلغة السالك 1:189،المغني 2:247،المجموع 5:40، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 5:11،الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90، عمدة القارئ 6:293.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:43،الهداية للمرغينانيّ 1:87، [8]شرح فتح القدير 2:49،المجموع 5:40، [9]فتح العزيز بهامش المجموع 5:11، [10]حلية العلماء 2:313،الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89،عمدة القارئ 6:293،المغني 2:247.
8- 8) المغني 2:247،الإنصاف 2:441،الكافي لابن قدامة 1:33،منار السبيل 1:154،المجموع 5:40، فتح العزيز بهامش المجموع 5:11،الميزان الكبرى 1:198،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:89، عمدة القارئ 6:293.

ما هدانا.و الأقرب عندي ما رواه الشيخ عن سعيد النقّاش،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يقول:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و للّه الحمد،اللّه أكبر على ما هدانا، و هو قول اللّه وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ (1)» (2).و في هذا الحديث، إشارة إلى زيادة ما ذكره علماؤنا.

و روى الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«تقول فيه»يعني في الأضحى:«اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام» (3).

و احتجّ أحمد على أنّ التكبير مرّتين،بما رواه جابر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى و كبّر مرّتين (4).

و احتجّ الشافعيّ بأنّ جابرا صلّى و كبّر ثلاثا،و لم يقله إلاّ بالتوقيف،لأنّه مقدّر، و هذا شيء مستحبّ فتارة يزاد و تارة ينقص (5).

الثاني:التكبير عقيب الفرائض،

للجامع و المنفرد و المسافر و الحاضر و المرأة.و به قال الشافعيّ (6)،و مالك (7).

و قال أحمد:إنّما يكبّر في الجماعة (8).و هو مذهب الثوريّ (9)،

ص:68


1- 1البقرة(2):185. [1]
2- 2) التهذيب 3:138 الحديث 311،الوسائل 5:122 الباب 20 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:269 الحديث 921،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [3]
4- 4) المغني 2:246.و بتفاوت ينظر:الكافي لابن قدامة 1:313.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 5:11،مغني المحتاج 1:315،المغني 1:247،المجموع 5:39.
6- 6) الأمّ 1:241،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:30،المجموع 5:39،فتح العزيز بهامش المجموع 5:57.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:172،عمدة القارئ 6:293.
8- 8) المغني 2:247،الإنصاف 2:436،الكافي لابن قدامة 1:313،منار السبيل 1:153،المجموع 5:40، عمدة القارئ 6:293.
9- 9) المغني 2:247،المجموع 5:40،عمدة القارئ 6:293.

و أبي حنيفة (1).

لنا:أنّه ذكر فاستحبّ فعله مطلقا.و لأنّ المنفرد صلّى فريضة فاستحبّ له التكبير كالجامع.و لعموم الأمر في الآية و الأحاديث.

احتجّ أحمد بقول ابن مسعود و ابن عمر:إنّما التكبير على من صلّى في جماعة (2).

و الجواب:أنّه لا احتجاج بقولهما إذا لم يعارضهما عموم الكتاب،فكيف مع وجوده.

الثالث:إنّما يستحبّ التكبير المذكور عقيب الفرائض خاصّة.

و به قال أبو حنيفة (3)، و مالك (4)،و الثوريّ (5)،و أحمد (6).و قال الشافعيّ:يكبّر عقيب كلّ صلاة فريضة و نافلة (7).

لنا:أنّه لم يثبت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصّحابة فعل ذلك إلاّ عقيب الفرائض،فيبقى الباقي على الأصل.

و أيضا:قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«التكبير عقيب خمس عشرة صلاة،أوّلها

ص:69


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:44،الهداية للمرغينانيّ 1:87،شرح فتح القدير 2:50،المغني 2:247،المجموع 5:40،فتح العزيز بهامش المجموع 5:57،عمدة القارئ 6:293.
2- 2) المغني 2:247،الشرح الكبير بهامش المغني 2:267،الكافي لابن قدامة 1:313،المجموع 5:40،عمدة القارئ 6:293.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:44،الهداية للمرغينانيّ 1:87،شرح فتح القدير 2:50،المجموع 5:39،عمدة القارئ 6:293،الشرح الكبير بهامش المغني 2:266.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:172،بلغة السالك 1:189،المغني 2:247،الشرح الكبير بهامش المغني 2:267، المجموع 5:39،عمدة القارئ 6:293.
5- 5) المجموع 5:39،عمدة القارئ 6:293.
6- 6) المغني 2:247،الإنصاف 2:436،الكافي لابن قدامة 1:313،منار السبيل 1:154،المجموع 5:39، عمدة القارئ 6:293.
7- 7) الأمّ 1:241،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:32،المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:36،فتح العزيز بهامش المجموع 5:57،مغني المحتاج 1:314،السراج الوهّاج:97،فتح الوهّاب 1:84،الميزان الكبرى 1:198، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:90،المغني 2:248،عمدة القارئ 6:293.

ظهر النحر و آخرها الصّبح من اليوم الثالث» (1).

احتجّ الشافعيّ بأنّه ذكر،فتساوت الصّلوات فيه.و لأنّه ذكر حسن،فحسن الإتيان به (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الفرض مغاير للنفل،فلا يجب استواؤهما في الأحكام، و يعارضه الأذان.

و عن الثاني:لا نزاع في حسنه باعتبار الإتيان به مطلقا،و البحث وقع في مشروعيّته هنا،و قد روى الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:«على الرّجال و النساء أن يكبّروا أيّام التشريق في دبر الصلوات،و على من صلّى وحده،و من صلّى تطوّعا» (3).و هذه الرواية ضعيفة،لأنّ في طريقها حفص بن غياث.

الرّابع:لو أخلّ بالتكبير ناسيا كبّر مع الذكر،

و كذا لو صلّى مع الإمام و أخلّ الإمام بالتكبير،و كذا لو صلّى وحده.

الخامس:المسبوق يصلّي مع الإمام،

ثمَّ يتمّ الصّلاة و يكبّر بعد التمام.و هو قول أكثر أهل العلم.و قال الحسن البصريّ:يكبّر ثمَّ يقضي.و قال مجاهد،و مكحول:يكبّر،ثمَّ يقضي،ثمَّ يكبّر (4).

لنا:أنّ شرعيّته بعد التسليم،فلا يؤتى به في الأثناء،كالتسليم و التعقيب.

و ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد قال:سألته عن رجل فاتته ركعة مع الإمام من الصّلاة أيّام التشريق،قال:«يتمّ الصّلاة و يكبّر» (5).

ص:70


1- 1الكافي 4:516 الحديث 1،2، [1]التهذيب 5:269 الحديث 920،الاستبصار 2:299 الحديث 1068، الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 1،2. [2]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:39،مغني المحتاج 1:314.
3- 3) التهذيب 3:289 الحديث 869،الوسائل 5:128 الباب 22 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [3]
4- 4) المغني 2:248،الشرح الكبير بهامش المغني 2:267،المجموع 5:38.
5- 5) التهذيب 3:287 الحديث 857،الوسائل 5:129 الباب 24 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]

احتجّ المخالف بأنّه ذكر شرّع آخر الصّلاة،فيأتي به المسبوق قبل القضاء كالتشهّد (1).

و الجواب:الفرق بأنّ التشهّد جزء بخلاف التكبير.و لأنّ ما ذكروه مبنيّ على أنّ المسبوق يجعل ما يلحقه آخر صلاته،و ليس كذلك.

السادس:لو كان عليه سجود السهو أخّر التكبير إلى أن يسجد،

و لا نعرف فيه خلافا،لأنّه سجود شرّع للصّلاة،فكان التكبير بعده و بعد تشهّده،كما في السجود الذي هو جزء.

السابع:لو فاتته صلاة يكبّر عقيبها،قضاها و كبّر،

سواء قضاها في أيّام التشريق أو في غير أيّام التشريق،خلافا للشافعيّ (2).

لنا:قوله عليه السّلام:«من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (3).و هي من شأنها التكبير عقيبها.قالوا:فات المحلّ إذا خرجت أيّام التشريق (4).جوابه:المحلّ عقيب الصّلاة و القضاء بدل،فحكمه حكم مبدله.

الثامن:قيل:يكبّر مستقبل القبلة،

لأنّه ذكر مختصّ بالصّلاة فأشبه الأذان.

و قيل:يكبّر كيف شاء،لقول جابر:أقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

«اللّه أكبر،اللّه أكبر» (5).و لا أعلم فيه نصّا.

التّاسع:لو خرج من المسجد و لم يكبّر ناسيا كبّر

إذا ذكره،عملا بعموم الأمر بالتكبير،خلافا لأصحاب الرأي (6).فإن ذكر في المسجد و قد مشى ليخرج كبّر ماشيا.و هو قول الشافعيّ (7)،لأنّه ذكر شرع بعد الصلاة فأشبه سائر الذكر.

ص:71


1- 1المغني 2:248،الشرح الكبير بهامش المغني 2:267،المجموع 5:38.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:36،فتح العزيز بهامش المجموع 5:59،مغني المحتاج 1:315.
3- 3) عوالي اللئالي 3:107 الحديث 150. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:36،فتح العزيز بهامش المجموع 5:59،المغني 2:248.
5- 5) المغني 2:249، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2:268. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:45،شرح فتح القدير 2:50،المغني 2:249،المجموع 5:38.
7- 7) الأمّ 1:241،المغني 2:249،الشرح الكبير بهامش المغني 2:268.

و قال أحمد:يرجع (1)إلى مكانه و يستقبل القبلة و يكبّر (2).

العاشر:لو أحدث عقيب الصّلاة قبل التكبير لم يسقط التكبير

و استحبّ فعله،لأنّه ذكر لا يشترط فيه الطهارة،فجاز فعله مع الحدث،خلافا لأحمد،قال:الحدث يقطع الصّلاة فيقطع التكبير (3).قلنا:القياس في الأسباب باطل.

الحادي عشر:لا يستحبّ التكبير عقيب صلاة العيد،

لأنّها ليست من الصّلوات (4)الخمس،فكانت كالنوافل.

الثاني عشر:قال بعض أصحابنا:يستحبّ للمصلّي أن يخرج بالتكبير إلى المصلّى .

(5)

و هو حسن،لما روي عن عليّ عليه السّلام أنّه خرج يوم العيد فلم يزل يكبّر حتّى انتهى إلى الجبّانة (6).

مسألة:و يستحبّ فيه فعل الخير و الأضحيّة في الأضحى،

و زيادة النفقة فيه، و يكره فيه اللعب و الضحك.روى ابن بابويه قال:نظر الحسن بن عليّ عليهما السّلام إلى أناس في يوم فطر يلعبون و يضحكون،فقال لأصحابه و التفت إليهم:«إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه،فسبق فيه قوم ففازوا، و تخلّف آخرون فخابوا،فالعجب كلّ العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون،و يخيب فيه المقصّرون،و ايم اللّه لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه و مسيء

ص:72


1- 1ح و ق:رجع.
2- 2) المغني 2:249،الشرح الكبير بهامش المغني 2:268،الكافي لابن قدامة 1:314،الإنصاف 2:438.
3- 3) المغني 2:249،الشرح الكبير بهامش المغني 2:268،الكافي لابن قدامة 1:314،الإنصاف 2:439.
4- 4) م،ق و ح:الصلاة.
5- 5) المعتبر 2:320.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:44 الحديث 3،المغني 2:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:232،عمدة القارئ 6: 295.

بإساءته» (1).

مسألة:يكره السفر بعد طلوع الفجر يوم العيد

إلاّ بعد أن يشهد الصّلاة،و لو طلعت الشمس حرم.

أمّا الأوّل:فلما رواه الشيخ في الصّحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصّبح و أنت بالبلد فلا تخرج حتّى تشهد ذلك العيد» (2).و لأنّ فيه تفويتا للطاعة و ليس بمحرّم،لأنّ الصّلاة الآن لم تجب عليه.

و أمّا الثاني:فلأنّه يلزم منه الإخلال بالواجب.

فرع:

لو اضطرّ إلى الخروج بعد طلوع الشمس قبل أن يصلّي جاز للضرورة.

مسألة:إذا اجتمع العيد و الجمعة فمن صلّى العيد مع الإمام تخيّر في حضور الجمعة.

ذهب إليه علماؤنا إلاّ أبا الصّلاح،فإنّه قال:لا تسقط الجمعة (3).و هو قول الشّافعيّ (4)، و أبي حنيفة (5).

و ممّن قال بسقوط الجمعة عليّ عليه السّلام،و ابن عبّاس،و عمر،و عثمان،

ص:73


1- 1الفقيه 1:324 الحديث 1483 و ج 2:113 الحديث 486،الوسائل 5:140 الباب 37 من أبواب صلاة العيد الحديث 3.و [1]فيه:نظر الحسين بن عليّ عليه السّلام.
2- 2) التهذيب 3:286 الحديث 853،الوسائل 5:133 الباب 27 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [2]
3- 3) الكافي في الفقه:155.
4- 4) الأمّ 1:239،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:492،الميزان الكبرى 1:186،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:79.ذهب في الجميع إلى أنّها تسقط عن أهل القرى لا عن أهل البلد.
5- 5) الجامع الصغير للشيبانيّ:113،المبسوط للسرخسيّ 2:37،بدائع الصنائع 1:275،الهداية للمرغينانيّ 1: 85،شرح فتح القدير 2:39،40،المجموع 4:492،بداية المجتهد 1:219،الميزان الكبرى 1:186، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:79.

و سعيد (1)،و ابن عمر،و ابن الزبير (2)،و أحمد (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن زيد بن أرقم قال:صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العيد و رخّص في الجمعة فقال:«من شاء أن يصلّي فليصلّ» (4).

و عن أبي هريرة،عنه صلّى اللّه عليه و آله:«[قد] (5)اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة،و إنّا مجمّعون» (6).و مثله رووا (7)عن ابن عبّاس،عنه عليه السّلام (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفطر و الأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة،قال:«اجتمعا في زمان عليّ عليه السّلام فقال:من شاء أن يأتي الجمعة فليأت،و من قعد فلا يضرّه و ليصلّ الظهر» (9).

ص:74


1- 1غ،م و ن:و سعد.
2- 2) المغني 2:212،الشرح الكبير بهامش المغني 2:193،المجموع 4:492.
3- 3) المغني 2:212،الشرح الكبير بهامش المغني 2:193،الإنصاف 2:403، [1]الكافي لابن قدامة 1:303، المجموع 4:492،الميزان الكبرى 1:186،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:79.
4- 4) سنن أبي داود 1:281 الحديث 1070،سنن ابن ماجه 1:415 الحديث 1310،سنن الدارميّ 1:378، [2]مسند أحمد 4:372، [3]سنن البيهقيّ 3:317.
5- 5) في النسخ:إذا،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) سنن أبي داود 1:281 الحديث 1073،سنن ابن ماجه 1:416 ذيل الحديث 1311،سنن البيهقيّ 3:318، مستدرك الحاكم 1:288.
7- 7) م و ن:روي،غ:رواه.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:416 الحديث 1311.
9- 9) الفقيه 1:323 الحديث 1377،الوسائل 5:115 الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]

و ما رواه الشيخ عن سلمة (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين عليه السّلام فخطب الناس فقال:هذا يوم اجتمع فيه عيدان،فمن أحبّ أن يجمّع معنا فليفعل (2)،و من لم يفعل فإنّ له رخصة» (3).و لأنّ الجمعة إنّما زادت على الظهر بالخطبة و قد (4)حصلت في العيد.

احتجّ المخالف بالعموم الدالّ على وجوب الصّلاتين.و لأنّهما صلاتا فرض فلا يسقط إحداهما بالأخرى،كالظهر و العيد (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصوص بأدلّتنا.

و عن الثاني:أنّه منقوض بالظهر و الجمعة.

فروع:
الأوّل:يستحبّ للإمام أن يعلم الناس ذلك في خطبته،

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك.و لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام كان يقول:«إذا اجتمع (6)عيدان في يوم واحد،فإنّه ينبغي للإمام أن يقول للناس (7)في خطبته الأولى:إنّه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصلّيهما جميعا (8)،فمن

ص:75


1- 1قال السيّد الخوئيّ:وقع بهذا العنوان في أسناد جملة من الروايات تبلغ خمسة و عشرين موردا،فقد روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و عن الحسن بن يوسف و سليمان بن سماعة و عليّ بن سيف.و روى عنه أبو أيّوب و أبان، و أبان بن عثمان و محمّد بن أحمد بن يحيى و محمّد بن يحيى. معجم رجال الحديث 8:201. [1]
2- 2) ح و ق:فليصلّ.
3- 3) التهذيب 3:137 الحديث 306،الوسائل 5:116 الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
4- 4) م و ن:فقد.
5- 5) المغني 2:212،الشرح الكبير بهامش المغني 2:193.
6- 6) غ،م،ن و ق بزيادة:للإمام.
7- 7) غ،م،ن و ق:ينبغي أن يقول الإمام للناس.
8- 8) غ،م،ن و ق:معا.

كان مكانه قاصيا فأحبّ أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له» (1).و لأنّ فيه تخفيفا و دفع (2)ضرر بالحضور مرّة ثانية،فشرّع الإعلام كسائر الأحكام.

الثاني:هل التخفيف ثابت في حقّ النائي عن البلد أو مطلقا؟

الأقرب الثاني،عملا بالعموم في قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«فمن أحبّ أن يجمّع معنا فليفعل» (3).

الثالث:هل التخفيف ثابت في حقّ الإمام؟

الأقرب عدمه.و هو قول السيّد المرتضى في المصباح (4)،و الجمهور كافّة،لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و إنّا مجمّعون».و قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«فمن أحبّ أن يجمّع معنا فليفعل».و لأنّه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حقّ من تجب (5)عليه و من يريدها ممّن سقطت عنه،بخلاف غيره من الناس.

لا يقال:عدم الوجوب في حقّ غير الإمام يستلزم عدم الوجوب في حقّه،إذ الشرط الاجتماع،و تعليق الواجب على ما ليس بواجب قبيح.

لأنّا نقول بمنع (6)قبح تعليق الواجب بغيره إذا كان مشروطا.

لا يقال:إنّ الجمعة واجبة في حقّ الإمام وجوبا مطلقا فكيف (7)جعلتموه مشروطا! لأنّا نقول:إنّما تجب مطلقا في غير يوم العيد،أمّا في العيد فإنّه إنّما تجب بشرط الاجتماع و لا استحالة في ذلك،فالإمام (8)يخرج مع حصول الشرائط وجوبا (9)بخلاف

ص:76


1- 1التهذيب 3:137 الحديث 304،الوسائل 5:116 الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [1]
2- 2) ح و ق:من دفع.
3- 3) التهذيب 3:137 الحديث 306،الوسائل 5:116 الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:327. [3]
5- 5) في النسخ:لا تجب،فحذفنا كلمة«لا»لاستقامة المعنى.و في المغني أيضا كذلك ينظر:المغني 2:213.
6- 6) غ:نمنع.
7- 7) ق و ح:و كيف.
8- 8) م و ن:و الإمام.
9- 9) أكثر النسخ:واجبا.

غيره.

مسألة:يستحبّ التعريف آخر نهار عرفة بالأمصار،

و أعظمه استحبابا في حضرة الحسين صلوات اللّه عليه و آله.قال أحمد:أمّا أنا فلا أفعله (1)،مع أنّه أمر به غيره.

لنا:أنّه قد اشتمل على دعاء و تضرّع و تعظيم للّه تعالى (2)فكان مستحبّا،و قد فعله ابن عبّاس و جماعة من العلماء (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجتمعون بغير إمام في يوم عرفة في الأمصار يدعون اللّه عزّ و جلّ» (4).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحثّ على الفطرة

(5)

و وجوبها،و جنسها،و قدرها،و وقت إخراجها،و المستحقّ،و من تجب عليه،و من يستحبّ له إخراجها و سائر أحكامها.و في الأضحى يحثّهم على الأضحيّة و يصفها و يذكر جنسها (6).

الفصل الثالث:في صلاة الكسوف،و فيه ثلاثة مباحث:
الأوّل:في السبب.
مسألة:صلاة الكسوف الشمس و القمر فرض على الأعيان.

و هو مذهب فقهاء

ص:77


1- 1المغني 2:250،الشرح الكبير بهامش المغني 2:271،الإنصاف 2:441.
2- 2) م:سبحانه.
3- 3) المغني 2:250،الشرح الكبير بهامش المغني 2:271.
4- 4) التهذيب 3:136 الحديث 298،الوسائل 10:32 الباب 5 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
5- 5) غ بزيادة:يوم.
6- 6) ح و ق:جهتها.

أهل البيت عليهم السّلام.

و قال الجمهور كافّة:إنّ صلاة كسوف الشمس سنّة،و أكثرهم على أنّ خسوف القمر كذلك (1).

و قال مالك:ليس لخسوف القمر سنّة (2)،و حكي عنه الاستحباب أيضا فرادى لا جماعة (3).

لنا:قوله تعالى لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ وَ اسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ (4)ذكر اللّه تعالى جميع الآيات و خصّ هاتين بذكر السّجود له عند ذكرهما، و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى عند كسوفهما،فكان ذلك بيانا منه للمراد بالآية.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه،لا يخسفان لموت أحد و لا لحياته،فإذا رأيتم ذلك فصلّوا» (5).و الأمر للوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي عبد اللّه (6)قال:سمعت أبا الحسن موسى عليه السّلام يقول:«لمّا قبض إبراهيم بن رسول اللّه (7)صلّى اللّه عليه و آله جرت

ص:78


1- 1المدوّنة الكبرى 1:164،المغني 2:273،الشرح الكبير بهامش المغني 2:273،المجموع 5:43،44، فتح العزيز بهامش المجموع 5:69.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:164،المغني 2:273،الشرح الكبير بهامش المغني 2:273،فتح العزيز بهامش المجموع 5:75.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:164،بداية المجتهد 1:214،المغني 2:273،الشرح الكبير بهامش المغني 2:273.
4- 4) فصّلت(41):37. [1]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:48،صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن ابن ماجه 1:401 الحديث 1262، سنن النسائيّ 3:130-146،سنن البيهقيّ 3:321.بتفاوت يسير.
6- 6) عليّ بن أبي عبد اللّه،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على نقل جامع الرواة رواية عمرو بن عثمان و أحمد بن محمّد بن أبي نصر عنه عن أبي الحسن موسى عليه السّلام.جامع الرواة 1:551، [2]تنقيح المقال 2:264. [3]
7- 7) إبراهيم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من مارية،ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة و مات بها سنة عشر و له سنة و عشرة أشهر و ثمانية أيّام،و قبره بالبقيع.مروج الذهب 3:290، [4]السيرة النبويّة لابن هشام 1:202، [5]إعلام الورى:148. [6]

ثلاث سنن:أمّا واحدة فإنّه لمّا مات انكسفت الشمس،فقال الناس:انكسفت الشمس لفقد ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فصعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المنبر،فحمد اللّه و أثنى عليه ثمَّ قال:أيّها الناس،إنّ الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه يجريان بأمره، مطيعان له،لا ينكسفان لموت أحد (1)و لا لحياته،فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا،ثمَّ نزل فصلّى بالناس صلاة الكسوف» (2).

و ما رواه في الصّحيح عن محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«هي فريضة» (3).

و ما رواه عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة الكسوف فريضة» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«هي فريضة» (5).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:انكسفت الشمس و أنا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام في شهر رمضان فوثب و قال:«إنّه كان يقال:إذا انكسفت القمر و الشمس فافزعوا إلى مساجدكم» (6).

و لأنّه ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاّها في الكسوفين،و التأسّي به واجب لما تقدّم (7).

و بطل قول مالك أيضا،و يزيده بطلانا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه صلّى

ص:79


1- 1غ:أحد من الناس.
2- 2) التهذيب 3:154 الحديث 329،الوسائل 5:143 الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 10. [1]
3- 3) التهذيب 3:155 الحديث 331،الوسائل 5:143 الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 7. [2]
4- 4) التهذيب 3:290 الحديث 875،الوسائل 5:142 الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [3]
5- 5) الحديث 3:293 الحديث 886،الوسائل 5:142 الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [4]
6- 6) التهذيب 3:293 الحديث 887،الوسائل 5:148 الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [5]
7- 7) يراجع:نفس الصفحة رقم 2.

بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين،فقال:إنّما صلّيت لأنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي (1).و لأنّه أحد الكسوفين فأشبه كسوف الشمس.

مسألة:قال علماؤنا:تجب صلاة الكسوف للزلزلة أيضا.

و قال إسحاق، و أبو ثور (2)،و أحمد (3)،و أبو حنيفة بالاستحباب (4).و قال مالك (5)،و الشافعيّ،لا يصلّى لها شيء (6).

لنا:أنّ علّة وجوب صلاة الكسوف كونه آية من آيات اللّه يخوّف (7)عباده،و الخوف هنا أشدّ،فكان الوجوب أولى.و لأنّ ابن عبّاس صلّى للزلزلة بالبصرة (8)و لم ينكر عليه فكان إجماعا.و لأنّه لم يفعله إلاّ توقيفا.

و ما رواه الجمهور عن أبي بكر[ة] (9)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّ هذه الآيات الّتي يرسل اللّه لا تكون لموت أحد و لا لحياته،فإذا رأيتم ذلك فصلّوا» (10).و الأمر

ص:80


1- 1مسند الشافعيّ:351،سنن البيهقيّ 3:338،نيل الأوطار 4:23 الحديث 1،المغني 2:274، الشرح الكبير بهامش المغني 2:274.
2- 2) المغني 2:282،الشرح الكبير بهامش المغني 2:282.
3- 3) المغني 2:282،الكافي لابن قدامة 2:318،الإنصاف 2:449.
4- 4) بدائع الصنائع 1:282،المغني 2:282،الشرح الكبير بهامش المغني 2:282.
5- 5) بداية المجتهد 1:214،بلغة السالك 1:190،المغني 2:282،الشرح الكبير بهامش المغني 2:283، الميزان الكبرى 1:200،المدوّنة الكبرى 1:165،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:92.
6- 6) حلية العلماء 2:320،321،فتح العزيز بهامش المجموع 5:84،85،بداية المجتهد 1:214،المغني 2:282، الشرح الكبير بهامش المغني 2:283.و فيهما:«لا يصلّى لشيء من الآيات سوى الكسوف»،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:92.
7- 7) ح و ق بزيادة:اللّه.
8- 8) المصنّف لعبد الرزاق 3:101 الحديث 4929،سنن البيهقيّ 3:343،المغني 2:282،الشرح الكبير بهامش المغني 2:283.
9- 9) أثبتناها من المصدر.
10- 10) صحيح البخاريّ 2:48،صحيح مسلم 2:628 الحديث 912،سنن النسائيّ 3:153.في الجميع:عن أبي بردة.و لرواية أبي بكرة بهذا المضمون ينظر:البخاريّ 2:42.

للوجوب.و مثله روى أبيّ بن كعب عنه عليه السّلام (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن عمر بن أذينة،عن رهط،عن كليهما عليهما السّلام،و منهم من سمعه من أحدهما،أنّ صلاة كسوف الشمس و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات.و الرهط:الفضيل و زرارة و بريد و محمّد بن مسلم (2).

مسألة:و تجب لأخاويف السّماء،

كالظلمة الشديدة و الرّياح الشديدة و الصّيحة و غير ذلك من الآيات الخارجة عن قانون العادة.و قال أصحاب الرأي:تستحبّ الصّلاة للآيات كلّها (3).و خالف فيه باقي الجمهور.

لنا:أنّ العلّة و هي الخوف موجودة.روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه إذا هبّت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغيّر وجهه و اصفرّ،و كان كالخائف الوجل حتّى تنزل (4)من السّماء قطرة مطر،فيرجع إليه لونه و يقول:«جاءكم بالرّحمة» (5).

و ما رواه الجمهور في حديث أبي بكر[ة] (6)و أبيّ بن كعب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا:

قلنا لأبي جعفر عليه السّلام:هذه الرّياح و الظلم التي تكون،هل يصلّى لها؟فقال:«كلّ أخاويف السّماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف» (7).

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت الصّادق

ص:81


1- 1سنن النسائيّ 3:141،142.بتفاوت.
2- 2) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [1]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:75،تحفة الفقهاء 1:183،بدائع الصنائع 1:282،المغني 2:282،الشرح الكبير بهامش المغني 2:282.
4- 4) أكثر النسخ:نزل.
5- 5) الفقيه 1:345 الحديث 1528.و فيه:«جاءتكم بالرحمة».
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 3:155 الحديث 330،الوسائل 5:144 الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]

عليه السّلام عن الريح و الظلمة تكون في السماء و الكسوف؟فقال الصّادق عليه السّلام:

«صلاتهما سواء» (1).

و روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أتت الرّياح الشديدة قال:«اللهمّ اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا» (2).و معناه أنّ كلّ موضع ذكر اللّه تعالى في القرآن ريحا قرن به العذاب،و كلّ موضع ذكر الرّياح قرن به الرّحمة،و هو يدلّ (3)على وجود الحذر.

البحث الثاني:في الكيفيّة
مسألة:و هي ركعتان،في كلّ ركعة خمس ركوعات.

و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام.

و قال أبو حنيفة:يصلّي ركعتين كالفجر (4).و قال الشافعيّ:يصلّي ركعتين،في كلّ ركعة ركوعان (5).و به قال أحمد (6)،و مالك (7)،و إسحاق،

ص:82


1- 1الفقيه 1:341 الحديث 1512،الوسائل 5:144 الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [1]
2- 2) كنز العمّال 7:75 الحديث 18033،مجمع الزوائد 10:135.
3- 3) ح و ق:و هذا دليل.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:182،المبسوط للسرخسيّ 2:74،بدائع الصنائع 1:280،الهداية للمرغينانيّ 1:88، حلية العلماء 2:318،المجموع 5:62،المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276،بداية المجتهد 1: 210.
5- 5) الأمّ 1:243،المهذّب للشيرازيّ 1:122،حلية العلماء 2:317،المجموع 5:47،الميزان الكبرى 1:198، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:91،مغني المحتاج 1:317،السراج الوهّاج:98،المبسوط للسرخسيّ 2: 74،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،نيل الأوطار 4:16.
6- 6) المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،الكافي لابن قدامة 1:315،316،الإنصاف 2: 442-445، [2]المجموع 5:62،نيل الأوطار 4:16.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:164،بداية المجتهد 1:210،المجموع 5:62،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،نيل الأوطار 4:16.

و أبو ثور (1).

لنا:ما رواه أبيّ بن كعب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركع خمس ركوعات،ثمَّ سجد سجدتين،و فعل مثل ذلك في الثانية (2).و مثله رواه عليّ عليه السّلام (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن الفضيل و زرارة و بريد و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام أنّ صلاة الكسوف و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات،صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الناس خلفه،في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ و قد انجلى كسوفها (4).و مثله روى الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام (5).و مثله رواه (6)عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

لا يقال:قد روى الشيخ عن محمّد بن خالد البرقيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام صلّى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات و أربع ركعات (8).

و روى الشيخ أيضا عن يونس بن يعقوب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«انكسف القمر فخرج أبي و خرجت معه إلى المسجد الحرام فصلّى ثماني (9)ركعات كما

ص:83


1- 1المجموع 5:62.
2- 2) سنن أبي داود 1:307 الحديث 1182،سنن البيهقيّ 3:329.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:329.
4- 4) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [1]
5- 5) التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [2]
6- 6) ح:روى.
7- 7) التهذيب 3:292 الحديث 881،الاستبصار 1:452 الحديث 1752،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 3. [3]
8- 8) التهذيب 3:291 الحديث 879،الاستبصار 1:452 الحديث 1753،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 4. [4]
9- 9) ح:ثمان،كما في التهذيب و الاستبصار.

يصلّي ركعة و سجدتين» (1).

لأنّا نقول:هذان الخبران لم يعمل بهما أحد من علمائنا،فكانا مدفوعين.و أيضا:فهما معارضان للأحاديث المتقدّمة.و أيضا:فإنّ (2)الحديث الأوّل رواه محمّد بن خالد تارة عن الصّادق عليه السّلام،و تارة عن البختريّ،و ذلك (3)يوجب تطرّق التهمة فيه.و أيضا فإنّ محمّد بن خالد ضعيف في الحديث،و أبا (4)البختريّ ضعيف أيضا.

و الحديث الثاني يرويه بنان بن محمّد (5)،عن المحسن بن أحمد،عن يونس بن يعقوب،و هؤلاء لا أعرفهم.

احتجّ أبو حنيفة (6)بما رواه قبيصة (7)قال:خسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى ركعتين فأطال فيهما،فلمّا انجلت الشمس و انصرف قال:«إنّما هذه الآيات يخوّف اللّه بها عباده و إذا رأيتموها فصلّوا كأحدث صلاة صلّيتموها من المكتوبة» (8).

ص:84


1- 1التهذيب 3:292 الحديث 880،الاستبصار 1:453 الحديث 1754،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 5. [1]
2- 2) لا توجد في م و ن.
3- 3) ح و ق:و لذلك.
4- 4) م:و أبو،ح:و أمّا البختريّ فضعيف.
5- 5) بنان بن محمّد بن عيسى،قال النجاشيّ و الكشّيّ:بنان لقب عبد اللّه بن محمّد بن عيسى أخي أحمد بن محمّد بن عيسى،و جعله الكاظميّ في المشتركات مجهولا. رجال النجاشيّ:328،رجال الكشّيّ:512،هداية المحدّثين:26،تنقيح المقال 1:184. [2]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:74،بدائع الصنائع 1:281،المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276، المجموع 5:62، [3]شرح فتح القدير 2:54.
7- 7) قبيصة بن المخارق بن عبد اللّه بن شدّاد الهلاليّ يكنّى أبا بشر،وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و روى عنه،روى عنه ابنه قطن و هلال بن عامر البصريّ و أبو قلابة الجرميّ. أسد الغابة 4:192، [4]الإصابة 3:222، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 3:254، [7]تهذيب التهذيب 8:350. [8]
8- 8) سنن أبي داود 1:308 الحديث 1185،سنن البيهقيّ 3:434.

و ما رواه النعمان بن بشير قال:خسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى ركعتين (1).و لأنّ هذه الصلاة كلّ ركعة فيها سجدتان فكان فيها (2)ركوع واحد كسائر الصّلوات.

و احتجّ الشافعيّ (3)بما رواه ابن عبّاس قال:خسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى و الناس معه،فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة،ثمَّ ركع ركوعا طويلا،ثمَّ قام قياما طويلا و هو دون القيام الأوّل،ثمَّ ركع ركوعا طويلا و هو دون الرّكوع الأوّل،ثمَّ سجد و هكذا في الثانية (4).و روت عائشة صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلّ ركعة ركوعين و قيامين (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مرسل،سلّمنا،لكن صلاة ركعتين لا ينافي تكثير الرّكوع فيهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام قال:«كسفت الشمس في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بالناس ركعتين و طوّل حتّى غشي على بعض القوم ممّن كان وراءه من طول القيام» (6).فسمّاهما ركعتين و إن كان عليه السّلام في وصفه قد عدّ عشر ركوعات (7).و هو الجواب عن الحديث الثاني.

ص:85


1- 1سنن أبي داود 1:310 الحديث 1193،مسند أحمد 4:267، [1]سنن البيهقيّ 3:333.
2- 2) ح و ق:فيهما.
3- 3) الأمّ 1:242،المهذّب للشيرازيّ 1:122،فتح العزيز بهامش المجموع 5:69.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:45،46،صحيح مسلم 2:626 الحديث 907،سنن أبي داود 1:309 الحديث 1189، سنن النسائيّ 3:146،سنن البيهقيّ 3:321.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:44،45،صحيح مسلم 2:618 الحديث 901،سنن الدارميّ 1:360، [2]سنن البيهقيّ 3: 322،323.
6- 6) التهذيب 3:293 الحديث 885،الوسائل 5:154 الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [3]
7- 7) ح و ق:ركعات.

و عن الثالث:أنّه قياس في المقدّرات التي لا معنى يعقل (1)جامعا فيها و هو باطل.

و عن الرّابع:أنّه معارض بما رويناه أوّلا من حديث عليّ عليه السّلام و أبنائه عليهم السّلام،و هم أعرف من ابن عبّاس و عائشة.و معارض أيضا بحديث أبيّ بن كعب، و بما رواه الجمهور عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام خمس قيامات (2).

و لأنّ روايتنا أرجح،بما أنّ (3)ابن عبّاس أصغر سنّا من عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و أبيّ.و عائشة لا تخالط الرّجال فيشتبه عليها فعله (4)صلّى اللّه عليه و آله.و لاشتمالها على الزيادة و الإثبات.

مسألة:و كيفيّتها:

أن ينوي،ثمَّ يقرأ الحمد و سورة أو بعضها،ثمَّ يركع،ثمَّ يقوم،فإن كان أتمّ السورة في الأولى أعاد الحمد و قرأ أخرى أو بعضها،و إن كان قرأ بعضها ابتدأ بتمامها و لا يجب (5)قراءة الحمد حينئذ،و هكذا خمس مرّات،ثمَّ يسجد سجدتين،ثمَّ يقوم بغير تكبير فيفعل في الثانية كما فعل في الأولى،ثمَّ يتشهّد و يسلّم.ذهب إليه علماؤنا أجمع،لما رواه (6)الشيخ في الصحيح عن الرهط،عن كليهما عليهما السّلام قالا:«تبدأ فتكبّر بافتتاح الصّلاة ثمَّ تقرأ أمّ الكتاب و سورة ثمَّ تركع،ثمَّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثمَّ تركع الثانية،ثمَّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثمَّ تركع الثالثة، ثمَّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثمَّ تركع الرابعة،ثمَّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرأ أم الكتاب و سورة ثمَّ تركع الخامسة،فإذا رفعت رأسك قلت:سمع اللّه لمن حمده،ثمَّ تخرّ ساجدا فتسجد سجدتين،ثمَّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى».قال:

ص:86


1- 1ح:يفعل،م و ق:بفعل.
2- 2) صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن أبي داود 1:306 الحديث 1178،نيل الأوطار 4:18 الحديث 1.
3- 3) ح و ق:لما أنّ،هامش ح:لأنّ.
4- 4) ح و ق:فعل النبيّ.
5- 5) غ بزيادة:عليه.
6- 6) ح:لنا ما رواه.

قلت:و إن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرّقها بينها؟قال:«أجزأه أمّ القرآن في أوّل مرّة،و إن (1)قرأ خمس سور قرأ مع كلّ سورة أمّ القرآن،و القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة،ثمَّ تقنت في الرابعة مثل ذلك ثمَّ في السادسة ثمَّ في الثامنة ثمَّ في العاشرة» (2).

فروع:
الأوّل:يستحبّ الإطالة بقدر زمان الكسوف،

و لا نعرف فيه خلافا،لرواية ابن عبّاس (3).

و من طريق الخاصّة:رواية القدّاح (4)،و ما رواه الشيخ في الصحيح عن الرهط،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام:«صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس،ففرغ حين فرغ و قد انجلى كسوفها» (5).

و ما رواه عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن صلّيت الكسوف فإلى أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر،و تطوّل في صلاتك فإنّ ذلك أفضل،و إن أحببت أن تصلّي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز» (6).و لأنّها شرعت لدفع المخوف و لطلب عود النور فتستمرّ باستمراره.

الثاني:يستحبّ قراءة السور الطوال.

و هو قول أهل العلم،لما رواه الجمهور

ص:87


1- 1ح:فإن،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:46،صحيح مسلم 2:626 الحديث 907،سنن أبي داود 1:309 الحديث 1189، سنن النسائيّ 3:146.
4- 4) التهذيب 3:293 الحديث 885،الوسائل 5:152 الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [4]
6- 6) التهذيب 3:291 الحديث 876،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 5. [5]

عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة (1).

و في حديث عائشة:حزرت (2)قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيت أنّه قرأ في الركعة الأولى سورة (3)البقرة و في الثانية سورة (4)آل عمران (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن القدّاح،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و طوّل حتّى غشي على بعض القوم ممّن كان وراءه من طول القيام» (6).

و ما رواه عن أبي بصير قال:سألته عن صلاة الكسوف،فقال:«عشر ركعات و أربع سجدات يقرأ في كلّ ركعة مثل يس و النور» (7).

الثالث:يستحبّ إطالة الركوع.

و هو قول أهل العلم،لحديث عائشة أنّه ركع ركوعا طويلا (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير:«يقرأ في كلّ ركعة مثل يس و النور،و يكون ركوعك مثل قراءتك،و سجودك مثل ركوعك» (9).

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:

ص:88


1- 1صحيح البخاريّ 2:45،46،صحيح مسلم 2:626 الحديث 907،سنن النسائيّ 3:146،سنن أبي داود 1:309 الحديث 1189،سنن البيهقيّ 3:321.
2- 2) حزرت الشيء(حزرا)من بابي ضرب و قتل.قدّرته،و منه:حزرت النخل إذا خرصته.المصباح المنير:133. [1]
3- 3) م و ن:بسورة.
4- 4) م و ن:بسورة.
5- 5) سنن أبي داود 1:309 الحديث 1187،سنن البيهقيّ 3:335.
6- 6) التهذيب 3:293 الحديث 885،الوسائل 5:154 الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 3:294 الحديث 890،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 2:42،صحيح مسلم 2:618 الحديث 901،سنن أبي داود 1:307 الحديث 1180، سنن النسائيّ 3:130،131،سنن الترمذيّ 2:449 الحديث 561، [4]سنن البيهقيّ 3:323.
9- 9) التهذيب 3:294 الحديث 890،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [5]

«و تطوّل القنوت على قدر القراءة و الركوع و السّجود» (1).

الرابع:يستحبّ إطالة السّجود.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أحمد (2).و قال الشافعيّ (3)،و مالك:لا يطيل السجود (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن عمرو أنّه قال في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ثمَّ سجد فلم يكد يرفع رأسه (5).و في حديث عائشة:ثمَّ رفع،ثمَّ سجد سجودا طويلا (6).

و من طريق الخاصّة:قول أبي جعفر عليه السّلام في رواية محمّد بن مسلم و زرارة:

و تطيل الرّكوع و السجود (7).و في رواية أبي بصير:«و يكون ركوعك مثل قراءتك، و سجودك مثل ركوعك» (8).و لأنّه أحد الأركان فأشبه الركوع و القيام.و لأنّه أبلغ في الخشوع،فكان إطالته أبلغ في تحصيل المطلوب.

احتجّ المخالف بأنّ إطالة السّجود لم ينقل (9).

و الجواب:أنّ أبا داود نقل حديث ابن عمرو،و البخاريّ حديث عائشة،و عدم نقله في خبر لا يدلّ على عدم نقله مطلقا.

الخامس:قال علماؤنا:يستحبّ في صلاة الكسوفين الجهر بالقراءة.

ص:89


1- 1التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [1]
2- 2) المغني 2:275،الكافي لابن قدامة 1:316،الإنصاف 2:444.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:122،حلية العلماء 2:317،المجموع 5:49،50،فتح العزيز بهامش المجموع 5:73، مغني المحتاج 1:318،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:163،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275.
5- 5) سنن أبي داود 1:310 الحديث 1194.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:47،سنن النسائيّ 3:150،سنن البيهقيّ 3:323.
7- 7) التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [2]
8- 8) التهذيب 3:294 الحديث 890،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [3]
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:122،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275.

و به قال مالك (1)،و أبو يوسف،و محمّد (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4)،و ابن المنذر (5).

و قال الشافعيّ (6)،و أبو حنيفة:لا يجهر في كسوف الشمس و يجهر في كسوف القمر (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة الكسوف و جهر فيها بالقراءة (8).

ص:90


1- 1ينظر:سنن الترمذيّ 2:453،و [1]نقل عنه في المدوّنة الكبرى 1:163 و بداية المجتهد 1:212 الإسرار بها، و هو مذهبه في بلغة السالك 1:190،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:190،و نقل أيضا عنه في حلية العلماء 2:318،المجموع 5:52،المحلّى 5:101،الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 91 الإسرار بها.و في المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،فتح العزيز بهامش المجموع 5:76 نقل عنه الإجهار في خسوف القمر و الإسرار في خسوف الشمس.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:76،تحفة الفقهاء 1:182،بدائع الصنائع 1:281،الهداية للمرغينانيّ 1:88، المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276،المجموع 5:52، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:76، [3]بداية المجتهد 1:212،حلية العلماء 2:319،نيل الأوطار 4:22.
3- 3) المغني 2:274،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،الكافي لابن قدامة 1:316،الإنصاف 2:443، [4]سنن الترمذيّ 2:453، [5]المجموع 5:52،فتح العزيز بهامش المجموع 5:76،حلية العلماء 2:319،الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:91،نيل الأوطار 4:22.
4- 4) سنن الترمذيّ 2:453، [6]المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276،المجموع 5:52،بداية المجتهد 1:212،نيل الأوطار 4:22.
5- 5) المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276،المجموع 5:52،نيل الأوطار 4:22.
6- 6) الأمّ 1:244،245،المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:52،فتح العزيز بهامش المجموع 5:76، مغني المحتاج 1:318،المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،نيل الأوطار 4:22.
7- 7) المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،فتح العزيز بهامش المجموع 5:76،نيل الأوطار 4: 22.و في تحفة الفقهاء 1:182،المبسوط للسرخسيّ 2:76،بدائع الصنائع 1:281،الهداية للمرغينانيّ 1: 88،المحلّي 5:101،حلية العلماء 2:318،المجموع 5:52،الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:91 أنّ الإسرار بها مطلقا.
8- 8) سنن الترمذيّ 2:452 الحديث 563. [7]

و عنها أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جهر في صلاة الخسوف (1).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه صلّى الكسوف و جهر بالقراءة (2).و فعله عبد اللّه بن يزيد (3)في حضرة البراء بن عازب و زيد بن أرقم و لم ينكرا عليه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام:«و يجهر بالقراءة» (5).و لأنّها صلاة إحدى الآيتين فاستحبّ لها الجهر كالأخرى.

احتجّ المخالف (6)بما روته عائشة قالت:حزرت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (7).و لو جهر لم يفتقر إلى التخمين.

و عن ابن عبّاس عنه عليه السّلام:قام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة (8).

و عن سمرة:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى في خسوف القمر فلم أسمع له صوتا (9).

ص:91


1- 1صحيح البخاريّ 2:49،صحيح مسلم 2:620 الحديث 901،سنن أبي داود 1:309 الحديث 1188، سنن البيهقيّ 3:335.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:336،المغني 2:276،الشرح الكبير بهامش المغني 2:276،المبسوط للسرخسيّ 2:76.
3- 3) عبد اللّه بن يزيد بن زيد الخطميّ الأنصاريّ من الأوس،كوفيّ شهد الحديبية و هو ابن سبع عشرة سنة و كان أميرا على الكوفة و شهد مع عليّ عليه السّلام صفّين و الجمل و النهروان،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي أيّوب و زيد بن ثابت و البراء بن عازب،مات في زمن ابن الزّبير. الإصابة 2:382، [1]الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 2:391، [3]تهذيب التهذيب 6:78. [4]
4- 4) المغني 2:276.
5- 5) الكافي 3:463 الحديث 2، [5]الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [6]
6- 6) المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275.
7- 7) سنن أبي داود 1:309 الحديث 1187،سنن البيهقيّ 3:335.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:45،46،صحيح مسلم 2:626 الحديث 907،سنن أبي داود 1:309 الحديث 1189، سنن البيهقيّ 3:321.
9- 9) سنن أبي داود 1:308 الحديث 1184،سنن الترمذيّ 2:451 الحديث 562،: [7]سنن النسائيّ 3:140، سنن البيهقيّ 3:335،نيل الأوطار 4:21 الحديث 2.

و لأنّها صلاة نهار فلم يجهر فيها.و لأنّها صلاة نهار فيكون إخفاتا كالظهر.

و الجواب عن الأوّل:أنّ راويه ابن إسحاق (1)و هو ضعيف.و أيضا فإنّه يحتمل أنّها لم تسمعه لبعده،أو أنّه قرأ غير البقرة بقدرها.و هو الجواب عن حديث ابن عبّاس،و حديث سمرة (2)لا يدلّ،لجواز بعده عنه.

و يؤيّده:أنّه قال:دخلت المسجد و فيه الزحام.و أيضا:فإنّه نفي لا يعارض حديث الإثبات.

و عن القياس بالنقض بالجمعة و العيدين و الاستسقاء،و القياس على صور (3)النقض أولى للندور.

السادس:زعم ابن إدريس أنّ قراءة الحمد لا يجب تكريرها في كلّ قيام إلاّ في

الأوّل و أوّل الثانية،

(4)

سواء أتمّ قراءة الحمد أو لا،لأنّها ركعة واحدة (5).و هو مخالف لفتاوي الأصحاب و أحاديثهم الصّحيحة.

السّابع يستحبّ أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر

السّابع:روى ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه:«كان يستحبّ أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر،إلاّ أن يكون إماما يشقّ على من خلفه» (6).

و في رواية أبي بصير:«يقرأ يس و النور.فإن لم يحسن.فستّين آية» (7).

ص:92


1- 1محمّد بن إسحاق بن يسار أبو بكر مولى قيس بن مخرمة القرشيّ صاحب المغازي،نقل الذهبيّ عن أحمد:هو كثير التدليس جدّا،و عن النسائيّ أنّه ليس بقويّ و عن الدار قطنيّ لا يحتجّ به. ميزان الاعتدال 3:468،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4:23،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 3:41.
2- 2) في النسخ:ابن سمرة،و الصحيح ما أثبتناه.
3- 3) ح و ق:صورة.
4- 4) غ،م و ن:تكرّرها.
5- 5) السرائر:72.
6- 6) الكافي 3:463 الحديث 2، [1]الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [2]
7- 7) التهذيب 3:294 الحديث 890،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [3]

و قال الشّافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد في الأولى بالبقرة أو عدد آيها،و في الثانية بآل عمران أو عدد آيها،و في كلّ سابقة[أكثر] (3)من لاحقة.و الكلّ جائز (4).

مسألة:و كلّما انتصب من الركوع كبّر،إلاّ في الخامس و العاشر،

فإنّه يقول:سمع اللّه لمن حمده.و هذا مستحبّ.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الجمهور:يقول في كلّ رفع:سمع اللّه لمن حمده،ربّنا و لك الحمد (5).

لنا:أنّ التكبير أعظم في الإجلال و أبلغ في الاعتراف بالتعظيم فكان أولى.و لأنّ الرّكوعات بمنزلة ركعة واحدة فكان ذلك في آخرها.

و ما رواه الشيخ و ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و ترفع رأسك بتكبير،إلاّ في الخامسة التي تسجد فيها،و تقول:سمع اللّه لمن حمده» (6).

و في حديث الرّهط عنهما عليهما السلام:«ثمَّ تركع الخامسة،فإذا رفعت رأسك قلت:سمع اللّه لمن حمده» (7).

احتجّوا (8)بحديث عائشة في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ رفع رأسه

ص:93


1- 1الأمّ 1:245،المهذّب للشيرازيّ 1:122،حلية العلماء 2:317،318،المجموع 5:48،فتح العزيز بهامش المجموع 5:72،مغني المحتاج 1:317،318،السراج الوهّاج:98.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:75،بدائع الصنائع 1:281،شرح فتح القدير 2:55.
3- 3) ما بين المعقوفين في النسخ«أقلّ»غيّرناه لاقتضاء السياق ما يناسب المصدر.
4- 4) المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275،الإنصاف 2:442-445،الكافي لابن قدامة 1: 315،316،حلية العلماء 2:318.
5- 5) المغني 2:275،الشرح الكبير بهامش المغني 2:275.
6- 6) التهذيب 3:156 الحديث 335،الكافي 3:463 الحديث 2، [1]الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [2]
7- 7) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 7. [3]
8- 8) المغني 2:277، [4]الشرح الكبير [5]بهامش المغني 2:277. [6]

فقال:«سمع اللّه لمن حمده» (1).

و الجواب:أنّه مطعون فيه،لأنّ راويه ابن إسحاق.و أيضا يحتمل أنّه كان يقول ذلك في الخامس و العاشر،و هو قولنا.

مسألة:و يستحبّ القنوت في القيام الثاني قبل الرّكوع،و الرابع،و السادس،

و الثامن،و العاشر،

خلافا للجمهور.

لنا:أنّه مظنّة إجابة فكان مشروعا للحاجة،كما قنت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على كثير من المشركين (2).

و روى الشيخ في الصّحيح عن الرّهط عنهما عليهما السّلام:«و القنوت في الرّكعة الثانية قبل الرّكوع إذا فرغت من القراءة،ثمَّ تقنت في الرّابعة مثل ذلك،ثمَّ في السادسة،ثمَّ في الثامنة،ثمَّ في العاشرة» (3).

و روى الشيخ و ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و يقنت في كلّ ركعتين قبل الركوع» (4).

و رواه ابن بابويه في الصحيح عن عمر بن أذينة (5).قال ابن بابويه:و إن لم يقنت إلاّ في الخامسة و العاشرة فهو جائز،لورود الخبر به (6).

مسألة:و يستحبّ أن يصلّي تحت السّماء.

و قال الشافعيّ:يصلّي في المساجد،

ص:94


1- 1صحيح البخاريّ 2:44،صحيح مسلم 2:619 الحديث 901،سنن أبي داود 1:305 الحديث 1177، سنن ابن ماجه 1:401 الحديث 1263،سنن النسائيّ 3:130،131،سنن البيهقيّ 3:321.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:32،صحيح مسلم 1:468 الحديث 677،سنن أبي داود 2:68 الحديث 1442، سنن النسائيّ 2:200،مسند أحمد 3:169.
3- 3) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [1]
4- 4) الكافي 3:463 الحديث 2، [2]التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [3]
5- 5) الفقيه 1:347 الحديث 1534،الوسائل 5:151 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 8. [4]
6- 6) الفقيه 1:347.

و أطلق (1).

لنا:أنّ البروز تحت السماء فيه خشوع و خضوع،فكان مشروعا كالاستسقاء.

و روى الشيخ و ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإن استطعت أن تكون صلاتك بارزة لا يجنّك بيت فافعل» (2).

صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر

مسألة:و روى الشيخ و ابن يعقوب في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر،و هما سواء في القراءة و الرّكوع و السّجود» (3).

مسألة:و يستحبّ فيهما الجماعة،

و إن صلاّهما منفردا جاز.و به قال الشّافعيّ (4)، و مالك (5)،و أحمد (6).

و قال أبو حنيفة:لا يستحبّ الاجتماع في خسوف القمر (7).و قال الثوريّ (8)،و محمّد:

ص:95


1- 1الأمّ 1:245،المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:44،فتح العزيز بهامش المجموع 5:75،مغني المحتاج 1:318.
2- 2) الكافي 3:463 الحديث 2، [1]التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6،و [2]في الجميع:بارزا مكان بارزة.
3- 3) الكافي 3:463 الحديث 2، [3]التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [4]
4- 4) الأمّ 1:246،حلية العلماء 2:319،المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:45،فتح العزيز بهامش المجموع 5:74،مغني المحتاج 1:318،الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:91، المغني 2:274،الشرح الكبير بهامش المغني 2:274،نيل الأوطار 4:24.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:164،المغني 2:274،الشرح الكبير بهامش المغني 2:274،نيل الأوطار 4:24.
6- 6) المغني 2:274،الشرح الكبير بهامش المغني 2:274،الكافي لابن قدامة 1:315،الإنصاف 2:442، الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:91،نيل الأوطار 4:24.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:76،تحفة الفقهاء 1:183،بدائع الصنائع 1:282،الهداية للمرغينانيّ 1:88، شرح فتح القدير 2:56،بداية المجتهد 1:214،الميزان الكبرى 1:199،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 91،فتح العزيز بهامش المجموع 5:75،نيل الأوطار 4:24.
8- 8) المغني 2:274،الشرح الكبير بهامش المغني 2:274،حلية العلماء 2:320.

إن صلّى الإمام صلّى معه (1)و إلاّ فلا (2).

لنا على استحباب الاجتماع:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج إلى المسجد فصفّ الناس وراءه (3).و صلّى ابن عبّاس في البصرة لخسوف القمر جماعة (4).و لأنّه أحد الكسوفين فسنّ (5)فيه الجماعة كالآخر.و لأنّهما عندنا واجبان لما بيّنّا،و الاجتماع في الفرائض مستحبّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن عليّ بن أبي عبد اللّه،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،لمّا كسفت الشمس في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«.ثمَّ نزل فصلّى بالناس صلاة الكسوف» (6).

و في الصّحيح عن الرهط عنهما عليهما السّلام:«صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الناس خلفه» (7).

و نحوه روى عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام (8).

و على الصّلاة حالة الانفراد:أنّها فريضة فلا تفوت بفوات الجماعة

ص:96


1- 1كذا في النسخ و الأنسب:صلّوها معه،كما في المصدر.
2- 2) حلية العلماء 2:320.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:43،صحيح مسلم 2:619 الحديث 901،سنن أبي داود 1:307 الحديث 1180 و 1187،سنن ابن ماجه 1:401 الحديث 1263،سنن النسائيّ 3:128،سنن الدار قطنيّ 2:63 الحديث 3، سنن البيهقيّ 3:321.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:338.
5- 5) ح و ق:فيسنّ.
6- 6) التهذيب 3:154 الحديث 329،الوسائل 5:143 الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 10. [1]
7- 7) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:149 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
8- 8) التهذيب 3:293 الحديث 885،الوسائل 5:154 الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [3]

كالخمس.

و ما رواه الشيخ عن روح بن عبد الرّحيم (1)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة الكسوف،تصلّى جماعة؟قال:«جماعة و غير جماعة» (2).

و روى الشيخ عن محمّد بن يحيى الساباطيّ (3)،عن الرّضا عليه السّلام،قال:سألته عن صلاة الكسوف،تصلّى جماعة أو فرادى؟فقال:«أيّ ذلك شئت» (4).

فرع:

إذا استوعب الكسوف القرص كان استحباب الاجتماع آكد (5)،لما رواه الشيخ عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا انكسفت الشمس أو القمر فانكسفت (6)كلّها فإنّه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام يصلّي بهم.و أيّهما كسف (7)بعضه فإنّه يجزئ الرّجل أن يصلّي وحده» (8).

ص:97


1- 1روح بن عبد الرّحيم بن روح الكوفيّ،ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:168،رجال الطوسيّ:193،رجال العلاّمة:73. [1]
2- 2) التهذيب 3:292 الحديث 882،الوسائل 5:157 الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
3- 3) محمّد بن يحيى الساباطيّ،قال الأردبيليّ:روى الشيخ في باب صلاة الكسوف عن الحسين بن سعيد عن صفوان عنه عن الرضا عليه السّلام،و قال المامقانيّ:و حاله لم يتبيّن. جامع الرواة 2:217، [3]تنقيح المقال 3:200. [4]
4- 4) التهذيب 3:294 الحديث 889،الوسائل 5:158 الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 3. [5]
5- 5) ح و ق:أكبر،هامش ح:أكثر.
6- 6) ح:فانكسف،كما في المصادر.
7- 7) م و ن:كسفت.
8- 8) التهذيب 3:292 الحديث 881،الوسائل 5:157 الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [6]

آخر (1):

لو سبق المأموم بركوع (2)فالأقرب فوات تلك الرّكعة.و به قال بعض الجمهور،خلافا لآخرين منهم (3)،لأنّ الرّكوع ركن فيها و قد فات،و لا يتحمّله الإمام،فينبغي المتابعة في باقي الرّكعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته فيبتدئ (4)المأموم بالصّلاة،فإذا سلّم الإمام أتمّ هو الثانية.

البحث الثالث:في الأحكام
مسألة:و أوّل وقت صلاة الكسوف ابتداؤه.

و هو مذهب علماء الإسلام،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فإذا رأيتم ذلك فصلّوا» (5).و الرؤية (6)ممتنعة بدون الوجود.

و أمّا آخره،فقال الشيخ (7)،و المفيد (8)،و سلاّر (9)،و ابن إدريس (10)،و ابن حمزة:الابتداء

ص:98


1- 1ح:فرع آخر.
2- 2) ح و ق:بركوعه.
3- 3) المغني 2:281،الشرح الكبير بهامش المغني 2:281،المجموع 5:61،فتح العزيز بهامش المجموع 5:78. مغني المحتاج 1:319.
4- 4) م و ن:فيقتدي.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:43،صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن أبي داود 1:306 الحديث 1178، سنن النسائيّ 3:141،سنن البيهقيّ 3:333.
6- 6) أكثر النسخ:و الرواية.
7- 7) النهاية:137، [1]المبسوط 1:173.
8- 8) المقنعة:35.
9- 9) المراسم:80.
10- 10) السرائر:71.

في الانجلاء (1).

و قال أبو الصّلاح:و وقتها ممتدّ بمقدار الكسوف أو الخسوف (2).و هو اللائح من كلام السيّد المرتضى (3)،و ابن أبي عقيل (4).فعلى هذا آخره إذا انتهى الانجلاء.و هو قول الشافعيّ (5)،و أبي حنيفة (6)،و أحمد (7).و هو الأقرب عندي.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصّلاة حتّى ينجلي» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن صلّيت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر و تطوّل في صلاتك فإنّ ذلك أفضل» (9).و الذهاب إنّما يكون بالانجلاء التامّ.

و ما رواه في الصّحيح عن الرّهط عنهما عليهما السّلام:«صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس،ففرغ حين فرغ و قد انجلى كسوفها» (10).

و لأنّه يستحبّ إعادتها قبل الانجلاء لما يأتي،و إنّما يكون ذلك في الوقت.و لأنّ المقتضي هو

ص:99


1- 1الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):677.
2- 2) الكافي في الفقه:156. [1]
3- 3) جمل العلم و العمل:75،76.
4- 4) نقله عنه في المختلف:117.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:54،فتح العزيز بهامش المجموع 5:79،مغني المحتاج 1:319.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:184،بدائع الصنائع 1:282،المبسوط للسرخسيّ 2:76،الهداية للمرغينانيّ 1:88، شرح فتح القدير 2:55.
7- 7) المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:279،الكافي لابن قدامة 1:317.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:49 و فيه:«.و صلّوا حتّى ينجلي»،صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن أبي داود 1:306 الحديث 1178،سنن النسائيّ 3:126،127،سنن البيهقيّ 3:324 و 326 و فيها:«فصلّوا حتّى ينجلي».
9- 9) التهذيب 3:291 الحديث 876،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 5. [2]
10- 10) التهذيب 3:155 الحديث 333،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 4. [3]

الخوف و لا يزول إلاّ بعود النور بأسره،فيمتدّ وقت الصّلاة لاستدفاعه.

احتجّ الشيخ بما رواه في الصّحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكروا انكساف القمر و ما يلقى الناس من شدّته،قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«إذا انجلى منه شيء فقد انجلى» (1).

و الجواب:يحتمل أنّه أراد التساوي في إزالة الشدّة،لا بيان الوقت،فلا حجّة فيه حينئذ.

مسألة:و الأقرب عندي-في الرياح و الزلازل و ما يشبهها من الآيات السريع

زوالها-أنّ وقتها العمر كلّه،

و هذه الأشياء علامات للوجوب و أسباب له،لا أنّها أوقات.

مسألة:و لو خرج الوقت في الكسوفين و لم يفرغ منها أتمّها.رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي» (2).

مسألة:لو لم يصلّ الكسوف مع العلم و احتراق القرص بأسره وجب عليه

القضاء

(3)(4)

إجماعا منّا.روى الشيخ عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا انكسف القمر فاستيقظ الرّجل فكسل أن يصلّي فليغتسل من غد و ليقض الصّلاة، و إن لم يستيقظ و لم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلاّ القضاء بغير غسل» (5).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إن أعلمك أحد و أنت نائم فعلمت

ص:100


1- 1التهذيب 3:291 الحديث 877،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:156 الحديث 335 و فيه:«.فإن تجلّى»،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [2]
3- 3) ح و ق:و لو.
4- 4) ح:باحتراق.
5- 5) التهذيب 3:157 الحديث 337،الاستبصار 1:453 الحديث 1758،الوسائل 5:155 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 5. [3]

ثمَّ غلبتك عينك فلم تصلّ فعليك قضاؤها» (1).و لأنّها فريضة فاتت،فوجب قضاؤها كالخمس.

فروع:
الأوّل:لو فاتت نسيانا،قال في المبسوط و النهاية:لا يقضي إذا احترق بعضه

(2)

و يقضي لو احترق كلّه (3).و قال ابن إدريس:يقضي مطلقا (4).و هو الأقوى عندي،لقوله عليه السّلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها إذا ذكرها» (5).و قوله:«من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها» (6).

الثاني:لو لم يعلم و احترق بعضه ثمَّ علم بعد الانجلاء،قال الشيخ في التهذيب:

لا يقضي (7).

و قال المفيد:يقضي فرادى (8).و الأقرب عندي الأوّل،لما رواه الشيخ عن حريز قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا انكسف القمر و لم تعلم به حتّى أصبحت، ثمَّ بلغك،فإن كان قد احترق كلّه فعليك القضاء،و إن لم يكن احترق كلّه فلا قضاء

ص:101


1- 1التهذيب 3:291 الحديث 876،الاستبصار 1:454 الحديث 1760،الوسائل 5:156 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 10. [1]
2- 2) المبسوط 1:172.
3- 3) النهاية:136،137. [2]
4- 4) السرائر:71.
5- 5) أورده المحقّق في المعتبر 2:480 و [3]ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي 3:107 الحديث 150 [4] بلفظ:«من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته».
6- 6) صحيح البخاريّ 1:154،155،صحيح مسلم 1:477 الحديث 684،سنن أبي داود 1:118 الحديث 435،سنن الترمذيّ 1:334 الحديث 177،سنن ابن ماجه 1:228،سنن النسائيّ 1:293،294، سنن الدارميّ 1:280، [5]مسند أحمد 3:100،سنن الدار قطنيّ 1:386 الحديث 14.بتفاوت في الجميع.
7- 7) التهذيب 3:158 ذيل الحديث 339.
8- 8) المقنعة:35.

عليك» (1).

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا انكسفت الشمس كلّها و احترقت و لم تعلم،و علمت بعد ذلك فعليك القضاء،و إن لم يحترق كلّها فليس عليك قضاء» (2).

و ما رواه عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إن لم تعلم (3)حتّى يذهب الكسوف ثمَّ علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف» (4).

و ما رواه عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«انكسفت الشمس و أنا في الحمّام،فعلمت بعد ما خرجت فلم أقض» (5).

و ما رواه ابن بابويه عن محمّد بن مسلم و الفضيل بن يسار،أنّهما قالا:[قلنا] (6)لأبي جعفر عليه السّلام:أ يقضي صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم،و إذا أمسى فعلم؟قال:

«إن كان القرصان احترقا كلّهما (7)قضيت،و إن كان إنّما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه» (8).

ص:102


1- 1التهذيب 3:157 الحديث 336،الوسائل 5:155 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 3:157 الحديث 339،الاستبصار 1:454 الحديث 1759،الوسائل 5:155 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [2]
3- 3) غ،م و ن:تعلمه.
4- 4) التهذيب 3:291 الحديث 876،الاستبصار 1:454 الحديث 1760،الوسائل 5:156 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 10. [3]
5- 5) التهذيب 3:292 الحديث 883،الاستبصار 1:453 الحديث 1755،الوسائل 5:156 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 8. [4]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) في النسخ و كذا الوسائل: [5]كلاهما،و ما أثبتناه من الفقيه.
8- 8) الفقيه 1:346 الحديث 1532،الوسائل 5:154 الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [6]

و لأنّها لم يجب أداؤها فلا يجب (1)قضاؤها،عملا بالأصل السليم عن معارضة الوجوب،لاستحالة تكليف الغافل أوّلا.

الثالث:لو احترق القرص كلّه وجب القضاء

على كلّ حال،سواء فاتت عمدا أو سهوا،أو جهلا بوقوعها أو وجوبها.ذهب إليه أكثر علمائنا (2)،خلافا للجمهور (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من فاتته صلاة فليقضها إذا ذكرها» (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الرّوايات الدالّة على الوجوب مع احتراق القرص كلّه (5).و لأنّ القول بوجوب الأداء مع القول بعدم القضاء على هذه الصفة ممّا لا يجتمعان إجماعا،و الأوّل ثابت فالثاني منتف قطعا.

احتجّوا (6)بقوله:«إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر اللّه و الصّلاة حتّى ينجلي» (7).

و حتّى للغاية،فلا يجب بعدها.و لأنّ المطلوب منها ردّ النور،فمعه لا فائدة في الصّلاة.

و الجواب عن الأوّل:بأنّ ما ذكروه غاية للأداء،و ذلك لا يستلزم عدم القضاء.

و عن الثاني:بالمنع من كونه غاية.و لو سلّم فطلب ردّه لا يستلزم عدم الشكر بالصّلاة على ابتداء ردّه.و ما ورد من الأحاديث الدالّة على وجوب القضاء مطلقا و على

ص:103


1- 1غ:فليس عليك.
2- 2) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:35،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:172،و ابن البرّاج في المهذّب 1: 124.
3- 3) المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:279،المجموع 5:54.
4- 4) أورده المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:480،و [1]ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي 3:107 الحديث 150 [2] بلفظ:«من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته».
5- 5) تقدّم في ص 101.
6- 6) المغني 1:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:279.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:49،صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن أبي داود 1:306 الحديث 1178،سنن النسائيّ 3:126-127،سنن البيهقيّ 3:324 و 326،نيل الأوطار 4:25 الحديث 4.بتفاوت في الجميع.

عدمه مطلقا فمحمولة على ما ذكرناه من التفصيل.

الرابع:لو استترت الشمس أو القمر بالسّحاب و هما منكسفان صلّى،

(1)

عملا بالأصل الدّالّ على الاستمرار.و لو غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر المنخسف صلّى أيضا،عملا بالعموم.و قال الجمهور:لا يصلّي،لأنّه ذهب وقت الانتفاع بنورهما (2).و لأنّه فات وقتها فلا يطلب عود نورها،لاستحالته،و هو مبنيّ على التعليل.و لو غاب القمر ليلا في حال انخسافه صلّى أيضا.و هو مذهب الشافعيّ (3)،خلافا لبعض الجمهور (4)،عملا بالعموم.و لأنّ وقته باق و سلطانه لم يزل و جميع الليل وقت له،و يدعو الحاجة فيه،فكان كاستتار الشمس بالسّحاب.

و قال بعضهم:لا يصلّي،لأنّ ما يصلّي له قد غاب،فأشبه غيبوبة الشمس المنكسفة (5).

و لو طلع الفجر على القمر المنخسف صلّى أيضا عندنا،للعموم.و به قال الشافعيّ في الجديد.و قال في القديم:لا يصلّي،لأنّ بطلوع الفجر قد زال وقته و سلطانه،لأنّه من النهار فأشبه ما لو طلعت الشمس (6).

و لو ابتدأ خسوفه وقت طلوع الفجر صلّى عندنا،للعموم.و هو قول الشافعيّ في الجديد.و قال في القديم:لا يصلّي،لأنّ الاستدامة أقوى من الابتداء،و قد قلنا أنّه لا يصلّي هناك (7).

مسألة:و تجب هذه الصّلاة على النساء و الرّجال و الخناثى و المسافر و الحاضر

ص:104


1- 1ح و ق:سترت.
2- 2) المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:280.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:123،المجموع 5:54.
4- 4) المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:280.
5- 5) المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:280.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:123،المجموع 5:54،فتح العزيز بهامش المجموع 5:80.
7- 7) المجموع 5:54،فتح العزيز بهامش المجموع 5:80.

و العبد و الحرّ.و لا يشترط إذن الإمام و لا المصر.روت أسماء بنت أبي بكر قالت:فزع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم كسفت الشمس،فقام قياما،فرأيت المرأة التي هي أكبر منّي و المرأة التي هي أصغر منّي قائمة،فقلت:أنا أحرى بالصّبر على طول القيام (1).

و يجوز لهنّ أن يصلّين جماعة و فرادى.و ترك حضورهنّ جماعة الرّجال أولى،سواء كنّ عجائز أو ذوات (2)هيئة.

مسألة:و يستحبّ للحائض أن تجلس في مصلاّها،تذكر اللّه تعالى

بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف،و كذا النفساء.

مسألة:و لو فرغ من الصّلاة و لم ينجل الكسوف أعاد الصّلاة استحبابا.

ذهب إليه أكثر علمائنا (3).و قال آخرون منّا:يعاد وجوبا (4).

و قال ابن إدريس:لا يعاد وجوبا و لا استحبابا،بل يستحبّ الدعاء و ذكر اللّه تعالى إلى أن ينجلي (5).و هو مذهب الجمهور (6).

لنا على عدم الوجوب:الأصل.

و ما رواه الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إن أحببت أن تصلّي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز» (7).

ص:105


1- 1صحيح مسلم 2:625 الحديث 906،سنن البيهقيّ 3:342.
2- 2) ح:ذات.
3- 3) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:173،و [1]النهاية:138،و [2]ابن البرّاج في المهذّب 1:125،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:338. [3]
4- 4) منهم:المفيد في المقنعة:35،و السيّد المرتضى في الجمل:76،و سلاّر في المراسم:81،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:156.
5- 5) السرائر:72.
6- 6) الأمّ 1:244،المجموع 5:54،فتح العزيز بهامش المجموع 5:71،المغني 2:280،الشرح الكبير بهامش المغني 2:280.
7- 7) التهذيب 3:291 الحديث 876،الوسائل 5:153 الباب 8 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [4]

و ما رواه في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد و ادع اللّه حتّى ينجلي» (1).و لأنّ الأمر لا يدلّ على التكرار و يدلّ على الإجزاء.

و لنا على الاستحباب:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلاة الكسوف إذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد» (2).و هذا أمر لا يمكن حمله على الوجوب،للرّوايتين المتقدّمتين،فيحمل على الاستحباب.و لأنّ المقتضي لمشروعيّة الصّلاة و هو الحذر موجود،فيكون مشروعا.

احتجّ القائلون بالوجوب برواية ابن عمّار.

و الجواب:قد بيّنا (3)الوجه فيها.

احتجّ ابن إدريس بعدم الدليل على الاستحباب و الوجوب (4).

و الجواب:قد بيّنّا دليل الاستحباب.

مسألة:و لا يستحبّ فيها الخطبة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،

و به قال أبو حنيفة (5)، و مالك (6).و قال الشافعيّ:يخطب كخطبتي الجمعة (7).و لم ينقل عن أحمد شيء.

ص:106


1- 1التهذيب 3:156 الحديث 335،الوسائل 5:150 الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 3:156 الحديث 334،الوسائل 5:153 الباب 8 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
3- 3) ق:قدّمنا.
4- 4) السرائر:72.
5- 5) بدائع الصنائع 1:282،الهداية للمرغينانيّ 1:88،حلية العلماء 2:319،المغني 2:278،الشرح الكبير بهامش المغني 2:278،المجموع 5:53،بداية المجتهد 1:213.
6- 6) بداية المجتهد 1:213،المغني 2:278،الشرح الكبير بهامش المغني 2:278،حلية العلماء 2:319،المجموع 5:53.
7- 7) الأمّ 1:245،حلية العلماء 2:320،المجموع 5:52،المغني 2:278،الشرح الكبير بهامش المغني 2:278، بداية المجتهد 1:213،مغني المحتاج 1:318،السراج الوهّاج:98،فتح العزيز بهامش المجموع 5:75، الميزان الكبرى 1:199.

لنا:الأصل عدم التكليف.و لأنّها صلاة يفعلها المنفرد في بيته فلم يشرع لها خطبة كالخمس.

احتجّ الشافعيّ (1)بما روته عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انصرف و قد انجلت (2)الشمس فخطب الناس فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمَّ قال:«إنّ الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه لا يخسفان (3)لموت أحد و لا لحياته،فإذا رأيتم ذلك فادعوا اللّه و كبّروا و صلّوا و تصدّقوا»ثمَّ قال:«يا أمّة محمّد،و اللّه يا أمّة محمّد،ما أحد أ غير من اللّه أن يزني عبده أو تزني أمته،يا أمّة محمّد،لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا» (4).

و الجواب:هذا الحديث غير دالّ على المطلوب،فإنّه عليه السّلام أمرهم بالصّلاة و الدّعاء و التكبير و الصدقة،و لم يأمرهم بالخطبة،و لو كانت مشروعة لأمرهم،و إنّما خطب ليعلّمهم وجوب الصّلاة و ليس ذلك خطبة.

مسألة:لو اتّفق الكسوف في وقت صلاة فريضة،فالذي ينبغي تحصيله أنّ الوقتين

إن اتّسعا تخيّر في أيّهما شاء،

(5)

فبدأ بها ثمَّ صلّى الأخرى.و إن ضاق وقت إحداهما تعيّنت و صلّى الأخرى عقيبها.و لو تضيّقا صلّى الحاضرة.لكنّ الشيخ قد اختار لنفسه في النهاية مذهبا عجبا (6)و هو البدأة بالحاضرة مطلقا،قال:و لو دخل في الكسوف ثمَّ دخلت الحاضرة قطع و صلّى الحاضرة ثمَّ عاد فأتمّ الكسوف (7).و اختاره السيّد المرتضى في

ص:107


1- 1المغني 2:278،الشرح الكبير بهامش المغني 2:278،المهذّب للشيرازيّ 1:122،المجموع 5:52، فتح العزيز بهامش المجموع 5:76.
2- 2) غ:تجلّت.
3- 3) م:ينخسفان.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:42،صحيح مسلم 2:618 الحديث 901،سنن النسائيّ 3:152،سنن البيهقيّ 3: 322.بتفاوت يسير.
5- 5) غ،م و ن:أيّتهما.
6- 6) غ:عجيبا.
7- 7) النهاية:137. [1]

المصباح (1).

لنا:أنّهما فرضان اجتمعا و لا أولويّة،و الجمع محال،و تعيّن أحدهما للوجوب ينافي وجوب الآخر،فوجب القول بالتخيير.

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:«إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها (2)ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة» (3).

فروع:
الأوّل:لو دخل في الكسوف و خاف فوت الحاضرة قطعها إجماعا

و صلّى (4)الحاضرة ثمَّ عاد إليها.قال علماؤنا:ثمَّ يتمّ الكسوف،لما رواه الشيخ في الصّحيح عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن صلاة الكسوف قبل

ص:108


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:340. [1]
2- 2) غ،م و ن:صلّيتها،ق:صلّيتهما.
3- 3) الفقيه 1:346 الحديث 1530،الوسائل 5:148 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 4. [2]
4- 4) ح و ق:فصلّى.
5- 5) إبراهيم بن عثمان المكنّى أبا أيّوب الخزّاز الكوفيّ ذكره الشيخ بهذا العنوان في الفهرست،و قال:ثقة له أصل، و قال في باب رجال الصادق عليه السلام:إبراهيم بن عيسى كوفيّ خزّاز،و يقال:ابن عثمان.و قال النجاشيّ:إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الخزّاز،و قيل:إبراهيم بن عثمان.و قال المصنّف في الخلاصة:إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الخزّاز- بالخاء المعجمة و الزّاء بعدها و الزّاء بعد الألف-و قيل:إبراهيم بن عثمان.و يظهر من العلاّمة الخوئيّ اتّحاد إبراهيم بن عثمان و إبراهيم بن زياد أبو أيّوب و إبراهيم بن عثمان بن زياد و إبراهيم بن عثمان الخزّاز و إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب.و قال العلاّمة المامقانيّ بعد نقل الأقوال فيه:مقتضى القاعدة عند تعدّد الاسم أو اسم الأب أو الكنية أو اللقب هو الحكم بالتعدّد.و الأمر سهل بعد وثاقة الجميع.و اللّه العالم. الفهرست:8، [3]رجال الطوسيّ:154،رجال النجاشيّ:20،رجال العلاّمة:5، [4]تنقيح المقال 1:26، [5]معجم رجال الحديث 1:119،120. [6]

أن تغيب الشمس و يخشى (1)فوت الفريضة،فقال:«اقطعوها و صلّوا الفريضة و عودوا إلى صلاتكم» (2).

و ما رواه في الصّحيح عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

جعلت فداك،ربّما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة،فإن صلّينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة،فقال:«إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك و اقض فريضتك ثمَّ عد فيها» (3).

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن بريد بن معاوية و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:«فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة و اقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف،فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت و احتسب بما مضى» (4).

لا يقال:إنّ الفعل الكثير مبطل و الفريضة فعل كثير.

لأنّا نقول:ذلك عامّ و ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما.

الثاني:لو صلّى الحاضرة فانجلى الكسوف،فإن صلّى مع تضييق الحاضرة فالوجه

عدم القضاء،

لاستحالة التكليف بفعلين مع ضيق الوقت عنه.هذا مع عدم التفريط،أمّا مع وجوده فإنّه يقضي قطعا.و كذا لو صلّى مع السعة،سواء غلب على ظنّه بقاء الكسوف أو لا.

و لو قيل:لو غلب على ظنّه بقاؤه لا يجب عليه القضاء،كان وجها.

الثالث:لو اجتمعت مع صلاة الجنازة و الاستسقاء و العيد بدأ بما يخاف فوته

أو بغيره.و لو تساووا في اتّساع الوقت بدأ بالجنازة،ثمَّ بالكسوف،ثمَّ بالعيد،ثمَّ بالاستسقاء.

الرابع:لو اجتمعت مع النافلة قدّمت صلاة الكسوف،

لأنّها فرض،سواء كانت

ص:109


1- 1ن:و تخشى.
2- 2) التهذيب 3:293 الحديث 888،الوسائل 5:147 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 3:155 الحديث 332،الوسائل 5:147 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 1:346 الحديث 1530،الوسائل 5:148 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 4. [3]

نافلة موقّتة أو لا،راتبة أو لا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1).و قال أحمد:

تقدّم ما يخشى فوته،فإن اتّسع وقتاهما بدأ بآكدهما (2).

لنا:أنّها واجبة فتكون أولى بالتقديم.

و ما رواه الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:

فإذا كان الكسوف آخر الليل فصلّينا صلاة الكسوف فأتتنا صلاة الليل،فبأيّتهما (3)نبدأ؟ فقال:«صلّ صلاة الكسوف و اقض صلاة الليل حين تصبح» (4).

و ما رواه ابن يعقوب في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة،فقال:«ابدأ بالفريضة»فقيل له:في وقت صلاة الليل،فقال:«صلّ صلاة الكسوف قبل صلاة الليل» (5).

الخامس:لو تضيّق وقت الكسوف حتّى لا يدرك ركعة لم يجب.

و لو أدركها فالوجه الوجوب،لأنّ إدراك الركعة بمنزلة إدراك الصّلاة.

السادس:لو قصر الوقت

عن أقلّ صلاة يمكن لم يجب على إشكال.

مسألة:و تصلّى في كلّ وقت،

و إن كان وقت كراهية النوافل.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه.و في الأخرى:أنّه لا تصلّى في الأوقات المكروهة (7).و هو قول مالك (8)،

ص:110


1- 1الأمّ 1:243،المهذّب للشيرازيّ 1:123،المجموع 5:55،مغني المحتاج 1:319.
2- 2) المغني 2:280،الكافي لابن قدامة 1:318،الإنصاف 2:449،450.
3- 3) م:فبأيّهما.
4- 4) التهذيب 3:155 الحديث 332،الوسائل 5:147 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [1]
5- 5) الكافي 3:464 الحديث 5، [2]الوسائل 5:147 الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [3]
6- 6) الأمّ 1:149 و 243،المجموع 4:170،فتح العزيز بهامش المجموع 5:69،بداية المجتهد 1:213، عمدة القارئ 7:62.
7- 7) المغني 2:281،282.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:163،بداية المجتهد 1:213،فتح العزيز بهامش المجموع 5:69.

و أبي حنيفة (1).

لنا:قوله عليه السّلام:«فإذا رأيتم ذلك فصلّوا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس و عند غروبها» (3).

و ما رواه في الصّحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (4).و لأنّها صلاة واجبة فلا يكره في وقت من الأوقات،كقضاء الفرائض.

احتجّوا بأنّه قد نهي عن فعل النوافل في الأوقات المعيّنة (5).

و الجواب:أنّا قد بيّنّا وجوبها (6)،فلا يتناولها النهي.

مسألة:و لا تصلّى على الراحلة مع الإمكان.

و قال ابن الجنيد:استحبّ أن يصلّيها على الأرض،و إلاّ فبحسب حاله (7).و قال الجمهور:يجوز أن يصلّي على الراحلة (8).

لنا:أنّها واجبة و قد مضى وجوب الصّلاة على الأرض في الفرائض (9).

ص:111


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:76،بدائع الصنائع 1:282،بداية المجتهد 1:213،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 69.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:48،صحيح مسلم 2:623 الحديث 904،سنن ابن ماجه 1:401 الحديث 1262. سنن النسائيّ 1:130-146،سنن البيهقيّ 3:321 بتفاوت يسير.
3- 3) التهذيب 3:155 الحديث 331،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 3:293 الحديث 886،الوسائل 5:146 الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 2:281،الشرح الكبير بهامش المغني 2:281،المبسوط للسرخسيّ 2:76.
6- 6) يراجع:ص 77.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:342. [3]
8- 8) المغني 1:488،المجموع 5:62،السراج الوهّاج:39.
9- 9) ينظر:الجزء الرابع ص 183.

و ما رواه الشيخ عن عليّ بن الفضل الواسطيّ (1)قال:كتبت إلى الرضا عليه السّلام:

إذا انكسفت الشمس و القمر و أنا راكب لا أقدر على النزول،قال:فكتب إليّ:«صلّ على مركبك الذي أنت عليه» (2).و التعليق بالوصف يقتضي التخصيص ظاهرا.

تتمّة:

روى الشيخ عن عليّ بن مهزيار قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام شكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز و قلت:ترى لي التحوّل عنها؟فكتب عليه السّلام:«لا تتحوّلوا عنها و صوموا الأربعاء و الخميس و الجمعة،و اغتسلوا و طهّروا ثيابكم،و ابرزوا يوم الجمعة،و ادعوا اللّه،فإنّه يدفع عنكم» (3).قال:ففعلنا ذلك فسكنت الزلازل.

و روى عن ابن يقطين قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من أصابته زلزلة فليقرأ:

يا من يمسك السّموات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنّه كان حليما غفورا،صلّ على محمّد و آل محمّد و أمسك عنّا السوء،إنّك على كلّ شيء قدير»قال:

«إنّ من قرأها عند النوم لم يسقط عليه البيت إن شاء اللّه تعالى» (4).

و روى ابن بابويه عن الصّادق عليه السّلام قال:«إنّ الصّاعقة تصيب المؤمن

ص:112


1- 1عليّ بن الفضل الواسطيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام و عن مشيخة الفقيه أنّه صاحب الرضا عليه السّلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا لكنّه مجهول الحال. الفقيه(شرح المشيخة)4:74،رجال الطوسيّ:382،تنقيح المقال 2:302. [1]
2- 2) التهذيب 3:291 الحديث 878،الوسائل 5:157 الباب 11 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 3:294 الحديث 891،الوسائل 5:158 الباب 13 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 3:294 الحديث 892،الوسائل 5:159 الباب 13 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 5. [4]

و الكافر و لا تصيب ذاكرا» (1).

المقصد الرابع:في بقيّة الصّلوات المندوبة،و فيه مباحث:

الأوّل:في صلاة الاستسقاء
مسألة:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على استحباب صلاة الاستسقاء

عند الجدب، إلاّ أبا حنيفة،فإنّه قال:لا يسنّ لها الصلاة بل الدّعاء (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في الاستسقاء متذلّلا متواضعا متضرّعا حتّى أتى المصلّى و صلّى ركعتين،كما كان يصلّي في العيد (3). (4).

و ما رووه (5)عن عبد اللّه بن زيد قال:استسقى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فصلّى ركعتين و قلب رداءه (6).

و ما رووه عن جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السّلام،عن أبيه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه

ص:113


1- 1الفقيه 1:344 الحديث 1519،الوسائل 5:160 الباب 15 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 3. [1]
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في شرح فتح القدير 2:57:قال أبو حنيفة:ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة فإن صلّى الناس وحدانا جاز. و أيضا ينظر:الهداية للمرغينانيّ 1:88،تحفة الفقهاء 1:185،بدائع الصنائع 1:282،عمدة القارئ 7:25.
3- 3) ح و ق:العيدين.
4- 4) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1165،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558، [2]سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266،سنن النسائيّ 3:163،سنن الدار قطنيّ 2:68 الحديث 11،سنن البيهقيّ 3:344 و 347. بتفاوت يسير.
5- 5) ح:و ما رواه.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:34،صحيح مسلم 2:611 الحديث 894،سنن النسائيّ 3:155،سنن البيهقيّ 3: 344.

و آله و أبا بكر و عمر كانوا يصلّون صلاة الاستسقاء،يكبّرون فيها سبعا و خمسا (1).

و ما رووه عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا ثمَّ نزل فصلّى ركعتين (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن بكير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الاستسقاء،قال:«يصلّي ركعتين و يقلب رداءه» (3).

و في الحسن عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن صلاة الاستسقاء،قال (4):«مثل صلاة العيدين» (5).

و عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الاستسقاء ركعتين (6).

احتجّ أبو حنيفة (7)بما رواه أنس قال:أصاب أهل المدينة قحط فبينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب،إذ قام رجل فقال:هلك الكراع و الشاء (8)فادع اللّه تعالى أن يسقينا،فمدّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يديه و دعا،قال أنس:و إنّ السماء كمثل الزجاجة،فهاجت (9)ريح ثمَّ أنشأت سحابا،ثمَّ اجتمعت ثمَّ أرسلت عزاليها (10)،فخرجنا

ص:114


1- 1أورده الشافعيّ في الأمّ 1:249،و ابنا قدامة في المغني 2:284،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:284.
2- 2) سنن أبي داود 1:304 الحديث 1173، [1]سنن البيهقيّ 3:349.
3- 3) التهذيب 3:148 الحديث 321،الوسائل 5:165 الباب 3 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [2]
4- 4) ح و ق:فقال،كما في الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [4]
6- 6) التهذيب 3:150 الحديث 326،الاستبصار 1:451 الحديث 1748،الوسائل 5:166 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [5]
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:76،بدائع الصنائع 1:283،بداية المجتهد 1:215،شرح فتح القدير 2:58.
8- 8) ح:و النساء.
9- 9) ح:فهبّت.
10- 10) العزلاء،وزان حمراء:فم المزادة الأسفل،و الجمع:العزالي-بفتح اللام و كسرها-،و أرسلت السماء عزاليها:إشارة إلى شدّة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادات.المصباح المنير:408. [6]

نخوض الماء حتّى أتينا منازلنا،فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى،فقام إليه الرّجل أو غيره، فقال:يا رسول اللّه تهدّمت البيوت و احتبس (1)الركبان،فادع اللّه أن يحبسه،فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ قال:«حوالينا و لا علينا».فنظرت إلى السّحاب يتصدّع (2)حوالي المدينة كأنّه إكليل (3).

و استسقى عمر بالعبّاس،فأخذ بضبعيه و أشخصه قائما و أومأ به نحو السماء و قال:

اللّهمّ إنّا جئناك نستسقيك و نستشفع إليك بعمّ نبيّك (4).و ليس في ذلك صلاة.

و الجواب:أنّ الصّلاة غير واجبة،فلا يدلّ تركها على عدم فعلها مع ثبوته،لحصول الاكتفاء بالدّعاء أحيانا.

مسألة:و هي ركعتان

في قول أهل العلم،إلاّ من شذّ (5).و إنّما الخلاف في الكيفيّة، فالذي عليه علماؤنا أجمع أنّها كالعيد،يقرأ و يكبّر سبعا في الأولى،و خمسا في الثانية.و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (7).و هو قول سعيد بن المسيّب،و عمر ابن عبد العزيز،و داود (8).و حكي عن ابن عبّاس (9).

ص:115


1- 1ح و ق:و أمتهن.
2- 2) غ:ينصدع.
3- 3) سنن أبي داود 1:304 الحديث 1174،سنن البيهقيّ 3:356.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:34،سنن البيهقيّ 3:352،المبسوط للسرخسيّ 2:77،المغني 2:285،المجموع 5: 100،فتح العزيز بهامش المجموع 5:97،سبل السلام 2:81 الحديث 6،نيل الأوطار 4:31 الحديث 1.
5- 5) نيل الأوطار 4:31.
6- 6) الأمّ 1:250،حلية العلماء 2:324،المهذّب للشيرازيّ 1:123،المجموع 5:102،فتح العزيز بهامش المجموع 5:97،مغني المحتاج 1:323،السراج الوهّاج:100،المغني 2:284.
7- 7) المغني 2:284،الكافي لابن قدامة 1:319،الإنصاف 2:452، [1]المجموع 5:103. [2]
8- 8) المغني 2:284،المجموع 5:102،حلية العلماء 2:324.
9- 9) سنن أبي داود 1:302،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558، [3]سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266،سنن النسائيّ 3:156،157،مسند أحمد 1:355، [4]مستدرك الحاكم 1:326،327،سنن البيهقيّ 3:344،سنن الدار قطنيّ 2:68 الحديث 11.

و قال أحمد في رواية:إنّها ركعتان كالتطوّع (1).و هو مذهب مالك (2)،و الأوزاعيّ (3)، و أبي ثور،و إسحاق (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عبّاس (5)،و جعفر بن محمّد عليهما السّلام (6).

و من طريق الخاصّة:حديث هشام بن الحكم (7)و حديث طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى للاستسقاء ركعتين،و بدأ بالصلاة قبل الخطبة،و كبّر سبعا و خمسا،و جهر بالقراءة (8).

احتجّ المخالف (9)بحديث عبد اللّه بن زيد،فإنّه لم يذكر فيه التكبير (10)،و كذا في حديث أبي هريرة (11).

و الجواب:أنّها مع التكبير ركعتان أيضا،و كما لم يذكر التكبير لم يذكر عدمه فيبقى على الاحتمال،فلا يعارض النصّ الدالّ على الثبوت.

ص:116


1- 1المغني 2:284،حلية العلماء 2:324،الكافي لابن قدامة 1:319،الشرح الكبير بهامش المغني 2:285، عمدة القارئ 7:34.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:166،بداية المجتهد 1:215،حلية العلماء 2:324،المغني 2:284،المجموع 5:102، 103،الشرح الكبير بهامش المغني 2:285،عمدة القارئ 7:34. [1]
3- 3) المغني 2:284،الشرح الكبير بهامش المغني 2:285،عمدة القارئ 7:34. [2]
4- 4) المغني 2:284،المجموع 5:103،الشرح الكبير بهامش المغني 2:285،عمدة القارئ 7:34. [3]
5- 5) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1165،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558،سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266،سنن النسائيّ 3:156،سنن الدار قطنيّ 2:68 الحديث 11،سنن البيهقيّ 3:344 و 347.
6- 6) أورده الشافعيّ في الأمّ 1:249،و ابنا قدامة في المغني 2:284،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:284.
7- 7) التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [4]
8- 8) التهذيب 3:150 الحديث 326،الاستبصار 1:451 الحديث 1748،الوسائل 5:166 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [5]
9- 9) المغني 2:284،285،الشرح الكبير بهامش المغني 2:285.
10- 10) صحيح البخاريّ 2:34،صحيح مسلم 2:611 الحديث 894،سنن النسائيّ 3:155،سنن البيهقيّ 3:344.
11- 11) سنن الترمذيّ 2:442 الحديث 556، [6]سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1268،سنن البيهقيّ 3:347.
مسألة:و يقنت بين التكبيرات كالعيد،

إلاّ أنّ الدّعاء هنا الاستغفار (1)و سؤال الرحمة و إرسال الغيث،و أفضل ما يذكر في القنوت ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام (2)،فإنّهم أعرف بما يناجي به الرّبّ تعالى.

مسألة:و يتقدّم الإمام إلى الناس
اشارة

(3)

ليصوموا ثلاثة أيّام و يخرج بهم يوم الثالث.و قال الشافعيّ:يصومون ثلاثا و يخرجون يوم الرّابع (4).

أمّا استحباب الصّوم،فلقوله عليه السّلام:«دعوة الصائم لا يردّ» (5).

و ما رواه الشيخ عن حمّاد السرّاج (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه أمر محمّد ابن خالد (7)أن يأمر الناس بالصّيام ثلاثا و يخرج بهم يوم الثالث و هم صيام (8).

و أمّا الخروج يوم الثالث،فلهذه الرواية.و لما رواه الشيخ و ابن يعقوب معا عن

ص:117


1- 1ح و ق:للاستغفار.
2- 2) الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت. [1]
3- 3) هامش ح:و يأمر الإمام الناس.
4- 4) الأمّ 1:248،المهذّب للشيرازيّ 1:123،المجموع 5:88،فتح العزيز بهامش المجموع 5:91،مغني المحتاج 1:322،323.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:557 الحديث 1752،1753،مسند أحمد 2:305 و 345،سنن البيهقيّ 3:345.
6- 6) حمّاد السرّاج الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:175،تنقيح المقال 1:363. [2]
7- 7) محمّد بن خالد بن عبد اللّه البجليّ القسريّ الكوفيّ والي المدينة،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول،و ذكره ابن بابويه في مشيخة الفقيه. الفقيه(شرح المشيخة)4:75،رجال الطوسيّ:286،تنقيح المقال 3:114. [3]
8- 8) التهذيب 3:148 الحديث 320،الوسائل 5:164 الباب 2 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [4]

مرّة (1)مولى خالد قال:صاح أهل المدينة إلى محمّد بن خالد في الاستسقاء،فقال لي:

انطلق إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فاسأله ما رأيك،فإنّ هؤلاء قد صاحوا إليّ.فأتيته فقلت له،فقال لي:«قل له:فليخرج»قلت له:متى يخرج جعلت فداك؟قال:«يوم الاثنين» قلت:كيف يصنع؟قال:«يخرج المنبر ثمَّ يخرج يمشي كما يخرج (2)يوم العيدين،و بين يديه المؤذّنون في أيديهم عنزهم حتّى إذا انتهى إلى المصلّى،صلّى (3)بالناس ركعتين بغير أذان و لا إقامة،ثمَّ يصعد المنبر فيقلب رداءه،فيجعل الذي على يمينه على يساره و الذي على يساره على يمينه،ثمَّ يستقبل القبلة فيكبّر اللّه مائة تكبيرة رافعا بها صوته،ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبّح اللّه مائة تسبيحة رافعا بها صوته،ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبّح اللّه مائة تسبيحة رافعا بها صوته،ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلّل اللّه مائة تهليلة رافعا بها صوته،ثمَّ يستقبل الناس فيحمد اللّه مائة تحميدة،ثمَّ يرفع يديه فيدعو،ثمَّ يدعون،فإنّي لأرجو (4)أن لا يخيبوا».قال:ففعل،فلمّا رجعنا قالوا:هذا من تعليم جعفر (5).

فرعان:
الأوّل:يستحبّ أن يكون الخروج يوم الاثنين،

لهذه (6)الرواية.و قال أبو الصّلاح:

ص:118


1- 1مرّة مولى خالد،عدّه الشيخ في رجاله بعنوان:مرّة مولى خالد بن عبد اللّه القسريّ من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.لا يخفى أنّ عنوان الرجل في التهذيب و رجال الشيخ: مولى خالد،و لكن في الكافي: [1]مولى محمّد بن خالد،قال العلاّمة الخوئيّ:و الظاهر هو الصحيح. رجال الطوسيّ:321،تنقيح المقال 3:210، [2]معجم رجال الحديث 18:147. [3]
2- 2) ح:يمشي.
3- 3) ح:يصلّي،كما في الكافي و [4]الوسائل. [5]
4- 4) أكثر النسخ:أرجو.
5- 5) الكافي 3:462 الحديث 1، [6]التهذيب 3:148 الحديث 322،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [7]
6- 6) ح و ق:بهذه.

يخرج يوم الجمعة بعد أن يصوموا الأربعاء و الخميس و الجمعة (1).و يمكن أن يكون استناده ما (2)روي من أنّ العبد يسأل اللّه تعالى،فربّما أخّرت إجابته إلى الجمعة (3).و لا بأس بذلك.

الثاني:قال السيّد المرتضى:يخرج المنبر .

(4)

و قال بعض أصحابنا:لا ينقل،بل يعمل منبر من طين كالعيد.و اختاره ابن إدريس (5).و لعلّ استناد السيّد إلى رواية مرّة.

مسألة:و يستحبّ الجهر بالقراءة،

لأنّها كالعيدين،لما رواه الشيخ في الحسن عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن صلاة الاستسقاء،قال:«مثل صلاة العيدين (6).

و ما رواه عن طلحة بن يزد،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جهر بالقراءة (7).

و يستحبّ أن يقرأ في الأولى منهما ب«سبّح»و في الثانية ب«الغاشية»كما قلنا في العيد (8).

مسألة:و يستحبّ أن تصلّى في الصحاري ،إلاّ بمكّة.

(9)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و

ص:119


1- 1الكافي في الفقه:162. [1]
2- 2) ح:بما.
3- 3) المحاسن:58 الحديث 94،المقنعة:25،مصباح المتهجّد:230، [2]الوسائل 5:68 الباب 41 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1.
4- 4) نقله عنه في السرائر:72 و كذا في المعتبر 2:362. [3]
5- 5) السرائر:72.و نقله عن بعض الأصحاب أيضا.
6- 6) التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [4]
7- 7) التهذيب 3:150 الحديث 326،الاستبصار 1:451 الحديث 1748،الوسائل 5:166 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [5]
8- 8) تقدّم في ص 13.
9- 9) ح و ق:الصحراء.

أكثر أهل العلم (1)،لما رواه ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج متذلّلا متواضعا متخشّعا متضرّعا حتّى أتى المصلّى (2).

و من طريق الخاصّة:رواية هشام أنّها مثل العيدين (3).

و ما رواه الشيخ عن أبي البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«قضت السنّة أنّه لا يستسقى إلاّ بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء،و لا يستسقى في المساجد إلاّ بمكّة» (4).

مسألة:و يستحبّ أن يخرج الناس حفاة على سكينة و وقار متذلّلين خاضعين،

كما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و يستحبّ إخراج الشيوخ الكبار،و الأطفال الصغار،و العجائز،لأنّهم أقرب إلى الرحمة (5)،و لا تخرج الشوابّ من النساء،لحصول الافتتان بخروجهنّ،و ذلك مناف للغرض.

و يفرّق بين الأطفال و أمّهاتهم،فإنّ ذلك مقتض لكثرة البكاء بين يدي اللّه تعالى فيقرّب (6)الإجابة.قال بعض أصحابنا:و يخرج البهائم (7)،خلافا لأحمد (8).

ص:120


1- 1المجموع 5:72،مغني المحتاج 1:322،السراج الوهّاج:100.
2- 2) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1165،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558، [1]سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266،سنن النسائيّ 3:163،سنن الدار قطنيّ 2:68 الحديث 11،سنن البيهقيّ 3:344 و 347 بتفاوت يسير.
3- 3) التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 3:150 الحديث 325،الوسائل 5:166 الباب 4 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1.و [3]في الجميع:«مضت السنّة».
5- 5) ح و ق:رحمة اللّه.
6- 6) ح و ق:لقرب،غ:لتقرب.
7- 7) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):677.
8- 8) المغني 2:284،الشرح الكبير بهامش المغني 2:287،الكافي لابن قدامة 1:321، [4]الإنصاف 2:455.

لنا:أنّ الرحمة قد يحصل لهم.

و روى (1)ابن بابويه عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ سليمان بن داود عليهما السّلام خرج ذات يوم مع أصحابه،فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السّماء و هي تقول:اللهمّ إنّا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك،فلا تهلكنا بذنوب بني آدم،فقال سليمان عليه السّلام لأصحابه:ارجعوا فقد سقيتم بغيركم» (2).

مسألة:و يمنع أهل الذمّة و الكفّار من الخروج.

و قال أحمد:لا يستحبّ إخراجهم، و إن خرجوا لم يمنعوا،و يؤمرون بالانفراد من المسلمين،لئلاّ يصيبهم عذاب فيعمّ،كما أرسل على قوم عاد ريح صرصر يوم استسقائهم (3).

لنا:أنّهم أعداء اللّه و أنّهم مغضوب عليهم و قد بدّلوا نعمة اللّه كفرا،فهم بعيدون من الإجابة،قال اللّه تعالى وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ (4).

و قد روى ابن بابويه عن الصّادق عليه السّلام أنّه«جاء أصحاب فرعون إليه فقالوا:غار ماء النيل و فيه هلاكنا،فقال:انصرفوا اليوم،فلمّا أن (5)كان من الليل توسّط النيل و رفع يديه إلى السّماء و قال:اللّهمّ إنّك تعلم أنّي أعلم أنّه لا يقدر على أن يجيء بالماء إلاّ أنت،فجئنا به،فأصبح النيل يتدفّق» (6). (7)فعلى هذه الرواية لو خرجوا جاز أن لا يمنعوا،لأنّهم يطلبون أرزاقهم من اللّه تعالى و قد ضمنها لهم في الدنيا،فلا يمنعون من طلبها فلا يبعد إجابتهم.

ص:121


1- 1م و ن:روى.
2- 2) الفقيه 1:333 الحديث 1493،الوسائل 5:163 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 5.
3- 3) المغني 2:296،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:287،الكافي لابن قدامة 1:321،الإنصاف 2:455.
4- 4) الرعد(13):14. [2]
5- 5) ليست في غ و المصدر.
6- 6) م،ن و ق:يندفق.
7- 7) الفقيه 1:334 الحديث 1502.

و قول من قال:إنّهم ربّما ظنّوا أنّ ما حصل من السقيا بدعائهم (1)،ضعيف،لأنّه لا يبعد أن يتّفق نزول الغيث يوم يخرجون بانفرادهم،فيكون أعظم لفتنتهم.

مسألة:و يستحبّ أن يستسقى بأهل الصّلاح.

روى ابن بابويه أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام استسقى،ثمَّ أمر الحسن (2)عليه السّلام بالدّعاء (3).

و روى ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب استسقى بالعبّاس (4).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يأمرهم بالخروج من المعاصي و الصدقة،و ترك التشاجر (5)،فإنّ المعاصي سبب للجدب،قال اللّه تعالى وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ (6).

و روى ابن بابويه و الشيخ معا عن عبد الرحمن بن كثير (7)،عن الصّادق عليه السّلام قال:«إذا فشت أربعة ظهرت أربعة:إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل،و إذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية،و إذا جار الحكّام في القضاء أمسك القطر من السّماء،و إذا خفرت الذمّة نصر المشركون» (8).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا غضب اللّه تعالى على

ص:122


1- 1المغني 2:296،الشرح الكبير بهامش المغني 2:287.
2- 2) غ،م و ن:الحسين.
3- 3) الفقيه 1:338 الحديث 1507.
4- 4) الفقيه 1:340 الحديث 1508،و من طريق العامّة ينظر:المصنّف لعبد الرزّاق 3:92 الحديث 4913.
5- 5) غ:التشاحن.
6- 6) الأعراف(7):96. [1]
7- 7) عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ مولى عبّاس بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس،كان ضعيفا،قاله النجاشيّ، و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة. رجال النجاشيّ:234،الفهرست:108، [2]رجال العلاّمة:239. [3]
8- 8) الفقيه 1:332 الحديث 1491،التهذيب 3:147 الحديث 318،الوسائل 5:168 الباب 7 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [4]

أمّة ثمَّ لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها،و قصرت أعمارها،و لم تربح تجّارها،و لم تزكّ ثمارها،و لم تغزر أنهارها،و حبس عنها أمطارها،و سلّط عليها أشرارها» (1).

و يستحبّ أن يأمرهم بالاستغفار وقت الصّلاة،لقوله تعالى فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً. يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (2).

مسألة:و لا أذان و لا إقامة فيها.

و هو اتّفاق كلّ من يحفظ عنه العلم،بل يقول المؤذّن:الصّلاة ثلاثا.و قال الشافعيّ:يقول:الصّلاة جامعة (3).

و لا يشترط فيها إذن الإمام (4)،صلّيت جماعة أو فرادى.و به قال الشافعيّ (5)، و أبو حنيفة (6).و لأحمد روايتان (7).

لنا:أنّ العلّة طلب الماء،فلا يشترط فيها إذن الإمام كغيرها من النوافل.قالوا:

صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يأمر بها،فلا يشرع (8)إلاّ في مثل تلك الصفة (9).

قلنا:فعله دلّ على المشروعيّة مطلقا.

و تصلّى جماعة و فرادى.و هو قول أهل العلم.و قال أبو حنيفة في رواية:لا جماعة فيها،و إن (10)صلّيت وحدانا جاز (11).

ص:123


1- 1الفقيه 1:332 الحديث 1492،الوسائل 5:168 الباب 7 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [1]
2- 2) نوح(71):10،11. [2]
3- 3) الأمّ 1:245،المهذّب للشيرازيّ 1:124،المجموع 5:66،فتح العزيز بهامش المجموع 5:97.
4- 4) ح و ق بزيادة:سواء.
5- 5) الأمّ 1:247،مغني المحتاج 1:325.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:78،بدائع الصنائع 1:282،الهداية للمرغينانيّ 1:88.
7- 7) المغني 2:293،الشرح الكبير بهامش المغني 2:297،الإنصاف 2:460،الكافي لابن قدامة 1:319.
8- 8) ح و ق:شرع.
9- 9) المغني 2:293،الشرح الكبير بهامش المغني 2:298.
10- 10) ح:و لو.
11- 11) المبسوط للسرخسيّ 2:78،بدائع الصنائع 1:282،الهداية للمرغينانيّ 1:88.

لنا:رواية أنس (1)و ابن عبّاس أنّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بهم ركعتين (2).

و من طريق الخاصّة:رواية مرّة:«إذا انتهى إلى المصلّى صلّى بالناس ركعتين» (3).

و لأنّ بالاجتماع قد يحصل البركة،قال عليه السّلام:«من صلّى صلاة جماعة ثمَّ سأل اللّه حاجة قضيت له» (4).

و قال عليه السّلام:«الجماعة رحمة» (5).

و تصلّى في كلّ وقت و إن كان وقت كراهية،لأنّها من ذوات الأسباب.

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يحوّل رداءه،

بأن يجعل ما على اليمين على اليسار و ما على اليسار على اليمين بعد الصّلاة،و لا يستحبّ ذلك لغيره.و به قال سعيد بن المسيّب، و عروة،و الثوريّ،و الليث،و أبو يوسف،و محمّد (6).

و قال الشافعيّ:يستحبّ للإمام و المأموم التحويل،بأن يجعل طرفه الأسفل الذي على شقّه الأيمن على عاتقه الأيسر،و طرفه الأسفل الذي على شقّه الأيسر على عاتقه الأيمن،و إن حوّله و لم ينكسه أجزأه (7).و هو قول الشيخ رحمه اللّه

ص:124


1- 1أوردها ابنا قدامة في المغني 2:292،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:292.
2- 2) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1165،سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558،سنن النسائيّ 3:156،157،مسند أحمد 1:355،سنن البيهقيّ 3:344،سنن الدار قطنيّ 2:68 الحديث 11،مستدرك الحاكم 1:326،327.
3- 3) الكافي 3:462 الحديث 1، [1]التهذيب 3:148 الحديث 322،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [2]
4- 4) أوردها المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:363،و [3]بمضمونه في الوسائل 5:374 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 15.
5- 5) مسند أحمد 4:278،كنز العمّال 7:558 الحديث 20242.
6- 6) المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:293،المجموع 5:103،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 102،بداية المجتهد 1:216،بدائع الصنائع 1:284،الهداية للمرغينانيّ 1:89.
7- 7) الأمّ 1:251،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:33،المجموع 5:85،86، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 5:103، [5]المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:294.

في المبسوط (1)،و أحمد (2)،و مالك (3)،و عمر بن عبد العزيز،إلاّ أنّهم خالفوا الشافعيّ في الكيفيّة فقالوا فيها كقولنا (4).و قال أبو حنيفة:لا يستحبّ التحويل للإمام و المأمومين (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن زيد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حوّل رداءه و جعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر،و عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإذا سلّم الإمام قلب ثوبه و جعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر،و الذي على الأيسر على الأيمن،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذلك صنع» (7).

و في حديث مرّة:«ثمَّ يصعد المنبر فيقلب رداءه،فيجعل الذي على يمينه على يساره، و الذي على يساره على يمينه» (8).و لأنّ فيه تفاؤلا بقلب (9)حالهم من الجدب إلى الخصب،و قد جاء ذلك في أحاديث الجمهور و أحاديث أهل البيت عليهم السّلام.و أمّا اختصاص الإمام بذلك،فلما ثبت أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله فعله دون أصحابه.و في حديث مرّة:«ثمَّ يقلب رداءه».و في حديث هشام:«فإذا سلّم الإمام قلب ثوبه».

ص:125


1- 1المبسوط 1:135.
2- 2) المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:294،الكافي لابن قدامة 1:323.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:166،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:192،المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:294.
4- 4) المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:294.
5- 5) المغني 2:289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:293،حلية العلماء 2:325،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:92.
6- 6) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1163،نيل الأوطار 2:37.
7- 7) التهذيب 3:149 الحديث 323،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [1]
8- 8) الكافي 3:462 الحديث 1، [2]التهذيب 3:148 الحديث 322،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [3]
9- 9) م:تقلّب.

احتجّ الشافعيّ (1)بما رواه أبو داود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استسقى و عليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها،فلمّا ثقلت عليه جعل العطاف الذي على الأيسر على عاتقه الأيمن،و الّذي على الأيمن على عاتقه الأيسر (2).

و الجواب:أنّ هذا تخمين من الراوي،فلا يترك لأجله فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،مع أنّ أحدا لم ينقل أنّه جعل أسفله أعلاه،و يبعد أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ترك ذلك في جميع الأوقات لثقل الرّداء.و قال أصحاب الشافعيّ:إنّ الانتكاس إنّما يكون في الرّداء المربّع،أمّا المقوّر فإنّه كما قلناه (3).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه دعاء فلا يستحبّ له تغيير الثياب كغيره من الأدعية (4).

و الجواب:أنّه قد ثبت فعله عليه السّلام.

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يستقبل القبلة

و يكبّر اللّه مائة،ثمَّ يتحوّل إلى الجانب الأيمن و يسبّح اللّه مائة،ثمَّ الأيسر فيهلّل اللّه مائة،ثمَّ يستقبل الناس فيحمد اللّه مائة رافعا بذلك صوته و الناس يتّبعونه في ذلك،لرواية مرّة (5)،و للجهل بالجهة الّتي يأتي منها الرحمة،فشرع الاستغفار في الجميع.

مسألة:و يخطب الإمام خطبتين.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال مالك (6)،

ص:126


1- 1الأمّ 1:251،المغني 2:289،بداية المجتهد 1:216،الشرح الكبير بهامش المغني 2:294.
2- 2) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1164.
3- 3) المجموع 5:85، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:103، [2]مغني المحتاج 1:325.
4- 4) بدائع الصنائع 1:284،شرح العناية هامش شرح فتح القدير 2:61،الهداية للمرغينانيّ 1:89،المغني 2: 289،الشرح الكبير بهامش المغني 2:293.
5- 5) الكافي 3:462 الحديث 1، [3]التهذيب 3:148 الحديث 322،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [4]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:166،المغني 2:290،الشرح الكبير بهامش المغني 2:289،المبسوط للسرخسيّ 2: 77،الموطّأ 1:190.

و الشافعيّ (1).و قال أحمد (2)،و أبو حنيفة:لا يخطب أصلا (3).و في رواية عن أحمد أنّه يخطب خطبة واحدة (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال:صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركعتين ثمَّ خطبنا (5).

و ما رووه عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صنع كما صنع في العيدين (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، عن أبيه عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدأ بالصّلاة قبل الخطبة (7).

و في حديث هشام قال:سألته عن صلاة الاستسقاء،قال:«مثل صلاة العيدين» (8).و لأنّها أشبهتها في التكبير و الهيئة فأشبهتها في الخطبتين.

ص:127


1- 1الأمّ 1:250،المهذّب للشيرازيّ 1:124،125،المجموع 5:83،فتح العزيز بهامش المجموع 5:100، مغني المحتاج 1:324،المغني 2:290،الشرح الكبير بهامش المغني 2:289.
2- 2) الكافي لابن قدامة 1:321،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:92،الإنصاف 2:457.
3- 3) بدائع الصنائع 1:283،الهداية للمرغينانيّ 1:89،شرح فتح القدير 2:60،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:92.
4- 4) المغني 2:290، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:289، [2]الإنصاف 2:457،الكافي لابن قدامة 1:321.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1268،سنن البيهقيّ 3:347،المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288.
6- 6) سنن البيهقيّ 3:348،سنن الدار قطنيّ 2:67 الحديث 10،المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 289.
7- 7) التهذيب 3:150 الحديث 326،الاستبصار 1:451 الحديث 1748،الوسائل 5:166 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [3]
8- 8) الكافي 3:462 الحديث 2، [4]التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [5]

احتجّ أبو حنيفة (1)بما رواه ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يخطب خطبتكم هذه (2).

و الجواب:لا دلالة على نفي الخطبة،إذ خطبة الاستسقاء مغايرة للخطبة في الجمعة.

فرعان:
الأوّل:الخطبة بعد الصّلاة.ذهب إليه علماؤنا،

و هو قول مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و محمّد بن الحسن (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (6).قال ابن عبد البرّ:و عليه جماعة الفقهاء (7).

و قال عمر،و ابن الزبير،و أبان بن عثمان (8)،و الليث بن سعد (9)،و أحمد في الرّواية الأخرى:إنّها قبل الصّلاة (10).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه صلّى ركعتين

ص:128


1- 1شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 2:60.
2- 2) سنن أبي داود 1:302 الحديث 1165،سنن الترمذيّ 2:445 الحديث 558، [1]سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1266.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:166،بداية المجتهد 1:215،المغني 2:286،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288، الموطّأ 1:190.
4- 4) الأمّ 1:249،المجموع 5:77،بداية المجتهد 1:215،المغني 2:286،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 288.
5- 5) المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288.
6- 6) المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288،الكافي لابن قدامة 1:321،الإنصاف 2:457.
7- 7) المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288.
8- 8) أبان بن عثمان بن عفّان الأمويّ الفقيه،أبو سعيد و يقال أبو عبد اللّه،روى عن أبيه و زيد بن ثابت و أسامة بن زيد،و روى عنه ابنه عبد الرحمن و عمر بن عبد العزيز و أبو الزناد و الزهريّ و غيرهم. التاريخ الكبير للبخاريّ 1:450،العبر 1:98، [2]تهذيب التهذيب 1:97. [3]
9- 9) المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288،المجموع 5:93.
10- 10) المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288،الكافي لابن قدامة 1:321.

ثمَّ خطب (1).و قول ابن عبّاس:صنع كما صنع في العيدين (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد و قد تقدّم (3).

و لأنّها صلاة ذات تكبير فأشبهت العيد.

لا يقال:قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«الخطبة في الاستسقاء قبل الصّلاة» (4).

لأنّا نقول:إنّ في طريقها أبان بن عثمان و فيه قول (5).

لا يقال:و الرواية التي نقلتموها في طريقها طلحة بن زيد و هو بتريّ،فلا ترجيح.

لأنّا نقول:الترجيح من وجهين،الأوّل:موافقة عمل الأصحاب.الثاني:رواية هشام الدالّة على المساواة بينها و بين العيدين (6).

الثاني:ذهب الشيخ المفيد ،و المرتضى إلى أنّ التكبير و التهليل و التسبيح

و التحميد بعد الخطبة .

(7)(8)

و ذهب الشيخ أبو جعفر الطوسيّ رحمه اللّه إلى أنّه مقدّم،

ص:129


1- 1سنن ابن ماجه 1:403 الحديث 1268،سنن البيهقيّ 3:347،المغني 2:287،الشرح الكبير بهامش المغني 2:288.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:348،سنن الدار قطنيّ 2:67 الحديث 10،المغني 2:287، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2: 289. [2]
3- 3) التهذيب 3:150 الحديث 326،الاستبصار 1:451 الحديث 1748،الوسائل 5:166 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 3:150 الحديث 327،الاستبصار 1:451 الحديث 1749،الوسائل 5:167 الباب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 2. [4]
5- 5) تقدّمت ترجمته و القول فيه في الجزء الأوّل ص 60.
6- 6) الكافي 3:462 الحديث 2، [5]التهذيب 3:149 الحديث 323،الاستبصار 1:452 الحديث 1750،الوسائل 5:162 الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث 1.
7- 7) المقنعة:34.
8- 8) نقله عنه في السرائر:72.

و لو لم يحسن الخطبة دعا بدلها (1).

مسألة:و لو تأخّرت الإجابة خرجوا ثانيا و ثالثا إلى أن يجابوا.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك،و الشافعيّ،و أحمد (2).و قال إسحاق:لا يخرج إلاّ مرّة واحدة (3).

لنا:قوله عليه السّلام:«إنّ اللّه يحبّ الملحّين في الدّعاء» (4).و لأنّ الحاجة باقية، فكان طلبها بالدعاء مشروعا.و لأنّها صلاة يستدفع بها أذى،فكانت مشروعة كالأولى.

احتجّ إسحاق بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يخرج إلاّ مرّة واحدة (5).

و الجواب:أنّه استغنى بالإجابة.

مسألة:لو تأهّبوا للخروج فسقوا لم يخرجوا،لحصول الغرض.و كذا لو خرجوا فسقوا قبل الصّلاة لم يصلّوا.نعم،يستحبّ صلاة الشكر للّه تعالى في الموضعين.

مسألة:و يستحبّ لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب.قال اللّه تعالى وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ (6).مدحهم اللّه تعالى بدعائهم لإخوانهم.

و روى ابن يعقوب في الصحيح عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أوشك دعوة و أسرع إجابة دعوة المرء لأخيه بظهر الغيب» (7).

ص:130


1- 1المبسوط 1:134،النهاية:139. [1]
2- 2) المغني 2:294،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:296،المجموع 5:88،فتح العزيز بهامش المجموع 5:89.
3- 3) المغني 2:294،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:296.
4- 4) الجامع الصغير للسيوطيّ:75،المغني 2:294،الشرح الكبير بهامش المغني 2:296،و من طريق الخاصّة ينظر:الوسائل 4:1110 الباب 20 من أبواب الدعاء الحديث 8.
5- 5) المغني 2:294،الشرح الكبير بهامش المغني 2:296.
6- 6) الحشر(59):10. [4]
7- 7) الكافي 2:507 الحديث 1، [5]الوسائل 4:1145 الباب 41 من أبواب الدعاء الحديث 2. [6]

و روى في الحسن عن إبراهيم بن هاشم (1)قال:رأيت عبد اللّه بن جندب في الموقف (2)،فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه،ما زال مادّا يديه إلى السّماء و دموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض،فلمّا صدر الناس قلت له:يا أبا محمّد،ما رأيت موقفا قطّ أحسن من موقفك،قال:و اللّه ما دعوت إلاّ لإخواني.و ذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش:و لك مائة ألف ضعف،فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (3).

مسألة:و يستحبّ الدعاء عند نزول الغيث.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«اطلبوا استجابة الدّعاء عند ثلاث:التقاء الجيوش،و إقامة الصّلاة،و نزول الغيث» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن يعقوب عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:اغتنموا الدّعاء عند أربع:عند قراءة القرآن،و عند الأذان،و عند نزول الغيث،و عند التقاء الصفّين للشهادة» (5).

و روى ابن يعقوب عن زيد الشحّام قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«اطلبوا

ص:131


1- 1إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمّيّ،نقل النجاشيّ عن الكشّيّ أنّه تلميذ يونس بن عبد الرحمن من أصحاب الرضا عليه السّلام،ثمَّ قال:و فيه نظر.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام قائلا:تلميذ يونس بن عبد الرحمن.و قال المصنّف في الخلاصة:لم أقف من أصحابنا في القدح فيه و لا على تعديله بالتنصيص. قال العلاّمة الخوئيّ بعد نقل كلام النجاشيّ:تنظّر النجاشيّ في محلّه بل لا يبعد دعوى الجزم بعدم صحّة ما ذكره الكشّيّ و الشيخ،حيث لم توجد له رواية واحدة عن الرضا عليه السّلام بلا واسطة و لا عن يونس،و قال بعد نقل قول المصنّف:لا ينبغي الشكّ في وثاقه إبراهيم بن هاشم.و ذكر أمورا تدلّ على ذلك. رجال النجاشيّ:16،رجال الطوسيّ:369،رجال العلاّمة:4، [1]معجم رجال الحديث 1:177 و 179. [2]
2- 2) بعض النسخ:بالموقف.
3- 3) الكافي 2:508 الحديث 6، [3]الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1. [4]
4- 4) سنن البيهقيّ 3:360،كنز العمّال 2:102 الحديث 3339،المغني 2:294،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 296،المجموع 5:96.
5- 5) الكافي 2:477 الحديث 3، [5]الوسائل 4:1114 الباب 23 من أبواب الدعاء الحديث 2. [6]

الدّعاء في أربع ساعات:عند هبوب الرّياح،و زوال الأفياء (1)،و نزول القطر،و أوّل قطرة من دم القتيل المؤمن،فإنّ أبواب السّماء تفتح عند هذه الأشياء» (2).

مسألة:و إذا نذر الإمام أن يصلّي للاستسقاء صحّ نذره

(3)

و انعقد،لأنّه نذر في طاعة،و لا يلزم غيره بالخروج معه.و كذا لو نذر غير الإمام.و لو نذر الإمام أن يستسقي هو و غيره انعقد نذره في نفسه خاصّة دون غيره،لأنّه لا ينعقد نذره فيما لا يملك.

قال الشيخ:و يستحبّ له أن يخرج فيمن يطيعه كالولد و شبهه.و إذا انعقد نذره صلاّها في الصّحراء.و لو نذر أن يصلّيها في المسجد انعقد،و يعيد لو صلاّها في غيره.ذكره الشيخ (4)،خلافا للشافعيّ فإنّه جوّزه في بيته (5).

و لو نذر أن يخطب انعقد و جاز قائما و قاعدا و على منبر و غيره.و لو نذر أن يخطب على المنبر وجب،و لا يجزئه لو خطب على حائط و شبهه.ذكره الشيخ (6).قال الشافعيّ:

لا يجب،إذ القصد الإعلام (7).

مسألة:و كما تستحبّ لانقطاع الغيوث تستحبّ لنضب ماء العيون

و الآبار،لوجود المعنى المقتضي لذلك.و يستحبّ-إذا كثر المطر و الغيوث بحيث بلغ حدّ الضرر-الدعاء و التضرّع إلى اللّه تعالى لإزالة ذلك،لأنّه ضرر فجاز طلب استدفاعه بالدعاء.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا في ذلك (8).و لأنّ الضرر بزيادة المطر أحد الضررين،فاستحبّ

ص:132


1- 1فاء الظلّ،يفيء فيئا:رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق،و الجمع:فيوء و أفياء.المصباح المنير:486. [1]
2- 2) الكافي 2:476 الحديث 1، [2]الوسائل 4:1114 الباب 23 من أبواب الدعاء الحديث 1. [3]
3- 3) ح:الاستسقاء.
4- 4) المبسوط 1:135، [4]الخلاف 1:277 مسألة-5.
5- 5) الأمّ 1:249،المجموع 5:95.
6- 6) المبسوط 1:135، [5]الخلاف 1:277 مسألة-5.
7- 7) الأمّ 1:249،المجموع 5:95.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:40،صحيح مسلم 2:612-614 الحديث 897،سنن أبي داود 1:304 الحديث 1174،سنن النسائيّ 3:159،160.

الدّعاء لإزالته كانقطاعه.

مسألة:قال الشيخ:و لا يجوز أن يقول:مطرنا بنوء كذا،

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك (1).و النوء سقوط كوكب و طلوع رقيبه.

البحث الثاني:في نافلة رمضان
مسألة:اتّفق أهل العلم على استحباب نافلة رمضان

زيادة على غيره من الشهور.

و قال ابن بابويه:لا صلاة فيه زائدة على غيره (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا جاء شهر رمضان زاد في الصّلاة و أنا أزيد،فزيدوا» (4).

و ما رواه عن جابر بن عبد اللّه قال:إنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال له:«إنّ أصحابنا هؤلاء أبوا أن يزيدوا في صلاتهم في (5)رمضان و قد زاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في

ص:133


1- 1المبسوط 1:135.و [1]من طريق العامّة ينظر:صحيح مسلم 4:1744 الحديث 2220،سنن أبي داود 4:17 الحديث 3912، [2]مسند أحمد 2:397.
2- 2) الأمالي:516،الفقيه 2:88 الحديث 395،396.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:420 الحديث 1326،سنن النسائيّ 4:155،156،مسند أحمد 2:281،423،486 و 529،كنز العمّال 8:465 الحديث 23682.
4- 4) التهذيب 3:60 الحديث 204،الاستبصار 1:461 الحديث 1793،الوسائل 5:174 الباب 2 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 2. [3]
5- 5) ح بزيادة:شهر،كما في الاستبصار.

صلاته في رمضان» (1).

و ما رواه في الصحيح عن أبي بصير أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام،أ يزيد الرّجل في الصّلاة في رمضان؟قال:«نعم،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد زاد في رمضان في الصّلاة» (2).

و ما رواه في الصّحيح عن أبي العبّاس البقباق و عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلّى العتمة صلّى بعدها يقوم الناس خلفه فيدخل و يدعهم،ثمَّ يخرج أيضا فيجيؤن فيقومون خلفه فيدخل و يدعهم مرارا».قال:و قال:«لا تصلّ بعد العتمة في غير شهر رمضان» (3).

و ما رواه عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«تصلّى في شهر رمضان زيادة ألف ركعة» (4).

و ما رواه عن أحمد بن محمّد بن مطهّر (5)قال:كتبت إلى أبي محمّد عليه السّلام أنّ رجلا روى عن آبائك عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما كان يزيد من

ص:134


1- 1التهذيب 3:60 الحديث 206،الاستبصار 1:460 الحديث 1789 و فيهما:«في صلاته في شهر رمضان»، الوسائل 5:174 الباب 2 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 3:61 الحديث 207،الاستبصار 1:460 الحديث 1790،الوسائل 5:174 الباب 2 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 3:61 الحديث 208،الاستبصار 1:461 الحديث 1792،الوسائل 5:173 الباب 2 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 3:66 الحديث 218،الاستبصار 1:466 الحديث 1802،الوسائل 5:178 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [4]
5- 5) أحمد بن محمّد بن مطهّر روى عن أبي محمّد عليه السّلام،و روى عنه عليّ بن أبي خليس.قال العلاّمة الخوئيّ:لم يرد في الرجل توثيق و لا مدح و إن وصفه الصدوق في المشيخة بقوله:صاحب أبي محمّد عليه السّلام. الفقيه(شرح المشيخة)4:119،معجم رجال الحديث 2:329. [5]

الصّلاة في شهر رمضان على ما كان يصلّيه في سائر الأيّام،فوقّع عليه السّلام:«كذب،فضّ اللّه فاه،صلّى في كلّ ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة إلى عشرين من الشهر،و صلّى ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة،و صلّى ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة،و صلّى في كلّ ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة» (1).

و لأنّه شهر تضاعف فيه الحسنات.روى الشيخ عن أبي الورد،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناس في آخر جمعة من شعبان و قال (2)في خطبته:و جعل قيام ليلة فيه بتطوّع صلاة كمن تطوّع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور،و جعل لمن تطوّع فيه بخصلة من خصال الخير و البرّ كأجر من أدّى فريضة من فرائض اللّه تعالى» (3).فينبغي اختصاصه بمزيد أفضل الطاعات و هو الصّلاة.

احتجّ ابن بابويه (4)بما رواه الجمهور عن عائشة قالت:ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزيد في رمضان و لا غيره عن إحدى عشرة ركعة منها الوتر (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه و لا يصلّي شيئا إلاّ بعد انتصاف الليل،لا في رمضان و لا غيره» (6).

و ما رواه الحلبيّ في الصّحيح قال:سألت عن الصّلاة في رمضان،فقال:«ثلاث عشرة ركعة منها الوتر و ركعتا الصّبح بعد الفجر،كذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:135


1- 1التهذيب 3:68 الحديث 221،الوسائل 5:183 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 8. [1]
2- 2) ح:فقال.
3- 3) التهذيب 3:57 الحديث 198،الوسائل 7:222 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 10. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:366. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:66-67،صحيح مسلم 1:509 الحديث 738،سنن البيهقيّ 2:495.
6- 6) التهذيب 3:69 الحديث 225،الاستبصار 1:467 الحديث 1806،الوسائل 5:190 الباب 9 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 3. [4]

يصلّي و أنا كذلك أصلّي،و لو كان خيرا لم يتركه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و روى عبد اللّه بن سنان في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (2).

و الجواب عن الأوّل:المعارضة بالأحاديث المنقولة من طرق الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن الثاني:أنّ في طريقه عليّ بن فضّال و عبد اللّه بن بكير،و هما فطحيّان.

و عن الثالث:أنّ الحلبيّ لم يسنده إلى إمام،فلا احتجاج به.

و عن الرابع:بالمعارضة.و أيضا:يحتمل أنّه أراد:لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي جماعة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم و الفضيل قالوا:

سألناهما عليهما السّلام عن الصّلاة في رمضان نافلة بالليل جماعة (4)،فقالا:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله،ثمَّ يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلّي،فخرج في أوّل ليلة من شهر رمضان ليصلّي كما كان يصلّي فاصطفّ الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته و تركهم،ففعلوا ذلك ثلاث ليال،فقام في اليوم الرّابع على منبره فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمَّ قال:أيّها (5)الناس إنّ الصّلاة بالليل في شهر رمضان من (6)النافلة في جماعة بدعة و صلاة الضحى بدعة،ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل،و لا تصلّوا صلاة الضحى فإنّ ذلك معصية،ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و

ص:136


1- 1الفقيه 2:88 الحديث 395،التهذيب 3:68 الحديث 223،الاستبصار 1:466 الحديث 1804،الوسائل 5:190 الباب 9 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:88 الحديث 396،التهذيب 3:69 الحديث 224،الاستبصار 1:467 الحديث 1805،الوسائل 5:190 الباب 9 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:64،صحيح مسلم 1:508،سنن البيهقيّ 2:496.
4- 4) ح:في جماعة،كما في الوسائل. [3]
5- 5) ح و ق:يا أيّها،كما في الاستبصار.
6- 6) ليست في أكثر النسخ.

كلّ ضلالة سبيلها إلى النار،ثمَّ نزل و هو يقول:قليل في سنّة خير من كثير في بدعة» (1).

و لأنّ الإجماع واقع على استحباب الصّلاة،إلاّ من شذّ.

مسألة:و هي ألف ركعة.

و هو مذهب علمائنا عدا ابن بابويه (2).

و قال الثوريّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد:ستّ مائة ركعة،في كلّ ليلة عشرون (6).

و قال مالك:ألف و ثمانون ركعة،في كلّ ليلة ستّ و ثلاثون (7).

لنا:رواية المفضّل بن عمر،و قد تقدّمت (8).

و ما رواه الشيخ عن جميل بن صالح (9)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن

ص:137


1- 1التهذيب 3:69 الحديث 226،الاستبصار 1:467 الحديث 1807،الوسائل 5:191 الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:88،89.
3- 3) المغني 1:834،الشرح الكبير بهامش المغني 1:784.
4- 4) بدائع الصنائع 1:288،المبسوط للسرخسيّ 2:144،المغني 1:834،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 784،حلية العلماء 2:144،المجموع 4:32، [2]الميزان الكبرى 1:169،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:64.
5- 5) المجموع 4:32،الميزان الكبرى 1:169،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:64،المغني 1:834، الشرح الكبير بهامش المغني 1:784.
6- 6) المغني 1:834،الشرح الكبير بهامش المغني 1:784،المجموع 4:32،حلية العلماء 2:144،الميزان الكبرى 1:169،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:64.
7- 7) المغني 1:834،الشرح الكبير بهامش المغني 1:784،المجموع 4:32،المبسوط للسرخسيّ 2:144، حلية العلماء 2:144،الميزان الكبرى 1:169،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:64،بدائع الصنائع 1: 288،بداية المجتهد 1:210.
8- 8) تقدّمت في ص 133،134.
9- 9) جميل بن صالح الأسديّ ثقة وجه روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،قاله النجاشيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له أصل،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطوسيّ:163،رجال النجاشيّ:127،الفهرست:44، [3]رجال العلاّمة:34. [4]

استطعت أن تصلّي في شهر رمضان و غيره في اليوم و الليلة ألف ركعة فافعل،فإنّ عليّا عليه السّلام كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة» (1).

احتجّ أبو حنيفة (2)بأنّ عمر جمع الناس على أبيّ و كان أبيّ يصلّي بهم عشرين ركعة كلّ ليلة،فإذا كان في العشر الأواخر تخلّف أبيّ فصلّى في بيته و كانوا يقولون:أبق أبيّ (3).

و بأنّ عليّا عليه السّلام أمر رجلا يصلّي بهم في رمضان عشرين ركعة (4).

و احتجّ مالك بأنّ صالحا (5)قال:أدركت الناس يقومون بإحدى و أربعين ركعة يوترون منها بخمس (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه إنّما دلّ على صلاة عشرين في العشرين الأولى و نحن نقول به.

و يؤيّده:استتار أبيّ في بيته في العشر الأواخر.

و عن حجّة مالك:بأنّ صالحا ضعيف.و أيضا:فالناس الذين أخبر عنهم ربّما لا يكونون من أهل الاتّباع.

مسألة:و لا خلاف بين علمائنا القائلين بالوظيفة في أنّه يصلّي في كلّ ليلة عشرين،

ص:138


1- 1التهذيب 3:61 الحديث 209،الاستبصار 1:461 الحديث 1794،الوسائل 5:176 الباب 5 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) شرح فتح القدير 1:406،407،بدائع الصنائع 1:288،المغني 1:834.
3- 3) سنن أبي داود 2:65 الحديث 1429 و [2]اللفظ فيه:«.و كان أبيّ يصلّي لهم عشرين ليلة و لا يقنت بهم إلاّ في النصف الباقي.».
4- 4) سنن البيهقيّ 2:496-497.
5- 5) صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أميّة بن خلف روى عن أبي الدرداء و عائشة و أبي هريرة و ابن عبّاس، و روى عنه موسى بن عقبة و ابن أبي ذئب و ابن جريج.و عن ابن معين:ليس بقويّ،و قال النسائيّ:ضعيف، و ضعّفه ابن أبي حاتم الرازيّ. تهذيب التهذيب 4:405، [3]ميزان الاعتدال 2:303،الجرح و التعديل 4:416.
6- 6) المغني 1:834.

من أوّل الشهر إلى ليلة عشرين منه،و في كلّ ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة.و إنّما اختلفوا في ليالي الإفراد:ليلة تسع عشرة،و إحدى و عشرين،و ثلاث و عشرين.فقال أكثرهم:إنّه يصلّي فيها ثلاثمائة،في كلّ ليلة مائة،زائدة على ما وظّف،و هذه هي الألف (1).

و قال آخرون منهم:إنّه يصلّي في كلّ ليلة منها تمام المائة على ما وظّف،فيتخلّف عليه ثمانون،يصلّي في كلّ جمعة من الشهر عشر ركعات،أربع منها صلاة أمير المؤمنين عليه السّلام،و ركعتان صلاة فاطمة عليها السّلام،و أربع صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السّلام،[و تصلّى في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين عليه السّلام عشرين ركعة] (2)و في عشيّة آخر جمعة ليلة السبت عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها السّلام (3).

و الأوّل:رواية مسعدة بن صدقة (4)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5)،و رواية سماعة بن مهران (6).

ص:139


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:202 مسألة-269،و الاستبصار 1:462،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:159،و [1]هو اختيار ابن الجنيد نقله عنه في المختلف:126،و ابن إدريس في السرائر:68،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:110. [2]
2- 2) ما بين المعقوفين من المصادر.
3- 3) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:28،و السيّد المرتضى في الجمل:73،و الانتصار:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:134،و [3]النهاية:140،و [4]الخلاف 1:202 مسألة-269،و ابن البرّاج في المهذّب 1:145،146،و سلاّر في المراسم:83،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):678،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:118. [5]
4- 4) مسعدة بن صدقة العبديّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،له كتب،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام بقوله:مسعدة بن صدقة عامّيّ،و أخرى من أصحاب الصادق عليه السلام بقوله:مسعدة بن صدقة العبسيّ البصريّ أبو محمّد،و في رجال الكشّيّ وصفه بالبتريّ،و قد جمع الوصفين في مشتركاته الكاظميّ حيث قال:مسعدة بن صدقة العامّيّ البتريّ. رجال الطوسيّ:137 و 314،رجال النجاشيّ:415،رجال الكشّيّ:390،هداية المحدّثين:260. [6]
5- 5) التهذيب 3:62 الحديث 213،الاستبصار 1:462 الحديث 1796،الوسائل 5:179 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 2. [7]
6- 6) الفقيه 2:88 الحديث 397،التهذيب 3:63 الحديث 214،الاستبصار 1:462 الحديث 1797،الوسائل 5:180 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 3. [8]

و الثاني:رواية عبد اللّه بن سنان،و سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و رواية إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام (1)،و المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).

مسألة:و في ترتيب العشرين روايتان.

إحداهما:أنّه يصلّي بعد المغرب ثمانيا و بعد العشاء اثنتي عشرة.و كذا في الثلاثين يصلّي بعد المغرب ثمانيا و الباقي بعد العشاء،و هي المشهورة بين الأصحاب.رواها الشيخ في الصّحيح عن عليّ بن يقطين،عن أبي جعفر عليه السّلام (3).و رواها عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4)،و عن عليّ بن أبي حمزة عنه عليه السّلام (5).و رواها عن أبي بصير عنه عليه السّلام (6)،و عن عبد اللّه بن سنان و سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و عن إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام (7).

و الثانية:أنّه يصلّي بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة،و ما يخلف من العشرين و الثلاثين

ص:140


1- 1التهذيب 3:64 الحديث 217،الاستبصار 1:464 الحديث 1801،الوسائل 5:181 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 3:66 الحديث 218،الاستبصار 1:466 الحديث 1802،الوسائل 5:178 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 3:67 الحديث 220،الاستبصار 1:464 الحديث 1800،الوسائل 5:183 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 3:62 الحديث 213،الاستبصار 1:462 الحديث 1796،الوسائل 5:179 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 3:63 الحديث 215،الاستبصار 1:463 الحديث 1798،الوسائل 5:181 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 4. [5]
6- 6) التهذيب 3:64 الحديث 216،الوسائل 5:181 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 5. [6]
7- 7) التهذيب 3:64 الحديث 217،الاستبصار 1:464 الحديث 1801،الوسائل 5:181 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 6. [7]

بعد العشاء.رواها الشيخ عن سماعة (1).و الرّوايتان جائزتان.

مسألة:و يستحبّ أن يقرأ في كلّ ركعة من المائة في الليالي«قل هو اللّه أحد»عشر

مرّات.

رواها الشيخ عن الجعفريّ أنّه سمع العبد الصالح عليه السّلام يقول:«في ليلة إحدى و عشرين،و ثلاث و عشرين مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة قل هو اللّه أحد عشر مرّات» (2).

و رواه عن عبد اللّه بن سنان و سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و عن إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام (3)،و عن محمّد بن أحمد بن مطهّر عن أبي محمّد عليه السّلام (4).

و يستحبّ أن يصلّي ليلة النصف منه-زيادة على ألف-مائة ركعة،يقرأ في كلّ ركعة «الحمد»مرّة و«قل هو اللّه أحد»عشر مرّات.رواه الشيخ عن سليمان بن عمرو (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:من صلّى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة،يقرأ في كلّ ركعة ب«قل هو اللّه أحد»عشر مرّات،أهبط اللّه عزّ و جلّ إليه من الملائكة عشرة يدرءون عنه أعداءه من الجنّ و الإنس،و أهبط اللّه إليه عند موته ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار» (6).

ص:141


1- 1التهذيب 3:63 الحديث 214،الاستبصار 1:462 الحديث 1797،الوسائل 5:180 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:61 الحديث 210،الاستبصار 1:461 الحديث 1791،الوسائل 5:170 الباب 1 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 3:64 الحديث 217،الاستبصار 1:464 الحديث 1801،الوسائل 5:181 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 3:68 الحديث 222،الاستبصار 1:463 الحديث 1799،الوسائل 5:184 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 10. [4]
5- 5) سليمان بن عمرو بن عبد اللّه بن وهب النخعيّ أبو داود الكوفيّ،ذكره الشيخ بهذا العنوان في باب أصحاب الصادق عليه السّلام من رجاله.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة بعنوان»:سليمان النخعيّ. رجال الطوسيّ:208،رجال العلاّمة:225. [5]
6- 6) التهذيب 3:62 الحديث 212،الوسائل 5:177 الباب 6 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [6]
مسألة:قال علماؤنا:الجماعة في نافلة رمضان بدعة.

و قال مالك (1)،و الشّافعيّ:

الأفضل فيها الانفراد (2).و قال أبو حنيفة (3)،و أحمد:الأفضل الاجتماع (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن زيد بن ثابت قال:احتجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجيرة (5)بخصفة أو حصير،فخرج إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فيها،قال:

فتبع إليه رجال و جاؤا يصلّون بصلاته،ثمَّ جاؤا ليلة فحضروا و أبطأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنهم،فلم يخرج إليهم،فرفعوا أصواتهم و حصبوا الباب،فخرج إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مغضبا،فقال لهم:«ما زال بكم صنيعكم حتّى ظننت أنّه سيكتب عليكم،فعليكم بالصّلاة في بيوتكم،فإنّ خير صلاة المرء في بيته،إلاّ المكتوبة» (6).

و ما رووه عن عليّ عليه السّلام أنّه لم يجمع فيها (7)،و لو كانت الجماعة مشروعة لسارع إليها،و لما زهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيها.

و من طريق الخاصّة:رواية الفضل البقباق و عبيد بن زرارة،و قد تقدّمت (8).

و رواية زرارة،و محمّد بن مسلم،و الفضيل عنهما عليهما السّلام (9).

و ما رواه الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الصّلاة في

ص:142


1- 1المغني 1:835،المجموع 4:35،فتح العزيز بهامش المجموع 4:226،نيل الأوطار 3:60.
2- 2) الأمّ«مختصر المزنيّ)8:21،المجموع 4:5،المغني 1:835،نيل الأوطار 3:60.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:70،المغني 1:835،بدائع الصنائع 1:288،شرح فتح القدير 1:407.
4- 4) المغني 1:835،الكافي لابن قدامة 1:198،الإنصاف 2:181، [1]نيل الأوطار 3:60.
5- 5) م:حجرة،غ:حجيزة.
6- 6) صحيح مسلم 1:539 الحديث 781،و بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 1:186،سنن أبي داود 2:69 الحديث 1447، [2]سنن النسائيّ 3:198،مسند أحمد 5:187. [3]
7- 7) المغني 1:836.
8- 8) تقدّمت في ص 133. [4]
9- 9) التهذيب 3:69 الحديث 226،الاستبصار 1:467 الحديث 1807،الوسائل 5:191 الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [5]

رمضان في المساجد،قال:«لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة أمر الحسن بن عليّ عليهما السّلام أن ينادي في الناس:لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة،فنادى في الناس الحسن بن عليّ عليهما السّلام بما أمره به أبوه أمير المؤمنين عليه السّلام،فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن عليّ عليهما السّلام صاحوا:وا عمراه وا عمراه،فلمّا رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال له:ما هذا الصوت؟قال:يا أمير المؤمنين،الناس يصيحون:

وا عمراه وا عمراه.فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:قل لهم صلّوا» (1).

احتجّ المخالف بما رووه عن عليّ عليه السّلام،و جابر،و عبد اللّه أنّهم كانوا يصلّونها جماعة (2).

و بما رووه عن عمر أنّه خرج ليلة في رمضان فإذا الناس أوزاع متفرّقون يصلّي الرجل لنفسه و يصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط،فقال عمر:إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل،ثمَّ عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب قال:ثمَّ خرجت معه ليلة أخرى و الناس يصلّون بصلاة قارئهم،فقال:نعمت البدعة هذه (3).

و الجواب:أمّا فعل عليّ عليه السّلام فقد ثبت بالنقل عن أبنائه عليهم السّلام أنّه وقع منفردا،و هم أعرف بصنيع (4)أبيهم و معالم الشريعة.

و أمّا حديث عمر فلا احتجاج به،إذ قد ثبت أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله لم يجمع، و فعله هو الحجّة لا فعل غيره.

و أيضا:فإنّ أبا بكر لم يجمع،فليس قول عمر بأولى من قوله.

و أيضا:فإنّ عمر قد اعترف بأنّها بدعة في قوله:نعمت البدعة،و لو كان الاجتماع مشروعا عنده لما كان بدعة.

ص:143


1- 1التهذيب 3:70 الحديث 227،الوسائل 5:192 الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 1:835،الشرح الكبير بهامش المغني 1:785.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:58،سنن البيهقيّ 2:493،المغني 1:834.
4- 4) م و ن:بصنع.
مسألة:و يستحبّ الدعاء بين كلّ ركعتين

بما نقله الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (1)و المصباح (2)،و الوداع في آخر ليلة من الشهر (3)، (4)و ما نقله من الأدعية و التسبيح و غير ذلك (5).

مسألة:و لا يصلّي ليلة الشكّ شيئا،

خلافا لبعض الجمهور (6).

لنا:أنّه يوم من شعبان،إذ الأصل البقاء.و لأنّ صومه محرّم،فالصّلاة فيه غير مسنونة.

احتجّ المخالف (7)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه فرض عليكم صيامه،و سننت لكم قيامه» (8).فجعل القيام مع الصّيام.

و الجواب:كذلك نقول نحن،فإنّ الصّوم محرّم فيه،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:من صام يوم الشكّ فقد عصى أبا القاسم (9).سلّمنا،لكن الصّيام إنّما وجب على قولهم احتياطا للواجب،و الصّلاة (10)غير واجبة،فتبقى على الأصل.

ص:144


1- 1التهذيب 3:71.
2- 2) مصباح المتهجّد:487-520.
3- 3) ح:شهره.
4- 4) مصباح المتهجّد:579 و 585،التهذيب 3:122.
5- 5) مصباح المتهجّد:558. [1]
6- 6) المغني 1:838،الشرح الكبير بهامش المغني 1:789.
7- 7) المغني 1:838،الشرح الكبير بهامش المغني 1:789.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:421 الحديث 1328،سنن النسائيّ 4:158 بتفاوت،المغني 1:838.
9- 9) صحيح البخاريّ 3:34،سنن أبي داود 2:300 الحديث 2334، [2]سنن الترمذيّ 3:70 الحديث 686، [3]سنن النسائيّ 4:153،سنن البيهقيّ 4:208،نيل الأوطار 4:265 الحديث 2.و الحديث فيه هكذا:عن صلة،قال: كنّا عند عمّار في اليوم الّذي يشكّ فيه،فأتي بشاة،فتنحّى بعض القوم،فقال عمّار:من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
10- 10) ح بزيادة:على قولهم.
البحث الثالث:في بقيّة المرغّبات
مسألة:صلاة التسبيح،و هي صلاة الحبوة،مستحبّة شديدة الاستحباب.
اشارة

(1)

و هو مذهب علمائنا أجمع و بعض الجمهور (2)،خلافا لأحمد (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للعبّاس ابن عبد المطّلب:«يا عمّاه،ألا أعطيك،ألا أمنحك،ألا أحبوك،ألا أفعل بك عشر خصال،إذا أنت فعلت ذلك غفر اللّه لك ذنبك،أوّله و آخره،و قديمه و حديثه،خطأه و عمده،صغيره و كبيره،سرّه و علانيته؟عشر خصال:أن تصلّي أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و سورة،فإذا فرغت من القراءة قلت:أن تصلّي أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و صورة،فإذا فرغت من القراءة قلت:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،خمس عشرة مرّة،ثمَّ تركع و تقولها عشرا و أنت راكع،ثمَّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقولها عشرا،ثمَّ تهوي ساجدا فتقولها و أنت ساجد عشرا،ثمَّ ترفع رأسك من السّجود فتقولها عشرا،ثمَّ تسجد فتقولها عشرا،ثمَّ ترفع رأسك فتقولها عشرا،فذلك خمس و سبعون في كلّ ركعة،تفعل ذلك في الأربع ركعات،إن استطعت أن تصلّيها في كلّ يوم مرّة فافعل، فإن لم تفعل ففي كلّ جمعة مرّة،فن لم تفعل ففي كلّ شهر مرّة،فإن لم تفعل ففي كلّ سنة مرّة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرّة».رواه أبو داود،و الترمذيّ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن بسطام (5)،عن أبي عبد اللّه

ص:145


1- 1ن:شديد.
2- 2) المجموع 4:54.
3- 3) المغني 1:803.
4- 4) سنن أبي داود 2:29 الحديث 1297، [1]سنن الترمذيّ 2:350 الحديث 482.
5- 5) بسطام بن سابور الزيّات أبو الحسين الواسطيّ مولى ثقة و إخوته زكريّا و زياد و حفص كلّهم ثقات،رووا عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب.و ذكره في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام مرّتين غير أنّه كنّاه تارة بأبي الحسن و أخرى بأبي الحسين. رجال الطوسيّ:159،160،الفهرست:40، [2]رجال النجاشيّ:110.

عليه السّلام قال:قال له رجل:جعلت فداك،أ يلتزم الرّجل أخاه؟فقال:«نعم،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم افتتح خيبر أتاه الخبر أنّ جعفرا قد قدم،فقال:و اللّه ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سرورا،بقدوم جعفر،أو بفتح خيبر؟»قال:«فلم يلبث أن جاء جعفر» قال:«فوثب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فالتزمه و قبّل ما بين عينيه»قال:فقال له الرّجل:الأربع ركعات التي بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر جعفرا عليه السّلام أن يصلّيها؟فقال:«لمّا قدم عليه قال له:يا جعفر،إلا أعطيك،ألا أمنحك،ألا أحبوك؟» قال:«فتشوّف الناس و رأوا أنّه يعطيه ذهبا أو فضّة،قال:بلى يا رسول اللّه،قال:صلّ أربع ركعات،متى ما صلّيتهنّ غفر لك ما بينهنّ،إن استطعت كلّ يوم و إلاّ فكلّ يومين،أو كلّ جمعة،أو كلّ شهر،أو كلّ سنة،فإنّه يغفر لك ما بينهما،قال:كيف أصلّيها؟قال (1):تفتتح الصّلاة ثمَّ تقرأ ثمَّ تقول خمس عشرة مرّة و أنت قائم:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،فإذا ركعت قلت ذلك عشرا،و إذا رفعت رأسك فعشرا،و إذا سجدت فعشرا، فإذا رفعت رأسك فعشرا،و إذا سجدت الثانية عشرا،و إذا رفعت رأسك عشرا،فذلك خمس و سبعون تكون ثلاثمائة في أربع ركعات فهنّ ألف و مائتان» (2).

لا يقال:روايتكم منافية لرواية الجمهور،إذ قد نسبتم الصّلاة إلى جعفر عليه السّلام، و في تلك نسبت إلى العبّاس عليه السّلام.

لأنّا نقول:روايتنا أرجح،لأنّها منقولة عن أهل البيت عليهم السّلام،كجعفر و موسى عليهما السّلام،و هم أعرف.و نحن إنّما ذكرنا تلك الرّواية احتجاجا على أحمد،النافي لمشروعيّتها (3).

ص:146


1- 1ح:فقال،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 3:186 الحديث 420،الوسائل 5:195 الباب 1 من أبواب صلاة جعفر الحديث 3. [2]
3- 3) ح و ق:بمشروعيّتها.
فروع:

الأوّل:يستحبّ أن يقرأ في الأولى مع«الحمد»«الزلزلة»،و في الثانية«العاديات»، و في الثالثة«النصر»،و في الرابعة«التوحيد»،لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«يقرأ في الأولى إذا زلزلت،و في الثانية و العاديات،و في الثالثة إذا جاء نصر اللّه،و في الرابعة قل هو اللّه أحد» (1).

و روى الشيخ في الصحيح عن إبراهيم بن أبي البلاد،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«اقرأ فيها إذا زلزلت الأرض،و إذا جاء نصر اللّه،و إنّا أنزلناه في ليلة القدر،و قل هو اللّه أحد» (2).

و الأولى أشهر بين الأصحاب،و الثانية أصحّ طريقا،فمن عمل بأيّهما كان حاز الأجر (3).و هاهنا رواية ثالثة صحيحة السند عن بسطام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و تقرأ في كلّ ركعة بقل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون» (4).

الثاني:روى الشيخ عن أبان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«من كان مستعجلا يصلّي صلاة جعفر مجرّدة،ثمَّ يقضي التسبيح و هو ذاهب في حوائجه» (5).

الثالث:يستحبّ أن يدعو في آخر سجدة من الأربع بما رواه الشيخ عن أبي سعيد المدائنيّ (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:سبحان من لبس العزّ و الوقار.إلخ (7).

الرابع:هذه النافلة تصلّى كلّ ركعتين بتسليمة،و كذا كلّ النوافل إلاّ الوتر و صلاة

ص:147


1- 1التهذيب 3:187 الحديث 423،الوسائل 5:198 الباب 2 من أبواب صلاة جعفر الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:187 الحديث 421،الوسائل 5:198 الباب 2 من أبواب صلاة جعفر الحديث 2. [2]
3- 3) بعض النسخ:جاز الآخر.
4- 4) التهذيب 3:186 الحديث 420،الوسائل 5:195 الباب 1 من أبواب صلاة جعفر الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 3:187 الحديث 424،الوسائل 5:202 الباب 8 من أبواب صلاة جعفر الحديث 1. [4]
6- 6) أبو سعيد المدائنيّ،قال العلاّمة المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في باب صلاة التسبيح من الكافي 3: 467 ثمَّ قال:و لم يعرف اسمه و لا وصفه و لا حكمه.تنقيح المقال 3:18 من فصل الكنى.
7- 7) التهذيب 3:187 الحديث 425،الوسائل 5:198 الباب 3 من أبواب صلاة جعفر الحديث 1. [5]

الأعرابيّ.

الخامس:روى الشيخ في الصّحيح عن عليّ بن سليمان (1)قال:كتبت إلى الرجل عليه السّلام:ما تقول في صلاة التسبيح في المحمل؟فكتب:«إذا كنت مسافرا فصلّ» (2).

السادس:روي عن ذريح بن محمّد المحاربيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة جعفر أحتسب بها من نافلتي؟فقال:«ما شئت من ليل أو نهار» (3).

السابع:روى الشيخ في الصّحيح (4)عن عليّ بن الرّيّان قال:كتبت إلى (5)الماضي الأخير عليه السّلام أسأله عن رجل صلّى صلاة جعفر ركعتين،ثمَّ تعجله عن الركعتين الأخيرتين حاجة،أو يقطع ذلك لحادث يحدث (6)،أ يجوز له أن يتمّها إذا فرغ من حاجته و إن قام عن مجلسه،أم لا يحتسب ذلك إلاّ أن يستأنف الصّلاة و يصلّي الأربع ركعات كلّها في مقام واحد؟فكتب عليه السّلام:«[بلى] (7)إن قطعه عن ذلك أمر لا بدّ له منه فليقطع ذلك ثمَّ ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء اللّه تعالى» (8).

مسألة:و صلاة فاطمة عليها السّلام مستحبّة،
اشارة

و هي أربع ركعات بتسليمتين،يقرأ في كلّ ركعة ب«فاتحة الكتاب»و«قل هو اللّه أحد»خمسين مرّة.روى ابن بابويه في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من صلّى أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة بخمسين مرّة قل هو اللّه أحد كانت صلاة فاطمة عليها السلام،و هي صلاة

ص:148


1- 1عليّ بن سليمان بن رشيد البغداديّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الهادي عليه السّلام.قال العلاّمة المامقانيّ:لم أقف فيه على ما يدرجه في الحسان.رجال الطوسيّ:417،تنقيح المقال 2:291. [1]
2- 2) التهذيب 3:309 الحديث 955،الوسائل 5:201 الباب 5 من أبواب صلاة جعفر الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 3:309 الحديث 956،الوسائل 5:200 الباب 5 من أبواب صلاة جعفر الحديث 2. [3]
4- 4) بعض النسخ:روي في الصحيح.
5- 5) ح بزيادة:أبي الحسن،كما في الوسائل. [4]
6- 6) ليست في أكثر النسخ كما في التهذيب،و فيه:بحادث،مكان:لحادث.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 3:309 الحديث 957،الوسائل 5:201 الباب 6 من أبواب صلاة جعفر الحديث 1. [5]

الأوّابين» (1).

و روى في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من توضّأ فأسبغ الوضوء،و افتتح الصّلاة فصلّى أربع ركعات يفصل بينهنّ بتسليمة،يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد خمسين مرّة انفتل حين ينفتل و ليس بينه و بين اللّه عزّ و جلّ ذنب إلاّ غفر له» (2).

فرع:

و الشيخ نسب هذه الصّلاة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،و نقل صلاة فاطمة عليها السلام على غير هذه الصفة،و هي ركعتان يقرأ في الأولى منهما«الحمد»مرّة و«القدر»مائة مرّة،و في الثانية«الحمد»مرّة و«التوحيد»مائة مرّة (3).و نقل أيضا الشيخ صلاة أخرى عنها صلّى اللّه عليها و آلها،و هي ركعتان يقرأ في الأولى«الحمد»مرّة و«قل هو اللّه أحد»خمسين مرّة،و في الثانية كذلك (4).

مسألة:و صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مستحبّة يوم الجمعة،

و هي ركعتان يقرأ في كلّ ركعة«الحمد»مرّة و«إنّا أنزلناه»خمس عشرة مرّة،ثمَّ يركع و يقرأها خمس عشرة مرّة،ثمَّ يرفع رأسه و يقرأها كذلك،ثمَّ يسجد و يقرأها خمس عشرة مرّة،ثمَّ يرفع رأسه فيقرأها كذلك،ثمَّ يسجد ثانيا فيقرأها خمس عشرة مرّة،ثمَّ يرفع رأسه (5)و يقوم، فيفعل كما فعل في الأولى.

مسألة:و الصلاة الكاملة مستحبّة،و هي أربع ركعات.

روى (6)الشيخ عن محمّد

ص:149


1- 1الفقيه 1:356 الحديث 1560،الوسائل 5:243 الباب 10 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:356 الحديث 1559،الوسائل 5:243 الباب 10 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [2]
3- 3) الخلاف 1:202 مسألة-269،المبسوط 1:132، [3]النهاية:140، [4]مصباح المتهجّد:265. [5]
4- 4) مصباح المتهجّد:266. [6]
5- 5) ح و ق بزيادة:و يقرأها كذلك.
6- 6) ح:رواه.

ابن عمارة (1)، (2)و عن عتبة بن[أبي] (3)الزبير (4)جميعا،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن جدّه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من صلّى أربع ركعات يوم الجمعة قبل الصّلاة،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب عشر مرّات،و قل أعوذ بربّ الناس عشر مرّات،و قل أعوذ بربّ الفلق عشر مرّات و قل هو اللّه أحد عشر مرّات، و قل يا أيّها الكافرون عشر مرّات،و آية الكرسيّ عشر مرّات» (5)و في رواية أخرى:«إنّا أنزلناه عشر مرّات،و شهد اللّه عشر مرّات،فإذا فرغ من الصّلاة استغفر اللّه مائة مرّة،ثمَّ يقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم مائة مرّة،و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مائة مرّة،دفع اللّه عنه شرّ أهل السّماء و شرّ أهل الأرض» (6).

مسألة:و صلاة الأعرابيّ مستحبّة.

روى الشيخ عن زيد بن ثابت قال:

أتى رجل من الأعراب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه،إنّا نكون في هذه البادية بعيدا من المدينة و لا نقدر (7)أن نأتيك في كلّ جمعة،فدلّني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا رجعت إلى أهلي (8)

ص:150


1- 1م:عمّار.
2- 2) محمّد بن عمارة،روى الشيخ في المصباح عن محمّد بن زكريّا الغلابيّ عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه، و ابن طاوس في جمال الأسبوع [1]كيفيّة الصلاة الكاملة و هو مشترك بين محمّد بن عمارة بن ذكوان و محمّد بن عمارة (في نسخة:عمار)الذهليّ عدّهما:الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال المامقانيّ:حالهما مجهول. مصباح المتهجّد:279، [2]رجال الطوسيّ:295،296،جمال الأسبوع:151، [3]تنقيح المقال 3:163،164. [4]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) عتبة بن أبي الزبير،روى الشيخ عنه عن جعفر بن محمّد عليه السّلام كيفيّة الصلاة الكاملة.و لم نقف عليه في كتب الرجال.مصباح المتهجّد:279. [5]
5- 5) مصباح المتهجّد:279، [6]الوسائل 5:57 الباب 39 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 1. [7]
6- 6) مصباح المتهجّد:280، [8]الوسائل 5:57 الباب 39 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 2. [9]
7- 7) غ بزيادة:على.
8- 8) غ:إذا أتيت أهلي.م،ن و ق:إذا أتيت إلى أهلي.

خبّرتهم (1)به.فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا كان ارتفاع النهار فصلّ ركعتين تقرأ في أوّل ركعة (2)الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ الفلق سبع مرّات،و اقرأ في الثانية الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ الناس سبع مرّات،فإذا سلّمت فاقرأ آية الكرسيّ سبع مرّات،ثمَّ قم فصلّ ثمان ركعات بتسليمتين،و اقرأ في كلّ ركعة منها الحمد مرّة،و إذا جاء نصر اللّه و الفتح مرّة، و قل هو اللّه أحد خمسا و عشرين مرّة،فإذا فرغت من صلاتك فقل:سبحان اللّه ربّ العرش الكريم،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم سبعين مرّة،فو الذي اصطفاني بالنبوّة،ما من مؤمن و لا مؤمنة يصلّي هذه الصّلاة يوم الجمعة كما أقول،إلاّ و أنا ضامن له الجنّة،و لا يقوم من مقامه حتّى يغفر اللّه له ذنوبه و لأبويه ذنوبهما» (3).

مسألة:و صلاة ليلة الفطر مستحبّة.

روى الشيخ عن أحمد بن محمّد السيّاري (4)، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من صلّى ليلة الفطر ركعتين يقرأ في أوّل ركعة منهما الحمد و قل هو اللّه أحد ألف مرّة،و في الرّكعة الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد مرّة واحدة،لم يسأل اللّه تعالى شيئا إلاّ أعطاه إيّاه» (5).

مسألة:صلاة يوم الغدير مستحبّة،
اشارة

لما فيها من الشكر للّه تعالى على ما منّ به من الهداية و إكمال الدّين و إتمام النعمة،و هي ركعتان.روى الشيخ عن عليّ بن الحسين

ص:151


1- 1ح و ق:أخبرتهم،كما في الوسائل. [1]
2- 2) ق:في ركعة منها.
3- 3) مصباح المتهجّد:281، [2]الوسائل 5:57 الباب 39 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 3. [3]
4- 4) أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبد اللّه الكاتب بصريّ يعرف بالسيّاريّ،قال النجاشيّ:ضعيف الحديث،فاسد المذهب.عدّه الشيخ في رجاله من رجال العسكريّ عليه السّلام.و ذكره العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة، و قال:ضعيف الحديث،فاسد المذهب مجفوّ الرواية كثير المراسيل. رجال النجاشيّ:80،رجال الطوسيّ:427،رجال العلاّمة:203. [4]
5- 5) التهذيب 3:71 الحديث 228،الوسائل 5:221 الباب 1 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [5]

العبديّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و من صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه عزّ و جلّ،يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة،و عشر مرّات قل هو اللّه أحد،و عشر مرّات آية الكرسيّ،و عشر مرّات إنّا أنزلناه،عدلت عند اللّه عزّ و جلّ مائة ألف حجّة و مائة ألف عمرة،و ما سأل اللّه عزّ و جلّ حاجة من حوائج الدّنيا و الآخرة إلاّ قضيت،كائنا ما كانت الحاجة» (2).

فروع:

الأوّل:هذه الصّلاة تستحبّ في هذا اليوم،و أشدّه تأكيدا قبل الزوال بنصف ساعة.

روى الشيخ عن عمّار بن حريز العبديّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و من صلّى فيه ركعتين أيّ وقت شاء و أفضله قرب الزوال،و هي السّاعة التي أقيم فيها أمير المؤمنين عليه السّلام بغدير خمّ علما للناس.» (4).الحديث.

ص:152


1- 1عليّ بن الحسين العبديّ،قال العلاّمة المامقانيّ:لم أقف في ترجمة الرّجل إلاّ على روايته في التهذيب 3:الحديث 317،عن عليّ بن حسّان الواسطيّ عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و رواية الكلينيّ في الكافي 1:428 [1] عنه عن الهيثم بن واقد.و استظهر الأردبيليّ كونه عليّ بن الحسن العبديّ الكوفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام بقرينة رواية الهيثم بن واقد عنه. رجال الطوسيّ:244،جامع الرّواة 1:573، [2]تنقيح المقال 2:278 و 282. [3]
2- 2) التهذيب 3:143 الحديث 317 و فيه:«كائنة ما كانت الحاجة»،الوسائل 5:224 الباب 3 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [4]
3- 3) عمّار بن حريز العبديّ عنونه الشيخ في المصباح بعنوان:أبو هارون عمّار بن حريز العبديّ،و لم نقف على اسم أبي هارون في كتب الرّجال من الأصحاب،و المنقول عن الأردبيليّ و صاحب التنقيح أبو هارون العبديّ فقط،روى في الأصول من الكافي 1:53 عن أبي سعيد الخدريّ،و في التهذيب 9:40 الحديث 170 عنه أيضا.و قال ابن حجر في التهذيب و الذهبيّ في العبر:عمارة بن جوين أبو هارون العبديّ البصريّ روى عن أبي سعيد الخدريّ،و المظنون قويّا هو هذا الرّجل و الاختلاف في الاسم من النسّاخ. جامع الرواة 2:421، [5]تنقيح المقال 3:38 [6] من فصل الكنى،العبر 1:139، [7]تهذيب التهذيب 7:412. [8]
4- 4) مصباح المتهجّد:680، [9]الوسائل 5:225 الباب 3 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [10]

الثاني:يستحبّ أن يسجد عقيب الصّلاة و يقول:شكرا للّه مائة مرّة،و يدعو بالدعاء المذكور في المصباح للشيخ،لرواية عمّار.و لأنّ فيه اعترافا بالنعمة.

الثالث:لو فاتت استحبّ (1)قضاؤها،عملا بعموم الأمر الدالّ على استحباب قضاء النوافل.و بما (2)رواه الشيخ عن عليّ بن الحسين العبديّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و إن فاتتك الرّكعتان و الدعاء قضيتها بعد ذلك» (3).

الرّابع:يستحبّ في هذا اليوم الصّيام،لما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:فما لمن صامه؟قال:«صيام ستّين شهرا» (4).

و يستحبّ فيه صلة الرحم و الإخوان،لرواية زياد بن محمّد (5)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

و يستحبّ فيه زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام.

و يستحبّ فيه الصدقة،و المعروف،و الاستكثار من الخير.و هو يوم عظيم ورد فيه أمور كثيرة من الفضائل.

مسألة:و صلاة ليلة النصف من شعبان مستحبّة.

و هي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة«الحمد»مرّة،و«قل هو اللّه أحد»مائة مرّة،و يدعو بالدعاء المنقول.روى الشيخ

ص:153


1- 1ح و ق:يستحبّ.
2- 2) غ:و لما.
3- 3) التهذيب 3:143 الحديث 317،الوسائل 5:224 الباب 3 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [1]في التهذيب:قضيتهما.
4- 4) التهذيب 4:305 الحديث 921،الوسائل 7:323 الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [2]
5- 5) زياد بن محمّد لم نقف على حاله في كتب الرّجال إلاّ ما ذكره العلاّمة الخوئيّ بعنوان:زياد بن محمّد بن سوقة،ثمَّ قال:و الصحيح:زياد بن سوقة. معجم رجال الحديث 7:316. [3]
6- 6) مصباح المتهجّد:679، [4]الوسائل 7:326 الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث 9. [5]

ذلك عن أبي يحيى الصنعانيّ (1)،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام.قال:و رواه ثلاثون رجلا ممّن يوثق به عنهما عليهما السلام (2).و هي ليلة شريفة ولد فيها صاحب الأمر عليه السّلام،فينبغي فيها الاستكثار من الشكر للّه على هذه النعمة.

مسألة:و صلاة ليلة المبعث مستحبّة و يومها.

أمّا الليلة،فقد روى الشيخ عن صالح بن عقبة،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:

«صلّ ليلة سبع و عشرين من رجب،أيّ وقت شئت من الليل،اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كلّ ركعة الحمد و المعوّذتين و قل هو اللّه أحد أربع مرّات،فإذا فرغت قلت و أنت في مكانك،أربع مرّات:لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و الحمد للّه و سبحان اللّه و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه،ثمَّ ادع بما شئت» (3).

و روى الشيخ عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الرّضا عليهما السّلام قال:«إذا صلّيت العشاء الآخرة و أخذت مضجعك،ثمَّ استيقظت أيّ ساعة من الليل إلى قبل الزوال،صلّيت اثنتي عشرة ركعة،تقرأ في كلّ ركعة الحمد و سورة من خفاف المفصّل،فإذا سلّمت في كلّ شفع جلست بعد التسليم و قرأت الحمد سبعا،و المعوّذتين سبعا،و قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون و إنّا أنزلناه و آية الكرسيّ سبعا سبعا،و قل الدعاء»إلخ (4).

ص:154


1- 1عمر بن توبة أبو يحيى الصنعانيّ،قال النجاشيّ:في حديثه بعض الشيء يعرف منه و ينكر.و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة:ضعيف جدّا لا يلتفت إليه.و قال العلاّمة المامقانيّ:في النفس من هذه التضعيفات شيء.إلى أن قال:فيبقى ما حكاه في كشف الغمّة عن الشيخ المفيد و الطبرسيّ من توثيق أبي يحيى الصنعانيّ المنطبق بشهادة أهل الخبرة على عمر بن توبة مرجعا معتمدا في حقّ الرجل.و قال العلاّمة الخوئيّ بعد نقل تضعيف النجاشيّ و ابن الغضائريّ و نقل توثيق المفيد و ابن شهرآشوب:ضعف الرجل و إن لم يثبت إلاّ أنّ وثاقته أيضا غير ثابتة و اللّه العالم. رجال النجاشيّ:284،رجال العلاّمة:241، [1]تنقيح المقال 2:341، [2]معجم رجال الحديث 13:26. [3]
2- 2) مصباح المتهجّد:762، [4]الوسائل 5:239 الباب 8 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 4. [5]
3- 3) مصباح المتهجّد:749، [6]الوسائل 5:242 الباب 9 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [7]
4- 4) مصباح المتهجّد:749، [8]الوسائل 5:242 الباب 9 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 3. [9]

و أمّا صلاة اليوم،فقد رواها الشيخ عن الرّيّان بن الصّلت قال:أمرنا أبو جعفر الثاني عليه السّلام بصوم السابع و العشرين من رجب،و أمرنا أن نصلّي الصّلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة،تقرأ في كلّ ركعة«الحمد»و سورة،قال:«فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا، و قل هو اللّه أحد أربعا،و المعوّذتين أربعا،و قلت (1):لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و سبحان اللّه و الحمد للّه (2)و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم أربعا،اللّه اللّه ربّي لا أشرك (3)به شيئا أربعا،لا أشرك بربي أحدا أربعا» (4).

و رواها محمّد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

مسألة:و روى الشيخ أنّه يستحبّ أن تصلّى صلاة يوم الغدير في الرابع

و العشرين من ذي الحجّة أيضا

(6)

(7)مع صلاتها في ذلك اليوم،و هو اليوم الذي تصدّق فيه أمير المؤمنين عليه السّلام بخاتمه و هو راكع في الصّلاة و نزلت (8)فيه قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ (9)الآية.و ذلك،لأنّ فيه اعترافا بنعمة اللّه تعالى،و شكرا على ما منّ به من إكمال الدين و ثبوت الولاية لأهلها.و هو أيضا يوم المباهلة على قول،و على قول هو يوم الخامس و العشرين من ذي الحجة (10).

و يستحبّ أيضا فيه الصّلاة،لأنّ فيها شكرا للّه تعالى على ثبوت كرامة لمحمّد صلّى اللّه

ص:155


1- 1بعض النسخ:و قل.
2- 2) هامش ح بزيادة:و لا إله إلاّ اللّه.
3- 3) ح:و لا أشرك،كما في الوسائل. [1]
4- 4) مصباح المتهجّد:750، [2]الوسائل 5:243 الباب 9 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 4. [3]
5- 5) الكافي 3:469 الحديث 7، [4]الوسائل 5:241 الباب 9 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [5]
6- 6) غ،ح و ق بزيادة:اليوم.
7- 7) مصباح المتهجّد:703، [6]الوسائل 5:287 الباب 47 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [7]
8- 8) ح و ق:و نزل.
9- 9) المائدة(5):55. [8]
10- 10) مصباح المتهجّد:704. [9]

عليه و آله و لأهل بيته عليهم السّلام.و الدعاء فيه مستحبّ بالمأثور.

يستحبّ أن تصلّى ليلة النصف من رجب صلاة ليلة المبعث

مسألة:و روى الشيخ عن داود بن فرقد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه يستحبّ أن تصلّى ليلة النصف من رجب صلاة ليلة المبعث (1).

أربع ركعات في كلّ يوم قبل الزوال

مسألة:روى (2)الشيخ عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«من صلّى أربع ركعات في كلّ يوم قبل الزوال،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب،و خمسا و عشرين مرّة إنّا أنزلناه،لم يمرض مرضا،إلاّ مرض الموت» (3).

و روى الشيخ عن أبي برزة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى في كلّ يوم اثنتي عشرة ركعة،بنى اللّه له بيتا في الجنّة» (4).

و روى الشيخ عن أبي الحسن موسى،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«من صلّى (5)أربع ركعات عند زوال الشمس،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و آية الكرسيّ،عصمه اللّه تعالى في أهله و ماله و دينه و دنياه» (6).

صلاة أربع ركعات ليلة السبت و كيفيتها

مسألة:و روى الشيخ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى ليلة السبت أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة:الحمد مرّة،و آية الكرسيّ ثلاث مرّات،و قل هو اللّه أحد مرّة، فإذا سلّم قرأ في دبر هذه الصّلاة آية الكرسيّ ثلاث مرّات،غفر اللّه تعالى له و لوالديه» (7).

و«من صلّى يوم السبت أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ثلاث مرّات قل يا أيّها الكافرون،فإذا فرغ منها قرأ آية الكرسيّ مرّة،كتب اللّه تعالى له بكلّ يهوديّ

ص:156


1- 1مصباح المتهجّد:742، [1]الوسائل 5:231 الباب 5 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 13.و [2]فيهما: عن داود بن سرحان.
2- 2) ح:و روى.
3- 3) مصباح المتهجّد:221، [3]الوسائل 5:286 الباب 46 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [4]
4- 4) مصباح المتهجّد:221، [5]الوسائل 5:287 الباب 46 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [6]
5- 5) غ بزيادة:في كلّ يوم،كما في الوسائل.
6- 6) مصباح المتهجّد:221، [7]الوسائل 5:287 الباب 46 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 3. [8]
7- 7) مصباح المتهجّد:221، [9]الوسائل 5:289 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [10]

و يهوديّة عبادة سنة» (1).

و«من صلّى ليلة الأحد أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة،و آية الكرسيّ مرّة،و سبّح اسم ربّك الأعلى مرّة،و قل هو اللّه أحد مرّة،جاء يوم القيامة و وجهه كالقمر ليلة البدر،و متّعه اللّه تعالى بعقله حتّى يموت» (2).

و«من صلّى يوم الأحد أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، و آمَنَ الرَّسُولُ (3)إلى آخرها،كتب اللّه تعالى له بكلّ نصرانيّ و نصرانيّة عبادة ألف سنة» (4).

و«من صلّى ليلة الاثنين أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب سبع مرّات، و إنّا أنزلناه مرّة واحدة،و يفصل بينهما بتسليمة،فإذا فرغ يقول مائة مرّة:اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و مائة مرّة:اللّهمّ صلّ على جبرئيل،أعطاه اللّه سبعين ألف قصر في الجنّة، في كلّ قصر سبعون ألف دار،في كلّ دار سبعون ألف بيت،في كلّ بيت سبعون ألف جارية» (5).

و«من صلّى يوم الاثنين أربع ركعات،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب سبع مرّات، و إنّا أنزلناه في ليلة القدر مرّة»و عمل كما قلناه في صلاة الليلة«أعطاه اللّه سبعين ألف قصر في الجنّة» (6)تمام الحديث الّذي ذكرناه.

و روى الشيخ عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من صلّى ليلة الثلاثاء ركعتين،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب،و آية الكرسيّ،و قل هو اللّه أحد،و شهد اللّه[مرّة] (7)مرّة أعطاه

ص:157


1- 1مصباح المتهجّد:221، [1]الوسائل 5:290 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [2]
2- 2) مصباح المتهجّد:222، [3]الوسائل 5:290 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 3. [4]
3- 3) البقرة(2):285. [5]
4- 4) مصباح المتهجّد:222، [6]الوسائل 5:290 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 4. [7]
5- 5) مصباح المتهجّد:222، [8]الوسائل 5:290 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 5. [9]
6- 6) مصباح المتهجّد:223، [10]الوسائل 5:291 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 8. [11]
7- 7) أثبتناها من المصدر.

اللّه ما سأل» (1).

و«من صلّى يوم الثلاثاء عشرين ركعة بعد انتصاف النهار،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و آية الكرسيّ مرّة،و قل هو اللّه أحد ثلاث مرّات،لم يكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوما» (2).

و«من صلّى ليلة الأربعاء ركعتين،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب،و آية الكرسيّ، و قل هو اللّه أحد،و إنّا أنزلناه في ليلة القدر مرّة مرّة،غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر» (3).

و«من صلّى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة،و قل هو اللّه أحد ثلاث مرّات،و قل أعوذ بربّ الفلق ثلاث مرّات،و قل أعوذ بربّ الناس ثلاث مرّات،نادى مناد من عند العرش:يا عبد اللّه،استأنف العمل،فقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر» (4).

و«من صلّى ليلة الخميس بين المغرب و العشاء ركعتين،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة،و آية الكرسيّ خمس مرّات،و قل يا أيّها الكافرون و قل هو اللّه أحد و المعوّذتين كلّ واحد منها (5)خمس مرّات،فإذا فرغ من صلاته استغفر اللّه تعالى خمس عشرة مرّة و جعل ثوابه لوالديه،فقد أدّى حقّ والديه» (6).

و«من صلّى يوم الخميس ما بين الظهر و العصر ركعتين،يقرأ في أوّل ركعة (7)بفاتحة

ص:158


1- 1مصباح المتهجّد:224، [1]الوسائل 5:291 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 10. [2]
2- 2) مصباح المتهجّد:224، [3]الوسائل 5:291 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 11. [4]
3- 3) مصباح المتهجّد:224، [5]الوسائل 5:291 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 12. [6]
4- 4) مصباح المتهجّد:224، [7]الوسائل 5:292 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 13. [8]
5- 5) في النسخ:منهما،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) مصباح المتهجّد:224،225، [9]الوسائل 5:292 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 14. [10]
7- 7) ح:في الركعة الأولى،كما في الوسائل. [11]

الكتاب و آية الكرسيّ مائة مرّة،و في الثانية بفاتحة (1)الكتاب و قل هو اللّه أحد مائة مرّة، فإذا فرغ من صلاته استغفر اللّه مائة مرّة،و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مائة مرّة،لا يقوم من مقامه حتّى يغفر اللّه له البتّة» (2).

و يستحبّ طلب العلم فيه و في الاثنين،و قراءة سورة المائدة فيه،و زيارة الشهداء و قبور المؤمنين،و الصّلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه ألف مرّة.

و روى الشيخ عنه صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى ليلة الجمعة بين المغرب و العشاء اثنتي عشرة ركعة،يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد أربعين مرّة،لقيته على الصراط و صافحته،و من لقيته و صافحته على الصراط كفيته الحساب و الميزان» (3).

و من صلّى فيها عشرين ركعة،في كلّ ركعة«فاتحة الكتاب»و«قل هو اللّه أحد» عشر مرّات،حفظه اللّه في أهله و ماله و دينه و دنياه و آخرته (4).

و من صلّى فيها ركعتين،يقرأ في كلّ ركعة«فاتحة الكتاب»،و خمس عشرة مرّة«إذا زلزلت»،آمنه اللّه من عذاب القبر و من أهوال يوم القيامة (5).

و روي استحباب صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و صلاة أمير المؤمنين عليه السّلام، و فاطمة عليها السّلام،و جعفر بن أبي طالب عليه السّلام يوم الجمعة (6).

مسألة:و يستحبّ صلاة ركعتين بين المغرب و العشاء،

يقرأ في الأولى«الحمد» و قوله وَ ذَا النُّونِ إلى قوله وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (7)و في الثانية«الحمد»و قوله:

ص:159


1- 1ح و ق:فاتحة.
2- 2) مصباح المتهجّد:225، [1]الوسائل 5:292 الباب 49 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 16. [2]
3- 3) مصباح المتهجّد:228، [3]الوسائل 5:75 الباب 45 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 1. [4]
4- 4) مصباح المتهجّد:228، [5]الوسائل 5:75 الباب 45 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 2. [6]
5- 5) مصباح المتهجّد:228، [7]الوسائل 5:75 الباب 45 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 3. [8]
6- 6) مصباح المتهجّد:255-268. [9]
7- 7) الأنبياء(21):87. [10]

وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ (1)إلى آخر الآية،فإذا فرغ من القراءة رفع يديه و قال:اللّهمّ إنّي أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلاّ أنت،أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تفعل بي كذا و كذا،ثمَّ تقول:اللّهمّ أنت وليّ نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي، فأسألك بحقّ محمّد و آله (2)عليه و عليهم السّلام لمّا قضيتها لي.رواها الشيخ عن هشام ابن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و روي عن الصّادق عن أبيه،عن آبائه،عن أمير المؤمنين عليهم السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«أوصيكم بركعتين بين العشائين،تقرأ في الأولى الحمد و إذا زلزلت ثلاث عشرة مرّة،و في الثانية الحمد مرّة و قل هو اللّه أحد خمس عشرة مرّة، فإنّه من فعل ذلك في كلّ شهر كان من المتّقين،فإن فعل ذلك كلّ سنة كتب من المحسنين،فإن فعل ذلك في كلّ جمعة كتب من المصلحين،فإن فعل ذلك في كلّ ليلة زاحمني في الجنّة و لم يحص ثوابه إلاّ اللّه تعالى» (4).

مسألة:صلاة الاستخارة مستحبّة.

و هو مذهب علمائنا و أكثر الجمهور (5)خلافا لبعضهم (6).

لنا:ما روى الجمهور عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها،كما يعلّمنا السورة من القرآن يقول:«إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة،ثمَّ ليقل:اللّهمّ إنّي أستخيرك»إلى آخر

ص:160


1- 1الأنعام(6):59. [1]
2- 2) غ:و آل محمّد.
3- 3) مصباح المتهجّد:94، [2]الوسائل 5:249 الباب 20 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [3]
4- 4) مصباح المتهجّد:94، [4]الوسائل 5:247 الباب 17 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [5]بتفاوت يسير.
5- 5) المغني 1:804،الشرح الكبير بهامش المغني 1:776،المجموع 4:54.
6- 6) نقله في المعتبر 2:375. [6]عن طائفة من الجمهور.

الدّعاء.رواه البخاريّ (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن عمرو بن حريث قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلّ ركعتين و استخر اللّه،فو اللّه ما استخار اللّه مسلم إلاّ خار (2)له البتّة» (3).

و ما رواه عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق،تطهّر ثمَّ صلّى ركعتين للاستخارة،يقرأ فيهما سورة الحشر و سورة الرحمن،ثمَّ يقرأ المعوّذتين[و قل هو اللّه أحد] (4)،ثمَّ يقول:اللّهمّ إن كان كذا و كذا خيرا لي في ديني و دنياي و عاجل أمري و آجله فيسّره لي على أحسن الوجوه و أجملها،اللّهمّ و إن كان كذا و كذا شرّا لي في ديني و دنياي و آخرتي و عاجل أمري و آجله فاصرفه عنّي على أحسن الوجوه،ربّ اعزم لي[على] (5)رشدي و إن كرهت ذلك أو أبته نفسي» (6).

و ما رواه عن مرازم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا أراد أحدكم شيئا فليصلّ ركعتين و ليحمد اللّه و ليثن عليه،ثمَّ يصلّي على محمّد و آله (7)و يقول:اللّهمّ إن كان هذا الأمر خيرا لي في ديني و دنياي فيسّره لي و قدّره،و إن كان على غير ذلك فاصرفه عنّي» فسألته عن أيّ شيء أقرأ فيهما؟فقال:«اقرأ فيهما ما شئت،و إن شئت قرأت قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون» (8).

ص:161


1- 1صحيح البخاريّ 2:70.
2- 2) هامش ح بزيادة:اللّه،كما في الوسائل. [1]
3- 3) التهذيب 3:179 الحديث 407،الوسائل 5:204 الباب 1 من أبواب صلاة الاستخارة الحديث 1. [2]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 3:180 الحديث 408،الوسائل 5:204 الباب 1 من أبواب صلاة الاستخارة الحديث 3. [3]
7- 7) غ:و آل محمّد.
8- 8) التهذيب 3:180 الحديث 410،الوسائل 5:206 الباب 1 من أبواب صلاة الاستخارة الحديث 7. [4]

و ما رواه الشيخ عن هارون بن خارجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أردت أمرا فخذ ستّ رقاع،فاكتب في ثلاث منها:بسم اللّه الرحمن الرّحيم خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل،ثمَّ ضعها تحت مصلاّك،ثمَّ صلّ ركعتين،فإذا فرغت فاسجد سجدة و قل فيها مائة مرّة:أ أستخير اللّه برحمته خيرة في عافية،ثمَّ استو جالسا و قل:اللّهمّ خر لي في جميع أموري في يسر منك و عافية،ثمَّ اضرب بيدك إلى الرقاع فشوّشها و اخرج واحدة،فإن خرج ثلاث متواليات افعل فافعل الأمر الذي تريده،و إن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله،و إن خرجت واحدة افعل و الأخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس،فانظر أكثرها فاعمل به،و دع السادسة لا تحتاج إليها» (1).

و ما رواه في الموثّق عن ابن فضّال قال:سأل الحسن بن الجهم أبا الحسن عليه السّلام لابن أسباط فقال له:ما ترى له-و ابن أسباط حاضر و نحن جميعا-يركب البحر أو البرّ إلى مصر؟و أخبره بخبر طريق البرّ،فقال (2)«فأت المسجد في غير وقت صلاة فريضة فصلّ ركعتين و استخر (3)اللّه مائة مرّة،ثمَّ انظر أيّ شيء يقع (4)في قلبك،فاعمل به»و قال له الحسن:البرّ أحبّ إليّ له،قال:«و إليّ» (5).

مسألة:قال علماؤنا:يستحبّ صلاة الحاجة.

و هو قول أكثر الجمهور (6).

ص:162


1- 1التهذيب 3:181 الحديث 412،مصباح المتهجّد:480، [1]الوسائل 5:208 الباب 2 من أبواب صلاة الاستخارة الحديث 1. [2]
2- 2) هامش ح بزيادة:البرّ،كما في الوسائل. [3]
3- 3) ح:فاستخر،كما في الوسائل. [4]
4- 4) ح و ق:وقع.
5- 5) التهذيب 3:180 الحديث 409 و ص 311 الحديث 964،الوسائل 5:205 الباب 1 من أبواب صلاة الاستخارة الحديث 4. [5]
6- 6) المغني 1:805، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 1:777. [7]

لنا:ما رواه[الجمهور] (1)عن عبد اللّه بن أبي أوفى،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من كانت له إلى اللّه حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضّأ و ليحسن الوضوء،ثمَّ ليصلّ ركعتين،ثمَّ ليثن على اللّه تعالى و ليصلّ عليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ ليقل:لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم»إلخ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«إنّ أحدكم إذا مرض دعا الطبيب و أعطاه،و إذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البوّاب و أعطاه،و لو أنّ أحدكم إذا فدحه (3)أمر فزع إلى اللّه عزّ و جلّ فتطهّر و تصدّق بصدقة،قلّت أو كثرت،ثمَّ دخل المسجد فصلّى ركعتين فحمد اللّه (4)و أثنى عليه، و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته،ثمَّ قال:اللّهمّ إن عافيتني من مرضي أو رددتني من سفري أو عافيتني ممّا أخاف من كذا و كذا،إلاّ آتاه اللّه ذلك و هي اليمين الواجبة،و ما جعل اللّه تعالى عليه في الشكر» (5).

و قد وردت روايات كثيرة في صلاة الحاجة،ذكرها الشيخ (6)و غيره (7)في كتب العبادات.

مسألة:و صلاة الشكر مستحبّة.

روى الشيخ عن هارون بن خارجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال في صلاة الشكر:«إذا أنعم اللّه عزّ و جلّ عليك بنعمة فصلّ ركعتين،تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد،و تقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب و

ص:163


1- 1أضفناها لاستقامة العبارة.
2- 2) سنن الترمذيّ 2:344 الحديث 479، [1]سنن ابن ماجه 1:441 الحديث 1384.بتفاوت يسير.
3- 3) فدحه الدين:أثقله.الصحاح 1:390. [2]
4- 4) غ بزيادة:تعالى.
5- 5) الفقيه 1:351 الحديث 1547،التهذيب 3:182 الحديث 415،الوسائل 5:261 الباب 29 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 3:182 الباب 17 صلاة الحوائج.
7- 7) ينظر:الكافي 3:476، [4]الفقيه 1:350.

قل يا أيّها الكافرون،و تقول في الرّكعة الأولى في ركوعك و سجودك:الحمد للّه شكرا شكرا و حمدا،و تقول في الرّكعة الثانية في ركوعك و سجودك:الحمد للّه الذي استجاب دعائي و أعطاني مسألتي» (1).

مسألة:و صلاة التوبة مستحبّة.

روى الجمهور عن عليّ عليه السّلام قال:«حدّثني أبو بكر و صدق أبو بكر،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:ما من رجل يذنب ذنبا ثمَّ يقوم فيتطهّر ثمَّ يصلّي ركعتين ثمَّ يستغفر اللّه إلاّ غفر له»ثمَّ قرأ وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (2)»إلى آخرها (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من صلّى أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة قل هو اللّه أحد خمسين مرّة،لم ينفتل و بينه و بين اللّه ذنب» (4).

و قد أورد الشيخ أحاديث كثيرة في عبادات و نوافل متعدّدة (5)،من أرادها فليقف عليها من هناك (6).

المقصد الخامس:في الجماعة،و فيه مباحث:

الأوّل:قال علماؤنا:الجماعة مستحبّة في الفرائض،
اشارة

و أشدّها تأكيدا في الخمس، و ليست واجبة،إلاّ في الجمعة و العيدين مع الشرائط السابقة،لا على الأعيان و لا على

ص:164


1- 1التهذيب 5:184 الحديث 418،الوسائل 5:266 الباب 35 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [1]
2- 2) آل عمران(3):135. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:86 الحديث 1521، [3]سنن الترمذيّ 2:257 الحديث 406. [4]
4- 4) التهذيب 3:188 الحديث 427،الوسائل 5:245 الباب 13 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 1. [5]
5- 5) ح و ق:منفردة.
6- 6) يراجع على سبيل المثال لا الحصر:التهذيب 3:309 الباب 31 من الصلوات المرغّب فيها.

الكفاية.و هو مذهب مالك (1)،و الثوريّ (2)،و أبي حنيفة (3)،و بعض الشافعيّة (4).

و قال الشافعيّ:إنّها فرض على الكفاية في الخمس (5).و ذهب إليه أبو العبّاس ابن[سريج] (6)و أبو إسحاق،و أكثر أصحابه (7).

و قال الأوزاعيّ،و أحمد،و أبو ثور،و داود،و ابن المنذر:إنّها فرض على الأعيان (8).

و هل هي شرط فيها؟أكثر القائلين بالوجوب ذهبوا إلى أنّها ليست شرطا (9).

و قال بعض الحنابلة:إنّها شرط في الصّلاة،فلو أخلّ بها بطلت (10)كسائر واجبات الصّلاة (11).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«تفضل صلاة الجماعة

ص:165


1- 1بلغة السالك 1:152،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:152،مقدّمات ابن رشد 1:117،إرشاد السالك:26،المغني 2:3،الشرح الكبير بهامش المغني 2:3،فتح العزيز بهامش المجموع 4:285،حلية العلماء 2:183.
2- 2) المغني 2:3،الشرح الكبير بهامش المغني 2:3.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:55، [1]مجمع الأنهر 1:107،شرح فتح القدير 1:299،المغني 2:3،الشرح الكبير بهامش المغني 2:3،نيل الأوطار 3:151.فتح العزيز بهامش المجموع 4:285.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:93،حلية العلماء 2:183.
5- 5) الأمّ 1:153،المهذّب للشيرازيّ 1:93،حلية العلماء 2:183،مغني المحتاج 1:229،المجموع 4:184. و 189،فتح العزيز بهامش المجموع 4:285.
6- 6) في النسخ:شريح،و الصحيح ما أثبتناه،كما في المصادر،و قد مرّت ترجمته في الجزء الثاني ص 12.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:93،المجموع 4:184 و 189،فتح العزيز بهامش المجموع 4:285.
8- 8) المغني 2:3،الشرح الكبير بهامش المغني 2:3،المجموع 4:189،حلية العلماء 2:184.
9- 9) خالف داود حيث قال:بأنّها-أي الجماعة-شرط في صحّة الصلاة،ينظر:المجموع 4:189،نيل الأوطار 3: 151.
10- 10) م و ن بزيادة:الصلاة.
11- 11) المغني 2:4،الشرح الكبير بهامش المغني 2:4،الإنصاف 2:210،المجموع 4:189.

على صلاة الفذّ بخمس و عشرين درجة» (1).و ذلك يدلّ على جوازها.و لأنّه صلّى اللّه عليه و آله لم ينكر على اللذين قالا:صلّينا في رحالنا (2)،و لو كانت واجبة لأنكر عليهما.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ما يروي الناس أنّ الصّلاة في جماعة أفضل من صلاة الرّجل وحده بخمس و عشرين صلاة،فقال:«صدقوا» (3).

و ما رواه في الصحيح عن زرارة و الفضيل قالا:قلنا له:الصّلاة (4)في جماعة فريضة هي؟فقال:«الصلوات (5)فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلّها،و لكنّها سنّة، من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له» (6).

و ما رواه في الصّحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفجر فأقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن أناس يسمّيهم بأسمائهم،فقال:هل حضروا الصّلاة؟فقالوا:لا يا رسول اللّه،فقال:أغيّب هم؟ فقالوا (7):لا،فقال:أما إنّه ليس من صلاة أشدّ على المنافقين من هذه الصّلاة و العشاء،و لو علموا أيّ فضل فيهما لأتوهما و لو حبوا» (8). (9)و ذلك يؤتي عدم الوجوب.

ص:166


1- 1مسند أحمد 3:55، [1]سنن البيهقيّ 3:60.و بمضمونه،ينظر:صحيح البخاريّ 1:166،صحيح مسلم 1: 449 الحديث 649،سنن ابن ماجه 1:259 الحديث 787،سنن الترمذيّ 1:421 الحديث 216،سنن النسائيّ 2:103،الموطّأ 1:129 الحديث 1. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:157 الحديث 575،سنن الترمذيّ 1:424 الحديث 219،سنن النسائيّ 2:112،مسند أحمد 4:160، [3]سنن الدار قطنيّ 1:413 الحديث 1،سنن الدارميّ 1:317. [4]
3- 3) التهذيب 3:24 الحديث 82،الوسائل 5:371 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [5]
4- 4) م،ن و غ:الصلوات.
5- 5) ح و ق:الصلاة، [6]كما في الوسائل. [7]
6- 6) التهذيب 3:24 الحديث 83،الوسائل 5:371 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [8]
7- 7) ح و ق:قالوا،كما في الوسائل. [9]
8- 8) حبا الصغير يحبو حبوا:إذا درج على بطنه.المصباح المنير:120. [10]
9- 9) التهذيب 3:25 الحديث 86،الوسائل 5:378 الباب 3 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [11]

و ما رواه عن محمّد بن عمارة (1)قال:أرسلت إلى أبي الحسن الرّضا عليه السّلام أسأله عن الرّجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل،أو صلاته في جماعة؟ (2)فقال:«الصّلاة في جماعة أفضل» (3).و لأنّها لو وجبت لكانت شرطا كالجمعة.

احتجّ المخالف (4)بقوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ (5)و لو لم تكن واجبة لرخّص فيها حالة (6)الخوف،و لم يجز الإخلال بواجبات الصّلاة من أجلها.

و بما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«و الذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب،ثمَّ آمر بالصّلاة فيؤذّن لها،ثمَّ آمر رجلا فيؤمّ الناس،ثمَّ أخالف إلى رجال لا يشهدون الصّلاة فأحرق عليهم بيوتهم» (7).

و بما رواه ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من سمع المنادي فلم يمنعه من اتّباعه عذر،لم تقبل منه الصّلاة التي صلّى» (8).

و بما رواه أبو الدرداء عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ما من ثلاثة في قرية أو بلد لا تقام فيهم الصّلاة إلاّ استحوذ عليهم الشيطان،فعليك بالجماعة،فإنّ الذئب يأكل

ص:167


1- 1محمّد بن عمارة بن الأشعث،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام،و نقل في جامع الرواة [1]رواية محمّد بن عبد الحميد و سعد بن سعد و فضالة بن أيّوب و محمّد بن حفص عنه عن الرضا عليه السّلام. رجال الطوسيّ:388،جامع الرواة 2:161، [2]تنقيح المقال 3:164. [3]
2- 2) ن:بزيادة:أفضل،كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 3:25 الحديث 88،الوسائل 3:512 الباب 33 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [4]
4- 4) المغني 2:3،الشرح الكبير بهامش المغني 2:3.
5- 5) النساء(4):102. [5]
6- 6) ح و ق:حال.
7- 7) الموطّأ 1:129 الحديث 3، [6]المغني 2:3.و [7]بهذا المضمون ينظر:صحيح مسلم 1:451 الحديث 651، سنن أبي داود 1:150 الحديث 548،سنن ابن ماجه 1:259 الحديث 791،سنن الترمذيّ 1:422 الحديث 217، [8]سنن النسائيّ 2:107.
8- 8) سنن أبي داود 1:151 الحديث 551،المغني 2:4،مستدرك الحاكم 1:246.

القاصية» (1).و الحديثان الأوّلان روى أصحابنا ما يقاربهما (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّها لشدّة استحبابها لم يرخّص في تركها في حالتي الاختيار و الاضطرار،كالخوف و العرى،و ذلك لا يدلّ على الوجوب.

و أيضا:فكلّ واحد يطلب براءة ذمّته مبادرا لغلبة ظنّه بالتلف،و صلاة الجميع دفعة واحدة،جماعة أو فرادى،مطلوب الترك،إذ لا حارس لهم حينئذ،فاقتضت الحكمة (3)صلاة الخوف على الوصف المنقول.

قوله (4):لو لم تكن واجبة لم يجز الإخلال بشيء من واجبات الصلاة لها.

قلنا:و لا إخلال فيها،لما يأتي من صفتها.

و عن الثاني:أنّه دالّ على الاستحباب لا على الوجوب.و يؤيّده (5)اهتمامه عليه السّلام بذلك،و لم يضيّق و لم يوجب و لم يفعل.

و عن الثالث:أنّ المراد بذلك صلاة الجمعة.و يحتمل أنّه أراد نفي الكمال دون الإجزاء،كما في قوله:«لا صلاة لجار المسجد إلاّ فيه» (6).

و عن الرابع:أنّه لا يدلّ على الوجوب بل (7)على الإخبار بأنّ الجماعة تطرد

ص:168


1- 1سنن أبي داود 1:150 الحديث 547،سنن النسائيّ 2:106،مسند أحمد 5:196 و ج 6:446، [1]سنن البيهقيّ 3:54،مستدرك الحاكم 1:246.
2- 2) ينظر:الوسائل 5:375 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1 و 6.
3- 3) ح بزيادة:حكم.
4- 4) هامش ح:و قوله.
5- 5) ح و ق:و يزيده.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 1:420 الحديث 2،سنن البيهقيّ 3:57،مستدرك الحاكم 1:246،كنز العمّال 8:254 الحديث 22800،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:203.و من طريق الخاصّة ينظر:التهذيب 1:92 الحديث 244، الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
7- 7) ح بزيادة:يدلّ.ق:يدلّ،مكان:بل.

الشيطان.و قوله:«فعليك بالجماعة»ليس دالاّ على الوجوب أيضا بل (1)على الحثّ على فعلها دفعا (2)للاستحواذ.

فروع:
الأوّل:لا ينبغي ترك الجماعة إلاّ مع العذر،

عامّا كان،كالمطر و الوحل،أو خاصّا كالمرض و الخوف و مدافعة الأخبثين و فوات الرفقة و هلاك الطعام و غير ذلك،لشدّة استحبابها.روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى الصلوات الخمس جماعة فظنّوا به كلّ خير» (3).

و روى في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد،إلاّ مريض أو مشغول» (4).

أمّا مع المطر و (5)شبهه فإنّه يجوز تركها للضرورة.

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرّحال» (6).

قال صاحب الصحاح:و النعل:الأرض الغليظة،يبرق حصاها لا تنبت شيئا (7).

الثاني:لا يسقط استحباب الجماعة بفعل الصّلاة،

بل يستحبّ إعادتها جماعة و سيأتي.

الثالث:لا يجب حضور المسجد لها،

لأنّها ليست واجبة،و الحضور لأجلها أولى أن

ص:169


1- 1ح بزيادة:يدلّ.ق:يدلّ،مكان:بل.
2- 2) ح و ق:رفعا.
3- 3) الفقيه 1:246 الحديث 1093،الوسائل 5:372 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [1]
4- 4) الفقيه 1:245 الحديث 1091،الوسائل 5:375 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
5- 5) ح:أو.
6- 6) الفقيه 1:246 الحديث 1099،الوسائل 5:376 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [3]
7- 7) الصحاح 5:1832. [4]

لا يكون واجبا.و خالف فيه بعض الجمهور (1).و يدلّ عليه أيضا قوله عليه السّلام:

«جعلت لي الأرض طيّبة طهورا و مسجدا،فأيّما رجل أدركته الصّلاة صلّى حيث كان» رواه مسلم (2).

و احتجّ المخالف (3)بقول عليّ عليه السّلام:«لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» (4).

رواه سعيد.

و الجواب:المراد نفي الكمال،إذ لا يستقيم بدون الإضمار،و إضمار ما ذكرناه أولى، للإجماع الواقع على أنّ صلاة من صلّى خارج المسجد جائزة.

الرابع:الصّلاة فيما كثرت فيه الجماعة من المساجد أولى ممّا قلّت فيه،

لأنّ المطلوب الاجتماع،لحصول البركة (5)و الدّعاء،و ربّما كان فيهم مستجاب الدّعوة،و لو تساوى المسجدان في الجماعة فهل الأبعد أولى أم الأقرب؟قيل بالأوّل،فتكثر الخطوات فكثرت الحسنات (6).و قيل بالثاني،لأنّه جار له (7).و قال عليه السّلام:«لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» (8).

ص:170


1- 1المغني 2:6،الشرح الكبير بهامش المغني 2:5،الكافي لابن قدامة 1:226.
2- 2) صحيح مسلم 1:370 الحديث 521.
3- 3) المغني 2:6.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:57،كنز العمّال 8:254 الحديث 22800،و هي مرويّة أيضا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ينظر:سنن الدار قطنيّ 1:420 الحديث 2،مستدرك الحاكم 1:246،المغني 2:6،الشرح الكبير بهامش المغني 2:5.
5- 5) ح و ق:الشركة.
6- 6) المغني 2:8،الشرح الكبير بهامش المغني 2:6.
7- 7) المغني 2:9،الشرح الكبير بهامش المغني 2:6.
8- 8) سنن الدار قطنيّ 1:420 الحديث 2،سنن البيهقيّ 3:57،مستدرك الحاكم 1:246،كنز العمّال 8:254 الحديث 22800،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:203،و من طريق الخاصّة ينظر:التهذيب 1:92 الحديث 244، الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]

و لا اعتبار بتقادم عهد المسجد خلافا لبعضهم (1).

و لو كان في جواره مسجد لا ينعقد فيه الجماعة إلاّ به،فالأقرب الصّلاة فيه و أن لا يمضي إلى الأبعد،لأنّه يكون عامرا له بإقامة الجماعة فيه.

مسألة:و لا جماعة في النوافل إلاّ ما استثني.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،خلافا لأحمد (2)،و بعض الجمهور (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن زيد بن ثابت قال:جاء رجال يصلّون بصلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فخرج مغضبا و أمرهم أن يصلّوا النوافل في بيوتهم (4).

و رووا عنه عليه السّلام أنّه قال:«أفضل الصّلاة صلاة المرء في بيته،إلاّ المكتوبة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم و الفضيل،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ الصّلاة بالليل في شهر رمضان (6)النافلة في جماعة بدعة» (7).

و ما رواه عن إسحاق بن عمّار،عن الرّضا عليه السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و لا يجمع لنافلة» (8).

ص:171


1- 1المغني 2:8.
2- 2) المغني 1:811،الشرح الكبير بهامش المغني 1:808،الكافي لابن قدامة 1:202.
3- 3) المجموع 4:504.
4- 4) صحيح البخاريّ 9:117،سنن أبي داود 2:69 الحديث 1447،الموطّأ 1:130 الحديث 4،مسند أحمد 5: 182،سنن البيهقيّ 2:494 و فيه بتفاوت.
5- 5) راجع:المصادر نفسها.
6- 6) ح بزيادة:من،كما في الوسائل. [1]
7- 7) التهذيب 3:69 الحديث 226،الاستبصار 1:467 الحديث 1807،الوسائل 5:191 الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 1. [2]
8- 8) التهذيب 3:65 الحديث 211،الاستبصار 1:464 الحديث 1801،الوسائل 5:182 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث 6. [3]
مسألة:و تنعقد الجماعة باثنين.
اشارة

و هو قول فقهاء الأمصار.روى الجمهور عن أبي موسى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الاثنان فما فوقهما جماعة» (1).و أمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حذيفة مرّة و ابن مسعود أخرى و ابن عبّاس مرّة (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«الرّجلان يؤمّ أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه» (3).

فروع:

الأوّل:لو أمّ الرّجل بعبده أدرك فضيلة الجماعة.و هو اتّفاق العلماء،لوجوب الصّلاة عليه،فكان كالحرّ.

الثاني:لو أمّ بزوجته أو بامرأة أخرى أدركها أيضا.روى الشيخ و ابن بابويه عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن أقلّ ما يكون الجماعة؟قال:

«رجل و امرأة» (4).

الثالث:لو أمّ صبيّا أدرك الفضيلة أيضا،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:أنّ صلاته شرعيّة و هو متنفّل شرعا،فأمكن أن يكون مأموما لمفترض كالبالغ، و لهذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الرّجل الذي فاتته الجماعة:«من يتصدّق على هذا فيصلّي معه» (6).

ص:172


1- 1سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 972،مستدرك الحاكم 4:334،سنن الدار قطنيّ 1:280 الحديث 1.
2- 2) المغني 2:5،الشرح الكبير بهامش المغني 2:4.
3- 3) التهذيب 3:26 الحديث 89،الوسائل 5:411 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
4- 4) الفقيه 1:246 الحديث 1095،التهذيب 3:26 الحديث 91،الوسائل 5:380 الباب 4 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [2]
5- 5) المغني 2:5،الشرح الكبير بهامش المغني 2:4-5.
6- 6) سنن أبي داود 1:157 الحديث 574،سنن الدارميّ 1:318، [3]مستدرك الحاكم 1:209،مسند أحمد 5: 254 و 269. [4]
مسألة:و يدرك الجماعة بإدراك الرّكعة من أوّلها.

و هو قول علماء الإسلام.و لو أدرك تكبيرة الركوع أدرك الركعة أيضا بلا خلاف بيننا.أمّا لو لم يدرك التكبيرة و أدرك الإمام في الركوع ففي إدراكه حينئذ إشكال،أقربه الإدراك،لما رواه الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الرّجل:«إذا أدرك الإمام و هو راكع و كبّر الرّجل و هو مقيم صلبه،ثمَّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الرّكعة» (1).

و ما رواه في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدركت الإمام و قد ركع فكبّرت و ركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الرّكعة،فإن رفع الإمام رأسه قبل أن يركع فقد فاتت (2)الرّكعة» (3).

و لأنّه قد أدرك أكثر الرّكعة و لم يفته سوى القراءة،و ليست شرطا في الإدراك،إذ لو التحق (4)به في آخرها أدرك الجماعة إجماعا.

و قال الشيخ:لا يدرك الجماعة إلاّ بإدراك التكبيرة (5)،لما رواه في الصّحيح عن محمّد ابن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قال لي:«إن لم تدرك القوم قبل أن يكبّر الإمام للرّكعة فلا تدخل معهم في تلك الرّكعة» (6).

و لما رواه في الصّحيح عن محمّد،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تعتدّ بالرّكعة

ص:173


1- 1التهذيب 3:43 الحديث 152،و ص 271 الحديث 781،الاستبصار 1:435 الحديث 1679،الوسائل 5: 441 الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) ح:فاتته،و في المصادر:فاتتك.
3- 3) التهذيب 3:43 الحديث 153،الاستبصار 1:435 الحديث 1680،الوسائل 5:441 الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [2]
4- 4) ح:ألحق.
5- 5) المبسوط 1:158،النهاية:114، [3]التهذيب 3:43.
6- 6) التهذيب 3:43 الحديث 149،الاستبصار 1:434 الحديث 1676،الوسائل 5:441 الباب 44 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]

التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام» (1).

و يمكن الجواب بأنّ من لم يدرك التكبيرة ففي الغالب لا يدرك الرّكعة،و يحمل الإدراك على السّماع لا على متابعة الفعل.

البحث الثاني:في شروط الجماعة
مسألة:العدد شرط في الجماعة و أقلّه اثنان.

و لا نعرف فيه خلافا،فلا جماعة للمنفرد للتنافي بينهما.

و ما ذكره ابن بابويه في كتابه من أنّ الواحد جماعة،لأنّه إذا دخل المسجد و أذّن و أقام صلّى خلفه صفّان من الملائكة،و متى أقام و لم يؤذّن صلّى خلفه صفّ واحد (2).فذلك محمول على شدّة استحباب الأذان و الإقامة.

مسألة:و رفع الحجاب المانع من المشاهدة و الاستطراق أو من المشاهدة خاصّة بين
اشارة

الإمام و المأموم شرط في الجماعة،

فلا يجوز صلاة من بينه و بين الإمام حائط و شبهه يمنع مشاهدته أو مشاهدة المأمومين،سواء كان من حيطان المسجد أو غيره،و سواء صلّى في المسجد أو خارجه.و هو قول علمائنا أجمع و أحمد في إحدى الروايتين (3).

و قال الشافعيّ:إن صلّى في المسجد صحّت صلاته،سواء شاهده أو كان في بيت أو غرفة أو حال بينه و بينه حائط.و إن صلّى خارج المسجد و هناك حائل يمنع من المشاهدة و الاستطراق من غير المسجد بطل،و إن كان من حيطان المسجد فأصحّ القولين عنده البطلان أيضا.و إن منع الاستطراق خاصّة كالشباك ففيه وجهان:أحدهما:الجواز.و الثاني:

ص:174


1- 1التهذيب 3:43 الحديث 150،الاستبصار 1:435 الحديث 1677،الوسائل 5:441 الباب 44 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:246.
3- 3) المغني 2:40،الكافي لابن قدامة 1:252،الشرح الكبير بهامش المغني 2:76.

المنع (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّها قالت لنساء كنّ يصلّين في حجرتها:لا تصلّين بصلاة الإمام،فإنّكنّ دونه في حجاب (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إن صلّى قوم و بينهم و بين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بإمام، و أيّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة الإمام و بينهم و بين الصّف الذي يتقدّمهم قدر ما لا يتخطّى فليس تلك لهم بصلاة،فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس ذلك لهم بصلاة،إلاّ من كان حيال الباب»قال:و قال:«هذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس و إنّما أحدثها الجبّارون،ليست (3)لمن صلّى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة» (4).و لأنّه لا يمكنه الاقتداء به غالبا.و لأنّه يمنع اتّصال الصفوف.

فروع:

الأوّل:لو كان الحائل قصيرا لا يمنع من النظر حال القيام و يمنع حال الجلوس فالأقرب أنّه ليس بمانع،إذ المشاهدة الموجبة للمتابعة حاصلة.و قال السيّد المرتضى في المصباح:ينبغي أن يكون بين كلّ صفّين قدر مسقط الجسد،فإن تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطّى لم يجز (5).و يمكن أن يكون مستنده رواية زرارة،و هي حسنة.

الثاني:الطريق ليس بحائل و لا يمنع الائتمام،و لا النهر.و هو قول أكثر علمائنا (6)،

ص:175


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:23،المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:302.
2- 2) المغني 2:40،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:76،سنن البيهقيّ 3:111.
3- 3) في المصادر:و ليس.
4- 4) التهذيب 3:52 الحديث 182،الوسائل 5:462 الباب 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [2]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:416. [3]
6- 6) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:156،و ابن الجنيد نقله عنه في المختلف:158،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:417. [4]

و قول مالك (1)،و الشافعيّ (2).

و قال أبو الصّلاح:النهر حائل (3).و قال أبو حنيفة:الطريق و النهر حائلان (4).و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (5).

لنا:عموم الأمر بالجماعة،و المانع من تمكّن الاقتداء و هو الحائل المقتضي لمنع وصول الصوت و المشاهدة زائل.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الطريق ليس محلاّ للصلاة فأشبه ما يمنع الاتّصال (6).

و الجواب:المنع من كون الطريق ليس محلاّ للصّلاة،و كذا النهر،لجواز الصّلاة فيهما، كالمصلّي في السفينة و على الماء الجامد،و كما صلّى أنس على الميّت مأموما و بينه و بين الإمام طريق (7).و لو سلّم ذلك منع الصلاة فيه،أمّا الاقتداء فلا.و لأنّ الطريق لا يمنع الاتّصال في العيد و الجنازة،فكذا في الخمس.

الثالث:ما يمنع الاستطراق لا المشاهدة كالمقاصير المخرمة،قال في المبسوط:لا يمنع الائتمام (8)،و قال في الخلاف:يمنع (9).و للشافعيّ مثل القولين (10).و عوّل في الخلاف على رواية زرارة،و في المبسوط على العموم.

ص:176


1- 1المدوّنة الكبرى 1:82،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:302 و 305،مغني المحتاج 1:249،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77.
3- 3) الكافي في الفقه:145.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:193،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77،المجموع 4:309.
5- 5) المغني 2:41،الكافي لابن قدامة 1:253.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:193،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77.
7- 7) المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77.
8- 8) المبسوط 1:156.
9- 9) الخلاف 1:214 مسألة-27.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:306.

الرابع:الجماعة في السفينة جائزة،اتّحدت أو تعدّدت،سواء شدّ بعض المتعدّدة إلى بعض أو لا،عملا بالعموم.و كذا البحث لو كان الإمام في سفينة (1)و المأموم على (2)الشطّ إذا لم يوجد حائل،أو بالعكس.

الخامس:لو لم يشاهد الإمام و شاهد (3)المأموم صحّت صلاته،و إلاّ لبطلت صلاة الصفّ الثاني.و لا نعرف فيه خلافا.

السادس:قال الشيخ:يجوز للنساء أن يصلّين من وراء الجدار مؤتمّات،لأنّ النساء عورة فلا ينبغي لهنّ مخالطة الرّجال (4)،و فضيلة الجماعة متأكّدة فلا ينبغي لهنّ تركها، فساغ لهنّ الصّلاة من وراء الحائل.

و روى الشيخ ذلك عن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي بالقوم و خلفه دار فيها نساء،هل يجوز لهنّ أن يصلّين خلفه؟قال:«نعم،إن كان الإمام أسفل منهنّ»قلت:فإن بينهنّ و بينه حائطا أو طريقا؟فقال:«لا بأس» (5).و لا فرق في ذلك بين الحسناء و الشوهاء و الشابّة و المسنّة.

روى ابن بابويه عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها،و صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار» (6).

السابع:لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب و هو مفتوح يشاهد المأمومين في المسجد صحّت صلاته.و لو صلّى قوم على (7)يمينه أو شماله أو ورائه صحّت صلاتهم، لأنّهم يرون من يرى الإمام.

ص:177


1- 1ح:في السفينة.
2- 2) م:في.
3- 3) ح و ق:و يشاهد.
4- 4) النهاية:117،التهذيب 3:52.
5- 5) التهذيب 3:53 الحديث 183،الوسائل 5:461 الباب 60 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
6- 6) الفقيه 1:259 الحديث 1178،الوسائل 3:510 الباب 30 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
7- 7) ح و ق:عن.

و لو وقف بين يدي هذا الصفّ صفّ آخر عن يمين الباب أو يسارها لا يشاهدون من في المسجد لم تصحّ صلاتهم.و لو لم يكن المأمومون في قبلته بل على جانبه،فإن اتّصلت الصفوف به صحّت صلاته و إلاّ فلا.ذكره الشيخ في المبسوط (1).

الثامن:لو وقع حائل بين المأمومين صحّت صلاة من يلي الإمام و بطلت صلاة من كان وراء الحائل.

التاسع:لا بأس بالوقوف بين الأساطين.و لا بأس بوقوف الإمام في المحراب و إن كان مكروها.روى الشيخ في الصّحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا» (2).

و روى عن منصور بن حازم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أصلّي في الطاق على المحراب،فقال:«لا بأس إذا كنت تتوسّع به» (3).

العاشر:لو كان الإمام في سفينة (4)و المأموم في أخرى (5)،و عليهما غطاء يمنع المشاهدة بطلت الجماعة،لأنّهما كالدارين.

الحادي عشر:لو صلّى على سطح داره و كان مشاهدا للإمام أو للمأمومين (6)صحّت صلاته عندنا،لأنّ الشرط المشاهدة،و قد حصلت.

و قال الشافعيّ:لا يجوز قولا واحدا،لأنّها بائنة من المسجد و ليس بينهما قرار يمكن اتّصال الصفوف فيه (7).و هو ضعيف.

مسألة:و عدم البعد المفرط شرط.

فلو تباعد المأموم عن الإمام بما لم تجر العادة به

ص:178


1- 1المبسوط 1:156. [1]
2- 2) التهذيب 3:52 الحديث 180،الوسائل 5:460 الباب 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 3:52 الحديث 181،الوسائل 5:461 الباب 61 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
4- 4) ح:السفينة.
5- 5) ح و ق:الأخرى.
6- 6) ن:الإمام و المأمومين.
7- 7) المجموع 4:303،فتح العزيز بهامش المجموع 4:308،المغني 2:39،الشرح الكبير بهامش المغني 2:75.

فلا جماعة له،إلاّ مع اتّصال الصفوف،سواء علم بصلاة الإمام أو لا.

و قال الشافعيّ:لا يعتبر القرب في المسجد الواحد و يعتبر في خارجه،و حدّه بثلاثمائة ذراع فما دون،فلو صلّى مأموم خارج المسجد روعي بينه و بين المأمومين هذا المقدار (1).

و قال عطاء:يصلّي بصلاة الإمام من علم بصلاته و لم يراع قربا (2).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (3).و ذلك عامّ في حقّ العالم و غيره.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لو صلّيتم في بيوتكم لضللتم» (4).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة (5)،فإنّه اشترط فيها القرب.أمّا التحديد الذي اشتملت عليه،و هو مسقط الجسد،فالأولى أنّه على الأفضل.

احتجّ عطاء بأنّه عالم بصلاة الإمام،فأشبه من كان في المسجد (6).

و الجواب:النقض لا يرد علينا بل على الشافعيّ،و له أن يفرّق (7)بأنّ المسجد بني للجماعة.

مسألة:و عدم تقدّم المأموم في الموقف شرط،

فلو تقدّم المأموم الإمام فلا صلاة

ص:179


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:23،المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:303 و 309،المغني 2:39، مغني المحتاج 1:249-250.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:23،المجموع 4:309،نيل الأوطار 3:238.
3- 3) الجمعة(62):9. [1]
4- 4) مسند أحمد 1:382،415 و 455،و قريب منه في سنن أبي داود 1:150 الحديث 550.
5- 5) التهذيب 3:52 الحديث 182،الوسائل 5:462 الباب 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.
6- 6) المجموع 4:309،نيل الأوطار 3:238.
7- 7) غ:يعرف.

للمأموم.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ في الجديد (2)،و أحمد (3).

و قال مالك (4)،و إسحاق (5)،و أبو ثور:يصحّ (6).و هو قول الشافعيّ في القديم (7).

لنا:ما نقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة أنّهم فعلوا ذلك (8).و قال عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (9).

و ما رواه الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

«الرّجلان يؤمّ أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه،فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه» (10).

و ظاهر الأمر الوجوب،إلاّ ما خرج بالدليل.

و لأنّ المأموم يفتقر إلى استعلام حال الإمام،و هو لا يمكن إلاّ بفعل المبطل من الالتفات إلى خلفه.و لأنّه أخطأ موقفه إلى موقف ليس بموقف لأحد من المؤتمّين فكان

ص:180


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:43،حلية العلماء 2:213،المجموع 4:300،فتح العزيز بهامش المجموع 4:338، المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:63.
2- 2) الأمّ 1:169،المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:299،فتح العزيز بهامش المجموع 4:338، مغني المحتاج 1:245،السراج الوهّاج:71،المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:63.
3- 3) المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:63،حلية العلماء 2:213،المجموع 4:300،فتح العزيز بهامش المجموع 4:338،الإنصاف 2:28، [1]الكافي لابن قدامة 1:248.
4- 4) حلية العلماء 2:213،المبسوط للسرخسيّ 1:43،المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:63، المجموع 4:300، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:338. [3]
5- 5) المغني 2:44،المجموع 4:300، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 2:63.
6- 6) المجموع 4:300.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:100،حلية العلماء 2:213،المجموع 4:299،فتح العزيز بهامش المجموع 4:338، مغني المحتاج 1:245،السراج الوهّاج:71.
8- 8) الأمّ 1:168،169،نيل الأوطار 3:219.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286، [5]سنن البيهقيّ 2:345،مسند أحمد 5:53.
10- 10) التهذيب 3:26 الحديث 89،الوسائل 5:411 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]

مبطلا،كما لو وقف في منزله أو مع الحائل.

احتجّ المخالف بأنّ مخالفة الموقف لا يبطل الصلاة،كما لو وقف عن يسار الإمام.و لأنّه لا يمنع الاقتداء به فأشبه من خلفه (1).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق،إذ مع الوقوف على اليسار يتمكّن من الاستعلام، بخلاف المتقدّم.و هو الجواب عن الثاني أيضا.

و لو سلّمنا إمكان الاقتداء لكن نمنع وقوعه شرعا،إذ قد ثبت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلافه.و ينتقض أيضا بالحائل،فإنّه يمكن معه الاقتداء و لا يصحّ.

مسألة:و نيّة الاقتداء شرط.
اشارة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

و لا بدّ من تعيين الإمام.فلو كان بين يديه اثنان فنوى الائتمام بأحدهما لا بعينه لم يصحّ صلاته،لأنّهما قد يختلفان فلا يمكنه الاقتداء بهما.

فروع:

الأوّل:لو نوى الاقتداء بهما معالم يصحّ،لإمكان الاختلاف.

الثاني:لو نوى الاقتداء بالمأموم لم يصحّ،لأنّ المأموم تابع فلا يأتي بواجبات الصلاة من القراءة و كيفيّاتها،فلا يجوز الائتمام به.

الثالث:لو نوى الائتمام بالمأموم جاهلا بكونه مأموما،بأن وجده قائما عن (2)يسار الإمام فظنّه الإمام،لم يكن معذورا بذلك،لخلوّ صلاته عن القراءة.

الرابع:لو نوى كلّ واحد منهما الائتمام بصاحبه بطلت صلاتهما معا،لخلوّ صلاتهما عن القراءة.و قد رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و رواه

ص:181


1- 1المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:63،المجموع 4:299،فتح العزيز بهامش المجموع 4:238.
2- 2) ح و ق:على.
3- 3) التهذيب 3:53 الحديث 185.

ابن بابويه عن عليّ عليه السّلام (1).

الخامس:لو نوى كلّ واحد منهما أنّه إمام لصاحبه صحّت صلاته.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول الشافعيّ (2)خلافا لأحمد (3).

لنا:أنّ نيّة الإمامة لا تؤثّر تركا في شيء من الواجبات،فيكون كلّ منهما قد احتاط لنفسه فصحّت صلاتهما.و لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السّلام (4).و رواه ابن بابويه عن عليّ عليه السّلام (5).

السادس:لو افتتحا الصّلاة على الصحّة،ثمَّ شكّا في تعيين الإمام منهما،بطلت صلاتهما لعدم الاحتياط.و كذا لو شكّا فيما أضمراه.

لا يقال:ينوي كلّ واحد منهما الانفراد و قد صحّت صلاتهما.

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون كلّ واحد منهما إماما،و نيّة الانفراد في حقّه غير مؤثّرة.

و يحتمل أن يكون كلّ واحد منهما مأموما.

لا يقال:هذا إنّما يتأتّى في الفرض الثاني،و هو الذي حصل فيه الشكّ في نيّة كلّ واحد منهما.أمّا الفرض الأوّل و هو الذي علم فيه أنّ أحدهما إمام ثمَّ اشتبه فلا يتأتّى هذا فيه.

لأنّا نقول:هذا أيضا ينسحب فيه،إذ كلّ واحد منهما يحتمل أن يكون إماما فلا تؤثّر نيّة الانفراد فيه.و أيضا:نيّة الانفراد خارجة عن الأصل فلا تثبت إلاّ في موضع الورود.

السابع:لو صلّى منفردا ثمَّ نوى جعل نفسه مأموما،يمكن أن يقال:إنّه لا يصحّ ذلك.

أمّا أوّلا:فلما يأتي من إبطال الصلاة للمنفرد أو جعلها نافلة إذا حضر الإمام.

و أمّا ثانيا:فلأنّ المتابعة واجبة و مع السبق فلا متابعة.و قال في الخلاف:يصحّ

ص:182


1- 1الفقيه 1:250 الحديث 1123.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:94،المجموع 4:201.
3- 3) المغني 2:60،الكافي لابن قدامة 1:229.
4- 4) التهذيب 3:54 الحديث 186،الوسائل 5:420 الباب 29 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
5- 5) الفقيه 1:250 الحديث 1123.

أن ينقل الصلاة من الانفراد إلى الجماعة،و ادّعى فيه الإجماع (1).و على الأوّل هل تبطل صلاته أم لا؟الحقّ أنّه إن فاته شيء من الواجبات على المنفرد بطلت صلاته،و إلاّ فلا،و ذلك بأن يفوته القراءة مثلا.و لو قرأ و الحال هذه فالأقوى بطلان الصلاة،لأنّه يفعل قراءة يعتقد أنّها غير واجبة عليه.

الثامن:لو نوى الإمامة بشخص و صلّى معه بعض الصلاة،ثمَّ نقلها إلى غيره لم يجز إلاّ في موضع واحد و هي صورة الاستخلاف.

و لو سبق الإمام اثنين جاز لأحدهما بعد فراغ الإمام الائتمام بالآخر،و على قول الشيخ يجوز في المسألتين و هو تخريج.

مسألة:و هل يجب أن يكون الإمام غير مرتفع عن المأمومين بما يعتدّ به أم لا؟
اشارة

(2)

قال الشيخ في أكثر كتبه:يجب (3).

و قال في الخلاف:يكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم بما يعتدّ به كالسطح و الأبنية (4)،و به قال مالك (5)،و الأوزاعيّ (6)،و أصحاب الرأي (7)،و المشهور عن أحمد (8).

و قال الشافعيّ:أحبّ للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلّي على الشيء المرتفع فيراه من خلفه فيقتدون به (9).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ عمّار بن ياسر كان بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدّم عمّار فقام

ص:183


1- 1الخلاف 1:212 مسألة-15.
2- 2) ح:على.
3- 3) النهاية:117، [1]المبسوط 1:155،التهذيب 3:53.
4- 4) الخلاف 1:213 مسألة-23.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:81،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:78،المجموع 4:295.
6- 6) المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:78،المجموع 4:295.
7- 7) المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:78،المجموع 4:295.
8- 8) المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:77،الكافي لابن قدامة 1:251،الإنصاف 2:297. [2]
9- 9) الأمّ 1:172،المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:295،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 78.

على دكّان و الناس أسفل منه،فتقدّم حذيفة فأخذ بيده فاتّبعه عمّار حتّى أنزله حذيفة،فلمّا فرغ من صلاته قال له حذيفة:أ لم تسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إذا أمّ الرّجل القوم فلا يقومنّ في مكان أرفع من مكانهم؟! (1)»قال عمّار:فلذلك اتّبعتك حين أخذت على يدي (2).

و عن همّام (3)أنّ حذيفة أمّ الناس بالمدائن على دكّان،فأخذ أبو مسعود فجبذه (4)، فلمّا فرغ من صلاته قال:أ لم تعلم أنّهم كانوا ينهون عن ذلك؟قال:بلى،قد ذكرت حين مددتني (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن كان الإمام على شبه دكّان أو على موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم،و لو (6)كان أرفع منهم بقدر إصبع إلى شبر و كان أرضا مبسوطة،أو في موضع فيه ارتفاع فقام الإمام في الموضع المرتفع فقام من خلفه أسفل منه لا بأس» (7).

و لأنّه في موضع الحاجة إلى النظر إلى إمامه للاقتداء به،و مع علوّ الإمام يحتاج إلى رفع بصره و هو منهيّ عنه في الصلاة.

ص:184


1- 1م:مكانه،ح و ق:مكانكم.
2- 2) سنن أبي داود 1:163 الحديث 598،سنن البيهقيّ 3:109،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 78.
3- 3) همّام بن الحارث النخعيّ الكوفيّ العابد،روى عن عمر و حذيفة و المقداد بن الأسود و أبي مسعود.و روى عنه إبراهيم النخعيّ. تهذيب التهذيب 11:66، [1]رجال صحيح مسلم 2:320.
4- 4) الجبذ:لغة في الجذب.النهاية لابن الأثير 1:235،و [2]في غ،ق و ح:فجذبه.
5- 5) سنن أبي داود 1:163 الحديث 597،سنن البيهقيّ 3:108،المغني 2:41.
6- 6) ح:فإن.
7- 7) التهذيب 3:53 الحديث 185،الوسائل 5:463 الباب 63 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]بتفاوت.

احتجّ الشافعيّ (1)بما رواه سهل بن سعد قال:لقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قام على المنبر،فكبّر و كبّر الناس وراءه،ثمَّ ركع و هو على المنبر و رفع،فنزل القهقرى حتّى سجد في أصل المنبر،ثمَّ عاد حتّى فرغ من آخر صلاته،ثمَّ أقبل على الناس فقال:«أيّها الناس إنّما فعلت هذا لتأتمّوا بي و تعلّموا صلاتي» (2).

و الجواب:المنع من صحّة الرّواية،و على تقدير التسليم،فإنّه يمكن أن يكون العلوّ غير معتدّ به كالدرجة السفلى،و يجب الحمل إليه لئلاّ يحتاج إلى فعل كثير من الصعود و النزول،و يمكن اختصاصه عليه السّلام بذلك الحكم،إذ قد نهى عن ارتفاع الإمام و فعله، فيكون النهي متوجّها إلى غيره و الفعل مختصّا به،و لذلك لم يتمّ الصّلاة على المنبر بل نزل فسجد على الأرض،و لا يستحبّ لغيره ذلك إجماعا.

فروع:

الأوّل:لا بأس بالعلوّ اليسير الذي لا يعتدّ به،إذ النهي إنّما كان لأجل رفع البصر في الصّلاة،و هو إنّما يكون مع العلوّ الكثير.

الثاني:لو صلّى الإمام في مكان أعلى بطلت صلاة المأمومين-و هو قول الأوزاعيّ (3)-لأنّ النهي في العبادات يقتضي الفساد.و لحديث عمّار (4).و قال أصحاب الرأي:لا تبطل،لأنّ عمّارا أتمّ صلاته،و لو كانت فاسدة لاستأنفها.و لأنّ النهي معلّل لما يفضي إليه من رفع البصر،و ذلك لا يفسدها فسببه أولى (5).

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أن يكون عمّار لم يحرم بالصلاة بل ابتدأ فيها بالأفعال

ص:185


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:294،المغني 2:41،الشرح الكبير بهامش المغني 2:78.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:11،صحيح مسلم 1:386 الحديث 544،سنن أبي داود 1:283 الحديث 1080، سنن النسائيّ 2:57-59،سنن البيهقيّ 3:108.
3- 3) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:79،المجموع 4:295.
4- 4) تقدّم في ص 183 104؟.
5- 5) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:79،المجموع 4:295.

المندوبة كالتوجّه بالتكبير و الدعاء.

و عن الثاني:بالمنع من كون ما ذكروه علّة قطعا.

الثالث:و هل تبطل صلاة الإمام؟الوجه عندي أنّها لا تبطل،لعدم الموجب لذلك.

و ربّما قال بعضهم بالبطلان،إذ قد نهي عن الصلاة في مكان مرتفع (1).

مسألة:و يشترط توافق نظم الصلاتين

فلا يقتدى في الخمس بصلاة الجنازة (2)و صلاة الخسوف و العيدين،لعدم المتابعة المشترطة.

البحث الثالث:في أمور ظنّ أنّها شروط و ليست كذلك
اشارة

(3)

مسألة:و ليست الأذان و الإقامة شرطا في الجماعة،

خلافا للشيخ (4)،و قد مضى البحث فيه (5).

مسألة:و ليست عدم ارتفاع المأموم شرطا،

فيجوز أن يأتمّ من هو في السطح بمن هو على الأرض.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ،و أحمد،و أصحاب الرأي.و قال مالك:

إنّه شرط،فيعيد لو صلّى كذلك (6).

لنا:ما رواه عمّار الساباطيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:و سئل:فإن قام الإمام أسفل من موضع من يصلّي خلفه؟قال:«لا بأس».و قال:«إن كان رجل فوق بيت أو غير ذلك و الإمام يصلّي على الأرض أسفل منه جاز للرّجل أن يصلّي خلفه و يقتدي بصلاته

ص:186


1- 1المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:79،المجموع 4:295.
2- 2) ح:الجنائز.
3- 3) ح:مشروطة.
4- 4) المبسوط 1:95، [1]النهاية:64. [2]
5- 5) يراجع:الجزء الرابع ص 408.
6- 6) المغني 2:39،الشرح الكبير بهامش المغني 2:79.

و إن كان أرفع منه بشيء كثير» (1).و لأنّ المقتضي و هو عموم الأمر بالاجتماع موجود، و المانع-و هو ارتفاع علوّ الإمام الشاغل للبصر-منتف،فيثبت (2)الحكم.

مسألة:و لا تشترط نيّة الإمام للإمامة،
اشارة

سواء كان المأموم رجلا أو امرأة.و به قال الشافعيّ (3).

و قال الأوزاعيّ:عليه أن ينوي إمامة من يأتمّ به،رجلا كان أو امرأة (4).و هو قول أحمد (5).و قال أبو حنيفة:يشترط لو أمّ النساء (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس قال:بتّ عند خالتي ميمونة،فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فتوضّأ و وقف يصلّي،فتوضّأت ثمَّ جئت فوقفت على يساره،فأخذ بيدي فأدارني من ورائه إلى يمينه (7).و من المعلوم أنّه عليه السّلام لم يكن ناويا لإمامته.و لأنّه لا يختلف فعله حالتي الإمامة و الانفراد،فلا فائدة في نيّتها.

ص:187


1- 1الفقيه 1:253 الحديث 1146،الكافي 3:386 الحديث 9، [1]التهذيب 3:53 الحديث 185،الوسائل 5: 463 الباب 63 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
2- 2) ح:فثبت.
3- 3) المجموع 4:202،203،فتح العزيز بهامش المجموع 4:366،مغني المحتاج 1:253،الميزان الكبرى 1: 173،الهداية للمرغينانيّ 1:57.
4- 4) المجموع 4:203.
5- 5) المغني 2:60،المجموع 4:203،فتح العزيز بهامش المجموع 4:366،حلية العلماء 2:185،الميزان الكبرى 1:173،الكافي لابن قدامة 1:229.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:57،المجموع 4:203،الميزان الكبرى 1:173،بدائع الصنائع 1:128،المبسوط 1: 185،فتح العزيز بهامش المجموع 4:366.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:47،179 و 217،صحيح مسلم 1:527 الحديث 763،سنن أبي داود 1:166 الحديث 610، [3]سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 973،سنن الترمذيّ 1:452 الحديث 232،سنن النسائيّ 2:87. سنن الدارميّ 1:286،مسند أحمد 1:341،343 و 347. [4]

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام:«الأئمّة ضمناء» (2)و لا يضمن (3)إلاّ مع النيّة.

و الجواب:لم لا يكفي (4)فيه نيّة المأموم.

فرع:لو صلّى منفردا فجاء آخر فصلّى معه فنوى إمامته صحّ

و لو لم ينو في الفرض و النفل،و كذا لو لم يعلم الإمام بالدخول معه.و به قال الشافعي (5)،و أبو حنيفة (6)، و مالك (7)،و الأوزاعيّ،و ابن المنذر (8).

و قال أحمد،و الثوريّ،و إسحاق:إنّه لا يصحّ (9).

لنا:ما تقدّم من حديث ابن عبّاس.و لأنّ ذلك في محلّ الحاجة فكان مشروعا.بيانه أنّه إذا صلّى المنفرد فجاء قوم أحرموا ورائه،فإن قطع الصلاة ارتكب النهي في قوله وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (10)و إن أتمّ و أخبرهم ببطلان صلاتهم فهو أقبح و أشقّ.و لأنّا قد بيّنّا أنّ نيّة الإمام غير شرط.

احتجّوا بقوله عليه السّلام:«الأئمّة ضمناء»و لا ضمان إلاّ مع العلم.و لأنّه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة فلم يصحّ،كما لو ائتمّ بمأموم.

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا يدلّ على ما قالوه،فإنّ الإمام إنّما يتحمّل القراءة

ص:188


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) سنن أبي داود 1:143 الحديث 517،سنن ابن ماجه 1:314 الحديث 981،مسند أحمد 2:232،284، 378 و 419.
3- 3) ح:و لا ضمان.
4- 4) م،ق و ح:يكتفي.
5- 5) الأمّ 1:159،المجموع 4:203،المغني 2:62.
6- 6) بدائع الصنائع 1:128،المبسوط للسرخسيّ 1:185.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:86.
8- 8) لم نعثر عليه.
9- 9) المغني 2:61،الكافي لابن قدامة 1:230،المجموع 4:203.
10- 10) محمّد(47):33. [1]

و السهو.

و عن الثاني:أنّه ينتقض بحالة الاستخلاف.

مسألة:و ليس تساوي الفرضين شرطا،

فلو صلّى ظهرا مع من يصلّي العصر صحّ.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء،و طاوس،و الأوزاعيّ (1)،و الشافعيّ (2)، و أبو ثور،و سليمان بن حرب،و ابن المنذر (3)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و مالك،و الزهريّ (6)،و أحمد في الرواية الأخرى:إنّه شرط (7).

لنا:أنّ المباينة بين صلاة النفل و الفرض مع الاتّحاد كالظهر-إذا صلاّها مرّة ثانية- أكثر من المباينة بين الظهر و العصر الواجبين،و قد صحّ الائتمام في الأوّل فيصحّ في الثاني،إمّا لأنّه أولى،أو بالإجماع المركّب،و بيان الأوّل ما يأتي.

و لأنّهما متساويان في الأفعال الظاهرة فكان الائتمام جائزا،كما لو اتّفقا،و كالمفترض خلف المتنفّل.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

ص:189


1- 1المغني 2:53،المجموع 4:271.
2- 2) الأمّ 1:173،المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:270،المغني 2:53،الشرح الكبير بهامش المغني 2:60، الهداية للمرغينانيّ 1:58، [1]شرح فتح القدير 1:324.
3- 3) المغني 2:53،المجموع 4:271.
4- 4) المغني 2:53،الشرح الكبير بهامش المغني 2:60،الكافي لابن قدامة 1:230،المجموع 4:271،الإنصاف 2:277. [2]
5- 5) المبسوط 1:136،بدائع الصنائع 1:144،الهداية للمرغينانيّ 1:58،شرح فتح القدير 1:325،المغني 2:53،الشرح الكبير بهامش المغني 2:60،المجموع 4:271. [3]
6- 6) المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:60،المجموع 4:271.
7- 7) المغني 2:52،الكافي لابن قدامة 1:230.

عن رجل يؤمّ بقوم فيصلّي العصر و هي لهم الظهر،قال:«أجزأت عنه و أجزأت عنهم» (1).

احتجّوا (2)بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه» (3).و لأنّ من يصلّي الظهر لا يأتمّ بمن يصلّي الجمعة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد به:لا يختلفوا عليه في الأفعال،و يدلّ عليه قوله:

«فإذا ركع فاركعوا،و إذا رفع فارفعوا،و إذا سجد فاسجدوا» (4)لا في النيّة،و لهذا يصحّ ائتمام المتنفّل بالمفترض.

و عن الثاني:أنّ من حضر يجب عليه الجمعة،فلا يجزئه الظهر،و ينتقض بمن أدرك الإمام و قد رفع رأسه من الركعة الثانية،فإنّه يأتمّ به و ينوي الظهر لا الجمعة.

مسألة:و ليس تساوي وجه الفعلين شرطا،
اشارة

(5)

فيجوز اقتداء المتنفّل بالمفترض و بالعكس،و المفترض بمثله،و المتنفّل بمثله في مواضع سبقت.

أمّا اقتداء المتنفّل بالمفترض،فلا نعرف فيه خلافا بين أحد من أهل العلم،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي الفريضة،ثمَّ يجد قوما يصلّون جماعة أ يجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟قال:«نعم و هو أفضل»قلت:فإن لم يفعل؟قال:«ليس به بأس» (7).

ص:190


1- 1التهذيب 3:49 الحديث 172،الاستبصار 1:439 الحديث 1691،الوسائل 5:453 الباب 53 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 2:52،المجموع 4:271.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،مسند أحمد 2:314.و [2]بتفاوت في اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:164 الحديث 601-605،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،سنن الترمذيّ 2: 194.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،مسند أحمد 2:314.و بتفاوت في اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:164 الحديث 601-605،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،سنن الترمذيّ 2: 194.
5- 5) ح،م و ن:الفعل.
6- 6) سنن الدارميّ 1:318، [3]مسند أحمد 5:254 و 269. [4]
7- 7) التهذيب 3:50 الحديث 175،الوسائل 5:456 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [5]

و أمّا اقتداء المفترض بالمتنفّل،فإنّه جائز عندنا.و به قال عطاء،و طاوس، و الأوزاعيّ (1)،و الشافعيّ (2)،و أبو ثور (3)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (4)،و ابن المنذر، و سليمان بن حرب (5).

و قال الزهريّ،و مالك (6)،و أحمد في الرواية الأخرى (7)،و أصحاب الرأي:لا يجوز ذلك (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر بن عبد اللّه أنّ معاذا كان يصلّي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ يرجع فيصلّي بقومه تلك الصلاة (9).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة الخوف بالطائفتين مرّتين (10)،فالثانية نفل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال:

كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:أنّي أحضر المساجد مع جيرتي و غيرهم فيأمروني بالصلاة بهم و قد صلّيت قبل أن آتيهم،و ربّما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي و المستضعف و الجاهل،و أكره أن أ تقدّم و قد صلّيت لحال من يصلّي بصلاتي ممّن سمّيت لك،فأمرني في ذلك بأمرك،أنتهي إليه و أعمل به إن شاء اللّه،فكتب:«صلّ بهم» (11).

ص:191


1- 1المغني 2:53،المجموع 4:271،حلية العلماء 2:206.
2- 2) الأمّ 1:173،حلية العلماء 2:206،المجموع 4:270،المغني 2:53،شرح فتح القدير 1:324.
3- 3) المغني 2:53،المجموع 4:271،حلية العلماء 2:206.
4- 4) المغني 2:53،الكافي لابن قدامة 1:230،المجموع 4:271،حلية العلماء 2:206،الإنصاف 2:276. [1]
5- 5) المغني 2:53،المجموع 4:271،حلية العلماء 2:206.
6- 6) المغني 2:52،المجموع 4:271، [2]حلية العلماء 2:206.
7- 7) المغني 2:52،الكافي لابن قدامة 1:230،حلية العلماء 2:206.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:58،شرح فتح القدير 1:323،المجموع 4:271،حلية العلماء 2:206، المبسوط للسرخسيّ 1:136.
9- 9) صحيح مسلم 1:339 الحديث 465،سنن أبي داود 1:163 الحديث 599،600،و ص 210 الحديث 790.
10- 10) سنن أبي داود 2:17 الحديث 1248.
11- 11) التهذيب 3:50 الحديث 174،الوسائل 5:455 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [3]

و لأنّهما صلاتان متّفقتان في الأفعال فجاز ائتمام المصلّي لإحداهما بالمصلّي للأخرى كالعكس.

احتجّوا (1)بقوله عليه السّلام:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به» (2).

و الجواب:قد تقدّم (3).

فرع:

و يجوز أن يصلّي المأموم قضاء و الإمام أداء،عملا بالعموم و بما تقدّم (4).

و بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:تقام الصلاة و قد صلّيت،فقال:«صلّ و اجعلها لما فات» (5).و اعلم أنّ في هذا الحديث دلالة على التوسعة.

فرع :

(6)

إذا صلاّها مرّة ثانية-إماما كان أو مأموما-كانت نافلة،و يكون الفرض ما فعله أوّلا.و به قال الشافعيّ في الجديد (7)،و أبو حنيفة (8)،و إسحاق (9)،لقوله عليه السّلام:

ص:192


1- 1المغني 2:52،المجموع 4:271.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،مسند أحمد 2:314.
3- 3) تقدّم في ص 189.
4- 4) تقدّم في ص 189. [1]
5- 5) التهذيب 3:51 الحديث 178 و ص 279 الحديث 822،الوسائل 5:457 الباب 55 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
6- 6) هامش ح بزيادة:آخر.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:223،مغني المحتاج 1:233،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8، الميزان الكبرى 1:174.
8- 8) الميزان الكبرى 1:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
9- 9) الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.

«تكن لكما نافلة» (1).إذ قد برئت ذمّته بالفعل الأوّل،فلم يبق عليه وجوب يؤدّيه في الثاني،فإن فعله كان نفلا.

قال ابن بابويه:و قد روي أنّه يحتسب له أفضلهما و أتمّهما (2).

و قال الشافعيّ في القديم:يحتسب اللّه تعالى له أيّتهما شاء (3).و ليس بشيء،للحديث المتقدّم،و المعنى الذي ذكرناه.و لقوله عليه السّلام لأبي ذرّ:«فإنّها لك نافلة» (4).

و قال سعيد بن المسيّب (5)،و عطاء،و الشعبيّ:التي صلاّها معهم هي المكتوبة (6).و ليس بشيء أيضا،لما تقدّم.

و روى الشيخ في الصحيح عن حفص بن البختريّ (7)،و ابن بابويه في الصحيح عن هشام بن سالم،جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرجل يصلّي الصلاة وحده،ثمَّ يجد جماعة،قال:«يصلّي معهم و يجعلها الفريضة» (8).

قال الشيخ:و الوجه فيها أمران:

أحدهما:أن يحمل على من لم يفرغ من صلاته،فإنّه يستحبّ له قطعها أو نقلها إلى النفل،ثمَّ يصلّي الفرض معهم.

ص:193


1- 1سنن الترمذيّ 1:424 الحديث 219،سنن النسائيّ 2:112،سنن الدارميّ 1:317،مسند أحمد 4:160. و باختلاف في اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:157 الحديث 575،سنن الدار قطنيّ 1:413 الحديث 1.
2- 2) الفقيه 1:251 الحديث 1133،الوسائل 5:455 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:223،الميزان الكبرى 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
4- 4) صحيح مسلم 1:448 الحديث 648،سنن أبي داود 1:117 الحديث 431،سنن الترمذيّ 1:332 الحديث 176، [2]مسند أحمد 5:169.
5- 5) الشرح الكبير بهامش المغني 2:8، [3]المجموع 4:225. [4]
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
7- 7) التهذيب 3:50 الحديث 176،الوسائل 5:457 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 11. [5]
8- 8) الفقيه 1:251 الحديث 1132،الوسائل 5:455 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]

و الثاني:يحمل على القضاء بأن يجعلها الفريضة التي عليه قضاء (1).و الأوّل أحسن.

و روى الشيخ عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أصلّي ثمَّ أدخل المسجد فتقام الصلاة و قد صلّيت؟فقال:«صلّ معهم،يختار اللّه أحبّهما إليه» (2).و فيه ضعف من حيث السند.

مسألة:و ليس الذكورة شرطا في الجماعة،

فيجوز أن تؤمّ المرأة بالنساء في الفرض و النفل الذي يسنّ فيه الجماعة.ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،و هو مستحبّ عندنا.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (5).و روي عن عائشة،و أمّ سلمة،و عطاء، و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق،و أبي ثور (6).

و قال أحمد في الرواية الأخرى:إنّه مكروه،و إن فعلن أجزأهنّ (7).و هو قول أبي حنيفة (8)،و مالك (9)،و حكي عن نافع،و عمر بن عبد العزيز (10).

و قال الشعبيّ،و النخعيّ،و قتادة:لهنّ ذلك في التطوّع دون المكتوبة (11).و هو قول السيّد المرتضى رحمه اللّه (12).

ص:194


1- 1التهذيب 3:50.
2- 2) التهذيب 3:270 الحديث 776،الوسائل 5:456 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 10. [1]
3- 3) منهم:الطوسيّ في الخلاف 1:216 مسألة-35،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،و المحقّق في الشرائع 1:124.
4- 4) الأمّ 1:164،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24،المجموع 4:199،المغني 2:36،المحلّى 4:219.
5- 5) المغني 2:36،الكافي لابن قدامة 1:238،المجموع 4:199،المحلّى 4:220.
6- 6) المغني 2:36،المجموع 4:199.
7- 7) المغني 2:36.
8- 8) بدائع الصنائع 1:157،الهداية للمرغينانيّ 1:56،المغني 2:36،المحلّى 4:219،المجموع 4:199.
9- 9) المغني 2:36،المجموع 4:199،المحلّى 4:219.
10- 10) لم نعثر عليه.
11- 11) المغني 2:36،المجموع 4:199،المحلّى 4:219،220.
12- 12) نقله عنه في السرائر:61.

و قال الحسن،و سليمان بن يسار (1):لا تؤمّ في فريضة و لا نافلة (2).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ ورقة،بنت عبد اللّه ابن الحارث بن نوفل الأنصاريّ،أن تؤمّ أهل دارها،و جعل لها مؤذّنا (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تؤمّ النساء؟قال:«لا بأس» (4).

و ما رواه عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يؤمّ المرأة،قال:«نعم تكون خلفه»و عن المرأة تؤمّ النساء،قال:«نعم تقوم وسطا بينهنّ و لا تتقدّمهنّ» (5).و لأنّهنّ من أهل الفرض فسنّت لهنّ الجماعة كالرجال.

احتجّوا بأنّهنّ يكره لهنّ الأذان و هو دعاء إلى الجماعة فكره لهنّ ما أريد الأذان له (6).

و الجواب:أنّ الكراهية للأذان من حيث اشتماله على رفع الصوت و هو منتف عن الصلاة.و لأنّ كراهية الأذان لا يستلزم كراهية الجماعة،فإنّ من الصلوات ما يكره له الأذان و يستحبّ فيه الجماعة أو يجب.و لأنّهنّ يستحبّ لهنّ الإقامة و هي دعاء إلى الجماعة.

ص:195


1- 1سليمان بن يسار الهلاليّ أبو عبد اللّه المدنيّ أخو عطاء أحد الفقهاء السبعة روى عن ميمونة و أمّ سلمة و عائشة و ابن عبّاس و ابن عمر و جابر و جمع كثير،و روى عنه عمرو بن دينار و عبد اللّه بن دينار.مات سنة 107 ه. تهذيب التهذيب 4:228، [1]العبر 1:100. [2]
2- 2) المغني 2:36،المجموع 4:199.
3- 3) سنن أبي داود 1:161 الحديث 592،سنن البيهقيّ 3:130.
4- 4) التهذيب 3:31 الحديث 111،الاستبصار 1:426 الحديث 1644،الوسائل 5:408 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 11. [3]
5- 5) التهذيب 3:31 الحديث 112،الاستبصار 1:426 الحديث 1645،الوسائل 5:408 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 10. [4]
6- 6) المغني 2:36.

احتجّ المرتضى (1)بما رواه ابن بابويه في الصحيح قال:سأل هشام بن سالم أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة هل تؤمّ النساء؟قال:«تؤمّهنّ في النافلة،فأمّا في المكتوبة فلا» (2).

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:المرأة تؤمّ النساء؟قال:«لا، إلاّ على الميّت إذا لم يكن أحد أولى منها» (3).و قد رواهما الشيخ أيضا (4).

و الجواب:أنّهما نادرتان لم يعمل بهما أحد من علمائنا،مع معارضتهما لما ذكرناه من الأدلّة،فيسقطان.و يعارضان أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال:سألته عن المرأة تؤمّ النساء،ما حدّ رفع صوتها بالقراءة و التكبير؟فقال:«بقدر ما تسمع» (5).

و ما رواه في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام مثله (6).و أيضا يحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى من لم يعرف فرائض الصلاة و واجباتها منهنّ،فإنّه لا يجوز لها أن تؤمّ غيرها في الواجب.و خصّصهنّ بالذكر لأغلبيّة الوصف فيهنّ.

مسألة:و لا يشترط الحرّيّة أيضا،

بل يجوز للعبيد أن يصلّوا جماعة،عملا بالعموم.

و لا المصر،و لا وجود الإمام العادل،و لا الصحّة من المرض و العمى و العرج،و لا الحضر، و إن كانت شروطا (7)في الجمعة،عملا بالعموم.

ص:196


1- 1نقله عنه في السرائر:61.
2- 2) الفقيه 1:259 الحديث 1176،الوسائل 5:406 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 1:259 الحديث 1177،الوسائل 5:406 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 3:205،206 الحديث 487،488،الاستبصار 1:427 الحديث 1648.
5- 5) التهذيب 3:267 الحديث 760،الوسائل 4:772 الباب 31 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 3:267 الحديث 761،الوسائل 5:407 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [4]
7- 7) ح و ق:مشروطا.
البحث الرابع:في الإمام
مسألة:يشترط فيه العقل بلا خلاف،

لأنّ المجنون غير مكلّف،فلا صلاة له فكيف يكون متبوعا.و لو أفاق في وقت صحّت إمامته فيه،لأنّه مكلّف حينئذ،لكنّه يكره،لجواز أن يكون قد احتلم حال جنونه و لم يعلم.و لأنّه ربّما يأتي الجنون حال الصلاة.

مسألة:و البلوغ شرط في الإمام.

و هو مذهب الشيخ في التهذيب و الاستبصار (1)، و به قال ابن عبّاس،و ابن مسعود،و عطاء،و مجاهد،و الشعبيّ،و مالك،و الثوريّ، و الأوزاعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

و قال الشيخ في الخلاف و المبسوط:يجوز للمراهق المميّز أن يكون إماما (5).و هو قول الحسن البصريّ (6)،و الشافعيّ (7)،و إسحاق،و ابن المنذر (8).و نقل عن أبي حنيفة،و مالك (9)،و الثوريّ أنّه يؤمّ في النفل لا في الفرض (10).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس و ابن مسعود،و هما من أكابر الصحابة و علمائهم،و الظاهر أنّهما لم يقولاه إلاّ عن سماع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ص:197


1- 1التهذيب 3:29،الاستبصار 1:423.
2- 2) المغني 2:55،المجموع 4:249،الشرح الكبير بهامش المغني 2:54،نيل الأوطار 3:202،203.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:56، [1]المبسوط للسرخسيّ 1:180،بدائع الصنائع 1:157،المجموع 4:249،المغني 2:55،نيل الأوطار 3:203.
4- 4) المغني 2:55،المجموع 4:249، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2:54،الكافي لابن قدامة 1:240.
5- 5) الخلاف 1:212 مسألة-17،المبسوط 1:154.
6- 6) المجموع 4:249،المغني 2:55،الشرح الكبير بهامش المغني 2:54،نيل الأوطار 3:203.
7- 7) المجموع 4:248،فتح العزيز بهامش المجموع 4:327،مغني المحتاج 1:240،المغني 2:55،المحلّى 4:217، نيل الأوطار 3:203.
8- 8) المجموع 4:249،المغني 2:55،الشرح الكبير بهامش المغني 2:54،نيل الأوطار 3:203.
9- 9) المجموع 4:249، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:327، [4]نيل الأوطار 3:203.
10- 10) المجموع 4:250، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 4:327. [6]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:«لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم و لا يؤمّ حتّى يحتلم،فإن أمّ جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه» (1).

و لأنّ الإمام ضامن و هو لا يثبت إلاّ مع التكليف.و لأنّ الإمامة نوع من كمال (2)، و الصبيّ ليس من أهله كالمرأة.و لأنّه لا يؤمن من تركه،فإنّه إن كان عارفا بأنّه غير مكلّف استسهل ترك بعض الواجبات،و إن لم يعلم لم يكن صالحا للإمامة،لعدم تميّزه.

احتجّ الشيخ بما رواه عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام (3)قال:«لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم و أن يؤمّ» (4).

و لأنّ صلاته شرعيّة،لقوله عليه السّلام:«مروهم بالصلاة لسبع» (5).

و احتجّ الشافعيّ (6)بما رواه عمرو بن سلمة قال:كنت غلاما حافظا قد حفظت قرآنا كثيرا،فانطلق أبي وافدا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في نفر من قومه،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«يؤمّكم أقرؤكم لكتاب اللّه»فقدّموني فكنت أصلّي بهم و أنا ابن سبع أو ثمان (7).و لأنّه يؤذّن للرجال فجاز أن يؤمّهم كالبالغ.

ص:198


1- 1التهذيب 3:29 الحديث 103،الاستبصار 1:423 الحديث 1632،الوسائل 5:398 الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [1]
2- 2) ح:الكمال.
3- 3) م:عليهم السّلام.
4- 4) التهذيب 3:29 الحديث 104،الاستبصار 1:424 الحديث 1633،الوسائل 5:398 الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 8. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494،495،سنن الترمذيّ 2:259 الحديث 407،سنن الدارميّ 1:333، مسند أحمد 2:180 و 187،مستدرك الحاكم 1:258.بتفاوت.
6- 6) المجموع 4:250، [3]المغني 2:55،الشرح الكبير بهامش المغني 2:54.
7- 7) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585،و بهذا المضمون ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:91.باختلاف في السند.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الراوي و هو طلحة بن زيد،بتريّ فلا تعويل على روايته (1).قال الشيخ في التهذيب:و يحتمل أن يكون المراد:من بلغ و لم يحتلم،فإنّ البلوغ لا يشترط فيه الاحتلام (2).قيل:عليه الروايتان قد تواردتا على صفة واحدة مع تنافي الحكم (3).

و الجواب:لا نسلّم تواردهما على صفة واحدة،إذ يحتمل أن يكون المراد بالاحتلام في الأوّل البلوغ و يكون قد عبّر بالسبب عن المسبّب،و هو وجه قويّ في المجاز.

و عن الثاني:ما تقدّم في باب الجمعة (4).

و عن الثالث:بالطعن في السند.قال الخطّابيّ:كان أحمد يضعّف حديث عمرو بن سلمة،و قال:لا أدري أيّ شيء هو. (5)و أيضا فإنّه أسند الائتمام إليه و إلى جماعته و لم ينقله عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله،فلعلّهم أخطأوا في فهم قوله عليه السّلام:«يؤمّكم أقرؤكم»بحمله (6)على العموم.

و يؤيّده:قوله في الحديث:و كنت إذا سجدت خرجت استي.و هذا غير سائغ.

مسألة:و الإسلام شرط.
اشارة

و هو مذهب علماء الإسلام،قال اللّه تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (7).و الكافر ظالم،و الاقتداء به ركون إليه و اعتماد عليه في القراءة و السهو.و لأنّه ضامن و الكافر ليس أهلا لضمان الصلاة.

ص:199


1- 1تقدّمت ترجمته في الجزء الخامس ص 354.
2- 2) التهذيب 3:30.
3- 3) المعتبر 2:436. [1]
4- 4) تقدّم في الجزء الخامس ص 381،382.
5- 5) المغني 2:56،الشرح الكبير بهامش المغني 2:55.
6- 6) ح:فحملوه،ق:يحتمله،غ:نحمله.
7- 7) هود(11):113. [2]
فروع:

الأوّل:لا فرق بين الكافر المتديّن في شرعه،العدل في نحلته،و بين غيره، عملا بالعموم.

الثاني:لو صلّى بمظهر للإسلام فبان كافرا لم يعد.و هو اختيار الشيخ (1)،و به قال المزنيّ (2)،و أبو ثور (3).و قال السيّد المرتضى:يعيد (4).و هو مذهب الشافعيّ (5)،و أحمد (6)، و أصحاب الرأي (7).

لنا:ما رواه الشيخ في الحسن و ابن بابويه معا عن محمّد بن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال و كان يؤمّهم رجل،فلمّا صاروا إلى الكوفة علموا أنّه يهوديّ قال:«لا يعيدون» (8).

قال ابن بابويه:و سمعت جماعة من مشايخنا يقولون:إنّه ليس عليهم إعادة فيما جهر فيه،و عليهم إعادة ما صلّى بهم ممّا لم يجهر فيه (9).

و لأنّها وقعت مشروعة فكانت مجزية.و لأنّه ائتمّ بمن لا يعلم حاله فأشبه المحدث.

و لأنّه مأمور بالتعويل على صلاح الظاهر،إذ الاطّلاع على الباطن ممتنع (10)،فإذا فعل

ص:200


1- 1الخلاف 1:211 مسألة-14،النهاية:114.
2- 2) المغني 2:34،المجموع 4:251.
3- 3) المغني 2:34.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:431. [1]
5- 5) الأمّ 1:168،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:23،المجموع 4:251،فتح العزيز بهامش المجموع 4:326.
6- 6) المغني 2:34،الإنصاف 2:259. [2]
7- 7) المغني 2:34.
8- 8) التهذيب 3:40 الحديث 141،الفقيه 1:263 الحديث 1200 و فيه بتفاوت،الوسائل 5:435 الباب 37 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
9- 9) الفقيه 1:263.
10- 10) ح و ق:يمتنع.

ما أمر به حصل الإجزاء.

احتجّ السيّد بما رواه ابن بابويه عن إسماعيل بن مسلم أنّه سأل الصادق عليه السّلام عن الصلاة خلف رجل يكذّب بقدر اللّه عزّ و جلّ،قال:«ليعد كلّ صلاة صلاّها خلفه» (1).

و احتجّ الشافعيّ بأنّه ائتمّ بمن لا يصلح للإمامة فأشبه المجنون (2).

و الجواب عن الأوّل-مع تسليم صحّة سنده-:أنّه يحتمل أن يكون قد صلّى وراءه مع العلم بحاله،إذ ليس في الخبر ما يدلّ على جهل حاله،فيحمل على ما ذكرناه،جمعا بين الأدلّة.

و عن الثاني:أنّه ليس بصالح للإمامة،إمّا في نفس الأمر أو في ظنّه،و الأوّل مسلّم و الثاني ممنوع،و ليس المأخوذ عليه هو الأوّل.

الثالث:لا يجوز أن يصلّي خلفه إذا شكّ في إسلامه،إذ الشرط الإسلام،فينبغي تحقّقه،خلافا لبعض الجمهور (3).

الرابع:لو كان المصلّي ممّن يسلم تارة و يرتدّ أخرى لم يجز الصلاة خلفه،إلاّ مع يقين الإسلام قولا واحدا،فلو صلّى خلفه و لم يعلم ما هو عليه،فإن كان قد علم قبل الصلاة إسلامه صحّت صلاته،إذ الأصل البقاء،و إن علم ردّته و شكّ في إسلامه لم يصحّ صلاته.

الخامس:لو صلّى خلفه فقال بعد الصلاة:ما كنت أسلمت،أو كنت قد ارتددت، لم تبطل صلاته مع فعلها في حال إسلامه الظاهر،لأنّها وقعت صحيحة ظاهرا،فلا تبطل بقوله.و لأنّ قوله مردود.

أمّا لو صلّى خلف من علم ردّته فقال بعد الصلاة:قد كنت أسلمت،لم تصحّ صلاته خلافا لبعض الجمهور (4)،لأنّ المأخوذ عليه الصلاة خلف من يعلم إسلامه،و لم يحصل.

ص:201


1- 1الفقيه 1:249 الحديث 1117،الوسائل 5:436 الباب 37 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
2- 2) المغني 2:34.
3- 3) المغني 2:35،الشرح الكبير بهامش المغني 2:34.
4- 4) الأمّ 1:168،المغني 2:35.

السادس:قال الشيخ في المبسوط و الخلاف:لا يحكم بإسلام الكافر بمجرّد الصلاة ما لم يتلفّظ بالشهادتين،سواء صلّى في جماعة أو منفردا (1).و هو قول بعض الشافعيّة (2).

و قال بعضهم:إن صلّى في دار الإسلام فليس بمسلم،لأنّه قد يقصد الاستتار بالصلاة،و إن صلّى في دار الحرب فهو مسلم لعدم التهمة (3).

و نقل عن الشافعيّ:أنّه يحكم عليه بالإسلام لكن لا يلزمه حكمه،حتّى لو أنكر الإسلام لم يكن مرتدّا (4).

و قال أبو حنيفة:إن صلّى جماعة أو بجماعة كان إسلاما،و إن صلّى منفردا في المسجد كان إسلاما،و إن كان في غيره لم يكن إسلاما (5).و قال أحمد:يحكم بإسلامه بالصلاة بكلّ حال،و لو لم يقم عليه كان مرتدّا (6).

لنا:اتّفاق الناس على اشتراط النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الشهادتين في الإسلام.روى ابن عبّاس عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه» (7).و الصلاة ليست هي الإسلام بل هي شعار كغيرها من العبادات الإسلاميّة،فلا يصير بفعلها مقرّا بالإسلام.و لأنّها من فروع الإسلام فلا يكون بفعلها مسلما كالحجّ

ص:202


1- 1الخلاف 1:211 مسألة-14،المبسوط 1:154 و [1]فيه:«و لأنّه يحكم على المصلّي بالإسلام.».و الصحيح: «و لا يحكم على المصلّي بالإسلام».
2- 2) المغني 2:35،الشرح الكبير بهامش المغني 2:37.و نقل أيضا ذلك عن الشافعيّ،ينظر:الأمّ 1:168،الأمّ (مختصر المزنيّ)8:23،المجموع 4:251،فتح العزيز بهامش المجموع 4:313.
3- 3) المغني 2:35.
4- 4) المجموع 4:251،فتح العزيز بهامش المجموع 4:313.
5- 5) المغني 2:35،المجموع 4:252،فتح العزيز بهامش المجموع 4:312.
6- 6) المغني 2:35،المجموع 4:252، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:313. [3]
7- 7) صحيح البخاريّ 1:13 و ج 2:131،صحيح مسلم 1:51،52 الحديث 20،21،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [4]سنن ابن ماجه 2:1295 الحديث 3927،سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2606، [5]سنن النسائيّ 7: 79،سنن الدارميّ 2:218، [6]سنن الدار قطنيّ 1:232 الحديث 7.في الجميع بسند آخر.

و الصوم.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام:«نهيت عن قتل المصلّين» (2).و بقوله عليه السّلام:«بيننا و بينهم الصلاة» (3).جعلها حدّا بين الإسلام و الكفر.و لأنّها عبادة تختصّ بالمسلمين،فالإتيان بها إسلام كالشهادتين.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد بذلك المعتقدين للصلاة و ليسوا إلاّ المسلمين، و كذا الحديث الثاني.و قياسهم ينتقض بصوم رمضان و الحجّ و بالصلاة منفردا عند أبي حنيفة.

و لو سمع منه التلفّظ بالشهادتين في الصلاة حكم بإسلامه قولا واحدا.و هو أصحّ القولين عند الشافعيّة (4).

مسألة:و يشترط فيه الإيمان.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال الشافعيّ:أكره إمامة المظهر المبدع،و إن صلّى خلفه جاز (5).و قال أصحابه:المختلفون في المذهب على ثلاثة أضرب:ضرب لا نكفّرهم و لا نفسّقهم،كالمختلفين في الفروع كأصحاب أبي حنيفة و مالك، و هؤلاء لا يكره الائتمام بهم.و ضرب نكفّرهم،كالمعتزلة،فهؤلاء لا يجوز الائتمام بهم، للحكم بكفرهم.و ضرب نفسّقهم و لا نكفّرهم،كالسابّين للسلف،و الخطّابيّة،فحكمهم حكم شارب الخمر،يجوز الائتمام بهم (6).و هو قول أكثر أهل العلم (7).

ص:203


1- 1المغني 2:35،المجموع 4:253.
2- 2) سنن أبي داود 4:282 الحديث 4928،كنز العمّال 4:390 الحديث 11062.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:342 الحديث 1079،سنن الترمذيّ 5:13 الحديث 2621،سنن النسائيّ 1:231، مسند أحمد 5:346.
4- 4) المغني 2:35،الشرح الكبير بهامش المغني 2:37،المجموع 4:252،فتح العزيز بهامش المجموع 4:313.
5- 5) الأمّ 1:166،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:22،المجموع 4:253.
6- 6) المجموع 4:253، [1]المغني 2:28،و بهذا اللفظ حكاه عنهم الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:210 مسألة-12.
7- 7) المغني 2:22،الشرح الكبير بهامش المغني 2:26،المهذّب للشيرازيّ 1:97،المجموع 4:253، [2]المدوّنة الكبرى 1:84،بدائع الصنائع 1:157،الهداية للمرغينانيّ 1:56،المحلّى 3:212.

و قال مالك:لا يؤتمّ ببدعيّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على منبره يقول:«لا تؤمّنّ امرأة رجلا،و لا فاجر مؤمنا إلاّ أن يقهره بسلطان،أو يخاف سوطه أو سيفه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل الجعفيّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:رجل يحبّ أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يبرأ من عدوّه و يقول:

هو أحبّ إليّ ممّن خالفه،فقال:«هذا مخلّط و هو عدوّ،لا تصلّ خلفه و لا كرامة إلاّ أن تتّقيه» (3).

و في الصحيح عن البرقيّ قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام:أ يجوز-جعلت فداك -الصلاة خلف من وقف على أبيك و جدّك صلوات اللّه عليهما؟فأجاب:«لا تصلّ وراءه» (4).

و في الصحيح عن ثعلبة بن ميمون قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الصلاة خلف المخالفين،فقال:«ما هم عندي إلاّ بمنزلة الجدر» (5).

و روى الشيخ عن إبراهيم بن شيبة (6)قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام أسأله عن الصلاة خلف من يتولّى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يرى المسح على الخفّين،

ص:204


1- 1المدوّنة الكبرى 1:84،بداية المجتهد 1:145،المجموع 4:253،المغني 2:22.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081،سنن البيهقيّ 3:171،نيل الأوطار 3:199 الحديث 1،المغني 2: 23.
3- 3) التهذيب 3:28 الحديث 97،الوسائل 5:389 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 3:28 الحديث 98،الوسائل 5:389 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 3:266 الحديث 754،الوسائل 5:388 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
6- 6) إبراهيم بن شيبة عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من رجال الهادي عليه السلام،و عدّه من رجال الجواد عليه السّلام بزيادة الأصبهانيّ مولى بني أسد و أصله من قاشان.رجال الطوسيّ:398 و 411،تنقيح المقال 1: 20. [4]

أو خلف من يحرّم المسح و هو يمسح،فكتب:«إن جامعك و إيّاهم موضع فلم تجد بدّا من الصلاة فأذّن لنفسك و أقم،فإن سبقك إلى القراءة فسبّح» (1).

و عن خلف بن حمّاد،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تصلّ خلف الغالي و إن كان يقول بقولك،و المجهول،و المجاهر بالفسق و إن كان مقتصدا» (2).

و روى الشيخ و ابن بابويه معا عن عليّ بن محمّد الهادي و محمّد بن عليّ الجواد عليهما السّلام أنّهما قالا:«من قال بالجسم فلا تعطوه شيئا (3)من الزكاة و لا تصلّوا وراءه» (4).

و لأنّ الإمام ضامن للقراءة و السهو،و المخالف ليس أهلا لضمان ذلك.و لأنّه ظالم فلا يركن إليه.

احتجّ المخالف (5)بقوله عليه السّلام:«صلّوا خلف من قال:لا إله إلاّ اللّه» (6).و لأنّ صلاته صحيحة فجاز الائتمام به كغيره.

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصّص بحديث جابر و الخاصّ مقدّم على العامّ.

و عن الثاني:أنّ صحّة الصلاة لا يستلزم صحّة الائتمام كالمرأة.

ص:205


1- 1التهذيب 3:276 الحديث 807،الوسائل 5:427 الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 3:31 الحديث 109 و ص 282 الحديث 837،الوسائل 5:389 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [2]
3- 3) توجد فقط في ح،كما في الفقيه و الوسائل. [3]
4- 4) الفقيه 1:248 الحديث 1112،التهذيب 3:283 الحديث 840،الوسائل 5:390 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [4]
5- 5) المغني 2:23،المجموع 4:253.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:56 الحديث 3.و بتفاوت في اللفظ ينظر:مجمع الزوائد 2:67،سبل السلام 2:35، كنز العمّال 15:580 الحديث 42264.
مسألة:و العدالة شرط في الإمام.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (1)، و أحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و نقله السيّد المرتضى عن أبي عبد اللّه البصريّ (3)، (4)محتجّا بإجماع أهل البيت عليهم السلام،و كان يقول:إنّ إجماعهم حجّة (5).

و في الرواية الأخرى عن أحمد أنّها ليست شرطا (6).و هو قول الشافعيّ (7)، و أبي حنيفة (8).

لنا:ما رواه الجمهور من حديث جابر:«لا يؤمّن فاجر مؤمنا» (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في خبر خلف بن حمّاد،عن رجل،عن

ص:206


1- 1حلية العلماء 2:199،الميزان الكبرى 1:177،المجموع 4:253،فتح العزيز بهامش المجموع 4:330، بدائع الصنائع 1:156،نيل الأوطار 3:201.
2- 2) المغني 2:24،25،حلية العلماء 2:199،فتح العزيز بهامش المجموع 4:330، [1]الميزان الكبرى 1:177، الكافي لابن قدامة 1:236،الإنصاف 2:252.
3- 3) الحسين بن عليّ بن إبراهيم أبو عبد اللّه يعرف ب-«الجعل»من شيوخ المعتزلة مولده في البصرة سنة 288 ه، و وفاته ببغداد سنة 369 ه و نقل المحدّث البحرانيّ عن ورّام بن أبي فراس أنّ المفيد رحمه اللّه قرأ عليه في صباوته. العبر 2:131، [2]شذرات الذهب 3:68،لؤلؤة البحرين:359. [3]
4- 4) نقله عنه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:216 مسألة-32.
5- 5) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):201،الانتصار:49.
6- 6) المغني 2:25،حلية العلماء 2:199،الميزان الكبرى 1:176،فتح العزيز بهامش المجموع 4:330،الكافي لابن قدامة 1:238،الإنصاف 2:253.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:97،المجموع 4:253،فتح العزيز بهامش المجموع 4:331،المغني 2:25،مغني المحتاج 1:242.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:56،بدائع الصنائع 1:156،الميزان الكبرى 1:176.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081،سنن البيهقيّ 3:171،نيل الأوطار 3:199 الحديث 1،المغني 2: 23.

أبي عبد اللّه عليه السّلام من قوله:«و المجاهر بالفسق» (1).

و ما رواه عن سعد بن إسماعيل (2)،عن أبيه قال:قلت للرضا عليه السّلام:رجل يقارف الذنوب و هو عارف بهذا الأمر،أصلّي خلفه؟قال:«لا» (3).

و ما رواه عن أبي عليّ بن راشد قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:إنّ مواليك قد اختلفوا،فأصلّي خلفهم جميعا؟فقال:«لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه و أمانته» (4).

و ما رواه في الحسن عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:إنّ أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهنّ بتسليم،فقال:

«يا زرارة،إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صلّى خلف فاسق،فلمّا سلّم و انصرف قام أمير المؤمنين عليه السّلام فصلّى أربع ركعات لم يفصل بينهنّ بتسليم» (5).

و ما رواه الشيخ و ابن بابويه معا عن أبي ذرّ قال:إنّ إمامك شفيعك إلى اللّه عزّ و جلّ فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا (6).

و لأنّ الفاسق ظالم فلا يركن إليه.و لأنّه ضامن و الفاسق ليس أهلا لضمان الصلاة.

و لأنّه لا يؤمن من إخلاله بشيء من الواجبات كالطهارة و غيرها،و ليس هناك أمارة

ص:207


1- 1التهذيب 3:31 الحديث 109 و ص 282 الحديث 837،الوسائل 5:389 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [1]
2- 2) سعد بن إسماعيل بن عيسى،قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه عن أبيه عن الرضا عليه السّلام في عدّة مواضع من الفقيه و التهذيب و الاستبصار و ليس له ذكر في كتب الرجال. تنقيح المقال 2:12. [2]
3- 3) التهذيب 3:31 الحديث 110 و ص 277 الحديث 808،الوسائل 5:393 الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 10. [3]
4- 4) التهذيب 3:266 الحديث 755،الوسائل 5:388 الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 3:266 الحديث 756،الوسائل 5:45 الباب 29 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [5]
6- 6) الفقيه 1:247 الحديث 1103،التهذيب 3:30 الحديث 107،الوسائل 5:392 الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [6]

يؤمننا من وقوع ذلك.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام:«صلّوا خلف من قال:لا إله إلاّ اللّه» (2).

و بأنّ الحسن و الحسين عليهما السلام كانا يصلّيان مع مروان (3)،و ابن عمر كان يصلّي مع الحجّاج (4).

و بما رواه أبو ذرّ قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها؟»قال:قلت:فما تأمرني؟قال:«صلّ الصلاة لوقتها،فإن أدركتها معهم فصلّ،فإنّها لك نافلة» (5).و لأنّه يصحّ صلاته لنفسه فصحّ الائتمام به كالعدل.

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصّص (6)بما ذكرنا.

و عن الثاني:أنّهم فعلوا ذلك تقيّة و خوفا،فإنّه قد روي عن عطاء و سعيد بن جبير أنّهما كانا في المسجد و الحجّاج يخطب فصلّيا بالإيماء،و إنّما فعلا ذلك للخوف لو صلّيا على وجه يعلم بهما (7).و حديث أبي ذرّ ليس فيه دلالة،إذ يجوز له أن يصلّيها تطوّعا،و البحث ليس فيه.و لأنّ تأخير الصلاة ليس معصية.

و عن القياس:ما تقدّم (8).

ص:208


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:97،المجموع 4:253،المغني 2:25.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:56 الحديث 3.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:122،المغني 2:25،الشرح الكبير بهامش المغني 2:26.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:121،المغني 2:25،الشرح الكبير بهامش المغني 2:26.
5- 5) صحيح مسلم 1:448 الحديث 648،سنن أبي داود 1:117 الحديث 431.و بتفاوت ينظر:سنن الترمذيّ 1:332 الحديث 176،مسند أحمد 5:169. [1]
6- 6) أكثر النسخ:مخصوص.
7- 7) المغني 2:26.
8- 8) يراجع:ص 204.
فروع:

الأوّل:لو صلّى خلف من ظاهره العدالة فبان فاسقا (1)لم يعد.و به قال الشيخ رحمه اللّه (2)،و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (3).و قال السيّد المرتضى رحمه اللّه:

يعيد (4).

لنا:أنّه صلّى صلاة مشروعة فكانت مجزئة،و لأنّ المأخوذ عليه التعويل على الظاهر.

الثاني:لو صلّى خلف جنب أو محدث عالما أعاد بغير خلاف،و لو كان جاهلا لم يعد، قال السيّد المرتضى رحمه اللّه:يلزم الإمام الإعادة دون المأموم.قال:و قد روي أنّ المأمومين إن علموا في الوقت لزمهم الإعادة،و لو صلّى بهم بعض الصلاة ثمَّ علموا حدثه، أتمّ القوم في رواية جميل (5)،و في رواية حمّاد،عن الحلبيّ:يستعيدون صلاتهم (6).و قال أبو حنيفة:يعيد (7).

لنا:أنّها صلاة شرعيّة فكانت مجزئة.

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

ص:209


1- 1هامش ح:فبان أنّه فاسق.
2- 2) النهاية:114.
3- 3) المغني 2:28،الشرح الكبير بهامش المغني 2:28،الإنصاف 2:253.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:434. [1]
5- 5) الكافي 3:378 الحديث 3،الفقيه 1:264 الحديث 1207،التهذيب 3:269 الحديث 772،الاستبصار 1: 440 الحديث 1695،الوسائل 5:433 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.
6- 6) كذا نقله عن السيّد في المعتبر 2:434،و [2]الذكرى:267،و [3]فيهما:يستقبلون،مكان:يستعيدون،و قال في الحدائق 11:234:و أمّا ما نقله هنا في الذكرى [4]من رواية حمّاد عن الحلبيّ الدالّة على الاستقبال فلم أقف عليها في ما حضرني من كتب الأخبار و لا سيّما ما جمع الكتب الأربعة و غيرهما من الوسائل و [5]البحار. [6]
7- 7) بدائع الصنائع 1:227،شرح فتح القدير 1:329،المبسوط للسرخسيّ 1:166،المجموع 4:260، الشرح الكبير بهامش المغني 2:55.

سألته عن الرجل يؤمّ القوم و هو على غير طهر فلا يعلم حتّى تنقضي صلاته،قال:«يعيد و لا يعيد من خلفه» (1).

و في الموثّق عن عبد اللّه بن بكير قال:سأل حمزة بن حمران أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمّنا في السفر و هو جنب و قد علم و نحن لا نعلم،قال:«لا بأس» (2).

و عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمّ قوما و هو على غير وضوء،فقال:«ليس عليهم إعادة و عليه هو أن يعيد» (3).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن قوم صلّى بهم إمامهم و هو غير طاهر،أ تجوز صلاتهم أم يعيدونها؟فقال:«لا إعادة عليهم،تمّت صلاتهم و عليه هو الإعادة،و ليس عليه أن يعلمهم،هذا عنه موضوع» (4).

الثالث:الصلاة خلف المخالف في الفروع من المجتهدين جائزة،لأنّه إنّما صار إلى ما اعتقده من الحكم لدليل عنده،و ذلك هو المأخوذ عليه،فلم يكن بذلك فاسقا،فهو يشبه المصيب.أمّا لو كان ترك شيئا في الصلاة يعتقده المأموم واجبا،كالجهر و الإخفات (5)مثلا، لأجل شبهة أو دليل،فالأقرب أنّه لا يجوز له أن يأتمّ به،لارتكابه ما يعتقده المأموم مفسدا للصلاة،فكان كما لو خالفه في القبلة حالة الاجتهاد.

و لو فعل الإمام ما يعتقد تحريمه من المختلف فيه،فإن كان يترك شرطا للصلاة أو

ص:210


1- 1التهذيب 3:39 الحديث 137،الاستبصار 1:432 الحديث 1668،الوسائل 5:434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 3:39 الحديث 136،الاستبصار 1:432 الحديث 1667،الوسائل 5:434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 3:39 الحديث 138،الاستبصار 1:432 الحديث 1669،الوسائل 5:434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 3:39 الحديث 139،الاستبصار 1:432 الحديث 1670،الوسائل 5:434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [4]
5- 5) غ،ح و ق:أو الإخفات.

واجبا فيها فصلاته فاسدة و صلاة المؤتمّ به كذلك و إن اعتقد خطأه في الاعتقاد،لأنّه ترك واجبا بالنسبة إليه.و إن كان يفعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة كاستباحة الوطء بلفظ التحليل مثلا،فإن كان صغيرة لم يخرج بذلك عن العدالة ما لم يداوم الفعل،و إن كان كبيرة كان فاسقا.و لو كان عامّيّا فاستفتي المجتهد و أخطأ المجتهد في اجتهاده لم يخرج العامّيّ عن العدالة و جازت الصلاة خلفه،إذ فرضه سؤال العلماء و قد امتثل.

مسألة:و طهارة المولد شرط في الإمام،

فلا يتقدّم ولد الزنا،و يشترط عدم العلم بالولادة عن الزنا لا العلم بالعدم.و به قال أبو حنيفة (1)و أصحابه (2).

و قال الشافعيّ:يكره إمامته (3).و كره مالك أن يتّخذ إماما راتبا (4).

و قال أحمد (5)،و عطاء،و الحسن،و النخعيّ،و الزهريّ،و عمرو بن دينار، و إسحاق:لا يكره إمامته (6).

لنا:أنّه ناقص فلا يجعل له مزيّة فضيلة على الكامل.و لقوله عليه السّلام:إنّه شرّ الثلاثة (7).و هو يفهم منه أنّ شرّه أعظم من شرّ أبويه،و لا شكّ في أنّ الزنا كبيرة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال:المجذوم،و الأبرص،و المجنون،

ص:211


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:56،بدائع الصنائع 1:157،شرح فتح القدير 1:304.
2- 2) المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59. [1]
3- 3) الأمّ 1:166،المجموع 4:290،المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:84،85،المجموع 4:290،المحلّى 4:211، [2]المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59.
5- 5) المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59،الكافي لابن قدامة 1:236،الإنصاف 2:274. [3]
6- 6) المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59،المجموع 4:290.
7- 7) سنن أبي داود 4:29 الحديث 3963،مسند أحمد 2:311،سنن البيهقيّ 3:91.

و ولد الزنا،و الأعرابيّ» (1).

و مثله روى ابن يعقوب في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).و لأنّه غير مقبول الشهادة فلا يكون إماما لعدم الفارق.

احتجّ المخالف (3)بقوله عليه السّلام:«يؤمّكم أقرؤكم» (4).

و بما روي عن عائشة أنّها قالت:ليس عليه من وزر أبويه شيء (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه عامّ فيخصّص بما ذكرناه (6).

و عن الثاني:تسليم عدم تعلّق إثم الزنا به،لكنّا نقول:إنّه عليه السلام حكم بشرّ أبويه للزنا،و هو شرّ باعتبار ولادته عن الزنا.

مسألة:يجوز أن يكون الإمام عبدا.

و قال الشيخ في النهاية:يجوز أن يكون إماما لمواليه (7).و ما اخترناه مذهب الحسن البصريّ،و الشعبيّ،و النخعيّ،و الحكم، و الثوريّ (8)،و الشافعيّ (9)،و إسحاق،و أحمد (10)،و أصحاب الرأي (11).و قال مالك:

ص:212


1- 1التهذيب 3:26 الحديث 92،الاستبصار 1:422 الحديث 1626،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [1]
2- 2) الكافي 3:375 الحديث 4، [2]الوسائل 5:397 الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [3]
3- 3) المغني 2:59،المجموع 4:250.
4- 4) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585،و بهذا المضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:90.
5- 5) سنن البيهقيّ 3:91،مستدرك الحاكم 4:100.بتفاوت في السند.
6- 6) يراجع:ص 210.
7- 7) النهاية:112.
8- 8) المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23،عمدة القارئ 5:225.
9- 9) الأمّ 1:165-166،مغني المحتاج 1:240،المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23.
10- 10) المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23،عمدة القارئ 5:225.
11- 11) بدائع الصنائع 1:156،المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23،عمدة القارئ 5:225.

لا يكون إماما إلاّ أن يكون قارئا و هم أمّيّون (1).

لنا:ما رواه الجمهور من قوله عليه السّلام:«يؤمّكم أقرؤكم» (2).

و عن أبي ذرّ:إنّ خليلي أوصاني أن أسمع و أطيع و إن كان عبدا مجدّع الأطراف (3).

و كان لعائشة غلام يؤمّها (4).و صلّى ابن مسعود،و حذيفة،و أبو ذرّ وراء أبي سعيد (5)و هو عبد لبني أسد (6). (7)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام أنّه سئل عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به و كان أكثرهم قرآنا؟قال:

«لا بأس» (8).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (9).

و في الموثّق عن سماعة قال:سألته عن المملوك يؤمّ الناس؟فقال:«لا،إلاّ أن يكون

ص:213


1- 1المدوّنة الكبرى 1:85،المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23،عمدة القارئ 5:225.
2- 2) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585،و بهذا المضمون ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:90.
3- 3) صحيح مسلم 1:448 الحديث 648،سنن البيهقيّ 3:88.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:177،سنن البيهقيّ 3:88.
5- 5) لم نقف على ترجمته أكثر ممّا ذكر ابن الأثير بقوله:أبو سعيد مولى أبي أسيد روى عنه أبو نصرة.أسد الغابة 5: 211.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الصحيح:لأبي أسيد.
7- 7) المغني 2:30.
8- 8) التهذيب 3:29 الحديث 99،الاستبصار 1:423 الحديث 1628،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
9- 9) التهذيب 3:29 الحديث 100،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجماعة ذيل الحديث 2. [2]

هو أفقههم و أعلمهم» (1).

و لأنّ الرقّ حقّ عليه فلا يمنع إمامته كالدين.و لأنّه من أهل الأذان للرجال يأتي بالصلاة على الكمال فكان كالحرّ في الإمامة.

احتجّ الشيخ بما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:

«لا يؤمّ العبد إلاّ أهله» (2).

و الجواب:السند ضعيف فلا تعويل على هذه الرواية.قال الشيخ في الاستبصار:

و هي محمولة على الاستحباب و إن كان يجوز أن يؤمّ أهله و غير أهله (3).

مسألة:و لا بأس بإمامة الأعمى
اشارة

إذا كان من وراءه من يسدّده و يوجّهه إلى القبلة.

و هو مذهب أهل العلم لا نعرف فيه خلافا،إلاّ ما نقل عن أنس أنّه قال:ما حاجتهم إليه (4).

لنا:قوله عليه السّلام:«يؤمّكم أقرؤكم» (5).

و ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استخلف ابن أمّ مكتوم يؤمّ الناس و هو أعمى (6).

و روى الشعبيّ عن أبي بكر أنّه قال:غزا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثلاث عشرة

ص:214


1- 1التهذيب 3:29 الحديث 101،الاستبصار 1:423 الحديث 1630،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:29 الحديث 102،الاستبصار 1:423 الحديث 1631،الوسائل 5:401 الباب 16 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [2]
3- 3) الاستبصار 1:423.
4- 4) المغني 2:31،الشرح الكبير بهامش المغني 2:24.
5- 5) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585،و بهذا المضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:90.
6- 6) سنن أبي داود 1:162 الحديث 595،سنن البيهقيّ 3:88.

غزوة كلّ ذلك يقدّم ابن أمّ مكتوم يصلّي بالناس (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بأن يصلّي الأعمى بالقوم و إن كانوا هم الّذين يوجّهونه» (2).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و لا يؤمّ الأعمى في الصحراء إلاّ أن يوجّه إلى القبلة» (3).و لأنّ فقد الحاسّة لا يؤثّر في زوال شيء من شروط الصلاة فجازت إمامته كالبصير.

فرع:

لا ريب أنّ الحرّ أولى بالإمامة من العبد إذا استويا،و البصير من الأعمى كذلك.

مسألة:قال علماؤنا:لا يؤمّ القاعد القائم.
اشارة

و به قال مالك في إحدى الروايتين (4)، و محمّد بن الحسن (5).

و قال الثوريّ،و أبو ثور (6)،و الشافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و مالك في الرواية الأخرى:إنّه يجوز ذلك،و يصلّي المؤتمّون قياما (9).

ص:215


1- 1المغني 2:31.
2- 2) التهذيب 3:30 الحديث 105،الوسائل 5:409 الباب 21 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 3:27 الحديث 94،الوسائل 5:410 الباب 21 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [2]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:81،المغني 2:48،الشرح الكبير بهامش المغني 2:45،نيل الأوطار 3:211.
5- 5) المغني 2:48،الشرح الكبير بهامش المغني 2:46.
6- 6) المغني 2:49،المجموع 4:265. [3]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:264،المغني 2:49،الشرح الكبير بهامش المغني 2:46.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:58،المجموع 4:265،المحلّى 4:185،المغني 2:49،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 46.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:81،المغني 2:48،المجموع 4:265،نيل الأوطار 3:209.

و قال الأوزاعيّ،و حمّاد بن زيد،و إسحاق (1)،و أحمد (2)،و ابن المنذر:يصلّون جلوسا كما يصلّي هو (3)،فلو صلّوا قياما مؤتمّين به ففي صحّة صلاتهم روايتان عن أحمد (4)، و شرط أحمد أمرين:

أحدهما:أن يكون إمام الحيّ.

الثاني:أن يكون مرضه يرجى زواله،لا كالزمن (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن الشعبيّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه جالسا،فلمّا فرغ قال:لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا» (7).

و ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:لا يؤمّ المقيّد المطلقين» (8).و مثله رواه ابن بابويه (9).

و لأنّ القيام ركن فلا يصحّ ائتمام القادر عليه بالعاجز عنه كغيره من الأركان.

احتجّ الشافعيّ (10)بما روت عائشة أنّ أبا بكر صلّى بالناس فوجد النبيّ صلّى اللّه عليه

ص:216


1- 1المغني 2:48،المجموع 4:265،الشرح الكبير بهامش المغني 2:45.
2- 2) المغني 2:48،الإنصاف 2:261،المجموع 4:265،الشرح الكبير بهامش المغني 2:45.
3- 3) المغني 2:48،المجموع 4:265،الشرح الكبير بهامش المغني 2:45.
4- 4) المغني 2:50، [1]الكافي لابن قدامة 1:239.
5- 5) المغني 2:50،الكافي لابن قدامة 1:239،الإنصاف 2:260.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 1:398 الحديث 6،سنن البيهقيّ 1:80.
7- 7) الفقيه 1:249 الحديث 1119،الوسائل 5:415 الباب 25 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
8- 8) التهذيب 3:27 الحديث 94،الوسائل 5:411 الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
9- 9) الفقيه 1:248 الحديث 1108،الوسائل 5:411 الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [4]
10- 10) الأمّ 1:171،المجموع 4:265،المغني 2:49،نيل الأوطار 3:212.

و آله من نفسه خفّة،فخرج بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر،فصلّى قاعدا و الناس قيام يأتمون به (1).

و احتجّ أحمد (2)بما روى أبو هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه،و إذا صلّى جالسا فصلّوا جلوسا أجمعون» (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ حال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليس كحال غيره،فإنّ الصلاة معه حال جلوسه أفضل منها حال قيام غيره.

و عن الثاني:أنّه معارض بما ذكرناه من الأحاديث و بأنّه لا يجوز إجراؤه على عمومه،إذ لو صلّى جالسا من غير عذر لم يتّبع في ذلك،فلا بدّ من التقييد بعذر المرض، فنقول:لم لا يكون مقيّدا بعذر العري.

فروع:

الأوّل:لو ائتمّ القائم بالقاعد فالأولى بطلان الصلاة،عملا بالنهي الدالّ على الفساد هنا.

الثاني:يجوز للقاعد أن يأتمّ بالمومئ.ذكره الشيخ في الخلاف (4).و هو مذهب الشافعيّ (5)،عملا بعموم الأخبار الدالّة على عموم الإمامة من غير تفصيل.و لأنّه فعل

ص:217


1- 1سنن الترمذيّ 2:197 الحديث 362، [1]سنن البيهقيّ 3:80.
2- 2) المغني 2:49،المجموع 4:265، [2]الإنصاف 2:261.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن البيهقيّ 3:79،مسند أحمد 2:314. و [3]بتفاوت في اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846، سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361. [4]
4- 4) الخلاف 1:208 مسألة-5.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:98،حلية العلماء 2:173،المجموع 4:264،مغني المحتاج 1:240،المغني 2:52، الشرح الكبير بهامش المغني 2:42.

أجازه المرض فلا يغيّر حكم الائتمام.و قال أبو حنيفة (1)،و مالك (2)،و أحمد:لا يجوز لتارك ركن من الأفعال إمامة أحد كالمضطجع و العاجز عن الركوع و السجود (3).و هو الوجه عندي،لأنّه أخلّ بركن فلا يجوز الائتمام به كالأمّيّ و القارئ.

الثالث:يجوز للقاعد أن يؤمّ مثله.و كذا يجوز للمضطجع أن يؤمّ مثله.و يجوز للقائم أن يؤمّ القاعد و للقاعد أن يؤمّ المضطجع لا العكس.

الرابع:لو تجدّد عجز الإمام عن القيام فجلس فالوجه الاستخلاف،و هل يتمّون الصلاة خلفه قياما؟فيه نظر.

و قال أحمد:يتمّون قياما،لأنّه قد افتتح الصلاة بالقيام و هو الأصل،فيلزمه الإتمام كذلك مع القدرة،كالشارع في صلاة المقيم يلزمه إتمامها و إن حدث مبيح القصر في أثنائها (4).

الخامس:قال الشيخ:يجوز للعاري أن يكون إماما للمكتسي (5)،و عندي فيه إشكال،لأنّه إنّما يصلّي بالإيماء جالسا فكان تاركا لركن.أمّا لو كان المأموم أعمى و أمن الاطّلاع فالوجه الجواز،عملا بالعموم السالم عن المعارض.

السادس:لا يؤمّ المقيّد المطلقين،للإخلال بالقيام الذي هو ركن.

مسألة:و لا يؤمّ الأمّيّ القارئ.
اشارة

و الأمّيّ من لا يحسن قراءة الحمد، أو لا يحسن القراءة،سواء كانت الصلاة جهرا أو سرّا.و به قال مالك (6)،و الشافعيّ في أحد

ص:218


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:215،المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:42،المجموع 4:266،شرح فتح القدير 1:323.
2- 2) المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:42،المجموع 4:266.
3- 3) المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:42،الكافي لابن قدامة 1:239.
4- 4) المغني 2:51،الكافي لابن قدامة 1:240،الإنصاف 2:262.
5- 5) الخلاف 1:208 مسألة-5.
6- 6) المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57،المجموع 4:267،الميزان الكبرى 1:177،حلية العلماء 2:204.

أقواله (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد (3).

و قال الشافعيّ في بعض أقواله:إنّه يصحّ أن يأتمّ القارئ بالأمّيّ مطلقا (4).و به قال المزنيّ (5).

و قال أيضا:يجوز أن يأتمّ به في صلاة السرّ لا الجهر (6)،و به قال الثوريّ (7)، و أبو ثور (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«يؤمّكم أقرؤكم» (9).

و هذا قد خالف الأمر فلا تصحّ صلاته.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يتقدّم القوم أقرؤهم» (10).

و لأنّ القراءة واجبة مع القدرة،فلو ائتمّ أخلّ بالواجب.و لأنّ الإمام يتحمّل القراءة،

ص:219


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:267،الميزان الكبرى 1:177،السراج الوهّاج:69،مغني المحتاج 1:238،المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:57،المجموع 4:267،الميزان الكبرى 1:177،المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57،حلية العلماء 2:204.
3- 3) المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57،الكافي لابن قدامة 1:239،الإنصاف 2:268، [1]المجموع 4:267،حلية العلماء 2:204.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:267،المغني 2:32.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:22،المجموع 4:267،حلية العلماء 2:204.
6- 6) المجموع 4:267،المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57،حلية العلماء 2:204.
7- 7) لم نعثر على قوله.
8- 8) المجموع 4:267.إلاّ أنّه قائل بالجواز مطلقا.
9- 9) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585،و بهذا المضمون ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:90.
10- 10) التهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]

و هذا عاجز فليس أهلا للتحمّل،فيفضي إلى خلوّ صلاة المأموم عن القراءة.

احتجّ الشافعيّ بأنّ القراءة ركن من أركان الصلاة،فجاز أن يكون العاجز عنه إماما للقادر عليه،كالقاعد يصلّي بالقائم (1).

و احتجّ على القول الأخير بأنّ المأموم لا يجب عليه القراءة في الجهريّة،و الإمام لا يصلح للتحمّل و يجب عليه القراءة في الإخفاتيّة،فلا يتحقّق التحمّل فيه (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الحكم في الأصل و قد تقدّم (3).و النقض بالأخرس و العاجز عن الركوع و السجود.و الفرق بأنّ القيام لا مدخل للتحمّل فيه بخلاف القراءة.

و عن الثاني:بالمنع من القراءة و سيأتي.

فروع:

الأوّل:لو صلّى القارئ خلف الأمّيّ بطلت صلاة المأموم خاصّة.و به قال الشافعيّ (4)،و أبو يوسف،و محمّد بن الحسن (5).و قال أبو حنيفة:تبطل صلاة الإمام و المأموم (6).

لنا:أنّ الإمام لو صلّى منفردا لم تبطل صلاته فكذا لو كان إماما،إذ لا يخلّ بواجب حينئذ يكون ثابتا في الانفراد.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ القارئ لمّا أحرم معه لزمته القراءة عنه،لأنّه يتحمّل،فإذا عجز

ص:220


1- 1المجموع 4:267،المغني 2:32.
2- 2) المجموع 4:267،المغني 2:32.
3- 3) تقدّم في الجزء الخامس ص 78.
4- 4) الأمّ 1:167،المهذّب للشيرازيّ 1:98،حلية العلماء 1:204،المجموع 4:268،فتح العزيز بهامش المجموع 4:318،مغني المحتاج 1:238-239،المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:181،الهداية للمرغينانيّ 1:58،حلية العلماء 2:204.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:181،الهداية للمرغينانيّ 1:58، [1]شرح فتح القدير 1:327،حلية العلماء 2:204، المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57.

فسدت صلاته (1).

و الجواب:أنّ القراءة لا تجب عليه،لقوله تعالى لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها (2).

و إذا سقطت عنه بالنظر إلى نفسه فبالنظر إلى غيره أولى.

الثاني:لو أمّ الأمّيّ مثله صحّت صلاتهما معا،لاستوائهما في الأفعال.و لأنّه لم يحصل بالجماعة إخلال بواجب (3).

الثالث:لو أمّ الأمّيّ قارئا و أمّيّا بطلت صلاة القارئ خاصّة،و لو صلّى بقارئ واحد فكذلك.و قال أحمد:تبطل هنا صلاة الإمام أيضا،لأنّه نوى الإمامة و صار فذّا (4).

و الجواب:نيّة الإمامة ليست شرطا و لا واجبة.و لأنّه معها لم يخلّ بواجب.

الرابع:لو صلّى القارئ خلف من لا يعلم حاله في الإخفاتيّة،فالوجه الصحّة،لأنّ الظاهر أنّه لا يتقدّم إلاّ من يحسن القراءة.و كذا البحث في الجهريّة لو خفي عنه الصّوت.أمّا لو أسرّ في الجهريّة فقد قيل:إنّه كذلك بناء على الظاهر،و الإسرار يمكن أن يكون للنسيان أو للجهل أو لأنّه لا يحسن القراءة فلا تبطل الصلاة بالاحتمال.و قيل:بالبطلان،لأنّ الظاهر معارض بمثله،إذ الظاهر أنّه لو أحسن القراءة لجهر (5).

الخامس:لو أسرّ في الإسرار ثمَّ قال:قرأت في نفسي،صدّق قولا واحدا،لأنّ الظاهر صدقه.و كذا لو أسرّ في الجهريّة و قال:قرأت،قبل،و يستحبّ الإعادة لاحتمال كذبه،و فيه نظر.

و لو أسرّ في الإخفاتيّة و قال:ما قرأت في نفسي،فالوجه صحّة الصلاة،لأنّها وقعت

ص:221


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:181،الهداية للمرغينانيّ 1:58،المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 57.
2- 2) البقرة(2):286. [1]
3- 3) غ:بالواجب.
4- 4) المغني 2:33،الكافي لابن قدامة 1:239.
5- 5) المغني 2:33،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57.

صحيحة في الظاهر،فلا يؤثّر فيها قوله،كما لو أخبر بكفره.

و قال بعض الجمهور:يعيد هو و المأمومون،لأنّ عمر صلّى المغرب فلمّا سلّم قال:أما سمعتموني قرأت؟قالوا:لا،قال:فما قرأت في نفسي،فأعاد بهم الصلاة (1).

السادس:لو كان أحد الرجلين يحسن سبع آيات غير الفاتحة و لا يحسن الفاتحة، و الآخر لا يحسن شيئا،فهما أمّيّان،و لا ريب في جواز ائتمام الجاهل بعارف السبع.و هل يجوز العكس؟الأقرب عندي عدم الجواز،لأنّه يعرف شيئا يقوم مقام الحمد مع العذر فيكون كالقارئ خلف الأمّيّ.

السابع:يجوز أن يؤمّ الأخرس مثله،خلافا لأحمد (2).

لنا:أنّهما متساويان في الأفعال فكان كالأمّيّ بمثله.و لأنّه لم يحصل بالجماعة إخلال بواجب،فيكون العموم سالما عن المعارض.

احتجّ أحمد بأنّه ترك ركنا لا يرجى زواله و هو القراءة،فكان كالعاجز عن الركوع و السجود (3).

و الجواب:أنّ حكم الأصل عندنا مساو لحكم الفرع،إذ للعاجز عن الركوع أن يؤمّ مثله.

الثامن:هل للأخرس أن يؤمّ الأمّيّ الذي لا يحسن شيئا؟فيه نظر،أقربه الجواز، عملا بالعموم.

و لو قيل:لا يجوز،لعدم قدرته على التكبير مع قدرة المأموم،قلنا:التكبير لا يتحمّله الإمام و قد استويا في القراءة.

التاسع:هل يجب على الأمّيّ أن يأتمّ بالقارئ؟قال أبو حنيفة:يجب،

ص:222


1- 1المغني 2:33،الشرح الكبير بهامش المغني 2:57.
2- 2) المغني 2:31،الشرح الكبير بهامش المغني 2:39،الإنصاف 2:259.
3- 3) المغني 2:31.

لا صريحا (1)،و خالف فيه آخرون (2).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه يمكنه أن يؤدّي صلاته بقراءة،و القراءة واجبة فيجب الطريق إليها.

احتجّ الآخرون (3)بأنّ رجلا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:إنّي لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن،فقال:«قل:سبحان اللّه و الحمد للّه» (4).و لم يأمره بالائتمام بالقارئ.

مسألة:لا يؤمّ مؤوف اللسان صحيحه،
اشارة

(5)

لتمكّن المأموم من القراءة و عجز الإمام، فلا يصحّ التحمّل.و يجوز أن يؤمّ بمثله،لتساويهما في الأفعال،فكانا كالأمّيّين و الصحيحين.

فروع:

الأوّل:لا بأس بإمامة التمتام،و هو الذي يردّد التاء ثمَّ يأتي بها.و كذا ألفا فاء،و هو الذي يردّد الفاء ثمَّ يأتي بها،لأنّهما يكرّران الحروف و لا يسقطانها.

و قال الشيخ:التمتام:الذي لا يؤدّي التاء،و ألفا فاء:الذي لا يؤدّي الفاء (6).و على هذا التفسير لا يجوز الائتمام به للصحيح،و الأقرب أنّ الشيخ عنى أنّهما لا يؤدّيان الحرفين إلاّ بمشقّة.

قال صاحب الصّحاح:التمتام الذي في لسانه تمتمة،و هو الذي يردّد في التاء و ألفا فاء

ص:223


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:181،الهداية للمرغينانيّ 1:58،شرح فتح القدير 1:327،حلية العلماء 2:204، 205.
2- 2) المجموع 3:379 و ج 4:268،الهداية للمرغينانيّ 1:58،شرح فتح القدير 1:327،328.
3- 3) المجموع 3:376.
4- 4) سنن أبي داود 1:220 الحديث 832،سنن النسائيّ 2:143،سنن الدار قطنيّ 1:313 الحديث 1 و ص 314 الحديث 2.
5- 5) الآفة:العاهة،و قد إيف الزرع،أي:أصابته آفة.الصحاح 4:1333. [1]
6- 6) المبسوط 1:153. [2]

هو أن يردّد في الفاء إذا تكلّم (1).

الثاني:الأرتّ،قال الشيخ:هو الذي يلحقه في أوّل كلامه ريح فيتعذّر عليه،فإذا تكلّم انطلق لسانه (2).و هذا التفسير حكاه الأزهريّ عن المبرّد (3).

و قال آخرون:الأرتّ،هو الذي في لسانه رتّة يدغم حرفا في حرف،و لا يبيّن الحروف (4). (5)قال صاحب الصّحاح:الرتّة-بالضمّ-العجمة في الكلام (6).

فعلى التفسير الأوّل:يجوز إمامته.و على الثاني:إن لم يخرج الحروف من مخارجها لم يجز إمامته إلاّ مثله،لأنّه يخلّ بواجب في القراءة فكان كالأمّيّ.

الثالث:الألثغ:هو الذي يصيّر الرّاء غينا أو لاما،و السين ثاء-ذكره صاحب الصّحاح (7)-لا يجوز إمامته للصحيح،لأنّه يخلّ بواجب في القراءة.

و الأليغ-بالياء المنقّطة تحتها نقطتين-هو الذي لا يبيّن الكلام و لا يأتي بالحروف على البيان و الصحّة،لا يجوز إمامته إلاّ بمثله.و كذا لا يجوز إمامة من يبدّل حرفا مكان حرف،كالحاء يجعلها هاءا إلاّ بمثله،لإخلاله بالواجب.

الرابع:لا يجوز إمامة من يلحن في قراءته،سواء اختلّ المعنى به،مثل أن يقرأ:إيّاك -بكسر الكاف-فيكون خطابا للمؤنّث،أو يقرأ:و لا الضالّين-بالظاء-أو يقرأ:أنعمت عليهم-بضمّ التاء-أو لم يختلّ،كما لو فتح همزة إيّاك،أو ضمّ همزة اهدنا،أو فتح نون نستعين،لأنّه أخلّ بواجب.و كذا لو لحن في السورة بعد الحمد،سواء كفر بلحنه مثل

ص:224


1- 1الصحاح 5:1878 و ج 1:62.و [1]فيهما:يتردّد بدل يردّد.
2- 2) المبسوط 1:153. [2]
3- 3) قال في تهذيب اللغة 14:310:الترتة:ردّة قبيحة في اللسان من العيب.و لم نجد ما نسب إلى المبرّد فيه. و نقل الفيّوميّ في المصباح المنير:218 [3] عن المبرّد:هي كالريح تمنع الكلام فإذا جاء شيء منه اتّصل.
4- 4) م و ن:فلا يرى الحروف،مكان:و لا يبيّن الحروف.
5- 5) قال في المصباح المنير:218.و [4]قيل:يدغم في غير موضع الإدغام.
6- 6) الصحاح 1:249. [5]
7- 7) الصحاح 4:1325. [6]

أن يقرأ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ (1)بالكسر و قصد العطف،أو لم يكفر به كما لو قصد القسم،أو لم يقصد شيئا،لأنّه أخلّ بواجب.

و قال الشافعيّ:إن لحن في الفاتحة ما يختلّ به المعنى،كما مثّلناه،فسدت صلاته خاصّة.و إن كان لا يختلّ به المعنى صحّت صلاته.و إن كان في السورة غير الفاتحة و كفر به فسدت صلاته و صلاة من خلفه،و إلاّ فلا (2).

الخامس:لو كانت له لثغة خفيفة يمنع من تخليص الحرف و لكن لا يبدّله بغيره أمكن أن يقال بجواز إمامته للقارئ.

مسألة:لا يجوز أن تؤمّ المرأة الرّجال.
اشارة

و هو قول عامّة أهل العلم إلاّ ما حكي عن أبي ثور،و المزنيّ،و محمّد بن جرير الطبريّ،فإنّهم قالوا:يجوز في صلاة التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها و تقف خلفهم (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه» (4).

و لأنّ المرأة مأمورة بالاستتار،و الإمام مأمور بضدّه (5).و لأنّها لا تؤذّن للرجال فلا تكون إماما لهم كالكافر.

احتجّ المخالف (6)بما روي عن أمّ ورقة،بنت نوفل،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان

ص:225


1- 1التوبة(9):3. [1]
2- 2) المجموع 4:268،فتح العزيز بهامش المجموع 4:319،مغني المحتاج 1:239،240.
3- 3) حلية العلماء 2:199،المغني 2:34،المجموع 4:255 و فيه:و قال أبو ثور و المزنيّ و ابن جرير:تصحّ صلاة الرجال وراءها.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:56، [2]المغني 2:37،شرح العناية على الهداية 1:313،المصنّف لعبد الرزّاق 3:149 الحديث 5115.
5- 5) ح:بعقده،هامش ح:بجهره.
6- 6) المغني 2:34.

يزورها في بيتها،فجعل لها مؤذّنا يؤذّن لها،و أمرها أن تؤمّ أهل دارها (1).و ذلك عامّ في الرجال و النساء.

و الجواب:أنّ الدار قطنيّ روى أنّه عليه السّلام أمرها أن تؤمّ نساء أهل دارها (2).

و أيضا:فهو محمول على ذلك لما قلناه.

فروع:

الأوّل:يجوز أن يؤمّ الرجل المرأة،و لا نعرف فيه خلافا.روى الشيخ عن عبد اللّه ابن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يؤمّ المرأة،قال:«نعم، تكون خلفه» (3).

و مثله رواه في الموثّق عن أبي العبّاس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عنه عليه السّلام (5).و لأنّهنّ أهل فرض فاستحبّ لهنّ الجماعة كالرجال.و ذلك عامّ في حق الأقارب و الأجانب،كان معهنّ رجال أو لم يكن.

و كره الشافعيّ أن يصلّي الرجل بالأجنبيّات إذا لم يكن معهنّ غيره (6)،لقوله عليه السّلام:«لا يخلونّ رجل بامرأة فإنّ الشيطان ثالثهما» (7).

الثاني:لا يجوز أن يؤمّ الخنثى رجلا،لجواز أن يكون امرأة.و لا تؤمّ امرأة خنثى،

ص:226


1- 1سنن أبي داود 1:161 الحديث 592،مستدرك الحاكم 1:203،سنن البيهقيّ 3:130.و بتفاوت يسير في سنن الدار قطنيّ 1:403 الحديث 1.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 1:279 الحديث 2.
3- 3) التهذيب 3:31 الحديث 112،الاستبصار 1:426 الحديث 1645،الوسائل 5:405 الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 3:267 الحديث 757،الوسائل 5:405 الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 3:267 الحديث 762،الوسائل 5:408 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 13. [3]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:277.
7- 7) كنز العمّال 5:323 الحديث 13042،مستدرك الحاكم 1:114،115.

لجواز أن يكون رجلا.و لا يجوز أن يؤمّ الخنثى مثله (1)،لجواز أن يكون الإمام منهما امرأة و المأموم رجلا.

الثالث:يجوز للرجل أن يؤمّ الخنثى،لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون رجلا أو امرأة،و على التقديرين تجوز الإمامة.و يجوز للخنثى أن يؤمّ المرأة (2)،لأنّ أقلّ حاله أن يكون امرأة.

الرابع:لو صلّى خلف من يشكّ في كونه خنثى فالوجه الصحّة،لأنّ الظاهر السلامة من كونه خنثى،خصوصا لمن يؤمّ الرجال.و لو تبيّن بعد الصلاة أنّه كان خنثى مشكلا لم يعد،لأنّه بنى (3)على الظاهر فكان كما لو تبيّن كفره.

مسألة:يكره أن يؤمّ المسافر الحاضر و بالعكس.
اشارة

و به قال أبو حنيفة (4).و قال الشافعيّ:المكروه الأوّل خاصّة (5).

لنا:أنّ مفارقة الإمام للمأموم مكروهة،و هي حاصلة هاهنا على كلا التقديرين.

و ما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يؤمّ الحضريّ المسافر،و لا المسافر الحضريّ،فإن ابتلى بشيء من ذلك فأمّ قوما حاضرين (6)، فإذا أتمّ الرّكعتين سلّم،ثمَّ أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم،و إذا صلّى المسافر خلف المقيم (7)فليتمّ صلاته ركعتين و يسلّم،و إن صلّى معهم (8)الظهر فليجعل الأوّلتين الظهر و

ص:227


1- 1م و ن:بمثله.
2- 2) غ،ق و ح:امرأة.
3- 3) م و ن:بناء.
4- 4) لم نجد قولا بالكراهة من أبي حنيفة إلاّ ما نقل عنه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:216 مسألة-33،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:441 و [1]في المصادر أسند الجواز إليه.ينظر:المبسوط للسرخسيّ 2:105،بدائع الصنائع 1: 93،شرح فتح القدير 2:12.
5- 5) الأمّ 1:163،المجموع 4:287.
6- 6) ح:حضريّين،كما في الوسائل. [2]
7- 7) في المصدر:خلف قوم حضور.
8- 8) م و ن:مقيم.

الأخيرتين (1)العصر» (2).و لأنّهما مختلفان في عدد الفرض،فكره ائتمام كلّ واحد منهما بصاحبه كائتمام الحاضر بالمسافر.

احتجّ الشافعيّ بأنّ المسافر يتمّ صلاته خلف المقيم فلا كراهية.أمّا العكس فإنّه مكروه،لأنّ الإمام متبوع (3).

و الجواب:أنّ إتمام المأموم غير جائز على ما سيأتي.

فروع:

الأوّل:لو كان الإمام حاضرا و المأموم مسافرا استحبّ للإمام أن يومئ برأسه إلى التسليم ليسلّم المأموم،ثمَّ يقوم الإمام فيتمّ صلاته.و يجوز للمأموم أن يصلي معه فريضة أخرى،لحديث الفضل.

لا يقال:إنّ السورة لا تجب فتكون قراءة الإمام ناقصة فكيف يتحمّل عن المأموم.

لأنّا نقول:بمنع (4)نقصان القراءة.و أيضا:ينتقض بالمسبوق.

الثاني:لو كان الإمام مسافرا سلّم و لا يتبعه المأموم فيه،لأنّه جعل للخروج من الصلاة و هو محرّم قبل إكمالها،فإذا سلّم قام المأموم فأتمّ صلاته.

و يستحبّ للإمام أن يقدّم من يتمّ (5)بهم،فإن لم يفعل قدّم المأمومون.و هل يجوز أن يصلّي الإمام فريضة أخرى و ينوي (6)المأموم الائتمام به في التتمّة؟الذي يلوح من كلام

ص:228


1- 1بعض النسخ:الأخريين.
2- 2) التهذيب 3:164 الحديث 355،الاستبصار 1:426 الحديث 1643،الوسائل 5:403 الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [1]
3- 3) الأمّ 1:163،المهذّب للشيرازيّ 1:103.
4- 4) م:نمنع.
5- 5) ح:يؤمّ.
6- 6) ح و ق:فنوى.

الشيخ في الخلاف:الجواز (1).

الثالث:لا يكره ائتمام المسافر بمثله،لتساويهما في الفعل و العدد،فلا يحصل المفارقة.

الرابع:لو تساوى فرض الحاضر و المسافر عددا،كما في المغرب و الصبح،أو صلاة الخوف،إن قلنا بالقصر فيها حضرا،هل يكره الجماعة هنا؟الأقرب عدمه،للتساوي، فلا تحصل المفارقة المقتضية للكراهية.

مسألة:و يكره أن يؤمّ المتيمّم متطهّرا بالماء.
اشارة

و لا نعرف فيه خلافا،إلاّ ما حكي عن محمّد بن الحسن الشيبانيّ من المنع من ذلك (2).

لنا على الجواز:عموم الأمر بالجماعة و ما رواه الجمهور أنّ عمرو بن العاص صلّى بأصحابه متيمّما و بلغ ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم ينكره (3).و صلّى ابن عبّاس بأصحابه و فيهم عمّار بن ياسر و جماعة من الصحابة و لم ينكروه (4)،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن حمزة بن حمران و جميل ابن درّاج قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إمام قوم أصابته جنابة في السفر،و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل،أ يتوضّأ بعضهم و يصلّي بهم؟قال:«لا،و لكن يتيمّم الجنب و يصلّي بهم،فإنّ اللّه جعل التراب طهورا» (5).و لأنّه متطهّر طهارة شرعيّة يجوز له معها الدخول في الصلاة و يسقط معها الفرض،فأشبه المتوضّئ.

ص:229


1- 1ينظر:الخلاف 1:212 مسألة-15.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 1:111،الهداية للمرغينانيّ 1:57،بدائع الصنائع 1:56،شرح فتح القدير 1:319، المحلّى 2:143،عمدة القارئ 4:240.
3- 3) سنن أبي داود 1:92 الحديث 334،سنن البيهقيّ 1:225.
4- 4) المغني 2:52، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:42،و [2]ينظر:صحيح البخاريّ 1:93.
5- 5) التهذيب 3:167 الحديث 365،الاستبصار 1:425 الحديث 1638،الوسائل 5:401 الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]في الوسائل و [4]التهذيب:محمّد بن حمران.

و أمّا الكراهية،فلما رواه الشيخ في الصحيح عن عبّاد بن صهيب (1)قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا يصلّي المتيمّم بقوم متوضّئين» (2).

و ما رواه في الموثّق عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:لا يؤمّ المقيّد المطلقين،و لا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء،و لا صاحب التيمّم المتوضّئين» (3).

فروع:

الأوّل:قال الشيخ:تجوز صلاة الطاهر (4)خلف المستحاضة (5).و خالف فيه أبو حنيفة،و أصحابه (6)،و أحمد (7).و للشافعيّ وجهان (8).

لنا:أنّها متطهّرة طهارة شرعيّة يجوز معها الدخول في الصلاة،فأشبهت المتيمّم.

احتجّوا بأنّها تصلّي مع خروج الحدث من غير طهارة له (9).

ص:230


1- 1عبّاد بن صهيب أبو بكر التميميّ الكليبيّ المازنيّ،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام، قائلا:بصريّ عامّيّ،و أخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام.و قال في الفهرست:له كتاب.وثّقه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال:بتريّ. رجال النجاشيّ:293،رجال الطوسيّ:131 و 240،الفهرست:120، [1]رجال العلاّمة:243. [2]
2- 2) التهذيب 3:166 الحديث 361،الاستبصار 1:424 الحديث 1634،الوسائل 5:402 الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [3]
3- 3) التهذيب 3:27 الحديث 94،الوسائل 5:411 الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [4]
4- 4) ح:الطاهرة.
5- 5) الخلاف 1:208 مسألة-5.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:57،شرح فتح القدير 1:318.
7- 7) المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:40،الكافي لابن قدامة 1:239.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:97،حلية العلماء 2:202،المجموع 4:263،فتح العزيز بهامش المجموع 4:320، مغني المحتاج 1:241.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:97،98،المغني 2:52.

و الجواب:أنّ ذلك الحدث سقط اعتباره في نظر الشرع في تلك الصلاة.و كذا البحث في صاحب السلس.

الثاني:من على ثوبه أو بدنه نجاسة لا يتمكّن من إزالتها يجوز أن يكون إماما للطاهر،خلافا لبعض الجمهور (1)،عملا بالعموم،و هو قوله عليه السّلام:«يؤمّكم أقرؤكم» (2).

الثالث:لا يجوز ائتمام المتطهّر بعادم الماء و التراب و شبهه،إن قلنا بوجوب الصلاة عليه،لأنّه صلّى غير متطهّر فلا تكون مجزئة.

و كذا البحث في المتمكّن من الاستقبال مع العاجز،لأنّه تارك لشرط يقدر (3)المأموم عليه.

الرابع:يجوز أن يكون كلّ واحد من هؤلاء إماما لمثله،لحصول التساوي في الأفعال و الشروط.

الخامس:لو رأى المأموم المتوضّئ ماء لم تفسد (4)صلاته.و به قال زفر (5).و قال أبو حنيفة و صاحباه:تفسد (6)صلاته (7).

لنا:أنّ المبطل رؤية المتيمّم لا غيره،و الإمام لم يره،و المقتدي غير متيمّم.

ص:231


1- 1المغني 2:52،الشرح الكبير بهامش المغني 2:40.
2- 2) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585.و بهذا المضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76 و 80،سنن البيهقيّ 3:90.
3- 3) ن و م:بشرط تعذّر.
4- 4) م و ن:يعد.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:120،بدائع الصنائع 1:56،شرح فتح القدير 1:319.
6- 6) ح و ق:بفساد.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:120،بدائع الصنائع 1:56،شرح فتح القدير 1:319.في المصادر إسناد فساد الصلاة إلى الحنفيّة بقوله:عندنا.و ليس فيها أثر من أبي يوسف و محمّد.

احتجّوا بأنّ الإمام صار واجدا للماء فيما يرجع إلى المقتدي،فبطل تيمّم الإمام فيما يرجع إليه،ففسدت صلاته،لأنّها بناء (1)على صلاته.

و الجواب:لا يخفى ضعف ما ذكره.

مسألة:و لا يؤمّ الأجذم و الأبرص و صاحب الفالج الأصحّاء.

أمّا الأجذم و الأبرص فقد اختلف علماؤنا فيهما،فبعض قال بالمنع.ذهب إليه السيّد المرتضى (2)و الشيخ رحمهما اللّه (3).و قال المفيد (4)و ابن إدريس بالكراهية (5).و هو الأقرب.

أمّا الجواز فللعموم،و ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن يزيد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المجذوم و الأبرص يؤمّان الناس؟قال:«نعم»قلت:هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟قال:«نعم،و هل كتب البلاء إلاّ على المؤمن!؟» (6).

احتجّ الشيخ بما رواه في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال:المجذوم،و الأبرص،و المجنون،و ولد الزنا، و الأعرابيّ» (7).

و الجواب:أنّه في البعض محمول على الكراهية،جمعا بين الأدلّة.و أمّا صاحب الفالج فالوجه فيه الكراهية،لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،عن

ص:232


1- 1غ:لإثباتها،مكان:لأنّها بناء.
2- 2) جمل العلم و العمل:68.
3- 3) النهاية:112،الخلاف 1:216 مسألة-34،المبسوط 1:155.
4- 4) قال في المقنعة:27:و الشرائط الّتي تجب فيمن يجب معه الاجتماع أن يكون حرّا بالغا طاهرا في ولادته مجنبا من الأمراض،الجذام و البرص خاصّة.
5- 5) السرائر:60.
6- 6) التهذيب 3:27 الحديث 93،الاستبصار 1:422 الحديث 1627،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1.و [1]فيها:يؤمّان المسلمين مكان:يؤمّان الناس.
7- 7) التهذيب 3:26 الحديث 92،الاستبصار 1:422 الحديث 1626،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [2]

أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«و لا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء» (1).

مسألة:و لا يؤمّ المحدود الناس.
اشارة

أمّا قبل التوبة فعلى سبيل التحريم لفسقه،و أمّا بعدها فعلى الكراهية لنقصه.روى ابن بابويه عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«خمسة لا يؤمّون الناس و لا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة:الأبرص،و المجذوم، و ولد الزنا،و الأعرابيّ حتّى يهاجر،و المحدود» (2).

و روى ابن بابويه أيضا عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:«لا يصلّينّ أحدكم خلف الأجذم،و الأبرص،و المجنون،و المحدود،و ولد الزنا.و الأعرابيّ لا يؤمّ المهاجرين (3).

فرع:

و في كراهة إمامة هؤلاء بأمثالهم نظر،أقربه الكراهية،عملا بعموم قوله عليه السّلام:

«خمسة لا يؤمّون الناس».

مسألة:و لا يؤمّ الأغلف،

و التحريم منوط بالتفريط للفسق،لما رواه الشيخ عن عمرو بن خالد،عن زيد بن عليّ،عن آبائه،عن عليّ عليه السّلام قال:«الأغلف لا يؤمّ القوم و إن كان أقرأهم،لأنّه ضيّع من السنّة أعظمها،و لا تقبل له شهادة،و لا يصلّى عليه إلاّ أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه» (4).و رواه ابن بابويه أيضا عن عليّ عليه السّلام (5).

و في الحديث ما يدلّ على اشتراط ما ذكرناه.

ص:233


1- 1التهذيب 3:27 الحديث 94،الوسائل 5:411 الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:247 الحديث 1105،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 1:247 الحديث 1106،الوسائل 5:400 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 3:30 الحديث 108،الوسائل 5:396 الباب 13 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:248 الحديث 1107،المقنع:35، [5]الوسائل 5:396 الباب 13 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]
مسألة:و لا يؤمّ الأعرابيّ بالمهاجرين.
اشارة

و به قال مالك (1).و قال عطاء (2)،و الثوريّ، و إسحاق (3)،و أحمد (4)،و أصحاب الرأي:لا يكره إمامته (5).

لنا:قوله تعالى اَلْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ (6).و من هذه حاله لا يصلح للإمامة.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،و قد تقدّم.

و ما رواه ابن بابويه عن أبي جعفر و أمير المؤمنين عليهما السلام،و قد سلف.

احتجّ المخالف (7)بعموم قوله عليه السّلام:«يؤمكم أقرؤكم» (8).

و الجواب:الظاهر من حال الإعراب أنّهم ليسوا من أهل المعرفة بالقرآن.

فرع:

لو كان الأعرابيّ ممّن يعرف محاسن الإسلام و وصفها جازت إمامته،عملا بالعموم السالم عن معارضة الجهل،و إن لم يكن كذلك لم يجز،لا لمثله و لا لمخالفة.

ص:234


1- 1المدوّنة الكبرى 1:84،إرشاد السالك:26،بلغة السالك 1:158،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1: 158،المجموع 4:279،المغني 2:60،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:59.
2- 2) المغني 2:59،60،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:59.
3- 3) المغني 2:59،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59،المجموع 4:279. [3]
4- 4) المغني 2:59،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59،الكافي لابن قدامة 1:236،الإنصاف 2:275.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:40،بدائع الصنائع 1:156،الهداية للمرغينانيّ 1:56، [4]شرح فتح القدير 1:104، المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59،المجموع 4:279. [5]
6- 6) التوبة(9):97. [6]
7- 7) المغني 2:60،الشرح الكبير بهامش المغني 2:59.
8- 8) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585.و بهذا المضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3:90.
مسألة:قال الشيخ في التهذيب:ينبغي أن يكون الإمام مبرّأ من سائر العاهات .

(1)

و هذا على الاستحباب إلاّ ما استثني.فعلى هذا يكره إمامة الأصمّ،لأنّه ذو عاهة.و لو انضمّ إلى الصمم عمى كان أشدّ كراهة.و قال بعض الجمهور:لا تصحّ إمامته (2).

لنا:أنّه من أهل الفرض لا يخلّ (3)بشيء من الأفعال فجازت إمامته كالصحيح.

احتجّوا بأنّه إذا سها لا يمكن تنبيهه بتسبيح و لا إشارة (4).

و الجواب:احتمال العروض لا يمنع الصحّة،كالمجنون حال إفاقته.

مسألة:و أمّا أقطع اليدين فلا نعرف لأصحابنا فيه نصّا،
اشارة

(5)

و الأقرب جواز إمامته، عملا بعموم قوله:«يؤمّكم أقرؤكم» (6).

و قال بعض الجمهور:لا تجوز إمامته،لأنّه يخلّ بالسجود على الأعضاء السبعة (7).

و الجواب:أنّ السجود يفعله المأموم فلا يتحمّله الإمام.

أمّا أقطع (8)الرجلين فلا يجوز إمامته،لأنّه يدخل تحت القاعد.

فرع:

تجوز إمامة من ذكرنا بمثله إجماعا،لحصول المساواة،و عدم فوات واجب بالجماعة.

مسألة:و لا يكره إمامة من يكرهه المأمومون

أو أكثرهم،إذا كان بشرائط الإمامة،

ص:235


1- 1التهذيب 3:26.
2- 2) المغني 2:31،الشرح الكبير بهامش المغني 2:39.
3- 3) هامش ح:و لا يخلّ.
4- 4) المغني 2:31،الشرح الكبير بهامش المغني 2:39.
5- 5) هامش ح:مقطوع.
6- 6) سنن أبي داود 1:159 الحديث 585.و بهذا المضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1: 465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980.سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235.سنن النسائيّ 2:76 و 80،سنن البيهقيّ 3:90.
7- 7) المغني 2:32،الشرح الكبير بهامش المغني 2:39.
8- 8) هامش ح:مقطوع.

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:قوله عليه السلام:«يؤمّكم أقرؤكم».و ذلك عامّ،و لا اعتبار بكراهة المأمومين له:إذ الإثم إنّما يتعلّق بمن كرهه،لا به.

و كذا لا يكره إمامة الجنديّ و الخصيّ مع الشرائط،عملا بالعموم.

مسألة:و يتقدّم صاحب المنزل و الإمارة و المسجد
اشارة

فهو أولى من غيره،و ذلك مع استكمال الشرائط،و إن كان فيهم من هو أفضل منه،إلاّ السلطان العادل،فإنّه أولى منه، و لا نعرف فيه مخالفا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يؤمّنّ الرجل في بيته و لا في سلطانه،و لا يجلس على تكرمته إلاّ بإذنه» (2).و اختلف في التكرمة فقيل:الفراش (3).

و قيل:المائدة (4).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«من زار قوما فلا يؤمّهم و ليؤمّهم رجل منهم» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و لا يتقدّمنّ أحدكم الرجل في منزله،و لا صاحب سلطان في سلطانه» (6).

و المسجد الراتب بمثابة المنزل فيتناوله النهي.و لأنّه يؤثّر تحاسدا و تباعدا.

ص:236


1- 1المغني 2:57،الشرح الكبير بهامش المغني 2:58،المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:275.
2- 2) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 582،سنن ابن ماجه 1:314 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235 و ج 5:99 الحديث 2772،سنن النسائيّ 2:77،سنن البيهقيّ 3: 119 و 125.
3- 3) النهاية لابن الأثير 4:168، [1]نيل الأوطار 3:194.
4- 4) المجموع 4:284.
5- 5) سنن أبي داود 1:162 الحديث 596،سنن الترمذيّ 2:187 الحديث 356، [2]مسند أحمد 3:436 و ج 5: 53، [3]نيل الأوطار 3:195 الحديث 4.
6- 6) التهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [4]
فروع:

الأوّل:لو أذن المستحقّ من هؤلاء لغيره في التقديم جاز،و كان أولى من غيره إذا استجمع الشرائط،و لا نعرف فيه خلافا،لأنّه حقّ له،فله نقله (1)إلى من شاء.

و من احتجّ بقوله عليه السّلام:«إلاّ بإذنه» (2)لم يصب،إذ الاستثناء المتعقّب للجمل إنّما يعود إلى الأخيرة.

الثاني:لو دخل السلطان غير بلده الذي يستوطنه و له فيه خليفة،كان أولى من خليفته فيه،لأنّ ولاية الخليفة بالتبعيّة،فلا يكون أولى من ولايته بالأصالة.و لأنّه حاكم عليه.

الثالث:السيّد أولى من عبده في المنزل الّذي دفعه السيّد إليه،و هل يكون أولى من غير سيّده فيه؟الأقرب نعم،بناء على جواز إمامته،عملا بعموم ولاية صاحب المنزل.

و لأنّه لمّا اجتمع ابن مسعود و حذيفة و أبو ذرّ في بيت أبي سعيد مولى أبي أسيد (3)، تقدّم أبو ذرّ ليصلّي بهم،فقالوا له:وراءك،فالتفت إلى أصحابه فقال:أ كذلك؟قالوا:نعم، فتأخّر و قدّموا أبا سعيد فصلّى بهم (4).

الرابع:مستأجر الدار أولى من غيره و إن كان المالك،لأنّه مالك (5)منافعها،و أحقّ بالسكنى من غيره.

الخامس:قال الشيخ:إذا حضر رجل من بني هاشم كان أولى،إذا كان يحسن

ص:237


1- 1غ،م و ن:نقلها.
2- 2) المغني 2:38،الشرح الكبير بهامش المغني 2:21.
3- 3) ح و ق:بني أسد.
4- 4) المغني 2:38،الشرح الكبير بهامش المغني 2:23.
5- 5) غ و ن:ملك.

القراءة (1).و هو حسن،لأنّه أفضل من غيره،و تقديم المفضول قبيح عقلا.

مسألة:و يقدّم مع التشاحّ أقرؤ القوم لكتاب اللّه تعالى.
اشارة

ذهب إليه أكثر علمائنا (2)،و به قال الثوريّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5)،و أصحاب الرأي (6)،و ابن المنذر (7).

و قال الشافعيّ (8)،و مالك (9)،و الأوزاعيّ (10)،و أبو ثور:يقدّم الأفقه (11).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يؤمّ القوم أقرؤهم

ص:238


1- 1النهاية:111،112، [1]المبسوط 1:154. [2]
2- 2) ينظر:المقنع:34،جمل العلم و العمل:69،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،المراسم:87،الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،الكافي في الفقه:143، [3]السرائر:61،المعتبر 2:439، [4]الشرائع 1:125.
3- 3) المغني 2:16،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،المجموع 4:282،حلية العلماء 2:208،بداية المجتهد 1: 144،نيل الأوطار 3:193.
4- 4) المغني 2:16،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،الكافي لابن قدامة 1:242،الإنصاف 2:244، [5]المجموع 4:282،بداية المجتهد 1:144،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:358،حلية العلماء 2: 208،نيل الأوطار 3:193.
5- 5) الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،المجموع 4:282.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:41،بدائع الصنائع 1:157،المغني 2:16،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18، بداية المجتهد 1:144،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:358،نيل الأوطار 3:193.
7- 7) حلية العلماء 2:208،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،المجموع 4:282.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:282، [6]حلية العلماء 2:207،مغني المحتاج 1:242،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:358،السراج الوهّاج:70،بداية المجتهد 1:144،المغني 2:16،17، الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،نيل الأوطار 3:193.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:85،بداية المجتهد 1:144،بلغة السالك 1:163،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:163،حلية العلماء 2:207،المغني 2:16،17،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:358.
10- 10) المغني 2:16،17،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،المجموع 4:282.
11- 11) المغني 2:17،المجموع 4:282.

لكتاب اللّه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:يتقدّم القوم أقرؤهم للقرآن» (2).و لأنّها واجبة في الصلاة فكان القادر عليها أولى.

لا يقال:إنّه عليه السلام قدّم القارئ،لأنّ الصحابة كان الأفقه منهم هو الأكثر قرآنا.

لأنّا نقول:اللفظ عامّ فكانت العبرة به لا بخصوص السبب.و لأنّه عليه السّلام نقلهم بعد هذه المرتبة،فقال في الحديث:«فإن استووا فأعلمهم بالسنّة».

احتجّ المخالف بأنّ الفقه يحتاج (3)إليه في جميع الصلاة،و القراءة في بعضها،فكان الأوّل أولى.و لأنّه أعرف بتدبير الصلاة.و لأنّ الفقه مقدّم في الإمامة العامّة و الحكم على القراءة،فكذا هنا (4).

و الجواب:النصّ أولى ممّا ذكرتم.

فرع:

يرجّح أحد القارئين على الآخر بكثرة القرآن إذا تساويا في موجب التقديم.أمّا لو (5)كان أحدهما أفقه و الآخر أكثر قرآنا و استويا في قراءة الواجب قدّم الأفقه.

مسألة:فإن استووا فأفقههم.
اشارة

ذهب إليه أكثر علمائنا (6).و قال السيّد المرتضى:يقدّم

ص:239


1- 1صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 582، سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76.
2- 2) التهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) ن،ح و ق:محتاج.
4- 4) المغني 2:17،الشرح الكبير بهامش المغني 2:18،المهذّب للشيرازيّ 1:98.
5- 5) ح و ق:إذا.
6- 6) ينظر:الفقيه 1:247،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،النهاية:111، [2]الكافي في الفقه:143،المراسم: 87،الجامع للشرائع:99. [3]

الأسنّ (1).و اختاره ابن إدريس (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:فإن استووا في القراءة فأعلمهم بالسنّة (3).و لأنّ الفقه يحتاج (4)إليه في الصلاة و تكميلها،فكان أولى من السنّ.

احتجّ السيّد المرتضى (5):بما رواه الجمهور عن مالك بن الحويرث و صاحبه قال:

يؤمّكما أكبركما (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فإن تساووا في القراءة فأقدمهم هجرة،فإن تساووا فأسنّهم، فإن كانوا سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسنّة» (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّه حكم في واقعة لا عموم لها،فلعلّه عليه السّلام عرف منهما التساوي في القراءة و الفقه.و لأنّه لو لا ذلك لكان الأكبر أولى من الأقرأ،و ليس كذلك.

و عن الثاني:أنّ في طريقه ضعفا.

فروع:

الأوّل:لو اجتمع فقيهان قارئان،و أحدهما أكثر قراءة و الآخر أكثر فقها،قدّم الأقرأ للخبر.و قال بعض الجمهور القائلين بأولويّة الأقرأ:أنّه يقدّم الأفقه،لتميّزه بما لا يستغنى

ص:240


1- 1جمل العلم و العمل:69.و فيه:«فإن تساووا فأعلمهم بالسنّة،فإن تساووا فأسنّهم».
2- 2) السرائر:61.
3- 3) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 584،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235.
4- 4) ن،ح و ق:محتاج.
5- 5) نقل احتجاجه في المعتبر 2:440. [1]
6- 6) سنن أبي داود 1:161 الحديث 589،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 979،سنن النسائيّ 2:77.
7- 7) الكافي 3:376 الحديث 5، [2]التهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]

عنه في الصلاة (1).

و الجواب:النصّ أولى.

الثاني:كما أنّ الترجيح يحصل بكثرة القراءة و إن استويا في قراءة الحمد و السورة، فكذلك يحصل بكثرة الفقه و إن استويا في المحتاج إليه في الصلاة،لأنّ الأكثر أشرف و أعلم،فكان أولى بالتقديم.و لأنّ في بعض المسائل معونة على معرفة الباقي،فكان الأكثر أولى.

الثالث:لو كان أحد الفقيهين أعلم بأحكام الصلاة خاصّة،و الآخر أعلم بما غايرها (2)،فالأوّل أولى،لأنّ المطلوب في الصلاة العلم المؤثّر في تكميلها.

مسألة:فإن تساووا في الفقه فأقدمهم هجرة،

و المراد بها:أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام.ذهب إليه علماؤنا،و هو أظهر قولي أحمد (3)و الشافعيّ (4).و قال الشافعيّ أيضا:يقدّم الأسنّ (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فإن استووا في السنّة فأقدمهم هجرة» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في حديث أبي عبيدة من تقديم الهجرة على السنّ (7).و لأنّ الهجرة قربة و طاعة فكان السابق إليها أفضل.

ص:241


1- 1المغني 2:20،الشرح الكبير بهامش المغني 2:19.
2- 2) م:يغايرها.
3- 3) المغني 2:20،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20،الكافي لابن قدامة 1:244،الإنصاف 2:245.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:282، [1]مغني المحتاج 1:243،فتح العزيز بهامش المجموع 4:334. [2]
5- 5) الأمّ 1:158،المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:283،فتح العزيز بهامش المجموع 4:334.
6- 6) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 584،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235.
7- 7) التهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]

احتجّ الشافعيّ (1)بحديث مالك بن الحويرث (2).

و الجواب عنه:قد تقدّم.

مسألة:فإن تساووا في الهجرة،إمّا لاقترانهما أو لعدمها عنهما،قدّم الأسنّ،
اشارة

لحديث مالك،و أبي عبيدة.و لأنّ الأسنّ أسبق إلى الإسلام.و لأنّه أولى بالتوقير و الإعظام.

و اعلم أنّ الإسلام أشرف من الهجرة،فيقدّم المتقدّم به مع التساوي،و هل هو أولى من الهجرة؟الأقرب لا،لورود النصّ على الترتيب.فإن تساووا في ذلك كلّه،قدّم الأشرف نسبا،ذكره الجمهور (3).و المراد بالنسب تقديم بني هاشم على غيرهم من قريش،و تقديم بني عبد المطّلب على غيرهم من بني هاشم،و تقديم قريش على غيرهم.

و قال بعض أصحابنا:الهاشميّ أولى من غيره بالإمامة (4).فإن تساووا قال الشيخان:

يرجّح بالأصبح وجها (5)،و جعله المرتضى (6)،و ابن إدريس رواية (7)،و هو قول بعض الشافعيّة (8)،إلاّ أنّهم فسّروه تارة بالأحسن وجها كما هو المتعارف،و تارة بالأحسن ذكرا بين الناس.فإن تساووا في ذلك كلّه،قدّم الأتقى و الأورع،لقوله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ (9)و لأنّه أقرب إلى الإجابة فكان أفضل من غيره.و لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا أمّ القوم و فيهم من هو خير منه لم يزالوا

ص:242


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:283.
2- 2) سنن أبي داود 1:161 الحديث 589،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 979،سنن النسائيّ 2:77.
3- 3) الأمّ 1:158،المهذّب للشيرازيّ 1:98،المجموع 4:280،فتح العزيز بهامش المجموع 4:329،المغني 2: 21،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20،الكافي لابن قدامة 1:244،الإنصاف 2:245،246. [1]
4- 4) المبسوط 1:154،الشرائع 1:125.
5- 5) نقله عن المفيد في المعتبر 2:440،و [2]ينظر قول الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:157.
6- 6) جمل العلم و العمل:69.
7- 7) السرائر:61.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:99،المجموع 4:283.
9- 9) الحجرات(49):13. [3]

في سفال (1)» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إمام القوم وافدهم،فقدّموا أفضلكم» (3).

و عنه عليه السلام:«إن سرّكم أن تزكّوا صلاتكم فقدّموا خياركم» (4).

و عنه عليه السلام:«من صلّى بقوم و فيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة» (5).

فإن استووا في ذلك كلّه،قال بعض الجمهور:يقرع بينهم،لتساويهم و عدم أولويّة بعضهم (6).و لأنّ سعد بن أبي وقّاص أقرع بينهم في الأذان،فالإمامة أولى (7).

و لو كان أحدهما يقوم بعمارة المسجد و يتعاهده (8)قيل:يكون هو أولى (9).و لو كان أحدهم من أولاد من تقدّمت هجرته فهو أولى على ما قال بعضهم (10).

فرع:

هذا كلّه على جهة الاستحباب دون الوجوب.و لا نعرف فيه خلافا.

ص:243


1- 1السفل:خلاف العلو،بالضمّ،و الكسر لغة.المصباح المنير:279. [1]
2- 2) كنز العمّال 7:590 الحديث 20397 و اللفظ فيه:«من أمّ قوما و فيهم من هو أقرأ منه لكتاب اللّه و أعلم لم يزل في سفال إلى يوم القيامة».و بلفظ المتن ينظر:المغني 2:21،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20،الكافي لابن قدامة 1:246.
3- 3) الفقيه 1:247 الحديث 1100،الوسائل 5:416 الباب 26 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 1:247 الحديث 1101،الوسائل 5:416 الباب 26 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [3]
5- 5) الفقيه 1:247 الحديث 1102،الوسائل 5:415 الباب 26 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [4]
6- 6) المغني 2:21،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20،المجموع 4:283.
7- 7) المغني 2:21،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20.
8- 8) غ:و تعاهده.
9- 9) المغني 2:21،الشرح الكبير بهامش المغني 2:20.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:99،المجموع 4:282،فتح العزيز بهامش المجموع 4:330.
فرع :

(1)

الحرّة أولى بالإمامة للنساء من الأمة،لأنّها أشرف.و لأنّ الحرّ أولى.و لأنّها تصلّي مستترة و الأمة يجوز أن تكشف رأسها،و المستترة أولى.

البحث الخامس:في النسبة بين الإمام و المأمومين في المكان
اشارة

قد بيّنّا فيما سلف أنّه لا يجوز أن يتقدّم المأموم الإمام في موقفه،و لا يتباعد عنه بما يخرج عن العادة و ليس هناك اتّصال صفوف (2)،و لا يكون أسفل منه بما يعتدّ به كالأبنية، فلا حاجة إلى تكريره (3).

مسألة:يستحبّ أن يقف المأموم الواحد عن يمين الإمام.
اشارة

ذهب إليه أكثر أهل العلم (4).و قال سعيد بن المسيّب:يقيمه عن يساره (5).و قال النخعيّ:يقيمه وراءه إلى أن يركع،فإن جاء أحد و إلاّ أقامه الإمام عن يمينه (6).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حوّله

ص:244


1- 1ح و ق:مسألة.
2- 2) ح:الصفوف.
3- 3) يراجع:ص 179. [1]
4- 4) الأمّ 1:169،المجموع 4:294،الميزان الكبرى 1:178،فتح الباري 2:152،المغني 2:44،الكافي لابن قدامة 1:246،بداية المجتهد 1:148،الهداية للمرغينانيّ 1:56،شرح فتح القدير 1:306،سبل السلام 2:31،نيل الأوطار 3:219.
5- 5) حلية العلماء 2:211،الميزان الكبرى 1:178،المجموع 4:294،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 72،فتح الباري 2:152،سبل السلام 2:31.
6- 6) المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65،حلية العلماء 2:211،المجموع 4:294،الميزان الكبرى 1:178،فتح الباري 2:152،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.

إلى يمينه (1).

و ما رووه عن جابر بن عبد اللّه قال:سرت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة فقام يصلّي،فتوضّأت ثمَّ جئت حتّى قمت عن يسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأخذ بيديه فأدارني حتّى أقامني عن يمينه،فجاء جبّار بن صخر (2)حتّى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعا حتّى أقامنا خلفه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام قال:«الرجلان يؤمّ أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه،فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه» (4).

و ما رواه عن الحسين بن يسار المدائنيّ (5)أنّه سمع من يسأل الرضا عليه السلام عن رجل صلّى إلى جانب رجل فقام عن يساره و هو لا يعلم،كيف يصنع،ثمَّ علم هو و هو في الصلاة؟قال:«يحوّله عن يمينه» (6).و قد اشتمل هذا الحديث على فوائد:منها:المطلوب.

و منها:أنّه إن وقف عن يساره صحّت صلاته.

ص:245


1- 1صحيح البخاريّ 1:47،179،217،صحيح مسلم 1:527 الحديث 763،سنن أبي داود 1:166 الحديث 610،سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 973،سنن الترمذيّ 1:452 الحديث 232،سنن النسائيّ 2:87، سنن الدارميّ 1:286،مسند أحمد 1:341،343 و 347. [1]
2- 2) جبّار بن صخر بن أميّة بن خنساء بن سنان الأنصاريّ الخزرجيّ يكنّى أبا عبد اللّه،شهد بدرا ثمَّ شهد أحدا و ما بعدها من المشاهد،و كان أحد السبعين ليلة العقبة،و آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين المقداد بن الأسود،روى عنه شرحبيل بن سعد،توفّي بالمدينة سنة 30 ه. أسد الغابة 1:265، [2]الإصابة 1:220، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 2:227. [5]
3- 3) صحيح مسلم 4:2305 الحديث 3010،سنن أبي داود 1:171 الحديث 634،سنن البيهقيّ 3:95.
4- 4) التهذيب 3:26 الحديث 89،الوسائل 5:411 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]
5- 5) الحسين بن يسار،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا عليه السلام قائلا:الحسين بن يسار المدائنيّ مولى زياد ثقة صحيح،و أخرى من أصحاب الجواد عليه السلام. رجال الطوسيّ:373 و 400.
6- 6) التهذيب 3:26 الحديث 90،الوسائل 5:414 الباب 24 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [7]

و منها:أنّه لا يلزمه سجود السهو.

و منها:أنّه إذا وقف عن يساره ينبغي أن يتحوّل إلى يمينه.

و منها:أنّه إذا لم يتحوّل لم يقرأ (1)الإمام بل يحوّله.

و منها:تحريم الكلام في الصلاة.

و منها:أنّ العمل اليسير لا يبطل الصلاة.

و منها:أنّ المشي اليسير لا يبطل الصلاة.

فروع:

الأوّل:لو كان المأموم الواحد امرأة وقفت خلف الإمام وجوبا،لقوله عليه السّلام:

«أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي العبّاس قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤمّ المرأة في بيته؟قال:«نعم،تقوم وراءه» (3).

الثاني:وقوف المأموم الذكر عن يمين الإمام ليس بواجب،بل هو مستحبّ.

فلو وقف عن يساره أو خلفه جاز،لكنّه يكون قد فعل مكروها.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أصحاب الرأي (6)،و أكثر

ص:246


1- 1م و ن:يقف.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:56،المغني 2:37،شرح العناية على الهداية 1:313،المصنّف لعبد الرزّاق 3:149 الحديث 5115.
3- 3) التهذيب 3:267 الحديث 757،الوسائل 5:405 الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [1]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:86،بلغة السالك 1:158،المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65.
5- 5) الأمّ 1:169،المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:293،مغني المحتاج 1:246،المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:43-44،بدائع الصنائع 1:159،الهداية للمرغينانيّ 1:56،شرح فتح القدير 1: 308،مجمع الأنهر 1:109،المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65.

أهل العلم (1).

و قال أحمد:إن وقف عن يساره بطلت صلاته،إلاّ أن يكون على يمين الإمام غيره، و إن وقف وراءه بطلت (2).

لنا:حديث ابن عبّاس (3)،فإنّه دالّ على الاجتزاء بما فعله،و لم يأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالاستئناف،و لو لم يكن موقفا لاستأنف.

و من طريق الخاصّة:رواية الحسين بن يسار و قد تقدّمت (4).

و لأنّه موقف فيما إذا كان عن الجانب الآخر غيره،فكان موقفا مع عدمه.و لأنّه أحد جانبي الإمام فأشبه اليمين.

احتجّ أحمد (5)بحديث ابن عبّاس،و لو كان موقفا لما حوّله.

و الجواب:أنّه حوّله للفضيلة،إذ لا منازعة فيه،و لو كان إنّما حوّله لأنّه واجب لأمره بالاستئناف.

الثالث:لو كان المأموم خنثى تأخّر وجوبا،لجواز أن يكون امرأة،و المحاذاة محرّمة.

الرابع:لو كان المأموم صبيّا وقف عن يمين الإمام أيضا،لحديث ابن عبّاس،فإنّه في تلك الحال كان صبيّا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي البختريّ،عن جعفر عليه السلام قال:

«إنّ عليّا عليه السلام قال:الصبيّ عن يمين الرجل في الصلاة إذا ضبط الصفّ جماعة،

ص:247


1- 1المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65،المجموع 4:293.
2- 2) المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65،الكافي لابن قدامة 1:248،الإنصاف 2:282.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:47،179 و 217،صحيح مسلم 1:527 الحديث 763،سنن أبي داود 1:166 الحديث 610،سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 973،سنن النسائيّ 2:87،سنن الدارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 1:341، 343 و 347. [2]
4- 4) تقدّمت في ص 245. [3]
5- 5) المغني 2:43،الشرح الكبير بهامش المغني 2:65.

و المريض القاعد عن يمين الصبيّ جماعة» (1).

مسألة:و لو كان المأموم أكثر من واحد وقفوا خلفه،
اشارة

سواء كانوا ثلاثة و أكثر (2)أو اثنين.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول عليّ عليه السّلام،و عمر،و جابر بن زيد،و الحسن، و عطاء (3)،و مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و كان ابن مسعود يقول:إن كان المأموم اثنين وقف الإمام بينهما (8).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخرج جابرا و جبّارا عن جنبيه و جعلهما خلفه (9)، و ذلك يدلّ على الأفضليّة،إذ لو كان موضعهما موضع الفضيلة لما نقلهما عنه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام:«فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه» (10).

ص:248


1- 1التهذيب 3:56 الحديث 193،الوسائل 5:412 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) غ:أو أكثر.
3- 3) المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:86،إرشاد السالك:26،بداية المجتهد 1:148،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62، الميزان الكبرى 1:178.
5- 5) الأمّ 1:169،حلية العلماء 2:211،المهذّب للشيرازيّ 1:99،المجموع 4:292،مغني المحتاج 1:246، بداية المجتهد 1:148،المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62،الميزان الكبرى 1:178،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
6- 6) المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62،زاد المستقنع:17،الكافي لابن قدامة 1:246، الميزان الكبرى 1:178،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:42،بدائع الصنائع 1:158،الهداية للمرغينانيّ 1:56، [2]تحفة الفقهاء 1:228، المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62،الميزان الكبرى 1:178،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
8- 8) المغني 2:44،الشرح الكبير بهامش المغني 2:62،حلية العلماء 2:212،المبسوط للسرخسيّ 1:42، الهداية للمرغينانيّ 1:56،الميزان الكبرى 1:179،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
9- 9) صحيح مسلم 4:2305 الحديث 3010،سنن أبي داود 1:171 الحديث 634،سنن البيهقيّ 3:95.
10- 10) التهذيب 3:26 الحديث 89،الوسائل 5:411 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
فروع:

الأوّل:لو كان أحد المأمومين صبيّا جعلهما خلفه،سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا تصحّ الجماعة فيها.و لو جعلهما معا عن يمينه أو يساره جاز عندنا و عند أكثر أهل العلم (1).

و قال أحمد:لو جعلهما خلفه في الفرض لا يصحّ (2).

لنا:الأصل الجواز.و لأنّه موضع فضيلة لا وجوب.و لأنّ الصبيّ متنفّل فصحّ أن يصافّ المفترض كالمتنفّل البالغ.

احتجّ أحمد بأنّ الصبيّ لا يؤمّه فلا يصافّه كالمرأة (3).

و الجواب:أنّه معارض بالأصل و القياس.و منقوض بالنوافل و بالأمّيّ مع القارئ و بالفاسق مع العدل.

الثاني:لو أمّ اثنين فوقفا إلى جنبيه أخّرهما الإمام.و قال أبو حنيفة:بل يتقدّم هو (4).

لنا:رواية جابر.و لأنّه الأصل في الصلاة فكره له الاشتغال بما ليس من الصلاة بخلاف المأموم.

الثالث:لو أمّ رجلا و امرأة وقف الرجل عن يمينه و المرأة خلفهما،لما رواه الشيخ عن القاسم بن الوليد قال:سألته عن الرجل يصلّي مع الرجل الواحد معهما النساء،قال:«يقوم الرجل إلى جنب الرجل و يتخلّفن النساء خلفهما» (5).

و كذا لو أمّ صبيّا و امرأة،لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤمّ النساء (6)ليس معهنّ رجل في الفريضة،قال:«نعم،و إن كان

ص:249


1- 1المغني 2:37،المبسوط للسرخسيّ 2:43،فتح العزيز بهامش المجموع 4:340.
2- 2) المغني 2:37،الشرح الكبير بهامش المغني 2:69،الإنصاف 2:287.
3- 3) المغني 2:37.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:43،تحفة الفقهاء 1:228،بدائع الصنائع 1:158،الهداية للمرغينانيّ 1:56.
5- 5) التهذيب 3:268 الحديث 763،الوسائل 5:405 الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
6- 6) م،ن،غ و ق:المرأة.

معه صبيّ فليقم إلى جانبه» (1).

و كذا البحث لو كان النساء أكثر من واحدة.و لو كان معه صبيان و نساء،جعل الصبيان صفّا و النساء خلفهم،لما رواه الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن مسكان (2).

الرابع:لو أمّ الرجال و النساء و الصبيان و الخناثى،كان الذي يلي الإمام الرجال،ثمَّ الصبيان،ثمَّ الخناثى،ثمَّ النساء.و الترتيب الأوّل مستحبّ و البواقي واجبة على قول (3).

و قال بعض الشافعيّة:يقف بين كلّ رجلين صبيّ (4).و ليس بصحيح،لقوله عليه السلام:«ليليني منكم ذوو الأحلام و النهى» (5).

احتجّ المخالف بأنّهم يتعلّمون (6).

و جوابه:أنّه حاصل مع التأخّر.

و لو جاء رجال تأخّرن وجوبا،إذا لم يكن لهم موقف أمامهنّ.

الخامس:لو أمّ خنثى مشكلا لا غير تأخّر-إن قلنا بتحريم مصافّة (7)المرأة للرجل- وجوبا لا استحبابا،لاحتمال أن يكون امرأة،خلافا لبعض الجمهور (8).

و لو كان معهما رجل وقف الرجل عن (9)يمين الإمام و الخنثى خلفهما.و لو كان معه

ص:250


1- 1التهذيب 3:268 الحديث 767،الوسائل 5:412 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:267 الحديث 759،الوسائل 5:412 الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
3- 3) ينظر:المبسوط للشيخ الطوسيّ 1:155، [3]المغني 2:37.
4- 4) حلية العلماء 2:213،المجموع 4:293،الميزان الكبرى 1:179،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 72.
5- 5) صحيح مسلم 1:323 الحديث 432،سنن أبي داود 1:180 الحديث 674،سنن الترمذيّ 1:440 الحديث 228،سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 976،سنن النسائيّ 2:87،مسند أحمد 1:457،و ج 4:122، سنن البيهقيّ 3:96،سنن الدار قطنيّ 1:279 الحديث 1،سنن الدارميّ 1:290. [4]بتفاوت.
6- 6) حلية العلماء 2:213،المجموع 4:293،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
7- 7) م و ن:محاذاة.
8- 8) المغني 2:47،الشرح الكبير بهامش المغني 2:69،الإنصاف 2:283.
9- 9) ق و ح:على.

رجلان وقفا خلفه و الخنثى خلفهما كالمرأة.و لو كان هناك خنثيان فالوجه أنّه لا يجوز لهما الجماعة،بناء على القول بتحريم مصافّة المرأة للرجل،لأنّه إن تقدّم أحدهما على الآخر احتمل أن يكون المتقدّم امرأة و المتأخّر رجلا.و كذا الاحتمال موجود لو أخرتا.

السادس:لو أحرم اثنان خلف الإمام،ثمَّ فارق أحدهما لعذر أو لغيره،فالوجه استحباب تقدّم الآخر إلى يمين الإمام.

السابع:لو قام المأموم عن يمين الإمام فدخل آخر،وقف خلفه و تأخّر الأوّل.

و قال الشافعيّ:يقف عن يساره ثمَّ يحرم،فإذا أحرم تأخّر معا (1).

لنا:أنّ المأموم أكثر من واحد فاستحبّ تقديم الإمام عليهما،و مع التحريم في الصفّ لا يحصل المستحبّ.

احتجّ بأنّه إن تأخّر الأوّل قبل أن يحرم الثاني صار منفردا خلفه،و إن أحرم الثاني خلفه قبل تأخّر الأوّل لزم ذلك بعينه (2).

و الجواب:أنّ التحريم مع التأخّر.و لأنّ ما ذكره يلزمه مثله،إذ تحريم الثاني في الصفّ يستلزم مجامعة أكثر من المأموم للإمام في الصفّ.

الثامن:لو وقف معه كافر أو من لا تجوز صلاته لم يعتدّ به،و كان المستحبّ له أن يقف عن يمين الإمام.أمّا لو وقف معه فاسق،أو متنفّل،أو أمّيّ و هو قارئ،أو من به سلس البول،أو متيمّم كانا صفّا،قولا واحدا.

التاسع:لو كان الإمام و المأمومون عراة لم يتقدّمهم،بل يقعد وسطهم و يبرز بركبتيه عنهم.و هو قول أكثر أهل العلم (3).

روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن قوم صلّوا جماعة و هم عراة،قال:يتقدّمهم الإمام بركبتيه و يصلّي بهم جلوسا

ص:251


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:99،المجموع 4:292،مغني المحتاج 1:246،السراج الوهّاج:71.
2- 2) مغني المحتاج 1:246.
3- 3) حلية العلماء 2:67،المغني 1:664.

و هو جالس» (1).و لعلّ المطلوب من التوسّط استواء نسبتهم إليه ليتمكّنوا من متابعته.

العاشر:يستحبّ تقارب الصفوف،لرواية زرارة الحسنة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ينبغي أن تكون الصفوف تامّة متواصلة بعضها إلى بعض،لا يكون بين صفّين ما لا يتخطّى،يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان» (2).

مسألة:و لو أمّت المرأة بالنساء لم تتقدّم عليهنّ،

بل تقف (3)في وسطهنّ.و هو اتّفاق بين القائلين بإمامة النساء،لما رواه الجمهور عن عائشة أنّها كانت تقف وسطهنّ (4).

و رووا عن صفوان بن سليم أنّه قال:من السنّة إن صلّت بنسوة أن تقف وسطهنّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام.و عن المرأة تؤمّ النساء؟قال:«نعم،تقوم وسطا بينهنّ و لا تتقدّمهنّ» (6).

مسألة:و أفضل الصفوف أوّلها

فيختصّ (7)به أهل الفضل استحبابا.و هو قول عامّة أهل العلم.روى الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«خير صفوف الرّجال

ص:252


1- 1التهذيب 2:365 الحديث 1513،و ج 3:178 الحديث 404،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلّي الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:253 الحديث 1143،التهذيب 3:52 الحديث 182،الوسائل 5:462 الباب 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]في الفقيه و الوسائل:« [3]مسقط جسد الإنسان إذا سجد».كما في نسخة ح.
3- 3) ح و ق:تتوقّف.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:131.
5- 5) الأمّ 1:164،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24.
6- 6) التهذيب 3:31 الحديث 112،الاستبصار 1:426 الحديث 1645،الوسائل 5:408 الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 10. [4]
7- 7) ن:فيخصّ.

أوّلها و شرّها آخرها،و خير صفوف النساء آخرها و شرّها أوّلها» (1).

و عنه عليه السلام أنّه قال:«ليليني منكم أولو النهى و الأحلام» (2).

و عنه عليه السلام أنّه رأى في أصحابه تأخّرا،فقال:«تقدّموا فائتمّوا بي و ليأتمّ بكم من بعدكم،لا يزال قوم يتأخّرون حتّى يؤخّرهم اللّه عزّ و جلّ» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جابر بن يزيد،عن الباقر عليه السلام قال:

«ليكن الذين يلون الإمام أولى الأحلام منكم و النهى،فإن نسي الإمام أو تعايا قوّموه، و أفضل الصفوف أوّلها و أفضل أوّلها ما دنا من الإمام» (4).

و ما رواه ابن بابويه عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام قال:«إنّ الصلاة في الصفّ الأوّل كالجهاد في سبيل اللّه» (5).و لأنّهم يردّون الإمام لو سها.

و يدلّ على هذه العلّة قول الباقر عليه السلام:«فإن نسي الإمام قوّموه».فإنّ حرفي «إن»و«الفاء»دالاّن على التعليل.و لأنّه ربّما يعرض للإمام ما يقطع به الصلاة فيحتاج إلى من يستخلفه.

مسألة:و لو وقف المأموم وحده صحّت صلاته،
اشارة

لكنّ الأولى له الدخول في الصفّ.

ص:253


1- 1صحيح مسلم 1:326 الحديث 440،سنن أبي داود 1:181 الحديث 678،سنن ابن ماجه 1:319 الحديث 1000،سنن الترمذيّ 1:435 الحديث 224،سنن النسائيّ 2:93،مسند أحمد 2:247. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:323 الحديث 432،سنن أبي داود 1:180 الحديث 674،سنن الترمذيّ 1:440 الحديث 228،سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 976،مسند أحمد 1:457 و ج 4:122، [2]سنن الدار قطنيّ 1:279 الحديث 1،سنن الدارميّ 1:290، [3]سنن البيهقيّ 3:96.بتفاوت يسير.
3- 3) صحيح مسلم 1:325 الحديث 438،سنن أبي داود 1:181 الحديث 680،سنن البيهقيّ 3:103، نيل الأوطار 3:232 الحديث 8.
4- 4) التهذيب 3:265 الحديث 751،الوسائل 5:386 الباب 7 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2 و [4]الباب 8 الحديث 1.في الجميع:«أولو الأحلام».
5- 5) الفقيه 1:252 الحديث 1140،الوسائل 5:387 الباب 8 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [5]

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول الحسن البصريّ (1)،و مالك (2)،و الأوزاعيّ (3)، و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي (5).

و قال النخعيّ (6)،و الحكم،و الحسن بن صالح (7)،و إسحاق (8)،و أحمد (9)، و ابن المنذر:لو صلّى وحده ركعة كاملة بطلت صلاته (10).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ أبا بكرة جاء و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله راكع،فركع دون الصفّ ثمَّ مشى إلى الصفّ،فلمّا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاته قال:«أيّكم ركع دون الصفّ؟»فقال أبو بكرة:أنا،فقال:«زادك اللّه حرصا،و لا تعد» (11).و لم يأمره بالإعادة.

لا يقال:نهيه عن العود يدلّ على البطلان.

لأنّا نقول:لا دلالة في ذلك على البطلان،لأنّه لم يأمره بالإعادة،فكان ذلك على

ص:254


1- 1المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:105،المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،الميزان الكبرى 1:179، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72،المجموع 4:298.
3- 3) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:100،المجموع 4:298،مغني المحتاج 1:247،المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64.
5- 5) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298،الميزان الكبرى 1:179،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
6- 6) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298،الميزان الكبرى 1:179،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:72.
7- 7) المغني 2:42،المجموع 4:298.
8- 8) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298.
9- 9) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،الكافي لابن قدامة 1:248،الإنصاف 2:289.
10- 10) المغني 2:42،الشرح الكبير بهامش المغني 2:64،المجموع 4:298.
11- 11) صحيح البخاريّ 1:198-199،سنن أبي داود 1:182 الحديث 683،684،سنن النسائيّ 2:118،مسند أحمد 5:39، [1]سنن البيهقيّ 2:90 و ج 3:105،106.

سبيل الكراهية.و يحتمل:لا تعد إلى التأخّر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يوما دخل المسجد الحرام في صلاة العصر،فلمّا كان دون الصفوف ركعوا فركع وحده و سجد السجدتين،ثمَّ قام فمضى حتّى لحق الصفوف (1).

و ما رواه عن سعيد الأعرج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصفّ مقاما،أ يقوم وحده حتّى يفرغ من صلاته؟قال:«نعم،لا بأس، يقوم بحذاء الإمام» (2).

و ما رواه في الصحيح عن أبي الصبّاح قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقوم في الصفّ وحده،فقال:«لا بأس،إنّما يبدو واحد بعد واحد» (3).و لأنّه موقف له لو كان معه غيره،فكذا لو انفرد.و لأنّه موقف للمرأة فكان موقفا له.

و أمّا كراهية الانفراد،فلما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا تكوننّ في العيكل (4)،قلت:و ما العيكل؟قال:أن تصلّي خلف الصفوف وحدك» (5).

ص:255


1- 1التهذيب 3:272 الحديث 785،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 3:272 الحديث 786،الوسائل 5:459 الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 3:280 الحديث 828،الوسائل 5:459 الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [3]
4- 4) في النسخ:«العيكل»و«العتكل».في التهذيب:«العيكل»و في الوسائل:« [4]العثكل».قال المجلسيّ في ملاذ الأخيار 5:537:« [5]في أكثر نسخ التهذيب:العيكل و في بعضها:العثكل و لم أر لهما معنى مناسبا في اللغة إلاّ بتكلّف».ثمَّ نقل عن القاموس:«اعتكل:اعتزل»من المعاني المناسبة له.و في مجمع البحرين الطبعة الحديثة الربع الثالث،مادّة:عثكل:121 قال:«في نسخة:نسكل».و لكن في الطبعة القديمة منه:419:«فسكل»و هو الصحيح،حيث أنّ ما نقله عن الصحاح في معناه مذكور في معنى«فسكل»قال في الصحاح 5:1790:«الفسكل: الّذي يجيء في الحلبة آخر الخيل».و أيضا:في الجواهر 13:267:« [6]على أنّ في مجمع البحرين عن بعض النسخ: الفسكل-بالفاء و السين المهملة-الفهرس الّذي في آخر خيل السباق،و هو مناسب لما نحن فيه».
5- 5) التهذيب 3:282 الحديث 838،الوسائل 5:460 الباب 58 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [7]

و عنه،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

سوّوا بين صفوفكم و حاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان» (1).

احتجّ المخالف (2)بما رواه وابصة بن معبد (3)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يصلّي خلف الصفّ وحده فأمره أن يعيد (4).و لأنّه خالف الموقف فلم تصحّ صلاته كما لو تقدّم الإمام.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الاستحباب.

و عن الثاني:أنّه صلّى في الموقف،إذ الموقف هو خلف الإمام،أقصى ما في الباب أنّه فعل مكروها بانفراده.

فرع:

لو دخل المسجد و لم يجد مدخلا في الصفّ صلّى وحده عن يمين الإمام مؤتمّا،لرواية سعيد الأعرج.و به قال الشافعيّ في أحد القولين (5)،و أحمد (6).

و قال الشافعيّ في رواية أبي حامد:يقف خلف الصفوف و يجذب رجلا من الصفّ

ص:256


1- 1التهذيب 3:283 الحديث 839،الوسائل 5:472 الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
2- 2) المغني 2:42،المجموع 4:298.
3- 3) وابصة بن معبد بن مالك بن عبيد-أو:عتبة-بن الحارث بن مالك بن عبيد الأسديّ يكنّى أبا سالم،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ابن مسعود،و روى عنه ابناه:عمرو و سالم،و زرّ بن حبيش و جمع،مات بالرّقّة و قبره عند منارة المسجد الجامع. أسد الغابة 5:76، [2]تهذيب التهذيب 11:100. [3]
4- 4) سنن أبي داود 1:182 الحديث 682،سنن الترمذيّ 1:445 الحديث 230 و ص 448 الحديث 231، سنن ابن ماجه 1:321 الحديث 1004،سنن البيهقيّ 3:104،105.
5- 5) حلية العلماء 2:213،المجموع 4:297،مغني المحتاج 1:248،فتح العزيز بهامش المجموع 4:342.
6- 6) المغني 2:46،الشرح الكبير بهامش المغني 2:71،الكافي لابن قدامة 1:250،الإنصاف 1:288.

فيصفّ (1)معه (2).و كره ذلك مالك (3)،و الأوزاعيّ (4)،لما فيه من التصرّف في المجذوب بغير إذنه.و هو جيّد،لأنّه يحرمه فضيلة الصفّ الأوّل،و ليس له ذلك.

آخر (5):

لو صلّى الإمام في المسجد الحرام إلى ناحية من نواحي الكعبة و استدار المأمومون حولها،صحّت صلاة من خلف الإمام خاصّة،سواء بعد المأمومون (6)في الجهة الأخرى عنها أكثر من بعد الإمام أولا،خلافا للشافعيّ (7)،و أبي حنيفة (8).

لنا:أنّ موقف المأموم خلف الإمام أو إلى جانبه،و هو إنّما يحصل في جهة واحدة، فصلاة من غايرها باطلة.و لأنّهم وقفوا بين يدي الإمام فتبطل صلاتهم.

مسألة:يستحبّ أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصفّ،

ليتساوى نسبة المأمومين إليه فيمكنهم المتابعة.و قد روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«وسّطوا الإمام و سدّوا الخلل» (9).

و يكره للمأمومين الوقوف بين الأساطين،لأنّها تقطع صفوفهم.و به قال ابن مسعود،

ص:257


1- 1غ،ق و ح:فيقف.
2- 2) حلية العلماء 2:213،المجموع 4:297،مغني المحتاج 1:248،فتح العزيز بهامش المجموع 4:342.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:106،المغني 2:46،الشرح الكبير بهامش المغني 2:71،المجموع 4:299.
4- 4) المغني 2:46،الشرح الكبير بهامش المغني 2:71،المجموع 4:299.
5- 5) هامش ح:فرع آخر.
6- 6) ح:سواء كان بعد المأمومين.
7- 7) الأمّ 1:170،المجموع 4:300،فتح العزيز بهامش المجموع 4:339.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:78،الهداية للمرغينانيّ 1:95،شرح فتح القدير 2:111،فتح العزيز بهامش المجموع 4:339.
9- 9) سنن أبي داود 1:182 الحديث 681،سنن البيهقيّ 3:104.

و النخعيّ،و حذيفة،و ابن عبّاس (1).و لم يكرهه مالك (2)،و أصحاب الرأي،لعدم الدلالة على المنع (3).

و الجواب:ما رواه الجمهور عن معاوية بن قرّة (4)،عن أبيه قال:كنّا ننهى أن نصفّ بين الأساطين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نطرد عنها طردا (5).و لما ذكرناه من قطعها للصفّ.

البحث السادس:في الأحكام
مسألة:يسقط وجوب القراءة عن المأموم.
اشارة

(6)

و هو مذهب علماء أهل البيت عليهم السلام،و به قال أبو حنيفة (7)،و الثوريّ (8)،و سفيان بن عيينة (9)،

ص:258


1- 1المغني 2:48.
2- 2) المدّونة الكبرى 1:106،المغني 2:48.
3- 3) المغني 2:48.
4- 4) معاوية بن قرّة بن إياس بن هلال بن رئاب المزنيّ أبو إياس البصريّ،روى عن أبيه و معقل بن يسار و أبي أيّوب الأنصاريّ و عدّة،و روى عنه ابنه إياس و ثابت البنانيّ و شعبة و أبو عوانة و آخرون.مات سنة 113 ه. تهذيب التهذيب 10:216، [1]العبر 1:107. [2]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:320 الحديث 1002.
6- 6) ح و ق:سقط.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:128،بدائع الصنائع 1:110،الهداية للمرغينانيّ 1:55، [3]عمدة القارئ 6:11، حلية العلماء 2:105،المحلّى 3:238،المجموع 3:365، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 3:311. [5]
8- 8) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:12،المجموع 3:365، [6]حلية العلماء 2:105،عمدة القارئ 6:11.
9- 9) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:12،المجموع 3:365. [7]

و مالك (1)،و أحمد (2)،و داود (3)،و إسحاق (4).و للشافعيّ قولان:

أحدهما:الوجوب في صلاة السرّ و سقوطه في الجهريّة.و الثاني:وجوبها فيهما معا (5).و به قال الليث (6)،و الأوزاعيّ (7)،و أبو ثور (8)،و ابن المنذر (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام قال:«إذا كنت خلف إمام تأتمّ به،فأنصت و سبّح في نفسك» (11).

و ما رواه في الموثّق عن يونس بن يعقوب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة خلف من أرتضي به،أقرأ خلفه؟فقال:«من رضيت به فلا تقرأ

ص:259


1- 1بداية المجتهد 1:154،بلغة السالك 1:113،مقدّمات ابن رشد 1:129،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:175،تفسير القرطبيّ 1:118،119، [1]المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:12،المحلّى 3:238، [2]الميزان الكبرى 1:140،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:43.
2- 2) المغني 1:640،الشرح الكبير بهامش المغني 2:12،الكافي لابن قدامة 1:167،الإنصاف 2:228، [3]عمدة القارئ 6:11،الميزان الكبرى 1:140،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:43،المجموع 3:365. [4]
3- 3) حلية العلماء 2:105.
4- 4) المغني 1:640.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:72،حلية العلماء 2:105،المجموع 3:364،التفسير الكبير 1:214، تفسير القرطبيّ 1:119، [5]المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:13،14.
6- 6) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:14،المحلّى 3:239.
7- 7) المغني 1:636،المجموع 3:365،المحلّى 3:239،تفسير القرطبيّ 1:119، [6]عمدة القارئ 6:10.
8- 8) المغني 1:636،المجموع 3:365، [7]تفسير القرطبيّ 1:119، [8]عمدة القارئ 6:10.
9- 9) لم نعثر عليه.
10- 10) سنن ابن ماجه 1:277 الحديث 850،سنن الدار قطنيّ 1:323 الحديث 1،مسند أحمد 3:339، [9]سنن البيهقيّ 2: 159،160.
11- 11) التهذيب 3:32 الحديث 116،الاستبصار 1:428 الحديث 1651،الوسائل 5:426 الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [10]

خلفه» (1).

و ما رواه في الصحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة» (2).

و ما رواه عن عبد الرحيم القصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«إذا كان الرّجل لا تعرفه يؤمّ الناس فقرأ القرآن فلا تقرأ و اعتدّ بصلاته» (3).

و ما رواه عن الحسين بن كثير (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام،فقال:«إنّ الإمام ضامن للقراءة و ليس يضمن الإمام صلاة الّذين خلفه،إنّما يضمن القراءة» (5).و رواه ابن بابويه أيضا (6).

و لأنّه لو أدركه راكعا أدرك الركعة و لم يقرأ.و لأنّه لو لا ذلك لسقط اعتبار أولويّة تقديم الأقرأ.

احتجّ المخالف (7)بما رواه عبادة بن الصامت قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:260


1- 1التهذيب 3:33 الحديث 118،الاستبصار 1:428 الحديث 1653،الوسائل 5:424 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 14. [1]
2- 2) التهذيب 3:269 الحديث 770،الوسائل 5:422 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 3:275 الحديث 798،الوسائل 5:396 الباب 12 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [3]
4- 4) كذا في النسخ،و في الفقيه 1:247 الحديث 1104 الحسن بن كثير،و هو:الحسن بن كثير البجليّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.قال العلاّمة الخوئيّ:في نسخة قديمة من الفقيه:الحسين بن كثير. و هو مشترك بين الحسين بن كثير الخزّاز و القلانسيّ و الكلابيّ،عدّهم الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و في التهذيب 3:279 الحديث 820 الحسين بن بشير،قال العلاّمة المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على نقل جامع الرواة روايته عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و اللّه العالم. رجال الطوسيّ:166،170،171،تنقيح المقال 1:303 و 322، [4]معجم رجال الحديث 5:209. [5]
5- 5) التهذيب 3:279 الحديث 820،الوسائل 5:421 الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]
6- 6) الفقيه 1:247 الحديث 1104.
7- 7) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 2:12،المجموع 3:366.

و آله الصبح فثقلت عليه القراءة،فلمّا انصرف قال:«إنّي لأراكم تقرؤن وراء إمامكم»قال:

قلنا:أجل،قال:«فلا تفعلوا إلاّ بأمّ القرآن،فإنّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» (1).

و لأنّه يلزمه قيام القراءة،فلزمته القراءة كالمنفرد.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الاستحباب،و سيأتي بيانه.

و عن الثاني:أنّ النصّ ورد بوجوب متابعة الإمام في القيام،و قد تقدّم (2).أمّا القراءة فلا.و ينتقض بالسورة،فإنّ المأموم يقف لها و لا يقرأ.

فروع:

الأوّل:قال الشيخان:لا تجوز القراءة خلف من يقتدى به في الجهريّة إذا سمع قراءة الإمام (3)،لرواية يونس (4)،و هي دالّة على النهي عن القراءة.

و روى الشيخ في الحسن عن قتيبة (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كنت خلف إمام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك، و إن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ» (6).

ص:261


1- 1سنن أبي داود 1:217 الحديث 823،سنن الترمذيّ 2:116 الحديث 311،مسند أحمد 5:316 و 322، [1]سنن البيهقيّ 2:164.
2- 2) يرجع:ص 215.
3- 3) ينظر قول المفيد في المعتبر 2:420،و [2]قول الطوسيّ في المبسوط 1:158 و [3]النهاية:113 و [4]الخلاف 1:116 مسألة-90.
4- 4) التهذيب 3:33 الحديث 118،الاستبصار 1:428 الحديث 1653،الوسائل 5:424 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 14. [5]
5- 5) قتيبة بن محمّد الأعشى المؤدّب أبو محمّد المقرئ مولى الأزد،ثقة عين،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عدّه الشيخ تارة من أصحاب الصادق عليه السلام بقوله:قتيبة بن محمّد الأعشى أبو محمّد الكوفيّ،و أخرى ممّن لم يرو عنهم بقوله:قتيبة الأعشى.و قال في الفهرست:له كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:317،الفهرست:128، [6]رجال الطوسيّ:275 و 491،رجال العلاّمة:135. [7]
6- 6) التهذيب 3:33 الحديث 117،الاستبصار 1:428 الحديث 1652،الوسائل 5:423 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 7. [8]

الثاني:قال (1):لو لم يسمع في الجهريّة و لا همهمة (2)استحبّ له القراءة (3)،لرواية قتيبة.

و قال الشيخ في التهذيب:يجب عليه القراءة،لأنّ الأمر يدلّ على الوجوب (4).و فيه نظر،لأنّه ظاهرا (5)كذلك ما لم يعارضه غيره،و قد عارضه هاهنا ما رواه الشيخ عن عليّ ابن يقطين قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الرجل يصلّي خلف إمام يقتدى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة،قال:«لا بأس،إن صمت و إن قرأ» (6).و نفي البأس يدلّ على نفي الوجوب.

الثالث:قال في المبسوط:لو سمع مثل الهمهمة جاز له أن يقرأ (7).

و لعلّه استناد إلى ما رواه في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا صلّيت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه،سمعت قراءته أو لم تسمع،إلاّ أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة و لم تسمع فاقرأ» (8).و سماع الهمهمة ليس سماعا للقراءة،فربّما كان الوجه فيما ذكره هذا الحديث.

الرابع:قال:يستحبّ أن يقرأ الحمد وحدها في الإخفاتيّة (9).و أطلق القول بذلك.

ص:262


1- 1كذا في النّسخ و لعلّه من سهو النسّاخ،إذ القائل به هو العلاّمة.
2- 2) ح:و لا الهمهمة.
3- 3) التهذيب 3:34،المبسوط 1:158.
4- 4) التهذيب 3:32.
5- 5) ح:لأنّ ظاهره.
6- 6) التهذيب 3:34 الحديث 122،الاستبصار 1:429 الحديث 1657،الوسائل 5:424 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 11. [1]
7- 7) المبسوط 1:158. [2]
8- 8) التهذيب 3:32 الحديث 115،الاستبصار 1:428 الحديث 1650،الوسائل 5:421 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
9- 9) النهاية:113، [4]المبسوط 1:158. [5]

و قال السيّد المرتضى:لا يقرأ في الأوليين منها،و يقرأ أو يسبّح في الأخريين (1).

و الأولى ما قاله السيّد،لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إن كنت خلف الإمام في صلاة لا تجهر فيها بالقراءة حتّى تفرغ،و كان الرّجل مأمونا على القرآن،فلا تقرأ خلفه في الأوّلتين و يجزئك التسبيح في الآخرتين» (2).

و روى الشيخ في الصحيح عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوّلتين،و على الّذين خلفك أن يقولوا:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،و هم قيّام.فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الّذين خلفك أن يقرؤا فاتحة الكتاب،و على الإمام التسبيح مثل ما يسبّح القوم» (3).

الخامس:لو فرغ المأموم من القراءة قبل الإمام استحبّ له أن يسبّح إلى أن يفرغ الإمام و يركع معه.

و يستحبّ له أن يبقى آية،فإذا ركع الإمام قرأها و ركع معه.

أمّا استحباب الذكر،فلتحصيل فضيلته و كراهية الصمت قائما.و أمّا إبقاء الآية، فليركع عن قراءة.

و يدلّ على ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الإمام أكون معه فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ،قال:«فأمسك آية و مجّد اللّه و أثن عليه،فإذا فرغ فاقرأ الآية و اركع» (4).

و ينبغي أن يكون ذلك فيما لا يجهر فيه بالقراءة،فإنّ الأولى الإنصات في الصلاة الجهريّة،لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:263


1- 1جمل العلم و العمل:50.
2- 2) التهذيب 3:35 الحديث 124،الوسائل 5:423 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [1]
3- 3) التهذيب 3:275 الحديث 800،الوسائل 5:426 الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 3:38 الحديث 135،الوسائل 5:432 الباب 35 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]

عليه السلام عن الصلاة خلف الإمام،أقرأ خلفه؟فقال:«أمّا الّتي (1)يجهر فيها،فإنّما أمر بالجهر لينصت من خلفه،فإن سمعت فأنصت و إن لم تسمع فاقرأ» (2).

و روى الشيخ في الصحيح عن بكر بن محمّد الأزديّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّي لأكره للمؤمن أن يصلّي خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنّه حمار»قال:قلت:جعلت فداك،فيصنع ما ذا؟قال:«يسبّح» (3).

مسألة:لو صلّى خلف من لا يقتدى به وجبت عليه القراءة
اشارة

و يسرّ بها-و إن كانت جهريّة-إذا اضطرّ إلى الائتمام.و لا نعرف فيه خلافا،لأنّه غير مأموم،فلو لم يقرأ خلت صلاته من قراءة صورة و حكما،و ذلك باطل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا صلّيت خلف إمام لا يقتدى به فاقرأ خلفه،سمعت قراءته أو لم تسمع» (4).

و ما رواه عن عليّ بن أسباط،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام و أبي جعفر عليه السلام في الرجل يكون خلف إمام (5)لا يقتدى به فيسبقه الإمام بالقراءة قال:«إذا كان قد قرأ أمّ الكتاب أجزأه،يقطع و يركع» (6).

قال الشيخ:و هذا يدلّ على أنّه متى لم يقرأ فاتحة الكتاب لم تجزئه الصلاة (7).

ص:264


1- 1في النسخ:الّذي،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 3:32 الحديث 114،الاستبصار 1:427 الحديث 1649،الوسائل 5:422 الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 3:276 الحديث 806،الوسائل 5:425 الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 3:35 الحديث 125،الاستبصار 1:429 الحديث 1658،الوسائل 5:429 الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [3]
5- 5) ح:الإمام،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 3:36 الحديث 130،الاستبصار 1:430 الحديث 1659،الوسائل 5:428 الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [4]
7- 7) التهذيب 3:37.

و أمّا جواز الإسرار،فلأنّه في موضع تقيّة و ضرورة،فيسقط وجوب الجهر لها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن إسحاق (1)،و محمّد بن أبي حمزة عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس» (2).

و ما رواه عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته و الإمام يجهر بالقراءة،قال:«اقرأ لنفسك،و إن لم تسمع نفسك فلا بأس» (3).

لا يقال:قد روى الشيخ في الموثّق عن بكير بن أعين قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الناصب يؤمّنا،ما تقول في الصلاة معه؟فقال:«أمّا إذا جهر فأنصت للقرآن (4)و اسمع ثمَّ اركع و اسجد أنت لنفسك» (5).و هذا يدلّ على سقوط القراءة و إن كان الإمام غير موثوق به.

ص:265


1- 1محمّد بن إسحاق بن عمّار بن حيّان التغلبيّ الصيرفيّ،قال النجاشيّ:ثقة عين روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام،و عدّه المفيد من خاصّة الإمام الكاظم عليه السلام و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته. عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام،و قال في الفهرست:له كتاب.فلا شكّ في وثاقه الرّجل،إنّما الكلام في مذهبه،قال المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:و قال أبو جعفر بن بابويه إنّه واقفيّ،فأنا في روايته من المتوقّفين.قال السيّد الخوئيّ:و المراد بقول ابن بابويه:ما نقله في العيون 2:الباب 47 الحديث 20، و [1]هذه الرواية ضعيفة لا يمكن الاستدلال بها على شيء،فإنّ في سندها جرير بن حازم و هو مجهول. الإرشاد للمفيد 2:240، [2]رجال النجاشيّ:361،الفهرست:149، [3]رجال الطوسيّ:360 و 388،رجال العلاّمة: 158، [4]معجم رجال الحديث 15:77. [5]
2- 2) التهذيب 3:36 الحديث 128،الاستبصار 1:430 الحديث 1662،الوسائل 5:428 الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [6]
3- 3) التهذيب 3:36 الحديث 129،الاستبصار 1:430 الحديث 1663،الوسائل 5:427 الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [7]
4- 4) ح:للقراءة.كما في الوسائل. [8]
5- 5) التهذيب 3:35 الحديث 126،الاستبصار 1:430 الحديث 1660،الوسائل 5:431 الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [9]

لأنّا نقول:لا يلزم من الإنصات عدم القراءة،لجواز أن ينصت وقت القراءة و يقرأ وقت السكوت،كما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان في صلاة الصبح،فقال ابن الكوّاء و هو خلفه:

وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ (1)إلى آخر الآية،فأنصت عليّ عليه السلام تعظيما للقرآن حتّى فرغ منها،ثمَّ عاد في قراءته،ثمَّ أعاد ابن الكوّاء الآية فأنصت عليّ عليه السلام أيضا،ثمَّ قرأ فأعاد ابن الكوّاء فأنصت عليّ عليه السلام ثمَّ قال فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (2)ثمَّ أتمّ السورة،ثمَّ ركع» (3).

و في هذا الحديث دلالة على جواز تنبيه الغير على الحاجة بالقرآن.و يحتمل أيضا أن يكون الإنصات للتقيّة (4).

فرع:

لو قرأ الإمام غير (5)الموثوق به عزيمة و لم يسجد،سجد المأموم إيماءا و أجزأه.

مسألة:متابعة الإمام واجبة.
اشارة

و هو قول أهل العلم،قال عليه السلام:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به،فإذا ركع فاركعوا،و إذا سجد فاسجدوا» (6).

فلو رفع رأسه قبل الإمام ناسيا إمّا من الركوع أو من السجود،عاد إلى حالته،ثمَّ رفع مع الإمام،لأنّ النسيان يسقط معه اعتبار الزيادة.و لأنّه تابع لغيره فلا يحصل التعدّد في

ص:266


1- 1الزمر(39):65. [1]
2- 2) الرّوم(30):60. [2]
3- 3) التهذيب 3:35 الحديث 127،الوسائل 5:430 الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. و [3]فيهما:«فقرأ ابن الكوّاء»مكان:«فقال ابن الكوّاء».
4- 4) غ:للتنبيه.
5- 5) ح:الغير.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:184 و 187،سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،نيل الأوطار 3:170 الحديث 1.

الأركان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن سهل الأشعريّ،عن أبيه،عن أبي الحسن عليه السلام قال:سألته عمّن ركع مع إمام يقتدى به،ثمَّ رفع رأسه قبل الإمام،قال:«يعيد ركوعه معه» (1).

و ما رواه عن محمّد بن سنان و الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قالا:

سألناه عن رجل صلّى مع إمام يأتمّ به،فرفع (2)رأسه من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجود،قال:«فليسجد» (3).

و لو رفع متعمّدا استمرّ على (4)حالته إلى أن يلحقه الإمام،ثمَّ يتابعه،لأنّه لو عاد إلى الحالة الأولى يكون قد زاد ما ليس من الصلاة،و ذلك مبطل،إذ لا عذر يسقط معه اعتبار الزيادة.روى الشيخ في الموثّق عن غياث بن إبراهيم قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام،أ يعود فيركع إذا أبطأ الإمام و يرفع رأسه معه؟ قال:«لا» (5).

فروع:

الأوّل:لو كان الإمام ممّن لا يقتدى به،فرفع المأموم رأسه من الكروع أو السجود قبله متعمّدا أو ناسيا استمرّ على حالته و لم يعد إلى الحالة الأولى،لأنّه منفرد حكما فيقع

ص:267


1- 1التهذيب 3:47 الحديث 163،الاستبصار 1:438 الحديث 1688،الوسائل 5:447 الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) ح:ثمَّ رفع،كما في الوسائل. [2]
3- 3) التهذيب 3:48 الحديث 165،الوسائل 5:447 الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]
4- 4) م بزيادة:تعذّر.
5- 5) التهذيب 3:47 الحديث 164،الاستبصار 1:438 الحديث 1689،الوسائل 5:448 الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [4]

رفعه في موقعه (1)فلا يجوز له العود،لأنّه يكون زيادة في الصلاة.

الثاني:هل يجوز المساوقة (2)؟فيه نظر،أقربه الجواز،عملا بالأصل،إلاّ في تكبيرة الإحرام عند الشافعيّ (3)،و أبي يوسف (4)،و محمّد بن الحسن (5).

و قال أبو حنيفة:تجوز المساوقة فيها أيضا (6).

احتجّ الأوّلون (7)بقوله عليه السلام:«فإذا كبّر فكبّروا» (8)و الفاء معقّبة.و لأنّ الاقتداء إنّما يصحّ (9)بالمصلّي و الإمام لا يصير كذلك ما لم يفرغ من التكبير،فلا يجوز الاقتداء به.

احتجّ أبو حنيفة (10)بقوله عليه السلام:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به،فلا تختلفوا عليه» (11).و تحقيق الائتمام و التحرّز عن المخالفة إنّما يكون بالقران،و الفاء قد يذكر للقران،

ص:268


1- 1بعض النسخ:موقفه.
2- 2) الفقهاء يقولون:تساوقت الخطبتان،يريدون المقارنة و المعيّة،و هو ما إذا وقعتا معا و لم تسبق إحداهما الأخرى.المصباح المنير:296. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:96،المجموع 4:235،مغني المحتاج 1:255،256،السراج الوهّاج:75،76، بداية المجتهد 1:154.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:38،المجموع 4:235.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:38.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:38،المغني 1:544،المجموع 4:235،بداية المجتهد 1:154.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:38،المهذّب للشيرازيّ 1:96،المجموع 4:235.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:184 و 187،صحيح مسلم 1:308 الحديث 411 و 414،سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،مسند أحمد 2: 314.
9- 9) ح و ق:يصلح.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:37.
11- 11) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن الدارميّ 1:286.و [2]بهذا المضمون ينظر: سنن أبي داود 1:164 الحديث 601،603،604 و 605،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن ابن ماجه 1: 276 الحديث 846 و ص 392 الحديث 1237 و 1239،سنن النسائيّ 2:83،الموطّأ 1:135 الحديث 16،17. [3]

كقوله (1)عليه السلام في هذا الحديث:«فإذا قرأ فأنصتوا و إذا ركع فاركعوا».

و قولهم:الاقتداء إنّما يجوز بالمصلّي،مسلّم،و لكن في حال ما يصير هو مقتديا يصير إمامه مصلّيا و هو حال ما بعد فراغهما من التكبير.

الثالث:لو ركع قبل إمامه ناسيا فالوجه الاستمرار على حالته،و كذا لو كان متعمّدا.

و به قال أبو حنيفة (2)،و أبو يوسف،و محمّد (3).

و قال الشافعيّ:ينبغي له أن يرجع إلى القيام حتّى يركع إمامه،ليتحقّق المتابعة (4).

لنا:أنّه فعل ركوعا في محلّه فلو عاد زاد.

لا يقال:ينتقض بالرفع.

لأنّا نقول:إنّه هو الأصل،إلاّ أنّا صرنا إلى ذلك للنصّ.و لو قلنا بقول الشافعيّ في النسيان كان قويّا،لما رواه الشيخ في الموثّق عن ابن فضّال قال:كتبت إلى الرضا عليه السلام:رجل كان خلف إمام يأتمّ به فركع قبل أن يركع الإمام،و هو يظنّ أنّ الإمام قد ركع،فلمّا رآه لم يركع فرفع رأسه،ثمَّ أعاد الركوع مع الإمام،أ يفسد عليه ذلك صلاته، أم تجوز تلك الركعة؟فكتب:«يتمّ صلاته و لا تفسد بما صنع صلاته» (5).

الرابع:لو ركع قبل إمامه و استمرّ إلى أن لحقه الإمام راكعا جاز.و قال زفر:لا يجوز (6).

لنا:أنّه شاركه (7)في بعض الركوع و شرط الاقتداء الموافقة في جزء من الركن،فصار كما لو ركع معه و قام قبله.

ص:269


1- 1ح و ق:لقوله.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:72، [1]مجمع الأنهر 1:143.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:96،المجموع 4:237.
5- 5) التهذيب 3:277 الحديث 811،الوسائل 5:447 الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [2]
6- 6) الجامع الصغير للشيبانيّ:89،الهداية للمرغينانيّ 1:72،شرح فتح القدير 1:420،421.
7- 7) ح و ق:يشاركه.

احتجّ زفر بأنّ ابتداء الركوع وقع فاسدا،و البناء على الفاسد فاسد.

و الجواب بمنع المقدّمتين.

الخامس:لو تقدّم على الإمام بركنين (1)،كما لو ركع قبل إمامه،ثمَّ نهض قبله لم تبطل صلاته و لا إمامته،بل الحكم ما قدّمناه.

و قال الشافعيّ:لو تقدّم بركنين بطلت صلاته (2).

السادس:لو سها الإمام فقعد في موضع قيام أو بالعكس،لم يتابعه المأموم،لأنّ المتابعة إنّما تجب في أفعال الصلاة،و ما فعله الإمام هنا ليس من أفعالها.

هذا إذا كان المتروك واجبا.أمّا لو كان مستحبّا،كما لو نهض قائما من السجدة الثانية قبل أن يجلس،فالأقرب وجوب المتابعة،لأنّها واجبة،فلا يشتغل عنها بسنّة.

و لو نسيا معا التشهّد الأوّل فقاما و سبق المأموم بالركوع متعمّدا،ثمَّ ذكر و ذكر الإمام قبل الركوع،قعد الإمام للتشهّد،و هل يتابعه المأموم؟الوجه عدم المتابعة،لأنّه ذكره بعد فوات محلّه.و لو سبق ناسيا ففيه تردّد،ينشأ من مساواة الرفع للركوع و عدمها.

مسألة:لو صلّى منفردا استحبّ له أن يعيد تلك الصلاة إذا وجد جماعة،
اشارة

إماما أو مأموما،أيّ صلاة كانت.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال بعض الشافعيّة:إن كان صبحا أو عصرا لم يستحبّ (3).و هو قول أبي حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:يشترط أن يقام و هو في المسجد،أو يدخل و هم يصلّون (5).و قال

ص:270


1- 1م:بركعتين.
2- 2) المجموع 4:237،فتح العزيز بهامش المجموع 4:382 و 394.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:222،حلية العلماء 2:189.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 2:7،فتح العزيز بهامش المجموع 4:298.
5- 5) المغني 1:786،الشرح الكبير بهامش المغني 2:6.

أبو حنيفة (1)و الشافعيّ معا:لا يعاد المغرب (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن الأسود العامريّ (3)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة الغداة في مسجد الخيف فرأى في آخر القوم رجلين لم يصلّيا معه،فقال:«ما منعكما أن تصلّيا معنا؟»قالا:يا رسول اللّه قد صلّينا في رحالنا،قال:«فلا تفعلا،إذا صلّيتما في رحالكما،ثمَّ أتيتما مسجدا فيه جماعة فصلّيا معهم،فإنّها لكما نافلة» (4).

و عنه عليه السلام أنّه قال لبعض أصحابه:«إذا جئت فصلّ مع الناس و إن كنت قد صلّيت» (5).

و عن أبي ذرّ:إنّ خليلي أوصاني أن أصلّي الصلاة لوقتها«فإذا أدركتها معهم فصلّ، فإنّها لك نافلة،و لا تقل:إنّي قد صلّيت فلا أصلّي» (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من حديث عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرّجل يصلّي الفريضة ثمَّ يجد قوما يصلّون جماعة،أ يجوز أن يعيد الصلاة معهم؟قال:«نعم،هو أفضل» (7).

و ما رواه الشيخ عن محمّد بن بزيع،عن أبي الحسن عليه السلام:إنّي أحضر

ص:271


1- 1المغني 1:786،الشرح الكبير بهامش المغني 2:7،فتح العزيز بهامش المجموع 4:298.
2- 2) الشرح الكبير بهامش المغني 2:7.
3- 3) يزيد بن الأسود السوائيّ.و يقال ابن أبي الأسود الخزاعيّ،و يقال:العامريّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حديثا في الصلاة،و روى عنه ابنه جابر بن يزيد بن الأسود. تهذيب التهذيب 11:313، [1]الجرح و التعديل 9:250.
4- 4) سنن أبي داود 1:157 الحديث 575،سنن الترمذيّ 1:424 الحديث 219،سنن النسائيّ 2:112، مسند أحمد 4:160،161، [2]سنن الدار قطنيّ 1:413 الحديث 1.
5- 5) سنن أبي داود 1:157 الحديث 577،سنن النسائيّ 2:112،سنن الدار قطنيّ 1:415 الحديث 1.
6- 6) صحيح مسلم 1:448 الحديث 648 و بتفاوت ينظر:سنن أبي داود 1:117 الحديث 431،سنن ابن ماجه 1:398 الحديث 1256،سنن النسائيّ 2:112.
7- 7) التهذيب 3:50 الحديث 175،الوسائل 5:456 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [3]

المساجد مع جيرتي و غيرهم،فيأمروني بالصلاة بهم و قد صلّيت قبل أن آتيهم و ربّما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي و المستضعف و الجاهل،و أكره أن أتقدّم و قد صلّيت لحال من يصلّي بصلاتي ممّن سمّيت لك،فأمرني بذلك بأمرك أنتهي إليه و أعمل به إن شاء اللّه،فكتب:

«صلّ بهم» (1).

احتجّ أبو حنيفة بأنّها نافلة،فلا تفعل في الوقتين،للنهي عن فعل النافلة فيهما (2).

و احتجّ أبو حنيفة (3)و الشافعيّ على عدم إعادة المغرب بأنّ النفل لا يكون بوتر (4).

و الجواب:أنّ النهي عامّ و ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما خصوصا،و حديث يزيد ورد في صلاة الصبح.

فروع:

الأوّل:لا يشترط في إعادة الصبح و العصر إمام الحيّ،بل تعاد في الجماعة و إن لم يكن المصلّي إمام الحيّ،خلافا لبعض الجمهور،لعموم الأخبار (5).

الثاني:لو صلّى الفريضة في جماعة،ثمَّ وجد جماعة أخرى هل يستحبّ إعادتها أم لا؟فيه تردّد،منشأه إطلاق الأحاديث،و إدراك فضيلة الجماعة بالأولى فلا حاجة إلى الثانية.

الثالث:لو أعاد المغرب لم يشفعها برابعة.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الأسود بن يزيد،و الزهريّ،و الشافعيّ،و إسحاق،و أحمد:يشفعها برابعة (6).

ص:272


1- 1التهذيب 3:50 الحديث 174،الوسائل 5:455 الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5.و [1]فيه: «فمرني»كما في نسخة ح.
2- 2) المغني 1:786
3- 3) الجامع الصغير للشيبانيّ:90،المغني 1:786،الشرح الكبير بهامش المغني 2:7.
4- 4) المجموع 4:223،حلية العلماء 2:189،الشرح الكبير بهامش المغني 2:7.
5- 5) المغني 1:786،الشرح الكبير بهامش المغني 2:6،7.
6- 6) المغني 1:788،الشرح الكبير بهامش المغني 2:7.

لنا:أنّها زيادة غير مشروعة،فلا يجوز فعلها.و لأنّ الإعادة تستدعي المماثلة و لا تتحقّق مع الزيادة في العدد.

احتجّوا بأنّها نافلة و لا يشرع التنفّل بوتر،و زيادة ركعة أولى من نقصانها.

و الجواب:أنّها مخصوصة (1)بالحديث الدالّ على الإعادة.

الرابع:قد بيّنّا أنّ الأولى هي الفرض،فإذا صلّى الثانية لا ينوي بها الوجوب بل ينويها ظهرا معادة،و إن نواها نافلة صحّ (2).

الخامس:الإعادة غير واجبة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و عن أحمد رواية أنّه يجب إعادتها مع إمام الحيّ (4).

لنا:أنّه امتثل الأمر بالفعل الأوّل و هو لا يقتضي التكرار.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله لأبي ذرّ:«فإنّها نافلة لك» (5).و قوله عليه السلام:«فإنّها لكما نافلة» (6).و النفل ليس بواجب.

و ما رووه عنه عليه السلام أنّه قال:«لا تصلّوا (7)صلاة في يوم مرّتين» (8).و معناه واجبتان.

ص:273


1- 1هامش ح:مخصّصة.
2- 2) يراجع:ص 272. [1]
3- 3) المغني 1:789،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
4- 4) المغني 1:789،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
5- 5) صحيح مسلم 1:448 الحديث 238.و بتفاوت يسير ينظر:سنن أبي داود 1:117 الحديث 431، سنن ابن ماجه 1:398 الحديث 1256.
6- 6) سنن أبي داود 1:157 الحديث 575،سنن الترمذيّ 1:424 الحديث 219،سنن النسائيّ 2:112، مسند أحمد 4:160-161، [2]سنن الدار قطنيّ 1:413 الحديث 1.
7- 7) م،ن و ق:لا تصلّى،غ و ح:لا يصلّي،و ما أثبتناه من المصادر.
8- 8) سنن أبي داود 1:158 الحديث 579، [3]مسند أحمد 2:19 و 41، [4]سنن البيهقيّ 2:303،سنن الدار قطنيّ 1: 415 الحديث 1،2 و 3.

احتجّ المخالف بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بها (1).

و الجواب:أنّه محمول على الاستحباب،لما قلناه.

السادس:لو قصد الإعادة فلم يدرك إلاّ ركعتين استحبّ له الإتمام أربعا،لأنّه قصدها أربعا.و لقوله عليه السلام:«و ما فاتكم فأتمّوا» (2).و يمكن أن يقال:يجوز (3)أن يسلّم معهم،لأنّها نافلة.

مسألة:و إذا قال المؤذّن:قد قامت الصلاة،قام الإمام و المأمومون.
اشارة

و قال الشيخ في الخلاف:إذا فرغ المؤذّن من الأذان (4).و به قال الشافعيّ (5).و قال أبو حنيفة:إذا قال المؤذّن:

حيّ على الصلاة (6).

لنا:أنّه في تلك الحال قد وجد ما هو بصيغة الأخبار بالقيام،و هو الأمر،فتجب المبادرة.

و ما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا قال المؤذّن:قد قامت الصلاة،ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم و يقدّموا بعضهم» (7).

و قول أبي حنيفة يحتاج إلى دليل و لم يوجد.و لأنّ الدعاء إلى الصلاة ليس أمرا

ص:274


1- 1المغني 1:789.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:164،صحيح مسلم 1:420 الحديث 602،سنن أبي داود 1:156 الحديث 572، سنن ابن ماجه 1:255 الحديث 775،الموطّأ 1:68 الحديث 4،سنن الدارميّ 1:293،294،مسند أحمد 2: 270 و 452. [1]
3- 3) ح و ق:بجواز.
4- 4) الخلاف 1:217 مسألة-37.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:70،المجموع 3:253،حلية العلماء 2:81،مغني المحتاج 1:252،المغني 1:538، الشرح الكبير بهامش المغني 1:38.في جميع المصادر:حتّى يفرغ المؤذّن من الإقامة.
6- 6) حلية العلماء 2:81،المجموع 3:253،المغني 1:538، [2]الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:538. [4]
7- 7) التهذيب 3:42 الحديث 146،الوسائل 5:439 الباب 42 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [5]

بالقيام إليها.

فرع:

لا يستحبّ أن يقول المؤذّن عند القيام:استووا،يرحمكم اللّه،لأنّه غير منقول عن أهل البيت عليهم السلام.

مسألة:يكره تكرّر الجماعة في المسجد الواحد للصلاة الواحدة،
اشارة

(1)

ذكره الشيخ، قال:و قد روى أصحابنا أنّهم إذا صلّوا جماعة و جاء قوم جاز لهم أن يصلّوا دفعة أخرى، غير أنّهم لا يؤذّنون و لا يقيمون (2).و به قال سالم (3)،و أبو قلابة،و أيّوب (4)،و ابن عون (5)(6)،و الليث (7)،و البتّيّ (8)(9)،و مالك (10)،و أبو حنيفة (11)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (12)

ص:275


1- 1م:يكره تكرّر الأذان و الإقامة للجماعة.
2- 2) الخلاف 1:207 مسألة-2،النهاية:118، [1]المبسوط 1:152. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:90،المغني 2:10،نيل الأوطار 3:185.
4- 4) المغني 2:10،نيل الأوطار 3:185.
5- 5) عبد اللّه بن عون بن أرطبان المزنيّ شيخ أهل البصرة و عالمهم،رأى أنس بن مالك و روى عن ثمامة بن عبد اللّه و إبراهيم النخعيّ و الحسن البصريّ و الشعبيّ و جماعة،و روى عنه الأعمش و داود بن أبي هند و الثوريّ و غيرهم. مات سنة 151 ه. تهذيب التهذيب 5:346، [3]العبر 1:165، [4]الجرح و التعديل 5:130.
6- 6) المغني 2:11،نيل الأوطار 3:185.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:90،المغني 2:11،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8،المجموع 4:222،نيل الأوطار 3:185.
8- 8) عثمان بن مسلم و يقال اسم جدّه جرموز البتّيّ،أبو عمرو البصريّ،روى عن أنس و الشعبيّ و عبد الحميد بن مسلمة،و روى عنه شعبة و الثوريّ و حمّاد بن سلمة،كان يبيع البتوت فقيل البتّيّ.مات سنة 143 ه. تهذيب التهذيب 7:153،154. [5]
9- 9) المغني 2:11،المجموع 4:222،نيل الأوطار 3:185.
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:89،بلغة السالك 1:159،حلية العلماء 2:188،المجموع 4:222،نيل الأوطار 3:185.
11- 11) حلية العلماء 2:188،المغني 2:11،المجموع 4:222.
12- 12) المغني 2:11،المجموع 4:222، [6]نيل الأوطار 3:185.

و الشافعيّ (1).

و قال ابن مسعود،و عطاء،و الحسن،و النخعيّ (2)،و قتادة (3)،و إسحاق (4)، و أحمد (5)،و داود،و ابن المنذر:لا يكره التكرار بل يستحبّ (6).

احتجّ الشيخ (7)بما رواه أبو عليّ الحرّانيّ (8)قال:كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأتاه رجل فقال:جعلت فداك،صلّينا في المسجد الفجر،و انصرف بعضنا و جلس بعض في التسبيح،فدخل علينا رجل المسجد فأذّن فمنعناه و دفعناه عن ذلك،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أحسنت،ادفعه عن ذلك و امنعه أشدّ المنع»فقلت:فإن دخلوا فأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة؟قال:«يقومون في ناحية المسجد و لا يبدر لهم (9)إمام» (10).

و بما رواه عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام قال:«دخل رجلان المسجد و قد صلّى عليّ عليه السلام بالناس،فقال لهما:إن شئتما فليؤمّ أحدكما صاحبه و لا يؤذّن و لا يقيم» (11).

ص:276


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:95،حلية العلماء 2:188،المجموع 4:221،المغني 2:11،نيل الأوطار 3:185.
2- 2) المغني 2:10،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
3- 3) المغني 2:10.
4- 4) المغني 2:10،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8،المجموع 4:222.
5- 5) المغني 2:10،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8،المجموع 4:222،حلية العلماء 2:189.
6- 6) المجموع 4:222،حلية العلماء 2:189.
7- 7) الخلاف 1:207 مسألة-2.
8- 8) في النسخ:الجبّائيّ،و الصحيح ما أثبتناه،و أبو عليّ الحرّانيّ عنونه النجاشيّ في باب من اشتهر بكنيته،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و قال العلاّمة المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله. رجال النجاشيّ:456،الفهرست:187، [1]تنقيح المقال 3:27 فصل الكنى. [2]
9- 9) ق:و لا يبدو لهم،كما في الوسائل، [3]ح:و لا يبدو بهم،و في التهذيب:و لا يبدر بهم.
10- 10) التهذيب 3:55 الحديث 190،الوسائل 5:466 الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]
11- 11) التهذيب 2:281 الحديث 1119 و ج 3:56 الحديث 191،الوسائل 4:654 [5] الباب 25 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 3 و ج 5:466 الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3.

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول:«إذا دخل الرجل المسجد و قد صلّى أهله فلا يؤذّننّ و لا يقيمنّ و لا يتطوّع حتّى يبدأ بصلاته الفريضة،و لا يخرج منه إلى غيره حتّى يصلّي فيه» (1).

و هذه الرّوايات ضعيفة السند،و الأقرب عندي عدم الكراهية،عملا بالأخبار الدالّة على استحباب الجماعة مطلقا (2).و لأنّه عليه السلام قال:«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه؟» (3).

فروع:

الأوّل:لا فرق بين المسجد الذي له إمام راتب و بين غيره،خلافا للشافعيّ (4).

لنا:الإطلاق.و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه».مع أنّ ذلك كان في مسجده صلّى اللّه عليه و آله.

الثاني:لا فرق بين المسجد الذي على قارعة الطريق و بين غيره،عملا بالإطلاق، خلافا للشافعيّ (5)،فإنّه كره الإعادة في الثاني دون الأوّل.

الثالث:لا فرق بين المسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسجد الأقصى و بين غيرها،خلافا لأحمد،فإنّه كره التكرار في الثلاثة الأول دون غيرها (6).

لنا:الإطلاق.و قوله عليه السلام:«ألا رجل يتصدّق على هذا»مع أنّه كان في

ص:277


1- 1التهذيب 3:56 الحديث 195،الوسائل 4:654 الباب 25 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
2- 2) الوسائل 5:370 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة.
3- 3) سنن أبي داود 1:157 الحديث 574،سنن الدارميّ 1:318، [2]مسند أحمد 3:5 و ج 5:254 و 269، [3]سنن البيهقيّ 3:68،69،سنن الدار قطنيّ 1:277 الحديث 3.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:222،المغني 2:11،الشرح الكبير بهامش المغني 2:8.
5- 5) يراجع:المصادر المتقدّمة.
6- 6) المغني 2:14،الشرح الكبير بهامش المغني 2:9.

مسجده عليه السلام.و لأنّ فضيلة الجماعة تحصل فيها كغيرها.

مسألة:و لو أذّن و أقام ليصلّي وحده فجاء غيره يصلّي جماعة،أعاد الأذان

و الإقامة،

لما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سئل عن الرجل يؤذّن و يقيم ليصلّي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له:نصلّي جماعة،هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان و الإقامة؟قال:«لا،و لكن يؤذّن و يقيم» (1).

و لأنّهما متأكّدتان في الجماعة،و المفعول (2)أوّلا لم يكن لها،فلم يعتدّ به فيها.

مسألة:إذا أحدث الإمام قدّم من يتمّ بهم
اشارة

(3)

و لا يفسد صلاة المأمومين.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال عليّ عليه السلام،و عمر،و علقمة،و عطاء، و الحسن،و النخعيّ،و الثوريّ (4)،و الأوزاعيّ (5)،و الشافعيّ (6)،و أصحاب الرأي (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين.و في الرواية الأخرى:تبطل صلاة المأمومين (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن عمر أنّه لمّا طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدّمه، فأتمّ بهم الصلاة (9)،و لم ينكر عليه أحد،فكان إجماعا.و لأنّ أحمد نقل ذلك عن عمر و عليّ

ص:278


1- 1التهذيب 2:277 الحديث 1101 و ج 3:282 الحديث 834،الوسائل 4:655 الباب 27 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:و المنقول،هامش ح:و المقول.
3- 3) ح:يؤمّ.
4- 4) المغني 1:779،المجموع 4:245.
5- 5) المغني 1:779.
6- 6) الأمّ 1:175،حلية العلماء 2:195،المهذّب للشيرازيّ 1:96،المجموع 4:242 و 244،المغني 1:779، نيل الأوطار 3:216.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:169،تحفة الفقهاء 1:222،بدائع الصنائع 1:224،الهداية للمرغينانيّ 1:59، [2]شرح فتح القدير 1:329،المغني 1:779،المجموع 4:245.
8- 8) المغني 1:779،الإنصاف 1:33، [3]المجموع 4:245.
9- 9) صحيح البخاريّ 5:19،سنن البيهقيّ 3:113،نيل الأوطار 6:158.

عليه السلام (1)،و قولهما عنده حجّة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:«ما كان من إمام تقدّم في الصلاة و هو جنب ناسيا،أو أحدث (2)حدثا أو رعف رعافا أو أذى في بطنه فليجعل ثوبه على أنفه،ثمَّ لينصرف و ليأخذ بيد رجل فيصلّي (3)مكانه،ثمَّ ليتوضّأ و ليتمّ ما سبقه به من الصلاة،و إن كان جنبا فليغتسل و ليصلّ الصلاة كلّها» (4).

احتجّ أحمد بأنّه فقد شرط صحّة الصلاة في حقّ الإمام فبطلت (5)صلاة المأموم كما لو تعمّد الحدث (6).

و الجواب:منع ثبوت الحكم في الأصل.

فروع:

الأوّل:لو لم يستخلف الإمام أحدا استخلف المأمومون من يتمّ بهم الصّلاة، و لو أتمّوها منفردين جاز.

أمّا الأوّل:فلما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،و سأله أيضا عن الإمام أحدث فانصرف و لم يقدّم أحدا، ما حال القوم؟قال:«لا صلاة لهم إلاّ بإمام،فليتقدّم (7)بعضهم فليتمّ بهم ما بقي منها و قد تمّت صلاتهم» (8).

ص:279


1- 1المغني 1:779.
2- 2) أكثر النسخ:وجد.
3- 3) في المصدر:فليصلّ.
4- 4) الفقيه 1:261 الحديث 1192،الوسائل 5:474 الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
5- 5) ح و ق:فتبطل.
6- 6) المغني 1:779.
7- 7) غ،ح و ق:فليقدّم،كما في الوسائل. [2]
8- 8) التهذيب 3:283 الحديث 843،الوسائل 5:474 الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [3]

و أمّا الثاني:فلما يأتي من جواز انفراد المأموم عن الإمام مع وجوده،فمع عدمه أولى.

لا يقال:ما ذكرتم من هذه الرواية ينافي الحكم الثاني.

لأنّا نقول:إنّ قوله:«لا صلاة لهم»نفي لماهيّة (1)الصلاة،و لا يمكن حمله على حقيقته،فلا بدّ من إضمار،و المقتضي (2)لا عموم له فيحمل على نفي الفضيلة كما في قوله:

«لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» (3).جمعا بين الأدلّة.

الثاني:لو قدّمت كلّ طائفة من المأمومين إماما فالوجه الجواز.و هو قول الشافعيّ (4).و قال أصحاب الرأي:تفسد صلاة الجميع (5).

لنا:أنّ لهم أن يصلّوا منفردين،و أن يقدّموا من يصلّي بهم،و هذا الحكم ثابت في حقّ (6)كلّ واحد،و لا تبتني (7)صلاة بعض المأمومين على بعض،فجاز التعدّد.

الثالث:لو قدّم بعض الطوائف (8)إماما و صلّى الآخرون منفردين جاز،لأنّ لهم الانفراد مع وجود الإمام،فمع العدم أولى.

الرابع:نصّ أصحابنا على كراهية استنابة المسبوق.روى الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤمّ القوم فيحدث و يقدّم رجلا قد سبق بركعة،كيف يصنع؟فقال:«لا يقدّم من قد سبق بركعة و لكن يأخذ بيد غيره

ص:280


1- 1غ:لمهيّته.
2- 2) هامش ح:و المنفيّ.
3- 3) التهذيب 1:92 الحديث 244،الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1.و [1]من طريق العامّة ينظر:الجامع الصغير للسيوطيّ:203،سنن الدار قطنيّ 1:420 الحديث 1،مستدرك الحاكم 1:246.
4- 4) المجموع 4:244،المغني 1:779.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:177،بدائع الصنائع 1:225،المغني 1:779.
6- 6) ليست في:م،ن و غ.
7- 7) ح:و لا تبنى.
8- 8) ح و ق:الطرائق،هامش ح:المأمومين.

فيقدّمه» (1).

و ليس المراد من النهي التحريم،لما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد و هم في الصلاة و قد سبقه الإمام بركعة أو أكثر،فيعتلّ الإمام فيأخذ بيده و يكون أدنى القوم إليه فيقدّمه،فقال:«يتمّ الصلاة بالقوم، ثمَّ يجلس حتّى إذا فرغوا من التشهّد أومأ بيده إليهم عن اليمين و الشمال،فكان الّذي أومأ إليهم بيده التسليم و انقضاء صلاتهم،و أتمّ هو ما كان فاته أو بقي عليه» (2).

الخامس:يستحبّ أن يستنيب الإمام من يشهد الإقامة،لما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا أحدث الإمام و هو في الصلاة لم ينبغ أن يقدّم إلاّ من شهد الإقامة» (3).

السادس:يستحبّ للمسبوق إذا استنيب أن يقدّم من يسلّم بهم إذا فرغوا من صلاتهم،لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه قال:«سألته عن رجل أمّ قوما فأصابه رعاف بعد ما صلّى ركعة أو ركعتين،فقدّم رجلا ممّن قد فاته ركعة أو ركعتان، قال:يتمّ بهم الصلاة،ثمَّ يقدّم رجلا فيسلّم بهم،و يقوم هو فيتمّ بقيّة صلاته» (4).

و لو أومأ إليهم بالتسليم جاز،لرواية معاوية و قد سلفت.

و لو انتظروه حتّى يفرغ و يسلّم بهم،لم أستبعد جوازه،إذ قد ثبت جواز ذلك في صلاة الخوف.

ص:281


1- 1التهذيب 3:42 الحديث 147،الاستبصار 1:434 الحديث 1675،الوسائل 5:438 الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 3:41 الحديث 144،الاستبصار 1:433 الحديث 1672،الوسائل 5:438 الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 3:42 الحديث 146،الاستبصار 1:434 الحديث 1674،الوسائل 5:439 الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 3:41 الحديث 145،الاستبصار 1:433 الحديث 1673،الوسائل 5:438 الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [4]

السابع:لو استناب من جاء بعد حدث الإمام فالوجه الجواز،بناء على الأصل.

و لأنّه جاز استنابة التابع،فغيره أولى.

الثامن:لو استخلف من لا يدري كم صلّى،فالوجه أنّه يبني على اليقين،فإن وافق الحقّ،و إلاّ سبّح القوم به فرجع إليهم.و قال النخعيّ:ينظر ما يصنع من خلفه (1).

و قال الشافعيّ:يتصنّع،فإن سبّحوا به جلس و علم أنّها الرّابعة (2).

و قال الأوزاعيّ:يصلّي بهم ركعة،لأنّه يتيقّن بقاء ركعة،ثمَّ يتأخّر و يقدّم رجلا يصلّي بهم ما بقي من صلاتهم،فإذا سلّم قام الرّجل فأتمّ صلاته.

و قال مالك:يصلّي لنفسه صلاة تامّة،فإذا فرغوا من صلاتهم قعدوا و انتظروه (3).

لنا:أنّه شكّ فيمن لا يلحقه حكم الشكّ،فيبني على اليقين.

و ما رواه الشيخ عن زرارة قال:سألت أحدهما عليهما السلام عن إمام أمّ قوما فذكر أنّه لم يكن على وضوء،فانصرف و أخذ بيد رجل و أدخله فقدّمه (4)،و لم يعلم الّذي قدّم ما صلّى القوم،قال (5):«يصلّي بهم،فإن أخطأ سبّح القوم به و بنى على صلاة الّذي كان قبله» (6).

و ما ذكره النخعيّ باطل،لأنّه متبوع فيكون فعله مقدّما،فكيف ينتظر ما يتأخّر عن مثله.

و قول الشافعيّ باطل،إذ هو فعل في الصلاة كثير من غير قصد،فلا يكون سائغا،إلاّ أن يقصد بذلك أنّه يقوم للصلاة،فإن كانت خامسة ردّوه و امتثل منهم،فيكون هو قولنا

ص:282


1- 1المغني 1:781.
2- 2) المجموع 4:243،244،المغني 1:781.
3- 3) المغني 1:781.
4- 4) أكثر النسخ:و قدّمه.
5- 5) ح:فقال،كما في الوسائل. [1]
6- 6) التهذيب 3:272 الحديث 784،الوسائل 5:438 الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [2]

بعينه.

و قول الأوزاعيّ باطل،لأنّه شكّ في عدد الركعات،فلا يجوز له الاستخلاف لذلك كغير المستخلف.و قول مالك مقارب لقولنا.

التاسع:لو مات الإمام قدّم المأمومون من يتمّ بهم.روى الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أمّ قوما فصلّى بهم ركعة ثمَّ مات،قال:

«يقدّمون رجلا آخر و يعتدّون بالركعة و يطرحون الميّت خلفهم و يغتسل من مسّه» (1).

مسألة:لو دخل المأموم المسجد و كان الإمام راكعا و خاف فوت الركوع جاز
اشارة

أن يكبّر و يركع و يمشي راكعا

(2)

حتّى يلتحق (3)بالصفّ.ذهب إليه علماؤنا،و به قال زيد بن ثابت (4)،و الزهريّ،و الأوزاعيّ (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7).و كرهه أبو حنيفة (8).

لنا:أنّ ذلك مسارعة في تحصيل فضيلة الجماعة فكان سائغا،و المشي في الركوع لإدراك الصفّ غير مبطل،فلا كراهية.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأبي بكرة لمّا فعل ذلك:

ص:283


1- 1التهذيب 3:43 الحديث 148،الوسائل 5:440 الباب 43 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:الرّكعة.
3- 3) ح و ق:يلحق.
4- 4) الموطّأ 1:165،المدوّنة الكبرى 1:70،المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72،بداية المجتهد 1:150،عمدة القارئ 6:55.
5- 5) المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:69،بداية المجتهد 1:150،المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72، عمدة القارئ 6:55.
7- 7) المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:334.
8- 8) عمدة القارئ 6:55،بداية المجتهد 1:150،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:334.

«زادك اللّه حرصا» (1).دعا (2)له،و ذلك يتضمّن الأفضليّة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام أنّه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة،فقال:«يركع قبل أن يبلغ القوم و يمشي و هو راكع حتّى يبلغهم» (3).

احتجّ المخالف (4)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي بكرة:«و لا تعد» (5).

و الجواب:يحمل النهي على التأخّر عن الصلاة أي:لا تعد إلى التأخّر.

فروع:

الأوّل:لو تمَّ الركعة،ثمَّ لحق بالإمام في الثانية لم يكن به بأس.ذهب إليه علماؤنا و أكثر الجمهور (6).

و قال أحمد:تبطل صلاته،لأنّه يصلّي منفردا (7)،و قد تقدّم جوابه (8).

لنا:ما رواه الجمهور من حديث أبي بكرة و قد تقدّم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يوما و قد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر،فلمّا كان دون الصفوف

ص:284


1- 1صحيح البخاريّ 1:198،199،سنن أبي داود 1:182 الحديث 683،684،سنن النسائيّ 2:118، مسند أحمد 5:39،سنن البيهقيّ 2:90 و ج 3:105،106.
2- 2) م و ن:دعاء.
3- 3) التهذيب 3:44 الحديث 154،الاستبصار 1:436 الحديث 1681،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
4- 4) بداية المجتهد 1:150.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:198،199،سنن أبي داود 1:182 الحديث 683،684،سنن النسائيّ 2:118، مسند أحمد 5:39،سنن البيهقيّ 2:90 و ج 3:105،106.
6- 6) المجموع 4:298،عمدة القارئ 6:56.
7- 7) المغني 2:42 و 64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72.
8- 8) يراجع ص 256.

ركعوا فركع وحده (1)ثمَّ سجد السجدتين،ثمَّ قام فمضى (2)حتّى لحق بالصفوف (3).

و ما رواه عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أدخل المسجد و قد ركع الإمام فأركع بركوعه و أنا وحدي و أسجد،فإذا رفعت رأسي أيّ شيء أصنع؟ فقال:«قم فاذهب إليهم،فإن كانوا قياما فقم معهم و إن كانوا جلوسا فاجلس معهم» (4).

و ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا دخلت المسجد و الإمام راكع فظننت أنّك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه،فكبّر و اركع،فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك،فإذا قام فالحق بالصفّ،و إذا جلس فاجلس مكانك،فإذا قام فالحق بالصفّ» (5).

الثاني:لو ركع و قام ثمَّ مشى قبل سجوده لم يكن به بأس.و به قال مالك (6)، و الشافعيّ (7)،و أصحاب الرأي (8)،سواء كان عالما أو جاهلا.

و قال أحمد:إن كان عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته و إلاّ فلا (9).

لنا:ما تقدّم من (10)حديث أبي بكرة و أحاديث أهل البيت عليهم السّلام.و قد فعل

ص:285


1- 1ليست في أكثر النسخ،كما في التهذيب.
2- 2) أكثر النسخ:يمضي.
3- 3) التهذيب 3:281 الحديث 829،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 3:281 الحديث 830،الوسائل 5:444 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [2]
5- 5) التهذيب 3:44 الحديث 155،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [3]
6- 6) بلغة السالك 1:166،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:166،المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72.
7- 7) المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72.
8- 8) المغني 2:64.
9- 9) المغني 2:64،الشرح الكبير بهامش المغني 2:72.
10- 10) غ،م و ن:في.

ذلك ابن مسعود،و زيد بن وهب (1)،و أبو بكر بن عبد الرحمن (2)،و عروة،و سعيد بن جبير،و ابن جريج،و غيرهم من الصحابة و التابعين (3)،فكان إجماعا.

احتجّ أحمد بتحريم صلاة المأموم في صفّ واحد (4).

و جوابه:المنع،و قد تقدّم (5).

الثالث:لو فعل ذلك من غير ضرورة و لا عذر و لا خشي الفوات فالوجه الجواز، خلافا لبعض الجمهور (6)،لأنّ المأموم،له أن يصلّي في صفّ منفرد (7)،و أن يتقدّم بين يديه، و حينئذ ثبت المطلوب.

مسألة:قال علماؤنا:يستحبّ للإمام إذا أحسّ بداخل أن يطيل ركوعه
اشارة

حتّى يلتحق (8)به،و به قال الشافعيّ في أحد القولين (9)،و رواه (10)أبو إسحاق في الشرح (11).

ص:286


1- 1زيد بن وهب الجهنيّ أبو سليمان الكوفيّ،روى عن عمر و عثمان و عليّ عليه السلام و أبي ذرّ و ابن مسعود، و روى عنه أبو إسحاق السبيعيّ و إسماعيل بن أبي خالد.مات سنة 96 ه. تهذيب التهذيب 3:427. [1]
2- 2) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة.القرشيّ المدنيّ،أحد الفقهاء السبعة،روى عن أبيه و أبي هريرة و عمّار بن ياسر و عائشة و أمّ سلمة،و روى عنه أولاده عبد الملك و عمر و عبد اللّه و سلمة و مولاه سمي و ابن أخيه القاسم بن محمّد بن عبد الرحمن و الزهريّ و آخرون.مات سنة 94 ه. تهذيب التهذيب 12:30، [2]العبر 1:83. [3]
3- 3) المغني 2:64، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 2:72، [5]عمدة القارئ 6:55،نيل الأوطار 3:228.
4- 4) المغني 2:42 و 64.
5- 5) راجع ص:256.
6- 6) المغني 2:66،الشرح الكبير بهامش المغني 2:73.
7- 7) م:منفردا،ن:متفرّدا.
8- 8) ح و ق:يلحق.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:96،المجموع 4:230،حلية العلماء 2:191،الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:68،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17.
10- 10) غ،م و ن:رواه.
11- 11) المراد شرح مختصر المزنيّ و لا يوجد عندنا.

و قال أبو حامد (1):لا يستحبّ قولا واحدا (2).و في الكراهية قولان:

أحدهما:يكره.و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و داود (5)،و المزنيّ (6).

و الثاني:لا يكره.و به قال أحمد (7)،و إسحاق،و أبو ثور،و الشعبيّ،و النخعيّ (8).

لنا:أنّه انتظار ينفع و لا يشقّ فكان مشروعا كتطويل (9)الصلاة و تخفيفها.و لأنّه صلّى اللّه عليه و آله كان ينتظر كما في الخوف (10).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن جابر الجعفيّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنّي أؤمّ قوما فأركع و يدخل (11)الناس و أنا راكع،فكم أنتظر؟قال (12):«ما أعجب ما تسأل عنه يا جابر،انتظر مثلي ركوعك،فإن انقطعوا و إلاّ فارفع رأسك» (13).

ص:287


1- 1أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمّد بن أحمد الأسفرايينيّ شيخ العراق و إمام الشافعيّة،تفقّه على ابن المرزبان و أبي القاسم الداركيّ،و صنّف التصانيف،و روى الحديث عن الدار قطنيّ و أبي بكر الإسماعيليّ.مات سنة 406 ه. شذرات الذهب 3:178، [1]العبر 2:211، [2]الأعلام للزركليّ 1:211. [3]
2- 2) المجموع 4:230،حلية العلماء 2:191.
3- 3) المغني 2:66،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17،المجموع 4:233،حلية العلماء 2:190،فتح العزيز بهامش المجموع 4:293،الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:68.
4- 4) الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:68،فتح العزيز بهامش المجموع 4:293، حلية العلماء 2:190،المجموع 4:233.
5- 5) المجموع 4:233،نيل الأوطار 3:170.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:22،المجموع 4:233،فتح العزيز بهامش المجموع 4:293.
7- 7) المغني 2:66،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17،المجموع 4:233،الكافي لابن قدامة 1:233،الإنصاف 2:242، [4]حلية العلماء 2:191،فتح العزيز بهامش المجموع 4:293،نيل الأوطار 3:170.
8- 8) المغني 2:66،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17،المجموع 4:233،نيل الأوطار 3:170.
9- 9) أكثر النسخ:لتطويل.
10- 10) المغني 2:66-67،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17،المجموع 4:233،فتح العزيز بهامش المجموع 4:293.
11- 11) ح:فيدخل،كما في التهذيب و الوسائل. [5]
12- 12) ح:فقال،كما في الوسائل. [6]
13- 13) التهذيب 3:48 الحديث 167،الوسائل 5:450 الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [7]

و روى ابن بابويه عن رجل أنّه سأل أبا (1)جعفر عليه السلام:إنّي إمام مسجد الحيّ فأركع بهم فأسمع خفقان نعالهم و أنا راكع،فقال:«اصبر ركوعك و مثل (2)ركوعك،فإن انقطعوا و إلاّ فانتصب قائما» (3).و لأنّ في الانتظار تحصيل فضيلة الجماعة.

و احتجّ المخالف بأنّ هذا يؤدّي إلى أن يصلّي جزءا من الصلاة لأجل الآدميّ،و قد أمره اللّه تعالى بالإخلاص (4).

و الجواب:أنّه يريد في الصلاة حمد اللّه تعالى و إن قصد به لحوق الآدميّ الصلاة، و منافع الآدميّين قد أمر اللّه تعالى بها و يقصد بها الطاعة للّه،فإنّه قد روى الجمهور عن جابر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي العشاء أحيانا،و أحيانا إذا رآهم اجتمعوا عجّل،و إذا رآهم أبطأوا أخّر (5).

و رووا أنّه أطال السجود حين ركب الحسن عليه السلام على ظهره و قال:«إنّ ابني هذا ارتحلني و كرهت أن أعجّله» (6).و هذا يبطل ما ذكروه من التشريك.

فروع:

الأوّل:قال بعض الجمهور:و إنّما ينتظر من له حرمة،كأهل العلم و الفضل دون غيرهم (7).

الثاني:إنّما ينتظر ما لم يطل على المأمومين،و قد حدّه الإمام عليه السلام بمثلي

ص:288


1- 1ح:عن أبي.
2- 2) م و ن:و مثلي.
3- 3) الفقيه 1:255 الحديث 1151،الوسائل 5:450 الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
4- 4) المغني 2:66،المجموع 4:233.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:147،صحيح مسلم 1:446 الحديث 233،سنن النسائيّ 1:264،سنن البيهقيّ 1: 449.
6- 6) سنن النسائيّ 2:229،مسند أحمد 3:493، [2]سنن البيهقيّ 2:263.
7- 7) المغني 2:67،الشرح الكبير بهامش المغني 2:17.

الركوع،فلو كان بعض الجماعة لا يتمكّن من الإطالة فالأقرب مراعاته و ترك الانتظار.

الثالث:لو أدركه و قد رفع من الركوع أو قبل أن يركع لم ينتظر،قولا واحدا،لعدم فوات الرّكعة قبل الركوع،و عدم اللحوق بعده.

الرابع:لو أدركه في التشهّد ففي انتظاره نظر،إذ يمكن القول به تحصيلا للفضيلة.

و يمكن القول بعدمه،لعدم النصّ على ذلك.و لفوات الصلاة جماعة.و لا يلزمه من مخالفة الدليل لتحصيل أهمّ الفضيلتين مخالفة لتحصيل أضعفهما.

مسألة:إذا عرض للإمام وقفة أو أخطأ في قراءته فلا يدري ما يقرأ،جاز لمن خلفه
اشارة

أن ينبّهه،

لما رواه الشيخ في الموثّق عن سماعة قال:سألته عن الإمام إذا أخطأ في القرآن فلا يدري ما يقول،قال:«يفتح عليه بعض من خلفه» (1).

فرع:

هل يجوز له الاستخلاف؟فيه نظر،لأنّ الشرع ورد بالاستخلاف في الحدث،و هذا ليس في معناه،لندوره.و لأنّ الاستخلاف إنّما جاز في الحدث،لوجود العجز عن الإتمام (2)بنفسه،و هو متحقّق هنا.

مسألة:إذا حضر جماعة المسجد و كان الإمام الراتب له غائبا صلّوا جماعة
اشارة

يتقدّم أحدهم و لا ينتظرونه.و قال الشافعيّ:يراسلونه إن كان قريبا (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه مضى في غزاة تبوك في حاجة له فقدّم الناس واحدا فصلّى بهم،فجاء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد صلّوا ركعة،

ص:289


1- 1التهذيب 3:34 الحديث 123،الوسائل 4:783 الباب 43 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث 2. [1]
2- 2) م و ن:الائتمام.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:94،المجموع 4:207.

فقال:«أحسنتم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا قال المؤذّن:قد قامت الصلاة،ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم و يقدّموا بعضهم و لا ينتظروا الإمام»قال:قلت:و إن كان هو المؤذّن؟قال:

«و إن كان،فلا ينتظرونه و يقدّموا بعضهم» (2).

و لأنّ في الانتظار تأخيرا للعبادة عن أوّل وقتها،و ذلك شيء رغب عنه.

فرع:

لو حضر الإمام و غاب بعض المأمومين صلّى الإمام بالحاضرين و لا ينتظر اجتماع الباقين (3)،لأنّ فضيلة أوّل الوقت أعظم من فضيلة كثرة الجماعة.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الرّكعة تدرك بإدراك الإمام راكعا .
اشارة

(4)

إذا ثبت هذا،فإنّه حينئذ يكبّر تكبيرة للافتتاح واجبة،و أخرى للركوع مستحبّة، إن لم يخف فوات الركوع.و ربّما يجري في كتب بعض علمائنا وجوب التكبيرتين حينئذ (5).

و الأصحّ ما قلناه،و قوله محمول على شدّة الاستحباب.و لو خاف أجزأته تكبيرة الافتتاح عن تكبيرة الرّكوع إجماعا.

و قال الشيخ في التهذيب:يجزئ تكبيرة الركوع عن تكبيرة الافتتاح (6).و ما ذكرناه في العبارة أصحّ.

ص:290


1- 1صحيح مسلم 1:317 الحديث 274،سنن ابن ماجه 1:392 الحديث 1236،سنن البيهقيّ 3:123،الأمّ 1: 156.
2- 2) التهذيب 3:42 الحديث 146،الوسائل 5:439 الباب 42 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
3- 3) ح:لاجتماع باقين،ق:الاجتماع الباقين.
4- 4) يراجع:ص 173.
5- 5) النهاية:115. [2]
6- 6) التهذيب 3:45.

و يدلّ على ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا جاء الرجل مبادرا و الإمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة،لدخوله في الصلاة و الركوع» (1).

فرع:

لو نوى التكبير للافتتاح صحّت صلاته قطعا،و لو نواه للركوع لم تصحّ صلاته، لإخلاله بالركن،و الإمام لا يتحمّله.و لو أطلق ففيه تردّد،أقربه البطلان.و لو نواهما معا بالتكبيرة الواحدة ففيه إشكال.

مسألة:لو صلّى نافلة فأحرم الإمام و لمّا يتمّها،قطعها مع خوف الفوات،
اشارة

لإدراك فضيلة الجماعة الّذي لا يمكن استدراكه (2)مع الفوات،بخلاف النافلة الّتي يمكن فعلها أو قضاؤها ثانيا (3).و لو كان في الفريضة نقلها إلى النفل،و أتمّها ركعتين،و دخل في الجماعة، تحصيلا لفضيلة الجماعة،و إكمالا لفعل النافلة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة،قال:فبينا (4)هو قائم يصلّي إذ أذّن المؤذّن فأقام (5)الصلاة،قال:«فليصلّ ركعتين و يستأنف (6)الصلاة مع الإمام،و لتكن الرّكعتان تطوّعا» (7).

ص:291


1- 1التهذيب 3:45 الحديث 175،الوسائل 5:449 الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و الأنسب:الّتي لا يمكن استدراكها.
3- 3) متن ح:بأسا،هامش ح:رأسا.
4- 4) بعض النسخ و كذا الوسائل: [2]فبينما.
5- 5) ح:و أقام،كما في الوسائل. [3]
6- 6) ح:ثمَّ ليستأنف.كما في الوسائل. [4]
7- 7) التهذيب 3:274 الحديث 792،الوسائل 5:458 الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [5]
فرع:

قال الشيخ:لو كان الداخل هو إمام الأصل قطع الفريضة و استأنف الصلاة معه،لما له من المزيّة في الفضيلة (1)المقتضية لشدّة الاهتمام (2).و الأقرب عندي:أنّه يتمّها ركعتين، لقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (3).و للحديث السابق.

آخر :

(4)

لو كان الإمام ممّن لا يقتدى به استمرّ على حاله،لأنّه ليس بمأموم له حقيقة و إن تابعه تقيّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل كان يصلّي فخرج الإمام و قد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة،قال:«إن كان إماما عدلا (5)فليصلّ أخرى و ينصرف و يجعلهما تطوّعا و ليدخل مع الإمام في صلاته (6)،و إن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو،و يصلّي ركعة أخرى معه يجلس قدر ما يقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ ليتمّ صلاته معه على ما استطاع،فإنّ التقيّة واسعة،و ليس شيء من التقيّة إلاّ و صاحبها مأجور عليها إن شاء اللّه» (7).

ص:292


1- 1م و ن:للفضيلة.
2- 2) النهاية:118 و [1]فيه:«لو كان الداخل إمام العدل.»و لعلّ المراد به إمام الأصل لما يتفرّع عليه بقوله:«.فإن لم يكن إمام عدل و كان ممّن يقتدى به.».
3- 3) محمّد(47):33. [2]
4- 4) هامش ح:فرع آخر.
5- 5) أكثر النسخ:عادلا،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) هامش ح بزيادة:كما هو،كما في الوسائل. [3]
7- 7) التهذيب 3:51 الحديث 177،الوسائل 5:458 الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.و [4]فيهما: «و يجلس».

قال ابن بابويه:و إن لم يتمكّن من التشهّد جالسا قام مع الإمام و تشهّد قائما (1).

مسألة:و لو صلّى خلف من لا يقتدى به للتقيّة،لم يعد،
اشارة

(2)

خلافا لأحمد (3).

لنا:ما رواه الجمهور من أنّ الحسن و الحسين عليهما السلام صلّيا مع مروان و لم ينقل عنهما الإعادة (4).

و من طريق الخاصّة:حديث سماعة و قد تقدّم.

و ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أدخل المسجد فأجد الإمام قد ركع،و قد ركع القوم فلا يمكنني أن أؤذّن و أقيم و أكبّر،فقال لي:

«فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة و اعتدّ بها،فإنّها من أفضل ركعاتك» (5).و تمام الحديث يدلّ على أنّ الإمام ممّن لا يوثق به.

و ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يحسب لك إذا دخلت معهم،و إن كنت لا تقتدي بهم،مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من تقتدي به» (6).و لأنّه أتى بالأفعال الواجبة على الكمال فكانت مجزئة.

احتجّ أحمد بأنّه نوى أن لا يعتدّ بها (7).

و الجواب:ليس البحث في هذه الصورة.

ص:293


1- 1الفقيه 1:249.
2- 2) غ،ن،ق و ح:لو.
3- 3) المغني 2:30،الشرح الكبير بهامش المغني 2:30،الإنصاف 2:254. [1]
4- 4) سنن البيهقيّ 3:122،المغني 2:25،الشرح الكبير بهامش المغني 2:26.
5- 5) التهذيب 3:38 الحديث 133،الاستبصار 1:431 الحديث 1666،الوسائل 5:431 الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [2]
6- 6) الفقيه 1:251 الحديث 1127،الوسائل 5:381 الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [3]
7- 7) المغني 2:30.
فرعان:

الأوّل:لو كان الّذي لا ترضى الصلاة خلفه جماعة جاز أن يؤمّهم أحدهم و يوافقون الإمام في أفعاله ظاهرا،لأنّهم غير مؤتمّين به فجاز لهم الائتمام بغيره.

الثاني:يكره له الخروج من المسجد بعد النداء،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إن خرج كان في ذلك شنعة،و لكن يصلّي» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن عبد اللّه الأرّجانيّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من صلّى في منزله ثمَّ أتى مسجدا من مساجدهم فصلّى فيه خرج بحسناتهم» (3).و إذا كان الثواب مع القصد ذلك فمع الاتّفاق أولى.

مسألة:المسبوق يجعل ما يلحقه مع الإمام أوّل صلاته،
اشارة

و يتمّ بعد تسليم الإمام ما بقي عليه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عليّ عليه السلام (4)، و عمر (5)،و سعيد بن المسيّب (6)،و أبي الدرداء (7)،و الشافعيّ (8)،و الأوزاعيّ (9)،

ص:294


1- 1المغني 2:30.
2- 2) الحسن بن عبد اللّه الأرّجانيّ،نقل في جامع الرواة رواية الهيثم بن واقد عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،ثمَّ نقل إبدال الحسن بالحسين الّذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام،قال المحقّق الخوئيّ:هما أخوان أو أنّ في إحدى الروايتين تحريفا. رجال الطوسيّ:115،جامع الرواة 1:206، [1]معجم رجال الحديث 4:386. [2]
3- 3) التهذيب 3:270 الحديث 778،الوسائل 5:385 الباب 6 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [3]
4- 4) سنن البيهقيّ 2:299،المجموع 4:220،عمدة القارئ 5:150.
5- 5) سنن البيهقيّ 2:299،المجموع 4:220.
6- 6) سنن البيهقيّ 2:299،المغني 2:260،المجموع 4:220،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11.
7- 7) سنن البيهقيّ 2:299،المجموع 4:220.
8- 8) الأمّ 1:178،المهذّب للشيرازيّ 1:95،حلية العلماء 2:188،المجموع 4:220،مغني المحتاج 1:260، الميزان الكبرى 1:174،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:67،المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،فتح العزيز بهامش المجموع 4:427.
9- 9) سنن البيهقيّ 2:299،المغني 2:260،المجموع 4:220،عمدة القارئ 5:150.

و إسحاق (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و مالك (3)،و ابن المنذر (4).

و قال أبو حنيفة:يكون آخر صلاته (5).و به قال الثوريّ (6)،و أحمد (7)،و هو المشهور عن مالك (8).

لنا:أنّ صلاة المأموم لا تبنى على صلاة الإمام،لجواز اختلاف الفرضين على ما تقدّم (9).

فلو تابع المأموم إلمام تغيّرت هيئة صلاة المأموم.و لأنّها ركعة مفتتحة بالإحرام، فكانت أوّل صلاته كالمنفرد.و لأنّه لو أدرك ركعة من المغرب صلّى أخرى و جلس للتشهّد بالإجماع،فدلّ ذلك على أنّها أوّل صلاته.و لأنّه آخر صلاته حقيقة فكان آخرها حكما كغير المسبوق.و لأنّه يتشهّد في آخر ما يقضيه و يسلّم،و لو كان أوّل صلاته لما تشهّد و كان يكفيه تشهّده مع الإمام.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إذا أدرك

ص:295


1- 1المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،المجموع 4:220،عمدة القارئ 5:150.
2- 2) المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:97،المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،المجموع 4:220. [1]
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،حلية العلماء 2:188،المجموع 4:220.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:190،بدائع الصنائع 1:247،عمدة القارئ 5:151،حلية العلماء 2:188،المغني 2:260،المجموع 4:220،فتح العزيز بهامش المجموع 4:427،الميزان الكبرى 1:173،174،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:67.
6- 6) المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،المجموع 4:220،عمدة القارئ 5:151.
7- 7) المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،الكافي لابن قدامة 1:233،الإنصاف 1:225، المجموع 4:220.
8- 8) الميزان الكبرى 1:174،حلية العلماء 2:188،المجموع 4:220،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 67،المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11.
9- 9) يراجع:ص 189.

الرجل بعض الصلاة،و فاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه،جعل أوّل ما أدرك أوّل صلاته،إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان،قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه بأمّ الكتاب و سورة،فإن لم يدرك السورة تامّة أجزأته أمّ الكتاب،فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما،لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها في الأوّلتين في كلّ ركعة بأمّ الكتاب و سورة،و في الأخيرتين لا يقرأ فيهما،إنّما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء ليس فيهما قراءة،و إن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الإمام،فإذا سلّم الإمام قام فقرأ بأمّ (1)الكتاب و سورة،ثمَّ قعد فتشهّد (2)،ثمَّ قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة» (3).

و ما رواه في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الإمام،و هي له الأولى،كيف يصنع إذا جلس الإمام؟قال:«يتجافى و لا يتمكّن من القعود،فإذا كانت الثالثة للإمام و هي له الثانية فليلبث قليلا،إذا قام الإمام،بقدر ما يتشهّد،ثمَّ يلحق بالإمام» قال:و سألته عن الرجل الّذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟فقال:«اقرأ فيهما فإنّهما لك الأوّلتان (4)،و لا تجعل أوّل صلاتك آخرها» (5).

ص:296


1- 1أكثر النسخ:أمّ،كما في الاستبصار.
2- 2) ن و م:يتشهّد.
3- 3) التهذيب 3:45 الحديث 158،الاستبصار 1:436 الحديث 1683،الوسائل 5:445 الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
4- 4) أكثر النسخ:الأوليان،كما في الاستبصار.
5- 5) التهذيب 3:46 الحديث 159،الاستبصار 1:437 الحديث 1684،الوسائل 5:445 الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [2]

و ما رواه عن محمّد بن طلحة بن زيد (1)،عن أبي جعفر (2)،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام قال:«يجعل (3)الرجل ما أدرك مع الإمام أوّل صلاته».قال جعفر:«و ليس نقول كما يقول الحمقى» (4).

احتجّ المخالف (5)بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما أدركتم فصلّوا و ما فاتكم فاقضوا» (6).

و الجواب:لا يجوز أن يكون المراد بالقضاء هاهنا حقيقته،إذ الحقيقة هي الفعل (7)بعد خروج الوقت،و ذلك غير مراد هاهنا إجماعا،فلم يبق معنى للحديث (8)إلاّ ما أدركتموه فتابعوه على فعله،و ما فاتكم فافعلوه.و عبّر بالقضاء عن الفعل مجازا.و أيضا:

فقد روي:«و ما فاتكم فأتمّوا» (9).

ص:297


1- 1محمّد بن طلحة بن زيد،كذا في النسخ و لكن في المصادر:محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد،و هو الصحيح، لعدم وجود شخص بعنوان محمّد بن طلحة بن زيد.
2- 2) في الاستبصار و الوسائل [1]عن جعفر،و الظاهر هو الصحيح.قال العلاّمة الخوئيّ:روى الشيخ بسنده عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام.التهذيب 3:باب أحكام الجماعة و أقلّ الجماعة الحديث 161،و الاستبصار 1:باب من فاتته مع الإمام ركعة أو ركعتان الحديث 1685،إلاّ أنّ فيه:جعفر عن أبيه،و هو الصحيح بقرينة سائر الروايات و للتصريح به في ذيل الحديث حيث قال:قال جعفر.إلخ. معجم رجال الحديث 9:170. [2]
3- 3) ح:أ يجعل.
4- 4) التهذيب 3:46 الحديث 161،الاستبصار 1:437 الحديث 1685،الوسائل 5:446 الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [3]
5- 5) المغني 2:260،الشرح الكبير بهامش المغني 2:11،المجموع 4:220.
6- 6) سنن أبي داود 1:156 الحديث 573،سنن النسائيّ 2:115،مسند أحمد 2:270، [4]سنن البيهقيّ 3:93.
7- 7) ح:تبنى على الفعل،ن:هي على الفعل،م:بني على الفعل.
8- 8) غ،م و ن:الحديث.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:163-164،صحيح مسلم 1:420 الحديث 602،سنن أبي داود 1:156 الحديث 572،سنن ابن ماجه 1:255 الحديث 775،سنن الترمذيّ 2:148 الحديث 327،سنن الدارميّ 1:294، [5]مسند أحمد 2:239،270 و 452.
فروع:

الأوّل:الّذي عليه علماؤنا أنّه يقرأ في الركعتين اللّتين فاتتاه بأمّ الكتاب خاصّة أو يسبّح،لأنّهما (1)آخر صلاته.

و قال الشافعيّ:يقرأ فيهما بأمّ الكتاب و سورة (2).و ذلك غير لائق على مذهبه،إذ هو يوافقنا في أنّ ما يدركه المأموم يكون أوّل صلاته.

و لو أدرك المأموم مع الإمام ركعتين قرأ في الثالثة«الحمد»خاصّة.و هو ظاهر على مذهبنا،إذ هي أخيرة له.

و قال الشافعيّ:يقرأ«الحمد»و سورة (3)،و ألزمه جماعة التناقض،إذ قراءة السورة تدلّ على أوّليّتها،و الجلوس بعدها يدلّ على آخريّتها،و ذلك (4)تناقض.

الثاني:لا يجهر بالقراءة في الأواخر التي يقضيها،لأنّها آخر صلاته و لا جهر فيها.

و نقل عن الشافعيّ الإسرار و الإجهار معا (5).

الثالث:الأقرب عندي أنّ القراءة مستحبّة.و نقل عن بعض فقهائنا الوجوب،لئلاّ يخلو الصلاة عن قراءة،إذ هو مخيّر في التسبيح في الأخيرتين (6).و ليس بشيء.فإن احتجّ بحديث زرارة و عبد الرحمن (7)،حملنا الأمر فيهما على الندب،لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم.أمّا ما ينفرد (8)به المأموم عن الإمام ممّا (9)تجب فيه القراءة،فإنّه تجب عليه القراءة،كما لو أدركه في آخر ركعة.

ص:298


1- 1ح:فإنّها،ق:فلأنّها.
2- 2) الأمّ 1:178،حلية العلماء 2:188،المجموع 3:387،فتح العزيز بهامش المجموع 4:427.
3- 3) الأمّ 1:178،حلية العلماء 2:188،المجموع 3:386،فتح العزيز بهامش المجموع 4:427.
4- 4) غ:و هو.
5- 5) الأمّ 1:178،حلية العلماء 2:188،المجموع 3:388،فتح العزيز بهامش المجموع 4:427.
6- 6) المختلف:159 نقله عن السيّد المرتضى.
7- 7) تقدّما في ص 295.
8- 8) م،ن و ق:يتفرّد.
9- 9) ق و ح:فيما.

الرابع:روى الشيخ عن الحسين بن المختار (1)،و داود بن الحصين قال:سئل عن رجل فاتته ركعة من المغرب مع الإمام و أدرك الثنتين،فهي الأولى له فالثانية للقوم،يتشهّد فيها؟قال:«نعم»قلت:و الثانية أيضا؟قال:«نعم»قلت:كلّهنّ؟قال:«نعم،و إنّما هي بركة» (2).

و للشافعيّ وجهان:أحدهما:يتشهّد مستحبّا.و الثاني:لا يتشهّد (3).

أمّا الأوّل:فلأنّه تابع،فكما قعد في غير موضعه كذلك يتشهّد في غير موضعه.

و أمّا الثاني:فلأنّه ليس بموضع لتشهّده.

مسألة:لو أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع فقد فاتته تلك الركعة،
اشارة

و استحبّ له أن يكبّر و يسجد معه السجدتين و لا يعتدّ بهما،لأنّ مجموعهما ركن فزيادته مبطلة.و أمّا استحباب المتابعة فلإدراك فضيلة الجماعة.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا سبقك الإمام بركعة فأدركته و قد رفع رأسه فاسجد معه و لا تعتدّ بها» (4).

ص:299


1- 1الحسين بن المختار أبو عبد اللّه القلانسيّ،كوفيّ مولى أحمس من بجيلة،و أخوه الحسن يكنّى أبا محمّد،ذكرا فيمن روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،قاله النجاشيّ.و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و عدّه في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام مع توصيفه بالكوفيّ،و في أصحاب الكاظم عليه السلام،قائلا:واقفيّ، و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و ترك العمل بروايته من جهة بنائه على أنّه واقفيّ،و قال العلاّمة المامقانيّ و العلاّمة الخوئيّ بوثاقة الرجل و كونه إماميّا بشهادة المفيد بأنّه من خاصّة الكاظم عليه السلام و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته. الإرشاد للمفيد 2:240،رجال النجاشيّ:54،رجال الطوسيّ:169 و 346،الفهرست:55، [1]رجال العلاّمة: 215، [2]تنقيح المقال 1:343، [3]معجم رجال الحديث 6:87. [4]
2- 2) التهذيب 3:56 الحديث 196،الوسائل 5:467 الباب 66 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [5]
3- 3) الأمّ 1:177،المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:219،مغني المحتاج 1:261.
4- 4) التهذيب 3:48،الحديث 166،الوسائل 5:449 الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [6]
فروع:

الأوّل:لو أدركه بعد السجدة الأخيرة استحبّ له أن يكبّر و يدخل في الصلاة و يجلس معه في تشهّده يتشهّد معه أو يصمت،فإذا سلّم الإمام قام و بنى على تلك التكبيرة و صلّى.

أمّا استحباب الدخول،فلما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قلت له:

متى يكون يدرك (1)الصلاة مع الإمام؟قال:«إذا أدرك الإمام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته،فهو مدرك لفضل الصلاة مع الإمام» (2).

و أمّا الاعتداد بذلك التكبير،فلما رواه الشيخ عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل يدرك الإمام و هو قاعد يتشهّد و ليس خلفه إلاّ رجل واحد عن يمينه،قال:«لا يتقدّم الإمام و لا يتأخّر الرّجل،و لكن يقعد الّذي يدخل معه خلف الإمام،فإذا سلّم الإمام قام الرّجل فأتمّ صلاته» (3).

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الإمام و هو جالس بعد الركعتين،قال:«يفتتح الصلاة و لا يقعد مع الإمام حتّى يقوم» (4).و لأنّه فعل كثير فكان مبطلا.

لأنّا نقول:أمّا رواية عمّار،فغير دالّة على المنع في صورة النزاع،إذ هي إنّما تتناول الصلاة الثلاثيّة أو الرباعيّة،و الفرق أنّ فيهما يمكن تحصيل فضيلة الجماعة من دون زيادة القعود،بخلاف صورة النزاع.

و أمّا الثاني:فإنّه و إن كان كثيرا إلاّ أنّه من أفعال الصلاة لتحصيل فضيلة الجماعة.

الثاني:لو أدركه ساجدا كبّر للافتتاح واجبا،و كبّر أخرى للسجود مستحبّا،لأنّه

ص:300


1- 1غ،م و ن:مدرك.
2- 2) التهذيب 3:57 الحديث 197،الوسائل 5:448 الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 3:272 الحديث 788،الوسائل 5:449 الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 3:274 الحديث 793،الوسائل 5:449 الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [3]

مأمور بالاتّباع فاستحبّ له تكبير السجود،كمتبوعه.

و قيل:لا يستحبّ التكبير للسجود هنا،لأنّه لا يعتدّ (1)بهذا السجود و لا هو متابع للإمام في التكبير،فلم يكبّر،بخلاف ما لو أدركه راكعا،فإنّه يكبّر للركوع للاعتداد به.ذهب إليه بعض الشافعيّة (2).

الثالث:لو أدركه في حال التشهّد كبّر للافتتاح خاصّة قولا واحدا.و لو قام الإمام في الثالثة بالتكبير لم يكبّر،لأنّها ليست ثالثة له،خلافا للشافعيّ (3)،و هذا بناء على قول المفيد في أنّ القائم إلى الثالثة يكبّر (4)،أمّا على قول الشيخ فلا (5).

مسألة:لو أحرم مؤتمّا ثمَّ نوى المفارقة،فإن كان لعذر جاز ذلك
اشارة

بالإجماع،لما ثبت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى يوم ذات الرقاع بطائفة ركعة،ثمَّ خرجت من الصلاة و أتمّت لنفسها (6). (7)و إن كان لغير عذر جاز عندنا.و هو إحدى الرّوايتين عن أحمد (8)،و أحد

ص:301


1- 1غ:لا يقصد.
2- 2) حلية العلماء 2:187،المهذّب للشيرازيّ 1:95،المجموع 4:218،مغني المحتاج 1:261-262. و قال ابن إدريس من علمائنا:و من أدركه ساجدا جاز أن يكبّر تكبيرة الافتتاح و يسجد معه.ينظر:السرائر: 61.
3- 3) المجموع 4:218،فتح العزيز بهامش المجموع 4:426،مغني المحتاج 1:262.
4- 4) لم نعثر عليه في المقنعة،و نقل عنه المصنّف في المختلف:98 في مبحث عدد التكبيرات في الصلوات الخمس أنّه قال بالتكبير للقيام إلى الثالثة،و قال الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:111:«و [1]في أصحابنا من أسقط تكبيرات القنوت و جعل بدلها التكبير عند القيام من التشهّد في الثانية إلى الثالثة».
5- 5) النهاية:72، [2]المبسوط 1:111. [3]
6- 6) بعض النسخ:بنفسها.
7- 7) صحيح البخاريّ 5:145،صحيح مسلم 1:575 الحديث 842،سنن أبي داود 2:13 الحديث 1238، [4]الموطّأ 1:183،سنن النسائيّ 3:171.
8- 8) المغني 2:63،الكافي لابن قدامة 1:231،الإنصاف 2:31،الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:69،المجموع 4:247،عمدة القارئ 5:240.

قولي الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك:تبطل صلاته (3).و هو ثاني قولي الشافعيّ (4)،و روايتي أحمد (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر قال:كان معاذ يصلّي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العشاء،ثمَّ يرجع إلى قومه فيؤمّهم،فأخّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلاة العشاء،فصلّى معه،ثمَّ رجع إلى قومه،فقرأ سورة البقرة،فتأخّر رجل فصلّى وحده فقيل له:نافقت يا فلان،فقال:ما نافقت و لكن لآتينّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبره.فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فذكر ذلك له،فقال:«أ فتّان أنت يا معاذ؟أ فتّان أنت يا معاذ؟»مرّتين«اقرأ سورة كذا و سورة كذا»قال:«و سورة ذات البروج،و الليل،و السماء و الطارق،و هل أتاك حديث الغاشية» (6).و لم يأمره عليه السلام بالإعادة و لا أنكر عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه قال:كان معاذ يؤمّ في مسجد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يطيل القراءة و أنّه مرّ به رجل فافتتح سورة طويلة فقرأ الرّجل لنفسه و صلّى ثمَّ ركب راحلته،فبلغ ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فبعث إلى معاذ

ص:302


1- 1الأمّ 1:174،حلية العلماء 2:196،المهذّب للشيرازيّ 1:97،المجموع 4:246،فتح العزيز بهامش المجموع 4:402،403، [1]مغني المحتاج 1:259،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:69،الميزان الكبرى 1: 175.
2- 2) عمدة القارئ 5:240،المجموع 4:247،حلية العلماء 2:196،الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:69،فتح العزيز بهامش المجموع 4:405.
3- 3) بلغة السالك 1:161،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:161،المجموع 4:247،حلية العلماء 2: 196،الميزان الكبرى 1:175،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:69،عمدة القارئ 5:240.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:97،المجموع 4:246،حلية العلماء 2:196،فتح العزيز بهامش المجموع 4:402، 403،مغني المحتاج 1:259.
5- 5) المغني 2:63،الكافي لابن قدامة 1:231،الإنصاف 2:31،المجموع 4:247،عمدة القارئ 5:240.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:179،صحيح مسلم 1:339 الحديث 465،سنن أبي داود 1:210 الحديث 790، سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 836،سنن النسائيّ 2:172،سنن البيهقيّ 2:392،393.

فقال:«يا معاذ،إيّاك أن تكون فتّانا،عليك بالشمس و ضحاها و ذواتها» (1).

و لأنّ الاجتماع ليس واجبا و لا يجب بالشروع،فجاز أن ينفرد،و لا تبطل الصلاة، لإتيانه بها على الوجه المشروع.و لأنّه بنيّة الائتمام يستفيد الفضيلة لا الصحّة،فتبطل بالخروج الفضيلة دون الصحّة.

احتجّ المخالف (2)بما روي عنه عليه السلام أنّه قال:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه» (3).

و الجواب:أنّه محمول على ما إذا كان متّبعا،أمّا مع نيّة الخروج فلا.

فرع:

يجوز أن يسلّم قبل الإمام مع العذر أو مع نيّة الانفراد،لما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:سألته عن الرّجل يكون خلف إمام (4)فيطول في التشهّد فيأخذه البول،أو يخاف (5)على شيء أن يفوت،أو يعرض له وجع،كيف يصنع؟قال:«يسلّم و ينصرف و يدع الإمام» (6).

و في الصحيح عن أبي المعزى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلّي خلف إمام

ص:303


1- 1الفقيه 1:255 الحديث 1153،الوسائل 5:470 الباب 69 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:402.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن الدارميّ 1:286.و [2]بهذا المضمون ينظر:سنن أبي داود 1:164 الحديث 601،603،604 و 605،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361، سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846 و ص 392 الحديث 1237 و 1239،سنن النسائيّ 2:83،الموطّأ 1:135 الحديث 16،17. [3]
4- 4) بعض النسخ:الإمام،كما في المصدر.
5- 5) في المصدر:أو يتخوّف.
6- 6) التهذيب 2:349 الحديث 1446،الوسائل 5:464 الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]

فسلّم قبل الإمام،قال:«ليس بذلك بأس» (1).

مسألة:يستحبّ للإمام أن يكمل أفعال صلاته من القيام و الجلوس و الركوع
اشارة

و السجود،و يخفّف أذكارها.

و هو إجماع أهل العلم.

روى الجمهور عن أنس بن مالك قال:ما صلّيت خلف أحد قطّ أخفّ[صلاة] (2)و لا أتمّ صلاة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من صلّى للناس فليخفّف،فإنّ فيهم السقيم و الضعيف،فإذا صلّى لنفسه فليطل ما شاء» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ (5)عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ينبغي للإمام أن تكون صلاته على أضعف من خلفه» (6).و لحديث جابر و قد تقدّم (7).

لأنّه ربّما كان في الجماعة من يتأذّى بالتطويل لمرض أو حاجة تفوت،فيحصل الأذى بالتطويل،فكان الإسراع مشروعا.

فرع:

و لو تجدّد في الصلاة ما يقتضي الإسراع سارع إلى الإتمام مخالفا عادته في الصلاة،

ص:304


1- 1التهذيب 3:55 الحديث 189،الوسائل 5:465 الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:181 بتفاوت في اللفظ،صحيح مسلم 1:342 الحديث 469،مسند أحمد 3:276، [2]سنن البيهقيّ 3:114.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:180،صحيح مسلم 1:341 الحديث 467،سنن أبي داود 1:211 الحديث 794 ،795،سنن النسائيّ 2:94،الموطّأ 1:134 الحديث 13، [3]سنن البيهقيّ 3:115 و 117،مسند أحمد 2:486. [4]
5- 5) غ بزيادة:في الصحيح.
6- 6) التهذيب 3:274 الحديث 795،الوسائل 5:469 الباب 69 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [5]
7- 7) يراجع:ص 302.

لوجود المقتضي له.و لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّي لأدخل في الصلاة و أنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبيّ فأخفّفها كراهية أن أشقّ على أمّه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر و العصر فخفّف الصلاة في الركعتين،فلمّا انصرف قال له الناس:يا رسول اللّه،أحدث في الصلاة شيء؟قال:

و ما ذاك؟قالوا:خفّفت في الركعتين الأخيرتين،فقال لهم:أما سمعتم صراخ الصّبيّ» (2).

مسألة:ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتّى يتمّ المسبوق خلفه صلاته،

لأنّ الجماعة الحقيقيّة مطلوبة شرعا،فكان التشبيه بها مطلوبا،كما في غير الجماعة، مثل الممسك (3).

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:سمعته يقول:«لا ينبغي للإمام أن يقوم إذا صلّى حتّى يقضي كلّ من خلفه ما فاته من الصلاة» (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يسمع من خلفه القراءة و الشهادتين،
اشارة

لأنّه ضامن لهم، فكان الإسماع مستحبّا،لنفي التهمة،و حصول اليقين لكلّ سامع براءة ذمّته من القراءة.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول،و لا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا ممّا يقول» (5).

ص:305


1- 1صحيح البخاريّ 1:181،صحيح مسلم 1:343 الحديث 470،سنن أبي داود 1:209 الحديث 789. سنن ابن ماجه 1:316 الحديث 989 و 991،سنن النسائيّ 2:95.بتفاوت في الألفاظ في الجميع.
2- 2) التهذيب 3:274 الحديث 796،الوسائل 5:469 الباب 69 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) ن و م:المتمسّك.
4- 4) التهذيب 3:49 الحديث 169 و ص 273 الحديث 791،الوسائل 4:1017 الباب 2 [2] من أبواب التعقيب الحديث 4 و ج 5:451 الباب 51 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1.
5- 5) التهذيب 3:49 الحديث 170،الوسائل 5:451 الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [3]
فرع:

هذا الحكم ثابت مع عدم الحاجة إلى العلوّ في الصوت.

مسألة:لو أخلّ الإمام بشرط في الصلاة كالطهارة و لم يعلم المأمومون صحّت صلاتهم دونه،و قد سلف ذلك (1).

أمّا لو أخلّ باستقبال القبلة،فإن كان المأمومون عالمين،بطلت صلاة الجمع،و إن لم يكونوا عالمين،فإن كانوا قد استدبروا قضوا أجمع في الوقت،و في الخارج على الخلاف بين الأصحاب (2)،و إن لم يكونوا مستدبرين صحّت صلاتهم دونه.و قال بعض الجمهور:تفسد صلاة الجميع (3).

لنا:أنّهم دخلوا في الصلاة على وجه مشروع،و صلاة المأموم غير متعلّقة بصلاة الإمام فصحّت صلاتهم،كما لو كان الإمام محدثا.و لو لم يكونوا عالمين و لا الإمام أيضا صحّت صلاة الجميع على التفصيل المذكور.

روى (4)الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يصلّي بالقوم،ثمَّ يعلم أنّه صلّى بهم إلى غير القبلة،فقال:«ليس عليهم إعادة» (6).

ص:306


1- 1يراجع:ص 209.
2- 2) قال بعض بالإعادة،ينظر:المبسوط 1:158، [1]النهاية:64، [2]الكافي في الفقه:139،المراسم:61. و قال بعض بعدم الإعادة،ينظر:جمل العلم و العمل:53،الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):194،السرائر:62.
3- 3) الأمّ 1:94،المهذّب للشيرازيّ 1:68،المجموع 3:222،بدائع الصنائع 1:119.
4- 4) م:و روى.
5- 5) في التهذيب:عبد اللّه بن عليّ،و في الوسائل: [3]عبيد اللّه بن عليّ،قال المحقّق الأردبيليّ في ترجمة عبد اللّه بن عليّ: كذا فيما حضرني من نسخة النجاشيّ و الظاهر أنّه عبيد اللّه،و عنونه العلاّمة الخوئيّ بعنوان:عبيد اللّه(عبد اللّه)، فالرجل شخص واحد. جامع الرواة 1:497، [4]معجم رجال الحديث 11:84. [5]
6- 6) التهذيب 3:40 الحديث 142،الوسائل 5:436 الباب 38 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [6]

و قد روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الأعمى يؤمّ القوم و هو على غير القبلة،قال:«يعيد و لا يعيدون،فإنّهم قد تحرّوا» (1).و يحمل (2)إعادة الإمام على ترك اجتهاده و ترك قول الغير.

مسألة:و لو ضاق بالمأموم المكان أو بغيره جاز له أن يتقدّم في الصلاة و يتأخّر
اشارة

ما لم يبلغ حدّ الكثرة،لموضع الحاجة إلى ذلك.

و قد روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أخذ بيد ابن عبّاس فأداره إلى يمينه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام قال:«فإذا قعدت فضاق المكان فتقدّم أو تأخّر،فلا بأس» (4).

و ما رواه في الموثّق عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قال:«لا يضرّك أن تتأخّر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصفّ فتتأخّر إلى الصفّ الذي خلفك،و إن كنت في صفّ فأردت أن تتقدّم قدّامك فلا بأس أن تمشي إليه» (5).

و مثله روى عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (6).

و مثله روي في الصحيح عن الحلبيّ عنه عليه السلام (7).

ص:307


1- 1التهذيب 3:269 الحديث 771،الوسائل 5:410 [1] الباب 21 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6 و ص 436 الباب 38 الحديث 2.
2- 2) ح:و يحتمل.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:47،179 و 217،صحيح مسلم 1:527 الحديث 763،سنن أبي داود 1:166 الحديث 610،سنن ابن ماجه 1:312 الحديث 973،سنن النسائيّ 2:87،سنن الدارميّ 1:286،مسند أحمد 1:341، 343 و 347.
4- 4) التهذيب 3:275 الحديث 799،الوسائل 5:471 الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 3:280 الحديث 825،الوسائل 5:471 الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 3:280 الحديث 826،الوسائل 5:471 الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]
7- 7) التهذيب 3:280 الحديث 827،الوسائل 5:471 الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [5]

لا يقال:قد روى الشيخ و ابن يعقوب معا في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قلت له:الرجل يتأخّر و هو في الصلاة؟قال:«لا»قلت:فيتقدّم؟قال:«نعم،ما شاء (1)إلى القبلة» (2).

لأنّا نقول:إنّ الراوي لم يسندها إلى إمام،و هو و إن كان ثقة لا يطلق القول إلاّ مع النقل عن الإمام،إلاّ أنّه غير خال عن ضعف.و أيضا فيحمل النهي على التأخّر مع الاستدبار،أو على التأخّر من غير حاجة.

فرع:

قال الشيخ:و يمسك المنفرد في حال تقدّمه أو تأخّره عن القراءة،لأنّه في تلك الحال ماش غير قائم فلا يجوز له القراءة (3).

مسألة:يكره للإمام أن يصلّي بالقوم و هو متوشّح،

لما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).و هذا و إن كان مكروها للمصلّي مطلقا إلاّ أنّه في الإمام آكد.

مسألة:لو فسدت صلاة المأموم بشيء يختصّ به،كحدث أو كلام منه،لم تفسد
اشارة

صلاة الإمام،

سواء كان مع الإمام غيره أو لم يكن،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:أنّ صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام ارتباطا يلزم منه المتابعة في الفساد على ما بيّنّا،فيختصّ الفساد بصلاة المأموم.و لأنّ العكس ثابت و هو أولى.

ص:308


1- 1في التهذيب:ماشيا.
2- 2) الكافي 3:385 الحديث 2، [1]التهذيب 3:272 الحديث 787،الوسائل 3:476 الباب 44 من أبواب مكان المصلّي الحديث 2. [2]
3- 3) النهاية:80. [3]
4- 4) التهذيب 3:282 الحديث 836،الوسائل 3:287 الباب 24 من أبواب لباس المصلّي الحديث 2.
5- 5) المغني 1:782.
فرع:

لو كان المأموم واحدا فشمّ (1)كلّ واحد منهما ريحا أو سمع صوتا يعتقد أنّه من صاحبه،لم يفسد صلاة واحد منهما،لما مضى،و يجب على المأموم نيّة الانفراد،لأنّه لو أتمّ الصلاة متابعا،لكان مؤتمّا بمن يعتقد بطلان صلاته.

آخر :

(2)

لو صلّى بجماعة فشهد اثنان أنّه أحدث و أنكر هو و بقيّة المأمومين،فالوجه صحّة صلاة الجميع إلاّ الشاهدين إن (3)أتمّا مؤتمّين.أمّا إن نويا (4)الانفراد صحّت صلاتهما.

و قال بعض الجمهور:يعيد الجميع،لأنّ شهادة الإثبات مقدّمة على النفي،و صلاة المأمومين مرتبطة بصلاة الإمام و بالعكس (5).

مسألة:لو صلّى ثمَّ اشتبه عليه هل دخل الوقت أم لا،و لم يكن قد صلّى عن يقين

و ظنّ،أعاد الصلاة.

و له أن يؤمّ في الإعادة من (6)لم يصلّ،خلافا لبعض الجمهور (7).

لنا:أنّها صلاة واجبة فجاز الائتمام فيها،كما لو لم يصلّ أوّلا،و كما لو شكّ هل صلّى أم لا.

احتجّ المخالف بأنّها يحتمل النفل،فيكون المفترض قد اقتدى بالمتنفّل (8).

ص:309


1- 1م و ن:فيشمّ.
2- 2) هامش ح:فرع آخر.
3- 3) ق:إذ،ح:إذا.
4- 4) ح و ق:ينويا.
5- 5) المغني 1:782.
6- 6) ح:لمن.
7- 7) المغني 2:54.
8- 8) المغني 2:54.

و الجواب:لا احتمال مع تعيّن (1)الوجوب.

مسألة:ذكر ابن بابويه في كتابه أنّه يستحبّ للمأمومين إذا فرغ الإمام من قراءة

الحمد أن يقولوا:الحمد للّه ربّ العالمين .

(2)

و رواه الحسين بن سعيد في كتابه أيضا (3).

فصول في المساجد
اشارة

روى الشيخ عن الأصبغ،عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام،قال:كان يقول:«من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان:أخا مستفادا في اللّه،أو علما مستطرفا،أو آية محكمة،أو سمع (4)كلمة تدلّه على هدى،أو رحمة منتظرة،أو كلمة تردّه عن ردى،أو يترك ذنبا خشية أو حياء» (5).

و روى عن عليّ بن الحكم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب و لا يابس إلاّ سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة» (6).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:من كان القرآن حديثه و المسجد بيته بنى اللّه له بيتا في الجنّة» (7).

و في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم،فقال:«لا تكره،فما من مسجد بني إلاّ على

ص:310


1- 1م و ن:يقين.
2- 2) الفقيه 1:255.
3- 3) لم نعثر على كتابه.
4- 4) ح:يسمع.
5- 5) التهذيب 3:248 الحديث 681،الوسائل 3:480 الباب 3 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
6- 6) التهذيب 3:255 الحديث 706،الوسائل 3:482 الباب 4 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 3:255 الحديث 707،الوسائل 3:481 الباب 3 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [3]

قبر نبيّ أو وصيّ نبيّ قتل فأصاب تلك البقعة رشّة من دمه،فأحبّ اللّه أن يذكر فيها، فأدّ فيها الفريضة و النوافل و اقض ما فاتك» (1).

و روى ابن بابويه عن كليب الصيداويّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«مكتوب في التوراة أنّ بيوتي في الأرض المساجد،فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمَّ زارني في بيتي،ألا إنّ على المزور كرامة الزائر» (2).

و روى ابن بابويه عن الأصبغ بن نباتة قال:قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه:«إنّ اللّه عزّ و جلّ ليهمّ (3)بعذاب أهل الأرض جميعا لا يحاشي منهم أحدا إذا عملوا بالمعاصي و اجترحوا السّيئات،فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلاة و الولدان يتعلّمون القرآن رحمهم فأخّر ذلك عنهم» (4).

و روى ابن يعقوب في الصحيح عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجبرئيل عليه السلام:يا جبرئيل،أيّ البقاع أحبّ إلى اللّه؟ قال:المساجد،و أحبّ أهلها أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا منها» (5).

أمّا النساء فالمستحبّ لهنّ أن لا يحضرن المساجد،لأنّهنّ أمرن بالاستتار.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«خير مساجد نسائكم البيوت» (6).

فصل:و أفضل المساجد المسجد الحرام.

روى ابن بابويه عن الحسين بن خالد،عن أبي الحسن الرّضا،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام:

ص:311


1- 1التهذيب 3:258 الحديث 723،الوسائل 3:501 الباب 21 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:154 الحديث 721،المقنع:27، [2]الوسائل 3:482 الباب 3 [3] من أبواب أحكام المساجد الحديث 5 و ص 515 الباب 39 الحديث 1.
3- 3) غ:ليهتمّ.
4- 4) ثواب الأعمال:47 الحديث 3،الوسائل 3:481 الباب 3 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [4]
5- 5) الكافي 3:489 الحديث 14، [5]الوسائل 3:554 الباب 68 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [6]
6- 6) التهذيب 3:252 الحديث 694،الوسائل 3:510 الباب 30 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [7]

صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره من المساجد» (1).

و روى عن مسعدة بن صدقة،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صلاة في مسجدي تعدل عند اللّه عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام،فإنّ الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة» (2).

و روى ابن بابويه أيضا،عن خالد بن مادّ القلانسيّ (3)،عن الصّادق عليه السلام أنّه قال:«مكّة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم عليّ بن أبي طالب عليهما السلام،الصلاة (4)فيها بمائة ألف صلاة،و الدرهم فيها بمائة ألف درهم،و المدينة حرم اللّه و حرم رسوله،و حرم عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام،الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة،و الدرهم فيها بعشرة آلاف (5)درهم،و الكوفة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم عليّ بن أبي طالب عليهما السلام، الصلاة فيها بألف صلاة»و سكت عن الدرهم (6).

و روى ابن بابويه عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام،عن عليّ

ص:312


1- 1ثواب الأعمال:49 الحديث 1، [1]الوسائل 3:536 الباب 52 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [2]
2- 2) ثواب الأعمال:50 الحديث 1،الوسائل 3:536 الباب 52 من أبواب أحكام المساجد الحديث 5. [3]
3- 3) خالد بن مادّ القلانسيّ الكوفيّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام مولى ثقة،له كتاب قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله بعنوان:خالد بن مادّ القلانسيّ من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و قال المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:خالد بن زياد-بالزاء قبل الياء المنقّطة تحتها نقطتين-و قيل:ابن باد-بغير زاء و عوض الياء باء منقّطة تحتها نقطة واحدة-القلانسيّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام ثقة.و ظاهره اتّحاد خالد بن زياد و خالد بن مادّ،و ليس كذلك كما قال العلاّمة الخوئيّ، حيث إنّ الشيخ ذكر في رجاله خالد بن زياد القلانسيّ كوفيّ مرّة و أخرى خالد بن مادّ القلانسيّ و هذا دليل على التعدّد،و لعلّ منشأ الاشتباه ما ذكره العلاّمة في ترجمة خالد بن زياد حيث إنّها عين ما ذكره النجاشيّ في ترجمة خالد بن مادّ و يعبّر عنه بعنوان:خالد بن مادّ القلانسيّ،خالد بيّاع القلانس،خالد القلانسيّ.رجال النجاشيّ: 149،رجال الطوسيّ:189،الفهرست:66، [4]رجال العلاّمة:65، [5]معجم رجال الحديث 7:22،23،33. [6]
4- 4) في الفقيه:و الصلاة،و [7]كذا في الموضعين التاليين.
5- 5) أكثر النسخ:ألف.
6- 6) الفقيه 1:147 الحديث 679،الوسائل 3:524 الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث 12. [8]

عليه السلام قال:«صلاة في بيت المقدس (1)ألف صلاة،و صلاة في مسجد الأعظم مائة ألف صلاة،و صلاة في مسجد القبيلة خمس و عشرون صلاة،و صلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة،و صلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة» (2).

و روى ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال لأبي حمزة الثماليّ:«المساجد أربعة:المسجد الحرام،و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد بيت المقدس، و مسجد الكوفة،يا أبا حمزة،الفريضة فيها تعدل حجّة،و النافلة تعدل عمرة» (3).

و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:«لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد:المسجد الحرام،و مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد الكوفة» (4).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لمّا أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة و أنا على البراق و معي جبرئيل،فقال لي:يا محمّد،انزل فصلّ في هذا المكان،قال:فنزلت فصلّيت و قلت:يا جبرئيل،أيّ شيء هذا الموضع؟قال:يا محمّد هذه كوفان و هذا مسجدها،أما إنّي قد رأيتها خرابا عشرين مرّة و عشرين مرّة عمرانا،بين كلّ مرّتين خمس مائة سنة» (5).

و روى ابن بابويه عن الأصبغ بن نباتة قال:بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذ قال:«يا أهل الكوفة،لقد حباكم اللّه عزّ و جلّ بما لم يحب به أحدا من فضل مصلاّكم:بيت آدم،و بيت نوح،و بيت إدريس،و مصلّى إبراهيم الخليل، و مصلّى أخي الخضر عليهم (6)السلام،و مصلاّي،و إن مسجدكم هذا لأحد المساجد

ص:313


1- 1في الفقيه بزيادة:تعدل،و كذا بعد:مسجد الأعظم،مسجد القبيلة و مسجد السوق.
2- 2) الفقيه 1:152 الحديث 703،الوسائل 3:551 الباب 64 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2.و [1]فيه:في المسجد الأعظم.
3- 3) الفقيه 1:148 الحديث 683،الوسائل 3:550 الباب 64 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 1:150 الحديث 695،الوسائل 3:525 الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث 16. [3]
5- 5) الفقيه 1:150 الحديث 696،الوسائل 3:525 الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث 17. [4]
6- 6) ح:عليه،كما في الفقيه.

الأربعة التي اختارها اللّه عزّ و جلّ لأهلها،و كأنّي به قد أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين يتشبّه بالمحرم و يشفع لأهله و لمن يصلّي فيه،فلا تردّ شفاعته،و لا تذهب الأيّام و الليالي حتّى ينصب الحجر الأسود فيه،و ليأتينّ عليه زمان يكون مصلّى المهدي عليه السلام من ولدي و مصلّى كلّ مؤمن،و لا يبقى على الأرض مؤمن إلاّ كان به أو حنّ قلبه إليه، فلا تهجروه و تقرّبوا إلى اللّه عزّ و جلّ بالصلاة فيه،و ارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض و لو حبوا على الثلج» (1).

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام (2)قال:«بالكوفة مسجد يقال له مسجد السهلة،لو أنّ عمّي زيدا أتاه فصلّى فيه و استجار اللّه لأجاره عشرين سنة،فيه بيت إدريس الّذي كان يخيط فيه،و هو الموضع الذي خرج منه إبراهيم إلى العمالقة،و هو الموضع الّذي خرج منه داود إلى جالوت،و تحته صخرة خضراء فيها صورة وجه كلّ نبيّ (3)خلقه اللّه عزّ و جلّ،و من تحته أخذت طينة كلّ نبيّ و هو موضع الراكب»فقيل له:و ما الراكب؟ قال:«الخضر عليه السلام» (4).

و روى الشيخ رحمه اللّه و ابن بابويه رحمه اللّه (5)،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال:صلّى بنا عليّ عليه السّلام ببراثا ببغداد (6)بعد رجوعه من قتال الشراة و نحن زهاء (7)مائة ألف رجل،فنزل نصرانيّ من صومعته فقال:من (8)عميد هذا الجيش؟فقلنا:هذا، فأقبل إليه فسلّم عليه،ثمَّ قال:يا سيّدي أنت نبيّ؟فقال:«لا،النبيّ سيّدي قد مات»قال:

ص:314


1- 1الفقيه 1:150 الحديث 697،الوسائل 3:526 الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث 18. [1]
2- 2) هامش ح بزيادة:قال،كما في الوسائل. [2]
3- 3) في الفقيه:كلّ شيء،و كذا في الموضع الّذي بعده.
4- 4) الفقيه 1:151 الحديث 698،الوسائل 3:532،533 الباب 49 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1،3 و [3] 5.
5- 5) م و ن:رضي اللّه عنه.
6- 6) ليست في المصادر.
7- 7) ح بزيادة:عن،كما في الوسائل. [4]
8- 8) ح:أين،كما في الوسائل. [5]

فأنت وصيّ نبيّ؟قال:«نعم»ثمَّ قال له:«اجلس،كيف سألت عن هذا؟»قال:إنّما (1)بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع و هو براثا،و قرأت (2)في الكتب المنزلة أنّه لا يصلّي في هذا الموضع بهذا (3)الجمع إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ،و قد جئت أسلم،فأسلم و خرج معنا إلى الكوفة،فقال له عليّ عليه السلام:«فمن صلّى هاهنا؟»قال:صلّى عيسى بن مريم و أمّه، فقال له عليّ عليه السلام:«فأخبرك (4)من صلّى هاهنا؟»قال:نعم،قال:«الخليل عليه السلام» (5).

و روى الشيخ و ابن يعقوب عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إنّ (6)بالكوفة مساجد ملعونة و مساجد مباركة،فأمّا المباركة فمسجد غنيّ، و اللّه إنّ قبلته لقاسطة،و إنّ طينته لطيّبة،و لقد وضعه رجل مؤمن،و لا تذهب الدّنيا حتّى تنفجر (7)عنده عينان و تكون عنده (8)جنّتان و أهله ملعونون و هو مسلوب منهم،و مسجد بني ظفر و هو مسجد السّهلة،و مسجد الحمراء،و مسجد جعفيّ و ليس هو مسجدهم اليوم،قال:درس،و أمّا المساجد الملعونة فمسجد ثقيف (9)،

ص:315


1- 1توجد فقط في نسخة ح و الوسائل. [1]
2- 2) أكثر النسخ:قرأت.
3- 3) بعض النسخ و بعض المصادر:بذا.
4- 4) أكثر النسخ:فأفيدك،و في التهذيب:أ فأفيدك.
5- 5) الفقيه 1:151 الحديث 699،التهذيب 3:264 الحديث 747،الوسائل 3:549 الباب 62 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
6- 6) لا توجد في أكثر النسخ و التهذيب.
7- 7) ن:يتفجّر.
8- 8) في بعض النسخ و التهذيب:عليه.
9- 9) ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوازن من عدنان جدّ جاهليّ،النسبة إليه:ثقفيّ،قيل:اسمه قسيّ.و ثقيف:حيّ من قيس.قال في المصباح المنير:و به سمّي حيّ من اليمن. لسان العرب 9:20 [3] مادّة(ثقف)،المصباح المنير 83، [4]الأعلام للزركليّ 2:100. [5]

و مسجد الأشعث (1)،و مسجد جرير (2)،و مسجد سماك (3)،و مسجد بالحمراء (4)بني على قبر فرعون من الفراعنة» (5).

ص:316


1- 1الأشعث بن قيس الكنديّ أبو محمّد،سكن الكوفة،ارتدّ بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ردّة أهل ياسر،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ عدّه من أصحاب عليّ عليه السلام قائلا:أشعث بن قيس الكنديّ ثمَّ صار خارجيّا ملعونا.و إنّه ممّن كتم شهادته في قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في عليّ عليه السلام:«من كنت مولاه فعليّ مولاه»فدعا عليه بأن لا يموت حتّى يذهب اللّه بكريمتيه.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.و قال المفيد:إنّه أعان على قتل أمير المؤمنين عليه السلام.مات بعد مقتل عليّ عليه السلام،و قيل قبله،و قيل سنة 42 ه.روى عنه البخاريّ و مسلم و أبو داود و الترمذيّ و النسائيّ و ابن ماجه. الإرشاد للمفيد 1:18،رجال الطوسيّ:4 و 35،رجال العلاّمة:206، [1]تنقيح المقال 1:149 و 162، [2]معجم رجال الحديث 3:210. [3]
2- 2) جرير بن عبد اللّه البجليّ،عدّه الشيخ تارة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخرى من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،و قال المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:جرير بن عبد اللّه البجليّ قدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية.و نقل المامقانيّ عن الشهيد الثاني في تعليقته على الخلاصة:أنّ رسالة أمير المؤمنين عليه السلام و إن دلّت على مدح لكن مفارقته له عليه السلام و لحوقه بمعاوية ثانيا يدفع ذلك المدح و يخرجه عن هذا القسم،و تخريب عليّ عليه السلام داره بالكوفة بعد لحوقه بمعاوية مشهور،و كان يبغض عليّا عليه السلام،و هو الّذي كتم حديث الغدير،و لأجل ذلك قال العلاّمة الخوئيّ:من الغريب أنّ العلاّمة ذكره في القسم الأوّل من الخلاصة.رجال الطوسيّ:13 و 37،رجال العلاّمة:36، [4]تنقيح المقال 1:210، [5]معجم رجال الحديث 4: 40، [6]الغدير 1:193.
3- 3) سماك بن مخرمة الهالكيّ الأسديّ،قال ابن حجر و ابن عبد البرّ و ابن الأثير:له صحبة و إليه ينسب مسجد سماك بالكوفة،و هو من المساجد الّتي جدّدت فرحا لقتل الحسين عليه السلام.و قال المامقانيّ:حاله مجهول. الإصابة 2:77،الاستيعاب بهامش الإصابة 2:84،أسد الغابة 2:353، [7]تنقيح المقال 2:68. [8]
4- 4) في الكافي: [9]بالخمراء،بالموحّدة و الخاء المعجمة.
5- 5) الكافي 3:489 الحديث 1، [10]التهذيب 3:249 الحديث 685،الوسائل 3:519 الباب 43 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [11]

و رويا معا،عن سالم (1)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«جدّدت أربعة مساجد بالكوفة فرحا لقتل الحسين عليه السلام:مسجد الأشعث،و مسجد جرير،و مسجد سماك، و مسجد شبث بن ربعيّ (2)» (3).

و روى الشيخ و ابن يعقوب في الصحيح عن حسّان الجمّال (4)قال:حملت أبا عبد اللّه عليه السلام من المدينة إلى مكّة قال:فلمّا انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد فقال:«ذاك موضع قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث قال:

من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه»ثمَّ نظر في الجانب الآخر فقال:«ذاك موضع فسطاط أبي فلان و فلان،و سالم مولى أبي حذيفة (5)،

ص:317


1- 1سالم بن عبد الرحمن بن سالم الأشلّ عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام، و بعنوان:سالم الأشلّ بيّاع المصاحف من أصحاب الباقر عليه السلام،و ذكره النجاشيّ في ترجمة ابنه عبد الرحمن و قال:كان سالم بيّاع المصاحف.و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة في ترجمة عبد الرحمن بن سالم:و أبوه ثقة روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام.و قال المامقانيّ:الوثوق به أشدّ من غيره. رجال الطوسيّ:124 و 209،رجال النجاشيّ:237،رجال العلاّمة:239، [1]تنقيح المقال 2:5. [2]
2- 2) شبث بن ربعيّ التميميّ اليربوعيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و قال:إنّه رجع إلى الخوارج و بمثله عبّر المصنّف في الخلاصة،و كفى في خبثه و زندقته أنّه أحد أصحاب المساجد الأربعة الملعونة الّتي جدّدت بالكوفة فرحا لقتل الحسين عليه السلام. رجال الطوسيّ:45،رجال العلاّمة:229،تنقيح المقال 2:80. [3]
3- 3) الكافي 3:490 الحديث 2، [4]التهذيب 3:250 الحديث 687،الوسائل 3:519 الباب 43 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [5]
4- 4) حسّان بن مهران الجمّال مولى بني كأهل،و قيل مولى لغنيّ أخو صفوان،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام ثقة ثقة قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله بعنوان حسّان بن مهران من أصحاب الباقر عليه السلام،و بعنوان:حسّان بن مهران الجمّال الكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.رجال الطوسيّ:118 و 181،رجال النجاشيّ:147،رجال العلاّمة:64. [6]
5- 5) سالم مولى أبي حذيفة بن عبيد بن ربيعة و قيل سالم بن معقل يكنّى أبا عبد اللّه،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح بل الخبر الّذي في باب مسجد الغدير يدلّ على ذمّه فإنّ إقران سالم مولى حذيفة بالمنافقين و أبي عبيدة الجرّاح يؤذن بسوء حاله. قال ابن الأثير:قتل يوم اليمامة.رجال الطوسيّ:20،أسد الغابة 2:245، [7]تنقيح المقال 2:6. [8]

و أبي عبيدة الجرّاح (1)،فلمّا أن رأوه رافعا يده،قال بعضهم:انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون،فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (2)».ثمَّ قال:«يا حسّان،لو لا أنّك جمّالي لما حدّثتك بهذا الحديث» (3).

و روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن المسجد الذي أسّس على التقوى؟قال:«مسجد قبا» (4).

و روى ابن بابويه عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال:«صلّى في مسجد الخيف سبع مائة نبيّ» (5).

و روى ابن بابويه عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«من صلّى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما،و من سبّح اللّه فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة،و من هلّل اللّه فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة،و من حمد اللّه عزّ و جلّ فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدّق به في سبيل اللّه تعالى» (6).

فصل:بناء المساجد فيه فضل كثير

و ثواب جزيل.قال اللّه تعالى:

ص:318


1- 1عامر بن عبد اللّه بن الجرّاح بن هلال بن أهيب،أبو عبيدة بن الجرّاح الفهريّ أمين الأمّة و أحد العشرة المبشّرة عند العامّة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه جابر بن عبد اللّه و سمرة بن جندب و أبو أمامة.و عند الخاصّة أحد أركان غصب الخلافة عن أمير المؤمنين عليه السلام و تسليمها يوم السقيفة إلى غيره،و الرجل من أضعف الضعفاء.تهذيب التهذيب 5:73، [1]تنقيح المقال 2:114. [2]
2- 2) القلم(68):51،52. [3]
3- 3) الكافي 4:566 الحديث 2، [4]التهذيب 3:263 الحديث 746،الوسائل 3:548 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [5]
4- 4) التهذيب 3:261 الحديث 736،الوسائل 3:548 الباب 60 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [6]
5- 5) الفقيه 1:149 الحديث 689،الوسائل 3:535 الباب 50 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [7]
6- 6) الفقيه 1:149 الحديث 690،الوسائل 3:535 الباب 51 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [8]

إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. (1)الآية.

و روى الشيخ في الحسن عن أبي عبيدة الحذّاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال:«من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة».قال أبو عبيدة:فمرّ بي أبو عبد اللّه عليه السلام في طريق مكّة و قد سوّيت أحجار المسجد فقلت:جعلت فداك،نرجو أن يكون هذا من ذاك،فقال:«نعم» (2).

فصل:و يستحبّ اتّخاذها جمّا غير مظلّلة.

روى الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:

سألته عن المساجد المظلّلة،يكره القيام فيها (3)؟قال:«نعم،و لكن لا تضرّكم الصلاة فيها اليوم،و لو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» (4).

و روى في الحسن عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«بنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مسجده فاشتدّ الحرّ عليهم،فقالوا:يا رسول اللّه،لو أمرت بالمسجد فظلّل،فقال:نعم،فأمر به فأقيمت فيه سواري (5)من جذوع النخل،ثمَّ طرحت عليه العوارض و الخصف و الإذخر،فعاشوا فيه حتّى أصابهم المطر فجعل المسجد يكف عليهم،فقالوا:يا رسول اللّه،لو أمرت بالمسجد فطيّن،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا،عريش كعريش موسى عليه السلام،فلم يزل كذلك حتّى قبض صلّى اللّه عليه و آله» (6).

و روى ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السلام قال:«أوّل ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها و يأمر بها فتجعل عريشا كعريش موسى عليه السلام» (7).

ص:319


1- 1التوبة(9):18. [1]
2- 2) التهذيب 3:264 الحديث 748،الوسائل 3:485 الباب 8 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
3- 3) في الوسائل: [3]أ تكره الصلاة فيها؟.
4- 4) التهذيب 3:253 الحديث 665،الوسائل 3:488 الباب 9 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [4]
5- 5) سواري،جمع سارية:الأسطوانة.المصباح المنير:276.
6- 6) التهذيب 3:261 الحديث 738،الوسائل 3:487 الباب 9 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [5]
7- 7) الفقيه 1:153 الحديث 707،الوسائل 3:488 الباب 9 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [6]

و روى الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،أنّ عليّا عليه السلام رأى مسجدا بالكوفة قد شرّف فقال:«كأنّه بيعة»و قال:«إنّ المساجد لا تشرّف،تبنى جمّا» (1).

فصل:و يكون الميضاة على أبواب المساجد،

(2)

لما رواه الشيخ عن عبد الحميد (3)، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:جنّبوا مساجدكم صبيانكم و مجانينكم و بيعكم و شراءكم،و اجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم» (4).

و لأنّه لو جعلت داخلها لتأذّى المسلمون برائحتها،و ذلك مطلوب الترك.

فصل:و يستحبّ أن تكون المنارة مع حائطها و لا تعلى عليه،

(5)

لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه أنّ عليّا عليه السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها،ثمَّ قال:«لا ترفع المنارة إلاّ مع سطح المسجد» (6).

فصل:و يستحبّ أن يقدّم الداخل إليها رجله اليمنى و الخارج اليسرى،

لشرف اليمنى،فتقدّم إلى الموضع الأشرف.و أن يتعاهد نعله احتياطا للطهارة.روى الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم،و نهى أن يتنعّل الرجل و هو قائم» (7).

و أن يدعو في حالتي دخوله و خروجه،لأنّ المسجد مظنّة للإجابة.

ص:320


1- 1التهذيب 3:253 الحديث 697،الوسائل 3:494 الباب 15 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [1]
2- 2) الميضاة-بكسر الميم مهموز و يعدّ و يقصر-:المطهرة يتوضّأ منها.المصباح المنير:663. [2]
3- 3) عبد الحميد الواسطيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،و في روضة الكافي رواية تدلّ على جلالته،و قال المحقّق الأردبيليّ:رواية عبد اللّه بن الدهقان عنه عن أبي إبراهيم في التهذيب في باب فضل المساجد مرّتين. رجال الطوسيّ:128 و 236،جامع الرواة 1:441. [3]
4- 4) التهذيب 3:254 الحديث 702،الوسائل 3:507 الباب 27 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [4]
5- 5) غ:حائط المسجد.
6- 6) التهذيب 3:256 الحديث 710،الوسائل 3:505 الباب 25 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [5]
7- 7) التهذيب 3:256 الحديث 709،الوسائل 3:504 الباب 24 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [6]

روى الشيخ عن العلاء بن الفضيل (1)،عمّن رواه،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إذا دخلت المسجد و أنت تريد أن تجلس فلا تدخله إلاّ طاهرا،و إذا دخلته فاستقبل القبلة ثمَّ ادع اللّه و اسأله و سمّ حين تدخله و احمد اللّه و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و روي في الموثّق عن سماعة قال:إذا دخلت المسجد فقل:بسم اللّه،و السلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و صلاة ملائكته على محمّد و آل محمّد،و السلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته،ربّ اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك.و إذا خرجت فقل مثل ذلك (3).

و عن عبد اللّه بن الحسن (4)قال:إذا دخلت المسجد فقل:اللهمّ اغفر لي و افتح لي أبواب رحمتك.و إذا خرجت فقل:اللهمّ اغفر لي و افتح لي أبواب فضلك (5).

فصل:و الإسراج فيها و كنسها مستحبّان،

لما اشتملا عليه من التنظيف و الضوء المحتاج إليه للدخول و الترغيب إلى التردّد فيه فيؤمن خرابه.

ص:321


1- 1العلاء بن الفضيل بن يسار أبو القاسم النهديّ مولى بصريّ ثقة،قاله النجاشيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال: ثقة. رجال النجاشيّ:298،رجال الطوسيّ:245،الفهرست:113، [1]رجال العلاّمة:123. [2]
2- 2) التهذيب 3:263 الحديث 743،الوسائل 3:516 الباب 39 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 3:263 الحديث 744،الوسائل 3:516 الباب 39 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [4]
4- 4) عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبو محمّد هاشميّ مدنيّ شيخ الطالبيّين،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،و في حقّه أخبار مادحة و قادحة.قال المامقانيّ:كلّما أمعنت النظر في أخبار الطرفين لم أهتد إلى ما يجمع بينهما فأنا في حقّ عبد اللّه هذا متوقّف مرتاب.و قال العلاّمة الخوئيّ بعد نقل الأخبار المادحة و القادحة:و المتحصّل ممّا ذكرناه أنّ عبد اللّه بن الحسن مجروح مذموم،و لا أقلّ من أنّه لم يثبت وثاقته و لا حسنه. رجال الطوسيّ:127 و 222،تنقيح المقال 2:176، [5]معجم رجال الحديث 10:165. [6]
5- 5) التهذيب 3:263 الحديث 745،الوسائل 3:516 الباب 39 من أبواب أحكام المساجد الحديث 5. [7]

و لما رواه الشيخ عن عبد الحميد،عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من كنس المسجد يوم الخميس ليلة الجمعة فأخرج من (1)ترابه ما يذرّ في العين غفر اللّه له» (2).

و روى ابن بابويه عن أنس بن مالك قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا لم تزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج» (3).

فصل:و يجنّب البيع و الشراء،

(4)

لأنّها موضع عبادة لا غير.و يجنّب (5)أيضا (6)المجانين و الصّبيان،لأنّهما مظنّتان للنجاسة لعدم توقّيهما عنها.

و يجنّب الأحكام،لأنّها مظنّة التنازع المقتضي للكذب.

و يكره تعريف الضالّة فيها،لأنّها موضع عبادة فيكره غيرها.

و يكره إقامة الحدود فيها،لأنّها مظنّة خروج الحدث.

و يكره رفع الصوت فيها،لأنّه ينافي التذلّل و الخضوع.

و يدلّ على هذه الأحكام أيضا:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط،عن بعض رجاله قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«جنّبوا مساجدكم البيع و الشراء و المجانين و الصّبيان و الأحكام و الضالّة و الحدود و رفع الصوت» (7).

و يكره اتّخاذ المحاريب فيها،لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام،عن عليّ عليه السلام أنّه كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد و يقول:

ص:322


1- 1ح و ق:منه.
2- 2) التهذيب 3:254 الحديث 703،الوسائل 3:511 الباب 32 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 1:154 الحديث 717،الوسائل 3:513 الباب 34 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
4- 4) م و ق:و يجتنب.
5- 5) ق:و يجتنب.
6- 6) هامش ح بزيادة:تمكين.
7- 7) التهذيب 3:249 الحديث 682،الوسائل 3:507 الباب 27 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [3]

«كأنّها مذابح اليهود» (1).

و يكره دخولها لمن أكل شيئا من المؤذيات،لما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن آبائه،عن عليّ عليهم السلام،قال:«من أكل شيئا من المؤذيات[ريحها] (2)فلا يقربنّ المسجد» (3).و لأنّه قد يتأذّى المجاور له بالرائحة،و ذلك مطلوب العدم.

و يكره إخراج الحصى منها،لما رواه الشيخ عن وهب بن وهب،عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال:«إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردّها مكانها،أو في مسجد آخر فإنّها تسبّح» (4).

و يكره البصاق في المسجد،فإن فعل غطّاه بالتراب،لأنّه يستتبع كراهية من النفس لذلك و مع التغطية تزول.

و لما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام قال:«البزاق في المسجد خطيئة و كفّارته دفنه» (5).

و روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام قال:«من وقّر بنخامته المسجد لقي اللّه يوم القيامة ضاحكا قد أعطي كتابه بيمينه» (6).

و روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص:323


1- 1التهذيب 3:253 الحديث 696،الوسائل 3:510 الباب 31 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 3:255 الحديث 708،الوسائل 3:503 الباب 22 من أبواب أحكام المساجد الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 3:256 الحديث 711،الوسائل 3:506 الباب 26 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 3:256 الحديث 712،الاستبصار 1:442 الحديث 1704،الوسائل 3:499 الباب 19 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 3:256 الحديث 713،الاستبصار 1:442 الحديث 1705،الوسائل 3:500 الباب 20 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [5]

يقول:«من تنخّع في المسجد ثمَّ ردّها في جوفه لم تمرّ بداء في جوفه إلاّ أبرأته» (1).

و يكره الوضوء في المسجد من البول و الغائط،لما رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة ابن موسى قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء في المسجد،فكرهه من الغائط و البول (2).

و يكره النوم في المساجد،لأنّه مظنّة الحدث.و لأنّها مواطن عبادة فكره غيرها.

و لما رواه الشيخ عن أبي أسامة زيد الشحّام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:قول اللّه عزّ و جلّ لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى (3)قال:«سكر النوم» (4).

و يكره إنشاد الشعر فيها،لما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا:فضّ اللّه فاك، إنّما نصبت المساجد للقرآن» (5).

و يكره عمل الصنائع في المساجد.و يدلّ عليه التعليل الذي أشار إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و روى الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن سلّ السيف في المسجد،و عن بري النبل في المسجد و قال:إنّما بني لغير ذلك» (6).

و يكره كشف العورة في المسجد،لأنّ فيه استخفافا به و هو محلّ تعظيم.و كشف السرّة و الركبة و الفخذ مكروه أيضا،لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص:324


1- 1التهذيب 3:256 الحديث 714،الاستبصار 1:442 الحديث 1706،الوسائل 3:500 الباب 20 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 3:257 الحديث 719،الوسائل 1:345 الباب 57 من أبواب الوضوء الحديث 1. [2]
3- 3) النساء(4):43. [3]
4- 4) التهذيب 3:258 الحديث 722،الوسائل 4:1241 الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 3:259 الحديث 725،الوسائل 3:493 الباب 14 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 3:258 الحديث 724،الوسائل 3:495 الباب 17 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [6]

«كشف السرّة و الفخذ و الركبة في المسجد من العورة» (1).

و تكره تعلية المساجد،لأنّ فيه تشريفا على عورات المجاورين،و هو منهيّ عنه.

و لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان مسجده قدر قامة،و اتّباعه أولى.

فصل:و يحرم إدخال النجاسة إليها

،لقوله عليه السلام:«جنّبوا مساجدكم النجاسة» (2).و غسل النجاسة فيها،لأنّه ينجّسها.

و يحرم أن يؤخذ منها شيء (3)في الطريق و غيره،لأنّه موضع للّه اختصّ بالعبادة، فلا يجوز اختصاص الغير به،قال اللّه تعالى وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها (4).

و يحرم نقشها و زخرفتها،لأنّه بدعة لم يفعل في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.روى الشيخ عن عمرو بن جميع قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في المساجد المصوّرة،فقال:«أكره ذلك،و لكن لا يضرّكم ذلك اليوم،و لو قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» (5).

و يحرم أخذ آلتها للتملّك،لأنّه وقف على مصلحة فاختصّ بها.

فصل:لو كان في دار رجل موضع جعله مسجدا ليصلّي فيه هو و غيره،و لم يخرجه

عن ملكه،جاز له توسيعه و تضييقه

و أخذه بالكلّيّة،لأنّه باق على ملكه لم يزل عنه بمجرّد الصلاة فيه.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المسجد يكون في الدار و في البيت،فيبدو لأهله أن يتوسّعوا بطائفة منه أو يحوّلوه إلى

ص:325


1- 1التهذيب 3:263 الحديث 742،الوسائل 3:515 الباب 37 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [1]
2- 2) الوسائل 3:504 الباب 24 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [2]
3- 3) جميع النسخ:شيئا،و الصواب ما أثبتناه.
4- 4) البقرة(2):114. [3]
5- 5) التهذيب 3:259 الحديث 726،الوسائل 3:493 الباب 15 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [4]

غير مكانه،فقال:«لا بأس بذلك» (1).

و رواه أيضا عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السلام (2).

فصل:و لا بأس بوضع المسجد على بئر غائط أو بالوعة

إذا طمّ (3)و انقطعت رائحته،لأنّ المؤذي يزول بذلك فتزول الكراهية.

و لما رواه الشيخ عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السلام قال:سألته عن المكان يكون حشّا (4)، (5)ثمَّ ينظّف و يجعل مسجدا،قال:«يطرح عليه من التراب حتّى يواريه فهو أطهر» (6).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المكان يكون حشّا زمانا فينظّف و يتّخذ مسجدا،فقال:«ألق عليه من التراب حتّى يتوارى،فإنّ ذلك يطهّره إن شاء اللّه» (7).

لا يقال:قد روى الشيخ عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«الأرض كلّها مسجد،إلاّ بئر قائط أو مقبرة» (8).

ص:326


1- 1التهذيب 3:260 الحديث 730،الوسائل 3:489 الباب 10 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:259 الحديث 727،الوسائل 3:489 الباب 10 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [2]
3- 3) طممت البئر و غيرها بالتراب طمّا من باب قتل:ملأتها حتّى استوت مع الأرض.المصباح المنير:378.
4- 4) الحشّ:البستان،و الفتح أكثر من الضمّ.و قال أبو حاتم:يقال لبستان النخل:حشّ.فقولهم:بيت الحشّ مجاز، لأنّ العرب كانوا يقضون حوائجهم في البساتين فلمّا اتّخذوا الكنف و جعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها ذلك الاسم. المصباح المنير:137. [3]
5- 5) ق:خبثا،و في الوسائل: [4]خبيثا.
6- 6) التهذيب 3:259 الحديث 727،الاستبصار 1:441 الحديث 1701،الوسائل 3:490 الباب 11 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [5]
7- 7) التهذيب 3:260 الحديث 730،الاستبصار 1:442 الحديث 1703،الوسائل 3:490 الباب 11 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [6]
8- 8) التهذيب 3:259 الحديث 728،الاستبصار 1:441 الحديث 1699،الوسائل 3:423 الباب 1 [7] من أبواب مكان المصلّي الحديث 4 و ص 491 الباب 11 من أبواب أحكام المساجد الحديث 8.

لأنّا نقول:نحن نقول بموجبة،إذ بئر الغائط إنّما تتّخذ مسجدا مع الطمّ و انقطاع الرائحة.

فصل:لا بأس بأخذ آلات البيع و الكنائس لبناء المساجد،

لما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البيع و الكنائس، هل يصلح نقضها لبناء المساجد؟فقال:«نعم» (1).

فصل:يكره رمي الحصى فيه خذفا،

لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام:«أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبصر رجلا يخذف بحصاة في المسجد، فقال:ما زالت تلعن حتّى وقعت،ثمَّ قال:الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط،ثمَّ تلا عليه السلام وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ (2)قال:هو الخذف» (3).

و تكره المخاطبة بلسان العجم فيه.روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال:«نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن رطانة (4)الأعاجم في المساجد» (5).

و يكره الاتّكاء فيه،لما رواه الشيخ عن إسماعيل بن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الاتّكاء في المسجد رهبانيّة العرب،المؤمن مجلسه مسجده،و صومعته بيته» (6).

فصل:لا بأس بأن يطيّن المسجد بطين فيه تبن

فصل:روى ابن بابويه عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال:سئل عن الطين فيه التبن،أ يطيّن به المسجد أو البيت الذي يصلّى فيه؟فقال:«لا بأس» (7).و سئل عن الجصّ

ص:327


1- 1التهذيب 3:260 الحديث 732،الوسائل 3:491 الباب 12 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [1]
2- 2) العنكبوت(29):29. [2]
3- 3) التهذيب 3:262 الحديث 741،الوسائل 3:514 الباب 36 من أبواب أحكام المساجد الحديث 10. [3]
4- 4) الرّطانة و الرّطانة و المراطنة:التكلّم بالعجميّة.لسان العرب 13:181. [4]
5- 5) التهذيب 3:262 الحديث 739،الوسائل 3:495 الباب 16 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [5]
6- 6) التهذيب 3:249 الحديث 684،الوسائل 3:509 الباب 29 من أبواب أحكام المساجد الحديث 4. [6]
7- 7) الفقيه 1:153 الحديث 710،الوسائل 3:551 الباب 65 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [7]

يطبخ بالعذرة،أ يصلح أن يجصّص به المسجد؟فقال:«لا بأس» (1).

قال ابن بابويه:و ينبغي أن تجنّب المساجد تعليم المعلّم للتأديب فيها،و جلوس الخيّاط فيها للخياطة (2).و هو حسن لما تقدّم (3).

و روي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن الوقوف على المساجد،فقال:

«لا يجوز،لأنّ المجوس وقفوا على بيت النار» (4).و الوجه عندي الجواز.

و يكره أن يجعل المسجد طريقا إلاّ عند الضرورة،لأنّه بني للعبادة خاصّة.

فصل:و لا يجوز نقض شيء من المساجد إلاّ إذا استهدم.

و لو استهدم المسجد و زالت بنيته لم يجز لأحد إجارته و لا أخذه.و إذا استهدم مسجد جاز أخذ آلته لعمارة غيره من المساجد،لأنّ المالك واحد هو اللّه تعالى.و لا يجوز أخذه ملكا على وجه.

و يكره أن يقصع القمل في المساجد،لتضمّنه تنفير النفس،فإن فعل غطّاه بالتراب.

و لا يجوز أن يدفن في شيء من المساجد،لأنّها جعلت للعبادة.

و صلاة المكتوبة في المسجد أفضل،و صلاة النافلة في المنزل أفضل،و خاصّة نوافل الليل.

أمّا الأوّل:فلأنّ فيه محافظة على الجماعة.روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر، عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام قال:«من سمع النداء في المسجد فخرج من غير علّة فهو منافق،إلاّ أن يريد الرجوع إليه» (5).

و روى الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام قال:

ص:328


1- 1الفقيه 1:153 الحديث 711،الوسائل 3:552 الباب 65 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:154.
3- 3) يراجع:ص 324.
4- 4) الفقيه 1:154 الحديث 720،الوسائل 3:552 الباب 66 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 3:262 الحديث 740،الوسائل 3:513 الباب 35 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [3]

«لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد،إذا كان فارغا صحيحا» (1).

و أمّا الثاني:فلاشتماله على مفسدة التهمة بالتصنّع (2).

المقصد السادس:في صلاة المسافر،و فيه بحثان:

الأوّل:في الشرائط
مسألة:ذهب علماؤنا أجمع إلى أنّ المسافة شرط القصر.
اشارة

و هو قول عامّة أهل العلم.

و إنّما وقع التشاجر في تقدير المسافة،فالّذي ذهب إليه علماؤنا:أنّه أربعة و عشرون ميلا، مسيرة يوم تامّ،ثمانية فراسخ،بريدان.و هو إحدى الروايتين عن ابن عبّاس (3)،و به قال الأوزاعيّ،قال:و به قال عامّة العلماء و به نأخذ (4).

و قال الشافعيّ في الأمّ و الإملاء:ستّة و أربعون ميلا بالهاشميّ (5).

و قال في البويطيّ:ثمانية و أربعون ميلا،مسيرة يومين،قاصدين

ص:329


1- 1التهذيب 3:261 الحديث 735،الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:بالتضييع.
3- 3) المغني 2:93،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94،المحلّى 5:5،المبسوط للسرخسيّ 1:235،سنن البيهقيّ 2:137.و روي عنه أنه قال بوجوب القصر في أربعة برد فهو يوافق قول من قال بثمانية و أربعين ميلا و مسيرة يومين.ينظر:المجموع 4:335،المغني 2:92،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94،سنن البيهقيّ 3:136، نيل الأوطار 3:253.
4- 4) المغني 2:93،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94،المجموع 4:325،حلية العلماء 2:226،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74،تفسير القرطبيّ 5:354، [2]نيل الأوطار 3:253.
5- 5) الأمّ 1:182،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24،المحلّى 5:6،فتح العزيز بهامش المجموع 4:453،أحكام القرآن للجصّاص 3:235. [3]

سير الثقل (1). (2)و قال في موضع من البويطيّ:مسيرة يوم و ليلة (3).

و قال في القديم:يقصّر فيما جاوز أربعين ميلا (4).و قال في موضع:أربعة برد،و البريد أربعة فراسخ (5).

و قال أبو حنيفة (6)و الثوريّ:لا يقصّر إلاّ في ثلاث مراحل (7)، أربعة و عشرين فرسخا (8).و به قال ابن مسعود و سعيد بن جبير

ص:330


1- 1ن و م:الفعل،غ،ح و يحتمل ق:النعل.و ما أثبتناه مطابق اللامّ 1:183 حيث قال:ستّة و أربعون ميلا بالأميال الهاشميّة و هي ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام و سير الثقل. و في السراج الوهّاج:80:و هو-أي السفر الطويل-مرحلتان و هما سير يومين بلا ليلة معتدلين بسير الأثقال أي الدوابّ المحتملة على العادة المعتادة من النزول و الاستراحة و الأكل و الصلاة.و في المحلّى 5:4:سير الأقدام و الثقل و الإبل.و في مغني المحتاج 1:266:.أو يوم و ليلة كذلك يسير الأثقال أي الحيوان.و في رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:73،74:و لا يجوز القصر إلاّ في مسيرة مرحلتين بسير الأثقال و ذلك يومان أو يوم و ليلة ستّة عشر فرسخا.
2- 2) المجموع 4:323،فتح العزيز بهامش المجموع 4:453،السراج الوهّاج:80،مغني المحتاج 1:266، شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:384،نيل الأوطار 3:253.
3- 3) المجموع 4:323،مغني المحتاج 1:266،المبسوط للسرخسيّ 1:235،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1 :74.
4- 4) المجموع 4:323،فتح العزيز بهامش المجموع 4:453،مغني المحتاج 1:266.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:102،المجموع 4:323،مغني المحتاج 1:266،فتح العزيز بهامش المجموع 4:453، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74،بداية المجتهد 1:167.
6- 6) الجامع الصغير للشيبانيّ:109،المبسوط للسرخسيّ 1:235،بدائع الصنائع 1:93،الهداية للمرغينانيّ 1: 80،شرح فتح القدير 2:403،عمدة القارئ 7:119،المغني 2:93،بداية المجتهد 1:167،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:384.
7- 7) المرحلة واحدة المراحل،يقال:بيني و بين كذا مرحلة أو مرحلتان.و المراحلة:المنزلة يرتحل منها،و ما بين المنزلين مرحلة.لسان العرب 11:280.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 3:235،المغني 2:93،المحلّى 5:4،المجموع 4:325،حلية العلماء 2:227، عمدة القارئ 7:119،نيل الأوطار 3:253.

و النخعيّ (1).

و قال مالك (2)و أحمد (3)و إسحاق و أبو ثور:بثمانية و أربعين ميلا (4).

و قال داود:يقصّر في قليل السفر و كثيره (5).

و قال الزهريّ:يقصّر في ثلاثين ميلا (6).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (7).علّق التقصير بمطلق الضرب و ذلك يفيد التعميم،خرج عنه ما دون الثمان لدليل،فيبقى الباقي على العموم.

و أيضا:مسير اليوم يسمّى سفرا،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«لا يحلّ لامرأة تؤمن باللّه و اليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلاّ مع ذي محرم» (8).و لوجود المعنى الموضوع له فيه فيجب فيه التقصير،لقوله تعالى:

ص:331


1- 1المغني 2:93،المجموع 4:325،المحلّى 5:4، [1]عمدة القارئ 7:119،التفسير الكبير 11:20، [2]نيل الأوطار 3:253.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:120،مقدّمات ابن رشد 1:156،بلغة السالك 1:170،بداية المجتهد 1:167، أحكام القرآن للجصّاص 3:235، [3]حلية العلماء 2:226،المجموع 4:325، [4]المغني 2:92،المبسوط للسرخسيّ 1: 235،عمدة القارئ 7:119،في بعض المصادر:أربعة برد،و في بعضها:يومين قاصدين،و في بعضها:ستّة عشر فرسخ.و الجميع يساوي ثمانية و أربعون ميلا.
3- 3) المغني 2:92،الكافي لابن قدامة 1:257،المجموع 4:325، [5]حلية العلماء 2:226،عمدة القارئ 7:119.
4- 4) المجموع 4:325،المغني 2:92،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94.
5- 5) حلية العلماء 2:226،المجموع 4:325، [6]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74،عمدة القارئ 7:119، تفسير القرطبيّ 5:353، [7]التفسير الكبير 11:19. [8]
6- 6) حلية العلماء 2:227.
7- 7) النساء(4):101. [9]
8- 8) صحيح البخاريّ 2:54،سنن أبي داود 2:140 الحديث 1723، [10]سنن الترمذيّ 3:472 الحديث 1169، [11]سنن ابن ماجه 2:968 الحديث 2899،سنن البيهقيّ 3:139.

فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (1).و لأنّ الحكمة الباعثة على التقصير موجودة فيه،كما وجدت في غيره فيثبت الحكم فيه،و إلاّ لم يثبت فيما زاد،لزوال المشقّة براحة الليل.

و لما رواه ابن بابويه عن الفضل بن شاذان،عن الرّضا عليه السلام قال:«و إنّما وجب التقصير في ثمانية فراسخ،لا أقلّ من ذلك و لا أكثر» (2).

لأنّ ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامّة و القوافل (3)و الأثقال (4)فوجب التقصير في مسيرة يوم،و لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة.و ذلك لأنّ كلّ يوم يكون بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم،فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره،و إذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في التقصير في الصلاة قال:«بريد في بريد،أربعة و عشرون ميلا» (5).

و ما رواه في الصحيح عن أبي أيّوب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير، قال:«في بريدين أو بياض يوم» (6).

و ما رواه في الصحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الرجل يخرج في سفره و هو مسيرة يوم،قال:«يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم، و إن كان يدور في عمله» (7).

ص:332


1- 1البقرة(2):185. [1]
2- 2) الفقيه 1:290 الحديث 1320،الوسائل 5:490 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [2]
3- 3) غ:و للقوافل.
4- 4) غ:و الأبغال.
5- 5) التهذيب 3:207 الحديث 493،الاستبصار 1:223 الحديث 787،الوسائل 5:491 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 3:210 الحديث 506،الاستبصار 1:225 الحديث 802،الوسائل 5:492 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 7. [4]
7- 7) التهذيب 3:209 الحديث 503،الاستبصار 1:225 الحديث 799،الوسائل 5:493 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 16. [5]

و ما رواه في الموثّق عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في التقصير:«حدّه أربعة و عشرون ميلا» (1).

و ما رواه عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:في كم أدنى ما تقصّر فيه الصلاة؟قال:«جرت السنّة ببياض يوم»فقلت له:إنّ بياض يوم يختلف،يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم،و يسير الآخر أربعة فراسخ و خمسة فراسخ في يوم،فقال له:«إنّه ليس إلى ذلك ينظر،أما رأيت سير هذه الأميال بين مكّة و المدينة؟»ثمَّ أومأ بيده أربعة و عشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ (2).

و عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:في كم يقصّر الرجل؟قال:«في بياض يوم أو بريدين»قال:«خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ذي خشب فقصّر» (3)فقلت:و كم ذي خشب؟قال:«بريدان» (4).

احتجّ الشافعيّ (5)و أحمد على ثمانية و أربعين ميلا (6)بما روي عن ابن عبّاس و ابن عمر أنّهما قالا:يا أهل مكّة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من عسفان إلى مكّة (7).و لأنّها مسافة تجمع مشقّة السفر من الحلّ و الشدّ فجاز القصر فيها.

ص:333


1- 1التهذيب 4:221 الحديث 647،الاستبصار 1:223 الحديث 788،الوسائل 5:493 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 14. [1]
2- 2) التهذيب 4:222 الحديث 649،الوسائل 5:493 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 15.و [2]فيه: «هذه الأثقال(الأميال)»و في نسخة ح:«هذه الأثقال».
3- 3) هامش ح بزيادة:و أفطر،كما في الوسائل. [3]
4- 4) التهذيب 4:222 الحديث 651،الاستبصار 1:223 الحديث 789 فيه جزء من الحديث،الوسائل 5:492 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11،12. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:102،المجموع 4:327،مغني المحتاج 1:266.
6- 6) المغني 2:95،الكافي لابن قدامة 1:257،عمدة القارئ 7:119.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:54،سنن الدار قطنيّ 1:387،سنن البيهقيّ 3:137.

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله عليه السلام:«يمسح المسافر ثلاثة أيّام و لياليهنّ» (2).

و هذا يقتضي أن يكون كلّ مسافر له هذه الرخصة،و إنّما يمكن استيفاؤها (3)لكلّ مسافر إذا تقدّر السفر بما قلناه،إذ لو صدق على الأقلّ لما كان الحكم عامّا.و لأنّ الرخصة بناء على المشقّة الزائدة،و ذلك يحصل بأن يسير من غير أهله و يبيت في غير أهله،و ذلك إنّما يحصل غالبا بمسيرة ثلاثة أيّام.و لأنّ الثلاثة متّفق عليها،و ليس في أقلّ من ذلك توقيف و لا اتّفاق.

احتجّ داود (4)بظاهر قوله تعالى وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (5).من غير تفصيل.

و احتجّ الزهريّ (6)بما روي عن ابن عمر و ابن عبّاس أنّهما كانا يقصّران في ثلاثين ميلا،عشرة فراسخ (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا تعويل على عمل اثنين من الصحابة مع سلامته عن المعارض،فكيف مع وجوده،و المعارض موجود بما نقل عنهما أنّهما قصّرا في أقلّ من ذلك.

و عن الثاني:أنّ المشقّة غير منضبطة فلا يجوز التعليل بها،و أيضا:فهي حاصلة في مسيرة يوم فيثبت (8)الحكم فيه.

و عن الثالث:مع تسليم الحديث أنّه بيان لمدّة المسح،لا أنّه حدّ للسفر،على أنّا نمنع

ص:334


1- 1بدائع الصنائع 1:93،الهداية للمرغينانيّ 1:80،المبسوط للسرخسيّ 1:235،المغني 2:93.
2- 2) صحيح مسلم 1:232 الحديث 276،سنن ابن ماجه 1:183 الحديث 552،سنن الترمذيّ 1:158 الحديث 95،سنن البيهقيّ 1:278،مسند أحمد 5:214،215.
3- 3) م:استثناؤها.
4- 4) المحلّى 5:18، [1]بدائع الصنائع 1:93،المجموع 4:326. [2]
5- 5) النساء(4):101. [3]
6- 6) لم نعثر عليه.
7- 7) المصنّف لعبد الرزّاق 2:525،المغني 2:92، [4]شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:298.
8- 8) م و ن:فثبت.

العموم و الحديث أيضا.

و عن الرابع:أنّ المشقّة موجودة بمسيرة اليوم فيثبت الحكم فيه،على أنّه تعليل بوصف مضطرب فلا يصحّ.

و عن الخامس:بالمنع من عدم التوقيف فيما دون الثلاث.

و عن السادس:أنّه مناف للإجماع،إذ قد ثبت عن الصحابة و التابعين التحديد.

و عن السابع:أنّه غير مناف لما ذهبنا إليه،إذ قصرهما لاشتمال المسافة على الحدّ الذي ذكرناه (1)،لا لأنّه الحدّ.

فروع:

الأوّل:لا خلاف في أنّ الفرسخ ثلاثة أميال.أمّا الميل فالمشهور أنّه أربعة آلاف ذراع،و الذراع أربعة و عشرون إصبعا.

و روي أنّه ثلاثة آلاف و خمس مائة ذراع (2).و قال بعض الشافعيّة:اثنا عشر ألف قدم (3).قال صاحب الصحاح:الميل من الأرض منتهى مدّ البصر،عن ابن السكّيت (4). (5)

و شهادة العرف تقضي بما قلناه أوّلا،إذ مسير اليوم للإبل ينتهي إلى ما قلناه،و اللغة تقاربه.

ص:335


1- 1يراجع:ص 329. [1]
2- 2) الكافي 3:432 الحديث 3، [2]الوسائل 5:497 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 13.
3- 3) المغني 2:92،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94،فتح العزيز بهامش المجموع 4:453،نيل الأوطار 3: 253.
4- 4) يعقوب بن إسحاق أبو يوسف ابن السكّيت،كان عالما بنحو الكوفيّين و علم القرآن و اللغة و الشعر،و كان مقدّما عند أبي جعفر الثاني و أبي الحسن عليهما السلام،قتله المتوكّل لأجل التشيّع عند ما قال له:ابناي هذان أحبّ إليك أم الحسن و الحسين؟قال:قنبر خادم عليّ خير منك و من ابنيك،فقال المتوكّل:سلّوا لسانه من قفاه،فمات شهيدا سنة 244 ه. بغية الوعاة:418،العبر 1:349، [3]تنقيح المقال 3:329. [4]
5- 5) الصحاح 5:1823. [5]

الثاني:لو شكّ في المسافة أتمّ،لأنّ المقتضي لشغل الذمّة موجود،و المعارض-و هو تيقّن السفر-غير حاصل.

و لو صلّى مع الشكّ قصرا فبان الخلاف أعاد قطعا (1).و لو ظهر (2)أنّه مسافة أعاد أيضا،لأنّه دخل في صلاة يشكّ في صحّتها.و لأنّ فرضه الإتمام و لم يأت به.

و لو اختلف المخيّرون و لم يحصل الترجيح أتمّ لما قلناه.

و لو تعارضت البيّنتان قصّر،عملا ببيّنة الإثبات.

الثالث:لو كانت المسافة أربعة فراسخ و عزم على الرجوع ليومه قصّر واجبا في الصلاة و الصوم.ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،و للشيخ قولان:

أحدهما:ذلك.و الثاني:التخيير (4).

لنا:أنّه شغل يومه بالسفر فكان كالمسافر ثماني.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:في كم يقصّر الرجل؟قال:«في بياض يوم أو بريدين» (5).

و ما رواه في الصحيح عن معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أدنى ما يقصّر فيه الصلاة؟قال:«بريد ذاهبا و بريد جائيا» (6).

ص:336


1- 1ح و ق:مطلقا.
2- 2) ح:و لو ظنّ.
3- 3) منهم:القاضي ابن البرّاج في المهذّب 1:106،و ابن إدريس في السرائر:73،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1: 132.
4- 4) للوجوب ينظر:النهاية:122، [1]المبسوط 1:141 و [2]للتخيير ينظر:التهذيب 3:208،الاستبصار 1:224.
5- 5) التهذيب 4:222 الحديث 651،الاستبصار 1:223 الحديث 789،الوسائل 5:492 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11. [3]
6- 6) التهذيب 3:208 الحديث 496 و ج 4:224 الحديث 657،الاستبصار 1:223 الحديث 792،الوسائل 5: 494 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [4]

و ما رواه في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:سألته عن التقصير،قال:«في بريد»قلت:بريد؟قال:«إنّه إذا ذهب بريدا و رجع بريدا فقد شغل يومه» (1).

أمّا لو لم يرد الرجوع من (2)يومه،قال ابن بابويه:يتخيّر في التقصير و الإتمام (3).و به قال الشيخ في التهذيب (4).و قال في النهاية:يتخيّر في الصلاة دون الصوم (5).

و قال السيّد المرتضى:يتمّ فيهما واجبا (6).و هو الأقرب.

لنا:أنّ الشرط-و هو المسافة-لم يحصل،فلا تثبت الرخصة.

احتجّوا بما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«التقصير في بريد،و البريد أربعة فراسخ» (7).

و مثله رواه في الحسن عن أبي أيّوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (8).

و ما رواه في الصحيح عن أبي أسامة زيد الشحّام قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«يقصّر الرجل في مسيرة اثني عشر ميلا» (9).

و الجواب:أنّها محمولة على ما إذا أراد الرجوع،لأنّه محتمل،فيجب المصير إليه،

ص:337


1- 1التهذيب 4:224 الحديث 658،الوسائل 5:496 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [1]
2- 2) ق:في.
3- 3) الفقيه 1:280،الهداية:33. [2]
4- 4) التهذيب 3:208.
5- 5) النهاية:161. [3]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:468.
7- 7) التهذيب 4:223 الحديث 653،الاستبصار 1:223 الحديث 790،الوسائل 5:494 الباب 2 [4] من أبواب صلاة المسافر الحديث 1،و ص 497 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 10.
8- 8) التهذيب 4:223 الحديث 654،الاستبصار 1:223 الحديث 791،الوسائل 5:497 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11. [5]
9- 9) التهذيب 3:208 الحديث 498 و ج 4:223 الحديث 655،الاستبصار 1:224 الحديث 794،الوسائل 5: 494 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [6]

جمعا بين الأدلّة.

الرابع:لو كانت المسافة ثلاثة فراسخ و تردّد فيها ثلاث مرّات لم يقصّر،لأنّه بالعود انقطع سفره.و لعدم الدليل على القصر مع وجود المقتضي لشغل الذمّة.

و لو كانت المسافة أكثر من أربع و لم يبلغ الحدّ كان حكمها حكم الأربع.

مسألة:و القصد للمسافة شرط للقصر،
اشارة

فالهائم (1)لا يترخّص.و كذا لو قصد ما دون المسافة ثمَّ قصد ما دونها دائما لم يقصّر ذاهبا،و لو قطع أضعاف المسافة.و لو عاد طالبا منزله قصّر إن بلغ الحدّ،و إلاّ فلا.و هو قول عامّة أهل العلم.

و روى الشيخ عن صفوان،عن الرضا عليه السلام في الرجل يخرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتّى بلغ النهروان،و هي أربعة فراسخ من بغداد،أ يفطر إذا أراد الرجوع و يقصّر؟قال:«لا يقصّر و لا يفطر،لأنّه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ،و إنّما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق، فتمادى به المسير إلى الموضع الذي بلغه.و لو أنّه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا و جائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الإفطار،فإن هو أصبح و لم ينو السفر و بدا له من بعد أن أصبح في السفر قصّر و لم يفطر يومه ذلك» (2).

فروع:

الأوّل:الاعتبار بالقصد و الشروع في السفر لا الفعل،فلو خرج إلى السفر بحيث يخفى عليه الأذان و الجدران ناويا للمسافة ترخّص وجوبا،و لا نعرف في جواز القصر (3)

ص:338


1- 1هام يهيم:خرج على وجهه لا يدري أين يتوجّه،فهو هائم. المصباح المنير:645.
2- 2) التهذيب 4:225 الحديث 662،الاستبصار 1:227 الحديث 806،الوسائل 5:503 الباب 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
3- 3) ق:التقصير.

خلافا بين أهل العلم.

روى الشيخ عن أبي سعيد الخدريّ قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا سافر فرسخا قصّر الصلاة (1).

و في الصحيح عن عمرو بن سعيد قال:كتب إليه جعفر بن محمّد يسأله عن السفر،في كم التقصير؟فكتب بخطّه و أنا أعرفه:«قد (2)كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا سافر و خرج في سفره قصّر في فرسخ» (3).و ليس التقدير بالفرسخ لازما،بل الضابط غيبوبة الجدران و (4)خفاء الأذان.

الثاني:لو كان مسافرا في البحر كان حكمه حكم المسافر في البرّ من اعتبار المسافة، سواء قطعها في زمان طويل أو قصير،لا نعرف فيه خلافا.

الثالث:لو قصد بلدا بعيدا و في عزمه أنّه متى وجد مطلوبه دونه رجع،لم يقصّر، لأنّه غير جازم بالسفر.

الرابع:لو كان لمطلوبه طريقان أحدهما مسافة فسلكه،قصّر،لأنّ الشرط موجود و لو كان ميلا إلى الرخصة.و به قال أبو حنيفة (5)،و الشافعيّ في الإملاء (6)،و المزنيّ (7).

و قال الشافعيّ في الأمّ:لا يقصّر إلاّ أن يعدل لغرض صحيح كالخوف في الأقرب،

ص:339


1- 1التهذيب 4:224 الحديث 659،الاستبصار 1:226 الحديث 803،الوسائل 5:506 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [1]
2- 2) أكثر النسخ:قال،مكان:قد.كما في التهذيب و الاستبصار.
3- 3) التهذيب 4:224 الحديث 660 و فيه:جعفر بن أحمد،الاستبصار 1:226 الحديث 804،الوسائل 5:505 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [2]في الجميع:«و خرج في سفر».
4- 4) بعض النسخ:أو.
5- 5) بدائع الصنائع 1:94،حلية العلماء 2:227،المجموع 4:331،فتح العزيز بهامش المجموع 4:455.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:25،المهذّب للشيرازيّ 1:102،فتح العزيز بهامش المجموع 4:455،456.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:25،حلية العلماء 2:227،المجموع 4:331،فتح العزيز بهامش المجموع 4:455.

أو الحزونة،أو وجود حاجة في الأبعد (1)،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّ اللّه يبغض المشّائين في غير إرب» (2).

و الجواب:أنّه ليس سفر معصية إجماعا.

الخامس:لو أخرج مكرها إلى المسافة كالأسير قصّر،لأنّه مسافر سفرا بعيدا غير محرّم فأبيح له التقصير-كالمختار،و المرأة مع الزوج،و العبد مع السيّد إذا عزما على الرجوع مع زوال اليد عنهما-خلافا للشافعيّ،قال:لأنّه غير ناو للسفر و لا جازم به،فإنّ نيّته أنّه متى خلّي رجع (3).

و الجواب:النقض بالعبد و المرأة.

تذنيب:

إذا وصل هذا إلى المقصد بقي على التقصير،لأنّ في عزمه أنّه متى خلّي رجع فكان كالمحبوس ظلما ما لم يتجاوز شهرا،خلافا لبعض الجمهور (4).

السادس:لو خرج من بلده قاصدا للمسافة فتوقّع رفقة،فإن كان قد غاب عنه الأذان و الجدران قصّر إلى شهر،ما لم يرجع عن نيّة السفر بنيّة الإقامة أو العود.و لو لم يغب الأذان أو الجدران أتمّ،لأنّ الشرط غيبوبتهما على ما يأتي.

و لو عزم على العود إن لم تلحقه الرفقة أتمّ،لأنّه غير جازم على السفر.و لو عزم على السفر و إن لم يلحقه أحد قصّر،لبقاء العزم.و لو خرج من بلده إن وجد رفقة سافر و إلاّ رجع أتمّ ما لم يسر ثمانية فراسخ.

و قال الشيخ في النهاية:إذا خرج قوم إلى السفر و ساروا أربعة فراسخ و قصّروا

ص:340


1- 1الأمّ 1:184.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) المغني 2:97،الشرح الكبير بهامش المغني 2:97،المجموع 4:333.
4- 4) المغني 2:97،الإنصاف 2:316.

من الصلاة ثمَّ أقاموا ينتظرون رفقة لهم في السفر،فعليهم التقصير إلى أن يتيسّر لهم العزم على المقام فيرجعون إلى التمام ما لم يتجاوز ثلاثين يوما،و إن كان مسيرهم أقلّ من أربعة فراسخ وجب عليهم التمام إلى أن يسيروا،فإذا ساروا رجعوا إلى التقصير (1).و التحقيق ما قلناه نحن أوّلا.

مسألة:و خفاء الأذان أو غيبوبة الجدران شرط في الترخّص.
اشارة

ذهب إليه أكثر علمائنا (2).

و قال بعض أصحاب الحديث منّا:إذا خرج من منزله قصّر (3).

و قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و الأوزاعيّ (6)،و أحمد (7)،و إسحاق:لا يترخّص حتّى يخرج من بيوت قريته و يجعلها وراء ظهره (8).

ص:341


1- 1النهاية:124،125. [1]
2- 2) منهم:الصدوق في المقنع:37،و المفيد في المقنعة:55،و السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:77،و الشيخ في النهاية:123،و [2]الخلاف 1:222 مسألة-6،و المبسوط 1:136،و أبو الصلاح في الكافي في الفقه:117، و ابن البرّاج في المهذّب 1:106،و سلاّر في المراسم:75،و ابن إدريس في السرائر:74.
3- 3) هو قول عليّ بن بابويه في الفقيه 1:279 الحديث 1268،و نقله عنه في المختلف:163.
4- 4) الموطّأ 1:148، [3]المدوّنة الكبرى 1:118،بداية المجتهد 1:168،مقدّمات ابن رشد 1:157،بلغة السالك 1:170،171،تفسير القرطبيّ 5:356. [4]
5- 5) الأمّ 1:180،المهذّب للشيرازيّ 1:102،المجموع 4:346،فتح العزيز بهامش المجموع 4:432، مغني المحتاج 1:263،السراج الوهّاج:79،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:75،المغني 2:97، الشرح الكبير بهامش المغني 2:98.
6- 6) المغني 2:97،الشرح الكبير بهامش المغني 2:98،عمدة القارئ 7:131.
7- 7) المغني 2:97،الشرح الكبير بهامش المغني 2:97،الكافي لابن قدامة 1:258،المجموع 4:349،الإنصاف 2:320،منار السبيل 1:135.
8- 8) المغني 2:97،الشرح الكبير بهامش المغني 2:98،عمدة القارئ 7:131.

و قال عطاء و سليمان بن موسى (1):يجوز القصر في البلد لمن نوى السفر (2).

و قال قتادة:إذا جاوز الجسر أو الخندق قصّر (3).

و قال مجاهد:إن خرج نهارا فلا يقصّر إلى الليل،و إن خرج ليلا فلا يقصّر إلى النهار (4).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (5)علّق على الضرب و لا يتحقّق مع الحضور (6)في البلد،فلا بدّ من التباعد الّذي يصدق معه اسم الضرب،و هو ما قلناه.

و ما رواه الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقصّر على فرسخ من المدينة (7).

و عن أنس قال:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر بالمدينة أربعا و العصر بذي الحليفة ركعتين (8).

ص:342


1- 1سليمان بن موسى الأمويّ فقيه أهل الشام في زمانه،أرسل عن جابر و روى عن واثلة بن الأسقع و أبي أمامة و طاوس و الزهريّ و مكحول و عطاء و غيرهم،و روى عنه ابن جريج و سعيد بن عبد العزيز و جماعة.مات سنة 119 ه. تهذيب التهذيب 4:226، [1]العبر 1:115. [2]
2- 2) المغني 2:97،الشرح الكبير بهامش المغني 2:98،المجموع 4:349،تفسير القرطبيّ 5:356، [3]عمدة القارئ 7:131.
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 2:531 الحديث 4327،حلية العلماء 2:228.
4- 4) المغني 2:98،الشرح الكبير بهامش المغني 2:98،حلية العلماء 2:229،المجموع 4:349، [4]عمدة القارئ 7:131،تفسير القرطبيّ 5:356. [5]
5- 5) النساء(4):101. [6]
6- 6) م و ن:الحضر.
7- 7) بهذا اللفظ ينظر:المصنّف لعبد الرزّاق 2:529 الحديث 4318،و [7]بلفظ ثلاثة أميال ينظر:صحيح مسلم 1: 481 الحديث 691،سنن البيهقيّ 3:146.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:54،صحيح مسلم 1:480 الحديث 690،سنن أبي داود 2:4 الحديث 1202، سنن الترمذيّ 2:431 الحديث 548، [8]سنن النسائيّ 1:237،سنن الدارميّ 1:354،355 [9] سنن البيهقيّ 3: 145،146،المصنّف لعبد الرزّاق 2:529 الحديث 4316. [10]

و عنه عليه السلام قال:«إذا خرجت من المدينة مصعدا من ذي الحليفة صلّيت ركعتين حتّى أرجع إليها» (1).فذكر ذي الحليفة يشعر بأنّه بيان لموضع الترخّص،و لو اكتفى بمفارقة البيوت لم يكن لذكره فائدة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل يريد السفر فيخرج،متى يقصّر؟قال:«إذا توارى من البيوت» (2).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن التقصير؟قال:«إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتمّ،و إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر،و إذا قدمت من سفرك (3)فمثل ذلك» (4).

و لأنّ الحكمة الباعثة على التقصير-و هي المشقّة-غير موجودة لمن هو في البلد أو مع حيطانه،فلا يثبت الحكم فيه.

احتجّ الجمهور بأنّه عليه السلام كان يبتدئ القصر إذا خرج من المدينة (5).

و احتجّ أصحاب الحديث منّا بما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا خرجت من منزلك فقصّر إلى أن تعود إليه» (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه يحتمل أنّه مع خروجه يصلّي إلى الحدّ الذي ذكرناه،كذي

ص:343


1- 1لم نعثر عليه بهذا اللفظ،و بهذا المضمون ينظر:صحيح مسلم 1:481 الحديث 693،مسند أحمد 3:190، سنن البيهقيّ 3:136.
2- 2) التهذيب 2:12 الحديث 27 و ج 3:224 الحديث 566 و ج 4:230 الحديث 676،الوسائل 5:505 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
3- 3) في التهذيب و أكثر النسخ من سفر.
4- 4) التهذيب 4:230 الحديث 675،الاستبصار 1:242 الحديث 862،الوسائل 5:506 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [2]
5- 5) المصنّف لعبد الرزّاق 2:529 الحديث 4315،المغني 2:98،الشرح الكبير بهامش المغني 2:98.
6- 6) الفقيه 1:279 الحديث 1268،الوسائل 5:508 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [3]

الحليفة و غيره فيحمل عليه،جمعا بين الأدلّة،و حملا للمطلق على المقيّد.

و عن الثاني:باحتمال ما ذكرناه أيضا.

و قول مجاهد باطل بما رويناه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أهل بيته (1)،و بما رواه الجمهور عن[عليّ بن]ربيعة (2)قال:خرجت مع عليّ عليه السلام فقصّر و نحن نرى البيوت (3).

فروع:

الأوّل:اختلف علماؤنا في العائد متى ينتهي ترخّصه؟فالّذي اختاره الشيخ (4)و أتباعه أنّه لا يزال مقصّرا إلى أن (5)يبلغ الموضع الذي ابتدأ فيه بالقصر (6).

و قال السيّد المرتضى:يقصّر إلى أن يدخل منزله (7).و الحقّ عندي الأوّل.

لنا:رواية عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إذا قدمت من سفرك فمثل

ص:344


1- 1غ:أهل البيت عليهم السلام.
2- 2) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر و هو:عليّ بن ربيعة بن نضلة الوالبيّ الأسديّ،و يقال:البجليّ أبو المغيرة الكوفيّ،روى عن عليّ عليه السلام،و المغيرة بن شعبة،و سلمان،و ابن عمر.و روى عنه الحكم بن عتيبة و سعيد بن عبيد الطائيّ.تهذيب التهذيب 7:320. [1]
3- 3) سنن البيهقيّ 3:146.و بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 2:54،المصنّف لعبد الرزّاق 2:530 الحديث 4321،عمدة القارئ 7:130.
4- 4) نقله في المعتبر 2:474 [2] عن النهاية و المبسوط و لم نعثر عليه فيهما،نعم قال في الاستبصار 1:242:«حدّ دخوله إلى أهله غيبوبة الأذان».
5- 5) ح:حتّى،مكان:إلى أن.
6- 6) ينظر لقول أتباعه:المهذّب 1:106،الكافي في الفقه:117.و لا يوجد فيهما أيضا أنّه متى ينتهي الترخّص. نعم نقله عنهم في المعتبر 2:474. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:474. [4]

ذلك» (1).و لأنّ الحدّ الذي ذكرناه حدّ السفر،فما نقص عنه يدخل به الإنسان في الحضر.

احتجّ السيّد المرتضى بما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:سألته عن الرجل يكون مسافرا،ثمَّ يقدم فيدخل بيوت الكوفة،أ يتمّ الصلاة أم يكون مقصّرا حتّى يدخل أهله؟قال:«بل يكون مقصّرا حتّى يدخل أهله» (2).

و بما رواه في الصحيح عن العيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا يزال المسافر مقصّرا حتّى يدخل بيته» (3).

و الجواب:ما ذكرناه أولى،لوجوه:

أحدها:الشهرة بين الأصحاب.

الثاني:الاحتياط.

الثالث:أنّ ما ذكرتموه يحتمل التأويل،و هو أنّه أراد حتّى يقارب دخول أهله بأن يشاهد البيوت أو يسمع الأذان،جمعا بين الأدلّة.

الثاني:لو كان في طريقه مساكن في البلد خربت و خلت من السكّان اعتبرت،لأنّها من جدران البلد.و لأنّها يمكن سكناها.أمّا لو تهدّمت و ذهبت قواعدها ففي اعتبارها نظر.

الثالث:لو كان في طريقه بساتين ذات حيطان لم يعتدّ بها،لأنّها غير بيوت، و الشرط مفارقة البيوت و غيبوبتها.و لأنّها غير متّخذة للسكنى.

و لو كان في وسط البلد نهر كبغداد فاجتازه،لم يقصّر حتّى يخرج من الجانب الآخر،

ص:345


1- 1التهذيب 4:230 الحديث 675،الاستبصار 1:242 الحديث 862،الوسائل 5:506 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 3:222 الحديث 555،الاستبصار 1:242 الحديث 863،الوسائل 5:508 الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 3:222 الحديث 556،الاستبصار 1:242 الحديث 864،الوسائل 5:508 الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [3]

و يغيب عنه جدرانه،لأنّه ليس بحائل و لا موجب لتعدّد البلد،فأشبه الرحاب و المواضع المتّسعة في البلد.

الرابع:القرايا المتّصلة بالبنيان في حكم القرية الواحدة،فلو أراد أحد السفر لم يقصّر حتّى يجاوز بناء الأخرى.أمّا المنفصلة بما يقضى معه (1)بالتعدّد فإنّها متعدّدة.

و الاعتبار بقرية الشخص نفسه لا بالمجاور و إن قرب.و المحالّ المتعدّدة كالقرايا المتعدّدة إن اتّصلت فكالواحدة،و إلاّ فكالمتعدّدة كبغداد.

الخامس:البدويّ المستوطن في حلّة اتّخذها مسكنا دائما يقصّر إذا خفي عنه الأذان.

و لو تعدّدت الحلل كان حكمها حكم القرايا و قد مضى.

أمّا البدوي الذي لا استيطان له،فلا قصر عليه،و سيأتي بيانه.

السادس:لو سافر في سفينة لم يترخّص حتّى ينتهي إلى الحدّ المذكور.فلو ردّته الريح بعد بلوغ الحدّ بقي على التقصير،إلاّ أن يسمع الأذان أو يشاهد الجدران.و كذا لو خرج من البنيان ثمَّ نسي حاجة فرجع إلى البلد لأجلها عاد إلى التمام.

مسألة:و يشترط في الترخّص كون السفر سائغا،
اشارة

واجبا كان كحجّة الإسلام، أو مندوبا كالزيارات،أو مباحا كالتجارات.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (2).

و قال ابن مسعود:لا يقصّر إلاّ في حجّ أو جهاد (3).

و قال الثوريّ،و الأوزاعيّ،و أبو حنيفة:يجوز للعاصي في سفره القصر (4).

ص:346


1- 1غ:عنه.
2- 2) الأمّ 1:184،مقدّمات ابن رشد 1:159،بداية المجتهد 1:168،المغني 2:100،الشرح الكبير بهامش المغني 2:92،المجموع 4:346،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:73.
3- 3) المحلّى 4:268، [1]المغني 2:100،الشرح الكبير بهامش المغني 2:92،المجموع 4:346.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:82، [2]بداية المجتهد 1:168،المغني 2:102،الشرح الكبير بهامش المغني 2:92، المجموع 4:346،شرح فتح القدير 2:19،تفسير القرطبيّ 5:356. [3]

لنا على إبطال قول ابن مسعود:قوله تعالى وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (1).و قوله تعالى وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (2).

و ما رواه الجمهور قال:أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل،فقال:يا رسول اللّه،إنّي أريد البحرين في تجارة،فكيف تأمرني في الصلاة؟فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«صلّ ركعتين» (3).

و عن ابن عبّاس:فرض اللّه الصلاة على لسان نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله في الحضر أربعا و في السفر ركعتين (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء، إلاّ المغرب ثلاث» (5).

و ما رواه في الصحيح عن حذيفة بن منصور،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء» (6).

و لأّنه سائغ و المشقّة موجودة فيثبت الحكم.و لأنّه قد ثبت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يترخّص إذا عاد من سفره،و هو مباح.

ص:347


1- 1النساء(4):101. [1]
2- 2) البقرة(2)185. [2]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:234، [3]المغني 2:101.
4- 4) صحيح مسلم 1:479 الحديث 687،سنن البيهقيّ 3:135،كنز العمّال 8:239 الحديث 22728،المغني 2: 101.
5- 5) التهذيب 2:13 الحديث 31،الاستبصار 1:220 الحديث 778،الوسائل 3:60 [4] الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض الحديث 3 و ج 5:529 الباب 16 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2.
6- 6) التهذيب 2:14 الحديث 34،الوسائل 5:529 الباب 16 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [5]

احتجّ ابن مسعود بأنّ الواجب لا يترك إلاّ لواجب (1).

و الجواب:المنع من كون الإتمام واجبا في السفر،فإنّه نفس المتنازع.

و لنا على إبطال قول أبي حنيفة:أنّه لا يجوز له أكل الميتة مع الضرورة فلا يباح له القصر،و الملازمة إجماعيّة.و بيان صدق المقدّم قوله تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (2).حرّمه عليهما،لاشتمال سفرهما على المعصية،و لا علّة إلاّ المعصية،فيناط الحكم بها.و لأنّ الرخصة سوّغت إعانة على السفر و رفقا في تحصيل المقصد المباح، فالترخّص للعاصي إسعاد له على القبيح و معونة له على خلاف المطلوب،و ذلك يناقض الحكمة.و لأنّ الخطاب بالقصر مصروف إلى الصحابة و سفرهم كان مباحا،فيثبت فيمن شاركهم في الفرض (3).

و ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قال:«الباغي باغي الصيد،و العادي السارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا إليها،هي حرام عليهما،ليس هي عليهما كما هي على المسلمين،و ليس لهما أن يقصّرا في الصلاة» (4).

و ما رواه في الموثّق عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج إلى الصيد،أ يقصّر أو يتمّ؟قال:«يتمّ،لأنّه ليس بمسير حقّ» (5).و التعليل يدلّ على التعميم.

ص:348


1- 1المغني 2:100،الشرح الكبير بهامش المغني 2:92.
2- 2) البقرة(2):173. [1]
3- 3) ح،ق و ن:الغرض.
4- 4) التهذيب 3:217 الحديث 539 و ج 9:78 الحديث 334،الوسائل 5:509 الباب 8 [2] من أبواب صلاة المسافر الحديث 2 و ج 16:479 الباب 56 من أبواب الأطعمة المحرّمة الحديث 2.
5- 5) التهذيب 3:217 الحديث 537،الاستبصار 1:236 الحديث 841،الوسائل 5:511 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [3]

و ما رواه عن أبي سعيد الخراسانيّ (1)قال:دخل رجلان على أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان،فسألاه عن التقصير،فقال لأحدهما:«وجب عليك التقصير،لأنّك قصدتني»و قال للآخر:«وجب عليك التمام،لأنّك قصدت السلطان» (2).

و ما رواه عن عمّار بن مروان (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سمعته يقول:«من سافر قصّر و أفطر،إلاّ أن يكون رجلا سفره في الصيد،أو في معصية اللّه تعالى،أو رسولا لمن يعصي اللّه،أو في طلب (4)شحناء (5)،أو سعاية في ضرر على قوم من المسلمين» (6).

احتجّ أبو حنيفة بالقياس على المطيع،و الجامع المشقّة.و لأنّه يترخّص في أكل الميتة، و إلاّ لأمر بقتل نفسه،فيكون مترخّصا في القصر إجماعا (7).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من صحّة القياس،إذ الطاعة و المعصية متضادّتان، فكيف يصحّ قياس إحداهما على الأخرى!.

و عن الثاني:بالمنع في المقدّمة الأولى للنصّ،و الملازمة غير ثابتة،لأنّه يمكنه التوبة ثمَّ يأكل.

ص:349


1- 1أبو سعيد الخراسانيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام و قال:مجهول.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة في الكنى.و نقل في جامع الرواة رواية أحمد بن هلال عنه عن الرضا عليه السلام. رجال الطوسيّ:397،رجال العلاّمة:267، [1]جامع الرواة 2:388. [2]
2- 2) التهذيب 4:220 الحديث 642،الاستبصار 1:235 الحديث 838،الوسائل 5:510 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [3]
3- 3) عمّار بن مروان اليشكريّ مولاهم الخزّاز،قال النجاشيّ:هو و أخوه عمرو ثقتان.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:291،رجال الطوسيّ:251،الفهرست:117، [4]رجال العلاّمة:128. [5]
4- 4) ح بزيادة:عدوّ أو،كما في الفقيه و الوسائل. [6]
5- 5) الشحناء:العداوة و البغضاء.المصباح المنير:306. [7]
6- 6) التهذيب 4:219 الحديث 640.و فيه:«أو سعاية ضرر».الوسائل 5:509 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3.و [8]فيه:«أو في طلب عدوّ أو شحناء أو سعاية أو ضرر».
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:82،المغني 2:102،شرح فتح القدير 2:19.
فروع:

الأوّل:لو سافر للّهو و التنزّه بالصيد بطرا لم يقصّر.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أحمد في إحدى الروايتين (1).و قال الشافعيّ (2)و أبو حنيفة:يترخّص (3).

لنا:أنّ اللّهو حرام،فالتقصير إعانة له على القبيح.و لأنّ الرخصة و صلة إلى تحصيل المصلحة،و لا مصلحة في اللّهو.

و ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:سألته عمّن يخرج من أهله بالصقورة و البزاة (4)و الكلاب،يتنزّه الليلة و الليلتين و الثلاث،هل يقصّر من صلاته أم لا؟فقال:«لا يقصّر،إنّما يخرج في لهو» (5).

و ما رواه عن ابن بكير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصيّد اليوم و اليومين و الثلاثة (6)،أ يقصّر الصلاة؟قال:«لا،إلاّ أن يشيّع الرجل أخاه في الدين (7)فإنّ (8)التصيّد مسير باطل لا تقصّر الصلاة فيه»و قال:«يقصّر إذا شيّع أخاه» (9).

ص:350


1- 1المغني 2:104،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94،الإنصاف 2:314. [1]
2- 2) المجموع 4:346.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:235، [2]الهداية للمرغينانيّ 1:82،تفسير القرطبيّ 5:356، [3]شرح فتح القدير 2: 19.
4- 4) لا توجد في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 3:218 الحديث 540 و ج 4:220 الحديث 641،الاستبصار 1:236 الحديث 842،الوسائل 5: 511 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [4]
6- 6) م و ق:و الثلاث،كما في التهذيب.
7- 7) بعض النسخ:من الدين،كما في التهذيب.
8- 8) بعض النسخ:و إنّ.
9- 9) التهذيب 3:217 الحديث 536،الاستبصار 1:235 الحديث 840،الوسائل 5:512 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 7. [5]

الثاني:لو تصيّد للقوت له أو لعياله قصّر إجماعا منّا،لأنّه مشروع فوجب التقصير.

و لما رواه الشيخ عن عمران بن محمّد بن عمران القمّيّ،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين،يقصّر أو يتمّ؟ فقال:«إن خرج لقوته و قوت عياله فليفطر أو يقصّر،و إن خرج لطلب الفضول فلا و لا كرامة» (1).

الثالث:لو كان الصيد للتجارة،قال الشيخ:يقصّر صلاته و يتمّ صومه (2).و الحقّ عندي خلافه،و أنّ الواجب عليه التقصير فيهما.

لنا:أنّه سفر سائغ إجماعا.و لأنّه أباح له قصر الصلاة فيجب عليه الإفطار.و لما رواه الشيخ في الموثّق عن سماعة قال:قال:«و من سافر قصّر الصلاة و أفطر» (3).

و ما رواه في الصحيح عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«هما واحد،إذا قصّرت أفطرت و إذا أفطرت قصّرت» (4).

الرابع:لو عدل الطائع إلى نيّة المعصية انقطع ترخّصه،لزوال السبب،فإذا عاد قصّر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد السيّاريّ،عن بعض أهل العسكر قال:

خرج عن أبي الحسن عليه السلام أنّ صاحب الصيد يقصّر ما دام على الجادّة،فإذا عدل

ص:351


1- 1التهذيب 3:217 الحديث 538،الاستبصار 1:236 الحديث 845،الوسائل 5:512 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [1]
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في النهاية:122:« [2]إن كان صيده للتجارة وجب عليه التمام في الصلاة و التقصير في الصوم».و في المبسوط 1:136«و [3]إن كان الصيد للتجارة دون الحاجة روى أصحابنا أنّه يتمّ الصلاة و يفطر الصوم»و كلّ من نقل قوله في المسألة،نسب إليه القول بالإتمام في الصلاة و التقصير في الصوم،كالحلّيّ في السرائر: 73،و المصنّف نفسه في المختلف:161.نعم،نسب هذا القول في المعتبر 2:471 [4] إلى الشيخ حيث قال:«قال الشيخ في النهاية و المبسوط:لو كان الصيد للتجارة يقصّر صلاته و يتمّ صومه».
3- 3) التهذيب 3:207 الحديث 492 و ج 4:222 الحديث 650،الاستبصار 1:222 الحديث 786،الوسائل 5: 510 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [5]
4- 4) التهذيب 3:220 الحديث 551،الوسائل 5:528 [6] الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث 17 و ج 7: 130 الباب 4 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1.

عن الجادّة أتمّ،فإذا رجع إليها قصّر (1).

و ليس المراد بالجادّة هاهنا جادّة الأرض،لعدم الفائدة،لأنّ الصيد إن كان حلالا استمرّ على التقصير و إن خرج عن الجادّة،و إن كان حراما لم يقصّر و إن كان عليها.

و لو حمل على ذلك فيحمل على عزم المعصية مع الخروج عن الجادّة،للقطع بأنّ الطريق ليس له مدخل في التمام و القصر.

الخامس:لو عدل العاصي إلى الطاعة قصّر،إن كان قاصدا للمسافة من حين العدول.

السادس:لو كان السفر مباحا لكنّه يعصي فيه لم يمنع الترخّص،لوجود السبب و هو السفر المباح،و العصيان العارض لا يمنع من الترخّص،كما لا يمنع في الحضر عن الترخّص فيه في أشياء.

السابع:لو سافر لزيارة القبور قصّر إجماعا منّا،خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:أنّه مندوب إليه،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«زوروا القبور تذكّر كم الآخرة» (3).و كان عليه السلام يزورها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الحسن عن أحمد بن محمّد قال:كنت أنا و إبراهيم بن هاشم (4)في بعض المقابر،إذ جاء إلى قبر فجلس مستقبل القبلة ثمَّ وضع يده على القبر فقرأ سبع مرّات«إنّا أنزلناه»ثمَّ قال:حدّثني صاحب القبر-و هو محمّد بن

ص:352


1- 1التهذيب 3:218 الحديث 543،الاستبصار 1:237 الحديث 846،الوسائل 5:512 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [1]
2- 2) المغني 2:104،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:500 الحديث 1569،و بتفاوت ينظر:صحيح مسلم 2:671 الحديث 976، سنن النسائيّ 4:90،سنن الترمذيّ 3:370 الحديث 1054،سنن البيهقيّ 4:76،المغني 2:105.
4- 4) إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمّيّ أصله كوفيّ انتقل إلى قم.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام و قال:تلميذ يونس بن عبد الرحمن،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه و لا على تعديله،و الأرجح قبول قوله مرّ ترجمته بنحو أوفى في ص 131. رجال النجاشيّ:16،رجال الطوسيّ:369،الفهرست:4، [2]رجال العلاّمة:4. [3]

إسماعيل بن بزيع-أنّه قال (1):من زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرّات«إنّا أنزلناه»غفر اللّه له و لصاحب القبر (2).

احتجّ المخالف (3)بقوله عليه السلام:«لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد» (4).

و الجواب:ليس المراد نفي الإباحة إجماعا،بل نفي الفضيلة الكاملة،و ليست شرطا في إباحة القصر،فلا يضرّ انتفاؤها.

مسألة:و يشترط أن لا يكون ممّن يلزمه الإتمام في السفر،
اشارة

و هم سبعة نفر،لما رواه الشيخ في الموثّق عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«سبعة لا يقصّرون الصلاة:الجابي الذي يدور في جبايته،و الأمير الذي يدور في إمارته،و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق،و الراعي،و البدويّ الذي يطلب مواضع القطر و منبت الشجر،و الرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا،و المحارب الذي يقطع السبيل» (5).

و روى في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام قال:«ليس على الملاّحين في سفينتهم تقصير،و لا على المكاري،و لا على الجمّالين» (6).

و روى في الصحيح عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«أربعة قد يجب عليهم التمام،في سفر كانوا أو حضر:المكاري،و الكريّ،و الراعي،و الأشتقان،لأنّه

ص:353


1- 1ليست كلمة«قال»في المصادر.
2- 2) ثواب الأعمال:236،الوسائل 2:882 الباب 57 من أبواب الدفن الحديث 6. [1]
3- 3) المغني 2:104،105،الشرح الكبير بهامش المغني 2:94.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:76 و ج 3:56،صحيح مسلم 2:975 الحديث 827 و ص 1014 الحديث 1397. سنن أبي داود 2:216 الحديث 2033، [2]سنن الترمذيّ 2:148 الحديث 326،سنن النسائيّ 2:37،سنن الدارميّ 1:330، [3]مسند أحمد 2:234،238،278 و 501 و ج 3:7،45،51،53،71،77 و 78.
5- 5) التهذيب 3:214 الحديث 524،الاستبصار 1:232 الحديث 826،الوسائل 5:516 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [4]
6- 6) التهذيب 3:214 الحديث 525،الاستبصار 1:232 الحديث 827،الوسائل 5:516 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [5]

عملهم» (1).

و الأشتقان:هو أمين البيدر (2).ذكره أهل اللغة (3)،و قيل:البريد (4).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:سألته عن الملاّحين و الأعراب،عليهم تقصير؟قال:«لا،بيوتهم معهم» (5).و لأنّ الفعل المعتاد يصير كالطبيعيّ،و السفر لهؤلاء معتاد فلا مشقّة فيه عليهم فلا تقصير (6).

فروع:

الأوّل:الملاّح الذي سفينته بيته و أهله فيها لا يقصّر.و هو قول أحمد (7).و قال الشافعيّ:يقصّر (8).

لنا:ما تقدّم (9).و لأنّه غير ظاعن عن منزله فلا يترخّص كالمقيم.

احتجّ الشافعيّ (10)بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه وضع عن المسافر الصوم و شطر

ص:354


1- 1التهذيب 3:215 الحديث 526،الاستبصار 1:232 الحديث 828،الوسائل 5:515 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [1]
2- 2) غ:أمير البيدر.
3- 3) مجمع البحرين 6:272 و [2]فيه:.قيل:هو الأمير الّذي يبعثه السلطان على حفاظ البيادر.
4- 4) الفقيه 1:281 ذيل الحديث 1276.
5- 5) التهذيب 3:215 الحديث 527،الاستبصار 1:233 الحديث 829،الوسائل 5:516 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [3]
6- 6) ح:يقصّر.
7- 7) المغني 2:105،الشرح الكبير بهامش المغني 2:115،الكافي لابن قدامة 1:264،الإنصاف 2:333، [4]الميزان الكبرى 1:182.
8- 8) الأمّ 1:188،حلية العلماء 2:231،الميزان الكبرى 1:182،المغني 2:105،الشرح الكبير بهامش المغني 2:115.
9- 9) يراجع:ص 353.
10- 10) المغني 2:105،الشرح الكبير بهامش المغني 2:115.

الصلاة» (1)،و هذا عامّ.

و الجواب:المراد به النازح عن أهله.

الثاني:قال الشيخ:هؤلاء إنّما يتمّون إذا لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام (2)،لما رواه عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«المكاري إن لم يستقرّ في منزله،إلاّ خمسة أيّام أو أقلّ (3)قصّر في سفره بالنهار و أتمّ بالليل (4)و عليه صوم شهر رمضان،و إن كان له مقام في البلد الّذي يذهب إليه عشرة أيّام و أكثر (5)،و ينصرف إلى منزله و يكون له مقام عشرة أيّام أو أكثر قصّر في سفره و أفطر» (6).و هذه الرواية مع سلامتها تدلّ على المكاري خاصّة.

الثالث:قال الشيخ:لو أقاموا خمسة أيّام في بلدهم،لزمهم التقصير في الصلاة و الإتمام في الصوم (7)،لهذه الرواية،و فيه إشكال.و ما روي من الروايات الدالّة على التقصير مطلقا للمكاري و شبهه (8)،فهي محمولة على رواية ابن سنان.

مسألة:و عدم قطع السفر شرط.
اشارة

و القطع يحصل بأمرين:

ص:355


1- 1سنن أبي داود 2:317 الحديث 2408، [1]سنن الترمذيّ 3:94 الحديث 715، [2]سنن ابن ماجه 1:533 الحديث 1667،سنن النسائيّ 4:190،مسند أحمد 4:347 و ج 5:29، [3]سنن البيهقيّ 4:231.
2- 2) النهاية:122، [4]المبسوط 1:141. [5]
3- 3) أكثر النسخ:و أقلّ،كما في الاستبصار.
4- 4) في الوسائل و [6]الاستبصار:و أتمّ صلاة الليل.
5- 5) ح:أو أكثر،كما في الوسائل. [7]
6- 6) الفقيه 1:281 الحديث 1278،التهذيب 3:216 الحديث 531،الاستبصار 1:234 الحديث 836 و ليس فيهما عبارة:«و ينصرف إلى منزله و يكون له مقام عشرة أيّام أو أكثر».و كذلك ليست في أكثر النسخ. الوسائل 5:519 الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [8]
7- 7) نسب القول إلى الشيخ كثير من الفقهاء كما في المقام،و الموجود في النهاية:122 و [9]المبسوط 1:141«و [10]إن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيّام قصّروا بالنهار و تمّموا الصلاة بالليل».نعم ورد بهذا المعنى عن ابن سنان رواية أوردها في التهذيب 3:216 الحديث 531 و الاستبصار 1:234 الحديث 836.
8- 8) الوسائل 5:519 الباب 13 من أبواب صلاة المسافر. [11]

أحدهما:أن يعزم على الإقامة في أثناء المسافة عشرة أيّام،فيتمّ في ذلك الموضع و في الطرفين إن لم يبلغ مسافة،و لو بلغ أحدهما مسافة قصّر فيها،لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،عن أبي الحسن عليه السلام قال:سألته عن الرجل يقصّر في ضيعته؟فقال:«لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيّام،إلاّ أن يكون له فيها منزل يستوطنه» فقلت:ما الاستيطان؟فقال:«أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستّة أشهر،فإن كان كذلك يتمّ فيها متى يدخلها» (1).

الثاني:أن يكون له في الأثناء منزل قد استوطنه ستّة أشهر فصاعدا،فإنّه يتمّ فيه و في طريقه إليه و عنه إن كان كلّ (2)واحد منهما دون المسافة،و إن بلغ أحدهما مسافة قصّر فيه خاصّة،و لو بلغا معا قصّر فيهما دون المنزل.و إن كان مقامه أقلّ من ستّة أشهر لم يلحقه هذا الحكم و لو كان له فيه أهل.

و قال ابن عبّاس:إذا مرّ في طريقه ببلد له فيه مال أو أهل أتمّ،إلاّ أن يكون مارّا (3).

و قال الزهريّ:إذا مرّ بمزرعة له أتمّ (4).

و قال مالك:إذا مرّ بقرية فيها أهله أو ماله أتمّ،إذا أراد أن يقيم فيها يوما و ليلة (5).

و قال الشافعيّ:يقصّر ما لم يجمع على إقامة أربع (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن عثمان أنّه صلّى بمنى أربع ركعات فأنكر النّاس عليه،فقال:

يا أيّها الناس إنّي تأهّلت بمكّة منذ قدمت،و إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

ص:356


1- 1التهذيب 3:213 الحديث 520،الاستبصار 1:231 الحديث 821،الوسائل 5:522 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11. [1]
2- 2) ح و ق:لكلّ.
3- 3) المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111.
4- 4) المغني 2:135.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:120،المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111.
6- 6) الأمّ 1:187،المجموع 4:361،فتح العزيز بهامش المجموع 4:444،الميزان الكبرى 1:182،المغني 2: 136،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111.

«من تأهّل في بلد فليصلّ صلاة المقيم» (1).

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن إسماعيل،و قد تقدّمت.و لأنّه لا بدّ من الاستيطان ليشبه البلد الذي خرج منه،و مع إقامة (2)ستّة أشهر يمرّ عليه فصلان مختلفان فيقضي العرف عليه بالاستيطان.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين قال:قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام:الرجل يتّخذ المنزل فيمرّ به،أ يتمّ أم يقصّر؟قال:«كلّ منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل و ليس لك أن تتمّ فيه» (3).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر فيمرّ بالمنزل له في الطريق،يتمّ الصلاة أم يقصّر؟قال:«يقصّر،إنّما هو المنزل الذي يستوطنه» (4).

و في الصحيح عن سعد بن أبي خلف قال:سأل عليّ بن يقطين أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الدار تكون للرجل بمصر أو الضيعة فيمرّ بها،قال:«إن كان ممّا قد سكنه أتمّ فيه الصلاة،و إن كان ممّن لم يسكنه فليقصّر» (5).

فرعان:

الأوّل:لا يشترط في المدّة التوالي،لأنّه لم يتناوله الحديث بالنصّ و لا بالمفهوم، فلا يجوز اشتراطه إلاّ بدليل غيره و لم يوجد.و لأنّ الأصل العدم و الحكم معلّق على مطلق

ص:357


1- 1مسند أحمد 1:62، [1]المغني 2:136،نيل الأوطار 3:259 الحديث 1.
2- 2) ح:إقامته.
3- 3) التهذيب 3:212 الحديث 515،الاستبصار 1:230 الحديث 817،الوسائل 5:521 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 3:212 الحديث 517،الاستبصار 1:230 الحديث 818،الوسائل 5:522 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 8. [3]في الجميع:توطّنه،مكان:يستوطنه.
5- 5) التهذيب 3:212 الحديث 518،الاستبصار 1:230 الحديث 819،الوسائل 5:522 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [4]

الاستيطان (1)المدّة المذكورة،و هو أعمّ من أن يكون مع قيد التوالي و قيد (2)التفريق،و لا دلالة للعامّ (3)على الخاصّ.

الثاني:لو لم يكن له دار و كان له ضيعة لحقه هذا الحكم،لما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الفضل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سافر من أرض إلى أرض، و إنّما ينزل قراه و ضيعته،قال:«إذا نزلت قراك و ضيعتك فأتمّ الصلاة،و إذا كنت في غير أرضك فقصّر» (4).

و روى في الموثّق عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج في سفر (5)فيمرّ بقرية له أو دار فينزل فيها،قال:«يتمّ الصلاة و لو لم يكن له إلاّ نخلة واحدة،و لا يقصّر،و ليصم إذا حضر الصوم و هو فيها» (6).لكن بعد اعتبار ما ذكرناه من الاستيطان ستّة أشهر (7).

البحث الثاني:في الأحكام
مسألة:القصر في الصلاة و الصوم واجب.

ذهب إليه علماء أهل البيت عليهم السلام.

ص:358


1- 1ح:استيطان.
2- 2) ح:أو قيد.
3- 3) ح:في المقام.
4- 4) التهذيب 3:210 الحديث 508،الاستبصار 1:228 الحديث 810،الوسائل 5:520 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [1]
5- 5) في التهذيب و الاستبصار:في سفره.
6- 6) التهذيب 3:211 الحديث 512،الاستبصار 1:229 الحديث 814،الوسائل 5:521 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [2]
7- 7) يراجع:ص 356. [3]

أمّا الصوم،فسيأتي البحث فيه إن شاء اللّه.

و أمّا الصلاة،فقال ابن عبّاس بقولنا،و هو قول عمر بن عبد العزيز،و حمّاد بن أبي سليمان (1)،و الثوريّ (2)،و أبي حنيفة (3).

و قال الشافعيّ:له الإتمام في السفر (4).و هو قول عثمان،و سعد بن أبي وقّاص (5)، و ابن مسعود (6)،و ابن عمر،و عائشة (7)،و المشهور عن مالك (8).

و اختلفوا في الأفضليّة،فقال الشافعيّ:الإتمام أفضل (9).و اختاره المزنيّ (10).

و قال أيضا الشافعيّ:القصر أفضل.و هو قول مالك (11)،و أحمد (12).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال:صحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في السفر فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه عزّ و جلّ،و صحبت أبا بكر لم يزد على ركعتين

ص:359


1- 1المغني 2:108،109،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،المجموع 4:337، [1]تفسير القرطبيّ 5:351، [2]عمدة القارئ 7:122،نيل الأوطار 3:245.
2- 2) المغني 2:108،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،حلية العلماء 2:227،المجموع 4:337، [3]عمدة القارئ 7:122،مقدّمات ابن رشد:155.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:239،الهداية للمرغينانيّ 1:80،حلية العلماء 2:227،بدائع الصنائع 1:91، المغني 2:108،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،المحلّى 4:264،المجموع 4:337، [4]شرح فتح القدير 2:5، عمدة القارئ 7:122،الميزان الكبرى 1:180،بداية المجتهد 1:166،نيل الأوطار 3:245.
4- 4) الأمّ 1:179،المبسوط للسرخسيّ 1:239،بدائع الصنائع 1:91،الهداية للمرغينانيّ 1:80،المغني 2: 108،المجموع 4:337، [5]شرح فتح القدير 2:5،تفسير القرطبيّ 5:352. [6]
5- 5) المغني 2:108،المجموع 4:337.
6- 6) المغني 2:108،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،عمدة القارئ 7:122،المجموع 4:337.
7- 7) المغني 2:108،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،المجموع 4:337. [7]
8- 8) المغني 2:112،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،المجموع 4:337، [8]تفسير القرطبيّ 5:352. [9]
9- 9) المغني 2:112،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،تفسير القرطبيّ 5:352، [10]نيل الأوطار 3:246.
10- 10) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24.
11- 11) المغني 2:112،المجموع 4:337.
12- 12) المغني 2:111،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،المجموع 4:337،عمدة القارئ 7:122.

حتّى قبضه اللّه،و صحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه (1).

و مثله رواه ابن مسعود (2)،و عمران بن حصين (3).

و ما رووه عن سعيد بن المسيّب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«خياركم من قصّر في السفر و أفطر» (4).

و ما رووه عن ابن حرب (5)قال:سألت ابن عمر،كيف صلاة السفر يا أبا عبد الرحمن؟قال:إمّا أنتم تتّبعون سنّة نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله أخبرتكم،و إمّا لا تتّبعون سنّة نبيّكم فلا أخبركم؟قلنا:فخير ما اتّبع،سنّة نبيّنا عليه السلام،قال:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خرج من المدينة لم يزد على ركعتين حتّى يرجع إليها (6).

و ما رووه عن ابن عبّاس أنّه قال-للّذي قال له:كنت أتمّ الصلاة و صاحبي يقصّر-:أنت الّذي كنت تقصّر،و صاحبك يتمّ (7).

و عن ابن عمر أنّه قال لرجل سأله عن صلاة السفر:ركعتان،فمن خالف السنّة

ص:360


1- 1صحيح البخاريّ 2:53،صحيح مسلم 1:479 الحديث 689،سنن ابن ماجه 1:340 الحديث 1071، سنن أبي داود 2:8 الحديث 1223، [1]سنن الترمذيّ 2:428 الحديث 544، [2]سنن النسائيّ 3:118.بتفاوت في الجميع.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:53،صحيح مسلم 1:483 الحديث 695،المبسوط للسرخسيّ 1:240،المغني 2: 112. [3]
3- 3) سنن الترمذيّ 2:430، [4]سنن البيهقيّ 3:135،بدائع الصنائع 1:92،المغني 2:112.
4- 4) مسند الشافعيّ:25،كنز العمّال 8:244 الحديث 22755،المغني 2:112،فيض القدير 3:467.
5- 5) بشر بن حرب الأزديّ أبو عمرو النّدبيّ البصريّ،روى عن ابن عمر و أبي هريرة و أبي سعيد و سمرة بن جندب،و روى عنه الحمّادان و شعبة و أبو عوانة و جماعة. تهذيب التهذيب 1:446، [5]ميزان الاعتدال 1:314.
6- 6) مسند أحمد 2:124، [6]المغني 2:111، [7]مجمع الزوائد 3:159.و فيه بتفاوت.
7- 7) المغني 2:111،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،الكافي لابن قدامة 1:262.

كفر (1).

و عن ابن مسعود أنّه لمّا بلغه أنّ عثمان صلّى أربعا استرجع و قال:صلّيت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ركعتين،و مع أبي بكر ركعتين،و مع عمر ركعتين،ثمَّ تفرّقت بكم الطرق،و لوددت أنّ حظّي من أربع،ركعتان متقبّلتان (2).

و عن عائشة قالت:افترض اللّه الصلاة على نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله بمكّة ركعتين ركعتين إلاّ صلاة المغرب،فلمّا هاجر إلى المدينة فأقام بها و اتّخذها دار هجرة زاد إلى كلّ ركعتين ركعتين إلاّ صلاة الغداة،لطول القراءة،و إلاّ صلاة الجمعة،للخطبة،و إلاّ صلاة المغرب فإنّها وتر النهار،فاقتصرها اللّه على عباده إلاّ هذه الصلاة،فإذا سافر صلّى الصلاة الّتي كان افترضها اللّه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الرجل يخرج في سفره و هو مسيرة يوم،قال:«يجب عليه التقصير» (4).

و ما رواه في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء،إلاّ المغرب ثلاث ركعات» (5).

ص:361


1- 1المصنّف لعبد الرزّاق 2:520 الحديث 4281، [1]سنن البيهقيّ 3:140،المبسوط للسرخسيّ 1:239،المغني 2: 109،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111،شرح فتح القدير 2:5،عمدة القارئ 7:135.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:53،صحيح مسلم 1:483 الحديث 695،سنن البيهقيّ 3:143،نيل الأوطار 3: 245،عمدة القارئ 7:121.
3- 3) بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:108،و بهذا المضمون:صحيح البخاريّ 2:55،صحيح مسلم 1:478،675، سنن البيهقيّ 1:362 و ج 3:145،عمدة القارئ 7:133،مجمع الزوائد 2:154.
4- 4) التهذيب 3:209 الحديث 503،الاستبصار 1:225 الحديث 799،الوسائل 5:493 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 16. [2]
5- 5) التهذيب 2:13 الحديث 31،الاستبصار 1:220 الحديث 778،الوسائل 3:60 [3] الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث 3 و ج 5:529 الباب 16 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2.

و ما رواه في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

صلّيت الظهر أربع ركعات و أنا في السفر،قال:«أعد» (1).

و في الصحيح عن حذيفة بن منصور،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء» (2).

و ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا:قلنا لأبي جعفر عليه السلام:ما تقول في الصلاة في السفر،كيف هي و كم هي؟فقال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (3)فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر»قالا:قلنا:إنّما قال عزّ و جلّ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ و لم يقل:افعلوا،فكيف أوجب ذلك[كما أوجب التمام في الحضر] (4)؟فقال عليه السلام:

«أو ليس قد قال عزّ و جلّ في الصفا و المروة فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (5)ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض،لأنّ اللّه عزّ و جلّ ذكره في كتابه،و صنعه نبيّه عليه السلام،و كذلك التقصير في السفر شيء صنعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ذكره اللّه تعالى ذكره في الكتاب».قالا:قلنا:فمن صلّى في السفر أربعا أ يعيد أم لا؟قال:«إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسّرت له فصلّى أربعا أعاد،و إن لم يكن قرئت عليه و لم (6)يعلمها فلا إعادة عليه» (7).

ص:362


1- 1التهذيب 2:14 الحديث 33،الوسائل 5:531 الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:14 الحديث 34،الوسائل 5:529 الباب 16 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [2]
3- 3) النساء(4):101. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) البقرة(2):158. [4]
6- 6) بعض النسخ:و لا.
7- 7) الفقيه 1:278 الحديث 1266،الوسائل 5:531 [5] الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4 و ص 538 الباب 22 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2.

و لأنّ الإجماع واقع على أنّ فرض السفر ركعتان فالزيادة عليهما محرّمة (1)كالفجر.

احتجّ المخالف (2)بقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ المفهوم منه الرخصة.و لما روته عائشة قالت:سافرت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفطر و صمت و أخبرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:«أحسنت» (3).

و بما رواه عطاء عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتمّ في السفر و يقصّر (4).

و عن أنس:كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسافرون فيتمّ بعضنا و يقصّر بعضنا،و يصوم بعضنا و يفطر بعضنا فلا يعيب أحد على أحد (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ رفع الجناح عن القصر لا يدلّ على جواز الإتمام،فإن ادّعوا منه المفهوم،منعناه،ثمَّ منعنا دلالته و عارضناه بالنصوص.

و عن الثاني:أنّه إنّما قال لها ذلك،لأنّها لم تعلم أنّ المقصد مسافة يجب فيها التقصير، فكان الواجب عليها الإتمام،لأنّه لو لا ذلك لكان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد عدل عن الأفضل،إذ قوله:«أحسنت»يدلّ على أولويّة التمام.

و عن الثالث:أنّه ليس إشارة إلى حالة واحدة،لتضادّهما،فلا بدّ من صرفه إلى حالتين،فالتمام إلى حالة قصر السفر عن المسافة،و التقصير إلى حالة البلوغ.

ص:363


1- 1ح:غير مجزئة.
2- 2) الأمّ 1:179،المغني 2:109،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:101،المجموع 4:339، [2]عمدة القارئ 7: 122،نيل الأوطار 3:247.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:188 الحديث 39،40،سنن النسائيّ 3:122،المغني 2:109،الشرح الكبير بهامش المغني 2:101،نيل الأوطار 3:248 الحديث 3.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:189 الحديث 44،سنن البيهقيّ 3:141،الأمّ 1:179،نيل الأوطار 3:248 الحديث 4.
5- 5) المغني 2:110، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 2:101، [4]سنن البيهقيّ 4:244.

و عن الرابع:أنّ عمل بعض الصحابة ليس حجّة،و قوله:فلا يعيب أحد على أحد، معارض بما رويناه من الأحاديث الدالّة على الإنكار،كحديث ابن مسعود،و ابن عمر، و ابن عبّاس (1).

مسألة:يستحبّ الإتمام في أربعة مواطن للمسافر:
اشارة

مكّة،و المدينة،و جامع الكوفة، و الحائر على ساكنه السلام.ذهب إليه الشيخان (2)،و السيّد المرتضى (3)،و أتباعهم (4).

و قال ابن بابويه:يقصّر ما لم ينو المقام عشرة أيّام،و الأفضل أن ينوي ذلك ليتمّ (5).

و لم يخصّ أحد من الجمهور موضعا باستحباب الإتمام دون موضع.

و احتجّ الأوّلون بما رواه عبد الحميد (6)خادم إسماعيل بن جعفر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تتمّ الصلاة في أربعة مواطن:في المسجد الحرام،و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد الكوفة،و حرم الحسين عليه السلام» (7).

و روى حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن:حرم اللّه،و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و حرم أمير المؤمنين

ص:364


1- 1يراجع:ص 359،361. [1]
2- 2) ينظر قول المفيد في المعتبر 2:476،و [2]قول الطوسيّ في الخلاف 1:224 مسألة-12 و المبسوط 1:141 و [3]النهاية:124. [4]
3- 3) جمل العلم و العمل:77.
4- 4) منهم:القاضي في المهذّب 1:110،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):676،و ابن إدريس في السرائر: 76.
5- 5) الفقيه 1:283 ذيل الحديث 1284،الخصال:252 ذيل الحديث 123،و بهذا اللفظ نقله عنه في المعتبر 2: 476. [5]
6- 6) عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في باب زيارة الرضا عليه السلام من الكافي 4:587 عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام. تنقيح المقال 2:135. [6]
7- 7) الكافي 4:587 الحديث 5، [7]التهذيب 5:431 الحديث 1497،الاستبصار 2:335 الحديث 1194،الوسائل 5:546 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 14. [8]

عليه السلام،و حرم الحسين عليه السلام» (1).

و ينبغي أن يحمل حرم أمير المؤمنين عليه السلام على مسجد الكوفة جمعا بين الحديثين،فإنّ المسجد يسمّى حرم أمير المؤمنين عليه السلام على ما تقدّم (2).

و روى ابن بابويه عن الصّادق عليه السلام قال:«من الأمر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن:بمكّة،و المدينة،و مسجد الكوفة،و الحائر» (3).

و روى زياد القنديّ (4)قال:قال أبو الحسن عليه السلام:«يا زياد،أحبّ لك ما أحبّه لنفسي،و أكره لك ما أكره لنفسي،أتمّ الصلاة في الحرمين،و بالكوفة،و عند قبر الحسين عليه السلام» (5).

و لأنّها مواضع اختصّت بزيادة شرف،فكان إتمام العبادة فيها مناسبا لتحصيل فضيلة العبادة فيها،فكان مشروعا.

احتجّ ابن بابويه بما رواه عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:سألته عن الصلاة بمكّة و المدينة،يقصّر أو يتمّ؟فقال:«قصّر ما لم يعزم على مقام عشرة أيّام» (6).و ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ص:365


1- 1التهذيب 5:430 الحديث 1494،الوسائل 5:543 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 312. [2]
3- 3) الفقيه 1:283 الحديث 1284،الوسائل 5:550 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 29. [3]
4- 4) زياد بن مروان القنديّ الأنباريّ.قال النجاشيّ:وقف في الرضا عليه السلام.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام تارة بقوله:زياد بن مروان القنديّ و أخرى بقوله:زياد القنديّ،و من أصحاب الكاظم عليه السلام و قال:واقفيّ.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:فهو مردود الرواية.و قال المامقانيّ:اعلم أنّ الأصحاب اختلفوا فيه.فمنهم من ترك حديثه مطلقا نظرا إلى وقفه،و منهم من اعتمد على حديثه مطلقا نظرا إلى أنّه و إن وقف إلاّ أنّه ثقة في حديثه،و منهم من فصل بين روايته الّتي رواها قبل الوقف و الّتي رواها بعده. رجال النجاشيّ:171،رجال الطوسيّ:198،202 و 350،رجال العلاّمة:223، [4]تنقيح المقال 1:457،458. [5]
5- 5) التهذيب 5:431 الحديث 1499 و:فيه:و عند قبر الحسين عليه السلام و بالكوفة،الوسائل 5:546 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 13. [6]
6- 6) الفقيه 1:283 الحديث 1285،الوسائل 5:550 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 32. [7]

سألته عن التقصير في الحرمين و التمام،فقال:«لا تتمّ حتّى تجمع على مقام عشرة أيّام» (1).

و الأقرب الأوّل،لكثرة الروايات.و نحمل ما رواه ابن بابويه على أنّه لا يتمّ وجوبا،جمعا بين الأدلّة.

فروع:

الأوّل:الإتمام بمكّة و المدينة لا يختصّ بالمسجدين،لأنّ أكثر الروايات تدلّ على إطلاق الإتمام فيهما.و اختاره الشيخ في النهاية (2).و قال ابن إدريس:يختصّ الحكم بالمسجدين (3).

الثاني:المراد بالحائر:ما دار عليه حائط المشهد الشريف،لا ما دار عليه سور البلد، لأنّ الحائر هو الموضع المطمئنّ (4)الذي يحار الماء فيه.

و ذكره المفيد في كتاب الإرشاد لمّا ذكر من قتل مع الحسين عليه السلام (5):و الحائر محيط بهم إلاّ العبّاس رحمه اللّه (6)،فإنّه قتل على المسنّات (7).

ص:366


1- 1التهذيب 5:428 الحديث 1485،الاستبصار 2:332 الحديث 1181،الوسائل 5:551 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 34. [1]
2- 2) النهاية:124.
3- 3) السرائر:76.
4- 4) بعض النسخ:المعيّن.
5- 5) بعض النسخ:صلوات اللّه عليه.
6- 6) العبّاس بن [2]عليّ بن أبي طالب عليهم السلام،يكنّى ب-«أبي الفضل»و يلقّب ب-«قمر بني هاشم»و لقّب في كربلاء ب«السقّاء»و«حامل اللواء»و«رئيس عسكر الحسين عليه السلام»و غيرها من الألقاب.و قد عدّت له ستّة عشر لقبا.و أمّه أمّ البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة.قتل مع أخيه الحسين بكربلاء،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين عليه السلام،و قد كان من فقهاء أولاد الأئمّة عليهم السلام،و كان عدلا ثقة تقيّا نقيّا.و قد قال الصادق عليه السلام:كان عمّنا العبّاس بن عليّ نافذ البصيرة صلب الإيمان،جاهد مع أخيه الحسين و أبلى بلاء حسنا و مضى شهيدا.و قال عليّ بن الحسين عليه السلام:إنّ للعبّاس عند اللّه تبارك و تعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.رجال الطوسيّ:76،رجال العلاّمة:118، [3]تنقيح المقال 2:128. [4]
7- 7) الإرشاد 2:130. [5]

الثالث:قال السيّد المرتضى:يستحبّ الإتمام في السفر عند قبر كلّ إمام من أئمّة الهدى عليهم السلام (1).و عندي فيه إشكال.

الرابع:من عليه صلاة فائتة،هل يستحبّ له الإتمام في هذه المواطن؟الأقرب نعم، عملا بالعموم،و كان والدي رحمه اللّه يمنع ذلك،لقوله عليه السلام:«لا صلاة لمن عليه صلاة» (2).و لأنّ من عليه فريضة لا يجوز له فعل النافلة.

مسألة:قال علماؤنا:إذا أتمّ المقصّر متعمّدا عالما أعاد في الوقت و خارجه.

و به قال حمّاد بن أبي سليمان (3).

و قال أبو حنيفة:إن كان جلس بعد الركعتين قدر التشهّد صحّت صلاته و إلاّ لم تصحّ (4).

و قال مالك:يعيد في الوقت لا خارجه،قال:و لو افتتح المكتوبة على التمام فصلّى ركعتين ثمَّ بدا له فسلّم لم يجزئه (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس قال:من صلّى في السفر أربعا فهو كمن صلّى في الحضر ركعتين (6).

ص:367


1- 1جمل العلم و العمل:77.كذا نسب إليه،و لكن عبارته فيه:«و كلّ من سفره أكثر من حضره لا تقصير عليه، و لا تقصير إلاّ في سفر طاعة أو مباح،و لا تقصير في مكّة و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مسجد الكوفة و مشاهد الأئمّة القائمين مقامه».
2- 2) البحار 17:127، [1]مستدرك الوسائل 1:195 الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 2:108، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 2:100، [4]نيل الأوطار 3:145.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:239،بدائع الصنائع 1:93،الهداية للمرغينانيّ 1:80،المحلّى 4:264،المجموع 4: 337،فتح العزيز بهامش المجموع 4:430،المغني 2:108،الشرح الكبير بهامش المغني 2:100،شرح فتح القدير 2:8.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:121،مقدّمات ابن رشد:156،تفسير القرطبيّ 5:352، [5]المحلّى 4:265،نيل الأوطار 3:246.
6- 6) مجمع الزوائد 2:155،المغني 2:109.

و عن ابن عمر أنّه قال:صلاة السفر ركعتان فمن خالف السنّة كفر (1).و الكفر لا يتقرّب به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:صلّيت الظهر أربع ركعات و أنا في سفر،قال:«أعد» (2).

و ما رواه في الصحيح عن زرارة و ابن مسلم قالا:قلنا لأبي جعفر عليه السلام:

رجل صلّى في السفر أربعا،أ يعيد أم لا؟قال:«إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسّرت فصلّى أربعا أعاد،و إن لم يكن قرئت عليه و لم يعلمها فلا إعادة عليه» (3).

و لأنّه قد زاد على فرضه،فكان كما لو صلّى الصبح أربعا.و لأنّ الجلوس لم ينوبه الصلاة،فكانت الزيادة بعده كالزيادة قبله.و لأنّه فعل كثير ليس من أفعال الصلاة فيكون مبطلا.

أمّا لو أتمّ جاهلا بوجوب التقصير،لم يعد على قول أكثر علمائنا (4).و قال أبو الصلاح:

يعيد في الوقت (5).

لنا:أنّه جاهل فيكون معذورا،لقوله عليه السلام:«الناس في سعة ما لم يعلموا» (6).

خصوصا و قد اعتضد بالرجوع إلى الأصل الذي هو الإتمام.

و ما رواه زرارة و محمّد بن مسلم،و قد تقدّم.

و لو أتمّ ناسيا مع العلم بوجوب التقصير أعاد في الوقت و لا يعيد خارجه.ذهب إليه

ص:368


1- 1المصنّف لعبد الرزّاق 2:519 الحديث 4281،سنن البيهقيّ 3:140،مجمع الزوائد 2:154،كنز العمّال 7: 546 الحديث 20185،المبسوط للسرخسيّ 1:239،المغني 2:109،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111، شرح فتح القدير 2:5،عمدة القارئ 7:135.
2- 2) التهذيب 2:14 الحديث 33،الوسائل 5:531 الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [1]
3- 3) التهذيب 3:226 الحديث 571،الوسائل 5:531 الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [2]
4- 4) منهم:الشيخ في النهاية:123،و [3]ابن إدريس في السرائر:77،و المحقّق في الشرائع 1:135.
5- 5) الكافي في الفقه:116.
6- 6) عوالي اللئالي 1:424، [4]المعتبر 2:478. [5]

الشيخ في الخلاف (1).و قال في المبسوط:يعيد مطلقا (2)،لأنّ مع البقاء يمكن تحصيل المطلوب فيه،فيجب تحصيله،أمّا مع خروجه فلا.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل صلّى و هو مسافر فأتمّ الصلاة،قال:«إن كان في وقت فليعد،و إن كان الوقت قد مضى فلا» (3).

و قد روى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل ينسى فيصلّي في السفر أربع ركعات،قال:«إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، و إن لم يذكر حتّى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه» (4).قال الشيخ:و هذا محمول على الاستحباب (5).

مسألة:محلّ التقصير هو الرباعيّات،

فلا يقصّر (6)في صلاة الصبح و المغرب.و هو مذهب أهل العلم كافّة لا نعرف فيه مخالفا من أهل الإسلام.

روى الجمهور عن عائشة قالت:افترض اللّه[الصلاة] (7)على لسان نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله بمكّة ركعتين ركعتين إلاّ[صلاة]المغرب (8).

ص:369


1- 1الخلاف 1:229 مسألة-29.
2- 2) المبسوط 1:140. [1]
3- 3) التهذيب 3:169 الحديث 372،الاستبصار 1:241 الحديث 860،الوسائل 5:530 الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 3:169 الحديث 373،الاستبصار 1:241 الحديث 861،الوسائل 5:530 الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 3:169 ذيل الحديث 373،الاستبصار 1:242 ذيل الحديث 861.
6- 6) ن و م:فلا تقصير.
7- 7) أضفناها في الموضعين من المصادر.
8- 8) ينظر بهذا اللفظ:المغني 2:108،و بهذا المضمون:صحيح البخاريّ 2:55،صحيح مسلم 1:478 الحديث 675،سنن البيهقيّ 1:362 و ج 3:145،عمدة القارئ 7:133.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الصّلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء إلاّ المغرب ثلاث ركعات» (1).

مسألة:لو سافر بعد دخول الوقت
اشارة

في الرّباعيّات و انقضاء (2)ما يسع (3)للطهارة و الصلاة قبل أن يصلّي،اختلف قول أصحابنا فيه،فقال الشيخ في الاستبصار:يصلّي أربعا (4).

و به قال ابن أبي عقيل (5)،و به قال في المبسوط،و اعتبر فيه السعة،فإن تضيّق الوقت قصّر (6).و قال في النهاية بمثل قوله في المبسوط (7)،و به قال ابن البرّاج (8).

و قال في الخلاف:يجوز له التقصير و يستحبّ الإتمام (9).

و قال في التهذيب:يقصّر واجبا (10).و هو اختيار السيّد المرتضى في المصباح (11)، و المفيد (12)،و ابن إدريس (13).

ص:370


1- 1التهذيب 2:13 الحديث 31،الاستبصار 1:220 الحديث 778،الوسائل 5:529 [1] الباب 16 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2 و ج 3:60 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث 3.
2- 2) ح:و انقضى.
3- 3) ن و م:يتّسع.
4- 4) الاستبصار 1:240 ذيل الحديث 856.
5- 5) نقل عنه في المختلف:165.
6- 6) المبسوط 1:141. [2]
7- 7) النهاية:123. [3]
8- 8) نقله في مفتاح الكرامة 3:487 [4] عن كتابه«الكامل في الفقه»و هو غير موجود.
9- 9) الخلاف 1:225 مسألة-14.
10- 10) التهذيب 3:162-163.
11- 11) نقله عنه ابن إدريس في السرائر:74.
12- 12) المقنعة:35.
13- 13) السرائر:74.

و الأقرب عندي الأوّل.و هو اختيار المزنيّ (1)خلافا للشافعيّ،فإنّه جوّز التقصير (2).

لنا:أنّها وجبت عليه تماما بدخول الوقت و استقرّت بمضيّ ما يسعها من الوقت، فلا يبرأ إلاّ بفعل التمام.و لأنّه لو لم يعتبر وقت الإمكان لما وجب على الحائض-إذا فرّطت في أوّل الوقت في الصلاة،ثمَّ حاضت-القضاء،و لا على المغمى عليه،و التالي باطل بالإجماع،فكذا المقدّم.

و لأنّه لو لم يصلّ في السفر حتّى فاتت،قضاها على التمام عند ابن إدريس (3)و القضاء يتبع وجوب الأداء،فقولاه متنافيان.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام [عن رجل يدخل من سفره و قد دخل وقت الصلاة و هو في الطريق،فقال:«يصلّي ركعتين] (4)و إن خرج إلى سفره و قد دخل وقت الصلاة فليصلّ أربعا» (5).

و ما رواه عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال:سمعت الرّضا عليه السلام يقول:«إذا زالت الشمس و أنت في المصر و أنت تريد السفر فأتمّ،فإذا (6)خرجت بعد الزوال قصّر العصر» (7).

ص:371


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24،حلية العلماء 2:239،المجموع 4:368.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24،المجموع 4:368.
3- 3) السرائر:74 و 77.
4- 4) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 3:222 الحديث 557،الاستبصار 1:239 الحديث 853،الوسائل 5:535 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [1]
6- 6) أكثر النسخ:و إذا.
7- 7) التهذيب 3:224 الحديث 562،الاستبصار 1:240 الحديث 854،الوسائل 5:537 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 12. [2]

و ما رواه عن بشير النبّال (1)قال:خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السلام حتّى أتينا الشجرة،فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا نبّال»فقلت:لبّيك،قال:«إنّه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلّي أربعا غيري و غيرك،و ذلك أنّه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج» (2).

احتجّ الشيخ على قوله في النهاية و المبسوط بأنّه قد وردت الأخبار بالتقصير و الإتمام،فيحمل الأوّل على الضيق،و الثاني على السعة (3).

و احتجّ على قوله في الخلاف (4)بأنّه مسافر فيجوز له التقصير (5)بالآية (6).و بما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:يدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في السفر،فلا أصلّي حتّى أدخل أهلي،فقال:«صلّ و أتمّ الصلاة»قلت:

فدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر،فلا أصلّي حتّى أخرج،فقال:«فصلّ و قصّر،فإن لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (7).

و استدلّ على الاستحباب برواية بشير،قال:فحملنا الأوّل على جواز التقصير،

ص:372


1- 1بشير أو بشر بن ميمون الوابشيّ النبّال الهمدانيّ،عدّه الشيخ تارة من أصحاب الباقر عليه السلام و أخرى من أصحاب الصادق عليه السلام،و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة بعنوان«بشير النبّال».و قال المامقانيّ:في بعض نسخ رجال الشيخ:بشر،و في بعضها:بشير.فالبشر و البشير واحد.رجال الطوسيّ:108 و 156،رجال العلاّمة:25، [1]تنقيح المقال 1:174 و 176. [2]
2- 2) التهذيب 3:224 الحديث 563،الاستبصار 1:240 الحديث 855،الوسائل 5:536 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 10. [3]
3- 3) التهذيب 3:163.
4- 4) الخلاف 1:225 مسألة-14.
5- 5) غ،م و ن:القصر.
6- 6) النساء(4):101.
7- 7) التهذيب 2:13 الحديث 29،و ج 3:163 الحديث 353،و ص 222 الحديث 558،الاستبصار 1:240 الحديث 856،الوسائل 5:535 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [4]

و الثاني على استحباب الإتمام (1).

و احتجّ على قوله في التهذيب برواية إسماعيل بن جابر (2).

و احتجّ ابن إدريس على هذا القول أيضا بالإجماع (3).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ ما ذكره من التأويل لا بدّ له من دليل،و نحن لم نظفر به، فلا تعويل عليه،فإنّه يجوز أن يكون التأويل ما ذكر (4)في الخلاف.

و عن الثاني:بأنّ الآية لا تدلّ على التقصير فيما وجب فيه التمام.و رواية إسماعيل بن جابر تدلّ على الوجوب و هو خلاف مطلوبه،و رواية بشير تدلّ على وجوب الإتمام.

و الجواب عن الثالث:باحتمال أن يكون قد خرج إلى السفر في ابتداء دخول الوقت لا بعد مضيّ وقت الإمكان.

و عن الرابع:أنّ ادّعاء الإجماع في صورة الخلاف تهافت،و هو أعرف به.

فروع:

الأوّل:لو سافر في أوّل الوقت و لم يمض منه مقدار الأداء قصّر،لأنّها لا تستقرّ في ذمّته إلاّ بمضيّ الوقت،و قبله و إن كان الفعل واجبا إلاّ أنّه غير مستقرّ،فكان كالحائض إذا جاءها الدم في أوّل الوقت.

الثاني:لو سافر و قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي فيه أربع ركعات وجب عليه التمام على ما قلناه (5).و هو قول بعض الجمهور،خلافا لبعضهم (6)،و الدلائل ما تقدّم (7).

ص:373


1- 1الخلاف 1:225 مسألة-14.
2- 2) التهذيب 3:163.
3- 3) السرائر:74.
4- 4) غ:ذكره.
5- 5) يراجع:ص 370.
6- 6) حلية العلماء 2:239،المجموع 4:368،فتح العزيز بهامش المجموع 4:459،460.
7- 7) يراجع:ص 371.

الثالث:لو سافر و قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي فيه ركعة أو ركعتان،قال الشيخ:فيه خلاف بين أصحابنا،منهم من قال:إنّ الصلاة تكون أداء.و هو اختيار ابن خيران من الشافعيّة.

و منهم من قال:إنّ بعضها أداء و بعضها قضاء.و هو اختيار أبي إسحاق من الشافعيّة.فعلى الأوّل:يجب عليه التقصير،لأنّه لحق الوقت و هو مسافر.و على الثاني:

يجب عليه التمام،لأنّه يغر مؤدّ لجميع الصلاة في الوقت (1).و هذا بناء منه على وجوب التقصير مع الخروج بعد دخول الوقت.أمّا على ما اخترناه فإنّ الإتمام واجب عليه في الحالين.

الرابع:لو سافر و قد بقي من الوقت ما لا يتّسع لركعة،أتمّ قضاء بلا خلاف عندنا، لأنّها صلاة فاتته (2)في الحضر،فيقضيها كما فاتته.

مسألة:لو دخل عليه الوقت و هو مسافر فأخّر الصلاة إلى أن يدخل بلده،فدخله

و الوقت باق،أتمّ.

و قال في النهاية:يتمّ مع السعة و يقصّر مع الضيق (3).

لنا:أنّه حاضر فلا يترخّص.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا يزال المسافر مقصّرا حتّى يدخل بيته» (4).

و مثله روى في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السلام (5).

ص:374


1- 1الخلاف 1:225 مسألة-16.
2- 2) م و غ:فائتة.
3- 3) النهاية:123. [1]
4- 4) التهذيب 3:222 الحديث 556،الاستبصار 1:242 الحديث 864،الوسائل 5:508 الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 3:222 الحديث 555،الاستبصار 1:242 الحديث 863،الوسائل 5:508 الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [3]

و ما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و قد تقدّمت (1).

و لأنّه إمّا مسافر أو حاضر،و على كلا التقديرين لا فرق بين السعة و عدمها.

احتجّ الشيخ بما رواه في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة،فقال:«إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتمّ،و إن كان يخاف خروج الوقت فليقصّر» (2).

و ما رواه عن الحكم بن مسكين (3)،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقدم من سفر في وقت الصلاة،فقال:«إن كان لا يخاف الفوت فليتمّ،و إن كان يخاف خروج الوقت فليقصّر» (4).

و الجواب:نحمل ما ذكرتم على أنّه إذا حضر أهله و قد بقي من الوقت أقلّ من مقدار ركعة،فإنّه يجب عليه حينئذ التقصير،لأنّها تكون صلاة فائتة في السفر،جمعا بين الأدلّة.

و روى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله،فسار حتّى يدخل أهله،فإن شاء قصّر،و إن شاء أتمّ،و الإتمام أحبّ إليّ» (5).

ص:375


1- 1يراجع:ص 372. [1]
2- 2) التهذيب 3:223 الحديث 559،الاستبصار 1:240 الحديث 857،الوسائل 5:536 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [2]
3- 3) الحكم بن مسكين المكفوف أبو محمّد كوفيّ مولى ثقيف،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام. و قال النجاشيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام.و قال المامقانيّ:ظاهر هذين العلمين أنّ الرجل إماميّ و من الحسان.رجال النجاشيّ:136،رجال الطوسيّ:185 و فيه:حكيم بن مسكين،تنقيح المقال 1:360. [3]
4- 4) التهذيب 3:223 الحديث 560،الاستبصار 1:241 الحديث 858،الوسائل 5:536 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر [4]الحديث.
5- 5) التهذيب 3:223 الحديث 561،الاستبصار 1:241 الحديث 859،الوسائل 5:536 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [5]

و بعض الأصحاب جعل له الخيرة بمقتضى هذه الرواية،و سمّى كلّ واحد من المخيّر (1)فيه واجبا كخصال الكفّارة (2).و الحقّ خلافه،و تحمل هذه الرواية على أنّه إن شاء صلّى في السفر قبل دخول أهله مقصّرا (3)،و إن شاء صبر حتّى يدخل أهله و يصلّي على التمام، و التمام أفضل.

مسألة:لو سافر بعد دخول الوقت و لم يصلّ حتّى خرج الوقت،فإن كان السفر بعد
اشارة

مضيّ وقت الإمكان قضاها تماما،

لقوله عليه السلام:«من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (4).و قد وجب عليه التمام على ما بيّنّا،و القضاء تابع،خلافا لبعض أصحابنا،بناء على أنّ الواجب القصر،و قد مضى (5).

و إن كان السفر قبل مضيّ وقت الإمكان قضاها قصرا،لأنّها إنّما استقرّت في الذمّة كذلك،و القضاء تابع.

و لو دخل البلد بعد دخول الوقت و لم يصلّ حتّى خرج،قضاها تماما إن كان دخوله ممّا يجب فيه التمام،و إلاّ صلاّها قصرا،على ما مضى من التفصيل.

و قيل:يقصّر مطلقا (6).و هو بناء على أنّ الواجب على الإطلاق القصر،و قد بيّنا ضعفه (7).

و ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر،فأخّر الصلاة حتّى قدم،فهو يريد يصلّيها إذا قدم إلى أهله،

ص:376


1- 1ح و ق:المتخيّر.
2- 2) قال به ابن الجنيد،نقله عنه في المختلف:167،و الشيخ في التهذيب 3:223،و الاستبصار 1:241.
3- 3) ح و ق:فقصّر.
4- 4) عوالي اللئالي 3:107 الحديث 150، [1]المعتبر 2:480،و [2]بهذا المضمون ينظر:الكافي 3:435 الحديث 7، [3]التهذيب 3:162 الحديث 350،الوسائل 5:359 الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 1. [4]
5- 5) يراجع:ص 370.
6- 6) قال في السرائر:75«الواجب عليه قضاؤها بحسب حاله عند دخول أوّل وقتها».ثمَّ قال:«و هذا مذهب أبي جعفر في تهذيب الأحكام».ينظر:التهذيب 3:162.
7- 7) يراجع:ص 373.

فنسي حين قدم إلى أهله أن يصلّيها حتّى ذهب وقتها؟قال:«يصلّيها ركعتين صلاة المسافر، لأنّ الوقت دخل و هو مسافر كان ينبغي له أن يصلّي عند ذلك» (1)محمول على أنّه دخل و قد تضيّق الوقت جدّا حتّى لا يسع لركعة،ليجب عليه التقصير.

لا يقال:التعليل ينافي ما ذكرتم.

لأنّا نقول:لا نسلّم المنافاة،فإنّ القصر معلّل (2)بدخول الوقت في السفر في الصورة التي ذكرناها أيضا.

و لو سافر بعد الزوال و لم يصلّ النافلة مع الإمكان استحبّ قضاؤها سفرا و حضرا.

فرع:

لو صلّى في السفينة في أوّل الوقت قبل أن يخرج من بلده صلاّها على التمام.

و لو (3)سارت به السفينة حتّى غاب الجدران قبل أن يتمّ الصلاة أتمّها على التمام.

مسألة:لو نوى المسافر الإقامة في غير بلده عشرة أيّام أتمّ،
اشارة

و لو نوى دون ذلك قصّر.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و نقله الجمهور عن الباقر و الصادق عليهما السلام (4).و هو قول الحسن بن صالح بن حيّ (5)،غير أنّ السيّد المرتضى رحمه اللّه روى عنه أيضا أنّه لو جاء المسافر إلى بلده مجتازا منطلقا في سفره قصّر،إلاّ أن ينوي المقام عشرا (6).فاعتبر العشرة في بلده و غير بلده،و نحن لا نعتبر ذلك،فإنّه (7)متى جاء إلى بلده أتمّ،لانقطاع سفره،سواء

ص:377


1- 1التهذيب 3:162 الحديث 351 و ص 225 الحديث 567،الوسائل 5:535 الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [1]
2- 2) ح و ق:معلّق.
3- 3) ح و ق:فلو.
4- 4) المصنّف لعبد الرزّاق 2:532 الحديث 4333،4334،المغني 2:133،المجموع 4:365.
5- 5) المحلّى 5:23،حلية العلماء 2:234،المغني 2:133،المجموع 4:365،نيل الأوطار 3:255.
6- 6) الانتصار:51.
7- 7) ح:لأنّه.

نوى المقام عشرا أو لا.

و قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أبو ثور:إن نوى مقام أربعة أيّام غير يوم دخوله و يوم خروجه وجب عليه التمام (3).و هو قول عثمان بن عفّان (4)،و سعيد بن المسيّب (5).

و قال أبو حنيفة:إن نوى مقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يدخل و اليوم الذي يخرج فيه بطل حكم سفره (6).و به قال الثوريّ (7)،و المزنيّ (8)،و هو إحدى الرّوايات

ص:378


1- 1الأمّ 1:186،المهذّب للشيرازيّ 1:103،حلية العلماء 2:333،بداية المجتهد 1:169،المغني 2:133، الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،المجموع 4:359 و 364، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:446، [2]نيل الأوطار 3:255.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:123،بلغة السالك 1:171،سنن الترمذيّ 2:433، [3]بداية المجتهد 1:169، حلية العلماء 2:233،المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،المجموع 4:364،فتح العزيز بهامش المجموع 4:448،تفسير القرطبيّ 5:357، [4]نيل الأوطار 3:255.
3- 3) المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،تفسير القرطبيّ 5:357، [5]المجموع 4:364. عمدة القارئ 7:117،نيل الأوطار 3:255.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:123،المبسوط للسرخسيّ 1:236،المغني 2:133،المجموع 4:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،نيل الأوطار 3:255،سنن البيهقيّ 3:148.
5- 5) المصنّف لعبد الرزّاق 2:534 الحديث 4346،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:24،سنن الترمذيّ 2:433، [6]المحلّى 5: 23،سنن البيهقيّ 3:148،المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،تفسير القرطبيّ 5:357، [7]المجموع 4:364، [8]المدوّنة الكبرى 1:123،نيل الأوطار 3:255.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:236،حلية العلماء 2:233،بدائع الصنائع 1:97،الهداية للمرغينانيّ 1:81، بداية المجتهد 1:169،تفسير القرطبيّ 5:357،المجموع 4:364،فتح العزيز بهامش المجموع 4:448،شرح فتح القدير 2:9-10،عمدة القارئ 7:117،نيل الأوطار 3:256.
7- 7) المصنّف لعبد الرزّاق 2:535 الحديث 4350،سنن الترمذيّ 2:433،حلية العلماء 2:233،بداية المجتهد 1:169،المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،تفسير القرطبيّ 5:357، [9]المجموع 4:364، عمدة القارئ 7:116.
8- 8) حلية العلماء 2:233،المجموع 4:364،فتح العزيز بهامش المجموع 4:448.

عن ابن عمر (1).

و روي عن ابن عبّاس أنّه إن نوى مقام تسعة عشر يوما أتمّ و إن كان أقلّ لم يجب (2).

و هو قول إسحاق بن راهويه (3).و قال الليث بن سعد:إن نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوما أتمّ (4)و هو محكيّ عن سعيد بن جبير (5).

و قال الأوزاعيّ:إن نوى اثني عشر يوما أتمّ.و هو مرويّ عن ابن عمر (6).

و قال أحمد:المدّة التي يلزم المسافر الإتمام بنيّة الإقامة فيها هي ما كان أكثر من إحدى و عشرين صلاة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام قال:«يتمّ الصلاة الذي يقيم عشرا، و يقصّر الصلاة الذي يقول:أخرج اليوم أخرج غدا،شهرا» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:قلت له:أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له أن يكون مقصّرا،و متى ينبغي له أن يتمّ؟فقال:«إذا دخلت أرضا فأيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة،

ص:379


1- 1المصنّف لعبد الرزّاق 2:534 الحديث 4343،سنن الترمذيّ 2:432، [1]المحلّى 5:22،المبسوط للسرخسيّ 1:236،بدائع الصنائع 1:97،الهداية للمرغينانيّ 1:81،المغني 2:133، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2: 109، [3]تفسير القرطبيّ 5:357، [4]المجموع 4:364،عمدة القارئ 7:116،نيل الأوطار 3:256.
2- 2) المجموع 4:364، [5]حلية العلماء 2:234.
3- 3) حلية العلماء 2:234،المجموع 4:364. [6]
4- 4) المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،المجموع 4:365،حلية العلماء 2:234.
5- 5) المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،المجموع 4:365.
6- 6) المجموع 4:364،حلية العلماء 2:234،سنن الترمذيّ 2:433، [7]نيل الأطوار 3:256.
7- 7) المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:108،الكافي لابن قدامة 1:263،المجموع 4:365، فتح العزيز بهامش المجموع 4:448.
8- 8) بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:133،الشرح الكبير [8]بهامش المغني 2:109.و بهذا المضمون ينظر: سنن الترمذيّ 2:432،المصنّف لعبد الرزّاق 2:532 الحديث 4333،كنز العمّال 8:236 الحديث 22711، نيل الأوطار 3:255.

و إن لم تدر ما مقامك بها،تقول:غدا أخرج أو بعد غد،فقصّر ما بينك و بين أن يمضي شهر، فإذا تمَّ لك شهر فأتمّ الصلاة و إن أردت أن تخرج من ساعتك» (1).

و ما رواه في الصحيح عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:

«إذا دخلت بلدا و أنت تريد مقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة حين تقدم،و إن أردت (2)دون العشرة فقصّر ما بينك و بين شهر،فإذا تمَّ الشهر فأتمّ الصلاة»قال:قلت:دخلت بلدا أوّل يوم من شهر رمضان و لست أريد أن أقيم عشرا،قال:«قصّر و أفطر»قلت:فإنّي مكثت كذلك أقول:غدا أو بعد غد،فأفطر الشهر كلّه و أقصّر؟قال:«نعم،هما واحد إذا قصّرت أفطرت و إذا أفطرت قصّرت» (3).

و ما رواه في الحسن عن أبي أيّوب قال:سأل محمّد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام، و أنا أسمع،عن المسافر إن (4)حدّث نفسه بإقامة عشرة أيّام،قال:«فليتمّ الصلاة،فإن لم يدر ما يقيم،يوما أو أكثر،فليعدّ ثلاثين يوما،ثمَّ ليتمّ و إن كان أقام يوما أو صلاة واحدة» (5).

و لأنّ السفر سقط و الإقامة منفيّة فأشبه الحيض و الطهر،و قد بيّنا أنّ أقلّ مدّة الطهر عشرة (6)،فكذا الإقامة.

احتجّ الشافعيّ (7)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه

ص:380


1- 1التهذيب 3:219 الحديث 546،الاستبصار 1:237 الحديث 847،الوسائل 5:526 الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [1]
2- 2) ح بزيادة:المقام.
3- 3) التهذيب 3:220 الحديث 551،الوسائل 5:528 الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث 17. [2]
4- 4) ح:إذا.
5- 5) التهذيب 3:219 الحديث 548،الاستبصار 1:238 الحديث 849،الوسائل 5:527 الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث 12. [3]
6- 6) يراجع:الجزء الثاني:288.
7- 7) الأمّ 1:186،المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109.

ثلاثا» (1).فدلّ ذلك على أنّ الثلاث آخر حدّ القلّة.

و احتجّ أبو حنيفة بما رواه مجاهد عن ابن عبّاس و ابن عمر أنّهما قالا:إذا قدمت بلدة و أنت مسافر،و في نفسك أن تقيم بها خمسة عشر ليلة فأكمل الصلاة،و لم يعرف لهما مخالف (2).

و احتجّ أحمد بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه دخل مكّة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجّة،و قد كان صلّى الصبح قبل دخوله،فأقام بها تمام الرابع و الخامس و السادس و السابع،و صلّى الصبح بها في اليوم الثامن،ثمَّ دخل إلى منى،و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقصّر في هذه الأيّام،و كانت صلاته في هذه المدّة عشرين صلاة (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إطلاق الإقامة على ما ذكر من العدّة باعتبار اللبث،لا أنّها إقامة تنافي السفر،فإنّه قد يطلق على اليوم اسم الإقامة،فيقال:أقام في بلد فلان يوما.

و عن الثاني:أنّ قول ابن عبّاس،و ابن عمر بانفرادهما ليس حجّة،و قوله:لا مخالف له،ليس بجيّد،لأنّا قد ذكرنا خلاف الصحابة في ذلك،و قد روى البخاريّ عن ابن عبّاس أنّه أقام بموضع تسع عشرة ليلة يقصّر الصلاة،و قال:إذا زدنا على ذلك أتممنا (4).و عن عائشة أنّها قالت:إذا وضعت الزاد و المزاد فأتمّ الصلاة (5).و مع هذا الاختلاف كيف يمكن ادّعاء الإجماع!.

و عن الثالث:أنّا نقول بموجبة،لأنّ المدّة الّتي أقامها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لم يكن مع عزم (6)على المقام،و نحن نقول:إنّه يقصّر و إن أقام أكثر من تلك المدّة،إذا لم يعزم.

ص:381


1- 1صحيح مسلم 2:985 الحديث 442،سنن النسائيّ 3:122،سنن البيهقيّ 3:147.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:81،بدائع الصنائع 1:97،شرح فتح القدير 2:10،المغني 2:133،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109.
3- 3) المغني 2:134،الشرح الكبير بهامش المغني 2:110،الكافي لابن قدامة 1:263،نيل الأوطار 3:255.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:53.
5- 5) المغني 2:134،الشرح الكبير بهامش المغني 2:109،نيل الأوطار 3:258.
6- 6) غ:عزمه.
فرع:

لو قصد بلدا يجب له القصر و لم يعزم على إقامة المدّة الّتي ينقطع فيها حكم سفره، وجب عليه القصر.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال أكثر الجمهور:له القصر (1).

و قال الحسن البصريّ:إذا قدم مصرا أتمّ و صام و إن لم يعزم على إقامة (2)فيه.و هو قول عائشة (3).

لنا:ما ثبت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقصّر في أسفاره حتّى يرجع (4).

و روى أحمد قال:أقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمكّة ثماني عشرة زمن الفتح مقصّرا، لأنّه أراد حنينا و لم يكن له إجماع على المقام (5).

و لا فرق بين أن يقصد الرجوع إلى بلده،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع،و بين أن يريد بلدا آخر،كما فعل عليه السلام في غزوة الفتح (6).

مسألة:و إن ردّد نيّته في المقام فيقول:اليوم أخرج،غدا أخرج،قصّر إلى شهر،

فإذا مضى شهر أتمّ بعد ذلك و لو صلاة واحدة ذهب إليه علماؤنا.

ص:382


1- 1المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:111،نيل الأوطار 3:358.
2- 2) ح:إقامته.
3- 3) المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:110.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:53،صحيح مسلم 1:481 الحديث 693،سنن أبي داود 2:10 الحديث 1233، سنن ابن ماجه 1:339 الحديث 1067،سنن الترمذيّ 2:431 الحديث 548،سنن النسائيّ 3:121، مسند أحمد 2:99.بتفاوت في بعضها.
5- 5) المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:110.
6- 6) المغني 2:135،الشرح الكبير بهامش المغني 2:110.

و قال الشافعيّ:إذا جاوز أربعا أتمّ و إن قصّر أعاد (1).

و قال أبو حنيفة:لا يتمّ و إن أقام سنة (2)،و هو قول أحمد (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«و يقصّر الذي يقول:اليوم أخرج،غدا أخرج،شهرا» (4).جعل غاية التقصير مدّة شهر (5)،فما بعده يكون مخالفا في الحكم.

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة و غيرها ممّا تقدّم (6).

احتجّ المخالف (7)بما رواه ابن عبّاس قال:أقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض أسفاره تسعة عشر يصلّي ركعتين (8).و قال جابر:أقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك عشرين يوما يقصّر الصلاة (9).

ص:383


1- 1الميزان الكبرى 1:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:75،السراج الوهّاج:79،مغني المحتاج 1: 265.
2- 2) بدائع الصنائع 1:97،الهداية للمرغينانيّ 1:81،شرح فتح القدير 2:10،11،نيل الأوطار 3:258.
3- 3) المغني 2:138،الشرح الكبير بهامش المغني 1:112،الكافي لابن قدامة 1:264.
4- 4) بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:139.و بهذا المضمون ينظر:سنن الترمذيّ 2:432،المصنّف لعبد الرزّاق 2: 532 الحديث 4333،كنز العمّال 8:236 الحديث 22711،نيل الأوطار 3:255.
5- 5) م و ن:الشهر.
6- 6) يراجع:ص 379،380. [1]
7- 7) بدائع الصنائع 1:97،نيل الأوطار 3:256،مغني المحتاج 1:265.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:53 و ج 5:191،سنن ابن ماجه 1:341 الحديث 1075،سنن أبي داود 2:10 الحديث 1230،سنن الترمذيّ 2:431 الحديث 548، [2]سنن البيهقيّ 3:50،عمدة القارئ 7:114 الحديث 115.
9- 9) مسند أحمد 3:295، [3]سنن أبي داود 2:11 الحديث 1235، [4]المصنّف لعبد الرزّاق 2:532 الحديث 4335، سنن البيهقيّ 3:152 بتفاوت فيه،المغني 2:138،الكافي لابن قدامة 1:264،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 113،نيل الأوطار 3:256.

و بما رواه سعيد عن المسور بن مخرمة (1)قال:أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصّرها سعد و نتمّها (2).

و عن ابن عمر أنّه أقام بآذربيجان ستّة أشهر يصلّي ركعتين (3).

و الجواب عن الأوّل:إنّا نقول بموجبة،إذ التقصير (4)عندنا مستمرّ إلى شهر.ثمَّ ما ذكروه باطل بقول (5)ابن عبّاس:و لو أقمنا أكثر من ذلك أتممنا.و هو الجواب عن حديث جابر.

و حديث سعيد لا حجّة فيه،إذ لا اعتبار بعمل (6)سعد خصوصا مع معارضة عمل (7)المسور.و كذا الجواب عن حديث ابن عمر.

مسألة:لو نوى الإقامة عشرا ثمَّ بدا له،فإن كان قد صلّى على التمام و لو صلاة
اشارة

واحدة،استمرّ على التمام،

و إن لم يكن قد صلّى شيئا على التمام رجع إلى حالة القصر (8)،لأنّ النيّة بمجرّدها لا تقتضي صيرورته مقيما،أمّا إذا صلّى على التمام فقد ظهر حكم الإقامة فعلا فيستمرّ،إذ السفر انقطع بالنيّة و الفعل،و لا يصير مسافرا بمجرّد النيّة.

و يؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولاّد الحنّاط قال:قلت لأبي عبد اللّه

ص:384


1- 1المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشيّ الزهريّ،أبو عبد الرحمن،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و عن أبيه و خاله عبد الرحمن بن عوف،و أبي بكر،و عمر بن الخطّاب،و عثمان،و عليّ عليه السلام، و جماعة.و روى عنه ابنته أمّ بكر،و مروان بن الحكم،و عوف بن الطفيل.مات سنة 64 ه،أصابه [1]حجر من حجارة المنجنيق بمكّة. الإصابة 3:419، [2]تهذيب التهذيب 10:151، [3]الأعلام للزركليّ 7:225. [4]
2- 2) المغني 2:139،الشرح الكبير بهامش المغني 2:113.
3- 3) المغني 2:139،الشرح الكبير بهامش المغني 2:113،سنن البيهقيّ 3:152.
4- 4) م و ن:النقص.
5- 5) ح:لقول.
6- 6) غ:لعمل.
7- 7) ح:مع معارضته بعمل.
8- 8) ح و ق:التقصير.

عليه السلام:إنّي كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيّام و أتمّ الصلاة،ثمَّ بدا لي بعد أن[لا]أقيم (1)بها فما ترى لي،أتمّ أم أقصّر؟فقال:«إن كنت (2)دخلت المدينة صلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتّى تخرج منها،و إن كنت حين دخلتها على نيّتك التمام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتّى بدا لك أن[لا] (3)تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار،إن شئت فانو المقام عشرا و أتمّ،و إن لم تنو المقام فقصّر ما بينك و بين شهر،فإذا مضى لك شهر فأتمّ الصلاة» (4).

و لا يعارض هذا ما رواه الشيخ عن حمزة بن عبد اللّه الجعفريّ (5)،قال:لمّا أن نفرت من منى نويت المقام بمكّة فأتممت الصلاة حتّى جاءني خبر من المنزل،فلم أجد بدّا من المصير إلى المنزل و لم أدر أتمّ أم أقصّر،و أبو الحسن عليه السلام يومئذ بمكّة فأتيته فقصصت عليه القصّة،فقال:«ارجع إلى التقصير» (6)،لأنّه عليه السلام إنّما أمره بذلك عند خروجه و هو حينئذ يكون مسافرا،أمّا أنّه أمره بالإتمام في البلد فلا.

فروع:

الأوّل:لو عزم على إقامة طويلة في رستاق يتنقّل فيه من قرية إلى قرية و لم يعزم

ص:385


1- 1في النسخ و كذا في الاستبصار:«أن أقيم»و ما أثبتناه من التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) في التهذيب بزيادة:حين.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 3:221 الحديث 553،الاستبصار 1:238 الحديث 851،الوسائل 5:532 الباب 18 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [2]
5- 5) حمزة بن عبد اللّه الجعفريّ،قال المامقانيّ:قد وقع في طريق الصدوق في باب الصلاة في السفر من الفقيه 1: 283 الحديث 1286،و لم أجد له ذكرا في كتب الرجال،و قد روى عنه أبو عبد اللّه محمّد بن خالد البرقيّ. تنقيح المقال 1:375. [3]
6- 6) التهذيب 3:221 الحديث 554،الاستبصار 1:239 الحديث 852،الوسائل 5:532 الباب 18 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [4]

على الإقامة في واحدة منها المدّة التي يبطل حكم السفر فيها،لم يبطل حكم سفره،لأنّه لم ينو الإقامة في بلد بعينه،فكان كالمتنقّل في سفره من منزل إلى منزل.

الثاني:لو دخل بلدا فقال:إن لقيت فلانا أقمت و إلاّ لم أقم،فهو مسافر لم يبطل حكم سفره،لأنّه لم يجمع على الإقامة،و المبطل هو العزم الجزم،لا المعلّق على شرط،فلو لقيه قيل:حصلت له نيّة الإقامة و يتمّ.فلو بدا له بعد لقائه في المقام قصّر،إلاّ أن يكون قد صلّى على التمام (1).أمّا لو بدا له قبل لقائه فإنّه يقصّر،لأنّه لم يحصل له نيّة المقام.

الثالث:المحارب إذا نوى إقامة (2)عشرة أيّام أتمّ،لانقطاع سفره بذلك.و لتناول عموم الأخبار الدالّة على وجوب الإتمام في حقّ الناوي عشرة (3).

و قال أبو حنيفة:إذا نوى المحارب مدّة الإقامة لم يتمّ،لأنّه لا يصحّ منه النيّة،لأنّه مقيم على الحرب فربّما هزم و ربّما هزم،و لا اختيار له في ذلك (4).و هو أحد قولي الشافعيّ (5).

و الجواب:التقدير وجود النيّة،و التجويز لا يؤثّر في إبطال ما يثبت حكمه.أمّا لو لم ينو فإنّه يقصّر إلى شهر.

و قال الشافعيّ في أحد قوليه:إن أقام ثمانية عشر يوما أتمّ بعدها (6)،لما رواه ابن عبّاس أنّه قال:أقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحرب هوازن ثمانية عشر يوما يقصّر

ص:386


1- 1المبسوط 1:137. [1]
2- 2) م،ح و ق:الإقامة.
3- 3) ينظر:الوسائل 5:525 الباب 15 من أبواب صلاة المسافر.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:248،بدائع الصنائع 1:98،الهداية للمرغينانيّ 1:81،المجموع 4:362، شرح فتح القدير 2:11.
5- 5) الأمّ 1:186،حلية العلماء 2:234،المجموع 4:362،فتح العزيز بهامش المجموع 4:447.
6- 6) الأمّ 1:187،المجموع 4:362،فتح العزيز بهامش المجموع 4:451،الميزان الكبرى 1:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:75،مغني المحتاج 1:265.

الصلاة،فمن أقام أكثر من ذلك فليتمّ (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و أحمد (4)،و الشافعيّ في القول الآخر:يقصّر بعد ثمانية عشر أيضا (5)،لما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام في غزوة تبوك عشرين يوما يقصّر الصلاة (6).

و الجواب:لا منافاة فيما ذكروه لمذهبنا،لأنّ التقصير يجب إلى شهر.

الرابع:لو أراد أن يسافر من بلد إلى آخر،ثمَّ منه إلى ثالث و هكذا و لم ينو في أحدها المقام الذي ينقطع معه حكم السفر،قصّر في الطريق و البلدان.أمّا إذا نوى المقام في كلّ واحد منها المدّة المبطلة،فإن كان بين كلّ واحد من البلدان مسافة،قصّر في الطريق خاصّة، و إن لم يبلغ ما بين كلّ بلدين المسافة و كان المجموع مسافة،لم يقصّر.و هو قول الشافعيّ (7)، لأنّه ينقطع سفره بالنيّة.

أمّا لو قصد بلدا،ثمَّ قصد أن يدخل بلدا في طريقه يقيم فيه أقلّ من المدّة،لم ينقطع (8)سفره،و اعتبرت المسافة من البلد الذي يبتدئ بالسفر منه إلى البلد الذي يقصده.

الخامس:لو قصد بلدا يقصّر فيه،فعرض له خوف في أثنائه،و أراد المقام في الأثناء

ص:387


1- 1الأمّ 1:186،سنن أبي داود 2:9 الحديث 1229، [1]المجموع 4:360،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4: 449،مسند أحمد 4:230،231 و 232، [2]سنن البيهقيّ 3:151.في الجميع:عن عمران بن حصين.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:451،حلية العلماء 2:236،نيل الأوطار 3:258.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:122،فتح العزيز بهامش المجموع 4:451.
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 4:451. [3]
5- 5) حلية العلماء 2:236،المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:362،مغني المحتاج 1:265،السراج الوهّاج 1:80.
6- 6) سنن أبي داود 2:11 الحديث 1235، [4]المصنّف لعبد الرزّاق 2:532 الحديث 3435،مسند أحمد 3:295، [5]سنن البيهقيّ 3:152 بتفاوت فيه،المغني 2:138،الشرح الكبير بهامش المغني 2:113،الكافي لابن قدامة 1: 264،شرح فتح القدير 2:11،نيل الأوطار 3:256.
7- 7) الأمّ 1:183،المهذّب للشيرازيّ 1:102،المجموع 4:332.
8- 8) غ،ح و ق:لم يقطع.

دون المسافة،فقد قطع نيّة السفر بنيّة الإقامة،فإذا جدّد النيّة كان كمنشئ للسفر.

السادس:لو نوى الإقامة في مفازة أو في بحر أو في جزيرة من جزائر العرب المدّة المبطلة لحكم السفر،بطل حكم السفر،لأنّه مسافر نوى إقامة (1)مدّة يبطل معها السفر فيكون باطلا،كما لو نوى المقام في بلد،خلافا للحنفيّة (2).

السابع:العبد إذا كان مع مولاه و المرأة مع زوجها،كانا مقيمين بإقامة المولى و[الزوج] (3).أمّا الزوج مع المرأة و التلميذ مع الأستاذ فإنّهما يتّبعان (4)حكم نفسيهما (5)لا المرأة و الأستاذ.

و لو نوى صاحب الجيش المقام في منزل و لم يخبر أصحابه إلاّ بعد أيّام،صحّت صلاة الجميع،فإذا أعلمهم أتمّوا بعد ذلك،و لا قضاء عليهم في السالف (6)،خلافا لبعض الحنفيّة (7)، لأنّ الصلاة وقعت على الوجه المأمور فلا يستعقب القضاء.

و لو سافر رجلان لأحدهما على الآخر دين فلزمه و حبسه،فإن كان الغريم مليّا فالنّية إلى المحبوس،لأنّه يمكنه قضاء دينه و الخروج.و إن كان مفلسا فالنيّة إلى الحابس، لأنّه غير متمكّن من الخروج من يده.

الثامن:لو نوى المقام قبل أن يصلّي على التمام،ثمَّ قام فصلّى،ثمَّ تغيّرت نيّته إلى السفر في الأثناء،قيل:يتمّ (8).و الوجه عندي أنّه يقصّر،لأنّ الشرط،و هو الصلاة على

ص:388


1- 1م و ن:بإقامة.
2- 2) بدائع الصنائع 1:98،فتح العزيز بهامش المجموع 4:445،شرح فتح القدير 2:10،11، المبسوط للسرخسيّ 1:249.
3- 3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4- 4) غ:متّبعان.
5- 5) بعض النسخ:نفسهما.
6- 6) ح و ق:السالفة.
7- 7) بدائع الصنائع 1:101.
8- 8) المبسوط 1:139. [1]

التمام،لم يحصل.و كذا لو نوى المقام عشرا و دخل وقت صلاة يصلّيها على التمام و لم (1)يصلّ حتّى خرج الوقت،ثمَّ تغيّرت نيّته،لم يتمّ،لفقدان الشرط.

و لو دخل في صلاة (2)بنيّة القصر،ثمَّ عنّ له الإقامة (3)أتمّ،سواء نوى الإقامة في أوّل الصلاة أو في وسطها أو في آخرها قبل الخروج منها.و به قال الشافعيّ (4)و أحمد (5).و قال مالك:لا يجوز له الإتمام (6).

لنا:أنّ الترخّص (7)منوط (8)بالسفر السليم عن المعارض،و لم يوجد مع نيّة الإقامة هذا المجموع.

و لو نوى الإقامة بعد ما صلّى ركعة،ثمَّ خرج (9)وقت تلك الصلاة،فإنّه يتحوّل فرضه إلى الأربع،أمّا لو خرج قبل أن يصلّي ركعة،ثمَّ نوى الإقامة،فإنّه لا يتحوّل فرضه إلى الأربع في حقّ (10)تلك الصلاة،لأنّها فاتته تقصيرا (11).

التاسع:لو كان في أحد المواضع التي يستحبّ فيها الإتمام فصلّى ركعتين،ثمَّ قام بنيّة الإتمام إلى الثالثة فنوى المقام،فإن قلنا:إنّ الإتمام قبل النيّة واجب مخيّر فيه،أجزأ هذا القيام

ص:389


1- 1ح و ق:فلم.
2- 2) ح:الصلاة.
3- 3) ح:عدل الإقامة،هامش ح:عدل إلى الإقامة،ق:عدله الإقامة،مكان:عنّ له الإقامة.
4- 4) المغني 2:107،الشرح الكبير بهامش المغني 2:107،المجموع 4:355، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4: 466، [2]مغني المحتاج 1:270.
5- 5) المغني 2:107،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:107،حلية العلماء 2:231.
6- 6) حلية العلماء 2:231،المغني 2:107،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 2:107،المجموع 4:355، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 4:468. [6]
7- 7) ح و ق:الرخص.
8- 8) م و ن:يسقط.
9- 9) ح:و خرج،مكان:ثمَّ خرج.
10- 10) م و ن:حين.
11- 11) ح و ق:بعضه.

قطعا و وجب عليه التمام.و إن قلنا:إنّه مستحبّ فإنّه يتمّ أيضا.و هل يعتدّ القيام (1)أم لا؟ قال بعض الجمهور:يعيده،لأنّه قام بنيّة التطوّع،و التطوّع لا ينوب مناب الفريضة (2).

و الحقّ الاعتداد،لأنّه إنّما يصير الإتمام واجبا بعد نيّة (3)المقام،و هي إنّما حصلت بعد القيام، فكان حصول النيّة مؤثّرا في الباقي من الأفعال.و كذا لو نوى المقام بعد ركعة ثالثة (4).

العاشر:لو عزم على الإقامة في غير بلده عشرة،ثمَّ خرج إلى ما دون المسافة، فإن عزم على العود و الإقامة،أتمّ ذاهبا و عائدا و في البلد.و إن لم يعزم على العود،أو عزم و لم يعزم على الإقامة،قصّر.فلو رجع إليه لطلب حاجة أو أخذ شيء لم يتمّ فيه،بخلاف ما لو رجع إلى بلده لذلك (5).

مسألة:إذا ائتمّ المسافر بمقيم لم يتمّ،
اشارة

و اقتصر على فرضه و سلّم منفردا.ذهب إليه علماء أهل البيت عليهم السلام،سواء أدرك الصلاة جميعها،أو ركعة،أو أقلّ من ركعة.

و روي عن عمر (6)و ابن عبّاس أنّه يجب عليه التمام كإمامه (7)،سواء أدرك ركعة أو أقلّ أو أكثر (8).و هو قول الثوريّ،و الأوزاعيّ (9)،و الشافعيّ (10)،و أبي ثور (11)،و أحمد (12)،

ص:390


1- 1ح و ق:التمام.
2- 2) المغني 2:106.
3- 3) ح:إنّما تعتبر الإتمام واجبا لندبيّة.
4- 4) ح:بعد الركعة الثالثة.
5- 5) م و ن:كذلك.
6- 6) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357.و فيها:عن ابن عمر.
7- 7) ح:كالإقامة.
8- 8) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357،الكافي لابن قدامة 1:260.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 3:234، [1]المجموع 4:357،المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:357، [2]مغني المحتاج 1:269،أحكام القرآن للجصّاص 3:234، [3]المحلّى 5:32،المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103.
11- 11) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357. [4]
12- 12) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،الكافي لابن قدامة 1:260،المجموع 4:357. [5]

و أصحاب الرأي (1).

و قال إسحاق بن راهويه،و طاوس،و الشعبيّ:له أن يقصّر (2).

و قال مالك (3)،و الحسن البصريّ،و النخعيّ،و الزهريّ،و قتادة:إن أدرك ركعة أتمّ، و إن أدرك دونها قصّر (4).

لنا:أنّ الواجب التقصير،فالزائد حرام كالزائد على الفجر.و لأنّها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالائتمام كالفجر.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن مسكان و محمّد بن النعمان الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم،فإن كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأوّلتين،و إن كانت العصر فليجعل الأوّلتين نافلة و الأخيرتين فريضة» (5).

و في الصحيح عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا يؤمّ الحضريّ المسافر و لا المسافر الحضريّ،فإن ابتلي بشيء من ذلك فأمّ قوما حضريّين،فإذا أتمّ الركعتين سلّم،ثمَّ أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم.و إذا صلّى المسافر خلف قوم حضور فليتمّ صلاته ركعتين و يسلّم،و إن صلّى معهم الظهر فليجعل الأوّلتين الظهر و الأخيرتين العصر» (6).

ص:391


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:234، [1]المبسوط للسرخسيّ 2:105،الهداية للمرغينانيّ 1:81، [2]شرح فتح القدير 2:12،المحلّى 5:32،المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357. [3]
2- 2) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357،358.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:120،بلغة السالك 1:173،أحكام القرآن للجصّاص 3:234، [4]المغني 2:129، الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357. [5]
4- 4) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،المجموع 4:357.
5- 5) التهذيب 3:226 الحديث 573،الوسائل 5:403 الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [6]
6- 6) التهذيب 3:226 الحديث 574،الاستبصار 1:426 الحديث 1643،الوسائل 5:403 الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [7]

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المسافر يصلّي خلف المقيم،قال:«يصلّي ركعتين و يمضي حيث شاء» (1).

و روى الشيخ عن محمّد بن عليّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل المسافر إذا دخل في الصلاة مع المقيمين،قال:«فليصلّ صلاته ثمَّ يسلّم،و ليجعل الأخيرتين سبحة» (2).

و لأنّه لو (3)كان الإمام مسبوقا لم يتّبعه المأمومون في الزائد على فرضهم (4)،فكذا هاهنا،و الجامع المصلحة الناشئة من استيفاء كلّ واحد منهما فرضه.و لأنّ الحاضر لا يتّبع المسافر،فكذا العكس.و لأنّه لو صلّى الفجر بمن (5)يصلّي الظهر كما هو مذهب أكثرهم (6)لم يزد على فرضه (7)،فكذا هاهنا.

احتجّ المخالف (8)بما روي عن ابن عمر أنّه كان إذا صلّى مع الإمام صلاّها أربعا،و إذا صلّى وحده صلاّها ركعتين (9).

و بقوله (10)عليه السلام:لا تختلفوا على أئمّتكم (11).

ص:392


1- 1التهذيب 3:227 الحديث 576،الاستبصار 1:425 الحديث 1641،الوسائل 5:403 الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 3:227 الحديث 575،الاستبصار 1:425 الحديث 1640،الوسائل 5:403 الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [2]
3- 3) ن و م:إذا.
4- 4) ح و ق:فرضه.
5- 5) ح و ق:لمن.
6- 6) المجموع 4:270،فتح العزيز بهامش المجموع 4:369.
7- 7) ح و ق:فرضهم.
8- 8) المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103.
9- 9) صحيح مسلم 1:482 الحديث 694،سنن البيهقيّ 3:157،المغني 2:129.
10- 10) أكثر النسخ:و لقوله.
11- 11) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،مسند أحمد 2:314، [3]سنن البيهقيّ 3:79 و فيها:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه».

و لما روي عن ابن عبّاس أنّه قيل له:ما بال المسافر يصلّي ركعتين في حال الانفراد و أربعا إذا ائتمّ بمقيم؟فقال:تلك السنّة (1).

و لأنّها صلاة مردودة من أربع إلى ركعتين،فلا يصلّيها خلف من يصلّي الأربع كالجمعة (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ قول ابن عمر ليس حجّة ما لم ينقله عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله.و أيضا:فإنّ ما ذكروه حكاية حال،فلعلّ الراوي شاهده (3)يصلّي منفردا على التقصير،ثمَّ شاهده ثانيا يصلّي مع الإمام على التمام،و ذلك لا يدلّ على مطلوبكم،لجواز أن يكون قد نوى الإقامة في المرّة الثانية.

و عن الثاني:أنّه ليس بجار على عمومه بالإجماع.

و عن الثالث:أنّ قول ابن عبّاس لا احتجاج به ما لم ينقله عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله (4).و قوله:إنّه من السنّة،يحتمل أنّه أراد:من سنة الرسول صلّى اللّه عليه و آله (5)،و يحتمل غير ذلك،فلا حجّة فيه.و لأنّه يمكن أن يكون قاله عن اجتهاد.

و عن الرابع:بالفرق،إذ كلّ من يكون إماما في الجمعة فإنّ الجمعة واجبة عليه حينئذ، فلا يجوز له أن يصلّي الظهر،بخلاف صورة النزاع.

فروع:

الأوّل:إذا أحرم المسافر خلف من يشكّ (6)أنّه مقيم أم لا،قصّر،لأنّه فرضه.و لأنّه

ص:393


1- 1صحيح مسلم 1:479 الحديث 688،سنن النسائيّ 3:119 بتفاوت في الألفاظ،و بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:129،الشرح الكبير بهامش المغني 2:103،فتح العزيز بهامش المجموع 4:461.
2- 2) المغني 2:129. [1]
3- 3) بعض النسخ:يشاهده.
4- 4) بعض النسخ:عليه السلام.
5- 5) بعض النسخ:عليه السلام.
6- 6) ح و ق:شكّ.

يقصّر مع تيقّن الإقامة،فمع الشكّ أولى.

و قال الشافعيّ:يتمّ،لأنّ الأصل وجوب التمام،فليس له نيّة قصرها مع الشكّ و يلزمه إتمامها اعتبارا بالنيّة (1).و هذا بناء على وجوب المتابعة في التمام،و قد بيّنّا بطلانه.

الثاني:لو صلّى المسافر بمسافرين صلاة الخوف و فرّقهم طائفتين،فأحدث قبل مفارقته الطائفة الأولى و استخلف مقيما،لزم الطائفتين معا التقصير،و هو ظاهر على مذهبنا.

و قال الموجبون للمتابعة:يجب عليهما معا التمام،لوجود الائتمام بمقيم.أمّا لو أحدث بعد مفارقة الأولى فإنّ الثانية تتمّ عندهم (2)،و عندنا تقصّر أيضا.

الثالث:لو صلّى مقيم خلف مسافر أتمّ المقيم.و هو مذهب كلّ من يحفظ عنه العلم، لا نعرف فيه مخالفا.

و لو أتمّ الإمام بأن يكون في أحد مواطن التمام صحّت صلاة الجميع.و هو قول الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).

و قال أبو حنيفة و الثوريّ:تفسد صلاة المقيمين،لأنّ الأخيرتين نفل فلا يجوز للمفترض الائتمام فيها (6).و نحن نمنع ذلك.

الرابع:لو صلّى خلف من يصلّي الجمعة و نوى قصر الظهر لم يتمّ عندنا،لما مضى (7).

و قال الشافعيّ في الإملاء:يجب عليه الإتمام،لأنّه مؤتمّ بمقيم (8)،و هو بناء على

ص:394


1- 1الأمّ 1:181،المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:357،السراج الوهّاج:81،مغني المحتاج 1:270، المغني 2:130.
2- 2) المغني 2:130،الشرح الكبير بهامش المغني 2:104.
3- 3) الأمّ 1:181،المهذّب للشيرازيّ 1:103،المغني 2:131،الشرح الكبير بهامش المغني 2:105.
4- 4) المغني 2:131،الشرح الكبير بهامش المغني 2:105،الكافي لابن قدامة 1:261.
5- 5) المغني 2:131،الشرح الكبير بهامش المغني 2:105.
6- 6) المغني 2:131،الشرح الكبير بهامش المغني 2:105.
7- 7) يراجع:ص 390.
8- 8) المجموع 4:356،فتح العزيز بهامش المجموع 4:461،مغني المحتاج 1:269.

وجوب المتابعة،و قد سلف (1)،و مع تسليمه فالدليل الذي ذكروه هناك من قوله عليه السلام:«لا تختلفوا عليه» (2)لا يتأتّى هاهنا.و لأنّه لو صلّى الظهر قصرا خلف من يصلّي الفجر لم يتمّ و إن صلّى خلف مقيم،فكذا هنا (3).

مسألة:نيّة القصر ليست شرطا فيه،
اشارة

بل يكفي نيّة فرض الوقت.و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:لا بدّ من النيّة مع الإحرام (5).

لنا:أنّ الأصل القصر،لخبر ابن عبّاس (6)،و عائشة (7)و غيرهما،فلا يحتاج نيّة، كالإتمام في الحضر.و لأنّ فرضه التقصير لا غير،فيكفي نيّة فرض الوقت،لأنّ فرض الوقت القصر،فلا ينصرف الإطلاق إلى غيره.و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

احتجّ المخالف بأنّه مخيّر في القصر و الإتمام،فلا يتعيّن أحدهما إلاّ بالنيّة (8).

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

فروع:

الأوّل:لو نوى الإتمام لم يجز له الإتمام إلاّ أن ينوي مقام عشرة أيّام،خلافا

ص:395


1- 1يراجع:ص 390 و قد مضى البحث فيه في باب الجماعة ص 228.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:184،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،مسند أحمد 2:314،سنن البيهقيّ 3:79.
3- 3) ح و ق:هاهنا.
4- 4) المسألة مبنيّة على أنّ القصر عزيمة أو رخصة،فمن قال بأنّه عزيمة قال بعدم لزوم نيّة القصر،كأبي حنيفة، ينظر:بدائع الصنائع 1:91،الهداية للمرغينانيّ 1:80،المجموع 4:353،فتح العزيز بهامش المجموع 4:466، بداية المجتهد 1:166.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:353،فتح العزيز بهامش المجموع 4:466،مغني المحتاج 1:270.
6- 6) صحيح مسلم 1:479 الحديث 687،سنن النسائيّ 3:118،سنن البيهقيّ 3:135.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:55،صحيح مسلم 1:478 الحديث 685،سنن أبي داود 2:3 الحديث 1198، سنن البيهقيّ 3:135.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:353،فتح العزيز بهامش المجموع 4:466.

للشافعيّة (1).

لنا:أنّ فرضه التقصير فلا يتغيّر (2)بالنيّة كغيرها من العبادات.و لأنّ له التقصير قبل النيّة إجماعا فيستصحب الحكم،و كذا لو نوى الظهر مثلا مطلقا.

الثاني:لو صلّى بنيّة التمام أو بنيّة (3)مطلقة من غير عزم الإقامة ثمَّ أبطل صلاته، أعادها على التقصير.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال (4)الشافعيّ:يعيدها على التمام (5).

لنا:أنّ الواجب التقصير،فلا يتغيّر بكونه معادا لمّا ثبت فساده.

الثالث:لو شكّ في أثنائها هل نوى القصر أو التمام؟بنى على القصر،لأنّه الواجب عليه،و لا اعتبار للشكّ مع الانتقال عن محلّه،خلافا لبعض الجمهور،فإنّهم أوجبوا عليه الإتمام احتياطا،و هو بناء على وجوب الإتمام مع نيّته (6).

الرابع:لو قصّر المسافر معتقدا تحريمه (7)لم تصحّ صلاته،لأنّه فعل ما يعتقد تحريمه، فلا يحصل الإجزاء،و يجري مجرى من صلّى معتقدا الحدث (8).و لأنّ نيّة التقرّب شرط

ص:396


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:103،فتح العزيز بهامش المجموع 4:466،مغني المحتاج 1:271.
2- 2) ح و ق:يتعيّن.
3- 3) غ،ح و ق:نيّة.
4- 4) غ بزيادة:أصحاب.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:355،فتح العزيز بهامش المجموع 4:463،مغني المحتاج 1:269، المغني 2:107،الشرح الكبير بهامش المغني 2:106.
6- 6) المغني 2:106،الشرح الكبير بهامش المغني 2:107،المجموع 4:357،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 466.
7- 7) ح و ق:بحرمته.
8- 8) ح:بالحدث.

و هذا يعتقد أنّه عاص،فلا يحصل نيّة التقرّب.و كذا البحث لو قصّر جاهلا بالمسافة و طابق (1)ما في نفس الأمر فعله.

مسألة:يجوز الجمع بين الظهر و العصر،و المغرب و العشاء.
اشارة

و هو مرويّ عن عليّ عليه السلام (2)،و سعد (3)،و سعيد بن زيد (4)، (5)و أسامة (6)، (7)

ص:397


1- 1غ،ح و ق:فطابق.
2- 2) سنن الترمذيّ 2:439، [1]سنن الدار قطنيّ 1:391 الحديث 10،عمدة القارئ 7:150،نيل الأوطار 3: 263.
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 2:549 الحديث 4406، [2]سنن البيهقيّ 3:165،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،المجموع 4:371، [3]عمدة القارئ 7:150.
4- 4) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدويّ أبو الأعور،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عنه ابنه هشام و ابن عمر و عمرو بن حريث و أبو الطفيل و محمّد بن سيرين و غيرهم.مات سنة 51 ه. أسد الغابة 2:306، [4]الإصابة 2:46، [5]تهذيب التهذيب 4:34. [6]
5- 5) المصنّف لعبد الرزّاق 2:549 الحديث 4407،سنن البيهقيّ 3:165،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،عمدة القارئ 7:150.
6- 6) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبيّ و أمّه أمّ أيمن اسمها بركة مولاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، كنيته أبو محمّد و يقال:أبو زيد،عدّه الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أخرى في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة ثمَّ جعل الأولى التوقّف في روايته، قال المامقانيّ بعد نقل الأقوال فيه:حبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له و تأميره على الجيش يدلّ على وثاقته،و لكن لا إشكال في صدور منافيات من الرجل،نعم،المفهوم من خبر سلمة بن محرز صدور التوبة منه عن أفعاله و قبول أمير المؤمنين عليه السلام توبته،فيكون حديثه من الحسان. أسد الغابة 1:64،الإصابة 1:31، [7]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:57، [8]رجال الطوسيّ:3 و 34،رجال العلاّمة: 23، [9]تنقيح المقال 1:108. [10]
7- 7) المصنّف لعبد الرزّاق 2:549 الحديث 4407،سنن الترمذيّ 2:439، [11]سنن البيهقيّ 3:165،المغني 2: 113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،المجموع 4:371. [12]

و معاذ بن جبل (1)،و أبي موسى (2)،و ابن عبّاس (3)،و ابن عمر (4).و هو قول طاوس (5)،و مجاهد (6)،و عكرمة (7)،و مالك (8)،و الثوريّ (9)،و الشافعيّ (10)،و إسحاق (11)،و أبو ثور (12).

و قال الحسن،و ابن سيرين،و النخعيّ،و مكحول (13)،و المزنيّ (14)،و أصحاب

ص:398


1- 1سنن الترمذيّ 2:438 الحديث 553، [1]سنن البيهقيّ 3:162،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 116،عمدة القارئ 7:150.
2- 2) المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،المجموع 4:371،عمدة القارئ 7:150.
3- 3) سنن الترمذيّ 2:439، [2]المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،المجموع 4:371، [3]عمدة القارئ 7:150،سبل السلام 1:41.
4- 4) سنن الترمذيّ 2:439،سنن البيهقيّ 3:165،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، المجموع 4:371، [4]عمدة القارئ 7:150،سبل السلام 1:41.
5- 5) المصنّف لعبد الرزّاق 2:550 الحديث 4411،المغني 2:113،المجموع 4:371،عمدة القارئ 7:150.
6- 6) المغني 2:113،المجموع 4:371، [5]عمدة القارئ 7:150.
7- 7) المصنّف لعبد الرزّاق 2:545 الحديث 4396، [6]سنن البيهقيّ 3:163،المغني 2:113، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، [8]المجموع 4:371، [9]عمدة القارئ 7:150.
8- 8) الموطّأ 1:144، [10]المدوّنة الكبرى 1:116،مقدّمات ابن رشد 1:135،بداية المجتهد 1:172،بلغة السالك 1:174،سنن الترمذيّ 2:440، [11]المغني 2:113، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، [13]المجموع 4:371، [14]فتح العزيز بهامش المجموع 4:469، [15]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:76،عمدة القارئ 7:150.
9- 9) سنن الترمذيّ 2:440، [16]المغني 2:113، [17]الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، [18]عمدة القارئ 7:150.
10- 10) الأمّ 1:77،المهذّب للشيرازيّ 1:104،المجموع 4:371، [19]مغني المحتاج 1:271،272،سنن الترمذيّ 2: 441، [20]المغني 2:113، [21]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:76،عمدة القارئ 7:150.
11- 11) سنن الترمذيّ 2:441، [22]المغني 2:113، [23]الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، [24]المجموع 4:371، [25]عمدة القارئ 7:150.
12- 12) حلية العلماء 2:241،المغني 2:113، [26]المجموع 4:371، [27]عمدة القارئ 7:150.
13- 13) المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،المجموع 4:371،سبل السلام 1:43.
14- 14) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:12،حلية العلماء 2:241،المجموع 4:371.

الرأي:لا يجوز الجمع إلاّ في يوم عرفة بعرفة و ليلة مزدلفة بها (1). (2)و هو اختيار مالك (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا جدّ به السير جمع بينهما،يعني بين المغرب و العشاء (4).

و ما رووه عنه صلّى اللّه عليه و آله:إذا عجّل عليه السير يؤخّر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما،و يؤخّر المغرب حتّى يجمع بينها و بين العشاء حتّى يغيب الشفق (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في سفر أو عجّلت به حاجة يجمع بين الظهر و العصر،و بين المغرب و العشاء الآخرة»و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«لا بأس بأن تعجّل عشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق» (6).

و عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«إذا كنت مسافرا لم تبال أن تؤخّر الصلاة (7)حتّى يدخل وقت العصر فتصلّي الظهر ثمَّ تصلّي العصر.و كذلك المغرب و العشاء الآخرة،تؤخّر المغرب حتّى تصلّيها في آخر وقتها ركعتين بعدها،ثمَّ تصلّي

ص:399


1- 1ح و ق:بمنى.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 1:149،عمدة القارئ 7:150،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116، المجموع 4:371،سبل السلام 1:42.
3- 3) بداية المجتهد 1:173،المغني 2:113،الشرح الكبير بهامش المغني 2:116،عمدة القارئ 7:150.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:57،صحيح مسلم 1:488 الحديث 703،سنن البيهقيّ 3:159.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:55 و 58،صحيح مسلم 1:489 الحديث 704،مسند أحمد 2:63، [1]سنن البيهقيّ 3: 159.
6- 6) التهذيب 3:233 الحديث 609،الوسائل 3:159 الباب 31 من أبواب المواقيت الحديث 3. [2]
7- 7) ح:الظهر،كما في التهذيب و الوسائل. [3]

العشاء» (1).

و في الصحيح عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن صلاة المغرب و العشاء بجمع (2)،فقال:«بأذان و إقامتين لا تصلّ بينهما شيئا،هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا صلّيت في السفر شيئا من الصلوات (4)في غير وقتها فلا يضرّك» (5).

و لأنّ الوقت مشترك على ما بيّنّا (6)،فكلّ من الصلاتين يقع في وقتها فجاز الجمع.

احتجّ المانعون (7)بأنّ الأوقات لا تثبت إلاّ بالتواتر (8)،فلا يترك بخبر الواحد.

و الجواب:المنع من اختصاص ثبوتها بالتواتر (9)،فإنّه حكم شرعيّ،فيجوز العمل فيه بخبر الواحد،على أنّه نقل نقلا مشهورا بالجمع.و لأنّ الأوقات تثبت مطلقة و يجوز تخصيصها بالحضر (10)بخبر الواحد،كما يجوز تخصيص الكتاب به.و لأنّا قد بيّنّا اشتراك الأوقات (11).

ص:400


1- 1التهذيب 3:234 الحديث 613،الوسائل 3:99 الباب 6 من أبواب المواقيت الحديث 2.و [1]فيهما:«و ركعتين بعدها».
2- 2) بعض النسخ:يجمع.
3- 3) التهذيب 3:234 الحديث 615،الوسائل 3:164 الباب 34 من أبواب المواقيت الحديث 1. [2]
4- 4) م و ح:الصلاة،كما في التهذيب و الاستبصار.
5- 5) التهذيب 2:141 الحديث 551 و ج 3:235 الحديث 616،الاستبصار 1:244 الحديث 869،الوسائل 3: 123 الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث 9. [3]
6- 6) يراجع:الجزاء الرابع:36.
7- 7) ح و ق:المخالفون.
8- 8) ح:بالمتواتر.
9- 9) ح:بالمتواتر.
10- 10) ح:بالجمع.
11- 11) يراجع:الجزء الرابع:36.
فروع:
الأوّل:معنى الجمع هو أن تصلّى إحداهما عقيب الأخرى

لا يفصل بينهما بشيء من النوافل،فإن فصل بطل الجمع.

الثاني:لا يفتقر الجمع إلى نيّة أخرى

منفردة عن نيّة الصلاة،خلافا للشافعيّ (1)، لعدم الدلالة على ذلك.

الثالث:يجوز الجمع في السفر القصير و الطويل.

و هو قول مالك (2)،و أحد قولي الشافعيّ،خلافا له في القول الآخر (3)و لأحمد (4).

لنا:أنّ أهل مكّة كانوا يجمعون بعرفة و مزدلفة و هو سفر قصير.و لأنّ الجمع هو تعاقب الصلاتين في الوقت المشترك و ذلك لا يفتقر إلى السفر.

الرابع:يجوز الجمع لأجل المطر في الحضر بين المغرب و العشاء،و الظهر و العصر،

خلافا لأصحاب الرأي فيهما (5)،و لأحمد في الظهرين (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:إنّ من السنّة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب و العشاء (7).و هذا ينصرف إلى سنّة الرسول صلّى اللّه عليه و آله غالبا.

ص:401


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:104،المجموع 4:373،فتح العزيز بهامش المجموع 4:475،مغني المحتاج 1:372.
2- 2) بلغة السالك 1:174،حلية العلماء 2:242،المغني 2:116،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:104،المجموع 4:370،فتح العزيز بهامش المجموع 4:469،المغني 2:116، الشرح الكبير بهامش المغني 2:117.
4- 4) المغني 2:116،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117،الكافي لابن قدامة 1:265،الإنصاف 2:334.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:149،المغني 2:117،الشرح الكبير بهامش المغني 2:118،الميزان الكبرى 1: 183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:76،المجموع 4:384. [1]
6- 6) المغني 2:118،الشرح الكبير بهامش المغني 2:118،الكافي لابن قدامة 1:267،الإنصاف 2:337، [2]المجموع 4:384،الميزان الكبرى 1:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:76،منار السبيل 1:137.
7- 7) المغني 2:117،الشرح الكبير بهامش المغني 2:118،نيل الأوطار 3:268.

و عن نافع[عن] (1)ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع في المدينة بين الظهر و العصر في المطر (2).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم.و لأنّه عذر فكان كالسفر في الرخصة.و لأنّ الجمع فعل الصلاتين في الوقت المشترك عندنا.

الخامس:لا اعتبار بكثرة المطر و قلّته ،

(3)

خلافا للجمهور (4).

لنا:أنّ الجمع هو فعلهما في الوقت المشترك.

و أمّا الوحل فهو ملحق بالمطر.و هو قول مالك (5)،خلافا للشافعيّ (6)،و أبي ثور (7).

لنا:أنّ المشقّة فيه ثابتة كالمطر.و لأنّه يلوّث الثياب و النعال،و ذلك أعظم من البلل.

و لأنّه عذر في ترك الجمعة و الجماعة.

و أمّا الرياح الشديدة في الليلة المظلمة فهي كالمطر أيضا،لأنّها مثله في ترك الجماعة، لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة ذات الريح:«صلّوا في رحالكم» (8).فكانت مثله هاهنا،للمشقّة في البابين (9).

السادس:يجوز الجمع لمنفرد ،أو من كان طريقه إلى المسجد في ظلال

(10)

يمنع وصول

ص:402


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) المغني 2:117،الشرح الكبير بهامش المغني 2:118،فتح العزيز بهامش المجموع 4:470،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:471،و بهذا المضمون في سنن البيهقيّ 3:168.
3- 3) ح:بكثير المطر و قليله.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:105،المجموع 4:378،المغني 2:119،الشرح الكبير بهامش المغني 2:118، الإنصاف 2:337.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:113،بلغة السالك 1:175،المغني 2:119،الشرح الكبير بهامش المغني 2:119.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:105،المجموع 4:381،المغني 2:119،الشرح الكبير بهامش المغني 2:119.
7- 7) المغني 2:119.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:302 الحديث 937،مسند أحمد 2:4، [1]سنن البيهقيّ 3:70،المغني 2:119.
9- 9) أكثر النسخ:في الثابت.
10- 10) ح و ق:للمنفرد.

المطر إليه،أو من كان مقامه في المسجد.و هو قول بعض الجمهور،خلافا لبعضهم (1).

لنا:أنّ العذر يستوي مع وجوده حال المشقّة و عدمها كالسفر.و لأنّ الحاجة العامّة تثبت الحكم في حقّ من ليست له حاجة،كالسّلم و إباحة اقتناء كلب الصيد للغنيّ (2)عنهما.

و لأنّه قد روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع في مطر (3)،و ليس بين حجرته و المسجد شيء (4).

السابع:المريض يجوز له الجمع.

(5)

و هو قول عطاء (6)،و مالك (7)،و أحمد (8).و قال أصحاب الرأي (9)،و الشافعيّ:لا يجوز (10).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر حمنة بنت جحش-لمّا كانت مستحاضة-بتأخير الظهر و تعجيل العصر و الجمع بينهما (11).و مثله رواه الأصحاب عن يونس،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (12).و لأنّه عذر فأشبه السفر.

ص:403


1- 1المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:120.
2- 2) ق:المغني،ح:معيّن.
3- 3) ح:في المطر.
4- 4) المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:120،حلية العلماء(في الهامش)2:244.
5- 5) ح و ق:و المريض.
6- 6) المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:116،بداية المجتهد 1:174،مقدّمات ابن رشد 1:135،المجموع 4:383،فتح العزيز بهامش المجموع 4:481،المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117.
8- 8) المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117،الكافي لابن قدامة 1:268،الإنصاف 2:335، [1]حلية العلماء 2:244،المجموع 4:383،الميزان الكبرى 1:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:77.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:149،المغني 2:120،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:105،حلية العلماء 2:244،المجموع 4:383،فتح العزيز بهامش المجموع 4:481،بداية المجتهد 1:174،الميزان الكبرى 1:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:77.
11- 11) سنن أبي داود 1:76 الحديث 287،سنن الترمذيّ 1:221 الحديث 128،سنن البيهقيّ 1:338-339.
12- 12) التهذيب 1:381 الحديث 1183،الوسائل 2:547 الباب 8 من أبواب الحيض الحديث 3. [2]

و يجوز ذلك للمريض و إن لم تلحقه المشقّة بالتفريق،و لذي (1)السلس و المستحاضة.

الثامن:يجوز الجمع في الحضر من غير عذر،خلافا للجمهور .

(2)

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس قال:جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الظهر و العصر،و المغرب و العشاء من غير خوف و لا مطر (3).

و ما رووه عن ابن عبّاس قال:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء من غير خوف و لا سفر،فقيل له:لم فعل ذلك؟قال:أراد أن لا يحرج (4)أمّته (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (6).

و لأنّ الجمع عندنا هو فعل الصلاتين في الوقت المشترك،فكلّ من الصلاتين قد فعل في وقتها فكان سائغا،سواء كان هناك عذر أو لا،إذ كلّ واحدة قد فعلت في وقتها المطلوب.

التاسع:يجوز الجمع في وقت الأولى و الثانية،

لأنّه مشترك بينهما،و التخيير للفضيلة على ما سلف (7).

العاشر:إذا جمع بين الظهر و العصر قدّم الظهر واجبا.

و كذا البحث في المغرب و العشاء.

ص:404


1- 1ح:و كذا ذي،ق:و كذا.
2- 2) المغني 2:122،الشرح الكبير بهامش المغني 2:117،المجموع 4:384.
3- 3) صحيح مسلم 1:490 الحديث 707،سنن الترمذيّ 1:354 الحديث 187، [1]سنن النسائيّ 1:290،مسند أحمد 1:323 و 354، [2]سنن البيهقيّ 3:167.
4- 4) ح بزيادة:أحد.
5- 5) صحيح مسلم 1:489 الحديث 705،سنن النسائيّ 1:290،سنن البيهقيّ 3:167،المصنّف لعبد الرزّاق 2: 555 الحديث 4435. [3]
6- 6) يراجع ص 399-400.
7- 7) يراجع:الجزء الرابع:36.

و قال الشافعيّ:يجوز أن يبدأ بالعصر ثمَّ بالظهر (1).

لنا:أنّ الصلاتين مقدّمتان قبل الجمع فكذا معه بالاستصحاب.و لأنّ يقين البراءة حاصل بالتقديم دون العكس(فلا يجوز سلوكه،لعدم الأمن معه) (2).

مسألة:يستحبّ للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة يقصّر فيها:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،ثلاثين مرّة.رواه الشيخ عن سليمان بن حفص المروزيّ عن الفقيه العسكريّ (3). (4)

مسألة:لو خرج بنيّة السفر فغاب عن المنزل فصلّى مقصّرا ثمَّ رجع عن نيّة السفر

لم يجب عليه الإعادة،

(5)

لا في الوقت و لا في (6)خارجه.و هو اختيار الشيخ في النهاية و المبسوط (7).و قال في التهذيب و الاستبصار:يجب (8).

لنا:ما رواه الشيخ عن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في سفر (9)يريده،فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا و انصرفوا فانصرف (10)بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج،ما يصنع في الصلاة (11)التي كان صلاّها

ص:405


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:105،المجموع 4:376،مغني المحتاج 1:273،السراج الوهّاج:83.
2- 2) ما بين القوسين لا توجد في ق و ح.
3- 3) م،ن،غ و ق بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
4- 4) التهذيب 3:230 الحديث 594،الوسائل 5:542 الباب 24 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
5- 5) م،ق،ن و غ:المنازل.
6- 6) لا توجد في بعض النسخ.
7- 7) النهاية:123،المبسوط 1:141.
8- 8) التهذيب 4:226،الاستبصار 1:227.
9- 9) ح:يخرج مع القوم في السفر،كما في الوسائل. [2]
10- 10) ح:و انصرف،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
11- 11) ح:بالصلاة،كما في الوسائل. [4]

ركعتين؟قال:«تمّت صلاته و لا يعيد» (1).

و لأنّها صلاة وقعت على الوجه المطلوب شرعا فلا يستعقب وجوب القضاء، كغيرها من الصلوات.

احتجّ الشيخ بما رواه سليمان بن حفص المروزيّ قال:قال الفقيه عليه السلام:

«التقصير في الصلاة بريدان،أو بريد ذاهبا و جائيا و البريد:ستّة أميال،و هو فرسخان، فالتقصير في أربعة فراسخ،فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا و ذلك أربعة فراسخ،ثمَّ بلغ فرسخين و نيّته الرجوع،أو فرسخين آخرين قصّر،و إن رجع عمّا نوى عند بلوغ فرسخين و أراد المقام فعليه التمام،و إن كان قصّر ثمَّ رجع عن نيّته أعاد الصلاة» (2).

و الجواب:أنّ السند لا يحقّق حاله،و مع صحّته فهو معارض بما قدّمناه،و بغيره من الأحاديث الدالّة على أنّ التقصير في ثمانية فراسخ (3).

المقصد السابع:في صلاة الخوف و المضطرّين،و فيه مباحث:

الأوّل:صلاة الخوف ثابتة بالكتاب و السنّة،
اشارة

قال اللّه تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ (4)الآية.

ص:406


1- 1التهذيب 3:230 الحديث 593 و ج 4:227 الحديث 665،الاستبصار 1:228 الحديث 809،الوسائل 5: 541 الباب 23 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:226 الحديث 664،الاستبصار 1:227 الحديث 808،الوسائل 5:495 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [2]في النسخ:«التقصير في الصلاة [3]بريدين.».
3- 3) ينظر:الوسائل 5:490 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر. [4]
4- 4) النساء(4):102. [5]

و قد ثبت بالتواتر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة الخوف (1)،و حكمها باق بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.ذهب إليه علماؤنا و أكثر الجمهور (2)،خلافا لأبي يوسف فإنّه قال:إنّها كانت مختصّة بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).و للمزنيّ فإنّه قال:إنّ الآية منسوخة (4).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ الآية.و ما ثبت له عليه السلام كان لغيره، لما بيّنّا (5)من وجوب المتابعة فيما لم يثبت تخصيصه عليه السلام به،و لهذا لمّا سئل عن قبلة الصائم،فأجاب بأنّني أفعل ذلك،فقال السائل:لست مثلنا؟فغضب و قال:«إنّي لأرجو أن أكون أخشاكم للّه تعالى» (6).

و لو اختصّ بفعله لما كان الإخبار بفعله جوابا،و لا غضب من قول السائل:لست مثلنا،و قد كان الصحابة يحتجّون بفعله عليه السلام،و هذا كثير.

ص:407


1- 1صحيح البخاريّ 2:17-18،صحيح مسلم 1:574،سنن أبي داود 2:11-16،سنن النسائيّ 3:167، سنن البيهقيّ 3:252،سنن الدار قطنيّ 2:58.و من طريق الخاصّة ينظر:الكافي 3:456 الحديث 2،الفقيه 1: 293 الحديث 1337،التهذيب 3:172 الحديث 380،الوسائل 5:479 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف الحديث 1.
2- 2) المغني 2:250،الشرح الكبير بهامش المغني 2:126،الميزان الكبرى 1:184،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:77،بدائع الصنائع 1:242،المجموع 4:404.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:45،بدائع الصنائع 1:242،الهداية للمرغينانيّ 1:89،عمدة القارئ 6:254، حلية العلماء 2:245،الميزان الكبرى 1:184،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:77،المجموع 4:405، المحلّى 5:41،المغني 2:251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:126.
4- 4) حلية العلماء 2:245،المجموع 4:405، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:626، [2]الميزان الكبرى 1:184، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:77،عمدة القارئ 6:254.
5- 5) نهاية الوصول إلى علم الأصول(مخطوط):في مبحث الأفعال و مذهب عصمة الأنبياء.
6- 6) المغني 2:251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:126.و نحوه في صحيح مسلم 2:779 الحديث 1108، الموطّأ 1:291 الحديث 13، [3]سنن البيهقيّ 4:234.

و ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السلام أنّه صلّى صلاة الخوف ليلة الهرير (1).

و عن الحسين صلوات اللّه عليه أنّه صلّى صلاة الخوف بأصحابه (2).

و عن أبي موسى الأشعريّ أنّه صلّى صلاة الخوف بأصحابه (3)،و كان أبو سعيد بن العاص (4)أميرا على الجيش بطبرستان فقال:أيّكم صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة الخوف؟فقال حذيفة:أنا،فقدّمه فصلّى بهم (5).و لم ينكر أحد من الصحابة ما فعله هؤلاء،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف» (6).

و ما رواه في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال:«إذا كان صلاة

ص:408


1- 1سنن البيهقيّ 3:252،المغني 2:251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:127،المجموع 4:414،فتح العزيز بهامش المجموع 4:627،نيل الأوطار 4:10.
2- 2) ينظر:الخلاف 1:253.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:252،المغني 2:251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:127،المجموع 4:405،فتح العزيز بهامش المجموع 4:627.
4- 4) كذا في أكثر النسخ،و الصحيح طبقا للمصادر:سعيد بن العاص،و هو:سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة الأمويّ أبو عثمان،قتل أبوه يوم بدر كافرا،و هو أحد الّذين كتبوا المصحف لعثمان،و استعمله عثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة.و غزا طبرستان فافتتحها و غزا جرجان فافتتحها.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرسلا،و عن عمر و عثمان و عائشة.و روى عنه ابناه:عمر و يحيى و مولاه كعب و سالم بن عبد اللّه بن عمر. مات سنة 59 ه.أسد الغابة 2:309، [1]العبر 1:47، [2]تهذيب التهذيب 4:48. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:16 الحديث 1246، [4]سنن النسائيّ 3:168،مسند أحمد 5:395، [5]سنن البيهقيّ 3:252، المحلّى 5:34، [6]المغني 2:251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:127.
6- 6) التهذيب 3:172 الحديث 380،الوسائل 5:479 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 1. [7]

المغرب في الخوف فرّقهم فرقتين» (1).

و رواه في الصحيح عن فضيل و محمّد بن مسلم عنه عليه السلام (2).

و في الصحيح عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الخوف و صلاة السفر،تقصّران جميعا؟قال:«نعم و صلاة الخوف أحقّ أن تقصّر من صلاة السفر ليس فيه خوف» (3).

احتجّ أبو يوسف بأنّ اللّه خصّص الخطاب بالرسول عليه السلام (4)و شرط كونه فيهم (5).

و احتجّ المزنيّ بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر يوم الخندق أربع صلوات،اشتغالا بالقتال،و لم يصلّ صلاة الخوف (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ التخصيص لفظا لا يمنع وجوب المتابعة إجماعا،و لهذا أنكرت الصحابة على مانعي الزكاة حيث قالوا:إنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله:

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (7).فخصّه بذلك (8).

و عن الثاني:بالمنع من تأخير الصلاة.و لو سلّم فإنّما جاز ذلك،لأنّه جرى قبل نزول

ص:409


1- 1التهذيب 3:301 الحديث 917،الاستبصار 1:456 الحديث 1767،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 2.و [1]فيه:«إذا كانت صلاة المغرب».
2- 2) التهذيب 3:301 الحديث 918،الاستبصار 1:456 الحديث 1768،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 3:302 الحديث 921،الوسائل 5:478 الباب 1 من أبواب صلاة الخوف الحديث 1. [3]
4- 4) غ:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:45،بدائع الصنائع 1:242،عمدة القارئ 6:254،المجموع 4:405،المغني 2: 251،الشرح الكبير بهامش المغني 2:126.
6- 6) المجموع 4:405،فتح العزيز بهامش المجموع 4:626،عمدة القارئ 6:254.
7- 7) التوبة(9):103. [4]
8- 8) المغني 2:251، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 2:127. [6]

آية الخوف و إنّما يؤخذ بالآخر.و لو سلّم فصلاة الخوف منوطة بشروطه فربّما كان بعضها فائتا.

مسألة:و هي مقصورة في السفر إجماعا إلاّ المغرب و الصبح.

و في الحضر خلاف، قال بعض علمائنا:إنّها مقصورة كالسفر،سواء صلّيت جماعة أو فرادى (1)،و به قال ابن عبّاس و الحسن و طاوس (2).

و قال آخرون:لا تقصّر مطلقا (3)،و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد (6).

و قال الشيخ في المبسوط:إن صلّيت في الحضر جماعة قصّرت و إلاّ فلا (7).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ (8).

و هو دليل على الاقتصار على ركعتين من غير شرط للسفر،فتحمل على الإطلاق إلى أن يظهر المنافي.و قوله تعالى وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (9).و ليس المراد بالضرب ضرب السفر الذي يجب معه القصر،و إلاّ لكان اشتراط الخوف لغوا.و لأنّه صلّى اللّه عليه و آله نقل عنه صلاة الخوف مكرّرا (10)و لم ينقل عنه غير القصر.

ص:410


1- 1المختصر النافع:49،المعتبر 2:454. [1]
2- 2) حلية العلماء 2:245،المجموع 4:404، [2]عمدة القارئ 6:254.
3- 3) حكاه في المبسوط 1:163،و [3]السرائر:78،و المعتبر 2:454 [4] عن بعض الأصحاب و لم نعثر على قائله.
4- 4) الأمّ 1:210،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:404، [5]عمدة القارئ 6:254.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:46،بدائع الصنائع 1:243،عمدة القارئ 6:254.
6- 6) المغني 2:252،الكافي لابن قدامة 1:277.
7- 7) المبسوط 1:165. [6]
8- 8) النساء(4):102. [7]
9- 9) النساء(4):101. [8]
10- 10) م و ن:متكرّرا.

و ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام من أنّ صلاة الخوف تقصّر كالسفر،و قد تقدّمت (1).

و ما ورد من الأخبار الدالّة على صفة صلاة الخوف و كونها ركعتين،و لو كانت أربعا لبيّنوا عليهم السلام حكمها،كما بيّنوا حكم الثّلاثيّة (2).

مسألة:و لا تقصّر عن ركعتين في حقّ الإمام و المأموم،

و عليه فتوى علمائنا و أكثر أهل العلم (3).

و حكي عن ابن عبّاس أنّه قال:صلاة الخوف لكلّ طائفة ركعة،و للإمام ركعتان (4)، و به قال الحسن،و طاوس،و مجاهد (5).

لنا:ما رواه الجمهور أنّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بذات الرقاع بكلّ طائفة ركعتين (6).

لا يقال:هذا خلاف مذهبكم،لأنّه يصلّي بكلّ طائفة ركعة و يتمّ لنفسها.

لأنّا نقول:المراد بذلك أنّها صلّت ركعتين في حكم صلاته.

و لأنّ الإمام و المأموم على صفة واحدة،فيجب تساوي حكمهما (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه

ص:411


1- 1تقدّمت في ص 409.
2- 2) الوسائل 5:478 الباب 1 من أبواب صلاة الخوف،و ص 479 الباب 2.
3- 3) المغني 2:267،الشرح الكبير بهامش المغني 2:138،المبسوط للسرخسيّ 2:46،بدائع الصنائع 1:243، عمدة القارئ 6:254.
4- 4) حلية العلماء 2:245،المغني 2:267،الشرح الكبير بهامش المغني 2:138.
5- 5) المغني 2:267،الشرح الكبير بهامش المغني 2:138،عمدة القارئ 6:254،شرح فتح القدير 2:65.
6- 6) صحيح البخاريّ 5:147،صحيح مسلم 1:576 الحديث 843،سنن البيهقيّ 3:259.
7- 7) ن و غ:حكميهما.

عليه السلام في كيفيّة صلاة الخوف (1)،و سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

احتجّ المخالف (2)بقوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ (3)دلّت على أنّ كلّ طائفة تصلّي ركعة.

و الجواب:يحمل قوله فَإِذا سَجَدُوا أي فعلوا الركعة الأخرى،و عبّر عنها بالسجود تسمية للمركّب باسم جزئه (4).

البحث الثاني:في الكيفيّة
مسألة:قال علماؤنا:إنّ الإمام يفرّق الجماعة فرقتين،

فرقة تحرسهم (5)و تقف مع العدوّ،و فرقة تصلّي معه فيصلّي بها ركعة في الثنائيّة،ثمَّ يقوم و يقومون معه،فيطيل القيام، و يتمّون الصلاة و يتشهّدون و يسلّمون،ثمَّ يذهبون فيقفون موقف أصحابهم،و تأتي الطائفة الأخرى فتستفتح (6)الصلاة،ثمَّ يركع بهم و يسجد (7)السجدتين و يجلس مطيلا حتّى يقوم من خلفه،فيتمّون صلاتهم و يتشهّدون،ثمَّ يسلّم بهم،و هذه صلاة النبيّ صلّى

ص:412


1- 1التهذيب 3:171 الحديث 379،الاستبصار 1:455 الحديث 1766،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف الحديث 4. [1]
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) النساء(4):102. [2]
4- 4) ح و ق:الجزء.
5- 5) ح:تجزئهم.
6- 6) ق:فتفتح،ح:فيفتتح.
7- 7) م و ن:و سجد.

اللّه عليه و آله بذات الرقاع (1).و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)،و أحمد (4)،و داود (5).

و قال أبو حنيفة:يصلّي بإحدى الطائفتين ركعة،ثمَّ تنصرف إلى وجه العدوّ،و هو في الصلاة،و هي أيضا في صلاتها،ثمَّ تجيء الطائفة الأخرى فتصلّي مع الإمام الركعة الثانية،ثمَّ يسلّم الإمام و ترجع الطائفة إلى وجه العدوّ و هي في صلاتها،ثمَّ تأتي الطائفة الأولى إلى موضع صلاتها فتصلّي ركعة منفردة و لا تقرأ فيها،لأنّها في حكم الائتمام،ثمَّ تنصرف إلى وجه العدوّ،ثمَّ تأتي الطائفة الأخرى إلى موضع الصلاة فتصلّي الركعة الثانية منفردة و تقرأ فيها،لأنّها قد فارقت الإمام بعد فراغه من الصلاة،فحكمها حكم المسبوق إذا فارق إمامه (6).

لنا:قوله تعالى وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ (7)و هذا يدلّ من حيث المفهوم على أنّ الطائفة الأولى صلّت معه جميع صلاتها،و من حيث المنطوق أنّ الثانية تصلّي جميع صلاتها معه،و هذا يتأتّى على قولنا،إذ كلّ واحدة تصلّي معه ركعة حقيقة و ركعة أخرى حكما،و على ما اختاره أبو حنيفة لا يتأتّى ذلك.

ص:413


1- 1صحيح البخاريّ 5:145،صحيح مسلم 1:575 الحديث 842،سنن أبي داود 2:13 الحديث 1239، [1]سنن النسائيّ 3:171،سنن البيهقيّ 3:253،سنن الدار قطنيّ 2:60.
2- 2) الأمّ 1:210،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:28،حلية العلماء 2:246،المهذّب للشيرازيّ 1:105،المجموع 4: 408، [2]السراج الوهّاج:92،فتح العزيز بهامش المجموع 4:632. [3]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:163،بداية المجتهد 1:175-176،مقدّمات ابن رشد 1:154،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:370،المغني 2:254،الشرح الكبير بهامش المغني 2:131،بلغة السالك 1:185،فتح العزيز بهامش المجموع 4:633، [4]المبسوط للسرخسيّ 2:47.
4- 4) المغني 2:254،الشرح الكبير بهامش المغني 2:129،حلية العلماء 2:247،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 633، [5]الإنصاف 2:350،الكافي لابن قدامة 1:272.
5- 5) حلية العلماء 2:247.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:46،الهداية للمرغينانيّ 1:89،حلية العلماء 2:247،المغني 2:254، شرح فتح القدير 2:63،بدائع الصنائع 1:243.
7- 7) النساء(4):102. [6]

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه صلّى بذات الرقاع كما وصفناه.

رواه مسلم (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الخوف؟قال:«يقوم الإمام و تجيء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه،و طائفة بإزاء العدوّ فيصلّي بهم الإمام ركعة،ثمَّ يقوم و يقومون معه فيمثل (2)قائما، و يصلّون هم الركعة الثانية،ثمَّ يسلّم بعضهم على بعض،ثمَّ ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم و يجيء الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلّي بهم الركعة الثانية،ثمَّ يجلس الإمام و يقومون هم فيصلّون ركعة أخرى،ثمَّ يسلّم عليهم فينصرفون بتسليمه» (3).

و لأنّ ما ذكرناه أحوط للصلاة و الحرب.

أمّا الصلاة،فلأنّ كلّ طائفة تأتي بصلاتها على التوالي،بعضها يوافق الإمام فعلا، و بعضها يفارقه و تأتي به كالمسبوق.

و عنده أنّ كلّ طائفة تنصرف إمّا أن تركب أو تمشي إلى العدوّ،و تستدبر القبلة، و تقاتل إن احتاجت إليه،و تفرّق بين الركعتين تفريقا كثيرا،و جعل الأولى مؤتمّة بالإمام و قد فرغ من صلاته،و كلّ ذلك باطل.

و أمّا الحرب،فلأنّها تتمكّن من الضرب و إعلام الغير بحال العدوّ إن احتاج بالكلام و غيره.و لأنّ فيه تخفيفا،و الحرب مبنيّ عليه.و ما ذكره فيه تطويل للصلاة،و هو ينافي الحكمة،إذ قد يكون بين موضع الصلاة و الحرب نصف ميل،فيفتقر إلى قطع ميل ذهابا و عودا.

ص:414


1- 1صحيح مسلم 1:575 الحديث 842.
2- 2) ق:فمثل.
3- 3) التهذيب 3:171 الحديث 379،الاستبصار 1:455 الحديث 1766،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف الحديث 4. [1]

احتجّ أبو حنيفة (1)بأنّ عبد اللّه بن مسعود (2)و ابن عمر (3)رويا مثل قوله،قال:و هو أولى،لأنّ مذهبكم يقتضي تجويز مفارقة المأمومين للإمام قبل الفراغ،و تجويز مخالفة الطائفة الثانية للإمام في الأفعال بأن يكون جالسا و هم قيّام.

و الجواب:منع ما ذكر من الرواية.و قوله:ما ذكرناه أولى،ضعيف،لما بيّنّاه.

و المفارقة جائزة للفور،و قد بيّنّاه فيما مضى (4)،و كذا المخالفة.

مسألة:قال علماؤنا:و يتخيّر الإمام في صلاة المغرب،

إن شاء صلّى بالطائفة الأولى ركعتين و بالثانية ركعة،يجلس في تشهّده الأولى و يتمّ (5)من خلفه صلاته و ينهضون إلى أصحابهم،ثمَّ تأتي الطائفة الأخرى فيقوم الإمام،فإذا كبّروا ركع بهم ثالثة له و هي أوّلة لهم،فإذا أتمّوا الصلاة سلّم (6)بهم الإمام.و هو أحد قولي الشافعيّ (7)،و به قال مالك (8)، و أحمد (9)،و الأوزاعيّ،و سفيان (10). (11).

و إن شاء صلّى بالأولى ركعة و يقف في الثانية حتّى يتمّوا،ثمَّ تأتي الأخرى فيصلّي

ص:415


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:46،47،بدائع الصنائع 1:243،244،المغني 2:254. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:16 الحديث 1244،سنن الترمذيّ 2:453 الحديث 564،سنن البيهقيّ 3:261.
3- 3) صحيح البخاريّ 5:146.صحيح مسلم 1:574 الحديث 839،سنن أبي داود 2:15 الحديث 1243، سنن النسائيّ 3:172،سنن البيهقيّ 3:260.
4- 4) يراجع:ص 414.
5- 5) غ:و يتمّم.
6- 6) ح و ق:يسلّم.
7- 7) الأمّ 1:212،حلية العلماء 2:249-250،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:415،فتح العزيز بهامش المجموع 4:638،المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:160،المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133،حلية العلماء 2:250.
9- 9) المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133،الإنصاف 2:352،الكافي لابن قدامة 1:276.
10- 10) ح:و الشعبيّ،مكان:و سفيان.
11- 11) المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133.

بهم ركعتين و يجلس عقيب الثالثة له حتّى يتمّوا ثمَّ يسلّم.و هو (1)القول الآخر للشافعيّ (2).

لنا على الأوّل:أنّ صلاة الخوف مبنيّة على التخفيف،و إذا (3)صلّى بالأولى ركعة احتاجت الطائفة الثانية إلى ثلاث تشهّدات.و لأنّه لا بدّ من التفضيل فالأولى أحقّ به.

و لأنّ الثانية تصلّي جميع صلاتها في حكم الجماعة،و الأولى تفعل بعض صلاتها في حكم الانفراد.

و على الثاني:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه صلّى ليلة الهرير المغرب بأصحابه،فصلّى بالطائفة الأولى ركعة و بالثانية ركعتين (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«و في المغرب يقوم الإمام و تجيء طائفة فيقفون (5)خلفه،و يصلّي بهم ركعة ثمَّ يقوم و يقومون فيمثل الإمام قائما و يصلّون الركعتين و يتشهّدون و يسلّم بعضهم على بعض ثمَّ ينصرفون،فيقومون في موقف أصحابهم،و يجيء الآخرون فيقومون في موقف أصحابهم خلف الإمام،فيصلّي بهم ركعة يقرأ فيها ثمَّ يجلس و يتشهّد و يقوم و يقومون معه فيصلّي بهم ركعة أخرى ثمَّ يجلس و يقومون هم فيصلّون ركعة أخرى ثمَّ يسلّم عليهم» (6).

و روى الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال:«إذا كان

ص:416


1- 1غ و ن:و هذا:
2- 2) الأمّ 1:213،214،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:415،فتح العزيز بهامش المجموع 4:638، المغني 2:262،حلية العلماء 2:249،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133.
3- 3) ح و ق:و إن.
4- 4) نيل الأوطار 4:10،المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133،المهذّب للشيرازيّ 1:160.
5- 5) غ:فيقومون،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 3:171 الحديث 379،الاستبصار 1:455 الحديث 1766،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 4. [1]

صلاة المغرب في الخوف فرّقهم فرقتين،فيصلّي بفرقة ركعتين ثمَّ يجلس بهم ثمَّ أشار إليهم بيده فقام كلّ إنسان منهم فيصلّي ركعة ثمَّ سلّموا و قاموا مقام أصحابهم،و جاءت الطائفة الأخرى فكبّروا و دخلوا في الصلاة و قام الإمام فصلّى بهم ركعة ثمَّ سلّم،ثمَّ قام كلّ رجل منهم فصلّى ركعة فشفعها بالتي صلّى مع الإمام ثمَّ قام فصلّى ركعة ليس فيها قراءة،فتمّت للإمام ثلاث ركعات،و للأوّلين ركعتان في جماعة،و للآخرين وحدانا،فصار للأوّلين التكبير و افتتاح الصلاة،و للآخرين التسليم» (1).فهذان الخبران يدلاّن على التخيير، إذ قد اشتمل كلّ واحد منهما على الأمر و ليس فيه صيغة تدلّ على الوجوب نصّا،فيحمل على التخيير.

احتجّ الشافعيّ بأنّ صلاة الخوف مبنيّة على التخفيف (2)،و هو إنّما يحصل بما قلناه.

و احتجّ على الآخر بفعل عليّ عليه السلام،و بأنّ الأولى أدركت مع الإمام فضيلة الإحرام و التقدّم،فينبغي أن تزيد الثانية في الركعات ليحصل التعادل (3).

و الجواب عن الكلّ:أنّا نقول بموجبة،إذ فعل كلّ واحد منهما جائز،و دلائلهم إنّما تدلّ على جواز ما يدّعونه لا على بطلان الآخر.

نزول آية القصر في صلاة الخوف

مسألة:روى أبو عيّاش الزرقيّ (4)قال:كنّا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعسفان،

ص:417


1- 1التهذيب 3:301 الحديث 917،الوسائل 5:480 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 2. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:106،فتح العزيز بهامش المجموع 4:638.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:106،فتح العزيز بهامش المجموع 4:638،المغني 2:262،الشرح الكبير بهامش المغني 2:133.
4- 4) أبو عيّاش الزرقيّ الأنصاريّ اسمه زيد بن الصامت،و قيل:ابن النعمان،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حديث صلاة الخوف بعسفان،و روى عنه مجاهد بن جبر و أبو صالح الزيّات،عاش إلى زمن معاوية و مات بعد الأربعين،و قيل:بعد الخمسين. أسد الغابة 5:266، [2]تهذيب التهذيب 12:193. [3]

و على المشركين خالد بن الوليد (1)،فصلّينا الظهر،فقال المشركون:لقد أصبنا غرّة [لقد أصبنا غفلة] (2)لو[كنّا] (3)حملنا عليهم في الصلاة،فنزلت آية القصر بين الظهر و العصر،فلمّا حضرت العصر قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مستقبل القبلة و المشركون أمامه فصفّ خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صفّ،و صفّ خلف ذلك الصفّ صفّ آخر،فركع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ركعوا جميعا،ثمَّ سجد و سجد الصفّ الذي يليه، و قام الآخرون يحرسونهم،فلمّا صلّى بهؤلاء السجدتين و قاموا،سجد الآخرون الّذين كانوا خلفهم،ثمَّ تأخّر الصفّ الّذي يليه إلى مقام الآخرين،و تقدّم الصفّ الآخر إلى مقام الصفّ الأوّل،ثمَّ ركع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ركعوا جميعا،ثمَّ سجد و سجد الصفّ الّذي يليه،و قام الآخرون يحرسونهم،فلمّا جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الصفّ الذي يليه،سجد الآخرون،ثمَّ جلسوا جميعا،فسلّم عليهم (4).

و روى جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر ببطن النخل جعل أصحابه طائفتين،فصلّى بالأولى ركعتين ثمَّ سلّم،و صلّى بالأخرى ركعتين (5).

قال الشيخ:و لو صلّى كما صلّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعسفان جاز (6).

ص:418


1- 1خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم أبو سليمان المخزوميّ،اختلف في وقت إسلامه و هجرته، فقيل:هاجر بعد الحديبية،و قيل:خيبر،و قيل:سنة ثمان.كان على خيل المشركين يوم الحديبية،بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى بني جذيمة فقتل منهم من لم يجز له قتله،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اللّهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد».ثمَّ أرسله أبو بكر إلى مالك بن نويرة فقتل مالكا،و أنكر عليه عمر بن الخطّاب.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه ابن عبّاس و جابر و المقدام بن معدي كرب و أبو أمامة.مات سنة 21 ه. أسد الغابة 2:93، [1]الإصابة 1:413، [2]العبر 1:18. [3]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 2:11 الحديث 1236،سنن النسائيّ 3:177،سنن البيهقيّ 3:256.
5- 5) سنن أبي داود 2:17 الحديث 1248،سنن البيهقيّ 3:259،سنن الدار قطنيّ 2:60 الحديث 10 باختلاف يسير.
6- 6) المبسوط 1:166، [4]الخلاف 1:258 مسألة-13.

و نحن نتوقّف في هذا،لعدم ثبوت النقل عندنا عن أهل البيت عليهم السلام بذلك.

مسألة:و يشترط لصلاة ذات الرقاع أمور:
الشروط
الأوّل:كون العدوّ في خلاف جهة القبلة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1)،خلافا لأحمد (2).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعلها،فتجب متابعته.

احتجّ أحمد بأنّ العدوّ قد يكون في جهة القبلة على وجه لا يمكنه أن يصلّي بهم صلاة عسفان،لكثرتهم و انتشارهم و خوف كمين لهم،فلو منعوا من صلاة ذات الرقاع أيضا أفضى ذلك إلى تفويت صلاة الخوف (3).

و الجواب:ليست الصلاة منحصرة في هذين،و مع التسليم نمنع استحالة اللازم.

الثاني:عدم الأمن من العدوّ،

بحيث يخاف المسلمون أنّهم متى اشتغلوا بالصلاة عنهم أكبّوا عليهم.

الثالث:أن يكون في المسلمين كثرة يمكن أن يفترقوا فرقتين

(4)

تفي كلّ فرقة بمقاومة العدوّ،لتحصل (5)المتابعة بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه هكذا فعل.

الرابع:أن يكون القتال سائغا

-واجبا كان،كالجهاد مع دعاء الإمام إليه،أو غير واجب،كالمدافعة عن المال-فلو كان حراما كالفارّ من الزحف و قاطع الطريق و الباغي لم يترخّصوا (6)في هذه الصلاة،لأنّ الأفعال لا عموم لها،و وجوب المتابعة إنّما يدلّ على الوجه الّذي فعله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

ص:419


1- 1حلية العلماء 2:246،المهذّب للشيرازيّ 1:105،المجموع 4:409،فتح العزيز بهامش المجموع 4:634، السراج الوهّاج:92.
2- 2) المغني 2:252،الشرح الكبير بهامش المغني 2:129،الإنصاف 2:352.
3- 3) المغني 2:252،الشرح الكبير بهامش المغني 2:129،الإنصاف 2:352.
4- 4) ق:أن يفرّقوا،ح:أن يفرّق.
5- 5) م:لتحصيل.
6- 6) ح و ق:يرخّصوا.
فروع:
الأوّل:لا يشترط كون كلّ فرقة ثلاثا فصاعدا.

و قال الشافعيّ:يشترط (1).

لنا:الأصل عدم الاشتراط.

احتجّ المخالف (2)بقوله تعالى فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ (3)و الطائفة:ثلاثة فما زاد.

و بقوله تعالى وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ (4)و أقلّ الجمع ثلاثة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ لفظ الطائفة قد يقع على الواحد فإنّه يسمّى طائفة،ذكره الفرّاء (5).و القطعة من الأرض تسمّى طائفة.

و عن الثاني:أنّ الكناية راجعة إلى من صلّى مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ليس ذلك شرطا،كما أنّ عدد من صلّى معه ليس بشرط إجماعا.

الثاني:لا تجب التسوية بين الطائفتين،

لعدم ورود النصّ بالوجوب،فالأصل عدمه.

نعم،يجب أن تكون الطائفة ممّن تفي بحراسة المسلمين و تحصل الثقة بالاكتفاء بهم.

الثالث:قال الشيخ في المبسوط:لو احتاج أن يفرّقهم أربعا لم يصحّ،

لأنّها مقصورة، و يصلّي بفرقتين ركعتين ثمَّ يعيدها بالباقين،فتكون لهم فرضا و له نفلا (6).

أمّا لو كانت صلاة المغرب و افتقر إلى أن يفرّقهم ثلاثا فالأقرب الجواز،و يصلّي بكلّ ركعة،فيقوم في الثانية إلى أن تتمّ الأولى ثلاثا،ثمَّ تأتي الثانية فيصلّي بهم الثانية و ينتظرها في الجلوس إلى أن تتمّ ثلاثا ثمَّ تذهب،و تأتي الثالثة فيصلّي بهم الثالثة و يطيل تشهّده إلى أن يتمّوا و يسلّم بهم.

ص:420


1- 1الأمّ 1:219،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،المجموع 4:419. [1]
2- 2) المجموع 4:420.
3- 3) النساء(4):102. [2]
4- 4) النساء(4):102. [3]
5- 5) معاني القرآن للفرّاء 1:445.
6- 6) المبسوط 1:165. [4]

و على القول الآخر لأصحابنا من وجوب التمام في الحضر،لو احتاج إلى أن يفرّقهم أربعا أمكن،إن نوى المأمومون المفارقة،خلافا للشيخ في الخلاف (1)،و للشافعيّ (2)في أحد قوليه (3).

لنا-تفريعا على القول بالتمام-:أنّه صلّى صلاة واجبة لم يخلّ بشيء من واجباتها، فيجزئ كما لو صلاّها في الأمن.

احتجّ الشيخ بأنّها لم تشرع كذلك (4).

و احتجّ الشافعيّ بأنّ صلاة الخوف فيها انتظاران،و إذا كانت رباعيّة يضاعف الانتظار فصار أربعا،فزيادة انتظارين يكون زيادة لما ليس من الصلاة فيها (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ صلاة الجماعة مشروعة،أقصى ما في الباب أنّ المأموم هنا قد فارق إمامه،لكنّا نجوّز له ذلك مع النيّة،و قد تقدّم.

و عن الثاني:أنّ هذه الزيادة إنّما هي في الصلاة في موضعها،كما لو طوّل القيام قارئا أو ذاكرا.و لأنّ الحاجة قد تدعو إليه،و على هذا يكون صلاة الإمام و المأمومين صحيحة، خلافا للشافعيّ في أحد قوليه،فإنّه في القول الآخر قال:تبطل صلاة الطائفة الأولى و الثانية و الثالثة،و تصحّ صلاة الإمام و الطائفة الرابعة،بناء على أنّ الطوائف الثلاث فارقت (6)

ص:421


1- 1الخلاف 1:256 مسألة-6.
2- 2) ح،ق و م:و الشافعيّ.
3- 3) الأمّ 1:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،حلية العلماء 2:250،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4: 416،فتح العزيز بهامش المجموع 4:639.
4- 4) الخلاف 1:256 مسألة-6.
5- 5) الأمّ 1:213،حلية العلماء 2:250،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:416،فتح العزيز بهامش المجموع 4:639.
6- 6) ح:فارقة.

الإمام لغير (1)عذر (2).

و الجواب:لا نسلّم انتفاء العذر هنا.و لأنّ المفارقة في صلاة الخوف سائغة.

و لو صلّى بطائفة ثلاث ركعات و بأخرى ركعة جاز ذلك أيضا،عملا بالأصل.و لأنّ (3)فيه قلّة انتظار عن الأوّل،فكما ساغ ذلك (4)فهذا (5)أولى.

و لا يجب سجود السهو هاهنا،لعدم موجبه،خلافا للشافعيّ،فإنّه أوجب على الإمام و الطائفة الأخرى سجود السهو (6)،لأنّه وضع الانتظار في غير موضعه.و هو سهو،فإنّ العامد غير الساهي،و السجود للسهو إنّما يجب فيما لم يؤمر بفعله و لم يكن سائغا مع العمد.

الرابع:لو قلنا بجواز صلاة عسفان اشترط أن يكون العدوّ في جهة القبلة،

و أن يكون في المسلمين كثرة،و أن يكون العدوّ على وجه الأرض ليس بينه و بين المسلمين حائل-كجبل و شبهه-يمنع من النظر إليهم ليتحفّظوا من الحمل عليهم و الكبسة (7).

قال المجوّزون:و لو وقف الّذين يحرسونهم في الصفّ الأوّل و سجد مع الإمام أهل الصفّ الأخير جاز (8)،و لو سجد الجميع إلاّ بعض صفّ جاز (9).

الخامس:قال الشيخ في المبسوط:ينبغي للطائفة الأولى الانفراد في صلاة ذات

الرقاع عند القيام إلى الثانية،

فلو سهت بعد مفارقة الإمام لحقها حكم سهوها،و لو سهت في الركعة الأولى لم يعتدّ به،لأنّه لا سهو على المأموم.و هو جيّد،و قال:لو سها في الأولى

ص:422


1- 1ح:بغير.
2- 2) حلية العلماء 2:251،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:417،فتح العزيز بهامش المجموع 4:640.
3- 3) غ:و لأنّه.
4- 4) ح،ق و ن:ذاك.
5- 5) ق و ح:فهو.
6- 6) الأمّ 1:213،المجموع 4:418.
7- 7) كبسوا دار فلان:أغاروا عليها فجأة.الصحاح 3:969. [1]
8- 8) م:جائز.
9- 9) الأمّ 1:216،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،المجموع 4:421.

ما يوجب السجود كان عليها أن تسجد بعد فراغها للسهو (1).و فيه نظر،إذ لم يثبت عندنا أنّ المأموم يلزمه حكم سهو إمامه.

أمّا الطائفة الثانية،فقال قوم من الجمهور:إنّه يلحقها حكم سهو إمامها في جميع الصلاة ما أدركت منها و ما سبقها به،و لا يلحقها حكم سهوها في شيء من صلاتها،لأنّها فيما فارقته في حكم المؤتمّ (2).

و قال الشيخ:لا يجب عليها متابعة الإمام في الأولى.و هو جيّد،ثمَّ قال:و لو سها في الركعة الّتي يصلّي بهم تبعوه إذا سجد لسهوه.و الإشكال كالأوّل.و كلّ سهو ينفرد به المأمومون فإنّهم يختصّون بسجوده و ليس على الإمام متابعتهم فيه (3).

السادس:يستحبّ للإمام أن يخفّف بهم الصلاة،

لأنّ وضع صلاة الخوف للتخفيف، و كذا يستحبّ للطائفة الّتي تفارقه التخفيف.

السابع:إذا قام الإمام إلى الثانية منتظرا قرأ في تلك الحال،

خلافا للشافعيّ في أحد قوليه (4).

لنا:أنّ الصلاة ليس فيها حال سكوت (5)،و القيام محلّ القراءة،فليأت به كالتشهّد.

احتجّ الشافعيّ بأنّه قد قرأ في الأولى مع الطائفة المتقدّمة،فليسكت في الثانية ليقرأ مع الأخرى،فيحصل التسوية (6).

ص:423


1- 1المبسوط 1:164،165.
2- 2) الأمّ 1:218،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المغني 2:257،الشرح الكبير بهامش المغني 2:132،المجموع 4:413.
3- 3) المبسوط 1:165. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:411،فتح العزيز بهامش المجموع 4:636،المغني 2:253،الشرح الكبير بهامش المغني 2:130.
5- 5) م و ن:حالة سكوت،غ:حالة السكوت.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:411،فتح العزيز بهامش المجموع 4:636،المغني 2:253،الشرح الكبير بهامش المغني 2:130.

و الجواب:أنّ التسوية يحصل بانتظاره إيّاهم في موضعين،و الأولى في موضع واحد.

الثامن:إذا جاءت الطائفة الثانية و جلس للتشهّد،قاموا فأتمّوا الصلاة ثمَّ جلسوا

و تشهّدوا و سلّم بهم الإمام.

و به قال الشافعيّ (1)و أحمد (2).

و قال مالك:يتشهّدون معه و يسلّم الإمام،ثمَّ يقومون فيتمّون (3).

لنا:قوله تعالى وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ (4).و هذا يدلّ على أنّ جميع صلاتها معه،و لا يتأتّى ذلك إلاّ بما قلناه.

و ما رواه الجمهور في صفة ذات الرقاع،و الخاصّة رواية الحلبيّ و قد سلف كل ذلك (5).و لأنّ الأولى أدركت فضيلة الإحرام،فينبغي أن يسلّم بالثانية ليحصل (6)التعادل.

و لأنّ صلاة الخوف مبنيّة على التخفيف،و ما ذكر (7)مالك مناف له.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع[صلاة الخوف] (8)ففرّق (9)أصحابه فرقتين»ثمَّ ذكر الحديث إلى قوله:«و جاء أصحابهم فقاموا خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بهم ركعة ثمَّ تشهّد و سلّم عليهم،فقاموا فصلّوا

ص:424


1- 1الأمّ 1:210،المجموع 4:408، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:632، [2]بداية المجتهد 1:176.
2- 2) المغني 2:254،الشرح الكبير بهامش المغني 2:131،الكافي لابن قدامة 1:272،الإنصاف 2:35.
3- 3) الموطّأ 1:184،المدوّنة الكبرى 1:163،بداية المجتهد 1:176،بلغة السالك 1:185،المغني 2:254، الشرح الكبير بهامش المغني 2:131،حلية العلماء 2:247.
4- 4) النساء(4):102. [3]
5- 5) تقدّم في ص 414. [4]
6- 6) ح و ق:لتحصيل.
7- 7) ح و ق:ذكره.
8- 8) أثبتناها من المصدر.
9- 9) ح و ق:فتفرّق.

لأنفسهم ركعة و سلّم بعضهم على بعض» (1).

لأنّا نقول-مع سلامة السند-:إنّ هذا مبنيّ على اعتبار المصلحة،ففي موضع الحاجة إلى السرعة ينبغي العمل على ما بيّنّاه،و في حال عدم الحاجة يجوز ذلك.

البحث الثالث:في الأحكام
مسألة:يجوز هذه الصلاة في الحضر قصرا عند حصول السبب.

و قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و الأوزاعيّ (4)،و أحمد:يجوز لكن لا يقصّر (5).

و قال مالك:لا يجوز فعلها في الحضر (6).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ (7).و ذلك عامّ في كلّ حال.

و لأنّها صلاة خوف فجازت في الحضر كالسفر.

احتجّ مالك بأنّ الآية دلّت على صلاة ركعتين،و ذلك مختصّ بالسفر.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8)لم يفعلها في الحضر (9).

ص:425


1- 1التهذيب 3:172،الوسائل 5:479 الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 1:213،حلية العلماء 2:250،المهذّب للشيرازيّ 1:106،المجموع 4:416،فتح العزيز بهامش المجموع 4:638،المغني 2:258،الشرح الكبير بهامش المغني 2:134.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:46،بدائع الصنائع 1:243،الهداية للمرغينانيّ 1:89،شرح فتح القدير 2:65.
4- 4) المغني 2:258،الشرح الكبير بهامش المغني 2:134.
5- 5) المغني 2:258،الشرح الكبير بهامش المغني 2:134،الكافي لابن قدامة 1:277،الإنصاف 2:352.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:161،حلية العلماء 2:250،المجموع 4:419،فتح العزيز بهامش المجموع 4:639، الميزان الكبرى 1:184،المغني 2:258،الشرح الكبير بهامش المغني 2:134.
7- 7) النساء(4):102. [2]
8- 8) أكثر النسخ:عليه السلام.
9- 9) المغني 2:258،الشرح الكبير بهامش المغني 2:134.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبة،و قد بيّنّا وجوب التقصير في الحضر (1).

و أيضا:فإنّه قد يكون في الحضر ركعتان كالجمعة و الفجر.و لأنّ ما ذكره ينتقض بالمغرب و يجوز فعلها في السفر و الحضر معا إجماعا.

و عن الثاني:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يتّفق له بعد نزول صلاة الخوف خوف في الحضر،لأنّ ذلك كان بعد الخندق (2).

مسألة:قال الشيخ في الخلاف و المبسوط:يجب حمل السلاح في حال الصلاة
اشارة

(3)

،و هو أحد قولي الشافعيّ (4)،و قول داود (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و أحمد (7)،و الشافعيّ في القول الآخر:لا يجب بل يستحبّ (8).

لنا:قوله تعالى وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ .و الأمر للوجوب إلى أن يظهر المنافي.

و قوله تعالى:

ص:426


1- 1يراجع:ص 410.
2- 2) صحيح البخاريّ 5:144،باب غزوة ذات الرّقاع،و فيه:و هي بعد خيبر،و في مجمع الزوائد 2:169، عن جابر:كانت صلاة الخوف في السنة السابعة.بداهة كون غزوة الخندق قبلها.و في شرح فتح القدير 2:66: إنّما شرعت صلاة الخوف بعد الخندق.و ينظر أيضا:نيل الأوطار 4:4.
3- 3) الخلاف 1:256،مسألة-7،المبسوط 1:164.
4- 4) الأمّ 1:219،المهذّب للشيرازيّ 1:107،المجموع 4:423،فتح العزيز بهامش المجموع 4:642، مغني المحتاج 1:304،الميزان الكبرى 1:185،المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
5- 5) حلية العلماء 2:255،تفسير القرطبيّ 5:371، [1]المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:48،بدائع الصنائع 1:245،المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139، حلية العلماء 2:255،المجموع 4:424،فتح العزيز بهامش المجموع 4:643،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:78.
7- 7) المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:138،الكافي لابن قدامة 1:278،الإنصاف 2:357، المجموع 4:424،فتح العزيز بهامش المجموع 4:643،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:78.
8- 8) الأمّ 1:219،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،المهذّب للشيرازيّ 1:107،المجموع 4:424،فتح العزيز بهامش المجموع 4:643،مغني المحتاج 1:304،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:78،المغني 2:263، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2:139. [3]

وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ (1)نفى الحرج بشرط الأذى فيثبت مع عدمه.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)هكذا فعل،و قال عليه السلام:«صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (3).

احتجّ المخالف بأنّه لو وجب لكان شرطا،كالسترة (4).

و الجواب:المنع من الملازمة.و القياس لا يفيد في مقابلة النصّ.

قالوا:الأمر للترفّق و التحفّظ فلا يكون واجبا (5).

و الجواب بعد تسليم أنّه للتحفّظ:لا نسلّم عدم الوجوب،فإنّ حفظ النفس من الواجبات.

فروع:

الأوّل:أخذ السلاح و إن كان واجبا،إلاّ أنّه ليس جزءا من الصلاة و لا شرطا فيها، فلا تبطل بالإخلال به.

الثاني:لو منع السلاح شيئا من واجبات الصلاة لم يجز أخذه.

الثالث:لو كان السلاح نجسا لم يجز أخذه على قول (6).و قيل بالجواز،عملا بالعموم (7).و الوجه اعتبار الحاجة.

الرابع:لو لم يمنع السلاح شيئا من الواجبات و منع الإكمال قال الشافعيّ:يكره

ص:427


1- 1النساء(4):102. [1]
2- 2) ق و ن:عليه السلام.
3- 3) صحيح البخاريّ 8:11،مسند أحمد 5:53،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286، [2]سنن البيهقيّ 2:345.
4- 4) المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139،الكافي لابن قدامة 1:278،تفسير القرطبيّ 5: 371،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:494.
5- 5) المغني 2:263،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139،المجموع 4:423.
6- 6) ينظر:المهذّب لابن البرّاج 1:114.و به قال بعض العامّة.ينظر:المغني 2:263،المجموع 4:423.
7- 7) القائل ابن إدريس،ينظر:السرائر:78.

حمله (1).و فيه تردّد.

الخامس:لو كان بهم أذى من مطر أو مرض أو غيره لم يجب أخذ السلاح بلا خلاف، لثبوت النصّ الدالّ على نفي الحرج فيه.

مسألة:إذا اشتدّ الخوف و التحم القتال و انتهت الحال إلى المسايفة،صلّى بحسب
اشارة

الإمكان

قائما و ماشيا و راكبا مستقبل القبلة إن أمكنه و لو بتكبيرة الإحرام،و غير مستقبل،و سجد على قربوس سرجه،و إن لم يتمكّن أومأ،و يكون سجوده أخفض من ركوعه،و يتقدّمون و يتأخّرون،و يطعنون،و يكرّون و يقرّون (2)،و لا يؤخّرون الصلاة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و ابن أبي ليلى:لا يصلّي مع المسايفة و لا مع المشي (5).

و قال الشافعيّ:يصلّي،فإن تتابع الضرب،أو الطعن،أو المشي،أو فعل ما يطول بطلت صلاته (6).

لنا:قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً (7).و رجال:جمع راجل كصاحب و صحاب.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فإن كان الخوف

ص:428


1- 1الأمّ 1:220،المجموع 4:423.
2- 2) م و ح:يكبّرون و يقرءون.
3- 3) الأمّ 1:222،المدوّنة الكبرى 1:162،بداية المجتهد 1:178،فتح العزيز بهامش المجموع 4:645، [1]المجموع 4:426، [2]المغني 2:268،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:89،بدائع الصنائع 1:244،شرح فتح القدير 2:66، حلية العلماء 2:256،المغني 2:268،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139،تفسير القرطبيّ 5:37. [3]
5- 5) المغني 2:268،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
6- 6) الأمّ 1:223،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،المهذّب للشيرازيّ 1:107،المجموع 4:426،المغني 2:68، الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
7- 7) البقرة(2):239. [4]

أشدّ من ذلك،صلّوا رجالا قياما على أقدامهم و ركبانا مستقبلي القبلة و غير مستقبليها» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة و فضيل و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«في صلاة الخوف عند المطاردة و المناوشة و تلاحم القتال[فإنّه] (2)يصلّي كلّ إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه فإذا كانت المسايفة و المعانقة و تلاحم القتال،فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام ليلة صفّين-و هي ليلة الهرير- لم يكن صلّى بهم (3)الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كلّ صلاة إلاّ بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء،فكانت تلك صلاتهم[و] (4)لم يأمرهم بإعادة الصلاة» (5).

و في الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صلاة الزحف على الظهر إيماء برأسك و تكبير،و المسايفة تكبير مع (6)إيماء،و المطاردة إيماء، يصلّي كلّ رجل على حياله» (7).و لأنّه مكلّف يصحّ منه الطهارة،فلا يجوز له ترك الصلاة في جميع أجزاء الوقت (8)،كالمريض.

احتجّ أبو حنيفة (9)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر الصلاة يوم الخندق فلم

ص:429


1- 1صحيح البخاريّ 6:38،الموطّأ 1:184 الحديث 3، [1]سنن البيهقيّ 3:256،المصنّف لعبد الرزّاق 2:513 الحديث 4257،4258.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) في النسخ:لم تكن صلاتهم،كما في الوسائل. [2]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 3:173 الحديث 384،الوسائل 5:486 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 8. [3]
6- 6) ح:بغير،كما في الوسائل. [4]
7- 7) التهذيب 3:174 الحديث 386،الوسائل 5:485 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 2. [5]
8- 8) متن ح:جميع آخر الوقت،هامش ح:جميع آخر الأوقات.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 2:48،بدائع الصنائع 1:44،الهداية للمرغينانيّ 1:89،شرح فتح القدير 2:66.

يصلّ (1).و لأنّ ما منع من الصلاة في غير شدّة الخوف منعها معه،كالحدث و الصياح (2).

و احتجّ الشافعيّ بأنّ الفعل الطويل مبطل،فكذا في حال الشدّة،كالحدث (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ أبا سعيد الخدريّ روى أنّ آية الخوف نزلت بعد واقعة الخندق (4).و يؤيّده:أنّ ذلك اليوم لم يكن هناك مسايفة تبطل الصلاة.

و عن الثاني:بظهور الفرق بين حالتي الشدّة و عدمها،و كذا بين الطعن و الضرب، و بين الصياح و الحدث،للحاجة إلى الأوّلين (5)دون الباقين (6).

و ممّا يوجب التعجّب أنّ أبا حنيفة اختار من الصلاة (7)المشهورة ما نقلها،مع اشتمالها على أفعال كثيرة منافية للصلاة،و مبطلات كثيرة من استدبار القبلة و القتال في حال يستغنى عنه،و سوّغ ذلك مع أنّ الحال لم يبلغ إلى ما يحوج (8)إليه،و منعه في حال لا يقدر إلاّ عليه،مع نصّ اللّه تعالى في الترخّص في هذا (9)الحال.

و قول الشافعيّ باطل،لأنّه عمل أبيح من أجل الخوف،فأشبه استدبار القبلة و الركوب و الإيماء.

و لأنّ أحد الأمور ثابت على تقدير الحاجة إلى الفعل الكثير،و هو إمّا تأخير الصلاة عن وقتها،أو ترك القتال،أو فعل الصلاة.و الأوّل باطل بالإجماع بيننا و بينه،و الثاني

ص:430


1- 1صحيح البخاريّ 5:141،صحيح مسلم 1:436 الحديث 203،مسند أحمد 1:81،سنن البيهقيّ 2:220.
2- 2) المغني 2:268،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 4:647،المغني 2:268،الشرح الكبير بهامش المغني 2:139.
4- 4) سنن النسائيّ 2:17،سنن الدارميّ 1:358،سنن البيهقيّ 3:251،المصنّف لعبد الرزّاق 2:502.
5- 5) ح و ق:الأوّل.
6- 6) ح و ق:الباقي.
7- 7) غ:من الصلوات.
8- 8) ح و ق:يخرج.
9- 9) أكثر النسخ:هذه.

باطل،لقوله تعالى وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1).و بالإجماع على عدم لزوم ترك القتال،فبقي (2)الثالث،و مع الجواز لا بطلان.

فرعان:
الأوّل:لو لم يتمكّن من الإيماء حال المسايفة جعل عوض كلّ ركعة تكبيرة

صورتها:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر.و ذلك يجزئه عن القراءة و الركوع و السجود،لما تقدّم في حديث زرارة و فضيل و محمّد بن مسلم،و حديث الحلبيّ (3).

و ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن المغيرة،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«أقلّ ما يجزئ في حدّ المسايفة من التكبير تكبيرتان لكلّ صلاة، إلاّ المغرب فإنّ لها ثلاثا» (4).

و في الموثّق عن زرعة قال:سألته عن صلاة القتال،فقال (5):«إذا التقوا فاقتتلوا فإنّما الصلاة حينئذ بالتكبير،و إذا كانوا وقوفا لا يقدرون على الجماعة (6)فالصلاة إيماءا» (7).

و رواه في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (8).

و روى ابن بابويه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«فات الناس مع عليّ عليه السلام يوم صفّين صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء فأمرهم فكبّروا و هلّلوا

ص:431


1- 1البقرة(2):195. [1]
2- 2) غ:فيبقى.
3- 3) تقدّم في ص 429. [2]
4- 4) التهذيب 3:174 الحديث 387،الوسائل 5:485 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 3. [3]
5- 5) م و ن:قال.
6- 6) جملة:«لا يقدرون على الجماعة»توجد في ح فقط،و كذا في الوسائل [4]على سند الكلينيّ و الصدوق.
7- 7) التهذيب 3:174 الحديث 385 فيه:عن زرعة عن سماعة،الوسائل 5:486 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف الحديث 4. [5]
8- 8) التهذيب 3:300 الحديث 916،الوسائل 5:487 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 9. [6]

و سبّحوا (1)رجالا و ركبانا» (2).

الثاني:يجوز أن تصلّى صلاة شدّة الخوف جماعة،رجالا و ركبانا.

و به قال الشافعيّ (3).و قال أبو حنيفة:لا يجوز (4).

لنا:الآية و الخبر و لم يفرق.و بعموم (5)الأمر بالجماعة.و لأنّها حالة يجوز فيها فعل الصلاة مع الانفراد،فيجوز فيها الجماعة،كركوب السفينة.

احتجّ أبو حنيفة بأنّهم إذا كانوا ركبانا كان بينهم و بين الإمام طريق،و ذلك يمنع من الجماعة (6).

و الجواب:قد تقدّم أنّ الطريق ليس مانعا (7).

مسألة:كلّ أسباب الخوف يجوز معه فعل صلاة الخوف و شدّة الخوف،
اشارة

(8)

سواء كان من لصّ أو سبع أو غرق أو غير ذلك،لقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (9).دلّ من حيث المنطوق على خوف العدوّ،و من حيث المفهوم على ما عداه من المخوفات.

و ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قلت (10):

ص:432


1- 1ح و ق:و سجدوا.
2- 2) الفقيه 1:296 الحديث 1350،الوسائل 5:486 الباب 4 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 5. [1]
3- 3) الأمّ 1:222،المهذّب للشيرازيّ 1:107،حلية العلماء 2:255،فتح العزيز بهامش المجموع 4:646، [2]المجموع 4:426، [3]مغني المحتاج 1:304،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:78.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:48،بدائع الصنائع 1:245،الهداية للمرغينانيّ 1:89،شرح فتح القدير 2:67، حلية العلماء 2:256.
5- 5) كذا في النسخ،و الأنسب:عموم.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:48،بدائع الصنائع 1:245.
7- 7) يراجع:ص:175.
8- 8) هامش ح بزيادة:من.
9- 9) النساء(4):101. [4]
10- 10) غ:قال.

و ما تقول إن خاف من سبع أو لصّ كيف يصلّي؟قال:«يكبّر و يومئ برأسه» (1).

و ما رواه في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام قال:سألته عن الرجل يلقى السبع و قد حضرت الصلاة و لا يستطيع المشي مخافة السبع،فإن قام يصلّي،خاف في ركوعه و في (2)سجوده السبع،و السبع أمامه على غير القبلة،فإن توجّه إلى القبلة خاف أن يثب عليه الأسد كيف يصنع؟قال:فقال:«يستقبل الأسد و يصلّي و يومئ برأسه إيماءا و هو قائم و إن كان الأسد على غير القبلة» (3).

و عن إسحاق بن عمّار،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الّذي يخاف السبع أو يخاف عدوّا يثب عليه أو يخاف اللصوص:«يصلّي على دابّته إيماءا الفريضة» (4).

و في الصحيح عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«الّذي يخاف اللصوص و السبع يصلّي صلاة المواقفة إيماءا على دابّته»قال:قلت:أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع و لا يقدر على النزول؟قال:«يتيمّم (5)من لبد سرجه أو دابّته و (6)من معرفة دابّته،فإنّ فيها غبارا،و يصلّي و يجعل السجود أخفض من الركوع،و لا يدور إلى القبلة و لكن أينما دارت دابّته،غير أنّه يستقبل القبلة بأوّل تكبيرة حين يتوجّه» (7).

فروع:

الأوّل:قال:بعض علمائنا:التقصير في عدد الركعات إنّما يكون في صلاة الخوف من

ص:433


1- 1التهذيب 3:299 الحديث 912،الوسائل 5:482 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 1. [1]
2- 2) لا توجد في م و ح،و كذا في الوسائل. [2]
3- 3) التهذيب 3:300 الحديث 915،الوسائل 5:483 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 3:302 الحديث 922،الوسائل 5:485 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 12. [4]
5- 5) ح:ليتيمّم.كما في الوسائل. [5]
6- 6) في التهذيب:أو.
7- 7) التهذيب 3:173 الحديث 383،الوسائل 5:484 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 8. [6]

العدوّ أو في السفر،أمّا غيرهما فلا،فالخائف من السبع و شبهه يتمّ عنده (1).و فيه تردّد.

الثاني:لو هرب من العدوّ أو من السبع أو من الحريق أو من السيل و ما أشبهه،بحيث لا يمكنه التخلّص منه بدون الهرب فله أن يصلّي صلاة شدّة الخوف في حال هربه،سواء خاف على نفسه أو أهله أو ماله،و كذا الأسير و المختفي في موضع.و لو كان المختفي قاعدا لا يمكنه القيام،أو مضطجعا لا يمكنه الجلوس صلّى على حسب حاله و لا إعادة عليه.و به قال أحمد (2)،و محمّد بن الحسن (3).

و قال الشافعيّ:يعيد (4).و ليس بجيّد،لأنّه خائف صلّى على حسب ما يمكنه،فلا إعادة عليه كالهارب.و لا فرق بين السفر و الحضر.

الثالث:لو أمكن التخلّص من المخوف-كالهارب من السيل يصعد ربوة، (5)و الخائف من عدوّ (6)يمكنه دخول حصن يأمن فيه من العدوّ فيصلّي فيه ثمَّ يخرج-لم يترخّص (7)،لأنّ الضرورة المبيحة تزول.

الرابع:العاصي بهربه-كالهارب من حقّ توجّه عليه،و القاطع للطريق،و اللصّ- ليس له أن يصلّي صلاة شدّة الخوف،لأنّ الموجب للترخّص ثبوت الدفع عن النفس في محلّ مباح،فلا يثبت بالمعصية.

الخامس:لو صلّى ركعة صلاة الخوف ثمَّ أمن أتمّ صلاة الآمن (8)،و كذا العكس

ص:434


1- 1نقله الشيخ في المبسوط 1:163،و ابن إدريس في السرائر:78 و المحقّق في المعتبر 2:454 عن بعض الأصحاب أيضا،و لم نعثر على قائله.
2- 2) المغني 2:269،الشرح الكبير بهامش المغني 2:140،الكافي لابن قدامة 1:279،الإنصاف 2:361.
3- 3) المغني 2:270،الشرح الكبير بهامش المغني 2:141.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:108،المجموع 4:429،المغني 2:270،الشرح الكبير بهامش المغني 2:141.
5- 5) الربوة:المكان المرتفع،بضمّ الرّاء و هو الأكثر.و الفتح لغة بني تميم،و الكسر لغة.المصباح المنير:217. [1]
6- 6) ن:عدوّه.
7- 7) ح و ق:لم يرخّص.
8- 8) ح و ق:الأمن.

يصلّي صلاة خائف،لزوال الموجب للترخّص،أو حصوله.و كما له الترخّص أو زواله في الابتداء فكذا في الأثناء،عملا بالاستصحاب.

السادس:لو صلّى راكبا ركعة صلاة شدّة الخوف فأمن نزل و أتمّ صلاة آمن (1)، بشرط أن لا يستدبر القبلة،و لا يخلّ بشيء من الواجبات في حال نزوله،فإن استدبر أو أخلّ بطلت صلاته.

و لو صلّى على الأرض ركعة صلاة آمن (2)ثمَّ خاف ركب و أتمّ.و قال الشافعيّ:

تبطل صلاته (3).و فرّق بين النزول و الصعود،لأنّ الركوب فعل كثير بخلاف النزول.

و قال في كتاب الأمّ:يبني على صلاته في الحالين (4). (5)و ما ذكره ليس بجيّد،لأنّه فعل مأذون فيه شرعا فلا يكون مبطلا.و لأنّ الفعل الكثير سقط اعتباره في نظر الشرع في صلاة شدّة الخوف.و لأنّه قد يكون الرجل فارسا فيكون ركوبه أسهل من نزول غيره.

السابع:لو كان بينهم و بين العدوّ حائل فخافوا إزالته صلّوا صلاة الخوف على حسب حالهم،لوجود السبب.

الثامن:لو رأوا العدوّ فصلّوا صلاة الخوف،ثمَّ ظهر الحائل لم يلزمهم الإعادة،خلافا للشافعيّ في أحد قوليه (6).

لنا:أنّها صلاة مأمور بها،فتكون مجزئة.

قالوا:إنّهم ظنّوا ما ليس بثابت فلا حكم له،كما لو ظنّوا الطهارة و تيقّنوا بعد ذلك

ص:435


1- 1ن،ح و ق:أمن.
2- 2) أكثر النسخ:أمن.
3- 3) حلية العلماء 2:256،المهذّب للشيرازيّ 1:107،مغني المحتاج 1:306،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 653،المغني 2:272،الشرح الكبير بهامش المغني 2:142.
4- 4) ح،ق و غ:الحال.
5- 5) الأمّ 1:223.
6- 6) الأمّ 1:218،حلية العلماء 2:257،المهذّب للشيرازيّ 1:107،المجموع 4:432،فتح العزيز بهامش المجموع 4:651.

الحدث (1).

و الجواب:التقدير أنّ السبب المخوف متحقّق فلا ظنّ فيه،أقصى ما في الباب أنّه خفي المانع عليهم.

التاسع:لو رأوا سوادا أو جماعة فظنّوهم (2)عدوّا فصلّوا صلاة الخوف،ثمَّ انكشف لهم فساد ظنّهم،لم يعيدوا.و به قال أبو إسحاق (3)،و للشافعيّ قولان:أحدهما:الإعادة مطلقا،ذكره في الأمّ (4)،و به قال أبو حنيفة (5).

و قال في الإملاء إن صلّوا بخبر (6)ثقة فلا إعادة (7).

لنا:أنّها صلاة مشروعة فتجزئ،كما لو كان عدوّا.

احتجّوا بأنّهم صلّوا صلاة الخوف مع عدم العدوّ،فأشبه ما إذا لم يظنّوا (8).

و الجواب:المقتضي للترخّص الخوف،لا وجود العدوّ.

العاشر:لا يجوز أن يصلّي صلاة الخوف في طلب العدوّ،لأنّه أمن (9)و طلبهم تطوّع، فإن لم يأمن كرّة العدوّ عليه،صلّى الإمام بالناس صلاة الخوف،لوجود السبب.

و لو كان العدوّ كثيرا و المسلمون قليلون،جاز لهم أن يصلّوا صلاة شدّة الخوف، لأنّهم لا يأمنون كرّتهم عليهم.

الحادي عشر:لو هرب من خوف حيّة أن تنهشه صلّى صلاة شدّة الخوف حال

ص:436


1- 1حلية العلماء 2:257،المغني 2:271.
2- 2) م و ن:أنّهم،ح و ق:بهم.
3- 3) حلية العلماء 2:257.
4- 4) الأمّ 1:225.
5- 5) تحفة الفقهاء 1:178،المبسوط للسرخسيّ 2:49،بدائع الصنائع 1:245،مجمع الأنهر 1:178.
6- 6) غ:لخبر.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:29،حلية العلماء 2:256،المجموع 4:432.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:49،بدائع الصنائع 1:245،المهذّب للشيرازيّ 1:107.
9- 9) غ:آمن.

عدوه،لوجود السبب.و لا إعادة عليه،للامتثال.و قال المزنيّ:عليه الإعادة،لأنّ الهرب من الحيّة عذر نادر،فلا يسقط القضاء (1).

و الجواب:السبب هو الخوف و ليس بنادر و إن تعدّدت أسبابه و ندر بعضها، كما أنّ خوف الضرر من المرض غير نادر و إن كان فيها مرض نادر.

مسألة:يجوز أن يصلّي صلاة الجمعة عند الخوف على صفة صلاة الخوف،
اشارة

بأن يفرّقهم فرقتين،فيخطب للأولى،ثمَّ يصلّي بهم ركعة و يتمّون،ثمَّ تجيء الطائفة الثانية، فيصلّي بهم الركعة الثانية و يتمّون،و يسلّم بهم،عملا بالعموم.

لا يقال:العدد شرط في الجمعة،و مع مفارقة الأولى يبقى الإمام منفردا،فلا تصحّ جمعته.

لأنّا نقول:أمّا أوّلا:فإنّ هذا لا يتأتّى على مذهبنا،إذ قد بيّنّا أنّ تفرّق المأمومين عن (2)الإمام بعد الدخول في الصلاة لا تبطل الجمعة (3).

و أمّا ثانيا:فالتفرّق هاهنا للعذر (4)،فلم يكن مبطلا.و لأنّ الإمام هاهنا منتظر للطائفة الثانية،فالتفرّق و إن وجد صورة فإنّه منفيّ حكما.

لا يقال:قد منعتم من تعاقب الجمعتين،و هاهنا قد عقدتم للطائفة الثانية جمعة بعد فراغ الأولى.

لأنّا نقول:الإمام لم يتمّ جمعته،و إنّما أدركت الأوّلة (5)معه ركعة،و أصل الجمعة الّتي عقدها الإمام لم يتمّ،و جرى حكم الطائفة الثانية مجرى المسبوق.

ص:437


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:108،المجموع 4:429.
2- 2) ق:عدا.
3- 3) تقدّم في الجزء الخامس ص 359.
4- 4) ق:لعذر.
5- 5) ح:الأولى.
فروع:

الأوّل:يشترط في الطائفة الأولى عدد الجمعة،لأنّ الانعقاد بها يحصل،أمّا الطائفة الثانية فلا يشترط فيها ذلك،لحصول الانعقاد أوّلا،خلافا لبعض الشافعيّة (1).

الثاني:لو خطب بالطائفة الأولى و لم يصلّ بهم ثمَّ مضوا إلى العدوّ و جاءت الطائفة الثانية،قال الشيخ:لا يجوز أن يصلّي بهم الجمعة إلاّ أن يعيد الخطبة و يكون العدد حاصلا (2).و هو حسن.

و لو مضى بعضهم و يخلف العدد صحّت صلاة الجمعة.

الثالث:لو خطب و صلّى بالطائفة الأولى الجمعة لم يجز أن يصلّي بالطائفة الثانية الجمعة مرّة أخرى،لأنّ تعاقب الجمعتين غير سائغ.و لا يختلف الحكم فيما ذكرناه بين الصحاري و البنيان،خلافا للجمهور،و قد سلف (3).

الرابع:و لا بأس بصلاة الاستسقاء في الخوف على صفة صلاة الخوف،و لو كان في شدّة الخوف أمكن أن يقال بالجواز أيضا.

و يصلّي للخسوف و العيدين في الخوف و شدّته،لأنّهما واجبان،و بالترك يفوتان.

الخامس:لو صلّى صلاة الخوف في الأمن،قال في المبسوط:صحّت صلاة الإمام و المأموم و إن تركوا الأفضل من حيث فارقوا الإمام،سواء كان كصلاة ذات الرقاع أو صلاة عسفان أو بطن النخل (4).

أمّا لو صلّى صلاة شدّة الخوف لم يصحّ،لأنّهم يخلّون بكثير من الواجبات،فيجب عليهم الإعادة.

مسألة:الموتحل و الغريق يصلّيان بحسب حالهما إيماءا

و لا يقصّران الصلاة عددا،

ص:438


1- 1حلية العلماء 2:254،فتح العزيز بهامش المجموع 4:642،المجموع 4:419.
2- 2) المبسوط 1:167. [1]
3- 3) تقدّم في الجزء الخامس ص 348 و 358.
4- 4) المبسوط 1:167. [2]

و يجوز أن يقصّروا (1)كيفيّتها للضرورة،لأنّ الأصل وجوب الإتمام،ترك (2)العمل به في الخوف و السفر،فيبقى الباقي على حكمه.

مسألة:المريض لا يسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا،
اشارة

لوجود المقتضي و هو عموم الأمر.و يصلّي على حسب إمكانه،فإن تمكّن من القيام وجب عليه.

و إن لم يتمكّن صلّى جالسا،فإذا أراد الركوع قام فركع،فإن لم يتمكّن من القيام حينئذ ركع من جلوس و سجد لذلك (3)،و إن لم يتمكّن رفع شيئا و سجد عليه.

فإن لم يتمكّن من الصلاة جالسا صلّى مضطجعا،فإذا أراد الركوع قام و ركع، و إن لم يتمكّن قعد و ركع.

و إن لم يتمكّن من الصلاة مضطجعا صلّى مستلقيا على ظهره،فإذا أراد الركوع غمّض عينيه،فإذا أراد رفع رأسه فتحهما،فإذا أراد السجود غمّضهما،فإذا أراد رفع رأسه من السجود فتحهما،فإذا أراد السجود ثانيا غمّضهما،فإذا أراد رفع رأسه فتحهما.و هكذا يكون صلاته،لوجود الضرورة.

و لما رواه الشيخ عن محمّد بن إبراهيم،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«يصلّي المريض قائما،فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا،فإن لم يقدر على ذلك صلّى مستلقيا،يكبّر ثمَّ يقرأ،فإذا أراد الركوع غمّض عينيه ثمَّ يسبّح،فإذا سبّح فتح عينيه، فيكون فتحه عينيه رفعه رأسه من الركوع،فإذا أراد أن يسجد غمّض عينيه ثمَّ يسبّح،فإذا سبّح فتح عينيه،فيكون فتحه عينيه (4)رفعه رأسه من السجود،ثمَّ يتشهّد و ينصرف» (5).

و في الحسن عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:439


1- 1كذا في النسخ.
2- 2) ح:و ترك.
3- 3) ن:كذلك.
4- 4) م،غ و ن:عينه.
5- 5) التهذيب 3:176 الحديث 393،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 13. [1]

اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً قال:«الصحيح يصلّي قائما وَ قُعُوداً المريض يصلّي جالسا وَ عَلى جُنُوبِهِمْ (1)الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالسا» (2).

و عن حمّاد (3)عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«المريض إذا لم يقدر أن يصلّي قاعدا، كيف قدر صلّى،إمّا أن يوجّه يومئ إيماءا،و قال:يوجّه كما يوجّه الرجل في لحده و ينام على جنبه الأيمن،ثمَّ يومئ بالصلاة،فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر، فإنّه له جائز،و يستقبل (4)بوجهه القبلة،ثمَّ يومئ بالصلاة إيماءا» (5).

فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من الصلاة قائما إلاّ بما يعتمد عليه من حائط أو عكّاز،وجب

عليه ذلك،

و لا يجوز له الصلاة جالسا إلاّ مع عدم الوصلة،لأنّ القيام واجب و لا يتمّ إلاّ بما ذكرناه،فيكون واجبا.

و لما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«و لا تستند إلى جدار إلاّ أن تكون مريضا» (6).و الاستثناء من النفي إثبات.

الثاني:إذا لم يتمكّن من السجود على الأرض رفع شيئا و سجد عليه،

لأجل

ص:440


1- 1آل عمران(3):191. [1]
2- 2) التهذيب 3:176 الحديث 396،الوسائل 4:689 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 1. [2]
3- 3) رواها عنه المحقّق في المعتبر 2:161،و [3]تبعه على ذلك في الذكرى:181،و [4]مستدرك الوسائل 1:267، و [5]لكن في التهذيب و الوسائل [6]عن عمّار.قال المحقّق السبزواريّ في الذخيرة:262:الموجود في بعض نسخ التهذيب: حمّاد.و قال في الحدائق 8:76:أنّهما روايتان مستقلّتان.
4- 4) ح:و ليستقبل،كما في الوسائل. [7]
5- 5) التهذيب 3:175 الحديث 392،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 10. [8]
6- 6) التهذيب 3:176 الحديث 394،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 2.و [9]فيه: «و لا تستند إلى جدار و أنت تصلّي».

الضرورة.روى (1)الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:سألته عن المريض،قال:«يسجد على الأرض أو على مروحة أو على مسواك يرفعه،هو أفضل من الإيماء» (2).

و روى في الموثّق عن سماعة قال:سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس،قال:

«فليصلّ و هو مضطجع (3)و ليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنّه يجزئ عنه،و لن يكلّف اللّه ما لا طاقة له به» (4).

الثالث:تتغيّر مراتب الصلاة بتغيّر أحوال المريض

في طرفي الزيادة و النقصان، فلو صلّى مضطجعا فوجد خفّة للقعود،قعد و أتمّ صلاته.

و كذا لو صلّى جالسا فوجد خفّة للقيام،قام و أتمّ،و لا يستأنف،لأنّ الدخول في تلك الحال وقع مشروعا،و الإعادة (5)يحتاج إلى دليل.

و كذا لو صلّى قائما فتجدّد العجز صلّى جالسا،أو كان جالسا فعجز (6)اضطجع و أتمّ صلاته من غير استئناف.

الرابع:الشيخ الكبير إذا عجز عن القيام سقط عنه،

و صلّى بالإيماء إذا لم يتمكّن من الركوع و السجود،دفعا للحرج.

و لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء،و لا يمكنه الركوع و السجود،فقال:

ص:441


1- 1ح:رواه.
2- 2) التهذيب 2:311 الحديث 1264،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1.و [1]فيهما: على سواك يرفعه.
3- 3) ح و ق:يضطجع.
4- 4) التهذيب 3:306 الحديث 944،الوسائل 4:690 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 5. [2]
5- 5) ح و ق:فالإعادة.
6- 6) ن،ق و ح:فيعجز.

«ليؤم برأسه إيماءا،و إن كان له من يرفع الخمرة فليسجد،فإن لم يمكنه (1)ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماءا»قلت:فالصيام؟قال:«إذا (2)كان في ذلك الحدّ فقد وضع اللّه عنه،فإن كانت له مقدرة فصدقة مدّ من طعام بدل كلّ يوم أحبّ إليّ،و إن لم يكن له يسار ذلك فلا شيء عليه» (3).

الخامس:حدّ المرض الّذي يباح معه ترك القيام ما يعلمه الإنسان من نفسه،

و قد حدّه شيخنا رحمه اللّه (4)بعدم القدرة على المشي مقدار الصلاة (5).

لنا:ما رواه الشيخ رحمه اللّه في الصحيح عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:ما حدّ المرض الّذي يصلّي معه صاحبه قاعدا؟ (6)فقال:«إنّ الرجل ليوعك و يحرج و لكنّه أعلم بنفسه إذا قوي فليقم» (7).

و عن عمر بن أذينة،عمّن أخبره،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سئل،ما حدّ المرض الّذي يفطر صاحبه،و المرض الّذي يدع صاحبه فيه الصلاة قائما؟قال:

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (8)و قال (9):«ذاك إليه هو أعلم بنفسه» (10).

احتجّ الشيخ بما رواه عن سليمان بن حفص المروزيّ قال:قال الفقيه عليه السلام:

ص:442


1- 1ح و ق:و إن لم يتمكّنه.
2- 2) ح و ق:إن.
3- 3) التهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 11. [1]
4- 4) م بزيادة:تعالى.
5- 5) النهاية:129، [2]المبسوط 1:130. [3]
6- 6) أكثر النسخ:يصلّي معه قاعدا،ح و المصادر:يصلّي صاحبه قاعدا.
7- 7) التهذيب 2:169 الحديث 673 و فيه:ما حدّ المريض و ج 3:177 الحديث 400،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 3. [4]
8- 8) القيامة(75):14. [5]
9- 9) لا توجد في أكثر النسخ.
10- 10) التهذيب 3:177 الحديث 399 و ج 4:256 الحديث 758،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 1. [6]بتفاوت يسير.

«المريض إنّما يصلّي قاعدا إذا صار الحال الّتي لا يقدر فيها أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما» (1).

و الجواب:المعارضة بما ذكرناه.و لأنّه تحديد للغالب لا للدائم،و قد جعله في المبسوط رواية،و اختار ما قلناه (2).

السادس:يستحبّ للمريض إذا جلس أن يقعد متربّعا،

فإذا أراد الركوع يثنّي (3)رجليه،فإن لم يتمكّن جلس كيف ما أراد.

السابع:يجوز له أن يصلّي بالإيماء في النوافل

و إن تمكّن من الإتيان بكمال الركوع (4)و السجود،لأنّ التشديد فيها ليس كالتشديد في الفرائض.

مسألة:الأسير في أيدي المشركين إذا لم يمكنه الصلاة على وجهها صلّى بالإيماء،
اشارة

لوجود الضرورة.

و لما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن الأسير يأسره المشركون فتحضر[ه] (5)الصلاة،فيمنعه الّذي أسره منها،قال:«يومئ إيماءا» (6).و كذا المصلوب يصلّي بالإيماء.

أمّا العاري،فإنّه يجتهد في ستر عورتيه (7)-قبله و دبره-بمهما اتّفق من ورق الشجر و غيره،فإن لم يتمكّن صلّى جالسا إن كان معه غيره،أو كان في موضع لا يأمن من اطّلاع غيره عليه،و لو أمن المطّلع صلّى قائما.

و لو كانوا جماعة كذلك صلّوا جلوسا،و يقدّم إمامهم بركبتيه،و يجعل ركوعه

ص:443


1- 1التهذيب 3:178 الحديث 402 و ج 4:257 الحديث 761،الوسائل 4:699 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 4. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) المبسوط 1:130. [2]
3- 3) م و غ:ثنّى.
4- 4) ح:كما للركوع،ق:كمال الركوع،ن:لكمال الركوع.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 3:299 الحديث 910،الوسائل 5:488 الباب 5 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث 1. [3]
7- 7) ن،ق و ح:عورته.

و سجوده بالإيماء،و يكون سجوده أخفض من ركوعه.قال الشيخ:و يركع من خلفه و يسجد (1).

روى الشيخ في الحسن عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:رجل خرج من سفينة (2)عريانا،أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلّي فيه،فقال:«يصلّي إيماءا،و إن كانت امرأة جعلت يدها (3)على فرجها،و إن كان رجلا وضع يده على سوأته،ثمَّ يجلسان فيومئان إيماءا،و لا يركعان و لا يسجدان فيبدو ما خلفهما،تكون صلاتهما إيماءا برؤوسهما» (4).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن قوم صلّوا جماعة و هم عراة،قال:«يتقدّمهم الإمام بركبتيه،و يصلّي بهم جلوسا و هو جالس» (5).

فرع:

لو لم يجد العاري إلاّ حفرة نزل فيها و استتر عن الناس و صلّى،لأنّ ستر العورة واجب بقدر الإمكان،و في النزول قدر من الاستتار مطلوب،فيجب.

و لما رواه الشيخ عن أيّوب بن نوح،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«العاري الّذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة دخلها فسجد (6)فيها

ص:444


1- 1النهاية:130، [1]المبسوط 1:130. [2]
2- 2) ن و غ:سفينته.
3- 3) أكثر النسخ:يديها.
4- 4) التهذيب 2:364 الحديث 1512 و ج 3:178 الحديث 403،الوسائل 3:327 الباب 50 من أبواب لباس المصلّي الحديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 2:365 الحديث 1513 و ج 3:178 الحديث 404،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلّي الحديث 1. [4]
6- 6) ح و ق:فيسجد.

و ركع» (1).

مسألة:و لا بأس بالصلاة في السفينة
اشارة

إذا تمكّن من استيفاء الأفعال المطلوبة على وجهها،لأنّ المطلوب الأفعال،و التقدير حصولها.

و روى الشيخ عن هارون بن حمزة الغنويّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الصلاة في السفينة،فقال:«إذا (2)كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرّك فصلّ قائما، و إن كانت خفيفة تكفّأ فصلّ قاعدا» (3).

فروع:

الأوّل:لو لم يتمكّن من الخروج،و لم يتمكّن من استيفاء الأفعال صلّى على حسب حاله،و يتحرّى وجود الأفعال على وجهها.

روى الشيخ في الحسن عن حمّاد بن عيسى قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يسئل عن الصلاة في السفينة،فقال:«إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا،فإن لم تقدروا فصلّوا قياما،فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعودا و تحرّوا القبلة» (4).

الثاني:إذا لم يتمكّن من استقبال القبلة استقبل بتكبيرة الإحرام القبلة،ثمَّ صلّى كيف ما دارت السفينة.

قال الشيخ:و قد روي أنّه يصلّي إلى صدر السفينة،و ذلك يختصّ النوافل (5).

و الرواية رواها في التهذيب عن سليمان بن خالد قال:سألته عن الصلاة في السفينة،فقال:

ص:445


1- 1التهذيب 3:179 الحديث 405،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلّي الحديث 2. [1]
2- 2) ح:إن،كما في الوسائل.
3- 3) التهذيب 3:171 الحديث 378،الاستبصار 1:455 الحديث 1763،الوسائل 4:705 الباب 14 من أبواب القيام الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 3:170 الحديث 374،الاستبصار 1:454 الحديث 1761،الوسائل 3:235 الباب 13 من أبواب القبلة الحديث 14. [3]
5- 5) المبسوط 1:131. [4]

«يصلّي قائما،فإن لم يستطع القيام فليجلس و يصلّي و هو مستقبل القبلة،فإن (1)دارت السفينة فليدر مع القبلة إن قدر على ذلك،و إن لم يقدر على ذلك فليثبت على مقامه و ليتحرّ القبلة بجهده»و قال:«يصلّي النافلة مستقبل صدر السفينة و هو مستقبل القبلة إذا كبّر،ثمَّ لا يضرّه حيث دارت» (2).

الثالث:إذا صلّى في السفينة و لم يجد ما يسجد عليه سجد على خشبها،فإن كان مقيّرا وضع ثوبا و سجد عليه،فإن لم يكن معه ثوب،سجد على القير و قد أجزأه،لأجل الضرورة المبيحة لذلك.

الرابع:لا بأس بالجماعة فيها،عملا بعموم الأحاديث الدالّة على فضيلة الجماعة (3).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب (4)بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بالصلاة في جماعة في السفينة» (5).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:سألته عن قوم صلّوا جماعة في سفينة،أين يقوم الإمام؟و إن كان معهم نساء كيف يصنعون؟أ قياما يصلّون أم جلوسا؟قال:«يصلّون قياما،فإن لم يقدروا على القيام صلّوا جلوسا هم،و يقوم الإمام أمامهم و النساء خلفهم،و إن ضاقت (6)السفينة قعدن النساء و صلّى الرجال، و لا بأس أن يكون النساء بحيالهم» (7).

ص:446


1- 1غ:فإذا.
2- 2) التهذيب 3:171 الحديث 377،الوسائل 4:707 الباب 14 من أبواب القيام الحديث 10. [1]
3- 3) الوسائل 5:370 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة. [2]
4- 4) م،ن،ق و ح:معاوية،و لم نعثر في كتب الرجال على شخص بهذا الاسم.
5- 5) التهذيب 3:296 الحديث 899،الوسائل 3:234 [3] الباب 13 من أبواب القبلة الحديث 9،و ج 5:475 الباب 73 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.
6- 6) ح:ماجت،كما في الاستبصار و الوسائل. [4]
7- 7) التهذيب 3:296 الحديث 900،الاستبصار 1:440 الحديث 1697،الوسائل 5:475 الباب 73 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 3.و [5]فيه و كذا في الاستبصار لا توجد كلمة«هم».

لا يقال:يعارض (1)ذلك ما رواه الشيخ عن أبي هاشم الجعفريّ (2)قال:كنت مع أبي الحسن عليه السلام في السفينة[في دجلة] (3)فحضرت الصلاة،فقلت:جعلت فداك نصلّي في جماعة؟قال:فقال:«لا تصلّ في بطن واد جماعة» (4).

لأنّا نقول:إنّه محمول على الكراهية،أو على حال لا يتمكّن فيها من استيفاء الأفعال.

على أنّ طريقها لا يخلو من ضعف.

الخامس:روى الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام قال:«أصحاب السفن يتمّون الصلاة في سفنهم» (5).و هذه رواية صحيحة موافقة للمذهب.

السادس:قال الشيخ:إذا تمكّن من الخروج و الصلاة على الأرض كان أفضل (6).

و هو جيّد،لأنّ استيفاء الأفعال حينئذ يكون أتمّ.

تمَّ الجزء الثاني من كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب و يتلوه في الجزء الثالث بعون اللّه تعالى:المقصد الثامن في الخلل الواقع في الصلاة.و الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على سيّد المرسلين محمّد و آله الطاهرين.كتبه العبد الفقير إلى اللّه تعالى مصنّفه

ص:447


1- 1ح و ق:معارض.
2- 2) داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب أبو هاشم الجعفريّ،عظيم المنزلة عند الأئمّة عليهم السلام،و قد شاهد الرضا و الجواد و الهادي و العسكريّ و صاحب الأمر عليهم السلام.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي و العسكريّ عليهم السلام،و قال في الفهرست: [1]له كتاب،وثّقه النجاشيّ بقوله:كان عظيم المنزلة عند الأئمّة عليهم السلام شريف القدر،ثقة.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة قائلا:ثقة جليل القدر،عظيم المنزلة عند الأئمّة عليهم السلام،و كان شريفا عندهم،له موقع جليل عندهم. رجال الطوسيّ:375،401،414 و 431،الفهرست:67، [2]رجال النجاشيّ:156،رجال العلاّمة:68. [3]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 3:297 الحديث 901،الاستبصار 1:441 الحديث 1698،الوسائل 5:476 الباب 73 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 4. [4]
5- 5) التهذيب 3:296 الحديث 898،الوسائل 5:516 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 7. [5]
6- 6) النهاية:132، [6]المبسوط 1:130. [7]

حسن بن يوسف بن مطهّر الحلّيّ غفر اللّه له و لوالديه و للمؤمنين و المؤمنات،و ذلك في ثامن عشر من ربيع الأوّل من سنة ثلاث و ثمانين و ستّمائة (1)،و الحمد للّه وحده.

ص:448


1- 1م بزيادة:من الهجرة النبويّة.

المجلد 7

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به نستعين (1)

تتمة كتاب الصلاة

المقصد الثامن:في الخلل الواقع في الصلاة،

اشارة

و فيه مباحث

الأوّل:ما يجب منه الإعادة
اشارة

(2)

مسألة:من أخلّ بواجب عمدا بطلب صلاته،

سواء كان جزءا منها أو شرطا كالطهارة،و القبلة،و ستر العورة،أو كيفيّة كالطمأنينة،عالما،أو جاهلا،لأنّ الإخلال بالجزء إخلال بالحقيقة المجتمعة من الأجزاء،فلا يخرج عن العهدة.و الإخلال بالشرط يقتضي إبطال المشروط و إلاّ لم يكن شرطا.لا خلاف بين أفعال الصلاة و كيفيّاتها في ذلك إلاّ الجهر و الإخفات،فإنّه إن أخلّ بالواجب منهما عمدا عالما بطلت صلاته،و جاهلا يكون معذورا،بلا خلاف بين الموجبين لهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر (3)فيه،أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه،فقال:«إن فعل ذلك متعمّدا فقد نقض صلاته و عليه الإعادة،و إن فعل ذلك ناسيا،أو ساهيا،أو لا يدري فلا شيء عليه» (4).

ص:7


1- 1ن:ربّي سهل،ف:و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله،ق:و صلّى اللّه على سيّدنا و آله.مكان:و به نستعين.
2- 2) ق:منه إعادة الصلاة،ح:من إعادة الصلاة.
3- 3) في المصادر:«لا ينبغي الإجهار».
4- 4) التهذيب 2:162 الحديث 635،الاستبصار 1:313 الحديث 1163،الوسائل 4:766 الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث 1.و [1]في الجميع:«أيّ ذلك فعل».

و كذا لو فعل في الصلاة ما لا يجوز فعله فيها من تروكها السابقة (1)وجب عليه الإعادة على ما سلف (2).

مسألة:و لو أخلّ بركن في الصلاة سهوا،
اشارة

(3)

فإن كان محلّه باقيا،أتى به،بلا خلاف بين أهل العلم،لأنّ الإتيان به ممكن على وجه لا يؤثّر (4)خللا و لا إخلالا بهيئة (5)الصلاة.

و لما رواه الجمهور عن المغيرة بن شعبة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتمّ قائما فليجلس،فإذا استتمّ قائما فلا يجلس و يسجد (6)سجدتي السهو».رواه أبو داود (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمران الحلبيّ قال:قلت:

الرجل يشكّ و هو قائم،فلا يدري أركع أم لا؟قال:«فليركع» (8).

و لو (9)تجاوز المحلّ حتّى دخل في ركن آخر بطلت صلاته،كمن أخلّ بالقيام حتّى نوى،أو بالنيّة حتّى يكبّر للافتتاح (10)،أو بالتكبير (11)حتّى يقرأ،أو بالركوع حتّى

ص:8


1- 1ح،ق و ص:السائغة.
2- 2) ينظر:الجزء الخامس ص 270 و ما بعدها.
3- 3) غ و ف:لو أخلّ.
4- 4) ح و ق:لا يريد،خا:لا يزيد.
5- 5) ح،ق،خا و ص:بنيّة.
6- 6) ح،ق و خا:و سجد.
7- 7) سنن أبي داود 1:272 الحديث 1036 بتفاوت،و نقله بهذا اللفظ عن أبي داود في المغني 1:713،و أيضا موجود بهذا اللفظ في سنن ابن ماجه 1:381 الحديث 1208.
8- 8) التهذيب 2:150 الحديث 589 و فيه:قلت له،الاستبصار 1:357 الحديث 1351،الوسائل 4:935 الباب 12 من أبواب الركوع الحديث 1. [1]
9- 9) م،ن و ك:فلو،ح،ق و خا:فإن.
10- 10) ح،ك و خا:الافتتاح.
11- 11) ن:بالتكبيرة.

يسجد (1)،أو بالسجدتين (2)حتّى يركع (3).

و قال بعض الجمهور:إن ذكره (4)في الصلاة أتى به،و إن ذكره (5)بعد التسليم أتى به أيضا،ما لم يطل الفصل (6).

لنا:قوله عليه السلام:«لا يقبل اللّه صلاة امرئ حتّى يضع الطهور مواضعه، ثمَّ يستقبل القبلة و يقول:اللّه أكبر» (7)و هو شامل للعمد و السهو،فما فعله أوّلا لا يكون مقبولا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا أيقن الرجل أنّه ترك ركعة من الصلاة و قد سجد سجدتين و ترك الركوع،استأنف الصلاة» (8).

و في الصحيح عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن رجل (9)ينسى (10)أن يركع حتّى يسجد و يقوم،قال:«يستقبل» (11).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل

ص:9


1- 1أكثر النسخ:سجد.
2- 2) ح،ق و خا:بالسجود.
3- 3) ح،ق و خا:ركع.
4- 4) ح،ق و خا:ذكر.
5- 5) ح،ق و خا:ذكر.
6- 6) المغني 1:693،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:113.
7- 7) أورده في المبسوط للسرخسيّ 1:36،و بدائع الصنائع 1:117.
8- 8) التهذيب 2:148 الحديث 580 و ص 149 الحديث 587،الاستبصار 1:355 الحديث 1343 و ص 356 الحديث 1349،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الركوع الحديث 3. [1]
9- 9) ن و ح:الرجل.
10- 10) ح،ق و خا:نسي،كما في الاستبصار.
11- 11) التهذيب 2:148 الحديث 581،582،الاستبصار 1:355 الحديث 1344،1345،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الركوع الحديث 1. [2]

ينسى (1)أن يركع،قال:«يستقبل حتّى يضع كلّ شيء من ذلك موضعه» (2).

و في الموثّق عن أبي بصير قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع، قال:«عليه الإعادة» (3).

و لأنّه أخلّ بجزء من الصلاة،فلا يكون آتيا بها فيبقى في عهدة الأمر.

احتجّ الجمهور (4)بأنّه لو أخلّ بركعة (5)أو ركعتين و سلّم أتى بالفائت،فالركن (6)أولى.

و الجواب:أنّ الإخلال في الصورة الأولى لا يغيّر هيئة الصلاة إذا فعل،بخلاف الصورة الثانية،فلم لا يجوز أن يكون هذا الفرق مبطلا للإلحاق؟!

فروع:
الأوّل:الأركان قد ذكرنا أنّها خمسة:

القيام،و النيّة،و التكبير،و الركوع، و السجدتان.و زاد بعض أصحابنا القراءة (7)،و قد سلف ذلك (8).

ص:10


1- 1ح،ق و خا:نسي.
2- 2) التهذيب 2:149 الحديث 583،الاستبصار 1:356 الحديث 1347،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الركوع الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 2:149 الحديث 584،الاستبصار 1:356 الحديث 1346،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الركوع الحديث 4. [2]
4- 4) المغني 1:694،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:679.
5- 5) خا:لو ترك ركعة،ح و ق:لو ترك بركعة.
6- 6) خا و ق:و الركن،ح:فبالركن.
7- 7) حكى ذلك الشيخ في المبسوط 1:105.و [4]نسبه في التنقيح 1:197 [5] إلى ابن حمزة،و ليس في الوسيلة [6]لذلك ذكر،و إنّما عدّ الاستقبال فيها ركنا،حيث قال:فالركن ستّة أشياء:القيام مع القدرة،و استقبال القبلة مختارا، و النيّة،و تكبيرة الإحرام،و الركوع،و السجود. الوسيلة [7](الجوامع الفقهيّة):673.
8- 8) تقدّم في الجزء الخامس:78.
الثاني:لا فرق بين الركعتين الأوّلتين و الأخيرتين في بطلان الصلاة

(1)

بإخلال ركن فيهما،خلافا للشيخ،فإنّه قال:لو أخلّ بالركوع أو بالسجدتين في الأوّلتين أعاد،و يلفّق في الأخيرتين من الرباعيّات،فيحذف السجود و يأتي بالركوع،و كذا يحذف الركوع و يأتي بالسجود (2).و بعض أصحابنا يلفّق مطلقا (3)لا يعتدّ (4)بالزّيادة.و هو قول للشيخ أيضا (5).

لنا:أنّه أخلّ بركن في الصلاة حتّى دخل في آخر فلو أعاد الأوّل زاد ركنا، و لو لم يأت به نقص ركنا،و كلاهما (6)مبطلان على ما يأتي.و لأنّ الزائد (7)حينئذ لا يكون من الصلاة،و هو فعل كثير.

و يؤيّده:ما تقدّم من الروايات الدالّة على الإعادة مطلقا،سواء كان الإخلال من الأوّلتين (8)أو من الأخيرتين (9).

احتجّ الشيخ بما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع:«فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة فيهما و يبني على صلاته على التمام،و إن كان لم يستيقن إلاّ بعد ما فرغ و انصرف فليقم فليصلّ ركعة و يسجد سجدتين و لا شيء عليه» (10).

ص:11


1- 1ف و غ:الأوليين.
2- 2) التهذيب 2:149،المبسوط 1:109، [1]الاقتصاد:405 و 407. [2]
3- 3) هو قول ابن الجنيد و عليّ بن بابويه،نقله عنهما في المختلف:129.
4- 4) أكثر النسخ:يقيّد.
5- 5) النهاية:88. [3]
6- 6) ح:و كلا القسمان،ف و غ:و لأنّهما.
7- 7) ح،ق و خا:الزيادة.
8- 8) م و ص:الأوليين.
9- 9) خا،ص و ك:الآخرتين.
10- 10) التهذيب 2:149 الحديث 585،الاستبصار 1:356 الحديث 1348،الوسائل 4:934 الباب 11 من أبواب الركوع الحديث 2.و [4]في الجميع:«لهما»مكان:«فيهما».

و في الصحيح عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتّى فرغ منها،ثمَّ ذكر أنّه لم يركع،قال:«يقوم فيركع و يسجد سجدتي السهو» (1).

و الجواب:أنّهما غير دالّتين (2)على مطلوب الشيخ من التخصيص و الفرق بين الأوّلتين (3)و الأخيرتين،فهما متروكتا الظاهر عنده،و تأويله بعيد (4)،لعدم الدليل.و مع ذلك فهما معارضتان بما قلناه (5)من الأحاديث (6)،و بدليل الاحتياط.

الثالث:لو ترك ركعة من الرباعيّات و لم يدر من أيّ الركعات ،

(7)

فعلى ما اخترناه يعيد،و على مذهب القائلين بالتلفيق مطلقا يضيف إليها ركعة أخرى،لأنّه (8)بمنزلة من صلّى ثلاثا.و على قول الشيخ يعيد أيضا،لاحتمال أن تكون من الأوّلتين (9).أمّا لو تيقّن أنّها من الأخيرتين فعلى قوله يلفّق (10).

الرابع:لو ترك سجدتين من ركعة واحدة و لم يدر من أيّ الأربع هي،

أعاد على قولنا،و على مذهب القائلين بالتلفيق مطلقا يتمّ له ثلاث و يضيف إليها رابعة،و على قول الشيخ يعيد،إلاّ أن يعلم أنّها من الأخيرتين فيجعل الرابعة ثالثة و يتمّ بركعة و يسقط حكم الركوع المتخلّل،لأنّه وقع عن سهو.

ص:12


1- 1التهذيب 2:149 الحديث 586،الوسائل 4:935 الباب 11 من أبواب الركوع الحديث 3. [1]
2- 2) غ،ق،ح و خا:دالّين.
3- 3) غ و م:الأوليين.
4- 4) ح:يفسد.
5- 5) ح و ك:قلنا.
6- 6) تقدّمت في ص 9.
7- 7) ح،ق و خا:الرباعيّات.
8- 8) م،ك و ن:فيكون.
9- 9) غ و م:الأوليين.
10- 10) ق،ص،خا و متن ح بزيادة:إليه،هامش ح بزيادة:إليهما.
مسألة:و لو زاد ركوعا عمدا أو سهوا أعاد.

(1)

و قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)، و أحمد:يعيد عمدا لا سهوا،بل يسجد له (4).

لنا:أنّه تغيير (5)لهيئة الصلاة المطلوبة و خروج عن ترتيبها المراد،فتبطل معه الصلاة كالعمد.و لأنّه فعل كثير ليس من أفعال الصلاة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و بكير ابني (6)أعين،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إذا استيقن أنّه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها و استقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا» (7).

و عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،[قال:سألته] (8)عن رجل صلّى و ذكر أنّه زاد سجدة،قال:«لا يعيد الصلاة من سجدة و يعيدها من ركعة» (9).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استيقن أنّه زاد سجدة، قال:«لا يعيد الصلاة من سجدة و يعيدها من ركعة» (10).

ص:13


1- 1ن:و سهوا.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:88،المجموع 4:91،فتح العزيز بهامش المجموع 4:141،مغني المحتاج 1:198.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:229،بدائع الصنائع 1:164،الهداية للمرغينانيّ 1:74،شرح فتح القدير 1: 437،تحفة الفقهاء 1:210.
4- 4) المغني 1:718،الشرح الكبير بهامش المغني 1:701،الكافي لابن قدامة 1:211،الإنصاف 2:124.
5- 5) أكثر النسخ:تغيّر.
6- 6) م،ح و ق:بن،كما في الوسائل. [1]
7- 7) التهذيب 2:194 الحديث 763 و فيه:«إذا استيقن الرجل»،الاستبصار 1:376 الحديث 1428،و فيه: «أنّه زاد في الصلاة.» [2]الوسائل 5:332 الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [3]
8- 8) أثبتناها من المصدر.
9- 9) التهذيب 2:156 الحديث 610،الوسائل 4:938 الباب 14 من أبواب الركوع الحديث 2.و [4]فيهما:فذكر أنّه زاد.
10- 10) التهذيب 2:156 الحديث 611،الوسائل 4:938 الباب 14 من أبواب الركوع الحديث 3.و [5]فيهما:«لا يعيد صلاته».

احتجّوا (1)بقوله عليه السلام:«إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين و هو جالس».

رواه مسلم (2).و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر خمسا،فلمّا قيل له سجد للسهو (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا عموم له،فيحمل على الصور الّتي يجب فيها سجدتا السهو.

و عن الثاني:أنّه حكاية حال،فلعلّه عليه السلام لم يتيقّن بما (4)قالوه فأحدث شكّا، و الشكّ في الزيادة غير مبطل،و هو موجب للسجود.على أنّ الحقّ عندنا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5)لا يلحقه السهو.

مسألة:و لو زاد سجدتين أعاد،

لما ذكرناه من أنّه تغيير (6)للهيئة،و كونه فعلا كثيرا.

و لأنّه ركن زاد في الصلاة فأوجب (7)الإعادة،كالركوع.

مسألة:و لو زاد خامسة عمدا أعاد،
اشارة

و سهوا (8)فإن لم يجلس عقيب الرابعة بقدر التشهّد أعاد.و به قال علماؤنا أجمع،و هو مذهب أبي حنيفة (9).

و إن جلس عقيب الرابعة فللشيخ قولان:

ص:14


1- 1المغني 1:719،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:707.
2- 2) صحيح مسلم 1:402 الحديث 572.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:85،صحيح مسلم 1:402 الحديث 572،سنن ابن ماجه 1:380 الحديث 1205. سنن البيهقيّ 2:341.
4- 4) أكثر النسخ:ما.
5- 5) غ و ن:عليه السلام.
6- 6) أكثر النسخ:تغيّر.
7- 7) ح و ق:فالواجب.
8- 8) جملة«عمدا أعاد،و سهوا»ليست في أكثر النسخ.
9- 9) بدائع الصنائع 1:171،الهداية للمرغينانيّ 1:75،شرح فتح القدير 1:446،المغني 1:721،الشرح الكبير بهامش المغني 1:702،المجموع 4:163،تحفة الفقهاء 1:210.

أحدهما:الإعادة (1)،اختاره في الخلاف (2).

و الثاني:لا يعيد،ذكره في التهذيب (3).

و قال الشافعيّ:صلاته (4)تامّة على التقديرين و يسجد (5)للسهو (6).و به قال علقمة،و الحسن،و عطاء،و الزهريّ،و النخعيّ،و الليث،و مالك،و إسحاق،و أبو ثور (7).

لنا على تقدير ترك الجلوس:أنّ الزيادة حينئذ مغيّرة لهيئة الصلاة،فتكون مبطلة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و بكير ابني (8)أعين،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إذا استيقن أنّه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها و استقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا» (9).

و عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (10).

و لنا على الثاني:ما رواه أبو سعيد الخدريّ فيمن سجد سجدتين:«فإن كانت صلاته

ص:15


1- 1ح،ق و خا:يعيد.
2- 2) قال في موضع من الخلاف بالبطلان،و نسب إلى بعض الأصحاب الصحّة إن جلس في الرابعة،و قال في موضع آخر:إذا صلّى المغرب أربعا أعاد.الخلاف 1:164 مسألة-196،و ص 172 مسألة-211.
3- 3) التهذيب 2:194.
4- 4) ح،ق و خا:صلّى.
5- 5) ح:و ليسجد.
6- 6) الأمّ 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:139،فتح العزيز بهامش المجموع 4:162،المغني 1:720،الشرح الكبير بهامش المغني 1:702.
7- 7) المغني 1:721،الشرح الكبير بهامش المغني 1:702.
8- 8) ح،ق و خا:بن،كما في الوسائل. [1]
9- 9) التهذيب 2:194 الحديث 763 و فيه:«إذا استيقن الرجل»،الاستبصار 1:376 الحديث 1428 و فيه: «أنّه زاد في الصلاة»، [2]الوسائل 5:332 الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [3]
10- 10) التهذيب 2:194 الحديث 764،الاستبصار 1:376 الحديث 1429،الوسائل 5:332 الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [4]

تامّة كانت الركعة نافلة و السجدتان (1).و رواه أبو داود (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل صلّى خمسا،فقال:«إن كان جلس في الرابعة قدر التشهّد فقد تمّت صلاته» (3).

و عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد أن صلّى الظهر أنّه صلّى خمسا،قال:«و كيف استيقن؟»قلت:علم،قال:«إن كان علم أنّه كان جلس في الرابعة فصلاته الظهر تامّة و ليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة و سجدتين، فتكونان ركعتين نافلة و لا شيء عليه» (4).

و لأنّه أتى بالأركان،فلا يؤثّر ترك بعض الواجبات سهوا،و التّشهّد و التسليم ليسا بركنين فلا تبطل الصلاة بتركهما.

فروع:
الأوّل:هل يضيف إليها ركعة أخرى و يصلّيها نفلا؟

فعلى ما تضمّنته رواية محمّد بن مسلم يضيف ركعة أخرى و يجعلهما نفلا،و عندي فيه تردّد.

الثاني:لو ذكر الزيادة بعد القيام قبل الركوع قعد و تشهّد

و سلّم و سجد سجدتي السهو،لأنّه لم يفت المحلّ.و لو ذكر بعد الركوع قبل (5)السجود،فعلى ما تضمّنته الرواية

ص:16


1- 1في النسخ:و السجدتين،و الصحيح ما أثبتناه.
2- 2) سنن أبي داود 1:269 الحديث 1024.
3- 3) التهذيب 2:194 الحديث 766،الاستبصار 1:377 الحديث 1431،الوسائل 5:332 الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 2:194 الحديث 765،الاستبصار 1:377 الحديث 1430،الوسائل 5:332 الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [2]
5- 5) ح،ق و خا:و قبل.

ينبغي القول بجواز فعل (1)السجدتين و الإتيان بأخرى (2).

الثالث:التشهّد المأتيّ به و التسليم ليسا من الصلاة،

لأنّها تمّت،و فات محلّ التشهّد و التسليم،فما يأتي به بعد ذلك يكون من النافلة.

مسألة:و لو سلّم ثمَّ تيقّن النقيصة،

كمن سلّم في الأوّلتين (3)من الثلاثيّات أو الرباعيّات،أو صلّى ركعة من الغداة و سلّم ساهيا،أتى بما نقص،و تشهّد و سلّم و سجد سجدتي السهو إلاّ أن يفعل ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا،كالحدث،و الالتفات إلى ما وراءه،فإنّه تبطل صلاته حينئذ.و إن فعل ما يبطل الصلاة عمدا لا سهوا،كالكلام،ففيه خلاف بين علمائنا،فبعضهم أبطل الصلاة و أوجب الإعادة (4)،و بعضهم لم يبطلها (5)، و القولان للشيخ (6).و الأقرب الثاني،لأنّه فعل صدر عن سهو فلا يكون مبطلا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلّى ركعة من الغداة،ثمَّ انصرف و خرج في حوائجه،ثمَّ ذكر أنّه صلّى ركعة،قال:«فليتمّ ما بقي» (7).

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سئل عن رجل دخل مع الإمام في صلاته و قد سبقه بركعة،فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس،ثمَّ ذكر أنّه فاتته ركعة، قال:«يعيد ركعة واحدة،يجوز له ذلك إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة،فإذا حوّل وجهه فعليه

ص:17


1- 1ح،ق و خا:فعلي.
2- 2) م،ح،ق و خا:بالأخرى.
3- 3) غ:الأوليين.
4- 4) منهم ابن حمزة في الوسيلة [1](الجوامع الفقهيّة):674،و ابن البرّاج في المهذّب 1:155.
5- 5) منهم المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:114،و المختصر النافع:43،و نسب في الحدائق 9:127،و الجواهر 12: 265 [2] إلى المشهور.
6- 6) قال في النهاية:90،و [3]الجمل و العقود:77 بالإعادة،و قوّى في المبسوط 1:121 عدم الإعادة.
7- 7) التهذيب 2:347 الحديث 1439،الاستبصار 1:368 الحديث 1402،الوسائل 5:315 الباب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [4]

أن يستقبل الصلاة استقبالا» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ الصلاة و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين (2)، فقال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (3).و نحوه رواه (4)في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام (5).

و في الصحيح عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلّى ركعتين ثمَّ قام،قال:يستقبل ما لم يبرح من مكانه (6).و هذا كلّه يدلّ على وجوب الإعادة مع الاستدبار.

و في الموثّق عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّي الغداة ركعة و يتشهّد ثمَّ ينصرف (7)و يذهب و يجيء،ثمَّ يذكر بعد أنّه إنّما صلّى ركعة،قال:

«يضيف إليها ركعة» (8).و هذه محمولة على حال عدم الاستدبار.

مسألة:و لو شكّ في الركوع-و هو قائم-ركع،

لأنّه في محلّه،فإن ذكر-و هو راكع-

ص:18


1- 1التهذيب 2:184 الحديث 732،الاستبصار 1:368 الحديث 1401،الوسائل 5:315 الباب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
2- 2) ق:بعد ركعتين،م:لم يصلّ ركعتين،كما في الاستبصار.
3- 3) التهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 9. [2]
4- 4) غ:ما رواه.
5- 5) التهذيب 2:191 الحديث 756،الاستبصار 1:378 الحديث 1434،الوسائل 5:308 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [3]
6- 6) التهذيب 2:345 الحديث 1434،الوسائل 5:308 الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7. [4]
7- 7) ح،ق و خا:و يسلّم،مكان:ثمَّ ينصرف.
8- 8) التهذيب 2:346 الحديث 1437،الاستبصار 1:367 الحديث 1399،الوسائل 5:316 الباب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [5]

أنّه كان قد ركع أعاد.قاله ابن أبي عقيل منّا (1).و قال الشيخ (2)و علم الهدى:يرسل (3)نفسه و لا يرفع رأسه،فإن رفع أعاد،لأنّه زاد ركوعا (4)،و الأقرب الأوّل،لأنّ الركوع هو الانحناء،و ليس رفع الرأس جزءا من المسمّى،فيصدق عليه أنّه زاد ركوعا،و زيادة الركوع مبطلة.و لو ذكر بعد رفع رأسه أعاد على القولين.

مسألة:و لو شكّ في عدد الثنائيّة

-كالصبح،و صلاة السفر،و الجمعة،و الكسوف- أو في الثلاثة كالمغرب،أو في الأوّلتين (5)من الرباعيّات أعاد.ذهب إليه علماؤنا أجمع إلاّ ابن بابويه،فإنّه جوّز له البناء على الأقلّ و الإعادة (6).

ص:19


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:390. [1]
2- 2) النهاية:92، [2]المبسوط 1:122.
3- 3) ح،ق و خا:لو أرسل.
4- 4) جمل العلم و العمل:65.
5- 5) غ:الأوليين.
6- 6) قال في الحدائق 9:192: [3]قد نقل الأصحاب من العلاّمة فمن بعده عن الصدوق هنا القول بجواز البناء على الأقلّ،مع أنّا لم نقف عليها في كلامه،بل الموجود فيه ما يخالفها. و قال في الجواهر 12:328: [4]لم أعرف أحدا نسب الخلاف فيه إلى أحد منّا قبل المنتهى [5]فحكى الإجماع عليه ممّن عدا أبي جعفر محمّد بن بابويه. و قال في مفتاح الكرامة 3:294: [6]في المنتهى [7]الإجماع على ذلك إلاّ من أبي جعفر بن بابويه،ثمَّ قال بعد سطور:و في المقنع:إذا لم تدر واحدة صلّيت أم اثنتين فأعد الصلاة،و [8]روي:«ابن على ركعة»و لم يتعرّض لذلك في الهداية،ثمَّ قال في ص 297 في بحث الشكّ في الأوليين من الرباعيّة:و ما نسبوه إلى الصدوق من الخلاف إنّما فهموه منه في الفقيه.ثمَّ نقل عن أستاذه في مصابيح الظلام: [9]إنّ المتوهّم هو العلاّمة،و تبعه الشهيد في الذكرى.و لعلّ ما يوجب إسناد ذلك إلى الصدوق أنّه قال بعد ذكر رواية عبد الرحمن بن الحجّاج،و رواية علي بن أبي حمزة،و رواية سهل بن اليسع:يبني على يقينه،و قد روي إنّه يصلّي ركعة من قيام و ركعتين من جلوس.و ليست هذه الأخبار بمختلفة، و صاحب هذا السهو بالخيار بأيّ خبر منها أخذ فهو مصيب. الفقيه 1:230 الحديث 1021-1023، [10]المقنع:30. [11]

و قال الشافعيّ:يبني على الأقلّ و يأتي بالتمام (1).و به قال مالك (2)و إسحاق (3)، و أبو ثور (4)،و أحمد في المنفرد خاصّة،و في الإمام عنه روايتان:إحداهما:أنّه يبني على الأقلّ،و الثانية:أنّه يبني على غالب ظنّه (5).

و قال أبو حنيفة:إن كان أوّل ما أصابه أعاد الصلاة،و إن تكرّر تحرّى و عمل على ما يؤدّيه تحرّيه إليه (6).

و عن الثوريّ روايتان:إحداهما:يتحرّى.و الثانية:يبني على اليقين (7).

و قال الحسن البصريّ:يسجد (8)سجدتي السهو و يجزئه (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا غرار في الصلاة» (10)

ص:20


1- 1الأمّ 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:106،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168،حلية العلماء 2:162.
2- 2) بلغة السالك 1:137،بداية المجتهد 1:198،حلية العلماء 2:162،المجموع 4:111.
3- 3) المغني 1:103،الشرح الكبير بهامش المغني 1:727،عمدة القارئ 7:313.
4- 4) عمدة القارئ 7:313.
5- 5) المغني 1:703،الشرح الكبير بهامش المغني 1:727،الكافي لابن قدامة 1:217،الإنصاف 2:147،فتح الباري 3:74.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:219،تحفة الفقهاء 1:211،بدائع الصنائع 1:165،الهداية للمرغينانيّ 1:76، شرح فتح القدير 1:452،عمدة القارئ 4:141 و ج 7:313،مجمع الأنهر 1:152.
7- 7) نسب إليه في المجموع 4:111 و المغني 1:703،و الشرح الكبير بهامش المغني 1:727:البناء على اليقين،و في فتح الباري 3:74 و المصنّف لعبد الرزّاق 2:306 الرقم 3470 روى عنه رواية بالتحرّي.
8- 8) ح:سجد.
9- 9) الميزان الكبرى 1:162،المجموع 4:111،حلية العلماء 2:162،عمدة القارئ 7:312،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58.
10- 10) سنن أبى داود 1:244 الحديث 928 و 929،مسند أحمد 2:461،المستدرك للحاكم 1:264،كنز العمّال 7:514 الحديث 20025.

نفى (1)التغرير مطلقا،فيتناول صورة النزاع،و يخرج عنه ما اتّفقنا (2)عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل شكّ في الركعة الأولى،قال:«يستأنف» (3).

و في الصحيح عن موسى بن بكر قال:سأله (4)الفضيل عن السهو،فقال:«إذا شككت في (5)الأوّلتين فأعد» (6).و مثله رواه عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السلام (7).

و في الصحيح عن رفاعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري أ ركعة صلّى أم ثنتين؟قال:«يعيد» (8).

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا سهوت في الأوّلتين فأعدهما حتّى تثبتهما» (9).

و في الصحيح عن الفضل بن عبد الملك قال:قال لي:إذا لم تحفظ الركعتين الأوّلتين.

ص:21


1- 1ن،ح،ق،ك و خا:يعني.
2- 2) ح،ق و خا:ما أثبتنا.
3- 3) التهذيب 2:176 الحديث 700،الاستبصار 1:363 الحديث 1377،الوسائل 5:301 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 11. [1]
4- 4) غ،ح،ق و خا:سألت.
5- 5) غ،ف و ص بزيادة:الركعتين.
6- 6) التهذيب 2:176 الحديث 703،الاستبصار 1:364 الحديث 1380،الوسائل 5:302 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 19. [2]
7- 7) التهذيب 2:176 الحديث 701،الاستبصار 1:363 الحديث 1378،الوسائل 5:301 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 14. [3]
8- 8) التهذيب 2:177 الحديث 705،الاستبصار 1:364 الحديث 1382،الوسائل 5:301 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 12. [4]
9- 9) التهذيب 2:177 الحديث 706،الاستبصار 1:364 الحديث 1383،الوسائل 5:302 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 15. [5]

فأعد صلاتك (1).

و في الصحيح عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام قال:قلت له:رجل لا يدري أ واحدة صلّى أم اثنتين؟قال:«يعيد» (2).

و أمّا الّذي يدلّ على وجوب الإعادة في الغداة و المغرب،فما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن أبي عمير،عن حفص بن البختريّ و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا شككت في المغرب فأعد و إذا شككت في الغداة فأعد» (3).

و عن يونس،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ليس في المغرب و الفجر سهو» (4).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا سهوت في المغرب فأعد الصلاة» (5).

و أمّا الّذي يدلّ على الباقي،فما تقدّم.و ما رواه الشيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّي و لا يدري أ واحدة صلّى أم اثنتين؟ قال:«يستقبل حتّى يستيقن أنّه قد أتمّ،و في الجمعة،و في المغرب و في الصلاة في السفر» (6).

ص:22


1- 1التهذيب 2:177 الحديث 707،الاستبصار 1:364 الحديث 1384،الوسائل 5:301 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 13. [1]
2- 2) التهذيب 2:177 الحديث 708،الاستبصار 1:364 الحديث 1385،الوسائل 5:300 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:178 الحديث 714 و ص 180 الحديث 723،الاستبصار 1:365 الحديث 1390،الوسائل 5: 304 الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1 و 5. [3]في الجميع:«و إذا شككت في الفجر».
4- 4) التهذيب 2:179 الحديث 716،الاستبصار 1:364 الحديث 6392،الوسائل 5:304 الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 2:180 الحديث 721،الاستبصار 1:370 الحديث 1408،الوسائل 5:305 الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [5]
6- 6) التهذيب 2:179 الحديث 715،الاستبصار 1:365 الحديث 1391،الوسائل 5:300 الباب 1 [6] من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7 و ص 304 الباب 2 الحديث 2.

و في الصحيح عن العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل يشكّ (1)في الفجر،قال:«يعيد»قلت:المغرب،قال:«نعم،و الوتر و الجمعة»من غير أن أسأله (2).

و عن سماعة قال:سألته عن السهو في صلاة الغداة،قال:«إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين فأعد الصلاة من أوّلها،و الجمعة أيضا إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة، لأنّها ركعتان،و المغرب إذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلّى فعليه أن يعيد الصلاة» (3).

و لأنّ الذمّة مشغولة بيقين،و ما أتى به يحتمل الصحّة و البطلان،فيكون الاشتغال باقيا.

و بيان احتمال الأمرين:أنّه بتقدير البناء على الأوّل يحتمل الزيادة و بتقدير البناء على الأكثر يحتمل النقصان،و كلاهما مبطل.

احتجّ ابن بابويه (4)بما رواه الحسين بن أبي العلاء في الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلّى أم واحدة؟قال:«يتمّ» (5).

و ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي إبراهيم عليه السلام قال في الرجل لا يدري ركعة (6)صلّى أم ثنتين؟قال:«يبني على الركعة» (7).

ص:23


1- 1م و ك:شكّ،كما في الاستبصار.
2- 2) التهذيب 2:180 الحديث 722،الاستبصار 1:366 الحديث 1395،الوسائل 5:305 الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7. [1]
3- 3) التهذيب 2:179 الحديث 720،الاستبصار 1:366 الحديث 1394،الوسائل 5:305 الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 8. [2]
4- 4) المقنع:30.
5- 5) التهذيب 2:177 الحديث 710،الاستبصار 1:364 الحديث 1387،الوسائل 5:303 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 20. [3]
6- 6) م و ح:أ ركعة،كما في الوسائل. [4]
7- 7) التهذيب 2:177 الحديث 711،الاستبصار 1:365 الحديث 1388،الوسائل 5:303 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 23. [5]

و في الموثّق عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلّى أم واحدة؟فقال (1):«يتمّ بركعة» (2).

احتجّ الشافعيّ (3)بما رواه أبو داود بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا شكّ أحدكم في صلاته فليلغ (4)الشكّ و ليبن على اليقين،و إذا استيقن التمام سجد (5)سجدتين،فإن كانت صلاته تامّة كانت الركعة نافلة و السجدتان، و إن كانت ناقصة كانت الركعة تمام الصلاة و كانت السجدتان مرغمتي الشيطان» (6).

و عن عبد الرحمن بن عوف،عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا شكّ أحدكم في الثنتين و الواحدة فليجعلها واحدة،و إذا شكّ في الثنتين و الثلاث فليجعلها ثنتين،و إذا شكّ في الثلاث و الأربع فليجعلها ثلاثا،ثمَّ ليتمّ ما بقي من صلاته حتّى يكون الوهم في الزيادة، ثمَّ يسجد سجدتين و هو جالس قبل أن يسلّم» (7).

و احتجّ الحسن البصريّ (8)بما رواه أبو هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يأتي الشيطان أحدكم فيلبّس عليه صلاته فلا يدري أ زاد أم نقص،فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين و هو جالس» (9).

ص:24


1- 1غ و خا:قال،كما في الاستبصار و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 2:178 الحديث 712،الاستبصار 1:365 الحديث 1389،الوسائل 5:303 الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 22. [2]
3- 3) الأمّ 1:130،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:109. [3]
4- 4) كذا في النسخ،كما في سنن ابن ماجه،و في باقي المصادر:«فليلق».
5- 5) م و ن:يسجد.
6- 6) سنن أبي داود 1:269 الحديث 1024.و رواه ابن ماجه و الدار قطني و الحاكم،ينظر:سنن ابن ماجه 1: 382 الحديث 1210،سنن الدار قطنيّ 1:372 الحديث 21،المستدرك للحاكم 1:322،سنن البيهقيّ 2:351.
7- 7) سنن الترمذيّ 2:245 الحديث 398، [4]المستدرك للحاكم 1:325،سنن الدار قطنيّ 1:370 الحديث 15. بتفاوت يسير في الجميع.
8- 8) المجموع 4:111،عمدة القارئ 7:312. [5]
9- 9) صحيح البخاريّ 2:87،صحيح مسلم 1:398 الحديث 389،الحديث 389،سنن أبي داود 1:271 الحديث 1030،سنن البيهقيّ 2:353.

و احتجّ أبو حنيفة (1)بما رواه ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحرّ الصواب و ليبن عليه و يسلّم و يسجد سجدتين» (2).

و الجواب عن احتجاج ابن بابويه بضعف سند أحاديثه.و بأنّ ما قلناه أحوط.

و باحتمال أن تكون الأحاديث الّتي ذكرها وردت في النافلة،لأنّها مطلقة و أخبارنا مقيّدة بالفرائض،فالعمل عليها (3).

و عن احتجاج الشافعيّ باحتمال وروده في النافلة.

و حجّة الحسن البصريّ مجملة،و ما قلناه مفصّل،فالعمل عليه.

و حجّة أبي حنيفة ضعيفة،لأنّها محمولة على الشكّ في الأخيرتين من الرباعيّات، و تحرّي الصواب هو البناء على الأكثر،فإنّه مجمل (4)،و مع احتماله (5)،فلا دلالة فيه (6).

مسألة:و لو لم يدر كم صلّى،أعاد.

و عليه علماؤنا:لأنّه لا طريق له إلى براءة ذمّته المشغولة إلاّ بذلك.و لأنّ ذلك يستلزم الشكّ في الأوّلتين (7)،و قد بيّنّا وجوب الإعادة منه (8).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:25


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:219،بدائع الصنائع 1:165،الهداية للمرغينانيّ 1:76،شرح فتح القدير 1: 452،المجموع 4:109.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:111،صحيح مسلم 1:400 الحديث 572،سنن أبي داود 1:268 الحديث 1020، سنن ابن ماجه 1:382 الحديث 1211،1212،سنن الدار قطنيّ 1:376 الحديث 2،سنن البيهقيّ 2:335.
3- 3) ح و ق:فالعمل به أولى،م:فالعمل بها أولى،ن:فالعمل بها.
4- 4) غ:محتمل.
5- 5) ح و ق:و لاحتماله.
6- 6) ح،ص و ق:عليه.
7- 7) غ،م و ف:الأوّليين.
8- 8) يراجع:ص 19.

قال:«إن (1)شككت فلم تدر أ في ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أو في أربع،فأعد و لا تمض على الشكّ» (2).

و عن صفوان،عن أبي الحسن عليه السلام قال:«إن كنت لا تدري كم صلّيت و لم يقع وهمك على شيء فأعد الصلاة» (3).

لا يقال:يعارض ذلك ما (4)رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى واحدة أو اثنتين (5)أو ثلاثا،قال:

«يبني على الجزم و يسجد سجدتي السهو و يتشهّد تشهّدا خفيفا» (6).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن رجل صالح قال:سألته عن الرجل يشكّ فلا يدري واحدة صلّى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا تلتبس عليه صلاته،قال:«كلّ ذا (7)قال:قلت:

نعم،قال:«فليمض في صلاته و يتعوّذ باللّه من الشيطان فإنّه يوشك أن يذهب عنه» (8).

لأنّا نقول:إنّهما محمولتان على من يكثر سهوه بحيث يعود وسواسا،فإنّه لا يلتفت إلى الشكّ،لما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة و أبي بصير قالا:قلنا له:الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى و لا ما بقي عليه،قال:«يعيد»قلنا:فإنّه يكثر عليه

ص:26


1- 1ح،ق و خا:إذا،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 2:187 الحديث 743،الاستبصار 1:373 الحديث 1418،الوسائل 5:328 الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:187 الحديث 744،الاستبصار 1:373 الحديث 1419،الوسائل 5:327 الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [3]
4- 4) م:بما.
5- 5) ح،ق،ك و ف:ثنتين.
6- 6) التهذيب 2:187 الحديث 745،الاستبصار 1:374 الحديث 1420،و فيهما أم ثلاثا،الوسائل 5:328 الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [4]
7- 7) أكثر النسخ:كلّ ذي.
8- 8) التهذيب 2:188 الحديث 746،الاستبصار 1:374 الحديث 1421،الوسائل 5:329 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [5]في الجميع:عن رجل صالح عليه السلام.

ذلك،كلّما أعاد شكّ،قال:«يمضي في شكّه»ثمَّ قال:«لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه،فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرنّ نقض الصلاة،فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ»قال زرارة:ثمَّ قال:«إنّما يريد الخبيث أن يطاع،فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم» (1).

مسألة:و لو كان في الصلاة فلم يدر صلّى أم لا،فليعد،

لما تقدّم (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلّى شيئا أم لا،قال:

«يستقبل» (3).

مسألة:لو صلّى بغير طهارة،أو قبل دخول الوقت،

أو في ثوب نجس مع تقدّم العلم، أو في مكان مغصوب أو ثوب مغصوب مع علمه بغصبيّتهما،وجبت عليه إعادة (4)الصلاة، و قد تقدّم بيان ذلك كلّه (5).

البحث الثاني:فيما لا حكم له
مسألة:من كثر سهوه و تواتر لم يلتفت إليه
اشارة

و يبني (6)على ما شكّ فيه بأنّه واقع، و لا يسجد للسهو،لأنّ وجوب تداركه يقتضي الحرج و هو منفيّ،لأنّه يقع في ورطة تتعذّر

ص:27


1- 1التهذيب 2:188 الحديث 747،الاستبصار 1:374 الحديث 1422،الوسائل 5:329 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
2- 2) تقدّم في ص 25.
3- 3) التهذيب 2:189 الحديث 748،الوسائل 5:328 الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [2]
4- 4) ق،ح و خا:أعاد،مكان:وجبت عليه إعادة.
5- 5) ينظر:الجزء الثالث ص 304.و الجزء الرابع ص 128،229،234 و 297.
6- 6) غ و ص:و بنى.

معها الصلاة(و سجود السهو تكليف يستدعي توفيقا و هو منفيّ) (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة و أبي بصير قالا:قلنا له:الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى و ما بقي عليه،قال:«يعيد»قلنا:[فإنّه] (2)يكثر عليه ذلك كلّما أعاد شكّ،قال:«يمضي في شكّه»ثمَّ قال:«لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه،فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد (3)فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرنّ نقض الصلاة،فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ»قال زرارة:

ثمَّ قال:«إنّما يريد الخبيث أن يطاع،فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم» (4).

و عن ابن سنان،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إذا (6)كثر عليك السهو فامض على (7)صلاتك فإنّه يوشك أن يدعك،إنّما هو من الشيطان» (8).

فرع:

قال الشيخ رحمه اللّه:قيل:إنّ حدّ الكثرة أن يسهو ثلاث مرّات متوالية (9).و قال

ص:28


1- 1هكذا في ص،ك،م و ن،و في خا:و سجدة السهو تكلّف.و في ح و حق:و سجدة السهو تكليف.و في غ و ف: و سجود السهو تكليف يستدعي-بياض-و هو منفيّ.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) ن و م:عوّده،و في التهذيب:عوّد به.
4- 4) التهذيب 2:188 الحديث 747،الاستبصار 1:374 الحديث 1422،الوسائل 5:329 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
5- 5) التهذيب 2:343 الحديث 1423،الوسائل 5:329 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [2]
6- 6) ح،ق و خا:إن.
7- 7) أكثر النسخ:في.
8- 8) التهذيب 2:343 الحديث 1424،الوسائل 5:329 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [3]
9- 9) المبسوط 1:122. [4]

ابن إدريس:حدّه أن يسهو في شيء واحد أو (1)فريضة واحدة ثلاث مرّات،أو يسهو في ثلاث فرائض من الخمس (2).و هذا كلّه لم يثبت،و التقدير الشرعيّ مفقود، و عادة الشرع في مثل هذا ردّ الناس إلى (3)العادات.

مسألة:و لا حكم للسهو في السهو.

و عليه فتوى علمائنا،لأنّه لو جبره أمكن أن يسهو ثانيا،و هكذا،فلا يتخلّص عن السهو،و ذلك يقتضي المشقّة فسقط (4)اعتباره في نظر الشرع.و لأنّه جعل توصّلا إلى إزالة حكم السهو،فلا يكون سببا لثبوته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«و لا على السهو سهو و لا على الإعادة إعادة» (5).

و معنى قول الفقهاء:لا (6)سهو في السهو،أي:لا حكم للسهو في الاحتياط الّذي يوجبه السهو،كمن شكّ بين الاثنين و الأربع،فإنّه يصلّي ركعتين احتياطا على ما يأتي، فلو سها فيهما و لم يدر صلّى واحدة أو اثنتين (7)،لم يلتفت إلى ذلك.

و قيل:معناه أنّ من سها فلم يدر هل سها أم لا،لا يعتدّ به و لا يجب عليه شيء (8).

و الأوّل أقرب.

مسألة:و لو شكّ في شيء بعد انتقاله عنه لم يلتفت و استمرّ على فعله،
اشارة

سواء كان ركنا أو غير ركن،مثل أن يشكّ في تكبيرة الافتتاح (9)و هو في القراءة،أو في القراءة و هو

ص:29


1- 1ح بزيادة:في.
2- 2) السرائر:52.
3- 3) ح،ق و خا:على.
4- 4) ح،ق و خا:فيسقط.
5- 5) التهذيب 2:344 الحديث 1428،الوسائل 5:340 الباب 25 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
6- 6) ح:و لا.
7- 7) ح،ق و خا:ثنتين.
8- 8) الأم 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المجموع 4:128،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168.
9- 9) ح:الإحرام.

في الركوع،أو في الركوع و هو في السجود،أو في السجود و قد قام،أو في التشهّد و قد قام، كلّ ذلك لا اعتبار بالشكّ فيه و إلاّ لزم الحرج المنفيّ،لأنّ الشكّ يعرض في أكثر الأوقات بعد الانتقال،فلو كان معتبرا لأدّى إلى الحرج.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (1).

و في الصحيح عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:«رجل شكّ في الأذان و قد دخل في الإقامة،قال:«يمضي»قلت:رجل شكّ في الأذان و الإقامة و قد كبّر،قال:

«يمضي»قلت:رجل شكّ في التكبير (2)و قد قرأ،قال:«يمضي»قلت:شكّ في القراءة و قد ركع،قال:«يمضي»قلت:شكّ في الركوع و قد سجد،قال:«يمضي على صلاته» ثمَّ قال:«يا زرارة إذا خرجت من شيء ثمَّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (3).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أشكّ و أنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا،قال:«امض» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن رجل شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع،قال:«يمضي في صلاته» (5).

أمّا لو شكّ في شيء و هو في محلّه-كمن شكّ في القراءة و هو قائم،أو في الركوع كذلك،أو في السجود و هو جالس-فإنّه يأتي به،لأنّ الإتيان به ممكن من غير إخلال (6)

ص:30


1- 1التهذيب 2:344 الحديث 1426،الوسائل 5:336 الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [1]
2- 2) ح:التكبيرة.
3- 3) التهذيب 2:352 الحديث 1459،الوسائل 5:336 الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 2:151 الحديث 593،الاستبصار 1:358 الحديث 1355،الوسائل 4:936 الباب 13 من أبواب الركوع الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:151 الحديث 595،الاستبصار 1:358 الحديث 1357،الوسائل 4:937 الباب 13 من أبواب الركوع الحديث 5. [4]
6- 6) ح،ق و خا:اختلال.

بشيء من هيئات الصلاة،و الأصل عدم الفعل،فيجب عليه الإتيان به.

لا يقال:الأصالة لعدم الفعل ثابتة في الصورتين فما الفارق؟ لأنّا نقول:عارضها في الصورة الأولى أصالة كون الإنسان لا ينتقل عن شيء إلاّ بعد فعل ما سبقه غالبا،و الشكّ فيه مع فعله غالبا (1)،بخلاف الصورة الثانية.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصحيح عن عمران الحلبيّ قال:قلت:الرجل يشكّ و هو قائم فلا يدري أركع أم لا،قال:«فليركع» (2).و عمران ثقة فالظاهر إسناده (3)في ذلك إلى إمام.

و في الصحيح عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شكّ و هو قائم فلا يدري أركع أم لم يركع،قال:«يركع و يسجد» (4).

و قد روى الشيخ عن الفضيل بن يسار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أستتم (5)قائما فلا أدري ركعت أم لا،قال:«بلى قد ركعت فامض في صلاتك،فإنّما ذلك من الشيطان» (6).و تأوّله الشيخ بأنّ القيام المذكور كان في الرابعة و الشكّ في ركوع الثالثة.

و يمكن أن يقال:إنّ في الطريق أبان بن عثمان و فيه قول.

ص:31


1- 1بعض النسخ:غالب.
2- 2) التهذيب 2:150 الحديث 589،الاستبصار 1:357 الحديث 1351،الوسائل 4:935 الباب 12 من أبواب الركوع الحديث 1. [1]
3- 3) ن،غ،ص،ك و ف:استناده.
4- 4) التهذيب 2:150 الحديث 590،الاستبصار 1:357 الحديث 1352،الوسائل 4:935 الباب 12 من أبواب الركوع الحديث 2. [2]
5- 5) ح:أستقيم.
6- 6) التهذيب 2:151 الحديث 592،الاستبصار 1:357 الحديث 1354،الوسائل 4:936 الباب 13 من أبواب الركوع الحديث 3. [3]
فروع:
الأوّل:لو شكّ في السجود و هو في الحال فسجد ثمَّ ذكر أنّه كان سجد،

لم يعد الصلاة،بخلاف الركوع،لو ركع ثمَّ ذكر أنّه كان قد ركع أوّلا،فإنّه يعيد.و الفرق أنّه زاد هنا ركنا بخلاف الصورة الأولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة،قال:«لا يعيد صلاة من سجدة و يعيدها من ركعة» (1).و نحوه روى عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

الثاني:لو شكّ في الركوع-و هو قائم-أتى به،

و لو (3)ذكر-و هو راكع-أنّه قد كان ركع،بطلت صلاته على قولنا،خلافا للشيخ (4)و السيّد المرتضى (5)و قد سلف (6).

الثّالث:لو شكّ في السجود و قد قام،

قال الشيخ:يرجع و يسجد ثمَّ يقوم (7).

و الأقرب عندي أنّه لا يلتفت،و هو اختيار الشيخ في المبسوط (8).

لنا:أنّه انتقل من حالة إلى أخرى فلا اعتداد بالشكّ في السالف.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إن شكّ في الركوع بعد ما سجد (9)فليمض،و إن شكّ في السجود بعد ما قام (10)

ص:32


1- 1التهذيب 2:156 الحديث 610،الوسائل 4:938 الباب 14 من أبواب الركوع الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:156 الحديث 611،الوسائل 4:938 الباب 14 من أبواب الركوع الحديث 3. [2]
3- 3) ح،ق و خا:أمّا لو،غ،ص و ف:فإن.
4- 4) المبسوط 1:122، [3]النهاية:92.
5- 5) جمل العلم و العمل:65.
6- 6) تقدّم في ص 18.
7- 7) النهاية:92. [4]
8- 8) المبسوط 1:122.
9- 9) أكثر النسخ:يسجد.
10- 10) أكثر النسخ:ما كان قام.

فليمض،كلّ شيء شكّ فيه ممّا[قد] (1)جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» (2).

احتجّ الشيخ بما رواه في الموثّق عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نهض (3)من سجوده فشكّ (4)قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد قال:«يسجد (5)» (6).و هو غير دالّ على محلّ النزاع،إذا الانتقال عن الحالة الأولى لا يتحقّق إلاّ مع الانتصاب،و الحكم في الرواية معلّق على الشكّ قبل الاستواء.

الرّابع:قال رحمه اللّه:لو شكّ في قراءة الفاتحة و هو في السورة،

قرأ الفاتحة و أعاد السورة،لأنّ محلّ القراءتين واحد (7).

و يعارض ذلك:ما رواه عن بكر بن أبي بكر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

إنّي ربّما شككت في السورة فلا أدري قرأتها أم لا فأعيدها؟قال:«إن كانت طويلة فلا،و إن كانت قصيرة فأعدها» (8).و في سند هذه الرواية توقّف،فالأولى ما قاله الشيخ.

الخامس:لو شكّ في التشهّد و هو جالس،تشهّد ،

(9)

لأنّه في حاله التشهّد.

أمّا لو شكّ بعد قيامه إلى الثالثة فالصحيح أنّه لا يلتفت،لما تقدّم من الأخبار (10).

ص:33


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 2:153 الحديث 602،الاستبصار 1:358 الحديث 1359،الوسائل 4:971 الباب 15 من أبواب السجود الحديث 4. [1]
3- 3) ح،ق و خا:ينهض.
4- 4) ح،ق و خا:يشكّ.
5- 5) ح،ق و خا:سجد،كما في الوسائل. [2]
6- 6) التهذيب 2:153 الحديث 603،الاستبصار 1:361 الحديث 1371،الوسائل 4:972 الباب 15 من أبواب السجود الحديث 6. [3]
7- 7) المبسوط 1:122،النهاية:92.
8- 8) التهذيب 2:351 الحديث 1457،الوسائل 4:773 الباب 32 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
9- 9) ح،ق و خا:يتشهّد.
10- 10) تقدّم في ص 29. [5]
مسألة:و لا سهو في النافلة،

بل للمصلّي أن يبني على (1)ما أراد،لأنّها لا تجب بالشروع فيها عندنا،استصحابا للحال الأولى،فكان (2)الخيار في ذلك إلى المصلّي.نعم، يستحبّ البناء على الأقلّ،لأنّه المتيقّن.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه (3)الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن السهو في النافلة،فقال:«ليس عليك شيء» (4).

و لأنّ إيجاب الاحتياط الّذي (5)هو بدل،مع استحباب الأصل متنافيان.

مسألة:و لو سها عن تسبيح الركوع حتّى قام أو السجود حتّى رفع رأسه،

(6)

لم يلتفت و لا يسجد للسهو.ذهب إليه أكثر علمائنا (7)،و به قال أكثر الجمهور (8).

و قال آخرون من أصحابنا:يسجد للسهو (9).

لنا:أنّ التسبيحات هيئات للرّكوع (10)و السجود و قد فات محلّها،فيفوت لفواته.

و لأنّ الأصل براءة الذمّة،فإيجاب السجود (11)شغل يحتاج إلى دليل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه القدّاح،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ

ص:34


1- 1ح و ق:الخيار فيها،مكان:أن يبني على.
2- 2) ح و ق:و كان.
3- 3) ح و ق:و يؤيّده ما رواه.
4- 4) التهذيب 2:343 الحديث 1422،الوسائل 5:331 الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
5- 5) ح و ق بزيادة:ما ذكرناه.
6- 6) في كثير من النسخ:لو نسي.
7- 7) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:122،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):674،و ابن البرّاج في المهذّب 1:156،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:382.
8- 8) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المغني 1:589،الشرح الكبير بهامش المغني 1:589،المجموع 4:126،فتح العزيز بهامش المجموع 4:139،بدائع الصنائع 1:167.
9- 9) منهم:أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:149.
10- 10) م و ن:شيء من الركوع.ح:هيئة للركوع،ك:شيء من هيئات الركوع.
11- 11) ح،خا و ق:السهو.

عليّا عليه السلام سئل عن رجل ركع و لم يسبّح ناسيا،قال:تمّت صلاته» (1).

و في الصحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل نسي تسبيحة في ركوعه و سجوده،قال:«لا بأس بذلك» (2)و لو وجب عليه السجود (3)لبيّنه.

احتجّ الموجبون بما رواه الشيخ عن سفيان بن السمط (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تسجد (5)سجدتي السهو في كلّ زيادة تدخل عليك أو نقصان» (6).

و الجواب بعد تسليم صحّة السند:أنّه عامّ و ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما.

مسألة:و لو ترك الجهر أو الإخفات ناسيا لم يلتفت .

(7)

و هو قول علمائنا،و به قال الشافعيّ (8)،و الأوزاعيّ (9).

و قال أبو حنيفة:إن كان إماما يسجد (10).

ص:35


1- 1التهذيب 2:157 الحديث 612،الوسائل 4:938 الباب 15 من أبواب الركوع الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:157 الحديث 614،الوسائل 4:939 الباب 15 من أبواب الركوع الحديث 2. [2]
3- 3) ح:سجود.
4- 4) سفيان بن السمط البجليّ الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و نقل في جامع الرواة رواية ابن أبي عمير عنه،قال المحقّق المامقانيّ:و هذا يدرجه في الحسان بعد استكشاف كونه إماميّا من عدم تعرّض الشيخ لمذهبه. رجال الطوسيّ:213،جامع الرواة 1:366، [3]تنقيح المقال 2:38. [4]
5- 5) ح:اسجد.
6- 6) التهذيب 2:155 الحديث 608،الاستبصار 1:361 الحديث 1367،الوسائل 5:346 الباب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [5]
7- 7) ن بزيادة:به.
8- 8) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 3:390 و ج 4:128،فتح العزيز بهامش المجموع 4:139،الميزان الكبرى 1:163،المغني 1:719.
9- 9) المغني 1:720،المجموع 3:391 و ج 4:128.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:222،بدائع الصنائع 1:161 و 166،الهداية للمرغينانيّ 1:74،شرح فتح القدير 1: 440،المغني 1:720،الميزان الكبرى 1:163،المجموع 3:391،فتح العزيز بهامش المجموع 4:139.

و قال مالك:يسجد مطلقا (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّ إيجاب السجدتين شغل للذمّة بعد سلامتها،فيتوقّف على الشرع.و لأنّه هيئة للقراءة فيسقط،لفوات محلّه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما ينبغي الإخفات فيه،و أخفى فيما ينبغي الإجهار فيه،قال:«إن فعل ذلك متعمّدا فقد نقض صلاته و عليه الإعادة،و إن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه و قد تمّت صلاته» (3).

احتجّ المخالف (4)بما رواه ثوبان عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لكلّ سهو سجدتان» (5).

و الجواب:أنّ إسناده ليس بصحيح.

مسألة:و لو ترك شيئا من الأفعال المندوبة كالتكبيرات للركوع و السجود فلا شيء

عليه و لا يسجد له.

ذهب إليه علماؤنا و أكثر الجمهور (6).و نقل عن الأوزاعيّ أنّه قال:

ص:36


1- 1المدوّنة الكبرى 1:140،بلغة السالك 1:116،المغني 1:720،المجموع 3:391 و ج 4:128،فتح العزيز بهامش المجموع 4:139.
2- 2) المغني 1:719،الكافي لابن قدامة 1:216،الإنصاف 2:121،المجموع 3:391 و ج 4:128، الميزان الكبرى 1:163،فتح العزيز بهامش المجموع 4:140.
3- 3) التهذيب 2:162 الحديث 635،الاستبصار 1:313 الحديث 1163،الوسائل 4:766 الباب 26 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]في الجميع:جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه،و أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه،فقال:«أيّ ذلك فعل متعمّدا.».
4- 4) شرح فتح القدير 1:440،441.
5- 5) سنن أبي داود 1:272 الحديث 1038،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1219،مسند أحمد 5:280، [2]سنن البيهقيّ 2:337،المصنّف لعبد الرزّاق 2:322 الحديث 3533.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:126،فتح العزيز بهامش المجموع 4:139،الكافي لابن قدامة 1: 216،بدائع الصنائع 1:167.

يقضي إذا ذكرها (1).

و قال أبو حنيفة:إذا (2)ترك تكبيرات العيدين خاصّة سجد لها (3).

لنا:أنّها أفعال مندوبة فقضاؤها بعد فوات محلّها و السجود لها موقوفان (4)على الشرع،و لم يثبت.

احتجّ أبو حنيفة (5)بأنّه ذكر كثير في محلّ واحد،فيسجد (6)لتركه (7)كالتشهّد.

و الجواب:ينتقض (8)ما ذكره بدعاء الاستفتاح.

مسألة:و لا سهو على المأموم،
اشارة

ذكره الشيخ في الخلاف (9).

و قال السيّد المرتضى في المصباح:ليس على المأموم إذا سها سجدتا السهو (10).

و أطبق الجمهور على ذلك إلاّ مكحول (11)،و الّذي نذهب إليه نحن (12)أنّ المأموم إذا انفرد بالسهو و كان فيما يبطل الصلاة،كسهوه عن النيّة أو عن تكبيرة الإحرام بطلت صلاته، و إن كان فيما يوجب سجدتي السهو سجد،كالكلام ناسيا.

لنا:أنّه سهو موجب للاحتياط أو الإعادة،فيثبت مسبّبه كغير المأموم.

ص:37


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) ح،خا و ق:لو.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:220،بدائع الصنائع 1:167،الهداية للمرغينانيّ 1:74،شرح فتح القدير 1: 439،الميزان الكبرى 1:163.
4- 4) في كثير من النسخ:موقوف.
5- 5) بدائع الصنائع 1:167،الهداية للمرغينانيّ 1:74،شرح فتح القدير 1:439.
6- 6) ن:فسجد.
7- 7) ح،خا و ق:له،مكان:لتركه.
8- 8) ح:ينقض،م:فينتقض.
9- 9) الخلاف 1:171 مسألة-206.
10- 10) نقله عنه في المعتبر 2:394. [1]
11- 11) المغني 1:731،الشرح الكبير بهامش المغني 1:730،المجموع 4:143،بداية المجتهد 1:197.
12- 12) ح،خا و ق:يجب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصلاة،يقول:أقيموا صفوفكم،قال:

«يتمّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتين»فقلت:سجدتي السهو قبل التسليم هما أو بعد؟قال:

«بعد» (1).و الظاهر أنّ القائل مأموم.

و عن منهال القصّاب (2)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أسهو في الصلاة و أنا خلف الإمام،قال (3):فقال:«إذا سلّم فاسجد سجدتين و لا تهب» (4).

و عن عمّار بن موسى الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة،قال:«يعيد الصلاة و لا صلاة بغير افتتاح» (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه عمر بن الخطّاب عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«ليس على من خلف الإمام سهو،الإمام كافيه» (7).

و لأنّ معاوية بن الحكم السلميّ تكلّم و لم يأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بسجود السهو (8)،لأنّه كان خلفه مأموما.

احتجّ الشيخ بما رواه حفص بن البختريّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ص:38


1- 1التّهذيب 2:191 الحديث 755،الاستبصار 1:378 الحديث 1433 و فيهما:أو بعده قال:«بعده»،الوسائل 5:313 الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
2- 2) منهال القصّاب عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و ذكره الصدوق في مشيخته،و قال العلاّمة الخوئيّ:طريق الصدوق إليه صحيح. الفقيه(شرح المشيخة)4:110،رجال الطوسي:314،معجم رجال الحديث 19:12. [2]
3- 3) توجد في هامش الحجريّ و المصادر.
4- 4) التّهذيب 2:353 الحديث 1464،الوسائل 5:339 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [3]
5- 5) التّهذيب 2:353 الحديث 1466،الوسائل 5:339 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7. [4]
6- 6) المغني 1:731،الشرح الكبير بهامش المغني 1:730،فتح العزيز بهامش المجموع 4:174.
7- 7) سنن الدار قطنيّ 1:377 الحديث 1،سنن البيهقيّ 2:352،سبل السلام 1:207 الحديث 8.
8- 8) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن أبي داود 1:244 الحديث 930،931،سنن النسائيّ 3:14-17، سنن الدارميّ 1:353،سنن البيهقيّ 2:249.

«ليس على الإمام سهو،و لا على من خلف الإمام سهو» (1).

و ما رواه محمّد بن سهل عن الرضا عليه السلام قال:«الإمام يحمل أوهام من خلفه إلاّ تكبيرة الافتتاح» (2).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل ينسى -و هو خلف الإمام-أن يسبّح في السجود أو في الركوع،أو ينسى أن يقول بين السجدتين شيئا،فقال:«ليس عليه شيء» (3).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل سها خلف إمام بعد ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا و لم يكبّر و لم يسبّح و لم يتشهّد حتّى يسلّم،فقال:

«جازت صلاته و ليس عليه إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو،لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على السهو في العدد و الشكّ فيه،لأنّ الإمام كافية في ذلك،لا في أفعال الصلاة،كالنيّة و تكبيرة الإحرام و غيرهما.

و عن الثاني:بالمنع من عدم الأمر.

و عن أوّل أحاديث الشيخ الطعن في السند،فإنّ حفص بن البختريّ فيه قول،على أنّ ذلك محمول على السهو في العدد.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه،قال سألته عن رجل يصلّي خلف إمام (5)لا يدري كم صلّى هل عليه سهو؟قال:

ص:39


1- 1التّهذيب 2:344 الحديث 1428،الوسائل 5:338 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:277 الحديث 812 و فيه:«الإمام يتحمّل»،الوسائل 5:338 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 3:278 الحديث 816،الوسائل 5:339 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 3:278 الحديث 817،الوسائل 5:339 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [4]
5- 5) ص،خا و ك:الإمام،كما في الوسائل.

«لا» (1).

و ما (2)رواه عن يونس،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه (3)بإيقان (4)منهم،و ليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يسه الإمام.فإذا اختلف على الإمام من خلفه فعليه و عليهم في الاحتياط الإعادة و الأخذ بالجزم» (5).و من هذا تبيّن (6)أنّ الأخبار المطلقة في نفي السهو عن الإمام و المأموم إنّما هي مقيّدة بحفظ واحد منهم.

و عن الثاني:بالحمل على الوهم في العدد،و الضمان المراد به في القراءة خاصّة، لما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:قال:قلت له:

أ يضمن الإمام الصلاة؟قال:«لا،ليس بضامن» (7).

و في الصحيح عن معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أ يضمن الإمام صلاة الفريضة؟فإنّ هؤلاء يزعمون أنّه يضمن،فقال:«لا يضمن،أيّ شيء يضمن؟!إلاّ أن يصلّي بهم جنبا أو على غير طهر» (8).

و عن الحسين (9)بن بشير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سأله رجل عن القراءة

ص:40


1- 1التّهذيب 2:350 الحديث 1453 و ج 3:279 الحديث 818،الوسائل 5:338 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
2- 2) ن و م:و بما.
3- 3) ح،خا و ق:من سهوه.
4- 4) ح:باتّفاق،كما في الوسائل. [2]
5- 5) التّهذيب 3:54 الحديث 187،الوسائل 5:340 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 8. [3]
6- 6) هامش ح:ظهر،ك و ص:بيّن.
7- 7) التّهذيب 3:279 الحديث 819،الوسائل 5:421 الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [4]
8- 8) التّهذيب 3:277 الحديث 813،الوسائل 5:434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 6. [5]
9- 9) في كثير من النسخ:الحسن.

خلف الإمام،فقال:«[لا] (1)،إنّ الإمام ضامن للقراءة و ليس يضمن الإمام صلاة الذين خلفه،و إنّما يضمن القراءة» (2).

و عن الثالث:بضعف السند مع القول (3)بالموجب،فإنّ هذه الأشياء المتروكة المنسيّة لا تستعقب سجودا على ما سلف (4).

و عن الرابع:بضعف السند،و المعارضة بالأحاديث الدالّة على انتفاء الضمان (5).

فروع:
الأوّل:لو سها الإمام خاصّة انفرد بمقتضاه -من السجود له أو التلافي

(6)

و لا يجب على المأموم متابعته،خلافا لفقهاء الجمهور كافّة،و للشيخ رحمه اللّه (7).

لنا:أنّ السجود وجب على الإمام بمعنى لم يوجد في المأموم،فلا يثبت حكمه المقتضي،لانتفائه (8).

احتجّ المخالف (9)بقوله عليه السلام:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به،فإذا ركع فاركعوا، و إذا سجد فاسجدوا» (10).

ص:41


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التّهذيب 3:279 الحديث 820،الوسائل 5:421 الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
3- 3) بعض النسخ:المقول.
4- 4) يراجع:ص 36.
5- 5) ينظر:الوسائل 5:421 و 434 الباب 30 و 36 من أبواب صلاة الجماعة.
6- 6) ن:مقتضاه.
7- 7) المبسوط 1:123-124. [2]
8- 8) متن ح:للإعانة،هامش ح:للإعادة.
9- 9) المغني 1:731،الشرح الكبير بهامش المغني 1:730،المجموع 4:146.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:106 صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846 و ص 392 الحديث 1238،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن النسائيّ 2:83،سنن الدارميّ 1:300، [3]مسند أحمد 2:314. [4]

و قوله عليه السلام:«ليس على من خلف الإمام سهو،فإن سها إمامه فعليه و على من خلفه» (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد بذلك السجود الذي في صلب الصلاة،بدليل قرينة الركوع.

و عن الثاني:أنّ المراد بذلك:إذا اشتركوا (2)في السهو،فإنّ الظاهر من قوله:«فإن سها إمامه»أي:إمام من سها خلف الإمام.

الثاني:لو اشترك السهو بين الإمام و المأموم اشترك حكمه فيهم،

و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن عمّار الساباطيّ قال:[سألت]أبا (3)عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل مع الإمام و قد صلّى الإمام ركعة (4)أو أكثر،فسها الإمام،كيف يصنع الرجل؟قال:

«إذا سلّم الإمام فسجد (5)سجدتي السهو فلا (6)يسجد الرجل الذي دخل معه،و إذا قام و بنى على صلاته و أتمّها و سلّم،سجد الرجل سجدتي السهو» (7).

و لأنّ المقتضي مشترك فيشترك الاقتضاء.

الثالث:لو سها المأموم خاصّة،لم يجب على الإمام سجود السهو بلا خلاف،

و هل يجب عليه السجود؟فيه خلاف بيّنّاه (8).

ص:42


1- 1سنن البيهقيّ 2:352،سنن الدار قطنيّ 1:377 الحديث 1،سبل السلام 1:207 الحديث 8.
2- 2) ح،ق و خا:اشترك.
3- 3) م و ن:قال:قال أبو،ح،ق و خا:عن أبي،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) ح:و قد سبقه الإمام بركعة،كما في الوسائل. [1]
5- 5) أكثر النسخ:يسجد.
6- 6) أكثر النسخ:و لا.
7- 7) التّهذيب 2:353 الحديث 1466،الوسائل 5:339 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7. [2]
8- 8) تقدّم في ص 37.
الرابع:لو اشترك السهو،فلم يسجد الإمام،سجد المأموم.

و به قال الشافعيّ (1)، و مالك (2)،و الأوزاعيّ،و الليث،و أبو ثور (3)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:

لا يسجد المأموم (4).و به قال أبو حنيفة (5)،و إبراهيم النخعيّ،و حمّاد،و المزنيّ (6).

لنا:ثبوت المقتضي في كلّ واحد منهما غير مشروط بثبوته في حقّ الآخر،و إلاّ دار، فيثبت الاقتضاء كذلك.و لأنّ نقصان الصلاة ثابت في حقّه (7)،فإذا لم يجبره الإمام جبره المأموم.

احتجّ المخالف بأنّ المأموم إنّما يسجد (8)تبعا،فإذا لم يسجد الإمام لم يوجد المقتضي (9). (10)

و الجواب:المنع من التبعيّة على ما سلف.

الخامس:المسبوق إذا سها إمامه فيما سلف،لم يتّبعه في حكمه،

لانتفاء (11)المقتضي

ص:43


1- 1الأمّ 1:131،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:146، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:176، [2]مغني المحتاج 1:212،حلية العلماء 2:175،الميزان الكبرى 1:163،المغني 1:732،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 731.
2- 2) حلية العلماء 2:175،المجموع 4:147،الميزان الكبرى 1:163،المغني 1:732،الشرح الكبير بهامش المغني 1:731.
3- 3) المغني 1:732،الشرح الكبير بهامش المغني 1:731،المجموع 4:147.
4- 4) المغني 1:732،الشرح الكبير بهامش المغني 1:731،الكافي لابن قدامة 1:220،الإنصاف 2:151، [3]حلية العلماء 2:175،المجموع 4:147.
5- 5) بدائع الصنائع 1:175،الهداية للمرغينانيّ 1:75،شرح فتح القدير 1:443،الميزان الكبرى 1:163، حلية العلماء 2:175،المجموع 4:147.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،حلية العلماء 2:175،المغني 1:732،المجموع 4:147.
7- 7) غ،ك و ف:حقّهما.
8- 8) ح،خا و ق:سجد.
9- 9) ن:المتّبع،ك:المتبوع.
10- 10) شرح فتح القدير 1:443،المغني 1:732،الشرح الكبير بهامش المغني 1:731.
11- 11) لا توجد في م و ن،و في ق و متن ح:لا،و في هامش ح:لعدم.

عنه،خلافا لأكثر الجمهور (1).

و إن سها المأموم بعد تسليم الإمام فيما بقي سجد له،لأنّه بالمفارقة خرج عن الائتمام و قد ثبت (2)المقتضي.

السادس:المأموم إذا أدرك ركعة مع الإمام فإنّه يتمّ صلاته

و لا يسجد للسهو عند علمائنا.و هو قول الفقهاء الأربعة.

و قال ابن عمر،و ابن الزّبير،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و إسحاق:يسجد (3)للسهو (4).

لنا:قوله عليه السلام:«و ما فاتكم فأتمّوا» (5)و لم يأمر بسجود.و لأنّ المقتضي هو السهو،و هو منفيّ هنا.

احتجّ المخالف بأنّه جلس للتشهّد في غير موضع التشهّد (6).

و الجواب:المتابعة في الجلوس لا تستلزم التشهّد.

مسألة:و لا حكم للشكّ بعد الفراغ من الصلاة بلا خلاف،

لأنّه شكّ بعد انتقال، فلا التفات.و لأنّ اعتباره عسر (7)فيكون منفيّا.

و يؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام

ص:44


1- 1المغني 1:731،الشرح الكبير بهامش المغني 1:730،المجموع 4:148،بدائع الصنائع 1:176،شرح فتح القدير 1:442.
2- 2) بعض النسخ:يثبت.
3- 3) خ،خا و ق:سجد.
4- 4) المغني 1:733،الشرح الكبير بهامش المغني 1:732.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:163،164.ج:2:9،صحيح مسلم 1:420،421 الحديث 602،سنن الترمذيّ 2: 148-149 الحديث 327،سنن ابن ماجه 1:255 الحديث 775،سنن الدارميّ 1:294، [1]مسند أحمد 2:237، 239،270 و 452. [2]
6- 6) المغني 7331،الشرح الكبير بهامش المغني 1:732.
7- 7) م و ن:عسرة.

قال:«كلّما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد (1)» (2).

مسألة:لو ترك القراءة ناسيا،قرأ ما لم يركع،

فإن (3)ركع استمرّ و لا شيء عليه عندنا إلاّ على قول بعض أصحابنا:إنّ سجود السهو يجب لكلّ زيادة و نقيصة (4).

و قال الشافعيّ:تبطل صلاته (5).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (6).

و لا ينتقض (7)بالركوع و السجدتين،لأنّهما ركن،فلا تصحّ الصلاة من دونه.و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام:

«فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصلاة،و من نسي القراءة فقد تمّت صلاته و لا شيء عليه» (8).و إيجاب السجدتين تخصيص للنفي من غير دليل،و مناف للتمام.

احتجّ المخالف (9)بقوله عليه السلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (10).

و الجواب:أنّ الخطاب يستدعي الاستحضار.

ص:45


1- 1أكثر النسخ:تعده.
2- 2) التّهذيب 2:352 الحديث 1460،الوسائل 5:342 الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
3- 3) ح،ق و خا:فإذا.
4- 4) الفقيه 1:225،أمالي الصدوق:513 المجلس 93.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:72،المجموع 3:332، [2]المغني 1:555، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 1:556. [4]
6- 6) سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2043 و 2045،و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 132. الخصال:417 الحديث 9،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [5]بتفاوت.
7- 7) ح:و لا ينقض.
8- 8) التّهذيب 2:146 الحديث 569،الاستبصار 1:353 الحديث 1335،الوسائل 4:767 الباب 27 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث 2. [6]
9- 9) المغني 1:555،الشرح الكبير بهامش المغني 1:556.
10- 10) عوالي اللئالي 2:218 الحديث 13، [7]سنن البيهقيّ 2:59،و ينظر أيضا:صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394.و اللفظ فيهما:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
مسألة:و كذا لو نسي الذكر في الركوع،أو الطمأنينة فيه،

(1)

أو رفع الرأس منه، أو الطمأنينة في الانتصاب،أو السجود (2)على الأعضاء السبعة،أو الطمأنينة فيه،أو الذكر فيه،أو رفع الرأس منه،أو الطمأنينة فيه،و الطمأنينة للتشهّد،كلّ ذلك إذا ذكر (3)في المحلّ أتى به،و إن (4)فات فلا شيء عليه.

و قال الشافعيّ:الطمأنينات أركان في الصلاة تبطل بفواتها (5).

لنا:أنّ التكليف مع السهو متنافيان.و لأنّها هيئات للأفعال فتفوت بفواتها.

و في رواية القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه،عن عليّ عليهما السلام أنّه سئل عن رجل ركع و لم يسبّح ناسيا،قال:«تمّت صلاته» (6).

البحث الثالث:فيما يوجب التدارك و الاحتياط و الجبران
مسألة:لو سها عن قراءة الحمد فذكر و هو في السورة،

رجع فقرأ الحمد ثمَّ قرأ السورة،لأنّ المحلّ باق.و لو سها عن قراءة السورة ثمَّ ذكر قبل أن يركع،قرأ السورة و ركع.

أمّا لو ذكر في الموضعين بعد الركوع فإنّه يمضي في صلاته على ما بيّنّاه.

و لو سها عن تسبيح الركوع و هو راكع سبّح،و لو ذكر بعد الرفع فلا التفات،و كذا (7)في تسبيح السجود.

ص:46


1- 1ح،خا و ق:و الطمأنينة.
2- 2) بعض النسخ:و السجود.
3- 3) م:ذكره.
4- 4) ح،خا و ق:و لو.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،حلية العلماء 2:117،المهذّب للشيرازيّ 1:82،المجموع 3:410 و 416، مغني المحتاج 1:164،السراج الوهّاج:45،المغني 1:577.
6- 6) التّهذيب 2:157 الحديث 612،613،الوسائل 4:938 الباب 15 من أبواب الركوع الحديث 1. [1]
7- 7) م و ن:و كذلك.

روى الشيخ عن سماعة قال:سألته عن الرجل ينسى (1)فاتحة الكتاب في صلاته[قال:«.] (2)فليقرأها ما دام لم يركع،فإنّه لا قراءة حتّى يبدأ بها في جهر أو إخفات» (3).

و لأنّه في محلّ الإتيان بالواجب و لم يأت به فيبقى (4)في العهدة.

مسألة:لو سها عن الركوع فذكر-و هو قائم-أنّه لم يركع،
اشارة

ركع بلا خلاف،لأنّه في محلّ الواجب فيجب فعله.و لأنّه مع الشكّ يجب عليه الركوع على ما بيّنّاه،فمع الذكر أولى.

أمّا لو ترك سجدة فذكر و هو قائم فإنّه يسجد ثمَّ يقوم بغير خلاف لأنّه (5)قبل الركوع لم يشرع في ركن آخر،فكان محلّ تمكّن (6)السجود باقيا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتّى قام،فذكر-و هو قائم-أنّه لم يسجد،قال:«فليسجد ما لم يركع،فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنّه لم يسجد فليمض على صلاته حتّى يسلّم،ثمَّ يسجدها فإنّها قضاء» (7).

ص:47


1- 1م و ن:نسي.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التّهذيب 2:147 الحديث 574،الاستبصار 1:354 الحديث 1340،الوسائل 4:768 الباب 28 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث 2. [1]
4- 4) ح:فبقي.
5- 5) م و ن:فإنّه.
6- 6) ح،ق و خا:ذكر.
7- 7) التّهذيب 2:153 الحديث 602،الاستبصار 1:359 الحديث 1361،الوسائل 4:968 الباب 14 من أبواب السجود الحديث 1. [2]
فروع:
الأوّل:لو ذكر ترك السجدة بعد أن ركع استمرّ في صلاته،

(1)

فإذا سلّم قضى السجدة و سجد سجدتي السهو.ذهب إليه الشيخ رحمه اللّه في الخلاف (2)،سواء كانت السجدة في الأوّلتين أو في الأخيرتين (3).

و قال بعض أصحابنا:إن كان السهو في الأوّلتين (4)أعاد (5)،لأنّ كلّ سهو يلحق الأوّلتين (6)يجب منه الإعادة.و قال:يرجع إلى السجود ما لم يسجد في الثانية،فإن سجد في الثانية قضى فيما بعد و سجد سجدتي السهو (7).

و قال الشافعيّ:يرجع ما لم يسجد للثانية،فإذا سجد للثانية ثمَّ ذكر،فإنّ السجدة التي سجدها تقع عن الأولى،و يبطل (8)عمله في الثانية (9).

و قال مالك:إن ذكر قبل أن يطمئنّ راكعا رجع فسجد،و إن ذكر بعد الطمأنينة في الركوع بطلت الأولى و تمّم الركعة الثانية (10).

ص:48


1- 1ح،ق و خا:السجود.
2- 2) الخلاف 1:166 مسألة-198.
3- 3) بعض النسخ:الآخرتين.
4- 4) ح:الأوليين.
5- 5) ح:أعاده.
6- 6) غ و ح:الأوليين.
7- 7) نقله المصنف في المختلف 1:131 عن ابن الجنيد،و ذهب إليه الشيخ في التهذيب 2:154،و نسبه في الجواهر 12:294 [1] إلى المفيد.
8- 8) ح،ق و خا:و بطل.
9- 9) الأمّ 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،حلية العلماء 2:164،المهذّب للشيرازيّ 1:90،المجموع 4: 19،فتح العزيز بهامش المجموع 4:149 و 151،المغني 1:727،الشرح الكبير بهامش المغني 1:722.
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:134،بلغة السالك 1:141،حلية العلماء 2:165،المغني 1:717،الشرح الكبير بهامش المغني 1:721،المجموع 4:122.

و قال أحمد:إذا ذكرها بعد القراءة بطلت الأولى و تمّم الثانية (1).

لنا على وجوب العود قبل الركوع:اتّفاق العلماء.و لأنّ القيام ليس ركنا يمنع من العود إلى السجود،و كذلك القراءة،فبطل قول أحمد.أمّا إذا ركع فإنّ الإتيان بالسجدة أو التلفيق (2)يغيّران هيئة الصلاة و يقتضيان زيادة ركن فيها،و قد بيّنّا البطلان بذلك (3).

و يؤيّده:رواية إسماعيل بن جابر و قد تقدّمت (4).

و احتجّ القائل بالإعادة في الأوّلتين (5)(6)بما رواه الشيخ في الصحيح عن[أحمد بن محمّد] (7)بن أبي نصر قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل يصلّي ركعتين، ثمَّ ذكر في الثانية-و هو راكع-أنّه ترك سجدة في الأولى،قال:كان أبو الحسن عليه السلام يقول:«إذا تركت السجدة في الركعة الأولى فلم تدر واحدة أو اثنتين استقبلت حتّى يصحّ لك ثنتان،فإذا كانت الثالثة و الرابعة فتركت سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود» (8).

و الجواب:المعارضة بما تقدّم.و بما رواه معلّى بن خنيس عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:«نسيان السجدة في الأوّلتين (9)و الآخرتين

ص:49


1- 1المغني 1:716،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720،الكافي لابن قدامة 1:214،215،الإنصاف 1: 139،المجموع 4:122،حلية العلماء 2:165.
2- 2) ن:و التلفيق.
3- 3) يراجع:ص 11. [1]
4- 4) تقدّمت في ص 47 الرقم 5.
5- 5) ف و غ:الأوّليين.
6- 6) الخلاف 1:167 ذيل مسألة-98،التهذيب 2:154.
7- 7) في النسخ:محمّد بن أحمد،و الصحيح ما أثبتناه.
8- 8) التّهذيب 2:154 الحديث 605،الاستبصار 1:360 الحديث 1364،الوسائل 4:968 الباب 14 من أبواب السجود الحديث 3. [2]
9- 9) ف و غ:الأوليين.

سواء» (1).و الحديث (2)الأوّل قويّ،و عندي فيه تردّد (3).

الثاني:لو ذكر أنّه قد ترك سجدتين-و هو قائم قبل الركوع

رجع فسجدهما ثمَّ قام،لأنّ محلّ السجود باق،و لهذا صحّ الرجوع في السجدة الواحدة.أمّا لو ذكر بعد الركوع،فإنّه يعيد الصلاة،لأنّه ترك ركنا و ذكر بعد فعل آخر.

الثالث:لا فرق بين أن يقوم عقيب السجدة الأولى ناسيا،و بين أن يقوم عقيب

الجلسة الفاصلة بين السجدتين،

فإنّه إن (4)ذكر قبل الركوع رجع فيسجد (5)من غير جلوس في البابين.

و قال بعض الشافعيّة:يجب عليه أن يجلس في الصورة الثانية ثمَّ يسجد (6).

لنا (7)الأصل براءة الذمّة.و لأنّ الغرض من الجلوس الفصل،و قد حصل بالقيام.

احتجّ المخالف بأنّها واجبة فلتفعل كالسجدة (8).

و الجواب:وجوب فعلها تابع لمحلّها و قد فات.

الرابع:لو ترك أربع سجدات من أربع ركعات،قضاهنّ بعد الفراغ و سجد للسهو.

و هو قول علمائنا إلاّ من أبطل (9)الصلاة بالسهو العارض في الأوّلتين (10)،و به قال

ص:50


1- 1التّهذيب 2:154 الحديث 606،الاستبصار 1:359 الحديث 1363،الوسائل 4:969 الباب 14 من أبواب السجود الحديث 5. [1]
2- 2) ص و ك:و الخبر.
3- 3) ص و ك:توقّف.
4- 4) بعض النسخ:إذا.
5- 5) خا،ص،ح و ق:فسجد.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:90،المجموع 4:119،فتح العزيز بهامش المجموع 4:149،حلية العلماء 2:164.
7- 7) ح،ق و خا بزيادة:أنّ.
8- 8) فتح العزيز بهامش المجموع 4:149،المجموع 4:119.
9- 9) ح:يبطل.
10- 10) م،ف،غ و ح:الأوليين.

أبو حنيفة (1)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و الحسن البصريّ (2).

و قال الشافعيّ:إن ترك السجدة خاصّة حصل له ركعتان،لأنّ الأولى تمّت بالثانية، و الثالثة بالرابعة (3).و إن ترك الجلسة معها،فإن كان جلس للتشهّد الأوّل فقد صحّت له ركعتان إلاّ سجدة،لأنّ التشهّد الأوّل قام مقام جلسة الفصل للركعة الأولى (4)و وقعت السجدة الأولى (5)في الركعة الثالثة تمامها،فصحّت له ركعة بالثالثة،و صحّت له الرابعة بسجدة واحدة فيبني على ذلك و إن لم يجلس للتشهّد الأوّل،صحّت له ركعة واحدة إلاّ سجدة إن كان جلس في الرابعة،فيسجد أخرى و يتمّ له ركعة و يبني عليها (6).

و قال مالك:تصحّ له الرابعة إلاّ سجدة و تبطل ما قبلها (7).

لنا:أنّ ترك كلّ سجدة غير مبطل للركعة،فيصحّ الجميع.

احتجّ الشافعيّ بأنّ السجود واجب فيجب له (8)الترتيب بينه و بين ما بعده (9).

و الجواب:أنّ ترتيب السجدة على الركوع غير معتبر في النسيان،فلا يبطل

ص:51


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:82،بدائع الصنائع 1:252،شرح فتح القدير 1:455،المجموع 4:121، فتح العزيز بهامش المجموع 4:154،حلية العلماء 2:165.
2- 2) المجموع 4:121-122،بداية المجتهد 1:190،حلية العلماء 2:165،المغني 1:727،الشرح الكبير بهامش المغني 1:723.
3- 3) ح،ق و خا:و الرابعة.
4- 4) ن،غ،ص و ف:الأوّلة.
5- 5) ص،ن و ف:الأوّلة.
6- 6) الأمّ 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،حلية العلماء 2:165،المجموع 4:119،120،121،فتح العزيز بهامش المجموع 4:151،152،المغني 1:727،الشرح الكبير بهامش المغني 1:722.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:134،بداية المجتهد 1:190،بلغة السالك 1:141،حلية العلماء 2:165،المغني 1: 726،الشرح الكبير بهامش المغني 1:722.
8- 8) لا توجد كلمة«له»في ص و ك.
9- 9) المجموع 4:118،فتح العزيز بهامش المجموع 4:149.

ما تخلّلها من أفعال الصلاة،و مع قضاء السجدات تكمل صلاته (1)،و الجلوس غير معتبر مع الفوات على ما بان (2).

الخامس:لو ترك سجدة و لم يدر من أيّ الركعات هي،

فعلى ما قلناه يقضيها بعد التسليم و يسجد للسهو.و على قول من أبطل الصلاة بالسهو العارض في الأوّلتين (3)تبطل صلاته هنا،لأنّه لا يؤمن أن يكون من الأوّلتين (4)،و مع الشكّ يحصل البطلان.

و قال الشافعيّ:يأتي بركعة،لأنّه يحتمل أن يكون الترك من الأخيرة فيأتي بسجدة (5).و أن يكون من (6)قبلها فيأتي بركعة (7).و قد سلف بطلان ذلك.و كذا لو ترك سجدتين و لم يدر من أيّ الركعتين هي.

أمّا لو ترك سجدتين و لم يدر أ هما من ركعتين أو من ركعة،أعاد الصلاة احتياطا، لاحتمال أن تكونا (8)من ركعة فيكون قد ترك ركنا.

مسألة:و لو نسي التشهّد الأوّل فذكر -و هو قائم
اشارة

(9)

رجع ما لم يركع،فيتشهّد ثمَّ يقوم و لا سهو عليه،و إن ركع مضى في صلاته و قضاه بعد التسليم و عليه سجدتا السهو.و به قال الحسن البصريّ (10).

ص:52


1- 1م و ن:الصلاة.
2- 2) م و ن:يأتي.
3- 3) ح:الأوليين.
4- 4) ح:الأوليين.
5- 5) ح،ق و خا:سجدة.
6- 6) ح،ق و خا:ممّا.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:90،المجموع 4:120،فتح العزيز بهامش المجموع 4:153.
8- 8) في النسخ:أن تكون،و مقتضى السياق ما أثبتناه.
9- 9) م،ن و ك:فذكره.
10- 10) المغني 1:713،الشرح الكبير بهامش المغني 1:724،حلية العلماء 2:166،المجموع 4:140، [1]الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58.

و قال الشافعيّ:إن ذكر قبل انتصابه عاد إليه،و إن انتصب مضى في صلاته (1).

و قال مالك في رواية ابن المنذر عنه:إن فارقت أليتاه الأرض مضى و لا يرجع (2).

و قال النخعيّ:يرجع ما لم يستفتح القراءة (3).

و قال أحمد:إن ذكر (4)قبل أن يستوي قائما وجب أن يرجع،و إن ذكره بعد القيام قبل القراءة تخيّر و الأولى أن لا يرجع (5).

لنا:أنّ القيام غير مانع من العود إلى السجود،فلا يمنع من العود إلى التشهّد،لأنّ محلّه أقرب إلى (6)القيام.و لأنّه ترك واجبا و ذكر قبل فعل ركن غيره،فيجب عليه الإتيان به، كما لو لم ينتصب أو لم تفارق أليتاه الأرض،أو لم يستفتح بالقراءة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأوّلتين (7)،فقال:«إن ذكر قبل أن يركع فليجلس،

ص:53


1- 1حلية العلماء 2:166،المهذّب للشيرازيّ 1:90،المجموع 4:140،فتح العزيز بهامش المجموع 4:156 و 158،مغني المحتاج 1:207،السراج الوهّاج:59،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58.
2- 2) الموطّأ 1:96،المدوّنة الكبرى 1:137،إرشاد السالك:28،بلغة السالك 1:142،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:200،حلية العلماء 2:166،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58. المجموع 4:140،فتح العزيز بهامش المجموع 4:158،المغني 1:713،الشرح الكبير بهامش المغني 1:724.
3- 3) حلية العلماء 2:166،المغني 1:713،الشرح الكبير بهامش المغني 1:724،المجموع 4:140،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58.
4- 4) ن:ذكره.
5- 5) المغني 1:712،713،الشرح الكبير بهامش المغني 1:724،زاد المستقنع:14،الكافي لابن قدامة 1: 216،الإنصاف 2:144،حلية العلماء 2:166،المجموع 4:140،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58.
6- 6) ح:من.
7- 7) ح:الأوليين.

و إن لم يذكر حتّى يركع فليتمّ الصلاة حتّى إذا (1)فرغ فليسلّم و يسجد سجدتي السهو» (2).

و في الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّي الركعتين من المكتوبة لا يجلس بينهما حتّى يركع في الثالثة،قال:«فليتمّ صلاته ثمَّ ليسلّم (3)و يسجد سجدتي السهو-و هو جالس-قبل أن يتكلّم» (4).

و مثله رواه في الصحيح عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه المغيرة بن شعبة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتمّ قائما فليجلس،فإذا استتمّ قائما فلا يجلس و يسجد (7)سجدتي السهو» (8).

و الجواب:لمّا تعارضت الأحاديث فلا بدّ من الجمع،و الحديث الذي ذكرناه أوّلا عن أهل البيت عليهم السلام مفصّل (9)فنحمل (10)حديثكم عليه فنقول (11):معنى قوله:

ص:54


1- 1بعض النسخ:لو.
2- 2) التهذيب 2:158 الحديث 618،الاستبصار 1:362 الحديث 1374،الوسائل 4:995 الباب 7 من أبواب التشهّد الحديث 3. [1]
3- 3) م و غ:يسلّم.
4- 4) التهذيب 2:159 الحديث 623،الاستبصار 1:362 الحديث 1373،الوسائل 4:996 الباب 7 من أبواب التشهّد الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 2:159 الحديث 624،الاستبصار 1:363 الحديث 1375،الوسائل 4:995 الباب 7 من أبواب التشهّد الحديث 4. [3]
6- 6) المغني 2:713،الإنصاف 2:216.
7- 7) خا،ح و ق:و سجد.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:381 الحديث 1208.و بهذا المضمون ينظر:سنن أبي داود 1:272 الحديث 1036،سنن البيهقيّ 2:343،سنن الدار قطنيّ 1:378 الحديث 1.
9- 9) م:منفصل.
10- 10) بعض النسخ:فيحمل،ح،ق و خا:فيحكم.
11- 11) خا،ح و ق:فيعوّل.

«فإذا استتمّ قائما»أي بعد الركوع،و فيه حصول المطلوب.

فروع:
الأوّل:لو ذكر قبل الركوع فجلس و تشهّد،

ففي وجوب السجود للسهو خلاف أقربه عدم الوجوب،عملا بالأصل.

و يعضده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن محمّد بن عليّ الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى (1)التشهّد،فقال:«يرجع فيتشهّد،فقلت:

أسجد سجدتي السهو؟فقال:«لا،ليس في هذا سجدتا السهو» (2).و حمله الشيخ على الذكر قبل الركوع (3)،و هو حسن.

أمّا لو ذكر بعد الركوع،فإنّه يجب عليه قضاؤه و سجدتا السهو،لما تقدّم من الأحاديث.

الثاني:لو نسي التشهّد الثاني حتّى يسلّم،

قضاه و سجد (4)للسهو.

الثالث:لو أخلّ بالتشهّد الأخير حتّى سلّم و أحدث،

(5)

قال بعض أصحابنا:يعيد الصلاة،لأنّ التسليم وقع في غير موضعه (6)و حصل الحدث في الصلاة (7).و ليس بجيّد،لأنّ التسليم مع السهو وقع في موقعه (8)،و يقضي التشهّد،لما رواه الشيخ عن حكم بن حكيم،

ص:55


1- 1خا،ح و ق:فنسي.
2- 2) التهذيب 2:158 الحديث 622،الاستبصار 1:363 الحديث 1376،الوسائل 4:998 الباب 9 من أبواب التشهّد الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:158،الاستبصار 1:363.
4- 4) م و ن:و يسجد.
5- 5) خا،ح و ق:يسلّم.
6- 6) غ:محلّه.
7- 7) السرائر:55.
8- 8) ن و م:موضعه.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ينسى (1)من صلاته ركعة أو سجدة أو الشيء منها ثمَّ يذكر بعد ذلك،فقال:«يقضي ذلك بعينه».فقلت:أ يعيد الصلاة؟قال:«لا» (2).

الرابع:لو كان هذا الناسي إماما و نسي المأمومون معه ثمَّ ذكروا حال القيام،

وجب عليه ما ذكرناه،فلو لم يرجع الإمام وجب على المأمومين الرجوع،خلافا للشافعيّ (3).

لنا:أنّه قد ترك (4)واجبا فلا تصحّ إمامته (5).

احتجّ الشافعيّ بأنّه ترك (6)سنّة إلى واجب (7).

و الجواب:قد بيّنّا وجوب التشهّد فيما مضى (8).

و لو ذكر بعد الانتقال إلى حالة لا يجوز الرجوع فيها-كالركوع عندنا،و استتمام القيام عند الشافعيّ-فرجع،لم يجز للمأمومين متابعته،لأنّه إن كان عامدا بطلت صلاته،و كذا إن كان ناسيا.

الخامس:لو ذكر الإمام حالة وجوب الرجوع و قد انتقل المأمومون إلى حالة

لا تجوز فيها الرجوع،

(9)(10)

وجب على الإمام أن يرجع،و هل يجب على المأمومين ذلك؟يمكن أن يقال بالوجوب إن سبقوا الإمام بالركوع سهوا،لأنّ الواجب عليهم المتابعة،فركوعهم

ص:56


1- 1خا،م،ح و ق:نسي.
2- 2) التهذيب 2:150 الحديث 588،الاستبصار 1:357 الحديث 1350،الوسائل 4:934 [1] الباب 11 من أبواب الركوع الحديث 1،و ج 5:308 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6.
3- 3) المجموع 4:131 و 139،فتح العزيز بهامش المجموع 4:157 و 163،مغني المحتاج 1:207 و 209، السراج الوهّاج:59.
4- 4) خا،ح و ق:ذكر.
5- 5) ق و متن ح:إمامه،هامش ح:ائتمامه.
6- 6) خا،ح و ق:ذكر.
7- 7) فتح العزيز بهامش المجموع 4:157.
8- 8) يراجع:الجزء الخامس ص 177.
9- 9) خا،ق و ح:حال.
10- 10) خا،ق و ح:حال.

السابق كعدمه،أمّا في العمد فالإشكال فيه أقوى.و بالجملة:فنحن (1)في هذا من المتوقّفين.

السادس:لو ذكر المأمومون قبل الانتقال إلى حالة المنع من العود،

(2)

و قد انتقل الإمام إليها،فالوجه أنّه يجب على المأمومين الجلوس و التشهّد ثمَّ القيام.

مسألة:لو نسي الصلاة على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله و ذكر بعد التسليم
اشارة

قضاهما،

(3)

لأنّه فعل واجب و جزء من التشهّد فلا يسقط بالتسليم.

و يؤيّده:رواية حكم بن حكيم (4).

فروع:
الأوّل:لو نسي الصلاة على النبيّ و آله عليهم السلام في التشهّد الأوّل و ذكر

قبل الركوع،

فالوجه وجوب العود و الجلوس للصلاة،و هل يجب إعادة التشهّد؟الوجه أنّه لا يجب.

الثاني:لو ذكر بعد الركوع مضى بلا خلاف،

و هل يجب مع القضاء سجود السهو؟ فيه تردّد أقربه الوجوب.

الثالث:

روى الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ قال:سألته عن رجل سها في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتّى قام فركع في الثالثة،قال:«يدع ركعة و يجلس و يتشهّد و يسلّم و يستأنف الصلاة بعد» (5).

و روى عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلّي الركعتين

ص:57


1- 1ح:فإنّا.
2- 2) خا،ق و ح:حال.
3- 3) ح،ق و ف:صلّى اللّه عليهم،ص:صلوات اللّه عليه و آله،م:عليهما السلام.
4- 4) تقدّمت في ص 55. [1]
5- 5) التهذيب 2:189 الحديث 750،الوسائل 5:331 الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4.و [2]فيهما:«و يسلّم ثمَّ يستأنف».

من الوتر يقوم فينسى (1)التشهّد حتّى يركع فيذكر و هو راكع،قال:«يجلس من ركوعه فيتشهّد ثمَّ يقوم فيتمّم»قال:قلت:أ ليس قلت في الفريضة:إذا ذكر بعد ما يركع مضى ثمَّ يسجد سجدتين من بعد ما ينصرف فيتشهّد فيهما (2)؟قال:«ليس النافلة مثل الفريضة» (3).

مسألة:لو حصّل عدد الأوّلتين من الرباعيّات و شكّ في الزائد،

(4)

فإن غلب على ظنّه أحد الاحتمالين بنى (5)عليه،سواء كان ذلك أوّل مرّة أو تكرّر.

و قال أبو حنيفة:إن عرض ذلك أوّل مرّة استأنف الصلاة،و إن تكرّر بنى (6)على ظنّه (7).و قال الشافعيّ:يبني على اليقين (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحرّ الصواب و ليبن عليه و يسجد سجدتين» (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن سيابة و أبي العبّاس،عن

ص:58


1- 1خا،ح و ق:فنسي.
2- 2) م و ن:بينهما.
3- 3) التهذيب 2:189 الحديث 751 و ص 336 الحديث 1387،الوسائل 4:997 الباب 8 من أبواب التشهّد الحديث 1. [1]
4- 4) ح:الأوّليين.
5- 5) ح و خا:يبني.
6- 6) ح و خا:يبني.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:219،تحفة الفقهاء 1:210،بدائع الصنائع 1:173،الهداية للمرغينانيّ 1:76. شرح فتح القدير 1:452،مجمع الأنهر 1:149 و 152،عمدة القارئ 7:313،المغني 1:704،المجموع 4: 111،المحلّى 4:174،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168.
8- 8) الأمّ 1:131،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:111،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168،مغني المحتاج 1:209،السراج الوهّاج:60،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58، عمدة القارئ 7:312،313.
9- 9) صحيح مسلم 1:400 الحديث 571،572،سنن أبي داود 1:268 الحديث 1020،سنن ابن ماجه 1:382 الحديث 1212.في الجميع بتفاوت في اللفظ.

أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا لم تدر ثلاثا صلّيت أو أربعا و وقع وهمك (1)على الثلاث فابن عليه،و إن وقع وهمك على الأربع فسلّم و انصرف،و إن اعتدل وهمك فانصرف و صلّ ركعتين و أنت جالس» (2).

احتجّ الشافعيّ (3)بما رواه أبو سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا شكّ أحدكم في صلاته فليلغ (4)الشكّ و ليبن على اليقين» (5).

و الجواب:أنّه غير متناول لصورة النزاع،إذ البحث في الظّنّ بوقوع أحد الطرفين، و الحديث يتناول الشكّ.

مسألة:و لو تساوت الاحتمالات بنى على الأكثر،
اشارة

فإذا سلّم صلّى ما شكّ فيه.

و قال الشافعيّ:يبني على اليقين و يطرح الشكّ (6).و خيّر بين القولين ابن بابويه من علمائنا (7).

لنا:أنّ البناء على الأوّل فاسد،لاحتمال زيادة الركعة في الصلاة،و هي مبطلة عمدا و سهوا.و القول بالإعادة باطل إجماعا،فتعيّن ما صرنا إليه.

لا يقال:يلزمكم (8)النقيصة في الصلاة،و هي مبطلة.

ص:59


1- 1م:زعمك،و في المصادر:رأيك.
2- 2) التهذيب 2:184 الحديث 733،الوسائل 5:316 الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:109،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168.
4- 4) كذا في النسخ،كما في سنن ابن ماجه،و في باقي المصادر:«فليلق».
5- 5) سنن أبي داود 1:269 الحديث 1024،سنن ابن ماجه 1:382 الحديث 1210،سنن الدار قطنيّ 1:372 الحديث 21،المستدرك للحاكم 1:322.
6- 6) الأمّ 1:130،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:111،فتح العزيز بهامش المجموع 4:168،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58،حلية العلماء 2:160،مغني المحتاج 1:209.
7- 7) الفقيه 1:231.
8- 8) ن:يلزمك.

لأنّا نقول:وقوع التسليم في غير موضعه سهوا غير مبطل،فكذا هاهنا (1)، لاستوائهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى الساباطيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«كلّما دخل عليك من الشكّ في صلاتك فاعمل على الأكثر»قال:

«فإذا انصرفت فأتمّ ما (2)ظننت أنّك نقصت» (3).

احتجّ الشافعيّ بحديث أبي سعيد الخدريّ،و قد تقدّم.

و احتجّ ابن بابويه بما رواه سهل بن اليسع قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري أثلاثا صلّى أم اثنتين؟قال:يبني على النقصان و يأخذ بالجزم و يتشهّد بعد انصرافه تشهّدا خفيفا،كذلك (4)في أوّل الصلاة و آخرها» (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على النوافل.

و عن الثاني:أنّه محمول على ما إذا غلب على ظنّه طرف النقصان.

فروع:
الأوّل:لو تساوت الاحتمالات بين الاثنين و الثلاث بنى على الثلاث و أتمّ الصلاة،

ثمَّ صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس،لأنّ البناء على الأكثر معلوم ممّا تقدّم.

و ممّا (6)رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام،قلت:رجل

ص:60


1- 1خا،ك،ح و ق:هنا.
2- 2) غ،ف،ح،خا و ق:بما.
3- 3) التهذيب 2:193 الحديث 762،الاستبصار 1:376 الحديث 1426،الوسائل 5:318 الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [1]
4- 4) غ،م،ن،ص و ف:لذلك.
5- 5) الفقيه 1:230 الحديث 1023،بتفاوت.و بهذا اللفظ،ينظر:التهذيب 2:193 الحديث 761،الاستبصار 1:375 الحديث 1425،الوسائل 5:318 الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [2]
6- 6) خا،ك،ح و ق:و ما.

لم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا،قال:«إذا دخله الشكّ بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثمَّ صلّى الأخرى و لا شيء عليه و يسلّم» (1).

و أمّا وجوب الاحتياط بما ذكرناه،فلحديث عمّار.و لأنّه لا يؤمن النقصان فلا بدّ من الجبران.

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا،قال:«يعيد» (2).

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون المراد بذلك المغرب.ذكره الشيخ في التهذيب (3).

و يحتمل أيضا أن يكون المراد:إذا لم يكمل الثالثة،فيكون في الحقيقة كأنّه شكّ بين الأوّلة و الثانية.

الثاني:لو شكّ بين الثلاث و الأربع بنى على الأربع

و سلّم ثمَّ صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس،لما تقدّم.

و يؤيّده:رواية عبد الرحمن بن سيابة و أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

و ما رواه في الحسن عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إن استوى و همه في الثلاث و الأربع سلّم و صلّى ركعتين و أربع سجدات بفاتحة الكتاب و هو جالس يقصّر في التشهد» (5).

و عن جميل،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيمن لا يدري

ص:61


1- 1التهذيب 2:192 الحديث 759،الاستبصار 1:375 الحديث 1423،الوسائل 5:319 الباب من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:193 الحديث 760،الاستبصار 1:375 الحديث 1424،الوسائل 5:320 الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:193 ذيل الحديث 760.
4- 4) التهذيب 2:184 الحديث 733،الوسائل 5:316 الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:185 الحديث 736،الوسائل 5:321 الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [4]

أثلاثا صلّى أم أربعا و همه في ذلك سواء،قال:فقال:«إذا اعتدل الوهم في الثلاث و الأربع فهو بالخيار،إن شاء صلّى ركعة و هو قائم،و إن شاء صلّى ركعتين و أربع سجدات» (1).

و هذه الرواية و إن كانت مرسلة إلاّ أنّ اتّفاق القائلين بالبناء على الأكثر على التخيير المشتملة عليه يؤيّدها.

الثالث:لو شكّ بين الاثنتين و الأربع بنى على الأربع و سلّم،

ثمَّ صلّى ركعتين من قيام،لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين فلا يدري أ ركعتان (2)هي أو أربع،قال:«يسلّم ثمَّ يقوم فيصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب و يتشهّد و ينصرف و ليس عليه شيء» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا لم تدر أربعا صلّيت أو ركعتين فقم و اركع ركعتين ثمَّ سلّم و اسجد سجدتين و أنت جالس ثمَّ تسلّم (4)بعدهما» (5).

و في وجوب السجدتين نظر.و يحتمل أن ينزّل على ما إذا تكلّم،لما رواه الشيخ عن ابن أبي يعفور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري ركعتين (6)صلّى أم أربعا،قال:«يتشهّد و يسلّم،ثمَّ يقوم فيصلّي ركعتين و أربع سجدات يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب،ثمَّ يتشهّد و يسلّم،فإن كان قد صلّى أربعا كانت هاتان نافلة، و إن كان قد صلّى ركعتين كانت هاتان تمام الأربعة،و إن كان تكلّم فليسجد سجدتي

ص:62


1- 1التهذيب 2:184 الحديث 734،الوسائل 5:320 الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
2- 2) ك،ف،غ،ق،ص:ركعتين،كما في الوسائل، [2]ح،م،ن و خا:أ ركعتين.
3- 3) التهذيب 2:185 الحديث 737،الاستبصار 1:372 الحديث 1414،الوسائل 5:324 الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6. [3]
4- 4) خا،ح و ق:سلّم،كما في الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 2:185 الحديث 738،الوسائل 5:324 الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 8. [5]
6- 6) م و ن:أ ركعتين.

السهو» (1).

و ما رواه في الحسن عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام قال:قلت له:من لم يدر في أربع هو أو في ثنتين و قد أحرز الثنتين،قال:«يركع ركعتين (2)و أربع سجدات-و هو قائم-بفاتحة الكتاب و يتشهّد و لا شيء عليه،و إذا (3)لم يدر في ثلاث هو أو في أربع و قد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى و لا شيء عليه،و لا ينقض اليقين بالشكّ و لا يدخل الشكّ في اليقين و لا يخلط (4)أحدهما بالآخر و لكنّه ينقض الشكّ باليقين و يتمّ على اليقين فيبني عليه و لا (5)يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات» (6).

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الرجل لا يدري صلّى ركعتين أم أربعا؟قال:«يعيد الصلاة» (7).

لأنّا نقول:إنّه محمول على الشكّ في صلاة الغداة أو المغرب،ذكره الشيخ (8)،و هو حسن،لندوره (9)و منافاته لما ثبت في الأخبار المتقدّمة.و لأنّ محمّدا لم يسنده إلى إمام، و يحتمل وقوع الشكّ قبل إكمال الاثنتين.

الرابع:لو شكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بنى على الأربع و سلّم،

ثمَّ قام

ص:63


1- 1التهذيب 2:186 الحديث 739،الاستبصار 1:372 الحديث 1315،الوسائل 5:323 الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
2- 2) ح:بركعتين،كما في الوسائل. [2]
3- 3) م:و إن.
4- 4) أكثر النسخ:و لا يدخل.
5- 5) ح:فلا.
6- 6) التهذيب 2:186 الحديث 740،الاستبصار 1:373 الحديث 1416،الوسائل 5:323 [3] الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3،و ص 321 الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3.
7- 7) التهذيب 2:186 الحديث 741،الاستبصار 1:373 الحديث 1417،الوسائل 5:324 الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 7. [4]
8- 8) التهذيب 2:186 ذيل الحديث 741،الاستبصار 1:373 ذيل الحديث 1417.
9- 9) ح:لندرته،ق و خا:لندورته.

فصلّى (1)ركعتين من قيام و ركعتين من جلوس،فإن كان قد صلّى ركعتين كانت الركعتان من قيام تمام الصلاة و الركعتان من جلوس نافلة،و إن كان قد صلّى ثلاثا انعكس الحال، و إن كان قد صلّى أربعا كان الكلّ نافلة.روى ذلك الشيخ في الحسن عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صلّى فلم يدر أ ثنتين صلّى أم ثلاثا أم أربعا،قال:«يقوم فيصلّي ركعتين من قيام و يسلّم،ثمَّ يصلّي ركعتين من جلوس و يسلّم،فإن كان قد صلّى أربعا كانت الركعتان نافلة و إلاّ تمّت الأربع» (2).

و قد يعرض الاشتباه هاهنا لبعض الفقهاء في وجوب النافلة،و ليس هاهنا نافلة واجبة،بل النافلة في نفس الأمر واجبة عندنا و لا استحالة فيه،كالصلاة المشتبهة الفائتة.

الخامس:لو شكّ بين الاثنتين و الثلاث-و هو قائم-كأنّه يقول:قيامي لا أدري

لثانية هو أم لثالثة ،بطلت صلاته،

(3)(4)

لأنّه في الحقيقة شكّ بين الواحدة و الاثنتين، لأنّ التثنية في الحقيقة إنّما تثبت بعد إكمال الأوّل.

و لو قال:لا أدري قيامي هذا لثالثة أم لرابعة (5)فهو في الحقيقة شكّ بين الاثنتين و الثلاث يتمّ (6)تلك الركعة و يصلّي الرابعة،ثمَّ يفعل ما فعل الشاكّ بين الاثنتين و الثلاث.

و لو قال:لا أدري قيامي هذا لرابعة (7)أو لخامسة (8)فهو في الحقيقة شكّ بين الثلاث و الأربع،يجلس و يتشهّد و يسلّم،ثمَّ يصلّي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.

ص:64


1- 1م:فيصلّي.
2- 2) التهذيب 2:187 الحديث 742،الوسائل 5:326 الباب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4.و [1]فيهما:«فإن كانت أربع ركعات».
3- 3) ح:الثانية.
4- 4) ح:الثالثة.
5- 5) ح:الرابعة.
6- 6) غ،ح،ق،ف و ص:يتمّم.
7- 7) ح:الرابعة.
8- 8) ح:الخامسة.

و كذا الحكم لو شكّ بعد انتصابه من الركوع،كأن يقول:لا أدري انتصابي هذا من ركوع الثانية أو الثالثة،و على هذا،إلاّ في الأخيرة،فإنّه يحتمل أن يكون انتصابه من الرابعة فيجب عليه الإتمام بسجدتين و التشهّد (1)و التسليم،و يحتمل أن يكون من الخامسة فالأولى هاهنا الاستئناف،لأنّا (2)لو أمرناه بالإتمام احتمل أن يكون قد صلّى خمسا و نافى ما بيّنّاه أوّلا من البناء على الأكثر (3)،و إن أمرناه بالجلوس و التشهّد و التسليم لم يأمن أن يكون قد صلّى أربعا و زاد الركوع المبطل،و أن يكون قد صلّى ثلاثا و نقص السجدتين، فلهذا أوجبنا عليه الإعادة.

قال الشيخ في الخلاف:و لو شكّ بين الأربع و الخمس-و هو قائم-قعد و بنى (4)على الأربع و سلّم (5)،و ليس بجيّد.

السادس:يجزئ قراءة الفاتحة في الاحتياط،

لأنّها معرضة لأن تكون بدلا فلا يزيد حكمها على حكم المبدل.و لرواية محمّد بن مسلم (6).

و هل يتعيّن الفاتحة أو يكون مخيّرا بينها و بين التسبيح؟قيل بالأوّل (7)،لأنّها صلاة فتعيّن (8)فيها الفاتحة.

و قيل بالثاني (9)،لأنّها إمّا نافلة فلا تتعيّن الفاتحة،أو ثالثة أو رابعة فلا تتعيّن أيضا.

ص:65


1- 1توجد في ن فقط.
2- 2) ح،ق و خا:لأنّه.
3- 3) يراجع:ص 59. [1]
4- 4) ح،ق و خا:يبني.
5- 5) الخلاف 1:164 مسألة-196.
6- 6) التهذيب 2:185 الحديث 737،الاستبصار 1:372 الحديث 1414،الوسائل 5:324 الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 6.
7- 7) ينظر:المقنع:31،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،النهاية:90، [2]الشرائع 1:118. [3]
8- 8) غ،ف،ص و ن:فيتعيّن،ح و ق:تعيّن.
9- 9) ينظر:المقنعة:24،السرائر:54.

و الأوّل أقرب،و لا فرق في ذلك بين الركعة من قيام و الركعتين (1)من جلوس.

السابع:لو فعل ما يبطل الصلاة قبل الاحتياط،قيل:بطلت الصلاة و سقط

الاحتياط ،

(2)

لاحتمال أن يكون تماما و الحدث مانع منه.و قيل:لا تبطل (3)،لأنّه بدل لا يجب مساواته في كلّ حكم لمبدله.

مسألة:لو تكلّم في الصلاة عمدا بطلت صلاته،

(4)

و قد تقدّم (5).

و لو تكلّم سهوا لم تبطل و يسجد (6)للسهو.و عليه علماؤنا أجمع،خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (8).

و لأنّ الجمهور رووا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سلّم في الأوّلتين ساهيا و تكلّم

ص:66


1- 1ح،خا و ق:أو ركعتين،ك:أو الركعتين.
2- 2) نسب المصنّف في المختلف القول بالبطلان إلى المفيد في الرسالة الغريّة.و قال صاحب المفتاح:و ليس في كتب القدماء جميعها إلاّ ما يظهر منها من وجوب المبادرة.و نقل القولين المحقّق في الشرائع. الشرائع 1:118، [1]المختلف:139،مفتاح الكرامة 3:367. [2]
3- 3) السرائر:54.
4- 4) ح،ق و خا:و لو.
5- 5) تقدّم في الجزء الخامس ص 283.
6- 6) ن:سجد.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:170،تحفة الفقهاء 1:220،بدائع الصنائع 1:233،الهداية للمرغينانيّ 1:61، شرح فتح القدير 1:344،مجمع الأنهر 1:117،المحلّي 4:163،المجموع 4:85، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 5: 109. [4]
8- 8) سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،كنز العمّال 4:232 الحديث 10306،10307،و من طريق الخاصّة بهذا اللفظ ينظر: عوالي اللئالي 1:232 الحديث 131.و [5]في عداد التسعة المرفوعة ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 5: 345 [6] الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2،و ج 11:295 الباب 56 من أبواب جهاد النفس.في بعض المصادر:وضع عن أمّتي،بدل:رفع.

مع ذي اليدين و لم يعد (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصلاة،يقول:أقيموا صفوفكم قال:«يتمّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتين»فقلت:سجدتي السهو قبل التسليم هما أو بعده؟ قال:«بعد» (2).

احتجّ أبو حنيفة بأنّها صلاة ليس فيها شيء من كلام الناس (3).و لأنّ ما أوجب البطلان عمدا أوجبه سهوا كالحدث.

و الجواب عن الأوّل:أنّه دالّ على أنّه ليس في الصلاة شيء من كلام الناس، لا على البطلان،و قياسه باطل،لأنّ الصلاة بطلت هناك لبطلان الطهارة التي هي شرط، بخلاف صورة النزاع،لأنّ النهي عن الكلام متحقّق في العمد لا السهو.

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلّم،قال:«يتمّ ما (4)بقي من صلاته تكلّم أو لم يتكلّم و لا شيء عليه» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ الصلاة و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين،

ص:67


1- 1صحيح البخاريّ 2:86،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،الموطّأ 1:93 الحديث 58،سنن ابن ماجه 1: 383 الحديث 1213،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399، [1]سنن البيهقيّ 2:250،نيل الأوطار 3:130.
2- 2) التهذيب 2:191 الحديث 755،الاستبصار 1:378 الحديث 1433،و فيهما:«بعده»،الوسائل 5:313 الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:171،الهداية للمرغينانيّ 1:61،بدائع الصنائع 1:233.
4- 4) م،ن و ص:بما.
5- 5) التهذيب 2:191 الحديث 756،الاستبصار 1:378 الحديث 1434،الوسائل 5:308 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [3]

فقال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (1).

لأنّا نقول:المراد هاهنا أنّه لا شيء عليه من الإثم،لا نفي السجود.

مسألة:و لو سلّم في غير موضعه كالأوليين من الرباعيّات و الثلاثيّة،

أو الأوّلة (2)من الثنائيّة سهوا أتمّ صلاته و سجد للسهو.و به قال مالك (3)،و أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5)، و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور (7)،لما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انصرف من اثنتين فقال ذو اليدين:أ قصرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟فقال:«أصدق ذو اليدين؟»فقال الناس:نعم،فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى اثنتين أخريين ثمَّ سلّم ثمَّ كبّر ثمَّ سجد مثل سجوده أو أطول ثمَّ رفع (8).

و من طريق الخاصة:ما تقدّم في حديث زرارة و محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (9).

ص:68


1- 1التهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،و فيه:«لم يصلّ ركعتين»،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 9. [1]
2- 2) ح و ق:و الأوّلة.
3- 3) الموطّأ 1:93،94، [2]المدوّنة الكبرى 1:136.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:170،شرح فتح القدير 1:434،مجمع الأنهر 1:153.
5- 5) الأمّ 1:125،126،المهذّب للشيرازيّ 1:90،91،المجموع 4:124 و 126،فتح العزيز بهامش المجموع 4:109،مغني المحتاج 1:195.
6- 6) المغني 1:700،الشرح الكبير بهامش المغني 1:707،زاد المستقنع:14،الكافي لابن قدامة 1:208، الإنصاف 2:132.
7- 7) عمدة القارئ 6:108،نيل الأوطار 3:136،137.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:86،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن أبي داود 1:264 الحديث 1008،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399،سنن ابن ماجه 1:383 الحديث 1214،الموطّأ 1:93 الحديث 58،59، [3]سنن البيهقيّ 2:250.
9- 9) تقدّم في ص 67.

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام رجل صلّى ثلاث ركعات و ظنّ أنّها أربع (1)فسلّم ثمَّ ذكر أنّها ثلاث،قال:يبني على صلاته[متى ما ذكر] (2)و يصلّي ركعة و يتشهّد و يسلّم و يسجد سجدتي السهو» (3).

مسألة:و لو شكّ بين الأربع و الخمس و هو جالس،سلّم و سجد

سجدتي السهو.

(4)

قاله الشيخ في النهاية (5)،و المفيد (6).و به قال الشافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد (9).

و قال في الخلاف:لا يجب (10)عليه السجود بل أوجب الإعادة (11).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ قال:«إذا شكّ أحدكم في صلاته فلم يدر خمسا صلّى أو أربعا فليطرح الشكّ و ليبن على اليقين ثمَّ يسجد سجدتين» (12).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي

ص:69


1- 1ح بزيادة:ركعات.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:353 الحديث 1466،الوسائل 5:310 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 14. [1]
4- 4) م:و يسجد
5- 5) النهاية:91. [2]
6- 6) نقله عنه في المختلف:140.
7- 7) الأمّ 1:131،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:124،فتح العزيز بهامش المجموع 4:162،163، مغني المحتاج 1:209،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:58،السراج الوهّاج:60.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:210،المبسوط للسرخسيّ 1:227،بدائع الصنائع 1:171،الهداية للمرغينانيّ 1:75، شرح فتح القدير 1:444.
9- 9) المغني 1:717،الشرح الكبير بهامش المغني 1:702،زاد المستقنع:14،الكافي لابن قدامة 1:211.
10- 10) ح،ق و خا:و لا يجب.
11- 11) الخلاف 1:164 مسألة-196.
12- 12) صحيح مسلم 1:400 الحديث 571،سنن أبي داود 1:269 الحديث 1024،سنن ابن ماجه 1:382 الحديث 1210،مسند أحمد 3:83، [3]سنن البيهقيّ 2:331،كنز العمّال 7:468 الحديث 19817.

السهو بعد تسليمك ثمَّ سلّم بعدهما» (1).و هذا نصّ في الباب.

و لأنّ الشكّ بين الأربع و الخمس لا يبطل الصلاة،إذ هو شكّ بعد الفراغ و لا يوجب تلافيا،لحصول اليقين بتمام العدد فتجبر (2)بسجدتي (3)السهو.

مسألة:و لو قعد في حال قيام أو قام في حال قعود ساهيا،

(4)

قال الشيخ:لا يسجد للسهو إذا تلافاه (5). (6)

و قال السيّد المرتضى:يسجد سجدتي السهو (7).و به قال الشافعيّ (8)، و أبو حنيفة (9).و الأقرب الأوّل.

لنا:الأصل براءة الذمّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهّد،فقال:«يرجع فيتشهّد»فقلت:أسجد سجدتي السهو؟فقال:«لا،ليس في هذا سجدتا السهو» (10).و هذا من صور (11)النزاع.

و في الموثّق عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من حفظ سهوه فأتمّه

ص:70


1- 1التهذيب 2:195 الحديث 767،الوسائل 5:326 الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
2- 2) غ:فنجبر،ح:فيجزئ.
3- 3) ح،ق و خا:سجدتي.
4- 4) م:القيام.
5- 5) ح و ق:تلاقاه.
6- 6) الخلاف 1:169 مسألة-202،المبسوط 1:123،الجمل و العقود:80.
7- 7) جمل العلم و العمل:66.
8- 8) الأمّ 1:128،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:127،المغني 1:712.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:220،الهداية للمرغينانيّ 1:74،75،تحفة الفقهاء 1:210،المغني 1:712.
10- 10) التهذيب 2:158 الحديث 622،الاستبصار 1:363 الحديث 1376،و فيهما:«أ يسجد سجدتي السهو؟»، الوسائل 4:998 الباب 9 من أبواب التشهّد الحديث 4. [2]
11- 11) ن،ح و خا:في صورة،ق:في صور،م:من صورة.

فليس عليه سجدتا السهو» (1).

احتجّ السيّد المرتضى (2)بما رواه عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو؟قال:«إذا أردت أن تقعد فقمت،أو أردت أن تقوم فقعدت،أو أردت أن تقرأ فسبّحت،أو أردت أن تسبّح فقرأت،فعليك سجدتا السهو، و ليس في شيء ممّا يتمّ به الصلاة سهو» (3).

و الجواب:الطعن في السند.و احتجاج الشافعيّ (4)بقوله عليه السلام:«لكلّ سهو سجدتان» (5)مخصوص،فيمنع (6)تناوله محلّ النزاع.

مسألة:و قد اتّفق علماؤنا على إيجاب سجدتي السهو فيمن سها عن السجدة

أو التشهّد و ذكره بعد الركوع،و من تكلّم ناسيا،و من سلّم في غير موضعه.

و ذهب السيّد المرتضى (7)،و ابن بابويه (8)،و أبو الصلاح (9)،و سلاّر (10)إلى إيجاب

ص:71


1- 1التهذيب 2:346 الحديث 1438،الاستبصار 1:369 الحديث 1405،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 11. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:399. [2]
3- 3) التهذيب 2:353 الحديث 1466،الوسائل 5:346 الباب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [3]في:غ،م،ن،خا و ق الحديث هكذا:«إذا أردت أن تقعد فقمت،أو تقوم فقعدت،أو تقرأ فسبّحت.».
4- 4) المغني 1:712.
5- 5) سنن أبي داود 1:272 الحديث 1038،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1219،مسند أحمد 5:280،سنن البيهقيّ 2:337،كنز العمّال 7:472 الحديث 19834،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:92 الحديث 1412،المصنّف لعبد الرزّاق 2:322 الحديث 3533.
6- 6) بعض النسخ:فنمنع.
7- 7) جمل العلم و العمل:66.
8- 8) الفقيه 1:225.
9- 9) الكافي في الفقه:148. [4]
10- 10) المراسم:90.

السجدتين فيمن قام في حال قعود (1)أو بالعكس.

و ذهب الشيخ في النهاية إلى أنّ من شكّ بين الأربع و الخمس يسجد أيضا (2)،و هو قول السيّد المرتضى (3)،و ابن أبي عقيل (4).

قال الشيخ في الخلاف:لا تجب سجدتا السهو إلاّ في أربعة مواضع:من تكلّم ناسيا، أو سلّم في غير موضعه،أو نسي السجدة،أو التشهّد حتّى ركع،و لا تجب فيما عدا ذلك، زيادة كان أو نقصانا،متحقّقة أو متوهّمة و على كلّ حال (5).

و ابن بابويه أوجب السجود لكلّ زيادة أو نقصان (6)، (7)و لم يعتمد على هذا القول الشيخ،عملا ببراءة الذمّة.

و الصائرون إليه استدلّوا بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه (8)بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا،أم نقصت أم زدت، فتشهّد و سلّم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة،تتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» (9).

و قد مضى البحث في ذلك كلّه (10).

مسألة:و لو سها في النافلة بما يوجب السجدتين في الفريضة لم يجب عليه السجود.
اشارة

ص:72


1- 1ح،ق،خا و ص:قعوده.
2- 2) النهاية:91. [1]
3- 3) جمل العلم و العمل:66.
4- 4) نقله عنه في المختلف:140.
5- 5) الخلاف 1:169 مسألة-202.
6- 6) غ:و نقيصة.
7- 7) الفقيه 1:225.
8- 8) أكثر النسخ:عبد اللّه.
9- 9) التهذيب 2:196 الحديث 772،الاستبصار 1:380 الحديث 1441،الوسائل 5:327 الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [2]
10- 10) تقدّم في ص 45.

و هو قول ابن سيرين (1).

لنا:أنّ الأصل مندوب فالبدل غير واجب،و كذا الجبران (2).

و باقي الجمهور على خلاف ذلك،مستدلّين بقوله عليه السلام:«إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» (3).

و الجواب:أنّه مخصوص و معارض بما نقلناه (4)من طرق (5)الأصحاب من قولهم عليهم السلام:لا سهو في النافلة (6).

فرع:

لو قام إلى الثالثة في النافلة فركع ساهيا أسقط الركوع

و جلس و تشهّد.

و قال مالك:يتمّها أربعا و يسجد للسهو (7).

لنا:أنّ القيام في الثالثة غير معتدّ به،لأنّه خارج عن الصلاة فلا يمنع من المعاودة، كما لو لم يركع،أو قام عن سجدة واحدة و لم يركع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ قال:سألته عن رجل سها في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتّى قام فركع في الثالثة،قال:«يدع ركعة

ص:73


1- 1المغني 1:734،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:700،المجموع 4:161،نيل الأوطار 3:145،المصنّف لعبد الرزّاق 2:326.
2- 2) أكثر النسخ:الجواب.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:380 الحديث 1203،سنن أبي داود 1:268 الحديث 1021،مسند أحمد 1:424. [2]
4- 4) ح،ق و خا:قلناه.
5- 5) ح،ق و خا:طريق.
6- 6) الوسائل 5:331 الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:137،المغني 1:735،الشرح الكبير بهامش المغني 1:703.

و يجلس و يتشهّد و يسلّم و يستأنف الصلاة بعد» (1).

مسألة:و لا سجود للسهو في صلاة الجنازة،

لأنّها ليست ذات سجود،فجبرانها أولى بالعدم،و لا في السجود للتلاوة،و لا في سجود السهو،لأنّه لو شرّع ذلك لزم أن يكون الجبران زائدا على الأصل في الأوّل،و التسلسل في الثاني.

و يعضده قولهم عليهم السلام:«لا سهو في سهو» (2).و لا نعلم في هذه الأحكام خلافا.

مسألة:و سجود السهو واجب فيما ذكرنا.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال مالك:سجود السهو في النقصان واجب (3).و قال الشافعيّ:هو مسنون (4).و قال أبو حنيفة (5)و أحمد (6)مثل قولنا.

لنا:الأوامر الدّالّة على الوجوب.و لأنّه جبران فكان واجبا كجبران الحجّ.

احتجّ الشافعيّ (7)بقوله عليه السلام لأبي سعيد الخدريّ:«فإن كانت الصلاة تامّة

ص:74


1- 1التهذيب 2:189 الحديث 750،الوسائل 5:331 الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. و [1]فيهما:ثمَّ يستأنف،مكان:و يستأنف.
2- 2) الفقيه 1:231 الحديث 1028،الكافي 3:358 الحديث 5، [2]التهذيب 3:54 الحديث 187،الوسائل 5: 340 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 8. [3]
3- 3) بداية المجتهد 1:191،حلية العلماء 2:177،المجموع 4:152،فتح الباري 3:71،الميزان الكبرى 1: 161.
4- 4) حلية العلماء 2:177،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:152،فتح العزيز بهامش المجموع 4:138، السراج الوهّاج:58،فتح الباري 3:71،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:57،مغني المحتاج 1:204، بداية المجتهد 1:191.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:218،تحفة الفقهاء 1:209،بدائع الصنائع 1:161،الهداية للمرغينانيّ 1:74، شرح فتح القدير 1:434،مجمع الأنهر 1:147،المجموع 4:152،فتح الباري 3:71.
6- 6) المغني 1:700،الشرح الكبير بهامش المغني 1:700،الكافي لابن قدامة 1:218،زاد المستقنع:14، الإنصاف 2:153. [4]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:89 و 92،المجموع 4:151،152.

كانت الركعة و السجدتان نافلة» (1).

و الجواب:أنّ كونها نفلا على هذا التقدير لا يستلزم كونها نفلا (2)في نفس الأمر.

مسألة:و تجب في سجود السهو النيّة،

لأنّه طاعة و عبادة،و كلّ عبادة بنيّة (3).

و لأنّه فعل يقع (4)على وجوه،فلا يتخصّص بدون النيّة.

و تجب فيه السجدتان على الأعضاء السبعة،لأنّ المعهود من السجود في الشرع ذلك، فينصرف (5)إليه اللفظ عند الإطلاق.

و يجب فيه التشهّد.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن مسعود،و النخعيّ،و قتادة، و الحكم،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و أصحاب الرأي (9).

و قال أنس،و الحسن،و عطاء:ليس فيه تشهّد.و به قال ابن سيرين (10).

لنا:ما رواه الجمهور عن عمران بن الحصين أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نسي،

ص:75


1- 1سنن ابن ماجه 1:382 الحديث 1210،المستدرك للحاكم 1:322،سنن الدار قطنيّ 1:372 الحديث 21، سنن البيهقيّ 2:351.
2- 2) م و ن:فعلا،ص و ك:نقلا.
3- 3) غ:هيئة.
4- 4) ح و ق و خا:يفعل.
5- 5) ق،ح،غ،ن،ف و ك:فيصرف.
6- 6) المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،عمدة القارئ 7:309،بداية المجتهد 1:196.
7- 7) الأمّ 1:130،حلية العلماء 2:179،المجموع 4:159،المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 739.
8- 8) المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،الكافي لابن قدامة 1:219،الإنصاف 2:159، [1]بداية المجتهد 1:196.
9- 9) تحفة الفقهاء 1:214،بدائع الصنائع 1:173،الهداية للمرغينانيّ 1:74، [2]مجمع الأنهر 1:148،عمدة القارئ 7:309،المغني 1:723.
10- 10) المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،بداية المجتهد 1:196،عمدة القارئ 7:309.

فسجد سجدتين ثمَّ تشهّد ثمَّ سلّم (1).رواه أبو داود و الترمذيّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«تتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» (2).

و لأنّه سجود يشتمل على التسليم،فيجب فيه التشهّد،كسجود الصلاة.

احتجّ المخالف (3)بحديث ابن مسعود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4)سجد سجدتين ثمَّ سلّم (5).

و الجواب:لا يدلّ ترك التشهّد على أنّه عليه السلام لم يفعله.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«و لا فيهما تشهّد بعد السجدتين» (6).

لأنّا نقول:المراد بذلك التشهّد البالغ،بل الواجب التشهّد الخفيف (7)-ذكره (8)الشيخ (9)-على أنّ سند هذه الرواية ضعيف،فلا يعارض الرواية الصحيحة.

ص:76


1- 1سنن أبي داود 1:273 الحديث 1039،سنن الترمذيّ 2:240 الحديث 395. [1]
2- 2) التهذيب 2:196 الحديث 772،الاستبصار 1:380 الحديث 1441،الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:724،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739.
4- 4) غ:عليه السلام.
5- 5) صحيح مسلم 1:400 الحديث 572،سنن الترمذيّ 2:238 الحديث 392، [3]المصنّف لعبد الرزّاق 2:302 الرقم 3456،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:30 الحديث 9845.
6- 6) التهذيب 2:196 الحديث 771،الاستبصار 1:381 الحديث 1442،الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [4]
7- 7) ح،ق و خا:الخفيفة.
8- 8) ح،ق و خا:قال.
9- 9) المبسوط 1:125،النهاية:93،التهذيب 2:196 ذيل الحديث 771،الاستبصار 1:381 ذيل الحديث 1442.

و يجب فيه التسليم.ذهب إليه علماؤنا أجمع و أكثر الجمهور (1)،خلافا لأنس، و الحسن البصريّ،و عطاء (2).

لنا:حديث ابن مسعود و ابن الحصين و قد تقدّما (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك،ثمَّ سلّم بعدهما» (4).

مسألة:قال الشيخ:إذا أراد أن يسجد للسهو كبّر .
اشارة

(5)

فإن أراد الشيخ بذلك الوجوب فهو في موضع المنع،و إن أراد الاستحباب فهو مسلّم.

و قال أكثر الجمهور بالوجوب (6).

لنا:الأصل براءة الذمّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن سجدتي السهو،هل فيهما تكبير أو تسبيح؟فقال:«لا،إنّما هما سجدتان فقط» (7).

و أمّا الاستحباب،فلأنّه ذكر اللّه تعالى (8).و لأنّه سجود فاستحبّ فيه التكبير كسجود الصلاة.

ص:77


1- 1المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،المجموع 4:157 و 159،الهداية للمرغينانيّ 1:74. المدوّنة الكبرى 1:136،عمدة القارئ 7:303.
2- 2) المغني 1:723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،عمدة القارئ 7:303.
3- 3) تقدّما في ص 75.
4- 4) التهذيب 2:195 الحديث 767،الوسائل 5:314 الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
5- 5) المبسوط 1:125.
6- 6) المغني 1:723،724،الشرح الكبير بهامش المغني 1:739،المجموع 4:157،فتح العزيز بهامش المجموع 4:183 و 192،عمدة القارئ 7:310،فتح الباري 3:77.
7- 7) التهذيب 2:196 الحديث 771،الاستبصار 1:381 الحديث 1442،الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [2]
8- 8) غ،ف و ص:ذكر للّه تعالى.

و يتأكّد في الإمام،لما رواه عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«فإن كان الذي سها هو الإمام كبّر إذا سجد و إذا رفع رأسه،ليعلم من خلفه أنّه قد سها» (1).

احتجّ المخالف (2)بما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:ثمَّ كبّر و سجد (3).

و الجواب:هذا الحديث عندنا باطل،لاستحالة السهو على (4)النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و مع تسليمه فغير دالّ على الوجوب،إذ هو عليه السلام كما كان يأتي بالأفعال الواجبة،فكذا كان يأتي بالمندوبة.

مسألة:و يقول فيهما:بسم اللّه و باللّه،السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته.

أو:بسم اللّه و باللّه،اللّهمّ صلّى على محمّد و آل محمّد.

و قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة:يسبّح فيهما كما يسبّح في سجدات الصلاة (6). (7)

احتجّ أصحابنا (8)بما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في سجدتي السهو:«بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد»قال:و سمعته مرّة أخرى يقول فيهما:«بسم اللّه و باللّه و السلام عليك أيّها النبيّ

ص:78


1- 1التهذيب 2:196 الحديث 771،الاستبصار 1:381 الحديث 1442،الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [1]
2- 2) المغني 1:724،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:739،فتح الباري 3:77،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 192.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:86،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن أبي داود 1:264 الحديث 1008،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399، [3]سنن النسائيّ 3:20،سنن البيهقيّ 2:354.
4- 4) ح،ق و خا:عن.
5- 5) المجموع 4:161، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 4:179، [5]مغني المحتاج 1:212،السراج الوهّاج:61.
6- 6) ح،ق و خا:الصلوات.
7- 7) لم نعثر عليه.
8- 8) التهذيب 2:196،السرائر:55.

و رحمة اللّه و بركاته» (1).

و بعض متأخّري أصحابنا قال:إنّ هذه الرواية منافية للمذهب،لاشتمالها على سهو الإمام (2).و ليس كذلك،لاحتمال أن يكون مراد الحلبيّ أنّ الصّادق عليه السلام أخبر بأن يقال في السجود كذا،لا أنّه سجد للسهو.

احتجّ المخالف بأنّه سجود مشروع،فأشبه سجود الصلاة (3).

و الجواب:أنّه قياس من غير جامع،و الفرق أنّ سجود الصلاة جزء،و سجود السهو جبران خارج،فلا يتساويان.

فرع:

هذا الذكر هل هو واجب أم لا؟

الأقرب أنّه مستحبّ،عملا بالأصل المعتضد برواية عمّار،قال:سألت الصادق عليه السلام عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ قال:«لا،إنّما هما (4)سجدتان فقط» (5).

فرع:

قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف:هما واجبتان

و شرط في[صحّة] (6)الصّلاة (7).و به

ص:79


1- 1التهذيب 2:196 الحديث 773،الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]
2- 2) المعتبر 2:401. [2]
3- 3) المغني 1:724،الشرح الكبير بهامش المغني 1:740.
4- 4) غ:إنّهما،مكان:إنّما هما،كما في التهذيب.
5- 5) الفقيه 1:226 الحديث 996،التهذيب 2:196 الحديث 771،الاستبصار 1:381 الحديث 1442، الوسائل 5:334 الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [3]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) الخلاف 1:170 مسألة-203.

قال مالك (1).و قال الكرخيّ:أنّهما واجبتان و ليستا شرطا (2).و في كونهما شرطا عندي توقّف.

مسألة:و السجود للسهو بعد التسليم و الفراغ من الصلاة،

سواء كان لزيادة أو نقصان.و هو قول أكثر علمائنا (3)،و به قال عليّ عليه السلام،و ابن مسعود، و عمّار،و سعد بن أبي وقّاص،و النخعيّ،و ابن أبي ليلى (4)،و أبو حنيفة (5)، و الثوريّ (6).

و قال بعض أصحابنا:إن كان السجود لنقصان فقبل التسليم،و إن كان لزيادة فبعده (7).

ص:80


1- 1بداية المجتهد 1:191،مقدّمات ابن رشد 1:144،حلية العلماء 2:177،الميزان الكبرى 1:161،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:57،المجموع 4:152،فتح العزيز بهامش المجموع 4:138،شرح فتح القدير 1: 434.
2- 2) حلية العلماء 2:178،المبسوط للسرخسيّ 1:218،المجموع 4:152،فتح العزيز بهامش المجموع 4:138، الميزان الكبرى 1:161،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:57.
3- 3) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:24،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:125،و [1]ابن إدريس في السرائر:55، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:399.
4- 4) المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،المجموع 4:155، [2]عمدة القارئ 7:301،نيل الأوطار 3:135.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:219،بدائع الصنائع 1:172،الهداية للمرغينانيّ 1:74،عمدة القارئ 7: 301،حلية العلماء 2:178،المجموع 4:155، [3]مجمع الأنهر 1:147،تحفة الفقهاء 1:210،نيل الأوطار 3: 135.
6- 6) حلية العلماء 2:178،المجموع 4:155، [4]عمدة القارئ 7:301،نيل الأوطار 3:135.
7- 7) نسبه في المختلف:142 إلى ابن الجنيد،و لكن في المبسوط 1:125:و [5]في أصحابنا من قال.و في الشرائع 1:119:قيل.و في المعتبر 2:399،و [6]الخلاف 1:194 مسألة-195:قوم من أصحابنا.و قال في الذكرى:229 [7]بعد نقل قول ابن الجنيد:و ليس في هذا كلّه تصريح بما يرويه بعض الأصحاب أنّ ابن الجنيد قائل بالتفصيل. ينظر:الحدائق 9:329،الجواهر 12:441،و [8]مفتاح الكرامة 3:374. [9]

و به قال مالك (1)،و المزنيّ (2)و إسحاق (3)،و أبو ثور (4)،و أحمد في إحدى الروايات (5).

و قال بعض أصحابنا:إنّهما قبل التسليم مطلقا (6).و به قال أبو هريرة،و أبو سعيد الخدريّ،و الزهريّ،و سعيد بن المسيّب،و ربيعة،و الأوزاعيّ،و الليث بن سعد (7)، و الشافعيّ (8)،و أحمد في الرواية الأخرى (9).

ص:81


1- 1الموطّأ 1:95،بدائع الصنائع 1:172،بداية المجتهد 1:192،مقدّمات ابن رشد 1:144،بلغة السالك 1:137،المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،المجموع 4:109 و 155، [1]المحلّى 4:171، سبل السلام 1:206.
2- 2) الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،فتح العزيز بهامش المجموع 4:180،فتح الباري 3:72،نيل الأوطار 3:135.
3- 3) سنن الترمذيّ 2:238، [2]نيل الأوطار 3:136.
4- 4) المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،فتح الباري 3:72،نيل الأوطار 3:135.
5- 5) المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،الكافي لابن قدامة 1:218،الإنصاف 2:154، [3]سنن الترمذيّ 2:237،بداية المجتهد 1:192.
6- 6) نسبه المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:119 إلى قيل.،و لم يبيّن قائله،و قال في الجواهر 12:441،و [4]مفتاح الكرامة 3:374،و [5]المدارك 4:282:لم نظفر بقائله.
7- 7) سنن الترمذيّ 2:236،237، [6]المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،المجموع 4:155، [7]عمدة القارئ 7:301.
8- 8) الأمّ 1:130،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:155، [8]فتح العزيز بهامش المجموع 4:179، [9]حلية العلماء 2:178،الميزان الكبرى 1:162،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:57،مغني المحتاج 1:213، المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،نيل الأوطار 3:135.
9- 9) المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،الكافي لابن قدامة 1:218، [10]الإنصاف 2:154، [11]سنن الترمذيّ 2:237، [12]بداية المجتهد 1:192.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن جعفر (1)قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من سها في صلاة فليسجد سجدتين بعد ما يسلّم».رواه أبو داود (2).

و عن ثوبان قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لكلّ سهو سجدتان بعد التسليم» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،فقلت (4):سجدتا (5)السهو قبل التسليم هما أو (6)بعد؟ قال:«بعد» (7).

و في الموثّق عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،عن عليّ عليه السلام قال:«سجدتا السهو بعد التسليم و قبل الكلام» (8).

و لأنّهما ليستا من الصلاة إجماعا،فزيادتهما تستدعي زيادة ركن و هو مبطل،

ص:82


1- 1عبد اللّه بن جعفر-ذي الجناحين-بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم،و أمّه أسماء بنت عميس،ولد بأرض الحبشة،و هو أخو محمّد بن أبي بكر و يحيى بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام لأمّهما.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أمّه أسماء و عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام و عثمان و عمّار بن ياسر،و روى عنه بنوه:معاوية و إسحاق و إسماعيل،و ابن أخيه لأمّه القاسم بن محمّد بن أبي بكر،و الحسن بن الحسن بن عليّ،و أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليه السلام.مات سنة 80 ه. أسد الغابة 3:133، [1]تهذيب التهذيب 5:170. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:271 الحديث 1033.
3- 3) سنن أبي داود 1:272 الحديث 1038،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1219،مسند أحمد 5:280، [3]سنن البيهقيّ 2:337،المصنّف لعبد الرزّاق 2:322 الحديث 3533.
4- 4) هامش ح بزيادة:له،كما في الوسائل.
5- 5) جميع النسخ إلاّ هامش الحجريّ و الكافي: [4]سجدتي.
6- 6) ح:أم،كما في الوسائل. [5]
7- 7) التهذيب 2:191 الحديث 755،الاستبصار 1:378 الحديث 1433،الوسائل 5:314 الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [6]
8- 8) التهذيب 2:195 الحديث 768،الاستبصار 1:380 الحديث 1438،الوسائل 5:314 الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3. [7]

لما تقدّم (1).

و لأنّه تغيير لهيئة (2)الصلاة،فإنّ السجود لا يتبع التشهّد في شيء من صور (3)الصلاة.

احتجّ المفصّلون من أصحابنا (4)بما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ قال:قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو:«إذا نقصت قبل التسليم،و إذا زدت بعده» (5).

احتجّ مالك (6)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (7)سجد للنقصان في الصلاة،و للزيادة بعدها (8).

و احتجّ الآخرون من أصحابنا بما (9)رواه الشيخ عن أبي الجارود،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:متى أسجد للسهو؟قال:«قبل التسليم،فإنّك إذا سلّمت فقد ذهبت (10)حرمة صلاتك» (11).

ص:83


1- 1تقدّم في ص 14.
2- 2) ح،خا و ق:يغيّر هيئة.
3- 3) ح:صورة.
4- 4) المعتبر 2:399. [1]
5- 5) التهذيب 2:195 الحديث 769،الاستبصار 1:380 الحديث 1439،الوسائل 5:314 الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 4. [2]
6- 6) الموطّأ 1:95،بداية المجتهد 1:193،بدائع الصنائع 1:173،المجموع 4:109.
7- 7) ن:عليه السلام.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:85،86،صحيح مسلم 1:399 الحديث 570 و ص 403 الحديث 573،سنن أبي داود 1:265 الحديث 1008 و ص 271 الحديث 1034،الموطّأ 1:94 الحديث 59 و ص 96 الحديث 65. سنن البيهقيّ 2:335 و 340.
9- 9) ح،ق و خا:لما.
10- 10) غ و ن:فإذا سلّمت ذهبت،ح:إذا سلّمت فقد أذهبت،م:فإن سلّمت ذهبت.
11- 11) التهذيب 2:195 الحديث 770،الاستبصار 1:380 الحديث 1440،الوسائل 5:314 الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 5. [3]

و احتجّ الشافعيّ (1)بما روي (2)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سجد قبل التسليم ثمَّ سلّم (3).

و عن الزهريّ قال:كان آخر الأمرين السجود قبل التسليم (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه نادر مع ما نقلناه،فالترجيح للكثرة (5).و يحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج التقيّة.قاله الشيخ (6).

و قول مالك باطل،لاستحالة السهو على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (7).

و عن حديث أبي الجارود بضعفة،فإنّ أبا الجارود ضعيف عندنا،و يحتمل أن يكون للتقيّة،ذكره الشيخ (8).

و خبر الشافعيّ لا حجّة فيه،لاحتمال أن تكون الإشارة بالسجود قبل التسليم إلى (9)تسليم سجدتي السهو.

و الزهريّ لا عبرة (10)بقوله،لأنّه ليس بصحابيّ.

مسألة:و لو نسي سجدتي السهو سجدهما متى ذكر،

سواء تكلّم أو لم يتكلّم، و سواء ذكر بعد مدّة طويلة أو قصيرة،و سواء خرج من المسجد أو لم يخرج.و به قال

ص:84


1- 1الأمّ 1:130،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:153،مغني المحتاج 1:213.
2- 2) ح،ق و خا:رواه.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:85،صحيح مسلم 1:399 الحديث 570،سنن أبي داود 1:271 الحديث 1034،سنن الترمذيّ 2:235 الحديث 391، [1]سنن النسائيّ 3:19،المصنّف لعبد الرزّاق 2:300 الحديث 3449.
4- 4) المغني 1:710،الشرح الكبير بهامش المغني 1:734،سنن البيهقيّ 2:341،مغني المحتاج 1:213،فتح العزيز بهامش المجموع 4:180.
5- 5) هامش ح:لما ذكرناه،غ،ف،ق و متن ح:لذكره.
6- 6) التهذيب 2:195،الاستبصار 1:380.
7- 7) غ و ن:عليه السلام.
8- 8) التهذيب 2:195،الاستبصار 1:380.
9- 9) غ،ق،ح و خا:أي.
10- 10) هامش ح:لا اعتبار.

الشافعيّ في القديم (1)،و الأوزاعيّ (2).و قال في الجديد:ما لم يطل الفصل (3).و قال أبو حنيفة:ما لم يتكلّم (4).

و قال مالك:إن كان لزيادة سجدهما و لو بعد شهر،و إن كان لنقصان،فإن ذكرهما قريبا أتى بهما،و إن تطاول أعاد الصلاة (5).

و قال ابن شبرمة:إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة (6).

و قال الحسن البصريّ (7)،و ابن سيرين:إذا صرف وجهه عن القبلة لم يسجد (8).

و قال أحمد:إن لم يطل الفصل أتى به،و إن طال لم يأت به (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سجد بعد السلام (10)و الكلام.

رواه مسلم (11).

و عن ابن مسعود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر خمسا،ثمَّ أقبل علينا

ص:85


1- 1الأمّ 1:132،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:156،فتح العزيز بهامش المجموع 4:181،المغني 1: 722،723،مغني المحتاج 1:213،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735،736.
2- 2) المغني 1:722،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735.
3- 3) الأمّ 1:132،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:156،فتح العزيز بهامش المجموع 4:181،مغني المحتاج 1:213،المغني 1:722،723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735،736.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:226،تحفة الفقهاء 1:271،بدائع الصنائع 1:175،شرح فتح القدير 1:451، الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:152،المغني 1:722،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:135 و 137،المجموع 4:161،فتح العزيز بهامش المجموع 4:181،المغني 1:722. 723،الشرح الكبير بهامش المغني 1:736.
6- 6) المغني 1:724،الشرح الكبير بهامش المغني 1:736 و 740،عمدة القارئ 7:304.
7- 7) المغني 1:722،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735،المجموع 4:161.
8- 8) المغني 1:722،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735.
9- 9) المغني 1:722،الشرح الكبير بهامش المغني 1:735،الكافي لابن قدامة 1:219،الإنصاف 2:155.
10- 10) غ،ق،ح،ف و خا:التسليم.
11- 11) صحيح مسلم 1:402 الحديث 572.

بوجهه،فقيل:أحدث في الصلاة شيء؟فقال:«و ما ذاك؟»فقالوا:صلّيت خمسا،فثنّى رجليه و استقبل القبلة فسجد بهم سجدتين (1).

و لأنّه مأمور بالسجود بقوله (2)عليه السلام:«لكلّ سهو سجدتان» (3)فيبقى في العهدة حتّى يأتي به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسى سجدتي السهو،قال:«يسجدهما متى ذكر» (4).

و لأنّه جبران يفعل لنقصان عبادة،فلا يبطل بتطاول الفصل،كجبران الحجّ.

مسألة:و لا يتداخل سجود السهو لو تعدّد السبب،

سواء اختلف أو اتّفق.

و قال أكثر الجمهور:يتداخل (5)مطلقا (6).و قال الأوزاعيّ:إن تجانس السبب تداخل و إلاّ فلا (7).

لنا:أنّ كلّ واحد من الأسباب بانفراده سبب،و مع الانضمام لا يخرج الماهيّة (8)عن حقيقتها،فلا يخرج عن الاقتضاء،لأنّه على خلاف الأصل.و أيضا:ما رواه الجمهور عن

ص:86


1- 1صحيح البخاريّ 2:85،صحيح مسلم 1:401 الحديث 572،سنن أبي داود 1:268 الحديث 1019، 1020،سنن الترمذيّ 2:238 الحديث 392،سنن البيهقيّ 2:335.
2- 2) ص:لقوله.
3- 3) سنن أبي داود 1:272 الحديث 1038،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1219،مسند أحمد 5:280،سنن البيهقيّ 2:337،المصنّف لعبد الرزّاق 2:322 الحديث 3533،كنز العمّال 7:472 الحديث 19834.
4- 4) التهذيب 2:353 الحديث 1466،الوسائل 5:346 الباب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [1]
5- 5) ق:بتداخل.
6- 6) الأمّ 1:131،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:17،المبسوط للسرخسيّ 1:224،الميزان الكبرى 1:163،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:60،المجموع 4:143،المغني 1:729،الشرح الكبير بهامش المغني 1:736، عمدة القارئ 7:303.
7- 7) حلية العلماء 2:174،المغني 1:729،الشرح الكبير بهامش المغني 1:737،الميزان الكبرى 1:163،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:60،المجموع 4:143.
8- 8) م:المهيّة،هامش ح:النسبيّة.

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لكلّ سهو سجدتان».رواه أبو داود (1).

احتجّوا (2)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3)سها فسلّم في غير موضعه و تكلّم، ثمَّ أتمّ و سجد سجدتين (4).

و الجواب:هذا الحديث عندنا باطل،لاستحالة السهو على الأنبياء،و بيانه في علم الكلام (5).

و يعضده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام هل سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سجدتي السهو قطّ؟فقال:«لا،و لا سجدهما فقيه» (6).

مسألة:و لا يسجد لشيء من الأفعال إذا تركه عمدا،

لأنّه إمّا واجب فتبطل الصلاة،أو مندوب فلا سهو فيه.

و قال الشافعيّ:يسجد لترك التشهّد و القنوت عمدا،لأنّ ما تعلّق الجبران بسهوه تعلّق بعمده كالحجّ (7).و هو قياس (8)من غير جامع،فلا يدفع ما قلناه.و لأنّ هذا السجود مضاف إلى السهو فيختصّ به،كسجود التلاوة.

ص:87


1- 1سنن أبي داود 1:272 الحديث 1038.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:91،المغني 1:729،الشرح الكبير بهامش المغني 1:737،المجموع 4:143.
3- 3) غ:عليه السلام.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:86،صحيح مسلم 1:404 الحديث 573،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399،سنن النسائيّ 3:20،سنن البيهقيّ 2:335.
5- 5) ينظر:كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد:274.
6- 6) التهذيب 2:350 الحديث 1454،الوسائل 5:310 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 13. و [1]فيهما:«و لا يسجدهما فقيه».
7- 7) حلية العلماء 2:169،المهذّب للشيرازيّ 1:91،المجموع 4:125،المغني 1:734،الشرح الكبير بهامش المغني 1:700.
8- 8) هامش ح:مقايسة.
مسألة:إذا صلّى ركعة ثمَّ صلّى إمام فضمّ صلاته إلى صلاته ففي الجواز نظر.
اشارة

(1)

و التفريع عليه:إذا سها المأموم فيما انفرد به،ثمَّ سها إمامه فيما تبعه (2)فيه،فلمّا فارق الإمام فهل تكفيه سجدتان أم لا؟يبني على القول بالتداخل،و على أنّ المأموم يأتي بالجبران.

و قد مضى البحث فيهما (3).

و لو كان هذا السابق صلاته أطول من صلاة الإمام-كالمقيم إذا صلّى خلف المسافر-فسها أوّلا منفردا،ثمَّ سها مع الإمام،ثمَّ سها ثالثا فإنّه يسجد ستّ سجدات على ما بيّنّا من التخريج.و قيل تفريعا على التخريج:يسجد أربع (4)سجدات (5)، لأنّ السهو هنا جنسان،في الأوّلة و الأخيرة (6)انفراد،و سهو الإمام.

و الوجه الأوّل،إمّا على القول بالتداخل،أو على أنّ المأموم لا اعتبار بسهوه.

و إن سها الإمام فالواجب سجدتان لا غير.

فروع:
الأوّل:-لو قلنا بأنّ السجود قبل التسليم-لو سجد للسهو ثمَّ سها فقام قبل أن

يسلّم ثمَّ ذكر فجلس،فهل يعيد سجود السهو أم لا؟

أمّا إذا (7)قلنا بعدم التداخل فإنّه تجب الإعادة قطعا،و أمّا مع القول بالتداخل فالوجه أنّه يعيده أيضا،لأنّ سجود السهو يجبر ما قبله لا ما بعده،فيحتاج إلى السجود،لسهوه بعده.

الثاني:لا سجود في حديث النفس،

بلا خلاف بين العلماء،و إلاّ لزم الحرج،لعدم

ص:88


1- 1ح و ق:حصل.
2- 2) ن:يتبعه.
3- 3) يراجع:ص 37،42،43 و 85.
4- 4) ح،ق و خا:ستّ،مكان:يسجد أربع.
5- 5) حلية العلماء 2:176،المهذّب للشيرازيّ 1:92،المجموع 4:149،المغني 1:730.
6- 6) ح،ق و خا:الآخرة.
7- 7) ح:فإذا،مكان:أمّا إذا.

انفكاك صلاة منه (1).

الثالث:لو سها في صلاة الجمعة فسجد للسهو فيها

بناء على القول بالجواز- فدخل وقت العصر،أتمّها جمعة و سلّم.

و قال الشافعيّ:يجعلها ظهرا أربعا،و يعيد السجدتين في آخر صلاته،لأنّها حصلت في وسط الصلاة (2).و نحن قد بيّنّا أنّ مع خروج الوقت و التلبّس بركعة يتمّها جمعة لا ظهرا (3).

الرّابع:المسافر إذا سها فسجد قبل التسليم

بناء على الجواز-فنوى الإقامة، أو دخلت السفينة بلد إقامته،أتمّها أربعا و لا يعيد السجود،لأنّه واجب قد أتى به.

و قال الشافعيّ:يعيد،لأنّها حصلت في وسط الصلاة و الواجب التأخير إلى قبل التسليم (4).

الخامس:يجوز للرجل تعداد الركعات بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصى

و النوى،

لأنّه أمر مطلوب لا يتمّ إلاّ بذلك،فكان سائغا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن حبيب الخثعميّ قال:شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام كثرة السهو في الصلاة،فقال:«أحص صلاتك بالحصى»أو قال:«احفظها بالحصى» (5).

ص:89


1- 1ح،ق و خا:صلاته فيه.
2- 2) المجموع 4:141،فتح العزيز بهامش المجموع 4:172،مغني المحتاج 1:214،السراج الوهّاج:61.
3- 3) تقدّم في الجزء الخامس ص 363.
4- 4) المجموع 4:157-159،فتح العزيز بهامش المجموع 4:182-183،مغني المحتاج 1:214.
5- 5) التّهذيب 2:348 الحديث 1444،الوسائل 5:343 الباب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1. [1]

المقصد التاسع:في القضاء

مسألة:لا يجب القضاء على من فاتته الصلاة و هو طفل لم يبلغ الحلم،أو مجنون،
اشارة

بلا خلاف بين علماء الإسلام.

و كذا الإجماع واقع على عدم وجوب القضاء لمن فاتته الصلاة و هو كافر أصليّ (1).

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق» (2).

و قال عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (3).

و قال تعالى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (4).

و لأنّ جماعة من الكفّار أسلموا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يأمرهم

ص:90


1- 1م:أصل.
2- 2) صحيح البخاريّ 7:59،سنن أبي داود 4:140 الحديث 4401، [1]سنن ابن ماجه 1:658 الحديث 2041، سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [2]سنن الدارميّ 2:171، [3]مسند أحمد 6:100،كنز العمّال 4:233 الحديث 10308،10309 و 10310،مجمع الزوائد 6:251.بتفاوت يسير في الجميع.و من طريق الخاصّة،ينظر: الخصال 1:93 الحديث 40،الوسائل 1:32 الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 11. [4]
3- 3) مسند أحمد 4:199،204 و 205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق للمناوي بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351،عوالي اللئالي 2:54 الحديث 145. [5]
4- 4) الأنفال(8):38. [6]

بالقضاء.و لأنّ إيجاب القضاء يوجب التنفير و هو غير مراد للشارع.

و اختلف العلماء في أنّ الكافر هل هو مخاطب بالعبادات الفرعيّة أم لا؟مع الاتّفاق على عدم وجوب قضائها إذا فاتت حالة الكفر.و قد مضى البحث في ذلك (1).

فرع:

لو أسلم في دار الحرب و ترك صلوات كثيرة أو صياما لا يعلم وجوبه (2)عليه،

وجب عليه القضاء.و به قال الشافعيّ (3)و أحمد (4).و قال أبو حنيفة:لا يجب (5).

لنا:أنّها عبادة تلزمه مع العلم فتلزمه مع الجهل،كما لو كان في دار الإسلام.و لأنّه مخاطب بالصلاة،و هو متوقّف على إمكان العلم،لا حصوله،فإذا فاتت قضاها كغيره.

مسألة:و لا تجب الصلاة على الصبيّ حتّى يبلغ.

و قال أحمد في إحدى الروايتين:

تجب إذا بلغ عشرا (6).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع القلم عن الصبيّ حتّى يحتلم (7)» (8).و لأنّه غير مكلّف بغير الصلاة فلا يكون مكلّفا بها.نعم،يستحبّ أمره بالصلاة حينئذ و قبل ذلك.

روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه

ص:91


1- 1يراجع:الجزء الثاني ص 188.
2- 2) ح،ق،خا و ص:وجوبهما.
3- 3) المجموع 3:5،المغني 1:682.
4- 4) المغني 1:682.
5- 5) بدائع الصنائع 1:135،شرح فتح القدير 1:433،المغني 1:682،المجموع 3:5،مجمع الأنهر 1:147.
6- 6) المغني 1:445،الشرح الكبير بهامش المغني 1:414،الكافي لابن قدامة 1:119،الإنصاف 1:396. [1]
7- 7) غ و م:يبلغ.
8- 8) صحيح البخاريّ 7:59،سنن أبي داود 4:140 الحديث 4401، [2]سنن ابن ماجه 1:658 الحديث 2041، سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [3]سنن الدارميّ 2:171، [4]مسند أحمد 6:100، [5]كنز العمّال 4:233 الحديث 10308،10309 و 10310،مجمع الزوائد 1:256،بتفاوت يسير في الجميع.و من طريق الخاصّة،ينظر: الخصال 1:93 الحديث 40،الوسائل 1:32 الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 11. [6]

السلام قال:«إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين،فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين» (1).

أمّا رواية محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الصبيّ متى يصلّي؟فقال:«إذا عقل الصلاة»قلت (2):متى يعقل الصلاة و تجب عليه؟فقال:«لستّ (3)سنين» (4).و رواية معاوية بن وهب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:في كم يؤخذ الصبيّ بالصلاة؟فقال:

«فيما بين سبع سنين و ستّ سنين» (5).فإنّهما و إن كانتا صحيحتي السند،فإنّ المقصود بالوجوب هنا شدّة الاستحباب،و إلزام الوليّ الصبيّ بالصلاة تمرينا،و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يجب قضاء الفائتة من الفرائض اليوميّة على كلّ من فاتته بالغا عاقلا

متمكّنا من الطهور،

بغير خلاف بين أهل العلم،لقوله عليه السلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها إذا ذكرها» (6).

و كذا يجب عليه قضاؤها لو (7)فاتته (8)نسيانا أو لنوم،بلا خلاف.قال

ص:92


1- 1التهذيب 2:380 الحديث 1584،الاستبصار 1:409 الحديث 1564،الوسائل 3:12 الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث 5. [1]
2- 2) م،ن و ك:فقلت.
3- 3) ح،ق و خا:ستّ.
4- 4) التهذيب 2:381 الحديث 1589،الاستبصار 1:408 الحديث 1562،الوسائل 3:12 الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 2:381 الحديث 1590،الاستبصار 1:409 الحديث 1563،الوسائل 3:11 الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث 1. [3]
6- 6) عوالي اللئالي 2:54 الحديث 143 و ج 3:107 الحديث 150، [4]المعتبر 2:406، [5]المهذّب البارع 1:460. بتفاوت.
7- 7) ن:إذا.
8- 8) غ،ق،خا و ح:فاتت.

عليه السلام:«من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها،فذلك وقتها» (1).

و روى الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سئل عن رجل صلّى بغير طهور،أو نسي صلوات (2)لم يصلّها،أو نام عنها،قال:«يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار» (3).

مسألة:و لا يجب قضاء ما فات بالإغماء المستوعب لوقت الصّلاة،

إلاّ أن يدرك الطهارة و صلاة ركعة.و به قال مالك (4)،و الشافعيّ،إلاّ أنّهما قالا:لو أفاق في جزء من وقتها قضى (5). (6)

و قال أحمد:يجب عليه القضاء مطلقا (7).و قال أبو حنيفة:إن أغمي عليه خمس صلوات قضاها،و إن زادت سقط فرض القضاء في الكلّ (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن

ص:93


1- 1صحيح مسلم 1:477 الحديث 684،سنن أبي داود 1:118 الحديث 435 و 442،سنن ابن ماجه 1:228 الحديث 698،سنن الترمذيّ 1:334 الحديث 177 و ص 335 الحديث 178،سنن البيهقيّ 2:218، سنن النسائيّ 1:293،سنن الدارميّ 1:280، [1]مسند أحمد 3:100 و 267،كنز العمّال 7:537 الحديث 20143،سنن الدارقطنيّ 1:386 الحديث 14.بتفاوت في الجميع،و بهذا اللفظ،ينظر:المغني 1:680، الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:483.
2- 2) ن،ص و ك:صلاة.
3- 3) التهذيب 2:266 الحديث 1059،الاستبصار 1:286 الحديث 1046،الوسائل 5:348 الباب 1 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 1. [3]
4- 4) الموطّأ 1:13،المدوّنة الكبرى 1:93،بداية المجتهد 1:100،بلغة السالك 1:87.
5- 5) ح:قضاه.
6- 6) الأمّ 1:70،حلية العلماء 2:29،المهذّب للشيرازيّ 1:53،المجموع 3:64،مغني المحتاج 1:131، السراج الوهّاج:36.
7- 7) المغني 1:446،الشرح الكبير بهامش المغني 1:411،الكافي لابن قدامة 1:119،الإنصاف 1:390.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:217 و ج 2:101،بدائع الصنائع 1:246،الهداية للمرغينانيّ 1:78،شرح فتح القدير 1:459 و 462،مجمع الأنهر 1:155،المغني 1:446،الشرح الكبير بهامش المغني 1:411،تحفة الفقهاء 1:192.

الرجل يغمى عليه فيترك (1)الصلاة،فقال رسول اللّه (2)صلّى اللّه عليه و آله:«ليس من ذلك قضاء،إلاّ أن يغمى عليه فيفيق في وقتها فيصلّيها» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن مهزيار،قال:سألته عن المغمى عليه يوما و أكثر،هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟فكتب[عليه السلام] (4):

«لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة» (5).

و مثله رواه عن عليّ بن محمّد بن سليمان (6)،عن أبي الحسن العسكريّ عليه السلام (7).

و رواه في الصحيح أيضا عن أيّوب بن نوح،عن أبي الحسن الثالث عليه السلام (8).

و في الصحيح عن إبراهيم الخزّاز-أبي أيّوب-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أغمي عليه أيّاما لم يصلّ ثمَّ أفاق،أ يصلّي ما فاته؟قال:«لا شيء عليه» (9).

ص:94


1- 1ح،ق،ص،خا و ك:فترك.
2- 2) م،ن و ك:فقال النبيّ.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:82 الحديث 2،سنن البيهقيّ 1:388.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:243 الحديث 714،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 18.و [1]فيهما: «يوما أو أكثر.».
6- 6) عليّ بن محمّد بن سليمان النوفليّ قد وقع في طريق الصدوق،روى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في الكافي 7:38 الحديث 37،و [2]له مكاتبة إلى أبي الحسن العسكريّ عليه السلام.قال المحقّق المامقانيّ:لم ينصّ عليه بتوثيق و لا غيره.الفقيه(شرح المشيخة)4:91،تنقيح المقال 2:304. [3]
7- 7) التهذيب 3:303 الحديث 927،الاستبصار 1:458 الحديث 1774،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات ذيل الحديث 18. [4]
8- 8) التهذيب 3:303 الحديث 928 و ج 4:243 الحديث 711،الوسائل 5:352 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 2. [5]
9- 9) التهذيب 3:302 الحديث 924،الاستبصار 1:457 الحديث 1771،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 14. [6]

و عن معمّر بن عمر قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن المريض يقضي الصلاة إذا أغمي عليه؟قال (1):«لا» (2).

و لأنّ التكليف منوط بالعقل،و هو زائل بالإغماء،فيكون ساقطا،و القضاء تابع.

و لأنّها صلاة سقط وجوبها أداء فيسقط قضاؤها،كالصبيّ و المجنون.

أمّا الصلاة الّتي يفيق فيها،فإنّه يجب عليه قضاؤها،لأنّ الشرط-و هو العقل- قد حصل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته عن المريض يغمى عليه ثمَّ يفيق،كيف يقضي صلاته؟قال:«يقضي الصلاة التي أدرك وقتها» (3).

و في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المريض،هل يقضي الصلاة إذا أغمي عليه؟قال:«لا،إلاّ الصلاة التي أفاق فيها» (4).

و عن حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يقضي الصلاة التي أفاق فيها» (5).

احتجّ أحمد (6)بما روي أنّ عمّارا غشي (7)عليه ثلاثة أيّام لا يصلّي،ثمَّ استفاق

ص:95


1- 1ح:فقال.
2- 2) التهذيب 3:303 الحديث 926،الاستبصار 1:457 الحديث 1773،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 15. [1]
3- 3) التهذيب 3:304 الحديث 932،الاستبصار 1:459 الحديث 1779،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 17. [2]
4- 4) التهذيب 3:304 الحديث 933،الاستبصار 1:459 الحديث 1780،الوسائل 5:352 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 4:244 الحديث 718،الاستبصار 1:459 الحديث 1781،الوسائل 5:357 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 10. [4]
6- 6) المغني 1:446،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 1:411،الكافي لابن قدامة 1:119. [6]
7- 7) ح:عن عمّار أغمي،مكان:أنّ عمّارا غشي.

بعد ثلاث (1)،فقال:هل صلّيت؟فقالوا:ما صلّيت منذ ثلاث (2)،فقال:أعطوني ماء، فتوضّأ ثمَّ صلّى تلك الليلة (3).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ عليّا عليه السلام أغمي عليه يوما و ليلة فقضى (4).و عمر أغمي عليه أكثر من يوم و ليلة فلم يقض (5).

و لأنّ ما زاد على يوم و ليلة يدخل في حيّز التكرار الذي هو حدّ الكثرة فيكون قضاؤه عسرا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه فعل صحابيّ فليس بحجّة،و يحتمل أن يكون فعله استحبابا.و هو الجواب عن فعل عليّ عليه السلام.و قد روى (6)الأصحاب أيضا ذلك، و حمله الشيخ على الاستحباب (7).

روى في الموثّق عن زرعة،عن سماعة قال:سألته عن المريض يغمى عليه،قال:«إذا جاز ثلاثة أيّام فليس عليه قضاء،و إذا أغمي عليه ثلاثة أيّام فعليه قضاء الصلاة فيهنّ» (8).

و عن حفص في الصحيح قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المغمى عليه،قال:

ص:96


1- 1م و ن:ثلاثة.
2- 2) ن:ثلاثة.
3- 3) كذا في المغني 1:446.و في سنن الدارقطنيّ 2:81 الحديث 1،و سنن البيهقيّ 1:388،و المصنّف لعبد الرزّاق 2:479 الحديث 4156:.أغمي عليه في الظهر و العصر و المغرب و العشاء،فأفاق نصف الليل فصلّى الظهر و العصر و المغرب و العشاء.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:217.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:82 الحديث 3،المصنّف لعبد الرزّاق 2:479 الحديث 4153،سنن البيهقيّ 1:387، المبسوط للسرخسيّ 1:217.و في الجميع:ابن عمر.
6- 6) خا،ح و ق:روت.
7- 7) التهذيب 3:305،الاستبصار 1:460.
8- 8) التهذيب 3:303 الحديث 929 و ج 4:244 الحديث 720،الاستبصار 1:458 الحديث 1776،الوسائل 5:357 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 5. [1]

فقال:«يقضي صلاة يوم» (1).

و في الموثّق عن[العلاء بن] (2)فضيل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغمى عليه يوما إلى الليل ثمَّ يفيق،قال:«إن أفاق قبل غروب الشمس فعليه قضاء يومه هذا،فإن (3)أغمي عليه أيّاما ذوات عدد فليس عليه أن يقضي إلاّ (4)آخر أيّامه إن أفاق قبل غروب الشمس،و إلاّ فليس عليه قضاء» (5).

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ شيء تركته من صلاتك لمرض أغمي عليك فيه،فاقضه إذا أفقت» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يغمى عليه ثمَّ يفيق،قال:«يقضي ما فاته،يؤذّن للأولى و يقيم في البقيّة» (7).

و عن منصور بن حازم في الصحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المغمى عليه، قال:«يقضي كلّ ما فاته»« (8).

و في الصحيح عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المغمى عليه

ص:97


1- 1التهذيب 3:303 الحديث 930،الاستبصار 1:458 الحديث 1777،الوسائل 5:358 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 14. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) ص و غ:و إن،كما في الاستبصار.
4- 4) غ:إلى.
5- 5) التهذيب 3:303 الحديث 931،الاستبصار 1:458 الحديث 1778،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 19. [2]
6- 6) التهذيب 3:304 الحديث 935 و ج 4:244 الحديث 721،الاستبصار 1:459 الحديث 1782،الوسائل 5:356 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 1. [3]
7- 7) التهذيب 3:304 الحديث 936 و ج 4:244 الحديث 722،الاستبصار 1:459 الحديث 1783،الوسائل 5:356 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 2. [4]في الجميع:يؤذّن في الأولى.
8- 8) التهذيب 3:305 الحديث 937،الاستبصار 1:459 الحديث 1784،الوسائل 5:356 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 3. [5]

شهرا ما يقضي من الصلاة؟قال:«يقضيها كلّها،إنّ أمر الصلاة شديد» (1).

و الوجه في هذه الأحاديث كلّها الحمل على الاستحباب،جمعا بينها و بين ما تقدّم (2).

و لأنّ اختلاف التوقيت (3)دليل على عدم الوجوب.

مسألة:و يقضي السكران كلّ ما فاته

(4)

و إن كان غائبا بالسكر (5)،و لا نعلم فيه خلافا،لأنّ سبب زوال العقل منه،فلا يسقط الفرض.و لأنّ النوم يجب معه القضاء و هو مباح،فمع السكر المحرّم أولى.و كذا البحث فيمن شرب دواءا مرقدا و إن تطاول زمان الإغماء به.أمّا إذا أكل غذاء مؤذيا فآل إلى الإغماء،فإنّه لا يقضي.

مسألة:و يقضي المرتدّ كلّ ما فاته زمان ردّته.
اشارة

(6)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (7)،و أحمد في إحدى الروايتين (8).

و قال أبو حنيفة (9)،و مالك:لا يقضي (10).و هو الرواية الأخرى لأحمد (11).

لنا:أنّه مخاطب بها و قد فاتت،فتدخل تحت عموم قوله عليه السلام:«من فاتته

ص:98


1- 1التهذيب 3:305 الحديث 938 و ج 4:244 الحديث 719،الاستبصار 1:459 الحديث 1785،الوسائل 5:356 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 4. [1]
2- 2) تقدّم في ص 93-96.
3- 3) خا،ح و ق:التوقيف.
4- 4) ح:فاتته.
5- 5) م و ن:في السكر.
6- 6) لا توجد في م و ن.
7- 7) الأمّ 1:70،حلية العلماء 2:8،المهذّب للشيرازيّ 1:50،المجموع 3:4،5،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 94،95،مغني المحتاج 1:130،المغني 1:444،الشرح الكبير بهامش المغني 1:413.
8- 8) المغني 1:444،الشرح الكبير بهامش المغني 1:412،413،الكافي لابن قدامة 1:118.
9- 9) شرح فتح القدير 1:434،مجمع الأنهر 1:147،حلية العلماء 2:8،المجموع 3:4،فتح العزيز بهامش المجموع 3:95.
10- 10) تفسير القرطبيّ 7:403،حلية العلماء 2:8،المجموع 3:4.
11- 11) المغني 1:444،الشرح الكبير بهامش المغني 1:412،413،الكافي لابن قدامة 1:118،الإنصاف 1:391.

صلاة فليقضها إذا ذكرها» (1).

و لأنّها عبادة وجبت عليه بعد اعتقاد وجوبها عليه،فيجب عليه قضاؤه مع الفوات كالمسلم.

و لأنّه مكلّف بالصلاة،قادر على سببها،فيجب قضاؤها مع الفوات كالمحدث.

و لأنّا نأمره بأدائها زمان ردّته،فنأمره بقضائها حال الإسلام.

احتجّ المخالف بقوله عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (2).

و لأنّها عبادة تركها في حال كفره فلا يجب قضاؤها كالأصليّ (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصوص بالحقوق الماليّة فكذا ما نحن بسبيله.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأصليّ لم يعتقد وجوب الصلاة عليه.و لأنّ المسامحة في حقّه بعد إسلامه أليق من المرتد،و مع الفرق يبطل الإلحاق.

فروع:
الأوّل:لا يقضي المرتدّ ما فعله زمان إسلامه،

لأنّه فعل ما وجب عليه في وقته بشروطه فيخرج (4)عن العهدة.

و قال الشافعيّ:يقضي (5):لقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (6).

ص:99


1- 1عوالي اللئالي 2:54 الحديث 143 و ج 3:107 الحديث 150،المعتبر 2:406، [1]المهذّب البارع 1:460. بتفاوت.
2- 2) مسند أحمد 4:199،204 و 205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق للمناوي بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351،عوالي اللئالي 2:54 الحديث 145. [2]
3- 3) ح و ق:كالأصل.
4- 4) ف و غ:فخرج.
5- 5) الأمّ 1:70،المجموع 3:5،المغني 1:444،الشرح الكبير بهامش المغني 1:413.
6- 6) الزمر(39):65. [3]

و الجواب:أنّ ذلك مشروط بالموافاة.

الثاني:لو ترك شيئا زمان إسلامه وجب عليه قضاؤه،

خلافا لأحمد (1).

لنا:أنّه مكلّف معتقد بوجوب (2)الصلاة عليه،فلا تسقط بالكفر المتعقّب،كالمسلم.

احتجّ (3)بقوله عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (4).

و الجواب:ما تقدّم.

الثالث:لا يقضي المرتدّ ما فاته زمان إغمائه أو جنونه حال الارتداد.

و قال الشافعيّ:يقضيه (5). (6).

لنا:أنّه حينئذ غير مكلّف،فلا قضاء عليه.

احتجّ بأنّ الترك بسبب (7)الارتداد،فيسقط اعتبار الإغماء (8).

و الجواب:أنّ القضاء يجب فيما يجب (9)أداؤه،و لا وجوب مع الجنون و الإغماء.

أمّا لو سكر أو شرب مرقدا فإنّه يجب عليه قضاء ما فاته فيهما،كالمسلم.

مسألة:و لا تقضي الحائض و لا النفساء الصلاة إجماعا،
اشارة

و قد سلف (10).

ص:100


1- 1المغني 1:444،الشرح الكبير بهامش المغني 1:412،الكافي لابن قدامة 1:118،الإنصاف 1:391، [1]المجموع 3:4.
2- 2) أكثر النسخ:لوجوب.
3- 3) خا،ح،ق،ص و ك:و احتجّ.
4- 4) مسند أحمد 4:199،204 و 205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق للمناوي بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351،عوالي اللئالي 2:54 الحديث 145. [2]
5- 5) خا،ح و ق:يقضي.
6- 6) الأمّ 1:75،المهذّب للشيرازيّ 1:51،فتح العزيز بهامش المجموع 3:99.
7- 7) أكثر النسخ:سبب.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:51،فتح العزيز بهامش المجموع 3:99. [3]
9- 9) غ بزيادة:عليه.
10- 10) تقدّم في الجزء الثاني ص 370.

احتجّ الشافعيّ بأنّه يخفي ما ظهر من الميّت من النجاسة (1). (2)

و الجواب:أنّه يزول بالغسل و هو نادر أيضا.

مسألة:و يجوز لأهله أن يبصروه بعد الموت و لا يمنعوا من ذلك.

(3)

روى الجمهور عن جابر قال:لمّا قتل أبي جعلت أكشف وجهه و أبكي و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا ينهاني (4).

و عن عائشة قالت:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّل عثمان بن مظعون (5)-و هو ميّت-حتّى رأيت الدموع تسيل (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«مسّ الميّت عند موته و بعد غسله و القبلة ليس به بأس» (7).

و في الموثّق عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه

ص:201


1- 1ك،خا،ح و ق:النجاسات.
2- 2) السراج الوهّاج:106،المهذّب للشيرازيّ 1:128،فتح العزيز بهامش المجموع 5:138،مغني المحتاج 1: 339.
3- 3) ن:ينظروه،ح و ق:يتعزّوه.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:91،سنن البيهقيّ 3:407.
5- 5) عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحيّ يكنّى أبا السائب،أسلم أوّل الإسلام و هاجر إلى الحبشة هو و ابنه السائب الهجرة الأولى،و هو ممّن حرّم الخمر على نفسه،توفّي بعد شهوده بدرا في السنة الثانية من الهجرة،و هو أوّل من مات بالمدينة من المهاجرين و أوّل من دفن بالبقيع. أسد الغابة 3:385، [1]الإصابة 2:464، [2]العبر 1:6. [3]
6- 6) سنن أبي داود 3:201 الحديث 3163، [4]سنن الترمذيّ 3:314 الحديث 989، [5]سنن ابن ماجه 1:468 الحديث 1456،المستدرك للحاكم 1:361،سنن البيهقيّ 3:407،أسد الغابة 3:386، [6]الإصابة 2:464. [7]
7- 7) التهذيب 1:430 الحديث 1370،الاستبصار 1:100 الحديث 326،الوسائل 2:931 الباب 3 من أبواب غسل المسّ الحديث 1. [8]

عليه و آله قبّل عثمان بن مظعون بعد موته» (1).

مسألة:و يغسّل الميّت أولى الناس به.

روى الشيخ عن غياث بن إبراهيم الرزاميّ (2)،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام قال:«يغسّل الميّت أولى الناس به» (3).و الأولى هاهنا المراد به المستحقّ للميراث،فإن تعدّدوا و تشاحّوا (4)أقرع بينهم.

مسألة:الرجل إذا مات لا يغسّله إلاّ الرجال.
اشارة

روى الشيخ في الصحيح عن أبي الصبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلاّ النساء،قال:«يدفن و لا يغسّل» (5).

فروع:
الأوّل:يجوز للمرأة أن تغسّل زوجها

و إن كان هناك رجال.ذهب إليه العلماء (6)، و عن أحمد روايتان (7).

ص:202


1- 1التهذيب 1:430 الحديث 1371،الاستبصار 1:100 الحديث 327،الوسائل 2:934 الباب 5 من أبواب غسل المسّ الحديث 1. [1]
2- 2) غياث بن إبراهيم الرزاميّ روى عن جعفر بن محمّد عليهما السلام و روى عنه عبد اللّه بن المغيرة،قال السيّد الخوئيّ:الظاهر اتّحاده مع غياث بن إبراهيم التميميّ.مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:126.معجم رجال الحديث 13: 256. [2]
3- 3) التهذيب 1:431 الحديث 1376،الوسائل 2:718 الباب 26 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [3]
4- 4) ك:و تشاجروا.
5- 5) التهذيب 1:438 الحديث 1414،الاستبصار 1:197 الحديث 693،الوسائل 2:709 الباب 21 من أبواب غسل الميّت الحديث 4. [4]
6- 6) ك:علماؤنا.
7- 7) الشرح الكبير بهامش المغني 2:311،الإنصاف 2:478،الكافي لابن قدامة 1:328،المجموع 5:130، فتح العزيز بهامش المجموع 5:125.

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرناه ما غسّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غير نسائه (1).

و وصّى أبو بكر أن تغسّله امرأته أسماء بنت عميس (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«المرأة تغسّل زوجها،لأنّه إذا (3)مات كانت في عدّة منه» (4).

و عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته من غسّل فاطمة عليها السلام؟قال:«ذاك (5)أمير المؤمنين عليه السلام» (6).

و إذا ثبت ذلك في طرف المرأة فكذا في حقّ الرجل.

و عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام أوصى (7)أن تغسّله أمّ ولد له إذا مات،فغسّلته (8).

الثاني:إنّما تغسّله المرأة من فوق الثياب

لئلاّ تنظر إلى شيء من عوراته و قد انقطعت العصمة بينهما (9).

ص:203


1- 1سنن أبي داود 3:197 الحديث 3141،سنن ابن ماجه 1:470 الحديث 1464،مسند أحمد 6:267. سنن البيهقيّ 3:387.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:397،المصنّف لعبد الرزّاق 3:410 الرقم 6124،الموطّأ 1:223 الحديث 3.
3- 3) خا،ح و ق:إن.
4- 4) التهذيب 1:440 الحديث 1423،الاستبصار 1:200 الحديث 706،الوسائل 2:716 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 11. [1]
5- 5) توجد فقط في ح و المصادر.
6- 6) التهذيب 1:440 الحديث 1422،الاستبصار 1:199 الحديث 703،الوسائل 2:714 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 6. [2]
7- 7) ح،ق و خا:وصّى.
8- 8) التهذيب 1:444 الحديث 1437،الاستبصار 1:200 الحديث 704،الوسائل 2:717 الباب 25 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [3]
9- 9) خا و ق:عنهما،ح:عنها.

روى الشيخ عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و ليس عنده إلاّ نساء،قال:«تغسّله امرأة ذات محرم منه و تصبّ النساء عليها الماء صبّا و لا يخلع ثوبه» (1).

الثالث:ذات الرحم المحرم كالمرأة في ذلك،

أمّا ذات الرحم غير المحرم،كبنت العمّ و بنت الخال فهي كالأجنبيّة.

الرابع:لو مات رجل مسلم بين رجال كفّار و نساء مسلمات لا ذات رحم له فيهنّ،

أمر بعض النساء رجالا (2)من الكفّار بالاغتسال و يعلّمنه (3)تغسيل (4)أهل الإسلام و يغسّله (5).و به قال سفيان الثوريّ (6)،خلافا لباقي الجمهور (7).

لنا:أنّ تركه من غير تغسيل (8)مع إمكانه حرام،و اطّلاع الأجنبيّات على عوراته (9)و تغسيله مع وجود الرجال غير جائز،فيتعيّن (10)ما قلناه.

احتجّوا بأنّ الغسل عبادة و الكافر ليس من أهلها (11).

و الجواب:المنع.

ص:204


1- 1التهذيب 1:444 الحديث 1435،الاستبصار 1:204 الحديث 720،الوسائل 2:707 الباب 20 من أبواب غسل الميّت الحديث 9.و [1]فيه و كذا في التهذيب:«و لا تخلع ثوبه».
2- 2) ك:رجلا.
3- 3) خا،ق و ح:تعلّمه.
4- 4) غ:غسل.
5- 5) ح:و فعله.
6- 6) المغني 2:397.
7- 7) المغني 2:397،الكافي لابن قدامة 1:328.
8- 8) ح:تغسيله.
9- 9) خا،ح و ق:عورته.
10- 10) ص و غ:فيعيّن،ف و ك:فتعيّن.
11- 11) المغني 2:397.
الخامس:لو مات بين نساء أباعد و لا رجل معهنّ مسلم و لا كافر،

(1)

دفنه من غير غسل.

و قال سعيد بن المسيّب:ييمّم (2)،و به قال النخعيّ،و حمّاد (3)،و مالك (4)،و أصحاب الرأي (5).

و قال الحسن البصريّ:يغسّل من فوق الثياب (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّ اطّلاع الأجنبيّة عليه حرام،و صبّ الماء عليه من غير عصر الثوب غير مطهّر،فلا اعتداد به.و يؤيّده:رواية أبي الصبّاح الكنانيّ (8).

و قد روى الشيخ عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السلام قال:

«إذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهنّ امرأته،و لا ذو محرم (9)،يؤزّرنه إلى الركبتين و يصببن الماء عليه صبّا،و لا ينظرن إلى عورته،و لا يلمسنه بأيديهنّ،

ص:205


1- 1ح:النساء.
2- 2) بعض النسخ:يمّم،و بعضها:يؤمّم.
3- 3) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:314،المجموع 5:151.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:186،الموطّأ 1:223،بداية المجتهد 1:227،228،حلية العلماء 2:332،المغني 2: 396،المجموع 5:151.
5- 5) حلية العلماء 2:332،المغني 2:396،المجموع 5:151،بداية المجتهد 1:228،بدائع الصنائع 1:305، المبسوط للسرخسيّ 2:70.
6- 6) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:314،المجموع 5:151.
7- 7) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:314،الكافي لابن قدامة 1:329،الإنصاف 2:483، زاد المستقنع:22.
8- 8) التهذيب 1:438 الحديث 1414،الاستبصار 1:197 الحديث 693،الوسائل 2:709 الباب 21 من أبواب غسل الميّت الحديث 4. [1]
9- 9) هامش ح بزيادة:من نسائه قال،كما في الاستبصار و الوسائل، [2]خا بزيادة:منهنّ.

و يطهّرنه» (1).

و عن أبي سعيد (2)قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يحلّ لهنّ أن يمسسن منه ما كان يحلّ لهنّ أن ينظرن (3)إليه-و هو حيّ-فإذا بلغن الموضع الذي لا يحلّ لهنّ النظر إليه و لا مسّه-و هو حيّ-صببن الماء عليه صبّا» (4).

و حملها الشيخ على الاستحباب،قال:لأنّ الممنوع منه إنّما هو لمسهنّ حال التغسيل، فأمّا صبّ الماء فلا (5).

السادس:لا بأس أن تغسّل النساء الصبيّ.

(6)

و هو قول العلماء كافّة،و اختلفوا في حدّه،فالّذي اختاره الشيخ جواز أن تغسّل ابن ثلاث سنين (7).

و قال المفيد رحمه اللّه:ابن خمس (8).و قال أحمد:ابن سبع (9).و قال الحسن

ص:206


1- 1التهذيب 1:342 الحديث 1000،الاستبصار 1:201 الحديث 711،الوسائل 2:710 الباب 22 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
2- 2) أبو سعيد من غير وصف كنية لجماعة،عدّهم المحقّق الأردبيليّ في جامع الرواة،و قال المحدّث الكاظميّ:هو المشترك بين جماعة لا حظّ لهم في التوثيق ما عدا القمّاط،و نقل عن فهرست الشيخ أنّ أبا سعيد له كتاب الطهارة، و [2]الموجود في الفهرست الذي بأيدينا:أبو سعد،روى عنه ابن مسكان و عليّ بن إسماعيل،و روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام. الفهرست:184، [3]جامع الرواة 2:390، [4]هداية المحدّثين:283. [5]
3- 3) ح بزيادة:منه،كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 1:342 الحديث 1001 و فيه:«يمسن»مكان:«يمسسن»كما في م و خا،الاستبصار 1:204 الحديث 721،الوسائل 2:712 الباب 22 من أبواب غسل الميّت الحديث 10. [6]
5- 5) التهذيب 1:442،الاستبصار 1:205.
6- 6) ح:بأن.
7- 7) النهاية:41، [7]المبسوط 1:176.و [8]فيه:و الصبيّ إذا مات و له ثلاث سنين فصاعدا فحكمه حكم الرجال و إن كان دون ذلك جاز للأجنبيّات غسله مجرّدا من ثيابه.
8- 8) المقنعة:13.
9- 9) الشرح الكبير بهامش المغني 2:313،الإنصاف 2:482،المجموع 5:153.

البصريّ:إذا كان فطيما أو فوقه (1).و قال الأوزاعيّ:ابن أربع أو خمس (2).و قال أصحاب الرأي:الذي لم يتكلّم (3).

لنا:أنّ ما ذكرناه متّفق عليه فيعمل به،و ما عداه،الأولى فيه اتّباع عمومات الأوامر (4).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي النمير مولى الحرث بن المغيرة النصريّ (5)(6)قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:حدّثني عن الصبيّ إلى كم تغسّله النساء؟فقال:«إلى ثلاث سنين» (7).

قال الشيخ:و يغسّل مجرّدا من ثيابه (8).

مسألة:و الزوج أحقّ بالمرأة من كلّ أحد في كلّ أحكامها .
اشارة

(9)

روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الزوج أحقّ بامرأته حتّى يضعها في قبرها» (10).

ص:207


1- 1المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:313،المجموع 5:152.
2- 2) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:313،المجموع 5:152.
3- 3) شرح فتح القدير 2:76،المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:313،المجموع 5:152. بدائع الصنائع 1:306،تحفة الفقهاء 1:242.
4- 4) ن:الأمر.
5- 5) غ:النضريّ،كما في التهذيب.
6- 6) أبو النمير مولى الحرث أو الحارث بن المغيرة النصريّ،روى عنه محمّد بن سنان و موسى بن يعقوب،قد وقع في طريق الصدوق،قال المحقّق الأردبيليّ:إنّه غير معلوم الحال. الفقيه(شرح المشيخة)4:21،جامع الرواة 2:420. [1]
7- 7) التهذيب 1:341 الحديث 998،الوسائل 2:712 الباب 23 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [2]
8- 8) النهاية:41، [3]المبسوط 1:176 [4] فيه:.و إن كان دون ذلك جاز للأجنبيّات غسله مجرّدا من ثيابه.
9- 9) ح:الأحكام،ق و خا:أحكام.
10- 10) التهذيب 1:325 الحديث 949،الوسائل 2:715 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 9. [5]
فروع:
الأوّل:للزوج أن يغسّل امرأته و إن كان هناك نساء مسلمات.

و به قال أكثر علمائنا (1)،و عطاء،و جابر بن زيد (2)،و الشافعيّ (3)،و مالك (4)،و إسحاق، و داود (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و الثوريّ (7)،و الأوزاعيّ:لا يجوز للرجل أن يغسّل زوجته (8).

و به قال الشيخ في التهذيب (9).و عن (10)أحمد روايتان (11).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ عليّا عليه السلام غسّل فاطمة عليها السلام (12)و اشتهر بين الصحابة و لم ينكر،فكان إجماعا.

ص:208


1- 1منهم:الشيخ الصدوق في المقنع:20،و السيّد المرتضى في شرح الرسالة نقله عنه في المعتبر 1:322، و الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:283 و المبسوط 1:175،و [1]ابن إدريس في السرائر:33،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:37.
2- 2) المغني 2:394،المجموع 5:149.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:127،المجموع 5:149، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:124، [3]مغني المحتاج 1:335، المغني 2:394،حلية العلماء 2:331.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:185،المغني 2:394،الشرح الكبير بهامش المغني 2:311،المجموع 5:150. [4]
5- 5) المغني 2:394،المجموع 5:150،نيل الأوطار 4:58.
6- 6) بدائع الصنائع 1:304،شرح فتح القدير 2:76،المغني 2:394،المبسوط للسرخسيّ 2:71،حلية العلماء 2:331،المجموع 5:150، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 5:124،نيل الأوطار 4:59.
7- 7) المغني 2:394،المجموع 5:150، [6]نيل الأوطار 4:59.
8- 8) المجموع 5:150.
9- 9) التهذيب 1:440.
10- 10) غ:و عند.
11- 11) المغني 2:394،الشرح الكبير بهامش المغني 2:311،حلية العلماء 2:331،الكافي لابن قدامة 1:329، الإنصاف 2:478،منار السبيل 1:165،فتح العزيز بهامش المجموع 5:124،نيل الأوطار 4:58،59.
12- 12) سنن البيهقيّ 3:396،المصنّف لعبد الرزّاق 3:410 الرقم 6122،سنن الدار قطنيّ 2:79 الحديث 12، مسند الشافعيّ:361.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعائشة:«لو متّ قبلي لغسّلتك و كفّنتك» (1).

و الأصل في إضافة الفعل إليه أن يكون للمباشرة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في المرأة إذا ماتت:«يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الرجل يغسّل امرأته؟قال:«نعم، من وراء الثوب (3)» (4).

و عن المفضّل (5)بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته،من غسّل فاطمة عليها السلام؟فقال:«ذاك (6)أمير المؤمنين عليه السلام» (7).

و في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الرجل يغسّل امرأته؟قال:«نعم،إنّما يمنعها أهلها تعصّبا» (8).و لأنّه أحد الزوجين فجاز أن يغسّل الآخر كالزوجة.

احتجّ المخالف بأنّ هذه الفرقة تبيح نكاح الأخت،فوجب أن يحرم النظر إليها،كما

ص:209


1- 1سنن ابن ماجه 1:470 الحديث 1465،سنن الدار قطنيّ 2:74 الحديث 11،12 و 13،سنن البيهقيّ 3: 396،سبل السلام 2:98 الحديث 19،نيل الأوطار 4:58 الحديث 1.
2- 2) التهذيب 1:437 الحديث 1410،الاستبصار 1:196 الحديث 689،الوسائل 2:714 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
3- 3) ح و ق:الثياب،كما في التهذيب.
4- 4) التهذيب 1:438 الحديث 1411،الاستبصار 1:196 الحديث 690،الوسائل 2:714 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 2. [2]
5- 5) ح:مفضّل،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
6- 6) توجد فقط في ح و المصادر.
7- 7) التهذيب 1:440 الحديث 1422،الاستبصار 1:199 الحديث 703،الوسائل 2:714 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 6. [4]
8- 8) التهذيب 1:439 الحديث 1419،الاستبصار 1:199 الحديث 700،الوسائل 2:714 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 4. [5]

لو طلّقها قبل الدخول (1).

و احتجّ الشيخ بما رواه أبو حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السلام قال:«لا يغسّل الرجل المرأة إلاّ أن لا توجد امرأة» (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ التغسيل لا يستلزم النظر و بهذا نقول (3).روى الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سئل عن الرجل يغسّل امرأته؟قال:

«نعم،من وراء الثوب (4)لا (5)ينظر إلى شعرها و لا إلى شيء منها» (6).

و عن الثاني:بالطعن في السند،فإنّ في طريقه محمّد بن سنان،و فيه قول.و أمّا رواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و ليس معه إلاّ نساء،قال:«تغسّله امرأته،لأنّها منه في عدّة،و إذا ماتت لم يغسّلها،لأنّه ليس منها في عدّة» (7)،فإنّها و إن كانت صحيحة السند،فإنّ التعليل فيه نظر.قال الشيخ:ذلك محمول على النهي عن التغسيل مع التجرّد من الثياب (8).و هو جيّد.

ص:210


1- 1بدائع الصنائع 1:305،المبسوط للسرخسيّ 2:71،المغني 2:394،الشرح الكبير بهامش المغني 2:311، المجموع 5:150.
2- 2) التهذيب 1:440 الحديث 1421،الاستبصار 1:199 الحديث 702،الوسائل 2:711 الباب 22 من أبواب غسل الميّت الحديث 7. [1]
3- 3) هامش ح:و لهذا نقول.
4- 4) غ:الثياب.
5- 5) خا،ح و ق:و لا.
6- 6) التهذيب 1:440 الحديث 1423،الاستبصار 1:200 الحديث 706،الوسائل 2:716 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 11. [2]
7- 7) التهذيب 1:437 الحديث 1409،الاستبصار 1:198 الحديث 697،الوسائل 2:716 الباب 24 من أبواب غسل الميّت الحديث 13. [3]
8- 8) التهذيب 1:437،الاستبصار 1:198.

و يؤيّده:التعليل،و ما ورد (1)من الأخبار الدالّة على جواز التغسيل من وراء الثوب (2).

الثاني:لا خلاف بين علمائنا في جواز تغسيل الرجل امرأته،و المرأة زوجها

إذا لم يوجد رجل أو امرأة،لأنّه في محلّ الضرورة.

الثالث:هل يجوز للرجل أن يغسّل المرأة إذا كانت رحما محرما

كالبنت و الأخت في حال الاختيار؟فيه قولان لأصحابنا (3)،و الأقرب عندي الجواز من فوق الثياب.

لنا:الأصل.و ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان،عن منصور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر و معه امرأته تموت يغسّلها؟قال:«نعم، و أمّه و أخته،و نحو هذا يلقي على عورتها خرقة» (4).

الرابع:لو لم توجد النساء و لا هناك ذو رحم و لا زوج،

قال الشيخ:المذهب أنّه لا يجوز لأحد أن يغسّلها،و لا ييمّمها،و تدفن بثيابها (5).و به قال الأوزاعيّ (6).

ص:211


1- 1ح و ق:و ما رووا،م،ن و ك:و ما رواه.
2- 2) ينظر:الوسائل 2:709 الباب 22 من أبواب غسل الميّت.
3- 3) اشترط بعضهم في جواز تغسيل الرجل محارمه فقد المماثل من النساء المسلمات،ينظر:الشرائع 1:37، الغنية(الجوامع الفقهيّة):563،المعتبر 1:322.و [1]بعضهم لا يشترط و يقول بالجواز مع الاختيار،ينظر: السرائر:33.
4- 4) التهذيب 1:439 الحديث 1418،الاستبصار 1:199 الحديث 699،الوسائل 2:705 الباب 20 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [2]
5- 5) المبسوط 1:175، [3]النهاية:43، [4]الخلاف 1:282 مسألة-20.
6- 6) حلية العلماء 2:332،المجموع 5:152،الميزان الكبرى 1:202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 94.

و قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و الشافعيّ في أحد الوجهين (3)،و أحمد في إحدى الروايتين:تيمّم (4).

و قال النخعيّ (5)،و الشافعيّ في الوجه الآخر (6)،و أحمد في الرواية الأخرى:

تغسّل (7).

احتجّ الشيخ بأنّهم أجانب،فلا يجوز لهم تغسيلها،و لا أن ييمّموها،لأنّه يستلزم الاطّلاع المحرّم (8). (9)

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه البصريّ قال:

ص:212


1- 1الموطّأ 1:223، [1]المدوّنة الكبرى 1:186،بداية المجتهد 1:228،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126. الميزان الكبرى 1:202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:72،بدائع الصنائع 1:306،شرح فتح القدير 2:76،الدرّ المنتقى في شرح الملتقى بهامش مجمع الأنهر 1:181،بداية المجتهد 1:228،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126، [2]الميزان الكبرى 1: 202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:128،المجموع 5:141،مغني المحتاج 1:335،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126، الميزان الكبرى 1:202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94،بداية المجتهد 1:228.
4- 4) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:314،الكافي لابن قدامة 1:329،الإنصاف 2:483، المجموع 5:151،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126،الميزان الكبرى 1:202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94.
5- 5) المجموع 5:151.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:128،المجموع 5:141،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126،الميزان الكبرى 1: 202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94.
7- 7) المغني 2:396،الشرح الكبير بهامش المغني 2:314،الكافي لابن قدامة 1:329،الإنصاف 2:483، [3]المجموع 5:151،فتح العزيز بهامش المجموع 5:126،الميزان الكبرى 1:202،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:94.
8- 8) ح،خا و ق:المحذّر.
9- 9) المبسوط 1:175.

سألته عن امرأة ماتت مع رجال،قال:«تلفّ (1)و تدفن و لا تغسّل» (2).

و نحوه رواه عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

و كذا روى في الصحيح عن أبي الصبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

و قد روى المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:أنّهم يغسّلون بطن كفّيها و وجهها (5).

و في رواية زيد بن عليّ عن آبائه،عن عليّ عليهم السلام قال:ييمّمونها (6).

الخامس:قال الشيخ:الزوج أولى من الأقارب

و الرحم المحرم كالأب،و الابن أولى من الرحم غير المحرم،كابن العمّ،و كذا الأمّ (7)أولى من بنت العمّ،و بنت العمّ أولى من الأجانب (8).

السادس:لو طلّق الرجل امرأته،

فإن كان رجعيّا ثمَّ مات أحدهما،ففي جواز تغسيل الآخر له نظر،أمّا لو كان الطلاق بائنا فإنّه يحرم ذلك،لوقوع البينونة حالة الحياة،

ص:213


1- 1ك،م و ن:تكفّن.
2- 2) التهذيب 1:441 الحديث 1425،الاستبصار 1:201 الحديث 708،الوسائل 2:709 الباب 21 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 1:444 الحديث 1435،الاستبصار 1:204 الحديث 720،الوسائل 2:707 الباب 20 من أبواب غسل الميّت الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 1:438 الحديث 1414،الاستبصار 1:197 الحديث 693 و ص 201 الحديث 709،الوسائل 2: 709 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 4 و ص 716 الباب 24 الحديث 12.
5- 5) الكافي 3:159 الحديث 13، [3]الفقيه 1:95 الحديث 438،التهذيب 1:440 الحديث 1422 و ص 442 الحديث 1429،الاستبصار 1:200 الحديث 705،الوسائل 2:709 الباب 22 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [4]كلمة:أنّهم،غير موجودة في الجميع.
6- 6) التهذيب 1:443 الحديث 1433،الاستبصار 1:203 الحديث 718،الوسائل 2:710 الباب 22 من أبواب غسل الميّت الحديث 4. [5]
7- 7) ح،ق و خا:العمّ.
8- 8) المبسوط 1:175. [6]

فهما كالأجنبيّين.

السابع:لو ماتت أمّ ولده أو أمته فله غسلها.

و به قال الشافعيّ (1).و قال أبو حنيفة:

لا يجوز (2).

لنا:أنّها منكوحته (3)و له الاطّلاع على عوراتها حال الحياة،فكذا بعد الموت كالزوجة.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ عتقها قد حصل بالموت،و لا علقة هناك من ميراث و غيره فكانت كالأجنبيّة (4). (5)

و الجواب:الميراث ليس بمقتض (6)لجواز التغسيل،و لا عدمه مانع،بدليل ما لو كان أحد الزوجين مملوكا.

الثامن:لو مات سيّد الأمة فهل لها أن تغسّله؟

قال بعض الجمهور:ليس لها ذلك، لأنّها بموته انتقلت إلى غيره،و لم يكن بينهما من الاستمتاع ما تصير به في معنى الزوجات (7).و عندي فيه توقّف.

التاسع:لو مات و له زوجة غير مدخول بها،

(8)(9)

كان لها أن تغسّله،خلافا لبعض

ص:214


1- 1حلية العلماء 2:332،المهذّب للشيرازيّ 1:128،المجموع 5:140،146 و 150،فتح العزيز بهامش المجموع 5:125،مغني المحتاج 1:334،السراج الوهّاج:104.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:70،بدائع الصنائع 1:304،305.
3- 3) م،ح،ك و خا:منكوحة.
4- 4) ح،خا و ق:و كانت كأجنبيّة.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:70،بدائع الصنائع 1:305.
6- 6) أكثر النسخ:بمقتضى.
7- 7) حلية العلماء 2:332،المهذّب للشيرازيّ 1:128،المجموع 5:146.
8- 8) ن و ك:و الزوجة،مكان:و له زوجة.
9- 9) ح:مدخولة.

الجمهور (1)،عملا بالعمومات.

العاشر:لو كانت الزوجة ذمّيّة لم يكن لها أن تغسّل زوجها المسلم

إلاّ مع عدم المسلمين،و ليس له أن يغسّلها،لأنّ المسلم لا يغسّل كافرا.

الحادي عشر:لو مات و له أمّ ولد،

قيل:لا يجوز لها أن تغسّله،لأنّها تنعتق بموته فصارت كالأجنبيّة،قاله أبو حنيفة (2).

و لو قيل:لها أن تغسّله،لأنّها لو ماتت غسّلها،كان وجها.

و يؤيّده:رواية إسحاق بن عمّار عن جعفر،عن أبيه أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام أوصى أن تغسّله أمّ ولد له إذا مات فغسّلته (3).

الثاني عشر:لو ماتت امرأة بين رجال مسلمين-لا رحم لها فيهم و لا زوج-

و نساء كافرات،

أمر بعض المسلمين بعض النسوة بالاغتسال (4)،ثمَّ يعلّمها تغسيل أهل الإسلام،و تغسّلها،لما قلناه في الرجل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن المرأة المسلمة تموت و ليس معها امرأة مسلمة،و لا رجل مسلم من ذي قرابتها،و معها نصرانيّة و رجال مسلمون (5)،قال:«تغتسل النصرانيّة،ثمَّ تغسّلها» (6).

ص:215


1- 1المغني 2:395،الشرح الكبير بهامش المغني 2:312.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:70،تحفة الفقهاء 2:241،بدائع الصنائع 1:305،شرح فتح القدير 2:76، المجموع 5:153.
3- 3) التهذيب 1:444 الحديث 1437،الاستبصار 1:200 الحديث 704،الوسائل 2:717 الباب 25 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [1]
4- 4) ح و ق:بالأغسال.
5- 5) هامش ح بزيادة:ليس بينها و بينهم قرابة،كما في الوسائل. [2]
6- 6) التهذيب 1:340 الحديث 997،الوسائل 2:704 الباب 19 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [3]
الثالث عشر:الخنثى المشكل لو مات و له رحم محرم من الرجال أو النساء،جاز له

أن يغسّله،

(1)

و إن لم يكن فالأقرب جواز صبّ الماء عليه للرجل و المرأة من فوق الثياب،و ليس لأحدهما أن يغسّله مجرّدا،لجواز أن يكون رجلا إن كان الغاسل امرأة،أو امرأة إن كان رجلا.

الرابع عشر:يجوز للرجل أن يغسّل الصبيّة

إذا كانت بنت ثلاث سنين مجرّدة من ثيابها.و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّه ميّت له ثلاث سنين فما دون،فجاز أن يغسّله مخالفه في الصنف (3)كالصبيّ، و لو كانت أزيد من ذلك صبّوا عليها الماء صبّا،و لا يجرّدوها.

الخامس عشر:يجوز للصبيّ العاقل أن يغسّل الميّت،

لأنّه من أهل الطهارة،فجاز له أن يطهّر غيره كالرجل.

البحث الثالث:في التكفين
اشارة

و هو فرض على الكفاية،بلا خلاف بين العلماء،و فيه فضل كثير (4).روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«من كفّن مؤمنا فكأنّما ضمن كسوته إلى يوم القيامة» (5).

و يستحبّ للإنسان أن يعدّ كفنه لنفسه في حياته،لأنّ فيه تذكيرا (6)للآخرة،

ص:216


1- 1بعض النسخ:و.
2- 2) المغني 2:397،الكافي لابن قدامة 1:329،الشرح الكبير بهامش المغني 2:313،الإنصاف 2:481، المجموع 5:153.
3- 3) متن ح:الصفّ،هامش ح:الوصف.
4- 4) غ و ف:كبير.
5- 5) الفقيه 1:92 الحديث 419،الوسائل 2:754 الباب 26 من أبواب التكفين ذيل الحديث 1. [1]
6- 6) ح و خا:تذكّر.

و تعجيلا لتجهيزه (1)بعد وفاته.

روى الشيخ عن محمّد بن سنان،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«من كان كفنه معه في بيته لم يكتب من الغافلين،و كان مأجورا كلّما نظر إليه» (2).

مسألة:و الكفن المفروض ثلاثة أثواب:مئزر،و قميص،و إزار.
اشارة

ذهب إليه أكثر علمائنا (3).

و قال سلاّر:الواجب واحد،و الثلاثة مستحبّ (4).و هو قول الجمهور كافّة (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب (6).و ذلك يدلّ على رجحانها.

و على الوجوب:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في الذي وقصت به راحلته:«كفّنوه في ثوبيه (7)اللذين مات فيهما» (8)و الأمر للوجوب،

ص:217


1- 1ح،خا و ق:لتحصيله.
2- 2) التهذيب 1:449 الحديث 1452،الوسائل 2:756 الباب 27 من أبواب غسل الميّت الحديث 2. [1]
3- 3) منهم:الصدوق في الفقيه 1:92،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:176،و [2]الخلاف 1:284 مسألة-26، و السيّد المرتضى في الجمل:83،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:237،و ابن إدريس في السرائر:31، و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:39.
4- 4) المراسم:47.
5- 5) الأمّ 1:281،المغني 2:333،الشرح الكبير بهامش المغني 2:336،المهذّب للشيرازيّ 1:130، الهداية للمرغينانيّ 1:91،المجموع 5:194،المدوّنة الكبرى 1:187،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:96،نيل الأوطار 4:72.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:95 و 97،صحيح مسلم 2:649 الحديث 941،سنن أبي داود 3:198 الحديث 3151، [3]سنن الترمذيّ 3:321 الحديث 996، [4]سنن ابن ماجه 1:472 الحديث 1469،سنن البيهقيّ 3:399.
7- 7) ح:ثوبين.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:96،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن أبي داود 3:219 الحديث 3238، [5]سنن ابن ماجه 2:1030 الحديث 3084،سنن النسائيّ 5:195،سنن الدار قطنيّ 2:295 الحديث 264، سنن البيهقيّ 3:390.

و وجوب الثوبين يستلزم وجوب الثالث إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إنّما (1)الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب (2)تامّ لا أقلّ منه يوارى فيه جسده كلّه، فما زاد فهو سنّة إلى أن يبلغ خمسة،فما زاد فمبتدع (3)» (4).و لأنّه أبلغ في الستر فكان أولى.

فروع:
الأوّل:لو لم يوجد إلاّ ثوب واحد أجزأ،

لأنّه في (5)محلّ الضرورة.و لو لم يكن الثوب شاملا ستر رأسه،و طرح على رجليه حشيشا (6)،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحمزة (7).

و لو لم يوجد إلاّ ما يستر (8)العورة وجب.

الثاني:يستحبّ أن يزاد الرجل حبرة عبريّة غير مطرّزة بالذهب،و خرقة لفخذيه

يكون طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر تقريبا يشدّ طرفاها على حقويه و يلفّ بالمسترسل منها فخذاه لفّا شديدا بعد أن يجعل بين أليتيه (9)شيء من القطن.

الثالث:يستحبّ أن يزاد الرجل عمامة و ليست من الكفن.

روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كتب أبي في

ص:218


1- 1ص و ك بزيادة:كان.
2- 2) توجد في هامش ح،كما في المصدر.
3- 3) هامش ح بزيادة:و العمامة سنّة،كما في المصدر.
4- 4) التهذيب 1:292 الحديث 854،الوسائل 2:726 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
5- 5) لا توجد في غ.
6- 6) ح و ق:جريشا،خا و يحتمل هامش ص:حريشا،ك:خشبة.
7- 7) المستدرك للحاكم 1:365،أسد الغابة 2:49،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:145 الحديث 2940-2942، كنز العمّال 10:429 الحديث 30036.
8- 8) ق،ح و خا:ساترة.
9- 9) بعض النسخ:أليته.

وصيّته أن أكفّنه في ثلاثة (1)أثواب:أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيه يوم الجمعة،و ثوب آخر،و قميص،فقلت لأبي:لم تكتب هذا؟فقال:أخاف أن يغلبك الناس،فإن قالوا:كفّنه في أربعة أو خمسة،فلا تفعل و عمّمني (2)بعد بعمامة،و ليست تعدّ العمامة من الكفن إنّما يعدّ ما يلفّ به الجسد» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الميّت يكفّن في ثلاثة، سوى العمامة و الخرقة يشدّ بها وركيه لكيلا (4)يبدو منه شيء،و الخرقة و العمامة لا بدّ منهما و ليستا من الكفن» (5).

الرابع:كفن المرأة المفروض مثل كفن الرجل،

لعموم قوله عليه السلام:«إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب» (6).

الخامس:يستحبّ أن تزاد المرأة على كفن الرجل المستحبّ،لفافة لثدييها و نمطا،

و تعوّض عن العمامة بقناع،

(7)

قاله الشيخ في أكثر كتبه (8).فيكون المستحبّ للرجل من الكفن خمسة أثواب عدا العمامة،و المرأة سبعة عدا العمامة.

و قال الشيخ في الاقتصاد:النمط:هو الحبرة،لأنّ الحبرة-بكسر الحاء و فتح الباء-

ص:219


1- 1م و ن:بثلاثة،كما في التهذيب.
2- 2) أكثر النسخ:عمّمه،ح:و قال:عمّمه،كما في الوسائل،و [1]ما أثبتناه من التهذيب.
3- 3) التهذيب 1:293 الحديث 857،الوسائل 2:728 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 10.و [2]فيها: «في أربعة أثواب».
4- 4) أكثر النسخ:لئلاّ.
5- 5) التهذيب 1:293 الحديث 856،الوسائل 2:728 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 12. [3]
6- 6) الكافي 3:144 الحديث 5، [4]التهذيب 1:292 الحديث 854،الوسائل 2:726 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 1. [5]
7- 7) م،ق و ح:لثديها.
8- 8) المبسوط 1:176، [6]النهاية:31، [7]الخلاف 1:284 مسألة-26،التهذيب 1:324،الجمل و العقود:49.

مشتقّة من التزيين و التحسين،و كذلك النمط (1).

السادس:لو تشاحّ الورثة في الكفن اقتصر على المفروض منه،

خلافا للشافعيّ (2).

لنا:أنّه الواجب و ما زاد (3)مستحبّ،و فعل المستحبّ مع كراهية المالك غير سائغ، و كذا لو كان الوارث طفلا.

السابع:ما زاد على ما ذكرناه سرف لا يجوز فعله،

لأنّه إضاعة (4)للمال.

مسألة:و لا يجوز أن يكفّن في الحرير.
اشارة

(5)

و كرهه (6)الجمهور (7).

لنا:أنّه محرّم عليه في حال الحياة فكذا بعد الموت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد (8)قال:سألته عن ثياب تعمل بالبصرة

ص:220


1- 1كذا في النسخ،و لكنّ الموجود في الاقتصاد:384:«. [1]فإن كان امرأة زيدت لفافة أخرى،و روي أيضا نمط». فما نسب-في تفسير النمط-إلى الاقتصاد غير موجود فيه،نعم،هو قريب من كلام السرائر،حيث قال بعد نقل مذهب الشيخ:«لأنّ النمط هو الحبرة و قد زيدت على أكفانها،لأنّ الحبرة مشتقّة من التزيين و التحسين، و كذلك النمط هو الطريقة»السرائر:31.
2- 2) حلية العلماء 2:340،المهذّب للشيرازيّ 1:130،المجموع 5:194،فتح العزيز بهامش المجموع 5:133، مغني المحتاج 1:337.
3- 3) ن بزيادة:هو.
4- 4) م،ق،خا و ح:إتلاف.
5- 5) أكثر النسخ:يكون.
6- 6) ق و ح:ذكره.
7- 7) المجموع 5:197،المدوّنة الكبرى 1:188،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 96،المغني 2:350،الشرح الكبير بهامش المغني 2:340،بدائع الصنائع 1:307.
8- 8) الحسن بن راشد الطغاويّ-بالطاء المهملة المضمومة و الغين المعجمة-نسبة إلى طغاوة-بالضمّ-حيّ من قيس عيلان،كذا عنونه صاحب التنقيح،و عنونه النجاشيّ و المصنّف في الخلاصة بالطفاويّ-بالطاء و الفاء- و ضعّفاه،قال الشيخ في الفهرست:له كتاب.هذا و لكنّ الرواية في الوسائل [2]عن الحسين بن راشد،و في التهذيب و الاستبصار عن الحسن بن راشد،قال السيّد الخوئيّ:و هو الصحيح. رجال النجاشيّ:38،الفهرست:53، [3]رجال العلاّمة:213، [4]تنقيح المقال 1:277، [5]معجم رجال الحديث 5:238.

على عمل العصب (1)اليمانيّ من قزّ و قطن،هل يصلح أن يكفّن فيها الموتى؟قال:«إذا كان القطن أكثر من القزّ فلا بأس» (2).و تعليق الحكم على شرط (3)يدلّ على النفي عند انتفاء الشرط،قضيّة للشرط (4).

و عن عبد الملك قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا (5)،فقضى ببعضه حاجته،و بقي بعضه في يده،هل يصلح بيعه؟قال:«يبيع ما أراد،و يهب ما لم يرد (6)،و يستنفع (7)به و يطلب بركته»قلت:أ يكفّن به الميّت؟قال:

«لا» (8).و الظاهر أنّ النهي إنّما كان لكونه من الإبريسم.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نعم الكفن الحلّة،و نعم الأضحيّة الكبش الأقرن» (9)لأنّه خبر شاذّ لم يعمل به أحد من الأصحاب،و لا أحد

ص:221


1- 1غ،ق و خا:القصب،كما في الاستبصار،و كذا في الفقيه 1:90 الحديث 415.قال في المصباح المنير:504: و [1]القصب ثياب من كتّان ناعمة.و في نسخة م،ن،ف و ح:العصب،كما في التهذيب و الوسائل،و [2]كذا في الكافي 3: 149 الحديث 12. [3]قال في المصباح المنير:413:و [4]العصب مثل فلس برد يصبغ غزله ثمَّ ينسج.و قال السهيليّ: العصب صبغ لا ينبت إلاّ باليمن.قال المصنّف رحمه اللّه في التذكرة 2:5:و [5]العصب ضرب من برود اليمن،سمّي بذلك،لأنّه يصبغ بالعصب،و هو نبت باليمين.
2- 2) التهذيب 1:435 الحديث 1396،الاستبصار 1:211 الحديث 744،الوسائل 2:752 الباب 23 من أبواب التكفين الحديث 1. [6]
3- 3) ح،خا و ق:الشرط.
4- 4) ح و ق:الشرط.
5- 5) ح،خا و ق:شبرا.
6- 6) ح و ك:يرده،كما في الوسائل. [7]
7- 7) ح:و ينتفع،ن و ش:و يستسعى،ق و خ:و يستسع.
8- 8) التهذيب 1:434 الحديث 1391،الوسائل 2:752 الباب 22 من أبواب التكفين الحديث 1. [8]
9- 9) التهذيب 1:437 الحديث 1406،الاستبصار 1:211 الحديث 743،الوسائل 2:753 الباب 23 من أبواب التكفين الحديث 2. [9]

من الجمهور،لاتّفاقهم على كراهية الإبريسم،و في طريقه ضعف.

فروع:
الأوّل:هل يحرم تكفين النساء فيه؟

عندي فيه إشكال ينشأ من جواز لبسهنّ له في الصلاة بخلاف الرجل،و من عموم النهي.

الثاني:يستحبّ أن يكون الكفن قطنا محضا.

روى الشيخ عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الكتّان كان لبني إسرائيل يكفّنون به،و القطن لأمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (1).و الاقتسام (2)دليل على الرجحان.

و في رواية عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ«الكفن يكون بردا،فإن (3)لم يكن بردا فاجعله كلّه قطنا،فإن لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابريّا» (4).«و كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب في بردتين (5)ظفريّتين من ثياب اليمن،و ثوب كرسف و هو ثوب قطن» (6).

الثالث:يكره أن يكفّن في الكتّان،

(7)

لأنّ القطن أكثر بقاءا منه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يعقوب بن يزيد،عن عدّة من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه

ص:222


1- 1التهذيب 1:434 الحديث 1392،الاستبصار 1:210 الحديث 741،الوسائل 2:751 الباب 20 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:و الأقسام.
3- 3) ن:و إن.
4- 4) التهذيب 1:296 الحديث 870،الاستبصار 1:210 الحديث 740،الوسائل 2:743 الباب 13 من أبواب التكفين الحديث 1. [2]
5- 5) ح،خا و ق:بردين.
6- 6) الفقيه 1:93 الحديث 421،الوسائل 2:730 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 19. [3]
7- 7) بعض النسخ:يكون.

عليه السلام قال:«لا يكفّن الميّت في كتّان» (1).

و كذا يكره أن يكفّن (2)في الممتزج من الحرير و غيره مع الاختيار (3).

الرابع:يكره أن يكفّن في الثوب الأسود،

(4)

و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«خير ثيابكم البياض (5)فألبسوها أحياءكم و كفّنوا فيها موتاكم» (6).و كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب بيض (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسين بن المختار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يكفّن الميّت في السواد» (8).

و عن الحسين بن المختار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:يحرم الرجل في ثوب أسود؟قال:لا يحرم في الثوب الأسود،و لا يكفّن به» (9).

و قيل:يكره أن يكفّن (10)في الثوب المعصفر و المصبوغ،إلاّ ما كان من العصب (11)

ص:223


1- 1التهذيب 1:451 الحديث 1465،الاستبصار 1:211 الحديث 745،الوسائل 2:751 الباب 20 من أبواب التكفين الحديث 2. [1]
2- 2) أكثر النسخ:يكون.
3- 3) هامش ح:للأخبار.
4- 4) أكثر النسخ:يكون.
5- 5) ص:البيض.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:473 الحديث 1472،سنن أبي داود 4:8 الحديث 3878، [2]سنن الترمذيّ 3:319 الحديث 994، [3]مسند أحمد 1:328 و ج 5:10، [4]المستدرك للحاكم 4:185،كنز العمّال 15:301 الحديث 41107 و ص 577 الحديث 42247،المصنّف لعبد الرزّاق 3:428 الحديث 6198-6200.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:95،صحيح مسلم 2:649 الحديث 941،سنن ابن ماجه 1:472 الحديث 1469، سنن أبي داود 3:198 الحديث 3151، [5]سنن الترمذيّ 3:321 الحديث 996، [6]سنن البيهقيّ 3:399.
8- 8) التهذيب 1:434 الحديث 1394،الوسائل 2:751 الباب 21 من أبواب التكفين الحديث 1. [7]
9- 9) التهذيب 1:435 الحديث 1395،الوسائل 2:751 الباب 21 من أبواب التكفين الحديث 2. [8]
10- 10) ق،خا و ح:يكون.
11- 11) أكثر النسخ:القصب.

و هو نبت ينبت باليمن.قاله الأوزاعيّ (1).و لا بأس بذلك،لما فيه من منافات فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام.

مسألة:قد بيّنّا أنّ غسل مسّ الميّت واجب ،
اشارة

(2)

فإذا فرغ الغاسل من تغسيله استحبّ (3)له أن يغتسل ثمَّ يكفّنه،ليكون (4)على أبلغ أحواله من الطهارة المزيلة للنجاسة العينيّة و الحكميّة عند تكفين البالغ في الطهارة،فإن لم يتمكّن من ذلك استحبّ له أن يتوضّأ، لأنّه إحدى الطهارتين فكان مستحبّا كالآخر،و مترتّبا (5)عليه،لنقصانه عنه.

و يكفيه أن يغسل يديه إلى المرفقين ثمَّ يكفّنه.

روى الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

قلت:فالذي يغسّله يغتسل؟قال:«نعم»قلت:فيغسّله ثمَّ يلبسه أكفانه قبل أن يغتسل؟ قال:«يغسّله ثمَّ يغسل يديه من العاتق،ثمَّ يلبسه أكفانه،ثمَّ يغتسل (6)» (7).

و في رواية عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمَّ تغسل يديك إلى المرفقين،و رجليك إلى الركبتين،ثمَّ تكفّنه» (8).

و في رواية يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام:«ثمَّ يغسل الذي غسّله يده قبل أن يكفّنه إلى المنكبين ثلاث مرّات،ثمَّ إذا كفّنه اغتسل» (9).

ص:224


1- 1المغني 2:350،الشرح الكبير بهامش المغني 2:340.
2- 2) يراجع:الجزء الثاني ص 452.
3- 3) ح:يستحبّ.
4- 4) أكثر النسخ:فيكون.
5- 5) ح،خا و ق:و تقريبا.
6- 6) م و ك:يغسل.
7- 7) التهذيب 1:428 الحديث 1464،الوسائل 2:927 الباب 1 من أبواب غسل المسّ الحديث 1. [1]
8- 8) التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:684 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 10. [2]
9- 9) التهذيب 1:446 الحديث 1444،الاستبصار 1:208 الحديث 731،الوسائل 2:683 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 7. [3]
فرع:

لو خاف على الميّت من ظهور حادثة سارع في تجهيزه،

و استحبّ تقديم التكفين على الاغتسال.

مسألة:فإذا أراد تكفينه أخذ قطنا و ترك عليه شيئا من الذريرة المعروفة بالقمحة،
اشارة

و وضعه على فرجيه-قبله و دبره-و يحشو القطن في دبره،لئلاّ يخرج منه شيء وقت (1)تحريكه عند حمله،و لا نعلم خلافا في استحباب ذلك.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس عنهم عليهم السلام:«و اعمد (2)إلى قطن فذرّ عليه شيئا من حنوطه وضعه (3)على فرجه-قبل و دبر (4)-و احش القطن في دبره،لئلاّ يخرج منه شيء» (5).

فروع:
الأوّل:إنّما يستحبّ وضع القطن بين الأليتين ،

(6)

فأمّا الحشو في الدبر فإنّما يستحبّ عند خوف خروج شيء منه.و أنكره المزنيّ (7).

لنا:أنّ في حشو القطن مصلحة لا تحصل (8)بدونه،فكان مشروعا.

و يؤيّده:ما تقدّم في رواية يونس.

ص:225


1- 1ش،ن و ك:عند.
2- 2) غ و ف:و تعمد.
3- 3) ح،ص،خا و ق:و وضعه،ك:فضعه.
4- 4) ح،ش،خا و ق:قبله و دبره.
5- 5) التهذيب 1:301 الحديث 877،الوسائل 2:680 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
6- 6) غ:الأليين.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:36،المجموع 5:200.
8- 8) خا،ح و ق:لا تصلح.

احتجّ بأنّ فيه تناولا لحرمة (1)الميّت (2).

و الجواب:أنّ في تركه تناولا لحرمته (3)أيضا،لجواز ظهور حادثة به،و ما ذكرناه أولى، لخفائه عن أكثر الناس.

الثاني:يكره أن يجعل في سمعه و بصره شيئا من القطن و الكافور،

خلافا للجمهور (4).

لنا:أنّ تسويغ ذلك يتوقّف على الشرع و لم يثبت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس عنهم عليهم السلام:«و لا تجعل في منخريه و لا في بصره و مسامعه و لا وجهه قطنا و لا كافورا» (5).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:قال:«لا تجعل في مسامع الميّت حنوطا» (6).

و عن عثمان النواء (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و لا تمسّ مسامعه بكافور» (8).

الثالث:لو خاف من خروج شيء من هذه المواضع استحبّ فيه جعل القطن

و الكافور

بلا خلاف،لأنّ فيه منعا عن خروج شيء من الميّت،فأشبه القطن في الدبر.

ص:226


1- 1ح،ق،ك و خا:بحرمة
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:36،المجموع 5:200.
3- 3) ح،خا و ق:بحرمته.
4- 4) الأمّ 1:282،بدائع الصنائع 1:308،المدوّنة الكبرى 1:187،المغني 2:336،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:337،338،المجموع 5:201،فتح العزيز بهامش المجموع 5:138.
5- 5) التهذيب 1:306 الحديث 888،الوسائل 2:744 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 1:308 الحديث 893،الاستبصار 1:212 الحديث 748،الوسائل 2:747 الباب 16 من أبواب التكفين الحديث 4. [3]
7- 7) عثمان بن كثير النواء الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المحقّق المامقانيّ: و ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول.و قد نقل في جامع الرواية رواية محمّد بن سنان و إبراهيم الخزّاز عنه. رجال الطوسيّ:259،جامع الرواة 1:536، [4]تنقيح المقال 2:249. [5]
8- 8) التهذيب 1:309 الحديث 899 و ص 445 الحديث 1441،الاستبصار 1:205 الحديث 722،الوسائل 2: 747 الباب 16 من أبواب التكفين الحديث 2.و [6]في بعض المصادر:و لا تقرّبنّ.

و يؤيّده:ما رواه عمّار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و اجعل الكافور في مسامعه و أثر سجوده منه و فيه و أقلّ من الكافور،و اجعل على عينيه قطنا و فيه و أذنيه شيئا قليلا» (1).

و في رواية عبد اللّه الكاهليّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و إيّاك أن تحشو في مسامعه شيئا،فإن خفت أن يظهر من المنخر (2)شيء فلا عليك أن تصيّر ثمَّ قطنا،فإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا (3)» (4).

الرابع:الذريرة،

قال الشيخ:هي فتات (5)قصب الطيب،و هو قصب يؤتى به من الهند يشابه قصب النشّاب (6).

مسألة:ثمَّ يأخذ الخرقة التي لفخذيه،و يشدّها من حقويه،
اشارة

و يضمّ فخذيه ضمّا شديدا،و يلفّها في فخذيه (7)،ثمَّ يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن،و يغمزها في الموضع الذي لفّ فيه الخرقة،و يلفّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفّا شديدا،و لا نعلم خلافا في ذلك.

روى الشيخ عن يونس،عنهم عليهم السلام:«و خذ خرقة طويلة عرضها شبر، فشدّها من حقويه،و ضمّ فخذيه ضمّا شديدا و لفّها في فخذيه،ثمَّ أخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن،و أغمزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة،و تكون الخرقة

ص:227


1- 1التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:745 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 4. [1]
2- 2) ح:المنخرين،كما في الكافي و [2]الفقيه و الوسائل. [3]
3- 3) م،ك و ن:«فلا تحشيه شيئا»،ص:«فلا تحشو به فيه شيئا»،ش:«فلا تحشيه شيئا».
4- 4) الكافي 1:140 الحديث 4، [4]الفقيه 1:122 الحديث 589،التهذيب 1:298 الحديث 873،الوسائل 2: 681 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 5. [5]
5- 5) ح:قطاب،خا:قنات.
6- 6) التبيان 1:448. [6]
7- 7) خا،ح و ق:في فخذ بيده.

طويلة تلفّ (1)فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفّا شديدا» (2).

فروع:
الأوّل:هذه الخرقة مستحبّة بلا خلاف،

و قد تقدّم بيانه (3).

الثاني:روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:قلت لأبي عبد اللّه

عليه السلام:كيف أصنع بالكفن؟

قال:«تأخذ خرقة فتشدّ على مقعدته و رجليه»قلت:

فالإزار؟قال:«إنّها لا تعدّ شيئا،إنّما تصنع لتضمّ ما هناك،لئلاّ يخرج منه شيء و ما يصنع من القطن أفضل منها» (4).

الثالث:المستحبّ ضمّ الفخذين و شدّهما معا بالخرقة،

لا شدّ كلّ واحد من الفخذين و الساقين وحده،لأنّ الغرض من ذلك التحفّظ عن (5)خروج شيء من دبره،و إنّما يحصل بضمّ الفخذين ضمّا شديدا.

مسألة:ثمَّ يأخذ المئزر فيؤزره به من سرّته إلى حيث يبلغ من ساقيه،

(6)(7)

كما يأتزر (8)الحيّ،فيكون فوق الخرقة التي شدّها (9)على القطن،و هذا المئزر واجب

ص:228


1- 1كثير من النسخ:لفّ.
2- 2) التهذيب 1:301 الحديث 877 و فيه:«لفّهما»،الوسائل 2:680 الباب 2 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
3- 3) تقدّم في ص 213.
4- 4) التهذيب 1:308 الحديث 894،الوسائل 2:727 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 8. [2]
5- 5) ح،خا و ق:من.
6- 6) خا،ح و ق:يؤخذ،ك،م و ن:تأخذ.
7- 7) م و ن:بلغ.
8- 8) ش،م و ن:يتّزر.
9- 9) ش و ن:يشدّها.

عند أكثر علمائنا (1)و قد سلف (2).

مسألة:ثمَّ يعمد إلى الكافور الذي أعدّه أوّلا لحنوطه ،فيسحقه بيده،و يضع منه على
اشارة

مساجده السبعة و طرف أنفه،

(3)(4)

فإن فضل من الكافور شيء كشف (5)قميصه و ألقاه على صدره.

و لا خلاف في ذلك،و قد اتّفق علماؤنا على وجوبه.

روى (6)الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا أردت أن تحنّط الميّت فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السجود منه و مفاصله كلّها و رأسه و لحيته، و على صدره من (7)الحنوط»و قال:«الحنوط للرجل و المرأة سواء»قال:«و أكره أن يتبع بمجمرة» (8).

و عن عبد اللّه الكاهليّ و حسين بن المختار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يوضع الكافور من الميّت على موضع المساجد و على اللبّة (9)و باطن القدمين و موضع الشراك من القدمين و على الركبتين و الراحتين و الجبهة و اللبّة (10)» (11).

ص:229


1- 1منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:83،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:237،و [1]الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:176 و [2]الخلاف 1:284 مسألة-26،و ابن إدريس في السرائر:31،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:390.
2- 2) يراجع:ص 212.
3- 3) بعض النسخ:تعمد.
4- 4) ح،ق و خا:بحنوطه.
5- 5) ش،م و ن بزيادة:عن.
6- 6) خا،ح و ق:و روى.
7- 7) أكثر النسخ:و من،مكان:من.
8- 8) التهذيب 1:307 الحديث 890،الاستبصار 1:212 الحديث 746،الوسائل 2:744 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 1. [3]
9- 9) أكثر النسخ:اللثة،و في جميع المصادر:اللبّة و هي المنحر.المصباح المنير:547.
10- 10) ن،م،ك و خا:اللثة،و في باقي النسخ و المصادر:اللبّة،و في الذكرى:47: [4]اللحية.
11- 11) التهذيب 1:307 الحديث 892،الاستبصار 1:212 الحديث 747،الوسائل 2:747 الباب 16 من أبواب التكفين الحديث 5. [5]
فروع:
الأوّل:نهاية الفضل في الكافور ثلاثة عشر درهما و ثلث.

روى الشيخ عن عليّ بن إبراهيم رفعه،قال:«السنّة في الحنوط ثلاثة عشر درهما و ثلث أكثره»و قال:«إنّ جبرئيل عليه السلام نزل (1)على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحنوط (2)و كان وزنه أربعين درهما،فقسّمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثة أجزاء:جزء له و جزء لعليّ عليه السلام،و جزء لفاطمة عليها السلام» (3).و يليه في الفضل أربعة مثاقيل.

روى الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ و الحسين بن المختار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«القصد (4)من الكافور أربعة مثاقيل» (5).و يليه مثقال واحد.

روى (6)الشيخ عن ابن أبي نجران،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«أقلّ ما يجزئ من الكافور للميّت مثقال» (7).

و في رواية أخرى:«مثقال و نصف» (8).و المراد من المثقال هنا (9)الدرهم،و الواجب (10)أقلّ ما يمكن مسح المساجد به.

ص:230


1- 1أكثر النسخ بزيادة:به.
2- 2) أكثر النسخ:حنوط.
3- 3) التهذيب 1:290 الحديث 845،الوسائل 2:730 الباب 3 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
4- 4) أكثر النسخ:الفضل.
5- 5) التهذيب 1:291 الحديث 848،الوسائل 2:731 الباب 3 من أبواب التكفين الحديث 4. [2]
6- 6) م و خا:و روى.
7- 7) التهذيب 1:291 الحديث 846،الوسائل 2:730 الباب 3 من أبواب التكفين الحديث 2. [3]
8- 8) التهذيب 1:291 الحديث 849،الوسائل 2:731 الباب 3 من أبواب التكفين الحديث 5. [4]
9- 9) ف،خا،ص،غ،ق و ح:هاهنا.
10- 10) خا،ح و ق:فالواجب.
الثاني:المحرم لا يقرّب الكافور

بلا خلاف،و قد تقدّم (1).

الثالث:اختلف أصحابنا في الكافور الذي يجعل في الماء للغسلة الثانية هل هو من

هذا المقدار أم لا ؟

(2)(3)

و الأقرب (4)أنّه غيره.

مسألة:ثمَّ يلبسه القميص،

و أكثر أصحابنا على وجوبه (5)،و قد تقدّم ذلك (6).

و في رواية عمّار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمَّ القميص،تشدّ (7)الخرقة على القميص بحيال الفرج حتّى لا يظهر منه شيء» (8).

مسألة:ثمَّ يضعه في الإزار،ثمَّ يضعه في الحبرة،

و الإزار واجب،و الحبرة مستحبّة (9)،و قد تقدّم بيان ذلك (10).

و في رواية عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«التكفين أن يبدأ بالقميص،ثمَّ بالخرقة فوق القميص على ألييه (11)و فخذيه و عورته،و يجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع و نصف،و عرضها شبر و نصف،ثمَّ تشدّ (12)الإزار أربعة ثمَّ اللفافة ثمَّ العمامة،و يطرح

ص:231


1- 1تقدّم في ص 173.
2- 2) ش،ف و ن:المقدّر.
3- 3) لم نعثر على قائل بمشاركة الغسل معه كما قال في الجواهر 4:184.و [1]قال في السرائر:32:اختلف أصحابنا في ذلك،فقال بعضهم:إنّ الكافور الذي للغسلة الثانية من جملة الثلاثة عشر درهما و ثلث.و قال بعضهم:إنّه غيرها.
4- 4) خا،ح و ق:الأقرب.
5- 5) ينظر:جمل العلم و العمل:83،المبسوط 1:176، [2]المهذّب 1:176،السرائر:31،الشرائع 1:39.
6- 6) تقدّم في ص 212.
7- 7) أكثر النسخ:يشدّ.
8- 8) التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:745 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 4. [3]
9- 9) بعض النسخ:مستحبّ.
10- 10) تقدّم في ص 212،213.
11- 11) أكثر النسخ:أليتيه.
12- 12) بعض النسخ:يشدّ،كما في الوسائل. [4]

فضل (1)العمامة على وجهه» (2).

و يستحبّ أن يطوي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن و الأيمن على الأيسر،لئلاّ يسقط عنه إذا وضع على شقّه الأيمن في قبره.

و يستحبّ أن يعقد (3)اللفافة و الحبرة عند رأسه و رجليه ليمنع السقوط عند الحمل.

مسألة:و يستحبّ أن يوضع معه جريدتان خضراوان من النخل.
اشارة

(4)(5)

و هو مذهب أهل البيت عليهم السلام (6)،خلافا للجمهور.

لنا:ما رواه الجمهور أنّ سفيان الثوريّ سأل يحيى بن عبادة المكّيّ (7)عن التخضير فقال:إنّ رجلا من الأنصار هلك،فأذّن (8)به (9)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (10)فقال عليه السلام (11):«خضّروا صاحبكم فما أقلّ المخضّرين يوم القيامة»قال:

و ما التخضير؟قال:«جريدة خضراء (12)توضع (13)من أصل اليدين إلى أصل

ص:232


1- 1خا،ح و ق:و يلقي طرفا،ش:و يلفّ طرف،مكان:و يطرح فضل.
2- 2) التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:745 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 4. [1]
3- 3) ش:يشدّ،خا،ح و ق:يشتدّ.
4- 4) ك:يجعل.
5- 5) ك و ن:خضروان.
6- 6) ينظر:الوسائل 2:736 الباب 7 و ص 738 الباب 8 من أبواب التكفين. [2]
7- 7) يحيى بن عبادة المكّيّ عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام و ذكره الصدوق في المشيخة بعنوان:يحيى بن عباد المكّيّ،و في الرواية التي رواها الكلينيّ في الكافي 7:243 [3] دلالة على أنّه إماميّ المذهب و له مكان عند أبي عبد اللّه عليه السلام. رجال الطوسيّ:335،الفقيه(شرح المشيخة)4:21.
8- 8) ح:فأوذن،كما في المصادر.
9- 9) لا توجد في ح،كما في المصادر.
10- 10) ح بزيادة:بموته،كما في المصادر.
11- 11) هامش ح بزيادة:لمن يليه من قرابته،كما في المصادر.
12- 12) ح:خضرة،كما في الوسائل. [4]
13- 13) أكثر النسخ:يوضع.

الترقوة» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن زياد الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«توضع (2)للميّت جريدتان (3):واحدة في اليمين (4)،و الأخرى في اليسار (5)،فإنّ (6)الجريدة تنفع المؤمن و الكافر» (7).

و في الحسن عن حريز و فضيل و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:قيل لأبي عبد اللّه عليه السلام:لأيّ شيء تكون (8)مع الميّت الجريدة؟قال:«إنّه يتجافى (9)عنه العذاب ما دامت رطبة» (10).

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يكون طول كلّ واحدة من الجريدتين قدر عظم الذراع.

قال ابن بابويه:و إن كانت قدر ذراع أو قدر شبر فلا بأس (11).

الثاني:يستحبّ أن يوضع إحدى الجريدتين من جانبه الأيمن مع ترقوته

(12)

يلصقها

ص:233


1- 1لم نعثر عليه في المصادر الموجودة من العامّة،و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:88 الحديث 408،الكافي 3:152 الحديث 2، [1]الوسائل 2:736 الباب 7 [2] من أبواب التكفين الحديث 3 و ص 739 الباب 10 الحديث 1.
2- 2) خا،ك،ص،م،غ و ش:يوضع،كما في التهذيب و الكافي. [3]
3- 3) أكثر النسخ:جريدة،كما في التهذيب.
4- 4) خا،ف،غ،ن و ق:اليمنى.
5- 5) ح:الأيسر،كما في الوسائل. [4]
6- 6) ح:قال،و قال،مكان:فإنّ.
7- 7) التهذيب 1:327 الحديث 954،الوسائل 2:737 الباب 7 من أبواب التكفين الحديث 6. [5]
8- 8) ح:توضع،كما في الوسائل.
9- 9) أكثر النسخ:لتجافى.
10- 10) التهذيب 1:327 الحديث 955،الوسائل 2:737 الباب 7 من أبواب التكفين الحديث 7. [6]
11- 11) الفقيه 1:87.
12- 12) ك:توضع.

بجلده،و الأخرى بين القميص و الإزار.

الثالث:يستحبّ أن تتّخذ من النخل،

(1)

فإن لم توجد (2)فمن السدر،فإن لم يوجد (3)فمن الخلاف،فإن لم يوجد (4)فمن شجر رطب،لأنّه في محلّ الضرورة فقام غيره ممّا يناسبه مقامه،كغيره من ذوات الأبدال.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سهل بن زياد،عن غير واحد من أصحابنا قالوا:قلنا له:جعلنا اللّه فداك،إن لم نقدر على الجريدة؟فقال:«عود السدر»قلت:فإن لم نقدر على السدر؟فقال:«عود الخلاف» (5).

و عن عليّ بن بلال أنّه كتب إليه (6)عليه السلام يسأله عن الجريدة إذا (7)لم يجد يجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن النخل؟فكتب:«يجوز إذا أعوزت الجريدة،و الجريدة أفضل،و به جاءت الرواية (8)» (9).

و روى عليّ بن إبراهيم أنّه يجعل بدلها عود الرمّان (10).

الرابع:يستحبّ أن تكونا رطبتين،

لأنّ العلّة في وضعهما (11)دفع (12)العذاب عن

ص:234


1- 1م،ح،خا،ك و ص:يتّخذ،ش:تؤخذ.
2- 2) خا،ق و ح:يجد.
3- 3) خا،ح و ق:يجد.
4- 4) خا،ح و ق:يجد.
5- 5) التهذيب 1:294 الحديث 859،الوسائل 2:739 الباب 8 من أبواب التكفين الحديث 3. [1]
6- 6) ص،ك،ف و غ بزيادة:يعني أبا الحسن الثالث.
7- 7) خا،ح و ق:إن.
8- 8) غ:الأخبار.
9- 9) التهذيب 1:294 الحديث 860،الوسائل 2:738 الباب 8 من أبواب التكفين الحديث 2. [2]في التهذيب:. إذا لم نجد نجعل.
10- 10) التهذيب 1:294 الحديث 861،الوسائل 2:738 الباب 8 من أبواب التكفين الحديث 4. [3]
11- 11) ح:وضعها.
12- 12) خا،م،ق و ح:رفع.

الميّت مدّة رطوبتها،فلا فائدة في غيره،و قد أشار الأئمّة عليهم السلام إلى هذه العلّة و نصّوا عليها (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن[محمّد بن] (2)عليّ بن عيسى (3)قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن السعفة اليابسة إذا قطعها بيده هل يجوز للميّت توضع معه في حفرته؟قال:

«لا يجوز اليابس (4)» (5).

الخامس:لو حضر من يتّقيه و لم يتمكّن من وضع الجريدة مع الميّت في أكفانه

فليدفنها في قبره،لأنّه محلّ الضرورة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سهل بن زياد رفعه قال:قيل له:جعلت فداك،ربّما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويناه (6)،فقال:«أدخلها (7)حيث ما أمكن» (8).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجريدة،

ص:235


1- 1التهذيب 1:327 الحديث 955،الوسائل 2:737 الباب 7 من أبواب التكفين الحديث 7. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) في النسخ:عليّ بن عيسى،و في التهذيب و الوسائل: [2]محمّد بن عليّ بن عيسى،و هو الصحيح،لأنّ الشيخ ذكره بهذا العنوان في الفهرست،و هو:محمّد بن عليّ بن عيسى الأشعريّ القمّيّ،عدّه الشيخ في رجاله بغير حرف التعريف في القمّيّ من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام،و قال النجاشيّ:كان وجها بقمّ و أميرا عليها من قبل السلطان،له مسائل لأبي محمّد العسكريّ عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و جعله المامقانيّ في الحسان، و قال السيّد الخوئيّ:طريق الشيخ إليه ضعيف بأحمد بن زكريّا. رجال النجاشيّ:371،رجال الطوسيّ:422،الفهرست:155، [3]رجال العلاّمة:160، [4]تنقيح المقال 3:158، [5]معجم رجال الحديث 16:378. [6]
4- 4) خا،ح و ق:اليابسة.
5- 5) التهذيب 1:432 الحديث 1381،الوسائل 2:739 الباب 9 من أبواب التكفين الحديث 1. [7]
6- 6) ح:روينا،كما في الوسائل. [8]
7- 7) أكثر النسخ:ادخله.
8- 8) التهذيب 1:327 الحديث 956،الوسائل 2:741 الباب 11 من أبواب التكفين الحديث 1. [9]

توضع في القبر؟قال:«لا بأس» (1).

السادس:لو لم توضع الجريدة في الكفن

جاز وضعها في القبر،عملا بهذه الرواية (2).

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه قال:مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقبر يعذّب صاحبه،فدعا بجريدة فشقّها نصفين،فجعل واحدة عند رأسه،و الأخرى عند رجليه.قال:

و روي أنّ صاحب القبر كان قيس بن فهد الأنصاريّ (3)،و روى قيس بن قمير (4)(5)،و إنّه قيل له:لم وضعتهما (6)؟فقال:«إنّه يخفّف عنه العذاب ما كانتا خضراوين (7)» (8).

السابع:قال الشيخان:الأصل في وضع الجريدة أنّ آدم لمّا أهبطه اللّه تعالى من جنّته

إلى الأرض استوحش،

فسأل اللّه تعالى أن يؤنسه بشيء من أشجار الجنّة،فأنزل اللّه إليه

ص:236


1- 1التهذيب 1:328 الحديث 958،الوسائل 2:748 الباب 11 من أبواب التكفين الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:الروايات.
3- 3) قيس بن فهد الأنصاريّ،قد اختلف في اسم أبيه اختلافا كثيرا في التراجم،عنونه ابن الأثير في أسد الغابة و ابن حجر في الإصابة،و البخاريّ في التاريخ الكبير،و النجاشيّ في رجاله عند ترجمة عبد المؤمن بن القاسم بعنوان: قيس بن قهد-بالقاف-و عنونه ابن عبد البرّ في الاستيعاب بعنوان:قيس بن فهد-بالفاء-و عنونه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بعنوان:قيس بن فهران-بالفاء و الرّاء-و عنونه الكشّيّ في ترجمة قيس بعنوان:قيس بن مهران،و في التنقيح:قيس بن قهدان،و في جامع الرواة:قيس بن قهران،و ذكر السيّد الخوئيّ جميع ما ذكر في ترجمة قيس.و اللّه العالم. رجال النجاشيّ:249،الاستيعاب بهامش الإصابة 3:236، [2]التاريخ الكبير للبخاريّ 7:142،أسد الغابة 4: 224،الإصابة 3:257،رجال الطوسيّ:56،رجال الكشّيّ:96،تنقيح المقال 2:33 باب القاف، [3]معجم رجال الحديث 14:102،103، [4]جامع الرواة 2:25. [5]
4- 4) م:نمير.
5- 5) قيس بن قمير،كذا في الفقيه،و نقل السيّد الخوئيّ الحديث عن الفقيه،و فيه:قيس بن قمير(نمير)و لم نعثر على شخص بهذا العنوان في كتب الرجال و لعلّه هو قيس بن فهد و الاختلاف في اسم أبيه،و لأجل ذلك،ذكره السيّد الخوئيّ في قيس بن فهد،معجم رجال الحديث 14:102،103. [6]
6- 6) ش،م و ن:وضعتها.
7- 7) ص،غ،ك و ف:خضراوتين.
8- 8) الفقيه 1:88 الحديث 305،الوسائل 2:741 الباب 11 من أبواب التكفين الحديث 4. [7]

النخلة و كان يأنس بها في حياته،فلمّا حضرته الوفاة قال لولده:«إنّي كنت آنس بها في حياتي و أرجو الأنس بها بعد وفاتي،فإذا متّ فخذوا منها جريدا و شقّوه بنصفين (1).

و ضعوهما معي في أكفاني»ففعل ولده ذلك و فعلته الأنبياء بعده،ثمَّ اندرس ذلك في الجاهليّة،فأحياه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فعله و صارت (2)سنّة متّبعة (3).

قال الشيخ:سمعت ذلك مذاكرة من الشيوخ مرسلا و لم يحضرني إسناده.

الثامن:قد بيّنّا أنّه يستحبّ أن توضع الجريدتان

(4)(5)

إحداهما من جانبه الأيمن مع (6)ترقوته يلصقها بجلده،و الأخرى من جانبه الأيسر بين القميص و الإزار.

و روي أنّ إحداهما تترك (7)بين الركبتين نصفا يلي الساق و نصفا يلي الفخذ،و الأخرى تحت إبطه الأيمن (8).

مسألة:و يستحبّ أن يعدّ الكفن أوّلا قبل التغسيل،
اشارة

لأنّه أسرع في التجهيز، فإذا حصل الكفن و فرغ من تغسيله وضع الحبرة أو اللفافة التي هي بدل منها- و هي أحسن الثياب و أوسعها-أوّلا (9)و بسطها،لأنّها الظاهرة (10)فاستحبّ (11)أن يكون

ص:237


1- 1ك،خا،غ و ق:نصفين.
2- 2) ك:فصارت،كما في التهذيب.
3- 3) ينظر:المقنعة للشيخ المفيد:12،التهذيب للشيخ الطوسيّ 1:326 الحديث 952.
4- 4) يراجع:ص 228.
5- 5) بعض النسخ:الجريدتين.
6- 6) بعض النسخ:عند.
7- 7) خا و ق:ترك،و في المصدر:تجعل له واحدة،مكان:إحداهما تترك.
8- 8) الكافي 3:143 الحديث 1، [1]التهذيب 1:306 الحديث 888،الوسائل 2:744 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 3. [2]
9- 9) ك:أولى.
10- 10) خا،ح و ق:الظاهر.
11- 11) ق و ح:و استحبّ.

أحسن ثيابه كالحيّ،و ينثر عليها الذريرة،ثمَّ يضع (1)اللفافة الأخرى عليها و ينثر عليها شيئا (2)من الذريرة،و هذه اللفافة هي الإزار،ثمَّ يضع فوقها القميص و ينثر (3)عليه شيئا (4)من الذريرة و يكثر من ذلك،لأنّه ملاصق لجسد (5)الميّت فاستحبّ (6)فيه التطيّب (7)كالحيّ.

و قال عليه السلام:«اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعرائسكم» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا كفّنت الميّت فذرّ على كلّ ثوب شيئا من ذريرة و كافور» (9).

ثمَّ يرجع إلى الميّت فينقله (10)من الموضع الذي اغتسل فيه حتّى يضعه في قميصه، و لو فعل ما ذكرناه من وضع الثياب و نثر (11)الذريرة قبل تغسيله كان أفضل،و يكفّنه و هو موجّه إلى القبلة كما كان في حال تغسيله.

ص:238


1- 1خا،ح و ق:يوضع.
2- 2) ك،ش و ن:شيء.
3- 3) ك و م:في المواضع الثلاثة:و ينشر.
4- 4) م،ش و ن:شيء.
5- 5) ك و م:لجلد،ص و خا:بجسد.
6- 6) م:فيستحبّ.
7- 7) ف و ص:التطييب.
8- 8) المغني 2:407،الشرح الكبير بهامش المغني 2:324،بدائع الصنائع 1:301،فتح العزيز بهامش المجموع 5:130.
9- 9) التهذيب 1:307 الحديث 889،الوسائل 2:746 الباب 15 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
10- 10) خا و ح:فينقل.
11- 11) ك:و نشر،ق و خا:و ينثر.
فرع :

(1)

لا يستحبّ نثر الذريرة على اللفافة الظاهرة،و لا على الجنازة.

روى (2)الجمهور عن أبي بكر قال:لا تجعلوا على الحاكي حنوطا (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يوضع على النعش الحنوط» (4).

مسألة:و يستحبّ العمامة.
اشارة

و هو مذهب علمائنا أجمع،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:أنّها تتّخذ (6)للحيّ فكذا للميّت (7).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس،عنهم عليهم السلام:«ثمَّ.يؤخذ وسط العمامة فيثنّى على رأسه بالتدوّر (8)،ثمَّ يلقى فضل (9)الأيمن على الأيسر و الأيسر على الأيمن و يمدّ (10)على صدره» (11).

و في رواية عثمان النواء عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و إذا عمّمته فلا تعمّمه عمّة (12)الأعرابيّ»قلت:كيف أصنع؟قال:«خذ طرف العمامة من وسطها و انشرها على رأسه،

ص:239


1- 1ك:مسألة.
2- 2) ح و ق:و روى.
3- 3) المغني 2:335،الشرح الكبير بهامش المغني 2:337،الكافي لابن قدامة 1:339.في الجميع:على أكفاني، مكان:على الحاكي.
4- 4) التهذيب 1:437 الحديث 1408،الوسائل 2:748 الباب 17 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:130،المجموع 5:194،المغني 2:333،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:336.
6- 6) بعض النسخ:تجد.
7- 7) غ:الميّت.
8- 8) ح و ش:بالتدوير،كما في الوسائل. [3]
9- 9) هامش ح بزيادة:الشقّ،كما في الوسائل.
10- 10) ح:ثمَّ يمدّ،كما في الوسائل، [4]خا:و يمدّه.
11- 11) التهذيب 1:306 الحديث 888،الوسائل 2:744 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 3. [5]
12- 12) هامش ح:عمامة،كما في الوسائل. [6]

ثمَّ ردّها إلى خلفه،و اطرح طرفيها (1)على[صدره] (2)» (3).

و في رواية معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«يكفّن الميّت في خمسة أثواب»و عدّها،ثمَّ قال:«و عمامة يعتمّ (4)بها و يلقى فضلها على وجهه (5)» (6).

و الأقرب أن يعمّم كما يعمّم الحيّ و يحنّك (7)بالعمامة و يجعل لها طرفين على صدره.

قاله المفيد رحمه اللّه (8).

فرع:

العمامة ليست من (9)الكفن،

لأنّ الكفن هو ما يلفّ به جسد الميّت.روى ذلك الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (10).

مسألة:و يستحبّ أن يكتب على القميص،و الإزار،و الحبرة أو اللفافة القائمة
اشارة

مقامها،

و الجريدتين اسم الميّت،و أنّه يشهد الشهادتين،و تعدّ الأئمّة عليهم السلام.

روى الشيخ عن أبي كهمس (11)قال:حضرت موت إسماعيل عليه السلام و أبو عبد اللّه عليه السلام جالس عنده،فلمّا حضره الموت شدّ لحيته و غمّضه و غطّى عليه الملحفة،ثمَّ

ص:240


1- 1أكثر النسخ:طرفها.
2- 2) في النسخ:ظهره،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 1:309 الحديث 899،الوسائل 2:747 الباب 16 من أبواب التكفين الحديث 2. [1]
4- 4) م،ش و ن:يتعمّم.
5- 5) هامش ح:صدره،كما في الكافي و [2]الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 1:293 الحديث 858 و ص 310 الحديث 900،الوسائل 2:728 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 13. [4]
7- 7) أكثر النسخ:و يحنّكه.
8- 8) المقنعة:11.
9- 9) م و ن:عن.
10- 10) التهذيب 1:293 الحديث 857،الوسائل 2:728 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 10. [5]
11- 11) أكثر النسخ:كهمش.قال المامقانيّ:أبو كهمش يوجد في بعض الأسانيد ذلك،و ظنّي أنّه محرّف أبي كهمس -بالسين-تنقيح المقال 3:32 [6] من فصل الكنى.

أمر بتهيئته،فلمّا فرغ من أمره دعا بكفنه،فكتب في جانب الكفن:«إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ اللّه» (1).

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يكتب ذلك بتربة الحسين عليه السلام،

لأنّها تتّخذ (2)للبركة، و هو مطلوب حينئذ.

الثاني:قال المفيد رحمه اللّه في رسالته إلى ولده:تبلّ التربة و يكتب بها .

(3)(4)

و باقي الأصحاب أطلقوا ذلك (5)،و لا منافات،فالأولى ما قاله المفيد.

الثالث:لو لم توجد تربة كتب بالإصبع،

و يكره أن يكتب بالسواد،لأنّ فيه خروجا عن التكفين بالبياض (6)و مخالفة للنهي عن التكفين بالسواد.

و كذا لا يكتب (7)بشيء فيه صبغ من الأصباغ.قاله المفيد رحمه اللّه (8).

مسألة:ذهب أكثر علمائنا إلى كراهية تجمير الأكفان .
اشارة

(9)

و قال ابن بابويه:يجمّر

ص:241


1- 1التهذيب 1:289 الحديث 842 و ص 309 الحديث 898،الوسائل 2:672 [1] الباب 44 من أبواب الاحتضار الحديث 3 و ص 757 الباب 29 من أبواب التكفين الحديث 1.
2- 2) ح:لأنّه يتّخذ.
3- 3) خا،ح و ق:بلّ.
4- 4) نقله عنه في السرائر:32.
5- 5) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:177،و [2]ابن البرّاج في المهذّب 1:60،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1: 40.
6- 6) خا،غ و ق:في البياض.
7- 7) خا،ح و ق بزيادة:فيه.
8- 8) المقنعة:11.
9- 9) منهم:الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:284 مسألة-28،و السيّد ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):563، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 1:290. [3]

الكفن (1).و هو قول الجمهور (2).

لنا:ما رواه الشيخ في الحسن عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يجمّر (3)الكفن» (4).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«لا تجمّروا الأكفان و لا تمسّوا (5)موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور،فإنّ الميّت بمنزلة المحرم» (6).

و لأنّ حال الإحرام أكمل أحوال الحيّ و هو لا يطيب ثيابه،فكذا (7)حالة الموت أشبه بها،خرج الكافور بالإجماع،لفائدة اكتساب البرودة (8)منه،فيبقى غيره على المنع.

احتجّ ابن بابويه بما رواه غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عليه السلام أنّه كان يجمّر الميّت بالعود فيه المسك،و ربّما جعل على النعش الحنوط،و ربّما لم يجعله،و كان يكره أن يتبع الجنازة بمجمرة (9). (10)

ص:242


1- 1الفقيه 1:91.
2- 2) ينظر:الأمّ 1:266،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:36،المدوّنة الكبرى 1:88،المغني 2:331،الشرح الكبير بهامش المغني 2:337،الهداية للمرغينانيّ 1:91،بدائع الصنائع 1:307.
3- 3) م:لا تجمّر،كما في الاستبصار.
4- 4) التهذيب 1:294 الحديث 862،الاستبصار 1:209 الحديث 734،الوسائل 2:733 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 2. [1]
5- 5) ح:و لا تمسحوا،كما في الوسائل و الاستبصار.
6- 6) التهذيب 1:295 الحديث 863،الاستبصار 1:209 الحديث 735،الوسائل 2:734 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 5. [2]
7- 7) ح،خا و ق:و كذا.
8- 8) بعض النسخ:الرودة.و الرود:الريح تحرّكت تحرّكا خفيفا.لسان العرب 3:188. [3]
9- 9) ش،ن و م:الجنائز بمجمرة،هامش ح:الميّت بالمجمرة،كما في المصادر.
10- 10) التهذيب 1:295 الحديث 865،الاستبصار 1:210 الحديث 739،الوسائل 2:735 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 14. [4]

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بدخنة كفن الميّت،و ينبغي للمرء المسلم أن يدخّن ثيابه إذا كان يقدر» (1).

و عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«و جمّر ثيابه بثلاثة أعواد» (2).

و لأنّ الحيّ يستحبّ له تجمير (3)ثيابه فكذا الميّت.و لأنّها تخفي (4)رائحة ما يخرج من الميّت.

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على صورة النزاع،إذ (5)يدلّ على تجمير الميّت و هو قد كرهه (6).

و عن الثاني:أنّه معارض (7)بما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي حمزة قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«لا تقرّبوا موتاكم النار يعني الدخنة» (8).

و عن الثالث:بضعف (9)السند.

و عن الرابع:بأنّ التطيّب (10)حصل بالكافور و الذريرة.

ص:243


1- 1التهذيب 1:295 الحديث 867،الاستبصار 1:209 الحديث 738،الوسائل 2:735 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 13. [1]
2- 2) التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:745 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 4. [2]
3- 3) ح،خا و ق:أن يجمّر.
4- 4) أكثر النسخ:يخفي.
5- 5) ش،خا،ن و ق:إن.
6- 6) ينظر:الفقيه 1:91.
7- 7) ق،خا و متن ح:إجمال عرض،هامش ح:خبر يعارض.
8- 8) التهذيب 1:295 الحديث 866،الاستبصار 1:209 الحديث 737،الوسائل 2:735 الباب 6 [3] من أبواب التكفين الحديث 12 و ص 831 الباب 10 من أبواب الدفن الحديث 1.
9- 9) ص،غ،م و ن:يضعّف.
10- 10) ص،ف،غ،ق و ح:التطبيب.

و اعلم أنّه يمكن الجمع بين الروايات،فنقول:بكراهة (1)التجمير إذا لم يخف خروج شيء من الميّت،و باستحبابه عند الخوف.

فرع:

لا يقرّب الميّت بطيب غير الكافور و الذريرة،

لرواية محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).قال ابن بابويه:و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حنّط بمثقال من مسك (3)غير الكافور (4).

و قد روى الشيخ في الصحيح عن داود بن سرحان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام في كفن أبي عبيدة الحذّاء:«إنّما الحنوط الكافور،و لكن اذهب فاصنع كما يصنع الناس» (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّ المرأة يستحبّ أن تزاد على كفن الرجل لفافة و نمطا.
اشارة

(6)

و يستحبّ أيضا أن يزاد (7)من القطن،ليحشى به (8)قبلها،لأنّه لا يؤمن خروج شيء منه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام-لمّا علّمه تغسيل الميّت-قال:«و تحتاج المرأة من القطن لقبلها قدر نصف منّ» (9).

ص:244


1- 1ف،ص و ك:بكراهية.
2- 2) الكافي 3:147 الحديث 3، [1]التهذيب 1:295 الحديث 863،الاستبصار 1:209 الحديث 735،الوسائل 2: 734 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 5.
3- 3) ك و ن:المسك.
4- 4) الفقيه 1:93 الحديث 422،الوسائل 2:735 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 10. [2]
5- 5) التهذيب 1:436 الحديث 1404،الوسائل 2:734 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 7. [3]
6- 6) يراجع:ص 214.
7- 7) م،ن و ك:تزاد.
8- 8) ح و ق:المحتشى به.
9- 9) التهذيب 1:305 الحديث 887،الوسائل 2:745 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 4. [4]

و عن سهل بن زياد رفعه،قال:«و يصنع (1)لها القطن أكثر ممّا يصنع (2)للرجال،و يحشى القبل و الدبر بالقطن و الحنوط،ثمَّ يشدّ عليها الخرقة شدّا شديدا» (3).

فرع:

لا فرق (4)بين الكبيرة و الصغيرة في ذلك،

و لا بين الحرّة و الأمة في الأحكام كلّها.و قال أحمد:تكفّن (5)البالغة بخمار دون الطفلة (6). (7)

لنا:العمومات (8).

و احتجاج أحمد بأنّ ابن سيرين كفّن بنتا له قد أعصرت-أي:قاربت المحيض- بغير خمار (9)،فاسد،لأنّه لا حجّة في عمل ابن سيرين.و لأنّ الخمار عندنا غير واجب فيجوز تركه،لا لأنّه غير مشروع.

مسألة:و يستحبّ اتّخاذ الكفن من أفخر الثياب و أحسنها.

روى مسلم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذكر رجلا من أصحابه قبض و كفّن في غير طائل،فقال:«إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسّن كفنه» (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن يونس بن يعقوب قال:قال

ص:245


1- 1ش،م،ن و ح:و يضع.و في التهذيب:و تضع.
2- 2) ش،ك،خا،ن و ح:يضع.و في التهذيب:و تضع.
3- 3) التهذيب 1:324 الحديث 944،الوسائل 2:729 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 16. [1]
4- 4) ق،خا و ح:و لا فرق.
5- 5) خا،ح و ق:تكون.
6- 6) خا،ح و ق:الطفل.
7- 7) المغني 2:349،الشرح الكبير بهامش المغني 2:339،الإنصاف 2:514.
8- 8) ح:العموم.
9- 9) المغني 2:348،الشرح الكبير بهامش المغني 2:339.
10- 10) صحيح مسلم 2:651 الحديث 943.

أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ أبي أوصاني عند الموت يا جعفر كفّنّي في ثوب كذا و كذا و ثوب كذا و كذا (1)،و اشتر لي بردا واحدا و عمامة و أجدّهما فإنّ الموتى يتباهون بأكفانهم» (2).

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تنوّقوا في الأكفان فإنّكم تبعثون بها» (3).

و يستحبّ أن يكون بيضاء بلا خلاف.

روى (4)الشيخ عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض فالبسوه (5)و كفّنوا فيه موتاكم» (6).

مسألة:و يستحبّ أن يكفّن في الجديد

(7)

بلا خلاف،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8)كذا كفّن (9)،و الأئمّة عليهم السلام (10).و لو كفّن في قميص له مخيط كان سائغا،و ينزع أزراره.

روى (11)الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال:سألت أبا جعفر عليه السلام أن يأمر لي (12)بقميص أعدّه لكفني،فبعث به إليّ،فقلت:كيف أصنع؟قال:

ص:246


1- 1لا توجد جملة:و ثوب كذا و كذا في أكثر النسخ،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 1:449 الحديث 1453،الوسائل 2:749 الباب 18 من أبواب التكفين الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 1:449 الحديث 1454،الوسائل 2:749 الباب 18 من أبواب التكفين الحديث 2. [3]
4- 4) ش،ن،ق،ح،خا و ك:و روى.
5- 5) ح،خا و ق:فالبسوا.
6- 6) التهذيب 1:434 الحديث 1390،الوسائل 2:750 الباب 19 من أبواب التكفين الحديث 2. [4]
7- 7) غ،ف،خا،ق و ح:يكون.
8- 8) غ:عليه السلام.
9- 9) مسند أحمد 6:118،سنن البيهقيّ 3:399.
10- 10) ينظر:الوسائل 2:749 الباب 18 من أبواب التكفين.
11- 11) ح،خا و ق:و روى.
12- 12) أكثر النسخ:يأمرني.

«انزع أزراره» (1).

و في رواية سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن الثياب التي يصلّي فيها الرجل و يصوم،أ يكفّن فيها؟قال:«أحبّ ذلك الكفن،يعني قميصا»قلت:يدرج في ثلاثة أثواب؟قال:«لا بأس به و القميص أحبّ إليّ» (2).

و لا يعارض ذلك ما قلناه أوّلا،لأنّ القميص هاهنا موصوف بالصلاة و الصوم فيه، و لا يلزم من أولويّة الثوب المتعبّد به أولويّة غيره.

مسألة:يكره أن يتّخذ للأكفان أكمام مبتدأة،

(3)

و لو كفّن في قميص مخيط لم يكن مكروها و لم ينزع منه.

روى الشيخ عن محمّد بن سنان،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:الرجل يكون له القميص،أ يكفّن فيه؟فقال:«اقطع أزراره»قلت:و كمّه؟قال:

«لا،إنّما ذاك (4)إذا قطع له و هو جديد لم يجعل له كمّا،فأمّا إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلاّ الأزرار» (5).

مسألة:و يكره أن يقطع الأكفان بحديد،

قاله المفيد رحمه اللّه (6).و قال الشيخ:سمعنا ذلك مذاكرة عن (7)الشيوخ رحمهم اللّه،و عليه كان عملهم (8).

و يكره أن يخاط بخيوط من غيره.و يكره أن يبلّ (9)الخيوط بالريق.

ص:247


1- 1التهذيب 1:304 الحديث 885،الوسائل 2:756 الباب 28 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:292 الحديث 855،الوسائل 2:727 الباب 2 من أبواب التكفين الحديث 5. [2]
3- 3) خا،ح و ق:و يكره.
4- 4) ش،م و ن:ذلك،كما في الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 1:305 الحديث 886،الوسائل 2:756 الباب 28 من أبواب التكفين الحديث 2. [4]
6- 6) المقنعة:11. [5]
7- 7) ك،خا،ح و ق:من.
8- 8) التهذيب 1:294.
9- 9) ك،خا،ح و ق:يبتلّ.
مسألة:و الكفن واجب بلا خلاف،
اشارة

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر به (1).و لأنّ ستره واجب في الحياة،فكذا بعد الموت.

و يؤخذ من أصل التركة مقدّما على الديون و الوصايا و الميراث بلا خلاف، لأنّ حمزة (2)و مصعب بن عمير (3)لم يوجد لكلّ واحد منهما إلاّ ثوب فكفّن (4)فيه.نقله الجمهور (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ثمن الكفن من جميع المال» (6).

و لأنّ لباس المفلس مقدّم على ديونه،فكذا بعد الموت.

فروع:
الأوّل:لا ينتقل إلى الورثة من التركة إلاّ ما يفضل عن الكفن المفروض،

و كذلك

ص:248


1- 1صحيح البخاريّ 2:96،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن أبي داود 3:219 الحديث 3238، سنن النسائيّ 5:195،مسند أحمد 1:328،سنن البيهقيّ 3:390.
2- 2) حمزة بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ أبو يعلى و قيل:أبو عمارة،عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخوه من الرضاعة،أسلم في السنة الثانية من المبعث و هاجر إلى المدينة و شهد بدرا و أبلى فيها بلاء عظيما، و شهد أحدا فقتل بها و هو سيّد الشهداء،و كان عمره حين قتل أربعا أو ستّا و خمسين سنة،صلّى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بسبعين تكبيرة،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. أسد الغابة 2:46، [1]رجال الطوسيّ:15،رجال العلاّمة:53، [2]تنقيح المقال 1:375. [3]
3- 3) في النسخ:عمر،و الصحيح ما أثبتناه.
4- 4) أكثر النسخ:و كفّن.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:97،98،سنن البيهقيّ 3:401،عمدة القارئ 8:58،صحيح مسلم 2:649 الحديث 940،سنن أبي داود 3:199 الحديث 3155،سنن النسائيّ 4:38.
6- 6) التهذيب 1:437 الحديث 1407،الوسائل 2:758 الباب 31 من أبواب التكفين الحديث 1. [4]

مئونة دفنه (1)و تجهيزه،أمّا ما زاد على الكفن المفروض أو الحنوط الواجب فإنّه لا يؤخذ إلاّ مع اتّفاق (2)الورثة.و يبدأ بالكفن،ثمَّ الدين،ثمَّ الوصيّة،ثمَّ الميراث.

الثاني:كفن المرأة على زوجها و إن كان لها مال.

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول بعض الشافعيّة (3)و إحدى الروايتين عن مالك (4).و قال أبو حنيفة:يؤخذ من مالها إن (5)كان لها مال (6).

لنا:أنّ كسوتها و مئونتها واجبة (7)عليه في حال الحياة،و كذا (8)بعد الموت،كسيّد العبد و الوالد.و لأنّها لو تركت مالا ورثه،فكذا عليه ما تركته من غرامة و مئونة،ليتحقّق قوله عليه السلام:«الخراج بالضمان» (9).

و يؤيّده:ما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال:«على الزوج كفن امرأته إذا ماتت» (10).

ص:249


1- 1ن:كفنه،و في بعض النسخ:و كذلك موته و دفنه.
2- 2) ش و ح:إنفاق.
3- 3) حلية العلماء 2:338،المهذّب للشيرازيّ 1:129،المجموع 5:189،فتح العزيز بهامش المجموع 5:134، مغني المحتاج 1:338،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،السراج الوهّاج: 105.
4- 4) المغني 2:393،مقدّمات ابن رشد 1:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:335،المجموع 5:191، إرشاد السالك:40،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:96.
5- 5) ش و م:إذا.
6- 6) بدائع الصنائع 1:308،شرح فتح القدير 2:77،المغني 2:393،الشرح الكبير بهامش المغني 2:335، الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:96.
7- 7) خا،ح و ق:واجب.
8- 8) ك و غ:فكذا.
9- 9) سنن أبي داود 3:284 الحديث 3508،سنن الترمذيّ 3:581 الحديث 1285،1286، [1]سنن ابن ماجه 2: 754 الحديث 2243،سنن النسائيّ 7:254.و من طريق الخاصّة ينظر:عوالي اللئالي 1:219.
10- 10) التهذيب 1:445 الحديث 1439،الوسائل 2:759 الباب 32 من أبواب التكفين الحديث 2. [2]

احتجّوا بأنّ الزوجيّة انقطعت بينهما،و مع انتفاء السبب ينتفي الوجوب (1).

و الجواب:حكم الزوجيّة باق،و لهذا كان أولى بها من كلّ أحد،و ساغ له النظر إليها،و يرثها لو تركت مالا،و لو انقطعت العصمة لم تثبت هذه الأحكام.

الثالث:لا فرق بين أن يكون لها مال أو لم يكن في وجوب المؤنة على الزوج،

كما لو كانت حيّة ذات مال،فإنّ النفقة تجب على الزوج.

و قال أبو يوسف:إن (2)لم يكن لها مال كانت مئونتها على الزوج،و إن (3)كان لها مال كان في مالها (4).

و قال أحمد:يجب على من يلزمه نفقتها من الأقارب (5).و الكلّ باطل على ما تقدّم.

الرابع:لو لم يوجد للميّت مال استحبّ إعانته بالكفن و لا يجب ذلك،

و لو لم يوجد باذل و كان هناك بيت مال وجب أن يؤخذ منه،و لو لم يوجد دفن عريانا،و كذا لو لم يوجد له ما يشترى (6)به كافور و سدر.

و قد روى الشيخ عن الفضل بن يونس الكاتب قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له:ما ترى في رجل من أصحابنا يموت و لم يترك ما (7)يكفّن به،أشتري له كفنه من الزكاة؟فقال:«أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهّزونه فيكونون هم الذين يجهّزونه» قلت:فإن لم يكن له ولد و لا أحد يقوم بأمره فأجهّزه أنا من الزكاة؟قال:«كان أبي يقول:

إنّ حرمة بدن المؤمن ميّتا كحرمته حيّا،فوار بدنه و عورته،و جهّزه و كفّنه و حنّطه،

ص:250


1- 1بدائع الصنائع 1:308،شرح فتح القدير 2:77،الشرح الكبير بهامش المغني 2:335،فتح العزيز بهامش المجموع 5:134.
2- 2) م،ص و ف:إذا.
3- 3) أكثر النسخ:و إذا.
4- 4) بدائع الصنائع 1:309،شرح فتح القدير 2:77.
5- 5) المغني 2:393،الشرح الكبير بهامش المغني 2:335،الإنصاف 2:510.
6- 6) ح،خا و ق:شري.
7- 7) ح،خا و ق:شيئا.

و احتسب بذلك (1)من الزكاة،و شيّع جنازته»قلت:فإن اتّجر عليه بعض إخوانه بكفن آخر و كان عليه دين أ يكفّن بواحد و يقضى دينه بالآخر؟قال:«لا (2)،ليس هذا ميراثا تركه،إنّما هذا شيء صار إليه بعد وفاته،فليكفّنوه بالذي اتّجر عليه،و يكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم» (3).

الخامس:لو أخذ السيل الميّت أو أكله السبع و بقي الكفن،كان للورثة دون غيرهم،

إلاّ أن يكون قد تبرّع به رجل فإنّه يعود إليه.

و لو غصب ثوب و كفّن (4)به ميّت،جاز لصاحبه نزعه،و يستحبّ له أن يتركه عليه و يأخذ قيمته.

السادس:إنّما يجب على الزوج القدر الواجب من الكفن،

لأنّ الزائد مستحبّ،له تركه.و هل يجب على الإنسان كفن (5)ولده أو والده أو من تجب النفقة عليه غير الزوجة؟ فيه توقّف أقربه عدم الوجوب.

مسألة:و تكفين الصبيّ كالبالغ بلا خلاف.

(6)

و السقط إذا تمَّ له أربعة أشهر فصاعدا كفّن كالرجل،و إن كان لدونها لفّ في خرقة،و قد تقدّم ذلك (7).

مسألة:و الشهيد لا يكفّن و لا يحنّط بل يدفن بثيابه .
اشارة

(8)

و لا نعرف فيه خلافا بين العلماء.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في شهداء أحد:«زمّلوهم

ص:251


1- 1ش،ن و ك:ذلك.
2- 2) لا توجد في أكثر النسخ.
3- 3) التهذيب 1:445 الحديث 1440،الوسائل 2:759 الباب 33 من أبواب التكفين الحديث 1. [1]
4- 4) أكثر النسخ:فكفّن.
5- 5) أكثر النسخ:و هل يجبر الإنسان على كفن،مكان:و هل يجب على الإنسان كفن.
6- 6) ش،ح،ك،خا و ق:و يكفّن.
7- 7) تقدّم في ص 172.
8- 8) ش و ن:في ثيابه.

بكلومهم و دمائهم،فإنّهم يحشرون يوم القيامة و أوداجهم تشخب دما،اللون لون الدّم، و الريح ريح المسك» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن تغلب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل اللّه،أ يغسّل و يكفّن و يحنّط؟قال:«يدفن كما هو بثيابه (2)» (3).

و لأنّه فعل أعظم العبادات ثوابا و هو قتل نفسه في سبيل اللّه،فكان (4)على أبلغ أحواله في الكمال،فاستحبّ دفنه كذلك.

فروع:
الأوّل:دفنه بثيابه و ترك نزع شيء منه واجب.

و به قال أبو حنيفة (5)و مالك (6).

و قال أحمد (7)و الشافعيّ:هو أولى،و للوليّ أن ينزع عنه ثيابه و يكفّنه بغيرها (8).

ص:252


1- 1سنن النسائيّ 4:78 و ج 6:28،مسند أحمد 5:431، [1]سنن البيهقيّ 4:11،كنز العمّال 4:428 الحديث 11250 و ص 429 الحديث 11254،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:28.
2- 2) ح:في ثيابه،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 1:331 الحديث 969،الاستبصار 1:214 الحديث 755،الوسائل 2:700 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 7. [2]
4- 4) ح،خا و ق:و كان.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:50،بدائع الصنائع 1:324،الهداية للمرغينانيّ 1:94،شرح فتح القدير 2:103. مجمع الأنهر 1:188.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:183،الموطّأ 2:463، [3]بلغة السالك 1:204.
7- 7) المغني 2:400،الشرح الكبير بهامش المغني 2:329،الكافي لابن قدامة 1:335،الإنصاف 2: 500. [4]
8- 8) الأمّ 1:267،مغني المحتاج 1:351،المجموع 5:263 و 267.

لنا:ظاهر الأخبار.

احتجّ أحمد (1)بما روي أنّ صفيّة (2)أرسلت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثوبين ليكفّن فيهما حمزة (3).

و الجواب:أنّ حمزة كان قد جرّد،فالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله كفّنه لستر (4)عورته.

الثاني:لو كان الشهيد مجرّدا من الثياب كفّن،

لهذا الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على حمزة و كفّنه،لأنّه كان جرّد» (5).و ذكر التعليل يشعر بالتعدية.

الثالث:كلّ من وجب تغسيله من الشهداء و غيرهم يجب تكفينه

و من لا فلا.

الرابع:ينزع عن الشهيد كلّ ما عليه من الحديد و السلاح

بلا خلاف،لأنّه ليس بكفن (6)و لا ما يشبهه،فكان تركه إضاعة (7).

أمّا ما ليس بسلاح و لا هو ممّا يعتاد لبسه،كالجلود،و الفراء و المحشوّ،

ص:253


1- 1المغني 2:400،الشرح الكبير بهامش المغني 2:329،الكافي لابن قدامة 1:336.
2- 2) صفيّة بنت عبد المطّلب بن هاشم القرشيّة الهاشميّة عمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمّها هالة بنت وهيب بن عبد مناف و هي أمّ الزبير،و لمّا قتل أخوها حمزة وجدت عليه وجدا شديدا و صبرت ببركة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صبرا جميلا،توفّيت سنة عشرين و لها ثلاث و سبعون سنة و دفنت بالبقيع. أسد الغابة 5:492، [1]تنقيح المقال 3:81 [2] من فصل النساء.
3- 3) مسند أحمد 1:165، [3]سنن البيهقيّ 3:401،مجمع الزوائد 6:118.
4- 4) م و ص:بستر،خا،ح و ق:و ستر.
5- 5) التهذيب 1:331 الحديث 969،الاستبصار 1:214 الحديث 755،الوسائل 2:700 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 7. [4]
6- 6) ح،خا و ق:بكفنه.
7- 7) ح:إضاعته.

و الخفّين (1)فقد اختلف (2)فيه،فالذي عليه الشيخ أنّه لا ينزع عنه (3)شيء من ذلك إلاّ الخفّين (4). (5)

و قال المفيد:يدفن بثيابه و ينزع من جملتها السراويل،إلاّ أن يكون أصابه دم، فلا ينزع عنه (6).و كذلك ينزع عنه (7)الفرو،و القلنسوة،فإن أصابهما دم دفنا معه (8).

و قال مالك كقول الشيخ (9).و قال أبو حنيفة (10)،و الشافعيّ (11)،و أحمد كقول (12)المفيد (13)،و الأوّل أولى،لقوله عليه السلام:«ادفنوهم بثيابهم» (14).و هو عامّ في الجميع.

ص:254


1- 1ح:و الخفّ.
2- 2) ح،خا و ق:اختلفوا.
3- 3) ح،خا و ق:منه.
4- 4) ح:الخفّ.
5- 5) النهاية:40، [1]المبسوط 1:181. [2]
6- 6) ن و غ:منه.
7- 7) ن،ك و م:منه.
8- 8) المقنعة:12.
9- 9) كذا نسب إليه،و الموجود في المدوّنة الكبرى 1:183:.يستحبّ أن يترك عليه خفّاه و قلنسوته.و قال مالك:لا ينزع عن الشهيد الفرو.و في الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:204:.دفن بثيابه المباحة أن سترته و إلاّ زيد بخفّ و قلنسوة،و في المغني 2:400:و قال مالك:لا ينزع عنه فرو و لا خفّ.و ينظر أيضا: الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:329،المجموع 5:267.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:50،تحفة الفقهاء 1:258،بدائع الصنائع 1:324،الهداية للمرغينانيّ 1:94، شرح فتح القدير 2:108،مجمع الأنهر 1:188.
11- 11) الأمّ 1:267،حلية العلماء 2:360،المجموع 5:267،فتح العزيز بهامش المجموع 5:158،مغني المحتاج 1: 351.
12- 12) غ،ق،ح،ف و ص:بقول.
13- 13) المغني 2:400،الشرح الكبير بهامش المغني 2:329،زاد المستقنع:22،حلية العلماء 2:360.
14- 14) صحيح البخاريّ 2:115،سنن أبي داود 3:196 الحديث 3138،سنن ابن ماجه 1:485 الحديث 1514، سنن البيهقيّ 4:10،كنز العمّال 4:429 الحديث 11252.

و كذا قول الصادق عليه السلام:«يدفن كما هو بثيابه (1)» (2).

احتجّ المخالف (3)بما روى ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر في قتلى أحد بأن ينزع عنهم الحديد و الجلود،و أن يدفنوا بدمائهم و ثيابهم (4).

و احتجّ المفيد رحمه اللّه بما رواه عمرو بن خالد عن زيد بن عليّ،عن آبائه عليهم السلام،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«ينزع عن الشهيد الفرو،و الخفّ، و القلنسوة،و العمامة،و المنطقة،و السراويل إلاّ أن يكون أصابه دم (5)،فإن أصابه دم ترك، و لا يترك (6)عليه شيء معقود إلاّ حلّ» (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبة،فإنّ الحديد ينزع (8)عنه،و الجلود يجوز أن يكون إشارة إلى الخفّين.

و عن الثاني:بضعف السند.

مسألة:و المحرم يكفّن كالحلال.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،إلاّ أنّه لا يقرّب الكافور و لا شيئا (9)من الطيب،و قد تقدّم ذلك (10).

ص:255


1- 1أكثر النسخ:في ثيابه،كما في المصادر.
2- 2) الفقيه 1:97 الحديث 447،الكافي 3:210 الحديث 1،التهذيب 1:331 الحديث 969،الاستبصار 1: 214 الحديث 755،الوسائل 2:700 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 7.
3- 3) المغني 2:400،الشرح الكبير بهامش المغني 2:329،مغني المحتاج 1:351،شرح فتح القدير 2:108.
4- 4) سنن أبي داود 3:195 الحديث 3134، [1]سنن ابن ماجه 1:485 الحديث 1515،مسند أحمد 1:247، سنن البيهقيّ 4:14،كنز العمّال 4:429 الحديث 11253.
5- 5) ح:بدم.
6- 6) ح و ق:و لا ترك.
7- 7) الفقيه 1:97 الحديث 449،الكافي 3:211 الحديث 4، [2]التهذيب 1:332 الحديث 972،الوسائل 2:701 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 10. [3]
8- 8) ف،غ و ق:نزع.
9- 9) ش و ن:شيء.
10- 10) تقدّم في ص 173.

بقي البحث هاهنا عن تغطية رأسه،فالذي عليه علماؤنا أنّه يغطّى رأسه.و به قالت عائشة،و ابن عمر،و طاوس (1)،و مالك (2)،و الأوزاعيّ (3)،و أبو حنيفة (4).و قال عطاء،و الثوريّ (5)،و الشافعيّ (6)،و أحمد:لا يغطّى رأسه (7).

لنا:الأصل بطلان هذه العبادة بالموت،فلا يلحقه أحكامها،و الطيب أخرجناه لدليل إن صحّ بطل الإلحاق و إلاّ منعنا الحكم في الأصل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام صنع بعبد الرحمن بن الحسن ما يصنع (8)بالميّت،و غطّى وجهه (9).

و في رواية أبي مريم عنه عليه السلام:«و خمّروا وجهه و رأسه» (10).

ص:256


1- 1المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:232،بلغة السالك 1:196،المحلّى 5:149،فتح العزيز بهامش المجموع 5:129،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 3:392.
2- 2) الموطّأ 1:327،بداية المجتهد 1:232،بلغة السالك 1:196،المحلّى 5:149،فتح العزيز بهامش المجموع 5:129،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 3:392.
3- 3) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:327،المجموع 5:210،عمدة القارئ 8:51.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:52،بدائع الصنائع 1:308،عمدة القارئ 8:51،حلية العلماء 2:341،المحلّى 5: 149،المجموع 5:210،فتح العزيز بهامش المجموع 5:129.
5- 5) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:327،المجموع 5:210، [1]عمدة القارئ 8:51.
6- 6) الأمّ 1:269،حلية العلماء 2:341،المهذّب للشيرازيّ 1:131،المجموع 5:208 و 210، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:129، [3]مغني المحتاج 1:339،المحلّى 5:151.
7- 7) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:327،الكافي لابن قدامة 1:342،الإنصاف 2:497، [4]حلية العلماء 2:341،المحلّى 5:151.
8- 8) ح،ق،ك و خا:صنع.
9- 9) التهذيب 1:329 الحديث 963،الوسائل 2:696 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 1. [5]
10- 10) الكافي 4:368 الحديث 3، [6]التهذيب 1:330 الحديث 966،الوسائل 2:697 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 5 و 8. [7]

و في رواية محمّد بن مسلم عنهما عليهما السلام:«يغطّى وجهه» (1).

و كذا في رواية سماعة عنه عليه السلام (2).

احتجّوا (3)بما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في حقّ الأعرابيّ الذي وقص به بعيره:«و لا تخمّروا رأسه،فإنّ اللّه تعالى يبعثه يوم القيامة ملبّيا» (4).

و الجواب:أنّه معارض بما قلناه من الأحاديث.و يحتمل أن يكون ذلك خاصّا به.

فروع:
الأوّل:لا بأس أن يكفّن في المخيط،

خلافا لأحمد (5).

لنا:الأصل،و ما ورد من استحباب التكفين في قميص يصلّي فيه (6)،و احتجاج أحمد بأنّه محرم خطأ قد مرّ بطلانه (7).

الثاني:يجب تغطية رجليه،

و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما تقدّم.و لأنّه لا يمنع من تغطيتهما في حياته و إحرامه الحقيقيّ،فكذا بعد وفاته و إحرامه التقديريّ بل ذلك أبلغ.

ص:257


1- 1التهذيب 1:330 الحديث 965،الوسائل 2:697 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 4.
2- 2) التهذيب 1:329 الحديث 964،الوسائل 2:696 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:327،المجموع 5:207،عمدة القارئ 8:50.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:96،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن أبي داود 3:219 الحديث 3238، [2]سنن الترمذيّ 3:286 الحديث 951، [3]سنن النسائيّ 5:196،سنن الدارميّ 2:50، [4]سنن البيهقيّ 3:390 و ج 5: 53.
5- 5) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:327،الكافي لابن قدامة 1:342،زاد المستقنع:22.
6- 6) الفقيه 1:89 الحديث 413،الكافي 3:148 الحديث 4،التهذيب 1:292 الحديث 852،الوسائل 2:732 الباب 4 من أبواب التكفين.
7- 7) يراجع:ص 250،251.
8- 8) المغني 2:405،الشرح الكبير بهامش المغني 2:328،الكافي لابن قدامة 1:342،الإنصاف 2:497.
الثالث:يغطّى وجهه.

و قال أحمد في إحدى الروايتين:لا يجوز (1).

لنا:ما تقدّم.

الرابع:لو كان الميّت امرأة محرمة ألبست القميص جوازا

بلا خلاف،و خمّرت، و لا تقرّب طيبا،و يغطّى وجهها،خلافا لأحمد (2).

مسألة:فإذا فرغ الغاسل من تكفينه وضعه على سريره ليصلّي عليه

و لا نعلم خلافا في ذلك.و لا بأس بالنعش و هو التابوت،و كرهه الشافعيّ (3).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ فاطمة عليها السلام هي أوّل من صنع لها ذلك بأمرها (4)، و هي لا تأمر إلا بالراجح.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن أوّل من جعل له النعش،قال:«فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (5).و لأنّ ذلك أستر للميّت فكان أولى.

احتجّ الشافعيّ بأنّ سعد بن أبي وقّاص نهى أن يجعل له ذلك (6).

و الجواب:لا حجّة بفعل سعد.

البحث الرابع:في الصلاة عليه
اشارة

و هي فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين،و إن لم يقم به أحد

ص:258


1- 1المغني 2:405،الشرح الكبير بهامش المغني 2:328،الكافي لابن قدامة 1:342،الإنصاف 2:498.
2- 2) المغني 2:405،الشرح الكبير بهامش المغني 2:328،زاد المستقنع:22،الكافي لابن قدامة 1:342، الإنصاف 2:498.
3- 3) الأمّ 1:275.
4- 4) سنن البيهقيّ 3:34،مجمع الزوائد 3:26،المجموع 5:271،المغني 2:408.
5- 5) التهذيب 1:469 الحديث 1539،الوسائل 2:876 الباب 52 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
6- 6) الأمّ 1:275.

استحقّوا بأسرهم العقاب بلا خلاف بين العلماء في ذلك.

و فيها فضل كثير و ثواب جزيل.قال (1)أمير المؤمنين عليه السلام:«من تبع (2)جنازة كتب اللّه له أربعة قراريط:قيراط لاتّباعه إيّاها،و قيراط للصلاة عليها،و قيراط للانتظار حتّى يفرغ من دفنها،و قيراط للتعزية» (3).

و قال الباقر عليه السلام:«من مشى مع (4)جنازة حتّى يصلّي عليها ثمَّ رجع كان له قيراط،فإذا مشى معها (5)حتّى تدفن كان له قيراطان،و القيراط مثل جبل أحد» (6).

و عنه عليه السلام:«من تبع (7)جنازة امرئ مسلم أعطي أربع شفاعات يوم القيامة و لم يقل شيئا إلاّ قال الملك:و لك مثل ذلك» (8).

و قال عليه السلام:«من شيّع جنازة مؤمن حتّى يدفن في قبره و كلّ اللّه به سبعين ملكا من المشيّعين يشيّعونه و يستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف» (9).

ص:259


1- 1ح،خا و ق:و قال.
2- 2) ح،خا و ق:شيّع.
3- 3) الفقيه 1:98 الحديث 454،الكافي 3:173 الحديث 7، [1]التهذيب 1:455 الحديث 1484،الوسائل 2: 822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
4- 4) ح،خا و ق:شائع،مكان:مشى مع.
5- 5) ح،خا و ق:شايعها.
6- 6) الفقيه 1:99 الحديث 455،الكافي 3:173 الحديث 5، [3]التهذيب 1:455 الحديث 1485،الوسائل 2: 822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 3. [4]
7- 7) ح،خا و ق:شيّع.
8- 8) الفقيه 1:99 الحديث 456،الكافي 3:173 الحديث 6، [5]التهذيب 1:455 الحديث 1483،الوسائل 2: 820 الباب 2 من أبواب الدفن الحديث 1. [6]
9- 9) الفقيه 1:99 الحديث 458،الكافي 3:173 الحديث 2، [7]الوسائل 2:822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 2. [8]

و قال عليه السلام:«أوّل ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع (1)جنازته» (2).

و قال عليه السلام:«إذا دخل المؤمن قبره نودي:ألا إنّ أوّل حبائك (3)الجنّة،ألا و أوّل حباء من تبعك (4)المغفرة» (5).

مسألة:و يستحبّ الإسراع بالجنازة .
اشارة

(6)

و هو قول العلماء.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدّمونها إليه،و إن تكن (7)غير ذلك فشرّ تضعونه عن رقابكم» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا مات الميّت أوّل النهار فلا يقيل إلاّ في قبره» (9).

و عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام:«لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس و لا غروبها،عجّلوا بهم إلى مضاجعهم،رحمكم اللّه» (10).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال

ص:260


1- 1ح،خا و ق:شيّع.
2- 2) الفقيه 1:99 الحديث 460،الكافي 3:173 الحديث 3، [1]التهذيب 1:455 الحديث 1482،الوسائل 2: 820 الباب 2 من أبواب الدفن الحديث 4. [2]
3- 3) حبوت الرجل حباء-بالمدّ و الكسر-:أعطيته الشيء بغير عوض.المصباح المنير 1:120. [3]
4- 4) ح:شيّعك.
5- 5) الفقيه 1:99 الحديث 460،الكافي 3:172 الحديث 1، [4]الوسائل 2:820 الباب 2 من أبواب الدفن الحديث 3. [5]
6- 6) ش،ك و ن:في الجنازة.
7- 7) جميع النسخ:كان،و في البخاريّ،يك،و في أبي داود:تك،و في النسائيّ:كانت،و ما أثبتناه من مسلم و البيهقيّ.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:108،صحيح مسلم 2:651 الحديث 944،سنن أبي داود 3:205 الحديث 3181، [6]سنن الترمذيّ 3:335 الحديث 1015، [7]سنن النسائيّ 4:42،سنن البيهقيّ 4:21.
9- 9) التهذيب 1:428 الحديث 1360،الوسائل 2:676 الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث 5. [8]
10- 10) التهذيب 1:427 الحديث 1359،الوسائل 2:674 الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث 1. [9]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ثلاثة ما أدري أيّهم أعظم جرما؟الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء،[أ] (1)و الذي يقول:قفوا،[أ] (2)و الذي يقول:استغفروا له غفر اللّه لكم» (3).و لأنّ الإبطاء مظنّة للفساد (4)فكان مكروها.

فرع:

المراد بالإسراع هنا إسراع لا يخرج عن المشي المعتاد.و به قال الشافعيّ (5).و قال أبو حنيفة:يخبّ و يرمل (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه مرّ عليه بجنازة تمخض مخضا (7)،فقال:«عليكم بالقصد في جنائزكم» (8).

و عن ابن مسعود قال:سألنا نبيّنا (9)صلّى اللّه عليه و آله عن المشي بالجنازة،فقال:

«ما دون الخبب» (10).

ص:261


1- 1أثبتناهما من المصدر.
2- 2) أثبتناهما من المصدر.
3- 3) التهذيب 1:462 الحديث 1507،الوسائل 2:675 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 2 و [1]فيهما: «أو الذي يقول:قفوا،أو الذي يقول:استغفروا.».
4- 4) ك و غ:الفساد.
5- 5) الأمّ 1:272،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:37،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:271،مغني المحتاج 1: 340،السراج الوهّاج:106.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:56،تحفة الفقهاء 1:244،بدائع الصنائع 1:309،الهداية للمرغينانيّ 1:93، شرح فتح القدير 2:96،عمدة القارئ 8:113،مجمع الأنهر 1:186،المغني 2:353،الشرح الكبير بهامش المغني 2:363.
7- 7) تمخض مخضا،أي:تحرّك تحريكا سريعا.النهاية لابن الأثير 4:307. [2]
8- 8) المغني 2:354،الشرح الكبير بهامش المغني 2:363،و ينظر:مسند أحمد 4:406، [3]سنن البيهقيّ 4:22 باختلاف في السند.
9- 9) ح:عن النبيّ.
10- 10) سنن أبي داود 3:206 الحديث 3184،سنن الترمذيّ 3:332 الحديث 1011، [4]مسند أحمد 1:394،415، 419 و 432، [5]سنن البيهقيّ 4:22.

و لأنّ السرع المفرط ربّما (1)يمخضها و يفسدها،و يؤذي الحامل و المتّبع (2).

احتجّ أبو حنيفة (3)بقول أبي بكرة:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نرمل رملا (4).

و الجواب:يجوز أن يكون ذلك لفساد (5)عرض للميّت (6)أو لخوف (7)منه.

إذا ثبت هذا فلا خلاف في الإسراع بقدر الطاقة لو خيف الفساد على الميّت من الإبطاء.

مسألة:و حمل الجنازة مستحبّ،
اشارة

لما فيه من التوسّل إلى الطاعة.و قد فعله جماعة من الصحابة،رواه الجمهور (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر اللّه تعالى له أربعين كبيرة» (9).

و عن الصادق عليه السلام:«من أخذ بقوائم السرير غفر اللّه له خمسا و عشرين كبيرة،فإذا ربّع خرج من الذنوب» (10).

ص:262


1- 1ق و خا:إنّما.
2- 2) ح،ق،ش،ص و خا:و المشيّع.
3- 3) المغني 2:353،الشرح الكبير بهامش المغني 2:363،عمدة القارئ 8:113.
4- 4) سنن أبي داود 3:205 الحديث 3182، [1]سنن النسائيّ 4:43.
5- 5) ح،خا و ق:بفساد.
6- 6) ح،خا و ق:من الميّت.
7- 7) ح،خا و ق:و الخوف،ك:لخوف.
8- 8) مسند الشافعيّ:357،سنن الترمذيّ 3:334 الحديث 1014،سنن البيهقيّ 4:20،نيل الأوطار 4:113، المصنّف لعبد الرزّاق 3:447 الحديث 6267،المغني 2:361،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:362،المجموع 5: 270،فتح العزيز بهامش المجموع 5:140،عمدة القارئ 8:7،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:140.
9- 9) التهذيب 1:454 الحديث 1479،الوسائل 2:827 الباب 7 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
10- 10) الكافي 3:174 الحديث 2، [4]الفقيه 1:99 الحديث 462،الوسائل 2:828 الباب 7 من أبواب الدفن الحديث 4. و [5]في الكافي و [6]الوسائل:« [7]من أخذ بقائمة السرير».

إذا ثبت هذا فالمستحبّ عندنا التربيع في الحمل (1).و به قال النخعيّ،و الحسن البصريّ،و الثوريّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

و قال الشافعيّ:حمل الجنازة بين العمودين أولى من حملها من الجوانب الأربعة (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن مسعود أنّه قال:إذا تبع أحدكم جنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة،ثمَّ ليتطوّع بعد أو ليذر فإنّه من السنّة (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم.

احتجّ المخالف (7)بما روي أنّ عثمان حمل سرير أمّه بين العمودين (8).و حمل سعد بن أبي وقّاص سرير عبد الرحمن بن عوف بين العمودين (9).و حمل أبو هريرة سرير سعد بن أبي وقّاص كذلك (10).

و الجواب:ما نقلناه أولى،لأنّ الظاهر من قول ابن مسعود:أنّه من السنّة،أي

ص:263


1- 1ح:في الجملة.
2- 2) المجموع 5:270.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:56،تحفة الفقهاء 1:244،بدائع الصنائع 1:309،الهداية للمرغينانيّ 1:93، شرح فتح القدير 2:95،مجمع الأنهر 1:185،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:101.
4- 4) المغني 2:361،الشرح الكبير بهامش المغني 2:362،زاد المستقنع:24،الكافي لابن قدامة 1:353، الإنصاف 2:540،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:101.
5- 5) الأمّ 1:269،حلية العلماء 2:362،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:270،فتح العزيز بهامش المجموع 5:142،الميزان الكبرى 1:209،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:101،مغني المحتاج 1:339، السراج الوهّاج:106.
6- 6) ينظر بهذا اللفظ:سنن البيهقيّ 4:19،و بهذا المضمون:سنن ابن ماجه 1:474 الحديث 1478،المصنّف لعبد الرزّاق 3:512 الرقم 6517،المعجم الكبير للطبرانيّ 9:319 الحديث 959.
7- 7) الأمّ 1:269،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:269،مغني المحتاج 1:339،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:140.
8- 8) سنن البيهقيّ 4:20،مسند الشافعيّ:357.
9- 9) الأمّ 1:269،سنن البيهقيّ 4:20.
10- 10) مسند الشافعيّ:357،سنن البيهقيّ 4:20.

من سنّة الرسول (1)صلّى اللّه عليه و آله،و أحاديث أهل البيت عليهم السلام دالّة على ما قلناه،و عملهم أولى من عمل من ذكر (2).

فرع:

التربيع المستحبّ عندنا أن يبدأ الحامل بمقدّم (3)السرير الأيمن،ثمَّ يمرّ معه (4)

و يدور من خلفه إلى الجانب الأيسر فيأخذ رجله اليسرى و يمرّ معه إلى أن يرجع إلى المقدّم كذلك دور الرحى.

و حاصل ما ذكرناه أن يبدأ فيضع قائمة السرير التي تلي اليد اليمنى للميّت فيضعها على كتفه الأيسر (5)،ثمَّ ينتقل فيضع القائمة التي تلي رجله اليمنى على كتفه الأيسر (6)، ثمَّ ينتقل فيضع القائمة التي تلي رجله اليسرى على كتفه الأيمن (7)،ثمَّ ينتقل فيضع القائمة التي تلي يده اليسرى على كتفه الأيمن (8)و هكذا.و به قال إسحاق،و أحمد في إحدى الروايتين،و ابن مسعود،و ابن عمر،و سعيد بن جبير (9).

و قال أبو حنيفة (10)،و الشافعيّ (11)،و أحمد في رواية أخرى:أنّه يضع قائمة السرير اليسرى (12)على كتفه اليمنى (13)من عند رأس الميّت،ثمَّ يضع القائمة اليسرى من عند الرجل

ص:264


1- 1غ:رسول اللّه.
2- 2) ح،خا و ق:ما ذكر.
3- 3) ح،خا و ق:مقدّم.
4- 4) ح،ق و خا:يربّعه.
5- 5) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:اليسرى،اليمنى.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:اليسرى،اليمنى.
7- 7) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:اليسرى،اليمنى.
8- 8) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:اليسرى،اليمنى.
9- 9) المغني و الشرح 2:361.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:56،تحفة الفقهاء 1:244،بدائع الصنائع 1:309،الهداية للمرغينانيّ 1:93، شرح فتح القدير 2:97،مجمع الأنهر 1:185،الجامع الصغير للشيبانيّ:117.
11- 11) حلية العلماء 2:362،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:269، [1]مغني المحتاج 1:340.
12- 12) ح،ق و خا:الأيسر.
13- 13) ش،م،ن و ك:الأيمن.

على الكتف اليمنى،ثمَّ يعود إلى القائمة اليمنى من عند رأس الميّت فيضعها على كتفه اليسرى،ثمَّ ينتقل إلى اليمنى من عند رجليه (1).

لنا:أنّ ما ذكرناه أخفّ،فيكون أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الفضل (2)بن يونس قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن تربيع الجنازة،قال:«إذا كنت في موضع تقيّة فابدأ باليد اليمنى،ثمَّ بالرجل اليمنى، ثمَّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميّت لا تمرّ خلف رجليه البتّة حتّى تستقبل الجنازة فتأخذ يده (3)اليسرى،ثمَّ رجله اليسرى،ثمَّ ارجع من مكانك لا تمرّ خلف الجنازة البتّة حتّى تستقبلها تفعل كما فعلت أوّلا،فإن لم يكن موضع تتّقي فيه فإنّ تربيع الجنازة الذي جرت به السنّة أن تبدأ باليد اليمنى،ثمَّ بالرجل اليمنى،ثمَّ بالرجل اليسرى،ثمَّ باليد اليسرى تدور حولها» (4).

و عن العلاء بن سيابة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن،ثمَّ تمرّ عليه من خلفه إلى الجانب الآخر حتّى ترجع إلى المقدّم كذلك دور الرحى عليه» (5).و ليس هذا الحمل بواجب بالإجماع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن الحسين قال:كتبت إليه أسأله عن سرير الميّت يحمل،إله (6)جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربع؟أو ما خفّ على

ص:265


1- 1المغني و الشرح 2:361،الكافي لابن قدامة 1:353، [1]الإنصاف 2:540.
2- 2) ح:من فضل.
3- 3) ح:بيده،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 1:452 الحديث 1473،الوسائل 2:829 الباب 8 من أبواب الدفن الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 1:453 الحديث 1474،الاستبصار 1:216 الحديث 763،الوسائل 2:830 الباب 8 من أبواب الدفن الحديث 5. [4]في الجميع:«دوران الرحى».
6- 6) ح،خا و ق:له،كما في الوسائل. [5]

الرجل يحمل من أيّ الجوانب شاء؟فكتب:«من أيّها شاء» (1).

مسألة:و تشييع الجنازة مستحبّ
اشارة

(2)

بلا خلاف.روى الجمهور عن البراء قال:أمرنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باتّباع الجنائز (3).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من شهد الجنازة حتّى يصلّي فله قيراط،و من شهد[ها] (4)حتّى تدفن كان له (5)قيراطان»قيل:و ما القيراطان؟قال:«مثل الجبلين العظيمين» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الأصبغ قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«من تبع جنازة كتب (7)له أربع قراريط:قيراط باتّباعه إيّاها» (8)الحديث.

و لأنّه فرض،فكان مأمورا به،كالعين (9).

فروع:
الأوّل:لو دعي إلى جنازة و وليمة،كان المضيّ إلى الجنازة و تشييعها أولى،

(10)

ص:266


1- 1التهذيب 1:453 الحديث 1477،الاستبصار 1:216 الحديث 766،الوسائل 2:829 الباب 8 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
2- 2) غ،ف و ص:الجنائز.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:90 و ج 3:169 و ج 7:31،146 و 150،سنن الترمذيّ 5:117 الحديث 2809، [2]سنن النسائيّ 4:54.
4- 4) أثبتناها من بعض المصادر.
5- 5) ح،خا و ق:فله،مكان:كان له.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:110،صحيح مسلم 2:652 الحديث 945،سنن أبي داود 3:202 الحديث 3168، [3]سنن ابن ماجه 1:491 الحديث 1539،سنن النسائيّ 4:54 و 77.في بعض المصادر بتفاوت.
7- 7) ش و ن بزيادة:اللّه،كما في الوسائل. [4]
8- 8) التهذيب 1:455 الحديث 1484،الوسائل 2:822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]
9- 9) ف و غ:كالغير.
10- 10) ح و ق:دعا.

لأنّها فرض كفاية،فلا يؤمن العقاب بتقدير ترك الجميع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن أبيه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل عن رجل يدعى إلى وليمة و إلى جنازة فأيّهما أفضل و أيّهما يجيب؟قال:«يجيب الجنازة فإنّها تذكّر الآخرة،و ليدع الوليمة فإنّها تذكّر الدنيا» (1).

الثاني:يستحبّ إشعار المؤمنين بموت المؤمن ليتوفّروا على تشييعه،

(2)

فيحصل لهم الثواب،و له الرحمة بكثرة الدعاء.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولاّد و عبد اللّه بن سنان جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته، فيشهدون جنازته و يصلّون عليه و يستغفرون له،فيكتسب (3)لهم الأجر و يكتب (4)للميّت الاستغفار و يكتسب هو الأجر فيهم و فيما اكتسب له من الاستغفار» (5).

الثالث:

روى الشيخ عن عنبسة بن مصعب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من استقبل جنازة أو رآها فقال:(اللّه أكبر،هذا ما وعدنا اللّه و رسوله،و صدق اللّه و رسوله،اللهمّ زدنا إيمانا و تسليما،الحمد للّه الذي تعزّز (6)بالقدرة و قهر العباد بالموت)لم يبق في السماء ملك إلاّ بكى رحمة لصوته» (7).

و روى عن أبان،عن أبي حمزة قال:كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال:«الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم» (8).

ص:267


1- 1التهذيب 1:462 الحديث 1510،الوسائل 2:660 الباب 34 من أبواب الاحتضار الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ك:ليتوقّروا.
3- 3) بعض النسخ:فيكتب،كما في بعض المصادر.
4- 4) بعض النسخ:و يكتسب.
5- 5) التهذيب 2:452 الحديث 1470،الوسائل 2:762 الباب 1 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
6- 6) ح،ق،ص و خا:تعزّزنا.
7- 7) التهذيب 1:452 الحديث 1471،الوسائل 2:830 الباب 9 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
8- 8) التهذيب 1:452 الحديث 1472،الوسائل 2:830 الباب 9 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]
الرابع:

روى عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الجنازة إذا حملت كيف يقول الذي يحملها؟قال:«يقول:بسم اللّه[و باللّه] (1)و صلّى اللّه على محمّد و (2)آل محمّد،اللهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات» (3).

الخامس:يستحبّ للمشيّع التفكّر في الموت و التخشّع،

و ذكر اللّه تعالى،و الاستغفار من الذنوب،و الاتّعاظ (4)بما يصيّر إليه الموت،و لا يضحك،و لا يتحدّث بشيء من أمور الدنيا،و لا يهتمّ بها،لقوله عليه السلام:«فإنّها (5)تذكّر (6)الآخرة» (7).

السادس:أدنى مراتب التشييع أن يتبعها إلى المصلّى فيصلّي عليها ثمَّ ينصرف.

و أوسطه أن يتبع الجنازة إلى القبر ثمَّ يقف حتّى تدفن.و أكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له و يسأل اللّه تعالى له الثبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين.روى الجمهور في حديث البراء:«و من شهد حتّى تدفن كان له قيراطان» (8).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا دفن ميّتا وقف و قال:«استغفروا (9)له و اسألوا اللّه له التثبيت (10)فإنّه الآن يسأل» (11).

ص:268


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أكثر النسخ بزيادة:على.
3- 3) التهذيب 1:454 الحديث 1478،الوسائل 2:831 الباب 9 من أبواب الدفن الحديث 4. [1]
4- 4) م،ص و ن:و الإيقاظ،ف و غ:و الإيعاظ،ش:و للإيقاظ.
5- 5) ح و ق:و إنّها،خا:و إنّما.
6- 6) خا،ح و ق:تذكرة.
7- 7) التهذيب 1:462 الحديث 1510،الوسائل 2:660 الباب 34 من أبواب الاحتضار الحديث 1.و [2]من طريق العامّة في زيارة القبور ينظر:سنن البيهقيّ 4:77،مجمع الزوائد 3:58،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:28، كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير للسيوطيّ 1:140.
8- 8) سنن الترمذيّ 3:358 الحديث 1040، [3]سنن النسائيّ 4:54.
9- 9) غ:استغفر اللّه.
10- 10) غ،ف و ص:التثبّت.
11- 11) سنن أبي داود 3:215 الحديث 3221.و [4]فيه:«استغفروا لأخيكم».

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال:حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش و أنا معه و كان فيها عطاء،فصرخت صارخة،فقال عطاء:لتسكتنّ أو لنرجعنّ،قال:فلم تسكت فرجع عطاء،قال (1):فقلت لأبي جعفر عليه السلام:إنّ عطاء قد رجع،قال:«و لم؟»قلت:صرخت هذه الصارخة،فقال لها:

لتسكتنّ أو لنرجعنّ،فلم تسكت فرجع،فقال:«امض بنا،فلو أنّا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحقّ تركنا له الحقّ لم نقض حقّ مسلم»قال:فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر عليه السلام:ارجع مأجورا رحمك اللّه،فإنّك لا تقدر (2)على المشي،فأبى أن يرجع،قال:فقلت له:قد أذن لك في الرجوع و لي حاجة أريد أن أسألك عنها،فقال (3):

امضه (4)فليس بإذنه جئنا و لا بإذنه نرجع،إنّما هو فضل و أجر طلبناه (5)فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك» (6).

و في حديث الأصبغ (7)عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:«و قيراط بالانتظار حتّى يفرغ من دفنها» (8).

السابع:لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه،

فإن قدر على إنكاره و إزالته فعل و أزاله، و إن لم يقدر على إزالته استحبّ له التشييع و لا يرجع لذلك،خلافا لأحمد (9).

ص:269


1- 1م و ن:فقال.
2- 2) ح:لا تقوى،كما في الوسائل. [1]
3- 3) أكثر النسخ:قال.
4- 4) غ و ح:امض.
5- 5) ق و خا:و أجر للمشّاء.
6- 6) التهذيب 1:454 الحديث 1481،الوسائل 2:818 [2] الباب 40 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1 و ص 823 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 7.
7- 7) غ بزيادة:بن نباتة.
8- 8) التهذيب 1:455 الحديث 1484،الوسائل 2:822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
9- 9) المغني 2:360،الشرح الكبير بهامش المغني 2:373،الإنصاف 2:543.

لنا:عموم الأمر باتّباع الجنائز.

و يؤيّده:رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام و قد علّل ترك الرجوع،فقال عليه السلام:«فلو أنّا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحقّ تركنا له الحقّ لم نقض حقّ مسلم» (1).

مسألة:و يستحبّ المشي مع الجنائز،

و يكره الركوب.و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور عن ثوبان قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جنازة، فرأى ناسا ركبانا،فقال:«ألا تستحيون؟إنّ ملائكة اللّه على أقدامهم و أنتم على ظهور الدوابّ» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«من مشى مع جنازة حتّى يصلّي عليها ثمَّ يرجع،كان له قيراط» (3).و المشي إنّما ينصرف حقيقة في غير الركوب.

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له بعض أصحابه:ألا تركب يا رسول اللّه؟فقال:إنّي لأكره أن أركب و الملائكة يمشون» (4).

و لأنّها طاعة و عبادة و المشي فيها أشقّ،فيكون أكثر ثوابا،لقوله عليه السلام:

ص:270


1- 1التهذيب 1:454 الحديث 1481،الوسائل 2:818 [1] الباب 40 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1 و ص 823 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 7.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:475 الحديث 1480،سنن الترمذيّ 3:333 الحديث 1012، [2]المستدرك للحاكم 1:356، سنن البيهقيّ 4:23،كنز العمّال 15:723 الحديث 42880.
3- 3) التهذيب 1:455 الحديث 1485،الوسائل 2:822 الباب 3 من أبواب الدفن الحديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 1:312 الحديث 906،الوسائل 2:827 الباب 6 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]

«أفضل الأعمال أحمزها» (1).

مسألة:و يكره المشي أمام الجنائز للماشي و الراكب معا،
اشارة

(2)

بل المستحبّ أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال الأوزاعيّ، و أصحاب الرأي،و إسحاق (3).

و قال الثوريّ:الراكب خلفها،و الماشي حيث شاء (4).

و قال أصحاب الظاهر:الراكب خلفها أو بين جنبيها،و الماشي أمامها (5).

و قال الشافعيّ (6)،و ابن أبي ليلى (7)،و مالك:المشي أمامها أفضل للراكب و الراجل (8).و به قال عمر،و عثمان،و أبو هريرة،و القاسم بن محمّد،و ابن الزبير، و أبو قتادة،و شريح،و سالم،و الزهريّ (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ قال:سألت عليّا عليه السلام فقلت:

أخبرني يا أبا الحسن عن المشي مع الجنازة،فقال:«فضل الماشي خلفها على الماشي

ص:271


1- 1لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة الموجودة،نعم الحديث موجود في بعض المصادر اللغويّة،ينظر:النهاية لابن الأثير 1:440، [1]لسان العرب 5:339، [2]مجمع البحرين 4:16 و [3]فيها:عن ابن عبّاس،سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أيّ الأعمال أفضل؟فقال:«أحمزها».
2- 2) ح،خا و ق:الجنازة.
3- 3) المغني 2:356،الشرح الكبير بهامش المغني 2:366،المجموع 5:279،نيل الأوطار 4:116.
4- 4) حلية العلماء 2:363،المجموع 5:279،سبل السلام 2:108،نيل الأوطار 4:117.
5- 5) المحلّى 5:164.
6- 6) حلية العلماء 2:363،المهذّب للشيرازيّ 1:136،المجموع 5:279،مغني المحتاج 1:340، السراج الوهّاج:106،فتح العزيز بهامش المجموع 5:142.
7- 7) المجموع 5:279.
8- 8) الموطّأ 1:225، [4]المدوّنة الكبرى 1:177،بداية المجتهد 1:233،إرشاد السالك:40،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:56.
9- 9) المغني 2:356،الشرح الكبير بهامش المغني 2:366،المجموع 5:279، [5]نيل الأوطار 4:116.

أمامها كفضل المكتوبة على التطوّع»فقلت:أ تقول هذا برأيك أم (1)سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقال:«لا،بل سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و عن ابن مسعود،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجنازة متبوعة و لا تتبع، ليس منها من تقدّمها (3)» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام قال:«سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:اتّبعوا الجنائز (5)و لا تتّبعكم، خالفوا أهل الكتاب» (6).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«مشى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلف جنازة،فقيل له:يا رسول اللّه مالك تمشي خلفها؟فقال:إنّ الملائكة رأيتهم يمشون أمامها و نحن تبع (7)لهم» (8).

و عن سدير،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«من أحبّ أن يمشي ممشى (9)الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير» (10).

ص:272


1- 1أكثر النسخ:أو.
2- 2) كنز العمّال 15:722 الحديث 42879،المصنّف لعبد الرزّاق 3:447 الحديث 6267،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:55،مجمع الزوائد 3:30.
3- 3) ن،ح و خا:يقدّمها.
4- 4) سنن أبي داود 3:206 الحديث 3184، [1]سنن الترمذيّ 3:332 الحديث 1011، [2]سنن ابن ماجه 1:476 الحديث 1484،سنن البيهقيّ 4:25.في الترمذيّ:«ليس منّا من تقدّمها»و في بقيّة المصادر:«ليس معها من تقدّمها».
5- 5) ك الجنازة،كما في المصدر.
6- 6) التهذيب 1:311 الحديث 901،الوسائل 2:825 الباب 4 من أبواب الدفن الحديث 4. [3]
7- 7) ش،خا و ح:نتبع.
8- 8) التهذيب 1:311 الحديث 903،الوسائل 2:824 الباب 4 من أبواب الدفن الحديث 2. [4]
9- 9) خا،غ،ح و ق:مشي،ش:بمشي.
10- 10) التهذيب 1:311 الحديث 904،الوسائل 2:825 الباب 4 من أبواب الدفن الحديث 3. [5]

و لأنّها متبوعة فينبغي أن تقدّم،كالإمام و الراكب.

احتجّ المخالف (1)بما رواه ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مشى أمام الجنازة (2).

و لأنّهم شفعاء له فيتقدّمون (3)عليه.

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بما ذكرناه من الأخبار من طرقهم،فيبقى ما ذكرناه من طرقنا سليما عن المعارض.

و عن الثاني (4):أنّه معارض بقياسنا.

فروع:
الأوّل:لو مشى أمامها لم يكن به بأس.

روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها،و لا بأس بأن يمشي بين يديها» (5).

و روى ابن بابويه في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته عن المشي مع الجنازة،فقال:«بين يديها و عن يمينها و عن شمالها و خلفها» (6).

الثاني:يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن لا يجلس حتّى توضع.

و به قال الحسن بن

ص:273


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:136،مغني المحتاج 1:340،المغني 2:357،المجموع 5:279،نيل الأوطار 4: 116.
2- 2) سنن أبي داود 3:205 الحديث 3179،سنن ابن ماجه 1:475 الحديث 1482،سنن الترمذيّ 3:329 الحديث 1007، [1]الموطّأ 1:225 الحديث 8،سنن النسائيّ 4:56،مسند أحمد 2:140،سنن البيهقيّ 4:23، سنن الدار قطنيّ 2:70.
3- 3) خا و ك:فيقدّمون.
4- 4) ش،ك،ص،م و ن:القياس.
5- 5) التهذيب 1:311 الحديث 902،الوسائل 2:824 الباب 4 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
6- 6) الفقيه 1:100 الحديث 467،الوسائل 2:825 الباب 5 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]

عليّ عليهما السلام،و ابن عمر،و أبو هريرة،و ابن الزبير (1)،و النخعيّ،و الشعبيّ، و الأوزاعيّ (2)،و أهل الظاهر (3)،و أصحاب الرأي (4).

و قال الشافعيّ:لا يكره له الجلوس (5).و به قال مالك (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا تبعتم (7)الجنازة فلا تجلسوا حتّى توضع» (8).و مثله رواه جابر (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ينبغي لمن يشيّع (10)جنازة أن لا يجلس حتّى يوضع (11)في لحده،فإذا وضع في لحده فلا بأس بالجلوس» (12).

ص:274


1- 1ح:و ابن زبير.
2- 2) المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:374.
3- 3) المحلّى 5:154.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:57،تحفة الفقهاء 1:245،بدائع الصنائع 1:310،الهداية للمرغينانيّ 1:93، شرح فتح القدير 2:97،مجمع الأنهر 1:186،عمدة القارئ 8:109.
5- 5) الأمّ 1:272،حلية العلماء 2:363،المهذّب للشيرازيّ 1:136،المجموع 5:280،مغني المحتاج 1:340.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:177،بداية المجتهد 1:234،المجموع 5:280،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:69.
7- 7) بعض النسخ:«إذا اتّبعتم».
8- 8) صحيح البخاريّ 2:107،صحيح مسلم 2:660 الحديث 959،سنن أبي داود 3:203 الحديث 3173، [1]سنن الترمذيّ 3:360 الحديث 1043،سنن النسائيّ 4:44،مسند أحمد 3:37 و 48، [2]سنن البيهقيّ 4:26، كنز العمّال 15:593 الحديث 42341.في كثير منها:«إذا رأيتم الجنازة».
9- 9) صحيح البخاريّ 2:107،صحيح مسلم 2:660 الحديث 960،سنن أبي داود 3:204 الحديث 3174، [3]سنن النسائيّ 4:46،سنن البيهقيّ 4:26.
10- 10) ك:شيّع.
11- 11) ن:توضع.
12- 12) التهذيب 1:462 الحديث 1509 فيه:«شيّع الجنازة».الوسائل 2:871 الباب 45 من أبواب الدفن الحديث 1. و [4]فيه:«شيّع جنازة».

و لأنّ ما ذكرناه (1)مناسب للأمر (2)بالمسارعة إلى الدفن.

احتجّ الشافعيّ (3)بما رواه عليّ عليه السلام قال:«قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمر بالقيام ثمَّ جلس و أمر بالجلوس» (4).و زعم الشافعيّ أنّ هذا ناسخ لما تقدّم.

و الجواب:أنّ إسحاق قال:معناه أنّه قام ثمَّ ترك ذلك بعد (5).و حينئذ لا دلالة فيه، لأنّ المعنى أنّه قد روي أنّه عليه السلام كان يقوم للجنازة إذا رآها ثمَّ يقعد،و إذا احتمل ما ذكره إسحاق لم يبق دليلا على النسخ.و أيضا:فإنّ قوله عليه السلام:«كان يقوم»يشعر بابتداء القيام،و هاهنا إنّما (6)وجدت منه الاستدامة.

الثالث:المستحبّ عندنا أن لا يجلس حتّى يوضع في لحده.

و هو قول أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:حتّى يوضع عن أعناق الرجال (7).

لنا:ما رواه أبو معاوية (8)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله«إذا[تبعتم] (9)الجنازة

ص:275


1- 1خا،ح و ق:ذكره.
2- 2) خا،ح و ق:بالأمر.
3- 3) الأمّ 1:279،المهذّب للشيرازيّ 1:136،المجموع 5:280،المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:374.
4- 4) صحيح مسلم 2:661 الحديث 962،سنن أبي داود 3:204 الحديث 3175،سنن الترمذيّ 3:361 الحديث 1044، [1]سنن ابن ماجه 1:493 الحديث 1544،الموطّأ 1:232 الحديث 33،سنن البيهقيّ 4:27. بتفاوت.
5- 5) المغني 2:361،الشرح الكبير بهامش المغني 2:374.
6- 6) غ،ح،ق،ف و خا:أنّها.
7- 7) المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:375،الكافي لابن قدامة 1:355،الإنصاف 2:542.
8- 8) محمّد بن خازم التميميّ السعديّ أبو معاوية الضرير الكوفيّ،روى عن عاصم الأحول و أبي مالك الأشجعيّ و سهيل بن أبي صالح و غيرهم،و روى عنه إبراهيم و ابن جريج و أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه و جمع كثير. مات سنة 195 ه. تهذيب التهذيب 9:137، [2]العبر 1:248، [3]رجال صحيح مسلم 2:175،الجمع بين رجال الصحيحين 2:437.
9- 9) في النسخ:وضعتم،و ما أثبتناه من المصادر.

فلا تجلسوا حتّى توضع في اللحد» (1).

و من طريق الخاصّة:رواية (2)ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

الرابع:إذا مرّت به جنازة لم يستحبّ له القيام لها إذا لم يرد تشييعها.

و به قال الفقهاء.و ذهب جماعة من الصحابة-كأبي مسعود البدريّ و غيره-إلى وجوب القيام لها (3). (4)و عن أحمد رواية بالاستحباب (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان آخر الأمرين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ترك القيام لها (6).

و في حديث أنّ يهوديّا رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام للجنازة،فقال:يا محمّد هكذا نصنع،فترك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله القيام لها (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال:كنت عند أبي جعفر عليه السلام و عنده رجل من الأنصار فمرّت به جنازة فقام الأنصاريّ و لم يقم أبو جعفر عليه السلام،فقعدت معه،و لم يزل الأنصاريّ قائما حتّى مضوا بها ثمَّ جلس،فقال له أبو جعفر عليه السلام:«ما أقامك؟»قال:رأيت الحسين بن عليّ عليهما السلام يفعل ذلك،فقال أبو جعفر عليه السلام:«و اللّه ما فعله الحسين عليه السلام و لا قام لها أحد منّا أهل البيت قطّ»فقال الأنصاريّ:شكّكتني أصلحك اللّه،قد كنت أظنّ أنّي رأيت (8).

ص:276


1- 1سنن أبي داود 3:204 الحديث 3173، [1]سنن البيهقيّ 4:26.
2- 2) بعض النسخ:ما رواه.
3- 3) لا توجد في:غ،ح،ق،ف و خا.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:108،المجموع 5:280،عمدة القارئ 8:111،المصنّف لعبد الرزّاق 3:459 الرقم 6310،نيل الأوطار 4:121.
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:355،الإنصاف 2:543، [2]نيل الأوطار 4:122.
6- 6) ينظر:سنن الترمذيّ 3:361،362، [3]المغني 2:361.
7- 7) سنن أبي داود 3:204 الحديث 3176، [4]سنن البيهقيّ 4:28.
8- 8) التهذيب 1:456 الحديث 1486،الوسائل 2:839 الباب 17 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]

احتجّ المخالف (1)بما رواه أبو سعيد الخدريّ:يقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رأيتم الجنازة فقوموا» (2).و الأمر للوجوب.

و احتجّ أحمد (3)بقول عليّ عليه السلام (4):«قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ قعد» (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد بذلك الأمر بالقيام للاتّباع.و لأنّه منسوخ، و قد بيّنّاه.

و عن الثاني:بذلك أيضا،على أنّه يحتمل ما نقله الأصحاب.

روى الشيخ عن مثنّى الحنّاط (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان الحسين بن عليّ عليهما السلام جالسا فمرّت عليه جنازة،فقام الناس حين (7)طلعت الجنازة فقال الحسين عليه السلام:مرّت جنازة يهوديّ و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على طريقها [جالسا] (8)فكره أن تعلو رأسه جنازة يهوديّ (9)» (10).

ص:277


1- 1عمدة القارئ 8:109.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:107،صحيح مسلم 2:660 الحديث 959،سنن الترمذيّ 3:360 الحديث 1043، [1]مسند أحمد 3:48 و 51،سنن البيهقيّ 4:26.
3- 3) المغني 2:361،الكافي لابن قدامة 1:355. [2]
4- 4) ح،ص،خا و ق بزيادة:قال.
5- 5) صحيح مسلم 2:661 الحديث 962،سنن أبي داود 3:204 الحديث 3175،سنن الترمذيّ 3:361 الحديث 1044، [3]سنن ابن ماجه 1:493 الحديث 1544،الموطّأ 1:232 الحديث 33،سنن البيهقيّ 4:27.
6- 6) المثنّى بن الوليد الحنّاط مولى كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قاله النجاشيّ.و قال الشيخ في الفهرست: له كتاب.و قال صاحب التنقيح:ظاهرهما كونه إماميّا.رجال النجاشيّ:414،الفهرست:167، [4]تنقيح المقال 2: 53 باب الميم. [5]
7- 7) أكثر النسخ:حتّى.
8- 8) أثبتناها من المصدر.
9- 9) ح بزيادة:فقام لذلك،كما في الكافي و [6]الوسائل. [7]
10- 10) التهذيب 1:456،الحديث 1487،الوسائل 2:839 الباب 17 من أبواب الدفن الحديث 2. [8]
الخامس:يكره أن يتبع الميّت بنار.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تتبع الجنازة بصوت و لا نار» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة» (2).

و عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه أبي جعفر عليه السلام أنّه كان يكره أن تتبع الجنازة بالمجمرة (3).

السادس:قد بيّنّا كراهية تشييع الجنازة راكبا ،

(4)(5)

أمّا العود فلا بأس به راكبا.

و هو قول العلماء.

روى الجمهور عن جابر بن سمرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتبع جنازة ابن الدحاح (6)ماشيا فرجع على فرس (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه

ص:278


1- 1سنن أبي داود 3:203 الحديث 3171، [1]مسند أحمد 2:427، [2]كنز العمّال 15:593 الحديث 42339، سنن البيهقيّ 3:394.
2- 2) التهذيب 1:295 الحديث 864،الاستبصار 1:209 الحديث 736،الوسائل 2:733 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 3. [3]
3- 3) التهذيب 1:295 الحديث 865،الاستبصار 1:210 الحديث 739،الوسائل 2:735 الباب 6 من أبواب التكفين الحديث 14. [4]في الجميع:«يتبع الميّت».
4- 4) ش،خا،ن،ح و ق:تتبّع.
5- 5) تقدّم في ص 264.
6- 6) ثابت بن الدحداح،و قيل:الدحداحة بن نعيم بن غنم بن إياس يكنّى أبا الدحداح و أبا الدحداحة،شهد أحدا و توفّي في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فصلّى عليه. أسد الغابة 1:221 و ج 5:326، [5]الإصابة 1:191. [6]
7- 7) صحيح مسلم 2:664 الحديث 965،سنن أبي داود 3:204 الحديث 3177 و 3178،سنن الترمذيّ 3: 334 الحديث 1014. [7]بتفاوت.

عليه السلام،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام (1)أنّه كره أن يركب الرجل مع الجنازة في بدأته إلاّ من (2)عذر،و قال:«يركب إذا رجع» (3).

السابع:يكره رفع الصوت عند الجنازة،

لأنّه ينافي (4)الاتّعاظ،و قد روى الجمهور نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5)عن ذلك (6).

الثامن:يكره أن يقال خلف الجنازة:استغفروا له.

و به قال سعيد بن المسيّب، و الحسن البصريّ،و إبراهيم النخعيّ،و أحمد،و إسحاق،و الأوزاعيّ (7).

روى الجمهور أنّ ابن عمر سمع قائلا يقول:استغفروا له غفر اللّه لكم،فقال له (8):

لا غفر اللّه لك (9).رواه سعيد.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه،عن آبائه عليهم السلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ثلاثة ما أدري أيّهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء،و الذي يقول:قفوا،و الذي يقول:استغفروا له غفر اللّه لكم» (10).

ص:279


1- 1غ و ح:عليهما السلام،و في المصادر:عليهم السلام.
2- 2) ح،خا و ق:مع.
3- 3) التهذيب 1:464 الحديث 1518،الوسائل 2:827 الباب 6 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
4- 4) ح،خا و ق:منافي.
5- 5) ف،ح و ق:عليه السلام.
6- 6) سنن أبي داود 3:203 الحديث 3171،مسند أحمد 2:427،كنز العمّال 15:593 الحديث 42339، فيض القدير 6:387 الحديث 9729،سنن البيهقيّ 3:394.
7- 7) المغني 2:359،الشرح الكبير بهامش المغني 2:369.
8- 8) غ بزيادة:بن عمر.
9- 9) المغني 2:359،الشرح الكبير بهامش المغني 2:370.
10- 10) التهذيب 1:462 الحديث 1507،الوسائل 2:675 الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث 2.و [2]فيهما: «.أو الذي يقول:قفوا،أو الذي يقول:استغفروا.».

و يكره أن يقول أيضا:سلّم سلّمك اللّه أو سلّم رحمك اللّه-قال (1)أحمد:إنّه بدعة (2)-بل الأولى ما نقلناه عن أهل البيت عليهم السلام (3).

التاسع:مسّ الجنازة بالأيدي و الأكمام ليس بمستحبّ،

لتوقّفه على الدلالة و لم يثبت،بل ربّما كان مكروها،لاشتماله على إفساد الميّت.

العاشر:يكره أن يمشي مع الجنازة بغير رداء،

لحديث السكونيّ،أمّا صاحب المصيبة فإنّه ينبغي له أن يضع رداءه،ليتميّز عن غيره فيقصده الناس للتعزية.

روى الشيخ عن الحسين بن عثمان (4)قال:لمّا مات إسماعيل بن أبي عبد اللّه عليه السلام خرج أبو عبد اللّه عليه السلام بغير حذاء و لا رداء (5).

الحادي عشر:يكره للنساء اتّباع الجنائز ،

(6)

ذكره الجمهور (7)،لأنّهنّ أمرن بترك التبرّج (8)و النداء و الحبس في البيوت.

ص:280


1- 1غ:و قال.
2- 2) المغني 2:359،الشرح الكبير بهامش المغني 2:370.
3- 3) يراجع:ص 263.
4- 4) الحسين بن عثمان بن شريك بن عديّ العامريّ الوحيديّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، ذكره أصحابنا في رجال أبي عبد اللّه عليه السلام،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و ذكره في الفهرست بعنوان الحسين بن عثمان الرواسيّ و قال:له كتاب،و ذكره أيضا المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال السيّد الخوئيّ:لا ينبغي الرّيب في اتّحاد الحسين بن عثمان بن شريك مع الحسين بن عثمان الرواسيّ. رجال النجاشيّ:53،رجال الطوسيّ:169،الفهرست:57، [1]رجال العلاّمة:51، [2]معجم رجال الحديث 6:28. [3]
5- 5) التهذيب 1:463 الحديث 1513،الوسائل 2:654 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 7. [4]
6- 6) ش،م و ن:الجنازة.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:189،المغني 2:360،الشرح الكبير بهامش المغني 2:372،عمدة القارئ 8:64.
8- 8) أكثر النسخ:التبريج.

و روت أمّ عطيّة قالت:نهينا عن اتّباع الجنائز و لم يعزم علينا (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«ليس ينبغي للمرأة الشابّة تخرج إلى الجنازة تصلّي عليها إلاّ أن تكون امرأة قد دخلت في السنّ» (2).

و في رواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا صلاة على جنازة معها امرأة» (3).

قال الشيخ:المراد بذلك نفي الفضيلة (4)،لأنّه يجوز لهنّ أن يخرجن و يصلّين،فإنّه روى يزيد بن خليفة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ زينب (5)بنت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله توفّيت،و أنّ فاطمة عليها السلام خرجت في نسائها فصلّت على أختها (6).

الثاني عشر:قد بيّنّا أنّ اتّباع الميّت بالنار مكروه ،

(7)

أمّا لو كان ليلا فاحتيج إلى ذلك

ص:281


1- 1صحيح البخاريّ 2:99،صحيح مسلم 2:646 الحديث 938،سنن أبي داود 3:202 الحديث 3167، [1]سنن ابن ماجه 1:502 الحديث 1577،سنن البيهقيّ 4:77،المصنّف لعبد الرزّاق 3:454 الرقم 6288.
2- 2) التهذيب 3:333 الحديث 1044 فيه:«أن تخرج»،الاستبصار 1:486 الحديث 1881،الوسائل 2:818. الباب 39 من أبواب الدفن الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 3:333 الحديث 1042،الاستبصار 1:486 الحديث 1882،الوسائل 2:819 الباب 40 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]في الاستبصار:عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام.
4- 4) التهذيب 3:333.
5- 5) زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمّها خديجة بنت خويلد بن أسد،و هي أكبر بناته و أوّل من تزوّج منهنّ،تزوّجها أبو العاص بن الربيع.ولدت و لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثون سنة و توفّيت بالمدينة في السنة الثامنة،و نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قبرها و هو مهموم محزون،فلمّا خرج قال:كنت ذكرت زينب و ضعفها فسألت اللّه أن يخفّف عنها ضيق القبر و غمسه ففعل و هوّن عليها. الإصابة 4:312، [4]أسد الغابة 5:467، [5]تنقيح المقال 3:79 [6] من فصل النساء.
6- 6) التهذيب 3:333 الحديث 1043،الاستبصار 1:485 الحديث 1880،الوسائل 2:817 الباب 39 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [7]
7- 7) يراجع:ص 272.

لم (1)يكن به بأس بلا خلاف،لأنّه في محلّ الضرورة.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل قبرا ليلا فأسرج له فيه سراج (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن الجنازة يخرج معها بالنار،فقال:«إنّ ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخرج بها ليلا و معها مصابيح» (3).

الثالث عشر:يجوز حمل ميّتين على سرير واحد

و إن كان مكروها،و أشدّ منه كراهية حمل رجل و امرأة.

روى الشيخ في الصحيح عن محمّد بن الحسن الصفّار قال:كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام:أ يجوز أن يجعل الميّتين على جنازة واحدة في موضع الحاجة و قلّة الناس؟ و إن كان الميّتان رجلا و امرأة يحملان على سرير واحد و يصلّى عليهما؟فوقّع عليه السلام:

«لا يحمل الرجل مع المرأة (4)على سرير واحد» (5).

قال (6)الشيخ:و لا يجوز حمل ميّتين على سرير واحد،لأنّه بدعة (7).و عندي في التحريم نظر (8).

مسألة:و تجب الصلاة على الميّت البالغ من المسلمين
اشارة

بلا خلاف.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صلّوا على من قال:

ص:282


1- 1ن و ش:فلم.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:372 الحديث 1057، [1]سنن ابن ماجه 1:487 الحديث 1520،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:114 الحديث 11295،سنن البيهقيّ 4:55.
3- 3) الفقيه 1:100 الحديث 466،الوسائل 2:832 الباب 10 من أبواب الدفن الحديث 4. [2]
4- 4) ش،ن،ك و م:و المرأة،مكان:مع المرأة.
5- 5) التهذيب 1:454 الحديث 1480،الوسائل 2:868 الباب 42 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
6- 6) ح:و قال.
7- 7) النهاية:44. [4]
8- 8) جملة:و عندي في التحريم نظر،لا توجد في ح،ق،م،ن و خا.

لا إله إلاّ اللّه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال:«صلّ على من مات من أهل القبلة و حسابه على اللّه (2)» (3).

فروع:
الأوّل:المسلم هاهنا هو كلّ مظهر للشهادتين،

ما لم يعتقد خلاف ما علم بالضرورة ثبوته من الدين،كالقادحين في عليّ عليه السلام أو أحد الأئمّة عليهم السلام،كالخوارج.أو من غلا فيه كالنصيريّة (4)، و السبائيّة (5)،و الخطّابيّة (6)فهؤلاء لا تجب (7)عليهم الصلاة،لأنّهم جحدوا ركنا من الدين،

ص:283


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:56 الحديث 3،4،سنن البيهقيّ 4:19،كنز العمّال 15:580 الحديث 42264، الجامع الصغير للسيوطيّ 2:45،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:342 الحديث 13622،مجمع الزوائد 2:67.
2- 2) غ بزيادة:تعالى.
3- 3) التهذيب 3:328 الحديث 1025،الاستبصار 1:468 الحديث 1809،الوسائل 2:814 الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
4- 4) النصيريّة،و يقال لهم الأنصاريّة و العلويّة،و هم من الغلاة أصحاب محمّد بن نصير النميريّ،يقول:الربّ هو عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السلام،و هو نبيّ من قبله.و قال المامقانيّ:إنّ المعروف عند الشيعة عوامّهم و أكثر خواصّهم لا سيّما شعرائهم إطلاق النصيريّ على من قال بربوبيّة عليّ عليه السلام. رجال الكشيّ:520،مقباس الهداية ملحق تنقيح المقال 3:86، [2]المقالات و الفرق:100،الفرق الإسلاميّة: 503.
5- 5) م و ن:السبابيّة،ح:السائبيّة،و الصواب ما أثبتناه.
6- 6) من فرق الغلاة اتباع أبي الخطّاب محمّد بن مقلاص الأسديّ الكوفيّ يكنّى أبا زينب البزّاز أو البرّاد،إنّهم زعموا أنّ الأئمّة عليهم السلام أنبياء ثمَّ آلهة،و الآلهة نور من النبوّة و نور من الإمامة،و لعن الصادق و الرضا عليهما السلام أبا الخطّاب. رجال الكشّيّ:224،تنقيح المقال 3:189، [3]مقباس الهداية ملحق تنقيح المقال 3:85، [4]المقالات و الفرق:50، 56،81 و 85.
7- 7) بعض النسخ:لا يجب.

و اعتقدوا ما علم بالضرورة بطلانه.و تجب الصلاة على من عداهم.

الثاني:تجب الصلاة على أهل الكبائر،و المرجوم في الزنا،و المقتول في حدّ،

خلافا لمالك،فإنّه قال:لا يصلّى على من قتل في حدّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور من قوله عليه السلام:«صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه».

و ذلك عامّ.

و عن أبي شميلة (2)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج إلى قبا فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما هذا؟»قالوا:

مملوك لآل فلان،قال:«أ كان يشهد أن لا إله إلاّ اللّه؟»قالوا:نعم،و لكنّه كان و كان،فقال:

«أ كان يصلّي؟»فقالوا:قد كان يصلّي و يدع،فقال لهم:«ارجعوا به فغسّلوه و كفّنوه و صلّوا عليه[و ادفنوه] (3)،و الذي نفسي بيده لقد كادت الملائكة تحول بيني و بينه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت له:شارب الخمر،و الزاني،و السارق يصلّى عليهم إذا ماتوا؟فقال:

«نعم» (5).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صلّوا على المرجوم من أمّتي،و على القتّال نفسه من أمّتي،لا تدعوا

ص:284


1- 1المدوّنة الكبرى 1:177،بداية المجتهد 1:239،المغني 2:420،الشرح الكبير بهامش المغني 2:357.
2- 2) أبو شميلة الشنويّ أو الشنئيّ،روى عكرمة عن ابن عبّاس قال:كان أبو شميلة رجلا من شنوءة قد غلب عليه الخمر فأتي به سكران إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبضة من تراب فضرب بها وجهه و قال:اضربوه فضربوه بالثياب و النعال و الأيدي. أسد الغابة 5:227، [1]الإصابة 4:103. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) المغني 2:420،الشرح الكبير بهامش المغني 2:357.
5- 5) التهذيب 3:328 الحديث 1024،الاستبصار 1:468 الحديث 1808،الوسائل 2:814 الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [3]في الاستبصار:عن هشام بن الحكم.

أحدا من أمّتي بلا صلاة» (1).

الثالث:من قتل نفسه يصلّى عليه.

و هو قول علمائنا،خلافا لعمر بن عبد العزيز، و الأوزاعيّ (2).

لنا:أنّه بذلك لا يخرج من كونه مسلما،فيدخل تحت عموم الأمر بالصلاة على المسلمين.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صلّوا على كلّ برّ و فاجر» (3).

و من طريق الخاصّة:حديث السكونيّ.

الرابع:و يصلّي الإمام على من قتل نفسه.

و قال أحمد:لا يصلّي عليه الإمام و يصلّي عليه غيره (4).

لنا:العموم.

احتجّ المخالف (5)بما روى جابر بن سمرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جاؤوه برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلّ عليه (6).

ص:285


1- 1التهذيب 3:328 الحديث 1026،الاستبصار 1:468 الحديث 1810،الوسائل 2:814 الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [1]
2- 2) حلية العلماء 2:361،المغني 2:418،الشرح الكبير بهامش المغني 2:355،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:100،عمدة القارئ 8:191.
3- 3) سنن البيهقيّ 4:19،سنن الدارقطنيّ 2:57 الحديث 10،كنز العمّال 6:54 الحديث 14815،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:45.
4- 4) المغني 2:418،الشرح الكبير بهامش المغني 2:355،الكافي لابن قدامة 1:352،الإنصاف 2:535، زاد المستقنع:24.
5- 5) المغني 2:418،الشرح الكبير بهامش المغني 2:355،الكافي لابن قدامة 1:352.
6- 6) صحيح مسلم 2:672 الحديث 978،سنن ابن ماجه 1:488 الحديث 1526،سنن أبي داود 3:206 الحديث 3185، [2]سنن النسائيّ 4:66،مسند أحمد 5:87، [3]سنن البيهقيّ 4:19.

و الجواب:يحتمل أن يكون ذلك لسبب (1)غير القتل.

الخامس:الغالّ-و هو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه و يختصّ به-

يصلّى عليه

(2)(3)

إذا (4)كان مسلما،الإمام و غيره في ذلك سواء.و قال أحمد:لا يصلّي الإمام عليه و يصلّي عليه غيره (5).

لنا:عموم الأمر بالصلاة على المسلم،و لم يخرج بذلك عن الإسلام.

احتجّ أحمد (6)بما رواه زيد بن خالد الجهنيّ (7)قال:توفّي رجل من جهينة يوم خيبر،فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:«صلّوا على صاحبكم»فتغيّرت وجوه القوم،فلمّا رأى ما بهم قال:«إنّ صاحبكم غلّ من الغنيمة» (8).

و الجواب:ترك الصلاة عليه لا يدلّ على المنع منها،لأنّها فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين (9)،و قد علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ جماعة من المسلمين

ص:286


1- 1ح،ق،ك و خا:بسبب.
2- 2) م و ك:غنيمة.
3- 3) ح،خا و ق:ليأخذ.
4- 4) م:إن.
5- 5) المغني 2:418،الشرح الكبير بهامش المغني 2:355،الكافي لابن قدامة 1:352،الإنصاف 2:535، زاد المستقنع:24.
6- 6) المغني 2:418،الشرح الكبير بهامش المغني 2:355،الكافي لابن قدامة 1:352.
7- 7) زيد بن خالد الجهنيّ يكنّى أبا عبد الرحمن،و قيل:أبو زرعة،و قيل:أبو طلحة،سكن المدينة و شهد الحديبية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان معه لواء جهينة يوم الفتح،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عثمان و أبي طلحة و عائشة،و روى عنه ابناه خالد و أبو حرب و مولاه أبو عمرة و آخرون.مات سنة 78 و قيل 68 ه. أسد الغابة 2:228، [1]الإصابة 1:565، [2]تهذيب التهذيب 3:410، [3]العبر 1:65، [4]رجال صحيح مسلم 1:212، الأعلام للزركليّ 3:58. [5]
8- 8) سنن أبي داود 3:68 الحديث 2710، [6]سنن ابن ماجه 2:950 الحديث 2848،سنن النسائيّ 4:64، الموطّأ 2:458، [7]مسند أحمد 4:114 و ج 5:192، [8]المستدرك للحاكم 2:127،المصنّف لعبد الرزّاق 5:244 الحديث 9501،المعجم الكبير للطبرانيّ 5:230،231 الحديث 5174-5181.
9- 9) ح:الباقي.

يصلّون عليها،فسقط عنه الفرض،فجاز الترك منه (1)عليه السلام لهذا الذنب الذي صدر عنه،لأنّ صلاته عليه السلام سكن له،و لا يلزم من ذلك مساواة غيره عليه السلام له، فكيف يجوز نسخ الأمر بالصلاة على أصحاب الكبائر بمثل هذا المحتمل أو تخصيصه به؟!

السادس:صاحب البدعة إن كفر ببدعته لم تجز الصلاة عليه كالخوارج.

و به قال أحمد (2)و مالك (3)،و إن لم يكفر بها صلّي عليه،خلافا لأحمد (4).

لنا:أنّه مع الكفر لا يدخل تحت المسلمين،فلا يتناوله عموم الأمر بالصلاة عليه، و مع عدم التكفير يكون داخلا.

السابع:لا تجوز الصلاة على أحد من المشركين،

لقوله تعالى وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ (5).

الثامن:أطفال المشركين لا يصلّى عليهم ما لم يسلم أحد أبويه،

و لا اعتبار بالسابي.و قال أحمد:إن سبي منفردا أو مع أحد أبويه صلّي عليه (6).

لنا:أنّهم بحكم آبائهم في الأحكام،فكذا في الصلاة عليهم.

مسألة:و الشهيد يصلّى عليه وجوبا.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الحسن البصريّ،و سعيد بن المسيّب،و الثوريّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد في إحدى الروايات.

ص:287


1- 1غ و ف:منه الترك.
2- 2) المغني 2:419،الشرح الكبير بهامش المغني 2:356،الكافي لابن قدامة 1:352،الإنصاف 2:535.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:182،بداية المجتهد 1:239،بلغة السالك 1:202.
4- 4) المغني 2:419،الشرح الكبير بهامش المغني 2:356،الإنصاف 2:535.
5- 5) التوبة(9):84. [1]
6- 6) المغني 2:419،الشرح الكبير بهامش المغني 2:356.
7- 7) حلية العلماء 2:358،المبسوط للسرخسيّ 2:49،المجموع 5:264،عمدة القارئ 8:152،نيل الأوطار 4:79.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:260،الهداية للمرغينانيّ 1:94،المبسوط للسرخسيّ 2:49،بدائع الصنائع 1:324، شرح فتح القدير 2:103،مجمع الأنهر 1:188،عمدة القارئ 8:154.

و في الأخرى قال:يستحبّ أن يصلّى عليه (1).و في ثالثة:أنّه لا يصلّى عليه (2).

و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و إسحاق (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عقبة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميّت ثمَّ انصرف إلى المنبر (6).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على قتلى أحد،فكان يقدّمهم تسعة تسعة (7)و حمزة عاشرهم (8).

و قوله عليه السلام:«صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه» (9).و ذلك عامّ يتناول صورة النزاع،و الأمر للوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن تغلب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل اللّه أ يغسّل و يكفّن و يحنّط؟قال:«يدفن كما هو في ثيابه،إلاّ أن يكون به رمق ثمَّ مات فإنّه يغسّل و يكفّن و يحنّط و يصلّى عليه،

ص:288


1- 1كثير من النسخ:و في أخرى قال:يصلّى،يستحبّ أن يصلّى عليه.
2- 2) المغني 2:398،الشرح الكبير بهامش المغني 2:330،الكافي لابن قدامة 1:335،الإنصاف 2:500.
3- 3) الموطّأ 2:463، [1]المدوّنة الكبرى 1:183،إرشاد السالك:41،بداية المجتهد 1:240،بلغة السالك 1: 204.
4- 4) الأمّ 1:267،حلية العلماء 2:357،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:260 و 264،فتح العزيز بهامش المجموع 5:151،الميزان الكبرى 1:203،مغني المحتاج 1:349،السراج الوهّاج:110.
5- 5) المغني 2:398،الشرح الكبير بهامش المغني 2:330،المجموع 5:264.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:114،صحيح مسلم 4:1795 الحديث 2296،سنن النسائيّ 4:61،مسند أحمد 4: 153، [2]سنن البيهقيّ 4:14،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:278 الحديث 767.
7- 7) غ و ف:لتسعة تسعة.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:485 الحديث 1513،سنن البيهقيّ 4:12،المستدرك للحاكم 3:197،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:142 الحديث 2935 و 2936.
9- 9) سنن البيهقيّ 4:19،سنن الدار قطنيّ 2:56 الحديث 3،4،كنز العمّال 5:580 الحديث 42264،الجامع الصغير للسيوطيّ:45،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:342 الحديث 13622،مجمع الزوائد 2:67.

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على حمزة و كفّنه،لأنّه كان جرّد» (1).

و في الحسن عن إسماعيل بن جابر و زرارة عن الباقر عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دفن عمّه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها،و زاده النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بردا فقصر عن رجليه فدعا له بإذخرة (2)فطرحه عليه و صلّى عليه سبعين صلاة و كبّر عليه سبعين تكبيرة» (3).

و لأنّه فاقد للحياة طالب (4)للدعاء و الاستغفار،لأنّ الشهادة لا تسقط عنه ذنوبه، فوجبت الصلاة عليه كالميّت.

احتجّ المخالف (5)بما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم،و لم يغسّلهم،و لم يصلّ عليهم (6).

و لأنّه لا يغسّل مع إمكان غسله،فلا يصلّى عليه.

و الجواب عن الأوّل:أنّ أحاديثنا أولى بالعمل،لأنّها مثبتة (7).

و عن الثاني:أنّ المنع من التغسيل،لأنّه يتضمّن بقاء (8)أثر أشرف العبادات،و هو غير موجود في الصلاة.

ص:289


1- 1التهذيب 1:331 الحديث 969،الاستبصار 1:214 الحديث 755،الوسائل 2:700 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 7.و [1]فيهما:«لأنّه كان قد جرّد».
2- 2) ص:بإذخر،كما في المصادر.الإذخر-بكسر الهمزة و الخاء-:نبات معروف ذكيّ الريح.المصباح المنير:207. [2]
3- 3) التهذيب 1:331 الحديث 970،الوسائل 2:700 الباب 14 من أبواب غسل الميّت الحديث 8.و [3]فيه: «ردّاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله برداء.».
4- 4) ش،ن و م:و طالب،ح،ق و خا:مسبّبة.
5- 5) الأمّ 1:268،المدوّنة الكبرى 1:183،بداية المجتهد 1:240،المغني 2:398،الشرح الكبير بهامش المغني 2:330،المجموع 5:260.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:114،سنن الترمذيّ 3:354 الحديث 1036، [4]سنن ابن ماجه 1:485 الحديث 1514، سنن النسائيّ 4:62،سنن البيهقيّ 4:10،سنن الدار قطنيّ 4:117 الحديث 45.
7- 7) ف و غ:مبنيّة.
8- 8) ح:إلقاء.
فروع:
الأوّل:

كلّ من وجب تغسيله من الشهداء،وجبت الصلاة عليه.

الثاني:النفساء يصلّى عليها،

لقوله عليه السلام:«صلّوا على كلّ ميّت» (1).رواه الجمهور.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من العمومات (2).

و قال الحسن البصريّ:لا يصلّى عليها (3).و هو خطأ،لما تقدّم.

الثالث:ولد الزنا يصلّى عليه.

و قال قتادة:لا يصلّى عليه (4).و هو خطأ،لعموم الأمر.

مسألة:و تجب الصلاة على من بلغ ستّ سنين فصاعدا،
اشارة

و لا خلاف في ذلك إلاّ من سعيد بن جبير،فإنّه قال:لا تجب الصلاة عليه حتّى يبلغ (5).

لنا:الإجماع،و لا اعتداد بمخالفته (6).

و ما رواه الجمهور من العمومات الدالّة على الوجوب،و هي تتناول صورة النزاع (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي عبد اللّه

ص:290


1- 1سنن ابن ماجه 1:488 الحديث 1525،سنن الدارقطنيّ 2:57 الحديث 8 و 9،كنز العمّال 15:580 الحديث 42263،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:45،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 1:152.
2- 2) تقدّم في ص 277.
3- 3) حلية العلماء 2:361،المغني 2:403،الشرح الكبير بهامش المغني 2:332،الميزان الكبرى 1:208، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:100.
4- 4) حلية العلماء 2:361،المصنّف لعبد الرزّاق 3:534 الرقم 6613،المجموع 5:267،الميزان الكبرى 1: 208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:100.
5- 5) حلية العلماء 2:356،المجموع 5:257،عمدة القارئ 8:176.
6- 6) ن:لمخالفته.
7- 7) يراجع:ص 284. [1]

عليه السلام أنّه سئل عن الصلاة على الصبيّ متى يصلّى عليه؟قال:«إذا عقل الصلاة» قلت:متى تجب الصلاة عليه؟فقال:«إذا كان ابن ستّ سنين،و الصيام إذا أطاقه» (1).

و لأنّه مسلم تصحّ منه الصلاة و الصوم شرعا فوجبت الصلاة عليه كالبالغ.

فروع:
الأوّل:لا تجب الصلاة على من لم يبلغ ستّ سنين.

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول سعيد بن جبير،خلافا لباقي الجمهور.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يصلّ على ابنه إبراهيم.رواه الجمهور (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام لمّا مات عبد اللّه (3)،ولد أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال:«إنّه لم يكن يصلّى على الأطفال،إنّما كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر بهم فيدفنون و لا يصلّي عليهم، و إنّما صلّيت عليهم من أجل أهل المدينة،كراهية أن يقولوا:لا يصلّون على أطفالهم» (4).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الصبيّ،أ يصلّى عليه إذا مات و هو ابن خمس سنين؟قال:«إذا عقل الصلاة صلّي

ص:291


1- 1التهذيب 3:198 الحديث 456،الاستبصار 1:479 الحديث 1855،الوسائل 2:787 الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) سنن أبي داود 3:207 الحديث 3187،مسند أحمد 6:267. [2]
3- 3) روى الكلينيّ و الشيخ عن زرارة أنّ لأبي عبد اللّه عليه السلام ابنا يقال له:عبد اللّه فطيم،مات في حياة أبي جعفر عليه السلام فصلّى عليه.و أمّا في كتب السّير و التواريخ فلم نعثر على ولد للصادق عليه السلام غير عبد اللّه الأفطح الذي ادّعى الإمامة بعد أبي عبد اللّه عليه السلام. الكافي 3:206 الحديث 3، [3]التهذيب 3:198 الحديث 457،الإرشاد للمفيد 2:202.
4- 4) التهذيب 3:198 الحديث 457،الاستبصار 1:479 الحديث 1856،الوسائل 2:790 الباب 15 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [4]

عليه» (1).

و لأنّها استغفار للميّت و شفاعة،و من لا يؤمر (2)بالصلاة وجوبا و لا ندبا لا يتحقّق في طرفه الاستغفار له و الشفاعة فيه،فيسقط (3)وجوبها،لسقوط المقتضي.

احتجّ المخالف (4)بما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا استهلّ السقط صلّي عليه» (5).

و الجواب:إذا وقع التعارض فلا بدّ من التوفيق،فيحمل ما ذكرناه على نفي الوجوب، و ما ذكروه على الاستحباب.

الثاني:يصلّى على من لم يبلغ ستّ سنين استحبابا أو تقيّة،

لما رواه الجمهور في حديث ابن عبّاس.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يصلّى على المنفوس،و هو المولود الذي لم يستهلّ و لم يصح،و لم يورث من الدية و لا من غيرها،و إذا استهلّ فصلّ عليه و ورّثه» (6).

و عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:[قلت له:] (7)لكم يصلّى

ص:292


1- 1التهذيب 3:199 الحديث 458،الوسائل 2:788 الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [1]
2- 2) ش،م،ن و ح:يؤمن.
3- 3) ش،ن و م:فسقط،ح:و يسقط.
4- 4) المغني 2:393،الشرح الكبير بهامش المغني 2:333،المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:255، الهداية للمرغينانيّ 1:92.
5- 5) ينظر بهذا اللفظ:المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:255.و بهذا المضمون:سنن أبي داود 3:205 الحديث 3180،سنن الترمذيّ 3:350 الحديث 1032،سنن ابن ماجه 1:483 الحديث 1508،مسند أحمد 4: 249،المستدرك للحاكم 1:363،سنن البيهقيّ 4:8،كنز العمّال 11:6 الحديث 30383،30384.في أكثرها: عن جابر.
6- 6) التهذيب 3:199 الحديث 459،الاستبصار 1:480 الحديث 1857،الوسائل 2:788 الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
7- 7) أثبتناها من الوسائل. [3]

على الصبيّ إذا بلغ من السنين و الشهور؟قال:«يصلّى عليه على كلّ حال،إلاّ أن يسقط لغير تمام» (1).

و إنّما قلنا:إنّ هذه الأوامر للاستحباب،للجمع بينها و بين ما تقدّم.

و أمّا جواز الصلاة للتقيّة،فلما تقدّم في حديث زرارة عن الباقر عليه السلام.

الثالث:لو خرج بعضه و استهلّ ثمَّ مات،

استحبّ الصلاة عليه و لو خرج أقلّه.

و قال أبو حنيفة:لا يصلّى عليه حتّى يكون أكثره خارجا (2).

لنا:أنّ المقتضي هو الاستهلال،فلا اعتبار بكثرة و لا قلّة (3).

الرابع:لو وضعته سقطا لدون أربعة أشهر لم يصلّ عليه استحبابا و لا وجوبا،

(4)

بلا خلاف.

مسألة:و يصلّى على الصدر لو وجد منفردا.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و به قال أحمد في إحدى الروايتين (5)،و الشافعيّ (6).

لنا:إجماع الصحابة على ذلك،فقد صلّى أبو أيّوب على رجل،و صلّى عمر على عظام بالشام،و صلّى أبو عبيدة على رؤوس بالشام.رواه الجمهور (7).

ص:293


1- 1التهذيب 3:331 الحديث 1037،الاستبصار 1:481 الحديث 1860،الوسائل 2:789 الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
2- 2) بدائع الصنائع 1:311،شرح فتح القدير 2:92،مجمع الأنهر 1:185.
3- 3) ح:بكثرته و لا قلّته.
4- 4) ك و م:وضعت.
5- 5) المغني 2:405،الشرح الكبير بهامش المغني 2:357،الكافي لابن قدامة 1:351،الإنصاف 2:536.
6- 6) الأمّ 1:268،حلية العلماء 2:355،المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:253،فتح العزيز بهامش المجموع 5:144،مغني المحتاج 1:348،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99، السراج الوهّاج:109.
7- 7) الأمّ 1:268،المغني 2:405،406،الشرح الكبير بهامش المغني 2:358،الكافي لابن قدامة 1:351، 352،المهذّب للشيرازيّ 1:134،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:274.

و إذا ثبت الحكم في هذه الأعضاء ثبت في صورة النزاع،لعدم الفاصل.و لأنّه أولى، لأنّه محلّ العلوم و الإرادات (1)على رأي (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر (3)،عن أخيه أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأكله السبع و الطير فيبقى عظامه بغير لحم،كيف يصنع به؟قال:«يغسّل و يكفّن و يصلّى عليه و يدفن،فإذا كان الميّت نصفين صلّي على النصف الذي فيه القلب» (4).

و عن عبد اللّه بن الحسين (5)،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا وسّط الرجل بنصفين صلّي على النصف الذي فيه القلب» (6).

و لأنّه بعض الميّت فكان (7)له حكمه،لافتقاره إلى الشفاعة و الاستغفار كالجميع.

فروع:
الأوّل:لو وجد الأعظم من النصف و لم يكن فيه الصدر

لم يصلّ عليه عندنا.

و به قال أحمد في إحدى الروايتين.و قال في الأخرى:يصلّى عليه (8).و هو قول

ص:294


1- 1ح:و الآداب.
2- 2) غ:طريق.
3- 3) ح بزيادة:عليه السلام.
4- 4) التهذيب 1:336 الحديث 983 و ج 3:329 الحديث 1028،الوسائل 2:816 الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [1]
5- 5) عبد اللّه بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام الهاشميّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:إنّي لم أقف على تنصيص على توثيقه. رجال الطوسيّ:223،تنقيح المقال 2:178،179. [2]
6- 6) التهذيب 1:337 الحديث 985،الوسائل 2:817 الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 11. [3]
7- 7) خا،ح و ق:و كان.
8- 8) المغني 2:405،الشرح الكبير بهامش المغني 2:357،الكافي لابن قدامة 1:351،الإنصاف 2:536.

الشافعيّ (1)،و أبي حنيفة (2)،و مالك (3).

لنا:أنّ الاعتبار بما فيه الصدر،لأنّه محلّ العلوم و الاعتقادات و الإرادات (4)، فكان له حكم الجميع بخلاف غيره.

احتجّوا بما تقدّم (5).

و الجواب:يجوز أن يكون قد فعلوا (6)ذلك استحبابا.

الثاني:لو وجد لحم بلا عظم دفن

بلا خلاف بيننا،و لا يجب غسله و لا تكفينه و لا الصلاة عليه.

الثالث:لو وجد عضو فيه عظم غسّل و كفّن،و لم يصلّ عليه بل يدفن.

و هو قول علمائنا.

و قال أبو حنيفة (7)،و مالك:إن كان أكثر من النصف (8)صلّي عليه و إلاّ فلا (9).

و قال أحمد في إحدى الروايتين (10)،و الشافعيّ:يصلّى عليه (11).

ص:295


1- 1الأمّ 1:268،حلية العلماء 2:355،المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:253،فتح العزيز بهامش المجموع 5:144،مغني المحتاج 1:348،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99، السراج الوهّاج:109.
2- 2) بدائع الصنائع 1:311،مجمع الأنهر 1:185،تحفة الفقهاء 1:241.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:180،إرشاد السالك:41،بداية المجتهد 1:242،بلغة السالك 1:203.
4- 4) هامش ح:و الآداب.
5- 5) تقدّم في ص 288.
6- 6) ك و ح:فعل.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:241،بدائع الصنائع 1:311،مجمع الأنهر 1:185.
8- 8) خا،ق و ح:النصفين.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:180،إرشاد السالك:41،بداية المجتهد 1:242،بلغة السالك 1:203.
10- 10) المغني 2:405، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:357، [2]الكافي لابن قدامة 1:351،الإنصاف 2:536. [3]
11- 11) الأمّ 1:268،حلية العلماء 2:355،المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:253،فتح العزيز بهامش المجموع 5:144،مغني المحتاج 1:348،السراج الوهّاج:109،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99.

لنا:أنّه بمنزلة اللحم و الجماد،لعدم حلول الشعور فيه،فلا تجب الصلاة عليه.

و لأنّه كان يلزم الصلاة على العضو المقطوع من الحيّ،و ليس ذلك،لأنّه ليس أهلا للاستغفار.

و قد روى الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إذا قتل قتيل فلم يوجد إلاّ لحم بلا عظم لم يصلّ عليه،و إن (1)وجد عظم بلا لحم صلّي عليه» (2).

و عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السلام وجد قطعا من ميّت فجمعها (3)ثمَّ صلّى عليها ثمَّ دفنت» (4).

و عن محمّد بن خالد،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا وجد الرجل قتيلا،فإن وجد له عضو من أعضائه تامّ صلّي على ذلك العضو و دفن،و إن لم يوجد له عضو تامّ لم يصلّ عليه و دفن» (5).و ذلك يتناول الصدر و غيره.

و لو قيل بالصلاة عليه استحبابا لهذه الأخبار كان حسنا،و ليس المراد بذلك الوجوب،لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يصلّى على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفردا،و إذا كان البدن فصلّ عليه و إن كان ناقصا من الرأس و اليد و الرجل» (6).

مسألة:و لا يصلّى على الغائب عن بلد المصلّي.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال

ص:296


1- 1ح:فإن،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 3:329 الحديث 1031،الوسائل 2:816 الباب 38 من أبواب الصلاة الجنازة الحديث 8. [1]
3- 3) ح:فجمعت،كما في التهذيب و الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 1:337 الحديث 986 و ج 3:329 الحديث 1032،الوسائل 2:815 الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 1:337 الحديث 987،الوسائل 2:816 الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 9. [4]
6- 6) التهذيب 1:329 الحديث 1029،الوسائل 2:816 الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [5]

أبو حنيفة (1)،و مالك (2).

و قال الشافعيّ:يجوز ذلك (3)،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:لو جاز ذلك لصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و على أعيان الصحابة في الأمصار،و لو فعل ذلك لنقل.و لأنّ استقبال القبلة بالميّت شرط.و لأنّ الحاضر في البلد لا يجوز له أن يصلّي عليه مع الغيبة عنه،ففي غير البلد أولى.

احتجّ الجمهور (5)بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نعى النجاشيّ (6)صاحب الحبشة اليوم الذي مات فيه،و صلّى بهم في المصلّى و كبّر

ص:297


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:67،بدائع الصنائع 1:312،المغني 2:386،الشرح الكبير بهامش المغني 2:354، شرح فتح القدير 2:80،مجمع الأنهر 1:182.
2- 2) بداية المجتهد 1:242،المغني 2:386،الشرح الكبير بهامش المغني 2:354،بلغة السالك 1:202، إرشاد السالك:41.
3- 3) الأمّ 1:171،المهذّب للشيرازيّ 1:134،حلية العلماء 2:352،المجموع 5:253،فتح العزيز بهامش المجموع 5:191،المغني 2:386،الشرح الكبير بهامش المغني 2:354،مغني المحتاج 1:345،السراج الوهّاج: 108.
4- 4) المغني 2:386،الشرح الكبير بهامش المغني 2:354،الإنصاف 2:533،الكافي لابن قدامة 1:351، زاد المستقنع:23.
5- 5) المغني 2:386،الشرح الكبير بهامش المغني 2:354،الكافي لابن قدامة 1:351،المجموع 5:253، فتح العزيز بهامش المجموع 5:191،بداية المجتهد 1:242.
6- 6) النجاشيّ-بفتح النون و كسرها-لقب لملوك الحبشة،مثل كسرى للفرس و قيصر للروم.و اسمه:أصحمة- بفتح الهمزة و سكون الصاد و فتح الحاء المهملتين-و قيل:أصخمة.و هو ابن أبحر النجاشيّ ملك الحبشة أسلم في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أحسن إلى المسلمين الذين هاجروا إلى أرضه،و أخباره معهم و مع كفّار قريش الذين طلبوا منه أن يسلّم إليهم المسلمين مشهورة،توفّي ببلاده قبل فتح مكّة،و صلّى عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة و كبّر عليه أربعا. أسد الغابة 1:99، [1]الإصابة 1:109، [2]عمدة القارئ 8:19.

أربعا (1).

و الجواب:أنّ الأرض زويت (2)للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فصلّى عليه،لأنّه حاضر عنده،بخلاف غيره.و لأنّه حكاية فعل فلا يقتضي العموم.و لأنّه يمكن أن يكون دعا (3)له،لا أنّه صلّى عليه،و أطلق (4)على الدعاء اسم الصلاة بالنظر إلى الحقيقة الأصليّة، و قد ورد هذا في أخبار أهل البيت عليهم السلام.روى الشيخ عن محمّد بن مسلم [أو] (5)زرارة قال:قلت له:فالنجاشيّ لم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟فقال:

«لا،إنّما دعا له» (6).

مسألة:و لو اختلط قتلى المسلمين بالمشركين،

قال الشيخ:روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال:«ينظر إلى مؤتزرهم (7)فمن كان صغير الذكر دفن».قال:فعلى هذا يصلّى على من هذه صفته.و إن قلنا:إنّه يصلّى على كلّ واحد منهم منفردا بشرط إسلامه،كان احتياطا.قال:و إن قلنا:يصلّى عليهم صلاة واحدة و ينوي بالصلاة الصلاة على المؤمنين، كان قويّا (8).

ص:298


1- 1صحيح البخاريّ 2:92،صحيح مسلم 2:656 الحديث 951،سنن أبي داود 3:212 الحديث 3204، [1]سنن الترمذيّ 3:342 الحديث 1022، [2]سنن ابن ماجه 1:490 الحديث 1534،سنن النسائيّ 4:72،الموطّأ 1: 226 الحديث 14، [3]مسند أحمد 2:281،438 و 439.بتفاوت في البعض.
2- 2) هامش ح:طويت.
3- 3) ح:الدعاء،غ:دعاء.
4- 4) ف و غ:و يطلق.
5- 5) في النسخ:و،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 3:202 الحديث 473،الاستبصار 1:483 الحديث 1873،الوسائل 2:795 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [4]
7- 7) م،ف و غ:موتر لهم،ح:موردهم.
8- 8) المبسوط 1:182، [5]الخلاف 1:291 مسألة-63،و بسنده عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ينظر:التهذيب 6:172 الحديث 336،الوسائل 11:112 الباب 65 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [6]

و قال الشافعيّ بمثل (1)القول الأخير (2)،و هو جيّد،و به قال مالك (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:إن كان المسلمون أكثر،صلّي عليهم،و إن كانوا أقلّ،لم يصلّ (5).

لنا على الأوّل:أنّ العلامة على الدفن علامة على الصلاة،لاشتراكهما في الانتفاء (6)و الثبوت.

و على الثاني:الاحتياط.

و على الثالث:حصول المقصود،و هو الصلاة على المسلمين،و لا اعتبار باختلاطهم، لتوجّه القصد إلى المسلمين (7)خاصّة.و لأنّه اختلط من يصلّى عليه بمن لا يصلّى عليه، فوجبت الصلاة بالقصد إلى المسلمين،كما لو كان المسلمون أكثر.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الاعتبار بالأكثر،فإنّ دار الحرب الظاهر فيها الكفر للكثرة، و دار الإسلام الظاهر فيها الإسلام للكثرة (8).

و الجواب:هذا حكم حصل مع الاشتباه،أمّا مع التيقّن (9)فلا،و نحن نعلم وجود

ص:299


1- 1خا،ح و ق:مثل.
2- 2) الأمّ 1:269،المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:259،فتح العزيز بهامش المجموع 5:150،فتح الوهّاب 1:96،المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:358،مغني المحتاج 1:360،السراج الوهّاج: 113.
3- 3) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:358،المجموع 5:259،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 150،بلغة السالك 1:204.
4- 4) المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:358،الإنصاف 2:358،المجموع 5:259،فتح العزيز بهامش المجموع 5:150.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:54،المغني 2:404،الشرح الكبير بهامش المغني 2:358،بدائع الصنائع 1:303، المجموع 5:259،فتح العزيز بهامش المجموع 5:150.
6- 6) خا،ح و ق:الانعقاد.
7- 7) ش،م و ن:المسلم.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:54،المغني 2:404، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:358، [2]بدائع الصنائع 1:303.
9- 9) ح،ق و خا:اليقين.

المسلم (1)في هذه الجملة فيجب الصلاة عليه،و كما جاز أن يستثنى كافرا واحدا من ألف مسلم بالنيّة،فكذا العكس.و ما ذكروه ينتقض بالأخت لو اشتبهت مع عشرة،فإنّهنّ يحرمن كلّهنّ،و الغالب هنا لم يعتدّ به.

مسألة:و لو صلّى على جنازة،قال الشيخ:يكره له أن يصلّي عليها ثانيا .
اشارة

(2)(3)

و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،و عائشة،و أبو موسى.و ذهب إليه الأوزاعيّ (4)، و أحمد (5)،و الشافعيّ (6)،و مالك (7)،و أبو حنيفة (8).

و قال ابن إدريس:يكره له و لغيره جماعة،و أمّا (9)فرادى فلا بأس (10).

لنا:أنّ الصلاة الأولى سقط بها الفرض.

و ما رواه الجمهور عمّن ذكرنا من الصحابة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على جنازة،فلمّا فرغ جاء قوم فقالوا:فاتتنا الصلاة عليها،فقال صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الجنازة لا يصلّى عليها مرّتين

ص:300


1- 1أكثر النسخ:المسلمين.
2- 2) أكثر النسخ:كره.
3- 3) النهاية:146، [1]المبسوط 1:185، [2]الخلاف 1:295 مسألة-83.
4- 4) عمدة القارئ 8:26.
5- 5) المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:353،الإنصاف 2:531، [3]الكافي لابن قدامة 1:350.
6- 6) الأمّ 1:275،المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:246،فتح العزيز بهامش المجموع 5:192.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:181،المغني 2:385،المجموع 5:249،فتح العزيز بهامش المجموع 5:192، إرشاد السالك:41،بلغة السالك 1:202.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:67،بدائع الصنائع 1:311،عمدة القارئ 8:26،الهداية للمرغينانيّ 1:91، [4]مجمع الأنهر 1:183،المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،المجموع 5:245، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 5:192، [6]شرح فتح القدير 2:38.
9- 9) ص،ش،ح،ق و خا:فأمّا.
10- 10) السرائر:81.

ادعوا له و قولوا خيرا» (1).

و ليس المراد بالنهي هنا (2)التحريم،لما ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على حمزة سبعين تكبيرة،و صلّى عليّ عليه السلام على سهل بن حنيف خمس صلوات و كبّر عليه خمسا و عشرين تكبيرة (3).

روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كبّر أمير المؤمنين عليه السلام على سهل بن حنيف-و كان بدريّا-خمس تكبيرات،ثمَّ مشى ساعة،ثمَّ وضعه و كبّر عليه خمسا (4)أخرى،يصنع ذلك حتّى كبّر خمسا و عشرين تكبيرة» (5).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج على جنازة امرأة من بني النجّار (6)فصلّى عليها فوجد الحفرة لم يمكّنوا فوضعوا الجنازة فلم يجيء قوم إلاّ قال لهم:صلّوا عليها» (7).

فرع:

لو صلّى على جنازة فحضر قوم لم يصلّوا عليها،لم يكره لهم الصلاة عليها

على إشكال.

و قال أبو حنيفة:لا يصلّى عليها مرّة ثانية إلاّ أن يكون الوليّ غائبا فيصلّي غيره

ص:301


1- 1التهذيب 3:324 الحديث 1010،الاستبصار 1:484 الحديث 1878،الوسائل 2:782 الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 23. [1]
2- 2) ح و ق:هاهنا.
3- 3) الفقيه 1:101 الحديث 470،التهذيب 3:197 الحديث 455،الوسائل 2:778 الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [2]
4- 4) ص،ف،ش،ن و غ:خمسة،كما في الاستبصار و الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 3:325 الحديث 1011،الاستبصار 1:484 الحديث 1876،الوسائل 2:777 الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [4]
6- 6) خا،ح و ق:بني نجّار.
7- 7) التهذيب 3:325 الحديث 1012،الاستبصار 1:484 الحديث 1877،و باختلاف في السند ينظر: الوسائل 2:782 الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 22. [5]

فيعيدها الوليّ (1).فإن أراد بذلك الوجوب فهو ممنوع،لسقوط الفرض بالأوّلة،و إن أراد الجواز فمسلّم.

مسألة:و لو دفن الميّت من غير صلاة،
اشارة

صلّي (2)على قبره يوما و ليلة،فإذا مضى ذلك،قال المفيد رحمه اللّه في المقنعة:لا تجوز الصلاة عليه (3).و اختاره الشيخ في المبسوط (4).

و قال في الخلاف:يصلّى عليه يوما و ليلة و أكثره ثلاثة أيّام (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)،و النخعيّ،و الثوريّ:لا يصلّي على القبر إلاّ الوليّ إذا كان غائبا (8).

و قال أحمد (9)،و الشافعيّ (10)،و الأوزاعيّ:يصلّى إلى شهر (11)،و قال بعض الشافعيّة:

ص:302


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:67،بدائع الصنائع 1:311،شرح فتح القدير 2:83،المغني 2:385، الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،الهداية للمرغينانيّ 1:91،مجمع الأنهر 1:183،بداية المجتهد 1:238، المجموع 5:249،فتح العزيز فتح العزيز بهامش المجموع 5:192.
2- 2) خا،ح و ق:يصلّى.
3- 3) المقنعة:38.
4- 4) المبسوط 1:185. [1]
5- 5) الخلاف 1:295 مسألة-83.
6- 6) بدائع الصنائع 1:311،المبسوط للسرخسيّ 2:67،شرح فتح القدير 2:83،مجمع الأنهر 1:183.
7- 7) بداية المجتهد 1:238،المجموع 5:249، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:192، [3]المغني 2:385، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 2:352. [5]
8- 8) المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،المجموع 5:249.
9- 9) المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،زاد المستقنع:23،الكافي لابن قدامة 1:350، الإنصاف 2:531، [6]المجموع 5:250، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 5:195، [8]بداية المجتهد 1:238،عمدة القارئ 8:26.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:247،فتح العزيز بهامش المجموع 5:195،المغني 2:385،بداية المجتهد 1:238،عمدة القارئ 8:26،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99،مغني المحتاج 1:346.
11- 11) المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352.

يصلّى أبدا.و قال بعضهم:ما لم يبل جسده و يذهب.و قال بعضهم:يجوز لمن كان في وقته من أهل الصلاة (1).

لنا على جواز الصلاة عليه:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ذكر له،رجل مات،قال:«فدلّوني على قبره»فأتى قبره فصلّى عليه (2).

و عن ابن عبّاس أنّه مرّ مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على قبر منبوذ فأمّهم و صلّوا خلفه (3).و صلّى على قبر مسكينة دفنت ليلا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل على الميّت بعد ما يدفن» (5).

و عن مالك مولى الجهم (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا (7)فاتتك الصلاة

ص:303


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:134،الميزان الكبرى 1:208،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99، مغني المحتاج 1:346،حلية العلماء 2:352،المجموع 5:247،فتح العزيز بهامش المجموع 5:193-198، المغني 2:391،الشرح الكبير بهامش المغني 2:353،عمدة القارئ 8:26.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:112،صحيح مسلم 2:659 الحديث 956،سنن أبي داود 3:211 الحديث 3203، سنن البيهقيّ 4:47.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:217 و ج 2:112،سنن النسائيّ 4:85،مسند أحمد 1:338، [1]سنن البيهقيّ 4:45.
4- 4) سنن النسائيّ 4:69،الموطّأ 1:227 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:48.
5- 5) التهذيب 1:467 الحديث 1530 و ج 3:200 الحديث 466،الاستبصار 1:482 الحديث 1866،الوسائل 2:794 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
6- 6) مالك مولى الجهم روى الشيخ عنه في التهذيب 3 باب الزيادات الحديث 467،قال المامقانيّ:حاله غير معلوم و روى الشيخ أيضا هذه الرواية بعينها في التهذيب 1 باب تلقين المحتضرين من الزيادات الحديث 1529،و في الاستبصار 1 باب الصلاة على المدفون الحديث 1867،إلاّ أنّ فيه:مولى الحكم بدل مولى الجهم،و استظهر في جامع الرواة اتّحادهما بقرينة اتّحاد الراوي و المروي عنه و الخبر،قال المامقانيّ:و هو متين. جامع الرواة 2:38، [3]تنقيح المقال 2:50 من أبواب الميم. [4]
7- 7) خا،ح و ق:فإذا.

على الميّت حتّى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن» (1).

و عن عمرو بن جميع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا فاتته الصلاة على الميّت صلّى على القبر» (2).

و لأنّه ميّت من أهل الصلاة،فكانت الصلاة عليه مشروعة بعد الدفن كالوليّ.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه لو صلّي على القبر لكان قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّى عليه في جميع الأعصار (3).

و الجواب:إنّما سوّغنا (4)ذلك مدّة يوم و ليلة لمن لا يصلّى عليه.

فروع:
الأوّل:الأقوى عندي أنّ الصلاة بعد الدفن ليست واجبة،

لأنّه بدفنه خرج عن (5)أهل الدنيا،فساوى (6)البالي في قبره.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن جعفر بن عيسى (7)قال:قدم أبو عبد اللّه عليه السلام مكّة

ص:304


1- 1التهذيب 1:467 الحديث 1529 و ج 3:201 الحديث 467،الاستبصار 1:482 الحديث 1867،الوسائل 2:794 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 1:467 الحديث 1531 و ج 3:201 الحديث 468،الاستبصار 1:482 الحديث 1868،الوسائل 2:794 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:67،بدائع الصنائع 1:311،المغني 2:385،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352، الهداية للمرغينانيّ 1:91،شرح فتح القدير 2:83.
4- 4) ف و غ:شرعنا.
5- 5) ك و غ:من.
6- 6) غ:فيساوي،ح،ق و خا:فيتناول.
7- 7) جعفر بن عيسى بن عبيد بن يقطين روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن و أبي الحسن الرضا عليهم السلام،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام،و روى الكشيّ رواية تدلّ على وثاقته و جلالته،ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الكشّيّ:498،رجال الطوسيّ:370،رجال العلاّمة:32. [3]

فسألني عن عبد اللّه بن أعين (1)فقلت:مات،فقال:«مات؟»فقلت:نعم،قال:«فانطلق بنا إلى قبره حتّى نصلّي عليه»قلت:نعم،قال:«لا،و لكن نصلّي عليه هاهنا»فرفع يديه [يدعو] (2)و اجتهد في الدعاء و ترحّم عليه (3).

و في الحسن عن زرارة قال:الصلاة على الميّت بعد ما يدفن (4)إنّما هو الدعاء،قلت:

فالنجاشيّ لم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5)؟فقال:لا،إنّما دعا له (6).

و عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يصلّى على الميّت بعد ما يدفن» (7).

فظهر من هذه الأحاديث عدم الوجوب،و من الأوّلة (8)الرجحان،فيبقى الاستحباب.

ص:305


1- 1عبد اللّه بن أعين من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام يستفاد جلالته ممّا رواه الشيخ في التهذيب 3:202 الحديث 472 و الاستبصار 1:483 الحديث 1872 و فيها أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام ترحّم عليه بعد موته،و روى هذه الرواية بعينها الكشّيّ بسند آخر لكنّ المذكور فيها:عبد الملك بن أعين،و نقل المامقانيّ عن بعض أنّ ذلك هو الصحيح و كون عبد اللّه اشتباها،و قال العلاّمة الخوئيّ:و الظاهر أنّ ما في الكشّيّ هو الصحيح فإنّ الظاهر أنّ عبد اللّه بن أعين لا وجود له و غير مذكور في كتب الرجال و لا في كتب الحديث. رجال الكشّيّ:175،تنقيح المقال 2:168، [1]معجم رجال الحديث 10:118. [2]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 3:202 الحديث 472،الاستبصار 1:483 الحديث 1872،الوسائل 2:795 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [3]
4- 4) خا،ح و ق:دفن.
5- 5) ص،ف و غ:عليه السلام.
6- 6) التهذيب 3:202 الحديث 473،الاستبصار 1:483 الحديث 1873،الوسائل 2:795 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [4]
7- 7) التهذيب 3:201 الحديث 470 و ص 322 الحديث 1004،الاستبصار 1:482 الحديث 1870،الوسائل 2:795 الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [5]باختلاف في اللفظ.
8- 8) أكثر النسخ:الأدلّة.
الثاني:لم نقف على مستند في التقديرات التي ذكرناها عن الأصحاب،

و كلام الجمهور ضعيف.

الثالث في الصلاة على المصلوب

روى الشيخ عن عليّ بن إبراهيم،عن أبي هاشم الجعفريّ قال:سألت الرضا عليه السلام عن المصلوب،فقال:«أما علمت أنّ جدّي عليه السلام صلّى على عمّه؟!»قلت:أعلم ذلك و لكنّي لا أفهمه مبيّنا،فقال:«أبيّنه لك،إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن،و إن كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر،فإنّ بين المشرق و المغرب قبلة،و إن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه[الأيمن] (1)(و إن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر) (2)و كيف كان منحرفا فلا تزايلنّ مناكبه،و ليكن وجهك إلى ما بين المشرق و المغرب،و لا تستقبله و لا تستدبره البتّة».

قال أبو هاشم:و قد فهمت إن شاء اللّه فهمت و اللّه (3).

الرابع:العريان يجب أن يستر عورته ثمَّ يصلّى عليه،

فإن لم يكن ساتر،حفر له و وضع في لحده و وضع اللبن على عورته،فيستر عورته باللبن و الحجر (4)،ثمَّ يصلّى عليه، ثمَّ يدفن،و لا يدفن قبل الصلاة عليه.روى الشيخ ذلك عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5).

مسألة:و الوليّ أحقّ بالصلاة على الميّت من الوالي.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و به قال

ص:306


1- 1في النسخ:الأيسر،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) ما بين القوسين أثبتناه من هامش ح،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 3:327 الحديث 1021،الوسائل 2:812 الباب 35 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
4- 4) ش،غ،ن،ص و ف:بالحجر.
5- 5) التهذيب 3:201 الحديث 470،الاستبصار 1:482 الحديث 1870،الوسائل 2:796 الباب 19 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]

الشافعيّ في الجديد.و قال في القديم:الوالي أولى (1).و به قال مالك (2)،و أبو حنيفة (3)، و أحمد (4)،و إسحاق (5).

لنا:أنّها ولاية يعتبر فيها ترتيب العصبات،فقدّم فيها الوليّ على الوالي كالنكاح.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،عن آبائه عليهم السلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:إذا حضر سلطان من سلطان اللّه جنازة فهو أحقّ بالصلاة عليها إن قدّمه وليّ الميّت و إلاّ فهو غاصب» (6).

احتجّ المخالف (7)بما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يؤمّ الرجل في سلطانه» (8).

و ما رواه أبو حازم قال:شهدت الحسين عليه السلام حين مات الحسن عليه السلام،

ص:307


1- 1الأمّ 1:275،حلية العلماء 2:345،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:217،فتح العزيز بهامش المجموع 5:159،مغني المحتاج 1:346،347،الميزان الكبرى 1:205،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 97.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:188،بداية المجتهد 1:241،المجموع 5:217، [1]حلية العلماء 2:345،فتح العزيز بهامش المجموع 5:159، [2]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،عمدة القارئ 8:124.
3- 3) بدائع الصنائع 1:317،المبسوط للسرخسيّ 2:62،الهداية للمرغينانيّ 1:91،المجموع 5:217، [3]شرح فتح القدير 2:81،حلية العلماء 2:345،عمدة القارئ 8:124.
4- 4) المغني 2:363،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،الكافي لابن قدامة 1:344، [4]الإنصاف 2:473، المجموع 5:217،حلية العلماء 2:345،عمدة القارئ 8:124.
5- 5) المجموع 5:217،عمدة القارئ 8:124.
6- 6) التهذيب 3:206 الحديث 490،الوسائل 2:801 الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [5]
7- 7) المغني 2:363،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:217. [6]
8- 8) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 582،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن النسائيّ 2:76 و 77،مسند أحمد 4:118 و 121 و ج 5:272.

و هو يدفع (1)في قفا سعيد بن العاص و يقول:«تقدّم،فلو لا السنّة لما قدّمتك»و سعيد أمير المدينة (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على غير صلاة الجنائز،لأنّها لا تتبادر إلى الفهم.

و عن الثاني:بما قاله الشافعيّ أنّه عليه السلام أراد بذلك إطفاء الفتنة (3)،و من السنّة إطفاء الفتنة.

فرع:

إمام الأصل أحقّ بالصلاة على الميّت إذا قدّمه الوليّ،

و يجب عليه تقديمه،لقوله تعالى اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (4)،و الإمام (5)ثبت (6)له ما ثبت (7)للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8)من الولاية.

و روى الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا حضر الإمام الجنازة فهو أحقّ الناس بالصلاة عليها،و لا يجوز لغيره أن يتقدّم عليه» (9).

قال الشيخ:فإن لم يفعل الوليّ لم يجز له أن يتقدّم،أمّا لو لم يحضر الإمام العادل، و حضر رجل من بني هاشم معتقد (10)للحقّ،كان أولى من غيره إذا قدّمه الوليّ،

ص:308


1- 1ح،ق و خا:بزيادة بعجز.
2- 2) سنن البيهقيّ 4:29،المصنّف لعبد الرزّاق 3:471 الحديث 6369،مجمع الزوائد 3:31،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:136 الحديث 2912.
3- 3) الميزان الكبرى 1:205،مغني المحتاج 1:347.
4- 4) الأحزاب(33):6. [1]
5- 5) ح و ق:و إلاّ ما.
6- 6) ش،م،ن،ص و ك:يثبت.
7- 7) ن،ق و ش:يثبت.
8- 8) غ،ف و ص:عليه السلام.
9- 9) التهذيب 3:206 الحديث 489،الوسائل 2:801 الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
10- 10) ش،م و ن:معتقدا.

و يستحبّ له تقديمه (1). (2)

مسألة:و أحقّ الناس بالصلاة عليه أولاهم بالميراث.
اشارة

قاله علماؤنا،لقوله تعالى:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ (3).

و لأنّه أولى به في أخذ ماله فيكون أولى به في الصلاة عليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يصلّي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحبّ» (4).

فروع:
الأوّل:إذا اجتمع الأب و الولد كان الأب أولى.

(5)(6)

قاله الشيخ (7)،و به قال أكثر الفقهاء (8).و قال مالك:الابن أولى (9).

لنا:أنّهما استويا في الأدلاء (10)إلى الميّت،فإنّ كلّ واحد منهما يدلي بنفسه (11)،

ص:309


1- 1خا،ح و ق:تقدّمه.
2- 2) المبسوط 1:183، [1]النهاية:143. [2]
3- 3) الأنفال(8):75. [3]
4- 4) التهذيب 3:204 الحديث 483،الوسائل 2:801 الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [4]
5- 5) ق و خا:أجمع،ك و ح:جمع،ص:احتجّ.
6- 6) ح،ق و خا:فإنّ.
7- 7) المبسوط 1:183، [5]الخلاف 1:293 مسألة-71.
8- 8) المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المحلّى 5:143،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:217،فتح العزيز بهامش المجموع 5:158.
9- 9) المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المجموع 5:221،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 160،الميزان الكبرى 1:206،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،حلية العلماء 2:345.
10- 10) أدلى إلى الميّت بالبنوّة و نحوها،وصل بها،المصباح المنير:199. [6]
11- 11) ح و ق:نفسه.

و الأب أحنى (1)على الولد و أشفق،و دعاؤه له أقرب إلى الإجابة،و شفاعته أولى بالقبول فكان أولى بالصلاة.

الثاني:لا خلاف في أنّ الأب أولى من غيره من الأقارب عدا لابن

على ما تقدّم، لأنّ غير الابن يدلي إمّا بالأب أو بالابن،و قد بيّنّا أنّ الأب أولى من الابن،فهو أولى ممّن يتقرّب به و بالأب.

الثالث:قال الشيخ رحمه اللّه:الابن أولى من الجدّ ،

(2)

خلافا للجمهور (3).

لنا:أنّه أولى منه بمنزلة فقد ثبت اختصاصه بهذه المزيّة (4)،فكان أولى من الجدّ، لأنّه معه كالأجنبيّ (5)في الميراث،فكذا في الصلاة.

الرابع:قال رحمه اللّه:ابن الابن أولى من الجدّ

(6)(7)

و خالف فيه الجمهور (8)، و قد تقدّم الدليل.

الخامس:قال رحمه اللّه:الجدّ من قبل الأب أولى من الأخ من قبل الأب و الأمّ .

(9)

ص:310


1- 1أكثر النسخ:أحقّ،و الأنسب ما أثبتناه.حنت المرأة على ولدها.عطفت و أشفقت فلم تتزوّج بعد أبيه. المصباح المنير:155. [1]
2- 2) المبسوط 1:183.
3- 3) المغني 2:364، [2]الشرح الكبرى بهامش المغني 2:309، [3]المجموع 5:221،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 158،حلية العلماء 2:344،المحلّى 5:143. [4]
4- 4) ش،ح،خا و ق:المنزلة،ك:المرتبة.
5- 5) خا،ح و ق:كأجنبيّ.
6- 6) غ بزيادة:الشيخ.
7- 7) المبسوط 1:183. [5]
8- 8) المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المجموع 5:221،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 159،حلية العلماء 2:344.
9- 9) المبسوط 1:183. [6]

و به قال أكثر الفقهاء (1).و قال مالك:الأخ أولى (2).

لنا:أنّ (3)دعاء الجدّ أسرع إجابة من ولده،فكان أولى بالصلاة.

احتجّ مالك بأنّ الأخ يدلي ببنوّة أبيه إليه،و الجدّ يدلي بأبوّة أبيه إليه،و البنوّة عنده أولى من الأبوّة (4).

و الجواب:ما قدّمناه من الأولويّة للأب.

السادس:الأخ من الأب و الأمّ أولى من الأخ لأحدهما.

و به قال الشافعيّ في أحد قوليه،و في الآخر:أنّهما يتساويان (5)(6).

لنا:أنّه أكثر نصيبا في الميراث.و لأنّه يتقرّب بسببين فهو أولى ممّن يتقرّب بأحدهما.

السابع:الأخ من قبل الأب أولى من الأخ من قبل الأمّ،

لأنّه أكثر نصيبا منه في الميراث.و لأنّ الأمّ لا ولاية لها في الصلاة فمن يتقرّب بها (7)أولى.

الثامن:قال رحمه اللّه:الأخ من الأمّ أولى من العمّ،

ثمَّ العمّ أولى من الخال،ثمَّ الخال أولى من ابن العمّ،و ابن العمّ أولى من ابن الخال،و بالجملة:من كان أولى بالميراث كان أولى بالصلاة عليه (8).

ص:311


1- 1الأمّ 1:275،المغني 1:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المجموع 5:218،فتح العزيز بهامش المجموع 5:158-159،مغني المحتاج 1:347.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:188،حلية العلماء 2:344،فتح العزيز بهامش المجموع 5:160،المغني 2:364، الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،المجموع 5:221.
3- 3) ش،م و ن:أنّه.
4- 4) المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309.
5- 5) ح،خا و ق:يساويان.
6- 6) الأمّ 1:275،المهذّب للشيرازيّ 1:132،مغني المحتاج 1:347،المجموع 5:218،فتح العزيز بهامش المجموع 5:159،حلية العلماء 2:344.
7- 7) ح،خا و ق:به.
8- 8) المبسوط 1:183. [1]
التاسع:يلزم على قوله رحمه اللّه أنّ العمّ من الطرفين أولى من العمّ من أحدهما،

(1)

و كذا الخال.و لو اجتمع ابنا عمّ أحدهما أخ لأمّ،كان الأخ من الأمّ-على قوله رحمه اللّه- أولى من الآخر،و هو أحد قولي الشافعيّ (2).

العاشر:لو لم يوجد أحد من الأقارب،كانت الولاية للمعتق،

لقوله عليه السلام:

«الولاء لحمة كلحمة النسب» (3).و لو فقد المعتق فلأولاده،فإن (4)فقدوا فللإمام.

الحادي عشر:الزوج أولى من كلّ أحد من الأقارب.

و قال أبو حنيفة:لا ولاية (5)للزوج (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ أبا بكرة (8)صلّى على امرأته (9)و لم يستأذن إخوتها (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الزوج أحقّ بامرأته حتّى يضعها في قبرها» (11).

ص:312


1- 1ح،خا و ق:يلزمه.
2- 2) المجموع 5:218،فتح العزيز بهامش المجموع 5:160،مغني المحتاج 1:347.
3- 3) سنن الدارميّ 2:398، [1]المستدرك للحاكم 4:341،سنن البيهقيّ 6:240 و ج 10:292-293، مجمع الزوائد 4:231،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:198.و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 3:78 الحديث 281،التهذيب 8:255 الحديث 926،الاستبصار 4:24 الحديث 78،عوالي اللئالي 2:307 الحديث 33 و ج 3:507 الحديث 54، [2]الوسائل 16:55 الباب 42 من أبواب العتق الحديث 2. [3]
4- 4) ص و ح:و إن.
5- 5) خا،ح و ق:و لا ولاية.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:63،بدائع الصنائع 1:317،شرح فتح القدير 2:83،الميزان الكبرى 1:206، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309.
7- 7) المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:309،الكافي لابن قدامة 1:344، [4]الإنصاف 2:475.
8- 8) خا،ك،ش،ح و ق:أبا بكر،كما في الشرح الكبير بهامش المغني.
9- 9) أكثر النسخ:امرأة.
10- 10) المصنّف لعبد الرزّاق 3:473 الرقم 6374،المغني 2:364،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،الكافي لابن قدامة 1:344. [5]
11- 11) التهذيب 1:325 الحديث 949،الوسائل 2:802 الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [6]

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:المرأة تموت،من أحقّ الناس بالصلاة عليها؟قال:«زوجها»قلت:الزوج أحقّ من الأب و الأخ و الولد؟قال:

«نعم،و يغسّلها» (1).و قد روي:أنّ الأخ أحقّ من الزوج.

روى (2)الشيخ عن أبان بن عثمان،عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة على المرأة،الزوج أحقّ بها أو الأخ؟قال:«الأخ» (3).

و عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،في المرأة تموت و معها أخوها و زوجها،أيّهما يصلّي عليها؟فقال:«أخوها أحقّ بالصلاة عليها» (4).

و الرواية الأولى أشهر بين الأصحاب،فالعمل على مضمونها أولى،قال الشيخ:

هذان الخبران محمولان على التقيّة (5).

الثاني عشر:لو تساوى الأولياء كالإخوة و الأولاد و العمومة،

قدّم الأقرأ،فالأفقه، فالأسنّ.قاله الشيخ رحمه اللّه (6).و للشافعيّ قولان:أحدهما:تقدّم الأسنّ (7).و عن أحمد روايتان (8).

ص:313


1- 1التهذيب 3:205 الحديث 484،الاستبصار 1:486 الحديث 1883،الوسائل 2:802 الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
2- 2) ح:و روى.
3- 3) التهذيب 3:205 الحديث 485،الاستبصار 1:486 الحديث 1884،الوسائل 2:802 الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 3:205 الحديث 486،الاستبصار 1:486 الحديث 1885،الوسائل 2:802 الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 3:205،الاستبصار 1:487.
6- 6) المبسوط 1:184،الخلاف 1:293 مسألة-72.
7- 7) الأمّ 1:275،حلية العلماء 2:345،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:218،فتح العزيز بهامش المجموع 5:160،السراج الوهّاج:109،إرشاد الساري 2:425،المغني 2:365،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،مغني المحتاج 1:347.
8- 8) المغني 2:365،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،الكافي لابن قدامة 1:344،الإنصاف 2:476.

لنا:عموم قوله عليه السلام:«يؤمّكم أقرؤكم لكتاب (1)اللّه» (2).و لأنّ العلم أرجح من السنّ،و قد رجّحها الشارع في المكتوبات.

احتجّ المخالف بأنّ المطلوب هنا إجابة الدعاء،و هي حاصلة في الأسنّ (3).

و الجواب:لا نسلّم ذلك،فإنّ العالم الأصغر أفضل من الجاهل الأسنّ،فيكون دعاؤه أولى بالإجابة.و لو تساووا في الصفات أقرع بينهم كما في الفرائض.

الثالث عشر:الحرّ أولى من العبد و إن كان الحرّ بعيدا و العبد أقرب،

لأنّ العبد لا ولاية له في نفسه ففي غيره أولى.و لا نعلم فيه خلافا.

و البالغ أولى من الصبيّ،لذلك (4)،و الرجل أولى من المرأة،كلّ ذلك لا خلاف فيه.

و لو اجتمع صبيّ و مملوك و نساء،فالمملوك أولى،لأنّه يصحّ أن يكون إماما بخلاف الآخرين فهو أولى منهما.

و لو اجتمع النساء و الصبيان،فالنساء أولى،لأنّ الجماعة تصحّ منهنّ.

الرابع عشر:لا يؤمّ الوليّ إلاّ مع استكماله لشرائط الإمامة

(5)

السابقة في باب الجماعة.و هو اتّفاق علمائنا،و لو لم يكن بالشرائط قدّم غيره.

الخامس عشر:لو أوصى الميّت بمن يصلّي عليه،لم يقدّم على الأولياء.

و به قال

ص:314


1- 1ح:بكتاب.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:178،صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980، سنن أبي داود 1:159 الحديث 582،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235،سنن النسائيّ 2:76،سنن البيهقيّ 3: 90،119 و 125.
3- 3) المغني 2:365،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،الإنصاف 2:476،المهذّب للشيرازيّ 1:132، المجموع 5:218.
4- 4) ش،خا،ح و ق:كذلك.
5- 5) م:المولى.

الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أبو حنيفة (3).

و قال أحمد:يقدّم على الوالي (4)و الوليّ (5).

لنا:أنّهما ولاية تترتّب ترتيب العصبات،فالوليّ فيها أولى كالنكاح.و لأنّ تصرّفه انقطع بالموت،و وصيّته لا أثر لها في حياته.

احتجّ المخالف بأنّه حقّ للميّت،فتقدّم وصيّته فيها كتفريق ثلثه (6).

و الجواب:أنّ ولاية التفريق. (7)لا تثبت للعصبات،بخلاف مسألتنا.

مسألة:و لو لم يوجد الرجال و هناك نساء،صلّين عليه،
اشارة

و تؤمّهنّ امرأة تقف بينهنّ، و لا تبرز عنهنّ.و به قال أبو حنيفة (8)،و أحمد (9).

و قال الشافعيّ:يصلّين منفردات و إن جمّعن جاز (10).

ص:315


1- 1حلية العلماء 2:345،المجموع 5:220،فتح العزيز بهامش المجموع 5:160،مغني المحتاج 1:346،السراج الوهّاج:109،إرشاد الساري 2:425،المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:308.
2- 2) المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:308،المجموع 5:220،الميزان الكبرى 1:205، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97.
3- 3) شرح فتح القدير 2:83،المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:308،الميزان الكبرى 1:205، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97.
4- 4) م:الموالي.
5- 5) المغني 2:362،الشرح الكبير بهامش المغني 2:308،الكافي لابن قدامة 1:343،الإنصاف 2:472، المجموع 5:220،فتح العزيز بهامش المجموع 5:220،الميزان الكبرى 1:205،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97.
6- 6) المغني 2:363،الشرح الكبير بهامش المغني 2:308،الكافي لابن قدامة 1:344.
7- 7) ح و ق:التديّن.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:56،بدائع الصنائع 1:157،المجموع 5:215،مجمع الأنهر 1:108.
9- 9) المغني 2:365،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،زاد المستقنع:17،الكافي لابن قدامة 1:250.
10- 10) الأمّ 1:275،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:213 و 215،المغني 2:365،الشرح الكبير بهامش المغني 2:310،مغني المحتاج 1:345.

لنا:أنّهنّ من أهل الجماعة فيصلّين (1)جماعة كالرجال.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت:المرأة تؤمّ النساء؟قال:«لا،إلاّ على الميّت إذا لم يكن أحد أولى منها،تقوم وسطهنّ في الصفّ فتكبّر و يكبّرن» (2).

فرع:

العراة يصلّون على الميّت كالنساء،

يقوم الإمام في وسطهم،لئلاّ تبدو عورته.

مسألة:و هي خمس تكبيرات بينها أربعة أدعية.

و عليه علماؤنا أجمع،و به قال زيد بن أرقم،و حذيفة بن اليمان (3). (4)

و قال الشافعيّ:يكبّر أربعا (5).و به قال الأوزاعيّ،و الثوريّ (6)،و أبو حنيفة (7)،

ص:316


1- 1ش،خا،ح و ق بزيادة:عليه.
2- 2) التهذيب 3:206 الحديث 488،الاستبصار 1:427 الحديث 1648،الوسائل 2:803 الباب 25 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
3- 3) ش،ح،ق و خا:اليمانيّ.
4- 4) المغني 2:387،الشرح الكبير بهامش المغني 2:349،المجموع 5:231،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5: 166،عمدة القارئ 8:23،حلية العلماء 2:347،اختلاف العلماء:65،نيل الأوطار 4:99.
5- 5) الأمّ 1:270،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:38،المهذّب للشيرازيّ 1:133،المجموع 5:230،مغني المحتاج 1: 341،المغني 2:387،الشرح الكبير بهامش المغني 2:350،السراج الوهّاج:107.
6- 6) المغني 2:389،الشرح الكبير بهامش المغني 2:350،المجموع 5:231.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:63،بدائع الصنائع 1:312،الهداية للمرغينانيّ 1:92،شرح فتح القدير 2:86، المغني 2:389،الشرح الكبير بهامش المغني 2:350،تحفة الفقهاء 1:249،عمدة القارئ 8:22.

و مالك (1)،و داود (2)،و أبو ثور (3).

و قال محمّد بن سيرين (4)،و أبو الشعثاء جابر بن زيد:إنّه يكبّر ثلاثا.و رواه الجمهور عن ابن عبّاس (5).

و قال عبد اللّه بن مسعود:يكبّر ما كبّر الإمام أربعا و خمسا و سبعا و تسعا (6).

و عن أحمد روايات:إحداها:يكبّر أربعا،و الأخرى:يتابع الإمام إلى خمس، و أخرى (7):يتابعه إلى سبع (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن زيد بن أرقم،أنّه كبّر على جنازة خمسا،و قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يكبّرها.رواه مسلم (9).

و روى (10)سعيد بن منصور عن زيد بن أرقم،أنّه كبّر خمسا،فسئل عن ذلك،فقال:

ص:317


1- 1المدوّنة الكبرى 1:176،بداية المجتهد 1:234،بلغة السالك 1:197،المغني 2:389،الشرح الكبير بهامش المغني 2:350،المجموع 5:231،عمدة القارئ 8:23،الموطّأ 1:226، [1]مقدّمات ابن رشد:185، إرشاد السالك:40.
2- 2) المجموع 5:231، [2]حلية العلماء 2:346.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المجموع 5:231،المحلّى 5:127،عمدة القارئ 8:23،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98.
5- 5) المغني 2:389،المجموع 5:231،المحلّى 5:127،المصنّف لعبد الرزّاق 3:481 الحديث 6402، عمدة القارئ 8:23،نيل الأوطار 4:98.
6- 6) المغني 2:الشرح الكبير بهامش المغني 2:350،حلية العلماء 2:347،الميزان الكبرى 1:207، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،نيل الأوطار 4:100.
7- 7) ش،م،ن،ك و خا:و الأخرى.
8- 8) المغني 2:387-388،الشرح الكبير بهامش المغني 2:349،المجموع 5:231،الكافي لابن قدامة 1: 349،الإنصاف 2:526-527. [3]
9- 9) صحيح مسلم 2:659 الحديث 957.
10- 10) خا،ح و ق:و رواه.

سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن (2)عيسى مولى لحذيفة (3)أنّه كبّر على جنازة خمسا،فقيل له،فقال:مولاي و وليّ نعمتي صلّى على جنازة و كبّر عليها خمسا.و ذكر حذيفة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك (4).

و عن عليّ عليه السلام،أنّه صلّى على سهل بن حنيف فكبّر (5)عليه خمسا (6).

و روى الأثرم أنّ عليّا عليه السلام كان يكبّر على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غير أهل بدر خمسا (7).و كان أصحاب معاذ يكبّرون على الجنائز خمسا (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«التكبير على الميّت خمس تكبيرات» (9).

و عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«كبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:318


1- 1المغني 2:387،الشرح الكبير بهامش المغني 2:349.
2- 2) هامش ح:و روي عن.
3- 3) خا،ح و ق:الحذيفة.
4- 4) مسند أحمد 5:406، [1]سنن الدار قطنيّ 2:73،مجمع الزوائد 3:34،المغني 2:387،الشرح الكبير بهامش المغني 2:349.
5- 5) ح،خا و ق:و كبّر.
6- 6) صحيح البخاريّ 5:106،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:166،المغني 2:387،الشرح الكبير بهامش المغني 2:349،عمدة القارئ 17:111،الإصابة 2:87،تهذيب التهذيب 4:251،نيل الأوطار 4:101.
7- 7) سنن البيهقيّ 4:37،سنن الدارقطنيّ 2:73 الحديث 7،كنز العمّال 10:399 الحديث 29952،المغني 2: 388.
8- 8) سنن البيهقيّ 4:37،المغني 2:387.
9- 9) التهذيب 3:315 الحديث 976،الاستبصار 1:474 الحديث 1832،الوسائل 2:773 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [2]

خمسا» (1).

و في الحسن عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«التكبير على الميّت خمس تكبيرات» (2).

و عن قدامة بن زائدة (3)قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على ابنه إبراهيم فكبّر (4)عليه خمسا» (5).

و في الصحيح عن أبي ولاّد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير على الميّت،فقال:«خمسا» (6).

و عن أبي بكر الحضرميّ قال:قال (7)أبو جعفر عليه السلام:«يا أبا بكر تدري كم الصلاة على الميت؟»قلت:لا،قال:«خمس تكبيرات،فتدري من أين أخذت الخمس؟»قلت:

لا،قال:«أخذت الخمس تكبيرات من الخمس صلوات،من كلّ صلاة تكبيرة» (8).

و روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن الصادق عليه السلام قال:

ص:319


1- 1التهذيب 3:315 الحديث 977،الاستبصار 1:474 الحديث 1833،الوسائل 2:773 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 3:315 الحديث 978،الاستبصار 1:474 الحديث 1834،الوسائل 2:773 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 10. [2]
3- 3) قدامة بن زائدة،روى عن أبي جعفر عليه السلام،و روى عنه ابن بكير،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام بعنوان قدامة بن زائدة الثقفي،و استظهر العلاّمة الخوئيّ اتّحادهما. رجال الطوسيّ:275،معجم رجال الحديث 14:82،83. [3]
4- 4) ح،خا و ق:و كبّر،كما في الاستبصار.
5- 5) التهذيب 3:316 الحديث 979،الاستبصار 1:474 الحديث 1835،الوسائل 2:773،الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 11. [4]
6- 6) التهذيب 3:316 الحديث 980،الاستبصار 1:474 الحديث 1836،الوسائل 2:773 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 9. [5]
7- 7) أكثر النسخ بزيادة:لي.
8- 8) التهذيب 3:189 الحديث 430،الوسائل 2:772 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [6]

«لمّا مات آدم فبلغ إلى الصلاة عليه،فقال هبة اللّه لجبرئيل عليه السلام:تقدّم يا رسول اللّه (1)فصلّ على نبيّ اللّه،فقال جبرئيل عليه السلام:إنّ اللّه عزّ و جلّ (2)أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدّم أبرار ولده و أنت من أبرّهم،فتقدّم فكبّر عليه خمسا (3)عدّة الصلوات الّتي فرضها اللّه عزّ و جلّ على أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و هي السنّة الجارية في ولده إلى يوم القيامة» (4).

احتجّ الجمهور (5)بما رواه أبيّ بن كعب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إنّ الملائكة صلّت على آدم فكبّرت عليه أربعا و قالت:هذه سنّتكم يا بني آدم» (6).

و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كبّر على عثمان بن مظعون أربعا (7)،و كبّر على النجاشيّ أربعا (8).

و الجواب:أنّها معارضة بما ذكرناه من الأخبار من طرقهم (9)،فيبقى (10)ما رويناه من طرقنا أولى.و لأنّ رواياتنا قد اشتملت على التعليل-من كون كلّ تكبيرة بدلا عن صلاة- فيكون أولى.

و بالجملة:نقل أهل البيت عليهم السلام هو المعتمد عليه و لأنّ رواياتنا

ص:320


1- 1ح و ق بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) غ:تعالى.
3- 3) أكثر النسخ:خمسة.
4- 4) الفقيه 1:100 الحديث 468،الوسائل 2:774،الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 13. [1]
5- 5) المجموع 5:229،المغني 2:389،الشرح الكبير بهامش المغني 2:350.
6- 6) سنن البيهقيّ 4:36،سنن الدار قطنيّ 2:71 الحديث 2،مجمع الزوائد 3:35.
7- 7) مجمع الزوائد 3:35.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:92 و 112،صحيح مسلم 2:656 الحديث 951،سنن أبي داود 3:212 الحديث 3204،سنن الترمذيّ 3:342 الحديث 1022،سنن النسائيّ 4:72،الموطّأ 1:226 الحديث 14.
9- 9) تقدّم في ص 311،312.
10- 10) خا،ح و ق:فبقي.

قد اشتملت على الزيادة فيكون أولى،لجواز سهو الراوي.و يحتمل أن يكون الراوي لم يسمع التكبيرة الخامسة،فإنّه قد روي أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله (1)كان يصلّي على المنافق أربعا (2)،فإذا صلّى خمسا على غيره توهّم الراوي المساواة،لعدم سماعه.

يؤيّد (3)ذلك:ما رواه الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان و هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبّر على قوم خمسا و على آخرين أربعا،فإذا كبّر على رجل أربعا اتّهم،يعني بالنفاق» (4)لأنّه لا يدعو له في الرابعة (5)فتسقط التكبيرة الّتي يتعقّبها الدعاء للميّت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن همام،عن الرضا عليه السلام قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على جنازة فكبّر خمسا،و صلّى على جنازة فكبّر (6)عليه أربعا،فالّتي كبّر عليها خمسا حمد اللّه و مجّده في الأولى،و دعا في الثانية للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و في الثالثة للمؤمنين و المؤمنات، و في الرابعة للميّت،و انصرف في الخامسة،و الّتي كبّر عليها أربعا،كبّر فحمد اللّه و مجّده في التكبيرة الأولى،و دعا في الثانية لنفسه و أهله (7)،و دعا للمؤمنين و المؤمنات في الثالثة،و انصرف في الرابعة و لم (8)يدع له،لأنّه كان

ص:321


1- 1أكثر النسخ:عليه السلام.
2- 2) علل الشرائع:304 الحديث 3، [1]المقنعة:38، [2]الوسائل 2:775 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 18 و 25. [3]
3- 3) ح:و يؤيّد،ش،و ن:و يؤيّده.
4- 4) التهذيب 3:197 الحديث 454،الوسائل 2:772 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [4]
5- 5) أكثر النسخ:بالرابعة.
6- 6) خا،ح و ق:و كبّر.
7- 7) هامش ح:و أهل بيته،كما في المصادر.
8- 8) ح:فلم،كما في التهذيب و الوسائل. [5]

منافقا» (1).

و في رواية (2)عمرو بن شمر (3)عن جابر،عن الباقر عليه السلام أنّه ليس فيه شيء موقّت «كبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد عشر و تسعا و سبعا و خمسا و ستّا و أربعا» (4).

و عمرو ضعيف فلا تعويل على ما ينفرد به.

مسألة:و لا قراءة فيها.
اشارة

و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال مالك (5)،و أبو حنيفة (6)، و الثوريّ (7)،و الأوزاعيّ (8).

ص:322


1- 1التهذيب 3:317 الحديث 983،الاستبصار 1:475 الحديث 1840،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 9. [1]
2- 2) ح:الرواية.
3- 3) عمرو بن شمر بن يزيد أبو عبد اللّه الجعفيّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام،و بعنوان:عمرو بن شمر من أصحاب الباقر عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،ضعّفه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال السيّد الخوئيّ في معجمة:الرجل مجهول الحال، و قد وثّقه المحدّث النوريّ في المستدرك في شرح مشيخة الفقيه. رجال النجاشيّ:287،رجال الطوسيّ:130 و 249،الفهرست:112، [2]رجال العلاّمة:241، [3]مستدرك الوسائل 3:580، [4]معجم رجال الحديث 13:119. [5]
4- 4) التهذيب 3:316 الحديث 981،الاستبصار 1:474 الحديث 1838،الوسائل 2:781 الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 17. [6]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:174،بداية المجتهد 1:235،مقدّمات ابن رشد 1:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:344،المجموع 5:242، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 5:167، [8]الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،عمدة القارئ 8:139،سبل السلام 2:103،نيل الأوطار 4:103.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:64،بدائع الصنائع 1:313،شرح فتح القدير 2:85،المغني 2:366، الشرح الكبير بهامش المغني 2:344،المجموع 5:242، [9]فتح العزيز بهامش المجموع 5:167، [10]بداية المجتهد 1: 235،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،نيل الأوطار 4:103.
7- 7) المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:344،المجموع 5:242، [11]عمدة القارئ 8:139.
8- 8) المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:344.

و قال الشافعيّ:تجب فيها قراءة الفاتحة (1).و به قال أصحاب الظاهر (2).و روي ذلك عن ابن مسعود،و ابن عبّاس،و ابن الزبير،و الحسن البصريّ (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن مسعود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يوقّت لنا فيها قولا و لا قراءة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم و زرارة،قالا:

سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول:«ليس في صلاة الميّت قراءة و لا دعاء موقّت،إلاّ أن تدعو بما بدا لك،و أحقّ الأموات أن يدعى له أن (5)يبدأ بالصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (6).

و عن محمّد بن مهاجر (7)،عن أمّه أمّ سلمة (8)قالت:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ص:323


1- 1الأمّ 1:270،المهذّب للشيرازيّ 1:133،حلية العلماء 2:348،المجموع 5:233،فتح العزيز بهامش المجموع 5:167،مغني المحتاج 1:341،السراج الوهّاج:107،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343.
2- 2) المحلّى 5:129،حلية العلماء 2:348،المجموع 5:242.
3- 3) المجموع 5:242، [1]المحلّى 5:129، [2]سبل السلام 2:103،نيل الأوطار 4:103.
4- 4) المعجم الكبير للطبرانيّ 9:320 الحديث 9604 و ص 321 الحديث 9606،مجمع الزوائد 3:32، سبل السلام 2:104.
5- 5) ح:و أن،كما في الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 3:189 الحديث 429،الاستبصار 1:476 الحديث 1843،الوسائل 2:783 الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [4]
7- 7) محمّد بن مهاجر بن عبيد الأزديّ،كوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ و الشيخ في الفهرست في ترجمة إسماعيل بن أبي خالد:هما ثقتان،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:25،رجال الطوسيّ:302،الفهرست:10، [5]رجال العلاّمة:148. [6]
8- 8) أمّ سلمة أمّ محمّد بن مهاجر،روى محمّد بن مهاجر عن أمّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنها ابن أبي عمير،قال صاحب التنقيح:و في رواية ابن أبي عمير عنها شهادة بوثاقتها. جامع الرواة 2:456، [7]تنقيح المقال 3:73 [8] من فصل النساء.

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى على ميّت كبّر و تشهّد،ثمَّ كبّر و صلّى على الأنبياء و دعا،ثمَّ كبّر و دعا للمؤمنين،ثمَّ كبّر الرابعة و دعا للميّت،ثمَّ كبّر الخامسة و انصرف،فلمّا نهاه اللّه عزّ و جلّ عن الصلاة على المنافقين كبّر و تشهّد،ثمَّ كبّر فصلّى على النبيّين عليهم السلام،ثمَّ كبّر و دعا للمؤمنين،ثمَّ كبّر الرابعة و انصرف و لم يدع للميّت» (1).

و فعله عليه السلام بيان للواجب،فلو كانت القراءة واجبة لما أخلّ عليه السلام بها.

و لأنّها لا ركوع فيها فلا قراءة،كسجود التلاوة.

احتجّ المخالف (2)بما رواه جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كبّر على الميّت أربعا و قرأ بعد التكبيرة الأولى بأمّ القرآن (3).و لقوله عليه السلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (4).و لأنّها صلاة يجب فيها القيام فوجبت فيها القراءة كسائر الصلوات.

و الجواب عن الأوّل:أنّ وقوع ذلك مرّة مع عدم إيقاعه (5)في كلّ الأوقات لا يدلّ على الوجوب،و نحن لم نوظّف فيها شيئا،بل المستحبّ الشهادة،و معناها موجود في الفاتحة، فجاز أن يقرأها عليه السلام و يتركها (6)في بعض الأوقات،ليعلم عدم التوقيت في ذلك.

و عن الثاني:أنّه يطلق على حقيقته (7)الشرعيّة و هي ذات الركوع و السجود،و لهذا لو حلف لا يصلّي فصلّى على الجنازة،لم يحنث عندهم.

ص:324


1- 1التهذيب 3:189 الحديث 431،الوسائل 2:763 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 1:27،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:38،المهذّب للشيرازيّ 1:133،المجموع 3:232،المغني 2:366، الشرح الكبير بهامش المغني 2:344.
3- 3) مسند الشافعيّ:358،سنن البيهقيّ 4:39،سبل السلام 2:103 الحديث 30،المستدرك للحاكم 1:358.
4- 4) سنن الترمذيّ 2:25 الحديث 247- [2]بتفاوت يسير-مسند أحمد 2:428، [3]سبل السلام 2:104 ذيل الحديث 32.
5- 5) ص،خا،ح و ق:الفاتحة.
6- 6) ف،غ،ح و ق:و تركها.
7- 7) ح:الحقيقة،ص،م،خا و ش:حقيقة.

و عن الثالث:بالفرق،لأنّها ليست صلاة كاملة،و لهذا (1)لا يجب فيها ركوع و لا سجود،و كسر العلّة (2)يدلّ على بطلانها.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ في الخلاف:تكره القراءة في صلاة الجنازة .

(3)

و قال الشافعيّ:

تجب،و هي شرط (4).و أبطل قوله بما (5)تقدّم (6).

و قد روى الشيخ عن عليّ بن سويد (7)،عن الرضا عليه السلام،قال:فيما أعلم قال الرضا عليه السلام في الصلاة على الجنائز (8):«تقرأ في الأولى بأمّ الكتاب» (9).

قال الشيخ:و هذه الرواية ضعيفة،لأنّ الراوي و هو عليّ بن سويد قد شكّ،و كما

ص:325


1- 1ن:فلهذا.
2- 2) ف و غ:و كشف العلّة،خا،ح و ق:ذكر العلم.
3- 3) الخلاف 2:294 مسألة-77.
4- 4) الأمّ 1:270 و 283،المهذّب للشيرازيّ 1:133،حلية العلماء 2:348،المجموع 5:233، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:167، [2]مغني المحتاج 1:341،السراج الوهّاج:107،المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343،الميزان الكبير 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98.
5- 5) هامش ح:ما.
6- 6) يراجع:ص 316.
7- 7) عليّ بن سويد السائيّ ينسب إلى قرية قريبة من المدينة يقال لها:السّاية،روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام،قاله النجاشيّ،و عدّه المفيد في الاختصاص من أصحاب موسى بن جعفر عليه السلام،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام و قال:إنّه ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال: ثقة من أصحاب الرضا عليه السلام. الاختصاص:8،رجال النجاشيّ:276،رجال الطوسيّ:380،رجال العلاّمة:92. [3]
8- 8) ك و ح:الجنازة.
9- 9) التهذيب 3:193 الحديث 440،الاستبصار 1:477 الحديث 1844،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 8. [4]في التهذيب و الوسائل: [5]فيما نعلم،و في الاستبصار:فيما يعلم.

يجوز أن يكون الشكّ في المنقول عنه (1)يجوز أن يكون في المتن،قال:و قد روى هذا الراوي أيضا عن أبي الحسن الأوّل يعني الكاظم عليه السلام ذلك بعينه،و هذا يدلّ على اضطرابه فلا يعمل عليه (2).

و رواية عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان إذا صلّى على ميّت يقرأ بفاتحة الكتاب» (3)لا تعويل عليها،لشذوذها و انفرادها،قال الشيخ:هي محمولة على التقيّة (4).

الثاني:لا يستحبّ فيها الاستفتاح.

و هو قول أكثر أهل العلم (5).

و قال الثوريّ:يستحبّ (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّ الاستفتاح منوط بالقراءة،و قد بيّنّا سقوطها (8).و لأنّها مبنيّة على التخفيف و قد أمر بالإسراع،و ذلك ينافي التطويل.و لأنّه لم ينقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا عن أحد من أصحابه (9)ذلك.

احتجّ الثوريّ بأنّه ذكر مستحبّ في غير صلاة الجنازة فاستحبّ فيها.

و الجواب:الفرق،لأنّ المطلوب هنا التخفيف.

ص:326


1- 1أكثر النسخ:منه.
2- 2) التهذيب 3:193.
3- 3) التهذيب 3:319 الحديث 988،الاستبصار 1:477 الحديث 1845،الوسائل 2:783 الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 3:319،الاستبصار 1:477.
5- 5) حلية العلماء 2:350،المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343،المجموع 5:234، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:176-177. [3]
6- 6) المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343.
7- 7) المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343،الكافي لابن قدامة 1:348،الإنصاف 2:520.
8- 8) تقدّم في ص 316.
9- 9) خا،م،ح و ق:الصحابة.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما تقدّم في أحاديث أهل البيت عليهم السلام (1).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن يونس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال:

«الصلاة على الجنائز التكبيرة الأولى استفتاح الصلاة» (2).لعدم الوثوق بصحّة السند، و مخالفتها لروايات شهيرة (3). (4)

الثالث:لا يستحبّ فيها التعوّذ.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال أكثر الفقهاء (5).و قال أحمد:يستحبّ (6).

لنا:أنّ التعوّذ للقراءة و هي منتفية (7)هنا.و لأنّ مبنى هذه الصلاة على التخفيف.

و ما (8)تقدّم من الأحاديث (9).

مسألة:و ليس فيها تسليم.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال النخعيّ (10).و أكثر الجمهور على مشروعيّة التسليم (11).

لنا:رواية ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يوقّت (12)في صلاة الجنازة

ص:327


1- 1تقدّم في ص 316 و 317.
2- 2) التهذيب 3:318 الحديث 987،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 10. [1]
3- 3) ح:للروايات الشهيرة.
4- 4) ينظر:الوسائل 2:783 الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة. [2]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:133،المجموع 5:234.
6- 6) المغني 2:366،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343،الكافي لابن قدامة 1:347،الإنصاف 2:520.
7- 7) م،ح،ق،ك و خا:منفيّة.
8- 8) هامش ح:و لما.
9- 9) تقدّم في ص 316،317.
10- 10) المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:346.
11- 11) المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:346،الكافي لابن قدامة 1:348،الميزان الكبرى 1:207، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المجموع 5:239،بداية المجتهد 1:236،الهداية للمرغينانيّ 1:92، السراج الوهّاج:107،إرشاد السالك:41.
12- 12) خا،ح و ق:يوقف.

قولا و لا قراءة،اختر من طيب القول ما شئت (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ و زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«ليس في الصلاة على الميّت تسليم» (2).

و عن الحلبيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس في الصلاة على الميّت تسليم» (3).

و عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن الصلاة على الميّت،فقال:«أمّا المؤمن فخمس تكبيرات،و أمّا المنافق فأربع،و لا سلام فيها» (4).

و في رواية زرعة عن سماعة قال:سألته عن جنائز الرجال و النساء إلى أن قال:

«فإذا فرغت سلّمت عن يمينك» (5).و لا تعويل على هذه الرواية،لأنّ زرعة و سماعة واقفيّان مع عدم إسنادهما إلى إمام.

مسألة:و إذا ثبت عدم التوقيت فيها فالأقرب ما رواه محمّد بن مهاجر
اشارة

و قد تقدّم (6)، و جملة ذلك أنّه يكبّر الأولى و يشهد الشهادتين.و خالف فيه بعض الجمهور و أوجبوا قراءة الحمد،و قد سلف البحث معهم (7).

ص:328


1- 1المعجم الكبير للطبرانيّ 9:320 الحديث 9604 و ص 321 الحديث 9606،مجمع الزوائد 3:32، سبل السلام 2:104.
2- 2) التهذيب 3:192 الحديث 438،الاستبصار 1:477 الحديث 1847،الوسائل 2:784 الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 3:192 الحديث 437،الاستبصار 1:477 الحديث 1846،الوسائل 2:785 الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 3:192 الحديث 439،الاستبصار 1:477 الحديث 1848،الوسائل 2:773 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [3]
5- 5) التهذيب 3:191 الحديث 435،الاستبصار 1:478 الحديث 1849،الوسائل 2:765 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [4]
6- 6) تقدّم في ص 317.
7- 7) تقدّم في ص 317،318.

و قال أبو حنيفة:يحمد اللّه و يثني عليه (1).

لنا:أنّ الشهادتين أفضل من التحميد،فكان أولى.

فروع:
الأوّل:تجب النيّة فيها،

لأنّها عبادة فتفتقر إلى النيّة.و لا نعلم فيه خلافا،سواء كان إماما أو مأموما.

الثاني:القيام واجب،

لأنّها صلاة فيجب فيها القيام كغيرها.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)هكذا صلّى (3).

الثالث:يقول في تشهّده:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ

محمّدا عبده و رسوله.

روى ذلك الشيخ عن زرعة،عن سماعة (4).

و قد روى عمّار الساباطيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تكبّر،ثمَّ تقول: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما،اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و بارك على محمّد و آل محمّد،كما صلّيت و باركت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،اللهمّ صلّ على محمّد و على أئمّة (5)المسلمين،اللهمّ صلّ على محمّد و على إمام المسلمين،اللهمّ عبدك فلان و أنت أعلم به،اللهمّ ألحقه بنبيّه و افسح (6)له في قبره،و نوّر له فيه،و صعّد روحه و لقّنه حجّته،و اجعل ما

ص:329


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:63،تحفة الفقهاء 1:249،بدائع الصنائع 1:313،الهداية للمرغينانيّ 1:92، شرح فتح القدير 2:85،مجمع الأنهر 1:183.
2- 2) ف،ص،ن و م:عليه السلام.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:111-112،سنن أبي داود 3:208-209 الحديث 3194،3195،سنن الترمذيّ 3: 352 الحديث 1034 و ص 353 الحديث 1035، [1]سنن ابن ماجه 1:479 الحديث 1493.
4- 4) التهذيب 3:191 الحديث 435،الوسائل 2:765 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [2]
5- 5) ك،م و ح:الأئمّة.
6- 6) خا،ص،ح و ق:و افتح.

عندك خيرا له،و أرجعه إلى خير ممّا كان فيه،اللهمّ عندك نحتسبه (1)،فلا تحرمنا أجره، و لا تفتنّا بعده،اللهمّ عفوك عفوك،اللهمّ عفوك عفوك.تقول هذه كلّه في التكبيرة الأولى» (2).

و قال ابن أبي عقيل:يكبّر و يقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد (3)أنّ محمّدا عبده و رسوله،اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اعل (4)درجته،و بيّض وجهه،كما بلّغ رسالتك (5)،و جاهد في سبيلك،و نصح لأمّته و لم يدعهم سدى مهملين بعده، بل نصب لهم الداعي إلى سبيلك الدالّ على ما النبيّين عليه من حلالك و حرامك،داعيا إلى موالاته و معاداته،ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حيّ عن بيّنة،و عبدك حتّى أتاه اليقين فصلّى اللّه عليه و على أهل بيته الطاهرين،ثمَّ يستغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات،ثمَّ يقول:اللهمّ عبدك و ابن عبدك،تخلّى (6)من الدنيا و احتاج إلى ما عندك، نزل (7)بك و أنت خير منزول به،افتقر إلى رحمتك و أنت غنيّ عن عذابه،اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا و أنت أعلم به منّا،فإن كان محسنا فزد في إحسانه (8)،و إن كان مسيئا فاغفر له ذنوبه و ارحمه و تجاوز عنه،اللهمّ ألحقه بنبيّه و صالح سلفه،اللهمّ عفوك عفوك.ثمَّ يكبّر (9)و يقول هذا في كلّ تكبيرة (10).

ص:330


1- 1م و ن:نحتبسه.
2- 2) التهذيب 3:330 الحديث 1034،الوسائل 2:767 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 11. [1]
3- 3) كلمة:أشهد،لا توجد في أكثر النسخ.
4- 4) أكثر النسخ:و أعلى.
5- 5) أكثر النسخ:رسالاتك.
6- 6) خا و ح:تحني.
7- 7) خا،ح و ق:و نزل.
8- 8) غ،م،ن و ق:بحسناته.
9- 9) خا،ح و ق:كبّر.
10- 10) نقله عنه في المختلف:119.

و في رواية أبي ولاّد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير على الميّت، فقال:«خمس تكبيرات،تقول إذا كبّرت:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له (1)، اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،ثمَّ تقول:اللهمّ إنّ هذا المسجّى قدّامنا عبدك [و ابن عبدك] (2)و قد قبضت روحه إليك،و قد احتاج إلى رحمتك و أنت غنيّ عن عذابه، اللهمّ و لا نعلم من ظاهره إلاّ خيرا،و أنت أعلم بسريرته،اللهمّ إن كان محسنا فضاعف إحسانه،و إن كان مسيئا فتجاوز عن سيّئاته (3).ثمَّ يقول ذلك في كلّ تكبيرة» (4).

قال الشيخ:و هذا الخبر لم يتضمّن الفصل بين الشهادتين و الدعاء بالتكبير، فالتعويل على الخبر الّذي فيه التفصيل (5)،و هو حديث محمّد بن مهاجر (6).

مسألة:ثمَّ يكبّر الثانية و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و على آله

عليهم السلام،

و لا نعرف خلافا في ذلك.

روى الجمهور عن ابن عبّاس أنّه صلّى على النبيّ و آله عليهم السلام في التّكبيرة الثانية (7).و رواه الأصحاب في خبر محمّد بن مهاجر و غيره من الأخبار (8).

و لأنّ تقديم الشهادتين يستدعي تعقيب (9)الصلاة على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه

ص:331


1- 1ح بزيادة:و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) أكثر النسخ:إساءته،كما في التهذيب.
4- 4) الكافي 3:184 الحديث 3، [1]التهذيب 3:191 الحديث 436،الاستبصار 1:474 الحديث 1836،الوسائل 2:765 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 3:192.
6- 6) الكافي 3:181 الحديث 3، [3]التهذيب 3:189 الحديث 431،الوسائل 2:763 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [4]
7- 7) المغني 2:367،الشرح الكبير بهامش المغني 2:344،المستدرك للحاكم 1:359،المجموع 5:233. و رواها البيهقيّ بإسناده عن غير ابن عبّاس من الصحابة،كما أشار إلى ذلك في المجموع.ينظر:سنن البيهقيّ 4:39.
8- 8) الوسائل 2:763 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة. [5]
9- 9) ح:تعقّب.

و عليهم (1)كما في الفرائض،و ينبغي أن يصلّي على الأنبياء،لأنّ في حديث محمّد بن مهاجر:

«ثمَّ كبّر الثانية و صلّى على الأنبياء».و في غيره من الأخبار:«ثمَّ كبّر و دعا لنفسه و أهل بيته» (2).

قال ابن بابويه:يقول إذا كبّر الثانية:اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،[و ارحم محمّدا و آل محمّد] (3)و بارك على محمّد و آل محمّد كأفضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد (4).

مسألة:ثمَّ يكبّر الثالثة و يدعو للمؤمنين و المؤمنات.

و أطبق الجمهور على أنّه يدعو للميّت أيضا.

لنا:أنّ الواجب خمس تكبيرات،و الدعاء للميّت في الثالثة يستلزم إخلاء الدعاء عقيب الآخرتين (5).و يؤيّده:حديث محمّد بن مهاجر.

قال ابن بابويه:و يقول:اللهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات (6).

مسألة:ثمَّ يكبّر الرابعة و يدعو للميّت.
اشارة

و أكثر الجمهور على أنّ الرابعة لا يتعقّبها (7)

ص:332


1- 1ن:الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه،و آله صلّى اللّه عليهم. غ:الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه،و آله صلّى اللّه عليه و عليهم. ش و م:الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. ق:الصلوات على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله و عليهم.
2- 2) التهذيب 3:317 الحديث 983،الاستبصار 1:475 الحديث 1840،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 9. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) الفقيه 1:101،المقنع:20، [2]الهداية:25. [3]
5- 5) غ و ف:الأخريين،خا،ح و ق:الآخرين،ش:الأخيرتين.
6- 6) الفقيه 1:101،المقنع:20، [4]الهداية:25. [5]
7- 7) ش،ن و ك:يعقبها.

دعاء (1).و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّه قيام في صلاة فشرع فيه الذكر كالذي قبله.و لأنّا بيّنّا أنّ الثالثة يدعى فيها للمؤمنين خاصّة فيعقّب (3)الرابعة للدعاء للميّت.

و يؤيّده:حديث محمّد بن مهاجر عن الصادق عليه السلام في كيفيّة صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4).

فروع:
الأوّل:الدعاء للميّت واجب،

لأنّ وجوب صلاة الجنازة معلّل بالدعاء للميّت و الشفاعة (5)فيه،و ذلك لا يتمّ بدون وجوب الدعاء.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا صلّيتم على الميّت فأخلصوا له الدعاء» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عليّ بن سويد،عن الرضا عليه السلام:

«و تدعو في الرابعة لميّتك» (7).

ص:333


1- 1المغني 2:369،الشرح الكبير بهامش المغني 2:346،فتح العزيز بهامش المجموع 5:177،بدائع الصنائع 1:313.
2- 2) المغني 2:369،الشرح الكبير بهامش المغني 2:346،الكافي لابن قدامة 1:348،الإنصاف 2:522.
3- 3) غ و ف:فتعقيب،ش،ن و م:فتعيين،ح:و يعقّب.
4- 4) الكافي 3:181 الحديث 3، [1]التهذيب 3:189 الحديث 431،الوسائل 2:763 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
5- 5) هامش ح:و شفاعته.
6- 6) سنن أبي داود 3:210 الحديث 3199، [3]سنن ابن ماجه 1:480 الحديث 1497،سنن البيهقيّ 4:40، كنز العمّال 15:583 الحديث 42279،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:31 الحديث 3065.
7- 7) التهذيب 3:193 الحديث 440،الاستبصار 1:477 الحديث 1844،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 8. [4]
الثاني:لا يتعيّن هاهنا دعاء .

(1)

أجمع أهل العلم على ذلك.و يؤيّده:أحاديث الأصحاب (2).

الثالث:قال ابن بابويه:يقول:اللهمّ هذا عبدك ابن عبدك ابن أمتك نزل بك و أنت

خير منزول به،.

اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا و أنت أعلم به منّا،اللهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه،و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و اغفر له (3)،اللهمّ اجعله عندك في أعلى (4)علّيّين، و اخلف على أهله في الغابرين،و ارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين (5).

و في حديث كليب الأسديّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«اللهمّ عبدك احتاج إلى رحمتك،و أنت غنيّ عن عذابه،اللهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه،و إن كان مسيئا فاغفر له» (6).

الرابع:لو لم يعرفه لم يقل:اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا،

لأنّه يكون كذبا،بل يقول ما رواه الشيخ عن ثابت أبي المقدام (7)قال:كنت مع أبي جعفر عليه السلام فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها و كنت قريبا منه،فسمعته يقول:«اللهمّ إنّك (8)خلقت هذه النفوس و أنت تميتها و أنت تحييها و أنت أعلم بسرائرها و علانيتها منّا و مستقرّها و مستودعها،اللهمّ

ص:334


1- 1خا،ح و ق:الدعاء.
2- 2) ينظر:الوسائل 2:763 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة. [1]
3- 3) غ:عن سيّئاته مكان:عنه و اغفر له.
4- 4) لا توجد في أكثر النسخ.
5- 5) الفقيه 1:101،المقنع:20، [2]الهداية:25. [3]
6- 6) التهذيب 3:315 الحديث 975،الوسائل 2:766 الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [4]
7- 7) ثابت بن هرمز الفارسيّ أبو المقدام العجليّ الحدّاد مولى بني عجل،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام،و قال النجاشيّ:ثابت بن هرمز أبو المقدام الحدّاد،روى نسخة عن عليّ بن الحسين عليه السلام،و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة:ثابت أبو المقدام زيديّ بتريّ. رجال النجاشيّ:116،رجال الطوسيّ:84،110،160،رجال العلاّمة:209. [5]
8- 8) ن و م:أنت.

و هذا عبدك و لا أعلم منه شرّا و أنت أعلم به و قد جئناك شافعين له بعد موته،فإن كان مستوجبا فشفّعنا فيه،و احشره مع من كان يتولاّه»« (1).و كذلك من علم منه الشرّ لا يقول ذلك في حقّه،لأنّه يكون كذبا.

الخامس:هذا القول لمن علم منه الخير

و إن لم يكن واجبا لكنّه مستحبّ.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما من عبد مسلم يموت يشهد له اثنان من جيرانه الأذنين بخير إلاّ قال اللّه تعالى:قد قبلت شهادة عبادي على ما علموا و غفرت له ما أعلم» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«إذا مات المؤمن فحضر (3)جنازته أربعون رجلا من المؤمنين و قالوا:اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا و أنت أعلم به منّا، قال اللّه تبارك و تعالى:قد أجزت شهاداتكم (4)و غفرت له ما علمت ممّا لا تعلمون» (5).

السادس:لو كان الميّت غير مؤمن دعا عليه و لعنه،

لأنّه أهل لذلك،روى الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لمّا مات عبد اللّه بن أبيّ بن سلول (6)

ص:335


1- 1التهذيب 3:196 الحديث 451 و فيه:«و لا أعلم منه سوءا»مكان:«و لا أعلم منه شرّا»،الوسائل 2:769 الباب 3 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [1]
2- 2) كنز العمّال 15:686 الحديث 42744،42745.
3- 3) غ:و حضر.
4- 4) أكثر النسخ:شهادتكم،كما في الوسائل. [2]
5- 5) الفقيه 1:102 الحديث 472،الوسائل 2:925 الباب 90 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
6- 6) عبد اللّه بن أبيّ بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجيّ أبو الحباب المشهور بابن سلول،و سلول جدّته لأبيه، رأس المنافقين في الإسلام.من أهل المدينة،كان سيّد الخزرج في آخر جاهليّتهم و أظهر الإسلام بعد وقعة بدر تقيّة، و كان كلّما حلّت بالمسلمين نازلة شمت بهم و كلّما سمع بسيّئة نشرها،و له في ذلك أخبار. الأعلام للزركليّ 4:65. [4]

حضر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جنازته،فقال عمر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا رسول اللّه (1)،ألم ينهك اللّه أن تقوم على قبره؟!فسكت،فقال:يا رسول اللّه (2)،ألم ينهك اللّه أن تقوم على قبره؟!فقال له:«ويلك و ما يدريك ما قلت؟!إنّي قلت:اللهمّ احش جوفه نارا،و املأ قبره نارا،و أصله نارا» (3).

و عن عامر بن السمط (4)، (5)عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين (6)عليه السلام يمشي معه (7)،فلقيه مولى له،فقال له الحسين عليه السلام:أين تذهب يا فلان؟فقال له مولاه:أفرّ من جنازة هذا المنافق أن أصليّ عليها،فقال له الحسين عليه السلام:انظر أن تقوم (8)على يميني فما تسمعني (9)أقول فقل مثله،فلمّا أن كبّر عليه وليّه قال الحسين عليه السلام (10):اللهمّ العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة،اللهمّ أخز عبدك

ص:336


1- 1ح و ق بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) ح بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) التهذيب 3:196 الحديث 452،الوسائل 2:770 الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [1]
4- 4) خا و ح:السبط.
5- 5) عامر بن السّمط-بكسر السين المهملة و سكون الميم-يكنّى أبا يحيى،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب السجّاد عليه السلام،و قال في باب أصحاب الصادق عليه السلام:عامر بن السبط التميميّ الخزاميّ الكوفيّ تابعيّ أسند عنه،و في بعض النسخ:السمط،قال السيّد الخوئيّ:بناء على صحّة نسخة عامر بن السمط لا يبعد اتّحادهما،و يؤيّد ذلك ما في تهذيب التهذيب لابن حجر،قال:عامر بن السمط و يقال:السبط،كما يؤيّد الاتّحاد أيضا روايته عن الصادق عليه السلام. رجال الطوسيّ:98،255،تهذيب التهذيب 5:65، [2]معجم رجال الحديث 9:198. [3]
6- 6) في المصادر:«فخرج الحسين بن عليّ».
7- 7) جملة:يمشي معه توجد في هامش ح و المصدر،و في غ:خلفه،مكان:يمشى معه.
8- 8) أكثر النسخ:قم،مكان:انظر أن تقوم.
9- 9) ق و خا:فاستمعني.
10- 10) ح بزيادة:اللّه أكبر،كما في الوسائل. [4]

في عبادك و بلادك،و أصله حرّ نارك و أذقه أشدّ (1)عذابك،فإنّه كان (2)يتولّى (3)أعداءك، و يعادي أولياءك،و يبغض أهل بيت نبيّك» (4).

و زاد ابن بابويه في حديث آخر عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا صلّيت على عدوّ اللّه فقل:.اللهمّ ضيّق عليه قبره،فإذا (5)رفع فقل:اللهمّ لا ترفعه و لا تزكّه (6)» (7).

السابع:لو كان مستضعفا دعا بما رواه الشيخ

في الحسن عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال:«إذا صلّيت على المؤمن فادع له و اجتهد في الدعاء، و إن كان واقفا مستضعفا فكبّر و قل:اللهمّ اغفر للّذين تابوا و اتّبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم» (8).

الثامن:لو كان طف

قال:اللهمّ هذا الطفل كما خلقته قادرا و قبضته طاهرا فاجعله لأبويه نورا (9)و ارزقنا أجره و لا تفتنّا بعده.قاله المفيد رحمه اللّه (10).

و روى الشيخ عن زيد بن عليّ،عن آبائه،عن عليّ عليه السلام (11)في الصلاة على الطفل إنّه كان يقول:«اللهمّ اجعله لأبويه و لنا سلفا و فرطا

ص:337


1- 1ق و ح:و القه شرّ،هامش ق:و أذقه شرّ.
2- 2) لا توجد في أكثر النسخ.
3- 3) م و ن:يقوى.
4- 4) التهذيب 3:197 الحديث 453،الوسائل 2:771 الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [1]
5- 5) أكثر النسخ:و إذا.
6- 6) أكثر النسخ:و لا تربحه.
7- 7) الفقيه 1:105 الحديث 491،الوسائل 2:769 الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
8- 8) التهذيب 3:196 الحديث 450،الوسائل 2:768 الباب 3 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [3]
9- 9) هامش ح:فرطا لغد.
10- 10) المقنعة:38. [4]
11- 11) أكثر النسخ بزيادة:قال:و في خا،ح و ق:عليهم السلام،مكان:عليه السلام.

و أجرا» (1).

و الفرط-بفتح الفاء و الراء-هو المتقدّم على القوم ليصلح (2)لهم ما يحتاجون إليه في أصل الوضع.قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أنا فرطكم على الحوض» (3).و هذه كلّها أذكار مندوبة لا واجبة.

مسألة:ثمَّ يكبّر الخامسة و يقول:
اشارة

عفوك عفوك.و قد بيّنّا وجوب الخمس.و خالف فيه بعض الجمهور،و قد سلف البحث معهم (4).و ينصرف و لا يحتاج إلى التسليم على ما تقدّم (5).

فرع:

يستحبّ أن لا يبرح من مكانه حتّى ترفع الجنازة على أيدي الرجال،

لأنّهم شافعون فيه،فلا ينصرفون قبل انفصاله عنهم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن جعفر عليه السلام،عن أبيه عليه السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان إذا صلّى على جنازة لم يبرح من مصلاّه حتّى يراها على أيدي الرجال (6).

مسألة:و يستحبّ الإسرار بالذكر في صلاة الجنازة.

و به قال أبو حنيفة (7).

ص:338


1- 1التهذيب 3:195 الحديث 449،الوسائل 2:787 الباب 12 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:ليصحّ.
3- 3) مسند أحمد 1:257،مجمع الزوائد 6:254.
4- 4) تقدّم في ص 310. [2]
5- 5) تقدّم في ص 321.
6- 6) التهذيب 3:195 الحديث 448،الوسائل 2:786 الباب 11 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [3]
7- 7) بدائع الصنائع 1:314،عمدة القارئ 8:140.

و قال الشافعيّ:يسرّ (1)بها نهارا و يجهر بها (2)ليلا (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه جهر ثمَّ قال:إنّما جهرت لتعلموا،لا أنّه مسنون (4).و لأنّه دعاء في الحقيقة فكان الإخفات فيه أقرب إلى الإجابة،لبعده عن الرياء.

مسألة:و يستحبّ رفع اليدين في أوّل تكبيرة.
اشارة

و هو قول أهل العلم كافّة.أمّا رفع اليدين في باقي التكبيرات فقد اختلف علماؤنا فيه،فالّذي اختاره الشيخ رحمه اللّه في المبسوط و النهاية (5)،و المفيد (6)،و السيّد المرتضى ترك الرفع استحبابا (7).و به قال مالك (8)،و الثوريّ (9)،و أبو حنيفة (10).

و قال الشيخ في كتابي التهذيب و الاستبصار باستحباب الرفع في الجميع (11).و به

ص:339


1- 1ش،ف و غ:ليسرّ،م،ح،خا و ق:يستر.
2- 2) ليست في أكثر النسخ.
3- 3) حلية العلماء 2:350،المهذّب للشيرازيّ 1:133،المجموع 5:234،فتح العزيز بهامش المجموع 5:178، مغني المحتاج 1:342،السراج الوهّاج:107.
4- 4) مسند الشافعيّ:359،سنن البيهقيّ 4:39،المستدرك للحاكم 1:358،نيل الأوطار 4:103.و في الجميع: لتعلموا أنّها سنّة.
5- 5) المبسوط 1:185،النهاية:145.
6- 6) المقنعة:37.
7- 7) جمل العلم و العمل:84.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:176،بلغة السالك 1:198،المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348، فتح العزيز بهامش المجموع 5:177،حلية العلماء 2:348،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98.
9- 9) سنن الترمذيّ 3:389، [1]المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348،المجموع 5:232.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:64،بدائع الصنائع 1:314،تحفة الفقهاء 1:249،حلية العلماء 2:348،المغني 2: 370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348،فتح العزيز بهامش المجموع 5:177،الميزان الكبرى 1:207، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98.
11- 11) التهذيب 3:194،الاستبصار 1:479.

قال الشافعيّ (1)،و الأوزاعيّ،و عطاء،و إسحاق،و الزهريّ (2)،و أحمد (3).و هو الأقوى عندي.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرفع يديه في كلّ تكبيرة (4).و إنّ ابن عمرو أنس كانا يفعلان ذلك (5).و الظاهر أنّه كان توقيفا (6)من الرسول صلّى اللّه عليه و آله (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن العرزميّ (8)،عن أبي عبد اللّه

ص:340


1- 1الأمّ 1:271،المهذّب للشيرازيّ 1:133،المجموع 5:232،مغني المحتاج 1:342،السراج الوهّاج:107، الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348.
2- 2) المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:347-348،المجموع 5:232،عمدة القارئ 8:123.
3- 3) المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:347،الكافي لابن قدامة 1:347،الإنصاف 2:523، [1]المجموع 5:232،عمدة القارئ 8:123.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:44،الأمّ 1:271،المغني 2:370،عمدة القارئ 8:124،التعليق المغني بهامش سنن الدار قطنيّ 2:75.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:44،المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348،الأمّ 1:271،مسند الشافعيّ: 359،المجموع 5:232،عمدة القارئ 8:124.
6- 6) ف،ك و غ:توفيقا،ص،خا،ح و ق:توقيعا.
7- 7) أكثر النسخ:عليه السلام.
8- 8) عبد الرحمن بن محمّد العرزميّ،كذا عنونه الشيخ في الفهرست،و قال في رجاله في عداد أصحاب الصادق عليه السلام:عبد الرحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الفزاريّ العرزميّ،و عنونه النجاشيّ و المصنّف بعنوان:عبد الرحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الرزميّ الفزاريّ أبو محمّد ثقة،و قال السيّد الخوئيّ:إنّ الشيخ وصف عبد الرحمن بالعرزميّ أو بابن العرزميّ و نقل عن بعض وصفه بالعرزميّ عن النجاشيّ أيضا،لكنّ الموجود في أكثر نسخ النجاشيّ وصفه بالرزميّ و كذلك الموجود في الخلاصة،و الظاهر أنّه تصحيف،فإنّ الموجود في الروايات هو العرزميّ و لا وجود للرزميّ أصلا. رجال النجاشيّ:237،رجال الطوسيّ:232،الفهرست:108، [2]رجال العلاّمة:114، [3]معجم رجال الحديث 9: 363. [4]

عليه السلام قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام على جنازة فكبّر خمسا يرفع يديه في كلّ تكبيرة (1).

و عن يونس قال:سألت الرضا عليه السلام عن ذلك،فقال (2):«ارفع يدك في كلّ تكبيرة» (3).

و عن محمّد بن عبد اللّه بن خالد مولى بني الصيداء (4)أنّه صلّى خلف جعفر بن محمّد عليهما السلام على جنازة (5)،فرآه يرفع يديه في كلّ تكبيرة (6).

و لأنّ الرفع في الأولى دليل الرجحان،فشرع في الباقي تحصيلا للأرجحيّة.و لأنّها تكبيرة تقع في حال الاستقرار فاستحبّ فيها الرفع كالأولى.

احتجّ الأصحاب (7)بما رواه غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام أنّه كان لا يرفع يده في الجنازة إلاّ مرّة واحدة،يعني في التكبير (8). (9)

ص:341


1- 1التهذيب 3:194 الحديث 445،الاستبصار 1:478 الحديث 1851،الوسائل 2:785 الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) ش و ن:قال.
3- 3) التهذيب 3:195 الحديث 446 و فيه:«ارفع يديك»،الاستبصار 1:478 الحديث 1852،الوسائل 2: 786 الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
4- 4) محمّد بن عبد اللّه بن خالد مولى بني الصيداء،روى عن جعفر بن محمّد و روى عنه عمر بن محمّد بن الحسن،قال المامقانيّ:حاله مجهول. تنقيح المقال 3:143، [3]معجم رجال الحديث 16:264. [4]
5- 5) لا توجد في أكثر النسخ.
6- 6) التهذيب 3:195 الحديث 447،الاستبصار 1:478 الحديث 1850،الوسائل 2:785 الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [5]
7- 7) التهذيب 3:194.
8- 8) خا و ق:بالتكبير.
9- 9) التهذيب 3:194 الحديث 443،الاستبصار 1:479 الحديث 1854،الوسائل 2:786 الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [6]

و نحوه رواه عن إسماعيل بن إسحاق بن أبان الورّاق (1)،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام (2). (3)

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ كلّ تكبيرة قائمة مقام ركعة و لا ترفع الأيدي في جميع الركعات (4).

و الجواب عن الحديثين الأوّلين:أنّهما مرجوحان،لأنّ أحاديثنا مثبتة (5)فتكون أولى، لاشتمالها على زيادة يمكن غفلة الراوي عنها.و لأنّ الرفع مستحبّ،فجاز تركه في بعض الأوقات،لئلاّ توهم (6)المداومة عليه الوجوب.

و عن قياس أبي حنيفة بمنع الحكم في الأصل،و بقيام الفرق.

فرع:

إذا كبّر و وضع يديه لم يستحبّ له وضع اليمين (7)على الشمال،

خلافا للجمهور (8).

لنا:أنّ ذلك مبطل في الفرائض،فلا يكون مشروعا هنا،و لو فعل ذلك معتقدا

ص:342


1- 1إسماعيل بن إسحاق بن أبان الورّاق روى عن الصادق عليه السلام و روى عنه سلمة بن الخطّاب،و استظهر السيّد الخوئيّ في معجمة اتّحاده مع إسماعيل بن إسحاق الذي في طريق الصدوق في الفقيه 3:330 الحديث 1600 باب طلاق الحامل،و قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال. تنقيح المقال 1:130، [1]معجم رجال الحديث 3:110. [2]
2- 2) كثير من النسخ:عليه السلام.
3- 3) التهذيب 3:194 الحديث 444،الاستبصار 1:478 الحديث 1583،الوسائل 2:786 الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:65،بدائع الصنائع 1:314،المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348.
5- 5) ش،ن و م:مبنيّة.
6- 6) ش،خا و ح:يوهم.
7- 7) ح:اليمنى.
8- 8) المغني 2:370،الشرح الكبير بهامش المغني 2:348،الكافي لابن قدامة 1:348،بداية المجتهد 1:235.

للمشروعيّة (1)كان مبدعا،و لا تبطل صلاته.

مسألة:و يستحبّ أن يصلّي بطهارة و ليست شرطا.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشعبيّ،و محمّد بن جرير الطبريّ (2).

و قال الشافعيّ:هي شرط (3).و إليه ذهب أكثر الجمهور (4).

لنا:أنّها دعاء للميّت و شفاعة فيه،فلا يشترط فيها الطهارة،كغيرها من الأدعية.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الجنازة،أصلّي عليها على غير وضوء؟فقال:«نعم،إنّما هو تكبير و تسبيح و تحميد (5)و تهليل،كما تكبّر و تسبّح في بيتك على غير وضوء» (6).

احتجّ المخالف (7)بقوله عليه السلام:«لا صلاة إلاّ بطهور» (8).و لأنّها صلاة فأشبهت بقيّة الصلوات.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الإطلاق ينصرف (9)إلى الحقيقة،و صلاة الجنازة تسمّى صلاة بالمجاز الشرعيّ.

ص:343


1- 1ن:بالمشروعيّة.
2- 2) حلية العلماء 2:346،الميزان الكبرى 1:206،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المجموع 5: 223،بداية المجتهد 1:243،عمدة القارئ 8:123.
3- 3) الأمّ 1:271،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:222، [1]مغني المحتاج 1:344،حلية العلماء 2:346.
4- 4) بداية المجتهد 1:243،بدائع الصنائع 1:315،الميزان الكبرى 1:206،المجموع 5:222،عمدة القارئ 8:123.
5- 5) ق و خا:تمجيد.
6- 6) التهذيب 3:203 الحديث 475،الوسائل 2:799 الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
7- 7) المجموع 5:223.
8- 8) سنن أبي داود 1:16 الحديث 59،سنن ابن ماجه 1:100 الحديث 271-274،سنن الترمذيّ 1:5 الحديث 1،سنن النسائيّ 1:87،سنن البيهقيّ 1:42،بتفاوت يسير.و بهذا اللفظ ينظر:عوالي اللئالي 2:209 الحديث 131 و ج 3:8 الحديث 1.
9- 9) أكثر النسخ:يصرف.

و عن الثاني:بالفرق،لأنّ الصلاة هناك أكمل،لاشتمالها على أذكار معيّنة و ركوع و سجود،بخلاف صورة النزاع.

فروع:
الأوّل:الطهارة

و إن لم تكن شرطا فهي (1)مستحبّة،لأنّه ذكر و دعاء و شفاعة (2)فاستحبّ في فاعله أن يكون على أبلغ أحواله و أكملها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد الحميد بن سعد (3)(4)قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:الجنازة يخرج بها و لست على وضوء،فإن ذهبت أتوضّأ فاتتني الصلاة، أ يجزئني (5)أن أصلّي عليها و أنا على غير وضوء؟فقال:«تكون على طهر أحبّ إليّ» (6).

الثاني:يجوز للحائض و الجنب أن يصلّيا على الجنائز،

لأنّها دعاء لا يشترط فيه الطهارة،فاستوى فيه المكلّفون،كغيره من الأدعية.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن المغيرة،عن رجل،عن أبي عبد اللّه

ص:344


1- 1ح:هي،ك:و هي.
2- 2) م بزيادة:للميّت.
3- 3) م:سعيد.
4- 4) عبد الحميد بن سعد(سعيد)،قال النجاشيّ:عبد الحميد بن سعد بجليّ كوفيّ،له كتاب،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام،و ذكره أيضا في أصحاب الكاظم عليه السلام بعنوان: عبد الحميد بن سعيد،و من أصحاب الرضا عليه السلام في موضعين،و استظهر المحقّق الأردبيليّ اتّحادهما بقرينة الراوي و هو صفوان بن يحيى،و يظهر من المامقانيّ و السيّد الخوئيّ التعدّد،لظاهر كلام الشيخ،قال السيّد الخوئيّ في معجمة:قد يقال باتّحادهما و أنّ والد عبد الحميد قد يعبّر عنه بسعد و قد يعبّر عنه بسعيد أو أنّ في أحد الموردين تحريفا و لكن ذلك لم يثبت،فإنّ ظاهر كلام الشيخ التعدّد،و رواية صفوان عنهما لا تدلّ على الاتّحاد. رجال النجاشيّ 246،رجال الطوسيّ:236،355،356،379 و 383،تنقيح المقال 2:136، [1]جامع الرواة 1: 440، [2]معجم رجال الحديث 9:285-287. [3]
5- 5) ح:أ يجيزني.
6- 6) التهذيب 3:203 الحديث 476،الوسائل 2:798 الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [4]

عليه السلام،قال:سألته عن الحائض،تصلّي على الجنازة (1)؟فقال:«نعم،و لا تقف معهم، و الجنب يصلّي على الجنازة» (2).

و عن حريز عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الطامث تصلّي على الجنازة،لأنّه ليس فيها ركوع و لا سجود،و الجنب يتيمّم و يصلّي على الجنازة» (3).

الثالث:يستحبّ للحائض إذا صلّت انفردت عن المصلّين،

لأنّها غير مكلّفة (4)بالصلاة المكتوبة،ففارقت غيرها حكما،فاستحبّ لها المفارقة صورة.

و يؤيّده:حديث ابن المغيرة،و ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض،تصلّي على الجنازة؟قال:«نعم،و لا تقف معهم» (5).

الرابع:يستحبّ لغير المتطهر أن يتيمّم و إن كان واجدا للماء.

(6)

ذهب إليه علماؤنا، و به قال أبو حنيفة (7)،خلافا للشافعيّ (8).

لنا:أنّه بدل في حال الضرورة عن الطهارة الواجبة،فكان بدلا مع الاختيار عن المستحبّة.

ص:345


1- 1غ و ف:الجنائز.
2- 2) التهذيب 3:204 الحديث 482،الوسائل 2:800 الباب 22 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 3:204 الحديث 480،الوسائل 2:800 الباب 22 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [2]
4- 4) ش،ح،ق و خا:مكلّف.
5- 5) التهذيب 3:204 الحديث 479،الوسائل 2:800 الباب 22 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1.و [3]فيه: لا تصفّ معهم.
6- 6) ك و ح:المطهّر.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 1:118،تحفة الفقهاء 1:38،بدائع الصنائع 1:51،الهداية للمرغينانيّ 1:27، شرح فتح القدير 1:122،عمدة القارئ 8:123،حلية العلماء 1:243،المغني 1:302،بداية المجتهد 1:243، المجموع 5:223،فتح العزيز بهامش المجموع 5:185.
8- 8) الأمّ 1:275،المهذّب للشيرازيّ 1:132،حلية العلماء 1:243،فتح العزيز بهامش المجموع 5:185، عمدة القارئ 8:123،بداية المجتهد 1:243.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل مرّت به جنازة و هو على غير طهر (1)،قال:«يضرب بيديه (2)على حائط اللبن فيتيمّم» (3).

الخامس:يستحبّ للجنب و الحائض أن يتيمّما،

لاستحباب الطهارة هنا،و تعذّرها من الحائض،فانتقلت إلى البدل.و لأنّها غير شرط،فاكتفي بأضعف الطهارتين و إن لم يكن رافعا،كالمحدث.

و يؤيّده:ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة،فقال:«تتيمّم و تصلّي عليها،و تقوم وحدها بارزة من (4)الصفّ» (5).

و في حديث حريز:«و الجنب يتيمّم و يصلّي على الجنازة» (6).

السادس:لو صلّى من غير طهارة صحّت صلاته و صلاة المأمومين

(7)

إن كان الإمام محدثا،لأنّها غير مشروطة بالطهارة على ما تقدّم.و الشافعيّ لمّا اشترط الطهارة أبطل الصلاة هنا (8).

مسألة:و يستحبّ التحفّي في صلاة الجنائز.

روى الجمهور عن رسول اللّه (9)صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من اغبرّت

ص:346


1- 1هامش ح بزيادة:كيف يصنع؟،كما في الوسائل و الكافي. [1]
2- 2) ن:بيده،خا،ح و ق:يديه.
3- 3) التهذيب 3:203 الحديث 477،الوسائل 2:799 الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [2]
4- 4) ح:عن،كما في الوسائل. [3]
5- 5) الفقيه 1:107 الحديث 497،التهذيب 3:204 الحديث 481،الوسائل 2:801 الباب 22 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [4]
6- 6) الكافي 3:179 الحديث 5، [5]التهذيب 3:204 الحديث 480،الوسائل 2:800 الباب 22 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [6]
7- 7) م و ن:المؤمنين،ش:المؤتمّين.
8- 8) الأمّ 1:271،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:222،فتح العزيز بهامش المجموع 5:185،مغني المحتاج 1:344،السراج الوهّاج:108.
9- 9) ك،خا،ح و ق:النبيّ.

قدماه (1)في سبيل اللّه حرّمهما اللّه على النار» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا يصلّى على الجنازة (3)بحذاء و لا بأس بالخفّ» (4).

و لأنّه موضع اتّعاظ (5)فكان التذلّل فيه أنسب بالخشوع.

مسألة:و لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام و فاته البعض،
اشارة

دخل مع الناس في الصلاة عليه بلا خلاف بين العلماء في ذلك.

روى الجمهور عن عائشة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ما سمعت فكبّري» (6)و هو يتناول صورة النزاع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك من الصلاة على الميّت تكبيرة،قال:«يتمّ ما بقي» (7).

و لأنّها صلاة فرض فاستحبّ الدخول مع الجماعة فيها كغيرها.

فروع:
الأوّل:لا ينتظر تكبير الإمام بل يكبّر قبل تكبير الإمام في الخلف

لو جاء و الإمام

ص:347


1- 1غ:رجلاه.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:9 و ج 4:25،سنن الترمذيّ 4:170 الحديث 1632،سنن النسائيّ 6:14،سنن الدارميّ 2:202،مسند أحمد 3:367 و 479 و ج 5:225-226. [1]
3- 3) ح:الجنائز.
4- 4) التهذيب 3:206 الحديث 491،الوسائل 2:804 الباب 26 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1.و [2]فيهما: لا يصلّى.
5- 5) ش و ن:إيقاظ.
6- 6) المغني 2:373،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352.
7- 7) التهذيب 3:199 الحديث 461،الاستبصار 1:481 الحديث 1861،الوسائل 2:793 الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [3]

داع.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:لا يكبّر و ينتظر الإمام (2).و عن مالك (3)،و أحمد روايتان (4).

لنا:أنّه أدرك الإمام و قد فاته بعض صلاته فلا ينتظر كسائر الصلوات،بل يدخل معه.

احتجّ المخالف بأنّ التكبيرات تجري مجرى الركعات،بدليل قضائها بعد فراغ الإمام، فإذا (5)فاته بعضها لم يشتغل بقضائها،كما إذا فاته ركعة مع الإمام (6).

و الجواب:ينتقض ما ذكره بتكبير (7)العيدين،فإنّه يقضيه عنده في حال الركوع و لا يجري مجرى الركعات (8).

ص:348


1- 1الأمّ 1:275،حلية العلماء 2:351،المهذّب للشيرازيّ 1:134،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99،المجموع 5:240 و 243،فتح العزيز بهامش المجموع 5:183،مغني المحتاج 1: 344،المغني 2:374،بداية المجتهد 1:238.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:66،بدائع الصنائع 1:314،الهداية للمرغينانيّ 1:92،شرح فتح القدير 2:88، مجمع الأنهر 1:184،حلية العلماء 2:351،المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،المجموع 5: 243،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99،بداية المجتهد 1:238.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:181،بلغة السالك 1:198،بداية المجتهد 1:238،حلية العلماء 2:351،المغني 2: 374،المجموع 5:243،فتح العزيز بهامش المجموع 5:183،الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99.
4- 4) المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:352،الكافي لابن قدامة 1:450،الإنصاف 2:529، الميزان الكبرى 1:207،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:99،المجموع 5:243،حلية العلماء 2:351.
5- 5) ح،ق و خا:و إذا.
6- 6) المغني 2:374،المبسوط للسرخسيّ 2:66،الهداية للمرغينانيّ 1:92،بدائع الصنائع 1:314،شرح فتح القدير 2:88،مجمع الأنهر 1:184.
7- 7) ح:بتكبيرة.
8- 8) الحنفيّة قالوا بجواز قضاء تكبيرات العيدين في الركوع إذا أدرك الإمام و هو في الركوع،ينظر:بدائع الصنائع 1:278،المبسوط للسرخسيّ 2:40.

و لأنّ هذا لو جرى مجرى الركعات لكان (1)المأموم إذا حضر و قد كبّر الإمام قبل أن يكبّر هو،لا (2)يكبّر حتّى يكبّر أخرى،كما لو حضر و لم يدخل مع الإمام حتّى صلّى (3)ركعة،فإنّه لا يشتغل بقضائها.

الثاني:إذا فاته بعض التكبير قضاه بعد فراغ الإمام.

و به قال الشافعيّ (4)، و مالك (5)،و الثوريّ (6)و أصحاب الرأي (7).

و قال الأوزاعيّ:لا يقضي (8).و عن أحمد روايتان (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما أدركتم فصلّوا (10)، و ما فاتكم فأتمّوا (11)» (12).و في رواية:«فاقضوا (13)» (14).

ص:349


1- 1ح،خا و ق:فكان.
2- 2) م:و لا.
3- 3) م:يصلّي.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:134،المجموع 5:241،فتح العزيز بهامش المجموع 5:184،مغني المحتاج 1:344، المغني 2:373،الشرح الكبير بهامش المغني 2:351،بداية المجتهد 1:238،عمدة القارئ 8:138.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:181،بداية المجتهد 1:238،المغني 2:373،الشرح الكبير بهامش المغني 2:351. المجموع 5:242،عمدة القارئ 8:138.
6- 6) المغني 2:373،الشرح الكبير بهامش المغني 2:351،المجموع 5:242،عمدة القارئ 8:138.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:66،بدائع الصنائع 1:314،عمدة القارئ 8:138،المغني 2:373،الشرح الكبير بهامش المغني 2:351،المجموع 5:243.
8- 8) المغني 2:373، [1]المجموع 5:243،عمدة القارئ 8:138.
9- 9) المغني 2:373،الكافي لابن قدامة 1:350،الإنصاف 2:530، [2]المجموع 5:243،عمدة القارئ 8:138.
10- 10) ح:فصلّوه.
11- 11) ح،ق و خا:فأتمّوه.
12- 12) صحيح البخاريّ 1:163-164،صحيح مسلم 1:420 الحديث 602،سنن الترمذيّ 2:148 الحديث 327، سنن ابن ماجه 1:255 الحديث 775،الموطّأ 1:68 الحديث 4، [3]سنن الدارميّ 1:294، [4]مسند أحمد 2:239. [5]
13- 13) خا،ح و ق:فاقضوه.
14- 14) سنن النسائيّ 2:144،مسند أحمد 2:270 و 318. [6]

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث العيص بن القاسم (1).

و عن زيد الشحّام قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة على الجنائز إذا فات الرجل منها التكبيرة[أو الثنتان] (2)أو الثلاث،قال:«يكبّر ما فاته» (3).و بالقياس على سائر الصلوات.

احتجّ المخالف بأنّها تكبيرات متوالية،فإذا فاتته لم يقضها،كتكبيرات العيدين (4).

و الجواب:الفرق،فإنّ هذه تجري مجرى أفعال الصلاة،لأنّه لا يجوز الإخلال بها، و تكبيرات العيدين مسنونات إذا فات محلّها سقطت.

الثالث:يقضي الفائت متتابعا،

لأنّ الأدعية فات محلّها فتفوت،أمّا التكبير -فلسرعة الإتيان به و وجوبه-كان مشروع القضاء.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا أدرك الرجل التكبيرة و التكبيرتين من الصلاة على الميّت فليقض ما بقي متتابعا» (5).

و في رواية إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه (6)،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز» (7).و حمله (8)الشيخ على القضاء

ص:350


1- 1تقدّم في ص 340.
2- 2) غ:و التكبيرتين،أكثر النسخ:أو الثنتين،كما في الاستبصار،و الصحيح ما أثبتناه كما في التهذيب و الوسائل.
3- 3) التهذيب 3:200 الحديث 464،الاستبصار 1:481 الحديث 1863،الوسائل 2:793 الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [1]
4- 4) المغني 2:373.
5- 5) التهذيب 3:200 الحديث 463،الاستبصار 1:482 الحديث 1865،الوسائل 2:792 الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
6- 6) ك،ص،ش،ح و ق بزيادة:عليه السلام،كما في المصادر.
7- 7) التهذيب 3:200 الحديث 465،الاستبصار 1:481 الحديث 1864،الوسائل 2:793 الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [3]
8- 8) أكثر النسخ:و حمل.

متتابعا (1)،بمعنى أنّه لا يقضي كما فات مفصولة بينها الأدعية بل متتابعا،و لمّا خالف الإتيان به ثانيا ما فات،نفي اسم القضاء عنه.

الرابع:لو ضاق الوقت عن التكبير كبّر،

و إن رفعت الجنازة على أيدي الرجال يكبّر (2)-و هو يمشي معها-و لو لم يدرك كبّر على القبر،و إن أدركهم و قد دفن (3)كبّر على القبر.

رواه القلانسيّ عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

الخامس:إذا فاتته تكبيرة-مثلا-كبّر أوّلة

و هي ثانية الإمام،يتشهّد هو و يصلّي الإمام،فإذا كبّر الإمام الثالثة و دعا للمؤمنين،كبّر هو الثانية و صلّى،فإذا كبّر الإمام الرابعة و دعا للميّت،كبّر هو الثالثة و دعا للمؤمنين،و هكذا،لأنّا قد بيّنّا في الفرائض أنّ المسبوق يجعل ما يلحقه (5)أوّل صلاته (6). (7)

السادس:لو كبّر قبل الإمام استحبّ له إعادة التكبيرة .

(8)

قاله الشيخ في المبسوط (9).و هو جيّد،لأنّ المأموم لا يسبق الإمام.

مسألة:الذي يقتضيه المذهب وجوب القيام هنا،

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا صلّى (10)،و فعله بيان للواجب (11)،و قال عليه السلام:«صلّوا كما رأيتموني

ص:351


1- 1التهذيب 3:200،الاستبصار 1:482.
2- 2) ح،ق و خا:كبّر.
3- 3) ح:بعد الدفن،خا،ص و ق:بعد دفن.
4- 4) التهذيب 3:200 الحديث 462،الاستبصار 1:481 الحديث 1862،الوسائل 2:793 الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5.
5- 5) خا،ح و ق:ما يخلفه.
6- 6) ح و ق:صلاة.
7- 7) ينظر:الجزء السادس ص 294.
8- 8) خا،ح و ق:التكبير.
9- 9) المبسوط 1:185. [1]
10- 10) صحيح البخاريّ 1:111،صحيح مسلم 2:664 الحديث 964،سنن أبي داود 3:208 الحديث 3194،3195، سنن البيهقيّ 4:33.
11- 11) خا و ق:الواجب.

أصلّي» (1).

و لأنّها صلاة واجبة فيجب فيها القيام كغيرها من الصلوات.و كذا لا يجوز فعلها للراكب إلاّ مع العذر.

مسألة:و لا يصلّى على الميّت إلاّ بعد تغسيله و تكفينه،

إلاّ أن يكون شهيدا.و لا نعلم فيه خلافا،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا فعل،و فعله بيان للواجب فكان (2)واجبا.

و لو صلّي عليه قبل ذلك لم يعتدّ بها،لأنّه فعل غير مشروع فيبقى في العهدة.

مسألة:و يستحبّ أن يقف الإمام عند وسط الرجل و صدر المرأة.
اشارة

قاله الشيخ في المبسوط (3)، (4)و أبو الصلاح (5)،و شيخنا المفيد رحمه اللّه (6).و به قال مالك (7).

و قال الشيخ في الخلاف (8):يقف (9)عند رأس المرأة و الرجل (10).

و قال الشافعيّ:يقف عند صدر الرجل و وسط المرأة (11).و به قال

ص:352


1- 1صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،سنن الدارقطنيّ 1:346 الحديث 1، سنن البيهقيّ 2:345.
2- 2) ح،خا و ق:و كان.
3- 3) هامش ن بزيادة:و التهذيب أيضا.
4- 4) المبسوط 1:184. [2]
5- 5) الكافي في الفقه:157.
6- 6) المقنعة:37.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:175،بلغة السالك 1:198،حلية العلماء 2:346،المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،المجموع 5:225،فتح العزيز بهامش المجموع 5:162،المحلّى 5:155.
8- 8) هامش ن بزيادة:و الاستبصار أيضا.
9- 9) ح:و يقف.
10- 10) الخلاف 1:298 مسألة-97.و فيه:السنّة أن يقف الإمام عند رأس(وسط)الرجل و صدر المرأة.و لعلّ العلاّمة اعتمد على ما نقل عن الشيخ في المعتبر 2:352 [3] حيث يقول:و قال رحمه اللّه:يقف عند رأس المرأة و الرجل. و يؤيّد ذلك ما قاله في مفتاح الكرامة 1:474:و [4]حكى هذا القول المحقّق في المعتبر عن الشيخ.
11- 11) المغني 2:390،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:225،فتح العزيز بهامش المجموع 5:162.

أحمد (1).و للشافعيّ قول آخر أنّه يقف عند رأس الرجل (2).و به قال أبو يوسف (3)، و محمّد (4).

و قال أبو حنيفة:يقف عند صدر الرجل و المرأة (5). (6)

لنا:أنّ الأولى اجتناب محارمها و التباعد عنها،فإنّه أنزه (7)له و أسلم و أبعد من وساوس النفس.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن المغيرة،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:من صلّى على امرأة فلا يقوم في وسطها و يكون (8)ممّا يلي صدرها فإذا صلّى على الرجل فليقم في وسطه» (9).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقوم

ص:353


1- 1المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،الكافي لابن قدامة 1:345،الإنصاف 2:516، حلية العلماء 2:346،المجموع 5:225،فتح العزيز بهامش المجموع 5:163.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:132،حلية العلماء 2:346،المجموع 5:225،فتح العزيز بهامش المجموع 5:162، مغني المحتاج 1:348،المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،بدائع الصنائع 1:312.
3- 3) المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،حلية العلماء 2:346،الميزان الكبرى 1:206، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98،المجموع 5:225، [1]عمدة القارئ 8:136.
4- 4) المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،حلية العلماء 2:346،الميزان الكبرى 1:206، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:98.
5- 5) هامش ح:و صدر المرأة.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:65،بدائع الصنائع 1:312،الهداية للمرغينانيّ 1:92،شرح فتح القدير 2:89. عمدة القارئ 8:136،حلية العلماء 2:346،المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،المجموع 5: 225،فتح العزيز بهامش المجموع 5:162،بداية المجتهد 1:236،المحلّى 5:155.
7- 7) ح:أبرء.
8- 8) غ:و كان.
9- 9) التهذيب 3:190 الحديث 433،الاستبصار 1:470 الحديث 1818،الوسائل 2:804 الباب 27 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]

من الرجل بحيال السرّة و من النساء دون ذلك قبل الصدر» (1).

احتجّ الشافعيّ (2)بما رواه سمرة بن جندب أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها (3).

احتجّ أبو حنيفة بأنّهما سواء،فإذا وقف عند صدر الرجل فكذا (4)المرأة (5).

و الجواب عن الحديث الأوّل:بالمعارضة (6)بما (7)قلناه (8).و لأنّ الراوي يحتمل أن يخفى عليه ذلك،بخلاف رواياتنا،فإنّها متعلّقة بالمقال دون الفعال (9)،على أنّ ذلك مستحبّ (10)فجاز تركه في بعض الأوقات،فيدلّ (11)فعله عليه السلام على عدم وجوبه.

و عن الثاني:بالفرق بين المرأة و الرجل بما قلناه،و لأنّهما افترقا في الموقف فجاز الافتراق هنا.

ص:354


1- 1التهذيب 3:190 الحديث 434 و فيه:أدون من ذلك،الاستبصار 1:471 الحديث 1819 و فيه:أدون من ذلك من قبل الصدر،الوسائل 2:805 الباب 27 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3 و [1]فيه:يقوم من الرجال بحيال السرّة.
2- 2) المجموع 5:225، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:162. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:111،صحيح مسلم 2:664 الحديث 964،سنن أبي داود 3:209 الحديث 3195، [4]سنن ابن ماجه 1:479 الحديث 1493،سنن النسائيّ 1:195،مسند أحمد 5:14، [5]سنن البيهقيّ 4:34.
4- 4) ف،خا،غ و ق:و كذا.
5- 5) المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:341،عمدة القارئ 8:136،المبسوط للسرخسيّ 2:65، بدائع الصنائع 1:312،الهداية للمرغينانيّ 1:92،حلية العلماء 2:346.
6- 6) خا،ح و ق:المعارضة.
7- 7) م:لما.
8- 8) ك و ح:قلنا.
9- 9) خا،ح و ق:الفعل.
10- 10) خا،ح و ق:مستحبّة.
11- 11) أكثر النسخ:ليدلّ.
فروع:
الأوّل:هذه الكيفيّة مستحبّة

بلا خلاف عندنا.و قد روى الشيخ عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليه السلام قال:«إذا صلّيت على المرأة فقم عند رأسها،و إذا صلّيت على الرجل فقم عند صدره» (1).و الكلّ جائز.

الثاني:لو اجتمعت جنازة رجل و امرأة جعل وسط الرجل عند صدر المرأة.

و عن أحمد روايتان:إحداهما مثل ما قلناه،و الأخرى:أنّه يسوّى رأس أحدهما مع رأس الآخر (2).

لنا:أنّ ما ذكرناه أولى،لأنّه موقف الفضيلة في الرجل و المرأة،و الاجتماع لا ينافي ذلك.

الثالث:لا فرق بين كبير الرجال و صغيرهم ،

(3)(4)

و لا بين حرّهم و عبدهم، و كذا النساء.

مسألة:و لو حضرت جنائز تخيّر الإمام في الصلاة على كلّ واحدة بانفرادها،و على
اشارة

الجميع دفعة واحدة،

(5)

و أن يجمع بعضا (6)و يصلّي عليهم و يفرق آخرين،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشهداء أحد.و لا نعرف خلافا فيه.

ص:355


1- 1التهذيب 3:190 الحديث 432 و ص 319 الحديث 989،الاستبصار 1:470 الحديث 1817،الوسائل 2: 805 الباب 27 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 2:390،الشرح الكبير بهامش المغني 2:343،الكافي لابن قدامة 1:345،الإنصاف 2:518- 519،المجموع 5:225.
3- 3) خا،ح و ق:الرجل.
4- 4) خا،ح و ق:أو صغيرهم.
5- 5) م:الجمع.
6- 6) ن:بعضها.
فروع:
الأوّل:لو خيف على بعضهم الفساد قدّم في الصلاة،

و لو خيف على الجميع (1)صلّي عليهم صلاة واحدة.

الثاني:لو اجتمعت جنازة رجل و امرأة ،جعل الرجل ممّا يلي الإمام و المرأة

ممّا يلي القبلة.

(2)

قاله علماؤنا أجمع،و به قال جميع الفقهاء.

و قال الحسن البصريّ بالعكس (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عمّار بن أبي عمّار (4)قال:شهدت جنازة أمّ كلثوم (5)بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام و ابنها زيد بن عمر (6)،فوضع الغلام بين يدي الإمام و المرأة خلفه،و في الجماعة الحسن و الحسين عليهما السلام،و ابن عبّاس،و ابن عمر،و ثمانون نفسا

ص:356


1- 1م:الجمع.
2- 2) ح:الرجل و المرأة،خا:الرجل و امرأة.
3- 3) حلية العلماء 2:350،المجموع 5:228،نيل الأوطار 4:111.
4- 4) عمّار بن أبي عمّار مولى بني هاشم،و يقال:مولى بني الحارث بن نوفل أبو عمرو أو أبو عبد اللّه المكّيّ،روى عن ابن عبّاس و أبي هريرة و أبي سعيد و أبي قتادة،و روى عنه عطاء و نافع و عليّ بن زيد بن جدعان و يونس بن عبيد،مات في ولاية خالد بن عبد اللّه القسريّ على العراق. تهذيب التهذيب 7:404، [1]رجال صحيح مسلم 2:91.
5- 5) أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام الهاشميّة،ولدت في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أمّها فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،خطبها عمر بن الخطّاب إلى أبيها عليّ عليه السلام،فقال: إنّها صغيرة،فقال عمر:زوّجنيها يا أبا الحسن فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد،فتزوّجها و ولدت له زيد بن عمر الأكبر و رقيّة.توفّيت أمّ كلثوم و ابنها في وقت واحد. أسد الغابة 5:614، [2]الإصابة 4:492، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 4:490. [5]
6- 6) زيد بن عمر بن الخطّاب أمّه أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام،بناء على ما عليه العامّة و بعض الخاصّة من تزويجها بعمر بن الخطّاب،و كان زيد قد أصيب في حرب كانت بين بني عديّ خرج ليصلح بينهم فضربه رجل منهم في الظلمة فشجّه و صرعه فعاش أيّاما ثمَّ مات هو و أمّه. أسد الغابة 5:615، [6]الإصابة 4:492، [7]الاستيعاب [8]بهامش الإصابة 4:490. [9]

من الصحابة،فقلت:ما هذا؟فقالوا:هذه السنّة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الرجال و النساء كيف يصلّى عليهم؟قال:«الرجل أمام النساء ممّا يلي الإمام يصفّ بعضهم على أثر بعض» (2).

و في الصحيح عن زرارة و الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:في الرجل و المرأة كيف يصلّى عليهما؟فقال:«يجعل الرجل وراء المرأة (3)،و يكون الرجل ممّا يلي الإمام» (4).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جنائز الرجال و النساء إذا اجتمعت،فقال:«يقدّم (5)الرجال في كتاب عليّ عليه السلام» (6).

و لأنّ الرجل أشرف من المرأة و ما يلي الإمام أكمل.

احتجّوا بأنّ أشرف المواضع ما يلي القبلة (7).

و الجواب:الاعتبار بالقرب من الإمام.

الثالث:هذه الكيفيّة و الترتيب ليس واجبا

بلا خلاف.

روى الشيخ في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ قال:سألته عن الرجل و المرأة يصلّى

ص:357


1- 1سنن أبي داود 3:208 الحديث 3193، [1]سنن البيهقيّ 4:33،سنن الدارقطنيّ 2:79 الحديث 13.
2- 2) التهذيب 3:323 الحديث 1005،الاستبصار 1:471 الحديث 1822 و فيه«الرجال»،الوسائل 2:808 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
3- 3) في النسخ و كذا في التهذيب:و المرأة، [3]مكان:و وراء المرأة،و [4]ما أثبتناه من الاستبصار و الوسائل. [5]
4- 4) التهذيب 3:323 الحديث 1006،الاستبصار 1:471 الحديث 1823 و فيه:يجعل المرأة [6]وراء المرأة، [7]الوسائل 2:810 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 10. [8]
5- 5) ص،ف،و،تقدّم،كما في التهذيب.
6- 6) التهذيب 3:322 الحديث 1003،الاستبصار 1:472 الحديث 1826،الوسائل 2:809 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 4. [9]
7- 7) نيل الأوطار 4:111.

عليهما،قال:«يكون الرجل بين يدي المرأة ممّا يلي القبلة» (1).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بأن يقدّم الرجل و تؤخّر المرأة و يؤخّر الرجل و تقدّم المرأة«يعني في الصلاة على الميّت (2).

الرابع:لو كانوا رجالا قدّم إلى الإمام أفضلهم،

لأنّه أفضل من الآخر فأشبه الرجل مع المرأة.

الخامس:لو اجتمع رجل و امرأة و صبيّ تجب الصلاة عليه،

و خنثى و عبد،قدّم الحرّ أوّلا إلى ما يلي الإمام،ثمَّ العبد،ثمَّ الصبيّ،ثمَّ الخنثى،ثمَّ المرأة،أمّا لو كان الصبيّ ممّن لا تجب الصلاة عليه فإنّه يؤخّر عن المرأة.

و قال الشافعيّ:يجعل الصبيّ إلى الإمام،و المرأة إلى القبلة كيف كان (3).

لنا:أنّه لا تجب الصلاة عليه،فكان الاعتبار بتقديم من تجب الصلاة عليه أولى، فيكون مرتبته أقرب إلى الإمام.أمّا إذا كان الصبيّ ممّن تجب الصلاة عليه فإنّه يقدّم إلى الإمام قبل المرأة.قاله الشيخ في الخلاف (4).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن ابن بكير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جنائز الرجال و الصبيان و النساء،قال:«توضع النساء ممّا يلي القبلة، و الصبيان دونهم،و الرجال دون ذلك،و يقوم الإمام ممّا يلي الرجال» (5).

ص:358


1- 1التهذيب 3:323 الحديث 1008،الاستبصار 1:472 الحديث 1825،الوسائل 2:810 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 3:324 الحديث 1009،الاستبصار 1:473 الحديث 1828،الوسائل 2:810 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 6. [2]
3- 3) الأمّ 1:275،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:38،حلية العلماء 2:350،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5: 226،فتح العزيز بهامش المجموع 5:164،مغني المحتاج 1:348،السراج الوهّاج:109.
4- 4) الخلاف 1:294 مسألة-76.
5- 5) التهذيب 3:323 الحديث 1007 و فيه:دونهنّ،مكان:دونهم،الاستبصار 1:472 الحديث 1824، الوسائل 2:809 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [3]

احتجّ الشافعيّ (1)بأنّ ابن أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام قدّم عليها و جعل ممّا يلي الإمام (2).

و الجواب:ذلك (3)جائز،مستحبّ خلافه،فجاز فعله تارة و فعل الراجح أخرى.

و في رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:كان (4)إذا صلّى على المرأة و الرجل قدّم المرأة و أخّر الرجل،فإذا صلّى على العبد و الحرّ قدّم العبد و أخّر الحرّ، و إذا (5)صلّى على الكبير و الصغير قدّم الصغير و أخّر الكبير (6).

و أخّر الخنثى عن الرجل،لجواز أن يكون امرأة،و قدّم على المرأة،لجواز أن يكون رجلا،أمّا لو اجتمع عبد كبير و حرّ صغير فالأقرب تقديم الكبير،لأنّه يقدّم في الإمامة فكذا هنا.

السادس في الرجل يصلّي على ميّتين أو ثلاثة،كيف يصلّي عليهم

روى الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلّي على ميّتين أو ثلاثة (7)،كيف يصلّي عليهم؟قال:«إن كان ثلاثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصلّ عليهم صلاة واحدة،يكبّر عليهم خمس تكبيرات،كما يصلّي على ميّت واحد،و قد (8)صلّى عليهم جميعا،يضع ميّتا واحدا،ثمَّ يجعل الآخر إلى ألية الأوّل،ثمَّ يجعل رأس الثالث إلى ألية الثاني شبه المدرج حتّى يفرغ منهم كلّهم ما كانوا،فإذا سوّاهم هكذا قام

ص:359


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:224،فتح العزيز بهامش المجموع 5:164.
2- 2) تقدّم في ص 349.
3- 3) ن،ك،ش و م:أنّ ذلك.
4- 4) لا توجد كلمة:كان في أكثر النسخ.
5- 5) م و ن:فإذا.
6- 6) الكافي 3:175 الحديث 3، [1]التهذيب 3:322 الحديث 1002،الاستبصار 1:471 الحديث 1821،الوسائل 2:809 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [2]
7- 7) هامش ح:ثلاثة موتى،كما في المصادر.
8- 8) ح:و من،كما في الاستبصار.

في الوسط فكبّر خمس تكبيرات،يفعل كما يفعل إذا صلّى على ميّت واحد»و سئل (1)عليه السلام (2):فإن كانوا موتى (3)رجالا و نساء؟قال:«يبدأ بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى ألية الأوّل حتّى يفرغ من الرجال كلّهم،ثمَّ يجعل رأس المرأة إلى ألية الرجل الأخير،ثمَّ يجعل رأس المرأة الأخرى إلى ألية (4)المرأة الأولى حتّى يفرغ منهم كلّهم، فإذا سوّى هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبّر و صلّى عليهم كما يصلّي على ميّت واحد» (5).

السابع:لو اختلف الأولياء فقال كلّ منهم:أنا أصلّي عليهم،

فالأقرب عندي تقديم من هو أولى بالإمامة في الفرائض.

و قال الشافعيّ:يقدّم من سبق ميّتة (6)،فإن استووا فالقرعة (7).

لنا:أنّهم مع تساويهم في الاستحقاق شابهوا الأولياء (8)إذا تساووا في الدرجة.

و لو أراد كلّ واحد منهم أن ينفرد ميّته بصلاة جاز.

مسألة:و يجب أن يكون رأس الميّت إلى يمين الإمام و رجلاه إلى يساره،

لأنّ المنقول عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (9)في صلاته هو هذا.

ص:360


1- 1ح:سئل،كما في المصادر.
2- 2) لا توجد في خا و ح،كما في المصادر.
3- 3) خا،ح و ق:فإن استوى موتى،و في الاستبصار و الوسائل: [1]فإن كان الموتى.
4- 4) أكثر النسخ:رأس،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 3:322 الحديث 1004،الاستبصار 1:472 الحديث 1827،الوسائل 2:808 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [2]
6- 6) غ:ميّتته.
7- 7) الأمّ 1:276،المجموع 5:227،فتح العزيز بهامش المجموع 5:164،مغني المحتاج 1:348.
8- 8) ح:الوليّين.
9- 9) ص،ف و ن:عليه السلام.

و في حديث الحلبيّ:«و يكون رأس الرجل ممّا يلي يمين الإمام» (1).

لو تبيّن أنّها مقلوبة أعيدت الصلاة عليها ما لم تدفن،لأنّه مخالف لما ثبت في السنّة المتّبعة (2)فلا اعتداد به.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن ميّت صلّى عليه،فلمّا سلّم الإمام فإذا الميّت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه،قال:

«يسوّى (3)و تعاد الصلاة عليه-و إن كان قد حمل-ما لم يدفن،فإن كان قد دفن فقد مضت الصلاة (4)،[و] (5)لا يصلّى عليه و هو مدفون» (6).

مسألة:و أقلّ من يجزئ صلاته على الميّت شخص واحد.
اشارة

(7)

و للشافعيّ قولان:

أحدهما مثل ما قلناه.

و الثاني:أنّ أقلّ المجزي ثلاثة رجال (8).

لنا:أنّها صلاة لا تفتقر إلى الجماعة فلا يشترط (9)لها العدد،كغيرها من الصلوات.

و لأنّها فرض كفاية يكتفى فيه بفعل واحد،كغيره من فروض الكفايات.

ص:361


1- 1التهذيب 3:323 الحديث 1008،الاستبصار 1:472 الحديث 1825،الوسائل 2:810 الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 7. [1]
2- 2) ح و ق:المنيعة.
3- 3) خا و ق:يستوي.
4- 4) هامش ح بزيادة:عليه،كما في المصادر.
5- 5) أثبتناها من المصادر.
6- 6) التهذيب 3:201 الحديث 470،الاستبصار 1:482 الحديث 1870،الوسائل 2:796 الباب 19 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]
7- 7) ح و ق:فأقلّ.
8- 8) الأمّ 1:276،حلية العلماء 2:342،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:212،فتح العزيز بهامش المجموع 5:188-189،مغني المحتاج 1:345،السراج الوهّاج:108.
9- 9) ح و ق:يشرط.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن القاسم بن عبيد اللّه القمّيّ (1)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يصلّي على جنازة وحده،قال:«نعم»قلت:فاثنان يصلّيان عليها؟ قال:«نعم،و لكن يقوم أحدهما خلف الآخر و لا يقوم بجنبه» (2).

احتجّ المخالف (3)بقوله عليه السلام:«صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه» (4).و هذا جمع أقلّه ثلاثة.

و الجواب:أنّ الجمع في الخطاب لا يستلزم الجمع في الفعل و إلاّ لوجب الاشتراط المذكور في قوله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (5).و هو باطل بالإجماع.

فروع:
الأوّل:لو صلّى على الميّت اثنان وقف المأموم خلف الإمام،

و لا يقف عن يمينه،بخلاف الفرائض،لرواية القاسم بن عبيد اللّه (6)القمّيّ عن أبي عبد اللّه

ص:362


1- 1أكثر النسخ و بعض المصادر:القاسم بن عبد اللّه،و الصحيح:القاسم بن عبيد اللّه القمّيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه زكريّا بن موسى في التهذيب 3:319 الحديث 990،و لكنّ الرواية بعينها رواها الكلينيّ في الكافي 3:176،و [1]الصدوق في الفقيه 1:103 الحديث 476،و العامليّ في الوسائل [2]عن اليسع بن عبد اللّه القمّيّ،قال المامقانيّ:لم يعلم أيّهما أصوب و إن كان المظنون كون الصواب ما في الكافي [3]لغاية ضبطه،ثمَّ قال: و الرجل مجهول.و يظهر من السيّد الخوئيّ ترجيح ما في الكافي، [4]لكونه موافقا لما في الفقيه و الوافي و [5]الوسائل و [6]اللّه العالم. جامع الرواة 2:18، [7]تنقيح المقال 3:329، [8]معجم رجال الحديث 14:29. [9]
2- 2) التهذيب 3:319 الحديث 990،الوسائل 2:805 الباب 28 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1.و [10]فيهما: «يقوم الآخر خلف الآخر»و في الوسائل: [11]عن اليسع بن عبد اللّه القمّيّ.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:212،فتح العزيز بهامش المجموع 5:188،مغني المحتاج 1:345.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:56 الحديث 3،4،مجمع الزوائد 2:67،كنز العمّال 15:580 الحديث 42264،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:45،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:342 الحديث 13622.
5- 5) البقرة(2):43،83 و [12] 110،النساء(4):77، [13]النور(24):56، [14]المزّمّل(73):20. [15]
6- 6) خا،ح و ق:عبد اللّه.

عليه السلام (1).

الثاني:لو صلّى جماعة استحبّ أن يقف المأمومون خلف الإمام و يتقدّمهم

الإمام،

(2)(3)

و لو كان فيهم نساء وقفن آخر الصفوف،و لو كان فيهنّ حائض انفردت بارزة عنهم و عنهنّ.

الثالث:الصفّ الأخير في الصلاة على الجنائز أفضل من الصفّ الأوّل.

روى ذلك الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:خير الصفوف في الصلاة المقدّم (4)،و خير الصفوف في الجنائز المؤخّر»قيل:

يا رسول اللّه (5)و لم؟قال:«صار سترة لنساء» (6).

الرابع:ينبغي أن لا يتباعد عن الجنازة بل يقف قريبا منها،

و أن يصلّي جماعة.

و لو صلّيت فرادى جاز،كما صلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (7).

مسألة:و لو صلّى على جنازة فحضرت أخرى قبل الإتمام تخيّر في الإتمام

على الأولى،

و استئناف الصلاة على الثانية،و في استئناف الصلاة عليهما معا،لأنّ مع كلّ واحد من هذين الأمرين تحصل الصلاة عليهما،و هو المطلوب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن قوم كبّروا على جنازة تكبيرة أو ثنتين،و وضعت معها أخرى كيف يصنعون؟قال:«إن شاءوا تركوا الأولى حتّى يفرغوا من التكبير على الأخيرة،و إن

ص:363


1- 1الفقيه 1:103 الحديث 477،الكافي 3:176 الحديث 1، [1]التهذيب 3:319 الحديث 990،الوسائل 2: 805 الباب 28 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [2]في المصادر ما عدا التهذيب:عن اليسع بن عبد اللّه.
2- 2) خا،ح و ق:المأموم.
3- 3) ك و ح:و يقدّمهم.
4- 4) أكثر النسخ:المتقدّم.
5- 5) ح بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
6- 6) التهذيب 3:319 الحديث 991،الوسائل 2:806 الباب 29 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [3]
7- 7) ص،ف،ن و ق:عليه السلام.

شاءوا رفعوا الأولى فأتمّوا التكبير على الأخيرة،كلّ ذلك لا بأس به» (1).

مسألة:و يصلّى على الجنائز في كلّ وقت ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:تكره الصلاة عليها عند طلوع الشمس و غروبها و نصف النهار (3).

و به قال ابن عمر (4)،و عطاء (5)،و النخعيّ (6)،و الأوزاعيّ،و الثوريّ (7)،و إسحاق (8).و عن أحمد روايتان (9).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ أبا هريرة صلّى على الجنازة و الشمس على أطراف الجدر (10).

و عنه أنّه صلّى على عقيل (11)حين اصفرّت الشمس،و لم ينكر عليه

ص:364


1- 1التهذيب 3:327 الحديث 1020،الوسائل 2:811 الباب 34 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 1:279،حلية العلماء 2:342،المهذّب للشيرازيّ 1:132،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،المجموع 5:213،سنن الترمذيّ 3:349، [2]بداية المجتهد 1:242،عمدة القارئ 8:124.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:68،تحفة الفقهاء 1:105 و 252،بدائع الصنائع 1:316،الهداية للمرغينانيّ 1: 40، [3]شرح فتح القدير 1:202-203،المغني 2:417،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،بداية المجتهد 1:242.
4- 4) المصنّف لعبد الرزّاق 3:523 الرقم 6565،المغني 2:417،عمدة القارئ 8:123.
5- 5) المصنّف لعبد الرزّاق 3:524 الرقم 6566،المغني 2:417،بداية المجتهد 1:242.
6- 6) المغني 2:417،بداية المجتهد 1:242.
7- 7) المغني 2:417،المجموع 4:172.
8- 8) سنن الترمذيّ 3:349، [4]المغني 2:417،المجموع 4:172،عمدة القارئ 8:124.
9- 9) المغني 2:416،الميزان الكبرى 1:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،عمدة القارئ 8:124. في جميع المصادر ما عدا المغني نقل عن أحمد قول واحد و هو القول بالكراهة.
10- 10) سنن البيهقيّ 2:460.
11- 11) عقيل بن أبي طالب يكنّى أبا يزيد و كان عالما بأنساب العرب فصيحا،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.و روى الصدوق في أماليه ما يدلّ على مدحه،و ذكر الكشّيّ أنّ السجاد عليه السلام بنى دار عقيل التي هدّمت من المال الذي بعثه إليه المختار،و قال المامقانيّ:نحن لا نثق بخبره. رجال الطوسيّ:48،رجال الكشّيّ:128،تنقيح المقال 2:255. [5]

ذلك (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«يصلّى على الجنازة في كلّ ساعة،إنّها ليست بصلاة ركوع و لا سجود،و إنّما تكره الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها الّتي فيها الخشوع و الركوع و السجود،لأنّها تغرب بين قرني شيطان،و تطلع بين قرني شيطان» (2).

و عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:هل يمنعك شيء من هذه الساعات عن (3)الصلاة على الجنائز؟فقال:«لا» (4).

و في الصحيح عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بالصلاة على الجنائز حين تغيب الشمس و حين تطلع،إنّما هو استغفار» (5).

و لأنّها صلاة مفروضة فلا تكره في هذه الأوقات.و لأنّها صلاة ذات (6)سبب فجاز فعلها في الوقت المنهيّ عنه،كما يجوز عبد العصر.

احتجّ المخالف (7)بما رواه عقبة بن عامر قال:ثلاث ساعات كان رسول اللّه صلّى اللّه

ص:365


1- 1سنن البيهقيّ 4:32 بتفاوت يسير.
2- 2) التهذيب 3:202 الحديث 474 و ص 321 الحديث 998،الاستبصار 1:470 الحديث 1814،الوسائل 2: 797 الباب 20 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [1]
3- 3) م:ن.
4- 4) التهذيب 3:321 الحديث 997،الاستبصار 1:469 الحديث 1813،الوسائل 2:797 الباب 20 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 3:321 الحديث 999،الاستبصار 1:470 الحديث 1815،الوسائل 2:797 الباب 20 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [3]
6- 6) خا،ح و ق:ذا.
7- 7) المغني 2:416،المبسوط للسرخسيّ 2:68،بدائع الصنائع 1:316،بداية المجتهد 1:242،عمدة القارئ 8:123.

عليه و آله ينهانا أن نصلّي فيهنّ و أن نقبر فيهنّ موتانا (1).و ذكر هذه الساعات الثلاث.

و الجواب:أنّه محمول على أنّه نهى أن يتحرّى ذلك الوقت بالصلاة على الجنازة (2).

و قد روى الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«تكره الصلاة على الجنائز حين تصفّر الشمس و حين تطلع (3)» (4).و هو خبر شاذّ و في طريقه أبان و فيه قول (5)،فلا اعتداد به في مخالفة الأحاديث الصحاح.

فروع:
الأوّل:لا تكره الصلاة عليها ليلا.

و قال الحسن البصريّ:تكره (6).

لنا:ما تقدّم.

و ما رواه الجمهور أنّ مسكينة صلّي عليها ليلا،و دفنت ليلا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم ينكر و قال:«ألا آذنتموني؟»فقالوا:كرهنا أن نوقظك،و صلّى على قبرها (7).

و من طريق الخاصّة:ما رووه من الصلاة على فاطمة عليها السلام ليلا (8).

ص:366


1- 1صحيح مسلم 1:568 الحديث 831،سنن أبي داود 3:208 الحديث 3192، [1]سنن الترمذيّ 3:348 الحديث 1030، [2]سنن ابن ماجه 1:486 الحديث 1519،سنن النسائيّ 4:82،سنن الدارميّ 1:333، [3]مسند أحمد 4: 152، [4]سنن البيهقيّ 4:32.
2- 2) م:الجنائز.
3- 3) م و ن:طلع.
4- 4) التهذيب 3:321 الحديث 1000،الاستبصار 1:470 الحديث 1816،الوسائل 2:798 الباب 20 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 5. [5]
5- 5) هو أبان بن عثمان الأحمر،صرّح الكشّيّ بأنّه من الناووسيّة. رجال الكشّيّ:352.
6- 6) المغني 2:417،حلية العلماء 2:353،المجموع 5:302،نيل الأوطار 4:69 و 138.
7- 7) سنن النسائيّ 4:69،الموطّأ 1:227 الحديث 15، [6]سنن البيهقيّ 4:48.
8- 8) كشف الغمّة 1:502،الوسائل 2:776 الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 24. [7]
الثاني:لو حضرت الجنازة و المكتوبة تخيّر في تقديم أيّهما شاء.

و قال أحمد:يبدأ بالمكتوبة إلاّ الفجر و العصر،لأنّ ما بعدهما وقت منهيّ عن الصلاة فيه (1).

لنا:أنّهما صلاتا فرض فلا أولويّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها قبل الصلاة على الميّت،إلاّ أن يكون مبطونا أو نفساء و نحو ذلك» (3).

و عن جابر قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إذا حضرت الصلاة على الجنازة في وقت مكتوبة فبأيّهما أبدأ؟فقال:«عجّل الميّت إلى قبره إلاّ أن تخاف أن يفوت وقت الفريضة،و لا (4)تنتظر بالصلاة على الجنازة طلوع الشمس و لا غروبها» (5).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن صلاة الجنائز إذا احمرّت الشمس أ تصلح (6)أو لا؟قال:«لا صلاة في وقت صلاة» و قال:«إذا وجبت الشمس فصلّ المغرب ثمَّ صلّ على الجنائز (7)» (8).و مع وقوع التعارض ثبت التخيير.

ص:367


1- 1المغني 2:416.
2- 2) أكثر النسخ:ما رواه هارون بن حمزة.
3- 3) التهذيب 3:320 الحديث 994،الوسائل 2:807 الباب 31 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
4- 4) في النسخ:فلا،و ما أثبتناه من المصادر.
5- 5) التهذيب 3:320 الحديث 995،الاستبصار 1:469 الحديث 1812،الوسائل 2:807 الباب 31 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [2]
6- 6) ص،ك،خا،م و ن:أ يصلح.
7- 7) م:الجنازة.
8- 8) التهذيب 3:320 الحديث 996،الوسائل 2:808 الباب 31 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 3. [3]
الثالث:لو خيف فوت أحدهما تعيّن للسبق ،

(1)(2)

فلو تضيّق وقت الحاضرة،بدأ بها،و لو خيف على الميّت بدأ بالصلاة عليه،لأنّ مع المبادرة إلى ما يخاف فوته يحصل الجمع بين الواجبين فيكون متعيّنا.أمّا لو تضيّقا معا فالأقرب المبادرة إلى الفريضة،لأنّ مع تأخير الجنازة يكون المحذور أقلّ ممّا يحصل لو أخرت الفريضة.

مسألة:و تكره الصلاة على الجنائز في المساجد،
اشارة

و الأفضل الإتيان بها في المواضع المختصّة بذلك المعتادة بها،إلاّ بمكّة.و به قال مالك (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ (5)،و أحمد:لا يكره في المساجد (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من صلّى على جنازة (7)في المسجد فلا شيء له» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد

ص:368


1- 1أكثر النسخ:فوات.
2- 2) ح:السبق،ك:المسبوق،خا:المضيّق،ق:المسبق.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:177،بداية المجتهد 1:242،بلغة السالك 1:202،المغني 2:372،الشرح الكبير بهامش المغني 2:359،المجموع 5:213.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:68،الهداية للمرغينانيّ 1:92،مجمع الأنهر 1:184،شرح فتح القدير 2:90، عمدة القارئ 8:20،المغني 2:372،الشرح الكبير بهامش المغني 2:359،المجموع 5:213.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:213، [1]الميزان الكبرى 1:205،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،إرشاد الساري 2:429،المغني 2:372،المحلّى 5:162،المبسوط للسرخسيّ 2:68،عمدة القارئ 8: 20.
6- 6) المغني 2:372،الكافي لابن قدامة 1:343،الإنصاف 2:538، [2]المجموع 5:213،الميزان الكبرى 1: 205،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:97،بداية المجتهد 1:242،عمدة القارئ 8:20.
7- 7) ح:الجنازة.
8- 8) سنن أبي داود 3:207 الحديث 3191، [3]سنن ابن ماجه 1:486 الحديث 1517،مسند أحمد 2:455، [4]سنن البيهقيّ 4:52.

العلويّ (1)قال:كنت في المسجد و قد جيء بجنازة،فأردت أن أصلّي عليها،فجاء أبو الحسن الأوّل عليه السلام فوضع مرفقه في صدري فجعل يدفعني حتّى أخرجني من المسجد،ثمَّ قال:«يا أبا بكر (2)،إنّ الجنائز (3)لا يصلّى عليها في المسجد» (4).

و لأنّها مخالفة للفرائض (5)اليوميّة فاستحبّ تجنّب المساجد عنها كالعيدين،و لأنّه لا يؤمن على الميّت من الانفجار،فيجنّب المسجد عنه استظهارا (6).

احتجّ المخالف (7)بأنّ سعد بن أبي وقّاص لمّا مات قالت عائشة:أدخلوه المسجد لأصلّي عليه،فأنكروا عليها ذلك،فقالت:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى على سهيل بن بيضاء (8)في المسجد (9).

ص:369


1- 1أبو بكر بن عيسى بن أحمد العلويّ،لم نعثر على ترجمته أكثر ممّا قال المحقّق الأردبيليّ من أنّه روى عنه موسى بن طلحة عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام في التهذيب في باب الصلاة على الأموات الحديث 1016،و في الاستبصار في باب المواضع التي يصلّى فيها على الجنائز الحديث 1831،و في الكافي [1]في باب الصلاة على الجنائز في المساجد. جامع الرواة 2:370. [2]
2- 2) أكثر النسخ:يا بابكر،كما في الوسائل. [3]
3- 3) ح:الجنازة.
4- 4) التهذيب 3:326 الحديث 1016 و فيه«لا يصلّى عليها في المساجد»،الاستبصار 1:473 الحديث 1831، الوسائل 2:807 الباب 30 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 2. [4]
5- 5) م:الفرائض.
6- 6) ن،ك،ح و ق:استطهارا.
7- 7) المغني 2:372،المهذّب للشيرازيّ 1:132،المجموع 5:214،المحلّى 5:162،بداية المجتهد 1:242، إرشاد الساري 2:429،عمدة القارئ 8:20.
8- 8) سهيل بن بيضاء القرشيّ الفهريّ و بيضاء أمّه و اسم أبيه وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر و هو قرشيّ من بني فهر قديم الإسلام هاجر إلى أرض الحبشة ثمَّ عاد إلى مكّة و هاجر إلى المدينة ثمَّ شهد بدرا و مات بالمدينة في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنة تسع،و صلّى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد. أسد الغابة 2:370، [5]الإصابة 2:85، [6]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:107، [7]العبر 1:10. [8]
9- 9) صحيح مسلم 2:668 الحديث 973،سنن أبي داود 3:207 الحديث 3189،3190، [9]سنن ابن ماجه 1: 486 الحديث 1518،سنن النسائيّ 4:68،سنن البيهقيّ 4:51.

و لأنّها صلاة فأشبهت غيرها من الصلوات (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا حجّة فيه.

أمّا أوّلا:فلأنّه فعل عائشة،فجاز أن يكون عن رأي لها.

و أمّا ثانيا:فلأنّ الصحابة أنكروا عليها ذلك،و لو لم يعلموا (2)كراهية ذلك لم ينكروه (3).

و أمّا ثالثا:فلأنّها امرأة مأمورة بترك الخروج من منزلها،و قد أرادت الصلاة عليه فأمرتهم لهذه الفائدة،و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك في واقعة سهيل يدلّ على الجواز و نحن نقول به،و القياس باطل،لوقوع الفرق بما قلناه من عدم الأمن من الانفجار.

فروع:
الأوّل:مكّة كلّها مسجد،

فلو كرهت الصلاة في بعض مساجدها لزم التعميم فيها أجمع،و هو خلاف الإجماع.

الثاني:لا فرق بين المساجد كلّها في ذلك إلاّ بمكّة .

(4)

و قال أبو حنيفة:لا يكره في مسجد اتّخذ لذلك (5).

لنا:أنّ الصلاة على الجنائز (6)في المسجد مكروهة،فاتّخاذ مسجد لذلك مكروه.

الثالث:ما ذكرناه من الأخبار الدالّة على النهي،المراد بها نهي الكراهية إجماعا.

(7)

و لما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،

ص:370


1- 1ح:الصلاة.
2- 2) ح،ق و خا:يعلم.
3- 3) ح،ق و خا:لم ينكروها.
4- 4) ح:إلاّ مكّة.
5- 5) الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:184.
6- 6) أكثر النسخ:الجنازة.
7- 7) ص،ف،غ و م:الكراهة.

هل يصلّى على الميّت في المسجد؟قال:«نعم» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام مثل ذلك (2).

الرابع:هل تكره الصلاة في المقبرة؟

عندي فيه تردّد ينشأ من كون (3)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على قبر المسكينة (4)و هو (5)في المقبرة (6)،و من النهي عن الصلاة في المقابر، و الأقرب في ذلك:الكراهية (7)،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي في المصلّى و لم يكن مقبرة،و المداومة تدلّ على الرجحان.

البحث الخامس:في الدفن
اشارة

و هو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض (8)،و إن لم يقم به أحد لحق جميع من علم به الإثم و الذمّ،بلا خلاف بين العلماء في ذلك.

و فيه فضل كثير.روى الشيخ عن سعد بن طريف،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«من حفر لميّت قبرا كان كمن بوّأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة» (9).

ص:371


1- 1التهذيب 3:320 الحديث 992 و ص 325 الحديث 1013،الاستبصار 1:473 الحديث 1829،الوسائل 2:806 الباب 30 من أبواب صلاة الجنازة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 3:325 الحديث 1014،الاستبصار 1:473 الحديث 1830،الوسائل 2:806 الباب 30 من أبواب صلاة الجنازة ذيل الحديث 1.
3- 3) ح:صلاة.
4- 4) ح و ن:مسكينة.
5- 5) غ:و هي.
6- 6) سنن النسائيّ 4:69،الموطّأ 1:227 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:48.
7- 7) خا،ح و ق:الكراهة.
8- 8) م بزيادة:الباقين.
9- 9) التهذيب 1:450 الحديث 1462،الوسائل 2:832 الباب 11 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]

و الواجب (1)مواراته في الأرض مع المكنة بلا خلاف،و أن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا نام أحدكم فليتوسّد يمينه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«و أدخلته اللحد و وجّهته القبلة» (3).

و لقوله عليه السلام:«خير المجالس ما استقبل به (4)القبلة» (5).و هو في (6)حال يطلب له فيه الخير.

و لأنّه أولى من حال التغسيل و الاحتضار،و قد بيّنّا وجوب الاستقبال هناك (7).

و الاستقبال به هنا أن يوضع كما يوضع وقت الصلاة عليه.

مسألة:يستحبّ أن يوضع،دون القبر،ثمَّ ينزل إلى القبر في ثلاث دفعات،

(8)(9)

بأن ينقل قليلا ثمَّ يوضع،ثمَّ ينقل ثمَّ يوضع،ثمَّ ينقل و يجعل في القبر.

روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ينبغي أن يوضع الميّت دون القبر هنيئة ثمَّ واره» (10).

ص:372


1- 1ح:و الحقّ و الواجب،ق:و الحقّ،خا:و الحقّ فرض.
2- 2) مسند أحمد 2:432 بتفاوت يسير.
3- 3) التهذيب 1:448 الحديث 1449،الوسائل 2:885 الباب 61 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
4- 4) أكثر النسخ:فيه،م:بها،و ما أثبتناه من المصادر.
5- 5) الشرائع 4:73، [2]الوسائل 8:475 الباب 76 من أبواب أحكام العشرة الحديث 3. [3]
6- 6) ليست في غ.
7- 7) يراجع:ص 133 من الاحتضار و ص 141 من التغسيل.
8- 8) أكثر النسخ:و يستحبّ.
9- 9) ك،خا،ح و ق:نزل.
10- 10) التهذيب 1:313 الحديث 908،الوسائل 2:837 الباب 16 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]

و عن محمّد بن عجلان (1)قال:سمعت صادقا يصدق على اللّه-يعني أبا عبد اللّه عليه السلام-قال:«إذا جئت بالميّت إلى قبره فلا تفدحه بقبره،و لكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع،و دعه حتّى يتأهّب للقبر و لا تفدحه به» (2).

مسألة:و يستحبّ أن يوضع رأس الميّت عند رجلي القبر،

(3)

ثمَّ يسلّ سلاّ إن كان الميّت رجلا،و إن كان امرأة وضعت قدّام القبر ممّا يلي القبلة،قاله علماؤنا.و به قال ابن عمر،و أنس،و النخعيّ،و الشعبيّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أهل الظاهر (6).

و قال أصحاب الرأي:توضع الجنازة على جانب القبر ممّا يلي القبلة مطلقا (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن يزيد (8)الأنصاريّ (9)أنّ الحارث أوصى أن يليه

ص:373


1- 1محمّد بن عجلان المدنيّ القرشيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،و قال المامقانيّ:الظاهر كونه إماميّا و لكن حاله مجهول. رجال الطوسيّ:136 و 295،تنقيح المقال 3:150. [1]
2- 2) التهذيب 1:313 الحديث 909،الوسائل 2:838 الباب 16 من أبواب الدفن الحديث 3. [2]
3- 3) ش،ك و م:رجل.
4- 4) المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:377،المجموع 5:294.
5- 5) الأمّ 1:273،حلية العلماء 2:364،المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:292،فتح العزيز بهامش المجموع 5:204-205،مغني المحتاج 1:352،المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:377.
6- 6) لم نعثر عليه.
7- 7) بدائع الصنائع 1:318،الهداية للمرغينانيّ 1:93،شرح فتح القدير 2:98،الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:186،المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:377.
8- 8) أكثر النسخ:سويد،ح و ق:سريد.
9- 9) عبد اللّه بن يزيد بن زيد بن حصين بن عمر بن الحارث.الأوسيّ الأنصاريّ شهد الحديبية و هو ابن سبع عشرة سنة و شهد مع عليّ عليه السلام الجمل و صفّين و النهروان و استعمله عبد اللّه بن الزبير على الكوفة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي أيّوب و أبي مسعود و غيرهم،و روى عنه ابنه موسى و ابن ابنته عديّ بن ثابت الأنصاريّ و أبو إسحاق السبيعيّ و جمع. أسد الغابة 3:274، [3]تهذيب التهذيب 6:78. [4]

عند موته فأدخله القبر من قبل رجلي القبر و قال:هذه السنّة (1).

و عن (2)ابن عمر و ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلّ من قبل رأسه سلاّ (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا أتيت بالميّت القبر فسلّه من قبل رجليه» (4).

و عن محمّد بن مسلم قال:سألت أحدهما عليهما السلام عن الميّت،فقال:«يسلّ (5)من قبل الرجلين» (6).

و عن جبير بن نقير (7)الحضرميّ (8)قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ لكلّ بيت بابا،و إنّ باب القبر من قبل الرجلين» (9).

و أمّا اختصاص هذا الحكم بالرجال،فلما رواه الشيخ عن عبد الصمد بن هارون (10)

ص:374


1- 1سنن أبي داود 3:213 الرقم 3211، [1]سنن البيهقيّ 4:54،المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 377،نيل الأوطار 4:126 الحديث 1.
2- 2) ح:و قال.
3- 3) المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:377-378،التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:206، سنن البيهقيّ 4:54،نيل الأوطار 4:127.
4- 4) التهذيب 1:315 الحديث 915،الوسائل 2:848 الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
5- 5) أكثر النسخ:سلّ.
6- 6) التهذيب 1:315 الحديث 916،الوسائل 2:848 الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
7- 7) ن:نفير.
8- 8) جبير بن نفير أبو عبد الرحمن الحضرميّ،كذا عنونه المامقانيّ و قال:لم يتّضح لي حاله،و عدّه ابن عبد البرّ و ابن الأثير بهذا العنوان من الصحابة،و عنونه الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ بعنوان:جبير بن نقير،كما في التهذيب. أسد الغابة 1:272، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:232، [5]جامع الرواة 1:147، [6]تنقيح المقال 1:208، [7]معجم رجال الحديث 4:36. [8]
9- 9) التهذيب 1:316 الحديث 918،الوسائل 2:849 الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 7. [9]
10- 10) عبد الصّمد بن هارون،ليس له عين و لا أثر في كتب الرجال إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ:عبد الصمد بن هارون روى مرفوعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحسن بن صالح الهمدانيّ في التهذيب 1 الحديث 950. معجم رجال الحديث 10:29. [10]

رفع الحديث،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أدخل الميّت القبر إن (1)كان رجلا سلّ سلاّ،و المرأة تؤخذ عرضا فإنّه (2)أستر» (3).

و عن زيد بن عليّ،عن آبائه عليهم السلام،عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

«يسلّ (4)الرجل سلاّ و تستقبل المرأة استقبالا» (5).

احتجّ أبو حنيفة بما رواه إبراهيم النخعيّ قال:حدّثني من رأى أهل المدينة في الزمن الأوّل،يدخلون موتاهم من قبل القبلة و أنّ السلّ شيء أحدثه أهل المدينة (6).

و الجواب:أنّ هذا ضعيف،لأنّ النخعيّ يذهب إلى خلاف ما رواه،فلا يعوّل (7)عليه على أنّ ذلك خبر واحد لا يعارض ما اتّفق أهل الحرمين عليه.

مسألة:و يستحبّ أن ينزل إلى القبر الوليّ أو من يأمره الوليّ إن كان رجلا،
اشارة

و إن كان امرأة لا ينزل إلى قبرها (8)إلاّ زوجها أو ذو رحم لها.و هو وفاق العلماء.

روى الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«إنّما يلي الرجل أهله»و لمّا توفّي النبي صلّى اللّه عليه و آله الحدة (9)العبّاس و عليّ و أسامة.رواه أبو داود (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن عجلان،عن أبي عبد اللّه

ص:375


1- 1ك و ن:فإن.
2- 2) ح،ق و خا:و إنّه.
3- 3) التهذيب 1:325 الحديث 950،الوسائل 2:865 الباب 38 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
4- 4) أكثر النسخ:سلّ.
5- 5) التهذيب 1:326 الحديث 951،الوسائل 2:865 الباب 38 من أبواب الدفن الحديث 2. [2]
6- 6) بدائع الصنائع 1:319،المغني 2:374،الشرح الكبير بهامش المغني 2:377.
7- 7) ح،ق و خا:نعوّل.
8- 8) ش،ك و ن:إليها.
9- 9) خا،ح و ق:اتّخذه.
10- 10) سنن أبي داود 3:213 الحديث 3209. [3]

عليه السلام قال:«سلّه سلاّ رفيقا،فإذا وضعته (1)في لحده فليكن أولى الناس به ممّا يلي رأسه» (2)الحديث.

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:

مضت السنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ المرأة لا يدخل قبرها إلاّ من كان يراها في حياتها» (3).

و لأنّها حالة يطلب فيها الحظّ للميّت و الرفق به،فكان ذو الرحم أولى.

فروع:
الأوّل:الرجال أولى بدفن الرجال،

بلا خلاف بين العلماء في ذلك،لأنّه فعل يحتاج إلى من يكون له بطش و قوّة،و النساء لسن (4)كذلك (5).

الثاني:الرجال أولى بدفن النساء أيضا.

و به قال الشافعيّ (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:ما قدّمناه من الاحتياج إلى البطش و القوّة.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا ماتت ابنته (8)،أمر أبا طلحة،فنزل في

ص:376


1- 1م و ن:أوضعته.
2- 2) التهذيب 1:317 الحديث 922،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 1:325 الحديث 948،الوسائل 2:853 الباب 26 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
4- 4) أكثر النسخ:ليس.
5- 5) ف:بكذلك.
6- 6) الأمّ 1:276،المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:288،فتح العزيز بهامش المجموع 5:206، مغني المحتاج 1:352،السراج الوهّاج:111.
7- 7) المغني 2:378،الكافي لابن قدامة 1:353،الإنصاف 2:544.
8- 8) بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هي أمّ كلثوم و أمّها خديجة بنت خويلد تزوّجها عثمان بن عفّان،لمّا ماتت نزل في قبرها عليّ عليه السلام،و الفضل و أسامة بن زيد،و قيل:إنّ أبا طلحة استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أن ينزل معهم فأذن له. أسد الغابة 5:612، [3]الإصابة 4:489،الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 4:486.

قبرها (1).و لأنّه لم يفعل في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لا في عهد أحد (2)من أصحابه (3).

احتجّ أحمد بأنّهنّ أولى بالغسل فكذا بالدفن (4). (5)

و الجواب:الفرق،إنّ (6)الغسل يمكنهنّ فعله،و لا يحتاج إلى القوّة و البطش،و يفتقر إلى النظر إلى عورة الميّتة (7)،فمنع الرجال منه،بخلاف صورة النزاع.

و لأنّ المرأة تحتاج إلى كشف وجهها و ساعدها و غير ذلك مع مباشرتها للدفن و هو دائما يحضره الرجال فمنعن (8)منه.

الثالث:الأقارب هنا يترتّبون

كما في الصلاة،لأنّه ولاية فيكون الأقرب أولى.

و قد بيّنّاه في باب الصلاة (9).

و الزوج أحقّ من الأقارب كما تقدّم (10).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«الزوج أحقّ بامرأته حتّى يضعها في قبرها» (11).

الرابع:لو تساوى الأولياء في الأدلاء إلى الميّت قدّم الأعلم بالفقه،

لأنّه يحتاج

ص:377


1- 1صحيح البخاريّ 2:114،مسند أحمد 3:126،سنن البيهقيّ 4:53.
2- 2) ش،خا،ح و ق:واحد.
3- 3) م:الصحابة.
4- 4) غ:في الدفن.
5- 5) المغني 2:378،الكافي لابن قدامة 1:353،الإنصاف 2:544.
6- 6) هامش ح:إذ.
7- 7) ك،ش و ن:الميّت.
8- 8) م:فمنعهنّ،ق و هامش ح:فمنعت.
9- 9) يراجع:ص 303.
10- 10) يراجع:ص 306.
11- 11) التهذيب 1:325 الحديث 949،الوسائل 2:853 الباب 26 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]

إلى معرفة ما يفعله في الدفن.

الخامس:لا توقيت في عدد من ينزل القبر.

(1)

و به قال أحمد (2).

و قال الشافعيّ:يستحبّ أن يكون العدد وترا (3).

لنا:أنّ الاستحباب حكم شرعيّ فيقف عليه و لم يثبت،بل المعتبر (4)ما يحتاج الميّت إليه باعتبار نقله و دفنه و قوّة الحامل و ضعفه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القبر كم يدخله؟قال:«ذلك إلى الوليّ إن شاء أدخل وترا،و إن شاء أدخل شفعا» (5).

احتجّ الشافعيّ (6)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أدخله إلى القبر عليّ عليه السلام، و العبّاس،و اختلف في الثالث،فقيل:الفضل بن العبّاس،و قيل:أسامة بن زيد (7).

و الجواب:لعلّ ذلك وقع اتّفاقا،و مع ذلك فقد روى أبو مرحب (8)بن (9)عبد الرحمن بن عوف قال:فكأنّي أنظر إليهم أربعة (10).

السادس:لو لم يوجد رجل تولّت المرأة دفن الرجل.

و كذا لو لم يوجد امرأة تولّى الرجل دفن المرأة،لأنّه في محلّ الحاجة،و لا خلاف فيه.

ص:378


1- 1ص،ش،خا،ح و ق:لا توقيف.
2- 2) المغني 2:379،الكافي لابن قدامة 1:358،الإنصاف 2:546.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:291،فتح العزيز بهامش المجموع 5:208،السراج الوهّاج:111.
4- 4) م:المعيّن.
5- 5) التهذيب 1:314 الحديث 914،الوسائل 2:850 الباب 24 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:288، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:208. [3]
7- 7) سنن أبي داود 3:213 الحديث 3209، [4]سنن البيهقيّ 4:53.
8- 8) أبو مرحب و قيل:ابن أبي مرحب،و يقال:مرحب،و يقال:اسم أبي مرحب سويد بن قيس،له حديث واحد روى عنه الشعبيّ أنّ عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. أسد الغابة 5:294، [5]الإصابة 3:399،الاستيعاب بهامش الإصابة 3:491،تهذيب التهذيب 10:84. [6]
9- 9) كذا في النسخ،و الصحيح:عن.
10- 10) سنن أبي داود 3:213 الحديث 3210، [7]سنن البيهقيّ 4:53.
مسألة:و يستحبّ لمن ينزل القبر أمور:
اشارة

(1)

أحدها:التحفّي،

لأنّه موضع اتّعاظ و الحفاء أنسب بالخشوع.و قد روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن المشي في المقابر بالنعلين (2)،فالدخول بهما أولى في باب النهي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا ينبغي لأحد أن يدخل القبر في نعلين و لا خفّين (3)و لا رداء و لا قلنسوة» (4).

فرع:

لا بأس بالخفّ في حال التقيّة و الضرورة،

لأنّه محلّ الحاجة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا بأس بالخفّ (5)،فإنّ (6)في خلع الخفّ شناعة (7)» (8).

و عن أبي بكر الحضرميّ،عنه عليه السلام قال:«لا بأس بالخفّ في وقت الضرورة و التقيّة،و ليجهد في ذلك جهده» (9).

و ثانيها:كشف الرأس،

لأنّه أنسب بالخشوع (10)و أقرب إلى الذلّة.

ص:379


1- 1خا،ص،ح و ق:نزل،ك:يدخل.
2- 2) سنن أبي داود 3:217 الحديث 3230،سنن ابن ماجه 1:499 الحديث 1568،سنن النسائيّ 4:96.
3- 3) غ و ف:و لا حصر.
4- 4) التهذيب 1:314 الحديث 913،الوسائل 2:840 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
5- 5) ق و م:في الخفّ.
6- 6) خا،ح و ق:لأنّ.
7- 7) خا،ن،ح و ق:شفاعة،غ:سناعة.
8- 8) التهذيب 1:313 الحديث 910،الوسائل 2:841 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 5. [2]
9- 9) التهذيب 1:313 الحديث 911،الاستبصار 1:213 الحديث 751،الوسائل 2:840 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 4. [3]
10- 10) غ و ف:بالخضوع،ح:إلى الخشوع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«لا تدخل القبر و عليك نعل و لا قلنسوة و لا رداء و لا عمامة» (1).

و ثالثها:حلّ الأزرار

إن كانت (2)في ثوبه،لأنّه أنسب بالإذلال.و لأنّ فيه ثقالا (3).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بكر الحضرميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«و حلّ أزرارك» (4).

و لا يعارض ذلك:ما روي عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام دخل القبر و لم يحلّ أزراره (5)،لأنّه مستحبّ،فجاز تركه في بعض الأوقات ليشعر (6)بعدم الوجوب.

و رابعها:الدعاء،

فيقول إذا عاين:(اللهمّ اجعلها روضة من رياض الجنّة، و لا تجعلها حفرة من حفر النار (7))و يقول إذا نزل القبر:(بسم اللّه و باللّه و على ملّة (8)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله).و يقول إذا تناول الميّت:(بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ إيمانا بك و تصديقا بكتابك،هذا

ص:380


1- 1التهذيب 1:313 الحديث 910،الوسائل 2:841 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 5. [1]
2- 2) ك و ح:كان.
3- 3) ح و ق:تعايلا،ن و م:تفألا.
4- 4) التهذيب 1:313 الحديث 911،الاستبصار 1:213 الحديث 751،الوسائل 2:840 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 1:314 الحديث 912،الاستبصار 1:213 الحديث 752،الوسائل 2:841 الباب 18 من أبواب الدفن الحديث 6. [3]
6- 6) ح:للتشعير،خا:المشعر.
7- 7) خا،ك،ح و ق:النيران.
8- 8) خا،ح،ق و هامش ص:سنّة.

ما وعد (1)اللّه و رسوله (2)،و صدق اللّه و رسوله،اللهمّ زدنا إيمانا و تسليما).

و قد روى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا سللت الميّت فقل:بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ إلى رحمتك لا إلى عذابك» (3).

و يقول إذا وضعه (4)في اللحد ما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«فإذا (5)وضعته (6)في اللحد فضع فمك على أذنه و قل:اللّه ربّك،و الإسلام دينك،و محمّد نبيّك،و القرآن كتابك،و عليّ إمامك» (7).

و في رواية محمّد بن عجلان عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا وضعته (8)في لحده فليكن أولى الناس به ممّا يلي رأسه،ليذكر اسم اللّه،و يصلّي على النبيّ و آله،و يتعوّذ (9)من الشيطان،و ليقرأ فاتحة الكتاب و المعوّذتين و قل هو اللّه أحد و آية الكرسيّ» (10).

و في الموثّق عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا وضعته في قبره فحلّ عقدته و قل:اللهمّ يا ربّ عبدك ابن (11)عبدك نزل بك و أنت خير منزول به،اللهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه،و إن كان مسيئا فتجاوز عنه،و ألحقه بنبيّه محمّد صلّى اللّه عليه

ص:381


1- 1خا،ح و ق:وعدنا.
2- 2) ح و ق بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) التهذيب 1:318 الحديث 924،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
4- 4) خا،ح و ق:أوضعه،ش و ن:وضعت،غ:وضعته.
5- 5) ش،ك،خا،ح و ق:إذا.
6- 6) خا و ح:أوضعته.
7- 7) التهذيب 1:318 الحديث 924،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 3. [2]
8- 8) ح:أوضعته.
9- 9) ش و ن:و ليتعوّذ،كما في الوسائل. [3]
10- 10) الكافي 3:195 الحديث 4، [4]التهذيب 1:317 الحديث 922،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 5. [5]
11- 11) أكثر النسخ:بن.

و آله و صالح شيعته،و اهدنا و إيّاه إلى صراط مستقيم،اللهمّ عفوك عفوك» (1).

و خامسها:التلقين

إذا وضعه في القبر قبل تشريج اللبن عليه،فيقول:يا فلان بن فلان،اذكر العهد الذي خرجت عليه من دار الدنيا شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أنّ عليّا أمير المؤمنين و الحسن و الحسين-و يذكر الأئمّة إلى آخرهم-أئمّتك أئمّة الهدى الأبرار،لأنّه وقت المسائلة فاحتاج إلى التذكير بالتكرير.

و يؤيّده:رواية الشيخ عن محفوظ الإسكاف (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و يقول:اسمع افهم-ثلاث مرّات-اللّه ربّك،و محمّد نبيّك،و الإسلام دينك،و فلان إمامك، اسمع و افهم،و أعدها عليه ثلاث مرّات هذا التلقين» (3).

و في رواية إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمَّ تقول:يا فلان بن فلان إذا سئلت فقل:اللّه ربّي،و محمّد نبيّي،و الإسلام ديني،و القرآن كتابي،و عليّ إمامي، حتّى تستوفي (4)الأئمّة،ثمَّ تعيد عليه القول،ثمَّ تقول:أ فهمت يا فلان»و قال [عليه السلام] (5):«فإنّه يجيب و يقول:نعم،ثمَّ تقول:ثبّتك اللّه بالقول الثابت،و (6)هداك اللّه إلى صراط مستقيم،و جمع (7)اللّه بينك و بين أوليائك في مستقرّ من رحمته،ثمَّ تقول:

اللهمّ جاف الأرض عن جنبيه،و أصعد بروحه إليك،و لقّنه (8)منك برهانا،اللهمّ عفوك

ص:382


1- 1التهذيب 1:457 الحديث 1492،الوسائل 2:847 الباب 21 من أبواب الدفن الحديث 6. [1]
2- 2) محفوظ الإسكاف الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول.روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه محمّد بن سنان. رجال الطوسيّ:311،تنقيح المقال 2:54 باب الميم، [2]معجم رجال الحديث 14:207.
3- 3) التهذيب 1:317 الحديث 923،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 4. [3]
4- 4) كثير من النسخ،تسوق،كما في الوسائل. [4]
5- 5) في النسخ:صلّى اللّه عليه و آله،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) لا توجد في أكثر النسخ،كما في التهذيب.
7- 7) هامش ح:عرّف،كما في المصدر.
8- 8) أكثر النسخ:و لقّه.

عفوك» (1).

و سادسها:الدعاء بعد التلقين

فيقول إذا شرج عليه اللبن ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فما دمت تضع (2)الطين و اللبن تقول:اللهمّ صل وحدته،و آنس وحشته،و آمن روعته،و أسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك،فإنّما رحمتك للظالمين،ثمَّ تخرج من القبر و تقول: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، اللهمّ ارفع درجته في أعلى علّيّين،و اخلف على عقبة في الغابرين،و عندك نحتسبه (3)يا ربّ العالمين» (4).

و سابعها:يستحبّ له أن يخرج من قبل الرجلين،

لأنّه قد استحبّ الدخول بها (5)، فكذا الخروج.

و لقوله عليه السلام:«باب القبر الرجلين» (6).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام (7)قال:

«من دخل القبر فلا يخرج منه إلاّ من قبل الرجلين» (8).

مسألة:و يستحبّ له أن يحلّ عقد الأكفان من عند رأس الميّت و رجليه،
اشارة

لأنّ العلّة في عقدها خوف الانتشار،و قد زالت بوضعه في القبر.

ص:383


1- 1التهذيب 1:457 الحديث 1492،الوسائل 2:847 الباب 21 من أبواب الدفن الحديث 6. [1]
2- 2) ح:تصنع.
3- 3) بعض النسخ:تحتسبه.
4- 4) التهذيب 1:457 الحديث 1492،و فيه:نحتسبه»،الوسائل 2:847 الباب 21 من أبواب الدفن الحديث 6. [2]
5- 5) ح،ق و خا:منه قبل الرجلين،ش:من قبل الرجلين،خا:منه من قبل الرجلين،مكان:بها.
6- 6) الكافي 3:193 الحديث 5، [3]التهذيب 1:316 الحديث 918،الوسائل 2:849 الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 4 و 7. [4]
7- 7) ش،خا،ح و ق بزيادة:أنّه.
8- 8) التهذيب 1:316 الحديث 917،الوسائل 2:850 الباب 23 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]

و يؤيّده:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا مات نعيم بن مسعود نزع الأخلّة (1)بفيه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي حمزة قال:قلت لأحدهما عليهما السلام:يحلّ كفن الميّت؟قال:«نعم،و يبرز وجهه» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن عقد كفن الميّت، قال:«إذا أدخلته القبر فحلّها» (4).

فروع:
الأوّل:الشقّ مكروه،

لما فيه من إضاعة المال من غير نفع و قد أمر بتحسين الأكفان، و بتخريقها يزول جمالها و حسنها.

و الأحاديث الدالّة على الشقّ مثل ما رواه الشيخ عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يشقّ الكفن إذا أدخل الميّت في قبره من عند رأسه» (5).

و ما رواه عن ابن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«يشقّ الكفن من عند رأس الميّت إذا أدخل قبره» (6).فإنّها مع ضعف سندها محمولة على الحلّ -لما اشتركا فيه من إبانة أحد القسمين عن صاحبه-أو على تعذّر الحلّ.

الثاني:يستحبّ أن يضع خدّه على التراب،

(7)

لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن قدر

ص:384


1- 1الخلال مثل كتاب:العود يخلّل به الثوب.و خللت الرداء خلاّ.ضمممت طرفيه بخلال،و الجمع:أخلّة. المصباح المنير:180. [1]
2- 2) سنن البيهقيّ 3:407،المغني 2:379.
3- 3) التهذيب 1:457 الحديث 1491،الوسائل 2:841 الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 1:450 الحديث 1463،الوسائل 2:841 الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 1:458 الحديث 1493،الوسائل 2:841 الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 3. [4]
6- 6) التهذيب 1:317 الحديث 921،الوسائل 2:842 الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 6. [5]
7- 7) خا،ح و ق:يجب.

أن يحسر عن خدّه و يلزقه بالأرض فعل (1)» (2).

و في حديث آخر:«و ليكشف عن خدّه الأيمن حتّى يفضي به إلى الأرض» (3).

و قد روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«البرد لا يلفّ[به] (4)و لكن يطرح عليه طرحا،و إذا أدخل القبر وضع تحت خدّه و تحت جنبيه (5)» (6).

الثالث:يستحبّ أن يوسّد رأسه بلبنة،أو حجر،أو تراب،

لأنّ الحيّ يفعل به ذلك إذا نام.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:

«يجعل له و سادة من تراب» (7).

و يكره إدخال ما مسّته النار من الآجر،لأنّه من بناء المترفين.و لأنّ فيه تفاؤلا،أمّا اللبن فلا بأس به.

و يكره أن يدفن في تابوت،لأنّه من عمل أهل الدنيا،و لم ينقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك.و لأنّ الأرض تشرب (8)بالأجزاء الرطبة من الميّت.

ص:385


1- 1ح،ق،خا و هامش ص بزيادة:ذلك.
2- 2) الكافي 3:195 الحديث 4، [1]التهذيب 1:317 الحديث 922 و فيه:«و يلصقه»،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 5. [2]
3- 3) الكافي 3:195 الحديث 5، [3]التهذيب 1:317 الحديث 923،الوسائل 2:843 الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 4. [4]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) غ:جبينه.
6- 6) التهذيب 1:458 الحديث 1495،و ص 436 الحديث 1400،الوسائل 2:746 الباب 14 من أبواب التكفين الحديث 6. [5]
7- 7) الفقيه 1:108 الحديث 500،الوسائل 2:841 الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 5. [6]
8- 8) ح و ق:تتسرّب،هامش ح:تتسرّى،غ:تنشرب.
الرابع:يستحبّ أن يجعل معه شيئا من تربة الحسين عليه السلام

(1)

طلبا للبركة، و الاحتراز من العذاب،و الستر من العقاب،فقد روي أنّ امرأة كانت تزني و تضع أولادها، فتحرقهم بالنار خوفا من أهلها،و لم يعلم به غير أمّها،فلمّا ماتت دفنت،فانكشف التراب عنها و لم تقبلها الأرض،فنقلت عن ذلك الموضع إلى غيره فجرى لها ذلك،فجاء أهلها إلى الصادق عليه السلام و حكوا له القصّة،فقال لأمّها:«ما (2)كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي؟»فأخبرته بباطن أمرها،فقال عليه السلام:«إنّ الأرض لا تقبل هذه،لأنّها كانت تعذّب خلق اللّه بعذاب اللّه،اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين عليه السلام».

ففعل ذلك فسترها اللّه تعالى (3).

الخامس:لو كان القبر نديّا لم يكن بأس بأن يفرش بالساج و شبهه،

لأجل الضرورة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن محمّد قال:كتب إليه عليّ بن بلال أنّه ربّما مات عندنا الميّت فتكون الأرض نديّة فنفرش (4)القبر بالساج أو نطبق (5)عليه،فكتب:«يجوز ذلك» (6).

مسألة:و يستحبّ أن يكون قدر عمق القبر قامة أو إلى الترقوة.

و به قال الحسن، و ابن سيرين،و أحمد في إحدى الروايتين.

و في الأخرى:أنّه يعمّق قدر قامة و بسطه (7).و به قال الشافعيّ (8).

ص:386


1- 1م:و يستحبّ.
2- 2) ف و غ:فما.
3- 3) الوسائل 2:742،الباب 12 من أبواب التكفين الحديث 2. [1]
4- 4) أكثر النسخ:فيفرش،كما في الوسائل. [2]
5- 5) خا،ح و ق:يطيّن.
6- 6) التهذيب 1:456 الحديث 1488،الوسائل 2:853،الباب 27 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
7- 7) المغني 2:375،الشرح الكبير بهامش المغني 2:379،الكافي لابن قدامة 1:357،الإنصاف 2:545.
8- 8) الأمّ 1:276،المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:287،فتح العزيز بهامش المجموع 5:201،مغني المحتاج 1:352،المغني 2:375،السراج الوهّاج:111.

و قال عمر بن عبد العزيز:لا يستحبّ التعميق بل الحفر إلى السرّة (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«احفروا و أوسعوا و عمّقوا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«حدّ القبور إلى الترقوة»و قال بعضهم:

إلى الثدي،و قال بعضهم:قامة الرجل (3).

و لأنّ ذلك أبلغ في حفظه من نبش السباع و الهوامّ،و أبعد في انقطاع الرائحة، و أعسر على من ينبشه.

أمّا (4)قول الشافعيّ فضعيف،لأنّ فيه حرجا و خروجا عن المعتاد،و ربّما انهال القبر.

و احتجاجه بقوله عليه السلام:«و عمّقوا»فاسد،لأنّه ليس فيه بيان لقدر التعميق،فيحمل على ما نقله أهل البيت عليهم السلام،لأنّه المعتاد.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعمّق القبر فوق ثلاثة أذرع» (5).

و لأنّ تناول الميّت يعسر حينئذ،فكان اجتنابه أولى،و لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك بلا خلاف.

مسألة:و اللحد أفضل من الشقّ.
اشارة

و هو قول العلماء.

ص:387


1- 1المغني 2:375،المجموع 5:288،الشرح الكبير بهامش المغني 2:378.
2- 2) سنن أبي داود 3:214 الحديث 3215، [1]سنن ابن ماجه 1:497 الحديث 1560،سنن الترمذيّ 4:213 الحديث 1713، [2]سنن النسائيّ 4:80،81،مسند أحمد 4:20. [3]
3- 3) التهذيب 1:451 الحديث 1469،الوسائل 2:836،الباب 14 من أبواب الدفن الحديث 2.و [4]فيهما: «حدّ القبر».
4- 4) ك،ص،خا،ق و ح:و أمّا.
5- 5) التهذيب 1:451 الحديث 1466،الوسائل 2:836،الباب 14 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]

روى (1)الجمهور عن ابن عبّاس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«اللحد لنا و الشقّ لغيرنا» (2).رواه أبو داود،و النسائيّ،و الترمذيّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحّد له أبو طلحة الأنصاريّ» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا وضعته في اللحد فضع فمك على أذنه» (4).

و لأنّه أستر للميّت و أبعد من أن تناله الهوامّ.

فروع:
الأوّل:لا بأس بالشقّ،

لأنّ الواجب مواراته في الأرض،و هو يحصل معه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن همام،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:«قال أبو جعفر عليه السلام حين أحضر:إذا أنا متّ فاحفروا (5)و شقّوا لي شقّا،فإن قيل لكم:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحّد له،فقد صدقوا» (6).و السند ضعيف،فالأولى اللحد كما بيّنّاه.

الثاني:معنى اللحد أنّه إذا بلغ أرض القبر حفر في جانبه ممّا يلي القبلة مكانا يوضع

الميّت فيه.

(7)

و معنى الشقّ أن يحفر في أرض القبر شقّا يوضع الميّت فيه و يسقف عليه،و ذلك يختلف باختلاف الأراضي في القوّة و الضعف،فالمستحبّ في الأرض القويّة اللحد،

ص:388


1- 1خا،ح و ق:و روى.
2- 2) سنن أبي داود 3:213 الحديث 3208، [1]سنن الترمذيّ 3:363 الحديث 1045، [2]سنن النسائيّ 4:80.
3- 3) التهذيب 1:451 الحديث 1467،الوسائل 2:836،الباب 15 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 1:456 الحديث 1489،الوسائل 2:843،الباب 20 من أبواب الدفن الحديث 3. [4]
5- 5) غ و هامش ح بزيادة:لي.
6- 6) التهذيب 1:451 الحديث 1468،الوسائل 2:836،الباب 15 من أبواب الدفن الحديث 2. [5]
7- 7) ح،ق و ك:جانبيه.

و في الضعيفة الشقّ،للأمن من الانخساف،و عليه يحمل حديث الباقر عليه السلام و إن كان ضعيف السند.

الثالث:يستحبّ أن يكون اللحد واسعا يتمكّن الرجل فيه من الجلوس،

لما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«و أمّا اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس» (2).

الرابع:يستحبّ أن يسند الميّت بشيء يمنعه من الاستلقاء،

ليحصل (3)الاستقبال الدائم (4).

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و يجعل خلف ظهره مدرة لئلاّ يستلقي» (5).

الخامس:إذا وضعه في اللحد أضجعه على جانبه الأيمن،

و جعل رأسه ممّا يلي يمين المصلّي كما في حال الصلاة وجوبا،و يضع خدّه على التراب مستحبّا.

السادس:إذا وضعه في اللحد شرج عليه اللبن،

لئلاّ يصل التراب إليه،و لا نعلم فيه خلافا.

و يقوم مقام اللبن مساوية (6)في المنع من تعدّي التراب إليه،كالحجر و القصب، و الخشب إلاّ أنّ اللبن أولى من ذلك كلّه،لأنّه المنقول عن السلف (7)،و المعروف في الاستعمال.و ينبغي أن يسدّ الخلل بالطين،لأنّه أبلغ في المنع.

ص:389


1- 1أكثر النسخ:أصحابنا.
2- 2) التهذيب 1:451 الحديث 1469،الوسائل 2:836،الباب 14 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
3- 3) م:لتحصيل.
4- 4) ص،خا،ق و ق و متن ح:الدائمة.
5- 5) الفقيه 1:108 الحديث 500،الوسائل 2:841،الباب 19 من أبواب الدفن الحديث 5. [2]
6- 6) خا و ح:مساواته.
7- 7) ينظر:المقنعة:12،المهذّب لابن البرّاج 1:63،الجامع للشرائع:55،الشرائع 1:43.

و روى ما يقاربه الشيخ في الموثّق عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

مسألة:فإذا فرغ من شرج اللبن أهال التراب عليه.
اشارة

و يستحبّ ذلك لمن حضر الدفن بظهور أكفّهم،قائلين:( إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،هذا ما وعدنا (2)اللّه و رسوله و صدق اللّه و رسوله،اللهمّ زدنا إيمانا و تسليما)،لما رواه الشيخ عن محمّد بن الأصبغ (3)(4)عن بعض أصحابنا قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفّيه (5).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا حثوت التراب على الميّت فقل:إيمانا بك،و تصديقا بنبيّك،هذا ما وعد (6)اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله»[قال] (7):

«و قال أمير المؤمنين عليه السلام:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:من حثا على ميّت و قال هذا القول،أعطاه اللّه بكلّ ذرّة حسنة» (8).

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يحثو ثلاث حثيات بظهر كفيه،

لما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم قال:كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا،فلمّا أن دفنوه قام عليه السلام إلى قبره فحثا عليه ممّا يلي رأسه ثلاثا بكفّيه (9).

ص:390


1- 1التهذيب 1:457 الحديث 1492،الوسائل 2:847،الباب 21 من أبواب الدفن الحديث 6. [1]
2- 2) ص،ك،غ،ف و ن:وعد.
3- 3) أكثر النسخ:أصبغ.
4- 4) محمّد بن الأصبغ الهمدانيّ كوفيّ ثقة له كتاب قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:محمّد بن الأصبغ له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:343،الفهرست:154، [2]رجال العلاّمة:155. [3]
5- 5) التهذيب 1:318 الحديث 925،الوسائل 2:855،الباب 29 من أبواب الدفن الحديث 5. [4]
6- 6) خا و م:وعدنا.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 1:319 الحديث 926،الوسائل 2:855،الباب 29 من أبواب الدفن الحديث 4. [5]
9- 9) التهذيب 1:319 الحديث 927،الوسائل 2:855،الباب 29 من أبواب الدفن الحديث 3. [6]
الثاني:يكره للأب أن يهيل التراب على ولده و بالعكس،

و كذا ذو الرحم لرحمه، لأنّه يورث القساوة.

روى الشيخ في الحسن عن عبيد بن زرارة قال:مات لبعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ولد فحضر أبو عبد اللّه عليه السلام،فلمّا ألحد تقدّم أبوه يطرح عليه التراب، فأخذ أبو عبد اللّه عليه السلام بكفّيه و قال:«لا تطرح عليه التراب،و من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب» (1).فقلنا:يا بن رسول اللّه تنهانا (2)عن هذا وحده؟فقال:«أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي الأرحام (3)،فإنّ ذلك يورث القسوة في القلب،و من قسا قلبه بعد من ربّه» (4).

الثالث:يكره لمن ذكرنا أن ينزل إلى القبر أيضا،

للعلّة و قد ورد جواز نزول الولد إلى قبر والده.

روى الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن محمّد بن خالد (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الولد لا ينزل قبر (6)ولده،و الولد ينزل في قبر والده» (7).

ص:391


1- 1هامش ح بزيادة:فإنّ رسول اللّه نهى أن يطرح الولد أو ذو رحم على ميّته التراب،كما في الوسائل. [1]
2- 2) ح:أ تنهانا.
3- 3) ح:ذوي أرحامكم،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 1:319 الحديث 928،الوسائل 2:855،الباب 30 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
5- 5) عبد اللّه بن محمّد بن خالد بن عمر الطيالسيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه أبان بن عثمان، قال النجاشيّ:عبد اللّه بن أبي عبد اللّه محمّد بن خالد بن عمر الطيالسيّ ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:219،رجال العلاّمة:110، [4]معجم رجال الحديث 10:321. [5]
6- 6) ح،ق و خا:على قبر،و في المصدر:«في قبر».
7- 7) التهذيب 1:320 الحديث 929،الوسائل 2:852،الباب 25 من أبواب الدفن الحديث 5. [6]

و عن عبد اللّه العنبريّ (1)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يدفن ابنه؟فقال:

«لا يدفنه في التراب»قال:قلت:فالابن يدفن أباه؟قال:«نعم،لا بأس» (2).

مسألة:ثمَّ يطمّ القبر من ترابه و لا يطرح فيه غيره،
اشارة

لأنّ طهارته أبلغ.و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور عن جابر قال:نهى النبيّ (3)صلّى اللّه عليه و آله أن يزاد على القبر على حفيرته (4). (5)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يزاد على القبر تراب لم يخرج منه» (6).و لأنّه ربّما ازداد علوّه على القدر المطلوب شرعا،فكان اجتنابه أولى.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرّجات .

(7)

و هو قول العلماء.

روى الجمهور عن الساجي في كتابه عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام،عن

ص:392


1- 1عبد اللّه العنبريّ،روى عبد اللّه بن راشد عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،ذكره الأردبيليّ،بعنوان:عبد اللّه بن عمر كوفيّ،و ذكره المامقانيّ بعنوان:عبد اللّه بن عوف العنبريّ و قال:لم أقف فيه إلاّ على رواية عبد اللّه بن راشد عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام. جامع الرواة 1:499، [1]تنقيح المقال 2:201. [2]
2- 2) التهذيب 1:320 الحديث 930،الوسائل 2:852،الباب 25 من أبواب الدفن الحديث 6. [3]
3- 3) خا،ح و ق:رسول اللّه.
4- 4) ح و ق:حقويه،ك:حفرته.
5- 5) سنن النسائيّ 4:86،سنن البيهقيّ 3:410،نيل الأوطار 4:133 الحديث 6،و بهذا المضمون ينظر: سنن أبي داود 3:216 الحديث 3226.
6- 6) التهذيب 1:460 الحديث 1500،الوسائل 2:864،الباب 36 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]
7- 7) خا،ح و ق:منفرجات.

أبيه عليه السلام،عن جابر قال:ألحد لرسول (1)اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنصب عليه اللبن نصبا،و رفع قبره عن (2)الأرض قدر شبر (3).

و عن القاسم بن محمّد قال:قلت لعائشة:يا أمّه،اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صاحبيه،فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة و لا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال لي أبي ذات يوم في مرضه:يا بنيّ أدخل أناسا (5)من قريش من أهل المدينة حتّى أشهدهم»قال:«فأدخلت عليه أناسا (6)منهم،فقال:يا جعفر إذا أنا متّ فغسّلني و كفّنّي و ارفع قبري أربع أصابع و رشّه بالماء،فلمّا خرجوا قلت:يا أبت لو أمرتني بهذا صنعته،و لم ترد أن أدخل (7)عليك قوما تشهدهم؟قال:يا بنيّ أردت أن لا تنازع» (8).

و في الحسن عن عبيد اللّه الحلبيّ و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«أمرني أبي أن أجعل ارتفاع قبره أربع أصابع مفرّجات،و ذكر أنّ الرشّ بالماء حسن، و قال:توضّأ إذا أدخلت الميّت القبر» (9).

ص:393


1- 1ش و ن:لحدّ رسول.
2- 2) ح:على.
3- 3) ينظر:المغني 2:380،سنن البيهقيّ 3:410،فتح العزيز بهامش المجموع 5:224،سبل السلام 2:110.
4- 4) سنن أبي داود 3:215 الحديث 3220، [1]المستدرك للحاكم 1:369،سنن البيهقيّ 4:3.
5- 5) ش،م و ن:إنسانا.
6- 6) ش،م و ن:إنسانا.
7- 7) في النسخ:يدخل،و ما أثبتناه من المصدر.
8- 8) التهذيب 1:320 الحديث 933،الوسائل 2:857،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 5. [2]
9- 9) التهذيب 1:321 الحديث 934،الوسائل 2:857،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 7. [3]

و لأنّ ذلك يشعر المارّة به فيترحّمون (1)عليه،و يمتنعون (2)من نبشه و دفن آخر غيره في موضعه.

الثاني:قد روي استحباب ارتفاعه أربع أصابع مفرّجات،

(3)

و هو في رواية الحلبيّ و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

و روي:أربع أصابع مضمومات.رواه الشيخ عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يستحبّ أن يدخل معه في قبره جريدة رطبة،و يرفع قبره من الأرض مقدار أربع أصابع مضمومة،و ينضح عليه الماء و يخلّى عنه» (5).و الكلّ جائز.

الثالث:يكره أن يرفع أكثر من ذلك.

و هو فتوى العلماء.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السلام:«لا تدع تمثالا إلاّ طمسته،و لا قبرا مشرفا إلاّ سوّيته» (6).رواه مسلم و غيره.و المشرف:ما رفع كثيرا.

و قيل:المراد بذلك المسنّم،و تسويته:تسطيحه (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام:و تلزق القبر بالأرض إلاّ قدر أربع أصابع مفرّجات و تربّع قبره» (8).

ص:394


1- 1خا،ح و ق:فيرحمون.
2- 2) ح:و يمنعون.
3- 3) غ بزيادة:الشيخ.
4- 4) التهذيب 1:321 الحديث 934،الوسائل 2:857،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 7. [1]
5- 5) التهذيب 1:320 الحديث 932،الوسائل 2:856،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 4. [2]
6- 6) صحيح مسلم 2:666 الحديث 969،سنن أبي داود 3:215 الحديث 3218، [3]سنن الترمذيّ 3:366 الحديث 1049، [4]سنن النسائيّ 4:88،المستدرك للحاكم 1:369.
7- 7) لم نعثر عليه.
8- 8) الكافي 3:195 الحديث 3 و [5]فيه:«إلى قدر أربع أصابع»،التهذيب 1:315 الحديث 916 و ص 458 الحديث 1494،الوسائل 2:848،الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 2. [6]
مسألة:و التسطيح أفضل من التسنيم.

و عليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1).

قال (2)ابن أبي هريرة:السنّة:التسطيح،إلاّ أنّ الشيعة استعملته،فعدلنا عنه إلى التسنيم،قال:و كذلك الجهر ببسم (3)اللّه الرحمن الرحيم (4).و هذا كما تراه ترك للسنّة و مخالفة (5)للحقّ للأهوية.

و قال مالك (6)،و أبو حنيفة (7)،و الثوريّ (8)،و أحمد:السنّة:التسنيم (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه سطح قبر ابنه إبراهيم (10).

و عن القاسم بن محمّد قال:رأيت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قبر أبي بكر و عمر مسطّحة (11).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام

ص:395


1- 1الأمّ 1:273،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:37،حلية العلماء 2:364،المهذّب للشيرازيّ 1:138،المجموع 5: 297،فتح العزيز بهامش المجموع 5:229،الميزان الكبرى 1:209،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:101، مغني المحتاج 1:353،المغني 2:380.
2- 2) أكثر النسخ:و قال.
3- 3) ح و ق:بسم.
4- 4) حلية العلماء 2:364،المجموع 5:297، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:231، [2]عمدة القارئ 8:225.
5- 5) غ،م و ن:و مخالفته.
6- 6) المغني 2:380،الشرح الكبير بهامش المغني 2:389،فتح العزيز بهامش المجموع 5:231، [3]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:102.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:62،تحفة الفقهاء 1:256،بدائع الصنائع 1:320،الهداية للمرغينانيّ 1:94، [4]شرح فتح القدير 2:100،101،مجمع الأنهر 1:186.
8- 8) المغني 2:380،الشرح الكبير بهامش المغني 2:389،المجموع 5:297.
9- 9) المغني 2:380،الشرح الكبير بهامش المغني 2:389،الكافي لابن قدامة 1:359،زاد المستقنع:24.
10- 10) المغني 2:381،الشرح الكبير بهامش المغني 2:389،فتح العزيز بهامش المجموع 5:230،عمدة القارئ 8: 224.
11- 11) سنن أبي داود 3:215 الحديث 3220،المستدرك للحاكم 1:369،سنن البيهقيّ 4:3.

قال:«تربّع (1)قبره» (2).

و عن الأصبغ بن نباتة قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«من جدّد (3)قبرا،أو مثّل مثالا،فقد خرج من الإسلام» (4).

قال سعد بن عبد اللّه من علمائنا:حدّد-بالحاء غير المعجمة-أي سنّم.

قال الشيخ:و اختلف أصحابنا في رواية هذا الخبر و تأويله،فقال محمّد بن الحسن الصفّار:من جدّد بالجيم لا غير،و كان يقول:إنّه لا يجوز تجديد القبر و تطيين (5)جميعه بعد مرور الأيّام عليه و بعد ما طيّن في الأوّل،و لكن إن مات ميّت فطيّن قبره فجائز (6)أن يرمّ سائر القبور من غير أن يجدّد.و قال سعد بن عبد اللّه:من حدّد-بالحاء-على ما نقلناه، و أراد به التسنيم.و قال أحمد بن أبي عبد اللّه البرقيّ:إنّما هو من جدث قبرا-بالجيم و الثاء المنقّطة من فوقها ثلاث نقط (7)-و لم يفسّر معناه،قال الشيخ:و يمكن أن يكون المعنيّ بهذه (8)الرواية النهي أن يجعل القبر دفعة أخرى قبرا لإنسان آخر،لأنّ الجدث هو القبر، فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه.و قال محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه:إنّما هو جدّد- بالجيم-قال:و معناه:نبش قبرا،لأنّ من نبش قبرا فقد جدّده و أحوج إلى تجديده و قد جعله جدثا محفورا.و قال المفيد رحمه اللّه:إنّه خدّد-بالخاء المعجمة و الدالين

ص:396


1- 1ش و ح:يرفع،ص،ف،م،غ و ن:و يربّع،ك:و يرفع.
2- 2) التهذيب 1:315 الحديث 916 و ص 458 الحديث 1494،الوسائل 2:848،الباب 22 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
3- 3) أكثر النسخ:حدّد.
4- 4) التهذيب 1:459 الحديث 1497،الوسائل 2:868،الباب 43 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
5- 5) ح،م و ن:تطيّن.
6- 6) غ،ك،خا،ح و ق:فجاز.
7- 7) خا،ح و ق:نقطة.
8- 8) ش،ك،م و ن:في هذه.

غير المعجمين (1)-و هو مأخوذ من قوله تعالى قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (2)و الخدّ:

هو الشقّ،يقال:خددت الأرض خدّا،أي شققتها (3)،قال:و على هذه الرواية يكون النهي يتناول شقّ القبر إمّا ليدفن فيه أو على جهة النبش على ما ذهب إليه ابن بابويه (4).

احتجّ أبو حنيفة بما رواه إبراهيم النخعيّ قال:أخبرني من رأى قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و صاحبيه مسنّمة (5).

و الجواب:أنّه مرسل،فلا يعتمد عليه.

مسألة:و يستحبّ رشّ الماء على القبر.
اشارة

و عليه فتوى العلماء.

روى الجمهور عن أبي رافع قال:[سلّ] (6)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سعدا و رشّ على قبره ماء (7).

و عن جابر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رشّ (8)على قبره ماء (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام لمّا وصّاه أبوه عليه السلام برشّ (10)قبره بالماء (11).

ص:397


1- 1ص:المعجمتين.
2- 2) البروج(85):4. [1]
3- 3) جميع النسخ:شققته،و ما أثبتناه من التهذيب.
4- 4) ينظر جميع ذلك في التهذيب 1:459 ذيل الحديث 1497،و هامش المحاسن للبرقيّ:612 ذيل الحديث 33، و [2]الفقيه 1:120،121 ذيل الحديث 579.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:62،بدائع الصنائع 1:320،الهداية للمرغينانيّ 1:94،شرح فتح القدير 2:101، عمدة القارئ 8:224.
6- 6) ش،م و ن:سأل،أكثر النسخ:سئل،و ما أثبتناه من المصادر.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:495 الحديث 1551،المغني 2:380،الشرح الكبير بهامش المغني 2:390.
8- 8) ح:يرشّ.
9- 9) المغني 2:380،الشرح الكبير بهامش المغني 2:390.
10- 10) ش،خا،ح و ق:رشّ.
11- 11) التهذيب 1:320 الحديث 933،الوسائل 2:857،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 5. [3]

و في حديث الحلبيّ و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و ذكر أنّ الرشّ بالماء حسن» (1).

و لأنّه يفيد (2)التراب استمساكا عن التشتّت عند هبوب الرياح،و التزاق أجزائه بعضها ببعض.و لأنّ فيه تفاؤلا ببلوغ المراد من أهل الجنّة.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يبدأ بالرشّ من عند الرأس إلى أن ينتهي إليه،

و أن يستقبل القبلة عند ابتدائه.

روى الشيخ عن موسى بن أكيل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«السنّة في رشّ الماء على القبر أن يستقبل القبلة و يبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل،ثمَّ يدور على القبر من الجانب الآخر،ثمَّ يرشّ على وسط القبر،فكذلك (3)السنّة فيه» (4).

الثاني:

لو فضل من الماء شيء صبّه على وسطه.

الثالث:يستحبّ أن يجعل عليه الحصى الصغار الحمر.

رواه الجمهور في حديث القاسم بن محمّد أنّ قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صاحبيه مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبان،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله محصّب حصباء حمراء» (6).و الحصباء

ص:398


1- 1التهذيب 1:321 الحديث 934،الوسائل 2:857،الباب 31 من أبواب الدفن الحديث 7. [1]
2- 2) أكثر النسخ:يعيد.
3- 3) أكثر النسخ:و كذلك.
4- 4) التهذيب 1:320 الحديث 931،الوسائل 2:859،الباب 32 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
5- 5) سنن أبي داود 3:215 الحديث 3220، [3]سنن البيهقيّ 4:3،المستدرك للحاكم 1:369.
6- 6) التهذيب 1:461 الحديث 1502،الوسائل 2:864،الباب 37 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]

هي الحصى الصغار.و لو كتب أسماء (1)الأئمّة عليهم السلام بذلك لم أكرهه،خلافا للشافعيّ (2).

الرابع:يستحبّ وضع اليد عليه مفرّجة الأصابع بعد رشّ الماء،و الترحّم عليه.

روى الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصّة شيئا لا يصنعه بأحد من المسلمين، كان إذا صلّى على الهاشميّ و نضح قبره بالماء وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كفّه على القبر حتّى ترى أصابعه في الطين،فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه أثر كفّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيقول:من مات من آل محمّد عليهم السلام؟» (3).

و عن محمّد بن مسلم قال:كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا-ثمَّ ذكر-إلى أن قال:ثمَّ بسط كفّه على القبر،ثمَّ قال:«اللهمّ جاف الأرض عن جنبيه،و أصعد إليك روحه،و لقّه منك رضوانا،و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن (4)رحمة من سواك»ثمَّ مضى (5).

و في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السلام:«فإذا حثي عليه التراب و سوّي قبره،فضع كفّك على قبره عند رأسه،و فرّج أصابعك و اغمز (6)كفّك عليه بعد ما ينضح بالماء» (7).

ص:399


1- 1خا،ح و ق:اسم.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:138،المجموع 5:298،فتح العزيز بهامش المجموع 5:226،مغني المحتاج 1:364، السراج الوهّاج:114.
3- 3) التهذيب 1:460 الحديث 1498،الوسائل 2:861،الباب 33 من أبواب الدفن الحديث 4. [1]
4- 4) ش،ص،خا ح و ق:من.
5- 5) التهذيب 1:319 الحديث 927،الوسائل 2:855،الباب 29 من أبواب الدفن الحديث 3. [2]
6- 6) أكثر النسخ:و اغمر.
7- 7) التهذيب 1:457 الحديث 1490،الوسائل 2:860،الباب 33 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
الخامس:يستحبّ أن يوضع عند رأسه لبنة أو لوح يعلّمه به.

(1)

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا دفن عثمان بن مظعون أمر رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حملها فقام إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حسر عن ذراعيه، ثمَّ حملها فوضعها عند رأسه و قال:«أعلم بها قبر أخي و أدفن إليه من مات من أهلي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب قال:لمّا رجع أبو الحسن موسى عليه السلام من بغداد و مضى إلى المدينة ماتت ابنة له،بفيد (3)فدفنها و أمر بعض مواليه أن يجصّص قبرها،و يكتب على لوح اسمها،و يجعله في القبر (4).

مسألة:و يستحبّ معاودة التلقين بعد انصراف الناس عنه

يتأخّر الوليّ أو بعض المؤمنين إن لم يوجد الوليّ،و ينادي بأعلى صوته-إن لم يكن في موضع تقيّة-يا فلان بن فلان اللّه ربّك،و محمّد نبيّك،و القرآن كتابك،و الكعبة قبلتك،و عليّ إمامك،و الحسن و الحسين-و يذكر الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا-أئمّتك أئمّة الهدى الأبرار.و عليه علماؤنا.و أنكره أكثر الجمهور (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي أمامة الباهليّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا مات أحدكم فسوّيتم عليه التراب فليقم أحدكم عند رأس قبره ثمَّ ليقل:يا فلان بن فلانة، فإنّه يسمع و لا يجيب،ثمَّ[ليقل] (6):يا فلان بن فلانة الثانية فيستوي قاعدا،ثمَّ ليقل:

يا فلان بن فلانة،فإنّه يقول:أرشدنا يرحمك اللّه،و لكن لا تسمعون،فيقول:اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أنّك رضيت

ص:400


1- 1ش،م و ن:يعلم.
2- 2) سنن أبي داود 3:212 الحديث 3206، [1]سنن البيهقيّ 3:412.
3- 3) فيد:منزل بطريق مكّة.لسان العرب 3:342. [2]
4- 4) التهذيب 1:461 الحديث 1501،الاستبصار 1:217 الحديث 768،الوسائل 2:864،الباب 37 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
5- 5) المغني 2:381،المجموع 5:303-304. [4]
6- 6) ش و ن:يقل،أكثر النسخ:يقول،و ما أثبتناه من المصادر.

باللّه ربّا،و بالإسلام دينا،و بمحمّد نبيّا،و بالقرآن إماما،فإنّ منكرا و نكيرا يتأخّر كلّ واحد منهما فيقول:انطلق فما يقعدنا عند هذا و قد لقّن حجّته و يكون اللّه تعالى حجّته»فقال:

يا رسول اللّه فإن لم يعرف أمّه؟قال:«فلينسبه إلى حوّاء» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ما على أحدكم إذا دفن ميّته و سوّى عليه (2)و انصرف عن قبره أن يتخلّف عند قبره،ثمَّ يقول:يا فلان بن فلان!أنت على العهد الّذي (3)عهدناك به من شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنّ عليّا أمير المؤمنين عليه السلام إمامك، و فلان و فلان،حتّى أتى على آخرهم،فإنّه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه:قد كفينا الدخول (4)إليه و مسألتنا له،فإنّه قد لقّن (5)،فينصرفان عنه و لا يدخلان عليه» (6).

و روى ابن بابويه:ما يقارب هذا (7).

مسألة:و يكره تجصيص القبور
اشارة

و هو فتوى العلماء-لأنّه من زينة أهل الدنيا.

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى أن يجصّص القبر (8)،و أن يبنى عليه،و أن يقعد عليه.رواه مسلم (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن عليّ بن جعفر قال:سألت

ص:401


1- 1المعجم الكبير للطبرانيّ 8:249 الحديث 7979،مجمع الزوائد 3:45،كنز العمّال 15:605 الحديث 42406،المغني 2:381،المجموع 5:304.
2- 2) غ بزيادة:التراب.
3- 3) ص و م:أنت على العهد على الذي،خا و ق:أنت على العهد و على الذي،ح:أ أنت على العهد و على الذي.
4- 4) في المصدر:الوصول.
5- 5) غ بزيادة:حجّته.
6- 6) التهذيب 1:459 الحديث 1496،الوسائل 2:863،الباب 35 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
7- 7) الفقيه 1:109 الحديث 501،الوسائل 2:862،الباب 35 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
8- 8) ش،ك،خا،ح و ق:القبور.
9- 9) صحيح مسلم 2:667 الحديث 970.

أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر و الجلوس عليه هل يصلح؟قال:

«لا يصلح البناء عليه،و لا الجلوس،و لا تجصيصه،و لا تطيينه» (1).

فرع:

لا بأس بتطيينها ابتداء،

لأنّ في تخصيص النهي بالتجصيص إشعارا بالرخصة في التطيين.و في حديث السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا تطيّنوا القبر من غير طينه» (2)إشعار بالجواز من طينه،و عليه يحمل حديث عليّ بن جعفر.و يحمل التجصيص الّذي أمر به أبو الحسن عليه السلام بعض مواليه لمّا ماتت (3)ابنته،على التطيين (4).

مسألة:و يكره البناء على القبر،و الصلاة عليه،و القعود.

روى ذلك يونس بن ظبيان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يصلّى على قبر،أو يقعد عليه،أو يبنى عليه» (5).و لأنّ في ذلك اتّباعا لأهل الدنيا في زينتهم و قلّة احترام الموتى.

ص:402


1- 1التهذيب 1:461 الحديث 1503،الاستبصار 1:217 الحديث 767،الوسائل 2:869،الباب 44 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
2- 2) الكافي 3:201 الحديث 1، [2]التهذيب 1:460 الحديث 1499،الوسائل 2:864،الباب 36 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
3- 3) ح:فاتت.
4- 4) التهذيب 1:461 الحديث 1501،الاستبصار 1:217 الحديث 768،الوسائل 2:864،الباب 37 من أبواب الدفن الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 1:461 الحديث 1504،الاستبصار 1:482 الحديث 1869 و فيه:«أو يقعد عليه،أو يتّكئ عليه،أو يبنى عليه»،الوسائل 2:869،الباب 44 من أبواب الدفن الحديث 2. [5]

و المراد بالبناء على القبر أن يتّخذ عليه بيت أو قبّة،لأنّ في ذلك تضييقا (1)على الناس و منعا لهم عن الدفن.و هذا مختصّ بالمواضع المباحة المسبّلة،أمّا الأملاك فلا.

و يكره المقام عندها،ذكره الشيخ (2)،و تجديدها بعد اندراسها،و الاتّكاء على القبر، و المشي عليه،و أن يتّخذ على القبر مسجدا،أو يصلّى (3)عليه.

مسألة:و يكره نقل الميّت من الموضع الّذي مات فيه إلى بلد آخر،

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالمسارعة بدفنه (4).و لأنّه لا يؤمن عليه الفساد.أمّا إذا نقل إلى بعض مشاهد الأئمّة عليهم السلام فلا بأس،بل ذلك مستحبّ،لما فيه من طلب الشفاعة منه عليه السلام.

و لو دفن في موضع لم يجز نقله بعد ذلك إلى غيره.قال الشيخ:و قد روي أنّه يجوز نقله بعد الدفن إلى بعض مشاهد الأئمّة عليهم السلام سمعناها مذاكرة (5).

مسألة:و يستحبّ أن يدفن الميّت في أشرف البقاع،
اشارة

فإن كان بمكّة دفن في مقبرتها، و كذا بالمدينة و المسجد الأقصى،و كذا مشاهد الأئمّة عليهم السلام،و كذا كلّ بلد فيه مقبرة يذكر بخير و فضيلة من شهداء أو صالحين (6)،أو مقام لأحد الأئمّة عليهم السلام.

و لو كان في بلد ناء (7)عن هذه المواضع استحبّ نقله إلى أحد مشاهد الأئمّة (8)عليهم السلام.

و الدفن في المقابر أفضل من الدفن في المنزل،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (9)اختار

ص:403


1- 1أكثر النسخ:تضيّقا.
2- 2) النهاية:44. [1]
3- 3) بعض النسخ:و يصلّى.
4- 4) الوسائل 2:647 الباب 47 من أبواب الاحتضار. [2]
5- 5) المبسوط 1:187، [3]النهاية:44. [4]
6- 6) خا،ح و ق:مشهد الصالحين،ش:من شهداء و الصالحين.
7- 7) ناء الرجل مثال ناع.لغة في نأى إذا بعد.الصحاح 1:79. [5]
8- 8) ق،ص،ف،م و غ:المشاهد للأئمّة.
9- 9) ف،ن و ق:عليه السلام.

لأصحابه الدفن في المقابر.و لأنّها ذات حرمة (1)،بخلاف المنزل.و لأنّها تزار و يدعى فيها، و أبعد من حصول نجاسة (2)فيها من بول أو غائط (3)،و لا ينبش (4)،و قد يحصل في المنزل ذلك كلّه.

فروع:
الأوّل:لا بأس أن يدفن ميّتان في قبر واحد مع الضرورة و الحاجة إليه،

و يكره مع عدم الحاجة.

الثاني:إذا تنازع اثنان في الدفن في الأرض المباحة فالسابق أولى،

(5)

و لو اتّفقا دفعة أقرع بينهما،لعدم الأولويّة.

الثالث:لو دفن ميّت فأريد حفر قبره و دفن آخر،

قال الشيخ:إنّه مكروه.ذكره في النهاية (6).

و قال في المبسوط:متى دفن في مقبرة مسبّلة لا يجوز لغيره أن يدفن فيه إلاّ بعد اندراسها و يعلم أنّه قد صار رميما،و ذلك على حسب الأهوية و التراب (7)،فإن بادر إنسان فنبش قبرا فإن لم يجد فيه شيئا جاز أن يدفن فيه،و إن وجد فيه عظاما أو غيرها ردّ التراب فيه و لم يدفن فيه (8).و كلام الشيخ في المبسوط جيّد.

الرابع:يجوز أن يعير الإنسان أرضه لغيره يدفن فيها ميّته

بلا خلاف،و يجوز للمعير الرجوع قبل الدفن إجماعا،أمّا لو دفن فإنّه لا يجوز له الرجوع و المطالبة بنقل الميّت،

ص:404


1- 1ك و ن:حرم.
2- 2) ح:النجاسة.
3- 3) خا،ح و ق:و غائط.
4- 4) غ،ح،ق و خا:و لا نبش.
5- 5) ش،ح،ق و خا:المباح.
6- 6) النهاية:44. [1]
7- 7) ص،ف و ك:و الترب.قال في المصباح المنير:73: [2]الترب و زان قفل لغة في التراب.
8- 8) المبسوط 1:188. [3]

لأنّ (1)العارية جارية (2)بحسب العادة و هي قاضية بتأبيد الميّت إلى أن يبلى،فإذا بلي جاز له التصرّف في أرضه بالزراعة و غيرها،لأنّ أجزاء الميّت قد استحالت إلى الأرض.

الخامس:لو غصب أرضا فدفن فيها ميّتا جاز لصاحب الأرض قلع الميّت و نقله

عن أرضه،

لأنّه تصرّف غير مأذون فيه.و يستحبّ للمالك تخليته،لأنّ فيه حفظا لحرمة الميّت.

أمّا لو غصب كفنا فكفّن به و دفن (3)لم يكن لصاحب الكفن قلعه و أخذ (4)كفنه،بل يرجع إلى القيمة.و الفرق بينهما تعذّر تقويم (5)موضع الدفن و حصول الضرر به بخلاف الكفن.

السادس:لو خلّف و ارثين أحدهما غائب فدفنه الحاضر في المشترك ،جاز للغائب

بعد حضوره قلعه،

(6)

و الأفضل له عدم القلع.

السابع:لو تشاحّ الورثة

فقال بعضهم:يدفن في ملكه،و قال آخرون:يدفن في المسبّلة دفن في المسبّلة،لأنّه بموته انتقل ملكه إلى الورثة.

و لو اتّفقوا على الدفن في ملكه جاز.

و لو قال بعضهم:أنا أكفّنه من مالي،و قال آخرون:يكفّن من ماله،كفّن من ماله، و لم يجبر الممتنع على تكفينه من مال الباذل،و يخالف إجابة الطالب للدفن في المسبّلة، لأنّ ذلك لا منّة فيه على واحد منهم.

الثامن:لو قال بعضهم:أنا أدفنه في ملكي،و قال آخرون:يدفن في المسبّلة،

أجيب

ص:405


1- 1بعض النسخ:لكنّ.
2- 2) ح،ق و خا:جائزة.
3- 3) ح:فدفن.
4- 4) خا،ح و ق:بأخذ.
5- 5) أكثر النسخ:تقديم.
6- 6) خا،ح و ق:المنزل.

الطالب للمسبّلة دون الطالب لملكه،للمنّة.

و لو اتّفقوا على دفنه في موضع ثمَّ أراد أحدهم نقله عنه لم يجز له ذلك.

التاسع:لو بادر واحد منهم فدفنه في ملك الميّت،

كان للباقين قلعه و دفنه في المسبّلة على كراهية.و لو بادر و دفنه في ملك نفسه أو كفّنه من ماله ثمَّ دفنه،لم ينقل و لم يسلب أكفانه،لأنّه ليس في تبقيته إسقاط حقّ أحدهم،و في نقله هتك حرمته.

العاشر:يستحبّ أن يكون له مقبرة ملك يدفن فيها أهله و أقاربه،

و يجوز له أن يشتري موضع قبره و يوصي أن يدفن فيه.

و لو أوصى أن يدفن في ملكه،مضت وصيّته إن خرجت من الثلث.

الحادي عشر:لو دفن الميّت في أرض فبيعت،

قال الشيخ:جاز للمشتري نقل الميّت عنها،و الأفضل تركه (1).و أطلق،و الوجه عندي التفصيل،و هو ثبوت هذا الحكم لو دفن في ملك الغير بغير إذنه.أمّا لو أذن ثمَّ باع الأرض،فإن علم (2)المشتري قبل البيع لزم البيع و لا يجوز له نقله،و إن لم يعلم كان مخيّرا بين فسخ البيع و التزامه (3)،و ليس له نقل الميّت في الحالين.

مسألة:الذمّيّة إذا كانت حاملا من مسلم إذا ماتت و مات حملها دفنت في مقابر

المسلمين

(4)

لحرمة (5)ولدها،لأنّه يلحق بأبيه في الإسلام فيلحقه (6)في الدفن،و شقّ بطن الأمّ لإخراجه هتك لحرمة الميّت و إن كان ذمّيّا لغرض ضعيف.

ص:406


1- 1المبسوط 1:188. [1]
2- 2) ف و غ:علمه.
3- 3) أكثر النسخ:و إلزامه.
4- 4) خا،ص،ق و ح:و.
5- 5) م و ن:بحرمة.
6- 6) أكثر النسخ:فلحقه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أحمد بن أشيم (1)،عن يونس قال:سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يكون له الجارية اليهوديّة و النصرانيّة فيواقعها فتحمل،ثمَّ يدعوها إلى أن تسلم فتأبى عليه،فدنا ولادها (2)فماتت و هي تطلق،و الولد في بطنها،و مات الولد، أ يدفن معها على النصرانيّة،أو يخرج منها و يدفن على فطرة الإسلام؟فكتب:

«يدفن معها» (3).

قال علماؤنا:و يجعل ظهرها إلى القبلة في القبر ليكون الجنين مستقبلا لها،لأنّه متوجّه إلى ظهر أمّه (4).

مسألة:و لو مات في البحر و لم يوجد أرض يدفن فيها
اشارة

غسّل و حنّط (5)و كفّن و صلّي عليه و ثقّل و ألقي في البحر ليرسب (6)إلى القرار.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء،و الحسن البصريّ (7)،و أحمد (8).

و قال الشافعيّ:يربط بين لوحين ليحمله البحر إلى الساحل،فربّما وقع إلى قوم

ص:407


1- 1أحمد بن أشيم-بفتح الهمزة و سكون الشين المعجمة و فتح الياء المثنّاة من فوق بعدها ميم وزان أحمر،و قيل: بضمّ الهمزة و فتح الشين-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام،روى عن يونس و روى عنه أحمد بن محمّد،قال المحقّق في المعتبر: [1]هو ضعيف جدّا على ما ذكره النجاشيّ و الشيخ،قال السيّد الخوئيّ:الظاهر أنّ المحقّق قد سها فيما حكاه،فإنّه لا يوجد ذلك في كتاب النجاشيّ و لا في كتاب الشيخ. رجال الطوسيّ:367،المعتبر 1:292، [2]معجم رجال الحديث 2:51،52. [3]
2- 2) خا،ش،م و ح:ولادتها،كما في المصادر.الولادة:وضع الوالدة ولدها،و الولاد بغير هاء:الحمل.المصباح المنير: 671. [4]
3- 3) التهذيب 1:334 الحديث 980،الوسائل 2:866،الباب 39 من أبواب الدفن الحديث 2. [5]
4- 4) ينظر:المقنعة:13،الخلاف 1:297 مسألة-93،السرائر:33،المعتبر 1:292. [6]
5- 5) لا توجد في بعض النسخ.
6- 6) ح:ليترسّب.
7- 7) حلية العلماء 2:364،المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:384.
8- 8) المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:384،الإنصاف 2:505.

يدفنونه (1).

و ما ذكرناه أولى،لأنّ القصد من الدفن و هو الستر حاصل هنا،أمّا جعله (2)بين لوحين (3)ففيه تعريض له بالتغيّر و الهتك (4)،فإنّه ربّما بقي عريانا على الساحل غير مدفون،و ربّما ظفر به المشركون،فما (5)ذكرناه أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر،فقال:«يغسّل و يكفّن و يصلّى عليه و يثقّل و يرمى به في البحر» (6).

فروع:
الأوّل:قال بعض الجمهور:يترك يوما أو يومين ما لم يخافوا عليه الفساد،

ثمَّ يفعل (7)به ما ذكرناه،لجواز وجدان الأرض (8).و هو حسن.

الثاني:يجوز أن يثقّل بحجر في رجليه و يرمى به،

لأنّ المقصود حاصل به.

روى الشيخ عن وهب بن وهب القرشيّ،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السلام قال:

ص:408


1- 1حلية العلماء 2:363،المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:285،فتح العزيز بهامش المجموع 5:251، الميزان الكبرى 1:209،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:101،المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:384.
2- 2) خا،ح و ق:أمّا لو جعله،ش:أمّا لو جعل.
3- 3) خا،ح و ق:اللوحين.
4- 4) خا،ح و ق:بالتعسّر و الضنك.
5- 5) بعض النسخ:و ما.
6- 6) التهذيب 1:339 الحديث 993،الاستبصار 1:215 الحديث 759،الوسائل 2:867،الباب 40 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
7- 7) بعض النسخ:يثقّل.
8- 8) المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:384.

قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إذا مات الميّت في البحر،غسّل و كفّن و حنّط (1)و ثقّل (2)في رجليه حجر و يرمى به في الماء» (3).

الثالث:يجوز أن يجعل في خابية و يرمى به،

(4)

لحصول المقصود.

و رواه الشيخ عن أيّوب بن الحرّ (5)قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و هو في السفينة في البحر كيف يصنع به؟قال:«يوضع في خابية و يوكى (6)رأسها و يطرح في الماء» (7).

الرابع:لا فرق بين الأنهار الكبار و الجداول الضيّقة

و البحار إذا لم يتمكّن من الشطّ (8)للدفن،و كذا لو خاف اللصوص أو السباع (9)لو دفنه في الشطّ.

مسألة:و لو سقط في بئر فمات فيها،

فإن أمكن إخراجه وجب،ليغسّل و يكفّن و يصلّى عليه،و لو كانت البئر ذات نفس و أمكن معالجتها بالأكسية المبلولة تدار في البئر

ص:409


1- 1ح بزيادة:ثمَّ يصلّى عليه،كما في الوسائل.
2- 2) ح:ثمَّ وثّق،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 1:399 الحديث 995،الاستبصار 1:215 الحديث 761،الوسائل 2:866،الباب 40 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
4- 4) خا،ح و ق:جانبيه،ص،غ،ف و ك:جانبه.
5- 5) أيّوب بن الحرّ الجعفيّ مولى ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ذكره أصحابنا في الرجال،يعرف بأخي أديم،له أصل،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:أيّوب بن الحرّ الكوفيّ أسند عنه،و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام قائلا:أيّوب بن الحرّ مولى طريف،و قال في الفهرست:ثقة مولى،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:103،رجال الطوسيّ:150،343،الفهرست:16، [2]رجال العلاّمة:12. [3]
6- 6) الوكاء:مثل كتاب،حبل يشدّ به رأس القربة.المصباح المنير:670.
7- 7) التهذيب 1:340 الحديث 996،الاستبصار 1:215 الحديث 762،الوسائل 2:866،الباب 40 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]
8- 8) ك:الشرط.
9- 9) ق،خا و ح:و السباع.

فتجذب بخارها فعل ذلك،و لو لم يعلم هل بقي فيه بخار أم لا أنزل إليه مصباح فإن انطفأ فالبخار باق،فقد قيل:لا تثبت النار إلاّ فيما يعيش (1)فيه الحيوان (2)،و إن لم يمكن إخراجه طمّت عليه البئر و جعلت (3)قبرا له،لأجل الضرورة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن العلاء بن سيابة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بئر محرج وقع (4)فيه رجل فمات فيه فلم يمكن إخراجه من البئر،أ يتوضّأ في تلك البئر؟قال:«لا يتوضّأ فيه تعطّل و تجعل قبرا،و إن أمكن إخراجه أخرج و غسّل و دفن،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:حرمة المرء المسلم ميّتا كحرمته و هو حيّ سواء» (5).

مسألة:و لو دفن من غير غسل،
اشارة

أو إلى غير القبلة،أو بلع (6)شيئا له قيمة،نبش قبره و غسّل و كفّن و صلّي عليه و دفن.و به قال الشافعيّ (7)،و أبو ثور (8).

و قال أبو حنيفة:لا ينبش لأنّه مثلة و قد نهي عنها (9).

لنا:أنّه إخلال بواجب و تداركه ممكن.

ص:410


1- 1خا،ق و ح:نفس.
2- 2) المغني 2:406.
3- 3) ح:فجعلت.
4- 4) خا و ح:رفع،ك:فوقع،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 1:465 الحديث 1522،و ص 419 الحديث 1324،الوسائل 2:875،الباب 51 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
6- 6) أكثر النسخ:بلغ.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:138،المجموع 5:299-300،فتح العزيز بهامش المجموع 5:250،مغني المحتاج 1: 366،السراج الوهّاج:115،المغني 2:415.
8- 8) المغني 2:415.
9- 9) تحفة الفقهاء 1:253،المبسوط للسرخسيّ 2:73،بدائع الصنائع 1:319،مجمع الأنهر 1:187،شرح فتح القدير 2:101،المغني 2:415.
فروع:
الأوّل:لو تقطّع في القبر لم ينبش لأجل الغسل،

لسقوطه حينئذ للتعذّر.

الثاني:لو لم يصلّ عليه لم ينبش و صلّي على القبر.

و هو مذهب أبي حنيفة (1)، و الشافعيّ (2).و عن أحمد روايتان (3).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على قبر المسكينة و لم ينبشها (4).

احتجّ أحمد بأنّه دفن قبل واجب،فيجري مجرى الدفن قبل الغسل (5).

و الجواب:الفرق،لأنّ الواجب هنا يمكن تداركه.

الثالث:لو دفن بغير كفن لم ينبش.

و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّ القصد الستر و قد حصل بالدفن و النبش مثلة فلا يجوز فعلها.

احتجّ أحمد بأنّه دفن قبل واجب،فجرى مجرى الدفن قبل الغسل (7).

و الجواب:المقصود هنا الستر و قد حصل،بخلاف المقيس عليه،لأنّ القصد هناك الطهارة.

مسألة:و لا يكره الدفن ليلا.

و هو قول أكثر الفقهاء (8).

ص:411


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:69،تحفة الفقهاء 1:253،بدائع الصنائع 1:315،حلية العلماء 2:352،المغني 2: 415،الشرح الكبير بهامش المغني 2:410.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:138،المجموع 5:299، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:191، [2]مغني المحتاج 1:346، المغني 2:415،الشرح الكبير بهامش المغني 2:410،
3- 3) المغني 2:415،الشرح الكبير بهامش المغني 2:410،الكافي لابن قدامة 1:362،الإنصاف 2:471.
4- 4) المغني 2:415،الشرح الكبير بهامش المغني 2:410.
5- 5) المغني 2:415،الشرح الكبير بهامش المغني 2:410،الكافي لابن قدامة 1:362.
6- 6) المغني 2:416،الشرح الكبير بهامش المغني 2:411،الإنصاف 2:471.
7- 7) المغني 2:416،الشرح الكبير بهامش المغني 2:411.
8- 8) المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412،المجموع 5:302،عمدة القارئ 8:150.

و قال الحسن البصريّ:يكره ليلا (1).و عن أحمد روايتان (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:كنّا نسمع صوت المساحي من آخر الليل في دفن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن ابن مسعود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بدفن ذي البجادين (4)ليلا و قام عنه مستقبل القبلة،و قال:«اللهمّ إنّي أمسيت عنه راضيا فارض عنه» (5).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل قبرا ليلا و أسرج (6)له مصباح (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا معشر الناس لا ألفينّ (8)رجلا مات له ميّت ليلا فانتظر به الصبح،و لا رجلا مات له ميّت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس

ص:412


1- 1المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412،المجموع 5:302،عمدة القارئ 8:150.
2- 2) المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412،الكافي لابن قدامة 1:361،عمدة القارئ 8:150.
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 3:520 الرقم 6551،سنن البيهقيّ 3:409،المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412.
4- 4) عبد اللّه ذو البجادين هو ابن عبد نهم بن عفيف بن سحيم.كان يتيما في حجر عمّه و كان محسنا إليه فبلغ عمّه أنّه قد تابع دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فقال:لئن فعلت و تابعت دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله لأنزعنّ منك جميع ما أعطيتك،قال:فإنّي مسلم،فنزع منه كلّ شيء أعطاه حتّى جرّده من ثوبه،فأتى أمّه فقطعت له بجادا لها باثنتين فاتّزر نصفا و ارتدى نصفا ثمَّ أصبح فصلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الصبح،فلمّا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تصفّح الناس ينظر من أتاه،فرآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:من أنت؟فقال:أنا عبد العزّى،فقال:أنت عبد اللّه ذو البجادين فالزم بابي،فلزم باب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبره و أسنده في لحده ثمَّ خرج و استقبل القبلة رافعا يديه يقول:اللّهمّ إنّي أمسيت عنه راضيا فارض عنه. أسد الغابة 3:122، [1]الإصابة 2:338، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:292. [3]
5- 5) المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412،أسد الغابة 3:417، [4]الإصابة 2:338. [5]
6- 6) بعض النسخ:و يسرج،ش و ن:فأسرج.
7- 7) سنن الترمذيّ 3:372 الحديث 1057، [6]المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412.
8- 8) م،غ،ك،ف و ص:لا ألقين.

و لا غروبها عجّلوا بهم إلى مضاجعهم رحمكم اللّه»قال الناس:و أنت يا رسول اللّه يرحمك اللّه (1).

و لأنّ عليّا عليه السلام دفن فاطمة عليها السلام ليلا (2).رواه الجمهور.و لأنّه أحد الزمانين فجاز الدفن فيه كالآخر.

احتجّ المخالف (3)بما رواه مسلم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله زجر أن يدفن الرجل بالليل إلاّ أن يضطرّ إنسان إلى ذلك (4).

و الجواب:أنّه محمول على التأديب،فأنّ الدفن نهارا أسهل على متّبعها (5)و أكثر (6)لهم و أمكن في اتّباع السنن (7)في دفنه.

مسألة:و لا يجوز الدفن في المساجد،

لأنّها وضعت للعبادة و ذلك ممّا يمنع منها، إذ (8)يكره أن يصلّي عليه أو إليه (9).و لو قيل بالكراهية كان أولى.

البحث السادس:في التعزية و لواحقها
اشارة

(10)

مسألة:التعزية مستحبّة قبل الدفن و بعده،

بلا خلاف بين العلماء في ذلك،

ص:413


1- 1التهذيب 1:427 الحديث 1359،الوسائل 2:674،الباب 47 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
2- 2) سنن البيهقيّ 4:31،المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412.
3- 3) المغني 2:417،الشرح الكبير بهامش المغني 2:412،المجموع 5:302.
4- 4) صحيح مسلم 2:651 الحديث 943.
5- 5) ص،م و ن:متبعيها.
6- 6) بعض النسخ:و أكبر.
7- 7) بعض النسخ:الشيء.
8- 8) بعض النسخ:إن.
9- 9) خا و ح:و إليه.
10- 10) خا،ح و ق:و أداء حقّها.

إلاّ الثوريّ فإنّه قال:لا يستحبّ التعزية بعد الدفن (1).

لنا:قوله عليه السلام:«من عزّى مصابا فله مثل أجره» (2)رواه الجمهور.و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«ما من[مؤمن] (3)يعزّي أخاه بمصيبة إلاّ كساه اللّه من حلل الكرامة يوم القيامة» (4).

و عنه عليه السلام:«من عزّى ثكلى كسي بردا في الجنّة» (5).

و هذه تتناول (6)بعمومها صورة النزاع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم قال:رأيت موسى بن جعفر عليهما السلام (7)يعزّي قبل الدفن و بعده (8).

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من عزّى حزينا كسي في الموقف حلّة يحبر بها» (9).

و عن الصادق عليه السلام قال:«التعزية الواجبة بعد الدفن» (10).

ص:414


1- 1حلية العلماء 2:365،المغني 2:408،الشرح الكبير بهامش المغني 2:425،المجموع 5:307.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:511 الحديث 1602،سنن الترمذيّ 3:385 الحديث 1073، [1]سنن البيهقيّ 4:59،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:176.
3- 3) بعض النسخ:«أحد»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:511 الحديث 1601،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:152.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:387 الحديث 1076، [2]الجامع الصغير للسيوطيّ 2:176.
6- 6) بعض النسخ:و هذا يتناول.
7- 7) بعض النسخ:عليه السلام،كما في المصادر.
8- 8) التهذيب 1:463 الحديث 1516،الاستبصار 1:217 الحديث 769،الوسائل 2:873،الباب 47 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
9- 9) الفقيه 1:110 الحديث 502،الوسائل 2:872 الباب 46 من أبواب الدفن الحديث 4. [4]
10- 10) الفقيه 1:110 الحديث 504،الوسائل 2:873 الباب 48 من أبواب الدفن الحديث 3. [5]

و لأنّ التعزية تسلية أهل الميّت،و إشغالهم (1)بذكر أهوالهم عن تذكّر (2)ميّتهم،و تحسين الصبر لهم،و ذكر الثواب عليه و إحباطه بالجزع،و تذكيرهم (3)التسوية (4)لأشرف البريّة في فقدان الحياة،و قضاء حقوقهم،و التقرّب إليهم،و ذلك ممّا تمسّ الحاجة إليه بعد الدفن،كما هو قبله،فيكون مشروعا.

احتجّ الثوريّ بأنّ الدفن آخر أمره (5).

و الجواب:المقاصد في التعزية حاصلة بعد الدفن،بل هو أولى،فإنّه وقت مفارقة شخصه و الانقلاب عنه،فيستحبّ التعزية.

مسألة:و يستحبّ التعزية لجميع أهل المصيبة،
اشارة

كبيرهم و صغيرهم،ذكرهم و أنثاهم،عملا بالعموم.

و ينبغي أن يخصّ أهل الفضل و العلم و الخير و المنظور إليهم من بينهم بمزيّة ليتأسّى به غيره (6)،و الضعيف عن تحمّل المصيبة،لحاجته إليها.

و لا ينبغي أن يعزّى النساء (7)الأجانب خصوصا الشوابّ،بل يعزّيهم نساء مثلهم (8).

مسألة:و لا يجوز تعزية أهل الذمّة.

و قال الشافعيّ:يجوز (9).و عن أحمد روايتان (10).

ص:415


1- 1خا،ح و ق:و اشتغالهم.
2- 2) خا،ح و ق:ذكر،م:تذكير.
3- 3) خا،ك،ح و ق:و تذكّرهم.
4- 4) بعض النسخ:لأوجه السويّة،م:السويّة.
5- 5) المغني 2:408،الشرح الكبير بهامش المغني 2:425.
6- 6) ش،ن و م:غيرهم.
7- 7) خا،ح و ق:للنساء.
8- 8) م:بل تعزّيهم نساء مثلهنّ.و الأنسب:بل تعزّيهنّ نساء مثلهنّ.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:139،المجموع 5:306، [1]مغني المحتاج 1:355،السراج الوهّاج:112.
10- 10) المغني 2:409،الشرح الكبير بهامش المغني 2:427،الكافي لابن قدامة 1:363،الإنصاف 2:566.

لنا:أنّه مأمور باجتنابهم،و قال عليه السلام:«لا تبدؤوهم بالسلام» (1)و هذا في معناه.

احتجّ أحمد بأنّه يعاد في المرض (2)،فإنّه روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتى غلاما من اليهود يعوده كان قد مرض،فقعد عند رأسه فقال له:«أسلم»فنظر إلى أبيه و هو عند رأسه فقال:أطع أبا القاسم،فأسلم،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الحمد للّه الّذي أنقذه بي من النار» (3).و إذا كان يعاد فكذا يعزّى.

و الجواب:عيادته لمعنى،و هو دعاؤه إلى الإسلام،و ذلك متّفق عليه.

فروع:
الأوّل:لو كان في تعزيته مصلحة دينيّة أو دنيويّة،

استحبّت (4).

الثاني:لا يجوز تعزية الكفّار و المخالفين

للحقّ.

الثالث:يجوز تعزية المسلم بأبيه الذمّيّ و بالعكس ،

(5)

للمصلحة.

الرابع:يدعو للذمّيّ إذا عزّاه بإلهام الصبر و البقاء

(6)(7)

و لا يدع لهم (8)بالأجر.

و يقول للمسلم في عزاء أبيه النصرانيّ:أعظم اللّه أجرك،و أخلف عليك،أي كان اللّه

ص:416


1- 1صحيح مسلم 4:1707 الحديث 2167،سنن أبي داود 4:352 الحديث 5205، [1]سنن ابن ماجه 2:1219 الحديث 3699،سنن الترمذيّ 4:154 الحديث 1602،مسند أحمد 2:346. [2]
2- 2) المغني 2:409،الشرح الكبير بهامش المغني 2:427،الكافي لابن قدامة 1:363.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:118،سنن أبي داود 3:185 الحديث 3095، [3]مسند أحمد 3:280، [4]سنن البيهقيّ 3: 383.
4- 4) بعض النسخ:استحبّ.
5- 5) بعض النسخ:و العكس.
6- 6) خا،ك،ح و ق:الذمّيّ.
7- 7) خا،غ،ق و ف:عزّ له.
8- 8) ش،ن و خا:له.

خليفة عليك.

و لو عزّى ذمّيّا بمسلم قال:غفر اللّه لميّتك،و أحسن عزاءك.

مسألة:و لا نعلم في التعزية شيئا محدودا،

غير أنّه قد نقل عن أهل البيت عليهم السلام أشياء ينبغي ذكرها:

روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه عزّى قوما قد أصيبوا بمصيبة فقال:

«جبر اللّه وهنكم،و أحسن عزاكم،و رحم متوفّاكم» (1).و عن الصادق عليه السلام أنّه عزّى رجلا بابن له،فقال:«اللّه خير لابنك منك،و ثواب اللّه خير لك منه»فلمّا بلغه شدّة جزعه بعد ذلك عاد إليه فقال له:«قد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أ فما لك به أسوة؟!»فقال:

إنّه كان مراهقا (2)،فقال:«إنّ أمامه ثلاث خصال:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و رحمة اللّه،و شفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلن تفوته واحدة منهنّ إن شاء اللّه» (3).

و عزّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نفسه لمّا مات إبراهيم عليه السلام:

«حزنا عليك يا إبراهيم و إنّا لصابرون،يحزن القلب و تدمع العين،و لا نقول ما يسخط الربّ» (4).

و يكفي في التعزية أن يراه صاحب المصيبة.رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام (5).

و يمسح رأس اليتيم و يسكته (6)بلطف.

روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام:«ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحّما له إلاّ أعطاه اللّه عزّ و جلّ بكلّ شعرة نورا يوم القيامة» (7).

ص:417


1- 1الفقيه 1:110 الحديث 506،الوسائل 2:874 الباب 49 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:مرهقا.
3- 3) الفقيه 1:110 الحديث 508،الوسائل 2:874 الباب 49 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 1:113 الحديث 526،الوسائل 2:921 الباب 87 من أبواب الدفن الحديث 4. [3]
5- 5) الفقيه 1:110 الحديث 505،الوسائل 2:874 الباب 48 من أبواب الدفن الحديث 4. [4]
6- 6) أكثر النسخ:يسكّنه،ش و ك:و ليسكنه.
7- 7) الفقيه 1:119 الحديث 569،الوسائل 2:926 الباب 91 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]

و عنه عليه السلام قال:«إذا بكى اليتيم اهتزّ له العرش،فيقول اللّه تبارك و تعالى:

من هذا الّذي أبكى عبدي الّذي سلبته أبويه في صغره؟فو عزّتي و جلالي و ارتفاعي في مكاني لا يسكته (1)عبد مؤمن إلاّ وجبت له الجنّة» (2).

مسألة:قال الشيخ في المبسوط:يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة .

(3)

و خالف فيه ابن إدريس (4)،و هو الحقّ،إذا لا مقتضى للكراهية في جلوس الإنسان في داره للقاء إخوانه (5)و الدعاء لهم و تسليته (6)و اشتغال صاحب المصيبة بمحادثتهم (7)و مذاكرتهم.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«ليس لأحد أن يحدّ أكثر من ثلاثة أيّام إلاّ المرأة على زوجها حتّى تنقضي عدّتها» (8).

احتجّ الشيخ بأنّ فيه تحديدا (9)بالمصيبة (10).

و الجواب:أنّ فيه تسلية للمصاب.

و يستحبّ أن لا يبرح حاضر المصيبة إلى (11)أن يؤذن له في الانصراف.فإن كان صاحبها (12)جاهلا بما ينبغي له من الإذن في الانصراف (13)انصرف بغير إذنه،و كذا لو حصل

ص:418


1- 1م،ق،خا و ح:لا يسكّنه.
2- 2) الفقيه 1:119 الحديث 573،الوسائل 2:927 الباب 91 من أبواب الدفن الحديث 5. [1]
3- 3) المبسوط 1:189. [2]
4- 4) السرائر:34.
5- 5) غ،ف و ص:إخوانهم.
6- 6) ش و ن:و التسلية له،ح:و تسلية لهم،م:و التسلية،غ:و تسليتهم.
7- 7) ق و ح:بمجاورتهم.
8- 8) الفقيه 1:116 الحديث 550،الوسائل 15:450 الباب 29 من أبواب العدد الحديث 5. [3]
9- 9) ش،م،ن و ك:تجديدا.
10- 10) لم نعثر عليه.
11- 11) خا،ق و ح:إلاّ.
12- 12) ك:صاحب المصيبة،خا،ق و ح:مصاحبها.
13- 13) خا،ق و ح:بالانصراف.

له حاجة أو ضرورة تدعوه إلى الانصراف.

مسألة:و يستحبّ أن يصنع لأهل الميّت طعام و يبعث به إليهم.
اشارة

و هو وفاق العلماء (1).

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا جاء نعي جعفر بن أبي طالب قال عليه السلام:«اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنّه (2)قد أتاهم أمر شغلهم (3)عنه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السلام قال:«يصنع للميّت [مأتم] (5)ثلاثة أيّام من يوم مات» (6).

و أوصى عليه السلام بثمان مائة درهم لمأتمه،و كان يرى ذلك من السنّة،لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«اتّخذوا لآل جعفر بن أبي طالب طعاما فقد شغلوا» (7).

و قال الصادق عليه السلام:«الأكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهليّة، و السنّة البعث إليهم بالطعام على ما أمر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في آل جعفر بن أبي طالب عليه السلام لمّا جاء (8)نعيه» (9).

و قال عليه السلام:«لمّا قتل جعفر بن أبي طالب عليه السلام،أمر رسول اللّه صلّى اللّه

ص:419


1- 1ح:أهل العلم.
2- 2) ش،ن،ك و خا:فإنّهم.
3- 3) أكثر النسخ:يشغلهم.
4- 4) سنن أبي داود 3:195 الحديث 3132، [1]سنن ابن ماجه 1:514 الحديث 1610،سنن الترمذيّ 3:323 الحديث 998، [2]مسند أحمد 1:205، [3]المستدرك للحاكم 1:372،سنن البيهقيّ 4:61،سنن الدار قطنيّ 2:87 الحديث 8.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) الفقيه 1:116 الحديث 545،الوسائل 2:888 الباب 67 من أبواب الدفن الحديث 1. [4]
7- 7) الفقيه 1:116 الحديث 546،الوسائل 2:890 الباب 68 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]
8- 8) بعض النسخ:جاءه.
9- 9) الفقيه 1:116 الحديث 548،الوسائل 2:889 الباب 67 من أبواب الدفن الحديث 6. [6]

عليه و آله فاطمة عليها السلام أن تأتي أسماء بنت عميس و نساءها و أن تصنع لهم طعاما ثلاثة أيّام،فجرت السنّة بذلك» (1).

و لأنّه من البرّ و التقرّب (2)إلى الجيران،فكان مستحبّا.

فروع:
الأوّل:لا يستحبّ لأهل الميّت أن يصنعوا طعاما و يجمعوا الناس عليه،

لأنّهم مشغولون بمصابهم،و لأنّ في ذلك تشبيها (3)بأهل الجاهليّة على ما قاله (4)الصادق عليه السلام.

الثاني:لو دعت الحاجة إلى ذلك جاز،

كما لو حضرهم أهل القرى و الأماكن البعيدة،و احتاجوا إلى المبيت (5)عندهم،فإنّه ينبغي ضيافتهم.

الثالث:ينبغي أن يفعل لهم الطعام ثلاثة أيّام،

لأنّه المنقول،و ينبغي ذلك لجيرانه و أقربائه.

مسألة:البكاء على الميّت جائز غير مكروه
اشارة

إجماعا-قبل خروج الروح و بعده- إلاّ الشافعيّ،فإنّه كرهه بعد الخروج (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن أنس قال:شهدنا بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس على القبر،فرأيت عينيه تدمعان (7).و قبّل النبيّ

ص:420


1- 1الفقيه 1:116 الحديث 549،الوسائل 2:889 الباب 67 من أبواب الدفن الحديث 8. [1]
2- 2) ك:التعرّب.
3- 3) ح:تشبّها.
4- 4) خا،ق و ح:قال.
5- 5) خا،ق و ح:البعث.
6- 6) الأمّ 1:279،المجموع 5:307،المغني 2:410،الشرح الكبير بهامش المغني 2:428.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:100،سنن البيهقيّ 4:70.

صلّى اللّه عليه و آله عثمان بن مظعون و هو ميّت و رفع (1)رأسه،و عيناه تهراقان (2).

و قال أنس:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أخذ الراية زيد فأصيب،ثمَّ أخذها جعفر فأصيب،ثمَّ أخذها عبد اللّه بن رواحة فأصيب»و إنّ عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لتذرفان (3). (4)

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام و زيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدّا،و يقول:«كانا يحدّثاني و يؤنساني فذهبا جميعا» (5).

و لمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من وقعة (6)أحد إلى المدينة سمع من كلّ دار قتل من أهلها قتيل نوحا و بكاءا،و لم يسمع من دار حمزة عمّه،فقال عليه السلام:

«لكنّ حمزة لا بواكي له»فآلى أهل المدينة:أن لا ينوحوا على ميّت و لا يبكوه حتّى يبدءوا بحمزة فينوحوا عليه و يبكوه،فهم إلى اليوم على ذلك (7).

و قال الصادق عليه السلام:«من خاف على نفسه من وجد بمصيبة فليفض من دموعه فإنّه يسكن عنه» (8).و ذلك (9)عامّ.

ص:421


1- 1ش،م،ن و ك:فرفع.
2- 2) سنن أبي داود 3:201 الحديث 3163،سنن الترمذيّ 3:314 الحديث 989، [1]سنن ابن ماجه 1:468 الحديث 1456.
3- 3) خا،ق و ح:لتهرقان.
4- 4) صحيح البخاريّ 5:182،مسند أحمد 3:113، [2]سنن البيهقيّ 8:154،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:105 الحديث 1460.
5- 5) الفقيه 1:113 الحديث 527،الوسائل 2:922 الباب 87 من أبواب الدفن الحديث 6. [3]
6- 6) خا،ح و ق:واقعة.
7- 7) الفقيه 1:116 الحديث 553،الوسائل 2:924 الباب 88 من أبواب الدفن الحديث 5. [4]
8- 8) الفقيه 1:119 الحديث 568،الوسائل 2:921 الباب 87 من أبواب الدفن الحديث 5. [5]
9- 9) بعض النسخ:فذلك.

احتجّ الشافعيّ (1)بما رواه عبد اللّه بن عتيك (2)قال:جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عبد اللّه بن ثابت (3)يعوده،فوجده قد غلب،فصاح به فلم يجبه،فاسترجع و قال:«غلبنا عليك يا أبا الربيع»فصاح (4)النسوة و بكين،فجعل ابن عتيك يسكتهنّ (5)،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«دعهنّ،فإذا وجب فلا تبكينّ باكية» (6)يعني إذا مات.

و الجواب:أنّه محمول على رفع الصوت و الندب و الصياح المرتفع الخارج عن (7)المعتاد.

فروع:
الأوّل:الندب لا بأس به،

و هو عبارة عن تعديد (8)محاسن الميّت و ما يلقون بفقده بلفظة (9)النداء،ب«وا»،مثل قولهم:وا رجلاه،وا كريماه،وا انقطاع (10)ظهراه،وا مصيبتاه غير أنّه مكروه،لأنّه لم ينقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا عن أحد من أهل البيت

ص:422


1- 1الأمّ 1:279،المغني 2:410،الشرح الكبير بهامش المغني 2:428.
2- 2) عبد اللّه بن عتيك بن قيس بن الأسود.الأنصاريّ أخو جابر بن عتيك،شهد أحد و ما بعدها،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قيل:شهد صفّين مع عليّ بن أبي طالب. أسد الغابة 3:203، [1]الإصابة 2:341. [2]
3- 3) عبد اللّه بن ثابت الأنصاريّ أبو الربيع الظفريّ عاده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه الذي مات فيه فكفّنه في قميصه. أسد الغابة 3:127، [3]الإصابة 2:284، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:270. [5]
4- 4) هامش ح:فصاحت.
5- 5) بعض النسخ:فسكّتهنّ.
6- 6) سنن أبي داود 3:188 الحديث 3111، [6]سنن النسائيّ 4:13،سنن البيهقيّ 4:69.
7- 7) ح:غير.
8- 8) غ و ف:تعدّد،ح،ق و خا:تقدير.
9- 9) خا،ق و ح:بلفظ.
10- 10) ص،م،غ و ك:و انقطاع.

عليهم السلام.

الثاني:النياحة بالباطل محرّمة إجماعا،

أمّا (1)بالحقّ فجائزة (2)إجماعا.

روى الجمهور عن فاطمة عليها السلام أنّها قالت:«يا أبتاه،من ربّه ما أدناه،يا أبتاه إلى جبرئيل (3)أنعاه،يا أبتاه أجاب ربّا دعاه» (4).

و عن عليّ عليه السلام:«إنّ فاطمة عليها السلام أخذت قبضة من تراب قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوضعتها على عينيها ثمَّ قالت:

ما ذا على من شمّ تربة أحمد أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا

صبّت عليّ مصائب لو أنّها صبّت على الأيام عدن (5)لياليا» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن أجر النائحة،فقال:«لا بأس به،قد نيح على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (7).

و روي أنّه قال:«لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا» (8).

و في خبر آخر قال:«تستحلّه بضرب إحدى يديها على الأخرى» (9).و ذلك يستلزم المطلوب.

ص:423


1- 1م:و أمّا.
2- 2) خا،ق و ح:فجائز.
3- 3) ف و ص:جبريل.
4- 4) صحيح البخاريّ 6:18،سنن ابن ماجه 1:522 الحديث 1630،سنن النسائيّ 4:13،مسند أحمد 3: 197، [1]سنن البيهقيّ 4:71.
5- 5) ك،خا،ق و ح:صرن.
6- 6) المغني 2:411،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:429.
7- 7) الفقيه 1:116 الحديث 551،الوسائل 2:893 الباب 71 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
8- 8) الفقيه 1:116 الحديث 552،الوسائل 12:91 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 9. [4]
9- 9) الفقيه 1:116 الحديث 552،الوسائل 12:90 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [5]
الثالث:يحرم ضرب الخدود و نتف الشعور

و شقّ الثوب (1)إلاّ في موت الأب و الأخ، فقد (2)سوّغ فيهما شقّ الثوب للرجل،و كذا (3)يكره الدعاء بالويل و الثبور.

روي:أنّ أهل البيت إذا دعوا بالويل و الثبور،وقف ملك الموت في عتبة الباب و قال:إن كانت صيحتكم عليّ فإنّي مأمور،و إن كانت صيحتكم على ميّتكم فإنّه مقبور، و إن كانت على ربّكم فالويل لكم و الثبور،و إنّ لي فيكم (4)لعودات ثمَّ عودات (5).

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لفاطمة عليها السلام حين قتل جعفر بن أبي طالب عليه السلام:«لا تدعي (6)بذلّ و لا ثكل (7)و لا حزن و لا حرب و ما قلت فيه فقد صدقت» (8).

و روي قال:لمّا قبض عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السلام رؤي الحسن بن عليّ عليه السلام و قد خرج من الدار و قد شقّ قميصه من خلف و قدّام (9).

الرابع:ينبغي لصاحب المصيبة الصبر على البليّة و الاسترجاع،

قال اللّه تعالى:

وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ، اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (10).

ص:424


1- 1غ:الجيوب.
2- 2) ح:و قد.
3- 3) ش،م و ن:و روي كذا،ف،خا،ح،ق و غ:روي و كذا.
4- 4) أكثر النسخ:منكم.
5- 5) المغني 2:411.
6- 6) أكثر النسخ:لا تدعين.
7- 7) أكثر النسخ:بطل.
8- 8) الفقيه 1:112 الحديث 521،الوسائل 2:915 الباب 83 من أبواب الدفن الحديث 4. [1]
9- 9) الفقيه 1:111 الحديث 511،الوسائل 2:916 الباب 84 من أبواب الدفن الحديث 4. [2]
10- 10) البقرة(2):155-157. [3]

و روى الجمهور عن (1)أمّ سلمة قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ اللهمّ أجرني في مصيبتي، و أخلف لي خيرا منها إلاّ آجره اللّه في مصيبته و أخلف (2)له خيرا منها»قالت:فلمّا مات أبو سلمة (3)قلت كما أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخلف اللّه لي خيرا منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«أربع من كنّ فيه كان في نور اللّه الأعظم:من كان عصمة أمره شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه،و من إذا أصابته مصيبة قال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،و من إذا أصاب خيرا قال:

الحمد للّه ربّ العالمين،و من إذا أصاب خطيئة قال:استغفر اللّه و أتوب إليه» (5).

و قال أبو جعفر عليه السلام:«ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند مصيبته،و يصبر حين (6)تفجأه المصيبة إلاّ غفر اللّه له ما مضى من ذنوبه إلاّ الكبائر الّتي أوجب اللّه عزّ و جلّ عليها النار،و كلّما ذكر مصيبة فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها و حمد اللّه عزّ و جلّ غفر اللّه له كلّ ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأوّل إلى الاسترجاع الأخير

ص:425


1- 1بعض النسخ:من.
2- 2) أكثر النسخ:و خلف.
3- 3) أبو سلمة:عبد اللّه بن عبد الأسد بن هلال بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم القرشيّ،أمّه برّة بنت عبد المطّلب فهو ابن عمّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من السابقين الأوّلين إلى الإسلام،تزوّج أمّ سلمة ثمَّ صارت بعده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،هاجر إلى الحبشة و شهد بدرا و جرح بأحد جرحا اندمل ثمَّ انتقض فمات منه في جمادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة. أسد الغابة 5:218، [1]الإصابة 2:335. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:631 الحديث 918،سنن ابن ماجه 1:509 الحديث 1598،مسند أحمد 6:309. [3]
5- 5) الفقيه 1:111 الحديث 514، [4]الوسائل 2:897 الباب 73 من أبواب الدفن الحديث 8. [5]
6- 6) أكثر النسخ:حتّى.

إلاّ الكبائر من الذنوب» (1).

و قد ورد حصول الثواب و إن لم يصبر.روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«من أصيب بمصيبة-جزع عليها أو لم يجزع،صبر عليها أو لم يصبر-كان ثوابه من اللّه عزّ و جلّ الجنّة» (2).

و قال عليه السلام:«ثواب المؤمن من ولده[إذا مات] (3)الجنّة،صبر أو لم يصبر» (4).و هذا أمر معقول أيضا،لحصول الألم بالفقد المستلزم للعوض.

الخامس:روى عمر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ الميّت ليعذّب ببكاء

أهله عليه» .

(5)

و أنكره ابن عبّاس،قالت عائشة:و اللّه ما حدّث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه»و لكن قال:«إنّ اللّه تعالى يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه»قالت عائشة:و حسبكم القرآن،قال اللّه تعالى وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (6). (7)و إنكارهما يدلّ على بطلانه.

و قد ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ضدّ هذا،فقد روى ابن بابويه أنّ الباقر عليه السلام أوصى أن يندب في المواسم عشر سنين (8).

ص:426


1- 1الفقيه 1:111 الحديث 515،الوسائل 2:898 الباب 74 من أبواب الدفن الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:111 الحديث 517.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:112 الحديث 518،الوسائل 2:894 الباب 72 من أبواب الدفن الحديث 7. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:101،صحيح مسلم 2:641 الحديث 927،مسند أحمد 1:41، [3]سنن البيهقيّ 4: 73.
6- 6) الأنعام(6):164. [4]
7- 7) المغني 2:412، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 2:431، [6]سنن الترمذيّ 3:327 الحديث 1004. [7]
8- 8) الفقيه 1:116 الحديث 547،الوسائل 2:891 الباب 69 من أبواب الدفن الحديث 2. [8]

و عن محمّد بن الحسن الواسطيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ إبراهيم خليل الرحمن سأل ربّه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته» (2).

و قد تأوّل هذا الحديث على تقدير صحّته،فقيل:إنّ الجاهليّة كانوا ينوحون على موتاهم و يعدّدون أفعالهم الّتي هي قتل النفس و الغارة على الأموال،فأراد عليه السلام أنّهم يعذّبون بما يبكون به عليهم (3).

مسألة:و يستحبّ زيارة المقابر للرجال.
اشارة

و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّها تذكّركم الموت»رواه مسلم (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الموتى نزورهم (5)؟فقال:«نعم»قلت (6):فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال (7):«إي و اللّه،إنّهم ليعلمون بكم و يفرحون بكم و يستأنسون إليكم» (8).

ص:427


1- 1محمّد بن الحسن الواسطيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام،و [1]نقل الكشّيّ عن الفضل بن شاذان أنّ محمّد بن الحسن كان كريما على أبي جعفر الثاني عليه السلام،و أنّ أبا الحسن الثالث عليه السلام أنفذ نفقته في مرضه و أكفنه و أقام مأتمه عند موته،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،هذا،و قال السيّد الخوئيّ:نسبة عدّه من أصحاب الصادق عليه السلام إلى الشيخ فيه سهو ظاهر.نعم روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه أبان بن عثمان في التهذيب 1:465 الحديث 1524. رجال الكشّيّ:558،رجال الطوسيّ:408،رجال العلاّمة:151، [2]معجم رجال الحديث 15:297. [3]
2- 2) التهذيب 1:465 الحديث 1524،الوسائل 2:892 الباب 70 من أبواب الدفن الحديث 3. [4]
3- 3) قال المصنّف في التذكرة 2:120،و [5]أحسن ما بلغنا فيه.،و يناسب ذلك ما ورد في شرح صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:248.
4- 4) صحيح مسلم 2:672 الحديث 976-977.
5- 5) ش،م،ن و ك:تزورهم.
6- 6) كثير من النسخ:فقلت.
7- 7) أكثر النسخ:قال.
8- 8) الفقيه 1:115 الحديث 540،الوسائل 2:878 الباب 54 من أبواب الدفن الحديث 2. [6]

و قال الرضا عليه السلام:«من زار قبر مؤمن فقرأ عنده:إنّا أنزلناه في ليلة القدر، سبع مرّات،غفر اللّه له و لصاحب القبر» (1).

و عن سماعة بن مهران أنّه سأل الصادق عليه السلام عن (2)زيارة القبور و بناء المساجد فيها،فقال:«أمّا زيارة القبور فلا بأس[بها] (3)و لا يبنى عندها مساجد» (4).

و لأنّ ذلك يتضمّن الاتّعاظ،و ذكر الموت،و كسر النفس عن اتّباع الهوى،و سؤال الربّ الرحمة له و للميّت و الاستغفار (5).

فروع:
الأوّل:يستحبّ تكرار ذلك في كلّ وقت.

روى ابن بابويه عن إسحاق بن عمّار قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن المؤمن يزور أهله؟فقال:«نعم»فقال (6):في كم؟قال:«على قدر فضائلهم،منهم من يزور في كلّ يوم،و منهم من يزور في كلّ يومين،و منهم من يزور في كلّ ثلاثة أيّام»قال:ثمَّ رأيت في مجرى كلامه أنّه يقول:«أدناهم جمعة»فقال له:في أيّ ساعة؟قال:«عند زوال الشمس أو قبيل (7)ذلك،فيبعث اللّه تعالى معه ملكا يريه ما يسرّ به، و يستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا و يرجع إلى قرّة عين» (8).

الثاني:يستحبّ أن يقال في زيارة القبور ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام،

روى ابن بابويه عن جرّاح المدائنيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام كيف التسليم على أهل القبور؟

ص:428


1- 1الفقيه 1:115 الحديث 541،الوسائل 2:881 الباب 57 من أبواب الدفن الحديث 5. [1]
2- 2) بعض النسخ:من.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:114 الحديث 531،الوسائل 2:887 الباب 65 من أبواب الدفن الحديث 1. [2]
5- 5) غ:الاستغفار.
6- 6) ك:فقلت.
7- 7) أكثر النسخ:أو قبل.
8- 8) الفقيه 1:115 الحديث 542.

فقال:«تقول:السلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين،رحم اللّه المتقدّمين (1)منّا و المتأخّرين (2)،و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون» (3).

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا مرّ على القبور قال:«السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين،و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون» (4).

و قال الصادق عليه السلام:«إذا دخلت الجبّانة (5)فقل:السلام على أهل الجنّة» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قل:اللهمّ جاف الأرض عن (7)جنوبهم،و صاعد إليك أرواحهم،و لقّهم منك رضوانا،و أسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم،و تونس به وحشتهم،إنّك على كلّ شيء قدير» (8).

الثالث:لا بأس بالقراءة عند القبر بل هو مستحبّ.

و عن أحمد روايتان:إحداهما:

أنّه بدعة (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفّف عنهم يومئذ،و كان له بعدد من فيها حسنات» (10).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عنده أو عندهما

ص:429


1- 1أكثر النسخ:المستقدمين،كما في الوسائل.
2- 2) أكثر النسخ:المستأخرين،كما في الوسائل. [1]
3- 3) الفقيه 1:114 الحديث 533،الوسائل 2:880 الباب 56 من أبواب الدفن الحديث 3. [2]
4- 4) الفقيه 1:114 الحديث 534،الوسائل 2:880 الباب 56 من أبواب الدفن الحديث 2. [3]
5- 5) بعض النسخ:المقابر.
6- 6) الفقيه 1:115 الحديث 538،الوسائل 2:880 الباب 56 من أبواب الدفن الحديث 5. [4]
7- 7) بعض النسخ:من.
8- 8) الفقيه 1:115 الحديث 540،الوسائل 2:882 الباب 58 من أبواب الدفن الحديث 1. [5]
9- 9) المغني 2:426،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 2:417،الإنصاف 2:558.
10- 10) تفسير القرطبيّ 15:3، [7]المغني 2:427،الشرح الكبير بهامش المغني 2:218.

يس غفر اللّه له» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الرضا عليه السلام:«من زار قبر مؤمن فقرأ عنده:إنّا أنزلناه في ليلة القدر،سبع مرّات،غفر له و لصاحب القبر» (2).

الرابع:يجوز للنساء زيارة القبور.

و عن أحمد روايتان:إحداهما:الكراهة (3). (4)

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» (5)و هو بعمومه يتناول النساء.

و عن ابن أبي مليكة أنّه قال لعائشة:يا أمّ المؤمنين من أين أقبلت؟قالت:من قبر أخي عبد الرحمن (6)،فقلت لها:قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن زيارة القبور؟ قالت:نعم،قد نهى ثمَّ أمر بزيارتها (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن يونس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إنّ فاطمة (8)عليها السلام كانت تأتي قبور الشهداء في كلّ غداة سبت،فتأتي قبر حمزة

ص:430


1- 1الجامع الصغير للسيوطيّ 2:172،كنز العمّال 16:479 الحديث 45543،الدرّ المنثور 5:257. [1]
2- 2) الفقيه 1:115 الحديث 541،الوسائل 2:881 الباب 57 من أبواب الدفن الحديث 5. [2]
3- 3) أكثر النسخ:الكراهية.
4- 4) المغني 2:430،الشرح الكبير بهامش المغني 2:424،الكافي لابن قدامة 1:336،الإنصاف 2:561.
5- 5) صحيح مسلم 2:671 الحديث 976 و 977،سنن أبي داود 3:218 الحديث 3235، [3]سنن الترمذيّ 3:370 الحديث 1054، [4]سنن ابن ماجه 1:501 الحديث 1571،سنن النسائيّ 4:89،سنن البيهقيّ 4:76-77،مجمع الزوائد 3:59.
6- 6) عبد الرحمن بن أبي بكر يكنّى أبا عبد اللّه و قيل أبو محمّد بابنه محمّد و هو شقيق عائشة شهد بدرا و أحدا مع الكفّار و أسلم قبل الفتح،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبيه و روى عنه ابناه عبد اللّه و حفصة و ابن أخيه القاسم بن محمّد،مات سنة 53 ه،و قيل 56 ه،و قيل غير ذلك. أسد الغابة 3:304، [5]الإصابة 2:407، [6]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:399، [7]تهذيب التهذيب 6:146، [8]العبر 1:41.
7- 7) المستدرك للحاكم 1:376،سنن البيهقيّ 4:78.
8- 8) غ بزيادة:الزهراء.

و تترحّم (1)عليه و تستغفر له» (2).

الخامس:كلّ قربة يفعل و يجعل ثوابها للميّت المؤمن فإنّها تنفعه،

و لا خلاف في الدعاء و الصدقة و الاستغفار و أداء الواجبات الّتي تدخلها النيابة.قال اللّه تعالى وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ (3).و قال وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ (4).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سأله رجل فقال:يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت أ فينفعها إن تصدّقت عنها؟قال:«نعم» (5).

و جاءت امرأة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه إنّ أبي أدركته فريضة الحجّ و هو شيخ كبير لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أ فأحجّ عنه؟فقال:

«أ فرأيت لو كان على أبيك دين أ كنت قاضيته؟»قالت:نعم،قال:«فدين اللّه أحقّ أن يقضى» (6).

و قال عليه السلام لعمرو بن العاص:«لو كان أبوك مسلما فأعتقتم عنه،أو تصدّقتم عنه،أو حججتم عنه بلغه ذلك» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«إنّ الميّت

ص:431


1- 1بعض النسخ:و ترحّم.
2- 2) التهذيب 1:465 الحديث 1523،الوسائل 2:879 الباب 55 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
3- 3) الحشر(59):10. [2]
4- 4) محمّد(47):19. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 4:9،سنن أبي داود 3:118 الحديث 2882، [4]سنن الترمذيّ 3:56 الحديث 669، [5]سنن النسائيّ 6:252-253،مسند أحمد 1:370. [6]
6- 6) سنن ابن ماجه 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:117-118،سنن البيهقيّ 4:328.في الجميع بتفاوت.
7- 7) سنن أبي داود 3:118 الحديث 2883، [7]سنن البيهقيّ 6:279.

ليفرح بالترحّم عليه و الاستغفار له كما يفرح الحيّ بالهديّة تهدى إليه (1)» (2).

و قال عليه السلام:«ستّة يلحقن الميّت بعد وفاته:ولد يستغفر له،و مصحف يخلفه، و غرس يغرسه،و صدقة ماء يجريه،و قليب يحفره،و سنّة يؤخذ بها من بعده» (3).

و قال عليه السلام:«من عمل من المسلمين عن ميّت عملا صالحا أضعف له أجره و نفع (4)اللّه به الميّت» (5).

السادس:الصلاة يصل ثوابها إلى الميّت،

خلافا لقوم من الجمهور (6).

لنا:أنّها قربة و طاعة و عبادة بدنيّة،فأشبهت الحجّ.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:يصلّى عن الميّت؟فقال:«نعم حتّى إنّه ليكون في ضيق فيوسّع[اللّه] (7)عليه ذلك الضيق ثمَّ يؤتى فيقال له:خفّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك»قال:

فقلت:فأشرك بين رجلين في ركعتين؟قال:«نعم» (8).

و قال عليه السلام:«يدخل على الميّت في قبره الصلاة،و الصوم،و الحجّ،و الصدقة، و البرّ،و الدعاء،و يكتب أجره للّذي يفعله (9)و للميّت» (10).

ص:432


1- 1أكثر النسخ:له.
2- 2) الفقيه 1:117 الحديث 554،الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 1:117 الحديث 555،الوسائل 13:293 الباب 1 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 1. [2]
4- 4) بعض النسخ:و ينفع.
5- 5) الفقيه 1:117 الحديث 556،الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث 4. [3]
6- 6) حلية العلماء 6:156،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 7:91،المغني 2:428، الشرح الكبير بهامش المغني 2:421.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) الفقيه 1:117 الحديث 554،الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث 1. [4]
9- 9) بعض النسخ:فعله.
10- 10) الفقيه 1:117 الحديث 557،الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث 3. [5]
السابع:قال الشافعيّ:ما عدا الواجبات،و الصدقة،و الدعاء،و الاستغفار لا يفعل

عن الميّت

و لا يصل[ثوابه إليه] (1). (2)و ليس بجيّد،لأنّ المسلمين مجمعون (3)على الاجتماع و قراءة القرآن و إهدائه إلى الأموات من غير إنكار.و ما تقدّم في الأحاديث المنقولة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من طرق الجمهور و أهل البيت عليهم السلام.

احتجّ الشافعيّ (4)بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث:صدقة جارية،أو علم ينتفع به من بعده،أو ولد صالح يدعو له» (5).

و لأنّ نفعه لا يتعدّى فاعله فلا يتعدّاه ثوابه.

و الجواب عن الأوّل:أنّه يدلّ على انقطاع عمله و نحن نقول بموجبة،لأنّه ليس من عمله.

و عن الثاني:أنّ تعدّي الثواب ليس بفرع لتعدّي النفع،و ينتقض بالصوم و الحجّ و الدعاء.

مسألة:و يستحبّ خلع النعال إذا دخل المقابر،
اشارة

و لو لم يفعله (6)لم يكن مكروها، لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله روي عنه أنّه قال:«إذا وضع المرء (7)في قبره و تولّى عنه

ص:433


1- 1أثبتناها من المغني.
2- 2) حلية العلماء 6:156،المهذّب للشيرازيّ 1:464،المجموع 15:521، [1]شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 7:91،المغني 2:428،الشرح الكبير بهامش المغني 2:421.
3- 3) ف و غ:مجتمعون،ح،ق،ك و خا:مجموعون.
4- 4) حلية العلماء 6:156،المهذّب للشيرازيّ 1:464،المجموع 15:521، [2]شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 7:91، [3]المغني 2:428،الشرح الكبير بهامش المغني 2:421.
5- 5) صحيح مسلم 3:1255 الحديث 1631،سنن أبي داود 3:117 الحديث 2880، [4]سنن الترمذيّ 3:660 الحديث 1376، [5]سنن النسائيّ 6:251،سنن الدارميّ 1:139، [6]مسند أحمد 2:372، [7]سنن البيهقيّ 6:278.
6- 6) ف،غ،ح،ق و خا:يفعل.
7- 7) غ،ف و ك:الميّت.

أصحابه إنّه يسمع قرع نعالهم» (1).و لا ريب أنّ خلع النعال أقرب إلى الخشوع و أبعد من الخيلاء،و لو كان هناك ما يمنع (2)من خلع النعلين لم يستحبّ خلعهما.

فروع:
الأوّل:يكره المشي على القبور،

قاله الشيخ (3).

و قد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لأنّ أمشي على جمرة أو سيف،أو أخصف (4)نعلي برجلي أحبّ إليّ من أن أمشي على قبر مسلم» (5).

و قد روى ابن بابويه عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:«إذا دخلت المقابر فطأ القبور،فمن كان مؤمنا استروح (6)إلى ذلك،و من كان منافقا وجد ألمه» (7).

الثاني:يكره الجلوس عليها و الاتّكاء و الصلاة إليها.

روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تجلسوا على القبور و لا تصلّوا إليها» (8).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تتّخذوا قبري قبلة و لا مسجدا،فإنّ اللّه عزّ و جلّ لعن اليهود[حيث] (9)اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (10).

ص:434


1- 1صحيح البخاريّ 2:113،سنن أبي داود 3:217 الحديث 3231، [1]سنن النسائيّ 4:96،سنن البيهقيّ 4:80.
2- 2) أكثر النسخ:مانع.
3- 3) المبسوط 1:188.
4- 4) جميع النسخ:أو خصف و ما أثبتناه من المصادر.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:499 الحديث 1567،كنز العمّال 15:649 الحديث 42570،الجامع الصغير للسيوطيّ 2: 122.
6- 6) بعض النسخ:استراح،كما في الوسائل. [2]
7- 7) الفقيه 1:115 الحديث 539،الوسائل 2:885 الباب 62 من أبواب الدفن الحديث 1. [3]
8- 8) صحيح مسلم 2:668 الحديث 972،سنن أبي داود 3:217 الحديث 3229، [4]سنن الترمذيّ 3:367 الحديث 1050،مسند أحمد 4:135، [5]سنن البيهقيّ 4:79.
9- 9) أثبتناها من المصدر.
10- 10) الفقيه 1:114 الحديث 532،الوسائل 2:887 الباب 65 من أبواب الدفن الحديث 2. [6]
الثالث:يكره الضحك بين القبور،

لأنّه ينافي الاتّعاظ.و قد روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى كره لي ستّ خصال و كرهتهنّ للأوصياء من ولدي و أتباعهم من بعدي:العبث في الصلاة،و الرفث في الصوم،و المنّ بعد الصدقة،و إتيان المساجد جنبا،و التطلّع في الدور،و الضحك بين القبور» (1).

مسألة:و يجلّل قبر المرأة بثوب إذا أريد دفنها.
اشارة

(2)

و هو قول العلماء.

روى الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه مرّ بقوم قد دفنوا ميّتا و بسطوا على قبره الثوب فجذبه و قال:«إنّما يصنع هذا بالنساء» (3).و هو يدلّ على المشروعيّة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جعفر بن سويد من بني جعفر بن كلاب (4)قال:سمعت جعفر بن محمّد عليه السلام يقول:«يغشّى قبر المرأة بالثوب و لا يغشّى قبر الرجل،و قد مدّ على قبر سعد بن معاذ ثوب و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شاهد فلم ينكر ذلك» (5).

و لأنّ المرأة عورة و حرمتها ميّتة كحرمتها حيّة،و ربّما ظهر من عورتها شيء،و ربّما بدا (6)منها أمر يشاهده الحاضرون،فاستحبّ الستر لهذا المعنى.

ص:435


1- 1الفقيه 1:120 الحديث 575،الوسائل 2:886 الباب 63 من أبواب الدفن الحديث 2. [1]
2- 2) ص و خا:و تحليل،م،ح،ش،غ و ق:و يحلّل.
3- 3) سنن البيهقيّ 4:54،المغني 2:377.
4- 4) جعفر بن سويد بن جعفر بن كلاب،روى محمود بن ميمون عنه عن جعفر بن محمّد عليهما السلام،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية محمود بن ميمون عنه،و قال السيّد الخوئيّ بعد ذكره:لا يبعد اتّحاده مع جعفر بن سويد الجعفريّ القيسيّ الكوفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام. رجال الطوسيّ:162،تنقيح المقال 1:217، [2]معجم رجال الحديث 4:73. [3]
5- 5) التهذيب 1:464 الحديث 1519،الوسائل 2:875 الباب 50 من أبواب الدفن الحديث 1.و [4]فيه:عن جعفر بن سويد عن جعفر بن كلاب.
6- 6) ح:جرى.

و لا اعتبار بمخالفة بعض المتأخّرين في هذا و كونه لم يوجد في كتاب (1)،مع أنّ الشيخ رحمه اللّه رواه في التهذيب،و أفتى به في الخلاف (2).

و المفيد رحمه اللّه ذكر في كتاب أحكام النساء:أنّ المرأة يستحبّ أن يجلّل (3)قبرها عند الدفن بثوب (4).مع أنّ هذين هما العمدة،و عليهما المعوّل في نقل المذهب.

فرع:

هل يستحبّ أن يفعل ذلك بالرجل؟

أفتى في الخلاف بالاستحباب مطلقا (5)،و هو كما يتناول المرأة يتناول الرجل.و لم يكرهه الشافعيّ (6)،و أصحاب الرأي (7)،و أبو ثور (8).

و كرهه أحمد (9).

احتجّ الشافعيّ (10)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا دفن سعد بن معاذ ستر قبره بثوب (11).و قد نقله الخاصّة عن الصادق عليه السلام (12).

ص:436


1- 1السرائر:34.
2- 2) الخلاف 1:296 مسألة-87.
3- 3) كثير من النسخ:يحلّل.
4- 4) نقله عنه في السرائر:34.
5- 5) الخلاف 1:296 مسألة-87.
6- 6) الأمّ 1:276،المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:288 و 291،فتح العزيز بهامش المجموع 5:208، مغني المحتاج 1:362،السراج الوهّاج:114.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:62،بدائع الصنائع 1:319،الهداية للمرغينانيّ 1:93،شرح فتح القدير 2:99، المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:380.
8- 8) المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:380.
9- 9) المغني 2:377،الكافي لابن قدامة 1:359.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:137،المجموع 5:288،فتح العزيز بهامش المجموع 5:209.
11- 11) سنن البيهقيّ 4:54،المصنّف لعبد الرزّاق 3:500 الرقم 6477.
12- 12) التهذيب 1:464 الحديث 1519،الوسائل 2:875 الباب 50 من أبواب الدفن الحديث 1.

و لأنّه يحتاج إلى حلّ عقد الكفن و تسويته فالمستحبّ ستره.

و احتجّ أحمد (1)بحديث عليّ عليه السلام (2).

مسألة:و يستحبّ لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره،
اشارة

ليعزّيه (3)الناس،و يعرفونه فيقصدون إليه.

روى ابن بابويه عن أبي بصير،عن الصادق عليه السلام قال:«ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء،و أن يكون في قميص حتّى يعرف» (4).

و وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رداءه في جنازة سعد بن معاذ رحمه اللّه فسئل عن ذلك فقال:«رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي» (5).

و روى الشيخ عن الحسين بن عثمان (6)قال:لمّا مات إسماعيل بن أبي عبد اللّه عليه السلام خرج أبو عبد اللّه عليه السلام فتقدّم السرير بلا حذاء و لا رداء (7).

و في الحسن عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتّى يعلم الناس أنّه صاحب المصيبة» (8).

فرع:

قال الشيخ في المبسوط:يجوز لصاحب الميّت أن يتميّز من غيره

بإرسال طرف

ص:437


1- 1المغني 2:377،الشرح الكبير بهامش المغني 2:380،الكافي لابن قدامة 1:359.
2- 2) سنن البيهقيّ 4:54.
3- 3) أكثر النسخ:لتعزية.
4- 4) الفقيه 1:110 الحديث 509،الوسائل 2:653 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 1. [1]
5- 5) الفقيه 1:111 الحديث 512،الوسائل 2:653 الباب 27 [2] من أبواب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 4.
6- 6) الحسين بن عثمان بن شريك بن عديّ العامريّ الوحيديّ الكوفيّ وثّقه النجاشيّ و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:53،رجال الطوسيّ:169،رجال العلاّمة:51. [3]
7- 7) التهذيب 1:463 الحديث 1513،الوسائل 2:654 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 7. [4]
8- 8) التهذيب 1:463 الحديث 1514،الوسائل 2:655 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 8. [5]

العمامة،أو أخذ مئزر فوقها على الأب و الأخ،فأمّا[على] (1)غيرهما فلا يجوز على حال (2).

و سوّى ابن إدريس في المنع بين الأب و الأخ و غيرهما (3).و الأقرب عندي ما قاله الشيخ،لأنّه قد ورد استحباب التميّز (4)بنزع الرداء،و كذا بإرسال طرف العمامة،أو أخذ مئزر فوقها.و يؤيّده تعليل الصادق عليه السلام (5).

آخر:

روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره» (6).

مسألة تشتمل على فصول:
اشارة

روى الشيخ أنّه يستحبّ أن يوضع عند الجريدة مع الميّت كتاب يقول قبل أن يكتب:بسم اللّه الرحمن الرحيم،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و أنّ الجنّة حقّ،و أنّ النار حقّ،و أنّ الساعة آتية لا ريب فيها،و أنّ اللّه يبعث من في القبور،ثمَّ يكتب:بسم اللّه الرحمن الرحيم،شهد الشهود-المسمّون في هذا الكتاب-أنّ أخاهم في اللّه عزّ و جلّ،فلان بن فلان-و يذكر اسم الرجل-أشهدهم و استودعهم و أقرّ عندهم أنّه يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله،و أنّه مقرّ بجميع الأنبياء و الرسل عليهم السلام،و أنّ عليّا عليه السلام وليّ اللّه و إمامه،و أنّ الأئمّة من ولده أئمّة،و أنّ أوّلهم:

ص:438


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) المبسوط 1:189. [1]
3- 3) السرائر:34.
4- 4) غ و ص:التمييز.
5- 5) يراجع:ص 429،430.
6- 6) الفقيه 1:111 الحديث 510،الوسائل 2:654 الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث 2. [2]

الحسن،و الحسين،و عليّ بن الحسين،و محمّد بن عليّ،و جعفر بن محمّد،و موسى بن جعفر، و عليّ بن موسى،و محمّد بن عليّ،و عليّ بن محمّد،و الحسن بن عليّ،و (1)القائم الحجّة عليهم السلام،و أنّ الجنّة حقّ،و النار حقّ،و (2)الساعة آتية لا ريب فيها،و أنّ اللّه يبعث من في القبور،و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله جاء بالحقّ،و أنّ عليّا وليّ اللّه و الخليفة من بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و مستخلفه في أمّته مؤدّيا لأمر ربّه تبارك و تعالى،و أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ابنيها:الحسن و الحسين ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و سبطاه،و إماما الهدى،و قائدا الرّحمة،و أنّ عليّا،و محمّدا، و جعفرا،و موسى و عليّا،و محمّدا،و عليّا،و حسنا،و الحجّة القائم عليهم السلام أئمّة و قادة و دعاة إلى اللّه عزّ و جلّ (3)،و حجّة على عباده.

ثمَّ يقول للشهود:يا فلان و يا فلان و يا فلان-للمسمّين (4)في هذا الكتاب-أثبتوا لي هذه الشهادة عندكم حتّى تلقوني بها عند الحوض.

ثمَّ يقول الشهود:يا فلان نستودعك اللّه و الشهادة و الإقرار و الإخاء موعودة عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نقرأ عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته.

ثمَّ تطوى الصحيفة،و تطبع بخاتم الشهود و خاتم الميّت،و توضع عن يمين (5)الميّت مع الجريدة.و تكتب (6)الصحيفة بكافور و عود على جهة (7)غير مطيّب (8).

ص:439


1- 1خا،ق و ح بزيادة:محمّد بن الحسن.
2- 2) ح بزيادة:أنّ.
3- 3) أكثر النسخ:جلّ و علا.
4- 4) ش:المثبتين.
5- 5) ح:على قبر،ص،ق و خا:على عين.
6- 6) في متن المصدر:تثبت.
7- 7) ق،م و ف:جهته،كما في هامش المصدر،ص و غ:جبهته،كما في المصدر.
8- 8) مصباح المتهجّد:15-17.و [1]فيه:المسمّين،مكان:للمسمّين.
فصل:

روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام:«ما من أحد يموت أحبّ إلى إبليس،من موت فقيه» (1).

و سئل عن قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها (2)فقال:

«فقد العلماء» (3).

و سئل عن قوله تعالى أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ (4)فقال:«توبيخ لابن ثمانية عشر سنة» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«ما يخرج مؤمن عن (6)الدنيا إلاّ برضى[منه] (7)،و ذلك أنّ اللّه تبارك و تعالى يكشف له الغطاء حتّى ينظر إلى مكانه من الجنّة و ما أعدّ (8)اللّه له فيها،و تنصب له الدنيا كأحسن ما كانت له،ثمَّ يخيّر،فيختار ما عند اللّه و يقول:ما أصنع بالدنيا و بلائها،فلقّنوا موتاكم كلمات الفرج» (9).

و قال عليه السلام:«الموت كفّارة ذنب كلّ مؤمن» (10).

ص:440


1- 1الفقيه 1:112 الحديث 559.
2- 2) الرعد(13):41. [1]
3- 3) الفقيه 1:118 الحديث 560.
4- 4) فاطر(35):37. [2]
5- 5) الفقيه 1:118 الحديث 561.
6- 6) أكثر النسخ:من.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) ش،م و ن:وعد،خا،ص،ق و ح:أوعد.
9- 9) الفقيه 1:80 الحديث 358،الوسائل 2:667 الباب 38 من أبواب الاحتضار الحديث 4. [3]
10- 10) الفقيه 1:80 الحديث 358.
فصل:

و روى أيضا عن الصادق عليه السلام:«إنّ وليّ عليّ عليه السلام يراه في ثلاثة مواطن حيث يسرّه:عند الموت،و عند الصراط،و عند الحوض،و ملك الموت يدفع الشيطان عن المحافظ على الصلاة،و يلقّنه شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه (1)في تلك الحالة العظيمة (2)» (3).

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إنّ العبد إذا كان في آخر يوم من الدنيا و أوّل يوم من الآخرة مثّل له ماله و ولده و عمله،فيلتفت إلى ماله فيقول:و اللّه إنّي كنت عليك لحريصا شحيحا،فما ذا عندك؟فيقول:خذ منّي كفنك،فيلتفت إلى ولده فيقول:و اللّه إنّي كنت لكم لمحبّا و إنّي كنت عليكم لمحاميا فما ذا عندكم؟فيقولون:نؤدّيك إلى حفرتك و نواريك فيها،فيلتفت إلى عمله فيقول:و اللّه إن (4)كنت عليّ لثقيلا و إنّي كنت فيك لزاهدا فما ذا عندك؟فيقول:أنا قرينك في قبرك و يوم حشرك حتّى أعرض أنا و أنت على ربّك» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة رفع (6)عنه عذاب القبر» (7).

و قال الصادق عليه السلام:«من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس

ص:441


1- 1بعض النسخ بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) غ و ف:المعظّمة.
3- 3) الفقيه 1:82 الحديث 372.
4- 4) في الفقيه:إنّك.
5- 5) الفقيه 1:82 الحديث 373،الوسائل 11:385 الباب 100 من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه الحديث 1. [1]
6- 6) ك بزيادة:اللّه،كما في المصدر.
7- 7) الفقيه 1:83 الحديث 374.

إلى زوال الشمس يوم الجمعة أمن من ضغطة القبر» (1).

و قال عليه السلام:«ليلة الجمعة ليلة غراء و يومها يوم أزهر،و ليس على الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معتقا من النار من يوم الجمعة،و من مات يوم الجمعة كتبت له براءة من عذاب القبر،و من مات يوم الجمعة عتق من النار» (2).

فصل:

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام:«من مات محرما بعثه اللّه ملبّيا» (3).

و قال عليه السلام:«من مات في أحد الحرمين أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة» (4).

و قال عليه السلام:«إذا ماتت المرأة في نفاسها،لم ينشر لها ديوان يوم القيامة» (5).

و قال عليه السلام:«موت الغريب شهادة» (6).

و قال عليه السلام:«إذا مات المؤمن بكت (7)عليه بقاع الأرض الّتي كان يعبد اللّه عزّ و جلّ فيها،و الباب الّذي كان يصعد فيه عمله،و موضع سجوده» (8).

[تمَّ الجزء الثاني من كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب و يتلوه الجزء الثالث بعون اللّه تعالى] (9).

ص:442


1- 1الفقيه 1:83 الحديث 375.
2- 2) الفقيه 1:83 الحديث 375 عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
3- 3) الفقيه 1:84 الحديث 379،الوسائل 2:697 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 6. [1]
4- 4) الفقيه 1:84 الحديث 380.
5- 5) الفقيه 1:84 الحديث 381.
6- 6) الفقيه 1:84 الحديث 382.
7- 7) بعض النسخ:لبكت.
8- 8) الفقيه 1:84 الحديث 384،الوسائل 3:473 الباب 42 من أبواب مكان المصلّي الحديث 5. [2]
9- 9) ما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة ح.

المجلد 8

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

ص :3

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :4

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :5

ص :6

الكتاب الثالث: في الزكاة و الخمس

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة:

ففيها فصول

ص:7

ص:8

الفصل الأوّل:في ماهيّتها

الزكاة في اللغة:يقال بمعنيين:الزيادة و النموّ.و الثاني:التطهير (1).يقال:زكا المال إذا نما (2)،و قال اللّه تعالى أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً (3)أي مطهّرة.

و في الشرع:عبارة عن حقّ يثبت (4)في المال بشرائط (5)يأتي ذكرها.

و قولنا:يثبت (6)،يتناول (7)الوجوب و الندب،و هو أولى من قول من قال:حقّ يجب في المال (8)،لأنّه يخرج منه الزكاة المندوبة.

إذا ثبت هذا فنقول:الوضع (9)الشرعيّ لمح فيه المعنى اللغويّ،لزيادة الثواب، و تطهير المال من حقّ المساكين،و تطهير المؤدّي من الإثم،و إذا أطلقت فهم منها المعنى الشرعيّ لا غير.

ص:9


1- 1)خا،ش،ح و ق:التطهّر.
2- 2) ن،ش،غ و ف:نمى.
3- 3) الكهف(18):74. [1]
4- 4) ح،ف،ق و غ:ثبت.
5- 5) خا،ح و ق:لشرائط.
6- 6) خا،ح،ق،غ و ف:ثبت.
7- 7) ح و ق:يناول،م:تناول.
8- 8) المعتبر 2:485. [2]
9- 9) ح،ق و خا:الترجيح.
الفصل الثاني:في وجوبها

و هي واجبة بالكتاب و السنّة و الإجماع،قال اللّه تعالى وَ آتُوا الزَّكاةَ (1).و قال:

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها (2).و الآيات في ذلك كثيرة.

و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن فقال:«أعلمهم أنّ اللّه افترض (3)عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (4).

و روى الجمهور عن ابن مسعود قال:سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول:«ما من رجل لا يؤدّي زكاة ماله إلاّ مثّل (5)له يوم القيامة شجاعا (6)أقرع يفرّ منه و هو يتبعه حتّى يطوّقه في عنقه»ثمَّ قرأ علينا سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (7)» (8).

ص:10


1- 1البقرة(2):43. [1]
2- 2) التوبة(9):103. [2]
3- 3) أكثر النسخ:فرض،م:أفرض.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:130،صحيح مسلم 1:51 الحديث 19،سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [3]سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [4]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن الدار قطنيّ 2:135 و 136 الحديث 4 و 5،سنن الدارميّ 1:379.و [5]بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 2:158،سنن النسائيّ 5:55، مسند أحمد 1:233، [6]سنن البيهقيّ 4:96.و في كثير منها:«على فقرائهم».
5- 5) خا و ق:مثّله.
6- 6) الشجاع:الحيّة الأقرع الّذي يتمعّط شعر رأسه زعموا،لجمعه السمّ فيه.الصحاح 3:1262. [7]
7- 7) آل عمران(3):180. [8]
8- 8) سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1784،سنن البيهقيّ 4:81،كنز العمّال 6:303 الحديث 15797. و بتفاوت ينظر:سنن الترمذيّ 5:232 الحديث 3012، [9]سنن النسائيّ 5:11.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من تمام الصوم إعطاء الزكاة،كالصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من تمام الصلاة،و من صام و لم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّدا،و من صلّى و لم يصلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له،إنّ اللّه عزّ و جلّ بدأ بها قبل الصلاة فقال قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (1)» (2).

و عن ابن مسكان عن رجل،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد إذ (3)قال:قم يا فلان،قم يا فلان (4)حتّى أخرج خمسة نفر،فقال:

اخرجوا من مسجدنا،لا تصلّوا فيه و أنتم لا تزكّون» (5).

و روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إنّ (6)اللّه تعالى فرض الزكاة كما فرض الصلاة» (7)الحديث.و قد أجمع المسلمون كافّة على وجوبها.

ص:11


1- 1الأعلى(87):14،15. [1]
2- 2) التهذيب 4:108 الحديث 314،الاستبصار 1:343 الحديث 1292،الوسائل 4:999 الباب 10 من أبواب التشهّد الحديث 2. [2]
3- 3) م،ن،خا و ق:إذا.
4- 4) ن:قم يا فلان،و في التهذيب:قم يا فلان،قم يا فلان،قم يا فلان،و في الوسائل: [3]قم يا فلان،قم يا فلان،قم يا فلان،قم يا فلان.
5- 5) التهذيب 4:111 الحديث 327،الوسائل 6:12 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 7. [4]
6- 6) م و ن:لا توجد.
7- 7) الفقيه 2:2 الحديث 1،الوسائل 3:3 الباب 1 من أبواب أعداد الفرائض الحديث 4،و ج 6:3 الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3.
الفصل الثالث:في حكم مانع الزكاة
اشارة

(1)

من منع الزكاة جاهلا عرّف وجوبها و بيّن له و ألزم بأدائها (2)،فإن امتنع قوتل على ذلك.و هذا حكم من نشأ في بادية لم يخالط أهل الإسلام،أو كان قريب العهد بالإسلام.

أمّا (3)من نشأ بين المسلمين و عرف أحكامهم إذا (4)أنكر وجوبها جهلا به،كان مرتدّا عن الإسلام،لإنكاره ما علم من الدين بالضرورة ثبوته.

أمّا لو منعها عالما بوجوبها غير مستحلّ،بل معتقد (5)لتحريم ما ارتكبه،فإنّه تؤخذ منه من غير زيادة عليها.و هو قول علمائنا أجمع،و أكثر أهل العلم (6).و قال إسحاق بن راهويه:تؤخذ منه و شطر ماله (7).و به قال الشافعيّ في القديم (8).

ص:12


1- 1غ،ش،ن و ف:مانعي،ق،خا و ح:نفي.
2- 2) ق:بآدابها.
3- 3) ش،م و ن:و أمّا.
4- 4) خا و ق:إذ.
5- 5) ح:معتقدا.
6- 6) منهم:أبو حنيفة و مالك و أحمد و الشافعيّ في أحد قوليه،ينظر:المغني 2:434،الشرح الكبير بهامش المغني 2:668،حلية العلماء 3:11،12،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:334،336،337،فتح العزيز بهامش المجموع 5:314،المدوّنة الكبرى 1:284،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:106،عمدة القارئ 8:233.
7- 7) المغني 2:434،الشرح الكبير بهامش المغني 2:668،نيل الأوطار 4:179.
8- 8) حلية العلماء 3:12،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:334،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 106،نيل الأوطار 4:180.

لنا:قوله عليه السلام:«ليس في المال حقّ سوى الزكاة» (1).و قوله عليه السلام:

«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه» (2).خرج منه ما أجمع على إخراجه، لخروجه عن كونه مالا له (3)،فيبقى الباقي على المنع.

احتجّ إسحاق (4)و الشافعيّ (5)بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«في كلّ أربعين من الإبل السائمة بنت لبون،من أعطاها مؤتجرا بها فله أجرها،و من منعها فإنّا آخذوها (6)و شطر ماله عزمة من عزمات ربّنا،ليس لآل محمّد فيها شيء» (7).

و الجواب:اتّفق العلماء على نسخه،فقد روي أنّه كان في ابتداء الإسلام العقوبات في المال ثمَّ نسخ ذلك (8).

مسألة مانع الزكاة

و مانع الزكاة مانع لفريضة معلومة من فرائض الإسلام،و عقابه عظيم،قال اللّه تعالى (9)وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ (10).

و قال تعالى:

ص:13


1- 1سنن الدار قطنيّ 3:26 الحديث 91،سنن ابن ماجه 1:570 الحديث 1789،سنن البيهقيّ 4:84،كنز العمّال 6:323 الحديث 15856.
2- 2) مسند أحمد 5:72،مجمع الزوائد 3:265 و ج 4:172،كنز العمّال 1:92 الحديث 397.
3- 3) ش،ف،غ و م:لا توجد كلمة«له».
4- 4) المغني 2:434،الشرح الكبير بهامش المغني 2:668،نيل الأوطار 4:179.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:334.
6- 6) ف و غ:فأنا آخذها.
7- 7) سنن أبي داود 2:101 الحديث 1575، [1]سنن النسائيّ 5:15 و 25،مسند أحمد 5:2 و 4، [2]سنن الدارميّ 1: 396، [3]سنن البيهقيّ 4:105 و 116،المستدرك للحاكم 1:398،سبل السلام 2:126 الحديث 6.في الجميع: «منها شيء»مكان:«فيها شيء».
8- 8) سنن البيهقيّ 4:105،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المغني 2:435،الشرح الكبير بهامش المغني 2:668، نيل الأوطار 4:180.
9- 9) ش:إنّ اللّه تعالى يقول.
10- 10) فصّلت(41):6 و 7. [4]

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (1).

و روى الجمهور عن ابن مسعود قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«ما من رجل لا يؤدّي زكاة ماله إلاّ مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع يفرّ منه و هو يتبعه حتّى يطوّقه في عنقه»ثمَّ قرأ علينا سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ » (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ما من ذي مال ذهب أو فضّة يمنع زكاة ماله إلاّ حبسه اللّه يوم القيامة بقاع قرقر (3)،و سلّط عليه شجاعا أقرع يريده و هو يحيد عنه،فإذا رأى أنّه لا يتخلّص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل،ثمَّ يصير طوقا في عنقه،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ و ما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلاّ حبسه اللّه يوم القيامة بقاع قرقر يطأه كلّ ذات ظلف بظلفها،و ينهشه (4)كلّ ذات ناب بنابها،و ما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاته إلاّ طوّقه اللّه عزّ و جلّ ريعة (5)أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة» (6).

و روى الشيخ عن ابن مسكان،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد إذ (7)قال:قم يا فلان،قم يا فلان،قم يا فلان،قم

ص:14


1- 1آل عمران(3):180. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1784،سنن البيهقيّ 4:81،كنز العمّال 6:303 الحديث 15797. و بتفاوت ينظر:سنن الترمذيّ 5:232 الحديث 3012،سنن النسائيّ 5:11.
3- 3) قرقر في حديث الزكاة:«بطح لها بقاع قرقر»هو المكان المستوي.النهاية لابن الأثير 4:48. [2]
4- 4) أكثر النسخ:و تنهشه،كما في الوسائل. [3]
5- 5) الريع-بالكسر-:المكان المرتفع من الأرض.و قال عمارة:هو الجبل الصغير،الواحد ريعة.الصحاح 3: 1224. [4]
6- 6) الفقيه 2:5 الحديث 10،الوسائل 6:10 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [5]
7- 7) م و ن:إذا.

يا فلان (1)حتّى أخرج خمسة نفر،فقال:اخرجوا من مسجدنا،لا تصلّوا فيه و أنتم لا تزكّون» (2).

و في الحسن عن عبيد بن زرارة قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«ما من رجل منع (3)درهما في حقّه إلاّ أنفق اثنين في غير حقّه،و ما من رجل يمنع حقّا في ماله إلاّ طوّقه اللّه عزّ و جلّ به حيّة (4)من نار يوم القيامة» (5).

و روى ابن بابويه في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السلام قال:«ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلاّ جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوّقا في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب،و هو قول اللّه عزّ و جلّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني ما بَخِلُوا بِهِ من الزكاة» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا مسلم،و سأل الرجعة عند الموت،و هو قول اللّه تبارك و تعالى حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ (7)» (8).

و قال عليه السلام:«ما ضاع مال في برّ أو بحر إلاّ بتضييع الزكاة» (9).و الأخبار في ذلك كثيرة مشهورة.

ص:15


1- 1باختلاف في النسخ و المصادر في عدد«قم يا فلان»كما مرّ في ص 11 الرقم 4. [1]
2- 2) التهذيب 4:111 الحديث 327،الوسائل 6:12 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 7. [2]
3- 3) ح:يمنع،كما في المصادر.
4- 4) أكثر النسخ:طوقا.
5- 5) الكافي 3:504 الحديث 7، [3]الفقيه 2:6 الحديث 15،التهذيب 4:112 الحديث 328،الوسائل 6:25 الباب 6 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [4]
6- 6) الفقيه 2:6 الحديث 14،الوسائل 6:11 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [5]
7- 7) المؤمنون(23):99 و 100. [6]
8- 8) الفقيه 2:7 الحديث 18 و 21،الكافي 3:503 الحديث 3، [7]التهذيب 4:111 الحديث 325،الوسائل 6:18 الباب 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [8]
9- 9) الكافي 3:505 الحديث 15، [9]الفقيه 2:7 الحديث 23،الوسائل 6:15 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 19 و 21. [10]في الجميع:«و لا بحر».
مسألة:و يقاتل مانع الزكاة حتّى يؤدّيها
اشارة

.و هو قول العلماء.

روى الجمهور أنّ أبا بكر قاتل مانع الزكاة،و أنكر عليه عمر و قال له:أ تريد أن تقاتل العرب و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّى دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها،و حسابهم على اللّه»فقال (1)أبو بكر:الزكاة من حقّها (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«دمان في الإسلام حلال من اللّه تبارك و تعالى (3)لا يقضي فيهما أحد حتّى يبعث اللّه عزّ و جلّ (4)قائمنا أهل البيت،فإذا بعث اللّه عزّ و جلّ قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم (5)اللّه تعالى:الزاني المحصن يرجمه،و مانع الزكاة يضرب عنقه» (6).

و لأنّ المنع فسوق،فيجب على الإمام إزالته مع القدرة.

فروع:

الأوّل:القتال و إن كان مباحا إلاّ أنّا لا نحكم بكفره.و به قال الشافعيّ (7)،و أحمد في إحدى الروايتين.و في الأخرى:يكفر (8).

ص:16


1- 1م:و قال.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:131،صحيح مسلم 1:51 الحديث 20،سنن أبى داود 2:93 الحديث 1556، [1]سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2607، [2]سنن النسائيّ 5:14 و ج 6:5،مسند أحمد 1:35 و ج 2:528. [3]بتفاوت يسير في الجميع.
3- 3) غ:«عزّ و جلّ»مكان:«تبارك و تعالى»كما في الوسائل. [4]
4- 4) لا توجد كلمة:«عزّ و جلّ»في أكثر النسخ،كما في الوسائل. [5]
5- 5) أكثر النسخ:حكم.
6- 6) الفقيه 2:6 الحديث 16،الوسائل 6:19 الباب 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 6. [6]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:334،مغني المحتاج 1:368.
8- 8) المغني 2:435،الشرح الكبير بهامش المغني 2:669،الكافي لابن قدامة 1:369،الإنصاف 3:189، 190.

لنا:أنّ عمر و غيره من الصحابة امتنعوا من القتال (1)،و لو كانوا كفرة لقاتلوهم.

أمّا لو علم (2)منه إنكار وجوبها فإنّه يكون كافرا.

الثاني:لا يحلّ سبي ذراريّ المانعين و إن حلّ قتالهم،لأنّ الجناية (3)من غيرهم.

و لأنّ سبي المانع حرام،فسبي ذراريّه أولى بالتحريم.

الثالث:إن ظهر المانع للإمام دون ماله ضيّق عليه (4)و حبسه حتّى يظهره.و إن ظهر و ماله ضيّق عليه حتّى يؤدّيها،فإن امتنع أخذها الإمام قهرا.

الرابع:ليس في المال حقّ سوى الزكاة و الخمس،و الثاني يأتي البحث فيه.

و قال الشيخ في الخلاف:يجب إخراج الضغث و الكفّ عند الصرام و الحصاد (5).و به قال مجاهد،و الشعبيّ (6).و الأقرب الاستحباب و ليس من الزكاة.

لنا:قوله عليه السلام:«ليس في المال حقّ سوى الزكاة» (7).

و احتجّ الشيخ بقوله تعالى وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (8)و الزكاة لا تؤتى وقت الحصاد (9).

و الجواب:المراد بذلك إيجاب الحقّ يوم الحصاد،و لو سلّم المغايرة فالأمر هنا للندب.

ص:17


1- 1المغني 2:435،الشرح الكبير بهامش المغني 2:669،المجموع 5:334.
2- 2) ش،م و ن:و أمّا لو علم،غ و ف:أمّا و لو ما علموا.
3- 3) م و ن:الخيانة.
4- 4) أكثر النسخ:إليه.
5- 5) الخلاف 1:299 مسألة-1.
6- 6) المجموع 5:593-594،المحلّى 5:218،عمدة القارئ 8:238،أحكام القرآن للجصّاص 3:176. [1]
7- 7) سنن ابن ماجه 1:570 الحديث 1789،سنن البيهقيّ 4:84،كنز العمّال 6:323 الحديث 15856.
8- 8) الأنعام(6):141. [2]
9- 9) الخلاف 1:299 مسألة-1.
الفصل الرابع:في بيان فضلها

و هي (1)من أركان الدين و الفرائض (2)المجمع عليها،و قد ورد في فضلها شيء كثير.

روى الشيخ عن معلّى بن خنيس،عن الصادق عليه السلام:إنّ اللّه لم يخلق شيئا إلاّ و له خازن يخزنه إلاّ الصدقة،فإنّ الربّ يليها بنفسه،و كان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل،ثمَّ ارتدّه منه فقبّله و شمّه،ثمَّ ردّه في يد السائل،إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ تعالى و تمحو الذنب العظيم و تهوّن الحساب،و صدقة النهار تثمر (3)المال و تزيد في العمر» (4).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الصدقة بعشرة،و القرض بثمانية (5)عشر،و صلة الإخوان بعشرين،و صلة الرحم بأربعة و عشرين» (6).

ص:18


1- 1م:هي.
2- 2) ف و غ:من الفرائض،مكان:و الفرائض.
3- 3) ص،خا و ق:تنمو.
4- 4) التهذيب 4:105 الحديث 300،الوسائل 6:273 [1] الباب 12 من أبواب الصدقة الحديث 2 و ص 283 الباب 18 الحديث 2.
5- 5) خا،ح و ق:ثمانية.
6- 6) التهذيب 4:106 الحديث 302،الوسائل 6:286 الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث 2. [2]

و عن سالم بن أبي حفصة (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ اللّه تعالى يقول:

ما من شيء إلاّ و قد كلّفت (2)به من يقبضه (3)غيري إلاّ الصدقة فإنّي (4)أتلقّفها بيدي تلقّفا حتّى أنّ الرجل يتصدّق بالتمرة أو بشقّ تمرة (5)فأربّيها،كما يربّي الرجل فلوه (6)و فصيله، فيلقاها (7)يوم القيامة و هي مثل جبل أحد و أعظم من أحد» (8).

و في الصحيح عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ إشباع جوعة المؤمن و تنفيس كربته و قضاء (9)دينه» (10).و عن عبد اللّه بن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«داووا مرضاكم بالصدقة،و ادفعوا البلاء بالدعاء،و استنزلوا الرزق بالصدقة،فإنّها تفكّ (11)من بين لحيي سبعمائة شيطان،و ليس

ص:19


1- 1سالم بن أبي حفصة مولى بني عجل،كوفيّ،روى عن عليّ بن الحسين و أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهم السلام، يكنّى أبا الحسن و أبا يونس،و اسم أبي حفصة زياد.مات سنة 137 ه في حياة أبي عبد اللّه عليه السلام.قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:لعنه الصادق عليه السلام و كذّبه و كفّره،و قد روى الكشّيّ روايات دالّة على ضعفه، و قال السيّد الخوئيّ بعد ذكرها:ثمَّ إنّ المتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الرجل كان منحرفا و ضالاّ و مضلاّ. رجال النجاشيّ:188،رجال الطوسيّ:92،124 و 209،رجال الكشّيّ:230 و 233،رجال العلاّمة:227، [1]معجم رجال الحديث 8:15-19. [2]
2- 2) في الوسائل: [3]وكّلت،و في التهذيب:كفّلت.
3- 3) م:يقضيه.
4- 4) ف،ص،خا،م،ن و ق بزيادة:أنا.
5- 5) كثير من النسخ:التمرة.
6- 6) الفلوّ:المهر يفصل عن أمّه،و الأنثى:فلوّة.المصباح المنير:481. [4]
7- 7) ح،ق و خا:يلقاها،في التهذيب:فيلقاني،و في الوسائل: [5]فيأتي.
8- 8) التهذيب 4:109 الحديث 317،الوسائل 6:265 الباب 7 من أبواب الصدقة الحديث 7. [6]
9- 9) خا،ق و ح:أو تنفّس.أو قضاء،كما في الكافي و [7]الوسائل. [8]
10- 10) الكافي 4:51 الحديث 7، [9]التهذيب 4:110 الحديث 318،الوسائل 16:563 الباب 43 من أبواب آداب المائدة الحديث 8. [10]
11- 11) ص،ف و غ:تقيك،ش:يفتكّ.

شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن،و هي تقع في يد (1)الربّ قبل أن تقع في يد العبد» (2).و الأخبار في ذلك كثيرة شهيرة.

ص:20


1- 1ح و ق:يدي.
2- 2) التهذيب 4:112 الحديث 331،الوسائل 6:260 الباب 3 [1] من أبواب الصدقة الحديث 1 و ص 283 الباب 18 من أبواب الصدقة الحديث 1.

و أما المقاصد

المقصد الأوّل:فيمن تجب الزكاة عليه
اشارة

(1)

ص:21


1- 1ن و ش:عليه الزكاة.

ص:22

مسألة:يشترط في وجوب زكاة العين التكليف

،و هو يتضمّن العقل و البلوغ، فلا تجب زكاة العين من الذهب و الفضّة على الصبيّ و المجنون.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الحسن البصريّ،و سعيد بن المسيّب،و سعيد بن جبير،و النخعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).

و قال الشافعيّ:تجب الزكاة في مالهما (3).و به قال جابر،و ابن سيرين،و عطاء،و مجاهد، و ربيعة (4)،و مالك (5)،و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور (7).

و روي عن ابن مسعود،و الثوريّ،و الأوزاعيّ أنّهم قالوا:تجب الزكاة و لا تخرج

ص:23


1- 1المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،المجموع 5:331،المحلّى 5:205،عمدة القارئ 8: 237. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:162،تحفة الفقهاء 1:311،بدائع الصنائع 2:4،5،الهداية للمرغينانيّ 1:96، [2]شرح فتح القدير 2:115،مجمع الأنهر 1:193،عمدة القارئ 8:237.
3- 3) الأمّ 2:28،حلية العلماء 3:9،المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:330،فتح العزيز بهامش المجموع 5:517،مغني المحتاج 1:409،السراج الوهّاج:132،الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:104.
4- 4) المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،المجموع 5:331،المحلّى 5:205،المدوّنة الكبرى 1: 250،بداية المجتهد 1:245.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:249،250،بداية المجتهد 1:245،إرشاد السالك:42،بلغة السالك 1:206،المحلّى 5:205،المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،المجموع 5:331.
6- 6) المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،الكافي لابن قدامة 1:374،الإنصاف 3:4، [3]المجموع 5:331،بداية المجتهد 1:245.
7- 7) المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،المجموع 5:331،بداية المجتهد 1:245.

حتّى يبلغ الصبيّ و يفيق المجنون (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«رفع القلم عن ثلاثة:

عن الصبيّ حتّى يبلغ،و المجنون حتّى يفيق» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له في مال اليتيم:عليه زكاة؟فقال:«إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت (3)به فأنت له (4)ضامن و الربح لليتيم» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام قال:سألته عن مال اليتيم،فقال:«ليس فيه زكاة» (6).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ليس في مال اليتيم زكاة» (7).

و لأنّهما ليسا من أهل التكليف فلا وجوب عليهما فلا تجب في مالهما.و لأنّ الزكاة عبادة محضة (8)تفتقر إلى النيّة فلا تجب على من يتعذّر (9)عليه النيّة.و لأنّها عبادة فلا تجب عليهما كالصلاة و الحجّ.

ص:24


1- 1المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،حلية العلماء 3:9.
2- 2) سنن أبي داود 4:139 الحديث 4398 و ص 140 الحديث 4399 و 4401-4403، [1]سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن ابن ماجه 1:658 الحديث 2041،2042،سنن الدارميّ 2:171،مسند أحمد 6:100، 101 و 142،سنن البيهقيّ 4:325 و ج 6:57،عوالي اللئالي 1:209 الحديث 48، [2]المستدرك للحاكم 1:258 و ج 2:59 و ج 4:389.بتفاوت يسير.
3- 3) غ،ق و ح:علمت.
4- 4) كلمة:«له»توجد فقط في ح،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 4:26 الحديث 60،الوسائل 6:54 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 4:26 الحديث 61،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 7. [4]
7- 7) التهذيب 4:26 الحديث 62،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 8. [5]
8- 8) ح و ق:مختصّة.
9- 9) خا،ق و ح:تعذّر،ص:لا يقدر.

احتجّ المخالف (1)بما رواه الدار قطنيّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من ولي يتيما له مال فليتّجر له،و لا يتركه حتّى تأكله الصدقة» (2).

و عن عليّ عليه السلام أنّه كان عنده مال لأيتام بني أبي رافع،فلمّا بلغوا سلّمه إليهم، و كان قدره عشرة ألف دينار،فوزنوه فنقص،فعادوا إليه عليه السلام و قالوا (3):إنّه ناقص، قال:«أ فحسبتم الزكاة؟»قالوا:لا،قال:«فاحسبوها»فحسبوها (4)فخرج المال مستويا، فقال عليّ عليه السلام:«أ يكون (5)عندي مال لا أؤدّي زكاته؟!» (6).

و لأنّ من يجب العشر في زرعه يجب ربع العشر في ورقه كالبالغ.و لأنّها حقّ في المال فيجب إخراجها من مالهما كالنفقة و قيم المتلفات (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّ بعض أئمّة (8)الحديث قال:إنّه حديث موقوف على عمر (9)فلا يبقى (10)حجّة،و في طريقه المثنّى بن الصبّاح (11)،و فيه

ص:25


1- 1المغني 2:489،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،فتح العزيز بهامش المجموع 5:517.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:109 الحديث 1.
3- 3) خا،ق و ح:فقالوا.
4- 4) ح و ق:فاحسبوها.
5- 5) ف و غ:يكون.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:110 الحديث 5،6،سنن البيهقيّ 4:107.
7- 7) ن:التلفات.
8- 8) ح:رواه،ش:أئمّة رواه.
9- 9) ينظر:المغني 2:489،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670.
10- 10) ش و ن:ينبغي.
11- 11) المثنّى بن الصبّاح الأبناويّ أبو عبد اللّه و يقال:أبو يحيى المكّيّ،أصله من أبناء فارس،روى عن طاوس و مجاهد و عبد اللّه بن أبي مليكة و عطاء بن أبي رباح و عمرو بن دينار و عمرو بن شعيب و غيرهم،و روى عنه ابن المبارك و عيسى بن يونس و فطر بن خليفة،ذكره البخاريّ في«الضعفاء»و ابن حبّان في«المجروحين»و ابن الجوزيّ في الضعفاء و المتروكين».مات سنة 149 ه.تهذيب التهذيب 10:35، [1]الضعفاء الصغير:231،المجروحين 3:20، الضعفاء و المتروكين 3:34.

طعن (1). (2)

و عن الثاني-بعد تسليم السند-أنّه محمول على أنّه عليه السلام دفعه إليهم بعد بلوغهم بسنة (3)،إمّا ليحصل (4)الإيناس بالرشد،أو لأنّهم تركوه بعد بلوغهم عنده فتعلّقت الزكاة به.

و عن الثالث:بالمنع من وجود الجامع في الفرع،و مع التسليم ثبوت الفرق،فإنّ العشر يجب مرّة واحدة فلا تأكله الزكاة،بخلاف العين،و لا يلزم من وجوب الزكاة مع أدنى الضررين (5)وجوبها مع أعلاهما.

و عن الرابع:بأنّ النفقة لا تحتاج إلى النيّة،و قيم المتلفات تترتّب (6)على الإتلاف و إن فقد القصد،كما في حقّ النائم.

مسألة:و يستحبّ لوليّ الطفل و المجنون إذا اتّجر لهما
اشارة

-نظرا و إرفاقا بهما-أن يخرج عنهما زكاة التجارة.و عليه فتوى علمائنا أجمع.

روى الشيخ في الصحيح عن يونس بن يعقوب قال:أرسلت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ لي إخوة صغارا،فمتى تجب عليهم الزكاة؟قال:«إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت الزكاة»قال:قلت:فما (7)لم تجب عليهم الصلاة؟قال:«إذا اتّجر به فزكّوه» (8).

و عن سعيد السمّان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«ليس في مال اليتيم

ص:26


1- 1خا،ح و ق:ضعف.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:33، [1]سنن الدار قطنيّ 2:110،سنن البيهقيّ 4:107،المغني 2:489.
3- 3) أكثر النسخ بزيادة:له.
4- 4) ص:لتحصيل.
5- 5) ش،ن و م:الصورتين.
6- 6) ص،م،ن و ك:يترتّب.
7- 7) خا،ح و ق:فإن،كما في الاستبصار.
8- 8) التهذيب 4:27 الحديث 66،الاستبصار 2:29 الحديث 84 و فيه:«إذا اتّجر به فزكاة»كما في ص،م،ك،ش و ح،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 5.و [2]فيه:«إذا اتّجر به فزكّه».

زكاة إلاّ أن يتّجر به،فإن اتّجر به فالربح لليتيم،و إن وضع (1)فعلى الذي يتّجر به (2). (3)

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:امرأة من أهلنا مختلطة،عليها زكاة؟فقال:«إن كان عمل به فعليها زكاة،و إن لم يعمل به فلا» (4).

و عن موسى بن بكر قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة و لها مال في يد أخيها،هل عليه (5)زكاة؟فقال:«إن كان أخوها يتّجر به فعليه زكاة» (6).و لأنّ القدر المخرج من الزكاة ينجبر بالتجارة فاستحبّ الإخراج كالبالغ العاقل.

فروع:

الأوّل:لو ضمن الوليّ المال و اتّجر لنفسه و كان مليّا كان الربح له،و عليه زكاة التجارة استحبابا،قاله الشيخ (7)،و رواه عن منصور الصيقل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به،قال:«إذا كان عندك مال و ضمنته فلك الربح و أنت ضامن للمال (8)،و إن كان لا مال لك و عملت به فالربح للغلام و أنت ضامن المال» (9).

ص:27


1- 1وضع في تجارته:إذا خسر.المصباح المنير:663.
2- 2) كلمة«به»توجد فقط في ح،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 4:27 الحديث 65،الاستبصار 2:29 الحديث 83،الوسائل 6:57 الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 4:30 الحديث 75،الوسائل 6:59 الباب 3 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 1. [2]
5- 5) خا،ح و ق:أ عليه.
6- 6) التهذيب 4:30 الحديث 76،الوسائل 6:59 الباب 3 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 2. [3]
7- 7) المبسوط 1:234، [4]النهاية:174. [5]
8- 8) ح:المال.
9- 9) التهذيب 4:29 الحديث 71،الاستبصار 2:30 الحديث 89،الوسائل 6:58 الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 7. [6]

الثاني:لو لم يكن مليّا أو لم يكن وليّا ضمن (1)المال و الربح لليتيم،و لا زكاة هنا على واحد منهما.

روى (2)الشيخ عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:

الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتّجر (3)به أ يضمنه؟قال:«نعم»قلت:فعليه (4)زكاة؟ قال:«لا،لعمري لا أجمع عليه خصلتين:الضمان،و الزكاة» (5).

الثالث:قال الشيخ:إذا كان وليّا و اتّجر لليتيم كان الربح له و يأخذ منه قدر كفايته (6).

روى عن أبي الربيع قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون في يده (7)مال لأخ له يتيم و هو وصيّه،أ يصلح له أن يعمل به؟قال:«نعم،كما يعمل بمال غيره و الربح بينهما»قال:قلت:فهل عليه ضمان؟قال:«لا،إذا كان ناظرا له» (8).

مسألة تزكية غلات الأطفال و المجانين

و اختلف علماؤنا في وجوب الزكاة في غلاّت الأطفال و المجانين،فأثبته الشيخان (9)و أتباعهما (10).و به قال فقهاء الجمهور،و نقلوه أيضا عن عليّ عليه السلام،

ص:28


1- 1بعض النسخ:خمّس.
2- 2) خا،ح و ق:و روى.
3- 3) خا،ح و ق:يتّجر،و في التهذيب:«و يتّجر».
4- 4) ش و ن:أ فعليه.
5- 5) التهذيب 4:28 الحديث 69،الاستبصار 2:30 الحديث 87،الوسائل 6:58 الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 5. [1]
6- 6) المبسوط 1:234،النهاية:174. [2]
7- 7) ف،غ و ص:يديه،كما في الاستبصار و الوسائل. [3]
8- 8) التهذيب 4:28 الحديث 70 و فيه:قال:نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره،الاستبصار 2:30 الحديث 88، الوسائل 6:58 الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 6. [4]
9- 9) الشيخ المفيد في المقنعة:39،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:174،و المبسوط 1:234،و الخلاف 1:316 مسألة-41.
10- 10) منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:168،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:165.

و الحسن بن عليّ عليهما السلام (1)،و جابر بن زيد،و ابن سيرين،و عطاء،و مجاهد، و إسحاق،و أبي ثور (2).

و قال السيّد المرتضى (3)،و سلاّر (4)،و الحسن بن أبي عقيل،و ابن الجنيد (5)، و ابن إدريس (6)بالاستحباب،و هو الوجه.

لنا:عموم قوله عليه السلام:«رفع القلم عن ثلاثة (7)(8).

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«ليس في مال اليتيم زكاة،و ليس عليه صلاة،و ليس على جميع غلاّته من نخل أو زرع أو غلّة زكاة،و إن بلغ اليتيم (9)فليس عليه لما مضى زكاة،و لا عليه لما يستقبل حتّى يدرك،فإذا أدرك كانت (10)عليه زكاة واحدة،و كان عليه (11)مثل ما على غيره من الناس (12)».

و عموم قولهم عليهم السلام (13):ليس في مال اليتيم زكاة (14).و لأنّ وجوب الزكاة نوع

ص:29


1- 1كثير من النسخ:عليه السلام.
2- 2) بداية المجتهد 1:245،المغني 2:488،الشرح الكبير بهامش المغني 2:670،المجموع 5:331. [1]
3- 3) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):205.
4- 4) المراسم:128.
5- 5) نقله عنهما في المعتبر 2:488. [2]
6- 6) السرائر:102.
7- 7) كثير من النسخ:ثلاث.
8- 8) عوالي اللئالي 1:209 الحديث 48،و [3]بمضمونها ينظر:سنن أبي داود 4:139 الحديث 4398،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [4]سنن ابن ماجه 1:658 الحديث 2041،مسند أحمد 6:100،سنن البيهقيّ 4:325.
9- 9) توجد في هامش ح،كما في الاستبصار و الوسائل. [5]
10- 10) جميع النسخ إلاّ ح:كان.
11- 11) جملة:«و كان عليه»توجد في هامش ح،كما في المصادر.
12- 12) التهذيب 4:29 الحديث 73،الاستبصار 2:31 الحديث 91،الوسائل 6:56 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 11. [6]
13- 13) ك،ح،ق و خا:قوله عليه السلام.
14- 14) الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة. [7]

تكليف،و هو ساقط عنهم.

احتجّ الشيخ بما رواه في الصحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«مال اليتيم ليس عليه في العين و الصامت شيء،فأمّا الغلاّت فإنّ عليها الصدقة واجبة» (1).

و الجواب:المراد بالوجوب هنا شدّة الاستحباب،جمعا بين الأدلّة .

مسألة:و لا تجب الزكاة في مواشي الأطفال و المجانين

.و هو اختيار جماعة من أصحابنا (2).و قال الشيخان:تجب الزكاة في مواشيهم (3).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة،فإنّها عامّة للمواشي و غيرهم (4)،و لا نعرف للشيخين حجّة في ذلك،و القياس باطل عندنا مع أنّ الفرق موجود،فإنّ النموّ في الغلاّت أكثر منه في المواشي،و لا يلزم من إيجاب الزكاة هناك إيجابها (5)هنا،على أنّ الأصل ممنوع و قد تقدّم.

مسألة:الحرّيّة شرط في وجوب الزكاة
اشارة

،فلا تجب على المملوك،و هو مبنيّ على أنّ العبد هل (6)يملك أم لا؟فمن الأصحاب من قال:إنّه يملك فاضل الضريبة و أرش الجناية (7)، فعلى هذا التقدير تجب الزكاة في ماله.

ص:30


1- 1التهذيب 4:29 الحديث 72،الاستبصار 2:31 الحديث 90،الوسائل 6:54 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 2 و [1]فيه:«في الدين و المال الصامت»مكان:«في العين و الصامت».كما في هامش ح.
2- 2) ينظر:الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):205،المراسم:128،السرائر:99 و 102،المعتبر 2:488، [2]الشرائع 1:140. [3]
3- 3) الشيخ المفيد في المقنعة:39،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:174،و المبسوط 1:234،و الخلاف 1:316 مسألة-41.
4- 4) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:و غيرها.
5- 5) ف و غ:هنا كإيجابها.
6- 6) م و ن:هو.
7- 7) نسب هذا القول في المبسوط 1:206 [4] إلى بعض الأصحاب،و في المعتبر 2:489،و [5]كذا في بعض رواياتنا: يملك فاضل الضريبة،و قال بعض أصحابنا:و أرش الجناية.و نسبه في الشرائع 1:140 [6] إلى قيل،قال في الجواهر 15:32: [7]لم نعرف القائل به.

و قال الشيخ:إنّه لا يملك شيئا (1).و هو الحقّ،لقوله تعالى ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (2).

و قال تعالى ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ (3).

و لأنّه مال فلا يملك شيئا،و حينئذ لا (4)تجب الزكاة عليه،و تجب على السيّد،لأنّه مالك متصرّف في المال كيف شاء.و لو ملّكه مولاه شيئا لم يملكه،لأنّه مال فلا يملك بالتمليك كالبهيمة (5)،قاله أصحابنا،فلا تجب الزكاة على العبد و تجب على السيّد.

و للشافعيّ قولان،ففي القديم:إنّه يملك بالتمليك (6)-و به قال ابن عمر،و جابر، و الزهريّ،و قتادة (7)،و مالك (8)،و أحمد في إحدى الروايتين (9)-و في الجديد:إنّه لا يملك (10).و به قال سفيان الثوريّ،و إسحاق (11)،و أصحاب الرأي (12)،و أحمد في الرواية الأخرى (13).

ص:31


1- 1المبسوط 1:190 و 206، [1]الخلاف 1:318 مسألة-44.
2- 2) النحل(16):75. [2]
3- 3) الروم(30):28. [3]
4- 4) ن،م و ش:فلا.
5- 5) ح،خا و ق:كالبهم.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:327، [4]مغني المحتاج 1:408.
7- 7) المغني 2:489،الشرح الكبير بهامش المغني 2:439،المجموع 5:331،بداية المجتهد 1:245.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:248،بداية المجتهد 1:245،مقدّمات ابن رشد 1:207،بلغة السالك 1:206.
9- 9) المغني 2:490،الشرح الكبير بهامش المغني 2:439،الكافي لابن قدامة 1:370،الإنصاف 3:7.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:327، [5]مغني المحتاج 1:408،حلية العلماء 3:8.
11- 11) المغني 2:489،الشرح الكبير بهامش المغني 2:439،بداية المجتهد 1:245.
12- 12) الهداية للمرغينانيّ 1:96، [6]شرح فتح القدير 2:112 و 117،بدائع الصنائع 2:6،مجمع الأنهر 1:192،المغني 2:489،الشرح الكبير بهامش المغني 2:439،بداية المجتهد 1:245.
13- 13) المغني 2:490،الشرح الكبير بهامش المغني 2:439،الكافي لابن قدامة 1:370،الإنصاف 3:7. [7]

فعلى القول الأوّل:لا زكاة على العبد،لأنّ العبد و إن كان يملك،لأنّه آدميّ يملك النكاح فيملك المال كالحرّ،لأنّه (1)بالآدميّة يتمهّد للملك،لأنّ اللّه تعالى خلق المال لبني آدم ليستعينوا به على القيام بوظائف العبادات،فبالآدميّة يتمهّد للملك كما يتمهّد للتكليف و العبادة،إلاّ أنّه ملك ناقص،و شرط الزكاة تمام الملك.

و لا على السيّد،لأنّ المال لغيره و هو العبد،و لا يجب على الإنسان زكاة غيره.

و على القول الثاني:لا تجب الزكاة على العبد و تجب على السيّد،لأنّه المالك و قد جعل المال في يد غيره فجرى مجرى الوكيل.

فروع:

الأوّل:لو كان نصفه (2)حرّا و نصفه عبدا،ملك (3)من كسبه بقدر حرّيته،فإن (4)بلغ نصابا وجبت عليه الزكاة،خلافا للشافعيّ (5).

لنا:أنّه يملك بجزئه الحرّ و يورث (6)عنه و يتصرّف فيه كيف شاء،فالملكيّة كاملة فيه،فوجبت عليه الزّكاة كالحرّ الكامل.

احتجّ (7)بأنّ الرقّ الّذي فيه،يمنع من تمام ملكه (8).

و الجواب:المنع من عدم التماميّة.

ص:32


1- 1ن و ش:لأنّ.
2- 2) ن:بعضه.
3- 3) ح،ش،ق و خا:و ملك،ك:يملك.
4- 4) غ:فإذا،ك:و إن.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:327،مغني المحتاج 1:409،السراج الوهّاج:132،حلية العلماء 3:8.
6- 6) خا،ق و ح:ورث.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:326،327،مغني المحتاج 1:409.
8- 8) ف،غ و ح:ملكيّته.

الثاني:المدبّر و أمّ الولد كالقنّ سواء،لعدم خروجهما بوصفيهما (1)عن الرّقّيّة (2).

الثالث:لا زكاة على المكاتب المشروط و لا المطلق إذا لم يتحرّر منه شيء.و هو قول العلماء إلاّ أبا حنيفة،فإنّه أوجب الزكاة في غلّته (3)،و أبو ثور أوجب الزكاة في ماله (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا زكاة في مال المكاتب» (5).

و لأنّ الزكاة تجب بطريق المواساة،فلا تجب في مال المكاتب،كنفقة الأقارب.

و لأنّه ممنوع من التصرّف في ماله فملكيّته غير تامّة.

لا يقال:ينتقض بالمحجور عليه و المال المرهون.

لأنّا نقول:الفرق بينهما أنّ الملكيّة هناك تامّة و النقص إنّما حصل في التصرّف (6).أمّا في (7)المحجور فلنقص تصرّفه.و أمّا في المرهون،فالمنع بعقد (8)فلا يسقط حقّ اللّه،بخلاف صورة النزاع،فإنّ المكاتب منع من التصرّف،لنقص ملكه (9).

و أمّا سقوط الزكاة عن المولى،فلأنّه ممنوع من التصرّف فيما في يد المكاتب،فالملكيّة ناقصة فيه.

ص:33


1- 1ش و ص:بوصفهما،ق:بوضعيهما،خا و م:بوضعهما.
2- 2) م و ش:الرقبة.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:4،بدائع الصنائع 2:56،تحفة الفقهاء 1:325،المغني 2:490،الشرح الكبير بهامش المغني 2:438.
4- 4) حلية العلماء 3:8،المغني 2:490،المجموع 5:330،الميزان الكبرى 2:2،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:103،الشرح الكبير بهامش المغني 2:438.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:108 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:109.و اللفظ فيهما:«ليس في مال المكاتب زكاة حتّى يعتق».و بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:491.
6- 6) ف و غ:بالتصرّف،ح و ق:الصرف.
7- 7) خا،ح و ق بزيادة:مال.
8- 8) ص،ف،ش،ن،م و غ:بعيد.
9- 9) خا،ح و ق:لبعض ملك،هامش ح:الملك.

الرابع:إذا عجز المشروط عليه و ردّ في الرقّ زال المنع عن السيّد،و تصرّف فيه كيف شاء،و استقرّ الملك في يده،و استقبل الحول و ضمّه إلى ماله كالمال الواحد.

الخامس:إذا أدّى المكاتب نجوم كتابته تحرّر و استقرّ الملك (1)و استقبل الحول، فتجب الزكاة عليه إذا بلغ ما في يده نصابا،و لا يزكّيه عمّا مضى،بخلاف الضالّ،لأنّ الملك هناك تامّ لم يزل بالاختفاء،و إنّما تعذّر التصرّف فيه فاستحبّت (2)الزكاة فيه،بخلاف المكاتب،لنقصان ملكه (3).

مسألة:و ليس الإسلام شرطا في الوجوب

،بل تجب الزكاة على الكافر إذا اجتمعت الشرائط فيه،عملا بعموم الأوامر،و قد تقدّم في الأصول ما يدلّ على كون الكفّار مخاطبين بالعبادات (4).

نعم لا يصحّ (5)منه أداؤها،لأنّها مشروطة بنيّة القربة،و هي لا تصحّ منه،فإذا أسلم فلا قضاء عليه بل سقطت عنه،لقوله عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (6).و يستأنف الحول عند الإسلام.

ص:34


1- 1ص،ف،ق،خا و ح بزيادة:له.
2- 2) ك،ح،م،ش و خا:فاستحبّ.
3- 3) ف و غ:تملّكه.
4- 4) يراجع:الجزء الثاني ص 188.
5- 5) ش:لا يصلح.
6- 6) مسند أحمد 4:199،204،205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243،و ج 13:374 الحديث 37024،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351.
المقصد الثاني:
اشارة

ما (1)يجب فيه و ما يستحبّ (2)،

و فيه مباحث:

ص:35


1- 1ك:فيما.
2- 2) م و ك بزيادة:فيه.

ص:36

الأوّل في عداد ما يجب فيه الزكاة
اشارة

تجب الزكاة في تسعة أصناف هي:إنعام،و أثمان،و أثمار.

فالأنعام ثلاثة:الإبل،و البقر،و الغنم.

و الأثمان:الذهب،و الفضّة.

و الأثمار:الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب.

و قد اتّفق علماء الإسلام على وجوب الزكاة في هذه الأصناف،و لا تجب في غيرها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن عمر،و موسى بن طلحة (1)،و الحسن البصريّ، و ابن سيرين،و الشعبيّ،و الحسن بن صالح بن حيّ،و ابن أبي ليلى،و ابن المبارك، و أبو عبيد (2)،و أحمد في إحدى الروايتين (3).

و للجمهور هنا مخالفة في مواضع:

(4)

ص:37


1- 1موسى بن طلحة بن عبيد اللّه التيميّ،أبو عيسى و يقال أبو محمّد المدنيّ،نزل الكوفة،روى عن أبيه و عثمان بن عفّان و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و الزبير بن العوّام و أبي ذرّ و أبي أيّوب و غيرهم،و روى عنه ابنه عمران و حفيده سليمان و ابنا أخيه إسحاق و طلحة و غيرهم،و يقال:إنّه شهد وقعة«الجمل»مع أبيه و عائشة و أسر، و أطلقه عليّ عليه السلام.مات سنة 103 و قيل:104 و قيل:106 ه.تهذيب التهذيب 10:350، [1]العبر 1: 95، [2]التاريخ الكبير للبخاريّ 7:286،الجمع بين رجال الصحيحين 2:482.
2- 2) المغني 2:548،الشرح الكبير بهامش المغني 2:549،المجموع 5:456.
3- 3) المغني 2:548،الشرح الكبير بهامش المغني 2:548،549،الكافي لابن قدامة 1:402،الإنصاف 3:87. [3]
4- 4) ص:هاهنا.
الأوّل في زكاة الثمار

قال الشافعيّ:لا تجب الزكاة في شيء من الثمار إلاّ التمر،و الزبيب (1)،و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و هو مذهبنا.و قال في الأخرى:تجب في كلّ ثمر اجتمع فيه هذه الأوصاف:الكيل،و البقاء،و اليبس ممّا ينبته الآدميّون،كالتمر،و الزبيب،و اللوز، و الفستق،و البندق (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن عمر قال:إنّما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الزكاة في هذه الأربعة:الحنطة،و الشعير،و التمر و الزبيب (3).

و عن أبي بردة،عن أبي موسى و معاذ،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعثهما إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم،فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلاّ من هذه الأربعة:الحنطة، و الشعير،و التمر،و الزبيب (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم و أبي بصير و بريد بن معاوية العجليّ و الفضيل بن يسار عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«فرض اللّه الزكاة مع الصلاة في الأموال،و سنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في تسعة أشياء و عفا عمّا سواهنّ:في الذهب،و الفضّة،و الإبل،و البقر،و الغنم، و الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،و عفا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عمّا سوى ذلك» (5).

ص:38


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:153،المجموع 5:451،مغني المحتاج 1:381،المغني 2:548،الميزان الكبرى 2:6، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،السراج الوهّاج:121.
2- 2) المغني 2:547،الشرح الكبير بهامش المغني 2:547،الإنصاف 3:87، [1]الكافي لابن قدامة 1:402،زاد المستقنع:25.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:94 الحديث 1،و أورده ابنا قدامة في المغني و الشرح 2:549.و في الجميع عن عبد اللّه بن عمرو.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:98 الحديث 15،المستدرك للحاكم 1:401.
5- 5) التهذيب 4:3 الحديث 5،الاستبصار 2:3 الحديث 5،الوسائل 6:34 الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 4. [2]

و عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن صدقات الأموال،قال:«في تسعة أشياء ليس في غيرها شيء:في الذهب،و الفضّة،و الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب، و الإبل،و البقر،و الغنم السائمة و هي الراعية،و ليس في شيء من الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شيء،و كلّ شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج» (1).

و لأنّ الأصل عدم الوجوب،فيصار (2)إليه إلى أن يظهر المنافي.و لأنّ غير هذين من الثمار غير منصوص عليه و لا مجمع عليه و لا هو في معناهما في غلبة الاقتيات (3)و كثرة (4)النفع (5)،فلا يصحّ قياسه عليهما.و احتجاجهم (6)بقوله عليه السلام:«فيما سقت السماء العشر» (7)بعد تسليم عمومه،أنّه مخصوص بما تلوناه من الأحاديث.

الثاني في زكاة الزيتون

لا تجب الزكاة في الزيتون.و عليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن أبي ليلى، و الحسن بن صالح (8)،و الشافعيّ في الجديد.

ص:39


1- 1التهذيب 4:2 الحديث 2،الاستبصار 2:2 الحديث 2،الوسائل 6:35 الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 9. [1]
2- 2) ص:فصار.
3- 3) خا،ح و ق:علّة الأصناف.
4- 4) ف و غ:و كثر.
5- 5) أكثر النسخ بزيادة:بها.
6- 6) المغني 2:549،الشرح الكبير بهامش المغني 2:549،550.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:155،صحيح مسلم 2:675 الحديث 981؛سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [2]سنن الترمذيّ 3:31 الحديث 639، [3]سنن ابن ماجه 1:580 الحديث 1816-1818،مسند أحمد 3:341 و ج 5:233، [4]المستدرك للحاكم 1:401،سنن البيهقيّ 4:129.
8- 8) المغني و الشرح 2:552،المجموع 5:456.

و قال في القديم:تجب فيه الزكاة (1).و به قال الزهريّ،و الأوزاعيّ،و الليث (2)، و مالك (3)،و الثوريّ،و أبو ثور،و أصحاب الرأي (4).و عن أحمد روايتان (5).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث (6).و لأنّه ليس بمقتات في الاختيار (7)،فلا تجب فيه الزكاة،كالتين.و لأنّه لا يدّخر يابسا فأشبه الخضراوات.

احتجّوا (8)بقوله تعالى وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (9)عقيب قوله وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّانَ (10).

و الجواب:إنّما تدلّ الآية على الإيتاء فيما يثبت فيه الحصاد،و لهذا لا تجب الزكاة في الرمّان و إن ذكر بعد الزيتون،على أنّه قد قيل:إنّ (11)الآية مكّيّة،و الزكاة فرضت في المدينة.و قيل:إنّها منسوخة،قاله النخعيّ (12).و مع هذه الاحتمالات فلا حجّة فيها على مطلوبهم.

ص:40


1- 1الأمّ 2:34،المهذّب للشيرازيّ 1:153،المجموع 5:452،فتح العزيز بهامش المجموع 5:561،الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،مغني المحتاج 1:382،السراج الوهّاج:121،المغني 2:552،حلية العلماء 3:73.
2- 2) المغني و الشرح 2:552،المجموع 5:456.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:294،بلغة السالك 1:214،بداية المجتهد 1:254،الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،المجموع 5:456،فتح العزيز بهامش المجموع 5:562،المغني 2:552.
4- 4) المغني و الشرح 2:552،المجموع 5:456.
5- 5) المغني و الشرح 2:552،الكافي لابن قدامة 1:402،الإنصاف 3:88، [1]الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114.
6- 6) يراجع:ص 38 و 39.
7- 7) ح:في الأخبار.
8- 8) المغني و الشرح 2:552،الكافي لابن قدامة 1:402.
9- 9) الأنعام(6):141. [2]
10- 10) الأنعام(6):141. [3]
11- 11) ك،م و ن:لا توجد.
12- 12) المغني و الشرح 2:552،تفسير القرطبيّ 7:100، [4]تفسير الطبريّ 8:58.
الثالث في زكاة الحبوب

لا تجب الزكاة في شيء من الحبوب إلاّ الحنطة،و الشعير (1).ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد في إحدى الروايتين (2).

و قال الشافعيّ:تجب في كلّ مقتات يدّخر من جنس ما يزرعه الآدميّون و هي القطنيّة (3)،كالعدس،و الماش،و الحمّص،و أشباهها،و سمّيت قطنيّة،لأنّها تقطن في البيت أي تمكث (4).و به قال مالك (5)،و أبو حنيفة (6)،و أبو يوسف،و محمّد (7).

لنا:ما تقدّم،و القياس على الحنطة و الشعير بالاقتيات لا يعارض النصّ،مع أنّ المعنى المقصود في الأصل أتمّ منه في الفرع فلا يتعدّى الحكم.

الرابع في زكاة ما يقصد بزراعته نماء الأرض

قال أبو حنيفة (8):تجب الزكاة في كلّ ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلاّ الحطب،و القصب،و الحشيش،لقوله عليه السلام:«فيما سقت السماء العشر» (9).

ص:41


1- 1غ بزيادة:و التمر و الزبيب.
2- 2) المغني 2:548،الشرح الكبير بهامش المغني 2:549،الإنصاف 3:87.
3- 3) ف،ك،م،ص،ش و ن:القطنيّات.
4- 4) الأمّ 2:34،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:48،المهذّب للشيرازيّ 1:156،المجموع 5:496،فتح العزيز بهامش المجموع 5:560،مغني المحتاج 1:381،حلية العلماء 3:83،الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:113،السراج الوهّاج:121.
5- 5) بداية المجتهد 1:253،الميزان الكبرى 2:6،تفسير القرطبيّ 7:100، [1]مقدّمات ابن رشد:205،نيل الأوطار 4:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:113.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:2،الهداية للمرغينانيّ 1:109، [2]شرح فتح القدير 2:186،الميزان الكبرى 2:6، بداية المجتهد 1:253،المجموع 5:456،بدائع الصنائع 2:59،تحفة الفقهاء 1:321،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:113.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:2،المجموع 5:456،المغني 2:548،بدائع الصنائع 2:59.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:2،الهداية للمرغينانيّ 1:109،المغني 2:549،بداية المجتهد 1:253، بدائع الصنائع 2:58.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:155،صحيح مسلم 2:675 الحديث 981؛سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [3]سنن الترمذيّ 3:31 الحديث 639، [4]سنن ابن ماجه 1:580 الحديث 1816 و 1818،مسند أحمد 3:341 و ج 5:233، [5]المستدرك للحاكم 1:401،سنن البيهقيّ 4:129.

و قال علماؤنا:إنّما تجب فيما عدّدناه من الأربعة المزروعة (1)خاصّة،عملا بما تقدّم من الأحاديث (2).و حديث أبي حنيفة عامّ فيكون أخبارنا (3)مقدّمة (4)عليه.

و يعارضه:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ليس في الخضراوات صدقة» (5).

و عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ليس فيما أنبتت الأرض من الخضر صدقة» (6).و لأنّه لا يقتات في الغالب،فلا يجب فيه العشر،كالحشيش و القصب.

الخامس في زكاة الورس

لا زكاة في الورس (7).ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ في الجديد.

و قال في القديم:تجب فيه الزكاة (8).

لنا:ما تقدّم.و لأنّه غير مقتات فلا تجب فيه الزكاة كالنبات (9).

احتجّ (10)بأنّ أبا بكر بعث إلى قوم أن أدّوا زكاة الذرة و الورس (11).

ص:42


1- 1غ:المزرعة.
2- 2) يراجع:ص 38،39.
3- 3) ف و غ:اختيارنا.
4- 4) خا،م و ق:متقدّمة.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:94 الحديث 1.و بتفاوت في السند ينظر:المصنّف لعبد الرزّاق 4:119 الحديث 7185، سنن البيهقيّ 4:130،كنز العمّال 6:322 الحديث 15852.
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:95 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:130.
7- 7) الورس:نبت أصفر يزرع باليمن و يصبغ به،و قيل:صنف من الكركم. المصباح المنير:655. [1]
8- 8) الأمّ 2:38،المهذّب للشيرازيّ 1:153،المجموع 5:455،فتح العزيز بهامش المجموع 5:562، مغني المحتاج 1:382،السراج الوهّاج:121.
9- 9) خا،ق و ح:كالثياب.
10- 10) المهذّب للشيرازيّ 1:153،المجموع 5:452.
11- 11) سنن البيهقيّ 4:116.

و الجواب:لا حجّة في ذلك،لجواز أن يكون عن (1)رأي،أو يكون على جهة الاستحباب.

السادس في زكاة الزعفران

الزعفران لا زكاة فيه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أكثر الجمهور (2)، و للشافعيّ قولان (3).

لنا:ما تقدّم.و لأنّه ليس له أصل ثابت،فلا يقاس على غيره.

السابع في زكاة حب العصفر

حبّ العصفر (4)-و هو القرطم-لا زكاة فيه.ذهب إليه علماؤنا أجمع، و للشافعيّ قولان (5).

لنا:ما تقدّم (6).و لأنّه ليس بمقتات ففارق الغلاّت الأربع.و لأنّ السمسم (7)لا تجب فيه الزكاة و هذا (8)مثله،بل دهنه أنفع من دهنه.

الثامن في زكاة القطن

لا زكاة في القطن.و هو قول علمائنا أجمع،و عن أحمد روايتان (9).

لنا:ما تقدّم.

التاسع في زكاة حب البقول

حبّ البقول كالرشاد و حبّ الفجل و القرطم لا زكاة فيه.و عن أحمد روايتان (10).

ص:43


1- 1م،ن و ش:على.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 2:551،حلية العلماء 3:73،المجموع 5:455.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:153،المجموع 5:455،مغني المحتاج 1:382،السراج الوهّاج:121.
4- 4) العصفر:صبغ و قد عصفرت الثوب فتعصفر.الصحاح 2:750. [1]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:154،المجموع 5:456،مغني المحتاج 1:382،السراج الوهّاج:121،حلية العلماء 3:74.
6- 6) يراجع:ص 38،39.
7- 7) خا،ح و ق:السمن.
8- 8) غ،ق و ح:فهذا.
9- 9) المغني و الشرح 2:551،الكافي لابن قدامة 1:403،الإنصاف 3:89.
10- 10) المغني و الشرح 2:548،الكافي لابن قدامة 1:402،الإنصاف 3:87.

لنا:ما تقدّم.

العاشر في زكاة البزور

لا زكاة في البزور كبزر الكتّان و القثّاء و الخيار.و عليه علماؤنا،خلافا لأكثر الجمهور (1)،و الحجّة ما تقدّم.

الحادي عشر:لا زكاة فيما ينبت في المباح

(2)الّذي لا يملك إلاّ بأخذه كالبطم (3)و العفص (4).و هو قول علمائنا و أكثر الجمهور (5)،لما تقدّم.و خالف فيه قوم غير محقّقين (6). (7).

الثاني عشر في زكاة العسل

لا زكاة في العسل.و هو قول علمائنا أجمع،و للشافعيّ قولان (8).و قال أحمد:تجب فيه مطلقا (9).و قال أبو حنيفة:إن كان في غير أرض الخراج وجب فيه العشر (10).

لنا:ما تقدّم.

ص:44


1- 1المغني و الشرح 2:548،الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،الإنصاف 3: 87.
2- 2) كذا في أكثر النسخ،و لعلّ الصواب:من المباح،و في ص،ق و ح:في القاع.
3- 3) البطم:الحبّة الخضراء.الصحاح 5:1873. [1]
4- 4) العفص:معروف و يدبغ به.المصباح المنير:418.
5- 5) المغني 2:550،الإنصاف 3:99،الشرح الكبير بهامش المغني 2:561.
6- 6) ح:من المحقّقين.
7- 7) المغني 2:551.
8- 8) الأمّ 2:39،المهذّب للشيرازيّ 1:154،المجموع 5:455،مغني المحتاج 1:382،السراج الوهّاج:121، الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،حلية العلماء 3:73.
9- 9) المغني 2:572،الكافي لابن قدامة 1:413،الإنصاف 3:116،المجموع 5:456،الميزان الكبرى 2:6، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:114،الشرح الكبير بهامش المغني 2:579.
10- 10) بدائع الصنائع 2:62،الهداية للمرغينانيّ 1:110،شرح فتح القدير 2:191،المجموع 5:456،الميزان الكبرى 2:6.

احتجّوا (1)بأنّ رجلا يقال له هلال (2)أدّى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عشور نحل له (3).

و الجواب:الأداء لا يستلزم الوجوب.

الثالث عشر في زكاة الخضراوات

لا زكاة في الخضراوات،كالبطّيخ،و الباذنجان،و البقول.و لا في الورق،كورق السدر،و الآس.و لا في الأدهان،كدهن البنفسج،و الشيرج،و لا في شيء من الأزهار،كالعصفر،و الزعفران.و لا فيما ليس بحبّ،كالقطن،و الكتّان.و عليه علماؤنا أجمع،خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام قال:«ليس في الخضراوات صدقة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ليس على الخضر،و لا على البطّيخ،و لا على البقول،و أشباهه زكاة،إلاّ ما اجتمع عندك من غلّته (6)فبقي (7)سنة» (8).

ص:45


1- 1المغني 2:573،الشرح الكبير بهامش المغني 2:580،شرح فتح القدير 2:191.
2- 2) هلال أحد بنى متعان-بضمّ الميم و إسكان التاء المثنّاة-كذا عنونه ابن حجر،و عنونه ابن الأثير بعنوان:هلال أحد بنى سمعان،و كلاهما قالا:له حديث في العسل.و لهلال بن سعد أيضا حديث في العسل.قال ابن عبد البرّ: هلال بن سعد أحد بنى سمعان.قال ابن حجر:فرّق أبو موسى بينهما،و نقل عن صاحب التجريد أنّهما واحد.و لعلّ ابن الأثير خلط هلال بن سعد من بني سمعان بهلال أحد بنى متعان،و اللّه العالم. أسد الغابة 5:67،68، [1]الإصابة 3:607،608، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:606. [3]
3- 3) سنن أبي داود 2:109 الحديث 1600،سنن النسائيّ 5:46،سنن البيهقيّ 4:126،سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1824،نيل الأوطار 4:208.
4- 4) به قال أبو حنيفة،ينظر:المبسوط للسرخسيّ 3:2،بدائع الصنائع 2:59،الهداية للمرغينانيّ 1:109، المغني و الشرح 2:549.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:94 الحديث 1.و باختلاف في السند ينظر:سنن البيهقيّ 4:130،مجمع الزوائد 3:68.
6- 6) م و ك:غلّة.
7- 7) م:فيبقى.
8- 8) التهذيب 4:66 الحديث 179،الوسائل 6:45 الباب 10 من أبواب من تجب فيه الزكاة الحديث 10. [4]

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام[أنّهما] (1)قالا:

«عفا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخضر»قلت:و ما الخضر؟قال:«كلّ شيء لا يكون له بقاء:كالبقل،و البطّيخ،و الفواكه و شبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد»قال زرارة:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:هل في القضب (2)شيء؟قال:«لا» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سئل عن الخضر فيها زكاة و إن بيع بالمال العظيم؟قال:«لا،حتّى يحول عليه الحول» (4).

الرابع عشر في زكاة العلس

العلس،قال الشيخ:إنّه نوع من الحنطة،يقال:إذا ديس بقي كلّ حبّتين في كمام،ثمَّ لا يذهب ذلك حتّى يدقّ أو يطرح في رحى خفيفة[و] (5)لا يبقى بقاء الحنطة، و بقاؤها في كمام،و يزعم أهلها أنّها إذا هرست أو طرحت في رحى خفيفة خرجت على النصف،فإذا كان كذلك تخيّر أهلها بين أن يلقى عنها الكمام و يكال على ذلك،فإذا بلغت النصاب أخذ منها الزكاة أو يكال على ما هي عليه،و يؤخذ من كلّ عشرة أوسق زكاة، و لو اجتمع عنده حنطة و علس ضمّ بعضه إلى بعض،لأنّها كلّها حنطة (6).و على قول الشيخ إنّه نوع من الحنطة تجب فيه الزكاة و يضمّ إلى الحنطة كما قال.

الخامس عشر في زكاة السلت

السلت،قال الشيخ:إنّه نوع من الشعير تجب فيه الزكاة كالشعير و يضمّ إليه إذا بلغا نصابا وجبت الزكاة (7).و عندي في هذين إشكال.

ص:46


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أكثر النسخ:القصب،كما في التهذيب،قال في الصحاح 1:203: [1]القضب وزان فلس:الرطبة،و هي: الإسفست بالفارسيّة.
3- 3) التهذيب 4:66 الحديث 180،الوسائل 6:44 الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 4:66 الحديث 181،الوسائل 6:43 الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [3]في نسخة من الوسائل:و [4]إن بيعت بالمال العظيم.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) المبسوط 1:217. [5]
7- 7) الخلاف 1:329 مسألة-76.
السادس عشر في زكاة ما يخرج من البحر من اللؤلؤ و العنبر

لا زكاة في جميع ما يخرج من البحر من اللؤلؤ،و العنبر و غير ذلك، بل يجب فيه الخمس على ما يأتي.و قال عبيد اللّه بن الحسن العنبريّ:تجب الزكاة في جميع ما يستخرج من البحر غير السمك (1).

لنا:ما تقدّم (2).و ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قال:لا زكاة في العنبر (3).

و عن عائشة قالت:ليس في اللؤلؤ زكاة (4).و لم يخالفها أحد من الصحابة.و لأنّه ليس بنام (5)فأشبه السمك.

احتجّ بأنّه مال (6)مخرج (7)من معدنه فوجبت فيه الزكاة،كالذهب و الفضّة.

و الجواب:يبطل قياسهم بالسمك.

السابع عشر في زكاة الحيوان

لا زكاة في شيء من الحيوان إلاّ الثلاثة الأصناف التي ذكرناها (8)، فلا تجب في البغال و الحمير و الرقيق (9)و لا تستحبّ،و لا تجب في الخيل،و تستحبّ في إناثها السائمة عن كلّ عتيق ديناران،و عن كلّ برذون دينار واحد.و قال أبو حنيفة:تجب في الخيل الإناث أو المجتمع (10)منها و من الذكور في كلّ فرس دينار،و لا تجب في الذكور

ص:47


1- 1حلية العلماء 3:88،المجموع 6:7،الميزان الكبرى 2:7،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116.
2- 2) يراجع:38،39.
3- 3) سنن البيهقيّ 4:146،عمدة القارئ 9:96،و أورده ابنا قدامة في المغني 2:620،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:587.
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 6:18.
5- 5) ح:بعام،ق و ص:نعام،ف،م و ن:بتام،ش و خا:بقام.
6- 6) أكثر النسخ:قال.
7- 7) م:يخرج.
8- 8) يراجع:ص 37.
9- 9) م،ش،ك و ن:و الرقيق و الحمير.
10- 10) ش،ك و ح:و المجتمع.

و المنفردة (1).و أنكر ذلك الشافعيّ (2)،و مالك (3)،و أحمد (4).

لنا على عدم الوجوب:ما تقدّم من الأخبار الدالّة على أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عفا عمّا سوى التسعة (5).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ليس على المسلم في فرسه و غلامه زكاة» (6).

و عنه عليه السلام قال:«ليس في الجبهة و لا في الكسعة و لا في النخّة صدقة» (7).

و الجبهة:الخيل،و الكسعة:الحمير،و النخّة:الرقيق.و قيل:البقر العوامل (8).

و على الاستحباب:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:هل في البغال شيء؟فقال:«لا»قلت (9):فكيف صار على الخيل و لم يصر

ص:48


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:188،بدائع الصنائع 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:100، [1]شرح فتح القدير 2: 137،المغني 2:486،المجموع 5:339،حلية العلماء 3:13،فتح الباري 3:255،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:111،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:137،تحفة الفقهاء 1:290.
2- 2) الأمّ 2:26،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:45،حلية العلماء 3:13،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5: 339،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:111،مغني المحتاج 1:369،السراج الوهّاج:116.
3- 3) الموطّأ 1:277، [2]مقدّمات ابن رشد 1:244،أقرب المسالك بهامش بلغة السالك 1:206،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:137،حلية العلماء 3:13،المجموع 5:339.
4- 4) المغني 2:486،الشرح الكبير بهامش المغني 2:434،الكافي لابن قدامة 1:376،حلية العلماء 3:13، المجموع 5:339.
5- 5) يراجع:ص 38،39. [3]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:149،صحيح مسلم 2:675 الحديث 982،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1595، [4]سنن الترمذيّ 3:23 الحديث 628، [5]سنن ابن ماجه 1:579 الحديث 1812،سنن النسائيّ 5:36،مسند أحمد 2:249 و 279،سنن البيهقيّ 4:117،سنن الدار قطنيّ 2:127 الحديث 8.
7- 7) سنن البيهقيّ 4:118،كنز العمّال 6:330 الحديث 15890،مجمع الزوائد 3:69.بتفاوت يسير.
8- 8) المغني 2:487،المبسوط للسرخسيّ 2:165،الصحاح 1:432، [6]سنن البيهقيّ 4:118.
9- 9) غ:فقلت،كما في المصادر.

على البغال؟فقال:«إنّ (1)البغال لا تلقح و الخيل الإناث ينتجن و ليس على الخيل الذكور شيء» (2)قال:قلت:هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شيء (3)؟فقال:

«لا (4)،ليس على ما يعلف شيء إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها (5)عامها الذي يقتنيها فيه الرجل،فأمّا سوى ذلك فليس فيه شيء» (6).

و في الحسن عن محمّد بن مسلم و زرارة عنهما (7)عليهما السلام قالا:«وضع أمير المؤمنين عليه السلام على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين،و جعل على البراذين دينارا» (8).

احتجّ أبو حنيفة (9)بما روى جابر،قال:«في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار» (10).

و لأنّه حيوان يطلب نماؤه فكان كالنعم.

و الجواب عن الأوّل:إنّا نقول بموجبة و نحمله (11)على الاستحباب.

و عن الثاني:بالفرق (12)،فإنّ فائدة الخيل أضعف من فائدة غيرها،و معارض

ص:49


1- 1ح:لأنّ،كما في المصادر.
2- 2) هامش ح بزيادة:قال:قلت:فما في الحمير؟قال:«ليس فيها شيء»كما في الوسائل. [1]
3- 3) لا توجد في أكثر النسخ.
4- 4) لا توجد كلمة«لا»في أكثر النسخ.
5- 5) المرج:الموضع الذي ترعى فيه الدوابّ.الصحاح 1:340. [2]
6- 6) التهذيب 4:67 الحديث 184،الوسائل 6:51 الباب 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [3]
7- 7) ح و ق:عن أحدهما،مكان:عنهما.
8- 8) التهذيب 4:67 الحديث 183،الاستبصار 2:12 الحديث 34،الوسائل 6:51 الباب 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [4]
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:188،بدائع الصنائع 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:100،تحفة الفقهاء 1:291، شرح فتح القدير 2:137،المغني 2:486.
10- 10) سنن الدار قطنيّ 2:126 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:119.
11- 11) بعض النسخ:يحمل.
12- 12) بعض النسخ:الفرق.

بالنصّ و العمل عليه.

الثامن عشر في زكاة بقر الوحش

لا زكاة في بقر الوحش.و هو قول الفقهاء.و قال أحمد في إحدى الروايتين:تجب فيها محتجّا (1)بقوله عليه السلام:في ثلاثين من البقر تبيع (2).و هو خطأ، لأنّه ينصرف بإطلاقه إلى الأهليّة.و لأنّه حيوان وحشيّ لا يجزئ في الأضحيّة،و لا يسام في العادة فلا تجب فيه الزكاة.

مسألة:الملك شرط وجوب الزكاة

.و هو قول العلماء كافّة،فلا تجب الزكاة على غير المالك (3).

و التمكّن من التصرّف شرط أيضا،فلا تجب الزكاة في المال (4)المغصوب،و المسروق، و المجحود،و الضالّ،و الموروث عن غائب حتّى يصل إلى الوارث أو وكيله،و الساقط في البحر حتّى يعود إلى مالكه و يستقبل به الحول.و عليه فتوى علمائنا،و به قال أبو حنيفة (5)، و أحمد في إحدى الروايتين،و الثانية:عليه زكاة (6).و للشافعيّ قولان (7).

لنا:أنّه ممنوع من التصرّف فيه،فليس محلاّ للزكاة،كالمكاتب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:50


1- 1المغني 2:459،الشرح الكبير بهامش المغني 2:436،الإنصاف 3:4.
2- 2) سنن أبي داود 2:101 الحديث 1576،سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 622،623، [1]سنن ابن ماجه 1:576 الحديث 1803،1804،سنن النسائيّ 5:26،مسند أحمد 5:230،233،240 و 247.
3- 3) ح،ق و خا:الملك،مكان:المالك.
4- 4) ق و ح:في مال.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:171،بدائع الصنائع 2:9،الهداية للمرغينانيّ 1:96، [2]شرح فتح القدير 2:121، الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:105،حلية العلماء 3:15،المغني 2:639.
6- 6) المغني 2:639،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:445،الكافي لابن قدامة 1:371،الإنصاف 3:21، [4]حلية العلماء 3:15،الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:105.
7- 7) حلية العلماء 3:15،المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:341،الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:105،المغني 2:639،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 2:445.

قال:«لا صدقة على الدين،و لا على المال الغائب عنك حتّى يقع في يديك» (1).

احتجّوا بأنّه مال مملوك ملكا تامّا،فتجب فيه الزكاة،كما لو نسي عند من أودعه أو حبس أو أسر دونه (2).

و الجواب:الملك و إن كان موجودا،إلاّ أنّ أثره و فائدته مفقودان،فجرى (3)مجرى مال المكاتب،و المقيس عليه يمنع ثبوت الحكم فيه.

فروع:

الأوّل:إذا عاد المغصوب أو الضالّ إلى ربّه،استحبّ له أن يزكّيه لسنة واحدة.ذهب إليه علماؤنا،و قال مالك:يجب (4).

لنا:أنّ المقتضي للسقوط في السنين المتقدّمة موجود في السنة فثبت (5)الحكم كغيرها،و أمّا بيان الاستحباب:فلأنّه برّ،فيدخل تحت قوله تعالى وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ (6).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه،قال:«لا زكاة عليه حتّى يخرج،فإذا خرج زكّاه لعام واحد،و إن (7)كان يدعه متعمّدا و هو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكلّ ما مرّ به من

ص:51


1- 1التهذيب 4:31 الحديث 78،الوسائل 6:62 الباب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 6. [1]
2- 2) المغني 2:639،الشرح الكبير بهامش المغني 2:445.
3- 3) ح:يجري.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:338،مقدّمات ابن رشد 1:229،بلغة السالك 1:218-219،المغني 2:639، الشرح الكبير بهامش المغني 2:445.
5- 5) ص و ش:فيثبت.
6- 6) المائدة(5):2. [2]
7- 7) بعض النسخ:فإن،كما في الوسائل. [3]

السنين» (1).

و في الحسن عن رفاعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغيب عنه ماله خمس سنين ثمَّ يأتيه و لا يزيد على رأس المال كم يزكّيه؟قال:«سنة واحدة» (2).

و دلّ على أنّ الأمر هنا لاستحباب:ما تقدّم.

احتجّ مالك بأنّ ابتداء الحول كان في يده ثمَّ حصل بعد ذلك في يده فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد و لا يعتبر ما تخلّل ذلك (3).و هذا غلط،لأنّ المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول منع كنقصان النصاب.

الثاني:قال الشيخ:لو كان عنده أربعون شاة فضلّت واحدة،ثمَّ عادت قبل حؤول الحول أو بعده،وجب عليه فيها شاة،لأنّ النصاب و الملك و حؤول الحول قد حصل فيه، فإن لم يعد إليه أصلا فقد انقطع الحول بنقصان النصاب فلا يلزمه شيء و إن قلنا إنّها حين ضلّت انقطع الحول،لأنّه لم يتمكّن من التصرّف فيها،مثل مال الغائب،فلا يلزمه شيء و إن عادت،كان قويّا (4).و ما قوّاه الشيخ عندي هو الوجه.

الثالث:لا فرق بين أن يكون الضالّ من النعم سائما أو غير سائم،و لا فرق بين السائم و غيره عند الغاصب،أو عند المالك،أو عندهما في سقوط الزكاة،لعدم الشرط،و هو إمكان التصرّف.نعم،على تقدير الاستحباب إذا كانت سائمة عند هما استحبّت الزكاة،و إن كانت معلوفة عند المالك سائمة (5)عند الغاصب ففي استحباب الزكاة تردّد ينشأ من كون المالك لم يرض بسومها فلا يستحبّ بفعل الغاصب،و من كون الشرط،و هو السوم موجود

ص:52


1- 1التهذيب 4:31 الحديث 77،الاستبصار 2:28 الحديث 81،الوسائل 6:63 الباب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 4:31 الحديث 79،الاستبصار 2:28 الحديث 82،الوسائل 6:62 الباب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 4. [2]في الجميع:«و لا يردّ عليه رأس المال»مكان:«و لا يزيد على رأس المال».
3- 3) المغني 2:639،الشرح الكبير بهامش المغني 2:445.
4- 4) المبسوط 1:203. [3]
5- 5) بعض النسخ:و سائمة.

من الغاصب فلا يسقط الاستحباب،كما لو غصب حبّا من رجل فبذره فإنّ الزكاة تجب فيه مع التمكّن،و كذا لو تناثر الحبّ من مالكه فأنبته السيل (1)،و إن كان بالعكس ففيه احتمال استحباب الزكاة،لأنّ علف الغاصب محرّم فلا يسقط المستحبّ (2)،و العدم،لأنّ الشرط و هو السوم لم يوجد.و لو كانت معلوفة عندهما لم تستحبّ الزكاة.هذا كلّه على تقدير اشتراط السوم في الاستحباب،و فيه إشكال.

الرابع:لو أسر في بلد الشرك و له مال في بلد الإسلام،لم تجب عليه زكاته.

و للشافعيّ قولان (3).

لنا:أنّه غائب عن ماله و الغيبوبة يتحقّق من (4)الطرفين،فيسقط وجوب الزكاة عنه.

الخامس:الوقف من النعم السائمة لا زكاة فيه،لنقصان الملك،فجرى مجرى المكاتب، فإنّه لا يمكنه التصرّف فيه بغير الاستنماء.و لأنّ الزكاة تجب في العين،فلو أخرجناها خرج الوقف عن كونه وقفا،و هو باطل.

مسألة:المرتدّ ضربان:

عن فطرة،و عن غيرها.

فالأوّل:يجب قتله على كلّ حال،و تبين (5)منه زوجته من حين الارتداد،و تزول أمواله و تنتقل إلى ورثته.

إذا ثبت هذا-فيما بعد إن شاء اللّه تعالى-فإن حال الحول على ماله ثمَّ ارتدّ وجبت الزكاة فيه تؤخذ منه،و إن لم يحل الحول على ماله،انتقل إلى ورثته و استقبلوا الحول من حين ارتداده.

ص:53


1- 1ف و غ:فأثبته السيل.
2- 2) ك:الاستحباب.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:342،فتح العزيز بهامش المجموع 5:500.
4- 4) م:في.
5- 5) بعض النسخ:أبين.

و الثاني:لا يجب قتله إلاّ بعد امتناعه من التوبة إذا عرضت عليه،و لا تزول أمواله إلاّ بعد قتله أو فراره إلى دار الحرب،فإن حال الحول على ماله وجبت عليه الزكاة،و إن لم يحل عليه الحول و لم يحصل موجبا الانتقال أتممنا (1)الحول،فإذا تمَّ وجبت الزكاة،و إن حصل أحد الموجبين انتقل ماله إلى ورثته و استأنفوا الحول حينئذ.و بما قلناه قال الشافعيّ في أحد أقواله.

و في الآخر:لا زكاة،لأنّه بالارتداد زال ملكه عنه.

و في الثالث:إن أسلم تبيّنّا أنّ ملكه لم يزل،و إن قتل على الردّة تبيّنّا زوال ملكه (2).

و البحث هاهنا (3)مبنيّ على زوال ملك المرتدّ،و سيأتي.

فروع:

الأوّل:الكافر الأصليّ تجب عليه الزكاة،لعموم (4)الخطاب،و تسقط عنه بالإسلام، لقوله عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (5).

الثاني:لو ارتدّ بعد الحول لم تسقط الزكاة عنه.و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7).و قال

ص:54


1- 1خا و ح:عمد،ق:أعمد.
2- 2) الأمّ 2:27،حلية العلماء 3:8-9،المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:328،فتح العزيز بهامش المجموع 5:518.
3- 3) خا،ك،ف و غ:هنا.
4- 4) خا،ح و ق:بعموم.
5- 5) مسند أحمد 4:199،204 و 205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351.
6- 6) الأمّ:2:27،حلية العلماء 3:8،المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:328،مغني المحتاج 1:408، الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:104،المغني 2:641،الشرح الكبير بهامش المغني 2:449،فتح العزيز بهامش المجموع 5:518.
7- 7) المغني 2:641،الشرح الكبير بهامش المغني 2:449،الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:104.

أبو حنيفة:تسقط عنه (1).

لنا:أنّه حقّ ماليّ وجب،فلا يسقط بالارتداد،كالدين.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ من شرطها النيّة (2).

و الجواب:لا يسقط الواجب بعدم الشرط مع إمكان (3)حصوله.

الثالث:لو أخذ الإمام الزكاة ثمَّ أسلم،سقطت عنه،لأنّه واجب أخرج على وجهه، فلا يتعقّب القضاء.و خالف فيه بعض الجمهور اعتبارا بالنيّة (4).

و جوابه أنّ نيّة الإمام كافية.و كذا البحث في نائب الإمام.أمّا لو أخذها غيرهما،فإنّه لا يسقط عنه،لأنّ الآخذ لا ولاية له على الأخذ،فلا يقوم مقام المالك.

الرابع:لو أدّاها بنفسه في حال ردّته لم تجزئ عنه،لعدم النيّة المعتبرة من المالك و من يقوم مقامه.

الخامس:من أخفى ماله أو بعضه (5)حتّى لا تؤخذ منه صدقة،عزّر،إلاّ أن يدّعي الشبهة المحتملة،و تؤخذ منه الزكاة من غير زيادة.

السادس:المتغلّب إذا أخذ الزكاة لم يجزئ عن المالك،و يجب عليه إعادتها إلى مالكها،لأنّه ظالم.قال (6)الشيخ:و قد روي أنّه يجزئه،و الأوّل أحوط (7).

مسألة:و اختلف علماؤنا في وجوب الزكاة في الدين على قولين:

ص:55


1- 1بدائع الصنائع 2:4،المغني 2:641،الشرح الكبير بهامش المغني 2:449،حلية العلماء 3:8، الميزان الكبرى 2:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:104،المجموع 5:328.
2- 2) المغني 2:641،الشرح الكبير بهامش المغني 2:449.
3- 3) م،ن و ش:لإمكان،مكان:مع إمكان.
4- 4) المغني 2:641،الشرح الكبير بهامش المغني 2:450.
5- 5) خا،ق و ح:أو نصفه.
6- 6) ش:و قال.
7- 7) المبسوط 1:204، [1]الخلاف 1:312 مسألة-31.

أحدهما:الوجوب (1).و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و به قال الثوريّ، و أبو ثور (2)،و أصحاب الرأي (3)،و جابر،و طاوس،و النخعيّ،و الحسن،و الزهريّ، و قتادة،و حمّاد (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و إسحاق (7).

و الثاني:عدم الوجوب (8).و به قال عكرمة،و عائشة،و ابن عمر (9)،و الشافعيّ في القديم (10).و قال سعيد بن المسيّب:يزكّيه لسنة واحدة (11).و الأقرب عندي عدم الوجوب.

لنا:أنّه ملك لا ينمي فأشبه عروض القنية.و لأنّه غير متعيّن إلاّ بالقبض فيكون

ص:56


1- 1و به قال الشيخ المفيد في المقنعة:39،و السيّد المرتضى في الجمل:119،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1: 211،و المحقّق في المعتبر 2:491. [1]
2- 2) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444-445.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:195،تحفة الفقهاء 1:293،294،بدائع الصنائع 2:10،الهداية للمرغينانيّ 1: 97، [2]مجمع الأنهر 1:195.
4- 4) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444.
5- 5) حلية العلماء 3:16،المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:344 و ج 6:21،فتح العزيز بهامش المجموع 5:502،الميزان الكبرى 2:8،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:105،المغني 2:637.
6- 6) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444،الكافي لابن قدامة 1:371،الإنصاف 3:18، [3]زاد المستقنع:24.
7- 7) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444.
8- 8) و به قال ابن أبي عقيل و ابن الجنيد نقله عنهما في السرائر:102،و المختلف:174،و ابن إدريس في السرائر: 102.
9- 9) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444،الميزان الكبرى 2:8،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:117.
10- 10) حلية العلماء 3:16،المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:344 و ج 6:21،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 502،مغني المحتاج 1:410،السراج الوهّاج:132،الميزان الكبرى 2:8،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 117.
11- 11) المغني 2:637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:444.

كغير المملوك.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا صدقة في الدين» (1).و في الموثّق عن محمّد بن عليّ الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:ليس في الدين زكاة؟قال:«لا» (2).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار و صفوان بن يحيى قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السلام:الدين عليه زكاة؟فقال:«لا،حتّى يقبضه»قال:قلت:فإذا قبضته أزكّيه (3)؟قال:«لا،حتّى يحول الحول في يديه» (4).

احتجّ الشيخان بأنّه مال مملوك اجتمعت فيه شرائط الوجوب،فثبت الوجوب (5).

و بما رواه درست (6)عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ليس في الدين زكاة إلاّ أن

ص:57


1- 1التهذيب 4:31 الحديث 78،الوسائل 6:63 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:32 الحديث 80،الوسائل 6:64 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 4. [2]
3- 3) ح:قبضه أ يزكّيه؟كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 4:34 الحديث 87،الاستبصار 2:28 الحديث 79،الوسائل 6:63 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 3.و [3]فيه:«في يده»كما في بعض النسخ.
5- 5) المقنعة:39،و نقل الاحتجاج عنهما في المعتبر 2:492. [4]
6- 6) درست-بضمّ الدال و الراء المهملتين و سكون السين المهملة و التاء المثنّاة من فوق-بن أبي منصور محمّد الواسطيّ،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،و معنى درست،أي:صحيح،له كتاب يرويه جماعة، قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام تارة و من أصحاب الكاظم عليه السلام أخرى مضيفا إليه في الثاني قوله:الواسطيّ واقفيّ،و نقل الكشّيّ عن بعض أشياخه:أنّه واقفيّ،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و اقتصر على نقل الكشّيّ،قال صاحب التنقيح:فالحقّ أنّ الرجل واقفيّ غايته أنّ ما ذكره من الشواهد تخرج حديث الرجل من الضعف إلى القوّة،و قال السيّد الخوئيّ:الظاهر وثاقة الرجل؛لرواية عليّ بن الحسن الطاطريّ عنه في كتابه،و قد ذكر الشيخ في ترجمته(في الفهرست:92) [5]أنّ رواياته في كتبه عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم،و هذا شهادة من الشيخ بوثاقة مشايخ عليّ بن الحسن الطاطريّ كلّيّة. رجال النجاشيّ:162،رجال الطوسيّ:191 و 349،رجال الكشّيّ:556،رجال العلاّمة:221، [6]تنقيح المقال 1: 417، [7]معجم رجال الحديث 7:143. [8]

يكون صاحب الدين هو الذي يؤخّره (1)،فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتّى يقبضه» (2).

و عن عبد العزيز (3)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الدين أ يزكّيه؟قال:«كلّ دين يدعه هو إذا أراد أخذه فعليه زكاته،و ما كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة (4)» (5).

و الجواب عن الأوّل:المنع من اجتماع الشرائط فإنّ الدين غير متعيّن على ما قلناه.

و عن الروايتين:أنّ سند رواياتنا أصحّ،فالعمل عليها،مع موافقتها للأصل.

فروع:

الأوّل:الشيخان إنّما أوجبا الزكاة في الدين على تقدير أن يكون التأخير من جهة صاحبه بأن يكون على مليّ باذل،و هو حالّ.أمّا لو كان التأخير من جهة من عليه الدين، بأن يكون المدين عاجزا عنه،أو يكون متمكّنا إلاّ أنّه جاحد،أو يكون غير حالّ،فإنّ الزكاة ساقطة هنا (6).

و قال أبو يوسف:إذا كان جاحدا في الظاهر معترفا به في الباطن،لا تجب عليه

ص:58


1- 1بعض النسخ:يوجره.
2- 2) التهذيب 4:32 الحديث 81،الوسائل 6:64 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 7. [1]
3- 3) في التهذيب و الوسائل: [2]عن ميسرة عن عبد العزيز،أمّا ميسرة فقد مرّت ترجمته في الجزء الثاني ص 72.و أمّا عبد العزيز فلم نعثر على من روى عنه ميسرة،قال الأردبيليّ بعد ذكر سند الرواية:و الظاهر أنّه كان في الأصل ميسرة بن عبد العزيز و وقع الاشتباه و اللّه أعلم.و قال السيّد الخوئيّ:روى الشيخ بسنده عن عبد اللّه بن بكير عن ميسرة عن عبد العزيز،كذا في الطبعة القديمة و الوافي و [3]الوسائل أيضا،و [4]في النسخة المخطوطة على نسخة،و في نسخة أخرى منها ميسرة بن عبد العزيز،و الظاهر هو الصحيح.جامع الرواة 2:285، [5]معجم رجال الحديث 19: 134. [6]
4- 4) م و ن:زكاته.
5- 5) التهذيب 4:32 الحديث 82،الوسائل 6:64 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 5. [7]
6- 6) الشيخ المفيد في المقنعة:39،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:211. [8]

الزكاة (1).و قال الشافعيّ:تجب عليه الزكاة (2).و عن أحمد روايتان (3).

لنا-تفريعا على القول بالوجوب-:أنّه لا يقدر على قبضه،فكان كالمحجور عليه.

احتجّ الشافعيّ بأنّه مليّ معترف به في الباطن،فأشبه المعترف به ظاهرا (4).

و الجواب:الفرق،إنّ التمكّن مفقود (5)هنا.

و لو كان جاحدا في الظاهر و الباطن،أو كان معترفا به و هو معسر فلا زكاة.

و للشافعيّ قولان (6)،و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّه غير متمكّن،و التمكّن شرط.

و لو كان له بيّنة،أو كان الحاكم يعلمه،فعلى القول بالوجوب ينبغي الوجوب هنا، لأنّه متمكّن من أخذه في الظاهر.و قال محمّد بن الحسن:إن علمه الحاكم وجبت،و إن كان له بيّنة لم تجب،لأنّ الحاكم قد يقبلها و قد لا يقبلها (8).و هو ضعيف،لأنّه إذا ترك إقامة البيّنة حتّى مضى حول فقد ترك الأخذ مع الإمكان.

الثاني:الدين المؤجّل لا زكاة فيه.و للشافعيّ قولان (9).

لنا:أنّه غير مقدور عليه و لا تحلّ المطالبة به قبل الأجل فلا تجب فيه.

ص:59


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:171-172،بدائع الصنائع 2:9،حلية العلماء 3:92.
2- 2) حلية العلماء 3:92،مغني المحتاج 1:410،فتح العزيز بهامش المجموع 5:502.
3- 3) المغني 2:638،الشرح الكبير بهامش المغني 2:445،الكافي لابن قدامة 1:371،الإنصاف 3:21-22.
4- 4) مغني المحتاج 2:410،فتح العزيز بهامش المجموع 5:502.
5- 5) كثير من النسخ:مقصود.
6- 6) الأمّ 2:51،حلية العلماء 3:93،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:21،فتح العزيز بهامش المجموع 5:502،السراج الوهّاج:132،مغني المحتاج 1:410.
7- 7) المغني 2:638،الشرح الكبير بهامش المغني 2:445،الكافي لابن قدامة 1:371،الإنصاف 3:21.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:171،مجمع الأنهر 1:194،حلية العلماء 3:93.
9- 9) حلية العلماء 3:93،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:21،فتح العزيز بهامش المجموع 5:502،مغني المحتاج 1:410،السراج الوهّاج:132.

احتجّوا بأنّه مملوك له فأشبه الدين الحالّ (1).

و الجواب:التمكّن من التصرّف شرط،و قد فقد.

الثالث:قال الشيخ:لو كان له مال و دين ضمّ أحدهما إلى صاحبه (2).

و هو بناء على أصله من وجوب الزكاة في الدين،و نحن لمّا لم نوجبها فيه لم يجب الضمّ عندنا.

الرابع:يستحبّ له إذا قبضه أن يزكّيه لسنة (3)واحدة،لأنّه يجري (4)مجرى المغصوب و المفقود (5).

الخامس:اللقطة بعد الحول يملكها الملتقط إذا نوى التمليك و كانت في غير الحرم.

إذا ثبت هذا فالزكاة إنّما تجب عليه إذا استقبل بها حولا آخر و مضى،و لا يحتسب (6)الحول الأوّل،لأنّه غير مالك فيه،فإذا جاء ربّها (7)و أخذها فلا زكاة عليه وجوبا، و يستحبّ له أن يزكّيها عن الحول الذي منع الملتقط منها فيه.

و اعلم أنّ الملتقط يجب عليه بعد الحول و نيّة التملّك ضمانها بالمثل أو القيمة،و لا يجب عليه ردّها على (8)مالكها،و به قال الشافعيّ (9)-و سيأتي البحث فيه-فحينئذ نقول:هو مالك بعد الحول فتجب عليه الزكاة.و خالف فيه بعض الجمهور بناء على أنّ الدين يمنع من

ص:60


1- 1حلية العلماء 3:93،المهذّب للشيرازيّ 1:158،مغني المحتاج 1:410.
2- 2) المبسوط 1:211.
3- 3) ح و ك:بسنة.
4- 4) ش،ك،م و ن:جرى.
5- 5) غ،ف و ك:و المقصود.
6- 6) ش:و لم يحتسب.
7- 7) ح:حال بها،مكان:جاء ربّها.
8- 8) م،ن،ش و ك:إلى.
9- 9) الأمّ 2:52،المجموع 5:342،المغني 2:641-642،الشرح الكبير بهامش المغني 2:453.

الزكاة (1)،و ليس بشيء.

السادس:صداق المرأة إذا قبضته (2)و حال عليه الحول وجبت الزكاة فيه،لأنّه مملوك لها و (3)سواء دخل بها أو لم يدخل،و لو طلّقها قبل الدخول انقطع الحول في النصف و تمّمت (4)الحول في المتخلّف إن بلغ نصابا،و إن لم تقبضه كان بمنزلة الدين،و قد مضى البحث فيه (5).

و لو انفسخ النكاح لعيب (6)فسقط المهر كلّه فلا زكاة إذا لم يكن مقبوضا لا وجوبا و لا استحبابا،و لو كان مقبوضا ففيه (7)إشكال أقربه الوجوب،و تضمن هي (8)المأخوذ في الزكاة.

و لو كان الصداق دينا على الزوج فحال عليه الحول و هو نصاب وجبت الزكاة على أحد القولين لأصحابنا (9).و على القول الآخر:استحبّت (10).فلو سقط نصفه (11)بالطلاق قبل الدخول قبضت النصف و استحبّت الزكاة فيه خاصّة،و لا تجب فيما لم تقبضه،و لا تستحبّ أيضا،لأنّه دين لم يتعوّض عنه (12)،و لم تقبضه فأشبه التالف.

إذا ثبت هذا:فالزكاة في الصداق إنّما تثبت في المقبوض لا ما سقط بالطلاق،فلو كان

ص:61


1- 1المغني 2:642،الشرح الكبير بهامش المغني 2:453،الكافي لابن قدامة 1:372.
2- 2) ك:قبضت.
3- 3) كذا في النسخ.
4- 4) ح،ق،خا و ك:و تمّت.
5- 5) يراجع:ص 59.
6- 6) ش:بعيب.
7- 7) خا،ح و ق:فعليه.
8- 8) بعض النسخ:و تضمن مهر،مكان:و تضمن هي.
9- 9) ينظر:المبسوط 1:207، [1]المعتبر 2:562. [2]
10- 10) لم نعثر عليه.
11- 11) خا،ق و ح:بعضه.
12- 12) أكثر النسخ:منه.

كلّه نصابا و حال عليه الحول ثمَّ طلّقها (1)فسقط نصفه فعليها زكاة المقبوض خاصّة إمّا وجوبا،أو استحبابا على أحد القولين،لأنّ الزكاة وجبت فيه ثمَّ سقطت عن نصفه لمعنى اختصّ به فلا يتعدّى السقوط.

و لو أصدقها نصابا معيّنا ليس بدين ملكته بالعقد،فإن دخل استقرّ في ملكها و وجبت الزكاة،و يستقبل الحول من حين العقد قبل القبض و بعده،لأنّه حين الملك.

و لو (2)لم يدخل عاد النصف إليه بالطلاق،فإن طلّق قبل الحول فلا زكاة في نصفه،و تجب في نصفها إن بلغ نصابا،و إن طلّق بعد الحول فإن كانت قد أخرجت الزكاة من العين رجع عليها بالنصف موفّرا و كان المأخوذ من حصّتها (3)،لأنّه نصف ما أعطاها،و إن أخرجت من غيرها رجع عليها بالنصف أيضا،و إن لم تكن قد أخرجت شيئا أخذ الزوج النصف موفّرا و كان عليها حقّ الفقراء.

(و لو طلّقها قبل الدخول بعد الحول فأراد قسمة المال كان لهما ذلك و هو أحد قولي الشافعيّ.و في الآخر:لا يجوز،لأنّ الفقراء شركاء (4).و هو غلط،لأنّ ربّ المال مخيّر في تعيين حقّ الفقراء فيما اختاره من المال أو غيره،فلم يمنع القسمة،فإذا قسّمت مع الزوج و طلب الساعي الزكاة أخذها من نصيبها،و إن (5)لم يجد لها شيئا أخذ ممّا في يد الزوج،لأنّ الزكاة وجبت بسببه،فإذا أخذ منها شاة ففي بطلان القسمة نظر،من حيث أنّ حقّ المساكين تعيّن في المال المقسوم فيلزم بطلان القسمة،و يمكن القول بالصحّة،لأنّ التعيين في الحصّة حصل بعد القسمة و يرجع الزوج بالقيمة،و هو أقرب.

و لو أصدقها حيوانا في الذمّة لم تثبت الزكاة لا وجوبا و لا استحبابا،لأنّ الشرط

ص:62


1- 1ح و ق:طلقا.
2- 2) خا،ح و ق:فلو.
3- 3) ص:حقّها.
4- 4) المجموع 6:30.
5- 5) بعض النسخ:فإن.

السوم و هو لا يتحقّق في الدين) (1).

و لو هلك النصف أخذ الساعي الزكاة من نصيب الزوج،لأنّها تجب في العين و رجع (2)الزوج عليها بالمأخوذ،لأنّه تلف في يدها.

و قال الشافعيّ:إذا طلّقها قبل الدخول و كان الجميع باقيا أخذ الزوج نصف الموجود و رجع عليها بنصف قيمة المخرج (3).

لنا:قوله تعالى فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ (4).و لأنّه يمكنه أخذ العين فلا يجب الرجوع إلى القيمة كما لو لم يأخذ المصدّق شيئا.

احتجّ الشافعيّ بأنّه لو تلف الجميع رجع بنصف القيمة فكذا لو تلف البعض (5).

و الجواب:الفرق التعذّر من الرجوع في العين هناك،بخلاف صورة النزاع.

و لو طلّقها قبل الدخول بعد الحول و قبل الإخراج لم يخرج من العين إلاّ بعد القسمة، لأنّه مشترك بينهما.و لو كان الصداق دينا فأبرأته منه بعد الحول (6)تثبت الزكاة عليها وجوبا أو استحبابا على الخلاف،لأنّها المتلفة (7).

و قال أحمد:تجب الزكاة على الزوج،لأنّه مالك له لم يزل عنه (8).و هو خطأ،لأنّ الزوج لم يملك شيئا و إنّما سقط الدين عنه.

مسألة:القرض يملك بالقبض

،فإن تركه المقترض بحاله و هو ممّا تجب فيه الزكاة

ص:63


1- 1ما بين القوسين يوجد في ن،م،غ،ص،ف،ش و ك.
2- 2) كثير من النسخ:و يرجع.
3- 3) الأمّ 2:25،المجموع 6:30،فتح العزيز بهامش المجموع 5:513،مغني المحتاج 1:412،المغني 2:643، الشرح الكبير بهامش المغني 2:451.
4- 4) البقرة(2):237. [1]
5- 5) المغني 2:643،الشرح الكبير بهامش المغني 2:451.
6- 6) خا،ح و ق:الحولين.
7- 7) ن:المنقلة.
8- 8) المغني 2:644،الشرح الكبير بهامش المغني 2:452،الكافي لابن قدامة 1:372،الإنصاف 3:21.

حتّى حال عليه الحول،وجبت الزكاة على المقترض،لوجود المقتضي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:

قلت له:رجل دفع إلى رجل ما لا قرضا على من زكاته؟أعلى المقرض أو على المقترض؟ قال:«لا،بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض»قال:قلت:فليس على المقرض زكاتها؟قال:«لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد،و ليس على الدافع شيء، لأنّه ليس في يده شيء،لأنّ المال في يد الآخر،فمن كان المال في يده زكّاه»قال:قلت:

أ فيزكّي مال غيره من ماله؟فقال:«إنّه ما له ما دام في يده و ليس (1)ذلك المال لأحد غيره» ثمَّ قال:«يا زرارة أرأيت في وضيعة ذلك المال و ربحه لمن هو؟و على من؟»قلت:

المقترض (2)،قال:«فله الفضل و عليه النقصان،و له أن يلبس و ينكح و يأكل منه و لا ينبغي له أن يزكّيه (3)؟!بل (4)يزكّيه فإنّه عليه» (5).

و في الصحيح عن الحسن بن عطيّة (6)قال:قلت لهشام بن

ص:64


1- 1أكثر النسخ:ليس.
2- 2) ح:للمقترض،كما في المصادر.
3- 3) في التهذيب:«أن لا يزكّيه».
4- 4) ص،ف و غ:بلى.
5- 5) التهذيب 4:33 الحديث 85 و فيه:«لا،لا يزكّي المال»مكان:«لا يزكّي المال»،الوسائل 6:67 الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 1. [1]
6- 6) قال النجاشيّ:الحسن بن عطيّة الحنّاط،كوفيّ مولى ثقة،و أخواه أيضا محمّد و عليّ،و كلّهم رووا عن أبي عبد اللّه عليه السلام-و هو الحسن بن عطيّة الدغشيّ المحاربيّ أبو ناب،و من ولده عليّ بن إبراهيم بن الحسن روى عن أبيه عن جدّه-ما رأيت أحدا من أصحابنا ذكر له تصنيفا،و ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام بعنوان:الحسن بن عطيّة الحنّاط الكوفيّ تارة،و بعنوان:الحسن بن عطيّة المحاربيّ الدغشيّ أبو ناب الكوفيّ أخرى، و ثالثة بعنوان:الحسن بن عطيّة أبو ناب الدغشيّ أخو مالك و عليّ،و رابعة بعنوان:الحسين بن عطيّة الدغشيّ المحاربيّ الكوفيّ،و قال المصنّف في الخلاصة:الحسن بن عطيّة الحنّاط-بالحاء غير المعجمة-المحاربيّ الكوفيّ مولى ثقة،و قال السيّد الخوئيّ:إنّ المسمّى بالحسن بن عطيّة رجل واحد أو أنّه متعدّد؟صرّح بعض بالتعدّد،و اختار بعضهم و منهم المصنّف في الخلاصة الاتّحاد،ثمَّ قال:لا ينبغي الريب في أنّ الحسن بن عطيّة الدغشيّ أبا ناب رجل واحد و إن كان الشيخ ذكره في رجاله مرّتين و وصفه عند ذكره أوّلا بالمحاربيّ،فإنّ التكرار في كلام الشيخ كثير،إنّما الإشكال في اتّحاد الحنّاط مع أبي ناب الدغشيّ فصريح النجاشيّ اتّحادهما،كما أنّ ذكر الشيخ لهما متّصلا كالصريح في التعدّد لكنّ الظاهر اتّحادهما،و ذلك لشهادة النجاشيّ به و هو أضبط. رجال النجاشيّ:46،رجال الطوسيّ:167،170،182،رجال العلاّمة:42، [2]معجم رجال الحديث 4:392. [3]

أحمر (1):أحبّ أن تسأل لي أبا الحسن عليه السلام أنّ لقوم عندي قروضا (2)ليس يطلبونها منّي،أ فعليّ فيها (3)زكاة؟فقال:«لا تقضي و لا تزكّي؟!زكّ» (4).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقرض المال للرجل السنة،و السنتين،و الثلاث،أو ما شاء اللّه على من الزكاة؟على المقرض،أو على المستقرض (5)؟فقال:«على المستقرض (6)،لأنّ له نفعه و عليه زكاته» (7).

فروع:

الأوّل:لو لم يتركه المستقرض بحاله،بل أداره في التجارة استحبّت الزكاة عليه على

ص:65


1- 1هشام بن أحمر الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفا إلى ما في العنوان قوله:روى عن أبي الحسن عليه السلام أيضا،و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام بقوله:هشام بن الحكم، هشام بن سالم،هشام بن أحمر رووا كلّهم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و قال السيّد الخوئيّ:روى الكلينيّ في الكافي 1:486 [1] أنّه هو الذي بعثه أبو الحسن عليه السلام ليشتري أمّ الرضا عليه السلام،ثمَّ قال:دلّت الرواية على اختصاصه بالإمام الكاظم عليه السلام. رجال الطوسيّ:330،362،363،تنقيح المقال 3:294، [2]معجم رجال الحديث 19:327،328. [3]
2- 2) في النسخ:قرضا.
3- 3) أكثر النسخ:منها.
4- 4) التهذيب 4:33 الحديث 86،الوسائل 6:68 الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 6. [4]
5- 5) ش،ص،ف،م و ن:أو المستقرض،مكان:أو على المستقرض.
6- 6) كثير من النسخ:المقترض.
7- 7) التهذيب 4:33 الحديث 84 و فيه:«فعليه زكاته»مكان:«و عليه زكاته»،الوسائل 6:68 الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 5. [5]

ما يأتي في باب التجارة.

الثاني:لو أخذه المقرض لم تجب عليه الزكاة حتّى يحول عليه الحول،لأنّه لم يتمكّن منه إلاّ وقت الأخذ،فإذا تمَّ الحول وجبت الزكاة،لوجود المقتضي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:الرجل يكون له الوديعة و الدين فلا يصل إليهما ثمَّ يأخذهما،متى تجب عليه الزكاة؟قال:«إذا أخذهما (1)ثمَّ يحول عليه الحول يزكّي» (2).

الثالث:لو أدّى القارض الزكاة عن المقترض،برئت ذمّته،لأنّه بمنزلة قضاء الدين عنه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استقرض مالا فحال (3)عليه الحول و هو عنده،فقال:«إن كان الذي أقرضه يؤدّي زكاته فلا زكاة عليه،و إن كان لا يؤدّي أدّى المستقرض» (4).

الرابع:قال الشيخ:لو اشترط (5)المقترض الزكاة على القارض سقطت عنه و وجبت على القارض (6).و ليس بوجه،و الأقرب:وجوب الزكاة على المقترض،شرط أو أطلق.

مسألة:و شرط وجوب الزكاة أن يكون الملك تامّا

،فلو وهب له نصاب لم يعتبر الحول إلاّ بعد القبض،سواء كانت الهبة لرحم أو لأجنبيّ،لأنّ الهبة بمجرّدها لا تقتضي الملك و إنّما تقتضيه بعد القبض.و كذا لو أوصى له بنصاب لم يجر في الحول إلاّ بعد القبول و الوفاة،

ص:66


1- 1أكثر النسخ:أخذها.
2- 2) التهذيب 4:34 الحديث 88،الاستبصار 2:28 الحديث 80،الوسائل 6:63 الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) أكثر النسخ:حال،و ما أثبتناه من ح،كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 4:32 الحديث 83،الوسائل 6:67 الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 2. [2]
5- 5) م،ن و ش:شرط.
6- 6) المبسوط 1:213،النهاية:312. [3]

لأنّ الوصيّة بمجرّدها لا توجب الملك.

فروع:

الأوّل:لو رجع الواهب في (1)هبته في موضع له الرجوع فيه على ما يأتي،فإن كان قبل الحول سقطت الزكاة قولا واحدا،و إن كان بعد الحول وجبت الزكاة،و هل يضمنها الموهوب؟الأقرب أنّه لا يضمن،لأنّ استحقاق الفقراء جرى مجرى الإتلاف.

الثاني:إذا باع بخيار له أزيد (2)من الحول فحال الحول في يد المشتري ثمَّ فسخ البائع فالبحث فيه كما في الهبة المرجوع (3)فيها.

و قال بعض الشافعيّة:تجب الزكاة على البائع مع تسليم القول بالانتقال (4)إلى المشتري،لأنّ الفسخ استند (5)إلى العقد بالشرط المذكور فيه (6).و الوجه (7)ما قلناه.

الثالث:الغانمون يملكون أربعة أخماس الغنيمة بالحيازة،فإذا بلغ حصّة الواحد منهم نصابا و حال عليها الحول وجبت الزكاة،و هل يتوقّف الحول على القسمة؟الوجه ذلك، لأنّه قبل القسمة غير متمكّن فلا يكون الشرط موجودا،سواء كانت الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة.

و قال الشافعيّ:إنّهم يملكون التملّك،لأنّ الواحد منهم لو أسقط حقّه سقط، و لو ملكوا العين لم يسقط بالإسقاط،كما لو أسقط حقّه من الميراث،فإذا اختاروا التملّك

ص:67


1- 1م:من.
2- 2) غ:لا توجد كلمة:«أزيد».
3- 3) كثير من النسخ:الرجوع.
4- 4) غ:بانتقالها.
5- 5) ص:أسند.
6- 6) لم نعثر على القائل به بالخصوص و الشافعيّة بنوا المسئلة على أنّ المبيع في زمان الخيار ملك للبائع أو للمشتري. ينظر:المجموع 5:351.
7- 7) ك بزيادة:فيه.

ملكوا،فإن كانت الغنيمة جنسا واحدا و بلغ النصيب النصاب وجبت الزكاة بعد الحول، و إن كانت أجناسا،كإبل،و بقر،و غنم،و ذهب،و فضّة لم تجب الزكاة مطلقا،لأنّ للإمام أن يقسّم بينهم قسمة تحكّم (1)فيعطي كلّ واحد من أيّ أصناف المال شاء،فلم يتمّ ملكه على شيء معيّن،بخلاف الورثة إذا ملكوا بالإرث أجناسا،لأنّ كلّ واحد منهم ملك جزءا (2)من كلّ عين فلا تخصيص (3). (4)و هو قويّ.

إذا ثبت هذا فإذا عزل الإمام لبعض المقاتلة قسطا من الغنيمة و حال عليه الحول وجبت الزكاة إن كان حاضرا،لتمكّنه،و إن كان غائبا لم تجب،لعدم التمكّن من التصرّف، و يجرى (5)الحول عند وصوله إليه أو وكيله.

أمّا الخمس الباقي فلإمام ثلاثة أسهم إن بلغت نصابا فوجبت الزكاة فيها و إلاّ فلا، و للأصناف الثلاثة ثلاثة أخرى لا تجب فيه الزكاة،لأنّ أربابه غير معيّنين (6)،و الأنفال للإمام خاصّة إن بلغت نصابا وجبت فيها الزكاة،و إلاّ فلا.

الرابع:الوقف لا تجب فيه الزكاة و إن كان من جنس ما تجب فيه الزكاة،لنقصان ملكه باعتبار مشاركة غيره من الطبقات في الاستحقاق.

قال الشيخ:فإن ولدت الغنم الموقوفة و بلغ الأولاد نصابا و حال عليها (7)الحول وجبت الزكاة،إلاّ أن يكون الواقف شرط أن يكون الغنم و ما يتوالد (8)منها وقفا و إنّما

ص:68


1- 1بعض النسخ:بحكم.
2- 2) غ:جزاء.
3- 3) خا و ح:فلا تخصّص.
4- 4) المجموع 5:353،فتح العزيز بهامش المجموع 5:512.
5- 5) غ،ك،م،ن و ص:و يجزئ.
6- 6) كثير من النسخ:معيّن.
7- 7) كثير من النسخ:عليه.
8- 8) ك:يتولّد.

للموقوف (1)المنافع من اللبن و الصوف (2).

الخامس:لو خلّف لأهله نفقة قدر النصاب فما زاد و حال عليها الحول،قال الشيخ:

وجبت الزكاة إن كان حاضرا،و إن كان غائبا لم تجب (3).و هو اختيار المفيد رحمه اللّه (4).

و منع بعض المتأخّرين الفرق و سوّى بين الفرضين (5)في الوجوب و عدمه (6).

لنا:أنّه مع الحضور مالك متمكّن من التصرّف فتجب عليه الزكاة،لوجود المقتضي و انتفاء المانع،أمّا مع الغيبة فإنّه غير متمكّن من التصرّف،إذ قد سلّط أهله على إتلاف عينه،فجرى مجرى المغصوب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن الماضي عليه السلام،قال:قلت له:رجل خلّف عند أهله نفقة ألفين لسنتين هل عليها زكاة؟قال:

«إن كان شاهدا فعليه زكاة،و إن كان غائبا فليس عليه زكاة» (7).

و في الموثّق عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:الرجل يخلّف لأهله نفقة ثلاثة آلاف درهم نفقة سنتين عليه زكاة؟قال:«إن كان شاهدا فعليها (8)زكاة، و إن كان غائبا فليس فيها شيء» (9).

احتجّ بأنّ الشرط إن وجد وجبت في الصورتين،و إلاّ فلا (10).

ص:69


1- 1خا،ح و ق:الموقوف،ك:للموقوفين.
2- 2) المبسوط 1:205. [1]
3- 3) النهاية:178. [2]
4- 4) المقنعة:42.
5- 5) خا،ق و ح:الوصفين.
6- 6) السرائر:103.
7- 7) التهذيب 4:99 الحديث 279،الوسائل 6:117 الباب 17 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [3]
8- 8) م،ن،ش و ك:فعليه.
9- 9) التهذيب 4:99 الحديث 280،الوسائل 6:118 الباب 17 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 3. [4]
10- 10) نقل احتجاجه في المعتبر 2:530.

و الجواب:الشرط موجود في إحدى الصورتين دون الأخرى.

السادس:لو نذر الصدقة بالنصاب في الحول،سقطت الزكاة،لخروجه عن ملكه قبل استيفاء الحول و تعيينه (1)للصدقة.أمّا لو نذرها بعد الحول أخرجت الزكاة و تصدّق بالباقي في النذر.

السابع:إذا اشترى بخيار ملك بالعقد،سواء اشترك الخيار أو اختصّ بأحدهما و وجبت الزكاة بعد الحول و إن كان الخيار باقيا.و هو قول أحمد في إحدى الروايتين (2)، و الشافعيّ في أحد أقواله (3).

و قال الشيخ:إن كان الخيار للبائع أو لهما لزم البائع (4)الزكاة،و إن كان للمشتري استأنف الحول بناء على أنّ الانتقال لا يحصل إلاّ بعد انقضاء الخيار (5).و به قال مالك (6)، و أحمد في إحدى الروايتين (7).

و قال أبو حنيفة:لا ينتقل إن كان للبائع،و إن كان للمشتري خرج عن البائع و لم يدخل في ملك المشتري (8).

و للشافعيّ قول ثان،كما لك،و ثالث:أنّه مراعى،إن فسخا[5] (9)تبيّنّا أنّه لم ينتقل،

ص:70


1- 1غ و ف:و بعثته،ص،م:و تعيّنه،ك:و تعيّن.
2- 2) المغني 2:644،الشرح الكبير بهامش المغني 2:467.
3- 3) الأمّ 2:53،المجموع 5:351، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:504. [2]
4- 4) خا،ح و ق:للبائع.
5- 5) الخلاف 1:354 مسألة-134.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:352،المغني 2:644،الشرح الكبير بهامش المغني 2:467،حلية العلماء 4:37.
7- 7) المغني 2:644-645،الشرح الكبير بهامش المغني 2:467،الإنصاف 4:379.
8- 8) بدائع الصنائع 5:265،الهداية للمرغينانيّ 3:28، [3]شرح فتح القدير 5:504،مجمع الأنهر 2:25،26، المغني 2:644،الشرح الكبير بهامش المغني 2:467.
9- 9) أضفناه لاقتضاء السياق.

و إن أمضياه تبيّنّا الانتقال (1).

لنا:أنّ المقتضي و هو العقد ثابت فيترتّب عليه الحكم،و لأنّ (2)النماء للمشتري فالمبيع له-و سيأتي تحريره إن شاء اللّه-فإن اشتراه البائع أو ردّ (3)عليه استأنف حولا، لتجدّد الملك.

فرع:

على قول الشيخ رحمه اللّه،لو حال الحول في الخيار المشترك أو خيار البائع

وجبت الزكاة على البائع،لعدم انتقال ملكه عنه،فإن أخرج من غيرها فالبيع باق،و إن أخرج من العين بطل من المخرج و ثبت للمشتري الخيار.و لو انقضت مدّة الخيار لزم البيع فيه،فإن لم يكن قد أخرج فالوجه الإخراج من العين،لاستحقاق الفقراء قبل الانتقال،و الزكاة تجب في العين.

الثامن:إمكان التصرّف شرط في الضمان و الوجوب-و قد سلف (4)-و إمكان الأداء شرط في الضمان لا الوجوب،فلو تلف من النصاب شيء قبل التمكّن من الإخراج سقط من الفريضة بحسابه.

التاسع:لو كان له نصاب فأقرض آخر و أرهن الأوّل وجبت عليه الزكاة بعد الشرائط في القرض على المقترض،لما تقدّم (5).

و لا زكاة عليه في الرهن،لعدم تمكّنه من التصرّف،و لا زكاة على القارض،لانتقال مال القرض إلى المقترض و عدم دخول الرهن في ملكه.و اختاره الشيخ في موضع من

ص:71


1- 1الأمّ 2:53،حلية العلماء 4:36-37،المهذّب للشيرازيّ 1:259،المجموع 9:213،فتح العزيز بهامش المجموع 5:504.
2- 2) ن و ك:و أنّ.
3- 3) ش:ردّه.
4- 4) يراجع:ص 50.
5- 5) يراجع:ص 63.

المبسوط (1)،و قال في آخر منه:لو رهن قبل الوجوب فحال (2)الحول و هو رهن وجبت الزكاة و إن كان رهنا،لأنّ ملكه حاصل،و يكلّف الراهن إخراج الزكاة من غيرها إن كان موسرا،و منه إن كان معسرا (3).

العاشر:لو كان له أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها ملك المستأجر الشاة بالعقد و لا زكاة هنا،لنقصان النصاب،و كذا لو استأجر ناظرا للثمرة بشيء منها فنقصت عن (4)النصاب.أمّا لو استأجر بشاة في الذمّة أو بثمره (5)في الذمّة فالزكاة ثابتة على المستأجر،لأنّ الدين لا يمنع من الزكاة.

الحادي عشر:لو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير،و لو استأجر في الذمّة ابتني (6)على القول بالزكاة في الدين و قد مضى (7).

مسألة:و اختلف علماؤنا في وجوب الزكاة في مال التجارة على قولين

،و الأكثر على الاستحباب و أنّها غير واجبة (8).و هو قول مالك (9)،و داود (10)،و نقل عن ابن

ص:72


1- 1المبسوط 1:225-226. [1]
2- 2) ش بزيادة:عليه.
3- 3) المبسوط 1:208. [2]
4- 4) ش:من.
5- 5) بعض النسخ:مثمرة.
6- 6) بعض النسخ:بني.
7- 7) يراجع:ص 55. [3]
8- 8) ينظر:المقنعة:40،جمل العلم و العمل:119،الانتصار:78،الخلاف 1:341 مسألة-105،الوسيلة (الجوامع الفقهيّة):679،المراسم:136،السرائر:103،الشرائع 1:156،157.
9- 9) المغني و الشرح 2:623،فتح العزيز بهامش المجموع 6:39،بداية المجتهد 1:254،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:109،الموطّأ 1:256.
10- 10) حلية العلماء 3:99،المغني و الشرح 2:623،المجموع 6:47،المحلّى 5:209،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:118.

عبّاس (1).

و قال بعض أصحابنا بالوجوب (2).و هو قول الفقهاء السبعة:سعيد بن المسيّب، و سليمان بن يسار،و عروة بن الزبير،و خارجة بن زيد (3)،و القاسم بن محمّد،و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود،و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (4).و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و الثوريّ (7)،و أحمد (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«عفوت لكم عن صدقة الخيل و الرقيق» (9).و قوله عليه السلام:«ليس في الجبهة و لا في النخّة و لا في الكسعة صدقة» (10).و انتفاء الزكاة عن هذه مطلقا يستلزم الانتفاء في غيرها،لعدم القائل بالفصل.

ص:73


1- 1المجموع 6:47،سنن البيهقيّ 4:147.
2- 2) ينظر:الفقيه 2:11،المقنع:52.
3- 3) خارجة بن زيد الأنصاريّ النجّاريّ-بفتح النون و الجيم المشدّدة و الراء نسبة إلى النّجار بن ثعلبة-أبو زيد المدنيّ المفتي،أحد الفقهاء السبعة،روى عن أبيه و عمّه يزيد و أسامة بن زيد و سهل بن سعد و غيرهم،و روى عنه ابنه سليمان و ابنا أخويه سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت و قيس بن سعد بن زيد و عبد اللّه بن عمرو بن عثمان و جمع كثير،مات سنة 100 و قيل:99 ه.العبر 1:90، [1]تهذيب التهذيب 3:74، [2]تذكرة الحفّاظ 1:91.
4- 4) المغني و الشرح 2:623،المجموع 6:47. [3]
5- 5) الأمّ 2:46،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:50،حلية العلماء 3:99،المهذّب للشيرازيّ 1:159،المجموع 6:47، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6:38، [5]مغني المحتاج 1:397،الميزان الكبرى 2:9،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:118،السراج الوهّاج:127.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:190،تحفة الفقهاء 1:271،بدائع الصنائع 2:20،الهداية للمرغينانيّ 1:104، [6]شرح فتح القدير 2:165،مجمع الأنهر 1:207.
7- 7) المغني و الشرح 2:623،المجموع 6:47. [7]
8- 8) المغني و الشرح 2:623،زاد المستقنع:26،الكافي لابن قدامة 1:423، [8]الإنصاف 3:153. [9]
9- 9) سنن أبي داود 2:101 الحديث 1574، [10]سنن ابن ماجه 1:570 الحديث 1790،سنن الترمذيّ 3:16 الحديث 620، [11]سنن الدارميّ 1:383، [12]مسند أحمد 1:121،132،145،146،148، [13]سنن البيهقيّ 4:118، كنز العمّال 6:319 الحديث 15837،مجمع الزوائد 3:69،المصنف لعبد الرزّاق 4:34 الحديث 6881.
10- 10) سنن البيهقيّ 4:118،مجمع الزوائد 3:69،كنز العمّال 6:330 الحديث 15890 و 15893.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السلام:الرجل يشتري الوصيفة بثبتها عنده لتزيد و هو يريد بيعها أعلى ثمنها زكاة؟قال:«لا،حتّى يبيعها»قلت:فإن باعها أ يزكّي ثمنها؟قال:«لا،حتّى يحول عليه الحول و هو في يديه (1)» (2).

و في الصحيح عن زرارة قال:كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام و ليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال:«يا زرارة إنّ أبا ذرّ و عثمان تنازعا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال عثمان:كلّ مال من ذهب أو فضّة يدار به (3)و يعمل به و يتّجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول،فقال أبو ذرّ:أمّا ما اتّجر (4)به أو دير و عمل به فليس فيه زكاة،إنّما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا (5)موضوعا،فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة، فاختصما (6)في ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال (7):فقال:القول ما قال أبو ذرّ» (8).

و في الحسن عن سليمان بن خالد قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشترى به متاعا ثمَّ وضعه،فقال:هذا متاع موضوع (9)فإذا أحببت بعته فيرجع إليّ رأس مالي و أفضل منه هل عليه فيه صدقة و هو متاع؟قال:«لا،حتّى يبيعه»قال:

ص:74


1- 1خا،ق و ح:يده،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:69 الحديث 188،الاستبصار 2:11 الحديث 31،الوسائل 6:49 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 4. [2]
3- 3) لا توجد كلمة«به»في أكثر النسخ،كما في الاستبصار.
4- 4) خا و ح:يتّجر.
5- 5) كثير من النسخ:ركازا كنزا،كما في الاستبصار.
6- 6) أكثر النسخ:و اختصما.
7- 7) لا توجد في بعض النسخ،كما في الاستبصار.
8- 8) التهذيب 4:70 الحديث 192،الاستبصار 2:9 الحديث 27،الوسائل 6:48 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [3]
9- 9) أكثر النسخ:هذا موضوع.

فهل يؤدّي عنه إذا باعه لما مضى إذا كان متاعا؟قال:«لا» (1).

و في الموثّق عن عبد اللّه بن بكير و عبيد و جماعة من أصحابنا قالوا:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس في المال المضطرب به زكاة» (2).

و لأنّه قد ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه عفا عمّا عدا التسعة و لا فارق.و لأنّ الوجوب مناف للأصل و شاغل للذمّة (3)بعد يقين البراءة،فيتوقّف (4)على الدليل.

و لأنّه مال فلا يحلّ إلاّ عن طيب نفس صاحبه،لقوله عليه السلام:«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه (5)» (6).

احتجّ الموجبون من أصحابنا بما رواه الشيخ عن أبي الربيع الشاميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكّى ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتّى يبيعه؟فقال:«إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال (7)فعليه الزكاة» (8).

و في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى

ص:75


1- 1التهذيب 4:70 الحديث 191،الاستبصار 2:9 الحديث 26،الوسائل 6:49 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:70 الحديث 190،الاستبصار 2:9 الحديث 25،الوسائل 6:49 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 5. [2]
3- 3) خا،ق و متن ح:شاغل الذمّة،هامش ح:شغل الذمّة.
4- 4) غ:فتوقّف،هامش ح:يتوقّف.
5- 5) ح:«نفسه»،ق و خا:«نفس»مكان:«نفس منه».
6- 6) الكافي 7:273 الحديث 12، [3]الفقيه 4:66 الحديث 195،الوسائل 19:3 الباب 1 من أبواب القصاص في النفس الحديث 3 [4] بتفاوت يسير. و من طريق العامّة ينظر:مسند أحمد 5:72، [5]سنن البيهقيّ 6:100.
7- 7) بعض النسخ:«رأس ماله».
8- 8) التهذيب 4:68 الحديث 185،الاستبصار 2:10 الحديث 28،الوسائل 6:46 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 4. [6]

متاعا فكسد عليه و قد زكّى ماله قبل أن يشتري المتاع متى يزكّيه؟فقال:«إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة،و إن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال»قال:و سألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها؟فقال:«إذا حال الحول (1)فليزكّها» (2).

و احتجّ (3)الموجبون من الجمهور بما رواه أبو ذرّ قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«في الإبل صدقتها،و في البقر صدقتها،و في الغنم صدقتها،و في البزّ (4)صدقته» (5)بالزاي.

و عن سمرة بن جندب قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأمرنا أن نخرج الزكاة ممّا نعدّه للبيع (6). (7)و لأنّ عمر أمر (8)بالزكاة فيها (9)،و لم يعارضه (10)أحد فكان إجماعا.

و الجواب عن الحديثين الأوّلين:أنّهما محمولان على الاستحباب،و أحاديثنا أصحّ طريقا مع اعتضادها بالأصل.

و عن الثالث:أنّه معارض (11)برواية أهل البيت عليهم السلام عن

ص:76


1- 1خا و ق:«إن حال عليه الحول»،ح:«إذا حال عليه الحول»،و في التهذيب و الوسائل:« [1]إذا حال عليها الحول».
2- 2) التهذيب 4:68 الحديث 186،الاستبصار 2:10 الحديث 29،الوسائل 6:46 الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:190،المجموع 6:47-48،فتح العزيز بهامش المجموع 6:39،المغني 2:623، الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:624،المهذّب 1:159.
4- 4) البزّ:بالفتح،نوع من الثياب،و قيل:الثياب خاصّة من أمتعة البيت،و قيل:أمتعة التاجر من الثياب. المصباح المنير 1:47. [4]
5- 5) مسند أحمد 5:179، [5]سنن الدار قطنيّ 2:100 الحديث 26،سنن البيهقيّ 4:147.
6- 6) خا،ك،ح و ق:للنفع.
7- 7) سنن أبي داود 2:95 الحديث 1562، [6]سنن البيهقيّ 4:146-147 و فيهما:الصدقة،بدل:الزكاة.
8- 8) خا،ش،ح و ق:أمرنا.
9- 9) سنن البيهقيّ 4:147.
10- 10) ن و ش بزيادة:فيه.
11- 11) ش:يعارض.

أبي ذرّ (1)،و هو أولى بالعمل،على أنّا نقول بموجبة،فإنّا نثبت الصدقة على جهة الاستحباب.

و عن الرابع:أنّه لم ينقل كلام من رسول اللّه (2)صلّى اللّه عليه و آله (3)،فلعلّه توهّم ما ليس بأمر أمرا.و لعلّه أمره على جهة الاستحباب.

و بالجملة فالاستدلال (4)به لا يخلو عن وهن،على أنّه محمول على الأجناس التسعة،فإنّ الزكاة تجب فيها و إن كانت معدّة للتجارة.

و عن الخامس:أنّ أمر عمر ليس بحجّة،على أنّه قد خالفه ابن عبّاس و أنكر الوجوب (5)،و أبو ذرّ و هما من علماء الصحابة (6).

فروع:

الأوّل:الزكاة و إن لم تكن واجبة هنا فإنّها مستحبّة،و لا نعلم فيه خلافا،و يدلّ عليه الأحاديث المتقدّمة (7).

الثاني:إنّما تستحبّ الزكاة إذا طلب برأس المال أو بزائد على ما يأتي في الشروط.

الثالث:روي استحباب الزكاة عن سنة واحدة لو مضى على المال سنون لم يصب (8)رأس ماله فيها (9).

ص:77


1- 1التهذيب 4:70 الحديث 192،الاستبصار 2:9 الحديث 27،الوسائل 6:48 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1.
2- 2) م،غ،ف و ن:كلام الرسول،ش،ق،و متن ح:كلام إلى رسول اللّه.
3- 3) ف و ص:عليه السلام.
4- 4) خا،ح و ق:فإنّ الاستدلال.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:147،المجموع 6:47.
6- 6) التهذيب 4:70 الحديث 192،الاستبصار 2:9 الحديث 27،الوسائل 6:49 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 2.
7- 7) يراجع:ص 73-75.
8- 8) خا و ق:ثمَّ يصب،ح:ثمَّ يصيب،ش:و لم يعيّن.
9- 9) التهذيب 4:69 الحديث 189،الاستبصار 2:11 الحديث 32،الوسائل 6:47 الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 9. [1]
البحث الثاني:في زكاة الإبل
مسألة:و قد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الإبل

،و قد تقدّم (1).

و الشرط فيه:الملك،و النصاب،و السوم و الحول (2)،بلا خلاف بين العلماء في ذلك.

و يشترط (3)أيضا إمكان التصرّف،و كمال العقل على خلاف قد (4)تقدّم (5).

و أوّل نصب الإبل خمس،فلا شيء فيما دون الخمس بلا خلاف بين العلماء (6).

روى (7)الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال (8):«من لم يكن معه إلاّ أربع من الإبل فليس عليه فيها صدقة إلاّ أن يشاء ربّها» (9).

ص:78


1- 1يراجع:ص 37. [1]
2- 2) ح،ق و خا:و الحلول.
3- 3) خا،ح و ق:و شرط.
4- 4) ش،غ و ن:و قد.
5- 5) يراجع:ص 23 و 50.
6- 6) ص بزيادة:في ذلك.
7- 7) ح و ك:و روى.
8- 8) لا توجد في:ن و ك.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567، [2]سنن النسائيّ 5:18-21،سنن الدار قطنيّ 2:114-115 الحديث 3،سبل السلام 2:121-122.

و قال عليه السلام:«ليس فيما دون خمس ذود (1)صدقة» (2).

و قال عليه السلام:«فإذا بلغت خمسا ففيها شاة» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الزكاة،فقال:«ليس فيما دون خمس من الإبل شيء،فإذا كانت خمسا ففيها شاة إلى عشر (4)،فإذا كانت عشرا (5)ففيها شاتان إلى خمس عشرة،فإذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم إلى عشرين،فإذا كانت عشرين ففيها أربع من الغنم إلى خمس و عشرين،فإذا كانت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم،فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض (6)إلى خمس و ثلاثين فإن لم يكن ابنة مخاض فابن لبون (7)ذكر،فإذا زادت واحدة على خمس و ثلاثين ففيها ابنة لبون أنثى إلى خمس و أربعين،فإذا زادت واحدة ففيها حقّة (8)إلى ستّين،فإذا زادت واحدة ففيها جذعة (9)إلى خمس و سبعين،فإذا زادت واحدة

ص:79


1- 1الذود من الإبل:ما بين الثلاث إلى العشر،و هي مؤنّثة لا واحد لها من لفظها،و الكثير:أذواد.الصحاح 2: 471. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:143،144،صحيح مسلم 2:673 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [2]سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [3]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن النسائيّ 5:18، مسند أحمد 2:403، [4]كنز العمّال 6:325 الحديث 15870،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:316 الحديث 933.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:146،سنن ابن ماجه 1:574 الحديث 1799،سنن الدار قطنيّ 2:114 و 115 الحديث 2 و 3.في الجميع:«فإذا بلغت خمسا من الإبل».
4- 4) خا،ح و ق:عشرة.
5- 5) خا،ح و ق:عشرة.
6- 6) ابن مخاض:ولد الناقة يأخذ في السنة الثانية،و الأنثى:بنت مخاض.المصباح المنير 2:566. [5]
7- 7) ابن اللبون:ولد الناقة يدخل في السنة الثالثة،و الأنثى:بنت اللبون.المصباح المنير 2:548. [6]
8- 8) الحقّ-بالكسر-:من الإبل ما طعن في السنة الرابعة،و الجمع:حقاق،و الأنثى:حقّة،و جمعها:حقق. المصباح المنير 1:144. [7]
9- 9) الجذع:قبل الثنيّ،و الجمع:جذعان و جذاع،و الأنثى:جذعة،و الجمع:جذعات.تقول منه.لولد الإبل في السنة الخامسة:أجذع.الصحاح 3:1194. [8]

ففيها بنتا لبون إلى تسعين،فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين و مائة،فإذا كثرت الإبل ففي كلّ خمسين حقّة،و لا تؤخذ هرمة و لا ذات عوار (1)إلاّ أن يشاء المصدّق يعدّ صغيرها و كبيرها» (2).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«في خمس قلائص (3)شاة،و ليس فيما دون الخمس شيء،و في عشر شاتان،و في خمس عشرة ثلاث (4)،و في عشرين أربع،و في خمس و عشرين خمس،و في ستّ و عشرين ابنة مخاض إلى خمس و ثلاثين،فإذا زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس و أربعين،فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين،فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس و سبعين،فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين[فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين و مائة] (5)،فإذا كثرت الإبل ففي كلّ خمسين حقّة» (6).

و لأنّ وجوب الزكاة مناف للأصل فيثبت (7)في المتّفق عليه.

مسألة:و في عشر شاتان

،و في خمس عشرة ثلاث شياه،و في عشرين أربع شياه، بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك،لما تقدّم من الأحاديث.

و ليس فيما بين الخمس و العشر شيء،و كذا في العشر و الخمس عشرة،و كذا في

ص:80


1- 1العوار وزان كلام:العيب.المصباح المنير 2:437. [1]
2- 2) التهذيب 4:20 الحديث 52،الاستبصار 2:19 الحديث 56،الوسائل 6:72 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [2]
3- 3) القلوص من الإبل:بمنزلة الجارية من النساء،و هي الشابّة،و الجمع:قلص-بضمتين-و قلاص-بالكسر- و قلائص.المصباح المنير 2:513. [3]
4- 4) ح بزيادة:شياه.
5- 5) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 4:21 الحديث 53،الاستبصار 2:19 الحديث 57،الوسائل 6:73 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 4. [4]
7- 7) خا و ح:فثبت.

الخمس عشرة و العشرين،بلا خلاف.ثمَّ ليس فيها شيء بعد العشرين إلى أن يبلغ خمسا و عشرين بلا خلاف،فإذا بلغت ذلك وجبت فيها خمس شياه.ذهب إليه أكثر علمائنا (1).

و قال ابن أبي عقيل منّا:تجب فيها بنت مخاض (2)،و هو مذهب الجمهور كافّة.و قال ابن الجنيد من أصحابنا:تجب فيها بنت مخاض أو ابن لبون،فإن تعذّر فخمس شياه (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن زهير (4)،عن أبي إسحاق السبيعيّ،عن عاصم بن ضمرة (5)،عن عليّ عليه السلام قال:«في خمس و عشرين من الإبل خمس شياه» (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في (7)حديثي أبي بصير و عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«ليس في الإبل شيء حتّى تبلغ خمسا،فإذا بلغت خمسا ففيها شاة،ثمَّ في كلّ خمس شاة حتّى تبلغ

ص:81


1- 1ينظر:المقنع:49،الهداية:41، [1]المقنعة:39،الانتصار:80،النهاية:179، [2]الخلاف 1:299 مسألة-30، الكافي في الفقه:166، [3]المهذّب 1:161،المراسم:130.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:498. [4]
3- 3) نقله عنه السيّد المرتضى في الانتصار:80،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:500. [5]
4- 4) زهير بن معاوية بن حديج-بضمّ المهملة و فتح دال مهملة و بجيم-بن الرحيل بن زهير بن خيثمة الجعفيّ أبو خيثمة الكوفيّ سكن الجزيرة،روى عن أبي إسحاق السبيعيّ و سليمان التيميّ و عاصم الأحول و خلق كثير، و روى عنه ابن مهدي و أبو داود الطيالسيّ و عبد اللّه بن محمّد النفيليّ و جماعة.مات سنة 173 ه. تهذيب التهذيب 3:351، [6]الجرح و التعديل 3:588،العبر 1:203. [7]
5- 5) عاصم بن ضمرة السّلوليّ الكوفيّ،روى عن عليّ عليه السلام و حكى عن سعيد بن جبير و روى عنه أبو إسحاق السبيعيّ و منذر بن يعلى الثوريّ و الحكم بن عتيبة و غيرهم.مات سنة 74 ه. تهذيب التهذيب 5:45، [8]العبر 1:62. [9]
6- 6) سنن أبي داود 2:99 الحديث 1572، [10]سنن البيهقيّ 4:93،كنز العمّال 6:319 الحديث 15837.
7- 7) خا،ح و ق:من.

خمسا و عشرين،فإذا زادت (1)ففيها ابنة مخاض» (2).

و لأنّ الخمس الزائدة على العشرين كالمتقدّمات (3).و لأنّا لا ننتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شيء من نصب الزكاة.

احتجّ ابن أبي عقيل (4)بما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجليّ و الفضيل (5)عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا في صدقة الإبل:«في كلّ خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا و عشرين،فإذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض» (6).

و احتجّ الجمهور (7)بما روي عن أبي بكر أنّه كتب لأنس لمّا وجّهه إلى البحرين:فإذا بلغت خمسا و عشرين إلى خمس و ثلاثين ففيها بنت (8)مخاض (9).و لأنّه ليس في النصب (10)نصابان متواليان.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الإضمار،و معناه:فإذا بلغت ذلك و زادت واحدة ففيها ابنة مخاض.ذكره الشيخ قال:لأنّ قوله عليه السلام:«في كلّ خمس شاة إلى أن

ص:82


1- 1هامش ح بزيادة:«واحدة»،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 4:21 الحديث 54،الاستبصار 2:20 الحديث 58،الوسائل 6:73 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [1]
3- 3) ش،ك و ن:كالمقدّمات.
4- 4) يستفاد ذلك من المعتبر 2:499. [2]
5- 5) هامش ح بزيادة:كلّهم،كما في الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 4:22 الحديث 55،الاستبصار 2:20 الحديث 59،الوسائل 6:74 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 6. [4]
7- 7) المغني 2:436-437،الشرح الكبير بهامش المغني 2:477-478،المجموع 5:381. [5]
8- 8) خا،ح و ق:ابنة.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567، [6]سنن النسائيّ 5:18،سنن الدار قطنيّ 2: 113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:85.
10- 10) ش:في النصّ.

تبلغ خمسا و عشرين»يقتضي التسوية في الحكم و وجوب الشاة في كلّ خمس إلى هذا العدد،ثمَّ قوله بعد ذلك:«فإذا بلغت خمسا و عشرين ففيها ابنة مخاض»أراد:و زادت واحدة،و أهمل (1)ذلك لفهم (2)المخاطب،و لو صرّح-فقال:في كلّ خمس شاة إلى خمس و عشرين ففيها خمس شياه،فإذا بلغت خمسا و عشرين و زادت واحدة ففيها ابنة مخاض- لم يكن فيه تناقض،و كلّ ما لو صرّح به لم يحصل معه التناقض جاز تقديره،و لم يقدّر إلاّ ما دلّت الأخبار المفصّلة عليه (3).و هذا تأويل جيّد ليس ببعيد كما توهّم (4)بعض المتأخّرين (5).

و يقرّبه (6)-مع ما ذكره الشيخ-قولهما عليهما السلام في تتمّة الحديث:«و ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمسا و ثلاثين،فإذا بلغت خمسا و ثلاثين ففيها ابنة لبون،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمسا و أربعين،فإذا بلغت خمسا و أربعين ففيها حقّة طروقة الفحل،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ ستّين،فإذا بلغت ستّين ففيها جذعة،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمسا و سبعين،فإذا بلغت خمسا و سبعين ففيها ابنتا لبون،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ تسعين، فإذا بلغت تسعين ففيها حقّتان طروقتا (7)الفحل،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين و مائة،فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها حقّتان طروقتا الفحل،فإذا زادت واحدة على عشرين و مائة ففي كلّ خمسين حقّة،و في كلّ أربعين بنت لبون» (8).

ص:83


1- 1ص:فأهمل،م:و أهمله،خا،ح و ق:فأهلّ.
2- 2) بعض النسخ:بفهم.
3- 3) التهذيب 4:23،الاستبصار 2:21.
4- 4) خا،ح و ص:توهّمه.
5- 5) المعتبر 2:499. [1]
6- 6) ك:و يؤيّده.
7- 7) أكثر النسخ:طروقة.
8- 8) التهذيب 4:22 الحديث 55،الاستبصار 2:20 الحديث 59،الوسائل 6:74 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 6. [2]

و إضمار ما ذكره الشيخ واجب في كلّ عدد ذكراه عليهما السلام،لوقوع الاتّفاق على أنّ بنت اللبون إنّما تجب في ستّ و ثلاثين،و أنّ الحقّة إنّما تجب في ستّ و أربعين،و هكذا إلى آخره على ما يأتي.

و تأوّل الشيخ الرواية بتأويل آخر،و هو الحمل على التقيّة.

و يؤيّده:ما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج في حديثه الذي تلوناه:«و في خمس و عشرين خمس شياه،و في ستّ و عشرين بنت مخاض إلى خمس و ثلاثين».و قال عبد الرحمن:هذا فرق بيننا و بين الناس (1).ثمَّ ساق الحديث،و الأوّل أقرب.

و بالجملة:فهذا خبر شاذّ لا يعارض ما تقدّم من الأحاديث الصحاح المعتضدة بعمل الأصحاب (2).قال السيّد المرتضى رحمه اللّه:إجماع الإماميّة تقدّم من خالف و تأخّر عنه،و ابن الجنيد إنّما عوّل في هذا المذهب على بعض الأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام،و مثل هذه الأخبار لا يعوّل عليها،ثمَّ قال:و يمكن أن نحمل (3)ذكر بنت المخاض و ابن اللبون في خمس و عشرين على أنّ ذلك على سبيل القيمة لما هو الواجب من خمس شياه،و عندنا أنّ القيم يجوز أخذها في الصدقات (4).

و عن الثاني:أنّ ما ذكرناه من الأحاديث أولى،لجواز أن يكون أبو بكر قاله عن رأي.

فإن قالوا:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتبه لأبي بكر و أبو بكر كتبه لأنس،أجبنا بأنّ عليّا عليه السلام خالف في ذلك،و لو صحّ ذلك لما خالف فيه.و قول ابن المنذر:إنّه لم يصحّ النقل عن عليّ عليه السلام بذلك (5)،و قول الثوريّ:إنّما هو من غلط الرجال (6)،ضعيفان،لما ثبت

ص:84


1- 1التهذيب 4:23 الحديث 56،الاستبصار 2:22 الحديث 60.
2- 2) يراجع:79-81.
3- 3) أكثر النسخ:أن يحمل.
4- 4) الانتصار:81.
5- 5) المغني 2:437،الشرح الكبير بهامش المغني 2:482،المجموع 5:400.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:150،سنن البيهقيّ 4:93.

من النقل عن (1)أهل البيت عليهم السلام.

و عن الثالث:بالمعارضة بما قلناه أوّلا.

مسألة:فإذا بلغت ستّا و عشرين ففيها بنت مخاض بلا خلاف

.أمّا عندنا:فلأنّه النصاب.و أمّا عند المخالف:تجب إلى ستّ و ثلاثين،ثمَّ ليس في الزائد شيء حتّى تبلغ ستّا و ثلاثين ففيها بنت لبون،ثمَّ ليس في الزائد شيء حتّى تبلغ ستّا و أربعين ففيها حقّة،ثمَّ ليس في الزائد شيء حتّى تبلغ إحدى و ستين ففيها جذعة،ثمَّ ليس في الزائد شيء حتّى تبلغ ستّا و سبعين ففيها بنتا لبون،ثمَّ ليس فيها شيء إلى أن تبلغ إحدى و تسعين،ففيها حقّتان إلى مائة و عشرين بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك.

روى الجمهور عن أبي بكر لمّا كتب لأنس حين وجّهه (2)إلى البحرين:فإذا بلغت خمسا و عشرين إلى خمس و ثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى،فإذا بلغت ستّا و ثلاثين إلى خمس و أربعين ففيها بنت لبون أنثى،فإذا بلغت ستّا و أربعين إلى ستّين ففيها حقّة طروقة الفحل،فإذا بلغت واحدة و ستّين إلى خمس و سبعين ففيها جذعة،فإذا بلغت ستّا و سبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون،فإذا بلغت إحدى و تسعين إلى عشرين و مائة ففيها حقّتان طروقتا الفحل،فإذا زادت على عشرين و مائة ففي كلّ أربعين بنت لبون،و في كلّ خمسين حقّة (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (4).

مسألة:قال علماؤنا:إذا زادت على مائة و عشرين واحدة

أخذ من كلّ أربعين بنت لبون،و من كلّ خمسين حقّة بالغا ما بلغ،فيكون في مائة و إحدى و عشرين ثلاث بنات

ص:85


1- 1خا،ق و ح:من.
2- 2) أكثر النسخ:أنفذه.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567. [1]سنن النسائيّ 5:18،سنن الدار قطنيّ 2: 113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:85.في البخاريّ و الدار قطنيّ و البيهقيّ:طروقة الجمل.
4- 4) يراجع:ص 79-81.

لبون،و في مائة و ثلاثين حقّة و بنتا لبون،و في مائة و أربعين حقّتان و بنت لبون،و في مائة و خمسين ثلاث حقاق،و على هذا الحساب بالغا ما بلغ.و به قال الشافعيّ (1)،و الأوزاعيّ، و أبو ثور،و إسحاق (2)،و أحمد في إحدى الروايتين (3).

و في الأخرى:أنّه لا يتغيّر الفرض إلى مائة و ثلاثين (4).و هو الظاهر من كلام السيّد المرتضى في الانتصار (5)،و رجع إلى ما اخترناه في المسائل الناصريّة (6)،و هو الظاهر من كلامه في الجمل (7).

و اختار مالك في إحدى الروايتين كلام السيّد في الانتصار،و في الأخرى أنّه إذا زادت واحدة تخيّر الساعي بين الحقّتين و ثلاث بنات لبون (8).

و قال الثّوريّ (9)،و النخعيّ (10)،و أبو حنيفة:في مائة و عشرين حقّتان،فإذا زادت استؤنفت الفريضة فتجب في الخمس شاة ففي مائة و خمس و عشرين حقّتان و شاة،و في

ص:86


1- 1الأمّ 2:5،حلية العلماء 3:36،المهذّب للشيرازيّ 1:145،المجموع 5:400،فتح العزيز بهامش المجموع 5:318،مغني المحتاج 1:369،السراج الوهّاج:116،المغني 2:445،الشرح الكبير بهامش المغني 2:487.
2- 2) حلية العلماء 3:36،المغني 2:445،الشرح الكبير بهامش المغني 2:487،المجموع 5:400.
3- 3) المغني 2:445،الشرح الكبير بهامش المغني 2:486-487،الكافي لابن قدامة 1:380،الإنصاف 3:52، [1]زاد المستقنع:25.
4- 4) المغني 2:445،الشرح الكبير بهامش المغني 2:487،الإنصاف 3:52،حلية العلماء 3:36.
5- 5) الانتصار:81.
6- 6) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):205.
7- 7) جمل العلم و العمل:122.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:307،بداية المجتهد 1:259،إرشاد السالك:44،تفسير القرطبيّ 8:247، [2]مقدّمات ابن رشد 1:247،بلغة السالك و الشرح الصغير 1:208،حلية العلماء 3:36،المغني 2:446،الشرح الكبير بهامش المغني 2:487،المجموع 5:400، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 5:320، [4]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:108.
9- 9) حلية العلماء 3:36،المغني 2:446،الشرح الكبير بهامش المغني 2:488،المجموع 5:400.
10- 10) حلية العلماء 3:36،المغني 2:446،الشرح الكبير بهامش المغني 2:488،المجموع 5:400.

مائة و ثلاثين حقّتان و شاتان،و في مائة و خمس و ثلاثين حقّتان و ثلاث شياه،و في مائة و أربعين حقّتان و أربع شياه،و في مائة و خمس و أربعين حقّتان و ابنة مخاض،و في مائة و خمسين ثلاث حقاق،ثمَّ تستأنف الفريضة فتجب في الخمس شاة ففي مائة و ستّين ثلاث حقاق و شاتان،و في مائة و خمس و ستّين ثلاث حقاق و ثلاث شياه،و في مائة و سبعين ثلاث حقاق و أربع شياه،و في مائة و خمس و سبعين ثلاث حقاق و ابنة مخاض،و في مائة و ستّ و ثمانين ثلاث حقاق و ابنة لبون،و في مائة و ستّ و تسعين أربع حقاق،و في كلّ مائتين أربع حقاق هكذا ثمَّ تستأنف الفريضة (1).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث أبي بكر:فإذا بلغت مائة و عشرين و زادت واحدة ففي كلّ أربعين بنت لبون،و في كلّ خمسين حقّة (2).

و في حديث آخر:فإذا زادت على مائة و عشرين ففيها ثلاث بنات لبون (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن الصادق عليه السلام:«.إلى عشرين و مائة،فإذا كثرت الإبل ففي كلّ خمسين حقّة» (4).و مثله في رواية عبد الرحمن بن الحجّاج (5)،و زرارة عنهما عليهما السلام (6).

ص:87


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:151،بدائع الصنائع 2:27،الهداية للمرغينانيّ 1:98، [1]شرح فتح القدير 2:128، المغني 2:446،الشرح الكبير بهامش المغني 2:488،حلية العلماء 3:36،بداية المجتهد 1:259،المجموع 5: 400، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:319-320. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567، [4]سنن النسائيّ 5:18،سنن الدار قطنيّ 2: 113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:85.
3- 3) سنن أبي داود 2:98 الحديث 1570، [5]سنن الدار قطنيّ 2:116 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:91.بتفاوت يسير في الجميع.
4- 4) التهذيب 4:20 الحديث 52،الاستبصار 2:19 الحديث 56،الوسائل 6:72 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [6]
5- 5) التهذيب 4:21 الحديث 53،الاستبصار 2:19 الحديث 57،الوسائل 6:73 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 4. [7]
6- 6) التهذيب 4:21 الحديث 54،الاستبصار 2:20 الحديث 58،الوسائل 6:73 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [8]

و لأنّ سائر ما جعله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غاية للفرض (1)إذا زاد عليه واحدة تغيّر الفرض فكذا هنا.

احتجّ مالك بأنّ الخبر اقتضى زيادة تكون الحقّة و بنتا اللّبون،و أقلّه:إذا بلغت مائة و ثلاثين،و لأنّ الفرض لا يتغيّر بزيادة الواحدة كسائر الفروض (2).

و احتجّ أبو حنيفة (3)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتب لعمرو بن حزم كتابا ذكر فيه الصدقات و الديات و غيرها فذكر فيه:«إنّ الإبل إذا زادت على مائة و عشرين استؤنفت الفريضة في (4)كلّ خمس شاة،و في عشر شاتان» (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ أحد الخبرين:«فإذا زادت واحدة»و في الثاني:

«فإذا زادت على مائة و عشرين ففيها ثلاث بنات لبون»و هذان ينافيان ما ذكره مالك.

و عن الثاني:بالمنع من الحكم (6)و منع حكم الأصل،كما بيّنّا في الانتقال من خمس و عشرين إلى ستّ و عشرين.و أيضا:الانتقال هنا لم يحصل بالواحدة،بل بها مع ما قبلها، كالواحدة مع التسعين و غيرها.

و عن الثالث:أنّ عمرو بن حزم اختلفت روايته،فقد روى عبد اللّه بن

ص:88


1- 1غ و ف:الفرض.
2- 2) المغني 2:446،الشرح الكبير بهامش المغني 2:487،بلغة السالك 1:208.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:152،بدائع الصنائع 2:27،الهداية للمرغينانيّ 1:99،شرح فتح القدير 2:131، المغني 2:447،الشرح الكبير بهامش المغني 2:488.
4- 4) ش و ن:ففي.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:94 بتفاوت.
6- 6) غ و ف:الحمل.

أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن (1)حزم عن الكتاب مثل ما قلناه (2)،و هو أقرب إلى الأصل و القياس،فإنّ الجنس إذا وجب فيه من جنسه لا يجب من (3)غير جنسه،و إنّما جاز في الابتداء،لعدم احتمال وجوب الجنس فيه،بخلاف صورة النزاع،لزيادة المال و كثرته.

و أيضا:فإنّه انتقل عن حقّتين و بنت مخاض بزيادة خمس إلى حقّة ثالثة،و هي زيادة يسيرة لا تقتضي الانتقال إلى ذلك،فإنّا لم ننتقل عن بنت مخاض إلى حقّة في محلّ الوفاق إلاّ بزيادة إحدى و عشرين.و قد تؤوّل الحديث بأنّ معنى قوله:«استؤنفت الفريضة»أي:

استقرّت به على هذين الشيئين.

و قوله:«في كلّ خمس شاة»يحتمل أن يكون تفسير الراوي،لظنّه (4)ذلك.

فروع:

الأوّل:لو كانت الزيادة على مائة و عشرين بجزء من بعير لم يتغيّر به الفرض.

و لا نعلم فيه خلافا إلاّ من أبي سعيد الإصطخريّ،فإنّه قال:الزيادة مغيّرة للفرض،لأنّها مطلقة في الحديث (5). (6)و ليس بصحيح،لأنّ في الحديث الذي احتجّ به:«فإذا زادت

ص:89


1- 1عبد اللّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ أبو محمّد و يقال أبو بكر المدنيّ،روى عن أبيه و خالة أبيه عمرة بنت عبد الرحمن و أنس و حميد بن نافع و أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام و عروة بن الزبير و غيرهم،و روى عنه الزهريّ و ابن أخيه عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم.مات سنة 135 و يقال سنة 130 ه و هو ابن سبعين سنة و ليس له عقب.تهذيب التهذيب 5:164، [1]العبر 1:140. [2]
2- 2) المستدرك للحاكم 1:395،سنن البيهقيّ 4:89،مجمع الزوائد 3:71.
3- 3) خا،ح و ق:في.
4- 4) خا و ح:بظنّه.
5- 5) حلية العلماء 3:37،المهذّب للشيرازيّ 1:145،المجموع 5:390.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:69 الحديث 1567،سنن النسائيّ 5:18،سنن الدار قطنيّ 2: 113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:85.

واحدة» (1).و لأنّ سائر الفروض (2)لا يتغيّر بالجزء فكذا هنا.

الثاني:لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين كالمائتين تخيّر المالك-ذهب إليه علماؤنا-إن شاء أخرج الحقاق الأربع،و إن شاء أخرج خمس بنات لبون.و به قال الشافعيّ في أحد القولين،و أحمد في إحدى الروايتين.و في القول الآخر للشافعيّ (3)و الرواية الثانية عن أحمد:أنّه يخرج الحقاق وجوبا (4).و للشافعيّ قول ثالث:أنّ الساعي يأخذ أحظّهما للفقراء (5).

لنا:ما رواه الجمهور في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في كتاب الصدقات:«فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيّ الصنفين وجدت أخذت» (6).و قوله عليه السلام لمعاذ:«إيّاك و كرائم أموالهم» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن بريد بن معاوية قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«بعث أمير المؤمنين عليه السلام مصدّقا من الكوفة إلى باديتها فقال له:يا عبد اللّه انطلق (8)و عليك بتقوى اللّه وحده لا شريك له،و لا تؤثرن دنياك على آخرتك،و كن حافظا لما ائتمنتك عليه،راعيا لحقّ اللّه فيه حتّى تأتي نادي بني فلان،فإذا

ص:90


1- 1سنن أبي داود 2:98 الحديث 1570، [1]سنن الدار قطنيّ 2:116 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:91.
2- 2) م و ش:المفروض.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:147،المجموع 5:411،مغني المحتاج 1:371،السراج الوهّاج:117.
4- 4) المغني 2:448،الشرح الكبير بهامش المغني 2:489،الكافي لابن قدامة 1:383،الإنصاف 3:53. [2]
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:40،المهذّب للشيرازيّ 1:147،المجموع 5:412،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 351،السراج الوهّاج:117.
6- 6) سنن أبي داود 2:98 الحديث 1570، [3]المستدرك للحاكم 1:394،سنن الدار قطنيّ 2:117 ذيل الحديث 4، سنن البيهقيّ 4:91.في الجميع:أيّ السنين.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:105 الحديث 1584، [4]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625،سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:55،سنن الدارميّ 1: 379 و 384، [5]مسند أحمد 1:233.
8- 8) ح:«انطلق يا عبد اللّه»كما في المصادر.

قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم،ثمَّ امض إليهم بسكينة و وقار حتّى تقوم بينهم (1)فتسلّم عليهم،ثمَّ قل لهم (2):يا عباد اللّه أرسلني إليكم وليّ اللّه لآخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدّونه (3)إلى وليّه؟فإن قال لك قائل:لا،فلا تراجعه،فإن (4)أنعم لك منعم منهم،فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلاّ خيرا،فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلاّ بإذنه،فإنّ أكثره له فقل له:يا عبد اللّه أ تأذن لي في دخول مالك؟ فإن أذن لك فلا تدخل (5)دخول متسلّط عليه فيه و لا عنف به،فاصدع المال صدعين ثمَّ خيّره أيّ الصدعين شاء،فأيّهما اختار فلا تعرض له،ثمَّ اصدع بالباقي صدعين ثمَّ خيّره فأيّهما اختار فلا تعرض له،ثمَّ لا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه عزّ و جلّ في ماله، فإذا بقي ذلك فاقبض حقّ اللّه منه،فإن استقالك فأقله ثمَّ اخلطهما و اصنع (6)مثل الذي صنعت أوّلا حتّى تأخذ حقّ اللّه من ماله،فإذا قبضته فلا توكّل به إلاّ ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنّف بشيء منها،ثمَّ احدر ما اجتمع عندك من كلّ ناد إلينا نصيّره حيث أمر اللّه عزّ و جلّ،فإذا انحدر بها رسولك (7)فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة و بين فصيلها،و لا يفرّق بينهما،و لا يمصّرنّ (8)لبنها فيضرّ ذلك بفصيلها،و لا يجهد ركوبا (9)،و ليعدل بينهنّ في ذلك، و ليوردهنّ كلّ ماء يمرّ به (10)،و لا يعدل بهنّ عن نبت الأرض إلى جوادّ الطرق في الساعة

ص:91


1- 1لا توجد في أكثر النسخ.
2- 2) لا توجد في أكثر النسخ.
3- 3) ح:«فتؤدّوه»كما في المصادر.
4- 4) ح:«و إن»كما في المصادر.
5- 5) ح:«تدخله»كما في الوسائل. [1]
6- 6) ش:«ثمَّ اصنع».
7- 7) أكثر النسخ:«سواك»مكان:«رسولك».
8- 8) التمصّر:حلب بقايا اللبن في الضرع.الصحاح 2:817. [2]
9- 9) أكثر النسخ:«و لا يتّخذها ركوبا»مكان:«و لا يجهد ركوبا».و في المصادر:«و لا يجهد بها ركوبا».
10- 10) أكثر النسخ:«مرّ به».

التي فيها تريح و تغبق (1)،و ليرفق بهنّ جهده حتّى تأتينا بإذن اللّه سبحانه (2)سحاحا سمانا غير متعبات و لا مجهدات،فنقسّمها (3)بإذن اللّه على كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على أولياء اللّه،فإنّ ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك،ينظر اللّه إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجته،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:ما ينظر اللّه عزّ و جلّ إلى وليّ له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة (4)لإمامه إلاّ كان معنا في الرفيق الأعلى» (5).

و لأنّ الامتثال يحصل مع إخراج المالك أيّ الصنفين (6)شاء فيخرج به عن العهدة.

و لأنّها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك للمالك،كالخيرة في الجبران بين الشاتين و العشرين درهما،و بين النزول أو الصعود و تعيين (7)الفريضة.

احتجّ المخالف (8)بقوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (9).

و لأنّ الخيرة ثابتة فتتعلّق بالمستحقّ أو النائب كالقتل الموجب للقصاص أو الدية.

ص:92


1- 1الغبوق:الشرب بالعشيّ.الصحاح 4:1535.و [1]في بعض النسخ:تعنق.قال في الصحاح 4:1533: [2]العنق: ضرب من سير الدابّة و الإبل و هو سير مسبطر.و هو مختار ابن إدريس حيث يقول:قال محمّد بن إدريس مصنّف هذا الكتاب:سمعت من يقول:تريح و تغبق-بالغين المعجمة و الباء-يعتقده أنّه من الغبوق و هو الشرب بالعشيّ، و هذا تصحيف فاحش و خطأ قبيح،و إنّما هو من العنق-بالعين غير المعجمة و النون المفتوحة-و هو ضرب من سير الإبل و هو سير شديد.السرائر:108.
2- 2) سحّت الشاة تسحّ-بالكسر-سحوحا و سحوحة أي:سمنت.الصحاح 1:373. [3]
3- 3) أكثر النسخ:فتقسّمها،و في ح:فيقسّمهن،كما في بعض المصادر،و في بعض آخر:فنقسّمهنّ.
4- 4) ح بزيادة:له و،كما في الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 4:96 الحديث 274،الوسائل 6:88 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [5]
6- 6) خا،ح و ق:النصفين.
7- 7) ن و ك:و تعيّن.
8- 8) مغني المحتاج 1:372،المغني 2:448،الشرح الكبير بهامش المغني 2:490.
9- 9) البقرة(2):267. [6]

و لأنّ الفرض (1)يتغيّر (2)بالسنّ في فرائض الإبل أكثر من تغييره (3)بالعدد،فإنّ في مائة و ستّين أربع بنات لبون،ثمَّ كلّما زاد عشرا زاد سنّا،ففي مائة و تسعين ثلاث حقاق و بنت لبون،فإذا زاد عشرا فيجب أن يصير أربع حقاق.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نأخذ الفرض بصفة المال فنأخذ (4)من الكرائم و غيرها من وسطها فلا يكون خبيثا،لأنّ الأدنى ليس بخبيث.

و عن الثاني:بالمنع من التخيير في الأصل،و بالنقض (5)بشاة الجبران،و قياسنا أولى، لأنّ الأصل زكاة،و قياسهم:الأصل فيه دية و قصاص.

و عن الثالث:أنّ المائة و التسعين و غيرها (6)ممّا تقدّم لم يؤخذ إلاّ عدد الفرض الواجب فيه خاصّة،و كلّ موضع يغيّر (7)الفرض بالسنّ فلقصوره عن إيجاب عدد الفرض، بخلاف صورة النزاع.

الثالث:قال الشيخ رحمه اللّه:الأفضل أن يؤخذ أرفع الأسنان-يعني الحقاق- و لا يتشاغل بكثرة العدد (8).

الرابع:إذا كان عنده أحد الصنفين تعيّن (9)للإخراج،و إن شاء المالك اشترى الصنف الآخر،لأنّه مخيّر.و لو لم يكن عنده شيء من الصنفين تخيّر في شراء أيّهما كان، و الأولى أن يشتري الحقاق،لأنّها أرفع في السنّ.

ص:93


1- 1ن:الغرض.
2- 2) م:متغيّر.
3- 3) ن:تغيّره.
4- 4) أكثر النسخ:فيأخذ.
5- 5) كثير من النسخ:بالنقص.
6- 6) ن و ك:و غيرهما.
7- 7) خا،ص و ف:تغيّر.
8- 8) المبسوط 1:195. [1]
9- 9) م،ن،ك و متن ح:يعنى.

الخامس:على قول الشيخ رحمه اللّه ليس لوليّ الطفل و المجنون أن يخرج أعلى الفرضين (1)بل أدناهما،لأنّه هو القدر الواجب،و الوليّ منصوب لمصلحة المولّى عليه و لا مصلحة في اختيار الأعلى.

السادس:لو كان عنده أربعمائة جاز للمالك أن يخرج عشر بنات لبون أو ثمان (2)حقاق،و يجوز أن يخرج خمس بنات لبون و أربع حقاق،خلافا لأبي سعيد الإصطخريّ (3).

لنا:أنّ كلّ واحدة من المائتين منفردة بنفسها،مستقلّة بفرضها فمع الاجتماع تثبت (4)الخيرة كما تثبت (5)حالة الانفراد.

احتجّ بأنّ فيه تفريق الفريضة،فلا يجوز كما في المائتين.

و الجواب:أنّ كلّ واحدة من المائتين غير مستقلّة بنفسها،فإنّه لو أخذ من واحدة حقّتين لم يكن عليه ثلاث بنات لبون من الأخرى،و لا يدفع بنتي لبون منها،بخلاف صورة النزاع.

السابع:لو كان أحد الفرضين ناقصا و الآخر كاملا،كما لو كان عنده خمس بنات لبون و ثلاث حقاق تعيّن (6)الكامل للإخراج.و لو أراد إخراج الحقاق و بنت لبون مع الجبران الشرعيّ لم يكن له ذلك،لأنّه بدل اشترط له (7)عدم المبدل.نعم،له الإخراج بالقيمة السوقيّة،لأنّ القيمة عندنا تجزئ مع وجود الفريضة.و كذا ليس له أن يدفع أربع بنات لبون و حقّة و يطالب بالجبران الشرعيّ.

الثامن:لو كان الفرضان ناقصين كما لو كان عنده ثلاث حقاق و أربع بنات لبون

ص:94


1- 1خا،ح و ق:الوصفين.
2- 2) خا،ح و ق:أو ثماني.
3- 3) حلية العلماء 3:49،المهذّب للشيرازيّ 1:148،المجموع 5:414.
4- 4) ح:ثبتت.
5- 5) ح:ثبتت.
6- 6) خا،ق و متن ح:يعنى.
7- 7) ن:شرط له،غ:اشتراطه،مكان:اشترط له.

تخيّر في إخراج أيّهما (1)شاء مع الجبران،فله إخراج بنات اللبون و حقّة و استعادة (2)الجبران الشرعيّ،و إخراج ثلاث حقاق و ابنة لبون و دفع الجبران الشرعيّ.و هل له دفع حقّة و ثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة؟فيه إشكال ينشأ من جواز ذلك مع كلّ واحدة بانفرادها (3)،و من كون الفرض موجودا فلا يعدل إلى الجبران الشرعيّ،و الأخير أصحّ.

التاسع:لو كان الفرضان معدومين أو معيبين و إبله صحاح،فإن اشترى أحد الفرضين خرج عن العهدة،و كذا لو دفع القيمة.و لو دفع الأعلى بسنّ (4)،أو الأنزل بها مع الجبران الشرعيّ جاز،فإن شاء أخرج أربع جذعات و استرجع ثماني شياه أو ثمانين درهما، و إن شاء دفع خمس بنات مخاض و معها عشر شياه أو مائة درهم،لأنّ له الخيرة في الصعود و النزول.

و لو أراد الصعود من بنات اللبون إلى الجذع و استعادة جبرانين شرعيّين،أو النزول من الحقاق إلى بنات المخاض و دفع الجبرانين الشرعيّين لم يكن له ذلك،أمّا على قول المقتصرين في الجبران على الدرجة الواحدة فظاهر،و أمّا على قول (5)المسوّغين للتعدّي عن (6)الواحدة فلأنّ بنات اللبون الخمس منصوص عليهنّ في هذا الباب،فلا ينزل إليهنّ (7)بجبران،و كذلك الحقاق،فالفرض يستقلّ بجبران واحد فلا حاجة إلى الجبرانين،و الخيار في الصعود و النزول هاهنا إلى ربّ المال لا إلى الساعي،لما تقدّم.

مسألة:و لا تجب الزكاة فيما دون خمس من الإبل

،و لا في ما بين النصب من

ص:95


1- 1ش:أيّتهما.
2- 2) خا و ح:و استفادة.
3- 3) ح:مع انفرادها.
4- 4) بعض النسخ:بالسنّ.
5- 5) لا توجد في أكثر النسخ.
6- 6) م،ن،ش و ك:على.
7- 7) هامش ف و هامش ن:عنهنّ.

الأشناق (1)،أمّا ما دون الخمس فبالإجماع،و قد سلف (2).و أمّا ما عداه من الأشناق فهو مذهب علمائنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (3)و أهل العلم،إلاّ الشافعيّ في أحد قوليه (4)، و محمّد بن الحسن (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن يحيى بن الحكم (6)أنّ معاذا قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصدّق أهل اليمن،و أمرني أن آخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعا (7)،و من كلّ أربعين مسنّة (8)،و أمرني أن لا آخذ ممّا بين ذلك شيئا (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجليّ و الفضيل (10)عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«ليس

ص:96


1- 1الشنق-بفتحتين-:ما بين الفرضين،و الجمع:أشناق.المصباح المنير 1:323. [1]
2- 2) يراجع:ص 78.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:150،بدائع الصنائع 2:26،الهداية للمرغينانيّ 1:98،شرح فتح القدير 2:127، مجمع الأنهر 1:197،حلية العلماء 3:38،المجموع 5:393.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:145،حلية العلماء 3:38،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:110،المجموع 5: 391،فتح العزيز بهامش المجموع 5:548-550.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:176،بدائع الصنائع 2:23،حلية العلماء 3:38.
6- 6) كذا في المصادر،و في نسخة ش:يحيى بن حكيم،و لم نعثر في كتب الرجال على شخص بعنوان:يحيى بن الحكم، و الموجود فيها:يحيى بن حكيم،و هو:يحيى بن حكيم بن صفوان بن أميّة الجمحيّ،روى عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص،و روى عنه عبد اللّه بن أبي مليكة.تهذيب التهذيب 11:198(في الهامش)،الأعلام للزركليّ 8: 143. [2]
7- 7) التبيع:ولد البقرة في السنة الأولى،و الأنثى:تبيعة.المصباح المنير 1:72. [3]
8- 8) قال صاحب النهاية [4]في ذيل الحديث:قال الأزهريّ:و البقرة و الشاة يقع عليهما اسم المسنّ إذا أثنتا،و تثنيان في السنة الثالثة.النهاية لابن الأثير 2:412. [5]
9- 9) مسند أحمد 5:240، [6]سنن البيهقيّ 4:99،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:170 الحديث 363.
10- 10) ح بزيادة:كلّهم،كما في الوسائل.

على النيّف شيء،و لا على الكسور شيء» (1).

و لأنّ تقدير النصب لتعلّق الفريضة بها فالزائد عفو،و لأنّه عدد ناقص عن نصاب تجب فيه الزكاة،فلا يتعلّق به الوجوب كالأربعة.

احتجّ الشافعيّ بحديث أنس،فإنّه قال فيه:«فإذا بلغت خمسا و عشرين إلى خمس و ثلاثين ففيها بنت مخاض» (2).

و لأنّه حقّ يتعلّق بنصاب (3)فوجب أن يتعلّق به و بما زاد عليه إذا وجد معه و لم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الغاية ليس المراد منها إثبات الوجوب في الجميع و تعلّقه به،و إنّما المراد إثبات الواجب في العدد الذي تعلّق به الوجوب و لا يحصل الانتقال إلى الغاية الأخرى.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ القطع بنصاب القطع (5)لذاته و بما (6)زاد عليه،لاشتماله على النصاب،و لا يتغيّر الحكم بتغيّر الزيادة،بخلاف صورة النزاع.

فروع:

الأوّل:لا تجب الزكاة في الأشناق لا منضمّة و لا منفردة،و لا يجب الأزيد من السنّ الواجب باعتباره.

ص:97


1- 1التهذيب 4:22 الحديث 55،الاستبصار 2:20 الحديث 59،الوسائل 6:74 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 6. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567، [2]سنن النسائيّ 5:18،سنن الدار قطنيّ 2: 113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:85.
3- 3) ح:بالنصاب.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:145،المجموع 5:391،فتح العزيز بهامش المجموع 5:548.
5- 5) خا،ح و ق:المنقطع.
6- 6) خا،ح و ق:و إنّما.

الثاني:لو كان معه تسع من الإبل فتلفت منها أربع وجبت الشاة بكمالها،سواء تلفت قبل الحول أو بعده،قبل إمكان (1)الأداء أو بعده،لأنّ الحول حال على نصاب كامل، و الزائد عفو فلا اعتداد به و لا أثر له حالتي وجوده و عدمه.

الثالث:لو هلك (2)من التسع خمس،فإن كان قبل الحول فلا شيء،لنقصان النصاب قبل الحول،و لو كان بعد الحول سقط من الشاة خمسها إن تلفت (3)قبل إمكان الأداء، و لو كان بعده وجبت الشاة بكمالها.

و عند الشافعيّ:يسقط (4)خمسة أتساعها (5)،و قد تقدّم بطلانه.

الرابع:لو كان معه ستّ و عشرون فهلك منها ستّ بعد الحول،فإن كان قبل إمكان الأداء سقط من بنت المخاض بنسبة التالف.و به قال الشافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة:يجب أربع شياه،لأنّ التالف كالمعدوم (7).

لنا:أنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض،و بتلف البعض لا يتغيّر الواجب،بل يسقط منه بنسبة التالف،لأنّ التالف (8)منه و من المساكين.

الخامس:لو كان معه ثمانون شاة فتلف منها أربعون وجبت عليه الشاة كاملة، سواء كان التلف قبل الحول أو بعده،قبل إمكان الأداء أو بعده،لأنّ النصاب باق و الزائد عفو.

ص:98


1- 1خا،ح و ق:إكمال.
2- 2) ش،خا،ح و ق:ملك.
3- 3) بعض النسخ:بلغت.
4- 4) خا،ح و ق:سقط.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:145،حلية العلماء 3:38،المجموع 5:391،فتح العزيز بهامش المجموع 5:549.
6- 6) حلية العلماء 3:38،المجموع 5:376،فتح العزيز بهامش المجموع 5:547-548.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:176،بدائع الصنائع 2:23،شرح فتح القدير 2:149.
8- 8) أكثر النسخ:التلف.

و للشافعيّ قولان:في أحدهما:يجب نصف شاة (1)،و قد سلف بطلانه (2).

مسألة:الشاة المأخوذة في الزكاة

،قال الشيخ:ينبغي أن يكون الجذعة من الضأن و الثنيّة (3)من المعز (4).و به قال الشافعيّ (5)،و أحمد (6).

و قال أبو حنيفة:الواجب الثنيّة فيهما (7).

و قال مالك:الواجب الجذعة فيهما (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن سويد بن غفلة قال:أتانا مصدّق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:نهينا أن نأخذ الراضع،و أمرنا بالجذعة و الثنيّة (9).و لأنّ التضييق (10)بأحدهما ينافي الإرفاق،و أيّهما (11)أخرج أجزأه.

فروع:

الأوّل:شاة الجبران كذلك تجزي،أمّا الثنيّ من المعز أو الجذع (12)من الضأن.

ص:99


1- 1المجموع 5:376،فتح العزيز بهامش المجموع 5:549.
2- 2) يراجع:ص 97.
3- 3) أكثر النسخ:أو الثنيّة.
4- 4) المبسوط 1:196، [1]الخلاف 1:308 مسألة-20.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:397،مغني المحتاج 1:370،السراج الوهّاج:116،المغني 2: 473،حلية العلماء 3:53.
6- 6) المغني 2:473،الكافي لابن قدامة 1:389،الإنصاف 3:64،حلية العلماء 3:53.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:182،الهداية للمرغينانيّ 1:100،شرح فتح القدير 2:136،المغني 2:473، تحفة الفقهاء 1:286،مجمع الأنهر 1:200.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:312،بلغة السالك 1:209،المغني 2:474،حلية العلماء 3:53.
9- 9) سنن أبي داود 2:102 الحديث 1579، [2]سنن النسائيّ 5:29 و فيهما:راضع لبن،مكان:الراضع.
10- 10) ك،م و ق:التضيّق.
11- 11) ش:فأيّهما.
12- 12) ك:و الجذعة.

الثاني:يجزئ الذكر و الأنثى في ذلك،سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا،قاله الشيخ (1).

و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين.و قال في الآخر:يعتبر كونها أنثى (2).

لنا:أنّ الواجب ما يسمّى (3)شاة،و هو يتناولهما معا،فيخرج عن العهدة بأيّهما شاء.

الثالث:يجزئ (4)أن يخرج من غنمه أو من غير غنمه،لأنّ كلاّ منهما يتناوله اسم الشاة.

الرابع:قال الشيخ رحمه اللّه:يؤخذ من نوع البلد،لا من نوع بلد آخر،لأنّ الأنواع تختلف (5)،فالمكّيّة بخلاف (6)العربيّة،و العربيّة بخلاف (7)النبطيّة،و كذلك الشاميّة و العراقيّة (8)،و به قال الشافعيّ (9).و الأقرب عندي جواز الإخراج من أيّ نوع شاء،لما تقدّم.و لأنّه لو أخرج ضأنا و غالب غنم البلد المعز أجزأه إجماعا،و كذا بالعكس،فما ذكرناه أولى،لأنّ التناسب بين الشاتين من الضأن إذا اختلف بلدهما أقرب من التناسب بين الضأن و المعز.

الخامس:يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة (10)الكريمة و اللئيمة و السمينة و المهزولة،لتناول الاسم.و لا تؤخذ المريضة من الإبل الصحاح،و لو كانت مراضا،فإن

ص:100


1- 1المبسوط 1:196. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:397.
3- 3) ح:سمّي،خا و ق:تسمّى.
4- 4) ش:يجوز.
5- 5) ح:مختلف.
6- 6) خا،ح و ق:يخالف،مكان:بخلاف.
7- 7) خا،ح و ق:يخالف،مكان:بخلاف.
8- 8) المبسوط 1:196. [2]
9- 9) الأمّ 2:8،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:41،المجموع 5:398،فتح العزيز بهامش المجموع 5:346،السراج الوهّاج:116.
10- 10) ح:الشياه.

أخرج صحيحة فلا بحث،و إن لم يفعل أخذ شاة بقيمة المراض بأن يقوّم (1)الخمس صحيحة و مريضة،و تؤخذ الشاة ناقصة عن بدل الصحاح بنسبة النقصان.

السادس:لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه.و به قال مالك (2)،و داود (3).و قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة:يجزئ (5).و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّه أخرج غير الواجب فلا يجزئه.و لأنّ النصّ ورد بالشاة فلا يجوز التخطّي،كما لو أخرج بعيرا عن أربعين شاة.نعم،إن أخرج البعير بالقيمة السوقيّة أجزأه،لما يأتي من جواز إخراج القيم.

احتجّ المخالف بأنّه يجزئ عن خمسة و عشرين بعيرا،و الخمسة داخلة،و المجزئ عن المجموع مجزئ عن الأقلّ (7).

و الجواب:المنصوص عليه الشاة،و جاز أن يكون أكثر قيمة،فإذا أخرج الأقلّ يكون فيه نقصا على الفقراء.

لا يقال:إذا أجزأ عن الأكثر أجزأ عن الأقلّ.

ص:101


1- 1ن:تقوّم.
2- 2) بلغة السالك 1:208،المغني 2:440،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481،المجموع 5:395،فتح العزيز بهامش المجموع 5:347،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:111،حلية العلماء 3:41.
3- 3) المغني 2:440،المجموع 5:395،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481،حلية العلماء 3:41.
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:41،حلية العلماء 3:40،المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:395،فتح العزيز بهامش المجموع 5:347،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:111،المغني 2:440،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481،مغني المحتاج 1:370،السراج الوهّاج:117.
5- 5) المغني 2:440،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481،المجموع 5:395،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 347،المبسوط للسرخسيّ 2:156.
6- 6) الإنصاف 3:49،المغني 2:441،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481.
7- 7) المجموع 5:395،فتح العزيز بهامش المجموع 5:347،مغني المحتاج 1:370،المغني 2:440،الشرح الكبير بهامش المغني 2:481.

لأنّا نقول:الأوصاف (1)التي هي غير مضبوطة لا يجوز ردّ الأحكام إليها،لما فيها من الاضطراب،بل يجب الرجوع إلى أوصاف مضبوطة تناط بها الأحكام.

إذا ثبت هذا فنقول:لمّا كان البعير في الغالب أكثر قيمة من الشاة وجب في الأكثر، و لم يجب في الأقلّ للإرفاق (2)،لكن (3)قد يمكن فرض زيادة قيمة الشاة على قيمة البعير، فلو أخذ البعير في الأقلّ عن الشاة في هذه الصورة كان إجحافا بالفقراء.و على هذا التحرير لو كانت السنّ الواجبة في ستّ و عشرين مثلا أقلّ قيمة من الشاة جاز إخراج الشاة عنها.

و بالجملة فالاعتبار بالقيمة في الإبدال،إلاّ ما نصّ عليه.

السابع:إذا كان البعير بقيمة الشاة فأخرجه،أجزأ عندنا و عند الشافعيّ (4).أمّا نحن فللمساواة في القيمة.و أمّا عنده فلأنّه مجز (5)و لا تعتبر القيمة،بل لو كان البعير أقلّ قيمة من الشاة أجزأ عنده.

إذا ثبت هذا،فإذا (6)أخرج البعير كان كلّه واجبا،لأنّه بدل الواجب.

و للشافعيّ قولان:أحدهما مثل ما قلناه،لأنّه مخيّر بين الشاة و البعير فأيّهما أخرج كان واجبا.

و الثاني:أنّ خمسة واجب و الباقي تطوّع،لأنّه واجب في خمسة (7)و عشرين (8).

ص:102


1- 1م،ن و ش:الأصناف.
2- 2) ك،ح و ق:الإرفاق.
3- 3) ح:و لكن.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:396،فتح العزيز بهامش المجموع 5:347،حلية العلماء 3:40، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:111.
5- 5) ح:يخيّر.ك،خا و ق:مخيّر،ش:يجزئ.
6- 6) خا و ق:فإن.
7- 7) كذا في النسخ،و الأنسب:خمس.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:396،فتح العزيز بهامش المجموع 5:348،مغني المحتاج 1:370، حلية العلماء 3:40.

و ليس بوجه و إلاّ لأجزأه (1)خمس بعير،و ليس كذلك إجماعا.

الثامن:كما لا يجزئ البعير عن الشاة إلاّ بالقيمة السوقيّة،فكذا لا يجزئ عن عشر من الإبل،و لا عن خمسة عشر،و لا عن عشرين،و قد خالف الشافعيّ في ذلك كلّه (2)، و الأصل ما قدّمناه.

التاسع:لو لم يجد شاة اشترى شاة أو أخرج قيمتها على ما يأتي،و الاعتبار بالقيمة السوقيّة،و لا يجزئه عشرة دراهم إذا كانت أدون قيمة،خلافا لبعض الجمهور،حيث قاس على شاة الجبران (3)،و هو باطل،لأنّه وافق على أنّ الشاة الواجبة في القيم (4)لا تجزئ عنها القيمة الشرعيّة.

مسألة:أوّل فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض

،و هي التي كملت لها سنة و دخلت في الثانية،سمّيت بذلك،لأنّ أمّها ماخض أي حامل.و المخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه،و الواحدة:خلفة (5).

ثمَّ بنت اللبون،و هي التي تمَّ لها سنتان و دخلت في الثالثة،سمّيت بذلك،لأنّ (6)أمّها ولدت و صارت ذات لبن.

ثمَّ الحقّة و هي التي كملت لها ثلاث سنوات و دخلت في الرابعة فاستحقّت للحمل أو لطرق (7)الفحل.

ثمَّ الجذعة-بفتح الذال-و هي الكاملة أربعا و دخلت في الخامسة،لأنّها تجذع أي

ص:103


1- 1م،ن و ش:لأجزأ.
2- 2) المجموع 5:396،فتح العزيز بهامش المجموع 5:348،مغني المحتاج 1:370.
3- 3) المغني 2:440،الشرح الكبير بهامش المغني 2:480،الإنصاف 3:48.
4- 4) بعض النسخ:الغنم.
5- 5) الخلفة-بكسر اللام-:هي الحامل من الإبل،و جمعها:مخاض. المصباح المنير 1:179. [1]
6- 6) أكثر النسخ:لأنّها.
7- 7) غ:للجمل أو لطروق.

تسقط سنّها،و هي أعلى أسنان الزكاة،كما أنّ بنت المخاض هي أصغر أسنانها،فإذا تعدّت (1)الخامسة و دخلت في السادسة فهي الثنيّة،و إن دخل في السابعة فهو الرباع و الرباعية،و إن دخل في الثامنة فهو سديس و سدس (2)،فإذا دخل في التاسعة فهو بازل أي طلع نابه،ثمَّ يقال بعد ذلك:بازل عام،و بازل عامين.

و البازل و المخلف (3)واحد،و يقال له أوّل انفصاله بالولادة:فصيل و حوار (4)،ثمَّ بنت مخاض (5)،و على ما قلناه (6)من الترتيب.

مسألة:من وجب عليه سنّ و فقدها و وجد الأعلى بدرجة دفعها

و استردّ شاتين أو عشرين درهما.و لو وجد الأدون دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما،فمن وجب عليه بنت مخاض و ليست (7)عنده،و لا ابن لبون (8)ذكر و عنده بنت لبون،دفعها و أخذ شاتين أو عشرين درهما من المصدّق-بتشديد الدال خاصّة.

و كذا لو وجب (9)عليه بنت لبون و فقدها و عنده حقّة،أو حقّة و عنده جذعة الحكم في ذلك سواء.و لو وجب (10)عليه جذعة و فقدها و وجد الحقّة دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما،و هكذا إلى آخر المراتب.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال

ص:104


1- 1كثير من النسخ:تعدّدت.
2- 2) بعض النسخ:سدس و سديس.
3- 3) المخلف من الإبل:الذي جاوز البازل.الصحاح 4:1355. [1]
4- 4) الحوار-بضمّ الحاء و كسرها-:ولد الناقة،و لا يزال حوارا حتّى يفصل،فإذا فصل عن أمّه فهو فصيل.الصحاح 2:640. [2]
5- 5) خا،ح و ق:بنت المخاض.
6- 6) م و ن:قلنا.
7- 7) ن و ش:فليست.
8- 8) م،ن و ش:اللبون.
9- 9) أكثر النسخ:وجبت.
10- 10) أكثر النسخ:وجبت.

الشافعيّ (1)،و النخعيّ (2)،و أحمد (3)،و ابن المنذر (4)،و مالك (5).

و قال الثوريّ:يخرج شاتين أو عشرة دراهم (6).

و قال أصحاب الرأي:يدفع قيمة ما وجب عليه،أو دون السنّ الواجبة مع فاضل ما بينهما من الدراهم (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«و من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة و ليست عنده جذعة و عنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة و يجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما،و من بلغت عنده صدقة الحقّة و ليست عنده و عنده الجذعة فإنّها تقبل منه الجذعة و يعطيه المصدّق عشرين درهما أو شاتين، و من بلغت عنده صدقة الحقّة و ليست عنده إلاّ بنت لبون فإنّها تقبل منه بنت لبون و يعطي شاتين أو عشرين درهما،و من بلغت صدقته بنت لبون و عنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة و يعطيه المصدّق عشرين درهما أو شاتين،و من بلغت صدقته بنت لبون و ليست عنده و عنده بنت مخاض فإنّها تقبل منه بنت مخاض و يعطي معها عشرين درهما أو شاتين» (8).

ص:105


1- 1الأمّ 2:7،حلية العلماء 3:45،المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:405 و 410،مغني المحتاج 1: 372،السراج الوهّاج:117.المغني 2:451،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:494.
2- 2) المغني 2:451،الشرح الكبير بهامش المغني 2:494،المجموع 5:410. [2]
3- 3) المغني 2:450،الشرح الكبير بهامش المغني 2:494،الكافي لابن قدامة 1:385، [3]الإنصاف 3:55، المجموع 5:410. [4]
4- 4) المغني 2:451،الشرح الكبير بهامش المغني 2:494.
5- 5) لم نعثر على قوله.
6- 6) حلية العلماء 3:45،المغني 2:451،الشرح الكبير بهامش المغني 2:494،المجموع 5:410،عمدة القارئ 9:16،فتح البارئ 3:249.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:101،المغني 2:451،بداية المجتهد 1:261،المبسوط للسرخسيّ 2:157.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:145،سنن ابن ماجه 1:575 الحديث 1800،سنن النسائيّ 5:20.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن زمعة (1)،عن أبيه،عن جدّه،عن جدّ أبيه أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كتب له في كتابه الذي كتبه (2)له بخطّه حين بعثه على الصدقات:«من (3)بلغت عنده من إبل (4)الصدقة الجذعة و ليس عنده جذعة و عنده حقّة فإنّه تقبل منه الحقّة و يجعل معها شاتين أو عشرين درهما،و من بلغت عنده صدقة الحقّة و ليست عنده الحقّة،و عنده جذعة (5)فإنّه (6)تقبل منه الجذعة و يعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهما،و من بلغت صدقته حقّة و ليست عنده حقّة،و عنده ابنة لبون فإنّه تقبل منه (7)و يعطي معها شاتين أو عشرين درهما،و من بلغت صدقته ابنة (8)لبون و ليست عنده ابنة لبون،و عنده حقّة فإنّه تقبل منه الحقّة و يعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهما، و من بلغت صدقته ابنة لبون و ليست عنده ابنة لبون،و عنده ابنة مخاض فإنّه تقبل منه ابنة مخاض و يعطي معها شاتين أو عشرين درهما.و من بلغت صدقته ابنة مخاض و ليست عنده ابنة مخاض،و عنده ابنة لبون فإنّه تقبل منه ابنة لبون،و يعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهما،و من لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها،و عنده ابن لبون ذكر فإنّه يقبل منه ابن لبون و ليس معه شيء،و من لم يكن معه إلاّ أربعة من الإبل و ليس معه مال غيرها

ص:106


1- 1في التهذيب:محمّد بن مقرن بن عبد اللّه بن زمعة عن أبيه عن جدّ أبيه،و في الكافي 3:539: [1]محمّد بن مقرن بن عبد اللّه بن زمعة بن سبيع عن أبيه عن جدّه عن جدّ أبيه.قال السيّد الخوئيّ في معجمة:الظاهر أنّ في التهذيب سقطا و الصحيح ما في الكافي [2]الموافق للوافي،ثمَّ قال:لا يبعد أن يكون متّحدا مع عبد اللّه بن زمعة،الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. رجال الطوسيّ:23،معجم رجال الحديث 10:198،199. [3]
2- 2) بعض النسخ:كتب،كما في الوسائل. [4]
3- 3) ش،ك و غ:و من.
4- 4) ح:من الإبل،كما في المصادر.
5- 5) كثير من النسخ:الجذعة.
6- 6) أكثر النسخ:فإنّها.
7- 7) ح بزيادة:ابنة لبون،كما في الوسائل. [5]
8- 8) ح و ق:بنت.

فليس فيها شيء إلاّ أن يشاء ربّها،فإذا بلغ ماله خمسا من الإبل ففيه شاة» (1).

و لأنّ مبنى الزكاة على التخفيف و المواساة،و في تكليف المالك شراء الفرض (2)نوع إضرار.

احتجّ الثوريّ (3)بما رواه عاصم بن ضمرة عن عليّ عليه السلام قال:«إذا أخذ الساعي من الإبل سنّا فوق سنّ أعطى شاتين أو عشرة دراهم» (4).

و لأنّ الشاة في الشرع قيمتها[خمسة] (5)دراهم،فإنّ نصاب الغنم أربعون و نصاب الدراهم (6)مائتان (7).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ ما ذكره مخلّص للفريقين (8)من الضرر فيكون متعيّنا.

و الجواب عن الأوّل:أنّ عاصم بن ضمرة مطعون فيه،و قد نقلنا نحن عن عليّ عليه السلام ما ينافي ذلك (9).

و عن الثاني:أنّه لا اعتبار بذلك،فإنّ نصاب الإبل خمسة و نصاب الذهب عشرون، و ليس البعير مقوّما بأربعة.

و عن الثالث:أنّ مراعاة المالك أولى،و لا ضرر مع نصّ الشارع.

ص:107


1- 1التهذيب 4:95 الحديث 273،الوسائل 6:87 الباب 13 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [1]
2- 2) ح:الفرائض.
3- 3) المجموع 5:410.
4- 4) المصنّف لعبد الرزّاق 4:39 الحديث 6902.
5- 5) في النسخ:عشرة.و مقتضى السياق ما أثبتناه،كما في المصدر.
6- 6) م:الدرهم.
7- 7) المغني 2:451،الشرح الكبير بهامش المغني 2:494.
8- 8) م،ن،ش و ك:الفريقين،خا،ح و ق:للفريضة.
9- 9) يراجع حديث عبد اللّه بن زمعة المتقدّم في ص 106. [2]
فروع:

الأوّل:لو وجب (1)عليه بنت مخاض و عدمها و كان عنده ابن لبون ذكر أجزأه،لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فإن لم تكن فيها ابنة (2)مخاض فابن لبون ذكر» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رويناه في حديث عليّ عليه السلام:«فإن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها و عنده ابن لبون ذكر فإنّه تقبل منه ابن لبون و ليس معه شيء» (4).

و لأنّ علوّ السنّ يوجب اتّصاف البعير بالرعي (5)،و امتناعه من السباع،و هو أفضل بالسنّ و ذلك يقاوم فضل الأنوثة.

الثاني:لا يجزئ ابن اللبون مع وجود بنت مخاض (6)،لاشتراط الفقدان في الخبر.

الثالث:لو كانت عنده ابنة (7)مخاض معيبة و عنده ابن اللبون (8)أجزأه و تعيّن عليه إخراجه،لأنّ المعيبة لا تجزئ في الفرض فجرى مجرى المعدومة.و لقول عليّ عليه السلام (9):

«فإن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها» (10).

الرابع:لو كان عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب،و عنده ابن لبون لم يجزئه

ص:108


1- 1ك:لو وجبت.
2- 2) م:بنت،كما في أكثر المصادر.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:144،سنن أبي داود 2:98 الحديث 1569، [1]سنن ابن ماجه 1:574 الحديث 1799، سنن الدارميّ 1:382، [2]بتفاوت يسير.
4- 4) التهذيب 4:95 الحديث 273،الوسائل 6:87 الباب 13 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [3]
5- 5) رعت الماشية ترعى رعيا فهي راعية:إذا سرحت بنفسها.المصباح المنير 1:231. [4]
6- 6) غ:المخاض.
7- 7) ش:بنت.
8- 8) ن،ش و ك:ابن لبون.
9- 9) م:و لقوله عليه السلام.
10- 10) التهذيب 4:95 الحديث 273،الوسائل 6:87 الباب 13 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [5]

إخراجه،لأنّه واجد لبنت مخاض على وجهها،و يخيّر (1)بين إخراجها من غير أخذ جبر و بين شراء مجزئة.

الخامس:لو عدم بنت المخاض و ابن اللبون أجزأه شراء أيّهما كان.و به قال الشافعيّ (2).

و قال مالك (3)،و أحمد:يتعيّن شراء بنت مخاض و لا يجزئ ابن لبون (4).

لنا:قوله عليه السلام:«فإن لم يكن في إبله ابنة مخاض فابن لبون ذكر» (5)و شراؤه (6)له يكون واجدا لابن اللبون فيجزئه.

احتجّ مالك بأنّهما استويا في العدم فوجب بنت مخاض،كما إذا استويا في الوجود (7).

و هذا قياس باطل،لأنّ مع الوجود شرط إجزاء ابن اللبون مفقود،بخلاف العدم.

السادس:لا يتعدّى الحكم بجبران علوّ السنّ في الذكر للأنوثة مع نزول السنّ في غير بنت مخاض و ابن اللبون (8)،فلو وجبت عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقّا،و لو وجبت عليه حقّة لم يجزئه جذعا إلاّ بالقيمة السوقيّة،خلافا لبعض الجمهور (9).

ص:109


1- 1كثير من النسخ:تخيّر.
2- 2) الأمّ 2:6،حلية العلماء 3:43،المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:401،فتح العزيز بهامش المجموع 5:349،الميزان الكبرى 2:5،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:109.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:306،حلية العلماء 3:43،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:208،المجموع 5: 402،فتح العزيز بهامش المجموع 5:349،المغني 2:442،الشرح الكبير بهامش المغني 2:483.
4- 4) المغني 2:442،الشرح الكبير بهامش المغني 2:483،الإنصاف 3:51،المجموع 5:402، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:349، [2]الكافي لابن قدامة 1:382.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:144،سنن أبي داود 2:98 الحديث 1569، [3]سنن ابن ماجه 1:574 الحديث 1799، سنن الدارميّ 1:382. [4]
6- 6) غ و ف:و بشرائه.
7- 7) المغني 2:443،الشرح الكبير بهامش المغني 2:483.
8- 8) ح:و ابن لبون.
9- 9) المغني 2:443،الشرح الكبير بهامش المغني 2:485.

لنا:أنّ الواجب بنت اللبون،فإخراج غيره مع احتمال نقص قيمته عنه غير مبرئ للذمّة.و لأنّ تخصيص ابن اللبون بالذكر يشعر بانتفاء الحكم عن (1)غيره.

احتجّ المخالف بأنّ التنصيص على العالي في السنّ في ابن اللبون يدلّ بالتنبيه على إجزاء الحقّ عن بنت اللبون (2).

و الجواب:أنّه يدلّ بدليل الخطاب على انتفاء الإجزاء،على أنّ التنبيه مقصود (3)هنا،لأنّا صرنا في المجمع عليه لمعنى،فإنّ علوّ السنّ هناك مقتضية للاستغناء عن الأمّ بالرعي و ورود الماء و الامتناع عن السباع،بخلاف الحقّ و ابنة اللبون،فإنّ بنت اللبون ممتنعة عن السباع و ترعى و ترد الماء،فلم يكن لعلوّ السنّ هنا أثره هناك.

السابع:لو أخرج عن ابن اللبون حقّا أو جذعا أجزأه،لأنّه أعلى سنّا مع مساواته للمبدل منه في الذكوريّة.

الثامن:لو أخرج عن بنت المخاض بنت اللبون،أو عن بنت اللبون،حقّة أو عن الحقّة جذعة أجزأ (4)،فإنّه روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه بعث أبيّ بن كعب مصدّقا، قال:فمررت برجل[فلمّا] (5)جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلاّ بنت مخاض،فقلت له:أدّ بنت مخاض،فإنّها صدقتك،فقال:ذاك ما لا لبن فيه و لا ظهر،و لكن هذه ناقة فتيّة عظيمة، سمينة فخذها،فقلت:ما أنا بآخذ ما لم أومر به،و هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منك قريب،فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما أعرضت (6)عليّ فافعل،فإن قبله منك قبلت، و إن ردّه عليك رددته،قال:فإنّي فاعل،فخرج معي و خرج بالناقة التي عرض عليّ حتّى

ص:110


1- 1ح و ق:من.
2- 2) المغني 2:443.
3- 3) خا و م:مفقود.
4- 4) خا،ح و ق:أجزأه.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:عرضت،كما في المصدر.

قدمنا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له:يا نبيّ اللّه أتاني رسولك ليأخذ منّي صدقة مالي،و ايم اللّه ما قام في مالي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا رسوله قطّ قبله،فجمعت له مالي فزعم أنّ ما عليّ فيه بنت مخاض،و ذلك (1)ما لا لبن فيه و لا ظهر،و قد عرضت عليه ناقة فتيّة سمينة،عظيمة ليأخذها،فأبى[عليّ] (2)و ها هي ذه،قد جئتك بها خذها،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ذاك الذي وجب عليك،فإن تطوّعت بخير آجرك اللّه فيه و قبلناه منك»قال:فها هي ذه يا رسول اللّه[قد جئتك بها فخذها] (3)،قال:فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقبضها،و دعا له في ماله بالبركة (4).

و لأنّها تجزي مع أخذ الجبران فمع عدمه أولى.

التاسع:لا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران،بل بالقيمة السوقيّة.

و كذا لا يجزئ (5)أخذ ما فوق الجذعة إلاّ كذلك،لعدم النصّ،و احتمال الإضرار بالمالك أو بالفقراء،أمّا (6)مع القيمة السوقيّة،فالمحذور مندفع.

العاشر:لو عدم السنّ الواجبة و ما يليها ارتفاعا و نزولا لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران،كمن عدم بنت مخاض (7)و قد وجبت عليه،و لم يكن عنده إلاّ حقّة أو بالعكس.و اختاره ابن المنذر (8).

و قال الشافعيّ:ينتقل بتضاعف الجبران (9)،و هو مذهب بعض

ص:111


1- 1ص و ف:و ذاك.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 2:104 الحديث 1583، [1]مسند أحمد 5:142. [2]بتفاوت في الأخير.
5- 5) خا،ح و ق:لا يجوز.
6- 6) م،ن و ش:إلاّ.
7- 7) م:المخاض.
8- 8) حلية العلماء 3:46،المغني 2:452،الشرح الكبير بهامش المغني 2:496،المجموع 5:408.
9- 9) حلية العلماء 3:45،المهذّب للشيرازيّ 1:146،المجموع 5:407،مغني المحتاج 1:373،المغني 2:452.

علمائنا (1).

لنا:أنّ الانتقال عن الواجب على خلاف مقتضى (2)الدليل،فيصار إليه مع النصّ في صور (3)وجوده،أمّا مع عدمه فلا،تقليدا لمخالفة الدليل (4).و لأنّ بنت المخاض بالنسبة إلى الحقّة في عدم النصّ كالتي دون بنت المخاض.

احتجّ بأنّ بنت اللبون تجزئ عن الحقّة مع الجبران (5)إذا كانت موجودة،و بنت المخاض تجزئ عنها مع عدمها مع الجبران،فتكون مجزئة عن الحقّة (6).

و الجواب:الإجزاء هناك،للتخفيف مع قلّة ضرر الفقراء،بخلاف صورة النزاع،فإنّه يجوز أن يكون ذلك أضرّ بهم.أمّا لو وجبت الحقّة و لم توجد و وجدت بنت اللبون فليس له النزول إلى بنت المخاض مع تضاعف الجبران قولا واحدا.

و على قياس قول الشافعيّ،يجوز النزول إلى بنت المخاض لمن وجبت عليه الجذعة مع دفع الجبرانات،و كذا بالعكس،و اختاره بعض أصحابنا (7)،و لا يخلو عن (8)قوّة.

الحادي عشر:لو أراد أن يجبر (9)بشاة و عشرة دراهم لم يجز،لأنّ النصّ ورد بشاتين أو عشرين درهما،فالتبعيض لا يجوز كما في الكفّارة.

الثاني عشر:لو أخرج عن الجذعة بنتي لبون أو بنتي مخاض،فإن كانتا (10)أكثر قيمة

ص:112


1- 1الكافي في الفقه:167.
2- 2) ن،ش و ك:المقتضي.
3- 3) خا،ح،ش و ك:صورة.
4- 4) بعض النسخ:تعليلا لمحالفة الدليل،و في بعضها:تعليلا لمخالفة الدليل.
5- 5) خا،ح و ق:بجبران.
6- 6) المجموع 5:408،مغني المحتاج 1:373.
7- 7) الكافي في الفقه:167. [1]
8- 8) ش:من.
9- 9) بعض النسخ:أن يجزئه.
10- 10) كثير من النسخ:كانت.

أو مساوية (1)أجزأت قطعا،و لو عجزتا (2)عنها فالوجه عدم الإجزاء،لأنّهما غير الواجب (3)و بدله.

الثالث عشر:لو كانت إبله مراضا و الفريضة معدومة و عنده أدون و أعلى (4)دفع الأدون و الجبران،و ليس له أن يدفع الأعلى و يأخذ الجبران،لجواز أن يكون الجبران جبرا (5)من الأصل،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل ذلك الجبران بين الفرضين الصحيحين فلا يدفعه بين (6)المريضين،لأنّ قيمتها أقلّ من قيمة الصحيحين،و كذلك قيمة ما بينهما.

و لو كان المخرج وليّ اليتيم-على القول بثبوت الزكاة-تعيّن (7)عليه شراء الفريضة مريضة،و ليس له دفع الناقص و الجبران،لأنّه إضرار باليتيم،و لا العكس،لأنّه إضرار بالفقراء،و لو انتفى الضرر جاز.

الرابع عشر:لا يثبت الجبران في غير الإبل،فإنّ الغنم لا تتفاوت كثيرا بتفاوت أسنانها،و ما بين الفريضتين (8)من البقر يخالف (9)ما بينهما من الإبل فامتنع القياس، و الاقتصار على المنصوص (10)خاصّة،فإذا (11)عدم فريضة البقر و وجد الأنزال دفعها و تمّمم القيمة السوقيّة،و لو دفع الأعلى متطوّعا كان أفضل.

ص:113


1- 1ن،ش و ك:متساوية.
2- 2) هامش ح:نقضتا.
3- 3) ن،م و ش:الواجد.
4- 4) خا:أو أعلى.
5- 5) أكثر النسخ:خيرا.
6- 6) ح،ش،خا و ق:من.
7- 7) بعض النسخ:يتعيّن.
8- 8) ص:الفرضين،خا،ن و ق:الفريضتين.
9- 9) ك،م و ن:مخالف.
10- 10) كثير من النسخ:النصوص.
11- 11) غ و ف:فإن.

الخامس عشر:بخاتيّ (1)الإبل و عرابها (2)و نجيبها و كريمها و لئيمها سواء في وجوب الزكاة يضمّ (3)بعضها إلى بعض،فإذا بلغت نصابا أخرج منها الفريضة،فإن تطوّع بالأجود فلا بحث،و إلاّ لم يكن له دفع الأنقص بل يؤخذ من أوسط المال،فيخرج عن البخاتيّ بختيّة،و عن العرابيّ عربيّة،و عن السمان سمينة.

و لو قيل بإخراج ما شاء إذا جمع الصفات المشترطة،كان وجها.

مسألة:و لا تؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة من غيرها

-و الهرمة:الكبيرة- و لا ذات العوار من السليمة (4)-و ذات العوار:هي المعيبة-و لا نعلم فيه خلافا.

قال اللّه تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (5).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تؤخذ في الصدقة هرمة، و لا ذات عوار،و لا تيس (6)،إلاّ أن يشاء المصدّق» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«و لا تؤخذ هرمة،و لا ذات عوار،إلاّ أن يشاء المصدّق» (8).و لأنّ في ذلك ضررا (9)للفقراء.

ص:114


1- 1البخت:نوع من الإبل،الواحد:بختيّ،ثمَّ يجمع على البخاتيّ.المصباح المنير 1:37. [1]
2- 2) العراب من الإبل،خلاف البخاتيّ.المصباح المنير 2:400. [2]
3- 3) كثير من النسخ:بضمّ.
4- 4) كثير من النسخ:السليم.
5- 5) البقرة(2):267. [3]
6- 6) التّيس:الذكر من المعز إذا أتى عليه حول.المصباح المنير 1:79. [4]
7- 7) صحيح البخاريّ 2:147،سنن أبي داود 2:99 الحديث 1572، [5]سنن ابن ماجه 1:578 الحديث 1807، سنن النسائيّ 5:18-21،مسند أحمد 1:12، [6]سنن البيهقيّ 4:86.
8- 8) التهذيب 4:25 الحديث 59،الاستبصار 2:23 الحديث 62،الوسائل 6:85 الباب 10 من أبواب الزكاة الأنعام الحديث 3. [7]
9- 9) كثير من النسخ:جبرا.
فروع:

الأوّل:لا تؤخذ الربيّ،و هي:الوالدة التي تربّي ولدها إلى خمسة عشر يوما-و قيل:إلى خمسين (1)-لما في ذلك من الإضرار بولدها.

و لا الأكولة،و هي:السمينة المتّخذة للأكل،لأنّه إضرار بالمالك (2).

و قال عليه السلام للمصدّق:«إيّاك و كرائم أموالهم» (3).

و لا فحل الضراب،لأنّ فيه نفعا للمالك،و هو من كرائم المال،إذ المعدّ لذلك إنّما هو الجيّد غالبا.

و لا الحامل،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يأخذ شافعا (4)أي:حاملا.

الثاني:لو تطوّع المالك بذلك جاز بلا خلاف،لأنّ النهي في هذه (5)منصرف إلى الساعي،لتفويت المالك النفع،و للإرفاق (6)به،لا لعدم إجزائها.

الثالث:لو كانت إبله مراضا كلّها لم يجب عليه شراء صحيحة.ذهب إليه علماؤنا، و به قال الشافعيّ (7).و قال مالك:يجب عليه أن يشتري صحيحة (8).و عن أحمد

ص:115


1- 1لم نعثر على قائله،و نسبه أيضا في المبسوط 1:199،و [1]المعتبر 2:514،و [2]الشرائع 1:149 [3] إلى«قيل» و صرّح في الجواهر 15:158 [4] بقوله:لم نعرف قائله.
2- 2) بعض النسخ: للمالك.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:158-159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625،سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:55،سنن الدارميّ 1:379، [5]مسند أحمد 1:233،سنن البيهقيّ 4:100.
4- 4) سنن أبي داود 2:103 الحديث 1581،سنن النسائيّ 5:32،مسند أحمد 3:414،415،جامع الأصول 5: 324 الحديث 2678.
5- 5) ح،ق،خا و ك:في ذلك.
6- 6) م،ك و غ:و الإرفاق.
7- 7) الأمّ 2:6،المهذّب للشيرازيّ 1:148،المجموع 5:419،فتح العزيز بهامش المجموع 5:369،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:109،مغني المحتاج 1:375.
8- 8) المغني 2:467،الشرح الكبير بهامش المغني 2:508،فتح العزيز بهامش المجموع 5:369.

روايتان (1).

لنا:قوله عليه السلام:«إيّاك و كرائم أموالهم».نهاه عن أخذ الكريمة و إن وجدت، إرفاقا به،و تكليف شراء صحيحة عن المعيبة ينافي ذلك.و قال (2)عليه السلام:«فإنّ اللّه لم يسألكم خيره،و لم يأمركم بشرّه» (3).و لأنّ مبنى (4)الزكاة على المواساة،و بشراء صحيحة عن المعيبة يبطل ذلك.و لأنّ المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب الجيّد من الرديء،كالحبوب.

احتجّ مالك بقوله عليه السلام:«لا تؤخذ في الصدقة هرمة و لا ذات عوار» (5).

و لأنّه لو كان بعض المال صحاحا (6)وجب صحيح،فكذا (7)لو كان الجميع مراضا.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد به:لا تؤخذ من الصحيح صرفا للإطلاق إلى المعتاد.

و عن الثاني:بالمنع.

الرابع:لو لم يكن في إبله المراض الفريضة كلّف شراؤها،و لا يجب شراء صحيحة، فلو اشترى مريضة أجزأه،لأنّها (8)الواجب عليه،و كذا لو أخرج قيمة المريضة،و لو تطوّع بالصحيح كان أفضل.

الخامس:لو كانت إبله صحاحا و مراضا،كلّف فرضا صحيحا بقيمة صحيح و مريض،فيقال:لو كان النصف صحاحا و قيمة الفرض الصحيح عشرون و المريض

ص:116


1- 1المغني 2:467،الشرح الكبير بهامش المغني 2:508،الإنصاف 3:59. [1]
2- 2) م:و قوله.
3- 3) سنن أبي داود 2:103 الحديث 1582، [2]سنن البيهقيّ 4:95-96.
4- 4) بعض النسخ:بناء.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:147،سنن أبي داود 2:99 الحديث 1572، [3]سنن ابن ماجه 1:578 الحديث 1807، سنن النسائيّ 5:18-21،مسند أحمد 1:12. [4]
6- 6) خا،ق و ك:صحيحا.
7- 7) كثير من النسخ:و كذا.
8- 8) أكثر النسخ:لأنّه.

عشرة،أخرج فرضا (1)قيمته خمسة عشر.

السادس:إذا كانت إبله مراضا كلّها و الفرض صحيح،فإن أخرجه فلا بحث،و إن أخرج مريضا لم يجزئ،لأنّ في إبله صحيحا،بل يشتري بقيمة الصحيح و المريض،فإذا كان الفرض بنت لبون،كلّف شراء بنت لبون صحيحة بقيمة جزء من ستّة و ثلاثين جزءا من صحيحه،و خمسة و ثلاثين جزءا من مريضه.

السابع:لو كانت إبله صحاحا كلّها،و الفرض مريض،كلّف شراء صحيح على ما تقدّم بعد إسقاط التفاوت بين الصحيح و المريض من الفرض.

الثامن:ليس للساعي أن يأخذ الحامل إلاّ برضا المالك.و قال داود:لا تجزئه لو أخرجها المالك،و كذا قال:لا تجزئه السنّ الأعلى (2)،و هو سهو.و لا ينتقض علينا بكون الحبل عيبا في الأمة،و لا يذبح في الأضحيّة حاملا،لأنّ كون الحبل عيبا مخصوص بالإماء، و الأضحيّة،المراد منها اللحم،و الغرض (3)من الزكاة منفعة الفقراء (4)،و الحامل أنفع، لحصول الدرّ (5)و النسل.

و لو لم يظهر بها حمل و لكن طرقها الفحل لم يكن للساعي أخذها إلاّ برضا المالك.

التاسع:لو كانت أمراضها متباينة أخذ من وسطها لا الأجود و لا الأردى.

مسألة:المأخوذ في الزكاة يسمّى فريضة

،و ما يتعلّق به الفريضة يسمّى نصابا، و ما نقص عن النصاب يسمّى في الإبل شنقا (6).

ص:117


1- 1خ و خا:مريضا،ق،غ و ف:مرضا.
2- 2) المجموع 5:427،428.
3- 3) ص،ش و خا:و الفرض.
4- 4) بعض النسخ:للفقراء.
5- 5) درّ اللبن و غيره:كثر.المصباح المنير 1:191.
6- 6) الشنق-بفتحتين-:ما بين الفريضتين،و بعضهم يقول:هو الوقص،و بعض الفقهاء يخصّ الشنق بالإبل و الوقص بالبقر و الغنم.المصباح المنير 1:323. [1]

و قد ظهر ممّا تقدّم أنّ نصب الإبل ثلاثة عشر،خمسة متجانسة (1)،و ثمانية مختلفة.

و الأوقاص أيضا ثلاثة عشر،خمسة منها متجانسة (2)أربعة أربعة.و اثنان تسعة تسعة ما بين ستّ و عشرين إلى ستّ و ثلاثين،و ما بينها (3)و بين ستّ و أربعين.و ثلاث بعد ذلك،كلّ واحد أربع عشرة ما بين ستّ و أربعين إلى إحدى و ستّين،و ما بين إحدى و ستّين إلى ستّ و سبعين،و ما بين ستّ و سبعين إلى إحدى و تسعين.و واحد تسع و عشرون،و هو ما بين إحدى و تسعين إلى مائة و إحدى و عشرين.و واحد ثمانية ما بين مائة و إحدى و عشرين إلى مائة و ثلاثين،ثمَّ بعد ذلك يستقرّ (4)الأشناق تسعة تسعة لا إلى نهاية،و قد بيّنّا ذلك كلّه فيما تقدّم.

و شرائط زكاة الإبل قد بيّنّا (5)أنّها أربعة:الملك،و النصاب،و السوم،و الحول (6).

أمّا الملك و النصاب فقد تقدّما (7).و أمّا الباقيان فسيأتي البحث فيهما إن شاء اللّه تعالى.

و ينبغي أن يزاد (8)مع الشروط إمكان التصرّف و التكليف،و قد سلف (9).

مسألة:و السوم شرط في الأصناف الثلاثة من الحيوان

-و عليه فتوى علمائنا أجمع-فلا تجب في المعلوفة و لا العوامل.و به قال عليّ عليه السلام،و معاذ بن جبل،و جابر بن عبد اللّه.و من التابعين:سعيد بن جبير،و عطاء،و مجاهد،و الحسن البصريّ،

ص:118


1- 1ن و ش:مجانسة.
2- 2) ن و ش:مجانسة.
3- 3) أكثر النسخ:بينهما.
4- 4) خا و ق:يستوي.
5- 5) ح:بيّنّاها.
6- 6) يراجع:ص 78. [1]
7- 7) يراجع:ص 50 و 78-86.
8- 8) غ،ص،ف و ش:يراد.
9- 9) يراجع:ص 23 و 50.

و النخعيّ (1).و به قال في الفقهاء:أبو حنيفة (2)،و الشافعيّ (3)،و الثوريّ،و الليث بن سعد (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور (6).

و قال مالك:تجب في العوامل و المعلوفة (7).و به قال ربيعة،و مكحول،و قتادة (8).

و قال داود:تجب في عوامل الإبل و البقر و معلوفتها،دون الغنم (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«في أربعين من الغنم السائمة شاة» (10).و تقييد الحكم بالوصف يدلّ على نفيه عمّا عداه.

و روى عمرو بن شعيب (11)عن أبيه،عن جدّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

ص:119


1- 1المغني 2:456، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:501، [2]عمدة القارئ 9:22،المحلّى 6:45،46. [3]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:165،تحفة الفقهاء 1:285،بدائع الصنائع 2:30،الهداية للمرغينانيّ 1:102، [4]مجمع الأنهر 1:202،عمدة القارئ 9:22.
3- 3) الأمّ 2:23،حلية العلماء 3:22،المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:357،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315،مغني المحتاج 1:379.
4- 4) عمدة القارئ 9:22.
5- 5) المغني 2:438،الشرح الكبير بهامش المغني 2:475،الكافي لابن قدامة 1:379،الإنصاف 3:45، [5]زاد المستقنع:25.
6- 6) عمدة القارئ 9:22،حلية العلماء 3:22.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:313،بداية المجتهد 1:252،الموطّأ 1:262،إرشاد السالك:44-45،بلغة السالك 1:207.
8- 8) عمدة القارئ 9:22، [6]حلية العلماء 3:22.
9- 9) حلية العلماء 3:22.
10- 10) سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567، [7]سنن النسائيّ 5:29،سنن البيهقيّ 4:99-100،سنن الدار قطنيّ 2: 114-115 الحديث 3.
11- 11) عمرو بن شعيب بن محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن العاص السهميّ،أبو إبراهيم،و يقال:أبو عبد اللّه المدنيّ.روى عن أبيه و جلّ روايته عنه و طاوس و سليمان بن يسار و مجاهد و عطاء و الزهريّ،و روى عنه عمرو بن دينار و يحيى بن سعيد و هشام بن عروة.مات سنة 118 ه.التاريخ الكبير البخاريّ 6:342،تهذيب التهذيب 8:48، [8]شذرات الذهب 1:155. [9]

«ليس في البقر العوامل صدقة» (1).و كذا رووه عن عليّ عليه السلام (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجليّ و الفضيل،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

«ليس على (3)العوامل شيء،إنّما ذلك على السائمة الراعية»قال:قلت:ما في البخت (4)السائمة؟قال:«مثل ما في الإبل العربيّة» (5).

و لأنّ مبنى الزكاة على المواساة و التخفيف،و إنّما تجب فيما يطلب نماؤه و نتاجه، و العلف يستوعب النماء،فلو أوجبنا الزكاة في المعلوفة لزم الإضرار بالمالك.

احتجّ المخالف (6)بظاهر قوله عليه السلام:«في أربعين شاة شاة،و في ثلاثين من البقر تبيع» (7).

و الجواب:دلائلنا أخصّ فيقيّد (8)به العامّ،على أنّا نمنع العموم و هو ظاهر.

فروع:

الأوّل:لو علفها بعض الحول،قال الشيخ:يعتبر الأغلب،فإن كان الأغلب السوم وجبت الزكاة،و إن كان الأغلب العلف سقطت (9).

ص:120


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:103 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:116 و اللفظ فيهما:«ليس في الإبل العوامل صدقة». و كما في المتن ورد عن ابن عبّاس،ينظر:سنن الدار قطنيّ 2:103 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:116.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:103 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:116.
3- 3) م،ن و ش:في.
4- 4) البخت:نوع من الإبل.المصباح المنير 1:37. [1]
5- 5) التهذيب 4:22 الحديث 55،الاستبصار 2:20 الحديث 59،الوسائل 6:80 الباب 7 [2] من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1،و ص 80 الباب 7 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:313،بداية المجتهد 1:252.
7- 7) سنن أبي داود 2:99-100 الحديث 1572، [3]كنز العمّال 6:321 الحديث 15842،سنن البيهقيّ 4:99.
8- 8) غ،ن،م و ف:فيتقيّد،خا و ح:فيتقيّد،ك:فقيّد.
9- 9) المبسوط 1:198، [4]الخلاف 1:323 مسألة-61.

و قال الشافعيّ:ينقطع الحول بالعلف و لو يوما إذا نوى العلف و علف (1).

و قال بعض أصحابه:إن علفها ثلاثة أيّام انقطع حكم السوم و إلاّ فلا،لأنّها لا تصبر ثلاثة أيّام عن العلف (2).

احتجّ الشيخ بأنّ اسم السوم لا يزول بالعلف اليسير،و غير الأغلب بالنسبة إليه يسير.و لأنّ اعتبار السوم في جميع الحول يقتضي إسقاط الزكاة غالبا.و لأنّ خفّة المئونة موجودة هنا فأشبه السائمة في جميع الحول.و لأنّ الأغلب معتبر في سقي الغلاّت فكذا يعتبر في السوم (3).

و احتجّ الشافعيّ بأنّ السوم شرط كالملك،و الحول ينقطع بزواله و لو يوما فكذا السوم،و لأنّ السوم موجب،و العلف مسقط و مع الاجتماع يثبت مقتضى المسقط،كما لو كان معه أربعون سائمة إلاّ واحدة معلوفة،فإنّ الزكاة تسقط هنا،و اسم السوم ليس بثابت حال العلف فلا يطلق عليه الاسم في جميع الحول (4).

و الأقرب عندي اعتبار الاسم،و ما ذكره الشافعيّ ضعيف،فإنّه يلزم لو اعتلفت لحظة واحدة أن تخرج عن اسم السوم و ليس كذلك.و لو تساويا سقطت الزكاة.

الثاني:لو اعتلفت من نفسها حتّى خرجت عن اسم السائمة انقطع الحول،لانتفاء الشرط.

الثالث:لو منعها مانع من الثلج و غيره (5)عن السوم فعلفها المالك أو غيره (6)،بإذنه أو بغير إذنه حتّى خرجت عن اسم السائمة انقطع الحول،لما تقدّم.

ص:121


1- 1حلية العلماء 3:23،المجموع 5:358،فتح العزيز بهامش المجموع 5:495،المغني 2:438،الشرح الكبير بهامش المغني 2:476.
2- 2) حلية العلماء 3:22،المجموع 5:357،فتح العزيز بهامش المجموع 5:495.
3- 3) نقله عنه بهذا التفصيل في المعتبر 2:506. [1]
4- 4) المغني 2:438،الشرح الكبير بهامش المغني 2:476.
5- 5) كثير من النسخ:أو غيره.
6- 6) ص،خا و ق:أو من يأمره،مكان:أو غيره.
مسألة:و الحول شرط في الأنعام الثلاث

،و الذهب،و الفضّة.و هو قول أهل العلم كافّة،إلاّ ما حكي عن ابن عبّاس،و ابن مسعود أنّهما قالا:إذا استفاد المال زكّاه في الحال،ثمَّ يتكرّر بتكرّر الحول (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (2).

و عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس في مال المستفيد زكاة حتّى يحول عليه الحول» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم و أبي بصير،و بريد و الفضيل،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«كلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه حتّى يحول عليه (4)الحول،فإذا حال عليه الحول وجب فيه (5)» (6).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال:«الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول و لم يحرّكه» (7).

و في الصحيح عن محمّد الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يفيد

ص:122


1- 1حلية العلماء 3:25،المجموع 5:361،المغني 2:492،الميزان الكبرى 2:2،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:104.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن الدار قطنيّ 2:90،الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:103، كنز العمّال 6:323 الحديث 15861 و ص 331 الحديث 15900.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:104،كنز العمّال 6:323 الحديث 15859.
4- 4) لا توجد في أكثر النسخ.
5- 5) بعض النسخ:عليه.
6- 6) التهذيب 4:24 الحديث 57 و ص 41 الحديث 103،الاستبصار 2:22 الحديث 61 و ص 23 الحديث 65، الوسائل 6:82 الباب 8 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [1]في الجميع:بتفاوت يسير.
7- 7) التهذيب 4:35 الحديث 90،الوسائل 6:49 الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [2]

المال،قال:«لا يزكّيه حتّى يحول عليه الحول» (1).

و في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:قلت له:رجل كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا،ثمَّ أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت (2)عنده مائتا درهم،أ عليه زكاتها؟قال:«لا،حتّى يحول عليه (3)الحول و هي مائتا درهم» (4).

و عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال:«ليس في شيء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة:الإبل،و البقر،و الغنم،و كلّ شيء من هذه الأصناف من[الدواجن و] (5)العوامل فليس فيها شيء،و ما كان من هذه الأصناف فليس فيها شيء حتّى يحول عليها (6)الحول منذ[يوم] (7)ينتج» (8).و الإجماع دالّ عليه،و خلاف المذكورين قد انقرض فلا اعتداد به.

احتجّا بأنّه مال مستفاد فتجب فيه الزكاة حين الاستفادة كالحبوب و الثمار.

و الجواب:الفرق،فإنّ نماء الثمار (9)يتكامل دفعة واحدة و لهذا تجب الزكاة مرّة واحدة،و هذه الأموال نماؤها تقليبها فاحتاجت إلى الحول،و إنّ المال الذي تجب فيه الزكاة من الغلاّت نماء لا غير،و غيرها مال معدّ للنّماء.

ص:123


1- 1التهذيب 4:35 الحديث 91،الوسائل 6:115 الباب 15 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [1]
2- 2) ص،ف،ك و م:تكمّلت،ن:و كملت.
3- 3) بعض النسخ:عليها،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 4:35 الحديث 92،الوسائل 6:103 الباب 6 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [3]
5- 5) ما بين المعقوفتين من المصدر.
6- 6) م و ح:عليه،كما في التهذيب.
7- 7) ما بين المعقوفتين من المصدر.
8- 8) التهذيب 4:41 الحديث 104،الاستبصار 2:24 الحديث 66،الوسائل 6:81 الباب 7 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 6. [4]
9- 9) ص و ك:الأشجار.
فروع:

الأوّل:إذا أهلّ الثاني عشر فقد حال على المال الحول.ذهب إليه علماؤنا.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

قلت له:رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله،فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلّها بشهر،فقال:«إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيها الزكاة» (1).

الثاني:الملك و النصاب معتبر (2)من أوّل الحول إلى آخره.

و حكي عن أبي حنيفة اعتبار وجود النصاب طرفي الحول فتجب الزكاة و لو نقص في وسطه (3).

لنا:قوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام،قال:قلت (5):رجل كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا،ثمَّ أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت (6)عنده مائتا درهم،أ عليه زكاة؟ قال:«لا،حتّى يحول عليه الحول و هي مائتا درهم»ثمَّ قال:«فإن لم يمض عليها جميعا الحول فلا شيء عليه فيها» (7).

ص:124


1- 1التهذيب 4:35 الحديث 92،الوسائل 6:111 الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [1]
2- 2) هامش ح:معتبران.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:172،تحفة الفقهاء 1:272،بدائع الصنائع 2:51،المغني 2:495،الهداية للمرغينانيّ 1:105،شرح فتح القدير 2:168.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:103،كنز العمّال 6:323 الحديث 15861 و ص 331 الحديث 15900.
5- 5) ك بزيادة:له.
6- 6) أكثر النسخ:تكمّلت.
7- 7) التهذيب 4:35 الحديث 92،الوسائل 6:103 الباب 6 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [2]

الثالث:القول قول المالك في حولان الحول و عدمه،لأنّها عبادة شرعيّة فيرجع إلى قوله فيها.

و قال عليّ عليه السلام:«لا تدخل عليهم (1)دخول متسلّط» (2).و لا يلزمه يمين، و لا يقبل قول الساعي عليه.نعم،لو شهد عليه (3)عدلان بحول (4)الحول قبل ذلك أخذ (5)منه الحقّ.

الرابع:إذا مات المالك انتقل النصاب إلى الوارث (6)،و استأنف (7)الحول حين الانتقال.

الخامس:لو كان (8)معه خمس من الإبل و حال الحول،فإن أخرج من العين أو لم يخرج حتّى جاء (9)الحول الثاني وجبت عليه الشاة الواحدة لا غير،و لو أخرج من غيرها و بقيت بصفة الواجب وجب عليه شاتان.

و لو كان معه أزيد من نصاب،و حال عليه أحوال وجبت الزكاة متعدّدة عن كلّ سنة بعد إسقاط ما يجب في السنة المتقدّمة عن نصاب المتأخّرة إلى أن ينقص عن النصاب، فلو كان معه ستّ و عشرون و حال عليه حولان وجبت عليه بنت مخاض و خمس شياه.

ص:125


1- 1ش:عليها.
2- 2) الكافي 3:536 الحديث 1 و [1]فيه:«فلا تدخله دخول متسلّط عليه»،التهذيب 4:96 الحديث 274 و فيه: «فلا تدخل دخول متسلّط عليه»،الوسائل 6:88 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1 و [2]فيه:«فلا تدخله دخول متسلّط عليه»و ص 91 الحديث 7 و فيه:«فلا تدخلها دخول متسلّط عليه».
3- 3) بعض النسخ:عليهم.
4- 4) ق،ف و ص:بحؤول.
5- 5) أكثر النسخ:و أخذ.
6- 6) ك:الورثة.
7- 7) ك:و يستأنف.
8- 8) كثير من النسخ:و لو كان.
9- 9) خا،ح و ق:حال.

و لو حال عليه ثلاثة أحوال وجبت عليه بنت مخاض و تسع شياه،فإن حال عليها (1)أربعة أحوال وجبت عليه بنت مخاض عن السنة الأولى،و خمس شياه عن السنة الثانية، و أربع عن الثالثة،ثمَّ إن نقصت عن العشرين وجب عليه في الرابعة ثلاث شياه، و إن لم تنقص وجب عليه أربعة أخرى و هكذا.

ص:126


1- 1خا،ح و ق:عليه.
البحث الثالث:في زكاة البقر
اشارة

و قد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة فيها.

قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (1).

و روى الجمهور عن أبي ذرّ رحمه اللّه أنّه دخل المسجد بالمدينة فاستند (2)إلى سارية من سواري المسجد فاحتوشه (3)الناس و قالوا له:حدّثنا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال (4):سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«و في البقر صدقتها.»الحديث (5).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:من كان له بقر لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر،و هي أوفر ما تكون تطؤه بأظلافها (6)و تنطحه بقرونها،كلّما نفدت أخراها خلف عليه أولاها (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ص:127


1- 1التوبة(9):103. [1]
2- 2) خا،ح و ق:فأسند.
3- 3) احتوش القوم بالصيد:أحاطوا به،و قد يتعدّى بنفسه فيقال:احتوشوه.المصباح المنير 1:156. [2]
4- 4) أكثر النسخ:فقال.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:100-101 الحديث 26.بتفاوت.
6- 6) الظلف من الشاء و البقر و نحوه،كالظفر من الإنسان.المصباح المنير 1:385.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:148،صحيح مسلم 2:680 الحديث 987،سنن ابن ماجه 1:569 الحديث 1786، سنن النسائيّ 5:12-14،مسند أحمد 2:262، [3]المصنّف لعبد الرزّاق 4:26 الحديث 6858.

«ما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلاّ حبسه اللّه تعالى يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه كل ذات ظلف بظلفها،و تنهشه كلّ ذات ناب بنابها» (1).

و في أحاديث كثيرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وضع (2)الزكاة على تسعة أصناف و عدّ من جملتها البقر (3)،و الإجماع دالّ عليه.

مسألة:و الشرط هنا كما في الإبل و النصاب مختلف

(4)

،فلا تجب الزكاة في شيء من البقر إلى أن تبلغ (5)ثلاثين بلا خلاف بين العلماء في ذلك-إلاّ الزهريّ،و سعيد بن المسيّب، فإنّهما قالا:في كلّ خمس شاة (6)-فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن معاذ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمره أن يأخذ من كلّ ثلاثين تبيعا،و من كلّ أربعين مسنّة (8)،و أتي بما دون ذلك فقال:لم أومر في الأوقاص بشيء (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم، و أبي بصير و بريد بن معاوية العجليّ و الفضيل عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«في البقر في كلّ ثلاثين بقرة تبيع حوليّ،و ليس في أقلّ من ذلك شيء،و في أربعين

ص:128


1- 1الفقيه 2:5 الحديث 10،الوسائل 6:10 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [1]
2- 2) خا و ق:لوضع،ح:أو ضع.
3- 3) الوسائل 6:الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
4- 4) م و ن:هاهنا.
5- 5) ح،خا و ق:بلغ،و كثير من النسخ:يبلغ.
6- 6) حلية العلماء 3:51،المغني 2:456،الشرح الكبير بهامش المغني 2:501،المجموع 5:416، [2]تفسير القرطبيّ 8:248، [3]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:109.
7- 7) التبيع:ولد البقر في السنة الأولى،و الأنثى:تبيعة.المصباح المنير 1:72. [4]
8- 8) البقرة و الشاة يقع عليهما اسم المسنّ إذا اثنتا.و تثني البقرة في السنة الثالثة،و كذلك المعزى.لسان العرب 13:222. [5]
9- 9) سنن الدار قطنيّ 2:94 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:99،مجمع الزوائد 3:73،المصنّف لعبد الرزّاق 4: 23 الحديث 6848،بتفاوت.

[بقرة] (1)بقرة مسنّة،و ليس فيما بين (2)الثلاثين إلى الأربعين شيء حتّى تبلغ أربعين،فإذا بلغت أربعين ففيها مسنّة (3)،و ليس فيما بين الأربعين إلى الستّين شيء،فإذا بلغت الستّين ففيها تبيعان (4)إلى السبعين،فإذا بلغت السبعين ففيها تبيع و مسنّة إلى الثمانين فإذا بلغت ثمانين ففي كلّ أربعين مسنّة إلى تسعين،فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبائع (5)حوليّات،فإذا بلغت عشرين و مائة ففي كلّ أربعين مسنّة،ثمَّ ترجع البقر على أسنانها،و ليس في النيف (6)شيء،و لا على الكسور شيء،و لا على العوامل شيء،إنّما الصدقة على السائمة الراعية، و كلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه حتّى يحول عليه الحول،فإذا حال عليه [الحول] (7)وجبت فيه» (8).

و لأنّ النصب أمور تقديريّة و لا مجال للعقل فيه،فلا تثبت إلاّ بالنصّ و التوقيف،و ما ذكروه (9)لا نصّ فيه.و لأنّ الأصل عدم شغل الذمّة فيعمل به إلى أن يظهر المنافي.

و لأنّ الإجماع من الصحابة واقع على انتفاء ما ذكراه،فلا اعتداد بمخالفتهما.و لأنّ خلافهما قد انقرض فلا اعتبار به.

احتجّ المخالف بأنّ البقر عدلت الإبل في الهدي و الأضحيّة،فكذا في الزكاة (10).

و الجواب:القياس هنا باطل،و مع ذلك فهو منقوض عندهم بخمس و ثلاثين من

ص:129


1- 1أثبتناه من المصدر.
2- 2) جميع النسخ إلاّ ح:فيما دون،مكان:فيما بين.
3- 3) ح:بقرة مسنّة،كما في الوسائل. [1]
4- 4) أكثر النسخ:تبيعتان.
5- 5) توجد في هامش ح،كما في الكافي و [2]الوسائل. [3]
6- 6) أكثر النسخ:في البقر،و في المصادر:على النيف.
7- 7) أثبتناه من المصدر.
8- 8) التهذيب 4:24 الحديث 57،الوسائل 6:77 الباب 4 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [4]
9- 9) كثير من النسخ:ذكره،و الأنسب:ذكراه.
10- 10) المغني 2:456،الشرح الكبير بهامش المغني 2:501.

الغنم،فإنّها تعدل خمسا من الإبل في الهدي و لا زكاة فيها.

مسألة:فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة

،و هو الذي سنّه قد دخل (1)في الثانية، سمّي بذلك،لأنّه يتبع أمّه في الرعي.و قيل:لأنّ قرنه يتبع أذنه،لتساويهما (2)،و يسمّى جذعا و الأنثى جذعة،ثمَّ ليس فيها شيء إلى أن تبلغ أربعين و فيها حينئذ مسنّة،و هي التي تمّت لها سنتان و دخلت في الثالثة و هي الثنيّة.و لا يؤخذ في البقر غيرهما،فإذا استكمل ثلاثا و دخل في الرابعة فهو رباع و رباعية،فإذا دخل في الخامسة فهو سدس و سديس، فإذا دخل في السادسة فهو صالغ-بالصاد غير المعجمة و الغين المعجمة-و لا اسم له بعد ذلك،بل يقال:صالغ عام و صالغ عامين و هكذا.

إذا ثبت هذا،فنقول:أجمع المسلمون على وجوب التبيع أو التبيعة في الثلاثين، و وجوب المسنّة في الأربعين،و أجمعوا على أنّ هذين السنّين (3)هي المفروضة في زكاة البقر.

و يدلّ عليه ما تقدّم من الأحاديث (4)،ثمَّ كلّما زادت كان على هذا الحساب.

فروع:

الأوّل:نصب البقر أربعة:

الأوّل:ثلاثون،و فيه تبيع أو تبيعة.

و الثاني:أربعون،و فيه مسنّة.

و الثالث:ستّون،و فيه تبيعان أو تبيعتان.

و الرابع:ما زاد،يؤخذ من كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة،و من كلّ أربعين مسنّة.

ص:130


1- 1عبارات النسخ في جملة:(و هو الذي سنّه قد دخل)مختلفة ففي ك:و هو الذي لها سنة و قد دخل،و في ش:و هو الذي له سنة فدخل،و في ح:و هو الذي تمَّ له سنة فدخل،و في خا:و هو الذي سنّه دخل.
2- 2) بلغة السالك 1:209،المجموع 5:416، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:336. [2]
3- 3) خا،ق و ح:الشيئين.
4- 4) يراجع:ص 128،129. [3]

و الأوقاص أربعة:

الأوّل:تسع و عشرون.

و الثاني:تسعة،ما بين ثلاثين إلى أربعين.

و الثالث:تسعة عشر،ما بين أربعين إلى ستّين.

و الرابع:تسعة تسعة بالغا (1)ما بلغ.

و قد جرت العادة أن يسمّى ما لا يتعلّق به الزكاة من البقر وقص-بإسكان القاف (2)-و قيل:بفتحها،لأنّه جمع على أوقاص،و أفعال جمع فعل لا جمع فعل (3).و هو ضعيف،لأنّ أكثر أهل اللغة على التسكين (4)،و قد جاء أفعال جمعا لفعل،كزند و أزناد (5)، و فرخ و أفراخ،و فرد و أفراد،و أنف و آناف،و كبر و أكبار.

قال الأصمعيّ:الشنق-بفتح النون-يختصّ بأوقاص الإبل،و الوقص مشترك بين البقر و الغنم (6).

و قال غيره:لا فرق بين الشنق و الوقص (7).

الثاني:لا شيء في الزائد على الأربعين إلى أن تبلغ ستّين.و هو قول علمائنا أجمع،

ص:131


1- 1ن و ش:بالغ.
2- 2) كثير من النسخ:بإسكان العين.
3- 3) المجموع 5:392،فتح العزيز بهامش المجموع 5:341.
4- 4) قال أكثر أهل اللغة بتحريك القاف،ينظر:النهاية لابن الأثير 5:214،المصباح المنير 2:668،مجمع البحرين 4:190.
5- 5) م،ن و ش:كزيد و أزياد.
6- 6) المجموع 5:392،فتح العزيز بهامش المجموع 5:342.
7- 7) المجموع 5:392،المصباح المنير 2:668،الصحاح 3:1061.

و به قال مالك (1)،و الشافعيّ (2)،و أبو يوسف،و محمّد (3)،و أحمد (4)،و أبو حنيفة في إحدى الروايات.و في الثانية:أنّ ما زاد بحسابه،في كلّ بقرة ربع عشر مسنّة.و في الثالثة:

لا شيء فيها حتّى تبلغ خمسين فيكون فيها مسنّة و ربع (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن معاذ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له:«خذ من كلّ ثلاثين تبيعا أو تبيعة،و من كلّ أربعين مسنّة» (6).

و هذا نصّ في أنّ الاعتبار بهذين العددين (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم عن الباقر و الصادق عليهما السلام:«و ليس فيما بين الأربعين إلى الستّين شيء» (8).

و لأنّ هذه الزيادة لا يحصل بها تتميم أحد العددين (9)فلا يجب بها شيء،كما إذا زاد على الثلاثين و لم يبلغ الأربعين.و لأنّها أحد بهائم الأنعام فلا (10)يجب الكسر في فريضتها

ص:132


1- 1بداية المجتهد 1:261،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:209،شرح الزرقانيّ 2:115،حلية العلماء 3:51،المغني 2:457،الشرح الكبير بهامش المغني 2:502.
2- 2) الأمّ 2:9،حلية العلماء 3:50،المجموع 5:416،مغني المحتاج 1:374،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:109،المغني 2:457،فتح العزيز بهامش المجموع 5:333،الشرح الكبير بهامش المغني 2:502.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:187،تحفة الفقهاء 1:284،بدائع الصنائع 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:99، شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 2:134،المغني 2:457،الشرح الكبير بهامش المغني 2:502.
4- 4) المغني 2:457،الشرح الكبير بهامش المغني 2:499 و 502،الكافي لابن قدامة 1:387.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:187،تحفة الفقهاء 1:284،بدائع الصنائع 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:99، شرح العناية بهامش شرح فتح القدير 2:133،134،مجمع الأنهر 1:199.
6- 6) سنن أبي داود 2:101 الحديث 1576، [1]سنن ابن ماجه 1:576 الحديث 1803،سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [2]سنن النسائيّ 5:25،26،الموطّأ 1:259 الحديث 24،مسند أحمد 5:240، [3]سنن الدار قطنيّ 2: 99 الحديث 22.بتفاوت.
7- 7) خا،ح و ق:القدرين.
8- 8) يراجع:ص 128.
9- 9) ش،خا،ح و ق:القدرين.
10- 10) م و ن:و لا.

كغيرها،و لا ينتقل من فرض إلى فرض بغير و قص كغيرها.

احتجّ أبو حنيفة على الرواية الثانية بأنّ (1)جعل الوقص تسعة عشر مخالف لغيره من الأوقاص،و جعله تسعة يكون إثباتا للوقص بالقياس،فيجب في الزيادة بحصّتها.

و على الثالثة بأنّ سائر الأوقاص تسعة،كذلك هاهنا (2).

و الكلّ ضعيف،فإنّ أوقاص الإبل مختلفة،بل أوقاص البقر نفسها فيبطل القياس.

الثالث:لو اتّفق في النصاب الفرضان-كمائة و عشرين-يخيّر (3)المالك بين إخراج أربع تبائع و ثلاث مسنّات.و البحث فيه و التفريع عليه كما تقدّم في الإبل.

الرابع:لو وجب (4)عليه تبيع أو تبيعة فأخرج مسنّة أجزأه إجماعا،لأنّه أعلى من الواجب.و لو وجب عليه مسنّة فأخرج تبيعين أو تبيعتين ففي الإجزاء نظر:ينشأ من إجزائه عن الستّين فعن (5)الأربعين أولى،و من التخطّي عن الواجب بغير دليل،و الأقرب اعتبار القيمة السوقيّة.

الخامس:الفريضة المأخوذة في الإبل و البقر إنّما هي الإناث خاصّة،إلاّ ابن اللبون و ليس أصلا بل هو بدل،و التبيع في البقر خاصّة،و لا خلاف في إجزاء التبيعة عن الثلاثين، للأحاديث.و لأنّها أفضل بالدرّ و النسل،فلو (6)أعطى مسنّا بدل مسنّة لم يجزئه قولا واحدا،لأنّه دونها.أمّا لو كانت إبله ذكورا كلّها ففي تكليفه الأنثى نظر،الأقرب الإخراج من الذكور كالمعيب (7).

ص:133


1- 1أكثر النسخ:أنّ.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:187،بدائع الصنائع 2:28،المغني 2:457.
3- 3) ش،خا،م و ن:تخيّر.
4- 4) كثير من النسخ:وجبت.
5- 5) أكثر النسخ:ففي.
6- 6) ك:فإن.
7- 7) غ و ف:الأقرب الإخراج من البالغين الذكور،ق و خا:الأقرب الإخراج الذكور،لا المعيب.

السادس:لو فقد السنّ الواجبة في البقر لم يكن له الصعود أو النزول (1)بالجبران الشرعيّ في الإبل،بل يكلّف شراء السنّ،أو يدفع بالقيمة السوقيّة،لأنّ ذلك خلاف الأصل صير إليه بالنصّ فلا[تعدّي] (2)خصوصا مع عدم الجامع الصالح للعلّيّة،و من علّل بأنّ الإبل تجب الغنم فيها ابتداء فجاز أن تدخل في جبرانها بخلاف البقر،فقد أخطأ،لأنّ تعليله ينكسر بالدراهم (3)في الجبران.

مسألة:و لا شيء في المعلوفة و لا العوامل

على ما تقدّم (4)،خلافا لمالك (5)،و البحث فيه كما في الإبل.

مسألة:و البقر و الجواميس جنس واحد

يجب في كلّ واحد منهما الزكاة مع الشرائط،و يضمّ أحدهما إلى الآخر لو نقص عن النصاب.و هو قول أهل العلم كافّة،لأنّها نوع من أنواع البقر،كما أنّ البخاتيّ نوع من أنواع الإبل.

و يؤخذ من كلّ نوع بحصّته،فإن تطوّع المالك بالأعلى فلا بحث،و إن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة إلى الجيّد و الرديء،فإذا (6)كانت الجواميس عشرة و البقر عشرين نظر في قيمة الفريضة منهما،فإذا كانت قيمتها من الجواميس ستّة دنانير،و من البقر ثلاثة،كلّف جاموسة بأربعة،أو بقرة بها.و قيل:يؤخذ من الجنس الغالب.ذكره الشافعيّ (7)،و ليس

ص:134


1- 1ص،خا و ك:و النزول.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) م:يتكسّر بالدرهم،ن:يتكسّر بالدراهم،غ:ينكسر بالدرهم.
4- 4) يراجع:ص 118. [1]
5- 5) الموطّأ 1:262،المدوّنة الكبرى 1:313،بداية المجتهد 1:252،بلغة السالك 1:207،مقدّمات ابن رشد 1:244،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:113،المغني 2:456،الشرح الكبير بهامش المغني 2:501،المحلّى 6:45،حلية العلماء 3:22،فتح العزيز بهامش المجموع 5:494.
6- 6) بعض النسخ:فإن.
7- 7) حلية العلماء 2:56،المهذّب للشيرازيّ 1:149،المجموع 5:425،فتح العزيز بهامش المجموع 5:385، مغني المحتاج 1:375.

بجيّد.

و كذا لو كانت البقر مختلفة،بأن يكون بعضها عرابا،و هي الجرد الملس (1)الحسان، و بعضها ليس كذلك.أمّا لو كانت جيّدة كلّها و الفريضة رديّة،فإن كانت معيبة لم تجزئ، و إن كانت صحيحة ففي الإجزاء نظر،و قد سلف البحث فيه (2).

فروع:

الأوّل:الاختيار (3)إلى ربّ المال،لا إلى الساعي.نعم،لا يجوز لربّ المال دفع الأنقص إلاّ بالقيمة (4).

الثاني:لا زكاة في بقر الوحش.و هو قول العلماء كافّة.و قال أحمد:تجب (5).

و قد سلف البحث فيه (6).

الثالث:المتولّد بين الوحشيّ و الإنسيّ،قال أحمد:تجب فيها (7)الزكاة مطلقا (8).و قال مالك (9)،و أبو حنيفة:إن كانت الأمّهات أهليّة وجبت

ص:135


1- 1ش و خا:و الملس.ح:و المتلبّس.
2- 2) يراجع:ص 114.
3- 3) خا،ح و ق:الخيار.
4- 4) ح:و لا بالقيمة.
5- 5) المغني 2:459،الشرح الكبير بهامش المغني 2:436،الكافي لابن قدامة 1:376،حلية العلماء 3:14، الإنصاف 3:3-4.
6- 6) يراجع:ص 50. [1]
7- 7) كثير من النسخ:فيه.
8- 8) المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435،الكافي لابن قدامة 1:376،الإنصاف 3:3، حلية العلماء 3:14،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315.
9- 9) المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 315،بلغة السالك 1:207.

فيه (1).

و قال الشافعيّ:لا زكاة فيها (2).و الأقرب عندي اعتبار الاسم.

لنا:أنّ الزكاة وجبت فيما يسمّى بقرا و غنما،و الإطلاق ينصرف إلى المعهود،و غيره مجاز،فإن صدق اسم الحقيقة على المتولّد وجبت الزكاة فيه،و إلاّ فلا.

احتجّ أحمد بأنّها متولّدة بين ما تجب فيه الزكاة مطلقا،أو بين ما تجب فيه و ما لا تجب،فتجب فيها كالمتولّدة بين السائمة و المعلوفة.و لأنّ غنم مكّة متولّدة من الظباء و الغنم،و تجب الزكاة فيها (3).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ ولد البهيمة يتبع أمّه (4).

و احتجّ الشافعيّ بأنّها متولّدة من وحشيّ فأشبه المتولّدة من وحشيّين (5).

و كلام أحمد ضعيف،لأنّ السوم و العلف معتبر بما يجب فيه لا بأصله،بخلاف صورة النزاع،فإنّه لو علف المتولّدة من السائمة،أو سام المتولّدة من المعلوفة لوجبت الزكاة في الثاني دون الأوّل و لم يعتبر الأصل و لم يصحّ ما ذكره عن غنم مكّة و إلاّ لحرم ذبحها كالمتولّدة (6)من الوحشيّ و الإنسيّ،على أنّا نقول:إنّما وجبت فيها الزكاة لإطلاق الاسم عليها حقيقة.

و كلام أبي حنيفة ضعيف،لأنّا نمنع التبعيّة إذا كذب الاسم،و كلام الشافعيّ ضعيف،

ص:136


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:183،بدائع الصنائع 2:30،حلية العلماء 3:14،المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315.
2- 2) حلية العلماء 3:14،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315، المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435.
3- 3) المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:183،بدائع الصنائع 2:31،المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435.
5- 5) المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315،الأمّ 2:19،المهذّب للشيرازيّ 1:141.
6- 6) م،ن،ش و ك:كالمتولّد.

لوقوع الفرق.و بالجملة فالاسم عندنا هو المراعى (1).

الرابع:الزكاة إنّما تتعلّق بالنصاب لا بالأوقاص،و قد سلف البحث فيه (2).

ص:137


1- 1م:المرعى.
2- 2) يراجع:ص 95،97،128 و 129.
البحث الرّابع:في زكاة الغنم
اشارة

و الزكاة فيها ثابتة (1)بالنصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (2).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«و في الغنم صدقتها» (3).

و عن أبي هريرة،أنّ (4)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها،بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه تطؤه بأظلافها،و تنطحه بقرونها،كلّما انقضى آخرها عاد أوّلها،حتّى يقضي اللّه تعالى بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله،إلاّ حبسه اللّه يوم القيامة بقاع قرقر،تطؤه

ص:138


1- 1غ و ف:ثابتة فيها،مكان:فيها ثابتة.
2- 2) التوبة(9):103. [1]
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:100-102 الحديث 26-28،مسند أحمد 5:179، [2]كنز العمّال 6:307 الحديث 15814.
4- 4) أكثر النسخ:عن.
5- 5) صحيح مسلم 2:680 الحديث 987،سنن أبي داود 2:124 الحديث 1658، [3]سنن البيهقيّ 4:81،المصنّف لعبد الرزّاق 4:26 الحديث 6858،في الجميع بتفاوت يسير.

كلّ ذات (1)ظلف بظلفها،و تنهشه كلّ ذات (2)ناب بنابها» (3).

و تواترت الأخبار عن الأئمّة عليهم السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وضع الزكاة على تسعة أشياء،و عفا عمّا سوى ذلك (4).و لا نعلم خلافا في وجوب الزكاة فيها.

مسألة:و الشرط هنا-كما في الإبل و البقر

-الملك،و النصاب،و السوم،و الحول، إلاّ أنّ أمر (5)النصاب هنا مخالف له هناك.و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم أنّ أوّل نصب الغنم أربعون فلا تجب في سائمة الغنم إلاّ إذا بلغتها ففيها شاة،ثمَّ لا يجب فيها شيء حتّى تبلغ مائة و إحدى و عشرين ففيها شاتان،ثمَّ مائتان و واحدة ففيها ثلاث شياه.

و هذا كلّه وفاق إلاّ ما حكاه الشعبيّ عن معاذ قال:في مائتين و أربعين ثلاث شياه، و في ثلاثمائة و أربعين أربع شياه (6).و هي شاذّة مخالفة للإجماع،مع أنّ الشعبيّ لم يلق معاذا، فهي إذن ساقطة.

مسألة:قال علماؤنا:ليس فيها شيء بعد المائتين و واحدة

إلى ثلاثمائة و واحدة، بلا خلاف بيننا.ثمَّ اختلفوا إذا بلغت ثلاثمائة و واحدة،فقال المفيد رحمه اللّه (7)،و السيّد المرتضى رضي اللّه عنه:تجب في كلّ مائة شاة،ثمَّ كلّما زادت مائة كان فيها شاة،ففي أربعمائة أربع شياه،و في خمسمائة خمس شياه،و هكذا بالغا ما بلغت (8). (9)و به قال

ص:139


1- 1ن و ش:ذي.
2- 2) ن و ش:ذي.
3- 3) الفقيه 2:5 الحديث 10،الوسائل 6:10 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [1]
4- 4) الوسائل 6:33 الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة. [2]
5- 5) لا توجد كلمة«أمر»في أكثر النسخ.
6- 6) المغني 2:462،الشرح الكبير بهامش المغني 2:515.
7- 7) المقنعة:39.
8- 8) ن و ش:بلغ.
9- 9) جمل العلم و العمل:123.

الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و أحمد في إحدى الروايات (4).

و قال الشيخ رحمه اللّه و من تابعة:إذا بلغت ثلاثمائة و واحدة ففيها أربع شياه ثمَّ ليس فيها شيء إلى أن تبلغ أربعمائة،فإذا بلغتها ففي كلّ مائة شاة بالغا ما بلغت (5). (6)و قال النخعيّ،و الحسن بن صالح بن حيّ:إذا بلغت ثلاثمائة و واحدة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة و واحدة ففيها خمس إلى خمسمائة ففي كلّ مائة شاة (7).و هو رواية عن أحمد (8)،و الأقرب عندي خيرة المفيد.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا كتب الكتاب الذي للسعاة:«إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاة إلى مائة و عشرين،فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين،فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة،فإذا زادت ففي كلّ مائة شاة» (9).

ص:140


1- 1الأمّ 2:9،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:41،حلية العلماء 3:52،المهذّب للشيرازيّ 1:148،المجموع 5:417، 418،فتح العزيز بهامش المجموع 5:337-338،مغني المحتاج 1:374.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:182،تحفة الفقهاء 1:285،بدائع الصنائع 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:100، [1]شرح فتح القدير 2:135،مجمع الأنهر 1:200.
3- 3) الموطّأ 1:258،259، [2]المدوّنة الكبرى 1:313،بداية المجتهد 1:262،مقدّمات ابن رشد 1:245، الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:209،إرشاد السالك:45،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:113.
4- 4) المغني 2:462،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:515،الكافي لابن قدامة 1:389، [4]الإنصاف 3:63،زاد المستقنع:25.
5- 5) أكثر النسخ:بلغ.
6- 6) ينظر قول الشيخ في الخلاف 1:306 مسألة-17،و المبسوط 1:198،199،و [5]النهاية:181،و [6]من تابعه، منهم:ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):680،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):568،و ابن البرّاج في المهذّب 1:164،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:167. [7]
7- 7) حلية العلماء 3:53،المغني 2:463،الشرح الكبير [8]بهامش المغني 2:516،المجموع 5:417. [9]
8- 8) المغني 2:463،الشرح الكبير [10]بهامش المغني 2:515-516،الكافي لابن قدامة 1:389، [11]الإنصاف 3: 63.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:96 الحديث 1567، [12]سنن ابن ماجه 1:577 الحديث 1805، سنن النسائيّ 5:27-29.في الجميع بتفاوت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن قيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ليس فيما دون الأربعين من الغنم شيء،فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين و مائة،فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين،فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة،فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة،و لا تؤخذ هرمة،و لا ذات عوار، إلاّ أن يشاء المصدّق،و لا يفرّق بين مجتمع،و لا يجمع بين متفرّق و يعدّ صغيرها و كبيرها» (1).

و ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة،عن الباقر عليه السلام:إلى مائتين، فإن (2)زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة،فإذا كثر (3)الغنم أسقط (4)هذا كلّه و أخرج من (5)كلّ مائة شاة (6).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة،و إيجاب أربع في ثلاثمائة و واحدة شغل لها بالزائد،فيقف على الدلالة.

احتجّ الشيخ (7)بما رواه في الحسن عن زرارة و محمّد بن مسلم،و أبي بصير و بريد العجليّ،و الفضيل عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في الشاة:«في كلّ أربعين شاة شاة،و ليس فيما دون الأربعين شيء،ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين و مائة،فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها[مثل ذلك شاة واحدة،فإذا زادت على عشرين و مائة

ص:141


1- 1التهذيب 4:25 الحديث 59،الاستبصار 2:23 الحديث 62،الوسائل 6:78 الباب 6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 2. [1]
2- 2) كثير من النسخ:فإذا.
3- 3) كثير من النسخ:كثرت.
4- 4) ق و خا:سقط.
5- 5) م،ن،ك و ش:عن.
6- 6) ليس لزرارة رواية بهذا النصّ حيث إنّ الموجود في الفقيه 2:14 هو من كلام الصدوق نفسه،ينظر ذلك بالتفصيل في الحدائق 12:63،و الجواهر 15:86،و [2]المدارك 5:62 و [3]مفتاح الكرامة 3:66. [4]
7- 7) الخلاف 1:306.

ففيها] (1)شاتان،و ليس فيها أكثر من شاتين حتّى تبلغ مائتين،فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك،فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه،ثمَّ ليس فيها شيء أكثر من ذلك حتّى تبلغ ثلاثمائة،فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه،فإذا زادت واحدة ففيها أربع[شياه] (2)حتّى تبلغ أربعمائة،فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة و سقط الأمر الأوّل،و ليس على ما دون المائة بعد ذلك شيء،و ليس في النيّف شيء»و قالا:«كلّ ما لا يحول عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه،فإذا حال عليه الحول وجب عليه» (3).

و لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك فيصار إليه ليحصل يقين البراءة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ طريق حديثنا أوضح (4)من طريق حديثهم،و اعتضد بالأصل،فتعيّن العمل به،و الاحتياط لا يقتضي إيجاب ما ليس بواجب،فإنّ الواجبات لا تثبت احتياطا بالشكّ،و لهذا من تيقّن الطهارة و شكّ في الناقض لا تجب عليه الطهارة.

فروع:

الأوّل:ظهر أنّ النصب في الغنم أربعة:

الأوّل:أربعون،و فيها شاة.

و الثاني:مائة و إحدى و عشرون،و فيه شاتان.

و الثالث:مائتان و واحدة،ففيها (5)ثلاث شياه.

و الرابع:ثلاثمائة و واحدة فيؤخذ من كلّ مائة شاة بالغا ما بلغ.

و ما لا يتعلّق به الزكاة في الغنم يسمّى عفوا،و هو أربع أيضا.

ص:142


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:25 الحديث 58،الاستبصار 2:22 الحديث 61،الوسائل 6:78 الباب 6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [1]
4- 4) ح:أصحّ.
5- 5) ص،م و ن:فيها،ش:و فيها.

الأوّل:تسعة و ثلاثون.

الثاني:ثمانون،و هو ما بين أربعين إلى مائة و إحدى و عشرين (1).

الثالث:تسعة و سبعون،و هو ما بين مائة و واحدة و عشرين (2)إلى مائتين و واحدة.

الرابع:تسعة و تسعون،و هو ما بين مائتين و واحدة إلى ثلاثمائة و واحدة،ثمَّ يستقرّ العفو على تسعة و تسعين.

و على قول الشيخ:النصب خمسة و العفو خمسة،قال الشيخ في الجمل:العفو الثالث:

ثمانون،و هو ما بين مائة و أحد و عشرين (3)إلى مائتين و واحدة.و ليس بجيّد،بل هو كما قلناه.و قال (4)الشيخ أيضا في المبسوط،و في بعض نسخ الجمل:ثمانون إلاّ واحدة (5).و هو صحيح،فلعلّ إسقاط الاستثناء من الناسخ.

الثاني:ما بين النصب لا تجب فيه الزكاة.و قد سلف البحث فيه.

الثالث:الضأن و المعز سواء،يضمّ أحدهما إلى الآخر كالصنف الواحد.و لا نعلم فيه خلافا.

و يؤخذ من كلّ شيء بقسطه،و إن تطوّع المالك بالأعلى فهو أفضل،فإذا كان عنده عشرون من المعز و عشرون من الضأن،فإذا كان قيمة الثنيّة من المعز عشرون و الجذع من الضأن ثمانية عشر،أخذ ثنيّة قيمتها تسعة عشر،أو جذعا قيمته ذلك.و لو قيل:له إخراج ما يسمّى شاة،كان حسنا.

ص:143


1- 1غ،ف و ص:و أحد و عشرين،ح،ق و خا:و واحدة و عشرين،ش:و واحد و عشرين.
2- 2) غ،ف،ص و ش:و أحد و عشرين.
3- 3) ح:و واحدة و عشرين.
4- 4) أكثر النسخ:قاله.
5- 5) قال في المبسوط 1:199:« [1]الثالث:تسعة و سبعون و هو ما بين مائة و أحد و عشرين إلى مائتين و واحدة». و في الجمل المطبوع الذي بأيدينا:97:«ثمانون إلاّ واحدة».و لم نعثر على نسخة من الجمل فيها:«العفو الثالث ثمانون».

الرابع:الظباء لا زكاة فيه بلا خلاف،و في المتولّد منها و من الغنم خلاف.قال الشافعيّ:لا تجب فيه مطلقا (1).و قال أحمد:تجب مطلقا (2).و قال أبو حنيفة:يتبع الأمّهات (3).و الأصحّ اعتبار الاسم،و قد سلف (4).

الخامس:قيل:في مائتين و واحدة ثلاث شياه،و في ثلاثمائة و واحدة ثلاث شياه، و لا يتغيّر الفرض إلى أربعمائة.و كذا على مذهب الشيخ في ثلاثمائة و واحدة أربع شياه، و في أربعمائة أربع شياه،و لا يتغيّر الفرض إلى خمسمائة (5)فما الفائدة في ذلك؟ قلنا:الفائدة تظهر مع التلف،فإنّه لو كان معه مائتان و عشرون مثلا،فتلف منها تسعة عشر،وجبت عليه ثلاث شياه،لبقاء النصاب،و الزكاة عندنا لا تتعلّق بالعفو،و لو كان معه ثلاثمائة و واحدة و تلف منها تسعة عشر مثلا،سقط عنه من الثلاث الواجبة بقدر التالف.

السادس:لو ملك أربعين شاة فحال عليها ستّة أشهر،ثمَّ ملك أربعين أخرى وجبت عليه شاة عند تمام حول (6)الأولى،فإذا تمَّ حول الثانية فهل تجب فيها (7)الزكاة أم لا؟قيل:

ص:144


1- 1حلية العلماء 3:14،المهذّب للشيرازيّ 1:141،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315، مغني المحتاج 1:369،السراج الوهّاج:116.
2- 2) المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435،الكافي لابن قدامة 1:376،الإنصاف 3:3، حلية العلماء 3:14،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:183،بدائع الصنائع 2:30،حلية العلماء 3:14،المجموع 5:339،فتح العزيز بهامش المجموع 5:315،المغني 2:460،الشرح الكبير بهامش المغني 2:435.
4- 4) يراجع:ص 135. [1]
5- 5) المبسوط 1:199، [2]الخلاف 1:306 مسألة-17.
6- 6) غ و ف:حؤول.
7- 7) ن،م و ش:فيه.

تجب فيها (1)شاة (2)،لقوله عليه السلام:«في كلّ أربعين شاة شاة» (3).

و لأنّه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه إذا انفرد فتجب مع الانضمام.

و قيل:لا يجب فيها شيء (4)،لأنّه لم يتمّ (5)لها نصاب،و الثمانين لواحد فلا تجب فيها إلاّ شاة واحدة،كما لو ملكها دفعة.و هو أقرب.

و قوله عليه السلام:«في كلّ أربعين شاة شاة»يريد به النصاب المبتدأ،إذ لو ملك ثمانين دفعة واحدة لم يجب عليه شاتان إجماعا.

و قولهم:-تجب مع الانفراد فتجب مع الانضمام-مدفوع بأنّها لا تجب لو ملكها دفعة واحدة،فكذا بالتفريق.

السابع:لو ملك أربعين شاة ستّة أشهر مثلا،ثمَّ ملك تمام النصاب الثاني و زيادة واحدة مثلا وجب عليه عند تمام حول الأولى شاة،و هل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأوّل إلى النصاب الثاني عند ملك الثاني أو عند أخذ الزكاة من الأوّل؟الأقرب الأوّل،لأنّه صدق عليه وقت ابتداء الملك أنّه ملك مائة و إحدى و عشرين،فحينئذ إذا مضت سنة من ابتداء ملك الزيادة وجبت عليه شاتان فتجب عليه في سنة و نصف ثلاث شياه،إلاّ أنّه يبقى فيه إشكال من حيث أنّ النصاب الأوّل أخرج عنه الزكاة منفردا فلا يجوز اعتباره منضمّا مع الغير في ذلك الحول.

و لو قيل بسقوط حكم النصاب الأوّل عند ابتداء ملك تمام النصاب الثاني و صيرورة

ص:145


1- 1ش:فيه.
2- 2) ينظر:المعتبر 2:509. [1]
3- 3) سنن أبي داود 2:98 الحديث 1568، [2]سنن الترمذيّ 3:17 الحديث 621، [3]سنن ابن ماجه 1:577 الحديث 1805 و ص 578 الحديث 1807،سنن البيهقيّ 4:88،و من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 3:535 الحديث 1، [4]التهذيب 4:25 الحديث 58،الاستبصار 2:22 الحديث 61،الوسائل 6:78 الباب 6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [5]
4- 4) ينظر:المعتبر 2:509-510. [6]
5- 5) كثير من النسخ:لا يتمّ.

الجميع نصابا واحدا كان حسنا.

أمّا لو ملك تمام النصاب الثاني بغير زيادة مثلا،ملك أحدا و ثمانين بعد مضيّ ستّة أشهر على الأربعين لم يجب عليه عند تمام سنة الزيادة شيء،لنقصان النصاب عند استحقاق الفقراء من الأربعين.

مسألة:و ليس التمكّن من الأداء شرطا في الوجوب

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1).و قال مالك:التمكّن شرط فيه (2).و للشافعيّ قولان (3).

لنا:قوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (4)فجعله غاية للوجوب،و ما بعد الغاية مخالف لما قبلها.و لأنّ المالك لو أتلف المال بعد الحول لم تسقط عنه،فلو لم تجب عليه لسقطت،كما لو أتلفها قبل الحول.و لأنّه لو مضى عليه أحوال و لم يتمكّن من الإخراج،ثمَّ تمكّن أخرج زكاة ما تقدّم من الأحوال،و لا يجوز وجوب فروض في نصاب واحد في حالة واحدة.و لأنّ إطلاق النصّ يقتضي عدم الاشتراط.

احتجّ المخالف بأنّ الزكاة عبادة فيشترط في وجوبها إمكان أدائها كالصلاة و الصوم و الحجّ.و لأنّ المال لو تلف قبل إمكان الأداء سقطت عنه فدلّ على أنّها لم تجب (5).

ص:146


1- 1بدائع الصنائع 2:22،الهداية للمرغينانيّ 1:103،المبسوط للسرخسيّ 2:174،175،المغني 2:538، الشرح الكبير بهامش المغني 2:470،المجموع 5:377،فتح العزيز بهامش المجموع 5:547.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:335،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:123،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1: 206،213،بداية المجتهد 1:248،حلية العلماء 3:31،المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:470، المجموع 5:375،فتح العزيز بهامش المجموع 5:547،إرشاد السالك:42.
3- 3) حلية العلماء 3:31،المهذّب للشيرازيّ 1:144،المجموع 5:375،فتح العزيز بهامش المجموع 5:547، المغني 2:538،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:106.
4- 4) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1 و ص 92 الحديث 8،سنن البيهقيّ 4:95،بتفاوت.
5- 5) المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:470،المهذّب للشيرازيّ 1:144،المجموع 5:375،فتح العزيز بهامش المجموع 5:547.

و الجواب عن الأوّل:أنّها عبادات كلّف فعلها،فإذا تعذّر لم تجب،و إمكان الأداء شرط في استقرارها،أمّا صورة النزاع،فإنّ مشاركة الفقراء في ماله ممكن قبل أدائه فيجب،و ليس البحث في التسليم بل في استقرار الفريضة في المال،و ليس التمكّن شرطا فيه.

و عن الثاني:أنّه أمين فالتلف (1)لا يقتضي عدم الوجوب،لأنّه كالمودع.

فروع:

الأوّل:إمكان الأداء شرط في الضمان.و هو فتوى علمائنا،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّ الزكاة تجب في العين فإذا تلف الواجب قبل إمكان أدائه لم يجب على المالك العوض،لأنّه كالأمانة.نعم،لو فرّط أو أتلف ضمن بلا خلاف.

الثاني:لو تلف النصاب كلّه قبل التمكّن من الأداء من غير تفريط لم يضمنه المالك، و لو تلف بعضه سقط من الواجب بقدر نسبته من التالف.

الثالث:يجوز للمالك أن يتولّى الإخراج بنفسه،و أن يدفعها إلى الإمام أو نائبه على ما يأتي،فإمكان الأداء وجود الإمام أو نائبه أو أهل السّهمان،سواء كان المال ظاهرا أو باطنا.و به قال الشافعيّ في الجديد.

و قال في القديم:يجوز له أن يفرّق الأموال الباطنة كالذهب و الفضّة،بخلاف الظاهرة (3).و به قال أبو حنيفة (4)،و مالك (5).

ص:147


1- 1ش و ن:و التلف.
2- 2) المغني 2:540،الشرح الكبير بهامش المغني 2:470،الكافي لابن قدامة 1:374،375،الإنصاف 3:39.
3- 3) حلية العلماء 3:140-141،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 5:333 و ج 6:164،فتح العزيز بهامش المجموع 5:520،مغني المحتاج 1:413،السراج الوهّاج:133،134،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672.
4- 4) بدائع الصنائع 2:35،حلية العلماء 3:141،فتح العزيز بهامش المجموع 5:520،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672.
5- 5) حلية العلماء 3:141،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 520.

فإمكان الأداء في الظاهرة على القديم وجود الإمام أو نائبه.و سيأتي البحث في ذلك.

الرابع:لو تمكّن من الدفع إلى الإمام أو النائب و لم يدفع فتلفت ضمن،سواء طالبه الإمام أو النائب،أو لا.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أكثر الحنفيّة:لا يضمن إلاّ بعد المطالبة من الإمام أو الساعي (2).

لنا:أنّها زكاة واجبة تمكّن (3)من أدائها فيضمن مع التلف كما لو طولب (4).

احتجّ المخالف بأنّه أمين فلا يضمن قبل المطالبة كالوديعة.

و الجواب:الفرق،فإنّ الوديعة لا تجب دفعها قبل المطالبة،بخلاف صورة النزاع.

الخامس:لو مات المالك بعد إمكان الأداء لم تسقط الزكاة.و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:تسقط (6).

لنا:أنّه حقّ وجب في المال للفقراء فلا يورث و لا يسقط بالموت كالوديعة و الديون.

احتجّ المخالف بأنّها عبادة من شرطها النيّة فتسقط بالموت كالصلاة (7).

و الجواب:النيّة معتبرة في الإخراج لا في الوجوب فلا تسقط بوفاة المخرج،على أنّا نمنع سقوط الصلاة مع الوصيّة.

و لو مات قبل إمكان الأداء بعد الحول فكذلك لا تسقط الزكاة،لأنّ إمكان الأداء ليس شرطا عندنا في الوجوب.

ص:148


1- 1المجموع 5:333 و 377.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:175،بدائع الصنائع 2:22،حلية العلماء 3:10.
3- 3) كثير من النسخ:يمكن.
4- 4) غ،ش و ف:طلب.
5- 5) الأمّ 2:15،الميزان الكبرى 2:4،المجموع 5:335،المغني 2:540،541،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 474.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:311،المبسوط للسرخسيّ 2:185،بدائع الصنائع 2:53،المجموع 5:336،الميزان الكبرى 2:4،المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474.
7- 7) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336.

السادس:لو دفع المالك الزكاة إلى الساعي فتلفت في يده من غير تفريط أجزأت عن المالك،لأنّه فعل المأمور به من القبض للوكيل،و يد الوكيل يد الموكّل و لا يضمن الساعي،لأنّه أمين كغيره من الوكلاء في سائر الأموال.

مسألة:أوّل ما تلد الشاة يقال لولدها:سخلة

للذكر و الأنثى في الضأن و المعز،ثمَّ يقال بهمة كذلك،فإذا بلغت أربعة أشهر فهي من المعز جفر-بالجيم المفتوحة و الفاء الساكنة و الراء غير المعجمة-و الأنثى (1)جفرة و الجمع جفار،فإذا جازت (2)أربعة أشهر فهي عتود و جمعها عتدان،و عريض و جمعها عراض (3)،و من حين تولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى و جدي للذكر،فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز و الذكر تيس،فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة و الذكر جذع،فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنيّة و الذكر الثنيّ،فإذا دخلت في الرابعة فرباع و رباعية،فإذا دخلت في الخامسة فهي سديس و سدس،فإذا دخلت في السادسة فهي صالغ،ثمَّ لا اسم له بعد ذلك،بل يقال:صالغ عام و صالغ عامين،و على هذا أبدا.

و أمّا الضأن فالسخلة و البهمة كما في المعز،ثمَّ هو حمل للذكر،و للأنثى:رخل (4)إلى سبعة أشهر،فإذا بلغت سبعة أشهر فهو جذع إن كان بين شابّين،و إن كان بين هرمين فلا يقال:جذع حتّى يستكمل ثمانية،ثمَّ هو جذع إلى سنة،فإذا دخل في الثانية فهو الثنيّ و الثنيّة،ثمَّ يلتحق (5)بالمعز في الاسم على ما قلناه.

و أخذ في الزكاة الجذع من الضأن،لأنّه إذا بلغ سبعة أشهر كان له نزو و ضراب، و الثنيّ من المعز،لأنّه لا ينزو إلاّ في السنة الثانية،و لهذا أقيم الجذع من الضأن مقام الثنيّ من

ص:149


1- 1م،ف و ص:و للأنثى.
2- 2) ش:جاوزت،ح:جاءت.
3- 3) خا و ق:عريض.
4- 4) الرخل،و الرخل:الأنثى من أولاد الضأن،و الذكر:حمل.لسان العرب 11:280. [1]
5- 5) ص،م و خا:يلحق.

المعز في الأضحيّة.ذكر ذلك كلّه الشيخ رحمه اللّه (1).

مسألة:و لا تجب الزكاة في السخال حتّى يحول عليها الحول

،و ليس حول أمّهاتها حولها.و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال الحسن البصريّ،و إبراهيم النخعيّ (2).

و قال أكثر الجمهور:إنّ السخال تضمّ إلى الأمّهات في حولها بثلاث شرائط:الأوّل:

أن تكون متولّدة منها.

الثاني:أن تكون الأمّهات نصابا.

الثالث:أن توجد معها في بعض الحول،فلو كانت متولّدة من غيرها،أو كان النصاب ناقصا فكمل (3)بها،أو وجدت بعد حولان الحول لم تضمّ إلى الأمّهات (4)إجماعا إلاّ أبا حنيفة فإنّه لم يشترط الأوّل (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«ليس في صغار الإبل و البقر و الغنم شيء إلاّ ما حال عليه الحول» (7).

ص:150


1- 1المبسوط 1:199.
2- 2) حلية العلماء 3:29،المغني 2:470،الشرح الكبير بهامش المغني 2:460 و 509،المجموع 5:374.
3- 3) أكثر النسخ:فكملت.
4- 4) حلية العلماء 2:28،المهذّب للشيرازيّ 1:143،المغني 2:470،الشرح الكبير بهامش المغني 2:509، المجموع 5:373،فتح العزيز بهامش المجموع 5:483 و 486.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:26،تحفة الفقهاء 1:278،بدائع الصنائع 2:13-14،الهداية للمرغينانيّ 1: 102،شرح فتح القدير 2:148،مجمع الأنهر 1:207-208،المجموع 5:374.
6- 6) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1 و ص 92 الحديث 8،سنن البيهقيّ 4:95.
7- 7) التهذيب 4:42 الحديث 108،الاستبصار 2:23 الحديث 63،الوسائل 6:83 الباب 9 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 5. [2]

و في الصحيح عن زرارة و محمّد بن مسلم،و أبي بصير و بريد العجليّ،و الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«ليس على العوامل من الإبل و البقر شيء،إنّما الصدقات على السائمة الراعية،و كلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه فيه،فإذا حال عليه الحول وجب عليه» (1).

و عن زرارة عنهما عليهما السلام قالا (2):«و ما كان من هذه الأصناف الثلاثة:الإبل، و البقر،و الغنم،فليس فيها شيء حتّى يحول عليها (3)الحول» (4).

و لأنّها أحد (5)الأنعام،فلا تجب فيها الزكاة إلاّ بعد الحول كالأمّهات.و لأنّ مبنى الزكاة على التخفيف و المواساة و المسامحة،و ذلك ينافي وجوب الزكاة فيها من دون الحول.

احتجّ المخالف بما رووه (6)عن عليّ عليه السلام أنّه قال لساعيه:«اعتدّ عليهم بالصغار و الكبار» (7).

و عن أبي بكر:و اللّه لو منعوني عناقا (8)كانوا يؤدّونها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لقاتلتهم عليها (9).و هو يدلّ على أنّهم كانوا يؤدّون العناق.و لأنّه نماء تابع للأصل في

ص:151


1- 1التهذيب 4:41 الحديث 103،الاستبصار 2:23 الحديث 65،الوسائل 6:82 الباب 8 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [1]
2- 2) في المصادر:عن أحدهما عليهما السلام قال.
3- 3) ك:عليه،كما في التهذيب.
4- 4) التهذيب 4:41 الحديث 104،الاستبصار 2:24 الحديث 66،الوسائل 6:83 الباب 9 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 4. [2]في التهذيب و الاستبصار بتفاوت في اللفظ.
5- 5) ش و ن:إحدى.
6- 6) بعض النسخ:بما روي.
7- 7) لم نعثر عليه إلاّ في المهذّب للشيرازيّ 1:144،المجموع 5:372،فتح العزيز بهامش المجموع 5:483.قال في التلخيص الحبير بهامش المجموع 5:483:.أمّا قول عليّ عليه السلام فلم أره.
8- 8) العناق:هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتمّ له سنة.المصباح المنير 2:432،النهاية لابن الأثير 3:311. [3]
9- 9) صحيح البخاريّ 2:131 و 147 و ج 9:19،سنن أبي داود 2:93 الحديث 1556، [4]سنن النسائيّ 6:5-7، مسند أحمد 1:19 و 36 و 48، [5]سنن الدار قطنيّ 2:89 الحديث 1.

الملك،فيتبعه في الحول كأموال التجارة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد بالصغار إذا حال عليها الحول،جمعا بين الأدلّة.

و عن الثاني:أنّ الحديث روي:لو منعوني عقالا (1).و مع اختلاف الرواية فلا حجّة، على أنّ المراد بذلك المبالغة في أخذ الواجب.

و يؤيّده:ما نقلناه.

و عن الثالث:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل.

فروع:

الأوّل:لو كان معه دون النصاب فنتجت في أثناء الحول حتّى كمل النصاب استأنف الحول عند كمال النصاب.و به قال الشافعيّ (2)،و إسحاق،و أبو ثور،و أصحاب الرأي (3).

و قال مالك:يعتبر الحول من حين ملك الأصول (4).

و عن أحمد روايتان (5).

لنا:أنّه مال لم يحل عليه الحول،فلا تجب الزكاة فيه كما لو تمّت بغير سخالها.

ص:152


1- 1صحيح البخاريّ 9:115،صحيح مسلم 1:51 الحديث 20،سنن أبي داود 2:93 الحديث 1556،سنن الترمذيّ 5:4 الحديث 2607،الموطّأ 1:269 الحديث 30.أراد بالعقال:الحبل الذي يعقل به البعير الذي كان يؤخذ في الصدقة،و قيل:أراد ما يساوي عقالا من حقوق الصدقة،و قيل:إذا أخذ المصدّق أعيان الإبل،قيل:أخذ عقالا،و قيل:أراد بالعقال:صدقة العام.النهاية لابن الأثير 3:280. [1]
2- 2) الأمّ 2:12،المهذّب للشيرازيّ 1:143،المجموع 5:373،فتح العزيز بهامش المجموع 5:485،486، المغني 2:470،471.
3- 3) المغني 5:471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:460.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:313،بداية المجتهد 1:274،بلغة السالك 1:207،الموطّأ 1:265،حلية العلماء 3: 29،المغني 2:471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:460،المجموع 5:374،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 486،إرشاد السالك:45.
5- 5) المغني 2:470،471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:460،الكافي لابن قدامة 1:378،الإنصاف 3:30، [2]زاد المستقنع:24.

احتجّ مالك بالقياس على أرباح التجارات (1).

و الجواب:المنع من الأصل.

الثاني:لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه الحول من حين الملك.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:لا تجب في العجاجيل (3)و لا الفصلان (4)و لا صغار الغنم حتّى يكون معها كبار (5).

و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّها تعدّ مع غيرها فتعدّ منفردة كالأمّهات.

و يؤيّده:قول الصادق عليه السلام:«و ما كان من هذه الأصناف الثلاثة ليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول منذ نتج (7)» (8).

احتجّ المخالف بقوله عليه السلام:«ليس في السخال زكاة» (9)و قال:«لا تأخذ من

ص:153


1- 1بداية المجتهد 1:274،الموطّأ 1:265.
2- 2) الأمّ 2:12،المهذّب للشيرازيّ 1:148،149،المجموع 5:423،فتح العزيز بهامش المجموع 5:380، مغني المحتاج 1:376.
3- 3) العجل:ولد البقرة ما دام له شهر.المصباح المنير 2:394. [1]
4- 4) الفصيل:ولد الناقة،لأنه يفصل عن أمّه.و الجمع:فصلان بضمّ الفاء و كسرها.المصباح المنير 2:474. [2]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:157،تحفة الفقهاء 1:289،بدائع الصنائع 2:31،الهداية للمرغينانيّ 1:101، شرح فتح القدير 2:139.
6- 6) المغني 2:473،الشرح الكبير بهامش المغني 2:463-464،الكافي لابن قدامة 1:390،الإنصاف 3:31. [3]
7- 7) ح:ينتج،كما في المصادر.
8- 8) التهذيب 4:41 الحديث 104،الاستبصار 2:24 الحديث 66،الوسائل 6:83 الباب 9 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 4. [4]
9- 9) المغني 2:473،الشرح الكبير بهامش المغني 2:464،المبسوط للسرخسيّ 2:158.

راضع لبن» (1).و لأنّ السنّ معنى يتغيّر[به] (2)الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد.

و كلام أبي حنيفة لا يخلو من قوّة،لأنّا قد بيّنّا أنّ السوم شرط (3).

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن السخل متى تجب فيه الصدقة؟قال:«إذا أجذع» (4).

الثالث:إذا قلنا:إنّ الزكاة تجب في السخال المنفردة مع الحول،أخذ منها.و به قال الشافعيّ (5).

و قال مالك:لا يجزئه إلاّ كبيرة (6).

و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّ الزكاة تجب في العين،و مبناها على التسهيل،فلا يكلّف الزائد.

احتجّ مالك بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما حقّنا في الجذعة أو الثنيّة» (8).

و الجواب:أنّه محمول على من عنده كبار.

الرابع:لو كان معه أربعون شاة فحال عليها الحول فولدت شاة منها،ثمَّ حال عليها

ص:154


1- 1سنن أبي داود 2:102 الحديث 1579،سنن البيهقيّ 4:101،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:91 الحديث 6473،مسند أحمد 4:314،سنن الدار قطنيّ 2:104 الحديث 5،سنن النسائيّ 5:29.بتفاوت في الجميع.
2- 2) أضفناها لاقتضاء السياق.
3- 3) يراجع:ص 78 و 139.
4- 4) الفقيه 2:15 الحديث 39،الوسائل 6:83 الباب 9 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [1]
5- 5) الأمّ 2:12،حلية العلماء 3:29،فتح العزيز بهامش المجموع 5:380،مغني المحتاج 1:375، السراج الوهّاج:119،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:109.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:312،المغني 2:471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:506.
7- 7) المغني 2:471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:506،الكافي لابن قدامة 1:390، [2]الإنصاف 3:59. [3]
8- 8) المغني 2:471،الشرح الكبير بهامش المغني 2:506.

الحول الثاني،ثمَّ ولدت شاة ثانية،ثمَّ حال عليها ثالث (1)وجب عليه ثلاث شياه،لأنّ النقصان باستحقاق الشاة في كلّ حول ينجبر بالناتج.

الخامس:إذا حال على أربعين الحول و قد نتجت قبل الحول أربعين،و تلفت الأمّهات قبل إمكان الأداء،سقطت الزكاة فيها،و لا تجب الزكاة في السخال و انقطع حول الأمّهات و استؤنف حول السخال.

السادس:لو كان عنده أربعون شاة فماتت واحدة قبل الحول بعد أن نتجت واحدة استأنف الحول منذ وقت الولادة،لأنّ الحول لم يحل على نصاب،و السخال عندنا لا تعدّ مع (2)الأمّهات،و إن ماتت بعد الحول و إمكان الأداء وجبت الشاة،و إلاّ سقط منها بقدر التالف.

ص:155


1- 1ك:ثالثة.
2- 2) بعض النسخ:من.
البحث الخامس:في زكاة الذهب و الفضّة
اشارة

و هي واجبة بالنصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (1).

و قال تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (2).

و روى الجمهور عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما من صاحب ذهب و لا فضّة لا يؤدّي منها حقّها،إلاّ إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار،فأحمي عليها في نار جهنّم،فيكوى بها جنبه و جبينه و ظهره،كلّما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن حريز،عن الصادق عليه السلام قال:

«ما من ذي مال ذهب أو فضّة يمنع زكاة ماله،إلاّ حبسه اللّه يوم القيامة بقاع قرقر،و سلّط (4)عليه شجاعا أقرع يريده و هو يحيد عنه،فإذا رأى أنّه لا يتخلّص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل (5)،ثمَّ يصير طوقا في عنقه،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:156


1- 1التوبة(9):34. [1]
2- 2) التوبة(9):103. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:680 الحديث 987،سنن البيهقيّ 4:137،كنز العمّال 6:302 الحديث 15795،جامع الأصول 5:296 الحديث 2658.بتفاوت في الثلاثة الأخيرة.
4- 4) م،ن،ش و ك بزيادة:اللّه.
5- 5) كثير من النسخ:الفحل.

سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (1). (2)

و قد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الذهب و الفضّة.

مسألة:و الشرط في وجوب الزكاة فيهما أربعة:

(3)

الملك،و النصاب،و الحول بلا خلاف،و كونهما مضروبين منقوشين بسكّة المعاملة،أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير،فإنّ النقار و السبائك لا تجب فيهما الزكاة،لأنّها ليست نماء في نفسها و لا متّخذة له،فجرت مجرى الأمتعة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين،عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:قلت له:إنّه يجتمع عندي الشيء الكثير (4)نحوا من سنة أ نزكّيه؟فقال:«لا،كلّ ما لم يحل عندك عليه الحول (5)فليس عليك فيه زكاة،و كلّ ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شيء»قال:قلت:و ما الركاز؟قال:«الصامت المنقوش»ثمَّ قال:«إذا أردت ذلك فاسبكه، فإنّه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضّة زكاة» (6).

و عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام قالا:«ليس على التبر زكاة إنّما هي على الدنانير و الدراهم» (7).

مسألة:أكثر علمائنا على أنّ أوّل نصب الذهب عشرون دينارا

،فلا تجب فيما دون

ص:157


1- 1آل عمران(3):180. [1]
2- 2) الفقيه 2:5 الحديث 10،الوسائل 6:10 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الزكاة الحديث 1. [2]
3- 3) ح:و الشرط وجوب الزكاة [3]فيهما.
4- 4) ح بزيادة:قيمته،كما في التهذيب و الوسائل،و [4]المتن مطابق للاستبصار،و في الكافي 3:518: [5]يجتمع عندي الشيء فيبقى نحوا.
5- 5) كثير من النسخ:عليه حول،كما في التهذيب.
6- 6) التهذيب 4:8 الحديث 19،الاستبصار 2:6 الحديث 13،الوسائل 6:105 الباب 8 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [6]
7- 7) التهذيب 4:7 الحديث 18،الاستبصار 2:7 الحديث 16،الوسائل 6:106 الباب 8 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 5. [7]

ذلك زكاة (1)،و هو إجماع المسلمين كافّة.

و قال عليّ بن بابويه من علمائنا:إنّ أوّل نصاب تجب فيه الزكاة أربعون دينارا،فلا يجب فيما دون ذلك شيء (2).و به قال عطاء،و طاوس،و الزهريّ،و سليمان بن حرب (3).

و قال الفقهاء الأربعة (4)،و أكثر الجمهور بما قلناه أوّلا (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عاصم بن ضمرة،عن عليّ عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ليس عليك في الدنانير شيء حتّى يكون لك عشرون دينارا ففيها نصف دينار و ما زاد فبحساب ذلك» (6).

و عن عليّ عليه السلام:«لا شيء في الدنانير حتّى تبلغ عشرين مثقالا،فإذا بلغتها ففيها نصف دينار» (7).

و عن سعيد،عن عليّ عليه السلام:«على كلّ أربعين دينارا دينار،و في كلّ عشرين دينارا نصف دينار» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار،و ليس فيما دون

ص:158


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:209،و ابن إدريس في السرائر:103،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1: 149.
2- 2) نقله عنه في السرائر:103.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) الأمّ 2:40،المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:597،الهداية للمرغينانيّ 1:104، [1]بداية المجتهد 1:255.
5- 5) المغني 2:599، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2:597، [3]المحلّى 6:66،بداية المجتهد 1:255،المجموع 6:17.
6- 6) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573، [4]سنن البيهقيّ 4:138،المجموع 6:2. [5]
7- 7) لم نعثر عليه.
8- 8) المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:598.

العشرين شيء» (1).

و عن عليّ بن عقبة و عدّة من أصحابنا،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شيء،فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة و عشرين،فإذا كملت أربعة و عشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و عشرين،و على هذا الحساب كلّما زاد أربعة» (2).

و عن يحيى بن أبي العلاء (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«في عشرين دينارا نصف دينار» (4).

و لأنّ مقتضى العمومات (5)وجوب الأخذ من كلّ قليل و كثير،ترك العمل به في المجمع عليه،فيبقى الباقي على العموم،و لأنّه أحوط فكان أولى،و لأنّ مائتي درهم بقدر عشرين مثقالا أو أقلّ غالبا،فلمّا وجب في تلك،وجب في هذه.

ص:159


1- 1التهذيب 4:7 الحديث 15،الاستبصار 2:12 الحديث 37،الوسائل 6:94 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 4:6 الحديث 13،الاستبصار 2:12 الحديث 35،الوسائل 6:93 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 5. [2]
3- 3) يحيى بن أبي العلاء الرازيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و استظهر المامقانيّ اتّحاده مع يحيى بن العلاء الرازيّ،الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.و وثّقه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال في التنقيح في ترجمة يحيى بن أبي العلاء:فإن اتّحد مع يحيى بن العلاء الآتي جرى في حقّه التوثيق الآتي و إلاّ اندرج في المجاهيل،و الأظهر الاتّحاد، و قال في ترجمة يحيى بن العلاء:و استظهر في الوجيزة بعد توثيقه إيّاه اتّحاده مع ابن أبي العلاء،الذي يكون في الأسانيد،و قد أصاب في هذا الاستظهار،فإنّ الكلّ متّفقون في ترجمة ابنه جعفر على أنّ جدّه العلاء لا أبو العلاء، فزيادة كلمة«أبي»حيثما كانت من سهو الناسخ،و على هذا فيكون الرجل من أصحاب الباقر عليه السلام. رجال النجاشيّ:444،رجال الطّوسيّ:140 و 333،الفهرست:178، [3]رجال العلاّمة:182، [4]تنقيح المقال 3: 308 و 319. [5]
4- 4) التهذيب 4:6 الحديث 14،الاستبصار 2:12 الحديث 36،الوسائل 6:94 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 8. [6]
5- 5) ق و خا:المقتضى العمومات،ح:المقتضى للعمومات.

احتجّ (1)ابن بابويه بما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم و أبي بصير،و بريد و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«في الذهب في كلّ أربعين مثقالا مثقال،و في الدراهم في كلّ مائتي درهم خمسة دراهم (2)،و ليس في أقلّ من أربعين مثقالا شيء،و لا في أقلّ من مائتي درهم شيء،و ليس في النيّف شيء حتّى يتمّ أربعون (3)فيكون فيه واحد» (4).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

و احتجّ عطاء و أصحابه بأنّ الأموال الزكاتيّة (5)لم يبدأ في شيء منها بالكسر،فينبغي أن يكون الذهب كذلك فلا يجب إلاّ دينار.

و الجواب عن الأوّل:أنّ في طريقه ابن فضّال،و هو ضعيف،و إبراهيم بن هاشم، و لم ينصّ أصحابنا على تعديله صريحا.

قال الشيخ:يجوز (6)أن يكون المراد بقوله:و ليس فيما دون الأربعين شيء،نفي الدينار،لأنّ الشيء محتمل للدينار و الزائد و الناقص فاحتاج (7)إلى بيان،و قد بيّنّا أنّ في عشرين نصف دينار فيحمل النفي على ما ذكرنا (8).و لا ريب في بعد هذا التأويل.

و عن الثاني:أنّ البراءة منتفية (9)مع ورود العمومات،كقوله تعالى:

ص:160


1- 1نقله في المعتبر 2:523. [1]
2- 2) أكثر النسخ:الدراهم.
3- 3) جميع النسخ:أربعين.
4- 4) التهذيب 4:11 الحديث 29،الاستبصار 2:13 الحديث 39،الوسائل 6:94 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 13. [2]في التهذيب:.و في الورق في كلّ مأتي درهم خمسة دراهم.
5- 5) ح:الزكويّة.
6- 6) أكثر النسخ:يحتمل.
7- 7) ح،ق و خا:ممّا يحتاج.
8- 8) التهذيب 4:11،الاستبصار 2:13.
9- 9) كثير من النسخ:منفيّة.

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ (1).و قوله (2)عليه السلام:«هاتوا ربع عشر أموالكم» (3).

و عن الثالث:أنّه لا اعتبار بذلك خصوصا مع النصوص.

فروع:

الأوّل:إذا بلغ الذهب عشرين مثقالا وجب فيه نصف دينار،و قد تقدّم دليله (4).

الثاني:إذا بلغ الذهب عشرين وجبت الزكاة،و لا اعتبار بتقديره بالفضّة.و هو قول أهل العلم،إلاّ ما حكي عن طاوس،و مجاهد،و عطاء أنّهم قالوا:هو معتبر بالفضّة،فما كان قيمته مائتي درهم ففيه الزكاة و إلاّ فلا (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأخذ من عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار،و من الأربعين دينارا دينارا (6).

و عن عمرو بن شعيب (7)،عن أبيه،عن جدّه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«ليس في أقلّ من عشرين مثقالا من الذهب،و لا في أقلّ من مائتي درهم صدقة» (8).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من حديث زرارة عن الباقر عليه السلام و غيره من الأحاديث (9).و لأنّه أحد الأموال الزكويّة تجب في عينه،فلا يعتبر بغيره،كغيره منها.

ص:161


1- 1التوبة(9):103. [1]
2- 2) ح،ق و خا:و من قوله.
3- 3) سنن أبي داود 2:99-100 الحديث 1572،سنن ابن ماجه 1:570 الحديث 1790،سنن البيهقيّ 4: 137-138،سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 3.
4- 4) يراجع:ص 157.
5- 5) حلية العلماء 3:90،المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:597،المجموع 6:18.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1791،المغني 2:599 و فيه:و من الأربعين دينارا،كما في أكثر النسخ.
7- 7) في النسخ:سعيد،و ما أثبتناه من المصدر.
8- 8) سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 7،المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:598،المجموع 6:2.
9- 9) تقدّم في ص 158،159.

احتجّ المخالف بأنّه لم يثبت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تقدير في نصابه،فيحمل على الفضّة (1).

و الجواب:يبطل ذلك بما ذكرناه من الأحاديث (2).

لا يقال:قد روى الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذهب كم عليه من الزكاة؟فقال:«إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة (3)» (4).

لأنّا نقول:لا منافاة بين هذا الحديث،و ما ذكرناه أوّلا،لأنّ الدينار في ذلك الزمان قد كانت قيمته عشرة دراهم،و لهذا خيّر في الديات و غيرها بين الدينار و عشرة دراهم، فهو عليه السلام أخبر عن ذلك الوقت،لأنّ المائتين أصل و الذهب فرع عليه.

الثالث:لو نقص النصاب عن العشرين لم تجب الزكاة،سواء كان النقص يسيرا أو كثيرا.و به قال الشافعيّ (5)،و إسحاق (6)،و أبو حنيفة (7)،و ابن المنذر (8)،و أحمد في إحدى الروايات (9).

ص:162


1- 1المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:598.
2- 2) يراجع:ص 157-161.
3- 3) بعض النسخ:فعليه زكاة،كما في الاستبصار.
4- 4) التهذيب 4:10 الحديث 28،الاستبصار 2:13 الحديث 38،الوسائل 6:92 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [1]
5- 5) الأمّ 2:40،حلية العلماء 3:89،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:7،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 7.
6- 6) المغني 2:597.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:190،تحفة الفقهاء 1:266،بدائع الصنائع 2:18،الهداية للمرغينانيّ 1:104.
8- 8) المغني 2:597.
9- 9) المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:597،الكافي لابن قدامة 1:414،الإنصاف 2:131. [2]

و قال مالك:تجب الزكاة و إن نقص شيئا يسيرا كالحبّة و الحبّتين (1).

لنا:قوله عليه السلام:«ليس عليك في الذهب شيء حتّى يبلغ عشرين مثقالا» (2).

احتجّ مالك بأنّها تؤخذ أخذ الوازنة فأشبهت الوازنة (3).و هو ضعيف،لأنّها إذا أخذت أخذ الوازنة لا تدلّ على وجوب الزكاة،كما أنّ أربعة أوسق من البرنيّ (4)خير من خمسة من أردأ الدقل (5)،و لا تجب هناك و تجب هنا.

الرابع:لو اختلفت الموازين فنقص النصاب في بعضها دون بعض بما جرت العادة به وجبت الزكاة،أمّا لو تساوت الموازين في النقيصة لم تجب،لما تقدّم (6).

مسألة:و لا زكاة في الفضّة حتّى تبلغ مائتي درهم

ففيها خمسة دراهم،و قد أجمع المسلمون على ذلك.

روى الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة» (7).و الأوقيّة بالحجاز أربعون درهما.

و عن عليّ عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:هاتوا ربع العشور من كلّ أربعين درهما درهما،و ليس عليكم شيء حتّى تبلغ مائتي درهم،فإذا بلغتها ففيها

ص:163


1- 1الموطّأ 1:246،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:97-98،بلغة السالك 1:218،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:218،المجموع 6:7، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:7. [2]
2- 2) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573،سنن البيهقيّ 4:137-138.
3- 3) شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:98،الموطّأ 1:247.
4- 4) البرنيّ:نوع من أجود التمر.المصباح المنير 1:45. [3]
5- 5) الدقل-بفتحتين-:أردأ التمر.المصباح المنير 1:197. [4]
6- 6) يراجع:ص 162.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:143 و 147،صحيح مسلم 2:674 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [5]سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [6]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1793،سنن النسائيّ 5:36،الموطّأ 1:244 الحديث 2، [7]سنن الدارميّ 1:384، [8]سنن البيهقيّ 4:120 و 134.

خمسة،فما (1)زاد فبحسابه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام قال:

«ليس في الفضّة زكاة حتّى تبلغ مائتي درهم،فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم، فإذا زادت فعلى حساب (3)ذلك في كلّ أربعين درهما درهم،و ليس في الكسور شيء» (4).

و في الصحيح عن زرارة،عن الباقر عليه السلام:«و في الفضّة إذا بلغت مائتي درهم خمسة دراهم (5)،و ليس فيما دون المائتين شيء،فإذا زادت تسعة و ثلاثين على المائتين فليس فيها شيء حتّى تبلغ الأربعين،و ليس في شيء من الكسور شيء حتّى تبلغ الأربعين» (6).

فروع:

الأوّل:الدراهم في بدأ (7)الإسلام كانت على صنفين:بغليّة-و هي السود (8)- و طبريّة،و كانت السود كلّ درهم منها ثمانية دوانيق،و الطبريّة أربعة دوانيق،فجمعا في الإسلام و جعلا درهمين متساويين،وزن كلّ درهم ستّة دوانيق،فصار وزن كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب،و كلّ درهم نصف مثقال و خمسه،و هو الدرهم الذي قدّر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة،و القطع،و مقدار الديات،و الجزية و غير ذلك.

ص:164


1- 1كثير من النسخ:و ما.
2- 2) سنن أبي داود 2:99-100 الحديث 1572، [1]سنن البيهقيّ 4:135 و 138،سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 3.
3- 3) بعض النسخ:فبحساب.
4- 4) التهذيب 4:12 الحديث 30،الوسائل 6:97 الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 8. [2]
5- 5) كثير من النسخ:الدراهم.
6- 6) التهذيب 4:7 الحديث 15،الوسائل 6:97 الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 6. [3]
7- 7) أكثر النسخ:بدو.
8- 8) ش و م:السواد.

و الدانق:ثماني حبّات من أوسط حبّ الشعير.

الثاني:الاعتبار في بلوغ النصاب بالميزان لا بالعدد.و هو قول العلماء.

و حكي عن أهل الظاهر اعتبار العدد (1)،و هو خطأ،لمخالفة (2)الإجماع.و لما رواه أبو سعيد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة» (3).

و الأوقيّة أربعون درهما،لما روت عائشة قالت:كان صداق أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اثنتي عشرة أوقيّة و نشّ،أ تدرون ما النشّ؟و نصف أوقيّة،عشرون درهما (4).

الثالث:لو نقص النصاب عن المأتين بشيء (5)سقطت الزكاة،قليلا كان النقصان أو كثيرا.و به قال الشافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7).

و قال مالك:إذا نقصت نقصا (8)يسيرا تؤخذ كما تؤخذ الوازنة،وجبت الزكاة (9).

ص:165


1- 1حلية العلماء 3:89،المجموع 6:19،نيل الأوطار 4:198.
2- 2) ص:بمخالفة.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:143 و 147،صحيح مسلم 2:674 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1793،سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [2]سنن النسائيّ 5:36، سنن الدارميّ 1:384، [3]سنن البيهقيّ 4:134.
4- 4) صحيح مسلم 2:1042 الحديث 1426،سنن أبي داود 2:234 الحديث 2105، [4]سنن ابن ماجه 1:607 الحديث 1886،سنن الدارميّ 2:141، [5]مسند أحمد 6:94، [6]سنن البيهقيّ 4:134.بتفاوت في الجميع.
5- 5) أكثر النسخ:شيء.
6- 6) الأمّ 2:39،حلية العلماء 3:89،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:7،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 7،المغني 2:597.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:189،بدائع الصنائع 2:16،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2: 158.
8- 8) كثير من النسخ:نقصانا.
9- 9) الموطّأ 1:247،مقدّمات ابن رشد 1:209،بلغة السالك 1:218،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:98، حلية العلماء 3:89،المحلّى 6:59،المغني 2:579،المجموع 6:7، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 6:7. [8]

و عن أحمد روايتان (1).

لنا:ما تقدّم (2).

مسألة:و ليس فيما زاد على العشرين من الذهب شيء

حتّى يبلغ أربعة دنانير ففيها قيراطان،و هكذا كلّما زاد أربعة كان فيها قيراطان بالغا ما بلغ.

و كذا ليس فيما زاد على المائتين في الفضّة شيء،حتّى تبلغ أربعين ففيها درهم واحد، و هكذا كلّما زاد أربعين كان فيها درهم بالغا ما بلغ.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (3)،و هو مذهب سعيد بن المسيّب، و عطاء،و طاوس،و الحسن،و الشعبيّ،و مكحول،و الزهريّ،و عمرو بن دينار (4).

و قال عمر بن عبد العزيز،و النخعيّ (5)،و مالك (6)،و الثوريّ،و ابن أبي ليلى (7)، و الشافعيّ (8)،و أحمد (9)،و أبو يوسف،و محمّد،و أبو ثور:كلّما زاد على عشرين دينارا

ص:166


1- 1المغني 2:597،الكافي لابن قدامة 1:414،الإنصاف 3:12، [1]المجموع 6:7، [2]الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:600.
2- 2) يراجع:ص 163. [4]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:189،بدائع الصنائع 2:17،تحفة الفقهاء 1:266،الهداية للمرغينانيّ 1:103، شرح فتح القدير 2:159،عمدة القارئ 8:259،المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:441،المجموع 6:17،بداية المجتهد 1:256،الميزان الكبرى 2:8،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116.
4- 4) المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:441،المجموع 6:16، [5]عمدة القارئ 8:259.
5- 5) المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:440،المجموع 6:16.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:242،243،بداية المجتهد 1:256،المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 440،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116،المجموع 6:16،عمدة القارئ 8:260،إرشاد السالك:42، بلغة السالك 1:217.
7- 7) المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:440،المجموع 6:16،عمدة القارئ 8:260.
8- 8) المجموع 6:16،فتح العزيز بهامش المجموع 6:3،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116،المغني 2: 600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:440،عمدة القارئ 8:260،الميزان الكبرى 2:8،مغني المحتاج 1: 389،حلية العلماء 3:91.
9- 9) المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 440،الكافي لابن قدامة 1:415،الإنصاف 3:13، [6]المجموع 6:16،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116،عمدة القارئ 8:259.

وجبت فيه الزكاة،قلّ أو كثر يجب فيه ربع العشر،و كذا يجب ربع العشر في كلّ ما زاد على مائتي درهم (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«في كلّ أربعين درهما درهم» (2).و هذا تقدير شرعيّ فتسقط الزكاة عمّا دونه.و عن معاذ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا بلغ الورق مائتين ففيه خمسة دراهم،ثمَّ لا شيء فيه حتّى يبلغ أربعين درهما» (3).و أربعة دنانير في مقدار أربعين درهما،و الدّرهم في مقدار قيراطين فيدخل تحت هذا النصّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا زاد على المائتي درهم أربعون درهما ففيها (4)درهم،و ليس فيما دون الأربعين شيء»فقلت:فما في تسعة و ثلاثين درهما؟قال:«ليس على التسعة و ثلاثين درهما شيء» (5).

و عن زرارة و بكير ابني أعين أنّهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول:«و ليس في مائتي درهم و أربعين درهما غير درهم إلاّ خمسة دراهم (6)،فإذا بلغت أربعين

ص:167


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:189،تحفة الفقهاء 1:266،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2: 158،مجمع الأنهر 1:205،عمدة القارئ 8:259،حلية العلماء 3:91،المجموع 6:16، [1]المغني 2:600،الشرح الكبير بهامش المغني 2:400.
2- 2) سنن أبي داود 2:99 الحديث 1572، [2]سنن الدارميّ 1:383، [3]سنن الدار قطنيّ 1:92 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:135،138،المصنّف لعبد الرزّاق 4:88 الحديث 7072،7077 و 7082،المعجم الكبير للطبرانيّ 25:312،مجمع الزوائد 3:71.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 3:91 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:135.
4- 4) أكثر النسخ:فعليها.
5- 5) التهذيب 4:12 الحديث 32،الوسائل 6:97 الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 9. [4]
6- 6) أكثر النسخ:الدراهم.

و مائتي درهم ففيها ستّة دراهم (1)،فإذا بلغت ثمانين و مائتي (2)درهم ففيها سبعة دراهم (3)،و ما زاد فعلى هذا الحساب،و كذلك الذهب» (4).

و عن عليّ بن عقبة و عدّة من أصحابنا،عنهما عليهما السلام قالا:«ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شيء،فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة و عشرين،فإذا كملت أربعة و عشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و عشرين،فعلى هذا الحساب كلّما زاد أربعة» (5).

و لأنّه أحد الأموال الزكويّة متّخذ للنماء،ليس نماء في نفسه و له عفو في الابتداء فكان له عفو بعد النصاب كالماشية.

احتجّ المخالف (6)بما روى الحارث عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«هاتوا ربع العشور من كلّ أربعين درهما درهما،و ليس عليكم شيء حتّى يتمّ مائتين،فإذا كانت مائتي درهم ففيها (7)خمسة دراهم،فما زاد فبحساب ذلك» (8).

و لأنّ عليّا عليه السلام و ابن عمر ذهبا إليه و لم يخالفهما أحد من الصحابة فكان إجماعا (9).

ص:168


1- 1أكثر النسخ:الدراهم.
2- 2) أكثر النسخ:و مائتين.
3- 3) أكثر النسخ:فإذا بلغت ثمانين و مائتين ففيها سبعة الدراهم.
4- 4) التهذيب 4:12 الحديث 33،الوسائل 6:97 الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 10. [1]
5- 5) التهذيب 4:6 الحديث 13،الاستبصار 2:12 الحديث 35،الوسائل 6:93 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 5. [2]
6- 6) المغني 2:601،الشرح الكبير بهامش المغني 2:441.
7- 7) في النسخ:ففيه،و ما أثبتناه من المصادر.
8- 8) سنن أبي داود 2:99 الحديث 1572، [3]سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:135 و 138.
9- 9) المغني 2:601،الشرح الكبير بهامش المغني 2:441.

و لأنّه مال يتجزّى (1)فلم يكن له عفو بعد النصاب كالحبوب.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبة،فإنّ المراد:و ما زاد من الأربعينات فبالحساب.و يؤيّده تقديم قوله عليه السلام:«من كلّ أربعين درهما درهما»،و ما نقلناه من طرق (2)الخاصّة.

و عن الثاني:بالمنع من ذلك،فإنّ أهل البيت عليهم السلام نقلوا عن عليّ عليه السلام ما ذهبنا إليه و هم أعرف بمذهبه.

و عن الثالث:أنّ التجزئة و التبعيض (3)لا مدخل لهما في التعليل فيبقى القياس خاليا عن الجامع،بخلاف ما ذكرناه نحن،فإنّ الجامع فيه صالح للعلّيّة.

فروع:

الأوّل:ظهر ممّا ذكرناه (4)أنّ لكلّ واحد من الذهب و الفضّة نصابين و عفوين.

فأوّلهما:في الذهب عشرون دينارا،فلا يجب فيما قلّ.و ثانيهما:فيه أربعة.

و أوّلهما:في الفضّة مائتا درهم فلا يجب فيما نقص عنها (5).و ثانيهما:أربعون درهما.

و العفو الأوّل في الذهب ما نقص عن عشرين،و الثاني ما نقص عن أربعة.و في الفضّة ما نقص عن المائتين،و ما نقص عن الأربعين.

الثاني:المال الذي تجب الزكاة في عينه،كالذهب،و الفضّة،و الأنعام إذا نقص

ص:169


1- 1أكثر النسخ:يتجرّى.
2- 2) كثير من النسخ:طريق.
3- 3) خا،ح و ق:التنقيص.
4- 4) يراجع:157-165.
5- 5) كثير من النسخ:عنهما.

في أثناء الحول انقطع،فإذا تمَّ استؤنف به الحول.و به قال مالك (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:إذا نقص في أثناء الحول و كمل في طرفيه وجبت فيه الزكاة بشرط بقاء شيء منه جميع الحول،فمتى زال ملكه عن جميع النصاب انقطع الحول (4).

لنا:قوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يفيد المال؟قال:«لا يزكّيه حتّى يحول عليه الحول» (6).

و في الحسن عن الباقر عليه السلام:«فإن كانت مائة و خمسين فأصاب خمسين بعد أن يمضي شهر،فلا زكاة عليه حتّى يحول على المائتين الحول» (7).

و لأنّ الناقص لم يحل عليه الحول فبطل الحول،كما لو زال ملكه عن الجميع.

احتجّ بأنّ النصاب وجد في طرفي الحول مع وجود شيء منه في جميعه،فوجبت فيه الزكاة كمال التجارة (8).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي.

ص:170


1- 1بداية المجتهد 1:272،المجموع 6:19.
2- 2) الأمّ 2:40،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:49،المجموع 6:19،مغني المحتاج 1:397.
3- 3) المغني 2:625،الشرح الكبير بهامش المغني 2:625،الكافي لابن قدامة 1:377،الإنصاف 3:31.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:172،الهداية للمرغينانيّ 1:105،شرح فتح القدير 2:168،بدائع الصنائع 2: 51،تحفة الفقهاء 3:272،مجمع الأنهر 1:208،الميزان الكبرى 2:10،بداية المجتهد 1:272،المجموع 6: 20،المغني 1:41،فتح العزيز بهامش المجموع 6:8.
5- 5) كنز العمّال 6:323 الحديث 15861،سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن الترمذيّ 3:26 الحديث 632، [1]سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 8.
6- 6) التهذيب 4:35 الحديث 91،الوسائل 6:115 الباب 15 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 4:35 الحديث 92،الوسائل 6:103 الباب 6 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [3]
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:172،الهداية للمرغينانيّ 1:105،تحفة الفقهاء 1:272،بدائع الصنائع 2:51، شرح فتح القدير 2:168،مجمع الأنهر 1:208.

الثالث:ليس في العفو شيء كما قلنا في الأنعام (1)،فلو ملك إحدى و عشرين وجبت الزكاة في العشرين لا في العفو،و تظهر الفائدة مع (2)التلف بمعنى أنّه لو تلف الزائد لم يسقط من الواجب شيء،و قد مضى الخلاف فيه (3).

الرابع:لو ملك عشرين دينارا و مرّ عليها نصف الحول فملك أربعة أخرى أكملنا حول النصاب الأوّل و أخرجنا منه نصف دينار،ثمَّ استؤنف (4)حول العشرين،لحصول الجبران من الأربعة،و سقط اعتبار النصاب الثاني،أمّا لو ملك في نصف الحول خمسة دنانير مثلا أخذنا الواجب من العشرين عند إكمال حولها و ابتدئ بحول الزائد من حين الملك و أخذ منه الواجب.

مسألة:و لا يجب في الذهب المغشوش و الدراهم المغشوشة زكاة

،إلاّ أن يبلغ ما فيها النصاب.و به قال مالك (5)،و الشافعيّ (6)،و أحمد (7).

و قال أبو حنيفة:يعتبر الأغلب،فإن كان هو الفضّة وجبت الزكاة،و إن غلب الغشّ كانت كالعروض تعتبر بالقيمة (8).

ص:171


1- 1يراجع:ص 95،97 و 128.
2- 2) م و ن:في.
3- 3) يراجع:ص 98.
4- 4) ق و خا بزيادة:منه،ح بزيادة:فيه.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:210،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:218،حلية العلماء 3:92.
6- 6) الأمّ 2:39،حلية العلماء 3:92،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:9 و 19،فتح العزيز بهامش المجموع 6:11،مغني المحتاج 1:390،السراج الوهّاج:124.
7- 7) المغني 2:599،الشرح الكبير بهامش المغني 2:600،الكافي لابن قدامة 1:415،الإنصاف 3:132، حلية العلماء 3:92.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:194،بدائع الصنائع 2:17،الهداية للمرغينانيّ 1:104،شرح فتح القدير 2: 162،المجموع 6:19، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:12، [2]تحفة الفقهاء 1:265،مجمع الأنهر 1:206.

لنا:قوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة» (1)و ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على سقوط الزكاة في الفضّة حتّى تبلغ مائتي درهم (2).

فروع:

الأوّل:يحرم إنفاق الدراهم المغشوشة إلاّ بعد إبانة حالها.و لو كان عليه دين دراهم جيّدة فدفع المغشوشة (3)لم تبرأ ذمّته إجماعا.

الثاني:إذا بلغ صافي المغشوشة نصابا وجبت الزكاة فإن أخرج (4)عنها جيّدا بمقدار المغشوش (5)فقد أدّى الواجب،و زيادة،و فعل الأفضل،و إن أخرج من العين،فإن كان الغشّ لا يختلف،أجزأه،لأنّه يكون مخرجا ربع العشر،و إن اختلف،فإن أخرج الأجود فقد فعل الواجب و زيادة،و إن لم يخرج الأجود،فإن علم مقدار الغشّ،كما لو كان معه ثلاثون دينارا مغشوشة ثلثها غشّ،فإن أخرج من الجيّد عن عشرين نصف مثقال أجزأه،لأنّه القدر (6)الواجب في العشرين،و الغشّ لا زكاة فيه إلاّ أن يكون ممّا يجب فيه الزكاة و يبلغ نصابا أو يكمل به ما عنده نصابا،و إن لم يخرج من الجيّد و أخرج من العين ما يحصل به الاستظهار في البراءة أجزأه أيضا،و إن لم يعلم مقدار الغشّ استظهر (7)في الإخراج إمّا من غير العين أو منها ما يحصل اليقين بالبراءة،و إن لم يفعل الاحتياط،قال الشيخ:يؤمر

ص:172


1- 1صحيح البخاريّ 2:143،صحيح مسلم 2:674 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1793،سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [2]سنن النسائيّ 5:36،سنن الدارميّ 1: 384، [3]سنن البيهقيّ 4:120 و 134.
2- 2) يراجع:ص 161 و 163.
3- 3) كثير من النسخ:المغشوش.
4- 4) ق،ش و خا:فإذا خرج.
5- 5) كثير من النسخ:المغشوشة.
6- 6) ص و ك:قدر.
7- 7) م:يستظهر.

بسبكها (1).و به قال الشافعيّ (2)،لاشتغال الذمّة بيقين،و لا يحصل يقين البراءة إلاّ بالسبك فيجب.

و فيه إشكال من حيث إنّه إضرار بالمالك،فلو قيل يخرج ما تيقّن شغل الذمّة به إمّا من العين أو من الخالص،و ترك المشكوك فيه،لعدم العلم باشتغال الذمّة به،كان وجها.

الثالث:لو كان المغشوش نصابا لا غير لم تجب فيه الزكاة،خلافا لأبي حنيفة (3)، لنقصان الصافي عن النصاب.

الرابع:لو لم يعلم أنّ الخالص من المغشوش بلغ نصابا استحبّ له أن يخرج احتياطا و استظهارا للبراءة،و إن لم يفعل لم يؤمر بالسبك و لا الإخراج،لأنّ بلوغ النصاب شرط و لم يعلم حصوله.

الخامس:لو كان معه دراهم مغشوشة بذهب أو بالعكس و بلغ كلّ واحد من الغشّ و المغشوش نصابا،أو كمل به ما معه من غير المغشوش نصابا وجبت الزكاة فيهما أو في البالغ.

السادس:لو كان معه نصاب خال من الغشّ فأخرج عنه (4)مغشوشا،فإن كان أزيد من الخالص بحيث يبلغ في القيمة مبلغه أجزأه و إلاّ فلا،خلافا لأبي حنيفة (5).

السابع:لا اعتبار باختلاف الرغبة في السكّة مع تساوي الجوهرين في العيار،فإذا كان معه دراهم جيّدة الثمن مثل الرضويّة (6)و الراضية،و دراهم دونها في القيمة و مثلها في

ص:173


1- 1المبسوط 1:210.
2- 2) الأمّ 2:39،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:10،فتح العزيز بهامش المجموع 6:15،مغني المحتاج 1:390،السراج الوهّاج:124،حلية العلماء 3:92.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:104،شرح فتح القدير 2:162،عمدة القارئ 8:260،المبسوط للسرخسيّ 2: 19،بدائع الصنائع 2:17،تحفة الفقهاء 1:265،مجمع الأنهر 1:206.
4- 4) ش:منه.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 6:12.
6- 6) ن و ش بزيادة:منسوبة إلى الرضا عليه السلام.

العيار (1)ضمّ بعضها إلى بعض و أخرج منها الزكاة،و يستحبّ له إخراج الأعلى أو من وسطها،و إن اقتصر على الإخراج من الأدون أجزأه،و لو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون،مثلا يخرج ثلث دينار جيّد قيمته نصف دينار أدون لم يجزئه،لأنّ النصّ تناول (2)نصف دينار و يكون ربا.

و قال بعض الجمهور:لا ربا هنا،لأنّ الزكاة حقّ اللّه تعالى و لا ربا بين العبد و سيّده.

و لأنّ المساواة في المقدار معتبرة في المعاوضات،و القصد في الزكاة المواساة و شكر نعمة اللّه تعالى (3).

الثامن:قال الشيخ رحمه اللّه:الزكاة تجب في المكسور من الدراهم و الدنانير بعد ضربها و نقشها (4).و هو جيّد،لإطلاق اسم الدراهم و الدنانير عليها،و ليست حليّا و لا سبائك.

مسألة:الحلي لا زكاة فيه و إن تضاعفت قيمته

،محلّلا كان كالخلخال و السوار و الخاتم و القرط (5)و الدّملج للمرأة و المنطقة و السيف و خاتم الفضّة للرجل،أو محرّما كحليّ الرجل للمرأة،و حليّ المرأة للرجل.و به قال الحسن،و عبد اللّه بن عتبة،و قتادة (6).

و قال أحمد بن حنبل:خمسة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقولون:

ليس في الحليّ زكاة (7).

ص:174


1- 1ف و غ:المعيار.
2- 2) بعض النسخ:يتناول.
3- 3) المغني 2:602،الشرح الكبير بهامش المغني 2:603،الكافي لابن قدامة 1:415.
4- 4) لم نعثر عليه.
5- 5) بعض النسخ:القرطة.و القرط:ما يعلّق في شحمة الاذن،و الجمع:أقرطة،و قرطة.المصباح المنير 2:498. [1]
6- 6) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:612،المحلّى 6:76.
7- 7) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:612،الإنصاف 3:138. [2]

و قال أبو حنيفة:تجب الزكاة في المحلّل و المحرّم (1).

و قال الشافعيّ:تجب الزكاة في المحرّم،و له في المحلّل قولان (2).

و قال مالك:يزكّي عاما واحدا (3).

و عن أحمد روايتان كأبي حنيفة و الشافعيّ (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس في الحليّ زكاة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الحليّ أ فيه زكاة؟قال (6):«لا» (7).

و في الحسن عن رفاعة قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله بعضهم عن الحلّي فيه (8)زكاة؟فقال:«لا،و إن بلغ مائة ألف» (9).

ص:175


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:192،بدائع الصنائع 2:18،الهداية للمرغينانيّ 1:104،مجمع الأنهر 1:206، تحفة الفقهاء 1:264،شرح فتح القدير 2:163.
2- 2) الأمّ 2:41،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:37،المغني 2:604،مغني المحتاج 1:390،السراج الوهّاج:124،الميزان الكبرى 2:9.
3- 3) المغني 2:604،الموطّأ 1:250.و فيه:فإنّ عليه فيه الزكاة في كلّ عام.
4- 4) الكافي لابن قدامة 1:416، [1]الإنصاف 3:138-139، [2]زاد المستقنع:26،المغني 2:603،604.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:107 الحديث 4،كنز العمّال 6:322 الحديث 15851،سنن الترمذيّ 3:29 الحديث 636، [3]سنن البيهقيّ 4:138.
6- 6) أكثر النسخ:فقال.
7- 7) التهذيب 4:8 الحديث 21،الاستبصار 2:7 الحديث 18،الوسائل 6:107 الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 5. [4]
8- 8) غ و ك:أ فيه.
9- 9) التهذيب 4:8 الحديث 20،الاستبصار 2:7 الحديث 17،الوسائل 6:106 الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 4. [5]

و عن أبي الحسن (1)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحليّ عليه زكاة؟قال:«إنّه ليس فيه (2)زكاة و إن بلغ مائة ألف درهم،كان أبي يخالف (3)الناس في هذا» (4).

و ما تقدّم من قولهم عليهم السلام:«إنّما هي على الدراهم و الدنانير» (5).و لأنّه متّخذ للاستعمال فلا تجب فيه الزكاة كالعوامل.و لأنّه ليس بنماء و لا متّخذ له فكان كثياب القنية.

احتجّ أبو حنيفة (6)بعموم قوله عليه السلام:«في الرقة ربع العشر» (7).

و قوله:«ليس فيما دون خمس أواق صدقة» (8)مفهومه ثبوتها في الخمس.

و ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه،عن جدّه قال:أتت امرأة من أهل اليمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب،فقال (9):«هل تعطين زكاة هذا؟»فقالت:لا،فقال:«أ يسرّك أن يسوّرك اللّه بسوارين من نار؟»فخلعتهما و ألقتهما إلى

ص:176


1- 1أكثر النسخ:أبي المحسن،و في التهذيب و نسخة من الوسائل: [1]أبي الحسن،و هو ابن جلبة بن عياض الليثيّ،قال النجاشيّ:ثقة،و قال الشيخ في الفهرست:أبو الحسن اللّيثيّ،له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة، قال الأردبيليّ:أبو الحسن الليثيّ له كتاب،عنه هارون بن مسلم،و الظاهر من التهذيب في باب زكاة الذهب أنّه روى مروان بن مسلم عنه.و قال السيّد الخوئيّ في ترجمة مروان بن مسلم:في نسخة من الوسائل، [2]أبي المحسن بدل أبي الحسن.رجال النجاشيّ:128،الفهرست:186، [3]رجال العلاّمة:36، [4]جامع الرواة 2:377، [5]معجم رجال الحديث 18:140-142. [6]
2- 2) ن:عليه.
3- 3) أكثر النسخ:و إنّا نخالف،مكان:كان أبي يخالف،و في التهذيب:و أبي يخالف.
4- 4) التهذيب 4:8 الحديث 23،الوسائل 6:107 الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 7. [7]
5- 5) يراجع:ص 157. [8]
6- 6) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:611.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567، [9]سنن النسائيّ 5:23.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:143،صحيح مسلم 2:674 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [10]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [11]سنن النسائيّ 5:36،سنن الدارميّ 1: 384، [12]سنن البيهقيّ 4:120 و 134.
9- 9) ك بزيادة:لها.

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قالت:هما للّه و لرسوله (1).

و لأنّه من جنس الأثمان فأشبه التبر و السبائك.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرقة هي الدراهم،قال أبو عبيد:لا نعلم هذا الاسم في الكلام[المعقول] (2)عند العرب إلاّ على الدراهم المنقوشة ذات السكّة السائرة في الناس، و كذلك الأواقي ليس معناها إلاّ الدراهم،كلّ أوقيّة أربعون درهما (3).

و عن الثاني:بالطعن في سنده،قال أبو عبيد:حديث المسكتين لا نعلم (4)إلاّ من وجه قد تكلّم الناس فيه قديما و حديثا (5).و قال الترمذيّ:ليس يصحّ في هذا الباب شيء (6).

و يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هنا العارية،قال أحمد:ذهب خمسة من الصحابة إلى أنّ زكاة الحليّ إعارته (7).و قد ورد (8)ذلك في أحاديثنا (9)،و يحتمل أن يكونا عملا من ذهب وجبت فيه الزكاة و لم يؤدّ (10)عنه.

و عن القياس:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل،و قد تقدّم (11).

ص:177


1- 1سنن أبي داود 2:95 الحديث 1563، [1]سنن الترمذيّ 3:29-30 الحديث 637، [2]سنن النسائيّ 5:38،سنن البيهقيّ 4:140،سنن الدار قطنيّ 2:108 الحديث 2،بتفاوت.
2- 2) جميع النسخ:المنقول،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:612.
4- 4) كثير من النسخ:لا يعلم.
5- 5) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:612.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:30. [3]
7- 7) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:612،الإنصاف 3:138.
8- 8) كثير من النسخ:روي.
9- 9) الوسائل 6:108 الباب 10 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة.
10- 10) بعض النسخ:يردّ.
11- 11) يراجع:ص 157 و 174.
فروع:

الأوّل:أنّ زكاة الحليّ إعارته.رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«زكاة الحليّ أن يعار» (1).و ليس المراد بذلك (2)وجوب العارية،لأنّها مستحبّة.

الثاني:لا فرق بين كثير الحليّ و قليله في الإباحة و الزكاة.

و قال بعض الجمهور:إذا بلغ ألف مثقال حرم،و فيه الزكاة (3).و هو خطأ،لعموم قوله عليه السلام:«ليس في الحليّ زكاة» (4).و قول الصادق عليه السلام:«ليس فيه زكاة و إن بلغ مائة ألف» (5).

و لأنّ الشارع أباح الحليّ مطلقا و التقييد (6)مناف.

احتجّ المخالف (7)بما رواه عمرو بن دينار قال:سئل جابر عن الحلّي هل فيه زكاة؟ قال:لا،فقيل له:ألف دينار؟فقال:إنّ ذلك لكثير (8).

و الجواب:أنّ ذلك لا يدلّ على التحريم،و لا على وجوب الزكاة،أقصى ما في الباب

ص:178


1- 1التهذيب 4:8 الحديث 22،الاستبصار 2:7 الحديث 19،الوسائل 6:108 الباب 10 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [1]
2- 2) ن،ش و ك:من ذلك.
3- 3) المغني 2:605،الشرح الكبير بهامش المغني 2:621.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:29 الحديث 636،سنن البيهقيّ 4:138،سنن الدار قطنيّ 2:107 الحديث 4،كنز العمّال 6:322 الحديث 15851.
5- 5) التهذيب 4:8 الحديث 23،الاستبصار 2:8 الحديث 20،الوسائل 6:107 الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 7. [2]
6- 6) كثير من النسخ:و التقيّد.
7- 7) المغني 2:605،الشرح الكبير بهامش المغني 2:621،622.
8- 8) سنن البيهقيّ 4:138،المغني 2:605،الشرح الكبير بهامش المغني 2:622،المصنّف لعبد الرزّاق 4:82 الحديث 7046.

أنّه يدلّ على استكثار هذا المقدار،أمّا على التحريم فلا.

و يعارضه:ما رواه أبو الزبير قال:سألت جابر بن عبد اللّه عن الحلّي فيه زكاة؟قال:

لا،قلت:إنّ الحلّي يكون فيه ألف دينار؟قال:و إن كان فيه يعار و يلبس (1).و مع ذلك فقول الصحابيّ ليس بحجّة مع عدم المعارض،فكيف مع وجوده.

الثالث:لا فرق بين أن يتّخذ الحليّ للاستعمال أو للإعارة أو للإجارة أو غيرها من وجوه الاكتساب في سقوط الزكاة.

و للشافعيّ في المتّخذ للإجارة قولان:

أحدهما:تجب فيه الزكاة.و به قال أحمد بن حنبل (2).

و الثاني:لا زكاة فيه (3).و به قال مالك (4).

لنا:العمومات الدالّة على السقوط في الحليّ (5).

احتجّ المخالف بأنّه مرصد للنماء،فتجب فيه كمال التجارة (6).

و الجواب:المنع من حكم الأصل على ما يأتي.

و الفرق:أنّ النماء يسير هنا لا يتعلّق به وجوب الزكاة فكان كالمواشي المعدّة للكراء.

الرابع:لا فرق بين أن يكون الحليّ متّخذا للذخيرة أو للاستعمال في سقوط الزكاة.

و قال الشافعيّ:تجب فيما يعدّ للذخيرة (7).

ص:179


1- 1المغني 2:605،الشرح الكبير بهامش المغني 2:622،المصنّف لعبد الرزّاق 4:82 الحديث 7048.
2- 2) المغني 2:604،الشرح الكبير بهامش المغني 2:614،الكافي لابن قدامة 1:416،زاد المستقنع:26، الإنصاف 3:139.
3- 3) حلية العلماء 3:98،المهذّب للشيرازيّ 1:159،المجموع 6:36،فتح العزيز بهامش المجموع 6:25،مغني المحتاج 1:391،السراج الوهّاج:124.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:246،مقدّمات ابن رشد 1:221،بلغة السالك 1:219.
5- 5) ينظر:الوسائل 6:106 الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:159،المجموع 6:36.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:36،فتح العزيز بهامش المجموع 6:24-25.

لنا:العمومات.

احتجّ بأنّه غير معدّ لاستعمال مباح فأشبه المحرّم (1).

و الجواب:المنع في الأصل على ما مضى و بالفرق بعدم التحريم هنا بخلاف المقيس عليه.

الخامس:ما يجري على السقوف و الحيطان من الذهب حرام،سواء الكعبة و المساجد و غيرها في ذلك.و اختاره الشيخ في بعض كتبه (2)،و رجّح في الخلاف الإباحة (3)،و بالأوّل قال ابن إدريس من أصحابنا (4)،و على القولين لا زكاة فيه،سواء بلغ النصاب أو لا.

و قال الشافعيّ و أكثر الفقهاء:لو جمع و سبك و بلغ نصابا وجبت الزكاة (5).

لنا:ما تقدّم من اشتراط النقش و الضرب (6)،و مع عدم الشرط يسقط الوجوب.

السادس:حلية السيف و اللجام بالذهب حرام،قاله الشيخ (7)،و ابن إدريس (8)، و به قال الشافعيّ (9)،و عن أحمد روايتان (10).

لنا:ما رواه (11)عليّ عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه خرج يوما و في

ص:180


1- 1لم نعثر على هذا الاحتجاج.
2- 2) المبسوط 1:210،النهاية:108.
3- 3) الخلاف 1:341 مسألة-102.
4- 4) السرائر:101.
5- 5) المجموع 6:43.
6- 6) يراجع:ص 157.
7- 7) المبسوط 1:212.
8- 8) السرائر:101.
9- 9) الأمّ 2:41،المهذّب للشيرازيّ 1:159،المجموع 6:38،مغني المحتاج 1:391،فتح العزيز بهامش المجموع 6:27.
10- 10) المغني 2:608،الشرح الكبير بهامش المغني 2:620-621،الإنصاف 3:149-150.
11- 11) أكثر النسخ:روى.

يده قطعة حرير،و قطعة ذهب فقال:«هذان حرام على ذكور أمّتي،حلّ لإناثها» (1).

و لأنّه من الخيلاء و السرف فتسقط عنه الزكاة،لأنّا (2)قد بيّنّا التساوي في المحرّم و المحلّل في السقوط (3).و لأنّه غير متّخذ للنماء فأشبه الأمتعة.

السابع:قال الشيخ في الخلاف:لا نصّ لأصحابنا في تذهيب المحاريب و تفضيضها، و تحلية المصاحف،و ربط الأسنان بالذهب،و الأصل الإباحة (4).و اختلف أصحاب الشافعيّ في ذلك،المباح لا تجب فيه الزكاة و تجب في المحرّم عندهم (5)،و عندنا لا زكاة في الجميع.

الثامن:لا بأس بما يجري من الفضّة على الحيطان و إن كان مكروها،و يجوز تحلية السيف بها،و اتّخاذ الخواتيم منها،و تحلية المنطقة و السيف و اللّجام،و تردّد فيهما الشيخ (6)، و لا زكاة في ذلك كلّه.

قال الشيخ:لا يجوز أن يحلّى المصحف بفضّة،لأنّه حرام (7).و عندي فيه إشكال.

التاسع:يحرم اتّخاذ الأواني من الذهب و الفضّة و قد سلف البحث فيه (8)،و لا زكاة فيها،لعدم الشرط.و أوجب الجمهور الزكاة.أمّا تضبيب الأواني بالفضّة،فمكروه للحاجة و غير الحاجة،قاله الشيخ رحمه اللّه (9).

ص:181


1- 1سنن أبي داود 4:50 الحديث 4057،سنن ابن ماجه 2:1189 الحديث 3595،سنن النسائيّ 8:160،سنن البيهقيّ 2:425،كنز العمّال 15:318 الحديث 41207 و ص 474 الحديث 41875،مسند أحمد 1:96. [1]
2- 2) هامش ح:و لأنّا.
3- 3) يراجع:ص 174.
4- 4) الخلاف 1:341 مسألة-102.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:42،السراج الوهّاج:124.
6- 6) المبسوط 1:212. [2]
7- 7) المبسوط 1:212. [3]
8- 8) يراجع:الجزء الثالث:326.
9- 9) المبسوط 1:213. [4]

العاشر:الحلي و الموروث لا زكاة فيه،و كذا المشترى،سواء تحلّى به أو لا،يحلّى به أهله و أقاربه أو لا،أعدّه للادّخار أو لا،لما تقدّم (1)،خلافا للشافعيّ (2).

مسألة:و لو قصد الفرار بالسبك

،أو بجعل الدراهم و الدنانير حليّا أو أواني،فإن كان بعد الحول وجبت الزكاة إجماعا،لثبوت المقتضي،فلا أثر للسبك بعد تحقّق الوجوب.

و لو كان قبل الحول لم تجب الزكاة عند الحول.و به قال الشيخ رحمه اللّه (3)في النهاية و التهذيب و الاستبصار (4)،و السيّد المرتضى رحمه اللّه في المسائل الطبريّة (5)،و المفيد (6)، و ابن البرّاج (7)،و ابن إدريس (8)،و به قال الشافعيّ،و أبو حنيفة (9).

و قال الشيخ في الجمل (10)،و السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:تجب فيه الزكاة (11).و به قال مالك،و أحمد (12).

لنا:قوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة» (13).و هو إنّما يتناول المنقوش.

ص:182


1- 1يراجع:ص 174. [1]
2- 2) الأمّ 2:42،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:50.
3- 3) ك بزيادة:تعالى.
4- 4) النهاية:175،التهذيب 4:9،الاستبصار 2:8.
5- 5) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):218.
6- 6) المقنعة:38.
7- 7) المهذّب 1:159.
8- 8) السرائر:102.
9- 9) لم نعثر على قولهما.
10- 10) الجمل و العقود:101.
11- 11) جمل العلم و العمل:120.
12- 12) لم نعثر على قولهما.
13- 13) صحيح البخاريّ 2:147،148 و 156،صحيح مسلم 2:675 الحديث 980،سنن النسائيّ 5:36،37،الموطّأ 1:246-248 الحديث 7، [2]مسند أحمد 3:86، [3]سنن البيهقيّ 4:120 و 134،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 6.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين،عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:«و كلّ ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شيء».قال قلت:و ما الركاز؟ قال:«الصامت المنقوش»ثمَّ قال:«إذا أردت ذلك فاسبكه،فإنّه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضّة زكاة» (1).

فإرشاده عليه السلام إلى سقوط الزكاة بالسبك نصّ في الباب.

و ما رواه في الحسن عن هارون بن خارجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:إنّ أخي يوسف (2)ولي لهؤلاء (3)أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة،و إنّه جعل ذلك المال حليّا أراد أن يفرّ به من الزكاة،أ عليه الزكاة؟قال (4):«ليس على الحليّ زكاة،و ما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر ممّا يخاف من الزكاة» (5).

و لأنّ شرط الوجوب منتف فينتفي الوجوب.و لأنّه غير منقوش و لا مضروب، فأشبه الأمتعة في عدم الانتفاع بها و الاستنماء.

احتجّ أصحابنا بما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحليّ فيه زكاة؟قال:«لا،إلاّ ما فرّ به من الزكاة» (6).

ص:183


1- 1التهذيب 4:8 الحديث 19،الاستبصار 2:6 الحديث 13،الوسائل 6:105 الباب 8 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [1]
2- 2) يوسف بن خارجة،يظهر من هذه الرواية،التي رواها هارون بن خارجة الصيرفيّ أنّه أخوه.و ليس له في كتب الرجال عين و لا أثر.التهذيب 4:9 الحديث 26.
3- 3) هامش ح بزيادة:القوم،كما في الوسائل. [2]
4- 4) بعض النسخ:فقال.
5- 5) التهذيب 4:9 الحديث 26،الاستبصار 2:8 الحديث 23،الوسائل 6:109 الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 4. [3]
6- 6) التهذيب 4:9 الحديث 24،الاستبصار 2:8 الحديث 21،الوسائل 6:110 الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 7. [4]

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:الرجل يجعل (1)لأهله الحليّ من مائة دينار و مأتي دينار (2)،و أراني قد قلت له:ثلاثمائة فعليه الزكاة؟قال:

«ليس عليه (3)زكاة» (4)،قال:قلت:فإنّه فرّ من الزكاة فقال:«إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة،و إن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة» (5).

و لأنّه قصد إسقاط الزكاة،فلا تسقط،كما لو طلّق في مرضه فرارا من مشاركة الزوجة في الميراث للورثة.و كما لو قتل مورّثه ليتعجّل الميراث.

و الجواب عن الحديثين:أنّهما محمولان على ما إذا فعل ذلك بعد الحول.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الموثّق-عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

إنّ أباك قال:«من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها»قال:«صدق أبي،إنّ عليه أن يؤدّي ما وجب عليه،و ما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه (6)»ثمَّ قال لي:«أرأيت لو أنّ رجلا أغمي عليه يوما،ثمَّ مات فذهبت صلاته،أ كان عليه و قد مات أن يؤدّيها؟»قلت:لا،قال:«إلاّ أن يكون أفاق (7)من يومه»ثمَّ قال لي:«أرأيت لو أنّ رجلا مرض في شهر رمضان ثمَّ مات فيه أ كان يصام عنه؟»قلت:لا،قال:«و كذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله إلاّ ما حلّ عليه» (8).

ص:184


1- 1كثير من النسخ:يعمل.
2- 2) في المصادر:و المأتي دينار.
3- 3) في المصادر:فيه.
4- 4) خا،م،ن و ش:الزكاة، [1]كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 4:9 الحديث 25،الاستبصار 2:8 الحديث 22،الوسائل 6:110 الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 6. [2]
6- 6) بعض النسخ:منه،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
7- 7) غ:قد أفاق،كما في الاستبصار.
8- 8) التهذيب 4:10 الحديث 27،الاستبصار 2:8 الحديث 24 و فيه:إلاّ ما حال عليه الحول،مكان:ما حلّ عليه،الوسائل 6:109 الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 5. [4]

و عن الثاني:بتسليم حصول القصد إلى الإسقاط و نمنع عدم الإسقاط،و القياس على المريض باطل،لثبوت حقّ الوارث بما زاد على ثلث التركة،و لهذا منع من الوصيّة بالزائد على الثلث،و الطلاق مسقط للثابت فلا يقبل منه،بخلاف الزكاة،فإنّها لم تثبت هنا فلا يكون إسقاطا (1)للثابت،و القياس على القتل باطل،لأنّ الطمع في (2)الميراث يحمل على القتل،و هو مراد العدم للّه تعالى،فالمنع من الميراث مناسب لمراد اللّه تعالى،بخلاف تصرّف المالك في ماله.

فروع:

الأوّل:لو فعل ذلك لا فرارا،بل لغرض صحيح سقطت الزكاة عنه قطعا إن كان قبل الحول.

الثاني:لا تضمّ النقار إلى الفضّة،و لا السبائك إلى الذهب،خلافا للجمهور.

لنا:أنّه ضمّ ما لا تجب فيه الزكاة إلى ما تجب،فلا تتعلّق الزكاة بالجميع،كما لو ضمّ الأمتعة.

الثالث:لا يضمّ عروض التجارة إلى الذهب و لا إلى الفضّة،خلافا للجمهور.

لنا:أنّهما مالان مختلفان،فلا يضمّ أحدهما إلى الآخر كالأجناس المختلفة من الزكويّات (3).

احتجّوا بأنّ الزكاة تجب في قيمة العروض (4).

و الجواب:القيمة ليست كالعين،فإنّ القيمة غير مملوكة مع بقاء العروض فلا يضمّ إلى الملوك.

ص:185


1- 1كثير من النسخ:إسقاطها.
2- 2) ن و ش:على.
3- 3) ن،ش:الزكوات،م:الزكاة.
4- 4) المغني 2:597،الشرح الكبير بهامش المغني 2:610،الإنصاف 3:137،مجمع الأنهر 1:207.

الرابع:لو كان له إناء من فضّة وزنه مائتا درهم،و قيمته لأجل الصنعة ثلاثمائة،فلا زكاة فيه عندنا،و من أوجب الزكاة من أصحابنا مع الفرار (1)هل يجزئه أن يخرج خمسة دراهم عنده؟الوجه:عدم الإجزاء،لأنّ للصنعة قسطا من الثمن،و لهذا تزيد بجودتها، و يضمن الغاصب إتلافها.و به قال الشافعيّ (2)،و محمّد (3).و قال أبو حنيفة (4)،و أبو يوسف:

يجزئه،لأنّه يجزئه أن يخرج المغشوشة عن الجياد عندهما (5).

إذا ثبت أنّه لا يجزئه فإن (6)طلب كسره و دفع ربع عشره لم يجز،لأنّه إتلاف لماله و مال الفقراء.

و إن أخرج خمسة دراهم،قيمتها سبعة دراهم و نصف أجزأه،مصاغة كانت أو مضروبة،لأنّه القدر الواجب،و إن (7)دفع سبعة دراهم و نصف لم يجز،لأنّه ربا،قاله الشيخ، و إن دفع ذهبا أو غيره بقيمة سبعة دراهم و نصف أجزأه،و إن جعل للفقراء ربع عشرها إلى وقت بيعها قبل (8)،هذا إن قلنا:إنّ اتّخاذ الأواني من الذهب و الفضّة مباح،و إنّ المحرّم هو الاستعمال،أمّا إذا قلنا:إنّ اتّخاذها محرّم،فإذا طلب كسرها أجيب إليه.و لو كسرها غاصب لم يضمن القيمة.

الخامس:قد بيّنّا أنّه إذا أخرج المغشوشة عن الجياد لم يجزئه (9)،و هل له أن يرجع في المغشوشة؟قال بعض الجمهور:ليس له ذلك،لأنّه أخرج المعيب في حقّ اللّه تعالى،

ص:186


1- 1منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:120،و الشيخ الطوسيّ في الجمل و العقود:101.
2- 2) حلية العلماء 3:91،المجموع 6:45،فتح العزيز 6:36.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:193،حلية العلماء 3:92،المبسوط للسرخسيّ 3:37.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:37،بدائع الصنائع 2:19،حلية العلماء 3:92.
5- 5) حلية العلماء 3:92.
6- 6) ش و ن:فإذا.
7- 7) كثير من النسخ:فإن.
8- 8) المبسوط 1:211. [1]
9- 9) تقدّم في ص 172.

فأشبه ما إذا وجب عليه عتق عبد فأعتق معيبا لا يجزئ (1).

و قال بعضهم:له الرجوع،لأنّه أخرجه بشرط الأجزاء،فإذا لم يجزئه كان له استرجاعه،كما لو سلف الزكاة فتلف ماله،و يفارق العتق،لأنّه إتلاف.هذا إذا دفعها و قال:

هذه زكاة هذا المال بعينه،أمّا لو أطلق،لم يرجع (2).و هذا عندنا ساقط،لأنّا نجوّز إخراج القيمة،فالواجب عليه إمّا دفع الناقص بالغشّ من الجياد بحيث يكمل المخرج جيّدا،و إمّا أن يخرج جيّدا فحينئذ يرجع على أحسن الوجهين.

السادس:لو انكسر الحلّي لم تجب فيه الزكاة،سواء انكسر كسرا يتعذّر معه اللبس و لا يمكن إلاّ بإعادة صياغته،أو لا يتعذّر،نوت كسره أو لم تنو.خلافا للشافعيّ (3)،لعدم الشرط،و هو الضرب و النقش.

ص:187


1- 1المغني 2:601،الشرح الكبير بهامش المغني 2:604،المجموع 6:8،فتح العزيز بهامش المجموع 6:12.
2- 2) حلية العلماء 3:91،المغني 2:601،الشرح الكبير بهامش المغني 2:604،المجموع 6:8،فتح العزيز بهامش المجموع 6:12.
3- 3) الأمّ 2:42،المجموع 6:9،حلية العلماء 3:97،98،المهذّب للشيرازيّ 1:159،مغني المحتاج 1:391.
البحث السادس:في زكاة الغلاّت
اشارة

(1)

و هي واجبة بالنصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (2).

و الزكاة تسمّى إنفاقا،لقوله تعالى وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ (3).

و قال اللّه تعالى وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (4).قال ابن عبّاس:حقّه:الزكاة المفروضة (5).

و قال تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (6).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فيما سقت السماء و الأنهار و العيون أو كان بعلا (7)العشر» (8).و قال لمعاذ لمّا بعثه إلى اليمن:«خذ الحبّ

ص:188


1- 1ن بزيادة:الأربع.
2- 2) البقرة(2):267. [1]
3- 3) التوبة(9):34. [2]
4- 4) الأنعام(6):141. [3]
5- 5) تفسير الطبريّ 8:53، [4]الدرّ المنثور 3:50. [5]
6- 6) التوبة(9):103. [6]
7- 7) البعل:النخل يشرب بعروقه فيستغنى عن السقي.المصباح المنير 1:55. [7]
8- 8) صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [8]سنن الترمذيّ 3:31 الحديث 639، [9]سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1817.

من الحبّ» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«ما من ذي مال نخل أو كرم،أو زرع يمنع زكاته إلاّ طوّقه اللّه تعالى ريعة (2)أرضه إلى سبع أرضين،إلى يوم القيامة» (3).

و قد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الأجناس الأربعة من الحنطة،و الشعير، و التمر،و الزبيب.

و الأقرب إلحاق العلس،و السلت بها في الوجوب.

مسألة:و الشرط هنا اثنان:

الملك،و النصاب،و يعتبر هنا شرط آخر و هو النموّ على الملك،و لا يعتبر الحول هنا بلا خلاف.

أمّا الملك فلا خلاف في اشتراطه،و أمّا النصاب فقد اتّفق أكثر أهل العلم عليه (4)، لا نعلم فيه خلافا،إلاّ من مجاهد (5)،و أبي حنيفة،فإنّهما أوجبا الزكاة في قليل الغلاّت و كثيرها (6).

ص:189


1- 1سنن أبي داود 2:109 الحديث 1599، [1]سنن ابن ماجه 1:580 الحديث 1814.
2- 2) بعض النسخ:ربقة،و في أكثرها:ربعة،كما في روضة المتّقين،قال المجلسيّ:.و الربع-بالباء الموحّدة-المرتفع من الأرض،و المراد هنا أصل أرضه التي كان فيها النخل و الكرم و الزراعة الواجبة فيها الزكاة.روضة المتّقين 3: 16.
3- 3) الفقيه 2:5 الحديث 1،الوسائل 6:10 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 2:552،الشرح الكبير بهامش المغني 2:554،المجموع 5:497،عمدة القارئ 9:76،فتح العزيز بهامش المجموع 5:565.
5- 5) المغني 2:553،الشرح الكبير بهامش المغني 2:554.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:2،تحفة الفقهاء 1:322،بدائع الصنائع 2:59،الهداية للمرغينانيّ 1:109،شرح فتح القدير 2:186،مجمع الأنهر 1:215،عمدة القارئ 9:73.

و باقي العلماء اشترطوا بلوغها خمسة أوسق،فلا يجب فيما دونها شيء (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ما أنبتت الأرض من الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب ما بلغ خمسة أو ساق-و الوسق ستّون صاعا،فذلك ثلاثمائة صاع-ففيه العشر (3)،و ما كان منه يسقى (4)بالرشاء (5)و الدوالي و النواضح ففيه نصف العشر،و ما سقت السماء أو السيح أو كان بعلا ففيه العشر تامّا،و ليس فيما دون ثلاثمائة صاع شيء،و ليس فيما أنبتت الأرض شيء إلاّ في هذه الأربعة أشياء (6)» (7).

و عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام قال:«في زكاة الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،ليس فيما دون خمسة أو ساق زكاة» (8).

و لأنّه مال تجب فيه الزكاة فيشترط فيه النصاب كغيره من أموال الزكاة.

ص:190


1- 1المجموع 5:500،فتح العزيز بهامش المجموع 5:565،بداية المجتهد 1:265،عمدة القارئ 9:74.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:133،صحيح مسلم 2:674 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1793،سنن الدارميّ 1:384. [2]في الجميع بتفاوت.
3- 3) جملة:«ففيه العشر»ليست في أكثر النسخ،كما في الاستبصار.
4- 4) أكثر النسخ:سقي.
5- 5) الرشاء:الحبل،و الجمع:أرشية.الصحاح 6:2357. [3]
6- 6) أكثر النسخ:الأشياء،و في الاستبصار:أصناف.
7- 7) التهذيب 4:13 الحديث 34،الاستبصار 2:14 الحديث 40،الوسائل 6:120 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 5. [4]
8- 8) التهذيب 4:14 الحديث 35،الاستبصار 2:14 الحديث 41،الوسائل 6:122 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 12. [5]

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله عليه السلام:«فيما سقت السماء العشر» (2).

و لأنّه مال لا يعتبر فيه الحول فلا يعتبر فيه النصاب.

و الجواب عن الأوّل:أنّ أحاديثنا أخصّ فيعمل عليها و يخصّص بها هذا العموم،كما في قوله عليه السلام:«في الرقة ربع العشر» (3).و قد خصّ بقوله عليه السلام:«ليس فيما دون مائتي درهم صدقة» (4).

و قياسه باطل،لأنّ العلّة فيه عدميّة لم يشهد لها شيء من الأصول بالتأثير (5)،مع أنّا نقول:الزرع يكمل نماؤه عند انعقاده (6)فلا يعتبر فيه الحول،أمّا غيره فإنّ الحول مظنّة لاستكمال النماء غالبا و مع الفرق لا قياس (7).

مسألة:و الوسق:ستّون صاعا بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

يكون (8)مقدار النصاب ثلاثمائة صاع،و الصاع:أربعة أمداد،و هذان حكمان (9)مجمع عليهما،و المدّ:

ص:191


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:2،مجمع الأنهر 1:216،عمدة القارئ 9:73.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [1]سنن ابن ماجه 1:580 الحديث 1816 و ص 581 الحديث 1817،سنن النسائيّ 5:41،سنن الدار قطنيّ 2:97 الحديث 9،سنن البيهقيّ 4:130، كنز العمّال 6:328 الحديث 15880،مسند أحمد 3:341، [2]المصنّف لعبد الرزّاق 4:136 الحديث 7240.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567،سنن النسائيّ 5:23،سنن البيهقيّ 4: 134،جامع الأصول 5:310 الحديث 2666.
4- 4) سنن النسائيّ 5:37،مسند أحمد 1:113،سنن الدار قطنيّ 2:92،الحديث 3 و ص 93 الحديث 7، كنز العمّال 6:330 الحديث 15891،مجمع الزوائد 3:69.
5- 5) م،ن و ش:في التأثير،خا،ق و هامش ح:بالبابين.
6- 6) بعض النسخ:عند الانعقاد.
7- 7) غ،ص و ف:فلا قياس.
8- 8) هامش ح:و يكون.
9- 9) بعض النسخ:و هذان الحكمان.

رطلان و ربع بالبغداديّ يكون (1)الصاع تسعة أرطال.و هو قول أكثر علمائنا (2).

و قال ابن أبي نصر منّا:المدّ:رطل و ربع (3).

و قال الشافعيّ:رطل و ثلث (4).

و قال أبو حنيفة:رطلان (5).

لنا:الأصل:عدم الوجوب،و اعتبار الأكثر في النصاب موافق لهذا الأصل فيصار إليه.و قد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع،و المدّ:رطل و نصف،و الصاع:

ستّة أرطال» (6)بأرطال المدينة يكون تسعة أرطال بالعراقيّ.

و لأنّ النصاب شرط،و بالتقدير الأدون لا يتيقّن حصوله،و الأصل عدم شغل الذمّة،فيقف الوجوب على الأعلى.

احتجّ ابن أبي نصر بما رواه سماعة قال:كان الصاع على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة أمداد،و المدّ:قدر رطل و ثلاثة أواق (7).

ص:192


1- 1بعض النسخ:و يكون.
2- 2) منهم:الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:326 مسألة-68،69،و المبسوط 1:214،و النهاية:178، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:165،و سلاّر في المراسم:135،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:533، و [1]ابن بابويه في الهداية:41،و ابن البرّاج في المهذّب 1:166.
3- 3) أورد قوله المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:533. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:74،المجموع 6:129،فتح العزيز بهامش المجموع 6:194،مغني المحتاج 1:382 و 405، السراج الوهّاج:121،المغني 1:255.
5- 5) بدائع الصنائع 2:73،الهداية للمرغينانيّ 1:117، [3]حلية العلماء 3:129،المغني 1:255،الشرح الكبير بهامش المغني 1:255،بداية المجتهد 1:265،تحفة الفقهاء 1:30،شرح فتح القدير 2:230.
6- 6) التهذيب 1:136 الحديث 379،الاستبصار 1:121 الحديث 409،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء الحديث 1. [4]
7- 7) التهذيب 1:136 الحديث 376،الاستبصار 1:121 الحديث 411،الوسائل 1:339 الباب 50 من أبواب الوضوء الحديث 4. [5]

و احتجّ الشافعيّ (1)بأنّ أبا يوسف دخل المدينة فسألهم عن الصاع،فقالوا:خمسة أرطال و ثلث،فسألهم عن الحجّة،فقالوا:غدا،فجاء من الغد سبعون شيخا كلّ واحد منهم آخذ صاعا تحت ردائه فقال:صاعي وزنه هذا (2).

و احتجّ أبو حنيفة (3)بأنّ أنس بن مالك قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ بالمدّ،و هو رطلان،و يغتسل بالصاع (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ سماعة فطحيّ،و مع ذلك فلم يسنده إلى إمام،و مع ذلك فإنّه حكم بأنّ الصاع خمسة أمداد فيكون مقاربا لما قلناه،من أنّ الصاع أربعة أمداد، و الأرطال هنا بمعيار المدينة.

و عن الثاني:بضعف هذه الرواية،فإنّ الباقر عليه السلام ما كان يخفى عنه صاع المدينة،و هو سيّد علمائها و إمامهم،و قد أخبر مالك أنّ عبد الملك (5)تحرّى صاع عمر، و قد كان ينبغي له أن يتحرّى صاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6).

و عن الثالث:أنّها معارضة بما رواه الشافعيّ،فيجب التوقّف فيهما و المصير إلى غيرهما،و ذلك يوجب الأخذ برواياتنا،و قد كتب موسى بن جعفر عليهما السلام:«الصاع

ص:193


1- 1لم نعثر على هذا الاحتجاج.
2- 2) المغني 1:255،الشرح الكبير بهامش المغني 1:255،سنن البيهقيّ 4:171.
3- 3) بدائع الصنائع 2:73،الهداية للمرغينانيّ 1:117،المبسوط للسرخسيّ 1:45،و فيه:عن جابر.
4- 4) سنن أبي داود 1:23 الحديث 95،سنن الترمذيّ 1:83 الحديث 56، [1]سنن الدار قطنيّ 1:94 الحديث 3، المعجم الكبير للطبرانيّ الحديث 863،مجمع الزوائد 1:219.و فيهما:عن أمّ سلمة.
5- 5) عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة الأمويّ أبو الوليد المدنيّ ثمَّ الدمشقيّ،روى عن أبيه و عثمان و معاوية و أمّ سلمة و غيرهم،و روى عنه ابنه محمّد و عروة بن الزبير و آخرون،قال الذهبيّ:أنّى له العدالة و قد سفك الدماء و فعل الأفاعيل.تهذيب التهذيب 6:422، [2]العبر 1:75، [3]ميزان الاعتدال 2:664.
6- 6) نقل عنه في المعتبر 2:534. [4]

ستّة أرطال بالمدنيّ و تسعة أرطال بالعراقيّ» (1)و ذلك نصّ في الباب.

فروع:

الأوّل:الرطل العراقيّ مائة درهم،و ثمانية و عشرون درهما،و أربعة أسباع درهم، و هو تسعون مثقالا،و المثقال درهم و ثلاثة أسباع درهم،و قد روى الشيخ عن سليمان بن حفص المروزيّ،عن أبي الحسن عليه السلام:«إنّ الصاع خمسة أمداد،و المدّ:وزن مائتين و ثمانين درهما،و الدرهم وزن ستّة دوانيق،و الدانق:ستّ حبّات،و الحبّة:وزن حبّتين من شعير من أوسط الحبّ،لا من صغاره و لا من كباره» (2).

الثاني:هذا التقدير تحقيق لا تقريب،فلو نقص النصاب عن خمسة الأوسق و لو قليلا سقطت الزكاة،خلافا لبعض الشافعيّة (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:جرت السنّة أنّه ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة،و الوسق:ستّون صاعا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ليس في النخل صدقة حتّى يبلغ خمسة أوساق،و العنب مثل ذلك» (5).

و عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام قال:«ليس فيما دون

ص:194


1- 1التهذيب 4:83 الحديث 243،الاستبصار 2:49 الحديث 163،الوسائل 6:236 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:135 الحديث 374،الاستبصار 1:121 الحديث 410،الوسائل 1:338 الباب 50 من أبواب الوضوء الحديث 3. [2]في الجميع:«صاع النبيّ خمسة أمداد»مكان:«إنّ الصاع خمسة أمداد».
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:154،المجموع 5:457،فتح العزيز بهامش المجموع 6:565،حلية العلماء 3: 574.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:129 الحديث 2،مجمع الزوائد 3:70.
5- 5) التهذيب 4:14 الحديث 36،الاستبصار 2:15 الحديث 42،الوسائل 6:121 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 11. [3]

خمسة أوساق زكاة» (1).

و لأنّه نصاب يتعلّق به وجوب الفرض فكان محدّدا كغيره.و لأنّ القلّة (2)غير معتبرة في الشرع،لعدم ضبطها فلا بدّ من ضابط،و هو ما قلناه.

احتجّ المخالف بأنّ الوسق في اللّغة الحمل،و هو يزيد و ينقص (3).

و الجواب:التحديد الشرعيّ حظر الزيادة و النقصان.

الثالث:النصب معتبرة بالكيل بالأصواع،و اعتبر الوزن للضبط و التحفّظ (4)،فلو بلغ المكيل النصاب بالكيل و الوزن معا وجبت الزكاة قطعا،و لو بلغ بالوزن دون الكيل فكذلك،و لو بلغ بالكيل دون الوزن كالشعير،فإنّه أخفّ من الحنطة-مثلا-لم تجب الزكاة على الأقوى.

و قال بعض الجمهور:تجب (5)،و ليس بالوجه.

الرابع:لو تساوت الموازين في النقصان اليسير كالرطل-مثلا-لم تجب الزكاة- خلافا لبعض الشافعيّة (6)-لما تقدّم من أنّ التقدير تحقيق لا تقريب.و لو اختلفت الموازين الصحيحة لم يؤثّر النقص اليسير في الوجوب.

الخامس:لو شكّ في وجوب الزكاة فيه،و ليس هناك مكيال و لا ميزان و لم يوجدا لم تجب الزكاة،لوقوع الشكّ في بلوغ النصاب،و الأحوط الإخراج.

السادس:إنّما يعتبر الأوساق عند الجفاف،فلو بلغ الرطب النصاب أو العنب لم يعتبر ذلك،و اعتبر النصاب عند جفافه تمرا أو زبيبا،و هو إجماع.

ص:195


1- 1التهذيب 4:14،الحديث 35،الاستبصار 2:14 الحديث 41،الوسائل 6:122 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 12. [1]في الجميع:فيما دون الخمسة أوساق.
2- 2) غ و ف:الظنّة.
3- 3) المجموع 5:457،فتح العزيز بهامش المجموع 5:565.
4- 4) كثير من النسخ:و الحفظ.
5- 5) المجموع 5:458،فتح العزيز بهامش المجموع 5:566.
6- 6) المجموع 5:457.
مسألة:لا تجب الزكاة في الغلاّت الأربع إلاّ إذا

نمت (1)في ملكه (2)،فلو ابتاع غلّة أو استوهب أو ورث بعد بدوّ الصلاح لم تجب عليه الزكاة.و هو قول العلماء كافّة.

و إذا أخرج الزكاة منها لم يتكرّر عليه،و إن بقيت (3)أحوالا.و هو إجماع العلماء إلاّ الحسن البصريّ (4)،و لا اعتداد بخلافه،لأنّها غير معدّة للنماء،فلا تجب فيها الزكاة كالثياب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«أيّما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدّقها،فليس عليه شيء و إن حال عليه الحول عنده،إلاّ أن يحوّله مالا،فإن فعل (5)فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكّيه، و إلاّ فلا شيء عليه و لو بقيت ألف عام إذا كان بعينه،و إنّما عليه (6)صدقة العشر،فإذا أدّاها مرّة واحدة فلا شيء عليه فيها حتّى يحوّل (7)مالا،و يحول عليه الحول و هو عنده» (8).

فروع:

الأوّل:لو ابتاعها للتجارة تعلّقت زكاة التجارة بها،إمّا وجوبا أو استحبابا،على الخلاف.

الثاني:لو اشتراها قبل بدوّ الصلاح على وجه يصحّ،و بدا صلاحها في يده،وجبت

ص:196


1- 1بعض النسخ:تمّت.
2- 2) أكثر النسخ:على ملكه.
3- 3) بعض النسخ:يثبت.
4- 4) حلية العلماء 3:86،المجموع 5:568.
5- 5) هامش ح بزيادة:ذلك،كما في الوسائل. [1]
6- 6) هامش ح بزيادة:فيها،كما في الوسائل. [2]
7- 7) ح:يحوّله،كما في الوسائل. [3]
8- 8) التهذيب 4:40 الحديث 102،الوسائل 6:133 الباب 11 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [4]

الزكاة على المشتري،لأنّها قبل بدوّ الصلاح كالمعدومة،فكأنّها (1)نمت (2)في ملكه، و سقطت الزكاة عن البائع،و لو عاد البائع[و] (3)اشتراها بعد بدوّ الصلاح وجبت الزكاة على البائع الثاني،كما لو باعها المالك أوّلا بعد بدوّ الصلاح.

الثالث:لو اشترى (4)نخلا و ثمرته (5)قبل بدوّ الصلاح فالزكاة على المشتري،و لو كان بعد بدوّ الصلاح فالزكاة على البائع،لما تقدّم (6).

الرابع (7):لو مات المالك و عليه دين،فظهرت (8)الثمرة و بلغت لم تجب الزكاة على الوارث،لتعلّق الدين بها،و لو قضى الدين و فضل منها النصاب لم تجب الزكاة،لأنّها على حكم مال الميّت،أمّا لو صارت تمرا (9)و المالك حيّ،ثمَّ مات وجبت الزكاة،و إن استغرق الدين التركة،و لو قصرت التركة قدّمت الزكاة.و قيل:يقع التحاصّ (10)،و الوجه:الأوّل، لتعلّق الزكاة بالعين قبل تعلّق الدين بها.

مسألة:و إذا بلغت الغلاّت النصاب وجب فيها العشر

إن لم يفتقر سقيها إلى مئونة كالمسقى سيحا أو بعلا أو عذيا (11).و إن افتقر سقيها إلى مئونة كالدوالي و النواضح،وجب فيها نصف العشر.و عليه فقهاء الإسلام.

ص:197


1- 1غ و خا:فكأنّما،ك و ف:و كأنّها.
2- 2) كثير من النسخ:تمّت.
3- 3) أثبتناها لاستقامة العبارة.
4- 4) ك:إذا اشترى.
5- 5) ن:و تمرته.
6- 6) يراجع:ص 196. [1]
7- 7) بعض النسخ:مسألة.
8- 8) كثير من النسخ:و ظهرت.
9- 9) غ و ف:ثمرا.
10- 10) القائل هو الشيخ في المبسوط 1:218،219.
11- 11) العذي-مثال:حمل-:من النبات و النخل و الزرع ما لا يشرب إلاّ من السماء.المصباح المنير 1:399.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فيما سقت السماء و العيون أو كان عثريّا العشر،و ما يسقى بالنضح نصف العشر» (1).

و روى مسلم عنه عليه السلام:«فيما يسقى بالسانية (2)نصف العشر» (3).

و عن معاذ قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن فأمرني أن آخذ ممّا سقت السماء أو سقي بعلا العشر،و ما سقي بدالية نصف العشر (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن الباقر عليه السلام قال:«ما كان منه يسقى بالرشاء و الدوالي،و النواضح ففيه نصف العشر، و ما سقت السماء أو السيح،أو كان بعلا ففيه العشر تامّا» (5).

و عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام:«و الزكاة فيها العشر فيما سقت السماء أو كان سيحا،أو نصف العشر فيما سقي بالغرب و النواضح» (6).

و في الصحيح عن زرارة و بكير،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«في الزكاة ما كان يعالج بالرشاء و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر،و إن كان يسقى من غير علاج بنهر أو

ص:198


1- 1صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [1]سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1817، سنن الترمذيّ 3:32 الحديث 640، [2]سنن البيهقيّ 4:130،كنز العمّال 6:327 الحديث 15879،المصنّف لعبد الرزّاق 4:133 الحديث 7232. البعل و العثرىّ و العذي:هو الذي يسقى بماء السماء.سنن ابن ماجه 1:581.
2- 2) السانية:البعير يسني عليه،أي:يستقي من البئر.المصباح المنير 1:292. [3]
3- 3) صحيح مسلم 2:675 الحديث 981.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1818،سنن النسائيّ 5:42،بتفاوت فيه،سنن البيهقيّ 4:131.
5- 5) التهذيب 4:13 الحديث 34،الاستبصار 2:14 الحديث 40،فيه ثابتا،الوسائل 6:120 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 5. [4]
6- 6) التهذيب 4:14 الحديث 35،الاستبصار 2:14 الحديث 41،الوسائل 6:126 الباب 4 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 8. [5]

عين،أو بعل (1)أو سماء،ففيه العشر كاملا» (2).

و عن معاوية بن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«فيما سقت السماء و الأنهار، أو كان بعلا فالعشر،فأمّا ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر» (3).

و لأنّ الكلفة تسقط أصلا كالمعلوفة فالبعض أولى.و لأنّ النموّ شرط في الزكاة غالبا، و لهذا لا يجب في غير الباقي،و للكلفة تأثير في تقليله،فأثّرت في تقليل الواجب.

لا يقال:قد روى الشيخ عن زرعة،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة في التمر و الزبيب،فقال:«في كلّ خمسة أو ساق وسق-و الوسق:ستّون صاعا- و الزكاة فيهما سواء» (4).

و عن عثمان بن عيسى،عن سماعة قال:سألته عن الزكاة في الزبيب و التمر،فقال:«في كلّ خمسة أوساق وسق-و الوسق:ستّون صاعا-و الزكاة فيهما سواء،فأمّا الطعام فالعشر فيما سقت السماء،و أمّا ما سقي بالغرب و الدوالي فإنّما عليه نصف العشر» (5).

لأنّا نقول:الحديثان ضعيفان،فإنّ زرعة و سماعة فطحيّان،و الحديث الثاني لم يسنده سماعة إلى إمام،فلا يعارض بهما ما ثبت بالإجماع و الأحاديث الصحاح.

ص:199


1- 1أكثر النسخ:غيل.قال في المصباح المنير 2:460: [1]الغيل:الماء الجاري على وجه الأرض،و في حديث:«و ما سقي بالغيل ففيه العشر».
2- 2) التهذيب 4:16 الحديث 40،الاستبصار 2:15 الحديث 43،الوسائل 6:125 الباب 4 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 4:16 الحديث 41،الاستبصار 2:15 الحديث 41،الوسائل 6:126 الباب 6 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 4:14 الحديث 37،الاستبصار 2:16 الحديث 47،الوسائل 6:127 الباب 5 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 4:15 الحديث 38،الاستبصار 2:16 الحديث 47،الوسائل 6:127 الباب 5 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [5]
فروع:

الأوّل:قال أبو عبيد:العثريّ ما تسقيه السماء،و تسمّيه العامّة العذي (1).و السواني:

هي النواضح،و هي الإبل يستقى بها لشرب الأرض،و العذي:ما سقته السماء،و البعل:ما يشرب (2)بعرقه (3)من غير سقي،لقرب الماء من وجه الأرض،أو كانت عروقه تصل إلى نهر أو ساقية.

الثاني:لا يؤثّر-حفر الأنهار و السواقي،و احتياجها إلى ساق يسقيها،و يحوّل الماء من موضع إلى آخر-في نقصان الزكاة،لأنّ الحفر (4)من جملة إحياء الأرض،و لا يتكرّر كلّ عام،و الساقي لا بدّ منه في كلّ سقي فجرى مجرى الحرث.

و لو كان الماء يجري من النهر في ساقية إلى الأرض،و يستقرّ في مكان قريب من وجهها،و لا يصعد إلاّ بآلة،فهو من الكلفة المسقطة.

الثالث:قيل:لا موجب للتفريق (5)بين ما سقي بالسماء أو بالآلة،لأنّ الزكاة عندكم تجب بعد المئونة و حينئذ يتساوى ما خرج عليه المئونة،و ما لم يخرج (6).

قلنا:حقّ أنّ الإخراج (7)بعد المئونة،لكن تعجيل التعب (8)و الخسارة كاف في الفرق.

الرابع:لو سقي نصف السنة بكلفة،و نصفها بغير كلفة،أخرج من النصف،العشر و من النصف،نصف العشر،فيجب عليه ثلاثة أرباع العشر.و هو إجماع العلماء،لأنّ دوام

ص:200


1- 1المغني 2:556،الشرح الكبير بهامش المغني 2:562.
2- 2) أكثر النسخ:شرب.
3- 3) ش:بعروقه.
4- 4) بعض النسخ:لأنّ الحرث.
5- 5) بعض النسخ:لا يوجب في التفريق.
6- 6) حلية العلماء 3:75.
7- 7) أكثر النسخ:قلنا:جواز الإخراج،مكان:قلنا:حقّ أنّ الإخراج.
8- 8) بعض النسخ:البعث.

كلّ واحد منهما في جميع السنة يوجب مقتضاه،فإذا وجد في نصفه أوجب نصفه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي،ثمَّ يزيد الماء و تسقى سيحا،فقال:«إنّ ذا ليكون عندكم كذلك؟»قلت:نعم،قال:«النصف،و النصف:نصف بنصف العشر،و نصف بالعشر» (1).

الخامس:لو غلب أحد الأمرين على الآخر كان (2)الاعتبار له.و به قال أبو حنيفة (3)،و عطاء،و الثوريّ (4)،و أحمد (5)،و الشافعيّ في أحد القولين.

و في الآخر:يؤخذ بالقسط،فإن شرب بالسيح ثلث السقي-مثلا-كان في ثلثه العشر،أو الربع كان فيه العشر و على هذا (6).

لنا:أنّ اعتبار السقيات و تقسيط الزكاة بعددها ممّا يشقّ جدّا،فيسقط اعتباره، كالعدل إذا كانت طاعاته أكثر لم يعتدّ بالمعصية الأقلّ في سقوط عدالته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قلت:

الأرض تسقى بالدوالي،ثمَّ يزيد الماء فتسقى السقية و السقيتين (7)سيحا؟قال:«و كم تسقى

ص:201


1- 1التهذيب 4:16 الحديث 41،الاستبصار 2:15 الحديث 44،الوسائل 6:128 الباب 6 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [1]
2- 2) بعض النسخ:فإنّ،مكان:كان.
3- 3) بدائع الصنائع 2:62،الهداية للمرغينانيّ 1:110،شرح فتح القدير 2:190،المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563،تحفة الفقهاء 1:322.
4- 4) المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563.
5- 5) المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563،الكافي لابن قدامة 1:406،الإنصاف 3:100،زاد المستقنع:25.
6- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 5:579،مغني المحتاج 1:385،المجموع 5:463،السراج الوهّاج:122،المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563،المهذّب للشيرازيّ 1:155،حلية العلماء 3:76.
7- 7) أكثر النسخ:و السقيتان.

السقية و السقيتين (1)سيحا؟»قلت:في ثلاثين ليلة،أربعين ليلة،و قد مكث قبل ذلك في الأرض ستّة أشهر سبعة أشهر،قال:«نصف العشر» (2).

احتجّ المخالف بأنّ التقسيط ثابت مع النقيصة،فكذا (3)مع الزيادة (4).

و الجواب:مع التنصيف لا أولويّة و لا مشقّة في ضبط السيح من غيره،بخلاف الأغلبيّة.

السادس:لو سقي بالسيح و الدولاب و لم يعلم الأغلب،جعلهما (5)نصفين و أخذ من كلّ واحد بالحصّة.

و قال أحمد:يؤخذ العشر (6).

لنا:تساويهما في الاحتمال،فيقسّط (7)عليهما (8)بالسويّة كما لو تنازعا دارا،لعدم المرجّح.

احتجّ أحمد بأنّ الأصل وجوب العشر،و مع عدم تحقّق المسقط يكون ثابتا.و لأنّ الكلفة مشكوك (9)فيها فلا يعتبر مع الشكّ (10).

و الجواب:الأصل براءة الذمّة،و الشكّ في الكلفة يقتضي الشكّ في عدمها فلا

ص:202


1- 1أكثر النسخ:و السقيتان.
2- 2) التهذيب 4:16 الحديث 41،الاستبصار 2:15 الحديث 44،الوسائل 6:128 الباب 6 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [1]
3- 3) أكثر النسخ:و كذا.
4- 4) المجموع 5:463،فتح العزيز بهامش المجموع 5:579.
5- 5) ك:جعلها.
6- 6) الكافي لابن قدامة 1:406،الإنصاف 3:100،المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563، زاد المستقنع:25.
7- 7) أكثر النسخ:فيسقط.
8- 8) بعض النسخ:عليها.
9- 9) بعض النسخ:مشكوكة.
10- 10) الكافي لابن قدامة 1:406،المغني 2:557،الشرح الكبير بهامش المغني 2:563.

ترجيح.

السابع:لو كان له زرعان يسقي أحدهما سيحا و الآخر ناضحا ضمّا في تكميل النصاب و أخذ من كلّ واحد منهما ما وجب فيه (1).

الثامن:لو تنازع المالك و الساعي في أيّهما سقي أكثر،كان القول قول المالك بغير يمين،لأنّ المتصدّق لا يحلف على صدقته.

مسألة:و ما زاد على النصاب

،وجب فيه العشر أو نصف العشر،على التفصيل المتقدّم،قلّ أو كثر،بلا خلاف بين العلماء في ذلك،لأنّه نماء في نفسه فلم يعتبر له نصاب ثان، و قد ظهر من هذا أنّ للغلاّت الأربع (2)نصابا واحدا،و هو خمسة أوسق،و عفوا واحدا، و هو ما نقص عن ذلك.

مسألة:قال الشيخ:و يتعلّق الوجوب بالحبوب إذا اشتدّت

،و بالثمار إذا بدا صلاحها (3).و هو قول أكثر الجمهور (4).

و قال بعض أصحابنا:إنّما يتعلّق الوجوب بها إذا صار الزرع حنطة أو شعيرا،و الثمار تمرا و (5)زبيبا (6)،و كان والدي رحمه اللّه يذهب إلى هذا،و الوجه عندي:الأوّل،لأنّه قد ورد في وجوب الزكاة في العنب:إذا بلغ خمسة أوسق زبيبا (7).و لأنّ النّصّ (8)تناول (9)

ص:203


1- 1ن و ش:عليه.
2- 2) بعض النسخ:في الغلاّت الأربع.
3- 3) المبسوط 1:214. [1]
4- 4) المغني 2:561،المجموع 5:465، [2]الإنصاف 3:101.
5- 5) أكثر النسخ:أو.
6- 6) هو المحقّق في المعتبر 2:534،و [3]ابن الجنيد نقله عنه في المختلف:178.
7- 7) التهذيب 4:14 الحديث 36،الاستبصار 2:15 الحديث 42،الوسائل 6:121 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 11. [4]
8- 8) يراجع:الوسائل 6:119 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت. [5]
9- 9) بعض النسخ:يتناول.

الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،و لا ريب في تسمية الحبّ إذا اشتدّ بالحنطة و الشعير، و في تسمية البسر بالتمر،فإنّ أهل اللّغة نصّوا على أنّ البسر نوع من التمر (1)،و كذا نصّوا على أنّ الرطب نوع من التمر.

و الفائدة تظهر فيما لو تصرّف قبل صيرورته تمرا و (2)زبيبا لم يضمن على القول الثاني، و يكون ضامنا على قولنا،لتحقّق الوجوب.

و قد اتّفق العلماء على أنّه لا يجب الإخراج في الحبوب إلاّ بعد التصفية،و في التمر (3)إلاّ بعد التشميس و الجفاف.

فروع:

الأوّل:لو تلف قبل الجفاف بتفريط ضمن،و إن كان بغير تفريط لم يضمن.أمّا الأوّل:فعلى قولنا خاصّة.و أمّا الثاني:فإجماع.

و لو تلف بعد الجفاف بتفريط ضمن إجماعا،و إن كان بغير تفريط،فإن تمكّن من الأداء ضمن أيضا،و إلاّ فلا،لما تقدّم من أنّ إمكان الأداء شرط في الضمان (4).

الثاني:إنّما يعتبر النصاب في التمر و الزبيب بعد الجفاف،فلو بلغ العنب و الرطب نصابا لم يعتدّ به و إن تعلّقت الزكاة بجنسه،بل إذا (5)بلغ مع التشميس و الجفاف نصابا وجبت فيه الزكاة،و إلاّ فلا.

الثالث:لو قطع الثمرة (6)قبل أن يبدو صلاحها لحاجة فلا زكاة عليه إجماعا،و ذلك

ص:204


1- 1الموجود في كتب اللغة:أنّه مرحلة من مراحل نضوج التمر.الصحاح 2:589، [1]لسان العرب 4:58، [2]مجمع البحرين 3:221. [3]
2- 2) كثير من النسخ:أو.
3- 3) ص:الثمار.
4- 4) يراجع:ص 147. [4]
5- 5) بعض النسخ:إن.
6- 6) بعض النسخ:التمرة.

كما لو أصابها عطش،أو احتاج إلى بيعها طلعا أو خلالا.و لا يكره له ذلك،لأجل الحاجة، أمّا لو فعل (1)فرارا من الزكاة،فإنّ الزكاة لا تجب عليه أيضا،و يكون قد فعل مكروها.

و قال مالك (2)،و أحمد:تجب عليه الزكاة (3).و ليس بالمعتمد.

الرابع:لو قطع طلع الفحّال لم يجب عليه شيء إجماعا،لأنّه لا يجيء منه شيء تجب فيه الزكاة،فكان بمنزلة الثمار التي لا زكاة فيها.

الخامس:لو تلف بعض الثمرة (4)بعد بدوّ الصلاح،قبل الجذاذ بغير تفريط،فإن كان الباقي نصابا وجبت الزكاة فيه إجماعا،و لا يضمن حصّة التالف قولا واحدا،و إن لم يكن الباقي نصابا وجبت الزكاة فيه إذا كانت قبل التلف نصابا على ما اخترناه،يجب فيه بقدره، لأنّ المسقط اختصّ بالبعض فاختصّ السقوط به،كما لو تلف بعض الماشية بعد تعلّق الوجوب بها.

و على قول بعض أصحابنا لا شيء عليه،لأنّ التلف وقع قبل تعلّق الوجوب،و الباقي ليس بنصاب.

السادس:الذمّيّ و إن وجبت الزكاة عليه عندنا،إلاّ أنّها لا تؤخذ منه.

إذا ثبت هذا فإذا باعه المسلم زرعا قبل بدوّ صلاحه فتركه الذمّيّ حتّى اشتدّ،لم تؤخذ منه الزكاة و لا من البائع،لأنّه حين وجوب الزكاة كان ملكا للكافر.و لو ردّه الذمّيّ لعيب فيه بعد اشتداده لم تجب الزكاة عليه،أمّا لو ظهر فساد البيع من أصله،بأن ظهر استحقاق الثمن المعيّن،هل تجب (5)الزكاة؟فيه تردّد،أقربه عدم الوجوب على البائع،لعدم تمكّنه من التصرّف ظاهرا.

ص:205


1- 1ف و غ بزيادة:ذلك.
2- 2) المجموع 5:468.
3- 3) المغني 2:564،الشرح الكبير بهامش المغني 2:566،الكافي لابن قدامة 1:407،الإنصاف 3:101.
4- 4) بعض النسخ:التمرة.
5- 5) ك بزيادة:فيه.

السابع:لو مات المدين قبل اطلاع النخل تعلّق الدين بالنخل،فإن قلنا:إنّ الدين لا يمنع من انتقال الملك إلى الورثة،فإذا أطلع (1)و بدا صلاحه (2)وجبت الزكاة فيه،لحدوثها في ملكهم.و إن قلنا بالمنع من الانتقال،فلا زكاة هنا.

أمّا لو مات بعد الاطلاع فإنّ الدّين يتعلّق بالأصول و الثمرة،و ينتقل (3)الأصول و الثمرة إلى الوارث إن قلنا:إنّ الدّين لا يمنع من الانتقال،فإذا بدا صلاحها وجبت الزكاة.

هكذا قاله الشيخ (4).و ليس بالوجه،لأنّ إمكان التصرّف شرط في الوجوب.

الثامن:لو كان له رطب لا يجفّف مثله-كالهلباث (5)و البرنيّ (6)،فإنّ هذا لا يجفّف في العادة-وجبت الزكاة فيه،لقوله عليه السلام:«فيما سقت السماء العشر» (7).

و يعتبر بلوغه خمسة أوسق تمرا،و هل يعتبر بنفسه أو بغير جنسه؟قال بعض الجمهور:يعتبر بجنسه و يعتبر بأقرب الأرطاب إليه ممّا يجفّف (8).و الوجه عندي:اعتباره بنفسه.

مسألة:و لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة و البطؤ

،بأن يكون في بلدين مزاج أحدهما أسخن من الآخر،فتدرك الثمرة (9)في الأسخن قبل إدراكها في الآخر،فإنّه يضمّ

ص:206


1- 1كثير من النسخ:طلع.
2- 2) كثير من النسخ:صلاحها.
3- 3) غ و ن:تنتقل.
4- 4) الخلاف 1:332 مسألة-82،المبسوط 1:218،219.و [1]في أكثر النسخ:قاله الشافعيّ مكان:قاله الشيخ. ينظر قوله في المجموع 5:588،589.
5- 5) الهلباث:ضرب من التمر.لسان العرب 2:198. [2]
6- 6) البرنيّ:ضرب من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء عذب الحلاوة.لسان العرب 13:50. [3]
7- 7) صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [4]سنن الترمذيّ 3:32 الحديث 640، [5]سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1817،سنن البيهقيّ 4:130،كنز العمّال 6:327 الحديث 15879،المصنّف لعبد الرزّاق 4:133 الحديث 7232،سنن الدار قطنيّ 2:97 الحديث 9.
8- 8) المجموع 5:459،فتح العزيز بهامش المجموع 5:568.
9- 9) بعض النسخ:التمرة.

الثمرتان إذا كان (1)لعام واحد و إن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر،لأنّ اشتراك إدراك الثمار في الوقت الواحد متعذّر،و ذلك يقتضي إسقاط الزكاة غالبا،و لا نعرف في هذا خلافا.

فروع:

الأوّل:لا فرق بين النخل و الزرع و الكرم في ذلك،فلو أدرك بعض الزرع في بعض الأمكنة دون بعض ضممنا (2)مال المالك الواحد،فإن (3)بلغ النصاب وجبت الزكاة، و إلاّ فلا.

الثاني:لو كان له نخل في بعضها رطب،و في بعضها بسر،و في بعضها بلح (4)فجذّ الرطب،فإن كان نصابا أخذت الزكاة منه،و إذا أدرك الباقي أخذت الزكاة منه مطلقا قلّ أو كثر،و إن لم يبلغ نصابا ضممناه إلى الباقي،فإذا (5)بلغ البسر و البلح وجبت الزكاة إن بلغ الجميع نصابا،و إلاّ فلا.

الثالث:لو كان له نخيل يطلع بعضها قبل بعض ضممنا الجميع،فإنّه كما لم يشترط التوافق في زمن الإدراك،فكذا لا يشترط التوافق في زمن الاطلاع.

الرابع:لو كان له نخل بتهامة،و نخل بنجد فأثمرت التهاميّة و جذّت،ثمَّ بلغت النجديّة فإنّها تضمّ إلى التهاميّة بلا خلاف،فإن (6)أطلعت التهاميّة مرّة ثانية في ذلك العام قبل أن تجذّ النجديّة ضمّت إحداهما إلى الأخرى،خلافا للشيخ (7)،

ص:207


1- 1كثير من النسخ:كانا.
2- 2) بعض النسخ:صحّحنا.
3- 3) كثير من النسخ:فإذا.
4- 4) البلح:ثمر النخل ما دام أخضر قريبا إلى الاستدارة إلى أن يغلظ النوى و هو كالحصرم من العنب.المصباح المنير 1:60. [1]
5- 5) غ و ف:فإن.
6- 6) ح:و إن،ك،م،خا و ق:فإذا.
7- 7) المبسوط 1:215. [2]

و للشافعيّ (1).

لنا:أنّهما ثمرة عام واحد فأشبه ما لو اتّفقا في الاطلاع.

احتجّ بأنّا لو ضممناها إلى النجديّة،لوجب ضمّها إلى التهاميّة،فيكون قد ضممنا ثمرة نخلة إلى ثمرتها مرّة أخرى،و يجب بذلك ضمّ ثمرة عام إلى ثمرة عام آخر (2).

و الجواب:المنع من الملازمة.

الخامس:لو كان له نخل يطلع في السنة مرّتين،قال الشيخ:لا تضمّ إحداهما إلى الأخرى،لأنّها في حكم ثمرة سنتين (3).و ليس بالوجه،و الأقرب:الضمّ،لأنّهما ثمرة عام واحد.

مسألة:و إذا كان النخل جيّدا كالبرديّ

،و هو أجود نخل بالحجاز أخذ من ثمرها، فإن أخرج من غيرها و كان مساويا جاز،و إن كان أردأ لم يجز،لقوله تعالى لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ (4).

و إن كان كلّه رديئا كالجعرور (5)و مصران الفأرة (6)أخذ منه و أجزأ،لأنّ الحقّ يجب فيه فلا يكلّف غيره.

و لو كان له جيّد و رديء،أخرج ما يسمّى تمرا،و إن تطوّع بالأجود فهو أفضل، و لو أخرج من كلّ نوع بقسطه فهو حسن.

روى الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

ص:208


1- 1مغني المحتاج 1:384،المجموع 5:459،المغني 2:594،الشرح الكبير بهامش المغني 2:558،حلية العلماء 3:75،السراج الوهّاج:122.
2- 2) مغني المحتاج 1:384،المجموع 5:460،461.
3- 3) المبسوط 1:215. [1]
4- 4) آل عمران(3):92. [2]
5- 5) الجعرور:نوع رديء من التمر.المصباح المنير 1:102. [3]
6- 6) مصران الفأرة-بصيغة الجمع-:ضرب من رديء التمر.المصباح المنير 2:574. [4]

التمر و الزبيب،ما أقلّ ما تجب فيه الزكاة؟فقال:«خمسة أوساق و يترك معافارة (1)و أمّ جعرور و لا يزكّيان و إن كثرا» (2).

و الوجه في هذه الرواية:أنّه لا يزكّى منهما،لا أنّه لا يجب فيهما الزكاة لو بلغا النصاب.

مسألة:و زكاة الزرع و الثمار بعد المئونة

،كأجرة السقي و العمارة،و الحصاد و الجذاذ و الحافظ،و بعد حصّة السلطان.و به قال أكثر أصحابنا (3)،و اختاره الشيخ أيضا في النهاية (4)،و ذهب إليه عطاء (5).

و قال في المبسوط و الخلاف:المئونة على ربّ المال دون الفقراء (6)،و هو قول الفقهاء الأربعة (7).و الأقرب:الأوّل.

لنا:أنّه مال مشترك بين المالك و الفقراء،فلا يختصّ أحدهم بالحيازة عليه،كغيره من الأموال المشتركة.و لأنّ المئونة سبب في الزيادة فيكون على الجميع.و لأنّ إلزام المالك بالمئونة كلّها حيف عليه و إضرار به و هو منفيّ.و لأنّ الزكاة مواساة فلا تتعقّب الضرر.

و لأنّها في الغلاّت تجب في النماء و إسقاط حقّ الفقراء من المئونة مناف.

ص:209


1- 1معافارة:ضرب من رديء تمر الحجاز.لسان العرب 15:288. [1]
2- 2) التهذيب 4:18 الحديث 47،الوسائل 6:119 الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 3. [2]
3- 3) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:123،و الصدوق في المقنع:48،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:165،و سلاّر في المراسم:132،و ابن البرّاج في المهذّب 1:166.
4- 4) النهاية:178.
5- 5) نقله عنه في الخلاف 1:329.
6- 6) المبسوط 1:217،الخلاف 1:329 مسألة-77.
7- 7) المغني 2:570،المجموع 5:532،الهداية للمرغينانيّ 1:110،بدائع الصنائع 2:62،بلغة السالك 1: 214.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السلام:«فيما سقت السماء العشر» (2).

و بقوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة» (3).

و الجواب:العشر إنّما يجب في النماء و الفائدة،و ذلك لا يتناول المئونة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«و يترك للحارس العذق (4)و العذقان،و الحارس يكون في النخل ينظره فيترك ذلك لعياله» (5).و إذا ثبت ذلك في الحارس،ثبت في غيره،ضرورة عدم القائل بالفرق.

فروع:

الأوّل:البذر من المئونة،لأنّ الزكاة إنّما تجب في النماء و ليس هو منه.و لأنّ إيجاب الزكاة في البذر يستلزم تكرير وجوب الزكاة في الغلاّت،و قد أجمع المسلمون على خلافه.

الثاني:المؤن تخرج وسطا من المالك و الفقراء،فما فضل و بلغ نصابا أخذ منه العشر أو نصفه.

الثالث:خراج الأرض يخرج وسطا،ثمَّ يزكّى ما بقي إن بلغ نصابا،إذا كان المالك مسلما.و هو مذهب علمائنا،و أكثر الجمهور (6).

ص:210


1- 1ينظر لقول الشيخ:الخلاف 1:329 مسألة-77،و لقول فقهاء العامّة:بدائع الصنائع 2:57.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [1]سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1817، سنن الترمذيّ 3:32 الحديث 640، [2]سنن الدار قطنيّ 2:97 الحديث 9.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:156،سنن الدارميّ 1:385، [3]كنز العمّال 6:327 الحديث 15876،سنن الدار قطنيّ 2: 99 الحديث 19.
4- 4) العذق:النخلة نفسها،و يطلق العذق على أنواع من التمر.المصباح المنير 2:399. [4]
5- 5) التهذيب 4:18 الحديث 47،الوسائل 6:131 الباب 8 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 3. [5]
6- 6) المغني 2:587،المجموع 5:535،المدوّنة الكبرى 1:345.

و قال أبو حنيفة:لا زكاة في الأرض الخراجيّة (1).

لنا:قوله تعالى وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (2).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فيما سقت السماء العشر» (3).

و ذلك عامّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي بصير و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنّهما قالا له:هذه الأرض التي تزارع أهلها ما ترى فيها؟فقال:

«كلّ أرض دفعها إليك سلطان (4)فما حرثته فيها فعليك فيما (5)أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه،و ليس على جميع ما أخرج اللّه منها العشر،إنّما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك» (6).

و عن صفوان بن يحيى،و أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:«و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يراه (7)كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر قبّل سوادها و بياضها-يعني أرضها و نخلها-و الناس يقولون:لا تصلح قبالة الأرض و النخل، و قد قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر،و على المسلمين سوى قبالة الأرض،العشر

ص:211


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:112،تحفة الفقهاء 1:323،مجمع الأنهر 1:219،بدائع الصنائع 2:57،المبسوط للسرخسيّ 2:207،شرح فتح القدير 2:200.
2- 2) البقرة(2):267. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:155،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [2]سنن ابن ماجه 1:581 الحديث 1817، سنن الترمذيّ 3:31 الحديث 639، [3]سنن البيهقيّ 4:131،كنز العمّال 6:327 الحديث 15878،15879.
4- 4) بعض النسخ:السلطان،كما في الوسائل. [4]
5- 5) ح:بما،خا:فيما.
6- 6) التهذيب 4:36 الحديث 93،الاستبصار 2:25 الحديث 70،الوسائل 6:129 الباب 7 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [5]
7- 7) في المصادر:يرى.

و نصف العشر في حصصهم» (1).

و لأنّهما حقّان مختلفان لمستحقّين متغايرين،يجوز وجوب كلّ واحد منهما على المسلم،فجاز اجتماعهما كالكفّارة و القيمة في الصيد المملوك.

احتجّ المخالف (2)بقوله عليه السلام:«لا يجتمع العشر و الخراج في أرض مسلم» (3).

و لأنّهما حقّان سببا هما متنافيان،فلا يجتمعان كزكاة السائمة و التجارة.

و بيان التنافي:أنّ الخراج وجب عقوبة،لأنّه جزية الأرض،و الزكاة وجبت شكرا.

و الجواب عن الأوّل:أنّ راويه يحيى بن عنبسة (4)و هو ضعيف،و مع ذلك فهو محمول على الخراج،الذي هو جزية و حينئذ لا يجتمعان،و ليس البحث فيه،لأنّا نتكلّم في زرع المسلم.

و عن الثاني:بالفرق بين زكاة التجارة و السائمة و صورة النزاع،لأنّ التجارة و زكاة السوم زكاتان،و لا يزكّى المال من وجهين،أمّا الخراج فليس زكاة،لأنّ الخراج يلزم الأرض،و الزكاة في الزرع،و المستحقّان مختلفان.

و قوله:الخراج وجب عقوبة،مسلّم في حقّ الذمّيّ،أمّا في حقّ المسلم فهو أجرة (5)و ليس عقوبة.

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن رفاعة بن موسى قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:212


1- 1التهذيب 4:118 الحديث 341،الاستبصار 2:25 الحديث 73،الوسائل 6:124 الباب 4 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 1. [1]في الجميع:و على المتقبّلين،مكان:و على المسلمين.
2- 2) بدائع الصنائع 2:57،مجمع الأنهر 1:219،المبسوط للسرخسيّ 2:208،شرح فتح القدير 2:200.
3- 3) سنن البيهقيّ 4:132،المجروحين لابن حبّان 3:124،ميزان الاعتدال 4:400.
4- 4) يحيى بن عنبسة القرشيّ البصريّ روى عن أبي حنيفة،عن حمّاد،عن علقمة،عن عبد اللّه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال ابن حبّان:دجّال وضّاع،و نقل الذهبيّ في الميزان عن ابن عديّ أنّه قال:هو منكر الحديث مكشوف الأمر في ضعفه،لرواياته عن الثقات الموضوعات. المجروحين لابن حبّان 3:124،ميزان الاعتدال 4:400،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 3:201.
5- 5) أكثر النسخ:أجره،و ما أثبتناه من نسخة ك.

عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدّي خراجها هل عليه فيها عشر؟قال:«لا» (1).

و عن أبي كهمس (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من أخذ منه السلطان الخراج فلا زكاة عليه (3).

لأنّا نقول:المراد بذلك أنّه لا زكاة عليه في جميع ما تخرج الأرض،بل تجب عليه بعد الخراج.

مسألة:و يجوز الخرص على أرباب النخل و الكرم

،و يضمّنهم الخارص حصّة الفقراء.و به قال أكثر الفقهاء (4).

و قال أبو حنيفة:لا يجوز الخرص (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عتّاب بن أسيد (6)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يبعث

ص:213


1- 1التهذيب 4:37 الحديث 94،الاستبصار 2:25 الحديث 71،الوسائل 6:132 الباب 10 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 2.و [1]فيه:.سألته عن الرجل يرث الأرض أو يشتريها فيؤدّي خراجها إلى السلطان.
2- 2) في أكثر النسخ و الاستبصار:كهمش،راجع ترجمته في الجزء الخامس ص 202.
3- 3) التهذيب 4:37 الحديث 95،الاستبصار 2:25 الحديث 72،الوسائل 6:132 الباب 10 من أبواب زكاة الغلاّت الحديث 3. [2]
4- 4) ينظر:حلية العلماء 3:79،المغني 2:569،الشرح الكبير بهامش المغني 2:572،المجموع 5:478،إرشاد السالك:46،المدوّنة الكبرى 1:342.
5- 5) عمدة القارئ 9:68،حلية العلماء 3:79،المغني 2:565،الشرح الكبير بهامش المغني 2:568، بداية المجتهد 1:266.
6- 6) عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة بن عبد شمس الأمويّ أبو عبد الرحمن و قيل:أبو محمّد المكّيّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه عمرو بن أبي عقرب و سعيد بن المسيّب و عطاء بن أبي رباح و عبيد اللّه بن عبيدة الربذيّ.أسلم يوم الفتح و استعمله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على مكّة لمّا سار إلى حنين و لم يزل على مكّة حتّى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أقرّه أبو بكر فلم يزل عليها واليا إلى أن مات.توفّي يوم مات أبو بكر سنة 13 ه. أسد الغابة 3:358، [3]الإصابة 2:451، [4]تهذيب التهذيب 7:89، [5]العبر 1:13. [6]

على الناس من يخرص عليهم كرومهم و ثمارهم (1)و خرص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على امرأة بوادي القرى حديقة لها (2).و بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عبد اللّه بن رواحة إلى يهود،فخرص عليهم النخل حتّى يطيب قبل أن يؤكل منه (3)،و لأنّ أرباب الثمار يحتاجون إلى الأكل و التصرّف في ثمارهم،فلو لم يشرع الخرص لزم الضرر.

احتجّوا بأنّ الخرص تخمين و حزر،فلا يجوز العمل به (4).

و الجواب:أنّه تخمين مشروع،لأنّه اجتهاد في معرفة القدر فجرى مجرى تقويم المتلفات.

فروع:

الأوّل:وقت الخرص:بدوّ الصلاح،لأنّه وقت الأمن من الجائحة (5)و ذهاب الثمار.

و لأنّ فائدة الخرص معرفة الزكاة،و إطلاق أهل الثمرة في التصرّف،و ذلك إنّما يحتاج إليه حين (6)وجوب الزكاة و هو بدوّ الصلاح.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان يبعث الخارص ذلك الوقت.

ص:214


1- 1سنن البيهقيّ 4:121،سنن الترمذيّ 3:36 الحديث 644، [1]سنن ابن ماجه 1:582 الحديث 1819،سنن الدار قطنيّ 2:133 الحديث 21.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:155،مسند أحمد 5:424، [2]سنن البيهقيّ 4:122.
3- 3) سنن أبي داود 2:110 الحديث 1606 [3] بتفاوت،سنن البيهقيّ 4:123،مجمع الزوائد 3:76،المصنّف لعبد الرزّاق 4:129 الحديث 7219،سنن الدار قطنيّ 2:134 الحديث 25،في الجميع:حين يطيب،مكان:حتّى يطيب.
4- 4) عمدة القارئ 9:68،المغني 2:565.
5- 5) الجائحة:الآفة.المصباح المنير 1:113.
6- 6) ش و ن:في،مكان:حين.

الثاني:قال الشيخ:يجزئ الخارص الواحد (1).و به قال مالك (2)،و أحمد (3)، و الشافعيّ في أحد القولين،و في الآخر قال:لا يجزئ إلاّ اثنان (4).

لنا:ما روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث عبد اللّه بن رواحة خارصا (5)، و لم يذكر معه غيره.و لأنّه يقدّر على حسب اجتهاده،فهو (6)بمنزلة الحاكم.

احتجّ المخالف بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث عبد اللّه بن رواحة و غيره.و لأنّ الخارص يقدّر الواجب،فجرى مجرى التقويم (7).

و الجواب:المعارضة بما رويناه،و يحتمل أن يكون الآخر معينا و كاتبا،و يحتمل أن يكون ذلك في وقت آخر.و لأنّه جائز،و البحث في الوجوب.

و الفرق بين الخارص و المقوّم أنّ المقوّم ناقل إلى الحاكم فاعتبر العدد كالشهادة.

الثالث:يشترط (8)كون الخارص أمينا،لعدم الوثوق بقول الفاسق،و لو كانا اثنين كان أفضل،لازدياد (9)الظنّ حينئذ.

الرابع:إن كانت الثمرة نوعا واحدا طاف الخارص بكلّ نخلة أو شجرة و قدّرها فيها

ص:215


1- 1المبسوط 1:217.
2- 2) بلغة السالك 1:217،حلية العلماء 3:79.
3- 3) المغني 2:566،الشرح الكبير بهامش المغني 2:569،الكافي لابن قدامة 1:408،الإنصاف 3:109،فتح العزيز بهامش المجموع 5:586،حلية العلماء 3:79،مغني المحتاج 1:387،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 115.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:155،المجموع 5:479،السراج الوهّاج:123،حلية العلماء 793،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:115،مغني المحتاج 1:387.
5- 5) سنن أبي داود 2:110 الحديث 1606،سنن الدار قطنيّ 2:134 الحديث 25،مجمع الزوائد 3:76،سنن البيهقيّ 4:123،المصنّف لعبد الرزّاق 4:129 الحديث 7219.
6- 6) ف،ك و غ:و هو.
7- 7) الأمّ 2:34،المهذّب للشيرازيّ 1:155،المجموع 5:480،فتح العزيز بهامش المجموع 5:586،587.
8- 8) أكثر النسخ:يفتقر.
9- 9) ح:لزيادة.

رطبا و عنبا،ثمَّ جمع الكلّ و قدّره تمرا و (1)زبيبا.و إن كانت أنواعا مختلفة خرص كلّ نوع على حدته (2)،لاختلاف الأنواع في كثرة الثمر (3)و قلّته،فإنّ الطبرزد (4)يكثر ثمره،لكثرة لحمه و قلّة رطوبته،و البرنيّ بعكس ذلك،فإذا بلغ الأوساق وجبت الزكاة،و إلاّ فلا.

الخامس:إذا عرّف الخارص المقدار خيّر الملاّك بين تركه في يدهم (5)أمانة إذا كانوا أهلا لذلك،و بين تضمينهم حقّ الفقراء و (6)يضمّن للملاّك حقوقهم،فإن ضمنوا تصرّفوا كيف شاءوا بالبيع و الهبة و الأكل و غير ذلك،لأنّ فائدة الضمان جواز التصرّف،و إن اختاروا الأمانة لم يكن لهم التصرّف بالأكل و البيع و الهبة،لأنّ حقّ المساكين ثابت فيها، و لا يجوز للشريك التصرّف من دون شريكه.

السادس:ينبغي للخارص أن يخفّف عن المالك و لا يجحف به،و لا يستقصي بل يقدّر ما يكون المالك به مستظهرا و ما يجعل للمارّة،و ما يتساقط فتأكله الهوامّ و ما ينتابه الطير.

و قال أحمد بن حنبل:يترك (7)الثلث (8).و ليس بالمعتمد.

لنا على التخفيف:ما رواه مكحول أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا بعث الخرّاص قال:«خفّفوا على الناس،فإنّ في المال العريّة و الواطية

ص:216


1- 1بعض النسخ:أو.
2- 2) بعض النسخ:حدة.
3- 3) بعض النسخ:التمر.
4- 4) الطّبرزذة:نخلة بسرتها صفراء مستديرة،و(الطّبرزذ)الثوريّ:بسرته صفراء فيها طول.المصباح المنير 2: 368. [1]
5- 5) ن،ش و ك:أيديهم.
6- 6) م،ن و ف:أو.
7- 7) كثير من النسخ:ترك.
8- 8) المغني 2:568،الشرح الكبير بهامش المغني 2:571،الكافي لابن قدامة 1:409،الإنصاف 3:110.

و الآكلة» (1).

و الواطية:السابلة:سمّوا بذلك،لوطئهم بلاد الثمار مجتازين.

و الآكلة:أرباب الثمار و أهلهم.

و لأنّ استيفاء الكلّ في الخرص إضرار بالمالك،لما يعتور الثمار من النقص.

و احتجّ (2)أحمد (3)بما رواه سهل بن أبي حثمة (4)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا خرصتم[فخذوا] (5)و دعوا الثلث،فإن لم تدعوا الثلث[فدعوا] (6)الربع» (7).

و الجواب:يحتمل الأمر بإيداع الثلث لتفرقة المالك بنفسه في أهله و جيرانه،لما في ترك الثلث من الإضرار بالفقراء،و هو منفيّ بالأصل.

إذا ثبت هذا فإنّ النظر إلى الخارص في تقدير المتروك باعتبار (8)كثرة المارّة و قلّتهم، أمّا التقدير (9)بالثلث و الربع فلا.

السابع:الخرص مع التضمين لا يفيد الضمان،لأنّها في يده أمانة كالوديعة،و بقول

ص:217


1- 1سنن البيهقيّ 4:124.
2- 2) أكثر النسخ:و احتجاج،مكان:و احتجّ.
3- 3) المغني 2:568،الشرح الكبير بهامش المغني 2:571،الكافي لابن قدامة 1:409.
4- 4) سهل بن أبي حثمة يكنّى أبا عبد الرحمن،و قيل:أبا يحيى،و قيل:أبا محمّد،و اختلف في اسم أبيه،فقيل: عبيد اللّه بن ساعدة،و قيل:عبد اللّه بن ساعدة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن زيد بن ثابت و محمّد بن مسلمة،و روى عنه ابنه محمّد و ابن أخيه محمّد بن سليمان بن أبي حثمة،قال الواقديّ:قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو ابن ثمان سنين و لكنّه حفظ عنه،و نقل ابن حجر عن ابن القطّان:إنّما الذي بعثه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم خارصا أبو سهل،و هو الذي كان دليل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلة أحد و توفّي في أوّل خلافة معاوية. أسد الغابة 2:363، [1]الإصابة 2:86، [2]تهذيب التهذيب 4:248. [3]
5- 5) أثبتناهما من المصدر.
6- 6) أثبتناهما من المصدر.
7- 7) سنن أبي داود 2:110 الحديث 1605، [4]سنن الترمذيّ 3:35 الحديث 643، [5]سنن النسائيّ 5:42،سنن البيهقيّ 4:123.
8- 8) م و ن:في اعتبار.
9- 9) بعض النسخ:أمّا التعدية،مكان:أمّا التقدير.

الساعي لا تصير مضمونة و إن اختار المالك الضمان،كالوديعة لا يضمن بالشرط.

و فائدة الخرص أنّ المالك إذا تصرّف في الثمرة ببيع أو أكل أو غير ذلك و لم يعلم قدر ما تصرّف فيه،وجب عليه إخراج الزكاة بحكم الخرص.

الثامن:إذا تلفت الثمرة بغير تفريط من المالك،كالآفات السماويّة أو الأرضيّة سقطت الحصّة المضمونة بالخرص،و لو تلف البعض سقط من الواجب بقدره.و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال مالك:يضمن ما قال الخارص (3).

لنا:ما تقدّم من كون الزكاة أمانة فلا يضمن بالشرط كالوديعة.

احتجّ مالك بأنّ الحكم انتقل إلى ما قال الساعي.

و الجواب:المنع.

التاسع:إذا اختار المالك الحفظ ثمَّ أتلف الثمرة أو تلفت بتفريطه ضمن حصّة الفقراء بالخرص،و لو أتلفها أجنبيّ ضمن المتلف بالقيمة،هكذا قال بعض الجمهور (4)،و ليس عندي بالوجه،و الأقرب:التسوية،لأنّا قد بيّنّا (5)أنّ الخرص يصار إليه مع الجهالة بالمتناول (6)،أمّا مع العلم به فلا.

احتجّ بأنّ المالك يجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبيّ فصار كمن أتلف أضحيّته يجب عليه أضحيّة،و لو أتلفها أجنبيّ وجبت عليه القيمة (7).

و الجواب:أنّ ذلك غير مؤثّر في الفرق.

العاشر:لو ادّعى المالك التلف أو تلف البعض بعد الخرص،فإن كان بسبب ظاهر

ص:218


1- 1المجموع 5:483،فتح العزيز بهامش المجموع 5:589،مغني المحتاج 1:387.
2- 2) المغني 2:566،الشرح الكبير بهامش المغني 2:569.
3- 3) المغني 2:567،الشرح الكبير بهامش المغني 2:569.
4- 4) المغني 2:566،الشرح الكبير بهامش المغني 2:571،الكافي لابن قدامة 1:407،الإنصاف 3:109.
5- 5) كثير من النسخ:قدّمنا،مكان:قد بيّنّا.
6- 6) م،ك و خا:بالتناول.
7- 7) المغني 2:566،الشرح الكبير بهامش المغني 2:571،الإنصاف 3:109. [1]

كالبرد و وقوع الجراد،قال بعض الجمهور:يجب عليه إقامة البيّنة (1).و ليس عندي بالوجه،لأنّه أمين فلا يكلّف البيّنة (2)على التلف.فإن اتّهمهم الساعي في ذلك،قال الشيخ:

حلفوا (3).و عندي فيه إشكال،إذ لا يمين في الصدقة،فإذا أوجبنا اليمين أخذت منه الزكاة مع الامتناع،و إن قلنا باستحباب اليمين لم يجب عليه شيء بالامتناع.أمّا لو ادّعى التلف بشيء خفيّ فالقول قوله إجماعا،و هل يحلف وجوبا أو استحبابا أو لا؟يحلف على ما تقدّم.

إذا ثبت هذا،فإذا (4)ادّعى تلف البعض سقط من الواجب بحسابه و أخذ من الباقي بقدر نصيبه،و لو قال:أكلت البعض و تلف البعض و بقي البعض الآخر ضممنا المأكول إلى الباقي و سقط النصيب من التالف.

الحادي عشر:لو ادّعى المالك غلط الخارص،فإن ادّعى بالمحتمل قبل قوله،و هل يحلف أم لا؟فيه التردّد،فإن حلف مع القول به صدّق،و إن نكل،فإن قلنا:اليمين واجبة سقطت دعواه،و إن قلنا بالاستحباب فلا.

و إن ادّعى غير المحتمل،مثلا ادّعى الغلط بالنصف أو الثلث لم تسمع دعواه،لتحقّق الكذب،أمّا لو قال:أخذت كذا و بقي كذا و لا أعلم شيئا سوى ذلك قبل قوله و إن كان ذلك ممّا لا يقع غلطا في الخرص،لعدم إسناد النقصان هنا إلى غلط الخارص فيجوز أن يذهب بسبب.

الثاني عشر:لو زاد الخرص فهو للمالك،و يستحبّ للمالك بذل الزيادة-قاله ابن الجنيد (5)-و لو نقص فعليه،و فيه إشكال من حيث أنّ الحصّة أمانة،فلا يستقرّ ضمانها

ص:219


1- 1حلية العلماء 3:79-80،المهذّب للشيرازيّ 1:155،المجموع 5:485،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 591.
2- 2) ك:بالبيّنة.
3- 3) المبسوط 1:216. [1]
4- 4) ك:فإن.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:536. [2]

كالوديعة.

الثالث عشر:لو اختار المالك الحفظ أو الضمان و لم يتصرّف (1)و حفظها إلى وقت الإخراج وجب عليه زكاة الموجود خاصّة زاد الخرص أو نقص.و به قال الشافعيّ (2).

و قال مالك:يلزمه (3)ما قال الخارص (4).

و عن أحمد روايتان (5).

لنا:أنّها أمانة فلا يضمن بالشرط.

الرابع عشر:لو لم يخرج الإمام خارصا جاز للمالك إخراج خارص،و أن يخرص بنفسه و يحتاط في التقدير و الخرص،لأنّا قد بيّنّا أنّ فائدة الخرص التوسعة للمالك في أخذ شيء من الثمار و البناء عليه عند عدم العلم بالمقدار،لا أنّه علّة في التضمين.

الخامس عشر:لو ادّعى المالك السرقة بعد وضعها في البيادر،فإن كان بعد إمكان الأداء إلى المستحقّين أو إلى الساعي ضمن إجماعا،و إن كان قبله فالقول قوله،لأنّه أمين، و في توجّه اليمين إشكال.

السادس عشر:لو اقتضت المصلحة تخفيف (6)الثمرة بعد بدوّ صلاحها بأن يصيب الأصول عطش و ترك الثمرة بأجمعها ممّا يضرّ بالنخلة و يشرب ماء جمّارها (7)،

ص:220


1- 1ص،ف و غ:و لم ينصرف.
2- 2) حلية العلماء 3:80،المجموع 5:482،فتح العزيز بهامش المجموع 5:588،المغني 2:567،الشرح الكبير بهامش المغني 2:569.
3- 3) بعض النسخ:لزمه.
4- 4) الموطّأ 1:271،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:129،المغني 2:567،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 569.
5- 5) المغني 2:566،الشرح الكبير بهامش المغني 2:569،الكافي لابن قدامة 1:408.
6- 6) ق و خا:تجفيف.
7- 7) جمّار النخلة:قلبها،و منه يخرج الثمر و السّعف و تموت بقطعه.المصباح المنير 1:108. [1]

خفّفت (1)قولا واحدا،لأنّ الزكاة تجب مواساة فلا يكلّف المالك ما يهلك أصل ماله.و لأنّ التخفيف (2)فيه إصلاح حال المالك بحفظ نخله و إصلاح حال الفقراء بتكرّر (3)الزكاة كلّ سنة موفّرة فصاروا بمنزلة الشركاء.

السابع عشر:لو لم يكف التخفيف (4)و احتاج إلى القطع قطعت مراعاة للمصلحة، فإذا قطعها تخيّر الساعي بين القسمة مع المالك على النخل أو على الأرض و بين بيع نصيب المساكين من المالك و غيره،و يجوز للمالك تقويم نصيب الفقراء من غير اختيار الساعي، لأنّ القيم (5)مجزئة (6)عندنا.

الثامن عشر:يجوز للمالك قطع الثمرة و إن لم يستأذن الخارص،سواء ضمن أو لم يضمن.

و منع الشيخ في المبسوط ذلك إلاّ مع ضمان الخرص (7).

لنا:أنّه مؤتمن على الحفظ فله التصرّف بما يراه من المصالح.

احتجّ بأنّه تصرّف في مال الغير فيقف على الإذن.

و الجواب:المشترط المصلحة.

التاسع عشر:الأقرب اختصاص الخرص بالنخل و الكرم.و به قال مالك (8)،

ص:221


1- 1خا:جفّفت.
2- 2) غ و خا:التجفيف.
3- 3) بعض النسخ:بتكرار.
4- 4) غ و خا:التجفيف.
5- 5) ك،ن و ش:القيمة.
6- 6) م و ن:يجزئه.
7- 7) المبسوط 1:216.
8- 8) الموطّأ 1:272،المدوّنة الكبرى 1:339 و 342،بداية المجتهد 1:266،بلغة السالك 1:212، شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:103.

و أحمد (1)،و اختاره ابن الجنيد (2)،لأنّه نوع تخمين و حزر فلا يثبت إلاّ في الموضع المنصوص عليه،و التشبيه بالنخل و الكرم قياس فاسد مع وقوع الفرق،و هو من وجهين.

أحدهما:أنّ الزرع قد يخفى خرصه لاستتار بعضه و تبدّده و عدم اجتماعه و قلّة التطلّع على مقدار كلّ سنبلة منه بخلاف النخل فإنّ ثمرته ظاهرة مجتمعة يتمكّن الخارص من إدراك كلّ عذق منها،و كذا الكرم.

الثاني:أنّ الحاجة في النخل و الكرم ماسّة إلى الخرص،لاحتياج أربابها إلى تناولها رطبة غالبا قبل الجذاذ و الاقتطاف بخلاف الزرع،فإنّ الحاجة إلى تناول الفريك (3)قليلة جدّا.

العشرون:لا يجوز للساعي أخذ الرطب عن التمر،فإن أخذه اعتبر حاله عند الجفاف،فإن كان بقدر الواجب أجزأ،و إن زاد ردّ الفاضل،و إن نقص أخذ من المالك النقيصة (4)،و لو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزئه و لو كان عند الجفاف بقدر الواجب،إلاّ بالقيمة السوقيّة،لأنّه غير الواجب.و عندي فيه إشكال من حيث تسمية الرطب تمرا لغة، فإذا أخرج ما لو جفّ كان بقدر الواجب،فالأقرب الإجزاء،فإذا قلنا:لا يجزئ وجب على الساعي دفعه إلى المالك،فإن هلك في يده أعاد الساعي مثله أو القيمة عند تعذّر المثل.

الحادي و العشرون:يضمّ الزروع بعضها إلى بعض إذا كانت لمالك واحد و إن تباعدت أمكنتها،سواء اتّفقت في الإدراك أو اختلفت إذا كانت لعام واحد.

الثاني و العشرون:لو أكل المالك رطبا،فإن كان بعد الخرص و التضمين جاز إجماعا،لأنّ فائدة الخرص إباحة التناول،و إن كان بعد الخرص و قبل التضمين بأن خرص عليه الخارص و لم يرض بخرصه جاز أيضا إذا ضمن نصيب الفقراء.و كذا لو كان قبل

ص:222


1- 1المغني 2:569،الشرح الكبير بهامش المغني 2:572،الكافي لابن قدامة 1:409،الإنصاف 3:108.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:537. [1]
3- 3) أفرك السنبل:أي صار فريكا،و هو حين يصلح أن يفرك فيؤكل.الصحاح 4:1602. [2]
4- 4) ن و ش:النقيصة من المالك.

الخرص إذا خرصها هو بنفسه،أمّا مع عدم الخرص فلا.و لو كان رطبه لا يصير تمرا غالبا استحبّ للمالك إعلام الوالي بذلك ليخرصه عليه،و يجوز له قسمته حملا و مقطوعا،لأنّ القسمة عندنا تمييز حقّ لا بيع.

مسألة:و لو استأجر أرضا فزرعها كان العشر على المستأجر

.ذهب إليه علماؤنا، و به قال مالك (1)،و الشافعيّ (2)،و أبو يوسف،و محمّد (3).

و قال أبو حنيفة:يجب على صاحب الأرض (4).

لنا:أنّ المستأجر هو المالك للزرع،و الزكاة تجب على المالك.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأجرة عوض عن منفعة الأرض فإذا حصلت،وجبت الزكاة عليه كما لو زرعها (5).

و الجواب:أنّ الزكاة لا تجب لمنفعة الأرض،و إنّما تجب في الزرع فإنّه يختلف باختلاف أجناسه.و لأنّ الزرع قد يكثر فيزيد العشر على الأجرة و ذلك يستلزم إيجاب الزائد على النفع على المالك و هو خطأ،و لكان يتقدّر بقدر الأرض لا بقدر الزرع،و لوجب

ص:223


1- 1المدوّنة الكبرى 1:345،بداية المجتهد 1:247،حلية العلماء 3:86،المغني 2:589،الشرح الكبير بهامش المغني 2:575،المجموع 5:562،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:115.
2- 2) حلية العلماء 3:86،المهذّب للشيرازيّ 1:157،المجموع 5:562،فتح العزيز بهامش المجموع 5:566، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:115،المغني 2:589،الشرح الكبير بهامش المغني 2:575،بداية المجتهد 1:247.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:5،تحفة الفقهاء 1:323،بدائع الصنائع 2:56،حلية العلماء 3:86،بداية المجتهد 1:247.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:5،تحفة الفقهاء 1:323،بدائع الصنائع 2:56،شرح فتح القدير 2:193،المغني 2:589،الشرح الكبير بهامش المغني 2:575،بداية المجتهد 1:247.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:5،تحفة الفقهاء 1:323،شرح فتح القدير 2:194،المغني 2:589،الشرح الكبير بهامش المغني 2:575،المجموع 5:567.

صرفه إلى أرباب الفيء لا إلى أرباب الزكاة،و لوجب على الذمّيّ كالخراج و ليس كذلك إجماعا.

فروع:

الأوّل:لو استعار أرضا فزرعها فالزكاة عليه لا على المالك على ما تقدّم.

الثاني:لو غصب أرضا فزرعها فالزكاة عليه،سواء أخذ زرعه بعد حصاده،أو أخذ المالك أرضه قبل اشتداده أو بعده.و قال أحمد:إن أخذ المالك أرضه قبل اشتداده وجبت الزكاة على المالك،و كذا إن أخذها بعد اشتداده،أمّا إذا أخذ الغاصب زرعه بعد حصاده وجبت الزكاة على الغاصب (1).

لنا:أنّه نماء على ملك الغاصب فالزكاة عليه،لأنّه المالك،و غصب الأرض لا يخرج الزرع عن ملك الغاصب.

الثالث:لو زارع مزارعة فاسدة وجبت الزكاة على مالك الحبّ إن بلغ النصاب،و إن كانت المزارعة صحيحة وجبت الزكاة على كلّ واحد منهما في (2)قدر نصيبه إن بلغ نصابا، و لو تلفت حصّة أحدهم وجبت الزكاة على الآخر.

الرابع:يجوز إجارة الأرض بالحنطة و الشعير،فلو استأجر أرضا بغلّة منها بطلت الإجارة و عليه أجرة المثل و زكاة الغلّة،و إن استأجر بغلّة من غيرها صحّت الإجارة و لا تلزمه الزكاة،لأنّها انتقلت إليه أجرة و لا زكاة في الأجرة.

الخامس:لو اشترى ثمرة بشرط القطع قبل بدوّ الصلاح فلم يقطعها حتّى بدا صلاحها،فإن طالب البائع بالقطع أو اتّفقا أو طالب المشتري جاز ذلك،لأنّ بقاء الثمرة في رؤوس النخل غير مشروع إلاّ برضاء المالك و لا يجب على المشتري التبقية مع رضاء المالك أيضا.

ص:224


1- 1المغني 2:589،الشرح الكبير بهامش المغني 2:575،الإنصاف 3:113.
2- 2) م:على.

إذا ثبت هذا،فهل تسقط الزكاة هنا؟قال الشيخ:تسقط (1).و هو مشكل على مذهبه من تعلّق الزكاة بالثمار إذا بدا صلاحها (2).

و لو قيل بوجوب الزكاة على المشتري كان وجها،أمّا لو اتّفقا على التبقية أو بقيت برضاء البائع حتّى جذّت وجبت الزكاة على المشتري قولا واحدا.

السادس:المكاتب المشروط (3)لا زكاة عليه،لأنّه مملوك،و كذا المطلق إذا لم يؤدّ من مكاتبته شيئا،و إن أدّى و بلغ ما يصيبه بقدر حرّيّته نصابا وجبت الزكاة عليه في ذلك النصيب.

السابع:إذا وجب العشر كان لربّ المال تسعة و أخذ المصدّق واحدا،و إذا (4)وجب نصف العشر كان للمالك تسعة عشر و للمصدّق واحد،و إذا وجب ثلاثة أرباع العشر كان لربّ المال سبعة و ثلاثون (5)و للمصدّق واحد.

و يبدأ بالأخذ صاحب المال.و يترك في المكيال (6)ما يحتمله من الحبّ.

ص:225


1- 1المبسوط 1:219.
2- 2) المبسوط 1:214. [1]
3- 3) أكثر النسخ:المشروط عليه.
4- 4) م،ن و ش:فإذا.
5- 5) في النسخ:و ثلاثين.
6- 6) بعض النسخ:بالمكيال.
البحث السابع:في اللّواحق
مسألة:لو ثلم النصاب قبل الحول

(1)

سقطت الزكاة،سواء فعل ذلك فرارا من الوجوب أو لغرض صحيح،و قد تقدّم البحث في ذلك (2).

فروع:

الأوّل:لو بادل جنسا تجب الزكاة فيه بجنس مخالف،كإبل ببقر،أو بقر بغنم أو ذهب بعد الحول وجبت الزكاة عليه و لم تصحّ المبادلة (3)في نصيب الفقراء،أمّا لو فعل ذلك قبل الحول سقطت الزكاة عن المبادل و استأنف الحول في المبادل به من حين المبادلة،سواء اتّفق الجنس أو اختلف،و سواء قصد الفرار أو لم يقصد،و سواء الماشية في ذلك و غيرها.

و قال الشيخ رحمه اللّه:إن بادل بالمخالف و لم يقصد الفرار سقطت الزكاة،و إن قصد وجبت،و إن بادل بالموافق لزمت الزكاة (4).و الشافعيّ اختار قولنا (5).

و قال أبو حنيفة في الماشية مثل ما قلناه،أمّا في الذهب و الفضّة فإنّه بنى حول أحدهما

ص:226


1- 1ك:لو لم يتمّ،ح،ق و خا:لو تمَّ.
2- 2) يراجع:ص 182. [1]
3- 3) بعض النسخ:و لم يصحّ التبادل.
4- 4) المبسوط 1:206. [2]
5- 5) الأمّ 2:24،حلية العلماء 3:26،المهذّب للشيرازيّ 1:143،المجموع 5:361 و 364،فتح العزيز بهامش المجموع 5:489،مغني المحتاج 1:379.

على الآخر (1).

و قال مالك:إن بادل بالجنس بنى على حوله،و إن كان بغير الجنس ففيه روايتان إذا كان من الحيوان،و إن كان من الأثمان لم يبن على الحول (2).

و قال أحمد:يبنى حول الجنس على جنسه من الحيوان و لا يبنى على غير جنسه منه، و يبنى حول الذهب على الفضّة إذا بادل به (3).

لنا:قوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (4).

و لأنّه مال تجب الزكاة في عينه فلم يبن حوله على غيره كالجنسين.

احتجّ المخالف بأنّ الذهب و الفضّة مالان زكاتهما واحد فيبنى (5)حول أحدهما على الآخر كعروض التجارة (6).

و الجواب:المعتبر في التجارة بالقيمة بخلاف صورة النزاع،فإنّ المعتبر العين.

الثاني:لو بادل عينا بعين و كانت المبادلة صحيحة سقط حول الأوّل و استأنف الحول للثاني (7)،فلو وجد به عيبا قبل الحول ردّه و استرجع النصاب و استأنف الحول في الراجع،لتجدّد ملكه حين الفسخ،و لهذا لا يملك النماء الحاصل في يد المشتري،و إن وجد بعد الحول فإمّا أن يكون قبل أداء الزكاة أو بعدها،فإن كان قبل الأداء لم يكن له الردّ

ص:227


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:166،تحفة الفقهاء 1:273،بدائع الصنائع 2:15،حلية العلماء 3:26، الميزان الكبرى 2:3،فتح العزيز بهامش المجموع 5:490.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:320،321،بداية المجتهد 1:272،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:207، مقدّمات ابن رشد 1:249،250،حلية العلماء 3:26،الميزان الكبرى 2:3.
3- 3) المغني 2:533،الشرح الكبير بهامش المغني 2:469،الكافي لابن قدامة 1:426،الإنصاف 3:31 و 33.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:25 الحديث 631،632، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573، [2]سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1،و ص 92 الحديث 8،سنن البيهقيّ 4:95.
5- 5) بعض النسخ:فيبقى.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:273،بدائع الصنائع 2:15.
7- 7) بعض النسخ:الثاني.

بالعيب،أمّا على قولنا من وجوب الزكاة في العين فلاستحقاق الفقراء جزءا من المال و الشركة عيب حدث (1)في يد المشتري فليس له الردّ بالسابق.

و أمّا على قول من أوجب الزكاة في الذمّة:فلأنّ قدر الزكاة من العين مرهون فلا يملك الردّ،كما لو اشترى شيئا ثمَّ رهنه ثمَّ وجد به عيبا،و إذا بطل حقّه من الردّ تعيّن له أخذ الأرش و وجب عليه إخراج الزكاة،و إن وجد العيب بعد الإخراج،فإن أخرج من العين لم يكن له الردّ،لتصرّفه في المبيع و له الأرش،و إن أخرج من غيرها كان له الردّ،لبقاء النصاب بحاله،و ما تعلّق به من وجوب الزكاة فقد زال بإخراج المالك من غير النصاب.

و قال بعض الجمهور:ليس له الردّ،لأنّه زال ملكه فرجع إليه (2).و ليس بجيّد،لما قلناه من بقاء المبيع بحاله و ينزل ذلك منزلة (3)من اشترى شيئا و وجد فيه عيبا،ثمَّ حدث فيه عيب آخر،ثمَّ زال العيب الحادث فإنّ (4)له أن يردّ بالسابق.

و قال بعض الجمهور:إذا أخرج من العين جاز له الردّ بناء على تفريق الصفقة (5)، فحينئذ يردّ ما بقي و يسقط من الثمن بقدر حصّة الشاة المأخوذة فيقوّم و يقوّم الباقي و يقسّط على النصاب الذي بادل به فما يخصّ الشاة المأخوذة يرجع به.

و لو اختلفا في قيمة الشاة المأخوذة،ففيه وجهان:

أحدهما:أنّ القول،قول المشتري،لأنّ الشاة تلفت في يده،فالقول قوله.

و الثاني:القول قول البائع،لأنّه يجري مجرى الغارم،لأنّه إذا كثرت قيمتها قلّ ما يغرمه،فإذا قلّت كثر ما يغرمه.و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

الثالث:لو كانت المبادلة فاسدة،قال الشيخ:لم يزل مال واحد منهما عنه و هو

ص:228


1- 1بعض النسخ:حديث.
2- 2) المجموع 5:362-363،فتح العزيز بهامش المجموع 5:491.
3- 3) م و ن:بمنزلة.
4- 4) بعض النسخ:كان،مكان:فإنّ.
5- 5) المجموع 5:363،فتح العزيز بهامش المجموع 5:491.

جار (1)في حوله،فإذا تمَّ حوله وجبت عليه الزكاة (2).و عندي فيه تردّد ينشأ من عدم إمكان التصرّف فيجري مجرى المغصوب و الضالّ،و من كون المغصوب و الضالّ قد حيل بينه و بين المالك و هاهنا لم تحصل الحيلولة و إنّما أعتقد أنّه غير مالك،و لو طالب لأخذ (3)، فكان كالعارية.

الرابع:لو باع النصاب قبل الحول انقطع و قد بيّنّا ذلك (4)،و كذا لو باع بعضه أو أتلف بعضه،سواء قصد الفرار،أو لا.و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6).

و قال مالك (7)،و أحمد:إذا فعله فرارا وجبت الزكاة إلاّ إذا كان ذلك في ابتداء الحول (8).

لنا:ما تقدّم.

احتجّوا (9)بقوله تعالى إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَ لا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (10).

ص:229


1- 1كثير من النسخ:جاز.
2- 2) المبسوط 1:207. [1]
3- 3) م و ص:الأخذ.
4- 4) تقدّم في ص 226. [2]
5- 5) الأمّ 2:24،حلية العلماء 3:26،المهذّب للشيرازيّ 1:143،المجموع 5:361،فتح العزيز بهامش المجموع 5:489،المغني 2:534،الشرح الكبير بهامش المغني 2:465.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:166،بدائع الصنائع 2:15،حلية العلماء 3:26،المغني 2:534،الشرح الكبير بهامش المغني 2:465.
7- 7) بلغة السالك 1:212،إرشاد السالك:45،حلية العلماء 3:26،فتح العزيز بهامش المجموع 5:492، [3]المغني 2:534،الشرح الكبير بهامش المغني 2:465.
8- 8) المغني 2:534،الشرح الكبير بهامش المغني 2:465،الإنصاف 3:32،حلية العلماء 3:26،فتح العزيز بهامش المجموع 5:492.
9- 9) المغني 2:534،الشرح الكبير بهامش المغني 2:466.
10- 10) القلم(68):17-20. [4]

عاقبهم اللّه تعالى بذلك لفرارهم من الصدقة.

و الجواب:إنّما كان ذلك،لأنّهم لم يستثنوا بالمشيّة.

الخامس:لو باع بعد الحول قبل الأداء،قال الشيخ:مضى البيع في نصيبه و بطل في نصيب الفقراء،و إن أدّى الزكاة من غيره صحّ البيع في الجميع (1).و للشافعيّ قولان:

أحدهما:بطلان البيع،لأنّ الزكاة إن وجبت في العين فقد باع ما لا يملك،و يبنى على القول بتفريق الصفقة،و إن وجبت في الذمّة فقدر الزكاة مرتهن،و بيع الرهن غير جائز.

و الثاني:الصحّة،لأنّ الزكاة إن وجبت في الذمّة و العين مرتهنة فالتعلّق بالعين بغير اختياره (2)،فلا يمنع صحّة البيع،كالجناية إذا تعلّقت بالعبد،فإنّه يجوز بيعه بخلاف الرهن، لأنّه تعلّق باختياره.و إن وجبت في العين فملك المساكين غير مستقرّ و له إسقاطه بدفع غيره فصار البيع اختيارا منه،لدفع غيره (3).

و الأقرب عندي:أنّه يصحّ البيع في نصيبه و يكون في نصيب الفقراء موقوفا،فإن أدّى من غيره صحّ،و إلاّ بطل.

إذا ثبت هذا،فنقول:إن أدّى الزكاة من غير المال،لزم البيع،و إن لم يؤدّ،كان للمشتري الفسخ،لتبعيض الصفقة عليه،و له الإمساك بحصّته (4)من الثمن.

السادس:لو باع نصيبه بعد عزل حصّة الفقراء صحّ البيع.و للشافعيّ وجهان (5).

لنا:أنّه باع ما يملك التصرّف (6)فيه فيصحّ.

احتجّ بأنّه بالعزل لا يتعيّن زكاة،كما لو عزل الزكاة من غيره (7).

ص:230


1- 1المبسوط 1:207. [1]
2- 2) بعض النسخ:اختيار.
3- 3) الأمّ 2:24،المهذّب للشيرازيّ 1:155،المجموع 5:469،فتح العزيز بهامش المجموع 5:553.
4- 4) بعض النسخ:بحصّة.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 5:555.
6- 6) بعض النسخ:بالملك التصرّف،مكان:ما يملك التصرّف.
7- 7) لم نعثر على هذا الاحتجاج.

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل فإنّا نقول:لو عزل الزكاة من غيره،صحّ البيع.

مسألة:و لو أصدق امرأته نصابا من الماشية فحال عليه الحول

(1)

،وجبت الزكاة فيه،سواء كان في يد الزوج أو المرأة،و قد سلف بيان ذلك (2).و به قال الشافعيّ (3)، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:لا تجب فيه الزكاة إلاّ بعد القبض (5).

لنا:أنّها استحقّته بالعقد و ملكته،فإذا وجبت فيه الزكاة بعد القبض وجبت قبله.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه بدل عمّا ليس بمال،فلا تجب فيه الزكاة قبل قبضه،كمال الكتابة (6).

و الجواب:مال الكتابة غير معيّن و هو دين فلا تجب فيه الزكاة،و لأنّه لم يستحقّ قبضه،لأنّ للمكاتب أن يعجز نفسه،بخلاف الصداق،فإنّ المرأة تملك القبض.

مسألة:و لو رهن نصابا بعد الحول

ففي صحّة الرهن تردّد أقربه صحّته في نصيب المالك و كون نصيب الفقراء موقوفا إن أدّى المالك الزكاة من غيره صحّ،و إلاّ فلا.

إذا ثبت هذا،فإن لم يؤدّ المالك الزكاة من غيره أخذ الساعي الزكاة منه و صحّ الرهن في الباقي.و للشافعيّ قولان:

ص:231


1- 1بعض النسخ:لو.
2- 2) يراجع:ص 61.
3- 3) الأمّ 2:25،المجموع 5:29،فتح العزيز بهامش المجموع 5:513،مغني المحتاج 1:412،السراج الوهّاج: 133.
4- 4) المغني 2:642،الشرح الكبير بهامش المغني 2:451،زاد المستقنع:24،الإنصاف 3:18.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:167،بدائع الصنائع 2:10،شرح فتح القدير 2:123،مجمع الأنهر 1:195، المغني 2:643،الشرح الكبير بهامش المغني 2:451.
6- 6) بدائع الصنائع 2:10،شرح فتح القدير 2:123،مجمع الأنهر 1:195،المغني 2:643،الشرح الكبير بهامش المغني 2:451،فتح العزيز بهامش المجموع 5:513.

أحدهما:فساد الرهن،لتفريق (1)الصفقة كالبيع.

و الثاني:الصحّة (2)،و الفرق بأنّ تفريق الصفقة في البيع مبطلة،لجهالة (3)العوض فيما يصحّ العقد فيه،بخلاف الرهن فإنّه لا يقابله عوض.

و إذا فسد الرهن في الزكاة،فإن لم يكن الرهن شرطا في بيع (4)لم يكن للمرتهن مطالبة الراهن بشيء،لأجل فساد الرهن،و إن كان شرطا في بيع فهل يفسد البيع بفساد الرهن؟ فيه إشكال،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه (5).

و للشافعيّ قولان:أحدهما:أنّه يفسد بفساده كغيره من الشروط.

و الثاني:لا يفسد،لأنّ الرهن عقد منفرد (6)يجري مجرى الصداق مع النكاح،لأنّه ينعقد بعده و ينفرد عنه (7).

إذا ثبت هذا فنقول:إذا قلنا بفساد البيع رجع كلّ عوض إلى صاحبه،و إن قلنا بعدمه فللبائع الخيار،لأنّه لم يرض بذمّة المشتري من غير وثيقة.

فرع:قد قلنا:إنّ الرهن لا تجب فيه الزكاة،لعدم إمكان التصرّف (8)،و للشيخ قولان (9)،فعلى القول بالصحّة لا تجب على المالك دفع الزكاة من غير العين-خلافا

ص:232


1- 1بعض النسخ:بتفريق،و في بعضها:و تفريق.
2- 2) الأمّ 2:25،المهذّب للشيرازيّ 1:155،المجموع 5:470،فتح العزيز بهامش المجموع 5:501.
3- 3) بعض النسخ:بجهالة.
4- 4) ش،م و ن:في البيع.
5- 5) م بزيادة:تعالى.
6- 6) هامش ح:المنفرد.
7- 7) حلية العلماء 4:429،المهذّب للشيرازيّ 1:310،المجموع 5:470 و ج 13:216،217،مغني المحتاج 2: 122.
8- 8) يراجع:ص 71.
9- 9) قال في المبسوط 1:208:بوجوب الزكاة في الرهن،و قال في ص 225-226 منه:بعدم وجوب الزكاة فيه.

للشافعيّ (1)-لأنّها تجب في العين.

احتجّ الشافعيّ بأنّها من مئونة الرهن و المئونة على الراهن (2).

و الجواب:المنع من كون الزكاة مئونة.

إذا ثبت هذا،فإن وجبت الزكاة في الجنس أخذت منه و كان الباقي رهنا،و إن وجبت من غيره-كالشاة في الخمس-بيع منها بقدر الشاة،فإن تعذّر،بيع بعير (3)و اشتري منه شاة و كان الباقي رهنا.

مسألة:و لا تسقط الزكاة بموت المالك

و يخرج من ماله،سواء أوصى بها أو لم يوص.

و عليه فتوى علمائنا.و به قال عطاء،و الحسن،و الزهريّ،و قتادة (4)،و مالك (5)، و الشافعيّ (6)،و إسحاق،و أبو ثور (7)،و أحمد (8).

و قال الأوزاعيّ،و الليث:تؤخذ من الثلث مقدّما على الوصايا و لا تجاوز (9)الثلث (10).

و قال الشعبيّ،و النخعيّ،و حمّاد بن أبي سليمان،و الثوريّ:لا يخرج إلاّ مع الوصيّة (11).

ص:233


1- 1المجموع 5:471.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) ش:بعين.
4- 4) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:326،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:213،المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474.
6- 6) الأمّ 2:15،المجموع 5:335،الميزان الكبرى 2:4،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:106،المغني 2: 541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،بداية المجتهد 1:249.
7- 7) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336،بداية المجتهد 1:249.
8- 8) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،الكافي لابن قدامة 1:375،الإنصاف 3:41. [1]
9- 9) كثير من النسخ:و لا يجاوز.
10- 10) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336.
11- 11) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336.

و به قال أصحاب الرأي (1).

لنا:أنّها انتقلت عن (2)ملكه إلى الفقراء بحولان الحول،فلا تنتقل إلى الوارث.

و لأنّها حقّ واجب تصحّ الوصيّة به فلا يسقط بالموت كدين الآدميّ.و لأنّها حقّ ماليّ واجب فلا يسقط بموت من هو عليه كالدين.

احتجّوا بأنّها عبادة تفتقر إلى النيّة،فتسقط بالموت كالصوم (3). (4)

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل مع الوصيّة،و بالفرق بين العبادة الماليّة و البدنيّة.

مسألة:و لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة

،و إن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء لم تسقط.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (5)،و إسحاق،و أبو ثور (6)، و أحمد في إحدى الروايتين.

و في أخرى:لا تسقط مطلقا (7).

و قال أبو حنيفة:تسقط مطلقا،إلاّ أن يكون الإمام قد طالبه[بها] (8)فمنعه (9).

لنا:أنّها أمانة في يده،فتسقط بالتلف من غير تفريط كغيرها من الأمانات،و يجب

ص:234


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:185،تحفة الفقهاء 1:311،بدائع الصنائع 2:53،المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:474،المجموع 5:336. [1]
2- 2) بعض النسخ:من.
3- 3) كثير من النسخ:كالصلاة.
4- 4) بدائع الصنائع 2:53،المغني 2:541،المجموع 5:336.
5- 5) الأمّ 2:12،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:42،حلية العلماء 3:10،المجموع 5:333،فتح العزيز بهامش المجموع 5:546،رحمة الأمّة بهامش ميزان الكبرى 1:106،المغني 2:539.
6- 6) المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:471.
7- 7) المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:471،الكافي لابن قدامة 1:374،الإنصاف 3:39. [2]
8- 8) أضفناها لاستقامة المعنى.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 2:174،تحفة الفقهاء 1:306،بدائع الصنائع 2:22 و 53،حلية العلماء 3:10، المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:471،المجموع 5:377.

مع التفريط الضمان كغيرها أو مع إمكان الأداء،لأنّه بمنزلة مطالبة صاحب الوديعة،و المنع و لأنّها عبادة يتعلّق وجوبها بالمال فيسقط فرضها بتلفه قبل إمكان أدائها كالحجّ.

احتجّ أبو حنيفة بأنّها تلفت قبل محلّ الاستحقاق فسقطت كما لو تلفت الثمرة قبل الجذاذ (1).

و الجواب:أنّها بحولان الحول مستحقّة.

و احتجّ أحمد على روايته الثانية بأنّها تجب في الذمّة فلا تسقط بتلف المال كالدين (2).

و الجواب:سنبيّن أنّها تجب في العين إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يجوز إخراج القيمة في الزكاة

،سواء كان ما وجبت الزكاة فيه ذهبا أو فضّة أو إحدى الغلاّت أو إحدى الحيوانات.و هو اختيار الشيخ رحمه اللّه (3)،و أكثر علمائنا (4)، و هو مذهب أبي حنيفة (5).

و قال المفيد رحمه اللّه:يجوز إخراج القيمة في الذهب و الفضّة و الغلاّت دون الحيوان (6).

و قال الشافعيّ:لا يجوز إخراج القيمة في الجميع (7).و به قال مالك (8)،

ص:235


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:175،بدائع الصنائع 2:22،المغني 2:539،الشرح الكبير بهامش المغني 2:471.
2- 2) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:471.
3- 3) الخلاف 1:321 مسألة-58،النهاية:182.
4- 4) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:12،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):568، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:169 و ابن إدريس في السرائر:104،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:516. [1]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:156،بدائع الصنائع 2:31 و 72،الهداية للمرغينانيّ 1:101،شرح فتح القدير 2:144،مجمع الأنهر 1:203،عمدة القارئ 9:4،حلية العلماء 3:167،المغني 2:672،الشرح الكبير بهامش المغني 2:521.
6- 6) المقنعة:41.
7- 7) حلية العلماء 3:167،المهذّب للشيرازيّ 1:150،المجموع 5:429،المغني 2:671،الشرح الكبير بهامش المغني 2:521.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:300،حلية العلماء 3:167،المجموع 5:429،المغني 2:671،الشرح الكبير بهامش المغني 2:521.

و أحمد (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن معاذ أنّه كان يأخذ من أهل اليمن الثياب في الصدقات عوضا عن الزكاة على سبيل القيمة (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن البرقيّ،عن أبي جعفر الثاني عليه السلام،قال:كتبت إليه:هل يجوز جعلت فداك أن يخرج ما يجب في الحرث من الحنطة و الشعير و ما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوّى أم لا يجوز إلاّ أن يخرج من كلّ شيء ما فيه؟فأجاب عليه السلام:«أيّما تيسّر يخرج» (3).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام قال:سألته عن الرجل يعطي عن زكاته عن الدراهم دنانير و عن الدنانير دراهم بالقيمة،أ يحلّ ذلك له؟ قال:«لا بأس به» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن خالد (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمَّ ليأخذ صدقته-يعني المصدّق-فإذا أخرجها فليقوّمها فيمن يريد،فإذا قامت على ثمن فإن

ص:236


1- 1المغني 2:671،الشرح الكبير بهامش المغني 2:521،الكافي لابن قدامة 1:393،الإنصاف 3:48،حلية العلماء 3:167،المجموع 5:429.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:144،سنن البيهقيّ 4:113،المصنّف لعبد الرزّاق 4:105 الحديث 7133.
3- 3) التهذيب 4:95 الحديث 271،الوسائل 6:114 الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 4:95 الحديث 272 و فيه:«لا بأس».كما في أكثر النسخ،الوسائل 6:114 الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 2. [2]
5- 5) محمّد بن خالد،ذكره الأردبيليّ في جامعه بعنوان:محمّد بن خالد السريّ الأوديّ الأزديّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.و استظهر السيّد الخوئيّ أنّه محمّد بن خالد بن عبد اللّه القسريّ فقال:أمّا ما رواه الشيخ في التهذيب عن عبد الرحمن بن الحجّاج فمحمّد بن خالد فيها غير محمّد بن خالد البرقيّ و الظاهر أنّه محمّد بن خالد بن عبد اللّه القسريّ. رجال الطوسيّ:284،جامع الرواة 2:110، [3]تنقيح المقال 3:114، [4]معجم رجال الحديث 16:68. [5]

أرادها (1)صاحبها فهو أحقّ بها،و إن لم يردها فليبعها» (2).و إنّما يكون أحقّ بها لو جاز له العدول إلى القيمة،و فيه نظر.

و لأنّ الزكاة تجب على طريق المواساة و تسامح صاحبها،و في تعيين العين (3)ضيق بالمالك فإنّه ربّما احتاج إلى العين.و لأنّ القصد نفع الفقراء و ذلك متساو (4)بالنسبة إلى العين و القيمة.

احتجّ الشافعيّ بأنّه عدل عن المنصوص عليه إلى غيره بقيمته فلم يجزئه (5).

و الجواب:لا نسلّم عدم النصّ في القيمة.

أمّا الشيخ المفيد رحمه اللّه فإنّه استدلّ بالحديثين الأوّلين على جواز إخراج القيمة فيما ذكره،و لم يجد دلالة على الجواز في الباقي،و القياس باطل،و الحديث الثالث لا يدلّ ظاهرا على الجواز فاقتصر بالجواز على ما عيّنه،و نحن قد بيّنّا وجه الدلالة،و أنّ (6)المراد بالزكاة سدّ الخلّة و دفع الحاجة،و هو يحصل بالقيمة كما يحصل بالعين.

فروع:

الأوّل:يجوز إخراج مهما شاء قيمة.

الثاني:القيمة تخرج على أنّها قيمة الأصل و بدل (7).و به قال أبو حنيفة (8).

ص:237


1- 1أكثر النسخ:أراد.
2- 2) التهذيب 4:98 الحديث 276،الوسائل 6:89 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [1]
3- 3) بعض النسخ:المعيّن.
4- 4) ك:مساو.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:150،المجموع 5:429.
6- 6) بعض النسخ:و لأنّ.
7- 7) بعض النسخ:قيمة،لا أصل و بدل و في بعضها:قيمة،لا بدل و أصل.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:156،شرح فتح القدير 2:144،المجموع 5:429،نيل الأوطار 4:216.

و في أصحابه من قال:الواجب أحد الشيئين،فأيّما (1)أخرج،كان أصلا (2).

و قال مالك:يخرج الذهب عن الفضّة و بالعكس على وجه البدل لا القيمة (3).

و عن أحمد روايتان (4).

لنا:أنّ المنصوص عليه العين،و الأحاديث إنّما دلّت على القيمة،على أنّها قيمة لا بدل،و أصل في نفسها.

الثالث:هل يجوز إخراج المنافع كسكنى الدار؟الأقرب عندي الجواز،خلافا للجمهور (5).

لنا:أنّه حقّ ماليّ فجاز إخراجه قيمة كالأعيان.

مسألة:و لا اعتبار بالخلطة في الزكاة

،بل يخرج كلّ واحد من المالكين ما يخصّه (6)من ماله إن بلغ نصابا،و إلاّ فلا شيء عليه و لو بلغ المجموع النصاب أو أكثر،سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف.و به قال أبو حنيفة (7)،و الثوريّ (8).

و قال الشافعيّ:إنّ الخليطين يزكّيان زكاة الواحد (9)،خلطة أعيان كانت أو خلطة أوصاف،فإذا كان بين اثنين أربعون من الغنم أو أكثر من اثنين،وجبت عليهم شاة،و إذا

ص:238


1- 1كثير من النسخ:فإنّ ما.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:156،المجموع 5:429،نيل الأوطار 4:216.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:300،حلية العلماء 3:167،المجموع 5:429.
4- 4) المغني 2:672،الشرح الكبير بهامش المغني 2:521،الكافي لابن قدامة 1:393.
5- 5) حلية العلماء 3:167،المغني 2:671،المجموع 5:428.
6- 6) ح و ق:ما يحضر،خا:ما يخطر.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:153،بدائع الصنائع 2:29،الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:202، عمدة القارئ 2:11،المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527،المجموع 5:433،فتح العزيز بهامش المجموع 5:391،بداية المجتهد 1:263.
8- 8) المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527،المجموع 5:433،عمدة القارئ 2:11.
9- 9) ق و خا:الواحدة.

كانت ثمانون بين جماعة أو اثنين لكلّ واحد أربعون،وجبت فيهما شاة أيضا (1).و به قال الأوزاعيّ،و الليث (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4).

و قال مالك:تصحّ الخلطة إذا بلغ مال كلّ واحد نصابا مع الاشتراك في المرعى و الراعي (5).

و قال عطاء،و طاوس:المعتبر بخلطة (6)الأعيان دون الأوصاف (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أنس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين،فليس فيها صدقة إلاّ أن يشاء ربّها» (8).

و عنه عليه السلام:«من لم يكن له (9)إلاّ أربع من الإبل فليس فيها صدقة» (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن زمعة،عن أبيه،عن جدّ أبيه (11)

ص:239


1- 1الأمّ 2:14،حلية العلماء 3:60،61،المهذّب للشيرازيّ 1:150،151،المجموع 5:433،فتح العزيز بهامش المجموع 5:389،390،المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527.
2- 2) المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527،المجموع 5:533.
3- 3) المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527،الكافي لابن قدامة 1:394،الإنصاف 3:67، حلية العلماء 3:161،المجموع 5:433.
4- 4) المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:527،المجموع 5:433.
5- 5) الموطّأ 1:263،المدوّنة الكبرى 1:329،بداية المجتهد 1:265،بلغة السالك 1:211،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:119.
6- 6) م:تخليطه،خا،ح و ق:بخلط.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:145،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21،المغني 2:476،المجموع 5:433،عمدة القارئ 9: 12.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:197 الحديث 1567، [1]سنن النسائيّ 5:17-23،مسند أحمد 1:12، [2]سنن الدار قطنيّ 2:113 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:100.
9- 9) ش:عنده،كما في سنن النسائيّ.
10- 10) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567، [3]سنن النسائيّ 5:17-23،سنن الدار قطنيّ 2: 114 الحديث 2،سنن البيهقيّ 4:100.
11- 11) في الكافي و [4]الوسائل: [5]عن جدّه،عن جدّ أبيه.

أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كتب له في كتابه:«و من لم يكن معه (1)إلاّ أربعة من الإبل و ليس معه (2)مال غيرها فليس فيها شيء إلاّ أن يشاء ربّها،فإذا بلغ ماله خمسا من الإبل ففيه شاة» (3).

و لأنّ النصاب شرط كالحول و لا يبنى حول إنسان على غيره،فكذا (4)النصاب.

احتجّ المخالف (5)بقوله عليه السلام:«لا يجمع بين متفرّق،و لا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة و ما كان من خليطين،فإنّهما يتراجعان بينهما بالسويّة» (6).

و لأنّ في الخلطة تخفيف المئونة فجاز أن يؤثّر في وجوب الزكاة كالسوم.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حجّة لنا،لأنّ المراد:لا يجمع بين متفرّق في الملك، و لا يفرّق بين مجتمع فيه،و لا اعتبار بالمكان و إلاّ لزم أن لا يجمع بين مال الواحد إذا تفرّق في الأمكنة،و هو منفيّ إجماعا.

و قوله:و يترادّان الفضل.أراد بذلك:إذا اشتركا في الأعيان-مثلا-لأحدهما ستّون،و للآخر أربعون،فإنّ المصدّق يأخذ شاتين من الوسط،فيرجع صاحب الأكثر على صاحبه.

لا يقال:الخلطة لا تكون إلاّ بالأوصاف.

لأنّا نقول:الخلطة الحقيقيّة تطلق على الاشتراك في الأعيان،إمّا في الأوصاف فبالمجاز.

ص:240


1- 1هامش ح بزيادة:شيء،كما في الوسائل. [1]
2- 2) ح:له،كما في الوسائل. [2]
3- 3) التهذيب 4:95 الحديث 273،الوسائل 6:74 الباب 2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 5. [3]
4- 4) أكثر النسخ:و كذا.
5- 5) المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2:528،المهذّب للشيرازيّ 1:151،المجموع 5:433.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:145،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567، [4]سنن النسائيّ 5:21،مسند أحمد 1:12، [5]سنن البيهقيّ 4:105،الموطّأ 1:263، [6]تفسير القرطبيّ 15:179،و [7]فيهما:و ما كان من خليطين فإنّهما يترادّان الفضل بينهما.

لا يقال:قد روى سعد بن أبي وقّاص قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لا يجمع بين متفرّق،و لا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة،و الخليطان ما اجتمعا في الحوض و الفحل و الراعي» (1).

لأنّا نقول:هذا حديث لا نعرف (2)صحّته من طريق صحيح،و قد طعن فيه أبو حنيفة،و مالك،فلا احتجاج به،و مع تسليمه احتمل أن يكون من استكمل هذه الصفات يسمّى خليطا،و لا يلزم منه وجوب الزكاة مع القصور عن النصاب،كما أنّه لا يلزم وجوب الزكاة مع التسمية خليطا إذا كان أحدهما ذمّيّا و إن سمّي خليطا.

فروع:

الأوّل:خلطة الأعيان هي (3)أن تكون الماشية مشتركة بينهما لكلّ واحد منهما نصيب مشاع بأن يرثا نصابا أو يشترياه أو يوهب لهما.

و خلطة الأوصاف أن يكون مال كلّ واحد منهما متميّزا في ذاته،و مشتركا مع الآخر في المسرح و المبيت و المحلب و المشرب و الفحل.و شرط آخرون الراعي (4)و مالك اعتبر الراعي و المرعى لا غير (5)،و لا أثر لذلك عندنا على ما مضى.

الثاني:كما لا أثر للخلطة في إيجاب الزكاة مع نقصان النصاب لكلّ واحد،فكذا لا أثر لها في إسقاط بعض حقّ الفقراء لو زاد على النصاب،فلو كان لثلاثة،مائة و عشرون شاة،وجب عليهم ثلاث شياه.و القائلون بالخلطة أوجبوا شاة واحدة،و هو مذهب

ص:241


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:104،سنن البيهقيّ 4:106،عمدة القارئ 9:11.
2- 2) بعض النسخ:لا تعرف.
3- 3) م،ن و ش:و هي.
4- 4) المغني 2:477،الشرح الكبير بهامش المغني 2:530،الكافي لابن قدامة 1:396،الإنصاف 3:70.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:330 و 334،حلية العلماء 3:62،المغني 2:476،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 527،فتح العزيز بهامش المجموع 5:404.

مالك (1)،و قد ألزم التناقض،فإنّه أثبت حكم الخلطة فيما زاد على النصاب،فقيل له:إذا كان النصاب لكلّ واحد منهم إذا خلط بنصاب الآخر نقصت زكاتهم،فكذلك إذا كان لكلّ واحد منهم أقلّ من نصاب فإذا خلطوه جعل كمال الواحد و وجبت الزكاة كما جعلته في الزائد و أسقطت حقّ الفقراء،و نحن لا اعتبار عندنا بذلك.

الثالث:كما لا أثر للخلطة في الماشية فكذا في غيرها.و للشافعيّ في غير الماشية قولان:

أحدهما:لا أثر لها فيه.و به قال مالك (2).

و الثاني:أنّها معتبرة (3).

و عن أحمد روايتان (4).

الرابع:لو كان له أربعون شاة فباع نصفها بعد ستّة أشهر بطل الحول و سقطت الزكاة عندنا.

و قال الشافعيّ:يجب عليه نصف شاة بعد إتمام حوله،و على شريكه نصف شاة بعد إتمام حوله اعتبارا بالخلطة (5)،هذا إذا أخرج الأوّل من غير العين،أمّا لو أخرج منها أو من غيرها سقطت عن الثاني،لنقصان النصاب.

الخامس:لو كان له أربعون شاة منفردة،و بينه و بين آخر أربعون أخرى وجب (6)

ص:242


1- 1المدوّنة الكبرى 1:332،مقدّمات ابن رشد:247،بداية المجتهد 1:264،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:211.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:332،حلية العلماء 3:71.
3- 3) حلية العلماء 3:71،المهذّب للشيرازيّ 1:153،مغني المحتاج 1:377،378،المجموع 5:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:113.
4- 4) المغني 2:476، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:544، [2]الكافي لابن قدامة 1:395،الإنصاف 3:83.
5- 5) حلية العلماء 3:64،المهذّب للشيرازيّ 1:152،المجموع 5:441،فتح العزيز بهامش المجموع 5:448.
6- 6) بعض النسخ:وجبت.

على صاحب الستّين شاة و لا شيء على صاحب العشرين.

و قال الشافعيّ:يجب على صاحب الستّين ثلاثة أرباع شاة و على صاحب العشرين ربعها اعتبارا بالخلطة (1).

السادس:لو كان له ستّون خالط كلّ (2)رجل بعشرين وجب عليه شاة،و لا شيء على الشركاء.

و قال الشافعيّ:يجب عليه نصف شاة،و على كلّ واحد سدسها اعتبارا بالخلطة (3).

السابع:لو كان له أربعون من الغنم في بلدين في كلّ واحد منهما عشرون وجب (4)عليه شاة،سواء تباعد البلدان أو تقاربا.و به قال الشافعيّ (5).

و قال أحمد:لا يجب فيها شيء إذا تباعد البلدان (6).

لنا:أنّه مالك للنصاب فيجب عليه الزكاة،لقوله عليه السلام:«في أربعين من الغنم شاة» (7)و لم يفصّل.

و لأنّ النصاب جميعه ملك لواحد،فأشبه ما إذا كانا في بلدين متقاربين.

ص:243


1- 1حلية العلماء 3:67،المهذّب للشيرازيّ 1:152،المجموع 5:438-439،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 468 و 470.
2- 2) بعض النسخ:خالطه لكلّ.
3- 3) حلية العلماء 3:68،المهذّب للشيرازيّ 1:152،المجموع 5:439،فتح العزيز بهامش المجموع 5:478.
4- 4) بعض النسخ:وجبت.
5- 5) الأمّ 2:19،حلية العلماء 3:57،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:112.
6- 6) المغني 2:485،الشرح الكبير بهامش المغني 2:543،الكافي لابن قدامة 1:401،الإنصاف 3:83، حلية العلماء 3:57.
7- 7) سنن أبي داود 2:98 الحديث 1568 و ص 99 الحديث 1572،سنن ابن ماجه 1:577 الحديث 1805 و ص 578 الحديث 1807،سنن الترمذيّ 3:17 الحديث 621،سنن البيهقيّ 4:116.

احتجّ (1)بقوله عليه السلام:«لا يجمع بين متفرّق،و لا يفرّق بين مجتمع» (2).

و الجواب:المراد منه في الأملاك المتفرّقة.

الثامن:إذا كان له ثمانون في بلدين متباعدين أو متقاربين،وجب عليه شاة واحدة.

و قال أحمد:يجب عليه شاتان (3)،و الاحتجاج لنا و له.

و الجواب:ما تقدّم.

مسألة:الزكاة تجب في العين لا في الذمّة

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،سواء كان المال حيوانا أو غلّة أو أثمانا.و به قال أكثر أهل العلم (4)،و للشافعيّ قولان (5)،و عن أحمد روايتان (6).

لنا:قوله عليه السلام:«في أربعين شاة شاة،و في خمس من الإبل شاة» (7)«و في ثلاثين من البقر تبيع» (8)«و فيما سقت السماء العشر» (9).

ص:244


1- 1المغني 2:485،الشرح الكبير بهامش المغني 2:543.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:144،145،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567، [1]الموطّأ 1:363، [2]سنن النسائيّ 5: 21،سنن الدار قطنيّ 2:104 الحديث 5 و ص 105 الحديث 7،سنن البيهقيّ 4:105.
3- 3) المغني 2:485،الشرح الكبير بهامش المغني 2:543،حلية العلماء 3:57.
4- 4) المغني 2:536،حلية العلماء 3:33،المجموع 5:377،الميزان الكبرى 2:4،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:105،الكافي لابن قدامة 1:375،الإنصاف 3:35،فتح العزيز بهامش المجموع 5:552.
5- 5) حلية العلماء 3:32،المهذّب للشيرازيّ 1:144،المجموع 5:377، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 5:551. [4]
6- 6) المغني 2:536،الشرح الكبير بهامش المغني 2:469،الكافي لابن قدامة 1:379،الإنصاف 3:35.
7- 7) سنن أبي داود 2:98 الحديث 1568، [5]سنن الترمذيّ 3:17 الحديث 621، [6]سنن البيهقيّ 4:88،كنز العمّال 6: 315 الحديث 15830.
8- 8) سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 622، [7]سنن ابن ماجه 1:577 الحديث 1804،سنن الدارميّ 1:382، [8]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدار قطنيّ 2:94 الحديث 2،كنز العمّال 6:321 الحديث 15842.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:156،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1596، [9]سنن الترمذيّ 3:31 الحديث 639، [10]سنن ابن ماجه 1:580 الحديث 1816،مسند أحمد 3:341، [11]سنن البيهقيّ 4:121،سنن الدار قطنيّ 2:97 الحديث 9.

و قوله:«في عشرين مثقالا نصف مثقال» (1)«و في الرقة ربع العشر» (2).و لفظة في، للظرفيّة،و هي تدلّ على الوجوب في العين،و إخراج القيمة إنّما كان إرفاقا و تسهيلا للمالك.

و لأنّها تجب بصفة المال و تسقط بتلفه.و لأنّها مطهّرة للمال فكانت في عينه كخمس الغنائم و الركاز.

احتجّ الشافعيّ بأنّها لو وجبت في العين لوجب الإخراج منها،و لمنع (3)المالك من التصرّف فيها،و لتسلّط المستحقّ على إلزام (4)المالك بالأداء من العين،و لسقطت (5)الزكاة بتلف النصاب (6)من غير تفريط،و التوالي باطلة فالمقدّم مثله،و لأنّها زكاة فتجب في الذمّة كالفطرة (7).

و الجواب عن الملازمة الأولى:أنّ الزكاة وجبت معونة و إرفاقا،فجاز العدول عن العين تسهيلا للمالك و تخفيفا عنه ليسهل (8)عليه دفعها،و هو الجواب عن الملازمتين الآخرتين (9).

و عن الرابعة:بتسليم الملازمة،و المنع من بطلان التالي.

ص:245


1- 1سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1791،سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 1.و فيهما:«كان يأخذ من كلّ عشرين دينارا نصف دينار»و بما أنّ الدينار هو المثقال الشرعيّ يطابق مع قوله:«في عشرين مثقالا نصف مثقال» فتدبّر.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567،سنن النسائيّ 5:27،سنن الدار قطنيّ 2: 114-115 الحديث 3.
3- 3) ش:و يمنع.
4- 4) ن،ش و ك:التزام.
5- 5) ح:و تسقط،خا:لتسقط.
6- 6) خا،ق و ح:العين،مكان:النصاب.
7- 7) المجموع 5:377،فتح العزيز بهامش المجموع 5:551،المغني 2:536،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 469.
8- 8) كثير من النسخ:ليشهد.
9- 9) ش:الأخيرتين،خا:الأخريين،ف:الآخرين.

و عن القياس:بالفرق،فإنّ زكاة الفطرة مطهّرة للبدن فوجبت في الذمّة بخلاف زكاة المال.

فروع:

الأوّل:فائدة الخلاف تظهر فيما إذا حال على نصابه (1)حولان و لم يؤدّ زكاته،فعلى قولنا تسقط الزكاة في الحول الثاني،لنقصان المال عن الحول باستحقاق الفقراء في الحول (2)الأوّل لجزء (3)من العين و على قول المخالف:تجب عليه زكاتان لعدم النقصان،إذا الزكاة تجب في الذمّة (4).

الثاني:لو كان معه أكثر من نصاب فحال عليه حولان أو أزيد و لم يؤدّ،وجبت عليه زكاة الأحوال حتّى ينقص النصاب،لحصول (5)الجبران بالعفو.

الثالث:لو كان عنده خمس من الإبل فحال عليها حولان،فإن لم يؤدّ في الأوّل وجبت عليه شاة واحدة،و إن أدّى وجبت عليه شاة أخرى،لعدم نقصان عين النصاب بالإخراج.

و قال بعض الجمهور ممّن أوجب (6)الزكاة في العين:لو مضى عليه أحوال لم يؤدّ زكاته وجبت عليه شاة عن كلّ سنة،لأنّ الفرض يجب من غيرها (7).و هو خطأ،لأنّه يلزم عليه لو كان معه خمس و عشرون و ليس فيها بنت مخاض و حال عليها أحوال أن يجب عليه في كلّ سنة بنت مخاض،و هو لا يقول بذلك،بل أوجب في السنة الأولى بنت مخاض،

ص:246


1- 1بعض النسخ:نصاب.
2- 2) ش و ن:بالحول.
3- 3) بعض النسخ:بجزء.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:144،المجموع 5:380،فتح العزيز بهامش المجموع 5:556.
5- 5) ش،ن و م:بحصول،خا،ق:بحول.
6- 6) م،ن و ش بزيادة:عليه.
7- 7) المغني 2:538،الشرح الكبير بهامش المغني 2:473،الكافي لابن قدامة 1:375،الإنصاف 3:37.

و في كلّ سنة أربع شياه.و إن فرّق بأنّه يجوز أن يخرج أكثر (1)من بنت مخاض فيمكن تعلّق الزكاة بعينها،لإمكان الأداء منها،أجبنا بأنّه يجوز أن يخرج بعيرا أكثر من قيمة الشاة عنها فيمكن الأداء من العين.

مسألة:و لا يضمّ جنس إلى غيره في تكملة النصاب

(2)

.و قد أجمع العلماء كافّة على ذلك في غير الحبوب و الأثمان (3)،فمن كان عنده أربع من الإبل و تسعة و عشرون من البقر لا يجب عليه شيء إجماعا.و كذا من كان عنده أربعة أوسق من الحنطة و مثلها من الزبيب لا يجب عليه شيء،و إنّما الخلاف في الحنطة و الشعير،و الذهب و الفضّة،فالذي عليه علماؤنا أجمع أنّه لا يضمّ جنس من هذه إلى غيره.و به قال عطاء،و مكحول،و ابن أبي ليلى،و الأوزاعيّ،و الثوريّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور،و أصحاب الرأي (6).

و قال مالك:يضمّ بعضها إلى بعض (7).

و عن أحمد روايتان (8).

ص:247


1- 1كذا في النسخ،و الأنسب:أكبر.
2- 2) خا:تكميل.
3- 3) كثير من النسخ:و الأثمار.
4- 4) المغني 2:592،الشرح الكبير بهامش المغني 2:605،المجموع 5:512.
5- 5) الأمّ 2:35،حلية العلماء 3:84،المهذّب للشيرازيّ 1:157،المجموع 5:112، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:569، [2]مغني المحتاج 1:384،الميزان الكبرى 2:6،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:115،المغني 2: 592.
6- 6) المغني 2:592،المجموع 5:512، [3]بداية المجتهد 1:257.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:242 و 348،مقدّمات ابن رشد 1:213 و 215،بداية المجتهد 1:257 و 266،بلغة السالك 1:215 و 217،المغني 2:592،الشرح الكبير بهامش المغني 2:605،المجموع 5:513، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 5:569. [5]
8- 8) المغني 2:591،الشرح الكبير بهامش المغني 2:558 و 604،الكافي لابن قدامة 1:406 و 414،الإنصاف 3:96 و 134. [6]

لنا:قوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة» (1).

و قوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة» (2).«و ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة» (3).«و ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل له مائة درهم و عشرة دنانير[أ] (5)عليه زكاة؟قال:«لا، إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة»قلت:لم يفرّبها،ورث مائة درهم و عشرة دنانير، قال:«ليس عليه زكاة»قلت:فلا تكسر الدراهم على الدنانير و لا الدنانير على الدراهم؟ قال:«لا». (6)

و لأنّهما مالان مختلفان في الجنس و النصاب فلا يضمّ أحدهما إلى الآخر كالماشية (7).

احتجّ المخالف بأنّها متّفقة في كونها أثمانا و أروشا و قيما للمتلفات،و الحنطة و الشعير متّفقة في كونها (8)قوتا فيضمّ أحدهما إلى الآخر كالعلس و السلت (9).

و الجواب:الاشتراك فيما ذكرتم لا يستلزم الضمّ من غير دلالة،و السلت و العلس

ص:248


1- 1صحيح البخاريّ 2:133،صحيح مسلم 2:675 الحديث 980،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1794، [1]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:120.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:133،صحيح مسلم 2:675 الحديث 980،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1794، [2]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:120.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 7.و أورده ابنا قدامة في المغني 2:599 و الشرح الكبير بهامش المغني 2: 598 و الشيرازيّ في المهذّب 1:158.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:133،صحيح مسلم 2:675 الحديث 980،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1794، [3]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 6.
5- 5) أثبتناها من المصادر.
6- 6) التهذيب 4:94 الحديث 270،الاستبصار 2:40 الحديث 122،الوسائل 6:102 الباب 5 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 3. [4]
7- 7) خا،ح و ق:كما في الماشية.
8- 8) خا،ح و ص:كونهما.
9- 9) المغني 2:598،الشرح الكبير بهامش المغني 2:605،المبسوط للسرخسيّ 2:192-193.

ضمّا للاتّفاق في الاسم.

مسألة:الدين لا يمنع الزكاة

،سواء كان للمالك مال سوى النصاب أو لم يكن،و سواء استوعب الدين النصاب أو لم يستوعبه،و سواء كانت أموال الزكاة ظاهرة كالنعم و الحرث (1)أو باطنة كالذهب و الفضّة.و عليه علماؤنا أجمع،و به قال حمّاد بن أبي سليمان، و ربيعة بن أبي عبد الرحمن (2)،و القاضي ابن أبي ليلى (3)،و الشافعيّ في الجديد.

و قال في القديم:إذا لم يبق بعد قدر الدين نصاب لم تجب الزكاة (4).و به قال الحسن البصريّ،و الليث،و الثوريّ،و إسحاق (5)،و أحمد في الأموال الباطنة،و عنه في الظاهرة روايتان (6).

و قال مالك:الدين يمنع الزكاة في الذهب و الفضّة دون غيرهما (7).

و قال أبو حنيفة:الدين الذي يتوجّه فيه المطالبة يمنع وجوب الزكاة في سائر الأموال إلاّ الحبوب و الثمار،لأنّها خراج الأرض عنده (8).

لنا:عموم الأمر بالزكاة فلا يختصّ بعدم حالة الدين إلاّ بدليل و لم يثبت.

و لأنّه حرّ مسلم ملك نصابا حولا فوجبت (9)الزكاة عليه كمن لا دين عليه.

ص:249


1- 1ح:و الحبوب.
2- 2) المغني 2:633 و 637،الشرح الكبير بهامش المغني 2:454.
3- 3) نقله عنه في الخلاف 1:350 مسألة-124.
4- 4) الأمّ 2:50،حلية العلماء 3:16،المهذّب للشيرازيّ 1:142،المجموع 5:344،فتح العزيز بهامش المجموع 5:505،506،مغني المحتاج 1:410،411،السراج الوهّاج:132.
5- 5) المغني 2:634،الشرح الكبير بهامش المغني 2:455،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 4:149.
6- 6) المغني 2:633،634،الشرح الكبير بهامش المغني 2:454،الكافي لابن قدامة 1:373،الإنصاف 3:25.
7- 7) الموطّأ 1:254،بداية المجتهد 1:246،مقدّمات ابن رشد 1:252،إرشاد السالك:42،بلغة السالك 1: 222،المغني 2:633،الشرح الكبير بهامش المغني 2:454.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:274،بدائع الصنائع 2:6،الهداية للمرغينانيّ 1:96،شرح فتح القدير 2:117،بداية المجتهد 2:264،المغني 2:634،الشرح الكبير بهامش المغني 2:455،فتح العزيز بهامش المجموع 5:506.
9- 9) م بزيادة:فيه.

و لأنّ سعاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانوا يأخذون الصدقات من غير مسألة عن الدين،و لو كان مانعا لسألوا عنه.

و لأنّ كلّ مال وجبت فيه الزكاة مع عدم الدين وجبت فيه مع الدين كالأموال الظاهرة مع مالك،و مع أبي حنيفة:الحبوب و الثمار،و الدين إذا كان عن كفّارة أو نذر أو حجّ.

احتجّ المخالف (1)بما رواه ابن عمر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا كان لرجل ألف درهم و عليه ألف درهم فلا زكاة عليه» (2).

و بقوله عليه السلام:«أمرت أن آخذ الزكاة من أغنيائكم فأردّها على فقرائكم» (3).

و المدين فقير،لأنّه يعطى الزكاة.و لأنّه محتاج (4)إلى قضاء الدين فصرف المال فيه أولى من الزكاة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه خبر واحد فيما يعمّ به البلوى مع عدم اعتضاده بدليل فلا يكون مقبولا،مع أنّ جماعة من العلماء أنكروا هذا الحديث.على أنّه يحتمل أنّ صاحب الدين طالب به قبل حلول الحول.

و عن الثاني:أنّ اختصاص الغنيّ بذلك عرف بدليل الخطاب،و هو غير مقبول عند (5)المحقّقين،و مع تسليمه فإنّ الزكاة قد تجب على من يأخذها،كمن ملك مائتي درهم و هي لا تقوم به.و كذا لا تجب زكاة المال على من يقبل زكاة الفطرة إذا كان المال يعجز (6)عن مئونته.

ص:250


1- 1المغني 2:633،الشرح الكبير بهامش المغني 2:454.
2- 2) أورده ابنا قدامة في:المغني 2:633،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:454.
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 2:633،الشرح الكبير بهامش المغني 2:454.و بهذا المضمون،ينظر: سنن البيهقيّ 4:8.
4- 4) ق،ك و خا:يحتاج.
5- 5) خا،ح و ق:غير منقول عن.
6- 6) خا و ق:يقصر.

و عن الثالث:أنّه يجب عليه قضاء دينه من ماله،لا من مال الفقراء.

فروع:

الأوّل:لا فرق بين حقوق اللّه تعالى و دين الآدميّ في عدم المنع من الزكاة.

الثاني:لو كان له مال تجب فيه الزكاة،و عليه دين،و له مال لا تجب فيه الزكاة،كان الدين فيما لا زكاة عليه و وجبت في الآخر،و لو كان له نصابان و عليه دين بقدر أحدهما وجبت الزكاة أيضا.و قال المانعون:إن كان من جنس أحدهما وجبت الزكاة في الآخر،و إن لم يكن من جنسهما روعي حظّ (1)الفقراء في ذلك (2).

الثالث:لو حجر الحاكم على المدين فإن كان قد فرّق المال بين غرمائه ثمَّ حال الحول،فلا زكاة،لاستحقاق الغرماء المال قبل الحول،و إن حجر ثمَّ حال عليه الحول و لم يفرّق المال و لا عيّنه فلا زكاة أيضا،لعدم إمكان التصرّف.

الرابع:لو أقرّ بالزكاة قبل الحجر قبل قوله-سواء صدّقه (3)الغرماء أو لم يصدّقه- من غير يمين،أمّا لو أقرّ بعد الحجر فالأقرب القبول أيضا،لأنّه أمين فيها فيكون قوله مقبولا لكن لا يقاسم الغرماء بل يأخذ الغرماء المال و تثبت الزكاة في ذمّته.

الخامس:لو استأجر لأربعين شاة راعيا بشاة في الذمّة موصوفة،ثمَّ حال الحول و ليس له ما يزيد على الأربعين وجبت الزكاة عليه عندنا،لأنّ الدين لا يمنع الزكاة، و القائلون بالمنع أسقطوا الزكاة هنا،لنقصان النصاب بمال الإجارة (4).

السادس:لو استقرض ألفا و رهن عليها ألفا وجبت الزكاة على مال القرض،و هل

ص:251


1- 1ك،ح،ش،م و ن:حقّ.
2- 2) المغني 2:635،636، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:456-458، [2]المجموع 5:349،350،فتح العزيز بهامش المجموع 5:509.
3- 3) خا،ق و ح:أصدقه.
4- 4) الأمّ 2:26،المغني 2:482،المجموع 5:349،فتح العزيز بهامش المجموع 5:507.

تجب في الرهن؟فيه تردّد الشيخ في المبسوط و الخلاف بين الوجوب،لأنّه مال مملوك قادر على التصرّف فيه فجرى مجرى المال الغائب في يد الوكيل،و بين السقوط،لأنّه ممنوع منه (1).و القائلون بمنع الدين أوجبوا الزكاة في ألف واحدة (2).

السابع:لو التقط نصابا و حال عليه الحول بعد التعريف سنة،فإن كان قد نوى بعد حول التعريف التملّك (3)وجبت الزكاة في الحول الثاني و إن لم يكن له سواه،و القائلون بأنّ الدين مانع،أسقطوا الزكاة هنا إذا لم يكن له سواه،لوجوب مثله عليه لصاحبه (4).و هل تجب الزكاة في المثل الذي في ذمّته؟فيه قولان:إن قلنا بوجوب الزكاة في الدين وجبت هنا، و إلاّ فلا،و إن لم ينو التملّك لم تجب الزكاة على واحد منهما.

الثامن:إذا نذر الصدقة ببعض النصاب،فإن كان بعد الحول لم تسقط الزكاة و لم يتداخلا،إلاّ أن ينوي في نذره الصدقة بالزكاة فإن كان قبل الحول سقطت الزكاة، فلو كان معه مائتان فحال عليها بعض الحول فنذر الصدقة بمائة إذا حال الحول فلا زكاة.

و للشافعيّ قولان (5).

و قال محمّد بن الحسن:يخرج خمسة دراهم من كلّ مائة درهمان و نصف و يتصدّق بسبعة و تسعين درهما و نصف (6).

لنا:أنّ النذر تعلّق بالعين فخرج عن ملكه فلا يبقى النصاب تامّا.

التاسع:لو حال الحول على مائتين فتصدّق بها،فإن نوى الزكاة صحّ،و إن لم ينو

ص:252


1- 1المبسوط 1:225،226،الخلاف 1:351 مسألة-128.
2- 2) لم نعثر على المسألة بعينها في كتب القائلين بالمنع،و لعلّ المصنّف نسب إليهم،لأنّه لازم قولهم،ينظر:المغني 2: 634،الشرح الكبير بهامش المغني 2:455،المجموع 5:344،فتح العزيز بهامش المجموع 5:505،506.
3- 3) م،ك و ش:التمليك.
4- 4) المغني 2:642،الشرح الكبير بهامش المغني 2:453،المجموع 5:342،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 505.
5- 5) حلية العلماء 3:20،المجموع 5:345،فتح العزيز بهامش المجموع 5:509.
6- 6) نقله عنه في الخلاف 1:350 مسألة-126.

صحّ و ضمن حصّة الفقراء.

و للشافعيّ قولان:أحدهما:كما قلنا (1).

و الثاني:يقع قدر الزكاة عن الفرض و الباقي عن النفل (2).

لنا:أنّ الزكاة تفتقر إلى النيّة فلا تصحّ بدونها،و الوجه عندي أنّ نصيب الفقراء لا تصحّ (3)الصدقة به،و لا ينتقل إلى المتصدّق عليه إلاّ أن يضمن المالك.

ص:253


1- 1غ:قلناه.
2- 2) نقله عنه في الخلاف 2:351 مسألة-127.
3- 3) ق و خا:تصلح.
البحث الثامن:فيما تستحبّ فيه الزكاة
مسألة:مال التجارة

هو (1)المال المنتقل بعقد معاوضة قصد به الاكتساب عند التملّك،و لا يكفي مجرّد النيّة من دون الشراء.و لو (2)انتقل إليه بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة فيه،و إنّما تثبت الزكاة مع تحقّق ما قلناه.

إذا ثبت هذا فنقول:اختلف علماؤنا في وجوب الزكاة،فقال أكثرهم بالاستحباب (3)، و قال آخرون بالوجوب (4)،و قد سلف تحقيق المذهب في ذلك (5).

حكم و شرائط زكاة مال التجارة

و قد اتّفق العلماء على ثبوت الزكاة إمّا وجوبا أو استحبابا مع شرائط تنظّمها (6)مسائل.

المسألة الأولى:

الحول شرط في زكاة التجارة

،سواء قلنا بالوجوب أو الاستحباب.و هو قول علماء

ص:254


1- 1ن،ك و ش:و هو.
2- 2) بعض النسخ:فلو.
3- 3) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:40،و السيد المرتضى في جمل العلم و العمل:119،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:220 و الجمل و العقود:100،و سلاّر في المراسم:136،و ابن إدريس في السرائر:103.
4- 4) ينظر:الفقيه 2:11،المقنع:52.
5- 5) يراجع:ص 72. [1]
6- 6) ش:تتضمّنها،ن،ص و ك:تنضمّها،ح:فهنا،ق و خا:و هنا.

الإسلام.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها،فقال:«إذا حال عليها (2)الحول فليزكّها» (3).

و لأنّه مال تثبت فيه الزكاة فيعتبر فيه الحول كزكاة العين.

فروع:

الأوّل:لو كان عنده متاع قيمته نصاب فزاد في أثناء الحول لم يبن حول الزيادة على الأصل بل تثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل،و في الزيادة عند تمام حولها إن (4)بلغت نصابا،سواء نضّ المال (5)في أثناء الحول أو لم ينضّ.

و قال مالك (6)،و إسحاق،و أبو يوسف (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد:يبنى حول الزيادة

ص:255


1- 1سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن البيهقيّ 4:95.و بتفاوت يسير،ينظر:سنن أبي داود 2:101 الحديث 1573، [1]سنن الترمذيّ 3:26 الحديث 632، [2]سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1.
2- 2) كلمة:عليها،توجد في غ و التهذيب.
3- 3) التهذيب 4:68 الحديث 186،الاستبصار 2:10 الحديث 29.
4- 4) خا،ح و ق:إذا.
5- 5) نضّ الثمن:حصل و تعجّل.و أهل الحجاز يسمّون الدراهم و الدنانير نضّا و ناضّا.المصباح المنير 2:610. [3]
6- 6) الموطّأ 1:247، [4]المدوّنة الكبرى 1:264،بداية المجتهد 1:271،المغني 2:630،الشرح الكبير بهامش المغني 2:642.
7- 7) المغني 2:630،الشرح الكبير بهامش المغني 2:642.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:164،بدائع الصنائع 2:13،الهداية للمرغينانيّ 1:102،شرح فتح القدير 2: 147.

على حول الأصل (1).

و قال الشافعيّ:إن نضّ المال لم يبن حول الزيادة على حول الأصل،و إن لم ينضّ بنى (2).

لنا:قوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (3).و هو صادق على الزيادة كصدقه على الأصل.

احتجّوا بالقياس على النتاج (4).

و الجواب:قد بيّنّا منع الحكم في الأصل (5).

الثاني:لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير،قال الشيخ:لا ينقطع حول الدراهم بل يبنى حول العرض على حول الأصل (6).و به قال أبو حنيفة (7)،و الشافعيّ (8)، و أحمد (9)،لأنّ المعتبر في زكاة التجارة القيمة و هي تثبت فيها فكانا كالمال الواحد.و لأنّ العلّة في إيجاب الزكاة النموّ،و هو إنّما يثبت في مال (10)التجارة بالتقليب و المبادلة،فلو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي وجبت فيه الزكاة لأجله مانعا.

ص:256


1- 1المغني 2:630،الشرح الكبير بهامش المغني 2:642،الإنصاف 3:30.
2- 2) حلية العلماء 3:102،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:59،فتح العزيز بهامش المجموع 6:58،مغني المحتاج 1:399،السراج الوهّاج:128،المغني 2:630.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن البيهقيّ 4:95،و بتفاوت يسير،ينظر:سنن أبي داود 1:101 الحديث 1573، [1]سنن الترمذيّ 3:26 الحديث 632، [2]سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1.
4- 4) المغني 2:630،الشرح الكبير بهامش المغني 2:642،بداية المجتهد 1:271.
5- 5) يراجع:ص 150.
6- 6) المبسوط 1:221، [3]الخلاف 1:343 مسألة-107.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:20،21،تحفة الفقهاء 1:273،بدائع الصنائع 2:15،مجمع الأنهر 1:207.
8- 8) الأمّ 2:47،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:50،حلية العلماء 3:102،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6: 55،فتح العزيز بهامش المجموع 6:54-55.
9- 9) المغني 2:626،الشرح الكبير بهامش المغني 2:635،الكافي لابن قدامة 1:26،زاد المستقنع:26.
10- 10) بعض النسخ:حال.

الثالث:قال الشيخ رحمه اللّه:لو اشترى بنصاب من غير الأثمان مثل خمس من الإبل أو ثلاثين من البقر أو أربعين من الغنم استأنف الحول،لأنّه مردود إلى القيمة بالدراهم و الدنانير لا إلى أصله (1).

و للشافعيّ قولان (2):

لنا:أنّه مال لم يحل عليه الحول،فلا تجب فيه الزكاة.

قال الشيخ:و إذا كان معه سلعة ستّة أشهر ثمَّ باعها بنى على حول الأصل،لأنّ له ثمنا و ثمنه من جنسه (3).

الرابع:لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية جرت في الحول من حين انتقالها إليه.

و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد (6).

و قال مالك:لا يجري (7)في الحول حتّى يكون ثمنه عينا (8).

لنا:عمومات الأدلّة المقتضية لثبوت الزكاة في عروض التجارة تدلّ على صورة النزاع.و لأنّه اشتراه (9)للتجارة فوجب أن يجري في الحول كما لو اشتراه بالعين.

ص:257


1- 1المبسوط 1:221. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:101،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:56، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:54. [3]
3- 3) المبسوط 1:221. [4]
4- 4) الأمّ 2:47،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:50،حلية العلماء 3:102،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6: 56،فتح العزيز بهامش المجموع 6:54،مغني المحتاج 1:397،السراج الوهّاج:127،المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:637.
5- 5) بدائع الصنائع 2:11،حلية العلماء 3:102.
6- 6) المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:637،الكافي لابن قدامة 1:425،الإنصاف 3:153- 155.
7- 7) كثير من النسخ:لا يجزئ.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:252،بداية المجتهد 1:269،مقدّمات ابن رشد 1:250،بلغة السالك 1:223،حلية العلماء 3:103.
9- 9) ش،ح،ق و خا:و لأنّه شراه.

احتجّ بأنّ زكاة التجارة تجب تبعا لزكاة العين،و بمجرّد النيّة لا تجب،كما لو ورث أو غنم أو استوهب و نوى به التجارة (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ الصور الّتي ذكرتموها لم يوجد فيها إلاّ مجرّد النيّة و هاهنا وجدت التجارة مع النيّة فتثبت التجارة قطعا.

الخامس:عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض،فلو كان في يده عرض للتجارة تثبت (2)فيه الزكاة أقام في يده ستّة أشهر،ثمَّ اشترى به عرضا آخر للتجارة فأقام (3)في يده ستّة أشهر أخرى تثبت (4)الزكاة،بخلاف ما إذا بادل أحد النصب بغيره من جنسه أو من غير جنسه،لأنّ الزكاة هناك تجب في العين،و هاهنا الاعتبار بالقيمة،و كذا لو نضّ المال بنى على حول العرض.

السادس:زكاة التجارة تثبت في كلّ حول.و به قال بعض أصحابنا (5)،و الثوريّ و الشافعيّ و إسحاق و أصحاب الرأي و أحمد (6).

و قال مالك:لا يزكّيه إلاّ لعام واحد (7).و به قال قوم من أصحابنا (8).

ص:258


1- 1بداية المجتهد 1:269،مقدّمات ابن رشد 1:250.
2- 2) بعض النسخ:ثبتت.
3- 3) كثير من النسخ:و أقام.
4- 4) بعض النسخ:ثبتت.
5- 5) نقل القول عن بعض في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):679،قال في الجواهر 15:269: [1]لم نعرف حكاية هذا القول من غيره.
6- 6) المغني 2:623،الشرح الكبير بهامش المغني 2:627،الميزان الكبرى 2:9،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:119.
7- 7) المدوّنة الكبرى 2:251،بلغة السالك 1:223،المغني 2:624،الشرح الكبير بهامش المغني 2:627، الميزان الكبرى 2:10،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:119.
8- 8) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:40،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:176،و ابن إدريس في السرائر:102.

لنا:أنّه مال ثبتت (1)فيه الزكاة في الحول الأوّل لم ينقص و لم تتبدّل (2)صفته فتثبت فيه الزكاة في الحول الثاني كما لو نضّ في أوّله،و كزكاة العين.

السابع:لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة،فإن كانت قيمة كلّ واحدة نصابا زكّى كلّ سلعة عند تمام حولها،و إن لم يكن شيء منها نصابا و كان المجموع نصابا زكاه إذا حال عليه أجمع الحول،و لو كان الأوّل نصابا و ليس الباقي كذلك فكلّ ما حال عليه الحول ضمّ إلى الأوّل و زكّي كالمال الواحد.

المسألة الثانية:

و يشترط في ثبوت الزكاة:بلوغ النصاب

.و هو قول علماء الإسلام،فلو ملك دون النصاب و حال عليه الحول لم تثبت الزكاة إجماعا.

و هل يشترط وجود النصاب في جميع الحول أم لا؟فالذي عليه علماؤنا اشتراط وجود النصاب في جميع الحول،فلو كان في ابتداء الحول دون النصاب ثمَّ كمل نصابا بأن زادت قيمته السوقيّة،أو نمى فبلغ نصابا،أو ملك عرضا آخر للتجارة حتّى بلغ النصاب اعتبر بالحول منذ كمل النصاب.

و كذا لو ملك للتجارة نصابا ثمَّ نقص في وسط الحول ثمَّ بلغ نصابا في آخره فإنّه لا اعتبار بذلك،بل المعتبر حولان الحول على نصاب كامل.و به قال من الشافعيّة أبو العبّاس بن سريج (3)،و أحمد (4).

و قال الشافعيّ:المعتبر بلوغ النصاب آخر الحول (5).و به قال مالك (6).

ص:259


1- 1بعض النسخ:تثبت.
2- 2) ن،ك و ش:تبدّل.
3- 3) حلية العلماء 3:101،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:55،فتح العزيز بهامش المجموع 6:47.
4- 4) المغني 2:625،الشرح الكبير بهامش المغني 2:626،الكافي لابن قدامة 1:424،الإنصاف 3:12.
5- 5) حلية العلماء 3:101،المهذّب للشيرازيّ 2:160،المجموع 6:55،فتح العزيز بهامش المجموع 6:45،مغني المحتاج 1:397،السراج الوهّاج:127.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:254،بلغة السالك 1:223،مقدّمات ابن رشد 1:212،بداية المجتهد 1:272.

و قال أبو حنيفة:يعتبر النصاب طرفي الحول (1).

لنا:أنّه ناقص عن النصاب فلا تثبت فيه الزكاة و لا يعقد عليه الحول كزكاة العين.

و لأنّه مال يعتبر له الحول و النصاب فيجب اعتبار كمال النصاب في جميع الحول كغيره من الأموال و لأنّه لو وجبت الزكاة مع نقصانه في وسط الحول لوجبت في الزيادة المتجدّدة إذا (2)لم يحل عليها الحول.

احتجّوا بأنّه يشقّ التقويم في جميع الحول فيسقط اعتباره (3).

و الجواب:لا نسلّم ثبوت المشقّة مع المعرفة بالأسواق و قيم المبيعات خصوصا للمقارب (4)للنصاب،فإنّه يسهل فيه التقويم،أمّا غير المقارب (5)فلا يحتاج إلى التقويم، و لو سلّم فالمالك يأخذ بالاحتياط كما قلنا (6)في زكاة العين،أو ببراءة الذمّة على ما تقدّم (7). (8)

فروع:

الأوّل:لو نقصت السلعة عن النصاب من يوم شرائها و حال عليها الحول على النقصان فلا زكاة إجماعا،فلو زادت القيمة بعد شهر و بلغت نصابا لم تثبت الزكاة حينئذ بل

ص:260


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:191،تحفة الفقهاء 1:272،بدائع الصنائع 2:15،الهداية للمرغينانيّ 1:105، شرح فتح القدير 2:168،مجمع الأنهر 1:208.
2- 2) ق و خا:إن.
3- 3) المغني 2:625،الشرح الكبير بهامش المغني 2:626،المبسوط للسرخسيّ 2:172،المجموع 6:55،فتح العزيز بهامش المجموع 6:44،بدائع الصنائع 2:16،مقدّمات ابن رشد 1:212.
4- 4) خا،ح و ق:للمقارن.
5- 5) كثير من النسخ:المقارن.
6- 6) غ:قلناه.
7- 7) ن،ش و ك:كما تقدّم،مكان:على ما تقدّم.
8- 8) يراجع:ص 170.

ابتدأ بالحول من حين البلوغ.

و قال أبو عليّ بن أبي هريرة:تجب فيه الزكاة،لأنّه يصير أوّل الحول بعد الشراء بشهر،لأنّ شرط الزكاة قد وجد (1).و هو خطأ،لأنّ الحول الأوّل لم يبلغ فيه نصابا فسقط حكمه فيه و استؤنف به الحول الثاني،و على مذهبنا فالبحث أظهر.

الثاني:لو اشترى شقصا للتجارة بعشرين فحال عليه الحول و هو يساوي مائة و قد حال الحول على الزيادة أيضا فعليه زكاة مائة،فإذا قدم الشفيع أخذ بالعشرين،لأنّ الشفعة تملك في حال الأخذ بها بالثمن الأوّل.

الثالث:لو اشترى شقصا فحال عليه الحول ثمَّ وجد به عيبا فردّه به،ثبتت (2)الزكاة عليه،لأنّ الردّ استحداث زوال ملك،لا إبطال الملك من رأس.

الرابع:لو باع السلعة في أثناء الحول،قال الشيخ في الخلاف:استأنف حول الثمن عند من لا يوجب زكاة التجارة و بنى على قول من يوجب،لأنّ الزكاة تجب في القيمة فكانا مالا واحدا (3).

و قيل بالاستئناف على التقديرين،لأنّ الحول معتبر في السلعة،و الثمن مغاير فلا يكون حول أحدهما حول الآخر.و لأنّهما زكاتان متغايرتان فلم يكن حول إحداهما حول الأخرى كما لو كان الأصل ماشية (4)،و هو الأقرب عندي.

الخامس:تقوّم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به،سواء كان نصابا أو أقلّ و لا تقوّم بنقد البلد.

و قال الشافعيّ:إن اشتراه بعرض للقنية قوّم بنقد البلد،و إن اشتراه بدنانير أو بدراهم قوّم بهما إن كان الثمن نصابا،و إن كان دون النصاب،ففيه وجهان:

ص:261


1- 1حلية العلماء 3:104،المجموع 6:68.
2- 2) كثير من النسخ:تثبت.
3- 3) الخلاف 1:345 مسألة-112.
4- 4) هو ظاهر قول الشيخ في المبسوط 1:220.

أحدهما:يقوّم بالثمن.

و الثاني:يقوّم بنقد البلد (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و أحمد:يعتبر الأحظّ للفقراء (3).

لنا:أنّ نصاب السلعة يبنى على ما اشتريت به.و ذلك يقتضي اعتباره به.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:سأله سعيد الأعرج و أنا أسمع فقال:إنّا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة فربّما مكث عندنا السنة و السنتين هل عليه زكاة؟قال فقال:«إن كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك فيه زكاة (4)، و إن كنت إنّما تربّص به لأنّك لا تجد إلاّ وضيعة فليس عليك زكاة حتّى تصيّرها ذهبا أو فضّة،فإذا صار ذهبا أو فضّة فزكّه للسنة التي اتّجرت فيها» (5).

و اعتبار رأس المال أو الربح إنّما يعلم بعد الاعتبار بما قوّمت به.

احتجّوا بأنّ تقويمها بالأحظّ،فيه نفع للفقراء (6).

و الجواب:أنّ فيه إضرارا بالمالك.

السادس:قال الشيخ رحمه اللّه:لو بادل ذهبا بذهب أو فضّة بفضّة بنى على حول الأصل،و لو بادل بغير الجنس انقطع الحول،لقولهم عليهم السلام:«الزكاة في الدنانير

ص:262


1- 1حلية العلماء 3:103،المهذّب للشيرازيّ 1:161،المجموع 6:64،65،فتح العزيز بهامش المجموع 6:70، مغني المحتاج 1:399.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:191،تحفة الفقهاء 1:273،بدائع الصنائع 2:21،الهداية للمرغينانيّ 1:105، شرح فتح القدير 2:167،حلية العلماء 3:104.
3- 3) المغني 2:625،الشرح الكبير بهامش المغني 2:633،الكافي لابن قدامة 1:424، [1]الإنصاف 3:155، حلية العلماء 3:104.
4- 4) ح:زكاته،كما في الوسائل. [2]
5- 5) التهذيب 4:69 الحديث 187،الاستبصار 2:10 الحديث 30،الوسائل 6:46 الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 13. [3]
6- 6) المغني 2:626،الشرح الكبير بهامش المغني 2:634،بدائع الصنائع 2:21،المبسوط للسرخسيّ 2:191.

و الدراهم» (1)و هو عامّ للتبدّل (2)و البقاء (3).

و الجواب:الحول معتبر بالإجماع فينتفي (4)العموم،فالحقّ انقطاع الحول كما لو بادل بغير الجنس.

السابع:لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر تثبت الزكاة،لأنّه يصدق عليها بلوغ النصاب كما لو كان عينا.

الثامن:القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الذي كان رأس المال بلا خلاف (5).

المسألة الثالثة:

نيّة الاكتساب بها عند التملّك شرط لثبوت الزكاة

وجوبا أو استحبابا.و هو قول العلماء كافّة.

فلو نوى القنية وقت الشراء لم تثبت الزكاة قولا واحدا،و لو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا أو استوهب و قصد أنّه للتجارة لم يصر للتجارة بمجرّد النيّة.

و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّ الأصل القنية،و التجارة عارضة،فلا يصرف إليها بمجرّد النيّة،كما لو نوى الحاضر السفر لم يثبت له حكمه بمجرّد النيّة،و كما لو نوى سوم المعاملة و لم يسمها.

ص:263


1- 1الكافي 3:518 الحديث 9، [1]التهذيب 4:7 الحديث 16 و 18،الاستبصار 2:6 الحديث 14 و ص 7 الحديث 16،الوسائل 6:105 الباب 8 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 3 و [2]ص 106 الحديث 5.
2- 2) ش و ن:للتبديل،ح:للبدل.
3- 3) الخلاف 1:324 مسألة-63 و ص 346 مسألة-114.
4- 4) ك:فينفي.
5- 5) هذا الفرع توجد في غ،ف و ك.
6- 6) المغني 2:624،الشرح الكبير بهامش المغني 2:630 و 631،الكافي لابن قدامة 1:423،الإنصاف 3: 153.

احتجّ أحمد (1)بما رواه سمرة قال:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نخرج الصدقة ممّا نعدّه للبيع (2).و بالنيّة يصير كذلك.

و الجواب:المنع من صيرورته كذلك بالنيّة.

المسألة الرابعة:

يشترط أن يكون الاكتساب بفعله كالابتياع

و الاكتسابات المحلّلة،فلو ملكه (3)بميراث لم يصر للتجارة و إن نواه لها على ما مضى،و هل يشترط أن يكون التملّك بعوض؟ الأقرب أنّه شرط،فلو ملكه بالهبة،أو بالاحتطاب (4)،أو الاحتشاش،أو النكاح،أو الخلع، أو قبول الوصيّة لم تثبت الزكاة،لأنّه لم يملكه بعوض فأشبه الموروث.

و يؤيّده:رواية سعيد الأعرج و قد تقدّمت (5)،فإنّه اشترط رأس المال أو الربح، و هو إنّما يتحقّق مع العوض.

المسألة الخامسة:

يشترط في وجوب الزكاة أو استحبابها-على الخلاف-وجود رأس المال طول

الحول

،فلو نقص رأس ماله و لو حبّة في الحول أو بعضه سقطت الزكاة و إن كان ثمنه أضعاف النصاب،و إذا بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ.ذهب (6)إلى ذلك علماؤنا أجمع،خلافا للجمهور.

ص:264


1- 1المغني 2:624،الشرح الكبير بهامش المغني 2:631،الكافي لابن قدامة 1:423.
2- 2) سنن أبي داود 2:95 الحديث 1562، [1]سنن الدار قطنيّ 2:127 الحديث 9،سنن البيهقيّ 4:146.
3- 3) كثير من النسخ:تملّكه.
4- 4) بعض النسخ:باحتطاب.
5- 5) يراجع ص:262. [2]
6- 6) كثير من النسخ:و ذهب.

لنا:أنّ الزكاة مبنيّة (1)على المواساة و مشروعة للإرفاق بالمساكين فلا تثبت مع الإضرار بالمالك و مع الخسران يتحقّق الضرر،و لا ينتقض بزكاة العين،لأنّها تجب في المتخلّف (2)،إذ هو قائم مقام النماء،بخلاف مال التجارة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى متاعا فكسد عليه (3)و قد زكّى ماله قبل أن يشتري (4)المتاع،متى يزكّيه؟فقال:«إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة،و إن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال» (5).

و عن أبي الربيع الشاميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكّى ماله قبل أن يشتري به،هل عليه زكاة،أو حتّى يبيعه؟فقال:

«إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة» (6).

فرع:

لو اشترى مائتي قفيز بمائتي درهم فبعد حولان الحول نقصت مائة،فإن كان بعد إمكان الأداء لم تسقط الزكاة في الناقص،لأنّه حصل بتفريطه بعد ثبوت الزكاة في المائتين، و إن كان قبل إمكان الأداء لم يضمن النقصان،لعدم التفريط و لزمه خمسة أقفزة أو قيمتها درهمان و نصف.

ص:265


1- 1ح:مثبتة.
2- 2) بعض النسخ:المختلف.
3- 3) هامش ح بزيادة:متاعه،كما في الوسائل. [1]
4- 4) ف،غ و ق:يشري.
5- 5) التهذيب 4:68 الحديث 186،الاستبصار 2:10 الحديث 29،الوسائل 6:46 الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 4:68 الحديث 185،الاستبصار 2:10 الحديث 28،الوسائل 6:46 الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 4. [3]

و قال أبو حنيفة:يلزمه خمسة دراهم أو خمسة أقفزة،لأنّه القدر الواجب عند الحول (1).و هو ضعيف،لأنّ النقصان من غير سببه فلا يضمنه كزكاة العين.

أمّا لو زادت القيمة فصارت (2)إلى أربعمائة تخيّر (3)بين خمسة دراهم أو قفيزين و نصف،لأنّ الواجب هو الدرهم عند الحول و البدل يراعى قيمته وقت العطاء.

و قال محمّد،و أبو يوسف:يخرج عشرة دراهم أو خمسة أقفزة،لأنّ المعتبر بالقيمة وقت الإخراج (4).

مسألة:قال الشيخ رحمه اللّه:زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة

و تجب فيها (5).و هو قول أحمد (6)،و الشافعيّ في أحد قوليه.

و قال في الآخر:هو مخيّر بين الإخراج من العين و (7)من القيمة (8).و به قال أبو حنيفة (9).

و قال أبو يوسف،و محمّد:الواجب الإخراج من العين (10).

و احتجّ الشيخ رحمه اللّه بأنّ النصاب معتبر من القيمة،و ما اعتبر النصاب منه وجبت

ص:266


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:15،بدائع الصنائع 2:21.
2- 2) غ:و صارت.
3- 3) ش،ن و م:فخيّر.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:15،بدائع الصنائع 2:22.
5- 5) المبسوط 1:221،الخلاف 1:343 مسألة-108.
6- 6) المغني 2:624،الشرح الكبير بهامش المغني 2:628،الكافي لابن قدامة 1:425،الإنصاف 3:153.
7- 7) م،ن و ش:أو.
8- 8) حلية العلماء 3:108،المهذّب للشيرازيّ 1:161،المجموع 6:69،فتح العزيز بهامش المجموع 6:67، المغني 2:624،الشرح الكبير بهامش المغني 2:628.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:15،بدائع الصنائع 2:21،الهداية للمرغينانيّ 1:104،المغني 2:624، الشرح الكبير بهامش المغني 2:628.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 3:15،بدائع الصنائع 2:21.

الزكاة فيه كسائر الأموال (1).

و بما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ عرض فهو مردود إلى الدراهم و الدنانير» (2).

و احتجّ أبو حنيفة (3)بقوله عليه السلام:«و في البزّ صدقته» (4)بالزاي.

و لأنّها زكاة مال،فتجب في عينه كغيره.

و الجواب عن الأوّل:بمنع الحديث.

و عن الثاني:بالمنع من وجوب الزكاة في المال،و إنّما وجبت في قيمته.

فرع:

يجوز بيع عروض التجارة قبل أداء الزكاة،لأنّها تجب في القيمة،بخلاف زكاة العين.

مسألة:زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة

،فلو اشترى رقيقا للتجارة وجب على المالك زكاة الفطرة و تثبت زكاة للتجارة (5)أيضا.و به قال الشافعيّ (6)،و مالك (7).

ص:267


1- 1الخلاف 1:343 مسألة-108.
2- 2) التهذيب 4:93 الحديث 269،الاستبصار 2:39 الحديث 121،الوسائل 6:93 الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة الحديث 7.و [1]اللفظ فيها:«كلّ ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة و [2]الديات».
3- 3) بدائع الصنائع 2:20.
4- 4) مسند أحمد 5:179،سنن البيهقيّ 4:147،المستدرك للحاكم 1:388،سنن الدار قطنيّ 2:100،101 الحديث 26،27،كنز العمّال 6:307 الحديث 15814 و ص 321 الحديث 15840،مجمع الزوائد 3:62.
5- 5) بعض النسخ:التجارة.
6- 6) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:101،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:53،فتح العزيز بهامش المجموع 6:80،مغني المحتاج 1:400،السراج الوهّاج:128.
7- 7) الموطّأ 1:283،المدوّنة الكبرى 1:351،بلغة السالك 1:238،مقدّمات ابن رشد 1:253،بداية المجتهد 1:280،حلية العلماء 3:101.

و قال أبو حنيفة:لا يجتمعان،فتسقط زكاة الفطرة (1).

لنا:أنّه من أهل الفطرة بمئونة (2)من تجب عليه الفطرة مع القدرة فيجب عليه الإخراج عنه كما لو كان للقنية.

احتجّ بأنّهما زكاتان،فلا تجبان بسبب مال واحد كالسوم و التجارة (3).

و الجواب:الزكاة في الفطرة تتعلّق بالبدن دون المال،و زكاة التجارة تتعلّق بالمال فافترقا لافتراق المحلّ،بخلاف زكاة السوم و التجارة.

مسألة:و لا تجتمع زكاة العين و التجارة في مال واحد إجماعا

(4)

،لقوله عليه السلام:

«لاثنى في الصدقة» (5).

إذا ثبت هذا،فلو ملك أربعين شاة سائمة للتجارة و حال الحول و قيمتها نصاب سقطت زكاة التجارة على قولنا باستحبابها و تثبت زكاة العين،لأنّ الواجب يقدّم على (6)المستحبّ.

أمّا على قول من قال بالوجوب ففيه خلاف بينهم،قال الشيخ:تجب زكاة العين دون التجارة (7).و به قال مالك (8)،و الشافعيّ في الجديد.

ص:268


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:107،تحفة الفقهاء 1:336،بدائع الصنائع 3:70،71،الهداية للمرغينانيّ 1: 116،شرح فتح القدير 2:221.
2- 2) ف:يمونه.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:107،بدائع الصنائع 2:71،الهداية للمرغينانيّ 1:116.
4- 4) كثير من النسخ:و لا تجمع.
5- 5) كنز العمّال 6:332 الحديث 15902،و رواه ابن الأثير في النهاية 1:224،و [1]الكاسانيّ في بدائع الصنائع 2: 71.
6- 6) غ بزيادة:القول.
7- 7) المبسوط 1:222، [2]الخلاف 1:347 مسألة-119.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:314،حلية العلماء 3:100،المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:638.

و قال في القديم:يزكّيها زكاة التجارة (1).و به قال أبو حنيفة (2)،و الثوريّ (3)، و أحمد (4).

احتجّ الشيخ بأنّ زكاة العين أقوى،للإجماع على وجوبها و وقوع الخلاف هنا.

و لأنّها تتعلّق بالعين فتكون أولى (5).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ زكاة التجارة أحظّ للمساكين،لأنّها تجب فيما زاد بالحساب (6).

و لقائل أن يقول:على الأولى:لا نسلّم وقوع الإجماع هنا (7)،و في غير هذه الصورة لا يفيد القوّة،على أنّ القائل بالوجوب موجب كما يوجب زكاة المال،فلا رجحان عنده.

و على الثانية:باحتمال أولويّة ما يثبت (8)في القيمة.

و على الثالثة:بالمنع من مراعاة الأحظّ للفقراء،فإنّ الزكاة مواساة و عفو المال فلا تكون سببا لإضرار المالك و لا موجبا للتحكّم (9)في ماله.

فروع:

الأوّل:لو كانت قيمة الأربعين دون النصاب فحال الحول على النقصان وجبت زكاة

ص:269


1- 1الأمّ 2:48،حلية العلماء 3:100،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:50،مغني المحتاج 1:400.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:170،بدائع الصنائع 2:30،حلية العلماء 3:100،المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:638.
3- 3) المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:638.
4- 4) المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:638،الكافي لابن قدامة 1:426،الإنصاف 3:157.
5- 5) الخلاف 1:347 مسألة-119.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:170،المغني 2:627،الشرح الكبير بهامش المغني 2:638.
7- 7) بعض النسخ:منها.
8- 8) ح:سلف،خا و ق:يتلف.
9- 9) كثير من النسخ:للحكم.

المال و سقطت زكاة التجارة،لثبوت المقتضي لزكاة المال مع انتفاء المانع،و هو وجوب زكاة التجارة.

الثاني:لو سبق حول زكاة المال على حول زكاة التجارة،مثلا اشترى بمائة و خمسين، أربعين من الغنم فمضت ستّة أشهر،ثمَّ بلغت القيمة مائتين فالوجه وجوب زكاة المال عند الحول،لوجود المقتضي من غير معارض فإذا تمَّ حول التجارة تثبت (1)الزكاة في الزائد عن (2)النصاب،لوجود المقتضي،و لا تجب الزكاتان بكمالها كما تقدّم.

الثالث:لو سبق حول زكاة التجارة كما لو اشتراه بمائتي درهم حال عليها بعض الحول و قلنا:إنّ حول الأصل من الأثمان يبنى عليه الحول العرض تثبت (3)زكاة التجارة و سقطت زكاة المال-خلافا للشافعيّ في أحد قوليه (4)-لثبوت المقتضي عند تمام حول التجارة و انتفاء المانع.

الرابع:لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها،أو نخلا لها فأثمر،فإذا وجبت زكاة العين في الزرع و الثمر (5)،أخرجها.و هل تسقط زكاة التجارة في الأرض و النخل؟للشافعيّ قولان:

أحدهما:السقوط-و اختاره الشيخ رحمه اللّه (6)-لأنّ المقصود بالأرض:الزرع، و بالنخل:الثمر (7)و قد زكّيا.

و الثاني:الثبوت في قيمة النخل و الأرض،لأنّ المخرج من الثمر (8)و الزرع،و الثابت

ص:270


1- 1بعض النسخ:ثبتت.
2- 2) بعض النسخ:على.
3- 3) كثير من النسخ:ثبتت.
4- 4) الأمّ 2:48،حلية العلماء 3:100،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:50.
5- 5) كثير من النسخ:و التمر.
6- 6) المبسوط 1:222،الخلاف 1:347 مسألة-119.
7- 7) كثير من النسخ:التمر.
8- 8) كثير من النسخ:التمر.

في القيمة للأرض و النخل فلم يتنافيا كالخراج (1).و هذا الأخير عندي أقرب.

الخامس:لو كان مكان النخل غرسا لا زكاة فيه،أو زرعا لا تثبت فيه الزكاة،تثبت زكاة التجارة إجماعا،لثبوت المقتضي و انتفاء مانعيّة وجوب زكاة العين،كما لو اشترى معلوفة للتجارة.و كذا لو كانت العين لا تبلغ نصابا إلاّ بالقيمة،كما لو ملك ثلاثين من الغنم للتجارة قيمتها مائتا درهم.و لو ملك نصابا سائما قيمته أقلّ من نصاب الأثمان وجبت زكاة العين إجماعا.

السادس:لو كان معه مائتا درهم فاشترى بمائة و خمسين عرضا فلمّا تمَّ الحول قوّم العرض و لم ينقص عن القيمة ضمّ إلى الخمسين و تثبت الزكاة،و إن لم تبلغ قيمته ذلك سقطت الزكاة.

السابع:لو كان معه مائة درهم فاشترى عرضا بلغت قيمته وسط الحول مائة و خمسين و استفاد (2)خمسين درهما أخرى ضممنا الجميع من حين بلوغ النصاب و استأنفنا حولا.

الثامن:لو كان معه أربعون شاة سائمة فمضى عليها ستّة أشهر للتجارة،ثمَّ بادلها بأربعين سائمة للتجارة سقطت زكاة العين،لانقطاع الحول بالمبادلة،و تثبت زكاة التجارة، و على قول الشيخ رحمه اللّه تثبت زكاة العين خاصّة (3).

مسألة:إذا دفع رجل إلى غيره ألف درهم قراضا على النصف

(4)

فربح ألفا،ضممنا حصّة المالك من الربح إلى رأس ماله و أخذنا الزكاة منه.

هذا إذا اتّفق الربح و الأصل في الحول،أمّا لو لم يتّفقا أخذنا منه زكاة رأس المال،فإذا حال الحول على الزيادة أخذنا الزكاة من حصّته و الباقي على العامل إن قلنا:إنّ له قسطا من

ص:271


1- 1حلية العلماء 3:100،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:52،فتح العزيز بهامش المجموع 6:83.
2- 2) أكثر النسخ:و استعاد،ش:و استعار.
3- 3) المبسوط 1:223. [1]
4- 4) ش:قرضا.

الربح و هو المشهور في المذهب،و إن أوجبنا له أجرة المثل فزكاة الجميع على المالك.

و الشافعيّ و إن أثبت للعامل حصّة اختلف قوله،فتارة أوجب زكاة الجميع على المالك،لأنّ العامل إنّما يملك بعد القسمة،و تارة أوجب على العامل زكاة نصيبه،لأنّه يملكها بالظهور (1).و الصحيح-بناء على القولين-إسقاط زكاة ما يصيب العامل من الربح عن المالك،لأنّه متردّد بين أن يكون وقاية فلا يكون للمالك و بين أن تسلم للعامل،فإلزام المالك بما ليس له بوجه البتّة باطل.

فرع:

إذا قلنا:إنّ العامل يملك الحصّة،متى يخرج؟

تردّد الشيخ بين تعجيل الإخراج و تأخيره إلى القسمة (2)،و وجه التردّد:أنّ الربح وقاية لرأس المال فيتأخّر الإخراج حتّى يقسّم،لأنّه يعرضه الذهاب،و لهذا منع من التصرّف فيه بحقّ نفسه و الاختصاص به.

و لأنّه لو ملكه ملكا مستقرّا لاختصّ بربحه و ليس كذلك،فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين،ثمَّ اتّجر فربح ثلاثين كان ربح الخمسين بينهما و لو كان يملك الحصّة بالاستقرار بمجرّد ظهور الربح لكانت له عشرة من العشرين الأولى و اختصّ بربح عشرة من الثلاثين بقسطها و قسّمت العشرون الباقية بينهما نصفين فيملك المضارب ثلاثين و ربّ المال مثلها،و ليس كذلك إجماعا.

و يبنى حصول الملك للعامل بظهور الربح،و يملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره فلا يكون وقاية،و الأقرب عندي:الأوّل.

ص:272


1- 1حلية العلماء 3:109،المهذّب للشيرازيّ 1:161،المجموع 6:71،فتح العزيز بهامش المجموع 6:59، مغني المحتاج 1:401،المغني 2:631.
2- 2) المبسوط 1:224.
فرع:

لو أذن كلّ واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج الزكاة (1)

،أو أذن كلّ واحد من غير الشريكين للآخر في إخراج زكاته،فأخرج كلّ واحد منهما زكاته و زكاة صاحبه دفعة واحدة،قيل:يضمن كلّ واحد منهما نصيب صاحبه،لأنّ كلّ واحد منهما انعزل حكما من حيث إنّ الموكّل فعل ما تعلّقت الوكالة به فانعزل الوكيل (2).

و الوجه أن يقال:إن علم المخرج بإخراج صاحبه ضمن،و إن لم يعلم،فإن قلنا:

الوكيل لا ينعزل قبل العلم بالعزل لم يضمن أيضا،و إن قلنا:إنّه ينعزل بالعزل و إن لم يعلم فهل يضمن أم لا؟الأقرب عدم الضمان،لأنّه غرّه بتسليطه على الإخراج و الأمر به.و لو أخرج أحدهما قبل الآخر فلا ضمان على المتقدّم و لا على المتأخّر على الخلاف فيه.

فرع:

لو كان عنده نصاب للتجارة فنوى في وسط الحول القنية

،فإن كان سائما من أوّل الحول إلى آخره،فالأقرب البناء على ما تقدّم من الحول.

و قال أبو حنيفة:يبتدئ حولا من حين نيّة الاقتناء (3).

لنا:وجد (4)المقتضي و السوم ثابت فيثبت الحكم.

فرع:

إذا اشترى سلعة بدراهم فحال عليها الحول و باعها بالدنانير

قوّمت السلعة دراهم و أخرج منها الزكاة،لأنّ الزكاة تجب في ثمنها و قد كان دراهم.و لو باعها قبل الحول بدنانير

ص:273


1- 1أكثر النسخ:زكاة.
2- 2) ينظر:المغني 2:632،الشرح الكبير بهامش المغني 2:644.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:178،المغني 2:629،الشرح الكبير بهامش المغني 2:632.
4- 4) بعض النسخ:وجود.

و حال الحول قوّمت الدنانير دراهم،لأنّها ثمن الدراهم التي حال عليها الحول.

فرع:

لو نتج مال التجارة كان النتاج مال التجارة أيضا

-و للشافعيّ وجهان (1)-و يجبر به (2)نقصان الولادة في نصاب التجارة،و ليس حوله حول الأصل،خلافا للشافعيّ (3).

مسألة:و يستحبّ الزكاة في الخيل

على ما تقدّم (4)،و لها شروط أربعة:

الأوّل:الملك،فلا تستحبّ الزكاة في المستعار،و يشترط تماميّته،فلو كانت مغصوبة أو ضالّة لم تستحبّ الزكاة أيضا.

الثاني:السوم،فلا تستحبّ في المعلوفة زكاة.

الثالث:الحول،فلا تستحبّ إلاّ بعد الحول.

الرابع:الأنوثة،فلا تستحبّ (5)في الذكور.

و الأوّل:مجمع عليه بين القائلين بالوجوب أو الاستحباب.

و كذا الثاني،لأنّ العلف يستوعب الفائدة،فإيجاب الزكاة زيادة إضرار فتسقط به الزكاة كالأنعام.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت:هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شيء (6)؟فقال:«لا (7)،ليس على

ص:274


1- 1المجموع 6:74،فتح العزيز بهامش المجموع 6:65،مغني المحتاج 1:399،السراج الوهّاج:128.
2- 2) أكثر النسخ:و يجبره.
3- 3) المجموع 6:74،فتح العزيز بهامش المجموع 6:65،مغني المحتاج 1:399،السراج الوهّاج:128.
4- 4) يراجع:ص 47. [1]
5- 5) بعض النسخ بزيادة:الزكاة.
6- 6) توجد في هامش ح،كما في المصادر.
7- 7) توجد في هامش ح،كما في المصادر.

ما يعلف شيء،إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها (1)عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شيء» (2).

و أمّا الثالث:فهو مجمع عليه بين القائلين بثبوت الزكاة وجوبا أو استحبابا،لقوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (3).

و أمّا الرابع:فهو إجماع علمائنا.و أبو حنيفة أوجب في الذكور مع الإناث،و لو انفردت الذكور أو الإناث فروايتان (4).

لنا:أنّ النتاج في الحيوان معتبر في إيجاب الزكاة فيه،و ليس ذلك موجودا في الذكور.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام هل في البغال شيء؟فقال:«لا»قلت:فكيف صار على الخيل و لم يصر على البغال؟فقال:

«لأنّ البغال لا تلقح،و الخيل الإناث ينتجن،و ليس على الخيل الذكور شيء» (5).

مسألة:و يخرج عن كلّ عتيق في كلّ سنة ديناران

،و عن كلّ برذون في كلّ عام دينار.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال أبو حنيفة:تخيّر أربابها بين أن يؤدّوا عن كلّ فرس دينارا واحدا،أو يقوّم الجميع و يؤخذ عن كلّ مائتي درهم خمسة دراهم (6)،و لم يفصّل.

ص:275


1- 1أكثر النسخ:مراحها،ح،ق و خا:مرحها،و ما أثبتناه من المصادر،و المرج:الموضع الذي ترعى فيه الدوابّ. الصحاح 1:340. [1]
2- 2) التهذيب 4:67 الحديث 184،الوسائل 6:51 الباب 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [2]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن البيهقيّ 4:95،و بتفاوت يسير،ينظر:سنن أبي داود 1:101 الحديث 1573، [3]سنن الترمذيّ 3:26 الحديث 632، [4]سنن الدار قطنيّ 2:90 الحديث 1.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:188،تحفة الفقهاء 1:290،بدائع الصنائع 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:100، شرح فتح القدير 2:137 و 139،مجمع الأنهر 1:200،201،المغني 2:486،المجموع 5:339.
5- 5) التهذيب 4:67 الحديث 184،الوسائل 6:51 الباب 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 3. [5]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:188،تحفة الفقهاء 1:290،بدائع الصنائع 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:100، [6]شرح فتح القدير 2:137،المغني 2:486.

لنا:أنّ العتيق أشرف من البرذون و النفع (1)به أكثر،و زيادة النموّ تناسب زيادة في الإخراج.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«وضع أمير المؤمنين عليه السلام (2)على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين،و جعل على البراذين دينارا» (3).

احتجّ أبو حنيفة بكتاب عمر إلى أبي عبيدة في صدقة الخيل،فإنّه لم يفصّل فيه (4).

و الجواب:خبرنا أرجح،لأنّ فيه تفصيلا،و تحمل رواية عمر على البراذين.

مسألة:و تستحبّ الزكاة في كلّ ما يخرج من الأرض غير الغلاّت الأربع

التي تجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن كالأرزّ و السمسم و العدس و الذرة و أشباهها،لأنّه نام فاستحبّ إخراج الزكاة منه شكرا لنعمة اللّه تعالى فيه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:سألته عليه السلام عن الحرث ما يزكّى منه؟فقال:«البرّ،و الشعير،و الذرة،و الدخن،و الأرزّ،و السلت، و العدس،و السمسم كلّ هذا يزكّى و أشباهه» (5).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة»و قال (6):«جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الصدقة في كلّ شيء

ص:276


1- 1بعض النسخ:و البيع.
2- 2) أكثر النسخ:صلوات اللّه عليه،كما في الكافي. [1]
3- 3) التهذيب 4:67 الحديث 183،الاستبصار 2:12 الحديث 34،الوسائل 6:51 الباب 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:188،بدائع الصنائع 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:100،شرح فتح القدير 2: 137.
5- 5) التهذيب 4:3 الحديث 7،الاستبصار 2:3 الحديث 7،الوسائل 6:40 الباب 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 4. [3]
6- 6) في النسخ:و قد،و ما أثبتناه من المصادر.

أنبتته الأرض إلاّ الخضر و البقول و كلّ شيء يفسد من يومه» (1).

و قلنا:الزكاة هنا على الاستحباب،لما تقدّم من سقوط الزكاة فيما عدا التسع (2).

فروع:

الأوّل:الشرط هنا كما في الغلاّت الأربع من الملك و النصاب،لقوله عليه السلام:

«ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» (3).و حديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و لا نعلم فيه خلافا.

الثاني:القدر المخرج العشر إن كان سقي سيحا أو شبهه،و نصف العشر إن كان سقي بالدوالي و النواضح و أشباهها (4)بلا خلاف.

الثالث:البحث في اختلاف السقي و اتّفاقه كما تقدّم في الغلاّت الأربع (5)بلا خلاف.

الرابع:لا تستحبّ الزكاة في الخضر كالبقول و البطّيخ و أشباهه إلاّ أن يباع و يحول على ثمنه الحول إذا كان الثمن من أموال الزكاة بلا خلاف.

روى الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«عفا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخضر»قلت:و ما الخضر؟قالا:«كلّ شيء لا يكون له بقاء،كالبقل،و البطّيخ،و الفواكه،و شبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد»قال زرارة:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:هل في القضب شيء؟قال:«لا» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سئل عن الخضر

ص:277


1- 1التهذيب 4:65 الحديث 176،الوسائل 6:40 الباب 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 6. [1]
2- 2) يراجع:ص 37.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:144،صحيح مسلم 2:673 الحديث 979،سنن الترمذيّ 3:22 الحديث 626، [2]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 5،سنن البيهقيّ 4:86.
4- 4) ح،ق و خا:و أشباههما.
5- 5) يراجع:ص 200-203.
6- 6) التهذيب 4:66 الحديث 180،الوسائل 6:44 الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 9. [3]

فيها زكاة و إن بيع بالمال العظيم؟فقال (1):«لا،حتّى يحول عليه الحول» (2).

مسألة:و تستحبّ الزكاة في المساكن و العقارات و الدكاكين

إذا كانت للغلّة تخرج من غلّتها الزكاة،أمّا إذا لم تكن دار غلّة،و لا عقارا متّخذا للأجرة لم تستحبّ الزكاة إجماعا.

و لا تستحبّ أيضا في الأقمشة،و الأثاثات،و الفرش،و الأواني،و الرقيق،و الماشية، عدا ما تقدّم (3).

ص:278


1- 1أكثر النسخ:قال،و ما أثبتناه عن ح و المصادر.
2- 2) التهذيب 4:66 الحديث 181،الوسائل 6:43 الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) يراجع:ص 37.
المقصد الثالث:
اشارة

في وقت الوجوب،و المتولّي للإخراج،

و كلام في النيّة،و فيه مباحث:

ص:279

ص:280

الأوّل
اشارة

لا تجب الزكاة في الأنعام و الأثمان حتّى يحول عليهما الحول

(1)

أحد عشر شهرا ثمَّ يهلّ الثاني عشر و هي على الشرائط طول الحول-و قد تقدّم بيان ذلك كلّه (2)-فإذا أهلّ الثاني عشر وجب دفع الزكاة على الفور،و كذا إذا صفّت الغلّة و اقتطفت الثمرة وجب الإخراج على الفور.و هو قول علمائنا،و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:له التأخير (5)ما لم يطالب (6).و به قال أبو بكر الرازيّ من أصحاب أبي حنيفة (7).

لنا:قوله تعالى وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (8)و الأمر عند بعض أصحابنا

ص:281


1- 1خا،ش و ق:عليه،ح:عليها.
2- 2) يراجع:ص 122.
3- 3) حلية العلماء 3:11،المهذّب للشيرازيّ 1:140،المجموع 5:333، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 5:520، [2]المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:666.
4- 4) المغني 2:541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:666،الكافي لابن قدامة 1:368،الإنصاف 3:186. [3]
5- 5) ح:بالتأخير.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:263،بدائع الصنائع 2:3،الهداية للمرغينانيّ 1:96،شرح فتح القدير 2:114،المغني 2: 541،الشرح الكبير بهامش المغني 2:666.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:263،بدائع الصنائع 2:3،شرح فتح القدير 2:114،حلية العلماء 3:11،المجموع 5: 335،فتح العزيز بهامش المجموع 5:520.
8- 8) البقرة(2):110. [4]

و عندهم على الفور (1).

و لأنّ الفقراء لحاجتهم مطالبون (2)بشاهد الحال فيجب التعجيل كالوديعة و الدين الحالّ.

و لأنّ القرينة ثابتة دالّة على الفوريّة،و هي حاجة الفقراء،فإنّها ناجزة فيثبت الفور، لأنّ فيه دفعا للحاجة ناجزا.

و لأنّها عبادة تتكرّر فلا تتأخّر إلى وجوب مثلها كالصلاة و الصوم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يكون عنده المال أ يزكّيه إذا مضى نصف السنة؟قال (3):«لا،و لكن حتّى يحول عليه الحول و يحلّ عليه،إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلاّ لوقتها،و كذلك الزكاة،و لا يصوم أحد شهر رمضان إلاّ في شهره إلاّ قضاء،و كلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت» (4).و الاستدلال به من وجوه:

أحدها:قوله:«حتّى يحول عليه الحول»جعله غاية لعدم الوجوب بقوله:أ يزكّيه؟ و الجواب يتضمّن السؤال،فكأنّه في تقدير:نعم،يزكّيه بعد الحول،و الأمر للوجوب.

الثاني:التشبيه بالصلاة،فكما منع عليه السلام من التقديم تشبيها بالصلاة،فكذا (5)في التأخير،عملا بقوله عليه السلام:«و كذلك الزكاة»الدالّ على الشبهيّة (6).

الثالث:تشبيهه عليه السلام بالصوم،و يؤكّده قوله:«إلاّ قضاء».

و في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا وجد لها

ص:282


1- 1فواتح الرحموت ملحق المستصفى 1:387،المعتمد في أصول الفقه 1:111. [1]
2- 2) بعض النسخ:يطالبون.
3- 3) بعض النسخ:فقال،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 4:43 الحديث 110،الاستبصار 2:31 الحديث 92،الوسائل 6:212 الباب 51 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [3]
5- 5) أكثر النسخ:و كذا.
6- 6) ش و هامش ح:التشبيه.

موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتّى يدفعها» (1).

فروع:

الأوّل:إذا بعث (2)إليه زكاة ليفرّقها (3)و وجد المستحقّ و أخّر ضمن بالتلف،لأنّ التأخير مع إمكان الدفع تفريط،و كذا الوصيّ إذا أخّر الدفع لما أوصي إليه بدفعه،مع الإمكان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته (4)ليقسّمها فضاعت،فقال:«ليس على الرسول و لا على المؤدّي ضمان»قلت:فإنّه (5)لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيّرت أ يضمنها؟ قال:«لا،و لكن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن من حين أخّرها (6)» (7).

الثاني:لو كان عليه ضرر في الإخراج جاز له التأخير إجماعا،لأنّ الزكاة معونة فلا تعود بالضرر على المالك.

و لأنّ تأخير دين الآدميّ جائز مع الضرر،فكذا حقّ اللّه تعالى.

الثالث:لو أخّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها كالقرابة أو ذي الحاجة الشديدة مع وجود المستحقّ،ضمن،قليلة كانت أو كثيرة،لأنّه (8)قد فعل حراما.

ص:283


1- 1التهذيب 4:47 الحديث 125،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
2- 2) ك:إذا دفع.
3- 3) ش:ليوفّيها.
4- 4) ش و ح:زكاة،كما في التهذيب.
5- 5) خا:فإن،كما في التهذيب.
6- 6) ح:حتى يخرجها،مكان:من حين أخّرها،كما في الكافي و [2]الوسائل. [3]
7- 7) التهذيب 4:48 الحديث 126،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]
8- 8) بعض النسخ:و لا يكون،مكان:لأنّه.

و قال أحمد:يجوز في القليلة دون الكثيرة (1).

لنا:أنّه أخّر الواجب على الفور عن وقته فلا يجوز،كالكثيرة (2).

الرابع:يجوز التخصيص و الإشراك (3)على ما يأتي.

فلو كثر المستحقّون في البلد و تمكّن من (4)الدفع إليهم جاز له التأخير في الإعطاء لكلّ واحد بمقدار ما يعطي غيره و في الضمان حينئذ تردّد.

مسألة:و يجوز للمالك عزل الزكاة بنفسه و تعيينها

(5)و إفرادها من دون إذن الساعي،لأنّ له ولاية الإخراج بنفسه،فيكون له ولاية التعيين قطعا.و لأنّ الساعي يخيّر المالك في إخراج أيّ فرد شاء من أفراد الواجب.و لأنّه أمين على حفظها،إذ الزكاة تجب في العين،فيكون أمينا على تعيينها و إفرادها.

و لأنّ له دفع القيمة و تملّك العين فله إفرادها.و لأنّ منعه من إفرادها يقتضي منعه من التصرّف في النصاب،و ذلك ضرر عظيم.و لأنّ له دفع أيّ قيمة شاء فيتخيّر في الأصل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الموثّق عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا حال الحول فأخرجها من مالك،و لا تخلطها بشيء،و أعطها كيف شئت» (6).

فروع:

الأوّل:لو أخرجها عن ملكه و لم يسلّمها إلى الفقير (7)و لا إلى الساعي مع المكنة

ص:284


1- 1المغني 2:542،الشرح الكبير بهامش المغني 2:666.
2- 2) كثير من النسخ:كالكبيرة.
3- 3) كثير من النسخ:و الاشتراك.
4- 4) لا توجد في:غ و ف.
5- 5) كثير من النسخ:و تعيّنها.
6- 6) التهذيب 4:45 الحديث 119،الوسائل 6:213 الباب 52 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [1]
7- 7) كثير من النسخ:الفقراء.

ضمن بالتأخير و لا يكفي التعيين و الإفراد،لأنّا قد بيّنّا وجوب الإخراج إلى الفقير (1)على الفور.

الثاني:لو أخرجها عن ملكه و لم يجد الساعي و لا الفقير فتلفت من غير تفريط سقطت عنه.و به قال مالك (2).

و قال الشافعيّ:إذا لم يفرّط في الإخراج و لا في حفظ المخرج رجع إلى ماله فإن كان الباقي نصابا أخرج الزكاة و إلاّ فلا (3).

و قال أحمد:لا تسقط الزكاة مطلقا (4).و به قال الثوريّ،و الزهريّ،و حمّاد (5).

و قال أبو حنيفة:يزكّي ما بقي إلاّ أن ينقص عن النصاب،فتسقط الزكاة فرّط أو لم يفرّط (6).

لنا:أنّها تعيّنت زكاة بتعيين المالك و سقطت الزكاة عن المال بالتعيين على ما تقدّم، فإذا تلفت لم يضمن كالوديعة،أمّا مع التفريط في الحفظ أو في الإخراج فإنّه يضمن كالوديعة إذا فرّط في حفظها،أو منع الدفع مع المطالبة و إمكانه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قلت له:رجل بعث بزكاة ماله لتقسّم (7)فضاعت،هل عليه ضمانها حتّى تقسّم؟ فقال:«إذا (8)وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتّى يدفعها،و إن لم يجد لها من

ص:285


1- 1كثير من النسخ:الفقراء.
2- 2) بداية المجتهد 1:248،بلغة السالك 1:235،المغني 2:543،الشرح الكبير بهامش المغني 2:667.
3- 3) الأمّ 2:52،المجموع 6:175،المغني 2:543،الشرح الكبير بهامش المغني 2:667.
4- 4) المغني 2:542،الشرح الكبير بهامش المغني 2:667،الكافي لابن قدامة 1:374،الإنصاف 3:40.
5- 5) المغني 2:542-543،الشرح الكبير بهامش المغني 2:667.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:306،بدائع الصنائع 2:52،53،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2:152، مجمع الأنهر 1:203.
7- 7) في النسخ:فتقسّم،و ما أثبتناه من المصدر.
8- 8) كثير من النسخ:إن.

يدفعها إليه فيبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان،لأنّها قد خرجت من يده» (1).

احتجّ المخالف بأنّها حقّ على ربّ المال تلف قبل وصوله إلى مستحقّه فيضمن (2).

و الجواب:المنع من ثبوتها في الذمّة على ما سلف (3).

الثالث:لو دفع إلى الفقير زكاته فقال له الفقير:اشتر لي بها ثوبا أو طعاما و لم يقبضها،فذهبت،ضمن المالك،لأنّ الفقير إنّما يملك الزكاة بالقبض و لم يحصل،و التوكيل (4)قبل الملك فاسد،و قد تمكّن المالك من الدفع إليه و لم يفعل،فكان الضمان لازما.أمّا لو قبضها الفقير ثمَّ دفعها ليشتري له بها شيئا فتلفت،لم يضمن إلاّ مع التفريط.

الرابع:روي جواز التأخير إلى شهر و شهرين مع العزل،رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:زكاتي تحلّ عليّ شهرا فيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني يكون عندي عدّة (5)؟فقال:«إذا حال الحول فأخرجها من مالك و لا تخلطها بشيء و (6)أعطها كيف شئت»قال:قلت:فإن أنا كتبتها و أثبتّها يستقيم لي؟قال:«نعم،لا يضرّك» (7).

و عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين» (8).

ص:286


1- 1التهذيب 4:47 الحديث 125،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 2:543،الشرح الكبير بهامش المغني 2:667،الكافي لابن قدامة 1:374.
3- 3) يراجع:ص 244.
4- 4) ك:و الوكيل.
5- 5) العدّة-بالضمّ-:الاستعداد،يقال:كونوا على عدّة،و العدّة أيضا ما أعددته لحوادث الدهر من المال و السلاح. الصحاح 2:506. [2]
6- 6) بعض النسخ:ثمَّ،كما في الوسائل. [3]
7- 7) التهذيب 4:45 الحديث 119،الوسائل 6:213 الباب 52 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]
8- 8) التهذيب 4:44 الحديث 114،الاستبصار 2:32 الحديث 96،الوسائل 6:210 الباب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 11. [5]

و الأقرب عندي في هذا الباب:أنّ التأخير إنّما يجوز للعذر،فلا يتقدّر بوقت بل يتقدّر بقدره،لما بيّنّا من وجوبها على الفور (1).و لو أخّر مع إمكان الأداء ضمن على ما تبيّن (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها و يبقى بعض يلتمس لها الموضع (3)فيكون بين أوّله و آخره ثلاثة أشهر،قال:«لا بأس» (4).

و هذا يدلّ على جواز التأخير مع العذر،أمّا مع عدمه فلا،لما سبق.

مسألة:و لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب.

و به قال ربيعة (5)،و مالك (6)، و داود (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و الشافعيّ (9)،و أحمد:يجوز إذا كان معه نصاب (10).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تؤدّى زكاة قبل

ص:287


1- 1يراجع:ص 281. [1]
2- 2) ش:نبيّن،ح،ق و خا:بيّن.
3- 3) ح:المواضع،كما في التهذيب و الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 4:45 الحديث 118،الوسائل 6:214 الباب 53 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [3]
5- 5) المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678،نيل الأوطار 4:214.
6- 6) المدوّنة الكبرى 2:284،بداية المجتهد 1:274،مقدّمات ابن رشد 1:234،المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:107.
7- 7) المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678،المحلّى 6:96.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:177،تحفة الفقهاء 1:339،بدائع الصنائع 2:50،الهداية للمرغينانيّ 1:103، شرح فتح القدير 2:154،المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678.
9- 9) الأمّ 2:20،حلية العلماء 3:133،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:144،مغني المحتاج 1:416، السراج الوهّاج:134،المغني 2:495، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 2:678. [5]
10- 10) المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678،الكافي لابن قدامة 1:438، [6]الإنصاف 3:204، [7]زاد المستقنع:27.

حلول الحول» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يكون عنده المال أ يزكّيه إذا مضى نصف السنة؟قال:«لا، و لكن حتّى يحول عليه الحول و تحلّ عليه (2)،إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلاّ لوقتها و كذلك الزكاة،و لا يصوم أحد شهر رمضان إلاّ في شهره إلاّ قضاء،و كلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت» (3).

و في الصحيح عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أ يزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟قال:«لا،[أ] (4)يصلّى الأولى قبل الزوال؟!» (5).

و التشبيه يفهم منه بطريق الفحوى التعميم بين ثلث السنة و غيره.

و لأنّ الحول شرط فلا يجوز تقديم الزكاة عليه كالنصاب.و لأنّها عبادة مؤقّتة فلا تقدّم على الوقت كالصلاة.

احتجّ المخالف (6)بما رواه عليّ عليه السلام أنّ العبّاس سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخّص له في ذلك (7).

ص:288


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 2:495،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:678،و بهذا المضمون،ينظر:سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن البيهقيّ 4:95.
2- 2) جملة:«و تحل عليه»لا توجد في أكثر النسخ.
3- 3) التهذيب 4:43 الحديث 110،الاستبصار 2:31 الحديث 92،الوسائل 6:212 الباب 51 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:43 الحديث 111،الاستبصار 2:32 الحديث 93،الوسائل 6:212 الباب 51 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [3]
6- 6) المغني 2:495،الشرح الكبير بهامش المغني 2:678،المجموع 6:144،145،بدائع الصنائع 2:5.
7- 7) سنن أبي داود 2:115 الحديث 1624، [4]سنن الترمذيّ 3:63 الحديث 678، [5]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1795،سنن الدارميّ 1:385، [6]سنن الدار قطنيّ 2:123 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:111.

و عن عليّ عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعمر:«إنّا قد أخذنا زكاة العبّاس عام الأوّل للعام» (1).

و لأنّه حقّ آدميّ فجاز تعجيله كالدين المؤجّل.و لأنّ كفّارة الحنث تؤدّى قبل الحنث،فكذا هنا.

و الجواب عن الحديثين:بأنّا نحمل التعجيل على سبيل القرض على الزكاة،لا أنّه زكاة معجّلة،كما ذهب إليه ابن الجنيد من علمائنا (2)،و الشيخ رحمه اللّه في بعض أقواله (3).

و عن الأقيسة:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصول التي ذكروها إلاّ في الدين المؤجّل، فإنّ الحكم ثابت فيه لكنّ الفرق ظاهر،لأنّه مستقرّ في الذمّة و حقّ ثابت،بخلاف الزكاة، فإنّها لا تجب في الذمّة و لا في العين إلاّ بعد الحول،فالتعجيل ثمَّ لما هو ثابت في الذمّة فجاز، بخلاف صورة النزاع.

قال المفيد رحمه اللّه:قد جاء رخص عن أهل البيت عليهم السلام في تقديمها شهرين قبل محلّها،و جاء ثلاثة أشهر و أربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك (4).رواه في الصحيح عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرّم؟قال:«لا بأس»قلت:فإنّها لا تحلّ عليه إلاّ في المحرّم فيعجّلها في شهر رمضان؟قال:«لا بأس» (5).

و عن الحسين بن عثمان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أوّل السنة؟فقال:«إن كان محتاجا

ص:289


1- 1سنن الترمذيّ 3:63 الحديث 679، [1]سنن البيهقيّ 4:111،سنن الدار قطنيّ 2:123 الحديث 4.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:555. [2]
3- 3) النهاية:183، [3]التهذيب 4:45،الاستبصار 2:32.
4- 4) المقنعة:39. [4]
5- 5) التهذيب 4:44 الحديث 112،الاستبصار 2:32 الحديث 94،الوسائل 6:210 الباب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 9. [5]

فلا بأس» (1).

و عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل يعجّل زكاته قبل المحلّ،فقال:«إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس» (3).

قال الشيخ رحمه اللّه:هذه الروايات منزّلة على القرض و يكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت و قد أيسر المعطى و لا يضمن لو بقي على الاستحقاق (4)،و استدلّ على تأويله بما رواه ابن أبي عمير عن الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن رجل عجّل زكاة ماله ثمَّ أيسر المعطى قبل رأس السنة؟قال:«يعيد المعطي الزكاة» (5).

فروع:

الأوّل:لو كان معه أقلّ من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنّه إن تمَّ النصاب كان ما أخرجه زكاة معجّلة،لم يجز إجماعا،لأنّه قدّم الزكاة على سببها فصار كما لو قدّم الكفّارة على اليمين و الحنث.أمّا لو كان معه نصاب فأخرج زكاة نصابين معجّلة لم يجز عندنا على

ص:290


1- 1التهذيب 4:44 الحديث 113،الاستبصار 2:32 الحديث 95،الوسائل 6:210 الباب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 4:44 الحديث 114،الاستبصار 2:32 الحديث 96،الوسائل 6:210 الباب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 11. [2]
3- 3) التهذيب 4:44 الحديث 115،الاستبصار 2:32 الحديث 97،الوسائل 6:210 الباب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 12. [3]
4- 4) التهذيب 4:45،الاستبصار 2:32.
5- 5) التهذيب 4:45 الحديث 117،الاستبصار 2:33 الحديث 99،الوسائل 6:211 الباب 50 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [4]

ما تقدّم (1).

أمّا القائلون بجواز التعجيل فقد اختلفوا هنا،فقال الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و زفر:

يجوز عن نصاب واحد (4).

و قال أبو حنيفة:يجوز عن النصابين بناء على أصله من أنّ ما يستفاد يضمّ إلى ما عنده في الحول،و وجود النصاب سبب في وجوب الزكاة فيما يستفيده،فإذا وجد سبب الوجوب جاز التعجيل (5).

و الوجه:ما قاله الشافعيّ،لأنّه عجّل زكاة مال ليس في ملكه فلم يجز كالنصاب الأوّل.و لأنّ الزائد من الزكاة سببه الزائد من الملك و لم يوجد.

الثاني:لو كان له مائتا شاة فعجّل زكاة أربعمائة عن الموجودة و ما يتوالد منها فتوالدت أجزأت عند أبي حنيفة (6)،و هو ظاهر.

و تردّد الشافعيّ من حيث إنّ السخال تابعة للأمّهات (7)،و الوجه:عدم الإجزاء، لأنّ التبعيّة إنّما تكون مع الوجود و هي حين التعجيل معدومة.

و لو كان معه عشرون شاة حوامل فعجّل شاة عنها و عن أولادها فتوالدت عشرين

ص:291


1- 1يراجع:ص 287. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:134،المجموع 6:147،فتح العزيز بهامش المجموع 5:532،مغني المحتاج 1:416، السراج الوهّاج:135،المغني 2:496،الشرح الكبير بهامش المغني 2:680.
3- 3) المغني 2:496،الشرح الكبير بهامش المغني 2:680،الكافي لابن قدامة 1:438،الإنصاف 3:206، 207،حلية العلماء 3:134.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:177،بدائع الصنائع 2:51،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2: 157،حلية العلماء 3:134.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:177،بدائع الصنائع 2:51،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2: 157،حلية العلماء 3:134،المغني 2:496،الشرح الكبير بهامش المغني 2:680.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:177،تحفة الفقهاء 1:313،بدائع الصنائع 2:51.
7- 7) حلية العلماء 3:134،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:148.

لم يجزئه عند الشافعيّ،لأنّها لا تتبع ما نقص عن النصاب (1).

الثالث:لو عجّل زكاة أربعمائة درهم عن سلعة للتجارة (2)قيمتها مائتان ثمَّ زادت عند الحول إلى أربعمائة فعندنا لا يجوز.

و قال الشافعيّ:يجوز،لأنّ الواجب في قيمة العرض و الاعتبار بالقيمة في آخر الحول عنده،بخلاف السخال،فإنّها تتعلّق بالعين.و لو كان معه أقلّ من نصاب للتجارة فأخرج عن نصاب أجزأه إذا زادت القيمة و بلغت نصابا عنده (3).

الرابع:لو عجّل زكاة أربعين شاة ثمَّ توالدت أربعين سخلة فماتت الأمّهات قبل الحول و بقيت السخال لم تجزئ عندنا.

و تردّد الشافعيّ من حيث إنّ السخال دخلت في حول الأمّهات و قامت مقامها، و من حيث إنّه عجّلها قبل ملكها مع تعلّق الزكاة بعينها (4).

الخامس:كما لا يجوز تعجيل زكاة حول واحد عندنا،فعدم جواز تعجيل زكاة حولين أولى.

و اختلف القائلون بالجواز هنا،فجوّزه قوم،لأنّه تعجيل لها بعد وجود النصاب، فأشبه تقديمها على الحول الواحد (5).و منع منه آخرون،لأنّ النصّ ورد بتعجيل زكاة حول واحد (6).

ص:292


1- 1حلية العلماء 3:134،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:148.
2- 2) خا،ش و ص:التجارة.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:147،فتح العزيز بهامش المجموع 5:532،مغني المحتاج 1:415، 416.
4- 4) حلية العلماء 3:134،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:148،فتح العزيز بهامش المجموع 5:531.
5- 5) جوّزه الحنفيّة،ينظر:المبسوط للسرخسيّ 2:177،الهداية للمرغينانيّ 1:103،شرح فتح القدير 2:157، و بعض الشافعيّة في أصحّ الوجهين،ينظر:حلية العلماء 3:133،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:147، فتح العزيز بهامش المجموع 5:531.
6- 6) حكاه النوويّ و الرافعيّ عن بعض الشافعيّة،ينظر:المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:146،فتح العزيز بهامش المجموع 5:532،مغني المحتاج 1:416.

السادس:اختلفوا في جواز تقديم زكاة الزرع،فمنع منه قوم (1)،و جوّزه آخرون بعد وجود الطلع و الحصرم و نبات الزرع،لأنّ وجود الزرع سبب فيها،و إدراكه يجري مجرى الحول (2).

مسألة:و لو قدّم الزكاة على سبيل القرض

كما قاله الشيخ (3)،بمعنى أنّه يستحقّه القابض عوضا عن الزكاة،إذا استكملت شرائط الوجوب و الاستحقاق،فإن بقي المال على صفة الوجوب و المستحقّ على صفة الاستحقاق احتسب ذلك القرض من الزكاة عند حولان الحول،و إن تغيّرت حال المالك أو حال القابض استعيدت العين إن كانت موجودة و القيمة عند القبض إن تلفت.

و لو زادت العين زيادة متّصلة استعادها المالك مع الزيادة،و لو كانت منفصلة كاللبن و الصوف و الولد،قال الشيخ:يستعيدها المالك أيضا (4).

قيل:إنّه نماء حصل في ملك القابض فلا يستعيده المقرض (5).

و الجواب:المنع من تملّك (6)القابض للعين،لأنّه قبضها على سبيل الزكاة المعجّلة في الحقيقة،لأنّ المالك إنّما أقرضها كذلك،و حينئذ يمنع الملك (7)هنا،و لو ملك القابض كما في غيره من القرض لم يكن للمالك استعادة العين.

ص:293


1- 1منعه بعض الشافعيّة و بعض الحنابلة،ينظر:حلية العلماء 3:139،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6: 160،المغني 2:499،الشرح الكبير بهامش المغني 2:681،الكافي لابن قدامة 1:440.
2- 2) جوّزه الحنفيّة و بعض الشافعيّة و الحنابلة،ينظر:بدائع الصنائع 2:54،المجموع 6:160،فتح العزيز بهامش المجموع 5:534،المغني 2:499،الشرح الكبير بهامش المغني 2:681،الكافي لابن قدامة 1:440.
3- 3) المبسوط 1:227،الخلاف 1:318 مسألة-45.
4- 4) المبسوط 1:229.
5- 5) ينظر:المعتبر 2:559، [1]السراج الوهّاج:135.
6- 6) كثير من النسخ:من ملك.
7- 7) كثير من النسخ:المالك.
فروع:

الأوّل:لو عجّل الزكاة على ما قاله الشيخ من كونها قرضا لا أنّها زكاة معجّلة،جاز له استرجاعها عند حولان الحول و دفعها إلى غيره،سواء تغيّرت حاله أو لم تتغيّر،و سواء تغيّرت حال المالك أو لم تتغيّر،لأنّ الزكاة عندنا لا يجوز تعجيلها،و القرض يجوز المطالبة به.و المجوّزون لتقديم الزكاة لم يجعلوا له الاسترجاع إن بقيت الشرائط على حالها (1).

أمّا لو تغيّرت حال الآخذ بموت،أو غنى،أو ردّة،فالذي يقتضيه مذهبنا عدم الإجزاء،و جواز المطالبة.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و أحمد:ليس له الاسترجاع (4).

لنا:أنّ بقاء صفات الاستحقاق شرط،و قد عدم قبل الحول،فجرى مجرى ما لو عدم المال قبله أو مات ربّ المال.

احتجّوا بأنّه حقّ أدّاه إلى مستحقّه فأجزأه،كما لو أدّى الدين المؤجّل قبل الأجل (5).

و الجواب:الفرق بأنّ الدين مستقرّ في الذمّة بخلاف الزكاة.

الثاني:لو تسلّف (6)الساعي الزكاة من غير مسألة المالك و لا الفقراء،فإن حال الحول و المالك و القابض على الصفات المعتبرة وقعت موقعها،و إن تغيّرت حال الدافع أو المدفوع إليه أو حالهما معا استردّها الإمام و يدفعها إلى غيره إن كان التغيّر من الفقير خاصّة،و إلاّ ردّها على المالك.

ص:294


1- 1المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683.
2- 2) حلية العلماء 3:136،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:154،فتح العزيز بهامش المجموع 5:535، مغني المحتاج 1:416،السراج الوهّاج:135،المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:177،تحفة الفقهاء 1:314،بدائع الصنائع 2:52،المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683.
4- 4) المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683،الكافي لابن قدامة 1:439،الإنصاف 3:212.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:178،بدائع الصنائع 2:52،المغني 2:501،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683.
6- 6) بعض النسخ:سلف.

هذا إذا تغيّرت بعد الدفع،و إن تغيّرت قبل الدفع ضمنها الساعي،سواء فرّط أو لم يفرط.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و أحمد:لا يضمن إلاّ مع التفريط (3).

لنا:أنّه قبضه من أهل الرشد من غير ولاية فكان ضامنا،كالأب يقبض لابنه الكبير.

احتجّ المخالف بأنّ الساعي له ولاية القبض (4).

و الجواب:المنع من ثبوت الولاية مع عدم وجوب الدفع.

الثالث:لو تسلّفها الساعي بمسألتهما و حال الحول و لم يتغيّر الحال وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع فالحكم كما تقدّم.

و إن تغيّرت قبله و هلكت من غير تفريط،قال الشيخ:الأولى أن يكون منهما،لأنّ كلّ فرقة لها إذن في ذلك،و لا ترجيح لأحدهما على صاحبه (5).

و للشافعيّ وجهان:أحدهما:أنّه من ضمان المالك،لأنّه أقوى جنبا من الفقراء.

و الثاني:أنّه من ضمان الفقراء،لأنّه قبضه لمنفعتهم بإذنهم،فكان من ضمانهم (6).

و هذا البحث لا يتأتّى على القرض،لأنّ الفقراء لا اعتبار لمسئلتهم (7)،إذ لا يستحقّون شيئا على التعيين،فيكون الساعي في الحقيقة وكيلا للمالك في التسليم،فتجب

ص:295


1- 1الأمّ 2:21،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:44،حلية العلماء 3:137،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6: 159،فتح العزيز بهامش المجموع 5:538.
2- 2) بدائع الصنائع 2:52،المغني 2:500 و 502، [1]حلية العلماء 3:137.
3- 3) المغني 2:502،الشرح الكبير بهامش المغني 2:684،الكافي لابن قدامة 1:440،الإنصاف 3:215.
4- 4) المغني 2:502،الشرح الكبير بهامش المغني 2:684،الكافي لابن قدامة 1:440،بدائع الصنائع 2:52.
5- 5) المبسوط 1:228، [2]الخلاف 1:319 مسألة-47.
6- 6) حلية العلماء 3:138،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:159،فتح العزيز بهامش المجموع 5:537، المغني 2:502،الشرح الكبير بهامش المغني 2:684.
7- 7) غ و ف:بمسئلتهم.

عليه الإعادة،كما لو تلفت في يد الوكيل.

الرابع:لو تسلّفها بإذن الفقراء خاصّة،فإن حال الحول و لم يتغيّر الحال وقعت موقعها،و إن تغيّرت الحال بعد الدفع،فالحكم ما تقدّم،و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي،قال الشيخ:ضمن أهل السهمان،لإذنهم (1)،و على ما حرّرناه لا يتأتّى هذا.

و لو تسلّفها بإذن المالك خاصّة و لم يتغيّر الحال وقعت موقعها،و إن تغيّرت بعد الدفع،فالحكم ما تقدّم،و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي،فالمالك ضامن،لأنّ الساعي أمينه.

الخامس:ما يتعجّله المستحقّون يقع متردّدا بين الزكاة و أن يستردّ.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:هو متردّد بين الزكاة و التطوّع (3).و ليس بالمعتمد،لأنّ المالك لم يقصد التطوّع،فلا ينصرف إلى غير ما قصده.

إذا ثبت هذا،فنقول:إن حال الحول و لم يتغيّر حال المالك و لا حال الفقراء وقعت الزكاة موقعها،و إن تغيّرت حال المالك بموت،أو ردّة،أو نقص النصاب لم تقع زكاة،و يجوز له استرجاعه.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

ص:296


1- 1المبسوط 1:222. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:135،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:149،150،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 535،مغني المحتاج 1:417،السراج الوهّاج:135.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:178،تحفة الفقهاء 1:313،بدائع الصنائع 2:52،حلية العلماء 3:137.
4- 4) حلية العلماء 3:136،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:149،150،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 535،مغني المحتاج 1:416،السراج الوهّاج:135.
5- 5) نقله عن أبي عبد اللّه بن حامد و قوّاه.ينظر:المغني 2:501،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683،الكافي لابن قدامة 1:439،الإنصاف 3:213. [2]

و قال أبو حنيفة:ليس له الاسترجاع إلاّ أن يكون في يد الساعي أو الإمام (1).

لنا:مال (2)دفع عوضا عمّا يستحقّ في ذمّته في ثاني الحال،و قد طرأ مانع الاستحقاق،فللدافع الاسترداد،كما لو دفع أجرة الدار فانهدمت.

احتجّ بأنّها وصلت إلى يد الفقير،فليس له استرجاعها،كما لو لم يشترط (3)أنّها زكاة معجّلة (4).

و الجواب:أنّه مع عدم الاشتراط يحتمل التطوّع،فلا يقبل قوله في الرجوع بناء على الظاهر.أمّا لو مات الفقير فإنّها تجزئه و يحتسب بها من الزكاة،لأنّ الدين على الميّت يجوز احتسابه من الزكاة إذا لم يخلف شيئا يمنعه من أخذ الزكاة فأشبه أخذ الزكاة لو كان حيّا (5).و لو تغيّرت حاله بردّة أو غنى لم يجزئه و جاز له استرجاعها.و به قال الشافعيّ (6)، و أحمد (7).

و قال أبو حنيفة:ليس له الاسترجاع (8).

لنا:أنّ بقاء حال الفقير على صفة الاستحقاق شرط في الإجزاء و قد فقد قبل الحول، فلم يجزئ كما لو مات المالك.

ص:297


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:177،تحفة الفقهاء 1:314،بدائع الصنائع 2:52،المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:863.
2- 2) ك:أنّه مال.
3- 3) ش،ف و ن:يشرط.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:178،بدائع الصنائع 2:52.
5- 5) عبارات النسخ في المقام مختلفة،ففي م،ن و ش:إذا لم يخلّف شيئا فأشبه أخذ الزكاة لو كان حيّا.و في ص،ف و غ:إذا لم يخلّف شيئا يمنعه من أخذ الزكاة لو كان حيّا.و ما أثبتناه من نسخة ك.
6- 6) حلية العلماء 3:136،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:154،فتح العزيز بهامش المجموع 5:539.
7- 7) كذا نسب إليه،و الموجود في مصادره الموجودة لدينا خلافه و موافق لقول أبي حنيفة،ينظر:المغني 2:500، الشرح الكبير بهامش المغني 2:683،الكافي لابن قدامة 1:439،الإنصاف 3:212.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:177،بدائع الصنائع 2:52،المغني 2:500،الشرح الكبير بهامش المغني 2:683.

السادس:في كلّ موضع للمالك الاسترجاع فإنّه تسترجع العين إن كانت باقية، و مثلها إن كانت تالفة،و إن تعذّر المثل أو لم يكن من ذوات الأمثال وجبت القيمة.

و هل تعتبر القيمة يوم التلف أو يوم القبض؟فيه تردّد ينشأ من تملّكه للعين (1)،فما زاد أو نقص فإنّما هو في ملكه فالمعتبر وقت القبض كما لو تلف الصداق في يدها ثمَّ طلّقها فإنّها تضمن النصف يوم القبض،و من كون حقّه انتقل إلى القيمة من العين يوم التلف فكان المعتبر يوم التلف كالعارية،بخلاف الصداق فإنّ الواجب نصف المسمّى و لهذا زيادته مانعة من الرجوع في العين،و الأخير عندي أقوى.

السابع:لو أيسر الفقير،فإن كان بعين المدفوع،وقعت الزكاة موقعها و لا تسترجع، لأنّها دفعت إليه ليستغني (2)بها و ترتفع حاجته و قد حصل الغرض فلا يمنع الإجزاء.و لأنّا لو استرجعناها منه لصار (3)فقيرا فجاز صرفها بعد ذلك إليه و ذلك لا معنى له.

و إن أيسر بغيرها،كما لو ورث أو غنم أو وجد كنزا،استرجعت منه،لأنّا أعطيناه على جهة الدين،و إنّما تحتسب (4)عليه بعد الحول،و حينئذ لا تجزئ عنه،لأنّه غنيّ.

أمّا لو أيسر بنمائها،كما لو كانت إبلا فتوالدت،أو أموالا فاتّجر بها،قال الشيخ:

لا ترتجع الزكاة أيضا،لما ذكرنا (5)من العلّة (6).و فيه نظر،لأنّ المقبوض كان قرضا عنده، و نماء القرض للمقترض.

الثامن:إذا كان النصاب يتمّ بالمدفوع،فالوجه عندنا سقوط الزكاة،لأنّه يدفعها قرضا فتخرج عن ملكه،و الدين لا يضمّ إلى العين عندنا،أمّا المجوّزون للتعجيل و القائلون

ص:298


1- 1خا و ك:العين.
2- 2) ك و ن:ليستعين.
3- 3) بعض النسخ:فصار.
4- 4) بعض النسخ:تحسب.
5- 5) ص و غ:ذكرناه.
6- 6) المبسوط 1:230.

بوجوب الزكاة في الدّين،فالبحث فيه كما لو تمَّ بغيره.

إذا ثبت هذا،فلو كان في يده أربعون شاة فعجّل واحدة منها ثمَّ حال الحول سقطت الزكاة عندنا،لما قلنا.

و عند الشيخ تثبت الزكاة،قال:لأنّها تعدّ في ملكه ما دامت عينها باقية فإن أتلفها المدفوع إليه قبل الحول فقد انقطع النصاب و لا يجب على صاحبها زكاة و له استرجاع الثمن (1).و هذا الكلام من الشيخ يدلّ على أنّ المدفوع ليس قرضا محضا و لا زكاة معجّلة.

التاسع:لو أيسر بعد الدفع ثمَّ افتقر قبل الحول و حال الحول و هو فقير،قال الشيخ:

جاز الاحتساب،لأنّ المراعى في صفة المستحقّ حال حؤول الحول و لا عبرة بالمتقدّم (2).

و هو أحد الوجهين للشافعيّ.

و في الثاني:لا يجزئه،لأنّه بالاستغناء بطل قبضه فلم يجز،كما لو دفعها إلى غنيّ ثمَّ افتقر (3).

أمّا لو دفعها إلى غنيّ ثمَّ افتقر عند الحول قال الشافعيّ:لا يجزئه،لأنّ التعجيل للإرفاق،و هو ليس من أهله فلا يصحّ التعجيل (4).و على ما قلناه نحن من أنّ الدفع على سبيل القرض جاز الاحتساب.

العاشر:إذا دفع القرض،فإن ذكر حال الدفع أنّه قرض جاز له الاسترجاع،و إن لم يذكر بل قال:هذه زكاتي و أطلق،بنى على الظاهر من كونه صدقة فلا يرجع.

و لو اختلفا فادّعى المالك الذكر فالقول قول القابض مع اليمين.و كذا لو قال المالك:

هذه صدقة لم يكن له الاسترجاع،لأنّها تقع على الواجب و الندب،و ليس له الرجوع في كلّ واحد منهما إلاّ مع تقييد التعجيل.

ص:299


1- 1المبسوط 1:231، [1]الخلاف 1:320 مسألة-54.
2- 2) المبسوط 1:230، [2]الخلاف 1:320 مسألة-51.
3- 3) حلية العلماء 3:137،المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:154،فتح العزيز بهامش المجموع 5:535.
4- 4) المجموع 6:156.

قال الشيخ:و لو كان الدافع هو الوالي لا المالك كان له الاسترجاع،أطلق أو قيّد (1).

و هو جيّد،لأنّ التهمة منتفية هنا،بخلاف المالك،فإنّ الساعي نائب عن الفقراء فقبل قوله عليهم،بخلاف المالك،فإنّه يدّعي لنفسه.

الحادي عشر:لو دفع خمسة دراهم معجّلة عن مائتي درهم ثمَّ أتلف درهما قبل الحول سقطت الزكاة لنقصان النصاب،و له الاسترجاع لفقدان الشرط و إن كان قد فرّط في ذلك طلبا للاسترجاع،لأنّ الزكاة لم تجب عليه عند التفريط.

الثاني عشر:ما يعجّله إلى الفقراء يكون في حكم المفقود و يزول ملكه عنه عندنا و عند أبي حنيفة (2)،خلافا للشافعيّ (3).

إذا ثبت هذا فنقول:إذا كان معه أربعون شاة فعجّل واحدة ثمَّ حال الحول سقطت الزكاة عنه عندنا و عند أبي حنيفة (4)،و أجزأت عند الشافعيّ (5).

و لو كانت معه مائة و عشرون فعجّل شاة،ثمَّ نتجت شاة،ثمَّ حال الحول لم يجب عليه إخراج شيء آخر عندنا و عند أبي حنيفة (6)،خلافا للشافعيّ (7).

الثالث عشر:لو كان معه خمس من الإبل فعجّل عنها شاة و له أربعون من الغنم

ص:300


1- 1المبسوط 1:231. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:24،بدائع الصنائع 2:51،المغني 2:499،الشرح الكبير بهامش المغني 2:682، المجموع 6:148.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:155،فتح العزيز بهامش المجموع 5:544،مغني المحتاج 1:417، المغني 2:499،الشرح الكبير بهامش المغني 2:682.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:177،بدائع الصنائع 2:51،المغني 2:499،الشرح الكبير بهامش المغني 2:682، المجموع 6:148.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:167،المجموع 6:155، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 5:545، [3]المغني 2:498.
6- 6) بدائع الصنائع 2:51،حلية العلماء 3:135،المغني 2:499،فتح العزيز بهامش المجموع 5:544.
7- 7) حلية العلماء 3:134-135،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:148،فتح العزيز بهامش المجموع 5: 544،المغني 2:499.

فهلكت الإبل فأراد صرف الشاة إلى الغنم جاز له ذلك،لأنّ له الاسترجاع على ما قلنا، فالصرف أولى.

الرابع عشر:إذا مات المالك بعد تعجيل الزكاة انتقل النصاب إلى الوارث و انقطع الحول و ابتدأ الوارث بالحول.و هل يجزئ ما عجّله المورّث؟فيه احتمال للإجزاء،لأنّ الوارث يقوم مقام الميّت في الملك فيقوم مقامه في حقّه،و لعدمه،لأنّه يؤدّي إلى تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب.فإن قلنا بعدم الإجزاء استرجعوها إن كان الميّت اشترط التعجيل و إلاّ فلا.

ص:301

البحث الثاني:في المتولّي للإخراج
مسألة:يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه

،سواء كان المال ظاهرا أو باطنا.و هو قول أكثر الفقهاء (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك:لا يفرّق الأموال الظاهرة إلاّ الإمام (3).

لنا:أنّه حقّ لأهل السّهمان،فجاز صرفه إليهم كسائر الحقوق.

و يؤيّده:ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لو أنّ رجلا حمل زكاته على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسنا جميلا» (4).

احتجّ أبو حنيفة بقوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (5).و لأنّ أبا بكر طالبهم بالزكاة و قاتلهم عليها (6).

ص:302


1- 1حلية العلماء 3:140،المغني 2:505،الشرح الكبير بهامش المغني 2:671،المهذّب للشيرازيّ 1:168، المجموع 6:164.
2- 2) بدائع الصنائع 2:35،حلية العلماء 3:141،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:285،بلغة السالك 1:212،حلية العلماء 3:141،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672.
4- 4) الكافي 3:501 الحديث 16، [1]التهذيب 4:104 الحديث 297،الوسائل 6:215 الباب 54 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [2]
5- 5) التوبة(9):103. [3]
6- 6) بدائع الصنائع 2:35،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672.

و الجواب:أنّ ما ذكرتموه لا ينافي ما قلناه،لأنّ الآية تدلّ على الأخذ،و أنّ للإمام ولاية الأخذ،و نحن لا نمنع ذلك،و قتال أبي بكر إنّما كان لأنّ أهلها منعوها و نحن نقول بموجبة.و لأنّ ما ذكره ينتقض بالأموال الباطنة.

مسألة:و الأفضل عندنا صرفها إلى الإمام العادل

(1)

.و به قال الشافعيّ (2)، و الشعبيّ،و الأوزاعيّ.

و قال الحسن،و مكحول،و سعيد بن جبير:يفرّقها المالك (3)،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الأخرى:الأفضل حمل زكاة الزروع (4)إلى الإمام خاصّة (5).

لنا:أنّ الإمام أبصر بمواقعها و أعرف بأحوال المستحقّين،و لأنّ دفعها إليه متّفق عليه،و صرفها إلى المستحقّين (6)مختلف فيه،فيكون أولى.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة كانوا ينفذون السعاة لأخذها،و لو كان صرف المالك بنفسه أفضل لكان الأولى أمرهم بتفريقها.و لأنّ أخذ الإمام يبرئه (7)ظاهرا و باطنا بخلاف دفعها بنفسه،لجواز أن يعطى من ظاهره الفقر و إن لم يكن فقيرا،فإنّه يبرئه (8)ظاهرا لا باطنا عندهم.

ص:303


1- 1ح:الأفضل.
2- 2) حلية العلماء 3:141،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:166، [1]مغني المحتاج 1:414،السراج الوهّاج:134،المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:671.
3- 3) المغني 2:506،الشرح الكبير بهامش المغني 2:671.
4- 4) كثير من النسخ:الزرع.
5- 5) المغني 2:505،الشرح الكبير بهامش المغني 2:671،الكافي لابن قدامة 1:441،الإنصاف 3:191.
6- 6) ش،ك،م و ن:المستحقّ.
7- 7) ف و غ:ينزّيه.
8- 8) ف و غ:ينزّيه.

احتجّوا بأنّه إذا دفعها بنفسه إلى المستحقّين (1)تيقّن البراءة (2).

و الجواب:أنّ ذلك يحصل إذا دفعها إلى الإمام.

مسألة:و لو لم يوجد الإمام العادل

فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون العدل، لما ذكرنا (3)من العلّة.

مسألة:و لو أخذ الزكاة الجائر

،ففيه روايتان:

إحداهما:الإجزاء.و هو قول الجمهور.

روى الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الزكاة فقال:«ما أخذه منكم بنو أميّة فاحتسبوا به،و لا تعطوهم شيئا ما استطعتم،فإنّ المال لا يبقى على هذا أن يزكّيه مرّتين» (4).

و في الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة المال يأخذه السلطان،فقال:«لا آمرك أن تعيد» (5).

و عن سليمان بن خالد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إنّ أصحاب أبي أتوه فسألوه عمّا يأخذه السلطان،فرقّ لهم و إنّه ليعلم أنّ الزكاة لا تحلّ إلاّ لأهلها،فأمرهم أن يحتسبوا به،فجاز ذا (6)و اللّه لهم،فقلت:أي أبه إنّهم إن سمعوا

ص:304


1- 1ش،ص،ك و ن:المستحقّ.
2- 2) المغني 2:507،الشرح الكبير بهامش المغني 2:672،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:165.
3- 3) ح:ذكرناه.
4- 4) التهذيب 4:39 الحديث 99،الاستبصار 2:27 الحديث 76،الوسائل 6:174 الباب 20 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 4:40 الحديث 100،الاستبصار 2:27 الحديث 77،الوسائل 6:174 الباب 20 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]
6- 6) ح:فجال فكري،كما في الكافي و [3]الوسائل،و [4]في الاستبصار:فجاز ذلك.

ذلك (1)لم يزكّ أحد،فقال:أي بنيّ حقّ أحبّ اللّه أن يظهره» (2).

و الرواية الثانية:عدم الإجزاء،رواها الشيخ عن أبي أسامة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك إنّ هؤلاء المصدّقين يأتونا فيأخذون منّا الصدقة فنعطيهم إيّاها أ تجزئ عنّا؟فقال:«لا،إنّما هؤلاء قوم غصبوكم (3)»أو قال:«ظلموكم أموالكم،و إنّما الصدقة لأهلها» (4).

قال الشيخ رحمه اللّه:الأفضل إعادتها مرّة ثانية جمعا بين الأخبار (5).

فروع:

الأوّل:لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا،و لو دفعها إليه باختياره لم تجزئ عنه.

و به قال أبو حنيفة (6).

و قال الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و أبو ثور:إنّها تجزئ (9)،بل قال الشافعيّ:الأفضل

ص:305


1- 1في الاستبصار:إذا،مكان:ذلك،كما في الكافي و [1]الوسائل. [2]
2- 2) التهذيب 4:39 الحديث 98،الاستبصار 2:27 الحديث 75،الوسائل 6:174 الباب 20 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [3]
3- 3) كثير من النسخ:غضبوكم.
4- 4) التهذيب 4:40 الحديث 101،الاستبصار 2:27 الحديث 78،الوسائل 6:174 الباب 20 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 6. [4]
5- 5) التهذيب 4:39،الاستبصار 2:26.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:202،بدائع الصنائع 2:36،الهداية للمرغينانيّ 1:108،شرح فتح القدير 2: 178.
7- 7) حلية العلماء 3:140،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:164،مغني المحتاج 1:414، السراج الوهّاج:134.
8- 8) المغني 2:507،الشرح الكبير بهامش المغني 2:673،الكافي لابن قدامة 1:441،الإنصاف 3:192. [5]
9- 9) المغني 2:507،الشرح الكبير بهامش المغني 2:673.

دفعها إلى الجائر (1).

لنا:أنّه ليس محلاّ (2)للأمانة و هو من أهل الخيانة،و هو غير مأمور بأخذها، و لا المالك مأمور بإعطائه،فلا يحصل الإجزاء،و القياس على العادل باطل،للفرق الظاهر.

الثاني:لو عزلها المالك فأخذها الظالم أو تلفت لم يضمن المالك إذا لم يفرّط،لأنّ له ولاية العزل على ما قدّمنا (3)،فتصير بعد العزل أمانة،فلا يضمن مع عدم التفريط،أمّا لو فرّط ضمنها.

الثالث:لو (4)أخذها قبل العزل لم يضمن المالك حصّة الفقراء ممّا أخذه الظالم إجماعا إذا لم يفرّط و يؤدّي زكاة ما بقي معه على ما تقدّم من الخلاف.

مسألة:و لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه

،لأنّ الأمر بالأخذ للوجوب و هو يستلزم الأمر بالإعطاء،و فيه بحث.و لأنّ له ولاية التفريق و التعيين،و لو فرّقها المالك حينئذ لم يجزئ عنه،لأنّ التقدير وجوب دفعها إلى الإمام مع الطلب،و عندي في هذا توقّف.

مسألة سقوط سهم السعاة و العمال من الزكاة

قد بيّنّا (5)أنّه يجوز للمالك أن يفرّقها بنفسه و أن يحملها إلى بعض إخوانه المؤمنين ليفرّقها،فإن فعل ذلك سقط سهم السعاة،لأنّهم إنّما يستحقّون بالعمل،و هاهنا لم يعملوا.

و كذا إذا حملها إلى الإمام ففرّقها الإمام بنفسه سقط سهم العامل أيضا،لأنّه لم يعمل شيئا،و لم يجز للإمام أن يأخذ منها شيئا،أمّا عندنا،فلأنّه هاشميّ،و هي محرّمة عليهم.و أمّا

ص:306


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:164،مغني المحتاج 1:414.
2- 2) ح و ق:أهلا.
3- 3) ح:قدّمناه.
4- 4) ش و ن:و لو.
5- 5) يراجع:ص 302.

عند المخالف (1)،فلأنّه يأخذ رزقه من بيت المال و هذا من جملة مصالحهم،و كذلك (2)خليفة الإمام على إقليم أو بلد إذا عمل على الصدقات لم يستحقّ عوضا،و إن تطوّع جاز،لأنّه قائم مقام الإمام.

مسألة:و يشترط في العامل ستّ شرائط:

البلوغ،و العقل،و الحرّيّة،و الإسلام، و العدالة،و الفقه،لأنّها ولاية شرعيّة،فلا تثبت للطفل و المجنون،و العبد لا يملك،و مولاه لم يعمل،و الكافر ليس أهلا للأمانة،قال اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ (3).

و دفع أبو موسى الأشعريّ إلى عمر حسابا فاستحسنه فقال:من كتب هذا؟فقال:

كاتبي،قال:فأين هو؟قال:على باب المسجد،فقال:أجنب هو؟قال:لا و لكنّه نصرانيّ، فقال:لا تأتمنوهم و قد خوّنهم اللّه و لا تقرّبوهم و قد بعّدهم اللّه (4).

و لأنّ ذلك ولاية على المسلمين و قد قال اللّه تعالى وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (5).

و عن أحمد رواية (6)بجواز تولية الكافر،لعموم قوله تعالى وَ الْعامِلِينَ (7)و هو ضعيف لما تقدّم.

و العدالة معتبرة،لأنّه يلي مال غيره،و الفاسق ليس محلاّ للأمانة.

ص:307


1- 1المغني 2:517،المهذّب للشيرازيّ 1:173،تحفة الفقهاء 1:299،بدائع الصنائع 2:44،المجموع 6:120 و 188.
2- 2) غ و ف:و كذا.
3- 3) آل عمران(3):118. [1]
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 7:318،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:690،691.
5- 5) النساء(4):141. [2]
6- 6) المغني 2:516 و ج 7:317، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 2:690، [4]الكافي لابن قدامة 1:442، [5]الإنصاف 3:224. [6]
7- 7) التوبة(9):60. [7]

و الفقه مشترط (1)ليكون عارفا بقدر الواجب،و على من يستحقّ الزكاة.

و عندي في اشتراط الحرّيّة نظر،و عمل العبد كعمل المولى مع الإذن.

فرع:

إنّما يشترط الفقه في الزكاة خاصّة لا في بقيّة الأحكام

،و عندي فيه توقّف أيضا، لحصول الاكتفاء بسؤال العلماء.

مسألة:و هل يجوز للهاشميّ أن يكون عاملا؟

منع الأصحاب من ذلك.و للشافعيّ قولان (2).

لنا:أنّ ما يأخذه زكاة و هي محرّمة عليهم.و لأنّ الفضل بن العبّاس و المطّلب بن ربيعة (3)سألا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يولّيهما العمالة فقال لهما:«الصدقة أوساخ الناس، و أنّها لا تحلّ لمحمّد و آل محمّد» (4).قال الشيخ:هذا مع تمكّنهم من الخمس،أمّا مع القصور فيجوز لهم ذلك (5).

احتجّ الشافعيّ بأنّ ما يأخذه أجرة عمل (6)فكان بمنزلة الحافظ (7).و الفرق ظاهر، فإنّ ما يأخذه العامل سهم من الصدقة.

ص:308


1- 1بعض النسخ:يشترط.
2- 2) حلية العلماء 3:142،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:168،المغني 7:318.
3- 3) عنونه ابن الأثير و ابن حجر تارة بعنوان مطّلب بن ربيعة بن الحارث و أخرى بعنوان عبد المطّلب بن ربيعة. و هو مطّلب أو عبد المطّلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيّ الهاشميّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عليّ عليه السلام و روى عنه ابن عبد اللّه و عبد اللّه بن الحرث بن نوفل،مات سنة 62 ه.أسد الغابة 3:331 و 4:373، [1]الإصابة 2:430،و ج 3:425، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:447، [4]العبر 1:49. [5]
4- 4) صحيح مسلم 2:752 الحديث 1072،مسند أحمد 4:166، [6]سنن البيهقيّ 7:31.
5- 5) المبسوط 1:248، [7]الخلاف 2:133.
6- 6) بعض النسخ:عمله.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:168.
فروع:

الأوّل:لو تولّى جباية (1)زكاة الهاشميّ،فالأقرب جواز أخذ النصيب منها،لأنّه مسوّغ له أخذ زكاة الهاشميّ،و كذا لو بذل له الإمام أجرة من غير الزكاة.

الثاني:لو تطوّع بالعمالة من غير أجرة و لا سهم جاز ذلك،و لا نعلم فيه خلافا.

الثالث:يجوز لمولى الهاشميّ ذلك.و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين و منع منه في الآخر (2).و به قال أبو حنيفة (3).

لنا:قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ (4).و هو بعمومه يتناول صورة النزاع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«تحلّ لمواليهم و لا تحلّ لهم» (5).

احتجّوا (6)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي رافع (7):«إنّ الصدقة حرام على محمّد

ص:309


1- 1بعض النسخ:حيازة.
2- 2) حلية العلماء 3:142،المهذّب للشيرازيّ 1:168،المجموع 6:167، [1]مغني المحتاج 3:112.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:12،تحفة الفقهاء 1:302،بدائع الصنائع 2:49،الهداية للمرغينانيّ 1:114، شرح فتح القدير 2:213،مجمع الأنهر 1:224.
4- 4) التوبة(9):60. [2]
5- 5) التهذيب 4:60 الحديث 160،الاستبصار 2:37 الحديث 1،الوسائل 6:192 الباب 34 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:12،بدائع الصنائع 2:49،شرح فتح القدير 2:213،المهذّب للشيرازيّ 1:168، المجموع 6:167. [4]
7- 7) أبو رافع مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم،اختلف في اسمه،فقيل:أسلم،و قيل:إبراهيم،و قيل:صالح، و قد ذكره ابن الأثير و ابن حجر و ابن عبد البرّ في باب أسلم و أبو رافع،و ذكره البخاريّ باسمه و كنيته،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن عبد اللّه بن مسعود و روى عنه أولاده رافع و الحسن و عبيد اللّه و المغيرة، و أحفاده الحسن و صالح و عبيد اللّه أولاد عليّ بن أبي رافع و الفضل بن عبيد اللّه بن أبي رافع و أبو سعيد المقبريّ و سليمان بن يسار و عطاء بن يسار.قيل:مات قبل عثمان،و قيل:مات في خلافة عليّ عليه السلام.أسد الغابة 1: 77 و ج 5:191، [5]الإصابة 1:38 و ج 4:67، [6]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:85 و ج 4:68، [7]التاريخ الكبير للبخاريّ 1:23.

و آل محمّد،و إنّ مولى القوم من أنفسهم» (1).

و الجواب:المنع هاهنا للكراهية.و بالجملة:العمل بعموم الآية أولى.

مسألة:و الإمام مخيّر إن شاء استأجر الساعي

بأجرة معلومة مدّة معلومة،و إن شاء جعل له جعالة على عمله إذا وفّى العمل دفع إليه العوض،فإذا عمل العمل و استحقّ العوض فإن قصر النصيب عنه تمّم له من بقيّة السهام،لعموم الآية.و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الآخر:من بيت المال،لأنّه من المصالح،و إن فضل دفع الباقي إلى أهل الزكاة (2).

و لو قيل:إنّ ذلك ليس بلازم،لأنّ اللّه تعالى جعل له نصيبا،كان حسنا.

و يؤيّده:ما رواه الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:ما يعطى المصدّق؟قال:

«ما يرى الإمام و لا يقدّر له شيء» (3).

مسألة:قال الشيخ:و يجب على الإمام أن يبعث ساعيا في كلّ عام

لجباية (4)الصدقات،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يبعثهم في كلّ عام و متابعته واجبة (5).

و ما ذكره الشيخ جيّد إذا عرف الإمام أو غلب على ظنّه أنّ الصدقة لا تجتمع (6)إلاّ بالعامل،أمّا لو علم من قوم أداؤها إليه أو إلى المستحقّين،و الأقرب عندي عدم الوجوب.

مسألة:و أجرة الوزّان و الكيّال و الناقد على ربّ المال

(7)

.و هو أحد قولي الشافعيّ.

ص:310


1- 1سنن أبي داود 2:123 الحديث 1650، [1]سنن الترمذيّ 3:46 الحديث 657، [2]سنن النسائيّ 5:107،سنن البيهقيّ 7:32.
2- 2) حلية العلماء 3:149،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:188. [3]
3- 3) الكافي 3:563 الحديث 13، [4]التهذيب 4:108 الحديث 311،الوسائل 6:144 الباب 1 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4 و ص 178 الباب 23 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3.
4- 4) خا،ش و ص:بجباية.
5- 5) المبسوط 1:244. [5]
6- 6) بعض النسخ:تجمع.
7- 7) بعض النسخ:و الناقلة.

و قال في الآخر:على أهل الصدقة (1).

لنا:أنّ الواجب على أرباب الأموال دفع الزكاة و لا يتمّ إلاّ بالأجرة فتكون واجبة عليهم،كما وجبت على البائع.

احتجّ بأنّ اللّه تعالى أوجب في المال الزكاة،فإيجاب الأجرة زيادة على الواجب.

و الجواب:إيجاب الزكاة لا يمنع من إيجاب غيرها مع (2)الدليل،و قد قام.قال الشيخ:

و يعطى الحاسب و الوزّان و الكاتب من سهم العاملين (3).و الصحيح أنّ حكم الوزّان ما تقدّم.

مسألة:قال الشيخ:و ليس للساعي أن يفرّق الزكاة بنفسه

إلاّ بإذن الإمام (4).و هو جيّد،لأنّ ولايته مقصورة (5)على جباية المال،أمّا التفرقة فمنوطة بنظر الإمام،فإن أذن له جاز و يأخذ سهمه،لأنّه أجير،ثمَّ يفرّق الباقي.

و ينبغي أن يعرف أهل الصدقات بالاسم و النسب و الحلية (6)،و يعرف قدر حاجتهم،فإذا أعطى شخصا أثبته و حلاه،لئلاّ تتكرّر عليه الصدقة من غير شعور.

و لا ينبغي له أن يؤخّر التفرقة مع الإذن لحصول الحاجة و التخلّص من الغرامة لو تلفت.

مسألة:و إذا أخذ الساعي أو الإمام الصدقة دعا لصاحبها

،قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ (7).

و تردّد الشيخ في الوجوب فقال في الخلاف به (8).و هو مذهب داود بن عليّ بن خلف

ص:311


1- 1حلية العلماء 3:150،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:188،189.
2- 2) غ و ف:من.
3- 3) المبسوط 1:257. [1]
4- 4) المبسوط 1:245. [2]
5- 5) ص و ك:مقصودة.
6- 6) الحلية-بالكسر-:الصفة.المصباح المنير 1:149. [3]
7- 7) التوبة(9):103. [4]
8- 8) الخلاف 1:359 مسألة-154.

الأصبهانيّ (1)،لظاهر الآية (2).

و قال في المبسوط بالاستحباب (3)،و هو مذهب أكثر الجمهور (4).

و هو أولى،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا بعث معاذا إلى اليمن قال له:«أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (5)و لم يأمره بالدعاء،و لو كان واجبا لذكره.و لأنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّ الفقراء لو أخذوا الصدقة بأنفسهم لم يجب عليهم الدعاء فنائبهم أولى.و لأنّ هذا أداء عبادة فلا يجب الدعاء لها كالصلاة،و الآية محمولة على الاستحباب،و لا شيء مؤقّت في هذا الدعاء فأيّ دعاء ذكره كان حسنا.

مسألة:قال الشيخ:ينبغي لوالي الصدقة أن يسم نعم الصدقة

من إبل أو بقر أو غنم (6).و به قال الشافعيّ (7).و كرهه أبو حنيفة (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يسم الإبل في إفخاذها (9).

و عن أنس أنّه دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يسم الغنم في

ص:312


1- 1كثير من النسخ:الأصفهانيّ.
2- 2) حلية العلماء 3:147،المجموع 6:171،عمدة القارئ 9:94،سبل السلام 2:130،نيل الأوطار 4: 217.
3- 3) المبسوط 1:244. [1]
4- 4) المغني 2:508،الشرح الكبير بهامش المغني 2:675،المهذّب للشيرازيّ 1:169،المجموع 6:171،الكافي لابن قدامة 1:443،عمدة القارئ 9:94.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [2]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [3]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1:379، [4]سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
6- 6) المبسوط 1:261. [5]
7- 7) الأمّ 2:60،حلية العلماء 3:143،المهذّب للشيرازيّ 1:169،المجموع 6:176،مغني المحتاج 3:119، السراج الوهّاج:358.
8- 8) عمدة القارئ 9:107،حلية العلماء 3:143،المجموع 6:176،فتح الباري 3:286.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:160،صحيح مسلم 3:1674 الحديث 2119.

آذانها (1).و إجماع الصحابة على ذلك.و لأنّ فيه فائدة لا تحصل بدونه و هي تمييزها (2)عن غيرها،فربّما شردت فيعرفها من يجدها فيردّها،و ربّما رآها صاحب المال فامتنع من شرائها.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ ذلك مثلة (3).

و الجواب:فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أولى.

فروع:

الأوّل:ينبغي أن توسم (4)في أصلب موضع و أكشفه،لئلاّ يضرّ الوسم بالحيوان،ففي الإبل و البقر على إفخاذها،و في الغنم في أصول آذانها.

الثاني:ينبغي أن يكون ميسم الإبل و البقر أكبر (5)من ميسم الغنم،لأنّها أضعف.

الثالث:ينبغي أن يكتب على الميسم ما أخذت له،ففي إبل الصدقة:صدقة أو زكاة، و في الجزية:جزية أو صغار.و ينبغي أن يكتب فيها اسم اللّه تعالى تبرّكا به.

مسألة:و إذا قبض الساعي الصدقة

حملها إلى الإمام أو فرّقها إن كان قد أذن له في التفريق،و ليس له أن يبيع (6)منها شيئا إلاّ مع الحاجة و العذر،كما إذا مرضت الشاة و خاف عليها التلف قبل إيصالها إلى المستحقّ،أو كان الطريق مخوفا،أو احتاج في نقله إلى مئونة تستوعبه،فأمّا لغير عذر فلا يجوز،لقوله عليه السلام لمعاذ بن جبل:«أعلمهم أنّ عليهم

ص:313


1- 1صحيح البخاريّ 2:126،صحيح مسلم 3:1674 الحديث 2119،سنن ابن ماجه 2:1180 الحديث 3565،مسند أحمد 3:171،254 و 259. [1]
2- 2) كثير من النسخ:تميّزها.
3- 3) المجموع 6:176.
4- 4) بعض النسخ:يوسم.
5- 5) بعض النسخ:أكثر.
6- 6) بعض النسخ:ينتفع.

صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (1).

و لمّا بعث أمير المؤمنين عليه السلام المصدّق قال له:«ثمَّ احدر ما اجتمع عندك من كلّ ناد إلينا نصيّره حيث أمر اللّه عزّ و جلّ» (2).و لمّا عدل عن البيع الذي هو أرفق إلى الأشقّ،دلّ على أنّ الواجب ذلك،أمّا مع العذر فلا بأس،لأجل الضرورة.و قد روى الشيخ رحمه اللّه عن محمّد بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام بيع الصدقة (3)،و هو محمول على ما قلناه.

إذا ثبت هذا،فإن باع،لا لضرورة لم يصحّ البيع،فإن كانت العين باقية استرجعت، و إن نقصت ضمن المشتري الأرش،و إن كانت تالفة ضمن المشتري المثل،فإن تعذّر أو لم تكن مثليّة ضمن القيمة.

ص:314


1- 1صحيح البخاريّ 2:159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [1]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [2]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1: 379، [3]سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
2- 2) الكافي 3:537 الحديث 1، [4]التهذيب 4:97 الحديث 274،الوسائل 6:88 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [5]
3- 3) التهذيب 4:98 الحديث 276،الوسائل 6:89 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [6]
البحث الثالث:في النيّة
اشارة

ذهب العلماء كافّة-إلاّ الأوزاعيّ (1)-إلى أنّ النيّة شرط في أداء الزكاة،لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات» (2).

و لأنّ الزكاة عبادة فتفتقر إلى النيّة،لقوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (3).

و لأنّها عبادة تشتمل على الواجب و الندب فافتقرت إلى النيّة كالصلاة و الصوم.

و لأنّ الدفع يحتمل وجوها فلا يقع على أحدها إلاّ بالنيّة.

احتجّ الأوزاعيّ بأنّها دين فلا تفتقر إلى النيّة كسائر الديون.و لأنّ وليّ اليتيم يخرجها و الحاكم من (4)الممتنع (5).

و الجواب:الفرق بين الدين و الزكاة من حيث إنّ الزكاة عبادة بخلاف الدين و إن

ص:315


1- 1حلية العلماء 3:145،المغني 2:502،الشرح الكبير بهامش المغني 2:673،المجموع 6:180.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجه 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58،مسند أحمد 1:25 و 43،سنن الدار قطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 7:341.
3- 3) البيّنة(98):5. [1]
4- 4) كثير من النسخ:عن.
5- 5) المغني 2:502،الشرح الكبير بهامش المغني 2:673،المجموع 6:180.

تعلّق به حقّ اللّه و لهذا يسقط بإسقاط المالك.و لأنّ الدين متعيّن (1)للمالك فيكفي قبضه، بخلاف الزكاة فإنّها لا تتعيّن للقابض،و الوليّ و الحاكم ينوبان (2)في النيّة عند الحاجة.

مسألة:و النيّة إرادة تفعل بالقلب متعلّقة بالفعل المنويّ

-على ما سلف بيانه (3)- فإذا اعتقد عند الدفع أنّها زكاة و اعتقد التقرّب إلى اللّه تعالى كفاه ذلك.و كذا ينوي النائب عن غيره،كالوليّ و الحاكم و الوكيل.

و لا بدّ في النيّة من القصد إلى القربة،لأنّه شرط في العبادة.

و من القصد إلى الوجوب أو الندب،لأنّ الفعل صالح لهما فلا يتخلّص أحدهما إلاّ بالنيّة.

و من القصد إلى كونها زكاة مال أو فطرة،للاشتراك في الصلاحية،فلا بدّ من مائز.

و لا يفتقر إلى تعيين المال،بأن يقول:هذه زكاة مالي-الفلانيّ-إجماعا.

مسألة:إذا دفع المالك الزكاة بنفسه وجبت النيّة

،لما تقدّم (4).

و لو دفعها إلى الإمام و نوى وقت الدفع إلى الإمام أجزأه (5)ذلك أيضا،لأنّ الإمام كالوكيل للفقراء.و كذا لو دفعها إلى الساعي،سواء نوى الإمام أو الساعي حال الدفع إلى الفقراء أو لم ينويا.

و لو دفع المالك الزكاة إلى وكيل له ليفرّقها و نوى حال الدفع إليه و نوى الوكيل حال الدفع إلى الفقراء أجزأ إجماعا،لوقوع العبادة على وجهها.

و لو نوى الوكيل حالة الدفع و لم ينو المالك،قال الشيخ:لم يجزئ عنه،لأنّ الوكيل

ص:316


1- 1بعض النسخ:يتعيّن.
2- 2) كثير من النسخ:ينويان.
3- 3) يراجع:الجزء الثاني ص 14.
4- 4) يراجع:ص 315.
5- 5) بعض النسخ:أجزأت.

ليس بمالك و الفرض يتعلّق بالمالك و الإجزاء يقع عنه (1).

و عندي فيه توقّف.

و لو نوى الموكّل حال الدفع إلى الوكيل و لم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء،قال الشيخ:لم تجزئ عنه،لأنّ المقارنة معتبرة،و الوكيل غير مستحقّ فلا تؤثّر النيّة في الدفع إليه (2).

مسألة:و لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة و لم ينو المالك

،فإن أخذها كرها أجزأه ذلك،لأنّ النيّة تعذّرت في حقّه فصار بحكم (3)الطفل و المجنون من سقوط النيّة في حقّه.

و لأنّ للإمام الولاية على الممتنع فقامت نيّته مقام نيّته،كوليّ الطفل و المجنون.

و قال بعض الجمهور:لا يجزئ (4)إذا أخذها كرها و إن جاز أخذها،لأنّها عبادة، و جواز أخذها كالصلاة فإنّه يجبر الممتنع عليها و إن لم تجزئه إذا لم ينو في نفسه (5).و هو ضعيف،لأنّ الزكاة حقّ ماليّ في يد المالك للفقراء،و للإمام الإجبار على قسمة المشترك و تسليمها،فجاز له إفرادها مع امتناع المالك،و تصحّ النيابة في تسليمها،بخلاف الصلاة.

و لأنّها لو لم تجزئ لم يجز له أخذها،أو وجب عليه أخذها ثانية و ثالثة حتّى ينفد (6)ماله، لأنّ الأخذ إن كان للإجزاء فهو لا يحصل بدون النيّة،و إن كان لوجوبها فالوجوب باق بعد الأخذ.

أمّا إذا أخذها طوعا و لم ينو المالك،فقد قال الشيخ:لا يجزئه فيما بينه و بين اللّه تعالى

ص:317


1- 1المبسوط 1:233. [1]
2- 2) المبسوط 1:233. [2]
3- 3) غ و ف:على حكم.
4- 4) غ و ف:لا تجزئ.
5- 5) المغني 2:504،الشرح الكبير بهامش المغني 2:673،المجموع 6:180 و 184،فتح العزيز بهامش المجموع 5:525.
6- 6) بعض النسخ:يتعدّى.

غير أنّه ليس للإمام مطالبة (1)بها دفعة ثانية (2).

و قال الشافعيّ:تجزئه (3).

لنا:أنّها عبادة فتفتقر إلى النيّة.و لأنّ الإمام نائب عن الفقراء،و النيّة معتبرة إذا دفع المالك إليهم فكذا إلى نائبهم.

احتجّ الشافعيّ بأنّ الإمام بمنزلة القاسم بين الشركاء،فلا يفتقر إلى النيّة.و لأنّ له ولاية على الأخذ،و لهذا يأخذ من الممتنع (4).

و الجواب:كونه بمنزلة القاسم لا يخرج الزكاة عن العبادة،و هو المقتضي لوجوب النيّة،و الولاية لا تمنع من وجوب النيّة أيضا،و ما ذكره الشافعيّ قويّ،لأنّ الإجزاء لو لم يتحقّق لما جاز للإمام أخذها،أو لأخذها دائما،و القسمان باطلان،و قد تقدّم بيان الملازمة.

و لأنّ الإمام كالوكيل،و هذه عبادة تصحّ فيها النيابة فاعتبرت نيّة النائب،كالحجّ.

مسألة:و تجب مقارنة النيّة للدفع.

و قال أحمد:يجوز تقديمها على الفعل بالزمان اليسير (5).

و قال أبو حنيفة:يجوز تقديمها مطلقا (6).و للشافعيّ وجهان (7).

لنا:أنّها عبادة ذات وجوه مختلفة لا يتميّز أحدها عن صاحبه إلاّ بالنيّة وقت الدفع

ص:318


1- 1كثير من النسخ:مطالبته.
2- 2) المبسوط 1:233. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:184،فتح العزيز بهامش المجموع 5:525،مغني المحتاج 1:415، المغني 2:504،الشرح الكبير بهامش المغني 2:674.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:184،فتح العزيز بهامش المجموع 5:525،مغني المحتاج 1:415، المغني 2:504،الشرح الكبير بهامش المغني 2:674.
5- 5) المغني 2:503،الشرح الكبير بهامش المغني 2:674،الكافي لابن قدامة 1:436،الإنصاف 3:195.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:310،بدائع الصنائع 2:41،الهداية للمرغينانيّ 1:98،شرح فتح القدير 2:125،مجمع الأنهر 1:195،المجموع 6:182.
7- 7) حلية العلماء 3:145،المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:181،فتح العزيز بهامش المجموع 5:527.

فلا اعتبار بما تقدّم،لأنّه إن استدام عليه فهو المطلوب،و إلاّ خلا الدفع عن النيّة.

احتجّ المخالف بأنّها عبادة تجوز فيها النيابة بغير عذر فجاز تقديم النيّة عليها.و لأنّ ذلك يؤدّي إلى تغرير المالك بماله،لأنّ النيابة جائزة و الحاجة إليها ماسّة،فإذا دفع الزكاة إلى وكيله،توقّف الإجزاء على نيّة الوكيل (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من (2)كون ما ذكروه (3)علّة.

و عن الثاني:بأنّه لا تغرير مع القول بضمان الوكيل إذا لم يحصل منه النيّة.و لو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر.

مسألة:و لو تصدّق بجميع ماله و لم ينو شيئا منه الزكاة،

لم يجزئه.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قالت الحنفيّة:يجزئه استحبابا (6). (7)

لنا:أنّه لم يؤدّ الواجب على ما أمر به فلا يكون مجزئا،كمن صلّى مائة ركعة بنيّة التطوّع،فإنّ الفرض لا يسقط عنه بذلك.

احتجّوا بأنّه تصرّف تصرّفا لم يتعدّ به فلا يضمن الزكاة (8).

و الجواب:المنع من عدم التعدّي،لأنّ الواجب عليه التصدّق بالزكاة بنيّة الفرض

ص:319


1- 1المغني 2:503،الشرح الكبير بهامش المغني 2:674،المجموع 6:182. [1]
2- 2) ك:عن.
3- 3) ك:ذكره.
4- 4) حلية العلماء 3:145،المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:181، [2]مغني المحتاج 1:414، السراج الوهّاج:134،المغني 2:503.
5- 5) المغني 2:503،الشرح الكبير بهامش المغني 2:674،الكافي لابن قدامة 1:436،الإنصاف 3:193.
6- 6) بعض النسخ:استحسانا.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:34،بدائع الصنائع 2:40،الهداية للمرغينانيّ 1:98،شرح فتح القدير 2:126، مجمع الأنهر 1:196،حلية العلماء 3:145،المغني 2:503.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:34،بدائع الصنائع 2:40.

فإذا نوى به التطوّع فقد تعدّى.

و لو تصدّق ببعضه،قال محمّد بن الحسن:أجزأه عن زكاة ذلك البعض.و قال أبو يوسف:لا يجزئه (1).

احتجّ محمّد بأنّه لو تصدّق بجميعه أجزأه عن جميعه،فإذا تصدّق ببعضه أجزأه عن ذلك البعض (2).

احتجّ أبو يوسف بأنّ المقتضي للإجزاء هناك زوال ملكه عن المال على وجه القربة، و هاهنا لم يزل عن جميعه (3).

مسألة في زكاة المال الغائب

قد بيّنّا (4)وجوب تعيين الفرض أو النفل،فإذا كان له مال غائب فأخرج زكاته و قال:إن كان مالي سالما فهذه زكاته،أو تطوّع،لم يجزئه،لأنّه شرّك بين الفرض و النفل،فلا يتخلّص لأحدهما بعينه.

و قال الشيخ:إنّه يجزئه (5).

أمّا لو قال:إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته،و إن كان تالفا فهي تطوّع،أجزأ عنه إذا كان سالما،لأنّه لم يشرّك بين الفرض و النفل،و إنّما رتّب النفل على الفرض.و لأنّه لو نواها عن ماله أجزأه و يكون حكمه ذلك،لأنّه مع التلف يكون تطوّعا،فالتصريح غير مناف للأمر نفسه.

ص:320


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:34،35،بدائع الصنائع 2:40،الهداية للمرغينانيّ 1:98،شرح فتح القدير 2: 126،مجمع الأنهر 1:196،حلية العلماء 3:145،146.
2- 2) بدائع الصنائع 2:40،شرح فتح القدير 2:126.
3- 3) بدائع الصنائع 2:40،شرح فتح القدير 2:126.
4- 4) يراجع:ص 316.
5- 5) المبسوط 1:232. [1]
فروع:

الأوّل:لو أخرج مالا و نوى بجميعه الزكاة و التطوّع،لم يجزئه.و به قال الشافعيّ (1)، و محمّد (2).

و قال أبو يوسف:يجزئه عن الزكاة (3).

لنا:أنّه شرّك بين الفرض و النفل في النيّة فلا يتخلّص النفل للفرض،فلا يكون مجزئا.

احتجّ بأنّ النفل لا يفتقر إلى تعيين النيّة،فصار كأنّه نوى الزكاة و الصدقة (4).

و الجواب:عدم الافتقار لا ينافي التعيين،و التقدير:وقوعه.

الثاني:لو كان له مال حاضر و غائب فأخرج الزكاة و قال:هذه عن أحدهما،أجزأه ذلك،لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يشترط تعيين الجنس المخرج عنه،و لهذا لو أخرج خمسة دراهم عن أربعمائة درهم أجزأه عن مائتين (5)و إن لم تكن متعيّنة.

الثالث:لو قال:هذه زكاة مالي الغائب إن كان سالما،و إن لم يكن سالما فعن مالي الحاضر،أجزأه ذلك،لما تقدّم.

الرابع:لو أخرج عن ماله الغائب فبان تالفا،قال الشيخ:لم يجز له صرفه إلى غيره (6).و به قال الشافعيّ (7).و الأقرب عندي:الجواز.

لنا:أنّه باق على ملكه،إذ الإخراج وقع على وجه بان بطلانه،فيجوز له صرفه إلى غير ذلك المال.

ص:321


1- 1الأمّ 2:22،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:44،حلية العلماء 3:146،المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6: 182.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:34،بدائع الصنائع 2:40،حلية العلماء 3:147.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:34،بدائع الصنائع 2:40،حلية العلماء 3:147.
4- 4) بدائع الصنائع 2:40.
5- 5) ح و خا:المائتين.
6- 6) المبسوط 1:232.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:182،فتح العزيز بهامش المجموع 5:523.

احتجّ الشيخ بأنّ وقت النيّة قد فات (1).

و احتجّ الشافعيّ بأنّه عيّنه لذلك المال،فصار كما لو كان عليه كفّارة،فأعتق عبدا عن كفّارة أخرى عيّنها فلم يقع عنها،كما لو كان عليه كفّارة ظهار فجرح رجلا و قدّم العتق عن كفّارة القتل،فبرئ المجروح،فإنّه لا يجوز له صرفها إلى الظهار و إن كان في الابتداء لا يلزمه تعيين الكفّارة بسببها،فكذا (2)الزكاة (3).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من فوات الوقت.

و عن الثاني:بالمنع من الحكم في الأصل.

الخامس:لو كان له مورّث غائب فأخرج زكاة و قال:إن كان قد مات مورّثي فهذه زكاته،لم يجزئ عنه عند الشافعيّ (4)،لأنّه أخرجها عن غير أصل يبنى عليه.

أمّا عندنا:فالمال الغائب لا تجب فيه الزكاة إلاّ مع التمكّن من التصرّف،فهاهنا لا تجب عليه الزكاة ما لم يعلم بموت المورّث و يتمكّن من التصرّف في ماله.

السادس:لو دفع الزكاة إلى الوالي تطوّعا،فدفعها (5)و قال:هذه عن مالي الغائب، فبان تالفا قبل الوجوب،رجع بها عليه إن كانت في يده،و إن كان قد فرّقها،لم يضمنها الساعي،لأنّه بإعطائه إيّاها تطوّعا جرى مجرى الوكيل له،و يرجع هو على الفقراء.

ص:322


1- 1المبسوط 1:232. [1]
2- 2) بعض النسخ:فكذلك.
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 5:523. [2]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:183،فتح العزيز بهامش المجموع 5:524.
5- 5) خا و ق:يرفعها،ح:رفعها.
المقصد الرابع
اشارة

في مستحقّ الزكاة و لواحقه،و فيه مباحث:

ص:323

ص:324

الأوّل في أصناف المستحقين للزكاة
اشارة

المستحقّ للزكاة ثمانية أصناف بالنصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (1).

و روي أنّ رجلا قال:يا رسول اللّه أعطني من هذه الصدقات،فقال:«إن اللّه تعالى لم يرض في قسمتها بنبيّ مرسل و لا ملك مقرّب حتّى قسّمها بنفسه فجزّأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقّك» (2).

و سأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام عن المستحقّين،فقال:«هي تحلّ للذين وصف اللّه تعالى في كتابه» (3)و عدّهم إلى آخرهم.و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

الصنف الأوّل و الثاني:

الفقراء و المساكين

،و لا تمييز (4)بينهما مع الانفراد،بل العرب قد استعملت كلّ واحد من اللفظين في معنى الآخر،أمّا مع الجمع بينهما فلا بدّ من المائز،كما في الآية.

ص:325


1- 1التوبة(9):60. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:117 الحديث 1630، [2]سنن الدار قطنيّ 2:137 الحديث 9،سنن البيهقيّ 4:174،و ج 7: 6،تفسير الدرّ المنثور 3:250، [3]في الجميع:بحكم نبيّ،مكان:بنبيّ.
3- 3) التهذيب 4:48 الحديث 137،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [4]
4- 4) بعض النسخ:و لا تميّز.

و قد اختلف العلماء في (1)أيّهما أسوأ حالا من الآخر،قال الشيخ في المبسوط و الجمل:الفقير:الذي لا شيء له،و المسكين:الذي له بلغة لا تكفيه (2).و به قال الشافعيّ (3)،و الأصمعيّ (4).

و قال الشيخ في النهاية:المسكين أسوأ حالا من الفقير (5).و به قال أبو حنيفة (6)، و الفرّاء (7)، (8)و ثعلب (9)، (10)و ابن قتيبة (11). (12)

ص:326


1- 1هامش ح:في أنّ.
2- 2) المبسوط 1:246، [1]الجمل و العقود:281.
3- 3) حلية العلماء 3:151،152،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:196،197،مغني المحتاج 3:106- 108،السراج الوهّاج:355،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:124،التفسير الكبير 16:107، [2]المغني 7: 313،الشرح الكبير بهامش المغني 2:685.
4- 4) المغني 7:313،الشرح الكبير بهامش المغني 2:685،تهذيب اللغة 10:67، [3]لسان العرب 5:60 و ج 13: 215 و [4]ج 5:60.
5- 5) النهاية:184. [5]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:8،9،بدائع الصنائع 2:43،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2: 202،المغني 7:313،الشرح الكبير بهامش المغني 2:685،حلية العلماء 3:152.
7- 7) يحيى بن زياد بن عبد اللّه بن منظور الديلميّ أبو زكريّا المعروف بالفرّاء إمام العربيّة،كان أعلم الكوفيّين بالنحو بعد الكسائيّ،له مصنّفات منها:معاني القرآن،البهاء فيما تلحن فيه العامّة،المصادر في القرآن،مات بطريق مكّة سنة 207 ه.بغية الوعاة 1:411،العبر 1:278، [6]الأعلام للزركليّ 8:145. [7]
8- 8) معاني القرآن 1:443.
9- 9) العلاّمة المحدّث شيخ اللّغة و العربيّة أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن يزيد(زيد)الشيبانيّ بالولاء المعروف ب(ثعلب)إمام الكوفيّين في النحو و اللغة،من كتبه«الفصيح»و«معاني القرآن»و«إعراب القرآن»،توفّي في جمادى الأولى سنة 291 ه.بغية الوعاة:172،العبر 1:420، [8]الأعلام للزركليّ 1:267، [9]تذكرة الحفّاظ 2:666.
10- 10) نقله عنه في لسان العرب 5:60. [10]
11- 11) عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ أبو محمّد،من أئمّة الأدب،و من المصنّفين المكثرين،ولد ببغداد و سكن الكوفة،من كتبه«تأويل مختلف الحديث»و«المعاني»و«الإمامة و السياسة»و«مشكل القرآن»و«غريب القرآن».مات ببغداد سنة 276 ه.بغية الوعاة:291، [11]العبر 1:397، [12]الأعلام للزركليّ 4:137. [13]
12- 12) غريب القرآن:188.

حجّة الأوّلين:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه تعوّذ باللّه من الفقر و قال:«اللّهمّ أحيني مسكينا و أمتني مسكينا،و احشرني في زمرة المساكين» (1).

و لأنّ العرب تبدأ بالأهمّ،و ذكر الفقراء متقدّما يدلّ على شدّة حاجتهم و كثرة العناية بهم.

و لأنّه مشتقّ من كسر الفقار و هو مهلك،فإنّه فعيل بمعنى مفعول،أي مكسور فقارة الظهر.

و لقوله (2)تعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ (3).و السفينة البحريّة تساوي جملة من المال.

حجّة الآخرين:قوله تعالى أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (4).و هو المطروح على التراب، لشدّة حاجته.

و لأنّه يؤكّد الفقير به إذا أريد المبالغة في الحاجة،فيقال:فقير مسكين.

و لقول الشاعر:

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد (5)

و لأنّ أهل اللغة نصّوا على ذلك،قال يعقوب:رجل فقير له بلغة،و مسكين أي

ص:327


1- 1سنن الترمذيّ 4:577 الحديث 2352، [1]سنن ابن ماجه 2:1381 الحديث 4126،المستدرك للحاكم 4: 322،سنن البيهقيّ 7:14.
2- 2) كثير من النسخ:و بقوله.
3- 3) الكهف(18):79. [2]
4- 4) البلد(90):16. [3]
5- 5) البيت للراعي،كما في تهذيب اللغة للأزهريّ 9:114. [4]

لا شيء له (1).و به قال يونس (2)،و أبو زيد (3)، (4)و أبو عبيدة،و ابن دريد (5).و قول هؤلاء حجّة.

قال يونس:قلت لأعرابيّ:أ فقير أنت؟فقال:لا و اللّه بل مسكين (6).

و قد روي هذا القول عن أهل البيت عليهم السلام،روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الفقير:الذي لا يسأل الناس (7)،و المسكين أجهد منه،و البائس أجهدهم» (8).

و لا فائدة في تحقيق الحقّ من هذين القولين في هذا الباب،لأنّ كلّ واحد منهما له استحقاق و تدفع الزكاة إلى كلّ واحد منهما،بل الأصل في هذا:عدم الغنى-الشامل للمعنيين-إذا تحقّق استحقّ صاحبه الزكاة بلا خلاف.

مسألة:و اختلف العلماء في الغنى المانع من الاستحقاق

،فقال الشيخ في الخلاف:

الغنيّ من ملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمته (9).و جعله في المبسوط قولا لبعض

ص:328


1- 1لسان العرب 5:60. [1]
2- 2) يونس بن حبيب الضبيّ بالولاء أبو عبد الرحمن،و يعرف بالنحويّ من أصحاب أبي عمرو بن العلاء،و روى عن سيبويه فأكثر،سمع منه الكسائيّ و الفرّاء،من كتبه«معاني القرآن»و«اللغات».مات سنة 182 ه. بغية الوعاة:426،الأعلام للزركليّ 8:261. [2]
3- 3) سعيد بن أوس بن ثابت أبو زيد الأنصاريّ أحد أئمّة الأدب و اللغة،من أهل البصرة روى عن أبي عمرو بن العلاء و أبي حاتم السجستانيّ.من تصانيفه كتاب«النوادر»و«لغات القرآن».مات سنة 215 و قيل:214 و قيل:216 ه.بغية الوعاة:254،الأعلام للزركليّ 3:92. [3]
4- 4) تهذيب الألفاظ:15.
5- 5) جمهرة اللغة 3:47.
6- 6) التفسير الكبير 16:110، [4]لسان العرب 5:60 و ج 13:214. [5]
7- 7) كلمة:«الناس»توجد في هامش ح فقط،كما في الوسائل.
8- 8) الكافي 3:501 الحديث 16، [6]التهذيب 4:104 الحديث 297،الوسائل 6:144 الباب 1 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [7]
9- 9) الخلاف 1:368 مسألة-28.

أصحابنا (1).و به قال أبو حنيفة (2).

و قال الشيخ في المبسوط:الغنى الذي يحرم معه أخذ الصدقة أن يكون قادرا على كفايته و كفاية من يلزمه (3)كفايته على الدوام (4).و به قال الشافعيّ (5)،و مالك (6)،و أحمد في إحدى الروايتين.و في الأخرى:من ملك خمسين درهما أو قيمتها فهو غنيّ (7).و به قال الثوريّ،و النخعيّ،و إسحاق.و قال الحسن،و أبو عبيد:الغنيّ:من يملك أربعين درهما (8).

و الذي ذكره الشيخ في المبسوط،عندي هو الوجه.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لقبيصة بن المخارق:

«لا تحلّ الصدقة إلاّ لأحد ثلاثة:.رجل أصابته فاقة حتّى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه:قد أصابت فلانا فاقة فحلّت له المسألة حتّى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش» (9).فجعل نهاية إباحة المسألة وجود القوام و السداد.

ص:329


1- 1المبسوط 1:257. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:14،تحفة الفقهاء 1:301،بدائع الصنائع 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:114، شرح فتح القدير 2:215،مجمع الأنهر 1:223،بداية المجتهد 1:276.
3- 3) بعض النسخ:يلزم.
4- 4) المبسوط 1:256. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:153،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:228،المغني 2:522،الشرح الكبير بهامش المغني 2:689.
6- 6) الموطّأ 1:267،بداية المجتهد 1:276،بلغة السالك 1:231،تفسير القرطبيّ 8:172، [3]المغني 2:522، الشرح الكبير بهامش المغني 2:689.
7- 7) المغني 2:522،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688-689،الكافي لابن قدامة 1:455،الإنصاف 3: 221. [4]
8- 8) المغني 2:522،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688،سنن الترمذيّ 3:41، [5]تفسير القرطبيّ 8:173، [6]نيل الأوطار 4:225-226.
9- 9) صحيح مسلم 2:722 الحديث 1044،سنن أبي داود 2:120 الحديث 1640، [7]سنن الدار قطنيّ 2:120 الحديث 2 سنن البيهقيّ 7:23.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:يروى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ و لا لذي مرّة سويّ»فقال:«لا تصلح لغنيّ»قال:فقلت له:الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعته و له عيال،فإن أقبل عليها أكلها عياله و لم يكتفوا بربحها؟قال:«فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو و من يسعه ذلك،و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله» (1).

و في رواية سماعة قال:«[و قد] (2)تحلّ الزكاة لصاحب سبعمائة،و تحرم على صاحب خمسين درهما»فقلت له:كيف يكون هذا؟فقال:«إذا كان صاحب السبعمائة (3)له عيال كثير،فلو قسّمها بينهم لم تكفه،فليعفّ عنها نفسه و ليأخذها لعياله،و أمّا صاحب الخمسين فإنّها تحرم عليه إذا كان وحده و هو محترف يعمل بها و هو يصيب فيها ما يكفيه» قال:و سألته عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟فقال:«نعم،إلاّ أن تكون داره دار غلّة فيخرج له من غلّتها دراهم تكفيه لنفسه و عياله،و إن لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه و عياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم في غير إسراف فقد حلّت له الزكاة،و إن كانت غلّتها تكفيهم فلا» (4).

و لأنّ الفقر و الحاجة مترادفان.

و يؤيّده:قوله تعالى يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللّهِ (5)أي المحتاجون إليه،و من ليس له كفاية فهو محتاج فيصدق عليه اسم الفقر (6).

احتجّ أبو حنيفة (7)بقوله عليه السلام لمعاذ:«أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من

ص:330


1- 1التهذيب 4:51 الحديث 130،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أكثر النسخ:سبعمائة.
4- 4) التهذيب 4:48 الحديث 127،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]
5- 5) فاطر(35):15. [3]
6- 6) م:الفقير.
7- 7) بدائع الصنائع 2:48،بداية المجتهد 1:276،تفسير القرطبيّ 8:172. [4]

أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (1)فجعل الغنيّ من تجب عليه الزكاة،و ذلك يدلّ على أنّ من تجب عليه (2)غنيّ،و من لا تجب عليه ليس بغنيّ،فيكون فقيرا فيجوز له أخذها.

احتجّ أحمد (3)بما رواه ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من سأل و له ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشا،أو خدوشا،أو كدوحا في وجهه»فقيل:

يا رسول اللّه ما الغنى؟قال:«خمسون درهما أو قيمتها من الذهب» (4).

و لأنّ عليّا عليه السلام قال:«لا تحلّ الصدقة لمن له خمسون درهما أو قيمتها من الذهب» (5).

احتجّ الحسن (6)بما رواه (7)أبو سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من سأل و له قيمة أوقيّة فقد ألحف (8)» (9)و كانت الأوقيّة على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أربعين درهما.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الحكم بوجوب أخذ الزكاة من الأغنياء لا يستلزم أنّها

ص:331


1- 1صحيح البخاريّ 2:159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [1]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [2]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1: 379، [3]سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 504.
2- 2) ك بزيادة:الزكاة.
3- 3) المغني 2:522،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688،الكافي لابن قدامة 1:456،الإنصاف 3:221.
4- 4) سنن أبي داود 2:116 الحديث 1626، [4]سنن الترمذيّ 3:40 الحديث 650، [5]سنن ابن ماجه 1:589 الحديث 1840،مسند أحمد 1:441، [6]سنن الدار قطنيّ 2:121 الحديث 2،سنن البيهقيّ 7:24.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:122 الحديث 7،المغني 2:522،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688،تفسير القرطبيّ 8:172. [7]
6- 6) المغني 2:523،الشرح الكبير بهامش المغني 2:689.
7- 7) ص،ف،ك و غ:روى.
8- 8) ألحف السائل إلحافا:ألحّ.المصباح المنير 2:550. [8]
9- 9) سنن أبي داود 2:116 الحديث 1628، [9]مسند أحمد 3:7 و 9، [10]سنن الدار قطنيّ 2:118 الحديث 1،سنن البيهقيّ 7:24،كنز العمّال 6:501 الحديث 16716.

لا تؤخذ من غيرهم.و أيضا:يحتمل أنّه أطلق اسم الأغنياء على المزكّين اعتبارا بالأكثر.

و أيضا:الغنى الموجب للزكاة غير المانع منها،و إطلاق اللفظ عليهما بحسب الاشتراك و إن كان الأصل عدمه فقد يصار إليه لدليل و قد وجد.

و عن الثاني:باحتمال أن يكون صاحب الخمسين يحصل له بمعيشته بها ما يكفيه،كما ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام،و مع ذلك فقد طعن جماعة في هذا الحديث بأنّ راويه حكيم بن جبير (1)،و كان شعبة لا يروي عنه،و ذلك لضعفه في الحديث عنده.

و عن الثالث:أنّ الإلحاف في السؤال لا ينافي الاستحقاق،و قد ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام بمنع (2)الزكاة لصاحب الأربعين.

روى الشيخ عن زرارة و ابن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا تحلّ لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده أن يأخذها،و إن أخذها أخذها حراما» (3).و لكن هذا الحديث يدلّ على استغنائه عنها،و يدلّ عليه قوله:«يحول عليها الحول»و ذلك دليل على أنّ المئونة من غيرها.

فروع:

الأوّل:قد روي جواز إعطاء الزكاة لصاحب الدار و الخادم.رواه الشيخ عن عمر بن أذينة،عن غير واحد،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما سئلا عن

ص:332


1- 1حكيم بن جبير الأسديّ و يقال مولى الحكم بن أبي العاص الثقفيّ الكوفيّ،روى عن أبي جحيفة و أبي الطفيل و علقمة و موسى بن طلحة،و روى عنه الأعمش و زائدة و شريك و جماعة،قال أحمد:ضعيف الحديث مضطرب و نقل عن شعبة أنّه تركه من أجل حديث الصدقة،و ذكره البخاريّ و ابن حبّان في الضعفاء.تهذيب التهذيب 2: 445، [1]الضعفاء الصغير للبخاريّ:71،المجروحين لابن حبّان 1:246،الجرح و التعديل 3:201،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 1:230.
2- 2) أكثر النسخ:يمنع.
3- 3) التهذيب 4:51 الحديث 131،الوسائل 6:165 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]

الرجل له دار و خادم و عبد يقبل الزكاة؟فقالا:«نعم،إنّ الدار و الخادم ليسا بملك» (1).

و عن سعيد بن يسار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«تحلّ الزكاة لصاحب الدار و الخادم» (2).لأنّ أبا عبد اللّه عليه السلام لم يكن يرى أنّ الدار و الخادم شيئا،لأنّهما لا يباعان في الدين،فليس غنيّا بهما،فجاز له تناول الزكاة.

الثاني:من له كفاية باكتساب أو صناعة أو مال غير زكويّ أو أجرة عقار أو غيره لا تحلّ له الزكاة.و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).

و قال أبو حنيفة:تحلّ له (6).

لنا:قوله عليه السلام:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ و لا لقويّ مكتسب» (7).

و في حديث آخر:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ و لا لذي مرّة سويّ» (8).

و لأنّه يملك ما يغنيه عن الزكاة فلا يكون محتاجا كما لك النصاب،و أبو حنيفة عوّل على حجّته المتقدّمة،و قد أجبنا عنها.

الثالث:لو ملك نصابا زكاتيّا أو أكثر لا تتمّ به الكفاية جاز له أخذ الزكاة.و به قال الشافعيّ (9)،و أحمد (10).

ص:333


1- 1التهذيب 4:51 الحديث 133،الوسائل 6:162 الباب 9 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:52 الحديث 134،الوسائل 6:162 الباب 9 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [2]
3- 3) الأمّ 2:71،حلية العلماء 3:153،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:228، [3]المغني 2:523.
4- 4) المغني 2:523،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688،الكافي لابن قدامة 1:456،حلية العلماء 3:153.
5- 5) المغني 2:523،الشرح الكبير بهامش المغني 2:688.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:14،تحفة الفقهاء 1:302،بدائع الصنائع 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:114، [4]شرح فتح القدير 2:216،حلية العلماء 3:153،المغني 2:523.
7- 7) سنن أبي داود 2:118 الحديث 1633، [5]سنن البيهقيّ 7:14،سنن الدار قطنيّ 2:119 الحديث 7.
8- 8) سنن أبي داود 2:118 الحديث 1634، [6]سنن الترمذيّ 3:42 الحديث 652، [7]مسند أحمد 2:192 و 389 و ج 5:375،سنن البيهقيّ 7:13،14،سنن الدار قطنيّ 2:118 الحديث 2،3.
9- 9) المجموع 6:197،المغني 2:524،الشرح الكبير بهامش المغني 2:687.
10- 10) المغني 2:524،الشرح الكبير بهامش المغني 2:687،الكافي لابن قدامة 1:456،الإنصاف 3:221.

و قال أصحاب الرأي:لا يجوز (1).

لنا:أنّه مع ملكه لهذه الأشياء محتاج (2)،فيصدق عليه أنّه فقير.و لأنّ الغني لا يتعلّق بأعيان معيّنة،فلو كان غنيّا بالنصاب لكان غنيّا بقيمته،و قد وافقنا على بطلان التالي، و حجّته أنّه غنيّ،لأنّه يجب عليه دفعها،و قد سلف البحث في هذا (3).

الرابع:لو كان له مال معدّ للإنفاق و لم يكن ذا كسب و لا صناعة اعتبرت الكفاية حولا له و لعياله-و به قال ابن الجنيد (4)-لأنّه حينئذ لا يسمّى فقيرا عادة.

و لو قصر عن الحول،جاز له تناولها،و لا ينتظر بإعطائه إخراج ما معه في الإنفاق، لما روي من جواز إعطاء صاحب ثلاثمائة (5)و سبعمائة (6)،لقصوره عن التكسّب بها مع وجوده،فمع عدم التكسّب أولى.

الخامس:لو كانت له دار غلّة تكفيه غلّتها و لعياله،حرمت عليه الزكاة و لو لم (7)تكفه جاز له تناولها،لأنّه مع الاكتفاء غنيّ و بدونه محتاج.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟فقال:«نعم،إلاّ أن تكون داره دار غلّة فيخرج [له] (8)من غلّتها دراهم تكفيه لنفسه و عياله،فإن لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه و عياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم في (9)غير إسراف،فقد حلّت له الزكاة،و إن كانت غلّتها

ص:334


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:14،تحفة الفقهاء 1:301،بدائع الصنائع 2:48،المغني 2:524.
2- 2) ح:يحتاج.
3- 3) يراجع:ص 328-331.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:568. [1]
5- 5) التهذيب 4:51 الحديث 130،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4.
6- 6) التهذيب 4:48 الحديث 127،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2.
7- 7) بعض النسخ:و إذا لم.
8- 8) أثبتناها من المصدر.
9- 9) ح:من،كما في الوسائل. [2]

تكفيهم فلا» (1).

السادس:يجوز لصاحب الفرس أخذ الزكاة إذا كان محتاجا و كان له عادة باتّخاذ الفرس للركوب،لأنّه محتاج.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«أعط السائل و لو كان على ظهر فرس» (2).و لأنّه يحتاج إليها،فكان كالخادم و الدار.

السابع:لو كان معه ما يقصر عن مئونته (3)و مئونة (4)عياله حولا جاز له أخذ الزكاة،لأنّه محتاج و لا يتقدّر بقدر.

و قيل:إنّه لا يأخذ زائدا عن تتمّة المئونة حولا (5).و ليس بالوجه.

الثامن:لو كان قادرا على التكسّب بما فيه كفايته،حرمت عليه الزكاة،لما تقدّم (6)، خلافا لأبي حنيفة (7).

و لو كان التكسّب يمنعه عن (8)التفقّه (9)،فالوجه عندي جواز أخذها،لأنّه مأمور بالتفقّه (10)في الدين إذا كان من أهله.

ص:335


1- 1التهذيب 4:48 الحديث 127،الوسائل 6:161 الباب 9 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:110 الحديث 321،الوسائل 6:290 الباب 22 من أبواب الصدقة الحديث 1. [2]
3- 3) ح بزيادة:و قوته.
4- 4) ق:و قوت.مكان:و مئونة.
5- 5) حكاه المحقّق في الشرائع 1:159.
6- 6) يراجع:ص 333.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:14،تحفة الفقهاء 1:302،بدائع الصنائع 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:114، شرح فتح القدير 2:216.
8- 8) كثير من النسخ:من.
9- 9) أكثر النسخ:النفقة.
10- 10) أكثر النسخ:النفقة.

التاسع:لا يشترط الزمانة في استحقاق الفقراء،و لا التعفّف عن السؤال-و به قال الشافعيّ في الجديد (1)-لأنّه بدونهما محتاج،فيدخل تحت العموم.

العاشر:الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها موسرا،فإن كان ينفق عليها لم يجز له دفع صدقته إليها إجماعا،لأنّها ذات كفاية بنفقته،فأشبهت صاحب العقار إذا كانت أجرته تكفيه.و لو لم ينفق عليها جاز لها أخذ الصدقة من غيره،لأنّها فقيرة و نفقة الزوج مصروفة عنها،فأشبهت ما لو تعطّلت منفعة العقار.

و هل يجوز لها مع الإنفاق أخذ الصدقة من غيره؟الوجه:عدم الجواز،لأنّ نفقتها كالعوض،فأشبهت أجرة العقار.

الحادي عشر:الولد إذا كان مكتفيا بنفقة أبيه،أو الأب المكتفي بنفقة الولد هل يجوز له أخذ الزكاة؟أمّا منه فلا إجماعا،لما يأتي.و لأنّه يدفع بذلك وجوب الإنفاق عليه،و أمّا من غيره،فالأقرب عندي الجواز،لأنّه فقير.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمّه أو أخوه يكفيه مئونته، أ يأخذ من الزكاة فيتوسّع به إن كانوا لا يوسّعون عليه في كلّ ما يحتاج إليه؟فقال:

«لا بأس» (2).و فيه إشكال.

الصنف الثالث:العاملون على الزكاة

و هم جباة الصدقات،و لا خلاف في استحقاقهم لقوله تعالى وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها (3)و إنّما يستحقّ الصدقة إذا عمل.و لو أخلّ بالجباية لم يستحقّ شيئا،كما لو دفعها المالك إلى

ص:336


1- 1الأمّ 2:71،المجموع 6:191،مغني المحتاج 3:107،السراج الوهّاج:355.
2- 2) التهذيب 4:108 الحديث 310،الوسائل 6:163 الباب 11 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) التوبة(9):60. [2]

الفقراء أو إلى الإمام من غير واسطة الساعي.

و للإمام الخيار بين أن يقرّر له أجرة معلومة عن مدّة معيّنة،أو يجعل له جعالة،أو يجعل له نصيبا من الصدقات.

و إذا فرّقها الإمام بنفسه لم يكن له أخذ شيء منها،لأنّ استحقاق سهمه من الخمس لما يفعله من المصالح و هذا منها.

و قد وقع الخلاف بين الفقهاء في وجه استحقاقهم،فعندنا أنّه يستحقّ نصيبا من الزكاة.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:يعطي عوضا و أجرة لا زكاة (2).

لنا:قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها (3).و العطف بالواو يقتضي التسوية في المعنى و الإعراب.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ اللّه تعالى لم يرض في قسمتها بنبيّ مرسل و لا ملك مقرّب حتّى قسّمها بنفسه فجزّأها ثمانية أجزاء (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه زرارة و محمّد بن مسلم-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قالا:قلنا له:أرأيت قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ -الآية-أ كلّ هؤلاء يعطى و إن كان لا يعرف؟فقال:«إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعا» (5).

ص:337


1- 1الأمّ 2:71،حلية العلماء 3:149،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:188،مغني المحتاج 3:116، السراج الوهّاج:357.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:9،تحفة الفقهاء 1:299،بدائع الصنائع 2:44،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2:204،عمدة القارئ 9:105. [1]
3- 3) التوبة(9):60. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:117 الحديث 1630، [3]سنن البيهقيّ 4:174 و ج 7:6،سنن الدار قطنيّ 2:137 الحديث 9، تفسير الدرّ المنثور 3:250. [4]
5- 5) الكافي 3:496 الحديث 1، [5]الفقيه 2:2 الحديث 4،التهذيب 4:49 الحديث 128،الوسائل 6:143 الباب 1 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [6]

و عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ قال:«هي تحلّ للذين وصف اللّه تعالى في كتابه لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ (1)إلى آخرها.

و لأنّه لو استحقّها على سبيل الأجرة لافتقر إلى تقدير العمل أو المدّة و تعيين الأجرة،و ذلك منفيّ إجماعا،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام بعده لم يعيّنوا شيئا من ذلك.و لأنّه لو كان أجرة لما منع منها الهاشميّ.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه لا يعطي إلاّ مع العمل،و لو فرّقها المالك أو الإمام لم يكن له نصيب.و لأنّه يأخذها مع الغنى،و الصدقة لا تحلّ لغنيّ (2).

و الجواب:كونهم لا يأخذون إلاّ مع العمل لا ينافي استحقاقهم منها،و نحن ندفعها إليهم على وجه استحقاقهم لها بشرط العمل،لا أنّها عوض عن عملهم،لعدم اعتبار التقدير،و إعطاؤه لا ينافي غناه،لأنّه يأخذها باعتبار عمله لا باعتبار فقره،كما يعطى ابن السبيل مع غنائه في بلده.

و يدخل في العاملين:الكاتب،و القسّام،و الحاسب،و الحافظ،و العريف.أمّا الإمام و القاضي و نائب الإمام،فلا.

الصنف الرابع: اَلْمُؤَلَّفَة قُلُوبُهُمْ

و استحقاقهم للسهم ثابت بالنصّ و الإجماع،و اَلْمُؤَلَّفَة قُلُوبُهُمْ :هم الذين يستمالون إلى الجهاد و يتألّفون بإسهامهم من الصدقة.

و أجمع علماؤنا على أنّ من المشركين قوما مؤلّفة يستمالون بالزكاة لمعاونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين أيضا.

و هل هاهنا مؤلّفة غيرهم من المسلمين؟قال الشيخ في المبسوط:و لا يعرف

ص:338


1- 1التهذيب 4:48 الحديث 127،الوسائل 6:164 الباب 12 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:9،تحفة الفقهاء 1:299،بدائع الصنائع 2:44.

أصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام (1).

و قال المفيد رحمه اللّه:المؤلّفة ضربان:مسلمون و مشركون (2).و به قال الشافعيّ (3).

و قسّمهم الشافعيّ قسمة أوّليّة إلى قسمين:مسلمين،و مشركين،فالمشركون ضربان:أحدهما:لهم شرف و طاعة في الناس،و حسن نيّة في الإسلام-مثل:صفوان بن أميّة (4)-فهؤلاء يعطون من غير الصدقة،بل من سهم المصالح،لما روي أنّ صفوان لمّا أعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الأمان يوم فتح مكّة خرج معه إلى هوازن،و استعار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه ثلاثين درعا،و كانت أوّل الحرب على المسلمين،فقال قائل:غلبت هوازن و قتل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فقال صفوان:بفيك الحجر،لربّ قريش أحبّ إلينا من ربّ هوازن (5).و لمّا أعطى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العطايا،قال صفوان:مالي،فأومأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى واد فيه إبل محمّلة،فقال:«هذا لك»فقال صفوان:هذا عطاء من لا يخشى الفقر (6).

و الثاني:مشركون ليس لهم نيّة حسنة في المسلمين،و لا رغبة في الإسلام،بل يخاف

ص:339


1- 1المبسوط 1:249. [1]
2- 2) حكاه عنه المحقّق في المعتبر 2:573،و [2]نسبه في الجواهر 15:339 إلى كتابه الإشراف.
3- 3) حلية العلماء 3:154،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:198.
4- 4) صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشيّ،قتل أبوه يوم بدر كافرا،و هرب صفوان يوم فتح مكّة و أسلمت امرأته،و حضر وقعة حنين قبل أن يسلم ثمَّ أسلم،و ردّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله امرأته بعد أربعة أشهر،أعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين من الغنائم فأكثر،روى الترمذيّ عن سعيد بن المسيّب عن صفوان بن أميّة قال:أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين و إنّه لأبغض الخلق إليّ فما زال يعطيني حتّى إنّه لأحبّ الخلق إليّ.مات بمكّة سنة 42 ه أوّل خلافة معاوية،و قيل غير ذلك.أسد الغابة 3:22، [3]الإصابة 2:187، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:183، [5]سنن الترمذيّ 3:53 الحديث 666. [6]
5- 5) صحيح مسلم 4:1806 الحديث 2313،سنن الترمذيّ 3:53 الحديث 666،مسند أحمد 6:465، [7]المعجم الكبير للطبرانيّ 8:51 الحديث 7339،7340،الإصابة 2:187، [8]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:183، [9]أسد الغابة 3:22.
6- 6) سنن البيهقيّ 7:19،و أورده ابنا قدامة في المغني 7:320،و الشرح الكبير بهامش المغني 2:693.

شرّهم،و مع العطاء يكفّون شرّهم و يكفّون غيرهم،و هؤلاء أعطاهم الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

روى ابن عبّاس أنّ قوما كانوا يأتون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإن أعطاهم مدحوا الإسلام و قالوا:هذا دين حسن،و إن منعهم ذمّوا و عابوا (1).

و هل يعطى هذان الضربان بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله (2)؟فيه قولان:

أحدهما:الإعطاء،اقتداء بالرسول صلّى اللّه عليه و آله (3)،و لوجود المقتضي.

و الثاني:المنع،لأنّ مشركا التمس من عمر فمنعه،و قال:من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.و إذا قيل بالعطاء فمن أين يعطون؟قولان:أحدهما:من الزكاة،و الثاني:من المصالح،لأنّهم مشركون،و لا يستحقّ الزكاة مشرك.

أمّا المسلمون فعلى أربعة أضرب:

أحدها:أشراف مطاعون،لهم نيّة حسنة في الإسلام،و علم طاعتهم و نيّاتهم عليه إلاّ أنّ لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام فهؤلاء يعطون،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى عديّ بن حاتم (4)و الزبرقان بن

ص:340


1- 1المغني 7:320،الشرح الكبير بهامش المغني 2:693،تفسير الدرّ المنثور 3:251.
2- 2) كثير من النسخ:عليه السلام.
3- 3) كثير من النسخ:عليه السلام.
4- 4) عديّ بن حاتم بن عبد اللّه بن سعد بن الحشرج الطائيّ،أبو وهب و أبو طريف و أبوه حاتم هو الجواد الموصوف بالجود الذي يضرب به المثل،وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنة تسع في شعبان،و قيل:سنة عشر.قال:لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كرهته كراهية شديدة فانطلقت حتّى كنت في أقصى الأرض ممّا يلي الروم فكرهت مكاني أشدّ من كراهته فقلت لو أتيته فإن كان كاذبا لم يخف عليّ،و إن كان صادقا اتّبعته،فأقبلت فلمّا قدمت المدينة استشرفني الناس فقالوا عديّ بن حاتم،فأتيته فقال:يا عديّ أسلم تسلم.فأسلم و ثبت على الإسلام و لم يرتدّ و شهد صفّين مع عليّ عليه السلام،توفّي سنة سبع و ستّين،و قيل:سنة ثمان،و قيل:سنة تسع و ستّين و له مائة و عشرون سنة،قيل:مات بالكوفة أيّام المختار. أسد الغابة 3:392، [1]الإصابة 2:468، [2]الأعلام للزركليّ 4:220. [3]

بدر (1)،مع ثباتهم و حسن نيّتهم (2).

الثاني:أشراف في قومهم نيّتهم ضعيفة في الإسلام إذا أعطوا رجي حسن نيّتهم و ثباتهم،فهؤلاء يعطون ليقوي نيّاتهم (3)،مثل أبي سفيان بن حرب (4)،أعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مائة من الإبل،و أعطى عيينة بن حصن (5)مائة،و أعطى الأقرع بن حابس (6)

ص:341


1- 1الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة.التميميّ السعديّ يكنّى:أبا عيّاش،و قيل:أبو سدرة و اسمه الحصين و إنّما قيل له الزبرقان لحسن وجهه،كان سيّدا في الجاهليّة عظيم القدر في الإسلام وفد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قومه و كان أحد ساداتهم فأسلموا و أجازهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأحسن جوائزهم، ولاّه صدقات قومه،عاش إلى خلافة معاوية. أسد الغابة 2:194، [1]الإصابة 1:543، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 1:586. [4]
2- 2) أسد الغابة 2:194 و ج 3:392،المهذّب للشيرازيّ 1:172.
3- 3) أكثر النسخ:ثباتهم.
4- 4) أبو سفيان صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ و هو والد معاوية،أسلم عام الفتح و شهد حنينا و الطائف،كان من المؤلّفة و كان قبل ذلك رأس المشركين يوم أحد و يوم الأحزاب و أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من غنائم حنين مائة بعير و أربعين أوقيّة،مات في خلافة عثمان سنة 32 و قيل:33 و قيل:31 ه و قيل غير ذلك. أسد الغابة 5:216، [5]الإصابة 2:178، [6]العبر 1:23. [7]
5- 5) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر.الفزاريّ أبو مالك،و كان من اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ،أسلم قبل الفتح و شهدها و شهد حنينا و الطائف،أعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من غنائم حنين مائة من الإبل،عاش إلى خلافة عثمان. أسد الغابة 4:166،الإصابة 3:54، [8]صحيح مسلم 2:737.
6- 6) الأقرع بن حابس بن عقال بن محمّد بن سفيان التميميّ المجاشعيّ الدارميّ وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و شهد فتح مكّة و حنينا و الطائف و هو من اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ،أعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من غنائم حنين.قيل له الأقرع لقرع كان برأسه،و استعمله عبد اللّه بن عامر على جيش سيّره إلى خراسان فأصيب بالجوزجان هو و الجيش و ذلك في زمن عثمان. أسد الغابة 1:107، [9]الإصابة 1:58. [10]

مائة،و أعطى العبّاس بن مرداس (1)أقلّ من مائة،فقال عاتبا:

أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع؟

و ما كان حصن و لا حابس يفوقان مرداس في مجمع

و ما كنت دون امرئ منهما و من تضع اليوم لا يرفع

فتمّم له عليه السلام المائة (2).

و هل يعطون هؤلاء بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟فيه قولان:

أحدهما:المنع-و هو اختيار أبي حنيفة (3)-لظهور الإسلام و قوّة شوكته.و لأنّ الصحابة لم يعطوا شيئا من ذلك بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله (4).

و الثاني:الإعطاء،اقتداء بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أعطى أبو بكر عديّ بن حاتم ثلاثين بعيرا لمّا قدم عليه بثلاثمائة جمل من الصدقة (5).

و مع القول بالإعطاء (6)فمن أين؟فيه قولان:

أحدهما:من سهم المؤلّفة.

و الثاني:من سهم المصالح.

ص:342


1- 1العبّاس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد قيس.أبو الهيثم السلميّ أسلم قبل فتح مكّة بيسير و كان من اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و قدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثمائة راكب من قومه فأسلموا و أسلم قومه، و أعطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا سفيان بن حرب و صفوان بن أميّة و عيينة بن حصن و الأقرع بن حابس كلّ إنسان منهم مائة من الإبل و أعطى عبّاس بن مرداس دون ذلك فأنشد شعرا عائبا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأتمّ له مائة. أسد الغابة 3:112، [1]الإصابة 2:272، [2]صحيح مسلم 2:737.
2- 2) صحيح مسلم 2:737 الحديث 1060،أسد الغابة 3:112،113، [3]سنن البيهقيّ 7:17.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:9،تحفة الفقهاء 1:299،بدائع الصنائع 2:45،شرح فتح القدير 2:201،حلية العلماء 3:155.
4- 4) أكثر النسخ:عليه السلام.
5- 5) سنن البيهقيّ 7:19،20.
6- 6) أكثر النسخ:بالعطاء.

الثالث:قوم من المسلمين أعراب أو عجم في طرف من أطراف المسلمين لهم قوّة و طاقة بمن يليهم من المشركين إن أعطوا قاتلوا عن المسلمين،و إن منعوا لم يقاتلوا، و احتاج الإمام في قتلهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش،فهؤلاء يعطون و يتألّفون ليقاتلوا المشركين.

الرابع:مسلمون من الأعراب أو غيرهم في أطراف بلاد الإسلام بإزائهم قوم يؤدّون الصدقات خوفا منهم،إن أعطاهم الإمام جبوا الصدقات و أخذوها من أهلها،و إن منعهم لم يجمعوها (1)،و احتاج الإمام في تحصيلها إلى مئونة،فهؤلاء يعطون للمصلحة.

و من أين يعطون؟فيه أربعة أقوال:

أحدها:من سهم المؤلّفة،لأنّهم يتألّفون على ذلك.

و الثاني:من سهم الغزاة،لأنّهم غزاة أو مشابهون.

و الثالث:من سهم المصالح.

و الرابع:من سهم المؤلّفة،و سهم الغزاة (2).

قال الشيخ:و هذا التفصيل لم يذكره أصحابنا،غير أنّه لا يمتنع (3)أن نقول (4):إنّ للإمام أن يتألّف هؤلاء القوم و يعطيهم إن شاء من سهم المؤلّفة،و إن شاء من سهم المصالح، لأنّ هذا من فرائض الإمام،و فعله حجّة،و ليس يتعلّق علينا في ذلك حكم اليوم،فإنّ هذا قد سقط،و فرضنا تجويز ذلك و الشكّ فيه (5).و ما قاله الشيخ جيّد.

و نقل الشيخ عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره،عن العالم عليه السلام أنّ

ص:343


1- 1ح:يجبوها.
2- 2) ينظر جميع ذلك في:حلية العلماء 3:154-156،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:198،199.
3- 3) خا،ح و ق:لا يمنع.
4- 4) أكثر النسخ:يقول.
5- 5) المبسوط 1:250. [1]

اَلْمُؤَلَّفَة قُلُوبُهُمْ قوم كفّار (1).

مسألة:قال الشيخ:يسقط سهم المؤلّفة الآن

،لأنّ الذي يتألّفهم إنّما يتألّفهم للجهاد،و أمر الجهاد موكول إلى الإمام و هو غائب (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة:إنّه ساقط،لأنّ اللّه تعالى أعزّ الدين و قوّى شوكته فلا يحتاج إلى التأليف (4).

و كلام الشيخ يدلّ على سقوطه مدّة غيبة الإمام عليه السلام،أمّا مع ظهوره فالنصيب باق إن احتيج إلى التأليف،و هو جيّد،لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم المؤلّفة إلى حين وفاته،و النسخ بعد وفاته عليه السلام باطل،فالاستحقاق موجود،و نحن نقول:إنّه قد يجب الجهاد في حال غيبة الإمام عليه السلام بأن يدهم المسلمين-و العياذ باللّه-عدوّ يخاف منه عليهم،فيجب عليهم الجهاد لدفع الأذى لا للدّعاء إلى الإسلام،فإن احتيج إلى التأليف حينئذ جاز صرف السهم إلى أربابه من المؤلّفة.

مسألة:و إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو مانعي الزكاة إلى التأليف

،استعان بالمؤلّفة،و صرف إليهم السهم،كالمؤلّفة لجهاد الكفّار.

ص:344


1- 1تفسير القمّيّ 1:299، [1]التهذيب 4:49 الحديث 129،الوسائل 6:145 الباب 1 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 7. [2]
2- 2) المبسوط 1:249،250، [3]الخلاف 2:133 مسألة-16.
3- 3) حلية العلماء 3:155،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:199،مغني المحتاج 3:109،المغني 2:526، الشرح الكبير بهامش المغني 2:693.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:9،بدائع الصنائع 2:45،الهداية للمرغينانيّ 1:112،حلية العلماء 3:155،المغني 2:526،الشرح الكبير بهامش المغني 2:693،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:124،شرح فتح القدير 2: 200.
الصنف الخامس في الرقاب

و استحقاقهم للنصيب ثابت بالنصّ و الإجماع،و اختلف الناس في المراد من الرقاب هاهنا،فالذي ذهب إليه علماؤنا أنّهم المكاتبون و العبيد إذا كانوا في ضرّ و شدّة يشترون ابتداء و يعتقون،و يعطى المكاتبون ما يصرفونه في كتابتهم.

و قال الشافعيّ:إنّهم المكاتبون خاصّة-و نقله عن عليّ عليه السلام (1)-و هو مذهب سعيد بن جبير،و النخعيّ،و الليث بن سعد،و الثوريّ (2)،و أصحاب الرأي (3).

و قال مالك (4)،و أحمد (5)،و إسحاق:إنّهم العبيد خاصّة و لم يشترطوا الضرّ و الشدّة (6).و هو مرويّ عن ابن عبّاس،و الحسن البصريّ (7).

ص:345


1- 1الأمّ 2:72،حلية العلماء 3:157،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:200،مغني المحتاج 3:109، السراج الوهّاج:355،الميزان الكبرى 2:15،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:125،عمدة القارئ 9: 44،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:967، [1]نيل الأوطار 4:234.
2- 2) المغني 7:322،الشرح الكبير بهامش المغني 2:694،المجموع 6:200،عمدة القارئ 9:44،نيل الأوطار 4:234.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:9،بدائع الصنائع 2:45،الهداية للمرغينانيّ 1:112، [2]شرح فتح القدير 2:204، مجمع الأنهر 1:221،عمدة القارئ 9:44.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:299،بداية المجتهد 1:277،بلغة السالك 1:233،تفسير القرطبيّ 8:182، [3]المغني 7: 322،الشرح الكبير بهامش المغني 2:694.
5- 5) المغني 7:322،الشرح الكبير بهامش المغني 2:694،695،الكافي لابن قدامة 1:450،الإنصاف 3: 228. [4]
6- 6) المغني 7:322، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 2:695، [6]المجموع 6:200، [7]تفسير القرطبيّ 8:182، [8]عمدة القارئ 9:45.
7- 7) حلية العلماء 3:158،المغني 7:322،الشرح الكبير بهامش المغني 2:694،المجموع 6:200، عمدة القارئ 9:45،نيل الأوطار 4:234.

لنا:قوله تعالى وَ فِي الرِّقابِ (1)و هو يتناول المكاتب و القنّ،لأنّ المراد إزالة قيد الرقّ،و هو مشترك بين القسمين فيتناولهما معا،و إنّما شرطنا الضرّ (2)و الشدّة،لأنّ المملوك مع فقدهما غير محتاج إلى العتق حاجة الفقراء و المساكين إلى الزكاة،فكان دفعها إلى المذكورين أولى.و لا ينتقض علينا بالمكاتب،لأنّ الضرر (3)لم يشترط في حقّه من حيث إنّ الحاجة ماسّة من جهته و جهة المولى،فلا حاجة إلى الاشتراط.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمرو بن أبي نصر (4)في الصحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة و السّتمائة يشتري منها نسمة يعتقها؟فقال:«إذن يظلم قوما آخرين حقوقهم»ثمَّ مكث:مليّا،ثمَّ قال:«إلاّ أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه» (5).

احتجّ الشافعيّ (6)بأنّ الآية تقتضي الدفع إلى الرقاب كما هو في سبيل اللّه فإنّه يقتضي الدفع إلى المجاهدين،كذلك هنا،و لا يجوز الدفع إلى المملوك،أمّا أوّلا:فلأنّه لا يملك.

و أمّا ثانيا:فلأنّه يعود النفع إلى المعطي،لثبوت الولاء له (7).و لقوله عليه السلام:

«فكّ الرقبة أن تعين في عتقها» (8).

ص:346


1- 1التوبة(9):60. [1]
2- 2) كثير من النسخ:الضرورة.
3- 3) كذا في النسخ:و لعلّ الأنسب:الضرّ.
4- 4) ح:عن أبي بصير،و في الكافي و [2]تهذيب الأحكام-طبع دار الكتب الإسلاميّة-و كذا في الوسائل: [3]عن عمرو، عن أبي بصير،و في التهذيب الحجريّ 1:245:عن عمرو بن أبي نصر،قال في هامش الوسائل: [4]في التهذيب:عن عمرو بن أبي نصر.و لعلّه هو الصحيح،كما في جامع الرواة 1:617. [5]
5- 5) التهذيب 4:100 الحديث 282،الوسائل 6:202 الباب 43 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [6]
6- 6) المجموع 6:200،المغني 7:322،الشرح الكبير [7]بهامش المغني 2:695.
7- 7) م،ن،غ و ش:لثبوت الولاية.
8- 8) مسند أحمد 4:299، [8]المستدرك للحاكم 2:217،سنن البيهقيّ 10:273،سنن الدار قطنيّ 2:135 الحديث 1،مجمع الزوائد 4:240.

احتجّ مالك (1)بأنّ الرقبة إذا أطلقت انصرفت إلى القنّ،كقوله (2)تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (3).

و الجواب عن الأوّل:بمنع اشتراط الملك (4)في كلّ الأصناف،و النفع عندنا لا يعود إلى المعتق هنا،لأنّ الولاء لأرباب الزكاة على ما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و عن الثاني:أنّ قوله عليه السلام:«فكّ الرقبة أن تعين في عتقها»لا ينافي ما ذكرناه، فإنّ شراء الجميع معونة في العتق.

و عن الثالث:بأنّ الرقبة مشتركة بين المكاتب و القنّ،و اختصّت في الآية التي ذكروها بالقنّ (5)لقرينة التحرير.

مسألة:و لو وجبت عليه كفّارة و لم يجد شيئا

جاز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة و يعتقها في كفّارته.ذهب إليه جماعة من أصحابنا (6).

قال الشيخ في المبسوط:الأحوط عندي أن يعطى ثمن الرقبة لفقره،أي من سهم الفقراء،فيشتري هو و يعتق عن نفسه (7).

و ما ذكرناه أوّلا (8)،رواه عليّ بن إبراهيم في كتاب التفسير،عن العالم عليه السلام قال وَ فِي الرِّقابِ قوم لزمتهم كفّارات في قتل الخطأ و في الظهار و في الأيمان و في قتل الصيد في الحرم و ليس (9)عندهم ما يكفّرون به و هم مؤمنون فجعل اللّه تعالى لهم سهما في

ص:347


1- 1بلغة السالك 1:233،تفسير القرطبيّ 8:182، [1]المغني 7:322،الشرح الكبير بهامش المغني 2:695.
2- 2) أكثر النسخ:لقوله.
3- 3) النساء(4):92. [2]
4- 4) كثير من النسخ:المملّك.
5- 5) ن،ص و ش:في القنّ.
6- 6) ينظر:تفسير القمّيّ 1:299، [3]المبسوط 1:250، [4]المعتبر 2:574. [5]
7- 7) المبسوط 1:250. [6]
8- 8) ش،خا،ق و ح:أولى.
9- 9) أكثر النسخ:فليس.

الصدقات ليكفّر عنهم» (1).

و هذا يدلّ على إعطائهم ما يشترون به الكفّارة و إن لم يكن عتقا.

و قيل:إنّه يعطى من سهم الغارمين،لأنّ القصد إبراء الذمّة ممّا تعلّق (2)بها و ثبت (3)في العهدة.و يمكن أن يعطى من سهم الرقاب،لأنّ القصد إعتاق الرقبة (4).

مسألة:قال أصحابنا:إذا لم يوجد مستحقّ

جاز أن يشترى العبد بمال الزكاة و يعتق و إن لم يكن تحت ضرّ و شدّة،لأنّه أحد مصارف الزكاة،فإذا فقد غيره من أربابها تعيّن هو كغيره من الأصناف.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيد (5)فاشتراه بتلك الألف درهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه،هل يجوز ذلك؟قال:«نعم،لا بأس بذلك»قلت:فإنّه لمّا أن أعتق و صار حرّا اتّجر و احترف فأصاب مالا ثمَّ مات و ليس له وارث،فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟قال:«يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقّون الزكاة،لأنّه إنّما اشتري بمالهم» (6).

مسألة:و يجوز الصرف إلى السيّد بإذن المكاتب

و إلى المكاتب بإذن السيّد و بغير إذنه.و لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلاّ إذا لم يكن معه ما يؤدّيه في كتابته، و هل يعطى قبل حلول (7)النجم؟فيه تردّد ينشأ من عدم الحاجة إليه حينئذ،و من كونه

ص:348


1- 1تفسير القمّيّ 1:299. [1]
2- 2) ش،ك،خا،ق و ح:يتعلّق.
3- 3) م،ق،ح،ش و خا:و يثبت.
4- 4) ينظر:المعتبر 2:574. [2]
5- 5) جملة:«فيمن يزيد»توجد في ح فقط.في الوسائل:« [3]فيمن يريده»كما في الكافي. [4]
6- 6) التهذيب 4:100 الحديث 281،الوسائل 6:203 الباب 43 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [5]
7- 7) خا،ق و ح:حول.

قد يحلّ عليه و ليس معه شيء (1)،فيفسخ المالك الكتابة فيتحقّق الحاجة،و الأخير أقرب.

الصنف السادس:الغارمون

و هم المدينون في غير معصية،و قد أجمع المسلمون على دفع النصيب إلى من هذا شأنه.

و لو أنفقه في المعصية لم يقض.و هو مذهب علمائنا أجمع،و للشافعيّ قولان (2).

لنا:أنّ قضاءه حمل له و إغراؤه على المعصية و هو قبيح عقلا،فلا يكون متعبّدا به شرعا.

و يؤيّده:ما روي عن الرضا عليه السلام قال:«يقضى ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ،و إن كان أنفقه في معصية اللّه فلا شيء له على الإمام» (3).

و قال عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب التفسير عن العالم عليه السلام قال:

وَ الْغارِمِينَ قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف،فيجب على الإمام أن يقضي عنهم و يكفيهم من مال الصدقات» (4).

و لأنّ الزكاة إرفاق و معونة على جهة التقرّب إلى اللّه تعالى،و ذلك غير حاصل في قضاء دين المعصية.

مسألة:و سواء تاب أو لم يتب

،لوجود المعنى فيهما.

ص:349


1- 1كلمة«شيء»توجد في نسخة ح فقط.
2- 2) حلية العلماء 3:160،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:208،مغني المحتاج 3:110، السراج الوهّاج:356.
3- 3) تفسير العيّاشيّ 1:155 الحديث 520، [1]الكافي 5:93 الحديث 5، [2]التهذيب 6:185 الحديث 385،الوسائل 13:91 الباب 9 من أبواب الدين الحديث 3. [3]
4- 4) تفسير القمّيّ 1:299. [4]

و فرّق الشافعيّ بينهما فجوّز القضاء مع التوبة دونها (1).و هو ضعيف،لما تقدّم.و لأنّه استدانة للمعصية فلا يقضى عنه،كما لو لم يتب.

و لأنّه لا يؤمن عوده إلى الاستدانة للمعصية،لأنّه إذا علم أنّه يقضى عنه عاود الاستدانة.نعم،لو تاب و هو فقير،جاز أن يعطى من سهم الفقراء و يقضي هو الدين.أمّا لو جهل فيما ذا أنفقه،قال الشيخ:لا يقضى عنه (2).و خالف فيه ابن إدريس (3)،و هو الوجه.

لنا:أنّ الأصل في تصرّفات المسلم وقوعها على الوجه المشروع،و لا يحمل (4)أفعاله على المحرّم،بل على المحلّل دائما.و لأنّ تتبّع مصارف الأموال و التطلّع على ما يخرجه المسلم دائما عسر جدا في بعض آحاد الناس في بعض الأوقات فكيف في حقّ الجميع دائما،فلا يجوز إيقاف إعطاء الزكاة عليه.

احتجّ الشيخ (5)بما رواه محمّد بن سليمان عن أبي محمّد رجل من أهل الجزيرة (6)،عن الرضا عليه السلام،قلت:فهو لا يعلم فيما ذا أنفقه في طاعة أم معصية؟قال:«يسعى في ماله فيردّه عليه و هو صاغر» (7).

و لأنّ النفقة في الطاعة شرط،فلا بدّ من العلم بتحقّقه.

ص:350


1- 1حلية العلماء 3:160،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:208،مغني المحتاج 3:110، السراج الوهّاج:356.
2- 2) النهاية:306. [1]
3- 3) السرائر:162.
4- 4) غ و ف:تحمل.
5- 5) لم نعثر على احتجاجه برواية محمّد بن سليمان في كتبه و لعلّ المصنّف احتجّ له و يؤيّد ذلك ما في المعتبر 2:575 [2]بقوله:و ربّما كان مستنده رواية محمّد بن سليمان.
6- 6) لم نعثر على ترجمته في كتب الرجال.
7- 7) الكافي 5:93 الحديث 5، [3]التهذيب 6:185،الحديث 385،الوسائل 13:91 الباب 9 من أبواب الدين الحديث 3، [4]تفسير العيّاشيّ 1:155 الحديث 520، [5]مستدرك الوسائل 1:525 و [6]في الأخيرين عن عمر بن سليمان.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من صحّة السند.و لأنّه يحتمل (1)عدم العلم بالنظر إلى عدم التطلّع على مصرفه،و إلى أصالة تصرّفات المسلم،و ذلك يكون في حقّ من يعلم منه الإقدام على المعاصي في كلّ وقت و عدم التحرّي (2)عن الفسوق،ففي حقّ مثل هذا لا تحمل تصرّفاته في مصارف أمواله على الطاعات دائما.

و عن الثاني:أنّ الشرط عدم العلم بالإنفاق في المعصية.سلّمنا،لكن نمنع اشتراط العلم،بل غلبة الظنّ كافية،و هي تحصل بالبناء على الأصل في تصرّفات المسلم.

مسألة:و لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره

لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة إلاّ أن يكون قضاه من دين آخر،لفوات المصرف و بقائه مع القضاء من الدين.

و إذا (3)استغرق السهم الدين جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء،و أن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو،لأنّه قد استحقّ عليه الدفع و للإمام أن ينوب عنه فيه.و لو كان السهم يقصر عن الدين فأراد أن يتّجر به ليستفضل ما يحصل به تمام الدين لم أستبعد (4)جوازه.

مسألة:و الغارمون صنفان:

أحدهما:من تحمّل حمالة لإطفاء فتنة،و سكون نائرة (5)الحرب بين المتقاتلين فهؤلاء يدفع إليهم من الصدقة ليؤدّي ذلك،لقوله تعالى وَ الْغارِمِينَ (6)و لحديث أبي سعيد الخدريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ إلاّ لخمسة (7):لغاز في

ص:351


1- 1خا و ح:يحمل.
2- 2) ك:التحرّز،ح:التجرّي.
3- 3) م،ن و ك:فإذا،ش:فإن.
4- 4) بعض النسخ:لم يستبعد.
5- 5) ن و ك:ثائرة.
6- 6) التوبة(9):60. [1]
7- 7) أكثر النسخ:لخمس.

سبيل اللّه،أو عامل عليها،أو غارم.» (1).أو قوم تحمّلوا في ضمان مال،و ذلك بأن يتلف مال الرجل و لا يدرى من أتلفه،و كاد يقع بسببه فتنة فتحمّل رجل قيمته و أطفأ الفتنة، سواء (2)كان التحمّل لإطفاء الفتنة النائرة (3)بالقتل أو بتلف المال.

و جوّز الشافعيّ أداء ما تحمّل (4)بسبب القتل و الدم،أمّا لو قامت النائرة (5)بسبب تلف المال فتحمّل الغارم ما يصلح به ذات البين لإطفاء الفتنة ففيه عنده وجهان (6).

و الأقرب:جواز الأخذ،لصدق اسم الغرم،و للحاجة إلى إصلاح (7)ذات البين.

و لا اعتبار بالمتلف،سواء كان نفسا أو مالا،لأنّ الغرض تعلّق بإطفاء الفتنة،و هو مشترك.

الثاني:من استدان لمنفعة نفسه،إمّا للإنفاق في الطاعة أو في المباح،فإنّه يعطى من سهم الغارمين،و قد تقدّم البحث فيه (8).

أمّا لو ضمن دينا على زيد و كان هو و المضمون عنه موسرين لم يؤدّ من سهم الغارم، و إن كانا معسرين جاز الأداء قطعا.و لو كان المضمون عنه موسرا دون الضامن،فالأقرب أنّه لا يصرف إليه،لأنّه يعود النفع إلى المضمون عنه و هو موسر.و لو كان العكس فالأقرب الصرف إلى الأصيل،لأنّه ممكن،و لا يصرف إلى الضامن،لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل.

ص:352


1- 1سنن أبي داود 2:119 الحديث 1635، [1]سنن ابن ماجه 1:589 الحديث 1841،الموطّأ 1:268 الحديث 29، [2]سنن البيهقيّ 7:22،سنن الدار قطنيّ 2:121 الحديث 3،المصنّف لعبد الرزّاق 4:109 الحديث 7151.
2- 2) أكثر النسخ:و سواء.
3- 3) ك،غ و ن:الثائرة.
4- 4) كثير من النسخ:إذا ما تحمّل،مكان:أداء ما تحمّل.
5- 5) ف و ك:الثائرة.
6- 6) الأمّ 2:72،حلية العلماء 3:159،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:206.
7- 7) م،ن و ش:صلاح.
8- 8) يراجع:ص 349. [3]
مسألة:و يجوز القضاء عن الحيّ

و إن كان ممّن تجب نفقته مع العجز،لعموم اللفظ المتناول لصورة النزاع.و لأنّ القضاء مصرف النصيب لا تمليك المدين (1)،و يجوز أن يقاصّ بما عليه للمزكّي من الزكاة،أمّا لو كان الدين على الميّت فإنّه يجوز أن يقضى عنه و أن يقاصّ و إن كان ممّن تجب نفقته أيضا،خلافا لأحمد (2).

لنا:قوله عليه السلام:«و رجل تحمّل بحمالة» (3)و هو يصدق على الميّت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفّي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا مسرف و لا معروف بالمسألة هل يقضى عنه من الزكاة الألف و الألفان؟ قال:«نعم» (4).

و لأنّ القصد براءة الغارم و إخلاء ذمّته من الغرم و هو مشترك بين الحيّ و الميّت و لا يحصل إلاّ بالقضاء عنه.

احتجّ المخالف بأنّ الغارم هو الميّت و لا يمكن الدفع إليه،و الغريم ليس بغارم فلا يدفع إليه (5).

و الجواب:قد بيّنّا أنّ الغرض (6)إخلاء الذمّة لا تمليك الغارم،و لهذا يجوز للإمام أن يقضي و يدفع إلى الغرماء من غير أن يدفع إلى الغارم.

ص:353


1- 1غ،م،ق و خا:الدين.
2- 2) الإنصاف 3:234،المجموع 6:211.
3- 3) صحيح مسلم 2:722 الحديث 1044،سنن أبي داود 2:120 الحديث 1640،سنن البيهقيّ 7:21 في الجميع:حمالة،مكان:بحمالة.
4- 4) التهذيب 4:102 الحديث 288،الوسائل 6:205 الباب 46 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
5- 5) المجموع 6:211.
6- 6) ص،ك و م:الفرض.
الصنف السابع في سبيل اللّه

(1)

و لا خلاف في استحقاق هذا الصنف للنصيب من الزكاة،و إنّما الخلاف في تفسيره، فالذي عوّل عليه الشيخ في النهاية و الجمل:أنّه الجهاد (2). (3)و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و أبو يوسف (7).

و قال أحمد (8)،و محمّد بن الحسن:يجوز أن يصرف في معونة الحاجّ (9).

و قال الشيخ في المبسوط و الخلاف:يدخل فيه الغزاة و معونة الزوّار و الحاجّ و قضاء الديون عن الحيّ و الميّت و بناء القناطر و المساجد و جميع سبل (10)الخير و مصالح

ص:354


1- 1هامش ح:في سبيل اللّه.
2- 2) ش،غ،ق و ح:هو الجهاد.
3- 3) النهاية:184،الجمل و العقود:103.
4- 4) الأمّ 2:72،حلية العلماء 3:161،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:211، [1]مغني المحتاج 3:111.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:10،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2:205،عمدة القارئ 9:44، حلية العلماء 3:161،بداية المجتهد 1:277.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:299،بداية المجتهد 1:277،تفسير القرطبيّ 8:185، [2]بلغة السالك 1:233، حلية العلماء 3:161،المجموع 6:212، [3]عمدة القارئ 9:44.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:10،بدائع الصنائع 2:46،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2:205، مجمع الأنهر 1:221.
8- 8) المغني 7:327،الشرح الكبير بهامش المغني 2:698،الكافي لابن قدامة 1:452،الإنصاف 3:235، [4]حلية العلماء 3:161.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 4:329، [5]المبسوط للسرخسيّ 3:10،بدائع الصنائع 2:46،مجمع الأنهر 1: 221،عمدة القارئ 9:44.
10- 10) ش،ك،ق و ح:سبيل.

المسلمين (1).و اختاره ابن إدريس (2)،و هو الحقّ.

لنا:أنّ جميع ما ذكرناه يدخل تحت سبيل اللّه لا على سبيل الاشتراك اللفظيّ البحت لا غير،لأنّ الأصل عدمه فيبقى الاشتراك (3)في المعنى،و هو الثواب،لأنّ السبيل هو الطريق،فإذا أضيف إلى اللّه تعالى أفاد ما يكون وصلة إلى الثواب.

و يؤيّده:ما ذكره عليّ بن إبراهيم في كتاب التفسير،و رواه عن العالم عليه السلام قال وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما ينفقون،و قوم من المؤمنين و ليس عندهم ما يحجّون به،أو في جميع سبل الخير فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتّى يقووا على الحجّ و الجهاد» (4).

احتجّ الشيخ بأنّ إطلاق السبيل ينصرف إلى الجهاد فيحمل عليه قضيّة لدلالة الحقيقة.

احتجّ أحمد (5)بما روي أنّ رجلا جعل بعيره في سبيل اللّه فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يحمل عليه الحاجّ (6).

و الجواب عن الأوّل:بمنع الانصراف إلى الجهاد على أنّه كلّ المراد.

و عن الثاني:بأنّه أمره بذلك لدخوله تحت المصالح و سبل الخير،لا لخصوص كونه معونة الحاجّ (7).

مسألة:و الغزاة قسمان:

أحدهما:المطوّعة الذين ليسوا بمرابطين و لا اسم لهم في الديوان،و ليسوا من جنده

ص:355


1- 1المبسوط 1:252، [1]الخلاف 2:134،135 مسألة-21.
2- 2) السرائر:106.
3- 3) أكثر النسخ:للاشتراك.
4- 4) تفسير القمّيّ 1:299. [2]
5- 5) المغني 7:327،الشرح الكبير بهامش المغني 2:698،الكافي لابن قدامة 1:452.
6- 6) سنن أبي داود 2:204 الحديث 1989،المستدرك للحاكم 1:482،سنن البيهقيّ 6:274.
7- 7) ص،ك و ق:للحاجّ.

الذين لهم نصيب في الفيء،و إنّما يغزون إذا نشطوا،و بعض الفقهاء يسمّيهم الأعراب (1).

و الثاني:الذين لهم سهم من الفيء و هم جند الديوان الذين هم برسم الجهاد و الغزو، فالأوّلون يأخذون النصيب إجماعا،و هل يأخذ القسم الثاني من الصدقات شيئا غير الفيء أم لا؟تردّد الشيخ في المبسوط بين المنع-و هو قول الشافعيّ (2)-و بين الإعطاء،لعموم الآية،و قوّى الثاني (3)،و هو الوجه عندي،عملا بعموم اللفظ.و لو أراد صاحب الفيء الانتقال إلى الغزو و بالعكس،جاز ذلك.

الصنف الثامن:ابن السبيل

و هو مستحقّ للنصيب (4)بالنصّ و الإجماع،و إنّما الخلاف في تفسيره،فالذي اختاره الشيخ أنّه المجتاز بغيره بلده المنقطع به و إن كان غنيّا في بلده خاصّة و يدخل الضيف فيه (5)و به قال مالك (6)،و أبو حنيفة (7).

و قال الشافعيّ:ابن السبيل المجتاز و المنشئ للسفر (8).و اختاره ابن الجنيد منّا (9).

ص:356


1- 1المغني 7:308.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:213،مغني المحتاج 3:111.
3- 3) المبسوط 1:252. [1]
4- 4) ش،خا و ق:النصيب.
5- 5) المبسوط 1:255، [2]الخلاف 2:135 مسألة-22،النهاية:184. [3]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:299،بداية المجتهد 1:277،بلغة السالك 1:233،تفسير القرطبيّ 8:187، [4]المغني 7: 328،الشرح الكبير بهامش المغني 2:699،المجموع 6:216.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:10،بدائع الصنائع 2:46،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2:205، مجمع الأنهر 1:321،المجموع 6:216.
8- 8) الأمّ 2:72،حلية العلماء 3:161،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:214 و 216،مغني المحتاج 3: 112،السراج الوهّاج:356.
9- 9) نقله عنه في المعتبر 2:578. [5]

لنا:أنّه إنّما يسمّى بابن (1)السبيل لملازمته الطريق و كونه (2)فيه،و هو إنّما يتحقّق في المجتاز،أمّا المنشئ فلا يسمّى ابن الطريق.

و يؤيّده:ما ذكره عليّ بن إبراهيم في كتاب التفسير عن العالم عليه السلام قال:

« اِبْنِ السَّبِيلِ أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه فيقطع (3)عليهم، و يذهب ما لهم،فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصدقات» (4).

احتجّ المخالف بأنّه يسمّى (5)ابن السبيل (6)،لأنّه يريد الطريق.و لأنّه يريد إنشاء سفر في غير معصية فجاز أن يعطى من سهم ابن السبيل،كما لو نوى إقامة مدّة ينقطع سفره فيها ثمَّ أراد الخروج فإنّه يدفع إليه من الصدقة و إن كان منشئا للسفر (7).

و الجواب عن الأوّل:إن أردتم بالتسمية على سبيل الحقيقة فهو ممنوع،و إن أردتم على سبيل المجاز تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه فهو مسلّم،و لكن عند الإطلاق،و عراء اللفظ عن القرائن إنّما ينصرف اللفظ إلى الحقيقة مع إمكان إرادتها و هي مرادة هنا بالإجماع،فلا يجوز إرادة المجاز و إلاّ لزم التناقض.

و عن الثاني:أنّ انقطاع السفر فيما ذكرتموه من الصورة حكم شرعيّ لا عرفيّ و لا لغويّ،و لا يسمّى الخارج من غير بلده بعد مقام خمسة عشر يوما أو عشرة أيّام-على اختلاف المذهبين-أنّه منشئ للسفر لغة و لا عرفا.

مسألة:و يجوز أن يعطى المنشئ للسفر من سهم الفقراء

إن كان فقيرا،لا من سهم

ص:357


1- 1كثير من النسخ:ابن.
2- 2) م،ن و ك:و يجوز،مكان:و كونه.
3- 3) ش و خا:و ينقطع.
4- 4) تفسير القمّيّ 1:299. [1]
5- 5) ح،ق و خا:سمّي.
6- 6) كثير من النسخ:ابن سبيل.
7- 7) المغني 7:328،الشرح الكبير بهامش المغني 2:699،المجموع 6:214،مغني المحتاج 3:112،تفسير القرطبيّ 8:187.

أبناء السبيل،و يدفع إلى ابن السبيل ما يكفيه لذهابه و عوده إن كان قاصدا لغير بلده، و ما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده،لأنّ الغرض إيصاله إلى بلده و لا يحصل بدون الكفاية،و إنّما يعطى إذا كان سفره طاعة أو مباحا عندنا،و منع الشافعيّ في أحد الوجهين إعطاءه في السفر المباح (1).

لنا:عموم الآية.و لأنّ سفره غير معصية فأشبه سفر الطاعة،و لهذا يترخّص (2)في السفر كالمطيع.

احتجّ بأنّه لا حاجة له إليه فكان كالغنيّ (3).

و الجواب:المنع من المساواة.

ص:358


1- 1حلية العلماء 3:161،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:215.
2- 2) خا،ح،ق و م:يرخّص.
3- 3) المهذّب 1:173،المجموع 6:215.
البحث الثاني:في الأوصاف
اشارة

و هي أربعة،وقع الاتّفاق على ثلاثة منها و اختلفوا في الرابعة،و نحن نأتي على الجميع (1)بعون اللّه تعالى.

الوصف الأوّل:الإيمان

و قد اتّفق العلماء كافّة على اعتباره في غير المؤلّفة فلا يعطى كافرا إجماعا،إلاّ ما حكي عن الزهريّ،و ابن سمرة أنّهما أجازا صرفها إلى المشركين (2).

و جوّز أبو حنيفة صرف صدقة الظاهر (3)إليهم (4).و هو ضعيف،لقوله صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ:«أعلمهم أنّ في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (5).

و الإضافة تدلّ على الاختصاص.

ص:359


1- 1ق و خا:بالجميع،ح:الجميع مكان:على الجميع.
2- 2) حلية العلماء 3:170،الميزان الكبرى 2:16،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:126،المجموع 6: 228.
3- 3) كثير من النسخ:الطاهر.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:303،بدائع الصنائع 2:49،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:207، مجمع الأنهر 1:223،حلية العلماء 3:170،المجموع 6:228.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [1]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [2]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1: 379، [3]سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
مسألة:و لا يكفي الإسلام،بل لا بدّ من اعتقاد الإيمان

(1)

،فلا يعطى غير الإماميّ.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،خلافا للجمهور كافّة،و اقتصروا على اسم الإسلام.

لنا:أنّ الإمامة من أركان الدين و أصوله،و قد علم ثبوتها من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرورة،فالجاحد بها لا يكون مصدّقا للرسول عليه السلام في جميع ما جاء به، فيكون كافرا فلا يستحقّ الزكاة.

و لأنّ الزكاة معونة و إرفاق،فلا يعطى غير المؤمن،لأنّه محادّ للّه و رسوله،و المعونة و الإرفاق موادّة فلا يجوز فعلها مع غير المؤمن،لقوله تعالى لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«الزكاة لأهل الولاية،و قد بيّن اللّه لكم موضعها في كتابه» (3).

و عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال:سألت الرضا عليه السلام عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟قال:«لا،و لا زكاة الفطرة» (4).

و عن محمّد بن الحسن الصفّار،عن يعقوب بن يزيد،عن محمّد بن عمر،عن محمّد بن عذافر،عن عمر بن يزيد قال:سألته عن الصدقة على النصّاب و على الزيديّة،قال (5):«لا تصدّق عليهم بشيء و لا تسقهم من الماء إن استطعت»و قال:«الزيديّة هم النصّاب» (6).

و في الحسن عن زرارة و بكير و الفضيل و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء

ص:360


1- 1خا،ح و ق:اعتبار.
2- 2) المجادلة(58):22. [1]
3- 3) التهذيب 4:52 الحديث 135،الوسائل 6:154 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 4:52 الحديث 137،الوسائل 6:152 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [3]
5- 5) أكثر النسخ:فقال.
6- 6) التهذيب 4:53 الحديث 141،الوسائل 6:152 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [4]

الحروريّة و المرجئة و العثمانيّة و القدريّة،ثمَّ يتوب و يعرف هذا الأمر،و يحسن رأيه،أ يعيد كلّ صلاة صلاّها أو صوم أو زكاة أو حجّ،أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك؟قال:«ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة[و] (1)لا بدّ أن يؤدّيها،لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها،و إنّما موضعها أهل الولاية» (2).و الأخبار في ذلك كثيرة مشهورة (3).

فروع:

الأوّل:لو أخرج الزكاة إلى غير المستحقّ ممّن ليس بمؤمن لم تجزئ عنه،لأنّ أربابها معيّنون،فلا يجوز صرفها إلى غيرهم،كالدين إذا دفع إلى غير صاحبه.و لأنّ الإيمان شرط فكان حكمه حكم الفقر،و سواء (4)دفع إليه عمدا أو جهلا.

و يؤيّده:ما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم و أصحابه عنهما عليهما السلام (5).

و فارقت الصلاة و الصوم،لأنّها حقّ ماليّ للآدميّين،بخلاف الصلاة و الصوم.

الثاني:لو لم يوجد (6)المؤمن هل يصرف إلى غيرهم؟فيه قولان:أصحّهما المنع.

لنا:ما تقدّم من الأحاديث (7)،و هي عامّة للوجدان و عدمه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إبراهيم الأوسيّ (8)،عن الرضا عليه السلام قال:«سمعت أبي يقول:كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال:إنّي رجل من أهل الريّ ولي زكاة،فإلى من

ص:361


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 4:54 الحديث 143،الوسائل 6:148 الباب 3 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [1]
3- 3) الوسائل 6:14 [2]8 الباب 3 من أبواب المستحقّين للزكاة،و ص 151 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة.
4- 4) ح:سواء.
5- 5) يراجع:ص 360.
6- 6) كثير من النسخ:يجد.
7- 7) يراجع:ص 360. [3]
8- 8) إبراهيم الأوسيّ روى عن الرضا عليه السلام و روى عنه محمّد بن جمهور في التهذيب 4:52 الحديث 139، ذكره السيّد الخوئيّ في معجمة.معجم رجال الحديث 1:51.

أدفعها؟فقال:إلينا،فقال:أ ليس الصدقة محرّمة عليكم؟فقال:بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا،قال (1):إنّي لا أصيب (2)لها أحدا قال (3):فانتظر بها سنة،قال:فإن لم أصب لها أحدا؟قال:انتظر بها سنتين حتّى تبلغ أربع سنين،ثمَّ قال له:إن لم تصب لها أحدا فصرّها صررا و اطرحها في البحر فإنّ اللّه عزّ و جلّ (4)حرّم أموالنا و أموال شيعتنا على عدوّنا» (5).

و هذا نصّ في تحريم إعطائهم مع فقد المستحقّ،و أمّا الأمر بالطرح في البحر،فيحتمل أن يكون مع التيقّن لفقد المستحقّ دائما،و إنّما الأصل حفظها إلى أن يوجد المستحقّ و لا يتقدّر بقدر.

و في رواية يعقوب بن شعيب عن العبد الصالح قال:«إذا لم يجد دفعها إلى من لا ينصب» (6).و لا تعويل عليها،لأنّها شاذّة،و في طريقها أبان بن عثمان،و هو ضعيف.

الثالث:حكم زكاة الفطرة حكم زكاة المال.و جوّز أبو حنيفة دفعها إلى المشركين (7).

و جوّز بعض أصحابنا دفعها إلى المستضعف من مخالفي الحقّ مع عدم المستحقّ (8)، و الصحيح ما تقدّم.

لنا:ما تقدّم من تضليل مخالفي الحقّ،و هو يمنع من الاستحقاق.

و ما رواه إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال:سألت الرضا عليه السلام عن الزكاة هل

ص:362


1- 1ح:فقال،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) ح:لا أعرف،كما في التهذيب و الوسائل. [2]
3- 3) ح:فقال،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
4- 4) أكثر النسخ:تعالى،مكان:عزّ و جلّ.
5- 5) التهذيب 4:52 الحديث 139،الوسائل 6:153 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 8. [4]
6- 6) التهذيب 4:46 الحديث 121،الوسائل 6:153 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 7. [5]
7- 7) تحفة الفقهاء 1:303،بدائع الصنائع 2:49،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:207، مجمع الأنهر 1:222،223،حلية العلماء 3:170،المغني 2:710،المجموع 6:228.
8- 8) ينظر:المبسوط 1:242،النهاية:192، [6]التهذيب 4:88.

توضع فيمن لا يعرف؟فقال:«لا،و لا زكاة الفطرة» (1).

و لأنّ المستحقّ لها (2)قوم معيّنون،فلا يخرج عن العهدة بالصرف إلى غيره.

و في رواية الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان جدّي[عليه السلام] (3)يعطي فطرته الضعفة[و من لا يجد] (4)و من لا يتولّى و قال:هي لأهلها إلاّ أن لا تجدهم فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب» (5).و الأولى أشهر.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ صدقة الفطرة ليس للإمام فيها حقّ القبض،فجاز دفعها إلى أهل الذمّة،كالتطوّع (6).و هذا القياس باطل بالنصّ،و يبطل بالأموال الظاهرة،و صدقة التطوّع يجوز صرفها إلى الحربيّ و هذا لا يجوز فيبطل القياس.

و احتجّ بقوله عليه السلام:«أعطوا أهل الأديان من صدقاتكم» (7).

و الجواب:أنّه محمول على التطوّع،جمعا بين الأخبار.

الرابع:يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فسّاقا.اختاره السيّد المرتضى في الطبريّات (8)،و الشيخ أبو جعفر الطوسيّ في التبيان (9)،و هو حسن،لأنّ حكم أولاد المؤمنين حكم آبائهم فيما يرجع إلى الإيمان و الكفر.

الخامس:لا يجوز أن يعطى أولاد المشركين و لا أولاد مخالفي الحقّ،لأنّ

ص:363


1- 1الكافي 3:547 الحديث 6، [1]التهذيب 4:52 الحديث 137،الوسائل 6:152 الباب 5 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [2]
2- 2) م و ش:بها.
3- 3) أثبتناهما من المصدر.
4- 4) أثبتناهما من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:88 الحديث 260،الاستبصار 2:51 الحديث 173،الوسائل 6:250 الباب 15 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [3]
6- 6) بدائع الصنائع 2:49،شرح فتح القدير 2:207،باختلاف في اللفظ،و بهذا اللفظ ينظر:المعتبر 2:615. [4]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:207.
8- 8) لم نعثر عليهما في الطبريّات و التبيان،و لكن نقل عنهما في السرائر:106.
9- 9) لم نعثر عليهما في الطبريّات و التبيان،و لكن نقل عنهما في السرائر:106.

حكمهم تابع لحكم آبائهم.

الوصف الثاني:العدالة

و قد اختلف علماؤنا في اشتراطها،فاشترطه الشيخ (1)،و السيّد المرتضى (2)،إلاّ في المؤلّفة.و اقتصر المفيد (3)،و ابنا بابويه (4)،و سلاّر رحمهم اللّه تعالى على الإيمان و لم يشترطوا العدالة (5).و به قال أبو حنيفة (6)،و الشافعيّ (7)،و مالك (8)،و أحمد (9)،و هو الأقرب،و اعتبر آخرون من علمائنا مجانبة الكبائر (10).

لنا:عموم اللفظ المتناول لصورة النزاع و الأصل عدم اشتراط الزائد على المنطوق.

و ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من قوله:«لكلّ كبد حرّى أجر» (11).

ص:364


1- 1المبسوط 1:247،الخلاف 2:129 مسألة-3.
2- 2) جمل العلم و العمل:125،الانتصار:82.
3- 3) المقنعة:41.
4- 4) المختلف:182 نقله عن عليّ بن بابويه،و ينظر قول ابنه محمّد بن عليّ بن بابويه في الفقيه 2:11،المقنع:52.
5- 5) المراسم:133.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:303،بدائع الصنائع 2:49،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:207.
7- 7) حلية العلماء 3:169،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:228،مغني المحتاج 3:113، السراج الوهّاج:356.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:298،إرشاد السالك:47،بلغة السالك 1:231،تفسير القرطبيّ 8:174. [1]
9- 9) المغني 2:709،الشرح الكبير بهامش المغني 2:708،الكافي لابن قدامة 1:454،الإنصاف 3:252. [2]
10- 10) ينظر:الغنية(الجوامع الفقهيّة):567،شرح جمل العلم و العمل:262،الجامع للشرائع:144.
11- 11) مسند أحمد 2:222،سنن البيهقيّ 4:186،و بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 3:146 و 174 و ج 8:11، صحيح مسلم 4:1761 الحديث 2244،سنن ابن ماجه 2:1215 الحديث 2386.

و قوله عليه السلام:«أعط من وقعت في قلبك الرحمة له» (1).

و ما رواه الشيخ عن سدير الصيرفيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟فقال:«نعم،أعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحقّ،و لا تطعم من نصب لشيء من الحقّ،أو دعا إلى شيء من الباطل» (2).

و لأنّه بإيمانه يستحقّ الثواب الدائم فيستحقّ الزكاة،كالعدل.

احتجّ السيّد المرتضى (3)رحمه اللّه بالإجماع،و الاحتياط،و ما ورد في القرآن و الأخبار من المنع من معونة الفاسق،و بما رواه داود الصرميّ قال:سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا؟قال:«لا» (4).و لا قائل بالفرق،و هذا حجّة من عوّل على اشتراط مجانبة الكبائر.

و الجواب:أنّ الإجماع لا يتحقّق مع وجود الخلاف،و الاحتياط لا يعمل به إذا عارض عمومات القرآن،و المنع من معونة الفاسق محمول على معونته على فسقه،و حديث داود ضعيف لعدم المسند إليه.نعم،ما قاله السيّد المرتضى أولى للتخلّص من الخلاف،و لأنّ غير الفاسق أشرف منه و أولى بالمعونة.

الوصف الثالث:أن لا يكون ممّن تجب نفقته عليه

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،و قد وقع الاتّفاق على وجوب الإنفاق على

ص:365


1- 1عوالي اللئالي 3:121،و [1]ينظر:الكافي 4:14 الحديث 2، [2]الفقيه 2:39 الحديث 169،التهذيب 4:107 الحديث 307.
2- 2) التهذيب 4:107 الحديث 306،الوسائل 6:288 الباب 21 من أبواب الصدقة الحديث 3. [3]
3- 3) الانتصار:82.
4- 4) الكافي 3:563 الحديث 15، [4]التهذيب 4:52 الحديث 138،الوسائل 6:171 الباب 17 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [5]

الوالدين و إن علوا،و الأولاد (1)و إن نزلوا،و الزوجة،و المملوك (2)،و في غيرهم خلاف يأتي تحقيقه إن شاء اللّه تعالى.

فكلّ من تجب نفقته لا يجوز للمنفق أن يعطيه زكاته،لأنّهم أغنياء به.و لأنّ المالك تجب عليه شيئان:الزكاة و الإنفاق،و مع صرف الزكاة إلى من تجب نفقته يسقط أحد الواجبين فيكون الدفع في الحقيقة عائدا إليه،كما لو قضى دين نفسه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا:الأب،و الأمّ،و الولد،و المملوك، و المرأة،و ذلك أنّهم عياله لازمون له» (3).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و لا يعطى الجدّ و لا الجدّة من الزكاة» (4).

و روي عن عدّة من أصحابنا،عن أبي الحسن موسى عليه السلام قلت:من الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتّى لا أحتسب الزكاة عليه؟قال:«.الوالدان و الولد» (5).

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمران بن إسماعيل القمّيّ (6)قال:كتبت إلى أبي الحسن

ص:366


1- 1م و ق:و للأولاد.
2- 2) ش و ك:و المملوكة.
3- 3) التهذيب 4:56 الحديث 150،الاستبصار 2:33 الحديث 101،الوسائل 6:165 الباب 13 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 4:56 الحديث 151،الوسائل 6:166 الباب 13 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [2]
5- 5) الكافي 3:551 الحديث 1، [3]التهذيب 4:56 الحديث 149،الاستبصار 2:33 الحديث 100،الوسائل 6: 165 الباب 13 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]
6- 6) عمران بن إسماعيل القمّيّ:قال النجاشيّ:عمران بن إسماعيل قال ابن بطّة:حدّثنا البرقيّ عنه بكتابه.و قال السيّد الخوئيّ:الظاهر اتّحاده مع عمران بن إسماعيل بن عمران.و قال صاحب التنقيح:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في باب من تحلّ له من الأهل و تحرم له من الزكاة الحديث 152،و قال في المدارك: [5]إنّه مجهول الحال.رجال النجاشيّ:293،تنقيح المقال 2:350، [6]معجم رجال الحديث 13:153، [7]مدارك الأحكام 5:246. [8]

الثالث عليه السلام:إنّ لي ولدا رجالا و نساء فيجوز أن أعطيهم من الزكاة؟فكتب لي:

«ذلك جائز لك» (1).

لأنّا نقول:لو أجري هذا الخبر على حقيقته لزم مخالفته للإجماع،فلا بدّ من التأويل، و هو من وجوه:

أحدها:يحتمل أن يكون الرجال و النساء من ذوي الأقارب،و أطلق عليهم اسم الولد مجازا بسبب مخالطتهم للأولاد.

و ثانيها:يحتمل أن يكون بضاعته خمسمائة درهم و هي لا تكفي عياله،فلا يجب عليه إخراج الزكاة إلى الأباعد،بل يجوز صرفها إلى أولاده،تتمّة لمؤنتهم و تكملة لما يحتاجون إليه.

و يؤيّده:رواية أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا تعط[من] (2)الزكاة أحدا ممّن تعول»و قال:إذا كان لرجل خمسمائة درهم و كان عياله كثيرا،قال:«ليس عليه زكاة،ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم و (3)كسوتهم و طعامهم (4)،و في طعام لم يكونوا يطعمونه» (5)الحديث.

و ثالثها:يحتمل أنّه أراد الزكاة المندوبة.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز للرجل أن يعطي زوجته شيئا من زكاته

،أمّا الزوجة فإنّه

ص:367


1- 1التهذيب 4:56 الحديث 152،الاستبصار 2:34 الحديث 102،الوسائل 6:167 الباب 14 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) ح:و في،كما في التهذيب و الوسائل. [2]
4- 4) لا توجد كلمة:«و طعامهم»في ح،كما في المصادر.
5- 5) التهذيب 4:57 الحديث 153،الاستبصار 2:34 الحديث 103،الوسائل 6:168 الباب 14 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 6. [3]

يجوز لها أن تعطي زوجها من زكاتها.و به قال الشافعيّ (1)،و أبو يوسف،و محمّد.و قال أبو حنيفة:لا يجوز (2).و عن أحمد روايتان (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن زينب امرأة عبد اللّه بن مسعود (4)قالت:يا نبيّ اللّه إنّك أمرت اليوم بالصدقة و كان عندي حلي لي فأردت أن أتصدّق به فزعم ابن مسعود أنّه هو و ولده أحقّ من تصدّقت عليهم،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدق ابن مسعود، زوجك و ولدك أحقّ من تصدّقت به عليهم» (5).

و عن عطاء قال:أتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله امرأة فقالت:يا رسول اللّه،إنّ عليّ نذرا أن أتصدّق بعشرين درهما،و إنّ لي زوجا فقيرا أ فيجزئ أن أعطيه؟قال:«نعم،لك كفلان من الأجر» (6).

و لأنّ المقتضي و هو الفقر موجود،و المانع و هو وجوب الإنفاق مفقود،فيجوز الدفع إليه.و لأنّه لا يجب عليها نفقته فكان كالأجنبيّ.

ص:368


1- 1حلية العلماء 3:170،المجموع 6:192،الميزان الكبرى 2:18،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 128،مغني المحتاج 3:108،المغني 2:511،الشرح الكبير بهامش المغني 2:713.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:11،تحفة الفقهاء 1:303،بدائع الصنائع 2:40،الهداية للمرغينانيّ 1:113، شرح فتح القدير 2:210،مجمع الأنهر 1:224.
3- 3) المغني 2:511،الشرح الكبير بهامش المغني 2:713،الكافي لابن قدامة 1:457،الإنصاف 3:261. [1]
4- 4) زينب بنت معاوية و قيل:أبي معاوية،عنونها ابن حجر بعنوان:زينب بنت معاوية بن عتّاب،و عنونها ابن الأثير و ابن عبد البرّ بعنوان:زينب بنت عبد اللّه بن معاوية بن عتّاب بن الأسعد.الثقفيّة امرأة عبد اللّه بن مسعود،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن زوجها ابن مسعود و عن عمر،و روى عنها ابنها أبو عبيدة و ابن أخيها و بسر بن سعيد و عبيد بن السبّاق و غيرهم.أسد الغابة 5:470، [2]الإصابة 4:319، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 4:317. [5]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:149،صحيح مسلم 2:694 الحديث 1000،سنن النسائيّ 5:92،مسند أحمد 3: 502، [6]سنن البيهقيّ 4:178،مجمع الزوائد 3:119 بتفاوت في الجميع.
6- 6) مجمع الزوائد 3:119،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:210 الحديث 539 باختلاف في السند،و بهذا السند ينظر:المغني 2:512.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه أحد الزوجين،فلا يجوز دفع الزكاة إليه كالآخر،و لأنّ النفع عائد إليها في الحقيقة،لأنّها تلزمه حينئذ نفقة (1)الموسر فجرى مجرى دفع الزكاة إلى المملوك (2).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق،فإنّ الزوجة تجب لها النفقة بخلاف الزوج.

و عن الثاني:بالمنع من كون هذا القدر من النفع مؤثّرا في المنع من الزكاة،و لهذا جاز لصاحب الدين دفع الزكاة إلى مدينة المعسر و النفع متحقّق،لصيرورته غنيّا حينئذ،فيجوز له المطالبة بعد أن كانت حراما عليه،فكما لم يعتدّ بهذا النفع في طرف المدين (3)،فكذا في الزوجة.

مسألة:و لا تمنع الزكاة من لا تجب النفقة عليه من الأقارب

(4)

،بل صرفها إلى الأقارب أفضل،سواء كان وارثا أو لم يكن.و به قال أكثر أهل العلم (5).

و قال أحمد في إحدى الروايتين:لا يعطى الوارث كالأخ و العمّ و الخال و يعطى غيره كالأخ مع الولد (6).

لنا:قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ (7).و هو يدلّ بعمومه على صورة النزاع.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الصدقة على المسكين

ص:369


1- 1أكثر النسخ:بنفقة.
2- 2) بدائع الصنائع 2:40،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:209،المغني 2:511،الشرح الكبير بهامش المغني 2:713.
3- 3) م،ن،ش و خا:الدين.
4- 4) ن و ك:نمنع،غ،ف،ص،ش و ح:يمنع.
5- 5) المغني 2:510،الشرح الكبير بهامش المغني 2:711،المدوّنة الكبرى 1:297،المهذّب للشيرازيّ 1: 175،المجموع 6:229،بدائع الصنائع 2:49.
6- 6) المغني 2:510،الشرح الكبير بهامش المغني 2:712،الإنصاف 3:259.
7- 7) التوبة(9):60. [1]

[صدقة] (1)و هي لذي الرحم اثنتان:صدقة و صلة» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن حمزة (3)قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:رجل من مواليك له قرابة كلّهم يقول بك (4)،و له زكاة،أ يجوز أن يعطيهم جميع زكاته؟قال:«نعم» (5).

و عن عليّ بن مهزيار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يضع زكاته كلّها في أهل بيته و هم يتولّونك؟قال:«نعم» (6).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الزكاة:«يعطى منها الأخ، و الأخت و العمّ،و العمّة،و الخال،و الخالة،و لا يعطى الجدّ و لا الجدّة» (7).

و لأنّه ليس من عمودي النسب فأشبه الأجنبيّ،و أمّا أنّهم أفضل من غيرهم،فلما دلّ عليه الحديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّه صلة.

و ما رواه الشيخ عن عدّة من أصحابنا،عن أبي الحسن موسى عليه السلام،قال:

قلت:لي قرابة أنفق على بعضهم،و أفضّل بعضهم على بعض،فيأتيني إبّان (8)الزكاة أ فأعطيهم منها؟قال:«أ مستحقّون لها»؟قلت:نعم،قال:«هم أفضل من غيرهم،

ص:370


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:47، [1]سنن ابن ماجه 1:591 الحديث 1844،سنن النسائيّ 5:92،سنن البيهقيّ 4:174.
3- 3) أحمد بن حمزة بن اليسع بن عبد اللّه القمّيّ،روى أبوه عن الرضا عليه السلام ثقة ثقة،له كتاب،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام و قال:إنّه ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.رجال النجاشيّ:90،رجال الطوسيّ:409،رجال العلاّمة:14، [2]تنقيح المقال 1:60. [3]
4- 4) خا،ح و ق:يتولّونك،مكان:يقول بك.
5- 5) التهذيب 4:54 الحديث 144،الاستبصار 2:35 الحديث 104،الوسائل 6:169 الباب 15 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [4]
6- 6) التهذيب 4:54 الحديث 145،الاستبصار 2:35 الحديث 105،الوسائل 6:169 الباب 15 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [5]
7- 7) التهذيب 4:56 الحديث 151،الوسائل 6:166 الباب 13 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [6]
8- 8) إبّان-بالكسر و التشديد-الوقت.الصحاح 5:2066.

أعطهم» (1).

احتجّ أحمد بأنّ على الوارث نفقة الموروث،فدفع الزكاة إليه يعود نفعها إلى الدافع (2).

و الجواب:المنع من إيجاب النفقة على ما يأتي إن شاء اللّه.

مسألة:و لو كان في عائلته من لا تجب النفقة عليه

كيتيم أجنبيّ جاز دفع الزكاة إليه و الإنفاق عليه من الزكاة.و عن أحمد روايتان (3).

لنا:العموم الوارد في القرآن و السنّة.

احتجّ أحمد بأنّه يستغنى بها عن تحمّل مئونته فيعود النفع على المنفق (4).و هذا ضعيف،لأنّ مئونته ليست واجبة عليه،فالدفع إليه لا يسقط واجبا و لا يجلب نفعا،فكان سائغا.

الوصف الرابع:أن لا يكون هاشميّا

و قد أجمع علماء الإسلام على أنّ الصدقة المفروضة من غير الهاشميّ محرّمة على الهاشميّ.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمّد، إنّما هي أوساخ الناس» (5).

ص:371


1- 1التهذيب 4:56 الحديث 149،الاستبصار 2:33 الحديث 100،الوسائل 6:169 الباب 15 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 2:510،الشرح الكبير بهامش المغني 2:712،الكافي لابن قدامة 1:457.
3- 3) المغني 2:512،الشرح الكبير بهامش المغني 2:712،الإنصاف 3:261.
4- 4) المغني 2:512،الشرح الكبير بهامش المغني 2:712.
5- 5) صحيح مسلم 2:753 الحديث 1072،سنن النسائيّ 5:106،مسند أحمد 4:166، [2]سنن البيهقيّ 7:31، كنز العمّال 6:456 الحديث 16514،المغني 2:517،الشرح الكبير بهامش المغني 2:709.

و قال عليه السلام:«الصدقة محرّمة على بني هاشم» (1).

و قال عليه السلام:«هذه الصدقة أوساخ الناس،فلا تحلّ لمحمّد و آل محمّد» (2).

و عن أبي هريرة أنّ الحسن عليه السلام أخذ تمرة من تمر الصدقة فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كخ كخ»ليطرحها،و قال:«أما شعرت أنّا لا نأكل الصدقة؟» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ أناسا من بني هاشم أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا:يكون لنا هذا السهم الذي جعله اللّه عزّ و جلّ للعاملين عليها فنحن أولى به،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا بني عبد المطّلب، إنّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم و لكنّي قد وعدت الشفاعة.فما ظنّكم يا بني عبد المطّلب إذا أخذت بحلقة[باب] (4)الجنّة أ تروني مؤثرا عليكم غيركم؟!» (5).

و في الحسن عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الصدقة أوساخ أيدي الناس،و إنّ اللّه حرّم عليّ منها و من غيرها ما قد حرّمه،فإنّ الصدقة لا تحلّ لبني عبد المطّلب ثمَّ قال:أما و اللّه لو قد قمت على باب الجنّة ثمَّ أخذت بحلقته لقد علمتم أنّي لا أوثر عليكم فارضوا لأنفسكم بما رضي اللّه و رسوله لكم،قالوا:رضينا يا رسول اللّه» (6).

ص:372


1- 1أورده الكاسانيّ في بدائع الصنائع 2:49.
2- 2) صحيح مسلم 2:754 الحديث 1072،سنن النسائيّ 5:106،مسند أحمد 4:166،و [1]بتفاوت ينظر:الموطّأ 2:1000 الحديث 13، [2]كنز العمّال 6:457 الحديث 16523 و 16528.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:157،صحيح مسلم 2:751 الحديث 1069،مسند أحمد 2:409، [3]سنن الدارميّ 1: 387، [4]سنن البيهقيّ 7:29.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:58 الحديث 154،الوسائل 6:185 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 4:58 الحديث 155،الاستبصار 2:35 الحديث 106،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [6]

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا تحلّ الصدقة لولد العبّاس و لا لنظرائهم من بني هاشم» (1).

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«أعطوا من الزكاة بني هاشم من أرادها منهم فإنّها تحلّ لهم و إنّما تحرم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و على الإمام الذي يكون بعده و على الأئمّة عليهم السلام» (2).

لأنّا نقول:في طريقه ابن فضّال و هو ضعيف،فلا يعارض ما ثبت بالإجماع و السنّة المتواترة،و يحتمل (3)أن يكون ذلك في حال الضرورة.

مسألة:و لا تحرم صدقة بعضهم على بعض

.و عليه فتوى علمائنا،خلافا للجمهور كافّة،إلاّ أبا يوسف فإنّه جوّزه (4).

لنا:العموم في قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ (5).و إنّما حرّمنا الصدقة على بني هاشم،لكونها أوساخ الناس بالنصّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو غير متناول لصورة النزاع،لأنّ الأوساخ كلمة ذمّ لمن تضاف إليه،فلا يندرج فيها بنو هاشم،فلا تكون زكاتهم أوساخا فلا يثبت المقتضي للمنع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:

صدقات بني هاشم بعضهم على بعض تحلّ لهم؟قال:«نعم،صدقة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله تحلّ لجميع الناس من بني هاشم و غيرهم،و صدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم،و لا تحلّ لهم

ص:373


1- 1التهذيب 4:59 الحديث 158،الاستبصار 2:35 الحديث 109،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:60 الحديث 161،الاستبصار 2:36 الحديث 110،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]
3- 3) ن،ش و ك:و يجوز.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 4:335. [3]
5- 5) التوبة(9):60. [4]

صدقات إنسان غريب» (1).

و عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قلت:أ فتحلّ صدقة بعضهم على بعض؟قال:«نعم» (2).

و عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و لم تحرم علينا صدقة بعضنا على بعض» (3).

و عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته هل تحلّ لنبي هاشم الصدقة؟قال:«لا»قلت:تحلّ لمواليهم؟قال:«تحلّ لمواليهم،و لا تحلّ لهم إلاّ صدقات بعضهم على بعض» (4).

مسألة:و لا تحرم عليهم الصدقة المندوبة

.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أكثر أهل العلم (5).

و عن الشافعيّ قول بالمنع (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّه تعاون على البرّ و التقوى فيكون سائغا،لقوله تعالى وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى (8).

ص:374


1- 1التهذيب 4:61 الحديث 164،الوسائل 6:190 الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:58 الحديث 156،الاستبصار 2:35 الحديث 107،الوسائل 6:190 الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 4:59 الحديث 157،الاستبصار 2:35 الحديث 108،الوسائل 6:190 الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 4:60 الحديث 160،الاستبصار 2:37 الحديث 114،الوسائل 6:192 الباب 34 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [4]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:12،المجموع 6:239، [5]الإنصاف 3:257.
6- 6) حلية العلماء 3:169،المهذّب للشيرازيّ 1:176،المجموع 6:239. [6]
7- 7) المغني 2:520، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 2:710، [8]الكافي لابن قدامة 1:457،الإنصاف 3:257. [9]
8- 8) المائدة(5):2. [10]

و ما رواه الجمهور عن عليّ و فاطمة عليهما السلام أنّهما وقفا على بني هاشم (1)، و الوقف صدقة،و لا خلاف في جواز معونتهم و العفو عنهم و غير ذلك من وجوه المعروف، و قد قال عليه السلام:«كلّ معروف صدقة» (2).

و ما رووه عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام أنّه كان يشرب من سقايات بين (3)مكّة و المدينة«فقلت له:أ تشرب من الصدقة؟فقال:إنّما حرّمت علينا الصدقة المفروضة» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن جعفر بن إبراهيم الهاشميّ (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:تحلّ الصدقة لبني هاشم؟فقال:«إنّما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحلّ لنا فأمّا غير ذلك فليس به بأس،و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكّة،هذه المياه عامّتها صدقة» (6).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الصدقة التي حرّمت

ص:375


1- 1سنن البيهقيّ 6:161 و 183.
2- 2) صحيح البخاريّ 8:13،صحيح مسلم 2:697 الحديث 1005،سنن أبي داود 4:287 الحديث 4947، [1]سنن الترمذيّ 4:347 الحديث 1970،مسند أحمد 3:344.
3- 3) ق و خا:بئر.
4- 4) سنن البيهقيّ 6:183،المغني 2:520،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:710.
5- 5) جعفر بن إبراهيم الجعفريّ الهاشميّ المدنيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام.قال المامقانيّ و السيّد الخوئيّ:الظاهر اتّحاده مع جعفر بن إبراهيم بن محمّد بن عليّ بن عبد بن جعفر بن أبي طالب من أولاد الطيّار الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ في ترجمة ابنه سليمان:إنّه روى عن الرضا عليه السلام و روى أبوه عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام و كانا ثقتين،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال الطوسيّ:86،161،رجال النجاشيّ:182،رجال العلاّمة:33، [3]تنقيح المقال 1:211، [4]معجم رجال الحديث 4:45-48. [5]
6- 6) التهذيب 4:62 الحديث 166،الوسائل 6:189 الباب 31 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [6]

عليهم،فقال:«هي الصدقة المفروضة» (1).

و لأنّ المفروضة مطهّرة للمال فينفى (2)الوسخ عن المندوبة.

مسألة:و هل تحرم المندوبة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟

عندي فيه تردّد.قال (3)أكثر علمائنا بعدمه (4)،و للشافعيّ قولان (5)،و عن أحمد روايتان (6).

احتجّ (7)المحرّمون بعموم قوله عليه السلام:«إنّا لا نأكل الصدقة» (8)و وصف واصف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لسلمان لمّا أسلم فقال له:إنّه يأكل الهديّة و لا يأكل الصدقة (9).

و كان إذا أتي بطعام سأل عنه،فإن قيل:صدقة قال لأصحابه:«كلوا»و لم يأكل،و إن قيل:

هديّة ضرب بيده فأكل معهم (10).

و قال عليه السلام:«إنّي لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثمَّ أخشى أن تكون صدقة فألقيها» (11).

و لأنّ له مزيّة على آله عليهم السلام و قد ثبت تحريم المفروضة عليه و عليهم،

ص:376


1- 1التهذيب 4:59 الحديث 157،الاستبصار 2:35 الحديث 108،الوسائل 6:190 الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [1]
2- 2) غ و ف:فنفي.
3- 3) ك:و قال.
4- 4) ينظر:الخلاف 2:136 مسألة-26،المعتبر 2:584. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:169،المجموع 6:239،الميزان الكبرى 2:18.
6- 6) المغني 2:521،الشرح الكبير بهامش المغني 2:711،الإنصاف 3:258.
7- 7) المغني 2:517،المجموع 6:227.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:157،صحيح مسلم 2:751 الحديث 1069،سنن الدارميّ 1:387،مسند أحمد 2: 409-410،سنن البيهقيّ 7:29،كنز العمّال 6:457 الحديث 16524 و 16526.
9- 9) مسند أحمد 5:442، [3]أسد الغابة 2:328،329، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:57. [5]
10- 10) صحيح البخاريّ 3:203،سنن النسائيّ 5:107،سنن الترمذيّ 3:45 الحديث 656،مسند أحمد 2:492، [6]سنن البيهقيّ 7:33،كنز العمّال 7:103 الحديث 18172،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:101.
11- 11) صحيح البخاريّ 3:164،صحيح مسلم 2:751 الحديث 1070،سنن البيهقيّ 5:334 و ج 7:29.

فيختصّ هو عليه السلام بتحريم المندوبة.

احتجّ (1)المجوّزون بأنّه عليه السلام كان يقترض و يقبل الهديّة،و كلّ ذلك صدقة، لقوله عليه السلام:«كلّ معروف صدقة» (2).و فيه نظر،لأنّ المراد بالصدقة المحرّمة ما يدفع من المال إلى المحاويج على سبيل سدّ الخلّة و مساعدة الضعيف طلبا للأجر،لا ما جرت العادة بفعله على سبيل التودّد كالهديّة و القرض،و لهذا لا يقال للسلطان إذا قبل هديّة بعض رعيّته:إنّه تصدّق منه.

مسألة:و قد أجمع علماء الإسلام على تحريم الزكاة على من ولده عبد المطّلب

و هم الآن بنو أبي طالب من العلويّين و الجعفريّين و العقيليّين و بنو العبّاس و بنو الحارث و بنو أبي لهب،لقوله عليه السلام:«إنّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم يا بني عبد المطّلب» (3).

و قوله عليه السلام:«إنّ الصدقة لا تحلّ لبني عبد المطّلب» (4).

و قول الصادق عليه السلام:«إنّ الصدقة لا تحلّ لولد العبّاس و لا لنظرائهم من بني هاشم» (5).

لا نعرف خلافا في تحريم الزكاة على هؤلاء و استحقاقهم للخمس،و قد وقع الخلاف في بني المطّلب و هو عمّ عبد المطّلب،فقال المفيد من علمائنا في الرسالة العزّيّة:إنّهم يدخلون

ص:377


1- 1المعتبر 2:585،و [1]لقول أحمد ينظر:المغني 2:521.
2- 2) صحيح البخاريّ 8:13،صحيح مسلم 2:697 الحديث 1005،سنن أبي داود 4:287 الحديث 4947، سنن الترمذيّ 4:347 الحديث 1970،مسند أحمد 3:344.
3- 3) لم يرد بهذا اللفظ إلاّ من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 4:58 الحديث 1، [2]التهذيب 4:58 الحديث 154، الوسائل 6:185 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1.و [3]من طريق العامّة ينظر:كنز العمّال 6:458 الحديث 16533 بهذا المضمون.
4- 4) بهذا اللفظ ينظر:التهذيب 4:58 الحديث 155،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2،و [4]بهذا المضمون ينظر:سنن البيهقيّ 7:30.
5- 5) التهذيب 4:59 الحديث 158،الاستبصار 2:35 الحديث 109،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [5]

في حكم بني عبد المطّلب فلا تحلّ لهم الزكاة و لهم الأخذ من الخمس (1).و به قال الشافعيّ (2).

و قال أكثر علمائنا:لا يدخلون معهم،و يجوز لبني المطّلب الأخذ من الزكاة و لا يستحقّون الخمس (3).و به قال أبو حنيفة (4)،و عن أحمد روايتان (5).

لنا:عموم قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ (6)خرج منه بن و عبد المطّلب لشدّة قربهم و علوّ منزلتهم بالإجماع فيبقى الباقي على العموم،و قياس بني المطّلب على بني هاشم باطل،لأنّ بني هاشم أقرب و أشرف و هم آل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و تخصيص الصادق عليه السلام التحريم يدلّ على نفيه عمّا عدا المخصوص (7)،و ذلك في قوله:«لا تحلّ لولد العبّاس و لا لنظرائهم من بني هاشم» (8).

و كذا في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم يا بني عبد المطّلب» (9).و المراد بذلك كلّه شرف المنزلة و تعظيم آله عليهم السلام،فلو شاركهم بنو المطّلب في ذلك لذكره،لأنّه في معرض التعظيم لنسبه.و لأنّ المقتضي لاستحقاق

ص:378


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:585. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:168،المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:227،مغني المحتاج 3:112.
3- 3) ينظر:المبسوط 1:259،المعتبر 2:585. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:12،تحفة الفقهاء 1:302،بدائع الصنائع 2:49،مجمع الأنهر 1:224،المغني 2: 518،حلية العلماء 3:169.
5- 5) المغني 2:518،الشرح الكبير بهامش المغني 2:713،الكافي لابن قدامة 1:455،الإنصاف 3:262. [3]
6- 6) التوبة(9):60. [4]
7- 7) خا،ح و ق:المخصّص.
8- 8) التهذيب 4:59 الحديث 158،الاستبصار 2:35 الحديث 109،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [5]
9- 9) لم يرد بهذا اللفظ إلاّ من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 4:58 الحديث 1، [6]التهذيب 4:58 الحديث 154، الوسائل 6:185 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1.و [7]من طريق العامّة،ينظر:كنز العمّال 6:458 الحديث 16533 بهذا المضمون.

الخمس و منع الزكاة إن كان هو القرب في بني المطّلب وجب مشاركة بني نوفل و عبد شمس في ذلك،و قد وافقنا الشافعيّ (1)،و أحمد (2)على عدم استحقاقهم الخمس و جواز إعطائهم الزكاة،فكذا (3)مساويهم في القرابة،و هم بنو المطّلب.

احتجّ المفيد (4)رحمه اللّه بما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«لو كان عدل (5)ما احتاج هاشميّ و لا مطّلبيّ إلى صدقة،إنّ اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم»ثمَّ قال:«إنّ الرجل إذا لم يجد شيئا حلّت له الميتة،و الصدقة لا تحلّ لأحد منهم إلاّ أن لا يجد شيئا،و يكون ممّن تحلّ له الميتة» (6).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أنا و بنو المطّلب لم نفترق في جاهليّة و لا إسلام،و نحن و هم شيء واحد» (7).و هذا حجّة الشافعيّ (8).

و لأنّ ذلك حكم يتعلّق بقرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فاستوى فيه بنو المطّلب و بنو هاشم.

و الجواب عن الأوّل:أنّه خبر نادر فلا يخصّ به عموم القرآن،و مع ذلك فإنّ في طريقه عليّ بن فضّال و هو ضعيف،و معارض (9)بالأخبار من أهل البيت عليهم السلام،

ص:379


1- 1مغني المحتاج 3:94.
2- 2) المغني 2:518 و ج 7:304،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714.
3- 3) ن،م،ش و ك:و كذا.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:585. [1]
5- 5) ح:العدل،كما في التهذيب و الوسائل. [2]
6- 6) التهذيب 4:59 الحديث 159،الاستبصار 2:36 الحديث 111،الوسائل 6:191 الباب 33 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [3]
7- 7) سنن أبي داود 3:146 الحديث 2980، [4]سنن النسائيّ 7:131،مسند أحمد 4:81،سنن البيهقيّ 6:341 باختلاف في اللفظ.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:227،المغني 2:518،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714.
9- 9) بعض النسخ:يعارض.

و قد ذكرنا طرفا منها.

و عن الثاني:أنّ حقيقته غير مرادة (1)،و ليس له لفظ يدلّ بالعموم على شيء، و ظاهره غير مراد،إذ ليس أحدهما الآخر مع احتمال إرادة اتّحادهما في الشرف و التعظيم و المودّة و الصحبة و النصرة.

و يؤيّده:قوله عليه السلام:«لم نفترق في جاهليّة و لا إسلام»فإنّه مشعر بالنصرة، و مع هذه الاحتمالات فلا حجيّة فيه.

و عن الثالث:بأنّ مطلق القرابة غير كاف،لعدم استحقاق بني نوفل و عبد شمس مع مساواتهم لبني المطّلب في القرابة.

مسألة:و يجوز أن يعطى مواليهم من الزكاة

-و نعني (2)بالموالي:من أعتقه هاشميّ- و عليه علماؤنا،و للشافعيّ قولان (3).

لنا:العموم،و ما رواه الشيخ في الصحيح عن ثعلبة بن ميمون قال:كان أبو عبد اللّه عليه السلام يسأل شهابا من زكاته لمواليه،و إنّما حرّمت الزكاة عليهم دون مواليهم (4).

و عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته هل تحلّ لبني هاشم الصدقة؟قال:«لا»قلت:تحلّ لمواليهم؟قال:«تحلّ لمواليهم و لا تحلّ لهم إلاّ صدقات بعضهم على بعض» (5).

و لأنّ منع الزكاة في مقابلة استحقاق الخمس،و مواليهم لا يستحقّون الخمس، فلا يمنعون.

ص:380


1- 1م،ص و ش:مراد.
2- 2) م،ن،ش و خا:يعني.
3- 3) حلية العلماء 3:169،المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:167،مغني المحتاج 3:112.
4- 4) التهذيب 4:61 الحديث 163،الاستبصار 2:37 الحديث 113،الوسائل 6:192 الباب 34 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 4:60 الحديث 160،الاستبصار 2:37 الحديث 114،الوسائل 6:192 الباب 34 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [2]

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السلام:«موالي القوم منهم» (2).

و الجواب:أنّه لا يدلّ على المنع من الزكاة.

لا يقال:قد روى الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«مواليهم منهم و لا تحلّ الصدقة من الغريب لمواليهم» (3).

لأنّا نقول:في طريقه ابن فضّال،و هو ضعيف.و لأنّه محمول على الكراهية أو على الموالي الذين هم مماليك،لأنّ نفقتهم واجبة على ساداتهم فيكون في الحقيقة إعطاء لهم، ذكرها (4)الشيخ (5).

مسألة:و لا تحرم على زوجات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

،خلافا لبعض الجمهور (6).

لنا:التمسّك بعموم الآية (7).

احتجّ المخالف (8)بما روي أنّ خالد بن سعيد بن العاص (9)بعث إلى عائشة سفرة من

ص:381


1- 1المغني 2:518،الشرح الكبير بهامش المغني 2:710،الكافي لابن قدامة 1:455، [1]المجموع 6:167،مغني المحتاج 3:112.
2- 2) سنن أبي داود 2:123 الحديث 1650،سنن الترمذيّ 3:46 الحديث 657،سنن النسائيّ 5:107، المستدرك للحاكم 1:404،سنن البيهقيّ 7:32.
3- 3) التهذيب 4:59 الحديث 159،الاستبصار 2:37 الحديث 115،الوسائل 6:193 الباب 34 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]
4- 4) م و ن:ذكرهما.
5- 5) التهذيب 4:59،الاستبصار 2:37.
6- 6) ينظر:عمدة القارئ 9:87،نيل الأوطار 4:244.
7- 7) التوبة(9):60.
8- 8) المغني 2:519،الشرح الكبير بهامش المغني 2:710.
9- 9) خالد بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ القرشيّ الأمويّ يكنّى أبا سعيد من السابقين الأوّلين،قيل:كان رابعا أو خامسا و لمّا أسلم بلغ أباه فعاقبه و منعه القوت و منع إخوته من كلامه فتغيّب حتّى خرج بعد ذلك إلى الحبشة فكان ممّن هاجر إلى أرض الحبشة و شهد مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عمرة القضيّة و فتح مكّة و حنينا و الطائف و تبوك،و بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عاملا على صدقات اليمن،و قيل:على صدقات مذحج فتوفّي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو عليها،قيل:قتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر سنة 14 ه. و قيل:قتل في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي بكر و اللّه أعلم.أسد الغابة 2:82، [3]الإصابة 1:406، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 1:399. [6]

الصدقة فردّتها و قالت:إنّا آل محمّد لا تحلّ لنا الصدقة (1).

و الجواب:المنع من صحّة الحديث،فإنّ أكثر الجمهور لم يعملوا به و لو صحّ عندهم لعملوا بموجبة،فلا يخصّ به عموم القرآن.

مسألة:و إذا منع الهاشميّون من الخمس جاز

لهم تناول الزكاة.و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال أبو سعيد الإصطخريّ من الشافعيّة (2)،و أطبق الجمهور على المنع.

لنا:أنّ المنع من الزكاة إنّما هو لاستغنائهم بالخمس،فمع تعذّره ينتفي المقتضي للتحريم،فيبقى على أصالة الإباحة.

و يؤيّده:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للفضل بن العباس:

«أ ليس في خمس الخمس ما يكفيكم عن أوساخ الناس؟» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«و الصدقة لا تحلّ لأحد منهم إلاّ أن لا يجد شيئا و يكون ممّن تحلّ له الميتة» (4).

و عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«أعطوا من الزكاة بني هاشم من أرادها[منهم] (5)فإنّها تحلّ لهم،و إنّما تحرم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و على الإمام الذي

ص:382


1- 1المغني 2:519،الشرح الكبير بهامش المغني 2:710،عمدة القارئ 9:87.
2- 2) حلية العلماء 3:169،المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:227.
3- 3) صحيح مسلم 2:752 الحديث 1072،سنن البيهقيّ 7:32.
4- 4) التهذيب 4:59 الحديث 159،الاستبصار 2:36 الحديث 111،الوسائل 6:191 الباب 33 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
5- 5) أثبتناها من المصادر.

يكون بعده و على الأئمّة» (1).

قال الشيخ:هو (2)محمول على الضرورة.و هو جيّد،جمعا بين الأخبار،و استثناء (3)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام،لأنّه لا يبلغ حالهم في الضرورة إلى أكل الزكوات،بخلاف غيرهم،فإنّه قد يضطرّ إلى ذلك (4).

احتجّوا بأنّ المنع ثبت تشريفا و تعظيما،و هو موجود مع المنع من حقّهم (5).

و الجواب:قد بيّنّا عليه المنع.

فرع:

إذا ثبت جواز إعطائهم عند منعهم من مستحقّهم فهل يجوز أن يأخذوا بقدر الحاجة و ما يزيد عنها أم لا؟الأقرب منعهم ممّا يزيد عن (6)قدر ضرورتهم،لأنّه مفهوم من المناهي.

ص:383


1- 1التهذيب 4:60 الحديث 161،الاستبصار 2:36 الحديث 110،الوسائل 6:186 الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [1]
2- 2) ص و ش:و هو.
3- 3) غ،ف،ق،خا و ح:و استغناء.
4- 4) التهذيب 4:60،الاستبصار 2:36.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:227،الميزان الكبرى 2:17،18.
6- 6) ن،ش و ك:على.
البحث الثالث:في الأحكام
مسألة:إذا ادّعى شخص الفقر،فإن عرف كذبه منع

،و إن عرف صدقه أعطي،و إن لم يعلم حاله قبلت دعواه و لم يكلّف بيّنة و لا يمينا،لأنّه يدّعي الأصل و هو عدم المال، و الأصل:عدالة المسلم،فكان قوله مقبولا.أمّا لو عرف أنّ له مالا و ادّعى تلفه،قال الشيخ:يكلّف بيّنة على التلف،لأنّ الأصل بقاء المال (1).و الأقرب:أنّه لا يكلّف بيّنة، عملا بعدالته.

و لو ادّعى المريض أو الشيخ أو الشابّ الذي هو ضعيف البنية العجز عن الحركة و الاكتساب،قبل قوله إجماعا،لأنّه يدّعي ما يشهد له الظاهر بصدقه.

و إن كان قويّ البنية جلدا فادّعى العجز عن الاكتساب،فالأقرب قبول قوله من غير يمين،عملا بعدالته.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى الرجلين اللذين سألاه و لم يحلّفهما (2).

و قال الشافعيّ:يحلف،لأنّه يدّعي خلاف الظاهر (3).

و لو ادّعى عيالا يعجز عن مؤونتهم،فالأقرب أيضا قبول قوله من غير يمين،كما يقبل

ص:384


1- 1المبسوط 1:247. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:118 الحديث 1633،سنن النسائيّ 5:99-100،مسند أحمد 4:224 و ج 5:362، سنن البيهقيّ 7:14،سنن الدار قطنيّ 2:119 الحديث 7.
3- 3) حلية العلماء 3:151،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:195،مغني المحتاج 3:113.

قوله أنّه غير مكتسب.

و قال الشافعيّ:يطالب بالبيّنة،لإمكانها (1).

مسألة:و لو ادّعى العبد الكتابة

،فإن أقام بيّنة أو علم صدقه فلا بحث،و إن لم يقم بيّنة و لم يعلم صدقه،فإن كذّبه السيّد لم يقبل قوله إلاّ بالبيّنة،لأنّ الأصل عدم الكتابة و بقاء رقّيّته (2)،و إن صدّقه السيّد قبل قوله،لأنّ إقرار السيّد هاهنا في حقّه،فكان مقبولا.

و قال الشافعيّ:لا يقبل،لجواز التواطؤ لأخذ الزكاة (3).و الأقرب الأوّل،لأنّ هذا الدفع يقع (4)مراعى في حقّ السيّد،فإن أعتق العبد و إلاّ طولب بالردّ.

قال الشيخ:الأولى:الأوّل فيمن عرف أنّ له عبدا،و الثاني أحوط فيمن لا يعرف ذلك من حاله (5).

و لو لم يعلم حال السيّد من تصديق أو تكذيب،فالأقرب القبول،عملا بالعدالة الثابتة بالأصالة للمسلم.

و قال الشافعيّ:لا يقبل إلاّ بالبيّنة،لإمكانها (6).

مسألة:الغارمون قسمان:

أحدهما:غارم لمصلحة ذات البين،و أمره ظاهر مشهور،لأنّه يتحمّل حمالة ظاهرة، فهذا يعطى من الصدقات.

و الثاني:غارم لمصلحة نفسه،فإن أقام البيّنة بأنّ عليه دينا قبلت،و كذا إن علم صدقه،و إن لم يحصل أحدهما،فإن صدّقه المدين،فالوجه القبول،عملا بالعدالة كما قلنا في

ص:385


1- 1حلية العلماء 3:152،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:195،مغني المحتاج 3:113.
2- 2) ح و ق:رقبته.
3- 3) حلية العلماء 3:158،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:203،مغني المحتاج 3:114.
4- 4) ق،م،ن و خا:نفع.
5- 5) المبسوط 1:253. [1]
6- 6) حلية العلماء 3:158،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:203،مغني المحتاج 3:114.

الكتابة،و إن كذّبه لم يعط شيئا،و إن لم يعلم حاله من تصديق و تكذيب فالأقرب القبول من غير يمين.

مسألة:ابن السبيل إذا ادّعى الحاجة

قبل قوله من غير يمين،عملا بالأصل،و كذا لو قال:كان لي مال فتلف.

و قال الشيخ:لا تقبل دعواه إلاّ بالبيّنة،لإمكان إقامتها على التلف مع مخالفة دعواه لأصليّة (1)البقاء (2).و الأقرب ما قلناه،و كذا لو قال:لي مال في بلدي و ليس لي هاهنا شيء.

مسألة:و يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين الزكاة عند الحاجة

،عملا بعموم الآية (3)، و لا يشترط عدالة الأب،عملا بالعموم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

قلت:الرجل يموت و يترك العيال،أ يعطون من الزكاة؟قال:«نعم،حتّى ينشأوا و يبلغوا و يسألوا،من أين كانوا يعيشون إذا قطع ذلك عنهم؟!»فقلت له:إنّهم لا يعرفون؟قال:

«يحفظ فيهم ميّتهم و يحبّب إليهم دين أبيهم فلا يلبثون أن يهتمّوا بدينهم (4)،فإذا بلغوا و عدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم» (5).

فروع:

الأوّل:لا يعطى أولاد المشركين،لأنّ أحكامهم ملحقة بأحكام آبائهم،و كذا لا يعطى أولاد المخالفين.

ص:386


1- 1ش،ف،م،ن و غ:الأصليّة.
2- 2) المبسوط 1:254. [1]
3- 3) التوبة(9):60.
4- 4) ح:بدين أبيهم،كما في الكافي و [2]الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 4:102 الحديث 287،الوسائل 6:155 الباب 6 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [4]

الثاني:لا يعطى المملوك و إن كان طفلا،لأنّ الإعطاء في الحقيقة يكون للمالك.

الثالث:تدفع الزكاة إلى وليّ الطفل،لأنّه المتولّي لأمره،سواء (1)كان رضيعا أو لا، أكل الطعام أو لا.

و منع أحمد في إحدى الروايتين من الرضيع (2).

لنا:العموم،و لأنّه محتاج (3)إلى الزكاة في أجرة الرضاع و الكسوة و النفقة كأكل الطعام،و يجوز أن يدفع إليه إن كان مراهقا.

الرابع:يجوز الدفع إلى وليّ المجنون،لحاجته إليها.

مسألة:المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته،ثمَّ استبصر

أعاد،لأنّ المستحقّ متعيّن و لم يصل إليه حقّه فيبقى المخرج في العهدة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و بكير و الفضيل و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء:الحروريّة،و المرجئة،و العثمانيّة،و القدريّة،ثمَّ يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ يعيد كلّ صلاة صلاّها أو صوم أو زكاة أو حجّ،أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك؟قال:«ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة لا بدّ (4)أن يؤدّيها،لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها و إنّما موضعها أهل الولاية» (5).

مسألة:و لو دفع الإمام أو نائبه إلى من يظنّه فقيرا فبان غنيّا

لم يضمن الدافع

ص:387


1- 1كثير من النسخ:و سواء.
2- 2) المغني 2:508.
3- 3) ح،ق،ص و خا:يحتاج.
4- 4) ح:و لا بدّ،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
5- 5) التهذيب 4:54 الحديث 143،الوسائل 6:148 الباب 3 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]

و لا المالك بلا خلاف،أمّا المالك،فلأنّه أدّى الواجب و هو الدفع إلى الإمام فيخرج عن العهدة.

و أمّا الدافع،فلأنّه نائب عن الفقراء أمين لهم،لم يوجد منه تفريط من جهته (1)فلا يضمن.و لأنّه فعل المأمور به،لأنّ الواجب الدفع إلى من يظهر منه الفقر،إذ الاطّلاع على الباطن متعذّر فيخرج عن العهدة،و لا نعلم فيه خلافا.

فروع:

الأوّل:للإمام و النائب له أن يستردّ ما دفعه مع ظهور غناه،شرط حال الدفع ذلك أو لم يشرط (2)،أعلمه أنّها زكاة أو لم يعلمه،لأنّ الظاهر من حال الإمام أنّه إنّما يفرّق الزكوات غالبا،فإن وجد المدفوع بعينه استردّه و إلاّ استردّ بدله إمّا المثل أو القيمة،و إن تعذّر ذلك ذهب من مال المساكين.

الثاني:لو كان الدافع هو المالك،قال الشيخ في المبسوط:لا ضمان عليه (3).و به قال الحسن البصريّ (4)،و أبو حنيفة (5).

و قال أبو يوسف:لا يجزئه (6).و به قال الثوريّ،و الحسن بن صالح بن حيّ،

ص:388


1- 1م،ق،ك و خا:جهة.
2- 2) م،ح و خا:يشترط.
3- 3) المبسوط 1:261.
4- 4) المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:12،تحفة الفقهاء 1:305،بدائع الصنائع 2:50،الهداية للمرغينانيّ 1:114. شرح فتح القدير 2:214،حلية العلماء 3:170،المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:12،تحفة الفقهاء 1:305،بدائع الصنائع 2:50،الهداية للمرغينانيّ 1:114، شرح فتح القدير 2:214،المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:715.

و ابن المنذر (1).و للشافعيّ قولان (2)،و عن أحمد روايتان (3).و الأقرب:سقوط الضمان مع الاجتهاد،و ثبوته مع عدمه.

لنا:أنّه أمين في يده مال لغيره فيجب عليه الاجتهاد و الاستظهار في دفعها إلى مالكها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن عبيد بن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل عارف أدّى الزكاة إلى غير أهلها زمانا،هل عليه أن يؤدّيها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟قال:«نعم»قال (4):قلت:فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدّها،أو لم يعلم أنّها عليه فعلم بعد ذلك؟قال:«ليؤدّيها إلى أهلها لما مضى»قال:قلت:فإنّه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل و قد كان طلب و اجتهد ثمَّ علم بعد سوء ما صنع؟قال:

«ليس عليه أن يؤدّيها مرّة أخرى» (5).

و عن زرارة مثله غير أنّه قال:«إن اجتهد فقد برئ،و إن قصّر في الاجتهاد و الطلب فلا» (6).

و لأنّه مأمور بالإخراج و مسوّغ له التفرقة بنفسه،و التكليف بمعرفة الباطن تكليف بما لا يطاق،فكان مكلّفا بالبناء على الظاهر مع الاجتهاد و قد امتثل،فيخرج عن العهدة.

و لأنّه دفعها إلى من ظاهره الاستحقاق فيجزئه،كالإمام.

ص:389


1- 1المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:715.
2- 2) حلية العلماء 3:170،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:230،الميزان الكبرى 2:17،المغني 2: 527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:715.
3- 3) المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714،الكافي لابن قدامة 1:458،الإنصاف 3:263- 264،الميزان الكبرى 2:17.
4- 4) كلمة«قال»لا توجد في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 4:102 الحديث 290،الوسائل 6:147 الباب 2 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
6- 6) التهذيب 4:103 الحديث 291،الوسائل 6:147 الباب 2 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]

احتجّ المخالف بأنّه دفعها إلى غير مستحقّها فلا تقع مجزئة،كالدين (1).

و الجواب:أنّه دفع مشروع،فلا يستعقب وجوب القضاء تحقيقا للإجزاء.

و ما رواه الشيخ عن[الحسين بن] (2)عثمان،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:رجل يعطي زكاة ماله رجلا و هو يرى أنّه معسر فوجده موسرا،قال:«لا يجزئ عنه» (3)محمول على عدم الاجتهاد و الاستظهار،لحديث زرارة.

الثالث:إن وجد المالك العين استردّها إن كان شرط وقت الدفع أنّها زكاة فرض، لعدم تملّك من دفعت إليه و بقاؤها إلى أربابها،و إن لم توجد استردّ المثل أو القيمة،و إن تعذّر بموت أو فقر فلا ضمان مع الاجتهاد و يضمن مع عدمه.

أمّا لو لم يشترط (4)فإنّه لا يرجع،لأنّ دفعه محتمل للوجوب و التطوّع فليس له الرجوع.

الرابع:لو بان المدفوع إليه عبده فالوجه:عدم الإجزاء مطلقا،لأنّه في الحقيقة دفع إلى المالك.

الخامس:لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحرّيّة أو العدالة،فبان كافرا أو رقّا أو فاسقا أو هاشميّا أو من تجب نفقته،قال الشيخ:الحكم فيه كما مضى في الغنيّ (5).

و قال أحمد:لا يجزئه،و تجب عليه الإعادة (6).

و للشافعيّ قولان:أحدهما:أنّه كالفقير (7).

ص:390


1- 1المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:715،الكافي لابن قدامة 1:458. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 4:102 الحديث 289،الوسائل 6:148 الباب 2 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [2]
4- 4) ن،ص و ف:يشرط.
5- 5) المبسوط 1:261. [3]
6- 6) المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714،الكافي لابن قدامة 1:458،الإنصاف 3:263.
7- 7) أكثر النسخ:كالفقر.

و الثاني:إن كان من المالك أعاد قولا واحدا،و إن كان من الإمام فقولان (1).

لنا:أنّ الواجب الدفع إلى من يظهر منه الاستحقاق،و التطلّع على الأمور الباطنة غير مأخوذ عليه و لا واجب فلا يضمن،لعدم التفريط مع الاجتهاد.

و يؤيّده:حديث عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام (2).

احتجّ المخالف بأنّه دفعه إلى غير المستحقّ فيضمن،كالدين إذا دفع (3)إلى غير مالكه.

و لأنّ الفقر (4)يخفى،لقوله تعالى يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (5)بخلاف ما ذكر،فإنّ الكفر و الفسوق و القرابة و الاتّصال بالرسول صلّى اللّه عليه و آله (6)لا يخفى مع الطلب و الاجتهاد (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّ مستحقّ الدين متعيّن،فلا يوقع إلاّ مع اليقين (8).

و عن الثاني:أنّ الخفاء و الظهور مشترك في ذلك كلّه،كيف و الاعتقاد من الأمور الباطنة و الفسوق قد يخفى خصوصا من المتظاهر بالعدالة؟

مسألة:الفقراء،و المساكين،و العاملون،و المؤلّفة

يعطون عطاء مطلقا مقطوعا (9)به لا يراعى ما يفعلون بالصدقة بلا خلاف،لأنّ الآية تدلّ (10)على استحقاقهم بلام التمليك من غير شرط.

ص:391


1- 1حلية العلماء 3:170،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:230.
2- 2) التهذيب 4:102 الحديث 290،الوسائل 6:147 الباب 2 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) بعض النسخ:دفعه.
4- 4) ف و غ:الفقير.
5- 5) البقرة(2):273. [2]
6- 6) ف،ص،م،ن و ق:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
7- 7) المغني 2:527،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714،الكافي لابن قدامة 1:458.
8- 8) ح،ق و ش:التعيّن،خا:التعيين.
9- 9) ح،ق و خا:متطوّعا.
10- 10) أكثر النسخ:دلّت.

أمّا الرقاب،و الغارمون،و في سبيل اللّه،و ابن السبيل فإنّهم يعطون عطاء مراعى (1)على خلاف.

و الفرق بين هذه الأربعة و المتقدّمة أنّ هؤلاء يأخذون الزكاة لمعنى،فإذا لم يحصل استعيدت.أمّا المتقدّمة فإنّ المقصود حصل بدفعهم و هو غنى الفقراء و المساكين و تأليف المؤلّفين و أداء أجر العاملين،و نحن نبيّن ذلك فنقول:

المكاتب إن صرف ما أخذه في (2)مال الكتابة و عتق فقد وقع موقعه إجماعا،لحصول المقصود بالدفع،و إن دفعه إلى المالك و لم يف بما عليه و استرقّه سيّده فهل يرتجع أم لا؟قال الشيخ:لا يرتجع (3). (4)و للشافعيّ وجهان (5).

لنا:أنّه دفعه إليه ليدفعه إلى سيّده،و قد حصل فلا يرتجع (6)كما لو حصل العتق.

احتجّ الشافعيّ بأنّ القصد تحصيل العتق له،فإذا لم يحصل استرجع (7).و الصحيح:

الأوّل.

و لو لم يدفعه إلى المالك بل أبرأه المولى،أو تطوّع عليه متطوّع بالأداء عنه،أو عجّز نفسه فاسترقّه المولى هل يرتجع أم لا؟قال الشيخ:لا يرتجع (8).و الأقرب:أنّه إن دفع إليه ليصرفه في الكتابة ارتجع.

لنا:أنّ الآية دلّت على تمليك الفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلّفة (9)،لأنّه

ص:392


1- 1ح،ق و خا:مراعيا.
2- 2) ح،ق و خا بزيادة:صرف.
3- 3) ح،ق و خا:لا يرجع.
4- 4) المبسوط 1:254. [1]
5- 5) حلية العلماء 3:157،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:200.
6- 6) ح،ق و خا:لا يرجع.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:202.
8- 8) المبسوط 1:250. [2]
9- 9) ش بزيادة:قلوبهم.

تعالى بيّن استحقاقهم بلام التمليك،أمّا الأربعة الأخرى فإنّه تعالى أتى فيهم بفاء الظرفيّة (1)، فجعلهم ظرفا للزكاة لا مستحقّين لها.

و لأنّ المالك مخيّر (2)في صرف الزكاة إلى من شاء من الأصناف،فبالمخالفة له الاسترجاع.

و الغارم يعطى بقدر دينه،فإن صرفه فيه فلا بحث و وقعت الزكاة موقعها،و إن لم يصرفه فيه،قال الشيخ:لا يرتجع (3).

و قال الشافعيّ:يرتجع (4).و هو الوجه،لمخالفة المالك.

احتجّ الشيخ بأنّه ملكه بالقبض فلا يحكم عليه (5).

و الجواب:ملكه مراعى،فإنّ المالك ملّكه ليصرفه في وجه مخصوص،فلا يسوغ مخالفته.

و لو دفع الغارم الغرم (6)من ماله،لم يعط شيئا،لأنّه قد أسقط الغرم و المطالبة، أمّا لو استدان و أدّاه،فإنّه يجوز أن يأخذه و يؤدّي الدين،لبقاء الغرم و المطالبة.

و الغازي يعطى ما يحتاج إليه و يقبل قوله إذا قال:أريد الغزو،و يدفع إليه دفعا مراعى،و يختلف قدر كفايته لذهابه و عوده باعتبار كونه فارسا و راجلا،فإن صرف ما دفع إليه في الغزو وقع موقعه،و إن لم يغز استعيد منه على ما تقدّم.

و إن فضل معه شيء بعد الغزو لم يستعد،لأنّا دفعنا إليه قدر كفايته و لكنّه ضيّق على

ص:393


1- 1كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:بفي الظرفيّة.
2- 2) كثير من النسخ:تخيّر.
3- 3) المبسوط 1:251، [1]الخلاف 2:134 مسألة-18.
4- 4) حلية العلماء 3:160،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:209،مغني المحتاج 3:111.
5- 5) الخلاف 2:134 مسألة-18.
6- 6) م،ن،ش و ك:المغرم.

نفسه فلا يستردّ منه.

و ابن السبيل يدفع إليه قدر كفايته لوصوله إلى بلده مع الحاجة أو قصور النفقة،فإن صرفه في ذلك وقع موقعه،و إن صرفه في غيره،قال الشيخ:لا يرتجع،لأنّه مستحقّ بسبب السفر،فلا يتحكّم عليه (1).

و الأقرب عندي:الاستعادة،لأنّ المالك قصد بالدفع المعونة،فيقتصر على قصده.

و لو فضل معه شيء من الصدقة بعد وصوله إلى بلده استعيد،لغنائه (2)في بلده،بخلاف الغازي،لأنّ المدفوع إليه كالأجرة،و هاهنا للمعونة و الحاجة،و قد زالت.

مسألة:الفقراء و المساكين و الرقاب و الغارمون لمصلحة أنفسهم

و ابن السبيل المنشئ للسفر من بلده يأخذون الزكاة مع الفقر و الحاجة و لا يأخذون مع الغني (3)،أمّا الفقير و المسكين فلزوال وصفهما مع الغناء،و أمّا الباقي،فلقوله عليه السلام:«أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأضعها في فقرائكم» (4).

و أمّا العاملون،فإنّهم يأخذون الصدقة مع الغنى و الفقر،عملا بعموم الآية.و لأنّ ما يأخذه أجرة عن (5)عمله فلا يعتبر فيه الفقر،كالحاسب و الحافظ.

و الغارمون لمصلحة ذات البين يأخذون مع الغنى و الفقر،عملا بالعموم السالم عن المخصّص،و بما رواه أبو سعيد الخدريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تحلّ الصدقة

ص:394


1- 1المبسوط 1:254. [1]
2- 2) م،ن،ش و ك:لغناه.
3- 3) أكثر النسخ:الغناء.
4- 4) لم نعثر على حديث بهذا اللفظ في المصادر الموجودة لدينا،نعم،قريب منه حديث معاذ،ينظر:صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584،سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625،سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1:379، سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
5- 5) ح،ق،خا و ش:من.

لغنيّ إلاّ لخمس» (1)و ذكر رجلا تحمّل بحمالة (2).و لأنّ تحمّله و ضمانه إنّما يقبل إذا كان غنيّا فالحاجة به ثابتة مع الغناء.

أمّا الغارم لمصلحة نفسه فقد بيّنّا أنّه يأخذ مع الفقر خاصّة،و الفرق بينهما أنّه هنا يأخذ من غير حاجة بنا إليه،فاعتبر بفقره كالفقراء و المكاتبين و أبناء السبيل.و الأوّل يأخذ لحاجتنا إليه،فلا يعتبر (3)فقره كالمؤلّفة (4).و للشافعيّ فيه قولان (5).

و الغازي يأخذ مع الغنى و الفقر،قاله الشيخ رحمه اللّه (6).و به قال الشافعيّ (7).

و قال أبو حنيفة:لا يدفع إليه إذا كان غنيّا (8).

لنا:عموم القرآن،و ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ إلاّ لخمس» (9).و قال:«أو غاز في سبيل اللّه».

و لأنّه يأخذ لحاجتنا إليه فلا يشترط فقره كالعامل.

احتجّ بأنّه تجب عليه الزكاة،فلا يدفع إليه كباقي السهمان (10).

ص:395


1- 1سنن ابن ماجه 1:589 الحديث 1841،سنن أبي داود 2:119 الحديث 1635، [1]مسند أحمد 3:56، [2]سنن البيهقيّ 7:23،تلخيص المستدرك 1:407،تفسير القرطبيّ 8:168. [3]
2- 2) ح و ق:حمالة.
3- 3) بعض النسخ:يشترط.
4- 4) ح و غ:كالعامل.
5- 5) حلية العلماء 3:159،المهذّب للشيرازيّ 1:172،المجموع 6:207.
6- 6) المبسوط 1:255، [4]الخلاف 2:135 مسألة-23.
7- 7) الأمّ 2:72،حلية العلماء 3:161،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:213،مغني المحتاج 3:111، السراج الوهّاج:356.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:10،بدائع الصنائع 2:46،الهداية للمرغينانيّ 1:112،شرح فتح القدير 2:205، مجمع الأنهر 1:223،حلية العلماء 3:161.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:589 الحديث 1841،سنن أبي داود 2:119 الحديث 1635، [5]مسند أحمد 3:56، [6]سنن البيهقيّ 7:23،تلخيص المستدرك 1:407،تفسير القرطبيّ 8:168. [7]
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 3:10،بدائع الصنائع 2:46،شرح فتح القدير 2:205،المغني 2:523.

و الجواب:أهل السهمان من يأخذ منهم لحاجتنا إليه لا يعتبر فقره كالعامل و المؤلّفة،و من يأخذ لحاجته إلينا يعتبر فقره.

و ابن السبيل المجتاز يعطى مع الغناء و الفقر،عملا بالعموم.و لأنّ حاجته عندنا ثابتة و لا يندفع إلاّ بأخذ الصدقة فشرعت (1)له،و ماله في بلده غير منتفع به فكان كالفقير.

مسألة:لو كان الأب غازيا أو عاملا أو ابن سبيل أو مكاتبا

جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته.

و كذا كلّ من تجب نفقته عليه،لأنّ ما يأخذه الغازي و العامل كالأجرة و لا يجب على الإنسان فكّ رقبة من تجب نفقته،و لا مئونة السفر الزائدة على الحضر.

إذا ثبت هذا،فإن كان من تجب نفقته ابن سبيل دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره ممّا يزيد عن نفقته الأصليّة كالحمولة و مئونة الطريق.

و لو كان مملوكه مكاتبا جاز أن يدفع إليه المولى من زكاته ما يعينه (2)على فكّ رقبته.

و قال أبو حنيفة:لا يعطيه المولى (3).و به قال ابن الجنيد (4).

لنا:عموم الآية و قوله وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللّهِ الَّذِي آتاكُمْ (5).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ ما يعطيه المولى يكون ملكا له،فلا يكون مخرجا (6).

ص:396


1- 1خا،ح و ق:فسوّغت.
2- 2) م و ن:يغنيه.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:11،تحفة الفقهاء 1:304،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:211، مجمع الأنهر 1:225.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:582. [1]
5- 5) النور(24):33. [2]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:11،تحفة الفقهاء 1:304،الهداية للمرغينانيّ 1:113،مجمع الأنهر 1:225.

و الجواب:أنّ تصرّفات المولى انقطعت عن العبد بالكتابة فكان (1)ما يدفعه بمنزلة التكسّب (2).

و لو سافرت الزوجة بإذنه كان ما يزيد عن (3)نفقة الحضر محتسبا من سهم أبناء السبيل،و لو كانت بغير إذنه كانت عاصية فلا تعان عليه بالإعطاء.

و لو كانت مكاتبة جاز أن يدفع إليها زوجها ما يعينها على فكّ رقبتها،لأنّه ليس بلازم له،و كذا لو كانت غازية (4).

مسألة:و يجوز أن يقتصر بالزكاة على شخص واحد من صنف واحد

.و به قال ابن عبّاس،و حذيفة،و عمر،و سعيد بن جبير،و الحسن البصريّ،و النخعيّ،و عطاء، و الثوريّ،و أصحاب الرأي (5).

و روي عن النخعيّ أنّه قال:إن كان المال كثيرا يحتمل الأصناف قسّمه عليهم،و إن كان قليلا جاز وضعه في صنف واحد (6).

و قال مالك:يتحرّى موضع الحاجة منهم و يقدّم الأولى فالأولى (7).

و قال الشافعيّ:يجب أن يقسّم زكاة كلّ صنف من ماله على الموجودين من الأصناف الستّة الذين سهامهم ثابتة بالسويّة،و لا يصرف حصّة كلّ صنف منهم إلى أقلّ

ص:397


1- 1بعض النسخ:و كان.
2- 2) ف:الكسب.
3- 3) ك،خا،ح و ق:على.
4- 4) ص و ف:غارمة.
5- 5) المغني 2:528،الشرح الكبير بهامش المغني 2:705،المجموع 6:186،أحكام القرآن للجصّاص 4:344، [1]تفسير القرطبيّ 8:168. [2]
6- 6) حلية العلماء 3:148،المغني 2:528،الشرح الكبير بهامش المغني 2:705،المجموع 6:186.
7- 7) الموطّأ 1:268،المدوّنة الكبرى 1:295،بداية المجتهد 1:275،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:125، حلية العلماء 3:149،المغني 2:528.

من ثلاثة (1).و به قال عكرمة (2)،و عن أحمد روايتان (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لمعاذ:«أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ (4)في فقرائهم» (5).فأخبر بأنّه مأمور بردّ الزكاة بأسرها إلى صنف واحد،هم الفقراء،و لم يذكر سواهم.ثمَّ إنّه عليه السلام جاءه مال فجعله في صنف آخر غير الفقراء،و هم المؤلّفة كالأقرع بن حابس،و عيينة بن حصن،و علقمة (6)،و زيد الخيل (7)،قسّم فيهم (8)الصدقة التي بعث بها عليّ عليه السلام إليه من اليمن (9).

ص:398


1- 1الأمّ 2:71 و 90-91،حلية العلماء 3:149-150،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:216،217، مغني المحتاج 1:116-117،الميزان الكبرى 2:14،السراج الوهّاج:357-358.
2- 2) المغني 2:528،الشرح الكبير بهامش المغني 2:705،المجموع 6:186.
3- 3) المغني 2:528،الشرح الكبير بهامش المغني 2:705،الكافي لابن قدامة 1:446،الإنصاف 3:248. [1]
4- 4) ش،ح،خا و ق:و تردّ،كما في بعض المصادر.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [2]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [3]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1:379، [4]سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
6- 6) علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامريّ الكلابيّ كان من أشراف بني ربيعة بن عامر،و كان من المؤلّفة قلوبهم،و كان سيّدا في قومه.ارتدّ في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لحق بالشام،فلمّا توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل إلى أبي بكر و أسلم و استعمله عمر على حوران فمات بها،روى عنه أبو سعيد الخدريّ أنّه أكل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.أسد الغابة 4:13، [5]الإصابة 2:503،504. [6]
7- 7) زيد بن مهلهل بن زيد بن منهب بن عبد رضا بن المختلس.و اسمه سودان بن عمرو بن الغوث الطائيّ النبهانيّ المعروف بزيد الخيل و كان من المؤلّفة قلوبهم ثمَّ أسلم و حسن إسلامه وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سنة تسع و سمّاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله زيد الخير و كان يكنّى أبا مكنف و كان له ابنان مكنف و حريث أسلما و صحبا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و شهدا قتال أهل الردّة،قيل:لمّا انصرف من عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذته الحمّى فلمّا وصل إلى أهله مات،و قيل:بل توفّي آخر خلافة عمر.أسد الغابة 2:242،243، [7]الإصابة 1: 572،573. [8]
8- 8) ح،ق و خا:بينهم.
9- 9) صحيح مسلم 2:737 الحديث 1060 و ص 741 الحديث 1064،سنن البيهقيّ 7:18.

و جاءه مال آخر فجعله في صنف واحد،لأنّه عليه السلام أعطاه لقبيصة (1)بن المخارق لمّا تحمّل حمالة،فقال له عليه السلام:«أقم يا قبيصة حتّى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» (2).و أمر لسلمة بن صخر (3)بصدقة قومه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقسّم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي،و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر،و لا يقسّمها بينهم بالسويّة إنّما يقسّمها بينهم على قدر ما يحضره منهم»و قال:«ليس في ذلك شيء مؤقّت» (5).

و لأنّه لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي،فلا يجب ذلك إذا فرّقها المالك.و لأنّه لا يجب عليه تعميم أشخاص كلّ صنف،فجاز الاقتصار على واحد،كما لو أوصى لجماعة منتشرين.

احتجّ المخالف (6)بقوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ (7).شرّك بينهم فيها، فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كالخمس.

و الجواب:المراد من الآية بيان المصرف و الأصناف التي تصرف الزكاة إليهم لا إلى

ص:399


1- 1م،ص و ك:بقبيصة.
2- 2) صحيح مسلم 2:722 الحديث 1044،سنن أبي داود 2:120 الحديث 1640، [1]مسند أحمد 5:60، [2]سنن البيهقيّ 7:21 و 23.
3- 3) سلمة بن صخر بن سلمان بن الصّمّة بن حارثة.الأنصاريّ الخزرجيّ له حلف في بني بياضة فقيل له:البياضيّ و قيل في اسمه:سلمان،و الأصحّ سلمة و هو الذي ظاهر امرأته.أمر له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصدقات بني زريق و هم بطن من بني بياضة.حكى ابن حجر عن البغويّ أنّه قال:لا أعلم له حديثا مسندا إلاّ حديث الظهار. أسد الغابة 2:337، [3]الإصابة 2:66، [4]تهذيب التهذيب 4:147. [5]
4- 4) سنن أبي داود 2:265 الحديث 2213،المستدرك للحاكم 2:203،سنن البيهقيّ 7:390.
5- 5) التّهذيب 4:103 الحديث 292،الوسائل 6:183 الباب 28 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [6]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:173،مغني المحتاج 3:116.
7- 7) التوبة(9):60. [7]

غيرهم.

فروع:

الأوّل:الأفضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم و التشريك بينهم،لأنّ لكلّ واحد منهم قسطا.و لأنّه يخرج به عن الخلاف.

الثاني:يجوز تفضيل بعضهم على بعض،لأنّ حرمان بعضهم سائغ،فالتفضيل عليه أولى.

الثالث:يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد على غناه.و هو قول علمائنا أجمع، و به قال أصحاب الرأي (1).

و قال الثوريّ (2)،و مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و أبو ثور:يعطى قدر ما يغنيه من غير زيادة (5).و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:لا يجوز أن يدفع إليه قدر غناه بل دونه (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«خير الصدقة ما أبقت غنى» (7).

ص:400


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:13،بدائع الصنائع 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:114،شرح فتح القدير 2:216، المغني 2:529.
2- 2) المغني 2:529،بداية المجتهد 1:278.
3- 3) بداية المجتهد 1:278،بلغة السالك 1:234،تفسير القرطبيّ 8:190، [1]المغني 2:529.
4- 4) حلية العلماء 3:151،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:193،المغني 2:529. [2]
5- 5) المغني 2:529.
6- 6) المغني 2:529،الشرح الكبير بهامش المغني 2:700،الكافي لابن قدامة 1:453،الإنصاف 3:338. [3]
7- 7) مسند أحمد 3:434، [4]كنز العمّال 6:396 الحديث 16232،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:115 الحديث 12726.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سعيد بن غزوان (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟قال:«أعطه من الزكاة حتّى تغنيه» (2).

و عن زياد بن مروان،عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:«أعطه ألف درهم» (3).

و عن؟؟؟ بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام.قلت:خمسمائة؟قال:«نعم، حتّى تغنيه» (4).

و عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل،كم يعطى الرجل من الزكاة؟قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«إذا أعطيته فأغنه» (5).

و لأنّه بدون الغنى يستحقّ الأخذ،فيجوز (6)الدفع إليه.و لأنّ الغارم (7)و المكاتب و ابن السبيل يدفع إليهم قدر كفايتهم،فكذا الفقير،و هذا يبطل قول أحمد الثاني.

ص:401


1- 1سعيد بن غزوان الأسديّ مولاهم كوفيّ أخو فضيل،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ثقة،قاله النجاشيّ، و قال الشيخ في الفهرست:سعيد بن غزوان له أصل،و عدّه في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا سعيد بن غزوان الأسديّ كوفيّ.قال السيّد الخوئيّ:أنّ نسخة النجاشيّ المطبوعة مشتملة في ترجمة الرجل على كلمة (ثقة)إلاّ أنّ العلاّمة لم يتعرّض لترجمة الرجل فهو من باب السهو أو لأجل أنّ نسخته لم تكن مشتملة على تلك الكلمة،فعلى ذلك تكون نسخ النجاشيّ مختلفة من جهة الاشتمال على التوثيق و عدمه فلا يمكننا أن نجزم بأنّ النجاشيّ وثّقه و طريق الشيخ إليه ضعيف بأبي المفضّل و ابن بطّة.رجال النجاشيّ:181،رجال الطّوسيّ:205، الفهرست:77، [1]معجم رجال الحديث 8:128. [2]
2- 2) التهذيب 4:63 الحديث 170،الوسائل 6:179 الباب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [3]
3- 3) التهذيب 4:63 الحديث 171،الوسائل 6:179 الباب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 6. [4]
4- 4) التهذيب 4:63 الحديث 172،الوسائل 6:180 الباب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 7. [5]
5- 5) التهذيب 4:64 الحديث 174،الوسائل 6:179 الباب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [6]
6- 6) خا و ح:فيختصّ.
7- 7) ك،خا،ح و ق:الغازي.

احتجّ المانع بأنّ الغنيّ يمنع ابتداء،فكذا مقارنه (1).

و الجواب:المنع من الدفع إلى الغنيّ لا يستلزم المنع من دفع ما يصير به غنيّا.نعم، لو دفع إليه ما يصير به غنيّا حرم عليه الزائد.

الرابع:الغارم يعطى ما يدفع قدر حاجته لا غير،كثر الدّين أو قلّ،و لا يدفع إليه ما يزيد عن دينه،لأنّه لو أخرجه في غيره استعيد.

و كذا المكاتب و ابن السبيل يعطى ما يبلغه بلده.و الغازي يعطى ما يكفيه لغزوه.

و العامل يعطى قدر أجرته أو سهمه،فإن قدّر له الإمام أجرة و لم يبلغ نصيبه تلك الأجرة دفع إليه الإمام باقي أجرته من بيت المال.و لو أعطاه الإمام من سهم غيره جاز بناء على مذهبنا.و للشافعيّ هنا قولان (2).

و لو زاد نصيبه عن الأجرة المقرّرة كان الزائد مصروفا إلى بقيّة الأصناف.

مسألة:قال بعض علمائنا:يحرم نقل الصدقة من بلدها

(3)

مع وجود المستحقّ فيه (4).و به قال عمر بن عبد العزيز،و سعيد بن جبير،و طاوس،و النخعيّ (5)، و مالك (6)،و الثوريّ (7)،و أحمد (8).

ص:402


1- 1المغني 2:529.
2- 2) حلية العلماء 3:149،المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:188.
3- 3) خا،ح و ق:و يحرم.
4- 4) ينظر:الخلاف 1:310 مسألة-25،و ج 2:131 مسألة-8.
5- 5) المغني 2:530،الشرح الكبير بهامش المغني 2:676،المجموع 6:221.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:287،بلغة السالك 1:235،تفسير القرطبيّ 8:175، [1]الميزان الكبرى 1:287، المجموع 6:221،عمدة القارئ 9:92.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 4:341، [2]المجموع 6:221.
8- 8) المغني 2:530،الشرح الكبير بهامش المغني 2:676،الكافي لابن قدامة 1:444،الإنصاف 3:200، [3]الميزان الكبرى 2:16.

و قال أبو حنيفة:يجوز (1)،و به قال المفيد من علمائنا (2)،و الشيخ في بعض كتبه (3)، و هو الأقرب عندي،و للشافعيّ قولان (4).

حجّة أصحابنا ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لمعاذ:«فإن أجابوك فأعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (5).و هذا يدلّ على اختصاص فقراء بلدهم.و[لمّا] (6)بعث معاذ الصدقة من اليمن إلى عمر أنكر ذلك عمر و قال:لم أبعثك جابيا و لا آخذ جزية و لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردّ في فقرائهم،فقال معاذ:ما بعثت إليك بشيء و أنا أجد أحدا يأخذه منّي (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل بعث زكاة (8)ماله لتقسّم فضاعت،هل عليه ضمانها؟قال:«إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتّى يدفعها،و إن لم يجد من يدفعها إليه فبعث (9)بها إلى أهلها،فليس عليه ضمان،لأنّها قد خرجت من يده» (10).

ص:403


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:180،الهداية للمرغينانيّ 1:115،شرح فتح القدير 2:217،عمدة القارئ 9: 92،الميزان الكبرى 2:16،المجموع 6:221، [1]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:126.
2- 2) المقنعة:39.
3- 3) المبسوط 1:245. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:163،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:220،مغني المحتاج 3:118،الميزان الكبرى 2:16،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:126،المبسوط للسرخسيّ 1:181،بدائع الصنائع 2:75.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:158،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [3]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [4]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1: 379، [5]سنن البيهقيّ 4:96،سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 4،5.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) الأموال لأبي عبيد:550 الحديث 1915.
8- 8) ح:بزكاة،كما في المصدر.
9- 9) أكثر النسخ:فيبعث.
10- 10) التهذيب 4:47 الحديث 125،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [6]

و لنا على جواز النقل:ما رواه الجمهور عن معاذ أنّه قال لأهل اليمن ائتوني بخميس (1)أو لبئس (2)آخذه منكم في الصدقة مكان الذرة و الشعير،فإنّه أسهل عليكم و أنفع للمهاجرين و الأنصار بالمدينة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن درست بن أبي منصور،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده،فقال:«لا بأس أن يبعث بالثلث أو الربع»الشكّ من أبي محمّد (4).

و عن يعقوب بن شعيب الحدّاد،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:قلت له:الرجل منّا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله؟قال:«يضعها في إخوانه و أهل ولايته» قلت:فإن لم يحضره منهم فيها أحد؟قال:«يبعث بها إليهم»قلت:فإن لم يجد من يحملها إليهم؟قال:«يدفعها إلى من لا ينصب»قلت:فغيرهم؟قال:«ما لغيرهم إلاّ الحجر» (5).

و عن أحمد بن حمزة قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر و يصرفها في إخوانه فهل يجوز ذلك؟قال:«نعم» (6).

و الجواب عن الأوّل:بمنع اقتضاء الإضافة اختصاص فقراء المدينة،فإنّ الشيء قد يضاف إلى غيره بأدنى ملابسة،و لهذا يقال لأحد حاملي الخشبة:خذ طرفك،و مع التساوي في الأثمان (7)تصحّ الإضافة،و إنكار عمر ليس بحجّة و لا يدلّ على التحريم، أقصى ما في الباب أنّه يدلّ على الكراهية لخوف الطريق و تعلّق الضمان،و حديث محمّد بن

ص:404


1- 1الخميس:الثوب الذي طوله خمس أذرع.النهاية لابن الأثير 2:79. [1]
2- 2) اللبيس مثال كريم:الثوب يلبس كثيرا.المصباح المنير 2:548. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 4:113،النهاية لابن الأثير 2:79. [3]
4- 4) التهذيب 4:46 الحديث 120،الوسائل 6:196 الباب 37 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 4:46 الحديث 121،الوسائل 6:196 الباب 37 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 4:46 الحديث 122،الوسائل 6:196 الباب 37 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [6]
7- 7) غ،ف و ص:الأيمان،ح،ق و خا:الأثمار.

مسلم يدلّ على وجوب الضمان مع التلف و ليس (1)موضع النزاع.

فروع:

الأوّل:إذا قلنا:بجواز النقل كان مكروها،و الأولى صرفها إلى فقراء بلدها دفعا للخلاف.

الثاني:لو نقلها مع وجود المستحقّ ضمن إجماعا،لأنّ المستحقّ موجود و الدفع ممكن،فالعدول إلى الغير يقتضي وجوب الضمان.

و يؤيّده:رواية محمّد بن مسلم (2)،و ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسّمها،فضاعت،فقال:«ليس على الرسول و لا على المؤدّي ضمان»قلت:فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيّرت أ يضمنها؟قال:

«لا،و لكن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن من حين أخّرها» (3).

الثالث:لو قلنا بتحريم النقل فنقلها أجزأته إذا وصلت إلى الفقراء.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (4)،و للشافعيّ قولان (5)،و عن (6)أحمد روايتان (7).

لنا:أنّه دفع المال إلى مستحقّه فيخرج عن العهدة،كما لو فرّقها في بلدها.

احتجّ المخالف بأنّه دفع إلى غير من أمر بالدفع إليه،فأشبه ما لو دفعها إلى غير

ص:405


1- 1ش:و ليس هو.
2- 2) التهذيب 4:47 الحديث 125،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 4:48 الحديث 126،الوسائل 6:198 الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]
4- 4) المغني 2:531،الهداية للمرغينانيّ 1:115،بلغة السالك 1:235.
5- 5) حلية العلماء 3:163،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:221،مغني المحتاج 3:118.
6- 6) ش،م و ن:و عند.
7- 7) المغني 2:531،الشرح الكبير بهامش المغني 2:676،الكافي لابن قدامة 1:444،الإنصاف 3:201.

الأصناف (1).

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

الرابع:لو لم يوجد المستحقّ في بلدها جاز نقلها مع ظنّ السلامة،و لا يضمن مع التلف حينئذ بلا خلاف،لأنّ الدفع واجب و لا يمكن إلاّ بالنقل فيكون جائزا،و لا يضمن، لأنّه تصرّف تصرّفا مشروعا مأذونا فيه،فلا يترتّب عليه الضمان.

و يؤيّده:روايتا محمّد بن مسلم،و زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

الخامس:إذا نقلها اقتصر على أقرب الأماكن التي يوجد المستحقّ فيها استحبابا عندنا،و وجوبا عند القائلين بتحريم النقل.

السادس:لو كان المال في بلد و صاحبه في آخر استحبّ له أن يخرج الزكاة في بلد المال،و لو كان بعضه عنده و بعضه في مصر آخر فالأولى أن يخرج زكاة كلّ مال حيث هو.

أمّا زكاة الفطرة فالأولى أن يخرجها في بلده و إن كان المال في غير بلده،لأنّه سبب وجوبها فاستحبّ له إخراجها في بلد السبب.

السابع:لو وجد بعض السهمان في بلد،فالأولى قسمتها أجمع عليهم،سواء فقد الباقي من (2)كلّ البلاد أو لم يفقد.

و الشافعيّ لمّا حرّم النقل جوّزه هنا على أحد القولين إن كانوا موجودين في غيره من البلاد (3)،لأنّه يوجب التشريك،و إن فقدوا في الجميع أخرج الزكاة على الموجودين.

الثامن:لو لم يوجد المستحقّ استحبّ له عزلها،لأنّه مال لغيره فلا يتصرّف فيه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«إذا حال الحول فأخرجها من مالك و لا تخلطها بشيء،ثمَّ أعطها كيف شئت»قلت (4):فإن

ص:406


1- 1المغني 2:531،المهذّب للشيرازيّ 1:173.
2- 2) ح،ق و خا:في.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:171،المجموع 6:221.
4- 4) ح:قال:قلت،كما في المصدر.

أنا كتبتها و أثبّتها أ يستقيم لي؟قال:«نعم،لا يضرّك (1)» (2).

و يستحبّ الإيصاء بها،لأنّه ربّما اشتبهت على الورثة لو فجئه الموت،فيكون سببا لمنع المستحقّ عن حقّه.أمّا لو أدركته الوفاة و لم يوص بها وجبت عليه الوصيّة.

مسألة:و لو اتّصف المستحقّ بصفات مختلفة

يستحقّ بكلّ واحدة منها الزكاة جاز أن يدفع إليه بكلّ صفة نصيبا،فلو كان الفقير غازيا جاز أن يدفع إليه من سهم الفقراء و الغزاة،و كذا في باقي الأوصاف.و للشافعيّ قولان (3).

لنا:أنّ السبب علّة في المسبّب و لا تنافي بينهما،فيؤثّر كلّ منهما في الاستحقاق،كما لو كان في الغانمين ذوو القربى (4)،فإنّه يدفع إليه سهم الحضور و سهم ذوي القربى.

احتجّ الشافعيّ (5)بقوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ (6)و هو يدلّ على التغاير.

و الجواب:التغاير ثابت و إن اتّحد الشخص باعتبار تغاير الصفة.

مسألة:و أقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل

،و هو خمسة دراهم أو نصف دينار،قاله الشيخان (7)،و ابنا بابويه (8)،و أكثر علمائنا (9).

ص:407


1- 1كلمة:«لا يضرّك»توجد فقط في ح،كما في المصدر.
2- 2) التهذيب 4:45 الحديث 119،الوسائل 6:213 الباب 52 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:163،المهذّب للشيرازيّ 1:173،المجموع 6:219،مغني المحتاج 3:116، السراج الوهّاج:357.
4- 4) م،ن و ش:ذو القربى.
5- 5) مغني المحتاج 3:116.
6- 6) التوبة(9):60. [2]
7- 7) الشيخ المفيد في المقنعة:4،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:260،النهاية:189، [3]الجمل و العقود:104، الاقتصاد:426.
8- 8) ينظر قوليهما في الفقيه 2:10،المقنع:50.
9- 9) منهم:أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:172،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):568.

و قال سلاّر:يجوز الاقتصار على ما يجب في النصاب الثاني،و هو درهم أو قيراطان (1).و به قال ابن الجنيد (2).و لم يقدّره علم الهدى (3)،و لا الجمهور،و الأشهر في الروايات ما ذكره الشيخان،روى الشيخ عن أبي ولاّد الحنّاط،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:سمعته يقول:«لا يعطى أحد من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم و هو أقلّ ما فرض اللّه من الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا (4)أقلّ من خمسة دراهم فصاعدا» (5).

و عن معاوية بن عمّار و عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قالا:قال:

«لا يجوز أن تدفع الزكاة أقلّ من خمسة دراهم،فإنّها أقلّ الزكاة» (6).

احتجّ سلاّر بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن أبي الصهبان قال:كتبت إلى الصادق عليه السلام:هل يجوز لي يا سيّدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين و الثلاثة الدراهم فقد اشتبه ذلك عليّ؟فكتب:«ذلك جائز» (7).

و احتجّ السيّد المرتضى بقوله تعالى وَ آتُوا الزَّكاةَ (8)و هذا الأمر مطلق فكما يجوز إعطاء الأكثر،فكذا الأقلّ.

و الجواب عن الأوّل:أنّ ما ذكرناه أكثر في الأحاديث و يشتمل على المشافهة،

ص:408


1- 1المراسم:133.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:590. [1]
3- 3) جمل العلم و العمل:125،الانتصار:82.
4- 4) في النسخ:و لا يعطى أحد،مكان:فلا تعطوا أحدا.
5- 5) التهذيب 4:62 الحديث 167،الاستبصار 2:38 الحديث 116،الوسائل 6:177 الباب 23 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]
6- 6) التهذيب 4:62 الحديث 168،الاستبصار 2:38 الحديث 117،الوسائل 6:178 الباب 23 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [3]
7- 7) التهذيب 4:63 الحديث 169،الاستبصار 2:38 الحديث 118،الوسائل 6:178 الباب 23 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 5. [4]
8- 8) البقرة(2):43،83 و [5] 110.النور(24):56، [6]المزّمّل(73):20. [7]

و هذا الحديث يتضمّن المكاتبة،و المشافهة أولى،و يحتمل أنّ العطيّة من النصاب الثاني و الثالث،فإنّه يجوز إذا أدّى ما وجب في الأوّل إلى الفقير أن يعطي ما وجب في النصاب الثاني إليه أو إلى غيره بحيث لا يعطي الفقير أقلّ ممّا وجب في النصاب الذي أخرج منه الزكاة.

و عن الثاني:أنّ الأمر بالإيتاء لا يدلّ على كيفيّته فيرجع فيه إلى المنقول.

و لا حدّ لأكثر ما يعطى،فإنّه يجوز أن يعطى الواحد ما يزيد على غناه دفعة واحدة.

و لو أعطاه ما يغنيه حرّم عليه أن يعطيه الزيادة،و قد مضى ذلك (1).

مسألة:و ينبغي أن يعطى زكاة الذهب و الفضّة و الثمار و الزروع

أهل الفقر و المسكنة المعروفين بأخذ الزكوات،و زكاة النعم أهل التجمّل المترفّعين عن أخذها.

روى ذلك عبد اللّه بن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ صدقة الخفّ و الظلف (2)تدفع إلى المتجمّلين من المسلمين،و أمّا صدقة (3)الذهب و الفضّة و ما كيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فللفقراء (4)المدقعين (5)»قال ابن سنان:قلت:و كيف صار هذا هكذا؟ (6)فقال:«لأنّ المتجمّلين (7)يستحيون من الناس،فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس» (8).

ص:409


1- 1يراجع:ص 400.
2- 2) في النسخ:صدقة الظلف و الخفّ.
3- 3) أكثر النسخ:و صدقة،مكان:و أمّا صدقة.
4- 4) أكثر النسخ:للفقراء.
5- 5) دقع من باب تعب لصق(بالدقعاء)ذلاّ و هي التراب.المصباح المنير:197. [1]
6- 6) أكثر النسخ:و كيف ذلك،مكان:و كيف صار هذا هكذا.
7- 7) في المصادر:لأنّ هؤلاء متجمّلون،مكان:لأنّ المتجمّلين.
8- 8) الكافي 3:550 الحديث 3، [2]التهذيب 4:101 الحديث 286،الوسائل 6:182 الباب 26 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [3]

و لو أستحيي الفقير من طلبها استحبّ أن يواصل (1)بها و لا يعلم بأنّها صدقة،لأنّ القدر الواجب الأداء،و هو يتحقّق بدون الإعلام،و في تركه تعظيم للمؤمن،فكان مستحبّا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة،فأعطيه من الزكاة و لا أسمّي له أنّها من الزكاة؟قال:

«أعطه و لا تسمّ له و لا تذلّ المؤمن» (2).

فرع:

يكره لمستحقّ الزكاة مع الحاجة منعها و عدم قبوله لها للضرورة

،و لما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن هلال قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«تارك الزكاة و قد وجبت له مثل مانعها و قد وجبت عليه» (3).

مسألة:و من أعطى غيره مالا من الزكاة

أو غيرها من الصدقات ليفرّقها على الفقراء أو غيرهم من الأصناف و كان متّصفا بالصفة التي اتّصف بها من أمر بالتفرقة عليهم، جاز له أن يأخذ مثل ما يعطى غيره إن لم يكن المالك قد عيّن له قوما بأعيانهم،لأنّه مأمور بالإيصال إلى المستحقّين،و هو من جملتهم،فكان داخلا تحت الأمر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن الحسين بن عثمان،عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل أعطي مالا ليفرّقه فيمن يحلّ له،إله أن يأخذ منه شيئا لنفسه و لم يسمّ له؟قال:

قال:«يأخذ[منه] (4)لنفسه مثل ما يعطي غيره» (5).

و هل له أن يأخذ أكثر ممّا يعطى غيره أو يأخذه بأسره و يمنع غيره؟منع الأصحاب

ص:410


1- 1ح و ق:أن يوصل.
2- 2) التهذيب 4:103 الحديث 294،الوسائل 6:219 الباب 58 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 4:103 الحديث 293،الوسائل 6:218 الباب 57 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 1. [2]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:104 الحديث 295،الوسائل 6:200 الباب 40 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [3]

منه،لدلالة الحديث عليه.

أمّا لو عيّن المالك له أقواما بأعيانهم،لم يجز له التخطّي و إعطاء غيرهم،و لا أن يساهمهم إجماعا،لأنّ الأغراض قد تختلف،و للمالك الخيرة في صرفه إلى من شاء، فالتعدّي حرام.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسّمها و يضعها في مواضعها،و هو ممّن تحلّ له الصدقة؟قال:«لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره»قال:«و لا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسمّاة إلاّ بإذنه» (1).

مسألة:و ينبغي للساعي إذا أراد التفرقة التشريك بين الأصناف

،و لو خصّ صنفا بل شخصا واحدا،جاز على ما تقدّم (2)،إلاّ أنّ الأفضل التشريك.

إذا ثبت هذا،فإنّه ينبغي له أن يكتب أسماء الفقراء عنده ثمَّ يستجبي الصدقات،لأنّ ذلك أحفظ لها،فإذا جباها أخذ سهمه،لأنّه يأخذ على طريق الأجرة و المعاوضة،فكان مقدّما على غيره،و ليس له شيء موظّف،بل ما يقدّره الإمام بنظره من أجرة أو سهم.

و لو أذن له مطلقا و لم يقدّر شيئا أخذ أجرة مثله ثمَّ يعطي كلّ صنف نصيبه فيقسّم (3)عليهم بقدر كفايتهم،فإن فضل نصيب كلّ صنف نقل الفاضل إلى أقرب المواطن من ذلك البلد و فرّقه فيه،و إن فضل نصيب بعضهم نقل فاضلهم،و لو فضل بعض و قصر بعض (4)ردّ الفاضل على من قصر نصيبه.

و للشافعيّ قولان:أحدهما هذا،و الثاني:ينقله إلى أقرب البلدان فيفرّقه في أربابه (5)

ص:411


1- 1التهذيب 4:104 الحديث 296،الوسائل 6:200 الباب 40 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 3. [1]
2- 2) يراجع:ص 397.
3- 3) أكثر النسخ:فيقسّمه.
4- 4) ح و ق:لبعض.
5- 5) ح،ق و خا:أرباب.

أهل النصيب بناء على وجوب التشريك (1).

مسألة:و يعطى الغازي ما يشتري به الحمولة

(2)إن احتاج إليها،و فرسا إن كان فارسا أو احتاج إليها،و ما يشتري به السلاح.

و يعطى ابن السبيل ما يوصله إلى موطنه أو إلى البلد الذي يريده.و إن احتاج إلى العود دفع إليه ما يكفيه ذهابا و عودا.

و لو أقام في البلد الذي قصده أخذ نفقة أيّام إقامته إذا لم يزد على عشرة أيّام،فإن كانت عشرة فهل يعطى شيئا أم لا؟فيه تردّد ينشأ من خروجه عن اسم السفر إلى كونه مقيما شرعا،و من بقاء الاسم حقيقة و عرفا،و الأقرب:جواز إعطائه (3)،خلافا للشيخ (4).

و لو طلب حمولة أعطي مع الحاجة،سواء كان السفر طويلا أو قصيرا،و سواء كان ضعيفا أو قويّا.و لو احتاج إلى كسوة أعطي للصيف و الشتاء بحسبهما.

و لو اجتمع حقّ أهل السهمان في بعير أو بقرة أو شاة جاز للإمام أن يبيعه و يفرّق ثمنه فيهم على حسب نظره،و يجوز له أن يدفعه إليهم يكون مشتركا بينهم.

فرع:

أهل السهمان إنّما يستحقّون النصيب عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم

.و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:يستحقّون وقت الوجوب (5).

لنا:أنّ للمالك التخصيص و حرمان البعض،لما تقدّم (6).و التملّك ينافي ذلك،

ص:412


1- 1حلية العلماء 3:167،المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:225،مغني المحتاج 3:118.
2- 2) الحمولة-بالفتح-البعير،و قد يستعمل في الفرس و البغل و الحمار.المصباح المنير 1:152. [1]
3- 3) كثير من النسخ:جوازه،مكان:جواز إعطاءه.
4- 4) المبسوط 1:257.
5- 5) المجموع 6:226.
6- 6) يراجع:ص 397.

و الشافعيّ بناه على أصله من وجوب التشريك،و قد أبطلناه (1).

فلو مات فقير بعد وجوب الزكاة قبل الدفع إليه لم يستحقّ وارثه شيئا.

و قال الشافعيّ:يستحقّ (2).و قد سلف بطلانه (3).

مسألة:يكره للرجل شراء صدقته و استيهابها

و بالجملة تملّكها اختيارا،و لا بأس بعودها إليه بميراث و شبهه.ذهب إليه علماؤنا أجمع و أكثر أهل العلم (4).

و قال مالك (5)،و أحمد:لا يجوز (6).

لنا على الجواز:قوله تعالى إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ (7).و التقدير وجود الرضا من المالك و الفقير.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تحلّ الصدقة لغنيّ إلاّ لخمسة:لغاز في سبيل اللّه،أو لغارم،أو لعامل عليها،أو لرجل اشتراها بماله،أو رجل له جار مسكين فتصدّق على المسكين فأهدى المسكين للغنيّ» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا أخرجها-يعني الشاة-فليقوّمها فيمن يريد،فإذا قامت على ثمن فإن أراد صاحبها فهو أحقّ بها،و إن لم يردها فليبعها» (9).

ص:413


1- 1يراجع:ص 399.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:174،المجموع 6:226.
3- 3) ينظر:ص 412.
4- 4) المجموع 6:241،إرشاد الساري 3:75، [1]عمدة القارئ 9:85.
5- 5) الموطّأ 1:282،المدوّنة الكبرى 1:339،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:144،145.
6- 6) المغني 2:513، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 2:565. [3]
7- 7) النساء(4):29. [4]
8- 8) سنن أبي داود 2:119 الحديث 1635، [5]سنن ابن ماجه 1:589 الحديث 1841،الموطّأ 1:268 الحديث 29، [6]سنن البيهقيّ 7:22،سنن الدار قطنيّ 2:121 الحديث 3،المصنّف لعبد الرزّاق 4:109 الحديث 7151.
9- 9) التهذيب 4:98 الحديث 276،الوسائل 6:89 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 3. [7]

و لأنّ دفع القيمة جائز على ما سلف بيانه (1)،فابتياعها أولى.

احتجّوا (2)بما روي عن عمر قال:حملت على فرس في سبيل اللّه فأضاعه الذي كان عنده،فظننت (3)أنّه بائعه (4)برخص فأردت أن أشتريه،فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:«لا تبتعه و لا تعد في صدقتك و لو أعطاكه (5)بدرهم،فإنّ العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه» (6).

و الجواب:الظاهر أنّ عمر كان وقف ذلك الفرس،و لهذا قال:لا تعد في صدقتك، فأمّا الشراء فليس عودا فيها.و يحتمل انصراف النهي إلى الاسترجاع بغير عوض،فإنّ اللفظ لا يتناول الشراء،كالعود في الهبة.و يعضده:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«العائد في هبته كالعائد في قيئه» (7).

و لو اشترى الواهب ما وهبه لم يكن مكروها،و يحتمل انصراف النهي إلى الكراهية جمعا بين الأدلّة.

فروع:

الأوّل:الجواز و إن كان ثابتا لكنّه مكروه بلا خلاف،لأنّها طهارة للمال فيكره شراء طهور ماله.و لأنّه ربّما أستحيي الفقير فيغابن معه و أرخصها عليه فيكون ذلك

ص:414


1- 1يراجع:ص 235.
2- 2) المغني 2:513،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:144.
3- 3) غ و ف:و ظننت.
4- 4) في النسخ:باعه،و ما أثبتناه من المصادر.
5- 5) غ و ف:أعطاك هو،مكان:أعطاكه.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:157 و ج 3:215 و ج 4:71،صحيح مسلم 3:1239 الحديث 1620،سنن أبي داود 2:108 الحديث 1593، [1]سنن النسائيّ 5:108،الموطّأ 1:282 الحديث 49، [2]سنن البيهقيّ 4:151.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:215،صحيح مسلم 3:1241 الحديث 1622،سنن ابن ماجه 2:797 الحديث 2385،سنن النسائيّ 6:266 و 270،مسند أحمد 1:250،280،291،339،242 و 245.

وسيلة إلى استرجاع بعضها،و ربّما طمع الفقير في غيرها منه فأسقط بعض ثمنها.

الثاني:لو اشتراها انعقد البيع و ملكها المشتري بلا خلاف بين العلماء،إلاّ من أحمد فإنّه قال ببطلان البيع (1).

لنا:ما تقدّم من الجواز.

الثالث:لو عادت إليه بميراث لم يكن مكروها بلا خلاف،إلاّ من الحسن بن حيّ، و ابن عمر (2).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ رجلا تصدّق على أمّه بصدقة ثمَّ ماتت فسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«قد قبل اللّه تعالى صدقتك و ردّها إليك الميراث» (3).

الرابع:لو احتاج إلى شرائها بأن يكون الفرض جزءا من حيوان لا يتمكّن الفقير من الانتفاع به و لا يشتريه غير المالك،أو يحصل للمالك ضرر بشراء غيره جاز شراؤها و زالت الكراهية إجماعا.

مسألة:العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات و لا وارث له

ورثه أرباب الزكاة.ذهب إليه علماؤنا،لأنّه اشتري من مال الزكاة فكان في الحقيقة لأربابها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سألته عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع ذلك إليه،فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيده (4)فاشتراه بتلك الألف الدرهم (5)التي أخرجها من زكاته فأعتقه،هل يجوز ذلك؟قال:«نعم،لا بأس بذلك»قلت:فإنّه لمّا (6)أعتق و صار حرّا اتّجر و احترف

ص:415


1- 1المغني 2:513،الشرح الكبير بهامش المغني 2:665.
2- 2) المغني 2:514.
3- 3) صحيح مسلم 2:805 الحديث 1149،سنن ابن ماجه 2:800 الحديث 2395،سنن الترمذيّ 3:54 الحديث 667، [1]مسند أحمد 5:349،351،359 و 361،سنن البيهقيّ 4:151.
4- 4) جملة:«فيمن يزيده»توجد في هامش ح و التهذيب.
5- 5) كلمة:«الدرهم»توجد في هامش ح و المصدر.
6- 6) ح بزيادة:أن،كما في المصدر.

فأصاب مالا ثمَّ مات و ليس له وارث،فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟قال:«يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقّون الزكاة لأنّه إنّما اشتري بمالهم» (1).

و هاهنا وجه آخر و هو أن يقال:ميراثه للإمام،لأنّ الفقراء لا يملكونه،لأنّه أحد مصارف الزكاة فيكون سائبة.و يقوّي هذا الوجه ضعف الرواية،فإنّ في طريقها ابن فضّال و ابن بكير،و هما فطحيّان،غير أن محقّقي علمائنا على العمل بها،فكان أولى.

مسألة:لو ادّعى المالك الإخراج

،قبل قوله،و لم يكلّف بيّنة و لا يمينا،و كذا لو قال:

هي وديعة أو لم يحل على المال الحول.

و قال الشافعيّ:إن ادّعى خلاف الظاهر كلّف اليمين،فإن حلف و إلاّ ألزم (2).

لنا:أنّه أمين،و لأنّ له ولاية الإخراج فيكون قوله مقبولا،كالوكيل.

و لأنّها عبادة،فلا يفتقر أداؤها إلى اليمين،كغيرها من العبادات.

و لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال لعامله:«فإن أجابك منهم مجيب، فامض معه،و إن لم يجبك فلا تراجعه» (3).

مسألة:و إذا قبض الإمام أو الساعي الزكاة دعا لصاحبها

إجماعا،لقوله تعالى:

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ (4).

و روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا أتي بصدقة قال:«اللّهمّ صلّ على آل فلان» (5).و هل هذا الدعاء واجب؟الأقرب الاستحباب.و به قال

ص:416


1- 1التهذيب 4:100 الحديث 281،الوسائل 6:203 الباب 43 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2.و [1]فيه: فيمن يريده،مكان:فيمن يزيده.
2- 2) حلية العلماء 3:142،المهذّب للشيرازيّ 1:169،المجموع 6:174.
3- 3) المقنعة:42، [2]الكافي 3:536 الحديث 1، [3]التهذيب 4:96 الحديث 274،الوسائل 6:88 الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 1. [4]بتفاوت.
4- 4) التوبة(9):103. [5]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:159 و ج 8:90،صحيح مسلم 2:756 الحديث 1078،سنن أبي داود 2:106 الحديث 1590، [6]سنن النسائيّ 5:31،سنن البيهقيّ 4:157.

الشافعيّ (1).

و قال داود الظاهريّ:إنّه للوجوب (2). (3)و للشيخ قولان (4).

لنا:الأصل عدم الوجوب.و ما نقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أنفذ معاذا و عرّفه فقال:«أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتوضع في فقرائهم» (5).و لم يأمره بالدعاء،و لو كان واجبا لم يخلّ به.و لأنّه غير واجب على الفقير المدفوع إليه فنائبه أولى.

احتجّ الشيخ بظاهر الآية.

و الجواب:أنّها محمولة على الاستحباب.

ص:417


1- 1الأمّ 2:60،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:53،حلية العلماء 3:147،المهذّب للشيرازيّ 1:169،المجموع 6: 171.
2- 2) ح:إنّه الواجب.
3- 3) حلية العلماء 3:147،المجموع 6:171. [1]
4- 4) الاستحباب،ينظر:المبسوط 1:244، [2]الوجوب،ينظر:الخلاف 1:359 مسألة-154.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:159،صحيح مسلم 1:50 الحديث 19،سنن أبي داود 2:104 الحديث 1584، [3]سنن الترمذيّ 3:21 الحديث 625، [4]سنن ابن ماجه 1:568 الحديث 1783،سنن النسائيّ 5:2،سنن الدارميّ 1: 379، [5]سنن البيهقيّ 4:96،سنن الدار قطنيّ 2:135،136 الحديث 524.

ص:418

المقصد الخامس
اشارة

في زكاة الفطرة،و فيه مباحث:

ص:419

ص:420

الأوّل:فيمن تجب عليه
اشارة

و قد أجمع العلماء كافّة على وجوب زكاة الفطرة،إلاّ ما نقل عن داود (1)و بعض أصحاب مالك من أنّها سنّة (2)،و اختلفوا،هل هي فرض أم لا؟فقال الموجبون:إنّها فرض (3)،إلاّ أبا حنيفة فإنّه جعلها واجبة غير فرض (4).

و يدلّ على الوجوب النصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى (5).قال علماء أهل البيت عليهم السلام:المراد زكاة الفطرة.و مثله قول سعيد بن المسيّب،و عمر بن عبد العزيز (6).

و روى الجمهور عن عبد اللّه بن عبّاس قال:فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صدقة الفطرة طهرة للصائم من الرفث و طعمة للمساكين (7).

ص:421


1- 1المغني و الشرح الكبير 2:646،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:331،سبل السلام 2:138.
2- 2) بلغة السالك 1:237،بداية المجتهد 1:278،مقدّمات ابن رشد 1:253،إرشاد الساري 3:84،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:331.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 2:646،المجموع 6:104،بداية المجتهد 1:278،عمدة القارئ 9:108.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:101،بدائع الصنائع 2:69،شرح فتح القدير 2:218،عمدة القارئ 9:108.
5- 5) الأعلى(87):14. [1]
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 5:372، [2]أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1920، [3]المغني 2:647، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 2:646، [5]مقدّمات ابن رشد 1:252.
7- 7) سنن أبي داود 2:111 الحديث 1609، [6]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1827،المستدرك للحاكم 1:409، سنن البيهقيّ 4:163،كنز العمّال 8:554 الحديث 24138.

و عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرض صدقة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كلّ حرّ أو عبد،ذكر أو أنثى من المسلمين (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه» (2).

و في الصحيح عن صفوان الجمّال قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة فقال:

«على الصغير و الكبير و الحرّ و العبد،عن كلّ إنسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب» (3).

و أمّا الإجماع،فقد اتّفق علماء الإسلام على وجوبها،و خلاف داود حادث لا تأثير له (4)،و منازعة أبي حنيفة في إطلاق اسم الفرض عليه ضعيفة،لأنّها معلومة الوجوب.

مسألة:و لا تجب إلاّ على المكلّفين

فتسقط عن الصغير و المجنون.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الحسن البصريّ،و الشعبيّ (5)،و محمّد بن الحسن الشيبانيّ (6).و أطبق باقي الجمهور على وجوبها على اليتيم و يخرج عنه الوليّ.

ص:422


1- 1صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، [1]سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676، [2]سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن النسائيّ 5:48،الموطّأ 1: 284 الحديث 52، [3]سنن الدارميّ 1:392، [4]سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:346 الحديث 13645.
2- 2) التهذيب 4:71 الحديث 193،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 8. [5]
3- 3) التهذيب 4:71 الحديث 194 و ص 80 الحديث 228،الاستبصار 2:46 الحديث 149،الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [6]
4- 4) هامش ح:لا بأس به،مكان:لا تأثير له.
5- 5) المغني 2:648،الشرح الكبير بهامش المغني 2:646،حلية العلماء 3:120،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:120،عمدة القارئ 9:110.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:104،تحفة الفقهاء 1:334،بدائع الصنائع 1:70،مجمع الأنهر 1:227، عمدة القارئ 9:110،حلية العلماء 3:122،فتح الباري 3:288.

لنا:قوله عليه السلام:«رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ،و المجنون حتّى يفيق» (1).

و هو ظاهر في سقوط الأحكام الشرعيّة عنهم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن مال اليتيم،فقال:«ليس فيه زكاة» (2).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«ليس في مال اليتيم زكاة» (3).

و عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصريّ قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الوصيّ يزكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا[كان] (4)لهم مال؟قال:

فكتب:«لا زكاة على مال يتيم» (5).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ليس في مال اليتيم زكاة،و ليس عليه صلاة[و ليس على جميع غلاّته من نخل أو زرع أو غلّة زكاة،و إن بلغ فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه لما يستقبل] (6)حتّى يدرك،فإذا أدرك[كانت عليه زكاة واحدة و] (7)كان عليه مثل ما على غيره من الناس» (8).

ص:423


1- 1صحيح البخاريّ 7:59،سنن أبي داود 4:140 الحديث 4399 و 4401، [1]سنن ابن ماجه 1:658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن الدارميّ 2:171، [2]مسند أحمد 6:100،سنن البيهقيّ 4: 325 و ج 6:57.في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) التهذيب 4:26 الحديث 61،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 7. [3]
3- 3) التهذيب 4:26 الحديث 62،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 8. [4]
4- 4) في النسخ:لم يكن،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:30 الحديث 74 و ص 334 الحديث 1049،الوسائل 6:55 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 4. [5]
6- 6) أثبتناهما من المصدر.
7- 7) أثبتناهما من المصدر.
8- 8) التهذيب 4:29 الحديث 73،الاستبصار 2:31 الحديث 91،الوسائل 6:56 الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث 11. [6]

و لأنّه ليس محلاّ للخطاب،فلا يتناوله العموم و إطلاق الأوامر.و كذا البحث في المجنون.

و لأنّها جعلت طهرا للصائم من الرفث و اللغو،و هو إنّما يصحّ في حقّ البالغ العاقل.

احتجّوا بعموم الأمر (1).

و جوابه:ما تقدّم.

و احتجّوا أيضا بقول ابن عمر (2):فرض النبيّ عليه السلام زكاة الفطرة من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كلّ حرّ أو عبد،ذكر أو أنثى،صغير أو كبير (3).

و الجواب:أنّ أكثر الروايات خالية من قوله:صغير أو كبير،و على تقدير ثبوتها فالمراد بلفظة:على،عن،و إلاّ لزم التكرار.

قال الشاعر:

إذا رضيت عليّ بنو قشير لعمر اللّه أعجبني رضاها (4)

مسألة:و الحرّيّة شرط في الوجوب

،فلا تجب على المملوك.ذهب إليه علماؤنا أجمع، و أهل العلم كافّة إلاّ داود،فإنّه قال:تجب على العبد و يلزم السيّد تمكينه من الاكتساب ليؤدّيها (5).

ص:424


1- 1المغني 2:648،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647.
2- 2) المغني 2:648،الشرح الكبير بهامش المغني 2:646.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، [1]سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676، [2]سنن النسائيّ 5:48،الموطّأ 1: 284 الحديث 52، [3]سنن الدارميّ 1:392، [4]سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:346 الحديث 13645.
4- 4) لسان العرب 14:323. [5]
5- 5) حلية العلماء 3:121،المجموع 6:120 و 140، [6]عمدة القارئ 9:109،إرشاد الساري 3:85،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:333،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:148.

لنا:أنّه لا مال له،و الشرط في وجوبها:الغنى.

احتجّ داود (1)بقوله عليه السلام:«على كلّ حرّ و عبد» (2).

و الجواب:قد بيّنّا أنّ المراد بذلك:عن كلّ حرّ و عبد.

فروع:

الأوّل:الأقرب أنّ الوجوب هنا على السيّد ابتداء.و هو أحد قولي الشافعيّ.و في الآخر:تجب على العبد و يتحمّلها السيّد (3).

لنا:أنّها تجب في مال السيّد فكانت عليه ابتداء،كفطرة نفسه.

الثاني:حكم أمّ الولد و المدبّر و المكاتب المشروط عليه،حكم العبد القنّ،لأنّهم رقّ لم يتحرّر منهم شيء،فلا تجب عليهم.

الثالث:المكاتب المطلق إذا لم يتحرّر منه شيء لم تجب عليه الفطرة،و إن تحرّر بعضه وجبت عليه و على السيّد بالحصص إذا ملك بالحرّيّة ما تجب فيه الزكاة.و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا تجب إلاّ على غنيّ

،فلا تجب على الفقير.و هو قول علمائنا أجمع إلاّ ابن الجنيد (4)،و نعني بالغنيّ:من يحرم عليه أخذ الزكاة.و به قال أصحاب

ص:425


1- 1المجموع 6:140، [1]عمدة القارئ 9:109،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:148.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676،سنن النسائيّ 5:48،الموطّأ 1: 284 الحديث 52،سنن الدارميّ 1:392،سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:346 الحديث 13645.
3- 3) حلية العلماء 3:122،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:123،فتح العزيز بهامش المجموع 6:128، 129.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:593. [2]

الرأي (1).

و قال ابن الجنيد:تجب على من فضل عن مئونته و مئونة عياله ليوم و ليلة صاع (2).

و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و الشعبيّ،و عطاء،و الزهريّ (5)،و مالك (6)،و أبو ثور (7).

لنا:قوله عليه السلام:«لا صدقة إلاّ عن ظهر غنى».رواه الجمهور (8)،و الفقير لا غنى له فلا تجب عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سئل عن رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة؟قال:«لا» (9).

و في الصحيح عن الفضيل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:لمن تحلّ الفطرة؟قال:«لمن لا يجد،و من حلّت له لم تحلّ عليه،و من حلّت عليه لم تحلّ له» (10).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السلام:على الرجل

ص:426


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:102،تحفة الفقهاء 1:334،بدائع الصنائع 2:69،الهداية للمرغينانيّ 1:115، شرح فتح القدير 2:219،مجمع الأنهر 1:206،المغني 2:695.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:593. [1]
3- 3) الأمّ 2:64،حلية العلماء 3:119،المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6:110،111 و 113، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:170، [3]مغني المحتاج 1:403.
4- 4) المغني 2:695،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 2:646،الكافي لابن قدامة 1:430،الإنصاف 3:164، [5]زاد المستقنع:26،المجموع 6:113.
5- 5) المغني 2:695،الشرح الكبير بهامش المغني 2:648،المجموع 6:113.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:349،بداية المجتهد 1:279،إرشاد السالك:47،مقدّمات ابن رشد 1:253، شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:149،المغني 2:695،المجموع 6:113.
7- 7) المغني 2:695،الشرح الكبير بهامش المغني 2:648،المجموع 6:113.
8- 8) صحيح البخاريّ 4:6،مسند أحمد 2:230،434-435،كنز العمّال 6:403 الحديث 16268.
9- 9) التهذيب 4:73 الحديث 201،الاستبصار 2:40 الحديث 125،الوسائل 6:223 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [6]
10- 10) التهذيب 4:73 الحديث 203،الاستبصار 2:41 الحديث 127،الوسائل 6:224 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [7]

المحتاج صدقة (1)الفطرة؟قال:«ليس عليه فطرة» (2).

و عن يزيد بن فرقد (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سمعه يقول:«من أخذ من (4)الزكاة،فليس عليه فطرة» (5).و الأخبار في ذلك كثيرة (6).

و لأنّ الزكاة معونة للمحتاجين،و إرفاق للفقراء،فأخذها من الفقير مضادّ للحكمة و مناف للغرض.

احتجّ المخالف (7)بقوله عليه السلام:«أدّوا صدقة الفطر (8)عن كلّ إنسان صغير أو كبير،غنيّ أو فقير،أمّا غنيّكم فيزكّيه[اللّه] (9)،و أمّا فقيركم فيردّ اللّه عليه أكثر ممّا أعطى» (10).

و الجواب:الإخراج عن الفقير لا يستلزم الوجوب عليه.

ص:427


1- 1ح:زكاة،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 4:73 الحديث 205،الاستبصار 2:41 الحديث 129،الوسائل 6:223 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 6. [1]
3- 3) يزيد بن فرقد النهديّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،نقل في جامع الرواة رواية ابن مسكان و حريز و أبان بن عثمان و عليّ بن الحكم عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام.رجال الطوسيّ:338،جامع الرواة 2:344، [2]تنقيح المقال 3:327. [3]
4- 4) لا توجد كلمة:«من»في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 4:73 الحديث 202،الاستبصار 2:40 الحديث 126،الوسائل 6:224 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 7. [4]
6- 6) يراجع:الوسائل 6:223 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة. [5]
7- 7) المغني 2:696،الشرح الكبير بهامش المغني 2:648.
8- 8) كثير من النسخ:الفطرة.
9- 9) أثبتناها من المصادر.
10- 10) سنن أبي داود 2:114 الحديث 1619، [6]سنن البيهقيّ 4:163-164،كنز العمّال 8:553 الحديث 24132 بتفاوت في الجميع.
مسألة:و الغنى الموجب للفطرة:

(1)

من ملك قوت سنة (2)له و لعياله،أو يكون ذا كسب أو صنعة تقوم بأوده و أود عياله سنة و زيادة مقدار الزكاة.

و قال الشيخ في الخلاف:أن يملك نصابا زكاتيّا أو قيمته (3).

و قال في المبسوط:أن يملك ما تجب فيه زكاة المال (4).

و قال ابن إدريس:من ملك نصابا تجب فيه الزكاة لا قيمته،و ادّعى الإجماع (5).

و قال أبو حنيفة:من ملك مائتي درهم أو ما قيمته نصاب،غير مسكنه و ثياب جسمه (6)و أثاثه و خادمه (7).

لنا:أنّه مكتف،فلا يحلّ له أخذ الصدقة،فتجب عليه،لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:

«من حلّت له لا تحلّ عليه،و من حلّت عليه لا تحلّ له» (8).

احتجّ الشيخ بأنّ الزكاة تجب عليه،و هي لا تجب إلاّ على غنيّ فتلزمه الفطرة (9).و هو ضعيف،لأنّا نمنع من استلزام وجوب الزكاة الغنى،بل من ملك نصابا لا يكفيه لمئونة السنة جاز له أخذ الزكاة،و لهذا حلّت لصاحب سبعمائة درهم،و قد سلف تحقيق ذلك (10).و ادّعاء الإجماع من ابن إدريس لا نحقّقه.و أمّا رواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام:أعلى من

ص:428


1- 1كثير من النسخ:و الغناء.
2- 2) ف،ك و ن:سنته.
3- 3) الخلاف 1:368 مسألة-28.
4- 4) المبسوط 1:240.
5- 5) السرائر:108.
6- 6) غ،ن،م و ف:حشمه.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:102،بدائع الصنائع 2:48،الهداية للمرغينانيّ 1:115،شرح فتح القدير 2: 219،مجمع الأنهر 1:226.
8- 8) التهذيب 4:73 الحديث 203،الاستبصار 2:41 الحديث 127،الوسائل 6:224 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [1]
9- 9) الخلاف 1:368 مسألة-28.
10- 10) يراجع:ص 328-330. [2]

قبل الزكاة زكاة؟فقال:«أمّا من قبل زكاة المال فإنّ عليه زكاة الفطرة،و ليس عليه لما قبله زكاة.و ليس على من قبل (1)الفطرة فطرة» (2)فمع ضعف سندها محمولة على الاستحباب.

مسألة:و تجب على الكافر كوجوبها على المسلم

،و لا يصحّ منه أداؤها و تسقط بالإسلام،فهاهنا أحكام ثلاثة:

الأوّل:الوجوب،و تدلّ عليه:عمومات الأدلّة.و لأنّا قد بيّنّا أنّ الكفّار مخاطبون (3).و قد خالف في ذلك أبو حنيفة (4)،و أحمد (5)،و للشافعيّ قولان (6).

و احتجّوا بأنّها مطهرة،و الكافر ليس من أهل المطهرة (7).و بقول ابن عمر:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أوجبها على كلّ ذكر و أنثى من المسلمين (8).

و الجواب عن الأوّل:أنّه من أهل المطهرة بشرط تقديم الإسلام.

ص:429


1- 1ح:يقبل،كما في المصادر.
2- 2) التهذيب 4:73 الحديث 204،الاستبصار 2:41 الحديث 128،الوسائل 6:224 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 10. [1]
3- 3) يراجع:الجزء الثاني:188 و الجزء الرابع:12.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:102،تحفة الفقهاء 1:334،بدائع الصنائع 2:69،الهداية للمرغينانيّ 1:115، شرح فتح القدير 2:218،مجمع الأنهر 1:226.
5- 5) المغني 2:649،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،الكافي لابن قدامة 1:429،الإنصاف 3:164، زاد المستقنع:26.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6:106، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:162، [3]مغني المحتاج 1:402، الأمّ 2:13،السراج الوهّاج:129.
7- 7) فتح العزيز بهامش المجموع 6:162،مغني المحتاج 1:402.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676، [4]سنن النسائيّ 5:48،الموطّأ 1: 284 الحديث 52، [5]سنن الدارميّ 1:392،سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:346 الحديث 13645.

و عن الثاني:أنّه لا يدلّ على المراد إلاّ بدليل الخطاب،و قد بيّن في الأصول ضعفه و عدم دلالته مع وجود دليل مخالف (1).

الثاني:عدم صحّتها منه،و ذلك لأنّها مشروطة بالنيّة،لكونها عبادة تحتمل وجوها و اعتبارات لا يتخلّص بعضها عن بعض إلاّ بالنيّة،و هو ليس من أهلها،لأنّه لا يعرف اللّه تعالى،فلا يصحّ منه التقرّب إليه.

الثالث:سقوطها عنه بالإسلام و ذلك مجمع عليه،لقوله عليه السلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (2).هذا إذا أسلم بعد الهلال،أمّا لو أسلم قبله فإنّها تجب عليه،لأنّ السبب وجود الهلال.

فرع:

الكافر لا يصحّ أن يملك المسلم عندنا

،بل يباع عليه إذا أسلم عنده،خلافا للجمهور، و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

إذا ثبت هذا فإن أسلم العبد قبل الهلال في آخر جزء و لم يبع،لم يكلّف مولاه إخراج الفطرة.و قال أحمد يكلّف (3).

لنا:أنّ الفطرة عبادة تفتقر إلى النيّة على ما تقدّم،و هي لا تصحّ من الكافر.و لأنّه لا يكلّف إخراج الفطرة عن نفسه لمعنى موجود فيه،فلا يكلّف عن غيره.

احتجّ المخالف بأنّه من أهل الطهرة،فوجب أن يخرج عنه،كما لو كان مولاه مسلما (4).

و الجواب:أنّه و إن كان كذلك لكنّه فقير فلا تجب عليه.و لو قال:إنّه غنيّ بمولاة،

ص:430


1- 1ينظر:نهاية الوصول إلى علم الأصول(مخطوط):102.
2- 2) مسند أحمد 4:199،204 و 205،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 1:95،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 27024،مجمع الزوائد 9:351.
3- 3) المغني 2:651،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647.
4- 4) المغني 2:651،الشرح الكبير بهامش المغني 2:648،الكافي لابن قدامة 1:429.

منعنا ذلك،لأنّه لا يفضل عن قوته في ملكه قدر الزكاة.

مسألة:و تجب على أهل البادية كوجوبها على أهل الحضر

.ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول أكثر أهل العلم (1).

و قال عطاء،و الزهريّ،و ربيعة:لا فطرة عليهم (2).

لنا:عموم الأحاديث،و لأنّهم مسلمون من أهل الطهرة،فتجب عليهم الفطرة كغيرهم.

ص:431


1- 1الموطّأ 1:283،المغني 2:660،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،المجموع 6:142.
2- 2) المغني 2:660،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،المجموع 6:142،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:333،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:147.
البحث الثاني:فيمن تخرج عنه
مسألة:و يجب أن يخرج الفطرة عن نفسه و من يعوله

أي يمونه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (1)،إلاّ أبا حنيفة فإنّه اعتبر الولاية الكاملة،فمن لا ولاية له عليه لا تجب عليه فطرته و لم يوجب على الأب فطرة ابنه البالغ الزمن (2)و إن وجبت عليه نفقته،و كذا لم يوجب على الابن فطرة أبيه و إن وجبت عليه نفقته،اعتبارا بالولاية (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بصدقة الفطرة على الحرّ و العبد و الصغير و الكبير ممّن يمونون (4).

و عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«من جرت عليه نفقته أطعم عنه نصف صاع من برّ، أو صاعا من تمر،أو صاعا من شعير» (5).

ص:432


1- 1المغني 2:683،الشرح الكبير بهامش المغني 2:646 و 648،المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6: 114،فتح العزيز بهامش المجموع 6:118، [1]إرشاد السالك:47،بداية المجتهد 1:279.
2- 2) غ و ف:الزمنى.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:101،تحفة الفقهاء 1:335،بدائع الصنائع 2:70-72،الهداية للمرغينانيّ 1: 115،شرح فتح القدير 2:221.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:161،سنن الدار قطنيّ 2:141 الحديث 12،المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 649.
5- 5) كنز العمّال 8:646 الحديث 24555،سنن البيهقيّ 4:161،سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 61 و اللفظ في الجميع:«من جرت عليه نفقتك فأطعم عنه نصف صاع من برّ أو صاعا من تمر».

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه» (1).

و في الصحيح عن صفوان الجمّال قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة، فقال:«على الصغير و الكبير و الحرّ و العبد عن كلّ إنسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب» (2).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صدقة الفطرة على كلّ رأس من أهلك الصغير و الكبير و الحرّ و المملوك و الغنيّ و الفقير عن كلّ إنسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين»و قال:«التمر أحبّ ذلك إليّ» (3).

مسألة:و لا فرق بين المسلم و الكافر في عائلة الرجل

،فلو كان بعض عائلته (4)أو كلّهم كفّارا،وجب أن يخرج عنهم.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال عمر بن عبد العزيز، و عطاء،و مجاهد،و سعيد بن جبير،و النخعيّ،و الثوريّ،و إسحاق (5)،و أصحاب الرأي (6).

ص:433


1- 1التهذيب 4:71 الحديث 193،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:71 الحديث 194،الاستبصار 2:46 الحديث 149،الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:75 الحديث 210،الاستبصار 2:42 الحديث 134،الوسائل 6:229 الباب 5 [3] من أبواب زكاة الفطرة الحديث 10،و ص 233 الباب 6 الحديث 11 و ص 243 الباب 10 الحديث 1.
4- 4) ح و ق:عائليه.
5- 5) المغني 2:646،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،المجموع 6:141،عمدة القارئ 9:110،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:148.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:103،تحفة الفقهاء 1:337،بدائع الصنائع 2:70،شرح فتح القدير 2:222، مجمع الأنهر 1:227،عمدة القارئ 9:110.

و قال الشافعيّ (1)،و أحمد:يشترط فيهم الإسلام (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أدّوا عن كلّ حرّ و عبد، صغير أو كبير،يهوديّ أو نصرانيّ أو مجوسيّ،نصف صاع من برّ» (3)و عدم عرفان بعضهم هذا (4)الحديث لا يوجب الطعن فيه مع نقل الباقين له.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن أحمد بن يحيى رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يؤدّي الرجل زكاته عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصرانيّ و المجوسيّ و ما أغلق عليه بابه» (5).

و ما تقدّم من العموم في الأحاديث المتقدّمة.و لأنّ المقتضي للزكاة وجوب النفقة، و هو عامّ في الكافر و المسلم.و لأنّ كلّ زكاة وجبت بسبب عبده المسلم وجبت بسبب عبده الكافر،كالتجارة.

احتجّوا (6)بحديث ابن عمر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:من المسلمين (7).و لأنّ

ص:434


1- 1الأمّ 1:65،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:54،حلية العلماء 3:120،المهذّب للشيرازيّ 1:163،164،المجموع 6:118،140 و 141، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:143، [2]مغني المحتاج 1:403،الميزان الكبرى 2:10، السراج الوهّاج:130.
2- 2) المغني 2:649،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،الكافي لابن قدامة 1:429،الإنصاف 3:166، [3]زاد المستقنع:26.
3- 3) أورده ابنا قدامة في المغني 2:650،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،و الكاسانيّ في بدائع الصنائع 2: 70.
4- 4) غ و ف:لهذا،ك:بهذا.
5- 5) التهذيب 4:72 الحديث 195،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [4]
6- 6) المغني 2:650،الشرح الكبير بهامش المغني 2:647،المجموع 6:141،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 143.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676،سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن النسائيّ 5:48،سنن الدارميّ 2:392،الموطّأ 1:284 الحديث 52،سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27.

الفطرة طهرة للصائم،و هو لا يتحقّق في الكافر.

و الجواب عن الأوّل:أنّه دالّ على قولهم بدليل الخطاب،و هو مع ضعفه لا يعمل به مع وجود غيره من الأدلّة.

و عن الثاني:أنّها طهرة في حقّ من يخرج عنه إذا كان من أهلها،و في حقّ المخرج إذا لم يكن من أهلها،كالطفل و المجنون،فإنّه ليس لأحدهما ما يوجب التطهير.

مسألة:و يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و إسحاق،و الليث بن سعد،و أبو ثور (4).

و قال أبو حنيفة:تجب الفطرة في مالها عليها،لا على الزوج (5).و به قال الثوريّ،و ابن المنذر (6).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرض الفطرة على كلّ حرّ

ص:435


1- 1الموطّأ 1:283،المدوّنة الكبرى 1:355،بداية المجتهد 1:279،مقدّمات ابن رشد 1:254،إرشاد السالك:47،بلغة السالك 1:237،المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،المجموع 6:116- 118،فتح العزيز بهامش المجموع 6:115.
2- 2) الأمّ 2:63،65،حلية العلماء 3:121،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:116-118،فتح العزيز بهامش المجموع 6:115،مغني المحتاج 1:403،السراج الوهّاج:130،الميزان الكبرى 2:11،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121.
3- 3) المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،الكافي لابن قدامة 1:432،الإنصاف 3:166. [1]
4- 4) المجموع 6:118،المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،المحلّى 6:137،حلية العلماء 3: 121،فتح الباري 3:288،عمدة القارئ 9:109.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:105،تحفة الفقهاء 1:336،بدائع الصنائع 2:72،الهداية للمرغينانيّ 1:115، شرح فتح القدير 2:221،مجمع الأنهر 1:227،عمدة القارئ 9:109،المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
6- 6) حلية العلماء 3:121،المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،المجموع 6:118،فتح العزيز بهامش المجموع 6:119،فتح الباري 3:288،عمدة القارئ 9:109.

و عبد،ذكر و أنثى ممّن يمونون (1).

و عن عليّ عليه السلام قال:«من جرت عليه نفقته أطعم عنه» (2)الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (3).و ما رواه الشيخ عن حمّاد و بريد و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالوا:سألناهما عن زكاة الفطرة، قالا:«صاع من تمر أو زبيب أو شعير،أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت عن الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى و البالغ و من تعول في ذلك سواء» (4).

و لأنّ النكاح سبب وجوب النفقة فتجب به الفطرة،كالقرابة و الملك.

احتجّوا (5)بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقة الفطر على كلّ ذكر و أنثى» (6).

و لأنّها زكاة،فتجب عليها،كزكاة المال.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبة إذا لم يحصل من يتحمّل عنها.و لأنّ المراد بعلى:عن،كما في قوله:«.و صغير و كبير» (7).

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ زكاة المال لا تتحمّل بالقرابة و الملك،بخلاف الفطرة.

ص:436


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:141 الحديث 12،سنن البيهقيّ 4:161،المغني 2:684 و 693،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 61،سنن البيهقيّ 4:161،كنز العمّال 8:646 الحديث 24555.
3- 3) يراجع:ص 422.
4- 4) التهذيب 4:82 الحديث 236،الاستبصار 2:43 الحديث 139،الوسائل 6:234 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 17. [1]
5- 5) المغني 2:684،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:677 الحديث 984،سنن أبي داود 2:112 الحديث 1611، [2]سنن ابن ماجه 1:584 الحديث 1826،سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 676، [3]سنن النسائيّ 5:48،الموطّأ 1: 284 الحديث 52،سنن الدارميّ 2:392،سنن البيهقيّ 4:163،سنن الدار قطنيّ 2:144 الحديث 27، المعجم الكبير للطبرانيّ 12:346 الحديث 13645.
7- 7) سنن الترمذيّ 3:61 الحديث 675،سنن البيهقيّ 4:160،سنن الدار قطنيّ 2:140 الحديث 10.
فروع:

الأوّل:لو نشزت المرأة قال الشيخ في المبسوط:تسقط نفقتها و لا تجب عليه فطرتها (1).و هو قول العلماء إلاّ من شذّ (2).

و قال ابن إدريس:تجب عليه الفطرة (3).

لنا:أنّ النشوز مسقط للنفقة،و الفطرة تابعة لها فتسقط بسقوطها،لقوله عليه السلام:«ممّن يمونون» (4).

و لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:يخرجها عن نفسه و من يعوله (5).

و ادّعاء ابن إدريس إجماع أصحابنا على ذلك (6)ضعيف،إذ لم يفت به أحد من علمائنا فيما نعلم،و لا أحد من الجمهور إلاّ الشذوذ،فكيف يتحقّق الإجماع.

الثاني:الزوجة الصغيرة و غير المدخول بها إذا لم تمكّنا من أنفسهما (7)،لا تجب عليه نفقتهما و لا فطرتهما (8)،لما تقدّم.خلافا لابن إدريس (9).

الثالث:الطلاق الرجعيّ لا يوجب البينونة و لا تسقط به العيلولة،أمّا البائن فإنّ

ص:437


1- 1المبسوط 1:243. [1]
2- 2) ينظر:المغني 2:685،686،الشرح الكبير بهامش المغني 2:655،الكافي لابن قدامة 1:432،الإنصاف 3:174،المجموع 6:116،فتح العزيز بهامش المجموع 6:136.
3- 3) السرائر:108.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:140،141 الحديث 11،12،سنن البيهقيّ 4:161،المغني 2:684 و 693،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
5- 5) الكافي 4:173 الحديث 16،الفقيه 2:116 الحديث 497،التهذيب 4:72 الحديث 196،الاستبصار 2: 47 الحديث 154،155،الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
6- 6) السرائر:108.
7- 7) في النسخ:إذا لم تمكّن من نفسها،و مقتضى السياق ما أثبتناه.
8- 8) ق،ح،م و خا:نفقتها و لا فطرتها.
9- 9) السرائر:108.

العصمة منقطعة معه،و النفقة ساقطة.

إذا ثبت هذا،وجبت الفطرة عن المطلّقة رجعيّة،أمّا البائن فيجب فطرتها عليها لا على الزوج،و لو كانت حاملا،فإن قلنا:النفقة للحمل فلا فطرة أيضا،و إلاّ وجبت.

الرابع:المتمتّع بها لا تجب نفقتها على الزوج،فلا تجب عليه فطرتها إلاّ أن يعولها تبرّعا.

الخامس:زوجة المعسر إذا كانت موسرة،أو كانت موسرة تحت مملوك،أو أمة تحت مملوك أو معسر،سقطت عن الزوج فطرتها،لإعساره و عدم تمكّنه.و هل تسقط عن الزوجة الموسرة و عن مولى الأمة؟قال الشيخ في الخلاف:نعم (1).و للشافعيّ قولان (2).

لنا:أنّها من عيال الزوج و نفقتها عليه فتسقط عنها.و عن مولاها و تجب على الزوج،فإذا كان فقيرا أو مملوكا سقطت عنه أيضا،لعجزه.

احتجّ الشافعيّ بأنّ الزوج العاجز كالمعدوم،و لو كان معدوما وجبت عليها نفسها، فكذا إذا كان عاجزا (3).

و ما ذكره الشافعيّ قويّ أيضا،لأنّها ممّن يصحّ أن يزكّي و الشرط المعتبر موجود فيها،و إنّما تسقط عنها بوجوبها على الزوج،فإذا لم تجب وجب عليها أو على مولاها، و الأصل في ذلك أنّ الوجوب هل يثبت ابتداء على الزوج أو عليها و يتحمّلها الزوج؟إن قلنا بالأوّل،سقطت عنها و عن مولاها،و إن قلنا بالثاني،وجبت عليها.

السادس:لو أخرجت المرأة الزكاة عن نفسها،قال الشيخ:إن كان بإذن الزوج أجزأ عنها،و إلاّ فلا (4).

ص:438


1- 1الخلاف 1:368 مسألة-30.
2- 2) حلية العلماء 3:123،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:124،فتح العزيز بهامش المجموع 6:27، مغني المحتاج 1:404،السراج الوهّاج:130.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:125.
4- 4) الخلاف 1:364 مسألة-17.

و للشافعيّ قولان:أحدهما مثل ذلك.و الثاني:يلزم الزوج و إن أذن (1).

لنا:أنّه مع الإذن يكون بمنزلة المخرج،كما لو أمرها بأداء الدين عنه،أو بالعتق.

احتجّ المخالف بأنّها لازمة للزوج و ساقطة عن الزوجة (2).

و الجواب:لا منازعة في ذلك غير أنّا نقول:إنّه مع الإذن يكون بمنزلة المخرج.

السابع:المرأة إن لم تكن من أهل الإخدام حتّى اتّخذت خادما،فإن عاله الزوج وجبت عليه فطرته من حيث العيلولة و إن كانت تبرّعا على ما مضى،و إن لم يعله لم تجب عليه فطرته.

أمّا لو كانت من أهل الإخدام فاتّخذت خادما بأجرة لم تجب على الزوج فطرته إذا لم يعله،لأنّ الواجب هو الأجرة لا النفقة.و إن كان ملكا لها نظرت فإن اختار الزوج الإنفاق عليه وجبت عليه فطرته،لأنّه اختار أحد الواجبات المخيّرة.

و إن اختار شراء خادم لها،لم تجب عليه فطرة خادمها،لأنّ الواجب الإخدام لا الإنفاق على خادمها،و كذا لو استأجر لها خادما أو خدمها بنفسه.أمّا لو استأجرت خادما و شرطت نفقته،فإن اختار الزوج ذلك وجبت عليه فطرته و إلاّ فلا.

مسألة:و يخرج عن ولده إذا كان يعوله صغيرا كان أو كبيرا

،موسرا كان (3)أو معسرا،لأنّ المقتضي و هو العيلولة موجودة،فيثبت الحكم.

أمّا الولد الصغير المعسر،فإنّ فطرته على أبيه،لأنّه من عياله.و به قال الشافعيّ (4)و أبو حنيفة (5)،إلاّ أنّ أبا حنيفة جعل المقتضي الولاية.

ص:439


1- 1حلية العلماء 3:122-123،المجموع 6:123-124،فتح العزيز بهامش المجموع 6:138-139.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) لا توجد كلمة«كان»في أكثر النسخ.
4- 4) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:122،المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6:141،فتح العزيز بهامش المجموع 6:126،مغني المحتاج 1:405،الميزان الكبرى 2:10،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:102،تحفة الفقهاء 1:335،بدائع الصنائع 2:71،الهداية للمرغينانيّ 1:115، شرح فتح القدير 2:220،مجمع الأنهر 1:227.

فلو كان موسرا كانت نفقته في ماله،فإذا لم يعله الأب تبرّعا هل تسقط عنه فطرته أم لا؟قال الشيخ:لا تسقط،لأنّه من عياله (1).

و قال الشافعيّ:يخرج الأب من مال الولد (2).

و الوجه عندي:سقوط الفطرة عن الأب،لأنّه غير منفق عليه تبرّعا و لا وجوبا، و عن الطفل،لعدم التكليف.

أمّا الكبير فإن كان غنيّا وجبت عليه فطرة نفسه،كما تجب عليه مئونتها،و إن كان فقيرا فالنفقة على أبيه،و تجب عليه فطرته،لوجود المقتضي.

و كذا البحث في الأبوين و الجدّين و إن علوا،لقوله عليه السلام:«على الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى ممّن تمونون» (3).

حكم ولد الولد حكم الولد،سواء كان ولد ابن أو بنت،قاله الشيخ (4).

فرع:

لو كان لابنه الصغير خادم

،فإن كان الابن محتاجا إليه للزمانة أو الصغر،قال الشافعيّ:تجب فطرته على الأب مع إعسار الولد،و على الولد إن لم يكن كذلك (5).و عندي فيه توقّف.

مسألة:و يجب عليه أن يخرج عن عبده

.و قد أجمع أهل العلم كافّة على وجوب إخراج الفطرة عن العبيد الحاضرين،غير المكاتبين و المغصوبين و الآبقين و عبيد التجارة، صغارا كانوا أو كبارا،لأنّ نفقته واجبة على المولى،فيندرج تحت العموم بإيجاب الفطرة عن

ص:440


1- 1الخلاف 1:362 مسألة-9،المبسوط 1:239،النهاية:189. [1]
2- 2) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:122،المجموع 6:120 و 141،مغني المحتاج 1:407،السراج الوهّاج:131.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:140،141 الحديث 11،12،سنن البيهقيّ 4:161،المغني 2:684 و 693، الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
4- 4) المبسوط 1:239، [2]الخلاف 1:362 مسألة-10.
5- 5) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:120،المجموع 6:113،120 و 136.

كلّ من يعوله.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه» (1).

فروع:

الأوّل:العبد الغائب تجب على المولى فطرته إن علم حياته،و كذا الآبق و المرهون و المغصوب،سواء رجي عوده أو يئس منه،و سواء كان مطلقا أو محبوسا.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و أكثر العلماء (4).و قال الزهريّ:تجب عليه فطرته إذا علم مكانه.و قال الأوزاعيّ:إن كان في بلاد الإسلام (5).و قال مالك:إن كانت غيبته قريبة (6).و لم يوجب أبو حنيفة (7)،و الثوريّ،و عطاء زكاة الفطرة عن الآبق (8).

لنا:أنّ النفقة واجبة عليه بالرقّيّة فتجب الزكاة،لثبوت المقتضي،و المعارض لا يصلح للمانعيّة،لعدم خروج الرّقيّة،و لهذا من ردّ الآبق وجب على المولى ردّ نفقته، فالنفقة لازمة.

احتجّ المخالف بسقوط النفقة كما تسقط عن الناشزة (9).

ص:441


1- 1التهذيب 4:71 الحديث 193،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 8. [1]
2- 2) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:121،المجموع 6:113 و 115،فتح العزيز بهامش المجموع 6:149 و 153، مغني المحتاج 1:404،السراج الوهّاج:130.
3- 3) المغني 2:688،الشرح الكبير بهامش المغني 2:654،الكافي لابن قدامة 1:432،الإنصاف 3:173.
4- 4) المغني 2:688،المجموع 6:113 و 115،المدوّنة الكبرى 1:351.
5- 5) المغني 2:689،الشرح الكبير بهامش المغني 2:655،عمدة القارئ 9:119.
6- 6) الموطّأ 1:283، [2]المدوّنة الكبرى 1:351،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:146.
7- 7) بدائع الصنائع 2:70،الهداية للمرغينانيّ 1:116،مجمع الأنهر 1:227،عمدة القارئ 9:119.
8- 8) المغني 2:687،الشرح الكبير بهامش المغني 2:655،عمدة القارئ 9:119.
9- 9) المغني 2:689،الشرح الكبير بهامش المغني 2:655،مجمع الأنهر 1:227.

و الجواب:المنع من سقوط النفقة و الاكتفاء بغير المالك لا يسقط النفقة،كما لو اكتفى بكسبه،و لهذا أوجبنا على المالك ردّ نفقة صاحب الجعالة مع الجعالة.

الثاني:لو لم يعلم حياته،قال الشيخ في الخلاف:لا يلزمه فطرته (1).و أوجبها ابن إدريس (2)،و للشافعيّ قولان (3).

لنا:أنّ الإيجاب شغل للذمّة بعد براءتها فيقف على ثبوت المقتضي و هو الحياة،و هي غير معلومة.و لأنّ الأصل عصمة مال الغير،فيقف انتزاعه على السبب و لم يعلم (4)ثبوته.

احتجّوا بأنّ الأصل البقاء فيجب الإخراج عنه،و بأنّه يجزئ في الكفّارة،و هو إنّما يتحقّق بعد الحكم ببقائه (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الأصل معارض بأصل براءة الذمّة.

و عن الثاني:بالمنع من الإجزاء في الكفّارة،و بالفرق بأنّ العتق إسقاط ما في الذمّة من حقوق اللّه تعالى،و هي مبنيّة على التخفيف،بخلاف الفطرة،فإنّها إيجاب مال على المكلّف لم يثبت سبب وجوبه.

الثالث:العبد المغصوب يجب أن يخرج عنه المالك.و هو قول أكثر العلماء (6).

و قال الشيخ في المبسوط:لا يجب على الغاصب،لأنّه غير مالك،و لا المالك،لعدم تمكّنه (7).و ليس بالوجه،إذ إيجاب الفطرة لا يقف على التمكّن،بل على الملكيّة.

ص:442


1- 1الخلاف 1:363 مسألة-13.
2- 2) السرائر:108.
3- 3) حلية العلماء 3:121،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:113 و 115،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 149 و 153،مغني المحتاج 1:404،السراج الوهّاج:130.
4- 4) غ و ف:و لم نعلم.
5- 5) المجموع 6:115،فتح العزيز بهامش المجموع 6:153،مغني المحتاج 1:403.
6- 6) المغني 2:688،المجموع 6:115،شرح فتح القدير 2:223،عمدة القارئ 9:119.
7- 7) المبسوط 1:240.

الرابع:لو ملك عبيدا و نوى بها (1)التجارة،وجبت على المولى فطرتهم و لم تسقط زكاة التجارة فيهم إمّا وجوبا أو استحبابا على القولين.و به قال مالك (2)،و الليث، و الأوزاعيّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق (6).

و قال عطاء،و النخعيّ،و الثوريّ (7)،و أصحاب الرأي:تسقط الفطرة (8).

لنا:عموم الأحاديث الدالّة على وجوب الزكاة عن كلّ حرّ و عبد (9).و لأنّ النفقة واجبة،فتجب الفطرة عنهم كعبيد القنية.و لأنّه مسلم تجب مئونته فتجب فطرته.

احتجّ المخالف بأنّها زكاة و لا تجب في مال واحد زكاتان،و قد وجبت زكاة التجارة فتسقط الأخرى،كالسائمة إذا كانت للتجارة (10).

و الجواب:لا تجب الزكاتان في محلّ واحد،لأنّ زكاة التجارة في القيمة،و الفطرة عن البدن لطهارته،بخلاف السائمة،لأنّ المتعلّق هناك واحد.

ص:443


1- 1ح،ق و خا:مال،مكان:بها.
2- 2) الموطّأ 1:283،المدوّنة الكبرى 1:351،بداية المجتهد 1:280،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146، حلية العلماء 3:101.
3- 3) المغني 2:686،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650،عمدة القارئ 9:120،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
4- 4) الأمّ 2:63،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:51،حلية العلماء 3:101،المهذّب للشيرازيّ 1:160،المجموع 6:53 و 120،فتح العزيز بهامش المجموع 6:80،الميزان الكبرى 2:9،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:118، مغني المحتاج 1:400،السراج الوهّاج:128.
5- 5) المغني 2:686،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650،بداية المجتهد 1:280،الميزان الكبرى 2:9،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:118،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
6- 6) المغني 2:686،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
7- 7) المغني 2:686،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:107،بدائع الصنائع 2:71،الهداية للمرغينانيّ 1:116،شرح فتح القدير 2: 221،مجمع الأنهر 1:227،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
9- 9) الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.
10- 10) المغني 2:687،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.

الخامس:لو كان له عبيد للتجارة في يد المضارب وجبت فطرتهم على المالك.و به قال الشافعيّ (1)،خلافا لقوم (2).و التحقيق أنّ الربح إن ظهر و قلنا:إنّ العامل يملك بالظهور، كان حكمهم حكم العبيد المشتركة،و إلاّ وجب على المالك.

السادس:لو ملّك عبده عبدا،فإن قلنا بإحالة الملك فالزكاة على المولى قطعا،و إن قلنا بجوازه فهل يجب على المالك أو على العبد؟الذي يقتضيه المذهب وجوبها على المولى، لأنّه المالك في الحقيقة،و العبد مالك بمعنى إساغة (3)التصرّف.و لأنّ ملكه ناقص.و عن أحمد روايتان (4).

السابع:حكم أمّ الولد و المدبّر و المدبّرة حكم القنّ في ذلك سواء.

الثامن:المكاتب إن كان مشروطا عليه،وجبت فطرته على مولاه،لاستقرار ملكه عليه،و كذا المطلق إذا لم يتحرّر منه شيء،و إن كان قد تحرّر منه فإن انفرد المولى بمئونته لزمته فطرته،و إن أنفق (5)من كسبه توزّعت الفطرة عليه و على المولى بالحصص،قاله الشيخ رحمه اللّه (6).

و قال الشافعيّ:لا تجب عليه و لا على السيّد (7).و به قال أبو حنيفة (8).

ص:444


1- 1الأمّ 2:65،المجموع 6:120،مغني المحتاج 1:401،السراج الوهّاج:129.
2- 2) المغني 2:688،الشرح الكبير بهامش المغني 2:650.
3- 3) كثير من النسخ:إشاعة.
4- 4) المغني 2:489، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:439، [2]الإنصاف 3:6،7.
5- 5) ك،ح و م:اتّفق.
6- 6) الخلاف 1:361 مسألة-5،المبسوط 1:239. [3]
7- 7) الأمّ 2:64،حلية العلماء 3:120،المجموع 6:109،فتح العزيز بهامش المجموع 6:161،مغني المحتاج 1: 402،السراج الوهّاج:129.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:103،تحفة الفقهاء 1:337،بدائع الصنائع 2:70،الهداية للمرغينانيّ 1:116، شرح فتح القدير 2:221،مجمع الأنهر 1:227،عمدة القارئ 9:109،حلية العلماء 3:120،المجموع 6: 141.

و قال الشافعيّ في رواية أبي ثور عنه:تجب على السيّد (1).

و قال أحمد:تجب في كسبه (2).

و قال مالك:تجب على المولى (3).

و الحقّ ما قاله الشيخ،إن ملك المكاتب بالحرّيّة ما تجب عليه الزكاة،أمّا الوجوب، فللعموم،و أمّا التقسيط،فلأنّ نصيب الحرّيّة لا يتعلّق به الرقّيّة (4)بوجه من الوجوه،فلا يجب على السيّد أداء الزكاة عنه،و أمّا النصيب الآخر،فلأنّ المالك تجب نفقته عليه فيه للملك فتجب الفطرة.

احتجّ الشافعيّ بسقوط النفقة عن المولى،لعدم العيلولة،فتسقط الفطرة (5).

و احتجّ مالك ببقاء الرقيّة،فتجب على المولى (6).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من سقوط النفقة في نصيبه.

و عن الثاني:بالمنع من ثبوت الرّقّيّة في جميعه،أمّا المشروط عليه،فإنّه عندنا مملوك ما بقي عليه درهم واحد فتجب فطرته على المولى كسائر عبيده،خلافا لمن ذكرنا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن أحمد بن يحيى رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يؤدّي الرجل زكاته عن مكاتبه و رقيق امرأته» (7).

و لأنّ ما في يده ملك لمولاه و منع المولى منه بسبب الكتابة،فيدخل تحت من تجب

ص:445


1- 1حلية العلماء 3:120،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:109-110،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 167.
2- 2) المغني 2:703،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،الكافي لابن قدامة 1:429،الإنصاف 3:165. [1]
3- 3) الموطّأ 1:283،المدوّنة الكبرى 1:350،351،بداية المجتهد 1:280،مقدّمات ابن رشد 1:254،بلغة السالك 1:237،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146،المغني 2:703.
4- 4) كثير من النسخ:الرقبة.
5- 5) المجموع 6:109،فتح العزيز بهامش المجموع 6:161،مغني المحتاج 1:402.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:351،مقدّمات ابن رشد 1:254،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:146.
7- 7) التهذيب 4:72 الحديث 195،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [2]

مئونته على المولى.

التاسع:عبد المكاتب تجب فطرته على المولى إن كان مشروطا.

و قال الشافعيّ:لا تجب على المولى و لا على المكاتب (1).

و قال أحمد:تجب على المكاتب (2).

لنا:أنّه ملك للمولى كما هو ملك للمكاتب،فتلزمه فطرته.

احتجّ الشافعيّ بأنّه ليس من عيال المولى،و ملك المكاتب ناقص (3).

و احتجّ أحمد بأنّ مئونته على المكاتب (4).

و الجواب:أنّ المشروط عليه رقّ،فالنفقة المأخوذة من الكسب في الحقيقة هي من المولى،و هو الجواب عن الثاني.

أمّا زوجة المكاتب المشروط عليه،فالوجه أنّها بمثابة زوجة القنّ.

العاشر:من نصفه حرّ و نصفه مملوك،فعلى المولى نصيب الرقّيّة،و على العبد نصيب الحرّيّة إن ملك بها نصابا.و به قال أحمد (5)،و الشافعيّ (6)،و أبو ثور (7).

ص:446


1- 1الأمّ 2:64،حلية العلماء 3:120،المجموع 6:109،فتح العزيز بهامش المجموع 6:161،مغني المحتاج 1: 402،السراج الوهّاج:129.
2- 2) المغني 2:703،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،الكافي لابن قدامة 1:429،الإنصاف 3:165.
3- 3) الأمّ 2:64،مغني المحتاج 1:402.
4- 4) المغني 2:704،الشرح الكبير بهامش المغني 2:649،الكافي لابن قدامة 1:429.
5- 5) المغني 2:708،الشرح الكبير بهامش المغني 2:654،الكافي لابن قدامة 1:433،الإنصاف 3:170.
6- 6) الأمّ 2:65،حلية العلماء 3:124،المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:120،فتح العزيز بهامش المجموع 6:143،مغني المحتاج 1:403،السراج الوهّاج:129،الميزان الكبرى 2:12،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121.
7- 7) حلية العلماء 3:124،المغني 2:708،الشرح الكبير بهامش المغني 2:654،الميزان الكبرى 2:12،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121،عمدة القارئ 9:119.

و قال مالك:على الحرّ بحصّته و ليس على العبد شيء (1).

لنا:أنّ الخطاب متوجّه إليه،لعمومه و صحّة تناوله له،و قد ملك ما تجب معه الزكاة، فتجب عليه بحصّته،و على المولى حصّة الرقّ،كما لو كان مشتركا بين اثنين،و تجب عليهما بالحصص.

و لو كان أحدهما معسرا سقط نصيبه و وجب على الآخر.

و لو كان بين السيّد و العبد مهاياة أو بين أرباب العبد المشترك لم تدخل الفطرة فيه، لأنّ المهاياة معاوضة كسب بكسب و الفطرة حقّ للّه (2)تعالى،فلا يدخل فيها كالصلاة.

الحادي عشر:العبد إذا تزوّج بإذن مولاه وجبت فطرة المرأة على سيّد العبد.و به قال بعض الجمهور (3).

و قال قوم منهم:إن كانت حرّة وجبت عليها،و إن كانت أمة وجبت على سيّدها (4).

لنا:أنّ نفقتها واجبة على سيّد العبد،فتجب الفطرة عليه،و لهذا وجب عليه فطرة خادم المرأة و إن لم يملكها،لوجوب نفقتها عليه.

أمّا لو تزوّج بغير إذن مولاه،فإن كانت حرّة فالفطرة عليها،و إن كانت أمة فعلى سيّدها.

الثاني عشر:المملوك الكافر إذا كان له زوجة كافرة وجب على المولى فطرتهما، خلافا للشافعيّ (5).

ص:447


1- 1المدوّنة الكبرى 1:350،إرشاد السالك:47،المغني 2:708،الشرح الكبير بهامش المغني 2:654، الميزان الكبرى 2:12،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121.
2- 2) كثير من النسخ:حقّ اللّه.
3- 3) المغني 2:692،الشرح الكبير بهامش المغني 2:651،المهذّب للشيرازيّ 1:164،الكافي لابن قدامة 1: 432، [1]الإنصاف 3:172.
4- 4) المغني 2:291،292،الشرح الكبير بهامش المغني 2:651،الكافي لابن قدامة 1:433،الإنصاف 3: 172،المهذّب للشيرازيّ 1:164،السراج الوهّاج:130.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:118،مغني المحتاج 1:403،السراج الوهّاج:130.

و أوجب أبو حنيفة الزكاة عن الزوج دون الزوجة،لأنّ الفطرة عنده لا تتحمّل بالزوجيّة (1).

لنا:عموم الأحاديث (2)،و ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أدّوا صدقة الفطرة عمّن تمونون» (3).

الثالث عشر:لو زوّج أمته من عبد أو مكاتب و سلّمها إليه،وجبت النفقة على سيّد العبد و سيّد (4)المكاتب،فتجب على المولى فطرتها.

و إن زوّجها من حرّ معسر،سقطت فطرتها عن السيّد،لانتقال وجوب النفقة عنه بالتسليم،و عن الزّوج لإعساره (5).

و لو زوّجها بموسر و سلّمها إليه،وجبت فطرتها على الزوج.و لو لم يسلّم الأمة في المواضع كلّها،كانت الفطرة على السيّد.

الرابع عشر:لو أوصى لرجل برقبة عبد،و لآخر بمنفعته،كانت الفطرة على مالك الرقبة،كما أنّ النفقة عليه،لأنّ الفطرة عن الرقبة فكانت على صاحبها،و لهذا لو آجر عبده، كانت فطرته عليه لا على المستأجر.

مسألة:و تجب فطرة العبد المشترك على أربابه

.و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،

ص:448


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:103،تحفة الفقهاء 1:337،الهداية للمرغينانيّ 1:116،شرح فتح القدير 2: 222.
2- 2) الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:140 الحديث 11،بتفاوت،سنن البيهقيّ 4:161،و من طريق الخاصّة بتفاوت ينظر: الوسائل 6:230 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة،الحديث 15.
4- 4) في النسخ:و كسب،و ما أثبتناه من هامش ح و هو مقتضى السياق.
5- 5) غ و ف:بإعساره.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:350-351،إرشاد السالك:47،بلغة السالك 1:237.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:164،المجموع 6:116،فتح العزيز بهامش المجموع 6:143،الميزان الكبرى 2:11، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:121،مغني المحتاج 1:407،السراج الوهّاج:131.

و محمّد بن الحسن،و أبو ثور (1).

و قال أبو حنيفة:لا فطرة على واحد منهم (2).و به قال الحسن البصريّ،و عكرمة، و[الثوريّ] (3)،و أبو يوسف (4).

لنا:قوله عليه السلام:«الصدقة على كلّ حرّ و عبد ممّن يمونون» (5).و المئونة عليهما فزكاته عليهما.

و لأنّه عبد مملوك من أهل الفطرة و هو عاجز عنها،فتجب على مواليه،كالمنفرد.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه ليس لواحد من الموالي عليه ولاية كاملة،فلا تجب عليه، كالمكاتب.و لأنّ من لا يلزمه جميع الفطرة لا يلزمه بعضها كالوصيّ (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المكاتب إن كان مشروطا ففطرته على مولاه و قد سلف (7)،و إن كان قد تحرّر بعضه وجبت على مولاه بقدر الرقّيّة،فالحكم في الأصل ممنوع، و لو سلّم فالفرق ثابت،لأنّ المكاتب إن لم تجب على مولاه فطرته وجبت على المكاتب، بخلاف المشترك،فإنّ سقوطها عن المولى لا يستتبع وجوبها على العبد،فلهذا لم يسقطها عن المولى.

و عن الثاني:بأنّ الأقرب تعليل سقوط الجميع بسقوط البعض،و لو سلّم فالقياس لا يعارض عموم النصّ خصوصا إذا كان الجامع سلبيّا.

ص:449


1- 1المغني 2:706،الشرح الكبير بهامش المغني 2:653،المجموع 6:120،الهداية للمرغينانيّ 1:116.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:106،تحفة الفقهاء 1:337،بدائع الصنائع 2:71،الهداية للمرغينانيّ 1:116، شرح فتح القدير 2:222،مجمع الأنهر 1:227.
3- 3) في النسخ:و أبو ثور،و الصحيح ما أثبتناه،كما في المصدر.
4- 4) المغني 2:706،الشرح الكبير بهامش المغني 2:653،المجموع 6:120.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:140،141 الحديث 11،12،سنن البيهقيّ 4:161.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:106،بدائع الصنائع 2:71،شرح فتح القدير 2:222.
7- 7) يراجع:ص 444 و 446. [1]
فروع:

الأوّل:لا فرق بين أن يكون العبد مشتركا بين اثنين أو ما زاد في إيجاب الزكاة على الجميع.و كذا لو كان بين اثنين عبيد،وجبت عليهما فطرتهم.و كذا لو كان بين ثلاثة فما زاد عبيد مشترك (1)أو عبدان.

الثاني:تجب على الشّركاء بالحصص،فلو كان عبد بين اثنين لكلّ واحد النصف، كان على كلّ واحد منهما نصف صاع.و لو كان لواحد الثلث و للآخر (2)الثلاثين،وجبت الزكاة كذلك.و به قال أكثر أهل العلم (3).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:هذا.

و الثانية:أنّ على كلّ واحد من الشركاء صاعا كاملا،قلّت حصّته أو كثرت،قلّ الشركاء أو كثروا (4).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أوجب عن (5)كلّ صغير و كبير،ذكر أو أنثى،حرّ أو عبد،صاعا (6).و هو عامّ.

و لأنّ الفطرة تابعة للنفقة،و هي تتقسّط عليهما بالحصص،فكذا الفطرة.

و لأنّه شخص واحد فلا يجب له صاعان،كالمنفرد.

احتجّ أحمد بأنّها طهرة،فوجب تكميلها على كلّ واحد من الشركاء،ككفّارة القتل (7).

ص:450


1- 1غ،ف و ص:مشتركة.
2- 2) كثير من النسخ:و لآخر.
3- 3) ينظر:المبسوط للسرخسيّ 3:106،المدوّنة الكبرى 1:351،المجموع 6:116.
4- 4) المغني 2:707،الشرح الكبير بهامش المغني 2:653،الكافي لابن قدامة 1:432،433،الإنصاف 3: 169،170.
5- 5) ن،ش و خا:على.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:161،سنن الدار قطنيّ 2:139 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:160،161.
7- 7) الشرح الكبير بهامش المغني 2:653،الكافي لابن قدامة 1:433.

و الجواب:كفّارة القتل عقوبة تتعلّق بفعل الجميع كما تتعلّق بفعل البعض،بخلاف زكاة الفطرة،فإنّها طهرة تحصل بالصاع الواحد،فتجب بالحصص،كماء الغسل من الجنابة لو احتاج المشترك إليه.

الثالث:يجوز أن يتّفق الشركاء في جنس المخرج و أن[يختلفوا] (1)،لأنّ الواجب صاع من أحد الأقوات.

مسألة:و لا يجب أن يخرج عن الجنين

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول علماء الأمصار.

و في رواية عن أحمد وجوب الإخراج عنه (2).و هو قول عثمان (3).

لنا:قوله عليه السلام:«ممّن تمونون» (4).و هو في بطن أمّه لا يصدق عليه هذا الوصف،فلا يتعلّق به الفرض،عملا بالأصل.

و لأنّ التّخصيص بالوصف يدلّ ظاهرا على نفي الحكم عمّا عداه.

و لأنّ الفطرة طهرة،و هي غير متحقّقة في الجنين في بطن أمّه.

و لأنّه غير متيقّن الحياة،فلا يتعلّق الوجوب به و لا بوليّه.

احتجّ أحمد بأنّه يوصى له و يرث (5)،فتتعلّق به الزكاة،كالمولود (6).

ص:451


1- 1في النسخ:يختلفا،و مقتضي السياق ما أثبتناه.
2- 2) المغني 2:713،الشرح الكبير بهامش المغني 2:652،الإنصاف 3:168.قال في الجميع بوجوب الإخراج. و في الكافي لابن قدامة 1:429،زاد المستقنع:26،و المجموع 6:139 و نيل الأوطار 4:251 و فتح الباري 3: 288 قال باستحباب الإخراج.
3- 3) المغني 2:713،الشرح الكبير بهامش المغني 2:652،المجموع 6:139،المحلّى 6:132،الكافي لابن قدامة 1:429،عمدة القارئ 9:110.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:140،141 الحديث 11 و 12،سنن البيهقيّ 4:161.و أورده ابنا قدامة في المغني 2: 684 و الشرح الكبير بهامش المغني 2:649.
5- 5) غ،ف و ش:و يورث.
6- 6) المغني 2:713،الشرح الكبير بهامش المغني 2:652.

و الجواب:الفرق بأنّ المولود متيقّن الحياة،بخلاف الجنين.و أمّا الوصيّة و الميراث فإنّما يملكها مع ولادته حيّا،و لهذا لو ولد ميّتا لم يحكم بانتقال الميراث و الوصيّة إليه،لعدم العلم بحياته.

مسألة:المتبرّع بالمئونة تجب عليه الفطرة

مثل أن يمون أجنبيّا أو يتيما أو ضيفا، تبرّعا و يهلّ الهلال عليه و هو في عائلته.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد في إحدى الروايتين (1)،و أكثر الجمهور على أنّه لا يجب عليه فطرتهم (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أدّوا صدقة الفطرة ممّن تمونون» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كلّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو عبد فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه» (4).

و في الصحيح عن زرارة و بكير ابني أعين،و الفضيل بن يسار،و محمّد بن مسلم، و بريد بن معاوية،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«على الرجل أن يعطي عن كلّ من يعول من حرّ و عبد،صغير (5)و كبير» (6).

و عن عمر بن يزيد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر أ يؤدّي عنه الفطرة؟قال:«نعم الفطرة واجبة على كلّ

ص:452


1- 1المغني 2:713،الإنصاف 3:168،الكافي لابن قدامة 1:433.
2- 2) المغني 2:693،الشرح الكبير بهامش المغني 2:652،المجموع 6:136.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:141 الحديث 12،سنن البيهقيّ 4:161.
4- 4) التهذيب 4:71 الحديث 193،الوسائل 6:229 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 8. [1]
5- 5) أكثر النسخ:و صغير،كما في الاستبصار و الوسائل. [2]
6- 6) التهذيب 4:76 الحديث 215،الاستبصار 2:45 الحديث 147،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [3]

من يعول من ذكر أو أنثى،صغير أو كبير،أو مملوك أو حرّ» (1).و لأنّه شخص ينفق عليه فتجب الفطرة عنه،كالعبد.

احتجّ المخالف بأنّ نفقته غير واجبة،فلا تجب فطرته،كما لو لم ينفق عليه (2).

و الجواب:المقتضي هو العيلولة و المئونة،للحديث فكيف يتساوى (3)الحكم مع وجوده و عدمه،و القياس لا يعارض النصّ؟.

مسألة:و اختلف علماؤنا في الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة

،فقال بعضهم:

يشترط ضيافة الشهر كلّه (4).و شرط آخرون ضيافة العشر الأواخر (5).و اقتصر آخرون على آخر ليلة من الشهر بحيث يهلّ الهلال و هو في ضيافته (6).و هو الأقرب عندي، لإطلاق اسم الضيف عليه عند الهلال.و لقوله عليه السلام:«ممّن تمونون» (7)و هو صالح للحال و الاستقبال،و حمله على الحال أولى،لأنّه وقت الوجوب،و إذا علّق الحكم على وصف ثبت مع ثبوته،لا قبله و لا بعده.

مسألة:و يستحبّ للفقير إخراج الفطرة

-ذهب إليه علماؤنا أجمع إلاّ من شذّ-عن نفسه (8)و عن عياله،و لو استحقّ أخذها أخذها و دفعها مستحبّا،و لو ضاق عليه أدار صاعا على عياله،ثمَّ تصدّق به على الغير.

ص:453


1- 1الكافي 4:173 الحديث 16، [1]الفقيه 2:116 الحديث 497،التهذيب 4:332 الحديث 1041،الوسائل 6: 227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
2- 2) المغني 2:693،الشرح الكبير بهامش المغني 2:652.
3- 3) م،ش و ص:يساوي.
4- 4) هو ظاهر الانتصار و الخلاف،ينظر:الانتصار:88،الخلاف 1:361 مسألة-7.
5- 5) هو قول المفيد في المقنعة:43.
6- 6) قال به ابن إدريس في السرائر:108.
7- 7) سنن الدار قطنيّ 2:141 الحديث 12،سنن البيهقيّ 4:161.
8- 8) ش،ح،ق و خا:و يخرج عن نفسه مكان:عن نفسه.

و قال بعض أصحابنا بوجوبها على الفقير (1).و قد بيّنّا بطلان ذلك (2).

و أمّا الاستحباب،فلما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قلت:الفقير الذي يتصدّق عليه[هل] (3)عليه صدقة الفطرة؟قال:«نعم،يعطي ممّا يتصدّق به عليه» (4).

و ما رواه إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل لا يكون عنده شيء من الفطرة إلاّ ما يؤدّي عن نفسه من الفطرة وحدها،يعطيه غريبا أو يأكل هو و عياله؟قال:«يعطي بعض (5)عياله ثمَّ يعطي الآخر عن نفسه يردّدونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة» (6).

ص:454


1- 1نقله عن ابن الجنيد في المعتبر 2:593. [1]
2- 2) يراجع:ص 425. [2]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) الكافي 4:172 الحديث 11، [3]التهذيب 4:74 الحديث 208،الاستبصار 2:41 الحديث 132،الوسائل 6: 225 الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [4]
5- 5) أكثر النسخ:بعضا.
6- 6) الكافي 4:172 الحديث 10، [5]التهذيب 4:74 الحديث 209،الاستبصار 2:42 الحديث 133،الوسائل 6: 225 الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [6]
البحث الثالث:في قدرها و جنسها
مسألة:الجنس ما كان قوتا غالبا

،كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الأرز و الأقط و اللبن.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال الشافعيّ:يخرج ما كان قوتا من غالب قوت البلد.

و في قول آخر:من غالب قوت المخرج (1).

و له في الأقط قولان،و في اللبن قولان (2)،و قال مالك كالقول الأوّل للشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لا يخرج من الأقط إلاّ على وجه القيمة (4).

و قال أحمد:يتعيّن إخراج الخمسة خاصّة:الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب، و الأقط (5).

ص:455


1- 1الأمّ 2:67،حلية العلماء 3:130،المغني 2:665،الشرح الكبير بهامش المغني 2:661،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:133،فتح العزيز بهامش المجموع 6:209،مغني المحتاج 1:401، السراج الوهّاج:130.
2- 2) الأمّ 2:67،حلية العلماء 3:131،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:131،فتح العزيز بهامش المجموع 6:197،مغني المحتاج 1:406،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:150.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:357،بداية المجتهد 1:281،مقدّمات ابن رشد 1:256،بلغة السالك 1:238،إرشاد السالك:47،المغني 2:665،فتح العزيز بهامش المجموع 6:213.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:114،بدائع الصنائع 2:72،73،عمدة القارئ 9:115،المحلّى 6:123،فتح العزيز بهامش المجموع 6:199،حلية العلماء 3:132،تحفة الفقهاء 1:338.
5- 5) المغني 2:665،الشرح الكبير بهامش المغني 2:661،الكافي لابن قدامة 1:434،زاد المستقنع:26، الإنصاف 3:181.

لنا على جواز الأقط:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد قال:كنّا نخرج،إذ (1)كان فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،الفطرة صاعا من طعام،أو صاعا من شعير،أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب،أو صاعا من أقط (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ،عن أبي الحسن العسكريّ عليه السلام قال:«و من سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط» (3).و لأنّه مقتات،فجاز إخراجه كالبرّ.

و لنا على إخراج اللبن:ثبوت المقتضي،و هو الاقتيات،بل هو في اللبن أكثر منه في الأقط،و هو قوت أهل البادية غالبا بخلاف الأقط،فإنّ اقتياتهم به نادر.و لأنّه أكمل من الأقط،لإمكان تحصيل الأقط منه و غيره.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

«الفطرة على كلّ قوم ما يغذون عيالاتهم من (4)لبن أو زبيب أو غيره» (5).

و لأنّه قوت فيكون مجزئا،لما رواه الشيخ عن يونس،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:جعلت فداك هل على أهل البوادي الفطرة؟قال:فقال:«الفطرة

ص:456


1- 1كثير من النسخ:إذا.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:678 الحديث 985،سنن أبي داود 2:113 الحديث 1616، [1]سنن الترمذيّ 3:59 الحديث 673، [2]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1829،سنن النسائيّ 5:51 و 53،سنن البيهقيّ 4:173،سنن الدار قطنيّ 2:146 الحديث 31،الموطّأ 1:284، [3]سنن الدارميّ 1:392،393. [4]
3- 3) التهذيب 4:79 الحديث 226،الاستبصار 2:44 الحديث 140،الوسائل 6:238 الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [5]
4- 4) لا توجد في أكثر النسخ،كما في الاستبصار.
5- 5) التهذيب 4:78 الحديث 221،الاستبصار 2:43 الحديث 137،الوسائل 6:238 الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [6]

على كلّ من اقتات قوتا فعليه أن يؤدّي من ذلك القوت» (1).

و لنا على إخراج الأرز:ما بيّنّاه من كونه مقتاتا،فيكون مجزئا،كالبرّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ،عن أبي الحسن العسكريّ عليه السلام قال:«و على أهل طبرستان الأرز» (2).

مسألة:و لو أخرج أحد هذه الأجناس،و كان غالب قوت أهل البلد غيرها

،جاز بلا خلاف بين علمائنا في ذلك.و للشافعيّ قولان (3).

لنا:ما دلّ على التخيير من طريق الجمهور و الخاصّة،و هو يدلّ على عدم التضييق (4).

احتجّ الشافعيّ (5)بقوله عليه السلام:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (6).

و إنّما يحصل ذلك بقوت أهل البلد،لأنّهم إذا أخذوا غير قوتهم احتاجوا إلى إبداله.

و احتجّ على قوله:بفاضل قوته أنّ الواجب فيما فضل عن قوته،فوجب الاعتبار بقوته (7).

ص:457


1- 1التهذيب 4:78 الحديث 220،الاستبصار 2:42 الحديث 136،الوسائل 6:239 الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 4:79 الحديث 226،الاستبصار 2:44 الحديث 140،الوسائل 6:238 الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:133،فتح العزيز بهامش المجموع 6:210-213،الشرح الكبير بهامش المغني 2:661،حلية العلماء 3:131.
4- 4) خا،ش و ك:التضيّق.
5- 5) المغني 2:666،الشرح الكبير بهامش المغني 2:661،فتح العزيز بهامش المجموع 6:213. [3]
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 67،سنن البيهقيّ 4:175،عمدة القارئ 9:118،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:117.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:65،المجموع 6:132.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الاغتناء (1)عن الطلب يحصل بأحد الأقوات المعيّنة و لا يحتاج إلى الإبدال.

و عن الثاني:أنّه لا يعارض ما ذكرناه من النصّ.

مسألة:و أفضل هذه الأجناس التمر

.و به قال أحمد (2)و مالك (3).و قال الشافعيّ:

الأفضل البرّ (4).

لنا:أنّ فيه قوتا و حلاوة،و هو أسرع تناولا و أقلّ كلفة،فكان أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«التمر في الفطرة أفضل من غيره،لأنّه أسرع منفعة،و ذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه» (5).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لأن أعطي صاعا من تمر أحبّ إليّ من أن أعطى صاعا من ذهب في الفطرة» (6).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«التمر أحبّ إليّ،فإنّ لك بكلّ تمرة نخلة في الجنّة» (7).

ص:458


1- 1بعض النسخ:الإغناء.
2- 2) الشرح الكبير بهامش المغني 2:663،الكافي لابن قدامة 1:435،الإنصاف 3:183،عمدة القارئ 9: 113،المجموع 6:134،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:357،المغني 2:663،المجموع 6:134،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122، حلية العلماء 3:131،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:151.
4- 4) المجموع 6:134،مغني المحتاج 1:406،السراج الوهّاج:131،المغني 2:663،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122.
5- 5) التهذيب 4:85 الحديث 248،الوسائل 6:244 الباب 10 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 8. [1]
6- 6) التهذيب 4:85 الحديث 249،الوسائل 6:244 الباب 10 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 6. [2]
7- 7) التهذيب 4:86 الحديث 250،الوسائل 6:243 الباب 10 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [3]

احتجّ الشافعيّ بأنّه يحتمل الادّخار (1).

و الجواب:أنّه غير مراد في الصدقات.

مسألة:و يتلو التمر الزبيب

،لمشاركته في سرعة الانتفاع (2)و قلّة الكلفة،و وجود القوت و الحلاوة فيه.و قال آخرون:البرّ (3).

و قال قوم:الأفضل من رأس إخراج ما كان أعلى قيمة (4).

و قال آخرون:الأفضل ما يغلب على قوت البلد (5).و هو قريب،لحديث إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ عن العسكريّ عليه السلام في تمييز (6)فطرة أهل البلاد قال:كتب عليه السلام:«إنّ الفطرة صاع من قوت بلدك على أهل مكّة و اليمن و الطائف و أطراف الشام و اليمامة و البحرين و العراقين و فارس و الأهواز و كرمان التمر،و على أهل أوساط الشام الزبيب،و على أهل الجزيرة و الموصل و الجبال كلّها البرّ أو الشعير،و على أهل طبرستان الأرز،و على أهل خراسان البرّ،إلاّ أهل مرو و الريّ فعليهم الزبيب،و على أهل مصر البرّ،و من سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم،و من سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط» (7).

و هذا التفصيل منه عليه السلام على جهة الاستحباب.

مسألة:و قدرها صاع من جميع الأجناس

بصاع الرسول صلّى اللّه عليه و آله.و به

ص:459


1- 1المجموع 6:134،مغني المحتاج 1:406.
2- 2) بعض النسخ:الانتقال.
3- 3) به قال أحمد،ينظر:المغني و الشرح الكبير 2:664،الكافي لابن قدامة 1:435،الإنصاف 3:184.
4- 4) و القائل ظاهرا القاضي أبو الطيّب،ينظر:حلية العلماء 3:131،المغني 2:665،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:664.و نقله في الإنصاف 3:184 عن بعض أصحاب أحمد.
5- 5) قاله بعض أصحاب الشافعيّ،ينظر:حلية العلماء 3:130،فتح العزيز بهامش المجموع 6:212.
6- 6) كثير من النسخ:قدر،و في ش:قوت.
7- 7) التهذيب 4:79 الحديث 226،الاستبصار 2:44 الحديث 140،الوسائل 6:238 الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]

قال مالك (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4).

و قال سعيد بن المسيّب،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و عروة بن الزبير (5)، و أصحاب الرأي:يجزئ نصف صاع من البرّ (6).

و عن أبي حنيفة،في الزبيب روايتان:إحداهما:صاع.و الأخرى:نصف صاع (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ قال:كنّا نخرج،إذ (8)كان فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله زكاة الفطرة عن كلّ صغير أو كبير،حرّ أو مملوك صاعا من طعام،أو صاعا من أقط،أو صاعا من شعير،أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن الفطرة كم تدفع عن كلّ رأس من الحنطة و الشعير

ص:460


1- 1الموطّأ 1:284، [1]شرح الزرقانيّ 2:150،بلغة السالك 1:238،مقدّمات ابن رشد 1:258.
2- 2) الأمّ 2:68،مغني المحتاج 1:405،الميزان الكبرى 2:13،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122، المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:128 و 142،فتح العزيز بهامش المجموع 6:194،حلية العلماء 3: 129.
3- 3) المغني 2:652،الكافي لابن قدامة 1:434،الإنصاف 3:183، [2]زاد المستقنع:26.
4- 4) المغني 2:652،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659،المجموع 6:142،عمدة القارئ 9:113.
5- 5) المغني 2:652،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659،المجموع 6:143،عمدة القارئ 9:113.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:115،116،بدائع الصنائع 2:72،حلية العلماء 3:129،تحفة الفقهاء 1:337، عمدة القارئ 9:113، [3]مجمع الأنهر 1:228،229.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:116،المبسوط للسرخسيّ 3:113،114،بدائع الصنائع 2:72،مجمع الأنهر 1: 229،عمدة القارئ 9:113،تحفة الفقهاء 1:337،شرح فتح القدير 2:225،حلية العلماء 3:129.
8- 8) بعض النسخ:إذا.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:161،صحيح مسلم 2:678 الحديث 985،سنن أبي داود 2:113 الحديث 1616، [4]سنن الترمذيّ 3:59 الحديث 673، [5]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1829،سنن النسائيّ 5:51-53،سنن البيهقيّ 4:165 و 173،سنن الدار قطنيّ 2:146 الحديث 31،الموطّأ 1:284 الحديث 53، [6]سنن الدارميّ 1: 392،393. [7]

و التمر و الزبيب؟قال:«صاع بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في الصحيح عن صفوان الجمّال قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة، فقال:«على الصغير و الكبير و الحرّ و العبد عن كلّ إنسان صاع من برّ،أو صاع من تمر،أو صاع من زبيب» (2).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الفطرة، قال:«يعطى من الحنطة و من الشعير و من الأقط صاع» (3).

و لأنّه جنس يجوز إخراجه في زكاة الفطرة،فكان مقدّرا بالصاع،كالتمر.

احتجّ المخالف (4)بما رواه ثعلبة بن أبي صعير (5)،عن أبيه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صاع من قمح بين كلّ اثنين» (6).

و الجواب:أنّ ابن المنذر أنكر هذا الحديث (7).و لأنّ ما ذكرناه أحوط و أقرب إلى

ص:461


1- 1التهذيب 4:80 الحديث 227،الاستبصار 2:46 الحديث 148،الوسائل 6:231 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:70 الحديث 194 و ص 80 الحديث 228،الاستبصار 2:46 الحديث 149،الوسائل 6:227 الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1.و [2]في الجميع:من الحنطة،مكان:من برّ.
3- 3) التهذيب 4:80 الحديث 229،الاستبصار 2:46 الحديث 150،الوسائل 6:231 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [3]في الجميع:«يعطى من الحنطة صاع و من الشعير صاع.».
4- 4) المغني 2:653،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659،عمدة القارئ 9:113،114،بدائع الصنائع 2: 72،شرح فتح القدير 2:225.
5- 5) ثعلبة بن صعير-بمهملتين-و يقال:ابن عبد اللّه بن صعير،و يقال:ابن أبي صعير،و يقال:عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير العذري له حديث واحد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في صدقة الفطر،و روى عنه ابنه عبد اللّه و عبد الرحمن بن كعب بن مالك. أسد الغابة 1:241، [4]الإصابة 1:200، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 1:202، [7]تهذيب التهذيب 2:23. [8]
6- 6) سنن أبي داود 2:114 الحديث 1620، [9]سنن الدار قطنيّ 2:150 الحديث 52،سنن البيهقيّ 4:167،المغني 2:653،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659،عمدة القارئ 9:113،114.
7- 7) المغني 2:655،الشرح الكبير بهامش المغني 2:660.

القياس.

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن[صدقة] (1)الفطرة،فقال:«على كلّ من يعول الرجل على الحرّ و العبد و الصغير و الكبير صاع من تمر أو نصف صاع من برّ،و الصاع أربعة أمداد» (2).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صدقة الفطرة، فقال:«تصدّق عن جميع من تعول من صغير أو كبير،حرّ أو مملوك على كلّ إنسان نصف صاع من حنطة،أو صاع من تمر،أو صاع من شعير،و الصاع أربعة أمداد» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:سمعته يقول:

«الصدقة لمن لم يجد الحنطة و الشعير يجزئ عنه القمح و العدس و الذرة نصف صاع من ذلك كلّه،أو صاع من تمر أو زبيب» (4).

لأنّا نقول:قد ذكر أصحابنا و الجمهور أنّ ذلك غيّر في زمن عثمان و معاوية.روى الأصحاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«صدقة الفطرة (5)صاع،فلمّا كان في زمن عثمان حوّله مدّين من قمح» (6).

ص:462


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 4:81 الحديث 233،الاستبصار 2:47 الحديث 154،الوسائل 6:233 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 12. [1]
3- 3) التهذيب 4:81 الحديث 234،الاستبصار 2:47 الحديث 155،الوسائل 6:233 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 12. [2]
4- 4) التهذيب 4:81 الحديث 235،الاستبصار 2:47 الحديث 156،الوسائل 6:233 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 13. [3]
5- 5) أكثر النسخ:صدقة الفطر.
6- 6) التهذيب 4:82 الحديث 237،الاستبصار 2:48 الحديث 157،الوسائل 6:232 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [4]

و روى الجمهور عن أبي سعيد قال:كنّا نخرج،إذ (1)كان فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صدقة الفطرة صاعا من طعام،أو من شعير،أو من تمر،أو زبيب،أو أقط،فلم نزل نخرجه حتّى قدم معاوية فكان فيما كلّم الناس به:إنّي لأرى مدّين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر.فأخذ الناس بذلك.قال أبو سعيد:و لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه (2).

و روى أصحابنا عن عبد الرحمن الحذّاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لمّا كان (3)زمن معاوية،عدل الناس[عن] (4)ذلك إلى نصف صاع من حنطة» (5).

و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سئل عن الفطرة،فقال:«صاع من طعام» فقيل:أو نصف صاع؟فقال «بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ» (6).و إذا كان التغيير (7)حادثا،حملنا الأحاديث من طرقنا على التقيّة،و كان العمل بما ثبت في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعيّنا.

مسألة:و الصاع:أربعة أمداد

،و المدّ:رطلان و ربع بالعراقيّ،و هو أيضا مائتان و اثنان و تسعون درهما و نصف.و الدرهم:ستّة دوانيق.و الدانق:ثمان حبّات من أوسط حبّات الشعير،يكون مقدار الصاع تسعة أرطال بالعراقيّ،و ستّة أرطال بالمدنيّ.ذهب إليه علماؤنا.

ص:463


1- 1بعض النسخ:إذا.
2- 2) صحيح مسلم 2:678 الحديث 985،سنن الترمذيّ 3:58 الحديث 673، [1]سنن أبي داود 2:113 الحديث 1616، [2]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1829،سنن النسائيّ 5:51-53،سنن البيهقيّ 4:165،سنن الدارميّ 1:392، [3]سنن الدار قطنيّ 2:146 الحديث 31.
3- 3) ح:كان من.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:82 الحديث 238،الاستبصار 2:48 الحديث 158،الوسائل 6:233 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 10. [4]
6- 6) المعتبر 2:607، [5]الوسائل 6:235 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 21. [6]
7- 7) كثير من النسخ:التغيّر.

و قال الشافعيّ:الصاع خمسة أرطال و ثلث بالبغداديّ (1).و به قال مالك (2)،و أحمد (3)،و إسحاق،و أبو يوسف (4).

و قال أبو حنيفة:الصاع ثمانية أرطال (5).

لنا:ما نقله الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع (6).مع أنّه صلّى اللّه عليه و آله كان كثيف الشعر تامّ الخلقة مستظهرا في أفعال الوضوء و الغسل،فاعلا للمندوب منه من المضمضة و الاستنشاق و تكرار الغسلات،و يتعذّر (7)فعل هذا كلّه برطل و ثلث في الوضوء،و بخمسة أرطال و ثلث في الغسل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ،عن العسكريّ أبي الحسن عليه السلام قال:«يدفع (8)الصاع وزنا ستّة أرطال برطل المدينة،و الرطل مائة

ص:464


1- 1المغني 1:255 و ج 2:652،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:128،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 193،الهداية للمرغينانيّ 1:117،بدائع الصنائع 2:73،السراج الوهّاج:13،مغني المحتاج 1:405، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:123،إرشاد الساري 3:85،عمدة القارئ 3:96.
2- 2) بداية المجتهد 1:265،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:123،إرشاد الساري 3:85،عمدة القارئ 3: 96،مقدّمات ابن رشد 1:210،إرشاد السالك:47،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:150،اختلاف العلماء: 118،سنن الدار قطنيّ 2:151.
3- 3) المغني 2:657،الشرح الكبير بهامش المغني 2:660،الكافي لابن قدامة 1:435،الإنصاف 1:258، [1]عمدة القارئ 3:96،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:123.
4- 4) المغني 1:255 و ج 2:652،الشرح الكبير بهامش المغني 1:255.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:117،بدائع الصنائع 2:73،شرح فتح القدير 2:230،عمدة القارئ 3:96،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:123،تحفة الفقهاء 1:338،حلية العلماء 3:129،مجمع الأنهر 1:229.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:62،صحيح مسلم 1:258 الحديث 325،سنن أبي داود 1:23 الحديث 92،93، مسند أحمد 3:303 و ج 6:121 و 133، [2]سنن الدارميّ 1:175،سنن البيهقيّ 4:172،المعجم الكبير للطبرانيّ 23:365 الحديث 863،كنز العمّال 9:422 الحديث 26793،مجمع الزوائد 1:219.
7- 7) كثير من النسخ:و يتقدّر.
8- 8) في المصادر:تدفعه،مكان:يدفع.

و خمسة و تسعون درهما» (1).

و عن عليّ بن بلال قال:كتبت إلى الرجل أسأله عن الفطرة و كم تدفع؟قال:«ستّة أرطال من تمر بالمدنيّ،و ذلك (2)تسعة أرطال بالبغداديّ» (3).

و عن جعفر بن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ (4)عن أبي الحسن عليه السلام،قال:كتب إليّ:«الصاع:ستّة أرطال بالمدنيّ،و تسعة أرطال بالعراقيّ.و بالوزن ألف و مائة و سبعون وزنه» (5).

و يؤيّد ما قلناه أيضا:ما قاله أبو عبيد:إنّ صاعين و نصفا مكّوك بالعدل (6)الملجم

ص:465


1- 1التهذيب 4:79 الحديث 226،الاستبصار 2:44 الحديث 140،الوسائل 6:237 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [1]
2- 2) أكثر النسخ:و ذاك.
3- 3) التهذيب 4:83 الحديث 242،الاستبصار 2:49 الحديث 162،الوسائل 6:236 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
4- 4) جعفر بن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ روى الصدوق عنه بإسناده.و قال الكشّيّ في ترجمة فارس بن حاتم القزوينيّ: [3]إنّ إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ كتب مع ابنه إلى أبي الحسن في سنة ثمان و أربعين و مائتين يسأل عن عليّ بن جعفر العليل و فارس بن حاتم القزوينيّ، [4]فأحاله الإمام عليه السلام إلى عليّ بن جعفر و أمره باجتناب فارس.قال صاحب التنقيح:و احتمل الوحيد اتّحاده مع جعفر بن إبراهيم الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام و اتّحادهما مع جعفر بن إبراهيم بن نوح الّذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب العسكريّ عليه السلام. و قال السيّد الخوئيّ:و ربّما يقال:إنّه لم يستثن ابن الوليد فيما استثناه من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى روايته عن جعفر بن إبراهيم،و هذا يكشف عن اعتماده على جعفر.و لكنّه تقدّم الجواب عن ذلك في المدخل،و [5]قال في المدخل: [6]إنّ اعتماد ابن الوليد أو غيره من الأعلام المتقدّمين فضلا عن المتأخّرين على رواية شخص،و الحكم بصحّتها لا يكشف عن وثاقة الراوي أو حسنه. الفقيه 2:115، [7]رجال الكشّيّ:523-527،رجال الطوسيّ:411،تنقيح المقال 1:211، [8]معجم رجال الحديث 1:86 و ج 4:46. [9]
5- 5) التهذيب 4:83 الحديث 243،الاستبصار 2:49 الحديث 163،الوسائل 6:236 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [10]
6- 6) أكثر النسخ:المعدل.

العراقيّ (1)،فيكون الصاع خمسي (2)مكّوك.و هو يقارب ما قلناه.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما رواه أنس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يتوضّأ بالمدّ و يغتسل بالصاع (4).و المدّ:رطلان.

و احتجّ الشافعيّ بأنّه لمّا اجتمع الرشيد مع مالك بالمدينة و معه أبو يوسف و اختلفوا في قدر الصاع،حمل مالك قوما كثيرا و عددا جمّا معهم آصع نقلوا عن آبائهم أنّهم كانوا يؤدّون بها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فغيّرت،فكانت خمسة أرطال و ثلثا،فرجع أبو يوسف إلى ذلك (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه حكاية حال،و قوله:و المدّ:رطلان،من كلام الراوي، فلا حجّة فيه،مع أنّ أهل النقل طعنوا فيه.

و عن الثاني:أنّه محمول على أرطال المدينة و ذلك يقارب ما قلناه.

مسألة:قال الشيخ في أكثر كتبه:يجزئ من اللبن أربعة أرطال

بالمدنيّ (6).و لم نقف فيه على مستند سوى ما رواه عن القاسم بن الحسن (7)رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:466


1- 1الأموال لأبي عبيد:489.
2- 2) ش و ك:خمس.
3- 3) بدائع الصنائع 2:73،الهداية للمرغينانيّ 1:117،شرح فتح القدير 2:229.
4- 4) سنن أبي داود 1:23 الحديث 95،مسند أحمد 3:179، [1]المغني و الشرح الكبير 1:255،بدائع الصنائع 2: 73،عمدة القارئ 3:96،الهداية للمرغينانيّ 1:117.
5- 5) المصباح المنير:351، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:195،سنن الدار قطنيّ 2:151 الحديث 58.
6- 6) النهاية:191، [3]المبسوط 1:241، [4]الجمل و العقود:108،الاقتصاد:429. [5]
7- 7) القاسم بن الحسن بن عليّ بن يقطين بن موسى أبو محمّد مولى بني أسد،سكن قمّ و ما أظنّ له كتابا ينسب إليه إلاّ زيادة في كتاب التجمّل و المروّة للحسين بن سعيد و كان ضعيفا على ما ذكره ابن الوليد،قاله النجاشيّ.و قال الشيخ في باب أصحاب الهادي عليه السلام من رجاله:القاسم الشعرانيّ اليقطينيّ يرمى بالغلوّ.و نقل الكشّيّ في ترجمة عليّ بن حسكة الروايات المشتملة على زندقة القاسم اليقطينيّ و لعنه.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال بعد نقل كلام ابن الغضائريّ في حقّه:و هذا يعطي تعديله منه.و قال السيّد الخوئيّ:لا ينبغي الشكّ في اتّحاد القاسم بن الحسن مع القاسم اليقطينيّ الشعرانيّ-إلى أن قال-فالمتحصّل أنّ الرجل ضعيف. رجال النجاشيّ:316،رجال الطوسيّ:421،رجال الكشيّ:517،رجال العلاّمة:248، [6]معجم رجال الحديث 14:17،18. [7]

قال:سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة،قال:«يتصدّق بأربعة أرطال من لبن» (1).

و الاستدلال بهذه الرواية باطل من وجهين:

الأوّل:ضعفها و إرسالها.

و الثاني:أنّها تضمّنت السؤال عن فاقد الفطرة،و نحن نقول بموجبة،إذ لا يجب على من لم يتمكّن شيء،فإخراج أربعة أرطال على جهة الاستحباب.و أمّا تفسيره بالمدنيّ،فلما رواه الشيخ عن محمّد بن الريّان قال:كتبت إلى الرجل أسأله عن الفطرة كم تؤدّى؟فكتب:

«أربعة أرطال بالمدنيّ» (2).و ضعف هذه الرواية لا يخفى.

فروع:

الأوّل:الأصل في الإخراج:الكيل،و قدّره العلماء بالوزن،لأنّه أضبط،و ليحفظ و ينقل.

الثاني:يجزئه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل،سواء كان أثقل أو أخفّ، لأنّه المقدّر في الإخراج.

و هل يجزئه الوزن من غير الكيل؟منع منه محمّد بن الحسن الشيبانيّ،لأنّ في البرّ ما هو أثقل و أخفّ،فلو أخرج من الأثقل بالوزن،يكون قد أخرج دون الصاع،فلا يكون مجزئا (3).

ص:467


1- 1التهذيب 4:78 الحديث 222،الاستبصار 2:43 الحديث 138،الوسائل 6:236 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:84 الحديث 244،الاستبصار 2:49 الحديث 164،الوسائل 6:237 الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [2]
3- 3) بدائع الصنائع 2:73،الهداية للمرغينانيّ 1:117،تحفة الفقهاء 1:339.

و الأحوط عندي:أنّه إن أخرج من الأخفّ كالشعير تسعة أرطال فقد أجزأه،و إن أخرج من الأثقل،أن يخرج ما يزيد على المقدّر بالوزن،ليكون بالغا قدر الصاع.

الثالث:لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة،قال الشيخ:لا يجزئه (1).و به قال الشافعيّ (2)،و الأقرب عندي:الإجزاء.و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

لنا:أنّه أخرج من المنصوص عليه،فأجزأه،كما لو أخرج من الجنس الواحد.و لأنّ أحد النصفين إن كان أعلى من الآخر أجزأه،لأنّه مع إخراج الأدون يجزئ فمع الأعلى أولى، و إن كان مساويا فكذلك خصوصا و عندنا يجوز إخراج القيم في الزكوات.

احتجّ الشيخ بأنّه مخالف للخبر (5).

و الجواب:المنع من مخالفته للخبر.

الرابع:هل يجوز أن يخرج أقلّ من صاع من جنس أعلى إذا ساوى صاعا من أدون، كنصف صاع من حنطة إذا ساوى صاعا من شعير في القيمة على سبيل إخراج القيمة؟فيه تردّد ينشأ من كون الواجب إخراج صاع تامّ من الأجناس أو قيمته،و هو يدلّ على أنّ القيمة تغايره (6)،و من كونه قد أخرج قدر الواجب و هو بدل الصاع المساوي،فيكون مجزئا.و لم نقف فيه للمتقدّمين على قول.

الخامس:لو أخرج صاعين من جنسين (7)،أو أصواعا من أجناس مختلفة عن رؤوس متعدّدة،جاز بلا خلاف.

ص:468


1- 1المبسوط 1:241.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:135،مغني المحتاج 1:406،فتح العزيز بهامش المجموع 6:220، السراج الوهّاج:131.
3- 3) بدائع الصنائع 2:73،فتح العزيز بهامش المجموع 6:221.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 2:663،الكافي لابن قدامة 1:434،الإنصاف 3:183.
5- 5) المبسوط 1:241.
6- 6) كثير من النسخ:مغايرة.
7- 7) ف،م و ن:جنس.

السادس:لو غلب على قوته جنس،جاز أن يخرج من جنس آخر،و لو كان دونه قيمة،و الأفضل أن يخرج الأعلى.

السابع:لا يجزئه المعيب كالمسوّس من التمر،و المدوّد من الحبّ.و يجوز أن يخرج صاعا من طعام قديم إذا لم يتغيّر طعمه و إن نقصت قيمته عن قيمة الحديث،لأنّ القدم (1)ليس بعيب.

مسألة:و يجوز إخراج القيمة

.و هو قول علمائنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (2)، و الثوريّ،و الحسن البصريّ،و عمر بن عبد العزيز (3).و منع الشافعيّ (4)،و مالك (5)،و أحمد من ذلك (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن معاذ أنّه طلب من أهل اليمن،العرض (7). (8)

و عن عمر بن الخطّاب أنّه كان يأخذ العروض في الصدقة (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمّار الصيرفيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك،ما تقول في الفطرة،يجوز أن أؤدّيها فضّة بقيمة هذه الأشياء التي سمّيتها؟قال:«نعم،إنّ ذلك أنفع و يشتري

ص:469


1- 1م،ح،ق،ص و ش:القديم.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:156،تحفة الفقهاء 1:306،بدائع الصنائع 2:73،الهداية للمرغينانيّ 1:101، شرح فتح القدير 2:144،مجمع الأنهر 1:203،المغني 2:672،حلية العلماء 3:167،المجموع 6:144.
3- 3) المغني 2:671،672،المجموع 6:144.
4- 4) الأمّ 2:68،حلية العلماء 3:167،المجموع 6:144،المغني 2:671.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:358،حلية العلماء 3:167،المجموع 6:144،المغني 2:671.
6- 6) المغني 2:671،الشرح الكبير بهامش المغني 2:661،الكافي لابن قدامة 1:434،الإنصاف 3:182، [1]المجموع 6:144.
7- 7) أكثر النسخ:المعوّض،و في بعضها:العوض.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:144،سنن البيهقيّ 4:113،المصنّف لعبد الرزّاق 4:105 الحديث 7133.
9- 9) المصنف لعبد الرزّاق 4:105 الحديث 7134،المغني 2:672.

ما يريده (1)» (2).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بالقيمة في الفطرة» (3).

و لأنّ القيمة أعمّ نفعا و أكثر فائدة،فكان إخراجها مجزئا.

و لأنّ القصد دفع الحاجة و هو غير مختلف باختلاف صور الأموال بعد اتّحاد قدر المال.

احتجّ المخالف بأنّه عدول عن النصّ،إذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرض الصدقة من هذه الأجناس (4).

و الجواب:ليس في ذلك دلالة على المنع من القيمة،و إنّما خرج ذلك مخرج بيان قدر الواجب لا عينه.

مسألة:و الأقرب عندي:أنّه لا يتقدّر قيمتها بقدر معيّن

،بل المرجع فيه إلى القيمة السوقيّة،و قد قدّره قوم من أصحابنا بدرهم (5)،و آخرون بأربعة دوانيق (6)،و الصحيح خلاف ذلك،بل يقوّم الواجب في كلّ وقت بما يساويه و تخرج القيمة،لأنّ الواجب هو العين و القيمة بدل،فتعتبر القيمة وقت الإخراج.

ص:470


1- 1ح:«إنّ ذلك أنفع له يشتري ما يريد»كما في المصادر.
2- 2) التهذيب 4:86 الحديث 251،الاستبصار 2:50 الحديث 166،الوسائل 6:241 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 6. [1]
3- 3) التهذيب 4:86 الحديث 252،الاستبصار 2:50 الحديث 167،الوسائل 6:241 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 9. [2]
4- 4) المغني 2:673،الشرح الكبير بهامش المغني 2:522،المهذّب للشيرازيّ 1:150،المجموع 5:429.
5- 5) المبسوط 1:242. [3]قال في الجواهر و [4]المدارك:هذا القول مجهول القائل و المستند،نعم،في المبسوط: [5]قد روي أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما،و روي أربعة دوانيق في الرخص و الغلاء.الجواهر 15:526، [6]المدارك 5: 343. [7]
6- 6) المبسوط 1:242. [8]قال في الجواهر و [9]المدارك: [10]هذا القول مجهول القائل و المستند،نعم،في المبسوط: [11]قد روي أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما،و روي أربعة دوانيق في الرخص و الغلاء.الجواهر 15:526، [12]المدارك 5: 343. [13]

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص (1)المروزيّ قال:سمعته يقول:«إن لم تجد من تضع الفطرة فيه،فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة و الصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم» (2).

فإن احتجّوا برواية إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس أن يعطيه قيمتها درهما» (3).

أجبنا:أوّلا:بضعف الرواية،فإنّ في طريقها أحمد بن هلال،و هو ضعيف جدّا.

و ثانيا:باحتمال أن يكون قيمة الصاع ما قدّره الإمام عليه السلام في ذلك الوقت.

قال الشيخ:هذه الرواية شاذّة،و الأحوط أن تعطى بقيمة الوقت،قلّ ذلك أم كثر، قال:و هذه رخصة لو عمل الإنسان بها لم يكن مأثوما (4).

مسألة:قال الشيخ في الخلاف:لا يجزئ الدقيق و السويق

من الحنطة و الشعير،على أنّهما أصل و يجزئان قيمة (5).و به قال الشافعيّ (6)،و مالك (7).

ص:471


1- 1أكثر النسخ:سليمان بن جعفر،كما في الاستبصار و الوسائل،و [1]الصحيح ما أثبتناه.قال السيّد الخوئيّ:و الظاهر وقوع التحريف،و الصحيح:سليمان بن حفص.معجم رجال الحديث 8:242. [2]
2- 2) التهذيب 4:87 الحديث 256،الاستبصار 2:50 الحديث 169،الوسائل 6:241 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 7. [3]
3- 3) التهذيب 4:79 الحديث 225،الاستبصار 2:50 الحديث 168،الوسائل 6:242 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 11. [4]
4- 4) الاستبصار 2:50 ذيل الحديث 168.
5- 5) الخلاف 1:370 مسألة-36.
6- 6) الأمّ 2:67،المهذّب للشيرازيّ 1:166،المجموع 6:132،السراج الوهّاج:131،الميزان الكبرى 2:12، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122،مغني المحتاج 1:407،المغني 2:668.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:358،المغني 2:688،الشرح الكبير بهامش المغني 2:662،الميزان الكبرى 2:12، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:22.

و قال أبو حنيفة (1)،و أحمد:يجوز (2).و به قال ابن إدريس منّا (3)،و الأقرب عندي ما قاله الشيخ.

لنا:أنّ المنصوص (4)الأجناس المعدودة فيقتصر عليها،و إنّما عدلنا إلى القيمة لمساواتها في الأمور المطلوبة.و لأنّ منافعه قد نقصت.

احتجّ المخالف (5)بما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أدّوا الفطرة قبل الخروج،فإنّ على كلّ مسلم مدّين من قمح أو دقيق» (6).

و ما رواه الشيخ عن حمّاد و بريد و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالوا:سألناهما عليهما السلام عن زكاة الفطرة،قالا:«صاع من تمر أو زبيب أو شعير،أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت،عن الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى و البالغ و من تعول في ذلك سواء» (7).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته.يعطي الفطرة دقيقا مكان الحنطة؟قال:«لا بأس،يكون أجر طحنه بقدر ما بين الحنطة و الدقيق» (8).

و لأنّه أعجل منفعة و أقلّ مئونة،فكان أولى بالإخراج.و لأنّ الأجزاء باقية

ص:472


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:113،تحفة الفقهاء 1:338،بدائع الصنائع 2:72،الهداية للمرغينانيّ 1:116، [1]شرح فتح القدير 2:225،مجمع الأنهر 1:229،الهداية في شرح البداية 1:192.
2- 2) المغني 2:667،الشرح الكبير بهامش المغني 2:662،الكافي لابن قدامة 1:434،الإنصاف 3:179، [2]زاد المستقنع:26.
3- 3) السرائر:109.
4- 4) غ،ن،ش،ق و ح:النصوص.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:113،بدائع الصنائع 2:72.
6- 6) كنز العمّال 8:647 الحديث 24557.و أورده الكاسانيّ في بدائع الصنائع 2:72،و السرخسيّ في المبسوط 3:113.
7- 7) التهذيب 4:82 الحديث 236،الاستبصار 2:43 الحديث 139،الوسائل 6:234 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 17. [3]
8- 8) التهذيب 4:332 الحديث 1041،الوسائل 6:241 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [4]

و لم يحصل غير تفرّقها بالطحن،فكان مجزئا،كما هو قبل التفرّق.

و الجواب عن الأوّل:أنّ لفظة:أو،قد تأتي للتفصيل كما تأتي للتخيير،و ليس حملها على الثاني أولى من الأوّل،فيحمل على من لم يجد الأجناس.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

«الصدقة لمن لم يجد الحنطة و الشعير:القمح و العدس و الذرة نصف صاع من ذلك كلّه،أو صاع من تمر أو صاع من زبيب» (1).و هو الجواب عن الحديث الثاني.

و عن الثالث:أنّ فيه تنبيها على اعتبار القيمة،لأنّه عليه السلام ذكر المساواة بين أجزاء الطحن و التفاوت.و تعجيل المنفعة معارض (2)بقلّتها حينئذ.و بقاء الأجزاء مع تفريقها غير كاف،لفوات بعض المنفعة الحاصلة قبل التفرّق،فبطل الإلحاق.

فروع:

الأوّل:و في إجزاء الخبز على أنّه أصل لا قيمة تردّد أقربه عدم الإجزاء،خلافا لابن إدريس (3)،مع وقوع الاتّفاق على الإخراج بالقيمة.

لنا:أنّ النصّ يتناول الأجناس المعيّنة،فلا يصار إلى غيرها إلاّ بدليل،و لم يقم على المتنازع فيه دليل،و القياس على الطعام ضعيف،لقيام الفرق و هو إمكان الادّخار و الكيل في الأصل دون الفرع.

الثاني:السلت،إن قلنا إنّه نوع من الشعير،أجزأ،على أنّه أصل لا قيمة و إلاّ اعتبرت القيمة.و كذا البحث في العلس.

الثالث:لا يجوز إخراج الخلّ و الدبس و ما أشبههما،لأنّهما غير منصوصين

ص:473


1- 1التهذيب 4:81 الحديث 235،الاستبصار 2:47 الحديث 156،الوسائل 6:233 الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 13.و [1]في الجميع:«.لمن لا يجد الحنطة و الشعير يجزئ عنه القمح.».
2- 2) كثير من النسخ:يعارض.
3- 3) السرائر:109.

و لا مشاركين في معنى الاقتيات.

الرابع:لا يجزئ الحبّ المعيب،كالمسوّس و المبلول،و لا ما تغيّر طعمه،لتقادم عهده،لقوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (1).أمّا لو تقادم عهده و لم يتغيّر طعمه، فإنّه يكون مجزئا و إن كان أدون من الحديث قيمة،و الأفضل إخراج ما غلت قيمته.

الخامس:الطعام الممتزج بالتراب يجوز إخراجه إذا لم يخرج بالامتزاج (2)إلى حدّ المعيب،لأنّ تكليف إزالته مشقّة،و الزيادة على الصاع منفيّة (3)بالأصل.

و لو انتهى في الكثرة إلى حدّ المعيب،وجب إزالته أو الزيادة المقاومة.

ص:474


1- 1البقرة(2):267. [1]
2- 2) ح و ق:بامتزاج.
3- 3) م،ن و ك:منتفية.
البحث الرابع:في الوقت
مسألة:تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان

،اختاره الشيخ في الجمل (1)،و به قال ابن إدريس (2)،و هو مذهب الشافعيّ في الجديد (3)،و أحمد (4)، و إسحاق،و الثوريّ (5)،و إحدى الروايتين عن مالك (6).

و قال الشيخ في النهاية:تجب بطلوع الفجر الثاني يوم الفطرة (7).و به قال الشافعيّ في

ص:475


1- 1الجمل و العقود:108.
2- 2) السرائر:109.
3- 3) حلية العلماء 3:126-127،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:126،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 112،مغني المحتاج 1:401،السراج الوهّاج:129،الميزان الكبرى 1:12،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:122،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:332،المغني 2:678.
4- 4) المغني 2:678،الشرح الكبير بهامش المغني 2:657،الكافي لابن قدامة 1:431،الإنصاف 3:176،زاد المستقنع:26.
5- 5) المغني 2:678،الشرح الكبير بهامش المغني 2:657،المجموع 6:128،فتح الباري 3:287،عمدة القارئ 9:118،نيل الأوطار 4:250.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:350،بداية المجتهد 1:282،مقدّمات ابن رشد 1:254،بلغة السالك 1:237،المغني 2:678،المجموع 6:128.
7- 7) النهاية:191.

القديم (1)،و أبو حنيفة و أصحابه (2)،و مالك في الرواية الأخرى (3)،و أبو ثور (4).و اختاره ابن الجنيد منّا (5)،و المفيد (6).

و قال بعض أصحاب مالك:تجب بطلوع الشمس يوم الفطر (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس (8)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرض زكاة الفطر (9)طهرة للصائم من الرفث و اللغو (10)،و هو في يوم العيد يكذب عليه اسم الصوم حقيقة،و الأصل:عدم المجاز.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر،عليه فطرة؟قال:«لا،قد خرج الشهر» و سألته عن يهوديّ أسلم ليلة الفطر،عليه فطرة؟قال:«لا» (11).

لا يقال:قد روي أنّ من ولد له مولود قبل الزوال،أو أسلم،أخرج عنهما،و إن كان

ص:476


1- 1حلية العلماء 3:126،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:126-127،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 112،مغني المحتاج 1:402،السراج الوهّاج:129.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:108،تحفة الفقهاء 1:339،بدائع الصنائع 2:74،الهداية للمرغينانيّ 1:117، شرح فتح القدير 2:230،المغني 2:678،المجموع 6:128.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:350،بداية المجتهد 1:282،مقدّمات ابن رشد 1:254،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:151،المغني 2:679،المجموع 6:128.
4- 4) المغني 2:678،الشرح الكبير بهامش المغني 2:657،المجموع 6:128،عمدة القارئ 9:118.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:611. [1]
6- 6) المقنعة:41.
7- 7) المجموع 6:128.
8- 8) أكثر النسخ:عن ابن عمر و ابن عبّاس،و لعلّ الصحيح ما أثبتناه،و الظاهر أنّ الحديث لم ينقل عن ابن عمر.
9- 9) بعض النسخ:الفطرة.
10- 10) سنن أبي داود 2:111 الحديث 1609، [2]سنن الدار قطنيّ 2:138 الحديث 1،سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1827،سنن البيهقيّ 4:163،كنز العمّال 8:554 الحديث 24138،المستدرك للحاكم 1:409،نيل الأوطار 4: 255.
11- 11) التهذيب 4:72 الحديث 197،الوسائل 6:245 الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [3]

بعد الزوال فلا (1).

لأنّا نقول:إنّه محمول على الاستحباب،قاله الشيخ في التهذيب (2)،و هو حسن،جمعا بين الأحاديث.و لأنّها تضاف إلى الفطر فتجب به،كزكاة المال،لأنّ الإضافة تقتضي الاختصاص،و السبب أخصّ بحكمه من غيره.

و لأنّ طلوع الفجر يستدام فيه الفطر،فلا يتعلّق به وجوب الفطرة،كما بعده.

احتجّ المخالف (3)بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (4).

و برواية ابن عمر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّه كان يأمرنا أن نخرج الفطرة قبل الخروج إلى المصلّى،و هو لا يأمر بتأخير الواجب عن وقته (5).

و بما روي من طريق الخاصّة:أنّ من أسلم قبل الزوال وجبت عليه الفطرة (6).و كذا من ولد له مولود قبل الزوال (7).

و لأنّها قربة متعلّقة بالعيد فلم يتقدّم وقتها على يوم العيد،كالأضحيّة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الإغناء قد يكون بغير الزكاة،فالصرف إليها يحتاج إلى دليل.و لأنّه قد يحصل الإغناء بالدفع ليلة الفطر.و لأنّ وقت الوجوب عندنا ليلة الفطر، و ما ذكرتموه يدلّ على الإخراج،فلا دلالة فيه حينئذ.

و عن الثاني:أنّ الأمر بالإخراج قبل الفطر كما يتناول يوم الفطر يتناول ليلته.و لأنّه

ص:477


1- 1التهذيب 4:72 الحديث 198،الوسائل 6:245 الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:72.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:126،فتح العزيز بهامش المجموع 6:117،بدائع الصنائع 2:74.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:175،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:117.و أورده ابنا قدامة في المغني 2:666 و الشرح الكبير بهامش المغني 2:658.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:162،صحيح مسلم 2:679 الحديث 986،سنن أبي داود 2:111 الحديث 1610، سنن البيهقيّ 4:174.
6- 6) التهذيب 4:72 الحديث 198،الوسائل 6:245 الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
7- 7) التهذيب 4:72 الحديث 197،الوسائل 6:245 الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [3]

من الواجب الموسّع عندنا،و يتأكّد الإخراج قبل الخروج إلى المصلّى فصرف الأمر إليه، لا أنّه قبل ذلك ليس بواجب.و لأنّه يحتمل أن يكون الأفضل إخراجها قبل الخروج إلى المصلّى،و يجوز التأخير في الواجب الموسّع إذا اشتمل على المصلحة و هي الجمع بين إيتاء الزكاة و إقام الصلاة،كما يؤخّر كثير من العبادات عن أوّل وقتها،كالظهر للمتنفّل،و المغرب في عرفات للجمع،و المستحاضة (1)لإيقاع الصلاتين بغسل واحد،و غير ذلك من النظائر.

و أيضا:الفقراء نهارا أشدّ حاجة إليها من الليل،فكان دفعها في وقت الحاجة أفضل، فلهذا النوع من المصلحة أمر (2)بالتأخير.

و أيضا:الأمر بالإخراج قبل الخروج لا يدلّ على وقت الوجوب بالإجماع،لأنّ وقت الصلاة انبساط الشمس،و الوجوب عند المخالف يتحقّق قبل طلوعها.

و عن الثالث:ما تقدّم.

و عن الرابع:بالفرق،فإنّ الأضحيّة لا تتعلّق بطلوع الفجر فلا تشبه مسألتنا، و لا هي واجبة أيضا،بخلاف صورة النزاع.

فروع:

الأوّل:لو وهب له عبد فأهلّ شوّال و لم يقبض فالزكاة على الواهب عندنا.و به قال الشافعيّ (3).

و قال مالك:الزكاة على الموهوب له (4).

و منشأ الخلاف:أنّ القبض عندنا و عند الشافعيّ شرط في تمليك الهبة و لم يحصل،

ص:478


1- 1ن،م و ش:و للمستحاضة.
2- 2) خا و ق:أمرنا.
3- 3) الأمّ 2:63،حلية العلماء 3:127،المجموع 6:138.
4- 4) لم نعثر على قول مالك في المقام و لكنّه قال في باب الهبة:«إنّ الموهوب له يملك الهبة بصرف العقد»و لازم ذلك وجوب الفطرة على الموهوب له.ينظر:المدوّنة الكبرى 6:120،بداية المجتهد 2:329،حلية العلماء 3:127.

فهو باق على ملكيّة الواهب،فالزكاة عليه.و عند مالك:أنّه ليس بشرط.و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه.

الثاني:لو قبل الموهوب له الهبة و لم يقبض و مات قبل شوّال فقبضه الوارث،قال الشيخ في المبسوط:تجب الفطرة على الورثة (1).و ليس بمعتمد،إذ القبض شرط في الانتقال و لم يحصل،فكيف ينتقل إلى الوارث؟.

الثالث:لو ولد له ولد بعد الهلال،أو تزوّج زوجة،أو اشترى مملوكا بعد الهلال،لم تجب عليه زكاته،و لو كان قبله وجبت و لو كان قبل الغروب بشيء يسير.و على القول الآخر لأصحابنا الاعتبار بطلوع الفجر (2).

و كذا البحث لو مات له ولد أو مملوك،أو طلّق زوجته،أو باع عبده،فإن كان قبل الغروب فلا زكاة عليه إجماعا،و إن كان بعده فعلى الخلاف،إن قلنا:إنّ الزكاة تجب بالغروب كما اخترناه (3)،وجبت الزكاة،و إن قلنا:إنّها تجب بطلوع الفجر كان الاعتبار به، و كذا لو قلنا:إنّ المعتبر مجموع الوقتين،كما هو مذهب الشافعيّ في أحد أقواله (4).

و على هذا الثالث لو طلّق زوجته،أو زال ملكه وسط الليل،ثمَّ عاد في الليل،ففي الزكاة وجهان.

الرابع:لو مات العبد بعد الهلال و قبل إمكان أداء الزكاة عنه وجب أن يخرج عنه الزكاة،لأنّها تتعلّق بالذمّة و العبد سبب فيها،فلا تسقط بموته،كالظهار إذا ماتت المرأة قبل إمكان أداء الكفّارة.

و قال بعض الشافعيّة:تسقط،لأنّه قد تلف المال الذي هو سبب في وجوبها قبل

ص:479


1- 1المبسوط 1:240. [1]
2- 2) و هو أنّ الفطرة تجب بطلوع الفجر يوم الفطر.يراجع:ص 475. [2]
3- 3) يراجع:ص 475. [3]
4- 4) المجموع 6:127،فتح العزيز بهامش المجموع 6:112،مغني المحتاج 1:402.

إمكان أدائها،كالنصاب (1).و ليس بجيّد،لأنّ الزكاة تجب في عين النصاب،و هنا تجب في الذمّة.

و أيضا:فإنّ زكاة المال تجب مواساة من المال،فإذا تلف بغير تفريط خرج عن أن يكون من أهل المواساة،بخلاف الزكاة هنا،فإنّها تجب تطهيرا،فلا تسقط بالموت،كالكفّارة.

الخامس:لو أوصى له بعبد،فإن مات الموصي بعد الهلال،فالزكاة عليه،لبقاء الملك عليه وقت الوجوب،و إن مات قبل الهلال،فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا،فالزكاة على الموصى له،لوجوبها في ملكه،و إن قبل بعده،قال الشيخ في المبسوط:لا زكاة على أحد،لأنّه ليس ملكا لأحد و هو غير مالك (2).

و للشافعيّ ثلاثة أقوال تبنى على ثلاثة أصول:

أحدها:أنّه مع القبول يتبيّن.

لنا:أنّ الملك انتقل إليه بموت الموصي،فالزكاة على الموصى له حينئذ.

و ثانيها:أنّه يكون على حكم مال الميّت،و تملّك الموصى له من حين القبول،فالفطرة في مال الموصي.

و الثالث:أنّ الموصى به يدخل في ملك الموصى له بموت الموصي بغير اختيار الموصى له،فالزكاة على الموصى له،قبل أو لم يقبل (3).و الوجه عندي ما قاله الشافعيّ ثانيا،و إن كان قول الشيخ لا يخلو من قوّة.

السادس:لو مات الموصى له،قام وارثه مقامه في القبول،فإن قبلوا قبل الهلال وجبت الفطرة،و هل تجب عليهم أو في مال الموصى له؟قال الشيخ بالأوّل (4)،و هو جيّد، لأنّهم بالقبول ملكوه فكان الميّت لم يملك شيئا.

ص:480


1- 1حلية العلماء 3:127،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:127.
2- 2) المبسوط 1:240. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:128،المجموع 6:138،فتح العزيز بهامش المجموع 6:240،مغني المحتاج 1:408.
4- 4) المبسوط 1:240. [2]

و على الوجه الأوّل من أقوال الشافعيّ تكون الفطرة في مال الميّت.

السابع:لو مات و عليه دين بعد الهلال،ففطرة عبده في تركته،لاستقرار الوجوب عليه،و يقع التحاصّ بينها و بين الديّان مع القصور.

و إن مات قبل الهلال،قال الشيخ:لا يلزم أحدا فطرته،لأنّه ليس ملكا لأحد (1).

و الأقرب عندي التفريع على أصل آخر و هو أنّ التركة هل تنتقل إلى الورثة و يمنعون من التصرّف فيها كالمرهون،أو تنتقل إلى الديّان إن استوعبتها الديون أو بقدر الدين إن لم يستوعب،أو تكون على حكم مال الميّت لا تنتقل إلى أحد إلاّ بعد قضاء الدين؟.و الثاني من هذه الوجوه ضعيف،و يقوّي الأوّل أنّ الميّت لو كان له دين و عليه دين فجحد الدين الذي له،حلف الوارث مع شاهده،و لو لا الانتقال لم يكن له ذلك.

و أيضا:لو مات بعض الورثة و خلّف ورثة قبل القضاء،ثمَّ أبرأ من له الدين الميّت، كانت التركة للأحياء و ورثة الميّت،و الآية (2)محمولة على القسمة،فعلى الأوّل:الفطرة على الورثة.

و على الثاني:الزكاة على أرباب الديون،و ليس بالمعتمد.

و على الثالث:لا زكاة.

الثامن:الولد إذا ملك ليلة العيد قوت يومه سقط عن والده نفقة ذلك اليوم،فإذا لم يعله فيه لم تجب الزكاة عليه،لعدم المقتضي و هو العيلولة،و لا على الولد،لعجزه.

التاسع:العبد الذي نصفه حرّ إذا وقعت بينه و بين مولاه مهاياة فوقع الهلال في نوبة أحدهما ففي اختصاصه بالفطرة وجهان.

مسألة:و يستحبّ إخراجها يوم العيد

قبل الخروج إلى المصلّى و يتضيّق عند الصلاة،لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرض زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو و الرفث،و طعمة للمساكين،فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة،و من أدّاها بعد

ص:481


1- 1المبسوط 1:240. [1]
2- 2) النساء(4):12.

الصلاة فهي صدقة من الصدقات (1).

و قوله عليه السلام:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة،و إن كان بعد ما تخرج إلى العيد فهي صدقة» (3).

و في الصحيح عن زرارة و بريد بن معاوية،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«يعطي يوم الفطر فهو أفضل» (4).

و لأنّ المراد:إغناء الفقراء عن الطلب فيه و السعي،و هو إنّما يتحقّق بإخراجها قبل الصّلاة.

مسألة:و في جواز تقديمها على الهلال قولان:

قال بعض أصحابنا:لا يجوز إلاّ على وجه القرض،و ينوي الأداء عند الهلال مع بقاء المقتضي للوجوب و صفة الاستحقاق،اختاره ابن إدريس منّا (5).

و قال أكثر أصحابنا بجواز (6)تقديمها من أوّل شهر رمضان لا أكثر (7).و به قال

ص:482


1- 1سنن أبي داود 2:111 الحديث 1609، [1]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1827،سنن الدار قطنيّ 2:138 الحديث 1،المستدرك للحاكم 1:409،كنز العمّال 8:554 الحديث 24138،سنن البيهقيّ 4:163.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 67،سنن البيهقيّ 4:175،عمدة القارئ 9:118،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:117.
3- 3) التهذيب 4:76 الحديث 214،الاستبصار 2:44 الحديث 143،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 4:76 الحديث 215،الاستبصار 2:45 الحديث 147،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [3]
5- 5) السرائر:109.
6- 6) غ و ف:يجوز.
7- 7) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:41 و الشيخ الطوسيّ في النهاية:191،و الخلاف 1:372 مسألة-34، و المبسوط 1:242،و ابن البرّاج في المهذّب 1:176،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:613. [4]

الشافعيّ (1).

و قال أحمد:يجوز تقديمها قبل الهلال بيوم أو يومين خاصّة (2).

و قال بعض الجمهور:يجوز تقديمها من بعد نصف الشهر (3).

و قال أبو حنيفة:يجوز تقديمها من أوّل الحول (4).

لنا:أنّ سبب الصدقة الصوم و الفطر معا،فإذا وجد أحد السببين (5)جاز التقديم، كزكاة المال.و لأنّ في تقديمها مسارعة إلى الثواب و المغفرة،فيكون مأمورا به.و لأنّ في التقديم جبر حال الفقراء على القطع،و مع التأخير على الشكّ،لجواز موته أو فقره،فيكون مشروعا.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة و بكير بن أعين و الفضيل بن يسار و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«على الرجل أن يعطي عن كلّ من يعول من حرّ و عبد،صغير و كبير،يعطي يوم الفطر فهو أفضل،و هو في سعة أن يعطيها في أوّل يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخره» الحديث (6).

و لأنّ جواز التقديم يوما و يومين يقتضي جوازه من أوّل الشهر،إذ سببيّة الصوم

ص:483


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:128 و 142،فتح العزيز بهامش المجموع 5:533،مغني المحتاج 1: 416،السراج الوهّاج:135،المغني 2:681،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658.
2- 2) المغني 2:681،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658،الكافي لابن قدامة 1:431،الإنصاف 3:177،زاد المستقنع:26.
3- 3) المغني 2:681،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658،الإنصاف 3:178،شرح فتح القدير 2:232.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:110،تحفة الفقهاء 1:339،بدائع الصنائع 2:74،الهداية للمرغينانيّ 1:117، شرح فتح القدير 2:232،مجمع الأنهر 1:228،المغني 2:681.
5- 5) م،ن و ق:الشيئين.
6- 6) التهذيب 4:76 الحديث 215،الاستبصار 2:45 الحديث 147،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [1]

موجودة هنا،و أمّا تقديمها على شهر رمضان فغير جائز،عملا بالأصل السالم عن معارضة سببيّة الصوم.

و لأنّ تقديمها قبل الشهر تقديم للزكاة قبل السببين معا،فيكون ممنوعا منه،كتقديم زكاة المال قبل الحول و النصاب.

احتجّ ابن إدريس بأنّ شغل الذمّة إنّما يثبت بعد الهلال،فيكون الأداء قبله إبراء للذمّة قبل شغلها،و هو باطل (1).

و احتجّ أحمد (2)بقوله عليه السلام:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (3)و هو لا يحصل بتقديمها من أوّل الشهر،مع أنّ الأمر للوجوب.

و لما رواه البخاريّ عن ابن عمر قال:كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين (4).و هو إشارة إلى جميعهم،فيكون إجماعا.

و احتجّ المجوّز لإخراجها بعد نصف الشهر بجواز الخروج من المزدلفة قبل نصف الليل (5).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّها زكاة مخرجة عن بدنه،فإذا كان المخرج عنه موجودا،جاز إخراجها قبل الوقت الموظّف،كزكاة المال بعد وجود النصاب (6).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ شغل الذمّة في صورة التقديم غير متحقّق،لأنّه وقت الدفع غير مشتغل الذمّة،و بعده كذلك،لسقوطها عنه بالدفع المتقدّم،و الإبراء هاهنا

ص:484


1- 1السرائر:109.
2- 2) المغني 2:682،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658،الكافي لابن قدامة 1:431.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 67،عمدة القارئ 9:118،سنن البيهقيّ 4:175،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:117.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:162.
5- 5) المغني 2:681،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:110،تحفة الفقهاء 1:339،الهداية للمرغينانيّ 1:117،شرح فتح القدير 2: 232،المغني 2:681،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658.

تقديريّ،لا أنّه (1)ثابت حقيقة.

و عن الثاني:بأنّه متروك الظاهر،إذ الواجب ليس إغناء الجميع،بل و لا واحد معيّن،و مع خروجه عن حقيقته يسقط دلالته،على أنّه كما يقتضي المنع من تقديمها في أوّل الشهر،يقتضي المنع من إخراجها قبله بيوم أو يومين (2).و حديث ابن عمر نحن نقول بموجبة،إذ ليس فيه دلالة على المنع من التقديم قبل ذلك.

و عن احتجاج أبي حنيفة:بالفرق بين زكاة المال و زكاة الفطرة،لأنّ السبب هناك ملك النصاب،و قد حصل في الحول كلّه،فجاز إخراجها فيه،و زكاة الفطرة سببها الفطر بدليل إضافتها إليه.و لأنّ المقصود إغناء الفقراء هناك في الحول كلّه،و إغناؤهم هنا في هذا اليوم.

مسألة:و لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا

،فإن أخّرها أثم.و به قال علماؤنا أجمع،و الشافعيّ (3).

و قال أحمد:يجوز تأخيرها عن الصلاة و يحرم بعد يوم العيد (4).

و قال النخعيّ،و ابن سيرين:يجوز تأخيرها عن يوم العيد (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)بمثل قول أحمد.

ص:485


1- 1ن،ش و ك:لأنّه.
2- 2) كثير من النسخ:و يومين.
3- 3) حلية العلماء 3:129،المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:128 و 142،مغني المحتاج 1:402،السراج الوهّاج:129،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 4:339.
4- 4) المغني 2:676،677،الشرح الكبير بهامش المغني 2:658،659،الكافي لابن قدامة 1:431،الإنصاف 3:178،179،زاد المستقنع:26.
5- 5) المغني 2:677،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:117،تحفة الفقهاء 1:340،بدائع الصنائع 2:74،شرح فتح القدير 2:232.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:350،شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 2:151،بلغة السالك 1:239.

لنا:قوله عليه السلام:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (1).و هو لا يحصل بالتأخير عن يوم العيد و لا عن الصلاة،لفوات بعض اليوم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة متى هي؟قال:«قبل الصلاة يوم الفطر» (2).

و لأنّه تأخير للواجب عن وقته،فكان حراما.

و الأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة و تحريم التأخير عن يوم العيد،لما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة متى هي؟قال:«قبل الصلاة يوم الفطر»قلت:فإن بقي منه شيء بعد الصلاة؟فقال:«لا بأس، نحن نعطي عيالنا منه ثمَّ يبقى فنقسّمه» (3).

نعم،الإخراج قبل الصلاة أولى،لما تضمّنه هذا الحديث من الأولويّة.و لقول أبي عبد اللّه عليه السلام في رواية إبراهيم بن ميمون:«الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة،و إن كان بعد ما تخرج إلى العيد فهي صدقة» (4).

لا يقال:قد روى الشيخ عن الحارث (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس

ص:486


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:152 الحديث 67،سنن البيهقيّ 4:175،عمدة القارئ 9:118،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:117.
2- 2) التهذيب 4:75 الحديث 212،الاستبصار 2:44 الحديث 141،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 4:75 الحديث 212،الاستبصار 2:44 الحديث 141،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 4:76 الحديث 214،الاستبصار 2:44 الحديث 143،الوسائل 6:246 الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [3]
5- 5) الحارث لم نعثر عليه إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ في معجمة بأنّه قد روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه ذبيان بن حكيم في التهذيب،و في الاستبصار:دينار بن حكيم،و الصحيح ما في التهذيب،لعدم ثبوت وجود لدينار بن حكيم.معجم رجال الحديث 4:189.

بأن تؤخّر الفطرة إلى هلال ذي القعدة» (1).

لأنّا نقول:إنّها ضعيفة السند،و هي شاذّة لم يعمل بها (2)أحد من علمائنا،فلا تعويل عليها.و لأنّها محمولة على المنتظر للمستحقّ،قاله الشيخ (3).

مسألة:و لو لم يتمكّن من إخراجها يوم العيد

،لم يأثم بالتأخير بالإجماع،لعدم التمكّن الذي هو شرط في التكليف.ثمَّ لا يخلو إمّا أن يكون قد عزلها،أو لا،فإن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان،لأنّها قد تعيّنت للصدقة فلا تسقط بفوات وقتها،كما لو عدم المستحقّ في زكاة المال.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الفطرة:«إذا عزلتها و أنت تطلب بها الموضع أو تنتظر بها رجلا فلا بأس به» (4).

و عن إسحاق بن عمّار و غيره قال:سألته عن الفطرة قال:«إذا عزلتها فلا يضرّك متى أعطيتها قبل الصّلاة أو بعد الصلاة» (5).

و إن لم يكن قد عزلها ففيها لأصحابنا ثلاثة أقوال:

أحدها:السقوط.و به قال الحسن بن زياد (6).

ص:487


1- 1التهذيب 4:76 الحديث 216،الاستبصار 2:45 الحديث 144،الوسائل 6:248 الباب 13 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عليها.
3- 3) التهذيب 4:77 ذيل الحديث 216،الاستبصار 2:45 ذيل الحديث 143.
4- 4) التهذيب 4:77 الحديث 217،الاستبصار 2:45 الحديث 145،الوسائل 6:248 الباب 13 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 4:77 الحديث 218،الاستبصار 2:45 الحديث 146،الوسائل 6:248 الباب 13 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 4. [3]
6- 6) تحفة الفقهاء 1:339،بدائع الصنائع 2:74،شرح فتح القدير 2:232،المجموع 6:142.

و ثانيها:أنّها تكون قضاء.ذهب إليه الشيخان (1)،و به قال الشافعيّ (2)، و أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

و ثالثها:تكون أداء دائما.اختاره ابن إدريس (5)،و الأقرب عندي مذهب الشيخين.

لنا على عدم السقوط:أنّه حقّ ثابت في الذمّة للفقراء،فلا يسقط بخروج وقته، كالدين المؤجّل،و زكاة المال.

و على كونها قضاء أنّها عبادة مؤقّتة فات وقتها و فعلت بعد فواته،فتكون قضاء.

احتجّ القائلون بالسقوط بأنّها حقّ موقّت فتسقط بفواته (6)،كالأضحيّة.و لأنّ الأمر لا يقتضي القضاء إلاّ بأمر متجدّد.و لقوله عليه السلام:«هي قبل الصلاة زكاة مقبولة و بعد الصلاة صدقة من الصدقات» (7).و هو يدلّ على أنّها ليست زكاة بعد الصلاة،بل صدقة مستحبّة.

و احتجّ القائل (8)بكونها أداء بأنّها زكاة تجب بوقتها (9)،فلا تكون قضاء بفواته،

ص:488


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:41،و الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:372 مسألة-34،و الاقتصاد:285.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:165،المجموع 6:128،فتح العزيز بهامش المجموع 6:117،مغني المحتاج 1:402.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:110،بدائع الصنائع 2:74،الهداية للمرغينانيّ 1:117،شرح فتح القدير 2: 232.
4- 4) المغني 2:677،الشرح الكبير بهامش المغني 2:659،الكافي لابن قدامة 1:431،الإنصاف 3:179،زاد المستقنع:26.
5- 5) السرائر:109.
6- 6) منهم المحقّق في المعتبر 2:614،و [1]من العامّة الحسن بن زياد،ينظر:بدائع الصنائع 2:74،شرح فتح القدير 2:232،المجموع 6:142.
7- 7) سنن أبي داود 2:111 الحديث 1609، [2]سنن ابن ماجه 1:585 الحديث 1827،سنن الدار قطنيّ 2:138 الحديث 1،كنز العمّال 8:554 الحديث 24138،المستدرك للحاكم 1:409،سنن البيهقيّ 4:163.
8- 8) كثير من النسخ:القائلون.
9- 9) ش،م و ن:لوقتها.

كزكاة المال (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من السقوط بعد الفوت،لتحقّق شغل الذمّة و لم يثبت المسقط.

و عن الثاني:أنّ الحقّ و إن كان ذلك،لكنّ الاحتياط يقتضي عدم السقوط،و هذا الوجه قويّ.

و عن الثالث:بالمنع من كونها مستحبّة،و كونها صدقة لا ينافي وجوبها،و منع كونها زكاة،لأنّ ثوابها يقصر عن ذلك.

و عن الرابع:أنّ امتداد وقتها إلى العمر ينافي تضييقها عند الصلاة،و قد أجمعنا على ذلك.و لأنّها لو امتدّ وقتها لوجبت أو استحبّت على من بلغ أو أسلم بعد الزوال،كما تجب الصلاة على من أسلم أو بلغ في وقتها.

فروع:

الأوّل:يصحّ العزل إذا عزلها المالك،كزكاة المال.

الثاني:لو عزلها و لم يخرجها،فإن لم يجد المستحقّ لم يضمن بالتأخير،و إن وجده ضمن.و كذا لو لم يجده أوّلا ثمَّ وجده و أخّرها مع المكنة.

و قال أحمد:يضمنها مطلقا (2).و ليس بمعتمد،لأنّ العذر مبيح للتأخير،فلا يضمن معه.

الثالث:يجوز له نقلها إلى غير بلده مع عدم المستحقّ إجماعا،و مع وجوده على الخلاف لكن يضمن معه لو تلفت،و يجوز أن يخرجها من المال الغائب عنه و إن كان الأفضل إخراجها من بلد المالك و تفريقها فيه.

ص:489


1- 1السرائر:109،بدائع الصنائع 2:74.
2- 2) المغني 2:543،الكافي لابن قدامة 1:374.
البحث الخامس:في المستحقّ
اشارة

و تصرف الفطرة إلى من يستحقّ زكاة المال،و هم ستّة أصناف:الفقراء، وَ الْمَساكِينِ، وَ فِي الرِّقابِ،وَ الْغارِمِينَ،وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ،وَ ابْنِ السَّبِيلِ ،لأنّها زكاة فتصرف إلى من يصرف إليه سائر الزكوات.

و لأنّها صدقة فتدخل تحت قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ. الآية (1).

مسألة:و لا يجوز صرفها إلى غير المستحقّ

،كزكاة المال،فلا تدفع إلى الذمّيّ إجماعا منّا.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و مالك (4).

و قال أبو حنيفة:يجوز أن يعطى منها مع وقوع الاتّفاق على أنّ الحربيّ لا يعطى شيئا (5).

ص:490


1- 1التوبة(9):60. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:169،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:142،مغني المحتاج 3:113،المغني 2:710، الشرح الكبير بهامش المغني 2:665.
3- 3) المغني 2:710،الشرح الكبير بهامش المغني 2:665،الكافي لابن قدامة 1:454،الإنصاف 3:252، المجموع 6:142،بداية المجتهد 1:282.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:359،بلغة السالك 1:239،بداية المجتهد 1:282،المغني 2:710،الشرح الكبير بهامش المغني 2:665.
5- 5) بدائع الصنائع 2:49،الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:206،مجمع الأنهر 1:222،المغني 2:710،الشرح الكبير بهامش المغني 2:665،المجموع 6:142.

لنا:أنّها زكاة،فلا تصرف إلى غير المسلم،كزكاة المال.

احتجّ أبو حنيفة بقوله:«تصدّقوا على أهل الأديان» (1).

و لأنّها صدقة ليس للإمام فيها حقّ القبض،فجاز صرفها إلى أهل الذمّة، كالتطوّع (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الرواية أوّلا،و بحملها (3)على صدقة التطوّع ثانيا، و على زكاة المال أخرى،لأنّهم من المؤلّفة تألّفا.

و عن الثاني:بأنّ الجامع عدميّ،فلا يصلح (4)للعلّيّة،و النقض بالأموال الباطنة، و بأنّ التطوّع يجوز صرفها إلى الحربيّ إجماعا،و هذا لا يجوز صرفها إليه.

مسألة:و لا يجوز أن يعطى غير المؤمن من الفطرة

،سواء وجد المستحقّ أو فقده، و ينتظر بها،و يحملها من بلده مع عدمه إلى آخر.و لا يعطى المستضعف،خلافا للشيخ رحمه اللّه (5).

و لو لم يجد المستحقّ لم يضمن بالتأخير مع وجود المستضعف،و قد سلف بيان ذلك في مستحقّ زكاة المال (6).

قال الشيخ رحمه اللّه:فإن لم يوجد مستحقّ من أهل المعرفة،جاز أن يعطى المستضعف من غيرهم،و لا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له إلاّ عند التقيّة أو عدم المستحقّ من أهل المعرفة،و الأفضل أن يعطي الإنسان من يخافه من غير الفطرة و يضع الفطرة في مواضعها (7).و الحقّ ما ذكرناه أوّلا.

ص:491


1- 1مصنّف ابن أبي شيبة 3:177،الدرّ المنثور 1:357، [1]فتح القدير 1:393.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:113،شرح فتح القدير 2:207.
3- 3) م و ن:و نحملها.
4- 4) كثير من النسخ:فلا يصحّ.
5- 5) النهاية:192، [2]المبسوط 1:242، [3]التهذيب 4:88 ذيل الحديث 259.
6- 6) يراجع:ص 361،362.
7- 7) النهاية:192، [4]المبسوط 1:242. [5]
مسألة:و يجوز صرفها إلى واحد

.و به قال أبو حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:يجب صرفها في الأصناف الستّة،و أقلّ كلّ صنف ثلاثة نفر (2).و قد تقدّم البحث في ذلك (3).

و يجوز للجماعة صرف صدقتهم إلى الواحد دفعة،و على التعاقب ما لم يبلغ إلى حدّ الغنى بالإجماع.

و لو أخرجها إلى المستحقّ فأخرجها آخذها إلى دافعها،أو جمعت الصدقة عند الإمام ففرّقها في المستحقّين فرجعت صدقة واحد إليه لم يكن به بأس،و هو يأتي على قولنا بالاستحباب،و على قول ابن الجنيد منّا (4)،و من تبعه من المخالفين،بالوجوب (5)،إذ لا يعتبر الغنى،لأنّ قبض المستحقّ أو الإمام أخرج المدفوع عن ملكه،فإذا عاد إليه بسبب آخر،ملكه،كما لو عادت بالميراث.

و منع بعض الجمهور منه،لأنّها طهرة له،فلا يجوز له أخذها (6).و قد سلف (7).

مسألة:و يستحبّ تخصيص الأقارب بها

،ثمَّ الجيران مع وجود الأوصاف فيهم، لقوله عليه السلام:«لا صدقة و ذو رحم محتاج» (8).

ص:492


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:113، [1]المبسوط للسرخسيّ 3:10،شرح فتح القدير 2:205.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:173،مغني المحتاج 3:116،117،المجموع 6:217،السراج الوهّاج:357،358.
3- 3) يراجع:ص 397. [2]
4- 4) نقله عنه في المختلف:193.
5- 5) منهم أبو حنيفة،ينظر:الهداية للمرغينانيّ 1:115،و الشافعيّ،ينظر:المهذّب للشيرازيّ 1:163.
6- 6) هو مذهب أحمد،ينظر:المغني 2:711،الشرح الكبير بهامش المغني 2:665.
7- 7) يراجع:ص 413.
8- 8) الفقيه 2:38 الحديث 166،الوسائل 6:286 الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث 4. [3]

و قوله عليه السلام:«أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» (1).

و قوله عليه السلام:«جيران الصدقة أحقّ بها» (2).

و روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن موسى عليه السلام،قال:قلت له:لي قرابة أنفق على بعضهم فأفضّل بعضهم على بعض فيأتيني إبّان الزكاة،فأعطيهم (3)منها؟قال:«أ مستحقّون لها؟»قلت:نعم،قال:«هم أفضل من غيرهم،أعطهم» (4).

و عن إسحاق بن المبارك (5)،عن أبي إبراهيم عليه السلام و قد سأله عن صدقة الفطرة،فقال:«الجيران أحقّ بها» (6).و لا نعرف في ذلك خلافا.

و يستحبّ ترجيح أهل الفضل في الدين و العلم،لأنّهم أفضل من غيرهم،فكانت العناية بهم أولى.

ص:493


1- 1بهذا اللفظ ينظر:سنن البيهقيّ 7:27،كنز العمّال 6:395 الحديث 16228،المعجم الكبير للطبرانيّ 4: 138 الحديث 3923 و ص 173 الحديث 4051 و ج 25 ص 80 الحديث 204.و بهذا المضمون ينظر:الكافي 4: 10 الحديث 2، [1]الفقيه 2:38 الحديث 165،الوسائل 6:286 الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 4:89 الحديث 262،الاستبصار 2:52 الحديث 175،الوسائل 6:251 الباب 15 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [3]
3- 3) ح:أ فأعطيهم،كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 4:56 الحديث 149 و ص 100 الحديث 283،الاستبصار 2:33 الحديث 100،الوسائل 6:169 الباب 15 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]
5- 5) إسحاق بن المبارك روى عن أبي إبراهيم عليه السلام،و روى عنه صفوان.قال صاحب التنقيح:لم أقف فيه إلاّ على رواية صفوان عنه،و روايته عن أبي إبراهيم عليه السلام في فروع الفطرة من التهذيب و الاستبصار و ليس له ذكر في كتب الرجال.و قيل:في رواية صفوان عنه إشعار بوثاقته،قلت:رواية صفوان عنه تفيد الاعتماد على خصوص ما رواه عنه و لا تفيد وثاقته كلّيّة. تنقيح المقال 1:121، [5]جامع الرواة 1:87، [6]معجم رجال الحديث 3:64. [7]
6- 6) التهذيب 4:89 الحديث 262،الاستبصار 2:52 الحديث 175،الوسائل 6:251 الباب 15 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 5. [8]

و يؤيّده:ما رواه السكونيّ (1)قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنّي ربّما قسّمت الشيء بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم؟فقال:«أعطهم على الهجرة في الدين و الفقه و الفضل (2)» (3).

مسألة:و يجوز للمالك أن يفرّقها بنفسه

بغير خلاف بين العلماء كافّة،أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند المخالف،فلأنّها من الأموال الباطنة.

و يستحبّ صرفها إلى الإمام أو من نصبه،لأنّه الحاكم و هو أعرف بمواقعها.و لما رواه الشيخ عن أبي عليّ بن راشد،قال:سألته عن الفطرة لمن هي؟قال:«للإمام» (4).

و لو تعذّر ذلك صرفت إلى الفقيه المأمون من فقهاء الإماميّة فإنّهم أبصر بمواقعها و أعرف بالمستحقّ.و لأنّ فيه إبراء للذمّة،و تنزيها للغرض فيكون أولى.

مسألة:و يجوز أن يعطى صاحب الخادم و الدار و الفرس من الفطرة

و زكاة المال و لا يكلّف بيع ذلك و لا بعضه،للحاجة إليها،فجرى مجرى الثوب و غيره ممّا يضطرّ إليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمر بن أذينة،عن غير واحد،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما سئلا عن الرجل له دار و خادم و عبد،يقبل الزكاة؟فقالا:

«نعم» (5).

ص:494


1- 1السكونيّ:عبد اللّه بن عجلان الأحمر السكونيّ قد وقع في طريق الصدوق،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،و قد أورد الكشّيّ روايات تدلّ على مدحه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:أوردنا في كتابنا الكبير روايات عن الكشّيّ تقتضي مدحه و الثناء عليه.و يطلق السكونيّ على إسماعيل بن أبي زياد،و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:242. رجال الطوسيّ:127 و 265،رجال الكشّيّ:242،243،رجال العلاّمة:108. [1]
2- 2) ح:و العقل،كما في المصادر.
3- 3) الفقيه 2:18 الحديث 59،التهذيب 4:101 الحديث 285،الوسائل 6:181 الباب 25 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 4:91 الحديث 264،الوسائل 6:240 الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 4:51 الحديث 133،الوسائل 6:162 الباب 9 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 2. [4]

و عن سعيد بن يسار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«تحلّ الزكاة لصاحب الدار و الخادم» (1).و قد مضى البحث فيه (2).

مسألة:قال أكثر علمائنا:و لا يعطى الفقير أقلّ من صاع

(3)

.و أطبق الجمهور على خلافه.و الأقرب عندي أنّه محمول على الاستحباب لا الوجوب.

لنا:أنّه بدفعها (4)إلى أكثر،يكون قد صرف الصدقة إلى مستحقّها،فيكون سائغا،كما يجوز صرفها إلى الواحد.و لأنّ الأمر بالإعطاء مطلق فيجزئ إعطاء الجماعة،كما يجزئ الواحد،عملا بالإطلاق.

و يؤيّده:ما رواه إسحاق بن المبارك قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة أ هي ممّا قال اللّه تعالى وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (5)؟فقال:«نعم»و قال:

«صدقة التمر أحبّ إليّ،لأنّ أبي صلوات اللّه عليه كان يتصدّق بالتمر»قلت:فيجعل قيمتها فضّة فيعطيها رجلا واحدا أو اثنين؟فقال:«يفرّقها (6)أحبّ إليّ،و لا بأس بأن يجعلها فضّة، و التمر أحبّ إليّ» (7).و هو يدلّ بمفهومه على صورة النزاع.

و لأنّ صدقة المال لا تتقدّر بقدر وجوبا على ما تقدّم (8)،فكذا صدقة الفطرة.

احتجّ المخالف بما رواه أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:495


1- 1التهذيب 4:52 الحديث 134،الوسائل 6:162 الباب 9 من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث 4. [1]
2- 2) يراجع:ص 332. [2]
3- 3) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:41،و السيّد المرتضى في الجمل:127،و الانتصار:88،و الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:372 مسألة-41،و المحقّق في المعتبر 2:615 و [3]نسبه إلى كثير من فقهائنا.
4- 4) أكثر النسخ:يدفعها.
5- 5) النور(24):56. [4]
6- 6) ش و خا:تفرّقها.
7- 7) التهذيب 4:89 الحديث 262،الاستبصار 2:52 الحديث 175،الوسائل 6:252 الباب 16 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 1. [5]
8- 8) يراجع:ص 397-400.

قال:«لا تعط أحدا أقلّ من رأس» (1).

و الجواب:أنّها مرسلة،فلا تعويل عليها مع وجود المنافي،على أنّه يحتمل أن يكون النهي للكراهية،فلذلك قلنا بالاستحباب.

و يجوز أن يعطى الواحد أصواعا كثيرة بغير خلاف (2)،سواء كانت من دافع واحد أو من جماعة،على التعاقب و دفعة واحدة،ما لم يحصل الغنى في صورة التعاقب،لأنّ المقتضي و هو الفقر موجود مع الكثير و القليل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لا بأس بأن يعطى الرجل عن الرأسين و ثلاثة و أربعة»يعني الفطرة (3).و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و لا تسقط صدقة الفطر بالموت

،و تخرج من أصل التركة كالدين.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:تسقط بالموت،إلاّ أن يوصي بها،فتخرج من الثلث حينئذ (6).

لنا:عموم الأمر بالدفع،و لأنّه حقّ تعلّق بالذمّة فلا يسقط بالموت،كالدين.

ثمَّ إن خلّف تركة تفي بالزكاة أخرجت،و إلاّ أخرجت التركة بأجمعها.

و إن كان عليه دين،فإن وسعت التركة لهما أخرجتا،و إن ضاقت التركة،وقع التحاصّ.

و إن كان عليه زكاة المال و الفطرة و الدين فزكاة المال و الفطر واحدة،لاتّحاد

ص:496


1- 1التهذيب 4:89 الحديث 261،الاستبصار 2:52 الحديث 174،الوسائل 6:252 الباب 16 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 2. [1]
2- 2) غ و ق:بلا خلاف،مكان:بغير خلاف.
3- 3) التهذيب 4:90 الحديث 263،الوسائل 6:252 الباب 16 من أبواب زكاة الفطرة الحديث 3. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:170،المهذّب للشيرازيّ 1:175،المجموع 6:232،المبسوط للسرخسيّ 2:185،بدائع الصنائع 2:53.
5- 5) المغني 2:715،الشرح الكبير بهامش المغني 2:656،الكافي لابن قدامة 1:375،الإنصاف 3:177.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:185،تحفة الفقهاء 1:311،بدائع الصنائع 2:53،المجموع 6:232.

المصرف فتحاصّان (1)الدين.

مسألة:و لا يملك المستحقّ الزكاة إلاّ مع القبض من المالك

أو نائبه،إذ للمالك التخيير في الدفع إلى من شاء،فلو مات الفقير لم يكن لوارثه المطالبة بها،و كذا زكاة المال.

و مال الغنيمة يملكه الغانمون بالحيازة،و يستقرّ بالقسمة،فلو بلغ نصيبه نصابا لم يجر في الحول-على ما تقدّم-إلاّ بعد القبض،لعدم تمكّنه منه،و لا يجب باعتباره زكاة الفطر (2).

ص:497


1- 1ح:فيتحاصّان.
2- 2) خا،ح و ق:الفطرة.
فصول في الصدقات المستحبّة
اشارة

تستحبّ الصدقة المتطوّعة في جميع الأوقات،قال اللّه تعالى إِنْ تُقْرِضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ (1).

و قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً (2).

و الآيات كثيرة في استحبابها (3).و قد روى الجمهور عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيّب-و لا يصعد إلى اللّه تعالى إلاّ طيّب-فإنّ اللّه-يقبلها بيمينه،ثمَّ يربيها لصاحبها،كما يربي أحدكم فلوه (4)،حتّى تكون مثل الجبل» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن،فإنّ صدقته تظلّه» (6).

ص:498


1- 1التغابن(64):17. [1]
2- 2) البقرة(2):245. [2]
3- 3) ينظر:المائدة(5):12، [3]الحديد(57):11، [4]المزّمّل(73):20. [5]
4- 4) الفلوّ:المهر يفصل عن أمّه.المصباح المنير:481.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:134 و ج 9:154،صحيح مسلم 2:702 الحديث 1014،سنن الترمذيّ 3:49 الحديث 661، [6]سنن ابن ماجه 1:590 الحديث 1842،سنن النسائيّ 5:57،سنن الدارميّ 1:395، [7]الموطّأ 2: 995 الحديث 1. [8]
6- 6) الفقيه 2:37 الحديث 155،الوسائل 6:256 الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث 7. [9]

و قال الباقر عليه السلام:«البرّ و الصدقة ينفيان الفقر،و يزيدان في العمر،و يدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء» (1).

و عن الصادق عليه السلام:«الصدقة باليد تقي ميتة السوء،و تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء،و تفكّ عن لحيي (2)سبعين شيطانا كلّهم يأمره أن لا يفعل» (3).

فصل:

و الصدقة باليد أفضل

،لكثرة المشقّة حينئذ.و يؤيّده:ما تقدّم.

و يزاد التأكيد في المريض.و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«يستحبّ للمريض أن يعطي السائل بيده و يأمر (4)السائل أن يدعو له» (5).

فصل:

و صدقة السرّ أفضل من صدقة العلانية

بالنصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (6).

و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

روى الجمهور عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«سبعة يظلّهم اللّه في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه» (7)و ذكر منهم رجلا تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى

ص:499


1- 1الفقيه 2:37 الحديث 155،الوسائل 6:255 الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث 4. [1]
2- 2) بعض النسخ:لحى،كما في الكافي و [2]الوسائل. [3]
3- 3) الفقيه 2:37 الحديث 157،الوسائل 6:262 الباب 5 من أبواب الصدقة الحديث 1. [4]
4- 4) أكثر النسخ:و يؤمر،كما في الوسائل.
5- 5) الفقيه 2:37 الحديث 158،الوسائل 6:262 الباب 5 من أبواب الصدقة الحديث 2. [5]
6- 6) البقرة(2):271. [6]
7- 7) صحيح البخاريّ 1:168 و ج 2:138،صحيح مسلم 2:715 الحديث 1031،سنن الترمذيّ 4:598 الحديث 2391، [7]الموطّأ 2:952 الحديث 14، [8]سنن النسائيّ 8:222.

لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ جلّ جلاله» (1).

و عن عمّار،عن الصادق عليه السلام قال:قال لي:«يا عمّار،الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية،و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل من العبادة في العلانية» (2).

و عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ تعالى و تمحو الذنب العظيم و تهوّن الحساب،و صدقة النهار تثمر المال و تزيد في العمر» (3).

فصل:

و الصدقة في رمضان أكثر ثوابا

،فيستحبّ (4)الإكثار منها فيه،لأنّه شهر شريف تضاعف فيه الحسنات.و لا نعلم فيه خلافا.

روى ابن بابويه عن أبي الصبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من فطّر صائما فله أجر مثله» (5).و رواه الجمهور أيضا (6).

ص:500


1- 1الفقيه 2:38 الحديث 161،التهذيب 4:105 الحديث 299،الوسائل 6:275 الباب 13 من أبواب الصدقة الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 4:8 الحديث 2، [2]الفقيه 2:38 الحديث 162،الوسائل 6:275 الباب 13 من أبواب الصدقة الحديث 3. [3]
3- 3) الكافي 4:8 الحديث 3، [4]التهذيب 4:105 الحديث 300،الوسائل 6:273 الباب 12 من أبواب الصدقة الحديث 2. [5]
4- 4) كثير من النسخ:و يستحبّ.
5- 5) الفقيه 2:85 الحديث 380،الوسائل 7:99 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [6]
6- 6) سنن الترمذيّ 3:171 الحديث 807،سنن ابن ماجه 1:555 الحديث 1746،مسند أحمد 4:114 و 116، سنن البيهقيّ 4:240.

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من فطّر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند اللّه عزّ و جلّ عتق رقبة و مغفرة لما مضى من ذنوبه»فقيل له:يا رسول اللّه،ليس كلّنا نقدر على أن نفطّر صائما؟فقال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلاّ على مذقة (1)من لبن يفطّر بها صائما،أو شربة من ماء عذب،أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك» (2).

فصل:

و كذلك كلّ وقت شريف كالجمع و الأعياد

و بالخصوص أوقات الحاجات،لقوله تعالى أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (3).

فصل:

و الصدقة على القرابة أفضل من غيرهم

بلا خلاف،قال اللّه تعالى يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (4).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الصدقة على المسكين صدقة،و هي على ذي الرحم اثنتان:صدقة و صلة» (5).

و عن زينب امرأة ابن مسعود أنّها سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،هل يسعها أن تضع صدقتها في زوجها و بني أخ لها يتامى؟قال:«نعم،لها أجران:أجر القرابة و أجر

ص:501


1- 1مذقت اللبن و الشراب بالماء:مزجته و خلطته.المصباح المنير:567. [1]
2- 2) الكافي 4:66 الحديث 4، [2]الفقيه 2:58 الحديث 254 و ص 86 الحديث 384،التهذيب 3:57 الحديث 198 و ج 4:152 الحديث 423 و ص 202 الحديث 583،الوسائل 7:99 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [3]
3- 3) البلد(90):14. [4]
4- 4) البلد(90):15. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:591 الحديث 1844،سنن النسائيّ 5:92،سنن البيهقيّ 4:174،مسند أحمد 4:17، 18 و 214، [6]سنن الدارميّ 1:397. [7]

الصدقة» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه سئل:أيّ الصدقة أفضل؟قال:«على ذي الرحم الكاشح» (2).

و قال عليه السلام:«لا صدقة و ذو رحم محتاج» (3).

و قال عليه السلام:«ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس،ملعون ملعون من ضيّع من يعول» (4).

فصل:

و تستحبّ الصدقة على من اشتدّت حاجته

،قال اللّه تعالى أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (5).

و لأنّ شدّة الحاجة تستلزم شدّة الاستحباب.

فصل:

و إنّما ينبغي الصدقة من فاضل مئونة الرجل (6)

و مئونة عياله على الدوام،لأنّه تعالى نهى عن التبذير،و قال تعالى وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ (7).

ص:502


1- 1صحيح مسلم 2:694 الحديث 1000،سنن النسائيّ 5:92،93،سنن الدارميّ 1:389، [1]سنن البيهقيّ 4: 178.
2- 2) الفقيه 2:38 الحديث 165،التهذيب 4:106 الحديث 301،الوسائل 6:286 الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:38 الحديث 166،الوسائل 6:286 الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 2:38 الحديث 167،الوسائل 15:251 الباب 21 من أبواب النفقات الحديث 5. [4]
5- 5) البلد(90):16. [5]
6- 6) بعض النسخ:قوت الرجل.
7- 7) الإسراء(17):29. [6]

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى و ابدأ بمن تعول» (1).

و عن الوليد بن صبيح قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجاءه سائل فأعطاه، ثمَّ جاءه آخر فأعطاه،ثمَّ جاءه آخر فأعطاه،ثمَّ جاءه آخر فقال:«وسّع اللّه عليك»ثمَّ قال:

«إنّ رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم،ثمَّ شاء أن لا يبقي منها شيئا إلاّ وضعه في حقّ لفعل فيبقى لا مال له،فيكون من الثلاثة الذين يردّ دعاؤهم»قال:قلت:من هم؟قال:«أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في وجهه،ثمَّ قال:يا ربّ ارزقني فيقول:

[الربّ عزّ و جلّ] (2):ألم أرزقك؟و رجل يجلس في بيته و لا يسعى في طلب الرزق و يقول:

يا ربّ ارزقني،فيقول عزّ و جلّ:ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق؟و رجل له امرأة تؤذيه فيقول:يا ربّ خلّصني منها،فيقول عزّ و جلّ:ألم أجعل أمرها بيدك» (3).

فصل:

و لو قصّر في نفقته أو نفقة من يلزمه مئونته

أثم بالصدقة،لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» (4).

و لأنّ في ذلك تقديم النفل على الواجب،و هو غير جائز.

ص:503


1- 1صحيح البخاريّ 2:139،سنن الدار قطنيّ 3:295 الحديث 190،مسند أحمد 2:278 و 402، [1]سنن البيهقيّ 4:180 و ج 7:466 و 470.
2- 2) أثبتناها من الفقيه.
3- 3) الكافي 4:16 الحديث 1، [2]الفقيه 2:39 الحديث 173،السرائر:473،الوسائل 6:293 الباب 23 من أبواب الصدقة الحديث 1. [3]
4- 4) سنن أبي داود 2:132 الحديث 1692، [4]مسند أحمد 2:160،194 و 195، [5]سنن البيهقيّ 7:467 و ج 9: 25.
فصل:

فإن كان الرجل وحده،أو كان له من يمونه

و له كفايتهم و كان ذا كسب،فأراد الصدقة بجميع ماله وثوقا منه بحسن التوكّل و السعي في كسبه بقدر كفايته و كفاية من يمونه، كان سائغا،لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد سئل عن أفضل الصدقة:«جهد من مقلّ إلى فقير في السرّ (1).

فإن فقد هذان الوصفان في الرجل،كره له التصدّق بجميع ماله،لما رواه جابر بن عبد اللّه قال:كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءه رجل بمثل بيضة من ذهب،فقال :يا رسول اللّه،أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها،فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ أتاه من قبل ركنه الأيمن و قال مثل ذلك،فأعرض عنه،ثمَّ أتاه من قبل ركنه الأيسر،فأعرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ أتاه من خلفه، فأخذها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحذفه بها،فلو أصابته لأوجعته،أو لعقرته،و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يأتي أحدكم بما يملك ثمَّ يقول:هذه صدقة،ثمَّ يقعد يستكفّ الناس،خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» (2)و معنى قوله عليه السلام:«يستكفّ الناس» يتعرّض للصدقة و يأخذها ببطن كفّه.

و لأنّ إخراج جميع المال لا يؤمن معه فتنة الفقر،فيذهب ماله و يبطل أجره،و يصير كلاّ على الناس.

فصل:

و يستحبّ العطاء من غير مسألة

،لأنّ في المسألة إذلالا بالمؤمن.

روى ابن بابويه عن مسعدة بن صدقة،عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه بعث إلى رجل بخمسة أو ساق من تمر

ص:504


1- 1مسند أحمد 5:178،مجمع الزوائد 1:197 و ج 3:116.
2- 2) سنن أبي داود 2:128 الحديث 1673، [1]سنن الدارميّ 1:391، [2]سنن البيهقيّ 4:181.

البغيبغة (1)و كان الرجل ممّن يرجو نوافله و يرضى (2)نائله و رفده،و كان لا يسأل عليّا عليه السلام و لا غيره شيئا،فقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام:و اللّه ما سألك فلان شيئا،و لقد كان يجزئه من الخمسة الأوساق وسق واحد،فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:

«لا كثّر اللّه في المؤمنين ضربك،أعطي أنا و تبخل أنت،للّه أنت،إذا أنا لم أعط الذي يرجوني إلاّ من بعد مسألتي ثمَّ أعطيته بعد المسألة فلم أعطه إلاّ ثمن ما أخذت منه،و ذلك لأنّي عرّضته أن يبذل لي وجهه الذي يعفّره في التراب لربّي و ربّه عزّ و جلّ عند تعبّده له و طلب حوائجه إليه،فمن فعل هذا بأخيه المسلم و قد عرف أنّه موضع لصلته و معروفه فلم يصدّق اللّه عزّ و جلّ في دعائه له حيث يتمنّى له الجنّة بلسانه و يبخل عليه بالحطام من ماله،و ذلك أنّ العبد قد يقول في دعائه:اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات،فإذا دعا له (3)بالمغفرة فقد طلب له (4)الجنّة،فما أنصف من فعل هذا بالقول و لم يحقّقه بالفعل» (5).

فصل:

و يستحبّ التصدّق أوّل النهار و أوّل الليل

،لاستدفاع بلاء الوقتين بها،فقد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«باكروا بالصدقة،فإنّ البلايا لا تتخطّاها، و من تصدّق بصدقة أوّل النهار دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في ذلك اليوم،فإن تصدّق أوّل الليل دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في تلك الليلة» (6).

ص:505


1- 1و البغيبغة:ضيعة بالمدينة لآل جعفر،و بغيبغة ماء لآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هي عين كثيرة النخل غزيرة الماء.لسان العرب 8:419. [1]
2- 2) ح:و يؤمّل،كما في الكافي. [2]
3- 3) خا،ق و ح:لهم.
4- 4) خا،ق و ح:لهم.
5- 5) الفقيه 2:42 الحديث 188،الوسائل 6:318 الباب 38 من أبواب الصدقة الحديث 1. [3]
6- 6) الفقيه 2:37 الحديث 159،الوسائل 6:267 الباب 8 من أبواب الصدقة الحديث 5. [4]
فصل:

و يكره ردّ السائل مع القدرة

،لما فيه من المنع من النفع و إذلال المؤمن.

و يؤيّده ما رواه ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تقطعوا على السائل مسألته،فلو لا أنّ المساكين يكذبون ما أفلح من ردّهم» (1).

و عن الباقر عليه السلام قال:«كان فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السلام أن قال:يا موسى،أكرم السائل ببذل يسير،أو بردّ جميل،لأنّه يأتيك من ليس بإنس و لا جانّ،ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خوّلتك و يسألونك عمّا نوّلتك فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران» (2).

فصل:

و يكره السؤال

،لأنّ اللّه تعالى قرن الرزق بالسعي بقوله تعالى فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (3).و في السؤال مذلّة عظيمة،و منع عن السعي النافع لنوع الإنسان.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:«اتّبعوا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه قال (4):من فتح على نفسه باب مسألة فتح اللّه عليه باب فقر» (5).

و عن الصادق عليه السلام:«إيّاكم و سؤال الناس،فإنّه ذلّ الدنيا،و فقر تتعجّلونه، و حساب طويل يوم القيامة» (6).

و روى ابن بابويه قال:جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:506


1- 1الفقيه 2:39 الحديث 172،الوسائل 6:290 الباب 22 من أبواب الصدقة الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:39 الحديث 170،الوسائل 6:291 الباب 22 من أبواب الصدقة الحديث 7. [2]
3- 3) الملك(67):15. [3]
4- 4) جملة:«فإنّه قال»لا توجد في أكثر النسخ.
5- 5) الفقيه 2:40 الحديث 179،الوسائل 6:305 الباب 31 من أبواب الصدقة الحديث 3. [4]
6- 6) الفقيه 2:41 الحديث 182،الوسائل 6:307 الباب 32 من أبواب الصدقة الحديث 2. [5]

فسلّموا عليه فردّ عليهم السلام،فقالوا:يا رسول اللّه لنا إليك حاجة،قال:«هاتوا حاجتكم»قالوا:إنّها حاجة عظيمة،قال:«هاتوا ما هي؟»قالوا:تضمن لنا على ربّك الجنّة،قال:فنكس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه و نكت في الأرض ثمَّ رفع رأسه، فقال:«أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا»قال:فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان ناولنيه فرارا من المسألة،فينزل فيأخذه، و يكون على المائدة و يكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول:ناولني حتّى يقوم فيشرب (1).

و قال عليه السلام:«استغنوا عن الناس و لو بشوص (2)السواك» (3).

فصل:

و يتأكّد كراهية السؤال من غير حاجة

،لما فيه من المذلّة بغير ضرورة.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال:«ضمنت على ربّي أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلاّ اضطرّته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة» (4).

و قال الصادق عليه السلام:«ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتّى يحوجه اللّه عزّ و جلّ إليها و يثبت له بهار النار» (5).

فصل:

و المنّ يبطل ثواب الصدقة

،لما يشتمل عليه من كسر قلب المؤمن،قال اللّه تعالى:

ص:507


1- 1الفقيه 2:41 الحديث 184،الوسائل 6:307 الباب 32 من أبواب الصدقة الحديث 4. [1]
2- 2) الشوص:الغسل و التنظيف.يقال:هو يشوص فاه بالسواك.الصحاح 3:1044.و [2]المراد هنا:غسالة السواك.
3- 3) الفقيه 2:41 الحديث 185،الوسائل 6:308 الباب 32 من أبواب الصدقة الحديث 7. [3]
4- 4) الفقيه 2:40 الحديث 178،الوسائل 6:305 الباب 31 من أبواب الصدقة الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 2:40 الحديث 180،الوسائل 6:305 الباب 31 من أبواب الصدقة الحديث 1. [5]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى (1).

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«المنّ يهدم الصنيعة» (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه تبارك و تعالى كره لي ستّ خصال و كرهتهنّ للأوصياء من ولدي و أتباعهم من بعدي:العبث في الصلاة،و الرفث في الصوم، و المنّ بعد الصدقة،و إتيان المساجد جنبا،و التطلّع في الدور،و الضحك بين القبور» (3).

فصل:

و لا بأس بطلب الدعاء منهم فربّما كان فيهم مستجاب الدعاء.

روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«إذا أعطيتموهم فلقّنوهم الدعاء، فإنّه يستجاب لهم فيكم و لا يستجاب لهم في أنفسهم» (4).

و قال عليه السلام:«يستحبّ للمريض أن يعطي السائل بيده و يأمر السائل أن يدعو له» (5).

فصل:

و يستحبّ الصدقة مطلقا و إن كان السائل غير معلوم الحال

،لأنّه من المعروف، روى الشيخ عن سدير الصيرفيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟فقال:«نعم،أعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحقّ،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (6)و لا تطعم من نصب لشيء من الحقّ،أو دعا إلى شيء من

ص:508


1- 1البقرة(2):264. [1]
2- 2) الفقيه 2:41 الحديث 186،الوسائل 6:316 الباب 37 من أبواب الصدقة الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 2:41 الحديث 187،الوسائل 6:316 الباب 37 من أبواب الصدقة الحديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 2:40 الحديث 175،الوسائل 6:295 الباب 25 من أبواب الصدقة الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 2:37 الحديث 158،الوسائل 6:262 الباب 5 من أبواب الصدقة الحديث 2. [5]
6- 6) البقرة(2):83. [6]

الباطل» (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن السائل يسأل و لا يدري ما هو؟فقال:

«أعط من وقعت في قلبك له الرحمة»و قال:«أعط دون الدرهم»قلت:أكثر ما يعطى؟ قال:«أربعة دوانيق» (2).

فصل:

و الصدقة على بني هاشم أفضل من غيرهم

خصوصا العلويّون،لشرفهم على غيرهم.

روى الشيخ عن عيسى بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة» (3).

و عن إبراهيم بن هاشم،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف و لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا:رجل نصر ذرّيّتي،و رجل بذل ماله لذرّيّتي عند الضيق،و رجل أحبّ ذرّيّتي باللسان و القلب،و رجل سعى في حوائج ذرّيّتي إذا طردوا و شردوا» (4)و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال:«إذا كان يوم القيامة،نادى مناد:

أيّها الخلائق،أنصتوا،فإنّ محمّدا يكلّمكم،فتنصت الخلائق،فيقوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيقول:يا معشر الخلائق،من كانت له عندي يد،أو منّة،أو معروف فليقم حتّى أكافئه، فيقولون:بآبائنا و أمّهاتنا،و أيّ يد و أيّ منّة و أيّ معروف لنا،بل اليد و المنّة و المعروف للّه و لرسوله على جميع الخلائق،فيقول:بلى من آوى أحدا من أهل بيتي،أو برّهم،أو كساهم

ص:509


1- 1التهذيب 4:107 الحديث 306،الوسائل 6:288 الباب 21 من أبواب الصدقة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:107 الحديث 307،الوسائل 6:288 الباب 21 من أبواب الصدقة الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 4:110 الحديث 322،الوسائل 11:556 الباب 17 من أبواب فعل المعروف الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 4:111 الحديث 323،الوسائل 11:556 الباب 17 من أبواب فعل المعروف الحديث 2. [4]

من عرى،أو أشبع جائعهم فليقم حتّى أكافئه (1)،فيقوم أناس قد فعلوا ذلك فيأتي النّداء من عند اللّه:يا محمّد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم إليك فأسكنهم من الجنّة حيث شئت،قال:

فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمّد و أهل بيته صلوات اللّه عليهم» (2).

فصل:

و يحرم على المعطى كفران النعمة

و ينبغي له الثناء على المنعم،فإنّ شكر المنعم واجب عقلا.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من أتى إليه المعروف فليكاف به،و إن عجز فليثن،فإن لم يفعل فقد كفر النعمة» (3).

و قال الصادق عليه السلام:«لعن اللّه قاطعي سبيل المعروف»قيل:و ما قاطعي سبيل المعروف؟قال:«الرجل يصنع إليه المعروف،فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره» (4).

ص:510


1- 1أكثر النسخ:أكافئهم.
2- 2) الفقيه 2:36 الحديث 154،الوسائل 11:556 الباب 17 من أبواب فعل المعروف الحديث 3. [1]
3- 3) الكافي 4:33 الحديث 3، [2]الفقيه 2:31 الحديث 122،الوسائل 11:539 الباب 8 من أبواب فعل المعروف الحديث 2. [3]
4- 4) الكافي 4:33 الحديث 1، [4]الفقيه 2:31 الحديث 123،الوسائل 11:539 الباب 8 من أبواب فعل المعروف الحديث 1. [5]
المقصد السادس في الخمس
اشارة

و مباحثه أربعة

ص:511

ص:512

الأوّل
اشارة

فيما يجب فيه و هو أصناف:

الأوّل:الغنائم التي تؤخذ من دار الحرب

،ما يحويه العسكر و ما لم يحوه،أمكن نقله كالثياب و الأموال و الأناسيّ و الدوابّ و غير ذلك،أو لا يمكن كالأرضين و العقارات و غير ذلك ممّا يصحّ تملّكه،بشرط أن يكون ممّا يصحّ (1)تملّكه،و أن يكون مباحا في أيديهم،لا غصبا من مسلم أو معاهد،قليلا كان أو كثيرا.

و هذه الغنائم لم تكن (2)محلّلة لأحد من الأنبياء عليهم السلام،و إنّما حلّت (3)لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لقوله (4):«أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي».و ذكر فيها:

«و أحلّت لي الغنائم» (5).

و كانت في (6)بدو الإسلام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصنع بها ما شاء،ثمَّ نسخ

ص:513


1- 1ص:تصحّ.
2- 2) خا،ش،ص و ك:لم يكنّ.
3- 3) ش،ص،م و ن:أحلّت.
4- 4) ش بزيادة:عليه السلام.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:91 و 119،صحيح مسلم 1:370 الحديث 521،مسند أحمد 5:161، [1]سنن الدارميّ 1:224، [2]سنن البيهقيّ 6:291،كنز العمّال 11:437-438 الحديث 32058،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:46، 47،مجمع الزوائد 8:258.و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:155 الحديث 724،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التيمّم الحديث 4. [3]
6- 6) خا و ق:من.

ذلك فصار أربعة (1)الأخماس للمجاهدين،و الخمس الباقي للأصناف المستحقّين للخمس، و سيأتي بيان ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى.

الثاني :المعادن

(2)

،و هي جمع معدن،و اشتقاقه من عدن بالمكان يعدن إذا أقام به، و منه سمّيت جنّة عدن،لأنّها دار إقامة و خلود،و هو كلّ ما خرج من الأرض ممّا يخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة.

إذا ثبت هذا،فنقول:لا خلاف في جواز (3)إخراج شيء من المعادن،و يدلّ عليه النصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (4).

و ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقطع بلال بن الحارث المزنيّ (5)المعادن القبليّة جلسيّها و غوريّها و حيث يصلح للزرع من قدس و لم يعطه (6)حقّ مسلم و أخذ منه الزكاة (7).

و القبليّة منسوبة إلى ناحية من ساحل البحر بينها و بين المدينة خمسة أيّام، و جلسيّها:نجديّها،و نجد تسمّى جلس،و القبليّة-بتحريك الباء-منسوبة إلى القبل و هو

ص:514


1- 1خا،ح و ق:الأربعة.
2- 2) ش و م:الصنف الثاني.
3- 3) توجد في هامش ح فقط.
4- 4) البقرة(2):267. [1]
5- 5) بلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد بن قرّة بن خلاؤه بن ثعلبة بن ثور أبو عبد الرحمن المزنيّ.و هو مدنيّ، أقطعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العقيق.و كان يحمل لواء مزينة يوم فتح مكّة ثمَّ سكن البصرة.روى عنه ابنه الحارث و علقمة بن وقّاص.مات سنة ستّين آخر أيّام معاوية،و هو ابن ثمانين سنة.أسد الغابة 1:205،206، [2]الإصابة 1:164، [3]الأعلام للزركليّ 2:72. [4]في أكثر النسخ و بعض المصادر:بلال بن الحرث.
6- 6) ح:يعط،و في أكثر النسخ:يقطعه.
7- 7) سنن أبي داود 3:173،174 الحديث 3062،3063، [5]الموطّأ 1:248 الحديث 8،مسند أحمد 1:306، [6]سنن البيهقيّ 6:151،مجمع الزوائد 6:8،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:370 الحديث 1141،المستدرك للحاكم 1: 404.

كلّ نشز من الأرض يستقبلك،و جلس-بالجيم المفتوحة و اللام الساكنة-نجد،و غوريّها منسوب إلى غور،و قوله:من قدس و هو المرتفع من الأرض،الذي (1)يصلح (2)للزراعة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن معادن الذهب و الفضّة،[و الصفر] (4)و الحديد و الرصاص،فقال:«عليها (5)الخمس جميعا» (6).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المعادن كم فيها؟قال:«الخمس» (7).و قد أجمع المسلمون على ذلك.

مسألة:و الواجب عندنا في المعادن الخمس لا الزكاة.و به قال أبو حنيفة (8).و قال الشافعيّ:إنّ الواجب زكاة (9).و به قال مالك (10)،و أحمد (11).

ص:515


1- 1خا،ح و ك:التي.
2- 2) كثير من النسخ:تصلح.
3- 3) ينظر:النهاية لابن الأثير 1:286 و ج 3:393 و [1]ج 4:10 و 24،لسان العرب 11:546. [2]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) ح:عليهم.
6- 6) التّهذيب 4:121 الحديث 346،الوسائل 6:342 الباب 3 من أبواب الخمس الحديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 4:121 الحديث 345،الوسائل 6:342 الباب 3 من أبواب الخمس الحديث 2. [4]
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:211،تحفة الفقهاء 1:330،بدائع الصنائع 2:67،الهداية للمرغينانيّ 1:108، شرح فتح القدير 2:179،مجمع الأنهر 1:212،عمدة القارئ 9:103،المغني 2:616.
9- 9) الأمّ 2:42،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:53،حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6: 88،مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125.
10- 10) الموطّأ 1:249،المدوّنة الكبرى 1:287،بداية المجتهد 1:251،بلغة السالك 1:229،إرشاد السالك:43، المغني 2:616،الشرح الكبير بهامش المغني 2:582.
11- 11) المغني 2:616،الشرح الكبير بهامش المغني 2:582-583،الكافي لابن قدامة 1:418،الإنصاف 3:118، [5]المجموع 6:90،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما لم يكن في طريق مأتيّ (1)أو قرية عامرة ففيه و في الركاز الخمس» (2).و عنه عليه السلام:«ما كان في الخراب ففيها و في الركاز الخمس» (3).

و عنه عليه السلام أنّه قال:«في الركاز الخمس»قيل:يا رسول اللّه،ما الركاز؟قال:

«هو الذهب و الفضّة،المخلوقان في الأرض يوم خلق اللّه السموات و الأرض» (4).و هو نصّ في الباب.

و عنه عليه السلام أنّه قال:«و في السيوب الخمس» (5).قال (6):و السيوب عروق الذهب و الفضّة التي تحت الأرض (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر

ص:516


1- 1كذا في النسخ و بعض المصادر،و لعلّ الأنسب:ميتاء.
2- 2) سنن النسائيّ 5:44،سنن البيهقيّ 4:153،كنز العمّال 15:185 الحديث 40518،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:207 الحديث 547.بتفاوت يسير في الجميع.
3- 3) سنن أبي داود 2:136 الحديث 1710، [1]جامع الأصول 11:296 الحديث 8329،كنز العمّال 15:182 الحديث 4050.
4- 4) بهذا اللفظ ينظر:سنن البيهقيّ 4:152،المغني 2:617،الشرح الكبير بهامش المغني 2:583،فتح العزيز بهامش المجموع 6:89،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:89.و بتفاوت،ينظر:صحيح البخاريّ 2:159، صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 2،سنن النسائيّ 5:45،سنن الدارميّ 1: 393،مسند أحمد 1:314،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964،المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039،مجمع الزوائد 3:78.
5- 5) ينظر:النهاية لابن الأثير 2:432، [2]لسان العرب 1:477، [3]المعجم الكبير للطبرانيّ 2:335 الحديث 795، مجمع الزوائد 3:75 و فيه:في السوق الخمس.و من طريق الخاصّة،ينظر:المعتبر 2:620، [4]معاني الأخبار:275- 276 الحديث 1،الوسائل 6:79 الباب 6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث 4.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:قيل.
7- 7) نقله في لسان العرب 1:477 [5] عن أبي سعيد،و في النهاية لابن الأثير 2:432 و [6]المعتبر 2:620، [7]قيل: و السيوب عروق الذهب و الفضّة.

عليه السلام قال:سألته عن المعادن ما فيها؟فقال:«كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس» (1).

و ما تقدّم في حديث الحلبيّ و محمّد بن مسلم.

و لأنّه مال مستفاد من الأرض فيجب فيه الخمس كالركاز (2).

و لأنّه مال مظهور عليه بالإسلام،لأنّه كان في أيدي المشركين فأزلنا يدهم عنه، فيجب فيه الخمس،كالغنائم و الركاز.

احتجّ الشافعيّ (3)(4)بقوله عليه السلام:«في الرقة ربع العشر» (5)و بقوله عليه السلام:«في الركاز الخمس،و في المعدن الصدقة» (6)و بحديث (7)بلال المتقدّم (8).

و لأنّه يحرم على أغنياء ذوي القربى فكان زكاة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير عامّ بالإجماع فيحمل على الزكاة.

و عن الثاني:باحتمال كون الألف و اللاّم في«الصدقة»للعهد،و المراد الخمس المتقدّم،

ص:517


1- 1التّهذيب 4:122 الحديث 347،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 3. [1]
2- 2) ن:كالزكاة.
3- 3) لا توجد في:ح،خا و ق.
4- 4) الأمّ 2:43،المهذّب للشيرازيّ 1:158 و 162،المجموع 6:77،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88،المغني 2:616،الشرح الكبير بهامش المغني 2:583.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:146،سنن أبي داود 2:97 الحديث 1567،سنن النسائيّ 5:23،مسند أحمد 1:12، سنن البيهقيّ 4:85.
6- 6) لم نعثر عليه بهذا اللفظ إلاّ في:فتح العزيز بهامش المجموع 6:89،و قال في التلخيص الحبير:حديث:«في الركاز الخمس و [2]في المعدن الصدقة»لم أجده هكذا. و لقوله:«في الركاز الخمس» [3]ينظر:صحيح البخاريّ 2:160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642،سنن النسائيّ 5:44،الموطّأ 1:249 الحديث 9،مسند أحمد 1:314،سنن البيهقيّ 4:155.
7- 7) ق و خا:و حديث،ش و ص:و لحديث.
8- 8) يراجع:ص 514.

و هو نوع من الصدقة أيضا.و حديث بلال ليس بحجّة،لأنّه مقطوع برواية (1)ربيعة بن أبي عبد الرحمن،عن غير واحد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و لأنّه حكاية فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)،فلعلّ الاشتباه من الراوي،أو استعمل لفظة (3)الزكاة في الخمس مجازا.

و عن الرابع:بالمنع من تحريمه (4)على الأغنياء على قول بعض علمائنا (5)، و بالتسليم له تارة أخرى،و الحاصل أنّ الخمس عندنا مختلف فيه،هل يعطى الغنيّ أم لا؟ و سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و قدر الواجب في المعدن الخمس

،ذهب إليه علماؤنا.و به قال أبو حنيفة (6)، و المزنيّ (7)،و الشافعيّ في أحد أقواله.

و في الثاني:يجب ربع العشر.و به قال أحمد (8)،و إسحاق (9)،و مالك في إحدى الروايتين.

و في الثالث:إن احتاج إلى مئونة و تخليص فربع العشر،و إلاّ فالخمس،للفرق بين ما احتاج إلى مئونة و ما لم يحتج كالغلاّت في الزكوات (10)،و هو الرواية الثانية عن

ص:518


1- 1ص،ف و م:يرويه.
2- 2) ف:عليه السلام.
3- 3) ح،خا و ق:لفظ.
4- 4) هامش ح:التحريم.
5- 5) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:262،و ابن إدريس في السرائر:115.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:330،بدائع الصنائع 2:67،الهداية للمرغينانيّ 1:108،شرح فتح القدير 2:180، مجمع الأنهر 1:212.
7- 7) حلية العلماء 3:113،فتح العزيز بهامش المجموع 6:89.
8- 8) المغني 2:616،الشرح الكبير بهامش المغني 2:583،الكافي لابن قدامة 1:415،الإنصاف 3:120، زاد المستقنع:26.
9- 9) المجموع 6:90،نيل الأوطار 4:211.
10- 10) لأقوال الشافعيّ ينظر:حلية العلماء 3:313،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:83،فتح العزيز بهامش المجموع 6:89،مغني المحتاج 1:394،الميزان الكبرى 2:10،السراج الوهّاج:125.

مالك (1)،مع قطع الشافعيّ و مالك بأنّ الواجب زكاة.

لنا:ما تقدّم من الأدلّة،فإنّها و إن دلّت على صفة الواجب من كونه خمسا فقد دلّت على مقداره.

و احتجاج المخالف و الجواب عنه قد تقدّم.

مسألة:و يجب الخمس في كلّ ما يطلق عليه اسم المعدن

،سواء كان منطبعا (2)بانفراده كالرصاص و النحاس و الحديد،أو مع غيره كالزيبق،أو غير منطبعة (3)كالياقوت و الفيروزج و البلخش (4)و العقيق،أو مائعة كالقار (5)و النفط و الكبريت.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد إلاّ أنّه جعله زكاة (6).

و قال أبو حنيفة:يجب في المنطبعة (7)الخمس خاصّة (8).

و قال الشافعيّ:لا يجب إلاّ في معدن الذهب و الفضّة خاصّة (9)على أنّه زكاة.

ص:519


1- 1لروايتي مالك ينظر:المدوّنة الكبرى 1:287،بداية المجتهد 1:258،إرشاد السالك:42،بلغة السالك 1: 230.
2- 2) ح و ق:منطبقا.
3- 3) ح و ق:منطبقة.
4- 4) بلخش أو بلخش:جوهر يجلب من بلخشان و هو ضرب من الياقوت يقال له بالفارسيّة:لعل.ملحقات لسان العرب:68،أقرب الموارد 3:47.
5- 5) هامش ح:كالقير.
6- 6) المغني 2:616،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:582،الكافي لابن قدامة 1:418،الإنصاف 3:118، [2]المجموع 6:90.
7- 7) ح و ق:في المنطبقة.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:211،تحفة الفقهاء 1:330،بدائع الصنائع 2:67،شرح فتح القدير 2:179، مجمع الأنهر 1:212،عمدة القارئ 9:103.
9- 9) الأمّ 2:42،حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:90،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88،مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125،الميزان الكبرى 2:10.

لنا:عموم قوله تعالى وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (1).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما لم يكن في طريق مأتيّ أو قرية عامرة ففيه و في الركاز الخمس» (2)و غيره من أحاديث (3)العامّة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان بالمعادن كم فيه (5)؟قال:«يؤخذ منها (6)كما يؤخذ من معادن الذهب و الفضّة» (7).

و في الصحيح عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن المعادن ما فيها؟فقال:

«كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس»و قال:«ما عالجته بمالك فأخرج اللّه منه من حجارته ففيه الخمس» (8).

و عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة فقال:«و ما الملاحة؟»فقلت (9):أرض سبخة مالحة يجتمع (10)فيها الماء فيصير ملحا،فقال:«هذا المعدن

ص:520


1- 1البقرة(2):267. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:136 الحديث 1710، [2]سنن النسائيّ 5:44،سنن البيهقيّ 4:153،كنز العمّال 15:185 الحديث 40518.بتفاوت في الجميع.
3- 3) أكثر النسخ:من الأحاديث.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:152.
5- 5) في التهذيب:فيها.
6- 6) لا توجد في خا و ق.
7- 7) التّهذيب 4:121 الحديث 346،الوسائل 6:342 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 2. [3]
8- 8) التّهذيب 4:122 الحديث 347،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 3. و [4]فيهما:و قال:ما عالجته بمالك ففيه ممّا أخرج اللّه منه من حجارته مصفّى الخمس. [5]
9- 9) غ و ف:فقال،كما في المصادر.
10- 10) كثير من النسخ:يجمع.

فيه (1)الخمس».فقلت:و الكبريت و النفط يخرج من الأرض؟فقال (2):«هذا و أشباهه فيه الخمس» (3).

و لأنّه معدن فيجب فيه الخمس كالأثمان.و لأنّه مال لو غنم لوجب فيه الخمس فكذا (4)إذا أخرج من المعدن كالذهب و الفضّة.

احتجّ الشافعيّ (5)بقوله عليه السلام:«لا زكاة في حجر» (6).و لأنّه مال مقوّم مستفاد من الأرض،فأشبه الطين.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبة،إذ الواجب عندنا خمس لا زكاة.

و عن الثاني:أنّ الطين ليس بمعدن،لأنّه تراب،و المعدن ما كان في الأرض من غير جنسها،و إيجاب الخمس في المكتسب ذي القيمة لا يستلزم إيجابه في الأدون،لعدم تعلّق الغرض (7)بالتراب،بخلاف المعدن.

مسألة:و يجب الخمس بعد تناوله و تكامل نصابه

عند من يعتبره على ما يأتي إن شاء اللّه تعالى.و لا يعتبر الحول،و هو قول عامّة الفقهاء.

و قال إسحاق،و ابن المنذر:لا شيء في المعدن حتّى يحول عليه الحول (8).

لنا:وجوب الخمس بعد الحول تقييد لعموم الأوامر،لا إيجاب مطلقا بغير دليل فيكون منفيّا.و لأنّه مال مستفاد من الأرض فلا يعتبر في وجوب حقّه الحول كالركاز.

و لأنّ حؤول الحول إنّما يعتبر فيما يتكامل نماؤه للتزايد و هاهنا لا نماء له فلا اعتبار للحول

ص:521


1- 1غ،ف و خا:ففيه.
2- 2) بعض النسخ:قال:فقال.
3- 3) التّهذيب 4:122 الحديث 349،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 4. [1]
4- 4) بعض النسخ:و كذا.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 6:89،المغني 2:616،الشرح الكبير بهامش المغني 2:582-583.
6- 6) سنن البيهقيّ 4:146،كنز العمّال 6:323 الحديث 15862،التلخيص الحبير بهامش المجموع 6:89.
7- 7) بعض النسخ:الفرض.
8- 8) المغني 2:619،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586،عمدة القارئ 9:103.

فيه.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السلام:«لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» (2).

و الجواب:نفي الزكاة لا يستلزم نفي الخمس و نحن نقول بموجب الحديث،فإنّ الزكاة منفيّة هنا مطلقا.

فروع:

الأوّل:المعدن إن كان في ملك ملكه صاحب الملك،فيصرف الخمس لأربابه و الباقي له،و إن كان في موضع مباح فالخمس لأربابه و الباقي لمن وجده.

الثاني:قال الشيخ:يمنع الذمّيّ من العمل في المعدن،فإن أخرج منه شيئا ملكه،و هل يؤخذ منه الخمس أم لا؟قال الشيخ:نعم (3).و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:لا يؤخذ منه شيء (5).

لنا:العمومات الواردة بوجوب الإخراج من المعادن.

احتجّ الشافعيّ بأنّ المأخوذ زكاة و لا زكاة على الذمّيّ (6)،و المقدّمتان ممنوعتان، و قد سلف سند المنع (7).

ص:522


1- 1المغني 2:619،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586.
2- 2) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573، [1]سنن ابن ماجه 1:571 الحديث 1792،سنن البيهقيّ 4:95،سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 8 و ص 90 الحديث 1،كنز العمّال 6:323 الحديث 15861،المصنّف لعبد الرزّاق 4: 77 الحديث 7033 و فيه:لا صدقة،مكان:لا زكاة.و في سنن أبي داود بتفاوت يسير في الألفاظ.
3- 3) الخلاف 1:357 مسألة-143.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:212،شرح فتح القدير 2:179-181،عمدة القارئ 9:104،مجمع الأنهر 1: 212.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:76،فتح العزيز بهامش المجموع 6:110-101،مغني المحتاج 1: 395.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:162،فتح العزيز بهامش المجموع 6:101.
7- 7) يراجع:ص 34 و 515-517.

الثالث:الخمس يجب في نفس المخرج من المعدن،و يملك المخرج الباقي.

و قال الشافعيّ:يملك الجميع و يجب عليه الزكاة (1).

لنا:قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (2).و يستوي في ذلك الصغير و الكبير عملا بالعموم.هذا إذا كان المعدن في موضع مباح،فأمّا إذا كان في الملك فالخمس لأهله و الباقي لمالكه.

الرابع:إذا كان المعدن لمكاتب وجب فيه الخمس.و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشافعيّ:لا يجب (4).

لنا:أنّه من أهل الاكتساب و الاغتنام و هذا غنيمة و كسب فيجب عليه الخمس كالحرّ،و عموم قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس».

الخامس:العبد إذا استخرج معدنا ملكه سيّده،لأنّ منافعه له،و يجب على المولى الخمس في المعدن.هذا إذا أخرجه على أنّه للسيّد أو للعبد و قلنا:إنّ العبد لا يملك،أمّا إذا أخرجه لنفسه بإذن (5)المولى و قلنا:إنّ العبد يملك،فالصحيح أنّه كذلك،خلافا للشافعيّ (6).

لنا:العموم.

ص:523


1- 1حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:75،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88،مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:159-160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642، [1]سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509-2510،سنن النسائيّ 5:44-46،الموطّأ 1:249 الحديث 9، [2]سنن الدارميّ 1:393، [3]سنن البيهقيّ 4:155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964،مجمع الزوائد 3: 78،المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039،و ج 22: 226 الحديث 597.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:212،عمدة القارئ 9:104.
4- 4) حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:76،فتح العزيز بهامش المجموع 6:101- 102،مغني المحتاج 1:395،الميزان الكبرى 2:2.
5- 5) ح:لا بإذن.
6- 6) المجموع 6:76،فتح العزيز بهامش المجموع 5:519.

و الذمّيّ أيضا يجب عليه الخمس،عملا بالعموم على تقدير الملك،خلافا للشافعيّ حيث لم يوجب عليه الخمس،لأنّه لا يساوي المسلمين في الغنيمة و لا يسهم (1)له (2).

السادس:المعادن تملك بملك الأرض،لأنّها من أجزائها فهي كالتراب.و يجوز بيع تراب المعدن بغير جنسه إذا كان ممّا يجري فيه الرّبا،و إن لم يكن،جاز بيعه مطلقا،و الخمس لأربابه،فإذا باعه جميعه فالخمس عليه كالزكاة،فقد روى الجمهور عن أبي الحارث المزنيّ (3)أنّه اشترى تراب معدن بمائة شاة متبع فاستخرج منه ثمن ألف شاة،فقال له البائع:

ردّ عليّ البيع،فقال:لا أفعل،فقال:لآتينّ عليّا فلأثينّ (4)بك،فأتى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال:إنّ أبا الحارث أصاب معدنا،فأتاه عليّ عليه السلام فقال:«أين الركاز الذي أصبت؟»قال:ما أصبت ركازا إنّما أصابه هذا فاشتريته منه بمائة شاة متبع،فقال له عليّ عليه السلام:«ما أرى الخمس إلاّ عليك» (5).

إذا ثبت هذا،فالواجب خمس المعدن لا خمس الثمن،لأنّ الخمس تعلّق بعين المعدن لا بقيمته.

الصنف الثالث:الركاز

و هو الكنز،مشتقّ من ركز (6)يركز إذا خفي،و منه الركز و هو:الصوت الخفيّ، و المقصود هنا المال المدفون في الأرض،و يجب الخمس فيه بلا خلاف بين أهل العلم كافّة،

ص:524


1- 1ش:سهم.
2- 2) حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:76،91-102،فتح العزيز بهامش المجموع 6:101،مغني المحتاج 1:395.
3- 3) كذا عنونه في المغني لابن قدامة و لكن عنونه ابن الأثير في النهاية و أبو عبيد في كتابه الأموال بعنوان: حارث بن أبي الحرث الأزديّ.لم نعثر على ترجمته في كتب الرجال.
4- 4) بعض النسخ:فلأستعين.قال في النهاية:فلأثينّ،أي:لأشينّ.النهاية لابن الأثير 1:24. [1]
5- 5) المغني 2:621،الأموال لأبي عبيد:335 الحديث 873،النهاية لابن الأثير 1:24.
6- 6) بعض النسخ:ركز به.

قال اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (1)الآية،و هو من جملة الغنائم عندنا.

و قال تعالى وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (2).

و روى الجمهور عن أبي هريرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«العجماء [جرحها] (3)جبار.و في الركاز الخمس» (4)و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس» (5).

و لأنّه مال مكتسب فيجب فيه الخمس كالغنائم.و لأنّه مستخرج من الأرض فيجب فيه الخمس كالمعادن.و لا فرق بين الموجود في أرض الحرب و أرض العرب.

و فرّق الحسن بينهما،فأوجب الخمس فيما يوجد في أرض الحرب،و الزكاة فيما يوجد في أرض العرب (6).و هو خلاف ما عليه الفقهاء كافّة.

مسألة:و موضع الركاز

لا يخلو من أقسام أربعة:

أحدها:أن يوجد في أرض موات أو غير معهودة بالتملّك،كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام،و التلول و جدران الجاهليّة و قبورهم.

و الثاني:أن يوجد في أرض مملوكة له.

و الثالث:أن يوجد في أرض مسلم أو ذمّيّ معاهد.

ص:525


1- 1الأنفال(8):41. [1]
2- 2) البقرة(2):267. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642، [3]سنن النسائيّ 5:45،سنن الدارميّ 1:393، [4]سنن البيهقيّ 4:155،كنز العمّال 15:16 الحديث 39871- 39875،المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:78.
5- 5) التهذيب 2:122 الحديث 347،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 3. [5]
6- 6) المغني 2:610،الشرح الكبير بهامش المغني 2:588،المجموع 6:91.

و الرابع:أن يوجد في أرض دار الحرب.

ثمَّ كلّ واحد من هذه الأقسام لا يخلو إمّا أن يكون عليه أثر الإسلام،كالسكّة الإسلاميّة،أو ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أو أحد ولاة الإسلام.و إمّا أن لا يكون عليه أثر الإسلام.

فالقسم الأوّل:إن كان عليه أثر الإسلام فهو لقطة يعرّف سنة،فإن وجد له مالك و إلاّ تملّكه (1)مع الاختيار على ما يأتي أو استبقاه أمانة.و إن لم يكن عليه أثر الإسلام، ملكه و أخرج خمسه.

و الثاني:لا يخلو من قسمين:إمّا أن ينتقل إليه بالبيع أو بالميراث أو لا،فإن انتقل إليه بالبيع فهو للمالك الأوّل إن اعترف به،و إن لم يعرفه كان للمالك قبله،و هكذا إلى أوّل مالك،فإن لم يعرفه فهو لقطة.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يكون لواجده (3).

لنا:أنّ المالك الأوّل يده على الدار فكانت يده على ما فيها،و اليد قاضية بالملك ظاهرا.

احتجّ أحمد بأنّه مال كافر مظهور عليه في الإسلام،فكان لمن ظهر عليه كالغنائم (4).

و الجواب:أنّ اليد تقضي بالملك ظاهرا فيحكم به،و لأنّه لو ادّعاه يقضى (5)له به إجماعا،فيجب أن يعرّف،لجواز الغفلة (6)عنه.

ص:526


1- 1بعض النسخ:ملكه.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:92،فتح العزيز بهامش المجموع 6:107،السراج الوهّاج:126، مغني المحتاج 1:396.
3- 3) المغني 2:611،الشرح الكبير بهامش المغني 2:592،الكافي لابن قدامة 1:421،422،الإنصاف 3: 127.
4- 4) المغني 2:611،الشرح الكبير بهامش المغني 2:592.
5- 5) ف و غ:لقضي.
6- 6) بعض النسخ:النقل.

و إن انتقل إليه بالميراث،فإن اعترف به الورثة فهو لهم،فإن (1)اتّفق الورثة على أنّه ليس لمورّثهم فهو لأوّل مالك على ما مضى البحث فيه.

و إن اختلفوا فحكم المعترف حكم المالك يكون نصيبه له،و حكم المنكر أن يكون نصيبه لأوّل مالك.

هذا إذا وجد عليه أثر الإسلام،و إن لم يوجد عليه أثر (2)فللشيخ قولان:

أحدهما:أنّه لقطة.و الثاني:يكون لواجده (3).

و الثالث:ما يجده في أرض مملوكة لغيره،مسلم أو معاهد فهي لربّها.و به قال أبو حنيفة (4)،و محمّد بن الحسن (5)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:هو لواجده (6).و به قال أبو ثور،و الحسن بن صالح بن حيّ (7)،و استحسنه أبو يوسف (8).

لنا:أنّ يد مالك الدار عليها،فيده على ما فيها،و هي تقضي بالملكيّة (9).

هذا إن اعترف به المالك،و إن لم يعترف به فهو لأوّل مالك.و بهذا التفصيل قال

ص:527


1- 1غ:و إن.
2- 2) غ:أثر الإسلام.
3- 3) المبسوط 1:236،الخلاف 1:358 مسألة-148.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:214،تحفة الفقهاء 1:328،329،بدائع الصنائع 2:66،الهداية للمرغينانيّ 1: 108،شرح فتح القدير 2:183،مجمع الأنهر 1:212،عمدة القارئ 9:104.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:214،تحفة الفقهاء 1:328،بدائع الصنائع 2:66،الهداية للمرغينانيّ 1:108، شرح فتح القدير 2:183،المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593.
6- 6) المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593،الكافي لابن قدامة 1:421،422،الإنصاف 3: 126،127. [1]
7- 7) المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593،المجموع 6:102. [2]
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:214،تحفة الفقهاء 1:328،بدائع الصنائع 2:66،الهداية للمرغينانيّ 1:108، شرح فتح القدير 2:183،المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593،المجموع 6:102.
9- 9) كثير من النسخ:و هو يقضي بالملكيّة،و في نسخة خا:و هو يقتضي الملكيّة.

الشافعيّ (1).

و الرابع:ما يجده في أرض دار الحرب فهو لواجده،سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا،و يخرج منه الخمس.

و قال أبو حنيفة:إن كان في موات دار الحرب فهو غنيمة لواجده لا يخمّس (2).

و قال الشافعيّ:إن لم يكن عليه أثر الإسلام فهو ركاز،و إن كان عليه أثره مثل آية من القرآن أو اسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كان لقطة يجب تعريفها.

و إن كان عليه اسم أحد ملوك الشرك أو صور أو صلبان (3)،فهو ركاز،و إن لم يكن مطبوعا و لا أثر عليه فالأقرب أنّه ركاز،و حكى أبو حامد عنه أنّه لقطة (4).

لنا:أنّه وجده في دار الحرب فكان غنيمة كالظاهر و يجب فيه الخمس،إمّا لعموم آية الغنائم،أو لعموم كونه ركازا.

فروع:

الأوّل:لو وجد الكنز في أرض مملوكة لحربيّ معيّن،كان ركازا و فيه الخمس.و به قال أبو يوسف،و أبو ثور (5).

ص:528


1- 1الأمّ 2:44،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:92،فتح العزيز بهامش المجموع 6:107،مغني المحتاج 1:396،السراج الوهّاج:126.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:215،تحفة الفقهاء 1:329،بدائع الصنائع 2:66،الهداية للمرغينانيّ 1:109، شرح فتح القدير 2:184،مجمع الأنهر 1:213،حلية العلماء 3:115.
3- 3) ح:صليب.
4- 4) حلية العلماء 3:115-117،المهذّب للشيرازيّ 1:169،المجموع 6:97،98،فتح العزيز بهامش المجموع 6:98 و 105،مغني المحتاج 1:396،السراج الوهّاج:126.
5- 5) حلية العلماء 3:115،مجمع الأنهر 1:213.

و قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة:يكون غنيمة و لا يجب (2)الخمس (3).

لنا:أنّه من دفن أهل الكفر،فأشبه ما لا يعرف صاحبه.

الثاني:لو وجده في قبر من قبور الجاهليّة فالحكم كما تقدّم.روي[عن] (4)ابن عمرو أنّه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول حين خرجنا[معه] (5)إلى الطائف:«هذا قبر أبي رغال خرج إلى هاهنا فأصيب كما أصيب أصحابه فدفن هاهنا،و آية ذلك أنّه دفن معه غصن من ذهب،فمن نبشه وجده»فابتدره الناس فأخرجوه (6).

الثالث:لو استأجر أجيرا ليحفر له في الأرض المباحة لطلب الكنز فوجده فهو للمستأجر لا للأجير،لأنّه استأجره لذلك فصار بمنزلة ما لو استأجره للاحتطاب و الاحتشاش،و إن استأجره لأمر غير ذلك،فالواجد هو الأجير و الكنز له.

الرابع:إذا استأجره دارا فوجد فيها كنزا،فهو للمالك.

و قال بعض الجمهور:هو للمستأجر (7).

لنا:أنّ المالك يده ثابتة على الدار،فهي ثابتة على ما فيها،فيقضى له به.و هذا قول أبي حنيفة،و محمّد بن الحسن (8).

و احتجّ المخالف بأنّ الكنز لا يملك بملك الدار (9)،و هو قول أبي يوسف (10)،و قد سلف

ص:529


1- 1الأمّ 2:44،حلية العلماء 3:115،المهذّب للشيرازيّ 1:162.
2- 2) ح:و لا يجب عليه.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:215،تحفة الفقهاء 1:332،بدائع الصنائع 2:68.
4- 4) أضفناها لاستقامة العبارة.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن أبي داود 3:181 الحديث 3088، [1]سنن البيهقيّ 4:156.
7- 7) المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593،المجموع 6:96، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:110.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:214،المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 2:214،المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:214،المغني 2:612،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593.

بطلانه.

الخامس:لو اختلف المستأجر و المالك في ملكه،قال الشيخ:القول قول المالك (1)، و به قال المزنيّ (2).

و للشيخ قول آخر ذكره في الخلاف أنّ القول قول المستأجر (3).و به قال الشافعيّ (4)، و عن أحمد روايتان كالقولين (5).

و الاحتجاج الأوّل:أنّ دار المالك كيده فيقضى له به،و لأنّ الدفن تابع للأرض.

و للثاني:أنّه (6)مال مودع في الأرض،و ليس منها،فيكون القول قول من يده على الأرض،كما في الدار من الأقمشة.و لأنّ المالك لا يكري دارا فيها دفين إلاّ نادرا.

أمّا لو اختلفا في مقداره،فالقول قول المستأجر على القولين،لأنّه منكر.

مسألة:و يجب الخمس في كلّ ما كان ركازا

،و هو كلّ مال مذخور تحت الأرض، على اختلاف أنواعه من الذهب و الفضّة و الرصاص و الصفر و النحاس و الأواني و غير ذلك.و به قال مالك (7)،و أحمد (8)،و الشافعيّ في القديم،و قال في الجديد:لا يؤخذ الخمس إلاّ من الذهب و الفضّة (9).

ص:530


1- 1المبسوط 1:237. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:116،المجموع 6:96،فتح العزيز بهامش المجموع 6:110.
3- 3) الخلاف 1:359 مسألة-150.
4- 4) حلية العلماء 3:116،المجموع 6:96،فتح العزيز بهامش المجموع 6:110،مغني المحتاج 1:396،السراج الوهّاج:126.
5- 5) المغني 2:613،الشرح الكبير بهامش المغني 2:593،الكافي لابن قدامة 1:422،الإنصاف 3:128.
6- 6) بعض النسخ:بأنّه.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:292،بداية المجتهد 1:258،259،إرشاد السالك:43،بلغة السالك 1:230.
8- 8) المغني 2:613،الشرح الكبير بهامش المغني 2:588،زاد المستقنع:25،الكافي لابن قدامة 1:420، الإنصاف 3:123. [2]
9- 9) الأمّ 2:45،حلية العلماء 3:117،المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6:91-99،فتح العزيز بهامش المجموع 6:103،مغني المحتاج 1:395،396،السراج الوهّاج:126.

لنا:عموم قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (1).

و عموم قول الباقر عليه السلام:«كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس» (2)و لأنّه مال مظهور عليه من مال الكفّار،فيجب فيه الخمس على اختلاف أنواعه،كالغنائم.و لأنّه مال يجب تخميسه،فيستوي فيه جميع أصنافه،كالغنيمة.و لأنّه غنيمة،فيجب فيه الخمس مطلقا.

و احتجّ الشافعيّ بأنّه زكاة،فيجب الخمس في بعض أجناسه،كالحبوب (3).

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

مسألة:و لا يعتبر فيه الحول بل يجب الخمس مع وجدانه

.و هو قول أهل العلم كافّة و إن اختلفوا في المعدن على ما بيّنّاه أوّلا (4)،لعموم قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (5)و هو يتناول بإطلاقه حالة الوجدان.

ص:531


1- 1صحيح البخاريّ 2:159،160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642،سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،2510،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393،الموطّأ 1:249 الحديث 9،مسند أحمد 1: 314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964، المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77،78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.
2- 2) التهذيب 4:122 الحديث 347،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب وجوب الخمس الحديث 3. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:163،فتح العزيز بهامش المجموع 6:103،مغني المحتاج 1:395.
4- 4) يراجع:ص 519.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:159،160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593، [2]سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642، [3]سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،2510،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393، [4]الموطّأ 1:249 الحديث 9، [5]مسند أحمد 1: 314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964، المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77،78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.

و الفرق بينه و بين المعدن عند القائلين باشتراط الحول في المعدن أنّ المعدن قد يطول العمل فيه و يخرج يسيرا يسيرا،فاعتبر فيه الحول،كمال التجارة،بخلاف الكنز الذي يوجد دفعة فصار بمنزلة الثمار و الزروع (1).

مسألة:و يجب الخمس في الكنز على من وجده

من مسلم أو ذمّيّ،و حرّ أو عبد، و صغير أو كبير،و ذكر أو أنثى،و عاقل أو مجنون،إلاّ أنّ العبد إذا وجد الكنز فهو لسيّده.

و هو قول أهل العلم،فإنّهم اتّفقوا على أنّه يجب الخمس على الذمّيّ،إلاّ الشافعيّ،فإنّه قال:

لا يجب الخمس إلاّ على من تجب عليه الزكاة (2).و له في إيجاب الزكاة على الذمّيّ قولان سلفا (3).

لنا:عموم قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (4).و قول الباقر عليه السلام:

«و كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس» (5).

و لأنّه مال مظهور عليه،فيجب فيه الخمس كالمسلم و الغنيمة،و احتجاج الشافعيّ بأنّه زكاة ضعيف.

ص:532


1- 1بعض النسخ:و الزرع.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:91،فتح العزيز بهامش المجموع 6:100،101.
3- 3) يراجع:ص 522.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:159،160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642،سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،2510،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393،الموطّأ 1:249 الحديث 9،مسند أحمد 1: 314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964، المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77،78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.
5- 5) التهذيب 4:122 الحديث 347،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب وجوب الخمس الحديث 3. [1]
فروع:

الأوّل:ما يجده العبد من الكنز لمولاه،يخرج منه الخمس و الباقي له،لأنّه اكتساب فأشبه الاحتشاش و الاحتطاب و الاصطياد،لأنّ قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (1)يدلّ بعمومه على وجوب الخمس في كلّ ركاز،و بمفهومه على أنّ الباقي لواجده.

الثاني:المكاتب يملك الكنز،لأنّه اكتساب،فكان كغيره من أنواع الاكتسابات، فيخرج منه الخمس و الباقي له،لأنّ تسلّط سيّده على مكتسباته منقطع (2)بالكتابة.

الثالث:الصبيّ و المجنون يملكان أربعة أخماس الركاز،و الخمس الباقي لمستحقّيه يخرجه الوليّ عنهما،عملا بالعموم،و كذا المرأة.

و حكي عن الشافعيّ:أنّ الصبيّ و المرأة لا يملكان الكنز (3).

و لنا:ما تقدّم من أنّه اكتساب،و هما من أهله،و بالمفهوم.

الرابع:يجب إظهار الكنز على من وجده.و به قال الشافعيّ (4).

و قال أبو حنيفة:هو مخيّر بين إظهاره و إخراج خمسه،و بين كتمانه (5).

ص:533


1- 1صحيح البخاريّ 2:159،160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642، [1]سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،2510،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393، [2]الموطّأ 1:249 الحديث 9، [3]مسند أحمد 1: 314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964، المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77،78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.
2- 2) ح:ينقطع.
3- 3) المغني 2:615،الشرح الكبير بهامش المغني 2:591.
4- 4) الأمّ 2:43،44،و نقله عنه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:359 مسألة-153.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:214.

لنا:قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (1)فيجب إظهاره و إخراج الخمس منه،لأنّ غيره قد استحقّ عليه فيه حقّا،فيجب عليه دفعه إليه.

الصنف الرابع:الغوص

و هو:كلّ ما يستخرج من البحر،كاللؤلؤ و المرجان و العنبر و غير ذلك.

و يجب فيه الخمس.و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الزهريّ،و الحسن البصريّ، و عمر بن عبد العزيز (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و مالك (5)،و الثوريّ،و ابن أبي ليلى،و الحسن بن صالح بن حيّ،و محمّد بن الحسن،و أبو ثور:لا شيء في الغوص (6)،و هو قول أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:أنّ فيه الزكاة (7).

ص:534


1- 1صحيح البخاريّ 2:159،160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642، [1]سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509،0 و 25،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393، [2]الموطّأ 1:249 الحديث 9، [3]مسند أحمد 1: 314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964، المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77،78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.
2- 2) المغني 2:620،الشرح الكبير بهامش المغني 2:587،عمدة القارئ 9:96.
3- 3) الأمّ 2:42،حلية العلماء 3:88،المهذّب للشيرازيّ 1:158،المجموع 6:6، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6: 18، [5]مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125،الميزان الكبرى 2:7،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 116،المغني 2:620،الشرح الكبير بهامش المغني 2:587.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:212،تحفة الفقهاء 1:332،بدائع الصنائع 2:68،الهداية للمرغينانيّ 1:109، [6]شرح فتح القدير 2:185،مجمع الأنهر 1:214،عمدة القارئ 9:96.
5- 5) الموطّأ 1:251،المدوّنة الكبرى 1:292،بلغة السالك 1:231.
6- 6) المغني 2:619، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 2:587، [8]عمدة القارئ 9:96.
7- 7) المغني 2:619،620،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586،587،الكافي لابن قدامة 1:419،الإنصاف 3:122. [9]

لنا:أنّ الذي يخرج من البحر يخرج من معدن،فيجب فيه الخمس،عملا بالعموم،أو بالقياس على المعادن البرّيّة،و الجامع ما اشتمل عليه من المصلحة الناشئة من الوجوب فيهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:سألته عن العنبر و غوص اللؤلؤ،فقال:«عليه الخمس» (1).

و عن محمّد بن عليّ بن أبي عبد اللّه (2)،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد،و عن معادن الذهب و الفضّة هل فيها زكاة؟ قال:«إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس» (3).

احتجّ المخالف (4)بقول ابن عبّاس:ليس في العنبر شيء،إنّما هو شيء ألقى البحر (5).

و لأنّه قد كان يخرج على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خلفائه و لم يصحّ عن أحد منهم أخذ شيء منه،و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

و الجواب عن الأوّل:أنّ قول ابن عبّاس لا حجّة فيه،لجواز أن يكون فتيا منه، إذ لم يسنده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (6).

ص:535


1- 1التهذيب 4:121 الحديث 346،الوسائل 6:347 الباب 7 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [1]
2- 2) محمّد بن عليّ بن أبي عبد اللّه،روى عن أبي الحسن عليه السلام و روى عنه أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال المامقانيّ:حاله مجهول،ثمَّ قال:و عن المولى الصالح رحمه اللّه أنّ الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر يدفع الضعف بالجهالة،ثمَّ قال:قلت:نعم لكن فيما رواه عنه هو لا ما إذا كان الراوي غيره.جامع الرواة 2: 152، [2]تنقيح المقال 3:152، [3]معجم رجال الحديث 16:343. [4]
3- 3) التهذيب 4:124 الحديث 356،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 5. [5]
4- 4) المغني 2:620،الشرح الكبير بهامش المغني 2:587،المبسوط للسرخسيّ 2:213،الكافي لابن قدامة 1: 419، [6]عمدة القارئ 9:96.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 2:620،الشرح الكبير بهامش المغني 2:587،و بتفاوت يسير،ينظر:صحيح البخاريّ 2:159،سنن البيهقيّ 4:146،المصنّف لعبد الرزّاق 4:65 الحديث 6977.
6- 6) م،ك،غ،ف و ن:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.

و عن الثاني:إن عنيتم بعدم النقل،عدمه متواترا فهو مسلّم،لكن عدم النقل المتواتر لا يستلزم عدم الحكم،إذ أكثر القضايا الشرعيّة منقولة آحادا.و إن عنيتم عدمه آحادا فهو ممنوع،لما نقلناه نقلا مستفيضا عن أهل البيت عليهم السلام،و هم أعرف بمآخذ الأحكام.

و عن الثالث:بأنّ الأصل يرجع إليه مع عدم النقل،أمّا مع وجوده فلا.

فروع:

الأوّل:العنبر،قال الشيخ:إنّه نبات من البحر (1).

و قيل:هو من عين في البحر (2).

و قيل:العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة،فلا يأكله شيء إلاّ مات،و لا ينقره طائر بمنقاره إلاّ نصل (3)فيه منقاره،و إذا وضع رجليه عليه،نصلت أظفاره و يموت،لأنّه إذا بقي بغير منقار لم يكن للطائر شيء يأكل به (4).

الثاني:العنبر إن أخذ بالغوص،كان له حكمه في اعتبار النصاب على ما يأتي،و إن جني (5)من وجه الماء،كان له حكم المعادن.

الثالث:قال الشيخ:الحيوان المصاد من البحر لا خمس فيه،فإن أخرج بالغوص أو أخذ قفّيّا (6)ففيه الخمس (7).و فيه بعد (8)،و الأقرب إلحاقه بالأرباح و الفوائد التي يعتبر

ص:536


1- 1المبسوط 1:236،الخلاف 1:341 مسألة-104،النهاية:197،الاقتصاد:427،الجمل و العقود:105، و لكنّ التعريف غير موجود فيها.نعم،نقله عنه ابن إدريس في السرائر:113 عن كتابيه الاقتصاد و المبسوط.
2- 2) نقله عن كتاب منهاج البيان لابن جزلة ابن إدريس في السرائر:113. [1]
3- 3) نصل الحافر:خرج من موضعه.و نصل الشعر.زال عنه الخضاب.الصحاح 5:1830. [2]
4- 4) نقله عن كتاب الحيوان للجاحظ ابن إدريس في السرائر:113.
5- 5) ح:أخذ،ش:جبي،ق و خا:حصر.
6- 6) أي:يصطاد بالقفّة،و القفّة:الزبيل.لسان العرب 9:287. [3]
7- 7) المبسوط 1:237،و [4]فيه:و ما يصطاد من البحر،مكان:الحيوان المصاد من البحر.
8- 8) ح:نظر.

فيها مئونة السنة،لا بالغوص كيف كان.

الرابع:السمك لا شيء فيه.و هو قول أهل العلم كافّة،إلاّ في رواية عن أحمد، و عمر بن عبد العزيز (1).

لنا:أنّه صيد فلا شيء فيه كصيد البرّ.

الصنف الخامس

أرباح التجارات

و الزراعات و الصنائع و جميع أنواع الاكتسابات و فواضل الأقوات من الغلاّت و الزراعات عن مئونة السنة على الاقتصاد (2)،و هو قول علمائنا أجمع،و قد خالف فيه الجمهور كافّة.

لنا:قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (3)الآية.

وجه الاستدلال:أنّه تعالى أوجب الخمس في كلّ ما يغنم،و هو كما يتناول غنيمة دار الحرب،يتناول غيرها،فالتخصيص من غير دليل باطل.

و أيضا:قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (4).و قد اتّفق أكثر الفقهاء على أنّ المراد بالمخرج من الأرض:المعادن و الكنوز، و المنفق منها هو الخمس على ما تقدّم (5)،فكذا في المعطوف عليه (6).

و أيضا:ما تواتر من الروايات عن أهل البيت عليهم السلام،روى الشيخ-في

ص:537


1- 1المغني 2:620،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 2:587،الكافي لابن قدامة 1:420،الإنصاف 3:122 و 123.
2- 2) هامش ح بزيادة:و يجب فيها الخمس. [2]
3- 3) الأنفال(8):41. [3]
4- 4) البقرة(2):267. [4]
5- 5) ح:ما سيذكر.
6- 6) ينظر:الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):682،الانتصار:86،الخلاف 1:357 مسألة-145،السرائر:117، الشرائع 1:179.و من طريق العامّة،ينظر:تفسير القرطبيّ 3:321،322، [5]فتح القدير 1:289. [6]

الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«على كلّ امرئ غنم أو اكتسب،الخمس ممّا أصاب لفاطمة عليها السلام و لمن يلي أمرها من بعدها من ورثتها (1)الحجج على الناس،فذلك لهم خاصّة يضعونه حيث شاؤوا،و حرّم عليهم الصدقة،حتّى الخيّاط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق،فلنا منه دانق،إلاّ من أحللناه من شيعتنا،لتطيب لهم الولادة،إنّه ليس عند اللّه شيء يوم القيامة أعظم من الزنا،إنّه ليقوم صاحب الخمس فيقول:يا ربّ سل هؤلاء بما أبيحوا (2)» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن الحسن الأشعريّ قال:كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام:أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصنّاع (4)،و كيف ذلك؟فكتب بخطّه:«الخمس بعد المئونة» (5).

و عن عليّ بن مهزيار قال:قال لي أبو عليّ بن راشد:قلت له أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقّك،فأعلمت مواليك بذلك،فقال بعضهم:و أيّ شيء حقّه (6)؟فلم أدر ما أجيبه؟ فقال:«يجب عليهم الخمس»فقلت:في أيّ شيء؟فقال:«في أمتعتهم و صنائعهم»قلت:

فالتاجر عليه و الصانع بيده؟فقال:«إذا أمكنهم بعد مؤونتهم» (7).

و عن عليّ بن مهزيار:و قد اختلف من قبلنا في ذلك،فقالوا:يجب على الضياع

ص:538


1- 1ح:من ذرّيتها،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) ص:بما انتجوا،و في الاستبصار:بما نكحوا.
3- 3) التهذيب 4:122 الحديث 348،الاستبصار 2:55 الحديث 180،الوسائل 6:351 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 8. [2]
4- 4) أكثر النسخ:الضياع.
5- 5) التهذيب 4:123 الحديث 352،الاستبصار 2:55 الحديث 181،الوسائل 6:348 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [3]
6- 6) أكثر النسخ:حقّهم.
7- 7) التهذيب 4:123 الحديث 353،الاستبصار 2:55 الحديث 182،الوسائل 6:348 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 3. [4]في التهذيب و الاستبصار:«في أمتعتهم و ضياعهم.»و كذا في نسخة:ق.

الخمس بعد المئونة[مئونة] (1)الضيعة و خراجها،لا مئونة الرجل و عياله،فكتب -و قرأه عليّ بن مهزيار-:«عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان» (2).

و عن حكيم مؤذّن بني عبس (3)، (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ (5)قال:«هي و اللّه الإفادة يوما بيوم،إلاّ أنّ أبي جعل شيعتنا من ذلك في حلّ ليزكوا» (6)و الأحاديث في ذلك كثيرة تدلّ على المطلوب.

و لأنّه مال مكتسب فيجب فيه الخمس،كالغنائم في الحرب.و لأنّه نعمة من اللّه تعالى و نفع عاجل،فيجب الشكر عليه بأداء بعضه إلى مستحقّي الخمس،كالكنوز و غيرها من المعادن.

فروع:

الأوّل:قال أبو الصلاح الحلبيّ من علمائنا:الميراث و الهبة و الهديّة فيه الخمس (7).

و أنكر ابن إدريس ذلك،قال:و هذا شيء لم يذكره أحد من أصحابنا غير

ص:539


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 4:123 الحديث 354،الاستبصار 2:55 الحديث 183،الوسائل 6:349 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 4. [1]
3- 3) بعض النسخ:بني عيسى.
4- 4) حكيم مؤذّن بني عبس،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه عبد الصمد بن بشير.قال السيّد الخوئيّ:في الطبعة القديمة من التهذيب:حكيم مؤذّن بني عبيس،و لكن في الكافي 1:544 [2] حكيم مؤذّن ابن عيسى.رجال الطوسيّ:184،معجم رجال الحديث 6:189. [3]
5- 5) الأنفال(8):41. [4]
6- 6) التهذيب 4:121 الحديث 344،الاستبصار 2:54 الحديث 179،الوسائل 6:380 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 8. [5]
7- 7) الكافي في الفقه:170.

أبي الصلاح (1).و يمكن أن يحتجّ لأبي الصلاح بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار،قال:كتب إليه أبو جعفر عليه السلام و قرأت أنا كتابه إليه في طريق مكّة.«فأمّا الغنائم و الفوائد:فهي واجبة عليهم في كلّ عام قال اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)و الغنائم و الفوائد-يرحمك اللّه-فهي الغنيمة التي يغنمها المرء،أو الفائدة يفيدها،و الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر،و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن» (3)الحديث.

الثاني:قال ابن الجنيد:فأمّا[ما استفيد] (4)من ميراث،أو كدّ بدن،أو صلة أخ، أو ربح تجارة،أو نحو ذلك فالأحوط إخراجه،لاختلاف الرواية في ذلك.و لأنّ لفظ (5):

فرضه،محتمل هذا المعنى،و لو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها (6).

و قال ابن أبي عقيل:الخمس في الأموال كلّها حتّى على الخيّاط،و التجّار،و غلّة الدار،و البستان،و الصانع في كسب يده،لأنّ ذلك إفادة من اللّه و غنيمة (7).

و يدلّ عليه رواية عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله:

ص:540


1- 1السرائر:114.
2- 2) الأنفال(8):41. [1]
3- 3) التهذيب 4:141 الحديث 398،الاستبصار 2:60 الحديث 198،الوسائل 6:349 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 5. [2]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) بعض النسخ:لفظة.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:623. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:623 و [4]فيه:و قال ابن أبي عقيل:و قد قيل:الخمس [5]في الأموال كلّها.

«حتّى الخيّاط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق» (1).

الثالث:لا فرق بين جميع أنواع الاكتسابات في ذلك فلو زرع غرسا فزادت قيمته لزيادة نمائه وجب عليه الخمس في الزيادة.

أمّا لو زادت قيمته السوقيّة من غير زيادة فيه و لم يبعه لم يجب عليه شيء،روى الشيخ-في الصحيح-عن الريّان بن الصلت،قال:كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام:ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى في قطيعة لي،و في ثمن سمك،و برديّ،و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟فكتب:«يجب عليك فيه الخمس إن شاء اللّه تعالى» (2).

الصنف السادس

الحلال إذا اختلط بالحرام و لم يتميّز

مقدار أحدهما من الآخر و لا مستحقّه أخرج منه الخمس و حلّ الباقي.ذكره أكثر علمائنا (3)،لأنّ منعه من التصرّف فيه ضرر عظيم، و التسويغ له بالكلّيّة إباحة للحرام،و كلاهما منفيّان،فلا بدّ من طريق إلى التخلّص،و أتمّه (4)إخراج خمسه إلى الذرّيّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحسن بن زياد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أتاه رجل،فقال:يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه،فقال:أخرج الخمس من ذلك المال،فإنّ اللّه تعالى قد رضي من المال بالخمس،

ص:541


1- 1التهذيب 4:122 الحديث 348،الاستبصار 2:55 الحديث 180،الوسائل 6:351 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 4:139 الحديث 394 و فيه:«في غلّة رحى في أرض قطيعة.».الوسائل 6:351 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 9. [2]
3- 3) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:197،و [3]أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:170،و [4]ابن البرّاج في المهذّب 1:177،و ابن إدريس في السرائر:113،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر:624،و [5]الشرائع 1:181. [6]
4- 4) بعض النسخ:و إنّه،مكان:و أتمّه.

و اجتنب ما كان صاحبه يعمل» (1).

و روى السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال أتى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال:إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا و حراما،و قد أردت التوبة و لا أدري الحلال منه من الحرام و قد اختلط عليّ،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:«تصدّق بخمس مالك،فإنّ اللّه رضي من الأشياء بالخمس و سائر المال لك حلال (2)» (3).

فروع:

الأوّل:لو عرف مقدار الحرام وجب عليه إخراجه،سواء قلّ عن الخمس أو كثر، و كذا لو عرفه بعينه.

و لو جهله (4)غير أنّه عرف أنّه أكثر من الخمس،وجب عليه إخراج الخمس و ما يغلب على الظنّ في الزائد.

الثاني:لو عرف صاحبه،وجب صرف ما يخرج إليه،فإن كان حيّا دفعه إليه،و إن كان ميّتا دفعه إلى وارثه،فإن لم يجد له وارثا،كان للإمام.

الثالث:لو ورث مالا ممّن لا يتحرّز في اكتسابه،و يعلم أنّ فيه حلالا (5)و حراما و لم يتميّز،أخرج منه الخمس أيضا،لما تقدّم.

الرابع:روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في أوانهم فيكون معهم فيصيب غنيمة،قال:«يؤدّي خمسا

ص:542


1- 1التهذيب 4:124 الحديث 358 و ص 138 الحديث 390 في الموضع الثاني من التهذيب:يعلم،مكان:يعمل، و هو الأنسب،الوسائل 6:352 الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [1]بتفاوت فيه.
2- 2) كلمة:«حلال»توجد في ح و المصادر.
3- 3) التهذيب 6:368 الحديث 1065،الوسائل 6:353 الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 4. [2]
4- 4) ح،ق،خا و ن:و لو جهل به،مكان:و لو جهله.
5- 5) بعض النسخ:حلاّ،مكان:حلالا.

و يطيب له» (1).و هو دالّ على ما تقدّم من الأحكام أيضا.

الصنف السابع

الذمّيّ إذا اشترى أرضا من مسلم

،وجب عليه الخمس.ذهب إليه علماؤنا.و قال مالك:يمنع الذمّيّ من الشراء إذا كانت عشريّة (2).و به قال أهل المدينة (3)،و أحمد في رواية (4)،فإن اشتراها ضوعف العشر،فوجب عليه الخمس.

و قال أبو حنيفة:تصير أرض خراج (5).

و قال الثوريّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد في رواية أخرى:يصحّ البيع و لا شيء عليه و لا عشر أيضا (8).

و قال محمّد بن الحسن:عليه العشر (9).

لنا:أنّ في إسقاط العشر إضرارا بالفقراء،فإذا تعرّضوا لذلك ضوعف عليهم فأخرج

ص:543


1- 1التهذيب 4:124 الحديث 357 و فيه:«يكون في لواءهم.يؤدّي خمسها،مكان:في أوانهم.يؤدّي خمسا، الوسائل 6:340 الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 8. [1]
2- 2) المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:579،الميزان الكبرى 2:7،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116.
3- 3) المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:579.
4- 4) المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:579،الكافي لابن قدامة 1:412،الإنصاف 3:114.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:6،تحفة الفقهاء 1:320،بدائع الصنائع 2:54،55،الهداية للمرغينانيّ 1:111، شرح فتح القدير 2:196،مجمع الأنهر 1:217،المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:579.
6- 6) المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:578.
7- 7) حلية العلماء 3:86،المجموع 6:560،الميزان الكبرى 2:7،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:116، المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:578.
8- 8) المغني 2:590،الشرح الكبير بهامش المغني 2:578،الكافي لابن قدامة 1:412،الإنصاف 3:115.
9- 9) الجامع الصغير للشيبانيّ:131،المبسوط للسرخسيّ 3:6،تحفة الفقهاء 1:320،بدائع الصنائع 2:55، الهداية للمرغينانيّ 1:111،شرح فتح القدير 2:196،مجمع الأنهر 1:217.

الخمس.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذّاء،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«أيّما ذمّيّ اشترى من مسلم أرضا فإنّ عليه الخمس» (1).

فرع:

هل هذا الحكم مختصّ بأرض الزراعة،أو عامّ فيها و في المساكن؟

إطلاق الأصحاب يقتضي الثاني،و الأظهر أنّ مرادهم بالإطلاق الأوّل.

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«ليس الخمس إلاّ في الغنائم خاصّة» (2)لا فيما عداها.

لأنّا نقول:نحن أيضا نقول بموجب هذا الحديث،إذ جميع الفوائد غنيمة،فيدخل تحت هذا الحديث.

ص:544


1- 1التهذيب 4:123 الحديث 355،الوسائل 6:352 الباب 9 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:124 الحديث 359،الاستبصار 2:56 الحديث 184،الوسائل 6:338 الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [2]
البحث الثاني:في النصب
مسألة:النصاب في الكنز عشرون مثقالا

،فلا يجب فيما دونه خمس.ذهب إليه علماؤنا (1)،و به قال الشافعيّ في الجديد (2).

و قال في القديم:لا يعتبر فيه النصاب،بل يجب في قليله و كثيره (3).و به قال مالك (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد (6).

لنا:قوله عليه السلام:«ليس فيما دون خمس أواق صدقة» (7).و قوله عليه السلام:

ص:545


1- 1ح بزيادة:أجمع.
2- 2) الأمّ 2:40 و 42،حلية العلماء 3:89 و 111،المهذّب للشيرازيّ 1:158 و 162،المجموع 6:77،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88،مغني المحتاج 1:389 و 394،السراج الوهّاج:124،125.
3- 3) المجموع 6:77،فتح العزيز بهامش المجموع 2:92،مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:290-291،إرشاد السالك:40،بلغة السالك 1:230.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:211،تحفة الفقهاء 1:328 و 330،بدائع الصنائع 2:65،شرح فتح القدير 2: 180،عمدة القارئ 9:103.
6- 6) المغني 2:613، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:588، [2]الكافي لابن قدامة 1:420،الإنصاف 3:123.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:144،صحيح مسلم 3:673 الحديث 979،سنن أبي داود 2:94 الحديث 1558، [3]سنن ابن ماجه 1:572 الحديث 1794،سنن النسائيّ 5:36 و 41،الموطّأ 1:244، [4]سنن الدارميّ 1:384، [5]مسند أحمد 3:6، [6]سنن البيهقيّ 4:133،سنن الدار قطنيّ 2:93 الحديث 5،كنز العمّال 6:325 الحديث 15870، مجمع الزوائد 3:70،المصنّف لعبد الرزّاق 4:139 الحديث 7249،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:316 الحديث 933.

«ليس في تسعين و مائة شيء» (1).

و إذا لم يجب فيما دون النصاب في الذهب و الفضّة،لا يجب في غيرهما،لعدم الفاصل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز، فقال:«ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس» (2).

و لأنّه معدن في الحقيقة،فيعتبر فيه النصاب كالمعدن عندهم.و لأنّه حقّ ماليّ يجب فيما استخرج من الأرض،فاعتبر فيه النصاب كالمعدن و الزرع (3).

احتجّ المخالف (4)بعموم قوله عليه السلام:«و في الركاز الخمس» (5).و لأنّه مال مخمّس،فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة.و لأنّه مال كافر مظهور عليه في الإسلام فأشبه الغنيمة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه ليس من صيغ العموم،و لئن كان مرادا،إلاّ أنّا نخصّصه بما تقدّم من الأحاديث و الأقيسة.

ص:546


1- 1سنن أبي داود 2:101 الحديث 1574، [1]سنن الترمذيّ 3:16 الحديث 620، [2]سنن الدارميّ 1:383، [3]سنن البيهقيّ 4:134،سنن الدار قطنيّ 2:92 الحديث 2،كنز العمّال 6:319 الحديث 15837 و ص 325 الحديث 15869.
2- 2) الفقيه 2:21 الحديث 75،الوسائل 6:345 الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 2. [4]
3- 3) بعض النسخ بزيادة:سواء.
4- 4) حلية العلماء 3:118،المغني 2:613،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 2:588،مغني المحتاج 1:394.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:159 و 160،صحيح مسلم 3:1334 الحديث 1710،سنن أبي داود 3:181 الحديث 3085 و ج 4:196 الحديث 4593،سنن الترمذيّ 3:34 الحديث 642،سنن ابن ماجه 2:839 الحديث 2509 و 2510،سنن النسائيّ 5:44 و 46،سنن الدارميّ 1:393،الموطّأ 1:249 الحديث 9،مسند أحمد 1:314 و ج 2:180،سنن البيهقيّ 4:151،152 و 155،كنز العمّال 4:371 الحديث 10959 و 10964،المصنّف لعبد الرزّاق 4:116 الحديث 7181،مجمع الزوائد 3:77 و 78،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:87 الحديث 10039 و ج 22:226 الحديث 597،مسند الشافعيّ:96.

و عن الثاني:بأنّه مال مخمّس،فاعتبر فيه النصاب كالمعدن،ثمَّ نقول:المناسبة بينه و بين أصلنا أشدّ من المناسبة بينه و بين أصلهم،فيكون قياسنا أولى.

و عن الثالث:بذلك أيضا.

فروع:

الأوّل:ليس للركاز نصاب آخر،بل لا يجب الخمس فيه إلاّ أن يكون عشرين مثقالا،فإذا بلغها وجب الخمس فيه و فيما زاد،قليلا كان الزائد أو كثيرا.

الثاني:هذا المقدار المعيّن-و هو العشرون مثقالا-معتبر في الذهب،و الفضّة يعتبر فيها مائتا درهم،و ما عداهما يعتبر فيه قيمته بأحدهما.

الثالث:لو وجد ركازا دون النصاب،لم يجب عليه شيء،سواء كان معه مال زكاتي أو لا،و سواء استفاد الكنز مع آخر حول المال الزكاتيّ أو قبله أو بعده،و سواء كان المال الزكاتيّ (1)نصابا أو تمَّ بالركاز،خلافا للشافعيّ،فإنّه ضمّه إليه،إذ جعل الواجب زكاة و إن أوجب الخمس (2).

الرابع:لو وجد ركازا دون النصاب،ثمَّ وجد ركازا آخر دون النصاب، و اجتمعا نصابا،ففي وجوب الخمس إشكال أقربه عدم الوجوب،لأنّ الركاز لا يوجب (3)شيئا بعد شيء،فكان بمنزلة ما لو التقط لقطا كثيرة كلّ واحدة أقلّ من درهم.

مسألة:و في اعتبار النصاب في المعادن للأصحاب قولان:

ص:547


1- 1ح:الزكويّ.
2- 2) الأمّ 2:45،حلية العلماء 3:118،المهذّب للشيرازيّ 1:163،المجموع 6:100،مغني المحتاج 1:395، السراج الوهّاج:126.
3- 3) كثير من النسخ:لا يوجد.

قال الشيخ في النهاية و المبسوط:يعتبر (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)، و أحمد (4)،و إسحاق (5).

و قال في الخلاف:لا يعتبر (6)،و به قال ابن إدريس (7)،و أبو حنيفة (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس عليكم في الذهب شيء حتّى يبلغ عشرين مثقالا» (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عمّا أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟قال:

«ليس فيه شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا» (10).و لأنّه مال مستخرج من الأرض فأشبه الكنوز.

احتجّ ابن إدريس بإجماع الأصحاب على إيجاب الخمس في المعادن،قليلة كانت أو

ص:548


1- 1النهاية:197،المبسوط 1:237.
2- 2) الأمّ 2:43،حلية العلماء 3:111،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:77 و 90،فتح العزيز بهامش المجموع 6:92،مغني المحتاج 1:394،السراج الوهّاج:125،الميزان الكبرى 2:10،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:119،المغني 2:618،الشرح الكبير بهامش المغني 2:584.
3- 3) الموطّأ 1:249،المدوّنة الكبرى 1:287،مقدّمات ابن رشد 1:226،بداية المجتهد 1:258،إرشاد السالك:42،بلغة السالك 1:229.
4- 4) المغني 2:618،الشرح الكبير بهامش المغني 2:584،الكافي لابن قدامة 1:418،الإنصاف 3:118. [1]
5- 5) المجموع 6:90،عمدة القارئ 9:103.
6- 6) الخلاف 1:356 مسألة-141.
7- 7) السرائر:113.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:211،تحفة الفقهاء 1:330،بدائع الصنائع 2:67،الهداية للمرغينانيّ 1:108، شرح فتح القدير 2:180،مجمع الأنهر 1:212،عمدة القارئ 9:103.
9- 9) سنن أبي داود 2:100 الحديث 1573،سنن البيهقيّ 4:138 بتفاوت،المعجم الكبير للطبرانيّ 25:313 الحديث 57.
10- 10) التهذيب 4:138 الحديث 391،الوسائل 6:344 الباب 4 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [2]

كثيرة (1).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّه مال يجب تخميسه،فلا يعتبر فيه النصاب كالفيء و الغنيمة.

و لأنّه مال لا يعتبر فيه حول،فلا يعتبر فيه النصاب (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ دعوى الإجماع في صورة الخلاف ظاهرة البطلان.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الفيء و الغنيمة لا يستحقّان على المسلم،و إنّما يملكه أهل الخمس من الكفّار بمجرّد الاغتنام.

و عن الثالث:بأنّ الجامع سلبيّ،مع انتقاضه بصدقات الزروع،فإنّه لا يعتبر فيها الحول مع اعتبار النصاب لها.

مسألة:و في قدر نصاب المعدن لعلمائنا قولان:

أحدهما:ما تقدّم (3).

و الثاني:دينار واحد.اختاره ابن بابويه (4)،و أبو الصلاح (5)،و المشهور:الأوّل، لرواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر،و قد تقدّمت (6).

احتجّوا بما رواه الشيخ عن محمّد[بن عليّ] (7)بن أبي عبد اللّه عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد،و عن معادن الذهب و الفضّة هل فيه زكاة؟فقال:«إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس» (8).

و الجواب:يحتمل أن يكون المراد:ما يخرج من البحر،و الأوّل تناول المعادن

ص:549


1- 1السرائر:113.
2- 2) عمدة القارئ 9:103.
3- 3) يراجع:ص 545.
4- 4) الفقيه 2:21،الهداية:43.
5- 5) الكافي في الفقه:170.
6- 6) يراجع:ص 546. [1]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 4:139 الحديث 392،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 5. [2]

خاصّة،قاله الشيخ (1).

و أيضا:فإنّ دلالة حديثنا على ما اعتبرناه من النصاب أقوى من دلالة حديثكم.

و أيضا:فحديثنا تناول المعادن و هو لفظ عامّ،و حديثكم تناول (2)معادن الذهب و الفضّة خاصّة،و إذا احتمل،كان الاستدلال بحديثنا أولى،على أنّ حديثنا معتضد بالأصل،و هو براءة الذمّة،و نفي الضرر.

مسألة:و النصاب معتبر بعد المئونة

(3)

.

و قال الشافعيّ (4)،و أحمد:المئونة على المخرج (5).

لنا:أنّ المئونة وصلة إلى تحصيل،و طريق إلى تناوله فكانت منهما كالشريكين.

احتجّوا بأنّ الواجب زكاة (6)،و هو ممنوع.

مسألة:و يعتبر النصاب فيما أخرجه دفعة واحدة أو دفعات

لا يترك العمل بينها ترك الإهمال،فلو أخرج دون النصاب و ترك العمل مهملا له،ثمَّ أخرج دون النصاب و كملا نصابا،لم يجب عليه شيء،و لو بلغ أحدهما نصابا أخرج خمسه و لا شيء عليه في الآخر.

أمّا لو ترك العمل لا مهملا،بل للاستراحة مثلا أو لإصلاح آلة أو طلب أكل و ما أشبهه،فالأقرب وجوب الخمس إذا بلغ المنضمّ النصاب ثمَّ يجب عليه في الزائد مطلقا ما لم يتركه مهملا،و كذا لو اشتغل بالعمل فخرج بين المعدنين تراب أو شبهه.

مسألة:النصاب معتبر في الذهب

،و ما عداه يعتبر فيه قيمته.

و لو اشتمل المعدن على جنسين،كالذهب و الفضّة مثلا،ضمّ أحدهما إلى الآخر،

ص:550


1- 1التهذيب 4:139.
2- 2) بعض النسخ:يتناول.
3- 3) ش،ن و ك:يعتبر.
4- 4) الأمّ 2:42،حلية العلماء 3:113،المهذّب للشيرازيّ 1:162،المجموع 6:88 و 91،مغني المحتاج 1: 395،السراج الوهّاج:126،المغني 2:619،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586.
5- 5) المغني 2:619،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586،الكافي لابن قدامة 1:419،الإنصاف 3:121.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:162،المغني 2:619،الشرح الكبير بهامش المغني 2:586.

و كذا ما عداهما.

و قال بعض الجمهور:لا يضمّ أحدهما إلى الآخر،و قال آخرون:لا يضمّ في الذهب و الفضّة،و يضمّ فيما عداهما حملا على الزكاة (1)،و نحن عندنا المخرج خمس لا زكاة،و هو معتبر بالقيمة،فلا اعتبار باتّحاد الجنس،بخلاف الزكاة.

مسألة:و النصاب في الغوص دينار واحد

،فما بلغ قيمته دينارا وجب فيه الخمس و ما نقص عن ذلك ليس فيه شيء،ذهب إليه علماؤنا،و خالف فيه الجمهور كافّة،لأنّهم بين قائلين بنفي شيء فيه،و بين قائلين بنفي النصاب و إن أوجبوا فيه.

لنا:أنّ اعتبار النصاب توسعة على أهل الضيق،و عدم اعتباره إضرار بهم فيكون منفيّا (2)،فلا بدّ من اعتبار نصاب يبقى بعد المواساة ما يتّسع أهل الضائقة (3)و أرباب الغوص به.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن عليّ بن أبي عبد اللّه،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد،و عن معادن الذهب و الفضّة هل فيه زكاة؟فقال:«إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس» (4).و هو متناول (5)للغوص خاصّة،لما (6)بيّنّا من اعتبار النصاب في المعادن و أنّه عشرون مثقالا (7).

فرع:

لو غاص فأخرج ما نقص عن النصاب،ثمَّ غاص مرّة أخرى

فأخرج ما دون

ص:551


1- 1المغني 2:618،الشرح الكبير بهامش المغني 2:585.
2- 2) ك:منتفيا.
3- 3) بعض النسخ:المضائقة.
4- 4) التهذيب 4:139 الحديث 392،الوسائل 6:343 الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 5. [1]
5- 5) بعض النسخ:يتناول.
6- 6) ش:كما.
7- 7) يراجع:ص 545. [2]

النصاب و كملا نصابا،ففي وجوب الخمس تردّد أقربه الوجوب إن كان تركه في الأوّل طلبا للاستراحة أو التنفّس في الهواء و ما أشبهه،و عدمه إن ترك (1)بنيّة الإعراض و الإهمال.

آخر :

(2)

لا يعتبر في الزائد نصاب إجماعا

،بل لو زاد قليلا أو كثيرا وجب الخمس فيه.

مسألة:و لا يجب في فوائد الاكتسابات و الأرباح

في التجارات و الزراعات شيء إلاّ فيما يفضل عن مئونته و مئونة عياله سنة كاملة.ذهب إليه علماؤنا.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صدقة إلاّ عن ظهر غنى» (3)و إيجاب الخمس قبل إخراج المئونة مناف لهذا الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن الحسن الأشعريّ، قال:كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل أو كثير من جميع الضروب؟و على الضياع و كيف ذلك؟فكتب بخطّه:«الخمس بعد المئونة» (4).

و عن عليّ بن مهزيار،عنه عليه السلام أنّه كتب:و قرأه عليّ بن مهزيار:«[عليه] (5)

ص:552


1- 1ص،غ و ف:تركه.
2- 2) غ:مسألة.
3- 3) ينظر بهذا اللفظ:صحيح البخاريّ 4:6،مسند أحمد 2:230، [1]كنز العمّال 6:403 الحديث 16268، و بتفاوت،ينظر:صحيح مسلم 2:717 الحديث 1034،سنن أبي داود 2:129 الحديث 1676،سنن النسائيّ 5: 69،سنن البيهقيّ 4:180.
4- 4) التهذيب 4:123 الحديث 352،الاستبصار 2:55 الحديث 181،الوسائل 6:348 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1. [2]في الجميع:على الصنّاع،مكان:على الضياع.
5- 5) أثبتناها من المصدر.

الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان» (1).

مسألة:و لا يجب في الفوائد المذكورة من الأرباح و المكاسب على الفور

،بل يتربّص إلى تمام السنة،و يخرج عن الفاضل خمسه،لعدم الدليل الدالّ على الفوريّة،مع أصالة براءة الذمّة.

و لأنّ في الإيجاب على الفور ضرر عظيم (2)،إذ المئونة غير معلومة المقدار إلاّ بعد أن تقضى (3)المدّة،لجواز أن يولد له،أو يتزوّج (4)النساء،أو يشترى الإماء و المنازل،أو يخرب عقاره فيحتاج إلى عمارته إلى غير ذلك من الأمور المتجدّدة،مع أن الخمس لا يجب إلاّ بعد ذلك كلّه،فكان من عناية اللّه تعالى بالمكلّف تأخير الوجوب إلى تمام الحول.

نعم،لو تبرّع بتعجيله،بأن يحسب (5)من أوّل السنة ما يكفيه على الاقتصاد و أخرج خمس الباقي،كان أفضل،لأنّ فيه تعجيلا بالطاعة و إرفاقا بالمحتاج.

و لا يراعى الحول في شيء ممّا يجب فيه الخمس غير ما ذكرناه هنا.

مسألة:و لا يعتبر في غنائم دار الحرب

،و لا في المال المختلط حرامه بحلاله،و لا في الأرض المبتاعة من الذمّيّ نصاب،بل يجب الخمس في قليله و كثيره،عملا بالعمومات السالمة عن معارضة المخصّص (6).

ص:553


1- 1التهذيب 4:123 الحديث 354،الاستبصار 2:55 الحديث 183،الوسائل 6:349 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 4. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و الأنسب:ضررا عظيما.
3- 3) ح:ينقضي.
4- 4) بعض النسخ:تزوّج.
5- 5) بعض النسخ:يحتسب.
6- 6) ن و غ:عن معارض المخصّص،ح:عن معارضته بالتخصيص.
البحث الثالث:في كيفيّة قسمته و بيان مصرفه
اشارة

(1)

مسألة:يقسّم الخمس في الأشهر بين الأصحاب ستّة أقسام:

سهم للّه تعالى،و سهم لرسوله،و سهم لذي القربى،و سهم لليتامى،و سهم للمساكين،و سهم لأبناء السبيل.و به قال أبو العالية الرياحيّ (2).

و قال بعض أصحابنا:يقسّم خمسة أقسام:سهم اللّه لرسوله صلّى اللّه عليه و آله، و سهم ذي القربى لهم،و الثلاثة الباقية لليتامى و المساكين و أبناء السبيل (3).و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5).

ص:554


1- 1خا،ق،ش و ن:معرفته.
2- 2) تفسير الطبريّ 10:4، [1]أحكام القرآن للجصّاص 4:244، [2]التفسير الكبير 15:165، [3]تفسير القرطبيّ 8: 10، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 2:855، [5]المبسوط للسرخسيّ 10:8،المغني 7:300،الشرح الكبير بهامش المغني 10:486.
3- 3) نسبه في الشرائع 1:182 [6] إلى:قيل.،و صرّح في المسالك 1:68 و [7]الجواهر 16:89 [8] بأنّه لم يعرف قائله.
4- 4) حلية العلماء 7:687،المجموع 19:369،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2: 179،مغني المحتاج 3:93،السراج الوهّاج 351،التفسير الكبير 15:165، [9]المغني 7:300، [10]الشرح الكبير بهامش المغني 10:486. [11]
5- 5) كذا نسب إليه،و الموجود في كتبه أنّه قال:كان الخمس [12]يقسّم على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على خمسة أقسام ثمَّ سقط سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سهم ذوي القربى بموت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه الآن يقسّم على ثلاثة أقسام،ينظر:أحكام القرآن للجصّاص 4:245، [13]المبسوط للسرخسيّ 3:17 و ج 10:8،تحفة الفقهاء 3:303،بدائع الصنائع 7:124،الهداية للمرغينانيّ 2:148،مجمع الأنهر 2:148.

لنا:قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (1)الآية.

و العطف يقتضي التشريك.

و قوله ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ (2)الآية.

و ما رواه الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا أتي بالغنائم مدّ يده فقبض على شيء منه،فما حصل في يده جعله في رتاج (3)الكعبة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى،قال:رواه بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال:«و يقسّم الخمس على ستّة أسهم» (5)و ذكرهم بالتعديد (6)كما تضمّنته الآية.

و عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابه،عن أحدهما عليهما السلام في قول اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ الآية،قال:«خمس اللّه للإمام،و خمس الرسول للإمام (7)،و خمس ذي القربى لقرابة الرسول الإمام (8)،و اليتامى يتامى آل الرسول، و المساكين منهم و أبناء السبيل منهم،فلا يخرج منهم إلى غيرهم» (9).

و في حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام،سئل:فما كان للّه

ص:555


1- 1الأنفال(8):41. [1]
2- 2) الحشر(59):7. [2]
3- 3) يقال للباب:رتاج.و منه الحديث:«جعل ماله في رتاج الكعبة»أي:لها.النهاية لابن الأثير 2:193. [3]
4- 4) تفسير الطبريّ 10:3،تفسير الدرّ المنثور 3:185،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:855.
5- 5) التهذيب 4:128 الحديث 366،الاستبصار 2:56 الحديث 185،الوسائل 6:358 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [4]
6- 6) ق و خا:بالتعديل.
7- 7) بعض النسخ:«خمس اللّه و خمس الرسول للإمام»كما في التهذيب.
8- 8) بعض النسخ:«و الإمام»كما في التهذيب.
9- 9) التهذيب 4:125 الحديث 361،الوسائل 6:356 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 2. [5]

فلمن هو؟قال:«للرسول،و ما كان للرسول فهو للإمام» (1).

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر رفع الحديث:«فأمّا الخمس فيقسّم على ستّة أسهم:

سهم للّه،و سهم للرسول صلّى اللّه عليه و آله،و سهم لذوي القربى (2)،و سهم لليتامى، و سهم للمساكين،و سهم لأبناء السبيل» (3).و كذا في رواية يونس (4).

احتجّوا:بما رواه ابن عبّاس و ابن عمر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقسّم الخمس خمسة أقسام (5).

و بما رواه ربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له،ثمَّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس،ثمَّ يأخذ خمسه،ثمَّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه،ثمَّ قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس اللّه لنفسه،ثمَّ قسّم الأربعة الأخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء (6)السبيل (7).

و الجواب:فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يدلّ على مطلوبكم،لجواز إسقاط (8)بعض حقّه.و قولهم:إنّ الإضافة للتبرّك بالافتتاح باسم اللّه تعالى (9)،مجاز لم يدلّ

ص:556


1- 1التهذيب 4:126 الحديث 363،الوسائل 6:357 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 6. [1]
2- 2) ق و خا:«لذي القربى»كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 4:126 الحديث 364،الوسائل 6:359 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:358 الباب 6 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [3]
5- 5) المغني 7:301،الشرح الكبير بهامش المغني 10:478.و لقول ابن عبّاس فقط،ينظر:تفسير الدرّ المنثور 3:185، [4]تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس:116.
6- 6) بعض النسخ:«و ابن»كما في الاستبصار.
7- 7) التهذيب 4:128 الحديث 365،الاستبصار 2:56 الحديث 186،الوسائل 6:356 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 3. [5]
8- 8) م:إسقاطه.
9- 9) المغني 7:301،الشرح الكبير بهامش المغني 10:487،تفسير الدرّ المنثور 3:185.

عليه قرينة فلا يصار إليه و ترك الحقيقة الأصليّة.و ظهر من هذا أنّ سهم اللّه تعالى و سهم رسوله لرسوله عليه السلام.

مسألة:قال الشيخان:المراد بذي القربى الإمام خاصّة

(1)

،و هو اختيار السيّد المرتضى (2)،و أكثر علمائنا (3).

و قال بعض أصحابنا:المراد به قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من ولد هاشم (4).

و قال الشافعيّ:المراد به قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من ولد هاشم و المطّلب أخيه،يستوي فيه الصغير و الكبير،القريب و البعيد،للذّكر مثل حظّ الأنثيين،لأنّه ميراث (5).

و قال المزنيّ من أصحابه،و أبو ثور:الذكر و الأنثى فيه سواء،لأنّه مستحقّ بالقرابة (6).

لنا:أنّ ذي القربى في الآية مفرد فلا يتناول أكثر من الواحد حقيقة،فيكون هو الإمام،و إلاّ لزم خرق الإجماع،و إرادة الجنس من الواحد مجاز،و ابن السبيل و إن كان مفردا إلاّ أنّ المراد به الجنس،و إلاّ لزم الاختلال،إذ لا واحد معيّن هناك،بخلاف صورة

ص:557


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:45،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:198،و المبسوط 1:262،و الخلاف 2:126 مسألة-39،و الجمل و العقود:106،و الاقتصاد:427،و الرسائل العشر:208.
2- 2) الانتصار:86،87.
3- 3) منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:179،180،و سلاّر في المراسم:140،و ابن إدريس في السرائر:114، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:629،و [1]الشرائع 1:181.
4- 4) الفقيه 2:22،المقنع:53.
5- 5) الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،المجموع 19:369،مغني المحتاج 3:94،السراج الوهّاج: 351،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:179،التفسير الكبير 15:166، [2]تفسير القرطبيّ 8:12، [3]أحكام القرآن للشافعيّ:158،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:856.
6- 6) حلية العلماء 7:688،المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:94،المغني 7:305،الشرح الكبير بهامش المغني 10:492.

النزاع.

و ما رواه الشيخ عن يونس:«فسهم اللّه و سهم رسوله لوليّ الأمر (1)بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وراثة،و سهم له مقسوم من اللّه،فله نصف الخمس كملا،و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته،سهم لأيتامهم،و سهم لمساكينهم،و سهم لأبناء سبيلهم يقسّم بينهم على الكفاف» (2).

و في رواية أحمد بن محمّد رفع الحديث قال:«و الحجّة في زمانه له النصف خاصّة، و النصف لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،الذين لا تحلّ لهم الصدقة» (3).

و في رواية ابن بكير عن بعض أصحابنا قال:«و خمس ذي القربى (4)لقرابة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و هو الإمام» (5).ثمَّ إنّ الشيخ ادّعى الإجماع على ذلك (6).

احتجّوا (7)بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقسّم سهم ذي القربى بين بني هاشم و المطّلب (8).

ص:558


1- 1خا:«لأولي الأمر»كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:128 الحديث 366،الاستبصار 2:56 الحديث 185،الوسائل 6:358 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 4:126 الحديث 364،الوسائل 6:359 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 9.و [3]فيهما: «عليه السلام»مكان:«صلّى اللّه عليه و آله».
4- 4) ص:«ذوي القربى»كما في الوسائل.
5- 5) التهذيب 4:125 الحديث 361 و فيه:«و الإمام»مكان:«و هو الإمام»،الوسائل 6:356 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 2 و [4]فيه:«الإمام»مكان:«و هو الإمام».
6- 6) الخلاف 2:126 مسألة-39.
7- 7) الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،أحكام القرآن للشافعيّ:150، [5]المجموع 13:369،تفسير القرطبيّ 8:12. [6]
8- 8) سنن أبي داود 3:145 الحديث 2978 و ص 146 الحديث 2980، [7]سنن ابن ماجه 2:961 الحديث 2881، سنن النسائيّ 7:131،مسند الشافعيّ:324،مسند أحمد 4:81، [8]سنن البيهقيّ 6:341،مجمع الزوائد 5:341.

و الجواب:بالمنع من ذلك،فلعلّه قسّم من الخمس قسط الأصناف الأخر الباقية.

مسألة:قد بيّنّا أنّ سهم اللّه و سهم رسول اللّه للرسول

(1)

عليه السلام،يصنع به في حياته ما شاء من الغنائم في الحرب-و هي الأموال المأخوذة بالغلبة و القهر و القتال-و غير الحرب من أنواع الفوائد.و من الفيء-و هو المال المأخوذ بغير إيجاف خيل و لا ركاب- كالمال الذي انجلوا عنه خوفا،أو بذلوه ليكفّوا المسلمين عن قتالهم،و كالجزية و الخراج و غير ذلك.و بعد وفاته عليه السلام يرجع عندنا إلى الإمام القائم مقامه في مصالح المسلمين.

و قال الشافعيّ:ينتقل سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى المصالح،كبناء القناطر، و عمارة المساجد،و أهل العلم و القضاة،و أشباه ذلك (2).

و قال أبو حنيفة:يسقط بموته عليه السلام (3).

لنا:أنّه حقّ له عليه السلام جعل له باعتبار ولايته على المسلمين ليصرف بعضه في محاويجهم و بعضه في مصالحهم،فينتقل إلى المتولّي بالنصّ من قبله عليه السلام.

و يؤيّده:ما تقدّم من الأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام (4).و لأنّه سهم له من الخمس فيكون باقيا بعد موته،و لا يسقط كسائر السهام.

مسألة:و سهم ذي القربى عندنا للإمام بعد الرسول

صلّى اللّه عليه و آله (5)،

ص:559


1- 1يراجع:ص 554.
2- 2) الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:149،حلية العلماء 7:688،المجموع 19:369،مغني المحتاج 3:93، السراج الوهّاج:351،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180،التفسير الكبير 15:165،تفسير القرطبيّ 8:10. [1]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:245، [2]المبسوط للسرخسيّ 10:9،تحفة الفقهاء 3:303،بدائع الصنائع 7: 125،الهداية للمرغينانيّ 2:148،شرح فتح القدير 5:247،مجمع الأنهر 1:648،المغني 7:301،الشرح الكبير بهامش المغني 10:486،التفسير الكبير 15:165، [3]تفسير القرطبيّ 8:11. [4]
4- 4) يراجع:ص 555،556.
5- 5) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.

فلا يسقط بموت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و بعدم السقوط قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:يسقط بموته صلّى اللّه عليه و آله (2). (3)مع اتّفاقهما على أنّ المستحقّ له قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

لنا:أنّه تعالى أضاف السهم إلى ذي القربى بلام التمليك،فلا يسقط سهمه بموت الرسول صلّى اللّه عليه و آله (4)،كغيره من أهل السهمان.

مسألة:المراد باليتامى و المساكين و أبناء السبيل في آية الخمس

(5):من اتّصف بهذه الأوصاف من آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هم ولد عبد المطّلب بن هاشم-و هم الآن أولاد أبي طالب-و العبّاس،و الحارث،و أبي لهب خاصّة دون غيرهم.ذهب إليه أكثر علمائنا (6).

و قال الشافعيّ:سهم ذي القربى لقرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هم أولاد هاشم و آل المطّلب أخيه (7).

و قال أبو حنيفة:إنّه لآل هاشم خاصّة (8)،مع اتّفاقهما على أنّ اليتامى و المساكين

ص:560


1- 1الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،المجموع 19:172،التفسير الكبير 15:165.
2- 2) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 4:245، [1]المبسوط للسرخسيّ 3:18 و ج 10:9،الهداية للمرغينانيّ 2:148، شرح فتح القدير 5:247،مجمع الأنهر 1:648،عمدة القارئ 15:37،التفسير الكبير 15:165، [2]تفسير القرطبيّ 8:11. [3]
4- 4) أكثر النسخ:عليه السلام.
5- 5) الأنفال(8):41. [4]
6- 6) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:264،و [5]أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:173،و ابن إدريس في السرائر:114،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:630. [6]
7- 7) الأمّ 2:81 و ج 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،المجموع 19:369،مغني المحتاج 3:94،السراج الوهّاج:351،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:179،مسند الشافعيّ:324، أحكام القرآن للشافعيّ:158، [7]التفسير الكبير 15:166،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:856،857.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 2:148،مجمع الأنهر 1:648.

و أبناء السبيل غير مختصّ بالقرابة،بل هو عامّ في المسلمين (1).

و قال ابن الجنيد منّا:يدخل بنو المطّلب في الأسهم الثلاثة و يشركهم غيرهم من أيتام المسلمين و مساكينهم و أبناء سبيلهم،لكن لا يصرف إلى غير القرابة إلاّ بعد كفايتهم (2).و أطبق الجمهور كافّة على تشريك الأصناف الثلاثة من المسلمين في الأسهم الثلاثة.

لنا:أنّ حقّ الخمس عوض عن الزكاة،فيصرف إلى من منع منها.و لأنّ لبني هاشم شرفا على غيرهم،فيخصّون (3)بأشرف الصدقتين،كما اختصّ غيرهم بالأدنى.و لأنّ اهتمام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحسب حال بني هاشم أتمّ من اهتمامه بغيرهم،لقربهم و شرفهم، فلو شاركهم غيرهم لكان الاهتمام بغيرهم أتمّ،إذ قد اختصّوا بالزكاة و شاركوهم في الخمس.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن زكريّا بن مالك الجعفيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و اليتامى يتامى أهل بيته» (5).

و عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابه،عن أحدهما عليهما السلام قال:«خمس

ص:561


1- 1ينظر:الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:94،95، السراج الوهّاج:351،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180.و أيضا ينظر: تحفة الفقهاء 3:302،بدائع الصنائع 7:125،الهداية للمرغينانيّ 2:148،شرح فتح القدير 5:243، مجمع الأنهر 1:648.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:631. [1]
3- 3) ق و خا:فيختصّون.
4- 4) زكريّا بن مالك الجعفيّ الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا و لم أقف فيه على ما يدرجه في الحسان،نعم هو متّحد مع زكريّا النقّاض الذي ذكره الصدوق في المشيخة و ذكره الشيخ في أصحاب الباقر عليه السلام.الفقيه(شرح المشيخة)4:70،رجال الطوسيّ:123،200، تنقيح المقال 1:451. [2]
5- 5) التهذيب 4:125 الحديث 360،الوسائل 6:355 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 1. [3]

اللّه للإمام،و خمس الرسول للإمام،و خمس ذي القربى لقرابة الرسول الإمام (1)،و اليتامى يتامى آل الرسول،و المساكين منهم،و أبناء السبيل منهم،فلا يخرج منهم إلى غيرهم» (2).

و عن سليم بن قيس الهلاليّ (3)،عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:سمعته يقول كلاما كثيرا،ثمَّ قال:«و أعطهم من ذلك كلّه سهم ذي القربى الذي قال اللّه تعالى إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ (4)نحن و اللّه عني بذوي القربى و الذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيّه (5)،فقال فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (6)منّا خاصّة،و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا أكرم اللّه نبيّه و أكرمنا (7)أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس» (8).

و عن أحمد بن محمّد قال:حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحديث،قال:«و النصف

ص:562


1- 1ح و خا:للإمام،و في التهذيب:و الإمام.
2- 2) التهذيب 4:125 الحديث 361،الوسائل 6:356 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 2. [1]
3- 3) سليم بن قيس الهلاليّ يكنّى أبا صادق من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام طلبه الحجّاج ليقتله فهرب و آوى إلى أبان بن أبي عيّاش فلمّا حضرته الوفاة أعطاه كتابا.ذكره النجاشيّ في زمرة من ذكره من سلفنا الصالح في الطبقة الأولى.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و [2]أصحاب الحسن عليه السلام و أصحاب الحسين عليه السلام و أصحاب السجّاد و الباقر عليهما السلام،و قال في الفهرست:له كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.قال المامقانيّ:إنّ الرجل مشكور و كتابه صحيح.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ سليم بن قيس في نفسه ثقة جليل القدر عظيم الشأن،و أمّا كتابه على ما ذكره النعمانيّ من الأصول المعتبرة بل من أكبرها و إنّ جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم أو ممّن لا بدّ من تصديقه و قبول روايته،و عدّه صاحب الوسائل [3]من الكتب المعتمدة التي قامت القرائن على ثبوتها و تواترت عن مؤلّفيها أو علمت صحّة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شكّ.رجال الطوسيّ:43،68،74،91،124،الفهرست:81، [4]رجال النجاشيّ:8،رجال العلاّمة:83، [5]الوسائل 20:36 و 43، [6]تنقيح المقال 2:52، [7]معجم رجال الحديث 8:222. [8]
4- 4) الأنفال(8):41. [9]
5- 5) ح:و برسوله،و في المصدر:و بنبيّه.
6- 6) الأنفال(8):41. [10]
7- 7) ح بزيادة:أهل البيت عليهم السلام.
8- 8) التهذيب 4:126 الحديث 362،الوسائل 6:356 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 4. [11]

لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله الذين لا تحلّ لهم الصدقة و لا الزكاة عوّضهم اللّه مكان ذلك الخمس (1)» (2).

احتجّوا بالعموم (3).

و الجواب:المراد به العهد،لما بيّنّاه من الأدلّة،و خلاف ابن الجنيد لا يعتدّ به، لا نعرف له موافقا منّا.

مسألة:و في استحقاق بني المطّلب للأصحاب قولان:

الأظهر أنّهم لا يستحقّون شيئا في الخمس و تحلّ لهم الزكاة.و به قال أبو حنيفة (4).

و قال ابن الجنيد:إنّهم يستحقّون نصيبا في الخمس و يحرم عليهم الزكاة (5).و هو أحد قولي المفيد (6)،و به قال الشافعيّ (7).

لنا:أنّ بني المطّلب و بني نوفل و عبد شمس قرابتهم واحدة و صلتهم متساوية،و إذا لم يستحقّ بنو نوفل و عبد شمس شيئا،فكذا بنو المطّلب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن يونس،عن العبد الصالح عليه السلام قال:«الذين جعل اللّه لهم الخمس هم قرابة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و هم بنو عبد المطّلب[أنفسهم] (8)الذكر و الأنثى منهم،ليس فيهم من أهل بيوتات قريش و لا من العرب أحد،و ليس فيهم

ص:563


1- 1ح:بالخمس.
2- 2) التهذيب 4:126 الحديث 364،الوسائل 6:359 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 9. [1]
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 2:148،مجمع الأنهر 1:648.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 2:148،مجمع الأنهر 1:648،المغني 2:518،الشرح الكبير بهامش المغني 2:714.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:631. [2]
6- 6) يستفاد ذلك من ظاهر المقنعة:40.
7- 7) الأمّ 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،المجموع 19:369،السراج الوهّاج:351،الميزان الكبرى 2: 182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:179.
8- 8) أثبتناها من المصدر.

و لا منهم في هذا الخمس (1)مواليهم و قد تحلّ صدقات الناس لمواليهم و هم و الناس سواء، و من كانت أمّه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له و ليس له من الخمس شيء» (2).

احتجّوا (3)بما رووه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أنا و بنو المطّلب لم نفترق في جاهليّة و لا إسلام» (4)و شبّك بين أصابعه.

و قوله عليه السلام:«إنّما بنو هاشم و بنو المطّلب شيء واحد» (5).

و الجواب:المراد بذلك النصرة لا استحقاق الخمس و حرمان الزكاة.

مسألة:و إنّما يستحقّ من بني عبد المطّلب من انتسب إليه بالأب

.و في استحقاق من انتسب إليه بالأمّ قولان:أقواهما المنع.و هو اختيار الشيخ (6)،و هو قول الجمهور.

و قال السيّد المرتضى بالاستحقاق (7).

لنا:أنّ النسبة ظاهرا يقتضي الانتساب بالأب،كما يقال:تميميّ لمن انتسب إلى تميم بالأب.و لأنّ الاحتياط يقتضي منع من انتسب بالأمّ خاصّة،إذ وجوب الإخراج معلوم الثبوت في الذمّة قطعا،و استحقاق من انتسب بالأمّ غير معلوم قطعا فلا تبرأ به العهدة.

و يؤيّده:ما روي عن العبد الصالح من قوله عليه السلام:«و من كانت أمّه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له و ليس له من الخمس شيء،لأنّ اللّه تعالى

ص:564


1- 1هامش ح بزيادة:من،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:385 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [2]
3- 3) المجموع 19:369.
4- 4) سنن أبي داود 3:146 الحديث 2980، [3]عمدة القارئ 15:64.
5- 5) صحيح البخاريّ 4:111،سنن أبي داود 3:145 الحديث 2978، [4]سنن ابن ماجه 2:961 الحديث 2881 بتفاوت فيه،سنن النسائيّ 7:131،سنن البيهقيّ 7:31.
6- 6) المبسوط 1:262،النهاية:199.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:631. [5]

يقول اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ (1). (2)

و الاحتجاج بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هذان ولداي» (3)يعني الحسن و الحسين عليهما السلام،ضعيف،إذ المراد به المجاز لا الحقيقة.

مسألة:و يعتبر الإيمان في آخذ الخمس،عملا بالأحوط في براءة الذمّة،و لأنّ الكفر مظنّة للإذلال،و هو لا يناسب أخذ الخمس.و لأنّ فيه مساعدة على كفره و معونة له،و هو منهيّ عن ذلك.و لأنّ فيه مودّة لمن يحادّ اللّه و رسوله،و قد نهي عن ذلك.أمّا العدالة فإنّها غير معتبرة،لأنّه مستحقّ بالقرابة،و هو موجود في الفاسق،و فارق الكافر،لما تقدّم.

مسألة:و لا يحمل الخمس عن بلد المال مع وجود المستحقّ فيه

،لأنّ المستحقّ مطالب من حيث الحاجة و الفقر،فنقله عن البلد تأخير لصاحب الحقّ عن حقّه مع المطالبة فيكون معاقبا،فإن حمله مع وجوده ضمن،للتعدّي.

و لو فقد المستحقّ جاز النقل حينئذ،للضرورة.و لأنّ في النقل توصّلا إلى إيصال الحقّ إلى مستحقّه،فيكون سائغا.و لا ضمان حينئذ،لعدم التفريط.

و يعطى من حضر البلد،و لا يتبع من غاب ذهب إليه علماؤنا،و هو قول بعض الشافعيّة (4).

و قال الشافعيّ:يقسّم في البلدان كافّة و ينقل من بلد إلى بلد (5).

لنا:أن يدفعه إلى من حضر يكون مؤدّيا للخمس إلى مصارفه في الآية (6)،فتبرأ به

ص:565


1- 1الأحزاب(33):5. [1]
2- 2) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:385 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [2]
3- 3) سنن الترمذيّ 5:656 الحديث 3769،كنز العمّال 12:114 الحديث 34255،عوالي اللئالي 3:129 الحديث 14.في الجميع:«هذان ابناي».
4- 4) حلية العلماء 7:689،المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:95،السراج الوهّاج:351.
5- 5) الأمّ 2:81 و ج 4:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،حلية العلماء 7:688،المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:95،السراج الوهّاج:351.
6- 6) الأنفال(8):41.

العهدة،كالزكاة.و لأنّ في تتبّع الغائب و الأباعد مشقّة عظيمة،و ربّما تلف المال و ذهب أكثره،فيكون فيه حرمان المستحقّ.

احتجّوا بأنّه مستحقّ بالقرابة،فيكون مشتركا بين الحاضر و الغائب،كالميراث (1).

و الجواب:أنّ ذلك لا يقتضي التشريك و إلاّ لزم اختصاص الأقرب،كالميراث.

مسألة:سهم ذي القربى عندنا للإمام

يأخذه مع الحاجة و اليسر،و قال الجمهور:

المراد بهم قرابة الرسول عليه السلام،و اختلفوا في استحقاق الغنيّ حينئذ،و الوجه عندهم الاستحقاق،لأنّهم يأخذونه بالقربة،فأشبه الميراث.

أمّا اليتيم،فهو من لا أب له ممّن لم يبلغ الحلم،و هو عندنا مختصّ بالذرّيّة من (2)هاشم على ما تقدّم (3)،و عند الجمهور أنّه عامّ.

إذا ثبت هذا فهل يشترط فيه الفقر أم لا؟قال الشيخ في المبسوط:لا يشترط الفقر (4).و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:يشترط (5).

احتجّ الشيخ (6)بعموم الآية (7)،و لأنّه يستحقّ باليتم،فيستوي فيه الغنيّ و الفقير، كذي القربى عندهم،و لأنّه جعل تشريفا فلا يختصّ بالفقير،و لأنّه لو اعتبر فيه الفقر لكان داخلا تحت المساكين،فلا يحتاج إلى إفراده بالذكر،و لم يكن قسما برأسه.

حجّة القول الآخر:أنّ الخمس جعل إرفاقا للمحاويج،و معونة لأهل الخصاصة،

ص:566


1- 1المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:95.
2- 2) ق و خا بزيادة:بني.
3- 3) يراجع:ص 560.
4- 4) المبسوط 1:262.
5- 5) حلية العلماء 7:689،المجموع 19:370،مغني المحتاج 3:95،السراج الوهّاج:351،الميزان الكبرى 2: 182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180.
6- 6) المبسوط 1:262،الخلاف 2:123 مسألة-38.
7- 7) الأنفال(8):41.

فيخصّ (1)به أهل المسكنة،اقتصارا بالحكم على محلّ الغاية،و لأنّه أحوط،إذ البراءة تحصل معه باليقين،بخلاف الدفع إلى الغنيّ،و لأنّ الخمس يصرف على قدر الكفاية،و الغنيّ مكتف بماله عن مساعدة الخمس،و لأنّ الصغير لو كان له أب له مال،لم يستحقّ شيئا،فإذا كان المال له كان أولى بالحرمان،إذ وجود المال له أنفع من وجود الأب.

و أمّا المسكين فالمراد به المعنى المشترك الشامل له و للفقير،و كذا لو أطلق الفقير وحده أريد به ذلك المعنى أيضا،و إنّما يقع الامتياز مع الجمع في الذكر،و المراد به قد تقدّم في باب الزكاة (2).

و أمّا ابن السبيل فلا يعتبر فيه الفقر إجماعا.نعم،يشترط فيه الحاجة في السفر، و البحث فيه قد تقدّم في باب الزكاة (3).

و كذا في تناوله للمنشئ لسفره و المجتاز و عدمه.

مسألة:و هل يجب قسمته في الأصناف؟

الظاهر من كلام الشيخ الوجوب (4)،عملا بظاهر الآية،و لو منع من ذلك كان وجها،و المراد:بيان المصرف،مع أنّ الرواية قد دلّت عليه،روى الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،و سئل عن قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (5)قال:«فما كان للّه فللرسول،و ما كان للرسول فهو للإمام»قيل:أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف أو أقلّ من صنف كيف يصنع؟فقال:«ذلك إلى الإمام أرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كيف صنع؟إنّما كان يعطي على ما يرى،كذلك الإمام» (6).و الأحوط ما قاله الشيخ رحمه اللّه.

ص:567


1- 1ش،ف،ك،ص و ن:فيختصّ.
2- 2) يراجع:ص 325.
3- 3) يراجع:ص 356. [1]
4- 4) المبسوط 1:262، [2]النهاية:198،الخلاف 2:122 مسألة-37.
5- 5) الأنفال(8):41. [3]
6- 6) التهذيب 4:126 الحديث 363،الوسائل 6:362 الباب 2 من أبواب قسمة الخمس الحديث 1. [4]
مسألة:و مستحقّ الخمس من الركاز و المعادن

هو (1)المستحقّ له من الغنائم.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (2).

و قال الشافعيّ:مصرفه مصرف الزكوات (3)،و لأحمد روايتان (4).

لنا:أنّه غنيمة على ما تقدّم،فيدخل تحت الغنائم،و قد سلف (5).و كذا البحث في بقيّة الأصناف التي يجب فيها الخمس.

احتجّوا بأنّ عليّا عليه السلام أمر صاحب الكنز أن يتصدّق به على المساكين (6).

و بما رواه عبد اللّه بن بشر الخثعميّ (7)عن رجل من قومه،يقال له:ابن حممة (8)،قال:

سقطت على جرّة من دير قديم بالكوفة عند جبّانة بشر فيها أربعة آلاف درهم،فذهبت بها إلى عليّ عليه السلام فقال:«اقسمها خمسة أخماس»فقسمتها،فأخذ منها عليّ عليه السلام خمسه،و أعطاني أربعة أخماس،فلمّا أدبرت دعاني،فقال:«في جيرانك فقراء و مساكين؟»

ص:568


1- 1بعض النسخ:و هو.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:212،213 و ج 3:17،تحفة الفقهاء 1:328 و 330 و ج 3:300،بدائع الصنائع 2:65 و 67 و ج 7:124،الهداية للمرغينانيّ 1:108 و ج 2:146،شرح فتح القدير 2:180،181 و ج 5: 215،مجمع الأنهر 1:212،213 و 645،648،عمدة القارئ 9:104.
3- 3) حلية العلماء 3:117،المهذّب للشيرازيّ 1:170،المجموع 6:186،فتح العزيز بهامش المجموع 6:88، السراج الوهّاج:126،مغني المحتاج 1:395 و ج 3:116،117،الميزان الكبرى 2:14،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:120 و 124.
4- 4) المغني 2:614،الشرح الكبير بهامش المغني 2:589،الكافي لابن قدامة 1:420،421،الإنصاف 3: 124.
5- 5) يراجع:ص 524،525.
6- 6) المغني 2:614،الشرح الكبير بهامش المغني 2:589،الكافي لابن قدامة 1:421.
7- 7) عبد اللّه بن بشر الخثعميّ أبو عمير الكوفيّ الكاتب،روى عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير و عروة البارقيّ و جبلة بن حممة،و روى عنه ابنه عمير و ابن ابنه بشر بن عمير و شعبة و السفيانان.تاريخ البخاريّ 3:49، تهذيب التهذيب 5:161، [1]الجرح و التعديل 5:13.
8- 8) جبلة بن حممة روى عن عليّ عليه السلام و روى عنه عبد اللّه بن بشر الخثعميّ.تاريخ البخاريّ 1:219، الجرح و التعديل 2:509.

فقلت:نعم،فقال:«فخذها فاقسمها بينهم» (1).

و الجواب:يحتمل أنّه أمره بصرفه إلى الفقراء و المساكين من الذرّيّة،و حصّته عليه السلام له أن يهبها لهم فلا حجّة فيه حينئذ.

فرع:

لا يجوز صرف حقّ المعدن إلى من وجب عليه

.و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:يجوز ذلك (5).

لنا:أنّه مأمور بإخراجه،فلا يصرف إليه،إذ لا يتحقّق الإخراج حينئذ.و لأنّه حقّ واجب عليه،فلا يصرف إليه،كعشر الزرع.

احتجّ أبو حنيفة بما رواه جابر قال:كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجاء رجل بمثل بيضة من ذهب،فقال:يا رسول اللّه أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة[ما أملك] (6)غيرها،فأعرض عنه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ أتاه من قبل ركنه الأيسر فقال مثل ذلك،فأعرض عنه،ثمَّ أتاه من خلفه،فأخذها فحذفه (7)بها و قال:«يأتي أحدكم بما يملك فيقول:هذه صدقة،ثمَّ يقعد فيستكفّ الناس،خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» (8).

ص:569


1- 1سنن البيهقيّ 4:156،157.
2- 2) الأمّ 2:93،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:162،حلية العلماء 3:113،المجموع 6:90.
3- 3) حلية العلماء 3:113،المجموع 6:90.
4- 4) حلية العلماء 3:113،الإنصاف 3:125،126.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:17،تحفة الفقهاء 1:330،بدائع الصنائع 2:67،شرح فتح القدير 2:181، عمدة القارئ 9:104.
6- 6) في النسخ:قال مالك،مكان:ما أملك،و ما أثبتناه من المصادر.
7- 7) ش:فخذفه،كما في المستدرك.
8- 8) سنن أبي داود 2:128 الحديث 1673، [1]سنن الدارميّ 1:391، [2]المستدرك للحاكم 1:413.

و الجواب:يحتمل أن يكون البيضة دون النصاب،فإنّ البيض يختلف قدره، و يحتمل أن يكون قد أدّى حقّ المعدن منها،و يحتمل أن يكون عليه السلام أنكر الصدقة بجميعها مع حاجة المتصدّق و فقره،و الواجب عليه خمسها لا غير.

مسألة:الأسهم الثلاثة التي للإمام عليه السلام

يملكها و يصنع بها ما شاء في نفقته و نفقة عياله و غير ذلك من مصالحه و منافعه.و الثلاثة الأسهم الباقية للأصناف الأخر، لا يخصّ (1)القريب منهم دون البعيد،و لا الذكر دون الأنثى،و لا الكبير على الصغير (2)، بل يفرّق في الجميع على ما يراه الإمام من تفضيل و تسوية،لتناول الاسم لهم تناولا على التساوي،و يفرّق في الحاضرين،و لا يتبع الأباعد عن البلد،و قد سلف (3).

فإن فرّق في الحاضرين على قدر كفايتهم و فضل منه شيء،جاز حمله عن البلد إلى الأباعد،لأنّ بدفع كفايتهم صاروا أغنياء (4)،فحينئذ يعدم المستحقّ،فيجوز المسافرة به و لا ضمان،و متى حضر الأصناف الثلاثة،قال الشيخ:لا ينبغي أن يخصّ به قوم دون قوم، بل يفرّق في جميعهم-و هو حقّ-قال:و إن لم يحضر في البلد إلاّ فرقة منهم،جاز أن يفرّق فيهم،و لا ينتظر غيرهم،و لا يحمل إلى بلد آخر (5).

ص:570


1- 1م:يختصّ.
2- 2) بعض النسخ:دون الصغير.
3- 3) يراجع:ص 565. [1]
4- 4) بعض النسخ:غنيّا.
5- 5) المبسوط 1:262،263، [2]النهاية:199، [3]الخلاف 2:126 مسألة-40.
البحث الرابع:في الأنفال
اشارة

و كلام في مستحقّ (1)الإمام عليه السلام في حالتي الظهور و الغيبة.

الأنفال جمع نفل-بسكون الفاء و فتحها-و هو الزيادة،و منه سمّيت النافلة،لزيادتها على المطلوب طلبا مانعا من النقيض،و المراد به هنا كلّ ما يخصّ الإمام.

فمنها:كلّ أرض انجلى أهلها عنها،أو سلّموها طوعا بغير قتال،و كلّ أرض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد،و كلّ خربة لم يجر عليها ملك أحد،و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب،و الإيجاف السير السريع،لقوله تعالى وَ ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (2).

و ما رواه الشيخ في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سمعته يقول:«إنّ الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم،و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية (3)فهذا كلّه من الفيء،و الأنفال للّه و للرسول،فما كان للّه فهو للرسول يضعه (4)حيث يحبّ» (5).

ص:571


1- 1م:و كلام في المستحقّ،خا:و الكلام فيما استحقّ،ق:و كلام فيما استحقّ.
2- 2) الحشر(59):6. [1]
3- 3) كثير من النسخ:الأودية.
4- 4) كثير من النسخ:و يضعه.
5- 5) التهذيب 4:133 الحديث 370 و ص 149 الحديث 416،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 10. [2]

و بطريق (1)آخر عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سمعته يقول:

«الفيء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم (2)،و ما كان من أرض خربة أو بطن واد فهو كلّه من الفيء،فهذا للّه و لرسوله،فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء،و هو للإمام بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و قوله ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ قال:ألا ترى هو هذا؟!و أمّا قوله ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (3)فهذا بمنزلة المغنم،كان أبي يقول ذلك و ليس لنا فيه غير سهمين:سهم الرسول (4)،و سهم القربى (5)،ثمَّ نحن شركاء الناس فيما بقي» (6).

و عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الأنفال،فقال:«ما كان من الأرضين باد أهلها» (7).

مسألة:و من الأنفال

رؤوس الجبال و الآجام و الأرضون الموات التي لا أرباب لها، لما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى قال:رواه لي بعض أصحابنا،عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:«و الأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها،و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها و أعطوا بأيديهم على غير قتال،و له رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام و كلّ أرض ميتة لا ربّ لها» (8).

قال ابن إدريس:المراد برؤوس الجبال و بطون الأودية ما كان في ملكه عليه السلام

ص:572


1- 1م:و من طريق.
2- 2) أكثر النسخ:من أيديهم.
3- 3) الحشر(59):7. [1]
4- 4) كثير من النسخ:للرسول،ح بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) بعض النسخ:ذي القربى.
6- 6) التهذيب 4:134 الحديث 376،الوسائل 6:368 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 12. [2]
7- 7) التهذيب 4:133 الحديث 371،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 11. [3]
8- 8) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:365 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 4. [4]

و الأرض (1)المختصّة به،فأمّا ما كان من ذلك في أرض المسلمين و يد مسلم عليه،فلا يستحقّه عليه السلام (2).

مسألة:و من الأنفال:المعادن

،قاله الشيخان (3)،و هي للإمام خاصّة.

و ابن إدريس منع الإطلاق في ذلك،بل له من المعادن ما كان في الأرض المختصّة به، أمّا ما كان في الأرض المشتركة بين المسلمين أو لمالك معروف فلا اختصاص له بها (4).

و الوجه ما قاله ابن إدريس،و لم نقف للشيخين على حجّة في ذلك.

مسألة:و من الأنفال صفايا الملوك و قطائعهم

ممّا كان في أيديهم من غير جهة الغصب،بمعنى أنّ كلّ أرض فتحت من أهل الحرب،فما كان يختصّ بملكهم فهو للإمام إذا لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد،لأنّ ذلك قد كان للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قد ثبت أنّ جميع ما كان للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو للإمام بعده.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن داود بن فرقد قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«قطائع الملوك كلّها للإمام،ليس للناس فيها شيء» (5).

و عن حمّاد بن عيسى قال:رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن عليه السلام قال:«و له صوافي الملوك ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب،لأنّ المغصوب (6)كلّه مردود» (7).

و عن سماعة بن مهران قال:سألته عن الأنفال،فقال:«كلّ أرض خربة أو شيء

ص:573


1- 1ف و غ:كالأرض.
2- 2) السرائر:116.
3- 3) الشيخ المفيد في المقنعة:45،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:419. [1]
4- 4) السرائر:116.
5- 5) التهذيب 4:134 الحديث 377،الوسائل 6:366 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 6. [2]
6- 6) ح:الغصب،كما في الوسائل. [3]
7- 7) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:365 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 4. [4]

يكون عليه للملوك فهو خالص للإمام ليس للناس فيه (1)سهم» (2).

مسألة:و من الأنفال ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب

،مثل الفرس الجواد و الثوب المرتفع و الجارية الحسناء و السيف القاطع (3)و ما أشبه ذلك ما لم يجحف بالغانمين.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

روى الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يصطفي من الغنائم الجارية و الفرس و ما أشبههما في غزاة (4)خيبر و غيرها (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي الصباح قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«نحن قوم فرض اللّه طاعتنا،لنا الأنفال،و لنا صفو المال،و نحن الراسخون في العلم،و نحن المحسودون الذين قال اللّه تعالى فيهم أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ (6)» (7).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن صفو المال قال:

«للإمام يأخذ الجارية الروقة (8)،و المركب الفاره،و السيف القاطع،و الدّرع قبل أن تقسّم الغنيمة،هذا صفو المال» (9).

و لأنّ المقتضي في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو تحمّله لأثقال (10)غيره،و استناد

ص:574


1- 1ح:فيها،كما في المصدر.
2- 2) التهذيب 4:133 الحديث 373،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 8. [1]
3- 3) كثير من النسخ:الفاخر.
4- 4) ح:غزوة.
5- 5) صحيح البخاريّ 5:171-172،سنن أبي داود 3:152 الحديث 2991،2993 و 2995،سنن البيهقيّ 6: 304،كنز العمّال 10:471 الحديث 30135.
6- 6) النساء(4):54. [2]
7- 7) التهذيب 4:132 الحديث 367،الوسائل 6:373 الباب 2 من أبواب الأنفال الحديث 2. [3]
8- 8) غلمان روقة و جوار روقة أي:حسان.الصحاح 4:1486. [4]
9- 9) التهذيب 4:134 الحديث 375،الوسائل 6:369 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 15. [5]
10- 10) ص و ق:لأنفال.

الناس إليه في دفع ضروراتهم،و بعث الجيوش،و إقامة العساكر،و مقاومة العدوّ (1)موجود في حقّ الإمام،فيكون الحكم ثابتا،خلافا للجمهور،حيث قالوا:إنّه يبطل بموت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

مسألة:و من الأنفال ميراث من لا وارث له

،ذهب علماؤنا أجمع إلى أنّه يكون للإمام خاصّة ينقل (3)إلى بيت ماله.

و خالف فيه الجمهور كافّة و قالوا:إنّه للمسلمين أجمع،فعند الشافعيّ بالتعصيب (4)، و عند أبي حنيفة بالموالاة (5)،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى في باب المواريث.

روى الشيخ عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و لا وارث له و لا مولى،فقال:«هو من أهل هذه الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ (6)» (7).

و في رواية حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح عليه السلام:

«و هو وارث من لا وارث له» (8).و سيأتي تمام الدلالة (9)إن شاء اللّه.

و لا فرق بين المسلم و الذمّيّ إذا مات و لم يخلّف وارثا في أنّه (10)يكون للإمام.

مسألة:و إذا قاتل قوم من غير إذن الإمام فغنموا

(11)

كانت الغنيمة للإمام،ذهب

ص:575


1- 1بعض النسخ:العدد.
2- 2) الأمّ 4:140،الميزان الكبرى 2:181،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:179،المغني 7:303، بداية المجتهد 1:391،بدائع الصنائع 7:124،الهداية للمرغينانيّ 2:148،أحكام القرآن لابن العربيّ 2: 859.
3- 3) ن و خا:ينتقل.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:32،المجموع 16:54،مغني المحتاج 3:4.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 8:91،الهداية للمرغينانيّ 3:274،مجمع الأنهر 1:659.
6- 6) الأنفال(8):1. [1]
7- 7) التهذيب 4:134 الحديث 374،الوسائل 6:369 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 14. [2]
8- 8) التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:365 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 4. [3]
9- 9) بعض النسخ:الدلالات.
10- 10) ح:فإنّه.
11- 11) بعض النسخ:ففتحوا.

إليه الشيخان (1)،و السيّد المرتضى (2)-رحمهم اللّه-و أتباعهم (3).

و قال الشافعيّ:حكمها حكم الغنيمة مع إذن الإمام لكنّه مكروه (4).

و قال أبو حنيفة:هي لهم و لا خمس (5)،و لأحمد ثلاثة أقوال،كقولي الشافعيّ و أبي حنيفة،و ثالثها:لا شيء لهم فيه (6).

احتجّ الأصحاب بما رواه العبّاس الورّاق (7)عن رجل سمّاه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا،كانت الغنيمة كلّها للإمام،و إذا غزوا

ص:576


1- 1قول الشيخ المفيد نقله عنه في المعتبر 2:635،و [1]الشيخ الطوسيّ ينظر:المبسوط 1:263،الخلاف 2:114 مسألة-16،النهاية:200،الجمل و العقود:107،الاقتصاد:428.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:635. [2]
3- 3) منهم:أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:259،و ابن البرّاج في المهذّب 1:186،و ابن إدريس في السرائر:116.
4- 4) حلية العلماء 7:657،المغني 10:522،الشرح الكبير بهامش المغني 10:457،المبسوط للسرخسيّ 10: 74.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:74،تحفة الفقهاء 3:303،بدائع الصنائع 7:118،الهداية للمرغينانيّ 2:149، مجمع الأنهر 1:649.
6- 6) المغني 10:522،الشرح الكبير بهامش المغني 10:457،الإنصاف 4:152.
7- 7) عنونه الشيخ في رجاله بعنوان عبّاس بن محمّد الورّاق و عدّه من أصحاب الرضا عليه السلام،و اختار السيّد الخوئيّ اتّحاده مع العبّاس بن موسى أبي الفضل الورّاق الّذي وثّقه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال المامقانيّ:لا دليل على الاتّحاد مع أنّ العلاّمة ذكر كلاّ منهما تحت عنوان مستقلّ،و الرجل كما عرفت عنونه الشيخ بعنوان عبّاس بن محمّد الورّاق مع أنّ النجاشيّ و العلاّمة عنوناه بعنوان عبّاس بن موسى.قال السيّد الخوئيّ لم نجد رواية ذكر فيها العبّاس بن محمّد الورّاق،فلا يبعد أن يكون تبديل كلمة موسى بكلمة محمّد في كلام الشيخ من سهو القلم. رجال الطوسيّ:382،رجال النجاشيّ:280،رجال العلاّمة:118، [3]تنقيح المقال 2:129،130، [4]معجم رجال الحديث 9:252. [5]

بأمر الإمام (1)فغنموا،كان للإمام الخمس» (2).

احتجّ الشافعيّ (3)بعموم قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ (4)الآية،و هو يتناول المأذون فيه و غيره.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه اكتساب مباح من غير جهاد،فكان كالاحتطاب و الاحتشاش (5).

و احتجّ أحمد على ثالث أقواله بأنّهم عصاة بالفعل فلا يكون ذريعة إلى الفائدة و التملّك الشرعيّ (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على المطلوب،إذ الآية تدلّ على إخراج الخمس في الغنيمة،لا على المالك و إن كان قول الشافعيّ فيه قوّة (7).

و عن الثاني:بالمنع من المساواة،لأنّه منهيّ عنه إلاّ بإذنه عليه السلام.

و عن الثالث:بالتسليم،فإنّه دالّ على المطلوب.

مسألة:و يحرم التصرّف فيما يخصّ الإمام حال ظهوره إلاّ بإذن منه

(8)

،لقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (9).

ص:577


1- 1م،ن،ق و خا:بأمر الآمر،غ و ف:إذا غزونا من الكفر،مكان:إذا غزوا بأمر الإمام.
2- 2) التهذيب 4:135 الحديث 378،الوسائل 6:369 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 16. [1]
3- 3) المغني 10:522،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:457،المبسوط للسرخسيّ 10:74.
4- 4) الأنفال(8):41. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:74،بدائع الصنائع 7:118،المغني 10:522،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 458.
6- 6) المغني 10:523،الشرح الكبير بهامش المغني 10:458.
7- 7) بعض النسخ:قويّا.
8- 8) بعض النسخ:بالإذن.
9- 9) النساء(4):29. [4]

و قال عليه السلام:«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن يزيد الطبريّ (2)قال:كتب رجل من تجّار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس، فكتب إليه:«بسم اللّه الرحمن الرحيم إنّ اللّه واسع كريم،ضمن على العمل الثواب،و على الخلاف العقاب،لا يحلّ مال إلاّ من وجه أحلّه اللّه،إنّ الخمس عوننا على ديننا و على عيالنا و على أموالنا،و ما نبذل و نشتري من أعراضنا ممّن نخاف (3)سطوته،فلا تزووه عنّا، و لا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه،فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم، و ما تمهّدون لأنفسكم ليوم (4)فاقتكم،و المسلم من يفي للّه بما عاهد عليه،و ليس المسلم من أجاب باللسان و خالف بالقلب.و السلام» (5).

و عنه قال:قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حلّ من الخمس،فقال:«ما أمحل هذا تمحضونا المودّة بألسنتكم و تزوون عنّا حقّا

ص:578


1- 1سنن البيهقيّ 6:100 و ج 8:182،سنن الدار قطنيّ 3:26 الحديث 91 بتفاوت يسير،و من طريق الخاصّة ينظر:عوالي اللئالي 1:222 الحديث 98 و ج 2:113 الحديث 309 و [1]ص 240 الحديث 6 و ج 3:473 الحديث 1 و 3.
2- 2) محمّد بن يزيد الطبريّ،كذا في النسخ و التهذيب و الاستبصار و عنونه السيّد الخوئيّ بهذا العنوان في معجمة 18:55،و لكن في الكافي 1:547: [2]محمّد بن زيد الطبريّ و لعلّه الصحيح كما ذكر في رجال الشيخ و التنقيح و [3]جامع الرواة [4]بهذا العنوان،قال في التنقيح: [5]محمّد بن زيد الطبريّ أصله كوفيّ عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الرضا عليه السلام و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله غير متبيّن،و عنونه السيّد الخوئيّ بهذا العنوان في معجمة 16:111،و نقل في جامع الرواة [6]رواية مروك بن عبيد و أحمد بن المثنّى عنه. رجال الطوسيّ:387،جامع الرواة 2:115، [7]تنقيح المقال 3:118. [8]
3- 3) كثير من النسخ:تخاف.
4- 4) كثير من النسخ:في يوم.
5- 5) التهذيب 4:139 الحديث 395،الاستبصار 2:59 الحديث 195،الوسائل 6:375 الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث 2. [9]

جعله اللّه لنا و جعلنا له و هو الخمس،لا نجعل أحدا منكم في حلّ» (1).

و عن إبراهيم بن هاشم قال:كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل (2)و كان يتولّى له الوقف بقمّ،فقال:يا سيّدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ فإنّي أنفقتها،فقال له:«أنت في حلّ»فلمّا خرج صالح قال أبو جعفر عليه السلام:«أحدهم يثب على أموال آل محمّد و أيتامهم و مساكينهم و فقرائهم و أبناء سبيلهم فيأخذها ثمَّ يجيء فيقول:«اجعلني في حلّ أ تراه ظنّ أنّي أقول:لا أفعل؟و اللّه ليسألنّهم اللّه تعالى يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا» (3).

و لأنّه مال مملوك فلا يجوز التصرّف فيه بغير إذن مالكه.

مسألة:و يصرف الخمس إليه مع وجوده

،كما كان يفعل في زمن الرسول (4)صلّى اللّه عليه و آله فيأخذ نصفه له عليه السلام يفعل به ما شاء،و النصف الآخر يصرفه في الأصناف الثلاثة على قدر حاجتهم و ضرورتهم،فإن فضل كان الفاضل له،و إن أعوز كان عليه التمام،ذكره الشيخان (5)و جماعة من علمائنا (6).و منعه ابن إدريس (7).

ص:579


1- 1التهذيب 4:140 الحديث 396،الاستبصار 2:60 الحديث 196،الوسائل 6:376 الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث 3. [1]
2- 2) صالح بن محمّد بن سهل،يستفاد من حديث رواه الكلينيّ في الكافي 1:548 الحديث 27 [2] كونه إماميّا و متوليّا للأوقاف لأبي جعفر الثاني عليه السلام بقمّ و يظهر منه خيانته في ذلك و طلب من الإمام أن يجعله في حلّ،فقال الإمام عليه السلام:أنت في حلّ.و لكن قول الإمام عليه السلام بعد ذلك:أحدهم يثب على أموال حقّ آل محمّد ثمَّ يجيء فيقول.إلى آخر الحديث،يدلّ على خيانته.قال المامقانيّ:فصالح هذا إماميّ غير موثوق به.تنقيح المقال 2: 94، [3]معجم رجال الحديث 9:85. [4]
3- 3) التهذيب 4:140 الحديث 397،الاستبصار 2:60 الحديث 196،الوسائل 6:375 الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث 1. [5]
4- 4) غ:في زمن رسول اللّه.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:45،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:262،و [6]النهاية:199.
6- 6) منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:180،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:150،و [7]المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:182.
7- 7) السرائر:114.

احتجّ الأوّلون:بأنّ النظر إلى الإمام في قسمة الخمس في الأصناف و تفضيل بعضهم على بعض بحسب ما يراه من المصلحة و زيادة الحاجة،فكان له التسلّط على الفاضل بالتملّك،إذ هو مستحقّ النصف منه،فجاز له أخذ الزائد،و كما كان له الزائد فعليه الإتمام.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى قال:رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال:«و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته،سهم لأيتامهم،و سهم لمساكينهم،و سهم لأبناء سبيلهم يقسّم بينهم على الكفاف و السعة ما يستغنون به في سنتهم،فإن فضل عنهم شيء[يستغنون عنه] (1)فهو للوالي،و إن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به،و إنّما صار عليه أن يمونهم،لأنّ له ما فضل عنهم»الحديث (2).

و عن أحمد بن محمّد قال:حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال:«.و النصف لليتامى و المساكين و أبناء السبيل.و هو يعطيهم على قدر كفايتهم،فإن فضل[منهم] (3)شيء فهو له،و إن نقص عنهم و لم يكفهم أتمّه من عنده،و كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان» (4).

احتجّ ابن إدريس بوجوه:

الأوّل:أنّ الأسهم الثلاثة للأصناف الثلاثة بنصّ القرآن،إذ العطف بالواو يقتضي التشريك،و إذا كان ملكا لهم لم يجز له عليه السلام التصرّف فيه بالتملّك (5)،سواء فضل أو لا.

ص:580


1- 1أثبتناها من التهذيب.
2- 2) التهذيب 4:128 الحديث 366،الاستبصار 2:56 الحديث 185،الوسائل 6:358 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 8. [1]
3- 3) أثبتناها من التهذيب.
4- 4) التهذيب 4:126 الحديث 364،الوسائل 6:359 الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 9. [2]
5- 5) م،ق،خا:بالتمليك.

الثاني:أنّ فائدة التقدير صرف كلّ مقدّر (1)إلى من قدّر له،فلو كان له التسلّط بأخذ الفاضل و إتمام الناقص بطلت هذه الفائدة بالكلّيّة.

الثالث:أنّ وجوب الإنفاق حكم شرعيّ،و الأصل براءة الذمّة منه إلاّ بدليل و لم يثبت،على أنّه قد حصر (2)من تجب عليه النفقة،و ليس هؤلاء من جملتهم،ثمَّ طعن في الروايتين بالإرسال و ضعّف سند الثانية أيضا و تأوّل كلام أصحابنا أنّ المقصود (3)من قولهم:كان الفاضل له،ليس التملّك،بل القيام بالحفظ و التدبير و القيام عليه،كما في قوله تعالى وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ (4). (5)

و الجواب عن الأوّل:المنع من كونهم مالكين للنصف و لم لا يجوز أن يكون المقصود بيان المصرف دون التملّك،كما في آية الزكاة،و لهذا جاز للإمام أن يفضّل بعضهم على بعض، بل و يحرم بعضا على قول،اعتبارا للمصلحة في سدّ خلّة المحتاج،و نظرا إلى تحصيل الكفاية، و لهذا منع الغنيّ منهم،لحصول المقصود فيه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف و[صنف] (6)أقلّ من صنف كيف يصنع؟فقال:«ذاك إلى الإمام أرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كيف صنع؟إنّما كان يعطي كما يرى و كذلك الإمام» (7).و لمّا (8)ظهر أنّ الاستحقاق لسدّ الخلّة و دفع الحاجة،

ص:581


1- 1ن،م،ش و ك:مقدار.
2- 2) بعض النسخ:حصروا.
3- 3) بعض النسخ:أنّ المنقول.
4- 4) النساء(4):5. [1]
5- 5) السرائر:114،115.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 4:126 الحديث 363،الوسائل 6:362 الباب 2 من أبواب قسمة الخمس الحديث 1. [2]
8- 8) أكثر النسخ:و إنّما.

ظهر أنّهم غير مالكين بالاستقرار (1)و أنّ القصد من تعديدهم (2)بيان المصرف.

و عن الثاني:بذلك أيضا،إذ التقدير بيان للمصرف لا للمالك.

و عن الثالث:بأنّ وجوب الإتمام لا يستلزم وجوب النفقة في أصلها،لأنّ حصصهم تبسط (3)عليهم بحسب كفايتهم،فلا يتحقّق وجوب النفقة حينئذ،كما أنّه لو فضل من صنف من الأصناف شيء صرف في الصنفين الآخرين،مع أنّ نفقة واحد من الصنفين لا يجب على الآخر،فكذا الإمام،و براءة الذمّة بعد ثبوت شغلها بفتوى الأصحاب و النقل عن الأئمّة عليهم السلام غير ثابت،و الطعن ضعيف،إذ مع الاشتهار لا اعتبار بالرواية و أنّها مرسلة أو ضعيفة السند،كما أنّ أكثر مذاهب الشيعة المختصّ به كالمتعة و شبهها مأخوذة عن أهل البيت عليهم السلام و إن لم يعلم (4)ناقلها على التعيين.و كذا مذهب كلّ فريق اشتهر به و ظهر عنه،و الإضافة حقيقة في التمليك فصرفها إلى ما ذكر مجاز،على أنّه لا يختصّ بالفاضل،فهذا خلاصة ما يمكن ذكره من الجانبين و عليك بتحقيق الحقّ منهما.

مسألة:و يجوز أن يصرف سهم الأصناف الثلاثة إلى مستحقّيها

مع وجود الإمام بنفسه فيما يكتسبه دون الغنائم على إشكال.و هو قول أصحاب الرأي،و ابن المنذر (5).

و قال أبو ثور:لا يجوز (6).

لنا:أنّ عليّا عليه السلام أمر واجد الكنز بصرفه إلى المساكين،رواه الجمهور (7).

و لأنّه أدّى الحقّ إلى مالكه فيخرج عن العهدة،كما لو فرّق الزكاة بنفسه.

ص:582


1- 1ش،ق،ح و خا:بالاستعداد.
2- 2) ح:تقديرهم.
3- 3) ح،ق و خا:تقسّط.
4- 4) ن و م:نعلم.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:17،المغني 2:615،الشرح الكبير بهامش المغني 2:590.
6- 6) المغني 2:615،الشرح الكبير بهامش المغني 2:590.
7- 7) سنن البيهقيّ 4:156-157.

احتجّ أبو ثور بأنّه خمس فلا يتولّى تفرقته (1)بنفسه كالغنيمة (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ المتسلّط في الغنيمة كلّها الإمام (3)،و النظر فيها إليه خاصّة دون غيره،بخلاف صورة النزاع.

مسألة:و قد أباح الأئمّة عليهم السلام لشيعتهم المناكح

في حالتي ظهور الإمام و غيبته.و عليه علماؤنا أجمع،لأنّه مصلحة لا يتمّ التخلّص من المآثم بدونها،فوجب في نظرهم عليهم السلام فعلها و الإذن في استباحة ذلك من دون إخراج حقّهم منه،لا على أنّ الواطئ يطأ الحصّة بالإباحة،إذ قد ثبت أنّه يجوز إخراج القيمة في الخمس،فكان الثابت قبل الإباحة في الذمّة إخراج خمس العين من الجارية أو قيمته،و بعد الإباحة ملكها الواطئ ملكا تامّا،فاستباح وطأها بالملك التامّ.

و يؤيّد ذلك (4):ما رواه الشيخ عن الفضيل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من وجد برد حبّنا في كبده فليحمد اللّه على أوّل النعم»قال:قلت:جعلت فداك،ما أوّل النعم؟ قال:«طيب الولادة»ثمَّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام:أحلّي نصيبك من الفيء لآباء شيعتنا ليطيبوا»ثمَّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا» (5).

و في الصحيح عن أبي بصير و زرارة و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام:هلك الناس في بطونهم و فروجهم، لأنّهم لم يؤدّوا إلينا حقّنا،ألا و إنّ شيعتنا من ذلك و آباءهم في حلّ» (6).

ص:583


1- 1ش:تفريقه.
2- 2) المغني 2:615،الشرح الكبير بهامش المغني 2:590.
3- 3) بعض النسخ:فإنّ التسلّط في الغنيمة كلّها للإمام.
4- 4) ش،ق،ح و خا:و يؤيّده.
5- 5) التهذيب 4:143 الحديث 401،الوسائل 6:381 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 10. [1]
6- 6) التهذيب 4:137 الحديث 386،الاستبصار 2:58 الحديث 191،الوسائل 6:378 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 1. [2]

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام قال:«إنّ أشدّ ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس،فيقول:يا ربّ خمسي،و قد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و ليزكو أولادهم» (1).

و عن ضريس الكناسيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ تدري من أين دخل على الناس الزنا؟»فقلت:لا أدري،فقال:«من قبل خمسنا أهل البيت إلاّ لشيعتنا الأطيبين،فإنّه محلّل لهم و لميلادهم» (2).

و عن أبي خديجة سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال له رجل و أنا حاضر:حلّل لي الفروج،ففزع (3)أبو عبد اللّه،فقال له رجل:ليس يسألك أن يعترض الطريق،إنّما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوّجها (4)أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا، قال:«هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميّت منهم و الحيّ،و ما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو (5)لهم حلال،أما و اللّه لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له» (6).و الأحاديث في ذلك كثيرة.

مسألة:و ألحق الشيخ المساكن و المتاجر

(7)

.

قال ابن إدريس:المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان ممّا فيه حقوقهم عليهم السلام

ص:584


1- 1التهذيب 4:136 الحديث 382،الاستبصار 2:57 الحديث 187،الوسائل 6:380 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:136 الحديث 383،الاستبصار 2:57 الحديث 188،الوسائل 6:379 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 3. [2]
3- 3) كثير من النسخ:فجزع.
4- 4) بعض النسخ:يزوّجها.
5- 5) كثير من النسخ:و هو.
6- 6) التهذيب 4:137 الحديث 384،الاستبصار 2:58 الحديث 189،الوسائل 6:379 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 4. [3]
7- 7) المبسوط 1:263، [4]النهاية:200، [5]التهذيب 4:143.

و يتّجر في ذلك،و لا يتوهّم متوهّم أنّه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس (1).

و الدليل على الإباحة:ما رواه الشيخ عن أبي خديجة سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال له رجل و أنا حاضر:حلّل لي الفروج،ففزع أبو عبد اللّه عليه السلام، فقال له رجل:ليس يسألك أن يعترض الطريق،إنّما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوّجها (2)أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطاه،فقال:«هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميّت منهم و الحيّ،و ما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال،أما و اللّه لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له،و لا و اللّه ما أعطينا أحدا ذمّة و ما عندنا لأحد عهد و لا لأحد عندنا ميثاق» (3).

و عن الحارث بن المغيرة النصريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:إنّ لنا أموالا من غلاّت و تجارات و نحو ذلك،و قد علمت أنّ لك حقّا فيها،قال:فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلاّ لتطيب ولادتهم و كلّ من والى آبائي فهم في حلّ ممّا في أيديهم من حقّنا فليبلغ الشاهد الغائب» (4).

فرع :

(5)

و كما يسوغ للإمام عليه السلام أن يحلّ في زمانه

فكذلك يسوغ له أن يحلّ بعده.

و قال ابن الجنيد:لا يصحّ التحليل إلاّ لصاحب الحقّ في زمانه،لأنّه لا يسوغ تحليل ما يملكه غيره (6).و هو ضعيف،لأنّهم عليهم السلام قد أباحوا و جعلوا الغاية قيام القائم

ص:585


1- 1السرائر:116.
2- 2) بعض النسخ:يزوّجها.
3- 3) التهذيب 4:137 الحديث 384،الاستبصار 2:58 الحديث 189،الوسائل 6:379 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 4:143 الحديث 399،الوسائل 6:381 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 9. [2]
5- 5) م و غ:مسألة.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:637. [3]

عليه السلام في أكثر الأحاديث،و الإمام لا يحلّ إلاّ ما يعلم أنّ له الولاية في إباحته و إلاّ لاقتصر على زمانه و لم يقض فيه بالدوام.

و يؤيّده:ما رواه أبو خالد الكابليّ قال:قال:«إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كلّ ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلنّ[في] (1)قلبك شيء،فإنّه إنّما يعمل بأمر اللّه» (2).

مسألة:و اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام

،فأسقطه قوم،عملا بالأحاديث الدالّة على ترخيصهم عليهم السلام لشيعتهم فيه.

و منهم من أوجب دفنه،لما روي أنّ الأرض تخرج كنوزها عند ظهوره عليه السلام.

و منهم من يرى صلة الذرّيّة و فقراء الشيعة على وجه الاستحباب.

و منهم من يرى عزله،فإن خشي من الموت وصّى به إلى من يثق بدينه و عقله ليسلّمه إلى الإمام إن أدركه،و إلاّ وصّى به كذلك إلى أن يظهر.و اختاره المفيد رحمه اللّه قال:

لأنّه حقّ وجب لمالك لم يرسم فيه ما يجب الانتهاء إليه،فوجب حفظه و جرى مجرى الزكاة عند عدم المستحقّ،فكما لا يحكم بسقوطها و لا التصرّف فيها،بل وجب حفظها بالنفس و الوصيّة فكذا هنا،قال رحمه اللّه:و إن ذهب ذاهب إلى ما ذكرناه في النصف الخالص للإمام و صرف النصف الآخر في مستحقّيه من يتامى آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و مساكينهم و أبناء سبيلهم على ما جاء في القرآن كان على صواب (3).و هذا الأخير اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسيّ (4)،و أبي الصلاح (5)،و ابن البرّاج (6).

و قال المفيد-رحمه اللّه-أيضا في المسائل العزّيّة:إذا فقد إمام الحقّ و وصل إلى إنسان

ص:586


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 4:148 الحديث 412،الوسائل 6:363 الباب 2 من أبواب قسمة الخمس الحديث 3. [1]
3- 3) ينظر جميع ذلك في المقنعة:46.
4- 4) المبسوط 1:264، [2]النهاية:201. [3]
5- 5) الكافي في الفقه:173. [4]
6- 6) المهذّب 1:180.

ما يجب فيه الخمس،فليخرجه إلى يتامى آل محمّد و مساكينهم و أبناء سبيلهم،و ليوفّر قسط ولد أبي طالب،لعدول الجمهور عن صلتهم،و لمجيء الرواية عن أئمّة الهدى بتوفّر ما يستحقّونه من الخمس في هذا الوقت على فقراء أهلهم و أيتامهم و أبناء سبيلهم (1).

و منع ابن إدريس من ذلك،و ذهب إلى ما اختاره المفيد-رحمه اللّه-أوّلا (2).

و الذي ذهب إليه المفيد في الرسالة جيّد،لما بيّنّا من وجوب الإتمام عليه عليه السلام في حال حضوره،و إذا وجب في حال حضوره وجب في حال غيبته،لأنّ الغيبة ممّن عليه الحقّ لا يسقط عنه.

احتجّ ابن إدريس:بأنّه مال للغير،فلا يجوز التصرّف فيه إلاّ بإذنه،و لا إذن،إذ التقدير الغيبة (3).

و الجواب:المنع من عدم الإذن،لوجوده بما تلوناه من الأخبار الدالّة على إتمام ما يعوز الأصناف الثلاثة،و لو عمل أحد بقول جمهور أصحابنا من إيداع حصّته عليه السلام و قسمة الباقي في مستحقّيه،كان حسنا،أمّا الإباحة و التصرّف فيه على وجه التحليل (4)،كما ذهب إليه بعض أصحابنا،فهو غلط.

فرع:

إذا قلنا بصرف حصّته عليه السلام في الأصناف فإنّما يتولاّه من إليه النيابة عنه عليه السلام في الأحكام،و هو الفقيه المأمون الجامع لشرائط الفتوى و الحكم على ما يأتي تفصيلها من فقهاء أهل البيت عليهم السلام على جهة التتمّة لمن يقصر عنه ما يصل إليه عمّا

ص:587


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:641. [1]
2- 2) السرائر:116،117.
3- 3) السرائر:116.
4- 4) ح،ق و خا:التمليك.

يضطرّ إليه،لأنّه نوع من حكم على الغائب،فلا يتولاّه غير من ذكرنا (1).

ص:588


1- 1ص و ش:ذكرناه.

المجلد 9

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

المدخل

هذا هو الجزء التاسع من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»الذي منّ اللّه سبحانه علينا فيما مضى بتحقيق و إخراج ثمانية أجزاء منه.و نسأله تعالى التوفيق لمواصلة العمل حتّى اكتمال أجزائه جميعا.

و قد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسخ مخطوطة عديدة،و لم ندّخر وسعا-في أثناء التحقيق-عن البحث عن نسخ أخرى إغناء للعمل و إكمالا لما في بعض النسخ السابقة من نقص.و من هنا أضفنا إلى النسخ المعتمدة في تحقيق هذا الجزء التاسع نسخة أخرى تحتفظ بها المكتبة المركزيّة للآستانة الرضويّة المقدّسة،رقمها 19473 مكتوبة بخطّ النسخ.و تشتمل على البحث الثامن في بقيّة أقسام الصوم إلى آخر الكتاب،وقفها السيّد أبو الحسن ملكيّ بن سلطان العلماء الزنجانيّ سنة 1415 ه على المكتبة،و رمزنا لها بالحرف«ر».

و لا يفوتنا أن نقدّر لأعضاء قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية جهودهم المشكورة في تصحيح هذا الجزء،و هم حجج الإسلام و الإخوة الأفاضل:

1-الشيخ علي الاعتماديّ.

2-الشيخ نوروز علي الحاجي آباديّ.

3-الشيخ عبّاس المعلّميّ.

4-الشيخ محمّد علي الملكيّ.

5-الشيخ علي النمازيّ.

6-الأخ شكر اللّه الأختريّ.

7-الأخ علي أصغر المولويّ.

8-الأخ عادل البدريّ.

9-الأخ السيّد طالب الموسويّ.

10-السيّد أبو الحسن الهاشميّ.

11-السيّد بلاسم الموسويّ.

و نشكر أيضا لحجّة الإسلام و المسلمين الشيخ عليّ أكبر إلهى الخراسانيّ إشرافه على تحقيق الكتاب راجين له و لكلّ الإخوة المشاركين في هذا العمل القبول و حسن المآب.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:5

ص:6

الكتاب الرابع

اشارة

في الصوم

و فيه مقدّمة و مباحث

ص:7

ص:8

أما المقدّمة

اشارة

الصوم في اللغة:هو الإمساك،قال اللّه تعالى حكاية عن مريم عليها السّلام:

إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (1)أي صمتا عن الكلام،و يقال:صام النهار إذا أمسكت الشمس عن السير،و قال الشاعر:

خيل صيام و خيل غير صائمة تحت العجاج و أخرى تعلك اللجما

(2)أي ممسكة عن الصهيل (3).

فاستعمال الصوم في هذه المعاني-مع أنّ الأصل عدم الاشتراك و المجاز، و وجود ما يصلح معنى له في كلّ واحد و اشتراكه أعني الإمساك مطلقا-دالّ على كونه حقيقة فيه.

و في الشرع عبارة عن إمساك مخصوص يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و هو ينقسم إلى واجب و ندب و مكروه و محظور.

فالواجب ستّة:صوم شهر رمضان،و الكفّارات،و دم المتعة،و النذر و ما في معناه من اليمين و العهد،و الاعتكاف على بعض الوجوه،و قضاء الواجب.

و الندب:جميع أيّام السنة إلاّ العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى.

و المؤكّد منه أربعة عشر:صوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر،و أيّام البيض و الغدير،

ص:9


1- 1مريم(19):26. [1]
2- 2) الصحاح 5:1970، [2]لسان العرب 12:351، [3]تفسير الطبريّ 2:128، [4]التفسير الكبير 5:69، [5]تفسير القرطبيّ 2:272، [6]تفسير التبيان 2:114. [7]
3- 3) الصّهيل و الصهال:صوت الفرس.الصحاح 5:1747. [8]

و مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و مبعثه،و دحو الأرض،و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء،و عاشوراء على جهة الحزن،و المباهلة،و كلّ خميس،و كلّ جمعة، و أوّل ذي الحجّة و رجب و شعبان.

و المكروه أربعة:صوم عرفة لمن يضعفه (1)عن الدعاء،أو شكّ (2)في الهلال، و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة،و الضيف نافلة من غير إذن مضيفه،و كذا الولد من غير إذن الوالد،و الصوم ندبا لمن دعي إلى طعام.

و المحظور تسعة:صوم العيدين،و أيّام التشريق لمن كان بمنى،و يوم الشكّ بنيّة الفرض،و صوم نذر المعصية،و صوم الصمت،و صوم الوصال،و صوم المرأة و العبد ندبا من غير إذن الزوج و المالك،و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني، و سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:قيل أوّل ما فرض صوم عاشوراء.

و قيل:لم يكن فرضا بل تطوّعا (3).

و قيل:لمّا قدم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المدينة أمر بصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، و هو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ (4)الآية،ثمّ نسخ بقوله:

شَهْرُ رَمَضانَ (5) (6).و قيل:المراد بالأيّام المعدودات شهر رمضان،فالآية ليست منسوخة.

ص:10


1- 1كثير من النسخ:يضعف.
2- 2) ف و غ:يشكّ.
3- 3) صحيح مسلم 2:792 الحديث 1125،المغني 3:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:100، المجموع 6:383،عمدة القارئ 10:254،حلية العلماء 3:211.
4- 4) البقرة(2):183. [1]
5- 5) البقرة(2):185. [2]
6- 6) صحيح البخاريّ 3:31،سنن أبي داود 1:140،مسند أحمد 5:246، [3]تفسير الطبريّ 2:130-131، [4]أحكام القرآن للجصّاص 1:215، [5]التفسير الكبير 5:71، [6]تفسير القرطبيّ 2:275، [7]تفسير التبيان 2:116، [8]المجموع 6:249، [9]سنن البيهقيّ 4:200.

و قيل:أوّل ما فرض صوم شهر رمضان للمطيق لم يكن واجبا عينا،بل كان مخيّرا بين الفدية و الصوم،و كان الصوم أفضل،و ذلك قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (1)ثمّ نسخ بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2)(3)

مسألة:قيل:كان الصوم في ابتداء الإسلام أن يمسك من حين يصلّى عشاء

الآخرة أو ينام إلى أن تغيب الشمس،

فإذا غربت حلّ الطعام و الشراب إلى أن يصلّى العشاء أو ينام (4)،و إنّ صرمة بن قيس الأنصاريّ (5)أتى امرأته و كان صائما فقال:

عندك شيء؟فقالت:لعلّي أذهب فأطلب لك،فذهبت و غلبته عينه فجاءت فقالت:

خيبة لك،فلم ينتصف النهار حتّى غشي عليه و كان يعمل يومه في أرضه،فذكر ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنزل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ (6)الآية (7)و روى ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب اختان نفسه فجامع امرأته و قد صلّى

ص:11


1- 1البقرة(2):184. [1]
2- 2) البقرة(2):185. [2]
3- 3) تفسير التبيان 2:118-123. [3]
4- 4) تفسير الطبريّ 2:164-165،أحكام القرآن للجصّاص 1:281،التفسير الكبير 5:104، [4]المجموع 6:251.
5- 5) أكثر المصادر:قيس بن صرمة،و في سنن أبي داود: [5]صرمة بن قيس،و اختلف فيه أيضا في كتب التراجم،قال ابن الأثير:قيس بن صرمة،و قيل:صرمة بن قيس،و قيل:قيس بن مالك بن أوس صرمة المازنيّ.و قال ابن حجر:قيس بن صرمة،و قيل:صرمة بن قيس بن مالك أبو صرمة،و قيل:قيس بن أنس أبو صرمة.و قال ابن عبد البرّ:صرمة بن أبي أنس،و اسم أبي أنس:قيس بن صرمة بن مالك،و هو الذي نزلت في سببه: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ . أسد الغابة 4:217، [6]الإصابة 2:302 و ج 3:251، [7]الاستيعاب [8]بهامش الإصابة 2:202. [9]
6- 6) البقرة(2):187. [10]
7- 7) صحيح البخاري 3:36،سنن أبي داود 2:295 الحديث 2314، [11]سنن الترمذيّ 5:210 الحديث 2968،سنن النسائيّ 4:147،مسند أحمد 4:295، [12]سنن البيهقيّ 4:201.

العشاء فنزل قوله تعالى: تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ (1)(2).

مسألة:قيل السبب في تسمية رمضان أنّه كان يوافق زمان الحرّ مشتقّ من

الرمضاء و هي الحجارة الحارّة؛

لأنّ الجاهليّة كانت تكبس في كلّ ثلاث سنين شهرا فيجعلون المحرّم صفرا حتّى لا تختلف شهورها في الحرّ و البرد،و ذلك هو النسيء الذي حرّمه اللّه تعالى (3)عليهم،فكان رمضان يشتدّ فيه الحرّ و ربيع في زمان الربيع و جمادى في جمود الماء فلمّا حرّم اللّه النسيء اختلفت الشهور في ذلك (4).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه إنّما سمّي رمضان؛لأنّه يحرق الذنوب (5).

مسألة:و صوم شهر رمضان واجب بالنصّ و الإجماع،

قال اللّه تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (6).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه،و إقام الصلاة،و إيتاء الزكاة، و صوم شهر رمضان،و حجّ البيت» (7).

و جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لصوته دويّ لا يفقه ما يقول،فدنا

ص:12


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) تفسير ابن عبّاس:20، [2]تفسير الدّرّ المنثور 1:197،و [3]ينظر:سنن أبي داود 2:295 الحديث 2313، سنن البيهقيّ 4:201،و فيهما:فاختان رجل،مكان:عمر بن الخطّاب.
3- 3) التوبة(9):37. [4]
4- 4) التفسير الكبير 5:83، [5]تفسير القرطبي 2:290-291، [6]لسان العرب 7:161-162. [7]
5- 5) المغني 3:5،كنز العمّال 8:466 الحديث 23688،التفسير الكبير 5:83. [8]في الأخيرين:يرمض الذنوب،مكان:يحرق الذنوب.
6- 6) البقرة(2):185. [9]
7- 7) صحيح البخاريّ 1:9،صحيح مسلم 1:45 الحديث 16،سنن الترمذيّ 5:5 الحديث 2609، [10]سنن النسائيّ 8:107،مسند أحمد 2:26،120 و 143. [11]

منه فإذا هو يسأله عن الإسلام،فذكر له إلى أن ذكر صوم رمضان،فقال:هل عليّ غيره؟فقال:«لا،إلاّ أن تطوّع» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«بني الإسلام على خمسة أشياء:على الصلاة،و الزكاة،و الصوم، و الحجّ،و الولاية،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الصوم جنّة من النار» (2).

و عن أبي أيّوب،[عن أبي الورد] (3)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر جمعة من شعبان فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال:أيّها الناس إنّه (4)قد أظلّكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر،شهر رمضان فرض اللّه صيامه»الحديث (5).و الأخبار كثيرة في ذلك متواترة (6)،و لا خلاف بين المسلمين في وجوب صوم شهر رمضان.

مسألة:و الصوم المشروع هو الإمساك من أوّل النهار إلى آخره،

و هو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الذي تجب معه الصلاتان.

و قال الأعمش:إنّما يجب الإمساك من طلوع الفجر الذي يملأ البيوت و الطرق (7).

لنا:قوله تعالى حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ

ص:13


1- 1صحيح البخاريّ 1:18،صحيح مسلم 1:40 الحديث 11،سنن أبي داود 1:106 الحديث 391، سنن النسائيّ 1:226-227،الموطّأ 1:175 الحديث 94. [1]
2- 2) التهذيب 4:151 الحديث 418،الوسائل 7:289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) كثير من النسخ:إنّكم.
5- 5) التهذيب 3:57 الحديث 198 و ج 4:152 الحديث 423،الوسائل 7:171 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [3]
6- 6) الوسائل 7:2 الباب 1 من أبواب وجوب الصوم و نيّته. [4]
7- 7) تفسير الطبريّ 2:173، [5]التفسير الكبير 5:110،تفسير القرطبيّ 2:319، [6]المغني 3:5،الشرح الكبير بهامش المغني 3:4،المجموع 3:45،عمدة القارئ 10:297.

أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1).و لا خلاف بين المسلمين في ذلك،و الأعمش منفرد لا يعتدّ بخلافه؛للإجماع.

ص:14


1- 1البقرة(2):187. [1]

البحث الأوّل

اشارة

في النيّة

و هي شرط في صحّة الصوم واجبا كان أو ندبا،رمضان كان أو غيره،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أكثر الفقهاء (1).

و حكي عن زفر بن الهذيل،و مجاهد،و عطاء أنّ صوم رمضان (2)إذا تعيّن بأن كان مقيما صحيحا لا يفتقر إلى النيّة (3).

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (4)و الصوم عبادة،و معنى النيّة الإخلاص.

و قوله تعالى: وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (5).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّما (6)

ص:15


1- 1حلية العلماء 3:185،أحكام القرآن للجصّاص 1:243، [1]المغني 3:18،الشرح الكبير بهامش المغني 3:26،المهذّب للشيرازي 1:180،المجموع 6:300،بداية المجتهد 1:292،مقدّمات ابن رشد 1:181،الميزان الكبرى 2:19،بدائع الصنائع 2:83.
2- 2) ش:شهر رمضان.
3- 3) حلية العلماء 3:185،الميزان الكبرى 2:19،المبسوط للسرخسيّ 3:59،بدائع الصنائع 2:83، بداية المجتهد 1:292.
4- 4) البيّنة(98):5. [2]
5- 5) الليل(92):19-20. [3]
6- 6) كلمة:«إنّما»لا توجد في أكثر النسخ.

الأعمال بالنيّات» (1).و عنه عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرئ ما نوى» (3).

و عنه عليه السّلام:«الأعمال بالنيّات» (4).

و عن الرضا عليه السّلام أنّه قال:«لا قول إلاّ بعمل و لا عمل إلاّ بنيّة و لا نيّة إلاّ بإصابة السنّة» (5).

و لأنّه يحتمل وجهي الطاعة و غيرها و لا مميّز إلاّ النيّة.و لأنّ قضاءه (6)يفتقر إلى النيّة فكذا الأداء،كالصلاة.

احتجّ المخالف:بأنّ الصوم في رمضان فرض مستحقّ بعينه فلا يفتقر إلى النيّة، كرة الوديعة و الغصب (7).

و الجواب:الفرق بأنّه حقّ الآدمي.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكفي في شهر رمضان نيّة القربة

و هو أن ينوي الصوم متقرّبا إلى اللّه تعالى لا غير،و لا يفتقر إلى نيّة التعيين،أعني أن ينوي

ص:16


1- 1صحيح البخاريّ 1:2،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201،سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647، [1]سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،مسند أحمد 1:25،سنن البيهقيّ 7:341،كنز العمّال 3:792-793 الحديث 8779-8780.
2- 2) سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7، [2]سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
3- 3) التهذيب 4:186 الحديث 519،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 12. [3]
4- 4) التهذيب 4:186 الحديث 518،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 11. [4]
5- 5) التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 13. [5]
6- 6) ص:القضاء.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:59،الهداية للمرغينانيّ 1:129،المجموع 6:301.

وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره (1)و قال مالك:لا بدّ من نيّة التعيين في رمضان و غيره (2).و به قال الشافعيّ (3)، و أحمد في أحد القولين،و في القول الثاني كقولنا (4)،و هو مذهب أبي حنيفة بشرط أن يكون مقيما (5).

لنا:أنّ القصد من نيّة التعيين تمييز أحد الفعلين أو أحد وجهي الفعل الواحد عن الآخر،و هو غير حاصل في صورة النزاع؛لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره،بل هو على وجه واحد فاستغنى عن نيّة التعيين،كردّ الوديعة.و لأنّه فرض مستحقّ في زمان بعينه (6)،فلا يجب تعيين النيّة له،كطواف الزيارة عندهم.

احتجّوا:بأنّه صوم واجب فلا بدّ فيه من التعيين كالقضاء (7).و لأنّه واجب مؤقّت فافتقر إلى التعيين،كالصلاة.

و الجواب:الفرق بين صورة النزاع و المقيس عليه؛لأنّ تلك الأوقات لا تتعيّن؛ لوقوع القضاء و الصلاة فيها فاحتاجت إلى التعيين.

مسألة:و ما عدا رمضان إن تعيّن زمانه بالنذر و شبهه كالنذور المعيّنة
اشارة

بوقت هل تكفي نيّة القربة فيها أم لا؟

قال الشيخ:لا تكفي (8)،و به قال

ص:17


1- 1المبسوط 1:276، [1]الخلاف 1:375 مسألة-4،الجمل و العقود:109.
2- 2) بداية المجتهد 1:292،المغني 3:26،الميزان الكبرى 2:22،المجموع 6:302.
3- 3) الأمّ 2:96،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:302،السراج الوهّاج: 138،الميزان الكبرى 2:22،المغني 3:27.
4- 4) المغني 3:26-27،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:293،المجموع 6:302.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:60-61،تحفة الفقهاء 1:347-348،بدائع الصنائع 2:83-84، مجمع الأنهر 1:233.
6- 6) خاوح:معيّن.
7- 7) المغني 3:28،المهذّب للشيرازيّ 1:181،بداية المجتهد 1:293.
8- 8) المبسوط 1:277-278،الخلاف 1:375 مسألة-4،الجمل و العقود:109.

الشافعي (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:لا يحتاج إلى نيّة التعيين (4).و هو مذهب السيّد المرتضى رحمه اللّه (5).

احتجّ الشيخ:بأنّه صوم واجب لا يتعيّن وقته بأصل الشرع فيفتقر إلى التعيين كالنذر المطلق.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه زمان تعيّن للصوم بسبب النذر فكان كرمضان،و لأنّ الأصل براءة الذمّة (6)،و هو قويّ.

أمّا ما لا يتعيّن صومه،كالنذور المطلقة،و الكفّارات،و القضاء،و صوم النفل فلا بدّ فيه من نيّة التعيين.و هو قول علمائنا و كافّة الجمهور،إلاّ النافلة؛لأنّه زمان لا يتعيّن الصوم فيه و لا يتخصّص وجهه،فاحتاج إلى النيّة المفيدة للاختصاص، و هو عامّ في الفرض و النفل.

ص:18


1- 1قال الشافعيّ:إنّ صوم رمضان و غيره من الصوم الواجب لا يصحّ إلاّ بتعيين النيّة و لم يفصّل بين صوم الواجب المعيّن و غير المعيّن،ينظر:الأمّ 2:95-96،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292،مغني المحتاج 1:424، السراج الوهّاج:138.
2- 2) المغني 3:26،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:29،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
3- 3) المغني 3:26،الشرح الكبير بهامش المغني 3:29،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:293، المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:347،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:118،مجمع الأنهر 1:232-233.
5- 5) جمل العلم و العمل:89.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:348،بدائع الصنائع 2:84،شرح فتح القدير 1:239،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
فروع:
الأوّل:قال الشيخ:تكفي نيّة التعيين عن نيّة القربة

و لا ينعكس (1)في كلّ صورة يشترط فيها نيّة التعيين (2).و هو مشكل؛لأنّه فسّر نيّة التعيين بأن ينوي أن يصوم شهر رمضان أو غيره،و حينئذ لا بدّ من نيّة القربة؛لأنّها شرط في كلّ عبادة،و نيّة التعيين مغايرة لها و غير مستلزمة لها؛لجواز قصد أحدهما حالة الذهول عن الآخر،فإذن لا بدّ من نيّة التقرّب (3)أيضا.أمّا إن نوى مع التعيين التقرّب فإنّه يجزئه قولا واحدا،و كان مقصود الشيخ-رحمه اللّه-هذا.

الثاني:هل أخذ تعيين الفرض شرط في نيّة التعيين أم لا؟

فيه للشافعيّ (4)قولان:أحدهما:أنّه شرط؛لأنّ صوم رمضان قد يقع نفلا عن المراهق.و الثاني:

الإجزاء (5)بنيّة أنّه من رمضان؛لأنّه لا يقع إلاّ فرضا ممّن عليه فرضه (6).و هذا قويّ.

الثالث:ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه إذا كان سفر التقصير؛

لأنّ الصوم عندنا في السفر محرّم على ما يأتي،و إن نواه عن غير رمضان فرضا كان أو نفلا لم يصحّ.و به قال الشافعيّ (7)،و أكثر الفقهاء (8)،و قال أبو حنيفة:يقع عمّا نواه

ص:19


1- 1ش،ك،ق،ح و خا:و لا تنفكّ.
2- 2) المبسوط 1:278، [1]الخلاف 1:375 مسألة-4.
3- 3) ص:القربة.
4- 4) كثير من النسخ:للشافعيّة.
5- 5) ش،م و ص:الاجتزاء.
6- 6) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:294،فتح العزيز بهامش المجموع 6:293-294،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:263 و 445،فتح العزيز بهامش المجموع 6:441.
8- 8) المغني 3:36،الشرح الكبير بهامش المغني 3:21،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3:288، [2]المجموع 6:263.

إذا كان واجبا.و قال محمّد و أبو يوسف:يقع عن رمضان (1).و تردّد الشيخ في المبسوط بين قولنا و بين جواز إيقاع الصومين فيه (2).

لنا:أنّ الصوم منهيّ عنه بقوله عليه السّلام:«ليس من البرّ الصيام في السفر» (3)و لما يأتي.

و المنهيّ عنه لا يقع مأمورا به،فلا يقع عبادة؛و لأنّه زمان أبيح الفطر فيه للعذر،فلا يجوز صيامه عن غير رمضان،كالمريض و الشيخ الهمّ.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه زمان تخيّر فيه بين الصوم و الإفطار،فجاز أن يصوم ما شاء،كالمقيم في غير رمضان (4).

و احتجّ أبو يوسف و محمّد:بأنّ الصوم واجب رخّص فيه للعذر و المشقّة،فإذا صام لم يرخّص (5)(6).

و الجواب:لا نسلّم التخيير على ما يأتي،و الفرق بين المقيم و المسافر أنّ المقيم يجوز له الإفطار بالأصالة لا لأجل العذر.و لأنّه يجوز له التطوّع،بخلاف صورة النزاع.

و عن الثاني:أنّه لا يلزم من فعله المنهيّ عنه اعتباره شرعا،كإتمام الصلاة.

الرابع:لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل،

وقع عن رمضان

ص:20


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغيناني 1:119،شرح فتح القدير 2:240،مجمع الأنهر 1:233.
2- 2) المبسوط 1:277.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:786 الحديث 1115،سنن أبي داود 2:317 الحديث 1407، [1]سنن الترمذيّ 3:90 ذيل الحديث 710، [2]سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1664،1665،سنن النسائيّ 4:174-176،مسند أحمد 3:319 و 352،و ج 5:434. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:233.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:233.
6- 6) ص،ش،ن و ك:يترخّص.

لا غير؛لما بيّنّا من أنّ رمضان يكفي فيه نيّة القربة (1)و قد حصلت فلا تضرّ الضميمة.أمّا لو كان عالما فالأقوى أنّه كذلك؛لهذا الدليل بعينه.و قيل:لا يجزئ؛ لانّه لم ينو المطلق فينصرف إلى رمضان و صرف الصوم إلى غير رمضان لا يجوز، فلا يقع أحدهما،أمّا رمضان فلأنّه لم ينوه،و أما غيره فلعدم صحّة إيقاعه (2)، و نحن هاهنا في الموضعين من المتردّدين.

مسألة:و يجوز في الصوم المتعيّن-كرمضان و النذر المعيّن-أن ينوي من
اشارة

الليل،

و يتضيّق حتّى (3)يطلع الفجر،فلا يجوز تأخيرها عن طلوعه مع العلم،و لو أخّرها و طلع الفجر فسد صوم ذلك اليوم إذا كان عامدا و وجب عليه قضاؤه،و لو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديدها إلى الزوال.

و قال الشافعيّ:لا يجزئ الصيام إلاّ بنيّة من الليل في الواجب كلّه،المعيّن و غيره (4)-و به قال مالك (5)،و أحمد (6)-و في جواز مقارنة النيّة لطلوع الفجر عنده وجهان (7).

ص:21


1- 1يراجع:ص 16.
2- 2) السرائر:84.
3- 3) ح،ق و خا:حين.
4- 4) الأمّ 2:103،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:289 و 301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:302،مغني المحتاج 1:423،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،عمدة القارئ 10:303.
5- 5) إرشاد السالك:48،بداية المجتهد 1:293،مقدّمات ابن رشد 1:182،بلغة السالك 1:244،الميزان الكبرى 2:22،المجموع 6:301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:302.
6- 6) المغني 3:17-18،الشرح الكبير بهامش المغني 3:26،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:294،زاد المستقنع:28.
7- 7) حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290،فتح العزيز بهامش المجموع 6:304.

و قال أبو حنيفة:يصحّ صوم رمضان بنيّة قبل الزوال،و كذا كلّ صوم معيّن (1).

لنا:على الحكم الأوّل،و هو جواز إيقاعها ليلا:الإجماع و النصّ،قال عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (2).

و على الحكم الثاني،و هو عدم جواز تأخيرها عن طلوع الفجر مع العلم:

الحديث (3)أيضا،و بأنّ النيّة شرط في الصوم على ما تقدّم،فمن تركها متعمّدا فقد أخلّ بشرط الصحّة فيكون الصوم فاسدا؛لعدم الشرط،فلا يتجدّد له انعقاد.

و على الحكم الثالث،و هو الجواز مع العذر و النسيان:بما روي أنّ ليلة الشكّ أصبح الناس،فجاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فشهد برؤية الهلال،فأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4)مناديا ينادي:من لم يأكل فليصم،و من أكل فليمسك (5).و إذا جاء مع العذر-و هو الجهل بالهلال-جاز مع النسيان.

احتجّ الشافعيّ (6):بقوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام قبل الفجر» (7).

ص:22


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:118، [1]شرح فتح القدير 2:233،مجمع الأنهر 1:232.
2- 2) وردت هذه الرواية بألفاظ مختلفة،منها:«من لم يبيّت الصيام قبل[طلوع]الفجر فلا صيام له»ينظر: سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7،سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
3- 3) أكثر النسخ:بالحديث.
4- 4) ص،ف و ق:عليه السّلام.
5- 5) ينظر:الهداية للمرغينانيّ 1:118،المبسوط للسرخسيّ 3:62.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:303-304، مغني المحتاج 1:423.
7- 7) سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7، [2]سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.و لفظ الحديث:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له».

احتجّ أبو حنيفة (1)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث إلى أهل العوالي يوم (2)عاشوراء أنّ من أكل منكم فليمسك بقيّة نهاره،و من لم يأكل فليصم (3).و كان صوما واجبا متعيّنا،فأجازه بنيّة من النهار.و لأنّه غير ثابت في الذمّة فهو كالتطوّع.

و الجواب عن الأوّل:أنّه وارد في الذاكر؛إذ يستحيل تكليف الساهي و المعذور.

و عن الثاني:أنّ صوم عاشوراء لم يكن واجبا؛لانّه قد روي عنه عليه السّلام هكذا:«هذا يوم عاشوراء لم يكتب اللّه عليكم صيامه و أنا صائم،فمن شاء فليصم و من شاء فليفطر» (4).

سلّمنا الوجوب لكنّه تجدّد في أثناء النهار،فكان كمن نذر إتمام صيام يوم صامه ندبا،فإنّ نيّة الفرض تتجدّد عند تجدّده،بخلاف صورة النزاع.

و عن الثالث:أنّ الفرق بين التطوّع و الفرض ثابت،فإنّ التطوّع سومح في تبييت نيّته من الليل تكثيرا له؛إذ قد يبدو له الصوم في النهار،و لو اشترطت النيّة لمنع من ذلك،فسامح الشرع فيه كما سامح في ترك القيام في النافلة،و ترك الاستقبال في السفر تكثيرا له،بخلاف الفرض.

ص:23


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،الهداية للمرغينانيّ 1:118، [1]شرح فتح القدير 2:237،المغني 3:18، الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:26،المجموع 6:301.
2- 2) ح و خا:إلى أهل القرى في يوم،و في المصادر:إلى قرى الأنصار.
3- 3) صحيح مسلم 2:798 الحديث 1136،مسند أحمد 6:359، [3]جامع الأصول 7:203 الحديث 4441، سنن البيهقيّ 4:288،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:31 الحديث 6288،و ج 11:240 الحديث 11804، و ج 24:275 الحديث 700.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:57،صحيح مسلم 2:795 الحديث 1129،سنن النسائيّ 4:204،الموطّأ 1:299 الحديث 34، [4]سنن البيهقيّ 4:290،مسند أحمد 4:95، [5]جامع الأصول 7:205 الحديث 4448.

و أيضا ينتقض بصوم كفّارة الظهار،فإنّه عند أبي حنيفة لا يثبت في الذمّة و لا يصحّ بنيّة من النهار (1).

فروع:
الأوّل:لو نوى أيّ وقت كان من الليل أجزأه.

و قال بعض الشافعيّة:إنّما تصحّ النيّة في النصف الثاني دون الأوّل؛لاختصاصه بأذان الصبح و الدفع من مزدلفة (2).

و لنا:عموم (3)قوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (4)من غير تفصيل.

و لأنّ تخصيصه بالنصف الثاني مناف للغرض و مفض إلى تفويت الصوم؛إذ التقديم رخصة فالتضييق (5)ينافيها،و أكثر الناس قد لا ينتبه في النصف الثاني و لا يذكر الصوم،و نمنع (6)المقيس عليه،و قد مضى البحث في الأذان (7)،و سيأتي

ص:24


1- 1قال أبو حنيفة:صوم الواجب ضربان:ضرب يتعلّق بزمان بعينه كرمضان...و ضرب ثبت في الذمّة و كان دينا غير معيّن يومه كصوم الكفّارات فلا يصحّ إلاّ بنيّة من الليل.ينظر:تحفة الفقهاء 1:349،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240،مجمع الأنهر 1:234.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290-291،فتح العزيز بهامش المجموع 6:305،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،المغني 3:21.
3- 3) كثير من النسخ:مفهوم،مكان:عموم.
4- 4) ورد الحديث بألفاظ مختلفة،منها:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له»ينظر:سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213، كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
5- 5) كثير من النسخ:فالتضيّق.
6- 6) بعض النسخ:و يمنع.
7- 7) يراجع:الجزء الرابع:425.

في الدفع من مزدلفة،على أنّهما يجوزان بعد الفجر فلا يفضي (1)منعهما في النصف الأوّل إلى فواتهما،بخلاف النيّة.و لأنّ اختصاصها بالنصف الأخير بمعنى التجويز و التخيير فيه و اشتراط النيّة بمعنى التحتّم و فوات الصوم بفواتها فيه،و مع اختلاف الحكمين لا يصحّ القياس.

الثانى:يجوز مقارنة النيّة لطلوع الفجر؛

لأنّ محلّ الصوم هو النهار و النيّة له فجازت مقارنتها له؛لأنّ التقديم للمشقّة فلا يمنع جواز المقارنة.

و قال بعض الشافعيّة:يجب تقديمها على الفجر؛لقوله عليه السّلام:«من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام له» (2).

و لأنّه يجب إمساكه بآخر جزء من الليل ليكمل به صوم النهار،فوجب تقديم النيّة على ذلك (3).

و الجواب:لمّا تعذّر إيقاع العزم مع الطلوع،لعدم ضبطه،لم يكلّف الرسول عليه السّلام (4)به،و بعده لا يجوز،فوجبت القبليّة لذلك،لا أنّها في الأصل واجبة قبل الفجر و نمنع (5)من الإمساك بالليل و إن كان الصوم لا يتمّ إلاّ به،فلا نسلّم أنّه تجب نيّته.

الثالث:لا يشترط في النيّة من الليل الاستمرار على حكم الصوم،

فيجوز

ص:25


1- 1خا:فلا يقتضي.
2- 2) سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454، [1]سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [2]سنن النسائيّ 4:196، سنن الدارميّ 2:6، [3]مسند أحمد 6:287، [4]سنن الدارقطنيّ 2:172 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:202، كنز العمّال 8:493 الحديث 23790،فيض القدير 6:222 الحديث 9020،جامع الأصول 7:186 الحديث 4396.
3- 3) حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290،فتح العزيز بهامش المجموع 6:305،309 و 310،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22.
4- 4) ح و خا:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) بعض النسخ:و يمنع.

أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر،و أن ينام بعد النيّة -خلافا لأبي إسحاق من الشافعيّة (1)-لقوله تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (2).

مسألة:و ما ليس بمعيّن،كالقضاء و النذور المطلقة،فوقت النيّة فيه من الليل

مستمرّ إلى الزوال،

(3)

فيجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان إذا لم يفعل المنافي نهارا.

و قال أبو حنيفة:لا يجزئ إلاّ من الليل (4)،و به قال الفقهاء.و قول السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّ وقت نيّة الصوم الواجب من أوّل الفجر إلى الزوال (5)، إنّما أراد به وقت التضيّق (6).

لنا:أنّه صوم لم يتعيّن زمانه،فجاز تجديد النيّة فيه إلى الزوال كالنافلة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار أن يصوم ذلك اليوم و يقضيه من (7)رمضان و إن لم يكن نوى ذلك من الليل؟قال:«نعم،يصومه و يعتدّ به إذا لم يحدث (8)شيئا» (9).

ص:26


1- 1حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:288، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:306-307. [2]
2- 2) البقرة(2):187. [3]
3- 3) كثير من النسخ:مستمرّا.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:85،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:234،عمدة القارئ 10:305.
5- 5) جمل العلم و العمل:89،الانتصار:60.
6- 6) كثير من النسخ:التضييق.
7- 7) ح بزيادة:شهر،كما في الوسائل.
8- 8) ح:إذا لم يكن أحدث،كما في الوسائل. [4]
9- 9) التهذيب 4:186،الحديث 522،الوسائل 7:4 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [5]

و عن صالح بن عبد اللّه (1)،عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:قلت له:رجل جعل للّه عليه صيام شهر،فيصبح و هو ينوي الصوم،ثمّ يبدو له فيفطر و يصبح و هو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم،فقال:«هذا كلّه جائز» (2).

و عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن الرجل يصبح لم (3)يطعم و لم يشرب و لم ينو صوما،و كان عليه يوم من شهر رمضان،أله أن يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامّة النهار؟فقال:«نعم،له أن يصوم يعتدّ به من شهر رمضان» (4)و إنّما اعتبرنا الزوال؛لأنّ الواجب الإتيان بصوم الفريضة من أوّل النهار إلى آخره،فإذا نوى قبل الزوال؛احتسب له صيام ذلك اليوم كلّه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:الرجل يصبح لا ينوي (5)الصوم،فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم،فقال:«إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه،و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى» (6).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل[يكون] (7)عليه

ص:27


1- 1صالح بن عبد اللّه الخثعميّ،عدّه الشيخ في رجاله تارة بإضافة وصفه بالكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السّلام،و بغير إضافة من أصحاب الرضا عليه السّلام،قال المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح.رجال الطوسيّ:218،378،تنقيح المقال 2:93. [1]
2- 2) التهذيب 4:187 الحديث 523،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 4. [2]
3- 3) ح:و لم،كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 4:187 الحديث 526 و ص 188 الحديث 530،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 6. [3]
5- 5) ح:و لا ينوي،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 4:188 الحديث 528،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [4]
7- 7) أثبتناها من المصادر.

أيّام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى ينوي (1)الصيام؟قال:«هو بالخيار إلى أن تزول الشمس،فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم،و إن كان نوى الإفطار فليفطر»سئل:فإن كان نوى الإفطار يستقيم له أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟قال:«لا» (2).

أمّا حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان،و يصبح فلا يأكل إلى العصر،أ يجوز أن يجعله قضاء من شهر رمضان؟قال:«نعم» (3)فإنّه مع إرساله لا تعرّض فيه بالنيّة.

احتجّ الفقهاء:بقوله عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له» (4).

و لأنّه زمان لا يوصف نهاره بتحريم الأكل من أوّله،فإذا لم ينو من الليل لم يوصف أوّله بالتحريم،بخلاف الصوم المعيّن (5).

و الجواب:أنّ الحديث مخصوص بصوم النافلة فيندرج فيه ما شابهه في عدم التعيين (6)،و كذا عن الثاني.

مسألة:و في وقتها لصوم النافلة قولان:

ص:28


1- 1هامش ح و المصادر:متى يريد أن ينوي.
2- 2) التهذيب 4:280 الحديث 847،الاستبصار 2:121 الحديث 394،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 10. [1]
3- 3) التهذيب 4:188 الحديث 529،الاستبصار 2:118 الحديث 385،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [2]
4- 4) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791،و بتفاوت ينظر: سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454،سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [3]سنن الدارميّ 2:6، [4]سنن الدارقطنيّ 2:171 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:181.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:62،المغني 3:19،المجموع 6:301،بلغة السالك 1:245.
6- 6) م و ك:التعيّن.

أحدهما:أنّه يجب من الليل،بمعنى أنّه لا يصحّ الصوم إلاّ بنيّة (1)من الليل، ذهب إليه مالك (2)،و داود (3)،و المزنيّ (4)،و روي عن عبد اللّه بن عمر (5).

و قال علماؤنا أجمع:يجوز تجديدها نهارا،و به قال ابن مسعود،و حذيفة، و سعيد بن المسيّب،و سعيد بن جبير،و النخعيّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و أصحاب الرأي (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:دخل عليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم فقال:«هل عندكم شيء؟»قلنا:لا،قال:«فإنّي إذا صائم» (10).

ص:29


1- 1ح:بنيّته.
2- 2) بداية المجتهد 1:293،بلغة السالك 1:245،إرشاد السالك:48،حلية العلماء 3:191،المغني 3:29،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33،عمدة القارئ 10:303.
3- 3) حلية العلماء 3:191،المغني 3:29، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:33. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310.
5- 5) المغني 3:30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:35.
6- 6) المغني 3:29،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33.
7- 7) الأمّ 2:95،حلية العلماء 3:190-191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292 و 302، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 6:310، [4]مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
8- 8) المغني 3:29-30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33 و 35،الكافي لابن قدامة 1:473،الإنصاف 3:297، [5]زاد المستقنع:28.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:85،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:241،مجمع الأنهر 1:233،عمدة القاري 10:303. [6]
10- 10) صحيح مسلم 2:809 الحديث 1154 سنن أبي داود 2:329 الحديث 2455، [7]سنن الترمذيّ 3:111 الحديث 733، [8]سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1701،سنن النسائيّ 4:193،مسند أحمد 6:207، [9]سنن الدارقطنيّ 2:175 الحديث 18،سنن البيهقيّ 4:203،كنز العمّال 7:81 الحديث 18059، المصنّف لعبد الرزّاق 4:277 الحديث 7792. [10]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قال عليّ عليه السّلام:«إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما، ثمّ بدا له (1)الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا أو يفطر (2)فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر» (3).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم المتطوّع تعرض له الحاجة،قال:«هو بالخيار ما بينه و بين العصر،و إن مكث حتّى العصر ثمّ بدا له أن يصوم و لم يكن نوى ذلك،فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء» (4)(5).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يدخل إلى أهله فيقول:عندكم شيء و إلاّ صمت،فإن كان عندهم شيء أتوه به و إلاّ صام» (6).

و لأنّ نفل الصلاة مخفّف (7)عن فرضها بترك القيام،و فعلها على الراحلة إلى غير القبلة،فكذا الصوم.

احتجّ مالك:بظاهر قوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (8).و لأنّ الصلاة يتساوى وقت نيّة فرضها و نفلها،فكذا الصوم (9).

ص:30


1- 1في المصادر:ذكر،مكان:بدا له.
2- 2) في المصادر:و لم يفطر،مكان:أو يفطر.
3- 3) التهذيب 4:187 الحديث 525،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [1]
4- 4) كثير من النسخ:«إن شاء اللّه».
5- 5) التهذيب 4:186 الحديث 521،الوسائل 7:7 الباب 3 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 4:188 الحديث 531،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 7. [3]
7- 7) م:يخفّف.
8- 8) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791 و اللفظ فيها: «من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له».
9- 9) بداية المجتهد 1:293،بلغة السالك 1:245،المغني 3:29. [4]

و الجواب عن الحديث:أنّه مخصوص بالناسي و المعذور (1).و لأنّ حديثنا خاصّ و حديثهم عامّ مع ضعفه،فإنّ في طريقه يحيى بن أيّوب (2)،و ضعّفه أحمد.

و عن القياس بالفرق؛لأنّ النيّة مع أوّل الصلاة في النفل لا يؤدّي اشتراطها إلى تقليلها؛لأنّها لا تقع إلاّ بقصد و نيّة إلى فعلها.

أمّا اشتراط الصوم من الليل فإنّه يؤدّي إلى تقليل النفل،فإنّه ربّما عنّ (3)له الصوم بالنهار فعفي عن ذلك،كما تجوز الصلاة نفلا على الراحلة لهذه العلّة.

مسألة:و في امتداد وقتها للنافلة قولان:
اشارة

أحدهما:أنّه إلى الزوال،فيفوت بعده.ذهب إليه بعض علمائنا (4)،و هو الظاهر من كلام الشيخ في المبسوط (5)،و به قال أبو حنيفة (6)،و الشافعيّ في أحد قوليه (7)،و أحمد في إحدى الروايتين (8).

ص:31


1- 1بعض النسخ:و المنذور.
2- 2) يحيى بن أيّوب الغافقيّ أبو العبّاس المصريّ روى عن حميد الطويل و يحيى بن سعيد الأنصاريّ و عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم و جمع كثير،و روى عنه شيخه ابن جريج و الليث.قال ابن حجر:كان أحمد يقول:يحيى بن أيّوب يخطئ خطأ كثيرا،و نقل الذهبيّ عن الدارقطنيّ أنّ في بعض حديثه اضطرابا،و ذكره العقيليّ في الضعفاء،مات سنة 168 ه. تهذيب التهذيب 11:186، [1]ميزان الاعتدال 4:362،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4:391.
3- 3) بعض النسخ:عيّن.
4- 4) المختلف:212 نقله عن ابن أبي عقيل.
5- 5) المبسوط 1:277،الخلاف 1:377 مسألة-6.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:62،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:241،مجمع الأنهر 1:233،عمدة القارئ 10:303.
7- 7) الأمّ 2:95،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:56،حلية العلماء 3:190،المهذّب للشيرازيّ 1:181، المجموع 6:292 و 302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310-311،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
8- 8) المغني 3:29،30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33 و 35،الكافي لابن قدامة 1:473،الإنصاف 3:297، [2]زاد المستقنع:28.

و ثانيهما:أنّه يمتدّ وقتها بامتداد النهار،فتجوز النيّة بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه،فلو انتهى النهار بانتهاء النيّة لم يقع الصوم،و هو اختيار السيّد المرتضى (1)،و ابن إدريس (2)،و أكثر علمائنا (3)،و هو قول للشافعيّ أيضا غير مشهور (4).قال الشيخ في الخلاف:لا أعرف به نصّا (5).

لنا:على امتداد النيّة بامتداد النهار ما رواه الجمهور و الأصحاب عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام أنّهما يدخلان المنزل،فإن وجدا طعاما أكلا و إلاّ صاما،و قد تقدّم الحديثان من غير تعيين (6).

و ما رواه الشيخ في حديث هشام بن سالم الصحيح (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى» (8)و كذا حديث أبي بصير عنه عليه السّلام (9)،و حديث محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام،عن عليّ صلوات اللّه عليه و آله (10)،فإنّه دالّ بإطلاقه على صورة النزاع.

ص:32


1- 1الانتصار:60،61،جمل العلم و العمل:89.
2- 2) السرائر:84.
3- 3) منهم:الشيخ الصدوق في الفقيه 2:97،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:278،و [1]ابن زهرة الحلبيّ في الغنية(الجوامع الفقهيّة):570-571،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):683،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:154.
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310-311،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137.
5- 5) الخلاف 1:377 مسألة-6.
6- 6) يراجع:ص 29،30. [2]
7- 7) خا و هامش ح:في الصحيح.
8- 8) التهذيب 4:188 الحديث 528 و 532،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [3]
9- 9) التهذيب 4:186 الحديث 521،الوسائل 7:7 الباب 3 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [4]
10- 10) التهذيب 4:187 الحديث 525،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [5]

و لأنّه نوى في جزء من النهار فكان مجزئا،كما لو نوى قبل الزوال.و لأنّ جميع الليل محلّ لنيّة الفرض،فإذا تعلّقت نيّة النفل بالنهار،كانت في جميعه.

احتجّ المخالف:بأنّ النيّة ينبغي أن تكون من أوّل النهار أو قبله،فإذا نوى قبل الزوال جاز ذلك تخفيفا،و جعلت نيّته مع معظم النهار بمنزلة نيّته مع جميعه،كما لو أدرك الإمام بعد الرفع لم يدرك الركعة؛لفوات معظمها،و لو أدركه قبله،أدركها؛ لإدراكه معظمها (1).

و الجواب:لا يعارض ما ذكرتموه ما تلوناه من الأحاديث العامّة و القياسات الكثيرة.

فرع :هل يحكم له بالصوم الشرعيّ المثاب عليه من وقت النيّة،أو من ابتداء

النهار؟

(2)

قال الشيخ في الخلاف بالثاني (3)،و به قال أكثر الشافعيّة،و قال آخرون منهم:إنّه يكون صائما من حين النيّة (4)،و به قال أحمد (5).

لنا:أنّ الصوم في اليوم الواحد لا يتبعّض فيه.و لأنّه لو جاز ذلك لجاز إذا أكل في أوّل النهار أن يصوم بقيّته.

و يؤيّده:رواية (6)هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

احتجّ المخالف:بأنّ ما قبل النيّة لم يقصد بالإمساك فيه الصوم،

ص:33


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،63،المغني 3:31،المهذّب للشيرازيّ 1:181.
2- 2) ش و ك:مسألة.
3- 3) الخلاف 1:377 مسألة-7.
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292-293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:315،316،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:138.
5- 5) المغني 3:31،الشرح الكبير بهامش المغني 3:36،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:298.
6- 6) غ و ف:ما رواه.
7- 7) التهذيب 4:188 الحديث 528 و 532،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8.

فلا يكون طاعة (1).

و الجواب:لا امتناع في ذلك،كما لو نسي النيّة بعد فعلها،فإنّه يحكم بكونه صائما تلك الحال حكما و إن انتفى القصد في تلك الحال،و كما لو أدرك الإمام راكعا فإنّه يحسب له تلك الركعة و إن فات بعضها.

لا يقال:إنّما لم يجز لمن أكل الصوم بقيّة النهار؛لأنّه لم يترك حكم العادة،لا لما ذكرتموه.

و لأنّ رواية هشام تدلّ على أنّه يحسب له من وقت النيّة إذا أوقعها بعد الزوال.

و لرواية عبد اللّه بن سنان الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«فإن بدا له أن يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم،فإنّه يحسب له من الساعة التي نوى فيها» (2).

لأنّا نقول:لو كانت العلّة ترك العادة لكان-من شرب جرعة أو أكل شيئا يسيرا لا يحصل به غداء (3)-صائما،و ليس كذلك.و لا ريب في دلالة رواية هشام على أنّ الناوي بعد الزوال يحتسب (4)له من حين النيّة،و الناوي قبله يحتسب (5)له من أوّل النهار،فالأولى العمل بمضمونها،و تحمل رواية ابن سنان عليها؛لإمكانه.

إذا ثبت هذا،فالشرط عدم إيقاع ما يفسد الصوم لو كان صائما قبل النيّة،فلو فعل ما ينتقض به الصوم ثمّ نوى،لم يعتدّ به بلا خلاف.

مسألة:قال الشيخ في الخلاف:أجاز أصحابنا في رمضان خاصّة أن تتقدّم نيّته

ص:34


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:316،المغني 3:31، الشرح الكبير بهامش المغني 3:36.
2- 2) التهذيب 4:187 الحديث 524،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [1]
3- 3) بعض النسخ:الغداء.و الغداء-بالمدّ-:طعام الغداة.المصباح المنير:443.
4- 4) بعض النسخ:يحسب.
5- 5) بعض النسخ:يحسب.

عليه بيوم أو أيّام (1).و قال في المبسوط:لو نوى قبل الهلال صوم الشهر،أجزأته النيّة السابقة إن عرض له ليلة الصيام سهو أو نوم أو إغماء،فإن كان ذاكرا فلا بدّ له من تجديدها (2)،و بنحوه قال في النهاية (3)و الجمل (4).و يمكن أن يحتجّ له بأنّ المقارنة غير شرط،و لهذا جاز تقديمها من أوّل الليل و إن يعقبها (5)الأكل و الشرب و الجماع،و إذا جاز ذلك،جاز أن يتقدّم بيوم أو يومين أو ثلاث؛لتقارب الزمان هنا،كما هو ثم.و لكنّ هذا ضعيف جدّا؛لأنّ تقديم النيّة من أوّل الليل مستفاد من مفهوم قوله عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له» (6).و لأنّ مقارنة النيّة لأوّل طلوع الفجر عسر جدّا،فانتفى،و صار المعتبر فعلها في الزمان الممتدّ من أوّل الليل إلى آخره،بخلاف تقدّمها (7)باليوم و الأيّام.و لأنّه لا فاصل بين الليلة و اليوم بغيرهما،بخلاف الأيّام السابقة.و لأنّه قياس من غير جامع، فلا يكون مسموعا.

مسألة:و جوّز أصحابنا في رمضان أن ينوي من أوّل الشهر صومه أجمع
اشارة

و لا يحتاج كلّ ليلة إلى نيّة،و في غيره لا بدّ من نيّة (8)لكلّ يوم.و به قال مالك (9)،

ص:35


1- 1الخلاف 1:376 مسألة-5.
2- 2) المبسوط 1:276. [1]
3- 3) النهاية:151-152.
4- 4) الجمل و العقود:109.
5- 5) غ،ف،ق و خا:تعقّبها.
6- 6) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791.و بتفاوت ينظر: سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454، [2]سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [3]سنن الدارميّ 2:6، [4]سنن الدارقطنيّ 2:171 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:181.
7- 7) بعض النسخ:تقديمها.
8- 8) ح:نيّته.
9- 9) مقدّمات ابن رشد 1:183،إرشاد السالك:48،بلغة السالك 1:145،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:145.

و أحمد في إحدى الروايتين (1)،و إسحاق (2)،و حكي عن زفر (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد في رواية:أنّه لا بدّ من تجديد النيّة لكلّ يوم (6).

لنا:أنّه نوى في زمان يصلح جنسه لنيّة الصوم لا يتخلّل (7)بينه و بين فعله زمان يصلح جنسه لصوم سواه،فجاز ذلك،كما لو نوى اليوم الأوّل من ليلته.و لأنّه عبادة واحدة حرمته واحدة و يخرج منه بمعنى واحد هو الفطر،فصار كصلاة واحدة.و لأنّ حرمته حرمة واحدة فيؤثّر فيه النيّة الواحدة كما أثّرت في اليوم الواحد،إذا وقعت في ابتدائه.

احتجّ المخالف:بأنّه صوم واجب،فوجب أن ينويه من ليلته،كاليوم الأوّل و لأنّ هذه الأيّام عبادات يتخلّلها ما ينافيها،و لا يفسد بعضها بفساد بعض،فأشبهت القضاء (8).

و الجواب:مساواة الليلة الأولى لباقي الليالي،كما بيّنّا،فكما جاز إيقاع النيّة

ص:36


1- 1المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:295.
2- 2) المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،المجموع 6:302.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:60.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:60،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:118 و 128،شرح فتح القدير 2:234،مجمع الأنهر 1:233.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:65،حلية العلماء 3:185،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:302، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:289 و 291، [2]مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
6- 6) المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:295،زاد المستقنع:28.
7- 7) كثير من النسخ:لا يتحلّل.
8- 8) المغني 3:24،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المبسوط للسرخسيّ 3:60،بدائع الصنائع 2:85، المجموع 6:302.

في كلّ ليلة جاز في الأولى،و كونها عبادات متعدّدة صحيح من وجه،و هي متّحدة من وجه آخر على ما قدّمناه.

و اعلم أنّ عندي في هذه المسألة إشكالا؛إذ الحقّ أنّها عبادات منفصلة،و لهذا لا يبطل البعض بفساد الآخر،بخلاف الصلاة الواحدة و اليوم الواحد،و ما ذكره أصحابنا قياس محض لا نعمل به؛لعدم النصّ على الفرع و على علّته،لكنّ الشيخ رحمه اللّه (1)،و السيّد المرتضى رضي اللّه عنه ادّعيا هاهنا الإجماع (2)و لم يثبت عندنا ذلك،فالأولى تجديد النيّة لكلّ يوم من ليلته.

فروع:
الأوّل:إن قلنا بالاكتفاء بالنيّة الواحدة

فإنّ الأولى (3)تجديدها بلا خلاف.

الثاني:لو نذر شهرا معيّنا،أو أيّاما معيّنة متتابعة،لم يكتف فيها بالنيّة الواحدة،

أمّا عندنا؛فلعدم النصّ،و أمّا عندهم؛فللفرق بين صوم لا يقع فيه غيره،و بين صوم يجوز أن يقع فيه سواه.

الثالث:لو فاتته النيّة من أوّل الشهر لعذر و غيره،هل يكتفي بالواحدة في ثاني

ليلة أو ثالث ليلة للباقي من الشهر؟

فيه تردّد.

أمّا إن قلنا بعدم الاكتفاء في الأوّل قلنا به هاهنا،و إن قلنا بالاكتفاء هناك فالأولى الاكتفاء هنا؛لأنّ النيّة الواحدة قد كانت مجزئة عن الجميع فعن البعض أولى،لكنّ هذه كلّها قياسات لا يعتمد عليها.

مسألة:يستحبّ صيام يوم الثلاثين من شعبان
اشارة

إذا لم ير الهلال بنيّة أنّه من

ص:37


1- 1الخلاف 1:375 مسألة-3.
2- 2) الانتصار:61.
3- 3) ش:فالأولى.

شعبان،و لا يكره صومه،سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه،أو لم يكن هناك مانع.

و قال المفيد رحمه اللّه:إنّما يستحبّ مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع،و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع،إلاّ لمن كان صائما قبله (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و الأوزاعيّ (3).

و قال أحمد:إن كانت السماء مصحية،كره صومه،و إن كانت مغيّمة،وجب صومه،و يحكم بأنّه من رمضان (4).و روي ذلك عن ابن عمر (5)،و قال الحسن، و ابن سيرين:إن صام الإمام صاموا،و إن أفطر أفطروا (6).و هو مرويّ عن أحمد (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و مالك مثل قولنا (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«لأنّ أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» (10).

ص:38


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:650. [1]
2- 2) المجموع 6:403 و 420.
3- 3) حلية العلماء 3:178،المجموع 6:420-421،عمدة القاري 10:279.
4- 4) المغني 3:14،الشرح الكبير بهامش المغني 3:5،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:269-270،زاد المستقنع:28.
5- 5) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:5،المجموع 6:403،مقدّمات ابن رشد 1:186.
6- 6) حلية العلماء 3:179،المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،المجموع 6:403 و 408.
7- 7) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:270. [2]
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:63،تحفة الفقهاء 1:343،بدائع الصنائع 2:78،الهداية للمرغينانيّ 1:119، 120،شرح فتح القدير 2:243،مجمع الأنهر 1:343،عمدة القارئ 10:279.
9- 9) الموطّأ 1:309،بلغة السالك 1:242،عمدة القارئ 10:279.
10- 10) سنن الدارقطنيّ 2:170 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:211،212،المغني 3:16،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،المجموع 6:403 و 412،فتح العزيز بهامش المجموع 6:252،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 2:79 الحديث 348،المقنع:59، [3]الوسائل 7:14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [4]

و رووه عن عائشة (1)،و أبي هريرة (2).و رووا عن عائشة أنّها كانت تصومه (3)و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن حكيم قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه،فإنّ الناس يزعمون أنّ من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان،فقال:«كذبوا،إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفّقوا (4)له،و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيّام» (5).

و عن بشير النبّال،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن صوم يوم الشكّ،فقال:«صمه،فإن يك من شعبان كان تطوّعا،و إن يك من شهر رمضان فيوم وفّقت (6)له» (7).

و عن الكاهليّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه من شعبان،قال:لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» (8).

ص:39


1- 1مسند أحمد 6:126، [1]سنن البيهقيّ 4:211،مجمع الزوائد 3:148.
2- 2) سنن البيهقيّ 4:211.
3- 3) المجموع 6:403.
4- 4) ح:وفّق،كما في الاستبصار.
5- 5) التهذيب 4:181 الحديث 502،الاستبصار 2:77 الحديث 234،الوسائل 7:13،الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 7. [2]
6- 6) ص،ش و خا:وقعت.
7- 7) التهذيب 4:181 الحديث 504،الاستبصار 2:78 الحديث 236،الوسائل 7:12 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [3]
8- 8) التهذيب 4:181 الحديث 505،الاستبصار 2:78 الحديث 237،الوسائل 7:12،الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [4]

و لأنّه يوم محكوم به من شعبان،فلا يكره صومه،كما لو كانت عادته صيامه.

و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم،فلا وجه للكراهية،و لأنّه يوم محكوم به من شعبان،فكان كغيره من أيّامه.

احتجّ الشافعيّ (1):بما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام:اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان،و يوم الفطر،و يوم الأضحى، و أيّام التشريق (2).

و عن عمّار بن ياسر قال:من صام يوم الشكّ فقد عصى أبا القاسم صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تقدّموا هلال رمضان بيوم و لا بيومين إلاّ أن يوافق صوما كان يصومه أحدكم» (4).

و روى أصحابنا شبه ذلك،روي الشيخ عن هارون بن خارجة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«عدّ شعبان تسعة و عشرين يوما،فإن كانت متغيّمة (5)

ص:40


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:406-407،مغني المحتاج 1:433.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:208،مجمع الزوائد 3:203.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:34،سنن أبي داود 2:300 الحديث 2334، [1]سنن الترمذيّ 3:70 الحديث 686، [2]سنن ابن ماجة 1:527 الحديث 1645،سنن النسائيّ 4:153،سنن الدارميّ 2:2، [3]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:239 الحديث 3577 و ص 242 الحديث 3587 و ص 243 الحديث 3588،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 5،سنن البيهقيّ 4:208،عمدة القارئ 10:279.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:35،صحيح مسلم 2:762 الحديث 1082،سنن أبي داود 2:300 الحديث 2335، [4]سنن الترمذيّ 3:68 الحديث 684،و ص 69 الحديث 685 و [5]ص 71 الحديث 687، سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1650،سنن النسائيّ 4:154،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:239 الحديث 3578 و ص 241 الحديث 3584،سنن الدارميّ 2:4،سنن الدارقطنيّ 2:159 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:207،عمدة القارئ 10:272.
5- 5) بعض النسخ:مغيّمة.

فأصبح صائما،و إن كانت مصحية و تبصّرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا» (1).

و عن عبد الكريم بن عمرو قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:[إنّي] (2)جعلت على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم،فقال:«لا تصم في السفر،و لا العيدين، و لا أيّام التشريق،و لا اليوم الذي يشكّ فيه» (3)و عن قتيبة الأعشى قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صوم ستّة أيّام:العيدين،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان» (4).

احتجّ أحمد (5):بما رواه ابن عمر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الشهر تسع و عشرون يوما فلا تصوموا حتّى تروا الهلال،و لا تفطروا حتّى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له» (6)و معنى الإقدار التضييق (7)،كما في قوله تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ (8).

ص:41


1- 1التهذيب 4:159 الحديث 447 و ص 180 الحديث 501،الاستبصار 2:77 الحديث 233،الوسائل 7:216 الباب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:183 الحديث 510،الاستبصار 2:79 الحديث 242،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 4:183 الحديث 509،الاستبصار 2:79 الحديث 241،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [3]
5- 5) المغنى 3:15،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:6.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:34،صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080،سنن أبي داود 2:297 الحديث 2320، [5]الموطّأ 1:286 الحديث 2، [6]سنن الدارميّ 2:4، [7]مسند أحمد 2:5، [8]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:242 الحديث 3585،سنن الدارقطنيّ 2:161 الحديث 22،سنن البيهقيّ 4:204.
7- 7) كثير من النسخ:التضيّق.
8- 8) الطلاق(65):7. [9]

و التضييق (1)له أن يجعل شعبان تسعة و عشرين يوما.و فعل ابن عمر ذلك، فكان يصوم مع الغيم و المانع،و يفطر لا معهما،و هو الراوي،فكان فعله تفسيرا.

و لأنّه شكّ في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنّه من غير رمضان،فوجب الصوم كالطرف الآخر.و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم.

و احتجّ ابن سيرين (2):بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون،و الأضحى يوم تضحّون» (3)قيل معناه:أنّ الصوم و الفطر مع الجماعة و معظم الناس (4).

و الجواب:أنّ الأحاديث الدالّة على النهي منصرفة إلى الصوم بنيّة أنّه من رمضان؛لأنّه (5)ظاهرا من غير رمضان فاعتقاد أنّه منه قبيح،فإرادة فعله على هذا الوجه قبيحة و يقع الفعل باعتبار قبح الإرادة قبيحا،فكان منهيّا عنه،و النهي في العبادات يدلّ على الفساد.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن شهاب الزهريّ قال:سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:«يوم الشكّ أمرنا بصيامه و نهينا عنه،أمرنا أن يصومه (6)الإنسان على أنّه من شعبان،و نهينا عن أن يصومه (7)على أنّه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال» (8).

ص:42


1- 1كثير من النسخ:التضيّق.
2- 2) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6.
3- 3) سنن أبي داود 2:297 الحديث 2324( [1]فيه:بتفاوت)،سنن الترمذيّ 3:80 الحديث 697، [2]سنن الدار قطنيّ 2:164 الحديث 35،كنز العمّال 8:488 الحديث 23760.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:80، [3]المغني 3:14،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6.
5- 5) هامش ح بزيادة:كان.
6- 6) كثير من النسخ:أن يصوم.
7- 7) ش:نصومه،ن:نصوم.
8- 8) التهذيب 4:164 الحديث 463 و ص 183 الحديث 511،الاستبصار 2:80 الحديث 243،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 4. [4]

و حديث أحمد على الوجوب معارض بما رواه البخاريّ بإسناده عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (1).

على أنّ مسلما رواه-في الصحيح-عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذكر رمضان فقال:«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فاقدروا له ثلاثين» (2).

و في حديث آخر عن ربعيّ بن حراش (3)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فعدّوا شعبان ثلاثين (4)،ثمّ صوموا،و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» (5).

و لأنّ الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشكّ،و لهذا لا يحلّ الدين المعلّق بشهر رمضان،و لا الطلاق المعلّق به عنده.و أمّا الكراهية مع الصحو فمنفيّة بما ذكرناه من الأدلّة.

و قد روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصل شعبان برمضان (6)،

ص:43


1- 1صحيح البخاريّ 3:34.
2- 2) صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080.
3- 3) ربعيّ بن حراش بن جحش بن عمرو بن عبد اللّه بن بجاد العبسيّ أبو مريم الكوفيّ روى عن عمر و عليّ عليه السّلام و ابن مسعود و أبي موسى و عمران بن حصين و حذيفة بن اليمان،و روى عنه عبد الملك بن عمير و أبو مالك الأشجعيّ و الشعبيّ،مات سنة:101 و قيل 100 و قيل:104 ه. تهذيب التهذيب 3:236، [1]العبر 1:91. [2]
4- 4) غ بزيادة:يوما،كما في بعض المصادر.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:160 الحديث 20،و بتفاوت ينظر:سنن أبي داود 2:298 الحديث 2326، [3]سنن النسائيّ 4:135،سنن الدارقطنيّ 2:160 الحديث 23،24،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:190 الحديث 3449،سنن البيهقيّ 4:208،المصنّف لعبد الرزّاق 4:164 الحديث 7337، [4]كنز العمّال 8:488 الحديث 23758.
6- 6) سنن أبي داود 2:300 الحديث 2336،سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1648،1649، سنن النسائيّ 4:150 و 199،سنن الدارميّ 2:17،سنن البيهقيّ 4:210،مجمع الزوائد 3:192، المعجم الكبير للطبرانيّ 22:224 الحديث 594.

و هو عامّ،و يحمل (1)نهي تقديم الصوم على العاجز ليقوى بالإفطار على الصوم الواجب،كما حمل رواية أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتّى يكون رمضان» (2).

و احتجاج ابن سيرين ورد على الظاهر إذ الغالب عدم خفاء الهلال عن جماعة كثيرة،و خفاؤه عن واحد و اثنين،لا العكس.

فروع:
الأوّل:لو نوى أنّه من رمضان كان حراما،و لم يجزئه لو خرج من رمضان؛

لما بيّنّاه من أنّ النهي يدلّ على الفساد،و لحديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام (3).

و لما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في يوم الشكّ:«من صامه قضاه و إن كان كذلك» (4)يريد:من صامه على أنّه من رمضان (5)،و يدلّ عليه قوله عليه السّلام:«و إن كان كذلك»لأنّ التشبيه إنّما هو للنيّة.

و لو نوى أنّه من شعبان ندبا،ثمّ بان أنّه من رمضان،أجزأ عنه؛لأنّه صوم شرعيّ غير منهيّ عنه،فكان مجزئا عن الواجب،لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره،

ص:44


1- 1ن و م:و نحمل.
2- 2) سنن أبي داود 2:300 الحديث 2337، [1]سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1651،سنن الترمذيّ 3:115 الحديث 738، [2]سنن الدارميّ 2:17، [3]مسند أحمد 2:442، [4]سنن البيهقيّ 4:209،كنز العمّال 8:506 الحديث 23857،المصنّف لعبد الرزّاق 4:161 الحديث 7325 [5] في بعض المصادر بتفاوت.
3- 3) التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7:14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [6]
4- 4) التهذيب 4:162 الحديث 457،الوسائل 7:17 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [7]
5- 5) ح:من صامه على أنّه من شهر رمضان بغير رؤية،قضاه،كما في المصادر.

و نيّة الوجوب ساقطة؛للعذر،كناسي النيّة إلى قبل الزوال،و لما ذكرناه من الأحاديث (1).

الثاني:لو نوى أنّه واجب أو ندب و لم يعيّن لم يصحّ صومه،

و لا يجزئه لو خرج من رمضان إلاّ أن يجدّد النيّة قبل الزوال.

الثالث:لو نوى أنّه من رمضان فقد بيّنّا أنّه لا يجزئه-

و تردّد (2)الشيخ في الخلاف (3)-فلو ثبت الهلال قبل الزوال،جدّد النيّة و أجزأه؛لأنّ محلّ النيّة باق.

الرابع:لو صامه بنيّة أنّه من شعبان ندبا،ثمّ بان أنّه من رمضان

و النهار باق، جدّد نيّة الوجوب،و لو لم يعلم حتّى فات النهار أجزأ عنه على ما بيّنّا (4).

الخامس:لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب،

و إن كان من شعبان فهو ندب،للشيخ قولان:

أحدهما:الإجزاء لو بان من رمضان،ذكره في الخلاف؛لأنّ نيّة القربة كافية و قد نوى القربة (5).

و الثاني:لا يجزئه (6)-و به قال الشافعيّ (7)-لأنّ نيّته متردّدة،و الجزم شرطها، و التعيين ليس بشرط إذا علم أنّه من شهر رمضان،أمّا فيما لا يعلم فلا نسلّم ذلك.

السادس:لو نوى الإفطار لاعتقاد أنّه من شعبان،فبان من رمضان قبل الزوال

و لم يتناول شيئا،نوى حينئذ الصوم الواجب،و أجزأه؛لما بيّنّا أنّ محلّ النيّة إلى

ص:45


1- 1يراجع:ص 42،43.
2- 2) بعض النسخ:و قد تردّد.
3- 3) الخلاف 1:378 مسألة-9.
4- 4) غ:بيّنّاه.
5- 5) الخلاف 1:382 مسألة-21،22.
6- 6) النهاية:151. [1]
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:56،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:295،296،فتح العزيز بهامش المجموع 6:323-325،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.

الزوال،و العذر موجود و هو الجهل،فكان كتارك النيّة نسيانا.

و لو ظهر له ذلك بعد الزوال أمسك بقيّة نهاره و وجب عليه القضاء،و به قال أبو حنيفة (1).

و الشافعيّ أوجب القضاء في الموضعين (2)،و قد سلف ضعفه (3).

و روي عن عطاء أنّه قال:يأكل بقيّة يومه (4).و لا نعلم أحدا قاله سواه،إلاّ في رواية عن أحمد،ذكرها أبو الخطّاب (5).

و احتجّوا:بالقياس على المسافر (6)،و هو خطأ؛لأنّ للمسافر الفطر بعد قدومه ظاهرا و باطنا،بخلاف صورة النزاع.و لما رواه الجمهور (7)عن ابن عبّاس أنّ الأعرابيّ لمّا شهد بالهلال،أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الناس بالصوم و صام (8).

السابع:لو نوى الصوم في رمضان،ثمّ نوى الخروج منه بعد انعقاده،لم يبطل

صومه،

قال الشيخ-رحمه اللّه (9)-و الشافعيّ في أحد قوليه.و في الآخر:يبطل؛ لأنّ النيّة شرط في صحّته و لم يحصل (10).

ص:46


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:63،بدائع الصنائع 2:78،79.
2- 2) الأمّ 2:102،حلية العلماء 3:179،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:271،مغني المحتاج 1:438،السراج الوهّاج:143.
3- 3) يراجع:ص 42.
4- 4) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15.
5- 5) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15،زاد المستقنع:28،الإنصاف 3:281.
6- 6) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15.
7- 7) ح:لما رواه الجمهور.
8- 8) سنن أبي داود 2:302 الحديث 2340،سنن ابن ماجة 1:529 الحديث 1652،سنن الترمذيّ 3:74 الحديث 691،سنن النسائيّ 4:131-132،سنن الدارميّ 2:5،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 7-12،سنن البيهقيّ 4:212 في بعض المصادر بتفاوت.
9- 9) المبسوط 1:278، [1]الخلاف 1:401 مسألة-89.
10- 10) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297.

لنا:أنّه صام بشرطه،و هو النيّة،فكان مجزئا و لا يبطل بعد انعقاده،و نمنع (1)كون استدامة النيّة شرطا.

الثامن:لو شكّ هل يخرج أم لا،لم يخرج عندنا؛

لما تقدّم في المتيقّن،فمع الشكّ أولى،و للشافعيّ وجهان (2).

التاسع:لو نوى أنّه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا،و كانت سنة

إحدى و تسعين و غلط في ذلك،صحّت نيّته،

خلافا لبعض الشافعيّة (3)؛لأنّه صام بشرطه فلا يؤثّر فيه غلطه،كما لو حسب أنّه الاثنين فنواه و كان الثلاثاء.

العاشر:لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان،فنوى قضاء اليوم الثاني،

أو كان عليه يوم من سنة أربع فنواه من سنة خمس،الحقّ عندي أنّه لا يجزئ؛لأنّه صوم لا يتعيّن بزمان،فلا بدّ فيه من النيّة،و الذي عليه لم ينوه،فلم يكن مجزئا، كما لو كان عليه رقبة من ظهار فنواها عن الفطر.

الحادي عشر:لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال،فإن قلنا بالاكتفاء فيه بالشاهد

الواحد فلا بحث،

و إن أوجبنا الشاهدين فهل يجوز له أن ينوي عن رمضان واجبا؟ فيه تردّد ينشأ،من كون المخبر إفادة الظنّ بخبره،فجاز له النيّة،و يجزئه لو بان أنّه من رمضان؛لأنّه نوى بضرب من الظنّ،فكان كالشاهدين.و من كونه يوما محكوما به (4)من شعبان لم يخرج عن كونه يوم شكّ بشهادة الواحد،فكان الواجب نيّة النفل.و الأخير عندي أقرب.

ص:47


1- 1بعض النسخ:و يمنع.
2- 2) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
3- 3) حلية العلماء 3:189،المجموع 6:295،فتح العزيز بهامش المجموع 6:295،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.
4- 4) ش:بأنّه،مكان:به.
الثاني عشر:لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير ،

(1)

أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة،فهل يجزئه الصوم لو نوى أنّه من رمضان؟فيه التردّد،من حيث إنّ المخبر إفادة الظنّ،كما لو أخبر عن مشاهدة،و من حيث إنّه لم يخرج كونه يوم شكّ،و التردّد هنا أضعف؛لأنّ الحساب ليس بطريق إلى إثبات الأهلّة و لا يتعلّق وجوبه به،و إنّما يثبت بالرّؤية أو استكمال ثلاثين،و لا ريب في عدم الوجوب هاهنا،بخلاف المخبر الواحد عن الرؤية؛لوقوع الخلاف هناك و إن كان الحقّ عدمه أيضا على ما يأتي.

الثالث عشر:لو نوى أنّه صائم غدا إن شاء اللّه،فإن قصد الشكّ و التردّد،

لم يصحّ صومه؛لأنّه لم يفعل نيّة جازمة فلا تكون مجزئة،كما لو تردّد بين الصوم و عدمه.و إن قصد التبرّك،أو أنّ ذلك موقوف على مشيئة اللّه تعالى و توفيقه و تمكينه،لم يكن شرطا و صحّ صومه.

الرابع عشر:لو نوى قضاء رمضان أو تطوّعا،لم يجزئه،لأنّه صوم لا يتعيّن

بوقته فافتقر إلى التعيين.

و لأنّه جعله مشتركا بين الفرض و النفل،فلا يتعيّن لأحدهما؛لعدم الأولويّة،و لا لغيرهما؛لعدم القصد.

و قال أبو يوسف:إنّه يقع عن القضاء؛لأنّ التطوّع لا يفتقر إلى التعيين،فكأنّه نوى القضاء،و صوما مطلقا.و قال محمّد:يقع تطوّعا (2).و به قال الشافعيّ (3)؛لأنّ زمان القضاء يصلح للتطوّع،فإذا سقطت نيّة الفرض بالتشريك بقي نيّة الصوم،فوقع تطوّعا.

ص:48


1- 1بعض النسخ:و التيسير.
2- 2) كذا نسب إليهما،و الموجود في المصادر هكذا:يقع صومه عن رمضان و لا يكون عن غيره بنيّة. المبسوط للسرخسيّ 3:142،تحفة الفقهاء 1:348،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:118،119،شرح فتح القدير 2:239-240،مجمع الأنهر 1:233.
3- 3) الأمّ 2:102،المجموع 6:299.

و الجواب عن الأوّل:أنّ التطوّع و إن لم يفتقر إلى التعيين،إلاّ أنّه يصحّ أن ينويه و يعيّنه،و هو مناف للفرض فلا يصحّ مجامعته،بخلاف ما لو نوى الفرض و الصوم المطلق؛لأنّه جزء من الفرض غير مناف له فافترقا.

و عن الثاني:أنّ زمان القضاء كما هو صالح للتطوّع فكذا للقضاء،فلا تخصيص، و نيّتهما واقعة،و ليس سقوط نيّة الفرض للتشريك أولى من سقوط نيّة النفل،فإمّا أن يسقطا و هو المطلوب،أو ثبتا و هو محال.

الخامس عشر:لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غدا من رمضان فإنّه

صائم منه،

و إن كان من شوّال فهو مفطر،قال بعض الشافعيّة:صحّت نيّته و صومه؛ لأنّه بنى نيّته على أصل و هو بقاء الشهر (1)،و عندي فيه تردّد.

و لو نوى أنّه صائم فيه عن رمضان أو نافلة لم يجز بلا خلاف؛لأنّه جعله مشتركا و لم يخلصه للفرض.

السادس عشر:لو ترك النيّة عامدا إلى الزوال ثمّ جدّدها لم يجزئه على ما

تقدّم ،

(2)

و يجب عليه الإمساك و القضاء،و هل يثاب على الإمساك؟قيل:لا؛لعدم الاعتداد به و عدم الإجزاء،فكان كما لو أكل متعمّدا ثمّ أمسك (3)،و الصحيح عندي أنّه يثاب عليه ثواب الإمساك؛لأنّه واجب يستحقّ (4)بتركه العقاب فيستحقّ بفعله الثواب،لا ثواب الصوم.

السابع عشر:قد بيّنّا أنّ محلّ النيّة من أوّل الليل إلى الزوال مع النسيان في

الصوم الواجب رمضان كان أو غيره،

(5)

فإن خرج الزوال و لم ينو،خرج محلّ النيّة في

ص:49


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:294،فتح العزيز بهامش المجموع 6:326-327،مغني المحتاج 1:426،السراج الوهّاج:138.
2- 2) يراجع:ص 21. [1]
3- 3) المجموع 6:272،292-293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:316.
4- 4) بعض النسخ:مستحقّ.
5- 5) يراجع:ص 21. [2]

الفرض دون النفل.هذا لمن أصبح بنيّة الإفطار،أمّا لو أصبح بنيّة الصوم ندبا في يوم الشكّ،فإنّه يجدّد نيّة الوجوب مع قيام البيّنة متى كان من النهار.

الثامن عشر:لو أصبح بنيّة الإفطار مع علمه بأنّه من الشهر و وجوبه عليه،

ثمّ جدّد النيّة لم يجزئه،سواء كان قبل الزوال أو بعده،لأنّه قد مضى من الوقت زمان لم يصمه،و لم يكن بحكم الصائم فيه من غير عذر،و يجب عليه الإمساك،سواء أفطر أولا،و وجب عليه القضاء.

التاسع عشر:قال الشيخ في المبسوط:النيّة و إن كانت إرادة لا تتعلّق بالعدم،

فإنّما تتعلّق بالصوم بإحداث توطين النفس و قهرها على الامتناع بتجديد (1)الخوف من عقاب اللّه و غير ذلك،أو يفعل كراهية لحدوث هذه الأشياء،فتكون متعلّقة على هذا الوجه و لا تنافي الأصول (2).

و تحرير ما استشكله الشيخ أنّ الإرادة صفة مميّزة لبعض المقدورات من بعض يقتضي تخصيص إيقاع الفاعل لبعضها دون الباقي فهي النيّة إنّما (3)تتعلّق بالممكنات المقدورة لنا.

إذا تقرّر هذا فنقول:النفي غير مقدور لنا على رأي قوم؛لأنّ القدرة تتعلّق بالإيجاد؛إذ لا تخصيص للعدم،فلا يكون بعضه مقدورا دون بعض.و لأنّه مستمرّ، و الصوم عبارة عن الإمساك،و هو في الحقيقة راجع إلى النفي فكيف تصحّ إرادته! فأجاب الشيخ بأنّ متعلّق الإرادة توطين النفس على الامتناع و قهرها عليه بتخويفها من العقاب و هو معنى وجوديّ.

أو نقول:الإرادة هاهنا راجعة إلى الكراهة (4)أعني أنّه يحدث كراهية تتعلّق

ص:50


1- 1بعض النسخ:بتحذير.
2- 2) المبسوط 1:278. [1]
3- 3) ش:و إنّما.
4- 4) ن،م و ح:الكراهية.

بإحداث المفطرات.هذا ما قرّره الشيخ،و الحقّ في ذلك قد ذكرناه في كتبنا الكلاميّة (1).

العشرون:نيّة صوم الصبيّ منعقدة و صومه شرعيّ

و لو (2)بلغ قبل الزوال بغير المبطل وجب عليه تجديد نيّة الفرض و إلاّ فلا.

الحادي و العشرون:لو نوى صوم يوم الشكّ عن فرض عليه،أجزأه،

سواء وافق ذلك صوم يوم عادته صومه،أولا،و سواء صام قبله أولا،و لا يكره له ذلك.

و قال بعض الشافعيّة:يكره له (3)،و هو خطأ؛لأنّه إذا جاز له أن يصومه تطوّعا لسبب من موافقة (4)يوم عادته صومه أو تقدّم صومه عليه،ففي الفرض أولى، كالوقت الذي نهي عن الصلاة فيه.على أنّا نمنع كراهية صومه منفردا،و قد سلف.

إذا ثبت هذا،فلو صامه تطوّعا من غير سبب فعندنا أنّه مستحبّ و لا بحث (5)حينئذ،و عند المفيد-رحمه اللّه-أنّه مكروه (6)،على ما تقدّم،و كذا عند الشافعيّ، فهل يصحّ أم لا؟قال بعض الشافعيّة:لا يصحّ؛لأنّ الغرض به القربة و هي لا تحصل بذلك (7)،و فيه نظر.

ص:51


1- 1ينظر:كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد:194.
2- 2) بعض النسخ:فلو.
3- 3) حلية العلماء 3:213،المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:399-400،فتح العزيز بهامش المجموع 6:414.
4- 4) بعض النسخ:موافقه.
5- 5) كثير من النسخ:و لا يجب.
6- 6) يستفاد من المقنعة:48 و 59 الاستحباب،و نقل عنه في المعتبر 2:650:«و [1]يكره مع الصحو»،و قال صاحب الحدائق 13:43:«و ما نقل هنا عن الشيخ المفيد قدّس سرّه لعلّه من غير المقنعة؛لأنّ كلامه في المقنعة صريح في الاستحباب مطلقا.
7- 7) المهذّب للشيرازى 1:188،المجموع 6:400،فتح العزيز بهامش المجموع 6:414-415،مغني المحتاج 1:433.

البحث الثاني

اشارة

فيما يمسك عنه الصائم

يجب الإمساك عن الأكل و الشرب،و الجماع و الإنزال،و الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام،و الارتماس في الماء،و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق،و البقاء (1)على الجنابة حتّى يطلع الفجر من غير ضرورة،و معاودة النوم بعد انتباهة حتّى يطلع الفجر،و القيء عامدا،و الحقنة،و جميع المحرّمات، فهاهنا (2)مسائل:

المسألة الأولى:وجوب الإمساك عن الأكل و الشرب نهارا مستفاد من النصّ

و الإجماع.

قال اللّه تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (3).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و الذي نفسي بيده لخلوف (4)فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح المسك،بترك طعامه و شرابه و شهوته

ص:52


1- 1كثير من النسخ:و المقام.
2- 2) ش،م و ن:فهنا.
3- 3) البقرة(2):187. [1]
4- 4) كثير من النسخ:لخلوق.

من أجلي» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان بلال يؤذّن للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين يطلع الفجر،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام و الشراب،فقد أصبحتم» (2).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:متى يحرم الطعام (3)على الصائم و تحلّ الصلاة صلاة الفجر؟فقال:«إذا اعترض الفجر و كان كالقبطيّة (4)البيضاء فثمّ يحرم الطعام و تحلّ الصلاة صلاة الفجر»قلت:فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟فقال:«هيهات،أين تذهب؟تلك صلاة الصبيان» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

«لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال:الطعام و الشراب،و النساء، و الارتماس في الماء» (6).

ص:53


1- 1صحيح البخاريّ 3:31،صحيح مسلم 2:807 الحديث 1151،سنن الترمذيّ 3:136 الحديث 764، سنن النسائي 4:162-163،الموطّأ 1:310 الحديث 58، [1]سنن الدارميّ 2:24-25، [2]مسند أحمد 2:495، [3]سنن الدارقطنيّ 2:203 الحديث 5،سنن البيهقيّ 4:304،كنز العمّال 8:456 الحديث 23636،المصنّف لعبد الرزّاق 4:306 الحديث 7892، [4]المعجم الكبير للطبرانيّ 3:45 الحديث 1235، مجمع الزوائد 3:165.
2- 2) التهذيب 4:184 الحديث 513،الوسائل 7:78 الباب 42 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]
3- 3) ح بزيادة:و الشراب،كما في الوسائل. [6]
4- 4) أكثر النسخ:كالقطنة،و في بعضها:كالهبطيّة.القبطيّة:الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء.النهاية لابن الأثير 4:6. [7]
5- 5) التهذيب 4:185 الحديث 514،الوسائل 3:152 الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث 1. [8]
6- 6) التهذيب 4:202 الحديث 584،الاستبصار 2:80 الحديث 244،الوسائل 7:18 الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [9]

و قد أجمع المسلمون:على الفطر بالأكل و الشرب و إن اختلفوا في تفاصيل تأتي إن شاء اللّه.

المسألة الثانية:يقع الإفطار بالأكل و الشرب للمعتاد بلا خلاف على ما تقدّم،

أمّا ما ليس بمعتاد فذهب علماؤنا إلى أنّه يفطر،و أنّ حكمه حكم المعتاد،سواء تغذّى به أو لم يتغذّ به،و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ ما نستثنيه.

و قال الحسن بن صالح بن حيّ:لا يفطر بما ليس بطعام و لا شراب (1).

و حكي عن أبي طلحة الأنصاريّ أنّه كان يأكل البرد في الصوم،و يقول:ليس بطعام و لا شراب (2).

و قال أبو حنيفة:لو ابتلع حصاة أو فستقة بقشرها،لم تجب الكفّارة فيعتبر في إيجاب الكفّارة ما يتغذّى به أو يتداوى به (3).

لنا:دلالة الكتاب و السنّة على تحريم الأكل و الشرب على العموم،فيدخل فيه محلّ النزاع،و فعل أبي طلحة لم يثبت،و لو ثبت لم يكن حجّة.و لأنّ الإمساك يجب عمّا يصل إلى الجوف،و تناول ما ليس بمعتاد-كالحصاة و المياه المستخرجة من الأشجار-ينافي الإمساك،فكان مفسدا للصوم.

المسألة الثالثة:بقايا الغذاء المستخلفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا فسد صومه،

سواء أخرجها من فمه أو لم يخرجها.

و قال أحمد:إن كان يسيرا لا يمكنه التحرّز منه فابتلعه لم يفطر،و إن كان كثيرا أفطر (4).

ص:54


1- 1حلية العلماء 3:194،المغني و الشرح 3:37،38،المجموع 6:317.
2- 2) المغني و الشرح 3:37،38،المجموع 6:317.و قريب منه في مسند أحمد 3:279.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:74،100 و 138،تحفة الفقهاء 1:353 و 355،بدائع الصنائع 2:99،الهداية للمرغينانيّ 1:124،شرح فتح القدير 2:260،مجمع الأنهر 1:241-242.
4- 4) المغني 3:46، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:49-50، [2]الإنصاف 3:307.

و قال الشافعيّ:إن كان ممّا يجري به الريق،و لا يتميّز عنه،فبلعه مع ريقه، لم يفطره،و إن كان بين أسنانه شيء من لحم أو خبز حصل في فيه،متميّزا عن الريق،فابتلعه مع ذكره للصوم،فسد صومه (1).

و قال أبو حنيفة:لا يفطر به (2).

لنا:أنّه بلع طعاما مختارا ذاكرا،فوجب أن يفطر،كما لو ابتدأ أكلا.و لأنّه جنس المفطر فتساوى الكلّ،و الجزء فيه،كالماء.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا يمكنه التحرّز منه،فأشبه ما يجري به الريق (3).

و الجواب:بأنّ ما يجري به الريق لا يمكنه لفظه،و البصاق لا يخرج به جميع الريق،و في توالي البصاق مشقّة،فيكون منفيّا.

و قد تحصّل من هذا:إن كان موضع يمكنه التحرّز منه و لفظه،يجب،و كلّ موضع لا يمكنه ذلك،فإنّه لا يفطره.

المسألة الرابعة:الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة،لا يفطر؛
اشارة

لأنّه لا يمكن الاحتراز عنه و لا بدّ منه،و لو انقطع جفّ حلقه.

و لو جمعه في فيه ثمّ ابتلعه،لم يفطر،و للشافعيّ قولان:أحدهما الإفطار (4).

ص:55


1- 1الأمّ 2:96،حلية العلماء 3:194،الميزان الكبرى 2:23،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133،المجموع 6:317،فتح العزيز بهامش المجموع 6:394-395،مغني المحتاج 1: 429-430،السراج الوهّاج:140.
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في كتبه التفصيل بين القليل و الكثير،ينظر:المبسوط للسرخسيّ 3:93-94، تحفة الفقهاء 2:353،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2:258، مجمع الأنهر 1:246،الدرّ المنتقى في شرح الملتقى بهامش مجمع الأنهر 1:246.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:94،تحفة الفقهاء 3:353،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:123، شرح فتح القدير 2:258.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:315-318،فتح العزيز بهامش المجموع 6:391،مغني المحتاج 1:429،السراج الوهّاج:140.

لنا:أنّه وصل إلى جوفه من معدته،فلا يكون مفطرا،كالقليل.و لأنّ قليله لا يفطر،فكذا كثيره.

فروع:
الأوّل:لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه أو بين أصابعه،

(1)

ثمّ ابتلعه،أفطر.

الثاني:لو ترك في فمه حصاة أو درهما،فأخرجه و عليه بلّة من الريق،

(2)

ثمّ أعاده في فيه،فالوجه الإفطار،قلّ أو كثر؛لابتلاعه البلل الذي على ذلك الجسم.

و قال بعض الجمهور:لا يفطر إن كان قليلا (3).

الثالث:لو ابتلع ريق غيره،أفطر.

لا يقال:قد روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّلها و هو صائم و يمصّ لسانها (4).

لأنّا نقول:قد طعن أبو داود في هذه الرواية و قال:إنّ سندها ليس بصحيح (5).

و لو سلّمنا،فلا نسلّم أنّ المصّ كان في الصوم،فيجوز أنّه كان يقبّلها في الصوم، و يمصّ لسانها في غيره.سلّمنا،لكنّ المصّ لا يستلزم الابتلاع،فيجوز أن يمصّ ريقها و يبصقه.سلّمنا،لكن يجوز أن لا يكون على لسانها شيء من الريق.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:56


1- 1بعض النسخ:لو خرج.
2- 2) م و ح:فيه.
3- 3) المغني 3:41،الشرح الكبير بهامش المغني 3:74،الكافي لابن قدامة 1:475-476،الإنصاف 3:325.
4- 4) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2386، [1]سنن البيهقيّ 4:234.
5- 5) المغني 3:41،الشرح الكبير بهامش المغني 3:42،74-75،المجموع 6:318،عمدة القارئ 11:9.

الصائم يقبّل؟قال:«نعم،و يعطيها لسانه تمصّه» (1).

و عن أبي ولاّد الحنّاط قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أقبّل بنتا لي صغيرة و أنا صائم،فيدخل في جوفي من ريقها شيء،قال:فقال لي:«لا بأس، ليس عليك شيء» (2).

و في الحسن عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل الصائم،أله أن يمصّ لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟قال:«لا بأس» (3).

لأنّا نقول:قد بيّنّا أنّ المصّ لا يستلزم الابتلاع.و حديث أبي ولاّد لم يذكر فيه أنّ الريق وصل إلى جوفه بالمصّ؛لاستحالة ذلك في البنت شرعا،فجاز أن يبلع (4)شيئا من ريقها بسبب القبلة من غير شعور أو تعمّد.

الرابع:لو أبرز لسانه و عليه ريق ثمّ ابتلعه،لم يفطر؛

(5)

لأنّه لم ينفصل عن محلّه المعتاد،فكان كما لو وجد الريق على لسانه باطنا.

الخامس:لو جمع في فمه قلسا و ابتلعه،فإن كان خاليا من الطعام،

لم يفطر؛

(6)(7)

لما رواه محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القلس، يفطر الصائم؟قال:«لا» (8).

و لو مازجه غذاء و تعمّد اجتلابه (9)،أفطر و إن لم يبتلعه (10)،و لو لم يتعمّد،

ص:57


1- 1التهذيب 4:319 الحديث 974،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:319 الحديث 976،الوسائل 7:71 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:320 الحديث 978،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) ك،م و ق:يبلغ،ش:يبتلع.
5- 5) بعض النسخ:و عليه الماء،مكان:و عليه ريق.
6- 6) ص،ق،خاوح:فيه.
7- 7) قلس من باب ضرب:خرج من بطنه طعام أو شراب إلى الفم.المصباح المنير 2:513. [4]
8- 8) التهذيب 4:265 الحديث 795،الوسائل 7:63 الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]
9- 9) ق و ح:ابتلاعه.
10- 10) ف،غ و ح:يبلعه.

لم يفطر باجتلابه،و أفطر بابتلاعه عمدا.

السادس:لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه،لم يفطر.

و قال الشافعيّ:يفطر (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق.و لأنّ البلوى تعمّ به؛ لعدم انفكاك الصائم عنه،فالاحتراز عنه مشقّة عظيمة،فوجب العفو عنه،كالريق.

و يؤيّده:ما رواه غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته» (3).

احتجّوا:بأنّه يمكن الاحتراز منها فأشبهت القيء (4).

و الجواب:المنع من تمكّن الاحتراز دائما.

السابع:حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدّم،فلو ابتلع المعتاد أو غيره أبطل

صومه على ما سلف في الأكل .

(5)

هذا على المذهب المشهور.و اختار السيّد المرتضى أنّ ابتلاع الحصاة و ما أشبهها ليس بمفسد (6).

المسألة الخامسة:الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد،بلا خلاف بين
اشارة

العلماء.

قال اللّه تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إلى قوله تعالى: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ (7).

ص:58


1- 1حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:319،فتح العزيز بهامش المجموع 6:388-392،مغني المحتاج 1:427،السراج الوهّاج:139.
2- 2) المغني 3:41،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:325.
3- 3) الكافي 4:115 الحديث 1، [1]التهذيب 4:323 الحديث 995،الوسائل 7:77،الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 3:41،الكافي لابن قدامة 1:475.
5- 5) يراجع:ص 54.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) البقرة(2):187. [3]

و ما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (1)،سواء أنزل أو لم ينزل بلا خلاف.

أمّا الوطء في الدبر،فإن كان مع إنزال،فلا خلاف بين العلماء كافّة في إفساده الصوم،و إن كان بدون إنزال فالذي عليه المعوّل (2)،إفساد الصوم به؛لأنّه وطء في محلّ الشهوة فأشبه الوطء في الفرج.

و قد روى الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن بعض الكوفيّين يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال:

«لا ينقض صومها و ليس عليها (4)غسل» (5).و هو مقطوع السند فلا اعتداد به.

و روى الشيخ عن عليّ بن الحكم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا أتى الرجل المرأة في الدبر و هي صائمة لم ينقض صومها،و ليس عليها غسل» (6).

قال الشيخ:هذا خبر غير معمول عليه،و هو مقطوع الإسناد لا يعوّل عليه (7).

فروع:
الأوّل:لو جامعها في غير الفرجين،فإن أنزل،أفسد صومه للإنزال،

و إن لم ينزل لم يفسد صومه.

ص:59


1- 1تقدّم في ص:53.
2- 2) ن،خا و ق:القول.
3- 3) أكثر النسخ و كذا المصادر بزيادة:قال.
4- 4) أكثر النسخ:«عليه».
5- 5) التهذيب 4:319 الحديث 975،الوسائل 1:481 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [1]
6- 6) التهذيب 4:319 الحديث 977 و ج 7 ص 460 الحديث 1843،الوسائل 1:482-483 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 4:320.
الثاني:لو وطئ ميّتة في فرجها

قبل أو دبر (1)،كان حكمه حكم واطئ الحيّة.

الثالث:لو وطئ بهيمة،فإن أنزل أفسد صومه،

و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل،فإن أوجبناه أفسد صومه؛لأنّه مجنب حينئذ،و إلاّ فلا.

و قال الشيخ:لا يجب الغسل و يفطر (2).و الأولى الحكم بإيجاب الغسل و الإفطار؛لأنّه وطئ حيوانا في فرجه،فوجب تعلّق الحكمين به،كالمرأة.

الرابع:لو وطئ الغلام في دبره،فإن أنزل أفسد صومه،و إن لم ينزل فكذلك؛

لأنّه يجب عليه الغسل على ما بيّنّاه (3)،فيكون مفسدا لصومه.

الخامس:البحث في الموطوء كالبحث في الواطئ،فيجب على الموطوء في

دبره الغسل و يكون مفطرا،

و كذا المرأة الموطوءة في الدبر أو القبل.

أمّا لو أنزل بمجامعتها في غير الفرجين،فإنّ الحكمين يختصّان به،و لا نعلم خلافا في أنّ المرأة الموطوءة في قبلها طوعا يفسد صومها.

السادس:لو تساحقت امرأتان فأنزلتا أفسدتا صومهما،

و إن لم تنزلا لم يفسد صومهما،و لو أنزلت واحدة اختصّ الفساد بها.

السابع:لو تساحق المجبوب فأنزل،أفسد ،

(4)(5)

و إن لم ينزل فهو على صومه.

المسألة السادسة:الإنزال نهارا مفسد للصوم مع العمد،
اشارة

سواء أنزل باستمناء أو ملامسة أو قبلة بلا خلاف.

و روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:60


1- 1ح:قبلا أو دبرا.
2- 2) الخلاف 1:24 مسألة-59 و ص 388 مسألة-42.
3- 3) ف،ك،ق،م و خا:بيّنّا.
4- 4) ص،ك و م:لو ساحق.
5- 5) غ بزيادة:صومه.

عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني،قال:«عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع» (1).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل،قال:«عليه إطعام ستّين مسكينا،مدّ لكلّ مسكين» (2).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأة (3)فأدفق،فقال (4):«كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،أو يعتق رقبة» (5).

و عن حفص بن سوقة (6)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في[قضاء] (7)رمضان،فيسبقه الماء فينزل،فقال:

«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع في (8)رمضان» (9).و إيجاب الكفّارة يستلزم إفساد الصوم.

ص:61


1- 1التهذيب 4:206 الحديث 597،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:320 الحديث 980،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) بعض النسخ:امرأته،كما في المصادر.
4- 4) كثير من النسخ:قال.
5- 5) التهذيب 4:320 الحديث 981،الوسائل 7:26 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]
6- 6) حفص بن سوقة العمريّ مولى عمرو بن حريث المخزوميّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،أخواه زياد و محمّد ابنا سوقة ثقات،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و ذكره في الفهرست و قال:له أصل،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و اختار ما قاله النجاشيّ في حقّه. رجال الطوسيّ:184،الفهرست:62، [4]رجال النجاشيّ:135،رجال العلاّمة:58، [5]تنقيح المقال 1:253. [6]
7- 7) أثبتناها من المصادر.
8- 8) بعض النسخ بزيادة:شهر،كما في بعض المصادر.
9- 9) التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [7]
فروع:
الأوّل:قال الشيخ:إنزال الماء الدافق على كلّ حال

عامدا بمباشرة و غير ذلك من إيقاع ما يوجب الإنزال،يفسد الصوم (1).

الثاني:قال:لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا بشهوة فأمنى،فعليه

القضاء،

فإن كان نظره إلى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى،لم يكن عليه شيء.فإن أصغى أو تسمّع (2)إلى حديث فأمنى،لم يكن عليه شيء (3).

و قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و الثوريّ:لا يفسد الصوم بالإنزال عقيب النظر مطلقا؛لأنّه إنزال عن غير مباشرة،فأشبه الإنزال بالفكر (6). (7)و قال أحمد (8)،و مالك (9)،و الحسن البصريّ (10)،و عطاء:يفسد الصوم به مطلقا؛لأنّه إنزال بفعل يتلذّذ به،و يمكن التحرّز منه،فأشبه الإنزال باللمس (11).

ص:62


1- 1المبسوط 1:270. [1]
2- 2) ق و خا:سمع.
3- 3) المبسوط 1:272-273. [2]
4- 4) الأمّ 2:100،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:322،الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج: 140،141.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:256،مجمع الأنهر 1:244.
6- 6) كثير من النسخ:بالذكر.
7- 7) المغني 3:49،المجموع 6:322.
8- 8) المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:477،الإنصاف 3:302،زاد المستقنع:28.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:199،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،المغني 3:49،المجموع 6:322، الميزان الكبرى 2:25.
10- 10) المغني 3:49،المجموع 6:322.
11- 11) المغني 3:49.
الثالث:لو أنزل عقيب ملاعبة،أفسد صومه؛

لأنّها مظنّة الإنزال،فلحقت بالجماع.و يؤيّده:حديث حفص بن سوقة (1).

الرابع:لو كان ذا شهوة مفرطة،بحيث يغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل أنزل،

لم يجز له التقبيل؛لأنّها مفسدة لصومه،فحرمت كالأكل.

و إن كان ذا شهوة لا يبلغ (2)معها غلبة الظنّ بالإنزال،كانت مكروهة على ما يأتي.

الخامس:لو قبّل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل،

لم يفسد صومه إجماعا.

السادس:لو أنزل من غير شهوة-كالمريض-أفسد صومه

إذا كان عامدا.

السابع:لو فكّر فأمنى،ففي الإفساد تردّد

ينشأ من قوله عليه السّلام:«عفي لأمّتي الخطأ و النسيان،و ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلّم» (3).و من كونه متمكّنا من فعله و تركه،و لهذا نهي عن التفكّر في ذاته تعالى،و أمر بالتفكّر في مخلوقاته،و مدح اللّه المتفكّرين في خلق السموات و الأرض،و لو كان غير مقدور، لم يتعلّق به هذه الأحكام،كالاحتلام.

الثامن:لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل،لم يفسد صومه؛

لأنّ الخاطر لا يمكن دفعه.

التاسع:إن قلنا:الإنزال بالنظر مفسد،فسواء في ذلك التكرار و عدمه-

و به قال

ص:63


1- 1التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2.
2- 2) ك:لا يغلب.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:59،صحيح مسلم 1:116 الحديث 127،سنن أبي داود 2:264 الحديث 2209، سنن الترمذيّ 3:489 الحديث 1183، [1]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2040 و ص 659 الحديث 2044،مسند أحمد 2:474،481 و 491، [2]سنن البيهقيّ 7:350 و ج 10:61،كنز العمّال 12:155 الحديث 34457،مجمع الزوائد 6:250.

مالك-لأنّه أنزل بالنظر أشبه ما لو كرّره (1).و قال أحمد:لا يفسد،إلاّ بالتكرار؛ لأنّ النظرة الأولى لا يمكن التحرّز منها،فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه (2).

و الجواب:المنع من عدم القدرة على التحرّز،و إن فرض سلّمنا.

العاشر:لو أمذى بالتقبيل،لم يفطر عندنا.

و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4)، و هو مرويّ عن الحسن،و الشعبيّ،و الأوزاعيّ (5).و قال مالك (6)و أحمد:

يفطر (7).

لنا:أنّه خارج لا يوجب الغسل،فأشبه البول.و لأنّ الأصل براءة الذمّة، و القياس على الإنزال باطل؛لأنّ الأصل أكبر ذنبا،فالعقوبة به أشدّ.

احتجّوا:بأنّه خارج تخلّله الشهوة خرج بالمباشرة،فأشبه المنيّ (8).

و الجواب:قد بيّنّا الفرق.

لا يقال:قد روى الشيخ عن رفاعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى،قال:«إن كان حراما فليستغفر اللّه

ص:64


1- 1المدوّنة الكبرى 1:199،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،المغني 3:49،المجموع 6:322، الميزان الكبرى 1:25.
2- 2) المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43،الكافي لابن قدامة 1:477،الإنصاف 3:302،زاد المستقنع:28.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:58،تحفة الفقهاء 1:364،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2:257،مجمع الأنهر 1:245.
4- 4) حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:323، [1]الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج:141.
5- 5) المغني 3:47،المجموع 6:323،عمدة القارئ 11:9.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:197،بداية المجتهد 1:290،بلغة السالك 1:244،المغني 3:47،المجموع 6:323،عمدة القارئ 11:9.
7- 7) المغني 3:47،الإنصاف 3:301. [2]
8- 8) المغني 3:47.

استغفار من لا يعود أبدا و يصوم يوما مكان يوم،و إن كان من حلال (1)يستغفر اللّه و لا يعود و يصوم يوما مكان يوم» (2).قال الشيخ:إنّه محمول على الاستحباب. (3)

و هو حسن؛لما يأتي.

المسألة السابعة:الكذب على اللّه تعالى،و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام؛
اشارة

قال الشيخان:يفسد الصوم ،

(4)

و به قال الأوزاعيّ (5).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-لا يفسده (6)،و هو قول الجمهور.

احتجّ الشيخان:بما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم»قال:قلت:هلكنا،قال:

«ليس حيث تذهب،إنّما ذلك الكذب على اللّه،و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و على الأئمّة عليهم السّلام» (7).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل كذب في رمضان،قال:«قد أفطر و عليه قضاؤه و هو صائم يقضي صومه و وضوءه إذا تعمّد» (8).

قال الشيخ-رحمه اللّه:نقض الوضوء عبارة عن نقض ثوابه و كماله و وجهه الذي يستحقّ به الثواب؛لأنّه لو لم يفعله،كان ثوابه أعظم،و قربته أزيد و أكثر،

ص:65


1- 1بعض النسخ:و إن كان حلالا.
2- 2) التهذيب 4:272 الحديث 825 و ص 320 الحديث 979،الاستبصار 2:83 الحديث 255،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:320،الاستبصار 2:83.
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و [2]الخلاف 1:401 مسألة-85، و النهاية:153،و [3]الاقتصاد:431،و [4]الجمل و العقود:111.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:656،و [5]يستفاد ذلك من الانتصار:63. [6]
6- 6) جمل العلم و العمل:90،رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):54.
7- 7) التهذيب 4:203 الحديث 585،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [7]
8- 8) التهذيب 4:203 الحديث 586،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [8]

و لا يريد عليه السّلام نقض الوضوء الذي يجب معه الإعادة،على ما تقدّم في نواقض الطهارة.و كذا في الحديث الثاني يحمل الأمر بقضاء الوضوء على الاستحباب (1).و احتجّوا أيضا:بالإجماع (2).

و احتجّ الآخرون:بالأصل الدالّ على البراءة،و عدم الدليل الناهض (3)بإزالته، على أنّ الحديث الأوّل قد اشتمل على ما اتّفق العلماء على تركه و هو النقض للوضوء،و الحديث الثاني ضعيف؛لأنّ في طريقه عثمان بن عيسى و سماعة،و هما واقفيّان،على أنّ سماعة لم يسنده إلى إمام،و الإجماع ممنوع مع وجود الخلاف.

و الإيراد على الحديث الأوّل ضعيف؛لأنّه لا يلزم من ترك ظاهر الحديث في أحد الحكمين اللذين اشتمل الحديث عليهما،تركه في الحكم الثاني،و الأقرب الإفساد،عملا بالرواية الأولى و بالاحتياط المعارض لأصل (4)البراءة.

فروع:
الأوّل:المشاتمة و التلفّظ بالقبيح،لا يوجب الإفطار عندنا.

(5)

و به قال باقي الفقهاء،إلاّ الأوزاعيّ (6).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّه نوع كلام لا يخرج به عن الإسلام،فلا يفطر به،كسائر أنواع الكلام.

احتجّ الأوزاعيّ (7):بما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص:66


1- 1التهذيب 4:203.
2- 2) الخلاف 1:401.
3- 3) كثير من النسخ:الناقض.
4- 4) خاوق:لا لأصل.
5- 5) بعض النسخ:و النائحة،مكان:و التلفّظ.
6- 6) الميزان الكبرى 2:23،المجموع 6:356.
7- 7) المجموع 6:356.

«من لم يدع قول الزور و العمل به فليس للّه حاجة أن يدع طعامه و شرابه» (1).

و عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا كان أحدكم صائما،فلا يرفث و لا يجهل،فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل:إنّي صائم إنّي صائم» (2).

و الجواب:ليس في الحديثين دلالة على الإفساد بالمشاتمة.

الثاني:الكذب على غير اللّه تعالى،و غير رسوله و الأئمّة عليهم السّلام لا يفطر

الصائم إجماعا؛

و لما تقدّم في حديث أبي بصير (3).

الثالث:لا فرق في الإفطار بالكذب على اللّه تعالى،أو على رسوله،أو على

الأئمّة عليهم السّلام من أيّ أنواع الكذب،

في أمر الدنيا كان،أو في الآخرة،عملا بالعموم (4).

المسألة الثامنة:الارتماس في الماء،قال الشيخان:إنّه يفسد الصوم .
اشارة

(5)

و قال السيّد المرتضى:لا يفسد،و هو مكروه (6).و به قال مالك (7)،و أحمد (8)، و الحسن،و الشعبيّ (9).

ص:67


1- 1صحيح البخاريّ 3:33،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2362، [1]سنن الترمذيّ 3:87 الحديث 707، [2]سنن ابن ماجة 1:539 الحديث 1689،مسند أحمد 2:452، [3]سنن البيهقيّ 4:270،كنز العمّال 3: 621 الحديث 8214.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:31،صحيح مسلم 2:806 الحديث 1151،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2363، [4]سنن ابن ماجة 1:539 الحديث 1691،سنن النسائيّ 4:163-164،الموطّأ 1:310 الحديث 57، [5]مسند أحمد 2:465، [6]سنن البيهقيّ 4:269،المصنّف لعبد الرزّاق 4:191 الحديث 8443.
3- 3) التهذيب 4:203 الحديث 585،الوسائل 7:2 الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [7]
4- 4) الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و الخلاف 1:401 مسألة-85، و النهاية:154،و الجمل و العقود:111.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) حكاه عنه المحقّق في المعتبر 2:656. [8]
8- 8) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:309.
9- 9) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.

و الباقون من الجمهور على أنّه غير مكروه (1).و للشيخ قول ثان بأنّه حرام لا يوجب قضاء و لا كفّارة،و هو جيّد (2).

لنا على التحريم:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال سمعت:

أبا جعفر عليه السّلام يقول:«لا يضرّ الصائم ما صنع،إذا اجتنب أربع (3)خصال:

الأكل،و الشرب،و النساء،و الارتماس في الماء» (4).و هو يدلّ بمفهوم الشرط على وجود الضرر مع عدم اجتنابها.

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم يستنقع في الماء،و لا يرمس رأسه» (5).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يرمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:الصائم يستنقع في الماء،و يصبّ على رأسه،و يتبرّد بالثوب،و ينضح المروحة،و ينضح البوريا تحته (7)،و لا يغمس رأسه في الماء» (8).

ص:68


1- 1تحفة الفقهاء 1:368،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:380،المغني 3:44،عمدة القارئ 11:11.
2- 2) المبسوط 1:270،الاستبصار 2:85.
3- 3) في موضعين من التهذيب و الاستبصار و الوسائل:ثلاث.
4- 4) التهذيب 4:189 الحديث 535 و ص 202 الحديث 584 و ص 318 الحديث 971،الاستبصار 2:80 الحديث 244،الوسائل 7:18 الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 4:203 الحديث 587،الاستبصار 2:84 الحديث 285،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [2]
6- 6) التهذيب 4:203 الحديث 588،الاستبصار 2:84 الحديث 259،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [3]
7- 7) كلمة:«تحته»توجد في هامش ح و الاستبصار و الوسائل. [4]
8- 8) التهذيب 4:204 الحديث 591،الاستبصار 2:84 الحديث 260،الوسائل 7:22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [5]

و لأنّه مظنّة لوصول الماء إلى الحلق غالبا،فنهي عنه،كالجماع المفضي إلى الإنزال؛لاشتراكهما في كون كلّ واحد منهما مقدّمة للمفسد.

و لنا على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل صائم ارتمس في الماء متعمّدا عليه (1)قضاء ذلك اليوم؟قال:«ليس عليه قضاء و لا يعودنّ (2).

و لأنّ الأصل عدم وجوب أحدهما،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل،و لم يوجد.

قال الشيخ:و لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفّارة أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء (3).

احتجّ السيّد المرتضى:بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كره للصائم أن يرتمس في الماء» (4).

و لأنّ الأصل عدم التحريم،فلا يرجع عنه إلاّ بدليل.

و احتجّ الجمهور (5):بما روت عائشة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يصبح جنبا من جماع،لا من احتلام،ثمّ يغتسل و يصوم (6).

ص:69


1- 1غ و ف:فعليه،و في التهذيب و الاستبصار:أ عليه.
2- 2) التهذيب 4:209 الحديث 607،الاستبصار 2:84 الحديث 263،الوسائل 7:27 الباب 6 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) الاستبصار 2:85.
4- 4) التهذيب 4:209 الحديث 606،الاستبصار 2:84 الحديث 262،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [2]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:348،المغني 3:44.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:39،صحيح مسلم 2:780 الحديث 1109،سنن أبي داود 2:312 الحديث 2388، [3]الموطّأ 1:289 الحديث 10، [4]مسند أحمد 6:38، [5]سنن الترمذيّ 3:149 الحديث 779، [6]سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارميّ 2:13.

و روى أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعرج (1)،يصبّ على رأسه الماء و هو صائم،من العطش،أو من الحرّ (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرواية ضعيفة السند،و أيضا الكراهية قد تصدق على التحريم،فتحمل عليه؛جمعا بين الأدلّة.

و الأصل قد بيّنّا بالأدلّة زواله.و حديث عائشة محمول على أنّه قارب من الصباح؛لأنّ الصوم عندنا مشروط بالطهارة من الجنابة في أوّله على ما يأتي.

و لأنّه عليه السّلام كان يصلّي في أوّل الوقت.

و حديث عبد الرحمن نقول بموجبه؛لأنّ صبّ الماء على الرأس عندنا ليس بمكروه،بخلاف الارتماس؛إذ دخول الماء إلى الباطن (3)في الارتماس أكثر منه في صبّ الماء.

فروع:
الأوّل:لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد و الاغتسال،

و ليس بمكروه،بل قد يكون مستحبّا.

الثاني:لو ارتمس فدخل الماء إلى حلقه،أفسد صومه،

سواء دخل الماء اختيارا أو اضطرارا،إذا كان الارتماس مختارا.

الثالث:لو صبّ الماء على رأسه فدخل الماء حلقه،

فإن تعمّد إدخال الماء،

ص:70


1- 1العرج-بفتح العين و سكون الراء-:قرية جامعة من عمل الفرع،على أيّام من المدينة.النهاية لابن الأثير 3:204. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:307 الحديث 2365، [2]الموطّأ 1:294 الحديث 22، [3]مسند أحمد 3:475 و ج 5:380. [4]
3- 3) ح،ق و خا:في الباطن،مكان:إلى الباطن.

أفسد صومه.و إن لم يتعمّد و كان الصبّ يؤدّي إليه قطعا،أفسد أيضا مع الاختيار لا مع الاضطرار،و إن لم يؤدّ إليه،لم يفسد صومه.

الرابع:لا فرق في التحريم بين الارتماس في الماء الجاري،و الراكد الطاهر

و النجس،

(1)

عملا بعموم النهي.

المسألة التاسعة:إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق اختيارا مفسد للصوم،

مثل غبار النفض و الدقيق و خالف فيه الجمهور (2).

لنا:أنّه أوصل إلى جوفه ما ينافي الصوم،فكان مفسدا له.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان الجعفريّ (3)،قال:سمعته يقول:«إذا شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا،فدخل في أنفه و حلقه غبار،فإنّ ذلك له فطر (4)،مثل الأكل و الشرب و النكاح» (5).

و في رواية عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السّلام قال:سألته عن الصائم يتدخّن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه،قال:«لا بأس»،و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه،قال:«لا بأس» (6).و هي محمولة على عدم تمكّن

ص:71


1- 1ح،ق و خا:و الطاهر.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:353،المبسوط للسرخسيّ 3:98،المجموع 6:328،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 386،المغني 3:40،الكافي لابن قدامة 1:475.
3- 3) كذا في النسخ،و في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل:سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
4- 4) ش و ن:مفطر،كما في الوسائل. [1]
5- 5) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 4:324 الحديث 1003،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

الاحتراز منه.و على قول السيّد المرتضى (1)ينبغي عدم الإفساد بذلك.

أمّا لو كان مضطرّا أو دخل الغبار بغير شعور منه أو بغير اختيار،فإنّه لا يفطره إجماعا.

المسألة العاشرة:من أجنب ليلا،و تعمّد البقاء على الجنابة من غير ضرورة
اشارة

و لا عذر،

حتّى يطلع الفجر،أفسد صومه.و به قال أبو هريرة،و سالم بن عبد اللّه، و الحسن البصريّ،و طاوس،و عروة.و به قال الحسن بن صالح بن حيّ،و النخعيّ في الفرض خاصّة (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أصبح جنبا فلا صوم له» (3).

و عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصومنّ يومه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل،ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح قال:«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه لخليق أن لا أراه يدركه أبدا» (5).

ص:72


1- 1جمل العلم و العمل:90،الانتصار:63.
2- 2) المغني 3:78،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:307،308،عمدة القارئ 11:6، حلية العلماء 3:192،193،الميزان الكبرى 2:22.
3- 3) سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،مسند أحمد 2:248 و 286، [1]سنن البيهقيّ 4:214،المصنّف لعبد الرزّاق 4:180 الحديث 7399. [2]
4- 4) المعجم الكبير للطبرانيّ 18:293 الحديث 751،صحيح مسلم 2:779 الحديث 1109،سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،مسند أحمد 2:248 و 286،سنن البيهقيّ 4:214،215.بتفاوت في الجميع.
5- 5) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و عن سليمان بن جعفر المروزيّ (1)،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل،و لا يغتسل حتّى يصبح،فعليه صوم شهرين متتابعين، مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (2).

و لأنّ حدث الجنابة مناف للصوم،فلا يجامعه.و لأنّه منهيّ عن تعمّد الإنزال نهارا للهتك،و هو موجود في صورة النزاع.

احتجّ المخالف (3):بما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال:

ذهبت أنا و أبي،حتّى دخلنا على عائشة فقالت:أشهد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنّه كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام،ثمّ يصومه.ثمّ دخلنا على أمّ سلمة فقالت مثل ذلك،ثمّ أتينا أبا هريرة فأخبرناه بذلك فقال:هما أعلم بذلك،إنّما حدّثنيه الفضل بن عبّاس (4).

و لأنّ بقاء الاغتسال عليه لا يمنع من صحّة صومه،كما لو احتلم في نهار رمضان،ثمّ ادّعوا في حديث أبي هريرة احتمال النسخ (5).

و الجواب عن الأوّل:قد بيّنّا أنّ المراد من قوله:ليصبح،أي:يقارب

ص:73


1- 1في التهذيب:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الاستبصار:سليمان بن جعفر المروزيّ،و في هامش الاستبصار عن بعض نسخه:سليمان بن حفص المروزيّ،قال السيّد الخوئيّ:و هو الصحيح الموافق للتهذيب 4:باب الكفّارة في اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان الحديث 617.
2- 2) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 3:79،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:308.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:38،صحيح مسلم 2:779 الحديث 1109،الموطّأ 1:290 الحديث 11، [2]مسند أحمد 6:313، [3]سنن البيهقيّ 4:214،بتفاوت في الجميع.
5- 5) المغني 3:79،الشرح الكبير بهامش المغني 3:55،المجموع 6:308،سنن البيهقيّ 4:215.

الصباح (1)؛لما عرف من حاله عليه السّلام في مواظبته لأداء الفرائض في أوّل أوقاتها.و لأنّه لا يطلق هذا اللفظ غالبا إلاّ في المستدام،و لا شكّ في كراهيته، و من المستبعد مداومة الرسول صلّى اللّه عليه و آله على المكروه،إن لم نقل بالتحريم،فهذا مدفوع حينئذ و أيضا:نحمله على ما ذكرناه تجوّزا،جمعا بين الأدلّة.و الفرق بين المقيس و الأصل في قياسهم ظاهر؛لأنّ العلّة و هي الهتك غير موجودة في الأصل.

لا يقال:قد روى الشيخ عن إسماعيل بن عيسى (2)،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان،فنام عمدا حتّى أصبح (3)،أيّ شيء عليه؟قال:«لا يضرّه هذا،و لا يفطر و لا يبالي؛فإنّ أبي عليه السّلام قال:قالت عائشة:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام» (4).

و عن حبيب الخثعميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان،ثمّ يجنب،ثمّ يؤخّر الغسل

ص:74


1- 1يراجع:ص 70.
2- 2) إسماعيل بن عيسى،قال المامقانيّ لم يعنونه أحد إلاّ الوحيد في التعليقة،فإنّه قال:إسماعيل بن عيسى عدّه خالي ممدوحا؛لأنّ للصدوق طريقا إليه.و قال السيّد الخوئيّ:اشتبه الأمر على الوحيد،فإنّ المذكور في الوجيزة جماعة من المسمّين بإسماعيل،و ليس إسماعيل بن عيسى منهم و قد ذكر-قدّس سرّه-أنّ غيرهم مجاهيل،إذن يكون إسماعيل بن عيسى مجهولا،نعم،في خاتمة الوجيزة أنّ طريق الصدوق إلى إسماعيل بن عيسى حسن،لكنّه لا دلالة فيه على أنّ إسماعيل بنفسه ممدوح،كما هو ظاهر. تنقيح المقال 1:141، [1]مشيخة الفقيه 4:42،معجم رجال الحديث 3:158. [2]
3- 3) غ:يصبح.
4- 4) التهذيب 4:213 الحديث 619،الاستبصار 2:88 الحديث 275،الوسائل 7:39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [3]

متعمّدا حتّى يطلع الفجر» (1).

لأنّا نقول:قد تأوّل الشيخ الحديث الأوّل بأمرين.

أحدهما:أنّه للتقيّة،و لهذا أسنده الإمام عليه السّلام إلى عائشة و لم يسنده إلى آبائه عليهم السّلام.

و ثانيهما:أنّ تعمّد النوم لا يوجب قضاء و لا كفّارة،و ليس بمحرّم،و لم يذكر في الحديث أنّه تعمّد ترك الاغتسال.

و تأوّل الثاني بالأوّل،و باحتمال تأخير الغسل لعذر من برد أو عوز ماء أو انتظاره أو غير ذلك،و هو سائغ للضرورة (2)،و كلاهما جيّد.

فروع:
الأوّل:لم أجد لأصحابنا نصّا صريحا في حكم الحيض في ذلك،

بمعنى (3)أنّها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال،و يبطل الصوم لو أخلّت به حتّى طلع (4)الفجر؟و الأقرب ذلك؛لأنّ حدث الحيض يمنع الصوم،فكان أقوى من الجنابة.و ابن أبي عقيل قال:إنّ الحائض و النفساء إذا طهرتا من دمهما ليلا فتركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين،وجب عليهما القضاء خاصّة (5).

الثاني:إذا جامع قبل طلوع الفجر،ثمّ طلع عليه الفجر،

فإن لم يعلم ضيق

ص:75


1- 1التهذيب 4:213 الحديث 620،الاستبصار 2:88 الحديث 276،277،الوسائل 7:44 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:213،الاستبصار 2:88،89.
3- 3) ص،ح و ق:يعني،مكان:بمعنى.
4- 4) ن و ش:يطلع.
5- 5) نقله عنه في المختلف:220.

الوقت،نزع و أتمّ صومه من غير تلوّم (1)و لا تحرّك حركة الجماع و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة على ما يأتي،فإن نزعه بنيّة المجامعة (2)، فقد أفطر و وجب عليه ما على المجامع.

و إن كان قد راعى الفجر و لم يغلب على ظنّه قربه،فجامع ثمّ نزع مع أوّل طلوعه،لم يفسد صومه.و به قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال مالك (5)،و أحمد،و المزنيّ،و زفر:يبطل صومه،و أوجب أحمد الكفّارة (6).

لنا:أنّ النزع ترك للجماع،فلا يتعلّق به ما يتعلّق بالجماع،و هذا كما لو حلف لا يدخل دارا،فخرج منها،أو حلف لا يلبس الثوب،فاشتغل بنزعه.

احتجّوا:بأنّ النزع يلتذّ به،كما يلتذّ بالإيلاج،فأفسد الصوم كالإيلاج (7).

و الجواب:الالتذاذ لا اعتداد به،كما لو جامع في غير الفرجين و لم ينزل،فإنّ اللذّة تحصل و لا يفسد الصوم.

الثالث:لو طلع الفجر و في فيه طعام،لفظه،فإن ابتلعه أفسد صومه.

لأنّه؛

ص:76


1- 1التلوّم:الانتظار و التمكّث.الصحاح 5:2034.
2- 2) ك،م و ن:المجامع.
3- 3) الأمّ 2:97،حلية العلماء 3:202،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:311،مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:140،بدائع الصنائع 2:91،مجمع الأنهر 1:244،المجموع 6:311،المغني 3:65.
5- 5) بلغة السالك 1:252،حلية العلماء 3:193،المغني 3:65،المجموع 6:311،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403،404.
6- 6) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،المجموع 6:311،حلية العلماء 3:193،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403.
7- 7) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،المبسوط للسرخسيّ 3:140،بدائع الصنائع 2:91.

أوصل طعاما إلى جوفه باختياره مع ذكر الصوم،ففسد صومه.

المسألة الحادية عشر:إذا أجنب ليلا ثمّ نام ناويا للغسل حتّى أصبح،صحّ
اشارة

صومه،

و لو نام غير ناو للغسل،فسد صومه و عليه قضاؤه.ذهب إليه علماؤنا، خلافا للجمهور.

لنا:أنّا قد بيّنّا (1)أنّ الطهارة في ابتدائه شرط لصحّته،و بنومه قد فرّط في تحصيل الشرط،فيفسد صومه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال:سألته عن رجل أصابته جنابة[في] (2)جوف الليل في رمضان،فنام و قد علم بها،و لم يستيقظ حتّى يدركه الفجر،فقال:«عليه أن يتمّ صومه و يقضي يوما آخر» (3).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان،أو أصابته جنابة،ثمّ ينام حتّى يصبح متعمّدا،قال:«يتمّ ذلك اليوم و عليه قضاؤه» (4).

و في الصحيح عن ابن أبي يعفور قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في رمضان،ثمّ يستيقظ،ثمّ ينام حتّى يصبح،قال:«يتمّ يومه و يقضي يوما آخر،فإن لم يستيقظ حتّى يصبح،أتمّ يومه و جاز له» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال سألته عن

ص:77


1- 1يراجع:ص 52.
2- 2) في النسخ:من و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:211 الحديث 611،الاستبصار 2:86 الحديث 267،الوسائل 7:46 الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 4:211 الحديث 614،الاستبصار 2:86 الحديث 268،الوسائل 7:42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 4:211 الحديث 612،الاستبصار 2:86 الحديث 269،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

الرجل تصيبه الجنابة في رمضان،ثمّ ينام قبل أن يغتسل،قال:«يتمّ صومه و يقضي ذلك اليوم،إلاّ أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر،فإن انتظر ماء يسخن له،أو يستقى، فطلع الفجر،فلا يقضي يومه» (1).و حجّة الجمهور ظاهرة،و قد سلف جوابها (2).

فروع:
الأوّل:لو أجنب فنام على عزم الترك للغسل،

فحكمه مع طلوع الفجر حكم تارك الغسل عمدا.

الثاني:لو أجنب ثمّ نام ناويا للغسل حتّى يطلع الفجر و لم يستيقظ،

فمفهوم ما تقدّم من الأحاديث يدلّ على الإفساد و وجوب القضاء لكن قد روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في أوّل الليل،ثمّ ينام حتّى يصبح في شهر رمضان،قال:«ليس عليه شيء» قلت:فإنّه استيقظ،ثمّ نام حتّى أصبح؟قال:«فليقض ذلك اليوم عقوبة» (3).و هو الصحيح عندي،و عمل الأصحاب عليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أجنب في شهر رمضان في أوّل الليل،و أخّر الغسل حتّى طلع الفجر،قال:«يتمّ صومه و لا قضاء عليه» (4).

ص:78


1- 1التهذيب 4:211 الحديث 613،الاستبصار 2:86 الحديث 270،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) يراجع:ص 69.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 615،الاستبصار 2:87 الحديث 271،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 4:210 الحديث 608،الاستبصار 2:85 الحديث 264،الوسائل 7:39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
الثالث:هل يختصّ هذا الحكم برمضان؟

(1)

فيه تردّد ينشأ من تنصيص الأحاديث على رمضان من غير تعميم،و لا قياس يدلّ عليه،و من تعميم الأصحاب و إدراجه في المفطرات مطلقا.

الرابع:لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد،لم يفطر يومه

و لم يفسد صومه،

و يجوز له تأخيره،و لا نعلم فيه خلافا.

المسألة الثانية عشر:القيء عمدا يفسد الصوم.
اشارة

و عليه أكثر علمائنا (2)،و به قال عامّة أهل العلم.

و قال السيّد المرتضى:لا يفسد (3).و اختاره ابن إدريس (4)،و به قال عبد اللّه بن عبّاس،و عبد اللّه بن مسعود (5).

لنا:اتّفاق (6)العلماء على ذلك،و مخالفة من شذّ لا يعتدّ به.

و ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من ذرعه القيء و هو صائم فليس عليه قضاء،و من استقاء فليقض» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن القيء في

ص:79


1- 1كثير من النسخ:يخصّ.
2- 2) ينظر:الخلاف 1:382 مسألة-19،الغنية(الجوامع الفقهيّة):571،الكافي في الفقه:183،المهذّب 1:192،المعتبر 2:660. [1]
3- 3) جمل العلم و العمل:90.
4- 4) السرائر:88.
5- 5) حلية العلماء 3:195،أحكام القرآن للجصّاص 1:238، [2]المغني 3:54،المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
6- 6) ص:أنّ اتّفاق.
7- 7) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [3]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [4]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [5]سنن البيهقيّ 4:219،عمدة القارئ 11:35،36.

رمضان،فقال:«إن كان شيء يبدره (1)،فلا بأس،و إن كان شيء يكره نفسه عليه، أفطر و عليه القضاء» (2).

و عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر،و إن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتمّ صومه» (3).

و لأنّه تعمّد سلوك الطعام في حلقه،فأفسد صومه،كالأكل.و لأنّه لا ينفكّ غالبا عن ابتلاع شيء منه،فكان مفسدا.

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل براءة الذمّة،و لا دليل على شغلها (4).

و احتجّ ابن مسعود و ابن عبّاس (5):بما رواه زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يفطر من قاء أو احتجم أو احتلم» (6).

و لأنّ الفطر بما يصل لا بما يخرج.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الدليل قد بيّنّاه،و الأصل خرج عن دلالته به.

و عن الثاني:أنّا نقول بموجبه و نحمله على من قاء من غير قصد،كمن ذرعه القيء؛لأنّه عليه السّلام فصّل ذلك و بيّنه،فكان مخصّصا بحديثهم،فيقدّم في العمل.

و عن الثالث:بالنقض بخروج المنيّ و الحيض.

ص:80


1- 1أكثر النسخ:يبدوه.
2- 2) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:61 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 4:264 الحديث 791،الوسائل 7:60 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) السرائر:88.
5- 5) حلية العلماء 3:195،أحكام القرآن للجصّاص 1:238، [3]المغني 3:54،المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
6- 6) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2376، [4]سنن البيهقيّ 4:220،جامع الأصول 7:191 الحديث 4405، أحكام القرآن للجصّاص 1:239. [5]
فرع:

لو ذرعه القيء،لم يفطر.و عليه علماؤنا أجمع،و هو قول العلماء كافّة.

و حكي عن الحسن البصريّ في إحدى الروايتين عنه أنّه قال:يفطر (1)و هو خطأ؛للخبر الذي رويناه.و لأنّه حصل بغير اختيار،فهو بمنزلة غبار الطريق إذا وصل إلى حلقه.

أمّا القلس-بفتح القاف و اللام-فلا يفسد الصوم،و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء،فإن عاد فهو القيء.كذا قاله في الصحاح (2).

و قال اليزيديّ (3):القلس:خروج الطعام أو الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه (4).

أمّا لو ابتلع شيئا منه بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارج،فإن تعمّد،أفطر، سواء كان عامدا أو غير عامد،و إن لم يتعمّد،لم يفطر إذا كان القيء عن غير عمد.

المسألة الثالثة عشر:الاحتقان بالمائعات مفسد للصوم.
اشارة

ذهب إليه المفيد- رحمه اللّه (5)-و به قال الشيخ في المبسوط و الجمل (6)،و أبو الصلاح (7).و به قال

ص:81


1- 1المجموع 6:320،الميزان الكبرى 2:23،عمدة القارئ 11:36.
2- 2) الصحاح 3:965. [1]
3- 3) يحيى بن المبارك بن المغيرة العدويّ الإمام أبو محمّد اليزيديّ النحويّ المقرئ اللغويّ،حدّث عن أبي عمرو و الخليل و عنهما أخذ العربيّة،و روى عنه ابنه محمّد و أبو عبيد و خلق،و هو الذي خلّف أبا عمرو بن العلاء في القراءة،له كتاب النوادر في اللغة.مات بخراسان سنة 202 ه. بغية الوعاة:414،415،العبر 1:264، [2]شذرات الذهب 2:4. [3]
4- 4) نقله عنه في السرائر:88.
5- 5) المقنعة:54.
6- 6) المبسوط 1:272،الجمل و العقود:112.
7- 7) الكافي في الفقه:179 و 183.

الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد (3).

و قال الشيخ في النهاية:لا يفسد الصوم و إن فعل محرّما (4).و هو اختيار السيّد المرتضى (5)،و ابن إدريس (6)،و به قال الحسن بن صالح بن حيّ و داود (7)، و ابن أبي عقيل منّا (8).

و قال مالك:يفطر بالكثير منها لا بالقليل (9).و الأقوى عندي مذهب السيّد المرتضى.

لنا:أنّ الأصل الصحّة،فلا يعدل عنه إلاّ بدليل.و لأنّه عبادة شرعيّة انعقد شرعا،فلا يفسد إلاّ بموجب شرعيّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسن،عن أبيه قال:كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في التلطّف يستدخله الإنسان و هو صائم؟فكتب:

«لا بأس بالجامد» (10).

ص:82


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:358 و 363،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،المغني و الشرح 3:39.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [1]شرح فتح القدير 2:265،266،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299. [2]
4- 4) النهاية:156.
5- 5) جمل العلم و العمل:90.
6- 6) السرائر:88.
7- 7) حلية العلماء 3:194،المجموع 6:320.
8- 8) نقله عنه في المختلف:221.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:197،بلغة السالك 1:252.
10- 10) التهذيب 4:204 الحديث 590،الاستبصار 2:83 الحديث 257،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و روى-في الحسن-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى (1)عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟ قال:«لا بأس» (2)و هو عامّ في الجامد و غيره.

و لأنّ الحقنة لا تصل إلى المعدة،و لا إلى موضع الاغتذاء فلا تؤثّر فسادا، كالاكتحال.

و لأنّها لا تجري في مجرى (3)الاغتذاء،فلا تفسد الصوم،كالاكتحال.

احتجّوا (4):بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،أنّه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان،فقال:«الصائم لا يجوز له أن يحتقن» (5).

و لأنّه أوصل إلى جوفه ما يصلح بدنه،و هو ذاكر للصوم،فكان كالأكل.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبه؛إذ الاحتقان عندنا حرام بالمائع،أمّا أنّه مفسد،فلا،و لا دلالة للحديث عليه.و أمّا القياس فباطل بما قدّمناه (6)،و للفرق؛ لوجود الهتك في الأصل دون الفرع.

فروع:
الأوّل:الاحتقان بالجامد لا بأس به و إن كان مكروها،

ذهب إليه الشيخ (7).

ص:83


1- 1غ بزيادة:بن جعفر.
2- 2) التهذيب 4:325 الحديث 1005،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) بعض النسخ:لا يجري مجرى.
4- 4) ينظر:المعتبر 2:659. [2]
5- 5) التهذيب 4:204 الحديث 589،الاستبصار 2:83 الحديث 256،الوسائل 7:27 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
6- 6) يراجع:ص 82.
7- 7) المبسوط 1:272، [4]النهاية:156. [5]

و أفسد به الصوم الجمهور على ما تقدّم؛فإنّهم لم يفرّقوا بين المائع و الجامد (1)، و كذا أبو الصلاح (2)،و ابن البرّاج (3).

الثاني:قال الشيخ لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه،أفسد صومه .

(4)

و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و أحمد (7).

و قال مالك:لا يفطر (8).و به قال أبو يوسف،و محمّد (9)،و هو الحقّ عندي.

لنا:أنّ الحقنة لا تفسد الصوم،فكذا هنا.و لأنّه ليس بمنفذ في الخلقة (10)، و إنّما حدث بجنابة،فالواصل منه لا يفطره.

احتجّوا:بأنّه أوصل إلى جوفه المفطر مع ذكره،فكان مفسدا (11)،كالحقنة.

و الجواب:المنع من الأصل و قد تقدّم.

ص:84


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،الميزان الكبرى 2:24،المجموع 6:313،المبسوط للسرخسيّ 3:67، الهداية للمرغينانيّ 1:125،المغني 3:39،الإنصاف 3:299.
2- 2) الكافي في الفقه:179 و 183.
3- 3) المهذّب 1:192.
4- 4) نقله في المعتبر 2:659 [1] عن المبسوط،و الذي في المبسوط 1:273: [2]متى صبّ الدواء في إحليله فوصل إلى جوفه،أفطر.
5- 5) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:195،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:362،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:68،تحفة الفقهاء 1:356،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [3]شرح فتح القدير 2:266،267،مجمع الأنهر 1:241.
7- 7) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:198،بداية المجتهد 1:290،حلية العلماء 3:195،المغني 3:39،المجموع 6:320،بلغة السالك 1:252.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:68،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2:266،تحفة الفقهاء 1:356،مجمع الأنهر 1:241.
10- 10) ح،ق و ش:الحلق.
11- 11) المغني و الشرح 3:39،المجموع 6:312،المبسوط للسرخسيّ 3:68،بدائع الصنائع 2:93.
الثالث:لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه،أو أمر غيره بذلك،

قال الشيخ:

يفسد صومه (1).و به قال الشافعيّ (2).

و الأقوى أنّه لا يفسد الصوم-و به قال أبو يوسف،و محمّد (3)-لما سلف.

الرابع:لو قطّر في أذنه دهنا أو غيره،لم يفطر.

و قال أبو الصلاح:يفطر (4)،و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و مالك (7)، و أحمد (8)إذا وصل إلى الدماغ.

لنا:الأصل الحلّ و عدم الإفساد به،فالخروج عنه يحتاج (9)إلى دليل شرعيّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان قال:سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا أسمع-عن الصائم يصبّ الدواء في أذنه؟قال:«نعم» (10).

ص:85


1- 1المبسوط 1:273. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:195،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312 و 320، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:380. [3]
3- 3) حلية العلماء 3:195،المجموع 6:320.
4- 4) الكافي في الفقه:179 و 183.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،314 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367-369،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:68،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:266،مجمع الأنهر 1:241.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:198،بلغة السالك 1:245،246.
8- 8) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299. [4]
9- 9) بعض النسخ:محتاج.
10- 10) التهذيب 4:311 الحديث 941،الاستبصار 2:95 الحديث 307،الوسائل 7:51 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]

و عن ليث المراديّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم،يحتجم و يصبّ في أذنه الدهن؟قال:«لا بأس،إلاّ بالسعوط فإنّه يكره» (1).

احتجّوا:بأنّ الدماغ جوف،فالواصل إليه يغذّيه (2)،فيفطر به،كجوف البدن (3).

و الجواب:المنع من ذلك،كالاكتحال.

الخامس:لو قطّر في إحليله دواء أو غيره،لم يفطر،

سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.و به قال أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

و قال الشافعيّ:يفطر (6)،و به قال أبو يوسف،و اضطرب قول محمّد فيه (7).

لنا:أنّ المثانة ليست محلاّ للاغتذاء،فلا يفطر بما يصل إليها،كالمستنشق غير البالغ.و لأنّه ليس بين باطن الذكر و الجوف منفذ،و إنّما يخرج البول رشحا،فالذي يجعل فيه لا يصل إلى الجوف،فلا يفطره،كما لو ترك في فمه شيئا و لم يبلعه (8).

احتجّوا:بأنّ لها منفذا إلى الجوف.و لأنّها كالدماغ في أنّها من باطن البدن (9).

ص:86


1- 1التهذيب 4:204 الحديث 592،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:تغذية.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:67،الهداية للمرغينانيّ 1:125،المجموع 6:313،فتح العزيز بهامش المجموع 6:369،المغني و الشرح 3:39،تحفة الفقهاء 1:355.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:267،المغني 3:46.
5- 5) المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:307.
6- 6) حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:314 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:67،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2:267،المجموع 6:320،تحفة الفقهاء 1:355.
8- 8) ش:و لم يبتلعه.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المغني 3:46،بدائع الصنائع 2:93،شرح فتح القدير 2:267،المجموع 6:312.

و الجواب:قد بيّنّا أنّه ليس بين المثانة و الجوف منفذ.

و أمّا وجوب الاحتراز عن جميع المحرّمات فظاهر،و يتأكّد ذلك في الصوم.

روى جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده»ثمّ قال:«قالت مريم: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (1)[أي] (2)صمتا،فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم و غضّوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا»قال (3):«و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة تسابّ جارية لها و هي صائمة،فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطعام،فقال لها:كلي،فقالت:

إنّي صائمة،فقال:كيف تكونين صائمة و قد سبّيت جاريتك؛إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صمت فليصم سمعك و بصرك،و شعرك و جلدك»و عدّد أشياء غير هذا،قال:«و لا يكون يوم صومك كيوم فطرك» (5).

مسألة:و منع المفيد-رحمه اللّه-من السعوط،

و هو الذي يصل إلى الدماغ من أنفه (6)،و أبو الصلاح أيضا،و أفسدا به الصوم مطلقا (7).و به قال

ص:87


1- 1مريم(19):26. [1]
2- 2) في النسخ:و صمتا،و في بعض المصادر:أي صوما و صمتا،و ما أثبتناه من التهذيب و المصباح.
3- 3) بعض النسخ:و قال.
4- 4) الكافي 4:87 الحديث 3، [2]الفقيه 2:68 الحديث 284 و فيهما:تسبّ،مكان:تسابّ،مصباح المتهجّد: 569، [3]التهذيب 4:194 الحديث 553،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [4]
5- 5) الكافي 4:87 الحديث 1، [5]الفقيه 2:67 الحديث 278،التهذيب 4:194 الحديث 554،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [6]
6- 6) المقنعة:54.
7- 7) الكافي في الفقه:179 و 183.

الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد (3).

و قال الشيخ في المبسوط:إنّه مكروه لا يفسد الصوم،سواء بلغ إلى الدماغ أو لم يبلغ،إلاّ ما نزل إلى الحلق،فإنّه يفطر و يوجب القضاء (4).و به قال مالك (5)، و الأوزاعيّ،و داود (6)،و هو الصحيح عندي.

لنا:أنّ الصوم عبادة شرعيّة،و قد انعقد شرعا،فلا يفسد إلاّ بدليل شرعيّ، و لأنّه لم يصل إلى الحلق فأشبه إذا لم يصل إلى الدماغ.

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للقيط بن صبرة (7):«و بالغ في الاستنشاق،إلاّ أن تكون صائما» (8).

و لأنّ الدماغ جوف،فالواصل إليه يغذّيه،فأفطر به،كجوف البدن (9).

ص:88


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:364، مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:265،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،زاد المستقنع:28.
4- 4) المبسوط 1:272. [1]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:197-198،بلغة السالك 1:245،246،حلية العلماء 3:195،المغني و الشرح 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 6:364.
6- 6) المجموع 6:320.
7- 7) لقيط بن عامر بن عبد اللّه بن المنتفق...أبو رزين العقيليّ،و يقال:لقيط بن صبرة روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابنه عاصم بن لقيط و ابن أخيه وكيع بن عدس و عبد اللّه بن حاجب بن عامر و عمرو بن أوس الثقفيّ. أسد الغابة 4:266، [2]تهذيب التهذيب 8:456. [3]
8- 8) سنن أبي داود 2:308 الحديث 2366، [4]سنن الترمذيّ 3:155 الحديث 788، [5]سنن ابن ماجة 1:142 الحديث 407،سنن النسائيّ 1:66،مسند أحمد 4:33،سنن البيهقيّ 4:261.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،بدائع الصنائع 2:93.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المنع إنّما كان للخوف من النزول إلى الحلق؛إذ يعرض ذلك في الاستنشاق البالغ غالبا.

و عن الثاني:أنّ التغذية لا تحصل من ذلك.و اشتراك الدماغ و المعدة في اسم الجوف لا يقتضي اشتراكهما في الحكم؛لأنّ الحكم ثبت (1)في المعدة؛لأنّها محلّ الاغتذاء.أمّا ما يصل إلى الدماغ فلا يسمّى أكلا.

و أمّا الكراهية؛فلما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السّلام قال:«لا بأس بالكحل للصائم و كره السعوط للصائم» (2).

قال الشيخ:و أمّا السعوط فليس في شيء من الأخبار أنّه يوجب الكفّارة، و إنّما وردت مورد الكراهية (3).

مسألة:و في مضغ العلك لعلمائنا قولان:أحدهما:التحريم.
اشارة

اختاره الشيخ في بعض كتبه (4).

و القول الآخر:أنّه مكروه.و به قال أكثر علمائنا (5)،و ذهب إليه الشعبيّ،و النخعيّ،و قتادة (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و إسحاق (9)،و أصحاب

ص:89


1- 1بعض النسخ:يثبت.
2- 2) التهذيب 4:214 الحديث 622،الوسائل 7:28 الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:214.
4- 4) النهاية:157. [2]
5- 5) منهم:الشيخ في المبسوط 1:273 و ابن البرّاج في المهذّب 1:193،و ابن إدريس في السرائر:88، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:658.
6- 6) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:77،عمدة القارئ 11:22.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:353،فتح العزيز بهامش المجموع 6:392،المغني 3:44،السراج الوهّاج:142.
8- 8) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:327، [3]زاد المستقنع:29.
9- 9) لم نعثر عليه.

الرأي (1).

لنا:الأصل عدم التحريم،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل شرعيّ،و لم يثبت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يمضغ العلك؟فقال:«نعم،إن شاء» (2).

فإن احتجّ الشيخ بأنّه لا بدّ من تحلّل أجزاء منه تشيع (3)في الفم،و يتعدّى مع الريق إلى المعدة،منعنا ذلك.نعم،لو تحقّق ذلك أفسد صومه،أمّا مع عدم التحقّق فلا.

قال الشيخ في التهذيب عقيب خبر أبي بصير:هذا الخبر غير معمول عليه (4).

فإن أراد الشيخ أنّه مكروه،و قول الإمام عليه السّلام:«لا بأس»ينافيه،فهو ممكن،إلاّ أنّ لفظة:«لا بأس»،قد تستعمل كثيرا في المكروه،و إن عنى أنّه محرّم،فهو ممنوع.و قد تردّد في المبسوط و جعل الأحوط فيه التحريم (5).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين العلك ذي الطعم و عدمه؛

عملا بالإطلاق.

الثاني:لا فرق بين العلك القويّ الذي لا يتحلّل أجزاؤه،

و الضعيف الذي يتحلّل أجزاؤه إذا تحفّظ من ابتلاعها؛عملا بالإطلاق.

ص:90


1- 1المغني 3:44،المبسوط للسرخسيّ 3:100،تحفة الفقهاء 1:367،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:125،126،شرح فتح القدير 2:268،مجمع الأنهر 1:247.
2- 2) التهذيب 4:324 الحديث 1002،الوسائل 7:74 الباب 36 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) ح:تقع.
4- 4) التهذيب 4:324.
5- 5) المبسوط 1:273.
الثالث:لو وجد طعمه في حلقه ففي الإفساد تردّد

ينشأ من استحالة انتقال الأعراض فلا بدّ من تحلّل أجزاء يستصحبها الطعم،و من عدم نزول شيء من العلك،و مجرّد (1)الطعم لا يفطر،فقد قيل:من لطخ باطن قدمه بالحنظل وجد طعمه،و لا يفطره إجماعا.

مسألة:لا يفسد الصوم بما يدخله في فمه إذا لم يتعدّ الحلق،كمصّ الخاتم،

و مضغ الطعام للصبيّ،و زقّ (2)الطائر؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمن قبّل امرأته:«أ رأيت لو تمضمضت بماء ثمّ مججته» (3)(4)شبّه القبلة بالمضمضة،و هو يدلّ على عدم الإفطار بما يحصل في الفم.

و روى الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا أسمع-عن الصائم يصبّ الدواء في أذنه؟قال:«نعم، و يذوق المرق و يزقّ الفرخ» (5).

و في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا بأس أن يذوق الرجل الصائم القدر» (6).

و في الصحيح عن الحلبيّ أنّه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرق تنظر إليه؟فقال:«لا بأس»و سئل عن المرأة يكون لها الصبيّ و هي صائمة فتمضغ

ص:91


1- 1كثير من النسخ:و بمجرّد.
2- 2) زقّ الطائر فرخه:أي:أطعمه بفيه.الصحاح 4:1491. [1]
3- 3) مجّ الرجل الشراب من فيه،إذا رمى به.الصحاح 1:340. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385،سنن الدارميّ 2:13،مسند أحمد 1:21 و 52،المستدرك للحاكم 1:431،سنن البيهقيّ 4:261.ليس في المصادر:ثمّ مججته.
5- 5) التهذيب 4:311 الحديث 941،الاستبصار 2:95 الحديث 307،الوسائل 7:75 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 4:311 الحديث 940،الاستبصار 2:95 الحديث 306،الوسائل 7:75 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]

له الخبز فتطعمه (1)؟فقال:«لا بأس به و الطير إن كان لها» (2).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يذوق الشيء و لا يبلعه؟فقال:«لا» (3).قال الشيخ:لأنّه محمول على من لا حاجة به إلى ذلك؛لانّ الرخصة قد (4)وردت في ذلك عند الضرورة الداعية إليه،من فساد طعام،أو هلاك صبيّ،أو طائر،فأمّا مع فقد ذلك أجمع،فلا يجوز على حال (5).

مسألة:لو أدخل فمه شيئا و ابتلعه سهوا،فإن كان لغرض صحيح،فلا قضاء

عليه،

(6)

و إلاّ وجب القضاء.

و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا،فإن كان للتبرّد،فعليه القضاء،و إن كان للصلاة،فلا شيء عليه.و كذا لو ابتلع ما لا يقصده،كالذباب و قطر المطر،و لو فعله عمدا أفطر،و سيأتي البحث في ذلك كلّه.

روى الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام:

«إنّ عليّا عليه السّلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم،قال:ليس عليه قضاء إنّه ليس بطعام» (7).

مسألة:و لا بأس للصائم بالسواك.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع-إلاّ ابن أبي عقيل،

ص:92


1- 1كثير من النسخ:تطعمه،مكان:فتطعمه.
2- 2) التهذيب 4:312 الحديث 942،الاستبصار 2:95 الحديث 308،الوسائل 7:74 [1] الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1،و ص 76 الباب 38 الحديث 1.
3- 3) التهذيب 4:312 الحديث 943،الاستبصار 2:95 الحديث 309،الوسائل 7:74 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
4- 4) لا توجد كلمة(قد)في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 4:312،الاستبصار 2:95.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:لو أدخل في فمه.
7- 7) التهذيب 4:323 الحديث 994،الوسائل 7:77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

فإنّه كرهه بالرطب (1)-سواء كان رطبا أو يابسا،أوّل النهار أو آخره.و به قال مالك (2)،و أبو حنيفة (3).

و قال أحمد:يكره بالرطب و يكره أيضا باليابس بعد الزوال (4).و به قال ابن عمر،و عطاء،و مجاهد،و الأوزاعيّ (5)،و الشافعيّ (6)،و إسحاق (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق الخوارزميّ (8)قال:سألت عاصم الأحول (9)أ يستاك الصائم؟قال:نعم،قلت:برطب السواك و يابسه؟قال:نعم، قلت:أوّل النهار و آخره؟قال:نعم،قال:عمّن؟قال:عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه

ص:93


1- 1نقله عنه في المختلف:223.
2- 2) الموطّأ 1:311 الحديث 60،بلغة السالك 1:246.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:99،تحفة الفقهاء 1:367،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:126،شرح فتح القدير 2:270،مجمع الأنهر 1:247،عمدة القارئ 11:14.
4- 4) المغني 1:110 و ج 3:45،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76،الإنصاف 1:117،118،الكافي لابن قدامة 1:485.
5- 5) المجموع 1:279.
6- 6) الأمّ 2:101،المجموع 1:275 و 279،المبسوط للسرخسيّ 3:99،شرح فتح القدير 2:270،عمدة القارئ 11:14.
7- 7) المغني 3:45،46،عمدة القارئ 11:14.
8- 8) قال البيهقيّ:أبو إسحاق إبراهيم بن بيطار،و يقال إبراهيم عبد الرحمن قاضي خوارزم حدّث ببلخ عن عاصم الأحول،و قال ابن حجر:إبراهيم بيطار الخوارزميّ القاضي،و قال في إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزميّ:هو إبراهيم بن بيطار،و قال الذهبيّ في إبراهيم بن بيطار الخوارزميّ القاضي،و في إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزميّ:هذا هو ابن بيطار روى عن عاصم الأحول و روى عنه الفضل بن موسى السينانيّ و محمّد بن سلام البيكنديّ. سنن البيهقيّ 4:272،لسان الميزان 1:41 و 76،ميزان الاعتدال 1:25 و 45.
9- 9) عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصريّ أحد حفّاظ البصرة روى عن أنس و عبد اللّه بن سرجس و عمرو بن سلمة الجرميّ و غيرهم،و روى عنه قتادة و سليمان التيميّ و داود بن أبي هند و غيرهم.كان قاضيا بالمدائن لأبي جعفر.مات سنة 142 ه و قيل:141 ه و قيل:143 ه. تهذيب التهذيب 5:42، [1]ميزان الاعتدال 2:350،العبر 1:149. [2]

عليه و آله (1).

و عن عامر بن ربيعة،[عن أبيه] (2)قال:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما لا أحصي يتسوّك و هو صائم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يستاك الصائم بالماء و بالعود الرطب يجد طعمه؟فقال:

«لا بأس به» (4).

و لأنّه طهر فأشبه المضمضة.

احتجّ الشافعيّ (5):بما روى خبّاب بن الأرتّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة،و لا تستاكوا بالعشيّ،فإنّه ليس من صائم تيبس شفتاه إلاّ كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة» (6).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة،و لا تستاكوا بالعشيّ (7)».

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح

ص:94


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:202 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:272.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:40،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2364، [1]سنن الترمذيّ 3:104 الحديث 725، [2]مسند أحمد 3:445، [3]سنن الدارقطنيّ 2:202 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:272.
4- 4) التهذيب 4:262 الحديث 782،الاستبصار 2:91 الحديث 291،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [4]
5- 5) المجموع 1:279، [5]شرح فتح القدير 2:270،271.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:204 الحديث 8،سنن البيهقيّ 4:274،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:30،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:78 الحديث 3696.
7- 7) سنن الدارقطنيّ 2:204 الحديث 7،سنن البيهقيّ 4:274،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:78 الحديث 3696.

المسك الأذفر» (1).فهو أثر مرغوب فيه،فأشبه إزالة دم الشهادة بالغسل.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على التسوّك لاستجلاب الريق،و يؤيّده تمام الحديث.

و عن الثاني:أنّه يزيد الخلوف و لا يزيله.

لا يقال:قد روى الشيخ في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يستاك الصائم أيّ النهار شاء و لا يستاك بعود رطب» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يستاك الصائم بعود رطب» (3).

قال الشيخ:هذان الخبران محمولان على الكراهية،لا التحريم (4)؛لما رواه في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب و قال:«لا يضرّ أن يبلّ سواكه بالماء ثمّ ينفضه حتّى لا يبقى فيه شيء» (5).

ص:95


1- 1صحيح البخاريّ 3:31 و 34،صحيح مسلم 2:807 الحديث 1151،سنن الترمذيّ 3:136 الحديث 764، [1]سنن ابن ماجة 1:525 الحديث 1638،سنن النسائيّ 4:159 و 162،سنن الدارميّ 2:24، [2]الموطّأ 1:310 الحديث 58، [3]مسند أحمد 1:446،و ج 2:232،234،257،266 و 273،سنن البيهقيّ 4:273-274.كلمة«الأذفر»لا توجد في المصادر المذكورة،نعم،نقلها في المغني 3:45 عن أحمد.
2- 2) التهذيب 4:262 الحديث 785،الاستبصار 2:91 الحديث 292،الوسائل 7:59 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [4]
3- 3) التهذيب 4:262 الحديث 786،الاستبصار 2:92 الحديث 293،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [5]
4- 4) الاستبصار 2:92.
5- 5) التهذيب 4:263 الحديث 787،الاستبصار 2:92 الحديث 294،الوسائل 7:59 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [6]

و في الحسن عن موسى بن أبي الحسن الرازيّ (1)،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،قال:سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان،فقال:«جائز» فقال بعضهم:إنّ السواك تدخل رطوبته في الجوف،فقال:ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في الحلق؟فقال:«الماء للمضمضة أرطب من السواك» (2).

فإن قال قائل:لا بدّ من الماء للمضمضة من أجل السنّة،فلا بدّ من السواك من أجل السنّة التي جاء بها جبرئيل عليه السّلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

و هذا يدلّ على أنّ الشيخ يرى كراهية التسوّك (4)بالرطب،كما ذهب إليه أحمد،و هو مذهب قتادة،و الشعبيّ،و الحكم (5)؛لأنّ الرطب ينتثر (6)في الفم و يستجلب الريق،فكره،كالعلك،و هو ممنوع؛لأنّ اليابس ينتثر (7)و الرطب للينه لا ينتثر (8)و لا يستجلب الريق؛لأنّه لا يجاوز به الأسنان.

و مع ذلك فهو معارض بما (9)رواه نافع عن ابن عمر أنّه قال:لا بأس بالسواك الأخضر للصائم (10).

ص:96


1- 1موسى بن أبي الحسن الرازيّ،روى عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام و روى عنه إبراهيم بن هاشم.قال المامقانيّ:لم يتبيّن حاله. جامع الرواة 2:271، [1]تنقيح المقال 3:252، [2]معجم رجال الحديث 19:19. [3]
2- 2) التهذيب 4:263 الحديث 788،الاستبصار 2:92،الحديث 295،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
3- 3) التهذيب 4:263.
4- 4) ف،غ،ص و خا:السواك.
5- 5) المغني 3:45،46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76.
6- 6) بعض النسخ:ينتشر.
7- 7) م و ش:ينتشر.
8- 8) بعض النسخ:لا ينتشر.
9- 9) كثير من النسخ:لما.
10- 10) المصنّف لعبد الرزّاق 4:203 الرقم 7497 نقله عن عكرمة عن ابن عبّاس.

و يحمل ما رواه الشيخ من الحديثين على التسوّك،لا للطاعة،بل لاستجلاب الريق.

فرع:

لو كان السواك يابسا،جاز أن يبلّه بالماء و يتسوّك به و يتحفّظ من ابتلاع رطوبته.ذهب إليه علماؤنا،و يؤيّده:ما تقدّم من العمومات.

و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء؛لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم أ يستاك بالماء؟قال:«لا بأس» (1)

مسألة:و إنّما يبطل الصوم بما عدّدناه إذا وقع عمدا،
اشارة

فأمّا لو (2)وقع نسيانا،فلا عندنا،و فيه بحث يأتي،و خلاف بين العلماء نذكره.

و كذلك ما يحصل عن غير قصد،كالغبار الذي يدخل حلقه (3)من الطريق، و الذبابة،أو يرشّ عليه الماء فيدخل مسامعه و حلقه،أو يلقى في ماء فيصل إلى جوفه،أو يسبق إلى حلقه من ماء المضمضة،أو يصبّ (4)في أنفه أو حلقه شيء كرها،فهذا كلّه لا يفسد الصيام بلا خلاف نعلمه بين العلماء كافّة.

أمّا لو أكره على الإفطار،بأن و جر (5)في حلقه الماء كرها،لم يفطر.

و لو توعّده و خوّفه حتّى أكل،فكذلك عندنا.و قال الشيخ:إنّه يفطر (6)،

ص:97


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 992،الاستبصار 2:91 الحديث 291،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) ش و ن:إذا.
3- 3) غ و ف:في حلقه.
4- 4) بعض النسخ:يصيب.
5- 5) بعض النسخ:وجد.
6- 6) المبسوط 1:273.

و للشافعيّ قولان (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك:يفطر مع الإكراه في الصورة الأولى،و الثانية أيضا (3).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي:الخطأ،و النسيان،و ما استكرهوا عليه» (4).

و لأنّه غير متمكّن من الفعل في الصورتين،فلا يصحّ تكليفه عقلا.

و لأنّ هنا معنى حرمة الصوم،فإذا حصل بغير اختياره لم يفطره،كما لو طارت ذبابة إلى حلقه،أو ذرعه القيء.

احتجّوا:بأنّ الطعام وصل (5)إلى جوفه مع ذكره للصوم،فأفطر،كما لو كان مريضا فأكل.و كذا الحائض تفطر و إن خرج الدم كرها (6).

و الجواب:أنّه يبطل بغبار الطريق،و عند أبي حنيفة:لو بلع ما بين أسنانه، لم يفطر (7)،فينتقض قياسه به.

ص:98


1- 1حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:325،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 398،مغني المحتاج 1:430،الميزان الكبرى 2:26،27،السراج الوهّاج:140،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:136.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:98،تحفة الفقهاء 1:354،بدائع الصنائع 2:91،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:255،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:209،إرشاد السالك:49،بلغة السالك 1:247،المجموع 6:326. [1]
4- 4) الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،و بتفاوت يسير ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2043 و 2045،سنن البيهقيّ 6:84،و ج 7:356،357،و من طريق الخاصّة ينظر:عوالي اللئالى 1:232 الحديث 131، [2]الوسائل 4:1284 [3] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2.
5- 5) بعض النسخ:دخل.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المبسوط للسرخسيّ 3:198،بدائع الصنائع 2:91.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:90.

و أمّا الحيض،فليس خروج الدم مطلقا هو المفطر؛لأنّ المستحاضة يخرج دمها،و لا تفطر (1)،فإذا لم يعقل معناه لم يصحّ القياس عليه.

و المريض مخصوص،فلا يحمل عليه غيره.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك،

و سيأتي.

الثاني:لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم فالوجه الإفساد؛

لأنّ له طريقا إلى العلم،فالتفريط ثابت من جهته،فلا يسقط الحكم عنه.

و يمكن أن يقال بعدم الفساد؛لأنّ الجاهل بالتحريم،كالناسي.و لما رواه زرارة و أبو بصير قالا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، و أتى أهله و هو محرم،و هو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال له،قال:«ليس عليه شيء» (2).

و الوجه:الأوّل،و يحمل الحديث على عدم وجوب الكفّارة و إن وجب القضاء.

الثالث:لو أكل أو جامع ناسيا،فظنّ فساد صومه،فتعمّد الأكل و الشرب،

قال الشيخ:يفطر،و عليه القضاء و الكفّارة.قال:و ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه يقضي و لا يكفّر (3).

و الوجه عندي ما اختاره الشيخ؛لأنّ الجاهل غير معذور مع إمكان التعلّم.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لو نوى الإفطار بعد انعقاد الصوم،لم يفطر؛لأنّه انعقد
اشارة

شرعا،

(4)

فلا يخرج عنه إلاّ بدليل شرعيّ.

ص:99


1- 1بعض النسخ:و لا يفطرن.
2- 2) التهذيب 4:208 الحديث 603،الوسائل 7:35 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [1]
3- 3) المبسوط 1:273. [2]
4- 4) يراجع:ص 46.

هذا إذا عاد و نوى الصوم،أمّا لو لم ينو بعد ذلك الصوم،فالوجه وجوب القضاء.و به قال أصحاب الرأي (1)،و الشافعيّ في أحد الوجهين.

و في الثاني:أنّه يفطر مطلقا (2).و به قال أحمد (3)،و أبو ثور (4).

أمّا وجوب القضاء؛فلأنّه لم يصم،فلا يعتدّ بإمساكه.

و أمّا عدم وجوب الكفّارة،فبالأصل السالم عن معارضة الهتك.

فروع:
الأوّل:لو نوى القطع في النافلة و استمرّ،لم يصحّ صومه،

و إن عاد فنوى الصوم،صحّ،كما لو أصبح غير ناو للصوم.و به قال من منع في الفرض (5)؛لأنّ شرط النيّة المشترطة في الصوم استدامتها حكما في جميع زمان الصوم المفروض، لا النافلة.

الثاني:لو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة أخرى،لم يفطر؛

لأنّه لو نوى الإفطار في الحال،لم يفطر،فالأولى في المستقبل عدمه.

الثالث:لو نوى أنّني إن وجدت طعاما أفطرت،و إن لم أجد أتممت صومي،

لم يفطر؛لأنّه بنيّة الفطر جزما لا يفطر،فالأولى أنّه لا يفطر مع تردّده،و قد نازع في هذين الفرعين بعض المشترطين؛لاستمرار حكم النيّة (6).

ص:100


1- 1المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297،المغني 3:56، [1]حلية العلماء 3:187،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31، [2]بدائع الصنائع 2:92.
3- 3) المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31،الإنصاف 3:297.
4- 4) المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
5- 5) المغني 3:56،57،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
6- 6) المغني 3:57،الشرح الكبير بهامش المغني 3:32،الإنصاف 3:297.
الرابع:قال الشيخ:لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان،

ثمّ جدّد نيّة الصوم قبل الزوال،لم ينعقد (1).و فيه تردّد.

ص:101


1- 1المبسوط 1:277. [1]

البحث الثالث

اشارة

فيما يوجب القضاء و الكفّارة،أو القضاء خاصّة

مسألة:إذا وطئ في فرج المرأة مقيما صحيحا بالغا،وجب عليه القضاء
اشارة

و الكفّارة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال جميع الفقهاء.

و قال النخعيّ،و الشعبيّ،و سعيد بن جبير،و قتادة:لا كفّارة عليه (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال:هلكت،فقال:«و ما أهلكك؟»قال:وقعت على امرأتي في رمضان،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«هل تجد رقبة تعتقها؟».قال:لا،قال:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»قال:لا،قال:«فهل تستطيع إطعام ستّين مسكينا؟» قال:لا أجد؛فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس»فجلس،فبينا هو جالس كذلك أتي بعرق فيه تمر-قيل:العرق:-المكتل (2)-فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اذهب فتصدّق به»فقال:يا رسول اللّه،و الذي بعثك بالحقّ،ما بين لابتيها (3)

ص:102


1- 1المغني 3:58،الشرح الكبير بهامش المغني 3:57،المجموع 6:344.
2- 2) في النسخ:قيل:العرق:مكتل.و مقتضى العبارة ما أثبتناه.قال في المصباح المنير:525: [1]المكتل- بكسر الميم-الزنبيل،و هو ما يعمل من الخوص يحمل فيه التمر و غيره،و قال في ص 405:العرق: بفتحتين-ضفيرة تنسج من خوص و هو المكتل و الزبيل،و يقال:إنّه يسع خمسة عشر صاعا.
3- 3) اللاّبة:الحرّة،و هي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها...و المدينة ما بين حرّتين عظيمتين،النهاية لابن الأثير 4:274. [2]

أهل بيت أحوج منّا،فضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتّى بدت أنيابه،ثمّ قال:

«اذهب فأطعمه عيالك» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا،يوما واحدا من غير عذر،قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (2).و قد بيّنّا أنّ الجماع مفطر (3).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فقال:«إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:هلكت يا رسول اللّه،فقال:ما لك؟قال:النار يا رسول اللّه قال:و مالك؟قال:وقعت على أهلي،قال:تصدّق و استغفر ربّك،فقال الرجل:فوالذي عظّم حقّك ما تركت في البيت شيئا قليلا و لا كثيرا،قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر،فيه عشرون صاعا،يكون عشرة أصوع بصاعنا، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:خذ هذا التمر فتصدّق به،فقال:يا رسول اللّه على من أتصدّق و قد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليل و لا كثير؟قال:فخذه فأطعمه (4)عيالك،و استغفر اللّه عزّ و جلّ»قال:فلمّا رجعنا قال أصحابنا:إنه بدأ

ص:103


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن الدارميّ 2: 11، [3]مسند أحمد 2:241،281 و 516، [4]سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:221 و 224،المصنّف لعبد الرزّاق 4:194 الحديث 7457، [5]مجمع الزوائد 3:168.
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [6]
3- 3) يراجع:ص 58.
4- 4) بعض النسخ:و أطعمه.

بالعتق قال (1):«أعتق أو صم أو تصدّق» (2).

و لأنّه إجماع،و خلاف أولئك غير معتدّ به.

احتجّوا:بأنّها عبادة لا تتعلّق الكفّارة بقضائها فلا تتعلّق بأدائها،كالصلاة (3)و الجواب:المنع من المساواة؛لوقوع الفرق من حيث إنّ الأداء متعلّق بزمان مخصوص يتعيّن به،بخلاف القضاء الذي محلّه العمر،و الصلاة لا تدخل في جبرانها المال،بخلاف الصيام.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمّار بن موسى الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل و هو صائم فيجامع أهله،فقال:«يغتسل و لا شيء عليه» (4).

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون الجماع وقع ليلا،و يحتمل أن يكون سهوا.قال الشيخ:و يحتمل أن يكون جاهلا بالتحريم (5)؛لما رواه عن زرارة و أبي بصير قالا جميعا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان،و أتى أهله و هو محرم،و هو لا يرى،إلاّ أنّ ذلك حلال له،قال:«ليس عليه شيء» (6).

و الوجه عندي التأويلان الأوّلان.

و بالجملة فالروايتان ضعيفتا السند،مخالفتان للأصول التي مهّدناها،

ص:104


1- 1ح:فقال.
2- 2) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 3:58،الشرح الكبير بهامش المغني 3:57،المجموع 6:344.
4- 4) التهذيب 4:208 الحديث 602،الاستبصار 2:81 الحديث 248،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [2]
5- 5) التهذيب 4:208،الاستبصار 2:81،82.
6- 6) التهذيب 4:208 الحديث 603،الاستبصار 2:82 الحديث 249،الوسائل 7:35 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [3]

و للروايات الشهيرة،فلا تعارض بهما (1).

فروع:
الأوّل:يحتمل قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أطعمه عيالك»أنّه عليه السّلام

لم يملّكه التمر،

بل تطوّع عليه السّلام عنه بالتكفير،فلمّا أخبره بحاجته صرفه إليه و يحتمل أنّه ملّكه التمر ليتصدّق به عن نفسه،فلمّا أخبره بفقره،قدّم حاجته على الكفّارة،فيحتمل أن يكون أمره بذلك و الكفّارة باقية في ذمّته،و يحتمل أن يكون سقطت عنه لعجزه،و يحتمل أن يكون صرف الكفّارة إليه و إلى عياله لمّا كان هو المتطوّع بها،أو تكون مصروفة إلى عياله.

الثاني:يجب مع الكفّارة القضاء.و هو وفاق العلماء كافّة،

(2)

إلاّ الأوزاعيّ، فإنّه حكي عنه أنّه إن كفّر بالعتق أو الإطعام،قضى،و إن كفّر بالصيام،لم يقض؛ لأنّه صام شهرين (3).

و هو خطأ؛لأنّ الصوم نوع من أنواع الكفّارة،فوجب معه القضاء،كالعتق، و الصوم في الكفّارة عوض عن العتق؛لقيامه مقامه،فلا يقع عن رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزيّ،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل[و لا يغتسل حتّى يصبح] (4)،فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (5).

ص:105


1- 1غ:فلا تعارض بينهما.
2- 2) ص:اتّفاق.
3- 3) المغني 3:58،المجموع 6:345.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]

و للشافعيّ قول:إنّه إذا وجبت الكفّارة سقط القضاء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لم يأمر الأعرابيّ بالقضاء (1).

و هو باطل؛لما تقدّم.و لما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للأعرابيّ:«و صم يوما مكانه» (2).

الثالث:هذا الحكم يتعلّق بوطء الميّتة و الحيّة و النائمة و المكرهة و المجنونة

و الصغيرة و المزنيّ بها؛

عملا بالإطلاق.

الرابع:روى الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل أتى أهله في رمضان

متعمّدا،

فقال:«عليه عتق رقبة و إطعام (3)ستّين مسكينا،و صيام شهرين متتابعين، و قضاء ذلك اليوم،و أين (4)له مثل ذلك اليوم» (5).

قال الشيخ:يحتمل أن يكون المراد بالواو التخيير،لا الجمع،كما في قوله تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ (6)و يحتمل أن يكون مخصوصا بمن أتى أهله في حال يحرم الوطء فيها،مثل أن يطأ في الحيض،أو في حال الظهار قبل الكفّارة؛لأنّه قد وطئ محرّما في شهر رمضان (7).

ص:106


1- 1حلية العلماء 3:200،المجموع 6:331،فتح العزيز بهامش المجموع 6:452،453،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:146،سنن الترمذيّ 3:103.
2- 2) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393 و ص 330 الحديث 2457،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،الموطّأ 1:297 الحديث 29،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 51،سنن البيهقيّ 4: 226-227،المصنّف لعبد الرزّاق 4:196 الحديث 7461،مجمع الزوائد 3:168.
3- 3) م و ك:أو إطعام.
4- 4) في التهذيب و الاستبصار:«و أنّى».
5- 5) التهذيب 4:208 الحديث 604،الاستبصار 2:97 الحديث 315،الوسائل 7:36 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
6- 6) النساء(4):3. [2]
7- 7) التهذيب 4:208،الاستبصار 2:97.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد السلام بن صالح الهرويّ،قال:قلت للرضا عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه،قد روي عن آبائك عليهم السّلام فيمن جامع في شهر رمضان،أو أفطر فيه:ثلاث كفّارات،و روي عنهم أيضا:كفّارة واحدة،فبأيّ الحديثين نأخذ؟قال:«بهما جميعا،متى جامع الرجل حراما،أو أفطر على حرام في شهر رمضان،فعليه ثلاث كفارات:عتق رقبة،و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستّين مسكينا،و قضاء ذلك اليوم،و إن كان نكح حلالا،أو أفطر عليه،فعليه كفّارة واحدة» (1).

و بمضمون هذه الرواية أفتى أبو جعفر بن بابويه رحمه اللّه (2).

مسألة:و يفسد صوم المرأة بلا خلاف نعلمه؛
اشارة

لأنّه نوع من المفطرات،فاستوى فيه الرجل و المرأة،كالأكل.و هل تلزمها الكفّارة؟ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (3)،و أبو حنيفة (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5)،و الشافعيّ في أحد القولين،و في الآخر:لا كفّارة عليها (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّها شاركت الرجل في السبب و حكم الإفطار فشاركته في الحكم الآخر

ص:107


1- 1التهذيب 4:209 الحديث 605،الاستبصار 2:97 الحديث 316،الوسائل 7:35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]في الأخيرين:«أو أفطر على حلال»مكان:«أو أفطر عليه».
2- 2) الفقيه 2:73،المقنع:60-61،الهداية:47.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:196،بداية المجتهد 1:304،بلغة السالك 1:249.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:72،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:98،الهداية للمرغينانيّ 1:124، شرح فتح القدير 2:262،مجمع الأنهر 1:240.
5- 5) المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،المجموع 6:345،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 443،عمدة القارئ 11:27.
6- 6) حلية العلماء 3:200،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:331،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 443،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:145،146.
7- 7) المغني 3:61-62،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:481،الإنصاف 3:314. [2]

و هو الكفّارة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المشرقيّ (1)،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

كتب:«من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (2).و هو عامّ في الرجل و المرأة.

و عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن بعض مواليه قال:«من أجنب في شهر رمضان فنام حتّى يصبح،فعليه عتق رقبة،أو إطعام ستّين مسكينا،و قضاء ذلك اليوم،و يتمّ صيامه،و لن يدركه أبدا» (3)و إذا كان حكم المقام على الجنابة عمدا يوجب الكفّارة عليها بالعموم، فالجماع نهارا أولى.

احتجّ المخالف:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الواطئ في رمضان أن يعتق

ص:108


1- 1هشام بن إبراهيم البغداديّ المشرقيّ.قال المامقانيّ:إنّ الأكثر ضبطوه بالقاف،و السيّد المحقّق الداماد جزم بكونه بالفاء،و قال أيضا:هشام بن إبراهيم ثلاثة:أحدهم:البغداديّ المشرقيّ الثقة الذي أدرك الكاظم عليه السّلام و صاحبه،و لم ينقل مصاحبته للرضا عليه السّلام و لا خروجه من بغداد و لا حضوره المدينة و لا خراسان و هو الثقة المنزّه عن كل شين،الثاني:الراشديّ الهمدانيّ الذي أطلق عليه العبّاسيّ، و هو الفاسق الخبيث الذي ولاّه المأمون حجابة الرضا عليه السّلام.الثالث:العبّاسيّ،و هو الذي حكم الرضا عليه السّلام بزندقته.و قال الكشّيّ،قال حمدويه:هشام المشرقيّ هو ابن إبراهيم البغداديّ، فسألت عنه و قلت:ثقة هو؟فقال:ثقة ثقة.و السيّد الخوئيّ-بعد ما نقل توثيق الكشّيّ في حقّه-قال: التغاير بين هذا و هشام بن إبراهيم العبّاسيّ ظاهر و إن كانا يشتركان في أنّ كلاّ منهما من أصحاب الرضا عليه السّلام و هذا ثقة ثقة،و ذاك زنديق كذّاب،إلاّ أنّه مع ذلك قد اشتبه الأمر على بعضهم،فزعموا الاتّحاد،و الأصل في ذلك ما ذكره النجاشيّ من أنّ العبّاسيّ هو المشرقيّ،و هو سهو منه جزما،كما أنّ تسميته بهاشم دون هشام هو سهو آخر.رجال الكشّيّ:500،رجال النجاشيّ 435،تنقيح المقال 3: 293، [1]معجم رجال الحديث 19:326. [2]
2- 2) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [3]
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،و ص 320 الحديث 982،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]

رقبة،و لم يأمر في المرأة بشيء،مع علمه بوجوده منها (1).و لأنّه حقّ ماليّ يتعلّق بالوطء،فكان على الرجل،كالمهر (2).

و الجواب:أنّه عليه السّلام بيّنه في تلك الحال؛لأنّه سأله،و التخصيص عقيب السؤال لا يدلّ على نفي الحكم عن غيره.بل لو قيل:يجب بمقتضى ما ذكرتم،كان أولى؛لقوله عليه السّلام:«حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (3).

و عن الثاني:بالفرق بينه و بين المهر،و هو ظاهر.

فروع:
الأوّل:لو أكره امرأته على الجماع و هما صائمان،وجب عليه كفّارتان،

ذكره الشيخ-رحمه اللّه (4)-و أكثر علمائنا (5).

و قال الجمهور:تسقط الكفّارة عنها و عنه؛لأنّ صومها صحيح،فلا كفّارة عنه (6)(7).

و لنا:أنّه هتك تفرّد بفعله،و لا يحصل إلاّ من اثنين،فكان عليه عقوبتهما معا و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه

ص:109


1- 1غ،ف،ك و م:منهما.
2- 2) المغني 3:62،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:481،المجموع 6:330، 331،فتح العزيز بهامش المجموع 6:443،444،مغني المحتاج 1:444.
3- 3) عوالي اللئالئ 1:456 الحديث 197. [1]
4- 4) المبسوط 1:275، [2]النهاية:154، [3]الخلاف 1:384 مسألة-27.
5- 5) منهم:ابن أبي عقيل نقله عنه في المختلف:223،و ابن إدريس في السرائر:88،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:194.
6- 6) هامش ح:عليه.
7- 7) المغني 3:62-63،الهداية للمرغينانيّ 1:124.

كفّارتان،و إن كانت طاوعته،فعليه كفّارة،و عليها كفّارة،و إن كان أكرهها،فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ،و إن كانت طاوعته،ضرب خمسة و عشرين سوطا،و ضربت خمسة و عشرين سوطا» (1).و في سند الرواية ضعف.و بالجملة فنحن في هذا من المتردّدين.

الثاني:أنّا سنبيّن أنّ الكفّارة مخيّرة،لكن بعض أصحابنا ذهب إلى ترتيبها .

(2)

و التفريع عليه:إن أكرهها فهل الكفّارتان عنه؟أو كفّارة عنه و كفّارة عنها يتحمّلها بسبب الإكراه؟فيه تردّد،أقربه أنّهما معا عنه.

فإن قلنا:إنّهما عنهما (3)،فإن اتّفق حالهما و كانا من أهل العتق،أعتق رقبتين، و إن كانا من أهل الصيام،صام أربعة أشهر،و إن كانا من أهل الإطعام،أطعم مائة و عشرين مسكينا.

و إن اختلف حالهما،فإن كان هو أعلى،أعتق عن نفسه،و هل يجوز له أن يصوم عنها؟فيه تردّد،أقربه أنّه لا يجوز؛لأنّ الكفّارة و إن كانت عنها،إلاّ أنّه بالإكراه تحمّلها،فكان الاعتبار بقدرته.

و إن كان هو من أهل الصيام،و الزوجة من أهل الإطعام،صام عن نفسه و عنها.و كذا إن كانت هي أعلى حالا منه،وجب عليه ما يقدر عليه هو،و لا اعتبار بحالها.

و إنّما ذكرنا هذه الفروع؛لمنازعة الشافعيّة (4)في بعضها (5).

ص:110


1- 1التهذيب 4:215 الحديث 625،الوسائل 7:37 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) نقله عن ابن أبي عقيل في المختلف:225،و قال السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل ص 91:قيل: إنّها مرتّبة،و قيل:إنّه مخيّر فيها.
3- 3) أكثر النسخ:إنّها عنها.
4- 4) ص،ن،ح و ق:الشافعيّ.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:332،فتح العزيز بهامش المجموع 6:446.
الثالث:لو كان مجنونا فوطئها و هي صائمة،فإن طاوعته،لزمها الكفّارة،

و إن أكرهها،سقطت الكفّارة عنهما.أمّا عنه؛فلعدم التكليف بالجنون،و أمّا عنها؛ فلعدمه بالإكراه.

الرابع:لو زنى بامرأة في نهار رمضان،فإن طاوعته،فعليهما كفّارتان،

و إن أكرهها،فعليه كفّارة،و هل يجب عليه أخرى؟قال الشيخ:لا يجب؛لأنّ حمله على الزوجة قياس لا نقول به (1).و هو جيّد؛عملا بأصل براءة الذمّة.

الخامس:إذا استدخلت ذكره و هو نائم،أفطرت،دونه،

و يجب عليها كفّارة عن نفسها،و لا كفّارة عليه و لا عليها عنه.

السادس:لو أكرهته على الجماع،وجبت عليها كفّارة عن نفسها،

و هل يجب عليه كفّارة عن نفسه؟فيه تردّد ينشأ من إمكان تحقّق الإكراه في الجماع،و عدمه، نظرا إلى استناد الميل القلبيّ إلى الاختيار خاصّة.

مسألة:لو وطئ امرأته في دبرها فأنزل،وجب عليه القضاء و الكفّارة إجماعا،
اشارة

و إن لم ينزل،فيه قولان:

أحدهما:أنّه كذلك.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و أبو حنيفة في رواية.

و في أخرى-و هي الشهيرة-لا كفّارة بالوطء في الدبر (4)،و وافقنا على وجوب القضاء.

لنا:أنّه أفسد صوم رمضان بجماع في الفرج،فأوجب الكفّارة،كالوطء.و لأنّه وطء في محلّ مشتهى طبعا،فكان كالقبل.و لأنّه وجب أحد المعلولين،فيثبت

ص:111


1- 1المبسوط 1:275. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:341،مغني المحتاج 1:444.
3- 3) المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:480،الإنصاف 3: 311-312،زاد المستقنع:29.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:79،تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:98،الهداية للمرغينانيّ 1:124، شرح فتح القدير 2:261،مجمع الأنهر 1:240.

الآخر.و لأنّه وطء مقصود (1)في فرج،فيجب به الغسل و الكفّارة.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من قال:واقعت أهلي،بالقضاء و الكفّارة (2)،و لم يستفصله مع الاحتمال،فيكون عامّا في مطلق الوطء.

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وطء لا يتعلّق به حدّ،فلا يتعلّق به كفّارة (3).

و الجواب:المنع من عدم الحدّ،سلّمنا لكن لا ملازمة،كما في الأكل.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن بعض الكوفيّين يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة،قال:

«لا ينقض صومها،و ليس عليه غسل» (4).

و عن عليّ بن الحكم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أتى الرجل المرأة في الدبر و هي صائمة،لم ينقض صومها،و ليس عليها غسل» (5).

لأنّا نقول:إنّهما خبران مرسلان لا اعتداد بهما.

فروع:
الأوّل:لو وطئ غلاما فأنزل،لزمته الكفّارة،

و إن لم ينزل،قال الشيخ (6)، و السيّد المرتضى:تجب الكفّارة أيضا (7)،و به قال الشافعيّ (8).

ص:112


1- 1ص،ق،خا و ح:معقود.
2- 2) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص 103.
3- 3) بدائع الصنائع 2:98.
4- 4) التهذيب 4:319 الحديث 975،الوسائل 1:481 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 4:319 الحديث 977،الوسائل 1:482 الباب 12 من أبواب الجنابة ذيل الحديث 3. [2]
6- 6) المبسوط 1:270، [3]الخلاف 1:387 مسألة-41.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:669. [4]
8- 8) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:341،فتح العزيز بهامش المجموع 6:447،مغني المحتاج 1:444.

و قال أبو حنيفة:يلزمه القضاء لا غير (1).

لنا:أنّه وطئ عمدا وطئا يصير به جنبا،فتجب به الكفّارة.و لأنّه جماع في فرج محرّم شرعا مشتهى طبعا،فأوجب الكفّارة.و لأنّ إحدى العقوبتين ثابتة، فيثبت الأخرى.

و ادّعى الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه تعالى-الإجماع على ذلك (2).

و ادّعى السيّد المرتضى إجماع الإماميّة على وجوب الغسل على الفاعل و المفعول،فيجب القول بفساد الصوم،و يلزم من إفطاره متعمّدا الكفّارة (3).

الثاني:لو وطئ في فرج البهيمة،فأنزل،وجب القضاء و الكفّارة،

و إن لم ينزل، قال الشيخ لا نصّ فيه،و يجب القول بالقضاء؛لأنّه مجمع عليه دون الكفّارة (4).

و منع ابن إدريس من إيجاب القضاء أيضا (5)،و هو قويّ.

الثالث:لا فرق بين وطء الزوجة و الأجنبيّة الصغيرة و الكبيرة؛

لأنّه إذا وجب بوطء الزوجة،فبوطء الأجنبيّة أولى.

الرابع:إذا أوجبنا الكفّارة على الواطئ دبرا،وجب على المفعول؛

لأنّه هتك مشترك بين فعليهما،فاشتركا في العقوبة.

الخامس:لو أنزل عند الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل،أو استمنى بيده،لزمه

القضاء و الكفّارة،

و كذا لو وطئ فيما دون الفرجين فأنزل.و به قال مالك (6)،

ص:113


1- 1حلية العلماء 3:203،المجموع 6:342،المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59.
2- 2) الخلاف 1:387 مسألة-41.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:669. [1]
4- 4) الخلاف 1:388 مسألة-42.
5- 5) السرائر:86.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:195،بلغة السالك 1:244.شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:164.

و أبو ثور (1).

و قال أحمد:يجب في الوطء فيما دون الفرج،و عنه في القبلة و اللمس روايتان (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة:عليه القضاء دون الكفّارة (4).

لنا:أنّه أجنب مختارا متعمّدا،فكان كالمجامع.

و لأنّه أنزل عمدا و أفطر به،فلزمته الكفّارة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أمر المفطر بالكفّارة (5).

و لأنّه وجبت إحدى العقوبتين،فتجب الأخرى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني،قال:

«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع» (6).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأته،فأدفق،قال:«كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،أو يعتق رقبة» (7).

ص:114


1- 1المجموع 6:330 و 342،بداية المجتهد 1:300.
2- 2) المغني 3:59،الشرح الكبير بهامش المغني 3:63،الكافي لابن قدامة 1:480،الإنصاف 3: 316-317. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:204،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:330 و 342،مغني المحتاج 1:443.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:65،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:100،الهداية للمرغينانيّ 1: 125،شرح فتح القدير 2:265،مجمع الأنهر 1:246.
5- 5) صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،الموطّأ 1:296،الحديث 28.
6- 6) التهذيب 4:273 الحديث 826 و فيه:سألت أبا الحسن،الاستبصار 2:81 الحديث 247،الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 4:320 الحديث 981،الوسائل 7:26 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]

و عن حفص بن سوقة،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في[قضاء شهر] (1)رمضان،فيسبقه الماء،فينزل، فقال:«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع[في رمضان] (2)» (3).

السادس:لو نظر أو تسمّع لكلام أو حادث فأمنى،لم يفسد صومه.

و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-إن نظر إلى محلّلة،لم يلزمه شيء بالإمناء،و إن نظر إلى محرّمة،لزمه القضاء (6).

و قال مالك:إن أنزل من النظرة الأولى،أفطر و لا كفّارة عليه،و إن استدام النظر حتّى أنزل،وجبت عليه الكفّارة (7).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه إنزال (8)من غير مباشرة،فلم يفطر به،كالاحتلام.و لأنّه إنزال من غير مباشرة،فأشبه إذا فكّر فأنزل (9).

ص:115


1- 1أثبتناهما من المصادر.
2- 2) أثبتناهما من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 [1] من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. و ص 93 الباب 56 الحديث 1.
4- 4) الأمّ 2:100،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:322 و 342،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج:140-141،الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمة بهامش الميزان الكبرى 1:135.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:91،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:256،مجمع الأنهر 1:244.
6- 6) المبسوط 1:272.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:199،بلغة السالك 1:244،إرشاد السالك:50،المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.
8- 8) ق،ك،ص و خا:أنزل.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:342،الميزان الكبرى 2:25،مغني المحتاج 1:430.

احتجّ مالك:بأنّه أنزل متلذّذا،كاللامس (1).

و الأقرب عندي أنّه إن أنزل من النظرة الأولى،لم يفطر و لم يفسد صومه، سواء كان نظرا (2)إلى محرّم أو محلّل؛لأنّ النظرة الأولى لا يمكن الاحتراز منها، فلا يحصل ما أفضت (3)إليه النظرة،كالذباب و غبار الطريق إذا دخل إلى حلقه.

و لأنّ الأصل الصحّة،فلا يعدل عنه إلاّ بدليل.

و إن أنزل من نظر متكرّر يعلم معه الإنزال،كان حكمه حكم المقبّل و اللامس.

السابع:قال أبو الصلاح:لو أصغى فأمنى،قضاه .

(4)

الثامن:لو قبّل،أو لمس فأمذى،لم يفطر.

و به قال الشافعيّ (5).

و قال أحمد:يفطر (6).

لنا:أنّه خارج لا يوجب الغسل،فإذا انضمّ إلى المباشرة،لم يفسد الصوم، كالبول.

احتجّ:بأنّه خارج تخلّلته (7)الشهوة،فإذا انضمّ إلى المباشرة،أفطر به، كالمنيّ (8).

و الجواب:الفرق بأنّ المنيّ يلتذّ بخروجه و يوجب الغسل،بخلافه.و في رواية

ص:116


1- 1المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.
2- 2) بعض النسخ:نظر.
3- 3) كثير من النسخ:اقتضت.
4- 4) الكافي في الفقه:183.
5- 5) حلية العلماء 3:196،المجموع 6:322،مغني المحتاج 1:430،431،السراج الوهّاج:141، الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135.
6- 6) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43،الكافي لابن قدامة 1:476،الإنصاف 3:301.
7- 7) كثير من النسخ:تخلّله.
8- 8) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.

رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه يقضي (1)،و حمله الشيخ على الاستحباب (2)،و هو حسن.

التاسع:لو تساحقت امرأتان،فإن لم تنزلا،لم يتعلّق بهما حكم سوى الإثم،

و إن أنزلتا،فسد صومهما.

و هل يجب عليهما القضاء و الكفّارة؟الوجه لزومهما؛لأنّ الجماع من المرأة موجب للكفّارة عليها على ما مضى (3).و عن أحمد روايتان (4).

و لو ساحق المجبوب فأنزل،فحكمه حكم المجامع فيما دون الفرج إذا أنزل.

و قد سلف أنّه يوجب القضاء و الكفّارة عندنا (5).

العاشر:لو طلع الفجر و هو مجامع فاستدام الجماع،فعليه القضاء و الكفّارة.

و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8).

و قال أبو حنيفة:يجب القضاء دون الكفّارة (9).

لنا:أنّه ترك صوم (10)رمضان بجماع أثم به بحرمة (11)الصوم،فوجبت به

ص:117


1- 1الفقيه 2:71 الحديث 299،التهذيب 4:272 الحديث 825،الاستبصار 2:83 الحديث 255، الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) الاستبصار 2:83.
3- 3) يراجع:ص 107. [2]
4- 4) المغني 3:62-63،الشرح الكبير بهامش المغني 3:62،الإنصاف 3:317.
5- 5) يراجع:ص 113. [3]
6- 6) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،حلية العلماء 3:202،بلغة السالك 1:252.
7- 7) حلية العلماء 3:202،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:338،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 403،404،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
8- 8) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،الإنصاف 3:321.
9- 9) حلية العلماء 3:202،بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66،141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
10- 10) غ:صوم شهر.
11- 11) غ،ف،ش و م:لحرمة.

الكفّارة،كما لو وطئ بعد طلوع الفجر.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ وطأه لم يصادف صوما صحيحا،فلم يوجب الكفّارة،كما لو ترك النيّة و جامع (1).

و الجواب:من حيث الفرق،و من حيث المنع.

أمّا الأوّل:فلأنّ تارك النيّة ترك (2)الصوم لترك النيّة،لا للجماع.

و أمّا الثاني:فلأنّا نمنع من عدم وجوب الكفّارة.

الحادي عشر:لو نزع في الحال مع أوّل طلوع الفجر من غير تلوّم،لم يتعلّق به حكم،إلاّ ما يأتي من أنّه إن فرّط في تحصيل الوقت،لزمه القضاء،و إلاّ فلا-و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعي (4)-لأنّه ترك للجماع،فلا يتعلّق به حكم الجماع،كما لو حلف لا يدخل بيتا و هو فيه،فخرج منه.

و قال بعض الجمهور:يجب الكفّارة؛لأنّ النزع جماع يلتذّ به،فيتعلّق به ما يتعلّق بالاستدامة،كالإيلاج (5).

و قال مالك:يبطل صومه و لا كفّارة عليه،لأنّه لا يقدر على أكثر ممّا فعله في ترك الجماع،فكان كالمكره (6).

ص:118


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:66،141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،بدائع الصنائع 2:91.
2- 2) غ،ف و ش:يترك.
3- 3) بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
4- 4) الأمّ 2:97،المهذّب للشيرازيّ 1:182،حلية العلماء 3:193،المجموع 6:309،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403،مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
5- 5) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
6- 6) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:311،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135.

و الجواب عن الأوّل:أنّ البحث فيما لو نزع غير متلذّذ.

و عن الثاني:بالتسليم و لا يقتضي ذلك وجوب (1)القضاء.

مسألة:و لو أكل أو شرب عامدا في نهار رمضان مع وجوب الصوم اختيارا،
اشارة

وجب عليه القضاء و الكفّارة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء،و الحسن البصريّ،و الزهريّ،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق (2)،و أبو حنيفة (3)، و مالك (4).

و قال الشافعي:لا تجب الكفّارة،بل القضاء خاصّة (5).و به قال سعيد بن جبير، و النخعيّ،و محمّد بن سيرين،و حمّاد بن أبي سليمان،و أحمد،و داود (6).

لنا:أنّه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه،فوجبت فيه الكفّارة،كالجماع.

و لأنّ الكفّارة في باب المواقعة تعلّقت بجناية إفساد الصوم،و هذه جناية إفساد الصوم،فالشرع الوارد لم يكن واردا هنا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر،قال:

«يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر،تصدّق

ص:119


1- 1كثير من النسخ:من وجوب.
2- 2) حلية العلماء 3:199،المغني 3:52،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،بداية المجتهد 1:302، تفسير القرطبيّ 2:321. [1]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:73،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:97،الهداية للمرغينانيّ 1:124. [2]
4- 4) بداية المجتهد 1:302،حلية العلماء 3:199،تفسير القرطبيّ 2:321. [3]
5- 5) حلية العلماء 3:198،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 446،المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،مغني المحتاج 1:442،السراج الوهّاج: 145.
6- 6) حلية العلماء 3:198،المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:329،330، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6:446، [5]المحلّى 6:185.

بما يطيق» (1).

و عن عبد الرحمن قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،قال:«عليه خمسة عشر صاعا،لكلّ مسكين مدّ،مثل الذي صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ السنّة وردت في الجماع،و غير الجماع لا يقاس عليه، كالإفطار باستدعاء القيء،و بلع الجوزة و الحصاة.

و لأنّ الدليل ينفي (3)وجوب الكفّارة؛لأنّ التوبة كافية لرفع الذنب،إلاّ أنّا تركنا العمل في باب المواقعة،فيبقى المتنازع فيه على قضيّة الدليل (4)و الجواب عن الأوّل:أنّا قد بيّنّا من أحاديث أهل البيت عليهم السّلام وجوب الكفّارة،و القياس مع قيام شرائطه يعمل به عنده،و قد تمّ هنا؛إذ الكفّارة في باب المواقعة تعلّقت بجناية إفساد الصوم،فيثبت في موارده،بخلاف استدعاء القيء، و بلع الحصاة و الجوزة؛لأنّ الجناية في المتنازع فيه أبلغ.على أنّا نمنع عدم الكفّارة في بلع الحصاة و الجوزة،و يخرج استدعاء القيء بالنصّ فيبقى الباقي على عمومه،و بهذا يظهر الجواب عن الثاني.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين الرجل و المرأة و العبد و الخنثى في ذلك،

إلاّ ما نستثنيه (5).

ص:120


1- 1التهذيب 4:205 الحديث 594 و ص 321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310، الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 985،الاستبصار 2:96 الحديث 312،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
3- 3) بعض النسخ:يبقى.
4- 4) مغني المحتاج 1:443،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328.
5- 5) كثير من النسخ:يستثنيه.
الثاني:لا فرق بين أكل المحلّل و المحرّم في الكفّارة،

و سيأتي.

الثالث:لا فرق بين المعتاد و غيره في المأكول و المشروب،فلو ازدرد حصاة

و شبهها،

أو شرب ما لم تجر به العادة،تعلّق به وجوب القضاء و الكفّارة،خلافا للسيّد المرتضى-رحمه اللّه- (1)و لأبي حنيفة (2)،و الشافعيّ (3).

لنا:أنّه مناف للصوم،فيكون مفسدا.و تجب به الكفّارة؛لما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا (4).

و عن سعيد بن المسيّب أنّ رجلا قال:يا رسول اللّه أفطرت في شهر رمضان فقال:«أعتق رقبة» (5)و لم يستفصله،و كذا من طريق الخاصّة (6).

مسألة:و يجب بإيصال الغبار و الدقيق إلى الحلق القضاء و الكفّارة.

ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (7)-و أتباعه (8)،و خالف فيه الشافعيّ (9)،

ص:121


1- 1جمل العلم و العمل:90.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:138،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:99،الهداية للمرغينانيّ 1: 124،شرح فتح القدير 2:260،مجمع الأنهر 1:242.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:317،فتح العزيز بهامش المجموع 6:447، مغني المحتاج 1:430.
4- 4) صحيح مسلم 2:781،782 الحديث 1111،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،الموطّأ 1:296 الحديث 28، [1]سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392. [2]
5- 5) سنن ابن ماجة 1:534 ذيل الحديث 1671،الموطّأ 1:297 الحديث 29،المصنّف لعبد الرزّاق 4:195 الحديث 7458 و 7459.
6- 6) الكافي 4:102 الحديث 2، [3]الفقيه 2:72 الحديث 309،التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29،30 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2 و 5. [4]
7- 7) المبسوط 1:271، [5]الخلاف 1:381 مسألة-17،الجمل و العقود:111.
8- 8) المهذّب 1:192،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):683.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 6:386، [7]مغني المحتاج 1:429،السراج الوهّاج:140.

و أبو حنيفة (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).

لنا:أنّه مفسد للصوم؛لمنافاته له،فكان موجبا للكفّارة،كالأكل.و لأنّا بيّنّا أنّ ازدراد ما لا يعتاد،يوجب القضاء و الكفّارة،فكذا (4)الغبار.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزيّ قال:سمعته يقول:«إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان،أو استنشق متعمّدا،أو شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار،فعليه صوم شهرين متتابعين،فإنّ ذلك له فطر،مثل الأكل و الشرب و النكاح» (5).

و الاستدلال بهذه الرواية ضعيف؛لوجهين:

أحدهما:عدم الاتّصال (6)إلى إمام؛إذ قول الراوي:سمعته،كما يحتمل أن يكون إماما،يحتمل أن يكون غيره.

الثاني:اشتمال هذه الرواية على أحكام لا تثبت على ما يأتي.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يدخل الغبار حلقه،قال:«لا بأس» (7)و عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليّا

ص:122


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:353،الهداية للمرغينانيّ 1:123،مجمع الأنهر 1:245.
2- 2) إرشاد السالك:49،بلغة السالك:251.
3- 3) المغني 3:50،الشرح الكبير بهامش المغني 3:48،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:306. [1]
4- 4) كثير من النسخ:و كذا.
5- 5) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ و في الوسائل: [3]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
6- 6) كثير من النسخ:الإيصال.
7- 7) التهذيب 4:324 الحديث 1003،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [4]

عليه السّلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم،قال:«ليس عليه قضاء،إنّه ليس بطعام» (1).

لأنّا نقول:إنّهما ضعيفتا السند.و أيضا فإنّا نقول بموجبهما؛إذ المفطر عندنا إدخال الغبار و الذباب عمدا إلى الفم،لا دخولهما مطلقا؛إذ قد يدخلان من غير اختيار،فلا يفطران.

لا يقال:إنّ تعليل أمير المؤمنين عليه السّلام ب«أنّه ليس بطعام»ينفي ما ذكرتم من الاحتمال؛لأنّه لا فرق بين الطعام و غيره في عدم الإفطار بالدخول ناسيا أو من غير قصد.

لأنّا نقول:لا امتناع في إرادة:أنّه ليس بطعام مقصود أكله و إن كان بعيدا، فالأولى الاعتماد على الأوّل.

و بالجملة فإنّ السيّد المرتضى-رحمه اللّه-لم يوجب الكفّارة (2)،و هو قويّ.

و قال أبو الصلاح-رحمه اللّه-إذا وقف في الغبار،لزمه القضاء (3).

مسألة:و أوجب الشيخان القضاء و الكفّارة بتعمّد الكذب على اللّه و على رسوله

و على الأئمّة عليهم السّلام .

(4)

و خالف فيه السيّد المرتضى (5)،و ابن أبي عقيل- رحمهما اللّه (6)-و هو قول الجمهور كافّة،و هو الأقرب عندي.

لنا:الأصل براءة الذمّة و عدم وجوب الكفّارة؛لأنّ الذنب يسقط بالتوبة،

ص:123


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 994،الوسائل 7:77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) جمل العلم و العمل:90.
3- 3) الكافي في الفقه:179. [2]
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و [3]النهاية:153،و [4]الخلاف 1: 401 مسألة-85،و الجمل و العقود:111.
5- 5) جمل العلم و العمل:90.
6- 6) نقله عنه في المختلف:218.

فلا يستعقب شيئا آخر إلاّ بدليل.

احتجّ الشيخان:بما رواه أبو بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم»قال:قلت:هلكنا،قال:«ليس حيث تذهب،إنّها ذلك الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و على الأئمّة عليهم السّلام» (1).

و الإفطار يستلزم الكفّارة؛لما تقدّم في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر،قال:

«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (2).

و بما رواه سماعة،قال:سألته عن رجل كذب في رمضان،قال:«قد أفطر و عليه قضاؤه،و هو صائم يقضي صومه و وضوءه إذا تعمّد» (3).

و لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك.

و الجواب عن الحديثين:باشتمالها على ما منعتم من العمل به،فتكون ضعيفة، و الثانية ضعيفة السند،و هي غير مسندة إلى إمام.

و لا نسلّم أنّ الإفطار يستلزم وجوب الكفّارة؛لأنّه قد يحصل الإفطار و إن لم تجب الكفّارة،على ما يأتي.

و الاحتياط معارض ببراءة الذمّة (4).

ص:124


1- 1التهذيب 4:203 الحديث 585 و فيه:«و تفطر الصيام»مكان:«و تفطر الصائم»،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:205 الحديث 594 و ص 321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310، الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 و [2]تقدّم الحديث في ص 119.
3- 3) التهذيب 4:203 الحديث 586،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) كثير من النسخ:براءة الذمّة،ح:لبراءة الذمّة.
مسألة:و لو أجنب ليلا و تعمّد البقاء على الجنابة حتّى طلع الفجر،

وجب عليه القضاء و الكفّارة.ذهب إليه الشيخان (1).

و قال ابن أبي عقيل:عليه القضاء خاصّة (2).و به قال أبو هريرة،و الحسن البصريّ،و سالم بن عبد اللّه،و النخعيّ،و عروة،و طاوس (3)،و هو الظاهر من كلام السيّد المرتضى (4).و قال الجمهور:لا قضاء عليه و لا كفّارة،و صومه صحيح.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصومنّ يومه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح قال:

«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه خليق (6)أن لا أراه يدركه أبدا» (7).

و عن سليمان بن جعفر المروزيّ،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل[و لا يغتسل حتّى يصبح] (8)فعليه صوم شهرين

ص:125


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و النهاية:154،و الخلاف 1: 380 مسألة-13.
2- 2) نقله عنه في المختلف:220.
3- 3) المغني 3:78،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:307،حلية العلماء 3:192.
4- 4) جمل العلم و العمل:90-91،الانتصار:63.
5- 5) مسند أحمد 2:248 و 286،سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،المصنّف لعبد الرزّاق 4:180 الحديث 7398.باختلاف في الجميع.
6- 6) ص:لخليق،كما في الاستبصار و في ح:حقيق،كما في الوسائل. [1]
7- 7) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
8- 8) أثبتناها من المصادر.

متتابعين مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (1)و عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن بعض مواليه قال:سألته عن احتلام الصائم، قال:فقال:«إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتّى يغتسل، و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتّى يغتسل،فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتّى يصبح،فعليه رقبة،أو إطعام ستّين مسكينا،و قضاء (2)ذلك اليوم،و يتمّ صيامه و لن يدركه أبدا» (3).

و لأنّه تعمّد البقاء على الجنابة نهارا،فكان كمن تعمّد فعلها نهارا.

احتجّ ابن أبي عقيل:بما رواه إسماعيل بن عيسى،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتّى أصبح،أيّ شيء عليه؟قال:«لا يضرّه هذا و لا يفطر و لا يبالي،فإنّ أبي عليه السّلام قال:

قالت عائشة:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام» (4).

و احتجّ المخالف (5):بقوله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إلى قوله: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ (6)و جواز المباشرة إلى هذه الغاية يستلزم جواز ترك

ص:126


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43،الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3، [1]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [2]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
2- 2) ش و ك:و قضى،كما في الاستبصار.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43،الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 4:210 الحديث 610،الاستبصار 2:85 الحديث 266،الوسائل 7:39،الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:308، [5]المبسوط للسرخسيّ 3:56،بدائع الصنائع 2:92.
6- 6) البقرة(2):187. [6]

الاغتسال في أوّل الفجر.

و بما رووه (1)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثمّ يصومه (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ النوم عمدا لا يستلزم تعمّد ترك الاغتسال،فجاز أن يتعمّد النوم على عزم الاغتسال ليلا.

و عن الحديث الآخر:ما قدّمناه (3)من أنّ المراد أنّه كان عليه السّلام يقارب بالاغتسال طلوع الفجر،لا أنّه يفعله بعده،و إلاّ لزم أن يكون مداوما لترك الفريضة في أوّل وقتها مع المكنة؛لأنّ قولهم:كان يفعل كذا يعطي المداومة.

و عن الآية:لا نسلّم (4)أنّ التقييد بالغاية لاحق بالمعطوف عليه.و لأنّ منع المباشرة بعد الطلوع لئلاّ يهتك الصوم بالجنابة،و هو موجود في صورة النزاع.

مسألة:و لو أجنب ثمّ نام غير ناو للغسل حتّى طلع الفجر،وجب عليه القضاء

و الكفّارة؛

لأنّ مع العزم على ترك الاغتسال يسقط اعتبار النوم،و يصير كالمتعمّد للبقاء على الجنابة.

أمّا لو نام على عزم الاغتسال ثمّ انتبه،ثمّ نام ثانيا ثمّ انتبه،ثمّ نام ثالثا على عزم الاغتسال أيضا حتّى طلع الفجر،قال الشيخان:يجب القضاء و الكفّارة (5).

و احتجّا:بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر

ص:127


1- 1بعض النسخ:رواه.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:40،صحيح مسلم 2:780-781 الحديث 1109،1110،سنن أبي داود 2:312 الحديث 2388، [1]سنن ابن ماجة 1:544 الحديث 1704،سنن النسائيّ 1:108،سنن الدارميّ 2:13، سنن البيهقيّ 4:214.
3- 3) يراجع:ص 70 و 74. [2]
4- 4) ق،ح و خا:لا يستلزم،مكان:لا نسلّم.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و [3]النهاية:154،و [4]الخلاف 1: 401 مسألة-87،88.

رمضان بالليل ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح،قال:«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه خليق أن لا أراه يدركه أبدا» (1)و بما رواه سليمان بن جعفر المروزيّ عن الفقيه عليه السّلام و قد تقدّمت (2)و بما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه (3).

و شيء (4)من هذه الروايات غير دالّ (5)على مطلوبهما.

أمّا الأوّل:فلأنّه عليه السّلام علّق وجوب الكفّارة على ترك الغسل متعمّدا حتّى يصبح من غير ذكر تكرّر النوم،و رواية سليمان دالّة على وجوب الكفّارة مطلقا، و كذا رواية إبراهيم بن عبد الحميد مع إرسالها و عدم ذكر المسئول،و كما يحتمل تكرّر النوم،يحتمل ترك الغسل متعمّدا،بل هو الأولى؛لما تقدّم من الروايات، فيحمل المطلق عليه.

و لا رواية تدلّ على مرادهم حتّى يحملوا هذه الرواية عليها.على أنّ الأصل براءة الذمّة،فلا يخرج منه إلاّ بدليل.

و لأنّ النوم سائغ،و لا قصد له في ترك الغسل،فلا عقوبة؛إذ الكفّارة مترتّبة (6)

ص:128


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [3]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ،و قد تقدّمت الرواية في ص 105.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
4- 4) ق،ح،و خا:و هي،مكان:و شيء.
5- 5) ص:دالّة.
6- 6) ح،ق و خا:مرتّبة.

على التفريط أو الإثم،و ليس أحدهما ثابتا،فإذا الأولى عندنا سقوط الكفّارة،إلاّ مع العمد.

مسألة:و في الارتماس في الماء أقوال:

أحدها:أنّه يوجب القضاء و الكفّارة.اختاره الشيخ في بعض كتبه (1)،و المفيد رحمه اللّه (2).

و ثانيها:أنّه مكروه.و هو اختيار السيّد المرتضى (3)،و به قال مالك (4)، و أحمد (5).

و ثالثها:أنّه محرّم و لا يفسد الصوم و لا يوجب قضاء و لا كفّارة.اختاره الشيخ في الاستبصار (6)،و به أعمل.

و رابعها:أنّه سائغ مطلقا.و هو قول ابن أبي عقيل من علمائنا (7)،و به قال الجمهور،إلاّ من استثنيناه (8).

لنا:على التحريم ما تقدّم من الأخبار الدالّة على النهي (9).و على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة:الأصل و ما تقدّم من الأحاديث (10).و هذه المسألة قد مضى

ص:129


1- 1النهاية:154،المبسوط 1:270، [1]الخلاف 1:401 مسألة-85،الجمل و العقود:111.
2- 2) المقنعة:54.
3- 3) جمل العلم و العمل:90.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:656. [2]
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:309،المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.
6- 6) الاستبصار 2:85.
7- 7) نقله عنه في المختلف:218.
8- 8) كثير من النسخ:من استثناه.
9- 9) يراجع:ص 68. [3]
10- 10) يراجع:ص 69. [4]

البحث فيها (1).

مسألة:و كلّ موضع يجب فيه القضاء منفردا أو منضمّا إلى وجوب الكفّارة فإنّه

يجب يوم مكان يوم.

ذهب إليه علماؤنا أجمع و هو قول عامّة الفقهاء.

و حكي عن ربيعة أنّه قال:يجب مكان كلّ يوم اثنا عشر يوما.و قال سعيد بن المسيّب:إنّه يصوم عن كلّ يوم شهرا.و قال إبراهيم النخعيّ و وكيع:يصوم عن كلّ يوم ثلاثة آلاف يوم (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمجامع:«و صم يوما مكانه» (3)و في رواية أبي داود:«و صم يوما و استغفر اللّه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن المشرقيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام و قد سئل عمّن أفطر أيّاما من شهر رمضان عمدا،فقال:«من أفطر يوما من شهر رمضان[متعمّدا] (5)فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (6).

و في حديث سماعة عن المجامع:«و قضاء ذلك اليوم،و أين له مثل ذلك اليوم» (7).

و لأنّ القضاء يكون على حسب الأداء،كسائر العبادات.و لأنّ قضاء العبادة يستوي فيه الترك بالعذر و غير العذر،كالصلاة و الحجّ.

ص:130


1- 1يراجع:ص 67-71.
2- 2) حلية العلماء 3:199،المغني 3:52،المجموع 6:329، [1]المبسوط للسرخسيّ 3:72.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:41-42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،الموطّأ 1:297 الحديث 29،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن البيهقيّ 4:226.
4- 4) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393. [2]
5- 5) أثبتناها من التهذيب و الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [4]
7- 7) التهذيب 4:208 الحديث 604،الوسائل 7:32 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [5]

احتجّ ربيعة:بأنّ رمضان يجزئ عن السنة،و هي اثنا عشر شهرا،فكلّ يوم منه في مقابلة اثني عشر يوما من غيره (1).و هذا ليس بصحيح؛لأنّا لا نسلّم وجوب صوم السنة و الإجزاء (2)عنه برمضان.

مسألة:و الكفّارة عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين
اشارة

مسكينا.

هذا اختيار أكثر علمائنا (3)،و به قال مالك (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ (6)،و الشافعيّ (7)،و الأوزاعيّ:إنّها على الترتيب (8).و به قال ابن أبي عقيل من علمائنا (9)،و للسيّد المرتضى-رحمه اللّه- قولان (10)،و عن أحمد روايتان (11).

و قال الحسن البصريّ:هو مخيّر بين تحرير رقبة و نحر بدنة (12).

ص:131


1- 1المغني 3:52،المجموع 6:329.
2- 2) ف،ش،ك،م و يحتمل غ:الاجتزاء.
3- 3) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و [1]النهاية:154،و [2]الجمل و العقود:111،و سلاّر في المراسم:187،و المحقّق في المعتبر 2:672. [3]
4- 4) الموطّأ 1:296،إرشاد السالك:51،بداية المجتهد 1:305،المجموع 6:345،المغني 3:66، الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المدوّنة الكبرى 1:219،بلغة السالك:251.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:71،مجمع الأنهر 1:239،بدائع الصنائع 5:96،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [4]المجموع 6:345، [5]شرح فتح القدير 2:264.
6- 6) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:345.
7- 7) الأمّ 2:98،حلية العلماء 3:201،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:333،مغني المحتاج 1: 444،السراج الوهّاج:146،المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69.
8- 8) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:345.
9- 9) نقله عنه في المختلف:225.
10- 10) جمل العلم و العمل:91.
11- 11) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:322، [6]المجموع 6:345.
12- 12) المجموع 6:345،حلية العلماء 3:201.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكفّر بعتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكينا (1).و«أو»للتخيير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان يوما واحدا من غير عذر، قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر، تصدّق بما يطيق» (2).

و لأنّها تجب بالمخالفة،فكانت على التخيير،ككفّارة اليمين،و جزاء الصيد.

احتجّ ابن أبي عقيل (3):بما رواه الشيخ عن المشرقيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام قال،كتب:«من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (4).

و احتجّ الجمهور (5):بما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه (6)صلّى اللّه عليه و آله قال للواقع على أهله:«هل تجد رقبة تعتقها؟»قال:لا،قال:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»قال:لا،قال:فهل تجد (7)إطعام ستّين.

ص:132


1- 1صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392، [1]الموطّأ 1:296 الحديث 28، [2]سنن الدار قطنيّ 2:191 الحديث 53،سنن البيهقيّ 4:225.
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
3- 3) نقله عنه في المختلف:225.
4- 4) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [4]
5- 5) المغني 3:66،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:69،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:333.
6- 6) ح:أنّ النبيّ،مكان:أنّ رسول اللّه.
7- 7) خا:فهل تستطيع،كما في بعض المصادر.

مسكينا» (1).فدلّ على أنّها للترتيب.

و لأنّها كفّارة فيها صوم متتابع فكانت على الترتيب،ككفّارة القتل و الظهار.

و احتجّ الحسن (2):بما رواه ابن المسيّب،فقال:جاء أعرابيّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضرب نحره و ينتف شعره،و يقول:هلك الأبعد،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و ما ذاك؟»فقال:أصبت أهلي في رمضان و أنا صائم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل تستطيع أن تعتق رقبة؟»فقال:لا،فقال:«فهل تستطيع أن تهدي بدنة؟»فقال:لا (3).

و عن جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة،فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إيجاب الرقبة لا ينافي التخيير بينها و بين غيرها، و ذلك كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فقال:«إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:هلكت،فقال:ما لك؟قال وقعت على أهلي،قال:تصدّق و استغفر ربّك» (5)و مع ذلك لا تتعيّن الصدقة أوّلا إجماعا (6).

ص:133


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،صحيح مسلم 2:781-782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:222.
2- 2) المجموع 6:345.
3- 3) الموطّأ 1:297 الحديث 29، [3]سنن البيهقيّ 4:227.
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:191 الحديث 54،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:166،كنز العمّال 8:494 الحديث 23795 و ص 500 الحديث 23824.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [4]
6- 6) ق،خا و متن ح:و لا إجماعها،مكان:أوّلا إجماعا،هامش ح:و لا إجماع هنا.

و عن الثاني:أنّ أمره عليه السّلام بشيء بعد آخر،لا يدلّ على الترتيب؛إذ ليس بصريح (1)فيه.سلّمنا لكنّه معارض بخبرنا الدالّ بتصريحه على التخيير.

و لأنّ فيه تيسيرا و تخفيفا،فيكون العمل به راجعا.سلّمنا لكن نحمله على الاستحباب جمعا بين الأدلّة؛إذ تنزيله على وجوب الترتيب يبطل حديثنا بالكلّيّة، و ليس كذلك إذا حملناه على الاستحباب.

و عن الثالث:بالفرق بين الصورتين؛لقوّة الذنب في القتل و الظهار،بخلاف صورة النزاع؛إذ قد يحمله على ذلك نوع من الضرورة القليلة،بخلاف القتل و الظهار.

و عن الرابع:أنّه معارض بحديث الجماعة،فيكون أولى من رواية ابن المسيّب.و لأنّه لا نقول بموجبه؛لأنّه نقله عن العتق إلى الهدي على الترتيب و الحسن يقول على التخيير،فما يذهب إليه،لا يدلّ الحديث عليه.

و عن الخامس:أنّ رواية الحارث بن عبيدة عن مقاتل بن سليمان،عن عطاء، عن جابر.و الحارث و مقاتل ضعيفان.

فروع:
الأوّل:الترتيب و إن لم يكن واجبا على ما اخترناه،إلاّ أنّه مستحبّ؛

للخلاص من الخلاف.

الثاني:صوم الشهرين متتابع.

و عليه علماؤنا أجمع،و به قال عامّة الفقهاء،إلاّ ابن أبي ليلى،فإنّه لم يوجب التتابع (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمن واقع

ص:134


1- 1كثير من النسخ:ليس تصريح.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:72،المجموع 6:345،عمدة القارئ 11:28.

أهله:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» (1).

و ما رواه أبو هريرة أيضا عنه عليه السّلام أنّه أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفّارة الظهار (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل أتى أهله في رمضان،فقال:«عليه...صيام شهرين متتابعين» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أو يصوم شهرين متتابعين (4)».

و لأنّها كفّارة فيها صوم شهرين،فكان متتابعا،كالظهار و القتل.

احتجّ ابن أبي ليلى (5):بما رواه أبو هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكفّر بعتق رقبة،أو صيام شهرين،أو إطعام ستّين مسكينا،و لم يذكر التتابع (6)،فكان الأصل عدمه.

و الجواب:ما نقلناه أولى؛لأنّه لفظ الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و ما نقلتموه لفظ الراوي.و لأنّ الأخذ بالزيادة أولى؛لجواز سهو الراوي عنها.

الثالث:لا فرق بين الحنطة و الشعير و التمر،

و هو خمسة عشر صاعا لستّين

ص:135


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 52،سنن البيهقيّ 4:225.
3- 3) التهذيب 4:208 الحديث 604،الاستبصار 2:97 الحديث 315،الوسائل 7:36 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]
5- 5) المجموع 6:345.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:191 الحديث 53،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن البيهقيّ 4:225.

مسكينا،لكلّ مسكين مدّ و قد سلف تقدير المدّ (1).و به قال الشافعيّ (2)،و عطاء، و الأوزاعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:من البرّ لكلّ مسكين نصف صاع،و من غيره صاع (4).

و قال أحمد:مدّ من برّ،و نصف صاع من غيره (5)و قال الشيخ:لكلّ مسكين مدّان من طعام (6).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث المجامع أنّه أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر،فقال:«خذ هذا فأطعم عيالك» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،قال:«عليه خمسة عشر صاعا،لكلّ مسكين مدّ بمدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (8).

و لأنّها أنواع تؤدّى في واجب فتكون متساوية المقدار.

احتجّ أبو حنيفة (9):بما رووه (10)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث سلمة

ص:136


1- 1يراجع:الجزء الثامن:191،192.
2- 2) الأمّ 5:284،حلية العلماء 7:196،المجموع 6:345،و ج 17:378،مغني المحتاج 3:367، السراج الوهّاج:441.
3- 3) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71.
4- 4) بدائع الصنائع 5:102،المبسوط للسرخسيّ 3:113،و ج 7:16،الهداية للمرغينانيّ 1:127،و ج 2:21،شرح فتح القدير 2:276-277،المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،المجموع 6:345،مجمع الأنهر 1:453،تحفة الفقهاء 2:215.
5- 5) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،الإنصاف 3:507.
6- 6) المبسوط 1:271.
7- 7) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393، [1]سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،50،سنن البيهقيّ 4:222.
8- 8) التهذيب 4:207 الحديث 599،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
9- 9) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،المبسوط للسرخسيّ 7:16،الهداية للمرغينانيّ 2:21.
10- 10) أكثر النسخ:بما رواه.

بن صخر:«و أطعم وسقا من تمر» (1).

و احتجّ أحمد (2):بما رواه أبو زيد المدنيّ (3)قال:جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمظاهر:«أطعم هذا،فإنّ مدّي شعير مكان مدّ برّ» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مختلف فيه.

و عن الثاني:بأنّه غير صورة النزاع.

الرابع:إذا قلنا:إنّها على الترتيب،

فإذا عدم الرقبة فصام ثمّ وجد الرقبة في أثنائه،جاز له المضيّ فيه،و الانتقال إلى الرقبة أفضل.

و قال أبو حنيفة (5)،و المزنيّ:لا يجزئه الصوم،و يكفّر بالعتق (6).و للشافعيّ وجهان (7).

لنا:أنّه بفقد الرقبة تعيّن عليه الصيام،فلا يزول هذا الحكم بوجدان الرقبة كما لو وجدها بعد الفراغ من الصيام.

ص:137


1- 1سنن أبي داود 2:265 الحديث 2213،مسند أحمد 4:37،سنن الدارميّ 2:163، [1]سنن البيهقيّ 7:390.
2- 2) المغني 3:70،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
3- 3) في المغني و الشرح أيضا أبو زيد المدنيّ،و لكن في السنن الكبرى للبيهقيّ أبو يزيد المدنيّ.قال ابن حجر:أبو يزيد المدنيّ في أهل البصرة.روى عن أبي هريرة و ابن عبّاس و ابن عمر و أسماء بنت عميس و أمّ أيمن و عكرمة.و روى عنه أيّوب و أبو الهيثم و أبو عامر.و قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنّه ثقة.تهذيب التهذيب 12:280. [2]
4- 4) المغني 3:70، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:72، [4]سنن البيهقيّ 7:392.في سنن البيهقيّ عن أبو يزيد المدنيّ كما تقدّم ترجمته.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 6:234 و ج 7:12،تحفة الفقهاء 2:345،بدائع الصنائع 5:98،المغني 3:68، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:71. [6]
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:206،حلية العلماء 7:195،المجموع 17:374.
7- 7) الأمّ 5:283،المجموع 17:374،حلية العلماء 7:195.

و لأنّه بدل عن واجب،فجاز المضيّ فيه بعد الشروع و ترك الانتقال،كالمتيمّم إذا داخل في الصلاة ثمّ وجد الماء،و قد سلف البحث فيه (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل،فبطل حكم البدل،كالمتيمّم يرى الماء (2).

و الجواب:أنّ المتيمّم بعد الدخول في الصلاة يمضي،أمّا قبلها[فلا] (3)، و الفرق:أنّه لم يتلبّس بما فعل التيمّم له،فلم يظهر له حكم.

و أيضا بالفرق (4)،بأنّ التيمّم لا يرفع الحدث،و إنّما يستره،فإذا وجد الماء، ظهر حكمه،بخلاف الصوم،فإنّه يرفع حكم الجماع بالكلّيّة.

و لأنّ الصوم تطول مدّته،فيشقّ إلزامه الجمع بينه و بين العتق،بخلاف الوضوء و التيمّم.

الخامس:روى الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام في حديث المجامع

لمّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا،فقال له رسول اللّه:«خذ هذا التمر فتصدّق به»فقال:يا رسول اللّه على من أتصدّق به و قد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليل و لا كثير،فقال:«فخذه فأطعمه عيالك و استغفر اللّه عزّ و جلّ» (5).

ص:138


1- 1يراجع:الجزء الثالث:137.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 6:234 و ج 7:12،تحفة الفقهاء 2:345،بدائع الصنائع 5:98،المغني 3:68، الشرح الكبير بهامش المغني 3:71.
3- 3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4- 4) ف و غ:فالفرق.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]

و روى عن محمّد بن النعمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان،فقال:«كفّارته جريبان من طعام،و هو عشرون صاعا» (1).و لا ينافي ما قدّمناه من التقدير.

أمّا الأوّل فلأنّه فقير،فإذا كفّر بعشرة أصوع،خرج عن العهدة؛لأنّه فقير غير متمكّن من الصيام،و إلاّ لأمره عليه السّلام به.

و أمّا الثاني:فالاحتمال صغر الصاع؛جمعا بين الأدلّة.

السادس:روى الشيخ عن عمّار الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه،

قال:«يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتّى يروى» (2).و الرواية مناسبة للمذهب،لأنّه في محلّ الضرورة.

إذا ثبت هذا،فهل يجب عليه القضاء أم لا؟الوجه عدم الوجوب؛لأنّه إذا شرب بقدر ما يمسك رمقه مخافة التلف،كان بمنزلة المكره.و لأنّ التكليف يسقط حينئذ و لا يجوز له التعدّي،فلو شرب زيادة على ذلك،وجب عليه القضاء و الكفّارة.

مسألة:و لو عجز عن الأصناف الثلاثة،صام ثمانية عشر يوما،فإن لم يقدر،
اشارة

تصدّق بما وجد،

أو صام ما استطاع،فإن لم يتمكّن،استغفر اللّه تعالى و لا شيء عليه.ذهب إليه علماؤنا.

و اختلف الجمهور فقال الزهريّ،و الثوريّ،و أبو ثور:إذا لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة،كانت الكفّارة ثابتة في ذمّته (3)،و هو قياس قول أبي حنيفة (4).

ص:139


1- 1التهذيب 4:322 الحديث 987،الوسائل 7:30 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:240 الحديث 702 و ص 326 الحديث 1011،الوسائل 7:152 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:72-73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
4- 4) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.

و قال الأوزاعيّ:سقطت عنه الكفّارة (1).و للشافعيّ قولان (2)،و عن أحمد روايتان (3).

لنا على سقوطها عن ذمّته:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للمجامع:«اذهب فكله أنت و عيالك» (4)و لم يأمره بالكفّارة في ثاني الحال، و لو كان باقيا في ذمّته،لأمره بالإخراج مع التمكّن.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في حديث المجامع أيضا من قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله:«فخذه فأطعمه عيالك و استغفر اللّه عزّ و جلّ» (5).

و ما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (6).

و في الحسن عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل وقع على أهله في شهر رمضان،فلم يجد ما يتصدّق به على ستّين مسكينا،قال:

«يتصدّق بما يطيق» (7).و لو ثبتت الكفّارة في ذمّته لبيّنوه عليهم السّلام،و لما وقع

ص:140


1- 1المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
2- 2) الأمّ 2:99-100،حلية العلماء 3:204،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:343،فتح العزيز بهامش المجموع 6:454،مغني المحتاج 1:444-445،السراج الوهّاج:146.
3- 3) المغني و الشرح 3:72،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:323.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن ابن ماجة 1:534،الحديث 1671،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
6- 6) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 4:206 الحديث 596،الاستبصار 2:81 الحديث 246 و ص 96 الحديث 313،الوسائل 7: 29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]

الإجزاء (1)بالصدقة بالممكن.

و لأنّ الكفّارة حقّ من حقوق اللّه تعالى،لا على وجه البدل،فلم تجب مع العجز،كصدقة الفطر.

احتجّوا (2):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الأعرابيّ بأن يأخذ التمر و يكفّر عن نفسه،بعد أن أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة،و إنّما أمره بصرفه إلى أهله لمّا أخبره بحاجتهم إليه (3)،فدلّ على أنّ الكفّارة واجبة مع العجز.

و لأنّه حقّ للّه تعالى في المال،فلا تسقط بالعجز،كسائر الكفّارات.

و الجواب عن الأوّل:أنّه عليه السّلام لم يدفعه إليه لأنّ الكفّارة واجبة عليه،بل كان تبرّعا منه عليه السّلام بذلك،و عندنا أنّه يجوز التبرّع بالكفّارة.

و عن الثاني:أنّه قياس في معارضة النصّ،فلا يسمع.

فروع:
الأوّل:حدّ العجز عن التكفير:أن لا يجد ما يصرفه في الكفّارة فاضلا عن قوته

و قوت عياله ذلك اليوم.

الثاني:لا يسقط القضاء بسقوط الكفّارة مع العجز،بل يجب،

و لو عجز عنه، سقط؛لعدم القدرة التي هي شرط التكليف.

الثالث:اختلفت عبارة الشيخين هنا،

فقال المفيد-رحمه اللّه-:لو عجز عن الأصناف الثلاثة،صام ثمانية عشر يوما متتابعات،لكلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام،

ص:141


1- 1غ،ش و م:الاجتزاء.
2- 2) المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.

فإن لم يقدر على ذلك،فليتصدّق بما أطاق،أو فليصم ما استطاع (1).فجعل صوم الثمانية عشر واجبا بعد العجز عن الأصناف على التعيين،و خيّر بين الصدقة مطلقا بالممكن،و بين الصوم المستطاع بعد العجز عن الثمانية عشر يوما.

و قال الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه-:فإن لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة، فليتصدّق بما تمكّن منه،فإن لم يتمكّن من الصدقة،صام ثمانية عشر يوما، فإن لم يقدر،صام ما تمكّن منه،فإن لم يتمكّن،قضى ذلك اليوم و استغفر اللّه تعالى (2).فجعل الصدقة بما يتمكّن واجبا بعد العجز عن الثلاثة الأصناف،و جعل صوم ثمانية عشر مرتبة ثانية بعده،و جعل الصوم بما تمكّن مرتبة ثالثة،و حديث عبد اللّه بن سنان يدلّ على الصدقة بما تمكّن عند العجز (3).

و قد روى الشيخ عن أبي بصير و سماعة بن مهران،قال:سألنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين،فلم يقدر على الصيام، و لم يقدر على العتق،و لم يقدر على الصدقة،قال:«فليصم ثمانية عشر يوما من كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام» (4).

الرابع:أطلق الشيخ-رحمه اللّه-الثمانية عشر يوما .و قيّدها المفيد-رحمه

اللّه-بالتتابع ،

(5)(6)

و هو اختيار السيّد المرتضى (7).و الوجه ما قاله الشيخ؛عملا

ص:142


1- 1المقنعة:55.
2- 2) النهاية:154. [1]
3- 3) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 4:207 الحديث 601،الاستبصار 2:97 الحديث 314،الوسائل 7:279 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
5- 5) النهاية:154.
6- 6) المقنعة:55.
7- 7) جمل العلم و العمل:91.

بأصالة براءة الذمّة،و عدم التقييد في الخبر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر الجعفريّ،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«إنّما الصيام الذي لا يفرّق كفّارة الظهار و كفّارة الدم و كفّارة اليمين» (1).

الخامس:لو تمكّن من صيام شهر،هل يجب عليه أم لا؟

فيه تردّد ينشأ من وجوب الشهرين اللذين يجب تحتهما الشهر الواحد،و من النصّ على وجوب الثمانية عشر لا غير عند العجز عن الأصناف الثلاثة،أمّا لو تمكّن من الصدقة على ثلاثين،وجب،لقوله عليه السّلام:«فإن لم يتمكّن تصدّق بما استطاع» (2).

السادس:لو تمكّن من صيام شهر و الصدقة على ثلاثين هل يجبان معا عليه أو

أحدهما؟

فيه التردّد المذكور.

مسألة:و الكفّارة تجب في إفطار رمضان بلا خلاف،إلاّ من شذوذ لا اعتداد
اشارة

بهم،

و قد سلف البحث فيه معهم (3).

و تجب أيضا في قضائه بعد الزوال،و في النذر المعيّن قبل الزوال و بعده،و في الاعتكاف.ذهب إليه علماؤنا.

و أطبق الجمهور كافّة على سقوط الكفّارة فيما عدا رمضان،إلاّ قتادة،فإنّه أوجب الكفّارة في قضاء رمضان (4).

ص:143


1- 1التهذيب 4:274 الحديث 830،الاستبصار 2:117 الحديث 382،الوسائل 7:280 الباب 10 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3. [1]
2- 2) لم نعثر عليه في المصادر الموجودة من العامّة.و نحوه من طريق الخاصّة عن الإمام الصادق عليه السّلام، ينظر:الكافي 4:101،102 الحديث 1 و 3،الفقيه 2:72 الحديث 1،التهذيب 4:205،206 الحديث 594،596،الاستبصار 2:95،96 الحديث 310 و 313،الوسائل 7:28،29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 و 3.
3- 3) يراجع:ص 119.
4- 4) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:68.

و اتّفق علماؤنا و الجمهور على عدم إيجاب الكفّارة فيما عدا ما ذكرناه.أمّا قضاء رمضان؛فلأنّه عبادة تجب الكفّارة في أدائها،فتجب في قضائها،كالحجّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح عن بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان،قال:

«إن كان أتى أهله قبل الزوال،فلا شيء عليه إلاّ يوما مكان يوم،و إن كان أتى أهله بعد الزوال فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين» (1).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل وقع على أهله و هو يقضي شهر رمضان،فقال:«إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر،فلا شيء عليه،يصوم يوما بدله،و إن فعل بعد العصر،صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين،فإن لم يمكنه،صام ثلاثة أيّام» (2).

قال الشيخ:و لا تنافي بين الخبرين؛لأنّ وقت الصلاتين واحد و هو الزوال،إلاّ أنّ الظهر قبل العصر على ما تقدّم،فعبّر عمّا قبل الزوال بما قبل العصر؛لقرب ما بين الوقتين،و عمّا بعده لما بعد العصر؛لذلك (3).

و أمّا النذر المعيّن:فلتعيّن زمانه،كما تعيّن رمضان،فصار الإفطار فيه هتكا؛ لحرمة صوم متعيّن،فأوجب الإثم،و الكفّارة تتبع الإثم في فطر الصوم المتعيّن زمانه،كرمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن القاسم الصيقل (4)أنّه كتب إليه:يا سيّدي رجل نذر

ص:144


1- 1التهذيب 4:278 الحديث 844،الاستبصار 2:120 الحديث 391،الوسائل 7:253 الباب 29 من أبواب احكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:279 الحديث 845،الاستبصار 2:120 الحديث 392،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) الاستبصار 2:121.
4- 4) القاسم الصيقل روى عنه محمّد بن عيسى و محمّد بن عبد اللّه الواسطيّ و عليّ بن الريّان،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السّلام.قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول، رجال الطوسيّ:421،جامع الرواة 2:17، [3]تنقيح المقال 2:20 من أبواب القاف. [4]

أن يصوم يوما للّه،فوقع في ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفّارة؟فأجابه:

«يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة» (1).

و عن عليّ بن مهزيار أنّه كتب إليه يسأله:يا سيّدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه،فوقع في ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفّارة؟فكتب عليه السّلام:

«يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة» (2).

و أمّا الاعتكاف،فلأنّه إذا كان واجبا،كرمضان في التعيين (3)،فهتكه يستلزم ما وجب في رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن معتكف واقع أهله،فقال:«هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان» (4).

و عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المعتكف يجامع أهله؟ فقال:«إذا فعل فعليه ما على المظاهر» (5).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن معتكف

ص:145


1- 1التهذيب 4:286 الحديث 865،الاستبصار 2:125 الحديث 406،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:286 الحديث 866،الاستبصار 2:125 الحديث 407،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [2]
3- 3) كثير من النسخ:المتعيّن،و في بعضها:التعيّن.
4- 4) التهذيب 4:291 الحديث 886،الاستبصار 2:130 الحديث 423،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 4:291 الحديث 887،الاستبصار 2:130 الحديث 424،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]

واقع أهله،قال:«عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكينا» (1).

و قد روى الشيخ،في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد، و ضربت له قبّة من شعر،و شمّر المئزر،و طوى فراشه»فقال بعضهم:و اعتزل النساء؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا اعتزال النساء فلا» (2)قال الشيخ:لا ينافي ذلك الأخبار المتقدّمة؛لأنّ قوله عليه السّلام:«أمّا اعتزال النساء فلا»المعنى فيه مخالطتهنّ و مجالستهنّ،دون أن يكون المراد:وطئهنّ في حال الاعتكاف؛لأنّ الذي يحرم في حال الاعتكاف الجماع،دون ما سواه (3)، و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه.

فروع:
الأوّل:فرّق علماؤنا بين الإفطار في قضاء رمضان أوّل النهار،

و بعد الزوال، فأوجبوا الكفّارة في الثاني دون الأوّل.

و الجمهور لم يفرّقوا بينهما،بل قالوا بسقوط الكفّارة في البابين،إلاّ قتادة،فإنّه أوجبها فيهما معا (4).و ابن أبي عقيل من علمائنا اختار مذهب الجمهور في سقوط

ص:146


1- 1التهذيب 4:292 الحديث 888،الاستبصار 2:130 الحديث 425،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:287 الحديث 869،الاستبصار 2:130 الحديث 426،الوسائل 7:405 الباب 5 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:292،الاستبصار 2:131.
4- 4) حلية العلماء 3:204،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:68،بداية المجتهد 1:307.

الكفّارة (1).

لنا:ما تقدّم (2)؛و لأنّه قبل الزوال مخيّر بين الإتمام و الإفطار (3)،فلا يتعيّن صومه،و بعد الزوال يتعيّن صومه،فيجري مجرى رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«صوم النافلة،لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت،و صوم قضاء الفريضة، لك أن تفطر إلى زوال الشمس،فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر» (4).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الإفطار،فقال:«لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال» (5)

الثاني:الكفّارة في قضاء رمضان ما قدّمناه من إطعام عشرة مساكين،

(6)

فإن لم يتمكّن،صام ثلاثة أيّام (7)،و قد روي أنّه لا كفّارة عليه.و روي أنّ عليه كفّارة رمضان.

روى الشيخ بإسناده عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام؟

ص:147


1- 1نقله عنه في المختلف:247.
2- 2) يراجع:ص 143. [1]
3- 3) كثير من النسخ:و الإبطال.
4- 4) التهذيب 4:278 الحديث 841،الاستبصار 2:120 الحديث 389،الوسائل 7:10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [2]
5- 5) التهذيب 4:278 الحديث 842،الاستبصار 2:120 الحديث 390،الوسائل 7:8 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [3]
6- 6) كثير من النسخ:من إطعامه.
7- 7) يراجع:ص 143،144. [4]

قال:«هو بالخيار إلى زوال الشمس،فإذا زالت[الشمس] (1)فإن كان نوى الصوم فليصم،و إن كان نوى الإفطار فليفطر»سئل:فإن كان نوى الإفطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟قال:[«لا»سئل:فإن نوى الصوم ثمّ أفطر بعد ما زالت الشمس؟قال:] (2)«قد أساء و ليس عليه شيء إلاّ قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» (3).

و روى زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن رجل قضى من رمضان فأتى النساء،قال:«عليه من الكفّارة ما على الذي أصاب في رمضان؛لأنّ ذلك اليوم عند اللّه من أيّام رمضان» (4).

قال الشيخ:وجه الجمع بينهما أنّه يحتمل أن تكون الرواية الأولى واردة فيمن لا يتمكّن من الإطعام،و لا صيام ثلاثة أيّام.و الرواية الثانية واردة فيمن أفطر بعد الزوال استخفافا بالفرض و تهاونا به،فأمّا من أفطر على غير ذلك فلا (5).

الثالث:المشهور في كفّارة من أفطر في يوم تعيّن صومه بالنذر أنّها مثل

رمضان ،

(6)

و روي كفّارة يمين (7)،و سيأتي تحقيقه إن شاء اللّه تعالى.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار قال:كتب بندار مولى

ص:148


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:280 الحديث 847،الاستبصار 2:121 الحديث 394،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 4:279 الحديث 846،الاستبصار 2:121 الحديث 393،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 4:279-280،الاستبصار 2:121-122.
6- 6) ينظر:جمل العمل و العمل:95،الكافي في الفقه:185، [3]المهذّب 1:198،شرائع الإسلام 1:191. [4]
7- 7) الفقيه 3:230 الحديث 1087،الوسائل 16:222 الباب 2 من أبواب النذر و العهد الحديث 5. [5]

إدريس (1):يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت،فإن أنا لم أصمه،ما يلزمني من الكفّارة؟فكتب و قرأته:«لا تتركه إلاّ من علّة،و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض،إلاّ أن تكون نويت ذلك،و إن (2)كنت أفطرت فيه من غير علّة فتصدّق بعد كلّ يوم لسبعة (3)مساكين،نسأل اللّه التوفيق لما يحبّ و يرضى» (4).

قال الشيخ:لا ينافي ذلك ما تقدّم؛لأنّ الكفّارة تجب على قدر طاقة الإنسان، فمن تمكّن من عتق رقبة لزمه ذلك،فإن عجز عنه أطعم سبعة مساكين (5).

و ابن أبي عقيل من علمائنا لم يوجب كفّارة في ذلك (6)،كالجمهور.

الرابع:لو قضى ما تعيّن صومه بالنذر،لم يجب عليه بالإفطار شيء سوى

القضاء،

سواء كان قبل الزوال أو بعده،عملا بأصل براءة الذمّة السليم عن المعارض،و القياس على قضاء رمضان ضعيف؛لتعيّن الصوم هناك بعد الزوال، بخلاف صورة النزاع.

مسألة:و إنّما يفسد الصيام إذا وقع ذلك منه عمدا مختارا مع وجوب الصوم
اشارة

عليه،

فهذه قيود ثلاثة لا بدّ منها.

الأوّل:العمد،و لا خلاف بين علمائنا في أنّ الناسي لا يفسد صومه،و لا يجب عليه قضاء و لا كفّارة بفعل المفطر ناسيا.و به قال أبو هريرة،و ابن عمر،و عطاء،

ص:149


1- 1بندار مولى إدريس لم نعثر على ترجمته إلاّ ما نقل السيّد الخوئيّ في معجمه عن البرقيّ أنّه ذكره في أصحاب الجواد عليه السّلام.معجم رجال الحديث 3:365.
2- 2) كثير من النسخ:فإن.
3- 3) هامش ح:على سبعة،كما في الاستبصار و الوسائل. [1]
4- 4) التهذيب 4:286 الحديث 867،الاستبصار 2:125 الحديث 408،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 4:286،الاستبصار 2:126.
6- 6) نقله عنه في المختلف:228.

و طاوس،و الأوزاعيّ،و الثوريّ (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4)، و أصحاب الرأي (5).

و قال ربيعة (6)،و مالك:يفطر الناسي بذلك (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتمّ صومه،فإنّما أطعمه اللّه و سقاه» (8).

و عنه عليه السّلام:«من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر،فإنّما هو رزق رزقه اللّه» (9).

ص:150


1- 1حلية العلماء 3:197،المغني 3:53،الشرح الكبير بهامش المغني 3:46،المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
2- 2) الأمّ 2:97،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:324،مغني المحتاج 1: 443،السراج الوهّاج:145،المغني 3:53، [1]بداية المجتهد 1:303،عمدة القارئ 11:17.
3- 3) المغني 3:53، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [3]الكافي لابن قدامة 1:477:الإنصاف 3:304، [4]زاد المستقنع:28.
4- 4) المغني 3:53، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [6]المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:65،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:122، [7]شرح فتح القدير 2: 254،مجمع الأنهر 1:244،عمدة القارئ 11:17.
6- 6) المغني 3:53، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [9]المجموع 6:324، [10]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188،عمدة القارئ 11:17.
7- 7) الموطّأ 1:304، [11]المدوّنة الكبرى 1:208،بداية المجتهد 1:303،بلغة السالك 1:246،إرشاد السالك:49،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188،المغني 3:53، [12]المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:40،صحيح مسلم 2:809 الحديث 1155،سنن ابن ماجة 1:535 الحديث 1673،سنن الدارميّ 2:13، [13]مسند أحمد 2:489،491،513، [14]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 212 الحديث 3510،3511،سنن الدارقطنيّ 2:178 الحديث 29،سنن البيهقيّ 4:229.
9- 9) سنن الترمذيّ 3:100 الحديث 721، [15]سنن الدارقطنيّ 2:180 الحديث 35،كنز العمّال 8:498 الحديث 23815.

و عن عليّ عليه السّلام قال:«لا شيء على من أكل ناسيا» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:من صام فنسي فأكل و شرب فلا يفطر من أجل أنّه نسي،فإنّما هو رزق رزقه اللّه فليتمّ صيامه» (2).

و عن داود بن سرحان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل ينسى فيأكل في شهر رمضان قال:«يتمّ صومه،فإنّما هو شيء أطعمه اللّه عزّ و جلّ» (3).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صام في رمضان فأكل و شرب ناسيا فقال:«يتمّ صومه و ليس عليه قضاؤه (4)» (5).

و لأنّ التكليف بالإمساك يستدعي الشعور،و هو مفقود (6)عن الناسي،فكان غير مكلّف به،و إلاّ لزم تكليف ما لا يطاق.

و لأنّها عبادة ذات تحليل و تحريم،فكان في محظوراتها ما يختلف عمده و سهوه،كالصلاة و الحجّ.

و لأنّه عليه السّلام قطع نسبة الأكل و الشرب إليه،فلا يكون منافيا لصومه.

احتجّ مالك:بأنّ الأكل ضدّ الصوم؛لأنّه كفّ،فلا يجامعه،ككلام الناسي

ص:151


1- 1المغني 3:53،الشرح الكبير بهامش المغني 3:46،المبسوط للسرخسيّ 3:65،عمدة القارئ 11:17.
2- 2) التهذيب 4:268 الحديث 809 و ص 277 الحديث 839،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [1]
3- 3) التهذيب 4:268 الحديث 810،الوسائل 7:33 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [2]
4- 4) ق و خا:قضاء منه.
5- 5) التهذيب 4:268 الحديث 808،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. و [3]فيهما:«و ليس عليه قضاء»مكان:«و ليس عليه قضاؤه».
6- 6) بعض النسخ:معفوّ.

في الصلاة (1).

و الجواب:الضدّ هو الأكل عمدا،لا مطلق الأكل،فإنّه نفس المتنازع، و المقيس عليه ممنوع،على ما تقدّم (2).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك،

و لا نعلم فيه خلافا.

الثاني:لو فعل شيئا من ذلك و هو نائم،لم يفسد صومه؛

لعدم القصد و العلم بالصوم فهو أعذر من الناسي.

الثالث:لو فعله جاهلا بالتحريم،

تعلّق به الحكم.

الرابع:لو فعله مكرها أو متوعّدا بالمؤاخذة،كان بحكم الناسي.

و فرّق الشيخ بينهما (3)،و قد سلف (4).

مسألة:و لو أجنب ليلا فانتبه ثمّ نام حتّى أصبح،وجب عليه القضاء خاصّة،

فيحصل من هذا و ممّا تقدّم أنّ المجنب إذا نام،فإن كان على عزم ترك الاغتسال حتّى أصبح،وجب عليه القضاء و الكفّارة،و إن نام على عزم الاغتسال ثمّ استيقظ ثانيا ثمّ نام ثالثا حتّى طلع الفجر فكذلك،و إن نام من أوّل مرّة عازما على الاغتسال و طلع الفجر،فلا شيء عليه،و إن نام ثانيا و استمرّ به النوم (5)على عزم الاغتسال حتّى طلع الفجر،وجب عليه القضاء خاصّة،و الأحكام

ص:152


1- 1المغني 3:53،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188.
2- 2) يراجع:الجزء الخامس:285.
3- 3) المبسوط 1:273.
4- 4) يراجع:ص 97.
5- 5) بعض النسخ:منه النوم.

المتقدّمة سلفت (1).

أمّا هذا الحكم،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل فنام،و قد علم بها،و لم يستيقظ حتّى يدركه الفجر،فقال:«عليه أن يتمّ صومه و يقضي يوما آخر»فقلت:إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان؟قال:«فيأكل يومه ذلك و ليقض،فإنّه لا يشبه رمضان شيء من الشهور» (2).

و في الصحيح عن ابن أبي يعفور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في شهر رمضان ثمّ يستيقظ ثمّ ينام حتّى يصبح،قال:«يتمّ صومه (3)و يقضي يوما آخر،و إن لم يستيقظ حتّى يصبح أتمّ يومه و جاز له» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثمّ ينام قبل أن يغتسل،قال:«يتمّ صومه و يقضي ذلك اليوم إلاّ أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر،فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى، فطلع الفجر،فلا يقضي يومه (5)» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في أوّل الليل ثمّ ينام حتّى يصبح في شهر رمضان،قال:«ليس عليه شيء»

ص:153


1- 1يراجع:ص 127. [1]
2- 2) التهذيب 4:211 الحديث 611،الاستبصار 2:86 الحديث 267،الوسائل 7:46 الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
3- 3) كثير من النسخ:يومه.
4- 4) التهذيب 4:211 الحديث 612،الاستبصار 2:86 الحديث 269،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]
5- 5) بعض النسخ:«صومه»كما في الوسائل. [4]
6- 6) التهذيب 4:211 الحديث 613،الاستبصار 2:86 الحديث 270،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [5]

قلت:فإن هو استيقظ ثمّ نام حتّى أصبح؟قال:«فليقض ذلك اليوم عقوبة» (1).

و لأنّه فرّط في الاغتسال،فوجب عليه القضاء.و لا تجب الكفّارة؛لأنّ المنع من النومة الأولى تضييق على المكلّف.

مسألة:و يجب القضاء في الصوم إذا كان واجبا متعيّنا بسبعة أشياء،

(2)

و إنّما اشترطنا الوجوب و التعيين؛لأنّ ما فسد صومه لا يسمّى الإتيان ببدله قضاء إلاّ مع القيدين؛لأنّ القضاء اسم لفعل مثل المقضيّ بعد خروج وقته،و إلاّ فكلّ صوم صادفه أحد السبعة يفسد،فإن كان واجبا أتى ببدله و لا يسمّى قضاء،و إن كان متعيّنا سمّي البدل قضاء،فمن ظنّ بقاء الليل فجامع،أو أكل،أو شرب،أو فعل المفطر مطلقا ثمّ تبيّن أنّه كان طالعا،فإن كان قد رصد الفجر فلم ينتبه (3)،أتمّ صومه و لا شيء عليه،و ان لم يرصد الفجر مع القدرة على المراعاة ثمّ تبيّن أنّه كان طالعا وجب عليه القضاء،لا غير،مع إتمام ذلك اليوم،و لا كفّارة عليه،و هذا التفصيل ذهب إليه علماؤنا خاصّة.

و قال الشافعيّ:لا كفّارة عليه مطلقا،سواء رصد أو لم يرصد،مع ظنّ الليل، و عليه القضاء (4).و هو قول عامّة الفقهاء،إلاّ ما حكي عن إسحاق بن راهويه، و داود أنّهما قالا:لا يجب عليه القضاء.و هو مذهب الحسن،و مجاهد،و عطاء، و عروة (5).

و قال أحمد:إذا جامع بظنّ أنّ الفجر لم يطلع،و تبيّن أنّه كان طالعا،وجب

ص:154


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 615،الاستبصار 2:87 الحديث 271،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) بعض النسخ:إن كان.
3- 3) ف،ك و يحتمل ش:يتبينه.
4- 4) حلية العلماء 3:193،202،المجموع 6:309،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
5- 5) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:309،المغني 3:76،الشرح الكبير بهامش المغني 3:53.

عليه القضاء و الكفّارة مطلقا،و لم يعتبر (1)المراعاة (2).

لنا:أنّه مفرّط بترك المراعاة،فوجب عليه القضاء؛لإفساده الصوم بالتناول، و لا كفّارة؛لعدم الإثم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان،فقال:«إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثمّ عاد فرأى الفجر،فليتمّ صومه و لا إعادة عليه،و إن كان قام فأكل و شرب ثمّ نظر إلى الفجر فرأى أنّه قد طلع،فليتمّ صومه و يقضي يوما آخر؛لأنّه بدأ بالأكل قبل النظر،فعليه الإعادة» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل تسحّر ثمّ خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبيّن (4)،فقال:«يتمّ صومه ذلك ثمّ ليقضه،و إن تسحّر في غير شهر رمضان بعد الفجر،أفطر»ثمّ قال:«إنّ أبي كان ليلة يصلّي و أنا آكل،فانصرف فقال:أمّا جعفر فقد أكل و شرب بعد الفجر،فأمرني، فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان» (5).

و أمّا مع المراعاة فلا قضاء عليه؛لأنّ الأصل بقاء الليل،و قد اعتضد بالمراعاة، فجاز له التناول مطلقا،فلا إفساد حينئذ و جرى مجرى الساهي.

احتجّ من لم يوجب القضاء مطلقا (6):بما رواه زيد بن وهب،قال:كنت جالسا

ص:155


1- 1بعض النسخ:و لم يتعيّن.
2- 2) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،الكافي لابن قدامة 1:478، [1]الإنصاف 3:313.
3- 3) التهذيب 4:269 الحديث 811،الاستبصار 2:116 الحديث 378،الوسائل 7:82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
4- 4) بعض النسخ:و قد تبيّن.
5- 5) التهذيب 4:269 الحديث 812،الاستبصار 2:116 الحديث 379،الوسائل 7:81 [3] الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1،و ص 83 الباب 45،الحديث 1.
6- 6) المغني 3:76،الشرح الكبير بهامش المغني 3:53،المجموع 6:310.

في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رمضان في زمن عمر بن الخطّاب، فأتينا بعساس (1)فيها شراب من بيت حفصة،فشربنا و نحن نرى أنّه من الليل،ثمّ انكشف السحاب،فإذا الشمس طالعة،قال:فجعل الناس يقولون:نقضي يوما مكانه،فقال عمر:و اللّه لا نقضيه،ما تجانفنا (2)لإثم (3).

و لأنّه لم يقصد الأكل في الصوم،فلم يلزمه القضاء،كالناسي.

و احتجّ الموجبون مطلقا:بأنّه أكل مختارا،ذاكرا للصوم فأفطر،كما لو أكل يوم الشكّ.و لأنّه جهل وقت الصيام،فلم يعذر به،كالجهل بأوّل رمضان.و لأنّه يمكن التحرّز منه،فأشبه أكل العمد (4).

و استدلّ أحمد (5)على وجوب الكفّارة بالجماع بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المجامع بالتكفير من غير تفريق و لا تفصيل (6).و لأنّه أفسد صوم رمضان بجماع تامّ،فوجبت عليه الكفّارة،كما لو علم.

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أنّ عمر راعى (7)الفجر.

و عن الثاني:أنّه بترك المراعاة مفرّط،بخلاف (8)الناسي.

ص:156


1- 1العسّ:القدح الكبير،و جمعه عساس،النهاية لابن الأثير 3:236. [1]
2- 2) الجنف:الميل،لسان العرب 9:32. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 4:217 بتفاوت.
4- 4) المغني 3:77،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،الكافي لابن قدامة 1:478.
5- 5) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 671،الموطّأ 1:296،297 الحديث 28،29،سنن الدار قطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:226.
7- 7) ق:رأى.
8- 8) كثير من النسخ:يخالف.

و عن الثالث:بالمنع من أكله (1)مختارا ذاكرا للصوم؛لأنّ التقدير أنّه قد راعى و لم يظفر (2)بالفجر،فلم يكن آكلا مع الصوم في ظنّه مع قيام الموجب،و هو المأخوذ عليه.

و عن الرابع:أنّ الجهل مع قيام الموجب مقتض للعذر.

و عن الخامس:بعدم تسليم إمكان التحرّز؛إذ المأخوذ عليه الإمساك نهارا مع علمه بذلك.

و عن السادس:أنّه عليه السّلام إنّما أمره بذلك للهتك،و لهذا شكا الأعرابيّ من كثرة الذنب و شدّة المؤاخذة،و ذلك إنّما يكون مع قصد الإفطار،فلا يتناول صورة النزاع.و لأنّها حكاية حال فلا تكون عامّة.

مسألة:و لو أخبره غيره بأنّ الفجر لم يطلع،فأخلد إليه مع القدرة على

المراعاة و تركها،ثمّ فعل المفطر،وجب عليه القضاء،

(3)

لا غير؛لأنّه بترك المراعاة مفرّط،فأفسد صومه،و وجب القضاء،و بالبناء على أصل البقاء و صدق المخبر سقط الإثم،فلا كفّارة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا،فتقول (4):لم يطلع،فآكل،ثمّ أنظر فأجده قد طلع حين نظرت،قال:«تتمّ يومك (5)و تقضيه،أما إنّك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه» (6).

ص:157


1- 1هامش ح:بالمنع من أنّه أكل.
2- 2) بعض النسخ:يظنّ.
3- 3) خلد إلى كذا و أخلد:ركن،المصباح المنير:177. [1]
4- 4) ح بزيادة:الجارية.
5- 5) ش،ك و م:صومه،مكان:يومك،و في كثير من النسخ:يومه،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 4:269 الحديث 813،الوسائل 7:84 الباب 46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
مسألة:لو أخبره غيره بطلوع الفجر،فظنّ كذب المخبر و كانالفجر
اشارة

طالعا،

(1)

فتناول المفطر،وجب القضاء خاصّة؛للتفريط بترك المراعاة مع القدرة؛لأنّ البحث فيه،و سقوط الكفّارة؛لعدم الإثم،بناء على أصل بقاء الليل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل خرج في شهر رمضان و أصحابه يتسحّرون في بيت،فنظر إلى الفجر فناداهم (2)،فكفّ بعضهم،و ظنّ بعضهم أنّه يسخر فأكل،قال:«يتمّ صومه و يقضي» (3).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن يكون المخبر عدلا أو فاسقا؛

عملا بالإطلاق و ترك استفصال الحال عند السؤال.

الثاني:لو أخبره عدلان بطلوع الفجر فلم يكفّ،

فالأشبه وجوب القضاء و الكفّارة؛لأنّ قولهما محكوم به شرعا،فيترتّب عليه توابعه.

الثالث:لو أخبره بدخول الليل،فأخلد إليه و أفطر،

ثمّ بان كذبه مع قدرته على المراعاة،وجب عليه القضاء خاصّة؛لما تقدّم.

مسألة:و لو ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت إمّا لغيم أو غيره،فأفطر،ثمّ تبيّن

فساد ظنّه،أتمّ،

و وجب عليه القضاء.ذهب إليه المفيد-رحمه اللّه (4)-و أبو الصلاح الحلبيّ (5)،و هو قول الجمهور،و اختاره السيّد المرتضى-رحمه اللّه (6)-و الشيخ-

ص:158


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) ح بزيادة:أنّه قد طلع الفجر،كما في الوسائل. [1]
3- 3) التهذيب 4:270 الحديث 814،الوسائل 7:84 الباب 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) المقنعة:57.
5- 5) الكافي في الفقه:183. [3]
6- 6) جمل العلم و العمل:91.

رحمه اللّه-في المبسوط (1).

و قال في النهاية:إن غلب على ظنّه دخول الليل فأفطر،فليمسك،و لا قضاء عليه (2)،و كذا في التهذيب (3)،و اختاره ابن إدريس (4)،و الأقوى خيرة المفيد.

لنا:أنّه تناول ما ينافي الصوم عمدا،فلزمه القضاء،و لا كفّارة عليه؛لحصول الشبهة و عدم العلم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي بصير و سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوم صاموا شهر رمضان،فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس،فرأوا أنّه الليل،فقال:«على الذي أفطر صيام ذلك اليوم،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (5)فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه؛ لأنّه أكل متعمّدا» (6).

و احتجّ الجمهور (7)على ذلك أيضا:بما رواه حنظلة (8)،قال:كنّا في شهر رمضان و في السماء سحاب،فظننّا أنّ الشمس غابت،فأفطر بعضنا،فأمر عمر من

ص:159


1- 1المبسوط 1:272.
2- 2) النهاية:155. [1]
3- 3) التهذيب 4:270.
4- 4) السرائر:85.
5- 5) البقرة(2):187. [2]
6- 6) التهذيب 4:270 الحديث 815،الاستبصار 2:115 الحديث 377،الوسائل 7:87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
7- 7) المجموع 6:310،328.
8- 8) حنظلة بن أبي حنظلة الأنصاريّ إمام مسجد قباء روى عنه جبلة بن سحيم قال:صلّيت خلف حنظلة الأنصاريّ إمام مسجد قباء من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. أسد الغابة 2:56، [4]الإصابة 1:359. [5]

كان أفطر أن يصوم مكانه (1).

احتجّ الشيخ:بما رواه أبو الصبّاح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صام ثمّ ظنّ أنّ الشمس قد غابت و في السماء علّة (2)فأفطر،ثمّ إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب،فقال:«قد تمّ صومه و لا يقضيه» (3).

و بما رواه زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك (4).

و بما رواه-في الصحيح-عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«وقت المغرب إذا غاب القرص،فإن رأيته بعد ذلك و قد صلّيت أعدت الصلاة و مضى صومك،و تكفّ عن الطعام إن كنت قد (5)أصبت منه شيئا» (6).

و لأن التكليف هنا منوط بالظنّ؛لعدم العلم،و قد حصل.

و الجواب:أنّ الحديث الأوّل،في طريقه محمّد بن الفضيل و هو ضعيف.و في طريق الحديث الثاني،أبو جميلة و هو ضعيف أيضا.

و الحديث الثالث،لا دلالة فيه على صورة النزاع و هو سقوط القضاء، و التكليف منوط باستمرار الظنّ و لم يحصل هنا،كمن ظنّ الطهارة و صلّى ثمّ تبيّن فساد ظنّه.و حديثنا و إن كان يرويه محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ عن يونس

ص:160


1- 1سنن البيهقيّ 4:217،بتفاوت.و أورده الشيرازيّ في المهذّب 1:183،و النوويّ في المجموع 6:310.
2- 2) بعض النسخ:غيمة،و في التهذيب و الوسائل: [1]غيم.
3- 3) التهذيب 4:270 الحديث 816،الاستبصار 2:115 الحديث 374،الوسائل 7:88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 4:271 الحديث 817،الاستبصار 2:115 الحديث 375،الوسائل 7:88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
5- 5) لا توجد كلمة«قد»في كثير من النسخ،كما في الاستبصار.
6- 6) التهذيب 4:271 الحديث 818،الاستبصار 2:115 الحديث 376،الوسائل 7:87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]

بن عبد الرحمن،و قد توقّف ابن بابويه فيما يرويه محمّد بن عيسى عن يونس (1)، إلاّ أنّه اعتضد بأنّه تناول ما ينافي الصوم مختارا عامدا ذاكرا للصوم،فلزمه القضاء،و سقطت الكفّارة؛لعدم العلم و حصول (2)الشبهة،فلا إثم.و لأنّه جهل وقت الصيام فلم يعذر،كالجهل بأوّل رمضان.و لأنّه أفطر مع ذكر الصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشكّ.

مسألة:و لو أكل شاكّا في طلوع الفجر و لم يتبيّن طلوعه و لا عدمه و استمرّ به
اشارة

الشكّ،

فليس عليه قضاء و له الأكل حتّى يتيقّن (3)الطلوع.و به قال ابن عبّاس، و عطاء،و الأوزاعيّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال مالك:يجب القضاء (8).

لنا:قوله تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (9)جعل غاية إباحة الأكل التبيّن و قد يكون قبله شاكّا،فلو لزمه القضاء حينئذ،لحرم عليه الأكل.

ص:161


1- 1نقله النجاشيّ في رجاله قال:و ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال:ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس و حديثه لا يعتمد عليه.رجال النجاشيّ:333.
2- 2) ص:و لحصول.
3- 3) ك:تبيّن،ص:تيقّن،م و ش:يتبيّن.
4- 4) المغني 3:77،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:52،المجموع 6:306. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:306، [3]مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141،المغني 3: 77،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:52.
6- 6) المغني 3:77،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:52،الكافي لابن قدامة 1:471، [6]الإنصاف 3:310.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:365-366،بدائع الصنائع 2:105،الهداية للمرغينانيّ 1:130، [7]مجمع الأنهر 1: 242،243،المجموع 6:306، [8]المغني 3:77،الشرح الكبير [9]بهامش المغني 3:52.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:192،مقدّمات ابن رشد 1:185،حلية العلماء 3:193،المغني 3:77، [10]الشرح الكبير [11]بهامش المغني 3:52، [12]المجموع 6:306. [13]
9- 9) البقرة(2):187. [14]

و ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فكلوا و اشربوا حتّى يؤذّن ابن أمّ مكتوم» (1)و كان رجلا أعمى لا يؤذّن حتّى يقال له:أصبحت.

و لأنّ الأصل بقاء الليل فيستصحب حكمه إلى أن يعلم زواله،و مع الشكّ لا علم.

و لأنّ الأصل براءة الذمّة فلا يصار إلى خلافه،إلاّ بدليل.

احتجّ مالك:بأنّ الأصل بقاء الصوم في ذمّته،فلا يسقط بالشكّ.و لأنّه أكل شاكّا في النهار و الليل،فلزمه القضاء،كما لو أكل مع الشكّ في غروب الشمس (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ السقوط إنّما هو بعد الثبوت،و الصوم مختصّ بالنهار.

و عن الثاني:بأنّ الأصل بقاء الليل في الصورة الأولى،و بقاء النهار في الصورة الأخيرة،فافترقا.

فروع:
الأوّل:لو أكل شاكّا في غروب الشمس و استمرّ الشكّ،وجب عليه القضاء؛

لأنّ الأصل بقاء النهار و هل تجب الكفّارة؟فيه تردّد ينشأ من كون الأصل بقاء النهار،فلا يجوز له الإفطار فوجبت عليه الكفّارة كالعالم ببقائه،و من عدم الهتك و الإثم فلا كفّارة،و الأخير أقرب.

الثاني:لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت،فأكل ثمّ استمرّ الظنّ،فلا قضاء عليه؛

لأنّ الأصل براءة الذمّة،و المعارض و هو فساد الظنّ منتف.

الثالث:لو ظنّ أنّ الفجر لم يطلع،فأكل ثمّ استمرّ الظنّ،فلا قضاء عليه أيضا؛

ص:162


1- 1صحيح البخاريّ 1:160،و ج 3:225-226،الموطّأ 1:74 الحديث 15، [1]مسند أحمد 2:123. [2]
2- 2) المغني 3:77،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.

لما (1)مرّ.

الرابع:لو ظنّ الغروب أو الطلوع،فأكل ثمّ شكّ بعد الأكل و لم يتبيّن،فلا قضاء

عليه؛

لأنّه لم يوجد يقين (2)أزال ذلك الظنّ الذي بنى عليه،فأشبه ما (3)لو صلّى بالاجتهاد،ثمّ شكّ في الإصابة بعد صلاته.

مسألة:القيء عامدا موجب للقضاء خاصّة.

ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و أكثر فقهاء الجمهور (5).

و قال السيّد المرتضى:أخطأ و لا قضاء عليه (6).

و قال أبو ثور:يجب عليه القضاء و الكفّارة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من ذرعه القيء و هو صائم فليس عليه قضاء،و إن استقاء فليقض» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه سماعة (9)و الحلبيّ،و قد تقدّمنا (10).

ص:163


1- 1بعض النسخ:كما.
2- 2) ص،م و ك:تعيّن.
3- 3) بعض النسخ:بما.
4- 4) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:155،و [1]المبسوط 1:272،و الخلاف 1:382 مسألة-19، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:183،و ابن البرّاج في المهذّب 1:192،و ابن إدريس في السرائر:85،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:678. [2]
5- 5) ينظر:المغني 3:54،المجموع 6:319،المبسوط للسرخسيّ 3:56،نيل الأوطار 4:280.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
8- 8) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [3]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [4]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،الموطّأ 1:304 الحديث 47، [5]سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [6]سنن البيهقيّ 4:219.
9- 9) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:61 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5.
10- 10) التهذيب 4:264 الحديث 791،الوسائل 7:60 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. و قد تقدّمت الروايتان في ص 79،80.

احتجّ السيّد المرتضى:بأنّ الأصل الصحّة و براءة الذمّة.و لأنّ المقتضي و هو الإمساك موجود،و المعارض و هو القيء لا يصلح أن يكون معارضا؛لأنّ الصوم إمساك عمّا يصل إلى الجوف،لا ما ينفصل عنها،فليس بمناف.

احتجّ أبو ثور:بأنّه سلوك في مجرى الطعام،فكان موجبا للقضاء و الكفّارة، كالأكل (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الأصل قد يصار إلى خلافه،و هو إذا ما وجد دليل مناف له،و قد بيّنّا بالأدلّة تعلّق القضاء (2).

و عن الثاني:بالفرق،و هو ظاهر.

أمّا لو ذرعه القيء،فلا كفّارة عليه بالإجماع،و لا قضاء عليه أيضا.و هو قول علمائنا أجمع،و قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

و في رواية عن الحسن البصريّ:أنّه يجب عليه القضاء خاصّة (3)،و هو خطأ؛ لقوله عليه السّلام:«من ذرعه القيء و هو صائم،فليس عليه قضاء» (4).و لأنّه حصل بغير اختياره،فلا يكون مفسدا.

مسألة:و لو تمضمض،لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافّة،
اشارة

سواء كان في الطهارة أو غيرها؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعمر لمّا سأله عن القبلة:

«أ رأيت لو تمضمضت من إناء و أنت صائم»فقال:لا بأس،فقال:«فمه» (5)(6).

ص:164


1- 1عمدة القارئ 11:36.
2- 2) يراجع:ص 79.
3- 3) حلية العلماء 3:196،المجموع 6:320.
4- 4) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [1]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [2]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،الموطّأ 1:304 الحديث 47، [3]سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [4]سنن البيهقيّ 4:219.
5- 5) أي فما ذا؟للاستفهام فأبدل الألف هاء،للوقف و السّكت.النهاية لابن الأثير 4:377،و [5]لعلّ المراد فيما نحن فيه:فما الفرق بينهما؟
6- 6) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385، [6]سنن الدارميّ 2:13،مسند أحمد 1:21،سنن البيهقيّ 4:261.

و لأنّ الفم في حكم الظاهر،فلا يبطل الصوم بالواصل إليه،كالأنف و العين.

أمّا لو تمضمض،فدخل الماء في حلقه،فإن تعمّد ابتلاع الماء،وجب عليه القضاء و الكفّارة.و هو قول كلّ من أوجبهما بالأكل و الشرب.و إن لم يقصده،بل ابتلعه بغير (1)اختياره،فإن كان قد تمضمض للصلاة،فلا قضاء عليه و لا كفّارة، و إن كان للتبرّد أو للعبث،وجب عليه القضاء خاصّة.و هو قول علمائنا.

و قال الشافعيّ:إن لم يكن بالغ،و إنّما رفق فسبق الماء فقولان:

أحدهما:يفطر (2).و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و المزنيّ (5).

و الثاني:لا يفطر (6)،و به قال الأوزاعيّ (7)،و أحمد (8)،و إسحاق،و أبو ثور.

و اختاره الربيع (9)،و الحسن البصريّ (10).

ص:165


1- 1غ و ف:من غير.
2- 2) الأمّ 2:101،المغني 3:42،حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:326، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:393. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:66،المجموع 6:327،المغني 3:42،بدائع الصنائع 2:91،تحفة الفقهاء 1:354.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:200،المجموع 6:327،المغني 3:42،نيل الأوطار 4:288،حلية العلماء 3:197.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المجموع 6:327،نيل الأوطار 4:288،حلية العلماء 3:197.
6- 6) الأمّ 2:101،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183، المجموع 6:327،المغني 3:42.
7- 7) المغني 3:42،المجموع 6:327.
8- 8) المغني 3:42،الشرح الكبير بهامش المغني 3:50،الكافي لابن قدامة 1:478،الإنصاف 3:309. [3]
9- 9) الربيع بن سليمان بن داود الجيزيّ أبو محمّد الأزديّ أحد أصحاب الشافعيّ و الرواة عنه،و روى عن ابن وهب و أبي الأسود،و روى عنه أبو داود و النسائيّ.مات سنة 256 ه. طبقات الشافعيّة [4]لابن شهبة 1:64،تهذيب التهذيب 3:245. [5]
10- 10) المجموع 6:327.

و إن بالغ،بأن زاد على ثلاث مرّات فوصل الماء إلى جوفه،أفطر قولا واحدا و به قال أحمد (1).

و روي عن عبد اللّه بن عبّاس أنّه إن توضّأ لمكتوبة (2)،لم يفطر،و إن كان للنافلة،أفطر (3).و هو رواية الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).و به قال النخعيّ (5).

لنا:أنّه إذا توضّأ للصلاة،فعل فعلا مشروعا،فلا يترتّب عليه عقوبة؛لعدم التفريط شرعا.و لأنّه وصل إلى حلقه من غير إسراف و لا قصد،فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه.

أمّا إذا كان متبرّدا أو عابثا؛فلأنّه فرّط بتعريض الصوم للإفساد،فلزمته العقوبة للتفريط.و لأنّه وصل بفعل منهيّ عنه،فأشبه المتعمّد،و لا كفّارة عليه؛لأنّه غير قاصد للإفساد و الهتك.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش،فدخل حلقه،قال:«عليه قضاؤه،و إن كان في وضوء فلا بأس» (6).

و عن الريّان بن الصلت،عن يونس،قال:الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء،و إن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه،فلا شيء عليه و قد تمّ

ص:166


1- 1المغني 3:43، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:51، [2]الكافي لابن قدامة 1:478،الإنصاف 3:309. [3]
2- 2) ح:للمكتوبة.
3- 3) المجموع 6:327.
4- 4) التهذيب 4:324 الحديث 999،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]
5- 5) المجموع 6:327،حلية العلماء 3:197.
6- 6) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]

صومه،و إن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه،فعليه الإعادة، و الأفضل للصائم أن لا يتمضمض (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه،فأفطر،كما لو تعمّد شربه (2).

و الجواب:الفرق؛لأنّه فعل مشروعا فيما ادّعينا سقوط القضاء فيه من غير إسراف،بخلاف المتعمّد.

و احتجّ أيضا:بأنّ الآكل على أنّ الليل قد دخل،مفطر و هو بالناسي أشبه؛لأنّ كلاّ منهما لا يعلم أنّه صائم،فالسابق إلى جوفه الماء أولى بالإفطار؛لأنّه يعلم أنّه صائم (3).

و الجواب:ليس العلم وحده كافيا؛لأنّ المكره على الأكل عالم أنّه صائم،و مع ذلك لا يفطر،و كذا (4)صورة النزاع.

فروع:
الأوّل:حكم الاستنشاق حكم المضمضة في ذلك على تردّد؛لعدم النصّ فيه،

و نحن لا نقول بالقياس.

الثاني:روى عمّار الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل

يتمضمض فيدخل في حلقه الماء و هو صائم،

قال:«ليس عليه شيء إذا لم يتعمّد» قلت:فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء؟قال:«ليس عليه شيء»قلت:

ص:167


1- 1التهذيب 4:205 الحديث 593،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) المغني 3:42،بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:130.
4- 4) ك:فكذا.

تمضمض الثالثة؟قال:«ليس عليه شيء و لا قضاء» (1).و نحن نقول بموجب هذه الرواية و نحملها على المتمضمض للصلاة.

الثالث:روى زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صائم يتمضمض ،

(2)

قال:«لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرّات» (3).

قال الشيخ:و قد روي:«مرّة واحدة» (4).

الرابع:إطلاق الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين صلاة الفرض و النفل،و عليه

دلّت رواية سماعة .

(5)

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصائم يتوضّأ للصلاة،فيدخل الماء حلقه،قال:«إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء،و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء» (6).

الخامس:المشهور بين علمائنا أنّه لا كفّارة عليه،إلاّ إذا تعمّد الابتلاع،

و يلوح من كلام الشيخ في التهذيب وجوب الكفّارة.

و استدلّ بما رواه سليمان بن جعفر المروزيّ،قال:سمعته يقول:«إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان،أو استنشق متعمّدا،أو شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار،فعليه صوم شهرين متتابعين،فإنّ ذلك له فطر مثل الأكل و الشرب و النكاح» (7).

ص:168


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 996،الوسائل 7:50 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
2- 2) ص:تمضمض،كما في التهذيب.
3- 3) الكافي 4:107 الحديث 2، [2]التهذيب 4:324 الحديث 997،الوسائل 7:64 الباب 31 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 4:325 الحديث 998.
5- 5) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 4:324 الحديث 999،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]
7- 7) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [6]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [7]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.

قال في الاستبصار:هذا الخبر محمول على من تمضمض تبرّدا فدخل حلقه شيء و لم يبزقه و بلعه متعمّدا،كان عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا (1).

مسألة:اختلف علماؤنا في الحقنة،

فقال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّها محرّمة،و لا يجب به قضاء و لا كفّارة (2).و به قال الحسن بن صالح بن حيّ، و داود (3).

و قال الشيخ في النهاية:يجب القضاء بالمائع لا بالجامد (4).

و قال أبو الصلاح:يجب القضاء مطلقا (5).و به قال الشافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7)، و أحمد (8).

و قال مالك:يفطر بالكثير،و يجب به القضاء (9).

لنا على التحريم:ما تقدّم،و على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة الأصل السالم عن المعارض.

ص:169


1- 1الاستبصار 2:95.
2- 2) جمل العلم و العمل:90.
3- 3) حلية العلماء 3:194،المجموع 6:320.
4- 4) النهاية:156. [1]
5- 5) الكافي في الفقه:183.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312، فتح العزيز بهامش المجموع 6:363،السراج الوهّاج:139،المغني 3:35.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:67،بدائع الصنائع 2:93،مجمع الأنهر 1:241.
8- 8) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:197،بلغة السالك 1:252،إرشاد السالك:49،50.

و ما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام:سئل (1)عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟فقال:«لا بأس» (2).

و لأنّ الحقنة لا تحصل إلى المعدة،و لا إلى موضع الاغتذاء،فلا يؤثّر فسادا في الصوم،كالاكتحال،و قد سلف البحث في ذلك كلّه (3).

مسألة:و لو ارتدّ عن الإسلام،أفطر بلا خلاف بين أهل العلم،و عليه قضاؤه،

لأنّ الصوم عبادة من شرطها النيّة فأبطلتها الردّة،كالصلاة و الحجّ.و لأنّها عبادة محضة فنافاها الكفر،كالصلاة.

هذا إذا ارتدّ في أثناء اليوم،أمّا لو ارتدّ بعد انقضائه،صحّ صوم ذلك اليوم، و لا قضاء عليه فيه،خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:أنّه فعل ما وجب عليه فخرج عن العهدة،و الإحباط باطل،و قد بيّنّاه في كتبنا الكلاميّة (5).

مسألة:و لو سافر سفرا مخصوصا،أو حاضت المرأة أو نفست،أفطروا،

و عليهم القضاء لا غير،

و سيأتي البحث في ذلك كلّه إن شاء اللّه.

مسألة:و لو كرّر السبب المقتضي لوجوب الكفّارة في الرمضان،كالجماع مثلا،

تكرّرت الكفّارة.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،إلاّ رواية عن أبي حنيفة (6)،

ص:170


1- 1في المصادر:قال:سألته،مكان:سئل.
2- 2) الكافي 4:110 الحديث 5، [1]التهذيب 4:325 الحديث 1005،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) يراجع:ص 83. [3]
4- 4) حلية العلماء 3:172،المغني 3:55،المجموع 6:253،السراج الوهّاج:143،فتح العزيز بهامش المجموع 6:432،مغني المحتاج 1:437.
5- 5) كشف المراد:327،أنوار الملكوت:172.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:74،تحفة الفقهاء 1:362،المجموع 6:337،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 450،بدائع الصنائع 2:101.

سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر.

أمّا لو جامع في يومين من رمضان واحد،وجبت عليه كفّارتان،سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)، و اللّيث،و ابن المنذر،و روي أيضا عن عطاء و مكحول (3).

و قال أبو حنيفة:إن لم يكفّر عن الأوّل فكفّارة واحدة،و إن كفّر فروايتان:إحداهما:أنّها كفّارة واحدة أيضا (4).و به قال أحمد (5)،و الزهريّ، و الأوزاعيّ (6).

لنا:أنّ صوم كلّ يوم عبادة منفردة عن الآخر لا يتّحد صحّته مع صحّة ما قبله و لا ما بعده،و لا بطلانه مع بطلانه،فلا يتّحد أثر السببين فيهما.

و لأنّ أحد الأثرين لا يتّحد مع الآخر،و هو القضاء،و كذا (7)الأثر (8)الآخر.

و لأنّ المقتضي مستقلّ بالتأثير في الأوّل،و هو موجود في الثاني،فيؤثّر أثره نوعا لا شخصا،و إلاّ تواردت العلل على معلول واحد.

و لأنّ الكفّارة عقوبة على إفساد صوم صحيح فتتكرّر بتكرّره.

و لأنّ كلّ يوم عبادة منفردة،فإذا وجبت الكفّارة بإفساده،لم تتداخل مع

ص:171


1- 1الأمّ 2:99،حلية العلماء 3:201،المجموع 6:336،فتح العزيز بهامش المجموع 6:450،المغني 3: 73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:146.
2- 2) بداية المجتهد 1:306،المدوّنة الكبرى 1:218،حلية العلماء 3:201.
3- 3) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:101،المبسوط للسرخسيّ 3:74.
5- 5) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:319،زاد المستقنع:29.
6- 6) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64.
7- 7) ك:فكذا.
8- 8) ش،ق و خا:الأمر.

غيرها،كرمضانين و كالحجّين.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها تجب على وجه العقوبة،و لهذا تسقط بالشبهة،و هو إذا ظنّ أنّ الفجر لم يطلع،و ما هذا سبيله يتداخل العقوبة فيه،كالحدود (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ الحدود عقوبة على البدن،و هذه كفّارة فاعتبارها بالكفّارات أولى.

و لأنّ الحدود تتداخل في سببين.و لأنّ الحدّ مبنيّ على التخفيف،فلم يتكرّر بتكرّر سببه قبل استيفائه،و ليس كذا التكفير في مقابلة الإفساد.

مسألة:و لو كرّره في يوم واحد،قال الشيخ:ليس لأصحابنا فيه نصّ،
اشارة

و الذي يقتضيه مذهبنا أنّه لا تتكرّر الكفّارة (2).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:تتكرّر الكفّارة (3).

و قال ابن الجنيد:إن كفّر عن الأوّل كفّر ثانيا،و إلاّ كفّر كفّارة واحدة عنهما (4).

و بقول الشيخ-رحمه اللّه-قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7).

و بقول ابن الجنيد قال أحمد (8)،و الأقوى ما اختاره الشيخ.

لنا:أنّ الوطء الثاني لم يقع في صوم صحيح،فلا يوجب الكفّارة.و لأنّه

ص:172


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:74-75،تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:101.
2- 2) المبسوط 1:274، [1]الخلاف 1:387 مسألة-38.
3- 3) نقله عنه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:387 مسألة-38،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:680. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:680. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:74،بدائع الصنائع 2:101،حلية العلماء 3:201،المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،تحفة الفقهاء 1:362.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:218،بداية المجتهد 1:306،المجموع 6:337،المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65.
7- 7) حلية العلماء 3:201،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:336،المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،فتح العزيز بهامش المجموع 6:450،مغني المحتاج 1:444.
8- 8) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،الإنصاف 3:319، [4]الكافي لابن قدامة 1:482.

لم يحصل به هتك فلا يساوي ما يوجبه.و لأنّ أحد الأمرين (1)و هو القضاء لا يثبت،فلا يثبت الآخر.

احتجّ السيّد المرتضى:بأنّ الجماع سبب تامّ في وجوب الكفّارة فتتكرّر بتكرّره؛عملا بالمقتضي،و كما لو تكرّره (2)في يومين.

و بما روي عن الرضا عليه السّلام أنّ الكفّارة تتكرّر بتكرّر الوطء (3).و لأنّه وطء محرّم كحرمة رمضان،فأوجب الكفّارة،كالأوّل (4).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ الجماع مطلقا ليس بمقتض للكفّارة،بل مع وصف الهتك،و إلاّ لوجب على المسافر،و بهذا ظهر الفرق بينه و بين وطء يومين.

و رواية الرضا عليه السّلام،لا يحضرني الآن حال رواتها،و الفرق بين حرمة الأكل أوّلا و ثانيا ظاهر و إن اشتركا في التحريم،إلاّ أنّ للأوّل مزيّة الهتك،بخلاف الثاني.

و قول الشيخ-رحمه اللّه-:ليس لأصحابنا فيه نصّ،يحتمل أنّه قاله قبل وقوفه على هذه الرواية المنقولة عن الرضا عليه السّلام،و قال عن قول ابن الجنيد:

إنّه قال قياسا،و ذلك لا يجوز عندنا (5).

فروع:
الأوّل:لا يتكرّر القضاء بتكرّر السبب في يوم واحد إجماعا

.

الثاني:لو أكل مرارا أو شرب كذلك فكفّارة واحدة؛

لأنّ الإمساك و إن وجب،

ص:173


1- 1كثير من النسخ:أحد الأثرين.
2- 2) غ،م،ف و ك:لو كرّره.
3- 3) عيون أخبار الرضا(عليه السّلام)1:254 الحديث 3،الخصال:450 الحديث 54،الوسائل 7:36 الباب 11 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
4- 4) لم نعثر على هذا الاحتجاج.
5- 5) المبسوط 1:274. [2]

إلاّ أنّه ليس بصوم صحيح،و الكفّارة تختصّ (1)بما يحصل به الفطر و يفسد به الصوم الصحيح.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالكفّارة حين أخبره بالفطر (2)،فاختصّ الحكم به،كما لو نطق به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّ الجواب يتضمّن إعادة السؤال.

الثالث:لو اختلف السبب،كمن جامع و أكل في يوم واحد،هل تتكرّر الكفّارة

أم لا؟

فيه تردّد ينشأ من تعليق الكفّارة بالجماع و الأكل مثلا مطلقا و قد وجدا، فتكرّرت الكفّارة،و الفرق بينه و بين إيجاد السبب أنّ التعليق على الماهيّة المتناولة للواحد و الكثير،و من كون السبب الهتك و إفساد الصوم الصحيح،و هو منتف في الثاني.

مسألة:من أفطر مستحلاّ و قد ولد على الفطرة فهو مرتدّ.

و إن لم يعرف قواعد الإسلام،عرّف،ثمّ يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة.

و إن اعتقد التحريم،عزّر،فإن عاد عزّر،فإن عاد قتل في الثالثة.و قيل:بل في الرابعة (3).

و الأوّل:رواية سماعة،قال:سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان (4)ثلاث مرّات،و قد يرفع إلى الإمام ثلاث مرّات،قال:«فليقتل في الثالثة» (5).

ص:174


1- 1كثير من النسخ:مختصّ.
2- 2) صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392،سنن الدارقطنيّ 2: 192 الحديث 53،سنن البيهقيّ 4:225.
3- 3) قال الشيخ في النهاية:فإن تعمّد الإفطار ثلاث مرّات،قتله الإمام في الثالثة أو الرابعة.النهاية 155. [1]
4- 4) هامش ح بزيادة:و قد أفطر،كما في المصادر.
5- 5) الكافي 4:103 الحديث 6، [2]الفقيه 2:73 الحديث 315،التهذيب 4:207 الحديث 598،الوسائل 7: 179 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [3]

و في الصحيح عن بريد العجليّ قال:سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام،قال:«يسأل هل عليك في إفطارك إثم؟فإن قال:لا،فإنّ على الإمام أن يقتله،و إن قال:نعم،فإنّ على الإمام أن ينهكه ضربا» (1).

و الثاني:أحوط؛لأنّ التهجّم على الدم خطر،و سيأتي تحقيق ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يعزّر من أكره امرأته على الجماع بخمسين سوطا،
اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و عليه كفّارتان،و لا كفّارة عليها و لا قضاء.

و لو طاوعته،عزّر كلّ واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا،و كان على كلّ واحد منهما كفّارة واحدة؛لأنّه مع الإكراه سبب تامّ في صدور الذنبين،فتحمّل ما تجب عليها لو طاوعته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه كفّارتان،و إن كانت طاوعته،فعليه كفّارة و عليها كفّارة،و إن كان أكرهها،فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ،و إن كانت طاوعته،ضرب خمسة و عشرين سوطا،و ضربت خمسة و عشرين سوطا» (2).

و هذه الرواية و إن كانت ضعيفة السند،إلاّ أنّ أصحابنا ادّعوا الإجماع على مضمونها مع ظهور العمل بها و نسبة الفتوى إلى الأئمّة عليهم السّلام،و إذا عرف ذلك لم يعتدّ بالناقلين؛إذ يعلم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم و إن أسندت (3)في

ص:175


1- 1الكافي 4:103 الحديث 5، [1]الفقيه 2:73 الحديث 314،التهذيب 4:215 الحديث 624،الوسائل 7: 178 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 4:215 الحديث 625،الوسائل 7:37 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
3- 3) أكثر النسخ:استندت.

الأصل إلى الضعفاء.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ:لو وطأها نائمة أو مكرهة،لم تفطر،

و عليه كفّارتان (1).

و نحن نمنع ذلك في النائمة،لعدم الدليل عليه،مع أنّ الأصل براءة الذمّة، و القياس على المكرهة باطل (2).لا نقول به.

و لأنّ الفرق موجود؛إذ في الإكراه من التهجّم على إيقاع الذنب ما ليس بموجود في النائمة.و لأنّه ثبت على خلاف الأصل؛إذ صومها صحيح و الكفّارة تتبع البطلان،لكنّا صرنا إليه في المكرهة للإجماع،و هو مفقود في النائمة،فيبقى على الأصل.

الثاني:قال-رحمه اللّه-:لو أكرهها لا جبرا،بل ضربها حتّى مكّنته من

نفسها،أفطرت،

و لزمها القضاء؛لأنّها دفعت عن نفسها الضرر (3)بالتمكين، كالمريض و لا كفّارة عليها؛لقولهم عليهم السّلام:لا كفّارة على المكرهة (4).

و نحن نقول:إن كانت مكرهة فلا قضاء عليها أيضا؛لقوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (5).

و إن لم تكن مكرهة؛فلا وجه لسقوط الكفّارة.و الحقّ أنّها مكرهة،و لا فرق

ص:176


1- 1الخلاف 1:384 مسألة-27.
2- 2) بعض النسخ بزيادة:لأنّا.
3- 3) ش،خا و ق:الضرب.
4- 4) الكافي 4:103 الحديث 9، [1]الفقيه 2:73 الحديث 313،التهذيب 4:215 الحديث 625.
5- 5) سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2043،سنن الدارقطنيّ 4:170 الحديث 33،سنن البيهقيّ 7:356، كنز العمّال 12:156 الحديث 34460،في الجميع بتفاوت يسير في الألفاظ.و من طريق الخاصّة ينظر: الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]

بين الإجبار و بين الضرب حتّى تمكّن من نفسها،و القياس على المريض باطل لا نقول به.و لأنّ المريض سقط (1)عنه فرض الصيام إلى القضاء؛لدليل،و ليس كذلك صورة النزاع.

الثالث:لو زنى بها فعليه كفّارة.

و على رواية أخرى:«ثلاث كفّارات» (2).

و هل يتحمّل عنها الكفّارة لو أكرهها؟قال بعض علمائنا:نعم؛لأنّ الزنا أغلظ حكما من الوطء المحلّل،فالذنب فيه أفحش،فإذا تحمّل في أضعف الذنبين فتحمّله في أعلاهما أولى (3).

و نحن نقول:إنّه ليس بمنصوص عليه و لا في معناه؛إذ لا نسلّم أنّ الكفّارة لتكفير الذنب.سلّمنا لكنّها لا يلزم من كونها مسقطة لأقلّ الذنبين،إسقاطها لأعلاهما،فإذا الأولى (4)الاقتصار على موضع التنصيص و عدم التحمّل هنا.

ص:177


1- 1بعض النسخ:يسقط.
2- 2) الفقيه 3:238 الحديث 1128،التهذيب 4:209 الحديث 605،الاستبصار 2:97 الحديث 316، الوسائل 7:35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:275.
4- 4) بعض النسخ:فإنّ الأولى،و في بعضها:فلأنّ الأولى.

البحث الرابع

اشارة

فيما يستحبّ للصائم اجتنابه

مسألة:تكره مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة؛
اشارة

لما لا يؤمن معه من شدّة الميل المنتهي إلى الإنزال فيعرّض نفسه لإفساد الصوم،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على كراهة التقبيل لذي الشهوة؛لما ذكرناه.

و لما رواه الجمهور عن عمر بن الخطّاب قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام،فأعرض عنّي،فقلت له:ما لي؟فقال:«إنّك تقبّل و أنت صائم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل،هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟فقال:«إنّي أخاف عليه فليتنزّه عن ذلك،إلاّ أن يثق أن لا يسبقه منيّه» (2).

و عن الأصبغ بن نباتة،قال:جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،فقال:يا أمير المؤمنين أقبّل و أنا صائم؟فقال له:«عفّ صومك،فإنّ بدء القتال اللطام» (3).

ص:178


1- 1سنن البيهقيّ 4:232،مجمع الزوائد 3:165،و أوردها ابنا قدامة في المغني 3:48،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:78.
2- 2) التهذيب 4:271 الحديث 821،الاستبصار 2:82 الحديث 251،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [1]
3- 3) التهذيب 4:272 الحديث 822،الاستبصار 2:82 الحديث 252،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 15. [2]

و لأنّ العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة،كالإحرام.

إذا ثبت هذا،فنقول:القبلة لا تنقض الصوم بمجرّدها بالإجماع.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«لا تنقض القبلة الصوم» (1).

و عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القبلة في شهر رمضان للصائم أ تفطره؟فقال:«لا» (2).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّل و هو صائم (3).

إذا ثبت هذا،فإنّ القبلة مكروهة في حقّ ذي الشهوة إذا لم يغلب على ظنّه الإنزال إجماعا،و لو غلب على ظنّه الإنزال فهل هى محرّمة أم لا؟الأكثر على أنّها مكروهة (4).

و قال بعض الشافعيّة:إنّها محرّمة حينئذ؛لأنّ إنزال الماء مفسد للصوم، فلا يجوز أن يعرّض الصوم للإفساد في الغالب من حاله (5).

لنا:أنّ عمر بن الخطّاب قال:هششت فقبّلت و أنا صائم،فقلت:يا رسول اللّه، صنعت اليوم أمرا عظيما قبّلت و أنا صائم،قال:«أ رأيت لو تمضمضت من إناء

ص:179


1- 1التهذيب 4:271 الحديث 819،الاستبصار 2:82 الحديث 250،الوسائل 7:68 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:271 الحديث 820،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 14. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:39،صحيح مسلم 2:777-779 الحديث 1106،سنن أبي داود 2:311 الحديث 2382-2385،سنن ابن ماجة 1:538 الحديث 1684،الموطّأ 1:292 الحديث 14،سنن الدارميّ 2: 12،سنن الدارقطنيّ 2:181 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:233.
4- 4) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:156،و الخلاف 1:390 مسألة-48،و ابن إدريس في السرائر:88، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:663.
5- 5) حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:355،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 397،مغني المحتاج 1:431،السراج الوهّاج:141.

و أنت صائم»قلت:لا بأس،قال:«فمه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الكراهية (2).

و لأنّ إفضاءه إلى الإفساد مشكوك فيه،فلا يثبت التحريم بالشكّ.

أمّا الشيخ الكبير المالك إربه و من لا تحرّك القبلة شهوته هل هي مكروهة (3)أم لا؟الأقرب عندي أنّها ليست مكروهة في حقّه.و به قال أبو حنيفة (4)، و الشافعيّ (5).

و الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب الكراهة مطلقا (6)،و به قال مالك (7)،و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّل و هو صائم،و كان أملككم لإربه (9).

و قبّل رجل امرأته،فأرسلت فسألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فأخبرها النبيّ

ص:180


1- 1سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385، [1]سنن الدارميّ 2:13، [2]المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
2- 2) يراجع:ص 178.
3- 3) هامش ح بزيادة:عليه.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:58،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2: 257،عمدة القارئ 11:9،المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
5- 5) الأمّ 2:98،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:355،المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79،حلية العلماء 3:196،السراج الوهّاج:141.
6- 6) التهذيب 4:271.
7- 7) الموطّأ 1:293،المدوّنة الكبرى 1:196،شرح الرزقانيّ على موطّأ مالك 2:166،عمدة القارئ 11: 9،بلغة السالك 1:244.
8- 8) المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:328.
9- 9) صحيح مسلم 2:776-778 الحديث 1106،سنن أبي داود 2:311 الحديث 2382-2384، [3]سنن الترمذيّ 3:106 الحديث 727، [4]الموطّأ 1:293،الحديث 18، [5]سنن البيهقيّ 4:233.

صلّى اللّه عليه و آله أنّه يقبّل و هو صائم،فقال الرجل:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليس مثلنا،قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر،فغضب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:«إنّي أخشاكم للّه و أعلمكم بما أتّقي» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يقبّل؟قال:«نعم،و يعطيها لسانه تمصّه» (2).

و لرواية زرارة عن الباقر عليه السّلام أنّه سئل هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟فقال:«إنّي أخاف عليه،فليتنزّه عن ذلك،إلاّ أن يثق أن لا يسبقه (3)منيّه» (4).

و لأنّ المقتضي و هو أصالة عدم الكراهة موجود،و المعارض و هو خوف الإنزال مفقود،فيثبت الحكم و هو الجواز المطلق.و لأنّها مباشرة بغير شهوة، فأشبهت لمسّ اليد لحاجة.

احتجّ أحمد:بحديث عمر من إعراض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه بمجرّد القبلة مطلقا (5).و بأنّ العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة،كالإحرام (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه استناد إلى منام،فلا تعويل عليه.سلّمنا لكنّه نهاه؛ لوجود الشهوة في حقّ عمر.و القياس على الإحرام ضعيف،فإنّ الإحرام يحرّم دواعي الجماع من الطيب و عقد النكاح،بخلاف الصوم.

ص:181


1- 1الموطّأ 1:291 الحديث 13، [1]صحيح مسلم 2:779 الحديث 1108،سنن البيهقيّ 4:234، المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:78.
2- 2) التهذيب 4:319 الحديث 974،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) بعض النسخ:«أن لا يستبقه».
4- 4) التهذيب 4:271 الحديث 821،الاستبصار 2:82 الحديث 251،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
5- 5) سنن البيهقيّ 4:232،مجمع الزوائد 3:165.
6- 6) المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
فروع:
الأوّل:إذا قبّل،لم يفطر إجماعا،

على ما تقدّم (1)،فإن أنزل،أفطر و وجب عليه القضاء و الكفّارة عندنا،و عند أحمد (2)،و مالك (3).

و قال الشافعيّ:لا تجب الكفّارة.و قد سلف البحث فيه (4).

الثاني:روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،

عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل الصائم أ له أن يمصّ لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟قال:«لا بأس» (5).و هذه الرواية مناسبة للمذهب،و ينبغي أن يخلو لسان أحدهما من الرطوبة،فإن كانت فيه فليتحفّظ من ابتلاعها.

الثالث:روى الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

الرجل يضع يده على جسد امرأته و هو صائم،

فقال:«لا بأس،و إن أمذى فلا يفطر»قال:و قال:«و لا تباشروهنّ-يعني الغشيان (6)-في شهر رمضان بالنهار» (7).و هذه الرواية تدلّ على أنّ المذي لا ينقض الصيام،و قد بيّنّاه فيما، سلف (8)،خلافا لأحمد (9).

ص:182


1- 1يراجع:ص 178،179.
2- 2) المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:63،الكافي لابن قدامة 1:476،الإنصاف 3:301. [1]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:195،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،نيل الأوطار 4:290،شرح الرزقانيّ على موطّأ مالك 2:164.
4- 4) يراجع:ص 113،114.
5- 5) التهذيب 4:320 الحديث 978،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
6- 6) جميع النسخ إلاّ هامش ح:يعني النساء،مكان:يعني الغشيان.
7- 7) التهذيب 4:272 الحديث 823،الاستبصار 2:82 الحديث 253،الوسائل 7:71 [3] الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 16،و ص 92 الباب 55 الحديث 1.
8- 8) يراجع:ص 116.
9- 9) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.

و روى الشيخ أيضا عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كلّم امرأته في شهر رمضان و هو صائم،فقال:«ليس عليه شيء،و إن أمذى فليس عليه شيء،و المباشرة ليس بها بأس،و لا قضاء يومه،و لا ينبغي له أن يتعرّض لرمضان» (1).

و لا يعارض ذلك ما رواه رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى،قال:«إن كان حراما فليستغفر اللّه استغفار من لا يعود أبدا،و يصوم يوما مكان يوم،و إن كان من حلال فليستغفر اللّه و لا يعود،و يصوم يوما مكان يوم» (2).

قال الشيخ:هذا حديث شاذّ نادر مخالف لفتيا مشايخنا كلّهم،و لعلّ الراوي و هم في قوله في آخر الخبر:«و يصوم يوما مكان يوم»لأنّ متضمّن الخبر يدلّ عليه؛لأنّه شرع في الفرق بين المذي من مباشرة حرام و بينه من حلال،و على الفتيا التي رواها لا فرق بينهما،فعلم أنّه و هم من الراوي (3).

الرابع:لو كلّم امرأته فأمنى،لم يكن عليه شيء؛عملا بالأصل،

و بما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كلّم امرأته في شهر رمضان و هو صائم فأمنى،فقال:«لا بأس» (4).

مسألة:و يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق،

و ليس بمفطر

ص:183


1- 1التهذيب 4:272 الحديث 824،الاستبصار 2:83 الحديث 254،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:272 الحديث 825،الاستبصار 2:83 الحديث 255،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 4:273،الاستبصار 2:83.
4- 4) التهذيب 4:273 الحديث 827،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و لا محظور،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).

و قال أحمد:يفطر إن وجد طعمه في حلقه،و إلاّ فلا (3)،و بنحوه قال أصحاب مالك (4).

و عن ابن أبي ليلى و ابن شبرمة:أنّ الكحل يفطر الصائم (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي رافع مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:

نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر و نزلت معه،فدعا بكحل إثمد (6)،و اكتحل به في رمضان و هو صائم (7).

و عن أنس:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كره السعوط للصائم،و لم يكره الكحل (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في الصائم يكتحل،قال:«لا بأس به،ليس بطعام و لا شراب» (9).

ص:184


1- 1الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:206،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:365،السراج الوهّاج:140،مغني المحتاج 1:428.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:366،الهداية للمرغينانيّ 1:123 و 126،المغني و الشرح 3:40،بدائع الصنائع 2:93.
3- 3) المغني و الشرح 3:40،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:299،حلية العلماء 3:206.
4- 4) المغني و الشرح 3:40،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367،المدوّنة الكبرى 1: 197،إرشاد السالك:49،بلغة السالك 1:245.
5- 5) حلية العلماء 3:206،المغني و الشرح 3:40،المجموع 6:348.
6- 6) الإثمد:حجر يتّخذ منه الكحل،لسان العرب 3:105. [1]
7- 7) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2378، [2]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1678،سنن البيهقيّ 4:262، مجمع الزوائد 3:167،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:317 الحديث 939.
8- 8) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2378، [3]سنن الترمذيّ 3:105 الحديث 726. [4]
9- 9) التهذيب 4:258 الحديث 765،الاستبصار 2:89 الحديث 278،الوسائل 7:51 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

و عن ابن أبي يعفور،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكحل للصائم، فقال:«لا بأس به،إنّه ليس بطعام يؤكل» (1).

و عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالكحل للصائم» (2).

و لأنّ العين ليست منفذا،فلم يفطر بالداخل فيها،كما لو دهن رأسه.

احتجّ أحمد:بأنّه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله بفيه،فأفطر به، كما لو أوصله من أنفه (3).

و الجواب:أنّه قياس في معارضة النصّ،فلا يكون مسموعا.و لأنّ الإيصال إلى الحلق لا يستلزم الإفطار ما لم يبتلعه.و لأنّ الوصول من المسامّ لا يفطر، و لهذا (4)لو دلك رجله بالحنظل،وجد طعمه و لا يفطره.

و أمّا الاكتحال بما فيه مسك أو ما يصل إلى الحلق كالصّبر (5)،فإنّه مكروه؛لما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن عليّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذرور و ما أشبهه،أم لا يسوغ له ذلك؟فقال:«لا يكتحل» (6).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل.

ص:185


1- 1التهذيب 4:258 الحديث 766،الاستبصار 2:89 الحديث 279،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:259 الحديث 767،الاستبصار 2:89 الحديث 280،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [2]
3- 3) المغني و الشرح 3:40.
4- 4) بعض النسخ:و كذا.
5- 5) الصّبر:الدواء المرّ.المصباح المنير:331. [3]
6- 6) التهذيب 4:259 الحديث 768،الاستبصار 2:89 الحديث 281،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [4]

يكتحل و هو صائم،فقال:«لا،إنّي أتخوّف أن يدخل رأسه» (1).و المراد بهذين الحديثين ما يوجد فيه المسك أو ما شابهه ممّا له رائحة جاذبة فدخل الحلق؛لما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن الكحل للصائم،فقال:«إذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فليس به بأس» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام أنّه سئل عن المرأة تكتحل و هي صائمة،فقال:«إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس» (3).و النهي في هذه الأخبار للكراهية لا التحريم؛عملا بالأصل،و بما قدّمناه،و بما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي غندر (4)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أكتحل بكحل فيه مسك و أنا صائم؟فقال:«لا بأس به» (5).

مسألة:و يكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة،

و لا يفطر بالحجامة، و ليست محظورة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

أمّا إخراج الدم المضعف،فإنّه لا يؤمن معه الضرر أو الإفطار،فيكون مكروها،

ص:186


1- 1التهذيب 4:259 الحديث 769،الاستبصار 2:89 الحديث 282،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 4:259 الحديث 770،الاستبصار 2:90 الحديث 283،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:259 الحديث 771،الاستبصار 2:90 الحديث 284،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]
4- 4) الحسين بن أبي غندر-بالغين المعجمة المضمومة و النون الساكنة و الدال و الراء المهملة المفتوحة أو المضمومة-قال النجاشيّ:كوفيّ يروي عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و قال الشيخ في الفهرست: له أصل.قال المامقانيّ:و يستفاد من العبارتين-لخلوّهما عن غمز في مذهبه-كونه إماميّا،و لم أقف على مدح فيه يلحقه بالحسان،إلاّ أن يحتجّ له برواية صفوان عنه،فإنّها تشير إلى وثاقته. رجال النجاشيّ:55،الفهرست:59، [4]تنقيح المقال 1:318. [5]
5- 5) التهذيب 4:260 الحديث 772،الاستبصار 2:90 الحديث 285،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [6]

و إن لم يضعف،لم يكن به بأس؛لانتفاء سبب الكراهية،و أمّا عدم الإفطار بالحجامة فهو قول علمائنا.و به قال في الصحابة الحسين بن عليّ عليهما السلام، و عبد اللّه بن عبّاس،و ابن مسعود،و أنس،و أبو سعيد الخدريّ،و زيد بن أرقم، و أمّ سلمة،و في التابعين:سعيد بن المسيّب،و جعفر بن محمّد الباقر عليهما السلام، و سعيد بن جبير،و طاوس،و القاسم بن محمّد،و سالم،و عروة،و الشعبيّ، و النخعيّ،و أبو العالية (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و مالك (4)، و الثوريّ،و أبو ثور،و داود (5).

و قال أحمد (6)،و إسحاق:يفطر الحاجم و المحجوم (7)-و عن أحمد في الكفّارة روايتان (8)-و اختاره ابن المنذر،و محمّد بن إسحاق بن خزيمة (9).و كان

ص:187


1- 1المغني 3:37، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:44، [2]المجموع 6:349، [3]صحيح البخاريّ 3:42،سنن البيهقيّ 4:264،عمدة القارئ 11:37.
2- 2) الأمّ 2:109،حلية العلماء 3:207،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:349، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6:372، [5]الميزان الكبرى 2:24،السراج الوهّاج:141،المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،مغني المحتاج 1:436.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:57،تحفة الفقهاء 1:368،بدائع الصنائع 2:107،الهداية للمرغينانيّ 1: 122، [6]مجمع الأنهر 1:245.
4- 4) الموطّأ 1:298، [7]المدوّنة الكبرى 1:198،إرشاد السالك:50،المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،المجموع 6:349، [8]عمدة القارئ 11:39،بداية المجتهد 1:291.
5- 5) المجموع 6:349، [9]حلية العلماء 3:207،المحلّى 6:203، [10]بداية المجتهد 1:291.
6- 6) المغني 3:37، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 3:44، [12]الكافي لابن قدامة 1:476، [13]الإنصاف 3:302. [14]
7- 7) المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44.
8- 8) المغني 3:51،52،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،الإنصاف 3:303. [15]
9- 9) محمّد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلميّ النيسابوريّ،أخذ عن المزنيّ و الربيع،رحل إلى العراق و الشام و الجزيرة و مصر،تزيد مصنّفاته على 140 كتابا،مولده و وفاته بنيسابور،ولد في سنة 223 ه و توفّي في سنة 311 ه.تذكرة الحفّاظ 2:720،طبقات الشافعيّة لابن شهبة 1:99،شذرات الذهب 2: 262، [16]الأعلام للزركليّ 6:29. [17]

مسروق،و الحسن،و ابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله احتجم و هو صائم محرم (2).روى البخاريّ هذا الحديث مفصّلا،و روى أيضا أنّه احتجم و هو محرم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجامة للصائم،قال:«نعم،إذا لم يجد ضعفا» (4).

و عن سعيد الأعرج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يحتجم، فقال:«لا بأس،إلاّ أن يتخوّف على نفسه الضعف» (5).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن ميمون،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه قال:

«ثلاثة لا يفطرن الصائم:القيء،و الاحتلام،و الحجامة،و قد احتجم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو صائم،و كان لا يرى بأسا بالكحل للصائم» (6).

و لأنّه دم خارج من ظاهر البدن،فأشبه الفصد.

احتجّ أحمد:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أفطر الحاجم

ص:188


1- 1المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،المجموع 6:349.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:43.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:42.
4- 4) التهذيب 4:260 الحديث 773،الاستبصار 2:90 الحديث 286،الوسائل 7:54 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]في الجميع:«إذا لم يخف ضعفا».
5- 5) التهذيب 4:260 الحديث 774،الاستبصار 2:90 الحديث 287،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
6- 6) التهذيب 4:260 الحديث 775،الاستبصار 2:90 الحديث 288،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [3]

و المحجوم» (1)رواه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحد عشر نفسا (2).

و الجواب:يحتمل أنّه عليه السّلام أراد أنّهما قربا من الإفطار للضعف.و أيضا فهو منسوخ بخبرنا المنقول عنه عليه السّلام.و أيضا فيحتمل أنّه عليه السّلام أراد تفريقهما؛لأنّهما كانا يغتابان،على جهة المجاز،و لا استبعاد في ذلك.

أمّا إذا خاف الضعف فإنّها مكروهة له حينئذ؛لما لا يؤمن معه من الإفطار،أو الأذى.

و يؤيّده:روايتا الحسين بن أبي العلاء و سعيد الأعرج،و قد تقدّمتا.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يحتجم الصائم إلاّ في رمضان فإنّي أكره أن يغرّر بنفسه،إلاّ أن يخاف على نفسه،و إنّا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا ليلا» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم أ يحتجم؟فقال:«إنّي أتخوّف عليه،أ ما يتخوّف على نفسه؟»قلت:ما ذا يتخوّف عليه؟قال:«الغشيان أو تثور به مرّة»قلت:أ رأيت إن قوي على ذلك و لم يخش شيئا؟قال:«نعم إن شاء» (4).

مسألة:و لا بأس بدخول الحمّام للصائم،

فإن خاف الضعف أو العطش،كره له

ص:189


1- 1صحيح البخاريّ 3:42،سنن أبي داود 2:308 الحديث 2367-2371، [1]سنن الترمذيّ 3:144 الحديث 774، [2]سنن ابن ماجة 1:537 الحديث 1679،سنن الدارميّ 2:14، [3]سنن الدارقطنيّ 2: 182-183 الحديث 12 و ما بعده،سنن البيهقيّ 4:264.
2- 2) المغني 3:38،الشرح الكبير بهامش المغني 3:45،الكافي لابن قدامة 1:476.
3- 3) التهذيب 4:260 الحديث 776،الاستبصار 2:91 الحديث 289،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [4]
4- 4) التهذيب 4:261 الحديث 777،الاستبصار 2:91 الحديث 290،الوسائل 7:54 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

ذلك؛لما لا يؤمن معه من الضرر أو الإفطار.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدخل الحمّام و هو صائم،فقال:«ليس به بأس» (1).

و يدلّ على الاشتراط ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يدخل الحمّام و هو صائم،فقال:

«لا بأس ما لم يخش ضعفا» (2).

مسألة:و شمّ الرياحين مكروه،

و يتأكّد في النرجس-و هو قول علمائنا أجمع-لأنّ للأنف اتّصالا بجوف الدماغ و يكره الإيصال إليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟فقال:«لا،و لا يشمّ الريحان» (3).

و عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يشمّ الريحان؟قال:«لا؛لأنّه لذّة و يكره[له] (4)أن يتلذّذ» (5).

و النهي في هذه المواضع للتنزيه و الكراهية،لا التحريم؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يشمّ الريحان و الطيب؟قال:«لا بأس» (6).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام

ص:190


1- 1التهذيب 4:261 الحديث 778،الوسائل 7:57 الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:261 الحديث 779،الوسائل 7:57 الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:267 الحديث 806،الاستبصار 2:93 الحديث 300،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:267 الحديث 807،الاستبصار 2:93 الحديث 301،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [4]
6- 6) التهذيب 4:266 الحديث 800،الاستبصار 2:92 الحديث 296،الوسائل 7:64 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

عن الصائم ترى للرجل أن يشمّ الريحان أم لا ترى له ذلك؟فقال:«لا بأس به» (1).

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم يدهّن بالطيب و يشمّ الريحان» (2).

و عن الحسن بن راشد قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا صام تطيّب بالطيب و يقول:«الطيب تحفة الصائم» (3).

و عن سعد بن سعد،قال:كتب رجل إلى أبي الحسن عليه السّلام:هل يشمّ الصائم الريحان يتلذّذ به؟فقال عليه السّلام:«لا بأس به» (4).

و أمّا تأكيد الكراهية في النرجس،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ عن محمّد بن العيص (5)(6)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام ينهى عن النرجس،فقلت:

ص:191


1- 1التهذيب 4:266 الحديث 802،الاستبصار 2:93 الحديث 297،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [1]في الجميع له،مكان:للرجل.
2- 2) التهذيب 4:265 الحديث 798،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 4:265 الحديث 799،الوسائل 7:64 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 4:266 الحديث 803،الاستبصار 2:93 الحديث 298،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [4]
5- 5) خاوق:الفيض،كما في التهذيب.
6- 6) بعض النسخ:محمّد بن العيص،كما في الاستبصار و نسخة من الوسائل.و في بعضها:محمّد بن الفيض، كما في الكافي و الفقيه و التهذيب و نسخة من الوسائل.و نقل السيّد الخوئيّ عن النسخة المطبوعة من رجال الشيخ:محمّد بن العيص،ثمّ قال:كذا في النسخة المطبوعة،و بقيّة النسخ:محمّد بن الفيض،و هو الصحيح كما يأتي،و قال-عند ترجمة محمّد بن الفيض-كذا في الطبعة القديمة و النسخة المخطوطة من التهذيب و نسخة من الوسائل،و الظاهر صحّته الموافق للكافي و الفقيه. و محمّد بن الفيض رجلان:أحدهما:محمّد بن الفيض بن المختار الكوفيّ الجعفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام. ثانيهما:محمّد بن الفيض التيميّ تيم الرباب،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام، و هذا هو المراد؛لرواية داود بن إسحاق الحذّاء عنه. الكافي 4:112 الحديث 2، [5]الفقيه 2:71 الحديث 301، [6]رجال الطوسيّ 298 و ص 322،معجم رجال الحديث 17:138،167 و 169. [7]

جعلت فداك لم ذاك؟قال:«لأنّه ريحان الأعاجم» (1).

و يلحق بذلك المسك أيضا؛لشدّة رائحته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إنّ عليّا عليه السّلام كره المسك أن يتطيّب به الصائم» (2).

مسألة:و يكره الاحتقان بالجامد و ليس محظورا و لا مفطرا .

(3)

أمّا المائع فقد اختلف علماؤنا فيه،فقال بعضهم:إنّه مفطر يوجب القضاء خاصّة (4).و قال آخرون:إنّه محرّم و ليس بمفطر (5)،و هو المختار،و قد سلف البحث في ذلك (6).

و قال الشافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد:الحقنة مطلقا مفطرة (9)،و لم يفرّقوا بين الجامد و المائع؛لأنّه جوف،فإذا وصل إليه باختياره و هو ذاكر للصوم مع إمكان الاحتراز عنه وجب أن يفطره،و نحن نمنع من الإفطار بما يصل إلى كلّ

ص:192


1- 1التهذيب 4:266 الحديث 804،الاستبصار 2:94 الحديث 302،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 4:266 الحديث 801،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [2]
3- 3) ش:و ليس محظورا و يفطر،ح:و ليس بمحظور و لا يفطر.
4- 4) منهم:الشيخ في المبسوط 1:272 و الاقتصاد:432 و الجمل و العقود:112،و ابن البرّاج في المهذّب 1:192،و أبو الصلاح في الكافي في الفقه:183.
5- 5) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:90،و الشيخ في النهاية:156،و ابن إدريس في السرائر: 85،و المحقّق في المعتبر 2:659 و 679.
6- 6) يراجع:ص 81،82.
7- 7) حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:320،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 363،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [3]بدائع الصنائع 2:93، مجمع الأنهر 1:241.
9- 9) المغني 3:39،الشرح الكبير بهامش المغني 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،زاد المستقنع:28.

جوف و لا دليل عليه،و القياس عندنا باطل مع قيام الفرق؛إذ ما يصل إلى الجوف ممّا يحصل به الاغتذاء،ليس كما يصل إلى جوف الدماغ.

و يدلّ على كراهية الجامد ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسن،عن أبيه،قال:

«كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في التلطّف (1)يستدخله الإنسان و هو صائم؟فكتب:لا بأس بالجامد» (2).

و لأنّه ليس بمحلّ الاغتذاء و لا موصل إليه،فلا يكون محظورا،كالاكتحال.

مسألة:و لو قطّر في إحليله شيئا أو أدخل فيه ميلا،لم يفطر بذلك،

سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.و به قال الحسن بن صالح بن حيّ،و داود (3)،و أبو حنيفة (4)، و أحمد (5).

و قال الشافعيّ:يفطر (6).

لنا:أنّ الصوم حكم شرعيّ قد انعقد فلا يبطل إلاّ بدليل شرعيّ و لم يثبت.

و لأنّ الأصل الصحّة،فالبطلان طارئ مفتقر إلى سبب شرعيّ.و لأنّ الواصل إلى جوف الذكر كالواصل إلى جوف الأنف و الفم،فلا يكون مفطرا.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه أوصل الدهن إلى جوف في جسده،فأفطر،كما لو داوى

ص:193


1- 1بعض النسخ:في اللطف.قال في مجمع البحرين 5:121: [1]التلطّف:إدخال الشيء في الفرج.
2- 2) التهذيب 4:204 الحديث 590،الاستبصار 2:83 الحديث 257،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) المجموع 6:320.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2: 267،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،بدائع الصنائع 2:93،مجمع الأنهر 1:245.
5- 5) المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:307. [3]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،حلية العلماء 3:194.

الجائفة.و لأنّ المنيّ يخرج من الذكر فيفطره،و ما أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل فيه،كالفم (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الأصل،و بالفرق بين الجوف المشتمل على مواضع الاغتذاء و بين غيره.

و عن الثاني:بأنّ الجواز لا يستلزم الوقوع،و القياس على الفم باطل؛لأنّ الحكم ممنوع في الأصل؛إذ الدخول إلى الفم بمجرّده لا يوجب الإفطار،و قد سلف (2)في هذا كلام (3).

مسألة:و لو قطّر في أذنه دهنا أو غيره،لم يفطر .

(4)

و قال أبو الصلاح:يفطر (5).و به قال الشافعيّ (6)،و مالك (7)،و أبو حنيفة (8)، و أحمد إذا وصل إلى دماغه (9).

لنا:أنّ الصوم انعقد شرعا،فلا يبطل جزافا،و لا دليل على بطلانه مع أصالة الصحّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حمّاد،قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:194


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:182،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49.
2- 2) يراجع:ص 165.
3- 3) ح و خا:الكلام.
4- 4) كثير من النسخ:لم يفطره.
5- 5) الكافي في الفقه:183.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:314،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،حلية العلماء 3:194،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:198،إرشاد السالك:49،المغني 3:39،الشرح الكبير بهامش المغني 3:39.
8- 8) بدائع الصنائع 2:93،المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:266،مجمع الأنهر 1:241.
9- 9) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474، [1]زاد المستقنع:28.

عليه السّلام عن الصائم يصبّ في أذنه الدهن؟قال:«لا بأس به» (1).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يشتكي أذنه يصبّ فيها الدواء؟قال:«لا بأس به» (2).

احتجّوا:بأنّه أوصل إلى جوفه مع ذكره للصوم مختارا،فأفطر،كالأكل (3).

و الجواب:قد تقدّم مرارا من أنّه ليس كلّ واصل إلى كلّ جوف مفطرا (4).

مسألة:و يكره بلّ الثوب على الجسد؛

لأنّه يقتضي اكتناز (5)مسامّ البدن فيمنع خروج الأبخرة،و يوجب احتقان الحرارة باطن البدن،فيحتاج معه إلى التبريد.

و يؤيّده:رواية الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟فقال:«لا» (6).

و روى الشيخ عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الحائض تقضي الصلاة؟قال:«لا»قلت:تقضي الصوم؟قال:«نعم»قلت:من أين جاء هذا؟قال:«إنّ أوّل من قاس إبليس»قلت:فالصائم يستنقع في الماء؟قال:

«نعم»قلت:فيبلّ ثوبا على جسده؟قال:«لا»قلت:من أين جاء هذا؟قال:«من ذاك (7)...» (8).و هذا النهي نهي تنزيه،لا تحريم؛عملا بالأصل المقتضي للإباحة.

ص:195


1- 1التهذيب 4:258 الحديث 763،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:258 الحديث 764،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:67،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المغني و الشرح 3:39.
4- 4) يراجع ص:86.
5- 5) اكتنز الشيء اكتنازا:اجتمع و امتلأ.المصباح المنير:542.
6- 6) التهذيب 4:267 الحديث 806،الاستبصار 2:93 الحديث 300،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
7- 7) ح و ق:ذلك،كما في المصادر.
8- 8) التهذيب 4:267 الحديث 807،الاستبصار 2:93 الحديث 301،الوسائل 7:23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [4]

و بما رواه الشيخ-في الموثّق-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصائم يستنقع في الماء و يصبّ على رأسه،و يتبرّد بالثوب، و ينضح المروحة،و ينضح البوريا تحته،و لا يغمس رأسه في الماء» (1).

مسألة:و لا بأس للرجل أن يستنقع بالماء؛

عملا بالأصل و بما تقدّم من الحديثين.

أمّا المرأة فيكره لها الجلوس في الماء.

و قال أبو الصلاح منّا:يلزمها القضاء (2)،و ليس بمعتمد.

لنا:أنّ الصوم انعقد شرعا فلا يبطل إلاّ بدليل،و لم يثبت.

احتجّ أبو الصلاح:بأنّها تحمل الماء في قبلها (3).و بما رواه الشيخ عن حنّان بن سدير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يستنقع في الماء؟قال:«لا بأس و لكن لا يغمس رأسه،و المرأة لا تستنقع في الماء؛لأنّها تحمله بقبلها» (4).

و الجواب:لا نسلّم أنّها تحمل الماء،سلّمنا،لكنّنا نمنع الإفطار بذلك، و حنّان بن سدير واقفيّ،و نحملها على الكراهية-كما اختاره الشيخان (5)-جمعا بين الأدلّة.

ص:196


1- 1التهذيب 4:204 الحديث 591،الاستبصار 2:84 الحديث 260،الوسائل 7:22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]في الجميع عن أبي جعفر عليه السّلام،و رواه محمّد بن مسلم بتفاوت عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،ينظر:التهذيب 4:262 الحديث 785،الاستبصار 2:91 الحديث 292.
2- 2) الكافي في الفقه:183.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:667. [2]
4- 4) التهذيب 4:263 الحديث 789،الوسائل 7:23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. و [3]فيهما:«لا ينغمس»مكان:«لا يغمس».
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:56،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:274،و النهاية:156.
مسألة:قد بيّنّا أيّ الأصناف تجب بفعلها الكفّارة ،

(1)(2)

فلو فعل صنفا تجب به الكفّارة،ثمّ سقط فرض الصوم في ذلك اليوم بسفر أو حيض أو جنون أو إغماء، قال الشيخ لا تسقط الكفّارة (3).و به قال مالك (4)،و ابن أبي ليلى (5)،و أحمد (6)، و إسحاق (7)،و أبو ثور،و داود (8).

و قال أبو حنيفة (9)،و الثوريّ:إنّها تسقط (10)،و للشافعيّ قولان (11).

و قال زفر:تسقط بالحيض و الجنون دون المرض و السفر (12).و قال بعض أصحاب مالك:تسقط بالسفر دون المرض و الجنون (13).

لنا:أنّه وجد المقتضي و هو الهتك و الإفساد بالسبب الموجب للكفّارة،فيثبت الأثر،و المعارض-و هو العذر المسقط لفرض الصوم-لا يصلح للمانعيّة؛إذ لم يزل

ص:197


1- 1أكثر النسخ:أنّ،مكان:أيّ.
2- 2) يراجع:ص 102.
3- 3) الخلاف 1:400 مسألة-79،المبسوط 1:274.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:221،بداية المجتهد 1:307،بلغة السالك 1:253،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:75،المجموع 6:340. [1]
6- 6) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،الكافي لابن قدامة 1:481،الإنصاف 3:320، [2]زاد المستقنع:29.
7- 7) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،المجموع 6:340.
8- 8) حلية العلماء 3:203،المجموع 6:340.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:75،بدائع الصنائع 2:100-101،الهداية للمرغينانيّ 1:128، [3]شرح فتح القدير 2:284-285،مجمع الأنهر 1:252،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
10- 10) حلية العلماء 3:203،المجموع 6:340.
11- 11) حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:340،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 451،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:136.
12- 12) حلية العلماء 3:203،المبسوط للسرخسيّ 3:75،المجموع 6:340.
13- 13) بداية المجتهد 1:307،حلية العلماء 3:203.

الهتك و الإفساد المتقدّم.و لأنّه معنى طرأ بعد وجوب الكفّارة فلا يسقطها،كالسفر عند زفر.

احتجّ المخالف:أنّ هذا اليوم خرج بالمرض و الحيض من استحقاق الصوم فلا يجب بالوطء فيه كفّارة،كالمسافر،و كما لو قامت البيّنة بأنّه من شوّال (1).

و الجواب:لا نسلّم عدم استحقاقه قبل العذر؛و لهذا يجب الإمساك فيه قبل العذر إجماعا،و الفرق موجود بين صورة النزاع و بين المسافر و أوّل شوّال مع قيام البيّنة؛لأنّ الصوم في السفر غير مستحقّ،و كونه من شوّال غير طارئ (2).

أمّا زفر فإنّه قال:الحيض يخرج الإمساك الأوّل من أن يكون صوما،و المرض لا يبطله (3).و هو فاسد؛لأنّ المرض و ان لم يفسده فإنّه يجوّز إفساده،و ما يجوّز إفساده لا تجب الكفّارة به،كالفاسد.

و قول أبي حنيفة لا يخلو من قوّة؛لأنّه في علم اللّه تعالى غير مكلّف بصوم ذلك اليوم.و الأقرب الأوّل.

ص:198


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:76،بدائع الصنائع 2:101.
2- 2) بعض النسخ:غير ظاهر.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:76.

البحث الخامس

اشارة

فيمن يصحّ منه الصوم

مسألة:يشترط في وجوب الصوم:البلوغ،

و هو قول العلماء كافّة.و عن أحمد رواية أنّه يجب عليه الصوم إذا أطاقه (1).

لنا:الإجماع-و مخالفة الشاذّ لا اعتداد به-و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«رفع القلم عن ثلاث:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق،و عن النائم حتّى يستيقظ» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في كم يؤخذ الصبيّ بالصّيام؟فقال:«ما بينه و بين خمس عشرة سنة، و أربع عشرة سنة،و إن هو صام قبل ذلك فدعه» (3).

ص:199


1- 1المغني 3:94،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:462،الإنصاف 3:281، [1]زاد المستقنع:28.
2- 2) صحيح البخاريّ 8:204،205،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4403، [2]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [3]سنن النسائيّ 6:156،سنن الدارميّ 2:171، [4]مسند أحمد 6:100،101، [5]سنن الدارقطنيّ 3:138 الحديث 173،سنن البيهقيّ 4:269،كنز العمّال 4:233 الحديث 10308-10310،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 11141،مجمع الزوائد 6:251.
3- 3) التهذيب 4:326 الحديث 1012،الوسائل 7:167 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [6]

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«على الصبيّ إذا احتلم الصيام،و على الجارية إذا حاضت الصيام و الخمار،إلاّ أن تكون مملوكة،فإنّه ليس عليها خمار،إلاّ أن تحبّ أن تختمر،و عليها الصيام» (1).

و لأنّ العقل شرط في التكليف و هو عسر (2)المعرفة،فلا بدّ من أن يناط بوصف ظاهر يكون معرّفا (3)لحصوله و هو بلوغ السنّ التي قرّرها الشارع.و لأنّها عبادة بدنيّة فلا تجب على الصبيّ،كالحجّ.

احتجّ أحمد (4):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيّام،وجب عليه صيام شهر رمضان» (5).

و لأنّها عبادة بدنيّة فأشبه الصلاة،و قد أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأن يضرب على الصلاة من بلغ عشرا (6).

و الجواب:حديثه مرسل،و مع ذلك فهو محمول على الاستحباب،و سمّاه واجبا تأكيدا لاستحبابه،كقوله عليه السّلام:«غسل الجمعة واجب على كلّ محتلم» (7).

ص:200


1- 1التهذيب 4:281 الحديث 851 و ص 326 الحديث 1015،الاستبصار 2:123 الحديث 398، الوسائل 7:169 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [1]
2- 2) ص:عشر،ش:بحسن،ك و م:يحسن.
3- 3) ص،ش و ح:معروفا.
4- 4) المغني 3:94،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:462. [2]
5- 5) كنز العمّال 8:521 الحديث 23951،عمدة القارئ 11:69. [3]بتفاوت يسير.
6- 6) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494-495،سنن الترمذيّ 2:259 الحديث 407،مسند أحمد 3: 404 و ج 2:180 و 187،سنن الدارقطنيّ 1:230 الحديث 1 و 3،سنن البيهقيّ 2:14،كنز العمّال 16: 441 الحديث 45333،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:115 الحديث 6548،مجمع الزوائد 1:294.
7- 7) صحيح مسلم 2:581 الحديث 846،سنن أبي داود 1:94 الحديث 341، [4]سنن الدارميّ 1:361، [5]مسند أحمد 3:60، [6]سنن البيهقيّ 1:294 و 297 و ج 3:242،كنز العمّال 7:760 الحديث 21282، فيض القدير 4:411 الحديث 5800.

و نمنع الأصل المقيس عليه.و ضرب الغلام على ترك الصلاة للتمرين و خفّة المئونة،بخلاف الصيام.

لا يقال:قد روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليهما السلام،قال:«الصبيّ إذا أطاق الصوم ثلاثة أيّام متتابعة،فقد وجب عليه صيام شهر رمضان» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل عن الصبيّ متى يصوم؟قال:«إذا أطاقه» (2).

لأنّا نقول:إنّه محمول على الاستحباب على ما تقدّم (3).

مسألة:و يؤخذ الصبيّ بالصوم إذا أطاقه.

(4)

قال الشيخ:و حدّه إذا بلغ تسع سنين،و يختلف حاله بحسب المكنة و الطاقة (5).هذا على جهة الاستحباب دون الفرض و الإيجاب على ما تقدّم (6).و يلزم به وجوبا إذا بلغ خمس عشرة سنة، و سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّه تعالى.

و لا خلاف بين أهل العلم في شرعيّة ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر وليّ الصبيّ بذلك (7).

ص:201


1- 1التهذيب 4:326 الحديث 1013،الاستبصار 2:123 الحديث 399،الوسائل 7:168 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:326 الحديث 1014،الوسائل 7:169 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9. [2]
3- 3) يراجع:ص 200.
4- 4) ص:و يؤمر.
5- 5) المبسوط 1:266، [3]النهاية:149.
6- 6) يراجع:ص 200.
7- 7) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494،495،سنن الترمذيّ 2:259 الحديث 407،مسند أحمد 2: 180 و 187،سنن الدارقطنيّ 1:230 الحديث 1 و 3،سنن البيهقيّ 2:14،كنز العمّال 16:439 الحديث 45324،45327،45329،45330،45333،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:115 الحديث 6546-6548،مجمع الزوائد 1:294.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم،فإذا غلبهم العطش أفطروا» (1).

و لأنّ فيه تمرينا على الطاعة (2)و منعا عن الفساد،فكان شرعه (3)ثابتا في نظر الشرع.

إذا ثبت ذلك،فإنّ صومه صحيح شرعيّ و نيّته صحيحة،و ينوي الندب؛لأنّه الوجه الذي يقع عليه فعله،فلا ينوي غيره.

و قال أبو حنيفة:إنّه ليس بشرعيّ،و إنّما هو إمساك عن المفطرات للتأديب (4).

و فيه قوّة.

و كذا المرأة تؤمر بالصيام قبل سنّ البلوغ و هو تسع سنين،أو الإنزال،أو الحيض على ما يأتي؛لأنّ المقتضي في الصبيّ موجود فيها (5)فيثبت الأثر (6).

مسألة:و العقل شرط في صحّة الصوم،كما هو شرط في وجوبه؛

لأنّ التكليف يستدعي العقل؛لأنّ تكليف غير العاقل قبيح؛و لقوله عليه السّلام:«و عن المجنون

ص:202


1- 1التهذيب 4:282 الحديث 853،الاستبصار 2:123 الحديث 400،الوسائل 7:167 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:الطاقة.
3- 3) ح:تشريعه.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:351،بدائع الصنائع 2:87،مجمع الأنهر 1:231،شرح فتح القدير 2:282،283، عمدة القارئ 11:69،حلية العلماء 3:173.
5- 5) أكثر النسخ:فيه.
6- 6) ق،خا و ح:الأمر.

حتّى يفيق» (1).

و لا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبيّ به،بلا خلاف؛لأنّه غير مميّز،بخلاف الصبيّ؛فإنّه مميّز،فكان للتكليف في حقّه فائدة،بخلاف المجنون.

هذا إذا كان جنونه مطبقا،أمّا لو أفاق وقتا دون وقت،فإن كان إفاقته يوما كاملا،وجب عليه الصيام فيه؛لوجود المقتضي بشرطه و هو التعقّل ذلك اليوم، و عدم المانع و هو عدم التعقّل.

و لأنّ صوم كلّ يوم عبادة بانفراده،فلا يؤثّر فيه ما يزيل الحكم عن غيره.و كذا المغمى عليه يسقط الصوم عنه،و سيأتي البحث فيه.

مسألة:و الإسلام شرط في صحّة الصوم،لا في وجوبه.

أمّا اشتراطه في الصحّة؛فلأنّ الكافر لا يعرف اللّه تعالى،فلا يصحّ أن يتقرّب إليه،و النيّة شرط في الصوم،و فوات الشرط يستلزم عدم المشروط تحقيقا للشرط.

و أمّا عدم اشتراطه في الوجوب فلما تقدّم من أنّ الكفّار مخاطبون بفروع العبادات،و قد سلف الخلاف فيه (2)،و هذا مذهب علمائنا أجمع.

مسألة:و الطهارة من الحيض و النفاس شرط في صحّة الصوم في حقّ المرأة.
اشارة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الجمهور عن عائشة قالت:كنّا نحيض على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و

ص:203


1- 1صحيح البخاريّ 8:204،205،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4403،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن النسائيّ 6:156،سنن الدارميّ 2:171،مسند أحمد 6:100،101 و 144،سنن الدارقطنيّ 3:38 الحديث 173،سنن البيهقيّ 4:269،كنز العمّال 4:233 الحديث 10308-10310،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 1141،مجمع الزوائد 6:251.
2- 2) يراجع:الجزء الثاني ص 188.

آله،فنؤمر بقضاء الصوم و لا نؤمر بقضاء الصلاة (1).

و عن أبي سعيد قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أ ليس إحداكنّ إذا حاضت لم تصلّ و لم تصم فذلك من نقصان دينها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان،فلمّا ارتفع النهار حاضت،قال:

«تفطر»قال:و سألته عن امرأة رأت الطهر أوّل النهار،قال:«تصلّي و تتمّ يومها و تقضي» (3).

و في الصحيح عن عيص بن القاسم البجليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس،قال:«تفطر حين تطمث» (4).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أيّ ساعة رأت المرأة الدم فهى تفطر الصائمة إذا طمثت» (5).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن امرأة أصبحت صائمة،فلمّا ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أ تفطر؟قال:«نعم، و إن كان وقت المغرب فلتفطر»قال:و سألته عن امرأة رأت الطهر في أوّل النهار في

ص:204


1- 1صحيح مسلم 1:265 الحديث 335،سنن أبي داود 1:68،69 الحديث 262،263،سنن الترمذيّ 3:154 الحديث 787، [1]سنن النسائيّ 1:191،192،سنن الدارميّ 1:233، [2]سنن البيهقيّ 4: 236،المصنّف لعبد الرزّاق 1:233 الرقم 1277. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:45،سنن البيهقيّ 4:235.
3- 3) التهذيب 4:253 الحديث 750،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 1:393 الحديث 1215،الاستبصار 1:145 الحديث 498،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [5]
5- 5) التهذيب 1:394 الحديث 1218،الاستبصار 1:146 الحديث 499،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [6]

شهر رمضان فتغتسل و لم تطعم كيف تصنع في ذلك اليوم؟قال:«تفطر ذلك اليوم، فإنّما فطرها من الدم» (1)و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

فروع:
الأوّل:حكم النفساء حكم الحيض.و عليه الإجماع؛

و لأنّ دم النفاس هو دم الحيض،و حكمه حكمه بلا خلاف.

الثاني:لو وجد الحيض في جزء من النهار،فسد صيام ذلك اليوم،

سواء وجد في أوّله أو آخره،بلا خلاف بين العلماء كافّة،و يدلّ عليه ما تقدّم من الأحاديث.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن عرض للمرأة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال،فهي في سعة أن تأكل و تشرب، و إن عرض لها بعد الزوال فلتغتسل و لتعتدّ بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل و تشرب» (2).

لأنّا نمنع صحّة سنده؛إذ في طريقه عليّ بن فضّال،و هو فطحيّ.

قال الشيخ:هذا الحديث و هو من الراوي؛لأنّه إذا كان رؤية الدم هو المفطر، فلا يجوز لها أن تعتدّ بذلك اليوم،و إنّما يستحبّ لها أن تمسك بقيّة النهار تأديبا إذا رأت الدم بعد الزوال (3)؛لما رواه محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المرأة ترى الدم غدوة،أو ارتفاع النهار،أو عند الزوال،قال:«تفطر،و إذا كان بعد العصر،أو بعد الزوال فلتمض على صومها و لتقض ذلك اليوم» (4).

ص:205


1- 1التهذيب 4:311 الحديث 939،الوسائل 7:162 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:393 الحديث 1216،الاستبصار 1:146 الحديث 500،الوسائل 7:166 الباب 28 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 1:393،الاستبصار 1:146.
4- 4) التهذيب 1:393 الحديث 1217،الاستبصار 1:146 الحديث 501،الوسائل 7:165 الباب 28 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [3]
الثالث:لو أمسكت الحائض و نوت الصوم مع علمها بتحريم ذلك أثمت

و لم ينعقد صومها،

و يجب عليها القضاء،و هو وفاق.

مسألة:و في المغمى عليه قولان:

أحدهما:إنّه يفسد صومه بزوال عقله،ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و به قال الشافعيّ (2).

و الثاني:إن سبقت منه النيّة صحّ صومه و كان باقيا عليه،اختاره المفيد-رحمه اللّه (3)-و هو قول للشافعيّ (4)،و له قول ثالث:إنّه إن أفاق في بعضه أوّله أو وسطه أو آخره صحّ صومه،و إلاّ فلا (5).

و قال مالك:إن أفاق قبل الفجر و استدام حتّى يطلع الفجر صحّ صومه،و إلاّ فلا (6).

و قال أحمد:إذا أفاق في جزء من النهار صحّ صومه (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و المزنيّ:يصحّ صومه و ان لم يفق في شيء منه (9).

ص:206


1- 1منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:196،و سلاّر في المراسم:98،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:683. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:205،206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407،مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
3- 3) المقنعة:56.
4- 4) حلية العلماء 3:205-206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407،مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
5- 5) حلية العلماء 3:205-206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407، [3]مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:207،208،بداية المجتهد 1:298،بلغة السالك 1:247،إرشاد السالك:51.
7- 7) المغني 3:33،الشرح الكبير بهامش المغني 3:25،الكافي لابن قدامة 1:465،الإنصاف 3:293، [4]زاد المستقنع:28.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:350،بدائع الصنائع 2:88،الهداية للمرغينانيّ 1:128، شرح فتح القدير 2:285،مجمع الأنهر 1:252،253.
9- 9) المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:407.

لنا:أنّه بزوال عقله سقط التكليف عنه وجوبا و ندبا،فلا يصحّ منه الصوم مع سقوطه.

و لأنّ كلّ ما أفسد الصوم إذا وجد في جميعه،أفسده إذا وجد في بعضه كالجنون و الحيض.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في-الحسن-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّما غلب اللّه عليه،فليس على صاحبه شيء» (1).

و لأنّ سقوط القضاء يستلزم سقوط الأداء في الصوم،و الأوّل ثابت على ما يأتي،فيتحقّق الثاني.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ النيّة قد صحّت،و زوال الشعور بعد ذلك لا يمنع من صحّة الصوم كالنوم (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ النوم جبلّة و عادة،و لا يزيل العقل،و لهذا متى نبّه تنبّه، و الإغماء عارض يزيل العقل،فأشبه الجنون،فكان حكمه حكمه.

أمّا السكران فلا يسقط عنه الفرض؛لأنّه الجاني على نفسه،فلا يسقط بفعله فرض الصوم،و كذا النائم.

مسألة:المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم،و يصحّ منها إذا فعلت
اشارة

ما تفعله المستحاضة من الأغسال؛

لما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المستحاضة،قال:فقال:«تصوم شهر رمضان إلاّ الأيّام التي كانت تحيض فيهنّ ثمّ تقضيها بعده» (3).و قد بيّنّا ذلك في باب الحيض (4).

ص:207


1- 1التهذيب 4:245 الحديث 726،الوسائل 7:161 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:70،شرح فتح القدير 2:285.
3- 3) التهذيب 1:401 الحديث 1255 و ج 4:282 الحديث 854 و ص 310 الحديث 936،الوسائل 7: 164 الباب 27 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [2]
4- 4) يراجع:الجزء الثاني ص 343.

و لو أخلّت بالأغسال لم تعتدّ (1)بذلك الصوم و تقضيه؛لفوات شرطه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار،قال:كتبت إليه:

امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان،ثمّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين،هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟فكتبت:«تقضي صومها و لا تقضي صلاتها؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نسائه بذلك» (2).

قال الشيخ:إنّما لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أنّ عليها لكلّ صلاتين غسلا،أو لا تعلم ما يلزم المستحاضة،فأمّا مع العلم بذلك و الترك له على العمد يلزمها القضاء (3).

فروع:

إنّما يعتبر الغسل في صوم المستحاضة في حقّ من يجب عليها،أمّا من لا يجب،كالتي لا يظهر الدم على الكرسف،فإنّه لا يعتبر في صومها غسل و لا وضوء.

و أمّا كثيرة الدم التي يجب عليها غسل واحد،فإنّها إذا أخلّت به،بطل صومها.

و التي يجب عليها الأغسال الثلاثة لو أخلّت بأحد غسلي النهار فكذلك.

و لو أخلّت بالغسل الذي للعشاءين،فالأقرب صحّة صومها؛لأنّ ذلك الغسل إنّما يقع بعد انقضاء صوم ذلك اليوم.

ص:208


1- 1بعض النسخ:لم تنعقد،مكان:لم تعتدّ.
2- 2) التهذيب 4:310 الحديث 937،الوسائل 2:590 [1] الباب 41 من أبواب الحيض الحديث 7،و ج 7:45 الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1.
3- 3) التهذيب 4:311.
مسألة:و لا يصحّ الصوم الواجب من المسافر،إلاّ ما نستثنيه.

و به قال أهل الظاهر (1)،و أبو هريرة (2).

و قال أكثر الفقهاء:إنّه يصحّ (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس من البرّ الصيام في السفر» (4).

و عنه عليه السّلام:«أنّه قال:«الصائم في السفر كالمفطر في الحضر» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:

سمعته يقول:«إذا صام الرجل رمضان في السفر،لم يجزئه،و عليه الإعادة» (6).

و عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم في السفر في شهر رمضان و لا غيره» (7).و سيأتي البحث مع الفقهاء إن شاء اللّه تعالى.

ص:209


1- 1المحلّى 6:243،المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:20،المجموع 6:264،بداية المجتهد 1:295،تفسير القرطبيّ 2:280، [1]عمدة القارئ 11:43.
2- 2) المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19،المجموع 6:264،عمدة القارئ 11:43.
3- 3) المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19،تحفة الفقهاء 1:359،بداية المجتهد 1:295، المجموع 6:261،تفسير القرطبيّ 2:280، [2]عمدة القارئ 11:43.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:786 الحديث 1115،سنن أبي داود 2:317 الحديث 2407، [3]سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1664-1665،سنن الترمذيّ 3:90، [4]سنن النسائيّ 4:174، سنن الدارميّ 2:9، [5]مسند أحمد 3:319، [6]سنن البيهقيّ 4:242،كنز العمّال 8:503 الحديث 23843 و 23845،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:150 الحديث 11447 و ج 12:290 الحديث 13403 و ص 341 الحديث 13618،مجمع الزوائد 3:161.
5- 5) سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1666(بتفاوت)،سنن النسائيّ 4:183،سنن البيهقيّ 4:244.
6- 6) التهذيب 4:221 الحديث 645،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [7]
7- 7) التهذيب 4:235 الحديث 691،الاستبصار 2:102 الحديث 333،الوسائل 7:143 الباب 11 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [8]

و السفر الموجب للإفطار هو الموجب للتقصير في الصلاة بشرائطه،و قد بيّنّاها في كتاب الصلاة (1).

أمّا الندب ففي صحّته في السفر قولان:و الأقرب الكراهية.قال الشيخ في المبسوط:يكره صوم التطوّع في السفر،و روى جواز ذلك (2).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصيام بمكّة و المدينة و نحن في سفر،قال:«فريضة؟»فقلت:لا، و لكنّه تطوّع كما يتطوّع بالصلاة،فقال:«تقول اليوم و غدا؟»قلت:نعم،فقال:

«لا تصم» (3).

قال الشيخ:و لو خلّينا و ظاهر هذه الأخبار لقلنا:إنّ صوم التطوّع في السفر محظور،كما أنّ صوم الفريضة محظور،غير أنّه ورد فيه من الرخص ما نقلنا عن الحظر إلى الكراهة (4).

روى ذلك إسماعيل بن سهل (5)عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

خرج أبو عبد اللّه عليه السّلام من المدينة في أيّام بقين من (6)شعبان فكان يصوم،ثمّ

ص:210


1- 1يراجع:الجزء السادس:329.
2- 2) المبسوط 1:285. [1]
3- 3) التهذيب 4:235 الحديث 690،الاستبصار 2:102 الحديث 332،الوسائل 7:144 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2، [2]في الوسائل:« [3]أ فريضة...».
4- 4) التهذيب 4:236.
5- 5) إسماعيل بن سهل الدهقان-بكسر الدال المهملة و ضمّها-قال النجاشيّ:ضعّفه أصحابنا.و قد ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.قال السيّد الخوئيّ:هو متّحد مع إسماعيل بن سهل الكاتب و مع إسماعيل بن سهل بلا إضافة.و لكن قال في التنقيح- [4]بعد نقل قول الشيخ في حقّه-:و ظاهره أنّه معتمد عليه و أنّه غير الدهقان. رجال النجاشيّ:28،رجال العلاّمة:200، [5]تنقيح المقال 1:134، [6]معجم رجال الحديث 3:136. [7]
6- 6) ح بزيادة:شهر،كما في الوسائل. [8]

دخل عليه شهر رمضان و هو في السفر فأفطر،فقيل له:أ تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟!فقال:«نعم،شعبان إليّ إن شئت صمته،و إن شئت لا،و شهر رمضان عزم من اللّه عزّ و جلّ عليّ الإفطار» (1).

و عن الحسن بن بسّام الجمّال (2)،عن رجل قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فيما بين مكّة و المدينة في شعبان و هو صائم،ثمّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر،فقلت له:جعلت فداك،أمس كان من شعبان و كنت صائما،و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر،فقال:«إنّ ذلك تطوّع و لنا أن نفعل ما شئنا،و هذا فرض و ليس (3)لنا أن نفعل إلاّ ما أمرنا» (4).

قال الشيخ:هذان خبران مرسلان،فالعمل بما تقدّم أولى (5).

و قول الشيخ جيّد،و لعلّ احتجاج القائلين بالجواز هذان الحديثان و قد ضعّفهما الشيخ على ما يرى (6)،و التمسّك بالأصل و هو الإباحة ضعيف؛لأنّا قد بيّنّا وجود النهي عنهم (7)عليهم السلام عن ذلك،فلا أقلّ من الكراهة.

مسألة:و يصحّ الصوم الواجب سفرا في مواضع:

ص:211


1- 1التهذيب 4:236 الحديث 692،الاستبصار 2:102 الحديث 334،الوسائل 7:144 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [1]
2- 2) الحسن بن بسّام الجمّال:لم نعثر على ترجمته أكثر ممّا قال السيّد الخوئيّ في حقّه،قال:روى عن إسحاق بن عمّار الصيرفيّ،و روى عنه عليّ بن بلال في الكافي 5:318 الحديث 56،و [2]روى عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في التهذيب 4:236 الحديث 693.معجم رجال الحديث 4:298. [3]
3- 3) بعض النسخ:فليس،كما في التهذيب و الوسائل. [4]
4- 4) التهذيب 4:236 الحديث 693،الاستبصار 2:103 الحديث 335،الوسائل 7:145 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [5]
5- 5) الاستبصار 2:103.
6- 6) الاستبصار 2:103.
7- 7) بعض النسخ:منهم.

أحدها:من نذر صوم يوم معيّن،و شرط في نذره صومه سفرا و حضرا،فإنّه يجب عليه صومه و إن كان مسافرا،اختاره الشيخان (1)و أتباعهما (2)؛لعموم قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (3).و قوله تعالى: وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا (4).

و لأنّ الأصل صحّة النذر،و إذا صحّ لزم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل يجعل للّه عليه صوم يوم مسمّى،قال:«يصومه أبدا في السفر و الحضر» (5).

قال الشيخ:الوجه فيه[أنّه] (6)إذا شرط على نفسه أن يصوم في السفر و الحضر (7)؛لما رواه عليّ بن مهزيار قال:كتب بندار مولى إدريس:يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت،فإن أنا لم أصمه،ما يلزمني من الكفّارة؟فكتب و قرأته:«لا تتركه إلاّ من علّة،و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض،إلاّ أن تكون نويت ذلك،و إن كنت أفطرت منه من غير علّة فتصدّق بقدر كلّ يوم على سبعة مساكين،نسأل اللّه التوفيق لما يحبّ و يرضى» (8)و لا نعلم مخالفا لهما من

ص:212


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:284،و [1]النهاية:163،و [2]الجمل و العقود:319-320،و الاقتصاد:441،و الرسائل العشر:220-221. [3]
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:92،و ابن البرّاج في المهذّب 1:194،و سلاّر في المراسم:97،و ابن إدريس في السرائر:90.
3- 3) الإنسان(76):7. [4]
4- 4) البقرة(2):177. [5]
5- 5) التهذيب 4:235 الحديث 688،الاستبصار 2:101 الحديث 330،الوسائل 7:141 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [6]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 4:235،الاستبصار 2:101.
8- 8) التهذيب 4:235 الحديث 689،الاستبصار 2:102 الحديث 331،الوسائل 7:139 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [7]

علمائنا،فوجب المصير إليه.

و ثانيها:صوم ثلاثة أيّام لبدل دم المتعة؛لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (1)و سيأتي تحقيق ذلك إن شاء اللّه تعالى.

و ثالثها:صوم ثمانية عشر يوما لمن أفاض من عرفات عامدا عالما و عجز عن الفداء و هو البدنة و سيأتي.

و رابعها:إذا كان سفره أكثر من حضره،أو عزم على المقام عشرة أيّام،أو كان سفره معصية.و قد تقدّم بيان ذلك كلّه في كتاب الصلاة (2).

و لا يجوز الصوم واجبا لغير هؤلاء سفرا.و فيه قول للمفيد بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات (3)،و هو نادر و قد بيّنّا ضعفه (4).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن كرام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي جعلت على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم،فقال:«صم و لا تصم في السفر، و لا العيدين،و لا أيّام التشريق،و لا اليوم الذي تشكّ (5)فيه من شهر رمضان» (6).

و ما رواه عن عمّار الساباطيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقول:للّه عليّ أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقلّ،فعرض له أمر لا بدّ له أن يسافر،أ يصوم و هو مسافر؟قال:«إذا سافر فليفطر؛لأنّه لا يحلّ له الصوم في

ص:213


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) يراجع:الجزء السادس:346 و 356.
3- 3) ينظر:المقنعة:55. [2]
4- 4) يراجع:ص 209. [3]
5- 5) بعض النسخ:يشكّ،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 4:233 الحديث 683،الاستبصار 2:100 الحديث 325،الوسائل 7:141 [4] الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9،و ص 382 الباب 1 من أبواب الصوم المحرّم الحديث 1.في التهذيب و الاستبصار بزيادة:عجّل اللّه فرجه.

السفر،فريضة كان أو غيره،و الصوم في السفر معصية» (1)و هذا نصّ في الباب.

مسألة:و يستحبّ في السفر صوم ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة ندبا،

و هو مستثنى من الكراهية؛لضرورة السفر و المحافظة على الصوم في ذلك الموضع.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمت أوّل يوم الأربعاء، و تصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة،و هي الأسطوانة التي كان ربط [نفسه] (2)إليها حتّى نزل عذره من السماء،و تقعد عندها يوم الأربعاء،ثمّ تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلتك و يومك،و تصوم يوم الخميس،ثمّ تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مصلاّه ليلة الجمعة،فتصلّي عندها ليلتك و يومك،و تصوم يوم الجمعة،و إن استطعت أن لا تتكلّم بشيء في هذه الأيّام[فافعل] (3)إلاّ ما لا بدّ لك منه،و لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة،و لا تنام في ليل و لانهار فافعل،فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل، ثمّ احمد اللّه في يوم الجمعة و اثن عليه،و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سل حاجتك،و ليكن فيما تقول:اللهمّ ما كانت لى إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها و التماسها أو لم أشرع،سألتكها أو لم أسألكها،فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة صلّى اللّه عليه و آله في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها،فإنّك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء اللّه تعالى» (4).

ص:214


1- 1التهذيب 4:328 الحديث 1022،الوسائل 7:141 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 8. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:16 الحديث 35،الوسائل 7:143 [2] الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1 و ج 10:274 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 1.
مسألة:المريض لا يصحّ منه الصوم إذا كان مضرّا به؛

لأنّ الضرر منفيّ بقوله عليه السّلام:«لا ضرر و لا إضرار (1)في الإسلام» (2)فالمؤدّي إليه وجب أن لا يكون مشروعا.و لو تكلّف المريض الصوم حينئذ لم يصحّ؛لأنّه منهيّ عنه و النهي في العبادات يدلّ على فساد المنهيّ عنه.و لو لم يتضرّر بالصوم و قدر عليه،وجب عليه؛عملا بالعموم،و المرض ليس بمانع؛لأنّ التقدير ذلك،و المرجع في ذلك إلى الإنسان نفسه،و سيأتي تمام البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

ص:215


1- 1بعض النسخ:و لا ضرار.
2- 2) من طريق الخاصّة ينظر:الكافي 5:292 الحديث 2،الفقيه 3:147 الحديث 648 و ج 4:243 الحديث 777،التهذيب 7:146 الحديث 651،الوسائل 17:341 الباب 12 من أبواب إحياء الموات الحديث 3 و ص 376 الباب 1 من أبواب موانع الإرث الحديث 10. و من طريق العامّة ينظر:سنن الدارقطنيّ 3:77 الحديث 288 و ج 4:227،228 الحديث 83،84، مسند أحمد 1:313،مجمع الزوائد 4:110،فيض القدير 6:431 الحديث 9899.

البحث السادس

اشارة

في الزّمان الذي يصحّ صومه

مسألة:و إنّما يصحّ صوم النهار دون الليل.

و يدلّ عليه النصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1).و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

و لو نذر صومه لم ينعقد؛لأنّه ليس محلاّ له،فلم يكن الإمساك فيه عبادة مطلوبة للشرع فلا يصحّ نذره،و كذا لو نذر صوم النهار و الليل معا؛لأنّه لا يصحّ صومه بانفراده،فلا يصحّ منضما إلى غيره،و لا خلاف في هذا كلّه.

مسألة:و لا يصحّ يوم العيدين،و هو قول أهل العلم كافّة.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صوم هذين اليومين، أمّا يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم،و أمّا يوم الفطر ففطركم عن صيامكم (2).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام:يوم

ص:216


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:55،صحيح مسلم 2:799 الحديث 1137،سنن أبي داود 2:319 الحديث 2416، [2]سنن الترمذيّ 3:141 الحديث 771، [3]سنن ابن ماجة 1:549 الحديث 1722،الموطّأ 1:300 الحديث 36، [4]مسند أحمد 1:24 و 34، [5]سنن البيهقيّ 4:297.

الفطر،و يوم النحر،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال في حديث طويل ذكر فيه وجوه الصيام:«و أمّا الصوم الحرام، فصوم يوم الفطر،و يوم الأضحى» (2)الحديث.

و لا خلاف في تحريم صوم العيدين بين المسلمين كافّة.

مسألة:و لو نذر صوم يوم العيدين لم ينعقد نذره.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:صومه محرّم و لو نذره انعقد و لزمه أن يصوم غيره،و إن صام فيه عن نذر مطلق لم يجزئه (4).

لنا:أنّه محرّم شرعا،فلا يصحّ نذره،و لأنّه معصية،لأنّه منهيّ عنه؛لقوله عليه السّلام:«ألا لا تصوموا هذه الأيّام» (5)فلا يتقرّب بالنذر فيه إلى اللّه تعالى؛ لتضادّ الوجهين و استحالة اجتماعهما.

و لقوله عليه السّلام:«لا نذر في معصية» (6).

ص:217


1- 1سنن البيهقيّ 4:208(بتفاوت)،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6.
2- 2) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:131 الحديث 427،الوسائل 7:382 الباب 8 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [1]
3- 3) الأمّ 2:104،المجموع 6:440،مغني المحتاج 1:433.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:95،تحفة الفقهاء 1:345،بدائع الصنائع 2:79-80،الهداية للمرغينانيّ 1: 131،شرح فتح القدير 2:298،مجمع الأنهر 1:254،عمدة القارئ 11:109.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:187 الحديث 33.
6- 6) سنن أبي داود 3:232-233 الحديث 3290 و 3292،سنن الترمذيّ 4:103-104 الحديث 1524، 1525،سنن النسائيّ 7:26-30،مسند أحمد 4:443،سنن البيهقيّ 10:57،69 و 70،كنز العمّال 16:713 الحديث 46479،46482،46485 و 46487،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:174 الحديث 397 و ص 201 الأحاديث 487-490،مجمع الزوائد 4:187.

و لأنّه نذر صوما محرّما فكان النذر باطلا،كما لو نذرت أن تصوم أيّام حيضها أو ليلا.

و لأنّ ما لا يصحّ صومه عن النذر المطلق و الكفّارة لا يصحّ عن النذر المعيّن فيه،كأيّام الحيض و النفاس.

احتجّ:بأنّه نذر صوم يوم مع أهليّته للصوم فيه،فانعقد نذره كسائر الأيّام.و لأنّ الصوم المطلق عبادة فصحّ نذره،و التعيين باطل فيبقى المطلق منصرفا إلى غير المنهيّ عنه.و لأنّه نذر بصوم مشروع فيصحّ النذر به؛لقوله عليه السّلام:«من نذر و سمّى فعليه الوفاء بما سمّى» (1)و النهي غير متوجّه إلى الصوم؛لعدم قبوله قضيّة النهى؛لمشروعيّته،كالصلاة في الدار المغصوبة (2).

و الجواب:أنّ ما ذكره ليس بصحيح؛لأنّه نذر صوما محرّما فكان النذر باطلا، كما لو نذرت أن تصوم أيّام حيضها أو ليلا،و اليوم المذكور لا يقبل وقوع الصوم فيه،فلم يكن الناذر أهلا للصوم فيه،و المطلق لا تحقّق له إلاّ مع قيد التشخّص، فالناذر إن أطلقه تخيّر في جهات التشخيص،و إن عيّنه انصرف إلى المعيّن،فإن كان قابلا للصوم انعقد نذره،و إلاّ فقد صرف المطلق إلى ما لا يصحّ إيجاده فيه،فكان كما لو صرفه إلى الليل،و لا نسلّم أنّه نذر بصوم مشروع؛لأنّ التقدير تعيين (3)النذر بما لا يقبله.

و نقول أيضا:أنّ ما لا يصحّ صومه عن النذر المطلق و الكفّارة،لا يصحّ عن النذر المعيّن فيه،كزمان الحيض و النفاس،و يخالف سائر الأيّام؛لأنّ الصوم فيها غير محرّم،بخلاف مسألتنا.

ص:218


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:96،الهداية للمرغينانيّ 1:131،شرح فتح القدير 2:298.
3- 3) كثير من النسخ:تعيّن.
مسألة:و لا يصحّ صوم أيّام التشريق-

و هي:الحادي عشر من ذي الحجّة، و الثاني عشر و الثالث عشر-لمن كان بمنى خاصّة.و به قال أبو حنيفة (1).

و قال مالك:يجوز (2)،و للشافعيّ كالقولين (3)(4).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صيام ستّة أيّام:

يوم الفطر،و يوم النحر،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه أنّه من رمضان (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام:«و أمّا صوم الحرام:فصوم يوم الفطر،و يوم الأضحى،و ثلاثة أيّام التشريق» (6).

و عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصيام (7)أيّام التشريق،فقال:«أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا» (8).و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى في باب الحجّ.

و البحث فيما لو نذر صيامها و هو بمنى،كالبحث في نذر صوم العيدين.

مسألة:و لو نذر صوم يوم معيّن كالسبت مثلا دائما

أو واحدا أو زمان قدوم

ص:219


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:81،تحفة الفقهاء 1:343-345،بدائع الصنائع 2:78،الهداية للمرغينانيّ 1:131،شرح فتح القدير 2:303،مجمع الأنهر 1:254.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:215،بداية المجتهد 1:309.
3- 3) ش و ح:قولان،مكان:كالقولين.
4- 4) حلية العلماء 3:214،المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:443،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 410-411،مغني المحتاج 1:433،السراج الوهّاج:141-142.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:208(بتفاوت)،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6.
6- 6) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:131 الحديث 427،الوسائل 7:382 الباب 8 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [1]
7- 7) أكثر النسخ:عن الصائم.
8- 8) التهذيب 4:297 الحديث 897،الاستبصار 2:132 الحديث 429،الوسائل 7:385 الباب 2 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [2]

زيد،فاتّفق أحد هذه الأيّام لم يجز صومها أيضا؛للنهي،فلا ينعقد صومه بالجهل.

و لأنّه لا يصحّ صومه مع النذر و العلم،فلا يصحّ مع الجهل؛لرجوع الفساد إلى إيقاع الصوم في الأيّام،لا إلى العلم و الجهل.

و هل يقضي صومه أم لا؟فيه قولان (1)،و سيأتي البحث عن ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا يصحّ صوم يوم الشكّ على أنّه من رمضان.و قد مضي البحث

فيه ،

(2)

و سيأتي تمامه إن شاء اللّه تعالى.

ص:220


1- 1القول الأوّل:عليه القضاء،يراجع:النهاية:163،و القول الثاني:لا قضاء عليه،يراجع:الكافي في الفقه:185. [1]
2- 2) يراجع:ص 44. [2]

البحث السابع

اشارة

في صوم رمضان

و النظر في أمور ثلاثة:

الأوّل:في علامته
مسألة:يعلم الشهر برؤية الهلال،فمن رآه وجب عليه صومه،

و لا نعلم خلافا في أنّ رؤية الهلال للزائد على الواحد سبب في وجوب الصوم،و علامة في شهر رمضان.قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الْحَجِّ (1).

و هذا يدلّ على أنّه تعالى اعتبر الأهلّة في تعرّف أوقات الحجّ و غيره ممّا يعتبر فيه الوقت.

و أيضا:فقد أجمع المسلمون منذ زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله (2)،إلى زماننا هذا على اعتبار الهلال و الترائي له،و التصدّي لإبصاره،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتصدّى لرؤيته و يتولاّها،و يلتمس الهلال (3).

و قد شرع عليه السّلام قبول الشهادة عليه (4)،و الحكم في من شهد بذلك في

ص:221


1- 1البقرة(2):189. [1]
2- 2) ف،ك و ق:عليه السّلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) سنن أبي داود 2:298 الحديث 2325،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 4،المجموع 6:269.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:74 الحديث 691،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 1 و 3 و ص 158،159 الحديث 7-14،سنن الدارميّ 2:4-5،سنن البيهقيّ 4:249.

مصر من الأمصار،و من جاء بالخبر به عن (1)خارج المصر،و حكم المخبر به في الصحّة و سلامة الجوّ من الغيم و شبهه،و خبر من شهد برؤيته مع العوارض.

و ذلك يدلّ على أنّ رؤية الهلال أصل من أصول الدين معلوم ضرورة في شرع الرسول صلّى اللّه عليه و آله (2)،و الأخبار تواترت بذلك،و لا نعلم فيه خلافا.

و قد روى الشيخ عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الأهلّة، فقال:«هي أهلّة الشهور،فإذا رأيت الهلال فصم،و إذا رأيته فأفطر» (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«صم لرؤية الهلال،و أفطر لرؤيته» (4).

و عن الفضيل بن عثمان (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«ليس على

ص:222


1- 1ك و ش:من.
2- 2) ف،ك و ق:عليه السّلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) التهذيب 4:156 الحديث 434،الاستبصار 2:63 الحديث 204،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [1]
4- 4) التهذيب 4:157 الحديث 436،الاستبصار 2:63 الحديث 205،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [2]
5- 5) م،ص و ح:الفضل.الفضيل بن عثمان:عنونه النجاشيّ بعنوان:الفضل بن عثمان المراديّ الصائغ الأنباريّ،و قال:ثقة ثقة،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و قال الشيخ في الفهرست:فضيل الأعور له كتاب،ثمّ قال:فضيل بن عثمان الصيرفيّ له كتاب و أظنّ أنّهما واحد.و عنونه في رجاله في أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان فضيل بن عثمان الأعور المراديّ كوفيّ،و في أصحاب الصادق عليه السّلام تارة: الفضل و يقال:الفضيل بن عثمان المراديّ كوفيّ أبو محمّد الصائغ،و أخرى:الفضيل بن عثمان المراديّ و يقال:الفضل الأعور الصائغ الأنباريّ.و قال المامقانيّ في ذيل ترجمة الفضيل بن عثمان الصيرفيّ:قد تبيّن لك من جميع ما ذكر أنّ الفضل بن عثمان المراديّ الصائغ الأنباريّ أبا محمّد الأعور،و الفضيل بن عثمان الأعور المراديّ،و الفضيل الأعور،و الفضيل بن عثمان الصيرفيّ شخص واحد له عناوين مختلفة فيكون بعناوينه كلّها ثقة. رجال النجاشيّ:308،الفهرست:126، [3]رجال الطوسيّ:132،270 و 272،تنقيح المقال 2: باب الفاء:14. [4]

أهل القبلة إلاّ الرؤية و ليس على المسلمين إلاّ الرؤية» (1).و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و لو انفرد واحد بالرؤية وجب عليه الصيام،عدلا كان أو غير عدل،
اشارة

شهد عند الحاكم أو لم يشهد،قبلت شهادته أو ردّت.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (2)،و الليث (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي (5)،و ابن المنذر (6).

و قال عطاء،و الحسن،و ابن سيرين،و إسحاق:لا يصوم إلاّ في جماعة الناس (7).و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته» (9)و تكليف الرسول صلّى اللّه عليه و آله كما يتناول الواحد يتناول

ص:223


1- 1التهذيب 4:158 الحديث 442،الاستبصار 2:64 الحديث 209،الوسائل 7:184 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 12. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:193،بداية المجتهد 1:285،إرشاد السالك:48،بلغة السالك 1:241،المغني 3: 96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
3- 3) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،المجموع 6:280.
4- 4) الأمّ 2:94،95،حلية العلماء 3:183،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:280،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،مغني المحتاج 1:421،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،المغني 3:96، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:11. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:64،تحفة الفقهاء 1:345-346،بدائع الصنائع 2:80،الهداية للمرغينانيّ 1: 120،شرح فتح القدير 2:248،مجمع الأنهر 1:238.
6- 6) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
7- 7) حلية العلماء 3:183،المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الميزان الكبرى 2:21، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،المجموع 6:280.
8- 8) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:277.
9- 9) صحيح البخاريّ 3:34،35،صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080،سنن الترمذيّ 3:72 الحديث 688، [4]سنن النسائيّ 4:133،135 و 136،سنن الدارميّ 2:3، [5]مسند أحمد 1:226،258 و ج 2: 422،438،454،456 و 469 و [6]ج 4:321،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 7 و ص 159 الحديث 15 و ص 160 الحديث 20 و ص 162 الحديث 28 و ص 163 الحديث 33،سنن البيهقيّ 4:206،كنز العمّال 8:489-492 الحديث 23769،23770،23772،23774،و 23780،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:228 الحديث 11755-11757،مجمع الزوائد 3:145.

الجمع (1)و بالعكس،إلاّ أن يثبت المخصّص.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأهلّة،فقال:«هي أهلّة الشهور،فإذا رأيت الهلال فصم،و إذا رأيته فأفطر» (2).

و لأنّه يتيقّن أنّه من رمضان،فلزمه صومه،كما لو حكم به الحاكم.

و لأنّ الرؤية أبلغ في باب العلم من الشاهدين و أكثر؛لاحتمال الخطأ و تطرّق الكذب إلى الشهود و الاشتباه عليهم،فإذا تعلّق حكم الوجوب بأضعف الطريقين، فالأقوى أولى.

احتجّوا:بأنّه يوم محكوم به من شعبان،فلم يلزمه صومه عن رمضان،كما قبل ذلك (3).

و الجواب:أنّ هذا محكوم به من شعبان ظاهرا في حقّ غيره،فأمّا في الباطن فهو يعلم أنّه عن رمضان،فلزمه صيامه.

فرع:

لو أفطر في هذا اليوم بالجماع أو غيره وجبت عليه الكفّارة.ذهب إليه علماؤنا، و به قال الشافعيّ (4).

ص:224


1- 1غ و خا:الجميع.
2- 2) التهذيب 4:163 الحديث 459،الوسائل 7:193 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 19. [1]
3- 3) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
4- 4) المجموع 6:280 و 337.

و قال أبو حنيفة:لا تجب الكفّارة (1).

لنا:أنّه يوم لزمه صومه من رمضان،فوجبت عليه الكفّارة بالجماع فيه،كغيره من الأيّام،و كما لو قبلت شهادته.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها عقوبة،فلا تجب بفعل مختلف فيه كالحدّ.و لأنّه لا يجب على الجميع،فأشبه زمان القضاء (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الكفّارة عقوبة.سلّمنا،لكن ينتقض بوجوب الكفّارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه،و لأنّها تجب في المال، فهي آكد من الحدّ.

و عن الثاني:بأنّ الوجوب على الجميع لا اعتبار به،و قد وجب عليه،و كذا إذا ثبت بالبيّنة،فإنّه لا يجب على الحائض و لا المسافر و لا المريض،و مع ذلك تجب الكفّارة لو أفطر.

مسألة:و لو لم يره؛لعدم تطلّبه،أو لعدم الحاسّة،أو لغير ذلك من الأسباب

اعتبر بالشهادة.

و قد أجمع المسلمون كافّة على اعتبار الشهادة في رؤية الهلال،و أنّها علامة لشهر رمضان،و إنّما الخلاف وقع في عدد الشهود،فالذي اختاره سلاّر من علمائنا قبول شهادة الواحد في أوّله،و أنّ الصوم يجب بها (3).و هو أحد قولي الشافعيّ (4)،

ص:225


1- 1تحفة الفقهاء 1:346،بدائع الصنائع 2:80،الهداية للمرغينانيّ 1:120،شرح فتح القدير 2:249، مجمع الأنهر 1:238.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:64،شرح فتح القدير 2:249.
3- 3) المراسم:96.
4- 4) الأمّ 2:94،حلية العلماء 3:181،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:282،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،مغني المحتاج 1:420،السراج الوهّاج:136.

و إحدى الروايتين عن أحمد (1)،و هو اختيار ابن المبارك (2).

و ذهب المفيد (3)،و السيّد المرتضى-رحمه اللّه-إلى أنّه لا يقبل إلاّ شاهدان عدلان صحوا و غيما (4).و به قال ابن إدريس (5)،و أكثر علمائنا (6)،و هو القول الآخر للشافعيّ (7)،و به قال مالك (8)،و الليث بن سعد،و الأوزاعيّ و إسحاق (9).

و قال الشيخ:إن كان في السماء علّة و شهد عدلان من البلد أو خارجه برؤيته، وجب الصوم،و إن لم يكن هناك علّة لم يقبل إلاّ شهادة القسامة خمسين رجلا من البلد أو خارجه،هذا اختياره في المبسوط (10).

و قال في النهاية:فإن كان في السماء علّة و لم يره جميع أهل البلد و رآه خمسون نفسا،وجب الصوم،و لا يجب الصوم إذا رآه واحد أو اثنان،بل يلزم فرضه لمن رآه حسب،و ليس على غيره شيء.و متى كان في السماء علّة

ص:226


1- 1المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،الكافي لابن قدامة 1:467،الإنصاف 3: 273،274.
2- 2) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،المجموع 6:282.
3- 3) المقنعة:48.
4- 4) جمل العلم و العمل:89.
5- 5) السرائر:86.
6- 6) منهم:الشيخ الصدوق في المقنع:58،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:267،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:181،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:199-200.
7- 7) الأمّ 2:94،حلية العلماء 3:181،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:275 و 277،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،السراج الوهّاج:136.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:194،بداية المجتهد 1:286،مقدّمات ابن رشد 1:187،بلغة السالك 1:240، إرشاد السالك:48،المغني 3:97.
9- 9) حلية العلماء 3:181،المغني 3:97،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،المجموع 6:282.
10- 10) المبسوط 1:267. [1]

و لم ير في البلد الهلال و رآه خارج البلد شاهدان عدلان،وجب أيضا الصوم.

و إن لم يكن في السماء علّة،و طلب فلم ير،لم يجب الصوم إلاّ أن يشهد خمسون نفسا من خارج البلد أنّهم رأوه (1).

و قال أبو حنيفة:لا يقبل في الصحو إلاّ الاستفاضة،و في الغيم في هلال شهر رمضان يقبل واحد،و في غيره لا يقبل إلاّ اثنان (2).و الأقرب (3)خيرة المفيد.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب (4)قال:صحبنا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تعلّمنا منهم،و إنّهم حدّثونا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين،فإن شهد ذوا عدل،فصوموا و أفطروا و انسكوا» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال عليّ عليه السّلام:لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلاّ شهادة رجلين عدلين» (6).

ص:227


1- 1النهاية:150. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:139،بدائع الصنائع 2:80-81،الهداية للمرغينانيّ 1:121،شرح فتح القدير 2:251،مجمع الأنهر 1:235-237،المغني 3:97،المجموع 6:282،فتح العزيز بهامش المجموع 6:258.
3- 3) ح بزيادة:عندي.
4- 4) عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب العدويّ،و هو ابن أخي عمر بن الخطّاب ولد في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و له ستّ سنين،ولاّه يزيد بن معاوية مكّة سنة ثلاث و ستّين،روى عن أبيه و عمّه عمرو بن مسعود و رجال من الصحابة،و روى عنه ابنه عبد الحميد، و أبو القاسم حسين بن حريث الجدليّ،و سالم بن عبد اللّه بن عمر و غيرهم. أسد الغابة 3:295، [2]تهذيب التهذيب 6:179. [3]
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:167 الحديث 3.و بتفاوت ينظر.سنن النسائيّ 4:132.و أورده ابن قدامة في المغني 3:97. [4]
6- 6) التهذيب 4:180 الحديث 498،الوسائل 7:208 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [5]

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ عليّا عليه السّلام قال:لا أجيز في رؤية الهلال إلاّ شهادة رجلين» (1).

و عن يعقوب بن شعيب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السّلام قال:لا أجيز في الطلاق و لا في الهلال إلاّ رجلين» (2).

و عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته،فإن شهد عندك شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه» (3).

و في الحسن عن شعيب (4)،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان،فقال:«لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر»و قال:«لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي أهل الأمصار،فإن فعلوا فصمه» (5).

و لأنّها عبادة فاعتبر عددها بأعمّ الشهادات وقوعا اعتبارا بالأعمّ الأغلب.

و لأنّها شهادة في هلال،فأشبهت شوّالا و غيره من الشهور.

احتجّ سلاّر:بما رواه محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين،

ص:228


1- 1التهذيب 4:180 الحديث 499،الوسائل 7:208 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 4:316 الحديث 962،الوسائل 7:209 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 4:157 الحديث 436،الاستبصار 2:63 الحديث 205،الوسائل 7:208 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [3]
4- 4) شعيب بن يعقوب العقرقوفيّ أبو يعقوب ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم،وثّقه النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام،و قال في الفهرست:له أصل.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة عين. رجال النجاشيّ:195،رجال الطوسيّ:217 و 352،الفهرست:82، [4]رجال العلاّمة:86. [5]
5- 5) التهذيب 4:157 الحديث 438،الوسائل 7:211 الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [6]

و إن لم تروا الهلال إلاّ من وسط النهار[أو آخره] (1)فأتمّوا الصيام إلى الليل،و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» (2).

و لأنّ الاحتياط للعبادة يقتضي قبول الواحد.

و احتجّ الشافعيّ (3):بما رواه ابن عبّاس قال:جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الحرّة (4)فقال:إنّي رأيت الهلال فقال:«أتشهد أن لا إله إلاّ اللّه؟»قال:نعم،قال:«أتشهد أنّ محمّدا رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله؟-«قال:

نعم،قال:«يا بلال أذّن في الناس فليصوموا غدا» (5).

و روى ابن عمر قال:تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّي رأيته،فصام و أمر الناس بالصيام (6).و لأنّه لا تهمة فيه؛لأنّه يشترك فيه المخبر و المخبّر في الوجوب،فقبل من الواحد كالخبر عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله (7).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا يجوز أن ينظر الجماعة إلى مطلع الهلال،مع صحّة

ص:229


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) الفقيه 2:77 الحديث 337،التهذيب 4:158 الحديث 440 و ص 177 الحديث 491،الاستبصار 2: 64 الحديث 207،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:282، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:250، [3]مغني المحتاج 1:420.
4- 4) ف،م و ح:من الحيرة.
5- 5) سنن أبي داود 2:302 الحديث 2340، [4]سنن الترمذيّ 3:74 الحديث 691،سنن ابن ماجة 1:529 الحديث 1652،سنن النسائيّ 4:132،سنن الدارميّ 2:5، [5]المستدرك للحاكم 1:424،سنن الدارقطنيّ 2:158 الحديث 8،9،سنن البيهقيّ 4:211.
6- 6) سنن أبي داود 2:302 الحديث 2342، [6]سنن الدارميّ 2:4، [7]المستدرك للحاكم 1:423،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 1.
7- 7) غ،ف،ك و م:عليه السّلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.

الحاسّة و ارتفاع الموانع،فيختصّ واحد برؤيته (1).

و احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-بما رواه القاسم بن عروة عن أبي العباس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصوم للرؤية و الفطر للرؤية،و ليس الرؤية أن يراه واحد و لا اثنان و لا خمسون» (2).

و عن حبيب الخزاعيّ (3)قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا تجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة،و إنّما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر،و كان بالمصر علّة،فأخبرا أنّهما رأياه،و أخبرا عن قوم صاموا للرؤية» (4).

و عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزّاز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

قلت له:كم يجزئ في رؤية الهلال؟فقال:«إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض اللّه، فلا تؤدّوا بالتظنّي،و ليس رؤية الهلال أن تقوم عدّة فيقول واحد:قد رأيته؛و يقول الآخرون:لم نره،إذا رآه واحد رآه مائة،و إذا رآه مائة رآه ألف،و لا يجزئ في

ص:230


1- 1بدائع الصنائع 2:81،الهداية للمرغينانيّ 1:121،شرح فتح القدير 2:251،مجمع الأنهر 1:236.
2- 2) التهذيب 4:156 الحديث 431،الاستبصار 2:63 الحديث 201،الوسائل 7:210 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 12. [1]
3- 3) أكثر النسخ:الجماعيّ،حبيب الخزاعيّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في الاستبصار في باب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال،عن يونس بن عبد الرحمن عنه. و قال الأردبيليّ:روى هذا الخبر بعينه يونس بن عبد الرحمن في نسخة من التهذيب عن حبيب الجماعيّ.و نقل المامقانيّ عن المفيد أنّه من الفقهاء و الرؤساء الأعلام.و نقل عن المولى الوحيد احتمال كون الجماعيّ تصحيف الخثعميّ،ثمّ ردّه بعدم وجود لفظ الجماعيّ في عبارة المفيد.و السيّد الخوئيّ عنونه بعنوان الحارث(حبيب)الجماعيّ،و حبيب الجماعيّ،و حبيب الخزاعيّ.و لم نعثر على من عنونه بعنوان الحارث و اللّه العالم. تنقيح المقال 1:251،252، [2]جامع الرواة 1:178، [3]معجم رجال الحديث 4:214 و 233. [4]
4- 4) التهذيب 4:159 الحديث 448،الاستبصار 2:74 الحديث 227،الوسائل 7:210 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 13. [5]

رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علّة أقلّ من شهادة خمسين،و إذا كانت في السماء علّة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر» (1).

و عن عبد اللّه بن بكير بن أعين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صم للرؤية و أفطر للرؤية،و ليس رؤية الهلال أن يجيء الرجل و الرجلان فيقولان:رأيناه،إنّما الرؤية أن يقول القائل:رأيت،فيقول القوم صدق» (2).

و لأنّه مع انتفاء العلّة يبعد اختصاص الواحد و الاثنين بالرؤية مع اشتراكهم في صحّة الحاسّة،فلم يكن قولهما مؤثّرا،أمّا إذا وجدت العلّة،فإنّه يحتمل اختلاف أحوال الأبصار في الحدّة و الضعف،فيرى بعضهم دون بعض.

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على محلّ النزاع؛إذ البحث في رؤية الهلال للصوم في أوّل رمضان،لا آخره.

و عن الثاني:أنّ الاحتياط ليس بدليل موجب،و لأنّه ينافي الاحتياط؛ لحصول الإفطار في آخره بقول الواحد.

و عن الثالث:بأنّ حكمه عليه السّلام بالصوم عند شهادة الواحد لا يقتضي استناد الإيجاب إليها؛لأنّه حكاية حال،فلعلّه عليه السّلام عرف ذلك (3)من غيرها،أو بالرؤية.

لا يقال:الأصل عدم ذلك.لأنّا نقول:هذا لا يفيد اليقين (4)،فلا يعارض ما ثبت من شرعه عليه السّلام بالحكم بالشاهدين،و أنّ العمل بالشاهد الواحد مناف

ص:231


1- 1التهذيب 4:160 الحديث 451،الوسائل 7:209 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 4:164 الحديث 464،الوسائل 7:210 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 14. [2]
3- 3) ح بزيادة:اليوم.
4- 4) غ،ف و ق:التعيّن.ص،ش،خا و ح:التعيين.

لما ثبت من تشريعه عليه السّلام،فيكون الاحتمال الذي ذكرناه أرجح من هذا الأصل.

و عن الرابع:بالفرق بين الخبر و الشهادة،فإنّه اشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية؛لعظم خطرها.

و عن الخامس:بجواز الاختلاف في الرؤية؛لبعد المرئيّ و لطافته،و قوّة الحاسّة و ضعفها،و التفطّن للرؤية و عدمه،و اختلاف مواضع نظرهم.

و لأنّه ينتقض بما لو حكم برؤيته حاكم بشهادة الواحد أو الاثنين،فإنّه يجوز، و لو امتنع لما (1)قالوه،لم ينفذ فيه حكم الحاكم.

و عن الأحاديث التي أوردها الشيخ (2):بالمنع من صحّة سندها،و احتمال الخطأ في الناظرين.

و بالجملة،فإنّ قول الخمسين قد لا يفيد اليقين،بل الظنّ،و هو حاصل بشهادة العدلين،على أنّ المشهور بين العلماء من الفرقة و غيرهم العمل بقول الشاهدين، فكان المصير إليه متعيّنا.

مسألة:و لا تقبل شهادة النساء في ذلك،خلافا للجمهور.
اشارة

لنا:الأصل براءة الذمّة و عدم التكليف بالصوم عند شهادتهنّ،و ما تقدّم في الحديث عن عليّ عليه السّلام (3).و لأنّ الصيام من الفروض المتأكّدة،فجاز أن لا تقبل فيه شهادة النساء؛لمكان الغلط.

فروع:
الأوّل:لا يقبل في شهادة الإفطار إلاّ شاهدين.و هو قول عامّة الفقهاء.

و قال

ص:232


1- 1م،ش و ك:بما.
2- 2) يراجع:ص 230،231.
3- 3) يراجع:ص 227.

أبو ثور:يقبل واحد (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن طاوس،قال:شهدت المدينة و بها ابن عمر و ابن عبّاس،فجاء رجل إلى واليها،فشهد عنده على[رؤية الهلال] (2)هلال رمضان،فسأل ابن عمر و ابن عبّاس عن شهادته،فأمراه أن يجيزه و قالا:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أجاز شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان، قالا:و كان لا يجيز على شهادة الإفطار إلاّ شهادة رجلين (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث و الأدلّة (4).

احتجّ أبو ثور:بأنّه خبر بما يستوي فيه المخبر و المخبر،فأشبه أخبار الديانات (5).

و الجواب:المنع من كونه خبرا،و لهذا لا يقبل فيه:فلان عن فلان،فافترقا.

الثاني:إذا قلنا:يقبل الواحد فهل يقبل العبد أم لا؟فيه تردّد.

يأتي في باب الشهادة،و للشافعيّة قولان (6).

الثالث:إذا قلنا بقبول الواحد،فشهد على رؤية رمضان،فصاموا ثلاثين،

ثمّ غمّ عليهم الهلال فالوجه الإفطار.و هو قول أبي حنيفة (7)،و أحد قولي الشافعيّ،

ص:233


1- 1حلية العلماء 3:182،المغني 3:98،الشرح الكبير بهامش المغني 3:10،المجموع 6:281،فتح العزيز بهامش المجموع 6:268،عمدة القارئ 10:281.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:212.
4- 4) يراجع:ص 227،228.
5- 5) المغني 3:98،الشرح الكبير بهامش المغني 3:10.
6- 6) حلية العلماء 3:182،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:277،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 253-255.
7- 7) حلية العلماء 3:182،المغني 3:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:10.

و الآخر:لا يفطرون (1)،و هو قول محمّد بن الحسن (2).

لنا:أنّ الصوم ثبت شرعا بشهادة الواحد،فيثبت الإفطار باستكمال العدّة، و لا يكون إفطار بالشهادة،كما أنّ النسب لا يثبت بشهادة النساء،و تثبت[بهنّ] (3)الولادة،فيثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة.

احتجّ المخالف:بأنّه يكون فطرا بشهادة واحد (4).و جوابه تقدّم (5).

الرابع:لو شهد عدلان برؤية أوّله،فصام الناس بشهادتهما،

فلمّا استكملوا ثلاثين لم ير الهلال مع الصحو،لزم الفطر.و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:

لا يفطرون (6).

لنا:أنّ شهادة الاثنين ثبت بها الهلال و الصوم،فيثبت بها (7)الفطر.و لأنّا قد بيّنّا (8)أنّ الشهادة تقبل مع الصحو و وافقنا على ذلك،فلو شهد شاهدان برؤيته،جاز الفطر،فكذلك إذا بنى على شهادتهما.

احتجّ:بأنّ عدم الرؤية مع الصحو يقين،و الحكم بالشاهدين ظنّ،و اليقين مقدّم (9).

ص:234


1- 1حلية العلماء 3:182،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:278،فتح العزيز بهامش المجموع 6:258.
2- 2) بدائع الصنائع 2:82،الهداية للمرغينانيّ 1:121،شرح فتح القدير 2:251،مجمع الأنهر 1:238.
3- 3) في النسخ:بهم،و الأنسب ما أثبتناه.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:179،المبسوط للسرخسيّ 3:139-140،بدائع الصنائع 2:82،الهداية للمرغينانيّ 1:121،شرح فتح القدير 2:251.
5- 5) ق و خا:و جوابه ما تقدّم.
6- 6) حلية العلماء 3:182،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:279،فتح العزيز بهامش المجموع 6:261.
7- 7) أكثر النسخ:بهما.
8- 8) يراجع:ص 226.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:279.

و الجواب:المنع في المقدّمتين معا.

مسألة:و لو انفرد برؤية هلال شوّال وحده،أفطر و لم يجز له الصوم.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1).

و قال أحمد:لا يفطر إذا رآه وحده (2)،و هو مرويّ عن مالك (3)، و الليث بن سعد (4).

لنا:ما تقدّم من قوله عليه السّلام:«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته» (5).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره،له أن يصوم؟قال:«إذا لم يشكّ فيه فليطعم (6)،و إلاّ فليصم مع الناس» (7).

و لأنّه يتيقّن أنّه من شوّال،فجاز الإفطار،كما لو قامت البيّنة،بل هو أبلغ؛ لحصول اليقين بالرؤية دون الشهادة.

احتجّ المخالف (8):بما رواه أبو رجاء (9)عن أبي قلابة أنّ رجلين قدما المدينة.

ص:235


1- 1الأمّ 2:95،حلية العلماء 3:183،المجموع 6:280.
2- 2) المغني 3:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الكافي لابن قدامة 1:469،الإنصاف 3:278،زاد المستقنع:28.
3- 3) الموطّأ 1:287،بداية المجتهد 1:285،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:156،المجموع 6:280، [1]المغني 3:100،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
4- 4) المغني 3:100، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:11، [3]المجموع 6:280. [4]
5- 5) يراجع:ص 223. [5]
6- 6) في التهذيب:فليصم،و في الوسائل: [6]فليفطر.مكان:فليطعم.
7- 7) التهذيب 4:317 الحديث 964،الوسائل 7:188 الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [7]
8- 8) المغني 3:100،الشرح الكبير [8]بهامش المغني 3:11.
9- 9) أبو رجاء،سلمان مولى أبي قلابة الجرميّ البصريّ،روى عن مولاه و عمر بن عبد العزيز،و روى عنه أيّوب و حجّاج الصوّاف و ابن عون و حميد الطويل.تهذيب التهذيب 4:140، [9]رجال صحيح مسلم 1: 275،الجمع بين رجال الصحيحين 1:194.

و قد رأينا الهلال،و قد أصبح الناس صياما فأتيا عمر،فذكرا ذلك له،فقال لأحدهما:أ صائم أنت؟قال:بل مفطر،قال:ما حملك على هذا؟قال:لم أكن لأصوم و قد رأيت الهلال.و قال الآخر:أنا صائم،قال:ما حملك على هذا؟قال:

لم أكن لأفطر و الناس صيام،فقال للذي أفطر:لو لا مكان هذا لأوجعت رأسك،ثمّ نودي في الناس أن اخرجوا (1).و إنّما أراد ضربه؛لإفطاره برؤيته،و دفع عنه الضرب؛لكمال الشهادة به و بصاحبه،و لو جاز له الفطر لما أنكر عليه و لا توعّده.

و لأنّه يوم محكوم به من رمضان،فلم يجز الفطر فيه،كاليوم الذي قبله.

و الجواب عن الأوّل:-بعد سلامة السند عن الطعن-أنّه مستند إلى صحابيّ، فلا يكون حجّة ما لم يسنده (2)إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله.و أيضا:فيحتمل أنّه شهد واحد في البلد بالرؤية،و انضمّ إليه شهادة الثاني و كان عمر متّهما للآخر في شهادته،أو كان عمر يعمل بشهادة الواحد في الإفطار.

و عن الثاني:أنّا نمنع أنّه محكوم عليه بأنّه من رمضان في نفس الأمر بل ظاهرا،أمّا عند من رأى الهلال فلا.

و كذا حكم الفاسق و المرأة و العبد و من لا تقبل شهادته.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«الفطر يوم يفطر الناس،و الأضحى يوم يضحّي الناس،و الصوم يوم يصوم الناس» (3).

لأنّا نقول:إنّه عليه السّلام أجابه عقيب شكّه؛لأنّ أبا الجارود قال:شككنا في الأضحى فدخلنا على أبي جعفر عليه السّلام،و حكى الحديث،فلا يتناول صورة

ص:236


1- 1المغني 3:100،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الكافي لابن قدامة 1:469.
2- 2) ق و خا:يستنده.
3- 3) التهذيب 4:317 الحديث 966،الوسائل 7:95 الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [1]

النزاع،و حكم عليه السّلام بذلك؛لأنّه خرج مخرج الأغلب،أو لأنّه حكم الشاكّ، و كلاهما مناسب،فيحمل عليه.

فرع :

(1)

لا يقبل فيه شهادة رجل و امرأتين،و لا شهادة النساء منفردات و إن كثرن،و كذا غير شوّال من الشهور إجماعا؛لأنّه ممّا يطّلع عليه الرجال،و ليس بمال و لا المقصود منه المال فأشبه القصاص.

و خالف الجمهور في رمضان؛للاحتياط للعبادة (2)و هو ضعيف.

آخر:لو رآه اثنان و لم يشهدا عند الحاكم،جاز لمن سمع شهادتهما الإفطار، و كذا الصيام إذا عرف العدالة؛لقوله عليه السّلام:«إذا شهد اثنان فصوموا و أفطروا» (3).

و لو شهدا فردّ الحاكم شهادتهما؛لعدم معرفته بهما،جاز الإفطار أيضا و يجوز لكلّ منهما (4)أن يفطر عندنا و عند أحمد بشرط أن يعرف عدالة صاحبه (5).

مسألة:و لو رؤي في البلد رؤية شائعة،و ذاع بين الناس الهلال،وجب الصيام

بلا خلاف؛

لأنّه نوع تواتر يفيد العلم.

أمّا لو لم ير أصلا و غمّ على الناس،أكملت عدّة شعبان ثلاثين يوما.و به قال

ص:237


1- 1بعض النسخ:مسألة.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:139،المغني 3:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:10،المجموع 6:281.
3- 3) سنن النسائيّ 4:132-133،مسند أحمد 4:321 فيهما:«إذا شهد شاهدان»،المغني 3:100،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12.
4- 4) ح:لكلّ واحد منهما.
5- 5) المغني 3:100،101،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12،الإنصاف 3:279.

الشافعيّ (1)،ثمّ صاموا وجوبا من رمضان.

روى الجمهور عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،يتحفّظ من هلال شعبان ما لا يتحفّظ من غيره،ثمّ يصوم رمضان لرؤيته،فان غمّ عليه عدّ ثلاثين يوما،ثمّ صام (2).

و عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته،فإنّ غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان،فقال:«لا تصم إلاّ أن تراه،فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» (4).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«في كتاب عليّ عليه السّلام:صم لرؤيته و أفطر لرؤيته،و إيّاك و الشكّ و الظنّ،فإن خفي عليكم فأتمّوا الشهر الأوّل ثلاثين» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا رأيتم الهلال فصوموا،و إذا رأيتموه فأفطروا،و ليس بالرأي و لا بالتظنّي،و لكن

ص:238


1- 1حلية العلماء 3:178،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:269،270، [1]السراج الوهّاج:136.
2- 2) سنن أبي داود 2:298 الحديث 3325،مسند أحمد 6:149، [2]المستدرك للحاكم 1:423،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:206.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:34-35،صحيح مسلم 2:762 الحديث 1081،سنن الترمذيّ 3:68 الحديث 684، [3]سنن ابن ماجة 1:530 الحديث 1655،سنن النسائيّ 4:133،سنن الدارقطنيّ 2:159 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:205،206.
4- 4) التهذيب 4:157 الحديث 439،الاستبصار 2:64 الحديث 206،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 9. [4]
5- 5) التهذيب 4:158 الحديث 441،الاستبصار 2:64 الحديث 208،الوسائل 7:184 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 11. [5]

بالرؤية (1)،و الرؤية (2)ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو،و ينظر تسعة فلا يرونه (3)،إذا رآه واحد رآه عشرة و الف،و إذا كانت علّة فأتمّ شعبان ثلاثين» (4).

و لأنّ الأصل بقاء ما كان على ما كان و قد اعتضد بعدم الرؤية،فيكون باقيا ظنّا فيعمل عليه.

مسألة:و يستحبّ الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان و رمضان و تطلّبه؛

ليحتاطوا بذلك لصيامهم،و يسلموا من الاختلاف.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أحصوا هلال شعبان لرمضان» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي خالد الواسطيّ،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام،عن أبيه عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من ألحق في شهر رمضان يوما من غيره متعمّدا فليس يؤمن باللّه و لابي» (6).

و لأنّ الصوم واجب.و كذا الإفطار في العيد،فيجب التوصّل إلى معرفة وقتهما؛ ليقع التكليف على وجهه.

مسألة:و لا يجوز التعويل على الجدول،و لا على كلام المنجّمين؛

لأنّ أصل

ص:239


1- 1كثير من النسخ:للرؤية.
2- 2) ح:قال:و الرواية.
3- 3) كثير من النسخ:فلا يروه.
4- 4) التهذيب 4:156 الحديث 433،الاستبصار 2:63 الحديث 203،الوسائل 7:182 الباب 3 [1] من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2،و ص 209 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:71 الحديث 687، [2]سنن الدارقطنيّ 2:162 الحديث 28،سنن البيهقيّ 4:206.
6- 6) التهذيب 4:161 الحديث 454،الوسائل 7:215 الباب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [3]

الجدول مأخوذ من الحساب النجوميّ في ضبط سير القمر و اجتماعه بالشمس.

و لا يجوز التعويل على قول المنجّمين و لا الاجتهاد فيه.و هو قول أكثر الفقهاء من الجمهور (1).و حكي عن قوم أنّهم قالوا:يجتهد في ذلك و يرجع إلى المنجّمين (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتحفّظ من هلال شعبان ما لا يتحفّظ من غيره،ثمّ يصوم رمضان لرؤيته،فإن غمّ عليه عدّ ثلاثين يوما ثمّ صام (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه بيّنة عدول (4)من المسلمين،و إن لم تروا الهلال إلاّ من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام إلى الليل،و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة ثمّ أفطروا» (5).

و عن الفضيل (6)بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«ليس على أهل القبلة إلاّ الرؤية،ليس على المسلمين إلاّ الرؤية» (7).

و الأحاديث في ذلك كثيرة متواترة على أنّ الطريق إمّا الرؤية أو مضيّ

ص:240


1- 1المجموع 6:279-280،فتح العزيز بهامش المجموع 6:266،عمدة القارئ 10:271.
2- 2) حلية العلماء 3:178،بداية المجتهد 1:284.
3- 3) سنن أبي داود 2:298 الحديث 2325، [1]مسند أحمد 6:149، [2]المستدرك للحاكم 1:423،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:206.
4- 4) غ،ص و ف:عدل.
5- 5) التهذيب 4:158 الحديث 440،الاستبصار 2:64 الحديث 207،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [3]
6- 6) بعض النسخ:و عن الفضل.
7- 7) التهذيب 4:158 الحديث 442،الاستبصار 2:64 الحديث 209،الوسائل 7:184 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 12. [4]

ثلاثين (1)،فلو كان الرجوع إلى المنجّم حجّة لأرشدوا إليه.و لأنّه مبنيّ على قواعد ظنّيّة ظنّا ضعيفا قد يخطئ و يصيب،فلا يجوز التعويل عليه البتّة.

و لقوله عليه السّلام:«من صدّق كاهنا أو منجّما فهو كافر بما أنزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (2).

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (3).

و بما رواه ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فإن غمّ عليكم فاقدروا له» (4)و التقدير إنّما هو معرفة التسيير و المنازل،و لذلك رجعنا إلى الكواكب و المنازل في القبلة و الأوقات،و هي أمور شرعيّة رتّب عليها الشارع أحكاما كثيرة،فكذا هنا.

و الجواب:أنّ الاهتداء بالنجم معرفة الطرق و مسالك البلدان و تعريف الأوقات.

و لأنّا نقول بموجبه؛فإنّا برؤية الهلال نهتدي إلى أوّل الشهور،أمّا قول المنجّم فلا، و الآية لا تدلّ عليه.

و عن الحديث:أنّ المرويّ:«فاقدروا له ثلاثين»و هذا يمنع كلّ تأويل.

و أمّا القبلة و الوقت فالطريق هو المشاهدة،كما نقول نحن في رؤية الهلال:

ليس بقول المنجّم الذي يكذب أكثر الأوقات.

مسألة:و لا اعتبار بالعدد،

و قد زعم قوم من حشويّة الحديث أنّه معتبر،و أنّ

ص:241


1- 1غ بزيادة:يوما.
2- 2) ينظر بتفاوت:مسند أحمد 2:429،المستدرك للحاكم 1:8،و بهذا اللفظ من طريق الخاصّة ينظر: الوسائل 12:104 الباب 24 من أبواب ما يكتسب به الحديث 11. [1]
3- 3) النحل(16):16. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 3:33،34،صحيح مسلم 2:759-760 الحديث 1080،سنن أبي داود 2:297 الحديث 2320، [3]سنن ابن ماجة 1:529 الحديث 1654،سنن النسائيّ 4:134،الموطّأ 1:286 الحديث 1 و 2، [4]سنن الدارميّ 2:3، [5]مسند أحمد 2:5،13،63 و 145، [6]سنن الدارقطنيّ 2:161 الحديث 21،22،سنن البيهقيّ 4:204-205.

شهور السنة قسمان:تامّ،و ناقص،فرمضان لا ينقص أبدا،و شعبان لا يتمّ أبدا، و تعلّقوا في ذلك بأحاديث منسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام،أصلها حذيفة بن منصور (1).

منها:ما رواه حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ الناس يقولون:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صام تسعة و عشرين يوما أكثر ممّا صام ثلاثين،فقال:«كذبوا،ما صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أن قبض أقلّ من ثلاثين يوما،و لا نقص شهر رمضان منذ خلق السموات و الأرض من ثلاثين يوما و ليلة» (2).

و نحو هذا روى حذيفة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام بغير واسطة (3).و رواه آخر عن حذيفة غير مسند (4)إلى إمام (5).

قال الشيخ:و هذا الحديث لا يصحّ العمل به.

أمّا أوّلا:فلأنّه لم يوجد في شيء من الأصول المصنّفة،و إنّما هو موجود في الشواذّ من الأخبار.

و أيضا:فإنّ كتاب حذيفة بن منصور-رحمه اللّه-عري عن هذا الحديث، و الكتاب معروف مشهور،و لو كان هذا الحديث صحيحا عنه،لضمنه كتابه.

و أيضا:فإنّه مختلف الألفاظ،مضطرب المعاني؛لأنّه تارة يرويه عن

ص:242


1- 1نقله عنهم في المعتبر 2:688. [1]
2- 2) التهذيب 4:167 الحديث 477،الاستبصار 2:65 الحديث 211،الوسائل 7:194 الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 24. [2]
3- 3) التهذيب 4:168 الحديث 481،الاستبصار 2:65 الحديث 215،الوسائل 7:195 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 29.
4- 4) بعض النسخ:غير مستند.
5- 5) التهذيب 4:168 الحديث 482،الوسائل 7:196 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 30.

أبي عبد اللّه عليه السّلام بلا واسطة،و تارة يرويه عنه عليه السّلام بواسطة،و تارة يفتي به من قبل نفسه و لا يسنده إلى أحد،و هذا يدلّ على اضطرابه و ضعفه.

و أيضا:فإنّه خبر واحد لا يوجب علما و لا عملا،و لا يجوز الاعتراض به على المتواتر من الأخبار و القرآن العزيز،و عمل جميع المسلمين على خلافه،و مع ذلك فلا تخلو الأحاديث من ضعف في الاستدلال بها.

ثمّ إنّه-رحمه اللّه-تأوّل الأحاديث جميعها بما هو موجود في كتابيه التهذيب و الاستبصار-و نحن لقلّة فائدتها أعرضنا عنها-ثمّ إنّه-رحمه اللّه-عارض ذلك بأحاديث كثيرة تدلّ على خلاف ما تضمّنه هذا الحديث (1)،و نحن نقتصر على بعضها:

فمنها:ما رواه عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما-يعني أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام-قال:«شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان،فإذا صمت تسعة و عشرين يوما ثمّ تغيّمت السماء فأتمّ العدّة ثلاثين» (2).

و عن سماعة قال:«و قد يكون شهر رمضان تسعة و عشرين (3)و يكون ثلاثين،و يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا رأيتم الهلال فصوموا،و إذا رأيتموه فأفطروا،و ليس بالرأي و لا بالتظنّي و لكن بالرؤية، و الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد:هو ذا هو،و ينظر تسعة فلا

ص:243


1- 1التهذيب 4:169،الاستبصار 2:66.
2- 2) التهذيب 4:155 الحديث 429،الاستبصار 2:62 الحديث 199،الوسائل 7:189 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
3- 3) هامش ح بزيادة:يوما،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التهذيب 4:156 الحديث 432،الاستبصار 2:63 الحديث 202 و فيه:عن رفاعة،الوسائل 7:190 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [3]

يرونه (1)،إذا رآه واحد رآه عشرة و ألف،و إذا كانت علّة فأتمّ شعبان ثلاثين» (2).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان،فإن تغيّمت السماء يوما فأتمّوا العدّة» (3).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في شهر رمضان:«هو شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان» (4).

و عن أبي خالد الواسطيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«حدّثني أبي عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام قال:صمنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تسعة و عشرين يوما،و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال-لمّا ثقل في مرضه-أيّها الناس إنّ السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم،ثمّ قال بيده:فذاك رجب مفرد، و ذو القعدة،و ذو الحجّة،و المحرّم ثلاثة متواليات،ألا و هذا الشهر المفروض رمضان صوموا (5)لرؤيته و أفطروا لرؤيته،و إذا (6)خفي الشهر فأتمّوا العدّة شعبان ثلاثين يوما،و صوموا الواحد و ثلاثين» (7).

و روي أحاديث كثيرة تنافي مقتضى الأحاديث الدالّة على العدد (8)،مع ما فيها من المطاعن التي ذكرها الشيخ،و منافاتها لفتاوي العلماء،فلا اعتداد بها البتّة.

ص:244


1- 1كثير من النسخ:فلا يروه.
2- 2) التهذيب 4:156 الحديث 433،الاستبصار 2:63 الحديث 203،الوسائل 7:209 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 11. [1]
3- 3) التهذيب 4:157 الحديث 435،الوسائل 7:191 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 4:160 الحديث 452،الوسائل 7:190 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [3]
5- 5) ح:فصوموا،كما في المصادر.
6- 6) بعض النسخ:فإذا،كما في المصادر.
7- 7) التهذيب 4:161 الحديث 454،الوسائل 7:185 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 17. [4]
8- 8) ينظر:الوسائل 7:182 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان و ص 189 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان.
مسألة:و لا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق.

و قال من لا يعتدّ به:إنّه إن غاب بعد الشفق فهو للّيلة الماضية،و إن غاب قبله فهو لليلته (1).

لنا:قوله عليه السّلام:«الصوم للرؤية و الفطر للرؤية» (2).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة و قد اعتضد بالسلامة عن المعارض فيعمل به.

احتجّ المخالف (3):بما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الحرّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته،و إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين» (5).

و الجواب:أنّه لا يعارض هذا الحديث ما ورد من الأحاديث الدالّة على انحصار الطريق في الرؤية و مضيّ ثلاثين؛لكثرتها و اشتهارها حتّى قارنت المتواتر (6).

قال الشيخ:إنّما يكون هذا أمارة على اعتبار دخول الشهر إذا كان في السماء علّة من غيم و ما يجري مجراه،فجاز اعتباره في الليلة المستقبلة بالغيبوبة قبل الشفق و تطوّق (7)الهلال،فأمّا مع زوال العلّة فلا،و متى استعملنا هذه الأخبار في

ص:245


1- 1ينظر:المقنع:58. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:35،صحيح مسلم 2:762 الحديث 1081،سنن الترمذيّ 3:72 الحديث 688، سنن النسائيّ 4:133،136 و 154،سنن الدارميّ 2:3.في الجميع:صوموا للرؤية و أفطروا للرؤية.
3- 3) المقنع:58، [2]الفقيه 2:78،الحديث 343.
4- 4) إسماعيل بن الحرّ:قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية حمّاد بن عيسى عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في باب الصوم للرؤية و ليس منه في كتب الرجال ذكر أصلا.هذا و لكن في نسخة من الاستبصار روى هذا الحديث عن إسماعيل بن الحسن الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام.رجال الطوسيّ:343،تنقيح المقال 1:132. [3]
5- 5) التهذيب 4:178 الحديث 494،الاستبصار 2:75 الحديث 228،الوسائل 7:204 الباب 9 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [4]
6- 6) الوسائل 7:182 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان.
7- 7) بعض النسخ:و بتطوّق.

بعض الأحوال برئت عهدتنا و لم نكن دافعين لها (1).

مسألة:و لا اعتبار أيضا بتطوّقه؛لما تقدّم من الأدلّة.

و قد روى الشيخ عن محمّد بن مرازم (2)،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين،و إذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث» (3)و هذه الرواية لا تعارض ما تلوناه من الأحاديث.

مسألة:و لا اعتبار بعدّ خمسة أيّام من الماضية؛عملا بالأصل،

و ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على العمل بالرؤية أو مضيّ ثلاثين.

و قد روى الشيخ عن عمران الزعفرانيّ (4)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

إنّ السماء تطبق علينا بالعراق اليومين و الثلاثة لا نرى (5)السماء،فأيّ يوم نصوم؟ قال:«أنظر (6)اليوم الذي صمت من السنة الماضية (7)،و صم يوم الخامس» (8).

ص:246


1- 1التهذيب 4:178،الاستبصار 2:75.
2- 2) محمّد بن مرازم بن حكيم الساباطيّ الأزديّ،ثقة،روى أبوه عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام. قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال: ثقة. الفهرست:155، [1]رجال النجاشيّ:365،رجال العلاّمة:159، [2]تنقيح المقال 3:181. [3]
3- 3) التهذيب 4:178 الحديث 495،الاستبصار 2:75 الحديث 229،الوسائل 7:203 الباب 9 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [4]
4- 4) عمران الزعفرانيّ:ذكره المامقانيّ بعنوان:عمران بن الزعفرانيّ.قال الشيخ في الاستبصار:هو مجهول. و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:مجهول. الاستبصار 2:76،رجال العلاّمة:244، [5]تنقيح المقال 2:350. [6]
5- 5) م،ش و ك:لا ترى.
6- 6) أكثر النسخ:أفطر.
7- 7) هامش ح بزيادة:فعدّ منه خمسة أيّام،كما في الوسائل. [7]
8- 8) التهذيب 4:179 الحديث 496،الاستبصار 2:76 الحديث 230،الوسائل 7:205 الباب 10 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [8]في الوسائل: [9]انظروا اليوم...

و عن عمران أيضا قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لا نرى شمسا و لا نجما فأيّ يوم نصوم؟قال:«انظر (1)اليوم الذي صمت من السنة الماضية،و عدّ خمسة أيّام،و صم اليوم الخامس» (2).

و طريق الأوّل مرسل،و الثاني فيه سهل بن زياد و هو ضعيف جدّا،فإذن لا تعويل عليهما،و لا يعارضان الأحاديث الصحيحة الشهيرة.

قال الشيخ:يحتمل أن يكون السماء متغيّمة،فعلى الإنسان أن يصوم يوم الخامس من صيام يوم السنة الماضية على أنّه من شعبان إن لم يعلم انقضاءه احتياطا،فإن اتّفق أن يكون من رمضان فقد أجزأ عنه،و إلاّ كان نافلة،و يجري مجرى يوم الشكّ،و ليس في الحديث أنّه يصومه بنيّة أنّه من رمضان،فلا يعارض به ما تقدّم (3).

قال في الاستبصار:هذان الخبران خبر واحد لا يوجب علما و لا عملا،و لأنّ راويهما عمران الزعفرانيّ و هو مجهول،و[في] (4)إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصّون بروايته (5).و هو جيّد.

مسألة:و لا اعتبار برؤيته قبل الزوال.

و قال بعضهم:إن رؤي قبل الزوال فهو للّيلة الماضية،و إن رؤي بعده فهو للمستقبلة (6).و به قال الثوريّ،و أبو يوسف (7)،و الذي أختاره مذهب

ص:247


1- 1ش،ق،م و خا:أفطر.
2- 2) التهذيب 4:179 الحديث 497،الاستبصار 2:76 الحديث 231،الوسائل 7:205 الباب 10 من أبواب أحكام شهر رمضان ذيل الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:179.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) الاستبصار 2:76.
6- 6) ينظر:الناصريّات [2](الجوامع الفقهيّة):206،المعتبر 2:689. [3]
7- 7) المغني 3:108،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7،المجموع 6:272،فتح العزيز بهامش المجموع 6:286،بداية المجتهد 1:285،شرح فتح القدير 2:243،بدائع الصنائع 2:82.

أكثر علمائنا (1)،إلاّ من شذّ منهم لا نعرفه،و به قال الشافعيّ (2)، و مالك (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال أحمد:إن كان في أوّل شهر رمضان و كان قبل الزوال،فهو للماضية، و في آخر رمضان روايتان:إحداهما:كذلك،و الثانية للمستقبلة احتياطا (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال:جاءنا كتاب عمر و نحن بخانقين:إنّ الأهلّة بعضها أكبر من بعض،فإذا رأيتم الهلال في أوّل النهار فلا تفطروا حتّى تمسوا،إلاّ أن يشهد رجلان مسلمان أنّهما أهلاّه بالأمس عشيّة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن عيسى،قال:كتبت إليه عليه السّلام:جعلت فداك ربما غمّ علينا هلال شهر رمضان،فيرى من الغد الهلال قبل الزوال،و ربما رأينا بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟و كيف تأمرني في ذلك؟فكتب عليه السّلام:«تتمّ إلى الليل،فإنّه إن كان تامّا رؤي قبل الزوال» (7).

و عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين

ص:248


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:379 مسألة-10،و السيّد ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة): 570،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:154. [1]
2- 2) الأمّ 2:95،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:272،فتح العزيز بهامش المجموع 6:286، الميزان الكبرى 2:22،المغني 3:108.
3- 3) الموطّأ 1:287،المدوّنة الكبرى 1:195،بداية المجتهد 1:284،المجموع 6:272،الميزان الكبرى 2:22،المغني 3:108،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:347،بدائع الصنائع 2:82،شرح فتح القدير 2:243،مجمع الأنهر 1:237،الميزان الكبرى 2:22،المغني 3:108،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7.
5- 5) المغني 3:108،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7،الإنصاف 3:272،الميزان الكبرى 2:22.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:169 الحديث 9،سنن البيهقيّ 4:213.
7- 7) التهذيب 4:177 الحديث 490،الاستبصار 2:73 الحديث 221،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [2]

عليه السّلام:إذا رأيتم الهلال فأفطروا،أو يشهد عليه عدل من المسلمين،فإن لم تروا الهلال إلاّ من وسط النهار أو آخره،فأتمّوا الصيام إلى الليل،فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين (1)ثمّ أفطروا» (2).

و عن جرّاح المدائنيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من رأى هلال شوّال بنهار في (3)رمضان فليتمّ صيامه» (4).

و عن إسحاق بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان،فقال:«لا تصمه إلاّ أن تراه،فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه،فاقضه،فإذا رأيته (5)وسط النهار فأتمّ صومك (6)إلى الليل» (7).يعني أتمّ صومك إلى الليل على أنّه من شعبان،دون أن تنوي أنّه من رمضان.

احتجّ المخالف:بقوله عليه السّلام:«صوموا لرؤيته» (8)فيجب الصوم بالرؤية

ص:249


1- 1هامش ح بزيادة:ليلة،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:158 الحديث 440،الاستبصار 2:64 الحديث 207،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) هامش ح بزيادة:شهر.
4- 4) التهذيب 4:178 الحديث 492،الاستبصار 2:73 الحديث 223،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [3]
5- 5) هامش ح بزيادة:من،كما في الوسائل. [4]
6- 6) ح:صومه،كما في التهذيب و الوسائل. [5]
7- 7) التهذيب 4:178 الحديث 493،الاستبصار 2:73 الحديث 224،الوسائل 7:201 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [6]
8- 8) صحيح البخاريّ 3:35،صحيح مسلم 2:762 الحديث 1081،سنن الترمذيّ 3:72 الحديث 688، سنن النسائيّ 4:133،سنن الدارميّ 2:2،3،مسند أحمد 4:321،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 7،سنن البيهقيّ 4:205،206.

و قد حصلت،و أنّ ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية (1)و ما رواه الشيخ في الحسن عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية،و إذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة» (2).

و عن عبيد بن زرارة و عبد اللّه بن بكير قالا:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال،و إذا رؤي بعد الزوال فهو من شهر رمضان» (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الخبر الذي رووه،يقتضي وجوب الصوم بعد الرؤية، و عندهم يجب الصوم من أوّل النهار،و أمّا القرب فإنّه أقرب إلى الليلة المستقبلة منه إلى وقت طلوعه من أوّل الليلة الماضية.

و احتياط أحمد باطل؛إذ الاحتياط إنّما يعتبر مع دليل،أمّا مع عدمه فلا،و لهذا لو اشتبه عليه الفجر،لم يجب عليه الإمساك احتياطا.

و عن الحديثين اللذين أوردهما الشيخ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:فإنّ في طريق الثاني منهما ابن فضّال و هو ضعيف،و مع ذلك فلا يصلحان لمعارضة الأحاديث الكثيرة الدالّة على انحصار الطريق في الرؤية و مضيّ ثلاثين لا غير.

مسألة:قد بيّنّا أنّ صوم يوم الشكّ مستحبّ على أنّه من شعبان،
اشارة

و محرّم على

ص:250


1- 1حلية العلماء 3:180،المغني 3:108،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:7،فتح العزيز بهامش المجموع 6:287.
2- 2) التهذيب 4:176 الحديث 488،الاستبصار 2:73 الحديث 225،الوسائل 7:202 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 4:176 الحديث 489،الاستبصار 2:74 الحديث 226،الوسائل 7:202 الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [3]

أنّه من رمضان (1)،فإن صامه بنيّة أنّه من شعبان ثمّ ظهر أنّه من رمضان فقد أجزأ عنه،و لو لم يصمه ثمّ صام تسعة و عشرين (2)ثمّ رأى هلال شوّال لم يقض يوما آخر؛لأنّه لم يثبت أنّه من رمضان فلا تشتغل الذمّة بشيء،أمّا لو قامت البيّنة برؤيته فإنّه يقضي يوما بدله بلا خلاف.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ عن المفضّل و زيد الشحّام جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الأهلّة،فقال:«هي أهلّة الشهور،فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر»قلت:أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟فقال:«لا،إلاّ أن تشهد لك بيّنة عدول،فإن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم» (3).

و عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته،فإن شهد عندك شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه» (4).و الأخبار كثيرة (5).

و لأنّه مع استمرار الشكّ و عدم قيام البيّنة يبنى على أصالة براءة الذمّة،أمّا مع قيام البيّنة فإنّه يحكم عليه بأنّه أفطر يوما من شهر رمضان،فيجب عليه القضاء إجماعا.

ص:251


1- 1يراجع:ص 37 و 44.
2- 2) ك بزيادة:يوما.
3- 3) التهذيب 4:155 الحديث 430،الاستبصار 2:62 الحديث 200،الوسائل 7:190 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 4:157 الحديث 436،الاستبصار 2:63 الحديث 205،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [2]
5- 5) ينظر:الوسائل 7:189 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان. [3]
فرع:

لو أفطر يوم الشكّ ثمّ صام مستمرّا فأهلّ شوّال و قد صام ثمانية و عشرين يوما،قضى يوما واحدا لا غير.

أمّا الثاني:فلأنّ الأصل براءة الذمّة من الزائد،و لم يثبت ما يعارضه فيستمرّ على حكمه.

و أمّا الأوّل:فللعلم بأنّ الشهر لا ينقص عن تسعة و عشرين (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى عن عبد اللّه بن سنان،عن رجل- نسي حمّاد بن عيسى اسمه-قال:صام عليّ عليه السّلام بالكوفة ثمانية و عشرين يوما شهر رمضان فرأوا الهلال،فأمر مناديا أن ينادي:اقضوا يوما،فإنّ الشهر تسعة و عشرون يوما (2).

مسألة:إذا رأى الهلال أهل بلد،وجب الصوم على جميع الناس،
اشارة

سواء تباعدت البلاد أو تقاربت.و به قال أحمد (3)،و الليث بن سعد (4)،و بعض أصحاب الشافعيّ (5).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إن كانت البلاد متقاربة لا تختلف في المطالع، كبغداد و البصرة،كان حكمها واحدا،و إن تباعدت،كبغداد و مصر،كان لكلّ بلد حكم نفسه (6).و هو القول الآخر للشافعيّة (7).

ص:252


1- 1ش و غ بزيادة:يوما.
2- 2) التهذيب 4:158 الحديث 444،الوسائل 7:214 الباب 14 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
3- 3) المغني 3:10،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:273،زاد المستقنع:28،المجموع 6:274.
4- 4) المغني 3:10،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7،المجموع 6:274.
5- 5) حلية العلماء 3:181،المجموع 6:273،274،مغني المحتاج 1:422،السراج الوهّاج:137، المغني 3:10،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7.
6- 6) المبسوط 1:268. [2]
7- 7) حلية العلماء 3:180،المجموع 6:273،مغني المحتاج 1:422،السراج الوهّاج:137،المغني 3:10.

و اعتبر بعض الشافعيّة في التباعد مسافة التقصير و هو ثمانية و أربعون ميلا فاعتبر لكلّ بلد حكم نفسه إن كان بينهما هذه المسافة (1).

و روي عن عكرمة أنّه قال:لأهل كلّ بلد رؤيتهم.و هو مذهب القاسم،و سالم، و إسحاق (2).

لنا:أنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية،و في الباقي:بالشهادة، فيجب صومه؛لقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (3).

و قوله عليه السّلام:«فرض اللّه صوم شهر رمضان» (4).و قد ثبت أنّ هذا اليوم منه.و لأنّ شهر رمضان عدّة بين هلالين و قد ثبت أنّ هذا اليوم منه.و لأنّه يحلّ به الدين و يجب به النذر و يقع به الطلاق و العتاق المتعلّقان به عندهم،فيجب صيامه.

و لأنّ البيّنة العادلة شهدت بالهلال،فيجب الصوم،كما لو تقاربت البلاد.

و لأنّه شهد برؤيته من يقبل قوله،فيجب القضاء لو فات؛لما رواه الشيخ عن ابن مسكان و الحلبيّ جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إلاّ أن تشهد لك بيّنة عدول،فإن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم» (5).

و في رواية منصور عنه عليه السّلام:«فإن شهد عندك شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه» (6).

و في الحسن عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن اليوم الذي

ص:253


1- 1المجموع 6:273،مغني المحتاج 1:422،السراج الوهّاج:137.
2- 2) المغني 3:10،الشرح الكبير بهامش المغني 3:7،المجموع 6:274.
3- 3) البقرة(2):185. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 3:31،سنن النسائيّ 4:129،سنن البيهقيّ 4:201 بتفاوت.
5- 5) التهذيب 4:156 الحديث 434،الاستبصار 2:63 الحديث 204،الوسائل 7:191 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 9. [2]
6- 6) التهذيب 4:157 الحديث 436،الاستبصار 2:63 الحديث 205،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [3]

يقضى من شهر رمضان،فقال:«لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر»و قال:«لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي أهل الأمصار،فإن فعلوا فصمه» (1).علّق عليه السّلام وجوب القضاء بشهادة العدلين من جميع المسلمين و هو نصّ في التعميم قربا و بعدا،ثمّ عقّبه بمساواته لغيره من أهل الأمصار،و لم يعتبر عليه السّلام القرب في ذلك.

و في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» (2).و لم يعتبر القرب أيضا.

و في الصحيح عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال فيمن صام تسعة و عشرين قال:«إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية،قضى يوما» (3).علّق عليه السّلام على الشهادة على (4)مصر،و هو يكون شائعة يتناول الجميع على البدل فلا تخصيص بالصلاحية (5)لبعض الأمصار إلاّ بدليل،و الأحاديث كثيرة في وجوب القضاء إذا شهدت البيّنة بالرؤية، و لم يعتبروا قرب البلاد و بعدها.

احتجّوا:بما رواه كريب (6)أنّ أمّ الفضل بنت الحارث (7)بعثته إلى معاوية

ص:254


1- 1التهذيب 4:157 الحديث 438،الوسائل 7:211 الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:157 الحديث 439،الاستبصار 2:64 الحديث 206،الوسائل 7:212 الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:158 الحديث 443،الوسائل 7:192 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 13. [3]
4- 4) غ بزيادة:أهل.
5- 5) بعض النسخ:في الصلاحية.
6- 6) كريب بن أبي مسلم الهاشميّ أبو رشدين،روى عن مولاه ابن عبّاس و أمّه أمّ الفضل و أختها ميمونة بنت الحارث و عائشة و أمّ سلمة و أمّ هاني بنت أبي طالب،و روى عنه ابناه محمّد و رشدين و سليمان بن يسار و غيرهم.مات بالمدينة سنة 98 ه.تهذيب التهذيب 8:433، [4]شذرات الذهب 1:114.
7- 7) لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير...أمّ الفضل و هي أخت ميمونة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال ابن عبد البرّ:يقال:إنّها أوّل امرأة أسلمت بعد خديجة،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنها ابناها عبد اللّه و تمام و مولاها عمير بن الحارث و أنس بن مالك و كريب مولى ابن عبّاس. أسد الغابة 5:539، [5]الإصابة 4:398، [6]الاستيعاب بهامش الإصابة 4:398، [7]تهذيب التهذيب 12:449. [8]

بالشام،قال:فقدمت الشام فقضيت بها حاجتي،و استهلّ عليّ رمضان فرأينا الهلال ليلة الجمعة،ثم قدمت المدينة في آخر الشهر،فسألني عبد اللّه بن عبّاس و ذكر الهلال فقال:متى رأيتم الهلال؟فقلت:ليلة الجمعة،فقال:أنت رأيته،فقلت:نعم، و رآه الناس و صاموا و صام معاوية،فقال:لكنّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتّى نكمل العدّة أو نراه،فقلت:أ فلا تكتفي برؤية معاوية و صيامه؟قال:لا،هكذا أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و الجواب:ليس هذا دليلا على المطلوب؛لاحتمال أنّ ابن عبّاس لم يعمل بشهادة كريب،و الظاهر أنّه كذلك؛لأنّه واحد.و عمل معاوية ليس حجّة؛لاختلال حاله عنده؛لانحرافه عن عليّ عليه السّلام و محاربته له،فلا يعتدّ بعمله.

و بالجملة فليس دالاّ على المطلوب.

و أيضا:فإنّه يدلّ على أنّهم لا يفطرون بقول الواحد،أمّا على عدم القضاء فلا.

و لو قالوا:إنّ البلاد المتباعدة تختلف عروضها فجاز أن يرى الهلال في بعضها دون بعض؛لكريّة (2)الأرض.

قلنا:إنّ المعمور منها قدر يسير هو الربع،و لا اعتداد به عند السماء.و بالجملة إن علم طلوعه في بعض الأصقاع،و عدم طلوعه في بعضها المتباعدة عنه لكريّة (3)الأرض،لم يتساو حكماهما،أمّا بدون ذلك فالتساوي هو الحقّ.

ص:255


1- 1صحيح مسلم 2:765 الحديث 1087،سنن أبي داود 2:299 الحديث 2332، [1]سنن الترمذيّ 3:76 الحديث 693، [2]سنن النسائيّ 4:131،سنن الدارقطنيّ 2:171 الحديث 21 بتفاوت.
2- 2) بعض النسخ:لكرويّة.
3- 3) بعض النسخ:لكرويّة.
فرع:

على قول الشيخ-رحمه اللّه (1)-لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه بعيد فلم ير الهلال بعد ثلاثين،فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.

مسألة:و لو غمّ هلال رمضان و شعبان معا،عدّدنا رجب ثلاثين،و شعبان
اشارة

ثلاثين،

فإن غمّت الأهلّة أجمع،فالأقرب الاعتبار برواية الخمسة (2).و به قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط (3).

و قال آخرون:يعتبر بعدّ ثلاثين ثلاثين (4).

لنا:أنّ العادة قاضية متواترة على نقصان بعض الشهور في السنة بعدّه الخمسة أو أزيد أو أنقص،فيحمل على الأغلب.و للرواية الدالّة على الخمسة،فإنّها معتبرة هاهنا و إلاّ لزم إسقاطها بالكلّيّة؛إذ لا يعمل بها في غير هذه الصورة.

و الاحتجاج بقولهم عليهم السلام:فإن غمّ الشهر،عدّ ما قبله ثلاثين،ليس دافعا لقولنا؛لأنّا نقول بموجبه،إنّما البحث فيما لو غمّ ما قبله إلى آخر شهور السنة.

مسألة:و من كان بحيث لا يعلم الأهلّة،كالمحبوس،أو اشتبهت عليه الشهور، و كالأسير مع الكفّار إذا لم يعلم الشهر،فإنّه يجتهد و يغلب على ظنّه،فإن حصل له ظنّ بالاجتهاد في بعض الأهلّة أو الشهور أنّه من رمضان،صامه،ثمّ إن استمرّ الاشتباه أجزأه بلا خلاف-إلاّ من الحسن بن صالح بن حيّ (5)-لأنّه أدّى فرضه

ص:256


1- 1مضى قوله-رحمه اللّه-في ص 252.
2- 2) ينظر:التهذيب 4:179 الحديث 496،497،الاستبصار 2:76 الحديث 230،231،الوسائل 7: 205 الباب 10 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3.
3- 3) المبسوط 1:268.
4- 4) منهم:المحقّق في الشرائع 1:200،و حكاه الشيخ في المبسوط 1:268 و [1]يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:154 و [2]ابن البرّاج في المهذّب 1:190.
5- 5) المغني 3:101،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12.

باجتهاده فأجزأه،كما لو ضاق الوقت في اشتباه القبلة.

و إن لم يستمرّ فإنّه حينئذ لا يخلو من ثلاثة أحوال (1):إمّا أن يوافق رمضان،أو يوافق الصوم قبله أو بعده،فإن وافقه أجزأه.و به قال عامّة الفقهاء،إلاّ الحسن بن صالح بن حيّ،فإنّه قال:لا يجزئه (2).

و هو خطأ؛لأنّه أدّى العبادة باجتهاده،فإذا وافق الإصابة أجزأه،كالقبلة إذا اشتبهت عليه.

و لأنّه مكلّف بالصوم إجماعا.

و لوجوب القضاء عنده المستلزم لوجوب الأداء،و لا طريق إلى العلم،فلا يكلّف به؛لاستحالة تكليف ما لا يطاق،فيكلّف بالاجتهاد و قد حصل الفرض في محلّه،فوجب القول بالإجزاء؛لاستلزام امتثال الأمر الخروج عن العهدة.

و لأنّه مأمور بالصوم،و نيّة القربة قد بيّنّا أنّها تكفي،و أنّ رمضان لا يقع فيه غيره (3)،و قد نوى الصوم مطلقا،فوجب أن يجزئه.

احتجّ:بأنّه صامه على الشكّ فلا يجزئه،كما إذا صام يوم الشكّ ثمّ بان أنّه من رمضان (4).

و الجواب:أنّ يوم الشكّ لم يضع الشارع الاجتهاد طريقا إليه،بل أمر بالصوم عند أمارة عيّنها و نصبها علامة على وجوب الصوم،فما لم توجد لم يجب الصوم.

الثاني:أن يوافق بعده،فإنّه يجزئه أيضا في قول عامّة العلماء،إلاّ الحسن بن صالح بن حيّ،فإنّه قال:لا يجزئه (5).

ص:257


1- 1ح:ثلاث أحوال.
2- 2) المغني 3:101،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12،المجموع 6:285،حلية العلماء 3:184.
3- 3) يراجع:ص 16.
4- 4) المغني 3:101،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12،المجموع 6:285.
5- 5) المغني 3:101،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12.

لنا:أنّه أدّى العبادة في أحد وقتيها-أعني وقت القضاء-فيجزئه،كما لو فعلها في الوقت الآخر،و هو وقت الأداء،كما لو دخل في الصلاة ثمّ خرج الوقت،فإنّ صلاته تصحّ و إن كان بعضها قضاء و بعضها أداء.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:الرجل أسرته الروم و لم يصم شهر رمضان،و لم يدر أيّ شهر هو،قال:«يصوم شهرا يتوخّاه و يحسب،فإن كان الشهر الذي صامه قبل (1)رمضان لم يجزئه،و إن كان بعده أجزأه» (2).

لا يقال:شرط صحّة القضاء نيّة التعيين (3)و هو لم ينو القضاء،و إنّما نوى الأداء،فلا يجزئه.

لأنّا نقول:إنّه ينوي الوجوب عمّا في ذمّته،و التقدير انقضاء شهر رمضان، فالثابت في الذمّة القضاء،فأجزأه؛لأنّ قصده براءة ذمّته (4).

الحال الثالث:أن يوافق قبل شهر رمضان،فإنّه لا يجزئه عندنا.و به قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و أحمد (7).و للشافعيّ قولان (8).

لنا:أنّه أتى بالعبادة قبل وقتها بالتحرّي،فلم يجزئه،كالصلاة في يوم الغيم.

و يدلّ عليه أيضا رواية عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

ص:258


1- 1هامش ح بزيادة:شهر،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:310 الحديث 935،الوسائل 7:200 الباب 7 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) ص،م و ح:المتعيّن.
4- 4) ح،ق و خا:براءة الذمّة.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:59،المجموع 6:287،بدائع الصنائع 2:86.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:106،المجموع 6:287،بلغة السالك 1:241.
7- 7) المغني 3:102،الشرح الكبير بهامش المغني 3:12،الكافي لابن قدامة 1:470،الإنصاف 3:279.
8- 8) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:183،المجموع 6:286،287،مغني المحتاج 1:426،السراج الوهّاج:138.

احتجّ:بأنّه اشتبه عليه،فأجزأه إيقاع الفعل قبل الوقت،كما لو اشتبه يوم عرفة، فوقفوا قبله (1).

و الجواب:المنع من حكم الأصل،و لو قلنا بجوازه فيما يجوّزه (2)إذا أخطأ الناس أجمعهم؛لعظم المشقّة عليهم.و لأنّه لا يؤمن مثله في القضاء بخلاف الصوم، و الصلاة أشبه بمسألتنا من الحجّ.

فروع:
الأوّل:لو لم يغلب على ظنّ الأسير دخول رمضان،لزمه أن يتوخّى شهرا

و يصومه على سبيل التخمين.

و به قال بعض الشافعيّة.

و قال آخرون:لا يلزمه ذلك (3).

لنا:أنّه مكلّف بالصوم و قد فقد العلم بتعيّن الوقت،فسقط عنه التعيين،و وجب عليه الصوم في شهر يتوخّاه،كما لو فاته الشهر مع علمه و لم يصمه،فإنّه يسقط عنه التعيين و يتوخّى شهرا يصومه للقضاء،و كما لو لم يغلب على ظنّه القبلة و ضاق الوقت،فإنّه يتوخّى جهة يصلّي إليها.

و يدلّ عليه أيضا رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

احتجّ المخالف:بأنّه لم يعلم دخول شهر رمضان لا يقينا و لا ظنّا،فلا يلزمه الصيام،كما لو شكّ في دخول وقت الصلاة،فإنّه لا يلزمه الصلاة،و فرّقوا بين الشكّ هنا و الشكّ في القبلة بأنّ وقت الصلاة معلوم،فلا يجوز أن يخليه من فعلها،و هاهنا

ص:259


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:180،المغني 3:102.
2- 2) غ:نجوّزه،ح:يجوز.
3- 3) حلية العلماء 3:184،المجموع 6:287.
4- 4) التهذيب 4:310 الحديث 935،الوسائل 7:200 الباب 7 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]

وقت العبادة لم يعلم وجوده،فلا يجب عليه؛لأنّه شاكّ في سبب الوجوب،و في القبلة لم يشكّ في سبب الوجوب فافترقا (1).و هذا فيه نظر؛لأنّ الشكّ في دخول وقت الصلاة يمكن معه تحصيل العلم بالدخول بالعلامات التي وضعها الشارع، فلا يجوز له الإقدام على فعل العبادة بمجرّد الشكّ،أمّا هاهنا فالتقدير أنّه لا يمكنه علم ذلك،فسقط اعتبار الوقت عنه بالكلّيّة في نظر الشرع.

الثاني:هل يجب على هذا بعد الصوم البحث و الاجتهاد أم لا؟

فيه تردّد ينشأ من اشتغال ذمّته بالوجوب لو صادف صومه قبل الشهر،و من كون الأصل عدم الوجوب و عدم اشتغال الذمّة،و لا يلزم من اشتغال الذمّة بعد الانكشاف اشتغاله قبله،و الأخير أقرب.

الثالث:لو وافق بعضه الشهر دون بعض صحّ فيما وافق الشهر و ما بعده،و بطل

ما قبله،

و وجب قضاء السابق خاصّة.

و لو وافق صومه شوّال لم يصحّ صوم يوم الفطر و صحّ فيما سواه،و وجب عليه صوم يوم بدل العيد.

و كذا البحث لو وافق ذا الحجّة و هو بمنى لم يصحّ صوم العيد و لا أيّام التشريق و وجب عليه قضاؤها.

الرابع:إذا وافق صومه بعد الشهر،فالمعتبر صوم أيّام بعدّة ما فاته،

سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق،و سواء كان الشهران تامّين أو ناقصين أو أحدهما تامّا و الآخر ناقصا.

و قال بعض الشافعيّة:إذا وافق شهرا بين هلالين أجزأه مطلقا،و إن لم يوافق، لزمه صوم ثلاثين و إن كان رمضان ناقصا (2).

ص:260


1- 1المجموع 6:287.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:285.

و هو خطأ؛لأنّ الواجب عليه قضاء ما ترك،و الاعتبار فيه بالأيّام.

و لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (1).

و لأنّه فاته شهر رمضان،فوجب أن يقضي ما فاته على حسبه؛لأنّ القضاء معتبر بحسب الأداء كالمريض و المسافر.

احتجّ المخالف:بأنّه لو نذر صيام شهر،أجزأه ما بين هلالين أو ثلاثين يوما (2).

و الجواب:أنّه أطلق في النذر صوم شهر،و الإطلاق ينصرف إلى ما يتناوله الاسم و الاسم يتناول ذلك،و أمّا هاهنا فيجب أن يراعي عدد الأيّام التي تركها، و هذا كما لو نذر صلاة مطلقة،لزمه ركعتان.

و لو نذر صلاة معيّنة لزمه بعددها (3)،و كذا لو ترك صلاة،لزمه بعددها (4)،كذا هاهنا الواجب بعدّة ما فاته من الأيّام،سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهرين (5).

الخامس:لو كان شهر رمضان تامّا فصام شوّالا و كان ناقصا،لزمه قضاء

يومين،

و لو انعكس الفرض،لم يجب عليه شيء،و لو كانا تامّين،لزمه قضاء يوم بدل العيد،و كذا لو كانا ناقصين.

و أوجب بعض الشافعيّة قضاء يومين (6)،و ليس بمعتمد.

السادس:لو صام على سبيل التخمين من غير أمارة،لم يجب عليه القضاء

إلاّ

ص:261


1- 1البقرة(2):184،185، [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:284.
3- 3) ص،ش و متن ح:بقدرها.
4- 4) ش و ص:بقدرها.
5- 5) غ و ف:أو بين شهرين.
6- 6) المجموع 6:285،مغني المحتاج 1:426.

أن يوافق صوما قبل رمضان على ما بيّنّاه (1)؛لأنّه صام صوما مشروعا،فوجب أن يخرج به عن العهدة،و المقدّمة الأولى ثبتت هاهنا،و الثانية في أصول الفقه.

السابع:لو بان أنّه صام قبل رمضان،فإن ظهر له ذلك قبل دخول رمضان،

وجب عليه أن يصومه؛

لأنّ الذي فعله لا يخرجه عن العهدة و قد حضر وقت التكليف،فيجب عليه الفعل،كما لو لم يصم متقدّما،و إن ظهر بعد فوات جميع رمضان،وجب عليه القضاء على ما بيّنّاه (2)،و خالف فيه بعض الشافعيّة،و قد سلف البحث معهم (3).

الثامن:لو صام تطوّعا فوافق شهر رمضان فالأقرب أنّه يجزئه.

و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:لا يجزئه (5)،و به قال أحمد (6).

لنا:أنّ نيّة التعيين ليست شرطا،و قد مضى البحث في ذلك من الجانبين (7).

مسألة:و يستحبّ الدعاء عند رؤية الهلال؛لأنّه انتقال من زمان إلى آخر، فاستحبّ فيه الدعاء بطلب الخير فيه.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول إذا رأى الهلال:«اللّه أكبر، اللهمّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان،و السلامة و الإسلام،و التوفيق لما تحبّ

ص:262


1- 1يراجع:ص 258.
2- 2) يراجع:ص 258.
3- 3) يراجع:ص 258. [1]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:59،المغني 3:103،تحفة الفقهاء 1:348،الهداية للمرغينانيّ 1:118، بدائع الصنائع 2:84،مجمع الأنهر 1:233.
5- 5) الأمّ 2:96،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:288،المغني 3:103،حلية العلماء 3:186، الشرح الكبير بهامش المغني 3:14.
6- 6) المغني 3:103،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:473.
7- 7) يراجع:ص 16.

و ترضى،ربّي و ربّك اللّه» (1).

و من طريق الخاصّة:روى الشيخ عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أهلّ هلال شهر رمضان،استقبل القبلة، و رفع يديه،فقال:اللهمّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان،و السلامة و الإسلام،و العافية المجلّلة (2)،و الرزق الواسع،و دفع الأسقام،اللهمّ ارزقنا صيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه،اللهمّ سلّمه لنا،و تسلّمه منّا،و سلّمنا فيه» (3).

و عن عمرو بن شمر قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أهلّ هلال شهر رمضان أقبل إلى القبلة و قال:اللهمّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان،و السلامة و الإسلام،و العافية المجلّلة،اللهمّ ارزقنا صيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه،اللهمّ سلّمه لنا،و تسلّمه منّا،و سلّمنا فيه» (4).

و عن الحسين بن المختار رفعه،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«إذا رأيت الهلال فلا تبرح و قل:اللهمّ إنّي أسألك خير هذا الشهر و فتحه و نوره و نصره و بركته و طهوره و رزقه،أسألك (5)خير ما فيه و خير ما بعده،و أعوذ بك من شرّ ما فيه و شرّ ما بعده،اللهمّ أدخله علينا بالأمن و الإيمان،و السلامة و الإسلام،و البركة و التقوى،و التوفيق لما تحبّ و ترضى» (6).

ص:263


1- 1سنن الترمذيّ 5:504 الحديث 3451،سنن الدارميّ 2:3، [1]كنز العمّال 8:595،الحديث 24309، المعجم الكبير للطبرانيّ 12:273 الحديث 13330.
2- 2) جلّل المطر الأرض-بالتثقيل-:عمّها و طبّقها فلم يدع شيئا إلاّ غطّي عليه.المصباح المنير:106. [2]
3- 3) التهذيب 4:196 الحديث 562،و فيه:«إذا هلّ»مكان:«إذا أهلّ»،الوسائل 7:233 الباب 20 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 4:197 الحديث 563،و فيه:«إذا هلّ»مكان:«إذا أهلّ»،الوسائل 7:234 الباب 20 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [4]
5- 5) ح:و أسألك،كما في التهذيب و الكافي. [5]
6- 6) التهذيب 4:197 الحديث 564،الوسائل 7:234 الباب 20 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [6]

و قال ابن بابويه:قال أبي-رضي اللّه عنه-في رسالته:إنّك إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه،و لكن استقبل القبلة و ارفع يديك إلى اللّه عزّ و جلّ و خاطب الهلال تقول:ربّي و ربّك اللّه ربّ العالمين،اللهمّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان،و السلامة و الإسلام،و المسارعة إلى ما تحبّ و ترضى،اللهمّ بارك لنا في شهرنا هذا،و ارزقنا عونه و خيره،و اصرف عنّا ضرّه و شرّه و بلاءه و فتنته (1).

و كان من قول أمير المؤمنين عليه السّلام عند رؤية الهلال:«أيّها الخلق المطيع، الدائب (2)السريع،المتردّد في فلك التدبير،المتصرّف في منازل التقدير،آمنت بمن نوّر بك الظلم،و أضاء بك البهم،و جعلك آية من آيات سلطانه،و امتهنك (3)بالزيادة و النقصان و الطلوع و الأفول،و الإنارة و الكسوف،في كلّ ذلك أنت له مطيع،و إلى إرادته سريع،سبحانه ما أحسن ما دبّر،و أتقن ما صنع في ملكه، و جعلك اللّه[هلال] (4)شهر حادث لأمر حادث،جعلك اللّه هلال أمن و إيمان، و سلامة و إسلام،هلال أمن (5)من العاهات،و سلامة من السّيّئات،اللهمّ اجعلنا أهدى من طلع عليه،و أزكى من نظر إليه،و صلّ على محمّد و آله،و افعل بي كذا و كذا يا أرحم الراحمين» (6).

مسألة:و وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني
اشارة

الذي تجب معه صلاة الصبح-و هو قول العلماء كافّة-قال اللّه تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ

ص:264


1- 1الفقيه 2:62.
2- 2) دأب فلان في عمله:أي:جدّ و تعب.الصحاح 1:123. [1]
3- 3) أكثر النسخ:و امتحنك.قال في المصباح المنير:583: [2]مهنّ مهنا خدم غيره...أمهنته:استخدمته و امتهنته: ابتذلته.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) ص:أمنه،ف و ك:أمنة،ش و م:أمنته.
6- 6) الفقيه 2:63 الحديث 270.

اَلْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (1).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ (2)الآية،فقال:«نزلت في خوّات بن جبير الأنصاريّ (3)،و كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الخندق و هو صائم،و أمسى (4)على تلك الحال،و كان قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام (5)،فجاء خوّات إلى أهله حين أمسى،فقال:هل عندكم طعام؟فقالوا:لا،أقم (6)حتّى نصنع لك طعاما،فاتّكأ فنام،فقالوا له:قد غفلت؟ فقال:نعم،فبات على تلك الحال و أصبح،ثمّ غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه، فمرّ (7)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل اللّه فيه الآية: كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (8)(9).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الخيط

ص:265


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) البقرة(2):187. [2]
3- 3) خوّات بن جبير بن النعمان بن أميّة،ذكره ابن الأثير في الصحابة و قال:كان أحد فرسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،شهد بدرا.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام و قال:إنّه بدريّ.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال في حقّه بمثل ما قال الشيخ.قال المامقانيّ: إنّ مقتضى ما ذكر الشيخ و المصنّف كونه معتمدا و أقلّ ما يحصل من شهادتهما حسن الرجل. أسد الغابة 2:125، [3]رجال الطوسيّ:40،رجال العلاّمة:66،تنقيح المقال 1:403. [4]
4- 4) ح بزيادة:و هو،كما في الوسائل. [5]
5- 5) بعض النسخ بزيادة:و الشراب،كما في الوسائل. [6]
6- 6) أكثر النسخ:فنم،و في غ و ك:فتم،و ما أثبتناه من التهذيب.
7- 7) ح بزيادة:به،غ بزيادة:عليه.
8- 8) البقرة(2):187. [7]
9- 9) التهذيب 4:184 الحديث 512،الوسائل 7:79 الباب 43 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [8]

الأبيض من الخيط الأسود،فقال:«بياض النهار من سواد الليل»قال:«و كان بلال يؤذّن للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1)حين يطلع الفجر و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام و الشراب فقد أصبحتم» (2).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:متى يحرم الطعام (3)على الصائم و تحلّ الصلاة صلاة الفجر؟فقال:«إذا اعترض الفجر و كان كالقبطيّة (4)البيضاء،فثمّ يحرم الطعام،و تحلّ الصلاة صلاة الفجر»قلت:

فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟فقال:«هيهات أين تذهب؟!تلك صلاة الصبيان» (5).و لا نعرف في ذلك خلافا يعتدّ (6)به.

فرع:

لو غلب على ظنّه اتّساع الوقت،جاز له الأكل و الشرب و الجماع،فلو طلع الفجر و هو مجامع،نزع،و لا شيء عليه مع المراعاة.

و كذا لو أنزل-و الفجر طالع-من مواقعة (7)قبل الفجر مع ظنّ السعة.

و قال الشيخ في الخلاف:عليه القضاء (8).و ليس بمعتمد؛لأنّه فعل مأذون فيه،

ص:266


1- 1ح بزيادة:«و ابن أمّ مكتوم و كان أعمى يؤذّن بليل،و يؤذّن بلال»،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:184 الحديث 513،الوسائل 7:78 الباب 42 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) ح بزيادة:و الشراب،كما في الوسائل. [3]
4- 4) أكثر النسخ:كالقطنة،و ما أثبتناه من التهذيب.
5- 5) التهذيب 4:185 الحديث 514،الوسائل 3:152 [4] الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث 1،و ج 7: 79 الباب 42 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2.
6- 6) ق،ف و ش:نعتدّ.
7- 7) ح:مع المواقعة،مكان:من مواقعة.
8- 8) الخلاف 1:380 مسألة-15.

و لا تفريط هنا بترك المراعاة،فلا يلزمه القضاء،كما بيّنّاه في الأكل و الشرب (1).

أمّا لو جامع من غير مراعاة أو قلّد غيره في أنّ الفجر لم يطلع مع إمكان المراعاة،فبان طالعا،وجب عليه القضاء،و قد تقدّم ذلك،و لا كفّارة للشبهة،و قد سلف البحث فيه فيما مضى (2).

مسألة:و يجب الاستمرار على الإمساك إلى غروب الشمس الذي تجب به
اشارة

صلاة المغرب،

و قد تقدّم (3)،و علامة ذلك غيبوبة الحمرة المشرقيّة.

و قال قوم من علمائنا:إنّه لو كان بحيث يرى الآفاق و غابت الشمس،و رأى ضوءها على بعض الجبال من بعيد أو بناء عال،مثل منارة إسكندريّة،جاز الإفطار،فاعتبروا غيبوبة القرص لا غير (4).قال الشيخ (5):و الأحوط عندي أن لا يفطر حتّى تغيب عن الأبصار في كلّ ما يشاهده،فإنّه يتيقّن معه تمام الصوم (6).

و الذي ذكره الشيخ هو الوجه عندي؛لما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصيام أن يقوم بحذاء القبلة و يتفقّد الحمرة التي ترتفع من المشرق،فإذا جازت قمّة (7)الرأس إلى ناحية المغرب،فقد وجب الإفطار و سقط القرص» (8).

احتجّوا:بما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى

ص:267


1- 1يراجع:ص 161.
2- 2) يراجع:ص 154. [1]
3- 3) يراجع:الجزء الرابع:63.
4- 4) نقله في المبسوط 1:269 [2] عن بعض الأصحاب.
5- 5) ق و خا:و قال الشيخ.
6- 6) المبسوط 1:269. [3]
7- 7) القمّة-بالكسر-أعلى الرأس و غيره.المصباح المنير:517.
8- 8) التهذيب 4:185 الحديث 516،الوسائل 7:89 الباب 52 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]

اللّه عليه و آله:إذا غاب القرص أفطر الصائم،و دخل وقت الصلاة» (1).

و الجواب:أنّا نقول بموجبه،لكنّ البحث في غيبوبة القرص متى هو،فأين (2)أحدهما من الآخر؟!على أنّ في طريق هذه الرواية عمرو بن شمر و هو ضعيف.

قال ابن بابويه-رحمه اللّه-قال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إليّ:يحلّ لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم و هي تطلع من غروب الشمس،و هو رواية أبان عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام (3)،و قد رواه الشيخ أيضا عن أبان،عن زرارة، قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن وقت إفطار الصائم،قال:«حين يبدو له ثلاثة أنجم»و قال لرجل ظنّ أنّ الشمس قد غابت فأفطر ثمّ أبصر الشمس بعد ذلك، قال:«ليس عليه قضاء» (4).

قال الشيخ:ما تضمّنه هذا الخبر من ظهور ثلاثة أنجم لا يعتبر به،و المراعى ما قدّمناه من سقوط القرص،و علامته زوال الحمرة من ناحية المشرق،و هذا كان يعتبره أصحاب أبي الخطّاب لعنه اللّه (5).

فرع:لو اشتبه عليه الغيبوبة،وجب عليه الإمساك،و يستظهر حتّى يتيقّن؛

لأنّ الأصل البقاء،فلا يجوز الإقدام على المفطر مع الشكّ،و لو غاب القرص و بقي له أمارة الظهور فأصحّ الروايتين وجوب الإمساك حتّى تذهب علامة ظهوره.

مسألة:و يستحبّ له تقديم الصلاة على الإفطار؛

ليتضاعف (6)أجر الطاعة مع

ص:268


1- 1الفقيه 2:81 الحديث 358،الوسائل 3:130 الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث 20. [1]
2- 2) ف،ق،غ و خا:و أين.
3- 3) الفقيه 2:81.
4- 4) التهذيب 4:318 الحديث 968،الوسائل 7:88 [2] الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2 و ص 89 الباب 52 الحديث 3.
5- 5) التهذيب 4:318.
6- 6) ك:ليضاعف.

الصوم،فإن كان هناك قوم ينتظرونه للإفطار،قدّم الإفطار معهم على الصلاة،مراعاة لقلب المؤمن.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سئل عن الإفطار قبل الصلاة أو بعدها؟قال:«إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم،فليفطر معهم،و إن كان غير ذلك فليصلّ و ليفطر» (1).

و عن زرارة و فضيل،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«تصلّي في رمضان ثمّ تفطر،إلاّ أن تكون مع قوم ينتظرون الإفطار،فلا تخالف عليهم و إلاّ فابدأ بالصلاة فقد حضرك فرضان:الإفطار و الصلاة،و أفضلهما الصلاة»ثمّ قال:«تصلّي و أنت صائم،و تختم بالصوم أحبّ إليّ» (2).

النظر الثاني:في شرائطه،
اشارة

و هي قسمان:

الأوّل:شرائط الوجوب.
مسألة:و لا خلاف في أنّ البلوغ و كمال العقل شرطان في وجوب الصوم،

فلا يجب على الصبيّ،و لا المجنون،و لا المغمى عليه،إلاّ في رواية عن أحمد؛فإنّه أوجب على الصبيّ الصوم إذا أطاقه (3)،و قد مضى البحث فيه (4).

فلو بلغ الصبيّ قبل الفجر،وجب عليه الصوم بالإجماع لا نعرف فيه مخالفا،

ص:269


1- 1التهذيب 4:185 الحديث 517،الوسائل 7:107 الباب 7 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:198 الحديث 570،الوسائل 7:108 الباب 7 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. و [2]الحديث فيهما هكذا«...في رمضان تصلّي ثمّ تفطر إلاّ أن تكون مع قوم ينتظرون الإفطار فإن كنت معهم فلا تخالف عليهم و أفطر ثمّ صلّ و إلاّ فابدأ بالصلاة،قلت:و لم ذلك؟قال:لأنّه قد حضرك فرضان: الإفطار و الصلاة [3]فابدأ بأفضلهما،و أفضلهما الصلاة، [4]ثمّ قال:تصلّي و أنت صائم فتكتب صلاتك تلك فتختم بالصوم أحبّ إليّ.
3- 3) المغني 3:94،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:462، [5]الإنصاف 3:281.
4- 4) يراجع:ص 199 و 202. [6]

و لو كان بعد الفجر،لم يجب،و استحبّ له الإمساك،سواء كان مفطرا أو صائما.

و قال أبو حنيفة:يجب عليه الإمساك (1).

و قال الشافعيّ:إن كان أفطر استحبّ له الإمساك،و في القضاء قولان،و إن كان صائما فوجهان:

أحدهما:يتمّه استحبابا و يقضيه وجوبا؛لفوات نيّة التعيين.

و الثاني:يتمّ وجوبا و يقضيه استحبابا (2).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق،و عن النائم حتّى ينتبه» (3).و رفع القلم عبارة عن سقوط التكليف واجبا و ندبا،فلا يجب عليه.

و لأنّ الصبيّ ليس أهلا للخطاب و لا محلاّ للوجوب،فلا تكليف عليه في أوّل النهار و لا في آخره؛لاستحالة إيجاب صوم بعض اليوم.

و يفارق هذا ما إذا فات بعض اليوم ثمّ قامت البيّنة بالرؤية،كما احتجّ به أبو حنيفة (4)؛لأنّ أوّل النهار كان صومه واجبا على البالغ ثمّ ظهر وجوبه بقيام البيّنة،بخلاف صورة النزاع.

و أمّا استحباب الإمساك؛فلأنّه تمرين على الصوم و تسليك للصبر على الطاعات،و ليس بتكليف يتوقّف على توجّه الخطاب.

ص:270


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:58،بدائع الصنائع 2:102،مجمع الأنهر 1:253.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:256، [1]مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143،حلية العلماء 3:173.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:59 و ج 8:204،سنن أبي داود 4:139 الحديث 4398 و ص 140 الحديث 4399،4401 و 4403، [2]سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [3]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن الدارميّ 2:171، [4]مسند أحمد 6:100،101 و 144، [5]سنن البيهقيّ 4:269 و 325 و ج 6: 57 و ج 8:264،265 و ج 10:317،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 11141.بتفاوت.
4- 4) بدائع الصنائع 2:102.
مسألة:و العقل شرط في الصوم،

فلا يجب على المجنون إجماعا،و للحديث.

و لو أفاق في أثناء الشهر،وجب عليه صيام ما بقي إجماعا؛لأنّه مكلّف قد حضر (1)وقت التكليف،فتعلّق به ما خوطب به فيه،و لا يجب عليه قضاء ما فات، و سيأتي.

أمّا اليوم الذي أفاق فيه،فإن أفاق قبل طلوع الفجر،وجب عليه صيامه إجماعا،و إن أفاق في أثنائه،أمسك استحبابا لا وجوبا؛لما تقدّم في فصل الصبيّ (2)،و الخلاف هنا كالخلاف هناك،و حكم المغمى عليه حكم المجنون.

مسألة:و الإسلام شرط في صحّة الصوم على ما بيّنّاه ،

(3)

فلو أسلم في أثناء الشهر،وجب عليه صيام ما بقي دون الماضي،و سيأتي.

أمّا اليوم الذي أسلم فيه،فإن كان قد أسلم قبل طلوع الفجر،وجب عليه صيامه،و إن كان بعده،أمسك استحبابا لا وجوبا؛لما تقدّم (4).

و يدلّ عليه أيضا ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العيص بن القاسم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه أيّام، هل عليهم أن يقضوا ما مضى[منه] (5)أو يومهم الذي أسلموا فيه؟قال:«ليس عليهم قضاء و لا يومهم الذي أسلموا فيه،إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر» (6).و الخلاف هنا كما تقدّم.

ص:271


1- 1ح:حضره.
2- 2) يراجع:ص 269.
3- 3) يراجع:ص 203. [1]
4- 4) يراجع:ص 209.
5- 5) أثبتناها من المصادر.
6- 6) التهذيب 4:245 الحديث 728،الاستبصار 2:107 الحديث 349،الوسائل 7:238 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
مسألة:و السلامة من المرض إذا كان الصوم مضرّا به شرط في وجوبه.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و لا نعلم فيه خلافا.

و قد أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة.قال اللّه تعالى:

فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (1).

إذا ثبت هذا:فنقول حدّ المرض الذي يجب معه الإفطار:ما يزيد في مرضه لو صام،أو يبطؤ البرء معه،و عليه أكثر العلماء (2).

و حكي عن قوم لا اعتداد بهم إباحة الفطر بكلّ مرض،سواء زاد في المرض أو لم يزد (3).

لنا:أنّه شاهد للشهر لا يؤذيه الصوم،فكان كالصحيح.

احتجّوا (4)بعموم قوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ (5).

و الجواب:أنّها مخصوصة في المسافر و المريض معا،فإنّ المسافر سفرا قصرا لا يجب عليه القصر.

و الفرق بين السفر و المرض أنّ الشارع اعتبر مظنّة السفر و هو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها،فإنّ قليل المشقّة لا يبيح القصر،و الكثير لا ضابط له في نفسه،فاعتبرت مظنّة الكثير،و هو السفر الطويل الذي حدّه الشارع و جعله مناطا للحكم دائرا معه وجوب القصر وجودا و عدما.

أمّا المرض فلم يعتبر الشارع له ضابطا؛لاختلاف الأمراض،فإنّ منها ما يضرّ صاحبه الصوم،و منها ما لا يؤثّر الصوم فيه،فلم يصلح المرض ضابطا،فاعتبرت

ص:272


1- 1البقرة(2):184. [1]
2- 2) المغني 3:88،المجموع 6:258،الهداية للمرغينانيّ 1:126.
3- 3) المغني 3:88.
4- 4) المغني 3:88.
5- 5) البقرة(2):184. [2]

الحكمة،لإمكانها؛إذ الإنسان على نفسه بصيرة،فوجب اعتبار ما يخاف معه الزيادة أو عدم البرء أو بطؤه،و بالجملة الإضرار بالصوم.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن ابن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله ما حدّ المرض الذي يفطر صاحبه؟و المرض الذي يدع صاحبه الصلاة من قيام؟فقال: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (1).و قال:«ذاك إليه،هو أعلم بنفسه» (2).

و عن سماعة قال:سألته ما حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر؟قال:«هو مؤتمن عليه مفوّض إليه،فإن وجد ضعفا فليفطر،و إن وجد قوّة فليصمه،كان المرض ما كان» (3).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يجد في رأسه وجعا من صداع شديد هل يجوز له الإفطار؟قال:«إذا صدّع صداعا شديدا، و (4)إذا حمّ حمّى شديدة،و إذا رمدت عينه (5)رمدا شديدا فقد حلّ له الإفطار» (6).

فروع:
الأوّل:كلّ الأمراض متساوية في هذا الحكم؛عملا بعموم المرض،

لكن بشرط

ص:273


1- 1القيامة(75):14. [1]
2- 2) التهذيب 4:256 الحديث 758،الاستبصار 2:114 الحديث 371،الوسائل 7:157 الباب 20 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 4:256 الحديث 759،الاستبصار 2:114 الحديث 372،الوسائل 7:156 الباب 20 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [3]
4- 4) ف،ك،ق.خا و ح:أو.
5- 5) ح:عيناه،كما في الوسائل. [4]
6- 6) التهذيب 4:256 الحديث 760،الوسائل 7:157 الباب 20 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 6. [5]

الزيادة أو الضرر (1)على ما بيّنّا (2)(3).

الثاني:هذا الشرط منوط بالظنّ،فمتى غلب على ظنّه التضرّر بالصوم،

وجب عليه الإفطار،سواء استند في ذلك إلى أمارة أو تجربة أو قول عارف،عملا بالعموم.

الثالث:لو صام مع حصول الضرر بالصوم لم يجزئه؛

لأنّه منهيّ عنه و النهي يدلّ على فساد المنهيّ عنه.

و لقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (4)و التفصيل يقطع الشركة.

و خالف بعض الجمهور في ذلك،و قال:إنّه إذا تكلّفه أجزأه و إن زاد في مرضه (5)،و ليس بمعتمد.

و رواية عقبة بن خالد (6)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل صام رمضان و هو

ص:274


1- 1بعض النسخ:و الضرر.
2- 2) م و ش:بيّنّاه.
3- 3) يراجع:ص 272.
4- 4) البقرة(2):185. [1]
5- 5) المغني 3:88،الشرح الكبير بهامش المغني 3:18،بداية المجتهد 1:295.
6- 6) عقبة بن خالد الأسديّ كوفيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،له كتاب،قاله النجاشيّ،ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام مرّتين،قال في إحداهما:عقبة بن خالد الأسديّ كوفيّ،و قال في الأخرى:عقبة بن خالد الأشعريّ القمّاط كوفيّ.قال المامقانيّ:لا يبعد اتّحادهما،و ظاهر النجاشيّ و الشيخ كونه إماميّا و هو صريح ما رواه الكشّيّ في حقّه:من ترحّم الصادق عليه السّلام عليه،و ما في الكافي:من روايته رؤية المؤمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام عند الموت، و هذا يدرجه في أعلى درجات الحسن. رجال النجاشيّ:299،رجال الكشّيّ:344،رجال الطوسيّ:261،الكافي 3:133 الحديث 8، [2]تنقيح المقال 2:254. [3]

مريض،قال:«يتمّ صومه و لا يعيد يجزئه» (1)ليست منافية لما ذهبنا إليه؛لأنّها كما يحتمل المرض الذي يزيد الصوم فيه،يحتمل ما لا يزيد الصوم فيه،و لا يمكن الجمع،فلا دلالة فيها على نقيض المطلوب،بل يجب حملها على من لا يزيد الصوم فيه؛جمعا بين الأدلّة.

الرابع:الصحيح الذي يخشى المرض بالصيام هل يباح له الفطر؟

فيه تردّد ينشأ من وجوب الصوم (2)بالعموم و سلامته عن معارضة المرض،و من كون المريض إنّما أبيح له الفطر لأجل الضرر به،و هو حاصل هنا؛لأنّ الخوف من تجدّد المرض في معنى الخوف من زيادته و تطاوله.

الخامس:لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشقّ أنثياه هل يباح له

الفطر؟فيه التردّد.

أمّا المستحاضة إذا خافت من الضرر بالصوم،فإنّها تفطر؛لأنّ الاستحاضة مرض،فدخلت تحت العموم.

و لو جوّزنا لصاحب الشبق المضرّ به،الإفطار،فإن أمكنه استدفاع الأذى بما لا يفسد به صوم غيره،كالوطء فيما دون الفرج،وجب عليه ذلك.

و إن لم يمكنه إلاّ بإفساد الصوم،هل يجوز له ذلك؟فيه تردّد ينشأ من تحريم الإفطار لغير (3)سبب،و من مراعاة مصلحة بقاء النفس على السلامة،كالحامل و المرضع،فإنّهما تفطران خوفا على ولديهما.

و لو كان له امرأتان:حائض و طاهر،و دعته الضرورة إلى وطء إحداهما، و جوّزنا له ذلك،فالوجه وطء الطاهر؛لأنّ اللّه تعالى حرّم وطء الحائض في

ص:275


1- 1التهذيب 4:257 الحديث 762 و ص 325 الحديث 1008،الوسائل 7:160 الباب 22 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
2- 2) م بزيادة:عملا.
3- 3) ص،ش،خا و ح:بغير.

كتابه (1).و لأنّ وطأها فيه أذى لا يزول بالحاجة إلى الوطء.

و قيل:يتخيّر؛لأنّ وطء الصائمة يفسد صومها،فتتعارض (2)المفسدتان فيتساويان (3)،و الوجه الأوّل.

و كذا لو أمكنه استدفاع الأذى بفعل محرّم،كالاستمناء باليد أو يد امرأته أو جاريته لم يسغ ذلك،خلافا لبعضهم (4).

مسألة:و الإقامة أو حكمها شرط في الصوم الواجب،

(5)

إلاّ ما استثنيناه، فلا يجب الصوم على المسافر.و هو قول كلّ العلماء،قال اللّه تعالى: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (6).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه تعالى وضع عن المسافر الصوم و شطر الصلاة» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (8)قال:«ما أبينها من شهد فليصمه و من سافر فلا يصمه» (9).

ص:276


1- 1البقرة(2):222.
2- 2) ش،م،ق و خا:فتعارض.
3- 3) المغني 3:89،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19.
4- 4) المغني 3:89،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19.
5- 5) ح:أو ما في حكمها.
6- 6) البقرة(2):185. [1]
7- 7) بهذا اللفظ ينظر:مسند أحمد 5:29،و [2]بتفاوت ينظر:سنن ابن ماجة 1:533 الحديث 1667،سنن النسائيّ 4:178،179 و 190،سنن الدارميّ 2:10. [3]
8- 8) البقرة(2):185. [4]
9- 9) التهذيب 4:216 الحديث 627،الوسائل 7:125 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 8. [5]

و عن ابن أبي عمير (1)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سمعته يقول:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ اللّه تصدّق على مرضى أمّتي و مسافريها بالتقصير و الإفطار،أ يسرّ أحدكم إذا تصدّق بصدقة أن تردّ عليه؟!» (2).و لا خلاف بين المسلمين في إباحة الإفطار للمسافر سفرا مشروطا بما يأتي و ما مضى (3).

مسألة:و لا يجوز للمسافر الصوم،فلو صام،لم يجزئه إن كان عالما.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال أبو هريرة (4)و ستّة من الصحابة (5)،و أهل الظاهر (6).

و قال باقي الجمهور بجواز الصوم،و اختلفوا في الأفضل من الصوم و الإفطار:

فقال الشافعيّ (7)،و مالك (8)،و أبو حنيفة (9)،و الثوريّ (10)،و أبو ثور:إنّ الصوم في السفر أفضل (11).

ص:277


1- 1أكثر النسخ:ابن أبي نجران،كما في التهذيب،و الصحيح:ما أثبتناه،كما في نسخة ح و الكافي و [1]الوسائل و [2]هو محمّد بن زياد بن عيسى؛لأنّ ابن أبي نجران لم ينقل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
2- 2) التهذيب 4:216 الحديث 628،الوسائل 7:124 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [3]
3- 3) يراجع:ص 210.
4- 4) المغني 3:90،تفسير القرطبيّ 2:280. [4]
5- 5) المجموع 6:264،تفسير القرطبيّ 2:279. [5]
6- 6) المغني 3:90،بداية المجتهد 1:295،المحلّى 6:243،عمدة القارئ 11:43.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:178،المجموع 6:261،مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:82،تفسير القرطبيّ 2:280. [6]
8- 8) بداية المجتهد 1:296،تفسير القرطبيّ 2:280، [7]المغني 3:90،عمدة القارئ 11:43.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:92،تحفة الفقهاء 1:359،بدائع الصنائع 2:96،الهداية للمرغينانيّ 1:126، شرح فتح القدير 2:272،عمدة القارئ 11:43،المغني 3:90،تفسير القرطبيّ 2:280. [8]
10- 10) المجموع 6:265. [9]
11- 11) عمدة القارئ 11:43،المجموع 6:265.

و قال أحمد (1)،و الأوزاعيّ (2)و إسحاق:الفطر أفضل (3)،و هو قول عبد اللّه بن عبّاس،و عبد اللّه بن عمر (4).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (5)و التفصيل قاطع للشركة،فكما أنّ الحاضر يلزمه الصوم فرضا لازما مضيّقا،كذلك المسافر يلزمه القضاء فرضا مضيّقا،و إذا وجب عليه القضاء مطلقا،سقط عنه فرض الصوم.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس من البرّ الصيام في السفر» (6).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الصائم في السفر كالمفطر في الحضر» (7).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه أفطر في السفر،فلمّا بلغه أنّ قوما صاموا قال:

«أولئك العصاة» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن حكيم قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لو أنّ رجلا مات صائما في السفر ما صلّيت عليه» (9).

ص:278


1- 1المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:20،الكافي لابن قدامة 1:465،الإنصاف 3:287. [1]
2- 2) المغني 3:90،تفسير القرطبيّ 2:280. [2]
3- 3) المغني 3:90،عمدة القارئ 11:43،تفسير القرطبيّ 2:280. [3]
4- 4) المغني 3:90، [4]تفسير القرطبيّ 2:280. [5]
5- 5) البقرة(2):185. [6]
6- 6) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:786 الحديث 1115،سنن أبي داود 2:317 الحديث 2407، [7]سنن الترمذيّ 3:90 ذيل الحديث 710، [8]سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1664،1665،سنن النسائيّ 4:174-176،مسند أحمد 3:299،317،319،352 و 399 و [9]ج 5:434 بتفاوت.
7- 7) سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1666،سنن النسائيّ 4:183.
8- 8) صحيح مسلم 2:785 الحديث 1114،سنن الترمذيّ 3:89 الحديث 710، [10]سنن النسائى 4:177.في بعض المصادر بتفاوت.
9- 9) التهذيب 4:217 الحديث 629،الوسائل 7:125 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9. [11]

و عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر»ثمّ قال:«إنّ رجلا أتى (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أصوم شهر رمضان في السفر؟فقال:«لا» فقال:يا رسول اللّه إنّه عليّ يسير،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه تصدّق على مرضى أمّتي و مسافريها بالإفطار في شهر رمضان،أ يعجب أحدكم أن لو تصدّق بصدقة أن تردّ عليه؟!» (2).

و في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«سمّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوما صاموا حين أفطر و قصّر:عصاة،و قال:هم العصاة إلى يوم القيامة،و إنّا لنعرف أبناءهم و أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا» (3).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم،قال:«ليس من البرّ الصوم (4)في السفر» (5).

احتجّ المخالف (6):بما روته عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لحمزة الأسلميّ و قد سأله عن الصوم في السفر:«إن شئت صم و إن شئت فأفطر» (7).

و عن أنس قال:سافرنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فصام بعضنا و أفطر بعضنا،فلم يعب الصائم على المفطر و لا المفطر على الصائم (8).

ص:279


1- 1ص بزيادة:إلى.
2- 2) التهذيب 4:217 الحديث 630،الوسائل 7:124 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 4:217 الحديث 631،الوسائل 7:124 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [2]
4- 4) ص:الصيام،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 4:217 الحديث 632،الوسائل 7:125 الباب 1 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 10. [3]
6- 6) المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:20،المجموع 6:264.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:43،صحيح مسلم 2:789 الحديث 1121،سنن الترمذيّ 3:91 الحديث 711، [4]الموطّأ 1:295 الحديث 24، [5]سنن الدارميّ 2:8، [6]مسند أحمد 6:46،193،202 و 207. [7]
8- 8) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:787 الحديث 1118،الموطّأ 1:295 الحديث 23. [8]

و لأنّ الإفطار في السفر رخصة،و من رخّص له الفطر،جاز له أن يتحمّل المشقّة بالصوم،كالمريض.

و الجواب:أنّ الحديثين محمولان على صوم النافلة؛إذ التخيير ينافي الأفضليّة،و قد اتّفقوا على أفضليّة أحدهما أعني الصوم أو الفطر (1)،و القياس ممنوع للأصل،و قد سلف (2).

مسألة:ظهر ممّا ذكرنا أنّه لو صام لم يجزئه،

أمّا التفصيل و هو عدم الإجزاء مع العلم بوجوب التقصير،و الإجزاء لا معه،فيدلّ عليه أنّه مع العلم بوجوب التقصير يكون قد صام صوما يعلم أنّه لا يجزئه فلا يكون مجزئا،و مع عدم العلم يكون معذورا للجهل؛لأنّ جهالته بالقصر موجب بقائه (3)على علمه السابق من وجوب الإتمام،فيكون مؤدّيا فرضه (4).

و يدلّ عليه أيضا ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:رجل صام في السفر،فقال:«إن كان بلغه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فعليه القضاء و إن لم يكن بلغه فلا شيء عليه» (5).

و عن ابن أبي شعبة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام،مثله (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سمعته يقول:«إذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزئه و عليه الإعادة» (7).و في الصحيح عن عبد الرحمن

ص:280


1- 1كثير من النسخ:أو القصر.
2- 2) يراجع:ص 276-277.
3- 3) ح:للبقاء،ص،ف و م:بقاه.
4- 4) كثير من النسخ:فيه حقّه،مكان:فرضه.
5- 5) التهذيب 4:220 الحديث 643،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [1]
6- 6) التهذيب 4:221 الحديث 644،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 4:221 الحديث 645،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [3]

بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صام شهر رمضان في السفر،فقال:«إن كان لم يبلغه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك، فليس عليه القضاء،و قد أجزأ عنه الصوم» (1).

مسألة:و إنّما يترخّص المسافر إذا كان سفره طاعة أو مباحا،

فلو كان معصية للّه تعالى،أو لصيد لهو و بطر،أو كان تابعا لسلطان جائر،فعليه التمام و لم يجز له الإفطار-و عليه علماؤنا أجمع-لأنّ الرخصة مساعدة فلا تلائم العاصى.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن عمّار بن مروان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«من سافر قصّر و أفطر،إلاّ أن يكون رجلا سفره في الصيد،أو في معصية اللّه تعالى،أو رسولا لمن يعصي اللّه،أو فى طلب شحناء (2)أو سعاية ضرر (3)على قوم من المسلمين» (4).

و عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عمّن يخرج من أهله بالصقورة و الكلاب يتنزّه الليلتين و الثلاث هل يقصّر من صلاته أو لا؟ (5)قال:«لا يقصّر،إنّما خرج في لهو» (6).و التعليل يدلّ على التعميم.

و عن أبي سعيد الخراسانيّ،قال:دخل رجلان على أبي الحسن الرضا

ص:281


1- 1التهذيب 4:221 الحديث 646 و ص 328 الحديث 1023،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
2- 2) هامش ح:أو في طلب عدوّ أو شحناء،كما في الوسائل.و [2]الشحناء:العداوة و البغضاء.المصباح المنير: 306. [3]
3- 3) ح:أو ضرر.
4- 4) التهذيب 4:219 الحديث 640،الوسائل 5:509 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [4]
5- 5) من كلمة:بالصقورة...إلى كلمة:أولا،في ح هكذا:بالصقورة و البزاة و الكلاب يتنزّه الليلة و الليلتين و الثلاثة هل يقصّر أم لا يقصّر؟كما في الاستبصار و الوسائل. [5]
6- 6) التهذيب 3:218 الحديث 540 و ج 4:220 الحديث 641،الاستبصار 1:236 الحديث 842، الوسائل 5:511 الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [6]

عليه السّلام بخراسان،فسألاه عن التقصير،فقال لأحدهما:«وجب عليك التقصير؛ لأنّك قصد تني»و قال للآخر:«وجب عليك التمام؛لأنّك قصدت السلطان» (1).

و قد سلف البحث في ذلك (2).

مسألة:و حدّ السفر الذي يجب فيه التقصير بريدان،

و هما أربعة و عشرون ميلا،رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في التقصير:«حدّه أربعة و عشرون ميلا» (3).

و نحوه روى عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

و في الصحيح عن عاصم بن حميد،عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:في كم يقصّر الرجل؟فقال:«في بياض يوم أو بريدين»قال:«خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ذي خشب فقصّر»فقلت:و كم ذي خشب؟قال:

«بريدان» (5).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في التقصير في الصلاة،قال:«بريد في بريد أربعة و عشرون ميلا»ثمّ قال:

«إنّ أبي كان يقول:إنّ التقصير لم يوضع على البغلة السفواء (6)أو الدابّة الناجية (7)،

ص:282


1- 1التهذيب 4:220 الحديث 642،الاستبصار 1:235 الحديث 838،الوسائل 5:510 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث 6. [1]
2- 2) يراجع:الجزء السادس:346.
3- 3) التهذيب 4:221 الحديث 647،الاستبصار 1:223 الحديث 788،الوسائل 5:493 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 14. [2]
4- 4) التهذيب 4:221 الحديث 648،الوسائل 5:521 الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 4:222 الحديث 651،الاستبصار 1:223 الحديث 789،الوسائل 5:492 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11،12. [4]
6- 6) غ،ف،خا و م:الشقراء،و الأنسب ما أثبتناه،و السفواء:السريعة السير.أقرب الموارد 1:523.
7- 7) الدابّة الناجية:السريعة،و التي تنجو بمن ركبها.أقرب الموارد 2:1277.

و إنّما وضع على سير القطار» (1)(2).

و الجمهور اختلفوا في تحديد المسافة،و قد مضى في باب الصلاة ذكر الخلاف و تحقيق الحقّ في ذلك (3).

و لا يعارض هذه الأحاديث:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زيد الشحّام قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«يقصّر الرجل في مسيرة اثني عشر ميلا» (4).

و في الحسن عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«التقصير في بريد، و البريد أربعة فراسخ» (5).

و في الحسن عن أبي أيّوب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أدنى ما يقصّر فيه المسافر؟فقال:«بريد» (6).

لأنّها محمولة على من أراد الرجوع ليومه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن وهب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أدنى ما يقصّر فيه الصلاة؟

ص:283


1- 1القطار من الإبل-بالكسر-قطعة منها يلي بعضها بعضا على نسق واحد.أقرب الموارد 2:1012.
2- 2) التهذيب 3:207 الحديث 493 و ج 4:223 الحديث 652،الاستبصار 1:223 الحديث 787، الوسائل 5:491 الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [1]
3- 3) يراجع:الجزء السادس:329.
4- 4) التهذيب 3:208 الحديث 498 و ج 4:223 الحديث 655،الاستبصار 1:224 الحديث 794، الوسائل 5:494 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 3:207 الحديث 494 و ج 4:223 الحديث 653 و 656،الاستبصار 1:223 الحديث 790، الوسائل 5:494 الباب 2 [3] من أبواب صلاة المسافر الحديث 1 و ص 497 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1.
6- 6) التهذيب 3:207 الحديث 495 و ج 4:223 الحديث 654،الاستبصار 1:223 الحديث 791، الوسائل 5:497 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 11. [4]

قال:«بريد ذاهبا،و بريد جائيا» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن التقصير، قال:«في بريد»قال:قلت:بريد؟قال:«إنّه إذا ذهب بريدا و رجع بريدا شغل يومه» (2).

فأمّا رواية أبي سعيد الخدريّ قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا سافر فرسخا قصّر الصلاة (3)،فإنّها محمولة على أنّه عليه السّلام إذا قصد المسافة و خرج عن الجدران بحيث يخفى عنه الأذان و هو الفرسخ،قصّر الصلاة،لا أنّه يقصّر لو قصد الفرسخ لا غير؛لأنّه بمعزل عن قول المحقّقين.

مسألة:و لا بدّ من قصد المسافة،

فالهائم (4)لا يترخّص و إن سار أكثر من المسافة؛لما رواه الشيخ عن صفوان،قال:سألت الرضا عليه السّلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل،فلم يزل يتبعه حتّى بلغ النهروان،و هي أربعة فراسخ من بغداد،أ يفطر إذا أراد الرجوع و يقصّر؟قال:

«لا يقصّر و لا يفطر؛لأنّه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ،إنّما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق،فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه،و لو أنّه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا و جائيا،لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الإفطار،فإن هو أصبح و لم ينو السفر،فبدا له من بعد أن أصبح في

ص:284


1- 1التهذيب 3:208 الحديث 496 و ج 4:224 الحديث 657،الاستبصار 1:223 الحديث 792، الوسائل 5:494 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:224 الحديث 658،الوسائل 5:496 الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 4:224 الحديث 659،الاستبصار 1:226 الحديث 803،الوسائل 5:506 الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4. [3]
4- 4) هام يهيم:خرج على وجهه لا يدري أين يتوجّه فهو هائم.المصباح المنير:645.

السفر،قصّر و لم يفطر يومه ذلك» (1).

مسألة:و لو أقام في بلد عشرة أيّام مع نيّة الإقامة،وجب عليه الصوم،

و كذا لو نوى الإقامة هذه المدّة،و لو لم ينو الإقامة،بل ردّد نيّته في الإقامة و عدمها،قصّر ما بينه و بين شهر،ثمّ يتمّ بعد ذلك؛لما تقدّم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا عزم الرجل أن يقيم عشرا عليه الصلاة،و إن كان في شكّ لا يدري ما يقيم،فيقول:اليوم أو غدا،فليقصّر ما بينه و بين شهر،فإن أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتمّ الصلاة» (2).

مسألة:و من كان سفره أكثر من حضره يجب عليه الصوم سفرا؛

لأنّ وقته مشغول بالسفر فلم يترخّص؛لعدم المشقّة فيه.و لأنّه يلزم التقصير في أكثر الأوقات.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«المكاري و الجمّال الذي يختلف و ليس له مقام،يتمّ الصلاة و يصوم شهر رمضان» (3).

و عن إسماعيل بن أبي زياد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام، عن عليّ عليه السّلام،قال:«سبعة لا يقصّرون الصّلاة:الأمير الذي يدور في إمارته، و الجابي (4)الذي يدور في جبايته،و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى

ص:285


1- 1التهذيب 4:225 الحديث 662،الاستبصار 1:227 الحديث 806،الوسائل 5:503 الباب 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:227 الحديث 666،الوسائل 5:527 الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث 13. و [2]فيهما:«فعليه إتمام الصلاة»مكان:«عليه الصلاة».
3- 3) التهذيب 4:218 الحديث 634،الوسائل 5:515 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [3]
4- 4) في التهذيب:الجبّاء.

سوق،و البدويّ الذي يطلب مواضع القطر و منبت الشجر،و الراعي،و المحارب الذي يخرج لقطع السبيل،و الذي (1)يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا» (2).

و عن سنديّ بن الربيع (3)،قال في المكاري و الجمّال الذي يختلف ليس (4)له مقام:يتمّ الصلاة و يصوم في شهر رمضان (5).

مسألة:و لو أقام أحدهم في بلده أو غير بلده عشرة أيّام عازمين على ذلك، قصّروا إذا خرجوا في الصلاة و الصيام.

رواه الشيخ عن يونس بن عبد الرحمن،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن حدّ المكاري الذي يصوم و يتمّ،قال:أيّما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقلّ من مقام عشرة أيّام،وجب عليه الصيام و التمام أبدا و إن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيّام، فعليه التقصير و الإفطار» (6).

ص:286


1- 1ح:و الرجل الذي،كما في التهذيب 3 و الاستبصار و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:218 الحديث 635،و رواه أيضا بسند آخر في التهذيب 3:214 الحديث 524،الاستبصار 1:232 الحديث 826،و أوردهما في الوسائل 5:516 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 9. [2]
3- 3) سنديّ بن الربيع البغداديّ روى عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،له كتاب،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله تارة بعنوان:سنديّ بن الربيع كوفيّ من أصحاب الرضا عليه السّلام،و أخرى بعنوان: سنديّ بن الربيع كوفيّ كما في نسخة،و ثقة كما في نسخة أخرى من أصحاب العسكريّ عليه السّلام. و ثالثة بعنوان:السنديّ بن الربيع بن محمّد روى عنه الصفّار ممّن لم يرو عنهم،و قال في الفهرست:له كتاب.قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لم يرد فيه توثيق إلاّ في بعض نسخ رجال الشيخ،و لا وثوق به؛لإبدال كلمة ثقة في النسخة الأخرى بكوفيّ.رجال النجاشيّ:187،رجال الطوسيّ:378، 431 و 476،الفهرست:81، [3]تنقيح المقال 2:71. [4]
4- 4) ح:و ليس،كما في الوسائل.
5- 5) التهذيب 4:218 الحديث 636،الوسائل 5:517 الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث 10. [5]
6- 6) التهذيب 4:219 الحديث 629،الاستبصار 1:234 الحديث 837،الوسائل 5:517 الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [6]

و كذا لو تردّد المسافر في الإقامة؛فإنّه يتمّ بعد مضيّ شهر،و قد سلف البحث (1).

مسألة:و كلّ ما يشترط في قصر الصلاة فهو شرط في قصر الصوم،

و قد سلف تحقيق ذلك (2).

و يؤيّده هنا:ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ليس يفترق التقصير و الإفطار،فمن قصّر فليفطر» (3).

و هل يشترط تبييت النيّة من الليل؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:نعم،فلو بيّت نيّته على السفر من الليل ثمّ خرج أيّ وقت كان من النهار،وجب عليه التقصير و القضاء.و لو خرج بعد الزوال أمسك و عليه القضاء.

و إن لم يبيّت نيّته من الليل،لم يجز له التقصير،و كان عليه إتمام ذلك اليوم، و ليس عليه قضاؤه أيّ وقت خرج،إلاّ أن يكون قد خرج قبل طلوع الفجر،فإنّه يجب عليه الإفطار على كلّ حال.و لو قصّر،وجب عليه القضاء و الكفّارة (4).

و ذهب المفيد-رحمه اللّه-إلى أنّ المعتبر خروجه قبل الزوال،فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار،فإن صامه لم يجزئه،و وجب عليه القضاء،و لو خرج بعد الزوال،أتمّ (5).و به قال أبو الصلاح،و لا اعتبار بالنيّة (6).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يفطر و لو خرج قبل الغروب (7)،و هو قول

ص:287


1- 1يراجع:الجزء السادس:382.
2- 2) يراجع:الجزء السادس:329.
3- 3) التهذيب 4:328 الحديث 1021،الوسائل 7:130 الباب 4 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
4- 4) المبسوط 1:284، [2]النهاية:161، [3]الجمل و العقود:124،125،التهذيب 4:227،الاقتصاد:441. [4]
5- 5) المقنعة:56. [5]
6- 6) الكافي في الفقه:182. [6]
7- 7) جمل العلم و العمل:91،92.

عليّ بن بابويه (1)،و لم يعتبر التبييت.

أمّا الجمهور فقد قال الشافعيّ:إذا نوى المقيم الصوم قبل الفجر ثمّ خرج بعد الفجر مسافرا،لم يفطر يومه (2)،و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و الأوزاعيّ، و أبو ثور،و اختاره النخعيّ و مكحول،و الزهريّ (5).

و لو أفطر ففي وجوب الكفّارة بينهم خلاف،فأوجبها الشافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة (7)،و مالك:لا كفّارة عليه؛للشبهة (8).

و قال أحمد في إحدى الروايتين:يجوز له الإفطار (9).و به قال إسحاق،و داود، و المزنيّ،و اختاره ابن المنذر (10).و الأقوى عندي خيرة المفيد.

لنا:قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (11)و هو بعمومه يتناول من خرج قبل الزوال بغير نيّة من الليل على السفر،و قد بيّنّا أنّه

ص:288


1- 1المقنع:62.
2- 2) الأمّ 2:102،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:57،حلية العلماء 3:175،المهذّب للشيرازيّ 1:178، المجموع 6:261،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:129،مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:68،تحفة الفقهاء 1:367،بدائع الصنائع 2:94-95،الهداية للمرغينانيّ 1: 128،شرح فتح القدير 2:284،مجمع الأنهر 1:252.
4- 4) الموطّأ 1:296، [1]المدوّنة الكبرى 1:201،بداية المجتهد 1:298،بلغة السالك 1:253.
5- 5) المغني 3:35،الشرح الكبير بهامش المغني 3:22.
6- 6) المجموع 6:261.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:68،الهداية للمرغينانيّ 1:128، [2]شرح فتح القدير 2:284-285،مجمع الأنهر 1:252.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:201،بلغة السالك 1:253.
9- 9) المغني 3:34-35،الشرح الكبير بهامش المغني 3:22،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3: 289،زاد المستقنع:28.
10- 10) المغني 3:34،الشرح الكبير بهامش المغني 3:22،المجموع 6:261.
11- 11) البقرة(2):185. [3]

للوجوب (1).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه خرج من المدينة عام الفتح،فلمّا بلغ إلى كراع الغميم (2)أفطر (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم،قال:

«إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم،و إن خرج بعد الزوال فليتمّ يومه» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه (5)صيام ذلك اليوم و يعتدّ به من شهر رمضان،و إذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر و هو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم،فإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه و إن شاء (6)صام» (7).

و لأنّه معنى لو وجد في أوّل النهار أباح الفطر،فكذا إذا وجد في أثنائه، كالمريض.

و لأنّه قبل الزوال يكون معظم ذلك اليوم انقطع في السفر،فألحق به حكم

ص:289


1- 1يراجع:ص 278. [1]
2- 2) كراع الغميم:موضع بناحية الحجاز بين مكّة و المدينة،و هو واد أمام عسفان بثمانية أميال.معجم البلدان 4:443. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:785 الحديث 1114،سنن الترمذيّ 3:89 الحديث 710، [3]سنن البيهقيّ 4:246.
4- 4) التهذيب 4:228 الحديث 671،الاستبصار 2:99 الحديث 321،الوسائل 7:131 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [4]
5- 5) كثير من النسخ:عليه،مكان:فعليه.
6- 6) كثير من النسخ:فإن شاء.
7- 7) التهذيب 4:229 الحديث 672،الاستبصار 2:99 الحديث 322،الوسائل 7:131 الباب 5 [5] من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1 و ص 134 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1.

المسافر،و لهذا كان محلّ النيّة إلى الزوال اعتبارا بالأكثر،فكان السفر إلى قبل الزوال يجري مجرى السفر في أوّل الطلوع كالنيّة،أمّا بعد الزوال فإنّه انقضى معظم ذلك اليوم على الصوم،فلا يؤثّر فيه السفر المتعقّب،كما لم يعتدّ بالنيّة فيه.

و لعموم قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1)خرج عنه ما لو سافر قبل الزوال؛للحديثين،و لما ذكرناه،فيبقى الباقي على عمومه.

احتجّ الشيخ:بما رواه سليمان بن جعفر الجعفريّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح، قال:«إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم،إلاّ أن يدلج دلجة (2)» (3).

و عن رفاعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين (4)يصبح،قال:«يتمّ صومه ذلك»قال:قلت:فإنّه أقبل في شهر رمضان و لم يكن بينه و بين أهله إلاّ ضحوة من النهار،فقال:«إذا طلع الفجر و هو خارج (5)فهو بالخيار،إن شاء صام،و إن شاء أفطر» (6).

و عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله قال:«إذا حدّث نفسه بالليل في السفر،أفطر إذا خرج

ص:290


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) أدلج إدلاجا:سار الليل كلّه.المصباح المنير:199.
3- 3) التهذيب 4:227 الحديث 667،الاستبصار 2:98 الحديث 317،الوسائل 7:132 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 6. [2]
4- 4) بعض النسخ:حتّى،مكان:حين،كما في التهذيب و الاستبصار.
5- 5) بعض النسخ بزيادة:و لم يدخل.
6- 6) التهذيب 4:228 الحديث 668،الاستبصار 2:98 الحديث 318،الوسائل 7:132 الباب 5 [3] من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5 و ص 135 الباب 6 ذيل الحديث 2.

من منزله،و إن لم يحدّث نفسه من الليل (1)ثمّ بدا له في السفر من يومه أتمّ صومه» (2).

و عن أبي بصير قال:«إذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل، فأتمّ الصوم و اعتدّ به من شهر رمضان» (3).

و لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (4).و هو بإطلاقه يدلّ على صورة النزاع،و لا يلزم ذلك فيما لو بيّت نيّته من الليل؛لأنّه مع النيّة على السفر من الليل، يكون صومه مشروطا في بيته.و لأنّه إذا عزم من الليل،لم ينو الصوم،فلا يكون صومه تامّا.و حمل الخبرين اللذين أوردناهما من طرقنا على من نوى من الليل السفر،فإنّه يجب عليه الإفطار إذا خرج قبل الزوال،و إن (5)خرج بعد الزوال، استحبّ له أن يتمّ صومه،فإن لم يتمّ (6)،لم يكن عليه شيء (7).

و استدلّ على التأويل بما رواه أبو بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا أردت السفر في شهر رمضان،فنويت الخروج من الليل،فإن خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم» (8).

ص:291


1- 1ح:من الليلة،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:228 الحديث 669،الاستبصار 2:98 الحديث 319،الوسائل 7:133 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 10. [2]
3- 3) التهذيب 4:228 الحديث 670،الاستبصار 2:98 الحديث 320،الوسائل 7:133 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 12. [3]
4- 4) البقرة(2):187. [4]
5- 5) ش،ص،غ و ح:فإن.
6- 6) كثير من النسخ:لم يصم،مكان:لم يتمّ.
7- 7) التهذيب 4:329 ذيل الحديث 672،الاستبصار 2:92 ذيل الحديث 322.
8- 8) التهذيب 4:229 الحديث 673،الاستبصار 2:99 الحديث 323،الوسائل 7:133 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 13. [5]

و احتجّ السيّد المرتضى:بعموم قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ (1)و هو يصدق على من خرج قبل الغروب بشيء يسير،فيجب عليه الإفطار.

و بما رواه عبد الأعلى مولى آل سام في الرجل يريد السفر في شهر رمضان، قال:«يفطر و إن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل» (2).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّ الصوم عبادة يختلف بالسفر و الحضر،فإذا اجتمع فيها السفر و الحضر،غلب حكم الحضر،كما لو دخل في الصلاة ثمّ سافر (3).

و الجواب عن الحديث الأوّل:أنّ في طريقه عليّ بن[أحمد بن] (4)أشيم،و هو ضعيف،و هو مع ذلك غير دالّ على مطلوب الشيخ؛لأنّه اعتبر التبييت و في أيّ وقت يخرج معه يفطر،و الحديث ينافيه؛لأنّه عليه السّلام أوجب عليه الصيام،إلاّ أن يدلج دلجة،و الدلج:السير في الليل،و أدلج:إذا سار الليل كلّه،و إن سار آخره (5)،قيل:ادّلج،بتشديد الدال.

و الحديث الثاني في طريقه ابن فضّال،و هو ضعيف،و محمول على من سافر بعد الزوال.

و الثالث:في طريقه عليّ بن فضّال (6)،و هو ضعيف،و مع ذلك،فإنّه يحتمل التأويل؛لأنّ قوله:«ثمّ بدا له في السفر من يومه،أتمّ صومه»كما يحتمل السفر أوّل

ص:292


1- 1البقرة(2):185. [1]
2- 2) التهذيب 4:229 الحديث 674،الاستبصار 2:99 الحديث 324،الوسائل 7:134 الباب 5 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 14. [2]
3- 3) الأمّ 2:102،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:57،المهذّب للشيرازيّ 1:178،الميزان الكبرى 2:20،مغني المحتاج 1:437.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) ف،ق و خا:آخر الليل.
6- 6) المراد من ابن فضّال في الحديث الثاني هو الحسن بن فضّال،و في الحديث الثالث:عليّ بن الحسن ابن فضّال.

النهار،يحتمل آخره،بل و يحتمل عدم السفر أصلا،فيحمل على ما إذا سافر بعد الزوال.

و الرابع:مرسل،فإنّ صفوان بن يحيى رواه عن رجل،عن أبي بصير،و مع ذلك فأبو بصير لم يسنده إلى إمام،فيحتمل أنّه قاله (1)عن اجتهاده،و مع ذلك يحتمل التأويل المتقدّم (2).

و دفع الشيخ المعارضة في استدلاله بالآية يلزم عليه أنّه لو لم يخرج يقضيه؛ لأنّه لم ينوه،و ليس كذلك.

فإن قلت:نيّة السفر لا تستلزم إبطال نيّة الصوم؛لجواز أن يجدّدها بعد الفجر قبل الزوال.

قلت:فإذا كان كذلك،جاز اجتماع نيّة السفر و الصوم.على أنّا نقول:إنّه يجب عليه مع العزم على السفر من الليل النيّة للصوم؛لجواز الرجوع عن العزم على السفر.

و أمّا تأويله فضعيف؛لعدم دلالة الحديثين عليه و لا غيره من الأدلّة، و الأحاديث التي ذكرها قد بيّنّا ضعف سندها،و تأويلها أولى من تأويل الحديثين؛ لصحّة سندهما.

و الحديث الذي استدلّ به على التأويل،غير دالّ على ما طلبه (3)من التأويل، و مع ذلك فهو مقطوع السند،و مع ذلك فإنّه يحتمل أنّه إذا خرج قبل انتصاف النهار؛ عملا بالأغلب.

و عن احتجاج السيّد:أنّ الآية مخصوصة بالحديثين اللذين ذكرناهما (4)،

ص:293


1- 1ش،ق و خا:قال.
2- 2) يراجع:ص 291.
3- 3) بعض النسخ:على ما طابه.
4- 4) يراجع:ص 289.

و حديثه ضعيف السند،و مع ذلك فهو مقطوع لم يسند إلى إمام،فلا اعتداد به.

و احتجاج الشافعيّ باطل؛لأنّ (1)حكم الحضر إنّما يغلب لو خرج بعد الزوال؛ لمضيّ أكثر الوقت في الصوم،أمّا مع الخروج قبل الزوال فلا.

مسألة:و لا يجوز له الإفطار حتّى يغيب عنه أذان مصره،أو يخفى عنه جدران

بلده؛

لأنّه حينئذ يسمّى ضاربا في الأرض،أمّا قبله فلا،و قد بيّنّا ذلك في كتاب الصلاة (2).

مسألة:و لو قدم المسافر أو برئ المريض مفطرين،استحبّ لهما الإمساك بقيّة

النهار،

و ليس واجبا،ذهب إليه علماؤنا.و به قال الشافعيّ (3)،و مالك (4)، و أبو ثور،و داود (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ:لا يجوز لهم أن يأكلوا في بقيّة النهار (7).

و عن أحمد روايتان (8).

لنا:أنّه أبيح له الإفطار في أوّل النهار ظاهرا و باطنا،فإذا أفطر،كان له

ص:294


1- 1كثير من النسخ:بأنّ.
2- 2) يراجع:الجزء السادس:341.
3- 3) حلية العلماء 3:175،المهذّب للشيرازيّ 1:178،المجموع 6:262،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 435،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:129،مغني المحتاج 1:437، السراج الوهّاج:143.
4- 4) حلية العلماء 3:175،فتح العزيز بهامش المجموع 6:435،الميزان الكبرى 2:20.
5- 5) حلية العلماء 3:175.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:58،تحفة الفقهاء 1:364،بدائع الصنائع 2:102،الهداية للمرغينانيّ 1: 129،شرح فتح القدير 2:282،مجمع الأنهر 1:253.
7- 7) المغني 3:75.
8- 8) المغني 3:75،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3:283. [1]

أن يستديمه إلى آخر النهار،كما لو بقي العذر.

و لأنّ الإفطار قد حصل في أوّل النهار،فلا يجب صيام الباقي؛لأنّ الصوم غير قابل للتبعيض في اليوم.و لأنّ الأصل براءة الذمّة،و إنّما كلّفناه بالإمساك استحبابا؛ ليأمن من (1)تهمة من يراه،و ليتشبّه بالصائمين.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض،أ يواقعها؟قال:«لا بأس به» (2).

و أمّا استحباب الإمساك؛فلما رواه الشيخ-في الصحيح-عن يونس،قال:

قال في المسافر الذي يدخل أهله في شهر رمضان و قد أكل قبل دخوله،قال:

«يكفّ عن الأكل بقيّة يومه و عليه القضاء» (3).

و عن سماعة،قال:سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس و قد أكل، قال:«لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا،و لا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل» (4).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ هذا معنى لو طرأ قبل طلوع الفجر،لوجب الصوم،فإذا طرأ بعد الفجر،وجب الإمساك كقيام البيّنة بأنّه من شهر رمضان (5).

ص:295


1- 1كثير من النسخ:عن.
2- 2) التهذيب 4:242 الحديث 710 و ص 254 الحديث 753،الاستبصار 2:113 الحديث 370،الوسائل 7:137 الباب 7 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 4:254 الحديث 752،الاستبصار 2:113 الحديث 369،الوسائل 7:136 الباب 7 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 4:253 الحديث 751،الاستبصار 2:113 الحديث 368،الوسائل 7:136 الباب 7 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:58،تحفة الفقهاء 1:364،بدائع الصنائع 2:102،شرح فتح القدير 2:282، المغني 3:58.

و الجواب:الفرق بينهما،فإنّ في صورة النزاع أبيح للمفطر الإفطار ظاهرا و باطنا،فإذا أفطر،كان له أن يستديمه إلى آخر النهار،كما لو استمرّ العذر،بخلاف قيام البيّنة؛لأنّه لم يكن له الفطر باطنا،فلمّا انكشف له خطاؤه،حرم عليه الإفطار، و هكذا البحث في كلّ مفطر،كالحائض إذا طهرت،و الطاهر إذا حاضت،و الصبيّ إذا بلغ،و الكافر إذا أسلم.

مسألة:و لو قدم المسافر صائما أو برئ المريض كذلك،

فإن قدم أو برئ قبل الزوال،أمسكا بقيّة يومهما وجوبا و أجزأهما عن رمضان،و إن كان بعد الزوال، أمسكا استحبابا،و قضيا.

و قال أبو حنيفة:يجب عليه الإمساك مطلقا (1).

و لأصحاب الشافعيّ وجهان في المسافر،و أمّا المريض فأوجبا عليه الإمساك مطلقا (2).

لنا:أنّه قبل الزوال يمكنه أداء الواجب على وجه تؤثّر النيّة في ابتدائه،فوجب الصوم و الإجزاء؛لأنّه فعل ما أمر به على وجهه،فيخرج عن العهدة،و أمّا بعد الزوال فمحلّ النيّة فات،فلا يجب الصوم؛لعدم شرطه،و استحبّ الإمساك لحرمة الزمان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألته عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان،فقال:«إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صوم ذلك اليوم و يعتدّ به» (3).

ص:296


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:58،تحفة الفقهاء 1:364،بدائع الصنائع 2:102،الهداية للمرغينانيّ 1: 129،شرح فتح القدير 2:282،مجمع الأنهر 1:253.
2- 2) حلية العلماء 3:176،المهذّب للشيرازيّ 1:178،المجموع 6:262،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 435-436،مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143.
3- 3) التهذيب 4:255 الحديث 754،الوسائل 7:136 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 6. [1]

و عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل قدم من سفره في شهر رمضان و لم يطعم شيئا قبل الزوال،قال:«يصوم» (1).

و عن سماعة قال:«و إن قدم بعد زوال الشمس أفطر و لا يأكل ظاهرا،و إن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم» (2).

و احتجاج أبي حنيفة قد سلف و بيّنّا ضعفه (3).

مسألة:لو عرف المسافر أنّه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال،

جاز له الإفطار،و إن أمسك حتّى يدخل و أتمّ صومه،كان أفضل و أجزأه.

أمّا جواز الإفطار؛فلأنّ المقتضي للحلّ و هو السفر موجود،و المانع مفقود بالأصل،فيثبت الحكم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتّى يرى أنّه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار،قال:«إذا طلع الفجر و هو خارج لم يدخل (4)فهو بالخيار،إن شاء صام،و إن شاء أفطر» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان،فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار،فقال:

«إذا طلع الفجر و هو خارج لم يدخل أهله فهو بالخيار،إن شاء صام،و إن شاء أفطر» (6).

و أمّا أولويّة الصوم:فلأنّها عبادة موقّتة يمكنه الإتيان بها في وقتها المضروب

ص:297


1- 1التهذيب 4:255 الحديث 755،الوسائل 7:135 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 4:327 الحديث 1020،الوسائل 7:136 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [2]
3- 3) يراجع:ص 295،296.
4- 4) ح بزيادة:أهله.
5- 5) التهذيب 4:255 الحديث 756،الوسائل 7:135 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 4:256 الحديث 757،الوسائل 7:135 الباب 6 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [4]

لها،فكان أولى من تركها.و لأنّ أيّام رمضان أشرف من غيرها،فإيقاع العبادة فيه على وجهها أولى من غيرها.و لأنّه مسارعة إلى فعل الواجب و مبادرة إلى الإتيان بالطاعة،فيكون أولى.و لأنّ الأداء مع صحّته أولى من القضاء.

مسألة:و الخلوّ من الحيض و النفاس شرط في الصوم،

و هو قول كلّ العلماء، و قد سلف تحقيق ذلك (1).

و لو زال عذرهما في أثناء النهار،لم يصحّ لهما صوم،و استحبّ لهما الإمساك و وجب عليهما القضاء،و هو قول أكثر العلماء (2).

و قال أبو حنيفة:يجب الإمساك و القضاء (3).

لنا:أنّ الوجوب سقط عنهما ظاهرا و باطنا،فلم يجب عليهما الإمساك، بخلاف ما لو قامت البيّنة بأنّه من رمضان بعد تناول المفطر (4)و قد سبق احتجاج أبى حنيفة و الجواب عنه (5).

و كذا لو تجدّد في أثناء النهار و لو قبل الغروب بشيء يسير،و لا نعلم فيه خلافا.

فرع:

قيل:الصوم واجب على الحائض و النفساء و يجب عليهما الإفطار،و لهذا

ص:298


1- 1يراجع:ص 203.
2- 2) المغني 3:75،76،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،المجموع 6:257.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:57،تحفة الفقهاء 1:364،بدائع الصنائع 2:102،الهداية للمرغينانيّ 1: 129،شرح فتح القدير 2:282،مجمع الأنهر 1:253.
4- 4) أكثر النسخ:الفطر،مكان:المفطر.
5- 5) يراجع:ص 295،296.

أوجبنا القضاء عليهما (1).و هو خطأ؛لأنّ وجوب الصوم مع وجوب الإفطار ممّا يتنافيان،و وجوب القضاء بأمر جديد،لا بالأمر السابق.نعم،إنّه وجد سبب الوجوب فيهما و لم يوجد الوجوب لمانع،أمّا الوجوب فلا.

القسم الثاني:في شرائط القضاء
مسألة:و يشترط في وجوب القضاء:الفوات حالة البلوغ،

فلو فات الصبيّ الذي لم يبلغ شهر رمضان،لم يجب عليه القضاء حالة البلوغ،سواء كان مميّزا أو لم يكن.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛لأنّ الصغير لا يتناوله الخطاب وقت الأمر بالصوم و لم يوجد فيه شرطه و هو العقل،فلا يتناوله خطاب القضاء.و لا نعلم فيه خلافا،إلاّ من الأوزاعيّ؛فإنّه قال:يقضيه إن كان أفطره و هو مطيق على صيامه (2).و ليس معتمدا (3)؛لأنّه زمن مضى في حال صباه،فلم يلزمه القضاء،كما لو بلغ بعد انسلاخ الشهر أجمع.

مسألة:و لا يقضي اليوم الذي بلغ فيه،سواء صامه أو لم يصمه،

إلاّ أن يبلغ قبل الفجر ثمّ يفطره.و به قال أبو حنيفة (4).

و للشافعيّ قولان:

أحدهما:أنّه لا يجب قضاؤه إذا كان مفطرا.

و الثاني:يجب قضاؤه،و إن كان صائما فوجهان (5).

ص:299


1- 1يراجع:المجموع 2:355،فتح العزيز بهامش المجموع 2:420.
2- 2) المغني 3:94-95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،عمدة القارئ 11:69.
3- 3) خا:بمعتمد،مكان:معتمدا.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:88 و 93،تحفة الفقهاء 1:351،بدائع الصنائع 2:87،الهداية للمرغينانيّ 1: 127،128،شرح فتح القدير 2:283،مجمع الأنهر 1:253.
5- 5) حلية العلماء 3:173،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:256،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 438،مغني المحتاج 1:437،438،السراج الوهّاج:143.

لنا:أنّه ليس من أهل التكليف في ابتداء اليوم،و بعض اليوم لا يصحّ صومه، فسقط التكليف بصوم ذلك اليوم وجوبا و ندبا،فالقضاء ساقط؛لأنّه يستتبع وجوب الأداء أو وجود سببه.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه يجب عليه أن يصوم بقيّته لبلوغه،و تعذّر عليه صومه؛ للإفطار،و قضاؤه منفردا،فوجب أن يكمل صوم يوم ليتوصّل إلى صوم ما وجب عليه،كما نقول:إذا عدل الصوم بالإطعام،فبقي نصف مدّ؛فإنّه يصوم يوما كاملا؛ لأنّه لا يمكنه أن يصوم نصف يوم (1).

و ليس بصحيح؛لأنّ إدراك بعض وقت العبادة إذا لم يمكن فعلها فيه.و لا يبنى عليه من وقت آخر،لا يجب قضاؤها،كما لو أدرك من أوّل وقت الصلاة ما لا يمكن فعلها فيه.

أمّا لو بلغ و هو صائم،فإنّه لا يجب عليه إتمامه على ما تقدّم،و لا قضاؤه، سواء استمرّ على صومه أو أفطر.

و للشافعيّ وجهان:أحدهما:يجب قضاؤه مطلقا (2)،و ليس بمعتمد؛لما تقدّم.

مسألة:و كمال العقل شرط في القضاء،فلو فات المجنون شهر رمضان ثمّ

أفاق،لم يجب عليه قضاؤه.

و عليه فتوى علمائنا.و به قال الشافعيّ (3)،

ص:300


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:255،فتح العزيز بهامش المجموع 6:437،السراج الوهّاج: 143.
2- 2) حلية العلماء 3:173،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:253،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 438،مغني المحتاج 1:438.
3- 3) حلية العلماء 3:173،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:254،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 439،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130،مغني المحتاج 1:437، السراج الوهّاج:143،المغني 3:95.

و أبو حنيفة (1).

و قال مالك:يجب عليه القضاء (2)،و به قال أبو العبّاس بن سريج (3)،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:أنّه ليس محلاّ للتكليف و لا متوجّها نحوه الخطاب؛لزوال عقله،فلا يجب عليه الأداء و لا القضاء؛لقوله عليه السّلام:«رفع القلم عن ثلاثة:عن المجنون حتّى يفيق» (5).

و لأنّ القضاء يجب بأمر جديد و لم يثبت في حقه؛و لأنّه معنى يزيل التكليف، فلم يجب القضاء في زمانه،كالصغر و الكفر.

احتجّ المخالف:بأنّه معنى يزيل العقل،فلا ينافي وجوب الصوم،كالإغماء (6).

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل،و الفرق بأنّ الإغماء مرض،و لهذا

ص:301


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:88،تحفة الفقهاء 1:350،بدائع الصنائع 2:88،الهداية للمرغينانيّ 1:128، [1]شرح فتح القدير 2:285،مجمع الأنهر 1:253،المغني 3:96،المجموع 6:254،الميزان الكبرى 2: 20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:208،بداية المجتهد 1:298،مقدّمات ابن رشد 1:178،بلغة السالك 1:247، حلية العلماء 3:173،المغني 3:96، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:433،الميزان الكبرى 2:20، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130،بدائع الصنائع 2:88.
3- 3) حلية العلماء 3:173،المجموع 6:254،فتح العزيز بهامش المجموع 6:433.
4- 4) المغني 3:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15-16،الكافي لابن قدامة 1:463،الإنصاف 3: 282،فتح العزيز بهامش المجموع 6:433،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130.
5- 5) صحيح البخاريّ 7:59 و ج 8:204،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4401، [3]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن الدارميّ 2:171، [4]مسند أحمد 6:101، سنن الدارقطنيّ 3:138 الحديث 173،سنن البيهقيّ 4:325 و ج 6:57 و ج 8:264 و ج 10:317، كنز العمّال 4:233 الحديث 10309،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 11141،مجمع الزوائد 6:251.بتفاوت في الجميع.
6- 6) المغني 3:96،المبسوط للسرخسيّ 3:87،بدائع الصنائع 2:88،بلغة السالك 1:247.

يلحق الأنبياء،بخلاف الجنون؛فإنّه يزيل التكليف؛لنقص فيه يمنع من الخطاب.

مسألة:و لو أفاق في أثناء الشهر،لم يقض ما فاته حال جنونه،

و لا اليوم الذي يفيق فيه،إلاّ أن يكون قبل الفجر ثمّ يفطر.و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين (1).

و قال أبو حنيفة:يجب قضاء ما فات (2).

و قال محمّد بن الحسن:إذا بلغ مجنونا ثمّ أفاق في أثناء الشهر،لا قضاء عليه، أمّا إذا كان عاقلا بالغا ثمّ جنّ،قضي ما فاته حالة الجنون (3).

لنا:أنّ الجنون مزيل للخطاب و التكليف،فيسقط قضاء ما فات من بعض الشهر،كما يسقط جميعه.و لأنّه معنى لو وجد في بعض الشهر،أسقط القضاء،فإذا وجد في بعضه فكذلك،كالصغر.

احتجّ أبو حنيفة:بأن الجنون لا ينافي الصوم؛لأنّه لو جنّ في أثناء الشهر لم يبطل صومه فإذا وجد في بعض الشهر،وجب القضاء كالإغماء (4).

و احتجّ محمّد على الفرق:بأنّ بلوغه لم يتعلّق به التكليف (5).

و الجواب:بالمنع في الأصل،و لا نسلّم أنّ الجنون لا ينافي الصوم؛لأنّ الصوم تكليف مشروط بالعقل،و هو منفيّ عن المجنون،و عند انتفاء الشرط ينتفي المشروط،فكان بمنزلة الحيض.

ص:302


1- 1حلية العلماء 3:173،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:254،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 439،مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143،المغني 3:95.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:350،بدائع الصنائع 2:88،شرح فتح القدير 2:285،مجمع الأنهر 1:253،المغني 3:96.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:89،بدائع الصنائع 2:89،الهداية للمرغينانيّ 1:128،129،شرح فتح القدير 2:287،مجمع الأنهر 1:253.
4- 4) المغني 3:96،المجموع 6:254،الهداية للمرغينانيّ 1:128،المبسوط للسرخسيّ 3:88.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:89،بدائع الصنائع 2:89،الهداية للمرغينانيّ 1:128،شرح فتح القدير 2:287.
مسألة:و اختلف علماؤنا في المغمى عليه هل يجب عليه القضاء أم لا؟

فالذي نصّ عليه الشيخ-رحمه اللّه-أنّه لا قضاء عليه،سواء كان مفيقا في أوّل الشهر ناويا للصوم ثمّ أغمي عليه،أو لم يكن مفيقا،بل أغمي عليه من أوّل الشهر.هذا اختياره-رحمه اللّه-في النهاية و المبسوط (1).

و قال في الخلاف:إن سبقت منه النيّة،صحّ صومه،و لا قضاء عليه، و إن لم تسبق،بأن كان مغمى عليه من أوّل الشهر،وجب القضاء (2).و به قال المفيد -رحمه اللّه (3)-و السيّد المرتضى رضي اللّه عنه (4).

و قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة:يقضي زمان إغمائه مطلقا،و اختلفا في يوم إغمائه (6)،فقال أبو حنيفة:لا يقضيه؛لحصول النيّة (7).

و قال الشافعيّ:يقضيه،لأنّه لا اعتبار بنيّته مع زوال عقله،و يقضي؛لأنّه مريض (8).و الأقرب عندي خيرة الشيخ رحمه اللّه.

لنا:أنّه مع الإغماء يزول عقله،فيسقط التكليف عنه؛لزوال شرطه،كما سقط بالجنون.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أيّوب بن نوح،قال:كتبت إلى

ص:303


1- 1النهاية:165، [1]المبسوط 1:285. [2]
2- 2) الخلاف 1:391 مسألة-51.
3- 3) المقنعة:56.
4- 4) جمل العلم و العمل:93.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:255، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 6:432، [4]مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143،المغني 3:96.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:87،تحفة الفقهاء 1:350،بدائع الصنائع 2:88-89،الهداية للمرغينانيّ 1: 128،شرح فتح القدير 2:285.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:128،شرح فتح القدير 2:285.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:347.

أبي الحسن الثالث عليه السّلام أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا؟فكتب:«لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة» (1).

و عن عليّ بن محمّد القاسانيّ (2)،قال:كتبت إليه-و أنا بالمدينة-أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته (3)؟فكتب:«لا يقضي الصوم» (4)(5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في الرجل يغمى عليه الأيّام،قال:«لا يعيد شيئا من صلاته» (6).و في الصحيح عن عليّ بن مهزيار، قال:سألته عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب:«لا يقضي الصوم،و لا يقضي الصلاة» (7).

و في الحسن عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّما

ص:304


1- 1التهذيب 3:303 الحديث 928 و ج 4:243 الحديث 711،الاستبصار 1:458 الحديث 1775، الوسائل 5:352 الباب 3 [1] من أبواب قضاء الصلاة الحديث 2 و ج 7:161 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1.
2- 2) عليّ بن محمّد القاسانيّ:قد عنون الرجل في كتب الرجال بعنوان:عليّ بن محمّد بن شيرة القاسانيّ، و بعنوان:عليّ بن محمّد شيرة القاسانيّ،و بعنوان:عليّ بن محمّد القاشانيّ،و بعنوان:عليّ بن محمّد بن القاشانيّ.عنونه النجاشيّ بعنوان:عليّ بن محمّد بن شيرة القاسانيّ و وثّقه،و عنونه الشيخ في رجاله بعنوان:عليّ بن محمّد القاشانيّ و ضعّفه،و يظهر من المصنّف اتّحادهما،و جمع المامقانيّ بين توثيق النجاشيّ و تضعيف الشيخ بقوله:إنّ هنا رجلين:عليّ بن محمّد بن شيرة القاسانيّ و عليّ بن محمّد القاشاني،و الذي وثّقه النجاشيّ هو الأوّل و الذي ضعّفه الشيخ هو الثاني. رجال النجاشيّ:255،رجال الطوسيّ:417،رجال العلاّمة:233، [2]تنقيح المقال 2:305 و 308. [3]
3- 3) كثير من النسخ بزيادة:من الصلاة [4]أم لا.
4- 4) بعض النسخ بزيادة:«و لا يقضي الصلاة». [5]
5- 5) التهذيب 4:243 الحديث 712،الاستبصار 1:458 الحديث 1774،الوسائل 7:161 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [6]
6- 6) التهذيب 4:243 الحديث 713،الوسائل 5:355 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 23. [7]
7- 7) التهذيب 4:243 الحديث 714،الوسائل 5:354 الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 18. [8]

غلب اللّه عليه فليس على صاحبه شيء» (1).

احتجّوا:بأنّه مريض،فوجب عليه القضاء؛لأنّ مدّته لا تتطاول غالبا، و لا تثبت الولاية على صاحبه،فلم يزل به التكليف (2).

و بما رواه حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يقضي المغمى عليه ما فاته» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّ شيء تركته من صلاتك لمرض أغمي عليك فيه،فاقضه إذا أفقت (4)».

و قد وردت أحاديث صحيحة (5)دالّة على وجوب قضاء الصلاة على المغمى عليه (6)،و وجوب قضاء الصلاة يستلزم وجوب قضاء الصوم؛لأنّه لو سقط قضاء الصوم،لكان إنّما يسقط لزوال التكليف بزوال العقل،و هو موجود في الصلاة،فلمّا وجب قضاء الصلاة،وجب قضاء الصوم؛لأنّ الإغماء لم يثبت مانعيّته للتكليف.

و الجواب:نسلّم أنّه مريض،لكن زوال عقله يخرجه عن تناول الخطاب له، فلا يكون الأمر مكلّفا بالقضاء،و الأحاديث محمولة على الاستحباب.

مسألة:و الإسلام شرط في وجوب القضاء فلو فات الكافر الأصليّ شهر

رمضان ثمّ أسلم،لم يجب عليه قضاؤه.

و هو قول كلّ العلماء.

ص:305


1- 1التهذيب 4:245 الحديث 726،الوسائل 5:355 الباب 3 [1] من أبواب قضاء الصلوات الحديث 24 و ج 7:161 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:87،الهداية للمرغينانيّ 1:128،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6: 254،فتح العزيز بهامش المجموع 6:432.
3- 3) التهذيب 4:243 الحديث 716،الوسائل 7:162 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 3:339 الحديث 935 و ج 4:244 الحديث 721،الاستبصار 1:459 الحديث 1782، الوسائل 5:356 الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث 1. [3]
5- 5) م،ش و ك:صحاح،مكان:صحيحة.
6- 6) يراجع:الوسائل 5:352-358 الباب 3-4 من أبواب قضاء الصلوات. [4]

و لو أسلم في أثناء الشهر،فلا قضاء عليه لما فات.ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول عامّة العلماء.

و قال عطاء:عليه قضاؤه،و عن الحسن كالمذهبين (1)،و ليس بصحيح لقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الإسلام يجبّ ما قبله» (3).

و روى مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول في رجل أسلم في نصف شهر رمضان:إنّه ليس عليه قضاء إلاّ ما يستقبل» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيام؟قال:«ليس عليه إلاّ ما أسلم فيه» (5).

و لأنّ ما مضى عبادة خرجت حال كفره،فلا يجب عليه قضاؤها كرمضان الماضي،و يجب عليه صيام المستقبل من الأيّام الباقية-و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم-لأنّ المقتضي و هو الخطاب موجود،و المعارض و هو الكفر زائل، فيثبت الحكم،و لا نعلم فيه خلافا.

و أمّا اليوم الذي أسلم فيه،فإن كان قبل طلوع الفجر،وجب عليه صيامه،و لو

ص:306


1- 1المغني 3:95، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:16. [2]
2- 2) الأنفال(8):38. [3]
3- 3) مسند أحمد 4:199،204 و 205،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024، الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 1:95،مجمع الزوائد 9:351، عوالي اللئالئ 2:55 و 244. [4]
4- 4) الكافي 4:125 الحديث 2، [5]التهذيب 4:246 الحديث 729،الاستبصار 2:107 الحديث 350، الوسائل 7:239 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [6]
5- 5) الكافي 4:125 الحديث 1، [7]الفقيه 2:80 الحديث 356،التهذيب 4:245 الحديث 727،الاستبصار 2:107 الحديث 348،الوسائل 7:239 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [8]

أفطر،قضاه و كفّر،و إن كان بعد الفجر،أمسك استحبابا،و لا قضاء عليه،و لا يجب عليه صيامه.و للشافعيّ وجهان (1).

لنا:أنّ بعض اليوم سقط قضاؤه؛تخفيفا من اللّه تعالى،فسقط الباقي؛لأنّ بعض اليوم الباقي لا يجب أداؤه،فكذا القضاء.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه أيّام،هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه،أو يومهم الذي أسلموا فيه؟قال:«ليس عليهم قضاء، و لا يومهم الذي أسلموا فيه،إلاّ أن يكون أسلموا قبل طلوع الفجر» (2).

و ما اخترناه مذهب مالك (3)،و أبي ثور،و ابن المنذر (4).

و قال أحمد:يجب عليه الإمساك و يقضيه (5).و ليس بمعتمد،و قد مضى البحث في الصبيّ مثله (6).

و في رواية الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سألته عن رجل أسلم بعد ما دخل شهر رمضان أيّاما،فقال:«ليقض ما فاته» (7).

ص:307


1- 1حلية العلماء 3:173،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:256،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 439،مغني المحتاج 1:438،السراج الوهّاج:143،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:129،المغني 3:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:16.
2- 2) التهذيب 4:245 الحديث 728،الاستبصار 2:107 الحديث 349،الوسائل 7:238 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
3- 3) الموطّأ 1:305،المدوّنة الكبرى 1:213،مقدّمات ابن رشد 1:178،بلغة السالك 1:242،المغني 3:95.
4- 4) المغني 3:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:16.
5- 5) المغني 3:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:16،الكافي لابن قدامة 1:463،الإنصاف 3:282،زاد المستقنع:28.
6- 6) يراجع:ص 299.
7- 7) التهذيب 4:246 الحديث 730،الاستبصار 2:107 الحديث 351،الوسائل 7:239 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [2]

قال الشيخ:هذه الرواية محمولة على من أسلم في رمضان وفاته ذلك لغرض (1)من مرض أو غير ذلك،أو يكون لا يعلم وجوب الصوم عليه،فأفطر ثمّ علم بعد ذلك وجوبه عليه؛لأنّ قوله عليه السّلام:«ليقض ما فاته»و الفوت لا يكون إلاّ بعد توجّه الفرض إلى المكلّف،و من أسلم في النصف من شهر رمضان،لم يكن ما مضى متوجّها إليه إلاّ بشرط الإسلام،فلذلك لم يلزمه القضاء (2).

و في قول الشيخ:إنّه غير متوجّه إليه الفرض.ضعف؛لأنّا قد بيّنّا في أصول الفقه أنّ الإسلام ليس شرطا في فروع العبادات (3)،فالأولى حمل الرواية على ما ذكره،أو على الاستحباب.على أنّ في طريقها أبان بن عثمان،و هو ضعيف.

مسألة :و يجب القضاء على المرتدّ ما يفوته زمان ردّته.و به قال

الشافعيّ .

(4)(5)

و قال أبو حنيفة:لا يجب قضاؤه (6).

لنا:أنّه ترك فعلا وجب عليه مع علمه بذلك و إقراره بوجوبه عليه،فوجب عليه قضاؤه عند فواته،كالمسلم.و لأنّه في حال ردّته يلزم بالأداء،فيلزم

ص:308


1- 1في التهذيب:لعارض،مكان:لغرض.
2- 2) التهذيب 4:246،الاستبصار 2:107.
3- 3) يراجع:نهاية الوصول إلى علم الأصول-مخطوط-:101.
4- 4) لا توجد في كثير من النسخ.
5- 5) حلية العلماء 3:172،المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 6:253،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 432،مغني المحتاج 1:438،السراج الوهّاج:143،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:80،بدائع الصنائع 2:87،الهداية للمرغينانيّ 1:127،128،شرح فتح القدير 2:282-283،مجمع الأنهر 1:253،حلية العلماء 3:172،المجموع 6:253، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:432. [2]

بالقضاء (1).

احتجّ أبو حنيفة:بالآية (2)التي استدللنا بها في الكافر الأصليّ،و بقوله عليه السّلام:«الإسلام يجبّ ما قبله» (3)و بالقياس على الكافر الأصليّ (4).

و الجواب:أنّ الآية و الخبر إنّما يتناولان الكافر الأصليّ؛لأنّه لا يؤاخذ بالعبادات في حال كفره،و بالفرق في القياس بين الأصليّ و المرتدّ؛فإنّ الأصليّ لو ألزم بالقضاء لنفر عن الإسلام،و مطلوب الشارع تقريبه إليه و ترغيبه فيه،و ذلك ممّا ينافي وجوب قضاء العبادات السابقة المتكثّرة عليه،فلم يكن مشروعا،و إلاّ لزم نقض الغرض،بخلاف المرتدّ العارف بقواعد الإسلام؛فإنّه مع علمه بوجوب القضاء عليه يكون التفريط منه،و يكون علمه بذلك لطفا له،و رادعا عن الردّة.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن تكون الردّة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكّه فيما يكفر

بالشكّ فيه.

الثاني:لو ارتدّ بعد عقد الصوم صحيحا ثمّ عاد،لم يفسد صومه.

و قال الشافعيّ:يفسد (5)؛لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (6).

ص:309


1- 1بعض النسخ:يلزمه الأداء،فيلزمه القضاء مكان:يلزم بالأداء فيلزم بالقضاء.
2- 2) الأنفال(8):38.
3- 3) مسند أحمد 4:99،204 و 205،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:123،كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير للسيوطيّ 1:95،كنز العمّال 1:66 الحديث 243 و ج 13:374 الحديث 37024،مجمع الزوائد 9:351،عوالي اللئالئ 2:55 و 224. [1]
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 6:432.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:177،المجموع 3:5،فتح العزيز بهامش المجموع 3:95،مغني المحتاج 1:437،السراج الوهّاج:143.
6- 6) الزّمر(39):65. [2]

و جوابه:أنّ الإحباط من شرطه الموافاة.

الثالث:لو غلب على عقله بشيء من قبله،كمن شرب المسكر و المرقد،

لزمه القضاء؛

(1)

لأنّ الإخلال بسببه،فلا يكون معذورا به،و لا كذا لو كان من قبله تعالى.

الرابع:النائم إذا سبقت منه النيّة،كان صومه صحيحا؛لأنّه أمر معتاد لا يبطل

به الصوم؛

للمشقّة و لأنّه كان يجب على الشارع (2)المنع منه مع الصوم الواجب المتعيّن.

الخامس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو طرح في حلق المغمى عليه أو من زال

عقله دواء،لزمه القضاء إذا أفاق؛

لأنّ ذلك لمنفعته و مصلحته (3).و ليس معتمدا (4)، و الصواب سقوط القضاء مطلقا.

السادس:شرائط القضاء هي شرائط الكفّارة،

فكلّ موضع سقط القضاء فيه، سقطت الكفّارة،و لا ينعكس.

السابع:يستحبّ للمغمى عليه و الكافر القضاء؛

لأنّه عبادة فات وقتها مع عظم ثوابها فاستحبّ قضاؤها.

النظر الثالث:في الأحكام
مسألة:و يتعيّن قضاء الفائت في السنة التي فات فيها ما بينه و بين الرمضان

الآتي،

فلا يجوز له الإخلال بقضائه حتّى يدخل الثاني؛لأنّه مأمور بالقضاء،

ص:310


1- 1ق و خا:كشرب المسكر.
2- 2) أكثر النسخ:من الشارع.
3- 3) المبسوط 1:266. [1]
4- 4) ش:بمعتمد.

و جواز التأخير القدر المذكور معلوم من السنة فينتفى (1)ما زاد.

فلو أخّر القضاء بعد برئه توانيا حتّى حضر الرمضان الثاني،صام الحاضر و قضى الأوّل بالإجماع،و كفّر عن كلّ يوم من الفائت بمدّين،و أقلّه بمدّ قاله الشيخ -رحمه اللّه (2)-و المفيد-رضي اللّه عنه (3)-و به قال الشافعيّ (4)،و مالك (5)، و الثوريّ (6)،و أحمد (7)،و إسحاق،و الأوزاعيّ،و هو قول ابن عبّاس،و ابن عمر، و أبي هريرة،و مجاهد،و سعيد بن جبير (8).

و قال ابن إدريس منّا:لا كفّارة عليه (9).و به قال أبو حنيفة (10)،و الحسن، و النخعيّ (11).

ص:311


1- 1م:فنفي،كثير من النسخ:فيبقى.
2- 2) المبسوط 1:286، [1]الخلاف 1:394 مسألة-63،النهاية:158. [2]
3- 3) المقنعة:88.
4- 4) الأمّ 2:103،حلية العلماء 3:207،المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:364، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 6:462، [4]مغني المحتاج 1:441،السراج الوهّاج:144-145،الميزان الكبرى 2:27.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:219،الموطّأ 1:308، [5]بداية المجتهد 1:299،بلغة السالك 1:253،إرشاد. السالك:51.
6- 6) المغني 3:86،الشرح الكبير بهامش المغني 3:87،المجموع 6:362. [6]
7- 7) المغني 3:85،الشرح الكبير بهامش المغني 3:86،الكافي لابن قدامة 1:483،الإنصاف 3:333، [7]زاد المستقنع:29.
8- 8) المغني 3:85-86، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 3:87، [9]المجموع 6:366، [10]المحلّى 6:261.
9- 9) السرائر:91.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 3:77،بدائع الصنائع 2:104.الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2: 275،مجمع الأنهر 1:250،المحلّى 1:260.
11- 11) المغني 3:86،الشرح الكبير بهامش المغني 3:87،المجموع 6:366،المحلّى 6:261،عمدة القارئ 11:55.

لنا:ما روي عن ابن عمر (1)،و ابن عبّاس (2)،و أبي هريرة أنّهم قالوا:يطعم عن كلّ يوم مسكينا (3).و أسنده أبو هريرة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من طريق ضعيف (4)،و لم يرو عن غيرهم خلافه،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم قال سألتهما عليهما السلام عن رجل مرض،فلم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر، فقالا:«إن كان برأ ثمّ توانى قبل أن يدركه الصوم (5)الآخر،صام الذي أدركه، و تصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين،و عليه قضاؤه،فإن كان لم يزل مريضا حتّى أدركه شهر رمضان آخر،صام الذي أدركه،و تصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ لمسكين،و ليس عليه قضاؤه» (6).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان و يخرج عنه و هو مريض (7)حتّى يدركه شهر رمضان آخر،قال:

«يتصدّق عن الأوّل و يصوم الثاني،فإن كان صحّ فيما بينهما و لم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر،صامهما جميعا و يتصدّق عن الأوّل» (8).

ص:312


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:196 الحديث 86،المغني 3:86. [1]
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:197 الحديث 91،سنن البيهقيّ 4:253،المغني 3:86.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:196،197 الحديث 87،88 و 90،سنن البيهقيّ 4:253،المصنف لعبد الرزّاق 4: 234 الحديث 7620،7621،المغني 3:86.
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:197 الحديث 89،المغني 3:86.
5- 5) بعض النسخ:الرمضان،مكان:الصوم، [2]كما في الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 4:250 الحديث 743،الاستبصار 2:110 الحديث 361،الوسائل 7:244 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [4]
7- 7) بعض النسخ بزيادة:لا يصحّ،كما في الوسائل. [5]
8- 8) التهذيب 4:250 الحديث 744،الاستبصار 2:111 الحديث 362،الوسائل 7:425 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [6]

و عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كان عليه من شهر رمضان طائفة،ثمّ أدركه شهر رمضان قابل،فقال:«إن كان صحّ فيما بين ذلك،ثمّ لم يقضه حتّى أدركه رمضان قابل،فإنّ عليه أن يصوم و أن يطعم كلّ يوم مسكينا،و إن كان مريضا فيما بين ذلك حتّى أدركه شهر رمضان قابل،فليس عليه إلاّ الصيام إن صحّ،فإن تتابع المرض عليه (1)،فعليه أن يطعم عن كلّ يوم مسكينا» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا مرض الرجل من رمضان (3)إلى رمضان ثمّ صحّ،فإنّما عليه لكلّ يوم أفطر فدية طعام،و هو مدّ لكلّ مسكين»قال:«و كذلك أيضا في كفّارة اليمين و كفّارة الظهار مدّا مدّا،و إن صحّ فيما بين الرمضانين،فإنّما عليه أن يقضي الصيام،فإن تهاون به و قد صحّ،فعليه الصدقة و الصيام جميعا لكلّ يوم مدّ إذا فرغ من ذلك الرمضان» (4).

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل براءة الذمّة،فلا تكون مشغولة إلاّ بدليل،و لا إجماع،و الأخبار ظنّيّة لا تفيد القطع (5).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه تأخير صوم واجب،فلا تجب به الكفّارة،كما لو أخّر الأداء و النذر (6).

ص:313


1- 1ح بزيادة:فلم يصحّ،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:251 الحديث 745،الاستبصار 2:111 الحديث 363،الوسائل 7:245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [2]
3- 3) كثير من النسخ:بين رمضان،مكان:من رمضان.
4- 4) التهذيب 4:251 الحديث 746،الاستبصار 2:111 الحديث 364،الوسائل 7:246 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [3]
5- 5) السرائر:90.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:77،بدائع الصنائع 2:104،الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2: 275،المغني 3:86.

و الجواب:أنّ أصالة براءة الذمّة لا يصار إليها مع وجود المزيل،و هو ما تقدّم من الأحاديث.و قوله:إنّها ظنّيّة خطأ؛لأنّ أكثر المسائل الفقهيّة كذلك،فلا معنى للتشهّى في الأحكام بقبول بعض الأحاديث الظنّيّة دون بعض،مع أنّ الراوي كعبد اللّه بن سنان و أبي الصباح الكنانيّ و أبي بصير و محمّد بن مسلم و زرارة بن أعين،و هؤلاء هم أعين فضلاء السلف،و لم يوجد لهم مخالف،فلا معنى لإنكار ابن إدريس هنا.

و أمّا احتجاج أبي حنيفة فضعيف؛لأنّه قياس في معارضة النصّ،مع قيام الفرق،فإنّ التشديد وقع من الصحابة على قضاء رمضان قبل مجيء آخر،و لهذا قالوا:من فرّط في رمضان حتّى دخل رمضان آخر (1).و اسم التفريط يدلّ على التضييق.

مسألة:و لو استمرّ به المرض إلى رمضان آخر و لم يصحّ فيما بينهما،

فلعلمائنا قولان:

أحدهما:أنّه لا قضاء عليه،بل يصوم الحاضر و يتصدّق عن السالف،اختاره الشيخان (2)،و من تابعهما (3).

و الثاني:أنّ عليه القضاء و لا صدقة.و هو اختيار أبي جعفر بن بابويه (4)،و هو قول الجمهور.

ص:314


1- 1الأمّ 2:103،الكافي لابن قدامة 1:483،بلغة السالك 1:253،عمدة القارئ 11:54.
2- 2) الشيخ المفيد في المقنعة:88،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:158،و المبسوط 1:286،و الجمل و العقود:122،و التهذيب 4:250،و الاستبصار 2:112.
3- 3) منهم:ابن الجنيد،نقله عنه في المختلف:239،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):685، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:184،و ابن البرّاج في المهذّب 1:195،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:184.
4- 4) كذا نسبه العلاّمة هنا و المحقّق في المعتبر 2:699 و [1]الموجود في الفقيه 2:95-96 الحديث 429، و المقنع:64 عكس ذلك.راجع أيضا المختلف:239.

احتجّ الشيخان:بما رواه محمّد بن مسلم عنهما عليهما السلام،و ما رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام،و أبو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قد تقدّمت هذه الروايات (1).

و لأنّ وقت القضاء ما بين الآتي و الماضي،و العذر قد استمرّ أداء و قضاء، فسقط القضاء،كما لو جنّ أو أغمي عليه من أوّل وقت الصلاة حتّى خرج.

احتجّ ابن بابويه (2):بعموم قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (3)و هو عامّ فيمن استمرّ المرض به (4)و من لا يستمرّ.

و قول ابن بابويه عندي قويّ لا يعارض الآية-التي استدلّ بها-الأحاديث المرويّة بطريق الآحاد.

و قولهم:إنّ وقت القضاء بين الرمضانين،ممنوع،و وجوب القضاء فيه لا يستلزم تعيينه له،و لهذا لو فرّط لوجب قضاؤه بعد الرمضان الثاني.

مسألة:و لو صحّ فيما بين الرمضانين و عزم على القضاء،لكنّه تركه لأعذار له،
اشارة

مثل سفر أو شيء يضرّ به الصوم،و بالجملة لم يتهاون به،ثمّ عرض مع ضيق الوقت ما يمنعه،كان معذورا،و لزمه القضاء.و عليه إجماع العلماء؛لقوله تعالى: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (5).

و ما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كان عليه من شهر رمضان طائفة،ثمّ أدركه شهر رمضان قابل،فقال:«إن كان صحّ فيما بين ذلك ثمّ لم يقضه حتّى أدركه رمضان قابل،كان عليه أن يصوم

ص:315


1- 1تقدّمت في 312،313.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:699. [1]
3- 3) البقرة(2):185. [2]
4- 4) ش:استمرّ به المرض،مكان:استمرّ المرض به.
5- 5) البقرة(2):185. [3]

و أن يطعم كلّ يوم مسكينا،و إن كان مريضا فيما بين ذلك حتّى أدركه شهر رمضان قابل،فليس عليه إلاّ الصيام إن صحّ،فإن تتابع المرض عليه (1)فعليه أن يطعم عن كلّ يوم مسكينا» (2).و نحوه في رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و في حديث سعد بن سعد عن رجل،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثمّ يصحّ بعد ذلك فيؤخّر القضاء سنة أو أقلّ من ذلك أو أكثر[ما عليه في ذلك؟] (4)قال:«أحبّ له تعجيل الصيام،فإن كان أخّره فليس عليه شيء» (5)و حملها الشيخ على من أخّره لا تهاونا،و لكن على عزم القضاء (6).

فروع:
الأوّل:ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تعميم الحكم في المريض و غيره ممّن

فاته الصوم ،

(7)

و فيه نظر؛لاختصاص النقل بالمرض،مع مصادمته للأصل (8)من براءة الذمّة من التكفير و سقوط القضاء.

ص:316


1- 1هامش ح بزيادة:«فلم يصحّ»كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:251 الحديث 745،الاستبصار 2:111 الحديث 363،الوسائل 7:245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 4:251 الحديث 746،الاستبصار 2:111 الحديث 364،الوسائل 7:246 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [3]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:252 الحديث 749،الاستبصار 2:111 الحديث 365،الوسائل 7:246 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [4]
6- 6) التهذيب 4:252،الاستبصار 2:112.
7- 7) الخلاف 1:394 مسألة-63 و فيه:أنّه قال بقضاء الذي فاته مع الكفّارة إن تركه مع القدرة و بدونها مع العذر.
8- 8) ص،ك،ق و خا:الأصل.
الثاني:قال الشيخ:حكم ما زاد على الرمضانين حكم الرمضانين سواء .

(1)

الثالث:لو أخّره سنتين أو ما زاد فيه تردّد.

و للشافعيّ وجهان:

أحدهما:تتعدّد الكفّارة بتعدّد السنين،قياسا على الأولى.

و الثاني:لا تجب؛لأنّ الكفّارة وجبت بالتأخير فلا تجب بالتأخير أخرى (2).

و الأخير أقرب؛لأنّ الأصل براءة الذمّة.

الرابع:يستحبّ لمن استمرّ به المرض القضاء عند من قال بسقوطه ؛

(3)

لأنّه طاعة فات وقتها،فندب إلى قضائها.روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثمّ أدرك رمضان آخر و هو مريض،فليتصدّق بمدّ لكلّ يوم،فأمّا أنا فإنّي صمت و تصدّقت» (4).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه،فقال:«يتصدّق بدل كلّ يوم يوم من الرمضان الذي كان عليه،بمدّ من طعام،و ليصم هذا الذي أدرك (5)،فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه،فإنّي كنت مريضا فمرّ عليّ ثلاث رمضانات لم أصحّ فيهنّ،ثمّ أدركت رمضانا،فتصدّقت بدل كلّ يوم ممّا مضى بمدّين من طعام،ثمّ عافاني اللّه و صمتهنّ» (6).

ص:317


1- 1الخلاف 1:396 مسألة-67،المبسوط 1:286،النهاية:158، [1]الجمل و العقود:122.
2- 2) حلية العلماء 3:207،المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:364،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 462،مغني المحتاج 1:441،السراج الوهّاج:145.
3- 3) التهذيب 4:252،الاستبصار 2:112.
4- 4) التهذيب 4:252 الحديث 748،الاستبصار 2:112 الحديث 367،الوسائل 7:245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [2]
5- 5) ص:أدركه،كما في الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 4:251 الحديث 747،الاستبصار 2:112 الحديث 366،الوسائل 7:245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [4]
مسألة:لو استمرّ به المرض حتّى مات،سقط القضاء وجوبا لا استحبابا،
اشارة

و لا كفّارة،و هو قول العلماء.

و قال قتادة،و طاوس:يجب أن يكفّر عنه عن كلّ يوم إطعام مسكين (1).

لنا:الأصل عدم الإطعام و لا معارض له.و لأنّه حقّ اللّه تعالى وجب بالشرع، و مات من يجب عليه قبل إمكان فعله،فسقط إلى غير بدل،كالحجّ.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان و هو مريض لا يقدر على الصيام، فمات في شهر رمضان أو في شهر شوّال،قال:«لا صيام عليه و لا يقضى عنه» قلت:فامرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان فلم تقدر على الصوم،فماتت في شهر رمضان أو في شهر شوّال،فقال:«لا يقضى عنها» (2).

و عن منصور بن حازم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المريض في شهر رمضان فلا يصحّ حتّى يموت،قال:«لا يقضى عنه»و الحائض تموت في رمضان، قال:«لا يقضى عنها» (3).

و عن أبي مريم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا صام الرجل رمضان فلم يزل مريضا حتّى يموت،فليس عليه شيء،و إن صحّ ثمّ مرض حتّى يموت و كان له مال،تصدّق عنه،فإن لم يكن له مال تصدّق عنه وليّه» (4).و مثله رواه أبو

ص:318


1- 1حلية العلماء 3:208،المجموع 6:372،المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:87،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137.
2- 2) التهذيب 4:247 الحديث 733،الاستبصار 2:108 الحديث 352،الوسائل 7:242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 10. [1]
3- 3) التهذيب 4:247 الحديث 734،الاستبصار 2:108 الحديث 353،الوسائل 7:247 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 4:248 الحديث 735،الاستبصار 2:109 الحديث 356،الوسائل 7:241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [3]

مريم من طريق آخر،إلاّ أنّه قال«صام عنه وليّه» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن رجل أدركه شهر رمضان و هو مريض،فتوفّي قبل أن يبرأ،قال:«ليس عليه شيء و لكن يقضى عن الذي يبرأ،ثمّ يموت قبل أن يقضي» (2).

و عموم السلب (3)يدلّ على سقوط الكفّارة،كما دلّ على سقوط القضاء، و لا عبرة بمخالفة قتادة و طاوس؛لانفرادهما.

احتجّا:بأنّه صوم واجب سقط بالعجز عنه،فوجب الإطعام عنه،كالشيخ الهمّ (4)إذا ترك الصيام لعجزه عنه (5).

و الجواب:الفرق حاصل،فإنّ الشيخ يجوز ابتداءً الوجوب عليه،بخلاف الميّت.

فرع:

قال أصحابنا:إنّه يستحبّ القضاء عنه.و هو حسن؛لأنّها طاعة فعلت عن الميّت،فوصل إليه ثوابها على ما سلف (6).

مسألة:و لو برأ من مرضه زمانا يتمكّن فيه من القضاء و لم يقض حتّى مات،

ص:319


1- 1التهذيب 4:248 الحديث 736،الاستبصار 2:109 الحديث 357،الوسائل 7:241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 4:248 الحديث 738،الاستبصار 2:110 الحديث 359،الوسائل 7:240 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) ش و ص:و عموم السبب.
4- 4) الهمّ-بالكسر-الشيخ الفاني.المصباح المنير:641.
5- 5) المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:87،المجموع 6:372.
6- 6) يراجع:الجزء السابع:432.

قضي عنه.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ في القديم (1)،و أبو ثور (2).

و قال الشافعيّ في الجديد:يطعم عنه عن كلّ يوم مدّا (3).و به قال أبو حنيفة (4)، و مالك (5)،و الثوريّ (6)،إلاّ أنّ مالكا يقول:لا يلزم الوليّ أن يطعم عنه حتّى يوصي بذلك.و هو مرويّ عن ابن عبّاس و عمر و عائشة (7).

و قال أحمد:إن كان صوم نذر،صام عنه،و إن كان صوم رمضان،أطعم عنه (8).

لنا:أنّ الصوم استقرّ في ذمّته بالتمكّن منه،فلا يسقط بموته كالدين،و يجب على وليّه القيام بما وجب عليه من الصيام؛لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس قال:

ركبت امرأة في البحر فنذرت إنّ اللّه نجّاها أن تصوم شهرا،فأنجاها اللّه تعالى،

ص:320


1- 1حلية العلماء 3:208،المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:368،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 457،مغني المحتاج 1:442،السراج الوهّاج:145،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137.
2- 2) المغني 3:84،المجموع 6:372.
3- 3) الأمّ 2:104،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،حلية العلماء 3:208،المهذّب للشيرازيّ 1:187، المجموع 6:368،فتح العزيز بهامش المجموع 6:456،مغني المحتاج 1:441،السراج الوهّاج: 145،المغني 3:84،بداية المجتهد 1:299.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:89،بدائع الصنائع 2:103،الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2: 277،مجمع الأنهر 1:249،عمدة القارئ 11:59.نسب العلاّمة هذا القول إلى أبي حنيفة على الإطلاق و الموجود في كتبه مقيّد بالإيصاء بالإطعام،و ينظر أيضا:المجموع 6:373،فتح العزيز بهامش المجموع 6:456،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:212،بداية المجتهد 1:300،المغني 3:84،المجموع 6:373،فتح العزيز بهامش المجموع 6:456،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137،تفسير القرطبيّ 2:285، [1]عمدة القارئ 11:59.
6- 6) المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:88،المجموع 6:373.
7- 7) المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:88،المجموع 6:373، [2]عمدة القارئ 11:59.
8- 8) المغني 3:84-85،الشرح الكبير بهامش المغني 3:88-89،الإنصاف 3:334-336،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137.

فلم تصم حتّى ماتت،فجاءت قرابة لها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فذكرت ذلك له،فقال لها:«صومي» (1).

و عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من مات و عليه صيام،صام عنه وليّه» (2).

و عن ابن عبّاس قال جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت و عليها صوم شهر أ فأقضيه عنها؟قال:«لو كان على أمّك دين، كنت قاضيه عنها؟»قال:نعم،قال:«فدين اللّه أحقّ أن يقضى» (3).و في رواية:

جاءت امرأة (4).

و من طريق الخاصّة:رواية أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و رواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام (5).

و عن عبد اللّه بن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يموت في شهر رمضان،قال:«ليس على وليّه أن يقضي عنه ما بقي من الشهر،و إن مرض فلم يصم رمضان ثمّ لم يزل مريضا حتّى مضى رمضان و هو مريض،ثمّ مات

ص:321


1- 1سنن أبي داود 3:237 الحديث 3308، [1]سنن النسائيّ 7:20،مسند أحمد 1:216،338، [2]سنن البيهقيّ 4:255،256.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:46،صحيح مسلم 2:803 الحديث 1147،سنن أبي داود 2:315 الحديث 2400 و ج 3:237 الحديث 3311، [3]مسند أحمد 6:69، [4]سنن الدارقطنيّ 2:194 الحديث 79-80، سنن البيهقيّ 4:255.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:46،صحيح مسلم 2:804 الحديث 1148،مسند أحمد 1:258، [5]سنن الدارقطنيّ 2:196 الحديث 84.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:46،صحيح مسلم 2:804 الحديث 1148،سنن أبي داود 3:237 الحديث 3310، [6]سنن ابن ماجة 1:559 الحديث 1759،مسند أحمد 1:224،227،362، [7]سنن الدارقطنيّ 2: 195 الحديث 82.في بعض المصادر:بتفاوت.
5- 5) تقدّمت الروايتان في ص 318. [8]

في مرضه ذلك،فليس على وليّه أن يقضي عنه الصيام،فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثمّ صحّ بعد ذلك فلم يقضه ثمّ مرض فمات،فعلى وليّه أن يقضي عنه لأنّه قد صحّ و لم يقض و وجب عليه» (1).

و لأنّ الصوم يدخل في جبرانه المال،فتدخل النيابة فيه،كالحجّ.

احتجّ الشافعيّ على الجديد (2):بما رواه نافع عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من مات و عليه صيام شهر،فليطعم عنه مكان كلّ يوم مسكينا» (3).

و لأنّ الصوم لا تدخله النيابة في حال الحياة،فكذلك بعد الموت،كالصلاة (4).

و احتجّ أحمد بالتفصيل:بما روي عن ابن عبّاس أنّه سئل عن رجل مات و عليه نذر يصوم شهرا و عليه صوم رمضان،قال:أمّا رمضان فليطعم عنه،و أمّا النذر فيصام عنه (5).قال:و حديث ابن عبّاس في تمثيل الصوم بالدين مختصّ بالنذر (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الترمذيّ قال:الصحيح عن ابن عمر موقوف (7)و حينئذ لا احتجاج به،على أنّا نقول بموجبه؛لأنّ الصدقة عندنا تجب إذا لم يكن وليّ من الذكران،و القياس على الصلاة ممنوع الأصل،على أنّه في مقابلة النصّ،فلا يكون مسموعا.

و احتجاج أحمد ضعيف؛لأنّه موقوف على حديث ابن عبّاس،فعلى تقدير

ص:322


1- 1التهذيب 4:249 الحديث 739،الاستبصار 2:110 الحديث 360،الوسائل 7:243 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 13. [1]
2- 2) بعض النسخ:في الجديد.
3- 3) سنن ابن ماجة 1:558 الحديث 1757،سنن الترمذيّ 3:96 الحديث 718، [2]سنن البيهقيّ 4:254.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:371،فتح العزيز بهامش المجموع 6:457.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:254،المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:89.
6- 6) المغني 3:84،الشرح الكبير بهامش المغني 3:88-89.
7- 7) سنن الترمذيّ 3:97.

النقل عنه،جاز أن يكون قاله عن اجتهاد،أو في شخصين لأحدهما وليّ فيقضي في النذر،و الآخر لا وليّ له فيتصدّق عنه في رمضان.

و قوله:حديث ابن عبّاس مخصوص بالنذر،قول بغير حجّة،فلا يعوّل عليه.

مسألة:و الذي يقضي عن الميّت هو أكبر ولده الذكور ما فاته من صيام
اشارة

بمرض و غيره ممّا تمكّن من قضائه و لم يقضه.

(1)

ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (2)- و إن لم يكن له ولد ذكر و كان له إناث قال الشيخ:يتصدّق عنه بمدّين من ماله عن كلّ يوم،و أقلّه مدّ (3).

و قال المفيد-رحمه اللّه-:إذا لم يكن إلاّ أنثى،قضت عنه (4).

و الأقرب اختيار الشيخ رحمه اللّه.

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة من قضاء ما وجب على غير المكلّف،فيصار إليه ما لم يظهر مناف،و لم يثبت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن حمّاد بن عثمان،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال سألته عن الرجل يموت و عليه دين من شهر رمضان، من يقضي عنه؟قال:«أولى الناس به»قلت:فإن كان أولى الناس به امرأة؟قال:

«لا،إلاّ الرجال» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن يعقوب،عن محمّد بن يحيى،عن محمّد بن الحسن الصفّار،قال:كتبت إلى الأخير عليه السّلام في رجل مات و عليه قضاء من شهر

ص:323


1- 1بعض النسخ:من صيامه.
2- 2) المبسوط 1:286، [1]النهاية:157، [2]الجمل و العقود:122.
3- 3) المبسوط 1:286. [3]
4- 4) المقنعة:56.
5- 5) التهذيب 4:246 الحديث 731،الاستبصار 2:108 الحديث 354،الوسائل 7:241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [4]

رمضان عشرة أيّام و له وليّان،هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا:خمسة أيّام أحد الوليّين،و خمسة أيّام الآخر؟فوقّع عليه السّلام:«يقضي عنه أكبر وليّيه (1)عشرة أيّام ولاء إن شاء اللّه» (2).

قال ابن بابويه-رحمه اللّه-:هذا التوقيع عندي من توقيعاته إلى محمّد بن الحسن الصفّار بخطّه عليه السّلام (3).و بقول المفيد قال ابن بابويه (4)،و هو معارض لما تقدّم (5)من حديث حمّاد،و هو إن كان ضعيف السند مرسلا،إلاّ أنّ الأصل براءة الذمّة،فلا يشتغل ذمّة الوارث إلاّ بما حصل عليه الاتّفاق،و هو اختصاص القضاء بالولد الأكبر الذكر.

فروع:
الأوّل:لو لم يكن له وليّ من الذكور،قال الشيخ يتصدّق عنه عن كلّ يوم

بمدّين،

و أقلّه مدّ (6).

و السيّد المرتضى-رحمه اللّه-أوجب الصدقة أوّلا،فإن لم يكن له مال،صام عنه وليّه (7).

و دلّ على قول السيّد المرتضى رواية أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«و إن صحّ ثمّ مرض حتّى يموت و كان له مال،تصدّق عنه،فإن لم يكن له

ص:324


1- 1ق،ش،م،ك و خا:وليّه،كما في الكافي. [1]
2- 2) الكافي 4:124 الحديث 5، [2]الفقيه 2:98 الحديث 441،التهذيب 4:247 الحديث 732،الاستبصار 2:108 الحديث 355،الوسائل 7:240 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [3]
3- 3) الفقيه 2:99.
4- 4) الفقيه 2:98،المقنع:64.
5- 5) بعض النسخ:بما تقدّم.
6- 6) المبسوط 1:286. [4]
7- 7) الانتصار:70.

مال تصدّق عنه (1)وليّه» (2).

و في رواية أبان بن عثمان،عن أبي مريم:«فإن لم يكن له مال،صام عنه وليّه» (3).

و الأقرب قول الشيخ-رحمه اللّه-لأنّ الواجب الصوم،فالتخطّي إلى الصدقة يحتاج إلى دليل.

و رواية أبان معارضة برواية محمّد بن الحسن الصفّار،و هي أصحّ طريقا.

الثاني:لو لم يكن له إلاّ ولد واحد ذكر،وجب عليه القضاء؛

لأنّه وليّ له، فيتعيّن عليه الصوم.

الثالث:لو كان له أولاد ذكور في سنّ واحد،قال الشيخ-رحمه اللّه-:قضوا

بالحصص،

أو يقوم به بعض،فيسقط عن الآخرين (4).و اختاره أبو جعفر بن بابويه رحمه اللّه (5).

و قال ابن إدريس:لا يجب-،متوهّما أنّ لفظة:أكبر،تقتضي الواحدة (6)و أنّ النصّ على الأكبر يمنع المتساويين (7)-.و ليس بصحيح.

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو لم يكن له ولد ذكر و كان له إناث،سقط

ص:325


1- 1كثير من النسخ:صدّق عنه،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 4:248 الحديث 735،الاستبصار 2:109 الحديث 356،الوسائل 7:241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [2]
3- 3) الكافي 4:123 الحديث 3، [3]الفقيه 2:98 الحديث 439،التهذيب 4:248 الحديث 736،الاستبصار 2:109 الحديث 357،الوسائل 7:241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [4]
4- 4) المبسوط 1:286،الجمل و العقود:122.
5- 5) نقله عنه المحقّق في المعتبر 2:703. [5]
6- 6) م،ص و ش:الوحدة،مكان:الواحدة.
7- 7) السرائر:91 و 93.

القضاء،و وجب الصدقة (1).و عليه دلّت رواية حمّاد المرسلة،و قد سلفت (2).

الخامس:إذا لم يكن له وليّ،تصدّق عنه بما قاله الشيخ،و يخرج من أصل

المال؛

لأنّه حقّ واجب على الميّت،فيخرج من الأصل،كالدين.

السادس:لو صام أجنبيّ عن الميّت بغير قول الوليّ،ففيه تردّد ينشأ من

الوجوب على الوليّ،

فلا يخرج عن العهدة بفعل المتبرّع،كالصلاة عنه حيّا،و من كون الحقّ على الميّت،فأسقط الفعل المتبرّع عنه الوجوب،كالدين.

أمّا لو أمره،فهل يجزئه أم لا؟للشافعيّ وجهان (3).

و كذا التردّد في أنّه هل يجوز أن يستأجر عنه من يصوم؟و الأقرب في ذلك كلّه عدم الإجزاء؛عملا بالأصل.

السابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّ كلّ صوم واجب على المريض بأحد

الأسباب الموجبة،

كاليمين و النذر و العهد،إذا مات من وجب عليه مع إمكان القضاء و لم يقضه،وجب على وليّه القضاء عنه أو الصدقة (4)،و عليه دلّت عموم النصوصات.

الثامن:قال-رحمه اللّه-:إذا وجب عليه صيام شهرين متتابعين ثمّ مات،

تصدّق عنه عن شهر،

و يقضي عنه وليّه شهرا آخر (5).و هو رواية الوشّاء عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«إذا مات الرجل و عليه صيام

ص:326


1- 1المبسوط 1:286.
2- 2) يراجع:ص 323. [1]
3- 3) كذا نسب إليه و لكنّ الموجود في كتبه أنّه إن صام الوليّ أو غيره بإذنه بأجرة أو غير أجرة أجزأه،و إن صام عنه أجنبيّ بغير إذن وليّه ففيه قولان،ينظر:حلية العلماء 3:209،المهذّب للشيرازيّ 1:187، المجموع 6:367،فتح العزيز بهامش المجموع 6:457،مغني المحتاج 1:439،السراج الوهّاج: 144.
4- 4) المبسوط 1:286، [2]الجمل و العقود:123.
5- 5) النهاية:158. [3]

شهرين متتابعين من علّة فعليه أن يتصدّق عن الشهر الأوّل و يقضي عن (1)الثاني» (2).

و في طريقها سهل بن زياد،و هو ضعيف،غير أنّ العمل بمضمونها حسن؛لما فيه من التخفيف عن الوليّ.

التاسع:لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين على التعيين،فالحكم فيه ما

ذكرناه.

و قال ابن إدريس:يجب عليه صيام الشهرين معا (3).

أمّا لو وجب على التخيير في كفّارة إفطار رمضان-مثلا-فالوجه فيه تخيير الوليّ بين أن يصوم شهرين متتابعين،أو يتصدّق من مال الميّت من أصله،أو يعتق (4)عنه من أصل المال أيضا؛لأنّه صوم وجب مخيّرا فلا يتضيّق على الوليّ، و الصدقة عن الميّت ليست واجبة،و التخيير سقط في حقّ الميّت،فيتخيّر القائم مقامه.

العاشر:قال-رحمه اللّه-:حكم المرأة حكم الرجل في ذلك في أنّ ما يفوتها

في زمن الحيض أو سفر أو مرض،

لا يجب على أحد القضاء عنها،و لا الصدقة، إلاّ إذا تمكّنت من قضائه و أهملته،فإنّه يجب على وليّها القضاء أو الصدقة على ما مرّ في الرجل سواء (5).و أنكر ابن إدريس ذلك (6)،و الوجه ما قاله الشيخ-رحمه

ص:327


1- 1بعض النسخ بزيادة:الشهر،كما في الوسائل.
2- 2) الكافي 4:124 الحديث 6، [1]التهذيب 4:249 الحديث 742،الوسائل 7:244 الباب 24 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) السرائر:91.
4- 4) كثير من النسخ:أو يعيّن.
5- 5) المبسوط 1:286، [3]النهاية:158. [4]
6- 6) السرائر:91.

اللّه-و هو قول أكثر الجمهور (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن امرأة مرضت في (2)رمضان و ماتت في شوّال، فأوصتني أن أقضي عنها،قال:«هل برئت من مرضها»؟قلت:لا،ماتت فيه،قال:

«لا تقض (3)عنها،فإنّ اللّه لم يجعله عليها»قلت:فإنّي أشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك،قال:«فكيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها؟!فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك،فصم» (4).

وجه الاستدلال:أنّه عليه السّلام استفسره،هل حصل برء من المرض أولا؟ و لو لم يجب القضاء مع البرء،لم يكن للسؤال معنى.

و أيضا:فإنّه عليه السّلام علّل سقوط القضاء عنها بسقوط وجوب الأداء عليها، و هو يستلزم وجوب القضاء عنها مع وجوب الأداء عليها.

الحادي عشر:لا فرق بين أنواع المرض في ذلك؛

عملا بالإطلاق.

مسألة:المسافر لا يجوز له الصوم في السفر واجبا بالشروط المتقدّمة،

بل يجب عليه الإفطار و القضاء إذا حضر بلده أو بلدا يجب عليه الإتمام فيه على ما بيّنّا تفصيله (5).

إذا ثبت هذا،فإن مات المسافر بعد تمكّنه من القضاء،وجب أن يقضى عنه،

ص:328


1- 1المغني 3:84، [1]المجموع 6:368.
2- 2) بعض النسخ بزيادة:شهر،كما في الوسائل. [2]
3- 3) أكثر النسخ:لا يقضى،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
4- 4) التهذيب 4:248 الحديث 737،الاستبصار 2:109 الحديث 358،الوسائل 7:242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 12. [4]
5- 5) يراجع:ص 277.

عملا بما تقدّم (1)،و لو مات في سفره و لم يتمكّن من القضاء،ففي وجوب القضاء عنه للشيخ قولان:

أحدهما:عدم الوجوب؛لأنّه لم يستقرّ في ذمّته؛إذ معنى الاستقرار أن يمضي زمان يتمكّن فيه من القضاء و يهمل به (2).

و الآخر:يقضى عنه و لو مات في السفر،اختاره في التهذيب (3)،و احتجّ بما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت،قال:«يقضى عنه،و إن امرأة حاضت في رمضان فماتت،لم يقض عنها، و المريض في رمضان لم يصحّ حتّى مات لا يقضى عنه» (4).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة حاضت في شهر رمضان،أو مرضت،أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان،هل يقضى عنها؟ فقال:«أمّا الطمث و المرض فلا،و أمّا السفر فنعم» (5).

و الذي ذكره في الخلاف أقوى؛لأنّه لم يتمكّن من القضاء،فلا يجب على وليّه القضاء عنه؛لعدم التفريط،و الحديثان في طريقهما عليّ بن فضّال و فيه قول، فالأولى المصير إلى الأصل من براءة الذمّة.

مسألة:و يجوز لمن يقضي رمضان الإفطار قبل الزوال،و لا يجوز بعده.

(6)

أمّا جواز الإفطار قبل الزوال؛فلأنّه لم يتعيّن زمانه،فجاز الإفطار فيه.و لأنّ ما

ص:329


1- 1يراجع:ص 319،320. [1]
2- 2) الخلاف 1:395.
3- 3) التهذيب 4:249 ذيل الحديث 739.
4- 4) التهذيب 4:249 الحديث 740،الوسائل 7:243 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 15. [2]
5- 5) التهذيب 4:249 الحديث 741،الوسائل 7:243 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 16. [3]
6- 6) بعض النسخ:عن رمضان.

قبل الزوال محلّ لتجديد النيّة (1)،و كلّ وقت يجوز فيه تجديد نيّة الصوم،يجوز فيه الإفطار إذا لم يكن قد تعيّن زمانه للصوم.

أمّا بعد الزوال،فإنّه واجب قد استقرّ فيه نيّة الوجوب و فات محلّ تجديدها، فتعيّن الصوم.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت،و صوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس،فإذا زالت الشمس،فليس لك أن تفطر» (2).

و عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الإفطار،فقال:«لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال» (3).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«الصائم بالخيار إلى زوال الشمس»قال:«إنّ ذلك في الفريضة،فأمّا النافلة،فله أن يفطر أيّ ساعة (4)شاء إلى غروب الشمس» (5).

و قوله عليه السّلام:«إنّ ذلك في الفريضة»أراد قضاء الفريضة؛لأنّ نفس الفريضة ليس فيها خيار،لا قبل الزوال و لا بعده.

مسألة:لو أفطر بعد الزوال،فإن كان لعذر فلا شيء عليه سوى قضاء يوم بدله

ص:330


1- 1بعض النسخ:تجديد النيّة.
2- 2) التهذيب 4:278 الحديث 841،الاستبصار 2:120 الحديث 389،الوسائل 7:10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 9. [1]
3- 3) التهذيب 4:278 الحديث 842،الاستبصار 2:120 الحديث 390،الوسائل 7:8 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 2. [2]
4- 4) بعض النسخ:«أيّ وقت»مكان:«أيّ ساعة»كما في الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 4:278 الحديث 843،الوسائل 7:10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 8. [4]

للضرورة،و إن كان لغير عذر،وجب عليه القضاء و إطعام عشرة مساكين،فإن عجز،صام ثلاثة أيّام-و أنكر الجمهور وجوب الكفّارة هنا-و به قال قتادة (1).

لنا:أنّ الكفّارة مترتّبة على ارتكاب الإثم بالإفطار في الزمان المتعيّن للصوم، و هو متحقّق في القضاء بعد الزوال على ما تقدّم (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل وقع على أهله و هو يقضي شهر رمضان،فقال:«إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر (3)،فلا شيء عليه،يصوم يوما بدل يوم،و إن فعل بعد العصر،صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين،فإن لم يمكنه،صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك» (4).

و عن بريد العجليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان،قال:«إن كان أتى أهله قبل الزوال،فلا شيء عليه إلاّ يوما مكان يوم،و إن كان أتى أهله بعد الزوال،فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين» (5).

هذا هو المشهور بين علمائنا و المعمول عليه بين أكثرهم (6).

ص:331


1- 1المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:68،المحلّى 6:271،حلية العلماء 3:204،بداية المجتهد 1:307.
2- 2) يراجع:ص 147.
3- 3) أكثر النسخ:الظهر،و ما أثبتناه من نسخة ك و المصادر.
4- 4) التهذيب 4:279 الحديث 845،الاستبصار 2:120 الحديث 392،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 4:278 الحديث 844،الاستبصار 2:120 الحديث 391،الوسائل 7:253 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
6- 6) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:57،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:287،و النهاية:164، و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):684،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:184، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:704. [3]

و قال بعض فقهائنا (1):عليه كفّارة يمين (2).و هو خطأ؛إذ لا نصّ عليه،مع أنّ الأصل براءة الذمّة من وجوب العتق و الكسوة تخييرا و ترتيبا؛لأنّ هذه الكفّارة أخفّ من غيرها،فاقتصر فيها على الأخفّ عقوبة من غيرها.

و قد روى الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّ عليه مثل كفّارة رمضان (3)و قد سلفت الرواية (4)،و في طريقها ابن فضّال،و هو ضعيف.

قال الشيخ:تحمل على من أفطر تهاونا بفرض اللّه تعالى و استخفافا به،فوجب عليه من الكفّارة ذلك؛زيادة في العقوبة (5).

و قد روى الشيخ أيضا عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه لا شيء عليه (6).و في عمّار قول.و قال الشيخ:إنّه محمول على أنّه أراد:لا شيء من العقاب عليه؛لأنّ من أفطر في هذا اليوم (7)لا يستحقّ العقاب و إن أفطر بعد الزوال و تلزمه الكفّارة،و ليس كذلك من أفطر في رمضان؛لأنّه يستحقّ العقاب و القضاء و الكفّارة (8).

و ليس ما ذكره الشيخ بمعتمد؛لأنّه يحرم عليه الإفطار بعد الزوال، فكان العقاب ثابتا،و الأقرب أن يحمل على من لم يتمكّن من التكفير،و به

ص:332


1- 1بعض النسخ:علمائنا.
2- 2) منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:203،و ابن إدريس في السرائر:94.
3- 3) التهذيب 4:279 الحديث 846،الاستبصار 2:121 الحديث 393،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3.
4- 4) يراجع:ص 148. [1]
5- 5) النهاية:164، [2]التهذيب 4:279،الاستبصار 2:121.
6- 6) التهذيب 4:280 الحديث 847،الاستبصار 2:121 الحديث 394،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [3]
7- 7) هامش ح بزيادة:قبل الزوال.
8- 8) التهذيب 4:280،الاستبصار 2:122.

تأوّل في النهاية (1).

مسألة:من أجنب في شهر رمضان،و ترك الاغتسال ساهيا من أوّل الشهر

إلى آخره.

(2)

قال الشيخ في النهاية و المبسوط:عليه قضاء الصلاة و الصوم معا (3).

و منع ابن إدريس من قضاء الصوم،و أوجب قضاء الصلاة (4).

أمّا قضاء الصلاة فلا خلاف فيه؛لأنّها مشروطة بالطهارة و لم يحصل،و عند فقدان الشرط يفقد المشروط.

و أمّا قضاء الصوم فيدلّ عليه ما رواه الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتّى خرج شهر رمضان،قال:«عليه أن يقضي الصلاة و الصيام» (5).

و يعضد هذه الرواية ما أفتى به الأصحاب من وجوب القضاء على المجنب إذا نام مع القدرة على الغسل ثمّ انتبه ثمّ نام،سواء ذكر الاحتلام بعد ذكره الأوّل أو نسيه.فنقول:إذا كان التفريط السابق يوجب (6)القضاء،فكذا هنا؛لحصول التكرار للنوم مع ذكر الجنابة أوّل مرّة.

لا يقال:القضاء هناك إنّما وجب مع نيّة الاغتسال،فيكون ذاكرا للغسل و مفرّطا فيه كلّ نومة.و لأنّ ذلك إنّما وجب في تكرار النوم في الليلة الواحدة،أمّا في الليالي المتعدّدة فلا.و لأنّ التفريط السابق لو أوجب القضاء،لأوجب الكفّارة؛لأنّه

ص:333


1- 1النهاية:164. [1]
2- 2) كثير من النسخ:فترك.
3- 3) النهاية:165،المبسوط 1:288. [2]
4- 4) السرائر:93.
5- 5) التهذيب 4:311 الحديث 938 و ص 322 الحديث 990،الوسائل 7:171 الباب 30 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [3]
6- 6) بعض النسخ:موجب.

حصل بعد انتباهتين.

لأنّا نجيب عن الأوّل:بمنع اشتراط النيّة كلّ نومة،فإنّ الأحاديث وردت مطلقة غير مشروطة بذلك.

روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي يعفور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في رمضان ثمّ يستيقظ ثمّ ينام حتّى يصبح،قال:«يتمّ يومه و يقضي يوما آخر،و إن لم يستيقظ حتّى يصبح،أتمّ يومه و جاز له» (1).

و مثله روى محمّد بن مسلم-في الصحيح-عن أحدهما عليهما السلام (2)، و أحمد بن محمّد-في الصحيح-عن أبي الحسن عليه السّلام (3).

فإن وجد هذا التقييد في كلّ نومة،فإنّما هو من كلام المصنّفين،و التعويل على مأخذهم (4)،لا معتقدهم.

و عن الثاني:أنّا لو قسنا هذه الصورة على المنتبه،لورد علينا هذا الإشكال، لكنّا نحن إنّما ذكرنا ذلك لإزالة الاستبعاد و التعويل على الرواية الصحيحة الدالّة بصريحها على وجوب القضاء.

و عن الثالث:بالمنع من وجوب الكفّارة في الأصل،و قد تقدّم (5).

سلّمنا،لكن هناك يحمل على ما إذا كان ذاكرا للاغتسال (6)كلّ نومة و لم يفعله،

ص:334


1- 1التهذيب 4:211 الحديث 612،الاستبصار 2:86 الحديث 269،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:211 الحديث 613،الاستبصار 2:86 الحديث 270،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 4:211 الحديث 614،الاستبصار 2:86 الحديث 268،الوسائل 7:42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
4- 4) بعض النسخ:ما أخذهم.
5- 5) يراجع:ص 152.
6- 6) ك:الاغتسال.

بخلاف صورة النزاع؛لعدم الإثم بالتفريط،و استبعاد ابن إدريس ذلك قد ظهر ضعفه،و الاحتجاج بأصل البراءة إنّما يتمّ مع عدم المشغل (1)للذمّة،أمّا مع وجوده فلا.

مسألة:و قضاء شهر رمضان متفرّقا يجزئ،و التتابع أحسن عندي و أحبّ.

و هو اختيار شيخنا-رحمه اللّه (2)-و أكثر علمائنا (3).و به قال ابن عبّاس،و أنس بن مالك،و أبو هريرة،و مجاهد،و أبو قلابة،و أهل المدينة،و الحسن البصريّ، و سعيد بن المسيّب،و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة (4)،و مالك (5)،و أبو حنيفة (6)، و الثوريّ،و الأوزاعيّ (7)،و الشافعيّ (8)،و إسحاق (9).

و قال بعض علمائنا:الأفضل أن يأتي به متفرّقا (10).

و منهم من قال:إن كان الذي فاته عشرة أيّام أو ثمانية،فليتابع بين ثمانية أو

ص:335


1- 1بعض النسخ:المشتغل.
2- 2) المبسوط 1:280،287،النهاية:163، [1]الخلاف 1:396 مسألة-68.
3- 3) منهم:ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):571،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:184، و ابن البرّاج في المهذّب 1:203،و ابن إدريس في السرائر:93.
4- 4) المغني 3:91، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:85، [3]المجموع 6:367. [4]
5- 5) الموطّأ 1:304، [5]المدوّنة الكبرى 1:213،بلغة السالك 1:242،إرشاد السالك:51،المغني 3:91، [6]المجموع 6:367. [7]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:127، [8]شرح فتح القدير 2:275،مجمع الأنهر 1:250،المغني 3:91، [9]المجموع 6:367. [10]
7- 7) المغني 3:91، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 3:85، [12]المجموع 6:367. [13]
8- 8) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:367، [14]فتح العزيز بهامش المجموع 6:434، [15]المغني 3:91. [16]
9- 9) المغني 3:91، [17]المجموع 6:367. [18]
10- 10) ينظر:السرائر:93.

بين ستّة،و يفرّق الباقي (1).

و قال داود،و النخعي،و الشعبيّ:إنّه يجب التتابع.و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام،و ابن عمر (2).

لنا:قوله تعالى: فعدّة من أيّام أخر (3)و هو يدلّ بإطلاقه على إيجاب العدّة، أمّا على التتابع فلا.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال في قضاء رمضان:«إن شاء فرّق و إن شاء تابع» (4).

و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تقطيع قضاء رمضان،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم و الدرهمين حتّى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه؟»قالوا:نعم يا رسول اللّه،قال:

«فاللّه أحقّ بالعفو و التجاوز منكم»رواه الأثرم بإسناده (5).

و قال أبو عبيدة بن الجرّاح في قضاء رمضان:إنّ اللّه لم يرخّص لكم في فطره و هو يريد أن يشقّ عليكم في قضائه (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كان على الرجل شيء من صوم شهر رمضان فليقضه في أيّ الشهور شاء أيّاما متتابعة،فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء و ليحص الأيّام،فإن

ص:336


1- 1حكاه في المبسوط 1:280 و 287. [1]
2- 2) المغني 3:91،الشرح الكبير بهامش المغني 3:85،المجموع 6:367،فتح العزيز بهامش المجموع 6:434.
3- 3) البقرة(2):184. [2]
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:193 الحديث 74.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:194 الحديث 77،78،سنن البيهقيّ 4:259.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:192 الحديث 63،سنن البيهقيّ 4:258،المغني 3:91.

فرّق فحسن،و إن تابع فحسن» (1).

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أفطر شيئا من رمضان في عذر،فإن قضاه متتابعا أفضل،و إن قضاه متفرّقا فحسن» (2).

و عن سليمان بن جعفر الجعفريّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان،أ يقضيها متفرّقة؟قال:«لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان،إنّما الصيام الذي لا يفرّق كفّارة الظهار و كفّارة الدم و كفّارة اليمين» (3).

و لأنّه صوم لا يتعلّق بزمان معيّن،فلم يجب فيه التتابع،كالنذر المطلق.

احتجّ أصحابنا على أولويّة التفريق (4):بما رواه عمّار بن موسى الساباطيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان كيف يقضيها؟فقال:«إن كان عليه يومان،فليفطر بينهما يوما،و إن كان عليه خمسة أيّام (5)،فليفطر بينها (6)أيّاما،و ليس له أن يصوم أكثر من ستّة أيّام متوالية،و إن كان عليه ثمانية أيّام أو عشرة،أفطر بينها (7)يوما» (8).

و ليقع الفرق بين الأداء و القضاء.

ص:337


1- 1التهذيب 4:274 الحديث 828،الاستبصار 2:117 الحديث 380،الوسائل 7:249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:274 الحديث 829،الاستبصار 2:117 الحديث 381،الوسائل 7:249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 4:274 الحديث 830،الاستبصار 2:117 الحديث 382،الوسائل 7:250 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [3]
4- 4) نقله عنهم في المختلف:246.
5- 5) كلمة:«أيّام»لا توجد في كثير من النسخ،كما في التهذيب.
6- 6) بعض النسخ:«بينهما»كما في التهذيب و الوسائل. [4]
7- 7) بعض النسخ:«بينهما»كما في التهذيب و الوسائل. [5]
8- 8) التهذيب 4:275 الحديث 831،الاستبصار 2:118 الحديث 383،الوسائل 7:249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [6]

و احتجّ داود (1):بما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من كان عليه صوم شهر رمضان فليسرده و لا يقطعه» (2).

و بما روته عائشة أنّها قالت:نزلت فعدّة من أيّام أخر متتابعات فسقطت متتابعات (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ في طريقه قوما ضعفاء،منهم عمّار،و يحتمل أنّه عليه السّلام إنّما أمره بذلك على جهة التخيير (4)و الإباحة،لا على سبيل الإيجاب و لا الندب؛ليحصل (5)الإرشاد.

و عن الثاني:بالمنع من وجوب الفرق،و لو سلّم فهو حاصل بالزمان.

و عن الثالث:بأنّه خبر لم يثبت صحّته عن أبي هريرة و لا بيّنه،و لهذا لم يذكره أهل السنن،و لو صحّ،حمل على الاستحباب،فإنّ التتابع أحسن؛لما فيه من المسارعة إلى فعل الطاعات،و موافقة الخبر،و الخروج من الخلاف،و مشابهته بالأداء.

و عن خبر عائشة أنّه لم يثبت صحّته،و لو صحّ،فقد سقطت اللفظة التي بها الاحتجاج بالنسخ،فلا يبقى حجّة؛إذ لا حكم للمنسوخ.

إذا ثبت هذا،ظهر أنّ الأولى هو التتابع.

و قال الطحاويّ:إنّ التتابع و التفريق سواء؛لأنّه لو أفطر يوما من شهر رمضان،

ص:338


1- 1المغني 3:91،الشرح الكبير بهامش المغني 3:85.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:191 الحديث 57-58،سنن البيهقيّ 4:259،كنز العمّال 8:495 الحديث 23803.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:192 الحديث 60-61،سنن البيهقيّ 4:258.
4- 4) بعض النسخ:على وجه التخيير.
5- 5) بعض النسخ:لتحصيل.

لم يستحبّ له إعادة جميعه؛ليزول التفريق،كذلك إذا أفطر جميعه (1).

و هو خطأ؛لما بيّنّا فيه من المسارعة إلى فعل الطاعات،و امتثال الأوامر، و المبادرة إلى براءة (2)الذمّة و غير ذلك من الأمور المطلوبة من التتابع.و ما ذكره ليس بصحيح؛لأنّ فعله في وقته يقع أداء،فإذا صامه لم يكن صوم الفرض، فلم يستحبّ إعادته،بخلاف مسألتنا.

مسألة:لا يجوز لمن عليه صيام من شهر رمضان أو غيره من الواجبات

أن يصوم تطوّعا حتّى يأتي به،

ذهب إليه علماؤنا.و هو قول أحمد في إحدى الروايتين.و في الأخرى يجوز (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«من صام تطوّعا و عليه من رمضان شيء لم يقضه،فإنّه لا يتقبّل منه حتّى يصومه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أ يتطوّع؟فقال:«لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان» (5).

و عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيّام،يتطوّع؟فقال:«لا،حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان» (6).

و لأنّه عبادة يدخل في جبرانها المال،فلم يصحّ التطوّع بها قبل أداء

ص:339


1- 1المجموع 6:367.
2- 2) بعض النسخ:إلى أن تبرأ،مكان:إلى براءة.
3- 3) المغني 3:86،الشرح الكبير بهامش المغني 3:90،الكافي لابن قدامة 1:484،الإنصاف 3:350. [1]
4- 4) مسند أحمد 2:352، [2]مجمع الزوائد 3:179.
5- 5) التهذيب 4:276 الحديث 835،الوسائل 7:253 الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [3]
6- 6) التهذيب 4:276 الحديث 836،الوسائل 7:253 الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [4]

فرضها،كالحجّ.

احتجّ أحمد:بأنّها عبادة تتعلّق بوقت موسّع،فجاز التطوّع في وقتها قبل فعلها، كالصلاة (1).

و الجواب:أنّه قياس في معارضة النصّ،و معارض بمثله،فلا يكون مسموعا مع قيام الفرق بين الأصل و الفرع.

مسألة:و يجوز القضاء في جميع أيّام السنة،إلاّ العيدين،و أيّام التشريق لمن

كان بمنى،

و أيّام الحيض و النفاس،و أيّام السفر الذي يجب فيه القصر.

أمّا العيدان فهو وفاق كلّ العلماء؛لتواتر النهي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صومهما (2).

و أمّا أيّام التشريق:فذهب علماؤنا إليه لمن كان بمنى،و هو قول أكثر أهل العلم (3)،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:أنّ صومها منهيّ عنه،فأشبهت العيدين.

احتجّ أحمد:بجواز صومها لمن لم يجد الهدي،فيقاس كلّ فرض عليه، و القضاء مشابه له (5).

و الجواب:بمنع الحكم في الأصل-و سيأتي-و قيام الفرق؛لأنّه في محلّ الضرورة للفاقد.

ص:340


1- 1المغني 3:87،الكافي لابن قدامة 1:484.
2- 2) صحيح مسلم 2:799 الحديث 1137،1138،سنن أبي داود 2:319-320 الحديث 2416،2417، سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،سنن الدارميّ 2:20،سنن البيهقيّ 4:260،الموطّأ 1:300 الحديث 36،37.
3- 3) المغني 3:104،المجموع 6:445.
4- 4) المغني 3:104،الكافي لابن قدامة 1:491،الإنصاف 3:351.
5- 5) المغني 3:104،الكافي لابن قدامة 1:491.

و أمّا أيّام الحيض و النفاس فقد اتّفق عليه العلماء.و لأنّ هذين الحديثين يبطلان أداء الصوم،فقضاؤه أولى؛لعدم تعيينه (1).

و أمّا أيّام السفر الذي يجب فيه القصر؛فلما تقدّم من الأدلّة (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عقبة بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل مرض في شهر رمضان،فلمّا برئ أراد الحجّ،كيف يصنع بقضاء الصوم؟قال:«إذا رجع فليقضه» (3).

مسألة:و لا يكره القضاء في عشر ذي الحجّة.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال سعيد بن المسيّب (4)،و الشافعيّ (5)،و إسحاق (6)،و أحمد في إحدى الروايتين.

و في الثانية أنّه مكروه (7).و رووه عن عليّ عليه السّلام،و الزهريّ،و الحسن البصريّ (8).

لنا:تسويغ القضاء،و عدم الكراهية مستفاد من إطلاق قوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (9).

و ما رواه الجمهور أنّ عمر كان يستحبّ قضاء رمضان في العشر (10).

ص:341


1- 1بعض النسخ:تعيّنه.
2- 2) يراجع:ص 209 و 278.
3- 3) التهذيب 4:276 الحديث 834،الاستبصار 2:120 الحديث 388،الوسائل 7:137 الباب 8 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
4- 4) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91،المجموع 6:367.
5- 5) المجموع 6:367،المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91.
6- 6) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91،المجموع 6:367.
7- 7) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91،الكافي لابن قدامة 1:484.
8- 8) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91-92،المجموع 6:367،سنن البيهقيّ 4:285.
9- 9) البقرة(2):184. [2]
10- 10) سنن البيهقيّ 4:285،المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ رأيت إن بقي عليّ شيء من صوم شهر رمضان أقضيه في ذي الحجّة؟قال:«نعم» (1).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قضاء شهر رمضان في شهر ذي الحجّة و أقطعه،قال:«اقضه في ذي الحجّة و اقطعه إن شئت» (2).

و لأنّه أيّام عبادة،فلم يكره القضاء فيه،كعشر المحرّم.

احتجّ أحمد (3):بأنّه روي عن عليّ عليه السّلام كراهيته (4).

و الجواب:المنع من الرواية.

لا يقال:قد روى الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال عليّ عليه السّلام في قضاء شهر رمضان:إن كان لا يقدر على سرده فرّقه و قال:لا يقضى شهر رمضان في عشر من ذي الحجّة» (5).

لأنّا نقول:إنّ في طريقها غياث بن إبراهيم،و هو ضعيف.

مسألة:لو أصبح جنبا في يوم يقضيه من شهر رمضان،أفطر ذلك اليوم،

و لم يجز له صومه.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقضي رمضان فيجنب من أوّل الليل و لا يغتسل حتّى آخر

ص:342


1- 1التهذيب 4:274 الحديث 828،الاستبصار 2:117 الحديث 380،و فيهما:إن بقي عليه صوم من شهر رمضان أ يقضيه؟،الوسائل 7:251 الباب 27 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:275 الحديث 832،الاستبصار 2:119 الحديث 386،الوسائل 7:251 الباب 27 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:285.
5- 5) التهذيب 4:275 الحديث 833،الاستبصار 2:119 الحديث 387،الوسائل 7:252 الباب 27 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [3]

الليل و هو يرى أنّ الفجر قد طلع،قال:«لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره» (1).

و كذا قال الشيخ في النافلة:و كلّ ما لا يتعيّن صومه (2).

أمّا لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان،فالوجه أنّه يتمّ على صومه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،أنّه سئل عن رجل نسي فأكل و شرب ثمّ ذكر،قال:«لا يفطر،إنّما هو شيء رزقه اللّه،فليتمّ صومه» (3).

و عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:من صام فنسي فأكل و شرب،فلا يفطر من أجل أنّه نسي،فإنّما هو رزق رزقه اللّه عزّ و جلّ،فليتمّ صومه» (4).

و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل صام يوما نافلة، فأكل و شرب ناسيا،قال:«يتمّ يومه ذلك،و ليس عليه شيء» (5).و للشيخ قول آخر،و هذا أجود.

ص:343


1- 1التهذيب 4:277 الحديث 837،الوسائل 7:46 الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:287،التهذيب 4:276.
3- 3) التهذيب 4:277 الحديث 838،الوسائل 7:33 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 4:277 الحديث 839،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [3]
5- 5) التهذيب 4:277 الحديث 840،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [4]

البحث الثامن

اشارة

في بقيّة أقسام الصوم

و ينظّمه (1)أقسام

الأوّل:في الواجب منه
مسألة:صوم كفّارة قتل الخطأ واجب بلا خلاف،

و يدلّ عليه النصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ (2).

و إنّما يجب بعد العجز عن العتق.و هو شهران متتابعان.

و صوم كفّارة الظهار واجب بالإجماع و نصّ القرآن.

قال اللّه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ (3).

و هو يجب مرتّبا على العتق،مثل كفّارة قتل الخطأ صفة و قدرا.

و صوم من أفطر يوما من شهر رمضان واجب على التخيير بينه و بين العتق و الصدقة،و قدره شهران متتابعان يتعيّن على من لم يعتق و لم يصدّق،و قد سلف ما يدلّ عليه (4).

و صوم كفّارة قتل العمد،و هو شهران متتابعان مع الصدقة و العتق،واجب بلا خلاف.

ص:344


1- 1ش،خا و ح:و يتضمّنه.
2- 2) النساء(4):92. [1]
3- 3) المجادلة(58):4. [2]
4- 4) يراجع:ص 131،132.

و صوم بدل الهدي للمتمتّع إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه،واجب بنصّ القرآن.

قال اللّه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (1)و لا خلاف فيه.

و صوم كفّارة اليمين و باقي الكفّارات واجب.

و صوم الاعتكاف المنذور واجب؛لما يأتي من اشتراط الاعتكاف بالصوم،فإذا كان المشروط واجبا بالنذر و شبهه،وجب شرطه،و كذا إذا وجب،بأن اعتكف يومان على رأي.

و صوم كفّارة من أفاض من عرفات قبل مغيب الشمس عامدا و لم يجد الجزور واجب،و قدره ثمانية عشر يوما.

فهذه هي أقسام الصوم الواجب،و يلحق به ما وجب بالنذر و اليمين و العهد.

و سيأتي البحث في كلّ قسم منه في مواضعه إن شاء اللّه تعالى.

و روى الشيخ-رحمه اللّه-عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال:قال (2)يوما:«يا زهريّ من أين جئت؟»فقلت:من المسجد،قال:«فيم كنتم؟»قلت:تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي و رأي أصحابي على أنّه ليس من الصوم شيء واجب إلاّ صوم شهر رمضان،فقال:«يا زهريّ،ليس كما قلتم،الصوم على أربعين وجها:فعشرة أوجه منها واجبة،كوجوب شهر رمضان،و عشرة أوجه منها صيامهنّ حرام،و أربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر، و صوم الإذن على ثلاثة أوجه،و صوم التأديب،و صوم الإباحة،و صوم السفر و المرض»قلت:جعلت فداك ففسّرهنّ لي،قال:«أمّا الواجب (3):فصيام شهر

ص:345


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) بعض النسخ:قال لي،كما في الوسائل. [2]
3- 3) بعض النسخ:الواجبة،كما في الوسائل. [3]

رمضان،و صيام شهرين متتابعين في كفّارة الظهار؛لقوله عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ (1)،و صيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوما من شهر رمضان،و صيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب؛لقول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إلى قوله:

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (2)،و صوم ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين واجب قال اللّه تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ (3)،هذا لمن لم يجد الإطعام،كلّ ذلك متتابع و ليس بمتفرّق.

و صيام أذى حلق الرأس واجب،قال اللّه عزّ و جلّ: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (4)و صاحبها فيها بالخيار،فإن شاء صام ثلاثا،و صوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي،قال اللّه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (5)و صوم جزاء الصيد واجب،قال اللّه تعالى وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (6)أ تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهريّ؟»قال:قلت:لا أدري،قال:«يقوّم الصيد قيمة عدل[و] (7)تفضّ تلك

ص:346


1- 1المجادلة(58):3-4. [1]
2- 2) النساء(4):92. [2]
3- 3) المائدة(5):89. [3]
4- 4) البقرة(2):196. [4]
5- 5) البقرة(2):196. [5]
6- 6) المائدة(5):95. [6]
7- 7) أثبتناها من المصدر.

القيمة على البرّ ثمّ يكال ذلك البرّ أصواعا فيصوم لكلّ نصف صاع يوما،و صوم النذر واجب و صوم الاعتكاف واجب.

و أمّا صوم الحرام:فصوم يوم الفطر،و يوم الأضحى،و ثلاثة أيّام من أيّام التشريق،و صوم يوم الشكّ أمرنا به و نهينا عنه،أمرنا بأن نصومه مع صيام شعبان، و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشكّ فيه الناس»فقلت له:

جعلت فداك،فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟قال:«ينوي ليلة الشكّ أنّه صائم من شعبان،فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه،و إن كان من شعبان لم يضرّه»فقلت:و كيف يجزئ صوم تطوّع من فريضة؟فقال:«لو أنّ رجلا صام يوما من شهر رمضان ثمّ علم بعد ذلك،أجزأ عنه؛لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه،و صوم الوصال حرام،و صوم الصمت حرام،و صوم نذر المعصية حرام، و صوم الدهر حرام.

و أمّا الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار:فصوم يوم الجمعة و الخميس،و صوم أيّام البيض،و صوم ستّة أيّام من شوّال بعد شهر رمضان،و صوم يوم عرفة و يوم عاشوراء،و كلّ ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر.

و أمّا صوم الإذن:فالمرأة لا تصوم تطوّعا إلاّ بإذن زوجها،و العبد لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن مولاه،و الضيف لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن صاحبه،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من نزل على قوم فلا يصوم تطوّعا إلاّ بإذنهم.

فأمّا صوم التأديب:فإن يؤخذ الصبيّ إذا راهق بالصوم تأديبا و ليس بفرض، و كذلك من أفطر لعلّة في أوّل النهار ثمّ قوى بقيّة يومه،أمر بالإمساك عن الطعام بقيّة يومه تأديبا و ليس بفرض،و كذلك المسافر إذا أكل من أوّل النهار ثمّ قدم أهله أمر بالإمساك بقيّة يومه و ليس بفرض(و كذلك الحائض إذا طهرت أمسكت بقيّة

ص:347

يومها) (1).

و أمّا صوم الإباحة:فمن أكل أو شرب ناسيا،أو قاء من غير تعمّد،فقد أباح اللّه عزّ و جلّ له ذلك،و أجزأ عنه صومه.

و أمّا صوم السفر و المرض،فإنّ العامّة قد اختلفت في ذلك،فقال قوم:يصوم.

و قال آخرون:لا يصوم،و قال قوم:إن شاء صام و إن شاء أفطر،و أمّا نحن فنقول:

يفطر في الحالين جميعا،فإن صام في السفر أو حال المرض فعليه القضاء فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ (2)فهذا تفسير الصيام» (3).

القسم الثاني:في الصيام المندوب
اشارة

المندوب منه ما لا يختصّ وقتا بعينه،و هو جميع أيّام السنة إلاّ الأيّام التي نهي عن الصوم فيها.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الصوم جنّة من النار» (4).

و قال عليه السّلام:«الصائم في عبادة و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما» (5).

ص:348


1- 1ما بين المعقوفين أثبتناه من التهذيب.
2- 2) البقرة(2):184. [1]
3- 3) التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7:268 الباب 1 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [2]
4- 4) سنن الترمذيّ 3:136 الحديث 764،سنن ابن ماجة 1:525 الحديث 1639،سنن النسائي 4:167، مسند أحمد 4:22،و من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 4:62 الحديث 1، [3]الفقيه 2:44 الحديث 196، التهذيب 4:151 الحديث 418 و ص 191 الحديث 544،الوسائل 7:289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [4]
5- 5) الكافي 4:64 الحديث 9، [5]الفقيه 2:44 الحديث 197،التهذيب 4:190 الحديث 538،الوسائل 7: 98 الباب 2 [6] من أبواب آداب الصائم الحديث 3 و ص 291 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 12.

و قال عليه السّلام:«قال اللّه تبارك و تعالى:الصوم لي و أنا أجزي به،و للصائم فرحتان:حين يفطر و حين يلقى ربّه عزّ و جلّ،و الذي نفس محمّد بيده لخلوف فم الصائم عند اللّه أطيب من ريح المسك» (1).

و قال عليه السّلام لأصحابه:«ألا أخبركم بشيء إن فعلتموه تباعد الشيطان عنكم،كما تباعد المشرق من المغرب؟»قالوا:بلى يا رسول اللّه،قال:«الصوم يسوّد وجهه،و الصدقة تكسر ظهره،و الحبّ في اللّه عزّ و جلّ و المؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره،و الاستغفار يقطع و تينه،و لكلّ شيء زكاة،و زكاة الأبدان الصيام» (2).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«ثلاث يذهبن البلغم و يزدن في الحفظ:

السواك و الصوم و قراءة القرآن» (3).

و قال الصادق عليه السّلام:«أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى موسى عليه السّلام:

ما يمنعك من مناجاتي؟فقال:يا ربّ أجلّك عن المناجاة؛لخلوف فم الصائم، فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه:يا موسى لخلوف فم الصائم عندي أطيب من

ص:349


1- 1الفقيه 2:44 الحديث 198،الوسائل 7:292 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 16.و [1]من طريق العامّة،ينظر:صحيح البخاريّ 3:34،صحيح مسلم 2:807 الحديث 1151،سنن ابن ماجة 1: 525 الحديث 1638،سنن النسائي 4:159 و 162،مسند أحمد 1:446 و ج 2:232،393 و 443. [2]بتفاوت في البعض.
2- 2) الكافي 4:62 الحديث 2، [3]الفقيه 2:45 الحديث 199،التهذيب 4:191 الحديث 542،الوسائل 7: 289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [4]
3- 3) التهذيب 4:191 الحديث 545،الوسائل 7:292 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 14. [5]

ريح المسك» (1).

و قال عليه السّلام:«نوم الصائم عبادة،و صمته تسبيح،و عمله متقبّل،و دعاؤه مستجاب» (2).و الأخبار في ذلك كثيرة (3).

و منه ما يختصّ وقتا بعينه،و هو كثير غير أنّا نذكر مهمّه،و يشتمل (4)على مسائل:

مسألة:يستحبّ صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر،
اشارة

و هي أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء في العشر الثاني منه،و آخر خميس في العشر الأخير (5).

روى الشيخ بإسناده عن حمّاد بن عثمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى قيل:ما يفطر،ثمّ أفطر حتّى قيل:

ما يصوم،ثمّ صام صوم داود عليه السّلام يوما و يوما لا،ثمّ قبض عليه السّلام على صيام ثلاثة أيّام في الشهر.و قال:يعدلن صوم الشهر و يذهبن بوحر الصدر»قال حمّاد:[فقلت:فما الوحر؟قال:] (6)الوحر:الوسوسة»قال حمّاد:فقلت:أيّ الأيّام هي؟قال:«أوّل خميس من الشهر،و أوّل أربعاء بعد العشر،و آخر خميس فيه» فقلت:لم صارت هذه الأيّام التي (7)تصام؟فقال:«إنّ من قبلنا من الأمم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيّام المخوفة» (8).

ص:350


1- 1الكافي 4:64 الحديث 13، [1]الفقيه 2:45 الحديث 203،الوسائل 7:290 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [2]
2- 2) الفقيه 2:46 الحديث 207،الوسائل 7:292 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 17. [3]
3- 3) ينظر:الوسائل 7:289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب. [4]
4- 4) بعض النسخ:و هو مشتمل،مكان:و يشتمل.
5- 5) ق و خا:الآخر،مكان:الأخير.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) كلمة التي،لا توجد في أكثر النسخ.
8- 8) التهذيب 4:302 الحديث 913،الاستبصار 2:136 الحديث 444،الوسائل 7:303 الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [5]

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصيام في الشهر كيف هو (1)؟فقال:«ثلاث في الشهر،في كلّ عشر يوم،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (2)ثلاثة (3)أيّام في الشهر صوم الدهر» (4).

و عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صوم السنة،فقال صيام (5)ثلاثة أيّام من كلّ شهر:الخميس و الأربعاء و الخميس يذهب ببلابل (6)القلب و وحر الصدر،الخميس و الأربعاء و الخميس،و إن شاء:الاثنين و الأربعاء و الخميس،و إن صام في كلّ عشرة أيّام يوما،فإنّ ذلك ثلاثون حسنة،و إن أحبّ أن يزيد على ذلك فليزد» (7).

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان في أوّل الشهر خميسان فصم أوّلهما،فإنّه أفضل،و إذا كان في آخره خميسان فصم آخرهما [فإنّه أفضل (8)(9).

ص:351


1- 1جملة:كيف هو،لا توجد في أكثر النسخ.
2- 2) الأنعام(6):160. [1]
3- 3) في التهذيب:«و ثلاثة».
4- 4) التهذيب 4:302 الحديث 914،الوسائل 7:310 الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث 21-22. [2]
5- 5) كلمة:«صيام»لا توجد في أكثر النسخ.
6- 6) البلبلة و البلبال:الهمّ،و وسواس الصدر.الصحاح 4:164.
7- 7) التهذيب 4:303 الحديث 915،الاستبصار 2:136 الحديث 445،الوسائل 7:311 الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث 23. [3]
8- 8) أثبتناها من المصدر.
9- 9) التهذيب 4:303 الحديث 916،الاستبصار 2:136 الحديث 446،الوسائل 7:304 الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [4]
فروع:
الأوّل:روي أنّ هذه الأيّام كذلك في الشهر الأوّل،و خميس بين أربعاءين في

الشهر الثاني.

رواه أبو بصير،قال:سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الشهر،فقال:«في كلّ عشرة أيّام يوم خميس و أربعاء و خميس،و الذي يليه أربعاء و خميس و أربعاء» (1).

قال الشيخ:إنّه ليس بمناف لما قدّمناه من الأخبار؛لأنّ الإنسان مخيّر بين أن يصوم أربعاء بين خميسين أو خميسا بين أربعاءين،و الأصل في هذا الصوم التنفّل و التطوّع،فهو مخيّر في ترتيبه (2)،و يدلّ عليه ما رواه[إبراهيم بن إسماعيل بن (3)] (4)داود،قال:سألت الرضا عليه السّلام عن الصيام،فقال:«ثلاثة أيّام في الشهر:الأربعاء و الخميس و الجمعة»فقلت:إنّ أصحابنا يصومون أربعاء بين خميسين،فقال:«لا بأس بذلك،و لا بأس بخميس بين أربعاءين» (5).

و هذه الروايات غير متنافية؛لأنّ المتطوّع في توسعة من الترك،فكيف الترتيب،غير أنّ الأشهر الأولى.

الثاني:يجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء؛لمكان المشقّة،

فلو لم يرغب المكلّف بمساواة صومها في الوقتين،أدّى إلى الحرج أو تركها بالكلّيّة.

ص:352


1- 1التهذيب 4:303 الحديث 917،الاستبصار 2:137 الحديث 447،الوسائل 7:313 الباب 8 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:303،الاستبصار 2:137.
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) إبراهيم بن إسماعيل بن داود،قال الأردبيليّ:روى عنه موسى بن جعفر المدائنيّ.و قال المامقانيّ:لا ذكر له إلاّ في جامع الرواة حيث نقل رواية موسى بن جعفر المدائنيّ عنه في باب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر من التهذيب،فهو من المجاهيل.جامع الرواة 1:19، [2]تنقيح المقال 1:14. [3]
5- 5) التهذيب 4:304 الحديث 918،الاستبصار 2:137 الحديث 448،الوسائل 7:313 الباب 8 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [4]

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي حمزة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:صوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر أؤخّرها إلى الشتاء ثمّ أصومها؟فقال:«لا بأس» (1).

الثالث:يجوز صومها متوالية و متفرّقة اذا أخّرها إلى الشتاء؛

عملا بالأصل المبيح لهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن الرجل تكون عليه من الثلاثة الأيّام الشهر،هل يصلح له أن يؤخّرها و يصومها في آخر الشهر؟قال:«لا بأس»قلت:يصومها متوالية أو متفرّقة؟قال:

«ما أحبّ،إن شاء متوالية،و ان شاء فرّق بينها» (2).

الرابع:لو عجز عن صيامها تصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام؛

لأنّ ذلك فداء يوم من رمضان،فيثبت هنا؛لأنّه قد ثبت أنّه فداء الصوم المطلوب شرعا من العاجز عنه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،قال:سألته عمّن لم يصم الثلاثة الأيّام و هو يشتدّ عليه الصيام،هل فيه فداء؟قال:«مدّ من طعام في كلّ يوم» (3).

و رواه ابن بابويه عن عيص مسندا إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

و في رواية صالح (5)بن عقبة عن عقبة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

«جعلت فداك إنّي قد كبرت و ضعفت عن الصيام فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيّام في كلّ شهر؟فقال:«يا عقبة تصدّق بدرهم عن كلّ يوم»قال:قلت:درهم واحد؟

ص:353


1- 1التهذيب 4:313 الحديث 950،الوسائل 7:314 الباب 9 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:314 الحديث 951،الوسائل 7:315 الباب 9 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 4:313 الحديث 947،الوسائل 7:317 الباب 11 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 2:50 الحديث 217،الوسائل 7:317 الباب 11 من أبواب الصوم المندوب ذيل الحديث 1. [4]
5- 5) أكثر النسخ:مسلم،مكان:صالح.

فقال:«لعلّها كثرت عندك و أنت تستقلّ الدرهم؟»قال:قلت:إنّ نعم اللّه عليّ لسابغة،فقال:«يا عقبة لإطعام مسلم خير من صيام شهر» (1).

الخامس:يجوز تأخيرها إلى الأيّام القصيرة؛طلبا للخفّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أو لأبي الحسن عليه السّلام:الرجل يتعمّد الشهر في الأيّام القصار يصوم لسنة (2)؟قال:«لا بأس» (3).و قد سلف مثله (4).

السادس:روى ابن بابويه عن العالم عليه السّلام أنّه سئل عن خميسين يتّفقان

في آخر العشر،

فقال:«صم الأوّل فلعلّك لا تلحق الثاني» (5).

السابع:يستحبّ لصائم هذه الأيّام اجتناب الجدال و المماراة؛

طلبا لزيادة الثواب،روى ابن بابويه عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال«إذا صام أحدكم الثلاثة الأيّام من الشهر فلا يجادلنّ أحدا،و لا يجهل و لا يسرع إلى الحلف و الأيمان باللّه،فإن جهل عليه أحد فليحتمل» (6).

مسألة:و يستحبّ صوم أيّام البيض-و هي الثالث عشر و الرابع عشر

و الخامس عشر من كلّ شهر-

و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور عن أبي ذرّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«يا أبا ذرّ إذا صمت من الشهر ثلاثة فصم ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة» (7).

ص:354


1- 1الكافي 4:144 الحديث 7، [1]التهذيب 4:313 الحديث 948،الوسائل 7:318 الباب 11 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4. [2]
2- 2) بعض النسخ:«لسنته»،كما في الوسائل،و [3]في التهذيب«للسنة».
3- 3) التهذيب 4:313 الحديث 949،الوسائل 7:314 الباب 9 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [4]
4- 4) يراجع:ص 352.
5- 5) الفقيه 2:51 الحديث 223،الوسائل 7:305 الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4. [5]
6- 6) الفقيه 2:49 الحديث 211،الوسائل 7:120 الباب 12 من أبواب آداب الصوم الحديث 1. [6]
7- 7) سنن الترمذيّ 3:134 الحديث 761، [7]سنن النسائيّ 4:223،مسند أحمد 5:162، [8]سنن البيهقيّ 4:294.

و قال عليه السّلام للأعرابيّ:«كل»قال:إنّي صائم،قال:«صوم ما ذا؟»قال:

صوم ثلاثة أيّام من الشهر،قال:«إن كنت صائما فعليك بالغرّ البيض:ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة» (1).

و عن ملحان القيسيّ (2)،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأمرنا أن نصوم البيض:ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة،و قال:«هو كهيئة الدهر» (3)يريد بذلك أنّ صوم ثلاثة أيّام بشهر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،و قد سلف (4)،و سمّيت أيّام البيض؛لابيضاض ليلها كلّه بالقمر.

و التقدير:أيّام الليالي البيض.

و نقل الجمهور:أنّ اللّه تعالى تاب على آدم عليه السّلام،و بيّض صحيفته (5).

مسألة:و يستحبّ صوم أربعة أيّام في السنة:

يوم مبعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و مولده،و دحو الأرض،و يوم الغدير نصب اللّه تعالى فيه عليّا عليه السّلام إماما للأنام؛لأنّها أيّام شريفة أنعم اللّه تعالى فيها بأعظم البركات،فاستحبّ شكره بالصوم فيها.

روى الشيخ عن محمّد بن عبد اللّه الصيقل (6)(7)،قال:خرج علينا أبو الحسن

ص:355


1- 1سنن النسائي 4:223،مسند أحمد 1:31، [1]مجمع الزوائد 3:195.
2- 2) ملحان القيسيّ،هو والد عبد الملك بن ملحان،و يقال:إنّه والد قتادة بن ملحان القيسيّ يختلفون فيه، و له حديث واحد في صيام البيض.أسد الغابة 4:414، [2]الإصابة 3:533. [3]
3- 3) سنن أبي داود 2:328 الحديث 2449، [4]سنن ابن ماجة 1:545 ذيل الحديث 1707،سنن النسائيّ 4: 225،سنن البيهقيّ 4:294.
4- 4) يراجع:ص 345.
5- 5) المغني 3:116،الشرح الكبير بهامش المغني 3:97.
6- 6) بعض النسخ:محمّد بن عبد اللّه بن الصيقل كما في التهذيب.
7- 7) محمّد بن عبد اللّه الصيقل،حمدان بن النضر عنه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في التهذيب 4 باب صوم الأربعة أيّام في السنة الحديث 920،قاله الأردبيليّ.و قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فهو مجهول الحال.هذا و قال السيّد الخوئيّ:في الطبعة القديمة للتهذيب:محمّد بن عبد اللّه بن الصيقل، و لكن رواها الكلينيّ في الكافي 4:149 باب صيام الترغيب الحديث 4: [5]محمّد بن عبد اللّه الصيقل و الظاهر هو الصحيح.جامع الرواة 2:142، [6]تنقيح المقال 3:144، [7]معجم رجال الحديث 16:268. [8]

يعني الرضا عليه السّلام بمرو في خمسة و عشرين من ذي القعدة،فقال:«صوموا فإنّي أصبحت صائما»قلنا:جعلنا اللّه فداك أيّ يوم هو؟قال:«يوم نشرت فيه الرحمة و دحيت فيه الأرض و نصبت فيه الكعبة و هبط فيه آدم عليه السّلام» (1).

و عن الحسن بن راشد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:جعلت فداك،للمسلمين عيد غير العيدين؟قال:«نعم يا حسن أعظمهما و أشرفهما»قال:

قلت:فأيّ يوم هو؟قال:«هو يوم نصب أمير المؤمنين عليه السّلام فيه علما للناس» قلت:جعلت فداك،و ما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟قال:«تصومه يا حسن،و تكثر الصلوات على محمّد و آله،و تبرّأ إلى اللّه عزّ و جلّ ممّن ظلمهم،و إنّ الأنبياء كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي يقام فيه الوصيّ أن يتّخذ عيدا»قال:قلت:فما لمن صامه؟قال:«صيام ستّين شهرا،و لا تدع صيام سبعة و عشرين من رجب فإنّه اليوم الذي نزلت فيه النبوّة على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و ثوابه مثل ستّين شهرا لكم» (2).

و عن محمّد بن الليث المكّيّ (3)،قال:حدّثني إسحاق (4)بن عبد اللّه العريضيّ

ص:356


1- 1التهذيب 4:304 الحديث 920،الوسائل 7:332 الباب 16 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:305 الحديث 921،الوسائل 7:323 الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [2]
3- 3) محمّد بن اللّيث المكّيّ لم نعثر على ترجمته أكثر ممّا قال السيّد الخوئي:روى عن أبي إسحاق بن عبد اللّه العلويّ العريضيّ و روى عنه أحمد بن زياد الهمدانيّ.معجم رجال الحديث 17:200.
4- 4) في التهذيب و الوسائل: [3]أبو إسحاق.

العلويّ (1)،قال:و جل (2)في صدري ما الأيّام التي تصام؟فقصدت مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام و هو ب«صريا» (3)و لم أبد ذلك لأحد من خلق اللّه،فدخلت عليه،فلمّا بصر بي قال عليه السّلام:«يا إسحاق (4)جئت تسألني عن الأيّام التي يصام فيهنّ و هي أربعة:أوّلهنّ يوم السابع و العشرين من رجب يوم بعث اللّه تعالى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله إلى خلقه رحمة للعالمين،و يوم مولده صلّى اللّه عليه و آله،و هو السابع عشر من شهر ربيع الأوّل،و يوم الخامس و العشرين من ذي القعدة،فيه دحيت الكعبة،و يوم الغدير فيه أقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخاه عليّا عليه السّلام علما للناس و إماما من بعده»قلت:صدقت جعلت فداك لذلك قصدت،أشهد أنّك حجّة اللّه على خلقه (5).

مسألة:و يستحبّ صيام عرفة.
اشارة

و قد اتّفق العلماء على أنّ صومه في الجملة مستحبّ.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صيام يوم عرفة كفّارة سنة و السنة التي تليها» (6).و في رواية أخرى:«يكفّر السنة الماضية و الباقية» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن

ص:357


1- 1أبو إسحاق بن عبد اللّه العلويّ العريضيّ،روى عن أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام و روى عنه محمّد بن الليث المكّيّ.معجم رجال الحديث 22:18. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل: [2]وحك.
3- 3) صريا:قرية أسّسها الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام على ثلاثة أميال من المدينة.مناقب ابن شهرآشوب 4:382. [3]
4- 4) بعض النسخ:يا أبا إسحاق،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 4:305 الحديث 922،الوسائل 7:324 الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [4]
6- 6) صحيح مسلم 2:818 الحديث 1162،مسند أحمد 5:296، [5]سنن البيهقيّ 4:283،مجمع الزوائد 3:190.
7- 7) صحيح مسلم 2:819 الحديث 1162،مسند أحمد 5:296، [6]سنن البيهقيّ 4:283.

أبي الحسن عليه السّلام،قال:«صوم يوم عرفة يعدل السنة»و قال:«لم يصمه الحسن و صامه الحسين عليه السّلام» (1).

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام:«صوم يوم التروية كفّارة سنة،و يوم عرفة كفّارة سنتين» (2).

فروع:
الأوّل:و لا يكره صومه للحاجّ،إلاّ أن يضعفهم عن الدعاء،و يقطعهم عنه.

و به قال أبو حنيفة (3)،و روي عن عائشة أيضا،و ابن الزبير،و إسحاق،و عطاء.و قال باقي الجمهور:إنّه مكروه (4).

لنا:أنّ المقتضي موجود،و هو الأمر بالصوم فيه مستحبّا،و المانع و هو العجز عن الدعاء مفقود؛إذ التقدير فيه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سألته عن صوم يوم عرفة،قال:«من قوي عليه فحسن إن لم يمنعك عن الدعاء، فإنّه يوم دعاء و مسألة فصمه،و إن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه» (5).

احتجّ المخالف (6):بما روي عن أمّ الفضل بنت الحارث أنّ ناسا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال بعضهم:صائم،و قال

ص:358


1- 1التهذيب 4:298 الحديث 900،الاستبصار 2:133 الحديث 432،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 2:52 الحديث 231،الوسائل 7:345 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 11. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:81،تحفة الفقهاء 1:343،بدائع الصنائع 2:79،المجموع 6:380. [3]
4- 4) المغني 3:114،المجموع 6:380.
5- 5) التهذيب 4:299 الحديث 904،الاستبصار 2:134 الحديث 436،الوسائل 7:343 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4. [4]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:380،المغني 3:115.

بعضهم:ليس بصائم،فأرسلت إليه بقدح من لبن و هو واقف على بعيره بعرفات، فشربه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1).

و قال ابن عمر:حججت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم يصمه،يعني يوم عرفة.و مع أبي بكر،فلم يصمه.و مع عثمان فلم يصمه،و أنا لا أصومه و لا آمر به و لا أنهى عنه (2).

و الجواب عنه:أنّ هذه الأحاديث محمولة على أنّه عليه السّلام لم يتمكّن من الصيام للعطش،أو أنّه عليه السّلام كان مسافرا،أو للضعف و المنع من الدعاء.

الثاني:إنّما قلنا بكراهيته مع الضعف عن الدعاء؛للروايات.

و لأنّه يوم شريف معظّم يستجاب فيه الدعاء خصوصا في الموقف الذي يقصد من كلّ فجّ عميق؛طلبا لفضل اللّه تعالى و إجابة دعائه،فكان تركه أفضل.

أمّا مع القدرة على الجمع بين الصيام و الدعاء،فصومه أفضل؛لما تقدّم،و لما رواه الشيخ عن سليمان الجعفريّ،قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول:«كان أبي يصوم يوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف،و يأمر بظلّ مرتفع،فيضرب له فيغتسل ممّا يبلغ منه الحرّ» (3).

و عن حنّان بن سدير،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن صوم يوم عرفة،فقلت:جعلت فداك إنّهم يزعمون أنّه يعدل صوم سنة،قال:«كان أبي لا يصومه،قلت:و لم ذلك؟قال:إنّ يوم عرفة يوم دعاء و مسألة،و أتخوّف أن يضعفني عن الدعاء و أكره أن أصومه،و أتخوّف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى

ص:359


1- 1صحيح البخاريّ 3:55،صحيح مسلم 2:791 الحديث 1123،سنن أبي داود 2:326 الحديث 2441، [1]الموطّأ 1:375 الحديث 132، [2]سنن البيهقيّ 4:283.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:125 الحديث 751، [3]سنن الدارميّ 2:23، [4]المغني 3:115.
3- 3) التهذيب 4:298 الحديث 901،الاستبصار 2:133 الحديث 433،الوسائل 7:343 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [5]

و ليس بيوم صوم» (1).

و على هذا التأويل حمل الشيخ-رحمه اللّه (2)-رواية محمّد بن قيس،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان» (3).

الثالث:لا يستحبّ صومه عند الشكّ في الهلال؛

لجواز أن يكون يوم عيد، فيكون صومه حراما،فمع الاشتباه يستحبّ تركه.

و يؤيّده:رواية حنّان بن سدير عن الباقر عليه السّلام في قوله:«إنّ يوم عرفة يوم دعاء و مسألة،و أتخوّف أن يضعفني عن الدعاء،و أكره أن أصومه،و أتخوّف أن يكون يوم عرفة يوم الأضحى و ليس بيوم صوم» (4).

قال ابن بابويه-رحمه اللّه-:إنّ العامّة غير موفّقين لفطر و لا أضحى،و إنّما كره عليه السّلام صوم عرفة؛لأنّه كان (5)يكون يوم العيد في أكثر السنين،و تصديق ذلك (6)ما قاله الصادق عليه السّلام:«لمّا قتل الحسين بن عليّ عليهما السّلام أمر اللّه عزّ و جلّ ملكا فنادى:أيّتها الأمّة الظالمة (7)القاتلة عترة نبيّها لا وفّقكم اللّه لصوم

ص:360


1- 1التهذيب 4:299 الحديث 903،الاستبصار 2:133 الحديث 435،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:299،الاستبصار 2:133.
3- 3) التهذيب 4:298 الحديث 902،الاستبصار 2:133 الحديث 434،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 7. [2]
4- 4) التهذيب 4:299 الحديث 903،الاستبصار 2:133 الحديث 435،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 6. [3]
5- 5) كثير من النسخ:كاد،مكان:كان.
6- 6) الفقيه 2:53.
7- 7) أكثر النسخ:الضالّة،مكان:الظالمة.

و لا فطر» (1).

و في حديث آخر:«لا وفّقكم اللّه لفطر و لا أضحى» (2).

أمّا مع العلم بالهلال و التمكّن من الدعاء،فإنّه مستحبّ مندوب إليه مطلقا، سواء كان بعرفة أو لم يكن.

و روى ابن بابويه أنّ في تسع من ذي الحجّة أنزلت توبة داود عليه السّلام،فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة تسعين سنة (3).

الرابع:روى ابن بابويه عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن صوم يوم عرفة،

قال:«إن شئت صمت و إن شئت لم تصم» (4).

و روي:أنّ رجلا أتى الحسن و الحسين عليهما السلام فوجد أحدهما صائما و الآخر مفطرا،فسألهما،فقالا:«إن صمت فحسن و إن لم تصم فجائز» (5).

و روي عن عبد اللّه بن المغيرة،عن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام وحده،و أوصى عليّ إلى الحسن و الحسين عليهما السلام جميعا،و كان الحسن عليه السّلام إمامه،فدخل رجل يوم عرفة على الحسن عليه السّلام و هو يتغذّى،و الحسين عليه السّلام صائم، ثمّ جاء بعد ما قبض الحسن عليه السّلام فدخل على الحسين عليه السّلام يوم عرفة و هو يتغدّى و عليّ بن الحسين عليهما السلام صائم،فقال له الرجل:إنّي دخلت

ص:361


1- 1الفقيه 2:54 الحديث 236 و ص 114 الحديث 489،الوسائل 7:214 الباب 13 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:54 الحديث 237 و ص 114 الحديث 488،الوسائل 7:213 الباب 13 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2 و [2]ص 214 الحديث 4.
3- 3) الفقيه 2:52 الحديث 232،الوسائل 7:334 [3] الباب 18 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5 و ص 345 الباب 23 الحديث 10.
4- 4) الفقيه 2:52 الحديث 233،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 8. [4]
5- 5) الفقيه 2:52 الحديث 233،الوسائل 7:344 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 9. [5]

على الحسن عليه السّلام و هو يتغدّى و أنت صائم،ثمّ دخلت عليك و أنت مفطر، فقال:«إنّ الحسن عليه السّلام كان إماما فأفطر لئلاّ يتّخذ صومه سنّة و ليتأسّى به الناس،فلمّا أن قبض كنت أنا الإمام،فأردت أن لا يتّخذ صومي سنّة فيتأسّى الناس بي» (1).

الخامس:قيل:سمّي يوم عرفة بذلك،لأنّ الوقوف بعرفة فيه.

و قيل:لأنّ إبراهيم عليه السّلام أري في المنام ليلة التروية أنّه يؤمر بذبح ابنه، فأصبح يومه يتروّى هل هذا من اللّه أو حلم؟فسمّي يوم التروية،فلمّا كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة،فعرف أنّه من اللّه،فسمّي يوم عرفة (2).

مسألة:و صوم يوم عاشوراء مستحبّ حزنا لا تبرّكا؛
اشارة

لأنّه يوم جرت فيه أعظم المصائب و هو قتل الحسين عليه السّلام و هتك حريمه،فكان الحزن بترك الأكل و الملاذّ و احتمال الأذى متعيّنا.

و لما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام،قال:«صوموا العاشوراء التاسع و العاشر،فإنّه يكفّر ذنوب سنة» (3).

و عن أبي همام،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم عاشوراء» (4).

و عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«صيام

ص:362


1- 1الفقيه 2:53 الحديث 234،الوسائل 7:345 الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث 13. [1]
2- 2) المغني 3:114،الشرح الكبير بهامش المغني 3:101.
3- 3) التهذيب 4:299 الحديث 905،الاستبصار 2:134 الحديث 437،الوسائل 7:337 الباب 20 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 4:299 الحديث 906،الاستبصار 2:134 الحديث 438،الوسائل 7:337 الباب 20 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [3]

يوم عاشوراء كفّارة سنة» (1).

و قد روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصوم يوم عاشوراء (2).

و قد وردت أحاديث في كراهته محمولة على ما قلناه من الصوم للتبرّك (3).

روى الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قالا:

«لا تصم يوم عاشوراء و لا يوم عرفة بمكّة و لا بالمدينة و لا في وطنك و لا في مصر من الأمصار» (4).

و إنّما حملناه على التبرّك بصومه؛لما رواه الشيخ عن جعفر بن عيسى،قال:

سألت الرضا عليه السّلام عن صوم عاشوراء و ما يقول الناس فيه،فقال:«عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد بقتل (5)الحسين عليه السّلام،و هو يوم تشاءم به آل محمّد،و يتشاءم به أهل الإسلام،و اليوم الذي يتشاءم الإسلام و أهله لا يصام و لا يتبرّك به،و يوم الاثنين يوم نحس قبض اللّه فيه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و ما أصيب آل محمّد إلاّ في يوم الاثنين،فتشأّمنا به، و تبرّك به أعداؤنا،و يوم عاشوراء قتل الحسين عليه السّلام و تبرّك به ابن مرجانة

ص:363


1- 1التهذيب 4:300 الحديث 907،الاستبصار 2:134 الحديث 439،الوسائل 7:337 الباب 20 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [1]
2- 2) سنن الترمذيّ 3:128 الحديث 755،و [2]بمضمونه ينظر:صحيح البخاريّ 3:57،صحيح مسلم 2:795 الحديث 1130،سنن أبي داود 2:326 الحديث 2444،2445، [3]سنن ابن ماجة 1:552 الحديث 1734،سنن الدارميّ 2:22،سنن البيهقيّ 4:286.
3- 3) الوسائل 7:339 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب. [4]
4- 4) التهذيب 4:300 الحديث 909،الاستبصار 2:134 الحديث 440،الوسائل 7:341 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب الحديث 6. [5]
5- 5) بعض النسخ:لقتل،كما في الوسائل. [6]

و تشأّم به آل محمّد،فمن صامهما أو تبرّك بهما لقي اللّه عزّ و جلّ ممسوخ (1)القلب، و كان حشره (2)مع الذين سنّوا صومهما و التبرّك بهما» (3).

و عن عبيد بن زرارة،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«من صام يوم عاشوراء،كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة و آل زياد»قال:قلت:

و ما حظّهم (4)من ذلك اليوم؟قال:«النار» (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذه الأحاديث أنّ من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الجزع لما حلّ بعترته فقد أصاب،و من صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و التبرّك به و الاعتقاد لبركته و سعادته فقد أثم و أخطأ (6).

فروع:
الأوّل:روي استحباب الفطر بعد العصر .

(7)

الثاني:يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم.

و به قال سعيد بن المسيّب،

ص:364


1- 1بعض النسخ:«ممسوح»كما في التهذيب.
2- 2) ق،خا و ج:«محشره»كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 4:301 الحديث 911،الاستبصار 2:135 الحديث 442،الوسائل 7:340 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [1]
4- 4) هامش ح:و ما كان حظّهم،كما في الوسائل. [2]
5- 5) التهذيب 4:301 الحديث 912،الاستبصار 2:135 الحديث 443،الوسائل 7:340 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4.في الأخير و هامش ح بزيادة:أعاذنا اللّه من النار و من عمل يقرب من النار.
6- 6) التهذيب 4:302،الاستبصار 2:135.
7- 7) مصباح المتهجّد:724،الوسائل 7:338 الباب 20 من أبواب الصوم المندوب الحديث 7. [3]

و الحسن البصريّ (1).

و روي عن ابن عبّاس أنّه قال:إنّه التاسع من المحرّم (2).و ليس بمعتمد؛لما تقدّم في أحاديثنا:أنّه يوم قتل الحسين عليه السّلام،و يوم قتل الحسين عليه السّلام هو العاشر بلا خلاف (3).

و روى الجمهور عن ابن عبّاس[قال] (4):أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرّم (5).و هذا ينافي ما روي عنه أوّلا.

الثالث:اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟

فقال أبو حنيفة:إنّه كان واجبا (6).

و قال آخرون:إنّه لم يكن واجبا (7).و للشافعيّ قولان (8).و عن أحمد روايتان (9).

احتجّ الموجبون (10):بما روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صامه و أمر بصيامه،فلمّا افترض رمضان كان هو الفريضة و ترك عاشوراء،فمن شاء صامه

ص:365


1- 1المغني 3:113، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:99، [2]عمدة القارئ 11:117.
2- 2) صحيح مسلم 2:797 الحديث 1133،المغني 3:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:99،المجموع 6:383،عمدة القارئ 11:117.
3- 3) يراجع:ص 362. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:128 الحديث 755، [4]المغني 3:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:99، عمدة القارئ 11:117.
6- 6) المجموع 6:383،عمدة القارئ 11:118.
7- 7) المجموع 6:383.
8- 8) المجموع 6:383،حلية العلماء 3:211،عمدة القارئ 11:118.
9- 9) المغني 3:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:100،الإنصاف 3:346.
10- 10) المجموع 6:383.

و من شاء تركه (1).و أيضا فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كتب إلى أهل العوالي أنّه من أكل منكم فليمسك بقيّة يومه،و من لم يأكل فليصم (2).و هذا يدلّ على وجوبه.

و احتجّ الآخرون (3):بما رووه عن معاوية أنّه سمع يوم عاشوراء على المنبر يقول:يا أهل المدينة أين علماؤكم؟سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إنّ هذا يوم عاشوراء لم يكتب اللّه عليكم صيامه و أنا صائم،فمن شاء فليصم، و من شاء فليفطر» (4).

و أيضا:فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يأمر من أكل فيه بالقضاء،و لو كان واجبا لأمره بالقضاء.

و قد ورد في أحاديثنا ما يدلّ عليهما:

روى الشيخ عن الوشّاء قال:حدّثني نجيّة بن الحارث العطّار،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن صوم يوم عاشورا،فقال:«صوم متروك بنزول شهر رمضان،و المتروك بدعة»قال نجيّة:فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك من بعد أبيه،فأجاب (5)بمثل جواب أبيه،ثمّ قال لي:«أما إنّه صيام يوم ما نزل به كتاب

ص:366


1- 1صحيح البخاريّ 3:57،صحيح مسلم 2:792 الحديث 1125،سنن أبي داود 2:226 الحديث 2442، [1]سنن الترمذيّ 3:127 الحديث 753، [2]الموطّأ 1:299 الحديث 33، [3]سنن الدارميّ 2:23، [4]مسند أحمد 6:29 و 50، [5]سنن البيهقيّ 4:288.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:58،صحيح مسلم 2:798 الحديث 1135-1136،سنن النسائيّ 4:192،سنن الدارميّ 2:22.
3- 3) المغني 3:113،المجموع 6:384.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:57،صحيح مسلم 2:795 الحديث 1129،الموطّأ 1:299 الحديث 34، [6]سنن البيهقيّ 4:290.
5- 5) بعض النسخ:فأجابني،كما في بعض المصادر.

و لا جرت به سنّة إلاّ سنّة آل زياد بقتل الحسين بن عليّ عليهما السلام» (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و زرارة أنّهما سألا أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن صوم يوم عاشوراء،فقال:«كان صومه قبل صوم شهر رمضان،فلمّا نزل شهر رمضان،ترك» (2).

مسألة:و يستحبّ صوم يوم المباهلة،

و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة، فيه باهل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بنفسه و بأمير المؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام،نصارى نجران.و فيه تصدّق أمير المؤمنين عليه السّلام بخاتمه في ركوعه (3)،و نزلت فيه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4)لأنّه يوم شريف،و قد أظهر اللّه تعالى فيه نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله على خصمه،و حصل فيه من التنبيه على قرب عليّ عليه السّلام من ربّه و اختصاصه و عظم منزلته و ثبوت ولايته و استجابة الدعاء به ما لم يحصل لغيره،و ذلك من أعظم الكرامات الموجبة لإخبار اللّه تعالى أنّ نفسه نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيستحبّ صومه شكرا لهذه النعم الجسيمة.

مسألة:و يستحبّ صيام أوّل يوم من ذي الحجّة،و هو يوم ولد فيه إبراهيم

خليل الرحمن عليه السّلام ،

(5)

و ذلك نعمة عظيمة ينبغي مقابلتها بالشكر،و صيام ذلك اليوم من الأفعال المختصّة به،فيكون مستحبّا.

و روي عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:«من صام أوّل يوم من ذي الحجّة

ص:367


1- 1التهذيب 4:301 الحديث 910،الاستبصار 2:134 الحديث 441،الوسائل 7:340 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 2:51 الحديث 224،الوسائل 7:339 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [2]
3- 3) مصباح المتهجّد:703،704. [3]
4- 4) المائدة(5):55. [4]
5- 5) مصباح المتهجّد:612. [5]

كتب اللّه له صوم ثمانين شهرا،فإن صام التسع كتب اللّه عزّ و جلّ له صوم الدهر» (1).

قال ابن بابويه:و روي أنّ في أوّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام،فمن صام ذلك اليوم،كان كفّارة ستّين سنة (2).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فقد روى عن سهل بن زياد،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،قال:«و في أوّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام،فمن صام ذلك اليوم كتب اللّه له صيام ستّين شهرا» (3).

و قيل:إنّ فاطمة عليها السلام تزوّجت في ذلك اليوم (4).

و قيل:في السادس من ذي الحجّة (5).فيستحبّ صومهما معا؛لإدراك فضيلة الوقت.

مسألة:و يستحبّ صوم عشر ذي الحجّة إلاّ يوم العيد،

فإنّه محرّم،و قد سلف (6)،و لا نعلم في الحكمين خلافا؛لأنّها أيّام شريفة مفضّلة يضاعف فيها العمل و يستحبّ فيها الاجتهاد بالعبادة.

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما من أيّام العمل الصالح فيهنّ أحبّ إلى اللّه من هذه الأيّام العشر»قالوا:يا رسول اللّه،و لا الجهاد في سبيل اللّه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و لا الجهاد في سبيل اللّه، إلاّ رجلا خرج بنفسه و ماله فلم يرجع من ذلك بشيء» (7).

ص:368


1- 1الفقيه 2:52 الحديث 230،الوسائل 7:334 الباب 18 من أبواب الصوم المندوب الحديث 2،3. [1]
2- 2) الفقيه 2:52 الحديث 232،الوسائل 7:334 الباب 18 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 4:304 الحديث 919،الوسائل 7:333 الباب 18 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [3]
4- 4) مصباح المتهجّد:613.
5- 5) مصباح المتهجّد:613. [4]
6- 6) يراجع:ص 216.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:25،سنن أبي داود 2:325 الحديث 2438، [5]سنن الترمذيّ 3:130 الحديث 757، [6]سنن ابن ماجة 1:550 الحديث 1727،سنن الدارميّ 2:25، [7]مسند أحمد 1:224 و 338، [8]سنن البيهقيّ 4:284.

و عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«ما من أيّام أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ بأن يتعبّد له فيها من عشر ذي الحجّة،يعدل صيام كلّ يوم منها بصيام سنة، و قيام كلّ ليلة بقيام ليلة القدر» (1).

و عن بعض أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم تسع ذي الحجّة و يوم عاشوراء (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الكاظم عليه السّلام أنّ من صام التسع كتب اللّه له صوم الدهر (3).

و كذلك يستحبّ صيام يوم الخامس و العشرين من ذي الحجّة،و هو يوم نزلت في أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام(هل أتى).

و في السادس و العشرين منه طعن عمر بن الخطّاب سنة ثلاث و عشرين من الهجرة،و في التاسع و العشرين منه قبض عمر بن الخطّاب.

و يوم الثامن عشر منه هو يوم الغدير-و قد سلف (4)-نصب فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام إماما للأنام،و هو يوم قتل عثمان بن عفّان،و بايع المهاجرون و الأنصار عليّا عليه السّلام طائعين مختارين ما خلا أربعة أنفس منهم:

عبد اللّه بن عمر،و محمّد بن مسلمة (5)،و سعد بن أبي وقّاص،و أسامة بن زيد.

ص:369


1- 1سنن ابن ماجة 1:551 الحديث 1728،سنن الترمذيّ 3:131 الحديث 758. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:325 الحديث 2437، [2]سنن النسائيّ 4:220،مسند أحمد 5:271 و ج 6:288 و 423، [3]سنن البيهقيّ 4:284.
3- 3) الفقيه 2:52 الحديث 230،الوسائل 7:334 الباب 18 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [4]
4- 4) يراجع:ص 355. [5]
5- 5) محمّد بن مسلمة بن سلمة الأوسيّ الأنصاريّ الحارثيّ،أبو عبد اللّه و يقال:أبو عبد الرحمن،و يقال: أبو سعيد المدنيّ،شهد بدرا و ما بعدها إلاّ غزوة تبوك،و استخلفه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض غزواته،و ولاّه عمر على صدقات جهينة،و لم يشهد الجمل و لا صفّين.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه ابنه محمود و المسور بن مخرمة و سهل بن أبي حثمة...و غيرهم.مات بالمدينة سنة 42 ه.و قيل:43 ه.الإصابة 3:383، [6]تهذيب التهذيب 9:454، [7]الأعلام للزركليّ 7:97. [8]

و في هذا اليوم فلح موسى بن عمران عليه السّلام على السحرة،و أخزى اللّه تعالى فرعون و جنوده،و فيه نجّى اللّه تعالى إبراهيم عليه السّلام من النار،و فيه نصب موسى عليه السّلام وصيّه يوشع بن نون،و نطق بفضله على رءوس الأشهاد، كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعليّ عليه السّلام،و فيه أظهر عيسى عليه السّلام وصيّه شمعون الصفا،و فيه أشهد سليمان بن داود عليه السّلام سائر رعيّته إلى استخلاف آصف وصيّه.

و هو يوم عظيم البركات،فيستحبّ صيام هذه الأيّام كلّها استحبابا مؤكّدا؛لما فيها من النعم (1).

مسألة:يستحبّ صوم رجب بأسره.

و هو قول علمائنا.و كره أحمد صومه كلّه إلاّ لصائم السنة فيدخل ضمنا (2).

لنا:أنّه شهر شريف معظّم في الجاهليّة و الإسلام.و هو أحد أشهر الحرم المعظّمة عند اللّه تعالى،فكان إيقاع الطاعات فيه أفضل من غيره.

و يؤيّده:ما رواه المفيد-رحمه اللّه-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من صام رجب كلّه كتب اللّه تعالى له رضاه،و من كتب له رضاه لم يعذّبه» (3).

ص:370


1- 1ينظر جميع ذلك في السرائر:96.
2- 2) المغني 3:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:103،الكافي لابن قدامة 1:489،الإنصاف 3:346، [1]زاد المستقنع:29.
3- 3) المقنعة:59، [2]الوسائل 7:356 الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث 15. [3]

و عن كثير بيّاع النوا (1)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ نوحا عليه السّلام ركب السفينة في أوّل يوم من رجب فأمر عليه السّلام من معه أن يصوموا ذلك اليوم و قال:من صامه تباعدت عنه النار مسير سنة،و من صام سبعة أيّام منه أغلقت عنه أبواب النيران السبعة،و من صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنان الثمانية،و من صام عشرة أعطي مسألته،و من صام خمسة و عشرين قيل له:استأنف العمل فقد غفر اللّه لك،و من زاد زاده اللّه تعالى» (2).

و عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:«رجب نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللبن و أحلى من العسل،من صام يوما من رجب سقاه اللّه من ذلك النهر» (3).

و بالجملة:فإنّه شهر معظّم و يسمّى الشهر الأصمّ؛لأنّ العرب لم تكن تغير فيه، و لا ترى الحرب و سفك الدماء،فكان لا يسمع فيه حركة السلاح و لا صهيل الخيل.

و يسمّى أيضا الشهر الأصبّ؛لأنّه يصبّ اللّه تعالى فيه الرحمة على عباده.

و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يصومه و يقول:«رجب شهري،و شعبان شهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و شهر رمضان شهر اللّه» (4).

ص:371


1- 1كثير النوّاء-بفتح النون و الواو المشدّدة و الألف و الهمزة-نسبة إلى بيع النواة-عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام بقوله:كثير النوّاء بتريّ،و أخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام بقوله: كثير بن قاروند أبو إسماعيل النوّاء الكوفيّ،قال المامقانيّ:و ظاهر الشيخ اتّحادهما،و يظهر من السيّد الخوئيّ اتّحاد كثير بن قاروند و كثير بيّاع النّوا و كثير النوّاء،و يظهر من الروايات التي ذكرها الكشّيّ ذمّه عن الإمام عليه السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة. رجال الكشّيّ:230-232،رجال الطوسيّ:134،227،رجال العلاّمة:249، [1]تنقيح المقال 2:36 باب الكاف، [2]معجم رجال الحديث 14:111-113. [3]
2- 2) التهذيب 4:306 الحديث 923.
3- 3) الفقيه 2:56 الحديث 244،التهذيب 4:306 الحديث 924،الوسائل 7:350 الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [4]
4- 4) مصباح المتهجّد:734، [5]الوسائل 7:356 الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث 16. [6]

احتجّ أحمد:بما رواه خرشة (1)بن الحرّ،قال:رأيت عمر يضرب أكفّ المترجّبين حتّى يضعوها في الطعام و يقول:كلوا فإنّما هو شهر كان تعظّمه الجاهليّة (2).

و عن ابن عمر أنّه كان إذا رأى الناس و ما يعدّون لرجب،كرهه و قال:صوموا منه و أفطروا (3).و دخل أبو بكرة (4)على أهله و عندهم سلال جدد و كيزان،فقال:

ما هذا؟فقالوا:رجب نصومه،قال:أ جعلتم رجب رمضان؟فأكفأ السلال و كسر الكيزان (5).

و الجواب:ما نقلناه أولى؛لموافقته عموم الأمر بالصوم خصوصا في هذا الشهر الشريف عند الجاهليّة و الإسلام.

و نقل أحمد عن عمر-أنّه إنّما كان تعظّمه الجاهليّة-يقتضي عدم العرفان بفضل هذا الشهر الشريف في الشريعة المحمّديّة صلّى اللّه عليه و آله.

و كذا أمر ابن عمر و أبي بكرة بترك صومه،يدلّ على قلّة معرفتهما بفضل هذا الشهر.

و بالجملة:لا اعتداد بفعل هؤلاء مع ما نقلناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام.

و يتأكّد استحباب ثلاثة أيّام منه:أوّله و ثانيه و ثالثه،و آكده استحباب أوّل

ص:372


1- 1خرشة بن الحرّ الفزاريّ كان يتيما في حجر عمر بن الخطّاب روى عن عمر و عن أبي ذرّ و حذيفة و عبد اللّه بن سلام،و روى عنه ربعيّ بن حراش و سليمان بن مسهر و المسيّب بن رافع.مات في ولاية بشر بن مروان على الكوفة سنة 74 ه.تهذيب التهذيب 3:138. [1]
2- 2) المغني 3:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:103،الكافي لابن قدامة 1:489،مجمع الزوائد 3:191.
3- 3) المغني 3:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:103.
4- 4) في النسخ:أبو بكر،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) المغني 3:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:103.

يوم منه.

و فيه ولد مولانا الباقر عليه السّلام يوم الجمعة غرّة شهر رجب سنة سبع و خمسين (1).

و في اليوم الثاني منه كان مولد أبي الحسن الثالث عليه السّلام.و قيل:الخامس منه (2).

و يوم العاشر منه مولد (3)مولانا أبي جعفر الثاني عليه السّلام (4).

و يوم الثالث عشر منه كان مولد مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة،ذكره الشيخ-رحمه اللّه-عن ابن عيّاش (5)من علمائنا رحمهم اللّه (6).و قيل:قبل المبعث بعشر سنين (7).

و في اليوم الخامس عشر منه خرج فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:373


1- 1الإرشاد للمفيد 2:156،الكافي 1:469. [1]
2- 2) مصباح المتهجّد:741. [2]
3- 3) هامش ح:كان مولد.
4- 4) مصباح المتهجّد:741. [3]
5- 5) أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهريّ.قال النجاشيّ:كان سمع الحديث و أكثر،و اضطرب في آخر عمره إلى أن قال:و رأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو عنه شيئا و تجنّبته،و بمثل ذلك عنونه الشيخ في الفهرست و [4]لم يتعرّض لضعفه و عدّه في رجاله في باب من لم يرو عن الأئمّة عليهم السلام بعنوان:أحمد بن محمّد بن عيّاش و صرّح بالاختلال في آخر عمره،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و اكتفى بما ذكره النجاشيّ في حقّه.قال المامقانيّ بعد إحراز كونه إماميّا:كما تكشف عنه كتبه و ورود المدح فيه كان مقتضى القاعدة عدّ حديثه من الحسن لا الضعيف سيّما إن أريد بالاختلال في آخر عمره خلل في آخر عقله دون مذهبه،مات سنة 401 ه. رجال النجاشيّ:85،رجال الطوسيّ:449،الفهرست:33، [5]رجال العلاّمة:204، [6]تنقيح المقال 1:88، [7]
6- 6) مصباح المتهجّد:741، [8]التهذيب 6:19.
7- 7) نقله في البحار 35:8 [9]عن الفصول المهمّة:12،13. [10]

من الشعب (1).

و في هذا اليوم لخمسة أشهر من الهجرة عقد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لأمير المؤمنين عليه السّلام،على ابنته فاطمة عليها السلام،عقدة النكاح،و كان فيه الإشهاد له و الإملاك،و لها يومئذ ثلاث عشرة سنة في بعض الروايات،و في بعضها تسع،و قيل:عشر،و قيل:غير ذلك (2).

و في هذا اليوم حوّلت القبلة من بيت المقدس و كان الناس في صلاة العصر، فتحوّلوا منها إلى البيت الحرام،فكان بعض صلاتهم هذه إلى بيت المقدس،و بعضها إلى البيت الحرام (3).

و في اليوم الثالث منه سنة أربع و خمسين و مأتين،كانت وفاة سيّدنا أبي الحسن عليّ بن محمّد صاحب العسكر عليه السّلام،و له يومئذ إحدى و أربعون سنة (4).

و في اليوم الثامن عشر منه،كانت وفاة إبراهيم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.و في اليوم الثاني و العشرين منه،كانت وفاة معاوية بن أبي سفيان (5).

و في اليوم الحادي و العشرين منه،كانت وفاة الطاهرة فاطمة عليها السلام.

و في اليوم الثالث و العشرين منه،طعن الحسن بن عليّ عليهما السلام.

و في الرابع و العشرين منه،كان فتح خيبر على يد أمير المؤمنين عليه السّلام، بقلعه باب القموص و قتله مرحب (6).

و في الخامس و العشرين منه،كانت وفاة مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر

ص:374


1- 1مصباح المتهجّد:741. [1]
2- 2) مصباح المتهجّد:742، [2]أسد الغابة 5:520، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 4:374. [4]
3- 3) مصباح المتهجّد:742. [5]
4- 4) مصباح المتهجّد:741. [6]
5- 5) مصباح المتهجّد:748. [7]
6- 6) مصباح المتهجّد:749. [8]

عليهما السلام.قال الشيخ:و روي أنّ من صامه،كان كفّارة مأتي سنة (1).

و في اليوم السادس و العشرين منه،كانت وفاة أبي طالب رحمه اللّه (2).

و في اليوم السابع و العشرين منه،بعث سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و يستحبّ صومه؛لزيادة النعمة فيه،و هو أحد الأيّام الأربعة (3).

و روى سلمان الفارسيّ-رحمه اللّه-في حديث طويل:«و كتب له بصوم كلّ يوم يصومه منه عبادة سنة و رفع له ألف درجة،فإن صام الشهر كلّه أنجاه اللّه عزّ و جلّ من النار،و أوجب له الجنّة،يا سلمان أخبرني بذلك جبرئيل عليه السّلام» (4).

مسألة:و يستحبّ صوم شعبان كلّه.

روى الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«صوم شعبان و شهر رمضان متتابعين توبة من اللّه» (5).

و عن عمرو بن خالد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم شعبان و شهر رمضان يصلهما (6)،و ينهى (7)الناس أن يصلوهما و كان يقول:هما شهرا اللّه (8)،و هما كفّارة لما قبلهما و ما بعدهما» (9).

ص:375


1- 1مصباح المتهجّد:749. [1]
2- 2) مصباح المتهجّد:749. [2]
3- 3) مصباح المتهجّد:750. [3]
4- 4) مصباح المتهجّد:752، [4]الوسائل 7:356 الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث 19. [5]
5- 5) التهذيب 4:307 الحديث 925،الاستبصار 2:137 الحديث 449،الوسائل 7:368 الباب 29 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [6]
6- 6) في التهذيب:«و يصلهما».
7- 7) ع،ص،ق و خا:و نهى.
8- 8) بعض النسخ:شهر،كما في التهذيب و الوسائل. [7]
9- 9) التهذيب 4:307 الحديث 926،الاستبصار 2:137 الحديث 450،الوسائل 7:369 الباب 29 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [8]

و عن محمّد بن سليمان،عن أبيه،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول في الرجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟قال:«هما الشهران اللذان قال اللّه تعالى:

شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ (1)»قال:قلت:فلا يفصل بينهما؟قال:«إذا أفطر من الليل فهو فصل،و إنّما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا وصال في صيام، يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار،و قد يستحبّ للعبد أن لا يدع السحور» (2).

و عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«من صام شعبان كان طهورا له من كلّ زلّة و وصمة و بادرة»قال:قلت له:و ما الوصمة؟قال:«اليمين في المعصية،و النذر في المعصية»قلت:فما البادرة؟قال:«اليمين عند الغضب،و التوبة منها الندم عليها (3)» (4).

و عن صفوان بن مهران الجمّال،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«حثّ من في ناحيتك على صوم شعبان»فقلت:جعلت فداك ترى فيه شيئا؟قال:«نعم،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا رأى هلال شعبان،أمر مناديا ينادي في المدينة:يا أهل يثرب إنّي رسول رسول اللّه إليكم،ألا إنّ شعبان شهري،فرحم اللّه من أعانني على شهري»قال:«إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول:ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينادي في شعبان، و لن يفوتني أيّام حياتي صوم شعبان إن شاء اللّه،ثمّ كان عليه السّلام يقول:صوم

ص:376


1- 1النساء(4):92. [1]
2- 2) التهذيب 4:307 الحديث 927،الاستبصار 2:138 الحديث 452،الوسائل 7:368 الباب 29 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [2]
3- 3) في التهذيب:و التوبة منها عند الندم.
4- 4) التهذيب 4:307 الحديث 928،و فيه:«كان له طهرة»مكان:«كان طهورا له»،مصباح المتهجّد:757، [3]الوسائل 7:362 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 7. [4]

شهرين متتابعين توبة من اللّه» (1).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،هل صام أحد من آبائك شعبان قطّ؟فقال:«صامه خير آبائي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و مثله روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:فأمّا الأخبار التي رويت في النهي عن صوم شعبان، و أنّه ما صامه أحد من الأئمّة عليهم السلام،فالمراد بها أنّه لم يصمه أحد من الأئمّة عليهم السلام معتقدين وجوبه و فرضه،و أنّه يجري مجرى شهر رمضان؛لأنّ قوما قالوا:إنّ صومه فريضة،و كان أبو الخطّاب-لعنه اللّه-و أصحابه يذهبون إليه و يقولون:إنّ من أفطر يوما منه،لزمه من الكفّارة ما يلزم من أفطر يوما من شهر رمضان.فورد عنهم عليهم السلام الإنكار لذلك،و أنّه لم يصمه أحد منهم على ذلك الوجه.و الأخبار التي تضمّنت الفصل بين شعبان و شهر رمضان،فالمراد بها النهي عن الوصال الذي بيّنّا فيما مضى أنّه محرّم،و يدلّ عليه رواية محمّد بن سليمان عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4)،و قد تقدّمت (5).

و قد روى المفيد عن زيد الشحّام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:هل صام أحد من آبائك عليهم السلام شعبان؟قال:«نعم،كان آبائي يصومونه،و أنا أصومه، و آمر شيعتي بصومه،فمن صام منكم شعبان حتّى يصله بشهر رمضان،كان حقّا على اللّه أن يعطيه جنّتين،و يناديه ملك من بطنان العرش عند إفطاره كلّ ليلة:يا فلان،طبت و طابت لك الجنّة،و كفى بك أنّك سررت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:377


1- 1مصباح المتهجّد:757، [1]الوسائل 7:378 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 33. [2]
2- 2) التهذيب 4:308 الحديث 931،الوسائل 7:360 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 4:308 الحديث 930،الوسائل 7:361 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [4]
4- 4) التهذيب 4:309،الاستبصار 2:138.
5- 5) يراجع:ص 376. [5]

بعد موته» (1).

و يتأكّد صيام أوّل يوم منه.

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن الحسن بن محبوب،عن عبد اللّه بن مرحوم (2)الأزديّ (3)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«من صام أوّل يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتّة،و من صام يومين نظر اللّه إليه في كلّ يوم و ليلة في دار الدنيا و دام نظره إليه في الجنّة،و من صام ثلاثة أيّام زار اللّه في عرشه في (4)جنّته في كلّ يوم» (5).

و في اليوم الثالث منه ولد مولانا الحسين بن عليّ عليهما السلام،و خرج إلى القاسم بن العلاء الهمدانيّ (6)وكيل أبي محمّد عليه السّلام أنّ مولانا الحسين

ص:378


1- 1المقنعة:59، [1]الوسائل 7:377 الباب 29 من أبواب الصوم المندوب الحديث 32. [2]
2- 2) بعض النسخ:عبد اللّه بن حزم،كما في مصباح المتهجّد. [3]
3- 3) عبد اللّه بن مرحوم الأزديّ،قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام،قال المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح و لا توثيق فهو إماميّ بحكم ظاهر كلام الشيخ.هذا و الرجل عنون في جميع كتب الرجال بعنوان:عبد اللّه بن مرحوم الأزديّ،و لكنّ الشيخ في مصباح المتهجّد [4]عنونه بعنوان عبد اللّه بن حزم الأزديّ،و لم نعثر في كتب الرجال على شخص بهذا العنوان و اللّه العالم.الفقيه 2:56 الحديث 247،رجال الطوسيّ:226،356،تنقيح المقال 2:214. [5]
4- 4) بعض النسخ:«من»مكان:«في»،كما في الوسائل. [6]
5- 5) مصباح المتهجّد:756، [7]الوسائل 7:363 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 8. [8]
6- 6) القاسم بن العلاء الهمدانيّ عدّه الشيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام و زاد على ما في العنوان قوله:روى عنه الصفوانيّ.و حكم الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ باتّحاده مع القاسم بن العلاء من أهل آذربايجان من وكلاء الناحية بدليل اتّحاد الراوي عنه و هو محمّد بن أحمد الصفوانيّ و لإمكان إسكانه في آذربايجان و لكنّه من قبيلة همدان،و ردّه المامقانيّ بأنّه مجرّد اتّحاد الراوي لا يجوز الجزم بالاتّحاد و بعد وصف هذا بالهمدانيّ دون ذاك،ثمّ قال:فإن ثبت الاتّحاد فهو و إلاّ كان هذا مجهول الحال. رجال الطوسيّ:490،جامع الرواة 2:19، [9]تنقيح المقال 2:22 باب القاف، [10]معجم رجال الحديث 14: 35،36. [11]

عليه السّلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان،فصمه (1).

و روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صوموا شعبان و اغتسلوا ليلة النصف منه،ذلك تخفيف من ربّكم» (2).

و هذه الليلة التي أمر عليه السّلام بالاغتسال فيها،هي (3)مولد مولانا صاحب الزمان عليه السّلام.

و قد ورد في فضل هذه الليلة و العبادة فيها شيء كثير (4).و هي إحدى الليالي الأربعة:ليلة الفطر،و ليلة الأضحى،و ليلة النصف من شعبان،و أوّل ليلة من رجب (5).

مسألة:و يستحبّ صوم يوم التاسع و العشرين من ذي القعدة.

روى ابن بابويه:إنّ اللّه أنزل الكعبة فيه،و هي أوّل رحمة نزلت،فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة (6).

قال ابن بابويه:و في أوّل يوم من المحرّم دعا زكريّا عليه السّلام ربّه عزّ و جلّ، فمن صام ذلك اليوم استجاب اللّه له،كما استجاب لزكريّا عليه السّلام (7).

و نحوه قال الشيخ رحمه اللّه (8).

ص:379


1- 1مصباح المتهجّد:758. [1]
2- 2) التهذيب 1:117 الحديث 308،مصباح المتهجّد:783، [2]الوسائل 7:365 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث 19. [3]
3- 3) بعض النسخ:و هي.
4- 4) مصباح المتهجّد:761، [4]البحار 98:408. [5]
5- 5) مصباح المتهجّد:783، [6]البحار 94:84 الحديث 1. [7]
6- 6) الفقيه 2:54 الحديث 239،المقنع:66،الوسائل 7:333 الباب 17 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [8]
7- 7) المقنع:66،الفقيه 2:55،الوسائل 7:346 الباب 25 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [9]
8- 8) مصباح المتهجّد:712. [10]

قال:و في اليوم الثالث من المحرّم كان عبور موسى بن عمران عليه السّلام على جبل طور سيناء.و في اليوم السابع منه أخرج اللّه سبحانه و تعالى يونس عليه السّلام من بطن الحوت.و في اليوم العاشر منه كان مقتل سيّدنا و مولانا أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السلام.و يستحبّ في هذا اليوم زيارته.

و يستحبّ صوم هذا العشر،فإذا كان يوم عاشوراء أمسك عن الطعام و الشراب إلى بعد العصر،ثمّ يتناول شيئا من التربة (1).

و قد روي استحباب صيام شهر المحرّم،رواه الجمهور عن أبي هريرة،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر اللّه المحرّم» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه المفيد-رحمه اللّه-عن النعمان بن سعد (3)(4)عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل:إن كنت صائما بعد شهر رمضان،فصم المحرّم،فإنّه شهر تاب اللّه فيه على قوم، و يتوب اللّه تعالى فيه على آخرين» (5).

ص:380


1- 1مصباح المتهجّد:713، [1]بتفاوت،البحار 98:335 الحديث 4. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:821 الحديث 1163،سنن أبي داود 2:323 الحديث 2429، [3]سنن الترمذيّ 3:117 الحديث 740، [4]سنن ابن ماجة 1:554 الحديث 1742،سنن النسائيّ 3:206،سنن الدارميّ 2:21، 22، [5]مسند أحمد 2:342،344 و 535، [6]سنن البيهقيّ 4:290-291،مجمع الزوائد 3:191.
3- 3) في النسخ:سعيد،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) نعمان بن سعيد،كذا عنونه الصدوق في المشيخة و المامقانيّ في التنقيح و لكن في المقنعة و الفقيه 2: 349 الحديث 1605 نعمان بن سعد،قال السيّد الخوئيّ:ثمّ إنّ الصدوق لم يذكر طريقه إلى النعمان ابن سعد و لكن ذكر طريقه إلى النعمان بن سعيد و لم يذكر للنعمان بن سعيد رواية غير الرواية التي فيها نعمان بن سعد فلا محالة وقع التحريف إمّا في هذه الرواية أو في المشيخة-و اللّه العالم.الفقيه(شرح المشيخة)4:124،تنقيح المقال 3:272، [7]معجم رجال الحديث 19:201. [8]
5- 5) المقنعة:59،الوسائل 7:347 الباب 25 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [9]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و في اليوم السابع عشر من المحرّم انصرف أصحاب الفيل عن مكّة و قد نزل عليهم العذاب.و في اليوم الخامس و العشرين منه سنة أربع و تسعين،كانت وفاة زين العابدين عليه السّلام (1).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يستحبّ صيام يوم النصف من جمادى

الأولى،

ففيه سنة ستّ و ثلاثين كان فتح البصرة لأمير المؤمنين عليه السّلام.و في ليلته من هذه السنة بعينها كان مولد أبي محمّد عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام (2).

و روى المفيد-رحمه اللّه-عن راشد بن محمّد (3)،عن أنس بن مالك،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من صام من (4)شهر حرام الخميس و الجمعة و السبت،كتب اللّه له عبادة تسعمائة سنة» (5).

مسألة:و يستحبّ صوم ستّة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر.

و به قال الشافعيّ (6)، و أحمد (7)،و أكثر أهل العلم (8).

ص:381


1- 1مصباح المتهجّد:729. [1]
2- 2) مصباح المتهجّد:733. [2]
3- 3) راشد بن محمّد بن عبد الملك من أولاد أنس بن مالك،قال المامقانيّ:عنونه كذلك منتجب الدين في فهرسته و لقّبه بالشيخ الموفّق و قال:فقيه ورع،فهرس منتجب الدين ضمن بحار الأنوار 102:232، [3]جامع الرواة 1:315، [4]تنقيح المقال 1:421. [5]
4- 4) كثير من النسخ:«في»مكان:«من».
5- 5) المقنعة:59، [6]الوسائل 7:347 الباب 25 من أبواب الصوم المندوب الحديث 4. [7]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:187،المجموع 6:379،فتح العزيز بهامش المجموع 6:469،الميزان الكبرى 2:27،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137،مغني المحتاج 1:447،السراج الوهّاج:146.
7- 7) المغني 3:112،الشرح الكبير بهامش المغني 3:97،الكافي لابن قدامة 1:489، [8]الإنصاف 3:343، [9]زاد المستقنع:29.
8- 8) المغني 3:112،الشرح الكبير بهامش المغني 3:97،المجموع 6:379،الميزان الكبرى 2،27، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:137.

و قال أبو يوسف:كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صياما،خوفا أن يلحق ذلك بالفريضة (1).و حكي مثل ذلك عن محمّد بن الحسن (2).

و قال مالك في الموطّأ:يكره ذلك،و ما رأيت أحدا من أهل الفقه يصومها و لم يبلغني ذلك من أحد من السلف،و أنّ أهل العلم يكرهون ذلك،و يخافون بدعته،و أن يلحق الجهّال برمضان ما ليس منه (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي أيّوب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من صام رمضان و أتبعه بستّ من شوّال فكأنّما صام الدّهر» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في حديث الزهريّ-عن عليّ بن الحسين عليهما السلام في وجوه الصيام (5).

و ما ذكروه ليس بجيّد؛لأنّ يوم الفطر فاصل بينهما.

و قد روى الشيخ عن حريز عنهم عليهم السلام،قال:«إذا أفطرت من رمضان فلا تصومنّ بعد الفطر تطوّعا إلاّ بعد ثلاث يمضين» (6).قال الشيخ-رحمه اللّه-:

الوجه فيه أنّه ليس في صيام هذه الأيّام من الفضل و التبرّك به ما في غيره من الأيّام

ص:382


1- 1تحفة الفقهاء 1:343،بدائع الصنائع 2:78،حلية العلماء 3:210.
2- 2) حلية العلماء 3:210.
3- 3) الموطّأ 1:311. [1]
4- 4) صحيح مسلم 2:822 الحديث 1164،سنن أبي داود 2:324 الحديث 2433، [2]سنن الترمذيّ 3:132 الحديث 759، [3]سنن ابن ماجة 1:547 الحديث 1716،سنن الدارميّ 2:21، [4]مسند أحمد 5:417 و 419،سنن البيهقيّ 4:292،المصنّف لعبد الرزّاق 4:316 الحديث 7921، [5]كنز العمّال 8:465 الحديث 23680،مجمع الزوائد 3:184،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:135-136 الحديث 3911-3912.
5- 5) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:132 الحديث 430،الوسائل 7:268 الباب 6 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [6]
6- 6) التهذيب 4:298 الحديث 899،الاستبصار 2:132 الحديث 431،الوسائل 7:387 الباب 3 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 3. [7]

و ان كان صومها جائزا،يكون الإنسان (1)فيه مخيّرا،و لا تنافي بينهما حينئذ (2).

مسألة:و يستحبّ صيام يوم الخميس دائما و الاثنين.

روى داود بإسناده عن أسامة بن زيد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصوم يوم الاثنين و الخميس،فسئل عن ذلك،فقال:«إنّ أعمال الناس تعرض يوم الاثنين و الخميس» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليه السّلام (4).

مسألة:و يستحبّ صيام كلّ جمعة.

و به قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)، و محمّد (7).

و قال أحمد (8)،و إسحاق (9)،و أبو يوسف:يكره إفراده بالصوم،إلاّ أن يوافق ذلك صوما كان يصومه،مثل:من يصوم يوما و يفطر يوما،فيوافق صومه يوم

ص:383


1- 1بعض النسخ:الإتيان.
2- 2) التهذيب 4:298،الاستبصار 2:132.
3- 3) سنن أبي داود 2:325 الحديث 2436. [1]
4- 4) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:132 الحديث 430،الوسائل 7:268 الباب 6 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [2]
5- 5) تحفة الفقهاء 1:344،بدائع الصنائع 2:79،مجمع الأنهر 1:254،عمدة القارئ 11:104،المغني 3: 105،المجموع 6:438. [3]
6- 6) الموطّأ 1:311، [4]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:203،مقدّمات ابن رشد:181،بداية المجتهد 1: 310،المغني 3:105،المجموع 6:438. [5]
7- 7) المجموع 6:438،إرشاد الساري 3:414،عمدة القارئ 11:104.
8- 8) المغني 3:105،الشرح الكبير بهامش المغني 3:103،الكافي لابن قدامة 1:489،الإنصاف 3:347، [6]زاد المستقنع:29.
9- 9) المجموع 6:438، [7]عمدة القارئ 11:104. [8]

الجمعة.و كذا من عادته صيام أوّل يوم من الشهر أو آخره فيوافقه (1).

لنا:أنّ الصوم في نفسه طاعة،و هذا يوم شريف تضاعف فيه الحسنات،فكان صومه مشروعا.و لأنّه يوم فأشبه سائر الأيّام.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

رأيته صائما يوم جمعة،فقلت له:جعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّه يوم عيد، فقال:«كلاّ إنّه يوم خفض و دعة» (2).

احتجّ المخالف:بما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يفرد يوم الجمعة بالصوم (3).

و عن جويرية بنت الحارث (4)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل عليها يوم الجمعة و هي صائمة،فقال:«صمت أمس؟»قالت:لا،قال:«فتريدين أن تصومي غدا؟»قالت:لا،قال:«فأفطري» (5).

و سأل رجل جابر بن عبد اللّه و هو يطوف فقال:أسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،نهى عن صيام يوم الجمعة؟قال:نعم و ربّ هذا البيت (6).

ص:384


1- 1المجموع 6:438،عمدة القارئ 11:104.
2- 2) التهذيب 4:316 الحديث 959،الوسائل 7:301 الباب 5 من أبواب الصوم المندوب الحديث 5. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:54،صحيح مسلم 2:801 الحديث 1144،سنن أبي داود 2:320 الحديث 2420، [2]سنن الترمذيّ 3:119 الحديث 743،سنن ابن ماجة 1:549 الحديث 1723،سنن البيهقيّ 4:302.
4- 4) جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار...الخزاعيّة المصطلقيّة من سبايا بني المصطلق،كان اسمها برّة فسمّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جويرية و تزوّج بها بعد زينب بنت جحش،توفّيت سنة 56 ه. أسد الغابة 5:419، [3]الإصابة 4:265، [4]العبر 1:44. [5]
5- 5) صحيح البخاريّ 3:54،سنن أبي داود 2:321 الحديث 2422، [6]مسند أحمد 6:324 و 430، [7]سنن البيهقيّ 4:302،المصنّف لعبد الرزّاق 4:280 الحديث 7804. [8]
6- 6) صحيح البخاريّ 3:54،صحيح مسلم 2:801 الحديث 1143،سنن ابن ماجة 1:549 الحديث 1724،سنن الدارميّ 2:19، [9]سنن البيهقيّ 4:301،المصنّف لعبد الرزّاق 4:281 الحديث 7808.

و هذه الأخبار متأوّلة بمن (1)يضعف فيه عن الفرائض و أداء الجمعة على وجهها و السعي إليها.

مسألة:و روى أصحابنا:أنّ صوم داود عليه السّلام فعله رسول اللّه صلّى اللّه

عليه و آله .

(2)

و روى الجمهور عن عبد اللّه بن عمرو،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أحبّ الصيام إلى اللّه تعالى صيام أخي داود عليه السّلام،كان يصوم يوما و يفطر يوما،و أحبّ الصلاة إلى اللّه تعالى صلاة داود عليه السّلام،كان يرقد شطر الليل و يقوم ثلثه،ثمّ يرقد آخره» (3).

القسم الثالث:في صوم الإذن
مسألة:لا يصوم العبد تطوّعا إلاّ بإذن مولاه؛لأنّه مملوك له لا يصحّ له التصرّف

في نفسه،

و لا يملك منافعه،بل هي مصروفة إلى السيّد،و ربما كان الصوم مانعا للسيّد عن ذلك،فكان ممنوعا منه.

أمّا مع إذنه فإنّ الصوم (4)سائغ قطعا؛لأنّ المقتضي للمنع مفقود،إذ المنع إنّما كان لكراهية المالك،و لم يوجد بالإذن.

و كذا الصوم الواجب،له أن يفعله بغير إذن مولاه،بل مع كراهية.و هذه

ص:385


1- 1بعض النسخ:متناولة من.
2- 2) ينظر:الكافي 4:89 الحديث 1 و 2،الفقيه 2:48،49 الحديث 209 و 210،الوسائل 7:321 الباب 13 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:51-52،صحيح مسلم 2:816 الحديث 190،سنن أبي داود 2:327 الحديث 2448،سنن الترمذيّ 3:140 الحديث 770، [2]سنن ابن ماجة 1:546 الحديث 1712،سنن الدارميّ 2:20، [3]مسند أحمد 2:160 و 206، [4]سنن البيهقيّ 4:295،296،كنز العمّال 8:558 الحديث 24158-24160،المصنّف لعبد الرزّاق 4:295 الحديث 7864.
4- 4) بعض النسخ:فالصوم،مكان:فإنّ الصوم.

الأحكام لا خلاف فيها بين علمائنا.و لا فرق بين أن يكون المولى حاضرا أو غائبا.

و يؤيّد ذلك:ما ذكرناه في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام (1).

مسألة:و لا تتطوّع المرأة بالصوم إلاّ بإذن زوجها؛

لأنّها بالصوم تعرّضه لما يمنعه من الاستمتاع لو أراده،فلم يكن مشروعا لها إلاّ برضاه.

و لا فرق بين أن يكون زوجها حاضرا أو غائبا.و اشترط الشافعيّ حضوره (2).

و ليس بمعتمد.

و يؤيّد ذلك:ما نصّ عليه الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام في حديث الزهريّ،و قد مضى (3).

أمّا الواجب فلا يعتبر إذنه،بل يجب عليها فعله،و لا يحلّ له منعها عنه،و كذا بجوز لها أن تصوم تطوّعا بإذنه بلا خلاف.

مسألة:و الضيف لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن مضيفه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من نزل على قوم فلا يصوم تطوّعا إلاّ بإذنهم» (4)و قد اشتمل عليه حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام (5).

و لأنّ فيه طيب قلب المؤمن من مراعاته،فكان مستحبّا،فلا نعلم فيه خلافا من علمائنا.

.

ص:386


1- 1يراجع:ص 345-347.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:392.
3- 3) يراجع:ص 345-347.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:156 الحديث 789، [1]سنن ابن ماجة 1:560 الحديث 1763،كنز العمّال 9:261 الحديث 25951،مجمع الزوائد 3:201.
5- 5) يراجع:ص 345-347. [2]
مسألة:و من صام ندبا و دعي إلى طعام،استحبّ إجابة الداعي إذا كان مؤمنا،

و الإفطار عنده؛لأنّ مراعاة قلب المؤمن أفضل من ابتداء الصوم (1).

و يؤيّده:ما رواه داود الرقّيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لإفطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا» (2).

و عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام-في الصحيح-قال:«من دخل على أخيه و هو صائم فأفطر عنده و لم يعلمه (3)بصومه فيمنّ عليه،كتب اللّه له صوم سنة» (4).

مسألة:و لا ينبغي للمضيف أن يصوم إلاّ بإذن الضيف،لئلاّ يلحقه الحياء.

و قد روى ذلك ابن بابويه عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

و كذا لا ينبغي للولد أن يتطوّع بالصوم إلاّ بإذن والده؛لأنّ امتثال أمر الوالد أولى من فعل المندوب.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من فقه الضيف أن لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن صاحبه،و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوّعا إلاّ بإذنه و أمره،و من صلاح العبد و طاعته و نصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن مولاه،و من برّ الولد بأبويه أن لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن أبويه و أمرهما،و إلاّ كان الضيف جاهلا،

ص:387


1- 1بعض النسخ:من إبقاء الصوم،مكان:من ابتداء الصوم.
2- 2) الكافي 4:151 الحديث 6، [1]الفقيه 2:51 الحديث 221،الوسائل 7:110 الباب 8 من أبواب آداب الصائم الحديث 6. [2]
3- 3) كثير من النسخ:و لم يعلم.
4- 4) الكافي 4:150 الحديث 3، [3]الفقيه 2:51 الحديث 222،الوسائل 7:109 الباب 8 من أبواب آداب الصائم الحديث 4. [4]
5- 5) الفقيه 2:99 الحديث 444،علل الشرائع:384 الحديث 2 و [5]فيهما عن أبي جعفر عليه السّلام،الوسائل 7:394 الباب 9 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [6]

و كانت المرأة عاصية،و كان العبد فاسدا،و كان الولد عاقّا» (1).

القسم الرابع:صوم التأديب
اشارة

و هو خمسة:المسافر إذا قدم أهله و قد أفطر،أمسك بقيّة النهار تأديبا،و كذا إذا قدم بلدا يعزم فيه على الإقامة عشرة أيّام فزائدا،سواء كان بعد الزوال أو قبله استحبابا و ليس بفرض.و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)،و أبو ثور،و داود (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ:لا يجوز له أن يأكل بقيّة النهار (6).

و عن أحمد روايتان (7)،و قد سلف البحث في ذلك (8).

و لو قدم صائما مع وصوله قبل الزوال،أمسك بقيّة النهار و احتسبه من رمضان، و قد تقدّم ذلك (9)،و يجوز له أن يدخل مفطرا.

ص:388


1- 1الفقيه 2:99 الحديث 445،علل الشرائع:385 الحديث 4، [1]الوسائل 7:396 الباب 10 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 2. [2]
2- 2) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:175،المهذّب للشيرازيّ 1:178،المجموع 6:262،فتح العزيز بهامش المجموع 6:435،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:129،مغني المحتاج 1:438،السراج الوهّاج:143.
3- 3) الموطّأ 1:296،المدوّنة الكبرى 1:202،إرشاد السالك:51-52،بداية المجتهد 1:297،المغني 3:75.
4- 4) حلية العلماء 3:175،و لم نعثر على قول أبي ثور.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:58،بدائع الصنائع 2:102،الهداية للمرغينانيّ 1:129،شرح فتح القدير 2:282.
6- 6) المغني 3:75،الشرح الكبير بهامش المغني 3:16.
7- 7) المغني 3:74-75،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3:283. [3]
8- 8) يراجع:ص 294. [4]
9- 9) يراجع:ص 296.
مسألة:و ينبغي للمسافر الذي يجب عليه التقصير أن لا يتملّأ من الطعام و يشبع

منه و لا يتروّى من الماء،

بل يتناول منهما بقدر الحاجة و الضرورة؛لحرمة الشهر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّي إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلاّ القوت و ما أشرب كلّ الريّ» (1).

و لأنّ فيه تشبّها (2)بالصائم و امتناعا عن الملاذ،طاعة للّه تعالى،فكان مستحبّا.

مسألة:و ينبغي له أن يجتنب النساء،فلا يواقع أهله في نهار رمضان،

بل يكره له ذلك كراهة مغلّظة.و به قال الشافعيّ (3).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز له مواقعة النساء (4).و به قال أحمد.و قال أحمد أيضا:تجب به الكفّارة كالقضاء (5).

لنا:أنّ فرض الصوم ساقط عنه،فلا مانع.و لأنّ كلّ صوم جاز له أن يفطر فيه بالأكل،جاز بالجماع،كالتطوّع.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن عمر بن يزيد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان،أله أن يصيب من النساء؟ قال:«نعم» (6).

ص:389


1- 1التهذيب 4:240 الحديث 705،الاستبصار 2:105 الحديث 342،الوسائل 7:147 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [1]
2- 2) ص و ج:شبها،ع:تشبيها.
3- 3) الأمّ 2:101،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:57.
4- 4) المبسوط 1:285،النهاية:162،التهذيب 4:240.
5- 5) المغني 3:36،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3:288.
6- 6) التهذيب 4:241 الحديث 708،الاستبصار 2:106 الحديث 345،الوسائل 7:146 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [2]

و في الصحيح عن عليّ بن الحكم،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يجامع أهله في السفر في شهر رمضان،فقال:«لا بأس به» (1).

و عن محمّد بن سهل،عن أبيه،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و هو مسافر،فقال:«لا بأس» (2).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار،فإنّ ذلك محرّم عليه» (3).

و في الصحيح عن ابن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية له،فله أن يصيب منها بالنهار؟فقال:«سبحان اللّه أ ما يعرف (4)حرمة شهر رمضان؟!إنّ له في الليل سبحا طويلا»قلت:أ ليس له أن يأكل و يشرب و يقصّر؟فقال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ رخّص للمسافر في الإفطار و التقصير رحمة و تخفيفا لموضع التعب و النصب و وعث السفر،و لم يرخّص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان،و أوجب عليه قضاء الصيام، و لم يوجب عليه تمام الصلاة إذا آب من سفره»ثمّ قال:«و السنّة لا تقاس،و إنّي إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلاّ القوت و ما أشرب كلّ الريّ» (5).

ص:390


1- 1التهذيب 4:242 الحديث 709،الاستبصار 2:106 الحديث 346،الوسائل 7:148 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 4:241 الحديث 707،الاستبصار 2:105 الحديث 344،الوسائل 7:146 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:240 الحديث 704،الاستبصار 2:105 الحديث 341،الوسائل 7:148 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 8. [3]
4- 4) بعض النسخ:«أ ما يعرف هذا»كما في التهذيب و الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 4:240 الحديث 705،الاستبصار 2:105 الحديث 342،الوسائل 7:147 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [5]

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألته عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر،فقال:«أ ما يعرف هذا حقّ شهر رمضان؟!إنّ له في الليل سبحا طويلا» (1).

و احتجّ أحمد:بأنّه أبيح له الأكل و الشرب للحاجة إليه و لا حاجة به إلى الجماع (2).

و الجواب عن الأخبار التي أوردها الشيخ-رحمه اللّه-:أن نحملها على الكراهية الشديدة،دون التحريم؛جمعا بين الأخبار.

و هذا أولى من جمعه-رحمه اللّه-بأنّ ذلك وقع عن السؤال عن الجماع في شهر رمضان،فجاز أن يكون ليلا،فلا يمتنع حمل الإباحة حينئذ عن الليل دون النهار،أو يكون أن تغلبه الشهوة،و لا يأمن من الدخول في محظور،فرخّص له أن ينال من الحلال (3).

و عن الثاني:أنّ إباحة الأكل لو كان للحاجة،لوجب أن لا يباح إلاّ في محلّها، و ليس كذلك،فإنّ من لا يحتاج إلى الأكل،لو أكل،جاز إجماعا.

مسألة:و لو قدم من سفره مفطرا،جاز له أن يترك الإمساك،

و أن يأكل و يشرب كما قلنا (4)،و يجوز له أن يجامع أيضا؛لأنّه أبيح له الإفطار،فكان المانع زائلا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان،فيصيب امرأته حين طهرت

ص:391


1- 1التهذيب 4:241 الحديث 706،الاستبصار 2:105 الحديث 343،الوسائل 7:147 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 6. [1]
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) التهذيب 4:242،الاستبصار 2:106.
4- 4) يراجع:ص 388. [2]

من الحيض أ يواقعها؟قال:«لا بأس به» (1).

مسألة:و يستحبّ للحائض و النفساء إذا طهرتا بعد الفجر الإمساك،

و ليس واجبا عليهما ذلك؛لأنّهما برؤية الدم في ذلك اليوم أفطرتا،و باقي اليوم لا يصحّ صومه،فلا وجه لوجوب الإمساك.نعم،يستحبّ لهما التشبّه بالصائمين في ترك المفطرات.

روى أبو الصباح الكنانيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة ترى الطهر في أوّل النهار في شهر رمضان و لم تغتسل و لم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم؟قال:«تفطر ذلك اليوم (2)إنّما فطرها من الدم» (3).

و كذا لو كانت المرأة طاهرا (4)صائمة،ثمّ تجدّد الحيض و النفاس في أثناء النهار،فإنّها تفطر ذلك اليوم،و يستحبّ لها الإمساك تأديبا و ليس واجبا؛لأنّ المانع من الصوم قد وجد و هو الدم.

و روى أبو الصباح الكنانيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة أصبحت صائمة،فلمّا ارتفع النهار أو كان العشاء،حاضت أ تفطر؟قال:«نعم،و إن كان قبل الغروب فلتفطر» (5).

و سأل عبد الرحمن بن الحجّاج أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة تلد بعد العصر

ص:392


1- 1التهذيب 4:242 الحديث 710،الاستبصار 2:106 الحديث 347،الوسائل 7:148 الباب 13 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 10. [1]
2- 2) جملة:«تفطر ذلك اليوم»لا توجد في أكثر النسخ.
3- 3) الكافي 4:136 الحديث 7، [2]الفقيه 2:94 الحديث 418،التهذيب 4:311 الحديث 939،الوسائل 7:162 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم ذيل الحديث 1. [3]
4- 4) بعض النسخ:طاهرة.
5- 5) الكافي 4:136 الحديث 7، [4]الفقيه 2:94 الحديث 418،الوسائل 7:162 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم ذيل الحديث 1. [5]

أ تتمّ ذلك اليوم أم تفطر؟فقال:«تفطر ثمّ تقضي ذلك اليوم» (1).

و عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن المرأة تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس،قال:«تفطر حين تطمث» (2).و قد تقدّم بيان ذلك كلّه (3).

مسألة:المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصيام،

و يشترط في صحّة أفعال المستحاضة من الأغسال على التفصيل الذي قدّمناه (4)،فلو أخلّت بالغسل مع وجوبه عليها،وجب عليها القضاء؛لأنّ شرط الصوم و هو الغسل لم يوجد، فلا يكون صحيحا.

و يدلّ عليه ما رواه عليّ بن مهزيار،قال:كتبت إليه:امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان،ثمّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين،هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟فكتب عليه السّلام:«تقضي صومها و لا تقضي صلاتها؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر المؤمنات بذلك»رواه الشيخ في الصحيح (5)،ثمّ قال-رحمه اللّه-:إنّما لم يأمر بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أنّ عليها لكلّ صلاتين غسلا،أولا تعلم ما (6)يلزم المستحاضة،فأمّا مع العلم بذلك

ص:393


1- 1الكافي 4:135 الحديث 4، [1]الفقيه 2:94 الحديث 421،الوسائل 7:162 الباب 26 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [2]
2- 2) الكافي 4:135 الحديث 3، [3]الفقيه 2:94 الحديث 422،التهذيب 1:393 الحديث 1215،الاستبصار 1:145 الحديث 498،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [4]
3- 3) يراجع:ص 203،204. [5]
4- 4) يراجع:الجزء الأوّل:515 و ص 519.و الجزء الثاني:129.
5- 5) التهذيب 4:310 الحديث 937،الوسائل 7:47 الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [6]
6- 6) كثير من النسخ:بما.

و الترك له على التعمّد يلزمها القضاء (1).

مسألة:و المريض إذا برئ و كان قد تناول المفطر،أمسك بقيّة النهار تأديبا

و ليس بواجب،

و قد دلّ عليه حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال:«و كذلك من أفطر لعلّة في أوّل النهار،ثمّ قوي بقيّة يومه،أمر بالإمساك عن الطعام بقيّة يومه تأديبا و ليس بفرض» (2).

هذا إن كان قد تناول،و إن لم يكن قد تناول شيئا يفسد الصوم،فإن كان برؤه قبل الزوال،أمسك وجوبا،و احتسب به من رمضان،و إن كان برؤه بعد الزوال، أمسك استحبابا و قضاه،و قد مضى بيان ذلك (3).

مسألة:الكافر إذا أسلم،و الصبيّ إذ بلغ في أثناء النهار،أمسكا استحبابا،

و ليس بفرض،سواء تناولا شيئا أو لم يتناولا،و سواء زال عذرهما قبل الزوال أو بعده.و هذا أحد قولي الشيخ (4).

و في القول الآخر:يجدّدان نيّة الصوم إذا زال عذرهما قبل الزوال و لم يتناولا، و لا يجب عليهما القضاء (5).

لنا:أنّ المتقدّم من الزمان على البلوغ و الإسلام لم يصحّ صومه في حقّ الصبيّ؛ فلأنّه لم يكن مخاطبا،و أمّا في حقّ الكافر؛فلأنّ نيّة القربة شرط،و الإسلام شرط،و لم يوجدا،و بعض اليوم لا يصحّ (6)صومه.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّ الصوم ممكن في حقّهما،و وقت النيّة باق،و قد

ص:394


1- 1التهذيب 4:311.
2- 2) التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7:268 الباب 6 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [1]
3- 3) يراجع:ص 296. [2]
4- 4) المبسوط 1:286، [3]النهاية:160،الخلاف 1:393 مسألة-57.
5- 5) المبسوط 1:286. [4]
6- 6) ع،ص،ق و خا:فلا يصحّ.

صار الصبيّ مخاطبا ببلوغه و بعض اليوم إنّما لا يصحّ صومه إذا لم تكن النيّة يسري حكمها إلى أوّله،أمّا إذا كانت بحال يسري حكمها إلى أوّل الصوم،فإنّه يصحّ،و هو هنا كذلك؛لأنّه يتمكّن من فعل نيّة يسري حكمها إلى أوّله.

و الجواب:لا نسلّم أنّ النيّة هنا يسري حكمها إلى أوّل الصوم؛لأنّه قبل زوال العذر غير مكلّف،و النيّة إنّما يصحّ فعلها قبل الزوال للمخاطب بالعبادات،أمّا غيره فممنوع؛لعدم النصّ عليه،و وجود الفرق بينه و بين المنصوص عليه إن قيس عليه، مع أنّ القياس عندنا و عنده باطل.

القسم الخامس:في الصوم المحظور
مسألة:يحرم صوم العيدين.
اشارة

و هو مذهب العلماء كافّة؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صوم هذين اليومين،أمّا يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم،و أمّا يوم الفطر ففطركم عن صيامكم (1).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام:يوم الفطر،و يوم النحر،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان (2).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام (3)،و لا نعلم فيه خلافا.

ص:395


1- 1صحيح البخاريّ 3:55،صحيح مسلم 2:799 الحديث 1137،سنن أبي داود 2:319 الحديث 2416،سنن الترمذيّ 3:141 الحديث 771، [1]سنن ابن ماجة 1:549 الحديث 1722،مسند أحمد 1:34 و 40، [2]سنن البيهقيّ 4:297،كنز العمّال 8:370 الحديث 23307.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6 بتفاوت يسير،كنز العمّال 8:517 الحديث 23918،مجمع الزوائد 3:203.
3- 3) يراجع:ص 347.
فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه تعالى-:القاتل في أحد الأشهر الحرم يجب عليه

صوم شهرين متتابعين

و إن دخل فيهما العيدان و أيّام التشريق (1).و استدلّ بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام،قال:«تغلّظ عليه الدية،و عليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم»قلت:فإنّه يدخل في هذا شيء؛قال:«و ما هو؟»قلت:يوم العيد و أيّام التشريق؛قال:«يصوم فإنّه حقّ لزمه» (2).

و الصواب عندي خلاف ذلك،فإنّ الاتّفاق بين فقهاء الإسلام قد وقع على تحريم صوم العيدين،و إخراج هذه الصورة من حكم مجمع عليه بهذا الحديث-مع أنّ في طريقه سهل بن زياد و هو ضعيف-لا يجوز،فالأولى البقاء (3)على التحريم.

الثاني:لو نذر صومهما لم ينعقد نذره،

ذهب إليه علماؤنا.و به قال الشافعيّ (4)، و مالك (5).

و قال أبو حنيفة:ينعقد،و عليه قضاؤه،و لو صامه أجزأ عن النذر،و سقط القضاء (6).

لنا:أنّه زمان لا يصحّ صومه،بل يحرم،فلا ينعقد النذر عليه كالليل.و لأنّ

ص:396


1- 1المبسوط 1:281، [1]النهاية:166. [2]
2- 2) التهذيب 4:297 الحديث 896،الوسائل 7:278 الباب 8 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [3]
3- 3) ع و ق:البناء.
4- 4) الأمّ 2:104،المجموع 6:440 و ج 8:457،الميزان الكبرى 2:59،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:168،مغني المحتاج 4:359،السراج الوهّاج:583-584.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:214،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:179-180،المجموع 8:457،الميزان الكبرى 2:59.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:95،تحفة الفقهاء 1:344،بدائع الصنائع 2:79-80،الهداية للمرغينانيّ 1:131،شرح فتح القدير 2:298-299،مجمع الأنهر 1:254،عمدة القارئ 11:109-110.

صومه محرّم فنذره لا ينعقد؛لقوله عليه السّلام:«لا نذر في معصية اللّه» (1).

و قوله عليه السّلام:«لا نذر إلاّ ما ابتغي به وجه اللّه» (2).

و قوله عليه السّلام»«من نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه» (3).

و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

الثالث:لو نذر صوم يوم فظهر أنّه العيد،أفطر إجماعا.

و هل يجب عليه قضاؤه أم لا؟فيه تردّد،أقربه عدم الوجوب.

لنا:أنّه زمان لا يصحّ صومه،فلا يتعلّق النذر به،و لا أثر للجهالة؛لأنّه لا يخرج بذلك عن كونه عيدا،و إذا لم يجب الأداء سقط القضاء.

أمّا أوّلا فلأنّه إنّما يجب بأمر جديد و لم يوجد.

و أمّا ثانيا:فلأنّه يتبع وجوب الأداء،و المتبوع منتف،فيكون منتفيا.

مسألة:و صوم أيّام التشريق لمن كان بمنى حرام،ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قد اتّفق أكثر العلماء على تحريم صومها تطوّعا (4).

و قال الشافعيّ في أحد قوليه:إنّها محرّمة أيضا في الفرض.و في القول الآخر:

ص:397


1- 1صحيح مسلم 3:1263 الحديث 1641،سنن أبي داود 3:232 الحديث 3290، [1]سنن الترمذيّ 4:103 الحديث 1525، [2]سنن النسائيّ 7:19،سنن الدارميّ 2:237،مسند أحمد 3:297 و ج 4:430 و 434،سنن البيهقيّ 10:70،كنز العمّال 16:714 الحديث 46485،46487.
2- 2) سنن أبي داود 2:258 الحديث 2192، [3]مسند أحمد 2:185،سنن البيهقيّ 10:75،كنز العمّال 16:715 الحديث 46491،مجمع الزوائد 4:186 و 188.
3- 3) صحيح البخاريّ 8:177،سنن أبي داود 3:232 الحديث 3289، [4]سنن الترمذيّ 4:104 الحديث 1526، [5]سنن ابن ماجة 1:687 الحديث 2126،سنن النسائيّ 7:17،الموطّأ 2:476 الحديث 8، [6]سنن الدارميّ 2:184، [7]مسند أحمد 6:36، [8]سنن البيهقيّ 9:231 و ج 10:68 و 75،كنز العمّال 16:710 الحديث 46462.
4- 4) المغني 3:104،المجموع 6:443،تحفة الفقهاء 1:345،مقدّمات ابن رشد:178-179.

يجوز صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهدي (1).

و للشيخ-رحمه اللّه-قول بصومها للقاتل في أشهر الحرم (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أيّام التشريق أيّام أكل و شرب و ذكر اللّه عزّ و جلّ» (3).

و عن عبد اللّه بن حذافة (4)،قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّام منى أنادي:أيّها الناس إنّها أيّام أكل و شرب و بعال (5).

و عن عمرو بن العاص أنّه قال:هذه الأيّام التي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأمر بإفطارها و ينهى عن صيامها،قال مالك:و هي أيّام التشريق (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين

ص:398


1- 1حلية العلماء 3:214،المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:443،فتح العزيز بهامش المجموع 6:410،مغني المحتاج 1:433،السراج الوهّاج:142.
2- 2) المبسوط 1:281، [1]النهاية:166. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:800 الحديث 1141،سنن أبي داود 2:320 الحديث 2419، [3]سنن الترمذيّ 3:143 الحديث 773، [4]سنن ابن ماجة 1:548 الحديث 1719-1720،سنن النسائيّ 8:104،سنن الدارميّ 2:23، [5]مسند أحمد 5:75، [6]سنن الدارقطنيّ 2:187 الحديث 33،35 و 36،سنن البيهقي 4:297،كنز العمّال 5:93 الحديث 12203 و ص 106 الحديث 12257 و ج 8:521 الحديث 23949،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:446 الحديث 1093،مجمع الزوائد 3:203-204.
4- 4) عبد اللّه بن حذافة بن قيس بن عديّ بن سعد بن سهم القرشيّ السهميّ يكنّى أبا حذافة،أسلم قديما و كان من المهاجرين الأوّلين،هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية و يقال:إنّه شهد بدرا،و كان رسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام فمزّق كسرى الكتاب،و هو الذي أسره الروم مع ثمانين من المسلمين و عرض عليه النصرانيّة و قصّته مشهورة. الإصابة 2:296، [7]الاستيعاب [8]بهامش الإصابة 2:283، [9]أسد الغابة 3:142. [10]
5- 5) بهذا اللفظ ينظر:المغني 3:104،و بهذا المضمون،ينظر:سنن الترمذيّ 3:143 الحديث 773، [11]سنن الدارقطنيّ 2:187 الحديث 35-36.
6- 6) سنن أبي داود 2:320 الحديث 2418، [12]سنن الدارميّ 2:24، [13]سنن البيهقيّ 4:297.

عليهما السلام (1).

و عن قتيبة الأعشى،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صوم ستّة أيّام» (2)و ذكرها.

و عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صيام أيّام التشريق،فقال:«أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا» (3).

احتجّ المخالف (4):بما روي عن ابن عمر و عائشة أنّهما قالا:لم يرخّص في صوم أيّام التشريق إلاّ لمتمتّع لم يجد الهدي (5).

و الجواب:أنّ قول ابن عمر و عائشة موقوف عليهما،فلا حجّة فيه مع ورود النهي العامّ عن الصيام.و أيضا فإنّه كما يحتمل من كان بمنى،يحتمل من كان بالأمصار،فيحمل على الثاني؛جمعا بين أخبارنا و بينه.

و احتجاج الشيخ-رحمه اللّه-برواية زرارة المتقدّمة في فصل العيدين قد عرفت ضعف التمسّك به (6).

مسألة:و يحرم صوم يوم الشكّ على أنّه من شهر رمضان؛

لأنّه منهيّ عنه عندنا و عندهم،و قد سلف تحقيق ذلك (7).

ص:399


1- 1تقدّم في ص 347. [1]
2- 2) التهذيب 4:183 الحديث 509،الاستبصار 2:79 الحديث 241،الوسائل 7:383 الباب 1 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 4:297 الحديث 897،الاستبصار 2:132 الحديث 429،الوسائل 7:385 الباب 2 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [3]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:442،فتح العزيز بهامش المجموع 6:410،مغني المحتاج 1:433.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:56،سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 30،سنن البيهقيّ 4:298.
6- 6) يراجع:ص 396.
7- 7) يراجع:ص 44.

و صوم نذر المعصية حرام،و هو أن ينذر أنّه إن تمكّن من قتل مؤمن أو زنى أو ما شابه ذلك من المحرّمات،صام أو صلّى،و قصد بذلك الشكر على تيسّرها و تسهيلها (1)،لا الزجر عنها؛لقوله عليه السّلام:«لا نذر إلاّ ما أريد به وجه اللّه تعالى» (2).

و دلّ عليه أيضا حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام (3).

و يحرم أيضا صوم الصمت-قاله علماؤنا أجمع-لأنّه غير مشروع في ملّتنا، فيكون بدعة فيكون محرّما.

و يدلّ عليه حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام.

مسألة:و صوم الوصال حرام.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو الظاهر من قول الشافعيّ.و له قول آخر أنّه منهيّ عنه نهي تنزيه و كراهة لا نهي تحريم (4)،و هو قول أكثر الجمهور (5).و حكي عن عبد اللّه بن الزبير أنّه كان يواصل (6).

ص:400


1- 1ع:و تسهّلها.
2- 2) الكافي 7:441 الحديث 12 و ص 442 الحديث 13، [1]المعتبر 2:714 و [2]في الكافي:كلّ يمين لا يراد بها وجه اللّه ليس بشيء.و في مصادر العامّة،ينظر:سنن أبي داود 2:258 الحديث 2192،مسند أحمد 2:185 و فيهما:لا نذر إلاّ ما ابتغي به وجه اللّه،و في سنن البيهقيّ 10:75،و مجمع الزوائد 4:186: إنّما النذر ما ابتغي به وجه اللّه و في ص 187 من مجمع الزوائد 4:إنّما النذر ما أريد به وجه اللّه،و في المعجم الكبير للطبرانيّ 11:23 الحديث 10933:لا نذر إلاّ فيما أطيع اللّه فيه.
3- 3) الكافي 4:83 الحديث 1، [3]الفقيه 2:46 الحديث 208،التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7:268 الباب 1 [4] من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1 و ص 382 باب 1 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1.
4- 4) حلية العلماء 3:211،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:357،فتح العزيز بهامش المجموع 6:419،عمدة القارئ 11:72.
5- 5) المغني 3:110،الشرح الكبير بهامش المغني 3:106،المجموع 6:358، [5]تحفة الفقهاء 1:344،بدائع الصنائع 2:79،عمدة القارئ 11:72.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:148، [6]حلية العلماء 3:211،المغني 3:110،الشرح الكبير بهامش المغني 3:106، عمدة القارئ 11:72.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر،قال:واصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رمضان فواصل الناس،فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الوصال،فقالوا:

إنّك تواصل،فقال:«إنّي لست مثلكم إنّي أظلّ عند ربّي يطعمني و يسقيني» (1).

و هذا يقتضي التحريم من وجهين:

أحدهما:نهيه عليه السّلام،و النهي يدلّ على التحريم على ما بيّنّاه في أصول الفقه (2).

و الثاني:أنّه عليه السّلام بيّن اختصاصه به،و منع إلحاق غيره به.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام لمّا عدّد وجوه الصوم (3).

احتجّوا:بأنّه ترك الأكل و الشرب المباح،فلم يكن محرّما،كما لو تركه في حال الفطر.و بأنّ النهي إنّما أتى رحمة للمكلّفين و شفقة عليهم (4)؛لقول عائشة:

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الوصال رحمة لهم (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه باطل بما لو ترك الأكل و الشرب يوم العيد.و بأنّ النهي إذا كان للتحريم،لم يناف كونه رحمة للمكلّفين،فإنّ الرحمة كما تصدق في المكروه،ففي الحرام هي صادقة،بل في كلّ تكليف (6)و إرشاد؛لقوله تعالى:

ص:401


1- 1صحيح البخاريّ 3:37 و 48،صحيح مسلم 2:774 الحديث 1102،سنن أبي داود 2:306 الحديث 2360، [1]الموطّأ 1:300 الحديث 38، [2]مسند أحمد 2:21،102،143 و 153، [3]سنن البيهقيّ 4:282.
2- 2) ينظر:نهاية الوصول إلى علم الأصول:111-مخطوط-و فيه:إنّ النهي حقيقة في التحريم،و في ص 114:البحث السادس:في أنّ النهي هل يدلّ على الفساد؟.
3- 3) تقدّم في ص 345-348.
4- 4) المغني 3:111،الشرح الكبير بهامش المغني 3:107،عمدة القارئ 11:72.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:48،صحيح مسلم 2:776 الحديث 1105،سنن البيهقيّ 4:282.
6- 6) ع:تصدق في الحرام،و هي صادقة في كلّ تكليف،ق و خا:فعن الحرام هي صادقة،بل في كلّ تكليف، مكان:ففي الحرام هي صادقة،بل في كلّ تكليف.

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (1).

و فعل ابن الزبير خارق للإجماع،و لما ثبت من النهي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

فروع:
الأوّل:اختلف قول الشيخ-رحمه اللّه-في حقيقة الوصال،

فقال في النهاية و المبسوط:هو أن يجعل عشاءه سحوره (2).و هو رواية الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الوصال في الصوم أن يجعل (3)عشاءه سحوره» (4).

و قال ابن بابويه:قال الصادق عليه السّلام:«الوصال الذي نهي عنه،هو أن يجعل عشاءه سحوره» (5).

و قال في الاقتصاد (6):هو أن يصوم يومين من غير أن يفطر بينهما ليلا (7).و هو اختيار ابن إدريس (8)،و الجمهور،و هو رواية محمّد بن سليمان عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«إنّما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا وصال

ص:402


1- 1الأنبياء(21):107. [1]
2- 2) النهاية:170، [2]المبسوط 1:283. [3]
3- 3) بعض النسخ:«هو أن يجعل».
4- 4) الكافي 4:95 الحديث 2، [4]التهذيب 4:298 الحديث 898،الوسائل 7:388 الباب 4 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 7. [5]
5- 5) الفقيه 2:112 الحديث 477،الوسائل 7:388 الباب 4 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 5. [6]
6- 6) هامش ح:في الاستبصار،مكان:في الاقتصاد.
7- 7) قال الشيخ في الاقتصاد:438:و [7]صوم الوصال كذلك يجعل عشاءه سحوره أو يطوي يومين.و قال في الاستبصار 2:138:و هو أن يصوم يومين متواليين لا يفصل بينهما بالإفطار بالليل.
8- 8) السرائر:97.

في صيام،يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار» (1).

الثاني:لو أمسك عن الطعام يومين لا بنيّة الصيام،بل بنيّة الإفطار،

فالأقوى فيه عدم التحريم.

الثالث:يحتمل قوله عليه السّلام:«إنّي أظلّ عند ربّي يطعمني و يسقيني»

حمله على حقيقته من الأكل و الشرب صرفا للفظ إلى الحقيقة،و يحتمل حمله على مجازه،و هو أنّه يعان على الصيام و يغنيه اللّه تعالى عن الطعام و الشراب،و هو أولى بمنزلة من طعم و شرب،و هو أولى؛لأنّه لو طعم و شرب حقيقة لما كان مواصلا و قد أقرّهم (2)على قولهم:إنّك تواصل.و لأنّه عليه السّلام قال:«أظلّ...

يطعمني ربّي و يسقيني»و هذا يقتضي أنّه في النهار،و لا يجوز الأكل في النهار له و لا لغيره.

مسألة:و صوم الدهر حرام؛لأنّه يدخل فيه العيدان و أيّام التشريق،

و لا خلاف في تحريمه مع دخول هذه الأيّام.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا صام و لا أفطر من صام الدهر» (3).

و عن أبي موسى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من صام الدهر ضيّقت

ص:403


1- 1الكافي 4:92 الحديث 5، [1]التهذيب 4:307 الحديث 927،الاستبصار 2:138 الحديث 452، الوسائل 7:368 الباب 29 من أبواب الصوم المندوب الحديث 3. [2]
2- 2) متن ح:و قد أقرّ بهم،هامش ح:و قد أقرّوا به،مكان:و قد أقرّهم.
3- 3) صحيح مسلم 2:818-819 الحديث 1162،سنن أبي داود 2:321 الحديث 2425، [3]سنن ابن ماجة 1:544 الحديث 1705،سنن الترمذيّ 3:138 الحديث 767،سنن النسائيّ 4:205،206،207 و 209،سنن الدارميّ 2:18، [4]مسند أحمد 4:24-26، [5]كنز العمّال 8:514 الحديث 23902 و 23905،المعجم الكبير الطبرانيّ 12:341 الحديث 13617-بتفاوت يسير في اللفظ-مجمع الزوائد 3:193.

عليه جهنّم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:

«و صوم الدهر حرام» (2).

إذا ثبت هذا،فلو أفطر هذه الأيّام التي نهي عن صيامها هل يكره صيام الباقي أم لا؟قال الشافعيّ (3)و أكثر الفقهاء:إنّه ليس بمكروه (4)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،نهى عن صيام ستّة أيّام من السنة (5)،فدلّ على أنّ صوم الباقي جائز.

و قال أبو يوسف:إنّه مكروه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عنه (6).

و لو أراد بالنهي هذه الأيّام لأفردها بالنهي دون صوم الدهر.و يحتمل أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى؛لأنّه صائم الدهر يعتاد بذلك ترك الغذاء،و لا يبقى له قوّة شهوة إليه و لا مشقّة زائدة فيه،و يخرجه عن استشعار التقرّب بالصوم؛لأنّ الغرض بالعبادات (7)التقرّب بها و الاستشعار لها،و هذا معنى قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله:«لا صام و لا أفطر»أي لم يجد ما يجده الصائم من مخالفة عادته للقربة،و لا أفطر.

ص:404


1- 1مسند أحمد 4:414، [1]سنن البيهقيّ 4:300،كنز العمّال 8:559 الحديث 24162،مجمع الزوائد 3:193.
2- 2) الكافي 4:83 الحديث 1، [2]الفقيه 2:46 الحديث 208،التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7: 268 الباب 6 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [3]
3- 3) حلية العلماء 3:212،المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:388،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 472،مغني المحتاج 1:448،السراج الوهّاج:147.
4- 4) المغني 3:107،الشرح الكبير بهامش المغني 3:108،المجموع 6:389،عمدة القارئ 11:90.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،كنز العمّال 8:517 الحديث 23920،مجمع الزوائد 3:203.
6- 6) بدائع الصنائع 2:79،المجموع 6:389.
7- 7) ع:من العبادات.

و لأنّه يحدث مشقّة و ضعفا،فربما عجز أكثر عن العبادات (1)،و شبه التبتّل.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صام من صام الدهر،من صام ثلاثة أيّام،يصوم الدهر كلّه»فقال له عبد اللّه بن عمرو:إنّي أطيق أكثر من ذلك، قال:«فصم صوم داود عليه السّلام كان يصوم يوما و يفطر يوما»فقال:إنّي أطيق على أفضل من ذلك،قال:«لا أفضل من ذلك» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-قال:سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صوم الدهر،فقال:«لم يزل مكروها» (3).

مسألة:و صوم الواجب سفرا حرام عدا ما استثني.

و صوم المرأة تطوّعا مع كراهية زوجها،و كذا العبد،و قد مرّ ذلك كلّه (4).

ص:405


1- 1ع،ج و ق:عجز عن أكثر العبادات،مكان:عجز أكثر عن العبادات.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:52،المغني 3:107.
3- 3) الفقيه 2:112 الحديث 478،الوسائل 7:392 الباب 7 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [1]
4- 4) يراجع:ص 209 و ص 385،386.

البحث التاسع

اشارة

في اللواحق

مسائل
مسألة:الشيخ الكبير و العجوز إذا عجزا عن الصوم و جهدهما الجهد عن
اشارة

التحمّل ،جاز لهما أن يفطرا إجماعا.

(1)

و هل تجب الفدية؟قال الشيخ:نعم،يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام (2).

و بوجوب الكفّارة قال أبو حنيفة (3)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و به قال سعيد بن جبير،و طاوس (4)،إلاّ أنّ أبا حنيفة قال:يطعم عن كلّ يوم نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر (5).

و قال أحمد:يطعم مدّا من برّ أو نصف صاع من تمر أو شعير (6).

ص:406


1- 1ج،و ق و خا:عن المحتمل.
2- 2) كذا نسب إليه،و حكاه عنه المحقّق في المعتبر 2:717،و [1]لكنّ الموجود في النهاية:159،و [2]المبسوط 1:285:و [3]تصدّقا عن كلّ يوم بمدّين من طعام،فإن لم يقدر عليه فبمدّ منه.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:100،بدائع الصنائع 2:97،الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2:276،مجمع الأنهر 1:250،عمدة القارئ 11:51.
4- 4) المغني 3:82،المجموع 6:259،عمدة القارئ 11:51.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:100،بدائع الصنائع 2:72،الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2:276،المجموع 6:259،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130.
6- 6) المغني 3:81،الشرح الكبير بهامش المغني 3:24،المجموع 6:259،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130.

و قال المفيد-رحمه اللّه (1)-و السيّد المرتضى-رضي اللّه عنه (2)-و أكثر علمائنا:لا تجب الكفّارة مع العجز عن الصوم (3).و به قال مالك (4)،و أبو ثور، و ربيعة،و مكحول (5)،و للشافعيّ كالقولين (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس قال:الشيخ الكبير يطعم عن كلّ يوم مسكينا (7).

و عن أبي هريرة قال:من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان،فعليه عن كلّ يوم مدّ من قمح (8).و ضعف أنس عن الصوم عاما قبل وفاته،فأفطر و أطعم (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان،فقال:

«يتصدّق بما يجزئ عنه طعام مسكين لكلّ يوم» (10).

ص:407


1- 1المقنعة:55. [1]
2- 2) الانتصار:67،جمل العلم و العمل:92.
3- 3) منهم:سلاّر في المراسم:97،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):571،و ابن إدريس في السرائر:91.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:210،بداية المجتهد 1:301،المجموع 6:259،فتح العزيز بهامش المجموع 6:458،المغني 3:82،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130،المحلّى 6:265،عمدة القارئ 11:51.
5- 5) المجموع 6:259،عمدة القارئ 11:51.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:178،المجموع 6:258،فتح العزيز بهامش المجموع 6:458،مغني المحتاج 1:439-440،السراج الوهّاج:144،الميزان الكبرى 2:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:130،المغني 3:82،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،المحلّى 6:265،عمدة القارئ 11:51.
7- 7) صحيح البخاريّ 6:30،سنن أبي داود 2:296 الحديث 2318، [2]سنن الدارقطنيّ 2:205 الحديث 6، سنن البيهقيّ 4:271.
8- 8) سنن الدارقطنيّ 2:208 الحديث 19،سنن البيهقيّ 4:271.
9- 9) سنن الدارقطنيّ 2:207 الحديث 17،سنن البيهقيّ 4:271.
10- 10) التهذيب 4:237 الحديث 694،الاستبصار 2:103 الحديث 336،الوسائل 7:151 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9. [3]

و عن عبد الملك بن عتبة الهاشميّ (1)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الشيخ الكبير و العجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان،قال:

«تصدّق في كلّ يوم بمدّ من حنطة» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

الشيخ الكبير و الذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان، و يتصدّق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام،و لا قضاء عليهما،فإن لم يقدرا فلا شيء عليهما» (3).

و مثله روى محمّد بن مسلم أيضا بطريق آخر عن الصادق عليه السّلام،إلاّ أنّه قال:«و يتصدّق كلّ واحد منهما في كل يوم بمدّين من طعام» (4).

و نحن نحمله على الاستحباب،و الشيخ-رحمه اللّه-حمله على الواجد (5).

و من لا يتمكّن إلاّ من إطعام مدّ،فليس عليه إلاّ مدّ.و لأنّ الأداء صوم واجب، فجاز أن يسقط إلى الكفّارة،كالقضاء.

ص:408


1- 1عبد الملك بن عتبة الهاشميّ اللهبيّ صليب،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،ليس له كتاب،و الكتاب الذي ينسب إلى عبد الملك بن عتبة هو لعبد الملك بن عتبة النخعيّ صيرفيّ كوفيّ،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:عبد الملك بن عتبة الهاشميّ له كتاب،قال المامقانيّ:قد ظهر من النجاشيّ نسبة الشيخ الكتاب إليه اشتباه إلاّ أن يريد من قوله:له كتاب أنّه نسب إليه. رجال النجاشيّ:239،رجال الطوسيّ:233،الفهرست:110، [1]تنقيح المقال 2:230. [2]
2- 2) التهذيب 4:238 الحديث 696،الاستبصار 2:103 الحديث 337،الوسائل 7:150 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [3]
3- 3) التهذيب 4:238 الحديث 697،الاستبصار 2:104 الحديث 338،الوسائل:149 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 4:238 الحديث 698،الاستبصار 2:104 الحديث 339،الوسائل 7:150 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [5]
5- 5) التهذيب 4:238.

أمّا المفيد-رحمه اللّه-فإنّه فصّل و قال:الشيخ الكبير و المرأة الكبيرة إذا لم يطيقا الصيام و عجزا عنه،فقد سقط عنهما فرضه،و وسعهما الإفطار و لا كفّارة عليهما،و إذا أطاقاه بمشقّة عظيمة و كان يمرضهما إن صاماه[أو] (1)يضرّهما ضررا بيّنا،وسعهما الإفطار،و عليهما أن يكفّرا عن كلّ يوم بمدّ من طعام (2).

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي-رحمه اللّه-:هذا الذي فصّل به بين من يطيق الصيام بمشقّة،و بين من لا يطيقه أصلا،لم أجد به حديثا مفصّلا،و الأحاديث كلّها على أنّه متى عجزا،كفّرا عنه،و الذي حمله على هذا التفصيل هو أنّه ذهب إلى أنّ الكفّارة فرع على وجوب الصوم،و متى ضعف (3)عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه جملة،فإنّه يسقط عنه وجوبه جملة؛لأنّه لا يحسن تكليفه للصيام و حاله هذه، و قد قال اللّه تعالى: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها (4)و هذا ليس بصحيح؛لأنّ وجوب الكفّارة ليس مبنيّا على وجوب الصوم،إذ لا امتناع في أن يكلّف اللّه تعالى من لا يطيق الصوم الكفّارة؛للمصلحة المعلومة له تعالى،و ليس لأحدهما تعلّق بالآخر (5).

و كلام الشيخ جيّد؛إذ لا نزاع في سقوط التكليف بالصوم للعجز،لكنّا نقول:إنّه سقط إلى بدل هو الكفّارة؛عملا بالأحاديث الدالّة عليه،و هي مطلقة لا دلالة فيها على التفصيل الذي ذكره المفيد-رحمه اللّه-،فيجب حملها على إطلاقها.

و أمّا مالك و من وافقه،فقد احتجّوا:بأنّه ترك الصوم لعجزه،فلا يجب به

ص:409


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) المقنعة:55. [1]
3- 3) في المصدر:و من ضعف.
4- 4) البقرة(2):286. [2]
5- 5) التهذيب 4:237.

الإطعام،كما لو تركه لمرضه و اتّصل بموته (1).

و الجواب:بالمنع من الأصل؛لأنّا قد بيّنّا أنّه يصام عن الميّت أو يتصدّق عنه فيما تقدّم (2)،سلّمنا لكنّ الفرق ظاهر،فإنّ المريض إذا مات لم يجز الإطعام؛لأنّه يؤدّي إلى أن يجب ذلك على الميّت ابتداءً،و يفارق ذلك إذا أمكنه الصوم فلم يفعل حتّى مات؛لأنّ وجوب الإطعام يستند إلى حال الحياة،و الشيخ الكبير له ذمّة صحيحة.

فرع:

لو لم يتمكّن من الصدقة،سقطت عنه؛لعجزه عنها.

و يؤيّده:رواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (3).

و قد روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم؟فقال:«يصوم عنه بعض ولده»قلت:فإن لم يكن له ولد؟قال:«فأدنى قرابته»[قلت] (4):فإن لم يكن له قرابة؟قال:«يتصدّق بمدّ في كلّ يوم،فإن لم يكن عنده شيء فليس عليه شيء» (5).و ما تضمّنت هذه الرواية من صوم الوليّ أو القرابة محمول على الاستحباب.

مسألة:و اختلف قول الشيخ في مقدار الكفّارة،

فقال في المبسوط و النهاية:عن

ص:410


1- 1المغني 3:82،الشرح الكبير بهامش المغني 3:17،فتح العزيز بهامش المجموع 6:458،عمدة القارئ 11:51.
2- 2) يراجع:ص 317.
3- 3) التهذيب 4:238 الحديث 697،الاستبصار 2:104 الحديث 338،الوسائل 7:149 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [1]
4- 4) أضفناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:239 الحديث 699،الاستبصار 2:104 الحديث 338،الوسائل 7:152 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 11. [2]

كلّ يوم مدّان،فإن لم يتمكّن فمدّ (1)؛عملا برواية محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام (2).

و قال في الاستبصار:إنّها مدّ عن كلّ يوم (3).و حمل رواية محمّد بن مسلم على الاستحباب؛عملا بالأحاديث الباقية،كما حملناه نحن،و هو أولى؛لأنّ الأصل براءة الذمّة و عدم شغلها بشيء إلاّ لدليل (4).

مسألة:ذو العطاش إذا كان لا يرجى برؤه،أفطر و تصدّق عن كلّ يوم بمدّ كما

تقدّم .

(5)

و في أحد قولي الشيخ:بمدّين،كالهمّ،و لا قضاء عليه (6)،أمّا جواز الإفطار فللعجز عن الصيام.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن مفضّل بن عمر،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

إنّ لنا فتيانا و بنات لا يقدرون على الصيام من شدّة ما يصيبهم من العطش، قال:«فليشربوا مقدار ما تروى به نفوسهم و ما يحذرون» (7).

و عن عمّار بن موسى الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يصيبه العطش حتّى يخاف على نفسه،قال:يشرب بقدر ما يمسك (8)رمقه،و لا يشرب

ص:411


1- 1المبسوط 1:285،النهاية:159.
2- 2) التهذيب 4:238 الحديث 698،الاستبصار 2:104 الحديث 339،الوسائل 7:150 الباب 15 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
3- 3) الاستبصار 2:104.
4- 4) ص،خا و ق:إلاّ بدليل.
5- 5) يراجع:ص 408.
6- 6) المبسوط 1:285، [2]النهاية:159،تفسير التبيان 2:119.
7- 7) التهذيب 4:240 الحديث 703،الوسائل 7:153 الباب 16 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [3]
8- 8) كثير من النسخ:ما يسدّ،مكان:ما يمسك.

حتّى يروى» (1).

و أمّا الصدقة:فلعجزه عن الصيام؛و لما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (2).

و عن داود بن فرقد عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن ترك الصيام قال:

«إن كان من مرض فإذا برئ فليقضه،و إن كان من كبر أو لعطش فبدل كلّ يوم مدّ» (3).

و أمّا سقوط القضاء:فلأنّه أفطر لعجزه (4)عن الصيام و التقدير دوامه،فيدوم المسبّب.

و يؤيّده:رواية داود عن الصادق عليه السّلام،فإنّه فصّل،و التفصيل يقطع الشركة.

مسألة:و لو كان يرجى برؤه،أفطر إجماعا؛لعجزه عن الصيام،

(5)

و لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الإذن في الإفطار مطلقا،و يجب عليه القضاء مع البرء؛ لأنّه مرض و قد زال،فيقضي،كغيره من الأمراض؛عملا بالآية (6).

و هل تجب الصدقة أم لا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:تجب،كما تجب لذي العطاش الذي لا يرجى برؤه (7).

و نصّ المفيد-رحمه اللّه-على عدم وجوب الكفّارة (8).و هو اختيار السيّد

ص:412


1- 1التهذيب 4:240 الحديث 702،الوسائل 7:152 الباب 16 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 408.
3- 3) التهذيب 4:239 الحديث 700،الوسائل 7:158 الباب 21 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [2]
4- 4) بعض النسخ:للعجز.
5- 5) كثير من النسخ:للعجز.
6- 6) البقرة(2):184،185.
7- 7) المبسوط 1:285، [3]الاقتصاد:440.
8- 8) المقنعة:56.

المرتضى-رحمه اللّه (1)-و ابن إدريس (2).و هو الأقرب؛لأنّه مريض أبيح له الإفطار؛لعجزه عن الصيام حال مرضه مع رجاء برئه،فلا يستعقب الكفّارة،كغيره من الأمراض.

إذا ثبت هذا،فإنّه لا ينبغي لهؤلاء أن يتملّوا (3)من الطعام و الشراب و لا يواقعوا النساء،و هل ذلك على سبيل التحريم أو الكراهة؟فيه تردّد،و الأقرب الأخير.

مسألة:الحامل المقرب و المرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على أنفسهما،

أفطرتا،

و عليهما القضاء-و هو قول فقهاء الإسلام-و لا كفّارة عليهما.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه وضع عن المسافر شطر الصلاة و عن الحامل و المرضع الصوم» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان؛لأنّهما لا تطيقان الصوم،و عليهما أن تتصدّق كلّ واحدة منهما في كلّ يوم تفطر فيه بمدّ من طعام،و عليهما قضاء كلّ يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد» (5).

إذا ثبت هذا،فإنّ الصدقة بما ذكره الباقر عليه السّلام واجبة؛لأنّه بدل عن الإفطار مع المكنة من الصوم في حقّ غيرهما،فيثبت فيهما.

مسألة:و لو خافتا على الولد من الصوم،فلهما الإفطار أيضا-

و هو قول علماء

ص:413


1- 1جمل العلم و العمل:93.
2- 2) السرائر:91.
3- 3) ع:يمتلئوا.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:94 الحديث 715، [1]سنن ابن ماجه 1:533 الحديث 1667،سنن النسائيّ 4:180، 181 و 190،مسند أحمد 5:29، [2]سنن البيهقيّ 4:231.
5- 5) التهذيب 4:239 الحديث 701،الوسائل 7:153 الباب 17 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [3]

الإسلام-لأنّه ضرر غير مستحقّ،فأشبه الصائم نفسه،و لا نعلم فيه خلافا،و يجب عليهما القضاء إجماعا،إلاّ من سلاّر (1)من علمائنا مع زوال العذر،و يجب عليهما الصدقة عن كلّ يوم بمدّ من طعام.ذهب إليه علماؤنا،و هو المشهور من قول الشافعيّ (2)،و به قال أحمد-إلاّ أنّه يقول:مدّ من برّ أو نصف صاع من تمر أو شعير (3)-و به قال مجاهد (4).

و عن الشافعيّ:أنّ الكفّارة تجب على المرضع دون الحامل (5).و هو إحدى الروايتين عن مالك (6)،و به قال الليث بن سعد (7).

و قال أبو حنيفة:لا تجب عليهما كفّارة (8).و هو مذهب الحسن البصريّ، و عطاء،و الزهريّ،و ربيعة،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و أبي ثور،و أبي عبيدة، و داود (9)،و المزنيّ (10)،و ابن المنذر (11).

ص:414


1- 1المراسم:97.
2- 2) الأمّ 2:103،حلية العلماء 3:176،المهذّب للشيرازيّ 1:178،179،المجموع 6:267،فتح العزيز بهامش المجموع 6:460،مغني المحتاج 1:440.
3- 3) المغني 3:80-81،الشرح الكبير بهامش المغني 3:23-24،حلية العلماء 3:177،الكافي لابن قدامة 1:464،الإنصاف 3:290،زاد المستقنع:28،في الثلاثة الأخيرة:الإطعام فقط و لم يذكر مقداره.
4- 4) المجموع 6:269،بدائع الصنائع 2:97.
5- 5) حلية العلماء 3:177،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:267.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:210،بداية المجتهد 1:300،المغني 3:80،المجموع 6:269،فتح العزيز بهامش المجموع 6:460.
7- 7) المغني 3:80،الشرح الكبير بهامش المغني 3:23.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:99،بدائع الصنائع 2:97،الهداية للمرغينانيّ 1:127،شرح فتح القدير 2:276،مجمع الأنهر 1:251،المغني 3:81،حلية العلماء 3:176.
9- 9) المغني 3:80،الشرح الكبير بهامش المغني 3:23،المجموع 6:269.
10- 10) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:57.
11- 11) المجموع 6:269. [1]

و للشافعيّ قول ثالث:إنّ الكفّارة استحباب (1).

و عن ابن عبّاس و ابن عمر،أنّهما قالا:تجب الكفّارة عليهما دون القضاء (2).

و هو اختيار سلاّر من علمائنا (3).

لنا:قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (4).قال ابن عبّاس:

كانت رخصة للشيخ الكبير و المرأة الكبيرة و هما يطيقان الصيام أن يفطرا و يطعما لكلّ يوم مسكينا،و الحبلى و المرضع إذا خافتا على أولادهما،أفطرتا و أطعمتا.

رواه أبو داود (5).و نحوه روي عن ابن عمر (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (7).فإنّه سوّغ لهما الإفطار مطلقا،و أوجب عليهما القضاء و الصدقة، و هو يتناول ما إذا خافتا على الولد،كما يتناول ما إذا خافتا على أنفسهما.و لأنّ المشقّة التي يخشى معها على الولد يسقط وجوب الصوم؛لأنّه حرج و إضرار و هما منفيّان،و يتصدّقان؛لأنّه جزاء إخلالهما مع المكنة و الطاقة و إمكان الصوم.

و أمّا وجوب القضاء فبالآية و بما تلوناه من الحديث.و لأنّه فطر بسبب نفس عاجزة من طريق الخلقة،فوجبت به الكفّارة،كالشيخ الكبير.

و احتجّ الشافعيّ على الفرق:بأنّ المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها،بخلاف الحامل.و لأنّ الحمل متّصل بالحامل،فالخوف عليه كالخوف على بعض

ص:415


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:267،فتح العزيز بهامش المجموع 6:460.
2- 2) حلية العلماء 3:177،المغني 3:81، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:24. [2]
3- 3) المراسم:97.
4- 4) البقرة(2):184. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:296 الحديث 2318. [4]
6- 6) سنن البيهقيّ 4:230،المغني 3:81.
7- 7) يراجع:ص 413. [5]

أعضائها (1).

و جوابه:أنّ الفرق لا يقتضي سقوط القضاء مع ورود النصّ به.

و احتجّ أبو حنيفة (2):بما رواه أنس بن مالك عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه تعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة،و عن الحامل و المرضع الصوم» (3).

و لأنّه فطر أبيح لعذر،فلم تجب به كفّارة كالمريض.

و الجواب:أنّ الحديث لم يتعرّض لسقوط الكفّارة،فكانت موقوفة على الدليل كالقضاء،فإنّ الحديث لم يتعرّض له،و المريض أخفّ حالا منهما؛لأنّه يفطر بسبب نفسه.

و احتجّ سلاّر (4):بأنّ الآية تناولتهما و ليس فيها إلاّ الإطعام،و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّ اللّه تعالى وضع...[و] (5)عن الحامل و المرضع الصوم».

و الجواب:أنّهما يطيقان القضاء،فلزمهما،كالحائض و النفساء،و الآية أوجبت الإطعام و لم تتعرّض للقضاء بنفي و لا إثبات،و نحن أثبتنا وجوبه بدليل آخر، و المراد بوضع الصوم وضعه عنهما في حال عذرهما،كما في قوله عليه السّلام:«إنّ اللّه وضع عن المسافر الصوم» (6).

ص:416


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:267 و 269،فتح العزيز بهامش المجموع 6:460،المغني 3:80،الشرح الكبير بهامش المغني 3:23.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:99،بدائع الصنائع 2:97،شرح فتح القدير 2:276،المغني 3:81،الشرح الكبير بهامش المغني 3:24.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:94 الحديث 715، [1]سنن ابن ماجة 1:533 الحديث 1667،سنن النسائى 4:180، 190،مسند أحمد 4:347 و ج 5:29، [2]سنن البيهقيّ 4:231.
4- 4) لم نعثر على احتجاجه.
5- 5) أثبتناها من المصادر.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:94 الحديث 715. [3]
مسألة:لا يجوز لمن عليه صيام فرض أن يصوم تطوّعا.

و عن أحمد روايتان (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من صام تطوّعا و عليه من رمضان شيء لم يقضه،فإنّه لا يتقبّل منه حتّى يصومه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أ يتطوّع؟فقال:«لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان» (3).

و عن أبي الصباح الكنانيّ نحوه (4)،و رواهما ابن بابويه أيضا (5).و لأنّه عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يصحّ التطوّع بها قبل أدائها فرضا،كالحجّ.

احتجّ أحمد:بأنّها عبادة متعلّقة بوقت موسّع،فجاز التطوّع في وقتها، كالصلاة (6).

و الجواب:أنّه قياس في معارضة النصّ،فلا يكون مسموعا.

و أيضا:فإنّا نقول:إنّ أداء الصلاة لا يمنع من فعل النافلة؛لأنّه لا يفوت وقتها، أمّا قضاء الصلاة فإنّه لا يجوز التطوّع لمن عليه القضاء.

مسألة:قال علماؤنا:صوم النافلة لا يجب بالشروع فيه،و يجوز إبطاله،
اشارة

و لا يجب قضاؤه لو أفطر فيه لعذر و غير عذر.و به قال الشافعيّ (7)،و الثوريّ (8)،

ص:417


1- 1المغني 3:86،الشرح الكبير بهامش المغني 3:90،الكافي لابن قدامة 1:484. [1]
2- 2) مسند أحمد 2:352، [2]المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:90.
3- 3) التهذيب 4:276 الحديث 835،الوسائل 7:253 الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 4:276 الحديث 836،الوسائل 7:253 الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [4]
5- 5) الفقيه 2:87 الحديث 392،393.
6- 6) المغني 3:87،الشرح الكبير بهامش المغني 3:91،الكافي لابن قدامة 1:484.
7- 7) حلية العلماء 3:212،المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:392-394،فتح العزيز بهامش المجموع 6:464،السراج الوهّاج:147.
8- 8) المغني 3:92،الشرح الكبير بهامش المغني 3:113،المجموع 6:394،عمدة القارئ 11:79.

و أحمد (1)،و إسحاق (2).

و قال أبو حنيفة:يجب المضيّ فيه،و لا يجوز له الإفطار إلاّ لعذر،فإن أفطر قضاه (3).

و روي عن محمّد أنّه قال (4):إذا دخل على أخ فحلف عليه،أفطر و عليه القضاء (5).

و قال مالك:يجب بالدخول فيه،و لا يجوز الخروج عنه إلاّ بعذر،و إذا خرج عنه بعذر لا يجب القضاء (6).و به قال أبو ثور (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«هل عندكم شيء؟»فقلت:لا،قال:«فإنّي صائم»ثمّ مرّ بي بعد ذلك اليوم و قد أهدي إليّ حيس (8)فخبأت (9)له منه و كان يحبّ الحيس،قلت:يا رسول اللّه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه،قال:«أدنيه أما إنّي قد أصبحت و أنا صائم»فأكل منه،ثمّ قال:«إنّما مثل صوم التطوّع مثل الرجل يخرج من ماله

ص:418


1- 1المغني 3:92،الشرح الكبير بهامش المغني 3:113،الكافي لابن قدامة 1:491،الإنصاف 3:352.
2- 2) المغني 3:92،الشرح الكبير بهامش المغني 3:113،المجموع 6:394،عمدة القارئ 11:79.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:68-69،تحفة الفقهاء 1:351،بدائع الصنائع 2:102،مجمع الأنهر 1:252، عمدة القارئ 11:79.
4- 4) لا توجد كلمة:قال،في ع.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:70،عمدة القارئ 11:81،حلية العلماء 3:212.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:205،بداية المجتهد 1:311،إرشاد السالك:52،حلية العلماء 3:212.
7- 7) حلية العلماء 3:212.
8- 8) الحيس:تمر ينزع نواه و يدقّ مع أقط و يعجنان بالسّمن ثمّ يدلك باليد حتّى يبقى كالثريد.المصباح المنير:159. [1]
9- 9) خبأت الشيء:إذا أخفيته.النهاية لابن الأثير 2:3. [2]

الصدقة،فإن شاء أمضاها و إن شاء حبسها» (1).

و روت أمّ هاني،قالت:دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأتي بشراب فناولنيه فشربت منه،ثمّ قلت:يا رسول اللّه لقد أفطرت و كنت صائمة،فقال لها:

«أكنت تقضين شيئا؟»قلت:لا،قال:«فلا يضرّك إن كان تطوّعا» (2).

و في رواية أخرى:قالت:قلت له:إنّي صائمة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ المتطوّع أمين نفسه فإن شئت فصومي و إن شئت فأفطري» (3).

و في رواية أخرى:قالت:دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا صائمة،فناولني فضل شراب،فشربت فقلت:يا رسول اللّه إنّي كنت صائمة و إنّي كرهت أن أردّ سؤرك،فقال:«إن كان قضاء من رمضان فصومي يوما مكانه،و إن كان تطوّعا فإن شئت فاقضيه،و إن شئت فلا تقضيه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في الذي يقضي شهر رمضان:«إنّه بالخيار إلى زوال الشمس،و إن كان تطوّعا فإنّه إلى الليل بالخيار» (5).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام نحوه (6).

ص:419


1- 1ينظر بهذا اللفظ:المغني 3:92،الشرح الكبير بهامش المغني 3:113.و بهذا المضمون:صحيح مسلم 2:808 الحديث 1154،سنن أبي داود 2:329 الحديث 2455، [1]سنن الترمذيّ 3:111 الحديث 733، [2]سنن النسائي 4:193-196،مسند أحمد 6:49،209. [3]
2- 2) سنن أبي داود 2:329 الحديث 2456، [4]سنن الدارميّ 2:16،و [5]أوردها ابن قدامة في المغني 3:93.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:109 الحديث 732، [6]سنن البيهقيّ 4:276،عمدة القارئ 11:79،و أوردها ابن قدامة في المغني 3:93.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:278.
5- 5) التهذيب 4:280 الحديث 849،الاستبصار 2:122 الحديث 396،الوسائل 7:9 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 4. [7]
6- 6) التهذيب 4:280 الحديث 848،الاستبصار 2:122 الحديث 395،الوسائل 7:10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 10. [8]

و لأنّ كلّ صوم لو أتمّه كان تطوّعا إذا خرج منه لم يجب قضاؤه،كما لو اعتقد أنّه من رمضان فبان أنّه من شعبان أو من شوّال.

احتجّ المخالف:بما روي عن عائشة أنّها قالت:أصبحت أنا و حفصة صائمتين متطوّعتين فأهدي لنا حيس فأفطرنا ثمّ سألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:

«اقضيا يوما مكانه» (1).

و لأنّها عبادة تلزم بالنذر،فلزمت بالشروع فيها،كالحجّ و العمرة (2).

و الجواب:أنّ خبرهم:قال أبو داود:لا يثبت (3).و قال الترمذيّ:فيه مقال (4).

و ضعّفه الجوزجانيّ (5)و غيره (6).و مع ذلك فإنّه محمول على الاستحباب.

و أمّا الحجّ فإحرامه آكد،و لهذا لا يخرج منه باختياره و لا بإفساده،فإذا أحرم و اعتقده (7)أنّه واجب عليه،لم يجز له الخروج منه،فافترقا.

فروع:
الأوّل:يستحبّ له إتمامه و أن لا يبطله؛لأنّه طاعة شرع فيها فاستحبّ له

إتمامها،

و يتأكّد بعد الزوال؛لما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه،

ص:420


1- 1سنن أبي داود 2:330 الحديث 2457، [1]سنن الترمذيّ 3:112 الحديث 735، [2]الموطّأ 1:306 الحديث 50، [3]مسند أحمد 6:263، [4]سنن البيهقيّ 4:279،280.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:69،بدائع الصنائع 2:102،المغني 3:92.
3- 3) نقله عنه في المغني 3:93،الشرح الكبير بهامش المغني 3:115.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:112.
5- 5) إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعديّ الجوزجانيّ،أبو إسحاق محدّث الشام،نسبته إلى جوزجان(من كور بلخ بخراسان)و مولده فيها،رحل إلى مكّة ثمّ البصرة و أقام في كلّ منها مدّة و نزل دمشق فسكنها إلى أن مات،له كتاب في الجرح و التعديل و كتاب في الضعفاء،مات سنة 259 ه. تذكرة الحفّاظ 2:549،العبر 1:372، [5]الأعلام للزركليّ 1:81. [6]
6- 6) نقله عنهم في المغني 3:93،الشرح الكبير بهامش المغني 3:115.
7- 7) ق و خا:و اعتقد،و في ج:و اعتبر،مكان:و اعتقده.

عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السّلام قال:«الصائم تطوّعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار،و إذا (1)انتصف النهار فقد وجب الصوم» (2).

و المراد بالوجوب هنا شدّة الاستحباب،كما قالوا عليهم السلام:غسل الجمعة واجب،و صلاة الليل واجبة (3).و لا يراد بذلك الفرض الذي يستحقّ العقاب بتركه.

و كذا حديث معمّر بن خلاّد عن أبي الحسن عليه السّلام،قلت له:النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟قال:«نعم» (4)في حديث ذكره الشيخ،فإنّه أيضا محمول على الاستحباب.

الثاني:سائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصيام في أنّها لا تلزم

بالشروع،

و لا يجب قضاؤها إذا خرج منها إلاّ الحجّ و العمرة،فإنّهما يخالفان سائر العبادات في هذا؛لتأكّد إحرامهما،و لا يخرج منهما بإفسادهما.

و عن أحمد رواية أنّه لا يجوز قطع الصلاة المندوبة،فإن قطعها قضاها (5).

و هو خطأ؛لأنّ ما جاز ترك جميعه،جاز ترك بعضه كالصدقة،و الحجّ و العمرة يخالفان غيرهما.

الثالث:لو دخل في واجب،فإن كان معيّنا،كنذر معيّن،لم يجز له الخروج

منه،

و إن كان مطلقا،كقضاء رمضان أو النذر المطلق،فإنّه يجوز له الخروج منه إلاّ في رمضان بعد الزوال على ما تقدّم (6).

ص:421


1- 1ع:فإن،مكان:و إذا.
2- 2) التهذيب 4:281 الحديث 850،الاستبصار 1:122 الحديث 397،الوسائل 7:11 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 11. [1]
3- 3) ينظر:الوسائل 2:943 الباب 6 من أبواب الأغسال المسنونة الحديث 3:و ج 5:272 الباب 39 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة الحديث 15.
4- 4) التهذيب 4:166 الحديث 473،الوسائل 7:9 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث 5. [2]
5- 5) المغني 3:93،الشرح الكبير بهامش المغني 3:115.
6- 6) يراجع:ص 329،330. [3]
مسألة:كلّ صوم يلزم فيه التتابع إلاّ أربعة:صوم النذر المجرّد عن التتابع و ما

في معنى النذر من يمين أو عهد؛

لأنّ الأصل براءة الذمّة،و التقدير أنّه لم ينذره مقيّدا بالتتابع،فإذا فعله مفترقا،فقد صدق عليه أنّه أتى بما نذره،فكان مخرجا عن العهدة.و صوم قضاء رمضان و قد سلف بيان عدم وجوب تتابعه (1)،و صوم جزاء الصيد و سيأتي،و صوم سبعة أيّام في بدل الهدي على ما يأتي.

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام،قال:سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و السبعة أ يصومها متوالية أو يفرق بينها؟ (2)قال:«يصوم الثلاثة لا يفرق بينها و السبعة لا يفرق بينها، و لا يجمع السبعة و الثلاثة جميعا» (3).و سيأتي البحث في ذلك إن شاء تعالى.

أمّا غير هذه الأربعة،مثل الصوم في كفّارة الظهار،أو قتل الخطأ،أو الإفطار،أو كفّارة اليمين؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين متتابعا و لا يفصل بينهنّ» (4)أو كفّارة أذى حلق الرأس،أو ثلاثة أيّام بدل الهدي،فإنّ التتابع فيها واجب على ما مضى بيان بعضها (5)و سيأتي بيان الباقي إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إمّا لكفّارة أو لنذر و شبهه

فأفطر في الشهر الأوّل

(6)

أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا،فإن كان

ص:422


1- 1يراجع:ص 335.
2- 2) ص،خا و ق:بينهما،كما في الاستبصار.
3- 3) التهذيب 4:315 الحديث 957،الاستبصار 2:281 الحديث 999،الوسائل 7:281 [1] الباب 10 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 5 و ج 15:563 الباب 12 من أبواب الكفّارات الحديث 15.
4- 4) التهذيب 4:283 الحديث 856،الوسائل 7:280 الباب 10 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 14. و [2]فيهما:«متتابعات»مكان:«متتابعا».
5- 5) يراجع:ص 344،345.
6- 6) بعض النسخ:أمّا في الكفّارة.

أفطر لعذر من مرض أو حيض،لم ينقطع تتابعه،بل ينتظر زوال العذر ثمّ يتمّ الصيام.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ في الحيض،أمّا المرض فله قولان (1).

لنا:أنّ المرض مساو للحيض في كونهما عذرين من قبل اللّه تعالى ليس من المقدور (2)دفعهما،فتساويا في سقوط التكليف بالتتابع.

و لأنّه لو لم يسقط التتابع بهما،لكان تعريضا لتكرار الاستئناف؛لعدم الوثوق بزوال العارض،و ذلك ضرر عظيم.

و لأنّه يبنى مع الحيض فيبنى مع المرض؛لتساويهما في كونهما من قبله تعالى.

و لأنّ الاستئناف عقوبة على التفريط و لا تفريط من الوارد (3)من قبله تعالى.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن رفاعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين فصام شهرا و مرض،قال:«يبني عليه،اللّه حبسه»قلت:امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت و أفطرت أيّام حيضها،قال:«تقضيها»قلت:فإنّها قضتها ثمّ يئست من الحيض،قال:

«لا تعيدها أجزأها ذلك» (4).

و رواه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام أيضا (5).

و عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كان عليه

ص:423


1- 1حلية العلماء 7:194،المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:517،فتح العزيز بهامش المجموع 6:535.
2- 2) كثير من النسخ:ليس في المقدور.
3- 3) خا،ق و ج:مع الوارد،مكان:من الوارد.
4- 4) التهذيب 4:284 الحديث 859،الاستبصار 2:124 الحديث 402،الوسائل 7:274 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 10. [1]
5- 5) التهذيب 4:284 الحديث 860،الاستبصار 2:124 الحديث 403،الوسائل 7:274 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 11. [2]

صيام شهرين متتابعين فصام خمسة و عشرين يوما ثمّ مرض،فإذا برئ أ يبني على صومه أم يعيد صومه كلّه؟فقال:«بل يبني على ما كان صام»ثمّ قال:«هذا ممّا غلب اللّه عليه،و ليس على ما غلب اللّه عزّ و جلّ عليه شيء» (1).

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن جميل و محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل الحرّ (2)يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار، فيصوم شهرا ثمّ يمرض،قال:«يستقبل فإن زاد على الشهر الآخر يوما أو يومين بنى على ما بقي» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الأوّل فإنّ عليه أن يعيد الصيام، و إن صام الشهر الأوّل و صام من الشهر الثاني شيئا ثمّ عرض له ما له العذر فإنّما عليه أن يقضي» (4).

لأنّا نقول:إنّ هذا محمول على الاستحباب دون الإيجاب على ما تقدّم (5)، و تأوّله الشيخ-رحمه اللّه-بذلك أيضا و باحتمال أن لا يكون المرض مانعا من الصوم (6).

مسألة:و لو أفطر في الشهر الأوّل أو بعد إكماله

قبل أن يصوم من الشهر الثاني

ص:424


1- 1التهذيب 4:284 الحديث 858،الاستبصار 2:124 الحديث 401،الوسائل 7:274 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 12. [1]
2- 2) لا توجد كلمة:الحرّ،في أكثر النسخ.
3- 3) التهذيب 4:284 الحديث 861،الاستبصار 2:124 الحديث 404،الوسائل 7:274 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 4:285 الحديث 862،الاستبصار 2:125 الحديث 405،الوسائل 7:272 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 6. [3]
5- 5) يراجع:ص 422.
6- 6) التهذيب 4:285،الاستبصار 2:125.

شيئا لغير عذر،استأنف-و هو قول فقهاء الإسلام-لأنّه لم يأت المأمور به؛إذ هو صوم شهرين متتابعين و لم يفعله فلا يخرج عن العهدة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«في كفّارة اليمين في الظهار صيام شهرين متتابعين،و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر أيّاما أو شيئا منه،فإن عرض له شيء يفطر منه، أفطر ثمّ قضى ما بقي عليه،و إن صام شهرا ثمّ عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا،فلم يتابع،أعاد الصوم كلّه» (1).

لا يقال:هذا الحديث ينافي ما ذهبتم إليه؛لأنّه عليه السّلام علّق القضاء و الإعادة بالإفطار قبل الإكمال لعروض شيء و أنتم لا تذهبون إليه،فما هو مذهبكم لا يدلّ الحديث عليه،و ما يدلّ الحديث عليه لا تقولون به،فلا يجوز لكم الاستدلال بمثله.

لأنّا نقول:عروض شيء أعمّ من أن يكون عذرا يمنع الصوم و من أن لا يكون كذلك،و ليس يتناولهما معا على الجمع،فيحمل على الثاني؛لما تلوناه من الأحاديث المتقدّمة.

و أيضا:فإذا دلّ على الإعادة للإفطار لعذر،فلغير عذر أولى.

مسألة:و لو صام من الشهر الثاني-بعد صيام الشهر الأوّل متتابعا-شيئا و لو
اشارة

كان يوما ثمّ أفطر،

(2)

جاز له البناء،سواء كان لعذر أو لغيره.و هو مذهب علمائنا أجمع،خلافا للجمهور كافّة.

لنا:أنّه بصوم بعض الشهر الثاني عقيب الأوّل تصدق المتابعة؛لأنّها أعمّ من المتابعة بالكلّ أو البعض،و الأعمّ من الشيئين صادق عليهما،فيخرج عن العهدة

ص:425


1- 1التهذيب 4:283 الحديث 856،الوسائل 7:273 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 9. [1]
2- 2) بعض النسخ:و إن.

بكلّ واحد منهما.

و لأنّه إذا صام من الثاني و لو شيئا،تابع في الأكثر،و حكم الأكثر غالبا حكم الجميع.

و يؤيّد ذلك:رواية الحلبيّ-الصحيحة-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في كفّارة الظهار صيام شهرين متتابعين،و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر أيّاما أو شيئا منه»و قد تقدّمت (1).

و عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرّق بين الأيّام؟فقال:«إذا صام أكثر من شهر فوصله ثمّ عرض له أمر فأفطر فلا بأس،فإن كان أقلّ من شهر أو شهرا،فعليه أن يعيد الصيام» (2).

فروع:
الأوّل:لا يجوز لمن عليه صوم شهرين متتابعين أن يصوم شعبان من غير

أن يسبقه صوم يوم أو أيّام من رجب،

و لا يجتزئ (3)بمتابعة شهر رمضان؛لأنّه صوم استحقّ في أصل التكليف،و التتابع وصف لصوم الكفّارة،و أحدهما غير الآخر،فلا يقوم أحدهما مقام الآخر.

أمّا لو صام قبله يوما أو أيّاما من رجب،ثمّ وصله بشعبان حتّى زاد على الشهر الواحد،أجزأه؛لما تقدّم من الأحاديث (4).

ص:426


1- 1التهذيب 4:283 الحديث 856،الوسائل 7:273 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 9. و [1]قد تقدّمت في ص 425. [2]
2- 2) الكافي 4:138 الحديث 3، [3]التهذيب 4:282 الحديث 855 و فيه:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، الوسائل 7:272 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 5. [4]
3- 3) ق و خا:و لا يجزئ.
4- 4) يراجع:ص 423،424.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في رجل صام في ظهار شعبان ثمّ أدركه شهر رمضان،قال:

«يصوم شهر رمضان و يستأنف الصوم،فإن صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيّته» (1).

الثاني:قال المفيد-رحمه اللّه-:لو تعمّد الإفطار بعد أن صام من الشهر الثاني

شيئا،فقد أخطأ و إن جاز له التمام .

(2)

و اختاره ابن إدريس محتجّا بأنّ حدّ التتابع أن يصوم الشهرين (3).

و نحن نمنع ذلك؛لما ثبت في حديث الحلبيّ-الصحيح-عن الصادق عليه السّلام أنّ حدّ التتابع:«أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر أيّاما أو شيئا منه» (4).و حينئذ لا يتوجّه الخطأ إلى المكلّف،و قول الصادق عليه السّلام أولى بالاتّباع من قول ابن إدريس.

الثالث:هذا و إن كان جائزا على ما قلناه،فالأولى تركه و أن يتابع الشهرين

معا؛

خلاصا من الخلاف،و لما فيه من المسارعة إلى فعل الطاعات و طلب المغفرة من اللّه تعالى و إسقاط الذنب بفعل العقوبة بالصوم و براءة الذمّة من شغل.

الرابع:لو سافر قبل أن يصوم من الثاني شيئا،فإن تمكّن من ترك السفر،

انقطع تتابعه،و وجب عليه الاستئناف مع رجوعه إلى وطنه أو وصوله إلى موضع يلزمه التمام فيه،و إن كان مضطرّا إلى السفر مقهورا عليه،لم ينقطع التتابع و أفطر،ثمّ إذا وصل إلى بلده بنى و قضى ما تخلّف عليه.

ص:427


1- 1التهذيب 4:283 الحديث 857 و فيه:«فإن صام في الظهار فزاد في النصف يومأ بنى و قضى بقيّته» الوسائل 7:275 الباب 4 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [1]
2- 2) المقنعة:57. [2]
3- 3) السرائر:94.
4- 4) التهذيب 4:283 الحديث 856،الوسائل 7:273 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 9. [3]
الخامس:المرض و الحيض عذران يصحّ معهما التتابع و البناء مطلقا.

و كذا كلّ ما كان من قبل اللّه تعالى من الأعذار؛لأنّه لا قدرة على دفعه،و الاستئناف عقوبة على التفريط و لم يوجد.

و يدلّ عليه أيضا قوله عليه السّلام:«و ليس عليه ممّا غلب اللّه شيء» (1).

مسألة:و من وجب عليه صوم شهر متتابع لنذر و شبهه من يمين أو عهد،
اشارة

فصام خمسة عشر يوما ثمّ أفطر لعذر أو غيره،جاز له البناء،و إن أفطر قبل ذلك، استأنف،إلاّ أن يكون لعذر فإنّه يتمّ و يبني.

و قال الشافعيّ:إن أفطرت المرأة لحيض بنت و قضت أيّام حيضها،و إن مرض الناذر ففي التتابع قولان (2).

و قال أحمد:إن مرض أتمّ إذا عوفي و عليه كفّارة يمين،و إن أحبّ استأنف و لا كفّارة (3)،و لم يعتبر أحد من الجمهور صوم النصف.

لنا:ما رواه الشيخ عن موسى بن بكر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل جعل عليه صوم شهر،فصام منه خمسة عشر يوما،ثمّ عرض له أمر،قال:«إن كان صام خمسة عشر يوما،فله أن يقضي ما بقي،و إن كان أقلّ من خمسة عشر يوما، لم يجزئه حتّى يصوم شهرا تامّا» (4).

و عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السّلام مثله (5).

ص:428


1- 1التهذيب 4:284 الحديث 858،الاستبصار 2:124 الحديث 401،الوسائل 7:274 الباب 3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 12. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:244،المجموع 8:480.
3- 3) المغني 11:365.
4- 4) التهذيب 4:285 الحديث 863،الوسائل 7:276 الباب 5 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 4:285 الحديث 864،الوسائل 7:276 الباب 5 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [3]
فرع:

قال الشيخ في الجمل:إذا كان كفّارة العبد صيام شهر فصام نصفه،جاز له التفريق للباقي و البناء على ما مضى (1).و منعه ابن إدريس (2)،و هو الأقوى (3)، و الحكم في الشهر كالحكم في الشهرين،و قد بيّنّاه (4).

مسألة:صوم بدل هدي التمتع عشرة أيّام:ثلاثة أيّام في الحجّ متتابعات،
اشارة

و سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله.قال الشيخ:و لا يجب التتابع في السبعة (5)،أمّا الثلاثة فقد اتّفقوا على وجوب التتابع فيها.

إذا ثبت هذا،فلو صام يوما ثمّ أفطر،استأنف.و إن صام يومين ثمّ أفطر فكذلك،إلاّ أن يصوم يوم التروية و يوم عرفة،فإنّه يفطر العيد،و يأتي بيوم ثالث بعد انقضاء أيّام التشريق،أمّا تتابعها؛فلرواية إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قد تقدّمت (6).

و أمّا الاجتزاء بيومين في التتابع بشرط أن يكون الإفطار للعيد؛فلما رواه عبد الرحمن[عن] (7)أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة قال:«يجزئه أن يصوم يوما آخر» (8).

ص:429


1- 1الجمل و العقود:118.
2- 2) السرائر:95.
3- 3) ص،ع و ح:و هو أقوى.
4- 4) يراجع:ص 422،423. [1]
5- 5) المبسوط 1:280، [2]الجمل و العقود:119،الاقتصاد:437،الرسائل العشر:217. [3]
6- 6) لم نعثر عليها فيما تقدّم و قد رواها الشيخ في التهذيب 5:232 الحديث 784،و الاستبصار 2:280 الحديث 994.و نقلها عن الشيخ في الوسائل 10:168 الباب 53 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
7- 7) في النسخ:بن،و ما أثبتناه من المصادر.
8- 8) التهذيب 5:231 الحديث 780،الاستبصار 2:279 الحديث 991،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 1. [5]

و عن يحيى الأزرق (1)،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتّعا و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق» (2).

فروع:
الأوّل:لو كان الثالث غير العيد،بأن صام يومين غير يوم التروية و عرفة ثمّ

أفطر الثالث،

استأنف؛عملا بوجوب التتابع من غير معارض.

الثاني:صوم السبعة،قال الأصحاب:لا يجب تتابعها،

و سيأتي.

الثالث:كلّ ما يشترط فيه التتابع،فإن أفطر في خلاله لعذر بنى،و إن كان لغير

عذر،استأنف،

إلاّ في المواضع الثلاثة المتقدّمة (3)و هي:تتابع الشهرين،أو الشهر، أو ثلاثة أيّام بدل الهدي.

مسألة :هل يجوز صيام أيّام التشريق بدلا عن الهدي لمن كان بمنى؟

(4)

فيه روايتان:

ص:430


1- 1يحيى الأزرق،عدّه الشيخ بهذا العنوان في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السّلام و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السّلام و قد وقع بهذا العنوان في طريق الصدوق في باب ما يجب على من طاف، الفقيه 2:250 الحديث 1204،و ظاهره في المشيخة كونه يحيى بن حسّان الأزرق،و صرّح في الفقيه برواية صفوان بن يحيى عنه،و يظهر من الشيخ في التهذيب 5:157 الحديث 520 أنّ صفوان يروي عن يحيى بن عبد الرّحمن الأزرق.قال المامقانيّ:إن ثبت اتّحاد يحيى الأزرق و يحيى بن حسّان الأزرق و يحيى بن عبد الرحمن الأزرق كفى ما يأتي في وثاقة يحيى بن عبد الرحمن الأزرق،لكن لا يكاد يمكن اتّحاد يحيى بن حسّان معه؛لعدم تعارف اسمين لواحد،فلا يمكن كون أبيه حسّان و عبد الرحمن، إلاّ أن يكون أحدهما أباه و الآخر جدّه و لا شاهد عليه. الفقيه(شرح المشيخة)4:118،رجال الطوسيّ 334 و 363،تنقيح المقال 3:312. [1]
2- 2) التهذيب 5:231 الحديث 781،الاستبصار 2:279 الحديث 992،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) يراجع:ص 344،345.
4- 4) ص،ج و خا:الرابع،مكان:مسألة.

إحداهما:عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي الحسن عليه السّلام،قيل له:

إنّ عبد اللّه بن الحسن يقول بصوم أيّام التشريق،فقال:«إنّ جعفرا كان يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر[بديلا] (1)(2)أن ينادي أنّ هذه أيّام أكل و شرب، فلا يصومنّ فيها أحد» (3).

و الأخرى:رواها إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:من فاته صيام الثلاثة الأيّام في الحجّ فليصمها أيّام التشريق (4).

و الأوّل هو المعمول عليها عند الأصحاب،و الثانية نادرة شاذّة مخصّصة للعموم المعلوم قطعا من المنع من صيام أيّام التشريق،فلا يجوز التعويل عليها.

مسألة:قد بيّنّا أنّ المسافر يجوز له النكاح و إن كان مكروها،

(5)

فإن كانت المرأة مسافرة أيضا حلّ لهما معا الجماع.

و كذا لو قدم هو من سفره و كان مفطرا في ذلك اليوم و هي قد طهرت في ذلك اليوم من الحيض،جاز لهما الجماع أيضا؛لسقوط فرض الصوم عنهما.

و لو غرّته فقالت:إنّي مفطرة،فوطأها،أفطرت و لا كفّارة عليه عن نفسه؛ لإباحة الفطر له،و لا عنها؛لغروره،و لا صنع له فيه،و يجب عليها كفّارة عن نفسها.

ص:431


1- 1أثبتناها من التهذيب و الوسائل،و [1]في الاستبصار:«بلالا»،مكان«بديلا».
2- 2) بديل بن ورقاء الخزاعيّ أبو عبد اللّه،عدّه ابن عبد البرّ و ابن الأثير من العامّة و الشيخ من الخاصّة في رجاله بعنوان بريدة بن ورقاء من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. الاستيعاب بهامش الإصابة 1:165، [2]أسد الغابة 1:170،رجال الطوسيّ:10.
3- 3) التهذيب 5:230 الحديث 779،الاستبصار 2:278 الحديث 988،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:229 الحديث 777،الاستبصار 2:277 الحديث 986،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 5. [4]
5- 5) يراجع:ص 389.

و لو علم بصومها،فإن لم يكرهها،وجبت الكفّارة عليها؛لأنّه يحرم عليها الإفطار و قد فعلته،فوجبت الكفّارة عقوبة،و لا يجب عليه شيء؛لأنّه لم يفطر في صوم واجب عليه.

و إن أكرهها،فلا كفّارة عليه أيضا عنه،و هل تجب عليه كفّارة عنها أم لا؟ الأقرب وجوبها عليه؛لما تقدّم من أنّ المكره لزوجته يتحمّل عنها الكفّارة (1).

و لا فرق بين أن يغلبها على نفسها أو يتهدّدها فتطاوعه،و لا تفطر في الحالين.

و قال الشافعيّ:لا تفطر في الأولى،و في التهدّد قولان (2)،و قد سلف (3).

مسألة:و يكره السفر في رمضان للصائم إلاّ لضرورة-إلاّ إذا مضت ثلاثة

و عشرون يوما من الشهر

فحينئذ تزول الكراهية-لأنّ فيه تعريضا لإبطال الصوم، و منعا عن فعل العبادة ابتداءً،و اكتفاء بالقضاء عن الأداء،و كلّ ذلك مطلوب الترك.

أمّا إذا مضت المدّة المذكورة،فإنّ الكراهية تزول؛لأنّ أكثر الشهر قد فعله أداء.فلو كره له الخروج بعد هذه المدّة،لزم تحمّل الضرر بالترك على تقدير إرادة الأولى.

و كذا لو كان مضطرّا إلى السفر،بأن خاف على فوات مال أو هلاك أخ،أو خرج في واجب من حجّ أو عمرة،أو مندوب،فإنّ الكراهية تزول هنا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط،عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا دخل شهر رمضان فللّه فيه شرط قال اللّه تعالى:

ص:432


1- 1يراجع:ص 109.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:184،185،المجموع 6:324-326،فتح العزيز بهامش المجموع 6:386 و 399.
3- 3) يراجع:ص 102،103،107،109.

فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (1)فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج،إلاّ في حجّ أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه،و ليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه،فإذا مضت ليلة ثلاث و عشرين فليخرج حيث شاء» (2).

و روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:جعلت فداك يدخل عليّ شهر رمضان فأصوم بعضه،فتحضرني نيّة في زيارة قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام،فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا،أو أقيم حتّى أفطر و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟فقال:«أقم حتّى تفطر»قلت له:جعلت فداك فهو أفضل؟قال:«نعم،أ ما تقرأ في كتاب اللّه فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (3)» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد براحا (5)،ثمّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت،فسألته غير مرّة،فقال:«يقيم أفضل، إلاّ أن يكون له حاجة لا بدّ له من الخروج فيها (6)أو يتخوّف على ماله» (7).

و عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان،فقال:«لا،إلاّ فيما أخبرك به:خروج إلى مكّة،أو غزو في سبيل اللّه،أو مال تخاف هلاكه،أو أخ تخاف هلاكه،و إنّه ليس أخا من الأب و الأمّ» (8).

و هذا النهي على الكراهية لا التحريم؛عملا بالأصل،و بما رواه ابن بابويه-في

ص:433


1- 1البقرة(2):185. [1]
2- 2) التهذيب 4:216 الحديث 626،الوسائل 7:129 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 6. [2]
3- 3) البقرة(2):185. [3]
4- 4) التهذيب 4:316 الحديث 961،الوسائل 7:130 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [4]
5- 5) برح الشيء يبرح براحا:زال من مكانه.المصباح المنير:42. [5]
6- 6) كثير من النسخ:منها،مكان:فيها.
7- 7) الفقيه 2:89 الحديث 399،الوسائل 7:128 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [6]
8- 8) الفقيه 2:89 الحديث 398،الوسائل 7:129 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [7]

الصحيح-عن العلاء،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان و هو مقيم،و قد مضى منه أيّام،فقال:

«لا بأس بأن يسافر و يفطر و لا يصوم» (1).

و رواه عن أبان بن عثمان عن الصادق عليه السّلام (2).

إذا ثبت هذا،فقد روى ابن بابويه أنّ تشييع المؤمن أفضل من المقام؛لما فيه من مراعاة قلب المؤمن،رواه عن الصادق عليه السّلام عن الرجل يخرج يشيّع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة،فقال:«إن كان في شهر رمضان فليفطر»فسئل أيّهما أفضل يصوم أو يشيّعه؟فقال:«يشيّعه،إنّ اللّه عزّ و جلّ وضع الصوم عنه إذا شيّعه» (3).

و كذا روي عن حمّاد بن عثمان،عن الصادق عليه السّلام أنّه يستحبّ له أن يتلقّى أخاه من السفر و يفطر (4).

مسألة:و من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز عن ذلك،صام ثمانية

عشر يوما-

قاله أكثر علمائنا (5)-لما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام و لم يقدر على العتق و لم يقدر على الصدقة،قال:«فليصم ثمانية عشر يوما عن كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام» (6).

ص:434


1- 1الفقيه 2:90 الحديث 400،الوسائل 7:129 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:90 ذيل الحديث 400،الوسائل 7:129 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم ذيل الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 2:90 الحديث 401،المقنع:62، [3]الوسائل 5:513 [4] الباب 10 من أبواب صلاة المسافر الحديث 3 و ج 7:129 الباب 3 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5.
4- 4) الفقيه 2:90 الحديث 402،الوسائل 5:513 الباب 10 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [5]
5- 5) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:91،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:167،و [6]المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:195. [7]
6- 6) التهذيب 4:312 الحديث 944،الوسائل 7:279 الباب 9 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [8]
مسائل في النذر:
الأولى:لو نذر صوم يوم بعينه فوافق يوم العيد أو أحد أيّام التشريق و هو

بمنى،أفطر بلا خلاف،

و هل يجب قضاؤه؟فيه تردّد ينشأ من كون الزمان غير محلّ الصوم،فلا ينعقد نذره مع الجهل،كما لا ينعقد مع العلم،و هو الأقوى و قد سلف (1)،و قد ورد بالقضاء و بعدمه أخبار (2).

الثانية:لو نذر صوم يوم من شهر رمضان قيل:لا ينعقد ؛لأنّ صومه مستحقّ

في أصل الشرع،

(3)

واجب من قبل اللّه تعالى،فلا يرد عليه وجوب آخر،و لو قيل بانعقاده،كان قويّا.

و تظهر الفائدة:لو أفطره هل تجب عليه كفّارة واحدة أو كفّارتان؟فإن قلنا بصحّة النذر،لزمه كفّارتان،و إلاّ فواحدة.

الثالثة:لو نذر صيام يوم بعينه أو أيّام بعينها،فوافق ذلك اليوم أن يكون

مسافرا،أفطر و يقضي.

روى الشيخ عن القاسم بن أبي القاسم الصيقل أنّه كتب إليه:يا سيّدي،رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي،فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر،أو أضحى،أو يوم جمعة،أو أيّام التشريق،أو سفر،أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه أو كيف يصنع يا سيّدي؟فكتب إليه:«قد وضع اللّه عنك الصيام في هذه الأيّام كلّها،و تصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه» (4).

ص:435


1- 1يراجع:ص 119،120.
2- 2) ينظر:الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب.
3- 3) ينظر:الكافي في الفقه:185. [1]
4- 4) التهذيب 4:234 الحديث 686،الاستبصار 2:101 الحديث 328،الوسائل 7:139 [2] الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2 و ص 383 الباب 1 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 6. جملة:«أو يوم جمعة»موجودة في النسخ و الاستبصار و ليست موجودة في التهذيب و الوسائل. [3]
الرابعة:إذا نذر صوم الدهر و استثنى الأيّام التي يحرم فيها الصوم،انعقد نذره؛

لأنّه نذر في طاعة فوجب عليه الوفاء به.

إذا ثبت هذا،فلو كان عليه قضاء من رمضان،أو وجب عليه بعد ذلك،لزمه أن يصوم القضاء مقدّما على صوم النذر؛لأنّه واجب ابتداءً بالشرع،فإذا صامه كان الزمان الذي قضى (1)فيه هل يدخل تحت النذر؟فيه تردّد ينشأ،من ظهور استحقاقه للقضاء،فلم يدخل في النذر،كشهر رمضان،و من دخوله في النذر؛لأنّه لو صامه عن النذر وقع عنه،و بقي القضاء في ذمّته.

إذا عرفت ذلك (2)،فنقول:لا كفّارة عليه في هذه الأيّام التي فاتته من نذره؛لأنّه لا يمكنه فعلها،كالمريض إذا أفطر ثمّ اتّصل مرضه بموته.

و قال بعض الشافعيّة:تلزمه الكفّارة،لأنّه عجز عن صوم الواجب عجزا مؤبّدا، فلزمته الكفّارة،كالشيخ الهمّ (3).

و جوابه:أنّه معارض ببراءة الذمّة.

الخامسة:إذا وجب على صائم الدهر واجبا،كفّارة مخيّرة أو مرتّبة،فهل يصوم

عن الكفّارة أم لا؟

الوجه أنّه لا يصوم عنها،بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتّب و المخيّر.

السادسة:لو نذر صوم يوم قدوم زيد،قيل:لا ينعقد نذره؛

لأنّه إن قدم ليلا، لم يجب صومه؛لعدم الشرط،و إن قدم نهارا؛فلعدم التمكّن من صيام اليوم المنذور (4).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إن وافق قدومه قبل الزوال و لم يكن تناول شيئا

ص:436


1- 1كثير من النسخ:مضى،مكان:قضى.
2- 2) ع:هذا،مكان:ذلك.
3- 3) حلية العلماء 3:212،المجموع 6:391،فتح العزيز بهامش المجموع 6:473.
4- 4) ينظر:الشرائع 3:188. [1]

مفطرا،جدّد النيّة و صام ذلك اليوم،و إن كان بعد الزوال،أفطر و لا قضاء عليه فيما بعد (1).

و لو نذر يوم قدومه دائما،سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه،و وجب صومه فيما بعد.

فلو اتّفق في رمضان،صامه عن رمضان خاصّة فيسقط النذر فيه؛لأنّه كالمستثنى،و لا قضاء عليه.و لو صامه عن النذر وقع عن رمضان و لا قضاء عليه أيضا.

السابعة:لو نذر صوم يوم دائما،فوجب عليه صوم شهرين متتابعين لإحدى

الكفّارات،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يصوم في الشهر الأوّل عن الكفّارة؛تحصيلا للتتابع،فإذا صام من الثاني شيئا،صام ما بقي من الأيّام عن النذر؛لسقوط التتابع (2).

و قال بعض أصحابنا:يسقط التكليف بالصوم؛لعدم إمكان التتابع،و ينتقل الفرض إلى الإطعام (3).و ليس بجيّد و الأقرب صيام ذلك اليوم-و إن تكرّر-عن النذر،ثمّ لا يسقط به التتابع لا في الشهر الأوّل و لا في الأخير؛لأنّه عذر لا يمكنه الاحتراز عنه.

و لا فرق بين تقدّم وجوب التكفير على النذر و تأخّره.

الثامنة:لو نذر أن يصوم في بلد معيّن،قال الشيخ:صام أين شاء.

و فيه تردّد، و له قول آخر:أنّه يجب عليه الصوم في البلد (4).

و قد روى عليّ بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:سألته عن رجل

ص:437


1- 1المبسوط 1:281. [1]
2- 2) حكاه عنه المحقّق في الشرائع 3:188. [2]
3- 3) ينظر:السرائر:359.
4- 4) المبسوط 1:282،النهاية:167. [3]

جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة،و شهر بالمدينة،و شهر بمكّة من بلاء ابتلي به، فقضي أنّه صام بالكوفة شهرا،و دخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوما و لم يقم عليه الجمّال،قال:«يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده» (1).

التاسعة:لو نذر صوم سنة معيّنة،وجب عليه صومها،

إلاّ العيدين و أيّام التشريق إن كان بمنى،ثمّ لا يخلو إمّا أن يشترط التتابع أو لا،فإن لم يشترطه حتّى أفطر في أثنائها،قضى ما أفطره،و صام الباقي،و وجب عليه الكفّارة في كلّ يوم يفطره؛لتعيّنه للصوم بالنذر على ما تقدّم.

و إن شرط التتابع استأنف.و قيل:إن جاز النصف،بنى و لو فرّق (2).هذا إذا كان إفطاره لغير عذر،و أمّا إن كان لعذر فإنّه يبني و يقضي و لا كفّارة عليه.

و لو نذر صوم سنة غير معيّنة،تخيّر في التوالي و التفريق إن لم يشترط التتابع.

العاشرة:لو نذر صوم شهر،تخيّر بين ثلاثين يوما و بين الصوم في ابتداء الهلال

إلى آخره،

و يجزئه لو كان ناقصا.

و لو صام في أثناء الشهر،أتمّ عدّة ثلاثين،سواء كان تامّا أو ناقصا.

و لو نذره متتابعا،وجب عليه أن يتوخّى ما يصحّ فيه ذلك و يجتزئ بالنصف.

و لو شرع في ذي الحجّة لم يجزئ؛لانقطاع التتابع بالعيد.

الحادية عشرة:لو نذر أن يصوم يوما و يفطر يوما-صوم داود عليه السّلام-

فوالى الصوم،

قال ابن إدريس:وجب عليه كفّارة خلف النذر؛لأنّه نذر الإفطار فصام (3).

ص:438


1- 1الكافي 4:141 الحديث 4، [1]التهذيب 4:233 الحديث 684 و ص 312 الحديث 945،الاستبصار 2: 100 الحديث 326،الوسائل 7:140 [2] الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4 و ص 283 الباب 13 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3.
2- 2) حكاه في الشرائع 3:192 [3] عن بعض الأصحاب،و نسبه في الجواهر 35:434 [4] إلى الشيخ في المبسوط.
3- 3) السرائر:96.
الثانية عشرة:لو نذر صوم يوم بعينه،فقدّم صومه،لم يجزئه؛

لأنّه قدّم الواجب على وقته،فلا يحصل به الامتثال،كما لو قدّم رمضان.

الثالثة عشرة:لو نذر الصوم لا على جهة التقرّب،بل لمنع النفس أو على جهة

اليمين،

لم ينعقد نذره؛لأنّه ليس طاعة.

الرابعة عشرة:لو نذر صوما و لم يعيّن،وجب عليه أن يصوم،

و أقلّه يوما واحدا؛لأنّ الأصل براءة الذمّة من الزائد.

و قد روى الشيخ عن أبي جميلة،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل جعل للّه نذرا و لم يسمّ شيئا،قال:«يصوم ستّة أيّام» (1).

و الوجه حمله على الاستحباب،و بالجملة فهو مرسل أبي جميلة و فيه قول.

الخامسة عشرة:قال علماؤنا:لو نذر أن يصوم زمانا،كان عليه صيام خمسة

أشهر.

و لو نذر أن يصوم حينا،كان عليه أن يصوم ستّة أشهر؛لقوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،عن آبائه عليهم السلام أنّ عليّا عليه السّلام قال في رجل نذر أن يصوم زمانا،قال:«الزمان خمسة أشهر،و الحين ستّة أشهر؛لأنّ اللّه تعالى يقول: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها (3).

و نحوه روى الشيخ عن أبي الربيع الشاميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الحين (4).

ص:439


1- 1التهذيب 4:322 الحديث 988،الوسائل 7:288 الباب 16 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 2. [1]
2- 2) إبراهيم(14):25. [2]
3- 3) التهذيب 4:309 الحديث 933،الوسائل 7:284 الباب 14 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 2. و [3]فيهما:عن جعفر،مكان:عن أبي جعفر.
4- 4) التهذيب 4:309 الحديث 934،الوسائل 7:284 الباب 14 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [4]
السادسة عشرة:لو نذر العبد الصوم،لم يصحّ إلاّ بإذن المولى.

و كذا الزوجة لا يجوز لها ذلك إلاّ بإذن زوجها؛لأنّ فيه تفويت المنافع المستحقّة للسيّد و الزوج، فاشترط رضاهما،و سيأتي البحث في هذه المسائل كلّها إن شاء اللّه تعالى في باب النذر بكلام أبسط.

فصول في النوادر:
اشارة

السحور مستحبّ.و هو قول العلماء كافّة.

روى أنس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال:«تسحّروا فإنّ في السحور بركة» (1).

و عنه عليه السّلام:«فصل ما بين صيامنا و صيام أهل الكتاب أكلة السحر (2)» (3).

و عنه عليه السّلام:«السحور بركة فلا تدعوه و لو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء،فإنّ اللّه و ملائكته يصلّون على المتسحّرين» (4).

ص:440


1- 1صحيح البخاريّ 3:37،صحيح مسلم 2:770 الحديث 1095،سنن الترمذيّ 3:88 الحديث 708، [1]سنن ابن ماجة 1:540 الحديث 1692،سنن النسائيّ 4:141،سنن الدارميّ 2:6، [2]مسند أحمد 2:377 و 477، [3]سنن البيهقيّ 4:236،كنز العمّال 8:524 الحديث 23966،المصنّف لعبد الرزّاق 4:227 الحديث 7598، [4]المعجم الكبير للطبرانيّ 10:138 الحديث 10335،مجمع الزوائد 3:151،في بعض المصادر بتفاوت في السند.
2- 2) كثير من النسخ:السحور.
3- 3) صحيح مسلم 2:770 الحديث 1096،سنن أبي داود 2:302 الحديث 2343، [5]سنن الترمذيّ 3:88 الحديث 708، [6]سنن النسائيّ 3:146،سنن الدارميّ 2:6، [7]مسند أحمد 4:202، [8]سنن البيهقيّ 4:236، كنز العمّال 8:527 الحديث 23986 و ص 524 الحديث 23964،المصنّف لعبد الرزّاق 4:228 الحديث 7602،فيه بتفاوت يسير.
4- 4) مسند أحمد 3:12، [9]كنز العمّال 8:523 الحديث 23957،و أوردها ابنا قدامة في المغني 3:109 و الشرح الكبير بهامش المغني 3:82.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«السحور بركة» (1)،و قال عليه السّلام:«لا تدع أمّتي السحور و لو على حشفة تمر» (2).

و قال عليه السّلام:«تعاونوا بأكل السحر (3)على صيام النهار،و بالنوم عند القيلولة على قيام الليل» (4).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه تعالى و ملائكته يصلّون على المستغفرين و المتسحّرين بالأسحار،فليتسحّر أحدكم و لو بشربة من ماء» (5).

و سأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السحور لمن أراد الصوم،فقال:«أمّا في شهر رمضان،فإنّ الفضل في السحور و لو بشربة من ماء،و أمّا في التطوّع (6)فمن أحبّ أن يتسحّر فليفعل،و من لم يفعل فلا بأس» (7).

و سأله أبو بصير عن السحور في أداء (8)الصوم أ واجب هو عليه؟فقال:

«لا بأس بأن لا يتسحّر إن شاء،فأمّا في شهر رمضان فإنّه أفضل أن يتسحّر،أحبّ أن لا يترك في شهر رمضان» (9).

إذا ثبت هذا،فالأفضل تأخير السحور؛لما رواه زيد بن ثابت،قال:تسحّرنا مع

ص:441


1- 1الفقيه 2:86 الحديث 385،الوسائل 7:103 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:86 الحديث 385،الوسائل 7:103 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 4. [2]
3- 3) كثير من النسخ:بأكل السحور.
4- 4) الفقيه 2:87 الحديث 388،الوسائل 7:104 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 7. [3]
5- 5) الفقيه 2:87 الحديث 389،الوسائل 7:104 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 9. [4]
6- 6) هامش ح بزيادة:في غير رمضان.
7- 7) الفقيه 2:86 الحديث 386،الوسائل 7:103 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 5. [5]
8- 8) في المصادر:لمن أراد.
9- 9) الفقيه 2:86 الحديث 387،الوسائل 7:102 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [6]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ قمنا إلى الصلاة،قلت:كم كان قدر ذلك؟قال:

خمسين آية (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ أنّ رجلا سأل الصادق عليه السّلام،فقال آكل و أنا أشكّ في الفجر،فقال:«كل حتّى لا تشكّ» (2).

و لأنّ القصد به التقوي على الصيام،و كلّما قرب من الفجر كان المعنى المطلوب منه أكثر.

قال أحمد بن حنبل:إذا شكّ في الفجر يأكل حتّى يستيقن طلوعه (3).و هذا قول ابن عبّاس،و الأوزاعيّ (4)،و هو الذي نقلناه عن الصادق عليه السّلام، و استحباب تأخيره مع يقين (5)الليل.و أمّا (6)مع الشكّ فإنّه يكره،إلاّ أنّه يجوز؛ لأنّ الأصل بقاء الليل.

إذا عرفت ذلك،فكلّ ما يحصل من أكل و شرب فإنّ فضيلة السحور حاصلة معه؛لقوله عليه السّلام:«و لو بشربة من ماء» (7).و في حديث:«و لو بحشفة من تمر» (8).

ص:442


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:109،الشرح الكبير بهامش المغني 3:82،و بتفاوت،ينظر:صحيح البخاريّ 3:37،صحيح مسلم 2:771 الحديث 1097،سنن الترمذيّ 3:84 الحديث 703، [1]سنن النسائى 4:143،سنن الدارميّ 2:6، [2]سنن البيهقيّ 4:238،المعجم الكبير للطبرانيّ 5:116 الحديث 4792-4795.و فيها عن أنس،عن زيد بن ثابت.
2- 2) التهذيب 4:318 الحديث 969،الوسائل 7:86 الباب 49 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]
3- 3) المغني 3:109،الكافي لابن قدامة 1:471،الإنصاف 3:330. [4]
4- 4) المغني 3:109.
5- 5) بعض النسخ:تيقّن.
6- 6) ع،ج،ق و خا:فأمّا.
7- 7) الكافي 4:94 الحديث 2، [5]الفقيه 2:86 الحديث 386،التهذيب 4:314 الحديث 952 و ص 197 الحديث 565،الوسائل 7:103 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 5.
8- 8) الكافي 4:94 الحديث 3، [6]الفقيه 2:86 الحديث 385،التهذيب 4:198 الحديث 568،الوسائل 7:103 الباب 4 من أبواب آداب الصائم الحديث 4.

قال ابن بابويه:و أفضل السحور السويق و التمر (1).

فصل:

و يستحبّ تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب إن لم يكن هناك من ينتظره،

و إلاّ فقبلها.

روى الجمهور عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يقول اللّه تعالى أحبّ عبادي إليّ أسرعهم فطرا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن الإفطار قبل الصلاة أو بعدها،فقال:«إذا كان معه (3)قوم يخشى (4)أن يحبسهم عن عشائهم،فليفطر معهم،و إن كان غير ذلك،فليصلّ و ليفطر» (5).

و لأنّه لا يأمن الضعف و خور (6)القوّة بترك المبادرة إلى الاغتذاء.

و إنّما يستحبّ التعجيل إذا تيقّن الغروب،فأمّا مع الشكّ فلا يجوز؛لأنّ الأصل بقاء النهار.و يريد بتعجيل الإفطار الأكل و الشرب و إن كان الإفطار يحصل بغروب الشمس من طريق الحكم.

إذا ثبت هذا،فإنّه يستحبّ أن يفطر على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن.روى

ص:443


1- 1الفقيه 2:87،المقنع:64، [1]الهداية:48. [2]
2- 2) سنن الترمذيّ 3:83 الحديث 700، [3]مسند أحمد 2:237-238، [4]سنن البيهقيّ 4:237،كنز العمّال 8:510 الحديث 23880 و ص 512 الحديث 23892.
3- 3) كلمة:معه،توجد في هامش ح و المصادر.
4- 4) ق و خا بزيادة:من.
5- 5) التهذيب 4:185 الحديث 517،الوسائل 7:107 الباب 7 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [5]
6- 6) خار يخور:ضعف،المصباح المنير:183.

الشيخ عن جابر قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفطر على الأسودين»-قلت:رحمك اللّه و ما الأسودان؟قال:«التمر و الماء،أو الزبيب (1)و الماء-و يتسحّر بهما» (2).

و عن ابن سنان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الإفطار على الماء يغسل ذنوب القلب» (3).

و عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السّلام كان (4)يستحبّ أن يفطر على اللبن» (5).

فصل:

و يستحبّ للصائم الدعاء عند إفطاره،

فإنّ له دعوة مجابة.روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر بن محمّد،عن آبائه عليهم السلام (6):«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أفطر قال:اللهمّ لك صمنا،و على رزقك أفطرنا،فتقبّله منّا،ذهب الظمأ و ابتلّت العروق و بقي الأجر» (7).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تقول في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار إلى آخره:الحمد للّه الذي أعاننا فصمنا و رزقنا فأفطرنا،اللهمّ تقبّل منّا،و أعنّا عليه،و سلّمنا فيه،و تسلّمه منّا في يسر منك و عافية،الحمد للّه

ص:444


1- 1خا و ص:و الزبيب،كما في المصادر.
2- 2) التهذيب 4:198 الحديث 569،الوسائل 7:105 الباب 5 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 4:199 الحديث 572،الوسائل 7:114 الباب 10 من أبواب آداب الصائم الحديث 8. [2]
4- 4) خا:قال،مكان:كان.
5- 5) التهذيب 4:199 الحديث 574،الوسائل 7:114 الباب 10 من أبواب آداب الصائم الحديث 7. [3]
6- 6) في التهذيب بزيادة:قال.
7- 7) التهذيب 4:199 الحديث 576،مصباح المتهجّد:568، [4]الوسائل 7:106 الباب 6 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [5]

الذي قضى عنّا يوما من شهر رمضان» (1).

و عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام،قال:«جاء قنبر مولى عليّ عليه السّلام بفطره إليه،قال:فجاء (2)بجراب فيه سويق عليه خاتم،فقال له رجل:يا أمير المؤمنين إنّ هذا لهو البخل تختم على طعامك!؟قال:فضحك عليّ عليه السّلام ثمّ قال:أو غير ذلك؟لا أحبّ أن يدخل بطني شيء إلاّ[شيء] (3)أعرف سبيله،ثمّ كسر الخاتم فأخرج سويقا، فجعل منه في قدح فأعطاه إيّاه،فأخذ القدح فلمّا أراد أن يشرب قال [بسم اللّه] (4)اللهمّ لك صمنا،و على رزقك أفطرنا،فتقبّل منّا إنّك أنت السميع العليم» (5).

و روى ابن بابويه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يستجاب دعاء الصائم (6)عند الإفطار» (7).

فصل:

و يستحبّ إفطار الصائم.

روى الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه

ص:445


1- 1التهذيب 4:200 الحديث 577،الوسائل 7:106 الباب 6 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:فأتى،مكان:فجاء.
3- 3) ع:شيء لا أعرف سبيله،كما في الوسائل،و [2]في أكثر النسخ:شيء إلاّ أعرف سبيله،و ما أثبتناه من التهذيب.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:200 الحديث 578،الوسائل 7:106 الباب 6 [3] من أبواب آداب الصائم الحديث 3 و ص 114 الباب 10 الحديث 10.
6- 6) بعض النسخ:الصائمين.
7- 7) الفقيه 2:67 الحديث 275،الوسائل 7:106 الباب 6 من أبواب آداب الصائم الحديث 4. [4]

عليه السّلام،قال:«من فطّر صائما فله مثل أجره» (1).

و رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و عن موسى بن بكر،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«فطرك أخاك الصائم أفضل من صيامك» (3).

و عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«دخل سدير على أبي في شهر رمضان فقال:يا سدير هل تدري أيّ ليال (4)هذه؟فقال:نعم فداك أبي،هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك (5)؟فقال له:أ تقدر أن تعتق في كلّ ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟فقال له سدير:بأبي أنت و أمّي لا يبلغ مالي ذلك،فما زال ينقص حتّى بلغ به (6)رقبة واحدة،في كلّ ذلك يقول:لا أقدر عليه،فقال له:أ فما تقدر أن تفطر في كلّ ليلة رجلا مسلما؟فقال له:بلى و عشرة، فقال له أبي:فذاك الذي أردت،يا سدير إنّ إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل» (7).

«و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة

ص:446


1- 1التهذيب 4:201 الحديث 579،مصباح المتهجّد:568، [1]الوسائل 7:99 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [2]
2- 2) سنن ابن ماجة 1:555 الحديث 1746،سنن الترمذيّ 3:171 الحديث 807، [3]سنن الدارميّ 2:7، [4]مسند أحمد 4:114-116، [5]سنن البيهقيّ 4:240،كنز العمّال 8:458 الحديث 23652،المصنّف لعبد الرزّاق 4:311 الحديث 7905،المعجم الكبير للطبرانيّ 5:255 الحديث 5267 و ج 11:150 الحديث 11449،مجمع الزوائد 3:157.
3- 3) التهذيب 4:201 الحديث 580،الوسائل 7:100 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 4. [6]
4- 4) بعض النسخ:أيّ الليالي،كما في بعض المصادر.
5- 5) كثير من النسخ:فما ذا،كما في التهذيب.
6- 6) لا توجد كلمة:به،إلاّ في نسخة ح و المصادر.
7- 7) التهذيب 4:201 الحديث 581،الوسائل 7:100 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [7]

فتذبح و تقطّع أعضاء و تطبخ،فإذا كان عند المساء أكبّ على القدور حتّى يجد ريح المرق و هو صائم،ثمّ يقول:هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان اغرفوا لآل فلان ثمّ يؤتى بخبز و تمر فيكون ذلك عشاؤه» (1).

و عن أبي الورد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر جمعة من شعبان،فحمد اللّه و أثنى عليه و تكلّم بكلام،ثمّ قال:

قد أظلّكم شهر رمضان،من فطّر فيه صائما،كان له بذلك عند اللّه عزّ و جلّ عتق رقبة و مغفرة ذنوبه فيما مضى،قيل له:يا رسول اللّه ليس كلّنا نقدر أن نفطّر صائما، قال:إنّ اللّه كريم يعطي هذا الثواب لمن لا يقدر إلاّ على مذقة (2)من لبن يفطر بها صائما،أو شربة من ماء عذب،أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك» (3).

فصل:

و الجود فيه فضل كثير؛لما فيه من مساعدة الإخوان،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه جواد يحبّ الجود و معالي الأخلاق و يكره سفسافها» (4).

و عنه عليه السّلام قال:«الجنّة دار الأسخياء» (5).

ص:447


1- 1الفقيه 2:85 الحديث 383،الكافي 4:68 الحديث 3، [1]الوسائل 7:100 الباب 3 من أبواب آداب الصائم الحديث 5. [2]
2- 2) المذيق:اللبن الممزوج بالماء...المذقة:الشربة من اللبن الممزوج.لسان العرب 10:339،340. [3]
3- 3) الكافي 4:66 الحديث 4، [4]الفقيه 2:58 الحديث 254 و ص 86 الحديث 384،التهذيب 4:152 الحديث 423 و ص 202 الحديث 583 و ج 3:57 الحديث 198،الوسائل 7:99 الباب 3 [5] من أبواب آداب الصائم الحديث 1 و ص 171 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1.
4- 4) الجامع الصغير للسيوطيّ 1:69،فيض القدير 2:226،كنز العمّال 6:347 الحديث 15990.
5- 5) فيض القدير 3:362 الحديث 3644،كنز العمّال 6:346 الحديث 15985 و ص 393 الحديث 16216.

و عنه عليه السّلام قال:«إنّ المكثرين (1)هم المقلّون يوم القيامة،إلاّ من قال بالمال هكذا و هكذا» (2).

و يستحبّ أن يكثر ذلك في شهر رمضان،قال ابن عبّاس:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كان أجود الناس بالخير،و كان أجود ما يكون في شهر رمضان، و كان أجود من الريح المرسلة (3).

و لأنّ الثواب فيه أكثر.و لأنّ الناس يشتغلون في شهر رمضان بصيامهم، و ينقطعون عن مكاتبهم و معايشهم (4)،فيكون حاجتهم إلى البرّ أكثر و الثواب عليه أعظم.

فصل:
اشارة

و ليلة القدر ليلة شريفة معظّمة في الشرع،

قال اللّه تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (5)و معنى القدر الحكم.

و قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (6).

و روى عن ابن عبّاس قال:إنّما سمّيت ليلة القدر؛لأنّ اللّه تعالى يقدّر فيها ما

ص:448


1- 1في النسخ:إنّ المتكبّرين،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) صحيح مسلم 2:688 الحديث 33،مسند أحمد 2:525، [1]كنز العمّال 6:348 الحديث 15999، فيض القدير 2:392،الحديث 2122،مجمع الزوائد 10:98.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:5،صحيح مسلم 4:1803 الحديث 2308،سنن النسائيّ 4:125،مسند أحمد 1:288 و 363. [2]
4- 4) ع:و معاشهم.
5- 5) القدر(97):1-3. [3]
6- 6) الدخان(44):3-4. [4]

يكون في تلك السنة من خير و مصيبة و رزق و غير ذلك (1).

و عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من صام رمضان و قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن رفاعة،عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:«ليلة القدر هي أوّل السنة و هي آخرها» (3).

و«أري رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامه بني أميّة يصعدون منبره من بعده،يضلّون الناس عن الصراط القهقرى،فأصبح كئيبا حزينا،فهبط عليه جبرئيل عليه السّلام فقال:يا رسول اللّه ما لي أراك كئيبا حزينا؟قال:يا جبرئيل إنّي رأيت بني أميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلّون الناس عن الصراط القهقرى،فقال:و الذي بعثك بالحقّ إنّ هذا لشيء ما اطّلعت عليه،ثمّ عرج إلى السماء،فلم يلبث أن نزل عليه بأي من القرآن يؤنسه بها،منها: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ. ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (4)و أنزل عليه:

إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (5).

جعل ليلة القدر لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله خيرا من ألف شهر من ملك بني أميّة» (6).

و سأل حمران أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ

ص:449


1- 1المغني 3:117،الشرح الكبير بهامش المغني 3:116،التفسير الكبير 32:28. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:33،صحيح مسلم 1:523 الحديث 760،سنن الترمذيّ 3:67 الحديث 683، [2]سنن النسائيّ 4:156،سنن الدارميّ 2:26، [3]مسند أحمد 2:232 و 241، [4]سنن البيهقيّ 4:306،كنز العمّال 8:481 الحديث 23731،مجمع الزوائد 3:144.
3- 3) الفقيه 2:101 الحديث 452،الوسائل 7:257 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [5]
4- 4) الشعراء(26):205-207. [6]
5- 5) القدر(97):1-3. [7]
6- 6) الفقيه 2:101 الحديث 453،الوسائل 7:257 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [8]

(1)قال:«هي ليلة القدر و هي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر،و لم ينزل القرآن إلاّ في ليلة القدر،قال اللّه عزّ و جلّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (2)قال:«يقدّر في ليلة القدر كلّ شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل،من خير أو شرّ أو طاعة أو معصية أو مولود أو أجل أو رزق،فما قدّر في تلك الليلة و قضي فهو المحتوم،و للّه عزّ و جلّ فيه المشيئة»قال:قلت له: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أيّ شيء عنى بذلك؟فقال:«العمل الصالح في ليلة القدر،و لو لا ما يضاعف اللّه تبارك و تعالى للمؤمنين ما بلغوا و لكنّ اللّه عزّ و جلّ يضاعف لهم الحسنات» (3).

و سئل الصادق عليه السّلام،كيف تكون ليلة القدر خير من ألف شهر؟قال:

«العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر» (4).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«نزلت التوراة في ستّ مضين من شهر رمضان،و نزل الإنجيل في اثنتي عشرة مضت من شهر رمضان،و نزل الزبور في ليلة ثمانية عشرة من شهر رمضان،و نزل القرآن في ليلة القدر» (5).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«ليلة القدر في كلّ سنة،و يومها مثل ليلتها» (6).

إذا ثبت هذا،فإنّها باقية لم ترتفع إجماعا؛لما روى الجمهور عن أبي ذرّ،قال:

ص:450


1- 1الدخان(44):3. [1]
2- 2) الدخان(44):4. [2]
3- 3) الفقيه 2:101 الحديث 455،الوسائل 7:256 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 2:102 الحديث 456،الوسائل 7:256 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 2:102 الحديث 457،الوسائل 7:225 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 16. [5]
6- 6) التهذيب 4:331 الحديث 1033،الوسائل 7:262 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 15. [6]

قلت:يا رسول اللّه،ليلة القدر رفعت مع الأنبياء،أو هي باقية إلى يوم القيامة؟فقال:

«باقية الى يوم القيامة»قلت:في رمضان،أو في غيره؟فقال:«في رمضان»فقلت:

في العشر الأوّل أو الثاني أو الأخير؟فقال:«في العشر الأخير» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:«ليلة القدر تكون في كلّ عام،لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن» (2).

إذا عرفت هذا،فنقول:أكثر أهل العلم على أنّها في شهر رمضان (3).

و كان ابن مسعود يقول:من يقم الحول يصبها (4)،يشير بذلك إلى أنّها في السنة كلّها.و هو خطأ؛لأنّ اللّه تعالى أنزل القرآن في شهر رمضان بقوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (5)ثمّ قال (6)تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (7)فلو كانت في غير رمضان لتناقض.

قال أبيّ بن كعب:و اللّه لقد علم ابن مسعود أنّها في رمضان،و لكنّه كره أن يخبركم فتتّكلوا (8).و الروايات من طرقنا (9)،و طرق الجمهور متواترة على أنّها في شهر رمضان (10).

ص:451


1- 1سنن البيهقيّ 4:307،المغني 3:117،المجموع 6:472.
2- 2) علل الشرائع 2:388 الحديث 1، [1]الفقيه 2:101 الحديث 454،الوسائل 7:260 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [2]
3- 3) المغني و الشرح 3:117،المجموع 6:461.
4- 4) المغني و الشرح 3:117،تفسير القرطبيّ 20:135. [3]
5- 5) البقرة(2):185. [4]
6- 6) ص و ع:قال اللّه.
7- 7) القدر(97):1. [5]
8- 8) سنن الترمذيّ 5:445 الحديث 3351، [6]أحكام القرآن للجصّاص 5:374، [7]المغني و الشرح 3:118، المجموع 6:466،تفسير القرطبيّ 20:134، [8]أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1966. [9]
9- 9) الوسائل 7:256 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان.
10- 10) صحيح البخاريّ 3:59-61،صحيح مسلم 2:822 الباب 40.

إذا ثبت هذا،فإنّه يستحبّ طلبها في جميع ليالي شهر رمضان،و في العشر الأواخر (1)آكد،و في ليالي الوتر منه آكد.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع بقين» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل العشر الأواخر شدّ المئزر و اجتنب النساء و أحيا الليل و تفرّغ للعبادة» (3).

و قد اختلف العلماء في أرجى هذه الليالي فقال أبيّ بن كعب (4)و عبد اللّه ابن عبّاس:هي ليلة سبع و عشرين (5)؛لما روى أبو ذرّ في حديث فيه طول (6)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يقم في رمضان حتّى بقي سبع فقام بهم حتّى مضى نحو من ثلث من الليل،ثمّ قام بهم في ليلة خمس و عشرين حتّى مضى نحو من شطر الليل حتّى كانت ليلة سبع و عشرين،فجمع نساءه و أهله و اجتمع الناس، قال:فقام بهم حتّى خشينا أن يفوتنا الفلاح،يعني السحور (7).

و حكي عن ابن عبّاس أنّه قال:سورة القدر ثلاثون كلمة،السابعة و العشرون منها هي (8).و هذا ليس بشيء؛لأنّ قوله: لَيْلَةِ الْقَدْرِ هي الكلمة الخامسة،و هي

ص:452


1- 1ج:الآخر.
2- 2) مسند أحمد 3:71 و ج 5:324، [1]المصنّف لابن أبي شيبة 2:489 الحديث 10 و [2]فيه:«التمسوها»مكان: «اطلبوها»،مجمع الزوائد 3:175 و 176،المغني و الشرح 3:118،المجموع 6:471.
3- 3) الفقيه 2:100 الحديث 449،الوسائل 7:225 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 17. [3]
4- 4) حلية العلماء 3:215،المغني و الشرح 3:118.
5- 5) حلية العلماء 3:215،المغني و الشرح 3:118،التفسير الكبير 32:30، [4]مقدّمات ابن رشد 1:198.
6- 6) كذا في أكثر النسخ و المغني 3:118،و في ع:حديث طويل.
7- 7) سنن الدارميّ 2:26، [5]المصنّف لعبد الرزّاق 4:254 الحديث 7706، [6]المغني 3:118.
8- 8) المغني و الشرح 3:119،التفسير الكبير 32:30، [7]مقدّمات ابن رشد 1:198.

أصرح من هي،و مع ذلك فلا تدلّ على وجودها في ذلك العدد.

و قال مالك:هي في العشر الأواخر،و ليس فيها تعيين (1).

و قال ابن عمر:إنّها ليلة ثلاث و عشرين (2).

أمّا علماؤنا:فقد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام قال:«في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير،و في ليلة إحدى و عشرين القضاء،و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها،و للّه عزّ و جلّ أن يفعل ما يشاء في خلقه» (3).

و في حديث حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّها في العشر الأواخر من رمضان (4).

و عن عليّ بن أبي حمزة قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له أبو بصير:جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى أيّ ليلة هي؟فقال:«في ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين»قال:فإن لم أقو (5)على كلتيهما،فقال:«ما أيسر ليلتين فيما تطلب»قال:فقلت:ربما رأينا الهلال عندنا و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى،فقال:«ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها...»ثمّ قال عليه السّلام:«يكتب في ليلة القدر وفد الحاجّ و المنايا و البلايا و الأرزاق و ما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى[و عشرين] (6)و ثلاث و عشرين، و صلّ في كلّ واحدة منهما مائة ركعة،و أحيهما إن استطعت إلى النور،و اغتسل

ص:453


1- 1الموطّأ 1:319، [1]المدوّنة الكبرى 1:239،مقدّمات ابن رشد 1:198،بلغة السالك 1:257،حلية العلماء 3:215.
2- 2) حلية العلماء 3:214،تفسير القرطبيّ 20:136. [2]
3- 3) الفقيه 2:100 الحديث 451،الوسائل 7:261 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [3]
4- 4) الفقيه 2:101 الحديث 455،الوسائل 7:256 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [4]
5- 5) ص،ق و خا:فإن لم أقف.
6- 6) أثبتناها من المصادر.

فيهما»قلت:فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟قال:«فصلّ و أنت جالس»قلت:

فإن لم أستطع؟قال:«فعلى فراشك»قلت:فإن لم أستطع؟قال:«لا عليك أن تكتحل أوّل الليل بشيء من النوم،إنّ أبواب السماء تفتح في شهر رمضان و تصفد الشياطين و تقبل الأعمال-أعمال المؤمنين-نعم الشهر شهر رمضان،كان يسمّى على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المرزوق» (1).

و روى ابن بابويه عن محمّد بن حمران،عن سفيان بن السمط،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟فقال:«تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين»قلت:فإن أخذت إنسانا الفترة أو علّة ما المعتمد عليه من ذلك؟فقال:«ثلاث و عشرين» (2).

و روى ابن بابويه عن عبد اللّه بن بكير،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام أنّ «ليلة ثلاث و عشرين هي ليلة الجهنيّ،و كان من حديثه:أنّه أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه إنّ لي إبلا و غنما و غلمة،و أحبّ أن تأمرني بليلة أدخل فيها المدينة،فأشهد الصلاة،و ذلك في شهر رمضان،فدعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسارّه (3)في أذنه،و كان الجهنيّ إذا كان ليلة ثلاث و عشرين،دخل بإبله و غنمه و أهله إلى المدينة،ثمّ يرجع إلى مكانه» (4)قال ابن بابويه:و اسم الجهنيّ عبد اللّه بن أنيس الأنصاريّ (5).

إذا ثبت هذا،فعلامتها ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن العلاء،عن محمّد

ص:454


1- 1الفقيه 2:102 الحديث 459،الوسائل 7:259 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:103 الحديث 460،الوسائل 7:261 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [2]
3- 3) ص،ج،ع،ق و خا يسارّه.
4- 4) الفقيه 2:103 الحديث 461،بتفاوت،و بهذا اللفظ ينظر:التهذيب 4:330 الحديث 1032،الوسائل 7:262 الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 16. [3]
5- 5) الفقيه 2:104.

بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن علامة ليلة القدر؟قال:

«علامتها أن يطيب ريحها،و إن كانت في برد دفئت،و إن كانت في حرّ بردت و طابت» (1).

و قال الجمهور:إنّ علامتها ما رواه أبو ذرّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إنّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها» (2)و في بعضها:«بيضاء مثل الطست» (3).

و رووا عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«هي ليلة طلقة لا حارّة و لا باردة» (4).

فرع:

لو نذر أن يعتق عبده بعد مضيّ ليلة القدر،فإن كان قاله قبل العشر صحّ النذر، و وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر؛لأنّه تيقّن حصولها إذا مضت الليلة الأخيرة، و إن كان قاله،و قد مضى ليلة من العشر،لم يتعلّق النذر بتلك السنة؛لأنّه لا يتحقّق وجودها بعد النذر،فيقع في السنة الثانية إذا مضى جميع العشر.

فصل:

و شهر رمضان شهر شريف معظّم يكثر فيه الثواب و العقاب على الطاعات

و المعاصي.

ص:455


1- 1الفقيه 2:102 الحديث 458،الوسائل 7:256 الباب 31 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) بهذا اللفظ ينظر:المغني و الشرح 3:121،و بتفاوت يسير،ينظر:صحيح مسلم 1:525 الحديث 762، كنز العمّال 8:538 الحديث 24051،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:59 الحديث 139،مجمع الزوائد 3:178-179،منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد 3:351،و [2]الرواية في هذه المصادر عن: أبيّ بن كعب،واثلة بن الأسقع،أبو هريرة.
3- 3) كنز العمّال 8:538 الحديث 24053،منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد 3:351. [3]
4- 4) كنز العمّال 8:538 الحديث 24052،منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد 3:351،مجمع الزوائد 3:177.

روى الشيخ عن أبي الورد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر جمعة من شعبان،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:أيّها الناس إنّه (1)قد أظلّكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر،و هو (2)شهر رمضان، فرض اللّه صيامه،و جعل قيام ليلة فيه بتطوّع كتطوّع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور،و جعل لمن تطوّع فيه بخصلة من خصال الخير و البرّ،كأجر من أدّى فريضة من فرائض اللّه تعالى،و من أدّى فيه فريضة من فرائض اللّه،كان كمن أدّى سبعين فريضة من فرائض اللّه عزّ و جلّ فيما سواه من الشهور،و هو شهر الصبر،و أنّ الصبر ثوابه الجنّة،و هو شهر المواساة،و هو شهر يزيد اللّه عزّ و جلّ فيه رزق (3)المؤمنين،و من فطّر فيه مؤمنا صائما (4)،كان له بذلك عند اللّه عزّ و جلّ عتق رقبة و مغفرة لذنوبه فيما مضى»قيل له:يا رسول اللّه ليس كلّنا نقدر على أن نفطّر صائما،فقال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ كريم يعطي هذا الثواب لمن لم يقدر إلاّ على مذقة من لبن يعطيها صائما،أو شربة من ماء عذب،أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك،و من خفّف فيه عن مملوكه،خفّف اللّه عنه حسابه،و هو شهر أوّله رحمة، و وسطه مغفرة،و آخره الإجابة (5)و العتق من النار،و لا غناء بكم فيه عن أربع خصال:خصلتين ترضون اللّه بهما،و خصلتين لا غناء بكم عنهما،فأمّا اللتان ترضون اللّه عزّ و جلّ بهما فشهادة (6)أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه،و أمّا اللتان لا غناء بكم عنهما،فتسألون اللّه فيه حوائجكم و الجنّة،و تسألون اللّه العافية،

ص:456


1- 1لا توجد كلمة:إنّه في كثير من النسخ.
2- 2) لا توجد كلمة:و هو في كثير من النسخ.
3- 3) ج:«فيه في رزق»،كما في التهذيب.
4- 4) كلمة:«صائما»توجد في هامش ح و التهذيب.
5- 5) ع:«إجابة»،كما في المصادر.
6- 6) ص،ع،ج،ق و خا:شهادة.

و تعوذون به من النار» (1).

و عن معمّر بن يحيى،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«لا يسأل اللّه عزّ و جلّ عبدا عن صلاة بعد الخمس (2)و لا عن صوم بعد رمضان» (3).

و في الصحيح عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل،إلاّ أن يشهد عرفة» (4).

و عن عبد اللّه بن عبيد اللّه (5)،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا حضر شهر رمضان،و ذلك في ثلاث بقين من شعبان قال لبلال:ناد في الناس،فجمع الناس،ثمّ صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:أيّها الناس إنّ هذا الشهر قد خصّكم اللّه به،و هو سيّد الشهور،فيه ليلة خير من ألف شهر،تغلق فيه أبواب النار،و تفتح فيه أبواب الجنان،فمن أدركه و لم يغفر له فأبعده اللّه،و من أدرك والديه و لم يغفر له فأبعده اللّه،و من ذكرت عنده و لم يصلّ عليّ فأبعده اللّه» (6).

ص:457


1- 1التهذيب 3:57 الحديث 198 و ج 4:152 الحديث 423 و ص 202 الحديث 583،الوسائل 7:222 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 10. [1]
2- 2) كثير من النسخ:بعد الخميس.
3- 3) التهذيب 4:154 الحديث 428،الوسائل 7:178 الباب 1 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 20. [2]
4- 4) التهذيب 4:192 الحديث 548،الوسائل 7:221 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6. [3]
5- 5) عبد اللّه بن عبيد اللّه،عنونه الأردبيليّ و المامقانيّ تارة بعنوان عبد اللّه بن عبيد الأنباريّ و أخرى بعنوان عبد اللّه بن عبيد اللّه،الأنباريّ و ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام ثلاث مرّات بعنوان عبد اللّه بن عبد اللّه الأنباريّ،و قال السيّد الخوئيّ:من المطمئنّ به أنّ المذكور مكرّرا في الرجال المطبوع كان بعضها عبد اللّه بن عبيد اللّه،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:225،229،265،جامع الرواة 1:495، [4]تنقيح المقال 2:196،197، [5]معجم رجال الحديث 10:255،257،258. [6]
6- 6) التهذيب 4:192 الحديث 549،الوسائل 7:223 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 13. [7]

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول:يا معشر المسلمين،إذا طلع هلال شهر رمضان، غلّت مردة الشياطين،و فتحت أبواب السماء و أبواب الرحمة،و غلّقت أبواب النار، و استجيب الدعاء،و كان للّه فيه عند كلّ فطر عتقاء يعتقهم من النار،و ينادي مناد كلّ ليلة هل من سائل؟هل من مستغفر؟اللهمّ أعط كلّ منفق خلفا،و أعط كلّ ممسك تلفا،حتّى إذا طلع هلال شوّال،نودي المؤمنون أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة»ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:«أما و الذي نفسي بيده ما هي بجائزة الدنانير و الدراهم» (1).

و عن محمّد بن مروان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إنّ للّه في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء،و طلقاء من النار،إلاّ من أفطر على مسكر،فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه» (2).

قال ابن بابويه:و في رواية عمر بن يزيد (3):«إلاّ من أفطر على مسكر أو صاحب شاهين و هو الشطرنج» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا انصرف من عرفات و سار إلى منى،دخل المسجد، فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر،فقام خطيبا،فقال بعد الثناء على اللّه

ص:458


1- 1التهذيب 4:193 الحديث 550،الوسائل 7:224 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 14. [1]
2- 2) التهذيب 4:193 الحديث 551،الوسائل 7:221 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 9. [2]
3- 3) في النسخ:عمر بن حريز،و لعلّ الصحيح ما أثبتناه،كما في المصادر؛لأنّنا لم نعثر على شخص بعنوان عمر بن حريز في كتب الرجال،و في الفقيه و الوسائل:عمر بن يزيد و لعلّه هو الصحيح حيث إنّ الصدوق نفسه ذكره في ثواب الأعمال:92 و محمّد بن يعقوب في الكافي 6:435 الحديث 5 رووه عن عمر بن يزيد،و قد تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل ص 248.
4- 4) الفقيه 2:61 الحديث 261،الوسائل 7:222 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان ذيل الحديث 9. [3]

عزّ و جلّ:أمّا بعد فإنّكم سألتموني عن ليلة القدر،و لم أطوها عنكم؛لأنّي لم أكن بها عالما،اعلموا أيّها الناس:أنّه من ورد عليه شهر رمضان و هو صحيح سويّ، فصام نهاره و قام وردا من ليله و واظب على صلاته و هجر إلى جمعته و غدا إلى عيده،فقد أدرك ليلة القدر و فاز بجائزة الربّ عزّ و جلّ» (1).

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل شهر رمضان،أطلق كلّ أسير و أعطى كلّ سائل (2).

فصل:

و ينبغي ترك المماراة في الصوم و التنازع و التحاسد.

روى الشيخ عن جرّاح المدائنيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده»ثمّ،قال:«قالت مريم: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (3)أي صمتا،فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم،و غضّوا أبصاركم،و لا تنازعوا و لا تحاسدوا»قال:«و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة تسابّ جارية لها و هي صائمة،فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطعام،فقال لها:كلي،فقالت:

إنّي صائمة،فقال:كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك!؟إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب» (4).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«ما من عبد صائم يشتم فيقول:إنّي صائم سلام عليك،لا أشتمك كما تشتمني،إلاّ قال الربّ تبارك و تعالى:

ص:459


1- 1الفقيه 2:60 الحديث 257،الوسائل 7:219 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:61 الحديث 263،الوسائل 7:220 الباب 18 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 5. [2]
3- 3) مريم(19):26. [3]
4- 4) التهذيب 4:194 الحديث 553،مصباح المتهجّد:569، [4]الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [5]

استجار عبدي بالصوم من شرّ عبدي،قد أجرته من النار» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و شعرك و جلدك»و عدّد أشياء غير هذا،قال:«و لا يكون يوم صومك كيوم فطرك» (2).

فصل:

و يكره إنشاد الشعر؛لأنّ فيه منعا عن الاشتغال بالذكر.

و يؤيّده:ما رواه-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا ينشد الشعر بليل،و لا ينشد في شهر رمضان بليل و لا نهار» قال له إسماعيل:يا أبتاه فإنّه فينا،قال:«و إن كان فينا» (3).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«يكره رواية الشعر للصائم و المحرم و (4)في الحرم و في يوم الجمعة و أن يروى بالليل»قلت (5):و إن كان شعر حقّ؟قال:«و إن كان شعر حقّ» (6).

فصل:

روى الشيخ عن محمّد بن منصور (7)،

قال:سألت الرضا عليه السّلام عن رجل

ص:460


1- 1الفقيه 2:68 الحديث 283،الوسائل 7:120 الباب 12 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:67 الحديث 278،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:195 الحديث 556،الوسائل 7:121 الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [3]
4- 4) كلمة:«و»لا توجد في كثير من النسخ.
5- 5) في المصادر:قال:قلت.
6- 6) التهذيب 4:195 الحديث 558،الوسائل 7:121 الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [4]
7- 7) محمّد بن منصور الأشعريّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:مجهول.رجال الطوسيّ:389،رجال العلاّمة:252. [5]

نذر نذرا في صيام فعجز،فقال:«كان أبي عليه السّلام يقول:عليه مكان كلّ يوم مدّ» (1).

و هو قريب إن كان معيّنا و عجز عن صيامه؛لأنّه يجري مجرى رمضان في التعيين و الوجوب،فكان عليه فداؤه،كالشيخ العاجز،و إن كان غير معيّن و استمرّ العجز فكذلك،و إلاّ سقط عنه الصوم،و التكفير على الاستحباب على إشكال.

فصل:

و روى الشيخ عن الحسن بن عليّ بن فضّال،

قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أسأله عن قوم عندنا،يصلّون و لا يصومون شهر رمضان،و أنا أحتاج إليهم يحصدون لي،فإذا دعوتهم إلى الحصاد لم يجيبوا حتّى أطعمهم،و هم يجدون من يطعمهم،فيذهبون (2)و يدعوني و أنا أضيق من إطعامهم في شهر رمضان فكتب،إليّ بخطّه أعرفه:«أطعمهم» (3).

فصل:

قد بيّنّا أنّ صوم بدل الهدي عشرة أيّام:ثلاثة أيّام متتابعات في الحجّ،

و سبعة إذا رجع إلى أهله (4).

ص:461


1- 1التهذيب 4:313 الحديث 946،الوسائل 7:286 الباب 15 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 2. [1]
2- 2) في التهذيب:فيذهبون إليه.
3- 3) التهذيب 4:314 الحديث 953،الوسائل 7:266 الباب 36 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
4- 4) يراجع:ص 429. [3]

فإن أقام،انتظر وصول أهل بلده أو شهرا؛لما رواه (1)الشيخ عن أبي بصير، قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي،فصام ثلاثة أيّام،فلمّا قضى نسكه بدا له أن يقيم سنة،قال:«فلينظر منهل أهل بلده،فإذا ظنّ أنّهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيّام» (2).

و في رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّه إن كان له مقام بمكّة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثمّ صام بعده» (3).

فصل:

روى الشيخ عن عبيد بن زرارة،

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:الرجل يكون صائما فيقال له:أ صائم أنت؟فيقول:لا،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«هذا كذب» (4).و هو حقّ؛لأنّه إخبار بغير المطابق للمخبر عنه فكان كذبا،و مفهوم الحديث أنّه يجب اجتنابه.

فصل:

و روى الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل جعل للّه عليه نذرا صيام سنة فلم يستطع،قال:«يصوم شهرا و بعض الشهر الآخر ثمّ

ص:462


1- 1ح،ص و ع:روى.
2- 2) التهذيب 4:314 الحديث 954،الوسائل 10:163 الباب 50 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:315 الحديث 955،الاستبصار 2:283 الحديث 1002،الوسائل 10:163 الباب 50 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 4:319 الحديث 973،الوسائل 7:97 الباب 1 من أبواب آداب الصائم الحديث 2. [3]

لا بأس أن يقطع الصوم» (1).

و التفصيل في هذه الرواية:أنّه إن كان نذر سنة معيّنة فعجز عن صيامها،فعل ما قاله عليه السّلام؛للعجز،و إن كان مطلقة فإن لم يشترط التتابع،صام كيف شاء، و إن شرط التتابع توقّع المكنة،فإن غلب على ظنّه عدم التمكّن،فرّق صومه؛ للعجز.

فصل:

قال ابن بابويه:

روي عن البزنطيّ،عن هشام بن سالم،عن سعد الخفّاف،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:كنّا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان،فقال:«لا تقولوا هذا رمضان و لا ذهب رمضان و لا جاء رمضان،فإنّ رمضان اسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ (2)لا يجيء و لا يذهب،إنّما يجيء و يذهب الزائل،و لكن قولوا:شهر رمضان،فالشهر مضاف إلى الاسم،و الاسم اسم اللّه عزّ و جلّ،و هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن،جعله اللّه عزّ و جلّ مثلا وعيدا» (3).

و عن غياث بن إبراهيم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن جدّه عليهم السلام،قال:«قال عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه:لا تقولوا رمضان، و لكن قولوا:شهر رمضان،فإنّكم لا تدرون ما رمضان» (4).

ص:463


1- 1التهذيب 4:321 الحديث 986 و فيه:ثمّ قال:«لا بأس أن يقطع الصوم»،الوسائل 7:287 الباب 16 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [1]
2- 2) كثير من النسخ:«تعالى»مكان:«عزّ و جلّ».
3- 3) الفقيه 2:112 الحديث 479،الوسائل 7:232 الباب 19 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 2:112 الحديث 480،الوسائل 7:231 الباب 19 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [3]
فصل:

و روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«يستحبّ للرجل أن يأتي

أهله أوّل ليلة من شهر رمضان؛

لقول اللّه عزّ و جلّ: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ (1)» (2).

فصل:

و روى جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أطعم يوم الفطر قبل

أن تصلّي،

و لا تطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام» (3).

و قال عليّ بن محمّد النوفليّ لأبي الحسن عليه السّلام:إنّي أفطرت يوم الفطر على طين القبر و تمر فقال له:«جمعت بركة و سنّة» (4).

فصل:

و نظر عليّ بن الحسين عليهما السلام (5)إلى الناس يوم فطر و هم يلعبون

و يضحكون،

فقال لأصحابه و التفت إليهم:«إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه،فسبق فيه قوم ففازوا،و تخلّف آخرون فخابوا،فالعجب كلّ العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون و يخيب فيه المقصّرون،و أيم اللّه لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه

ص:464


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) الفقيه 2:112 الحديث 481،الوسائل 7:255 الباب 30 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:113 الحديث 483،الوسائل 5:113 الباب 12 من أبواب صلاة العيد الحديث 5. [3]
4- 4) الفقيه 2:113 الحديث 485،الوسائل 5:114 الباب 13 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]
5- 5) في الفقيه و الوسائل:و نظر الحسين بن عليّ عليهما السلام.

و مسيء بإساءته» (1).

فصل:

و روى حنّان بن سدير عن عبد اللّه بن سنان (2)(3)،

عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:«يا عبد اللّه ما من (4)عيد للمسلمين أضحى و لا فطر،إلاّ و هو يجدّد لآل محمّد فيه حزنا»قال:قلت:و لم؟قال:«لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم» (5).

و روى عبد اللّه بن لطيف التفليسيّ (6)عن رزين (7)قال:قال أبو عبد اللّه

ص:465


1- 1الفقيه 2:113 الحديث 486،الوسائل 5:140 الباب 37 من أبواب صلاة العيد الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:عبد اللّه بن دينار،كما في بعض المصادر.
3- 3) روى هذه الرواية محمّد بن يعقوب عن حنّان بن سدير عن عبد اللّه بن دينار،و رواها الصدوق عن عبد اللّه بن سنان في نسخة و عن عبد اللّه بن دينار عن نسخة،و في التهذيب رواها عن عبد اللّه بن ذبيان، قال السيّد الخوئيّ:لا وجود له.و عبد اللّه بن دينار عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام، قال السيّد الخوئيّ:لا يبعد اتّحاده مع عبد اللّه بن دينار مولى عمر بن الخطّاب الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السّلام.رجال الطوسيّ:95،127،معجم رجال الحديث 10:192. [2]
4- 4) هامش ح بزيادة:يوم،كما في بعض المصادر.
5- 5) الكافي 4:169 الحديث 2، [3]الفقيه 2:114 الحديث 487،التهذيب 3:289 الحديث 870،الوسائل 5:136 الباب 31 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [4]
6- 6) عبد اللّه بن لطيف التفليسيّ وقع في طريق الصدوق في الفقيه 2:114 الحديث 488،و ذكره في المشيخة و قال:و ما كان فيه عن عبد اللّه بن لطيف التفليسيّ فقد رويته عن جعفر بن محمّد بن مسرور عن الحسين بن محمّد بن عامر عن عمّه عبد اللّه بن عامر عن محمّد بن أبي عمير،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال.الفقيه(شرح المشيخة)4:91،تنقيح المقال 2:204. [5]
7- 7) رزين الأنماطيّ الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام و قال:مجهول،و عدّه من أصحاب الصادق عليه السّلام قائلا:رزين بيّاع الأنماط الكوفيّ،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:رزين الأنماطيّ من أصحاب الباقر عليه السّلام مجهول.قال المامقانيّ:و يمكن استفادة كونه من الحسان ممّا رواه في الكافي 2:522 الحديث 3 باب القول عند الإصباح و الإمساء حيث إنّ فيها تعليمه الإقرار [6]بالأئمّة عليهم السلام،و قال السيّد الخوئيّ:و يظهر من هذه الرواية أنّه كان إماميّا حسن العقيدة.رجال الطوسيّ:121 و 193،رجال العلاّمة:222، [7]تنقيح المقال 1:430، [8]معجم رجال الحديث 7:188. [9]

عليه السّلام:«لمّا ضرب الحسين بن عليّ عليهما السلام بالسيف فسقط،ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى مناد من بطنان العرش:ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها لا وفّقكم اللّه لأضحى و لا فطر-و في خبر آخر:«لصوم و لا فطر»-قال:ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فلا جرم و اللّه ما وفّقوا و لا يوفّقون حتّى يثور ثائر الحسين بن عليّ عليهما السلام» (1).

ص:466


1- 1الفقيه 2:114 الحديث 488 و 489،الوسائل 7:213-214 الباب 13 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2 و 3. [1]

البحث العاشر

اشارة

في الاعتكاف

و النظر في الماهيّة و الشرائط و الأحكام

النظر الأول الماهيّة
اشارة

الاعتكاف في اللغة:هو اللبث الطويل و لزوم الشيء و حبس النفس عليه،برّا كان أو غيره.

قال اللّه تعالى: ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (1).

و قال: يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ (2).

و في الشرع (3):عبارة عن لبث مخصوص للعبادة.

و قد اتّفق المسلمون على مشروعيّة الاعتكاف و أنّه سنّة.

قال اللّه تعالى: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ (4).

و قال اللّه تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ (5).

و روى الجمهور عن عائشة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعتكف في

ص:467


1- 1الأنبياء(21):52. [1]
2- 2) الأعراف(7):38. [2]
3- 3) ع و ص:و هي في الشرع.ج:فهو في الشرع،ح:و هو في الشرع.
4- 4) البقرة(2):125. [3]
5- 5) البقرة(2):187. [4]

العشر الأواخر (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد،و ضربت له قبّة من شعر،و شمّر المئزر،و طوى فراشه»فقال بعضهم:و اعتزل النساء؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا اعتزال النساء فلا» (2).

و رواه ابن بابويه عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و زاد فيه:أنّه لم يمنعهنّ من خدمته،و الجلوس معه (3).

مسألة:و قد أجمع أهل العلم على أنّه ليس بفرض في ابتداء الشرع،

و إنّما يجب بالنذر و شبهه.

روى الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر» (4)فعلّقه بالإرادة،و لو كان واجبا لما كان كذلك.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا اعتكف يوما و لم يكن اشترط فله أن يخرج و يفسخ اعتكافه،و إن أقام يومين و لم يكن اشترط فليس له أن يخرج و يفسخ اعتكافه حتّى تمضي ثلاثة أيّام» (5).

ص:468


1- 1صحيح البخاريّ 3:63،صحيح مسلم 2:830 الحديث 1172،سنن أبي داود 2:331 الحديث 2462،سنن الدارقطنيّ 2:201 الحديث 11 و 12،سنن البيهقيّ 4:314.
2- 2) التهذيب 4:287 الحديث 869،الاستبصار 2:130 الحديث 426،الوسائل 7:405 الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 2:120 الحديث 517،الوسائل 7:405 الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث 2.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:62،صحيح مسلم 2:824 الحديث 1167،الموطّأ 1:319 الحديث 9، [2]سنن البيهقيّ 4:319.
5- 5) التهذيب 4:289 الحديث 879،الاستبصار 2:129 الحديث 421،الوسائل 7:404 الباب 4 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [3]

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام ما أمروا بفعله على سبيل الوجوب (1)،و لا فعلته الصحابة إلاّ من شذّ.

مسألة:و أجمع فقهاء الإسلام على استحبابه؛لأنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله

كان يعتكف في كلّ سنة،

و يداوم عليه؛تقرّبا إلى اللّه تعالى و طلبا لثوابه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن داود بن الحصين،عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اعتكف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في شهر رمضان في العشر الأولى،ثمّ اعتكف في الثانية في العشر الوسطى،ثمّ اعتكف في الثالثة في العشر الأواخر» (3).

إذا ثبت هذا،فأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان؛لما تقدّم من مداومة الرسول صلّى اللّه عليه و آله في كلّ سنة.

و روى ابن بابويه عن السكونيّ بإسناده قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين و عمرتين» (4).

مسألة:لا يصحّ الاعتكاف إلاّ من مكلّف مسلم؛لأنّه عبادة من شرطها الصوم

على ما يأتي،

و إنّما يصحّ الصوم بالشرطين.

إذا عرفت هذا،فهو على قسمين:واجب و ندب.

فالواجب:ما وجب بالنذر أو اليمين أو العهد،لا في أصل الشرع على ما يأتي.

ص:469


1- 1أكثر النسخ:و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا الأئمّة عليهم السلام أمروا بفعله على سبيل الوجوب. و في ح:و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام أمروا بفعله لا على سبيل الوجوب.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:67،صحيح مسلم 2:831 الحديث 1172،سنن أبي داود 2:332 الحديث 2466،سنن الدارميّ 2:27،مسند أحمد 2:281 و 336،سنن الدارقطنيّ 2:201 الحديث 12،سنن البيهقيّ 4:314،مجمع الزوائد 3:173.
3- 3) الفقيه 2:123 الحديث 535،الوسائل 7:397 الباب 1 من أبواب الاعتكاف الحديث 4. [1]
4- 4) الفقيه 2:122 الحديث 531،الوسائل 7:397 الباب 1 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [2]

و الندب:ما عداه.

و يدلّ على وجوب المنذور قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (1).

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2).

و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من نذر أن يطيع اللّه فليطعه» (3).و لا نعلم فيه خلافا.

و يصحّ اعتكاف الصبيّ المميّز،كما يصحّ صومه،و هل يكون شرعيّا أم لا، البحث فيه كالصوم.

النظر الثاني:في الشرائط
مسألة:النيّة شرط في الاعتكاف؛لأنّه فعل يقع على وجوه مختلفة،
اشارة

فلا يختصّ بأحدها إلاّ بالنيّة المخلصة لبعض الأفعال،أو لبعض الوجوه و الاعتبارات عن بعض آخر.

و هي تشتمل (4)نيّة التقرّب (5)؛لأنّه عبادة فيشترط في قبولها نيّة الإخلاص، لقوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (6).و نيّة التقرّب تكون عبادة.

فلو قصد اليمين أو منع النفس أو الغضب،لم يعتدّ به،و إنّما يصحّ إذا نوى القربة

ص:470


1- 1الإنسان(76):7. [1]
2- 2) المائدة(5):1. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 8:177،سنن أبي داود 3:232 الحديث 3289، [3]سنن ابن ماجة 1:687 الحديث 2126،سنن النسائي 7:17،سنن الدارميّ 2:184، [4]الموطّأ 2:476 الحديث 8، [5]سنن البيهقيّ 9:231، كنز العمّال 16:710 الحديث 46462.
4- 4) ح بزيادة:على.
5- 5) ص:القرب،ع:القربة.
6- 6) البيّنة(98):5. [6]

و الطاعة،و على الوجه من وجوب أو ندب؛لأنّ الفعل صالح لهما،فلا يخلص لأحدهما إلاّ بالنيّة،و هما متضادّان لا يمكن اجتماعهما،ليصحّ مع عدمهما،فلا بدّ من نيّة أحدهما؛ليقع على وجه المأمور به.

و إذا نوى الاعتكاف مدّة لم تلزمه بالإجماع.

نعم،استمرار النيّة شرط فيه حكما،فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره،استأنف النيّة عند الدخول إن بطل الاعتكاف بالخروج،و إلاّ فلا.

مسألة:و الصوم شرط في الاعتكاف.و هو مذهب علماء أهل البيت عليهم السلام.و به قال ابن عمر،و ابن عبّاس،و عائشة و الزهريّ (1)، و أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الليث،و الأوزاعيّ،و الحسن بن صالح بن حيّ (4)، و أحمد في إحدى الروايتين (5).

و قال الشافعيّ:يجوز أن يعتكف بغير صوم،فلم يجعل الصوم شرطا فيه (6).

و رواه عن ابن مسعود،و سعيد بن المسيّب،و عمر بن عبد العزيز و الحسن، و عطاء،و طاوس،و إسحاق (7)،و أحمد في الرواية الأخرى (8).

ص:471


1- 1المغني و الشرح 3:125،المجموع 6:487.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:115،تحفة الفقهاء 1:371،بدائع الصنائع 2:109،الهداية للمرغينانيّ 1:132، [1]مجمع الأنهر 1:256،عمدة القارئ 11:140.
3- 3) الموطّأ 1:315 الحديث 4، [2]المدوّنة الكبرى 1:225،بداية المجتهد 1:315،مقدّمات ابن رشد 1:191،إرشاد السالك:52،بلغة السالك 1:255.
4- 4) المغني و الشرح 3:125،المجموع 6:487، [3]عمدة القارئ 11:140.
5- 5) المغني و الشرح 3:125،الكافى لابن قدامة 1:495،الإنصاف 3:358. [4]
6- 6) حلية العلماء 3:218،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:487، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 6:483. [6]
7- 7) المغني و الشرح 3:125،المجموع 6:487،عمدة القارئ 11:140.
8- 8) المغني و الشرح 3:125،الكافي لابن قدامة 1:495،الإنصاف 3:358، [7]زاد المستقنع:130.

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا اعتكاف إلاّ بصوم»رواه الدارقطنيّ (1).

و عن ابن عمر أنّ عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهليّة،فسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«اعتكف و صم»رواه أبو داود (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا اعتكاف إلاّ بصوم» (3).

و رواه في الموثّق عن محمّد بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«لا يكون اعتكاف (4)إلاّ بصيام» (5)و نحوه روي عن أبي داود،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

و رواه في الموثّق عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

و لأنّه لبث في مكان مخصوص،فلم يكن بمجرّده قربة،كالوقوف بعرفة.

احتجّوا (8):بما رواه ابن عمر عن عمر أنّه قال:يا رسول اللّه إنّي نذرت في الجاهليّة أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أوف بنذرك» (9)و لو كان الصوم شرطا لم يصحّ اعتكاف الليل.

ص:472


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:199 الحديث 4.
2- 2) سنن أبي داود 2:334 الحديث 2474. [1]
3- 3) الفقيه 2:119 الحديث 516،الوسائل 7:398 الباب 2 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [2]
4- 4) خا:الاعتكاف،كما في المصادر.
5- 5) التهذيب 4:288 الحديث 874،الوسائل 7:399 الباب 2 من أبواب الاعتكاف الحديث 8. [3]
6- 6) الكافي 4:176 الحديث 1، [4]التهذيب 4:288 الحديث 873،الوسائل 7:399 الباب 2 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [5]
7- 7) التهذيب 4:288 الحديث 875،الوسائل 7:399 الباب 2 من أبواب الاعتكاف الحديث 10. [6]
8- 8) المجموع 6:488. [7]
9- 9) صحيح البخاريّ 3:63،سنن الدارميّ 2:183، [8]مسند أحمد 1:37. [9]

و لأنّه عبادة تصحّ في الليل،فلم يشترط لها الصيام،كالصلاة.

و لأنّ إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلاّ بالشرع،و لا نصّ فيه و لا إجماع.و لأنّ ابن عبّاس قال:ليس على معتكف (1)صوم (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها،كما يقال:أقمنا في موضع كذا ليلتين أو ثلاثا،و المراد:الليل و النهار،فلم لا يجوز إرادة ذلك هنا!؟ و مع هذا الاحتمال لا تتمّ المعارضة به.

و عن الثاني:بالمنع من صحّتها ليلا خاصّة على ما سيأتي و الفرق بينه و بين الصلاة ظاهر؛لأنّه بمجرّده لا يكون عبادة،فاشترط فيه الصوم،و النصّ قد بيّنّاه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أهل بيته عليهم السلام.

و أيضا:مداومة الرسول صلّى اللّه عليه و آله على الاعتكاف صائما يدلّ على الاشتراط،و قول ابن عبّاس موقوف عليه،فلا يكون حجّة،على أنّه قد نقلنا عنه أنّه كان يعتقد اشتراط الصوم،فيكون معارضا لهذه الرواية.

فروع:
الأوّل:لا يشترط صوم معيّن ،بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف معه،

(3)

سواء كان الصوم واجبا أو ندبا،و سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا،فلو اعتكف في رمضان،صحّ و اكتفى فيه بصوم شهر رمضان،و يقع نيّة الصوم عن رمضان،و كذا النذر المعيّن أو غير المعيّن.

الثاني:الذين لم يشترطوا الصوم أجمعوا على استحبابه؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه

ص:473


1- 1ع:على المعتكف.
2- 2) المستدرك للحاكم 1:439.
3- 3) في النسخ:صوما معيّنا.

عليه و آله كان يعتكف و هو صائم (1)،و لا خلاف فيه.

الثالث:لا يصحّ اعتكاف ليلة منفردة،و لا بعض يوم،و لا ليلة و بعض يوم؛

لأنّ الصوم المشترط لا يصحّ في دون اليوم.

الرابع:لا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم،

كيومي العيدين،و أيّام الحيض و النفاس و المرض إذا كان الصوم يزيد فيه،و المسافر إذا منع من الصوم الواجب و الندب.

مسألة:و الإسلام شرط في الاعتكاف؛
اشارة

لأنّه عبادة لا بدّ فيها من نيّة القربة، و الكافر ليس أهلا للتقرّب (2)إلى اللّه تعالى،فلا يصحّ منه الاعتكاف كما لا يصحّ منه الصوم و لا غيره من العبادات.

فرع:

لو ارتدّ المعتكف،بطل اعتكافه.و به قال الشيخ في الخلاف (3).

و قال في المبسوط:لا يبطل (4).و به قال الشافعيّ،بل لو رجع بنى عليه (5).

لنا:أنّه إن كان عن فطرة،قتل و إن كان عن غير فطرة،وجب إخراجه من المسجد،و وجوب الخروج مناف للاعتكاف.و لأنّ قعوده منهيّ عنه،فلا يقع عبادة.

ص:474


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:485 و 487،المغني و الشرح الكبير 3:126.
2- 2) ع:أهلا للقربة،ق و خا:أهل التقرّب.
3- 3) الخلاف 1:407 مسألة-20.
4- 4) المبسوط 1:294. [1]
5- 5) حلية العلماء 3:224،المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:518،فتح العزيز بهامش المجموع 6:494،مغني المحتاج 1:455.

أمّا على أصل الشافعيّ من جواز دخول المسجد للكافر (1)فإنّه يتمشّى قوله، لكن هذا الأصل عندنا باطل،فلا وجه لقول الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط.

مسألة:و العقل شرط فيه؛

لأنّ المجنون لا يقع منه العبادة؛لعدم فهمه،و كذا الصبيّ؛لخروجهما (2)بعدم الرشد عن التكليف.

و لا يصحّ من السكران؛لأنّه لا يعقل شيئا.و لأنّه تعالى نهاه عن الصلاة حال (3)سكره بقوله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى (4)و السكر يمنع من الدخول إلى المسجد،فلا يصحّ الاعتكاف منه.

مسألة:و إذن الزوج شرط في حقّ المرأة في الندب،
اشارة

و كذا السيّد في حقّ عبده؛لأنّ منافع الاستمتاع و الخدمة مملوكة للزوج و السيّد،فلا يجوز صرفهما إلى غيرهما إلاّ[بإذنهما] (5)و كذا المدبّر و أمّ الولد.

فروع:
الأوّل:من بعضه رقّ لا يجوز له أن يعتكف إلاّ أن يأذن له مولاه،و لو هاياه،

فاعتكف في الأيّام المختصّة به،فالوجه جوازه؛لأنّ تصرّف المولى انقطع عنه في أيّامه.

الثاني:المكاتب لا يعتكف إلاّ بإذن مولاه-و به قال الشيخ رحمه اللّه -إلاّ

أن يخرج عن محض الرقّيّة.

(6)

ص:475


1- 1الأمّ 1:54،أحكام القرآن للشافعيّ 1:83.
2- 2) بعض النسخ:لخروجه.
3- 3) ج و ق:حالة.
4- 4) النساء(4):43. [1]
5- 5) كثير من النسخ:بإذنه،ع:بإذنهم،و مقتضى المقام ما أثبتناه.
6- 6) المبسوط 1:289.

و قال الشافعيّ:يجوز؛لأنّه لا حقّ للمولى في منافعه (1).و ليس بجيّد؛لأنّه لم يخرج عن الرقّ بالكتابة،فتوابع الرقّ لاحقة به،و إطلاق الإذن منصرف إلى الاكتساب لا غيره.

الثالث:لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته،جاز الرجوع و منعهما ما

لم يجب.

و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:له منع العبد و ليس له منع الزوجة (3).و قال مالك:ليس له منعهما معا (4).

لنا:أنّه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه؛لأنّ التقدير أنّه لم يجب؛لأنّ الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي،فجاز له إبطال فعلهما،كما لو اعتكف بنفسه ثمّ بدا له في الرجوع.

و لأنّ من منع غيره من الاعتكاف إذا أذن فيه و كان تطوّعا،كان له إخراجه منه، كالسيّد مع عبده.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ المرأة تملك بالتمليك،فإذا أذن لها،أسقط حقّه عن منافعها،و أذن لها في استيفائها،فصار كما لو ملّكها عينا،و ليس كذلك العبد،فإنّه لا يملك،و إنّما يتلف منافعه على ملك السيّد؛فإذا أذن له في إتلافها،صار كالمعير (5).

ص:476


1- 1حلية العلماء 3:217،المهذّب للشيرازيّ 1:190،المجموع 6:478،فتح العزيز بهامش المجموع 6:493.
2- 2) حلية العلماء 3:216،المجموع 6:477،فتح العزيز بهامش المجموع 6:492،المغني 3:151، الشرح الكبير بهامش المغني 3:127.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:125،تحفة الفقهاء 1:375،بدائع الصنائع 2:109.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:230،حلية العلماء 3:216،المغني 3:152،المجموع 6:477،فتح العزيز بهامش المجموع 6:492.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:125،تحفة الفقهاء 1:375،بدائع الصنائع 2:109،المغني 3:151.

و احتجّ مالك:بأنّه عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها بحقّ اللّه تعالى، فلم يكن له الرجوع فيه،كصلاة الجمعة (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ منافع المرأة لزوجها،و لهذا يجب عليها بذلها،فإذا أذن لها في إتلافها،جرى مجرى المعير.

و عن الثاني:أنّ الجمعة تجب بالدخول فيها،بخلاف الاعتكاف.

الرابع:لا ينعقد نذر المرأة للاعتكاف إلاّ بإذن زوجها،

و لا نذر العبد إلاّ بإذن مولاه،فإذا أذنا فإن كان النذر لأيّام معيّنة،لم يجز لهما الرجوع و لا المنع،و إن كان غير معيّن،جاز المنع ما لم يجب بأن يمضي يومان-على ما يأتي من الخلاف- لأنّه ليس على الفور.

و لو دخلا في المندوب بإذنه،جاز الرجوع أيضا.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجب عليه الصبر ثلاثة أيّام و هو أقلّ الاعتكاف (2).

و ليس بحسن،لأنّا لا نقول بوجوب الاعتكاف بالشروع.

و لو كان الزوج أو السيّد أذنا إذنا غير معيّن بزمان،لم يجز لأحدهما الدخول إلاّ بإذن (3)؛لأنّ منافع الزوج و السيّد حقّ مضيّق يفوت بالتأخير،بخلاف الاعتكاف.

الخامس:الأجير لا يجوز أن يعتكف زمان إجارته؛لأنّ منافعه مملوكة

للمستأجر،

فلا يجوز تعريضها للمنع،و لو أذن المستأجر،جاز.و كذا ينبغي في الضيف؛لا فتقار صومه تطوّعا إلى الإذن.

السادس:لو أذن لعبده فاعتكف،ثمّ أعتق،أتمّ واجبا

إن كان منذورا أو مضى يومان-على ما يأتي-و إلاّ ندبا.

ص:477


1- 1المغني 3:152.
2- 2) المبسوط:1:290. [1]
3- 3) ح و خا:بالإذن.

و لو دخل في الاعتكاف بغير إذن (1)فأعتق في الحال،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

يلزمه (2).و ليس بجيّد؛لأنّ الدخول منهيّ عنه،فلا ينعقد به الاعتكاف،فلا يجب إتمامه.

مسألة:و لا يجوز الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام بليلتين.
اشارة

و هو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام.و الجمهور كافّة على خلافه فإنّ الشافعيّ لم يقدّره بحدّ، بل يجوّز الاعتكاف بساعة (3)واحدة أو أقلّ (4).و هو رواية عن أحمد (5)، و أبي حنيفة.

و رواية أخرى عن أبي حنيفة أنّه لا يجوز أقلّ من يوم واحد (6).و هو رواية عن مالك.

و عن مالك رواية أخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيّام (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا اعتكاف إلاّ بصوم» (8)و الصوم لا يقع في أقلّ من يوم،فبطل قول الشافعيّ و من وافقه.

و لنا على التقدير بثلاثة أيّام:أنّ الاعتكاف عبارة عن اللبث المتطاول و الإقامة

ص:478


1- 1كثير من النسخ:نذر،مكان:إذن.
2- 2) المبسوط 1:290.
3- 3) ج،ق و خا:ساعة.
4- 4) حلية العلماء 3:220،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:489،491،فتح العزيز بهامش المجموع 6:480،مغني المحتاج 1:451،السراج الوهّاج:148.
5- 5) المغني 3:127،الشرح الكبير بهامش المغني 3:126،الكافي لابن قدامة 1:496،الإنصاف 3:359.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:117،بدائع الصنائع 2:110،الهداية للمرغينانيّ 1:132،شرح فتح القدير 2:307-308،مجمع الأنهر 1:256.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:234،بداية المجتهد 1:314،مقدّمات ابن رشد 1:193،بلغة السالك 1:255، أحكام القرآن لابن العربيّ 1:95. [1]
8- 8) سنن الدارقطنيّ 2:199 الحديث 4،سنن البيهقيّ 4:317،كنز العمّال 8:531 الحديث 24013.

للعبادة،و لا يصدق ذلك بيوم واحد.و لأنّ التقدير بيوم لا مماثل له في الشرع، و التقدير بعشرة سيأتي إبطاله،فيتعيّن الثلاثة،كصوم كفّارة اليمين و كفّارة بدل الهدي و غير ذلك من النظائر.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام،و من اعتكف صام» (1).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا اعتكف العبد فليصم»و قال:«لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام» (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ الاعتكاف لبث،و هو يصدق بالقليل و الكثير،كالصدقة (3).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّ من شرطه الصوم،و أقلّه يوم،و الزائد غير ثابت شغل الذمّة به (4).

و احتجّ مالك (5):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعتكف عشرة أيّام (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الاعتكاف هو اللبث الطويل،و ذلك لا يصدق

ص:479


1- 1التهذيب 4:289 الحديث 876،الاستبصار 2:128 الحديث 418،الوسائل 7:399 الباب 2 [1] من أبواب الاعتكاف الحديث 7 و ص 404 الباب 4 الحديث 2.
2- 2) التهذيب 4:289 الحديث 878،الاستبصار 2:129 الحديث 419،الوسائل 7:405 الباب 4 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:491.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:117،بدائع الصنائع 2:110.
5- 5) أحكام القرآن لابن العربيّ 1:95. [3]
6- 6) في المصادر:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعتكف كلّ عام عشرة أيّام.و في بعضها:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.ينظر:صحيح البخاريّ 3:62،صحيح مسلم 2:830 الحديث 1171،سنن أبي داود 2:331 الحديث 2462،2463، [4]سنن الترمذيّ 3:157 الحديث 790،سنن ابن ماجة 1:562 الحديث 1769،1770،سنن الدارميّ 2:27،سنن الدارقطنيّ 2:201 الحديث 11،12،سنن البيهقيّ 4:314.

بساعة (1)واحدة فما دون،بل إنّما يتحقّق مع لبث و إقامة،و منه قوله تعالى: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (2)أي المقيم،و يقال:عكف على كذا،أي أقام عليه،فلا يصحّ في اللحظة الواحدة،و بهذا ظهر الفرق بينه و بين الصدقة؛لصدقها على الكثير و القليل بمعنى واحد،بخلاف الاعتكاف.

و عن الثاني:بما تقدّم.

و عن الثالث:بأنّ فعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله لا يمنع ما نقص عنه.

فروع:
الأوّل:لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة،لزمه؛

لأنّه نذر في طاعة،فكان واجبا عليه الإتيان به.

الثاني:لو نذر اعتكاف شهر و لم يعيّن،تخيّر في التتابع و التفريق ثلاثة ثلاثة،

و التتابع أفضل إذا لم يشترط التتابع في النذر.و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و مالك:يلزمه التتابع (5).و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّه معنى يصحّ فيه التفريق،فلا يجب فيه التتابع بالنذر المطلق،كالصيام.

و لأنّ النذر لم يتناول المتابعة،فلا يجب بها و لا بغيرها؛لعدمه.

و لأنّ الامتثال يتحقّق بالإتيان به متتابعا و متفرّقا،لكن على مذهبنا لا يفرق

ص:480


1- 1ج:لساعة.
2- 2) الحجّ(22):25. [1]
3- 3) الأمّ 2:105،حلية العلماء 3:220،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:493،الميزان الكبرى 2:30.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:119-120،تحفة الفقهاء 1:376،بدائع الصنائع 2:111،الهداية للمرغينانيّ 1:134،مجمع الأنهر 1:258.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:234،بداية المجتهد 1:317،المغني 3:158.
6- 6) المغني 3:157،الشرح الكبير بهامش المغني 3:138،الكافي لابن قدامة 1:498،الإنصاف 3:369.

أقلّ من ثلاثة أيّام؛لما يأتي.

احتجّوا:بأنّه معنى يحصل بالليل و النهار،فإذا أطلقه اقتضى التتابع،كما لو حلف:لا كلّمت زيدا شهرا،كان متتابعا (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ اليمين ينصرف إلى المعهود من ذلك،و لهذا لا يجب أن يكون ذلك عقيب اليمين،و لا يلزم هذا في النذر،أمّا لو شرط التتابع،وجب إجماعا.

الثالث:إذا نذر اعتكاف شهر،فإنّه يأتي بشهر إن شاء بين الهلالين تامّا كان أو

ناقصا؛

لصدق اسم الشهر عليهما،فيخرج عن العهدة بكلّ منهما،و إن لم يأت بالشهر بين الهلالين،أتى بثلاثين يوما.

الرابع:إذا نذر اعتكاف شهر معيّن،

كرجب-مثلا-وجب اعتكافه متتابعا و إن لم يشترطه في النذر،فلو أفطر يوما منه بعد مضيّ ثلاثة أيّام،صحّ ما مضى و أتمّ و قضى ما فات.و به قال الشافعيّ (2)،إلاّ أنّه لم يشترط الثلاثة؛لأنّه لا حدّ عنده لقليل الاعتكاف.

و قال أحمد:يستأنف؛لأنّ المتابعة واجبة،فأشبه إذا شرط (3).و هو خطأ؛لأنّ وجوب تتابع الشهر المعيّن من ضرورة الوقت،و ذلك لا يوجب الاستئناف،كمتابعة رمضان.

إذا ثبت هذا،فلو فات،قضاه،و لا يجب عليه التتابع في قضائه.

و لو نذره و شرط التتابع في نذره وجب عليه ذلك،فإن فات،قضاه متتابعا؛لأنّ التتابع وصف من لوازم النذر.

ص:481


1- 1المغني 3:158،الشرح الكبير بهامش المغني 3:138.
2- 2) الأمّ 2:106،حلية العلماء 3:220،الميزان الكبرى 2:30.
3- 3) المغني 3:142،الكافي لابن قدامة 1:498،الإنصاف 3:369-370،الميزان الكبرى 2:30.

و قال بعض الشافعيّة:لو نذر شهرا معيّنا متتابعا،لم يجب التتابع في قضائه لو فات؛لأنّ التتابع وقع ضرورة،فلا أثر للفظه (1).و ليس بجيّد.

و لو نذر اعتكاف أيّام،لم يلزمه المتابعة إلاّ في كلّ ثلاث.هذا إذا لم يشترط المتابعة،و لو شرطها وجب.

الخامس:إذا نذر اعتكاف شهر،لزمه إمّا عدّة بين هلالين أو ثلاثون يوما،

و يدخل فيه الأيّام و الليالي؛لأنّ الشهر عبارة عنهما،و الاعتكاف يصحّ فيهما، فدخلا فيه.

أمّا لو نذر اعتكاف أيّام معدودة،كعشرة أيّام-مثلا-و لم يعيّنها،لم يجب التتابع إلاّ أن يشترطه على ما قلناه،و لا تدخل الليالي،بل ليلتان من كلّ ثلاث على ما قرّرناه من أنّه لا اعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام بليلتين.

و قال أبو حنيفة:تدخل الليالي و الأيّام؛لأنّ ذكر أحد العددين على طريق الجمع يقتضي دخول الآخر تحته؛لقوله تعالى: ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً (2)و قال تعالى: ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (3)و القصّة (4)واحدة (5).

و الجواب:اسم اليوم حقيقة لما بين الفجر إلى الغروب،و الليلة ما عدا ذلك، فلا يتناولها إلاّ مع القرينة،و مع تجرّد اللفظ عنها يحمل على حقيقته (6).

إذا عرفت هذا،فلو نذر أيّاما معيّنة و ترك منها يوما،فإن كان قد مضى له ثلاثة

ص:482


1- 1المجموع 6:493،فتح العزيز بهامش المجموع 6:508،مغني المحتاج 1:456،السراج الوهّاج:150.
2- 2) آل عمران(3):41. [1]
3- 3) مريم(19):10. [2]
4- 4) ص و ج:و القضيّة.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:120،تحفة الفقهاء 1:376،بدائع الصنائع 2:111،الهداية للمرغينانيّ 1:134،مجمع الأنهر 1:258.
6- 6) ح:الحقيقة.

أيّام،صحّ ما مضى و أتمّ و قضى ما فات،و إن كان دون الثلاثة،استأنف،و لو كان قد شرط التتابع و أخلّ بيوم استأنف.

السادس:إذا نذر اعتكاف ثلاثة أيّام،لزمه ثلاث بينها ليلتان،

سواء شرط التتابع أو لم يشرط؛لأنّه لا اعتكاف (1)أقلّ منها،و يدخل قبل الفجر لا في أثناء النهار.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في بعض كتبه:إن لم يشترط التتابع اعتكف نهار ثلاثة أيّام بغير ليال (2).و ليس بمعتمد.

السابع:إذا نذر أن يعتكف أيّاما متتابعة،تضمّن ذلك نذر الصوم؛لأنّه لا

اعتكاف عندنا إلاّ بصوم،

فلو اعتكف غير صائم و صام غير معتكف،لم يجزئه عندنا.

و قال بعض الشافعيّة:يجزئه و إن نذر الجمع؛لأنّ الصوم عبادة ليست من شرط الاعتكاف،فلم يلزمه بالنذر الجمع بينهما،كالصوم و الصلاة (3).

و هو خطأ؛لأنّ الاعتكاف عندنا مشروط بالصوم،فإذا نذر الجمع،وجب عليه الإتيان بهما جميعا و لا يجزئه التفريق.سلّمنا لكنّ الصوم مشروع مستحبّ في الاعتكاف إجماعا،فوجب بالنذر،بخلاف الصوم و الصلاة؛لأنّ أحدهما لم يشرع للآخر.

إذا عرفت هذا،فلو أفسد صومه،انقطع التتابع و وجب عليه إعادة الاعتكاف و الصوم،و لو نذر الاعتكاف مصلّيا،وجب عليه الجمع؛لأنّه طاعة.

الثامن:لو نذر اعتكاف شهر معيّن،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:وجب عليه

ص:483


1- 1بعض النسخ:لأنّه اعتكاف.
2- 2) المبسوط 1:291-292. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:219،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:485،مغني المحتاج 1:453، السراج الوهّاج:148.

الدخول فيه مع طلوع الهلال من ذلك الشهر؛فإذا أهلّ الشهر الذي بعده فقد و فى و خرج من الاعتكاف (1).و به قال مالك (2)،و الشافعيّ (3).

و قال زفر:يدخل المسجد قبل طلوع الفجر من أوّله.و به قال الليث بن سعد (4)،و عن أحمد روايتان كالقولين (5).

لنا:أنّه نذر الشهر،و أوّله غروب الشمس،و لهذا تحلّ الديون المعلّقة به، و النذور،و الطلاق،و العتاق المعلّقات (6)به عندهم،و يجب أن يدخل قبل الغروب؛لأنّه لا يمكن استيفاء جميع الشهر إلاّ بذلك،و ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.

احتجّ زفر:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يعتكف صلّى الصبح، ثمّ دخل معتكفه (7)؛و لأنّ اللّه تعالى قال: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (8)و لا يلزم الصوم ليلا،بل قبل طلوع الفجر؛و لأنّ الصوم شرط في الاعتكاف، فلا يجوز ابتداؤه قبل شرطه (9).

و الجواب:عن الأوّل:أنّه اعتكاف مندوب متى أراد الدخول فيه،فعل،و ليس

ص:484


1- 1المبسوط 1:290. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:314،تفسير القرطبيّ 2:336. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:493.
4- 4) المغني 3:155،الشرح الكبير بهامش المغني 3:136،تفسير القرطبيّ 2:336. [3]
5- 5) المغني 3:155،الشرح الكبير بهامش المغني 3:136،الكافي لابن قدامة 1:498،الإنصاف 3:369، زاد المستقنع:30.
6- 6) ص:المتعلّقات،عن،ج،ق و خا:المتعلّقان.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:66،صحيح مسلم 2:831 الحديث 1172،سنن أبي داود 2:331 الحديث 2464، [4]سنن الترمذيّ 3:157 الحديث 791، [5]سنن ابن ماجة 1:563 الحديث 1771،سنن البيهقيّ 4:315.
8- 8) البقرة(2):185. [6]
9- 9) المغني 3:155،الشرح الكبير بهامش المغني 3:136.

البحث فيه،و إنّما البحث فيمن لزمه اعتكاف شهر كامل لنذر نذره،فلا يحصل (1)إلاّ بالدخول قبل غروب الشمس من أوّله،و يخرج بعد غروبها من آخره،كمن نذر اعتكاف يوم،فإنّه يلزمه الدخول فيه قبل طلوع فجره،و يخرج بعد غروب شمسه.

و عن الثانيّ:أنّ الصوم لا يصحّ إلاّ في النهار،فلا يدخل الليل فيه،بخلاف الاعتكاف.

التاسع:لو نذر أن يعتكف العشر الأواخر،دخل قبل الغروب من يوم العشرين،

فإذا خرج الشهر خرج منه.و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)،و الثوريّ (4)، و أبو حنيفة و أصحابه (5).

و قال الأوزاعيّ،و إسحاق،و أبو ثور:يدخل في أوّل نهار الحادي و العشرين (6)،و عن أحمد روايتان،هذا أظهرهما (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدريّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتكف العشر الأوسط من رمضان،فاعتكف عاما حتّى إذا كان ليلة الحادي و العشرين و هي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه،قال:«من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر» (8)فأمرهم باعتكاف العشر الأواخر ليلة الحادي

ص:485


1- 1ع:فلا يصحّ.
2- 2) حلية العلماء 3:219،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:492.
3- 3) الموطّأ 1:314، [1]بداية المجتهد 1:314-315،تفسير القرطبيّ 2:336. [2]
4- 4) المجموع 6:492.
5- 5) حلية العلماء 3:219،المجموع 6:492،شرح فتح القدير 2:314-315.
6- 6) حلية العلماء 3:219،المغني 3:157،الشرح الكبير بهامش المغني 3:137،المجموع 6:492،بداية المجتهد 1:315.
7- 7) المغني 3:156-157،الشرح الكبير بهامش المغني 3:137،الكافي لابن قدامة 1:497،الإنصاف 3:369.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:62،الموطّأ 1:319 الحديث 9، [3]سنن البيهقيّ 4:309.

و العشرين و اعتكف معهم.و لأنّه لو نذر شهرا،لزمه من أوّل ليلة فيه على ما تقدّم (1)،فكذلك إذا نذر العشر (2).

احتجّوا (3):بأنّ عائشة روت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يعتكف،صلّى الصبح ثمّ اعتكف (4).

و جوابه:أنّه محمول على أنّه عليه السّلام أراد أن يعتكف من ذلك الوقت، و لم يرد اعتكاف جميع العشر،و لهذا فإنّه عندهم يلزمه أن يعتكف قبل الفجر، و النقل الذي أو ردوه أنّه عليه السّلام اعتكف بعد الصلاة.

إذا ثبت هذا،فإنّ العشر اسم لما بين العشرين،فلو كان الشهر ناقصا،اجتزأ بما صامه،و اعتكفه من تسعة أيّام.

أمّا لو نذر اعتكاف عشرة أيّام فإنّه يلزمه أن يدخل قبل طلوع الفجر؛لأنّ اليوم اسم لبياض النهار،و دخول الليل إنّما هو على طريق التبع،بخلاف العشر،فإنّه اسم لمجموع الليل و النهار.

فلو عيّن الأيّام بآخر الشهر،أو فرضها فيه فنقص الشهر،وجب عليه أن يأتي بيوم آخر؛ليتمّ العدد الذي نذره،بخلاف ما لو نذر العشر الأواخر مثلا،كما إذا نذر ثلاثين يوما فاعتكف شهرا بين هلالين فنقص الشهر،فإنّه يكمله بيوم آخر،و لو نذر شهرا،أجزأه ما بين الهلالين و إن كان ناقصا كذلك العشر.

العاشر:لو نذر أن يعتكف شهر رمضان معيّنا،وجب عليه أن يأتي بالإجماع؛

ص:486


1- 1يراجع:ص 483،484.
2- 2) ق و خا بزيادة:الأواخر.
3- 3) المغني 3:157،الشرح الكبير بهامش المغني 3:137.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:66،صحيح مسلم 2:831 الحديث 1172،سنن أبي داود 2:331 الحديث 2464، [1]سنن الترمذيّ 3:157 الحديث 791، [2]سنن ابن ماجة 1:563 الحديث 1771،سنن البيهقيّ 4:315.

لأنّه نذر في طاعة،فلو أخلّ به وجب عليه قضاؤه صائما.

و قال زفر:لو صامه و لم يعتكف فيه،سقط عنه (1).

لنا:أنّه نذر في طاعة أخلّ به،فوجب عليه قضاؤه كغيره من الواجبات.و لأنّه لمّا مضى الشهر بقي الالتزام (2)باعتكاف شهر مطلق،و ذلك لا يتمّ بما لا صحّة له إلاّ به،و هو الصوم،فوجب عليه،كما لو التزم بالصلاة،فإنّه التزام بالوضوء.

احتجّ زفر:بأنّ النذر بالاعتكاف لا يوجب الصوم ابتداءً،بل ضرورة صحّة الاعتكاف،و في هذه الصورة الصوم واجب بدونه،فلا يقع نذره موجبا للصوم، فكيف يجب عليه الصوم بعد ذلك؟فبقي اعتكافه بلا صوم،فلا يجب؛لأنّه غير مشروع (3).

و الجواب:أنّ وجوب الصوم ابتداءً لا يمنع من ورود وجوب آخر بالنذر عليه، سلّمنا،لكن وجوب الصوم ابتداءً هنا أغنى عن صوم الاعتكاف،أمّا في القضاء فلا بدّ منه و القضاء لا يسقط،فوجب الإتيان به كالابتداء،أمّا لو أخّره إلى رمضان آخر فقضاه (4)فيه هل يجزئه أم لا؟الوجه الإجزاء.

و قال أبو حنيفة:لا يجزئه بل يجب أن يقضيه في غير شهر رمضان بصوم مختصّ بالاعتكاف (5).و ليس بمعتمد؛لأنّ الفائت هو الاعتكاف و هو اللبث للعبادة،و الصوم شرط فيه أيّ صوم كان،فكيف اتّفق كان معتكفا،فكان مخرجا عن العهدة.

الحادي عشر:لو نذر اعتكاف شهر رجب أو صومه،وجب عليه الإتيان به،

فلو

ص:487


1- 1لم نعثر على قوله.
2- 2) أكثر النسخ:بقي التزاما،مكان:بقي الالتزام.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:121.
4- 4) ص و خا:فقضاؤه.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:121،بدائع الصنائع 2:111.

اعتكف شهرا قبله أو صام،أو ذكر على هذا الوجه الصلاة،لم يجزئه عن النذر.و به قال محمّد بن الحسن (1)،و زفر (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و أبو يوسف:يجزئه (4).

لنا:أنّه التزم عبادة بدنيّة في زمان مخصوص،فلا يجوز تقديمها عليه، كصوم (5)رمضان و صلاة الظهر قبل الوقت.

و لأنّ صوم شهر قبل رجب مغاير لصوم رجب،فلا يكون واجبا فلا يكون مجزئا عن الواجب؛لأنّ بدل الواجب واجب (6).

احتجّا:بأنّه أدّى الواجب بعد وجود سببه،فيجوز،كما لو نذر أن يتصدّق في رجب فتصدّق قبله،و الجامع بينهما أنّ الداخل تحت النذر ما هو قربة،و القربة نفس الفعل لا نفس الزمان،بخلاف صوم رمضان و صلاة الظهر؛لأنّه لم يوجد سبب وجوبهما (7).

و الجواب:لا نسلّم وجود السبب،و لهذا فإنّه لا يجب عليه الإتيان بالفعل قبل الشهر المنذور إجماعا،فلو وجد السبب لم يجز الترك،و القياس على الصدقة ضعيف،لأنّ البحث في الفرع،و النزاع فيه كالأصل،و لا نسلّم أنّ الفعل بمجرّده هو القربة لا غير؛لأنّ الأيّام تتفاوت في الفضيلة،فجاز أن يكون الوقت المنذور للعبادة يحصل فيه الثواب الأكثر من غيره.

ص:488


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:130،تحفة الفقهاء 2:340،بدائع الصنائع 2:112 و ج 5:93.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:130.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:130،تحفة الفقهاء 2:340،بدائع الصنائع 2:112.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:130،تحفة الفقهاء 2:340،بدائع الصنائع 2:112 و ج 5:93،شرح فتح القدير 2:316.
5- 5) ق و خا بزيادة:شهر.
6- 6) بعض النسخ:و لأنّه بدل الواجب واجبا.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:130،بدائع الصنائع 5:93.
الثاني عشر:لو نذر اعتكاف شهر،فعاش بعده نصف شهر ثمّ مات،

لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله،و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:عليه اعتكاف شهر (2).

لنا:أنّه لا يقدر إلاّ على هذا القدر،فيتقدّر الوجوب به،كما في قضاء (3)رمضان.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه التزم بالكلّ،و المراعى فيما يلتزم العبد التصوّر لا التحقّق، فإنّه لو قال:للّه عليّ ألف حجّة،لزمه الكلّ و إن لم يعش ألف سنة.

و الجواب:المنع من ذلك.

الثالث عشر:لو نذر اعتكافا مطلقا،لزمه ما يسمّى به معتكفا،و أقلّه عندنا

ثلاثة أيّام،

و عند المخالف إمّا ساعة من ليل أو نهار (4)،أو يوم على الخلاف الواقع بينهم (5).

الرابع عشر:لو نذر اعتكاف يوم لا غير،لم ينعقد؛لأنّه لا يصحّ اعتكافه

منفردا،

خلافا للجمهور،فإنّهم جوّزوا اعتكاف يوم،فعلى قولهم لو نذر اعتكاف

ص:489


1- 1الأمّ 2:107.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:124،بدائع الصنائع 2:118.
3- 3) ق و خا بزيادة:شهر.
4- 4) و هو قول الشافعيّ،ينظر:حلية العلماء 3:220،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:491،مغني المحتاج 1:451-452،السراج الوهّاج:148.و به قال أحمد في الرواية المشهورة عنه،ينظر:المغني 3:160،الشرح الكبير بهامش المغني 3:141،الكافي لابن قدامة 1:496،الإنصاف 3:359.و عن أبي حنيفة روايتان:روى محمّد في الأصل أنّه يجوز في بعض يوم،و روى الحسن أنّه لا يجوز في أقلّ من يوم،ينظر:بدائع الصنائع 2:110،الهداية للمرغينانيّ 1:132،شرح فتح القدير 2:305،مجمع الأنهر 1:256،عمدة القارئ 11:140.
5- 5) و هو قول مالك،ينظر:بداية المجتهد 1:314،مقدّمات ابن رشد 1:193،إرشاد السالك:52،بلغة السالك 1:255،عمدة القارئ 11:140.

يوم هل يجوز تفريقه أم لا؟للشافعيّة قولان:

أحدهما:الجواز،كالشهر.

و الثاني:عدمه (1)؛لأنّ الخليل قال:اليوم اسم لما بين طلوع الفجر و غروب الشمس،فإذا فرّقه لم يسمّ يوما،بخلاف الشهر،فإنّه يصدق على الثلاثين متتابعة و متفرّقة.و لأنّ صوم الشهر يجوز تفريقه،بخلاف صوم اليوم (2).

و كذا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد لا غير،أمّا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد و لم يضمّ نفي غيره،وجب عليه الإتيان به،و لا يصحّ إلاّ بأن يضمّ إليه يومين آخرين.

الخامس عشر:لو نذر اعتكاف أيّام معيّنة فاتّفق أن يكون مريضا أو محبوسا،

سقط عنه أداؤه و وجب عليه قضاؤه،و للشافعيّ وجه آخر (3)أنّه لا يقضي؛لتعذّر الاعتكاف حين الوجوب (4).و ليس بجيّد؛لأنّ العبادة الواجبة بالشرع إذا تعذّرت بالمرض،وجب قضاؤها،و كذا المنذورة.

السادس عشر:لو نذر اعتكاف شهر رمضان من سنة أربع و هو في سنة خمس،

بطل نذره،

و لا يتعلّق بذمّته قضاء؛لأنّه عقد نذره بزمان لا يصحّ وجوده فيه،كما لو قال:للّه عليّ أن أصوم أمس.

و لو نذر اعتكاف شهر رمضان من سنة خمس،صحّ نذره،فإن ترك اعتكافه عمدا أو سهوا وجب عليه القضاء؛لأنّ نذره صحّ و فرّط بتركه.

ص:490


1- 1حلية العلماء 3:220،المهذّب للشيرازيّ 1:191،المجموع 6:494،فتح العزيز بهامش المجموع 6:508.
2- 2) ترتيب العين 3:2001 و فيه:اليوم مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها.
3- 3) لا توجد كلمة:الآخر،في ص و ع.
4- 4) حلية العلماء 3:225،المهذّب للشيرازيّ 1:245،المجموع 8:488،فتح العزيز بهامش المجموع 6:518.
السابع عشر:لو نذر أن يعتكف يوم يقدم فلان أبدا،فقدم ليلا،

لم يجب عليه شيء،و إن قدم نهارا،سقط ذلك اليوم و وجب عليه اعتكاف باقي الأيّام،لكن يحتاج في كلّ اعتكاف إلى أن يضمّ إليه يومين آخرين.

مسألة:المكان شرط في الاعتكاف،و قد اتّفق العلماء على اشتراط المسجد
اشارة

في الجملة:

لقوله تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ (1)و لو صحّ الاعتكاف في غيره لم يخصّ التحريم بالاعتكاف في المسجد؛لأنّ المباشرة حرام في حال الاعتكاف مطلقا.و لأنّ الاعتكاف لبث هو قربة فاختصّ بمكان كالوقوف، أمّا التعيين فقد اختلف العلماء فيه،فالذي عليه أكثر علمائنا أنّه لا يجوز الاعتكاف إلاّ في مسجد جمّع فيه نبيّ أو وصيّ نبيّ،و هي أربعة مساجد:المسجد الحرام، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمّع فيهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة،و مسجد البصرة جمّع فيهما عليّ عليه السّلام،و جمّع أيضا عليه السّلام في مسجد المدينة،هذا هو المشهور بين علمائنا (2).

و قد روي في بعض الأخبار بدل مسجد البصرة مسجد المدائن.رواه ابن بابويه رحمه اللّه (3).

و قال ابن أبي عقيل منّا:إنّه يصحّ الاعتكاف في كلّ مسجد،قال:و أفضل الاعتكاف في المسجد الحرام،و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد الكوفة،و سائر الأمصار مساجد الجماعات (4).

ص:491


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:99،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:289،و [2]أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:186،و [3]سلاّر في المراسم:99،و ابن البرّاج في المهذّب 1:204،و ابن إدريس في السرائر:97،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:165. [4]
3- 3) الفقيه 2:120 الحديث 520،الوسائل 7:402 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 9. [5]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:731. [6]

و قال المفيد-رحمه اللّه-:لا يكون الاعتكاف إلاّ في المسجد الأعظم،و قد روي أنّه لا يكون إلاّ في مسجد جمّع فيه نبيّ أو وصيّ و المساجد التي جمّع فيها نبيّ أو وصيّ نبيّ،فجاز لذلك الاعتكاف فيها،أربعة مساجد (1).و عدّ ما ذكرناه أوّلا،و هذا مذهب علمائنا.

أمّا الجمهور فقد اختلفوا،فقال الشافعيّ:يصحّ في كلّ مسجد (2)،كما ذهب إليه ابن أبي عقيل من أصحابنا،و به قال مالك (3).

و قال أحمد:لا يجوز إلاّ في مسجد يجمّع فيه (4)،و به قال أبو حنيفة (5)،و هو قول المفيد رحمه اللّه.

و عن حذيفة أنّه لا يصحّ الاعتكاف إلاّ في أحد المساجد الثلاثة:المسجد الحرام،و المسجد الأقصى،و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله (6).

لنا:أنّ الاعتكاف عبادة شرعيّة،فيقف على مورد النصّ،و الذي وقع عليه الاتّفاق ما ذكرناه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:492


1- 1المقنعة:58. [1]
2- 2) الأمّ 2:107،حلية العلماء 3:217،المهذّب للشيرازيّ 1:190،المجموع 6:483،فتح العزيز بهامش المجموع 6:501،مغني المحتاج 1:450،السراج الوهّاج:147،المغني 3:128،الشرح الكبير بهامش المغني 3:130.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:235،مقدّمات ابن رشد 1:190،بداية المجتهد 1:313،المغني 6:483،الشرح الكبير بهامش المغني 3:130،المجموع 6:483.
4- 4) المغني 3:127،الشرح الكبير بهامش المغني 3:129،الكافي لابن قدامة 1:496،الإنصاف 3:364، زاد المستقنع:30.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:115،تحفة الفقهاء 1:372،بدائع الصنائع 2:113،الهداية للمرغينانيّ 1:132،شرح فتح القدير 2:308،مجمع الأنهر 1:256،عمدة القارئ 11:142.
6- 6) حلية العلماء 3:217،المغني 3:128،الشرح الكبير بهامش المغني 3:130،بداية المجتهد 1:313، المجموع 6:483،عمدة القارئ 11:141.

ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟فقال:«لا اعتكاف إلاّ في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة،و لا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة و مسجد المدينة و مسجد مكّة» (1)و في طريقها سهل بن زياد و فيه ضعف.

و في رواية عليّ بن الحسن بن فضّال عن محمّد بن عليّ عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد مثل ذلك و زاد فيه:«و مسجد البصرة» (2).

و في هذا الطريق أيضا ضعف،إلاّ أنّ ابن بابويه رواه في الصحيح (3)،فالمعتمد عليه.قال ابن بابويه:و قد روي في مسجد المدائن (4).

و لأنّ الاعتكاف يتعلّق به أحكام شرعيّة من أفعال و تروك،و الأصل عدم تعلّقها بالمكلّف إلاّ مع ثبوت المقتضي،و لم يوجد.

احتجّ المفيد-رحمه اللّه-:بما رواه عليّ بن عمران (5)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام،قال:«المعتكف يعتكف في المسجد الجامع» (6).

ص:493


1- 1التهذيب 4:290 الحديث 882،الاستبصار 2:126 الحديث 409،الوسائل 7:401 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 4:290 الحديث 883،الاستبصار 2:126 الحديث 410،الوسائل 7:402 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 9. [2]
3- 3) الفقيه 2:120 الحديث 519،الوسائل 7:401 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 8.
4- 4) الفقيه 2:120 الحديث 520،الوسائل 7:402 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 9. [3]
5- 5) عليّ بن عمران الخزّاز الكوفيّ المعروف ب«شفا»ثقة قليل الحديث.له كتاب،قاله النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،روى عنه أحمد بن صبيح في التهذيب،و في الاستبصار:عليّ بن غراب بدل عليّ بن عمران،و عليّ بن غراب هذا عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام، و في الفهرست:له كتاب،قال السيّد الخوئيّ:هو متّحد مع عليّ بن عمران الخزّاز،كما أنّه قال باتّحاده مع عليّ بن عمران السقّاء. رجال النجاشيّ:272،رجال الطوسيّ:268،الفهرست:95، [4]تنقيح المقال 2:301، [5]معجم رجال الحديث 12:114. [6]
6- 6) التهذيب 4:290 الحديث 880،الاستبصار 2:127 الحديث 413،الوسائل 2:127 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 4. [7]

و عن يحيى بن العلاء الرازيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يكون اعتكاف إلاّ في مسجد جماعة» (2).

و عن داود بن سرحان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا اعتكاف إلاّ في العشر الأواخر من شهر رمضان»و قال:«إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:لا أرى الاعتكاف إلاّ في المسجد الحرام،أو مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،أو في مسجد جامع» (3).

و الجواب:هذه أحاديث مطلقة و ما قلناه مقيّد،فيحمل عليه؛جمعا بين الأدلّة.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اعتكف في مسجده،و اعتكف عليّ عليه السّلام في جامع الكوفة،و الصحابة في مسجد مكّة،و جماعة من الصحابة في مسجد البصرة، فيجب الاقتصار عليه.نعم،قد روي أنّ الحسن عليه السّلام صلّى بمسجد المدائن (4).فإن ثبتت هذه الرواية،جاز الاعتكاف فيه و إلاّ فلا.

و رواية عبد اللّه بن سنان،قال:«لا يصلح العكوف إلاّ في مسجد رسول اللّه صلّى

ص:494


1- 1يحيى بن العلاء بن خالد البجليّ الرازيّ أبو جعفر،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و وثّقه النجاشيّ و قال:يحيى بن العلاء البجليّ الرازيّ أبو جعفر ثقة أصله كوفيّ،له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال فيه بمثل قول النجاشيّ،و قال المامقانيّ:و استظهر بعض اتّحاده مع ابن أبي العلاء الذي يكون في الأسانيد،و قد أصاب في هذا الاستظهار فإنّ الكلّ متّفقون في ترجمة ابنه جعفر،على أنّ جدّه العلاء لا أبو العلاء فزيادة كلمة«أبي»حيثما كانت من سهو الناسخ، و على هذا فيكون الرجل من أصحاب الباقر عليه السّلام. رجال النجاشيّ:444،رجال الطوسيّ:333،رجال العلاّمة:182، [1]تنقيح المقال 3:319. [2]
2- 2) التهذيب 4:290 الحديث 881،الاستبصار 2:127 الحديث 414،الوسائل 7:401 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 6. [3]
3- 3) الكافي 4:176 الحديث 2، [4]التهذيب 4:290 الحديث 884،الوسائل 7:402 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 10، [5]في الكافي: [6]لا اعتكاف إلاّ من العشرين من شهر رمضان...،و في التهذيب و الوسائل: [7]لا اعتكاف إلاّ في العشر الأواخر من شهر...
4- 4) المعتبر 2:732، [8]مرآة العقول 16:428، [9]روضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه 3:498.

اللّه عليه و آله،و مسجد من مساجد الجماعة» (1)و في طريقها قول.

و احتجّ ابن أبي عقيل:بما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه عن داود بن الحصين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا اعتكاف إلاّ بصوم و في المصر الذي أنت فيه» (2).

و جوابه:أنّه ممنوع؛إذ ظاهره يقتضي أنّه لا يجوز الاعتكاف إلاّ في مصره، و هو خلاف الإجماع،فيجب تأويله،فيحمل على المساجد التي عدّدناها.

و احتجّ أبو حنيفة:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كلّ مسجد له إمام و مؤذّن يعتكف فيه» (3).

و لأنّه قد يأتي عليه الجمعة،فإن خرج،أبطل اعتكافه،و ربّما كان واجبا،و إن لم يخرج،أبطل جمعته،فحينئذ يشترط المسجد الجامع (4).

و الجواب:أنّه مساعدة لنا على قولنا؛إذ هو يتناول ما ذهبنا إليه،أمّا الاقتصار على المعيّن فقد بيّنّا دليله.

فروع:
الأوّل:اعتكاف المرأة كاعتكاف الرجل سواء في اشتراط أحد المساجد التي

عيّنّاها و بالمساواة ذهب علماؤنا أجمع،

و به قال مالك (5)،و أحمد (6)،و الشافعيّ

ص:495


1- 1التهذيب 4:293 الحديث 891،الاستبصار 2:128 الحديث 416،الوسائل 7:400 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [1]
2- 2) المعتبر 2:733، [2]الوسائل 7:402 الباب 3 من أبواب الاعتكاف الحديث 11. [3]
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:200 الحديث 5،كنز العمّال 8:531 الحديث 24009.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:115،بدائع الصنائع 2:113،شرح فتح القدير 2:308.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:231،مقدّمات ابن رشد 1:191،إرشاد السالك:53،بلغة السالك 1:255.
6- 6) قال أحمد:لا يصحّ الاعتكاف من رجل و لا امرأة إلاّ في المسجد،و لكن في الرجال لا يصحّ إلاّ في مسجد تقام فيه الجماعة،و للمرأة أن تعتكف في كلّ مسجد،ينظر:المغني 3:129،الشرح الكبير بهامش المغني 3:131-132،الكافي لابن قدامة 1:496،الإنصاف 3:364،زاد المستقنع:30.

في الجديد.

و قال في القديم:يجوز أن تعتكف في مسجد بيتها و هو الموضع الذي جعلته لصلاتها من بيتها فجوّز الاعتكاف في منزلها (1).

و قال أبو حنيفة:إنّه أفضل (2).

لنا:أنّها قربة يشترط فيها المسجد في حقّ الرجل فيشترط فيها في حقّ المرأة كالطواف.

و أيضا:ما تقدّم من عموم قولهم عليهم السلام:«لا اعتكاف إلاّ في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة» (3).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه موضع فضيلة صلاتها،فكان موضعا لاعتكافها،كالمسجد في حقّ الرجل (4).

و الجواب:أنّ الصلاة غير معتبرة في الاعتكاف؛لأنّ فضيلة صلاة الرجل النافلة (5)متعلّقة بمنزله،و لا يصحّ له الاعتكاف فيه و لا الجمعة،و كذلك (6)المرأة لا تصحّ منها الجمعة في منزلها.

ص:496


1- 1حلية العلماء 3:372،المهذّب للشيرازيّ 1:190،المجموع 6:480، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6: 502-503، [2]مغني المحتاج 1:451.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:119،تحفة الفقهاء 1:372-373،بدائع الصنائع 2:113،الهداية للمرغينانيّ 1:132،شرح فتح القدير 2:308-309،مجمع الأنهر 1:256،عمدة القارئ 11:142.
3- 3) تقدّم في ص 493. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:119،تحفة الفقهاء 1:373،بدائع الصنائع 2:113،الهداية للمرغينانيّ 1: 132،شرح فتح القدير 2:309،مجمع الأنهر 1:256.
5- 5) ص:بالنافلة،و ع:للنافلة.
6- 6) ع،خا و ق:و كذا.
الثاني:هل يجوز أن يعتكف على سطح المسجد؟

قال بعض الجمهور:نعم؛ لأنّ سطح المسجد من المسجد،و لهذا يمنع منه الجنب،كما يمنع من سفله (1).

الثالث:قال الشيخ في الخلاف:لو نذر اعتكافا في أحد المساجد الأربعة،لزم،

و لا يجزئه لو عدل إلى غير ما نذره (2).

و قال الشافعيّ:إن نذر الاعتكاف في المسجد الحرام،لزم،و إن نذر بغيره (3)، لم يلزم (4).

لنا:أنّه نذر في طاعة،فيجب عليه الوفاء به،و لا يتحقّق إلاّ بفعل ما نذره على الصفة المنذورة،فيجب أن لا يجزئ مع عدمها.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لا يتعلّق به عبادة شرعيّة،و النذر تعلّق (5)بمطلق الاعتكاف و قد حصل (6).

و الجواب:المنع من ذلك،و كذا البحث في الصلاة لو نذر فعلها في موضع تعيّن عليه إذا كان لذلك المكان مزيّة على غيره بأن يكون مسجدا أو موضع عبادة،أمّا إذا لم يكن،فالأقرب عندي تعلّق النذر بالصلاة مطلقا.

الرابع:لو نذر الاعتكاف في مسجد معيّن فانهدم،اعتكف في موضع منه،

فإن لم يقدر،خرج من الاعتكاف،فإذا بني المسجد،رجع و أتمّ اعتكافه،أو استأنفه على التفصيل الآتي.

ص:497


1- 1المغني 3:138،المجموع 6:480،المبسوط للسرخسيّ 3:126.
2- 2) الخلاف 1:410 مسألة-31.
3- 3) ص:لغيره،ق و خا:غيره.
4- 4) حلية العلماء 3:218،المهذّب للشيرازيّ 1:190،المجموع 6:480-481،فتح العزيز بهامش المجموع 6:503،مغني المحتاج 1:451،السراج الوهّاج:147-148.
5- 5) بعض النسخ:يتعلّق.
6- 6) المجموع 6:481.
النظر الثالث:في الأحكام
مسألة:لا يجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه إلاّ لضرورة.
اشارة

و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور عن عائشة قالت:السنّة للمعتكف أن لا يخرج إلاّ لما لا بدّ له منه (1).

و قالت أيضا:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأرجّله،و كان لا يدخل البيت إلاّ لحاجة الإنسان (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الموثّق-عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يخرج المعتكف من المسجد إلاّ في حاجة» (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بدّ منها،ثمّ لا يجلس حتّى يرجع و لا يخرج في شيء إلاّ لجنازة أو يعود مريضا،و لا يجلس حتّى يرجع،و اعتكاف المرأة مثل ذلك» (4).

و لأنّ الاعتكاف هو اللبث في المسجد،فمع خروجه لا يصدق الاسم.

ص:498


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:201 الحديث 11،12،سنن البيهقيّ 4:320-321،و فيهما:...أن لا يخرج إلاّ لحاجة الإنسان.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:62 و 63،صحيح مسلم 1:244 الحديث 297،سنن أبي داود 2:332 الحديث 2467، [1]سنن الترمذيّ 3:167 الحديث 804، [2]الموطّأ 1:312 الحديث 1، [3]مسند أحمد 6:181، [4]سنن البيهقيّ 4:320،أحكام القرآن للجصّاص 1:309. [5]
3- 3) التهذيب 4:293 الحديث 891،الاستبصار 2:128 الحديث 416،الوسائل 7:409 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [6]
4- 4) التهذيب 4:288 الحديث 871،الوسائل 7:408 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [7]
فروع:
الأوّل:لو خرج لغير عذر أبطل اعتكافه؛لأنّ الاعتكاف:لبث في المسجد

للعبادة،

فالخروج مناف له.

الثاني:يبطل بالخروج لغير عذر و إن قصر الزمان.

و به قال الشافعيّ (1)، و أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و أحمد (4).

و قال أبو يوسف،و محمّد:لا يبطل حتّى يكون أكثر من نصف يوم (5).

لنا:أنّه خرج من معتكفه لغير حاجة،فوجب أن يبطل اعتكافه،كما لو كان أكثر من نصف النهار.

احتجّا:بأنّ اليسير معفوّ عنه و إن كان لغير حاجة،كما لو خرج للحاجة ثمّ يأتي في مشيه و كان يمكنه أن يمشي أسرع من ذلك؛فإنّه يعفى عنه؛لقلّته،كذلك هاهنا (6).

و الجواب:أنّ المشي يختلف فيه طباع الناس،و إنّما ينبغي أن يمشي على حذو مشيه؛لأنّ عليه مشقّة في تغييره،بخلاف صورة النزاع،فإنّه لا حاجة إليه هاهنا.

الثالث:يجوز أن يخرج رأسه ليرجّل شعره و يخرج يده

و بعض جوارحه لما

ص:499


1- 1حلية العلماء 3:221،المهذّب للشيرازيّ 1:192،المجموع 6:500،مغني المحتاج 1:453، السراج الوهّاج:148.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:118،تحفة الفقهاء 1:374،بدائع الصنائع 2:115،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:310،مجمع الأنهر 1:257.
3- 3) بداية المجتهد 1:328،إرشاد السالك:52،بلغة السالك 1:256،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:205.
4- 4) المغني 3:135،الشرح الكبير بهامش المغني 3:153،الكافي لابن قدامة 1:501،الإنصاف 3:379.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:118،تحفة الفقهاء 1:374،بدائع الصنائع 2:115،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:310،مجمع الأنهر 1:257.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:118،بدائع الصنائع 2:115،شرح فتح القدير 2:310.

يعرض من حاجة إلى ذلك؛لأنّ المنافي للاعتكاف خروجه بجملته لا خروج بعضه،و حديث عائشة (1)دلّ عليه.

الرابع:إذا خرج لغير حاجة و قد مضى ثلاثة أيّام،صحّ اعتكافه الماضي و بطل

من حين خروجه.

هذا إن (2)كان تطوّعا،أو كان واجبا غير متتابع،أو متتابعا من حيث الوقت بأن ينذر الشهر الفلانيّ أو العشر الفلانيّ-مثلا-فهذا إذا خرج ثمّ عاد،تجدّد الاعتكاف من حين عوده.

أمّا لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط،فإن خرج أبطل اعتكافه الأوّل و استأنف من حين عوده و قضى ما مضى من الأيّام.

مسألة:و يجوز له أن يخرج للبول و الغائط،و قد أجمع أهل العلم على ذلك؛
اشارة

لأنّ هذا لا بدّ منه،و لا يجوز فعله في المسجد،فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه، لم يصحّ لأحد الاعتكاف.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعتكف،و كان يخرج لقضاء الحاجة (3).

و المراد بحاجة الإنسان:البول و الغائط،كني بذلك عنهما؛لعموم الحاجة إليهما.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن داود بن سرحان،قال:كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أريد أن اعتكف فما ذا أقول و ما ذا أفرض على نفسي؟فقال:«لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بدّ منها،و لا تقعد

ص:500


1- 1صحيح البخاريّ 3:62 و 63،صحيح مسلم 1:244 الحديث 297،سنن أبي داود 2:332 الحديث 2467،سنن الترمذيّ 3:167 الحديث 804،الموطّأ 1:312 الحديث 1،مسند أحمد 6:181،أحكام القرآن للجصّاص 1:309،سنن البيهقيّ 4:320.
2- 2) بعض النسخ:إذا.
3- 3) ع و ج:حاجته،مكان:الحاجة.

تحت ظلال حتّى تعود إلى مجلسك» (1)و كذا في حديث الحلبيّ عنه عليه السّلام (2).

فروع:
الأوّل:لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها،

إلاّ أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام (3)فيجد المشقّة بدخولها لأجل الناس،فعندي هاهنا يجوز أن يعدل عنها إلى منزله و إن كان أبعد.

الثاني:لو بذل له صديق منزله-و هو قريب من المسجد-لقضاء حاجته،

لم يلزمه الإجابة؛لما فيه من المشقّة بالاحتشام،بل يمضي إلى منزله.

الثالث:لا فرق بين أن يكون منزله بعيدا بعدا متفاحشا أو غير متفاحش في

ذلك ما لم يخرج عن مسمّى الاعتكاف

بأن يكون منزله خارج البلد مثلا.

الرابع:لو كان له منزلان أحدهما أقرب،تعيّن عليه المضيّ إليه.

و قال بعض الشافعيّة:يجوز أن يمضي إلى الأبعد (4).و ليس بمعتمد؛لأنّه لا ضرر عليه في الأقرب،فعدوله يقتضي خروجه لغير حاجة.

الخامس:لو احتلم،وجب عليه أن يبادر إلى الغسل؛

لأنّ الجنب يحرم عليه الاستيطان في المسجد و لا يلزمه الغسل في المسجد و إن أمكن.

مسألة:و لو اعتكف في المسجد،و أقيمت الجمعة في غيره،
اشارة

إمّا لضرورة اتّفقت،كما اخترناه،أو لأنّه اعتكف في مسجد لا يجمّع فيه،كما ذهب إليه غيرنا،

ص:501


1- 1التهذيب 4:287 الحديث 870،الوسائل 7:408 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:288 الحديث 871،الوسائل 7:408 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [2]
3- 3) حشم يحشم،مثل:خجل يخجل،وزنا و معنى.المصباح المنير:37.
4- 4) حلية العلماء 3:222،المهذّب للشيرازيّ 1:192،المجموع 6:501.

خرج لأدائها و لم يبطل اعتكافه.و به قال أبو حنيفة (1)،و أحمد (2).

و قال الشافعيّ:لا يعتكف في غير الجامع إذا كان اعتكافه يتخلّله جمعة،فإن نذر اعتكافا متتابعا،فخرج منه لصلاة الجمعة،بطل اعتكافه،و عليه الاستئناف (3).

لنا:أنّه خرج لأداء واجب عليه،فلا يبطل به اعتكافه،كما لو خرج لأداء الشهادة أو لإنقاذ غريق أو إطفاء حريق.

احتجّ:بأنّه أمكنه فرضه بحيث لا يخرج منه،فبطل بالخروج،كالمكفّر إذا ابتدأ صوم الشهرين المتتابعين في شعبان أو ذي الحجّة (4).

و الجواب:أنّه إذا نذر أيّاما معيّنة فيها جمعة،فكأنّه استثنى الجمعة بلفظه، و يبطل ما ذكره بما لو نذرت المرأة اعتكاف أيّام متتابعة فيها عادة حيضها.

فروع:
الأوّل:إذا خرج لواجب كالجمعة-مثلا-فهو على اعتكافه ما لم يطل ؛

(5)

لأنّه خروج لا بدّ منه شرعا،فأشبه ما لا بدّ منه ضرورة،كالحاجة.

الثاني:إذا خرج للجمعة،عجّل و لا يطيل المكث،

قال به أبو حنيفة (6)،و قال بعض أصحابه:يجوز أن يجلس يوما (7).

ص:502


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:117،تحفة الفقهاء 1:373،بدائع الصنائع 2:114،الهداية للمرغينانيّ 1:132-133،شرح فتح القدير 2:309،مجمع الأنهر 1:256.
2- 2) المغني 3:132،الشرح الكبير بهامش المغني 3:143،الكافي لابن قدامة 1:499،الإنصاف 3:372.
3- 3) حلية العلماء 3:223،المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:513-514،الميزان الكبرى 2:31.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:513.
5- 5) ص،ج،ح،خا و ق:ما لم يبطل.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:118،تحفة الفقهاء 1:372،بدائع الصنائع 2:114،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:309.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:118،تحفة الفقهاء 1:374،بدائع الصنائع 2:114،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:310.

و قال أحمد:يجوز أن يتمّ اعتكافه فيه (1).

لنا:أنّ المكان تعيّن بإنشاء الاعتكاف فيه أو بالنذر إن كان منذورا.

احتجّوا:بأنّ الجامع محلّ الاعتكاف،و المكان لا يتعيّن للاعتكاف بنذره و تعيينه،فمع عدمه أولى (2).

و الجواب:المنع،و قد تقدّم السند.

الثالث:لو فصل الجامع الذي يجوز الاعتكاف فيه بحاجز،جاز أن يعتكف في

كلّ واحد منهما؛

لأنّه بعضه،و ليس له أن يخرج من أحدهما إلى الآخر إلاّ لضرورة أو لحاجة (3)من حرّ أو برد أو غير ذلك.

أمّا لو كان أحد الموضعين ملاصقا للآخر بحيث لا يحتاج إلى المشي في غيرهما،جاز له أن يخرج من أحدهما إلى الآخر.

مسألة:قال علماؤنا:يجوز له أن يخرج لتشييع الجنازة،

و عيادة المريض، و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام.و به قال سعيد بن جبير و النخعيّ، و الحسن (4).

و قال الشافعيّ:ليس له ذلك (5)،و به قال عطاء،و عروة،و مجاهد، و الزهريّ (6)،و مالك (7)،و أصحاب الرأي (8).و عن أحمد روايتان (9).

ص:503


1- 1المغني 3:133،الشرح الكبير بهامش المغني 3:143.
2- 2) المغني 3:133،الشرح الكبير بهامش المغني 3:143.
3- 3) ع و ج:أو حاجة.
4- 4) المغني 3:136،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148،المجموع 6:512.
5- 5) الأمّ 2:105،المهذّب للشيرازيّ 1:192،المجموع 6:512،فتح العزيز بهامش المجموع 6:533، مغني المحتاج 1:458.
6- 6) المغني 3:136،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148،المجموع 6:512.
7- 7) الموطّأ 1:312،المدوّنة الكبرى 1:227،إرشاد السالك:52،بلغة السالك 1:258.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:118،تحفة الفقهاء 1:373،بدائع الصنائع 2:114،شرح فتح القدير 3:310،مجمع الأنهر 1:257.
9- 9) المغني 3:136،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148،الإنصاف 3:375. [1]

لنا:ما رواه الجمهور عن عاصم بن ضمرة،عن عليّ عليه السّلام قال:«إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة،و ليعد المريض،و ليحضر الجنازة،و ليأت أهله، و ليأمرهم بالحاجة و هو قائم» (1)رواه أحمد و الأثرم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و لا يخرج في شيء إلاّ لجنازة،أو يعود مريضا،و لا يجلس حتّى يرجع» (2).و لأنّه مستحبّ مؤكّد و الاعتكاف للعبادة،فلا يمنع من مؤكّداتها.

احتجّ المخالف:بما روته عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا اعتكف لا يدخل البيت إلاّ لحاجة الإنسان (3).

و عنها أنّها قالت:السنّة على المعتكف أن لا يعود مريضا،و لا يشهد جنازة، و لا يمسّ امرأة و لا يباشرها،و لا يخرج لحاجة إلاّ لما لا بدّ منه (4).

و لأنّه ليس بواجب،فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب من أجله (5).

و الجواب:أنّ الحديث الأوّل نقول بموجبه،و لا دلالة فيه على موضع النزاع.

و الحديث الثاني غير مسند (6)إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قول عائشة ليس بحجّة،و كونه ليس بواجب:لا يمنع من فعله الاعتكاف،كقضاء الحاجة.

ص:504


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:136،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148.و بتفاوت،ينظر:سنن الدار قطنيّ 2:200 الحديث 7،المصنّف لعبد الرزّاق 4:356 الحديث 8049،و [1]لم نعثر عليه في مسند أحمد.
2- 2) التهذيب 4:288 الحديث 871.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:63،سنن أبي داود 2:332 الحديث 2467، [2]سنن الترمذيّ 3:167 الحديث 804، [3]سنن ابن ماجة 1:565 الحديث 1776،سنن البيهقيّ 4:320.
4- 4) سنن أبي داود 2:333 الحديث 2473، [4]سنن الدارقطنيّ 2:201 الحديث 12،سنن البيهقيّ 4:320.
5- 5) المغني 3:136،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148،المجموع 6:512.
6- 6) ص،ق و خا:مستند.
مسألة:و يجوز الخروج لإقامة الشهادة،سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا،

متتابعا أو غير متتابع،تعيّن عليه التحمّل و الأداء أو لم يتعيّن عليه أحدهما،إذا دعي إليها.

و قال الشافعيّ:إن تعيّنا عليه،خرج و لا يبطل اعتكافه المتتابع،و إن لم يتعيّنا عليه و لا واحد منهما،انقطع التتابع بخروجه،و يستأنف إذا عاد،و إن تعيّن عليه التحمّل دون الأداء،فكما لو لم يتعيّنا عليه،و إن كان بالعكس فقولان (1).

لنا:أنّ إقامة الشهادة ممّا لا بدّ منه،فصار ضروريّا،كقضاء الحاجة،فلا يكون مبطلا.

و إذا دعي إليها مع عدم التعيين،تجب الإجابة،فلا يمنع الاعتكاف منه.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه خرج لغير حاجة فأبطل التتابع (2).

و جوابه:المنع من المقدّمة الأولى،و يقيمها قائما و لا يقعد.

إذا عرفت هذا،فإذا (3)جاز لإقامة الشهادة مع التعيين فهل يجوز مع عدمه، الأقرب عدمه.

و يجوز أن يخرج لزيارة الوالدين؛لأنّه طاعة،فلا يكون الاعتكاف مانعا منها.

و كذا يجوز أن يخرج في حاجة أخيه المؤمن؛لأنّه طاعة،فلا يمنع الاعتكاف منها.

ص:505


1- 1حلية العلماء 3:223-224،المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:515،فتح العزيز بهامش المجموع 6:638،مغني المحتاج 1:458.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:515،فتح العزيز بهامش المجموع 6:538،مغني المحتاج 1:458.
3- 3) كثير من النسخ:فكذا،مكان:فإذا.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن ميمون بن مهران (1)قال:كنت جالسا عند الحسن بن عليّ عليهما السلام،فأتاه رجل فقال له:يا ابن رسول اللّه إنّ فلانا له عليّ مال و يريد أن يحبسني،فقال:«و اللّه ما عندي مال فأقضي عنك»قال:فكلّمه فلبس عليه السّلام نعله،فقلت له:يا ابن رسول اللّه أنسيت اعتكافك؟فقال:«لم أنس و لكنّي سمعت أبي عليه السّلام يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنّما عبد اللّه عزّ و جلّ تسعة آلاف سنة،صائما نهاره،قائما ليله» (2).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز أن يخرج ليؤذّن في منارة خارجة عن
اشارة

المسجد

و إن كان بينه و بين المسجد فضاء،و لا يكون مبطلا لاعتكافه (3).

و للشافعيّ قولان فيما إذا كان بينهما فضاء و ليست في رحبة المسجد،بل خارجة عنه و عنها (4).

و احتجّ الشيخ:بأنّ هذه المنارة بنيت للمسجد و أذانه،فصارت كالمتّصلة به.

و لأنّ الحاجة قد تدعو إلى ذلك بأن يكون مؤذّن المسجد و قد عرف صوته

ص:506


1- 1ميمون بن مهران قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه 2:123 الحديث 538،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام،و ذكره المصنّف في آخر القسم الأوّل من الخلاصة من أولياء أمير المؤمنين عليه السّلام؛قال المامقانيّ:و استظهر المحقّق الوحيد عدم كون من في طريق الصدوق من خواصّ أمير المؤمنين عليه السّلام؛لأنّ الراوي عنه في طريق الصدوق هو الحسين بن المختار و دركه له بعيد،ثمّ قال:إنّه استبعاد بغير منشأ و هو أدرى بمقاله،و قال السيّد الخوئيّ:الظاهر أنّ ميمون بن مهران هذا هو الذي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام،و عليه فالحسين بن المختار بيّاع الأكفان إمّا أنّه غير الحسين بن المختار القلانسيّ الذي أدرك الرضا عليه السّلام،أو أنّ في السند إرسالا،و على كلّ حال فالطريق ضعيف.رجال الطوسيّ:58،رجال العلاّمة:192، [1]تنقيح المقال 3:265، [2]معجم رجال الحديث 19:139. [3]
2- 2) الفقيه 2:123 الحديث 538،الوسائل 7:409 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 4. [4]
3- 3) المبسوط 1:294،الخلاف 1:406 مسألة-16.
4- 4) حلية العلماء 3:223،المهذّب للشيرازيّ 1:192،المجموع 6:505-506،فتح العزيز بهامش المجموع 6:503،مغني المحتاج 1:459،السراج الوهّاج:150.

و وثق بمعرفته بالأوقات،فجاز له ذلك.

و فيما ذكره الشيخ-رحمه اللّه-إشكال؛لأنّ الأذان و إن كان مندوبا إلاّ أنّه يمكن فعله في المسجد،فيبقى الخروج لغير ضرورة.أمّا لو فرض أن يكون هو المؤذّن و قد اعتاد الناس بصوته،و يبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذّن في المسجد، لم أستبعد (1)قول الشيخ رحمه اللّه.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو خرج إلى دار الوالي و قال:حيّ على

الصلاة أيّها الأمير،أو قال:الصلاة أيّها الأمير،بطل اعتكافه .

(2)

و هو جيّد؛لأنّه خرج من معتكفه لغير ضرورة،فأبطل اعتكافه،كما تقدّم.

و للشافعيّ قول بالجواز؛لأنّ عائشة روت أنّ بلالا جاء فقال:السلام عليك يا رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته،الصلاة يرحمك اللّه (3).

و الجواب:أنّه في غير الاعتكاف.

الثاني:يجوز للمعتكف الصعود إلى السطح في المسجد؛لأنّه من جملته.

و به قال الفقهاء الأربعة (4)،و يجوز أن يبيت فيه.

الثالث:لو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه،لم يجز له الخروج

إليها إلاّ لضرورة.

و عن أحمد روايتان (5).

ص:507


1- 1بعض النسخ:لم يستبعد.
2- 2) المبسوط 1:294. [1]
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المغني 3:138، [2]المجموع 6:505،المبسوط للسرخسيّ 3:126،بلغة السالك 1:258.
5- 5) المغني 3:138-139،الشرح الكبير بهامش المغني 3:150-151،الكافي لابن قدامة 1:502، الإنصاف 3:364-365. [3]

لنا:أنّها خارجة عن المسجد فكانت كغيرها.

احتجّ أحمد:بأنّها تابعة له و معه،فكانت بمنزلته (1).

و الجواب:تابع الشيء و مصاحبه غيره،و مساواتها في الحكم يحتاج إلى دليل، و لا فرق بين أن يكون عليها حائط و باب أو لم يكن.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا خرج المعتكف لضرورة،

لا يمشي تحت الظلال و لا يقف فيه-إلاّ عند الضرورة-إلى أن يعود إلى المسجد،ذكره في النهاية (2).

و قال أبو الصلاح:لا يجلس تحت سقف (3).

و في تحريم المشي تردّد و الأقرب الاقتصار في المنع على الجلوس تحت سقف أو غير سقف؛لرواية داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لا تقعد تحت ظلال حتّى تعود إلى مجلسك» (4).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بدّ منها،ثمّ لا يجلس حتّى يرجع، و لا يخرج في شيء إلاّ لجنازة أو يعود مريضا،و لا يجلس حتّى يرجع» (5).

أمّا المشي تحت الظلال ففيه الإشكال (6).

قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:ليس للمعتكف إذا خرج من المسجد

ص:508


1- 1المغني 3:139،الشرح الكبير بهامش المغني 3:151،الكافي لابن قدامة 1:502،الإنصاف 3:365.
2- 2) النهاية:172. [1]
3- 3) الكافي في الفقه:187. [2]
4- 4) الكافي 4:178 الحديث 2، [3]الفقيه 2:122 الحديث 528،التهذيب 4:287 الحديث 870،الوسائل 7:408 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [4]
5- 5) الكافي 4:178 الحديث 3، [5]الفقيه 2:122 الحديث 529،التهذيب 4:288 الحديث 871،الوسائل 7:408 الباب 7 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [6]
6- 6) بعض النسخ:إشكال.

أن يستظلّ بسقف حتّى يعود إليه،و الثوريّ يوافق الشيعة الإماميّة في ذلك.

و حكى عنه الطحاويّ في كتاب الاختلاف أنّ المعتكف لا يدخل تحت سقف إلاّ أن يكون ممرّه فيه،فإن دخل فسد اعتكافه،و باقي الفقهاء يجيزون له الاستظلال بالسقف.ثمّ استدلّ على قوله-رحمه اللّه-بالإجماع،و طريقة الاحتياط،و اليقين بأنّ العبادة ما فسدت[إلاّ بيقين] (1)،و لا يقين إلاّ باجتناب ما ذكرناه (2).

مسألة:لا يجوز له أن يصلّي في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلاّ بمكّة
اشارة

خاصّة،

فإنّه يصلّي في أيّ بيوتها شاء.قاله علماؤنا؛لأنّها حرم،فلها حرمة ليست لغيرها.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان قال:المعتكف بمكّة يصلّي في أيّ بيوتها شاء،سواء عليه في المسجد صلّى أو في بيوتها (3).

و أسنده ابن بابويه عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المعتكف بمكّة يصلّي في أيّ بيوتها شاء سواء عليه صلّى في المسجد أو في بيوتها» (4).ثمّ قال بعد كلام«و لا يصلّي المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلاّ بمكّة،فإنّه يعتكف بمكّة حيث شاء؛لأنّها كلّها حرم» (5).

و قال الشيخ:قوله عليه السّلام:«يعتكف بمكّة حيث شاء»إنّما يريد به:يصلّي صلاة الاعتكاف؛لأنّه شرع في بيان صلاة المعتكف فقال:«و لا يصلّي المعتكف

ص:509


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) ينظر:الانتصار:74.
3- 3) التهذيب 4:292 الحديث 890،الاستبصار 2:127 الحديث 415.
4- 4) الفقيه 2:121 الحديث 522،الوسائل 7:410 الباب 8من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 4:293 الحديث 891،الاستبصار 2:128 الحديث 416،الوسائل 7:410 الباب 8 من أبواب الاعتكاف الحديث 3 و [2]الرواية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلاّ بمكّة»لأنّ الاستثناء يقتضي ذلك،و إلاّ لكان من غير الجنس (1).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-أيضا عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«المعتكف بمكّة يصلّي في أيّ بيوتها شاء،و المعتكف في غيرها لا يصلّي إلاّ في المسجد الذي سمّاه» (2).

فرع:

كلام الشيخ-رحمه اللّه-يقتضي أنّ الصلاة في البيوت مع الضرورة،بأن يخرج من المسجد لحاجة،ثمّ يحضر وقت الصلاة و هو في بيت من بيوت مكّة،فإنّه يصلّي فيها،بخلاف غير مكّة،فإنّه لا يجوز له أن يصلّي حتّى يرجع إلى المسجد.

آخر:لو اعتكف (3)في غير مكّة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة حتّى ضاق وقت الصلاة عن عوده،صلّى أين شاء،و لم يبطل اعتكافه؛لأنّه صار ضروريّا،فيكون معذورا،كالمضيّ إلى الجمعة.

مسألة:و إذا طلّقت المعتكفة أو مات زوجها،فخرجت و اعتدّت في بيتها،

استقبلت الاعتكاف،

(4)

قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

و بالجملة:فللمرأة الخروج إذا طلّقت للعدّة في بيتها و يجب عليها ذلك.و به

ص:510


1- 1التهذيب 4:293.
2- 2) التهذيب 4:293 الحديث 892،الاستبصار 2:128 الحديث 417،الوسائل 7:410 الباب 8 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [1]
3- 3) ص و ع:إذا اعتكف.
4- 4) ح:استأنفت.
5- 5) المبسوط 1:294. [2]

قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).

و قال ربيعة (3)،و مالك (4)،و ابن المنذر:تمضي في اعتكافها حتّى تفرغ منه، ثمّ ترجع إلى بيت زوجها فتعتدّ فيه (5).

لنا:قوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ (6).

و لأنّ الاعتداد في بيتها واجب،فلزمها الخروج إليه،كالجمعة في حقّ الرجل.

احتجّوا:بأنّ الاعتكاف المنذور واجب،و الاعتداد في بيت الزوج واجب،و قد تعارضا،فيقدّم الأسبق (7).

و الجواب:ينتقض بالخروج إلى الجمعة و سائر الواجبات،أمّا استئناف الاعتكاف فإنّه يصحّ على تقدير أن يكون الاعتكاف واجبا و لم يشترط الرجوع.

مسألة:و لو أخرجه السلطان فإن كان ظلما،مثل أن يطالبه بما ليس عليه،أو

بما هو عليه و هو مفلّس لم يبطل اعتكافه،

و إذا عاد بنى؛لقوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي الخطأ،و النسيان،و ما استكرهوا عليه» (8).

و إن أخرجه بحقّ،مثل إقامة حدّ أو استيفاء دين يتمكّن من قضائه،بطل

ص:511


1- 1الأمّ 2:108،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:61،حلية العلماء 3:224،المهذّب للشيرازيّ 1:193، المجموع 6:516،فتح العزيز بهامش المجموع 6:538-539،مغني المحتاج 1:459.
2- 2) المغني 3:151،الشرح الكبير بهامش المغني 3:147،الكافي لابن قدامة 1:502.
3- 3) المغني 3:151،الشرح الكبير بهامش المغني 3:147.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:231،بلغة السالك 1:260،المغني 3:151،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148.
5- 5) المغني 3:151، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:148. [2]
6- 6) الطلاق(65):1. [3]
7- 7) المغني 3:151،الشرح الكبير بهامش المغني 3:148.
8- 8) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالى اللئالئ 1:232 الحديث 131. و [4]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:196.و من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [5]

اعتكافه و استأنف،قاله الشيخ (1)-رحمه اللّه (2)-.و به قال الشافعيّ فيمن عليه دين،أمّا من عليه إقامة حدّ فإنّه يبني عند الشافعيّ (3).

لنا:أنّ التفريط وقع منه و أحوج نفسه إلى الإخراج مع تمكّنه من تركه،فكان كمن يخرج مختارا.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه مكره على الخروج،و لا اعتبار باختيار السبب (4).

و الجواب:ينتقض ما ذكرته على أصلك بأداء الشهادة إذا كان مختارا في تحمّلها،فإنّه يبطل اعتكافه عنده لو خرج لأدائها مضطرّا.و هذا الذي ذكره الشيخ -رحمه اللّه-ينبغي تقييده بعدم مضيّ ثلاثة أيّام،أمّا إذا مضت الثلاثة و لم يشترط التتابع،فإنّه لا يستأنف،بل يصحّ اعتكافه (5)،و يأتي بما زاد إن كان واجبا.

مسألة:و لو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه،بل يرجع مع الذكر،فإن استمرّ مع

الذكر،أبطل الاعتكاف مع المكنة.

و قال بعض الجمهور:يبطل الاعتكاف بخروجه سهوا (6).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي الخطأ،و النسيان» (7).

ص:512


1- 1أكثر النسخ:قال الشيخ.
2- 2) المبسوط 1:295. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:193-194،المجموع 6:522،فتح العزيز بهامش المجموع 6:537-538، مغني المحتاج 1:458-459.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:194،فتح العزيز بهامش المجموع 6:537-538.
5- 5) كثير من النسخ:اعتكافها.
6- 6) المغني 3:138، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:153، [3]المجموع 6:521،تحفة الفقهاء 1:375،بلغة السالك 1:256.
7- 7) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالى اللئالئ 1:232 الحديث 131. و [4]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2043،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:196،مجمع الزوائد 6:250.و من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2. [5]

و لأنّه فعل المنهيّ عنه ناسيا،فلا يقتضي فساد العبادة،كالأكل في الصوم.

احتجّ:بأنّه ترك الاعتكاف و هو لزوم المسجد،و ترك الشيء عمده و سهوه سواء،كترك النيّة في الصوم (1).

و الجواب:نمنع (2)التسوية بين الذكر و عدمه.

مسألة:و إذا مرض المعتكف،فإن كان به قيام متدارك،أو سلس البول،

أو إغماء أو جنون،فإنّه يخرج إجماعا،و إذا برئ بنى و لا يبطل اعتكافه،إلاّ أن يكون قد مضى أقلّ من ثلاثة أيّام عندنا.

و إن كان مرضا خفيفا لا يحتاج معه إلى الخروج من المسجد سواء عليه أقام فيه أو خرج،كحمّى يوم أو صداع يسير أو وجع ضرس و ما أشبهه ممّا لا يضطرّ معه إلى الخروج،لا يخرج من المسجد،و لو خرج أبطل اعتكافه،و وجب عليه الاستئناف إن كان واجبا متتابعا.و إن كان مريضا يشقّ معه المقام في المسجد و يحتاج إلى الفراش و الطبيب و المعالجة،جاز له الخروج إجماعا،فإذا برئ هل يقضي أم لا؟للشافعيّ قولان:

أحدهما:يقضي إن كان واجبا.

و الثاني:بنى إن كان واجبا أيضا (3).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قال:متى عرض للمعتكف مرض أو جنون أو إغماء أو حيض،أو طلبه سلطان يخاف على نفسه أو ماله،فإنّه يخرج،ثمّ إن كان خرج و قد مضى أكثر مدّة اعتكافه،عاد بعد زوال عذره،و بنى على ما تقدّم و أتمّ ما بقي،و إن لم يكن مضى أكثر من النصف،استأنف الاعتكاف،سواء كان

ص:513


1- 1المغني 3:138،الشرح الكبير بهامش المغني 3:153.
2- 2) ع:بمنع،مكان:نمنع.
3- 3) الأمّ 2:105،حلية العلماء 3:224،المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:517،فتح العزيز بهامش المجموع 6:536،مغني المحتاج 1:458،السراج الوهّاج:150.

الاعتكاف واجبا أو مندوبا؛لأنّا قد بيّنّا أنّه يجب بالدخول فيه إلاّ ما استثناه من الشرط (1).

و لا نعرف للشيخ-رحمه اللّه-تمسّكا سوى القياس على الشهرين المتتابعين، لكنّ الشيخ-رحمه اللّه-لا يعمل بالقياس.

و الأولى في هذا المقام أن يقال:إن كان الاعتكاف مندوبا،لم يجب عليه القضاء و إن كان واجبا فإمّا أن يكون ثلاثة أيّام أو أزيد،فإن كان ثلاثة أيّام لا غير، استأنف الاعتكاف؛لأنّ ما بقي أقلّ من ثلاثة و يجب عليه الإتيان بها،و لا يمكن إلاّ بإكمال ثلاثة أيّام على ما سلف،فوجب الاستئناف؛لضرورة الإتيان بالباقي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا مرض المعتكف،أو طمثت المرأة المعتكفة،فإنّه يأتي بيته ثمّ يعيد إذا برئ و يصوم» (2).

و إن كان أزيد من ثلاثة أيّام،فإن كان قد حصل العارض بعد الثلاثة،خرج، و إذا عاد بنى،فإن كان الباقي ثلاثة فما زاد،أتى بها،و إن كان دونها،أتى بثلاثة، و إن حصل العارض قبل الثلاثة،فهو في محلّ التردّد من حيث عموم الحديث الدالّ على الاستئناف،و من حيث حصول العارض المقتضي للضرورة،فكان كالخروج للحاجة،و الأقرب عدم الاستئناف.

مسألة:و إذا حاضت المرأة،خرجت من المسجد إلى بيتها إلى أن تطهر،
اشارة

ثمّ تعود بعد طهرها إلى الاعتكاف،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (3)،

ص:514


1- 1المبسوط 1:293. [1]
2- 2) التهذيب 4:294 الحديث 893،الوسائل 7:412 الباب 11 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:193،المجموع 6:519،فتح العزيز بهامش المجموع 6:534،مغني المحتاج 1:455.

و مالك (1)،و ربيعة،و الزهريّ،و عمرو بن دينار (2).

و قال أحمد:إن لم يكن للمسجد رحبة،رجعت إلى منزلها،و إن كان له رحبة خارجة يمكن أن يضرب فيه خباءها،يضرب خباءها فيها مدّة حيضها (3).

و قال النخعيّ:يضرب فسطاطها في دارها،فإذا طهرت،قضت تلك الأيّام،و إن دخلت بيتا أو سقفا استأنفت (4).

لنا:على خروجها من المسجد:قوله عليه السّلام:«لا أحلّ المسجد لحائض و لا جنب» (5).

و لأنّ الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد،فهو كالجنابة و آكد منه، و لا نعرف في وجوب خروجها خلافا.

و أمّا رجوعها إلى منزلها فلأنّه وجب عليها الخروج من المسجد،فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة في العدّة أو خوف الفتنة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّها ترجع إلى بيتها»و قد تقدّمت الرواية (6).

احتجّ أحمد:بما روته عائشة قالت:كنّ المعتكفات إذا حضن أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإخراجهنّ من المسجد،و أن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتّى يطهرن (7).

ص:515


1- 1الموطّأ 1:317، [1]المدوّنة الكبرى 1:225،226،إرشاد السالك:53،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:259.
2- 2) المغني 3:153،الشرح الكبير بهامش المغني 6:146،المجموع 6:520.
3- 3) المغني 3:153،الشرح الكبير بهامش المغني 3:146،الإنصاف 3:374.
4- 4) المغني 3:153،الشرح الكبير بهامش المغني 3:146،المجموع 6:520.
5- 5) سنن أبي داود 1:60 الحديث 232،سنن ابن ماجة 1:212 الحديث 645،بتفاوت.
6- 6) يراجع:ص 514. [2]
7- 7) المغني 3:154،الشرح الكبير بهامش المغني 3:147.

و الجواب بعد تسليم الحديث:أنّه يحتمل أن يبيّن عليه السّلام أنّ رحبة المسجد ليست منه،أو أنّ (1)الاعتكاف قد كان واجبا عليهنّ،و علم عليه السّلام من حالهنّ توهّم سقوطه عنهنّ بخروجهنّ من المسجد للحيض،فأزال هذا الوهم عنهنّ.

و قول إبراهيم النخعيّ لا تعويل عليه؛إذ هو مخالف لما عليه العلماء.

فروع:
الأوّل:التفصيل الذي ذكرناه في المريض من الاستئناف و عدمه آت هاهنا.
الثاني:حكم النفساء حكم الحائض في ذلك؛

لأنّ النفاس في الحقيقة دم حيض.

الثالث:الاستحاضة لا تمنع الاعتكاف؛لأنّها بالأغسال كالطاهر،و لا تمنع من

الصلاة و لا الطواف.

و قالت عائشة:اعتكفت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة و الصفرة،و ربما و ضعنا الطشت تحتها و هي تصلّي (2).

إذا ثبت هذا،فإنّها تتحفّظ و تتلجّم؛لئلاّ تتعدّى النجاسة إلى المسجد،فإن لم يكن صيانتها منه،خرجت؛لأنّه عذر فأشبه قضاء الحاجة.

مسألة:إذا كان في المسجد الحرام معتكفا،فأحرم بحجّة أو عمرة و هو
اشارة

معتكف،لزمه الإحرام،

و يقيم في اعتكافه إلى أن يتمّ ثمّ يمضي في إحرامه؛لأنّها

ص:516


1- 1ص و ع:و أنّ،مكان:أو أنّ.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:64،سنن أبي داود 2:334 الحديث 2476، [1]سنن ابن ماجة 1:566 الحديث 1780،سنن البيهقيّ 4:323،المغني 3:154،الشرح الكبير بهامش المغني 3:147،المجموع 6:520.

عبادة تبطل بالخروج لغير ضرورة،و لا ضرورة هنا.

أمّا لو خاف فوت الحجّ فإنّه يترك الاعتكاف و يمضي في الحجّ،فإذا فرغ استأنف الاعتكاف واجبا إن كان واجبا،و إلاّ ندبا؛لأنّ الخروج حصل باختياره؛ لأنّه كان يسعه أن يؤخّر الاعتكاف.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو أغمي على المعتكف أيّاما ثمّ أفاق،

لم يلزمه قضاؤه؛

لأنّه لا دليل عليه (1).

الثاني:إذا أخرج رأسه إلى بعض نسائه فغسّلوه،لم يبطل اعتكافه،

كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).و كذا لو أخرج يده أو رجله؛لأنّه بخروج أحد هذه الأعضاء لا يكون خارجا،و لهذا لو حلف ألاّ يخرج لم يحنث بخروج أحد أعضائه.

الثالث:إذا نذر أن يعتكف في أحد المساجد بعينه،أو في زمان بعينه وجب

عليه الإتيان بما نذره،

و قد تقدّم البحث فيه (3).فإن كان فيه اعتكف،و إن كان بعيدا رحل إليه،فإن كان المسجد الحرام لم يدخله إلاّ بحجّة أو عمرة؛لأنّه لا يجوز له دخول مكّة إلاّ محرما.

الرابع:إذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا إن قعد في

المسجد،فله ترك الاعتكاف؛

لأنّ هذه الأشياء ممّا أباح اللّه تعالى ترك الواجب بأصل الشرع لها،كالجمعة و الصلاة،فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه.

ص:517


1- 1المبسوط 1:295. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:67،صحيح مسلم 1:244 الحديث 297،سنن أبي داود 2:332 الحديث 2467، سنن الترمذيّ 3:167 الحديث 804، [2]سنن ابن ماجة 1:565 الحديث 1778،سنن البيهقيّ 4:316.
3- 3) يراجع:ص 483 و 497. [3]

و قد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام:«إنّ واقعة بدر كانت في شهر رمضان فلم يعتكف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا أن كان من قابل اعتكف عشرين يوما،عشرة لعامه،و عشرة قضاء لما فاته» (1)و إذا جاز ترك الاعتكاف من أصله فكذا في انتهائه.

مسألة:و ينبغي للمرأة إذا اعتكفت أن تستتر بشيء؛لأنّ أزواج النبيّ صلّى اللّه

عليه و آله لمّا أردن الاعتكاف،

أمرن بأبنيتهنّ فضربن في المسجد (2).

و لأنّ المسجد يحضره الرجال و قد أمرن بالاختفاء عنهم.

و ينبغي أن تضرب خباءها في ناحية المسجد لا في وسطه،لئلاّ يمنع من اتّصال الصفوف.

و كذا يستحبّ للرجل أيضا أن يستتر بشيء،روى الجمهور عن أبي سعيد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اعتكف في قبّة تركيّة على سدّتها قطعة حصير،قال:

فأخذ الحصير بيده فنحّاها في ناحية القبّة ثمّ أطلع رأسه فكلّم الناس (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد و ضربت له قبّة من شعر و شمّر المئزر و طوى فراشه» (4).

و لأنّه أستر له و أخفى لعمله،و ربّما احتاج إلى الأكل و النوم و ينبغي له

ص:518


1- 1الفقيه 2:120 الحديث 518،الوسائل 7:397 الباب 1 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:331 الحديث 2464،سنن ابن ماجة 1:563 الحديث 1771،سنن البيهقيّ 4:315، 320 و 321،المصنّف لعبد الرزّاق 4:352 الحديث 8031.
3- 3) صحيح مسلم 2:825 الحديث 1167،سنن ابن ماجة 1:564 الحديث 1775،سنن البيهقيّ 4:314-315.
4- 4) الفقيه 2:120 الحديث 517،الوسائل 7:397 الباب 1 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [2]

سترهما عن الناس.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الاعتكاف مندوب في أصله ما لم يوجبه على نفسه بنذر
اشارة

و شبهه،

و إذا تبرّع به،كان ندبا بلا خلاف (1).

إذا ثبت هذا،فاعلم أنّه قد اختلف علماؤنا هل يجب المندوب بغير نذر و شبهه أم لا على أقوال ثلاثة:

أحدها:يجب بالنيّة و الدخول فيه،اختاره الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط (2)،و أبو الصلاح الحلبيّ (3).و به قال مالك (4)،و أبو حنيفة (5).

و ثانيها:لا يجب إلاّ أن يمضي يومان معتكفا،فيجب الثالث،اختاره ابن الجنيد (6)و ابن البرّاج (7)،و هو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية (8).

و ثالثها:لا يجب أصلا،بل له الرجوع فيه متى شاء،اختاره السيّد المرتضى- رحمه اللّه (9)-و ابن إدريس (10).و به قال الشافعيّ (11)،و أحمد (12)،و هو الأقوى عندي.

ص:519


1- 1يراجع:ص 468.
2- 2) المبسوط 1:289.
3- 3) الكافي في الفقه:186. [1]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:232،مقدّمات ابن رشد 1:194،بلغة السالك 1:256.
5- 5) تحفة الفقهاء 1:371،بدائع الصنائع 2:108،الهداية للمرغينانيّ 1:132،شرح فتح القدير 2:305، مجمع الأنهر 1:256،عمدة القارئ 11:140.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:737. [2]
7- 7) المهذّب 1:204.
8- 8) النهاية:171.
9- 9) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):207 مسألة-135.
10- 10) السرائر:97.
11- 11) الأمّ 2:105،المهذّب للشيرازيّ 1:190،المجموع 6:475،المغني و الشرح 3:122.
12- 12) المغني و الشرح 3:122-123،الكافي لابن قدامة 1:494،الإنصاف 3:358.

لنا:أنّها عبادة مندوبة فلا تجب بالشروع فيها،كالصلاة المندوبة و غيرها من العبادات التي أوجبها الشارع في الأصل لا يجب إتمامها في الندب إلاّ الحجّ و العمرة؛للإجماع عليهما،فكيف يجب ما ليس له أصل في الوجوب.

و لأنّه لا تجب الصدقة بمال نوى الصدقة به و شرع فيها بإخراج بعضها،فكذا الاعتكاف المشابه له؛لأنّه غير مقدّر بالشرع،فأشبه الصدقة.

احتجّ الموجبون بالدخول منّا:بورود الأخبار الدالّة على وجوب الكفّارة على من أفسد الاعتكاف بجماع و غيره و هو مطلق،و لو كان ندبا لم تجب بإفساده الكفّارة (1).

و احتجّ المخالفون عليه:بالقياس على الحجّ و العمرة (2).

و احتجّ ابن الجنيد:بما رواه محمّد بن مسلم (3)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«إذا اعتكف يوما و لم يكن،اشترط،فله أن يخرج و يفسخ اعتكافه،و إن أقام يومين و لم يكن اشترط،فليس له أن يخرج و يفسخ اعتكافه حتّى تمضي ثلاثة أيّام» (4).

و الجواب عن الأوّل:بأنّها مطلقة لا تتناول صورة النزاع و غيرها جمعا، و يصدق في كلّ واحد منها و من غيرها،فيحمل على الغير (5)؛جمعا بين الأدلّة، و أخذا بالمتيقّن مع معارضة براءة الذمّة.

و عن الثاني:بالفرق؛لأنّه يحصل غالبا بكلفة عظيمة و مشقّة شديدة و إنفاق

ص:520


1- 1ينظر:الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف. [1]
2- 2) المغني و الشرح 3:124.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:737. [2]
4- 4) الكافي 4:177 الحديث 3، [3]الفقيه 2:121 الحديث 526،التهذيب 4:289 الحديث 879،الوسائل 7:404 الباب 4 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]
5- 5) بعض النسخ:فيحكم على المعيّن،مكان:فيحمل على الغير.

مال كثير،ففي إبطالهما تضييع لماله،و قد نهي عنه،فلهذا وجب عليه المضيّ فيهما، بخلاف الاعتكاف.

و عن الثالث:بأنّ الرواية ضعيفة السند؛إذ في طريقها عليّ بن فضّال.

فروع:
الأوّل:اتّفق القائلون بالوجوب بالدخول،أنّ النيّة ليست كافية في الوجوب،

و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ من شذّ،فقد نقل (1)عن بعض العلماء أنّه يجب الاعتكاف بمجرّد العزم عليه (2).

و استدلّ عليه:بما روته عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان،فاستأذنته عائشة،فأذن لها،فأمرت ببنائها،فضرب،و سألت حفصة أن تستأذن لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ففعلت،فأمرت ببنائها، فضرب،فلمّا رأت ذلك زينب بنت جحش،أمرت ببنائها،فضرب،قالت:و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى الصبح دخل معتكفه،فلمّا صلّى الصبح، انصرف فبصر (3)بالأبنية فقال:«ما هذا؟»فقالوا:بناء عائشة،و حفصة،و زينب، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«آلبرّ أردتنّ؟ما أنا بمعتكف»فرجع فلمّا أفطر اعتكف عشرا من شوّال (4).

و لأنّه عبادة تتعلّق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها،كالحجّ.

ص:521


1- 1كثير من النسخ:قيل،مكان:نقل.
2- 2) المغني و الشرح 3:123،مجمع الأنهر 1:256.
3- 3) بعض النسخ:فنظر.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:63،صحيح مسلم 2:831 الحديث 1171،سنن أبي داود 2:331-332 الحديث 2464، [1]سنن ابن ماجة 1:563 الحديث 1771،الموطّأ 1:316 الحديث 7، [2]سنن البيهقيّ 4:315. و في الجميع:«تردن»مكان:«أردتنّ».

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة فيه على وجوبه بالعزم،بل دليل على خلافه؛ لأنّ تركه له دليل على عدم الوجوب بالعزم،و القضاء لا يدلّ على الوجوب؛لأنّا نمنع كونه قضاء،و لو سلّم،فإنّ النوافل تقضى كالفرائض مستحبّا.

و عن الثاني:بالفرق،و قد مضى (1).

الثاني:القائلون بوجوبه بعد مضيّ يومين،

اتّفقوا على أنّه لا يجب إلاّ بعد إكمال اليومين.

الثالث:لو اعتكف ثلاثة أيّام فهو بالخيار في الزائد،

فإن اعتكف يومين آخرين،قال الشيخ-رحمه اللّه-:وجب السادس (2)،و به قال ابن الجنيد (3)، و أبو الصلاح (4)،و ابن البرّاج (5).

و قال ابن إدريس:لا يجب السادس (6).

احتجّ الشيخ (7)-رحمه اللّه-:بما رواه عن أبي عبيدة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من اعتكف ثلاثة أيّام فهو يوم الرابع بالخيار،إن شاء ازداد أيّاما أخر،و إن شاء خرج من المسجد،فإن أقام يومين بعد الثلاثة،فلا يخرج من المسجد حتّى يستكمل ثلاثة أخر» (8)و في طريقها عليّ بن فضّال،و فيه قول.

مسألة:و يستحبّ للمعتكف أن يشترط على ربّه في الاعتكاف

أنّه إن عرض له

ص:522


1- 1يراجع:ص 520،521. [1]
2- 2) النهاية:171،المبسوط 1:290.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:738. [2]
4- 4) الكافي في الفقه:186. [3]
5- 5) المهذّب 1:204.
6- 6) السرائر:97.
7- 7) الاستبصار 2:129،التهذيب 4:288.
8- 8) التهذيب 4:288 الحديث 872،الاستبصار 2:129 الحديث 420،الوسائل 7:404 الباب 4 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [4]

عارض أن يخرج من الاعتكاف،و لا نعرف فيه مخالفا إلاّ ما حكي عن مالك أنّه قال:لا يصحّ الاشتراط (1).

لنا:أنّه عبادة في إنشائها الخير،فله اشتراط الرجوع مع العارض،كالحجّ.

و لأنّه عبادة تجب بعقده،فكان الشرط إليه فيه كالوقف.

و لأنّ الاعتكاف لا يختصّ بقدر،فإذا شرط الخروج فكأنّه نذر القدر الذي أقامه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«و اشترط على ربّك في اعتكافك،كما تشترط عند إحرامك أن يحلّك في اعتكافك (2)عند عارض إن عرض لك من علّة تنزل بك من أمر اللّه» (3).

و رواه ابن بابويه عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و ينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم» (4).

احتجّ مالك:بأنّه شرط في العبادة ما ينافيها،فلا يصحّ،كما لو شرط الجماع أو الأكل في الصلاة.

و الجواب:أنّه بمنزلة من يشترط الاعتكاف في زمان دون زمان،و ذلك صحيح،بخلاف ما ذكره؛لأنّه شرط أن يأتي بمنهيّ عنه في العبادة،فلم يجز (5).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا شرط المعتكف على ربّه أنّه إن عرض له
اشارة

عارض رجع فيه،

فله الرجوع أيّ وقت شاء ما لم يمض له يومان،فإن مضى له

ص:523


1- 1الموطّأ 1:314،المدوّنة الكبرى 1:228،بداية المجتهد 1:313،إرشاد السالك:52،بلغة السالك 1:260.
2- 2) في التهذيب و أكثر النسخ:«إنّ ذلك في اعتكافك»مكان:أن يحلّك في اعتكافك».
3- 3) التهذيب 4:289 الحديث 878،الاستبصار 2:129 الحديث 419،الوسائل 7:411 الباب 9 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 2:121 الحديث 525،الوسائل 7:411 الباب 9 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [2]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:228.

يومان،وجب عليه إتمام الثالث،و إن لم يشترط،وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيّام؛لأنّ الاعتكاف لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام (1).

و قال في النهاية:متى شرط جاز له الرجوع فيه أيّ وقت شاء،فإن لم يشترط، لم يكن له الرجوع فيه إلاّ أن يكون أقلّ من يومين،فإن مضى عليه يومان،وجب عليه إتمام ثلاثة أيّام (2).

و الذي ذكره في النهاية دلّ عليه رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا اعتكف يوما و لم يكن اشترط،فله أن يخرج و يفسخ اعتكافه،و إن أقام يومين و لم يكن اشترط،فليس له أن يخرج و يفسخ اعتكافه حتّى تمضي ثلاثة أيّام» (3).

هذا الذي اختاره الشيخ-رحمه اللّه-أمّا السيّد المرتضى-رحمه اللّه-فيتخرّج على قوله ما فصّله،و هو أنّه لا يخلو إمّا أن يكون الاعتكاف متبرّعا به،أو منذورا، فإن كان الأوّل،جاز أن يرجع متى شاء،سواء شرط أولا؛لأنّه عبادة مندوبة لا تجب بالدخول فيها،فجاز الرجوع متى شاء و إن لم يشترط،كالصلاة و الصوم.

و إن كان الثاني،فإمّا أن يعيّنه بزمان أولا،و على التقديرين فإمّا أن يشترط التتابع أولا،و على التقادير الأربعة فإمّا أن يشترط على ربّه الرجوع إن عرض له عارض أو لا يشترط،فالأقسام ثمانية.

الأوّل:أن يعيّن زمانا و يشترط التتابع و يشترط على ربّه،فعند العارض يخرج عن الاعتكاف،و لا يجب عليه إتمامه؛عملا بالاشتراط،و لا قضاؤه؛لعدم الدليل عليه،مع أنّ الأصل براءة الذمّة.

ص:524


1- 1المبسوط 1:289. [1]
2- 2) النهاية:171. [2]
3- 3) الكافي 4:177 الحديث 3، [3]الفقيه 2:121 الحديث 526،التهذيب 4:289 الحديث 879،الوسائل 7:404 الباب 4 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]

الثاني:عيّن النذر و لم يشترط التتابع،لكن شرط على ربّه[الرجوع] (1)ثمّ عرض العارض فإنّه يخرج؛عملا بالاشتراط،و لا يجب عليه الإتمام و لا القضاء.

الثالث:عيّن النذر و شرط التتابع و لم يشترط على ربّه،فإنّه يخرج مع العارض و يقضي مع الزوال متتابعا.

الرابع:عيّن النذر و لم يشترط التتابع و لا اشترط على ربّه،ثمّ عرض له ما يقتضي الخروج،فإنّه يخرج و يقضي الفائت.

الخامس:لم يعيّن زمانا،لكنّه شرط المتابعة،و اشترط على ربّه،فعند العارض يخرج،ثمّ يأتي بما بقي عليه عند زواله إن كان قد اعتكف ثلاثة و إن كان أقلّ استأنف.

السادس:لم يعيّن،و اشترط التتابع و لم يشترط على ربّه،فإنّه يخرج مع العارض،ثمّ يستأنف اعتكافا متتابعا؛لأنّه وجب عليه متتابعا،و لا يتعيّن بفعله إذا لم يعيّنه بنذره،فيجب عليه الإتيان به على وصفه المشترط في النذر.

السابع:لم يعيّن،و اشترط على ربّه و لم يشترط التتابع،فإنّه يخرج مع العارض،ثمّ يستأنف إن كان قد اعتكف أقلّ من ثلاثة،و إلاّ بنى إن كان الواجب أزيد،و أتى بالباقي إن كان ثلاثة فما زاد،و إلاّ فثلاثة.

الثامن:لم يعيّن،و لم يشترط التتابع و لا شرط على ربّه،فإنّه يخرج مع العارض و يستأنف إن لم يحصل ثلاثة،و إلاّ أتمّ (2).

تفريع:

الاشتراط إنّما يصحّ في عقد النذر،أمّا إذا أطلقه من الاشتراط على ربّه فلا يصحّ له الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف،فإذا لم يشترط ثمّ عرض له مانع يمنع

ص:525


1- 1أضفناها لاستقامة العبارة.
2- 2) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):207،و بهذا التفصيل،ينظر:المعتبر 2:739،740. [1]

الصوم أو الكون في المسجد،فإنّه يخرج ثمّ يقضي الاعتكاف،إن كان واجبا فواجبا،و إن كان ندبا فندبا.

آخر:لو اشترط الوطء في اعتكافه،أو الفرجة أو النزهة أو البيع للتجارة أو التكسّب بالصناعة في المسجد،لم يجز ذلك؛لأنّه مناف للاعتكاف فلا يجامعه.

مسألة:يحرم على المعتكف الجماع بالنصّ و الإجماع،
اشارة

قال اللّه تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَقْرَبُوها (1).و قد أجمع فقهاء الأمصار على تحريم الوطء للمعتكف.

إذا ثبت هذا،فإنّ الاعتكاف يفسد بالوطء بإجماع أهل العلم،فإنّ الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها،كالحجّ،و لا نعرف فيه مخالفا.و لا فرق في ذلك بين الإنزال و عدمه.

هذا إذا كان الوطء عمدا،أمّا إذا وقع سهوا،فإنّه لا يبطل اعتكافه،و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)و أحمد:يبطل (5).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (6).

ص:526


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:225،المهذّب للشيرازيّ 1:194،المجموع 6:524،فتح العزيز بهامش المجموع 6:536-537،مغني المحتاج 1:452،السراج الوهّاج:148،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:141.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:123،تحفة الفقهاء 1:374،بدائع الصنائع 2:115-116،الهداية للمرغينانيّ 1:133، [2]شرح فتح القدير 2:313،مجمع الأنهر 1:257.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:226،بداية المجتهد 1:327-328،مقدّمات ابن رشد 1:191،بلغة السالك 1:256.
5- 5) المغني 3:139، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:155، [4]الكافي لابن قدامة 1:503،الإنصاف 3:380.
6- 6) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللئالئ 1:232 الحديث 131، و [5]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:196،مجمع الزوائد 6:250،و من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [6]

و لأنّها مباشرة لا تفسد الصوم فلا تفسد الاعتكاف،كالمباشرة فيما دون الفرج.

احتجّ المخالف:بأنّ ما حرم في الاعتكاف استوى عمده و سهوه،كالخروج من المسجد (1).

و الجواب بعد تسليم الأصل:بالفرق،فإنّ الخروج ترك المأمور به و هو مخالف لفعل المحظور،فإنّ من ترك النيّة في الصوم،لم يصح صومه و إن كان ناسيا، بخلاف ما لو جامع سهوا.

فروع:
الأوّل:القبلة حرام يبطل بها الاعتكاف،و كذا اللمس بشهوة،و الجماع في غير

الفرجين؛

لقوله تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ (2).و هو على عمومه في كلّ مباشرة،و بما قلناه ذهب مالك (3).

و قال أبو حنيفة:إن أنزل أفسد اعتكافه،و إن لم ينزل لم يفسد (4).و للشافعيّ قولان (5).

ص:527


1- 1المغني 3:139،المبسوط للسرخسيّ 3:123،بدائع الصنائع 2:116.
2- 2) البقرة(2):187. [1]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:226-227،مقدّمات ابن رشد 1:191،بداية المجتهد 1:316،بلغة السالك 1:256.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:123،تحفة الفقهاء 1:375،بدائع الصنائع 2:116،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:313-314،مجمع الأنهر 1:258.
5- 5) حلية العلماء 3:226،المهذّب للشيرازيّ 1:194،المجموع 6:525،الميزان الكبرى 2:31،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:141،مغني المحتاج 1:452،السراج الوهّاج:148.

لنا:ما تقدّم من الآية.و لأنّها مباشرة محرّمة فأفسدت الاعتكاف،كالجماع.

احتجّ المخالف:بأنّه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف،كما لو كان بغير شهوة (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ هذه المباشرة لم تحرم في الصوم بعينها،بل إذا خاف الإنزال،و هي محرّمة في الاعتكاف بعينها،كما ذهب إليه أبو حنيفة أيضا في وطء الساهي،فإنّه لا يفسد الصيام (2)،و يفسد الاعتكاف (3).

الثاني:لا فرق بين الوطء في القبل و الدّبر في أحكامهما؛

لصدق اسم المباشرة فيه و اسم الفرج عليه.

الثالث:يجوز أن يلامس بغير شهوة،و لا نعرف فيه خلافا؛

لما ثبت من أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يلامس بعض نسائه في الاعتكاف (4).

الرابع:كما يحرم الوطء نهارا يحرم ليلا؛

لأنّ المقتضي و هو الاعتكاف حاصل بهما،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و يحرم عليه البيع و الشراء.
اشارة

و به قال مالك (5)،و أحمد (6)،و للشافعيّ قولان:أحدهما:الجواز-و به قال أبو حنيفة (7)-و الثاني:الكراهية (8).

ص:528


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:123،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:314.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:65،تحفة الفقهاء 1:352،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:314،مجمع الأنهر 1:244.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:123،تحفة الفقهاء 1:374،بدائع الصنائع 2:116،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:313،مجمع الأنهر 1:257-258.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:67،سنن أبي داود 2:333 الحديث 2469،سنن البيهقيّ 4:316.
5- 5) الموطّأ 1:314،المدوّنة الكبرى 1:229.
6- 6) المغني 3:145،الشرح الكبير بهامش المغني 3:159،الكافي لابن قدامة 1:505، [1]الإنصاف 3:385.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:121،بدائع الصنائع 2:116،الهداية للمرغينانيّ 1:133،شرح فتح القدير 2:312،مجمع الأنهر 1:257،عمدة القارئ 11:152.
8- 8) حلية العلماء 3:226،المهذّب للشيرازيّ 1:194،المجموع 6:527،529. [2]

لنا:ما رواه الجمهور عن عمرو بن شعيب،عن أبيه،عن جدّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن البيع و الشراء في المسجد (1).

و عنه عليه السّلام (2)-و قد سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد-:«أيّها الناشد غيرك الواجد،إنّما بني المسجد لذكر اللّه و الصلاة» (3)و كلمة إنّما للحصر إلاّ ما خرج بالدليل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن أبي عبيدة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«المعتكف لا يشمّ الطيب،و لا يتلذّذ بالريحان،و لا يماري، و لا يشتري،و لا يبيع» (4).

و لأنّ الاعتكاف لبث للعبادة،فينافي ما غايرها.

فروع:
الأوّل:لو باع أو اشترى،فعل محرّما،و لا يبطل البيع.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يبطل؛لأنّه منهيّ عنه،و النهي يدلّ على فساد المنهيّ (5)،و ليس بمعتمد،و قد تقدّم مثله في البيع وقت النداء يوم الجمعة (6).

ص:529


1- 1سنن الترمذيّ 2:139 الحديث 322، [1]سنن ابن ماجة 1:247 الحديث 749،سنن النسائيّ 2:47-48،مسند أحمد 2:212، [2]جامع الأصول 11:470 الحديث 8709.
2- 2) ج و ع:صلّى اللّه عليه و آله،مكان:عليه السّلام.
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 7:671 الحديث 20842.و بتفاوت ينظر:صحيح مسلم 1:397 الحديث 568،سنن ابن ماجة 1:252 الحديث 767،سنن النسائيّ 2:48،مسند أحمد 2:420،جامع الأصول 11:469 الحديث 8706.
4- 4) التهذيب 4:288 الحديث 872،الاستبصار 2:129 الحديث 420،الوسائل 7:411 الباب 10 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [3]
5- 5) المبسوط 1:295. [4]
6- 6) يراجع:الجزء الخامس ص 426.
الثاني:كلّما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيويّة من أصناف المعايش،

ينبغي القول بالمنع منه؛عملا بمفهوم النهي عن البيع و الشرى.

قال السيّد المرتضى:تحرم التجارة و البيع و الشرى (1).و التجارة أعمّ.

الثالث:لو اضطرّ إلى شراء غذائه،أو إلى شراء قميص يستتر به،أو يبيع شيئا

يشتري به قوته،

فالوجه الجواز؛للضرورة.

الرابع:الوجه تحريم الصنائع المشغلة عن العبادة،كالخياطة و شبهها،

إلاّ ما لا بدّ منه؛لأنّه تدعو الحاجة إليه،فجرى مجرى لبس قميصه و عمامته و نزعهما.

نعم،يجوز له النظر في أمر معيشته و صنعته،و يتحدّث بما شاء من الحديث المباح و يأكل الطيّبات.

مسألة:و يحرم عليه المماراة؛لحديث أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام .
اشارة

(2)

و كذا الكلام الفحش.

و في تحريم الطيب قولان،قال به في النهاية و الجمل (3)،و سوّغه في المبسوط (4).و الأقرب الأوّل؛لرواية أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام.

و لأنّها عبادة تختصّ مكانا،فكان ترك الطيب فيها مشروعا،كالحجّ.

قال الشيخ في الجمل:و يجب على المعتكف أن يتجنّب جميع ما يتجنّبه المحرم (5).

و قال في المبسوط:و قد روي أنّه يجتنب ما يجتنبه المحرم،و هو مخصوص

ص:530


1- 1الانتصار:74.
2- 2) التهذيب 4:288 الحديث 872،الاستبصار 2:129 الحديث 420،الوسائل 7:411 الباب 10 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [1]
3- 3) النهاية:172،الجمل و العقود:125.
4- 4) المبسوط 1:293.
5- 5) الجمل و العقود:125.

بما قلناه،من الوطء و المباشرة،و القبلة،و الملامسة و استنزال الماء بجميع أسبابه، و الخروج من المسجد إلاّ لضرورة،و البيع و الشراء،و يجوز له أن ينكح،و يأكل الطيّبات،و يشمّ الطيب،و أكل الصيد،و عقد النكاح (1).و الأقرب ما قاله في النهاية؛لدلالة الحديث عليه و الاحتياط.

و لا بأس أن يأكل في المسجد،و يغسل يده في طشت ليفرغ خارج المسجد، و لا يجوز له أن يخرج لغسل يده؛لأنّ منه بدّا،و لا يخرج للطهارة و لا لتجديدها.

و لا يجوز له أن يبول في المسجد في آنية،و لا أن يفصد،و لا يحتجم.

فروع:
الأوّل:يستحبّ له دراسة العلم و المناظرة فيه و تعليمه و تعلّمه في الاعتكاف،

بل هو أفضل من الصلاة المندوبة.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أحمد:لا يستحبّ له إقراء القرآن،و لا دراسة العلم،بل التشاغل بذكر اللّه تعالى و التسبيح و الصلاة أفضل (3).

لنا:أنّ إقراء القرآن و تدريس العلم قربة و طاعة،فاستحبّ للمعتكف،كالصلاة و الذكر.

احتجّ:بأنّها عبادة شرّع لها المسجد،فلا يستحبّ فيها إقراء القرآن،و تدريس العلم،كالصلاة و الطواف (4).

ص:531


1- 1ذكر الجميع في المبسوط [1]قبل قوله:و قد روى أنّه يجتنب...و هو مخصوص بما قلناه،ينظر:المبسوط 1:292،293. [2]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:194،المجموع 6:528،فتح العزيز بهامش المجموع 6:484،الميزان الكبرى 2:31،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:41،مغني المحتاج 1:452.
3- 3) المغني 3:147،الشرح الكبير بهامش المغني 3:161،الكافي لابن قدامة 1:508،الإنصاف 3:383.
4- 4) المغني 3:147،الشرح الكبير بهامش المغني 3:161،الكافي لابن قدامة 1:508.

و الجواب:أنّ الصلاة شرّع لها أذكار مخصوصة و خشوع،و الاشتغال بالعلم يقطعه عنها،و أمّا الطواف فلا يكره فيه إقراء القرآن و لا تدريس العلم.

و لأنّ العلم أفضل العبادات و نفعه يتعدّى،فكان أولى بمن الصلاة.

الثاني:لا بأس بالحديث حالة الاعتكاف،و هو قول العلماء كافّة؛

لأنّ في منعه ضررا عظيما.

و قد روي أنّ صفيّة (1)زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله معتكفا،فأتيته ليلا أزوره،فحدّثته،فلمّا انقلبت،قام ليقلبني، فإذا رجلان من الأنصار،فلمّا رأيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسرعا،فقال صلّى اللّه عليه و آله:«على رسلكما إنّها صفيّة بنت حييّ»فقالا:سبحان اللّه يا رسول اللّه،فقال:«إنّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم،فخشيت أن يقذف في قلوبكما شرّا» (2).

الثالث:الصمت حرام،و قد تقدّم .و لا نعلم مخالفا في أنّه ليس في شريعة

الإسلام الصمت عن الكلام .

(3)(4)

و قد روى الجمهور عن عليّ عليه السّلام قال:«حفظت عن رسول اللّه صلّى اللّه

ص:532


1- 1صفيّة بنت حييّ-في العبر و الأعلام-و: [1]حيي:وزان رضيّ-في التنقيح:بن أخطب من الخزرج من أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانت في الجاهليّة من ذوات الشرف و تدين باليهوديّة من أهل المدينة، تزوّجها سلام بن مشكم القرظيّ ثمّ فارقها فتزوّجها كنانة بن الربيع النضريّ و قتل عنها يوم خيبر، و أسلمت فتزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.أسد الغابة 5:490، [2]الإصابة 4:346،العبر 1:40، [3]تنقيح المقال 3:81 من فصل النساء،الأعلام للزركليّ 3:206. [4]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:64،سنن أبي داود 2:333 الحديث 2470، [5]سنن ابن ماجة 1:565 الحديث 1779،سنن البيهقيّ 4:321،المصنّف لعبد الرزّاق 4:360 الحديث 8065، [6]عمدة القارئ 11:150 الحديث 139،في الجميع:«شيئا»مكان:«شرّا».
3- 3) يراجع:ص 400.
4- 4) ق و خا:عن الصوم،مكان:عن الكلام.

عليه و آله أنّه قال:لا صمات يوم إلى الليل» (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صوم الصمت (2).و قد رواه أصحابنا أيضا (3)،و قد سلف (4)،و أجمعوا على تحريمه.

إذا ثبت هذا،فلو نذره في اعتكافه لم ينعقد.و هو قول فقهاء الإسلام.قال ابن عبّاس:بينا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب إذا هو برجل قائم،فسأل عنه صلّى اللّه عليه و آله،فقالوا:أبو إسرائيل (5)نذر أن يقوم في الشمس و لا يقعد و لا يستظلّ و لا يتكلّم و يصوم،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«مره فليتكلّم و ليستظلّ و يقعد و ليتمّ صومه» (6).

و لأنّه نذر في معصية فلا ينعقد،و انضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعة.

قال بعض الجمهور:لا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من كلامه؛لأنّه استعمله في غير ما هو له،فأشبه استعمال المصحف في التوسّد،و قد جاء«لا يناظر بكلام اللّه» (7)قيل:معناه:لا يتكلّم عند الشيء بالقرآن،كما يقال لمن جاء في وقته:

ص:533


1- 1سنن أبي داود 3:115 الحديث 2873، [1]سنن البيهقيّ 6:57،كنز العمّال 15:180 الحديث 40499، فيض القدير 6:444 الحديث 9947،أحكام القرآن للجصّاص 5:46. [2]
2- 2) المغني 3:148،الشرح الكبير بهامش المغني 3:160.
3- 3) ينظر:الكافي 4:83-85 الحديث 1،الفقيه 2:46-47 الحديث 208،التهذيب 4:294-296 الحديث 895.
4- 4) يراجع:ص 400.
5- 5) أبو إسرائيل الأنصاريّ أو القرشيّ العامريّ،قال ابن حجر:قيل:اسمه يسير مصغّرا،و قيل:قشير،ذكره ابن الأثير في الصحابة و قال:يعدّ من أهل المدينة له صحبة،روى ابن عبّاس حديث قيامه في الشمس. أسد الغابة 5:126،الإصابة 4:6. [3]
6- 6) صحيح البخاريّ 8:178،سنن أبي داود 3:235 الحديث 3300، [4]سنن ابن ماجة 1:690 الحديث 2136،الموطّأ 2:475 الحديث 6، [5]سنن الدارقطنيّ 4:160 الحديث 7،سنن البيهقيّ 10:75.
7- 7) في المصدر:«لا تناظروا».

ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (1)و ما شابهه (2).و هو جيّد؛لأنّ احترام القرآن يقتضي خلاف ذلك.

الرابع:كلّما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف،و هو ظاهر عندنا؛

لأنّ شرطه الصوم،و مع فساد الشرط يفسد المشروط.

و كذا كلّ ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا،يمنع من فعله ليلا،و قد يحرم في النهار ما يحلّ بالليل،كالأكل و الشرب؛لأنّ المنع للصوم لا للاعتكاف.

الخامس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:السكر يفسد الاعتكاف،

(3)

و الارتداد لا يفسده،فإذا عاد بنى (4).و الوجه عندي الإبطال.

السادس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يفسد الاعتكاف سباب و لا جدال

و لا خصومة .و هو قريب؛

(5)

لأنّه لا يفسد الصوم،فلا يفسد الاعتكاف.

مسألة:تجب الكفّارة بالجماع على المعتكف،سواء جامع ليلا أو نهارا.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال الحسن البصريّ،و الزهريّ (6)،و بعض الحنابلة (7)،و أحمد في إحدى الروايتين (8)،و باقي الجمهور قالوا بسقوطها و إن فسد الاعتكاف (9).

لنا:أنّه زمان تعيّن للصوم،و تعلّق الإثم بإفساده،فوجبت الكفّارة فيه بالجماع، كرمضان.

ص:534


1- 1طه(20):40. [1]
2- 2) المغني 3:148،الشرح الكبير بهامش المغني 3:161.
3- 3) في النسخ:الشّك،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) المبسوط 1:294. [2]
5- 5) المبسوط 1:295. [3]
6- 6) حلية العلماء 3:225،المجموع 6:527،المغني 3:140،الشرح الكبير بهامش المغني 3:155.
7- 7) المغني 3:140،الشرح الكبير بهامش المغني 3:155،الكافي لابن قدامة 1:503،الإنصاف 3:381.
8- 8) المغني 3:140،الشرح الكبير بهامش المغني 3:155،الكافي لابن قدامة 1:503،الإنصاف 3:381.
9- 9) المغني 3:139-140،الشرح الكبير بهامش المغني 3:155،المجموع 6:527.

و لأنّها عبادة يفسدها الوطء بعينه،فوجبت الكفّارة بالوطء فيها،كالحجّ و صوم رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي ولاّد الحنّاط،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة كان زوجها غائبا،فقدم و هي معتكفة بإذن زوجها،فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها،و تهيّأت لزوجها حتّى واقعها،فقال:

«إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضي ثلاثة أيّام و لم تكن اشترطت في اعتكافها؛فإنّ عليها ما على المظاهر» (1).

و في الموثّق عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن معتكف واقع أهله،فقال:«هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان» (2).

احتجّوا:بأنّها عبادة لا تجب بأصل الشرع،فلم تجب بإفسادها كفّارة، كالنوافل.و لأنّها عبادة لا يدخل المال في جبرانها فلم تجب الكفّارة بإفسادها، كالصلاة.

و لأنّ وجوب الكفّارة يحتاج إلى دليل (3).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق،فإنّ النافلة لا يتعلّق بإفسادها إثم،و الكفّارة تتبع الإثم.

و عن الثاني:بالمنع من ذلك.

و عن الثالث:بقيام الدليل الذي ذكرناه.

مسألة:و الكفّارة فيه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين
اشارة

أو إطعام ستّين

ص:535


1- 1التهذيب 4:289 الحديث 877،الاستبصار 2:130 الحديث 422،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:291 الحديث 886،الاستبصار 2:130 الحديث 423،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 3:140،الشرح الكبير بهامش المغني 3:156.

مسكينا.و به قال:الحسن و الزهريّ،إلاّ أنّهما قالا بالترتيب (1)،و هو رواية حنبل (2)عن أحمد (3).و قال بعض الحنابلة:عليه كفّارة يمين (4).

لنا:أنّها كفّارة في صوم معيّن واجب،فكانت مثل كفّارة رمضان.

و يؤيّده:ما تقدّم في حديث سماعة،و ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران أيضا قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن معتكف واقع أهله،قال:«عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا:عتق رقبة،أو صوم شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكينا» (5).

فروع:
الأوّل:الذي نختاره أنّها كفّارة مخيّرة؛عملا بالأصل و فتوى الأصحاب و ما

تلوناه من الأحاديث.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المعتكف يجامع أهله،قال:«إذا فعله فعليه ما على المظاهر» (6).

ص:536


1- 1المغني 3:141،الشرح الكبير بهامش المغني 3:156،المجموع 6:527.
2- 2) حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد أبو عليّ الشيبانيّ ابن عمّ الإمام أحمد و تلميذه،سمع أبا نعيم و عفّان و سليمان بن حرب و الحميديّ،و حدّث عنه ابن صاعد و أبو بكر الخلاّل و محمّد بن مخلّد و غيرهم.مات في جمادى الأولى سنة 273 ه.تذكرة الحفّاظ 2:600،العبر 1:394. [1]
3- 3) المغني 3:141،الشرح الكبير بهامش المغني 3:156،الإنصاف 3:382.
4- 4) المغني 3:141،الشرح الكبير بهامش المغني 3:157،الكافي لابن قدامة 1:504، [2]الإنصاف 3:381.
5- 5) التهذيب 4:292 الحديث 888،الاستبصار 2:130 الحديث 425،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [3]
6- 6) التهذيب 4:291 الحديث 887،الاستبصار 2:130 الحديث 424،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]

و لرواية أبي عبيدة في حديث المرأة:«إنّ عليها ما على المظاهر» (1)لأنّ المراد بذلك المقدار دون الكيفيّة؛لما تقدّم.

الثاني:لو وطئ في شهر رمضان نهارا،وجب عليه كفّارتان،و لو كان ليلا

وجبت عليه كفّارة واحدة-

قاله علماؤنا-لأنّ الوطء في رمضان يوجب الكفّارة، و الوطء في الاعتكاف (2)،و الأصل عدم التداخل عند تغاير السبب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى بن أعين،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وطئ امرأته و هو معتكف ليلا في شهر رمضان،قال:«عليه الكفّارة»،قال:قلت:فإن وطأها نهارا؟قال:«عليه كفّارتان» (3).

الثالث:قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:المعتكف إذا جامع نهارا،كان عليه

كفّارتان،

و إن جامع ليلا،كان عليه كفّارة واحدة (4).و أطلق القول في ذلك، و الأقرب عندنا أنّ وجوب الكفّارتين يتعلّق بالجماع في نهار رمضان على المعتكف،لا على من وطئ معتكفا في نهار غير رمضان؛عملا بالرواية في نهار رمضان،و برواية سماعة في عموم قوله عليه السّلام في المواقع:«عليه ما على الذي يفطر يوما من شهر رمضان» (5).و كذا في رواية زرارة (6)،و هو يتناول الليل و النهار،و الأصل براءة الذمّة من الزائد.فالحاصل:أنّه إن وطئ في نهار رمضان

ص:537


1- 1كذا في النسخ،و لكن لم نعثر على رواية من أبي عبيدة،و الموجود رواية أبي ولاّد و قد تقدّمت في ص 535. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:و كذا الوطء في الاعتكاف،كما في هامش ح.
3- 3) التهذيب 4:292 الحديث 889،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 3. [2]
4- 4) جمل العلم و العمل:99،الانتصار:73.
5- 5) التهذيب 4:292 الحديث 888،الاستبصار 2:130 الحديث 425،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [3]
6- 6) التهذيب 4:291 الحديث 887،الاستبصار 2:130 الحديث 424،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]

كان عليه كفّارتان،و إن جامع في ليلة أو نهار غير رمضان أو ليله،فكفّارة واحدة.

الرابع:لو كانت المرأة معتكفة بإذنه،و أكرهها على الجماع نهارا،أفسد

اعتكافه،

قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:و يجب عليه أربع كفّارات،و إن أكرهها ليلا،كان عليه كفّارتان و لا يفسد اعتكافها.و لو طاوعته وجب عليه كفّارتان نهارا، و كفّارة واحدة ليلا،و كذا على المرأة،و يفسد اعتكافهما معا؛للمطاوعة (1).

و الأقرب عندي خلاف هذا،فإنّ تضاعف الكفّارة بالإكراه إنّما ورد في شهر رمضان،مع ضعف الراوي و هو المفضّل بن عمر،و إذا كان حال الأصل كذا،فكيف صورة النزاع،مع أنّ القياس عندنا باطل،فلا وجه لتضعيف الكفّارة بالإكراه،كما لو أكره عبده على الإفطار في رمضان،فإنّه لا يجب عليه كفّارة بذلك.

أمّا رمضان فقد ثبت الحكم فيه؛عملا بالرواية الضعيفة و فتوى الأصحاب عليه،فالتعدية إلى غيره من غير دليل قياس محض لا يعتمد عليه.

الخامس:كلّ مباشرة تستلزم إنزال الماء فحكمها حكم الجماع؛

لعموم قوله تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ (2)على إشكال.

قال الشيخ:يجب القضاء و الكفّارة بالجماع،و كذا كلّ مباشرة تؤدّي إلى إنزال الماء عمدا (3).و في أصحابنا من قال:ما عدا الجماع يوجب القضاء،دون الكفّارة (4).و هو الوجه عندي.

مسألة:كلّما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف،و قد مضى ،

(5)

و هل يجب فيه

ص:538


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:742. [1]
2- 2) البقرة(2):187. [2]
3- 3) المبسوط 1:294. [3]
4- 4) ينظر:المعتبر 2:742، [4]الشرائع 1:220. [5]
5- 5) يراجع:ص 534. [6]

الكفّارة؟قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه (1)-و المفيد رضي اللّه عنه:تجب الكفّارة بكلّ مفطر في رمضان (2)،و لا أعرف المستند،و الوجه عندي التفصيل:فإن كان الاعتكاف في شهر رمضان،وجبت الكفّارة بالأكل و الشرب و غيرهما ممّا عدّدناه في باب شهر رمضان،و إن كان في غيره،فإن كان منذورا معيّنا،وجبت الكفّارة أيضا؛لأنّه بحكم رمضان.

أمّا لو كان الاعتكاف مندوبا،أو واجبا غير متعيّن بزمان،لم تجب الكفّارة بغير الجماع،مثل الأكل و الشرب و غيرهما،و هذا غير لائق من السيّد؛لأنّه لا يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه مطلقا.

أمّا على قول الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط من وجوب المندوب في الاعتكاف بالشروع فيه،فإنّه تجب به الكفّارة،و كذا اليوم الثالث على قول الشيخين.

أمّا على قولنا و قول السيّد المرتضى فلا تجب به الكفّارة؛لأنّ له الرجوع متى شاء.

فإن تمسّكوا بعموم الأحاديث الدالّة على وجوب الكفّارة (3)،قلنا:إنّما وردت بالجماع،فحمل غيره عليه قياس محض و إن كان الصوم يفسد به و يفسد الاعتكاف بفساد الصوم،لكنّ الكفّارة تتبع الإثم،و لا إثم هنا؛لجواز الرجوع.

مسألة:لو مات المعتكف قبل انقضاء مدّة اعتكافه،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:

في أصحابنا من قال:يقضي عنه وليّه،أو يخرج من ماله من ينوب عنه؛لعموم ما روي أنّ من مات و عليه صوم واجب،وجب على وليّه القضاء عنه أو الصدقة (4).

ص:539


1- 1جمل العلم و العمل:99.
2- 2) المقنعة:58.
3- 3) ينظر:الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف.
4- 4) المبسوط 1:293-294. [1]

و الأقرب أن يقال:إن كان واجبا فكذلك على إشكال،و إن كان ندبا فلا.

قال-رحمه اللّه-:قضاء الاعتكاف الفائت ينبغي أن يكون على الفور (1).و هو جيّد؛لأنّه واجب،و إخلاء الذمّة من الواجب واجب.و لأنّ فيه مسارعة إلى فعل الطاعة و المغفرة،فيكون مأمورا به؛لقوله تعالى: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (2).

و قال-رحمه اللّه-:إذا أغمي على المعتكف أيّاما ثمّ أفاق،لم يلزمه قضاؤه؛ لأنّه لا دليل عليه (3)،و الوجه وجوب القضاء إن كان واجبا غير معيّن بزمان.

إذا عرفت هذا،فإذا فسد الاعتكاف وجب قضاؤه إن كان واجبا،و إن كان ندبا استحبّ قضاؤه و على قول الشيخ-رحمه اللّه-يجب قضاؤه مطلقا:لأنّه يجب بالدخول فيه (4).

قال-رحمه اللّه-:متى كان خروجه من الاعتكاف بعد الفجر،كان دخوله في قضائه قبل الفجر،و يصوم يومه و لا يعيد الاعتكاف ليله،و إن كان خروجه ليلا، كان قضاؤه من مثل ذلك الوقت إلى آخر مدّة الاعتكاف المضروبة و إن كان خرج وقتا من مدّة الاعتكاف بما فسخه به ثمّ عاد إليه و قد بقيت مدّة من التي عقدها،تمّم باقي المدّة و زاد في آخرها مقدار ما فاته من الوقت (5)(6).

ص:540


1- 1المبسوط 1:294. [1]
2- 2) آل عمران(3):133. [2]
3- 3) المبسوط 1:295. [3]
4- 4) المبسوط 1:289. [4]
5- 5) المبسوط 1:294. [5]
6- 6) ص بزيادة:قابلت مع نسخة قابلته مع نسخة الأصل المصنّف و آخره ليلة الثامن من شهر شعبان المعظّم سنة 1051 ه.

المجلد 10

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم اله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

شكر و تقدير

هذا هو الجزء العاشر من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»الذي وفّقنا اللّه سبحانه بمنّه و كرمه و ببركة مولانا أبي الحسن الرضا عليه الصلاة و السّلام لتصحيحه و تحقيقه و إخراجه بعد صدور تسعة أجزاء منه.

و يجدر بنا أن نشكر أعضاء قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة؛لجهودهم المشكورة في إنجاز هذا الجزء،و هم حجج الإسلام و الإخوة الأفاضل:

الشيخ عليّ الاعتماديّ الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ الشيخ عبّاس المعلّميّ الشيخ محمّد عليّ الملكيّ الشيخ عليّ النمازيّ السيّد أبو الحسن الهاشميّ السيّد بلاسم الموسويّ الأخ شكر اللّه الأختريّ الأخ عادل البدريّ الأخ السيّد طالب الموسويّ الأخ عليّ أصغر المولويّ كما نشكر حجّة الإسلام و المسلمين عليّ أكبر إلهيّ الخراسانيّ مدير قسم الفقه لإشرافه على تحقيق الكتاب،راجين له و لكلّ الإخوة المشاركين في هذا العمل مزيدا من النشاط و التوفيق لإتمام هذا المشروع المبارك و تحقيق نفائس أخرى من تراث الفقه الإسلاميّ الأصيل.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:5

ص:6

الكتاب الخامس

اشارة

في الحجّ و العمرة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أما المقدمّة

اشارة

و المقدمّة فيها مباحث:

ص:7

ص:8

الأوّل:

الحجّ في اللغة:القصد (1)

قال الخليل:الحجّ كثرة القصد إلى من يعظّمه (2).و يقال:الحجّ-بفتح الحاء و كسرها-و كذا الحجّة بهما و الحاجّ اسم الفاعل،و الحجّاج و الحجيج جمع، و المحجّة قارعة الطريق،سمّيت بذلك؛لكثرة التردّد فيها.

و سمّي قصد البيت حجّا؛لكثرة التردّد إليه من جميع الناس و إن كان القاصد لم يتردّد.

و هو في الشريعة:عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلّقة بزمان مخصوص.

و العمرة:الزيارة في اللغة (3).

و في الشرع:عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده، و لا يختصّ بزمان،ففارقت الحجّ.هذا إذا كانت مبتولة.

قال ابن إدريس:الأولى أن يقال:الحجّ هو القصد إلى مواضع مخصوصة لأداء مناسك مخصوصة عندها متعلّقة بزمان مخصوص؛لأنّ تحديد الشيخ يخرج عنه الوقوف بالمشعر و عرفة،و قصد منى؛لأنّها ليست قصدا إلى البيت،و ذلك

ص:9


1- 1الصحاح 1:303، [1]لسان العرب 2:226، [2]المصباح المنير:121. [3]
2- 2) كتاب العين 3:9. [4]
3- 3) الصحاح 2:757،لسان العرب 4:604، [5]المصباح المنير:429.

لا يجوز (1).و هو ضعيف؛لأنّا نجعل الاسم قصد البيت،و نجعل هذه شروطا شرعيّة خارجة عن المسمّى.

و بالجملة:فلا مشاحّة في مثل هذه التعريفات.

ص:10


1- 1السرائر:118.
البحث الثاني

في وجوبهما

الحجّ:أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام،و يدلّ على وجوبه:النصّ و الإجماع.قال اللّه تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (1).قال ابن عبّاس:يريد باعتقاده (2)أنّه غير واجب (3).

و قال مجاهد:يريد الذي إن حجّ لم يره برّا،و إن جلس لم يره مأثما (4).

و قال عكرمة:أراد،من كفر من أهل الملل؛لأنّ (5)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمرهم بالحجّ فأبوا (6).

و قال تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (7).و هذا أمر للوجوب.قال عليّ

ص:11


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) خا،ق و ج:باعتقاد.
3- 3) تفسير الطبريّ 4:19،تفسير القرطبيّ 4:153، [2]تفسير الدرّ المنثور 2:57، [3]تفسير فتح القدير 1:365، [4]المغني و الشرح 3:164.
4- 4) تفسير الطبريّ 4:20، [5]أحكام القرآن للجصّاص 2:312، [6]سنن البيهقيّ 4:324.
5- 5) ع:فإنّ.
6- 6) تفسير الدرّ المنثور 2:57، [7]تفسير فتح القدير 1:365،سنن البيهقيّ 4:324،سنن سعيد بن منصور 3: 1063.
7- 7) البقرة(2):196. [8]

عليه السّلام:«إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك»نقله الجمهور (1).

و رووا عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و إقام الصلاة،و إيتاء الزكاة،و صوم رمضان،و حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» (2).

و عن عمر قال:كنّا ذات يوم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل رجل لم أر أشدّ بياضا من ثيابه،و لا أشدّ سوادا من شعره،لا نعرفه،حتّى دنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضع ركبتيه على ركبتيه و يديه على فخذيه ثمّ قال:يا محمّد، ما الإسلام؟فقال:«أن تشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و إنّ محمّدا رسول اللّه،و أن تقيم الصلاة و تؤدّي الزكاة،و تصوم رمضان،و تحجّ البيت إن استطعت»قال:فإذا فعلت هذا فأنا مسلم؟قال:«نعم»قال:صدقت (3).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من لم يمنعه من الحجّ مرض حاجز،أو سلطان جائر،أو حاجة ظاهرة حتّى مات،فليمت يهوديّا أو نصرانيّا» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السّلام قال:«بني الإسلام على خمسة أشياء:على الصلاة،و الزكاة،و الحجّ،و الصوم، و الولاية» (5).

ص:12


1- 1تفسير الطبريّ 2:207،أحكام القرآن للجصّاص 1:328، [1]تفسير القرطبيّ 2:365، [2]تفسير الدرّ المنثور 1:208، [3]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:117، [4]المستدرك للحاكم 2:276،سنن البيهقيّ 5:30.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:9،سنن الترمذيّ 5:5 الحديث 2609، [5]مسند أحمد 2:93، [6]سنن البيهقيّ 1:358 و ج 4:81،كنز العمّال 1:27 الحديث 21،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:126.
3- 3) صحيح مسلم 1:37 الحديث 8،سنن أبي داود 4:223 الحديث 4695، [7]سنن الترمذيّ 5:6 الحديث 2610، [8]سنن ابن ماجة 1:24 الحديث 63.
4- 4) سنن الدارميّ 2:28، [9]سنن البيهقيّ 4:334،كنز العمّال 5:16 الحديث 11853،تفسير الدرّ المنثور 2:56. [10]
5- 5) الفقيه 2:44 الحديث 196،الوسائل 1:12 الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 18. [11]

و عن ذريح،عن الصادق عليه السّلام قال:«من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، و لم تمنعه عن ذلك حاجة تجحف به،و لا مرض لا يطيق فيه الحجّ،و لا سلطان يمنعه،فليمت إن شاء يهوديّا أو نصرانيّا» (1).

و عنه عليه السّلام:«من مات و لم يحجّ و هو صحيح موسر،فهو ممّن قال اللّه تعالى: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (2)أعماه اللّه عن طريق الجنّة» (3).

و عنه عليه السّلام قال:«إذا قدر الرجل على الحجّ و لم يحجّ،فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام» (4).

و أمّا الإجماع:فقد أجمع المسلمون كافّة على وجوبه على المستطيع في العمر مرّة واحدة.

ص:13


1- 1الفقيه 2:273 الحديث 1333،الوسائل 8:19 الباب 7 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) طه(20):124. [2]
3- 3) الكافي 4:269 الحديث 6، [3]التهذيب 5:18 الحديث 51 و 53،الوسائل 8:17 و 18 الباب 6 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2 و 7. [4]في بعض المصادر:عن طريق الحقّ،مكان:عن طريق الجنّة.
4- 4) بهذا اللفظ،ينظر:المعتبر 2:746، [5]الوسائل 8:18 الباب 6 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 10.و [6]بهذا المضمون،ينظر:التهذيب 5:18 الحديث 54،الوسائل 8:17 الباب 6 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [7]
البحث الثالث
اشارة

في كيفيّة وجوبهما

الحجّ يجب على كلّ مكلّف حرّ مستطيع للحجّ متمكّن من المسير،من ذكر و أنثى (1)و خنثى،وجوبا مضيّقا على الفور،قاله علماؤنا أجمع،و به قال مالك (2)، و أحمد (3)،و أبو يوسف،و نقله الكرخيّ و غيره عن أبي حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:يجب على التراخي (5).و به قال محمّد بن الحسن (6).

لنا:قوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (7)و الأمر على الفور.

ص:14


1- 1ع،خا و ق:أو أنثى.
2- 2) إرشاد السالك:53،مقدّمات ابن رشد:288،بداية المجتهد 1:321،بلغة السالك 1:260،المغني 3: 196،المجموع 7:103.
3- 3) المغني 3:196،الشرح الكبير بهامش المغني 3:182،الكافي لابن قدامة 1:515،الإنصاف 3:404، زاد المستقنع:30.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:380،بدائع الصنائع 2:119،الهداية للمرغينانيّ 1:134،شرح فتح القدير 2:323، مجمع الأنهر 1:259.
5- 5) حلية العلماء 3:243،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:102، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 30،31، [2]مغني المحتاج 1:460،المغني 3:196. [3]
6- 6) تحفة الفقهاء 1:380،بدائع الصنائع 2:119،الهداية للمرغينانيّ 1:134، [4]شرح فتح القدير 2:324، مجمع الأنهر 1:260.
7- 7) آل عمران(3):97. [5]

و ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من ملك زادا و راحلة تبلغه إلى بيت اللّه الحرام و لم يحجّ،فلا عليه أن يموت يهوديّا أو نصرانيّا» (1).و الوعيد مطلقا دليل التضييق.و كذا ما روي عن أهل البيت عليهم السّلام (2).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:التاجر يسوّف الحجّ؟قال:«إذا سوّفه و ليس له عزم ثمّ مات،فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام» (3).

و لأنّ تأخير الواجب تعريض لنزول العقاب (4)لو اتّفق الموت،خصوصا مع طول المدّة؛إذ تركه يقتضي التأخير سنة و قد لا يعيش إليها،فتجب المبادرة؛صونا للذمّة عن الاشتغال.

و لأنّه أحد أركان الإسلام،فكان واجبا على الفور،كالصيام.

و لأنّه عبادة تجب بإفسادها الكفّارة،فكان وجوبها على الفور،كالصوم.

احتجّ الشافعيّ بأنّ فرض الحجّ نزل سنة ستّ من الهجرة،و أخّره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى سنة عشر من غير عذر.

و لأنّه لو أخّره ثمّ فعله في السنة الأخرى،لم يسمّ قاضيا له،و لو أفسده،وجب عليه و يسمّى قاضيا له،فدلّ على أنّه لم يؤخّره عن وقت وجوبه،كالمصلّي إذا أخّر الصلاة من أوّل الوقت إلى آخره (5).

ص:15


1- 1سنن الترمذيّ 3:176 الحديث 812. [1]
2- 2) ينظر:الوسائل 8:16 الباب 6 من أبواب وجوب الحجّ. [2]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:المقنعة:61،و بتفاوت،ينظر:الكافي 4:269 الحديث 3، [3]التهذيب 5:17 الحديث 50،الوسائل 8:18 الباب 6 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [4]
4- 4) ع:العذاب.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:103، [5]المغني 3:196.

و الجواب عن الأوّل:أنّه تمسّك بالفعل،و نحن تمسّكنا بالقول،فكان أولى، و لأنّا لا نسلّم عدم الإعذار،و عدم العلم بها لا يدلّ على العدم في نفس الأمر، و يحتمل أن يكون عليه السّلام غير مستطيع،أو كره رؤية المشركين عراة حول البيت،فأخّر الحجّ إلى أن بعث في سنة تسع جماعة من المسلمين،و نادوا أن لا يحجّ بعد العام مشرك،و لا يطوف بالبيت عريان.

و يحتمل أنّه أخّره بأمر اللّه تعالى؛ليكون حجّته عليه السّلام حجّة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان،كهيئته يوم خلق اللّه السماوات و الأرض و تصادف وقعته (1)الجمعة،و يكمل اللّه دينه بنصب أمير المؤمنين عليه السّلام إماما للأنام،فقد قيل:إنّه اجتمع يومئذ أعياد أهل كلّ دين،و لم يجتمع قبله و لا بعده (2).

و عن الثاني:أنّه لا يلزم من الوجوب على الفور تسمية الفعل بعده قضاء فإنّ الزكاة تجب على الفور،و لو أخّرها لا يسمّى قضاء،و القضاء إذا وجب على الفور لو أخّره لا يسمّى قضاء للقضاء،و لو غلب في ظنّه أنّه لا يعيش إلى سنة أخرى، يضيّق عليه الوجوب إجماعا،و لو أخّره و عاش،لا يسمّى فعله قضاء،على أنّا نمنع من أنّه لا يسمّى قضاء،فقد قال اللّه تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (3).

مسألة:و إنّما يجب بأصل الشرع في العمر مرّة واحدة

بإجماع المسلمين على ذلك.

و سأل الأقرع بن حابس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الحجّ في كلّ سنة أم مرّة واحدة؟فقال:«بل مرّة واحدة،و من زاد فهو تطوّع» (4).

ص:16


1- 1ع:وقفته.
2- 2) المغني 3:197،الشرح الكبير بهامش المغني 3:183.
3- 3) الحجّ(22):29. [1]
4- 4) سنن أبي داود 2:139 الحديث 1721، [2]سنن ابن ماجة 2:963 الحديث 2886،سنن النسائيّ 5: 111،مسند أحمد 1:352 و 371، [3]المستدرك للحاكم 2:293،سنن البيهقيّ 4:326.

و روي أنّه قيل:يا رسول اللّه أ حجّنا لعامنا هذا أم للأبد؟فقال:«بل للأبد» (1).

و لا نعلم فيه خلافا يعتدّ به.

و قد حكي عن بعض الناس أنّه يقول:يجب في كلّ سنة مرّة (2).و هذه حكاية لا تثبت،و هي مخالفة للإجماع و السنّة.

مسألة:العمرة فريضة مثل الحجّ.
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال عليّ عليه السّلام،و عمر،و ابن عبّاس،و زيد بن ثابت،و ابن عمر،و سعيد بن جبير، و سعيد بن المسيّب،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و الحسن،و ابن سيرين، و الشعبيّ،و الثوريّ،و إسحاق (3).

و قال مالك (4)،و أبو ثور (5)،و أصحاب الرأي:إنّها نفل و ليست فرضا (6).

و للشافعيّ قولان (7)،و عن أحمد روايتان (8).

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (9)و الأمر للوجوب.

ص:17


1- 1صحيح مسلم 2:884 الحديث 1216،سنن ابن ماجة 2:1024 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5: 178،سنن الدار قطنيّ 2:283 الحديث 208،سنن البيهقيّ 4:326.
2- 2) المجموع 7:9.
3- 3) المغني 3:174، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:165، [2]المجموع 7:7، [3]المحلّى 7:42، [4]عمدة القارئ 10:107،تفسير القرطبيّ 2:368، [5]تفسير فتح القدير 1:195. [6]
4- 4) مقدّمات ابن رشد 1:304،بداية المجتهد 1:322،بلغة السالك 1:261،تفسير القرطبيّ 2:368، [7]المغني 3:174، [8]المجموع 7:7. [9]
5- 5) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،المجموع 7:7، [10]بداية المجتهد 1:322.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:391،بدائع الصنائع 2:226،الهداية للمرغينانيّ 1:183،شرح فتح القدير 3:63، عمدة القارئ 10:108،المغني 3:174،المجموع 7:7.
7- 7) حلية العلماء 3:230،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:7،الأمّ 2:132،السراج الوهّاج: 151،المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165.
8- 8) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،الإنصاف 3:387.
9- 9) البقرة(2):196. [11]

و لأنّ العطف بالواو يقتضي التسوية،قال ابن عبّاس:إنّها لقرينة الحجّ في كتاب اللّه (1).

و روى الجمهور عن أبي رزين أنّه أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه إنّ أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجّ و العمرة و لا الظّعن،قال:«حجّ عن أبيك و اعتمر».رواه أبو داود،و النسائيّ،و الترمذيّ و قال:حديث حسن صحيح (2).

و عن ابن عمر،قال:جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:أوصني، قال:«تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تحجّ و تعتمر» (3).

و عن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم (4)،عن أبيه،عن جدّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كتب إلى أهل اليمن،و كان في الكتاب:«و إنّ العمرة هي الحجّ الأصغر» (5).

و عن ابن عمر قال:على كلّ مسلم حجّة و عمرة واجبتان،فمن زاد فهو تطوّع (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن المفضّل بن صالح،عن أبي بصير،

ص:18


1- 1صحيح البخاريّ 3:2،تفسير الدرّ المنثور 1:209، [1]سنن البيهقيّ 4:351،المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165.
2- 2) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1810، [2]سنن النسائيّ 5:111،سنن الترمذيّ 3:269 الحديث 930. [3]
3- 3) المستدرك للحاكم 1:51،و رواه ابنا قدامة في المغني 3:175،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:166.
4- 4) أبو بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ الخزرجيّ المدنيّ قاضي المدينة،روى عن أبيه و أرسل عن جدّه و عبد اللّه بن زيد،و روى عن خالته عمرة بنت عبد الرحمن،و روى عنه ابناه عبد اللّه و محمّد و ابن عمّه محمّد بن عمارة بن عمرو بن حزم و جمع.مات سنة 120 ه،تهذيب التهذيب 12:38، [4]العبر 1:117. [5]
5- 5) المستدرك للحاكم 1:395-397،سنن الدار قطنيّ 2:285 الحديث 222،سنن البيهقيّ 4:352، المعجم الكبير للطبرانيّ 25:310-313 الحديث 56.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:2،المستدرك للحاكم 1:471،سنن الدار قطنيّ 2:285 الحديث 219،تفسير القرطبيّ 2:368، [6]سنن البيهقيّ 4:351.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«العمرة مفروضة مثل الحجّ،فإذا أدّى المتعة فقد أدّى العمرة المفروضة» (1).

و لأنّه قول من سمّينا من الصحابة،و لم يوجد له مخالف،سوى عبد اللّه بن مسعود على اختلاف عنه،فيكون متعيّنا (2).

احتجّ المخالف (3):بما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل عن العمرة أ واجبة هي؟قال:«لا،و أن تعتمر فهو أفضل» (4).

و عن طلحة أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«الحجّ جهاد و العمرة تطوّع» (5).

و لأنّه نسك غير موقّت،فلم يكن واجبا،كالطواف المجرّد.

و الجواب:أنّ الشافعيّ قال:حديث جابر ضعيف لا تقوم بمثله الحجّة،و ليس في العمرة شيء ثابت بأنّها تطوّع (6).

قال ابن عبد البرّ:روي ذلك بأسانيد لا تصحّ و لا تقوم بمثلها الحجّة (7).

ثمّ بعد ذلك نحمله على المعهود،و هي العمرة التي قضوها حين أحصروا في الحديبيّة،أو على العمرة التي اعتمروها مع حجّتهم مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّها لم تكن واجبة على من اعتمر،أو على ما زاد على العمرة الواحدة،و الفرق

ص:19


1- 1الفقيه 2:274 الحديث 1339،الوسائل 10:243 الباب 5 من أبواب العمرة الحديث 6. [1]
2- 2) المغني 3:175،الشرح الكبير بهامش المغني 3:166،عمدة القارئ 10:108.
3- 3) بدائع الصنائع 2:226،بداية المجتهد 1:323،عمدة القارئ 10:108،تفسير القرطبيّ 2:368. [2]
4- 4) سنن الترمذيّ 3:270 الحديث 931، [3]سنن البيهقيّ 4:349،جامع الأصول 3:383 الحديث 1272، باختلاف يسير في الأخيرين.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:995 الحديث 2989،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 4:349،كنز العمّال 5:4 الحديث 11787.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:271، [4]المغني 3:175،المجموع 7:5.
7- 7) المغني 3:175،الشرح الكبير بهامش المغني 3:166،بداية المجتهد 1:323.

بينها و بين الطواف ظاهر؛لأنّ من شرطها الإحرام،بخلاف الطواف.

فروع:
الأوّل:العمرة تجب على من يجب عليه الحجّ،

و لها أسباب أخر تأتي إن شاء اللّه تعالى.

الثاني:وجوبها كوجوب الحجّ في العمر مرّة واحدة.
الثالث:تجب العمرة على أهل مكّة،كما تجب على غيرهم،

و به قال ابن عبّاس (1).

و قال أحمد:لا تجب على أهل مكّة.و به قال عطاء و طاوس (2).

لنا:ما تقدّم من العمومات.

احتجّ أحمد:بأنّ أعظم أركانها الطواف،فأجزأ طوافهم عنها.

و الجواب:أنّها مشروطة بأمور زائدة على الطواف و تشتمل على أفعال أخر.

الرابع:عندنا تجزئ عمرة التمتّع عن العمرة،

و كذا عمرة القارن،و لا نعلم خلافا في إجزاء عمرة التمتّع (3).

و قال أحمد:لا تجزئ عمرة القارن (4).و سيأتي البحث إن شاء اللّه تعالى.

ص:20


1- 1المغني 3:176،الشرح الكبير بهامش المغني 3:166.
2- 2) المغني 3:176،الشرح الكبير بهامش المغني 3:166.
3- 3) ع،ق و خا:المتمتّع.
4- 4) المغني 3:177،الكافي لابن قدامة 1:541،الإنصاف 4:56.
البحث الرابع
اشارة

في فضلهما

و هو من أعظم أركان الإسلام،و فضله متّفق عليه بين المسلمين كافّة.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لقيه أعرابيّ، فقال له:يا رسول اللّه،إنّي خرجت أريد الحجّ ففاتني و أنا رجل متموّل (1)،فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاجّ،قال:فالتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:«انظر إلى أبي قبيس،فلو أنّ أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقتها (2)في سبيل اللّه ما بلغت مبلغ الحاجّ»ثمّ قال:«إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلاّ كتب اللّه له عشر حسنات،و محا عنه عشر سيّئات،و رفع له عشر درجات،فإذا ركب بعيره لم يرفع خفّا و لم يضعه إلاّ كتب اللّه له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه،فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه،فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه،فإذا

ص:21


1- 1ج:مموّل،ع:مول،في المصادر:مميل،و في المقنعة:61، [1]ميّل،قال في أقرب الموارد 2:1253: الموّل و الميّل:الكثير المال.
2- 2) في المصادر:أنفقته.

رمى الجمار خرج من ذنوبه»قال:فعدّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه،ثمّ قال:«أنّى لك أن تبلغ ما بلغ الحاجّ»قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و لا تكتب عليه الذنوب أربعة أشهر و تكتب له الحسنات إلاّ أن يأتي بكبيرة» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن قيس قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام و هو يحدّث الناس بمكّة،فقال:«إنّ رجلا من الأنصار جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليسأله، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إن شئت فاسأل،و إن شئت أخبرتك عمّا جئت تسألني عنه»فقال:أخبرني يا رسول اللّه،فقال:«جئت تسألني مالك في حجّك و عمرتك،و إنّ (2)لك إذا توجّهت إلى سبيل الحجّ،ثمّ ركبت راحلتك،ثمّ قلت:بسم اللّه و الحمد للّه،ثمّ مضت راحلتك لم تضع خفّا و لم ترفع خفّا،إلاّ كتب اللّه لك حسنة و محا عنك سيّئة،فإذا أحرمت و لبيّت،كان لك بكلّ تلبية لبّيتها (3)عشر حسنات و محي عنك عشر سيّئات،فإذا طفت بالبيت الحرام أسبوعا،كان لك بذلك عند اللّه عهد و ذخر يستحيي أن يعذّبك بعده أبدا،فإذا صلّيت الركعتين خلف المقام، كان لك بهما ألفا (4)حجّة متقبّلة،فإذا سعيت بين الصفا و المروة،كان لك مثل (5)أجر من حجّ ماشيا من بلاده،و مثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة،فإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس،فإن كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج أو بعدد (6)نجوم السماء أو قطر المطر يغفرها اللّه لك،فإذا رميت الجمار،كان لك بكلّ حصاة

ص:22


1- 1التهذيب 5:19 الحديث 56،الوسائل 8:79 الباب 42 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) في التهذيب:فإنّ.
3- 3) ع و ج:تلبّيها،ح:تلبيتها.
4- 4) أكثر النسخ:ألفي،كما في الفقيه.
5- 5) لا توجد كلمة:«مثل»في خا،ع،ج،ق و آل.
6- 6) ج،ع و آل:«أو عدد»مكان:«أو بعدد».

عشر حسنات تكتب لك فيما يستقبل من عمرك،فإذا حلقت رأسك،كان لك بعدد كلّ شعرة حسنة تكتب لك فيما يستقبل من عمرك،فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك،كان لك بكلّ قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما يستقبل من عمرك،فإذا زرت البيت و طفت به أسبوعا و صلّيت الركعتين خلف المقام،ضرب ملك على كتفيك،ثمّ قال لك:قد غفر اللّه لك ما مضى و فيما يستقبل ما بينك و بين مائة و عشرين يوما» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الحاجّ حملانه و ضمانه على اللّه،فإذا دخل المسجد الحرام و كلّ اللّه به ملكين يحفظان طوافه و صلاته و سعيه،فإذا كان عشيّة عرفة ضربا على منكبه الأيمن و يقولان له:

يا هذا أمّا ما مضى فقد كفيته،فانظر كيف تكون فيما تستقبل» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف:صنف يعتقون من النار،و صنف يخرج (3)من ذنوبهم كيوم ولدته أمّه،و صنف يحفظ في أهله و ماله،فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ» (4).

قال ابن بابويه:و روي أنّه الذي لا يقبل منه الحجّ (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الحجّ و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير (6)

ص:23


1- 1التهذيب 5:20 الحديث 57،الوسائل 8:154 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 5:21 الحديث 58،الوسائل 8:74 الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 42. [2]
3- 3) د و ع:«يخرجون».
4- 4) التهذيب 5:21 الحديث 59،الوسائل 8:65 [3] الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2 و ص 83 الباب 42 الحديث 15.
5- 5) الفقيه 2:146 الحديث 642.
6- 6) الكير-بالكسر-:زقّ الحدّاد الذي ينفخ به و يكون أيضا من جلد غليظ و له حافات.المصباح المنير:545. [4]

خبث الحديد»قال معاوية:فقلت له:حجّة أفضل أو عتق رقبة؟قال:«حجّة أفضل»قلت:فثنتين؟قال:«حجّة أفضل»قال معاوية:فلم أزل أزيد و يقول:«حجّة أفضل»حتّى بلغت ثلاثين رقبة،قال:«حجّة أفضل» (1).

و في الصحيح عن عمر بن يزيد،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«حجّة أفضل من عتق سبعين (2)رقبة» (3).

و في الصحيح عن الكنانيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يذكر الحجّ، فقال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:هو أحد الجهادين،و هو جهاد الضعفاء و نحن الضعفاء» (4).

و في الصحيح عن ابن بنت إلياس (5)عن الرضا عليه السّلام قال:«إنّ الحجّ و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب،كما ينفي الكير الخبث من الحديد» (6).

و روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«ما من مهلّ يهلّ في التلبية إلاّ أهلّ من عن يمينه كلّ شيء إلى مقطع (7)التراب،و من عن يساره إلى مقطع (8)التراب،و قال له الملكان:أبشر يا عبد اللّه و ما بشّر اللّه عبدا إلاّ بالجنّة،و من لبّى في إحرامه سبعين مرّة إيمانا و احتسابا،أشهد اللّه له ألف ملك ببراءته من النّار و براءته

ص:24


1- 1التهذيب 5:21 الحديث 60،الوسائل 8:74 [1] الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 43 و ص 85 الباب 43 الحديث 7.
2- 2) أكثر النسخ:«تسعين»،و في هامش التهذيب:نسخة في المخطوطات:«تسعين»و في المطبوعة:ستّين.
3- 3) التهذيب 5:22 الحديث 63،الوسائل 8:77 [2] الباب 41 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3 و ص 85 الباب 43 الحديث 3.
4- 4) التهذيب 5:22 الحديث 64،الوسائل 8:74 الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 44. [3]
5- 5) هو:الحسن بن عليّ الوشّاء.
6- 6) التهذيب 5:22 الحديث 65،الوسائل 8:74 الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 45. [4]
7- 7) كثير من النسخ:منقطع.
8- 8) كثير من النسخ:منقطع.

من النفاق،و من انتهى إلى الحرم فنزل و اغتسل و أخذ نعليه بيده،ثمّ دخل الحرم حافيا تواضعا للّه عزّ و جلّ محا اللّه عنه مائة ألف سيّئة و كتب له مائة ألف حسنة و بنى له مائة ألف درجة و قضى له مائة ألف حاجة،و من دخل مكّة بسكينة، غفر اللّه له ذنبه-و هو أن يدخلها غير متكبّر و لا متجبّر-و من دخل المسجد حافيا على (1)سكينة و وقار و خشوع،غفر اللّه له،و من نظر إلى الكعبة عارفا بحقّها، غفر (2)له ذنبه و كفي ما أهمّه» (3).

و قال الصادق عليه السّلام:«من نظر إلى الكعبة فعرف من حقّنا و حرمتنا مثل الذي عرف من حقّها و حرمتها،غفر اللّه له ذنوبه،و كفاه همّ الدنيا و الآخرة» (4).

و روي أنّ:«النظر إلى الكعبة عبادة،و النظر إلى الوالدين عبادة،و النظر إلى المصحف من غير قراءة عبادة،و النظر إلى وجه العالم عبادة،و النظر إلى آل محمّد عليهم السّلام عبادة» (5).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«النظر إلى عليّ عليه السّلام عبادة» (6).

و في حديث آخر:«ذكر عليّ عليه السّلام عبادة» (7).

و روي أنّ:«من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة» (8).

و قال الصادق عليه السّلام:«من حجّ حجّة الإسلام فقد حلّ عقدة من النار من

ص:25


1- 1ع و ح:«عن»مكان:«على».
2- 2) آل:غفر اللّه.
3- 3) الفقيه 2:132 الحديث 553،الوسائل 9:50 الباب 37 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 2:132 الحديث 554،الوسائل 9:364 الباب 29 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 5. [2]
5- 5) الفقيه 2:132 الحديث 556،الوسائل 8:621 [3] الباب 166 من أبواب أحكام العشرة الحديث 1 و ج 9: 364 الباب 29 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 7.
6- 6) الفقيه 2:133 الحديث 557.
7- 7) الفقيه 2:133 الحديث 558.
8- 8) الفقيه 2:135 الحديث 578،الوسائل 9:520 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 2. [4]

عنقه،و من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت،و من حجّ ثلاث حجج متوالية ثمّ حجّ أو لم يحجّ فهو بمنزلة مدمن الحجّ» (1).

و قال الباقر عليه السّلام:«الحاجّ و المعتمر وفد اللّه إن سألوه أعطاهم،و إن دعوه أجابهم،و إن شفعوا شفّعهم،و إن سكتوا ابتدأهم،و يعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم» (2).و قال عليه السّلام:«ليس في ترك الحجّ خيرة» (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يحالف الفقر و الحمّى مدمن الحجّ و العمرة» (4).

فصل:و الحجّ و العمرة يحصل بهما الصحّة من المرض و الفقر؛

لما تقدّم.

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«حجّوا و اعتمروا تصحّ أبدانكم،و تتّسع أرزاقكم،و تكفوا مئونات عيالاتكم»و قال:«و الحاجّ مغفور له و موجوب له الجنّة،و مستأنف له (5)العمل و محفوظ في أهله و ماله» (6).

فصل:و الدعاء في تلك المواطن مستجاب؛

لأنّه محلّ الرحمة و الإجابة،قال الرضا عليه السّلام:«ما وقف أحد بتلك الجبال إلاّ استجيب له،فأمّا المؤمنون

ص:26


1- 1الفقيه 2:139 الحديث 603،الوسائل 8:90 الباب 45 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 13. [1]
2- 2) الكافي 4:255 الحديث 14، [2]التهذيب 5:24 الحديث 71،الوسائل 8:68 الباب 38 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 15.و [3]فيه:«ألف درهم»،و في الجميع:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
3- 3) الكافي 4:270 الحديث 2، [4]الوسائل 8:97 الباب 47 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [5]
4- 4) الكافي 4:254 الحديث 8، [6]الوسائل 8:95 الباب 46 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [7]قال في هامش الكافي: [8]لا يحالف بالحاء المهملة،أي:لا يلازمه فقر،و في بعض النسخ:بالخاء المعجمة،أي: لا يأتيه.
5- 5) أكثر النسخ:«به»مكان«له».
6- 6) الكافي 4:252 الحديث 1، [9]الوسائل 8:5 الباب 1 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 7، [10]في المصادر: و تكفون،بدل:و تكفوا.

فيستجاب لهم في آخرتهم،و أمّا الكفّار (1)فيستجاب لهم في دنياهم» (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أربعة لا تردّ لهم دعوة حتّى تفتح لها أبواب السماء و تصير إلى العرش:دعوة الوالد لولده،و المظلوم على من ظلمه،و المعتمر حتّى يرجع،و الصائم حتّى يفطر» (3).

فصل:و يكره السؤال يوم عرفة هناك؛

لأنّه مختصّ (4)بسؤال اللّه تعالى،روى ابن بابويه قال:سمع عليّ بن الحسين عليهما السّلام سائلا يسأل الناس،فقال:

«ويحك أغير اللّه تسأل في هذا اليوم إنّه ليرجى لما في بطون الحبالى (5)في هذا اليوم أن يكون سعيدا» (6).

و كان الباقر عليه السّلام إذا كان يوم عرفة لم يردّ سائلا (7).

فصل:و لا ينبغي أن يقنط من رحمة اللّه تعالى؛

لقوله تعالى: لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ (8).

و قال: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ (9).

و روى ابن بابويه:«إنّ أعظم الناس جرما من أهل عرفات الذي ينصرف من

ص:27


1- 1ج و ح:و أمّا الكافرون.
2- 2) الكافي 4:256 الحديث 19، [1]الوسائل 8:113 الباب 62 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) الكافي 2:510 الحديث 6، [3]الفقيه 2:146 الحديث 644 و فيه:تصعد إلى العرش،الوسائل 4:1153 الباب 44 من أبواب الدعاء الحديث 2. [4]
4- 4) ع:مخصوص،مكان:مختصّ.
5- 5) ع و خا:«الجبال»مكان:«الحبالى».
6- 6) الفقيه 2:137 الحديث 585،الوسائل 10:28 الباب 21 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1. [5]
7- 7) الفقيه 2:137 الحديث 586،الوسائل 10:28 الباب 21 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 2. [6]
8- 8) يوسف(12):87. [7]
9- 9) الزمر(39):53. [8]

عرفات و هو يظنّ أنّه لم يغفر له،يعني الذي يقنط من رحمة اللّه عزّ و جلّ» (1).

فصل:و ينبغي مصافحة الحاجّ و تعظيمهم ؛

(2)

لأنّهم أهل طاعة،قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«يا معشر من لم يحجّ استبشروا بالحاجّ و صافحوهم و عظّموهم،فإنّ ذلك يجب عليكم،تشاركوهم في الأجر» (3).

و قال عليه السّلام:«بادروا بالسلام على الحاجّ و المعتمرين و مصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب» (4).

فصل:و شرب ماء زمزم مستحبّ،

قال الصادق عليه السّلام:«ماء زمزم شفاء لما شرب له» (5).

و روي أنّه من روي من ماء زمزم أحدث له به شفاء و صرف عنه داء (6).

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستهدي ماء زمزم و هو بالمدينة (7).

فصل:و تكرار الحجّ مستحبّ؛

لأنّه أعظم الطاعات و أشقّها.

قال الصادق عليه السّلام:«من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت،و من حجّ ثلاث حجج متوالية[ثمّ حجّ أو لم يحجّ فهو بمنزلة مدمن الحجّ (8)(9).

ص:28


1- 1الفقيه 2:137 الحديث 587،الوسائل 10:22 الباب 18 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 2 و [1]فيه:«إنّ من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثمّ ظنّ أنّ اللّه لم يغفر له».
2- 2) ع:و إعظامهم.
3- 3) الكافي 4:264 الحديث 48، [2]الفقيه 2:147 الحديث 647،الوسائل 8:327 الباب 55 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [3]
4- 4) الكافي 4:256 الحديث 17، [4]الفقيه 2:147 الحديث 648،الوسائل 8:327 الباب 55 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [5]في الكافي و [6]الوسائل:«و [7]المعتمر»بدل:«و المعتمرين».
5- 5) الفقيه 2:135 الحديث 573،الوسائل 9:351 الباب 20 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [8]
6- 6) الفقيه 2:135 الحديث 574،الوسائل 9:351 الباب 20 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [9]
7- 7) الفقيه 2:135 الحديث 575،الوسائل 9:351 الباب 20 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4. [10]
8- 8) أثبتناه من المصادر.
9- 9) الفقيه 2:139 الحديث 603،الوسائل 8:90 الباب 45 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 13. [11]

[و روي أنّ:«من حجّ ثلاث حجج] (1)لم يصبه فقر أبدا» (2).

و عن الرضا عليه السّلام:من حجّ أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا،و إذا مات صوّر اللّه عزّ و جلّ الحجج التي حجّ في صورة حسنة أحسن ما يكون من الصور بين عينيه،تصلّي في جوف قبره حتّى يبعثه اللّه من قبره،و يكون ثواب تلك الصلاة له،و اعلم أنّ الركعة من تلك الصلاة تعدل ألف ركعة من صلاة الآدميّين، و من حجّ خمس حجج لم يعذّبه اللّه أبدا،و من حجّ عشر حجج لم يحاسبه اللّه أبدا، و من حجّ عشرين حجّة لم ير جهنّم و لم يسمع (3)شهيقها و لا زفيرها،و من حجّ أربعين حجّة قيل له:اشفع فيمن أحببت و يفتح له باب من أبواب الجنّة يدخل منه هو و من يشفع له،و من حجّ خمسين حجّة بني له مدينة في جنّة عدن فيها ألف قصر في كلّ قصر ألف حور من حور العين و ألف زوجة و يجعل من رفقاء محمّد خمسين حجّة مع محمّد و الأوصياء صلوات اللّه عليهم،و كان ممّن يزوره اللّه عزّ و جلّ كلّ جمعة،و هو ممّن يدخل جنّة عدن التي خلقها اللّه عزّ و جلّ بيده و لم ترها عين و لم يطّلع عليها مخلوق» (4).

فصل:و لا ينبغي له ترك الحجّ لأجل الدين.

سئل الصادق عليه السّلام عن رجل ذي دين،يستدين و يحجّ؟فقال:«نعم، هو أقضى للدين» (5).

ص:29


1- 1أثبتناه من المصادر.
2- 2) الفقيه 2:139 الحديث 604،الوسائل 8:90 الباب 45 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 14. [1]
3- 3) ع،ج و ق:و لا يسمع.
4- 4) الفقيه 2:139،140 الحديث 606،الوسائل 8:90 الباب 45 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 16. [2]
5- 5) الفقيه 2:143 الحديث 623،و بتفاوت يسير ينظر:التهذيب 5:441 الحديث 1533،الاستبصار 2: 329 الحديث 1168،الوسائل 8:99 الباب 50 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]

و عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ رجلا استشارني في الحجّ و كان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحجّ،فقال:«ما أخلقك (1)أن تمرض سنة»قال:فمرضت سنة (2).

و قال الصادق عليه السّلام:«ليحذر أحدكم أن يعوّق أخاه عن الحجّ فتصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة» (3).

فصل:و قراءة القرآن بمكّة أفضل منه في غيرها.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من ختم القرآن بمكّة من جمعة إلى جمعة أو أقلّ أو أكثر كتب اللّه له من الأجر و الحسنات من أوّل جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون،و كذلك ختمه في سائر الأيّام» (4).

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«من ختم القرآن بمكّة لم يمت حتّى يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يرى منزله من الجنّة» (5).

فصل:و المشي مع المكنة أفضل من الركوب؛لزيادة المشقّة.

و لأنّ فيه تعظيما للّه تعالى.

قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«و الماشي بمكّة في عبادة اللّه عزّ و جلّ» (6).

ص:30


1- 1خلق-بالضمّ-و هو أخلق به:أي هو أجدر،و جدير به.النهاية لابن الأثير 2:72. [1]
2- 2) الكافي 4:271 الحديث 1، [2]الفقيه 2:143 الحديث 624،التهذيب 5:450 الحديث 1569،الوسائل 8:97 الباب 48 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
3- 3) الفقيه 2:143 الحديث 625،الوسائل 8:98 الباب 48 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [4]
4- 4) الكافي 2:612 الحديث 4، [5]الفقيه 2:146 الحديث 644،الوسائل 9:382 الباب 45 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [6]في الكافي و [7]الوسائل: [8]عن أبي جعفر عليه السّلام.
5- 5) الفقيه 2:146 الحديث 645،التهذيب 5:468 الحديث 1640،الوسائل 9:382 الباب 45 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [9]
6- 6) الفقيه 2:146 الحديث 645.

و كان[الحسن بن عليّ] (1)عليه السّلام يمشي و تساق معه المحامل و الرحال (2)(3).

و روي أنّه ما تقرّب[عبد] (4)إلى اللّه عزّ و جلّ بشيء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين و إنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة (5).

ص:31


1- 1أثبتناه من المصدر.
2- 2) خا،ق و ج:و الرجال،كما في الفقيه.
3- 3) الفقيه 2:141 الحديث 611،الوسائل 8:59 الباب 33 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 9. [1]
4- 4) أثبتناه من المصدر.
5- 5) الفقيه 2:140 الحديث 609،الوسائل 8:55 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [2]
البحث الخامس
اشارة

في آداب السفر

روى ابن بابويه،عن عمرو بن أبي المقدام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«في حكمة آل داود عليه السّلام:إنّ على العاقل أن لا يكون ظاعنا إلاّ في ثلاث:

تزوّد لمعاد،أو مرمّة لمعاش،أو لذّة في غير محرّم» (1).

و روى السكونيّ بإسناده،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«سافروا تصحّوا،و جاهدوا تغنموا،و حجّوا تستغنوا» (2).

فصل:روى حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أراد سفرا

فليسافر يوم السبت،

فلو أنّ حجرا زال عن جبل في يوم السبت لردّه اللّه إلى مكانه، و من تعذّرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء،فإنّه اليوم الذي ألان اللّه الحديد لداود عليه السّلام» (3).

و روى إبراهيم بن أبي يحيى عنه عليه السّلام أنّه قال:«لا بأس بالخروج (4)في

ص:32


1- 1الفقيه 2:173 الحديث 763،الوسائل 8:248 الباب 1 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:173 الحديث 764،الوسائل 8:250 الباب 2 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:173 الحديث 766،الوسائل 8:252 الباب 3 [3] من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3 و ص 254 الباب 4 الحديث 2.
4- 4) أكثر النسخ:في الخروج.

السفر ليلة الجمعة» (1).

و روى عبد اللّه بن سليمان،عن الباقر عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسافر يوم الخميس» (2).

و قال عليه السّلام:«يوم الخميس يحبّه اللّه و رسوله و ملائكته» (3).

فصل:روى محمّد بن يحيى الخثعميّ،عن الصادق عليه السّلام قال:«لا تخرج

يوم الجمعة في حاجة،

فإذا كان يوم السبت و طلعت الشمس فاخرج في حاجتك» (4).

و قال عليه السّلام:«السبت لنا و الأحد لبني أميّة» (5).

و قال عليه السّلام:«لا تسافر يوم الاثنين و لا تطلب فيه حاجة» (6).

و عن أبي أيّوب الخزّاز قال:أردنا أن نخرج فجئنا نسلّم على أبي عبد اللّه عليه السّلام،فقال:«كأنّكم طلبتم بركة الاثنين؟»قلنا:نعم،قال:«فأيّ يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين،فقدنا فيه نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله،و ارتفع الوحي عنّا، لا تخرجوا يوم الاثنين و اخرجوا يوم الثلاثاء» (7).

و روى محمّد بن حمران عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من سافر أو تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى» (8).

و روى سليمان بن جعفر الجعفريّ،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:

ص:33


1- 1الفقيه 2:173 الحديث 767،الوسائل 8:260 الباب 7 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:173 الحديث 768،الوسائل 8:259 الباب 7 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:173 الحديث 769،الوسائل 8:260 الباب 7 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [3]
4- 4) الفقيه 2:174 الحديث 773،الوسائل 8:253 الباب 3 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 4. [4]
5- 5) الفقيه 2:174 الحديث 775،الوسائل 8:253 الباب 3 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 5. [5]
6- 6) الفقيه 2:174 الحديث 776،الوسائل 8:255 الباب 4 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 6. [6]
7- 7) الفقيه 2:174 الحديث 777،الوسائل 8:254 الباب 4 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [7]
8- 8) الفقيه 2:174 الحديث 778،الوسائل 8:266 الباب 11 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [8]

«الشؤم للمسافر في طريقه في خمسة:الغراب الناعق عن يمينه،و الكلب الناشر لذنبه،و الذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل و هو مقع على ذنبه يعوي،ثمّ يرتفع،ثمّ ينخفض ثلاثا،و الظبي السانح من يمين إلى شمال،و البومة الصارخة، و المرأة الشمطاء تلقى فرجها،و الأتان (1)العضباء-يعني الجدعاء-،فمن أو جس في نفسه منهنّ شيئا فليقل:اعتصمت بك يا ربّ من شرّ ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك»قال:«فيعصم من ذلك» (2).

فصل:و ينبغي له إذا عزم على الحجّ أن ينظر في أمر نفسه،

و يقطع العلائق بينه و بين مخالطيه و معامليه،و يوفي كلّ من له عليه حقّ حقّه،ثمّ ينظر في أمر من يخلفه و يحسن تدبيرهم،و يترك لهم ما يحتاجون إليه للنفقة (3)مدّة غيبته عنهم على اقتصاد من غير إسراف و لا إقتار،ثمّ يوصي بوصيّة يذكر فيها ما يقرّبه إلى اللّه تعالى،و يحسن وصيّته و يسندها إلى من يثق إليه من إخوانه المؤمنين.

فصل:فإذا عزم على الخروج،فليصلّ ركعتين يقرأ فيهما ما شاء من القرآن.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر،و يقول:اللهمّ إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذرّيّتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي،فما قال ذلك أحد إلاّ أعطاه اللّه عزّ و جلّ ما سأل» (4).

ص:34


1- 1الأتان:الأنثى من الحمير،المصباح المنير:3. [1]
2- 2) الفقيه 2:175 الحديث 780 فيه:ستّة،مكان:خمسة،الوسائل 8:263 الباب 9 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) خا و ق:من النفقة.
4- 4) الكافي 4:283 الحديث 1، [3]الفقيه 2:177 الحديث 789،التهذيب 3:309 الحديث 959 و فيه: و ديني و دنياي...،كما في نسخة:ع،و ج 5:49 الحديث 152،الوسائل 8:275 الباب 18 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [4]
فصل:ثمّ يستفتح سفره بشيء من الصدقة،

فقد روى ابن بابويه-في الصحيح- عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«تصدّق و اخرج أيّ يوم شئت» (1).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يكره السفر في شيء من الأيّام المكروهة مثل الأربعاء و غيره؟فقال:«افتتح سفرك بالصدقة،و اخرج إذا بدا لك،و اقرأ آية الكرسيّ،و احتجم إذا بدا لك» (2).

و عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام،قال:«كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من اللّه عزّ و جلّ بما تيسّر له،و يكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب،و إذا سلّمه اللّه و انصرف حمد اللّه عزّ و جلّ و شكره و تصدّق بما تيسّر له» (3).

و عن كردين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من تصدّق بصدقة (4)إذا أصبح دفع اللّه عزّ و جلّ عنه نحس ذلك اليوم» (5).

و في الصحيح عن ابن أبي عمير،قال:كنت أنظر في النجوم و أعرفها و أعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء،فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى عليه السّلام، فقال:«إذا وقع في نفسك شيء فتصدّق على أوّل مسكين،ثمّ امض،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يدفع عنك» (6).

ص:35


1- 1الفقيه 2:175 الحديث 781،الوسائل 8:272 الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) الكافي 4:283 الحديث 3، [2]الفقيه 2:175 الحديث 782،التهذيب 5:49 الحديث 150،الوسائل 8: 272 الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [3]
3- 3) المحاسن:348 الحديث 25، [4]الفقيه 2:176 الحديث 785،الوسائل 8:273 الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 5. [5]
4- 4) أكثر النسخ:صدقة.
5- 5) الفقيه 2:176 الحديث 784،الوسائل 8:273 الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 6. [6]
6- 6) الفقيه 2:175 الحديث 783،الوسائل 8:273 الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [7]
فصل:فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه الذي يتوجّه له ،

(1)

و يقرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن شماله،و آية الكرسيّ أمامه و عن يمينه و عن يساره (2)،و يقول:اللهمّ احفظني و احفظ ما معي،و سلّمني و سلّم ما معي،و بلّغني و بلّغ ما معي،ببلاغك الحسن الجميل،رواه ابن بابويه عن الكاظم عليه السّلام (3).

و يستحبّ أيضا أن يدعو بدعاء الفرج و غيره من الأدعية المذكورة في مظانّها.

فصل:و كان الصادق عليه السّلام إذا وضع رجله في الركاب

يقول: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ و يسبّح اللّه سبعا،و يحمد اللّه (4)سبعا، و يهلّله سبعا (5).

و روى ابن بابويه عن الأصبغ بن نباتة قال:أمسكت لأمير المؤمنين عليه السّلام بالركاب،و هو يريد أن يركب،فرفع رأسه ثمّ تبسّم،فقلت:يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك و تبسّمت،قال:«نعم يا أصبغ،أمسكت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما أمسكت لي،فرفع رأسه و تبسّم،فسألته كما سألتني،و سأخبرك كما أخبرني، أمسكت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الشهباء،فرفع رأسه إلى السماء و تبسّم، فقلت:يا رسول اللّه رفعت رأسك إلى السماء و تبسّمت،فقال:يا عليّ إنّه ليس من أحد يركب ما أنعم اللّه عليه،ثمّ يقرأ آية السخرة،ثمّ يقول:أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه،اللهمّ اغفر لي ذنوبي و لا يغفر الذنوب إلاّ أنت،إلاّ قال السيّد الكريم:يا ملائكتي عبدي يعلم أنّه لا يغفر الذنوب غيري،اشهدوا أنّي قد

ص:36


1- 1ع:«إليه»كما في الفقيه.
2- 2) في المصادر:و عن شماله.
3- 3) الفقيه 2:177 الحديث 790،الوسائل 8:277 الباب 19 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [1]
4- 4) في المصادر:و يهلّل اللّه.
5- 5) الفقيه 2:178 الحديث 794،الوسائل 8:283 الباب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 5. [2]

غفرت له ذنوبه» (1).

فصل:و روى معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله في سفره إذا هبط سبّح،

و إذا صعد كبّر» (2).

و عن أبي عبيدة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«إذا كنت في سفر فقل:اللهمّ اجعل مسيري عبرا،و صمتي تفكّرا،و كلامي ذكرا» (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و الذي نفسي (4)بيده ما هلّل مهلّل و لا كبّر مكبّر على شرف من الأشراف إلاّ هلّل ما خلفه،و كبّر ما بين يديه بتهليله و تكبيره حتّى يبلغ مقطع التراب» (5).

فصل:و إذا أشرف على منزل أو قرية أو بلد قال:اللّهم ربّ السماء و ما أظلّت،

و ربّ الأرض و ما أقلّت،و ربّ الرياح و ما ذرّت،و ربّ الأنهار و ما جرت،عرّفنا خير هذه القرية و خير أهلها،و أعذنا من شرّها و شرّ أهلها إنّك على كلّ شيء قدير.

فصل:و يستحبّ حمل العصا في السفر.

روى ابن بابويه،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:حمل العصا ينفي الفقر،و لا يجاوره الشيطان» (6). (7)

و قال عليه السّلام:«تعصّوا فإنّها من سنن إخواني النبيّين،و كانت بنو إسرائيل

ص:37


1- 1الفقيه 2:178 الحديث 795،الوسائل 8:282 الباب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3،4. [1]
2- 2) الكافي 4:287 الحديث 2، [2]الفقيه 2:179 الحديث 796،الوسائل 8:285 الباب 21 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [3]
3- 3) الفقيه 2:179 الحديث 797،الوسائل 8:285 الباب 21 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [4]
4- 4) في المصادر:«نفس أبي القاسم»مكان:«نفسي».
5- 5) الفقيه 2:179 الحديث 798،الوسائل 8:285 الباب 21 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [5]
6- 6) ع و ج:«شيطان»،كما في الوسائل.
7- 7) الفقيه 2:176 الحديث 786،الوسائل 8:285 الباب 21 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [6]

الصغار و الكبار يمشون على العصا حتّى لا يختالوا في مشيهم» (1).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من خرج في سفر و معه عصا لوز مرّ،و تلا هذه الآية وَ لَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ -إلى قوله-:

وَ اللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (2)آمنه اللّه من كلّ سبع ضار،و من كلّ لصّ عاد،و من كلّ ذات حمة (3)،حتّى يرجع إلى أهله و منزله،و كان معه سبعة و سبعون من المعقّبات يستغفرون له حتّى يرجع و يضعها» (4).

فصل:و يستحبّ حسن الخلق في السفر،و كظم الغيظ،و كفّ الأذى،و الورع.

روى أبو الربيع الشاميّ،قال:كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و البيت غاصّ بأهله فقال:«ليس منّا من لم يحسن صحبة من صحبه،و مرافقة (5)من رافقه، و ممالحة من مالحه،و مخالقة من خالقه» (6).

و عن صفوان الجمّال،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان أبي عليه السّلام يقول:ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال:خلق يخالق به من صحبه،و حلم يملك به غضبه،و ورع يحجزه عن محارم اللّه عزّ و جلّ» (7).

و قال الصادق عليه السّلام:«ليس من المروّة أن يحدّث الرجل بما يلقى في

ص:38


1- 1الفقيه 2:176 الحديث 788،الوسائل 8:275 الباب 17 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) القصص(28):22-28. [2]
3- 3) الحمة:سمّ كل شيء يلدغ أو يلسع.المصباح المنير:154. [3]
4- 4) الفقيه 2:176 الحديث 786،الوسائل 8:274 الباب 16 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [4]
5- 5) ج و ع:«و موافقة»كما في الفقيه.
6- 6) الكافي 4:286 الحديث 4، [5]الفقيه 2:179 الحديث 799،الوسائل 8:402 الباب 2 من أبواب أحكام العشرة الحديث 3. [6]في الوسائل [7]بتفاوت يسير.
7- 7) الكافي 4:285 الحديث 1، [8]الفقيه 2:179 الحديث 800،التهذيب 5:445 الحديث 1549،الوسائل 8:403 الباب 2 من أبواب أحكام العشرة الحديث 5. [9]

السفر من خير أو شرّ» (1).

و روى محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام قال:«من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليه فافعل» (2).

و قال عمّار بن مروان الكلبيّ (3):أو صاني أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقال:

«أوصيك بتقوى اللّه،و أداء الأمانة،و صدق الحديث،و حسن الصحبة لمن صحبك، و لا قوّة إلاّ باللّه» (4).

فصل:روى حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال لقمان

لابنه:إذا سافرت[مع قوم] فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم،

(5)

و أكثر التبسّم في وجوههم،و كن كريما على زادك بينهم،و إذا دعوك فأجبهم،و إن استعانوا بك فأعنهم (6)،و استعمل طول الصمت و كثرة الصلاة و سخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد،و إذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم،و اجهد رأيك لهم إذا استشاروك،ثمّ لا تعزم حتّى تثبّت و تنظر،و لا تجب في مشورة حتّى تقوم فيها

ص:39


1- 1الفقيه 2:180 الحديث 801،الوسائل 8:403 الباب 2 من أبواب أحكام العشرة الحديث 6. [1]
2- 2) الكافي 2:637 الحديث 1 و ص 669 الحديث 2، [2]الفقيه 2:180 الحديث 803،الوسائل 8:401 الباب 2 من أبواب أحكام العشرة الحديث 1. [3]
3- 3) عمّار بن مروان الكلبيّ،قد وقع في طريق الصدوق و ذكره في المشيخة،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال أصلا.و قال السيّد الخوئيّ عند ذكره:طريق الصدوق إليه صحيح،لكنّه عند ذكر عمّار بن مروان اليشكريّ أنكر ما ذكره في المشيخة هو عمّار بن مروان الكلبيّ بل هو محمّد بن مروان و ما في المشيخة من سهو القلم،لأنّ الكلينيّ أورد عين هذا الطريق عن محمّد بن مروان الكلبيّ.قال:و يؤكّد ذلك أنّ الصدوق روى عن محمّد بن مروان في الفقيه مع أنّه لم يذكر إليه طريقا في المشيخة. الفقيه(شرح المشيخة)4:98،تنقيح المقال 2:318، [4]معجم رجال الحديث 12:278-283. [5]
4- 4) الكافي 2:669 الحديث 1، [6]الفقيه 2:180 الحديث 802،الوسائل 8:403 الباب 2 من أبواب أحكام العشرة الحديث 7. [7]
5- 5) أثبتناها من المصادر.
6- 6) ع:«و إن استغاثوا بك فأغثهم»مكان:«و إن استعانوا بك فأعنهم».

و تقعد و تنام و تأكل و تصلّي و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك في مشورتك،فإنّ من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه اللّه رأيه و نزع عنه الأمانة،و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم،و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم،و إذا تصدّقوا و أعطوا قرضا فأعط معهم،و اسمع لمن هو أكبر منك سنّا،و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل:نعم،و لا تقل:لا،فإنّ لا،عيّ و لؤم،و إذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا،و إذا شككتم في القصد فقفوا و تؤامروا،و إذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم و لا تسترشدوه،فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب لعلّه يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم،و احذروا الشخصين أيضا إلاّ أن تروا ما لا أرى،فإنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحقّ منه،و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب،يا بنيّ إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشيء،صلّها و استرح منها،فإنّها دين،و صلّ في جماعة و لو على رأس زجّ (1)،و لا تنامنّ (2)على دابّتك، فإنّ ذلك سريع في دبرها (3)،و ليس ذلك من فعل الحكماء،إلاّ أن تكون في محمل يمكنك التمدّد لاسترخاء المفاصل،و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتك و ابدأ بعلفها قبل نفسك فإنّها نفسك،و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا و ألينها تربة و أكثرها عشبا،و إذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس،و إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض،و إذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثمّ ودّع الأرض التي حللت بها،و سلّم عليها و على أهلها،فإنّ لكلّ بقعة أهلا من الملائكة،و إن (4)استطعت أن لا تأكل طعاما حتّى تبدأ فتصدّق منه فافعل،و عليك بقراءة كتاب اللّه عزّ و جلّ ما دمت راكبا،و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا،

ص:40


1- 1الزجّ-بالضمّ-الحديدة التي في أسفل الرمح،المصباح المنير:251. [1]
2- 2) آل،ع،خا و ق:و لا تيامنّ.
3- 3) الدبر بالتحريك كالجراحة تحدث من الرجل و نحوه و منه دبر ظهر الدابة.مجمع البحرين 3:299. [2]
4- 4) خا،ق و ح:«فإن»كما في الوسائل. [3]

و عليك بالدعاء ما دمت خاليا،و إيّاك و السير من أوّل الليل و سر في آخره،و إيّاك و رفع الصوت في مسيرك» (1).

فصل:و يستحبّ تشييع المسافر و توديعه و الدعاء له.

و قد شيّع أمير المؤمنين عليه السّلام أبا ذرّ،و شيّعه معه الحسن و الحسين عليهما السّلام و عقيل بن أبي طالب و عبد اللّه بن جعفر و عمّار بن ياسر.قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«ودّعوا أخاكم، فإنّه لا بدّ للشاخص أن يمضي،و للمشيّع من أن يرجع»فتكلّم (2)كلّ رجل منهم على حياله،فقال الحسين بن عليّ عليهما السّلام:«رحمك اللّه يا أبا ذر إنّ القوم إنّما امتهنوك بالبلاء؛لأنّك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم،فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم،و أغناك عمّا منعوك؟»فقال أبو ذرّ:رحمكم اللّه من أهل بيت فما لي شجن (3)في الدنيا غيركم،إنّي إذا ذكرتكم ذكرت بكم جدّكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ودّع المؤمنين قال:«زوّدكم اللّه التقوى، و وجّهكم إلى كلّ خير،و قضى لكم كلّ حاجة،و سلّم لكم دينكم و دنياكم،و ردّكم سالمين إلى سالمين» (5).

و عن الباقر عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ودّع مسافرا أخذ بيده ثمّ قال:أحسن اللّه لك الصحابة،و أكمل لك المعونة،و سهّل لك الحزونة،

ص:41


1- 1الفقيه 2:194 الحديث 884،الوسائل 8:323 الباب 52 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) أكثر النسخ:فيكلّم.
3- 3) الشجن-بفتحتين-الحاجة.المصباح المنير:306. [2]
4- 4) المحاسن:353 الحديث 45، [3]الفقيه 2:180 الحديث 804،الوسائل 8:297 الباب 28 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [4]
5- 5) المحاسن:354 الحديث 46، [5]الفقيه 2:180 الحديث 805،الوسائل 8:297 الباب 29 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [6]

و قرّب لك البعيد،و كفاك المهمّ،و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك، و وجّهك لكلّ خير،عليك بتقوى اللّه،استودع اللّه نفسك،سر على بركة اللّه عزّ و جلّ» (1).

فصل:و يكره الوحدة في السفر.

قال الصّادق عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ألا أنبّئكم بشرّ الناس؟قالوا:بلى يا رسول اللّه،قال:من سافر وحده،و منع رفده،و ضرب عبده» (2).

و قال أبو الحسن الكاظم عليه السّلام:«في وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:لا تخرج في سفر وحدك؛فإنّ الشيطان مع الواحد و هو من الاثنين أبعد،يا عليّ إنّ الرجل إذا سافر وحده فهو غاو،و الاثنان غاويان،و الثلاثة نفر»و روى بعضهم:«سفر» (3).

و عن الكاظم عليه السّلام قال:«لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثة:الآكل زاده وحده،و النائم في بيت وحده،و الراكب في الفلاة وحده» (4).

فصل:و لو اتّفق له السفر وحده،

فليقل:ما رواه سليمان بن جعفر عن أبي الحسن الكاظم عليه السّلام قال:«من خرج وحده في سفر فليقل:ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه،اللهمّ آنس وحشتي،و أعنّي على وحدتي،و أدّ غيبتي» (5).

ص:42


1- 1المحاسن:354 الحديث 47، [1]الفقيه 2:180 الحديث 806،الوسائل 8:298 الباب 29 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [2]
2- 2) المحاسن:356 الحديث 60، [3]الفقيه 2:181 الحديث 808،الوسائل 8:300 الباب 30 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 4. [4]
3- 3) المحاسن:356 الحديث 56، [5]الفقيه 2:181 الحديث 809،الوسائل 8:300 الباب 30 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 5 و 6. [6]
4- 4) الفقيه 2:181 الحديث 810،الوسائل 8:300 الباب 30 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 7. [7]
5- 5) الفقيه 2:181 الحديث 807،الوسائل 8:289 الباب 25 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [8]
فصل:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الرفيق ثمّ السفر» .

(1)

و قال عليه السّلام:«ما اصطحب اثنان،إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه، أرفقهما لصاحبه (2)» (3).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«لا تصحبنّ في سفر (4)،من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك» (5).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من السنّة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم،فإنّ ذلك أطيب لأنفسهم و أحسن لأخلاقهم» (6).

و قال الصادق عليه السّلام:«اصحب من تتزيّن به،و لا تصحب من يتزيّن بك» (7).

و قال شهاب بن عبد ربّه:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قد عرفت حالي وسعة يدي و توسيعي (8)على إخواني،فأصحب النفر منهم في طريق مكّة فأوسّع عليهم، قال:«لا تفعل يا شهاب،إن بسطت و بسطوا،أجحفت بهم،و إن هم أمسكوا

ص:43


1- 1الكافي 4:286 الحديث 5، [1]الفقيه 2:182 الحديث 812،الوسائل 8:299 الباب 30 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [2]
2- 2) ع«بصاحبه»كما في الوسائل. [3]
3- 3) المحاسن:357 الحديث 68، [4]الفقيه 2:182 الحديث 813،الوسائل 8:302 الباب 31 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [5]
4- 4) ع:«في سفرك»كما في الكافي.
5- 5) المحاسن:357 الحديث 62، [6]الكافي 4:286 الحديث 5، [7]الفقيه 2:182 الحديث 814،الوسائل 8: 302 الباب 31 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [8]
6- 6) المحاسن:359 الحديث 76، [9]الفقيه 2:182 الحديث 815،الوسائل 8:302 الباب 32 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [10]
7- 7) المحاسن:357 الحديث 63، [11]الفقيه 2:182 الحديث 816،الوسائل 8:301 الباب 31 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [12]
8- 8) خا و ح:و توسّعي،كما في الكافي و [13]الوسائل. [14]

أذللتهم،فاصحب نظراءك اصحب نظراءك» (1).

و قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:«إذا صحبت،فاصحب نحوك،و لا تصحب من يكفيك،فإنّ ذلك مذلّة للمؤمن» (2).

و قال الصادق عليه السّلام:«حقّ المسافر أن يقيم عليه إخوانه (3)إذا مرض ثلاثا» (4).

فصل:و لا بأس بالحداء و إنشاد الشعر.

روى السكونيّ بإسناده،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«زاد المسافر الحداء و الشعر ما كان منه ليس فيه خنا (5)» (6).

فصل:و ينبغي له أن يتحفّظ بالنفقة؛

لئلاّ يذهب وقت الضرورة إليها.

روى صفوان الجمّال،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ معي أهلي و أنا أريد الحجّ فأشدّ نفقتي في حقوي (7)؟قال:«نعم،فإنّ أبي عليه السّلام كان يقول:

ص:44


1- 1المحاسن:357 الحديث 65، [1]الكافي 4:287 الحديث 7، [2]الفقيه 2:182 الحديث 817،الوسائل 8: 302 الباب 33 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [3]
2- 2) المحاسن:357 الحديث 64، [4]الكافي 4:286 الحديث 6، [5]الفقيه 2:182 الحديث 818،الوسائل 8: 303 الباب 33 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [6]في الجميع:«و لا تصحبنّ»مكان: «و لا تصحب».
3- 3) هامش ح:«أصحابه»مكان:«إخوانه»،كما في الكافي و الوسائل. [7]
4- 4) المحاسن:358 الحديث 72، [8]الكافي 2:670 الحديث 4، [9]الفقيه 2:183 الحديث 821،الوسائل 8: 492 الباب 91 من أبواب أحكام العشرة الحديث 1. [10]
5- 5) الخنا:الفحش في القول،النهاية لابن الأثير 2:86. [11]
6- 6) المحاسن:358 الحديث 73، [12]الفقيه 2:183 الحديث 823،الوسائل 8:306 الباب 37 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [13]في المحاسن و [14]الوسائل:« [15]جفاء»بدل:«خنا».
7- 7) كثير من النسخ:حقوتي،كما في بعض المصادر.و الحقو:موضع شدّ الإزار و هو الخاصرة،المصباح المنير:145. [16]

«من قوّة المسافر حفظ نفقته» (1).

و قال الصادق عليه السّلام:«إذا سافرتم فاتّخذوا سفرة (2)و تنوّقوا فيها» (3).

و عن نصر الخادم (4)،قال:نظر العبد الصالح أبو الحسن موسى عليه السّلام إلى سفرة عليها حلق صفر،فقال:«انزعوا هذه و اجعلوا مكانها حديدا،فإنّه لا يقرب شيئا ممّا فيها شيء من الهوامّ» (5).

و كره الصادق عليه السّلام اتّخاذ السفرة في زيارة الحسين عليه السّلام؛ للمصيبة (6).

فصل:و ينبغي اتّخاذ الزاد و تطييبه ،

(7)

فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:

«من شرف الرجل أن يطيّب زاده إذا خرج في سفر» (8).

و كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا سافر إلى مكّة إلى الحجّ (9)أو العمرة،

ص:45


1- 1المحاسن:358 الحديث 74، [1]الفقيه 2:183 الحديث 824،الوسائل 8:307 الباب 38 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [2]
2- 2) السفرة:طعام يصنع للمسافر...و سمّيت الجلدة التي يوعى فيها الطعام سفرة مجازا،المصباح المنير: 278-279. [3]
3- 3) المحاسن:360 الحديث 82، [4]الفقيه 2:184 الحديث 826،الوسائل 8:309 الباب 40 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [5]
4- 4) نصر الخادم،هو من شهود وصيّة أبي جعفر الثاني إلى ابنه عليّ عليه السّلام على ما رواه في الكافي 1: 325 [6] فهو من الشيعة،قال المحقّق المامقانيّ:و الظاهر كنيته أبو حمزة و ليس له ذكر في كتب الرجال. تنقيح المقال 3:268، [7]معجم رجال الحديث 19:180. [8]
5- 5) الفقيه 2:184 الحديث 827،الوسائل 8:308 الباب 40 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [9]
6- 6) الفقيه 2:184 الحديث 828 و 829،الوسائل 8:309 الباب 41 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1 و 2. [10]
7- 7) كثير من النسخ:و تطيّبه.
8- 8) المحاسن:360 الحديث 81، [11]الفقيه 2:184 الحديث 830،الوسائل 8:310 الباب 42 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [12]
9- 9) ح و ع:للحجّ كما في المحاسن. [13]

تزوّد من أطيب الزاد من اللوز و السكّر و السويق المحمّض و المحلّى (1).

فصل:و ينبغي اتّخاذ السلاح و حمله في السفر؛

لإمكان لقاء العدوّ.

روى حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«في وصيّة لقمان لابنه:

يا بنيّ سافر بسيفك و خفّك و عمامتك و خبائك (2)و سقائك و خيوطك و مخرزك، و تزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك،و كن لأصحابك موافقا إلاّ فى معصية اللّه عزّ و جلّ» (3).

فصل:و روى السكونيّ بإسناده عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«للدابّة

على صاحبها خصال:

أن يبدأ بعلفها إذا نزل عنها،و يعرض عليها الماء إذا مرّ به، و لا يضرب وجهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها،و لا يقف على ظهرها إلاّ في سبيل اللّه، و لا يحمّلها فوق طاقتها،و لا يكلّفها من المشي إلاّ ما تطيق» (4).

و قال الصادق عليه السّلام:«اضربوا الدابّة على العثار،و لا تضربوها على النفار فإنّها ترى ما لا ترون» (5).

و نهى أمير المؤمنين عليه السّلام عن لعن الدابّة،فإنّ اللّه عزّ و جلّ لعن لاعنها (6).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تتورّكوا على الدوابّ و لا تتّخذوا ظهورها مجالس» (7)

ص:46


1- 1المحاسن:360 الحديث 83، [1]الفقيه 2:184 الحديث 831،الوسائل 8:310 الباب 42 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [2]
2- 2) ح،ق و خا:و خيامك.و في الفقيه و نسخة من الوسائل:و [3]حبالك.
3- 3) المحاسن:360 الحديث 85، [4]الفقيه 2:185 الحديث 834،الوسائل 8:311 الباب 43 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 1. [5]
4- 4) الفقيه 2:187 الحديث 841،الوسائل 8:350 الباب 9 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [6]
5- 5) الفقيه 2:187 الحديث 843،الوسائل 8:357 الباب 13 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 4. [7]
6- 6) الفقيه 2:188 الحديث 845،الوسائل 8:353 الباب 10 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 6. [8]
7- 7) الكافي 6:539 الحديث 8، [9]الفقيه 2:188 الحديث 848،الوسائل 8:352 الباب 9 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 9. [10]
فصل:و مدح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الخيل و ذمّ الإبل.

قال عليه السّلام:

«الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة،و المنفق عليها في سبيل اللّه كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها» (1).

و سئل عليه السّلام أيّ المال خير؟قال:«زرع زرعه صاحبه و أصلحه و أدّى حقّه يوم حصاده»قيل:يا رسول اللّه فأيّ المال بعد الزرع خير؟قال:«رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة»قيل:يا رسول اللّه فأيّ المال بعد الغنم خير؟قال:«البقر تغدو بخير و تروح بخير»قيل:يا رسول اللّه فأيّ المال بعد البقر خير؟قال:«الراسيات في الوحل،المطعمات في المحل،نعم الشيء النخل،من باعه فإنّما ثمنه (2)بمنزلة رماد على رأس شاهقة اشتدّت به الريح في يوم عاصف،إلاّ أن يخلف مكانها»قيل:يا رسول اللّه فأيّ المال بعد النخل خير؟ فسكت،فقال له رجل:فأين الإبل؟قال:«فيها الشقاء و الجفاء و العناء و بعد الدار، تغدو مدبرة و تروح مدبرة،لا يأتي خيرها إلاّ من جانبها الأشأم،أما إنّها لا تعدم الأشقياء الفجرة» (3).

قال ابن بابويه:معنى إتيان خيرها من جانبها الأشأم:أنّها لا تحلب و لا تركب إلاّ من جانبها الأيسر (4).

و قال عليه السّلام في الغنم:«إذا أقبلت أقبلت و إذا أدبرت أقبلت،و البقر إذا أقبلت أقبلت و إذا أدبرت أدبرت،و الإبل إذا أقبلت أدبرت و اذا أدبرت أدبرت (5)» (6).

ص:47


1- 1الفقيه 2:185 الحديث 835،الوسائل 8:344 الباب 3 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [1]
2- 2) أكثر النسخ:«هو»مكان:«ثمنه».
3- 3) الفقيه 2:190 الحديث 865،الوسائل 8:392 الباب 48 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 2:191.
5- 5) أكثر النسخ:«إذا أدبرت أدبرت،و إذا أقبلت أدبرت».
6- 6) الفقيه 2:191 الحديث 866،الوسائل 8:393 الباب 48 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 2. [3]
فصل:و ينبغي اجتناب ضربها إلاّ مع الحاجة،

فإنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام حجّ على ناقة له،أربعين حجّة،فما قرعها بسوط» (1).

و لا بأس بالعقبة (2).

قال الباقر عليه السّلام:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و مرثد بن أبي مرثد الغنويّ (3)،يعقبون (4)بعيرا بينهم،و هم منطلقون إلى بدر» (5).

فصل:و ينبغي إعانة المسافر.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من أعان مؤمنا مسافرا نفّس اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة،و أجاره في الدنيا و الآخرة من الغمّ و الهمّ،و نفّس عنه كربه العظيم يوم يغصّ الناس بأنفاسهم» (6).

و في الفقيه (7)في حديث آخر:«يتشاغل الناس بأنفسهم» (8).

فصل:روى السكونيّ بإسناده،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«إيّاكم

و التعريس على ظهر الطريق،

(9)

و بطون الأودية،فإنّها مدارج السباع،و مأوى

ص:48


1- 1الفقيه 2:191 الحديث 871،الوسائل 8:353 الباب 10 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 9. [1]
2- 2) العقبة:النوبة،تعاقبوا على الراحلة:ركب كلّ واحد عقبة.المصباح المنير:420.
3- 3) مرثد بن أبي مرثد،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب رجالنا،و إنّما عدّه الجمهور كابن الأثير و ابن حجر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قالا اسم أبي مرثد:كنّاز بن الحصين الغنويّ،له و لأبيه صحبة،و شهد بدرا،و قتل في غزوة ذات الرجيع سنة ثلاث أو أربع. تنقيح المقال 3:208، [2]أسد الغابة 4:344، [3]تهذيب التهذيب 10:82. [4]
4- 4) خا،ق و ح:يتعقّبون،كما في الوسائل. [5]
5- 5) الفقيه 2:192 الحديث 874،الوسائل 8:362 الباب 19 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [6]
6- 6) الفقيه 2:192 الحديث 875،الوسائل 8:314 الباب 46 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [7]
7- 7) من قوله:و في الفقيه-إلى-بأنفسهم،توجد فقط في نسخة ع.
8- 8) الفقيه 2:192 الحديث 876،الوسائل 8:314 الباب 46 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [8]
9- 9) التعريس:نزول القوم في السفر من آخر الليل،يقعون فيه وقعة للاستراحة ثمّ يرتحلون،الصحاح 3:948. [9]

الحيّات» (1).

و قال عليه السّلام:«من نزل منزلا يتخوّف فيه السبع (2)فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير، اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ كلّ سبع،إلاّ أمن من (3)شرّ ذلك السبع حتّى يرحل من ذلك المنزل إن شاء اللّه» (4).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:«يا عليّ إذا نزلت منزلا فقل:

اللهمّ أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين،ترزق خيره،و يدفع عنك شرّه» (5).

فصل:و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام:«ما من مؤمن يموت في

أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه،

إلاّ بكته بقاع الأرض التي كان يعبد اللّه عزّ و جلّ عليها،و بكته أبوابه،و بكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله،و بكى الملكان الموكّلان[به] (6)» (7).

و قال عليه السّلام:«إنّ الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة و يسرة و لم ير أحدا،رفع رأسه،فيقول اللّه عزّ و جلّ:إلى من تلتفت،إلى من هو خير لك منّي، و عزّتي و جلالي لئن أطلقتك عن عقدتك لأصيّرنّك في طاعتي،[و لئن قبضتك

ص:49


1- 1المحاسن:364 الحديث 103، [1]الفقيه 2:193 الحديث 878،الوسائل 8:316 الباب 48 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [2]
2- 2) آل،ع،ج و ق:منه السبع.
3- 3) كلمة:من،لا توجد في آل،ع،ج و ق.
4- 4) الفقيه 2:193 الحديث 879،الوسائل 8:321 الباب 50 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [3]
5- 5) الفقيه 2:195 الحديث 887،الوسائل 8:326 الباب 54 من أبواب آداب السفر الحديث 2. [4]
6- 6) أثبتناها من المصادر.
7- 7) المحاسن:370 الحديث 124، [5]الفقيه 2:196 الحديث 889،الوسائل 8:250 الباب 2 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 3. [6]في الفقيه و الوسائل:«و [7]بكته أثوابه»مكان:«و بكته أبوابه».

لأصيّرنّك] (1)إلى كرامتى» (2).

فصل:روى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة،

حتّى يؤذنهم (3).

ص:50


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) المحاسن:370 الحديث 123، [1]الفقيه 2:196 الحديث 890،الوسائل 8:251 الباب 2 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 2:197 الحديث 893،الوسائل 8:329 الباب 56 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ الحديث 2. [3]

المقصد الأوّل

اشارة

في بيان حجّة الإسلام

و فصوله اثنان:

ص:51

ص:52

الأوّل:في الشرائط،
اشارة

و فيه مباحث

الأوّل:في شرط التكليف،
اشارة

و هو أمران:البلوغ،و العقل

مسألة:شرط وجوب حجّة الإسلام البلوغ و كمال العقل،و هو قول فقهاء

الأمصار كافّة.

روى الجمهور عن عليّ عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

رفع القلم عن ثلاثة:عن النائم حتّى يستيقظ،و عن الصبيّ حتّى يشبّ،و عن المعتوه (1)حتّى يعقل» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن شهاب،قال:سألته عن ابن عشر سنين يحجّ؟قال:«عليه حجّة الإسلام إذا احتلم،و كذلك الجارية عليها الحجّ إذا طمثت» (3).

و لأنّه لا يعقل التكليف،فلا يكون متّجها نحوه،و لا نعرف فيه خلافا.

ص:53


1- 1ع:«...و عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون...»كما في بعض المصادر.
2- 2) بهذا اللفظ،ينظر:سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،و [1]بتفاوت يسير،ينظر:صحيح البخاريّ 8: 204،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4402 و 4403، [2]سنن البيهقيّ 3:83 و ج 4:325 و ج 6:57.
3- 3) التهذيب 5:6 الحديث 14،الاستبصار 2:146 الحديث 476،الوسائل 8:30 الباب 12 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [3]
مسألة:يصحّ إحرام الصبيّ المميّز و حجّه و الإحرام بغير المميّز،يحرم عنه

وليّه.

(1)

و به قال مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و عطاء،و النخعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:لا ينعقد إحرام الصبيّ،و لا يصير محرما بإحرام وليّه (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:رفعت امرأة صبيّا فقالت:يا رسول اللّه أ لهذا حجّ؟قال:«نعم،و لك أجر» (7).

و عن السائب بن يزيد،قال:حجّ بي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا ابن سبع سنين (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برويثة (9)و هو حاجّ،فقامت إليه امرأة و معها صبيّ لها،فقالت:يا رسول اللّه،أ يحجّ

ص:54


1- 1ع و ح:لغير.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:367،بداية المجتهد 1:319،بلغة السالك 1:261،المغني 3:208،عمدة القارئ 10:217.
3- 3) الأمّ 2:111،حلية العلماء 3:234،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:23،فتح العزيز بهامش المجموع 7:6،مغني المحتاج 1:461،السراج الوهّاج:151،المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغني 3:169.
4- 4) المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغني 3:169،الكافي لابن قدامة 1:516،الإنصاف 3:390.
5- 5) المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغني 3:169.
6- 6) بدائع الصنائع 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:136،مجمع الأنهر 1:263،عمدة القارئ 10:216، المغني 3:208،المجموع 7:39،بداية المجتهد 1:319،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:143. في الجميع قال بعدم كفاية حجّ الصبيّ عن حجّة الإسلام.
7- 7) صحيح مسلم 2:974 الحديث 1336،سنن الترمذيّ 3:264 الحديث 924، [1]سنن النسائيّ 5:120، مسند أحمد 1:288، [2]سنن البيهقيّ 5:155.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:24،سنن الترمذيّ 3:265 الحديث 925، [3]سنن البيهقيّ 5:156.
9- 9) رويثة:موضع بين مكّة و المدينة.معجم البلدان 3:105.

عن مثل هذا؟قال:نعم،و لك أجره» (1).

و لأنّ أبا حنيفة قال:يجتنب ما يجتنبه المحرم (2)،و من جنّب ما يجتنبه المحرم، كان إحرامه صحيحا.

احتجّ:بأنّ الإحرام سبب يلزم به حكم،فلا يصحّ من الصبيّ،كالنذر (3).

و الجواب:النذر لا يجب به شيء عليه،بخلاف مسألتنا.

فروع:
الأوّل:يشترط إذن الوليّ فيهما معا؛

لأنّ الحجّ يتضمّن غرامة مال،و تصرّف الصبيّ غير ماض،و لأصحاب الشافعيّ قولان:

أحدهما:لا يشترط؛لأنّها عبادة يتمكّن من استقلاله بإيقاعها،فأشبهت الصلاة و الصوم (4).

و الجواب:الفرق،من حيث غرامة المال في الحجّ دون الصلاة و الصوم، فاشترط إذن الوليّ في الأوّل دون الثاني،أمّا غير المميّز فإنّه لا أثر لفعله؛إذ لا قصد له،فيحرم عنه الوليّ،بمعنى أنّه يعقد الإحرام للصبيّ،فيصحّ له دون الوليّ؛لما تقدّم من حديث ابن سنان.

الثاني:حكم المجنون حكم الصبيّ غير المميّز؛

إذ لا يكون أخفض حالا منه، فيحرم عنه.

ص:55


1- 1التهذيب 5:6 الحديث 16،الاستبصار 2:146 الحديث 478،الوسائل 8:37 الباب 20 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:130،بدائع الصنائع 2:211،المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغني:2 170.
3- 3) المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغنى 3:170
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:22،مغني المحتاج 1:462.
الثالث:الوليّ كلّ من له ولاية المال،كالأب،و الجدّ للأب،و الوصيّ،دون

غيرهم من الأقارب.

و لو أحرمت أمّه عنه،صحّ و إن لم يكن لها ولاية؛عملا بالحديث الذي تلوناه عن الصادق عليه السّلام؛لقوله عليه السّلام:«و لك أجره»و لا يضاف إليها الأجر إلاّ لكونه تبعا لها في الإحرام.

الرابع:ما يحتاج إليه الصبيّ أو المجنون من حمولة و غيرها ممّا يزيد على

نفقته الواجبة،

(1)

يثبت على الوليّ؛لأنّه السبب في الإتلاف.

مسألة:اذا عقد للصبيّ الإحرام،فعل بنفسه ما يتمكّن منه و يقدر عليه،و ما

يعجز عنه ينوبه الوليّ.

(2)

قال جابر:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّاجا و معنا النساء و الصبيان،فأحرمنا عن الصبيان.رواه الجمهور (3).

و لأنّه يعجز عن فعله فيتحمّله الوليّ بنفسه.

و الرمي إذا لم يقدر عليه،رمى عنه الوليّ،و يستحبّ أن توضع الحصاة في يده ثم تؤخذ منه فترمى عنه،و إن وضعها في يد الصغير و رمى بها فجعل يده كالآلة كان حسنا.

و الطواف إذا لم يتمكّن من المشي إليه،حمله وليّه أو غيره و طاف به و ينوي الطواف عن الصبيّ،و يجوز له أن يحتسب به عن نفسه على ما سيأتي.

و يجرّد الصبيّ في الإحرام،كما يجرّد الكبير.قال أصحابنا:يجرّدون من فخّ (4). (5)

ص:56


1- 1ع و ح:و المجنون.
2- 2) بعض النسخ:ينويه.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1010 الحديث 3038،سنن الترمذيّ 3:266 الحديث 927،سنن البيهقيّ 5:156.
4- 4) فخّ:موضع عند مكّة.النهاية لابن الأثير 3:418. [1]
5- 5) المبسوط 1:313،النهاية:216،السرائر:126،المعتبر 2:804.
مسألة:كلّ ما يحرم على البالغ فعله،يمنع الصبيّ منه،

مثل عقد النكاح،و لحم الصيد،و لبس المخيط،و غيره من المحرّمات.

و لا يجوز أن يعقد له عقد نكاح؛لأنّ الإحرام يمنع منه في حقّ الكبير و كذا (1)في الصغير؛لتساوي العلّة فيهما؛و لأنّ فائدة الإحرام تعلّق هذه الأحكام به.

و كلّ ما يلزم المحرم من كفّارة في فعله لو فعله الصبيّ،وجبت الكفّارة على الوليّ إذا كان ممّا يلزم عمدا و سهوا،كالصيد-و به قال الشافعيّ (2)-لأنّه باشر السبب فيلزمه الموجب،كالبالغ،خلافا لأبي حنيفة؛لأنّ الجزاء إنّما يلزم بارتكاب المحظور،و الحظر بالنهي و هو غير متوجّه على الصبيّ (3).و الصغرى ممنوعة؛لأنّ الساهي كذلك.

أمّا ما يلزم بالعمد لا بالسهو فللشيخ فيه وجهان:

أحدهما:لا يلزمه؛لأنّ عمد الصبيّ خطأ.

و الثاني:يلزم الوليّ؛لأنّه فعله متعمّدا (4)، (5)و الأوّل أقرب.

قال الشيخ في التهذيب:كلّما يلزم فيه الكفّارة،فعلى وليّه أن يقضي عنه (6).

و الهدي يلزم الوليّ.

روى زرارة-في الصحيح-عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إذا حجّ الرجل بابنه و هو صغير،فإنّه يأمره أن يلبّي و يفرض الحجّ،فان لم يحسن أن يلبّي لبّوا عنه و يطاف به و يصلّى عنه»قلت:ليس لهم ما يذبحون عنه قال:«يذبح عن الصغار

ص:57


1- 1ج:فكذا.
2- 2) حلية العلماء 3:234،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:31،مغني المحتاج 1:461.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:130،بدائع الصنائع 2:211،عمدة القارئ 10:216.
4- 4) ج و آل:عمدا.
5- 5) المبسوط 1:329،الخلاف 1:464 مسألة-197.
6- 6) التهذيب 5:409.

و يصوم الكبار (1)و يتّقي[عليهم] (2)ما يتّقي على المحرم (3)من الثياب و الطيب، و إن قتل صيدا فعلى أبيه» (4).

و روى ابن بابويه عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«انظروا إلى (5)من كان معكم من الصبيان،فقدّموه إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ، و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم،و يطاف بهم،و يرمى عنهم،و من لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليّه» (6).

و سأله سماعة عن رجل أمر غلمانه أن يتمتّعوا،قال:«عليه أن يضحّي عنهم»، قلت:فإنّه أعطاهم دراهم،فبعضهم ضحّى و بعضهم أمسك الدراهم و صام،قال:

«قد أجزأ عنهم و هو بالخيار،إن شاء تركها»قال:«و لو أنّه أمرهم فصاموا،كان قد أجزأ عنهم» (7).

و لو قتل صيدا فعلى أبيه،و للشافعيّ وجهان:

أحدهما:يجب في مال الصبيّ؛لأنّه لمصلحته،و نحن نمنع ذلك؛إذ لا مصلحة للصبيّ في الحجّ و لا في جناياته (8).

مسألة:لو حجّ الصبيّ أو المجنون فزال عذرهما بعد انقضاء الحجّ،لم يجزئهما

ص:58


1- 1أكثر النسخ:«و يصوم عنه الكبار».
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) أكثر النسخ:«و يتّقي ما يتّقي المحرم».
4- 4) الكافي 4:303 الحديث 1، [1]الفقيه 2:265 الحديث 1291،التهذيب 5:409 الحديث 1424، الوسائل 8:208 الباب 17 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [2]
5- 5) لا توجد كلمة:«إلى»في ج،كما في المصادر.
6- 6) الفقيه 2:266 الحديث 1294،الوسائل 8:207 الباب 17 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [3]
7- 7) الكافي 4:305 الحديث 9، [4]الفقيه 2:266 الحديث 1295،الوسائل 10:90 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 8. [5]
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:32.

عن حجّة الإسلام،و لا نعلم فيه خلافا.

روى صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن ابن عشر سنين يحجّ،قال:«عليه حجّة الإسلام إذا احتلم،و كذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت»رواه ابن بابويه في الصحيح (1).

و روي عن أبان،عن الحكم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الصبيّ إذا حجّ به فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يكبر،و العبد إذا حجّ به فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يعتق» (2).

مسألة:و لو بلغ في أثناء الحجّ،فإن كان بعد الوقوف بالموقفين فقد فاته الحجّ

و أتمّه تطوّعا و وجب عليه حجّة الإسلام مع الشرائط،و إن أدرك أحد الموقفين بالغا ففي الإجزاء تردّد.و لو قيل به،كان وجها؛لأنّه زمان يصحّ إنشاء الحجّ فيه، فكان مجزئا بأن يجدّد نيّة الوجوب.و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،خلافا لأبي حنيفة (5)،و مالك (6)؛لأنّ الصبيّ لا ينعقد إحرامه؛و لأنّه انعقد نفلا فلا ينقلب فرضا،كما لو بلغ بعد الوقوف.

و يعارضه بأنّه وقف بعرفة و هو كامل في إحرام صحيح،فوجب أن يجزئه عن حجّة الإسلام،كما لو كان كاملا حال الإحرام،و النفل قد يجزئ عن الفرض،كما لو صلّى البالغ في أوّل الوقت عنده.

ص:59


1- 1الفقيه 2:266 الحديث 1296،الوسائل 8:30 الباب 12 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:267 الحديث 1298،الوسائل 8:33 الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) الأمّ 2:130،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:58،مغني المحتاج 1:462،المغني 3:204، الشرح الكبير بهامش المغني 3:168.
4- 4) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،الكافي لابن قدامة 1:511،الإنصاف 3:389.
5- 5) بدائع الصنائع 2:121،عمدة القارئ 10:218،المغني 3:204،المجموع 7:58.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:380،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:262،تفسير القرطبيّ 2:370، [3]المغني 3:204،المجموع 7:58.

و لأنّ استدامة الإحرام بمنزلة ابتدائه؛لأنّ كلّ مسافة يقطعها يصحّ أن يبتدئ الإحرام منها.و لأنّه أحرم نفلا بإذن الحاكم عليه،و قد زال عذره قبل الوقوف، فوجب الإجزاء،كالعبد عند أبي حنيفة (1).

و بالجملة:فنحن في هذا الموضع من المتردّدين،و إن كان الأقرب عندنا الإجزاء.

فرع :لو بلغ بعد الوقوف بعرفة قبل إدراك المشعر،أجزأه،

(2)

بناء على الإجزاء.

و لو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضيّ وقته بعد المفارقة،فإن عاد،أجزأ عنه، كما لو بلغ قبل الوقوف،و إن لم يعد،لم يجزئ الحجّ عنه.

و حكي عن بعض الشافعيّة الإجزاء؛لأنّه كمل قبل الوقوف (3)،فأجزأ (4)ما تقدّم من وقوفه،كما لو أحرم ثمّ كمل قبل الوقوف،فإنّه يجزئه الإحرام (5).و ليس بمعتمد؛لأنّه لم يقف في حال الكمال،فلم يجزئ عنه،كما إذا كمل بعد مضيّ وقته، و يخالف الإحرام؛لأنّه مستدام فيصير كاملا في حال إحرامه،و نظيره أن يكمل و هو واقف،فإنّه يجزئه.

مسألة:و لو وطئ الصبيّ في الفرج قبل الوقوف،فإن كان ناسيا،فلا شيء عليه،

كالبالغ و لا يفسد حجّه،و إن كان عامدا،قال الشيخ-رحمه اللّه-:عمده و خطاؤه سواء،فلا يتعلّق به أيضا فساد الحجّ،قال:و إن قلنا:إنّ عمده عمد؛لعموم الأخبار فيمن وطئ عامدا في الفرج من أنّه يفسد حجّه فقد فسد حجّه و يلزمه القضاء،

ص:60


1- 1المغني 3:204،المجموع 7:58،بدائع الصنائع 2:121.
2- 2) خا و ق:مسألة.
3- 3) ج:قبل فوت زمان الوقوف.
4- 4) ع و خا:فأجزأه.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:56 و 62،فتح العزيز بهامش المجموع 7:429.

و الأقوى الأوّل؛لأنّ إيجاب القضاء يتوجّه إلى المكلّف،و هذا ليس بمكلّف (1).

و قال بعض الجمهور:يفسد حجّه،و في إيجاب القضاء حينئذ وجهان:

أحدهما:لا يجب؛لئلاّ يجب عبادة بدنيّة على من ليس من أهل التكليف.

و الثاني:يجب؛لأنّه إفساد موجب للبدنة،فأوجب القضاء،كوطء البالغ (2).

إذا عرفت هذا:فإن قلنا بوجوب القضاء،فالوجه أنّه إنّما يجب بعد البلوغ،فإذا قضى هل يجزئه عن حجّة الإسلام؟ينظر:فإن كانت الفاسدة قد أدرك فيها شيئا من الوقوف بعد بلوغه،أجزأ عنهما جميعا،و إلاّ فالأقرب عدم الإجزاء.

ص:61


1- 1المبسوط 1:329، [1]الخلاف 1:464 مسألة-197.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:34،فتح العزيز بهامش المجموع 7:426،المغني 3:210.
البحث الثاني
اشارة

في شرط الحرّيّة

مسألة:أجمع فقهاء الإسلام على أنّ الحرّيّة شرط في وجوب الحجّ،فلا يجب

الحجّ على العبد.

روى الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«أيّما عبد حجّ ثمّ أعتق،فعليه حجّة الإسلام» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن آدم بن عليّ (2)،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«ليس على المملوك حجّ،و لا يسافر إلاّ بإذن مالكه (3)» (4).

و في الصحيح عن الفضل بن يونس،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«ليس على المملوك حجّ و لا عمرة حتّى يعتق» (5).

و لأنّ الحجّ عبادة تتعلّق بقطع مسافة،و يشترط في وجوبها المال،فلا يجب

ص:62


1- 1سنن البيهقيّ 4:325،كنز العمّال 5:99 الحديث 12227،مجمع الزوائد 3:206.بتفاوت يسير.
2- 2) آدم بن عليّ،روى عن أبي الحسن عليه السّلام و روى عنه محمّد بن سهل،قال المامقانيّ:آدم بن عليّ مجهول الحال.تنقيح المقال 1:2، [1]معجم رجال الحديث 1:6. [2]
3- 3) أكثر النسخ:مليكه.
4- 4) التهذيب 5:4 الحديث 5،الوسائل 8:32 الباب 15 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:4 الحديث 6،الوسائل 8:32 الباب 15 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [4]

على المملوك،كالجهاد.

و لأنّ الحجّ يحتاج إلى قطع مسافة طويلة و زمان بعيد يفوت فيه منافع السيّد و ضروراته،فلا يجب عليه،كالجمعة و هي أقلّ زمانا منه.

مسألة:و لو حجّ بإذن مولاه،صحّ إجماعا،و لو كان بغير إذنه لم يصحّ.

و به قال داود و أصحابه (1).

و قال باقي الفقهاء:يصحّ.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود» (2).

و لأنّ منافعه مستحقّة للسيّد فصرفها في غيرها تصرّف في مال الغير بغير إذنه منهيّ عنه،فلا يقع عبادة؛لتضادّ الوجهين.

احتجّوا (3):بقوله عليه السّلام:«أيّما عبد حجّ ثمّ أعتق،فعليه حجّة الإسلام» (4).

و لأنّها عبادة على البدن،فصحّ من العبد دخوله فيها بغير إذن سيّده،كالصوم و الصلاة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة فيه على صحّة حجّه من دون إذن سيّده،بل غاية دلالته أنّه إذا حجّ ثمّ أعتق،وجب عليه حجّة الإسلام،و هو لا يدلّ على أنّ الحجّ الأوّل وقع صحيحا،سلّمنا لكن لا يدلّ على أنّه لم يأذن له سيّده فيه،فإنّ صحّة الحجّ يتوقّف على شرائط لا بدّ منها.

و عن الثاني:بالمنع في الأصل،و بالفرق باختلاف الضرر في العبادتين.

مسألة:إذا أحرم بغير إذن مولاه فقد قلنا:إنّه لا ينعقد إحرامه،

و للمولى فسخ

ص:63


1- 1المحلّى 7:43،المجموع 7:43.
2- 2) مسند أحمد 6:180، [1]الجامع الصغير للسيوطيّ 2:176،بتفاوت يسير.
3- 3) المحلّى 7:44.
4- 4) سنن البيهقيّ 4:325،كنز العمّال 5:99 الحديث 12227،مجمع الزوائد 3:206.بتفاوت يسير.

إحرامه.أمّا القائلون بالصحّة فقد اختلفوا:

فقال الشافعيّ:له تحليله (1).و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى ليس له ذلك (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ في بقائه على إحرامه تفويتا لحقّه من منافعه بغير إذنه، فلا يلزم السيّد،كالصوم المضرّ به (3).

احتجّ أحمد:بأنّه لا يملك التحلّل من تطوّعه،فلا يملك تحليل عبده.و ليس بوجه؛لأنّه التزم التطوّع باختيار نفسه،أمّا هاهنا فلا،نعم،لو أذن لعبده في الإحرام،لم يكن له تحليله (4).

إذا عرفت هذا:فإنّ الإحرام عندنا وقع باطلا،فلا يحتاج التحليل إلى هدي، و لا بدل من الصوم.

أمّا الشافعيّ القائل بالصحّة و أنّ له تحليله،فهل يحلّ بالهدي إذا ملّكه مولاه؟ يبنى (5)على أنّ العبد هل يملك بالتمليك أم لا؟ و لو لم يدفع المولى الهدي،فهل يبقى في ذمّة العبد هو أو بدله،أو لا يتحلّل حتّى يأتي به أو ببدله؟قولان له (6)،و هذا البحث ساقط عنّا.

مسألة:و لو أذن له سيّده فحجّ،لم يجزئه عن حجّة الإسلام،

و يجب عليه بعد عتقه مع الاستطاعة حجّة الإسلام.و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

ص:64


1- 1حلية العلماء 3:358،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 7:44،مغني المحتاج 1:535،السراج الوهّاج:172.
2- 2) المغني 3:205،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،الكافي لابن قدامة 1:517،الإنصاف 3:395.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 7:44،مغني المحتاج 1:535.
4- 4) المغني 3:205،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173.
5- 5) ج،ق و خا:يبتني.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:196 و 235،المجموع 7:55.

روى الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّي أريد أن أجدّد في صدور المؤمنين عهدا:أيّما صبيّ حجّ به أهله فمات،أجزأت عنه،فإن أدرك، فعليه الحجّ،و أيّما مملوك حجّ مع أهله فمات،أجزأت عنه،فإن أعتق فعليه الحجّ» (1).

و لرواية ابن عبّاس و قد تقدّمت (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:«المملوك إذا حجّ ثمّ أعتق فإنّ عليه إعادة الحجّ» (3).

و في الصحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«المملوك إذا حجّ و هو مملوك ثمّ مات قبل أن يعتق،أجزأه ذلك الحجّ،فإن أعتق أعاد الحجّ» (4).

و عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لو أنّ عبدا حجّ عشر حجج (5)،كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا» (6).

و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن أمّ الولد يكون الرجل قد أحجّها أ يجزئ ذلك عنها عن حجّة الإسلام؟قال:«لا»قلت:لها أجر في

ص:65


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:203،و بمضمونه،ينظر:سنن البيهقيّ 5:179،نيل الأوطار 5:19.
2- 2) يراجع:ص 62. [1]
3- 3) التهذيب 5:4 الحديث 7،الاستبصار 2:147 الحديث 479،الوسائل 8:33 الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:4 الحديث 8،الاستبصار 2:147 الحديث 480،الوسائل 8:33 الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [3]
5- 5) هامش ح بزيادة:«ثمّ أعتق»كما في الاستبصار و الوسائل. [4]
6- 6) التهذيب 5:5 الحديث 9،الاستبصار 2:147 الحديث 481،الوسائل 8:33 الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [5]

حجّتها؟قال:«نعم» (1).

و لا يعارض ذلك ما رواه[حكم بن] (2)حكيم الصيرفيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«أيّما عبد حجّ به مواليه فقد قضى حجّة الإسلام» (3).لأنّه محمول على من استمرّ به العبوديّة إلى وفاته،أو على من أدركه العتق قبل الوقوف -و سيأتي-جمعا بين الأدلّة؛لأنّ الأمّة لم تخالف في هذا الحكم،فيحمل مثل هذا الخبر الواحد الذي لا يبلغ في المعارضة للإجماع على مثل هذا التأويل.

مسألة:و لو حجّ بإذن مولاه ثمّ أدركه العتق،فإن كان قبل الوقوف بالموقفين

أجزأه الحجّ سواء كان قد فعل الإحرام أو لا.

و لا نعلم خلافا في أنّه لو أعتق قبل إنشاء الإحرام بعرفة فأحرم،أنّه يجزئه عن حجّة الإسلام؛لأنّه لم يفته شيء من أركان الحجّ،و لا فعل شيئا قبل وجوبه.

و أمّا إن أعتق بعد إحرامه قبل الوقوف بالموقف،فإنّه يجزئه عن حجّة الإسلام عندنا أيضا.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال ابن عبّاس (4).و ذهب إليه الشافعيّ (5)،و إسحاق (6)،و أحمد (7)،و الحسن البصريّ أيضا (8).

ص:66


1- 1التهذيب 5:5 الحديث 10،الاستبصار 2:147 الحديث 482،الوسائل 8:34 الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:5 الحديث 11،الاستبصار 2:147 الحديث 483،الوسائل 8:34 الباب 16 من أبواب وجوب الحج الحديث 7. [2]
4- 4) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168.
5- 5) الأمّ 2:130،حلية العلماء 3:360،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:58،المغني 3:204، الشرح الكبير بهامش المغني 3:168.
6- 6) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168.
7- 7) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،الكافي لابن قدامة 1:511،المجموع 7:61.
8- 8) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،المجموع 7:61.

و قال مالك:لا يجزئه (1).و اختاره ابن المنذر (2)،و هو قول أصحاب الرأي (3).

لنا:أنّه أدرك الوقوف حرّا،فأجزأه،كما لو أحرم تلك الساعة.و لأنّه وقت يمكن إنشاء الإحرام فيه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن ابن محبوب،عن شهاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أعتق عشيّة عرفة عبدا له أ يجزئ عن العبد حجّة الإسلام؟ قال:«نعم»قلت:فأمّ ولد أحجّها مولاها أ يجزئ عنها؟قال:«لا»قلت:لها أجر في حجّتها؟قال:«نعم» (4).

و عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:مملوك أعتق يوم عرفة،قال:«إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحجّ» (5).

احتجّ المخالف:بأنّ إحرامه لم ينعقد واجبا،فلا يجزئ عن الواجب،كما لو بقي على حاله (6).

و الجواب:المنع من الملازمة.

مسألة:و يدرك الحجّ بإدراك أحد الموقفين معتقا على ما نقلناه عن علمائنا بغير

خلاف بينهم.

ص:67


1- 1المدوّنة الكبرى 1:380،بلغة السالك 1:263،تفسير القرطبيّ 2:370، [1]المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،المجموع 7:58 و 61، [2]عمدة القارئ 10:218.
2- 2) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،المجموع 7:61.
3- 3) بدائع الصنائع 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:136،شرح فتح القدير 2:332،مجمع الأنهر 1:263، عمدة القارئ 10:218،المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،المجموع 7:58.
4- 4) التهذيب 5:5 الحديث 12،الاستبصار 2:148 الحديث 484،الوسائل 8:34 [3] الباب 16 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 8 و ص 35 الباب 17 الحديث 4.
5- 5) التهذيب 5:5 الحديث 13،الاستبصار 2:148 الحديث 485،الوسائل 8:35 الباب 17 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [4]
6- 6) المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168،الهداية للمرغينانيّ 1:136.

أمّا لوفاته الموقفان معا،فإنّه يتمّ حجّه و لا يجزئه عن حجّة الإسلام،بل يستأنف الحجّ في العام المقبل؛لأنّه فاته الموقفان فلا يجزئه فعله،كما لو أعتق بعد فراغه من الحجّ.

و لو أعتق قبل الوقوف أو في وقته و أمكنه الإتيان بالحجّ،وجب عليه ذلك؛لأنّه واجب على الفور،فلا يجوز له تأخيره مع الإمكان.

إذا ثبت هذا:فكلّ موضع قلنا:يجزئه الحجّ،فلا دم عليه؛لأنّه أتى بحجّة الإسلام بإحرام من الميقات،فلا يجب الدم لأجل الإحرام،كما لو كان كاملا حالة الإحرام.و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

و قال بعض الشافعيّة:عليه دم لأنّ الإحرام من الميقات كان نافلة،و إنّما وقع الإحرام عن فرضه من حين كمل (1)،فكأنّ الإحرام الواجب لم يكن من الميقات (2).

و ليس بشيء.و كلّ موضع قلنا:لا يجزئه الحجّ،فلا دم عليه إجماعا.

فروع:
الأوّل:لو أذن له مولاه ثمّ رجع،فإن كان قبل التلبّس و علم العبد بذلك،بطل الإذن،

و لا يجوز للعبد الحجّ حينئذ،و لو تلبّس لم يجز الرجوع.و به قال الشافعيّ (3)، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:له أن يحلّله و لا يلزمه الإقامة على الإذن (5).

ص:68


1- 1ح،ق و خا:كماله،مكان:كمل.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،المجموع 7:59،فتح العزيز بهامش المجموع 7:429.
3- 3) الأمّ 2:112،المجموع 7:45،فتح العزيز بهامش المجموع 8:23،مغني المحتاج 1:535.
4- 4) المغني 3:206،الشرح الكبير بهامش المغني 3:173،الكافي لابن قدامة 1:518،الإنصاف 3:396
5- 5) بدائع الصنائع 2:181،المغني 3:205،الشرح الكبير بهامش المغني 3:173،المجموع 7:45، فتح العزيز بهامش المجموع 8:23.

لنا:أنّه عقد لازم فعله بإذن سيّده،فلم يكن له منعه منه،كالنكاح.

احتجّ:بأنّه ملّكه منافعه،فكان له الرجوع فيه،كالمعير يرجع في العارية (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ العارية ليست لازمة،أمّا لو أعاره ليرهنه،فرهنه،لم يكن له الرجوع؛للّزوم.

الثاني:لو رجع قبل التلبّس و لم يعلم العبد ثمّ أحرم بجهالة من الرجوع،ففيه

إشكال،

قال الشيخ-رحمه اللّه-الأولى أنّه يصحّ إحرامه و للسيّد فسخ حجّه؛لأنّ دوام الإذن شرط في الانعقاد و لم يحصل (2).

الثالث:الحكم في المدبّر و أمّ الولد،و المعتق بعضه،و المكاتب كذلك.
الرابع:لو أحرم بإذن مولاه ثمّ باعه،صحّ البيع إجماعا؛

لأنّ الإحرام لا يمنع التسليم،فلا يمنع صحّة البيع،كالنكاح.

إذا عرفت هذا:فإن علم المشتري بذلك فلا خيار له،و إن لم يعلم ثبت الخيار؛ لأنّ بقاءه على الإحرام يضرّ بالمشتري،و بهذا قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لا خيار له؛لأنّه عبده له أن يحلّله (4).و قد مضى البحث معه (5).

و لو كان قد أحرم بغير إذن سيّده فباعه،صحّ البيع إجماعا و لا خيار للمشتري اتّفاقا،أمّا عندنا،فلوقوع الإحرام باطلا،و أمّا عند الشافعيّ،فإنّ للمولى تحليله.

الخامس:الأمة المزوّجة لا يجوز لها الحجّ إلاّ بإذن المولى و الزوج؛

لأنّ لكلّ منهما حقّا يفوت بالإحرام،و كذا المكاتب يشترط (6)فيه إذن المولى.و لو أعتق

ص:69


1- 1بدائع الصنائع 2:181،المغني 3:205،الشرح الكبير بهامش المغني 3:173،المجموع 7:45.
2- 2) المبسوط 1:327. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:359،المجموع 7:43،فتح العزيز بهامش المجموع 8:22.
4- 4) بدائع الصنائع 2:181.
5- 5) يراجع:ص 68. [2]
6- 6) ع،خا و ق:و يشترط.

بعضه و هاياه مولاه،فهل له أن يفعل (1)الإحرام في أيّامه من غير إذن المولى؟فيه إشكال و الأقرب الجواز.

السادس:لو أحرم بغير إذن مولاه فقد قلنا ببطلانه ،

(2)

فلو أعتق قبل الموقفين، صحّ أن ينشئ إحراما آخر،و يجزئه عن حجّة الإسلام،فإن أمكنه الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه،وجب،و إلاّ أحرم من موضعه.

مسألة:و لو أذن له مولاه فأحرم ثمّ أفسد حجّه،وجب عليه القضاء بعد إتمام

الفاسد،كالحرّ.

و قال بعض الشافعيّة:لا يجب عليه القضاء،كما لا يجب عليه حجّة الإسلام (3).

و ليس بصحيح؛لأنّ العبد يجب عليه بفعله الحجّ،كما يجب عليه بالنذر،و لأنّه يلزمه المضيّ في الحجّ بالإحرام،فلزمه القضاء.

إذا ثبت هذا:فإنّ قضاءه يجب عليه و إن كان رقيقا،و لا يجب الصبر بعد العتق.

و قال بعض الشافعيّة:لا يجزئه إلاّ في حالة العتق (4).و ليس بصحيح؛لأنّ الذي أفسده كان يجب عليه المضيّ فيه في حالة رقّه،فكذا القضاء؛لمساواته الأصل.

احتجّ المخالف:بأنّه حجّ واجب،فكان كحجّة الإسلام (5).و ليس بصحيح؛ لأنّها قضاء لما أفسده.و لأنّه يفضي إلى سقوط القضاء؛لأنّه ربّما لم ينعتق.

و لو أحرم بغير إذن سيّده ثمّ أفسده،لم يتعلّق به حكم؛لأنّه لا اعتبار بإحرامه.

ص:70


1- 1ع و خا:ينشئ.
2- 2) يراجع:ص 63. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:361،المجموع 7:51،فتح العزيز بهامش المجموع 8:24
4- 4) المجموع 7:51،فتح العزيز بهامش المجموع 8:24.
5- 5) المجموع 7:53.
فرع:

لو أعتقه مولاه بعد إفساده،

فإن كان قبل فوات أحد الموقفين،أتمّ حجّه و قضى في القابل و أجزأه عن حجّة الإسلام؛لأنّ المقضيّة لو كانت صحيحة أجزأته عن حجّة الإسلام؛فإذا أفسدها قام المقضيّ (1)مقام صحّتها،فأجزأ ذلك عن حجّة الإسلام،و لو كان بعدهما،أتمّ حجّه و قضاه في القابل و عليه حجّة الإسلام و لا يجزئ القضاء عنها.

إذا ثبت ذلك:فقد قال الشيخ:إنّه يبدأ بحجّة الإسلام قبل القضاء،و لو بدأ بالقضاء،انعقد عن حجّة الإسلام،و كان القضاء في ذمّته،و لو قلنا:إنّه لا يجزئ عن كلّ واحدة منهما،كان قويّا (2).

و وجه قوله-رحمه اللّه-في تقديم حجّة الإسلام أنّ وجوبها آكد من وجوب القضاء؛لثبوته بنصّ القرآن،بخلاف القضاء،و في أنّها لا تجزئ عن أحدهما لو نوى القضاء؛لأنّ حجّة الإسلام إذا كانت متقدّمة فإذا نوى القضاء،لم يصحّ عمّا نواه، و لا عن حجّة الإسلام؛لأنّه لم ينوها.

قال:و لو أعتق قبل الوقوف،أتمّ حجّه و قضاه في القابل و أجزأه عن حجّة الإسلام؛لأنّه بعتقه ساوى الحرّ لو أفسد حجّه (3).

مسألة:و لو جنى العبد في إحرامه بما يلزم به الدم،

كاللباس،و الطيب و حلق الشعر،و الوطء،و قتل الصيد،و أكله،و غير ذلك،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يلزم العبد؛لأنّه فعل ذلك بغير إذن مولاه،و يسقط الدم إلى الصوم؛لأنّه عاجز،ففرضه الصيام،و لسيّده منعه منه؛لأنّه فعله بغير إذنه (4).

ص:71


1- 1ج،آل،ق و خا:القضاء.
2- 2) المبسوط 1:327 و 328. [1]
3- 3) المبسوط 1:328. [2]
4- 4) المبسوط 1:328. [3]

و قال المفيد-رحمه اللّه-:على السيّد الفداء في الصيد (1).و استدلّ بما رواه- في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كلّما أصاب العبد و هو محرم في إحرامه فهو على السيّد إذا أذن له في الإحرام» (2).

ثمّ إنّ الشيخ-رحمه اللّه-قال في التهذيب:و لا يعارض هذا الحديث:ما رواه سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن الحسن،عن محمّد بن الحسين،عن عبد الرحمن ابن أبي نجران،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن عبد أصاب صيدا و هو محرم، هل على مولاه شيء من الفداء؟فقال:«لا شيء على مولاه» (3).لأنّ هذا الخبر ليس فيه أنّه كان قد أذن له في الإحرام أو لم يأذن له،و إذا لم يكن[ذلك] (4)في ظاهره،حملناه على من أحرم من غير إذن مولاه،قال:فلا يلزمه حينئذ[شيء] (5)حسب ما تضمّنه الخبر.و هذا من الشيخ-رحمه اللّه-يدلّ على رجوعه عمّا ذهب إليه في المبسوط.

و لو قيل هاهنا بالتفصيل-من أنّ الجناية إن لم يتضمّنها الإذن في الإحرام،مثل الطيب،و اللباس،و قتل الصيد،فإنّ الصوم لازم للعبد و يسقط الدم.

و إن تضمّنها الإذن،بأن أذن له في الصيد مثلا كان لازما للمولى الفداء عنه، و مع العجز يأمره بالصيام-كان وجها.

أمّا الشافعيّ فقال:إن لم يتضمّنها الإذن في الإحرام،كالصيد،و الطيب

ص:72


1- 1المقنعة:69.
2- 2) التهذيب 5:382 الحديث 1334،الاستبصار 2:216 الحديث 741،الوسائل 9:251 الباب 59 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:383 الحديث 1335،الاستبصار 2:216 الحديث 742،الوسائل 9:252 الباب 56 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
4- 4) أثبتناها من التهذيب.
5- 5) أثبتناها من التهذيب.

و شبههما،فإنّه لازم للعبد الصوم؛لأنّه لم يتضمّنه الإذن فيه،و إنّما وجب بجنايته و هو لا يملك شيئا،فإن ملّكه مولاه الهدي و قلنا:إنّه يملك بالتمليك صحّ،و إلاّ فلا.

و إن تضمّنه الإذن،كالهدي-لأنّ الإذن في التمتّع أو القران إذن في الهدي- فعلى قولين:

أحدهما:يجب على المولى؛لأنّ إذنه تضمّنه،فلزمه أن يؤدّيه عنه؛لأنّه يعلم أنّه لا يقدر عليه،فصار ملزما له.

و الثاني:لا يلزم السيّد؛لأنّه رضي بوجوبه على عبده و لم يرض بوجوبه على نفسه،فإنّ إذنه لا يتضمّن ذلك.و لأنّ فرض العبد الصوم،فينصرف (1)إذنه إلى ما يتضمّنه فعل العبد (2).

فرع:

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو ملّكه مولاه الفداء،أجزأت الصدقة به،

و لو مات قبل الصيام،جاز أن يطعم المولى عنه،و دم المتعة سيّده بالخيار بين أن يهدي عنه أو يأمره بالصيام،و ليس له منعه من الصوم؛لأنّه بإذنه دخل فيه (3).

و يدلّ على ما ذكره الشيخ:ما رواه جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع، قال:«فمره فليصم،و إن شئت فاذبح عنه» (4).

ص:73


1- 1ج و آل:فانصرف.
2- 2) المجموع 7:54، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 8:25 و 26. [2]
3- 3) المبسوط 1:328. [3]
4- 4) التهذيب 5:200 الحديث 667،الاستبصار 2:262 الحديث 925،الوسائل 10:88 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
البحث الثالث
اشارة

في شرط الاستطاعة

مسألة:و الاستطاعة شرط في وجوب حجّة الإسلام بالنصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1).

و قال: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها (2).و الأخبار متواترة على اشتراط الاستطاعة،و قد أجمع فقهاء الإسلام عليه أيضا.

و لأنّ تكليف غير المستطيع قبيح عقلا.

إذا عرفت هذا:فنقول:شرط الاستطاعة يشتمل على اشتراط الزاد و الراحلة إجماعا،إلاّ من مالك على ما يأتي.

و هل يشتمل على إمكان المسير؟فيه خلاف،و نحن نفرد لإمكان المسير بابا، فهاهنا مسائل:

مسألة:اتّفق علماؤنا على أنّ الزاد و الراحلة شرطان في الوجوب،

فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لا يجب عليه الحجّ و إن تمكّن من المشي.و به قال

ص:74


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) البقرة(2):286. [2]

الحسن،و مجاهد،و سعيد بن جبير (1)،و الشافعيّ (2)،و إسحاق (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال مالك:إن كان يمكنه المشي و عادته سؤال الناس،لزمه الحجّ (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر و عبد اللّه بن عمر و أنس و عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل،ما السبيل؟قال:«الزاد و الراحلة» (6).

و عن ابن عمر قال:جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه ما يوجب الحجّ؟قال:«الزاد و الراحلة» (7).

و عن ابن عمر أيضا قال:إنّ رجلا قام فقال:يا رسول اللّه ما الاستطاعة؟فقال:

«الزاد و الراحلة» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن يحيى الخثعميّ،قال:سأل حفص الكناسيّ أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا عنده-عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (9)ما يعني بذلك؟قال:«من كان

ص:75


1- 1تفسير الطبريّ 4:16، [1]المغني 3:168،المجموع 7:78، [2]تفسير القرطبيّ 4:147، [3]عمدة القارئ 9: 126،تفسير الدرّ المنثور 2:56. [4]
2- 2) الأمّ 2:113،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:63،فتح العزيز بهامش المجموع 7:9-10، مغني المحتاج 1:463،السراج الوهّاج:151.
3- 3) المغني 3:168،المجموع 7:78،عمدة القارئ 9:126.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:386،بدائع الصنائع 2:122،الهداية للمرغينانيّ 1:134،شرح فتح القدير 2:322، مجمع الأنهر 1:261.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:287،بداية المجتهد 1:319،بلغة السالك 1:263،تفسير القرطبيّ 4:148، [5]المغني 3:168،الشرح الكبير بهامش المغني 3:178،المجموع 7:78. [6]
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:215:218،سنن البيهقيّ 4:330،تفسير الدرّ المنثور 2:55-56. [7]
7- 7) سنن الترمذيّ 3:177 الحديث 813، [8]سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896.
8- 8) ما عثرنا على حديث من ابن عمر بهذا اللفظ،و الموجود في أحكام القرآن للجصّاص 2:310: [9]الأخبار المرويّة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الاستطاعة أنّها الزاد و الراحلة.
9- 9) آل عمران(3):97. [10]

صحيحا في بدنه،مخلّى سربه،له زاد و راحلة،فهو ممّن يستطيع الحجّ»أو قال:

«ممّن كان له مال»فقال له حفص الكناسيّ:فإذا كان صحيحا في بدنه،مخلّى سربه،و له زاد و راحلة فلم يحجّ،فهو ممّن يستطيع الحجّ؟قال:«نعم» (1).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«السبيل أن يكون له ما يحجّ به» (2).و الأخبار كثيرة في هذا المعنى (3).

و لأنّ إطلاق الأمر بعيد (4)توجّهه إلى المستطيع ببدنه،فعلم أنّ تقييد الاستطاعة اشتراط لغيرها.

و لأنّها عبادة تتعلّق بقطع مسافة بعيدة،فاشترط في وجوبها الزاد و الراحلة، كالجهاد.

احتجّ:بأنّه استطاعة في حقّه،فهو كمن وجد الزاد و الراحلة (5).

و الجواب:قد بيّنّا أنّ تقييد الاستطاعة في الآية يدلّ على الزائد على المكنة البدنيّة.

و لأنّ ذلك ليس استطاعة و إن كانت عادته،فإنّه مشقّ (6)،و الاعتبار بعموم الأحوال دون خصوصها،كما يثبت رخص السفر في المتضرّر و غيره.

ص:76


1- 1التهذيب 5:3 الحديث 2،الاستبصار 2:139 الحديث 454،الوسائل 8:22 الباب 8 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:3 الحديث 3،الاستبصار 2:140 الحديث 455،الوسائل 8:22 الباب 8 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) ينظر:الوسائل:8:21 الباب 8 من أبواب وجوب الحجّ. [3]
4- 4) خا و ق:بقيد.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:288،بداية المجتهد 1:319،المغني 3:168،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 179.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:فإنّه شاقّ.
فروع:
الأوّل:ليس المراد وجود عين الزاد و الراحلة،

بل يكفيه التمكّن منهما إمّا تملّكا أو استئجارا.

الثاني:إنّما يشترطان في حقّ المحتاج إليهما؛لبعد مسافته،

أمّا القريب فيكفيه اليسير من الأجرة بنسبة حاجته،و المكّيّ لا يعتبر الراحلة في حقّه و يكفيه التمكّن من المشي.

الثالث:لو فقدهما و تمكّن من الحجّ ماشيا،فقد بيّنّا أنّه لا يجب عليه الحجّ،

فلو حجّ ماشيا حينئذ،لم يجزئه عن حجّة الإسلام عندنا،و وجب عليه الإعادة مع استكمال الشرائط،ذهب إليه علماؤنا.

و قال الجمهور:يجزئه.

لنا:أنّ الوجوب غير متحقّق؛لأنّه مشروط بالاستطاعة،فمع عدمها يكون مؤدّيا ما لا يجب عليه،فلا يجزئه عمّا يجب فيما بعد.

و يدلّ على ذلك أيضا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لو أنّ رجلا معسرا أحجّه رجل كانت له حجّة،فإن أيسر بعد ذلك فعليه الحجّ» (1).

احتجّوا:بأنّه فعل ما يخرج به من الخلاف؛إذ مذهب مالك وجوب الحجّ، فيكون أولى (2).

و الجواب:لا نسلّم ذلك،فإنّه فعل ما ليس واجبا،فلا يخرج عن العهدة المتجدّدة.

مسألة:لو بذل له زاد و راحلة و نفقة له و لعياله،وجب عليه الحجّ

مع استكمال

ص:77


1- 1الكافي 4:273 الحديث 1، [1]الفقيه 2:260 الحديث 1265،التهذيب 5:9 الحديث 22،الاستبصار 2: 144 الحديث 470،الوسائل 8:39 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [2]
2- 2) المغني 3:170،الشرح الكبير بهامش المغني 3:181.

الشروط الباقية،و كذا لو حجّ به بعض إخوانه.ذهب إليه علماؤنا،خلافا للجمهور، لنا:أنّه مستطيع حينئذ،فوجب عليه الحجّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:من عرض عليه ما يحجّ به فاستحيى من ذلك،أ هو ممّن يستطيع إليه سبيلا؟قال:«نعم،ما شأنه يستحيي؟!و لو يحجّ على حمار أبتر،فإن كان يطيق أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحجّ» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:قوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (2)قال:«يكون له ما يحجّ به»قلت:فإن عرض عليه الحجّ فاستحيى؟قال:«هو ممّن يستطيع و لم يستحي؟!و لو على حمار أجدع أبتر»قال:«فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل لم يكن له مال فحجّ به رجل من إخوانه،هل يجزئ ذلك عن حجّة الإسلام أم هي ناقصة؟قال:«بل هي حجّة تامّة» (4).

و في رواية الفضل بن عبد الملك،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل

ص:78


1- 1التهذيب 5:3 الحديث 3،الاستبصار 2:140 الحديث 455،الوسائل 8:27 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [1]
2- 2) آل عمران(3):97. [2]
3- 3) التهذيب 5:3 الحديث 4،الاستبصار 2:140 الحديث 456،الوسائل 8:26 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:7 الحديث 17،الاستبصار 2:143 الحديث 468،الوسائل 8:26 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [4]

لم يكن له مال،فحجّ به أناس من أصحابه،أ قضى حجّة الإسلام؟قال:«نعم،فإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحجّ»قلت:هل تكون حجّته تلك تامّة أو ناقصة إذا لم يكن حجّ من ماله؟قال:«نعم،قضى (1)حجّة الإسلام و تكون تامّة و ليست ناقصة و إن أيسر فليحجّ» (2).

فأمره عليه السّلام بالحجّ مرّة ثانية محمول على الاستحباب؛جمعا بين الأدلّة و لأنّه عليه السّلام حكم بأنّه قضى حجّة الإسلام.

احتجّوا:بأنّه يلحقه منّة بذلك،و لا يجب تحمّلها (3).

و الجواب:المنع بالنصّ.

فرع:

لو وهب له مال،لم يجب عليه القبول،

سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا؛لأنّه تحصيل لشرط الوجوب و هو غير لازم.

مسألة:لا تباع داره التي يسكنها في ثمن الزاد و الراحلة،و لا خادمه،

و لا ثياب بدنه.و عليه اتّفاق العلماء؛لأنّ ذلك ممّا تمسّ الحاجة إليه،و تدعو إليه الضرورة، فلا يكلّف بيعه،و يحصل الاستطاعة بما زاد عليه،و يجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع أو عقار و غير ذلك من الذخائر،و الأثاث التي له منها بدّ إذا بقي له ما يرجع إلى كفايته.

و لو كان له دين حالّ على موسر باذل بقدر الاستطاعة،وجب الحجّ؛لأنّه

ص:79


1- 1في المصادر بزيادة:عنه.
2- 2) الكافي 4:274 الحديث 2، [1]التهذيب 5:7 الحديث 18،الاستبصار 2:143 الحديث 467،الوسائل 8:27 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [2]
3- 3) المغني 3:169،الشرح الكبير بهامش المغني 3:181،المهذّب للشيرازيّ 1:197،فتح العزيز بهامش المجموع 7:45،مغني المحتاج 1:469،بدائع الصنائع 2:122.

كالموجود في يده،و لو كان معسرا أو مانعا،أو كان الدين مؤجّلا،سقط الوجوب؛ لعدم الاستطاعة.

فروع:
الأوّل:لو كان له مال و عليه دين بقدره،لم يجب الحجّ،

سواء كان الدين حالاّ أو مؤجّلا؛لأنّه غير مستطيع مع الحلول،و الضرر متوجّه إليه (1)مع التأجيل،فسقط فرض الحجّ.

الثاني:لا يجب أن يستدين للحجّ إذا لم يكن له مال غير الدين؛

لأنّه تحصيل للشرط فلا يكون واجبا،و قد وردت رواية أنّه يجوز أن يحجّ بمال ولده و ليست معتمدة (2)إلاّ أن يأخذه قرضا عليه و يكون له ما يقضي،و لا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا يكون،إذا لم يكن له مال يمكن القضاء منه.

و الرواية التي ذكرناها رواها الشيخ،عن سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يحجّ من مال ابنه و هو صغير؟قال:«نعم يحجّ منه حجّة الإسلام»قلت:و ينفق منه؟قال:«نعم»ثمّ قال:«إنّ مال الولد للوالد،إنّ رجلا اختصم هو و والده إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقضى أنّ الولد و المال للوالد» (3).

و هذه الرواية محمولة على أنّه إذا كان للوالد ما يتمكّن به من الحجّ و يأخذه على سبيل القرض؛لأنّ مال الولد ليس للوالد.

الثالث:لو كان له ما يحجّ به و تاقت نفسه إلى النكاح،لزمه الحجّ.

و قال الشافعيّ:يصرف المال في النكاح إذا خاف العنت (4).

ص:80


1- 1ع،آل و ح:عليه.
2- 2) ح:بمعتمدة.
3- 3) التهذيب 5:15 الحديث 44،الوسائل 8:63 الباب 36 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:71،فتح العزيز بهامش المجموع 7:14،مغني المحتاج 1: 465،السراج الوهّاج:152،المغني 3:172،الشرح الكبير بهامش المغني 3:180.

لنا:أنّ الحجّ فرض على الفور و النكاح سنّة،و الفرض مقدّم.

احتجّ:بجواز تأخير الحجّ؛لأنّه يجب على التراخي،فيقدّم النكاح مع خوف العنت (1).و هو ممنوع؛لما بيّنّا من وجوب الحجّ على الفور (2).

أمّا لو خاف من ترك النكاح المشقّة العظيمة،فالوجه تقديم النكاح؛لحصول الضرر.

الرابع:لو كان له مال فباعه قبل وقت الحجّ مؤجّلا إلى بعد فواته،سقط الحجّ؛

لأنّه غير مستطيع،و هذه حيلة يتصوّر ثبوتها في إسقاط فرض الحجّ على الموسر.

و كذا لو كان له مال فوهبه قبل الوقت،أو أنفقه،فلمّا جاء وقت الخروج كان فقيرا،لم يجب عليه،و جرى مجرى من أتلف ماله قبل حلول الحول.

الخامس:لو غصب مالا فحجّ به،أو غصب حمولة فركبها حتّى أوصلته،أثم

بذلك و عليه أجرة الحمولة و ضمان المال،

و لم يجزئه عن الحجّ إذا لم يكن له سواه، و به قال أحمد (3).

و قال الشافعيّ:يجزئه (4).

لنا:أنّ الزاد و الراحلة من شرائط الحجّ و لم يوجد على الوجه المأمور به، فلا يخرج به عن العهدة،كما لو فعل الحجّ على غير المأمور به.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ الحجّ عبادة بدنيّة و المال و الحمولة يرادان للتوصّل إليه، فإذا فعله لم يقدح ما توصّل به فيه (5).و ليس بجيّد؛لأنّه لم يوجب الحجّ على المتمكّن من المشي،و لو كان الزاد و الراحلة إنّما يرادان للتوصّل لا غير،لوجب

ص:81


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:71،فتح العزيز بهامش المجموع 7:14.
2- 2) يراجع:ص 14. [1]
3- 3) نقله عنه في المجموع 7:62.
4- 4) المجموع 7:62.
5- 5) المجموع 7:62.

على المتمكّن من المشي.

السادس:من كان من مكّة على مسافة قصيرة لا يقصر إليها الصلاة و أمكنه

المشي،

لم يعتبر الراحلة في حقّه و يعتبر لذهابه و مجيئه،و إن لم يمكنه المشي، كالزّمن و المريض اعتبرت الراحلة في حقّه كالصحيح البعيد.

السابع:لو حجّ عنه غيره و هو مستطيع لم يجزئه عن حجّة الإسلام،

سواء كان النائب مستطيعا أو لا.

مسألة:و لا بدّ من فاضل عن الزاد و الراحلة قدر ما يمون عياله حتّى يرجع

إليهم؛

(1)

لأنّ نفقتهم واجبة عليه و هي حقّ الآدميّ،فيكون مقدّما على الحجّ؛لأنّ حقّ الآدميّ سابق.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن أبي الربيع الشاميّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (2)فقال:«ما يقول الناس؟»قال:فقيل (3)له:الزاد و الراحلة قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«قد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن هذا،فقال:هلك الناس إذا،لئن كان (4)من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس ينطلق إليه (5)فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا إذا،فقيل له:فما السبيل؟فقال:السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض و يبقى بعض (6)لقوت عياله،أ ليس قد فرض اللّه الزكاة

ص:82


1- 1ج:على الزاد.
2- 2) آل عمران(3):97. [1]
3- 3) في المصادر:فقلت.
4- 4) أكثر النسخ«إن كان»مكان:«لئن كان».
5- 5) ع و ح:«إليهم»كما في التهذيب.
6- 6) في المصادر:و يبقي بعضا.

فلم يجعلها إلاّ على من ملك مأتي درهم» (1).و لا نعرف في ذلك خلافا.

و قد روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» (2).

فروع:
الأوّل:المشترط في الفاضل أن يكون عن نفقة عياله الذين يجب عليه نفقتهم،

أمّا من يستحبّ له،فلا،لأنّ الحجّ فرض فلا يسقط بالنفل.

الثاني:يشترط في الفاضل أن يكون فاضلا عن مئونته و مئونته عياله بقدر

الكفاية على جاري عادته من مسكن و خادم و ما لا بدّ منه،

من غير إقتار و لا تبذير.

الثالث:يشترط أن يكون له أيضا ما يفضل عن قضاء ديونه،سواء كانت حالّة

أو مؤجّلة،

و سواء كانت للآدميّ أو للّه تعالى،كزكاة في ذمّته أو كفّارات أو غير ذلك.

الرابع:الزاد الذي يشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إليه من مأكول و مشروب

و كسوة،

فإن كان يجد الزاد في كلّ منزل،لم يلزمه حمله،و إن لم يجده كذلك،لزمه حمله.

و أمّا الماء و علف البهائم،فإن كانت توجد في المنازل التي ينزلها على حسب العادة،لم يجب عليه حملها،و إلاّ وجب مع المكنة،و مع عدمها يسقط الفرض.

و أمّا الراحلة:فيشترط أن يجد راحلة تصلح لمثله ملكا،أو يشتري ذلك، أو يكتريها لذهابه و رجوعه،فان كان لا يشقّ عليه ركوب القتب (3)أو الزاملة،اعتبر

ص:83


1- 1التهذيب 5:2 الحديث 1 و فيه:«لئن كان كلّ»،الاستبصار 2:139 الحديث 453،الوسائل 8:24 الباب 9 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:132 الحديث 1692، [2]مسند أحمد 2:160، [3]سنن البيهقيّ 7:467 و ج 9:25،مجمع الزوائد 4:325،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:292 الحديث 13414.
3- 3) الإبل القتوبة:الإبل التي توضع الأقتاب على ظهورها.النهاية لابن الأثير 4:11. [4]

ذلك في حقّه،و إن كان يلحقه مشقّة عظيمة في ذلك،اعتبر وجود المحمل؛لأنّا اعتبرنا الراحلة للمشقّة الحاصلة بالمشي،فكذلك في الركوب،فإذا كان يلحقه مشقّة في الراحلة،اعتبر ما لا مشقّة فيه.

الخامس:لو كان وحيدا،اعتبر نفقته لذهابه و عوده.

و للشافعيّ في اعتبار نفقة العود هنا وجهان:

أحدهما:الاعتبار؛للمشقّة الحاصلة بالمقام في غير وطنه،و هو الذي اخترناه.

و الثاني:عدمه؛لتساوي البلاد بالنسبة إليه (1)،و الأوّل أصحّ.

السادس:لو احتاج إلى خادم،اعتبر وجوده ليقوم بأمره؛لأنّه من سبيله.

و كذا يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السفر من الآلات و الأوعية، كالغرائر (2)و أوعية الماء و غيرها ممّا لا بدّ منه في السفر؛لأنّه ممّا لا يستغني عنه فهو كأعلاف البهائم.

السابع:إذا كان له بضاعة يكفيه ربحها،أو ضيعة يكفيه غلّتها،فهل يجب بيعها

للحجّ أو صرف البضاعة إليه؟

الذي نختاره نحن لزوم الحجّ إذا كان فيه قدر الكفاية لذهابه و عوده و نفقة عياله.و به قال أبو حنيفة (3).

و يتخرّج على قول الشيخ من الرجوع إلى كفاية (4)،عدم الوجوب.و به قال أحمد (5).و للشافعيّ وجهان (6).

ص:84


1- 1حلية العلماء 3:236،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:68،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 13،مغني المحتاج 1:463،السراج الوهّاج:151.
2- 2) الغرارة-بالكسر-:شبه العدل،و الجمع:غرائر:المصباح المنير:445.
3- 3) بدائع الصنائع 2:123،شرح فتح القدير 2:328،فتح العزيز بهامش المجموع 7:14.
4- 4) المبسوط 1:297،النهاية:203، [1]الخلاف 1:411 مسألة-2.
5- 5) المغني 3:173،الشرح الكبير بهامش المغني 3:180،الكافي لابن قدامة 1:512،الإنصاف 3:403
6- 6) حلية العلماء 3:236،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:73،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 14،مغني المحتاج 1:465.

لنا:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن الاستطاعة فقال:«الزاد و الراحلة» (1).و هذا واجد لهما.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ في ذلك ضررا غير محتمل؛لأنّه يصير فقيرا،و ربّما لم يكن ممّن يحسن الاكتساب،فيحتاج إلى التصدّق (2).

و جوابه سيأتي:من عدم اشتراط الرجوع إلى كفاية.

الثامن:لو كان واجدا للزاد و الراحلة،فخرج في حمولة غيره أو نفقته،أو كان

مستأجرا للخدمة أو غيرها فحجّ،أجزأه،

لوجود العبادة منه وقت وجوبها.

أمّا لو لم يكن واجدا،فإن بذل له الغير الاستطاعة،وجب و إلاّ فلا.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الزاد من شرط وجوب الحجّ،فإذا كانت سنة جدب لا يقدر

فيها على الزاد في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها،

كبغداد و البصرة، لم يجب الحجّ و إن كان يقدر عليه في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها، لم يعتبر وجوده في المراحل التي بين ذلك؛لأنّ الزاد ما جرت العادة بحمله، و هو ممكن و تقلّ الحاجة إليه.

و أمّا الماء،فإن كان موجودا في المصانع (3)التي جرت العادة بكونه فيها،كفيد (4)، و الثعلبيّة (5)و غيرهما،وجب الحجّ مع باقي الشرائط،و إن كان لا يوجد في مواضعه،لم يجب الحجّ و إن وجد في البلدان التي يوجد فيها الزاد،و الفرق بينهما قلّة الحاجة إلى الزاد و كثرتها إلى الماء،و حصول المشقّة بحمل الماء دون الزاد.

ص:85


1- 1يراجع:أحكام القرآن للجصّاص 2:310. [1]
2- 2) المجموع 7:73.
3- 3) الصّنع-بالكسر-:الموضع الذي يتّخذ للماء و جمعه:أصناع و يقال لها:مصنع و مصانع.النهاية لابن الأثير 3:56. [2]
4- 4) فيد:منزل بطريق مكّة.لسان العرب 3:343.
5- 5) الثعلبيّة:موضع بطريق مكّة.لسان العرب 1:238. [3]
مسألة:و لو وجد الزاد و الراحلة بالثمن و تمكّن من شرائهما،وجب عليه ذلك

إذا كان بثمن المثل بلا خلاف؛لأنّا قد بيّنّا أنّ المراد بملك الزاد و الراحلة ملك العين أو القيمة (1)،أمّا لو وجده بالثمن و احتاج إلى ثمنه،لم يجب شراؤه؛للحاجة.

و لو وجده بأكثر من ثمن المثل،فإن لم يضرّ به فقد قيل:إنّه لا يجب شراؤه (2).

و الصحيح وجوب الشراء.

لنا:أنّه مستطيع،فوجب عليه الحجّ؛عملا بالعموم.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الزاد و الراحلة شرط في وجوب الحجّ ،

(3)

فلو فقدهما، لم يجب عليه،سواء تمكّن من المشي أو لم يتمكّن-و عليه قول علمائنا-لكن يستحبّ له،فإذا أيسر بعد ذلك،وجب عليه إعادة الحجّ.

لنا:أنّ الاستطاعة شرط،و فسّرها الرسول صلّى اللّه عليه و آله بالزاد و الراحلة (4).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (5).قال:«يخرج و يمشي إن لم يكن عنده»قلت:لا يقدر على المشي،قال:

«يمشي و يركب»قلت:لا يقدر على ذلك-أعني المشي-قال:«يخدم القوم و يخرج معهم» (6).

ص:86


1- 1يراجع:ص 77 و 83.
2- 2) في الشرائع 1:226: [1]قيل:و إن زاد عن ثمن المثل لم يجب.قال في الجواهر 17:257: [2]القائل به الشيخ.و في المبسوط 1:300 [3] عبارة الشيخ هكذا:...فمن لم يجده بحال أو وجده بثمن يضرّ به و هو أن يكون في الرخص بأكثر من ثمن مثله و في الغلاء مثل ذلك لم يجب عليه.
3- 3) يراجع:ص 74. [4]
4- 4) يراجع:أحكام القرآن للجصّاص 2:310. [5]
5- 5) آل عمران(3):97. [6]
6- 6) التهذيب 5:10 الحديث 26،الاستبصار 2:140 الحديث 457،الوسائل 8:29 الباب 11 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [7]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عليه دين أ عليه أن يحجّ؟قال:«نعم،إنّ حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين،و لقد كان أكثر من حجّ مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مشاة،و لقد مرّ صلّى اللّه عليه و آله بكراع الغميم (1)،فشكوا إليه الجهد و العناء،فقال:شدّوا أزركم و استبطنوا،ففعلوا ذلك فذهب عنهم» (2).

قال الشيخ:لأنّ المراد بهذين الخبرين الحثّ على الحجّ ماشيا،و الترغيب فيه، و أنّه الأولى مع الطاقة،و إن كان قد أطلق في الخبر الأخير لفظ الوجوب؛لأنّه يطلق في أكثر الأحوال على الأولى؛لكثرة الأخبار الدالّة على الحثّ على المشي؛ لما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ما عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لا أفضل» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل المشي فقال:«إنّ الحسن بن عليّ عليهما السّلام قاسم ربّه ثلاث مرّات حتّى نعلا و نعلا، و ثوبا و ثوبا،و دينارا و دينارا،و حجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه» (4).

إذا عرفت هذا:فلو استوجر للمعونة على السفر و شرط له الزاد و الراحلة أو بعضه،و كان بيده الباقي مع نفقة أهله،وجب عليه الحجّ و أجزأه عن الفرض، لكن عقد الإجارة لا يجب،فلو فعله،وجب الحجّ؛لأنّه مستطيع حينئذ.

ص:87


1- 1كراع الغميم:اسم موضع بين مكّة و المدينة.لسان العرب 8:309. [1]
2- 2) التهذيب 5:11 الحديث 27،الاستبصار 2:140 الحديث 458،الوسائل 8:29 الباب 11 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:11 الحديث 28،الاستبصار 2:141 الحديث 460،الوسائل 8:54 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:11 الحديث 29،الاستبصار 2:141 الحديث 461،الوسائل 8:55 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [4]
فرع:

قد بيّنّا أنّ من حجّ به بعض إخوانه،فإنّه يجزئه عن حجّة الإسلام (1).

و خالف شيخنا-رحمه اللّه-في ذلك (2)،و أوجب عليه الحجّ بعد الإيسار (3)؛ عملا برواية الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و إن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحجّ» (4).و في طريقها ضعف مع اشتمالها على أنّه قضى حجّة الإسلام،و أنّها حجّة تامّة،فيحمل الأمر بالحجّ بعد ذلك على الاستحباب؛لأنّ مع قضاء حجّة الإسلام لا يجب عليه الحجّ،و مع ذلك فهي معارضة برواية معاوية بن عمّار الصحيحة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل لم يكن له مال فحجّ به رجل من إخوانه،هل يجزئ ذلك عنه من (5)حجّة الإسلام أم هي ناقصة؟قال:

«بل هي تامّة» (6).

مسألة:و لو عجز عن الزاد و الراحلة،جاز أن يحجّ عن غيره،و سيأتي

البحث فيه.

إذا عرفت هذا:فإنّ حجّته عن غيره لا يجزئه عن حجّة الإسلام لو أيسر،بل يجب عليه الحجّ مع الاستطاعة؛لأنّه الآن مستطيع للحجّ و لم يحجّ عن نفسه فيما تقدّم،فيجب عليه الحجّ؛عملا بالمقتضي السالم عن المعارض.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن آدم بن عليّ،عن أبي الحسن

ص:88


1- 1يراجع:ص 78. [1]
2- 2) آل:بزيادة:في الاستبصار.
3- 3) الاستبصار 2:143.
4- 4) التهذيب 5:7:الحديث 18،الاستبصار 2:143 الحديث 467،الوسائل 8:27 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [2]
5- 5) ح:عن،كما في التهذيب و الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 5:7 الحديث 17،الاستبصار 2:143 الحديث 468،الوسائل 8:26 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [4]في الجميع:بل هي حجّة تامّة.

عليه السّلام قال:«من حجّ عن إنسان و لم يكن له مال يحجّ به،أجزأت عنه حتّى يرزقه اللّه ما يحجّ به،و يجب عليه الحجّ» (1).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لو أنّ رجلا معسرا أحجّه رجل كانت له حجّة،فإن أيسر بعد ذلك (2)كان عليه الحجّ» (3).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حجّ عن غيره،يجزئه ذلك عن حجّة الإسلام؟قال:«نعم»قلت:حجّة الجمّال تامّة أو ناقصة؟قال«تامّة»قلت:حجّة الأجير تامّة أو ناقصة؟قال:«تامّة» (4).لأنّا نحمل ذلك على أنّه إذا مات و لم يستطع الحجّ،كما دلّ عليه الخبران الأوّلان،و كذا إذا حجّ تطوّعا ثمّ أيسر.

ص:89


1- 1التهذيب 5:8 الحديث 20،الاستبصار 2:144 الحديث 469،الوسائل 8:38 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) لا توجد كلمة:«ذلك»في نسخة:ع،ج،آل،خا و ق،كما في الاستبصار و الكافي. [2]
3- 3) الكافي 4:273 الحديث 1، [3]الفقيه 2:260 الحديث 1265،التهذيب 5:9 الحديث 22،الاستبصار 2:144 الحديث 470،الوسائل 8:39 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [4]في الجميع،رواه عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير.
4- 4) التهذيب 5:8 الحديث 19،الاستبصار 2:144 الحديث 471،الوسائل 8:39 [5] الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4 و ص 40 الباب 22 الحديث 1.
البحث الرابع
اشارة

في إمكان المسير

و يدخل تحته الصحّة،و إمكان الركوب،و تخلية السرب،و اتّساع الزمان،و قد اتّفق علماؤنا على اشتراط ذلك.و خالف فيه بعض الجمهور (1)،فهاهنا مسائل:

مسألة:الصحّة شرط في الوجوب،فلا يجب على المريض

و إن وجد الزاد و الراحلة-ذهب إليه علماؤنا أجمع،و لا نعلم فيه خلافا من الجمهور-لأنّ التكليف بالحجّ مع المرض ضرر عظيم و حرج و مشقّة،فيكون منفيّا.

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من لم يمنعه عن الحجّ حاجة،أو مرض حابس،أو سلطان جائر فمات،فليمت يهوديّا أو نصرانيّا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به،أو مرض لا يطيق (3)معه الحجّ،أو سلطان يمنعه،فليمت يهوديّا أو نصرانيّا» (4)و لا نعلم في ذلك خلافا.

ص:90


1- 1ينظر:الشرح الكبير بهامش المغني 3:195،الكافي لابن قدامة 1:513.
2- 2) سنن الدارميّ 2:28، [1]كنز العمّال 5:16 الحديث 11853،الدرّ المنثور 2:56. [2]
3- 3) خا،ق،ع و ح:فلا يطيق.
4- 4) الكافي 4:268 الحديث 1، [3]التهذيب 5:17 الحديث 49،الوسائل 8:19 الباب 7 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [4]
مسألة:و لو كان المرض لا يمنع عن الركوب و لا يضرّ به ضررا شديدا،

وجب عليه الحجّ مع باقي الشرائط؛عملا بعموم الآية (1)السالمة عن معارضة المرض المانع من أداء الواجب (2)،أمّا لو منعه المرض،سقط عنه فرض الحجّ.

و كذا المعضوب الذي لا يقدر على الركوب و لا يستمسك على الراحلة من كبر أو ضعف في البنية لو كان نضو (3)الخلق،فإنّه يسقط عنه فرض الحجّ بنفسه؛لأنّ في ذلك ضررا و حرجا،و كذا المقعد و من أشبهه.

مسألة:لو وجد الاستطاعة و منعه مرض أو كبر،أو كان معضوبا لا يستمسك

على الراحلة،

فهل يجب عليه أن يستنيب؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:نعم (4).و به قال الشافعيّ (5)،و الثوريّ (6)،و أحمد (7)،و إسحاق (8)،و أصحاب الرأي (9).

و قال ابن إدريس:لا يجب (10).و به قال مالك (11).

ص:91


1- 1آل عمران(3):97.
2- 2) ق،خا،ع و ح:الوجوب.
3- 3) النضو:المهزول.لسان العرب 15:330. [1]
4- 4) الخلاف 1:412 مسألة-6،المبسوط 1:299.
5- 5) الأمّ 2:123،حلية العلماء 3:239،المهذّب للشيرازيّ 1:198،المجموع 7:94،فتح العزيز بهامش المجموع 7:44،مغني المحتاج 1:469،السراج الوهّاج:153.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:267، [2]حلية العلماء 3:239،تفسير القرطبيّ 4:151، [3]عمدة القارئ 9:125.
7- 7) المغني 3:181،الشرح الكبير بهامش المغني 3:183،الكافي لابن قدامة 1:514،الإنصاف 3:405، زاد المستقنع:30.
8- 8) سنن الترمذيّ 3:268، [4]المجموع 7:100،تفسير القرطبيّ 4:151، [5]عمدة القارئ 9:125.
9- 9) تحفة الفقهاء 1:385،بدائع الصنائع 2:124،شرح فتح القدير 2:326،مجمع الأنهر 1:261.
10- 10) السرائر:120.
11- 11) بداية المجتهد 1:320،تفسير القرطبيّ 4:150،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:289،المغني 3:181، الشرح الكبير بهامش المغني 3:183،المجموع 7:100،فتح العزيز بهامش المجموع 7:44.

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام أنّه سئل عن شيخ يجد (1)الاستطاعة،فقال:«يجهّز من يحجّ عنه» (2).

و عن ابن عبّاس أنّ امرأة من خثعم أتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:يا رسول اللّه إنّ فريضة اللّه على عباده[في الحجّ] (3)،أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة أ فأحجّ عنه؟قال:«نعم»قالت:أ تنفعه ذلك؟قال:«نعم، كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ عليّا عليه السّلام رأى شيخا لم يحجّ قطّ،و لم يطق الحجّ من كبره،فأمره أن يجهّز رجلا فيحجّ عنه» (5).

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألته عن رجل مسلم حال بينه و بين الحجّ مرض أو أمر يعذره اللّه فيه،قال:«عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له» (6).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:كان عليّ عليه السّلام يقول:«لو أنّ رجلا أراد الحجّ،فعرض له مرض أو خالطه سقم،فلم يستطع الخروج،فليجهّز رجلا من ماله ثمّ ليبعثه مكانه» (7).

و لأنّها عبادة يجب بإفسادها الكفّارة،فجاز أن يقوم غير فعله مقام فعله فيها،

ص:92


1- 1ع:لا يجد،كما في المغني.
2- 2) المغني 3:182،الشرح الكبير بهامش المغني 3:184،تفسير القرطبيّ 4:151. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809، [2]سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928، [3]سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5: 117،سنن الدارميّ 2:40، [4]الموطّأ 1:359 الحديث 97، [5]سنن البيهقيّ 4:328،بتفاوت في الجميع.
5- 5) التهذيب 5:14 الحديث 38،الوسائل 8:43 الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [6]
6- 6) التهذيب 5:14 الحديث 39،الوسائل 8:45 الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 7. [7]
7- 7) التهذيب 5:14 الحديث 40،الوسائل 8:44 الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [8]

كالصوم إذا عجز عنه.و لأنّه فعل تدخله النيابة،فيجب الاستنابة فيه مع تعذّر المباشرة،كدفع الزكاة.

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الاستطاعة غير موجودة؛لعدم التمكّن من المباشرة، و النيابة فرع الوجوب المشروط بالاستطاعة المعدومة (1).

و احتجّ مالك:بأنّها عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة،فكذا مع العجز كالصلاة (2).

و الجواب:الفرق بعدم الفدية في الصلاة،بخلاف الصوم.

و عن حجّة ابن إدريس:بأنّ الاستطاعة موجودة؛إذ هي الزاد و الراحلة،و نمنع كون النيابة فرع الوجوب مباشرة،نعم،هي فرع الوجوب مطلقا،و نحن نقول بموجبه؛إذ ملك الزاد و الراحلة عندنا سبب وجوب الحجّ و إن توقّف الأداء على شرائط أخرى،كالإسلام و شبهه،كذلك هاهنا.

مسألة:المريض إن كان يرجى برؤه و وجد الاستطاعة و تعذّر عليه الحجّ،

استحبّ أن يستنيب رجلا يحجّ عنه،قال الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:لا يجوز (5).و به قال أحمد (6).

ص:93


1- 1السرائر:120.
2- 2) تفسير القرطبيّ 4:151، [1]المغني 3:181،المجموع 7:101،فتح العزيز بهامش المجموع 7:44.
3- 3) المبسوط 1:299.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:152،شرح فتح القدير 2:326،مجمع الأنهر 1:307،حلية العلماء 3:246، المغني 3:184،الشرح الكبير بهامش المغني 3:185.
5- 5) الأمّ 2:114،حلية العلماء 3:246،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:116،فتح العزيز بهامش المجموع 7:42.
6- 6) المغني 3:184،الشرح الكبير بهامش المغني 3:185،الكافي لابن قدامة 1:515،حلية العلماء 3:246.

لنا:أنّه غير قادر على الحجّ بنفسه،فجاز له الاستنابة،كالمعضوب.

و يؤيّده:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على جواز الاستنابة و استحبابها (1).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه غير مأيوس من حجّة بنفسه،فلا يجوز له الاستنابة، كالفقير (2).

و الجواب:المنع من التساوي و ثبوت الحكم في الأصل.

إذا عرفت هذا:فإنّ الاستنابة هنا ليست واجبة بالإجماع؛لأنّه غير مأيوس من حجّه بنفسه،فلا يجب عليه الاستنابة.إذا ثبت هذا:فإذا استناب ثمّ برأ و هو مستطيع،وجب عليه إعادة الحجّ،قاله الشيخ (3)؛لأنّ تلك الحجّة كانت عن ماله و هذه عن بدنه.و به قال الشافعيّ (4).

و لو مات سقط فرض الحجّ عنه مع الاستنابة و بدونها،و للشافعيّ وجهان مع الاستنابة:

أحدهما:عدم الإجزاء؛لأنّه استناب و هو غير مأيوس منه،فأشبه ما إذا برأ.

و لأنّ اتّصال الموت إنّما كان بأمور تجدّدت لم تكن موجودة حال استنابته.

و الثاني:الإجزاء؛لأنّا بيّنّا أنّ المرض كان مأيوسا منه حيث اتّصل به الموت (5).

مسألة:و لو كان المرض لا يرجى برؤه،

أو كان العذر لا يزول،كالإقعاد،و ضعف البدن خلقة،و غير ذلك من الأعذار اللازمة،أو كبر السنّ و ما أشبهه.

ص:94


1- 1يراجع:ص 92.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:113.
3- 3) المبسوط 1:299، [1]النهاية:203. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:199،المهذّب للشيرازيّ 1:119،المجموع 7:101،فتح العزيز بهامش المجموع 7:42.
5- 5) حلية العلماء 3:246،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:116،فتح العزيز بهامش المجموع 7:42.

قال الشيخ:وجب أن يحجّ عنه رجلا (1)؛لما تقدّم من الأحاديث (2).و به قال الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال مالك:لا يجب (8).و قد سلف البحث فيه و بيّنّا وجوبه (9).

فإذا ثبت ذلك:فإن مات سقط عنه فرض الحجّ و أجزأ فعل النائب عنه،و إن زال عنه عذره بأن كان مريضا و شهد عدلان عارفان باليأس من برئه ثمّ زال، وجب عليه الحجّ،ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (10)-و للشافعيّة قولان:

أحدهما:ذلك؛لأنّا بيّنّا أنّه لم يكن مأيوسا منه و إنّما أخطئا في قولهما،فيجب عليه أن يحجّ بنفسه،كما لو لم يكن مأيوسا.

و الثاني:الإجزاء؛لأنّ حال الاستنابة كان محكوما بإياسه،و لأنّه فعل المأمور به،و الحجّ إنّما يجب مرّة واحدة (11).و هو اختيار أحمد (12).

ص:95


1- 1المبسوط 1:299، [1]الخلاف 1:414 مسألة-11.
2- 2) يراجع:ص 92.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:268،حلية العلماء 3:239،تفسير القرطبيّ 4:151،عمدة القارئ 9:125.
4- 4) الأمّ 2:123،حلية العلماء 3:239،المهذّب للشيرازيّ 1:198،المجموع 7:94،فتح العزيز بهامش المجموع 7:44،مغني المحتاج 1:469،السراج الوهّاج:153.
5- 5) المغني 3:181،الشرح الكبير بهامش المغني 3:183،الكافي لابن قدامة 1:514،الإنصاف 3:405، زاد المستقنع:30،تفسير القرطبيّ 4:151. [2]
6- 6) سنن الترمذيّ 3:268، [3]المجموع 7:100،تفسير القرطبيّ 4:151، [4]عمدة القارئ 9:125.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:385،بدائع الصنائع 2:124،شرح فتح القدير 2:326،مجمع الأنهر 1:261.
8- 8) بداية المجتهد 1:32،تفسير القرطبيّ 4:150، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:289، [6]المجموع 7:100، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 7:44، [8]المغني 3:181،الشرح الكبير بهامش المغني 3:183.
9- 9) يراجع:ص 93.
10- 10) المبسوط 1:299، [9]الخلاف 1:414 مسألة-11.
11- 11) حلية العلماء 3:246،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:115،فتح العزيز بهامش المجموع 7:42.
12- 12) المغني 3:182،الشرح الكبير بهامش المغني 3:184،الكافي لابن قدامة 1:515،زاد المستقنع:30.
فرع:

الجنون غير مأيوس من زواله،

فإذا استطاع ثمّ جنّ فحجّ عنه غيره ثمّ برأ، وجب عليه الإعادة مع الاستطاعة،و إن مات سقط عنه الفرض،و كذا المحبوس.

آخر:لو لم يجد المعضوب مالا،لم يجب عليه الحجّ إجماعا لا بنفسه و لا إقامة غيره؛لأنّ الصحيح لو لم يجد المال،لم يجب عليه الحجّ،فالمريض أولى.

و كذا لو وجد المال و لم يجد من يستأجره،فإنّه يسقط فرضه إجماعا إلى العام المقبل.

و لو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل،فإن أمكنه التحمّل من غير ضرر، فالوجه الوجوب،و إلاّ فلا.

مسألة:المعضوب إذا لم يكن له مال،فقد بيّنّا أنّه يسقط عنه الحجّ مباشرة

و نيابة،

فلو وجد من يطيعه (1)لأداء الحجّ،لم يجب عليه،سواء وثق منه بفعله أو لم يثق،و سواء كان ولدا أو أجنبيّا-و به قال أبو حنيفة (2)،و أحمد (3)-لأنّه ليس بمستطيع بنفسه و لا مال له،فسقط عنه فرض الحجّ.

و لأنّها عبادة تجب بوجود المال،فلم تجب ببذل الطاعة،كالعتق في الكفّارة.

و قال الشافعيّ:إذا وجد من يطيعه،وجب؛لأنّه قادر على أن يحجّ عن نفسه، فلزمه الحجّ،كما لو قدر على المال؛لأنّ المال يراد لحصول طاعة الغير،فإذا حصلت فقد حصل المقصود فلزمه لكن بستّ شرائط:

ثلاثة في المبذول له،و هي:أن يكون لم يسقط الفرض عن نفسه،و أن يكون معضوبا آيسا من أن يفعل بنفسه،و أن لا يكون له مال؛لأنّه إذا كان له مال،وجب

ص:96


1- 1أكثر النسخ:يطيقه.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:154،تحفة الفقهاء 1:386،بدائع الصنائع 2:122،مجمع الأنهر 1:261، المجموع 7:101.
3- 3) المغني 3:169،الكافي لابن قدامة 1:513،المجموع 7:101.

عليه الحجّ بماله.

و ثلاثة في الباذل،و هي:أن يكون قد حجّ عن نفسه حجّة الإسلام؛لأنّه يشترط في النائب ذلك،و أن يكون ممّن يجب عليه الحجّ عن نفسه،بأن يكون شرائط الحجّ موجودة فيه،فلو كان فقيرا و بذل الطاعة،لم يجب على المبذول له؛ لأنّه لو كان قادرا على المشي،لم يجب به الحجّ عن نفسه،فلا يجب بذلك عن غيره و أن يثق بطاعته (1).

أمّا إذا بذل له المال و لم يبذل له الفعل،فالوجه عندنا عدم الوجوب؛لأنّه غير متمكّن من نفسه و لا مال له،و لا يجب عليه قبول ما بذل له غيره.

و لا يقاس على من بذل له الزاد و الراحلة و نفقة العيال،فإنّا قد ذهبنا إلى وجوب الحجّ عليه؛لأنّا قلنا ذلك هناك،لوجود النصّ،و القياس عندنا باطل.

و للشافعيّ وجهان.

قال الشافعيّ:و لو كان المطيع ممّن لا يقدر على الحجّ بنفسه،بأن يكون معضوبا واجدا للمال،فإنّه يجب على المبذول له الطاعة الحجّ؛لأنّ هذا سبب يجب به الحجّ على الباذل،فأشبه قدرته على الفعل بنفسه.

و لو كان له من يطيعه في الحجّ و هو لا يعلم بطاعته،جرى مجرى من له مال لا يعلم به،و فيه وجهان.

قال:و إنّما يصحّ فعل المطيع عنه بإذنه،و لو حجّ عنه بغير إذنه فإنّه لا يقع عنه.

و ليس بجيّد.

قال:فإن لم يأذن له المطاع،فهل يأذن له الحاكم؟ وجهان:

ص:97


1- 1الأمّ 2:101،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،حلية العلماء 3:240،المهذّب للشيرازيّ 1:198، المجموع 7:95،100 و 101،فتح العزيز بهامش المجموع 7:45،مغني المحتاج 1:470،السراج الوهّاج:154.

أحدهما:الإذن؛لأنّه واجب على المطاع،فإذا لم يفعله قام الحاكم مقامه.

و الثاني:لا يأذن؛لأنّه إنّما يقع بإذنه القائم مقام قصده،فلا ينوب الحاكم منابه، بخلاف الزكاة؛لأنّها حقّ الفقراء،فلهذا ناب الحاكم،و هذه عبادة عليه لا يتعلّق بها حقّ أحد.

قال:و لو مات المطيع قبل أن يأذن له،فإن كان قد أتى من الزمان ما يمكنه فعل الحجّ فيه،استقرّ في ذمّته،و إن كان قبل ذلك،لم يجب عليه؛لأنّه قد بان أنّه لم يكن مستطيعا.

قال:و هل يلزم الباذل ببذله؟فإن كان قد أحرم،لزم المضيّ فيه،و إلاّ فلا؛لأنّه لا يجب عليه البذل،فلا يلزمه به حكم؛لأنّه متبرّع به (1).

و هذه الفروع عندنا كلّها ساقطة؛لأنّها مبنيّة على وجوب الحجّ بالطاعة، و هو باطل؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل،ما يوجب الحجّ؟فقال:«الزاد و الراحلة» (2).

فروع:
الأوّل:لو كان على المعضوب حجّتان عن الإسلام و منذورة،جاز له أن يستنيب

اثنين في سنة واحدة؛

لأنّهما فعلان متباينان لا ترتيب بينهما،و لا يؤدّي ذلك إلى وقوع المنذورة دون حجّة الإسلام،بل يقعان معا،فأجزأ ذلك،بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد،و للشافعيّ وجهان (3).

ص:98


1- 1حلية العلماء 3:242،المهذّب للشيرازيّ 1:198،المجموع 7:95،96، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:46، [2]مغني المحتاج 1:470.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:177 الحديث 813، [3]سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896،سنن الدار قطنيّ 2: 215 الحديث 3.
3- 3) الأمّ 2:131،حلية العلماء 3:249،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:117،فتح العزيز بهامش المجموع 7:36.
الثاني:يجوز للصحيح أن يستنيب في التطوّع .

(1)

و به قال أبو حنيفة (2)، و أحمد؛لأنّها حجّة لا تلزمه بنفسه،فجاز أن يستنيب فيها،كالفرض في حقّ المعضوب (3).

و قال الشافعيّ:لا يجوز؛لأنّه غير آيس من الحجّ بنفسه،فلا يجوز له أن يستنيب في الحجّ،كالفرض (4).و ليس بمعتمد.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:المعضوب إذا وجب عليه حجّة بالنذر

أو بإفساد حجّه،وجب عليه أن يحجّ عن نفسه رجلا،

فإذا فعل ذلك فقد أجزأه، و إن برأ فيما بعد تولاّها بنفسه (5).و عندي في ذلك تردّد.

الرابع:يجوز استنابة الصرورة و غير الصرورة

(6)

على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و تخلية السرب شرط في الوجوب،

و هو أن يكون الطريق آمنا،أو يجد رفقة يأمن معهم علما أو ظنّا.و عليه فتوى علمائنا،فلو كان في الطريق مانع من عدوّ و نحوه،سقط فرض الحجّ.و به قال الشافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد في

ص:99


1- 1ع:بزيادة:من الحجّ.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:152،عمدة القارئ 9:126،المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:211،المجموع 7:116،فتح العزيز بهامش المجموع 7:41.
3- 3) المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:211،الكافي لابن قدامة 1:515،الإنصاف 3:418، فتح العزيز بهامش المجموع 7:41.
4- 4) حلية العلماء 3:245،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:116،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 40،المغني 3:185.
5- 5) المبسوط 1:299. [1]
6- 6) ع و ح بزيادة:في ذلك.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:80،مغني المحتاج 1:465،السراج الوهّاج:152،المغني 3:166،الشرح الكبير بهامش المغني 3:195.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:387،بدائع الصنائع 2:123،الهداية للمرغينانيّ 1:135، [2]شرح فتح القدير 2:328، مجمع الأنهر 1:262،المغني 3:166،الشرح الكبير بهامش المغني 3:195.

إحدى الروايتين،و في الأخرى أنّه ليس شرطا (1).

لنا:أنّ اللّه تعالى إنّما فرض الحجّ على المستطيع و هذا ليس بمستطيع،و لأنّ هذا يتعذّر معه فعل الحجّ،فكان شرطا،كالزاد و الراحلة.

احتجّ أحمد (2):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل،ما يوجب الحجّ؟فقال:

«الزاد و الراحلة» (3).

و لأنّه عذر يمنع نفس الأداء،فلا يمنع الوجوب،كالغصب.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الشرط ليس هو الزاد و الراحلة لا غير؛لأنّه يشترط العقل و الإسلام عنده.

و عن الثاني:بالمنع من الأصل.

فروع:
الأوّل:هل يجب أن يستنيب إذا وجد المال؟البحث فيه كما في المريض،

و قد تقدّم (4).

الثاني:لو كان هناك طريقان واحدهما مخوف،سلك الآخر و إن طال،

إذا لم يقصر نفقته عنه و اتّسع الزمان؛لأنّه مستطيع،أمّا لو قصرت نفقته عنه،أو قصر الزمان عن سلوكه،أو لم يكن إلاّ طريق واحد و هو مخوف أو بعيد يضعف قوّته عن قطعه لمشقّة (5)،لم يجب عليه.

ص:100


1- 1المغني 3:166،الشرح الكبير بهامش المغني 3:195،الكافي لابن قدامة 1:513،الإنصاف 3:407. [1]
2- 2) المغني 3:166،الشرح الكبير بهامش المغني 3:195،الكافي لابن قدامة 1:514.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:117 الحديث 813، [2]سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896،سنن الدار قطنيّ 2: 215 الحديث 3.
4- 4) يراجع:ص 93-95. [3]
5- 5) ح:للمشقّة.
الثالث:لو كان في الطريق عدوّ و أمكن محاربته بحيث لا يلحقه ضرر

و لا خوف،فهو مستطيع،

و إن خاف على نفسه أو ماله من قتل أو جرح،لم يجب.

الرابع:لو لم يندفع العدوّ إلاّ بمال أو خفارة،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجب ؛

(1)

لأنّه لم يحصل التخلية.و لو قيل:إن أمكن دفع المال من غير إجحاف و لا ضرر، وجب و إلاّ سقط،كان حسنا؛لأنّه كأثمان الآلات.

الخامس:لو بذل باذل المطلوب عنه،فانكشف العدوّ،لزمه الحجّ،

و ليس له منع الباذل؛لتحقّق الاستطاعة.

السادس:طريق البحر كطريق البرّ،فلو غلب على ظنّه السلامة،وجب عليه

سلوكها إذا لم يتمكّن من البرّ،

سواء كان معتادا لسفر البحر،أو لم يكن.

و لو غلب على ظنّه العطب أو خاف منه،سقط الوجوب،و للشافعيّ قولان:

أحدهما:الوجوب مع غلبة الظنّ بالسلامة.

و الثاني:عدمه معها؛لأنّ عوارض البحر لا يمكن الاحتراز منها و في ركوبه تغرير،فلم يلزمه،كما لو كان مخوفا (2).و ليس بشيء.

و لو تساوى البرّ و البحر في السلامة،تخيّر،و لو اختصّ أحدهما بها،تعيّن، و لو اشتركا في العطب،سقط الفرض إجماعا.

مسألة:و إمكان المسير شرط،و ذلك بأن يكون الزمان متّسعا،

فلو تحقّق الشرط و هو في بلد تضيّق الوقت عن قطع المسافة إلى بيت اللّه تعالى،سقط الوجوب.و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4).

ص:101


1- 1المبسوط 1:301. [1]
2- 2) الأمّ 2:120،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،حلية العلماء 3:237،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:83،فتح العزيز بهامش المجموع 7:17 و 18،مغني المحتاج 1:466،السراج الوهّاج:152.
3- 3) بدائع الصنائع 2:123،شرح فتح القدير 2:329،مجمع الأنهر 1:263،المغني 3:166.
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،المهذّب للشيرازيّ 1:198،المجموع 7:88،فتح العزيز بهامش المجموع 7:29.

و قال أحمد في إحدى الروايتين:إنّه ليس بشرط (1).

لنا:أنّ تكليف (2)إيقاع الحجّ في مواطنه يستلزم قطع المسافة،و التقدير عدم إمكانه في ذلك الوقت،فالتكليف به حينئذ تكليف بالمحال.

إذا عرفت هذا:فإمكان المسير معناه:أن يجد رفقة يمكنه المسير معهم و يتّسع الوقت له،فلو لم يجد الرفقة،أو ضاق عليه الوقت حتّى لا يلحق إلاّ بأن يضعّف المسير،لم يلزمه تلك السنة،و كذا لو كان هناك رفقة يحتاج في اللحاق بهم إلى تحمّل مشقّة،إمّا بطيّ المنازل،أو حثّ شديد يمنعه عنه،لم يجب تكلّفه.

و كذا يشترط في إمكان المسير تحصيل الآلات التي يحتاج إليها للطريق، كأوعية الماء (3)،و غرائر الزاد،و ما شابه ذلك،فلو فقد ذلك،سقط فرض الحجّ.

و احتجاج أحمد بقوله عليه السّلام:«الاستطاعة:الزاد و الراحلة» (4)قد بيّنّا ضعفه (5).

مسألة:اختلف علماؤنا في الرجوع إلى كفاية،

فاشترط (6)الشيخ-رحمه اللّه- في الوجوب،فلو ملك الزاد و الراحلة و النفقة ذهابا و عودا و نفقة عياله،لم يجب الحجّ إلاّ أن يكون له كفاية يرجع إليها،من مال،أو حرفة،أو صناعة،أو عقار (7)، هذا اختيار شيخنا-رحمه اللّه-و به قال المفيد-رحمه اللّه (8)-و ابن البرّاج (9).

ص:102


1- 1المغني 3:167،الشرح الكبير بهامش المغني 3:195،الكافي لابن قدامة 1:513،الإنصاف 3:407.
2- 2) ج و آل:التكليف.
3- 3) ع:كالأوعية للماء.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:117 الحديث 813،سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896.سنن الدار قطنيّ 2: 215 الحديث 3.
5- 5) يراجع:ص 100.
6- 6) آل:فاشترطه.
7- 7) الخلاف 1:411 مسألة-2،النهاية:203، [1]المبسوط 1:296. [2]
8- 8) المقنعة:60.
9- 9) شرح جمل العلم و العمل:205.

و أبو الصلاح (1).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّه ليس شرطا (2).و به قال ابن إدريس (3)، و ابن أبي عقيل (4)،و أكثر الجمهور (5).و هو الأقوى.

لنا:قوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (6)و الاستطاعة تتحقّق بالزاد و الراحلة و النفقة مع الشرائط المتقدّمة،فما زاد منفيّ بالأصل السليم عن المعارض.

و أيضا:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قال:

«أن يكون له ما يحجّ به»قال:قلت:من عرض عليه ما يحجّ به فاستحيى من ذلك، أ هو ممّن يستطيع إليه سبيلا؟قال:«نعم،ما من شأنه (7)يستحيي؟!و لو يحجّ على حمار أبتر،فإن كان يطيق أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحجّ» (8).

و كذا رواه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام (9).

احتجّ الشيخ على مذهبه:بالإجماع،و بأنّ الأصل براءة الذمّة،و بأنّ التكليف

ص:103


1- 1الكافي في الفقه:192. [1]
2- 2) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):207،جمل العلم و العمل:103.
3- 3) السرائر:118.
4- 4) نقله عنه في المختلف:256.
5- 5) حلية العلماء 3:236،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:73،74، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:13، [3]المغني 3:168، [4]بدائع الصنائع 2:123،الهداية للمرغينانيّ 1:135. [5]
6- 6) آل عمران(3):97. [6]
7- 7) ع:ما شأنه،كما في المصادر.
8- 8) التهذيب 5:3 الحديث 3،الاستبصار 2:140 الحديث 455،الوسائل 8:27 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [7]
9- 9) التهذيب 5:3 الحديث 4،الاستبصار 2:140 الحديث 456،الوسائل 8:26 الباب 10 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [8]

بالحجّ من دون الرجوع إلى كفاية،حرج،فيكون منفيّا.

و بما رواه أبو الربيع الشاميّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فقال:«ما يقول الناس؟»قال:قيل له:الزاد و الراحلة،قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«قد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن هذا،فقال:هلك الناس إذا،لئن كان (1)من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس ينطلق إليه (2)فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا إذا،فقيل له:فما السبيل؟قال:فقال:السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض و يبقى بعض (3)يقوت عياله،أ ليس قد فرض اللّه الزكاة فلم يجعلها إلاّ على من ملك مأتي درهم (4)» (5).

و الجواب:المنع من الإجماع في صورة الخلاف،و أصل براءة الذّمّة إنّما يصلو إليه مع عدم الدليل على الشغل،أمّا مع تحقّقه فلا.

و عن الحديث:بعدم دلالته على مقصوده؛إذ أقصى ما يدلّ عليه وجود الراحلة و الزاد و النفقة له و لعياله،أمّا الرجوع إلى كفاية،فلا تعرّض للحديث فيه البتّة.

مسألة:الإسلام ليس شرطا في الوجوب و إن كان شرطا في الصحّة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين،و في الآخر:أنّه شرط (6).و به

ص:104


1- 1في التهذيب بزيادة:«كلّ».
2- 2) بعض النسخ:«إليهم»كما في التهذيب.
3- 3) في المصادر:و يبقي بعضا.
4- 4) الكافي 4:267 الحديث 3، [1]الفقيه 2:258 الحديث 1255،التهذيب 5:2 الحديث 1،الاستبصار 2: 139 الحديث 453،الوسائل 8:24 الباب 9 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1 و 2. [2]
5- 5) ينظر:الخلاف 1:411 مسألة-2.
6- 6) قال في الأمّ 2:110،و المهذّب للشيرازيّ 1:195،و المجموع 7:18،و فتح العزيز بهامش المجموع 7:6:بأنّه شرط في الصحّة.و قال في حلية العلماء 3:233،و مغني المحتاج 1:461،و السراج الوهّاج:151:بأنّه شرط في الوجوب.

قال أبو حنيفة (1).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (2)و المعارض و هو الكفر لا يصلح للمانعيّة؛لما بيّنّا في الأصول أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع (3).

احتجّ:بأنّه غير متمكّن من الأداء،و بالإسلام يسقط عنه الفرض،فلا يتحقّق الوجوب (4)(5).

و الجواب:المنع من عدم المكنة؛لأنّ الشرط هو الإسلام،و هو متمكّن منه، و التمكّن من الشرط هنا يستلزم التمكّن من المشروط.

فرع:

لو أحرم و هو كافر،لم يصحّ إحرامه،

فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر، وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه،فإن لم يتمكّن،أحرم من موضعه،و لا يعتدّ بذلك الإحرام الأوّل،و إن (6)أسلم بعد فوات الوقوف،وجب عليه في العام المقبل.

مسألة:و لو حجّ مسلما ثمّ ارتدّ بعد قضاء مناسكه،لم يعد الحجّ بعد التوبة.

و تردّد الشيخ في المبسوط و قوّى الإعادة (7).و جزم بها أبو حنيفة (8).و الذي

ص:105


1- 1تحفة الفقهاء 1:383،بدائع الصنائع 2:120،شرح فتح القدير 2:320،مجمع الأنهر 1:260.
2- 2) آل عمران(3):97. [1]
3- 3) نهاية الوصول إلى علم الأصول:101- [2]مخطوط.
4- 4) ج و ق:فلا تحقّق للوجوب،خا:فلا تحقّق بالوجوب،ح:فلا يحقّق في الوجوب.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:19،بدائع الصنائع 2:120.
6- 6) ج و خا:فإن.
7- 7) المبسوط 1:305.
8- 8) حلية العلماء 3:233،المجموع 7:9،فتح العزيز بهامش المجموع 7:5،المحلّى 7:277.

اخترناه ذهب إليه الشافعيّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور من قوله صلّى اللّه عليه و آله لمّا سئل:أ حجّتنا (2)هذا لعامنا أم للأبد؟فقال:«للأبد» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من كان مؤمنا فحجّ[و عمل في إيمانه]ثمّ أصابته[في إيمانه]فتنة فكفر ثمّ تاب،يحسب له كلّ عمل صالح عمله،[في إيمانه] (4)،و لا يبطل منه شيء» (5).

و لأنّه أوقعها على الوجه المشروع،فتكون مجزئة عنه،و هو إنّما يجب مرّة واحدة.

و لأنّه حجّ حجّة الإسلام،فلا يجب عليه الحجّ بابتداء الشرع،كما لو لم يرتدّ.

احتجّ الشيخ:بقوله تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (6).

و لأنّا بكفره تبيّنّا أنّه لم يكن مسلما وقت إسلامه؛لأنّ الإسلام مشروط بالعلم و هو لا يزول،و لأنّه أسلم بعد كفره فإذا وجد الاستطاعة لزمه الحجّ،كالكافر الأصليّ (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الإحباط بالشرك مشروط بالموافاة؛لقوله تعالى:

ص:106


1- 1حلية العلماء 3:233،المجموع 7:9،فتح العزيز بهامش المجموع 7:5،المحلّى 7:277.
2- 2) ع و ح:حجّنا،مكان:أحجّتنا.
3- 3) صحيح مسلم 2:884 الحديث 1216،سنن ابن ماجة 2:1024 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5: 178،سنن الدار قطنيّ 2:283 الحديث 208،سنن البيهقيّ 4:326.
4- 4) أثبتناها من التهذيب.
5- 5) التهذيب 5:459 الحديث 1597،الوسائل 1:96 الباب 30 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1. [1]
6- 6) المائدة(5):5. [2]
7- 7) المبسوط 1:305 و [3]فيه:(لأنّ إسلامه الأوّل لم يكن إسلاما).و لم يستدلّ فيه بالآية.و استدلّ بها في التبيان 3:446. [4]

وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ (1).

و عن الثاني:أنّه مبنيّ على قاعدة أبطلناها في الكتب الأصوليّة.

و عن الثالث:بالفرق فإنّ الكافر الأصليّ لم يحجّ حجّة الإسلام.

فرع:

لو أحرم ثمّ ارتدّ ثم عاد إلى الإسلام،كان إحرامه باقيا و بنى عليه.

و للشافعيّ وجهان:أحدهما:الإبطال (2).

لنا:ما تقدّم (3).و لأنّ الإحرام لا يبطل بالموت و الجنون،فلم يبطل بالردّة.

مسألة:الأعمى يجب عليه الحجّ مع استجماع الشرائط

و وجود قائد يقوده و يهديه و يسدّده إذا احتاج إليه.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أبو يوسف، و محمّد (6).

و عن أبي حنيفة روايتان:أحدهما:عدم الوجوب (7).

لنا:أنّه مستطيع بوجود الزاد و الراحلة و النفقة،و لا يلحقه مشقّة شديدة في

ص:107


1- 1البقرة(2):217. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:233،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:345.
3- 3) يراجع:ص 105. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:240،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 7:85،مغني المحتاج 1:468،السراج الوهّاج:153،المحلّى 7:53.
5- 5) الإنصاف 3:408،الميزان الكبرى 2:34،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:145،حلية العلماء 3:240،المجموع 7:85.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:154،تحفة الفقهاء 1:384،بدائع الصنائع 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1: 134،شرح فتح القدير 2:326،حلية العلماء 3:240،المجموع 7:85.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:154،تحفة الفقهاء 1:384،بدائع الصنائع 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1: 134،شرح فتح القدير 2:326،حلية العلماء 3:240،المجموع 7:85.

الثبوت على الراحلة،فلا يجوز له التخلّف و لا الاستنابة،كالأطروش (1).

و لقوله عليه السّلام:من لم يمنعه من الحجّ حاجة،أو مرض حابس،أو سلطان جائر،فمات،فليمت يهوديّا أو نصرانيّا (2).

احتجّ:بأنّه لا يمكنه الصعود و النزول بنفسه،فجاز له أن يستنيب، كالمعضوب (3).

و الجواب:بالمنع من المساواة؛لأنّه يمكنه مع السؤال و وجود القائد كالمبصر الجاهل بموضع النسك (4)فإنّه يتمكّن بواسطة السؤال،كذلك هنا.

مسألة:شرائط وجوب الحجّ على الرجل هي بعينها شرائط في حقّ المرأة من

غير زيادة،

فإذا تكمّلت (5)الشرائط،وجب عليها الحجّ و ان لم يكن لها محرم ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال ابن سيرين (6)،و مالك (7)،و الأوزاعيّ (8)،و الشافعيّ (9)، و أحمد في إحدى الروايات (10).

ص:108


1- 1طرش طرشا:هو الصمم،و رجل أطرش و امرأة طرشاء و الجمع:طرش،كحمر.و قال الأزهريّ: أطروش.المصباح المنير:371. [1]
2- 2) سنن الدارميّ 2:28، [2]سنن البيهقيّ 4:334،كنز العمّال 5:16 الحديث 11853،الدرّ المنثور 2:56. [3]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:154،تحفة الفقهاء 1:385،بدائع الصنائع 2:121.
4- 4) ع و ح:الشكّ.
5- 5) ع:تكاملت.
6- 6) المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.
7- 7) الموطّأ 1:425،المدوّنة الكبرى 1:452،إرشاد السالك:60،بداية المجتهد 1:322،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:401،المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.
8- 8) المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.
9- 9) الأمّ 2:117،حلية العلماء 3:238،المهذّب للشيرازيّ 1:197،المجموع 8:340،مغني المحتاج 1:467،السراج الوهّاج:153،المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.
10- 10) المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201،الكافي لابن قدامة 1:519،الإنصاف 3:411. [4]

و قال الحسن،و النخعيّ،و إسحاق،و ابن المنذر (1)،و أصحاب الرأي (2)، و أحمد في رواية:إنّ المحرم شرط في الوجوب.

و عن أحمد رواية ثالثة أنّه شرط في الأداء،لا الوجوب (3).

لنا:قوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (4)و هو يتناول الرجال و النساء على حدّ واحد،فلا يعتبر فيهنّ زيادة على الرجال.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسّر الاستطاعة بالزاد و الراحلة (5).

و قال لعديّ بن حاتم:«يوشك أن تخرج الظعينة (6)من الحيرة تؤمّ البيت لا جوار معها لا تخاف إلاّ اللّه» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تحجّ بغير وليّ،قال:«لا بأس» (8).

ص:109


1- 1المغني 3:192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:110 و 163،تحفة الفقهاء 1:387،بدائع الصنائع 2:123،الهداية للمرغينانيّ 1:135،شرح فتح القدير 2:330،مجمع الأنهر 1:262.
3- 3) المغني 3:192، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:200، [2]الكافي لابن قدامة 1:519، [3]الإنصاف 3:411، [4]زاد المستقنع:30.
4- 4) آل عمران(3):97. [5]
5- 5) سنن الترمذيّ 3:117 الحديث 813،سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896.
6- 6) أصل الظعينة،الراحلة التي يرحل و يظعن عليها،أي:يسار،و قيل للمرأة:ظعينة؛لإنّها تظعن مع الزوج: حيثما ظعن،أو لأنّها تحمل على الراحلة إذا ظعنت.النهاية لابن الأثير 3:157. [6]
7- 7) صحيح البخاريّ 4:240،مسند أحمد 4:257، [7]سنن الدارقطنيّ 2:221 الحديث 27 بتفاوت فيه، المعجم الكبير للطبرانيّ 17:77 الحديث 169 و ص 94 الحديث 223.أسد الغابة 3:393، [8]المغني 3: 192،الشرح الكبير بهامش المغني 3:201.و في هامش التذكرة 7:83 [9] عن نسخة:قلت:هذا إخبار منه صلوات اللّه عليه بالمغيبات كما هو جاري عادته؛لأنّ الحيرة لم تفتح في أيّام حياته،بل بعد انتقاله إلى اللّه،و هذا إيماء إلى زمان القائم عليه السّلام.
8- 8) التهذيب 5:401 الحديث 1396،الوسائل 8:109 الباب 58 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [10]

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المرأة تحجّ بغير محرم،فقال:«إذا كانت مأمونة و لم تقدر على محرم،فلا بأس بذلك» (1).

و في الصحيح،عن صفوان الجمّال،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قد عرفتني و تعلمني (2)تأتيني المرأة أعرفها بإسلامها و حبّها إيّاكم و ولايتها لكم ليس لها محرم،قال:«إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها،فإنّ المؤمن محرم المؤمنة»ثمّ تلا هذه الآية: وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ 3 (3).

و لأنّه سفر واجب،فلم يشترط (4)له المحرم،كالمسلمة إذا تخلّصت من أيدي الكفّار.

احتجّ المخالف (5):بما رواه أبو هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا يحلّ للمرأة تؤمن باللّه و اليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلاّ و معها ذو محرم (6).

ص:110


1- 1الرواية الواردة مرويّة عن عبد الرحمن بن الحجّاج،ينظر:التهذيب 5:401 الحديث 1394،الوسائل 8:109 الباب 58 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6.و [1]رواية أبي بصير اللفظ فيها هكذا:سألته عن المرأة تحجّ بغير وليّها؟قال:«نعم،إذا كانت مأمونة تحجّ مع أخيها المسلم»ينظر:التهذيب 5:400 الحديث 1393،الوسائل 8:109 الباب 58 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [2]
2- 2) في الفقيه و الوسائل: [3]بعملي،و في التهذيب:بعمل،مكان:و تعلمني.
3- 4) الفقيه 2:268 الحديث 1310،التهذيب 5:401 الحديث 1395 بتفاوت فيه،الوسائل 8:108 الباب 58 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [4]
4- 5) ع:فلا يشرط.
5- 6) المغني 3:193،الشرح الكبير بهامش المغني 3:202،المبسوط للسرخسيّ 4:111،بدائع الصنائع 2: 123.
6- 7) صحيح البخاريّ 2:54،صحيح مسلم 2:977 الحديث 1339،سنن أبي داود 2:140 الحديث 1723، [5]سنن ابن ماجة 2:968 الحديث 2899،مسند أحمد 2:340، [6]سنن البيهقيّ 3:139 و ج 5: 227،كنز العمّال 6:723 الحديث 17581.

و عن ابن عبّاس قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لا يخلو (1)رجل بامرأة إلاّ و معها ذو محرم،و لا تسافر امرأة إلاّ و معها ذو محرم»فقام (2)رجل فقال:يا رسول اللّه إنّي اكتتبت (3)في غزوة كذا و انطلقت امرأتي حاجّة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«انطلق فأحجّ مع امرأتك» (4).

و لأنّها أنشأت سفرا في دار الإسلام،فلم يجز بغير محرم،كحجّ التطوّع.

و الجواب عن أحاديثهم:أنّها تدلّ على النهي،فكما (5)تتناول صورة النزاع، تتناول حجّ التطوّع،أو مع غير النفقة و خوفها على نفسها،أو لا تكون مأمونة، فتحمل على هذه؛جمعا بين الأدلّة.

و عن القياس:بالفرق،فإنّ حجّ التطوّع يشترط فيه الإذن،بخلاف الفرض.

فروع:
الأوّل:لو لم تجد الثقة و خافت من المرافق،اشترط المحرم؛

لأنّه في محلّ الضرورة،فأشبهت الحاجة إلى الراحلة.

الثاني:المحرم:زوجها أو من تحرم عليه على التأييد،

كالأب و الابن و الأخ و العمّ و الجدّ نسبا و رضاعا،و زوج أمّها و ابنتها.

الثالث:من تحرم عليه في حال دون أخرى،كزوج الأخت و العبد،

ص:111


1- 1في بعض المصادر:«لا يخلونّ».
2- 2) كثير من النسخ:و قام.
3- 3) ق،خا و ج:كنت.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:24،صحيح مسلم 2:978 الحديث 1341،سنن ابن ماجة 2:968 الحديث 2900 فيه ذيل الحديث،مسند أحمد 1:222 و 346، [1]سنن البيهقيّ 3:139 فيه صدر الحديث و ج 5:226،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:335،336 الحديث 12202-12205.
5- 5) ج و ق:و كما.

ليس بمحرم.

و قال الشافعيّ:العبد محرم،لأنّه يباح له النظر إليها،فكان محرما (1).و ليس بمعتمد؛لأنّه غير مأمون عليها،و لا تحرم عليه على التأبيد،فهو كالأجنبيّ،و نمنع إباحة نظره إليها؛عملا بالآية (2).

الرابع:لو كان الأب يهوديّا أو نصرانيّا فالوجه أنّه محرم.

و به قال أبو حنيفة (3)، و الشافعيّ (4).

و قال أحمد:ليس بمحرم (5).

لنا:أنّها محرّمة عليه على التأبيد،فكان محرما كالمسلم.

احتجّ:بأنّ إثبات المحرميّة يقتضي الخلوة بها،فيجب أن لا يثبت للكافر على المسلم،كالحضانة.

و جوابه:المراد من المحرم هنا وثوقها به و تحفّظها من فعل الفاحشة، و هو حاصل هنا.

الخامس:ينبغي أن يقال في المجوسيّ:إنّه ليس بمحرم؛فإنّه لا يؤمن عليها

و يعتقد حلّها.

و هل يشترط أن يكون بالغا عاقلا؟الوجه اشتراطه؛لأنّ المجنون لا يحصّل (6)

ص:112


1- 1لم نعثر بعين هذه المسألة في كتب الشافعيّ،و لكن قال بحرمة نكاح العبد مع سيّدته،ينظر:حلية العلماء 6:394،المجموع 16:240،مغني المحتاج 3:183،السراج الوهّاج:375،المغني 3:194،الشرح الكبير بهامش المغني 3:204.
2- 2) النور(24):30.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:111،بدائع الصنائع 2:124،الهداية للمرغينانيّ 1:135،شرح فتح القدير 2:332،مجمع الأنهر 1:262،المغني 3:194،الشرح الكبير بهامش المغني 3:205.
4- 4) المغني 3:194،الشرح الكبير بهامش المغني 3:205.
5- 5) المغني 3:194،الشرح الكبير بهامش المغني 3:205،الإنصاف 3:414. [1]
6- 6) و المراد أنّ المقصود بالمحرم حفظ المرأة،و لا يحصل إلاّ من البالغ العاقل.

و لا يمكنه مراعاتها،و كذا الطفل؛لأنّه (1)لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع امرأة.

السادس:نفقة المحرم في محلّ الحاجة إليه عليها،لأنّه من سبيلها مع حاجتها،

فكان عليها نفقته،كالراحلة،فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زادا و راحلة لها و لمحرمها،فإن امتنع محرمها من الحجّ معها مع بذلها له النفقة،فهي كمن لا محرم لها؛لأنّه لا يمكنها الحجّ بغير محرم؛لأنّا نبحث على هذا التقدير.

السابع:لو احتاجت إلى المحرم،لعدم الثقة و الحاجة إلى الرفيق،

فالوجه أنّه لا يجب عليه إجابتها؛لأنّ في الحجّ مشقّة عظيمة و كلفة شديدة،فلا يلزمه تكلّفها، كما لا يلزمه أن يحجّ عنها إذا كانت مريضة.

الثامن:لو سافرت مع محرم،فمات في الطريق،مضت في حجّتها ؛

(2)

لأنّها لا بدّ لها من السفر بغير محرم فمضيّها إلى قضاء حجّها أولى من رجوعها.

مسألة:و ليس إذن الزوج معتبرا في الواجب،فلها أن تخرج في قضاء حجّة

الإسلام،

و المنذورة إذا أذن لها في النذر،أو تعلّق النذر بها قبل التزويج،سواء أذن أو لم يأذن،و لو منعها لم يجز له ذلك،و لها المبادرة إلى ذلك مع استكمال الشرائط.

و به قال النخعيّ و إسحاق (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور (5)،و أصحاب الرأي (6).

و قال الشافعيّ:له منعها من الواجب (7).

ص:113


1- 1ج،ق و خا:فإنّه.
2- 2) ج و ع:حجّها.
3- 3) المغني 3:195،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176.
4- 4) المغني 3:195،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176،الكافي لابن قدامة 1:519،الإنصاف 3:399.
5- 5) المغني 3:194،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:112،تحفة الفقهاء 1:388،بدائع الصنائع 2:124،الهداية للمرغينانيّ 1: 135، [1]شرح فتح القدير 2:331،مجمع الأنهر 1:263.
7- 7) حلية العلماء 3:360،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:326،مغني المحتاج 1:536، السراج الوهّاج:172،المغني 3:195.

لنا:قوله عليه السّلام:«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (1).

و قوله عليه السّلام:«لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:قال:سألته عن امرأة لها زوج و هي صرورة و لا يأذن لها في الحجّ،قال:«تحجّ و إن لم يأذن لها» (3).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن الصادق عليه السّلام،قال:

«تحجّ و إن رغم أنفه» (4).

و لأنّه فرض،فلم يكن له منعها منه،كصوم شهر رمضان و الصلوات الخمس.

احتجّ المخالف:بأنّ الحجّ واجب على التراخي،فكان له منعها؛لعدم التعيين عليها (5).

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

فروع:
الأوّل:ينبغي لها أن تستأذن الزوج،

فإن أذن لها،و إلاّ خرجت بغير إذنه.

الثاني:لا تحجّ التطوّع إلاّ بإذن الزوج،فإن أذن لها في الخروج خرجت و إلاّ

فلا،

و لا نعلم فيه خلافا،لأنّ حقّ الزوج واجب،فليس لها تفويته بما ليس بواجب.

ص:114


1- 1مسند أحمد 1:409 و ج 5:66، [1]كنز العمّال 5:792 الحديث 14401 و ص 797 الحديث 14413، المعجم الكبير للطبرانيّ 18:170 الحديث 381،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:203.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:7،صحيح مسلم 1:327 الحديث 136،سنن أبي داود 1:155 الحديث 566، مسند أحمد 2:438، [2]سنن البيهقيّ 3:132،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:278 الحديث 13350.
3- 3) الفقيه 2:268 الحديث 1305،الوسائل 8:111 الباب 59 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 2:268 الحديث 1306،الوسائل 8:111 الباب 59 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [4]
5- 5) المغني 3:195،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:329،مغني المحتاج 1:536.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:سألته عن المرأة الموسرة قد حجّت حجّة الإسلام فتقول لزوجها:أحجّني مرّة أخرى،أله أن يمنعها؟قال:«نعم،يقول لها:حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ في ذا» (1).

الثالث:المعتدّة رجعيّة بحكم الزوجة؛لأنّ للزوج الرجوع في طلاقها،

و الاستمتاع بها،

و الحجّ يمنعه من حقّ الاستمتاع لو راجع،فيقف على إذنه.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«المطلّقة إن كانت صرورة،حجّت في عدّتها،و إن كانت حجّت،فلا تحجّ حتّى تقضي (2)عدّتها» (3).

و لها أن تخرج في حجّة الإسلام؛لأنّها بحكم الزوجة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام، قال:«المطلّقة تحجّ في عدّتها» (4).

أمّا التطوّع فلا؛لما تقدّم.و لما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تحجّ المطلّقة في عدّتها» (5).

و إنّما حملنا ذلك على التطوّع؛لرواية منصور و رواية محمّد بن مسلم؛جمعا بين الأحاديث.

ص:115


1- 1الفقيه 2:268 الحديث 1307،الوسائل 8:110 الباب 59 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) ع:تنقضي.
3- 3) التهذيب 5:402 الحديث 1399،الاستبصار 2:318 الحديث 1125،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:402 الحديث 1398،الاستبصار 2:317 الحديث 1124،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:401 الحديث 1396،الاستبصار 2:317 الحديث 1122،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [4]
الرابع:المعتدّة في البائن تخرج في الواجب و التطوّع،و لا يعتبر إذن الزوج؛

لأنّه قد انقطعت العصمة بينه و بينها،و لا سبيل له عليها،بل صار أجنبيّا،فلا اعتبار بإذنه،كالأجنبيّ.

الخامس:المعتدّة عدّة الوفاة يجوز لها أن تخرج في الواجب و التطوّع.

و قال أحمد:ليس لها ذلك (1).

لنا:أنّ العصمة انقطعت بالموت،فلا مانع.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التي يتوفّى عنها زوجها أ تحجّ في عدّتها؟فقال:«نعم» (2).

مسألة:هذه الشرائط التي ذكرناها،منها:ما هو شرط في الصحّة و الوجوب

و هو العقل؛

لعدم الوجوب على المجنون و عدم الصحّة منه.

و منها:ما هو شرط في الصحّة دون الوجوب و هو الإسلام على ما ذهبنا إليه من وجوب الحجّ على الكافر (3).

و منها:ما هو شرط في الوجوب دون الصحّة و هو البلوغ،و الحرّيّة، و الاستطاعة،و إمكان المسير؛لأنّ الصبيّ و المملوك،و من ليس معه (4)زاد و لا راحلة و ليس بمخلّى السرب،و لا يمكنه المسير لو تكلّفوا الحجّ لصحّ منهم و إن لم يكن واجبا عليهم و لا يجزئهم عن حجّة الإسلام على ما تقدّم (5).

إذا عرفت هذا:فمن استجمع الشرائط،كان المشي أفضل له من الركوب مع المكنة و عدم الضعف و إمكان أداء الفرائض على الكمال،و لو أوجب ضعفا عن

ص:116


1- 1المغني 3:196،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177،الكافي لابن قدامة 1:520.
2- 2) الفقيه 2:269 الحديث 1312،الوسائل 8:113 الباب 61 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
3- 3) يراجع:ص 104،105.
4- 4) ج:له،مكان:معه.
5- 5) يراجع:ص 53،54،58،62،74،99.

الفرائض و استيفاء شرائطها و كيفيّاتها على الكمال،كان الركوب أفضل.و على هذا التفصيل ما تخرج الأخبار المختلفة في الأفضليّة (1).

و لو لم يملك الاستطاعة و خرج ماشيا أو متسكّعا و حجّ،كان له في ذلك فضل كثير،و وجب عليه الإعادة عند استجماع الشرائط؛لأنّ ما حجّه لم يكن واجبا عليه و إنّما تبرّع به.

و لو نذر أن يحجّ ماشيا،وجب عليه الوفاء به؛لأنّه نذر في طاعة فانعقد، و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

ص:117


1- 1الوسائل 8:57 الباب 33 من أبواب وجوب الحجّ.
الفصل الثاني
اشارة

في أنواع الحجّ

و فيه مباحث:

الأوّل:
اشارة

الحجّ على ثلاثة أضرب:

تمتّع،و قرآن،و إفراد بلا خلاف؛لأنّ العمرة إن تقدّمت على الحجّ،كان تمتّعا، و إن تأخّرت،فإن انضمّ إليه سياق فهو قران،و إلاّ فإفراد.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الحجّ على ثلاثة أصناف:حجّ مفرد،و قران،و تمتّع بالعمرة إلى الحجّ،و بها أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الفضل فيها و لا نأمر (1)الناس إلاّ بها» (2).

و في الصحيح،عن منصور الصيقل قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الحجّ عندنا على ثلاثة أوجه:حاجّ متمتّع،و حاجّ مفرد سائق الهدي،و حاجّ مفرد للحجّ» (3).

ص:118


1- 1ع:«و لا يؤمر».
2- 2) التهذيب 5:24 الحديث 72،الاستبصار 2:153 الحديث 504،الوسائل 8:148 الباب 1 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:24 الحديث 73،الاستبصار 2:153 الحديث 505،الوسائل 8:149 الباب 1 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [2]

إذا عرفت هذا:فالتمتّع عندنا أن يقدّم العمرة على الحجّ ثمّ يأتي بالحجّ بعد فراغه من العمرة في أشهر الحجّ،و الإفراد أن يأتي بالحجّ أوّلا ثمّ يعتمر عمرة مفردة،و القران أن يفعل ما يفعله المفرد إلاّ أنّه يسوق الهدي.

و الجمهور قالوا:التمتّع أن يقدّم العمرة،و المفرد أن يؤخّرها في الإحرام، و القارن أن يجمعهما في إحرام واحد (1)،و سيأتي بطلان ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:صورة التمتّع أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ،

ثمّ يدخل مكّة فيطوف سبعة أشواط بالبيت و يصلّي ركعتيه بالمقام،ثمّ يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط،ثمّ يقصّر،و قد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه،ثمّ ينشئ إحراما للحجّ من مكّة يوم التروية-و هو الثامن من ذي الحجّة-مستحبّا،و إلاّ فالواجب ما يعلم أنّه يدرك الوقوف معه،ثمّ يمضي إلى عرفات،فيقف بها إلى الغروب،ثمّ يفيض إلى المشعر الحرام فيقف به بعد طلوع الفجر،ثمّ يفيض إلى منى فيحلق بها (2)يوم النحر و يذبح هديه و يرمي جمرة العقبة،ثمّ يأتي مكّة ليومه إن شاء،و إلاّ فمن غده،فيطوف طواف الحجّ و يصلّي ركعتيه،و يسعى سعي الحجّ، و يطوف طواف النساء،و يصلّي ركعتيه،ثمّ يعود إلى منى فيرمي ما تخلّف عليه من الجمار الثلاث يوم الحادي عشر،و الثاني عشر،و الثالث عشر،و إن شاء أقام بمنى حتّى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر و الثاني عشر،ثمّ إن اتّقى جاز له أن ينفر بعد الزوال إلى مكّة للطوافين و السعي،و إلاّ أقام إلى الثالث عشر.

و صورة الإفراد:أن يحرم من الميقات أو من حيث يصحّ له الإحرام منه بالحجّ، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها،ثمّ يمضي إلى المشعر فيقف به،ثمّ يأتي منى

ص:119


1- 1المغني 3:238،المهذّب للشيرازيّ 1:201،الهداية للمرغينانيّ 1:154،156،بداية المجتهد 1: 345،348.
2- 2) ع،خا و ق:منها.

فيقضي مناسكه بها،ثمّ يطوف بالبيت و يصلّي ركعتيه و يسعى بين الصفا و المروة و يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه،ثمّ يأتي بعمرة مفردة بعد الحجّ و الإحلال منه يأتي بها من أدنى الحلّ.

و صورة القران كذلك،إلاّ أنّه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي.

هذه صورة الأنواع الثلاثة على مذهب الإماميّة،و أنا إن شاء اللّه أبيّن (1)فصلا فصلا،و أنظم لكلّ فرض بحثا،و أذكر فيه مسائله المشتملة عليه،و أسوق الأبحاث على هذا النهج،و أذكر الخلاف في كلّ مسألة مسألة و الأدلّة من المخالف و الموافق،كما هو عادتنا في هذا الكتاب،بعون اللّه تعالى.

و نقدّم على ذلك ما يجب في هذا البحث ذكره من المسائل:

مسألة:قال علماؤنا أجمع:فرض اللّه على المكلّفين ممّن نأى عن المسجد

الحرام-و ليس من حاضريه-التمتّع مع الاختيار

لا يجزئهم غيره.و هو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السّلام.

و أطبق الجمهور كافّة على جواز النسك بأيّ الأنواع الثلاثة شاء،و اختلفوا في الأفضل:فقال الحسن،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و جابر بن زيد،و عكرمة:

التمتّع أفضل (2).و هو أحد قولي الشافعيّ (3)،و إحدى الروايتين عن أحمد (4).

و هو قول أصحاب الحديث (5).

ص:120


1- 1ع:أبيّنها.
2- 2) المغني 3:238، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:239. [2]
3- 3) حلية العلماء 3:259،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 106،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146،مغني المحتاج 1:514،السراج الوهّاج:167.
4- 4) المغني 3:238،الشرح الكبير بهامش المغني 3:239،الكافي لابن قدامة 1:534،الإنصاف 3:434، [3]المجموع 7:152،بداية المجتهد 1:336،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:251.
5- 5) هم:أهل الحجاز،أصحاب مالك بن أنس و أصحاب محمّد بن إدريس الشافعيّ و أصحاب سفيان الثوريّ و أصحاب داود بن عليّ بن محمّد الأصفهانيّ.الملل و النحل للشهرستانيّ 1:187.

و قال الثوريّ (1)،و أصحاب الرأي:القران أفضل (2).و ذهب مالك (3)،و أبو ثور إلى اختيار الإفراد (4).و هو ظاهر مذهب الشافعيّ (5).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إلى قوله: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (6).و هذا يدلّ على أنّه فرضهم،فلا يجزئهم غيره.

و أيضا قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (7)و أمره تعالى يدلّ على الوجوب و الفور،فإمّا أن يأتي بهما على الفور،بأن يبدأ بالحجّ و يثنّي بالعمرة و لم يقل به أحد؛إذ لم يوجب أحد تعقيب الحجّ بالعمرة بلا فصل (8)،و إمّا بأن يجمع بينهما في إحرام واحد،و هو غير جائز على ما يأتي،كما لا يجوز الجمع بين إحرام حجّتين و عمرتين،فلم يبق إلاّ تقديم العمرة و تعقيبها بالحجّ بلا فصل،و هو التمتّع.

و ما رواه الجمهور عن جابر قال:أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إحراما مطلقا،فلمّا دخل مكّة وقف بين الصفا و المروة ينتظر القضاء،فنزل عليه القضاء بأنّ

ص:121


1- 1المغني 3:238، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:239، [2]المجموع 7:152،عمدة القارئ 9:184، شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:251.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:25،تحفة الفقهاء 1:413،الهداية للمرغينانيّ 1:153،شرح فتح القدير 2: 409،مجمع الأنهر 1:287،عمدة القارئ 9:184.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:360،بداية المجتهد 1:335،مقدّمات ابن رشد:301،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:251.
4- 4) المغني 3:239،الشرح الكبير بهامش المغني 3:240،المجموع 7:152، [3]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:251.
5- 5) حلية العلماء 3:259،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:151، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 107، [5]مغني المحتاج 1:514،السراج الوهّاج:167،التفسير الكبير 5:142، [6]المغني 3:239.
6- 6) البقرة(2):196. [7]
7- 7) البقرة(2):196. [8]
8- 8) ح:فلا فضل.

من ساق الهدي أهلّ بحجّ،و من لم يسق الهدي أهلّ بعمرة (1).و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ساق الهدي،و أبو طلحة،و لم يسق غيرهما،فأمرهم بأن يحلّوا و يجعلوها عمرة (2).

و قال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي و لجعلتها عمرة» (3).و هذا أمر لمن كان معه ممّن دخل مكّة،و الأمر على الوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد،عن آبائه عليهم السّلام،قال:«لمّا فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سعيه،أتاه جبرئيل عليه السّلام عند فراغه من السعي و هو على المروة،فقال:إنّ اللّه يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي، فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الناس بوجهه،فقال:أيّها (4)الناس هذا جبرئيل عليه السّلام-و أشار بيده إلى خلفه-يأمرني عن اللّه أن آمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي،فأمرهم بما أمر اللّه به،فقام إليه رجل فقال:يا رسول اللّه نخرج إلى منى و رءوسنا تقطر من النساء؟و قال آخرون:يأمرنا بشيء و يصنع هو غيره، فقال:أيّها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس، و لكنّي سقت الهدي فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه،فقصّر الناس و أحلّوا و جعلوها عمرة،فقام إليه سراقة بن مالك بن الجعشم المدلجيّ (5)و قال:يا

ص:122


1- 1بهذا اللفظ،روي عن طاوس،ينظر:سنن البيهقيّ 4:339 و ج 5:6،الأمّ 2:127،و بهذا المضمون عن جابر،ينظر:صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:882 الحديث 1213.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:18.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:143،سنن الدارميّ 2:46، [1]مسند أحمد 3:320، [2]سنن البيهقيّ 5:7،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6570.في جميع المصادر:«لم أسق الهدي».
4- 4) ح:يا أيّها،كما في التهذيب.
5- 5) سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو المدلجيّ يكنّى أبا سفيان،من مشاهير الصحابة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه جابر بن عبد اللّه و ابن عبّاس و عبد اللّه بن عمرو بن العاص و سعيد بن المسيّب و طاوس و عطاء.مات سنة 24 ه.أسد الغابة 2:264، [3]الإصابة 2:19، [4]تهذيب التهذيب 3:456، [5]العبر 1:20. [6]

رسول اللّه هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟فقال:لا،بل للأبد إلى يوم القيامة، و شبّك بين أصابعه،و أنزل اللّه في ذلك قرآنا: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1)» (2).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة؛لأنّ اللّه تعالى يقول: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (3)فليس لأحد إلاّ أن يتمتّع؛لأنّ اللّه أنزل ذلك في كتابه و جرت به (4)السنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الحجّ، فقال:«تمتّع»ثمّ قال:«إنّا إذا وقفنا بين يدي اللّه تعالى قلنا:يا ربّنا أخذنا بكتابك، و قال الناس:رأينا رأينا،و يفعل اللّه بنا و بهم ما أراد» (6).

و عن محمّد بن الفضل الهاشميّ قال:دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلنا له:إنّا نريد الحجّ فبعضنا صرورة،فقال:«عليك (7)بالتمتّع»ثمّ

ص:123


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:25 الحديث 74،الوسائل 8:150 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4 [2] بتفاوت.
3- 3) البقرة(2):196. [3]
4- 4) ج،ع،ق و خا:بها.
5- 5) التهذيب 5:25 الحديث 75،الاستبصار 2:150 الحديث 493،الوسائل 8:172 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [4]
6- 6) التهذيب 5:26 الحديث 76،الاستبصار 2:150 الحديث 494،الوسائل 8:172 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [5]
7- 7) في التهذيب:عليكم.

قال:«إنّا لا نتّقي أحدا في التمتّع بالعمرة إلى الحجّ،و اجتناب المسكر،و المسح على الخفّين»معناه:إنّا لا نمسح (1).

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لي:«يا أبا محمّد،كان عندي رهط من أهل البصرة فسألوني عن الحجّ،فأخبرتهم بما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بما أمر به،فقالوا لي:إنّ عمر قد أفرد الحجّ،فقلت لهم:«إنّ هذا رأي رآه عمر،و ليس رأي عمر كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ما نعلم حجّا للّه غير المتعة،إنّا إذا لقينا ربّنا قلنا:ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك،و يقول القوم:عملنا برأينا،فيجعلنا اللّه و إيّاهم حيث يشاء» (3).

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من حجّ فليتمتّع،إنّا لا نعدل بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله» (4).

و عن صفوان الجمّال،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من لم يكن معه هدي، و أفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين اللّه» (5).

و الأخبار كثيرة متواترة معلومة من مذهب الأئمّة عليهم السّلام وجوب التمتّع،

ص:124


1- 1التهذيب 5:26 الحديث 77،الاستبصار 2:151 الحديث 495،الوسائل 8:173 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:26 الحديث 78،الاستبصار 2:151 الحديث 496،الوسائل 8:173 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 5:27 الحديث 81،الاستبصار 2:152 الحديث 499،الوسائل 8:175 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13. [3]
4- 4) التهذيب 5:27 الحديث 82،الاستبصار 2:152 الحديث 500،الوسائل 8:175 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 14. [4]
5- 5) التهذيب 5:27 الحديث 83،الاستبصار 2:152 الحديث 501،الوسائل 8:175 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 15. [5]

و أنّه المفروض على كلّ من ليس من حاضري المسجد الحرام (1).

و إذا ثبت أنّ فرضهم التمتّع لم يجزئهم سواه؛لإخلالهم بما فرض (2)عليهم، فلا يخرجون عن العهدة بفعل غيره هذا في حال الاختيار و إن كان مجزئا في حال الضرورة للحاجة،على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

و لأنّ الحجّ و العمرة فرضان،فالإتيان بهما في أشهر الحجّ أولى،و كان هو الواجب.

احتجّوا:بأنّ عمر نهى عن هذه المتعة و متعة النساء (3).

و الجواب:فعل عمر ليس حجّة،مع معارضته للكتاب العزيز و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السّلام،و لو تجرّد عن هذه المعارضات لم يكن حجّة،فكيف و قد انضمّ إليه هذه الحجج.

مسألة:و فرض أهل مكّة و حاضريها الإفراد أو القران؛

لقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (4)و التخصيص يقطع الشركة.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه الحلبيّ و سليمان بن خالد و أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس لأهل مكّة،و لا لأهل مرّ (5)، و لا لأهل سرف (6)متعة،و ذلك لقول اللّه تعالى عزّ و جلّ: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (7)» (8).

ص:125


1- 1يراجع:الوسائل 8:171 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ.
2- 2) ج بزيادة:اللّه.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:27،المجموع 7:151، [1]بداية المجتهد 1:333.
4- 4) البقرة(2):196. [2]
5- 5) مرّ-وزان:فلس-:موضع بقرب مكّة من جهة الشام نحو مرحلة.المصباح المنير:568.
6- 6) سرف-مثال:تعب-:موضع قريب من التنعيم.المصباح المنير:274. [3]
7- 7) البقرة(2):196. [4]
8- 8) التهذيب 5:32 الحديث 96،الاستبصار 2:157 الحديث 514،الوسائل 8:186 الباب 6 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [5]

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:«لا يصلح لأهل مكّة أن يتمتّعوا؛لقول اللّه عزّ و جلّ: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1)» (2).

إذا عرفت هذا:فلو عدل هؤلاء عن فرضهم إلى التمتّع،ففي الإجزاء قولان للشيخ:

أحدهما:أنّه يجزئه و لا دم عليه (3).و به قال الشافعيّ (4)،و مالك (5).

و الثاني:عدم الإجزاء (6).و به قال أبو حنيفة (7).

احتجّ الشيخ على الأوّل:بأنّ المتمتّع أتى بصورة الإفراد و زيادة غير منافية (8).

و على القول الآخر:بما رواه ابن عمر قال:ليس لأهل مكّة تمتّع و لا قران (9).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في الحديثين السابقين،و هو الأقوى عندي؛عملا بالحديثين و بغيرهما من الأخبار الواردة في هذا المعنى.

و نمنع احتجاج الشيخ الأوّل من أنّه أتى بصورة الإفراد؛لأنّه أخلّ بالإحرام

ص:126


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:32 الحديث 97،الاستبصار 2:157 الحديث 515،الوسائل 8:186 الباب 6 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) قال بالإجزاء في المبسوط 1:306،307،و [3]الخلاف 1:423 مسألة-42.
4- 4) حلية العلماء 3:267،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:169،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 164.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:376،بداية المجتهد 1:332،تفسير القرطبيّ 2:392، [4]حلية العلماء 3:267.
6- 6) ينظر:الاقتصاد:444،النهاية:206، [5]التهذيب 5:32.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 1:358، [6]المبسوط للسرخسيّ 4:169،تحفة الفقهاء 1:412،بدائع الصنائع 2:169،الهداية للمرغينانيّ 1:157،شرح فتح القدير 2:424،عمدة القارئ 9:205.
8- 8) المبسوط 1:306.
9- 9) لم نعثر عليه بهذا اللفظ،نعم روى الجصّاص عن ابن عمر أنّه قال:إنّما التمتّع رخصة لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.أحكام القرآن للجصّاص 1:358. [7]

للحجّ من ميقاته و أوقع مكانه العمرة،مع أنّه غير مأمور بها،فلا يكون ما أتاه مجزئا.

مسألة:و اختلف علماؤنا في حدّ حاضري المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم،

فقال الشيخ في المبسوط و الجمل:من كان بين منزله و بين المسجد الحرام اثنا عشر ميلا من كلّ جانب (1).و نحوه قال ابن عبّاس؛لأنّه قال:حاضري المسجد الحرام:

أهل الحرم خاصّة.و به قال مجاهد،و الثوريّ (2).

و قال الشيخ في النهاية:حدّ حاضري المسجد الحرام من كان من أهل مكّة، أو يكون بينه و بينها ثمانية و أربعون ميلا من كلّ جانب (3).و به قال الشافعيّ (4)، و أحمد بن حنبل (5)،لأنّه مسافة القصر.

و قال مالك:حاضر و المسجد الحرام أهل مكّة خاصّة (6).

و قال أبو حنيفة:من كان دون الميقات إلى الحرم (7).

و قال ابن إدريس:من كان بينه و بين المسجد الحرام ثمانية و أربعون ميلا من أربعة جوانب البيت من كلّ جانب اثنا عشر ميلا وجب عليه التمتّع،و من كان بينه

ص:127


1- 1المبسوط 1:306، [1]الجمل و العقود:129.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 1:360، [2]تفسير الطبريّ 2:255، [3]تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس:22، تفسير الدرّ المنثور 1:217، [4]حلية العلماء 3:262،المغني 3:504،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 249،المجموع 7:182، [5]بداية المجتهد 1:333،عمدة القارئ 9:205.
3- 3) النهاية:206. [6]
4- 4) حلية العلماء 3:262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:182،الميزان الكبرى 2:37،إرشاد الساري 3:137،مغني المحتاج 1:515،السراج الوهّاج:167.
5- 5) المغني 3:504،الشرح الكبير بهامش المغني 3:249،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:440. [7]
6- 6) بداية المجتهد 1:332،تفسير القرطبيّ 2:404، [8]أحكام القرآن للجصّاص 1:360، [9]حلية العلماء 3: 262،المغني 3:504،الشرح الكبير بهامش المغني 3:249،المجموع 7:182.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 1:360، [10]المبسوط للسرخسيّ 4:169،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:169،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2:430،عمدة القارئ 9:205.

و بين المسجد الحرام أقلّ من اثني عشر ميلا من أربعة جوانبه ففرضه القران أو الإفراد مخيّرا في ذلك (1).و الأقوى قول الشيخ في النهاية،و هو اختيار ابن بابويه (2).

لنا:أنّ تحديد الشيخ دون مسافة القصر،فلا يخرج من كان بينه و بين المسجد هذا الحدّ عن الحضور،و لأنّ الحضور هو القرب،يقال:حضر فلان فلانا إذا قرب منه و دنا إليه،و من كان بينه و بين المسجد دون المسافة فهو قريب منه،لأنّه بمنزلة الحاضر.

و أمّا التحديد الذي اخترناه،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قلت له (3):قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه:

ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (4).قال:«يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة،كلّ من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا ذات عرق (5)و عسفان (6)كما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية،و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة» (7).

و قد روى الشيخ عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:في حاضري المسجد الحرام،قال:«ما دون المواقيت إلى مكّة فهو من حاضري المسجد الحرام،

ص:128


1- 1السرائر:121.
2- 2) المقنع:67.
3- 3) في المصادر:لأبي جعفر عليه السّلام.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
5- 5) ذات عرق:ميقات أهل العراق،و هو عن مكّة نحو مرحلتين،و يقال:هو من نجد الحجاز.المصباح المنير:405. [2]
6- 6) عسفان:موضع بين مكّة و المدينة،المصباح المنير:409.
7- 7) التهذيب 5:33 الحديث 98،الاستبصار 2:157 الحديث 516،الوسائل 8:187 الباب 6 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [3]

و ليس لهم متعة» (1).

و معلوم أنّ هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلا.و لأنّ إبطال القول الأوّل يستلزم صحّة ما ذهبنا إليه.

احتجّ الشيخ:بقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (2).

و المراد به:الحرم،و حاضروه:من فيه.

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه موضع شرع فيه النسك،فكان أهله من حاضري المسجد الحرام،كالحرم (3).

و الجواب عن الأوّل:بمنع انحصار حاضريه بمن فيه؛لما تقدّم من الأحاديث.

و عن الثاني:أنّ ما اعتبرناه أولى من اعتبار النسك؛لوجود لفظ الحضور في الآية،و لأنّه يجعل البعيد من الحرم من حاضريه،و القريب من غير حاضريه؛لأنّ في المواقيت ما يقرب من الحرم و فيها ما يبعد،فمن هو وراء القريب هو أقرب ممّن هو في البعيد.

و قول ابن إدريس عجيب؛لأنّه يوهم تقسيط ما اعتبرناه على الجوانب.

و هو خطأ؛لأنّ الحديث يمنع منه.

إذا ثبت هذا:ففرض هؤلاء:الإفراد و القران،و لو حجّوا متمتّعين،لم يجزئهم، و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:يجزئهم (5).و ليس بشيء؛لقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ

ص:129


1- 1التهذيب 5:33 الحديث 99،الاستبصار 2:158 الحديث 517،الوسائل 8:187 الباب 6 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 1:360، [3]بدائع الصنائع 2:169،شرح فتح القدير 2:430.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 1:358،المبسوط للسرخسيّ 4:169،تحفة الفقهاء 1:412،بدائع الصنائع 2:169،الهداية للمرغينانيّ 1:157،شرح فتح القدير 2:424،عمدة القارئ 9:205.
5- 5) حلية العلماء 3:267،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:169، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 164، [5]إرشاد الساري 3:137.

(1)و الإشارة راجعة إلى جميع ما تقدّم،أو إلى التمتّع.

و قول الشافعيّ:إنّه يرجع إلى الهدي (2).ليس بجيّد؛لعدم التخصيص،و يدلّ عليه ما تقدّم من الأحاديث من طريق أهل البيت عليهم السّلام.

مسألة:قد بيّنّا أصناف الحجّ

(3)

و أنّها ثلاثة:

تمتّع:و هو أن يحرم بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ،ثمّ يحلّ منها و يأتي بالحجّ في عامه ذلك.

و إفراد:و هو أن يحرم بالحجّ،فإذا قضى مناسكه،أحرم بالعمرة المفردة.

و قران:و هو أن يفعل كأفعال المفرد،إلاّ أنّه يسوق الهدي في إحرامه،فبه يتميّز عن المفرد.

هذا اختيار علمائنا،إلاّ من ابن أبي عقيل،فإنّه جعل القارن:من قرن بين الحجّ و العمرة في إحرام واحد (4).و هو قول الجمهور كافّة.و اعتبر ابن أبي عقيل و الجمهور أيضا سياق الهدي.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل (5)بإسناده إلى أبي شيخ (6).قال:كنت في ملأ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند

ص:130


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) المجموع 4:169،التفسير الكبير 5:158،تفسير القرطبيّ 2:404.
3- 3) يراجع:ص 118. [2]
4- 4) نقله عنه في المختلف:259.
5- 5) عبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن حنبل بن أسد الشيبانيّ أبو عبد الرحمن البغداديّ،روى عن أبيه و إبراهيم بن الحجّاج السامي و أحمد بن منيع البغويّ و خلق كثير،و روى عنه النسائيّ و أبو بكر بن زياد و أبو بكر النجاد و أحمد بن كامل و المحامليّ.مات سنة 290 ه.تهذيب التهذيب 5:141، [3]العبر 1:418. [4]
6- 6) أبو شيخ الهنائيّ،قيل:اسمه:حيوان بن خالد،و قيل:خيوان،روى عن ابن عمر و معاوية،و روى عنه مولاه عبيد و قتادة،و يحيى بن أبي كثير.قيل:مات بعد المائة.تهذيب التهذيب 12:129. [5]

معاوية بن أبي سفيان،فناشدهم اللّه في أشياء،و كلّما قالوا:نعم،يقول:و أنا أشهد، ثمّ قال:أنشدكم اللّه أ تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن جمع بين حجّ و عمرة؟قالوا:أمّا هذه فلا،فقال:أما إنّها معهنّ-يعني مع المنهيّات-و لكنّكم نسيتم (1).و رواية معاوية و إن لم تكن حجّة عندنا و لكنّها حجّة عند الخصم،و نحن في مقام الإلزام.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في القارن:«لا يكون قران إلاّ بسياق الهدي،و عليه طواف بالبيت،و ركعتان عند مقام إبراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة، و طواف بعد الحجّ و هو طواف النساء» (2).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يكون القارن إلاّ بسياق الهدي» (3).

و في الصحيح عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«القارن الذي يسوق الهدي عليه طوافان بالبيت،و سعي واحد بين الصفا و المروة،و ينبغي له أن يشترط على ربّه إن لم تكن حجّة فعمرة» (4).

احتجّوا (5):بما رواه ابن عبّاس،عن عمر قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«أتاني آت من ربّي فقال:صلّ في هذا الوادي المبارك ركعتين و قل:

ص:131


1- 1مسند أحمد 4:92 و 99، [1]سنن البيهقيّ 5:19.
2- 2) التهذيب 5:41 الحديث 122،الوسائل 8:149 الباب 8 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1 و 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:42 الحديث 123،الوسائل 8:156 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 10. [3]في التهذيب:لا يكون القارن قارنا.
4- 4) التهذيب 5:43 الحديث 125،الوسائل 8:150 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [4]
5- 5) بدائع الصنائع 2:175،الهداية للمرغينانيّ 1:153،بداية المجتهد 1:335.

لبّيك بعمرة في حجّة» (1).

و لقوله عليه السّلام:«أهلّوا يا آل محمّد بعمرة في حجّ» (2).

و الجواب:منع الرواية،فإنّ الجمهور رووا عن عائشة (3)و جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أفرد بالحجّ (4).

و روى ابن عمر (5)،و ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الإفراد أيضا (6).

و سمّي قارنا؛لأنّه ساق الهدي مع إحرامه،فأفعاله أفعال المفرد و تميّز (7)عنه بالسياق،كما قلنا نحن،و لهذا قال عليه السّلام:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت،ما سقت الهدي و لجعلتها عمرة» (8).

و روى الجمهور عن جابر قال:حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم ساق البدن معه و قد أهلّوا بالحجّ مفردا،فقال لهم:«حلّوا من إحرامكم بطواف

ص:132


1- 1صحيح البخاريّ 2:167،سنن أبي داود 2:159 الحديث 1800، [1]سنن ابن ماجة 2:991 الحديث 2976،مسند أحمد 1:24، [2]سنن البيهقيّ 5:13 و 14.
2- 2) مسند أحمد 6:297 و 298، [3]سنن البيهقيّ 4:355،المعجم الكبير للطبرانيّ 23:341 الحديث 792، مجمع الزوائد 3:235.
3- 3) صحيح مسلم 2:875 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:152 الحديث 1777،سنن الترمذيّ 3:183 الحديث 820،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2965،سنن النسائيّ 5:145،سنن الدارميّ 2:35، الموطّأ 1:335 الحديث 37،38،سنن البيهقيّ 5:3.
4- 4) صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن أبي داود 2:154 الحديث 1785،سنن الترمذيّ 3:183 الحديث 820، [4]سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2966،سنن البيهقيّ 4:347.
5- 5) صحيح مسلم 2:904 الحديث 1231،سنن الترمذيّ 3:183 الحديث 820، [5]سنن البيهقيّ 5:4.
6- 6) صحيح مسلم 2:911 الحديث 1240،سنن البيهقيّ 5:4.
7- 7) خا و ق:و يميّز.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:143،سنن الدارميّ 2:46، [6]مسند أحمد 3:320، [7]سنن البيهقيّ 5:7،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6570.

البيت و سعي بين الصفا و المروة،ثمّ أقيموا حلالا حتّى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ،و اجعلوا التي قدمتم بها متعة»فقالوا:كيف نجعلها متعة و قد سمّينا الحجّ؟ فقال:«افعلوا ما أمرتكم به،فلولا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم [به] (1)» (2).

و في رواية أخرى:فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«قد علمتم أنّي أتقاكم للّه و أصدقكم و أبرّكم،و لو لا هديي لحللت كما تحلّون،و لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت»فحللنا و سمعنا و أطعنا (3).

و من طريق الخاصّة:روايات،منها:رواية ليث المراديّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في حجّة الوداع لأربع أو خمس مضين من ذي الحجّة مفردا للحجّ،و ساق مائة بدنة» (4).

و يحتمل أيضا أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حجّ متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ، و لبّى بعمرة في حجّ؛لأنّ العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ داخلة في الحجّ؛لما رواه الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم

ص:133


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:884 الحديث 1216،سنن البيهقيّ 4:356،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6571،جامع الأصول 3:469 الحديث 1413.
3- 3) صحيح البخاريّ 5:138،صحيح مسلم 2:883 الحديث 1216،مسند أحمد 3:317، [1]سنن البيهقيّ 5:19،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:124 الحديث 6574.
4- 4) لم نعثر على رواية بهذا المضمون من ليث المراديّ إلاّ في المعتبر 2:787،و [2]الموجود في المجاميع الروائيّة ما عن الحلبيّ،و فيها:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين حجّ حجّة الإسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة...»،ينظر:الكافي 4:248 الحديث 6، [3]الوسائل 8:157 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 14.و [4]هذا هو الصحيح المطابق لما روي في الوسائل 8:168 [5] عن إعلام الورى.و يطابق الواقع أيضا لعدم إمكان الوصول من المدينة إلى مكّة لو كان الخروج لأربع أو خمس مضين من ذي الحجّة. [6]

القيامة» (1).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ذي الحليفة مفردا و ساق الهدي ستّا و ستّين أو أربعا و ستّين،ثمّ أتى مكّة و طاف سبعة أشواط،ثمّ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السّلام،ثمّ قال:إنّ الصفا و المروة من شعائر اللّه ابدءوا بما بدأ اللّه به،فلمّا فرغ من سعيه قال:هذا جبرئيل عليه السّلام-و أومأ بيده إلى خلفه-يأمرني أن آمر من لم يسق الهدي أن يحلّ،فقال رجل:نخرج حجّاجا و رءوسنا تقطر؟فقال عليه السّلام:لو استقبلت من أمري ما استدبرت،لصنعت كما أمرتكم،و لكنّي سقت الهدي،و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه،فقال له سراقة:

أ لعامنا هذا أم للأبد؟فقال:بل للأبد إلى يوم القيامة،و شبّك بين أصابعه و قال:

دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة هكذا» (2).

و إذا كانت العمرة داخلة في الحجّ-على ما تضمّنته هذه الأحاديث و غيرها- أمكن أن يصرف قوله:«أحرم بعمرة في حجّ» (3)إلى ما ذكرناه.

و الذي يدلّ على أنّه عليه السّلام حجّ متمتّعا،ما رواه الجمهور عن ابن عمر و عائشة و جابر-من طرق صحاح عندهم-أنّه عليه السّلام حجّ متمتّعا (4).

و أيضا:فإنّ رواياتهم اختلفت،فتارة رووا أنّه عليه السّلام أفرد،و تارة أنّه

ص:134


1- 1الفقيه 2:204 الحديث 934،الوسائل 8:185 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 10. [1]
2- 2) الكافي 4:245 الحديث 4، [2]التهذيب 5:454 الحديث 1588،الوسائل 8:150 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4.
3- 3) لعلّ المراد بهذا قوله صلّى اللّه عليه و آله:«أهلّوا يا آل محمّد بعمرة في حجّ».
4- 4) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:872 الحديث 1211 عن عائشة،و ص 881 الحديث 1213 عن جابر،سنن النسائيّ 5:151 و 153 عن ابن عمر،سنن البيهقيّ 5:17،المغني 3:241.

تمتّع،و أخرى أنّه قرن (1)،و القضيّة واحدة،و الجمع ممتنع،فوجب إخراج الجميع.

و أيضا:روى الجمهور-في الصحيح-عن عمر أنّه قال:إنّي لأنهاكم عن المتعة،و إنّها لفي كتاب اللّه،و لقد صنعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه اختلف هو و عثمان في المتعة بعسفان،فقال عليّ عليه السّلام:«ما تريد إلى أمر فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تنهى عنه» (3).

و روى الثاني:أنّ عليّا عليه السّلام قال لعثمان:«أ لم تسمع أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تمتّع؟»قال:بلى (4).

و عن ابن عمر قال:تمتّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع بالعمرة إلى الحجّ (5).

و قال سعد بن أبي وقّاص:صنعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و صنعناها معه -يعني المتعة-و هذا يومئذ كافر بالعرش-يعني الذي نهى عنها-و العرش بيوت مكّة (6).

و عن عمران بن حصين قال:تمتّعنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نزل فيه القرآن و لم ينهنا عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينسخها بشيء،فقال فيها

ص:135


1- 1ينظر:المغني و الشرح الكبير 3:241.
2- 2) سنن النسائيّ 5:153،و أورده ابنا قدامة في المغني 3:245،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:244.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:897 الحديث 1223،مسند أحمد 1:136، [1]سنن البيهقيّ 5:22.
4- 4) سنن النسائيّ 5:152،مسند أحمد 1:60، [2]سنن الدار قطنيّ 2:287 الحديث 231.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:205،سنن النسائيّ 5:151،مسند أحمد 2:139، [3]سنن البيهقيّ 5:17.
6- 6) صحيح مسلم 2:898 الحديث 1225،سنن النسائيّ 5:152،الموطّأ 1:344 الحديث 60، [4]مسند أحمد 1:181، [5]سنن البيهقيّ 5:17،في هامش صحيح مسلم:العرش-بضمّ العين و الراء-و هي بيوت مكّة،و أمّا قوله:هذا،إشارة إلى معاوية بن أبي سفيان،و المراد:إنّا تمتّعنا و معاوية يومئذ كافر مقيم بمكّة.و هذا اختيار القاضي عياض و هو الصحيح المختار.صحيح مسلم 2:898.

رجل برأيه ما شاء (1).

و هذه الأخبار كما دلّت على ما أردناه،فقد دلّت على وجوب التمتّع و أنّه المفروض،و أنّ نهي عمر عن المتعة خطأ،و بهذا التأويل يؤوّل قوله عليه السّلام:

«أهلّوا يا آل محمّد بعمرة في حجّ» (2).

مسألة:لا يجوز إدخال الحجّ على العمرة و لا بالعكس،

مثل أن يكون محرما بعمرة مفردة فيحرم بالحجّ قبل قضاء مناسكها،أو يحرم بالحجّ ثمّ يدخل عليه العمرة.

و أجمع الجمهور على الأوّل،و اختلفوا في إدخال العمرة على الحجّ بعد عقد نيّة الإفراد،فقال أبو حنيفة بالجواز (3)،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في القول الآخر بالمنع (4).

لنا:أنّه عبادة شرعيّة،فتقف على إذن الشارع،و لم يثبت،و لأنّه إذا أحرم بنوع،لزمه إتمامه و إكمال أفعاله،فلا يجوز صرف إحرامه إلى غيره.

إذا عرفت هذا:فلو كان محرما بعمرة يتمتّع بها،فمنعه مانع من مرض أو حيض

ص:136


1- 1صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:898 الحديث 1226،مسند أحمد 4:428، [1]المعجم الكبير للطبرانيّ 18:117 الحديث 232-236. المراد بقوله:فقال رجل فيها برأيه:عمر،حيث أنّه نهى عن المتعة بالحجّ،و الدليل عليه ما رواه مسلم في صحيحه 2:898 الرقم 161 ارتأى رجل برأيه،يعني:عمر.
2- 2) مسند أحمد 6:297 و 298، [2]سنن البيهقيّ 4:355،المعجم الكبير للطبرانيّ 23:341 الحديث 792، مجمع الزوائد 3:235.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:25،تحفة الفقهاء 1:413،بدائع الصنائع 2:167،الهداية للمرغينانيّ 1: 154،شرح فتح القدير 2:408،مجمع الأنهر 1:287،عمدة القارئ 9:195.
4- 4) حلية العلماء 3:259،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:173،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 125،مغني المحتاج 1:514.

عن إتمامها،جاز نقلها إلى الإفراد اتّفاقا،كما فعلته عائشة (1).

و كذا لو كان محرما بحجّ مفرد و دخل مكّة،جاز أن ينقل إحرامه إلى التمتّع؛ لقوله عليه السّلام:«من لم يسق الهدي فليحلّ و ليجعلها عمرة» (2).و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:لا يجوز القران بين الحجّ و العمرة في إحرامه بنيّة واحدة على ما بيّنّاه.

قال الشيخ في الخلاف:و لو فعل،لم ينعقد إحرامه إلاّ بالحجّ،فإن أتى بأفعال الحجّ،لم يلزمه دم،و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يجعلها متعة،جاز ذلك و لزمه الدم (3).

و قال الشافعيّ (4)،و مالك (5)،و الأوزاعيّ:إذا أتى بأفعال الحجّ،لزمه دم (6).

و قال الشعبيّ،و طاوس و داود:لا يلزمه شيء (7).

لنا:أنّ وجوب الدم منفيّ بالأصل فلا يثبت إلاّ بدليل،أمّا إذا نوى المتمتّع فلزوم الدم ثابت بالإجماع.

و المتمتّع إذا أحرم من مكّة،لزمه الدم،و لو أحرم من الميقات،لم يسقط الدم.

ص:137


1- 1صحيح البخاريّ 2:174،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:152 الحديث 1778،سنن الترمذيّ 3:281 الحديث 945.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46،مسند أحمد 3:320،سنن البيهقيّ 5:7،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6569 و 6570.
3- 3) الخلاف 1:420 مسألة-30.
4- 4) الأمّ 2:133،حلية العلماء 3:260،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:190،مغني المحتاج 1: 517،السراج الوهّاج:167.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:378،بداية المجتهد 1:335،مقدّمات ابن رشد:295،بلغة السالك 1:272.
6- 6) تفسير القرطبيّ 2:392.
7- 7) حلية العلماء 3:260،المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،المجموع 7:191، المحلّى 7:167.

و قال الجمهور:يسقط.

لنا:أنّ الدم استقرّ بإحرام الحجّ،فلا يسقط بعد استقراره.و كذا لو أحرم المتمتّع من مكّة و مضى إلى الميقات ثمّ منه إلى عرفات.و قال الشيخ:يسقط (1).

مسألة:و لا يجوز نيّة حجّتين و لا عمرتين،و لو فعل،

قيل:تنعقد إحداهما و تلغو الأخرى (2).و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4).و قال أبو حنيفة:ينعقد بهما، و عليه قضاء إحداهما؛لأنّه أحرم بهما و لم يتمّهما (5).و ليس بجيّد؛لأنّهما عبادتان لا يلزمه المضيّ فيهما،فلا يصحّ الإحرام بهما،كالصلاتين.

و على هذا لو أفسد حجّه أو عمرته،لم يلزمه إلاّ قضاؤها إن قلنا بانعقاد أحدهما.

و عند أبي حنيفة:يلزمه قضاؤهما معا،بناء على صحّة إحرامه بهما (6).

مسألة:لو أراد التطوّع بالحجّ،فالتمتّع أفضل أنواعه،

ذهب إليه علماؤنا، و به قال عليّ عليه السّلام،و ابن عمر،و ابن عبّاس،و ابن الزبير،و عكرمة، و الحسن،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و جابر بن زيد (7)،و أحمد (8)،و الشافعيّ

ص:138


1- 1المبسوط 1:307. [1]
2- 2) ينظر:الخلاف 1:473 مسألة-235.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:370،بلغة السالك 1:271،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:261
4- 4) الأمّ 2:136،حلية العلماء 3:278،المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:231،فتح العزيز بهامش المجموع 7:203،مغني المحتاج 1:476.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:177،بدائع الصنائع 2:170،الهداية للمرغينانيّ 1:180،شرح فتح القدير 3:50،مجمع الأنهر 1:305،حلية العلماء 3:278،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:261.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:177،بدائع الصنائع 2:170،الهداية للمرغينانيّ 1:180،شرح فتح القدير 3:150،مجمع الأنهر 1:305،حلية العلماء 3:278،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:261.
7- 7) المغني 3:238، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:239.و [3]بالنسبة إلى قول عليّ عليه السّلام،يراجع: صحيح البخاريّ 2:176،سنن البيهقيّ 5:22.
8- 8) المغني 3:238، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:239، [5]الكافي لابن قدامة 1:534،الإنصاف 3:434 [6]

في أحد قوليه.

و في الآخر:الإفراد أفضل (1).و به قال عمر،و عثمان،و ابن عمر،و جابر و عائشة (2).و ذهب إليه مالك (3)،و أبو ثور (4).

و قال الثوريّ:القران أفضل (5).و هو مذهب أصحاب الرأي (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،و جابر،و أبي موسى،و عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه لمّا طافوا بالبيت أن يحلّوا و يجعلوها عمرة (7).

فنقلهم من الإفراد و القران إلى المتعة،و لا ينقلهم إلاّ إلى الأفضل.

و قال عليه السّلام:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي و لجعلتها عمرة» (8).و تأسّفه عليه السّلام على فوات العمرة يدلّ على أنّها أفضل.

و لأنّ التمتّع منصوص عليه في كتاب اللّه تعالى،دون بقيّة الأنساك.

ص:139


1- 1حلية العلماء 3:259،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:151، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 106 و 107، [2]الميزان الكبرى 2:36،مغني المحتاج 1:514،التفسير الكبير 5:142. [3]
2- 2) المغني 3:239،الشرح الكبير بهامش المغني 3:240،المجموع 7:152،بداية المجتهد 1:335، مقدّمات ابن رشد:301.
3- 3) بداية المجتهد 1:335،مقدّمات ابن رشد:301،بلغة السالك 1:271،تفسير القرطبيّ 2:387، [4]حلية العلماء 3:259.
4- 4) المغني 3:239،الشرح الكبير بهامش المغني 3:240،المجموع 7:152.
5- 5) المغني 3:238،الشرح الكبير بهامش المغني 3:239،المجموع 7:152،عمدة القارئ 9:184.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:25،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:153،شرح فتح القدير 2: 409،مجمع الأنهر 1:287،عمدة القارئ 9:184.
7- 7) ينظر:صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211 و ص 888 الحديث 1218 و ص 894 الحديث 1221 و ص 991 الحديث 1241.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:143،سنن الدارميّ 2:46، [5]مسند أحمد 3:320، [6]المعجم الكبير للطبرانيّ 7: 123 الحديث 6570.

و لأنّ المتمتّع يأتي بكلّ واحد من النسكين في الوقت الفاضل و ينسك بالدم، فكان أفضل،و إذا أفرد أتى بالعمرة في غير أشهر الحجّ،فكان ما يأتي به في أشهر الحجّ أفضل.

و لأنّ الناس اختلفوا في إجزاء عمرة الإفراد و القران عن عمرة الإسلام،و اتّفقوا كافّة على إجزاء التمتّع عن الحجّ و العمرة جميعا.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المتعة و اللّه أفضل،و بها نزل القرآن و جرت السنّة» (1).

و في الصحيح عن أبي أيّوب إبراهيم بن عيسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أيّ أنواع الحجّ أفضل؟فقال:«المتعة،و كيف يكون شيء أفضل من المتعة؟!و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:لو استقبلت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعل الناس» (2).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي قرنت العام و سقت الهدي،قال:«و لم فعلت ذلك؟!التمتّع و اللّه أفضل،لا تعودنّ» (3).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام في السنة التي حجّ فيها و ذلك سنة اثنتي (4)عشرة و مائتين،فقلت:جعلت فداك بأيّ شيء دخلت مكّة مفردا أو متمتّعا؟فقال:«متمتّعا»فقلت:أيّما أفضل التمتّع

ص:140


1- 1التهذيب 5:29 الحديث 88،الاستبصار 2:154 الحديث 506،الوسائل 8:180 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 15. [1]
2- 2) التهذيب 5:29 الحديث 89،الاستبصار 2:154 الحديث 507،الوسائل 8:180 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 16. [2]
3- 3) التهذيب 5:29 الحديث 90،الاستبصار 2:154 الحديث 508،الوسائل 8:180 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 17. [3]
4- 4) ع و خا:اثني،كما في التهذيب و الوسائل. [4]

في العمرة إلى الحجّ أفضل (1)أو من أفرد فساق الهدي؟فقال:«كان أبو جعفر عليه السّلام يقول:التمتّع بالعمرة إلى الحجّ أفضل من المفرد السائق للهدي،و كان يقول:ليس يدخل الحاجّ بشيء أفضل من المتعة» (2).

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل القران و منع كلّ من ساق الهدي من الحلّ حتّى ينحر هديه (3).

و بأنّ أبا ذرّ قال:كانت متعة الحجّ لأصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله خاصّة (4).و لأنّ عمر و عثمان و معاوية نهوا عن المتعة،فلا تكون أفضل (5).

و الجواب عن الأوّل:بمنع ما نقلوه،فإنّ الناقلين من الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حجّ قارنا،نقلوا عنه أنّه حجّ متمتّعا،و نقلوا أنّه حجّ مفردا،و القضيّة واحدة.روي ذلك عن ابن عمر و عائشة و جابر من طرق صحاح (6).فسقط الاحتجاج به.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بنقل أصحابه من الإفراد و القران إلى

ص:141


1- 1ع:لا توجد،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:30 الحديث 92 و فيه:سألت أبا جعفر الثاني،الاستبصار 2:155 الحديث 510،الوسائل 8:176 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:27،بدائع الصنائع 2:174،المغني 3:238،عمدة القارئ 9:184.
4- 4) صحيح مسلم 2:897 الحديث 1224،سنن ابن ماجة 2:994 الحديث 2985،سنن البيهقيّ 5:22.
5- 5) ينظر نهي عمر عن المتعة:سنن النسائيّ 5:153،المغني 3:245،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 244.و نهي عثمان:صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:897 الحديث 1223،سنن النسائيّ 5: 152،مسند أحمد 1:60 و 136،سنن الدار قطنيّ 2:287 الحديث 231،سنن البيهقيّ 5:22،و نهي معاوية:صحيح مسلم 2:898 الحديث 1225،سنن النسائيّ 5:152،الموطّأ 1:344 الحديث 60، مسند أحمد 1:181،سنن البيهقيّ 5:17.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:872 الحديث 1211 عن عائشة،و ص 881 الحديث 1213 عن جابر،سنن النسائيّ 5:151 و 153 عن ابن عمر،سنن البيهقيّ 5:17،المغني 3:241.

التمتّع (1)،و لا يأمر إلاّ بالأفضل؛لأنّه الداعي إلى الخير و الهادي إلى الرشاد و ما هو الأنفع و الأصلح.و أكّده عليه السّلام بتأسّفه على فوات العمرة في حقّه (2)،و أنّه لا يقدر على انتقاله و حلّه؛لأنّه ساق الهدي.

و أيضا:فاحتجاجنا بقوله عليه السّلام،و احتجاجهم بفعله،و القول أولى من الفعل،كالوصال و غيره من خصائصه عليه السّلام (3).

و عن الثاني:بمنع الحديث عن أبي ذرّ،و كيف ينقل عنه ذلك مع مخالفته للكتاب و السنّة و الإجماع،قال اللّه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)و هو عامّ.و عن جابر:سأل سراقة بن مالك عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:المتعة لعامنا هذا أو للأبد (5)؟فقال:«بل هي للأبد» (6).

قال طاوس:كان أهل الجاهليّة يرون العمرة في أشهر الحجّ أفجر الفجور و يقولون:إذا انفسخ صفر و عفا الأثر حلّت العمرة لمن اعتمر،فلمّا كان الإسلام أمر الناس أن يعتمروا في أشهر الحجّ فدخلت العمرة في أشهر الحجّ إلى يوم القيامة (7).

ص:142


1- 1ينظر:صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211 و ص 888 الحديث 1218 و ص 894 الحديث 1221 و ص 991 الحديث 1241.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:143،سنن الدارميّ 2:46،مسند أحمد 3:320،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6570.
3- 3) حيث إنّ إباحة صوم الوصال من خصائصه،و غير ذلك من مخصّصاته،راجع:المبسوط 4:153.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
5- 5) كثير من النسخ:المتعة لنا خاصّة أو هي للأبد،بدل ما أثبتناه.
6- 6) صحيح مسلم 2:883 الحديث 1216،سنن ابن ماجة 2:992 الحديث 2980،سنن الدار قطنيّ 2: 283 الحديث 208،سنن البيهقيّ 4:326.
7- 7) صحيح مسلم 2:909 الحديث 1240،سنن النسائيّ 5:180،المغني و الشرح الكبير 3:243، المجموع 7:167.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على بقاء المتعة إلى يوم القيامة (1).

و عن الثالث:بأنّ أكابر الصحابة أنكروا نهيهم عنها،و خالفوهم في فعلها،كما أنكر عليّ عليه السّلام على عثمان و اعترف عثمان له (2).و قول عمران بن حصين منكرا لنهي من نهى (3).و قول سعد عائبا على معاوية نهيه عنها و ردّهم عليه بحجج لم يكن لهم جواب عنها (4)،بل قال عمر في كلامه ما يردّ نهيه،فقال:و اللّه إنّي لأنهاكم عنها و إنّها لفي كتاب اللّه و قد صنعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (5).مع أنّه قد سئل سالم بن عبد اللّه بن عمر،أنهى عمر عن المتعة؟قال:لا و اللّه ما نهى عنها عمر،و لكن قد نهى عثمان (6).

و سئل ابن عمر عن متعة الحجّ،فأمر بها،فقيل له:إنّك تخالف أباك،قال:إنّ عمر لم يقل الذي يقولون (7)،فلمّا كثروا عليه قال:أ فكتاب اللّه أحقّ أن تتّبعوا أم عمر (8)؟ و لمّا نهى معاوية عن المتعة أمرت عائشة حشمها و مواليها أن يهلّوا بالمتعة،

ص:143


1- 1يراجع:ص 122-124.
2- 2) ينظر:صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:897 الحديث 1223،سنن النسائيّ 5:152،مسند أحمد 1:60 و 136،سنن الدار قطنيّ 2:287 الحديث 231،سنن البيهقيّ 5:22.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:898 الحديث 1226،مسند أحمد 4:428،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:117 الحديث 232-236.
4- 4) صحيح مسلم 2:898 الحديث 1225،سنن النسائيّ 5:153،الموطّأ 1:344 الحديث 60،مسند أحمد 1:181،سنن البيهقيّ 5:17.
5- 5) سنن النسائيّ 5:153،المغني 3:152، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:244. [2]
6- 6) المغني 3:245،الشرح الكبير بهامش المغني 3:244.
7- 7) ع و ق:تقولون.
8- 8) سنن الترمذيّ 3:185 الحديث 824،مسند أحمد 2:95، [3]سنن البيهقيّ 5:21،جامع الأصول 3:459 الحديث 1401،المغني 3:246،الشرح الكبير بهامش المغني 3:244،المجموع 7:158.

فقال معاوية:من هؤلاء؟فقيل:حشم و موالي عائشة،فأرسل إليها ما حملك على ذلك؟قالت:أحببت أن تعلم أنّ الذي قلت ليس كما قلت (1).

و نقل الجمهور عن ابن عبّاس أنّ عمر نهى عن المتعة،قال:انظروا في كتاب اللّه تعالى،فإن وجدتموها فيه فقد كذب على اللّه و على رسوله،و إن لم تجدوها فقد صدق (2).روى الأثرم ذلك كلّه و غيره من الأحاديث من طرق الجمهور.و طرق أهل البيت عليهم السّلام آثرنا تركها للاختصار.

مسألة:المفرد إذا أحرم بالحجّ ثمّ دخل مكّة،جاز له فسخ حجّه و جعله عمرة

يتمتّع بها،

و لا يلبّ بعد طوافه و لا بعد سعيه؛لئلاّ ينعقد إحرامه بالتلبية.أمّا القارن فليس له ذلك إذا كان قد ساق الهدي.ذهب إليه علماؤنا.و به قال أحمد (3).

و قال عامّة الجمهور:لا يجوز ذلك.

لنا:ما رواه الجمهور من طرق متعدّدة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الصحابة حين دخلوا مكّة محرمين بالحجّ،فقال:«من لم يسق الهدي فليحلّ و ليجعلها عمرة»فطافوا و سعوا و أحلّوا،و سئل عن نفسه فقال:«إنّي سقت الهدي و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه» (4).

و عن أسماء بنت أبي بكر،قالت:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا قدمنا مكّة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من لم يكن معه هدي فليحلّ

ص:144


1- 1المغني 3:245،الشرح الكبير بهامش المغني 3:244.
2- 2) المغني 3:246،الشرح الكبير بهامش المغني 3:244.
3- 3) المغني 3:421،الشرح الكبير بهامش المغني 3:253،الكافي لابن قدامة 1:535،الإنصاف 3:446 و 447.
4- 4) رواه مسلم بطرق متعدّدة،من طريق عائشة،ينظر:صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،و من طريق جابر،ينظر:ص 883 الحديث 1216،و من طريق عطاء ينظر:ص 884 الحديث 1216،و من طريق الصادق عليه السّلام،ينظر:ص 886 الحديث 1218.

فأحللت»و كان مع الزبير هدي فلم يحلّ،فلبست ثيابي و خرجت فجلست إلى جانب الزبير،فقال:قومي عنّي،فقلت:أ تخشى أن أثب عليك (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقل أصحابه من الإفراد إلى التمتّع و تأسّف على فوات المتعة؛لأنّه كان قد ساق الهدي (2).و لأنّ من فاته الحجّ،صار إحرامه عمرة،و كذا (3)يصير بفسخه.

احتجّوا (4):بما رواه بلال بن الحارث،قال:قلت:يا رسول اللّه الفسخ لنا خاصّة أو لمن بعدنا؟قال:«بل لنا خاصّة» (5).

و الجواب:المنع من هذا الحديث،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالفسخ بصيغة العموم،و كان ذلك في حجّة الوداع،و مات عليه السّلام على ذلك.

فإن احتجّوا:بأنّ عمر نهى عن ذلك،أبطلناه بإنكار الصحابة،على ما تقدّم (6).

و لأنّ الفسخ لا يثبت بعد موت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قد ثبت بالتواتر أنّه عليه السّلام مات على ذلك.

و قد روى أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال لي:«يا أبا محمّد إنّ رهطا (7)من أهل البصرة سألوني عن الحجّ،فأخبرتهم بما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ما أمر به،فقالوا (8):إنّ عمر قد أفرد الحجّ فقلت:إنّ هذا رأي رآه عمر،

ص:145


1- 1صحيح مسلم 2:907 الحديث 1236،سنن ابن ماجة 2:993 الحديث 2983،سنن النسائيّ 5:246، سنن البيهقيّ 4:339.
2- 2) يراجع:ص 122-124.
3- 3) ج:فكذا.
4- 4) المغني 3:422،الشرح الكبير بهامش المغني 3:254،المجموع 7:168.
5- 5) سنن أبي داود 2:161 الحديث 1808، [1]سنن ابن ماجة 2:994 الحديث 2984،سنن النسائيّ 5:179.
6- 6) يراجع:ص 125. [2]
7- 7) في المصادر:«كان عندي رهط»مكان:«إنّ رهطا».
8- 8) في المصادر:«فقالوا لي».

و ليس رأي عمر كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

مسألة:و يجوز للمتمتّع مع الضرورة العدول إلى الإفراد،

و ذلك إمّا بأن يضيق الوقت عن أفعال العمرة،أو يحصل هناك حيض أو مرض،أو غيرهما من الأعذار يمنع من ذلك؛لأنّه أحد أنواع الحجّ فجاز المصير إليه عند الضرورة.

و لما رواه الجمهور،عن عائشة أنّها أحرمت بالعمرة،فلمّا حصلت بسرف (2)باب مكّة،حاضت،فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هي تبكي،و الناس يخرجون إلى منى،فقال لها:«إنّ هذا أمر كتبه اللّه على بنات آدم،فارفضي عمرتك، و أهلّي بالحجّ،و اصنعي ما يصنع الحاجّ،غير أن لا تطوفي بالبيت» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية،قال:«تمضي كما هي إلى عرفات،فتجعلها حجّة،ثمّ تقيم حتّى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم، فتجعلها عمرة»قال ابن أبي عمير:كما صنعت عائشة (4).

أمّا القارن فإن كان قد ساق الهدي فليس له العدول إلى التمتّع؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يفعله مع تأسّفه على فوات المتعة باعتبار السياق،فلو كان سائغا،لفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كما فعل أصحابه العدول عن الإفراد بأمره عليه السّلام.

مسألة:قد بيّنّا أنّ التمتّع فرض من نأى عن الحرم،

و أنّ النوعين الباقيين فرض

ص:146


1- 1التهذيب 5:26 الحديث 78،الاستبصار 2:151 الحديث 496،الوسائل 8:173 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6.
2- 2) أكثر النسخ:بشرف.
3- 3) صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:152 الحديث 1778، [1]سنن الترمذيّ 3:281 الحديث 945، [2]سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،سنن النسائيّ 5:156.
4- 4) التهذيب 5:390 الحديث 1363،الوسائل 8:214 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [3]

أهل مكّة و حاضريها (1).

إذا ثبت هذا:فلو بعد المكّيّ عن أهله ثمّ عاد و حجّ على ميقات،أحرم منه، و جاز له التمتّع؛لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل المدينة ذا الحليفة،و لأهل الشام مهيعة (2)،و لأهل نجد قرن المنازل،و لأهل اليمن يلملم،و هي لهم و لكلّ آت من غيرهنّ ممّن أراد الحجّ و العمرة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:سألته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد و كثرة الأيام في الإحرام من الشجرة،فأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها،قال:

«لا»و هو مغضب،و قال:«من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلاّ من المدينة» (4).

أمّا جواز التمتّع له؛فلأنّه إذا خرج عن مكّة إلى مصر من الأمصار و مرّ على ميقات من المواقيت،صار ميقاتا له،و لحقه أحكام ذلك الميقات.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج، و عبد الرحمن بن أعين قالا:سألنا أبا الحسن موسى عليه السّلام عن رجل من أهل مكّة خرج إلى بعض الأمصار،ثمّ رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،هل له أن يتمتّع؟فقال:«ما أزعم أنّ ذلك ليس له،و الإهلال بالحجّ أحبّ إليّ،و رأيت من سأل أبا جعفر عليه السّلام،قال:نويت الحجّ من

ص:147


1- 1يراجع:ص 120 و 125.
2- 2) مهيعة:اسم الجحفة،و هي ميقات أهل الشام،و بها غدير خمّ.النهاية لابن الأثير 4:377. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن النسائيّ 5:123،سنن البيهقيّ 5:29،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:180 الحديث 10911.
4- 4) التهذيب 5:57 الحديث 179،الوسائل 8:230 الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث 1. [2]

المدينة كيف أصنع؟قال:«تمتّع»قلت:إنّي مقيم بمكّة و أهلي فيها (1)،فيقول:

«تمتّع» (2)في حديث طويل.

مسألة:و من كان من أهل الأمصار فجاور بمكّة ثمّ أراد حجّة الإسلام،

خرج إلى ميقات أهله،فأحرم منه،فإن تعذّر،خرج إلى أدنى الحلّ،و لو تعذّر،أحرم من مكّة.

هذا إذا لم يجاور مدّة سنتين،فإن مضت عليه سنتان و هو مقيم بمكّة،صار من أهل مكّة و حاضريها ليس له أن يتمتّع،و به قال الشيخ في كتابي الأخبار (3).

و قال في النهاية:لا ينتقل فرضه عن التمتّع حتّى يقيم ثلاثا (4).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة لا متعة له»فقلت لأبي جعفر عليه السّلام، أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكّة؟قال:«فلينظر أيّهما (5)الغالب عليه فهو من أهله» (6).

و عن عمر بن يزيد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام«المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إلى سنتين،فإذا جاوز سنتين كان قاطنا،و ليس له أن يتمتّع» (7).

و لا نعلم حجّة على ما قاله الشيخ في النهاية.

ص:148


1- 1ع:ولي أهل فيها.
2- 2) التهذيب 5:33 الحديث 100،الاستبصار 2:158 الحديث 518 بتفاوت فيه،الوسائل 8:189 الباب 7 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:34 ذيل الحديث 100،الاستبصار 2:158 ذيل الحديث 518.
4- 4) النهاية:206. [2]
5- 5) أكثر النسخ:أيّها.
6- 6) التهذيب 5:34 الحديث 101 و ص 492 الحديث 1767،الاستبصار 2:158 الحديث 519،الوسائل 8:191 الباب 9 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [3]
7- 7) التهذيب 5:34 الحديث 102،الوسائل 8:192 الباب 9 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [4]
فرعان:
الأوّل:لو كان له منزلان،أحدهما بمكّة،و الآخر ناء عنها،

اعتبر الأغلب إقامة، فأحرم بفرض أهله،فإن تساويا،تخيّر في التمتّع و غيره.

هذا كلّه في حجّة الإسلام؛لأنّ مع الأغلبيّة يضعف جانب الآخر،فيسقط اعتباره،كالسقي بآلة و غيرها في باب الزكاة،و مع التساوي لا رجحان،فيتحقّق التخيير.

و يؤيّد ذلك:رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام،و قد تقدّمت.

الثاني:إذا لم تمض هذه المدّة ففرضه التمتّع،

فيخرج إلى الميقات و يحرم منه مع المكنة،و إلاّ فمن حيث أمكن.

و قال الشافعيّ:يجوز أن يحرم من مكّة مع المكنة من الخروج إلى الميقات (1).

لنا:أنّه لم ينتقل فرضه عن فرض إقليمه،فيلزمه الإحرام من ميقاته (2)؛ لإمكانه،أمّا لو تعذّر فإنّه يخرج إلى خارج الحرم فيحرم منه؛للضرورة؛لأنّ ميقاته قد تعذّر عليه،فيسقط اعتباره،كما لو تعذّر عليه المتعة،و ذلك كما في حقّ عائشة، و لو كان الإحرام من مكّة جائزا،لما كلّفها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تحمّل المشقّة.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:رجل ترك الإحرام حتّى دخل مكّة قال:«يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم،و إن خشي أن يفوته الحجّ فليحرم من مكانه،فإن استطاع أن يخرج من

ص:149


1- 1حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:205،مغني المحتاج 1:472، السراج الوهّاج:154،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148،قال الشافعيّ في جميع هذه المصادر:ميقات المكّيّ نفس مكّة.و قال في المجموع:و المراد بالمكّيّ من كان بمكّة عند إرادة الإحرام بالحجّ،سواء كان مستوطنها أو عابر سبيل.
2- 2) ج،خا و ق:من ميقاتهم.

الحرم فليخرج» (1).

احتجّ الشافعيّ (2):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بالإحرام من مكّة للتمتّع (3).

و الجواب:أنّ ذلك كان للضرورة.

ص:150


1- 1التهذيب 5:58 الحديث 180،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 7. [1]
2- 2) المغني 3:216،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:218.
3- 3) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218.
البحث الثاني
اشارة

في أوقات أداء النسكين

قال اللّه تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (1).و اختلف العلماء في أشهر الحجّ، فقال الشيخ في النهاية:هي شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة (2).و به قال مالك (3).

و روي عن عمر و ابنه و ابن عبّاس (4).

و قال في المبسوط:هي شوّال و ذو القعدة،و إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجّة (5)،و في الخلاف:إلى طلوع الفجر من ليلة النحر (6).و به قال الشافعيّ (7).

ص:151


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- 2) النهاية:207. [2]
3- 3) الموطّأ 1:345، [3]بداية المجتهد 1:325،مقدّمات ابن رشد:290،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2: 267،تفسير القرطبيّ 2:405، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:131، [5]حلية العلماء 3:252،المغني 3: 268،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 3:230.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:172،الموطّأ 1:344،أحكام القرآن للجصّاص 1:373، [7]تفسير الطبريّ 2:258، أحكام القرآن لابن العربيّ 1:131، [8]تفسير الدرّ المنثور 1:218، [9]المغني 3:268،الشرح الكبير بهامش المغني 3:230،تفسير فتح القدير 1:200. [10]
5- 5) المبسوط 1:308. [11]
6- 6) الخلاف 1:417 مسألة-23.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:63،حلية العلماء 3:251،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:143، فتح العزيز بهامش المجموع 7:74،الميزان الكبرى 2:39،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.

و قال في الجمل:و تسعة من ذي الحجّة (1).

و قال أبو حنيفة و أصحابه:إلى آخر العاشر من ذي الحجّة (2).و به قال ابن مسعود،و ابن عمر،و ابن الزبير،و عطاء،و مجاهد،و الحسن،و الشعبيّ، و النخعيّ و قتادة،و الثوريّ (3)،و أحمد (4).و ليس يتعلّق بهذا الاختلاف حكم.

لنا:قوله تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (5).و أقلّ الجمع ثلاثة.

و ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:« اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ :شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة ليس لأحد أن يحرم بالحجّ في سواهنّ، و ليس لأحد أن يحرم قبل الوقت الذي وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّما مثل ذلك مثل من صلّى أربعا في السفر و ترك الثنتين» (6).

و لأنّه يصحّ أن يقع شيء من أفعال الحجّ فيه،كالطواف،و السعي،و ذبح الهدي.

احتجّ أبو حنيفة:بما روي عن ابن مسعود،و ابن عمر،و ابن عبّاس،و ابن الزبير أنّهم قالوا:شهران و عشر ليال،و إذا أطلق ذلك اقتضى بعدده من الأيّام؛و لأنّ يوم النحر يدخل به وقت ركن من أركان الحجّ و هو طواف الزيارة،و فيه كثير من أفعال الحجّ،كرمي جمرة العقبة،و النحر،و الحلق و الطواف،و السعي،و الرجوع إلى

ص:152


1- 1الجمل و العقود:131.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:60،تحفة الفقهاء 1:390،الهداية للمرغينانيّ 1:159،شرح فتح القدير 2: 433،عمدة القارئ 9:191،حلية العلماء 3:251،تفسير فتح القدير 1:200. [1]
3- 3) المغني 3:268،الشرح الكبير بهامش المغني 3:229،المجموع 7:145، [2]عمدة القارئ 9:191.
4- 4) المغني 3:268،الشرح الكبير بهامش المغني 3:229،الكافي لابن قدامة 1:527، [3]الإنصاف 3:431، [4]زاد المستقنع:30،31،حلية العلماء 3:251.
5- 5) البقرة(2):197. [5]
6- 6) التهذيب 5:51 الحديث 155،الاستبصار 2:161 الحديث 527،الوسائل 8:196 [6] الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5 و ص 324 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 3.

منى،فكان من أشهره،كيوم عرفة (1).

احتجّ الشيخ:بقوله تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ (2).

و لا يمكن فرضه بعد طلوع الفجر من يوم النحر.

و بقوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (3).و هو سائغ يوم النحر؛لأنّه يمكنه التحلّل في أوّله.

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بقول من سمّيناه من الصحابة.

و عن الثاني:أنّا نقول بموجبه،و كذا لو استدلّوا بقوله عليه السّلام:« يوم الحجّ الأكبر يوم النحر»رواه أبو داود (4)؛لأنّا نقول به.

و عن احتجاج الشيخ:أنّ المراد:فمن فرض في أكثرهنّ،و حينئذ يتمّ المطلوب.

و اعلم أنّ هذا الخلاف لا فائدة طائلة تحته؛لأنّا أجمعنا أنّه لوفاته الموقفان فقد فاته الحجّ،و أنّه يصحّ بعض أفعال الحجّ في اليوم العاشر و ما بعده،فالنزاع حينئذ لفظيّ،فإنّا إن عنينا بأشهر الحجّ ما يفوت الحجّ بالتأخير عنه،فهو كما قال الشيخ من أنّه شهران و عشر ليال،و إن عنينا ما يقع فيه أفعال الحجّ من الزمان،فهو كما قال في النهاية.

مسألة:و لو أحرم بالحجّ قبل أشهر الحجّ،لم ينعقد إحرامه للحجّ،

و ينعقد للعمرة،و به قال الشافعيّ (5).

ص:153


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:159،شرح فتح القدير 2:433،عمدة القارئ 9:191،المجموع 7:146.
2- 2) البقرة(2):197. [1]
3- 3) البقرة(2):197. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:195 الحديث 1946. [3]
5- 5) الأمّ 2:128،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:63،حلية العلماء 3:252،المهذّب للشيرازيّ 1:200، المجموع 7:144،فتح العزيز بهامش المجموع 7:77،مغني المحتاج 1:471،السراج الوهّاج:154، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.

و قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و الثوريّ (3)،و أحمد:يكره أن يحرم قبل أشهر الحجّ،فإن أحرم،انعقد حجّه (4).

لنا:قوله تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (5).و تقديره وقت الحجّ أو أشهر الحجّ،فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه،و إذا كان هذا الزمان وقته،لم يجز التقديم عليه،كما لا يجوز التأخير عنه،و كأوقات الصلاة.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن ابن أذينة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ فلا حجّ له» (6).

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:« اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ :شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة ليس لأحد أن يحرم بالحجّ في سواهنّ» (7).

ص:154


1- 1بداية المجتهد 1:325،مقدّمات ابن رشد:291،بلغة السالك 1:265،تفسير القرطبيّ 2:406، [1]حلية العلماء 3:252،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148،المغني 3:231.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 1:374، [2]المبسوط للسرخسيّ 4:60،تحفة الفقهاء 1:390،الهداية للمرغينانيّ 1:159، [3]شرح فتح القدير 2:434،عمدة القارئ 9:191،حلية العلماء 3:252،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 1:374،المغني 3:231،الشرح الكبير بهامش المغني 2:229،عمدة القارئ 9:191،تفسير فتح القدير 1:200.
4- 4) المغني 3:231، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:229، [5]الكافي لابن قدامة 1:527،الإنصاف 3:430، حلية العلماء 3:252،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.
5- 5) البقرة(2):197. [6]
6- 6) التهذيب 5:52 الحديث 157،الاستبصار 2:162 الحديث 529،الوسائل 8:196 الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [7]
7- 7) التهذيب 5:51 الحديث 155،الاستبصار 2:161 الحديث 527،الوسائل 8:197 الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [8]

احتجّ المخالف (1):بقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الْحَجِّ (2).

و لأنّ الحجّ أحد نسكي (3)القرآن،فانعقد الإحرام به في جميع السنة،كالعمرة، و الجواب:الآية تدلّ على تقسيط المواقيت للناس و الحجّ،أو يحمل على ذلك؛جمعا بين الأدلّة،و أفعال العمرة غير موقّتة،بخلاف الحجّ.

و أمّا انعقاده للعمرة؛فلما رواه أبو جعفر الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ،قال:«يجعلها عمرة».رواه ابن بابويه (4).

مسألة:و لا ينعقد الإحرام بالعمرة المتمتّع بها إلاّ في أشهر الحجّ،

فإن أحرم بها في غيرها،انعقد للعمرة المبتولة.و به قال الشافعيّ في أحد قوليه (5)،و أحمد (6).

و قال مالك:إذا أحرم بها في غير أشهر الحجّ و لم يتحلّل من إحرام العمرة حتّى دخلت أشهر الحجّ،صار متمتّعا (7).

و قال أبو حنيفة:إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ،صار متمتّعا إذا دخلت عليه أشهر الحجّ (8).

ص:155


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 1:374، [1]تفسير القرطبيّ 2:406، [2]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:100، [3]المغني 3:232،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:229.
2- 2) البقرة(2):189. [5]
3- 3) ع و ح:نسك.
4- 4) الفقيه 2:278 الحديث 1361،الوسائل 8:197 الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 7. [6]
5- 5) حلية العلماء 3:260،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:176،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 138،مغني المحتاج 1:516،السراج الوهّاج:167.
6- 6) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:441.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:395،مقدّمات ابن رشد:291،بداية المجتهد 1:334،حلية العلماء 3:261.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:176،بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2:433،مجمع الأنهر 1:289،حلية العلماء 3:261.

و للشافعيّ قول ثان:أنّه إذا أحرم بالعمرة في رمضان و أتى بالطواف،و السعي و الحلاق في شوّال،و حجّ من سنته فإنّه يكون متمتّعا (1).

لنا:أنّ الإحرام بالعمرة نسك و ركن من أركانها،فيعتبر وقوعه في أشهر الحجّ، كما يعتبر وقوع باقيها.

و لأنّ الحجّ لا يقع إلاّ في أشهره،و العمرة المتمتّع بها داخلة فيه؛لقوله عليه السّلام:«دخلت العمرة في الحجّ هكذا» (2)و شبّك بين أصابعه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه (3)عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«لا يكون عمرة إلاّ في أشهر الحجّ» (4).

و لأنّه أتى بنسك لا تتمّ العمرة إلاّ به في غير أشهر الحجّ،فلا يكون متمتّعا،كما لو طاف.

مسألة:و العمرة المبتولة تجوز في جميع أيّام السنة،و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«عمرة في رمضان تعدل حجّة» (5).

و روي عنه عليه السّلام،أنّه اعتمر في شوّال و في ذي القعدة (6).و اعتمرت

ص:156


1- 1حلية العلماء 3:260.
2- 2) الكافي 4:245 الحديث 4، [1]التهذيب 5:454 الحديث 1588،الوسائل 8:150 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4،و [2]من طريق العامّة،ينظر:صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن البيهقيّ 4:344 و 352.
3- 3) ع و ح:رواية مكان:ما رواه.
4- 4) التهذيب 5:435 الحديث 1513،الوسائل 8:205 الباب 15 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [3]
5- 5) صحيح مسلم 2:917 الحديث 1256،سنن أبي داود 2:204 الحديث 1988، [4]سنن الترمذي 3:276 الحديث 939، [5]سنن ابن ماجة 2:996 الحديث 2991،الموطّأ 1:346 الحديث 66،سنن الدارميّ 2: 52، [6]سنن البيهقيّ 4:346.
6- 6) صحيح مسلم 2:916 الحديث 1253،سنن أبي داود 2:205 الحديث 1991، [7]سنن البيهقيّ 4:346، كنز العمّال 5:302 الحديث 1295.

عائشة من التنعيم ليلة المحصّب (1)(2)،و هي الليلة التي يرجعون فيها من منى إلى مكّة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكلّ شهر عمرة» (3).

و عن الباقر عليه السّلام:«شهر مفرد للعمرة رجب» (4).

و لأنّ الحجّ عبادة لها تحريم و تحليل،فكان من جنسها عبادة غير مؤقّتة، كالصلاة،و سيأتي تمام البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لو دخل المتمتّع مكّة و خشي فوات الوقت مع إتمام العمرة و إنشاء

الحجّ،

جاز أن ينقل نيّته إلى الإفراد و إذا عرف أنّه يدرك الوقوف المجزئ وجب عليه ذلك،ثمّ يعتمر عمرة مفردة بعد إتمام الحجّ.

و كذا الحائض و النفساء لو منعهما العذر عن التحلّل و إنشاء الحجّ،نقلتا حجّتهما إلى الإفراد و فعلتا العمرة بعد الحجّ؛لأنّ التمتّع لازم مع الاختيار،فيزول بزواله.

و يدلّ عليه روايات:

منها:رواية جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية،قال:«تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة مفردة ثمّ تقيم حتّى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم و تجعلها عمرة» (5).

و منها:رواية إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن

ص:157


1- 1المحصّب:موضع الجمار بمنى.النهاية لابن الأثير 1:393. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن البيهقيّ 4:346 و 347.
3- 3) الفقيه 2:278 الحديث 1362،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب وجوب العمرة الحديث 9. [2]
4- 4) الفقيه 2:278 الحديث 1358،الوسائل 8:197،198 الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13.
5- 5) الفقيه 2:240 الحديث 1146،التهذيب 5:390 الحديث 1363،الوسائل 8:214 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [3]

المرأة تجيء متمتّعة،فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات،قال:

«تصير حجّة مفردة» (1).

هذا إذا عرفت أنّها متى اشتغلت بأفعال العمرة فاتها الموقفان،أمّا لو لم تعلم ذلك،فإنّها تصبر إلى آخر وقت إدراك الوقوف،و تفعل أفعال العمرة إن كانت طاهرة و تتمّ متعتها.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

المرأة تجيء متمتّعة،فتطمث قبل أن تطوف بالبيت،فيكون طهرها ليلة عرفة،فقال:

«إن كانت تعلم أنّها تطهر و تطوف بالبيت و تحلّ من إحرامها و تلحق بالناس (2)، فلتفعل» (3).و كأنّا (4)قد بيّنّا فيما تقدّم ما يجب في هذا.

ص:158


1- 1الفقيه 2:240 الحديث 1147،التهذيب 5:390 الحديث 1365،الاستبصار 2:310 الحديث 1106،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13. [1]
2- 2) في المصادر:الناس.
3- 3) التهذيب 5:391 الحديث 1367،الاستبصار 2:311 الحديث 1108،الوسائل 8:211 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [2]
4- 4) ع و ج:و كأنّ.
البحث الثالث
اشارة

في المواقيت

معرفة المواقيت واجبة؛لأنّ الإحرام ركن لا يصحّ إلاّ منها (1)المتوقّف على معرفتها،و ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب،فالنظر هاهنا في مقامين:

الأوّل:في تعيينها
مسألة:ميقات أهل المدينة ذو الحليفة-و هو مسجد الشجرة-

و ميقات أهل الشام الجحفة و هي المهيعة-بسكون الهاء و فتح الياء-و لأهل اليمن يلملم و قيل:

ألملم (2).و لأهل الطائف قرن المنازل-بفتح القاف و سكون الراء-و قال صاحب الصحاح:قرن بفتح الراء-ميقات أهل نجد.

و احتجّ:بأنّ أويس القرنيّ منسوب إليه (3).

و ميقات أهل العراق العقيق.و هو قول علماء الإسلام كافّة،لكن اختلفوا في وجه ثبوته.

ص:159


1- 1ق،خا:فيها.
2- 2) يلملم و ألملم:موضع،و هو ميقات أهل اليمن.الصحاح 5:2033. [1]
3- 3) الصحاح 6:2181.

أمّا الأربعة الأول فقد اتّفق أهل العلم على أنّها منصوصة عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و أنّها مأخوذة بالتوقيف منه عليه السّلام.

روى الجمهور،عن عمرو بن دينار،عن طاوس،عن ابن عبّاس،قال:وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل المدينة ذا الحليفة،و لأهل الشام الجحفة، و لأهل نجد قرنا،و لأهل اليمن يلملم،و هي لأهلهنّ و لمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ لمن كان يريد الحجّ و العمرة،فمن كان دونهنّ فمهلّه من أهله،و كذلك (1)أهل مكّة يهلّون منها.رواه البخاريّ (2).

و عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة،و أهل الشام من الجحفة،و أهل نجد من قرن»قال ابن عمر:و ذكر لي و لم أسمعه أنّه قال:«و أهل اليمن من يلملم» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من تمام الحجّ و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لا تجاوزها إلاّ و أنت محرم،فإنّه وقّت لأهل العراق-و لم يكن يومئذ عراق-بطن العقيق من قبل أهل العراق،و وقّت لأهل اليمن يلملم،و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل،و وقّت لأهل المغرب الجحفة و هي مهيعة،و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة،و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة فوقته منزله» (4).

ص:160


1- 1ج،ع،ق و ح:فكذلك.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:165.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:840 الحديث 1182،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1737، [1]سنن النسائيّ 5:122،سنن الدارميّ 2:30، [2]سنن البيهقيّ 5:20.
4- 4) التهذيب 5:54 الحديث 166 و ص 283 الحديث 964،الوسائل 8:222 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 2. [3]

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لا ينبغي لحاجّ و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها،وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة،و هو مسجد الشجرة، يصلّى فيه و يفرض الحجّ،و وقّت لأهل الشام الجحفة،و وقّت لأهل نجد العقيق، و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل،و وقّت لأهل اليمن يلملم،و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).و الأخبار في ذلك كثيرة (2).

مسألة:و أمّا ميقات أهل العراق فقد اتّفقوا على أنّه لو أحرم من ذات عرق

أحرم من الميقات.

و عن أنس أنّه كان يحرم من العقيق (3)،و استحسنه الشافعيّ (4)،و ابن المنذر، و ابن عبد البرّ (5)،و اختلفوا في ثبوته،فأكثر أهل العلم أنّه ثبت نصّا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو مذهب علماء أهل البيت عليهم السلام.و به قال أحمد (6)، و أصحاب أبي حنيفة (7).

و قال قوم:إنّه ثبت قياسا (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:161


1- 1التهذيب 5:55 الحديث 167،الوسائل 8:222 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]
2- 2) يراجع:الوسائل 8:221 الباب 1 من أبواب المواقيت. [2]
3- 3) المغني 3:214،الشرح الكبير بهامش المغني 3:213،عمدة القارئ 9:145.
4- 4) الأمّ 2:138،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:197، [3]مغني المحتاج 1:473،إرشاد الساري 3:103،فتح الباري 3:304.
5- 5) المغني 3:214،الشرح الكبير بهامش المغني 3:213.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:214،الكافي لابن قدامة 1:524، [4]الإنصاف 3:424. [5]
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:166،تحفة الفقهاء 1:394،بدائع الصنائع 2:164،الهداية للمرغينانيّ 1: 136، [6]شرح فتح القدير 2:333،عمدة القارئ 9:145.
8- 8) المغني و الشرح الكبير 3:214،المجموع 7:197. [7]

لأهل العراق ذات عرق (1).

و عن جابر بن عبد اللّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«مهلّ أهل المشرق من ذات عرق» (2).

و عن ابن جريج،قال:أخبرني عطاء أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقّت لأهل المشرق ذات عرق (3).و هو و إن كان مرسلا،إلاّ أنّه يعضده غيره من الأحاديث.

و روى القاسم بن محمّد عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقّت لأهل العراق ذات عرق (4).

و عن الحارث بن عمرو (5)،قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو بمنى أو بعرفات و قد أطاف به الناس،و يجيء الأعراب،فإذا رأوا وجهه قالوا:وجه مبارك،قال:و وقّت ذات عرق لأهل العراق (6).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار،و حديث الحلبيّ

ص:162


1- 1لم نعثر على حديث من ابن عبّاس بهذا اللفظ،و الموجود حديث عائشة:وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل العراق ذات عرق.قال ابن حجر في التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:81:حديث عائشة رواه ابن عبد البرّ في تمهيده عن ابن عبّاس.
2- 2) صحيح مسلم 2:841 الحديث 1183،سنن ابن ماجة 2:972 الحديث 2915،مسند أحمد 3:333، [1]سنن الدار قطنيّ 2:237 الحديث 7،سنن البيهقيّ 5:27 و 28.في الجميع:أهل العراق.
3- 3) مسند الشافعيّ:114،سنن البيهقيّ 5:27.
4- 4) سنن أبي داود 2:143 الحديث 1739، [2]سنن النسائيّ 5:125،سنن الدار قطنيّ 2:236 الحديث 5، سنن البيهقيّ 5:28.
5- 5) الحارث بن عمرو بن الحارث السهميّ الباهليّ أبو سفينة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و روى عنه ابن ابنه زرارة بن كريم بن الحارث و ابنه عبد اللّه بن الحارث. أسد الغابة 1:341، [3]تهذيب التهذيب 2:151. [4]
6- 6) سنن أبي داود 2:144 الحديث 1742، [5]سنن الدار قطنيّ 2:236 الحديث 6،سنن البيهقيّ 5:28.

الصحيحين (1).

و في الصحيح عن أبي أيّوب الخزّاز،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

حدّثني عن العقيق أوقت وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو شيء صنعه الناس؟ فقال لي:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة،و وقّت لأهل المغرب الجحفة،و هي عندنا مكتوبة مهيعة و وقّت لأهل اليمن يلملم،و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل،و وقّت لأهل نجد العقيق و ما أنجدت» (2).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن إحرام أهل الكوفة و أهل خراسان و ما يليهم و أهل الشام و مصر من أين هو؟قال:

«أمّا أهل الكوفة و خراسان و ما يليهم (3)فمن العقيق،و أهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة،و أهل الشام و مصر من الجحفة،و أهل اليمن من يلملم،و أهل السند من البصرة»يعني من ميقات أهل البصرة (4).

و لأنّه إقليم يرد الناس منه،فوجب أن يشرع لهم ميقاتا،كغيرهم.

احتجّ الشافعيّ (5):بما رواه البخاريّ بإسناده عن ابن عمر،قال:لمّا فتح هذا المصران أتوا عمر فقالوا:يا أمير المؤمنين إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدّ لأهل نجد قرنا و هو جور عن طريقنا و إنّا إذا أردنا قرنا شقّ علينا،قال:«فانظروا حذوها من طريقكم» (6).فحدّ لهم ذات عرق.

ص:163


1- 1يراجع:ص 160،161. [1]
2- 2) الكافي 4:319 الحديث 3، [2]التهذيب 5:55 الحديث 168،الوسائل 8:221 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 1. [3]
3- 3) ج،ع،ق و خا:و من يليهم.
4- 4) التهذيب 5:55 الحديث 169،الوسائل 8:223 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 5. [4]
5- 5) الأمّ 2:138،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:197. [5]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:166.

و لأنّ أهل العراق كانوا مشركين.

و الجواب عن الأوّل:أنّ عمر إنّما فعل ذلك لما سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو أولى من أن يقال:إنّه فعله برأيه؛لما ثبت من تنصيص الرسول صلّى اللّه عليه و آله على الميقات.

و عن الثاني:أنّه عليه السّلام وقّت ذلك؛لعلمه بأنّهم يسلمون،و أنّها بصفة دار الإسلام،كما قال لعديّ بن حاتم:«يا عديّ يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤمّ البيت لا جوار معها لا تخاف إلاّ اللّه تعالى» (1).

مسألة:ميقات أهل المدينة قد بيّنّا أنّه ذو الحليفة،هذا مع الاختيار،

فأمّا (2)مع الضرورة فالجحفة.

روى الجمهور عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:«مهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة و الطريق الآخر من الجحفة»رواه مسلم (3).و أحرمت عائشة معتمرة منها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:خصال عابها عليك أهل مكّة،قال:«و ما هي؟»قلت:قالوا:أحرم من الجحفة و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحرم من الشجرة،فقال:«الجحفة أحد الوقتين،فأخذت بأدناهما و كنت عليلا» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،من أين يحرم

ص:164


1- 1صحيح البخاريّ 4:240،مسند أحمد 4:257، [1]سنن الدار قطنيّ 2:221 الحديث 27،المعجم الكبير للطبرانيّ 17:77 الحديث 169.في بعض المصادر بتفاوت.
2- 2) ق و خا:و أمّا.
3- 3) صحيح مسلم 2:841 الحديث 1183.
4- 4) التهذيب 5:57 الحديث 176،الوسائل 8:229 الباب 6 من أبواب المواقيت الحديث 4. [2]

الرجل إذا جاوز الشجرة؟فقال:«من الجحفة و لا يجاوز (1)الجحفة إلاّ محرما» (2).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،قال:

«يحرم أهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة» (3).

و روى ابن بابويه عن معاوية بن عمّار أنّه سأل الصادق عليه السّلام عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال:«لا بأس» (4).

مسألة:العقيق ميقات أهل العراق على-ما تقدّم -و كلّ جهاته ميقات،

(5)

فمن أين أحرم جاز،لكنّ الأفضل الإحرام من المسلخ (6)،و تليه غمرة،و آخره ذات عرق.

روى الجمهور عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقّت لأهل المشرق العقيق (7).

قال ابن عبد البرّ:العقيق أولى و أحوط من ذات عرق،و ذات عرق ميقاتهم بإجماع (8).قال الترمذيّ:حديث ابن عبّاس حسن (9).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من أحاديث أهل البيت عليهم السّلام (10).

ص:165


1- 1ق و خا بزيادة:من.
2- 2) التهذيب 5:57 الحديث 177،الوسائل 8:229 الباب 6 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 5:55 الحديث 169،الوسائل 8:223 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 5. [2]
4- 4) الفقيه 2:199 الحديث 908،الوسائل 8:229 الباب 6 من أبواب المواقيت الحديث 1. [3]
5- 5) يراجع:ص 159. [4]
6- 6) كثير من النسخ:المسلح،قال في التنقيح الرائع 1:446:و [5]المسلح واحد المسالح،و هي المواضع العالية،كأنّه مأخوذ من السلاح و هو ما شهر من آلة الحرب.و قال في المسالك 1:103:و [6]ربّما ضبطه بعضهم بالخاء المعجمة و كأنّه من المسلخ و هو النزع؛لأنّه ينزع فيه الثياب للإحرام.
7- 7) سنن أبي داود 2:143 الحديث 1740، [7]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 832، [8]سنن البيهقيّ 5:28.
8- 8) المغني و الشرح الكبير 3:214.
9- 9) سنن الترمذيّ 3:194.
10- 10) يراجع:ص 160. [9]

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام،قال:«وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل العراق العقيق و أوّله المسلخ،و وسطه غمرة،و آخره ذات عرق،و أوّله أفضل» (1).

و روى الشيخ عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«حدّ العقيق أوّله المسلخ،و آخره ذات عرق» (2).

و قد روى ابن بابويه عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«يجزئك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس و الأعراب عن ذلك» (3).

و قال الصادق عليه السّلام:«أوّل العقيق بريد البعث و هو بريد من دون بريد غمرة» (4).

و روى الشيخ عن ابن فضّال،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أوّل العقيق بريد البعث و هو دون المسلخ بستّة أميال ممّا يلي العراق و بينه و بين غمرة أربعة و عشرون ميلا بريدان» (5).

إذا عرفت هذا:فأبعد المواقيت ذو الحليفة على عشر مراحل من مكّة على ميل من المدينة،و يليه في البعد:الجحفة،و المواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينها و بين مكّة ليلتان قاصدتان.

مسألة:و المواقيت التي روى الجمهور بيّنّاها مواقيت لأهلها و لمن يمرّ بها

(6)

ص:166


1- 1الفقيه 2:199 الحديث 907،الوسائل 8:227 الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:56 الحديث 171،الوسائل 8:226 الباب 2 من أبواب المواقيت الحديث 7. [2]
3- 3) الفقيه 2:198 الحديث 905،الوسائل 8:228 الباب 5 من أبواب المواقيت الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 2:199 الحديث 906،الوسائل 8:226 الباب 2 من أبواب المواقيت الحديث 8. [4]
5- 5) التهذيب 5:57 الحديث 175،الوسائل 8:225 الباب 2 من أبواب المواقيت الحديث 2.و [5]فيهما:عن معاوية بن عمّار.
6- 6) يراجع:ص 160. [6]

من يريد الحجّ أو العمرة سواء في ذلك،فإذا حجّ الشاميّ من المدينة فمرّ بذي الحليفة أحرم منها،و إن حجّ من اليمن،فميقاته يلملم،و إن حجّ من العراق، فميقاته العقيق،و كذا كلّ من مرّ على ميقات غير ميقات بلده،صار ميقاتا له، و لا نعلم فيه خلافا.و الأصل فيه ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله«هنّ لهنّ و لمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ممّن أراد الحجّ و العمرة» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام،قال:سألته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد و كثرة الأيام يعني الإحرام من الشجرة فأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها،فقال:«لا»و هو مغضب«من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلاّ من المدينة» (2).

و لأنّ التكليف بالمضيّ إلى ميقات بلده ضرر،فيكون منفيّا.

مسألة:من كان منزله دون الميقات فميقاته من منزله.

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول أهل العلم كافّة إلاّ مجاهد،فإنّه قال:يهلّ من مكّة (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام،و ابن مسعود،و عمر في قوله تعالى:

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (4)قالوا:إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك (5).

ص:167


1- 1صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738، [1]سنن النسائيّ 5:126،سنن الدارميّ 2:30، [2]سنن الدار قطنيّ 2:237 الحديث 8،سنن البيهقيّ 5:29.
2- 2) التهذيب 5:57 الحديث 179،الوسائل 8:230 الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث 1. [3]
3- 3) المغني 3:219،الشرح الكبير بهامش المغني 2:216،المجموع 7:203. [4]
4- 4) البقرة(2):196. [5]
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 1:328، [6]تفسير الطبريّ 2:207، [7]تفسير القرطبيّ 2:365، [8]تفسير الدرّ المنثور 1:208، [9]سنن البيهقيّ 5:30.

و عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فمن كان دونهنّ فمهلّه من أهله، و كذلك حتّى أهل مكّة يهلّون منها» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة فوقته منزله» (2).

و عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا كان منزل الرجل دون ذات عرق إلى مكّة فليحرم من منزله» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن مسكان،قال:حدّثني أبو سعيد (4)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن كان منزله دون الجحفة إلى مكّة،قال:«يحرم منه» (5).

و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يروون أنّ عليّا عليه السّلام قال:«إنّ من تمام حجّك إحرامك من دويرة أهلك»فقال:«سبحان اللّه فلو كان كما يقولون لم يتمتّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بثيابه إلى الشجرة،و إنّما معنى دويرة أهله:من كان أهله وراء الميقات إلى مكّة» (6).

مسألة:و يجرّد الصبيان من فخّ،

و يجوز أن يحرم بهم من الميقات و أن يجتنبوا

ص:168


1- 1صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن النسائيّ 5:126،سنن البيهقيّ 5:29.
2- 2) التهذيب 5:54 الحديث 166،الوسائل 8:222 الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:59 الحديث 185،الوسائل 8:242 الباب 17 [2] من أبواب الحديث 3.
4- 4) أبو سعيد:قال الأردبيليّ:هو كنية لأبان بن تغلب و ثابت بن عبد اللّه و حفص بن عبد الرحمن و جمع كثير،و التعيين بملاحظة الراوي و المرويّ عنه.جامع الرواة 2:390. [3]
5- 5) التهذيب 5:59 الحديث 185،الوسائل 8:242 الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 5:59 الحديث 187،الوسائل 8:242 الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث 5 و [5]فيهما عن رباح بن أبي نصر،و رواه الصدوق عن أبي بصير إلى قوله:«بثيابه إلى الشجرة».راجع:الفقيه 2:199 الحديث 909،الوسائل 8:234 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 2. [6]

ما يجتنبه المحرم من طيب و لباس و غيره؛لما رواه معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«قدّموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ،ثمّ يصنع بهم ما يصنع بالمحرم،و يطاف بهم و يسعى بهم،و من لم يجد منهم هديا صام عنه وليّه» (1).

أمّا جواز التأخير إلى فخّ؛فلأنّ إحرامهم مستحبّ،فلا يجب الإحرام بهم من الميقات؛لما فيه من المشقّة لصعوبة التجرّد و طول المسافة.

و يؤيّده:ما رواه أيّوب بن الحرّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصبيان أين نجرّدهم للإحرام؟فقال:«كان أبي يجرّدهم من فخّ» (2).

و نحوه روى عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّ ميقات العمرة المتمتّع بها إحدى المواضع التي وقّتها رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله .

(4)

أمّا ميقات حجّ التمتّع فمكّة لا غير،و لو أحرم من غيرها اختيارا لم يجزئه و كان عليه العود إلى مكّة لإنشاء الإحرام.ذهب إليه علماؤنا و لا نعرف فيه خلافا إلاّ في رواية عن أحمد أنّه يخرج إلى الميقات فيحرم منه

ص:169


1- 1الكافي 4:304 الحديث 4، [1]الفقيه 2:266 الحديث 1294،التهذيب 5:409 الحديث 1423، الوسائل 8:207 الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث 3.و [2]في الجميع:«فليصم عنه وليّه»مكان: «صام عنه وليّه».
2- 2) الكافي 4:303 الحديث 2، [3]الفقيه 2:265 الحديث 1292،التهذيب 5:409 الحديث 1421، الوسائل 8:208 [4] الباب 17 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6 و ص 243 الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث 1 و ج 9:64 الباب 47 من أبواب الإحرام الحديث 1.في بعض المصادر:أيّوب أخو أديم،و هو متّحد مع أيّوب بن الحرّ.
3- 3) التهذيب 5:409 الحديث 1422،الوسائل 8:208 الباب 17 من أبواب أقسام الحجّ ذيل الحديث 6 و ص 243 الباب 18 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 1.
4- 4) يراجع:ص 160. [5]

للحجّ (1).

و ليس بصحيح؛لما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل على عائشة و هي تبكي،قال لها:«أهلّي بالحجّ» (2)و كانت بمكّة.

و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أصحابه لمّا فسخوا الحجّ بالإحرام من مكّة.

قال جابر:أمرنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أحللنا أن نحرم إذا توجّهنا من الأبطح.رواه مسلم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل،ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار،ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة،ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحجّ،ثمّ امض و عليك السكينة و الوقار،فإذا انتهيت إلى الرقطاء (4)دون الردم (5)فلبّ،فإذا انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (6).

و في الموثّق عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم،و خذ من شاربك و من أظفارك و عانتك إن كان لك شعر و انتف إبطك و اغتسل و البس ثوبيك،ثمّ ائت

ص:170


1- 1المغني 3:216،الشرح الكبير بهامش المغني 3:218،الكافي لابن قدامة 1:524،الإنصاف 3:426.
2- 2) صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن أبي داود 2:154 الحديث 1785،سنن النسائيّ 5:165-166.
3- 3) صحيح مسلم 2:882 الحديث 1214 و ص 889 الحديث 1218.
4- 4) قال في مجمع البحرين 4:249: [1]الرقطاء موضع دون الردم سمّي مدعا.و قال في ج 1:143:المدعى: موضع دون الردم في مكّة يعبّر عنه بالرقطاء،سمّي بذلك لأنّه مدعى القوم و مجتمع قبائلهم.
5- 5) الردم:بمكة،و هو حاجز يمنع السيل عن البيت الحرام و يعبّر عنه الآن بالمدعى.مجمع البحرين 6:71. [2]
6- 6) التهذيب 5:167 الحديث 557،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]

المسجد الحرام فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم،و تدعو اللّه و تسأله العون و تقول:اللهمّ إنّي أريد الحجّ فيسّره لي و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،و تقول:أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي من النساء و الثياب و الطيب أريد بذلك وجهك و الدار الآخرة،و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ، ثمّ تلبّي من المسجد الحرام كما لبيّت حين أحرمت و تقول:لبّيك بحجّة تمامها و بلاغها عليك،فإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى[حين] (1)زوال الشمس و إلاّ فمتى تيسّر لك من يوم التروية» (2).

و قول أحمد مخالف للإجماع فلا اعتداد به.

فروع:
الأوّل:لو أحرم من غير مكّة اختيارا لم يجزئه،

و كان عليه العود إلى مكّة لإنشاء الإحرام.

و قال الشافعيّ:إن كان من أهل مكّة و خرج إلى الحلّ و أحرم منه،فإن عاد إلى مكّة محرما،لم يجب عليه دم؛لأنّه قطع تلك المسافة التي لزمه قطعها محرما،و إن كان غريبا ليس من أهل مكّة فعاد إلى الميقات الذي أحرم منه بالعمرة،سقط عنه الدم؛لأنّ هذا المتمتّع لم يتعيّن عليه الإحرام من مكّة،و إنّما كان مخيّرا بين أن يرجع إلى ميقاته فيحرم منه،أو يحرم من مكّة،و إن كان مكّيّا،لم يسقط إلاّ بعوده إلى مكّة،فأمّا إن خرج من مكّة و أحرم من الحرم خارجها فهل يلزمه الدم؟قولان:

أحدهما:لا يجب؛لأنّ الحكم المتعلّق بالحرم يستوي فيه البنيان و غيره، كالذبح.

ص:171


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:168 الحديث 559،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]

و الثاني:يلزمه؛لأنّ ميقاته مكّة،و الاعتبار بالبنيان دون الحرم،فإنّ أهل القرى دون الميقات إذا خرجوا من بنيانهم و أحرموا خارجها،وجب الدم (1).

و هذا قول الشافعيّ يدلّ على أنّه يجوز الإحرام لحجّ التمتّع (2)من إحدى المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.و ليس بوجه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بالإحرام من مكّة حين أمرهم بالتحلّل،فيجب اتّباعه.

و لأنّها ميقات لحجّ التمتّع بالاتّفاق،و سيأتي إن شاء اللّه تعالى أنّه لا يجوز تجاوز الميقات اختيارا،و إذا لم يصحّ من غير الميقات،وجب العود إليها ليجعل (3)العبادة على الوجه المأمور به.

الثاني:لو تجاوز ناسيا أو جاهلا،عاد،

فإن حصل له مانع،أحرم من موضعه و لو كان بعرفات،و كذا لو خاف من الرجوع فوات الحجّ فإنّه يحرم من موضعه.

الثالث:من أيّ المواضع من مكّة أحرم أجزأه؛لأنّها كلّها ميقات،و الأفضل

الإحرام من المسجد.

روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟فقال:«من أيّ المسجد شئت» (4).

و أفضل المسجد تحت الميزاب أو مقام إبراهيم عليه السّلام على ما تضمّنه الحديثان السابقان.

مسألة:المواقيت التي قدّمناها مواقيت للحجّ على اختلاف ضروبه و للعمرة

المفردة بلا خلاف.

هذا إذا قدم مكّة حاجّا أو معتمرا،أمّا المفرد و القارن إذا فرغا من مناسك الحجّ

ص:172


1- 1حلية العلماء 3:262،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:209.
2- 2) ع و ح:للحجّ المتمتّع،ق:لحجّ المتمتّع.
3- 3) ع:لتحصيل.
4- 4) التهذيب 5:166 الحديث 556،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]

و أرادا الاعتمار،أو غيرهما ممّن يريد الاعتمار،فإنّه يلزمه أن يخرج إلى أدنى الحلّ،فيحرم بها،ثمّ يعود إلى مكّة للطواف و السعي؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أرادت عائشة أن تعتمر بعد التحلّل من الحجّ أمر عبد الرحمن أن يعتمرها من التنعيم (1).و هو من الحلّ.

و لأنّ المفرد إذا أحرم من جوف مكّة بالعمرة،فإنّه يطوف و يسعى و يتحلّل، و لا يكون جامعا في نسكه بين الحلّ و الحرم،فلهذا لزمه أن يخرج و يحرم من الحلّ،بخلاف المتمتّع،حيث كان له أن يحرم من مكّة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه أن يحرموا من مكّة بالحجّ لمّا فسخ حجّهم (2).

و لأنّ الحاجّ لا بدّ له من الخروج إلى الحلّ للوقوف،فيكون جامعا في إحرامه بين الحلّ و الحرم.

إذا ثبت هذا:فينبغي أن يعتمر من الجعرانة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اعتمر منها.فإن فاته فمن التنعيم؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة بالإحرام منها، فإن فاته فمن الحديبية.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا قفل (3)من حنين أحرم بالجعرانة (4).

و روى ابن بابويه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلّها في ذي القعدة:عمرة أهلّ منها (5)من عسفان و هي عمرة الحديبيّة،

ص:173


1- 1صحيح البخاريّ 3:5،صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن أبي داود 2:154 الحديث 1785، سنن النسائيّ 5:165-166.
2- 2) صحيح مسلم 2:882 الحديث 1214 و ص 889 الحديث 1218.
3- 3) قفل من سفره:رجع.المصباح المنير:511.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:6،صحيح مسلم 2:916 الحديث 1253،سنن أبي داود 2:206 الحديث 1994، [1]سنن الترمذيّ 3:179 الحديث 815. [2]
5- 5) ع:بها،و في المصادر:فيها.

و عمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة،و عمرة أهلّ فيها من الجعرانة و هي بعد أن رجع من الطائف من غزاة حنين (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبيّة أو ما أشبههما» (2).

و بالجملة:فلا خلاف في ذلك.

المقام الثاني:في أحكام المواقيت
مسألة:لا يجوز الإحرام قبل الميقات.

ذهب إليه علماؤنا أجمع إلاّ ما نستثنيه.

و أطبق الجمهور على جواز ذلك،و اختلفوا في الأفضل.

فقال مالك:الأفضل الإحرام من الميقات و يكره قبله (3).و به قال عمر، و عثمان،و الحسن (4)،و عطاء،و أحمد (5)،و إسحاق (6).

و قال أبو حنيفة:الأفضل الإحرام من بلده (7).و للشافعيّ كالقولين (8).

ص:174


1- 1الفقيه 2:275 الحديث 1341،الوسائل 8:247 الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:276 الحديث 1350،الوسائل 8:247 الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث 1. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:363،بداية المجتهد 1:324،حلية العلماء 3:270،فتح العزيز بهامش المجموع 7:93،المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،عمدة القارئ 9:141.
4- 4) المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،المجموع 7:202،بداية المجتهد 1:324.
5- 5) المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،الكافي لابن قدامة 1:526،الإنصاف 3:430. [3]
6- 6) المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،بداية المجتهد 1:324،عمدة القارئ 9:141.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:166،بدائع الصنائع 2:164،الهداية للمرغينانيّ 1:136،شرح فتح القدير 2:334،عمدة القارئ 9:141.
8- 8) حلية العلماء 3:270،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:200،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 93،مغني المحتاج 1:475،السراج الوهّاج:155.

لنا:قوله عليه السّلام:«خذوا عنّي مناسككم» (1).و أجمع المسلمون كافّة على أنّه صلّى اللّه عليه و آله أحرم من الميقات.

و أيضا:فإنّ فعله عليه السّلام كان بيانا للأمر المطلق بالحجّ،فيكون واجبا.

و ما رواه الجمهور أنّ عمران بن حصين أحرم من مصره (2)،فبلغ ذلك عمر، فغضب و قال:يتسامع الناس أنّ رجلا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحرم من مصره (3).

و عن عبد اللّه بن عامر (4)،أنّه أحرم من خراسان،فلمّا قدم على عثمان لامه فيما صنع و كرهه له (5).رواهما سعيد و الأثرم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«ليس لأحد أن يحرم قبل الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما مثل ذلك مثل من صلّى في السفر أربعا و ترك الثنتين» (6).

و عن ابن مسكان،قال:حدّثني ميسر،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:175


1- 1مسند أحمد 3:318 و 367، [1]سنن البيهقيّ 5:125.
2- 2) في المصادر:من البصرة،و مصر عمران بن حصين هو البصرة.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:31،مجمع الزوائد 3:216،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:107 الحديث 204.
4- 4) عبد اللّه بن عامر بن كريز-بالتصغير-ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ ابن خال عثمان،ولد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ولاّه عثمان البصرة بعد أبي موسى الأشعريّ سنة تسع و عشرين،و هو الذي افتتح خراسان و أصبهان و كرمان و له ولاية عليها من قبل عثمان.مات سنة 59 ه.أسد الغابة 3:191، [2]تهذيب التهذيب 5:272، [3]العبر 1:47، [4]شذرات الذهب 1:65. [5]
5- 5) سنن البيهقيّ 5:31،عمدة القارئ 9:192،و أوردهما ابنا قدامة في المغني 3:223،الشرح الكبير بهامش المغني 3:227 عن سعيد و الأثرم.
6- 6) التهذيب 5:51 الحديث 155،الاستبصار 2:161 الحديث 527،الوسائل 8:234 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 3. [6]

رجل أحرم من العقيق،و آخر من الكوفة،أيّهما أفضل؟قال:«يا ميسر تصلّي العصر أربعا أفضل أو تصلّيها ستّا؟»فقلت:أصلّيها (1)أربعا أفضل،قال:«فكذلك سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أفضل من غيرها» (2).

و عن ابن أذينة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من أحرم دون الميقات فلا إحرام له» (3).

و عن حنّان بن سدير،قال:كنت أنا و أبي و أبو حمزة الثماليّ و عبد الرحيم القصير (4)و زياد الأحلام (5)،فدخلنا على أبي جعفر عليه السّلام فرأى زيادا و قد تسلّخ جلده،فقال له:«من أين أحرمت؟»فقال:من الكوفة،قال:«و لم أحرمت من الكوفة؟»فقال:بلغني عن بعضكم أنّه قال:ما بعد من الإحرام فهو أعظم للأجر،فقال:«ما أبلغك هذا إلاّ كذّاب»ثمّ قال لأبي حمزة:«من أين أحرمت؟» قال من الربذة،فقال له:«و لم لأنّك سمعت أنّ قبر أبي ذرّ بها فأحببت أن لا تجوزه» ثمّ قال لأبي و لعبد الرحيم:«من أين أحرمتما؟»فقالا:من العقيق،فقال:«أصبتما الرخصة و اتّبعتما السنّة،و لا يعرض لي بابان كلاهما حلال إلاّ أخذت باليسير،

ص:176


1- 1في النسخ:«أو تصلّيهما ستّا؟»فقال:أصلّيهما،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:52 الحديث 156،الاستبصار 2:161 الحديث 528،الوسائل 8:235 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 6. [1]في الاستبصار:«تصلّي الظهر...».
3- 3) التهذيب 5:52 الحديث 157،الاستبصار 2:162 الحديث 529،الوسائل 8:232 الباب 9 من أبواب المواقيت الحديث 3. [2]
4- 4) كذا في المصادر و بعض النسخ،و في بعضها:عبد الرحمن القصير،و هو عبد الرحمن بن زياد القصير نقل السيد الخوئيّ عن البرقيّ أنّه من أصحاب الباقر عليه السّلام.معجم رجال الحديث 9:356. [3]
5- 5) زياد الأحلام،مولى كوفيّ،عدّه الشيخ رحمه اللّه تارة بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السّلام، و أخرى بإضافة قوله:روى عنه و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام من أصحاب الباقر عليه السّلام،و عدّه المفيد رحمه اللّه في الاختصاص أيضا من أصحاب الباقر عليه السّلام،قال العلاّمة المامقانيّ:يعدّ من الحسان.الاختصاص:83،رجال الطوسيّ:123 و 198،تنقيح المقال 1:454. [4]

و ذلك أنّ اللّه يسير يحبّ (1)اليسير،و يعطي على اليسير ما لا يعطي على العنف» (2)و غير ذلك من الأحاديث (3).

و لأنّه لو جاز قبله،لم يكن وقتا،بل نهاية الوقت،و نهاية الشيء لا يعبّر به عن الشيء إلاّ مجازا.

و لأنّ الإحرام عبادة شرعيّة موقّتة بميقات شرعيّ،فلا يتقدّم عليه،كغيره من المناسك الموقّتة،و كأوقات الصلاة.

و لأنّ المأمور به الإتيان بالإحرام من الميقات،فالآتي به من غيره لا يخرج عن العهدة.

احتجّ المخالف (4):بما روت أمّ سلمة زوجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّها سمعت رسول اللّه يقول:«من أهلّ بعمرة أو بحجّة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام،غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر،أو وجبت له الجنّة» (5).

و لقول (6)عليّ عليه السّلام و عمر:إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك (7).

و الجواب:أنّه معارض بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لو كان الفضل في ذلك

ص:177


1- 1خا:و يحبّ،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 5:52 الحديث 158،الاستبصار 2:162 الحديث 531،الوسائل 8:235 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 7 [1] في الجميع:«ما بلّغك هذا...».
3- 3) الوسائل 8:233 الباب 11 من أبواب المواقيت. [2]
4- 4) المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7: 200،بدائع الصنائع 2:164.
5- 5) سنن أبي داود 2:143 الحديث 1741، [3]سنن ابن ماجة 2:999 الحديث 3001،مسند أحمد 6:299، [4]سنن الدار قطنيّ 2:284 الحديث 212،سنن البيهقيّ 5:30،كنز العمّال 5:12 الحديث 11830.
6- 6) ع:و يقول.
7- 7) تفسير الطبريّ 2:207، [5]أحكام القرآن للجصّاص 1:328، [6]تفسير القرطبيّ 2:365، [7]تفسير الدرّ المنثور 1:208، [8]سنن البيهقيّ 5:30،المغني 3:222،الشرح الكبير بهامش المغني 3:227.

لفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه مع تباعد الأوقات،بل قد نهوا عنه على ما بيّنّاه (1).

روى النسائيّ و أبو داود عن الصبيّ بن معبد (2)،قال أهللت بالحجّ و العمرة،فلمّا أتيت العذيب،لقيني سلمان بن ربيعة (3)،و زيد بن صوحان و أنا أهلّ بهما،فقال أحدهما:ما هذا بأفقه من بعيره (4).

و لأنّه تغرير بالإحرام و تعرّض لفعل محظوراته؛للعجز عن الصبر،فكان كالوصال.

روى أبو أيّوب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يستمتع أحدكم بحلّه ما استطاع،فإنّه لا يدري ما يعرض له في إحرامه» (5).و حديث بيت المقدس ضعيف يرويه محمّد بن إسحاق (6)،و فيه قول.

ص:178


1- 1يراجع:ص 175.
2- 2) الصبيّ(مصغّرا)بن معبد التغلبيّ،روى عن عمر في الجمع بين الحجّ و العمرة،و روى عنه أبو وائل و مسروق و أبو إسحاق السبيعيّ و زرّ بن حبيش. تهذيب التهذيب 4:409 [1]
3- 3) سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو الباهليّ أبو عبد اللّه،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عمر، و روى عنه سويد بن غفلة و الصبيّ بن معبد و أبو وائل،ولاّه عمر قضاء الكوفة.ولي غزو إرمينيّة في زمن عثمان فقتل سنة 25 و قيل 29 و قيل 30 ه. أسد الغابة 2:327، [2]تهذيب التهذيب 4:136. [3]
4- 4) سنن النسائيّ 5:146،سنن أبي داود 2:158 الحديث 1799. [4]
5- 5) كنز العمّال 5:31 الحديث 11914،و رواه ابنا قدامة في المغني 3:223،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:227 عن أبي يعلى في مسنده.
6- 6) محمّد بن إسحاق بن يسار بن خيار،رأى أنسا و ابن المسيّب و أبا سلمة بن عبد الرحمن،روى عن أبيه و عمّيه عبد الرحمن و موسى و جمع كثير،و روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاريّ و عبد الأعلى بن عبد الأعلى و سلمة بن الفضل و غيرهم.مات سنة 151 ه.نقل الذهبيّ و ابن حجر عن النسائيّ ضعفه. تهذيب التهذيب 9:38، [5]ميزان الاعتدال 3:468.
مسألة:استثنى علماؤنا من ذلك من أراد الإحرام بعمرة مفردة في رجب،

(1)

و خشي تقضّيه إن أخّر الإحرام حتّى يدرك الميقات،فجوّزوا له الإحرام قبل الميقات ليقع العمرة في رجب؛طلبا لفضلها،فإنّ العمرة في رجب تلي الحجّ في الفضل.

و على ذلك فتوى علمائنا،روى الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار، قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يجيء معتمرا ينوي عمرة رجب، فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق،أ يحرم قبل الوقت و يجعلها لرجب أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟قال:«يحرم قبل الوقت لرجب،فإنّ لرجب فضلا» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ أن يخاف فوت الشهر في العمرة» (3).

مسألة:و استثنى الشيخان أيضا ناذر الإحرام قبل الميقات،فلو نذر الإحرام

بالحجّ من موضع معيّن،لزم

و إن كان قبل الميقات،بشرط وقوع الإحرام في أشهر الحجّ،إن كان الإحرام لحجّ أو لعمرة متمتّع بها،و إن كان لعمرة مفردة،وجب مطلقا (4)،هذا اختيار الشيخين.و منع ابن إدريس من ذلك (5).

ص:179


1- 1ج و ح:لعمرة.
2- 2) التهذيب 5:53 الحديث 160،الاستبصار 2:162 الحديث 532،الوسائل 8:236 الباب 12 من أبواب المواقيت الحديث 2. [1]في الجميع بزيادة:و هو الذي نوى.
3- 3) التهذيب 5:53 الحديث 161،الاستبصار 2:163 الحديث 533،الوسائل 8:236 الباب 12 من أبواب المواقيت الحديث 1. [2]
4- 4) لم نعثر على قول المفيد في المقنعة،نعم في التهذيب 5:53 و من نذر أن يحرم قبل الميقات فإنّه يلزمه الإحرام...،و في المعتبر 2:807 [3] أسند القول إلى الشيخين،و ينظر قول الطوسيّ في النهاية:209 و 567، [4]المبسوط 1:311، [5]الخلاف 1:430 مسألة-62.
5- 5) ينظر:السرائر:123.

حجّة الشيخين:ما رواه الحلبيّ-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جعل للّه عليه شكرا أن يحرم من الكوفة،قال:«فليحرم من الكوفة و ليف للّه بما قال» (1).

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام،أسأله عن رجل جعل للّه عليه أن يحرم من الكوفة،قال:«يحرم (2)من الكوفة» (3).

و عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لو أنّ عبدا أنعم اللّه عليه نعمة[أو ابتلاه ببليّة] (4)فعافاه من تلك البليّة فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان،كان عليه أن يتمّ» (5).

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأدلّة و أصول المذهب تقتضي أنّ الإحرام لا ينعقد إلاّ من الميقات،سواء كان منذورا أو لم يكن،و لا يصحّ النذر بذلك؛لأنّه خلاف الشرع.

و لو انعقد بالنذر،كان ضرب المواقيت لغوا،ثمّ نقل هذا المنع عن السيّد المرتضى،و ابن أبي عقيل،و الشيخ في الخلاف (6).

و الجواب:المنع من كون الأدلّة يقتضي عدم الانعقاد قبل الميقات مع النذر.

و قوله:لو انعقد بالنذر كان ضرب المواقيت لغوا،ملازمته (7)غير مسلّمة؛إذ

ص:180


1- 1التهذيب 5:53 الحديث 162،الاستبصار 2:163 الحديث 534،الوسائل 8:236 الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث 1. [1]
2- 2) ق و خا:فليحرم.
3- 3) التهذيب 5:53 الحديث 163،الاستبصار 2:163 الحديث 535،الوسائل 8:237 الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث 2. [2]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 5:54 الحديث 164،الاستبصار 2:163 الحديث 536،الوسائل 8:237 الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث 3. [3]
6- 6) ينظر:السرائر:123.
7- 7) ع و ح:ملازمة.

الفائدة غير منحصرة في ذلك،بل هاهنا فوائد أخرى:منها:منع تجاوزها من غير إحرام،و منها:وجوب الإحرام منها لا قبلها لغير الناذر.

و بالجملة:فالكلام ضعيف من الجانبين،فنحن في هذا من المتوقّفين.و الأقرب ما ذهب إليه الشيخان؛عملا برواية الحلبيّ،فإنّها صحيحة.

مسألة:و لو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين اللذين استثنيناهما،

لم ينعقد إحرامه و لا يعتدّ به،و لو فعل ما ينافي الإحرام حينئذ،لم يكن عليه شيء و يجب عليه تجديد الإحرام عند بلوغ الميقات؛لأنّه فعل منهيّ عنه،و النهي في العبادات يدلّ على فساد المنهيّ عنه-كما بيّنّاه في كتبنا الأصوليّة (1)-.و إذا وقع فاسدا،لم يعتدّ به و لا يتعلّق به أحكام الإحرام،من تحريم لبس المخيط،و مباشرة النساء،و غير ذلك.

و لأنّ الباقر عليه السّلام مثّل ذلك بمن صلّى في السفر أربعا (2)،و الصادق عليه السّلام مثّله بمن صلّى العصر ستّا (3)،و المعنى واحد،و هو الزيادة في الفريضة، كزيادة المحرم قبل الميقات على المقدار المعتبر شرعا،و هو يقتضي المماثلة في كلّ شيء،و كما لا يعتدّ بتلك الصلاة و يجب إعادتها،كذلك هاهنا قضيّة للتسوية.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن حريز بن عبد اللّه،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«من أحرم من دون الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأصاب شيئا من النساء و الصيد،فلا شيء عليه» (4).

ص:181


1- 1ينظر:نهاية الوصول إلى علم الأصول-مخطوط-.
2- 2) الكافي 4:321 الحديث 2،التهذيب 5:51 الحديث 155،الاستبصار 2:161 الحديث 527، الوسائل 8:234 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 3.
3- 3) التهذيب 5:52 الحديث 156،الاستبصار 2:161 الحديث 528،الوسائل 8:235 الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث 6. [1]
4- 4) التهذيب 5:54 الحديث 165،الوسائل 8:233 الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث 7. [2]

و اتّفق الجمهور على صحّة هذا الإحرام،و قد بيّنّا حججهم و بطلانها فيما تقدّم (1).

مسألة:و إذا جاء إلى الميقات و أراد النسك،وجب عليه الإحرام منه و لا يجوز

له تأخير الإحرام عن الميقات.

و هو قول العلماء كافّة؛لأنّ فائدة توقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لهذه المواقيت،الالتزام (2)بالمناسك منها لا يتقدّم عنها و لا يتأخّر.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من تمام الحجّ و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا تجاوزها إلاّ و أنت محرم» (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا ينبغي لحاجّ و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها»ثمّ عدّها عليه السّلام و قال:«لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«و لا يجاوز الجحفة إلاّ محرما» (5).

مسألة:لو ترك الإحرام من الميقات عامدا مع إرادة النسك،وجب عليه الرجوع

إلى الميقات و الإحرام منه مع المكنة،

و لا نعرف في ذلك خلافا؛لأنّ أبا الشعثاء

ص:182


1- 1يراجع:ص 179،180.
2- 2) ج:الإلزام،ع:الإحرام.
3- 3) التهذيب 5:54 الحديث 166،الوسائل 8:222 الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:55 الحديث 167،الوسائل 8:222 الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 5:57 الحديث 177،الوسائل 8:229 الباب 6 من أبواب المواقيت الحديث 3. [3]

جابر بن زيد رأى ابن عبّاس يردّ من جاوز الميقات غير محرم (1).

و لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جعل المواقيت مواطن الإحرام،و منع من الجواز بها إلاّ لمحرم (2)إذا كان مريدا للنسك.و بالرجوع إلى الميقات و الإحرام منه يتحقّق الإتيان بالمأمور به،فيكون واجبا.

هذا إذا تمكّن من الرجوع،و لو لم يمكنه الرجوع و كان قد ترك الإحرام عامدا مع إرادة النسك،بطل حجّه.و به قال سعيد بن جبير (3).

و قال الجمهور:يجبره بدم و يحرم من موضعه (4).

لنا:أنّه ترك الإحرام من موضعه عامدا متمكّنا،فبطل حجّه،كما لو ترك الوقوف بعرفة.

احتجّوا (5):بقول ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من ترك نسكا فعليه دم» (6).

و الجواب:العموم إنّما يثبت لو قلنا بصحّة الحجّ،و نحن نمنعه.

فروع:
الأوّل:لو أحرم من موضعه مع الترك عامدا قادرا،لم يجزئه على ما بيّنّاه،

و لو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدّد الإحرام؛لأنّ إحرامه الأوّل لم ينعقد،

ص:183


1- 1الأمّ 2:138،سنن البيهقيّ 5:30.
2- 2) ق،خا و ح:المحرم.
3- 3) حلية العلماء 3:271،المغني 3:225،الشرح الكبير بهامش المغني 3:226،المجموع 7:206.
4- 4) المغني 3:225،المجموع 7:207،بداية المجتهد 1:325،عمدة القارئ 9:138.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:225،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:206. [1]
6- 6) الموطّأ 1:397 الحديث 188،سنن الدار قطنيّ 2:244 الحديث 39،سنن البيهقيّ 5:30 و 152، و رواه ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 3:225.

فيجري مجرى المخلّ بالإحرام.

الثاني:لا فرق في بطلان الحجّ بين أن يكون عدم التمكّن من الرجوع لمرض،

أو خوف،أو ضيق الوقت.

الثالث:لو ترك الإحرام عامدا،فقد قلنا:إنّه يجب عليه الرجوع،

فإن رجع إلى الميقات و أحرم منه،فلا دم عليه،سواء رجع بعد التلبّس بشيء من أفعال الحجّ، كطواف القدوم مثلا،أو الوقوف،أو لم يتلبّس.و به قال عطاء،و الحسن، و النخعيّ (1).

و قال الشافعيّ:إن رجع قبل التلبّس،فلا شيء عليه،و إن رجع بعد التلبّس، وجب عليه دم (2).

و قال أبو حنيفة:إن رجع إلى الميقات فلبّى،سقط عنه الدم،و إن لم يلبّ، لم يسقط (3).

و قال مالك:يجب الدم مطلقا (4).و به قال أحمد (5)،و زفر،و ابن المبارك (6).

لنا:أنّ إحرامه من موضعه لا اعتداد به،فكذا ما فعله،و مع الرجوع إلى الميقات يصحّ إحرامه.

ص:184


1- 1حلية العلماء 3:271،المغني و الشرح الكبير 3:225،المجموع 7:208.
2- 2) حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:207،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 92،مغني المحتاج 1:475،السراج الوهّاج:155.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:170،تحفة الفقهاء 1:395،بدائع الصنائع 2:165،الهداية للمرغينانيّ 1: 176،شرح فتح القدير 3:39،مجمع الأنهر 1:303،عمدة القارئ 9:138.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:394،بداية المجتهد 1:324،إرشاد السالك:54،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:267،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:240.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:225،الكافي لابن قدامة 1:524،الإنصاف 3:429،المجموع 7:208.
6- 6) حلية العلماء 3:271،المغني و الشرح و الكبير 3:225،المجموع 7:208.

و أمّا وجوب الدم فهو غير ثابت (1)؛عملا بالأصل،و عدم الدليل الدالّ عليه، و لأنّه رجع إلى الميقات و أحرم منه،فلا شيء عليه،كما لو لم يفعل شيئا من مناسك الحجّ.

احتجّ أحمد (2):بقول ابن عبّاس:من ترك نسكا فعليه دم (3).

و جوابه:أنّ قول ابن عبّاس بمجرّده ليس حجّة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه أحرم من دون الميقات،فوجب الدم،لكن برجوعه يسقط؛ لأنّه حصل في الميقات محرما قبل التلبّس بشيء من أفعال العبادة،فلا يجب عليه الدم،كما لو أحرم منه،أمّا إذا عاد بعد فعل شيء من أفعال الحجّ،فالفرق بينهما أنّه عاد و حصل في الميقات في غير وقت إحرامه به،و ليس كذلك في الصورة الأولى؛ لأنّه حصل في الميقات في وقت الإحرام؛لأنّ الإحرام يتقدّم (4)أفعال الحجّ كلّها (5).

و جوابه:ما بيّنّاه أنّ فعله لا اعتداد به.

الرابع:يجب عليه الرجوع مع المكنة على ما بيّنّا؛

لأنّه برجوعه يفعل المأمور به،فيكون واجبا،فإن لم يرجع،بطل إحرامه و حجّه.

و قال الشافعيّ:إن لم يتمكّن من الرجوع،جاز أن يحرم من مكانه،و يجب الدم، و إن لم يكن له عذر،وجب الرجوع،فإن لم يرجع أثم و وجب الدم و صحّ إحرامه (6).و قد بيّنّا بطلانه (7).

مسألة:و لو تجاوز الميقات ناسيا أو جاهلا،أو لا يريد النسك ثمّ تجدّد له عزم،

ص:185


1- 1ج:فغير ثابت،مكان:فهو غير ثابت.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:225،الكافي لابن قدامة 1:524.
3- 3) الموطّأ 1:397 الحديث 188،سنن الدار قطنيّ 2:244 الحديث 39،سنن البيهقيّ 5:30 و 152، و رواه ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 3:225.
4- 4) ق و خا بزيادة:على.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:207،فتح العزيز بهامش المجموع 7:92،المغني 3:225.
6- 6) حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:206،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 89،مغني المحتاج 1:474،السراج الوهّاج:155.
7- 7) يراجع:ص 184. [1]

وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه مع المكنة،فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه،و لو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع،لم يجزئه.و قد اتّفقوا على وجوب الرجوع إلى الميقات للناسي و الجاهل.

أمّا من لا يريد الناسك إذا تجاوز الميقات ثمّ تجدّد له عزم على النسك فقد وافقنا أحمد في إحدى الروايتين على وجوب الرجوع (1).

و قال مالك (2)،و الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أبو يوسف،و محمّد:يحرم من موضعه (5).

لنا:أنّه متمكّن من الإتيان بالنسك على الوجه المأمور به،فيكون واجبا.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل نسي أن يحرم حتّى دخل الحرم،قال:«عليه أن يخرج إلى ميقات أهل أرضه،فإن خشي أن يفوته الحجّ،أحرم من مكانه،و إن استطاع أن يخرج من الحرم،فليخرج ثمّ ليحرم» (6).

و عن أبي الصبّاح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جهل أن يحرم حتّى دخل الحرم كيف يصنع؟قال:«يخرج من الحرم يهلّ بالحج» (7).

و في الصحيح،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ترك الإحرام حتّى دخل الحرم،فقال:«يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه، فيحرم،و إن خشي أن يفوته الحجّ،فليحرم من مكانه،فإن استطاع أن يحرم من

ص:186


1- 1المغني 3:225،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222،الإنصاف 3:329، [1]حلية العلماء 3:272.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:394،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:241،المغني 3:226،المجموع 7:204. [2]
3- 3) المغني 3:226،الشرح الكبير بهامش المغني 3:221،المجموع 7:204.
4- 4) حلية العلماء 3:272،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:207،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 83،مغني المحتاج 1:274،السراج الوهّاج:155،المغني 3:226.
5- 5) المغني 3:226،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:222،المجموع 7:208.
6- 6) التهذيب 5:283 الحديث 965،الوسائل 8:238 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 1. [4]
7- 7) التهذيب 5:284 الحديث 966،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 3. [5]

الحرم فليحرم (1).

و لعموم قوله عليه السّلام:«هنّ لأهلهنّ و لمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ممّن كان يريد حجّا أو عمرة» (2).و هذا مريد لأحدهما.

احتجّوا:بأنّه حصل دون الميقات على وجه مباح،فكان له الإحرام منه كأهل ذلك المكان (3).

و الجواب:الفرق ظاهر؛لقوله عليه السّلام:«و من كان منزله دون الميقات فمهلّه من أهله» (4).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين الناسي و الجاهل بالميقات أو بالتحريم في وجوب الرجوع

مع المكنة،

و الإحرام من موضعه إن لم يتمكّن من الخروج إلى خارج الحرم.

الثاني:لو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات و تمكّن من الخروج إلى خارج

الحرم،وجب عليه ذلك؛

لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل مرّ على الوقت الذي يحرم منه الناس،فنسي أو جهل فلم يحرم حتّى أتى مكّة،فخاف أن يرجع إلى الوقت،فيفوته الحجّ،قال:«يخرج من الحرم فيحرم منه و يجزئه ذلك» (5).

ص:187


1- 1التهذيب 5:58 الحديث 180،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 7. [1]في الجميع: «فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج»،مكان«فإن استطاع أن يحرم من الحرم فليحرم».
2- 2) صحيح البخاريّ 2:165 و 166،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738، [2]سنن النسائيّ 5:126،سنن الدارميّ 2:30،سنن الدار قطنيّ 2:237 الحديث 8،سنن البيهقيّ 5:29.
3- 3) المغني 3:226،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222،المجموع 7:203.
4- 4) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:227،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222،و بهذا المضمون،ينظر: صحيح البخاريّ،2:165،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738،سنن الدار قطنيّ 2:237 الحديث 8.
5- 5) التهذيب 5:58 الحديث 81 فيه:«فيحرم فيجزئه ذلك»،الوسائل 8:238 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 2 و [3]فيه:«و يحرم و يجزئه ذلك».

و كذا في حديث الحلبيّ-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و لأنّه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعا بين الحلّ و الحرم،بخلاف ما لو أحرم من موضعه مع المكنة من الخروج.و لأنّه قد كان عليه قطع تلك المسافة بإحرام،فيتداركه على قدر الإمكان.

الثالث:لو لم يتمكّن من الخروج،أحرم من موضعه و أجزأه إجماعا؛

لأنّه فاته جاهلا أو ناسيا،أو غير مريد للنسك،و كلّ ذلك يسوّغ الفوات و لا يجب عليه دم، خلافا للشافعيّ (2).و قد سلف البحث فيه فيما تقدّم (3).

الرابع:لو أسلم بعد مجاوزة الميقات،وجب عليه الحجّ و يلزمه الرجوع إلى

الميقات و الإحرام منه إن تمكّن،

فإن (4)لم يتمكّن أحرم من موضعه و لا دم عليه.

و به قال عطاء (5)،و مالك (6)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق (7)،و أصحاب الرأي (8).

و قال الشافعيّ:يجب الدم (9).و عن أحمد روايتان (10).

لنا:أنّه أحرم من الموضع الذي وجب عليه الإحرام منه،فأشبه المكّيّ و من كان منزله دون الميقات.

ص:188


1- 1التهذيب 5:58 الحديث 180،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 7.
2- 2) حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:203،المجموع 7:206،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 89،مغني المحتاج 1:474،السراج الوهّاج:155.
3- 3) يراجع:ص 185. [1]
4- 4) ح:و إن.
5- 5) المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:223.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:380،تفسير القرطبيّ 2:371، [2]المجموع 7:62.
7- 7) المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:173،حلية العلماء 3:273،المغني 3:228،الشرح الكبير 3:223.
9- 9) الأمّ 2:130،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،حلية العلماء 3:273،المهذّب للشيرازيّ 1:204، المجموع 7:61،مغني المحتاج 1:474،المغني 3:228.
10- 10) المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:223،الكافي لابن قدامة 1:525،الإنصاف 3:427، حلية العلماء 3:273.
الخامس:الصبيّ إذا تجاوز الميقات غير محرم أو العبد،ثمّ بلغ أو تحرّر العبد

و تمكّنا من الحجّ،

وجب عليهما الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه،فإن لم يتمكّنا، أحرما من موضعهما و لا دم عليهما،خلافا للشافعيّ (1).

لنا:أنّه لم يحصل منهما إخلال يترتّب به عليهما عقوبة،فلا يجب عليهما الجبران،و كذا البحث فيمن وجد الاستطاعة بعد تجاوز الميقات غير محرم.

مسألة:و لو منعه مرض من الإحرام عند الميقات،قال الشيخ-رحمه اللّه-:جاز

له أن يؤخّره عن الميقات،

فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى إليه (2).

قال ابن إدريس:مقصوده تأخير كيفيّة الإحرام الظاهرة من نزع الثياب و كشف الرأس و الارتداء و التوشّح و الاتّزار،فأمّا النيّة و التلبية مع القدرة عليهما،فلا يجوز له ذلك؛إذ لا مانع منه (3).

و دلّ على جواز تأخير الإحرام:ما رواه الشيخ عن أبي شعيب المحامليّ (4)، عن بعض أصحابنا،عن أحدهم عليهم السّلام قال:«إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم» (5).

و كلام ابن إدريس جيّد،و نحمل قول الشيخ و الرواية عليه؛إذ لا منافاة بينهما.

فرع:

لو زال عقله بإغماء و شبهه،سقط عنه الحجّ،

فلو أحرم عنه رجل،جاز؛لما رواه الشيخ عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام،

ص:189


1- 1الأمّ 2:130،حلية العلماء 3:273،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:59.
2- 2) النهاية:209، [1]المبسوط 1:311. [2]
3- 3) السرائر:123.
4- 4) أبو شعيب المحامليّ،عنونه الشيخ بهذا العنوان في الفهرست و قال:له كتاب،و ذكره في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام،و قال:ثقة،و عنونه النجاشيّ مرّتين:مرّة في باب الأسماء تحت عنوان صالح بن خالد المحامليّ أبي شعيب الكناسيّ و أخرى في باب الكنى تحت عنوان أبي شعيب المحامليّ و قال:كوفيّ ثقة.رجال الطوسيّ:365،الفهرست:183، [3]رجال النجاشيّ:201 و 456.
5- 5) التهذيب 5:58 الحديث 182،الوسائل 8:241 الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث 3. [4]

في مريض أغمي عليه فلم يعقل حتّى أتى الموقف،قال:«يحرم عنه رجل» (1).

و الذي نقوله هاهنا:إنّ إحرام الوليّ عنه جائز لما تقدّم،لكن لا يسقط به حجّة الإسلام لو لم يعد عقله؛لزوال التكليف عنه (2)بزوال عقله،و لو عاد عقله قبل الوقوف صحّ ذلك الإحرام و أجزأه الحجّ،و لو كان بعد الموقفين لم يجزئه على ما تقدّم.

مسألة:قد بيّنّا المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيجب

الإحرام منها ،

(3)

و لو كان الميقات قرية فخرجت و نقلت عمارتها إلى موضع آخر، كان الميقات موضع الأوّلة (4)و إن انتقل الاسم إلى الثانية؛لأنّ الحكم تعلّق بذلك الموضع،فلا يزول عنه بخرابه.

و قد روى الشافعيّ عن ابن عيينة،عن عبد الكريم الجزريّ (5)،قال:رأى سعيد بن جبير رجلا يريد أن يحرم من ذات عرق،فأخذ بيده حتّى خرج به من البيوت (6)و قطع به الوادي و أتى به المقابر و قال (7):هذه ذات عرق الأولى (8).

مسألة:و لو سلك طريقا بين ميقاتين برّا أو بحرا،فإنّه يجتهد في الإحرام بحذاء

الميقات.

روى الجمهور عن عمر لمّا قالوا له:وقّت لأهل المشرق،قال:ما حيال طريقهم؟قالوا:قرن المنازل،قال:قيسوا عليه،فقال قوم:بطن العقيق،و قال قوم:

ص:190


1- 1التهذيب 5:60 الحديث 191،الوسائل 8:245 الباب 20 من أبواب المواقيت الحديث 1. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عليه.
3- 3) يراجع:ص 161.
4- 4) ق،خا و ح:الأوّل.
5- 5) عبد الكريم بن مالك الجزريّ أبو سعيد الحرّانيّ من موالي بني أميّة،حدّث عن سعيد بن المسيّب و سعيد بن جبير و طاوس،و حدّث عنه معمّر و مالك و سفيان بن عيينة.مات سنة 127.تذكرة الحفّاظ 1:140،تهذيب التهذيب 6:373، [2]العبر 1:126. [3]
6- 6) ع:أخرجه من البيوت،مكان:خرج به من البيوت،كما في الأمّ.
7- 7) ج:ثمّ قال،مكان:و قال،كما في الأمّ.
8- 8) الأمّ 2:139،المغني 3:215،الشرح الكبير بهامش المغني 3:215.

ذات عرق،فوقّت عمر ذات عرق (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أقام بالمدينة-و هو يريد الحجّ-شهرا أو نحوه،ثمّ بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة،فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستّة أميال فليحرم منها» (2).

فروع:
الأوّل:لو لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه،احتاط و أحرم من بعد

(3)

بحيث يتيقّن أنّه لم يجاوز الميقات إلاّ محرما.

الثاني:لا يلزمه الإحرام حتّى يعلم أنّه قد حاذاه،أو يغلب على ظنّه ذلك؛

لأنّ الأصل عدم وجوبه،فلا يجب بالشكّ.

الثالث:لو أحرم ثمّ علم بعد ذلك أنّه قد جاوز ما يحاذيه من الميقات غير

محرم،

فهل يلزمه الرجوع؟فيه تردّد،و الأقرب عدم الوجوب؛لأنّه مكلّف باتّباع ظنّه فقد فعل بإحرامه ذلك ما أمر به،فكان مجزئا،و لا دم عليه على ما تقدّم.

الرابع:يحرم بحذو الميقات الذي هو إلى طريقه أقرب،

و الأولى أن يكون إحرامه بحذو الأبعد من المواقيت من مكّة،فإن كان بين ميقاتين متساويين في القرب إليه،أحرم من حذو أيّهما شاء.

الخامس:لو مرّ على طريق لم يحاذ ميقاتا و لا جاز به،

قال بعض الجمهور:

يحرم من مرحلتين،فإنّه أقلّ المواقيت و هو ذات عرق (4).

مسألة:من جاور بمكّة من أهل الأمصار ثمّ أراد النسك،فليخرج إلى ميقات

أهله،

و ليحرم منه،فإن لم يتمكّن،فليخرج إلى الحلّ،فإن لم يمكنه،أحرم من

ص:191


1- 1صحيح البخاريّ 2:166،سنن البيهقيّ 5:27،المغني 3:214.
2- 2) الفقيه 2:200 الحديث 913،الوسائل 8:230 الباب 7 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]
3- 3) خا:حذاء.
4- 4) ينظر:المجموع 7:199،فتح العزيز بهامش المجموع 7:88،مغني المحتاج 1:474،السراج الوهّاج:155.

موضعه ما لم يستوطن سنتين؛لأنّه لم يخرج بذلك عن كونه من غير أهل مكّة و حاضريها،فحينئذ يندرج في حكم أهله.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عن المجاور أله أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟قال:«نعم،يخرج إلى مهلّ أرضه فيلبّي إن شاء» (1).و قد مضى البحث فيه (2).

و كذا أهل مكّة لو خرجوا ثمّ جاوزوا الميقات،وجب عليهم الإحرام منه؛لقوله عليه السّلام:«هي مواقيت لأهلهنّ و لمن أتى عليهنّ» (3).و هو عامّ،فيعمل بموجبه.

ص:192


1- 1التهذيب 5:59 الحديث 188،الوسائل 8:244 الباب 19 من أبواب المواقيت الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 148. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:165 و 166،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738،سنن النسائيّ 5:126،سنن الدارميّ 2:30، [3]سنن الدار قطنيّ 2:237 الحديث 8،سنن البيهقيّ 5:29.

المقصد الثاني: في أفعال العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ

اشارة

و فيه فصول:

ص:193

ص:194

الأوّل:في الإحرام ،
اشارة

(1)

و فيه مباحث:

الأوّل:
اشارة

الإحرام ركن من أركان الحجّ و هو أوّل أفعال الحجّ،

يبطل الحجّ بالإخلال به عمدا لا سهوا على ما سيأتي.و له مقدّمات مستحبّة كلّها،و نحن نذكرها بعون اللّه تعالى في مسائل:

مسألة:يستحبّ لمن أراد التمتّع أن يوفّر شعر رأسه و لحيته من أوّل ذي القعدة،

و لا يمسّ منهما شيئا،و يتأكّد عند هلال ذي الحجّة،فإن مسّ منهما شيئا،لم يكن به بأس،لكنّه يكون قد ترك الأفضل،هذا اختيار شيخنا-رحمه اللّه-في الجمل (2).

و قال في النهاية و الاستبصار:هو واجب،فإن مسّ منهما شيئا،وجب عليه دم يهريقه (3).و مثله قال المفيد رحمه اللّه (4).

و الذي يدلّ على التوفير:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:« اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ :شوّال،و ذو القعدة، و ذو الحجّة،فمن أراد الحجّ وفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة،و من أراد العمرة

ص:195


1- 1ح و ق:الإحرام،مكان:في الإحرام.
2- 2) الجمل و العقود:133.
3- 3) النهاية:206، [1]الاستبصار 2:161 قال فيهما بوجوب توفير شعر الرأس و لم يتعرّض لوجوب الدم عند تركه.
4- 4) المقنعة:61. [2]

وفّر شعره شهرا» (1).

و عن سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يأخذ الرجل-إذا رأى هلال ذي القعدة و أراد الخروج-من رأسه و لا لحيته» (2).

و عن أبي الصبّاح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يريد الحجّ أ يأخذ من شعره في أشهر الحجّ؟قال:«لا،و لا من لحيته،و لكن يأخذ من شاربه و من أظفاره و ليطل إن شاء» (3).

و يدلّ على عدم الوجوب:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الحجامة و حلق القفا في أشهر الحجّ،فقال:«لا بأس به، و السواك و النورة» (4).

و عن محمّد بن خالد الخزّاز (5)،قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول:«أمّا أنا فآخذ من شعري حين أريد الخروج»يعني إلى مكّة للإحرام (6).

و لأنّ الأصل عدم الوجوب،و لأنّه محلّ،فلا يجب عليه التوفير كغيره من

ص:196


1- 1التهذيب 5:46 الحديث 139،الاستبصار 2:160 الحديث 520،الوسائل 9:4 الباب 2 من أبواب الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:47 الحديث 144،الاستبصار 2:160 الحديث 521،الوسائل 9:5 الباب 2 من أبواب الإحرام الحديث 6 [2] في الجميع:«...و لا من لحيته».
3- 3) التهذيب 5:48 الحديث 145،الاستبصار 2:161 الحديث 526،الوسائل 9:7 الباب 4 من أبواب الإحرام الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:47 الحديث 145،الاستبصار 2:160 الحديث 522،الوسائل 9:7 الباب 4 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]
5- 5) محمّد بن خالد الخزّاز،روى عن أبي الحسن عليه السّلام و روى عنه زرعة،كذا عنونه الأردبيليّ في جامعه و السيّد الخوئيّ في معجمه.جامع الرواة 2:110، [5]معجم رجال الحديث 16:80. [6]
6- 6) التهذيب 5:48 الحديث 147،الاستبصار 2:161 الحديث 525،الوسائل 9:7 الباب 4 من أبواب الإحرام الحديث 5. [7]

تروك الإحرام.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-بالنهي على التحريم و على وجوب الدم:بما رواه عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتّع حلق رأسه بمكّة، قال:«إن كان جاهلا فليس عليه شيء،و إن تعمّد ذلك في أوّل الشهور للحجّ بثلاثين يوما فليس عليه شيء،و إن تعمّد ذلك بعد الثلاثين التي (1)يوفّر فيها الشعر للحجّ،فإنّ عليه دما يهريقه» (2).

و الجواب عن الأوّل:بحمل النهي على الكراهية؛جمعا بين الأدلّة.

و عن الثاني:باحتمال أن يكون ذلك بعد التلبّس بالإحرام.

و يؤيّده:أنّ السؤال وقع عن متمتّع حلق بمكّة،و هو إنّما يكون بها إذا أحرم.

فرع:

لا بأس بحلق الرأس و قصّ اللحية قبل هلال ذي القعدة على ما تضمّنته

الأخبار (3).

و يستحبّ للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الذي يريد فيه الخروج إلى العمرة؛لحديث معاوية بن عمّار (4).

و لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:كم

ص:197


1- 1أكثر النسخ:الذي.
2- 2) التهذيب 5:48 الحديث 149،الاستبصار 2:242 الحديث 843.
3- 3) ينظر:الوسائل 9:6 الباب 4 من أبواب الإحرام. [1]
4- 4) التهذيب 5:47 الحديث 144،الاستبصار 2:160 الحديث 521،الوسائل 9:5 الباب 2 من أبواب الإحرام الحديث 6. [2]

أوّفر شعري إذا أردت العمرة؟فقال:«ثلاثين يوما» (1).

مسألة:و يستحبّ له إذا بلغ الميقات التنظيف

بإزالة الشعث،و قطع الرائحة، و نتف الإبط،و قصّ الشارب،و قلم الأظفار،و حلق العانة؛لأنّ الإحرام أمر يسنّ له الاغتسال،فسنّ له هذا كالجمعة.

و لأنّ الإحرام يمنع قطع الشعر و قلم الأظفار،فاستحبّ له فعله قبله،لئلاّ يحتاج إليه في إحرامه،فلا يتمكّن منه.

و يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فانتف إبطك (2)،و احلق عانتك،و قلّم أظفارك،و قصّ شاربك، و لا يضرّك بأيّ ذلك بدأت» (3).

و في الصحيح عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التهيّؤ للإحرام فقال:«تقليم الأظفار،و أخذ الشارب،و حلق العانة» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سئل عن نتف الإبط،و حلق العانة،و الأخذ من الشارب ثمّ يحرم،قال:«نعم،لا بأس به» (5).

ص:198


1- 1التهذيب 5:47 الحديث 143،و ص 445 الحديث 1552،الوسائل 9:6 الباب 3 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) خا:إبطيك،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 5:61 الحديث 193،الوسائل 9:9 الباب 6 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:61 الحديث 194،الوسائل 9:8 الباب 6 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:61 الحديث 195 الوسائل 9:9 الباب 6 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
فرع:

لو أطلى قبل الإحرام اجتزأ به ما لم يمض خمسة عشر يوما،فإن مضت،

استحبّ له الإطلاء.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام و نحن بالمدينة عن التهيّؤ للإحرام،فقال:«أطل بالمدينة و تجهّز بكلّ ما تريد،و اغتسل،و ان شئت استمتعت (1)بقميصك حتّى تأتي مسجد الشجرة» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يطلي قبل الإحرام بخمسة عشر يوما» (3).

و إذا أتى عليه خمسة عشر يوما فالأفضل استئناف التنظيف؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا حاضر- فقال:إذا أطليت للإحرام الأوّل كيف أصنع للطلية الأخيرة و كم بينهما؟قال:«إذا كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فأطل» (4).

آخر:

و يستحبّ الإطلاء و إن مضت دون هذه المدّة؛لأنّه زيادة في التنظيف.

و الإطلاء أفضل من الحلق،و الحلق أفضل من نتف الإبط.

روى الشيخ عن عبد اللّه بن أبي يعفور،قال:كنّا بالمدينة،فلاحاني زرارة في نتف الإبط و حلقه،فقلت:حلقه أفضل،و قال زرارة:نتفه أفضل،فاستأذنّا على

ص:199


1- 1أكثر النسخ:استمتع.
2- 2) التهذيب 5:62 الحديث 196،الوسائل 9:10 الباب 7 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:62 الحديث 197،الوسائل 9:11 الباب 7 من أبواب الإحرام الحديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 5:62 الحديث 198،الوسائل 9:10 الباب 7 من أبواب الإحرام الحديث 4. [3]

أبي عبد اللّه عليه السّلام،فأذن لنا و هو في الحمّام يطلي قد أطلى (1)إبطيه،فقلت لزرارة:يكفيك؟قال:لا،لعلّه فعل هذا لما لا يجوز لي أن أفعله،فقال:«فيم أنتما؟» فقلت:إنّ زرارة لاحاني في نتف الإبط و حلقه،قلت:حلقه أفضل،فقال:«أصبت السنّة و أخطأها زرارة،حلقه أفضل من نتفه،و طليه أفضل من حلقه»ثمّ قال لنا:

«أطليا»فقلنا:فعلنا منذ ثلاث،فقال:«أعيدا،فإنّ الإطلاء طهور» (2).

مسألة:و يستحبّ الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات،

و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور عن خارجة بن زيد بن ثابت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تجرّد لإهلاله و اغتسل (3).و أمر أسماء بنت عميس-و هي نفساء-أن تغتسل عند الإحرام (4).و أمر عائشة أن تغتسل عند الإهلال بالحجّ و هي حائض (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق،أو إلى وقت من هذه المواقيت و أنت تريد الإحرام إن شاء اللّه،فانتف إبطيك (6)،و قلّم أظفارك،و أطل عانتك،و خذ من شاربك،و لا يضرّك بأيّ ذلك بدأت،ثمّ استك و اغتسل،و البس ثوبيك،و ليكن فراغك من ذلك إن شاء اللّه عند زوال الشمس،و إن (7)لم يكن ذلك

ص:200


1- 1ع:قد طلى،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 5:62 الحديث 199،الوسائل 1:437 الباب 85 من أبواب آداب الحمّام الحديث 4. [1]
3- 3) سنن الترمذيّ 3:193 الحديث 830، [2]سنن البيهقيّ 5:33.
4- 4) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:144 الحديث 1743، [3]سنن ابن ماجة 2: 971،972 الحديث 2911-2913،سنن البيهقيّ 5:32.
5- 5) صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن البيهقيّ 4:347.
6- 6) ج و ق:إبطك،كما في الوسائل. [4]
7- 7) ع:فإن،كما في الفقيه.

عند زوال الشمس فلا يضرّك إلاّ أنّ ذلك أحبّ إليّ أن يكون عند زوال الشمس» (1).

و الأخبار في ذلك كثيرة أوردناها في باب الأغسال المسنونة (2).

مسألة:و لا نعرف خلافا في استحباب هذا الغسل.

قال ابن المنذر:أجمع أهل العلم على أنّ الإحرام جائز بغير اغتسال،و أنّه غير واجب؛لأنّه غسل لأمر مستقبل،فلا يكون واجبا،كغسل الجمعة و العيدين (3).

و هو مستحبّ للرجل و المرأة و الصبيّ و الحائض و النفساء.

روى الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام،عن أبيه،عن جابر، قال:ولدت أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر بذي الحليفة،فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالإهلال (4).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«النفساء و الحائض إذا أتيا على المواقيت،يغتسلان و يحرمان و يقضيان المناسك كلّها غير الطواف بالبيت» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر بالبيداء لأربع بقين من ذي القعدة في حجّة الوداع،فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فاغتسلت و احتشت و أحرمت و لبّت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه،فلمّا

ص:201


1- 1الكافي 4:326 الحديث 1، [1]الفقيه 2:200 الحديث 914،الوسائل 9:22 الباب 15 من أبواب الإحرام الحديث 6. [2]
2- 2) يراجع:الجزء الثاني ص 472.
3- 3) المغني 3:232،الشرح الكبير بهامش المغني 3:231،المجموع 7:212.
4- 4) صحيح مسلم 2:869 الحديث 1210 و 886 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:972 الحديث 2913،سنن النسائيّ 5:164،سنن الدارميّ 2:33، [3]سنن البيهقيّ 5:32.
5- 5) سنن أبي داود 2:144 الحديث 1744. [4]

قدموا مكّة لم تطهر حتّى نفروا من منى و قد شهدت المواقف كلّها،عرفات و جمعا، و رمت الجمار،و لكن لم تطف بالبيت و لم تسع بين الصفا و المروة،فلمّا نفروا من منى أمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فاغتسلت و طافت بالبيت و بالصفا و المروة،و كان جلوسها في أربع بقين من ذي القعدة و عشر من ذي الحجّة و ثلاثة أيّام التشريق» (1).

مسألة:و يجوز تقديم الغسل على الميقات،

و يكون على هيئته إلى أن يبلغ الميقات،ثمّ يحرم،ما لم ينم،أو يمضي عليه يوم و ليلة؛لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لإحرامه،أ يجزئه ذلك من غسل ذي الحليفة؟قال:«نعم» (2).

و رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

فروع:
الأوّل:إنّما يستحبّ التقديم مع خوف عوز الماء،

أمّا مع عدمه فالأولى الاغتسال في الميقات؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (4).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:أرسلنا إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام-و نحن جماعة بالمدينة-أنّا نريد أن نودّعك،فأرسل إلينا أن«اغتسلوا بالمدينة،فإنّي أخاف أن يعزّ عليكم الماء بذي الحليفة،فاغتسلوا بالمدينة و البسوا

ص:202


1- 1الفقيه 2:239 الحديث 1142،الوسائل 9:66 الباب 49 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:63 الحديث 200،الوسائل 9:12 الباب 8 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:63 الحديث 201،الوسائل 9:12 الباب 8 من أبواب الإحرام الحديث 5. [3]
4- 4) سنن الترمذيّ 3:193 الحديث 830،سنن البيهقيّ 5:33.

ثيابكم التي تحرمون فيها،ثمّ تعالوا فرادى أو مثاني» (1).

إذا ثبت هذا:فلو اغتسل قبل الإحرام ثمّ وجد الماء في الميقات،استحبّ له إعادة الغسل؛لأنّ المقتضي للتقديم و هو عوز الماء فائت.

الثاني:غسل اليوم يجزئ عن ذلك اليوم،و غسل الليلة يجزئه عن ليلته

ما لم ينم.

روى الشيخ عن عثمان بن يزيد (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى[الليل في كلّ موضع يجب فيه الغسل،و من اغتسل ليلا] (3)كفاه غسله إلى طلوع الفجر» (4).

و عن أبي بصير و سماعة بن مهران كلاهما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«من اغتسل عند طلوع الفجر و قد استحمّ قبل ذلك ثمّ أحرم من يومه،أجزأه غسله،و إن اغتسل في أوّل الليل ثمّ أحرم في آخر الليل،أجزأه غسله» (5).

الثالث:لو اغتسل ثمّ نام قبل أن يعقد الإحرام،أعاد الغسل؛

لما رواه الشيخ- في الصحيح-عن النضر بن سويد (6)،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن

ص:203


1- 1التهذيب 5:63 الحديث 202،الوسائل 9:11 الباب 8 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) عثمان بن يزيد:قال السيّد الخوئيّ:هو متّحد مع عثمان بن زيد،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و روى عنه محمّد بن عذافر.معجم رجال الحديث 11:138. [2]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:64 الحديث 204،الوسائل 9:14 الباب 9 من أبواب الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:64 الحديث 205،الوسائل 9:14 الباب 9 من أبواب الإحرام الحديث 5. [4]
6- 6) النضر بن سويد الصيرفيّ،قال النجاشيّ:كوفيّ ثقة صحيح الحديث له كتاب،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام قائلا:له كتاب و هو ثقة،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة كوفيّ صحيح الحديث.رجال النجاشيّ:427،رجال الطوسيّ: 362،الفهرست:171، [5]رجال العلاّمة:174. [6]

الرجل يغتسل للإحرام ثمّ ينام قبل أن يحرم،قال:«عليه إعادة الغسل» (1).و كذا في رواية عليّ بن أبي حمزة عنه عليه السّلام (2).

و لأنّ النوم أحد نواقض الطهارة،فاستحبّ إعادته،و إنّما قلنا إنّه على سبيل الاستحباب؛لأنّ الأصل عدم الوجوب.و لأنّ الغسل الأصليّ مستحبّ،فإعادته أولى بعدم الوجوب.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العيص بن قاسم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين ثمّ ينام قبل أن يحرم،قال:«ليس عليه غسل» (3).

الرابع:لو لبس قميصا مخيطا،أعاد الغسل استحبابا؛

لأنّه مناف للإحرام، فكان منافيا لأفعاله.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اغتسل للإحرام ثمّ لبس قميصا قبل أن يحرم،فقال:«قد انتقض غسله» (4).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا اغتسل الرجل و هو يريد أن يحرم فلبس قميصا قبل أن يلبّي،فعليه الغسل» (5).

ص:204


1- 1التهذيب 5:65 الحديث 206،الاستبصار 2:164 الحديث 537،الوسائل 9:14 الباب 10 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) الكافي 4:328 الحديث 5، [2]التهذيب 5:65 الحديث 207،الاستبصار 2:164 الحديث 538، الوسائل 9:14 الباب 10 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 5:65 الحديث 208،الاستبصار 2:164 الحديث 539،الوسائل 9:15 الباب 11 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]
4- 4) التهذيب 5:65 الحديث 209،الوسائل 9:15 الباب 11 من أبواب الإحرام الحديث 1. [5]
5- 5) التهذيب 5:65 الحديث 210،الوسائل 9:15 الباب 11 من أبواب الإحرام الحديث 2. [6]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و كذا لو أكل ما لا يحلّ للمحرم أكله بعد الغسل،فإنّه يعيد الغسل استحبابا (1)،رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا لبست ثوبا لا ينبغي لبسه،أو أكلت طعاما لا ينبغي لك أكله، فأعد الغسل» (2).

و في رواية عمر بن يزيد عنه عليه السّلام،قال:«إذا اغتسلت للإحرام فلا تقنّع، و لا تطيّب،و لا تأكل طعاما فيه طيب فتعيد الغسل» (3).

الخامس:لو قلّم أظفاره بعد الغسل قبل أن يحرم،لم يكن عليه شيء؛

لأنّه محلّ،و لا يعيد الغسل؛لما رواه الشيخ عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل اغتسل للإحرام ثمّ قلّم أظفاره،قال:«يمسحها بالماء و لا يعيد الغسل» (4).

السادس:يجوز الادّهان بعد الغسل قبل الإحرام؛

لأنّه محلّ.

و لما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:قال ابن أبي يعفور للصادق عليه السّلام:ما تقول في دهنة بعد الغسل للإحرام؟فقال:«قبل و بعد و مع ليس به بأس» (5).

هذا إذا لم يكن الدهن طيبا (6)،أمّا إذا كان فيه طيب يبقى إلى بعد الإحرام، فلا يجوز ذلك؛لما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن الصادق

ص:205


1- 1المبسوط 1:314، [1]النهاية:212. [2]
2- 2) التهذيب 5:71 الحديث 232،الوسائل 9:16 الباب 13 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:71 الحديث 231،الوسائل 9:16 الباب 13 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
4- 4) التهذيب 5:66 الحديث 211،الوسائل 9:16 الباب 12 من أبواب الإحرام الحديث 2. [5]
5- 5) الفقيه 2:201 الحديث 918،الوسائل 9:106 الباب 30 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [6]
6- 6) ع:إذا لم يكن فيه طيب،مكان:إذا لم يكن الدهن طيبا.

عليه السّلام،قال:«الرجل يدّهن بأيّ دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك و لا عنبر و لا زعفران و لا ورس،قبل أن يغتسل» (1).

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألته عن الرجل يدّهن بدهن فيه طيب و هو يريد أن يحرم،فقال:«لا يدّهن حين يريد أن يحرم بدهن فيه مسك و لا عنبر يبقى ريحه في رأسه (2)بعد ما يحرم،و ادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل أو بعده،فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتّى تحلّ» (3).

و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

السابع:لو أحرم من غير غسل،أعاد الإحرام مستحبّا؛

لأنّه مقدّمة مندوبة، فاستحبّ إعادة الفعل مع الإخلال بها،كالأذان.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحسين بن سعيد،عن أخيه الحسن (4)،قال:كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن عليه السّلام:رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما،ما عليه في ذلك؟و كيف ينبغي له أن يصنع؟

ص:206


1- 1الفقيه 2:201 الحديث 920،الوسائل 9:105 الباب 30 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) في المصادر:رأسك.
3- 3) الفقيه 2:202 الحديث 921،الوسائل 9:104 الباب 29 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) الحسن بن سعيد بن حمّاد الكوفيّ الأهوازيّ مولى عليّ بن الحسين عليه السّلام،قال النجاشيّ:شارك أخاه الحسين في الكتب الثلاثين المصنّفة،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا عليه السّلام و أخرى من أصحاب الجواد عليه السّلام،و قال في الفهرست: [3]الحسن بن سعيد بن حمّاد بن سعيد ابن مهران الأهوازيّ من موالي عليّ بن الحسين عليه السّلام أخو الحسين بن سعيد،ثقة،روى جميع ما صنّفه أخوه عن جميع شيوخه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:كان الحسن ثقة و كذلك الحسين أخوه،و قال المامقانيّ:تلخيص المقال:إنّ الحسين بن سعيد من الثقات المسلّم وثاقتهم الغير المغموز فيه بوجه من الوجوه.رجال النجاشيّ:58،رجال الطوسيّ:372،399،الفهرست:53، [4]رجال العلاّمة:39، [5]تنقيح المقال 1:282. [6]

فكتب:«يعيده» (1).

الثامن:لو لم يجد الماء للاغتسال،قال الشيخ-رحمه اللّه-:تيمّم .

(2)

و هو اختيار الشافعيّ (3).

و قال أحمد:لا يستحبّ التيمّم (4).

لنا:أنّه غسل مشروع،فناب عنه التيمّم كالواجب.

احتجّ أحمد:بأنّه غسل مسنون،فلا يستحبّ له التيمّم،كالجمعة.و لأنّ الفرق بين الواجب و المسنون أنّ الواجب يراد لإباحة الصلاة،و التيمّم يقوم مقامه في ذلك،و المسنون يراد للتنظيف و قطع الرائحة،و هو غير حاصل بالتيمّم،بل يحصّل فيه شعثا و تغبيرا (5).

مسألة:و يستحبّ أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر،

يبدأ بصلاة الإحرام و هي ستّ ركعات،فإن لم يتمكّن فركعتان مستحبّ ذلك كلّه،ثمّ يصلّي الظهر،ثمّ يحرم عقيب الظهر،و إن أحرم في غير وقت الزوال،جاز،لكن يستحبّ أن يكون عقيب فريضة،و هو أدون من الأوّل في الفضل،فإن لم يكن وقت فريضة،صلّى ستّ ركعات للإحرام مستحبّة،ثمّ يحرم عقيبها،فإن لم يتمكّن،صلّى ركعتين.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:207


1- 1التهذيب 5:78 الحديث 260،الوسائل 9:28 الباب 20 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:314.
3- 3) الأمّ 2:145،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:213،مغني المحتاج 1:479،السراج الوهّاج:157.
4- 4) المغني 3:233،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:231،الكافي لابن قدامة 1:528، [3]الإنصاف 3:432.
5- 5) المغني 3:233،الشرح الكبير بهامش المغني 3:231 و 232،الكافي لابن قدامة 1:528.

قال:«لا يضرّك بليل أحرمت أو نهار،إلاّ أنّ أفضل ذلك عند زوال الشمس» (1).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،ليلا أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو نهارا؟فقال:«بل نهارا»فقلت:فأيّة ساعة؟قال:

«صلاة الظهر» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تصلّي للإحرام ستّ ركعات تحرم في دبرها» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

«لا يكون إحرام،إلاّ في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة،فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها[بعد التسليم،و إن كانت نافلة صلّيت ركعتين و أحرمت في دبرها] (4)،فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد اللّه عزّ و جلّ و اثن عليه،و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و تقول:اللهمّ إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك و آمن بوعدك و اتّبع أمرك،فإنّي عبدك و في قبضتك،لا أوقى إلاّ ما وقيت،و لا آخذ إلاّ ما أعطيت، و قد ذكرت الحجّ فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك و سنّة نبيّك،و تقوّيني على ما ضعفت عنه،و تسلّم (5)منّي مناسكي في يسر منك و عافية،و اجعلني من وفدك الذين رضيت و ارتضيت و سمّيت و كتبت،اللهمّ إنّي خرجت من شقّة بعيدة،

ص:208


1- 1التهذيب 5:78 الحديث 256،الوسائل 9:21 الباب 15 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:78 الحديث 255،الاستبصار 2:167 الحديث 549،الوسائل 9:21 الباب 15 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:78 الحديث 257،الاستبصار 2:166 الحديث 545،الوسائل 9:26 الباب 18 من أبواب الإحرام الحديث 4. [3]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) أكثر النسخ:و تتسلّم.

و أنفقت مالي ابتغاء مرضاتك،اللهمّ فتمّم لي حجّي،اللهمّ إنّي أريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك و سنّة نبيّك صلواتك عليه و آله،فإن عرض لي عارض يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،اللهمّ إن لم تكن حجّة فعمرة،أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب أبتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة،يجزئك أن تقول هذا مرّة واحدة حين (1)تحرم،ثمّ قم فامش هنيئة،فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلبّ» (2).

و روى الشيخ عن إدريس بن عبد اللّه (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟قال:«يقيم إلى المغرب»قلت:

فإن أبى جمّاله أن يقيم عليه؟قال:«ليس له أن يخالف السنّة» (4)قال:ذلك كراهة الشهرة.

ص:209


1- 1أكثر النسخ:«حتّى»مكان:«حين».
2- 2) الكافي 4:331 الحديث 2، [1]الفقيه 2:206 الحديث 939،التهذيب 5:77 الحديث 253،الاستبصار 2:166 الحديث 548،فيه صدر الحديث فقط،الوسائل 9:22 الباب 16 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]الرواية بألفاظ مختلفة و مضمون واحد و ما في المتن أكثر تطابقا مع ما في الفقيه.
3- 3) إدريس بن عبد اللّه القمّيّ كذا عنونه الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السّلام،و احتمل العلاّمة المامقانيّ اتّحاده مع إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعريّ،و قوّى السيّد الخوئيّ الاتّحاد،و يظهر الاتّحاد أيضا من الصدوق في المشيخة فإنّه قال:ما كان فيه:عن إدريس بن عبد اللّه القمّيّ فقد رويته...عن إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعريّ القمّيّ.و وثّقه النجاشيّ و المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. الفقيه(شرح المشيخة)2:109،رجال النجاشيّ:104،رجال الطوسيّ:150،رجال العلاّمة:13، [3]تنقيح المقال 1:105 و 106، [4]معجم رجال الحديث 3:11. [5]
4- 4) التهذيب 5:78 الحديث 259،الوسائل 9:27 الباب 19 من أبواب الإحرام الحديث 3.و [6]فيهما بزيادة: قلت:أله أن يتطوّع بعد العصر؟قال:لا بأس به و لكنّي أكرهه للشهرة...».
فرع:

ينبغي له إذا صلّى ركعتي الإحرام أن يقرأ في الأولى:الحمد و قل يا أيّها

الكافرون،

و في الثانية:الحمد و قل هو اللّه أحد،و لو عكس،جاز،و كذا لو قرأ غيرهما.و قد بيّنّا هذا في كتاب الصلاة (1).

و يصلّي صلاة الإحرام في كلّ وقت ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة،فحينئذ يبدأ بالفريضة ثمّ بصلاة الإحرام،و لو كان الوقت متّسعا،بدأ بنافلة الإحرام ثمّ بصلاة الفريضة.

مسألة:و لا ينبغي له أن يتطيّب للإحرام قبل الإحرام،فإن فعله كان مكروها،

إلاّ أن يكون ممّا تبقى رائحته إلى بعد الإحرام،فإنّه يكون محرّما.و به قال عليّ عليه السّلام،و عمر بن الخطّاب (2)،و مالك (3)،و محمّد بن الحسن (4).

و قال الشافعيّ:يستحبّ له أن يتطيّب قبل الإحرام للإحرام،سواء كان طيبا يبقى عينه،كالغالية و المسك،أو تبقى رائحته،كالبخور و العود و النّد (5)(6).

ص:210


1- 1يراجع:ج 5:102.
2- 2) المغني 3:234،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،المجموع 7:222،بداية المجتهد 1:328، عمدة القارئ 9:156.قول عليّ عليه السّلام لم نجده في المصادر.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:361،بداية المجتهد 1:328،بلغة السالك 1:288،حلية العلماء 3:274،المغني 3:234،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،المجموع 7:222،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 249، [1]بدائع الصنائع 2:144.
4- 4) بدائع الصنائع 2:144،الهداية للمرغينانيّ 1:137،شرح فتح القدير 2:338،عمدة القارئ 9:156، حلية العلماء 3:274،المجموع 7:222.
5- 5) الندّ:ضرب من الطيب يدخّن به.لسان العرب 3:421. [2]
6- 6) الأمّ 2:151،حلية العلماء 3:274،المجموع 7:218 و 221، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:247، [4]مغني المحتاج 1:479،السراج الوهّاج:157.

و به قال عبد اللّه بن الزبير،و ابن عبّاس،و سعد بن أبي وقّاص،و أمّ حبيبة، و عائشة،و معاوية (1)،و أبو حنيفة،و أبو يوسف (2).

و روي ذلك عن ابن الحنفيّة،و أبي سعيد الخدريّ،و عروة،و الشعبيّ (3).و به قال أحمد (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن يعلى بن أميّة (5)،قال:كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالجعرانة،فأتاه رجل عليه مقطّعة-يعني جبّة-و هو مضمّخ بالخلوق في بعضها،و عليه درع من زعفران،فقال:يا رسول اللّه إنّي أحرمت بالعمرة و هذه عليّ،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما كنت تصنع في حجّك»؟قال:كنت أنزع هذه المقطّعة و أغسل هذا الخلوق،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ما كنت صانعا في حجّك فاصنعه في عمرتك» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،قال:

ص:211


1- 1المغني 3:234،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،المجموع 7:222، [1]عمدة القارئ 9:156.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:123،بدائع الصنائع 2:144،الهداية للمرغينانيّ 1:137،شرح فتح القدير 2:338،مجمع الأنهر 1:267،عمدة القارئ 9:156.
3- 3) المغني 3:234،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،عمدة القارئ 9:156.
4- 4) المغني 3:234،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،الكافي لابن قدامة 1:529،الإنصاف 3:432. [2]
5- 5) يعلى بن أميّة بن أبي عبيدة بن همّام بن الحارث التميميّ الحنظليّ أبو صفوان،و قيل:أبو خالد،خرج مع عائشة في وقعة الجمل،ثمّ شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام و يقال:إنّه قتل بها،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عمر و عتبة بن أبي سفيان،و روى عنه أولاده صفوان و عثمان و محمّد و عبد الرحمن و ابن ابنه صفوان بن عبد اللّه بن يعلى و عطاء و مجاهد و غيرهم.أسد الغابة 5:128، [3]الإصابة 3:668، [4]تهذيب التهذيب 11:399. [5]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:167،صحيح مسلم 2:836 الحديث 1180،سنن النسائيّ 5:142،143،مسند أحمد 4:224، [6]سنن الدار قطنيّ 2:231 الحديث 64.

سألت أخي موسى عليه السّلام يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر (1)،فقال:«إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به» (2).

و عن إسماعيل بن الفضل،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب،فقال:«إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه» (3).

و الأخبار في المنع من ذلك كثيرة (4)،سيأتي بيانها إن شاء اللّه.

و لأنّ هذا معنى يمنع من ابتدائه فمنع (5)من استدامته،كاللبس.

و لأنّه في معنى المتطيّب بعد الإحرام،فكان ممنوعا منه.

و لأنّ النهي يتناول الاستدامة،كالاستئناف،و للاحتياط.

احتجّ المخالف (6):بما روته عائشة،قالت:كنت أطيّب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لإحرامه قبل أن يحرم،و لحلّه قبل أن يطوف (7).

و الجواب:أنّه كما يتناول ما تبقى رائحته إلى بعد الإحرام،يتناول ما لا يبقى، و ليس من صيغ العموم؛لأنّه حكاية حال،فلا تعمّ،فيحمل على الثاني؛جمعا بين الأدلّة.

ص:212


1- 1العصفر:نبت معروف،المصباح المنير:414.
2- 2) التهذيب 5:67 الحديث 217،الاستبصار 2:165 الحديث 540،الوسائل 9:120 الباب 4 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 5:68 الحديث 223،الوسائل 9:123 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
4- 4) الوسائل 9:122 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام.
5- 5) ع:فيمنع.
6- 6) المغني 3:235،الشرح الكبير بهامش المغني 3:233،المجموع 7:222،بدائع الصنائع 2:144.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:168،صحيح مسلم 2:846 الرقم 1189،سنن أبي داود 2:144 الرقم 1745، [3]سنن النسائيّ 5:137،سنن الدارميّ 2:32، [4]مسند أحمد 6:162، [5]سنن البيهقيّ 5:34.
فرع:

لو لبس ثوبا مطيّبا ثمّ أحرم،و كانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام،وجب نزعه

على ما قلناه،

أو إزالة الطيب عنه،فإن لم يفعل،وجب الفداء.

و أمّا الشافعيّ:فيأتي على مذهبه أنّه لا يجب الفداء إلاّ إذا نزعه ثمّ لبسه؛لأنّه لبس ثوبا مطيّبا بعد إحرامه (1).

و لو نقل الطيب من موضع من الثواب أو البدن إلى موضع آخر لزمه الفداء؛لأنّه ابتدأ الطيب بعد إحرامه،و كذا إذا تعمّد مسكه بيده،أو نقله من موضعه و ردّه إليه.

و لو تطيّب فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر،ففيه وجهان للشافعيّ:

أحدهما:أنّه لا يجب الفداء؛لأنّه يجري مجرى الناسي.

و الثاني:يجب؛لأنّه حصل بسببه و اعتماده على الأوّل (2).

ص:213


1- 1حيث إنّه قال باستحباب الطيب قبل الإحرام و لو يبقى أثره بعد الإحرام،راجع:ص 210. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:275،المجموع 7:218،فتح العزيز بهامش المجموع 7:250.
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الإحرام

إذا بلغ الحاجّ إلى الميقات،قلّم أظفاره،و أخذ من شاربه،و نتف إبطيه أو تنوّر، و حلق عانته،و اغتسل،و يستحبّ له أن يقول عند الاغتسال:بسم اللّه و باللّه اللهمّ اجعله لي نورا و طهورا و حرزا و أمنا من كلّ خوف،و شفاء من كلّ داء و سقم، اللهمّ طهّرني و طهّر لي قلبي،و اشرح لي صدري،و اجر على لساني محبّتك و مدحتك و الثناء عليك،فإنّه لا قوّة إلاّ بك،و قد علمت أنّ قوام ديني التسليم لأمرك،و الاتّباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه و آله،ثمّ يلبس ثوبي إحرامه يأتزر بأحدهما و يتوشّح بالآخر و يقول:الحمد للّه الذي رزقني ما أواري به عورتي، و أؤدّي فيه فرضي،و أبعد فيه ربّي،و أنتهي فيه إلى ما أمرني به،الحمد للّه الذي قصدته فبلّغني،و أردته فأعانني و قبلني و لم يقطع بي،و وجهه أردت فسلّمني،فهو حصني و كهفي و حرزي و ظهري و ملاذي و ملجئي (1)و منجاي و ذخري و عدّتي في شدّتي و رجائي،ثمّ تصلّي للإحرام ستّ ركعات يتوجّه في الأولى منها،و يقرأ في كلّ ركعتين في الأولى:الحمد و قل هو اللّه أحد،و في الثانية:الحمد و قل يا أيّها الكافرون،و يقنت في ثانية كلّ ركعتين،و يسلّم في كلّ ركعتين،ثمّ يصلّي الفريضة

ص:214


1- 1ج،ق و خا:و لجأي.

إن كان وقت فريضة،و يحرم عقيبها،و إلاّ أحرم عقيب النوافل،فإذا فرغ من صلاته،حمد اللّه و أثنى عليه بما هو أهله،و صلّى على محمّد و آله عليهم السّلام.

ثمّ قال:اللهمّ إنّي أسألك،إلى آخر الدعاء الذي رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام،و قد تقدّم (1).

فإذا فرغ من الدعاء لبّي فيقول:لبّيك اللهمّ لبّيك،لبّيك لا شريك لك لبّيك،إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك،و يكثر من التلبية و لا يزال على هيئته هذه إلى أن يدخل مكّة و يطوف و يسعى و يقصّر و قد أحلّ.

و إحرام الحجّ كذلك إلاّ أنّه يبتدأ به من المسجد على ما مرّ،ثمّ يمضي إلى عرفات و يفعل المناسك على السياقة التي بيّنّاها في أوّل الكتاب (2).

و هذه الكيفيّة تشتمل على الواجب و الندب،فالواجب:النيّة،و لبس ثوبي الإحرام،و التلبيات الأربع.و المندوب ما عداه،و أنا أسوق إليك تفصيل ذلك إن شاء اللّه تعالى في مسائل مع ذكر الخلاف الواقع فيه بعون اللّه تعالى.

و النظر في هذا البحث يقع في أمور ثلاثة:

الأوّل:النيّة
مسألة:النيّة واجبة في الإحرام و شرط فيه،

و لا نعرف فيه خلافا؛لقوله تعالى:

وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (3).

ص:215


1- 1الكافي 4:331 الحديث 2، [1]الفقيه 2:206 الحديث 939،التهذيب 5:77 الحديث 253،الاستبصار 2:166 الحديث 548،الوسائل 9:22 الباب 16 من أبواب الإحرام الحديث 1،و [2]قد تقدّم الحديث في ص 119.
2- 2) يراجع:ص 208.
3- 3) البيّنة(98):5. [3]

و لقوله عليه السّلام:«الأعمال بالنيّات» (1).

و لقوله عليه السّلام:«لا عمل إلاّ بنيّة (2)» (3).

إذا عرفت هذا:فكيفيّة النيّة أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة:ما يحرم به من حجّ أو عمرة متقرّبا إلى اللّه تعالى،و يذكر (4)نوع ما يحرم له من تمتّع أو قران أو إفراد، و يذكر الوجوب و الندب،و ما يحرم له من حجّة الإسلام أو غيرها.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إذا أردت الإحرام و التمتّع فقل:اللهمّ إنّي أريد ما أمرت به من التمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فيسّر لي ذلك (5)،و تقبّله منّي و أعنّي عليه،و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،أحرم لك شعري و بشري من النساء و الطيب و الثياب، و إن شئت فلبّ (6)حين تنهض،و إن شئت فأخّره حتّى تركب بعيرك و تستقبل القبلة فافعل» (7).

ص:216


1- 1صحيح البخاريّ 1:31 و 32،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201،سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227، سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدار قطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 518،الوسائل 1:34 الباب 5 [1] من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 10،و ج 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2 و 3،و ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 11.
2- 2) ع:«بالنيّة».
3- 3) الكافي 2:84 الحديث 1، [2]التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1:33 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1. [3]
4- 4) ج و ح:و ذكر.
5- 5) ق:فيسّر ذلك لي،كما في المصادر.
6- 6) ج،ق،ح و خا:«قلت»كما في التهذيب.
7- 7) التهذيب 5:79 الحديث 263،الاستبصار 2:167،الحديث 553 فيه صدر الحديث،الوسائل 9:23 الباب 16 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
مسألة:و لو نوى الإحرام مطلقا و لم ينو لا حجّا و لا عمرة،انعقد إحرامه،

و كان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحج؛لأنّه عبادة منويّة،فصحّت.

و روى الجمهور عن طاوس،قال:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من المدينة لا يسمّى حجّا و لا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء و هو بين الصفا و المروة، فأمر أصحابه:من كان منهم أهلّ و لم يكن معه هدي أن يجعلوها عمرة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال:لمّا رجع من اليمن وجد فاطمة عليها السّلام قد أحلّت فجاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مستفتيا و محرّشا (2)على فاطمة عليها السّلام،فقال:«أنا أمرت الناس بذلك فبم أهللت أنت يا عليّ؟فقال:«إهلالا كإهلال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كن على إحرامك مثلي،فأنت شريكي في هديي»و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ساق معه مائة بدنة،فجعل لعليّ عليه السّلام منها أربعا و ثلاثين،و لنفسه ستّا و ستّين،و نحرها كلّها بيده،ثمّ أخذ من كلّ بدنة جذوة طبخها في قدر،و أكلا منها و تحسّيا (3)من المرق،فقال:«قد أكلنا الآن منها جميعا»و لم يعطيا الجزّارين جلودها و لا جلالها (4)و لا قلائدها و لكن تصدّق بها، و كان عليّ عليه السّلام يفتخر على الصحابة و يقول:«من فيكم مثلي و أنا شريك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هديه،و من فيكم مثلي و أنا الذي ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هديي بيده» (5).

ص:217


1- 1سنن البيهقيّ 4:339 و ج 5:6،و رواه الشافعيّ في الأمّ 2:127،و قد تقدّم الحديث عن جابر في ص 434.
2- 2) أراد ما يوجب عتابها.مجمع البحرين 4:133.
3- 3) أي:شربا منه شيئا بعد شيء،و الحسوة:الجرعة من الشراب ملء الفم.مجمع البحرين 1:99. [1]
4- 4) جلّ الدابّة،كثوب الإنسان يلبسه يقيه البرد و الجمع:جلال.المصباح المنير:106. [2]
5- 5) الفقيه 2:153-154 الحديث 665،علل الشرائع:413، [3]الوسائل 8:150-153 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [4]

و لأنّ الإحرام بالحجّ يخالف غيره من إحرام سائر العبادات؛لأنّه لا يخرج منه بالفساد.

و إذا عقد عن غيره،أو تطوّعا و عليه فرضه،وقع عن فرضه،فجاز أن ينعقد مطلقا.

فروع:
الأوّل:إذا ثبت أنّه ينعقد مطلقا،فإن صرفه إلى الحجّ،صار حجّا،

و إن صرفه إلى العمرة،كان عمرة،و إلى أيّ أنواع الحجّ صرفه،انصرف إليه من تمتّع أو قران أو إفراد.

و لو صرفه إلى الحجّ و العمرة معا،لم يصحّ عندنا،و صحّ عند المخالفين،و هذا يبني (1)على جواز نيّة حجّة و عمرة و عدمه.

الثاني:لو عقده مطلقا قبل أشهر الحجّ،انعقد بعمرة،و لم ينعقد مطلقا؛

لأنّ هذا إحرام لا يصحّ لغير العمرة،فانصرف إليها،و لا يصلح للحجّ؛لأنّه لم يقع في أشهره، فلا ينصرف إليه؛لأنّ الأصل في الأفعال الصحّة.

الثالث:لو كان عليه حجّ واجب أو عمرة واجبة و أطلق الإحرام،

فالأشبه انصراف المطلق إلى ما تعيّن عليه من حجّ أو عمرة.

مسألة:يصحّ إبهام الإحرام،و هو:أن يحرم بما أحرم به فلان؛

لما رواه الجمهور عن جابر (2)و أنس أنّ عليّا عليه السّلام قدم من اليمن على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كان قد أهلّ إهلالا كإهلال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له النبيّ

ص:218


1- 1ج:يبتني.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:172،صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:156 الحديث 1789،مسند أحمد 3:305، [1]سنن البيهقيّ 5:41.

صلّى اللّه عليه و آله:بم أهللت؟قال:«إهلالا كإهلالك»فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أقم على إحرامك» (1).

و كذلك أحرم أبو موسى الأشعريّ إحراما كإحرام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالطواف و السعي و الإحلال (2).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث ابن بابويه أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أحرم إحراما كإحرام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و لأنّ إطلاق الإحرام و تعيينه صحيحان و هو لا يخلو عن أحدهما،بل هو أخصّ من المطلق،فكان أولى.

فروع:
الأوّل:إذا علم ما أحرم به فلان،انعقد إحرامه بمثله؛

فإنّ عليّا عليه السّلام قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما ذا قلت حين فرضت (4)الحجّ؟»قال:«قلت:اللهمّ إنّي أهلّ بما أهلّ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»قال:«فإنّ معي الهدي، فلا تحلّ» (5).

الثاني:لو لم يعلم و تعذّر عليه علم ذلك بموته أو بغيبته،

قال الشيخ- رحمه اللّه-:يتمتّع احتياطا للحجّ و العمرة (6).

ص:219


1- 1صحيح البخاريّ 2:172،صحيح مسلم 2:914 الحديث 1250،سنن الترمذيّ 3:290 الحديث 956،مسند أحمد 3:185،سنن البيهقيّ 5:15.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:173،صحيح مسلم 2:894 الحديث 1221،سنن النسائيّ 5:154،مسند أحمد 4:395،سنن البيهقيّ 5:41.
3- 3) يراجع:ص 217.
4- 4) ع:أردت.
5- 5) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن البيهقيّ 5:7.
6- 6) المبسوط 1:317، [1]الخلاف 1:432 مسألة-67.

و لو بان أنّ فلانا لم يحرم،انعقد مطلقا،و كان له صرفه إلى أيّ الأنساك شاء، و لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا فحكمه حكم من لم يحرم؛لأنّ الأصل عدم الإحرام.

الثالث:لو لم يعيّن ثمّ شرع في الطواف قبل التعيين،

قال بعض الجمهور:ينعقد حجّا و ينوي الحجّ،و يقع هذا الطواف طواف القدوم،و لا يصير معتمرا؛لأنّ الطواف ركن في العمرة،فلا يقع بغير نيّة،و طواف القدوم لا يحتاج إلى النيّة،فيصير حاجّا (1).و لو قيل:إنّه لا يعتدّ بطوافه؛لأنّه طاف لا في حجّ و لا عمرة،كان حسنا.

الرابع:تعيين الإحرام أولى من إطلاقه.

و به قال مالك (2)،و الشافعيّ في أحد قوليه.و قال في الآخر:الإطلاق أولى (3).

لنا:أنّه إذا عيّن،كان عالما بما هو متلبّس به،فيكون أولى من عدم العلم.

احتجّ (4):بحديث طاوس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أطلق الإحرام (5).

و الجواب:أنّه مرسل،و الشافعيّ لا يعمل بالمراسيل المفردة (6)،فكيف مع مخالفته للروايات الدالّة على أنّه عليه السّلام عيّن ما أحرم به.

الخامس:لو لم يعيّن حجّا و لا عمرة و لا إحراما،لم يصحّ؛

لما تقدّم من أنّ النيّة شرط و لم يوجد،فلم ينعقد الإحرام أصلا بخلاف الإطلاق.

ص:220


1- 1بلغة السالك 1:268.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:361،بلغة السالك 1:268،المغني 3:251،الشرح الكبير بهامش المغني 3:236.
3- 3) الأمّ 2:126 و 127،حلية العلماء 3:277،المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:227،فتح العزيز بهامش المجموع 7:207،مغني المحتاج 1:467،السراج الوهّاج:156،المغني 3:251، الشرح الكبير بهامش المغني 3:236.
4- 4) الأمّ 2:127،فتح العزيز بهامش المجموع 7:207،المغني 3:251،الشرح الكبير بهامش المغني 3:236.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:339 و ج 5:6،الأمّ 2:127.
6- 6) المغني 3:252،الشرح الكبير بهامش المغني 3:236.
مسألة:و لو أحرم بنسك ثمّ نسيه،تخيّر بين الحجّ و العمرة إذا لم يتعيّن عليه

أحدهما،

قاله الشيخ في المبسوط (1).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه أن ينوي القرآن (2).و به قال الشافعيّ في الأمّ و الإملاء،و قال في القديم:يتحرّى و يبني على ما يغلب على ظنّه (3).

و قال أحمد:يجعل ذلك عمرة (4).و به قال الشيخ في الخلاف (5).

لنا:أنّه قبل الإحرام يجوز ابتداء أيّ النسكين شاء،فمع عدم التعيين يستمرّ هذا الجواز مع النسيان؛عملا باستصحاب الحال السالم عن معارضته الذكر.و لأنّه لو أحرم بالحجّ جاز له فسخه إلى العمرة على ما تقدّم (6).

احتجّ الشافعيّ على القديم:بأنّه اشتباه في شرط من شرائط العبادة،فكان له الاجتهاد فيه،كالإناءين و القبلة (7).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الشكّ لحق به في فعله بعد التلبّس بالعبادة،فلم يكن له الاجتهاد،و إنّما يرجع إلى اليقين،كمن شكّ في عدد الركعات،بخلاف الإنائين و القبلة؛لأنّ عليهما أمارات يرجع إليها عند الاشتباه،و أمّا هاهنا فإنّه شكّ في فعل

ص:221


1- 1المبسوط 1:317. [1]
2- 2) شرح فتح القدير 2:344،المغني 3:254،الشرح الكبير بهامش المغني 3:262.
3- 3) الأمّ 2:127،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:65،حلية العلماء 3:278،المهذّب للشيرازيّ 1:205، المجموع 7:229 و 233،فتح العزيز بهامش المجموع 2:222،المغني 3:254،الشرح الكبير بهامش المغني 3:262.
4- 4) المغني 3:254،الشرح الكبير بهامش المغني 3:262،الكافي لابن قدامة 1:532،الإنصاف 3:450.
5- 5) الخلاف 1:432 مسألة-68.
6- 6) يراجع:ص 217.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:205،فتح العزيز بهامش المجموع 7:222،المغني 3:254،الشرح الكبير بهامش المغني 3:262.

نفسه،و لا أمارة على ذلك إلاّ ذكره،فلم يرجع إلاّ إليه (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع عن الحكم في الأصل.

و عن الثاني:بالمعارضة ببراءة الذمّة من المعيّن،أمّا لو تعيّن أحدهما عليه فالوجه انصرافه إليه.

قال الشيخ في الخلاف:إنّما قلنا:إنّه يجعله للعمرة؛لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون إحرامه بالحجّ أو بالعمرة فإن كان بالحجّ فقد بيّنّا أنّه يجوز له أن يفسخه إلى عمرة يتمتّع بها،و إن كان بالعمرة فقد صحّت العمرة على الوجهين،و إذا أحرم بالعمرة، لا يمكنه أن يجعلها حجّة مع القدرة على إتيان أفعال العمرة،فلهذا قلنا:يجعلها عمرة على كلّ حال (2).و كلام الشيخ حسن.

فرع:

لو أحرم بهما معا،لم يصحّ.قال الشيخ:و يتخيّر (3).

و كذا لو شكّ هل أحرم بهما أو بأحدهما،فعل أيّهما شاء.

و لو تجدّد الشكّ بعد الطواف،جعلها عمرة متمتّعا بها إلى الحجّ.

مسألة:و لو نوى الإحرام بنسك و لبّى بغيره،انعقد ما نواه دون ما تلفّظ به.

(4)

روى الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:كيف أتمتّع؟قال:«تأتي الوقت فتلبّي بالحجّ،فإذا دخلت مكّة طفت بالبيت و صلّيت الركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصّرت

ص:222


1- 1شرح فتح القدير 2:344.
2- 2) الخلاف 1:432 مسألة-68.
3- 3) المبسوط 1:316. [1]
4- 4) ع:لو نوى.

و أحللت من كلّ شيء،و ليس لك أن تخرج من مكّة حتّى تحجّ» (1).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد،قال:قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى عليهما السّلام:كيف أصنع إذا أردت أن أتمتّع؟فقال:«لبّ بالحجّ و انو المتعة،فإذا دخلت مكّة،طفت بالبيت و صلّيت الركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و فسختها و جعلتها متعة» (2).

و لأنّ الواجب النيّة و الاعتماد عليها،و التلفّظ ليس بواجب،فلا اعتماد عليه، ألا ترى أنّ ما وجب فيه التلفّظ دون النيّة لم تؤثّر النيّة في مخالفة لفظه،كما لو عقد عقدا بلفظه (3)و نوى خلافه،لم تؤثّر النيّة في عقده،كذا هنا.

مسألة:و لا بدّ من تعيين النوع،

من تمتّع أو قران أو إفراد،و قال الشافعيّ في أحد الوجهين:لا يفتقر التمتّع إلى النيّة (4).

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (5)و التمتّع عبادة.

و لأنّها أفعال مختلفة،فلا بدّ من النيّة،ليتميّز بعضها عن الآخر.

و لأنّ براءة الذمّة تحصل مع النيّة بيقين (6)،بخلاف ما إذا أخلّ بالنيّة.

ص:223


1- 1التهذيب 5:86 الحديث 284،الاستبصار 2:171 الحديث 566،الوسائل 9:31 الباب 22 من أبواب الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:86 الحديث 285،الاستبصار 2:172 الحديث 567،الوسائل 9:31 الباب 22 من أبواب الإحرام الحديث 4. [2]في الجميع:«و سعيت بين الصفا و المروة و قصّرت».
3- 3) ع:بلفظ.
4- 4) لم نعثر على قوله بهذا اللفظ في الكتب المنسوبة إليه،نعم،قال بجواز إبهام النيّة و صرفها إلى التمتّع، يراجع:الأمّ 2:127،المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:225، [3]مغني المحتاج 1:476،السراج الوهّاج:156.
5- 5) البيّنة(98):5. [4]
6- 6) ق و خا:بتعيين.
مسألة:و يستحبّ أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحجّ.

و به قال أحمد (1).

و قال الشافعيّ:لا يستحبّ ذلك (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أنس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لبّيك عمرة و حجّا» (3).

و قال جابر:قدمنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نحن نقول:لبّيك بالحجّ (4).

و قال ابن عمر:بدأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأهلّ بالعمرة ثمّ أهلّ بالحجّ (5).

و قال أنس:سمعتهم يصرخون بها صراخا.رواه البخاريّ (6).

و قال أبو سعيد:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصرخ بالحجّ فحللنا، فلمّا كان يوم التروية لبّينا بالحجّ و انطلقنا إلى منى (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحلبيّ-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ عثمان خرج حاجّا،فلمّا صار إلى الأبواء أمر مناديا ينادي في الناس:اجعلوها حجّة و لا تمتّعوا،فنادى المنادي،فمرّ المنادي بالمقداد (8)، فقال:أما لتجدنّ عند القلائص رجلا ينكر ما تقول،فلمّا انتهى المنادي إلى عليّ

ص:224


1- 1المغني 3:259،الشرح الكبير بهامش المغني 3:266،الكافي لابن قدامة 1:530،الإنصاف 3:454.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:224،مغني المحتاج 1:478،السراج الوهّاج:156.
3- 3) صحيح البخاريّ 5:208،صحيح مسلم 2:905 الحديث 1232 و ص 915 الحديث 1251،سنن أبي داود 2:157 الحديث 1795، [1]سنن الترمذيّ 3:184 الحديث 821، [2]سنن النسائيّ 5:150،سنن البيهقيّ 5:40.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:886 الرقم 1216،سنن البيهقيّ 5:17.
5- 5) صحيح مسلم 2:903 الرقم 1230،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [3]سنن البيهقيّ 5:17.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:170.
7- 7) صحيح مسلم 2:914 الرقم 1247،مسند أحمد 3:5، [4]سنن البيهقيّ 5:31.
8- 8) في المصادر:بالمقداد بن الأسود.

عليه السّلام و كان عند ركائبه يلقمها خبطا (1)و دقيقا،فلمّا سمع النداء تركها و مضى إلى عثمان فقال:ما هذا الذي أمرت به؟!فقال:رأى رأيته،فقال:لا و اللّه،لقد أمرت بخلاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ أدبر مولّيا رافعا صوته:لبّيك بحجّة و عمرة معا لبّيك،و كان مروان بن الحكم يقول بعد ذلك:فكأنّي أنظر إلى بياض الدقيق مع خضرة الخبط على ذراعيه» (2).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:

كيف ترى أن أهلّ؟فقال لي:«إن شئت سمّيت،و إن شئت لم تسمّ شيئا»فقلت له:

كيف تصنع أنت؟فقال:«أجمعهما،فأقول:لبّيك بحجّة و عمرة معا»ثمّ قال:«أما إنّي قد قلت لأصحابك غير هذا» (3).

فرع:

لو اتّقى،كان الأفضل الإضمار،

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبان بن تغلب، قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:بأيّ شيء أهلّ؟فقال:«لا تسمّ حجّا و لا عمرة و أضمر في نفسك المتعة،فإن أدركت متمتّعا و إلاّ كنت حاجّا» (4).

و عن منصور بن حازم،قال:أمرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام أن نلبّي و لا نسمّي

ص:225


1- 1خبط-بالتحريك-و هو من علف الدابة يجفّف و يطحن و يخلط بالدقيق يداف بالماء فيوجر للإبل. مجمع البحرين 4:244. [1]
2- 2) التهذيب 5:85 الحديث 282،الاستبصار 2:171 الحديث 564،الوسائل 9:30 الباب 21 من أبواب الإحرام الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 5:88 الحديث 294،الاستبصار 2:173 الحديث 573،الوسائل 9:25 الباب 17 من أبواب الإحرام الحديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 5:86 الحديث 286،الاستبصار 2:172 الحديث 568،الوسائل 9:29 الباب 31 من أبواب الإحرام الحديث 4. [4]

شيئا،و قال:«أصحاب الإضمار أحبّ إليّ» (1).

و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام، قال:«الإضمار أحبّ إليّ و لا تسمّ» (2).و إنّما قلنا:إنّ (3)ذلك على سبيل التقيّة؛ جمعا بين الأخبار.

و لرواية يعقوب بن شعيب و قد تقدّمت.

و لما رواه الشيخ عن عبد الملك بن أعين-في الصحيح-قال:حجّ جماعة من أصحابنا،فلمّا وافوا المدينة فدخلوا (4)على أبي جعفر عليه السّلام،فقالوا:إنّ زرارة أمرنا أن نهلّ بالحجّ إذا أحرمنا،فقال:«لم (5)؟تمتّعوا»فلمّا خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت له:جعلت فداك و اللّه لئن لم تخبرهم بما أخبرت به زرارة ليأتينّ الكوفة فليصبحنّ بها كذّابا،فقال:ردّهم،فدخلوا عليه فقال:«صدق زرارة»ثمّ قال:«أما و اللّه لا يسمع هذا بعد اليوم أحد منّي» (6).

ص:226


1- 1التهذيب 5:87 الحديث 287،الاستبصار 2:172 الحديث 569،الوسائل 9:25 الباب 17 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:87 الحديث 288،الاستبصار 2:172 الحديث 570،الوسائل 9:25 الباب 17 من أبواب الإحرام الحديث 6. [2]
3- 3) لا توجد كلمة:إنّ في نسخة ع.
4- 4) ع:دخلوا،كما في الوسائل. [3]
5- 5) في المصادر:فقال لهم،مكان:فقال:«لم».
6- 6) التهذيب 5:87 الحديث 289،الاستبصار 2:173 الحديث 571،الوسائل 8:176 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 19. [4]
النظر الثاني:في التلبيات الأربع
مسائل
مسألة:التلبيات الأربع واجبة و شرط في الإحرام للمتمتّع و المفرد،فلا ينعقد

إحرامهما إلاّ بها،

أو بالإشارة للأخرس مع عقد قلبه بها،و أمّا القارن:فإنّه ينعقد إحرامه بها أو الإشعار أو التقليد لما يسوقه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1)،و الثوريّ (2).

و قال أصحاب مالك:إنّها واجبة يجب بتركها دم (3).

و قال الشافعيّ:إنّها مستحبّة ليست واجبة،و ينعقد الإحرام بالنيّة،و لا حاجة إلى التلبية (4)،و به قال أحمد (5)،و الحسن بن صالح بن حيّ (6).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ (7)قال ابن عبّاس:الإهلال (8).

ص:227


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:187،تحفة الفقهاء 1:400،بدائع الصنائع 2:161،الهداية للمرغينانيّ 1: 137،شرح فتح القدير 2:339،مجمع الأنهر 1:267،عمدة القارئ 9:171،المغني 3:256.
2- 2) المغني 3:256،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،عمدة القارئ 9:171.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:361،بداية المجتهد 1:337،بلغة السالك 1:270،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:244،المغني 3:256،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 150،عمدة القارئ 9:171.
4- 4) الأمّ 2:155،حلية العلماء 3:276،المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:224،فتح العزيز بهامش المجموع 7:202،مغني المحتاج 1:478،السراج الوهّاج:156،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:150،المغني 3:256.
5- 5) المغني 3:256،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،الكافي لابن قدامة 1:541،الإنصاف 3:452، [1]المجموع 7:246.
6- 6) المغني 3:256،تفسير القرطبيّ 2:406، [2]عمدة القارئ 9:171.
7- 7) البقرة(2):197. [3]
8- 8) تفسير الطبريّ 2:262، [4]تفسير الدرّ المنثور 1:218، [5]المغني 3:256،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 265،عمدة القارئ 9:171.

و عن عطاء،و طاوس،و عكرمة:هو التلبية (1).

و ما رواه الجمهور عن خلاّد بن السائب (2)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

«أتاني جبرئيل عليه السّلام فأمرني أن آمر أصحابي و من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال» (3).و ظاهر الأمر الوجوب،تركناه في الإعلان و رفع الصوت، فيبقى ما عداه على الأصل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا فرغت من صلاتك و عقدت ما تريد فقم و امش هنيئة،فإذا استوت بك الأرض-ماشيا كنت أو راكبا-فلبّ،و التلبية أن تقول:

لبّيك اللّهم لبّيك،لبّيك لا شريك لك لبّيك،إنّ الحمد و النعمة[لك] (4)و الملك لا شريك لك لبّيك،لبّيك ذا المعارج لبّيك،لبّيك داعيا إلى دار السلام لبّيك،لبّيك غفّار الذنوب لبّيك،لبّيك أهل التلبية لبّيك،لبّيك ذا الجلال و الإكرام لبّيك،لبّيك تبدئ و المعاد إليك لبّيك،لبّيك تستغني و يفتقر إليك لبّيك،لبّيك مرهوبا و مرغوبا إليك لبّيك،لبّيك إله الخلق (5)لبّيك،لبّيك ذا النعماء و الفضل الحسن الجميل لبّيك، لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك،لبّيك عبدك و ابن عبديك لبّيك،لبّيك يا كريم لبّيك.

تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة،و حين ينهض بك بعيرك،و إذا علوت

ص:228


1- 1تفسير الطبريّ 2:261،تفسير الدرّ المنثور 1:218، [1]المغني 3:256،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 265،عمدة القارئ 9:171.
2- 2) خلاّد بن السائب بن خلاّد بن سويد الأنصاريّ الخزرجيّ،روى عن أبيه و زيد الجهنيّ،و روى عنه ابنه خالد و عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و محمّد بن كعب القرظيّ. أسد الغابة 2:121، [2]تهذيب التهذيب 3:172. [3]
3- 3) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1814، [4]سنن الترمذيّ 3:191 الحديث 829، [5]سنن ابن ماجة 2:975 الحديث 2922،سنن النسائيّ 5:162،سنن الدارميّ 2:34، [6]سنن البيهقيّ 5:42.
4- 4) أثبتناه من المصادر.
5- 5) ج:إله الحقّ،كما في التهذيب و الوسائل. [7]

شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك و بالأسحار،و أكثر ما استطعت و اجهر بها،و إن تركت بعض التلبية فلا يضرّك،غير أنّ تمامها أفضل، و اعلم أنّه لا بدّ لك من التلبيات الأربعة (1)التي-كنّ أوّل الكلام-هي الفريضة، و هي التوحيد،و بها لبّى المرسلون،و أكثر من ذي المعارج فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكثر منها،و أوّل من لبّى إبراهيم عليه السّلام،قال:إنّ اللّه تعالى يدعوكم إلى أن تحجّوا بيته،فأجابوه بالتلبية،فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل و لا بطن امرأة إلاّ أجاب بالتلبية» (2).

و في الصحيح عن حريز بن عبد اللّه،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام، قالا:«لمّا أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه جبرئيل عليه السّلام،فقال:مرّ أصحابك بالعجّ و الثجّ،فالعجّ:رفع الصوت بالتلبية،و الثجّ:نحر البدن» (3).و الأمر للوجوب.

و لأنّها عبادة لها تحليل و تحريم،فكان فيها نطق واجب،كالصلاة.

احتجّ المخالف:بأنّها ذكر،فلم يجب في الحجّ،كسائر الأذكار (4).

و الجواب:لا يعارض هذا ما ذكرناه من الأحاديث و القياس.

مسألة:و قد أجمع أهل العلم كافّة على أنّ الزائد على التلبيات الأربع غير

واجب،

و اختلفوا،فالذي عليه علماؤنا:استحباب الزائد على الأربع.و به قال

ص:229


1- 1أكثر النسخ:«من التلبية الأربعة»و في نسخة ج و ح:«من التلبية و الأربعة»و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:91 الحديث 300،الوسائل 9:44 [1] الباب 34 من أبواب الإحرام الحديث 2 و ص 53 الباب 40 الحديث 2 و فيهما:«و هي الفريضة»كما في نسخة:ر.
3- 3) التهذيب 5:92 الحديث 302،الوسائل 9:50 الباب 37 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:223، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:202، [4]المغني 3: 256،الشرح الكبير بهامش المغني 3:265.

أصحاب أبي حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:إنّه غير مستحبّ (2)،و به قال أحمد (3).

و قال بعضهم:إنّ الزائد مكروه (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه كان يلبّي تلبية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يزيد مع هذا لبّيك لبّيك،لبّيك و سعديك،و الخير بيديك[و الرغباء] (5)إليك و العمل (6).

و زاد عمر:لبّيك ذا النعماء (7)و الفضل،لبّيك لبّيك مرهوبا و مرغوبا إليك لبّيك.

و كان أنس يزيد فيقول:لبّيك حقّا حقّا تعبّدا و رقّا (8).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (9).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أحرمت من مسجد الشجرة فإن كنت ماشيا لبّيت من مكانك من المسجد تقول:لبّيك اللهمّ لبّيك،

ص:230


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:187،بدائع الصنائع 2:145،الهداية للمرغينانيّ 1:137،شرح فتح القدير 2:342،مجمع الأنهر 1:268.
2- 2) الأمّ 2:156،حلية العلماء 3:281،المهذّب للشيرازيّ 1:207،المجموع 7:245،فتح العزيز بهامش المجموع 7:263،مغني المحتاج 1:482.
3- 3) المغني 3:258،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،الكافي لابن قدامة 1:542،الإنصاف 3:452.
4- 4) الإنصاف 3:453. [1]
5- 5) في النسخ:و الدعاء،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) صحيح مسلم 2:841 الحديث 1184،سنن أبي داود 2:162 الحديث 1812، [2]سنن الترمذيّ 3:188 الحديث 826، [3]سنن ابن ماجة 2:974 الحديث 2918،سنن النسائيّ 5:160،سنن الدارميّ 2:164، [4]سنن البيهقيّ 5:44.
7- 7) ج،ع،ق و خا:ذو النعماء.
8- 8) المغني 3:259،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،عمدة القارئ 9:173.
9- 9) يراجع:ص 228. [5]

لا شريك لك لبّيك،لبّيك ذا المعارج لبّيك،لبّيك بحجّة تمامها عليك،و اجهر بها كلّما ركبت و كلّما نزلت،و كلّما هبطت واديا أو علوت أكمة (1)أو لقيت (2)راكبا، و بالأسحار» (3).

و لأنّه ذكر مستحبّ فاستحبّ الإكثار منه.

احتجّ الشافعيّ (4):بما رواه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام عن أبيه الباقر عليه السّلام،عن جابر،قال:تلبية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك،إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك (5).و ما داوم عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان أولى من غيره.

و الجواب:أنّه عليه السّلام فعل ذلك بيانا للواجب،فكان واجبا،فلهذا (6)لم يزد عليه السّلام على الواجب،و لأنّ علماءنا نقلوا عن أهل البيت عليهم السّلام تلبية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كما نقلناه في حديث معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لمّا لبّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:لبّيك اللهمّ لبّيك،لبّيك لا شريك لك لبّيك،إنّ الحمد و النعمة لك لا شريك لك،لبّيك ذا المعارج لبّيك» (7).

و هم أعرف بمناسك الرسول صلّى اللّه عليه و آله و بشريعته من غيرهم.

ص:231


1- 1الأكمة:تلّ،و قيل:شرفة كالرابية،و هو ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد،و ربّما غلظ و ربّما لم يغلظ.المصباح المنير:18. [1]
2- 2) أكثر النسخ:كنت.
3- 3) التهذيب 5:92 الحديث 301،الوسائل 9:53 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) الأمّ 2:155،المغني 3:258.
5- 5) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن البيهقيّ 5:7،و رواه الشافعيّ في الأمّ 2:155.
6- 6) خا و ح:و لهذا.
7- 7) الفقيه 2:210 الحديث 959،الوسائل 9:54 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 4. [3]
مسألة:و صورة التلبيات الأربع الواجبة:لبّيك اللهمّ لبّيك إنّ الحمد و النعمة

لك و الملك لا شريك لك لبّيك.

(1)

ذكره الشيخ في كتبه (2).

و قال ابن إدريس:إنّ هذه الصورة ينعقد بها الإحرام،كانعقاد الصلاة بتكبيرة الإحرام (3).و أوجب هذه الصورة أبو الصلاح (4)،و ابن البرّاج من علمائنا (5).

و قيل:الواجب لبّيك اللهمّ لبّيك،لبّيك لا شريك لك لبّيك (6).و هو الذي دلّ عليه حديث معاوية بن عمّار-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد تقدّم (7).

إذا ثبت هذا:فالزائد عليه مستحبّ على ما تقدّم،خلافا للشافعيّ (8).

و يستحبّ الإكثار من«لبّيك ذا المعارج لبّيك»على ما دلّ عليه حديث معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام.

مسألة:و رفع الصوت بالتلبية مستحبّ

على قول أكثر علمائنا (9)،و به قال الجمهور كافّة.و للشيخ قولان أحدهما:الوجوب (10).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.

ص:232


1- 1ج،خا و ق بزيادة:لبّيك.
2- 2) المبسوط 1:316، [1]النهاية:215، [2]الاقتصاد:447. [3]
3- 3) السرائر:125.
4- 4) الكافي في الفقه:193. [4]
5- 5) المهذّب 1:215.
6- 6) يراجع:الشرائع 1:246. [5]
7- 7) يراجع:ص 228. [6]
8- 8) الأمّ 2:156،حلية العلماء 3:281،المهذّب للشيرازيّ 1:207،المجموع 7:245،فتح العزيز بهامش المجموع 7:263،مغني المحتاج 1:482.
9- 9) ينظر:الكافي في الفقه:193، [7]المهذّب 1:217،السرائر:125،الجامع للشرائع:182. [8]
10- 10) قال في المبسوط 1:316،و النهاية:215،و [9]الخلاف 1:432 مسألة-69 بالاستحباب،و قال في التهذيب 5:92 بالوجوب.

احتجّ الشيخ (1):بما رواه عن عمر بن يزيد عن الصادق عليه السّلام في قوله:

«و اجهر بها كلّما ركبت و كلّما نزلت و كلّما هبطت واديا أو علوت أكمة أو لقيت (2)راكبا،و بالأسحار» (3).

و في حديث حريز عنهما عليهما السّلام:«إنّ جبرئيل عليه السّلام قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:مر أصحابك بالعجّ و الثجّ،و العجّ:رفع الصوت بالتلبية،و الثجّ:

نحر البدن» (4)و الأمر للوجوب.

و الجواب:أنّه قد يكون للندب خصوصا مع القرينة،و هي حاصلة هنا في قوله:«كلّما ركبت»الحديث؛إذ ذلك ليس بواجب.

إذا عرفت هذا:فإنّه مستحبّ؛لما ذكرناه من الحديثين.

قال الباقر و الصادق عليهما السّلام:«قال جابر بن عبد اللّه:ما مشى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الروحاء حتّى بحّت أصواتنا» (5).

و لأنّه من شعائر العبادة،فهو بمنزلة الأذان.و لأنّ في رفع الصوت تنبيها للمستمعين و تذكارا،و لا يبلغ به إلى قطع الصوت؛لحصول الضرر بذلك.

فرع:

ليس على النساء إجهار بالتلبية؛لأنّهنّ مأمورات بالستر؛

لأنّه يخاف من أصواتهنّ الافتتان.

ص:233


1- 1التهذيب 5:92.
2- 2) في النسخ:أو كنت،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:92 الحديث 301،الوسائل 9:53 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 3. [1]
4- 4) الكافي 4:336 الحديث 5، [2]الفقيه 2:210 الحديث 960،التهذيب 5:92،الحديث 302،الوسائل 9: 50 الباب 37 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:92 الحديث 302،الوسائل 9:50 الباب 37 من أبواب الإحرام الحديث 1. [4]

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«ليس على النساء جهر بالتلبية» (1).

و عن فضالة بن أيّوب،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ اللّه تعالى وضع عن النساء أربعا:الجهر بالتلبية،و السعي بين الصفا و المروة-يعني الهرولة-و دخول الكعبة،و الاستلام» (2).

فرع آخر:

تلبية الأخرس الإشارة بالإصبع و تحريك لسانه و عقد قلبه بها؛

لأنّه المقدور عليه،فالزائد على ذلك تكليف ما لا يطاق.

و لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّ عليّا عليه السّلام،قال:«تلبية الأخرس و تشهّده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و إشارته بإصبعه» (3).

آخر:

لا يجوز التلبية بغير العربيّة مع القدرة-خلافا لأبي حنيفة (4)-لأنّه المأمور به.

و لأنّه ذكر مشروع و لا يشرع بغير العربيّة،كالأذان و الأذكار المشروعة في الصلاة.

احتجّ أبو حنيفة:بالقياس على التكبير.

ص:234


1- 1التهذيب 5:93 الحديث 304،الوسائل 9:51 الباب 38 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:93 الحديث 303،الوسائل 9:51 الباب 38 من أبواب الإحرام الحديث 1، [2]ليس فيهما: يعني الهرولة.
3- 3) التهذيب 5:93 الحديث 305،الوسائل 9:51 الباب 39 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:6،تحفة الفقهاء 1:399،بدائع الصنائع 2:161،الهداية للمرغينانيّ 1:138، شرح فتح القدير 2:344.

و جوابه:منع الأصل.

مسألة:و يجوز التلبية للطاهر و الجنب و المحدث و الحائض.

و بالجملة لا يشترط فيها الطهارة بلا خلاف؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعائشة حين حاضت:«افعلي ما يفعل الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«لا بأس أن تلبّي و أنت على غير طهور و على كلّ حال» (2).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:«لا بأس أن يلبّي الجنب» (3).

مسألة:و يستحبّ أن يذكر ما أحرم به في تلبيته.

و به قال أحمد (4).و قال الشافعيّ:لا يستحبّ (5).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث أنس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لبّيك عمرة و حجّا» (6).

و قال جابر:قدمنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نحن نقول:«لبّيك بالحجّ» (7).

و قال ابن عبّاس:قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه و هم يلبّون

ص:235


1- 1صحيح البخاريّ 2:195،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211،سنن الدارميّ 2:44، [1]مسند أحمد 6: 245، [2]سنن البيهقيّ 5:86.
2- 2) التهذيب 5:93 الحديث 306،الوسائل 9:56 الباب 42 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
3- 3) الفقيه 2:211 الحديث 963،الوسائل 9:56 الباب 42 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
4- 4) المغني 3:259،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366،الكافي لابن قدامة 1:530، [5]الإنصاف 3:454. [6]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:205،المجموع 7:224،مغني المحتاج 1:478،السراج الوهّاج:156،المغني 3:259.
6- 6) صحيح البخاريّ 5:208،صحيح مسلم 2:915 الحديث 1251،سنن أبي داود 2:157 الحديث 1795، [7]سنن ابن ماجة 2:989 الحديث 2968،سنن الترمذيّ 3:184 الحديث 821، [8]سنن النسائيّ 5:150.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:886 الحديث 1216،سنن البيهقيّ 5:40.

بالحجّ (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام رفع صوته و قال:«لبّيك بحجّة و عمرة معا لبّيك» (2).

احتجّ الشافعيّ (3):بأنّ جابرا قال:ما سمّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تلبيته حجّا و لا عمرة (4).

و سمع ابن عمر رجلا يقول:لبّيك بعمرة فضرب صدره و قال:تعلمه ما في نفسك (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بما نقلناه عن جابر و عن غيره (6)،و قول ابن عمر ليس بحجّة خصوصا مع معارضته لأحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

إذا ثبت هذا:فالأفضل أن يذكر في تلبيته الحجّ و العمرة معا،فإن لم يمكنه للتقيّة أو غيرها،فاقتصر على ذكر الحجّ،فإذا دخل مكّة،طاف و سعى و قصّر، و جعلها عمرة،كان أيضا جائزا؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لبّي بالحجّ مفردا ثمّ دخل مكّة فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة،قال:«فليحلّ،و ليجعلها متعة،

ص:236


1- 1صحيح مسلم 2:911 الحديث 201،سنن النسائيّ 5:201،سنن البيهقيّ 5:40،و رواه ابنا قدامة في المغني 3:260،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:266.
2- 2) التهذيب 5:85 الحديث 282،الاستبصار 2:171 الحديث 564،الوسائل 9:30 الباب 21 من أبواب الإحرام الحديث 7. [1]
3- 3) المغني 3:259،الشرح الكبير بهامش المغني 3:266.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:40،و أورده ابنا قدامة في المغني 3:260،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:266.
5- 5) سنن البيهقيّ 5:40 و أورده ابنا قدامة في المغني 3:259،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:266.
6- 6) يراجع:ص 235.

إلاّ أن يكون ساق الهدي،فلا يستطيع أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه» (1).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،قال:قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى عليه السّلام:إنّ ابن السرّاج (2)روى عنك أنّه سألك عن الرجل أهلّ بالحجّ ثمّ دخل مكّة فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة يفسخ ذلك و يجعلها متعة،فقلت له:

«لا»فقال:«قد سألني عن ذلك،و قلت (3)له:لا،و له أن يحلّ و يجعلها متعة، و آخر عهدي بأبي أنّه دخل على الفضل بن الربيع (4)و عليه ثوبان و ساج،فقال الفضل بن الربيع:يا أبا الحسن لنا بك أسوة،أنت مفرد للحجّ و أنا مفرد للحجّ،فقال له أبي:لا،ما أنا مفرد،أنا متمتّع،فقال له الفضل بن الربيع:فهل لي أن أتمتّع و قد طفت بالبيت؟فقال له أبي:نعم،فذهب بها محمّد بن جعفر إلى سفيان بن عيينة و أصحابه،فقال لهم:إنّ موسى بن جعفر عليه السّلام قال للفضل بن الربيع:كذا و كذا يشنع على أبي» (5).

ص:237


1- 1التهذيب 5:89 الحديث 293،الاستبصار 2:174 الحديث 575،الوسائل 9:32 الباب 22 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) أحمد بن أبي بشر السرّاج،كوفيّ،مولى،يكنّى أبا جعفر ثقة في الحديث،واقف،روى عن موسى بن جعفر عليه السّلام،قاله النجاشيّ،و بمثله قال الشيخ في الفهرست،و [2]قال المامقانيّ:هو و إن كان واقفيّا إلاّ أنّه ثقة مقبول الحديث،و تعجّب من المصنّف حيث ذكره في القسم الثاني من الخلاصة مع أنّه قد ذكر جملة كثيرة من الواقفيّة و [3]الفطحيّة و من شاكلهم في القسم الأوّل.و اللّه العالم.رجال النجاشيّ: 75،الفهرست:20، [4]رجال العلاّمة:202، [5]تنقيح المقال 1:48. [6]
3- 3) في المصادر:فقلت.
4- 4) الفضل بن الربيع،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و هو صاحب الرشيد،قال الشيخ المفيد:حبس موسى بن جعفر عليه السّلام عنده مدّة طويلة،فأراده الرشيد على شيء من أمره فأبى،فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى.و قال المامقانيّ:الذي يظهر من الأخبار أنّه كان معتقدا بإمامة الأئمّة عليهم السّلام إلاّ أنّه قدّم دنياه على دينه فلا اعتماد على خبره إلاّ إذا اقترن بقرائن مورثة للوثوق بخبره.الإرشاد للمفيد 2:232، [7]رجال الطوسيّ:271،تنقيح المقال 2:8(باب الفاء). [8]
5- 5) التهذيب 5:89 الحديث 294،الاستبصار 2:174 الحديث 576،الوسائل 9:32 باب 22 من أبواب الإحرام الحديث 6. [9]

قوله عليه السّلام:ثوبان و ساج.الساج:هو الطيلسان الأخضر أو الأسود.

مسألة:و يستحبّ تكرار التلبية و الإكثار منها على كلّ حال

عند الإشراف و الهبوط،و أدبار الصلوات،و عند تجدّد الأحوال،و اصطدام الرفاق،و في الأسحار.و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم إلاّ مالكا،فإنّه قال:لا يلبّي عند اصطدام الرفاق (1).

روى الجمهور عن ابن عمر أنّه كان يلبّي راكبا و نازلا و مضطجعا (2).

و عن جابر،قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يلبّي في حجّه إذا لقي راكبا، أو على أكمة،أو هبط واديا،و في أدبار الصلوات المكتوبة،و من آخر الليل (3).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«ما من مسلم يضحّي للّه يلبّي حتّى تغيب الشمس إلاّ غابت بذنوبه،فعاد كما ولدته أمّه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد ذكر التلبيات:«تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة،و حين ينهض بك بعيرك،و إذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك،و بالأسحار» (5).

مسألة:يقطع المتمتّع التلبية إذا شاهد بيوت مكّة؛

روى الشيخ-في الحسن- عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المتمتّع إذا نظر إلى بيوت مكّة،

ص:238


1- 1المغني 3:262،الشرح الكبير بهامش المغني 3:267.
2- 2) الأمّ 2:157،مسند الشافعيّ:123،سنن البيهقيّ 5:43،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:261.
3- 3) لم نجده في المصادر الحديثيّة المتوفّرة،نعم أورده في المغني 3:261،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:267،و المهذّب للشيرازيّ 1:213،و فتح العزيز بهامش المجموع 7:260،و [1]التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:260. [2]
4- 4) سنن ابن ماجة 2:976 الحديث 2925،سنن البيهقيّ 5:70،المغني 3:261.
5- 5) التهذيب 5:91 الحديث 300،الوسائل 9:53 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]

قطع التلبية» (1).

و عن حنّان بن سدير،عن أبيه،قال:قال أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السّلام:

«إذا رأيت[أبيات] (2)مكّة فاقطع التلبية» (3).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا دخلت مكّة و أنت متمتّع فنظرت إلى بيوت مكّة[فاقطع التلبية،و حدّ بيوت مكّة] (4)التي كانت قبل اليوم إذا بلغت عقبة المدنيّين فاقطع التلبية،و عليك بالتهليل و التكبير و الثناء على اللّه ما استطعت،و إن كنت قارنا (5)بالحجّ،فلا تقطع التلبية حتّى يوم عرفة إلى زوال الشمس،و إن كنت معتمرا،فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم» (6).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه سئل عن المتمتّع متى يقطع التلبية؟قال:«إذا نظر إلى أعراش مكّة عقبة ذي طوى»قلت:بيوت مكّة؟قال:«نعم» (7).

و قد روى الشيخ عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن تلبية المتعة متى تقطع؟قال:«حين يدخل الحرم» (8).

ص:239


1- 1التهذيب 5:94 الحديث 307،الاستبصار 2:176 الحديث 581،الوسائل 9:57 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:94 الحديث 308،الوسائل 9:58 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 5. [2]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) أكثر النسخ:مقرنا.
6- 6) التهذيب 5:94 الحديث 309،الاستبصار 2:176 الحديث 583،الوسائل 9:57 [3] الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 1 و ص 59 الباب 44 الحديث 4 و ص 60 الباب 45 الحديث 1.
7- 7) التهذيب 5:94 الحديث 310،الاستبصار 2:176 الحديث 584،الوسائل 9:57 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 4. [4]
8- 8) التهذيب 5:95 الحديث 312،الاستبصار 2:177 الحديث 585،الوسائل 9:58 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 9. [5]

قال الشيخ:هذه الرواية محمولة على الجواز،و الأخبار الأوّلة على الاستحباب (1).

أقول:في طريق هذه الرواية أبو جميلة،و هو ضعيف (2).

مسألة:و المفرد و القارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال؛

لحديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و المعتمر عمرة مفردة قال الشيخ:إن كان أحرم من خارج،قطعها إذا دخل الحرم،و إن كان ممّن خرج من مكّة للإحرام،قطعها إذا شاهد الكعبة (4).

و قيل:بالتخيير بينهما من غير تفصيل (5).

روى الشيخ عن محمّد بن عذافر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من دخل مكّة مفردا للعمرة،فليقطع التلبية حين تضع الإبل أخفافها في الحرم» (6).

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين يقطع التلبية؟قال:«إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية» (7).

و روى عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أراد أن يخرج من

ص:240


1- 1الاستبصار 2:177 ذيل الحديث 585.
2- 2) ضعّفه المصنّف في الخلاصة و قال:ضعيف كذّاب يضع الحديث.رجال العلاّمة:258. [1]
3- 3) التهذيب 5:94 الحديث 309،الاستبصار 2:176 الحديث 583،الوسائل 9:57 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 1 و ص 59 الباب 44 الحديث 4 و ص 60 الباب 45 الحديث 1.
4- 4) النهاية:216، [2]المبسوط 1:317. [3]
5- 5) الفقيه 2:277 ذيل الحديث 1356.
6- 6) التهذيب 5:95 الحديث 313،الاستبصار 2:177 الحديث 586،الوسائل 9:60 الباب 45 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
7- 7) التهذيب 5:95 الحديث 314،الاستبصار 2:177 الحديث 587،الوسائل 9:61 الباب 45 من أبواب الإحرام الحديث 3. [5]

مكّة ليعتمر،أحرم من الجعرانة و الحديبيّة و ما أشبههما،و من خرج من مكّة يريد العمرة ثمّ دخل معتمرا،لم يقطع التلبية حتّى ينظر إلى الكعبة» (1).

و عن الفضيل بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،قلت:دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟قال:«حيال العقبة عقبة المدنيّين»فقلت:أين عقبة المدنيّين؟ قال:«بحيال القصّارين» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:وجه الجمع بين الأخبار أن نحمل الرواية الأخيرة على من جاء من طريق المدينة خاصّة،فإنّه يقطع التلبية عند عقبة المدنيّين،و الرواية المتضمّنة للقطع عند ذي طوى على من جاء من طريق العراق،و الرواية المتضمّنة للقطع عند النظر إلى الكعبة على من يكون قد خرج من مكّة للعمرة.

قال:و رواية معاوية بن عمّار المتضمّنة للقطع عند دخول الحرم على الجواز، و هذه الروايات مع اختلاف أحوالها على الاستحباب.

قال:و كان أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه-رحمه اللّه-حين روى هذه الروايات،حملها على التخيير حين ظنّ أنّها متنافية،و على ما فسّرناه ليست متنافية،و لو كانت متنافية،لكان الوجه الذي ذكره صحيحا (3).

مسألة:و الإشعار أو التقليد يقوم كلّ واحد منهما مقام التلبية في حقّ القارن،

(4)

ينعقد الإحرام به أو بالتلبية،أيّ الثلاثة فعل انعقد إحرامه بها،و كان الآخر مستحبّا،

ص:241


1- 1الفقيه 2:276 الحديث 1350،التهذيب 5:95 الحديث 315،الاستبصار 2:177 الحديث 588، الوسائل 8:247 [1] الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث 1،و ج 9:61 الباب 45 من أبواب الإحرام الحديث 8.
2- 2) الفقيه 2:277 الحديث 1353،التهذيب 5:96 الحديث 316،الاستبصار 2:177 الحديث 589، الوسائل 9:62 الباب 45 من أبواب الإحرام الحديث 11. [2]
3- 3) التهذيب 5:96 ذيل الحديث 316،الاستبصار 2:177 ذيل الحديث 589.
4- 4) ع:و التقليد.

ذهب الشيخ-رحمه اللّه-إليه (1).

و قال السيّد المرتضى:لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلاّ بالتلبية (2).و هو اختيار ابن إدريس (3).

و الإشعار:هو أن يشقّ سنام البعير من الجانب الأيمن،و يلطّخ بالدم؛ليعلم أنّه صدقة.

روى ابن بابويه عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الصبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن البدن كيف تشعر؟فقال:«تشعر و هي باركة يشقّ سنامها الأيمن،و تنحر و هي قائمة من قبل الأيمن» (4).

و عن ابن فضّال،عن يونس بن يعقوب،قال:خرجت في عمرة فاشتريت بدنة و أنا بالمدينة،فأرسلت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فسألت كيف أصنع بها؟فأرسل إليّ:«ما كنت تصنع بهذا،فإنّه كان يجزئك أن تشتري منه من عرفة»و قال:«انطلق حتّى تأتي مسجد الشجرة فاستقبل بها القبلة و أنخها،ثمّ ادخل المسجد فصلّ ركعتين،ثمّ اخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن،ثمّ قل:بسم اللّه اللهمّ منك و لك اللهمّ تقبّل منّي،فإذا علوت البيداء فلبّ» (5).

و في رواية عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:«إنّها تشعر و هي معقولة» (6).

ص:242


1- 1المبسوط 1:315، [1]الخلاف 1:432 مسألة-66.
2- 2) الانتصار:102.
3- 3) السرائر:125.
4- 4) الفقيه 2:209 الحديث 955،الوسائل 8:201 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 14. [2]
5- 5) الفقيه 2:210 الحديث 958،الوسائل 8:199 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [3]
6- 6) الكافي 4:297 الحديث 4، [4]الفقيه 2:209 الحديث 957، [5]الوسائل 8:198 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [6]

إذا عرفت هذا:فالتقليد:هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا قد صلّى فيه؛ليعلم أنّه صدقة،و هو بمنزلة الإشعار،أو يجعل في رقبة الهدي خيطا أو سيرا و ما أشبههما.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن حريز،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان الناس يقلّدون الغنم و البقر،و إنّما تركه الناس حديثا و يقلّدون بخيط أو بسير» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تقلّدها نعلا خلقا قد صلّيت فيها،و الإشعار و التقليد بمنزلة التلبية» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّ الإشعار مختصّ بالإبل،و التقليد مشترك بين الإبل و الغنم و البقر.و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ثمّ تحرم إذا قلّدت و أشعرت» (3).

إذا عرفت هذا:فقد بيّنّا أنّ الإحرام ينعقد بالإشعار أو التقليد أو التلبية،أيّ الثلاثة فعل،انعقد إحرامه؛لما تقدّم.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يوجب الإحرام ثلاثة أشياء:التلبية و الإشعار و التقليد،فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم» (4).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من أشعر بدنته فقد أحرم و إن لم يتكلّم (5)بقليل و لا كثير» (6).

ص:243


1- 1الفقيه 2:209 الحديث 952،الوسائل 8:200 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9. [1]
2- 2) الفقيه 2:209 الحديث 956،الوسائل 8:200 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 11. [2]
3- 3) التهذيب 5:43 الحديث 127،الوسائل 8:201 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 18. [3]
4- 4) التهذيب 5:43 الحديث 129،الوسائل 8:202 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 20. [4]
5- 5) ع،ق و خا:«يتمكّن».
6- 6) التهذيب 5:44 الحديث 130،الوسائل 8:202 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 21. [5]
فرع:

لو كانت البدن كثيرة و أراد إشعارها،دخل بين كلّ بدنتين،

و أشعر إحداهما من الجانب الأيمن و الأخرى من الأيسر؛طلبا للتخفيف.

روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كانت بدن كثيرة فأردت أن تشعرها،دخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر هذه من الشقّ الأيمن و يشعر هذه من الشقّ الأيسر» (1).

مسألة:و يستحبّ لمن حجّ على طريق المدينة أن يرفع صوته بالتلبية إذا علت

راحلته البيداء إن كان راكبا،

و إن كان ماشيا فحيث يحرم،و إن كان على غير طريق المدينة،لبّى من موضعه إن شاء،و إن مشى خطوات ثمّ لبّى كان أفضل.و به قال مالك (2)،و للشافعيّ قولان:

قال في الأمّ و الإملاء:المستحبّ أن يلبّي إذا انبعثت به راحلته إن كان راكبا، و إذا أخذ في السير إن كان راجلا.

و قال في القديم:أن يهلّ خلف الصلاة،نافلة كانت أو فريضة (3).و به قال أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:اغتسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ لبس ثيابه،فلمّا أتى ذا الحليفة صلّى ركعتين ثمّ قعد على بعيره،فلمّا استوى به

ص:244


1- 1التهذيب 5:43 الحديث 128،الوسائل 8:201 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 19. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:361،بلغة السالك 1:269،بدائع الصنائع 2:145.
3- 3) الأمّ 2:205،حلية العلماء 3:276،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:221،فتح العزيز بهامش المجموع 7:258،مغني المحتاج 1:481،السراج الوهّاج:157.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:4،تحفة الفقهاء 1:401،بدائع الصنائع 2:145،الهداية للمرغينانيّ 1:137، شرح فتح القدير 2:340،مجمع الأنهر 1:267 و 270،المغني 3:236.
5- 5) المغني 3:236،الشرح الكبير بهامش المغني 3:235،الكافي لابن قدامة 1:529،الإنصاف 3:454.

على البيداء أحرم بالحجّ (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن وهب،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التهيّؤ للإحرام،فقال:«في مسجد الشجرة،فقد صلّى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد ترى ناسا يحرمون،فلا تفعل حتّى تنتهي إلى البيداء حيث الميل،فتحرمون كما أنتم في محاملكم تقول:لبّيك اللهمّ لبّيك،لا شريك لك لبّيك،إنّ الحمد و النعمة لك و الملك،لا شريك لك لبّيك،بمتعة العمرة (2)إلى الحجّ» (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا صلّيت عند الشجرة فلا تلبّ حتّى تأتي البيداء حيث يقول الناس يخسف بالجيش» (4).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يلبّي (5)حتّى يأتي البيداء» (6).

و دلّ على التفصيل الذي ذكرناه:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك و تلبيتك من المسجد،

ص:245


1- 1المستدرك للحاكم 1:447،سنن الدار قطنيّ 2:219 الحديث 21،سنن البيهقيّ 5:33.
2- 2) في المصادر:«بعمرة»مكان:«العمرة».
3- 3) التهذيب 5:84 الحديث 277،الاستبصار 2:169 الحديث 559،الوسائل 9:44 [1] الباب 34 من أبواب الإحرام الحديث 3 و ص 52 الباب 40 الحديث 1.
4- 4) التهذيب 5:84 الحديث 278،الاستبصار 2:170 الحديث 560،الوسائل 9:44 الباب 34 من أبواب الإحرام الحديث 4. [2]
5- 5) ق،خا و متن ج:«لم يكن يكبّر،ع:لم يلبّ.
6- 6) التهذيب 5:84 الحديث 279،الاستبصار 2:170 الحديث 561،الوسائل 9:44 الباب 34 من أبواب الإحرام الحديث 5. [3]

و إن كنت راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء» (1).

و إنّما قلنا:إنّ هذا على الاستحباب دون الوجوب؛عملا بالأصل.

و بما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام،هل يجوز للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة؟فقال:«نعم،إنّما لبّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على البيداء؛لأنّ النّاس لم يعرفوا التلبية فأحبّ أن يعلّمهم كيف التلبية» (2).

إذا ثبت هذا:فالمراد بذلك أنّ الإجهار بالتلبية مستحبّ من البيداء،و هي الأرض التي يخسف بها جيش السفيانيّ التي يكره الصلاة فيها،و بينها و بين ذي الحليفة ميل،و هذا يكون بعد التلبية سرّا في الميقات الذي هو ذو الحليفة؛لأنّ الإحرام لا ينعقد إلاّ بالتلبية،و لا يجوز مجاوزة الميقات إلاّ محرما.

مسألة:إذا عقد نيّة الإحرام و لبس ثوبيه ثمّ لم يلبّ و لم يشعر و لم يقلّد،جاز له

أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله،

و لا كفّارة عليه،فإذا لبّى أو أشعر أو قلّد إن كان قارنا،حرم ذلك عليه،و وجبت الكفّارة؛لأنّا قد بيّنّا أنّ التلبية شرط في الإحرام لا ينعقد الإحرام للمتمتّع إلاّ بها،فقبل الإتيان بها هو محلّ،فلا كفّارة عليه.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل في مسجد الشجرة و يقول الذي يريد أن يقوله و لا يلبّي،ثمّ يخرج فيصيب من الصيد و غيره،فليس عليه فيه شيء» (3).

ص:246


1- 1التهذيب 5:85 الحديث 281،الاستبصار 2:170 الحديث 563،الوسائل 9:44 الباب 34 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:84 الحديث 280،الاستبصار 2:170 الحديث 562،الوسائل 9:46 الباب 35 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:82 الحديث 272،الاستبصار 2:188 الحديث 631،الوسائل 9:17 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الإحرام و لم يلبّ،قال:«ليس عليه شيء» (1)و في الصحيح عن حفص بن البختريّ و عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه صلّى ركعتين في مسجد الشجرة و عقد الإحرام ثمّ خرج،فأتي بخبيص فيه زعفران فأكل منه (2).

و عن عليّ بن عبد العزيز (3)،قال:اغتسل أبو عبد اللّه عليه السّلام للإحرام بذي الحليفة ثمّ قال لغلمانه:«هاتوا ما عندكم من الصيد حتّى نأكل» (4)فأتي بحجلتين فأكلهما (5).

و روى ابن بابويه عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن عقد الإحرام في مسجد الشجرة ثمّ وقع على أهله قبل أن يلبّي،قال:«ليس

ص:247


1- 1التهذيب 5:82 الحديث 274،الاستبصار 2:188 الحديث 632،الوسائل 9:17 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:82 الحديث 275،الاستبصار 2:188 الحديث 633،الوسائل 9:17 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) عليّ بن عبد العزيز،عنونه النجاشيّ كذلك بغير وصف،و قد وقع في طريق الصدوق بغير وصف،و ذكره الشيخ في رجاله بعناوين،فعدّه من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان:عليّ بن عبد العزيز كوفيّ،و من أصحاب الصادق عليه السّلام مضيفا إلى ما في العنوان تارة قوله:الفزاريّ و هو ابن غراب أسند عنه له كتاب،و أخرى قوله:المزنيّ الحنّاط الكوفيّ،و ثالثة قوله:الأمويّ الكوفيّ،و رابعة من غير توصيف. قال المامقانيّ:قول الشيخ في رجاله:عليّ بن عبد العزيز الفزاريّ و هو ابن غراب نصّ في اتّحادهما، و هو صريح كلامه في الفهرست حيث قال:عليّ بن غراب له كتاب،لكن في مشيخة الفقيه ذكر كلاّ من عليّ بن عبد العزيز و عليّ بن غراب على حدة و قال:عليّ بن غراب هو ابن أبي المغيرة.و على أيّ حال هو مهمل لم يرد فيه توثيق و لا مدح.الفقيه(شرح المشيخة)4:128،129،رجال النجاشيّ:276، رجال الطوسيّ:130،242،243،الفهرست:95، [3]تنقيح المقال 2:295. [4]
4- 4) في التهذيب و الوسائل:« [5]نأكله».
5- 5) الكافي 3:330 الحديث 6، [6]الفقيه 2:208 الحديث 947،التهذيب 5:83 الحديث 276،الوسائل 9: 18 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 7. [7]

عليه شيء» (1).

مسألة:يستحبّ لمن أحرم بنسك أن يشترط على ربّه عند إحرامه:إن لم تكن

حجّة فعمرة،

و أن يحلّه حيث حبسه،سواء كانت حجّته تمتّعا أو قرانا أو إفرادا، و كذا في إحرام العمرة.و به قال عليّ عليه السّلام،و عمر بن الخطّاب،و ابن مسعود، و عمّار،و علقمة،و شريح،و سعيد بن المسيّب،و عكرمة (2)،و الشافعيّ (3)، و أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

و أنكره ابن عمر،و طاوس،و سعيد بن جبير،و الزهريّ (6)،و مالك (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ضباعة (8)بنت الزبير،فقالت:يا رسول اللّه إنّي أريد الحجّ و أنا شاكية،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حجّي و اشترطي أنّ محلّي حيث حبستني» (9).

ص:248


1- 1الفقيه 2:208 الحديث 946،الوسائل 9:20 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 13. [1]
2- 2) المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّي 7:114،عمدة القارئ 10:147.
3- 3) الأمّ 2:158،حلية العلماء 3:361،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:310 و 353، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 8:9، [3]مغني المحتاج 1:534،السراج الوهّاج:171،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّى 7:114،عمدة القارئ 10:147. [4]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:108،بدائع الصنائع 2:178،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238.
5- 5) المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،الكافي لابن قدامة 1:530،الإنصاف 3:434، [5]عمدة القارئ 10:147.
6- 6) سنن النسائيّ 5:169،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّى 7:114 و 115،عمدة القارئ 10:146.
7- 7) تفسير القرطبيّ 2:375، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 8:10،عمدة القارئ 10:147.
8- 8) ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب بن هاشم القرشيّة الهاشميّة بنت عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنها ابن عبّاس و جابر و أنس و عائشة و ابن المسيّب و عروة بن الزبير.أسد الغابة 5:495، [7]الإصابة 4:352، [8]الاستيعاب بهامش الإصابة 4:352. [9]
9- 9) صحيح البخاريّ 7:9،صحيح مسلم 2:867 الحديث 1207،سنن النسائيّ 5:168،مسند أحمد 6: 164 و 202، [10]سنن الدار قطنيّ 2:219 الحديث 18،سنن البيهقيّ 5:221.

و عن ابن عبّاس أنّ ضباعة أتت النبيّ،فقالت:يا رسول اللّه إنّي أريد الحجّ فكيف أقول؟قال:«قولي:لبّيك اللهمّ لبّيك و محلّي من الأرض حيث تحبسني، فإنّ لك على ربّك ما استثنيت» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أردت الإحرام و التمتّع فقل:اللهمّ إنّي أريد ما أمرت به[من] (2)التمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فيسّر لي ذلك و تقبّله منّي و أعنّي عليه و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،أحرم لك شعري و بشري من النساء و الطيب و الثياب.و إن شئت فلبّ (3)حين تنهض،و إن شئت فأخّره حتّى تركب بعيرك و تستقبل القبلة فافعل (4)» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«اللهمّ إنّي أريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك و سنّة نبيّك صلّى اللّه عليه و آله:فإن عرض لي شيء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،اللهمّ إن لم تكن حجّة فعمرة»الحديث (6).

و عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المعتمر عمرة مفردة

ص:249


1- 1صحيح مسلم 2:868 الحديث 1208،سنن أبي داود 2:151 الحديث 1776، [1]سنن الترمذيّ 3:278 الحديث 941، [2]سنن ابن ماجة 2:980 الحديث 2938،سنن النسائيّ 5:168،سنن الدارميّ 2:35، [3]مسند أحمد 6:420، [4]سنن الدار قطنيّ 2:219 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:221،في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) أثبتناه من المصادر.
3- 3) ح و خا:«قلت»مكان:«فلبّ»كما في التهذيب.
4- 4) لا توجد كلمة«فافعل»في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 5:79 الحديث 263،الاستبصار 2:167 الحديث 553 فيه شطر من الحديث،الوسائل 9:23 الباب 16 من أبواب الإحرام الحديث 2. [5]
6- 6) التهذيب 5:77 الحديث 253،الوسائل 9:22 الباب 16 من أبواب الإحرام الحديث 1. [6]

يشترط على ربّه أن يحلّه (1)حيث حبسه،و مفرد الحجّ يشترط على ربّه:إن لم تكن حجّة فعمرة» (2).

احتجّوا:بأنّ ابن عمر كان ينكر الاشتراط و يقول:حسبكم سنّة نبيّكم.و لأنّها عبادة تجب بأصل الشرع،فلم يعدّ الاشتراط فيها،كالصوم و الصلاة (3).

و الجواب:لا يعارض ذلك ما رويناه من أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،مع أنّ ابن عمر قوله ليس بحجّة لو انفرد،فكيف مع مخالفته ما تلوناه من الأخبار.

فروع:
الأوّل:الاشتراط مستحبّ بأيّ لفظ كان إذا أدّى المعنى الذي نقلناه ،

(4)

و إن أتى باللفظ المنقول،كان أولى.

الثاني:لو نوى الاشتراط و لم يتلفّظ به،ففيه تردّد،

ينشأ من أنّه تابع للإحرام، و الإحرام ينعقد بالنيّة،و كذا التابع،و من أنّه اشتراط،فاعتبر فيه القول،كالاشتراط في النذر و الاعتكاف،و هو أحقّ،و نمنع انعقاد الإحرام بالنيّة لا غير،بل من شرطه عندنا التلبية أيضا.

الثالث:الاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحجّ في القابل لو فاته الحجّ،

و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

ص:250


1- 1ج،ع و ق:«حلّه».
2- 2) التهذيب 5:81 الحديث 271،الوسائل 9:33 الباب 23 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،سنن النسائيّ 5:169،سنن البيهقيّ 5:223، عمدة القارئ 10:146.
4- 4) ع:ذكرناه،مكان:نقلناه.

عن الرجل يشترط في الحجّ أن حلّني (1)حيث حبستني،أ عليه الحجّ من قابل؟ قال:«نعم» (2).

و عن أبي الصبّاح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشترط في الحجّ كيف يشترط؟قال:«يقول حين يريد أن يحرم:أن حلّني حيث حبستني فإن حبستني فهي عمرة»فقلت له:فعليه الحجّ من قابل؟قال:«نعم»قال صفوان:

قد روى هذه الرواية عدّة من أصحابنا كلّهم يقول:إنّ عليه الحجّ من قابل (3).

فأمّا ما رواه جميل بن صالح،عن ذريح المحاربيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ،و أحصر بعد ما أحرم،كيف يصنع؟ قال:فقال:«أو ما اشترط على ربّه قبل أن يحرم أن يحلّه من إحرامه عند عارض عرض له من أمر اللّه؟»فقلت:بلى قد اشترط ذلك،قال:«فليرجع إلى أهله حلالا (4)،لا إحرام عليه،إنّ اللّه أحقّ من وفى بما اشترط عليه»قلت:فعليه الحجّ من قابل؟قال:«لا» (5).فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-حمله على من كان حجّه تطوّعا، فإنّه متى أحصر لا يلزمه الحجّ من قابل (6).و هو حسن.

الرابع:فائدة الاشتراط جواز التحلّل عند الإحصار.

ص:251


1- 1في التهذيب:أن تحلّني.
2- 2) التهذيب 5:80 الحديث 268،الاستبصار 2:168 الحديث 556،الوسائل 9:34 الباب 24 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:81 الحديث 269،الاستبصار 2:169 الحديث 557،الوسائل 9:34 الباب 24 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) في المصادر:«حلاّ»مكان:«حلالا».
5- 5) التهذيب 5:81 الحديث 270،الاستبصار 2:169 الحديث 558،الوسائل 9:35 الباب 24 من أبواب الإحرام الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 5:81 ذيل الحديث 270،الاستبصار 2:169 ذيل الحديث 558.

و قيل:يتحلّل من غير اشتراط (1)،و هو اختيار أبي حنيفة في المريض (2).

و قال الزهريّ (3)،و مالك (4)،و ابن عمر:الشرط لا يفيد شيئا و لا يتعلّق به التحليل (5).

لنا:أنّ الشرط جائز إجماعا،و لحديث ضباعة بنت الزبير (6)،فلا بدّ له من فائدة،و إنّما يتحقّق فائدته بجواز الإحلال عند حصول المانع.

احتجّ آخرون (7):بما رواه حمزة بن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذي يقول:حلّني حيث حبستني،فقال:«هو حلّ حيث حبسه اللّه عزّ و جلّ قال

ص:252


1- 1نسبه المحقّق في الشرائع 1:247 [1] إلى:قيل...،قال في الجواهر 18:264، [2]لم يظهر لي لمن أشار بالقول المزبور و يمكن أن يريد به الإشارة إلى أنّ الشرط وجوده كعدمه و ربّما كان ذلك ظاهر الخلاف، يراجع:الخلاف 1:494 مسألة-323،و يظهر أيضا من الشيخ في التهذيب حيث قال:فأمّا الاشتراط في عقد الإحرام فليس لأجل أنّه إن لم يشترط ثمّ أحصر بقي على إحرامه؛لأنّه متى أحصر فإنّه أحلّ، سواء اشترط أو لم يشترط.التهذيب 5:80.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:108،تحفة الفقهاء 1:415،بدائع الصنائع 2:175،الهداية للمرغينانيّ 1: 180،شرح فتح القدير 3:51،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،قال في الجميع: الإحصار يتحقّق بالمرض كما يتحقّق بالعدوّ،و إذا أحصر تحلّل شرط أو لم يشترط.
3- 3) سنن النسائيّ 5:169،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّى 7:114،عمدة القارئ 10:146.
4- 4) تفسير القرطبيّ 2:375، [3]المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّى 7:115.
5- 5) سنن النسائيّ 5:169،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238،المحلّي 7:114،عمدة القارئ 10:146.
6- 6) صحيح البخاريّ 7:9،صحيح مسلم 2:867 و 868 الحديث 1207 و 1208،سنن أبي داود 2:151 الحديث 1776،سنن الترمذيّ 3:278 الحديث 941،سنن ابن ماجة 2:980 الحديث 2938،سنن النسائيّ 5:168،سنن الدارميّ 2:35،مسند أحمد 6:164،202 و 420،سنن الدار قطنيّ 2:219 الحديث 18،19،سنن البيهقيّ 5:221.
7- 7) احتجّ به الشيخ في التهذيب 5:80.

أو لم يقل،و لا يسقط الاشتراط عنه الحجّ من قابل» (1).

الخامس:لو اشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه هل يسقط دم الإحصار

عنه عند التحلّل؟

قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يسقط (2)،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يسقط (4).و للشافعيّ قولان (5).

احتجّ السيّد (6):بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب:«حجّي و اشترطي و قولي:اللهمّ فحلّني حيث حبستني» (7).و لا فائدة لهذا الشرط إلاّ التأثير فيما ذكرناه.

و احتجّ الشيخ (8)-رحمه اللّه-:بعموم قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (9).و أجاب السيّد بأنّه محمول على من لم يشترط (10).و كلام الشيخ فيه قوّة.

السادس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا بدّ أن يكون للشرط فائدة،

مثل أن يقول:

إن مرضت أو فنيت نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق عليّ أو منعني عدوّ أو غيره،فأمّا

ص:253


1- 1الكافي 4:332 الحديث 6،الفقيه 2:306 الحديث 1516،التهذيب 5:80 الحديث 266،الوسائل 9:35 الباب 25 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) الانتصار:104.
3- 3) بدائع الصنائع 2:175،المغني 3:249،الشرح الكبير بهامش المغني 3:238.
4- 4) المبسوط 1:234،الخلاف 1:494 مسألة-324.
5- 5) حلية العلماء 3:362،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:306،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 11،مغني المحتاج 1:534.
6- 6) الانتصار:105.
7- 7) تقدّم الحديث عن عائشة و ابن عبّاس في ص 248،249. [2]
8- 8) الخلاف 1:494 مسألة-324،المبسوط 1:334. [3]
9- 9) البقرة(2):196. [4]
10- 10) الانتصار:105.

أن يقول:أن تحلّني حيث شئت،فليس له ذلك (1).

السابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلاّ مع نيّة التحلّل

و الهدي معا .

(2)

و للشافعيّ فيهما قولان (3).

و احتجّ-رحمه اللّه-:بعموم الأمر بالهدي،و بالاحتياط (4)(5).

مسألة:لا يلبّى في مسجد عرفة.

و به قال مالك (6).و قال الشافعيّ:إنّه مستحبّ (7).

لنا:ما بيّنّا من أنّ التلبية تقطع يوم عرفة قبل الزوال.

و كذا لا يلبّى في حال الطواف.و به قال الشافعيّ (8)،و سالم بن عبد اللّه و ابن عيينة (9).

و قال أحمد:لا بأس بالتلبية فيه (10)،و به قال ابن عبّاس،و ابن

ص:254


1- 1المبسوط 1:334. [1]
2- 2) الخلاف 1:494 مسألة-324،المبسوط 1:334. [2]
3- 3) حلية العلماء 3:361،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:353،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 10،مغني المحتاج 1:534،السراج الوهّاج:171،التفسير الكبير 5:149. [3]
4- 4) ح،ق و خا:و الاحتياط.
5- 5) الخلاف 1:495 مسألة-324،المبسوط 1:334.
6- 6) الموطّأ 1:338،المدوّنة الكبرى 1:364،بداية المجتهد 1:339،بلغة السالك 1:270،تفسير القرطبيّ 2:430، [4]المغني 3:263،الشرح الكبير بهامش المغني 3:265،في أكثر المصادر قال بقطع التلبية يوم عرفة إذا زاغت الشمس و لم يتعرّض لذكر مسجد عرفة.
7- 7) الأمّ 2:204،حلية العلماء 3:281،المهذّب للشيرازيّ 1:206،المجموع 7:245،فتح العزيز بهامش المجموع 7:261،المغني 3:263،الشرح الكبير بهامش المغني 3:265.
8- 8) الأمّ 2:205،حلية العلماء 3:281،المجموع 7:245،فتح العزيز بهامش المجموع 7:262،مغني المحتاج 1:481،السراج الوهّاج:157،المغني 3:264.
9- 9) المغني 3:264،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
10- 10) المغني 3:264،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268،الإنصاف 3:454.

أبي ليلى و داود (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه قال:لا يلبّي الطائف (2).

و عن سفيان:ما رأيت أحدا يلبّي و هو يطوف،إلاّ عطاء بن السائب (3).و قوله يدلّ على حصول الإجماع من غير مخالف.

و من طريق الخاصّة:ما روي عنهم عليهم السّلام من قولهم:إنّ هؤلاء يطوفون و يسعون و يلبّون،و كلّما طافوا حلّوا و كلّما لبّوا عقدوا فيخرجون لا محلّين و لا محرمين،كذا رواه الشيخ في الخلاف مرسلا (4)،و رواه في التهذيب-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا قدموا مكّة و طافوا بالبيت أحلّوا،و إذا لبّوا أحرموا،فلا يزال يحلّ و يعقد حتّى يخرج إلى منى بلا حجّ و لا عمرة» (5).

و لأنّا بيّنّا أنّ المتمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة (6).و لأنّه مشتغل (7)بذكر يخصّه،فكان أولى.

احتجّ المخالف:بأنّه زمن التلبية فلا يكره (8).

و الجواب:المنع من كونه زمن التلبية.

ص:255


1- 1المغني 3:264،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268،بداية المجتهد 1:339.
2- 2) الموطأ 1:338 الرقم 47،سنن البيهقيّ 5:43،فتح العزيز بهامش المجموع 7:262،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:262.
3- 3) المغني 3:264،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
4- 4) الخلاف 1:433 مسألة-71.
5- 5) التهذيب 5:31 الحديث 93،الاستبصار 2:156 الحديث 511،الوسائل 8:181 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 23. [1]
6- 6) يراجع:ص 238.
7- 7) ق و خا:يشتغل.
8- 8) المغني 3:264،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
فصول:

يستحبّ أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتخلّلها كلام،فإن سلّم عليه،ردّ في أثنائها؛لأنّ ردّ السّلام واجب،فلا يترك للمندوب.

فصل:و يستحبّ إذا فرغ من التلبية أن يصلّي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه

و آله؛

لقوله تعالى: وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (1)قيل في التفسير:لا أذكر إلاّ و تذكر معي (2).

و لأنّ كلّ موضع شرّع فيه ذكر اللّه تعالى شرّع فيه ذكر نبيّه،كالصلاة و الأذان.

فصل:يجزئ من التلبية في دبر كلّ صلاة مرّة واحدة؛لإطلاق الأمر بها،

و بالواحدة يحصل الامتثال،و لو زاد كان فيه فضل كثير؛لقولهم عليهم السّلام «و أكثر من ذي المعارج» (3).

فصل:لا أعرف لأصحابنا قولا في أنّ الحلال يلبّي،

و استحسنه الحسن البصريّ،و النخعيّ،و عطاء بن السائب (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور (6)،و أحمد (7)، و ابن المنذر،و أصحاب الرأي (8).

ص:256


1- 1الانشراح(94):4. [1]
2- 2) ينظر:تفسير الطبريّ 30:235، [2]تفسير الدرّ المنثور 6:363،و [3]من طريق الخاصّة،ينظر:تفسير التبيان 10:373. [4]
3- 3) الكافي 4:335 الحديث 3،التهذيب 5:91 الحديث 300،الوسائل 9:53 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 2،3 و 4.
4- 4) المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
5- 5) كذا نسب إليه في المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.و الموجود في كتب الشافعيّة استحباب تكرار التلبية للمحرم،ينظر:الأمّ 2:157،المجموع 7:265،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 261،مغني المحتاج 1:481.
6- 6) المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
7- 7) المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268،الإنصاف 3:455.
8- 8) المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.

و كرهه مالك (1).و الأصل عدم مشروعيّته.

و قولهم:إنّه ذكر استحبّ للمحرم،فيستحبّ لغيره،كسائر الأذكار،ضعيف؛ لأنّه ذكر طلب لعقد الإحرام،فلا يستحبّ لغيره.

فصل:يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية،روى ابن بابويه عن الصادق

عليه السّلام،

قال:«يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي و هو محرم» (2).

و في خبر آخر:«إذا نودي المحرم فلا يقل:لبّيك و لكن يقول:يا سعد» (3).

فصل:التلبية مأخوذة من ألبّ بالمكان،إذا لزمه،

و معنى لبّيك:أنا مقيم عند طاعتك و على أمرك غير خارج عن ذلك،و ثنّى؛لأنّ المراد إقامة بعد إقامة أي طاعة مع طاعة.

و الإهلال رفع الصوت بالتلبية من قولهم:استهلّ الصبيّ إذا صاح،و الأصل فيه الصياح عند رؤية الهلال،فيقال:استهلّ الهلال،ثمّ قيل لكل صائح:مستهلّ.

فصل:و إذا قال:لبّيك،إنّ الحمد،كسر الألف،

قال محمّد بن الحسن:الكسر أحبّ إليّ،و يجوز الفتح أيضا،لكنّ الأوّل أولى (4)،قال ثعلب:من قال:أنّ -بفتحها-فقد خصّ،و من قال:بكسر الألف فقد عمّ،و معناه أنّ من كسر،جعل الحمد للّه على كلّ حال،و من فتح فمعناه السببيّة:أي لبّيك لهذا السبب:أي للحمد (5).

ص:257


1- 1المدوّنة الكبرى 1:366،بلغة السالك 1:270،المغني 3:265،الشرح الكبير بهامش المغني 3:268.
2- 2) الفقيه 2:211 الحديث 964،الوسائل 9:178 الباب 91 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 2:211 الحديث 965،الوسائل 9:178 الباب 91 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:5،مجمع الأنهر 1:268.
5- 5) المغني 3:258،الشرح الكبير بهامش المغني 3:264،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:198.
فصل:روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:لمّا فرغ إبراهيم عليه السّلام من

بناء البيت قيل له:أذّن في الناس بالحجّ،

(1)

قال:ربّ و ما يبلغ صوتي،قال:أذّن و عليّ البلاغ،فنادى إبراهيم على نبيّنا و عليه السّلام:أيّها الناس كتب عليكم الحجّ، قال:فسمعه ما بين السماء و الأرض،أ فلا ترى النّاس يجيئون من أقطار الأرض يلبّون (2).

و روى ابن بابويه عن الحسن العسكريّ،عن آبائه عليهم السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لمّا بعث اللّه موسى بن عمران و اصطفاه نجيّا،و فلق له البحر،و نجّى بنى إسرائيل،و أعطاه التوراة و الألواح،رأى مكانه من ربّه عزّ و جلّ، فقال:يا ربّ لقد أكرمتني كرامة لم يكرم بها أحد قبلي،فقال اللّه جلّ جلاله:يا موسى أ ما علمت أنّ محمّدا أفضل عندي من جميع ملائكتي و جميع خلقي،قال موسى:يا ربّ فإن كان محمّد أكرم عندك من جميع خلقك،فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟قال اللّه جلّ جلاله:يا موسى أ ما (3)علمت أنّ فضل آل محمّد على جميع آل النبيّين كفضل محمّد على جميع المرسلين،فقال:يا ربّ فإن كان آل محمّد كذلك،فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمّتي؟ظلّلت عليهم الغمام، و أنزلت عليهم المنّ و السلوى،و فلقت لهم البحر،فقال اللّه جلّ جلاله:يا موسى أ ما علمت أنّ فضل أمّة محمّد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي،فقال موسى:

يا ربّ ليتني كنت أراهم،فأوحى اللّه جلّ جلاله (4)إليه:يا موسى إنّك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم و لكن سوف تراهم في الجنان جنّات عدن و الفردوس بحضرة محمّد صلّى اللّه عليه و آله في نعيمها يتقلّبون و في خيراتها يتبجّحون،

ص:258


1- 1ع،ق و خا:و روى.
2- 2) تفسير الطبريّ 17:144، [1]تفسير القرطبيّ 12:38، [2]المستدرك للحاكم 2:388.
3- 3) ع،ق و خا:أو ما.
4- 4) ق:عزّ و جلّ،كما في الفقيه.

أ فتحبّ أن أسمعك كلامهم؟قال:نعم يا إلهي،قال عزّ و جلّ:قم بين يديّ و اشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل،ففعل ذلك موسى،فنادى ربّنا عزّ و جلّ:يا أمّة محمّد،فأجابوا كلّهم و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم:

لبّيك اللهمّ لبّيك،[لبّيك] (1)لا شريك لك لبّيك،لبّيك (2)إنّ الحمد و النعمة لك و الملك،لا شريك لك لبّيك،قال:فجعل اللّه عزّ و جلّ تلك الإجابة شعار الحجّ» (3).

النظر الثالث:في لبس الثوبين
مسألة:لبس ثوبي الإحرام واجب.

و قد أجمع العلماء كافّة على تحريم لبس المخيط للمحرم،فإذا أراد الإحرام،وجب عليه نزع ثيابه،و لبس ثوبي الإحرام يأتزر بأحدهما و يرتدي بالآخر.

روى الجمهور عن عبد اللّه بن عمر،عن أبيه،قال:«سأل رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عمّا يجتنب المحرم من الثياب،قال:لا يلبس القميص،و لا السراويل و لا البرنس،و لا العمامة و لا ثوبا مسّه الورس و لا الزعفران،و يلبس إزارا و رداء و نعلين،و لا يلبس الخفّين إلاّ لمن لا يجد النعلين فليلبس الخفّين و ليقطعهما حتّى يكونا أسفل من الكعبين» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:259


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) خا:لا توجد،كما في المصادر.
3- 3) الفقيه 2:211 الحديث 967،و رواه في العلل [1]عن الرضا عليه السّلام،علل الشرائع:416 الحديث 3، [2]الوسائل 9:54 الباب 40 من أبواب الإحرام الحديث 5 [3] أورد قطعة منه.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:168،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177،سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823، [4]سنن النسائيّ 5:131،133،سنن الدارميّ 2:32، [5]سنن البيهقيّ 5:49.في الجميع عن عبد اللّه بن عمر.

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوبا تزرّه و لا تدرّعه، و لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار،و لا الخفّين إلاّ أن لا يكون لك نعلان» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و البس ثوبيك» (2).و لا نعلم في ذلك خلافا.

مسألة:و يجب أن يكون الثوبان ممّا يصحّ فيهما الصلاة،

فلا يجوز الإحرام فيما لا يجوز الصلاة فيه؛لأنّه إحرام فلا يجوز إلاّ فيما يجوز الصلاة فيه،كإحرامها.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» (3).و هو يدلّ بمفهوم الخطاب على المطلوب.

و عن الحسن بن عليّ،عن بعض أصحابنا،[عن بعضهم عليهم السلام] (4)قال:

«أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثوبي كرسف» (5).

و عن أبي بصير،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الخميصة (6)سداها إبريسم و لحمتها من غزل،قال:«لا بأس بأن يحرم فيها،إنّما يكره الخالص منه» (7).و المراد بالكراهية هنا التحريم؛لأنّ لبس الحرير محرّم على الرجال.

مسألة:و في جواز إحرام المرأة في الحرير المحض قولان:

ص:260


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 227،الوسائل 9:115 الباب 35 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 4:326 الحديث 1 و ص 454 الحديث 1، [2]الفقيه 2:200 الحديث 914،الوسائل 9:22 الباب 15 من أبواب الإحرام الحديث 6.
3- 3) التهذيب 5:66 الحديث 212،الوسائل 9:36 الباب 27 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 5:66 الحديث 213،الوسائل 9:37 الباب 27 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]
6- 6) الخميصة:كساء أسود معلم الطرفين.المصباح المنير:182. [5]
7- 7) التهذيب 5:67 الحديث 215،الوسائل 9:38 الباب 29 من أبواب الإحرام الحديث 1. [6]

أحدهما:الجواز،و هو اختيار المفيد-رحمه اللّه-في كتاب أحكام النساء (1)، و اختاره ابن إدريس (2).

و الآخر:المنع،و اختاره الشيخ (3).و الأقوى الأوّل.

لنا:أنّه سائغ بالنسبة إليها و يجوز لها الصلاة فيه.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة تلبس القميص تزرّه عليها،و تلبس الحرير و الخزّ و الديباج؟ فقال:«نعم،لا بأس به،و تلبس الخلخالين و المسك» (4).

احتجّ الشيخ:بما رواه عن داود بن الحصين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟قال:«الثياب كلّها ما خلا القفّازين و البرقع و الحرير»قلت:تلبس الخزّ؟قال:«نعم»قلت:فإنّ سداه إبريسم و هو حرير؟قال:«ما لم يكن حريرا محضا لا بأس به» (5).

و في الصحيح عن عيص بن القاسم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفّازين»و كره النقاب و قال:

«تنزل (6)الثوب على وجهها»قلت:حدّ ذلك إلى أين؟قال:«إلى طرف الأنف قدر ما تبصر» (7).

ص:261


1- 1أحكام النساء:35.
2- 2) السرائر:128.
3- 3) المبسوط 1:320، [1]النهاية:218.
4- 4) التهذيب 5:74 الحديث 246،الاستبصار 2:309 الحديث 1100،الوسائل 9:41 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:75 الحديث 247،الاستبصار 2:309 الحديث 1101،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 3. [3]
6- 6) ع و ج:تترك،و في المصادر:«تسدل».
7- 7) التهذيب 5:73 الحديث 243،الاستبصار 2:308 الحديث 1099،الوسائل 9:43 [4] الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 9،و ص 129 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حديث مرسل،و مع ذلك ففي طريقه سهل بن زياد، و هو ضعيف.

و عن الثاني:أنّه غير دالّ على التحريم،فيحمل على الكراهية،و يعارضه (1)بما رواه الشيخ-في الموثّق-عن النضر بن سويد،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عن المحرمة أيّ شيء تلبس؟قال:«تلبس الثياب كلّها إلاّ المصبوغة بالزعفران و الورس،و لا تلبس القفّازين و لا حليا تتزيّن به لزوجها،و لا تكتحل إلاّ من علّة،[و لا تمسّ طيبا،و لا تلبس حليا] (2)و لا بأس بالعلم في الثوب» (3).و هو يدلّ من حيث المفهوم على صورة النزاع.

مسألة:يستحبّ الإحرام في الثياب القطن،و أفضلها البيض،

روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم، و كفّنوا فيها موتاكم» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان ثوبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اللذان أحرم فيهما يمانيّين عبريّ و أظفار و فيهما كفّن» (5).

و سأل حمّاد النوى (6)عن الصادق عليه السّلام،أو سئل و هو حاضر عن المحرم

ص:262


1- 1ح:و معارضة،و لعلّ الأنسب:و نعارضه.
2- 2) أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:74 الحديث 244،الوسائل 9:131 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
4- 4) بهذا اللفظ ينظر:سنن ابن ماجة 1:473 الحديث 1472،المستدرك للحاكم 4:185،كنز العمّال 15: 301 الحديث 41107،و بهذا المضمون،ينظر:سنن أبي داود 4:8 الحديث 3878، [2]سنن الترمذيّ 3: 319 الحديث 994، [3]مسند أحمد 1:328 و ج 5:10، [4]المصنّف لعبد الرزّاق 3:428 الحديث 6200.
5- 5) الفقيه 2:214 الحديث 975،الوسائل 9:36 الباب 27 من أبواب الإحرام الحديث 2. [5]
6- 6) حمّاد النّوى-نسبة إلى النّو بالنون المفتوحة و الواو قرية من ناحية أرهستان-الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام تارة بالعنوان المذكور،و أخرى بعنوان:حمّاد النّوى،روى عنه ابن فضّال،و ذكره الصدوق في المشيخة.و قال المامقانيّ:قال الوحيد:إنّ في رواية ابن فضّال عنه إيماء إلى اعتداد ما به،ثمّ نقل عن خاله المجلسيّ الحكم بكونه ممدوحا؛لأنّ للصدوق إليه طريقا،فالأولى البناء على حسن الرجل لاستفادة كونه إماميّا من عدم غمز الشيخ في مذهبه،و قال السيّد الخوئيّ: لا وجه للحكم بحسنه و الاعتداد به،و طريق الصدوق إليه ضعيف.الفقيه(شرح المشيخة)4:100، رجال الطوسيّ:174،182،تنقيح المقال 1:368، [6]معجم رجال الحديث 6:245. [7]

يحرم في برد،قال:«لا بأس به،و هل كان الناس يحرمون إلاّ في البرود» (1).

مسألة:و لا بأس بالإحرام في الثوب الأخضر أو غيره من الألوان عدا السواد.

روى ابن بابويه عن خالد أبي العلاء الخفّاف (2)،قال:رأيت أبا جعفر عليه السّلام و عليه برد أخضر و هو محرم (3).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام،قال:سألته يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر؟فقال:«إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به» (4).

ص:263


1- 1الفقيه 2:215 الحديث 977،الوسائل 9:37 الباب 28 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) خالد بن أبي العلاء الخفّاف عنونه الصدوق في المشيخة بعنوان خالد بن أبي العلاء،قال المامقانيّ: و الظاهر أنّ ما في الفقيه سهو من قلمه الشريف لتصريح بعض المتتبّعين بعدم وجود ذكر لخالد بن أبي العلاء لا في كتب أصحابنا الرجاليّة و لا في رجال العامّة،و الشاهد على زيادة الابن في سند الصدوق أنّ الرواية بعينها مذكورة في الكافي 4:340 [2] هكذا:خالد أبو العلاء،و احتمل المامقانيّ اتّحاده مع خالد بن بكّار أبو العلاء الخفّاف الكوفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الباقر عليه السّلام و بإسقاط الخفّاف و زيادة أسند عنه من أصحاب الصادق عليه السّلام و احتمل أيضا اتّحاده مع خالد بن طهمان أبو العلاء الخفّاف الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان: خالد بن طهمان الكوفيّ،و اللّه العالم.الفقيه(شرح المشيخة)4:100،رجال الطوسيّ:119،186، تنقيح المقال 1:386،392. [3]
3- 3) الفقيه 2:215 الحديث 978،الوسائل 9:37 الباب 28 من أبواب الإحرام الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:67 الحديث 217،الاستبصار 2:165 الحديث 540،الوسائل 9:120 الباب 40 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [5]

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سمعته و هو يقول:«كان عليّ عليه السّلام محرما معه (1)بعض صبيانه و عليه ثوبان مصبوغان، فمرّ به عمر بن الخطّاب فقال:يا أبا الحسن ما هذان الثوبان المصبوغان؟فقال له عليّ عليه السّلام:«ما نريد أحدا يعلّمنا السنّة (2)،إنّما هما ثوبان صبغا بالمشق» يعني الطين (3).

مسألة:و لا ينبغي أن يحرم في الثياب السود؛

لأنّها لباس أهل النار،فلا يقتدى بهم.

روى الشيخ عن الحسين بن المختار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يحرم الرجل في الثوب الأسود؟قال:«لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفّن به الميّت» (4).

و روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قال فيما علّم أصحابه:

«لا تلبسوا السواد،فإنّه لباس فرعون» (5).

و لا بأس بلبسه حال التقيّة؛دفعا للضرر.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه عن حذيفة بن منصور،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام بالحيرة،فأتاه رسول أبي العبّاس الخليفة يدعوه،فدعا بممطر أحد وجهيه أسود و الآخر أبيض فلبسه،ثمّ قال عليه السّلام:«أما إنّي ألبسه و أنا أعلم أنّه لباس أهل النار» (6).

ص:264


1- 1خا و ق:«مع»و في التهذيب و الوسائل:«و [1]معه».
2- 2) في الفقيه و التهذيب:«بالسنّة».
3- 3) التهذيب 5:67 الحديث 219،الوسائل 9:121 الباب 42 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:66 الحديث 214،الوسائل 9:36 الباب 26 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
5- 5) الفقيه 1:163 الحديث 766،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلّي الحديث 5. [4]
6- 6) الفقيه 1:163 الحديث 770،الوسائل 3:279 الباب 19 من أبواب لباس المصلّي الحديث 7. [5]
مسألة:و لا بأس بالمعصفر من الثياب،

(1)

و يكره إذا كان مشبعا.و عليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:العصفر طيب و يجب به الفدية على المحرم (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين و النقاب و ما أشبه الورس (5)من النبات،و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ (6).

و عن القاسم بن محمّد أنّ عائشة كانت تلبس الأحمرين و هي محرمة الذهب و المعصفر (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام (8).

و عن أبان بن تغلب،قال:سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام أخي-و أنا حاضر عنده- عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثمّ يغسل،ألبسه و أنا محرم؟قال:«نعم،ليس

ص:265


1- 1العصفر:صبغ،و قد عصفرت الثوب فتعصفر.الصحاح 2:750. [1]
2- 2) الأمّ 2:148،حلية العلماء 3:290،المهذّب للشيرازيّ 1:209،المجموع 7:278،فتح العزيز بهامش المجموع 7:457،مغني المحتاج 1:520،المغني 3:300،الشرح الكبير بهامش المغني 3:333.
3- 3) المغني 3:300،الشرح الكبير بهامش المغني 3:333،الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3:505، المجموع 7:282.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:122 و 126،بدائع الصنائع 2:185 و 190،الهداية للمرغينانيّ 1:139 و 160،شرح فتح القدير 2:348 و 441،مجمع الأنهر 1:269 و 292،المغني 3:300 و 533،بداية المجتهد 1:327.
5- 5) في المصادر:ما مسّ الورس.
6- 6) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [2]المستدرك للحاكم 1:486،سنن البيهقيّ 5:52 و 59.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:169،الموطّأ 1:326 الحديث 11،سنن البيهقيّ 5:59 و اللفظ فيه هكذا:إنّها كانت تلبس المعصفرات و هي محرمة.
8- 8) يراجع:ص 263.

العصفر من الطيب،و لكن أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس» (1).

و روى ابن بابويه عن عامر بن جذاعة أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مصبغات الثياب تلبسها المرأة المحرمة،فقال:«لا بأس إلاّ المفدم (2)المشهور» (3).

و لأنّه يجوز للمحرم لبسه إذا كان لا ينفضّ،فجاز و إن كان ينفضّ،كالممشق.

احتجّ المخالف:بأنّه طيب يجب به الفدية،كالورس و الزعفران (4).

و الجواب:المنع من كونه طيبا،و قد نصّ عليه الصادق عليه السّلام؛لأنّه لا يعتدّ به للطيب و إن كان له رائحة طيّبة كالفواكه.

مسألة:و يجوز الإحرام في الممتزج من الحرير و غيره؛

لأنّه بالمزج خرج عن كونه إبريسما.

و روى الشيخ عن أبي بصير،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الخميصة سداها إبريسم و لحمتها من غزل،قال:«لا بأس بأن يحرم فيها،إنّما يكره الخالص منه» (5).

و عن حنّان بن سدير،قال:كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،فسئل عن رجل يحرم (6)في ثوب فيه حرير فدعا بإزار قرقبيّ (7)،فقال:«أنا أحرم في هذا

ص:266


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 224،الاستبصار 2:165 الحديث 541،الوسائل 9:120 الباب 40 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) المفدم:الثوب المشبع بالحمرة.النهاية لابن الأثير 3:421. [2]
3- 3) الفقيه 2:220 الحديث 1015،الوسائل 9:119 الباب 40 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:122 و 126،بدائع الصنائع 2:185 و 190،الهداية للمرغينانيّ 1:139 و 160،شرح فتح القدير 2:348 و 441،مجمع الأنهر 1:269 و 292.
5- 5) التهذيب 5:67 الحديث 215،الوسائل 9:38 الباب 29 من أبواب الإحرام الحديث 1. [4]
6- 6) في النسخ:محرم،و ما أثبتناه من التهذيب و الكافي و [5]الوسائل،و [6]في الفقيه:أ يحرم.
7- 7) ثوب أبيض مصريّ من كتّان منسوب إلى قرقوب.النهاية لابن الأثير 4:47،مجمع البحرين 2:143. [7]

و فيه حرير» (1).

مسألة:و يجوز الإحرام في ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو طيب إذا غسل

و ذهبت رائحته.

و هو اختيار الشافعيّ (2)؛لأنّ المقصود من الطيب:الرائحة،و قد زالت بالغسل،أو بطول المكث،أو تجديد صبغ آخر غيره عليه.

و يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ عن عثمان،عن سعيد بن يسار،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الثوب المصبوغ بالزعفران أغسله و أحرم فيه؟قال:

«لا بأس به» (3).

و عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثمّ يغسل،فقال:«لا بأس به إذا ذهب ريحه و لو كان مصبوغا كلّه إذا ضرب إلى البياض فلا بأس به» (4).

و عن إسماعيل بن الفضل،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب؟فقال:«إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه» (5).

فرع:

لو أصاب ثوبه شيء من خلوق الكعبة و زعفرانها لم يكن به بأس و إن لم يغسله.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم،قال:«لا بأس به و لا يغسله

ص:267


1- 1الكافي 4:304 الحديث 6، [1]الفقيه 2:216 الحديث 984،التهذيب 5:67 الحديث 216،الوسائل 9: 38 الباب 29 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
2- 2) الأمّ 2:149،المجموع 7:273،مغني المحتاج 1:520،المغني 3:299.
3- 3) التهذيب 5:67 الحديث 218،الوسائل 9:123 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 5:68 الحديث 220،الوسائل 9:122 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 5:68 الحديث 223،الوسائل 9:123 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [5]

فإنّه طهور» (1).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة قال:«لا يضرّه و لا يغسله» (2).

آخر:

يكره النوم على الفرش المصبوغة.

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة (3)الصفراء» (4).

مسألة:يكره الإحرام في الثياب الوسخة إلاّ أن تغسل؛لاستحباب التنظيف،

و قد تقدّم الدليل عليه فيما سلف (5).

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العلاء بن رزين،قال:سئل أحدهما عليهما السّلام عن الثوب الوسخ يحرم فيه المحرم؟فقال:«لا،و لا أقول:

إنّه حرام،و لكن تطهيره أحبّ إليّ و طهره غسله» (6).

مسألة:و لا يلبس ثوبا يزرّه و لا يدرعه؛

لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تلبس-و أنت تريد الإحرام- ثوبا تزرّه و لا تدرعه،و لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار،و لا الخفّين إلاّ

ص:268


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 225،الوسائل 9:98 الباب 21 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:69 الحديث 226،الوسائل 9:98 الباب 21 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) ح:«و المرفقة»كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 5:68 الحديث 221،الوسائل 9:104 الباب 28 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) يراجع:ص 199.
6- 6) التهذيب 5:68 الحديث 222،الوسائل 9:117 الباب 38 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]

أن لا يكون لك نعلان» (1).و لا بأس بلبس الطيلسان،و لا يزرّه على نفسه؛لأنّه بمنزلة الرداء،و إنّما لا يزرّه؛لأنّه حينئذ ينزّل منزلة (2)المخيط.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يلبس الطيلسان المزرّر (3)؟قال:«نعم،في كتاب عليّ عليه السّلام:و لا تلبس طيلسانا حتّى تحلّ أزراره»و قال:«إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل عليه،فأمّا الفقيه فلا بأس بلبسه» (4)(5).

مسألة:و لا يجوز له أن يلبس السراويل،و إذا لم يجد إزارا جاز له أن يلبس

السراويل و لا فدية عليه.

و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد بن حنبل (7).

و قال مالك (8)،و أبو حنيفة:يجب الفدية (9).

ص:269


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 227،الوسائل 9:115 الباب 35 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) أكثر النسخ:بمنزلة.
3- 3) ع:المزرور،كما في الوسائل. [2]
4- 4) خا و ق:«فلا بأس عليه يلبسه»و في الفقيه:«فلا بأس بأن يلبسه».
5- 5) الفقيه 2:217 الحديث 995،الوسائل 9:116 الباب 36 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]
6- 6) الأمّ 2:147،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،حلية العلماء 3:285،المهذّب للشيرازيّ 1:208، المجموع 7:266، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7:453، [5]الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151،المغني 3:277،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 3:281،سنن الترمذيّ 3: 196. [7]
7- 7) المغني 3:277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281،الكافي لابن قدامة 1:547،الإنصاف 3:464، سنن الترمذيّ 3:196،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:460،بداية المجتهد 1:327،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:230،المغني 3: 277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453، الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 4:128،بدائع الصنائع 2:184،186 و 187،مجمع الأنهر 1:269،المغني 3: 277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453، الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.

و اختلف أصحاب أبي حنيفة في جواز لبسه،فقال:الطحاويّ:لا يجوز له لبسه،و إنّما يفتقه و يجعله إزارا (1).

و قال الرازيّ:يجوز له لبسه و تجب الفدية (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إذا لم يجد المحرم نعلين،لبس خفّين،فإذا لم يجد إزارا،لبس سراويلا» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار» (4).و هو جواز مطلق لم يذكر معه الفدية،فلا يجب؛عملا بالأصل.

و لأنّه رخّص له في لبسه عند عدم غيره فلا يلزمه الفدية،كالخفّين المقطوعين.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ ما وجب بلبسه الفدية مع وجود الإزار،وجب للبسه الفدية مع عدمه،كالقميص (5).

و الجواب:أنّ القميص يمكنه أن يستر به عورته،و لا يلبسه،و إنّما يأتزر به، و هذا يجب عليه لبسه ليستر عورته،و لا يمكنه ستر عورته إلاّ بلبسه على صفته.

مسألة:و لا يجوز له لبس القباء بالإجماع؛

لأنّه مخيط،فإن لم يجد ثوبا،جاز له أن يلبس القباء مقلوبا،و لا يدخل يديه في يدي القباء و لا فدية عليه حينئذ.و به قال أبو حنيفة (6).

ص:270


1- 1عمدة القارئ 9:162.
2- 2) المجموع 7:266. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:20،صحيح مسلم 2:835 الحديث 1178،سنن أبي داود 2:166 الحديث 1829، [2]سنن الترمذيّ 3:195 الحديث 834، [3]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2931،سنن النسائيّ 5: 135،سنن الدارميّ 2:32، [4]سنن البيهقيّ 5:50.
4- 4) التهذيب 5:69 الحديث 227،الوسائل 9:115 الباب 35 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [5]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:128،المغني 3:277،المجموع 7:266.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:125،تحفة الفقهاء 1:420،بدائع الصنائع 2:184،مجمع الأنهر 1:269.

و قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3):يجب الفداء.

لنا:أنّه لو توشّح بالقميص لم تجب الفدية،فكذا القباء.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا اضطرّ المحرم إلى القباء،و لم يجد ثوبا غيره،فليلبسه مقلوبا، و لا يدخل يديه في يدي القباء» (4).

احتجّ المخالف:بأنّه محرم لبس مخيطا على العادة في لبسه،فوجبت عليه الفدية (5).

و الجواب:المنع من كونه ملبوسا على العادة.

فرعان:
الأوّل:لو أدخل كتفيه في القباء و لم يدخل يديه في كمّيه و لم يلبس مقلوبا،

كان عليه الفداء.و به قال الشافعيّ (6)،و قال أبو حنيفة:لا شيء عليه (7).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و متى توشّح به كالرداء،و لا شيء عليه بلا خلاف (8).

ص:271


1- 1حلية العلماء 3:285،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:441،مغني المحتاج 1: 518،المغني 3:285،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:287.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:460 و 462،بلغة السالك 1:285،المغني 3:285،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:287،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:441.
3- 3) المغني 3:285،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:287،الكافي لابن قدامة 1:547، [4]الإنصاف 3:467. [5]
4- 4) التهذيب 5:70 الحديث 228،الوسائل 9:124 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [6]
5- 5) المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:287،المجموع 7:267،فتح العزيز بهامش المجموع 7:441.
6- 6) حلية العلماء 3:285،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:441،مغني المحتاج 1: 518.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:125،تحفة الفقهاء 1:420،بدائع الصنائع 2:184،مجمع الأنهر 1:269.
8- 8) الخلاف 1:435 مسألة-79.

لنا:عموم تحريم لبس الأقبية.روى الجمهور عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يلبس المحرم القميص و لا الأقبية» (1).خرج منه ما لو لبسه مقلوبا؛للضرورة،و عملا بما تقدّم (2)،فيبقى الباقي على المنع،و لأنّ طريقة الاحتياط تقتضي المنع من ذلك.

الثاني:قال ابن إدريس:ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه

و بالعكس،

بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه (3).

و هذا التفسير الذي ذكره رواه الشيخ (4)[و] (5)أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ في كتابه الجامع عن المثنّى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اضطرّ إلى ثوب و هو محرم و ليس معه إلاّ قباء فلينكسه فليجعل أعلاه أسفله و يلبسه» (6).

و التفسيران عندي سائغان؛لأنّه عليه السّلام في الحديث الذي رويناه قال:

«فليجعله مقلوبا،و لا يدخل يديه في يدي القباء»إنّما يتمّ على أن يكون القلب المراد به غير النكس؛إذ لو كان المراد به النكس لم يحتج إلى قوله:«و لا يدخل يديه في يدي القباء».

و قد روى الشيخ أيضا لفظ (7)النكس عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يلبس المحرم الخفّين إذا لم يجد نعلين (8)،و إن لم يكن له رداء

ص:272


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:232 الحديث 68،سنن البيهقيّ 5:50.
2- 2) يراجع:ص 270.
3- 3) السرائر:127.
4- 4) التهذيب 5:70 الحديث 229،الوسائل 9:124 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
5- 5) أضفناها لاقتضاء السياق.
6- 6) السرائر:474،الوسائل 9:125 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [2]
7- 7) ج و ح:لفظة.
8- 8) في النسخ:النعلين.

طرح قميصه على عنقه (1)أو قباءه (2)بعد أن ينكسه» (3).

و روى ابن بابويه في كتابه عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام:«و يلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء،و يقلب ظهره لباطنه» (4).و هو يدلّ على التفسير المخالف لرأي ابن إدريس.

مسألة:و يلبس نعلين،فإن لم يجدهما،جاز أن يلبس الخفّين و يقطعهما إلى

ظاهر القدم،

كالشمشك (5)،و لا يجوز له لبسهما قبل القطع،و به قال الشافعيّ (6)، و مالك (7)،و أبو حنيفة (8).

و قال بعض أصحابنا:يلبسهما صحيحين (9).و به قال أحمد بن حنبل (10)، و عطاء بن أبي رباح (11).

ص:273


1- 1في التهذيب و نسخة من الوسائل: [1]عاتقه.
2- 2) بعض النسخ:«قباه»كما في بعض المصادر.
3- 3) التهذيب 5:70 الحديث 229،الوسائل 9:124 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 5:70 الحديث 997،الوسائل 9:124 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [3]
5- 5) الشمشك:من ملابس الرعاة.أقرب الموارد 1:611.
6- 6) الأمّ 2:147،حلية العلماء 3:286،المهذّب للشيرازيّ 1:208،المجموع 7:261 و 265،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453،مغني المحتاج 1:518،الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.
7- 7) مقدّمات ابن رشد:296،بداية المجتهد 1:327،إرشاد السالك:58،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:229،بلغة السالك 1:285،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:127،بدائع الصنائع 2:183،الهداية للمرغينانيّ 1:138،شرح فتح القدير 2:346،مجمع الأنهر 1:269،عمدة القارئ 9:161.
9- 9) ينظر:شرائع الإسلام 1:250.
10- 10) المغني 3:277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282،الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3: 464-465.
11- 11) حلية العلماء 3:286،المجموع 7:265،بداية المجتهد 1:327،المغني 3:277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال:نادى رجل،فقال:يا رسول اللّه ما يجتنبه المحرم؟فقال:«لا يلبس قميصا و لا سراويلا و لا عمامة و لا برنسا،و لا يلبس ثوبا مسّه و رس أو زعفران،و ليحرم أحدكم في إزار و رداء و نعلين،فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين و ليقطعهما حتّى يكونا إلى الكعبين» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل؟قال:«نعم،و لكن يشقّ ظهر القدم» (2).

قال ابن إدريس:الذي رواه أصحابنا و أجمعوا عليه لبسهما من غير شقّ (3).

و هي دعوى ممنوعة يكذّبها ما نقلناه من الخلاف،و الحديث عن الباقر عليه السّلام.

احتجّ أحمد (4):بما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«السراويل لمن لم يجد إزارا،و الخفّ لمن لم يجد نعلين (5).

و لأنّ من لا يجد إزارا يلبس السراويل و لا يفتقه،كذلك هاهنا.

و الجواب:أنّ حديث ابن عمر،و الباقر عليه السّلام أولى؛لأنّه مشتمل على الزيادة و حديثهم لا ينافيه،فيحمل عليه،و السراويل لا يمكن لبسه بعد فتقه، بخلاف الخفّين،فافترقا.

إذا عرفت هذا:فلا بأس أيضا بلبس الجوربين إذا لم يجد النعلين؛لمفهوم الأمر

ص:274


1- 1صحيح البخاريّ 2:169،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177،سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823، [1]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [2]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2929،سنن البيهقيّ 5: 49 في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) الفقيه 2:218 الحديث 97، [3]الوسائل 9:135 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]
3- 3) السرائر:127.
4- 4) المغني 3:278،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:282،الكافي لابن قدامة 1:547.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:20،صحيح مسلم 2:835 الحديث 1178،سنن الترمذيّ 3:195 الحديث 834، سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2931،سنن الدارميّ 2:32، [6]سنن البيهقيّ 5:50.

بلبس الخفّين.

و لما رواه ابن بابويه،قال:سأل رفاعة بن موسى الصادق عليه السّلام عن المحرم يلبس الجوربين؟فقال:«نعم،و الخفّين إذا اضطرّ إليهما» (1).

فرع:

إذا كان واجدا للنعلين،لم يجز له لبس الخفّين المقطوعين و الشمشكين.

و قال بعض الشافعيّة:يجوز (2).و هو غلط؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط في لبسهما عدم وجدان النعلين.

و كذا لا يجوز له لبس القباء المقلوب عند وجدان الإزار؛لأنّه بدل اشترط في جواز فعله عدم مبدله.

و لو لم يجد رداء،لا يجوز له لبس القميص؛لأنّه لا يذهب منفعته بفتقه،و لأنّه يمكنه لبسه على صفته،كالمئزر.

أمّا لو عدم الإزار،فإنّه يجوز له التوشّح بالقميص و بالقباء المقلوب مخيّرا (3)في ذلك؛لقول الصادق عليه السّلام:«و إن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه، أو قباءه (4)بعد أن ينكسه» (5).و الظاهر التخيير.

مسألة:و يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتّقي بذلك الحرّ و البرد،

و أن يغيّرهما؛

عملا بالأصل،و بما رواه الشيخ-في الموثّق-عن الحلبيّ،قال:

ص:275


1- 1الفقيه 2:217 الحديث 996،الوسائل 9:134 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:286،المهذّب للشيرازيّ 1:208،المجموع 7:258،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453.
3- 3) ج،ق و خا:مخيّر.
4- 4) بعض النسخ:قباه،كما في بعض المصادر.
5- 5) التهذيب 5:70 الحديث 229،الوسائل 9:124 الباب 44 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوبين يرتدي بهما المحرم؟قال:«نعم،و الثلاثة يتّقي بها الحرّ و البرد»و سألته عن المحرم يحوّل ثيابه؟قال:«نعم»و سألته يغسلها إن أصابها شيء؟قال:«نعم،إذا احتلم فيها فليغسلها» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّه ينبغي له أن يطوف في ثوبيه الذين أحرم فيهما ندبا و استحبابا؛لأنّهما وقعت ابتداء العبادة فيهما،فاستحبّ استدامتها فيهما.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه،و لكن إذا دخل مكّة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما،و كره أن يبيعهما» (2).

مسألة:و يكره للمحرم أن يغسل ثوبي إحرامه،إلاّ إذا أصابهما نجاسة؛

لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:

«لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتّى يحلّ و إن توسّخ،إلاّ أن يصيبه جنابة أو شيء فيغسله» (3).

مسألة:و يجوز الإحرام في الثياب المعلمة،و اجتنابه أفضل.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم (4)،و يدعه أحبّ إليّ إذا قدر على غيره» (5).

ص:276


1- 1التهذيب 5:70 الحديث 230،الوسائل 9:39 الباب 30 من أبواب الإحرام الحديث 1 و [1]ص 40 الباب 31 الحديث 4 و ص 118 الباب 38 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4.
2- 2) التهذيب 5:71 الحديث 233،الوسائل 9:39 الباب 31 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:71 الحديث 234،الوسائل 9:117 الباب 38 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) أعلم القصّار الثوب فهو معلم،و الثوب معلم.الصحاح 5:1990. [4]
5- 5) التهذيب 5:71 الحديث 235،الوسائل 9:118 الباب 39 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [5]فيهما: «و تركه أحبّ»مكان:«و يدعه أحبّ».

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألته عن الرجل يحرم في ثوب له علم،فقال:«لا بأس به» (1).

و سأل ليث المراديّ أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل؟قال:«نعم،إنّما يكره الملحم (2)» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكره للمحرم بيع الثوب الذي أحرم فيه (4)؛لما رواه- في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يكره للمحرم أن يبيع ثوبا أحرم فيه (5).

مسألة:و لو أحرم و عليه قميص،نزعه و لا يشقّه.

و هو قول أكثر أهل العلم (6).

و حكي عن الشعبيّ و النخعيّ أنّه يشقّ ثيابه لئلاّ يتغطّى رأسه حين ينزع القميص منه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن يعلى بن أميّة أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبّة بعد ما تضمّخ بطيب؟ فنظر إليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ساعة ثمّ سكت،فجاءه الوحي،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أمّا الطيب الذي بك فاغسله،و أمّا الجبّة فانزعها ثمّ اصنع في

ص:277


1- 1الفقيه 2:216 الحديث 985،الوسائل 9:119 الباب 39 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) الملحم:جنس من الثياب.الصحاح 5:2027. [2]
3- 3) الكافي 4:342 الحديث 16، [3]الفقيه 2:216 الحديث 987،الوسائل 9:118 الباب 39 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:71.
5- 5) التهذيب 5:72 الحديث 236،الوسائل 9:40 الباب 31 من أبواب الإحرام الحديث 5. [5]
6- 6) حلية العلماء 3:301،المغني 3:267،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356،المدوّنة الكبرى 1: 461،المجموع 7:340، [6]عمدة القارئ 9:154.
7- 7) المغني 3:267،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356،عمدة القارئ 9:154.

عمرتك ما تصنع في حجّك» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار و غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أحرم و عليه قميصه،فقال:«ينزعه و لا يشقّه،و إن كان لبسه بعد ما أحرم شقّه و أخرجه ممّا يلي رجليه» (2).

و عن عبد الصمد بن بشير (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:جاء رجل يلبّي حتّى دخل المسجد و هو يلبّي و عليه قميصه،فوثب إليه أناس من أصحاب أبي حنيفة،فقالوا:شقّ قميصك و أخرجه من رجلك،فإنّ عليك بدنة و عليك الحجّ من قابل و حجّك فاسد،فطلع أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقام على باب المسجد،فكبّر و استقبل الكعبة،فدنا الرجل من أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو ينتف شعره و يضرب وجهه،فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:«اسكن يا عبد اللّه»فلمّا كلّمه و كان الرجل أعجميّا فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ما تقول؟»قال:كنت رجلا أعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت أحجّ لم أسأل أحدا عن شيء،فأفتوني هؤلاء أن أشقّ قميصي و أنزعه من قبل رجلي،و أنّ حجّي فاسد،و أنّ عليّ بدنة،قال له:«متى لبست قميصك:أبعد ما لبّيت أم قبل؟»قال:قبل أن ألبّي،قال:«فأخرجه من رأسك،فإنّه ليس عليك بدنة،و ليس عليك الحجّ من قابل،إنّ رجلا (4)ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه،طف بالبيت سبعا و صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم،واسع بين

ص:278


1- 1صحيح البخاريّ 2:167،صحيح مسلم 2:837 الحديث 1180،سنن النسائيّ 5:142 و 143،مسند أحمد 4:222، [1]سنن البيهقيّ 5:56.
2- 2) التهذيب 5:72 الحديث 238،الوسائل 9:125 الباب 45 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) عبد الصّمد بن بشير العراميّ العبديّ مولاهم كوفيّ ثقة ثقة،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام له كتاب، قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:248،رجال الطوسيّ:237،الفهرست:122، [3]رجال العلاّمة:131. [4]
4- 4) في المصادر:«أيّ رجل»مكان:«إنّ رجلا».

الصفا و المروة،و قصّر من شعرك فإذا كان يوم التروية فاغتسل و أهلّ بالحجّ و اصنع كما صنع الناس» (1).

إذا عرفت هذا:فلو لبسه بعد ما أحرم،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجب عليه أن يشقّه و يخرجه من قدميه (2)؛لرواية معاوية بن عمّار و غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد تقدّم.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا لبست قميصا و أنت محرم فشقّه و أخرجه من تحت قدميك» (3).

ص:279


1- 1التهذيب 5:72 الحديث 239،الوسائل 9:125 الباب 45 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:72.
3- 3) التهذيب 5:72 الحديث 237،الوسائل 9:125 الباب 45 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
البحث الثالث
اشارة

في أحكام الإحرام

مسألة:الإحرام ركن من أركان الحجّ يبطل بالإخلال به عمدا،

و لو أخلّ به ناسيا حتّى أكمل مناسك الحجّ،قال الشيخ في النهاية و المبسوط:يصحّ الحجّ إذا كان عازما على فعله (1).

و أنكر ذلك ابن إدريس و أوجب الإعادة (2).و الصحيح الأوّل.

لنا:أنّه فات نسيانا،فلا يفسد به الحجّ،كما لو نسي الطواف أو السعي.

و ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (3).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر

ص:280


1- 1النهاية:211،المبسوط 1:314.
2- 2) السرائر:124.
3- 3) سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن الدار قطنيّ 4:170 الحديث 33،مجمع الزوائد 6:250، كنز العمّال 4:232 الحديث 10307،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،و من طريق الخاصّة،ينظر: الفقيه 1:36 الحديث 132،عوالي اللئالئ 1:232 الحديث 131، [1]الوسائل 4:1284 [2] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2 و ج 11:259 الباب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث 3.

عليه السّلام،قال:سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ،فذكره (1)و هو بعرفات ما حاله؟قال:«يقول:اللهمّ على كتابك و سنّة نبيّك فقد تمّ إحرامه،فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتّى يرجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها فقد تمّ حجّه» (2).

و عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام في رجل نسي أن يحرم،أو جهل و قد شهد المناسك كلّها و طاف و سعى،قال:«يجزئه إذا كان قد نوى ذلك فقد تمّ حجّه و إن لم يهلّ» (3).

احتجّ ابن إدريس بقوله عليه السّلام:«إنّما الأعمال بالنيّات» (4).و هذا عمل بلا نيّة،فلا يرجع عن الأدلّة بالأخبار الآحاد (5).

و هذا من أغرب الاستدلالات و أعجبها و لا توجيه فيه البتّة،و الظاهر أنّه قد و هم في ذلك؛لأنّ الشيخ اجتزأ بالنيّة عن الفعل فتوهّم أنّه قد اجتزأ بالفعل بغير نيّة، و هذا الغلط من باب إيهام العكس.

مسألة:و لا يقع الإحرام إلاّ من محلّ،فلو كان محرما بالحجّ،لم يجز له

أن يحرم بالعمرة،

و للشافعيّ قولان:

أحدهما و هو الأصحّ:ذلك.

و الثاني:جواز إدخال العمرة على الحجّ (6).و به قال أبو حنيفة (7).

ص:281


1- 1ق،ح و ع:فذكر،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:175 الحديث 586،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 5:61 الحديث 192،الوسائل 8:245 الباب 20 من أبواب المواقيت الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 1:83 الحديث 218،الوسائل 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2.و [4]من طريق العامّة، ينظر:صحيح البخاريّ 1:21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907.
5- 5) السرائر:124.
6- 6) حلية العلماء 3:259،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:173،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 125،مغني المحتاج 1:514،السراج الوهّاج:167.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:180،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:167،الهداية للمرغينانيّ 1: 179،شرح فتح القدير 3:48.

و كذا لا يجوز إدخال الحجّ على العمرة.و قال جميع الفقهاء من الجمهور بجوازه.

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (1)و بإدخال أحدهما على الآخر لا يمكن الإتمام.

و لأنّ الإحرام وقع بنسك فاستحقّ أفعاله،فلا يجوز صرفها إلى غيره و لا شركتها (2)فيه.

فروع:
الأوّل:جوّز علماؤنا للمفرد فسخ حجّه إلى التمتّع و بالعكس لمن ضاق عليه

الوقت عن التمتّع،

أو منعه عذر،كالحيض و المرض فينقل متعته إلى الإفراد،كما أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أصحابه بالأوّل،و عائشة بالثاني (3).

الثاني:ليس للقارن نقل حجّه إلى التمتّع؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بأنّ من لم يكن معه هدي فليحلّ،و تأسّف صلّى اللّه عليه و آله على فوات المتعة (4).و لو جاز العدول كالمفرد،لفعلها عليه السّلام؛لأنّها الأفضل.

الثالث:لا يجوز أن يعقد إحراما واحدا لنسكين،

فلو قرن بين الحجّ و العمرة في إحرامه،لم ينعقد إحرامه إلاّ بالحجّ.

ص:282


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) ج و ع:و لا شركها.
3- 3) صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:196،صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:143،مسند أحمد 3:320،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:123 الحديث 6570.

قال الشيخ في الخلاف:فإن أتى بأفعال الحجّ لم يلزمه دم،و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحلّ و يجعلها متعة،جاز ذلك،و يلزمه الدم (1).و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3)،و الأوزاعيّ،و الثوريّ (4)،و أبو حنيفة و أصحابه (5).

و قال الشعبيّ:عليه بدنة (6).و قال طاوس:لا شيء عليه.و به قال داود (7).

و حكي أنّ محمّد بن داود استفتي عن هذا بمكّة،فأفتى بمذهب أبيه فجرّوا برجله (8).

لنا:الأصل براءة الذمّة من الدم لو أتى بأفعال الحجّ بانفراده،فيقف شغلها على دليل،و لم يثبت.

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف:لا يجوز القران بين حجّ و عمرة

بإحرام واحد،

و لا يدخل أفعال العمرة قطّ في أفعال الحجّ،و ادّعى على ذلك الإجماع (9).و قد خالف الجمهور فيه و زعموا أنّ القران الذي هو أحد أصناف الحجّ هذا،و أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله لبّى بحجّ و عمرة.

و قال ابن أبي عقيل منّا:و العمرة التي تجب مع الحجّ في حالة واحدة فالقارن،

ص:283


1- 1الخلاف 1:420 مسألة-30.
2- 2) الأمّ 2:133،حلية العلماء 3:260،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:191،فتح العزيز بهامش المجموع 7:126،مغني المحتاج 1:517.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:378،بداية المجتهد 1:335،بلغة السالك 1:272،المحلّى 7:167.
4- 4) لم نعثر على قولهما،نعم،أورده الشيخ في الخلاف 1:420.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:180،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:179،شرح فتح القدير 3:48.
6- 6) حلية العلماء 3:260،المجموع 7:191.
7- 7) حلية العلماء 3:260،المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،المجموع 7:191.
8- 8) المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252 و فيه:فجرّوا برحله،مكان:فجرّوا برجله.
9- 9) الخلاف 1:420 مسألة-29.

و هو الذي يسوق الهدي في حجّ أو عمرة و يريد الحجّ بعد عمرته،فإنّه يلزمه إقران الحجّ مع العمرة،إلاّ لمن ساق الهدي (1).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«أيّما رجل قرن بين الحجّ و العمرة،فلا يصلح إلاّ أن يسوق هديا قد أشعره (2)أو قلّده» (3).

و هذه الرواية تناسب ما قاله ابن أبي عقيل،من جواز القران في الإحرام بين الحجّ و العمرة.

قال الشيخ في التهذيب:المراد به في تلبية الإحرام بمعنى إن لم يكن حجّة فعمرة (4).و هو بعيد.

و في حديث عليّ عليه السّلام-لمّا أنكر على عثمان-ما يقوّي قول ابن أبي عقيل في قوله عليه السّلام:«لبّيك بحجّة و عمرة معا» (5).

و يمكن أن يتمسّك الشيخ-رحمه اللّه-بأنّ الإحرام ركن في الحجّ و العمرة، فلا يتعيّن،كما يكون لحجّتين و عمرتين،و لا يمكن أن يكون ركنا في الحجّ و العمرة معا.

مسألة:و يجوز للقارن و المفرد إذا قدما مكّة الطواف،لكنّهما يجدّدان التلبية؛

ليبقيا على إحرامهما.

و لو لم يجدّدا التلبية،أحلاّ و صارت حجّتهما عمرة،قاله الشيخ-رحمه اللّه-

ص:284


1- 1نقله عنه في المختلف:259.
2- 2) في المصادر:«أن يسوق الهدي و قد أشعره».
3- 3) التهذيب 5:42 الحديث 124،الوسائل 8:183 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:42.
5- 5) التهذيب 5:85 الحديث 282،الاستبصار 2:171 الحديث 564،الوسائل 9:30 الباب 21 من أبواب الإحرام الحديث 7. [2]

في النهاية،و المبسوط (1).و قال في التهذيب:إنّما يحلّ المفرد لا القارن (2).و أنكر ابن إدريس ذلك و أنّهما إنّما يحلاّن بالنيّة لا بمجرّد الطواف و السعي (3).

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا أهلّ الرجل بالحجّ ثمّ قدم مكّة و طاف بالبيت و بين الصفا و المروة فقد حلّ و هي عمرة» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن المفرد للحجّ هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟قال:«نعم،بما شاء،و يجدّد التلبية بعد الركعتين،و القارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلاّ من الطواف بالتلبية» (5).

قال الشيخ:فقه هذا الحديث أنّه قد رخّص للقارن و المفرد أن يقدّما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين،فمتى فعلا ذلك فإن لم يجدّدا التلبية يصيرا محلّين و لا يجوز ذلك؛فلأجله أمر المفرد و السائق بتجديد التلبية عند الطواف،مع أنّ السائق لا يحلّ و إن كان قد طاف؛لسياقه الهدي (6).

و في الموثّق عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحلّ أحبّ أو كره» (7).

و عن يونس بن يعقوب،عمّن أخبره،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

ص:285


1- 1النهاية:208،المبسوط 1:311.
2- 2) التهذيب 5:44.
3- 3) السرائر:123.
4- 4) سنن أبي داود 2:156 الحديث 1791. [1]
5- 5) التهذيب 5:44 الحديث 131،الوسائل 8:156 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13. [2]
6- 6) التهذيب 5:44.
7- 7) التهذيب 5:44 الحديث 132،الوسائل 8:184 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [3]

«ما طاف بين هذين الحجرين الصفا و المروة أحد إلاّ أحلّ،إلاّ سائق الهدي» (1).

و هذا يدلّ على اختيار الشيخ في التهذيب:من أنّ المفرد يحلّ بالطواف و السعي ما لم يجدّد التلبية،و أنّ السائق لا يحلّ بذلك.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أريد الجوار (2)فكيف أصنع؟قال:«إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجّة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحجّ».فقلت:كيف أصنع إذا دخلت مكّة أقيم إلى يوم التروية لا أطوف (3)بالبيت؟قال:«تقيم عشرا لا تأتي الكعبة،إنّ عشرا لكثير،إنّ البيت ليس بمهجور،و لكن إذا دخلت فطف بالبيت واسع بين الصفا و المروة»قلت:أ ليس كلّ من طاف و سعى بين الصفا و المروة أحلّ؟قال:«[إنّك تعقد بالتلبية»،ثمّ قال] (4):«كلّما طفت طوافا و صلّيت ركعتين فاعقد بالتلبية» (5).

مسألة:إذا أتمّ المتمتّع أفعال عمرته و قصّر فقد أحلّ،

و إن كان ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا،قاله الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف (6).و به قال ابن أبي عقيل (7).

و قال الشافعيّ:تحلّل،سواء ساق هديه أو لم يسق (8).

و قال أبو حنيفة:إن لم يكن ساق تحلّل،و إن كان ساق لم يتحلّل و استأنف

ص:286


1- 1التهذيب 5:44 الحديث 133،الوسائل 8:184 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل [2]بزيادة:بمكّة.
3- 3) ع:و لا أطوف،كما في التهذيب.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 5:45 الحديث 137،الوسائل 8:206 الباب 16 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [3]
6- 6) الخلاف 1:428 مسألة-57.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:791. [4]
8- 8) حلية العلماء 3:267،المجموع 7:180،فتح العزيز بهامش المجموع 7:127،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.

إحراما للحجّ،و لا يحلّ حتّى يفرغ من مناسكه (1).

لنا:قوله عليه السّلام:«من لم يكن ساق الهدي فليتحلّل» (2)شرط في التحلّل عدم السياق.و قول أبي حنيفة باطل؛لأنّ تجديد الإحرام إنّما يمكن مع الإحلال، أمّا المحرم فهو باق على إحرامه،فلا وجه لتجديد الإحرام.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يتحلّل،و علّل بأنّه ساق الهدي.و قال عليه السّلام:«لا يحلّ سائق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه» (3).

مسألة:إذا فرغ المتمتّع من عمرته و أحلّ ثمّ أحرم بالحجّ،فقد استقرّ دم التمتّع

بإحرام الحجّ عليه.

و به قال أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5).

و قال عطاء:لا يجب حتّى يقف بعرفة (6).

و قال مالك:لا يجب حتّى يرمي جمرة العقبة (7).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (8).فجعل

ص:287


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:32،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1: 158،شرح فتح القدير 2:426،مجمع الأنهر 1:290،عمدة القارئ 9:197،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:148.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:176،صحيح مسلم 2:882 الحديث 1213،سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،مسند أحمد 3:320،سنن البيهقيّ 4:339 و ج 5:6.
3- 3) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن البيهقيّ 4:338 و ج 5:7.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:32،تحفة الفقهاء 1:412،بدائع الصنائع 2:172،الهداية للمرغينانيّ 1:157،شرح فتح القدير 2:427،مجمع الأنهر 1:289.
5- 5) حلية العلماء 3:262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:184،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 167،مغني المحتاج 1:515،السراج الوهّاج:167،الميزان الكبرى 2:37،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146.
6- 6) حلية العلماء 3:263،المجموع 7:184،المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252.
7- 7) تفسير القرطبيّ 2:399، [1]حلية العلماء 3:263،المجموع 7:184.
8- 8) البقرة(2):196. [2]

الحجّ غاية لوجوب الهدي،و الغاية وجود أوّل الحجّ دون إكماله،كما في قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1).

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر،قال:تمتّع الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال عليه السّلام:«من كان معه هدي فإذا أهلّ بالحجّ فليهد،و من لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله» (2).و هذا نصّ في الباب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ،فعليه شاة، و من تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ،فليس عليه دم إنّما هي حجّة مفردة و إنّما الأضحى على أهل الأمصار» (3).

مسألة:المتمتّع إذا طاف و سعى ثمّ أحرم بالحجّ قبل أن يقصّر،

قال الشيخ- رحمه اللّه-:بطلت متعته و كانت حجّته مبتولة،و إن فعل ذلك ناسيا فليمض فيما أخذ فيه و قد تمّت متعته و ليس عليه شيء (4).

و احتجّ عليه (5):بما رواه العلاء بن الفضيل،قال:سألته عن رجل متمتّع فطاف ثمّ أهل بالحجّ قبل أن يقصّر،قال:«بطلت متعته و هي حجّة مبتولة» (6).

ص:288


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [2]سنن النسائيّ 5:151، سنن البيهقيّ 5:17.
3- 3) التهذيب 5:288 الحديث 980،الاستبصار 2:259 الحديث 913،الوسائل 8:195 الباب 10 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [3]
4- 4) المبسوط 1:316، [4]النهاية:215. [5]
5- 5) التهذيب 5:90 ذيل الحديث 295،الاستبصار 2:176 ذيل الحديث 580.
6- 6) التهذيب 5:90 الحديث 296،الاستبصار 2:175-176 الحديث 580،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 4. [6]

و دلّ على حال النسيان:ما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن رجل (1)متمتّع نسي أن يقصّر حتّى أحرم بالحجّ،قال:

«يستغفر اللّه» (2).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل متمتّع (3)بالعمرة إلى الحجّ،فدخل مكّة فطاف و سعى و لبس ثيابه و أحلّ،و نسي أن يقصّر حتّى خرج إلى عرفات،قال:«لا بأس به،يبني على العمرة و طوافها،و طواف الحجّ على أثره» (4).

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أهلّ بالعمرة،و نسي أن يقصّر حتّى يدخل في الحجّ،قال:«يستغفر اللّه و لا شيء عليه و تمّت عمرته» (5).

و قال بعض أصحابنا في الناسي:عليه دم (6).و قال بعضهم:يبطل الإحرام الثاني،سواء وقع عمدا أو سهوا،و يبقى على إحرامه الأوّل (7).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الإحرام ينعقد بأحد أمور ثلاثة:

التلبية،و الإشعار،

ص:289


1- 1ع:في رجل،كما في الاستبصار و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:90 الحديث 297 و فيه بزيادة:«و لا شيء عليه»،الاستبصار 2:175 الحديث 577، الوسائل 9:72 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) في المصادر:تمتّع.
4- 4) التهذيب 5:90 الحديث 298،الاستبصار 2:175 الحديث 578،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:91 الحديث 299 و ص 159 الحديث 513،الاستبصار 2:175 الحديث 579،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]
6- 6) قال به الشيخ في التهذيب 5:158،و الاستبصار 2:245،و ابن البرّاج في المهذّب 1:225.
7- 7) ينظر:السرائر:136.

و التقليد (1).

و قال السيّد المرتضى:إنّما ينعقد بالتلبية لا غير (2).و اختاره ابن إدريس (3).

و قد بيّنّا الدليل عليه.

فإن عقده بالتلبية،استحبّ له الإشعار أو التقليد.و به قال الشافعيّ (4).

و مالك (5).

و أنكر أبو حنيفة الإشعار؛لأنّه مثلة و بدعة و تعذيب للحيوان،و لم يعرف تقليد الغنم (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا ببدنة فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن ثمّ سلت الدم عنها (7).

و عن عروة،عن[المسور بن] (8)مخرمة و مروان قالا:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلمّا كان بذي الحليفة،قلّد الهدي و أشعره (9).

ص:290


1- 1يراجع ص 241،242. [1]
2- 2) الانتصار:102.
3- 3) السرائر:125.
4- 4) الأمّ 2:216،حلية العلماء 3:363،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:357،فتح العزيز بهامش المجموع 8:93،الميزان الكبرى 2:52،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:160.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:401،بداية المجتهد 1:377،بلغة السالك 1:302،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:325،تفسير القرطبيّ 12:62، [2]حلية العلماء 3:363.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:138،تحفة الفقهاء 1:40،بدائع الصنائع 2:162،الهداية للمرغينانيّ 1:157،شرح فتح القدير 2:425،مجمع الأنهر 1:290،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:160.
7- 7) صحيح مسلم 2:912 الحديث 1243،سنن أبي داود 2:146 الحديث 1752، [3]سنن ابن ماجة 2: 1034 الحديث 3097،سنن الترمذيّ 3:249 الحديث 906، [4]سنن النسائيّ 5:170،سنن البيهقيّ 5: 232.
8- 8) أثبتناها من المصادر.
9- 9) صحيح البخاريّ 2:207،سنن أبي داود 2:146 الحديث 1754، [5]سنن النسائيّ 5:170،سنن البيهقيّ 5:231.

و عن جابر بن (1)الأنصاريّ،قال:كان هدايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غنما مقلّدة (2).

و عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهدى غنما مقلّدة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«من أشعر بدنة فقد أحرم و إن لم يتكلّم بقليل و لا بكثير» (4)و غير ذلك من الأحاديث التي نقلناها فيما سلف (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّ المفرد يجوز له فسخ حجّه إلى التمتّع،

(6)

بأن يدخل مكّة و يطوف و يسعى و يقصّر و يجعلها عمرة و يتمتّع بها إلى الحجّ،ثمّ يأتي بالحجّ بعد ذلك،إلاّ أن يكون قد ساق الهدي؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تأسّف على فوات المتعة حيث كان قد ساق الهدي.

و كذا يجوز له إذا دخل مكّة و طاف و سعى أن يقصّر و يجعلها عمرة ما لم يلبّ؛ لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الرجل يفرد الحجّ ثمّ يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة،قال:«إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (7).

ص:291


1- 1لا توجد كلمة:بن في ع و ح.
2- 2) أورده الشيخ في الخلاف 2:440 مسألة-338.
3- 3) صحيح مسلم 2:958 الحديث 1321،سنن أبي داود 2:146 الحديث 1755، [1]سنن الترمذيّ 3:252 الحديث 909،سنن ابن ماجة 2:1034 الحديث 3095-3096،سنن النسائيّ 5:173،سنن البيهقيّ 5:232.
4- 4) في جميع النسخ:عن معاوية بن عمّار و لكنّ الرواية عن عمر بن يزيد،راجع:التهذيب 5:44 الحديث 130،الوسائل 8:202 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 21. [2]
5- 5) يراجع:ص 243،244. [3]
6- 6) يراجع:ص 144. [4]
7- 7) التهذيب 5:90 الحديث 295،الوسائل 8:185 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9. [5]

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن حمران بن أعين،قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام،فقال لي:«بما أهللت؟»قتل:بالعمرة،فقال لي:

«أ فلا أهللت بالحجّ و نويت المتعة فصارت عمرتك كوفيّة و حجّتك مكّيّة؟و لو كنت نويت المتعة و أهللت بالحجّ،كانت عمرتك و حجّتك كوفيّتين» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من أهلّ بالعمرة المبتولة دون المتمتّع بها،و لو كانت التي يتمتّع بها لم تكن حجّته مكّيّة،بل كانت تكون حجّته و عمرته كوفيّتين حسب ما ذكره في قوله:«و لو كنت نويت المتعة» (2).

مسألة:و ينبغي للمحرم بالحجّ من مكّة أن يفعل حالة الإحرام يوم التروية،

كما فعله أوّلا عند الميقات،من أخذ الشارب،و قلم الأظفار،و الاغتسال و غير ذلك؛ لأنّه أحد الإحرامين،فاستحبّ فيه ذلك كالآخر.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه تعالى فاغتسل،ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار،ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة،ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحجّ،ثمّ امض و عليك السكينة و الوقار،فإذا انتهيت إلى الرقطاء (3)دون الرّدم (4)فلبّ،فإذا انتهيت

ص:292


1- 1التهذيب 5:88 الحديث 292،الاستبصار 2:174 الحديث 574،الوسائل 9:30 الباب 21 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:89 ذيل الحديث 292،الاستبصار 2:174 ذيل الحديث 574.
3- 3) المدعى:موضع دون الرّدم في مكّة يعبّر عنه بالرقطاء.الصحاح 1:124.و قال في مجمع البحرين 4: 249: [2]الرقطاء موضع دون الردم و يسمّى مدعا،و مدعى الأقوام،مجتمع قبائلهم.
4- 4) ردمت الثلمة:سددتها،و في مكّة موضع يقال له:(الرّدم)المصباح المنير:225. [3]

إلى الرّدم و أشرفت إلى الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أردت أن تحرم يوم التروية،فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم،و خذ من شاربك و من أظفارك و عانتك إن كان لك شعر،و انتف إبطيك و اغتسل و البس ثوبيك،ثمّ ائت المسجد الحرام،فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم،و تدعو اللّه و تسأله العون،و تقول:

اللهمّ إنّي أريد الحجّ فيسّره لي،و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ، و تقول:أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي من النساء و الثياب و الطيب أريد بذلك وجهك و الدار الآخرة،و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ،ثمّ تلبّي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت،و تقول:لبّيك بحجّة تمامها و بلاغها عليك،فإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى (2)زوال الشمس و إلاّ فمتى تيسّر (3)لك من يوم التروية» (4).و سيأتي إن شاء اللّه تعالى تمام البحث في الإحرام بالحجّ.

مسألة:الإحرام واجب على كلّ من يريد أن يدخل مكّة،فلا يجوز لأحد

الدخول إلى مكّة إلاّ أن يكون محرما،

إلاّ من يكون دخوله بعد إحرام قبل مضيّ شهر،أو يتكرّر،كالحطّاب و الحشّاش و ناقل الميرة (5)،و من كانت له ضيعة يتكرّر دخوله و خروجه إليها،فهؤلاء لا إحرام عليهم،و كذا من دخلها لقتال مباح.و به

ص:293


1- 1التهذيب 5:167 الحديث 557،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) في التهذيب بزيادة:حين.
3- 3) ح،ق و خا:ما تيسّر.
4- 4) التهذيب 5:168 الحديث 559،الاستبصار 2:251 الحديث 881،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
5- 5) الميرة:الطعام،المصباح المنير:587.

قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).

و قال أبو حنيفة:لا يجوز لأحد دخول الحرم بغير إحرام إلاّ من كان دون الميقات (3).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل يوم الفتح مكّة حلالا و على رأسه المغفر (4)،و كذلك أصحابه،و لم يحرم أحد منهم يومئذ.

و لأنّ إيجاب الإحرام على المتكرّر يستلزم أن لا ينفكّ عنه وجوب الإحرام، و ذلك ضرر عظيم،فكان ساقطا.

احتجّ:بأنّه يجاوز (5)الميقات مريدا للحرم،فوجب عليه الإحرام،كغيره (6).

و جوابه:بالفرق و قد بيّنّاه.

أمّا لو دخلها لغير قتال و لا حاجة متكرّرة،فإنّه يجب أن يكون محرما.و به قال أبو حنيفة (7)،و بعض أصحاب الشافعيّ،و قال بعضهم:لا يجب عليه الإحرام إذا لم يرد النسك (8).و عن أحمد روايتان (9).

لنا:أنّه لو نذر دخولها،وجب عليه الإحرام،و لو لم يكن واجبا لم يجب بنذر

ص:294


1- 1الأمّ 2:141-142،حلية العلماء 3:232،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:11،فتح العزيز بهامش المجموع 7:278،مغني المحتاج 1:485،السراج الوهّاج:158،الميزان الكبرى 2:48.
2- 2) المغني 3:227،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222،الكافي لابن قدامة 1:509،الإنصاف 3:428.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:167،تحفة الفقهاء 1:397،بدائع الصنائع 2:166،الهداية للمرغينانيّ 1: 136،شرح فتح القدير 2:335،المغني 3:227،فتح العزيز بهامش المجموع 7:278. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 3:21،صحيح مسلم 2:989-990 الحديث 1357،سنن البيهقيّ 5:177.
5- 5) ع و خا:تجاوز.
6- 6) المغني 3:227،المبسوط للسرخسيّ 4:167.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:167،تحفة الفقهاء 1:397،بدائع الصنائع 2:166،الهداية للمرغينانيّ 1: 136،شرح فتح القدير 2:335،المغني 3:228.
8- 8) حلية العلماء 3:232،المجموع 7:12،المغني 3:228، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:223. [3]
9- 9) المغني 3:228، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:223. [5]

الدخول،كغيره من البلدان.

احتجّوا:بقياسه على حرم المدينة (1).

و الجواب:الفرق ظاهر،فلا يتمّ القياس.

مسألة:إحرام المرأة كإحرام الرجل إلاّ في شيئين:

أحدهما:رفع الصوت بالتلبية،و قد تقدّم استحباب الإخفات لهنّ (2).

و الثاني:لبس المخيط لهنّ،فإنّه جائز.و قال بعض منّا (3)شاذّا:لا يلبسن المخيط (4).و هو خطأ؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين و النقاب و ما مسّه الورس من الثياب،و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفّازين»و كره النقاب و قال:«تسدل الثوب على وجهها»قال:حدّ ذلك (6)إلى أين؟قال:«إلى طرف الأنف قدر ما تبصر» (7).

و عن النضر بن سويد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن المحرمة أيّ

ص:295


1- 1المغني 3:228، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:223.
2- 2) يراجع:ص 233. [2]
3- 3) ع:بعض علمائنا،مكان:بعض منّا.
4- 4) النهاية:218 [3] قال:و يحرم على المرأة [4]في حال الإحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجل.إلى أن قال:و قد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء و الأصل ما قدّمناه.
5- 5) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [5]المستدرك للحاكم 1:486،سنن البيهقيّ 5:52.
6- 6) في المصادر:قلت:حدّ ذلك.
7- 7) التهذيب 5:73 الحديث 243،الاستبصار 2:308 الحديث 1099،الوسائل 9:43 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 9. [6]

شيء تلبس[من الثياب] (1)؟قال:«تلبس الثياب كلّها إلاّ المصبوغة بالزعفران و الورس و لا تلبس القفازين و لا حليا تتزيّن به لزوجها،و لا تكتحل إلاّ من علّة، و لا تمسّ طيبا،و لا بأس بالعلم في الثوب» (2).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة تلبس القميص تزرّه عليها و تلبس الخزّ و الحرير و الديباج؟فقال:«نعم،لا بأس به و تلبس الخلخالين و المسك» (3).

و القفّازان في الأصل شيء يتّخذه النساء باليدين يحشى بقطن و يكون له أزرار تزرّ على الساعدين من البرد تلبسه النساء.

و المسك-بفتح الميم و السين غير المعجمة-أسورة من ذبل أو عاج.

مسألة:و إحرام المرأة في وجهها،فلا تخمّره

و لا يجوز لها أن تغطّيه بمخيط و لا بغيره،و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا تتنقّب المرأة و لا تلبس القفّازين» (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث العيص.و ما رواه الشيخ-في الحسن- عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«مرّ أبو جعفر عليه السّلام بامرأة متنقّبة و هي محرمة،فقال:أحرمي و أسفري و أرخي ثوبك من فوق رأسك،فإنّك إن تنقّبت لم يتغيّر لونك،فقال رجل:إلى أين ترخيه؟قال:تغطّي عينها»قال:قلت:

يبلغ فمها؟قال:«نعم»قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«المحرمة لا تلبس الحلي

ص:296


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:74 الحديث 244،الوسائل 9:41 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:74 الحديث 246،الاستبصار 2:309 الحديث 1100،الوسائل 9:41 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:165 الحديث 1825، [3]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [4]سنن النسائيّ 5:133.

و لا الثياب المصبغات إلاّ صبغا لا يردع» (1)يقال:به ردع من زعفران أو دم-بفتح الراء و سكون الدال و العين غير المعجمات-أي:لطخ و أثر.

و عن داود بن الحصين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟قال:«الثياب كلّها ما خلا القفّازين و البرقع و الحرير» قلت:تلبس الخزّ؟قال:«نعم»قلت:فإنّ سداه إبريسم و هو حرير؟قال:«ما لم يكن حريرا محضا فإنّه لا بأس به» (2).

و روى ابن بابويه عن عبد اللّه بن ميمون،عن الصادق،عن أبيه عليهما السّلام قال:«المحرمة لا تتنقّب؛لأنّ إحرام المرأة في وجهها و إحرام الرجل في رأسه» (3).

و لأنّ الرجل يجب عليه كشف رأسه فلمّا وجب على الرجل كشف عضو وجب على المرأة؛لأنّ كلّ واحد منهما شخص تعلّق به حرمة الإحرام.

فروع:
الأوّل:تستر المحرمة سائر جسدها إلاّ وجهها،

و يجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتّى لا يمسّه؛لأنّه ليس بستر حقيقة،و لهذا جاز للمحرم أن يظلّل على نفسه حالة النزول،و تسدله إلى طرف أنفها؛لرواية عيص الصحيحة عن الصادق عليه السّلام.و في رواية الحلبيّ الحسنة عنه عليه السّلام دلالة جواز الإرخاء إلى أن يبلغ إلى فمها.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن حمّاد،عن حريز،قال:قال أبو عبد اللّه

ص:297


1- 1التهذيب 5:74 الحديث 245،الوسائل 9:129 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:75 الحديث 247،الاستبصار 2:309 الحديث 1101،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 2:219 الحديث 1009،الوسائل 9:129 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]

عليه السّلام:«المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن» (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن الصادق عليه السّلام،قال:«تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة» (2).

الثاني:لو باشر الثوب وجهها،قال بعض الجمهور:إن أزالته في الحال فلا شيء

عليها،

و إلاّ وجب عليها دم (3).و لا أعرف فيه نصّا لأصحابنا.

الثالث:لا تلبس النقاب؛لرواية عيص الصحيحة عن الصادق عليه السّلام ،

و لا البرقع؛

(4)

لرواية داود بن الحصين (5).

مسألة:و لا يجوز لها لبس القفّازين.

و به قال عليّ عليه السّلام،و ابن عمر، و عائشة،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و النخعيّ (6)،و مالك (7)،و أحمد (8)، و إسحاق (9).

ص:298


1- 1الفقيه 2:219 الحديث 1007،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [1]
2- 2) الفقيه 2:219 الحديث 1008،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [2]
3- 3) المغني 3:312،الشرح الكبير بهامش المغني 3:330،المجموع 7:262،263.
4- 4) التهذيب 5:73 الحديث 243،الاستبصار 2:308 الحديث 1099،الوسائل 9:43 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 9. [3]
5- 5) التهذيب 5:75 الحديث 247،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 3.
6- 6) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،المجموع 6:269.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:459،بداية المجتهد 1:328،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:233،المغني 3: 315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:231،فتح العزيز بهامش المجموع 7:454.
8- 8) المغني 3:315،الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3:503، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7:454، الشرح الكبير بهامش المغني 3:331.
9- 9) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331.

و قال أبو حنيفة:يجوز لها ذلك (1).و به قال الثوريّ (2)،و للشافعيّ قولان (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين و عن النقاب (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث عيص بن القاسم الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

و عن النضر بن سويد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«و لا تلبس القفّازين» (6).

و عن داود بن حصين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟قال:«الثياب كلّها ما خلا القفّازين و البرقع و الحرير» (7).

و لأنّ هذا ليس بعورة منها،فتعلّق به حكم الإحرام.

احتجّ أبو حنيفة (8):بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«إحرام المرأة في وجهها» (9).

ص:299


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:128،بدائع الصنائع 2:186،عمدة القارئ 10:199،المجموع 7:269، المغني 3:315.
2- 2) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،المجموع 7:269،بداية المجتهد 1:328.
3- 3) حلية العلماء 3:287،المهذّب للشيرازيّ 1:208،المجموع 7:360،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 454،مغني المحتاج 1:519،السراج الوهّاج:168،المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331.
4- 4) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [1]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833،سنن النسائيّ 5:136، الموطّأ 1:328 الحديث 15،سنن البيهقيّ 5:47.
5- 5) يراجع:ص 297. [2]
6- 6) التهذيب 5:74 الحديث 244،الوسائل 9:41 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]
7- 7) التهذيب 5:75 الحديث 247،الاستبصار 2:309 الحديث 1101،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]
8- 8) المغني 3:315،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:331.
9- 9) سنن الدار قطنيّ 2:294 الحديث 260،سنن البيهقيّ 5:47.

و لأنّه عضو منها يجوز ستره بغير المخيط،فجاز بالمخيط،كالرجلين.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد بالخبر الكشف.

و عن الثاني:أنّ الستر بغير المخيط يجوز،و لا يجوز بالمخيط للرجل.

مسألة:و يجوز لها أن تلبس السراويل؛

لما رواه الشيخ عن محمّد الحلبيّ،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة إذا أحرمت أ تلبس السراويل؟قال:«نعم، إنّما تريد بذلك الستر» (1).

و يجوز لها أن تلبس الغلالة (2)إذا كانت حائضا؛لتحفظ ثيابها من الدم،رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«تلبس المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة» (3).

و يجوز لها أيضا أن تلبس الثياب المصبوغة و كره لها المفدم؛لما رواه عامر ابن جذاعة عن الصادق عليه السّلام عن مصبغات الثياب تلبسها المرأة المحرمة؟ قال:«لا بأس إلاّ المفدم المشهور» (4).

ص:300


1- 1التهذيب 5:76 الحديث 252،الوسائل 9:133 الباب 50 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) الغلالة:شعار يلبس تحت الثوب و تحت الدرع أيضا،الصحاح 5:1783. [2]
3- 3) التهذيب 5:76 الحديث 251،الوسائل 9:135 الباب 52 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) الكافي 4:346 الحديث 10، [4]الفقيه 2:220 الحديث 1015،الوسائل 9:119 الباب 40 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [5]
الفصل الثاني
اشارة

في دخول مكّة

مسألة:إذا فرغ من الإحرام من الميقات ثمّ سار إلى أن قارب الحرم،

اغتسل قبل دخوله.

روى الشيخ عن أبان بن تغلب،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام مزامله بين مكّة (1)و المدينة،فلمّا انتهى إلى الحرم،نزل و اغتسل و أخذ نعليه بيديه ثمّ دخل الحرم حافيا،فصنعت مثل ما صنع،فقال:«يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا للّه عزّ و جلّ،محا اللّه عزّ و جلّ عنه مائة ألف سيّئة،و كتب له مائة ألف حسنة،و بنى له مائة ألف درجة،و قضى له مائة ألف حاجة» (2).

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء اللّه فاغتسل حين تدخله،و إن تقدّمت فاغتسل من بئر ميمون أو من فخّ،أو من منزلك بمكّة» (3).

إذا ثبت هذا:فإن لم يتمكّن من الاغتسال عند دخول الحرم،جاز أن يؤخّره إلى

ص:301


1- 1في المصادر:ما بين مكّة.
2- 2) التهذيب 5:97 الحديث 317،الوسائل 9:315 الباب 1 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:97 الحديث 319،الوسائل 9:316 الباب 2 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [2]

قبل دخول مكّة،فإن لم يتمكّن فبعد دخولها؛لما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ذريح،قال:سألته عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله؟قال:«لا يضرّك أيّ ذلك فعلت،و إن اغتسلت بمكّة فلا بأس،و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكّة فلا بأس» (1).

مسألة:و يستحبّ له أن يمضغ شيئا من الإذخر إذا أراد دخول الحرم؛

(2)

ليطيب بذلك فمه،رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه»و كان يأمر أمّ فروة بذلك (3).

إذا عرفت هذا:فينبغي له أن يدعو عند دخول الحرم فيقول:اللّهمّ إنّك قلت في كتابك و قولك الحقّ: وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (4)اللهمّ و إنّي أرجو أن أكون ممّن أجاب دعوتك و قد جئت:من شقّة بعيدة و من فجّ عميق سامعا لندائك و مستجيبا لك،مطيعا لأمرك،و كلّ ذلك بفضلك عليّ و إحسانك إليّ،فلك الحمد على ما وفّقتني له،أبتغي بذلك الزلفة عندك،و القربة إليك،و المنزلة لديك،و المغفرة لذنوبي،و التوبة عليّ منها بمنّك، اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و حرّم بدني على النّار،و آمنّي من عذابك و عقابك برحمتك يا كريم،فإذا نظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية،و حدّها عقبة المدنيّين،و لو أخذ على طريق المدينة،قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكّة و هي عقبة ذي طوى.

مسألة:و إذا دخل مكّة استحبّ له أن يدخلها من أعلاها إذا كان داخلا من
اشارة

طريق المدينة،

و يخرج من أسفلها.

ص:302


1- 1التهذيب 5:97 الحديث 318،الوسائل 9:316 الباب 2 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) الإذخر-بكسر الهمزة و الخاء-نبات معروف ذكيّ الريح و إذا جفّ ابيضّ،المصباح المنير:207. [2]
3- 3) التهذيب 5:98 الحديث 320،الوسائل 9:317 الباب 3 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [3]
4- 4) الحجّ(22):27. [4]

روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:من أين أدخل مكّة و قد جئت من المدينة؟قال:«ادخل من أعلى مكّة،و إذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكّة» (1).

و يستحبّ له أن يغتسل لدخول مكّة إمّا من بئر ميمون أو من فخّ،و هو قول العلماء.

روى الجمهور عن ابن عمر أنّه كان إذا خرج حاجّا أو معتمرا،بات بذي طوى حتّى يصبح ثمّ يغتسل ثمّ يدخل مكّة نهارا،و يذكر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول في كتابه: طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (3)و ينبغي للعبد أن لا يدخل مكّة إلاّ و هو طاهر قد غسل عرقه و الأذى و تطهّر» (4).

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:أمرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام أن نغتسل من فخّ قبل أن ندخل مكّة (5).

و عن عجلان أبي صالح (6)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا انتهيت إلى بئر

ص:303


1- 1التهذيب 5:98 الحديث 321،الوسائل 9:317 الباب 4 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:177،صحيح مسلم 2:919 الحديث 1259،سنن أبي داود 2:174 الحديث 1865، [2]سنن البيهقيّ 5:72.
3- 3) البقرة(2):125. [3]
4- 4) التهذيب 5:98 الحديث 322،الوسائل 9:318 الباب 5 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:99 الحديث 323،الوسائل 9:318 الباب 5 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [5]
6- 6) عجلان أبو صالح،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام ثلاث مرّات قائلا في الأولى: عجلان أبو صالح الخبّاز الواسطيّ مولى بني تيم اللّه،و في الثانية:عجلان أبو صالح السكونيّ الأزرق،و في الثالثة:عجلان أبو صالح المدائنيّ،قال المامقانيّ:يبعد اتّحاد الجميع بل اختلاف الأوصاف يكشف عن اختلاف الموصوفين،بل عدّ هؤلاء واحدا عقيب الآخر بلا فصل نصّ في التعدّد فيكونون حينئذ ثلاثة، و يظهر التعدّد أيضا من السيّد الخوئيّ حيث ذكر كلّ منهم تحت رقم،فعلى هذا هو مشترك بين الموثّق و غيره،و لا يخفى عليك أنّ في النسخ:عجلان بن أبي صالح كما في بعض نسخ التهذيب،قال السيّد الخوئيّ:الصحيح الموافق للكافي:عجلان أبو صالح. رجال الطوسيّ:263،تنقيح المقال 2:249، [6]معجم رجال الحديث 11:142،143. [7]

ميمون و بئر عبد الصمد فاغتسل و اخلع نعليك و امش حافيا و عليك السكينة و الوقار» (1).

فرع:

لو اغتسل ثمّ نام قبل دخولها،أعاده استحبابا؛

لأنّ النوم ناقض للواجب فكذا الندب.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يغتسل لدخول مكّة ثمّ ينام قبل أن يدخل أ يجزئه أو يعيد؟قال:«لا يجزئه؛لأنّه إنّما دخل بوضوء» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:قال لي:«إن اغتسلت بمكّة ثمّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ له أن يدخل مكّة بسكينة و وقار حافيا؛لأنّه أبلغ في الطاعة.

ص:304


1- 1الكافي 4:400 الحديث 6، [1]التهذيب 5:99 الحديث 324،الوسائل 9:318 الباب 5 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [2]
2- 2) التهذيب 5:99 الحديث 325،الوسائل 9:319 الباب 6 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:99 الحديث 326،الوسائل 9:319 الباب 6 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [4]

و يدلّ عليه رواية الحلبيّ عن الصادق عليه السّلام (1).

مسألة:و دخول مكّة واجب للمتمتّع أوّلا للطواف بالبيت و السعي و التقصير

ثمّ ينشئ الإحرام للحجّ من المسجد على ما تقدّم (2).

أمّا القارن و المفرد،فلا يجب عليهما ذلك؛لأنّ الطواف و السعي إنّما يجب عليهما بعد الموقفين و نزول منى و قضاء بعض المناسك بها،لكن يجوز لهما أيضا دخول مكّة و المقام بها على إحرامهما حتّى يخرجا إلى عرفات،فإن أرادا الطواف بالبيت استحبابا،فعلا،غير أنّهما كلّما فرغا من الطواف و السعي عقدا إحرامهما بالتلبية على ما تقدّم بيان ذلك كلّه (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز له أن يدخل مكّة إلاّ محرما ،
اشارة

(4)

و قد روي جواز دخولها بغير إحرام للحطّابة و المرضى (5)، (6).

و تحرير القول فيه أنّ من يتكرّر دخوله إليها كالحطّابة و الرعاة،فإنّه يجوز له دخولها من غير إحرام.و كذا من يريد دخولها لقتال سائغ،كأن يرتدّ قوم فيها،أو يبغون على إمام عادل و يحتاج إلى قتالهم،فإنّه يجوز دخولها من غير إحرام؛لأنّ

ص:305


1- 1كذا في النسخ،و رواية الحلبيّ تقدّمت في ص 303 رقم 4 و 5 و لكن ليس فيها الأمر بالسكينة و الوقار و المشي حافيا،و التي تدلّ على الأمور المذكورة رواية عجلان التي تقدّمت في ص 303،304 أيضا برقم 1.
2- 2) يراجع:ص 119.
3- 3) يراجع:ص 119،120.
4- 4) يراجع:ص 293.
5- 5) خا:و المرعى،مكان:و المرضى.
6- 6) بالنسبة إلى الحطّابة،يراجع:التهذيب 5:165 الحديث 552،الاستبصار 2:245 الحديث 857، الوسائل 9:70 الباب 51 من أبواب الإحرام الحديث 2.و بالنسبة إلى المرضى،يراجع:التهذيب 5: 165 الحديث 551،الوسائل 9:67 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 2.

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخلها عام الفتح و عليه عمامة سوداء (1).

لا يقال:إنّه كان مختصّا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه قال عليه السّلام:«مكّة حرام لم تحلّ لأحد قبلي و لا تحلّ لأحد بعدي و إنّما أحلّت لي ساعة من نهار» (2).

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون معناه أحلّت لي و لمن هو في مثل حالي.

لا يقال:إنّه عليه السّلام دخل مكّة مصالحا،و ذلك ينافي أن يكون دخلها (3)لقتال.

لأنّا نقول:إنّما كان وقع الصلح مع أبي سفيان و لم يثق بهم و خاف غدرهم؛ فلأجل خوفه عليه السّلام،ساغ له الدخول من غير إحرام.

أمّا من يدخلها لزيارة صديق أو تجارة،أو يكون مكّيّا و قد خرج منها ثمّ عاد إليها،فإنّه يجب عليه الإحرام لدخولها.و به قال ابن عبّاس (4)،و أبو حنيفة إلاّ فيمن كانت داره أقرب من المواقيت إلى مكّة،فإنّ أبا حنيفة جوّز له دخولها من غير إحرام (5).و للشافعيّ قولان:

أحدهما:مثل قولنا،قاله في الأمّ (6)،و قال في سائر كتبه:إنّه مستحبّ (7).

ص:306


1- 1صحيح مسلم 2:990 الحديث 1358،سنن الترمذيّ 4:195 ذيل الحديث 1679،سنن النسائيّ 5: 201،سنن الدارميّ 2:74. [1]
2- 2) المعجم الكبير للطبرانيّ 11:272 الحديث 11957،كنز العمّال 12:199 الحديث 34653.
3- 3) ق و خا:دخولها.
4- 4) حلية العلماء 3:232،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:10،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 277.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:167،بدائع الصنائع 2:166،الهداية للمرغينانيّ 2:136،شرح فتح القدير 2:335.
6- 6) الأمّ 2:141.
7- 7) حلية العلماء 3:232 و 272،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:11،فتح العزيز بهامش المجموع 7:278،مغني المحتاج 1:485.

و أوجب أبو حنيفة الإحرام مطلقا لمن أراد دخولها،سواء كان لقتال أو غيره، بشرط أن يكون منزله وراء الميقات (1).

لنا:عموم الأخبار الدالّة على وجوب دخولها بإحرام (2)،خرج منها المتكرّر دخولها للضرورة،فيبقى الباقي على العموم.و لأنّه لو نذر دخولها،وجب أن يكون محرما،فلو كان مستحبّا،لم يجب بنذره الدخول.

و احتجاج الشافعيّ بالقياس على تحيّة المسجد (3)باطل؛للفرق و إن اشتركا في كونهما تحيّة مشروعة لدخول بقعة شريفة.

و فرق أبي حنيفة باطل؛لأنّ الحرمة للحرم لا للميقات،فإنّ من مرّ بالميقات لا يريد الحرم لا يشرع له الإحرام.

فروع:
الأوّل:المتكرّر دخوله كالحطّابة و الرعاة قد بيّنّا جواز دخولهم من غير

إحرام،

(4)

خلافا لأبي حنيفة (5).و لا يجب عليهم الإحرام مطلقا إذا لم يريدوا النسك، و لم يجب عليهم الحجّ،و للشافعيّ قولان:

أحدهما:مثل ذلك.و الثاني:وجوب الإحرام عليهم في كلّ سنة مرّة؛لأنّ في تركه استهانة بالحرم (6).

ص:307


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:167،تحفة الفقهاء 1:396،بدائع الصنائع 2:164،شرح فتح القدير 2: 335،مجمع الأنهر 1:266،المغني 3:227،الشرح الكبير بهامش المغني 3:222.
2- 2) يراجع:الوسائل 8:241 الباب 16 من أبواب المواقيت.
3- 3) المجموع 7:16،فتح العزيز بهامش المجموع 7:278،مغني المحتاج 1:485.
4- 4) يراجع:ص 293.
5- 5) مرّ قوله و خلافه في ص 294.
6- 6) حلية العلماء 2:232،المجموع 7:12،فتح العزيز بهامش المجموع 7:279.

لنا:الأصل براءة الذمّة و الاستهانة ممنوعة.

الثاني:العبيد لا يلزمهم دخول الحرم بإحرام؛لأنّ السيّد لم يأذن لهم بالتشاغل

بالنسك عن خدمته،

فإذا لم يجب عليهم حجّة الإسلام لهذا المنع (1)،فعدم وجوب الإحرام لذلك أولى.و البريد كذلك على إشكال.

الثالث:من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره،لم يجب عليه القضاء.

و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:عليه أن يأتي بحجّة أو عمرة،فإن فعل في سنته بحجّة الإسلام أو منذورة أو عمرة منذورة أجزأه ذلك عن عمرة الدخول استحسانا،و إن لم يحجّ من سنته استقرّ القضاء (3).

لنا:الأصل براءة الذمّة من القضاء،و إنّما يجب بأمر جديد و لم يوجد.و لأنّه مشروع لتحيّة البقعة،فإذا لم يأت به،سقط القضاء،كتحيّة المسجد.

لا يقال:تحيّة المسجد مستحبّة،بخلاف الإحرام.

لأنّا نقول:النوافل المرتّبة ليست واجبة و تقضى،و إنّما سقطت؛لما ذكرناه.

قال بعض الشافعيّة:لو وجب القضاء،تسلسل،فإنّ الدخول الثاني يجب لأجله أيضا إحرام،و ما أتى به،كان عمّا تقدّم (4).

و هو خطأ؛لأنّ الدخول إذا كان بإحرام،كفاه،سواء كان لأجله أو لأجل غيره، كالصوم في الاعتكاف،و كما لو أفسد القضاء،فإنّه لا يجب إلاّ قضاء واحد.

ص:308


1- 1ق،خا و ج:المعنى.
2- 2) الأمّ 2:142،حلية العلماء 3:272،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:16،فتح العزيز بهامش المجموع 7:282،مغني المحتاج 1:485.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:171،تحفة الفقهاء 1:397 و 398،بدائع الصنائع 2:165،المغني 3:229، الشرح الكبير بهامش المغني 3:224،المجموع 7:16.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:13،فتح العزيز بهامش المجموع 7:282.

قال القائلون بالتسلسل:إنّما يجب القضاء في صورة واحدة،و هو ما إذا دخل بغير إحرام ثمّ صار حطّابا،فإنّه يجب القضاء؛لأنّه لا يتسلسل القضاء (1).و قد بيّنّا أنّ العلّة في السقوط غير ذلك.

الرابع:يجوز دخول مكّة ليلا و نهارا.

و هو قول عامّة العلماء،و حكي عن عطاء أنّه كره دخولها ليلا (2).

لنا:الأصل سقوط التكليف إلى أن يثبت دليل،و لم يثبت.

و قال إسحاق:دخولها نهارا أولى.و حكي هذا عن النخعيّ (3)؛لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل مكّة حين ارتفعت الضحى (4).

و جوابه:ما تقدّم.و معارض بما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخلها في عمرة الجعرانة ليلا (5).

و روي عن عائشة أنّها قالت:دخل ليلا (6).و إذا فعلهما جميعا تساويا.

مسألة:الحائض و النفساء يستحبّ لهما الاغتسال لدخول مكّة.

و لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة لمّا حاضت:افعلي ما يفعل الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت (7).و لأنّ هذا الغسل إنّما يراد للتنظيف،و هو

ص:309


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:14،فتح العزيز بهامش المجموع 7:282.
2- 2) المجموع 8:7.
3- 3) حلية العلماء 3:325،المجموع 8:7.
4- 4) بهذا اللفظ،ينظر:المستدرك للحاكم 1:455،المغني و الشرح 3:388،و بالمضمون ينظر:صحيح مسلم 2:919 الحديث 1259،سنن الترمذيّ 3:310 الحديث 854، [1]سنن ابن ماجة 2:981 الحديث 2941،سنن الدارميّ 2:70،سنن البيهقيّ 5:74.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:273 الحديث 935، [2]سنن النسائيّ 5:199،سنن البيهقيّ 5:72.
6- 6) لم نعثر على رواية من عائشة إلاّ ما رواه مسلم عنها أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح،ينظر:صحيح مسلم 2:875 الحديث 1211.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:84 و ج 2:195،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن الدارميّ 2:44، [3]مسند أحمد 6:245، [4]سنن البيهقيّ 5:86.

يحصل مع الحيض.

مسألة:و إذا أراد دخول المسجد الحرام اغتسل،

و قد تقدّم بيانه (1).

و يستحبّ له أن يدخله على سكينة و وقار حافيا بخشوع و خضوع من باب بني شيبة،قيل:لأنّ هبل صنم مدفون تحت عتبة باب بني شيبة فسنّ الدخول منها ليطئوه (2)بدخولهم (3).

و يدعو بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا دخلت المسجد الحرام فادخل (4)حافيا على السكينة و الوقار و الخشوع»و قال:«من دخله (5)بخشوع غفر اللّه له إن شاء اللّه»قلت:

ما الخشوع؟قال:«السكينة لا تدخله بتكبّر،فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم و قل:السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته،بسم اللّه و باللّه و ما شاء اللّه، و السلام على أنبياء اللّه و رسله،و السلام على رسول اللّه،و السلام على إبراهيم، و الحمد للّه ربّ العالمين،فإذا دخلت المسجد فارفع يديك و استقبل البيت و قل:

اللهمّ إنّي أسألك في مقامي هذا في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي،و أن تجاوز عن خطيئتي و تضع عنّي وزري،الحمد للّه الذي بلّغني بيته الحرام،اللهمّ إنّي أشهد أنّ هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للنّاس و أمنا مباركا و هدى للعالمين،اللهمّ إنّي عبدك (6)و البلد بلدك و البيت بيتك،جئت أطلب رحمتك[و أؤمّ] (7)طاعتك مطيعا

ص:310


1- 1يراجع:ص 303.
2- 2) أكثر النسخ:ليطأه.
3- 3) ينظر:السرائر:134.
4- 4) في التهذيب:فادخله.
5- 5) ع:دخل،كما في التهذيب.
6- 6) في التهذيب:«إنّ العبد عبدك»مكان:«إنّي عبدك».
7- 7) أثبتناها من المصادر.

لأمرك راضيا بقدرك (1)،أسألك مسألة الفقير إليك الخائف لعقوبتك،اللهمّ افتح لي أبواب رحمتك و استعملني بطاعتك و مرضاتك» (2).

و يستحبّ له أن يقف على باب المسجد و يدعو بما رواه الشيخ،عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تقول[و أنت] (3)على باب المسجد:بسم اللّه و باللّه و من اللّه و إلى اللّه و ما شاء اللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و خير الأسماء للّه و الحمد للّه و السّلام على رسول اللّه،السّلام على محمّد بن عبد اللّه، السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام على أنبياء اللّه و رسله،السّلام على إبراهيم خليل الرحمن،السّلام على المرسلين و الحمد للّه ربّ العالمين،السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين،اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،اللّهم صلّ على محمّد عبدك و رسولك و على إبراهيم خليلك و على أنبيائك و رسلك و سلّم عليهم و سلام على المرسلين و الحمد للّه ربّ العالمين،اللهمّ افتح لي أبواب رحمتك و استعملني في طاعتك و مرضاتك و احفظني بحفظ الإيمان أبدا ما أبقيتني،جلّ ثناء وجهك،الحمد للّه الذي جعلني من وفده و زوّاره،و جعلني ممّن يعمر مساجده،و جعلني ممّن يناجيه اللهمّ[إنّي] (4)عبدك و زائرك و في بيتك، و على كلّ مأتيّ حقّ لمن أتاه و زاره،و أنت خير مأتيّ و[أكرم] (5)مزور،فأسألك يا اللّه يا رحمن،و بأنّك أنت اللّه لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك،و بأنّك واحد أحد صمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد،و أنّ محمّدا عبدك و رسولك

ص:311


1- 1أكثر النسخ:لقدرك.
2- 2) التهذيب 5:99 الحديث 327،الوسائل 9:321 الباب 8 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) أثبتناها من المصادر.

صلّى اللّه عليه و على أهل بيته،يا جواد يا ماجد يا جبّار يا كريم،أسألك أن تجعل تحفتك إيّاي من زيارتي إيّاك أن (1)تعطيني فكاك رقبتي من النّار،اللّهمّ فكّ رقبتي من النار-تقولها ثلاثا-و أوسع عليّ من رزقك الحلال الطيّب،و ادرأ عنّي شرّ شياطين الجنّ و الإنس و شرّ فسقة العرب و العجم» (2).

ص:312


1- 1أكثر النسخ:«و أنسي»مكان:«أن».
2- 2) التهذيب 5:100 الحديث 328،الوسائل 9:321 الباب 8 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [1]
الفصل الثالث
اشارة

في الطواف،

و مباحثه ثلاثة:

الأوّل:في المقدّمات
اشارة

و هي واجبة و مندوبة،فالواجبات نذكرها في مسائل:

مسألة:الطهارة شرط في الطواف الواجب.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،فلا يصحّ الطواف إلاّ مع الطهور من الحدث،و به قال مالك (1)،و الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:ليست شرطا (3).و اختلف أصحابه،فقال بعضهم:إنّها واجبة، و قال آخرون:إنّها سنّة (4).

ص:313


1- 1الموطّأ 1:372،المدوّنة الكبرى 1:402،بداية المجتهد 1:343،إرشاد السالك:56،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:262،بلغة السالك 1:274،المغني 3:397،المجموع 8:17،عمدة القارئ 9:259.
2- 2) الأمّ 2:178،حلية العلماء 3:326،المهذّب للشيرازيّ 1:221،المجموع 8:17،فتح العزيز بهامش المجموع 7:286،مغني المحتاج 1:485،السراج الوهّاج:159،المغني 3:397.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:38،تحفة الفقهاء 1:391،بدائع الصنائع 2:129،الهداية للمرغينانيّ 1:165،شرح فتح القدير 2:458،مجمع الأنهر 1:294،عمدة القارئ 9:259،المغني 3:397،حلية العلماء 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:409.
4- 4) المبسوط للسرخسي:4:38،بدائع الصنائع 2:129.

و عن أحمد روايتان:إحداهما:كقولنا،و الثانية:أنّ الطهارة ليست شرطا، فمتى طاف للزيارة غير متطهّر،أعاد ما دام مقيما بمكّة،فإن خرج إلى بلده جبره بدم (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الطواف بالبيت صلاة،إلاّ أنّكم تتكلّمون فيه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا بأس بأن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف بالبيت و الوضوء أفضل» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل طاف الفريضة و هو على غير طهر،قال:«يتوضّأ و يعيد طوافه،و إن كان تطوّعا توضّأ و صلّى ركعتين» (4).

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يطوف بغير وضوء،أ يعتدّ بذلك الطواف؟قال:«لا» (5).

ص:314


1- 1المغني 3:397،الشرح الكبير بهامش المغني 3:409،الكافي لابن قدامة 1:585،الإنصاف 4:19.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960، [1]سنن النسائيّ 5:222،سنن الدارميّ 2:44، [2]المستدرك للحاكم 1:459،سنن البيهقيّ 5:87،كنز العمّال 5:49 الحديث 12003،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:29 الحديث 10955،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:54 الحديث 3825.
3- 3) الفقيه 2:250 الحديث 1201،الوسائل 1:262 الباب 5 [3] من أبواب الوضوء الحديث 1،و ج 9:443 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 1.
4- 4) الكافي 4:420 الحديث 4، [4]الفقيه 2:250 الحديث 1202،التهذيب 4:116 الحديث 380، الاستبصار 2:222 الحديث 764،الوسائل 9:444 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 3. [5]
5- 5) الكافي 4:420 الحديث 1، [6]التهذيب 5:116 الحديث 378،الاستبصار 2:221 الحديث 762، الوسائل 9:444 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 5. [7]

و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام،أنّه سئل،أنسك (1)المناسك على غير وضوء؟فقال:«نعم،إلاّ الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة» (2).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب فذكر و هو في الطواف،فقال:«يقطع طوافه و لا يعتدّ بشيء ممّا طاف»و سأله عن رجل طاف ثمّ ذكر أنّه على غير وضوء قال:

«يقطع طوافه و لا يعتدّ به» (3).

و لأنّها عبادة متعلّقة بالبيت،فكانت الطهارة شرطا فيها،كالصلاة.

احتجّ المخالف:بأنّه ركن من أركان الحجّ،فلم يكن من شرطه الطهارة، كالوقوف (4).

و جوابه:أنّ الوقوف عكس الطواف.

مسألة:خلوّ البدن و الثوب من النجاسات شرط أيضا في صحّة الطواف،

سواء كانت النجاسة دما أو غيره،قلّت أو كثرت؛لقوله عليه السّلام:«الطواف بالبيت صلاة» (5).

و لأنّها شرط في الصلاة،فتكون شرطا في الطواف؛لأنّها إحدى الطهارتين.

ص:315


1- 1في المصادر:أتنسّك.
2- 2) الكافي 4:420 الحديث 2، [1]التهذيب 5:116 الحديث 379،الاستبصار 2:222 الحديث 763، الوسائل 9:445 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 6. [2]
3- 3) الكافي 4:420 الحديث 4، [3]التهذيب 5:117 الحديث 381،الاستبصار 2:222 الحديث 765، الوسائل 9:444 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 4. [4]
4- 4) المغني 3:397،الشرح الكبير بهامش المغني 3:409،المبسوط للسرخسيّ 4:38،بدائع الصنائع 2: 129،شرح فتح القدير 2:459.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960،سنن النسائيّ 5:222،سنن الدارميّ 2:44،المستدرك للحاكم 1:459،سنن البيهقيّ 5:87،كنز العمّال 5:49 الحديث 12003،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:29 الحديث 10955،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:54 الحديث 3825.

و لأنّه أحد العبادتين.

فرعان:
الأوّل:الطهارة ليست شرطا في طواف النفل،

و إن كان الأفضل أن لا يطوف نفلا إلاّ بطهارة؛لحديث محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام (1).

و لما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل طاف على غير وضوء،فقال:«إن كان تطوعا فليتوضّأ و ليصلّ» (2).و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:إنّي أطوف طواف النافلة و أنا على غير وضوء فقال:«توضّأ و صلّ و إن كنت (3)متعمّدا» (4).

الثاني:الستر شرط في الطواف،

و الخلاف فيه كما تقدّم؛لقوله عليه السّلام:

«الطواف بالبيت صلاة» (5).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا يحجّ بعد العام مشرك و لا عريان» (6).

و لأنّها عبادة متعلّقة بالبيت،فكانت الستارة شرطا،كالصلاة.

ص:316


1- 1الكافي 4:420 الحديث 3، [1]الفقيه 2:250 الحديث 1202،التهذيب 5:116 الحديث 380، الاستبصار 2:222 الحديث 764،الوسائل 9:444 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
2- 2) التهذيب 5:117 الحديث 382،الاستبصار 2:222 الحديث 766،الوسائل 9:445 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 8. [3]
3- 3) في النسخ:«و إن كان»مكان:«و إن كنت»و ما أثبتناه من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:117 الحديث 383،الاستبصار 2:222 الحديث 767،الوسائل 9:445 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 9. [4]
5- 5) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960، [5]سنن النسائيّ 5:222،سنن الدارميّ 2:44، [6]المستدرك للحاكم 1:459،سنن البيهقيّ 5:87،كنز العمّال 5:49 الحديث 12003،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:29 الحديث 10955،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:54 الحديث 3825.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:103،صحيح مسلم 2:982 الحديث 1347،سنن أبي داود 2:195 الحديث 1946، [7]سنن النسائيّ 5:234،سنن الدارميّ 2:68، [8]مسند أحمد 1:3. [9]
مسألة:و الختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة،

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الأغلف لا يطوف بالبيت،و لا بأس أن تطوف المرأة» (1).

و عن إبراهيم بن ميمون،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يسلم فيريد أن يختتن و قد حضر الحجّ أ يحجّ،أو يختتن؟قال:«لا يحجّ حتّى يختتن» (2).

و في الصحيح عن حريز بن عبد اللّه و إبراهيم بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن تطوف المرأة غير مخفوضة،فأمّا الرجل فلا يطوفنّ إلاّ و هو مختتن (3)» (4).

مسألة:و المقدّمات المستحبّة:أن يغتسل لدخول المسجد،و يدخل من باب

بني شيبة بعد أن يقف عندها؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل منها،و يسلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و يدعو بالدعاء المأثور و قد قدّمناه (5).و يكون دخوله بخضوع و خشوع عليه السكينة و الوقار،و يقول إذا نظر إلى الكعبة:الحمد للّه الذي عظّمك و كرّمك و شرّفك و جعلك مثابة للنّاس و أمنا مباركا و هدى للعالمين.

ص:317


1- 1التهذيب 5:126 الحديث 413،الوسائل 9:369 الباب 33 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:125 الحديث 412،الوسائل 9:369 الباب 33 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [2]
3- 3) في التهذيب:«مختون».
4- 4) التهذيب 5:126 الحديث 414،الوسائل 9:369 الباب 33 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [3]
5- 5) يراجع:ص 310. [4]
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الطواف

مسألة:النيّة واجبة في الطواف و شرط فيه،

و هو أن ينوى الطواف للحجّ أو للعمرة واجبا أو ندبا قربة إلى اللّه تعالى؛لقوله عليه السّلام:«الأعمال بالنّيّات و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (1).

و قوله عليه السّلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (2).

و لأنّه عبادة،فدخل تحت عموم قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (3).و الإخلاص هو التقرّب،و هو المراد من النيّة.

مسألة:و يجب أن يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجر و يختم به؛

لما رواه الجمهور عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدأ بالحجر فاستلمه و فاضت

ص:318


1- 1صحيح البخاريّ 1:21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [1]سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 6:158،مسند أحمد 1:25، [2]سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218،و ج 4:186 الحديث 518،الوسائل 1:34 الباب 5 [3] من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 10 و ج 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2 و 3 و ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 11.
2- 2) الكافي 2:84 الحديث 1، [4]التهذيب 4:186 الحديث 520،عوالي اللآلي 2:190 الحديث 80، [5]الوسائل 1:33 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1. [6]
3- 3) البيّنة(98):5. [7]

عيناه من البكاء (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود» (2).و الأمر للوجوب و لا نعلم فيه خلافا.

إذا ثبت هذا:فإنّه يبتدئ في كلّ شوط من الحجر الأسود و يختم به هكذا سبعة أشواط،فإن ترك و لو خطوة منها لم يجزئه،و لم يحلّ له النساء حتّى يعود إليها فيأتي بها،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لو أتى بأقلّ من أربع لم يجزئه (4).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طاف سبعة أشواط (5).

و قال عليه السّلام:«خذوا عنّي مناسككم» (6).

مسألة:و يجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره

و يطوف عن يمين نفسه،

فإن نكس الطواف بأن جعل البيت عن يمينه و طاف عن يساره،لم يجزئه و وجب عليه الإعادة،و به قال الشافعيّ (7)،

ص:319


1- 1سنن البيهقيّ 5:74.
2- 2) الكافي 4:419 الحديث 2، [1]الفقيه 2:249 الحديث 1197،الوسائل 9:432 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
3- 3) الأمّ 2:178،حلية العلماء 3:328،المهذّب للشيرازيّ 1:221،المجموع 8:21،فتح العزيز بهامش المجموع 7:303،مغني المحتاج 1:486،المغني 3:496.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:43،بدائع الصنائع 2:132،الهداية للمرغينانيّ 1:166،شرح فتح القدير 2: 465،مجمع الأنهر 1:294،حلية العلماء 3:327.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:189،سنن ابن ماجة 2:986 الحديث 2959،سنن النسائيّ 5:237،سنن البيهقيّ 5:74.
6- 6) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970،سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [3]سنن البيهقيّ 5:125،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:292.
7- 7) الأمّ 2:176،حلية العلماء 3:327،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:32،فتح العزيز بهامش المجموع 7:289 و 292،مغني المحتاج 1:485،السراج الوهّاج:159.

و مالك (1)،و أحمد بن حنبل (2).

و قال أبو حنيفة:يصحّ طوافه و يعيد ما دام بمكّة،فإن خرج إلى بلده،لزمه الدم (3).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ترك البيت في طوافه عن جانبه اليسار (4).و قد قال عليه السّلام:«خذوا عنّي مناسككم» (5).فيجب اتّباعه.

و لأنّها عبادة تتعلّق بالبيت،فكان الترتيب فيها واجبا،كالصلاة.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه أتى بالطواف،و إنّما ترك هيئة من هيئاته،فلا يمنع إجزاءه،كما لو ترك الرمل (6).

و الجواب:بالفرق،فلأنّ الرمل مندوب،و لأنّ ما قاسوا عليه مخالف لما ذكرناه،كما اختلف حكم هيئات الصلاة و ترتيبها.

مسألة:و يجب أن يكون بين البيت و المقام،و يجب أن يدخل الحجر في

طوافه،

فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة،لم يجزئه،و به

ص:320


1- 1المدوّنة الكبرى 1:406،بداية المجتهد 1:340،إرشاد السالك:56،بلغة السالك 1:274،المغني 3:403،الشرح الكبير بهامش المغني 3:407.
2- 2) المغني 3:403،الشرح الكبير بهامش المغني 3:407،الكافي لابن قدامة 1:587،الإنصاف 4:7، [1]زاد المستقنع:32.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:44،بدائع الصنائع 2:130،الهداية للمرغينانيّ 1:166،شرح فتح القدير 2: 465،مجمع الأنهر 1:271،حلية العلماء 3:327،المغني 3:403،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 407،فتح العزيز بهامش المجموع 7:292.
4- 4) صحيح مسلم 2:893 الحديث 1218،سنن الترمذيّ 3:211 الحديث 856،سنن البيهقيّ 5:90.
5- 5) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970،سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [2]سنن البيهقيّ 5:125،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:292.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:44،بدائع الصنائع 2:131،المغني 3:403،الشرح الكبير بهامش المغني 3:407.

قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:إذا سلك الحجر،أجزأه (2).

لنا:أنّ الحجر من البيت و كذا الشاذروان.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر،كيف يصنع؟ قال:«يعيد الطواف الواحد» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عنه عليه السّلام،قال:«من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود» (4).

و عن إبراهيم بن سفيان (5)،قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام:امرأة طافت طواف الحجّ،فلمّا كانت في الشوط السابع اختصرت و طافت في الحجر و صلّت ركعتي الفريضة،وسعت و طافت طواف النساء،ثمّ أتت منى،فكتب

ص:321


1- 1الأمّ 2:176،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:167،حلية العلماء 3:333،المهذّب للشيرازيّ 1:221، المجموع 8:25،فتح العزيز بهامش المجموع 7:295،مغني المحتاج 1:486،السراج الوهّاج:159.
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في كتبه وجوب الإعادة لو كان بمكّة و إن رجع إلى أهله كفى و جبره بدم، ينظر:المبسوط للسرخسيّ 4:46،بدائع الصنائع 2:132،الهداية للمرغينانيّ 1:166.
3- 3) الفقيه 2:249 الحديث 1197،الوسائل 9:431 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
4- 4) الكافي 4:419 الحديث 2، [2]الفقيه 2:249 الحديث 1198،الوسائل 9:432 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]
5- 5) إبراهيم بن سفيان،قال المامقانيّ:إنّه غير مذكور في كتب الرجال،و لم يوجد له رواية في الكتب الأربعة إلاّ ما في الفقيه 2:224 باب ما يجوز للمحرم إتيانه الحديث 1048 و ص 249 باب من اختصر شوطا في الحجر الحديث 1199،قال السيّد الخوئيّ:طريق الصدوق إليه ضعيف بمحمّد بن سنان،و قال المامقانيّ في ترجمة محمّد بن سنان:الأقوى كون الرجل ثقة صحيح الاعتقاد معتمدا مقبول الرواية،فلا يكون الطريق ضعيفا،فعدّ الرجل في أوّل درجة الحسن غير بعيد. تنقيح المقال 1:17 و ج 3:128، [4]معجم رجال الحديث 1:90. [5]

عليه السّلام:«تعيد» (1).

أمّا من طاف خلف المقام،فإنّه يخرج في التباعد عن القدر الواجب،فلم يكن مجزئا.

روى الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج منه،لم يكن طائفا بالبيت،قال:«كان[الناس] (2)على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطوفون بالبيت و المقام،و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت،فكان الحدّ من موضع المقام اليوم،فمن جازه فليس بطائف،فالحدّ قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و البيت (3)،و من نواحي البيت كلّها،فمن طاف و تباعد (4)من نواحيه أكثر من مقدار ذلك،كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد؛لأنّه طاف في غير حدّ،و لا طواف له» (5).

و روى ابن بابويه عن أبان،عن محمّد الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف خلف المقام،قال:«ما أحبّ ذلك و ما أرى به بأسا فلا تفعله إلاّ أن لا تجد منه بدّا» (6).و هو يدلّ على جواز ذلك مع الضرورة،كالزحام و شبهه.

مسألة:ثمّ يطوف على هذه الهيئة سبعة أشواط واجبا.

و هو قول كلّ العلماء، فلو طاف دون السبعة،لزمه إتمامها،و لا يحلّ له ما حرّم عليه حتّى يأتي ببقيّة

ص:322


1- 1الفقيه 2:249 الحديث 1199،الوسائل 9:432 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) في المصادر:«و بين البيت».
4- 4) كثير من النسخ:«متباعدا»و في المصادر:«فتباعد».
5- 5) التهذيب 5:108 الحديث 351،الوسائل 9:427 الباب 28 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
6- 6) الفقيه 2:249 الحديث 1200،الوسائل 9:427 الباب 28 من أبواب الطواف الحديث 2. [3]

الطواف و لو كان خطوة واحدة.و به قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:إذا طاف أربع طوافات،فإن كان بمكّة،لزمه إتمام الطواف، و إن خرج،جبرها بدم (4).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طاف بالبيت سبعا (5).

و قال عليه السّلام:«خذوا عنّي مناسككم» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر (7)؟ قال:«يعيد ذلك الشوط» (8).

و عن الحسن بن عطيّة،قال:سأله سليمان بن خالد-و أنا معه-عن رجل طاف بالبيت ستّة أشواط،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و كيف يطوف ستّة أشواط؟» فقال:استقبل الحجر و قال:اللّه أكبر و عقد واحدا،فقال[أبو عبد اللّه عليه السّلام] (9)

ص:323


1- 1الأمّ 2:178،حلية العلماء 3:328،المهذّب للشيرازيّ 1:221،المجموع 8:21،فتح العزيز بهامش المجموع 7:303،مغني المحتاج 1:486.
2- 2) بداية المجتهد 1:340،إرشاد السالك:56،بلغة السالك 1:275،حلية العلماء 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 7:303.
3- 3) المغني 3:473،الكافي لابن قدامة 1:586،الإنصاف 4:15،فتح العزيز بهامش المجموع 7:303.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:43،بدائع الصنائع 2:132،الهداية للمرغينانيّ 1:166،شرح فتح القدير 2:464،مجمع الأنهر 1:294،فتح العزيز بهامش المجموع 7:304.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:189،سنن ابن ماجة 2:986 الحديث 2959،سنن النسائيّ 5:237،سنن البيهقيّ 5:74.
6- 6) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970،سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:292.
7- 7) في النسخ:في الحجّ،و [1]ما أثبتناه من المصادر.
8- 8) التهذيب 5:109 الحديث 353،الوسائل 9:431 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
9- 9) أثبتناها من المصدر.

«يطوف شوطا»قال سليمان:فإن فاته ذلك حتّى أتى أهله؟قال:«يأمر من يطوف عنه» (1).

و لأنّها عبادة واجبة ذات عدد،فلا يقوم أكثر عددها مقام الكلّ،كالصلاة لا تقوم ثلاث ركعات مقام أربعة.

و لأنّه مأمور بعدد،فلا يخرج عن العهدة ببعضه؛إذ الفائت لا بدل له مطلقا.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ أكثر الشيء يقوم مقام الجميع،بدليل من أدرك الركوع مع الإمام،فإنّه يدرك الركعة؛لأنّه أدرك أكثرها (2).

و الجواب:أنّه يبطل بما قسنا عليه،و أمّا إدراك الركعة؛فلأنّ الفائت هو القراءة،و الإمام ينوب فيها،بخلاف صورة النزاع.

مسألة:فإذا فرغ من طوافه،صلّى ركعتين في مقام إبراهيم عليه السّلام واجبا إن

كان الطواف واجبا.

ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،و به قال أبو حنيفة (4).

و قال مالك:مستحبّتان (5)،و به قال أحمد (6)و بعض علمائنا (7)،و للشافعيّ

ص:324


1- 1التهذيب 5:109 الحديث 354،الوسائل 9:432 الباب 32 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:43،بدائع الصنائع 2:132،شرح فتح القدير 2:464.
3- 3) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:63،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:242،و [2]الجمل و العقود:109، و ابن إدريس في السرائر:135 و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:199.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:12،تحفة الفقهاء 1:402،بدائع الصنائع 2:148،شرح فتح القدير 2:358، مجمع الأنهر 1:273،المجموع 8:62،فتح العزيز بهامش المجموع 7:306.
5- 5) الموطّأ 1:367 ذيل الحديث 116، [3]المدوّنة الكبرى 1:407،بداية المجتهد 1:341،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:307،المغني 3:405،الشرح الكبير بهامش المغني 3:414،المجموع 8:62،فتح العزيز بهامش المجموع 7:307.
6- 6) المغني 3:405،الشرح الكبير بهامش المغني 3:414،الكافي لابن قدامة 1:585،الإنصاف 4:18، زاد المستقنع:33،المجموع 8:62،فتح العزيز بهامش المجموع 7:307.
7- 7) نسبه الشيخ في الخلاف 2:448 مسألة-138 إلى قوم من أصحابنا،و ابن إدريس في السرائر:135 إلى شاذّ منهم،قال في الجواهر 19:300: [4]لا نعرفهم.

قولان (1).

لنا:قوله تعالى: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (2)و الأمر للوجوب.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعلهما في بيان الحجّ،فكان واجبا؛لأنّ بيان الواجب واجب.

و لقوله عليه السّلام:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا فرغت من طوافك فأت مقام إبراهيم عليه السّلام، فصلّ ركعتين،و اجعله أمامك،و اقرأ فيهما سورة التوحيد: «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ» ،و في الثانية: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» ،ثمّ تشهّد و احمد اللّه و أثن عليه،و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و سله (4)أن يتقبّل منك،و هاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره أن تصلّيهما أيّ الساعات شئت:عند طلوع الشمس و عند غروبها، و لا تؤخّرهما (5)ساعة تطوف و تفرغ،فصلّهما» (6).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ثمّ تأتي مقام إبراهيم عليه السّلام،فصلّ فيه ركعتين و اجعله أماما،و اقرأ فيهما سورة التوحيد:

ص:325


1- 1حلية العلماء 3:334،المهذّب للشيرازيّ 1:223،المجموع 8:51،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 306،مغني المحتاج 1:491،492،السراج الوهّاج:160.
2- 2) البقرة(2):125. [1]
3- 3) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970،سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [2]سنن البيهقيّ 5:125،التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:292.
4- 4) بعض النسخ:«و اسأله».
5- 5) ق و خا:«و لا تؤخّرها»كما في الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 5:136 الحديث 450،الوسائل 9:479 [4] الباب 71 من أبواب الطواف الحديث 3،و ص 487 الباب 76 الحديث 3.

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ،و في الركعة الثانية: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1).

و لأنّهما تابعتان للطواف فكانتا واجبتين،كالسعي.

احتجّ المخالف:بأنّها صلاة لم يشرع لها الأذان و الإقامة،فلم تكن واجبة، كسائر النوافل (2).

و الجواب:سقوط الأذان لا يدلّ على الاستحباب،كالمنذورات و صلاة العيد و الكسوف.

فروع:
الأوّل:يجب أن يصلّي هاتين الركعتين في المقام،

ذهب إليه أكثر علمائنا (3)، و به قال الثوريّ (4)،و مالك (5).

و قال الشيخ في الخلاف:يستحبّ فعلهما خلف المقام،فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأه (6).و به قال الشافعيّ (7).

لنا:قوله تعالى: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (8).

ص:326


1- 1التهذيب 5:104 الحديث 339 و ص 136 الحديث 448،الوسائل 9:479 الباب 71 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:223،المغني 3:405،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415.
3- 3) ينظر:المقنعة:62،النهاية:242، [2]السرائر:135،الجامع للشرائع:199.
4- 4) حلية العلماء 3:334،المجموع 8:62،مغني المحتاج 1:491.
5- 5) قال:إذا صلاّهما في الحجر أعاد الطواف و السعي،ينظر:بداية المجتهد 1:341،المجموع 8:62، و قال في بلغة السالك 1:274 وجب أن تكون خلف المقام،و في إرشاد السالك:56 و الأفضل وراء المقام.
6- 6) الخلاف 1:449 مسألة-139.
7- 7) حلية العلماء 3:334،المهذّب للشيرازيّ 1:223،المجموع 8:53،مغني المحتاج 1:491،السراج الوهّاج:160،فتح العزيز بهامش المجموع 7:309.
8- 8) البقرة(2):125. [3]

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه صلاّهما هناك (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديثي معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام.

و عن صفوان بن يحيى،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ليس لأحد أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة إلاّ خلف المقام؛لقول اللّه عزّ و جلّ:

وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (2)فإن صلّيتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة» (3).

و عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«لا ينبغي أن تصلّي ركعتي طواف الفريضة إلاّ عند مقام إبراهيم عليه السّلام،فأمّا التطوّع فحيثما شئت من المسجد» (4).

احتجّ الشافعيّ:بأنّها صلاة فلا يختصّ بمكان،كغيرها من الصلوات (5).

و الجواب:الاختصاص ثبت بالآية و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

الثاني:لو نسي الركعتين رجع إلى المقام و صلاّهما فيه مع المكنة،

فإن شقّ عليه الرجوع،صلّى حيث ذكر.

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،

ص:327


1- 1صحيح البخاريّ 2:189،صحيح مسلم 2:887 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905،سنن النسائيّ 5:235،سنن البيهقيّ 5:90،91.
2- 2) البقرة(2):125. [1]
3- 3) التهذيب 5:137 الحديث 451 و ص 285 الحديث 969،الوسائل 9:480 الباب 72 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
4- 4) الكافي 4:424 الحديث 8، [3]التهذيب 5:137 الحديث 452،الوسائل 9:481 الباب 73 من أبواب الطواف الحديث 1. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:323،المجموع 8:53،فتح العزيز بهامش المجموع 7:309،مغني المحتاج 1:491.

قال:سئل عن رجل طاف طواف النساء و لم يصلّ لذلك الطواف حتّى ذكر و هو بالأبطح،قال:«يرجع إلى المقام فيصلّي الركعتين» (1).

و في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتّى ذكر و هو بالأبطح،أ يصلّي أربعا؟ قال:«يرجع فيصلّي عند المقام أربعا» (2).

و عن أحمد بن عمر الحلاّل (3)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة،فلم يذكر حتّى أتى منى قال:«يرجع إلى مقام إبراهيم عليه السّلام فيصلّيهما» (4).

و لا يعارض ذلك:ما رواه حنّان بن سدير،قال:زرت فنسيت ركعتي الطواف، فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو بقرن الثعالب (5)فسألته،فقال:«صلّ في مكانك» (6).

و عن أبي الصبّاح،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلّي الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام في طواف الحجّ و العمرة،فقال:«إن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

ص:328


1- 1التهذيب 5:138 الحديث 455،الاستبصار 2:234 الحديث 810،الوسائل 9:482 الباب 74 [1] من أبواب الحديث 5.
2- 2) الكافي 4:425 الحديث 3، [2]التهذيب 5:138 الحديث 456،الاستبصار 2:234 الحديث 811، الوسائل 9:483 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 6. [3]
3- 3) أحمد بن عمر الحلاّل-بفتح الحاء المهملة و تشديد اللام بعده ألف و لام-بيّاع الشيرج و هو دهن السمسم.تنقيح المقال 1:74. [4]مرّت ترجمته في ج 4:366.
4- 4) الفقيه 2:254 الحديث 1228،التهذيب 5:140 الحديث 462،الاستبصار 2:234 الحديث 812، الوسائل 9:484 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 12. [5]
5- 5) قرن الثعالب:هو قرن المنازل.النهاية لابن الأثير 4:54. [6]
6- 6) التهذيب 5:138 الحديث 457،الاستبصار 2:234 الحديث 814،الوسائل 9:484 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 11. [7]

وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (1)و إن كان قد ارتحل،فلا آمره أن يرجع» (2).

و عن ابن مسكان،قال:حدّثني عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأله عن رجل نسي أن يصلّي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم عليه السّلام حتّى أتى منى،قال:«يصلّيهما بمنى» (3).

و عن هشام بن المثنّى (4)،قال:نسيت أن أصلّي الركعتين للطواف خلف المقام حتّى انتهيت إلى منى فرجعت إلى مكّة فصلّيتهما ثمّ عدت إلى منى،فذكرنا ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أ فلا صلاّهما حيث ما ذكر!؟» (5).

لأنّا نقول:إنّ هذه الأخبار محمولة على التفصيل الذي ذكرناه،من عدم وجوب الرجوع عند المشقّة؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، و قد قال اللّه تعالى: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (6)[حتّى ارتحل] (7)،قال:

ص:329


1- 1البقرة(2):125. [1]
2- 2) الكافي 4:425 الحديث 1، [2]التهذيب 5:139 الحديث 458،الاستبصار 2:235 الحديث 815، الوسائل 9:485 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 16. [3]
3- 3) التهذيب 5:139 الحديث 459،الاستبصار 2:235 الحديث 816،الوسائل 9:483 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 8. [4]
4- 4) هشام بن المثنّى الرازيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه 2:334 باب الابتداء بمكّة و الختم بالمدينة الحديث 1552،و ذكره المفيد من المجهولين من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام. الاختصاص للمفيد:196،رجال الطوسيّ:332،تنقيح المقال 3:303، [5]معجم رجال الحديث 19:374. [6]
5- 5) الكافي 4:426 الحديث 4، [7]التهذيب 5:139 الحديث 460،الاستبصار 2:235 الحديث 817،الوسائل 9:483 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 9. [8]
6- 6) البقرة(2):125. [9]
7- 7) أثبتناها من المصدر.

«فإن كان ارتحل فإنّي لا أشقّ عليه،و لا آمره أن يرجع و لكن يصلّي حيث ذكر» (1).

قال الشيخ في الاستبصار:و يحتمل أن تكون الأخبار الأوّلة محمولة على الاستحباب (2).

الثالث:لو صلّى في غير المقام ناسيا ثمّ ذكر،تداركه و رجع إلى المقام و أعاد

الصلاة؛

لأنّ المأمور به لم يقع،فيبقى في العهدة،و ما فعله لا يساويه،فلا يقع بدلا.

و يدلّ عليه أيضا:ما تقدّم في حديث عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام (3).

و ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه الأبزاريّ (4)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي فصلّى ركعتي طواف الفريضة في الحجر،قال:«يعيدهما خلف المقام؛لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (5)يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة» (6).

الرابع:روي أنّه إذا لم يتمكّن من الرجوع يستنيب في ذلك من يصلّي عنه في

المقام،

رواه الشيخ في الموثّق عن ابن مسكان،قال:حدّثني من سأله عن الرجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتّى يخرج،فقال:«يوكّل» (7).

ص:330


1- 1التهذيب 5:140 الحديث 461،الاستبصار 2:235 الحديث 818،الوسائل 9:484 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 10. [1]
2- 2) الاستبصار 2:236.ذيل الحديث 818.
3- 3) تقدّم في ص 328. [2]
4- 4) أبو عبد اللّه الأبزاريّ،لم نعثر على ترجمة له أكثر ممّا قاله السيّد الخوئيّ بأنّه روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و روى عنه ابن مسكان.معجم رجال الحديث 22:236. [3]
5- 5) البقرة(2):125. [4]
6- 6) التهذيب 5:138 الحديث 454،الوسائل 9:480 الباب 72 من أبواب الطواف الحديث 2. [5]
7- 7) التهذيب 5:140 الحديث 463،الاستبصار 2:234 الحديث 813،الوسائل 9:484 الباب 74 من أبواب الطواف الحديث 14. [6]
الخامس:موضع المقام حيث هو الساعة،

روى الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت للرضا عليه السّلام:أصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قال:

«حيث هو الساعة» (1).

السادس:لو كان هناك زحام،قال الشيخ:يصلّي خلف المقام،فإن لم يتمكّن

فليصلّ حياله ؛

(2)

لما رواه الحسين بن عثمان،قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلّي ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال؛لكثرة الناس (3).

و لأنّه في محلّ الضرورة فكان سائغا.

السابع:وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه،سواء كان ذلك بعد الغداة أو بعد

العصر إذا كان طواف فريضة،

و إن كان طواف نافلة،أخّرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب.

روى الشيخ عن ميسر (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صلّ ركعتي طواف الفريضة بعد الفجر كان أو بعد العصر» (5).

و عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام[قال:سألته] (6)عن ركعتي

ص:331


1- 1التهذيب 5:137 الحديث 453،الوسائل 9:478 الباب 71 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) النهاية:242، [2]المبسوط 1:360.
3- 3) التهذيب 5:140 الحديث 464،الوسائل 9:486 الباب 75 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) ميسر-بالميم و الياء المثنّاة من تحت و السين و الراء المهملة-وقع الخلاف في حركة الميم،قيل: بالفتح،و قيل:بالضمّ،و على الثاني تكون السين مشدّدة.تنقيح المقال 3:264.و [4]تقدّمت ترجمته في ج 2:72.
5- 5) التهذيب 5:141 الحديث 465،الاستبصار 2:236 الحديث 819،الوسائل 9:488 الباب 76 من أبواب الطواف الحديث 6. [5]
6- 6) زيادة من المصادر أثبتناها لمقتضى السياق.

طواف الفريضة،قال:«لا تؤخّرها ساعة،إذا طفت فصلّ» (1).

و في الصحيح،عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

«ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين عليهما السّلام إلاّ الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة» (2).

و قد روي كراهية الصلاة في هذين الوقتين،رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن ركعتي طواف الفريضة،فقال:

«وقتهما إذا فرغت من طوافك،و أكرهه عند اصفرار الشمس و عند طلوعها» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام عن الرجل يدخل مكّة بعد الغداة أو بعد العصر،قال:«يطوف و يصلّي الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس أو عند احمرارها» (4).

قال الشيخ:الحديث الأوّل محمول على التقيّة،و الثاني على كون الطواف مندوبا (5).

الثامن:لو طاف في وقت فريضة،

قال الشيخ:يقدّم الفريضة على صلاة

ص:332


1- 1التهذيب 5:141 الحديث 466،الاستبصار 2:236 الحديث 820،الوسائل 9:487 الباب 76 من أبواب الطواف الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:142 الحديث 472،الاستبصار 2:236 الحديث 821،الوسائل 9:487 الباب 76 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:141 الحديث 467،الاستبصار 2:236 الحديث 822،الوسائل 9:488 الباب 76 من أبواب الطواف الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 5:141 الحديث 468،الاستبصار 2:237 الحديث 823،الوسائل 9:488 الباب 76 من أبواب الطواف الحديث 8. [4]
5- 5) الاستبصار 2:237 ذيل الحديث 823.

الطواف (1).و عندي أنّه إن كان الطواف واجبا،تخيّر،و إلاّ قدّم الفريضة.

التاسع:لو صلّى المكتوبة بعد الطواف،لم تجزئه عن الركعتين.

و به قال الزهريّ،و مالك،و أصحاب الرأي (2).

و روي عن ابن عبّاس،و عطاء،و جابر بن زيد،و الحسن،و سعيد بن جبير، و إسحاق أنّ الفريضة تجزئه (3).

و عن أحمد روايتان (4).

لنا:أنّها فريضة فلا يجزئ عنها غيرها،كغيرها من الفرائض المتعدّدة.و طواف النافلة سنّة،فلا يجزئ الفريضة عنه،كركعتي الفجر.

احتجّوا:بأنّهما ركعتان شرّعتا للنسك،فأجزأت عنهما المكتوبة،كركعتي الإحرام (5).

و الجواب:أنّ النافلة في الإحرام بدل عن الإحرام عقيب الفريضة،بخلاف صورة النزاع.

العاشر:يستحبّ أن يقرأ في الأولى:الحمد و قل هو اللّه أحد،

و في الثانية:

الحمد و قل يا أيّها الكافرون-و روي العكس-رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، (6)و من طريق الخاصّة:رواية معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام (7).

ص:333


1- 1الاستبصار 2:238 ذيل الحديث 826.
2- 2) المغني 3:405، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:415، [2]المجموع 8:63. [3]
3- 3) المغني 3:405،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415،المجموع 8:63.
4- 4) المغني 3:405، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:415، [5]الكافي لابن قدامة 1:588،المجموع 8:63. [6]
5- 5) المغني 3:405،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415.
6- 6) سنن الترمذيّ 3:221 الحديث 869-870، [7]سنن النسائيّ 5:236،سنن البيهقيّ 5:91.
7- 7) الكافي 3:423 الحديث 1، [8]التهذيب 5:136 الحديث 448،الوسائل 9:479 الباب 71 من أبواب الطواف الحديث 3. [9]
الحادي عشر:لو كان الطواف نفلا،جاز أن يصلّيهما في أيّ موضع شاء من

المسجد؛

لأنّها غير واجبة،فلا يتعيّن مكانها.

و قد رواه (1)الشيخ عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«لا ينبغي أن تصلّي ركعتي طواف الفريضة إلاّ عند مقام إبراهيم عليه السّلام،فأمّا التطوّع فحيثما شئت من المسجد» (2).

الثاني عشر:لو نسي الركعتين حتّى مات،قضى عنه وليّه؛لأنّه وجب عليه

فعله و لم يفعله،

فوجب على وليّه القضاء عنه،كالصلوات الخمس و الحجّ.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«من نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتّى خرج من مكّة،فعليه أن يقضي،أو يقضي عنه وليّه،أو رجل من المسلمين» (3).

الثالث عشر:لو نسيهما حتّى شرع في السعي بين الصفا و المروة،قطع السعي،

و عاد إلى المقام،

فصلّى الركعتين،ثمّ عاد فتمّم السعي؛لأنّه واجب تركه يمكنه تداركه،فيكون واجبا.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل يطوف بالبيت،ثمّ ينسى أن يصلّي الركعتين حتّى يسعى بين الصفا و المروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك،قال:«ينصرف حتّى يصلّي الركعتين،ثمّ يأتي مكانه الذي كان فيه فيتمّ سعيه» (4).

الرابع عشر:يستحبّ أن يدعو عقيب الركعتين

بما رواه الشيخ-في الصحيح- عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«تدعو بهذا الدعاء في دبر

ص:334


1- 1ع و ح:و قد روى.
2- 2) التهذيب 5:137 الحديث 452،الوسائل 9:481 الباب 73 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:143 الحديث 473،الوسائل 9:484 الباب 13 من أبواب الطواف الحديث 13. [2]
4- 4) التهذيب 5:143 الحديث 474،الوسائل 9:490 الباب 77 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]

ركعتي طواف الفريضة،تقول بعد التشهّد:اللهمّ ارحمني بطواعيتي إيّاك و طواعيتي رسولك صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ جنّبني أن أتعدّى حدودك،و اجعلني ممّن يحبّك و يحبّ رسولك صلّى اللّه عليه و آله و ملائكتك و عبادك الصالحين» (1).

مسألة:و يستحبّ له إذا دخل المسجد أن لا يتشاغل بشيء حتّى يطوف؛لأنّها

عبادة واجبة،

فينبغي المبادرة إليها بقدر الإمكان.

و روى جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل مكّة ارتفاع الضحى،فأناخ راحلته عند باب بني شيبة،و دخل المسجد،فاستلم الحجر،ثمّ وصف جابر طوافه (2).

و لأنّ الطواف تحيّة البيت،فاستحبّ البدأة به،كما أنّ الداخل إلى المسجد يستحبّ له أن يبدأ بتحيّته.

لا يقال:فينبغي أن يأتي بتحيّة المسجد هاهنا.

لأنّا نقول:القصد بدخول المسجد البيت،فلهذا بدأ بتحيّته،و سقطت تحيّة المسجد بعد الطواف؛لأنّه أتى بركعتي الطواف،و هي تنوب منابها.

فرع:

لو دخل المسجد و الإمام مشتغل بالفريضة،فإنّه يصلّي معه المكتوبة و لا يشتغل

بالطواف،

فإذا فرغ من الصلاة،طاف حينئذ؛لأنّ الوقت للفريضة أقلّ من الطواف، فكان البدأة بها أولى.

و لأنّ فضيلة الجماعة تفوت بالاشتغال بالطواف،و لو اشتغل بالجماعة،لم يفته من فضائل الطواف شيء،و كذا إذا قربت إقامة الصلاة،فإنّه يشتغل بالفريضة ثمّ

ص:335


1- 1التهذيب 5:143 الحديث 475،الوسائل 9:490 الباب 78 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) المستدرك للحاكم 1:455،سنن البيهقيّ 5:74.

يأتي بالطواف،و سيأتي تمام البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا يستحبّ رفع اليدين عند رؤية البيت.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:رفع اليدين عند مشاهدة البيت لا يعرفه أصحابنا (1).و أنكر مالك استحبابه أيضا (2).

و قال الشافعيّ:لا أكرهه و لا أستحبّه لكن إن رفع يديه،كان حسنا (3).

و قال أحمد:إنّه مستحبّ (4).و هو مرويّ عن ابن عبّاس،و ابن عمر، و الثوريّ،و ابن المبارك (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن المهاجر المكّيّ (6)،قال:سئل جابر بن عبد اللّه عن الرجل يرى البيت أ يرفع يديه؟قال:ما كنت أظنّ أنّ أحدا يفعل هذا إلاّ اليهود، حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم يكن يفعله (7).

و لأنّ الأصل عدم المشروعيّة،و لم يثبت المنافي.

احتجّوا (8):بما رواه أبو بكر بن المنذر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

ص:336


1- 1الخلاف 1:445 مسألة-123.
2- 2) حلية العلماء 3:325،المجموع 8:9،المغني 3:388،الشرح الكبير بهامش المغني 3:389.
3- 3) الأمّ 2:169،حلية العلماء 3:325،المهذّب للشيرازيّ 1:220،المجموع 8:8،مغني المحتاج 1:483.
4- 4) المغني 3:388،الشرح الكبير بهامش المغني 3:389،الكافي لابن قدامة 1:581،الإنصاف 4:3، المجموع 8:9.
5- 5) المغني 3:388،الشرح الكبير بهامش المغني 3:389،المجموع 8:9.
6- 6) المهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشيّ المخزوميّ المكّيّ،روى عن جابر و ابن عمّه عبد اللّه بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و الزهريّ،و روى عنه أبو قزعة سويد بن حجير الباهليّ و يحيى بن أبي كثير و جابر بن يزيد الجعفيّ.تهذيب التهذيب 10:322، [1]التاريخ الكبير للبخاريّ 4:1639/380.
7- 7) سنن أبي داود 2:175 الحديث 1870، [2]سنن الترمذيّ 3:210 الحديث 855، [3]سنن النسائيّ 5:212، سنن البيهقيّ 5:73.
8- 8) المغني 3:388،الشرح الكبير بهامش المغني 3:389.

«لا ترفع الأيدي إلاّ في سبعة (1)مواطن:افتتاح الصلاة،و استقبال البيت،و على الصفا و المروة،و على الموفقين و الجمرتين» (2).

و الجواب:يحتمل أنّ الرفع عند الدعاء و نحن نقول به.

مسألة:و ينبغي له أن يستقبل الحجر بجميع بدنه.

و به قال الشافعيّ في أحد قوليه و في الآخر:أنّه واجب؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا دخل المسجد استقبل الحجر و استلمه (3)،و هذا بظاهره يدلّ على أنّه استلمه بجميع بدنه.و لأنّ ما لزمه استقباله لزمه بجميع بدنه،كالقبلة (4)،فأمّا إن استقبل بجميع بدنه بعض الحجر إن تصوّر ذلك فإنّه يجزئه،كما إذا استقبل بجميع بدنه بعض البيت،فأمّا إن حاذى ببعض بدنه جميع الحجر أو بعضه ففي الإجزاء عنده قولان (5).

و يتفرّع على عدمه عدم الاعتداد بالشوط الأوّل؛لأنّه ابتدأ من حيث لا يجوز له،فإذا أتمّ سبعا دونه أجزأه.

و احتجّ الشيخ على عدم وجوب الاستلام بجميع البدن:بإجماع الفرقة (6).

مسألة:و يستحبّ له أن يقف عند الحجر الأسود،و يدعو و يكبّر عند محاذاة

الحجر،

و يرفع يديه و يحمد اللّه و يثني عليه.

روى الجمهور في حديث ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استقبل الحجر

ص:337


1- 1أكثر النسخ:سبع،كما في بعض المصادر.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:73،مجمع الزوائد 2:103 و ج 3:238،كنز العمّال 2:110 الحديث 3384،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:304 الحديث 12072.
3- 3) المستدرك للحاكم 1:455،سنن البيهقيّ 5:74.
4- 4) الأمّ 2:170،حلية العلماء 3:329،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:32،فتح العزيز بهامش المجموع 7:293،مغني المحتاج 1:486.
5- 5) حلية العلماء 3:329،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:32،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 293.
6- 6) الخلاف 1:446 مسألة-126.

و استلمه و كبّر (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك و احمد اللّه و أثن عليه و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و اسأله أن يتقبّل منك،ثمّ استلم الحجر و قبّله،فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك،فإن لم تستطع أن تستلمه فأشر إليه و قل:اللهمّ أمانتي أدّيتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة،اللهمّ تصديقا بكتابك و على سنّة نبيّك أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،آمنت باللّه و كفرت بالطاغوت و اللات و العزّى و عبادة الشيطان و عبادة كلّ ندّ يدعى من دون اللّه،فإن لم تستطع أن تقول هذا[كلّه] (2)فبعضه،و قل:اللّهم إليك بسطت يدي و فيما عندك عظمت رغبتي،فاقبل سبحتي و اغفر لي و ارحمني، اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكفر و الفقر و مواقف الخزي في الدنيا و الآخرة» (3).

و في رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتّى تدنو من الحجر الأسود و تستقبله و تقول:الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر من خلقه،و أكبر ممّا أخشى و أحذر،لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد،يحيي و يميت و يميت و يحيي بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير.و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و تسلّم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد،ثمّ تقول:اللهمّ إنّي أومن بوعدك و أوفي بعهدك»ثمّ ذكر كما ذكر

ص:338


1- 1صحيح البخاريّ 2:186،سنن الترمذيّ 3:215 الحديث 861، [1]سنن النسائيّ 5:231،سنن البيهقيّ 5:74.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:101 الحديث 329،الوسائل 9:400 الباب 12 من أبواب الطواف الحديث 1.و [2]فيهما: «و كفرت بالجبت و الطاغوت و باللاّت و العزّى».

معاوية (1).

مسألة:و يستحبّ أن يستلم الحجر و يقبّله،و هو وفاق.

روى الجمهور (2)عن ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب انكبّ على الحجر و قال:

أما إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع،و لو لا أنّي رأيت حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبّلك لما قبّلتك (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عليّ بن جعفر،عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:استلموا الركن فإنّه يمين اللّه في خلقه يصافح بها خلقه مصافحه العبد أو الدخيل،و يشهد لمن استلمه بالموافاة» (4).

و عن سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن استلام الحجر من قبل الباب،فقال:«أ ليس إنّما يريد أن يستلم الركن؟»قلت:نعم،قال:«يجزئك حيث ما نالت يدك» (5).

و في حديث معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام:«ثمّ تأتي الحجر الأسود فتقبّله و تستلمه أو تشير إليه فإنّه لا بدّ من ذلك» (6).

مسألة:و إذا لم يتمكّن من الاستلام،استلمه بيده و قبّل يده،

فإذا لم يتمكّن من

ص:339


1- 1الكافي 4:403 الحديث 2، [1]التهذيب 5:102 الحديث 330،الوسائل 9:401 الباب 12 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
2- 2) كثير من النسخ:و روى الجمهور.
3- 3) الرواية بالمضمون من طريق ابن عبّاس،ينظر:المستدرك للحاكم 1:455،سنن البيهقيّ 5:74،و من طريق غيره،ينظر:صحيح البخاريّ 2:183،صحيح مسلم 2:925 الرقم 1270،سنن ابن ماجة 2: 981 الرقم 2943،سنن الترمذيّ 3:214 الرقم 860. [3]
4- 4) التهذيب 5:102 الحديث 331،الوسائل 9:408 الباب 15 من أبواب الطواف الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:103 الحديث 332،الوسائل 9:408 الباب 15 من أبواب الطواف الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 5:105 الحديث 339،الوسائل 9:391 الباب 3 من أبواب الطواف الحديث 2. [6]

ذلك أشار إليه بيده.و به قال الشافعيّ (1).

و قال مالك:يضع يده على فيه و لا يقبّلها (2).

و يدلّ على ما ذكرناه من الاستلام باليد:رواية سعيد الأعرج (3)،و على الإشارة:ما رواه سيف التمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاما فلم ألق إلاّ رجلا من أصحابنا،فسألته،فقال:لا بدّ من استلامه،فقال:«إن وجدته خاليا،و إلاّ فسلّم من بعيد» (4).

و عن محمّد بن عبيد اللّه،قال سئل الرضا عليه السّلام عن الحجر الأسود أ يقاتل عليه الناس إذا كثروا؟قال:«إذا كان كذلك فأوم بيدك» (5).

إذا ثبت هذا:فإنّ الاستلام مستحبّ و ليس بواجب؛لأنّ الأصل عدم الوجوب.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حجّ و لم يستلم الحجر،فقال:«هو من السنّة،فإن لم يقدر عليه فاللّه أولى بالعذر» (6).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي

ص:340


1- 1حلية العلماء 3:329،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:33،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 320،مغني المحتاج 1:488،المغني 3:401،الشرح الكبير بهامش المغني 3:393.
2- 2) الموطّأ 1:367 ذيل الحديث 115،المدوّنة الكبرى 1:364،بداية المجتهد 1:341،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:306،بلغة السالك 1:276،المغني 3:401،الشرح الكبير بهامش المغني 3:393، فتح العزيز بهامش المجموع 7:320.
3- 3) التهذيب 5:103 الحديث 332،الوسائل 9:408 الباب 15 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
4- 4) الكافي 4:405 الحديث 3، [2]التهذيب 5:103 الحديث 333،الوسائل 9:410 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 4. [3]
5- 5) الكافي 4:405 الحديث 7، [4]التهذيب 5:103 الحديث 336،الوسائل 9:410 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 5. [5]
6- 6) التهذيب 5:103 الحديث 334،الوسائل 9:409 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 2. [6]

لا أخلص (1)إلى الحجر الأسود،فقال:«إذا طفت الفريضة فلا يضرّك» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حجّ فلم يستلم الحجر و لم يدخل الكعبة،قال:«هو من السنّة،فإن لم يقدر فاللّه أولى بالعذر» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو بصير لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك لم تقبّل الحجر الأسود و قد قبّله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له،و أنا لا يفرجون لي» (4).

إذا عرفت هذا:فالاستلام غير مهموز،قال السيّد المرتضى:لأنّه افتعال من السّلام (5)،و هي الحجارة،فإذا مسّ الحجر بيده و مسحه بها،قيل:استلم أي مسّ السّلام بيده (6).

و قد قيل:إنّه مأخوذ من السّلام (7)،أي:أنّه يحيي نفسه عن الحجر؛إذ ليس الحجر ممّن يحييه،و هذا كما يقال:اختدم:إذا لم يكن له خادم،و إنّما خدم نفسه.

و حكى ثعلب:الهمز،و جعله وجها ثانيا لترك الهمز،و فسّره بأنّه اتّخذه جنّة

ص:341


1- 1أي:لا أصل إليه،من قولهم:خلص فلان إلى كذا،أي:وصل إليه.مجمع البحرين 4:169. [1]
2- 2) التهذيب 5:103 الحديث 335،الوسائل 9:385 الباب 1 [2] من أبواب الطواف الحديث 1 و ص 410 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 6.
3- 3) التهذيب 5:104 الحديث 337،الوسائل 9:380 [3] الباب 42 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4 و ص 411 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 10.
4- 4) التهذيب 5:104 الحديث 338،الوسائل 9:411 الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 11. [4]
5- 5) خا:السلم.
6- 6) رسائل الشريف المرتضى 3:275. [5]
7- 7) النهاية لابن الأثير 2:395. [6]

و سلاحا من الأمة،و هي الدرع (1).و هو حسن،و قد حكي عن ابن الأعرابيّ أيضا (2).

مسألة:و مقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع،

فإن كانت مقطوعة من المرفق،استلمه بشماله.رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السّلام،أنّ عليّا عليه السّلام سئل كيف يستلم الأقطع؟قال:«يستلم الحجر من حيث القطع،فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله» (3).

مسألة:و يستحبّ أن يستلم الركن اليمانيّ و يقبّله،فإن لم يتمكّن،استلمه بيده

و قبّل يده.

و به قال أحمد في رواية الخرقيّ عنه (4).

و قال الشافعيّ:يستحبّ أن يستلمه و يقبّل يده و لا يقبّله (5).

و قال أبو حنيفة:لا يستلمه (6).

و قال مالك:يستلمه و لا يقبّل يده،و إنّما يضعها على فيه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن مجاهد،عن ابن عبّاس،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا استلم الركن قبّله و وضع خدّه الأيمن عليه (8).

ص:342


1- 1حكى عنه السيّد المرتضى في رسائل الشريف المرتضى 3:275. [1]
2- 2) المصباح المنير:287.
3- 3) التهذيب 5:106 الحديث 345،الوسائل 9:422 الباب 24 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 3:399،الشرح الكبير بهامش المغني 3:394،الكافي لابن قدامة 1:583،الإنصاف 4:7،زاد المستقنع:32.
5- 5) الأمّ 2:170،حلية العلماء 3:330،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:35 و 58،فتح العزيز بهامش المجموع 7:319،مغني المحتاج 1:488،السراج الوهّاج:159.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:49،بدائع الصنائع 2:147،الهداية للمرغينانيّ 1:141،شرح فتح القدير 2: 359،مجمع الأنهر 1:273 قال في الجميع:استلامه حسن و إن تركه لم يضرّه.
7- 7) الموطّأ 1:367 ذيل الحديث 115، [3]المدوّنة الكبرى 1:364،بلغة السالك 1:276،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:306،المغني 3:401،فتح العزيز بهامش المجموع 7:320.
8- 8) سنن البيهقيّ 5:76،و بتفاوت يسير،ينظر:سنن الدار قطنيّ 2:290 الحديث 242،مجمع الزوائد 3:241.

و عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان لا يستلم إلاّ الحجر و الركن اليمانيّ (1).قال ابن عمر:ما تركت استلام هذين الركنين:اليمانيّ،و الحجر،منذ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستلمهما،في شدّة و لا رخاء (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يستلم الركن إلاّ الركن الأسود و اليمانيّ،و يقبّلهما،و يضع خدّه عليهما و رأيت أبي يفعله» (3).

قال ابن عبد البرّ:أجمع أهل العلم على استلام الركنين،و إنّما اختلفوا في التقبيل،فشرّكه قوم بينهما،و خصّ قوم الحجر به (4).

مسألة:و يستحبّ استلام الأركان كلّها،و آكدها الحجر و اليمانيّ،

و هو آخر الأركان الأربعة،قبلة أهل اليمن،و هو يلي الركن الذي فيه الحجر،و يتلوهما في الفضل الركنان الباقيان الشاميّان.ذهب إليه علماؤنا.و به قال ابن عبّاس،و جابر، و ابن الزبير (5).

و أنكر الفقهاء الأربعة استلام الشاميّين (6).

ص:343


1- 1صحيح مسلم 2:924 الحديث 1267،سنن البيهقيّ 5:76،كنز العمّال 7:92 الحديث 1814.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:185،صحيح مسلم 2:924 الحديث 1268،سنن النسائيّ 5:232،سنن الدارميّ 2:42، [1]سنن البيهقيّ 5:76.
3- 3) التهذيب 5:105 الحديث 341،الاستبصار 2:216 الحديث 744،الوسائل 9:418 الباب 22 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
4- 4) المغني 3:400،الشرح الكبير بهامش المغني 3:395.
5- 5) حلية العلماء 3:330،331،المغني 3:400،الشرح الكبير بهامش المغني 3:395،المجموع 8:58، [3]نيل الأوطار 5:116.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:363،المغني 3:399،المجموع 8:58،المبسوط للسرخسيّ 4:49،عمدة القارئ 9:254.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي الطفيل (1)،قال:لمّا قدم معاوية مكّة و ابن عبّاس بها،فاستلم ابن عبّاس الأركان كلّها،فقال معاوية:ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستلم إلاّ الركنين اليمانيّين،فقال ابن عبّاس:ليس من البيت شيء مهجور (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السّلام:أستلم اليمانيّ و الشاميّ و الغربيّ؟قال:«نعم» (3).

و لأنّهما ركنان،فاستحبّ استلامهما كاليمانيّين.

احتج الجمهور (4):بما رواه ابن عمر،قال:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يستلم الركن اليمانيّ و الأسود في كلّ طوفة،و لا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر (5).

قال ابن عمر:ما أراه أن يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلاّ لأنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيم عليه السّلام (6).

ص:344


1- 1عامر بن واثلة بن عبد اللّه بن عمرو بن جحش،و يقال:خميس بن جري بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة أبو الطفيل،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عمر و عليّ عليه السّلام و معاذ بن جبل و حذيفة و ابن مسعود و ابن عبّاس،و روى عنه الزهريّ و أبو الزبير و قتادة. مات سنة 100 ه. أسد الغابة 3:96، [1]تهذيب التهذيب 5:82، [2]العبر 1:89. [3]
2- 2) بهذه الكيفيّة رواه أحمد في مسنده 4:94،و [4]باقي المصادر أنّ الذي قال:ليس من البيت شيء مهجور هو معاوية،ينظر:صحيح البخاريّ 2:186،سنن الترمذيّ 3:213 الحديث 585، [5]سنن البيهقيّ 5:77.
3- 3) التهذيب 5:106 الحديث 343،الاستبصار 2:216 الحديث 743،الوسائل 9:423 الباب 25 من أبواب الطواف الحديث 2. [6]
4- 4) المغني 3:401،الشرح الكبير بهامش المغني 3:399.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:186،صحيح مسلم 2:924 الرقم 1247،سنن أبي داود 2:176 الرقم 1876، [7]سنن النسائيّ 5:232،مسند أحمد 2:18، [8]المصنّف لابن أبي شيبة 4:456 الرقم 1.
6- 6) سنن أبي داود 2:176 الرقم 1875، [9]سنن البيهقيّ 5:77.

و لأنّ الشاميّين لم يبنيا على قواعد إبراهيم عليه السّلام و هذا الركن-أعني الحجر-بني على قواعد إبراهيم عليه السّلام.

و الجواب:أنّ رواية الإثبات مقدّمة،و يحتمل أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله كان يقف عند اليمانيّين أكثر من وقوفه عند الشاميّين مع الازدحام،فتوهّم الراوي أنّه يستلم اليمانيّين خاصّة.

و رواية غياث بن إبراهيم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يكن يستلم إلاّ الركنين:الأسود و اليمانيّ (1)،ضعيفة السند،مقطوعة.

و أمّا رواية جميل بن صالح الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كنت أطوف بالبيت،فإذا رجل يقول:ما بال هذين الركنين يستلمان و لا يستلم هذان؟ فقلت:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استلم هذين و لم يعرض لهذين فلا تعرض إذا لم يعرض لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»قال جميل:و رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يستلم الأركان كلّها (2).فإنّها محمولة على التقيّة،و لهذا فعله الصادق عليه السّلام،فدلّ على أنّ قوله كان في معرض التقيّة.

مسألة:و يستحبّ الوقوف عند اليمانيّ و الدعاء عنده.

روى الشيخ عن يعقوب بن يزيد،عن أبي الفرج السنديّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كنت أطوف معه[بالبيت] (4)فقال:«أيّ هذا أعظم حرمة؟»

ص:345


1- 1يراجع:ص 343. [1]
2- 2) الكافي 4:408 الحديث 9، [2]التهذيب 5:106 الحديث 342،الاستبصار 2:217 الحديث 745، الوسائل 9:418 الباب 22 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) أبو الفرج السنديّ،كذا عنونه الشيخ في كنى الفهرست،و عدّه في نسخة من رجاله بعنوان:عيسى أبو الفرج السنديّ،و ذكره المامقانيّ في باب الأسماء بعنوان:عيسى أبو الفرج السنديّ و في باب الكنى بعنوان:أبو الفرج السنديّ.و قال:حاله مجهول. رجال الطوسيّ:259،الفهرست:192، [4]تنقيح المقال 2:356 و ج 3:31 باب الكنى. [5]
4- 4) أثبتناها من المصدر.

فقلت:جعلت فداك أنت أعلم بهذا منّي،فأعاد عليّ،فقلت له:داخل البيت،فقال:

«الركن اليمانيّ باب من أبواب الجنّة مفتوح لشيعة آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله مسدود عن غيرهم،و ما من مؤمن يدعو عنده إلاّ صعد دعاؤه حتّى يلصق بالعرش ما بينه و بين اللّه تعالى حجاب» (1).

و عن إبراهيم بن عيسى،عن أبيه،عن أبي الحسن عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طاف بالكعبة حتّى إذا بلغ الركن اليمانيّ رفع رأسه إلى الكعبة ثمّ قال:«الحمد للّه الذي شرّفك و عظّمك،و الحمد للّه الذي بعثني نبيّا و جعل عليّا إماما،اللهمّ اهد له خيار خلقك و جنّبه شرار خلقك» (2).

مسألة:و يستحبّ الاستلام في كلّ شوط؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يستلم الركن اليمانيّ و الأسود في كلّ طوفة،رواه ابن عمر (3).

و يستحبّ الدعاء في الطواف بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ثمّ تطوف بالبيت سبعة أطواف (4)و تقول في الطواف:اللهمّ إنّي أسألك باسمك الذي يمشى به على طلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض، [و أسألك باسمك الذي يهتزّ له عرشك] (5)و أسألك باسمك الذي تهتزّ له أقدام ملائكتك،و أسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له و ألقيت عليه محبّة منك،و أسألك باسمك الذي غفرت به لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و أتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا و كذا بما أحببت

ص:346


1- 1التهذيب 5:106 الحديث 344،الوسائل 9:422 الباب 23 من أبواب الطواف الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:107 الحديث 346،الوسائل 9:401 الباب 12 من أبواب الطواف الحديث 5. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:186،صحيح مسلم 2:924 الحديث 1247،سنن أبي داود 2:176 الحديث 1876، [3]سنن النسائيّ 5:232،مسند أحمد 2:18،المصنّف لابن أبي شيبة 4:456 الحديث 1.
4- 4) ع:«أشواط»كما في الكافي و [4]الوسائل. [5]
5- 5) أثبتناها من المصادر.

من الدعاء».

قال أبو إسحاق (1):روى هذا الدعاء معاوية بن عمّار،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و كلّما انتهيت إلى باب الكعبة فصلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تقول في الطواف:اللهمّ إنّي فقير و إنّي خائف مستجير،فلا تبدّل اسمي و لا تغيّر جسمي» (2).

و في الصحيح عن عاصم بن حميد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب رفع رأسه فقال:

اللهمّ أدخلني الجنّة برحمتك،و عافني من السقم،و أوسع عليّ من الرزق الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس و شرّ فسقة العرب و العجم» (3).

مسألة:و يستحبّ له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع،و يبسط يديه على

حائطه،

و يلصق به بطنه و خدّه،و يدعو بالمأثور.

روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإذا انتهيت إلى مؤخّر الكعبة و هو المستجار دون الركن اليمانيّ بقليل في الشوط السابع،فابسط يديك على الأرض،و ألصق خدّك و بطنك بالبيت ثمّ قل:اللهمّ البيت بيتك و العبد عبدك، و هذا مكان العائذ بك من النّار،ثمّ أقرّ لربّك بما عملت من الذنوب،فإنّه ليس عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر له إن شاء اللّه،فإنّ أبا عبد اللّه

ص:347


1- 1أبو إسحاق كنية إبراهيم بن أبي سمّال،قال المامقانيّ:ذكره نفر كذلك و الظاهر بعد التتبّع أنّ المراد به هو إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الربيع وثّقه النجاشيّ و عنونه الشيخ في رجاله بعنوان ابن السمّاك،و قال:هو و أخوه واقفيّان،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:كان واقفيّا،قال المامقانيّ:لا ينبغي التوقّف في العمل بروايته بعد توثيق النجاشيّ. رجال النجاشيّ:21،رجال الطوسيّ:344،رجال العلاّمة:199،تنقيح المقال 1:10،12. [1]
2- 2) الكافي 4:406 الحديث 1، [2]التهذيب 5:104 الحديث 339،الوسائل 9:415 الباب 20 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:105 الحديث 340،الوسائل 9:416 الباب 20 من أبواب الطواف الحديث 5. [4]

عليه السلام (1)قال لغلمانه:أميطوا عنّي حتّى أقرّ لربّي بما عملت،اللهمّ من قبلك الروح و الفرج و العافية،اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي و اغفر لي ما اطّلعت عليه منّي و خفي على خلقك،و تستجير باللّه من النار و تختار لنفسك من الدعاء،ثمّ تستقبل الركن اليمانيّ و الركن الذي فيه الحجر الأسود و اختم به،فإن لم تستطع فلا يضرّك،و تقول:اللهمّ قنّعني بما رزقتني،و بارك لي فيما آتيتني،ثمّ تأتي مقام إبراهيم عليه السّلام فتصلّي ركعتين و اجعله أماما،و اقرأ فيهما بسورة التوحيد: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ،و في الثانية: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ،ثمّ تشهّد و احمد اللّه و أثن عليه، و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و اسأله أن يتقبّل منك،فهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك أن تصلّيهما في أيّ الساعات شئت عند طلوع الشمس و عند غروبها،ثمّ تأتي الحجر الأسود فتقبّله و تستلمه أو تشير إليه فإنّه لا بدّ من ذلك» (2).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كنت في الطواف السابع فأت المتعوّذ،و هو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل:

اللهمّ البيت بيتك،و العبد عبدك،و هذا مقام العائذ بك من النار،اللهمّ من قبلك الروح و الفرج،ثمّ استلم الركن اليمانيّ،ثمّ ائت الحجر فاختم به» (3).

و عن أبي الصبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن استلام الكعبة،قال:«من دبرها» (4).

ص:348


1- 1في هامش التهذيب 5:105 قال في الوافي:« [1]فإنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام»أريد به الحسين بن عليّ عليهما السّلام،أو هو من كلام الراوي و أريد به الصادق عليه السّلام و الثاني و إن كان لا يخلو من تكلّف إلاّ أنّه يؤيّده رواية معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام.ينظر:التهذيب 5:107 الحديث 349.
2- 2) التهذيب 5:104 الحديث 399،الوسائل 9:425 الباب 26 من أبواب الطواف الحديث 9. [2]فيه شطر من الحديث.و فيه:رواه عن معاوية بن عمّار.
3- 3) التهذيب 5:107 الحديث 347،الوسائل 9:423 الباب 26 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:107 الحديث 347،الوسائل 9:423 الباب 26 من أبواب الطواف الحديث 3. [4]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة،و هو بحذاء المستجار دون الركن اليمانيّ بقليل، فابسط يدك (1)على البيت،و ألصق بطنك و خدّك بالبيت،و قل:اللهمّ البيت بيتك، و العبد عبدك،و هذا مكان العائذ بك من النّار،ثمّ أقرّ لربّك بما عملت،فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر اللّه له إن شاء اللّه» (2).

فرع:

لو نسي الالتزام حتّى جاز موضعه،فلا إعادة عليه؛لفوات محلّه.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عمّن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتّى جاز الركن اليمانيّ،أ يصلح أن يلتزم بين الركن اليمانيّ و بين الحجر أو يدع ذلك؟قال:«يترك اللزوم (3)و يمضي»و عمّن قرن عشرة أسباع (4)أو أكثر أو أقلّ أله أن يلتزم في آخرها التزامة واحدة؟قال:«لا أحبّ ذلك» (5).

آخر:

لو ترك الاستلام،لم يكن عليه شيء.و به قال عامّة الفقهاء،

و حكي عن الحسن البصريّ،و الثوريّ،و عبد الملك بن الماجشون:أنّ عليه دما (6).

ص:349


1- 1في المصادر:«يديك».
2- 2) التهذيب 5:107 الحديث 349،الوسائل 9:424 الباب 26 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
3- 3) في التهذيب و نسخة من الوسائل:« [2]الملتزم».
4- 4) ع:أسابيع،كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 5:108 الحديث 350،الوسائل 9:426 الباب 27 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
6- 6) كذا نسب إليهم،و الموجود في المصادر لزوم الدم بترك الرمل،و لعلّ إسناد القول إليهم لأجل استدلالهم بترك الهيئة،ينظر:حلية العلماء 3:331،المجموع 8:59،المغني 3:396،الشرح الكبير بهامش المغني 3:398.

لنا:أنّه مستحبّ،فلا تجب العقوبة بتركه،كغيره من المندوبات.

احتجّوا (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من ترك نسكا فعليه دم» (2).

و جوابه:أنّه مخصوص بالواجب.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:و قد روي أنّه يستحبّ

الاضطباع،

و هو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن و يجعله على منكبه الأيسر (3).

و الاضطباع مأخوذ من الضّبع و هو عضد الإنسان،و هو افتعال من الضبع، و أصله الاضتباع بالتاء فقلبوا التاء طاء؛لأنّ التاء متى وقعت بعد صاد أو ضاد أو طاء ساكنة،قلبت طاء.

إذا ثبت هذا:فأكثر أهل العلم على استحباب الاضطباع (4).

و قال مالك:إنّه ليس بمستحبّ،و قال:لم أسمع أحدا من أهل العلم ببلدنا يذكر أنّه سنّة (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:لمّا دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على قريش،فاجتمعت نحو الحجر،اضطبع رسول اللّه صلّى اللّه

ص:350


1- 1المغني 3:396،الشرح الكبير بهامش المغني 3:398.
2- 2) أورده الرافعيّ في فتح العزيز 7:364 و ابنا قدامة في المغني 3:396،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:398،و ينظر أيضا بتفاوت يسير:الموطّأ 1:419 الحديث 240،سنن البيهقيّ 5:152.
3- 3) المبسوط 1:356. [1]
4- 4) حلية العلماء 3:331،المغني و الشرح 3:391،الهداية للمرغينانيّ 1:140.
5- 5) بلغة السالك 1:269،المغني 3:392،الشرح الكبير بهامش المغني 3:391،المجموع 8:20.

عليه و آله (1).

و عن زيد بن أسلم،عن أبيه،عن عمر بن الخطّاب أنّه اضطبع و رمل و قال:فيم الرمل الآن و لم نبدي مناكبنا؟و قد نفى اللّه تعالى المشركين،بلى لن ندع شيئا فعلناه على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

و إنّما أراد هذا فعلناه مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لإظهار الجلد (3)و القوّة للمشركين؛لأنّ المشركين قالوا:قد نهكتهم حمّى يثرب،فأظهروا لهم الجلد و القوّة، و قد زال هذا المعنى،لكنّا لا نتركه؛لأنّا فعلناه مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4).

قال الشافعيّ:و يبقى مضطجعا حتّى يتمّ السعي بين الصفا و المروة و يتركه عند الصلاة للطواف (5).

و قال أحمد:لا يضطج في السعي (6).و الشافعيّ عوّل على القياس بجامع أنّه أحد الطوافين.

مسألة:و يستحبّ أن يقتصد في مشيه،بأن يمشي مستويا بين السّرع و الإبطاء،

قاله الشيخ-رحمه اللّه-في بعض كتبه (7).

ص:351


1- 1سنن أبي داود 2:177 الحديث 1884 و ص 179 الحديث 1889، [1]مسند أحمد 1:305، [2]سنن البيهقيّ 5:79.
2- 2) سنن أبي داود 2:178 الحديث 1887، [3]سنن ابن ماجة 2:984 الحديث 2952،مسند أحمد 1:45، [4]المستدرك للحاكم 1:454،كنز العمّال 5:180 الحديث 12530،12531،مسند أبي يعلى 1:168 الحديث 188.
3- 3) الجلد:القوّة و الصبر.النهاية لابن الأثير 1:284. [5]
4- 4) صحيح مسلم 2:923 الحديث 1266،سنن أبي داود 2:178 الحديث 1886،مسند أحمد 1:290.
5- 5) الأمّ 2:174،حلية العلماء 3:332،المهذّب للشيرازيّ 1:223،المجموع 8:20،فتح العزيز بهامش المجموع 7:338،مغني المحتاج 1:490،السراج الوهّاج:160،المغني و الشرح 3:392.
6- 6) المغني و الشرح 3:392،حلية العلماء 3:332،فتح العزيز بهامش المجموع 7:338.
7- 7) النهاية:237.

و قال في المبسوط:يستحبّ أن يرمل ثلاثا،و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصّة؛اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه كذلك فعل (1).رواه جعفر ابن محمّد عن أبيه عليهما السّلام،عن جابر.

و قد اتّفق الجمهور كافّة على استحباب الرمل في الثلاثة الأشواط الأول، و المشي في الأربعة الباقية في طواف القدوم؛لما رواه جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام،عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمل ثلاثا و مشى أربعا (2).

و كذا عن ابن عبّاس،عنه عليه السّلام (3).

و روى ابن عبّاس أيضا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمل في عمره كلّها و في حجّه،و أبو بكر و عمر و عثمان و عليّ عليه السّلام (4).

قال الأزهريّ:الرمل:الجمز و الإسراع (5).

و السبب في هذا ما رواه ابن عبّاس،قال:قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مكّة،فقال المشركون:إنّه يقدم عليكم قوم نهكتهم الحمّى و لقوا منها شرّا،فأمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يرملوا الأشواط الثلاثة،و أن يمشوا بين الركنين،

ص:352


1- 1المبسوط 1:356. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905، [2]سنن الترمذيّ 3:212. الحديث 857، [3]سنن ابن ماجة 2:983 الحديث 2951 و ص 1022 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2: 42، [4]سنن البيهقيّ 5:83.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:184،صحيح مسلم 2:921 الحديث 1264،مسند أحمد 1:247، [5]سنن البيهقيّ 5:82،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:299 الحديث 12055.
4- 4) المغني 3:393،الشرح الكبير بهامش المغني 3:396.
5- 5) تهذيب اللغة 15:207 قال فيه:رمل الرجل...إذا أسرع في مشيه.و لا توجد كلمة:الجمز.قال في الصحاح 3:869: [6]الجمز:ضرب من السير أشدّ من العنق.و قال في ج 4:و العنق:ضرب من سير الدابّة و الإبل.

فلمّا رأوهم قالوا:ما نراهم إلاّ كالغزلان (1).

و قد روى الشيخ القول الأوّل عن عبد الرحمن بن سيابة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف فقلت:أسرع و أكثر،أو أمشي و أبطئ؟قال:«مشي بين المشيين» (2).

و روى ابن بابويه عن سعيد الأعرج أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسرع و المبطئ في الطواف،فقال:«كلّ واسع ما لم يؤذ أحدا» (3).

فروع:
الأوّل:لو ترك الرمل،لم يكن عليه شيء؛

لأنّه مستحبّ،فلا يتعلّق بتركه ذنب فلا تجب العقوبة التابعة له.و هو قول عامّة الفقهاء.

و قال الحسن البصريّ:إنّ عليه دما.و هو محكيّ عن الثوريّ،و عبد الملك ابن الماجشون (4)؛لقوله عليه السّلام:من ترك نسكا فعليه دم (5).

و جوابه:أنّ المراد بالنسك هنا الواجب،و يدلّ عليه ذلك أيضا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قال:ليس على من ترك الرمل شيء (6).

و من طريق الخاصّة:حديث سعيد الأعرج.

ص:353


1- 1صحيح مسلم 2:923 الحديث 1266،سنن أبي داود 2:178 الحديث 1886 و ص 179 الحديث 1889، [1]سنن النسائيّ 5:230.
2- 2) التهذيب 5:109 الحديث 352،الوسائل 9:428 الباب 29 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 2:255 الحديث 1238،الوسائل 9:428 الباب 29 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) حلية العلماء 3:331،المجموع 8:59،المغني و الشرح الكبير 3:396.
5- 5) أورده الرافعيّ في فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،و ابنا قدامة في المغني 3:396،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:398،و بتفاوت يسير ينظر:الموطأ 1:419 الحديث 240،سنن البيهقيّ 5:152.
6- 6) أورده ابنا قدامة في المغني 3:396،الشرح الكبير بهامش المغني 3:398،و النوويّ في المجموع 8:59.

و لأنّ هذه هيئة الركن غير واجبة،فلا يجب بتركها شيء،كغيرها من الهيئات.

الثاني:لو ترك الرمل في الثلاثة الأول،لم يقض في الأربع الباقية؛

لأنّها هيئة في الأشواط الأول،فإذا فات موضعها،سقطت،كالجهر في الأوليين (1).

و لأنّ الرمل هيئة في الثلاثة الأول،و المشي هيئة الأربعة البواقي،فلو رمل بعد الثلاث،لكان تاركا لهيئة جميع الطواف.

الثالث:الرمل إن قلنا باستحبابه-على ما اختاره الشيخ في الثلاثة الأول -

فإنّه مستحبّ من الحجر إليه.

(2)

و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و قال طاوس،و عطاء،و الحسن،و سعيد بن جبير:يمشي ما بين الركنين (4)؛ لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة و يمشون ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم لمّا وهّنتهم الحمّى حتّى قال المشركون:

هؤلاء أجلد منّا (5).

و لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمل من الحجر إلى الحجر (6).

و في حديث مسلم عن جابر،قال:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمل من الحجر حتّى انتهى إليه (7).و هذا إثبات و متأخّر؛لأنّه وقع في حجّة الوداع.

الرابع:لو ترك الرمل في شوط،أتى به في الاثنين الباقيين،

و إن تركه في

ص:354


1- 1ع:الأوّلتين.
2- 2) المبسوط 1:356.
3- 3) المغني 3:392،الشرح الكبير بهامش المغني 3:396،المجموع 8:41،بدائع الصنائع 2:147.
4- 4) المغني 3:393،الشرح الكبير بهامش المغني 3:397،بدائع الصنائع 2:147.
5- 5) صحيح مسلم 2:923 الحديث 1266،سنن أبي داود 2:178 الحديث 1886، [1]سنن النسائيّ 5:230، جامع الأصول 4:6 الحديث 1428.
6- 6) صحيح مسلم 2:921 الحديث 1262،سنن أبي داود 2:179 الحديث 1891، [2]سنن البيهقيّ 5:82.
7- 7) صحيح مسلم 2:921 الحديث 1263.

اثنين،أتى به في الثالث خاصّة،و إن تركه في الثالثة (1)سقط.

و لو تركه في طواف القدوم،لم يستحبّ قضاؤه في طواف الزيارة أعني طواف الحجّ،خلافا لبعض الجمهور (2).

و هو خطأ؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما رمل في طواف الزيارة،فقضاؤه يفضي إلى ترك هيئة الطوافين.

الخامس:قال بعض الجمهور:ليس على أهل مكّة رمل-

و هو قول ابن عبّاس، و ابن عمر-لأنّه شرّع في الأصل لإظهار الجلد و القوّة لأهل البلد،و هذا المعنى معدوم في حقّهم (3).و فيه نظر.

السادس:لا يستحبّ للنساء الرمل و لا الاضطباع.

و هو وفاق؛لأنّ معناه-و هو إظهار الجلد و القوّة-لم يوجد فيهنّ،و لأنّه يقدح في سترهنّ به.

السابع:لو كان مريضا أو صبيّا فحمله غيره،رمل الحامل به ثلاثا و مشى

أربعا،

و كذا لو كان راكبا،استحبّ له أن يحثّ دابّته في الثلاثة الأول.

و للشافعيّ في المريض قول آخر:أنّه لا يستحبّ لحامله الرمل به؛لأنّه لا ينوب عنه و لا هو آلة له (4).و هو ضعيف؛لأنّ حامله يتحرّك هو بحركته،فأشبه الراكب.

الثامن:الدنوّ من البيت أفضل من التباعد عنه في الطواف؛

لأنّه المقصود، فالدنوّ منه أولى،و لو كان بالقرب منه زحام لا يمكنه أن يرمل فيه،فإن كان يعلم أنّه إن وقف وجد فرجة،فإنّه يقف،فإذا وجد فرجة رمل،و إن كان يعلم أنّه لا يجد فرجة؛لكثرة الزحام،و علم أنّه إن تأخّر إلى حاشية الناس،أمكنه الرمل،تأخّر

ص:355


1- 1كثير من النسخ:في الثلاثة.
2- 2) المغني 3:395،الشرح الكبير بهامش المغني 3:403.
3- 3) المغني 3:396،الشرح الكبير بهامش المغني 3:402.
4- 4) حلية العلماء 3:331،المجموع 8:44،فتح العزيز بهامش المجموع 7:337.

و رمل و كان أولى من قرب البيت مع ترك الرمل،و إن كان لا يمكنه التأخّر،أو كان ليس في حاشية الناس فرجة،فإنّه يمشي و يترك الرمل.

مسألة:و يستحبّ طواف ثلاثمائة و ستّين طوافا،

فإن لم يتمكّن فثلاثمائة و ستّين شوطا،و يلحق الزيادة بالطواف الأخير،و ذلك بأن يطوف أسبوعا،ثمّ يصلّي ركعتين و هكذا.

و يجوز القرآن في النوافل على ما يأتي،فيؤخّر الصلاة فيها إلى حين الفراغ حينئذ.

و إن (1)لم يستطع،طاف ما يمكن منه؛لما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يستحبّ أن تطوف ثلاثمائة و ستّين أسبوعا على عدد أيّام السنة،فإن لم تستطع فثلاثمائة و ستّين شوطا،فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف» (2).

و روى ابن بابويه عن أبان أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام،أ كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طواف يعرف به؟فقال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطوف بالليل و النهار عشرة أسابيع (3):ثلاثة أوّل الليل،و ثلاثة آخر الليل،و اثنين إذا أصبح،و اثنين بعد الظهر،و كان فيما بين ذلك راحته» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يكون الطواف بين البيت و المقام،

(5)

و يستحبّ أن يتدانى من البيت،فلو تباعد حتّى طاف بالسقاية و زمزم لم يجزئه،

ص:356


1- 1كثير من النسخ:فإن.
2- 2) التهذيب 5:135 الحديث 445 و ص 471 الحديث 1656،الوسائل 9:396 الباب 7 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) أكثر النسخ:«أسباع».
4- 4) الفقيه 2:255 الحديث 1237،الوسائل 9:396 الباب 6 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
5- 5) يراجع:ص 320. [3]

خلافا للشافعيّ (1).

لنا:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2)و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

مسألة:و لو طاف و ظهره إلى الكعبة،لم يجزئه،

و به قال أبو حنيفة (4).و قال أصحاب الشافعيّ:لا نصّ للشافعيّ عليه،و الذي يجيء على مذهبه،الإجزاء (5).

لنا:أنّه عليه السّلام طاف كما قلناه،و كان فعله بيانا للواجب،فكان واجبا.

و لأنّ فيه استهانة بالبيت،فيكون منهيّا عنه،و المنهيّ عنه لا يقع عبادة.

مسألة:و ينبغي أن يطوف ماشيا ما لم يكن مريضا أو لا يقدر على المشي،فإنّه

يركب،

و لو خالف و طاف راكبا أجزأه،و لا يلزمه دم.و به قال الشافعيّ (6).

و قال مالك (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد:إن طاف راكبا لعذر،فلا شيء عليه، و إن كان لغير عذر،عليه دم (9).

ص:357


1- 1الأمّ 2:177،المجموع 8:39،فتح العزيز بهامش المجموع 7:301.
2- 2) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1022 الحديث 3074،سنن الترمذيّ 3:211 الحديث 856.
3- 3) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970،سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،و أورده في التلخيص الحبير بهامش المجموع 7:292.
4- 4) لم نعثر عليه في المصادر الموجودة عندنا،نقله عنه الشيخ في الخلاف 1:448 مسألة-137.
5- 5) المجموع 8:33.
6- 6) الأمّ 2:174،حلية العلماء 3:328،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:27،فتح العزيز بهامش المجموع 7:315،مغني المحتاج 1:487.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:406،بلغة السالك 1:275،حلية العلماء 3:328،المجموع 8:27،المغني 3:420،الشرح الكبير بهامش المغني 3:404.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:45،بدائع الصنائع 2:130،الهداية للمرغينانيّ 1:189، [1]شرح فتح القدير 3: 90،المغني 3:420،الشرح الكبير بهامش المغني 3:404،المجموع 8:27.
9- 9) المغني 3:420،الشرح الكبير بهامش المغني 3:404،الإنصاف 4:13،حلية العلماء 3:328.

لنا:ما رواه جابر،قال:طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع على راحلته بالبيت و الصفا و المروة ليراه الناس،و ليشرف عليهم ليسألوه،فإنّ الناس غشوه (1).و لأنّه فعل من أفعال الحجّ،فإذا فعله راكبا،لم يجب به الدم،كما لو كان له عذر و ركب في الوقوف.

احتجّ المخالف:بأنّها عبادة واجبة تتعلّق بالبيت،فلا يجوز فعلها لغير عذر راكبا،كالصلاة (2).

و جوابه:الفرق،فإنّ الصلاة لا تصحّ راكبا،و هنا يصحّ.

ص:358


1- 1صحيح مسلم 2:926 الحديث 1273،سنن أبي داود 2:177 الحديث 1880، [1]سنن البيهقيّ 5:100، جامع الأصول 4:31 الحديث 1471.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:420.
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:قد بيّنّا أنّ الطهارة شرط في الطواف،

فلو طاف و هو محدث متعمّدا، وجب عليه إعادة الطواف؛لأنّ الطهارة شرط فيه،و قد فات،فيبطل المشروط، كالصلاة.

روى الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يطوف بغير وضوء أ يعتدّ بذلك الطواف؟قال:«لا» (1).

و كذا لو طاف ناسيا،فإنّه لا يعتدّ بذلك الطواف و يجب عليه الإعادة؛لأنّه يصدق عليه أنّه طاف بغير وضوء.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب فذكر و هو في الطواف، قال:«يقطع طوافه و لا يعتدّ بشيء ممّا طاف»و سألته (2)عن رجل طاف ثمّ ذكر أنّه على غير وضوء،قال:«يقطع طوافه و لا يعتدّ به» (3).

ص:359


1- 1التهذيب 5:116 الحديث 378،الاستبصار 2:221 الحديث 762،الوسائل 9:444 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 5. [1]
2- 2) في النسخ:و سأله،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:117 الحديث 381،الاستبصار 2:222 الحديث 765 فيه ذيل الرواية فقط،الوسائل 9:444 الباب من أبواب الطواف الحديث 4. [2]

أمّا طواف النفل فليست الطهارة شرطا فيه و إن كانت شرطا في ركعتيه.

فروع:
الأوّل:لو طاف طواف التطوّع و صلّى ثمّ ذكر أنّه على غير وضوء،أعاد الصلاة

خاصّة؛

لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل طاف تطوّعا و صلّى ركعتين و هو على غير وضوء،فقال:«يعيد الركعتين و لا يعيد الطواف» (1).

الثاني:لو طاف و صلّى في الفرض ثمّ ذكر أنّه على غير طهور ،أعاد

الطواف

(2)(3)

و الصلاة معا.

الثالث:لو طاف في ثوب نجس عامدا،أعاد في الفرض؛

لأنّا بيّنّا (4)أنّ الطهارة شرط فيه،و لو لم يعلم ثمّ علم في أثناء الطواف،أزاله و تمّم الطواف، و لو لم يعلم حتّى فرغ،كان طوافه ماضيا،كالصلاة.

الرابع:لو أحدث في أثناء طواف الفريضة،فإن كان جاوز النصف،

(5)

تطهّر و تمّم ما بقي،و إن كان حدثه قبل أن يبلغ النصف،فإنّه يعيد الطواف من أوّله؛لما رواه الشيخ عن جميل،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه،قال:«يخرج و يتوضّأ، فإن كان جاز (6)النصف،بنى على طوافه،و إن كان أقلّ من النصف،أعاد

ص:360


1- 1التهذيب 5:118 الحديث 385،الوسائل 9:445 الباب 38 من أبواب الطواف الحديث 7. [1]
2- 2) خا و ق:الفريضة.
3- 3) ع:طهر.
4- 4) يراجع:ص 315. [2]
5- 5) ع و ح:تجاوز.
6- 6) أكثر النسخ:«جاوز»و في التهذيب:«قد جاز».

الطواف» (1).

و لأنّ مجاوزة النصف يقتضي تحصيل الأكثر،و معظم الشيء يقوم مقامه.

أمّا الشافعيّ،فإنّه لم يفصّل هكذا،بل قال:إن طال الفصل،استأنف في القديم، و في الجديد:يبني،و لو لم يطل،بنى قولا واحدا (2).

الخامس:لو شكّ في الطهارة،فإن كان في أثناء الطواف،تطهّر و استأنف؛

لأنّه شكّ في شرط العبادة قبل فراغها فيعيد،كالصلاة،و لو شكّ بعد الفراغ،لم يستأنف.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يطوف سبعة أشواط،

(3)

فلو طاف ستّة (4)و انصرف،فليضف إليها شوطا آخر و لا شيء عليه،و إن لم يذكر حتّى يرجع (5)إلى أهله،أمر من يطوف عنه.

و قال أبو حنيفة:يجبره بدم (6).

لنا:أنّ المأمور به الطواف،و هو متمكّن من الإتيان به بنفسه أو بنائبه،فكان واجبا.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر (7)

ص:361


1- 1التهذيب 5:118 الحديث 384،الوسائل 9:446 الباب 40 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 2:179،حلية العلماء 3:333،المجموع 8:48،فتح العزيز بهامش المجموع 7:287،مغني المحتاج 1:485.
3- 3) يراجع:ص 322.
4- 4) ع بزيادة:أشواط.
5- 5) خا و ق:رجع.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:46،بدائع الصنائع 2:133،الهداية للمرغينانيّ 1:166،مجمع الأنهر 1:294،فتح العزيز بهامش المجموع 7:304.
7- 7) جميع النسخ:الحجّ، [2]مكان:الحجر،و ما أثبتناه من المصادر.

قال:«يعيد ذلك الشوط» (1).

و في حديث الحسن بن عطيّة،عن سليمان بن خالد أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن فاته شوط واحد حتّى أتى أهله،قال:«يأمر من يطوف عنه» (2).

فرع:

لو ذكر أنّه طاف أقلّ من سبعة أشواط و هو في السعي،قطع السعي و تمّم (3)

الطواف،

ثمّ رجع فتمّم السعي؛لأنّ السعي تابع،فلا يفعل قبل تحقّق متبوعه،و إنّما يتحقّق بأجزائه.

يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل طاف بالبيت ثمّ خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا و المروة،فبينا هو يطوف إذ ذكر أنّه قد نقص طوافه (4)بالبيت،قال:«يرجع إلى البيت فيتمّ طوافه ثمّ يرجع إلى الصفا و المروة فيتمّ ما بقي» (5).

مسألة:و لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في

الفريضة،

فإن كان قد جاز النصف بنى،و إن لم يكن جازه (6)،أعاد،و إن كان طواف النافلة،بنى عليه مطلقا.

و قال الشافعيّ:إن أطال الفصل،أعاد مطلقا،سواء تجاوز النصف أو

ص:362


1- 1التهذيب 5:109 الحديث 353،الوسائل 9:431 الباب 31 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) الكافي 4:418 الحديث 9، [2]الفقيه 2:248 الحديث 1194،التهذيب 5:109 الحديث 354،الوسائل 9:432 الباب 32 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) ع و ق:و يتمّم.
4- 4) في المصادر:قد ترك بعض طوافه،مكان:قد نقص طوافه.
5- 5) التهذيب 5:109 الحديث 355،الوسائل 9:433 الباب 32 من أبواب الطواف الحديث 2. [4]
6- 6) ع و خا:جاوزه.

لم يتجاوز،و إن لم يطل،بني (1).و هو قول أحمد (2).

و حكي عن الشافعيّ قول آخر:أنّه إن قطعه لغير عذر و زايل (3)موضعه و هو في المسجد،استأنف،قياسا على الصلاة (4).

لنا:أنّ مع مجاوزة النصف يكون قد فعل الأكثر،فيبني عليه،كالجميع.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط،ثمّ وجد من البيت خلوة فدخله،كيف يصنع؟قال:«يعيد طوافه،و خالف السنّة» (5).

و عن ابن مسكان قال:حدّثني من سأله عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط،ثمّ وجد خلوة من البيت (6)فدخله،قال:«يقضي (7)طوافه و خالف السنّة فليعد» (8).

و في الصحيح عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل طاف شوطا أو شوطين،ثمّ خرج مع رجل في حاجته (9)،قال:«إن كان طواف نافلة، بنى عليه،و إن كان طواف فريضة لم يبن» (10).

ص:363


1- 1الأمّ 2:179،حلية العلماء 3:333،المجموع 8:47،فتح العزيز بهامش المجموع 7:287.
2- 2) المغني 3:417،الشرح الكبير بهامش المغني 3:413،الكافي لابن قدامة 1:587،الإنصاف 4:17.
3- 3) ع:و زال.
4- 4) حلية العلماء 3:334.
5- 5) التهذيب 5:118 الحديث 386،الاستبصار 2:223 الحديث 768،الوسائل 9:447 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
6- 6) في التهذيب و الاستبصار:من البيت خلوة.
7- 7) في التهذيب و الاستبصار:«نقض»مكان:«يقضى».
8- 8) التهذيب 5:118 الحديث 387،الاستبصار 2:223 الحديث 769،الوسائل 9:448 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
9- 9) ع و ح:في حاجة،كما في الكافي و [3]الوسائل. [4]
10- 10) الكافي 4:413 الحديث 1، [5]التهذيب 5:119 الحديث 388،الاستبصار 2:223 الحديث 770، الوسائل 9:448 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 5. [6]

و يدلّ على اعتبار مجاوزة النصف:ما رواه عليّ بن عبد العزيز عن أبي عزّة (1)، قال:مرّ بي أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا في الشوط الخامس من الطواف،فقال لي:

«انطلق حتّى نعود هاهنا رجلا»فقلت:أنا في خمسة أشواط فأتمّ أسبوعي؟قال:

«فاقطعه و احفظه من حيث تقطعه حتّى تعود إلى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه» (2).

و عن أبي الفرج،قال:طفت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام خمسة أشواط،ثمّ قلت:إنّي أريد أن أعود مريضا،فقال:«احفظ مكانك ثمّ اذهب فعده،ثمّ ارجع فأتمّ طوافك» (3).

لا يقال:كما يحتمل أن يكون في الفرض،احتمل أن يكون في النفل.

لأنّا نقول:لا يعتبر في النفل مجاوزة النصف،لجواز البناء مطلقا.

و قد روى الشيخ عن سكين بن عمّار (4)،عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا أحمد،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في الطواف يده في يدي أو يدي في يده،إذ عرض لي رجل له حاجة،فأومأت إليه بيدي،فقلت له:كما أنت حتّى

ص:364


1- 1أبو عزّة-بالعين المهملة و الزاي المشدّدة-روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و روى عنه عليّ بن عبد العزيز،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله.رجال الطوسيّ:338،جامع الرواة 2:402، [1]تنقيح المقال 3:26 باب الكنى. [2]
2- 2) الكافي 4:414 الحديث 6، [3]التهذيب 5:119 الحديث 389،الاستبصار 2:223 الحديث 771، الوسائل 9:449 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 10. [4]
3- 3) التهذيب 5:119 الحديث 390،الاستبصار 2:223 الحديث 772،الوسائل 9:448 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 6. [5]
4- 4) سكين-بضمّ السين المهملة و فتح الكاف و سكون الياء المثنّاة من تحت و النون و زان زبير-بن عمّار ذكره النجاشيّ في ترجمة محمّد بن سكين بن عمّار النخعيّ الجمّال،روى عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا أحمد،و روى عنه أبو إسماعيل السرّاج. رجال النجاشيّ:361،تنقيح المقال 2:42، [6]معجم رجال الحديث 8:168. [7]

أفرغ من طوافي،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ما هذا؟فقلت:أصلحك اللّه رجل جاءني في حاجة،فقال لي:«مسلم هو؟»قلت:نعم،قال:«اذهب معه في حاجته»قلت له:أصلحك اللّه فاقطع الطواف؟قال:«نعم»قلت:و إن كنت في المفروض قال:«نعم،و إن كنت في المفروض»قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«من مشى مع أخيه المسلم في حاجة (1)،كتب اللّه له ألف ألف حسنة،و محا عنه ألف ألف سيّئة،و رفع له ألف ألف درجة» (2).

و عن أبان بن تغلب،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في الطواف فجاء رجل من إخواني،فسألني أن أمشي معه في حاجة،ففطن بي أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقال:«يا أبان من هذا الرجل؟»قلت:رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجة،فقال:«يا أبان اقطع طوافك و انطلق معه في حاجته» (3)فقلت:و إن كان في فريضة؟قال:«نعم،و إن كان في فريضة»فقال:«يا أبان و هل تدري ما ثواب من طاف بهذا البيت أسبوعا؟»فقلت:لا و اللّه ما أدري،قال:

«تكتب له ستّة آلاف حسنة و تمحى عنه ستّة آلاف سيّئة و ترفع له ستّة آلاف درجة»-قال (4):و روى إسحاق بن عمّار:«و تقضى له ستّة آلاف حاجة» (5)- فاقضها له»فقلت:إنّي لم أتمّ طوافي قال:«أحص ما طفت،و لقضاء حاجة مؤمن خير من طواف و طواف»حتّى عدّ عشرة أسابيع،فقلت:له جعلت فداك فريضة أو

ص:365


1- 1ع:«حاجته»كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 5:119 الحديث 391،الاستبصار 2:224 الحديث 773،الوسائل 9:450 الباب 42 من أبواب الطواف الحديث 3، [1]في التهذيب و الوسائل:و [2]يده في يدي.
3- 3) في المصادر بزيادة:«فاقضها له»فقلت:إنّي لم أتمّ طوافي،قال:«أحص ما طفت و انطلق معه في حاجته».
4- 4) القائل هو موسى بن القاسم راوى الحديث المتقدّم في التهذيب.
5- 5) التهذيب 5:120 الحديث 393،الوسائل 9:392 الباب 4 من أبواب الطواف الحديث 2. [3]

نافلة؟قال:«يا أبان إنّما يسأل اللّه تعالى عن الفرائض لا عن النوافل» (1).

و قد روى الشيخ عن جميل،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام، قال:في الرجل يطوف ثمّ تعرض له الحاجة،قال:«لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره و يقطع الطواف،و إن أراد أن يستريح و يقعد فلا بأس بذلك،فإذا رجع،بنى على طوافه،و إن كان نافلة،بنى على الشوط و الشوطين،و إن كان طواف فريضة ثمّ خرج في حاجة مع رجل،لم يبن،و لا في حاجة نفسه» (2).

قال الشيخ:هذا الحديث ليس بمناف لما تقدّم؛لأنّه إنّما قال:لا يبني،يعني على الشوط و الشوطين؛فرقا بين طواف الفريضة و طواف النافلة (3).

مسألة:و لو دخل عليه وقت فريضة و هو يطوف،قطع الطواف و ابتدأ

بالفريضة،

ثمّ عاد فيتمّ (4)طوافه من حيث قطع.و هو قول العلماء،إلاّ مالكا،فإنّه قال:يمضي في طوافه و لا يقطعه إلاّ أن يخاف أن يضرّ بوقت الصلاة (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة» (6).و الطواف صلاة،فيدخل تحت عموم الخبر.

و لأنّ وقت الحاضرة أضيق من وقت الطواف،فكانت أولى.

ص:366


1- 1التهذيب 5:120 الحديث 392،الوسائل 9:448 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 7،و [1]أورد قطعة منه في ص 392 الباب 40 الحديث 1 و 2.
2- 2) التهذيب 5:120 الحديث 394،الاستبصار 2:224 الحديث 774،الوسائل 9:449 الباب 41 من أبواب الطواف الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 5:121 ذيل الحديث 394،الاستبصار 2:225 ذيل الحديث 774.
4- 4) ج،ق و خا:فيتمّم.
5- 5) بلغة السالك 1:275،المغني 3:417،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:413.
6- 6) صحيح مسلم 1:493 الحديث 711،سنن أبي داود 2:22 الحديث 1266، [4]سنن ابن ماجة 1:364 الحديث 1151،سنن النسائيّ 2:117،سنن الدارميّ 1:337، [5]مسند أحمد 2:455 و 517 و 531، [6]سنن البيهقيّ 2:482،كنز العمّال 7:423 الحديث 19620.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن هشام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال (1):في رجل كان في طواف فريضة فأدركته صلاة فريضة،قال:«يقطع طوافه و يصلّي الفريضة ثمّ يعود فيتمّ ما بقي عليه من طوافه» (2).

و في الحسن عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كان في طواف النساء و أقيمت الصلاة،قال:«يصلّي-يعني الفريضة-فإذا فرغ بنى من حيث قطع» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يبني بعد فراغه من الفريضة و يتمّ (4)طوافه.و هو قول عامّة أهل العلم.

و قال الحسن البصريّ:يستأنف (5).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث.و لأنّه فعل مشروع في أثناء الطواف،فلم يقطعه و هو كاليسير،و هكذا البحث في صلاة الجنازة،فإنّها تقدّم.

إذا عرفت هذا:فهل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟فيه تردّد،أحوطه الثاني،و الخبر يدلّ على الأوّل (6).

مسألة:و لو كان في الطواف فخشي فوات الوتر،

قطع الطواف و أوتر ثمّ بنى على ما مضى من طوافه؛لأنّها نافلة متعلّقة بوقت،فيكون أولى من فعل ما لا يفوت وقته.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،

ص:367


1- 1خا:لا توجد كلمة:أنّه قال.
2- 2) التهذيب 5:121 الحديث 395،الوسائل 9:451 الباب 43 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:121 الحديث 396،الوسائل 9:451 الباب 42 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
4- 4) ج و ع:و يتمّم.
5- 5) المغني 3:417،الشرح الكبير بهامش المغني 3:413.
6- 6) المراد من الخبر خبر هشام.

عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يكون في الطواف و قد طاف بعضه و بقي عليه بعضه فيطلع الفجر،فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المساجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثمّ يرجع فيتمّ طوافه،أ فترى ذلك أفضل أم يتمّ الطواف ثمّ يوتر و إن أسفر بعض الإسفار؟قال:«ابدأ بالوتر و اقطع الطواف إذا خفت ذلك ثمّ أتمّ الطواف بعد» (1).

مسألة:و لو حاضت المرأة و قد طافت أربعة أشواط،قطعت الطواف و سعت،

فإذا فرغت من المناسك،أتمّت الطواف بعد طهرها،و لو كان دون ذلك،بطل الطواف،و انتظرت عرفة،فإن طهرت و تمكّنت من أفعال العمرة و الخروج إلى الموقف،فعلت،و إلاّ صارت حجّتها مفردة؛لأنّ بطواف ما زاد على النصف تكون قد أدركت معظمه فتكون في حكم المدركة له.

و يؤيّد ذلك:ما رواه إبراهيم بن إسحاق (2)عمّن سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت أربعة أشواط و هي معتمرة،ثمّ طمثت،قال:«تتمّ طوافها،و ليس عليها غيره،و متعتها تامّة،و لها أن تطوف بين الصفا و المروة؛لأنّها زادت على النصف و قد قضت متعتها،و لتستأنف بعد الحجّ،و إن هي لم تطف إلاّ ثلاثة أشواط فلتستأنف الحجّ (3)،فإن أقام بها جمّالها بعد الحجّ لتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر» (4).

ص:368


1- 1التهذيب 5:122 الحديث 397،الوسائل 9:452 الباب 44 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) إبراهيم بن إسحاق الحارثيّ،كذا عنونه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّه مجهول الحال،روى عنه في التهذيب و الفقيه،و لكن في الاستبصار عن إبراهيم بن أبي إسحاق،قال المامقانيّ:مقتضى القاعدة التعدّد،قال الأردبيليّ:الظاهر أنّ لفظ(أبي)فيه زيادة من النسّاخ بقرينة اتّحاد الخبر. رجال الطوسيّ:154،جامع الرواة 1:19، [2]تنقيح المقال 1:14. [3]
3- 3) خا و ق:«بعد الحجّ» [4]كما في الفقيه.
4- 4) الفقيه 2:241 الحديث 1155،الوسائل 9:502 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 4.و [5]روى صدره الشيخ في التهذيب 5:393 الحديث 1371 عن إبراهيم بن أبي إسحاق عن سعيد الأعرج،و بتفاوت يسير في الاستبصار 2:313 الحديث 1112 عن إسحاق بن أبي إبراهيم.

و على مضمون هذا الحديث عوّل الشيخ رحمه اللّه (1).

أمّا ابن بابويه رحمه اللّه فإنّه روى عن حريز و العلاء عن محمّد بن مسلم-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقلّ من ذلك،ثمّ رأت دما،فقال:«تحفظ مكانها،فإذا طهرت طافت منه و اعتدّت بما مضى» (2).

قال ابن بابويه:و بهذا الحديث أفتي دون الأوّل؛لأنّ الأوّل إسناده منقطع،و هذا الحديث إسناده متّصل و هو رخصة و رحمة (3).

و كلام الشيخ في هذا الباب أوجه؛لأنّه قد ثبت اعتبار مجاوزة النصف في حقّ غير الحائض باعتبار أنّه المعظم،و إذا كان هذا أصلا،فليعتمد عليه خصوصا مع الحديث الدالّ عليه بالتفصيل،و قبول الرواية التي رواها للتأويل،فإنّه من المحتمل أن يكون ذلك في طواف النافلة.

و يعضد الرواية التي رواها الشيخ:ما رواه أبو إسحاق صاحب اللؤلؤ (4)قال:

حدّثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام،يقول في المرأة المتمتّعة إذا طافت بالبيت

ص:369


1- 1التهذيب 5:393 ذيل الحديث 1371.
2- 2) الفقيه 2:241 الحديث 1153،الوسائل 9:501 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
3- 3) الفقيه 2:241 ذيل الحديث 1154.
4- 4) أبو إسحاق صاحب اللؤلؤ،كذا ذكره الشيخ في التهذيب 5:393 الحديث 1370 في باب الزيادات في فقه الحجّ و في الاستبصار 2:313 الحديث 1111 باب المرأة الحائض متى تفوت متعتها،و روى هذا الخبر بعينه في الكافي 4:449 الحديث 4 باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف و فيه: [2]إسحاق بيّاع اللؤلؤ بدل أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ،و هذا الرجل عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:حاله مجهول. رجال الطوسيّ:150،تنقيح المقال 1:112، [3]معجم رجال الحديث 3:74. [4]

أربعة أشواط ثمّ حاضت:«فمتعتها تامّة،و تقضي ما فاتها من الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة،و تخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر» (1).

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت أو بين الصفا و المروة فجازت (2)النصف،فعلّمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقيّة طوافها من الموضع الذي علّمت،و إن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف،فعليها أن تستأنف الطواف[من أوّله] (3)» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الطواف واجب.

و يدلّ عليه النّص و الإجماع،قال اللّه تعالى:

وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (5).

و قد أجمع المسلمون كافّة على أنّه واجب.

إذا ثبت هذا:فإنّه ركن من تركه عمدا،بطل حجّه،و لو تركه ناسيا،قضاه و لو بعد المناسك،فإن تعذّر العود،استناب فيه.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام، قال:سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتّى قدم بلاده و واقع النساء كيف يصنع؟قال:«يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعث به في حجّ،و إن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة،و وكّل من يطوف عنه ما ترك من طوافه» (6).

ص:370


1- 1التهذيب 5:393 الحديث 1370،الاستبصار 2:313 الحديث 1111،الوسائل 9:503 الباب 86 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) ع و خا:«فجاوزت»كما في الوسائل. [2]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) الكافي 4:448 الحديث 2، [3]التهذيب 5:395 الحديث 1377،الاستبصار 2:315 الحديث 1118، الوسائل 9:501 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 1. [4]
5- 5) الحجّ(22):29. [5]
6- 6) التهذيب 5:128 الحديث 421،الاستبصار 2:228 الحديث 788،الوسائل 9:467 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 1. [6]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا محمول على طواف النساء؛لأنّ من ترك طواف النساء ناسيا،جاز له أن يستنيب غيره مقامه في طوافه،و لا يجوز له ذلك في طواف الحجّ،بل يجب عليه إعادة الحجّ و بدنة (1)؛لما رواه عليّ بن أبي حمزة،قال:

سئل (2)عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتّى رجع إلى أهله،قال:«إذا كان على جهة الجهالة،أعاد الحجّ و عليه بدنة» (3).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة،قال:«إن كان على وجه جهالة في الحجّ، أعاد و عليه بدنة» (4).

و استدلّ الشيخ على الجمع بما رواه معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل نسي طواف النساء حتّى دخل أهله،قال:«لا يحلّ له النساء حتّى يزور البيت»و قال:«يأمر من يقضي (5)عنه إن لم يحجّ،فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره» (6).

و ما ذكره الشيخ فيه توقّف،و وجه الجمع عندي حمل الحديثين الأوّلين على من ترك الطواف عامدا جاهلا بوجوبه،فإنّه يعيد الحجّ و يكفّر.و الثاني على من تركه ناسيا،و يحمل وجوب الكفّارة على من وطئ بعد الذكر،و سيأتي تحقيق ذلك

ص:371


1- 1التهذيب 5:128 ذيل الحديث 421،الاستبصار 2:228 ذيل الحديث 788.
2- 2) ع:سألته.
3- 3) التهذيب 5:127 الحديث 419،الاستبصار 2:228 الحديث 786،الوسائل 9:466 الباب 56 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:127 الحديث 420،الاستبصار 2:228 الحديث 787،الوسائل 9:466 الباب 56 من أبواب الطواف الحديث 1 [2] في الجميع:عن عليّ بن يقطين.
5- 5) ج،ق و خا:«أن يقضى»كما في الاستبصار.
6- 6) التهذيب 5:128 الحديث 422،الاستبصار 2:228 الحديث 789،الوسائل 9:468 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 6. [3]

إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:من شكّ في عدد الطواف،فإن كان بعد فراغه،لم يلتفت إليه؛

لأنّه شكّ في واجب فات محلّه،فلا اعتبار به،كمن شكّ في عدد الركعات بعد فراغه،و إن كان في أثنائه،فإن كان شكّه في الزيادة،قطع الطواف و لا شيء عليه؛لأنّه يتيقّن الإتيان بالسبع،و يشكّ في الزائد،و الأصل عدمه،و إن كان يشكّ في النقصان،كأن يشكّ بين الستّة و السبعة،فإن كان طواف الفريضة،أعاد الطواف من أوّله؛لأنّ الزيادة و النقصان محرّمان،و مع البناء على كلّ واحد من الأقلّ و الأكثر يحصل أحد المحرّمين،فلهذا أبطلناه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت فلم يدر ستّة طاف أو سبعة طواف فريضة؟قال:

«فليعد طوافه»قيل:إنّه قد خرج،وفاته ذلك،قال:«ليس عليه شيء» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل لم يدر ستّة طاف أو سبعة؟قال:«يستقبل» (2).

و عن منصور بن حازم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي طفت فلم أدر ستّة طفت أم سبعة فطفت طوافا آخر،فقال:«هلاّ استأنفت؟»قلت:قد طفت و ذهبت قال:«ليس عليك شيء» (3).

و عن أحمد بن عمر المرهبيّ (4)،عن أبي الحسن الثاني عليه السّلام،قال:سألته

ص:372


1- 1التهذيب 5:110 الحديث 356،الوسائل 9:433 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:110 الحديث 357،الوسائل 9:434 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:110 الحديث 358،الوسائل 9:434 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]
4- 4) أحمد بن عمر المرهبيّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في باب الطواف عن موسى بن القاسم عن إسماعيل عنه عن أبي الحسن الثاني عليه السّلام و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. جامع الرواة 1:57، [4]تنقيح المقال 1:75، [5]معجم رجال الحديث 2:182. [6]

قلت:[رجل] (1)شكّ في طوافه فلم يدر ستّة طاف أو سبعة؟قال:«إن كان في فريضة،أعاد كلّ ما شكّ فيه،و إن كان في نافلة بنى على ما هو أقلّ» (2).

فروع:
الأوّل:لو شكّ فيما دون الستّة و السبعة،كان الحكم كذلك،

كمن شكّ فلم يدر طاف ثلاثة أشواط أو أربعة،أعاد في الفريضة و على هذا النهج؛لما تقدّم.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه حنّان بن سدير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما تقول في رجل طاف فأوهم قال:طفت أربعة،و قال:طفت ثلاثة؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أيّ الطوافين؟طواف نافلة أو طواف فريضة؟»ثمّ قال:«إن كان طواف فريضة،فليلق ما في يديه و ليستأنف،و إن كان طواف نافلة و استيقن الثلاث و هو في شكّ من الرابع أنّه طاف،فليبن على الثالث،فإنّه يجوز له» (3).

الثاني:لو شكّ في طواف النافلة،بنى على الأقلّ استحبابا؛

لما تقدّم في الروايات،و يجوز له البناء على الأكثر.

روى ابن بابويه عن رفاعة،عن الصادق عليه السّلام أنّه قال في رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة،قال:«طواف نافلة أو فريضة؟»قلت (4):أجبني فيهما جميعا، قال:«إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت،و إن كان طواف فريضة،فأعد الطواف،فإن طفت بالبيت طواف الفريضة و لم تدر ستّة طفت أو سبعة،فأعد

ص:373


1- 1في النسخ:و إن،مكان:رجل،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:110 الحديث 359،الوسائل 9:434 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
3- 3) الكافي 4:417 الحديث 7، [2]التهذيب 5:111 الحديث 360،الوسائل 9:434 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 7. [3]
4- 4) في الفقيه:قال،مكان:قلت.

طوافك،فإن خرجت،وفاتك ذلك،فليس عليك شيء» (1).

الثالث:يجوز للرجل أن يعوّل على غيره في تعداد الطواف،

كما يجوز في الصلاة؛لأنّه يثمر التذكّر و الظنّ مع النسيان.

روى ابن بابويه عن ابن مسكان،عن الهذيل (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يتّكل على عدد صاحبته (3)في الطواف،أ يجزئه عنها و عن الصبيّ،فقال:

«نعم،ألا ترى أنّك تأتمّ بالإمام إذا صلّيت خلفه،فهو مثله» (4).

و سأله سعيد الأعرج عن الطواف أ يكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟قال:

«نعم» (5).

مسألة:لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة،

فلو طاف ثمانية عمدا،أعاد و إن كان سهوا،استحبّ له أن يتمّم (6)أربعة عشر شوطا.

و بالجملة:القران في طواف الفريضة لا يجوز عند أكثر علمائنا (7).و كرهه

ص:374


1- 1الفقيه 2:249 الحديث 1196،الوسائل 9:434 الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 6. [1]
2- 2) الهذيل بن صدقة الأسديّ مولاهم الطحّان الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:روى عنه أبو أيّوب،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول و نقل في جامع الرواة رواية ابن مسكان و ثعلبة بن ميمون عنه. رجال الطوسيّ:331،جامع الرواة 2:311، [2]تنقيح المقال 3:291. [3]
3- 3) ع و خا:صاحبه.كما في الوسائل. [4]
4- 4) الفقيه 2:254 الحديث 1233،الوسائل 9:476 الباب 66 من أبواب الطواف الحديث 3. [5]
5- 5) الكافي 4:427 الحديث 2، [6]الفقيه 2:255 الحديث 1134،التهذيب 5:134 الحديث 440،الوسائل 9:476 الباب 66 من أبواب الطواف الحديث 1. [7]
6- 6) خا و ق:يتمّ.
7- 7) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:238،و [8]المبسوط 1:357،و [9]ابن البرّاج في المهذّب 1:232، و المحقّق الحلّيّ في المختصر النافع:93.

ابن عمر،و الحسن البصريّ،و الزهريّ (1)،و مالك (2)،و أبو حنيفة (3).

و قال عطاء و طاوس،و سعيد بن جبير (4)،و أحمد (5)،و إسحاق:

لا بأس به (6).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يفعله،فلا يجوز فعله؛لقوله عليه السّلام:

«خذوا عنّي مناسككم» (7).

و لأنّها فريضة ذات عدد،فلا يجوز الزيادة عليها،كالصلاة.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض،قال:«يعيد حتّى يستتمّه» (8).

احتجّوا:بأنّ عائشة فعلته.و لأنّه يجري مجرى الصلاة يجوز جمعها و يؤخّر ما بينها يصلّيها بعدها،كذلك هاهنا (9).

و جوابه:أنّ فعل عائشة ليس حجّة،و يحتمل أن يكون ذلك في النفل،فإنّ

ص:375


1- 1المغني 3:406،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:307، المصنّف لعبد الرزّاق 5:64 الرقم 9012.
2- 2) الموطّأ 1:367، [1]المدوّنة الكبرى 1:407،بداية المجتهد 1:355،بلغة السالك 1:271،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:307.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:47،بدائع الصنائع 2:150،151،مجمع الأنهر 1:273.
4- 4) المغني 3:406،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415.
5- 5) المغني 3:406،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415،الكافي لابن قدامة 1:588،الإنصاف 4:18.
6- 6) المغني 3:406،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415.
7- 7) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970، [2]سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [3]سنن البيهقيّ 5:125.
8- 8) التهذيب 5:111 الحديث 361،الاستبصار 2:217 الحديث 746،الوسائل 9:436 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 1. [4]
9- 9) المغني 3:406،الشرح الكبير بهامش المغني 3:415،الكافي لابن قدامة 1:588.

القران يجوز فيه على ما يأتي،و المقيس عليه أصل لنا.

و يدلّ على المنع من القران:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يطوف يقرن بين أسبوعين؟فقال:«إن شئت رويت لك عن أهل المدينة»قال:فقلت:لا و اللّه ما لي في ذلك حاجة جعلت فداك، و لكن ارو لي ما أدين اللّه عزّ و جلّ به،فقال:«لا تقرن بين أسبوعين،كلّما طفت أسبوعا فصلّ ركعتين،و أمّا أنا (1)فربّما قرنت الثلاثة و الأربعة»فنظرت إليه،فقال:

«إنّي مع هؤلاء» (2).

و عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قالا:سألناه عن قران الطواف السبوعين و الثلاثة قال:«لا إنّما هو سبوع (3)و ركعتان»و قال:«كان أبي يطوف مع محمّد بن إبراهيم (4)،فيقرن،و إنّما كان ذلك منه لحال التقيّة» (5).

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن،فقال:«لا،إلاّ أسبوع و ركعتان (6)،و إنّما قرن أبو الحسن عليه السّلام؛لأنّه كان يطوف مع محمّد بن إبراهيم لحال التقيّة» (7).

ص:376


1- 1في الاستبصار:«و أمّا النافلة»مكان:«و أمّا أنا».
2- 2) التهذيب 5:115 الحديث 374،الاستبصار 2:220 الحديث 759،الوسائل 9:441 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
3- 3) خا:«أسبوع»كما في الاستبصار.
4- 4) لم نعثر على ترجمته في الكتب الرجالية.
5- 5) التهذيب 5:115 الحديث 375،الاستبصار 2:221 الحديث 760 و فيه:سألناه عن القران في الطواف بين أسبوعين،الوسائل 9:441 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 6. [2]
6- 6) ع:«لا،أسبوع و ركعتان»و في التهذيب و الاستبصار:«لا،الأسبوع و ركعتان».
7- 7) التهذيب 5:116 الحديث 376،الاستبصار 2:221 الحديث 761،الوسائل 9:441 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 7. [3]
فروع:
الأوّل:لا بأس بالقران بين الطوافين في النافلة؛

لما رواه الشيخ-في الموثّق- عن ابن مسكان،عن زرارة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنّما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين (1)و الطوافين في الفريضة،فأمّا في النافلة فلا (2)» (3).

و عن عمر بن يزيد،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إنّما يكره القران في الفريضة،فأمّا النافلة فلا و اللّه ما به بأس» (4).

الثاني:هل القرآن في طواف الفريضة محرّم أم لا؟

قال الشيخ-رحمه اللّه-:

لا يجوز (5).و هو كما يحتمل التحريم،يحتمل الكراهية،لكنّه احتمال بعيد في الكراهية.

و قال ابن إدريس:إنّه مكروه شديد الكراهية،و قد يعبّر عن مثل هذا بقولنا:

لا يجوز (6).و كلام الشيخ في الاستبصار يعطي الكراهية (7).

الثالث:الأفضل في كلّ طواف صلاة،و القران مكروه في النافلة أيضا،

و على الخلاف في الفريضة.

الرابع:من جمع بين الأسابيع في النفل أو في الفرض على الخلاف،

يستحبّ أن ينصرف على وتر،و يكره له الانصراف على الشفع،مثلا لا ينصرف على

ص:377


1- 1في المصادر:«بين الأسبوعين».
2- 2) في المصادر:«فلا بأس».
3- 3) التهذيب 5:115 الحديث 372،الاستبصار 2:220 الحديث 757،الوسائل 9:440 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
4- 4) الكافي 4:419 الحديث 3، [2]التهذيب 5:115 الحديث 373،الاستبصار 2:220 الحديث 758، الوسائل 9:441 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 4. [3]
5- 5) النهاية:238، [4]المبسوط 1:357. [5]
6- 6) السرائر:134.
7- 7) الاستبصار 2:221 ذيل الحديث 761.

أسبوعين و لا على أربعة،بل على ثلاثة أو خمسة؛لما رواه الشيخ عن طلحة ابن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام،أنّه كان يكره أن ينصرف في الطواف إلاّ على وتر من طوافه (1).

الخامس:قد بيّنّا أنّه لا يجوز الزيادة على السبعة،

(2)

فلو طاف ثمانية أشواط عامدا،أعاد،و إن كان ناسيا،استحبّ له أن يتمّها أربعة عشر شوطا؛لما روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية،قال:«يضيف إليها ستّة» (3).

و عن رفاعة،قال:كان عليّ عليه السّلام يقول:«إذا طاف ثمانية فليتمّ أربعة عشر»قلت:يصلّي أربع ركعات؟قال:«يصلّي ركعتين» (4).

و إنّما قلنا بالتمام مع السهو دون العمد مع إطلاق هذين الحديثين؛لرواية أبي بصير الدالّة على وجوب الإعادة (5).

و يدلّ على التفصيل:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«من طاف بالبيت فوهم حتّى يدخل في الثامن،فليتمّ أربعة عشر شوطا،ثم ليصلّ ركعتين» (6).

ص:378


1- 1التهذيب 5:116 الحديث 377،الوسائل 9:443 الباب 37 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 374. [2]
3- 3) التهذيب 5:111 الحديث 362،الاستبصار 2:218 الحديث 748،الوسائل 9:437 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 8. [3]
4- 4) التهذيب 5:112 الحديث 363،الاستبصار 2:218 الحديث 749،الوسائل 9:437 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 9. [4]
5- 5) التهذيب 5:111 الحديث 361،الاستبصار 2:211 الحديث 746،الوسائل 9:436 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 5:112 الحديث 364،الاستبصار 2:218 الحديث 750،الوسائل 9:437 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 5. [6]

فالتقييد بالوهم هنا يقتضي حمل إطلاق الروايتين عليه،خصوصا مع رواية أبي بصير الدالّة على وجوب الإعادة،و لا يجوز حملها على النسيان،و لا حمل المطلقين على العمد؛للتنافي،و لا وجه للجمع إلاّ ما ذكرناه.

السادس:إذا أكملها أربعة عشر شوطا،صلّى ركعتي طواف الفريضة و سعى،

ثمّ عاد إلى المقام و صلّى ركعتي النفل؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إنّ عليّا عليه السّلام طاف طواف الفريضة ثمانية،فترك سبعة و بنى على واحدة و أضاف إليها (1)ستّا ثمّ صلّى الركعتين خلف المقام،ثمّ خرج إلى الصفا و المروة،فلمّا فرغ من السعي بينهما،رجع فصلّى ركعتين (2)للذي ترك في المقام الأوّل» (3).

السابع:لو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنّه قد طاف سبعا،

فليقطع الطواف و لا شيء عليه؛لأنّه أتى بالواجب،و إن لم يذكر حتّى يجوزه،تمّم أربعة عشر شوطا؛لما رواه الشيخ عن أبي كهمس،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط،قال:«إن (4)ذكر قبل أن يأتي الركن،فليقطعه و قد أجزأ عنه،و إن (5)لم يذكر حتّى يبلغه،فليتمّ أربعة عشر شوطا،و ليصلّ أربع ركعات» (6).

الثامن:لو شكّ هل طاف سبعة أو ثمانية،قطع و لا شيء عليه؛

لأنّه يتيقّن

ص:379


1- 1ج،ق و خا:«إليه»كما في الاستبصار و الوسائل. [1]
2- 2) ع:«الركعتين»كما في الاستبصار و الوسائل. [2]
3- 3) التهذيب 5:112 الحديث 366،الاستبصار 2:218 الحديث 752،الوسائل 9:437 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 7. [3]
4- 4) في التهذيب و الاستبصار:بزيادة:«كان».
5- 5) كثير من النسخ:«فإن»كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 5:113 الحديث 367،الاستبصار 2:219 الحديث 753،الوسائل 9:437 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 3 [4] فيه صدر الحديث.

حصول السبع.رواه الشيخ عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

رجل طاف فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية؟قال:«يصلّي ركعتين» (1).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية؟ فقال:«أمّا السبع (2)فقد استيقن،و إنّما وقع وهمه على الثامن،فليصلّ ركعتين» (3).

التاسع:لو شكّ فلم يدر ستّة طاف أو سبعة أو ثمانية،

فإن كان طواف الفريضة أعاد؛لأنّه لم يتيقّن حصول السبعة.

و يدلّ عليه:ما تقدّم (4).و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت:رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستّة طاف أم سبعة أم ثمانية؟قال:«يعيد طوافه حتّى يحفظ»قلت:فإنّه طاف و هو متطوّع ثماني مرّات و هو ناس،قال:«فليتمّه طوافين و يصلّي أربع ركعات،فأمّا (5)الفريضة فليعد حتّى يتمّ سبعة أشواط» (6).

العاشر:لو طاف أقلّ من سبعة ناسيا،عاد و تمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة

أشواط،

و إن كان قد طاف دونها،أعاد من أوّله،و لو لم يذكر حتّى رجع إلى أهله، أمر من يطوف عنه سبعة أشواط إن كان قد طاف أقلّ،أو التتمّة إن كان قد تجاوز النصف.

ص:380


1- 1التهذيب 5:113 الحديث 368،الاستبصار 2:219 الحديث 754،الوسائل 9:440 الباب 35 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل:« [2]أمّا السبعة».
3- 3) التهذيب 5:114 الحديث 370،الاستبصار 2:220 الحديث 756،الوسائل 9:439 الباب 35 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) يراجع:ص 372. [4]
5- 5) ع،ق و خا:«و أمّا».
6- 6) التهذيب 5:114 الحديث 371،الوسائل 9:435 [5] الباب 33 من أبواب الطواف الحديث 11 و ص 436 الباب 34 الحديث 2.

و كذا لو أحدث في أثناء طواف الفريضة،فإن كان قد جاز (1)النصف،تطهّر و بنى،و إن لم يبلغه،استأنف؛لما رواه الشيخ عن جميل،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه،قال:

«يخرج و يتوضّأ،فإن كان قد جاز النصف بنى على طوافه،و إن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف» (2).و كذا البحث لو قطع الطواف لقضاء حاجة أو دخول البيت أو غير ذلك،و قد تقدّم بيانه فيما مضى (3).

الحادي عشر:قد بيّنّا أنّه يجوز للرجل أن يعوّل على غيره في تعداد طوافه ،

(4)

فإن حصل الشكّ لهم،كان حكمهم ما تقدّم من الإعادة إن كان الشكّ في النقصان، و إلاّ فلا.

يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن صفوان قال:سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف،فقال واحد منهم:احفظوا (5)الطواف،فلمّا ظنّوا أنّهم قد فرغوا قال واحد منهم:معي ستّة أشواط،قال:«إن شكّوا كلّهم،فليستأنفوا،و إن لم يشكّوا و علم كلّ واحد منهم ما في يديه،فليبنوا» (6).

مسألة:قد بيّنّا أنّ طهارة الحدث و الخبث شرط في الطواف فلو طاف و هو

محدث عامدا،لم يصحّ طوافه،

(7)

و كذا لو كان ناسيا،أمّا لو طاف و على ثوبه نجاسة عامدا فإنّه يعيد،و لو كان ناسيا و ذكر في أثناء الطواف،قطعه و أزال النجاسة أو

ص:381


1- 1ع:قد تجاوز،خا:قد جاوز.
2- 2) التهذيب 5:118 الحديث 384،الوسائل 9:446 الباب 40 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) يراجع:ص 362. [2]
4- 4) يراجع:ص 374. [3]
5- 5) ج،ع،ق و خا:تحفّظوا.
6- 6) التهذيب 5:134 الحديث 441 و ص 469 الحديث 1645،الوسائل 9:476 الباب 66 من أبواب الطواف الحديث 2. [4]
7- 7) يراجع:ص 313 و 315. [5]

نزع الثوب و تمّم طوافه،و إن لم يذكر حتّى يفرغ منه،نزع الثوب أو غسله و صلّى الركعتين.

روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يرى في ثوبه الدم و هو في الطواف،قال:«ينظر الموضع الذي يرى (1)فيه الدم، فيعرفه ثمّ يخرج فيغسله ثمّ يعود فيتمّ طوافه» (2).

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابنا (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:رجل في ثوبه دم ممّا لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه،فقال:«أجزأه الطواف فيه،ثمّ ينزعه و يصلّي في ثوب طاهر» (4).

أمّا طواف النفل،فإنّه يجوز من غير طهارة الحدث و إن كان الأفضل الطهارة فيه.

فرع:

لو تحلّل من إحرام العمرة،ثم أحرم بالحجّ و طاف و سعى له،

ثمّ ذكر أنّه طاف محدثا أحد الطوافين و لم يعلم هل هو طواف العمرة المتمتّع بها أو طواف الحجّ؟ قيل:إنّه يطوف للحجّ و يسعى له،ثمّ يعتمر بعد ذلك عمرة مفردة،و تصير حجّة مفردة؛لأنّه يحتمل أن يكون في طواف العمرة فيبطل و قد فات وقتها،و أن يكون للحجّ فيعيد،فلهذا أوجبنا إعادة طواف الحجّ و سعيه و الإتيان بعمرة مفردة بعد

ص:382


1- 1في المصادر:رأى.
2- 2) التهذيب 5:126 الحديث 415،الوسائل 9:462 الباب 52 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
3- 3) في المصادر:عن بعض أصحابه.
4- 4) التهذيب 5:126 الحديث 416،الوسائل 9:462 الباب 52 من أبواب الطواف الحديث 3.و [2]رواه في الفقيه 2:308 الحديث 1532 مرسلا.

الحجّ؛لبطلان عمرته،هكذا قاله بعض الجمهور (1).

و الوجه أنّه يعيد الطوافين؛لأنّ العمرة لا تبطل بفوات الطواف.

مسألة:المريض لا يسقط عنه الطواف،فإن كان ممّا يستمسك معه الطهارة،

طيف به،و إن لم يستمسك معه الطهارة،انتظر به يوم أو يومان،فإن برأ،طاف بنفسه،و إلاّ طيف عنه.

رواه الشيخ عن الربيع بن خيثم (2)،قال:شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض،و كان (3)كلّما بلغ الركن اليمانيّ أمرهم فوضعوه على الأرض،فأدخل يده في كوّة المحمل حتّى يجرّها على الأرض ثمّ يقول:«ارفعوني ارفعوني»فلمّا فعل ذلك مرارا في كلّ شوط، قلت (4):جعلت فداك يا ابن رسول اللّه هذا (5)يشقّ عليك،فقال:«إنّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ (6)»فقلت:منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال:«الكلّ» (7).

ص:383


1- 1المغني 3:399،الشرح الكبير بهامش المغني 3:410.
2- 2) الربيع بن خيثم كذا في الكافي 4:422 باب طواف المريض الحديث 1،و [1]في الفقيه 2:251 الحديث 1212،و في التهذيب 5:122 الحديث 398،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و روى عنه محمّد بن الفضيل،و عنونه الأردبيليّ و المامقانيّ بعنوان:الربيع بن خثيم،و عنونه السيّد الخوئيّ هكذا:«الربيع بن خثيم(خيثم).قال المامقانيّ و السيّد الخوئيّ:و ليس هذا هو الربيع بن خثيم الذي كان أحد الزهّاد الثمانية:لأنّه من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام،و قد مات قبل السبعين و لم يدرك زمان الصادق عليه السّلام و احتمال إرادة الحسين الشهيد عليه السّلام من أبي عبد اللّه ليكون الربيع هو ذاك بعيد جدّا. جامع الرواة 1:316، [2]تنقيح المقال 1:426، [3]معجم رجال الحديث 7:171. [4]
3- 3) ع:فكان،كما في المصادر.
4- 4) كثير من النسخ:فقلت.
5- 5) في المصادر:إنّ هذا.
6- 6) الحجّ(22):28. [5]
7- 7) التهذيب 5:122 الحديث 398،الوسائل 9:456 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 8. [6]

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة؟قال:«لا،و لكن يطاف به» (1).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف به» (2).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المريض يقدم مكّة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت و لا بين الصفا و المروة، فقال:«يطاف به محمولا يخطّ الأرض برجليه حتّى تمسّ الأرض قدميه في الطواف ثمّ يوقف به في أصل الصفا و المروة إذا كان معتلاّ» (3).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يطاف به و يرمى عنه؟قال:«نعم،إذا كان لا يستطيع» (4).

قال الشيخ:و لا ينافي هذه الأخبار،ما رواه حريز بن عبد اللّه-في الصحيح- عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه» (5).

لأنّه محمول على المبطون الذي لا يستمسك طهارته،فلا يؤمن منه الحدث في كلّ حال؛لحديث إسحاق بن عمّار.

ص:384


1- 1الكافي 4:422 الحديث 3، [1]الفقيه 2:252 الحديث 1213،التهذيب 5:123 الحديث 399، الاستبصار 2:225 الحديث 775،الوسائل 9:456 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 7. [2]
2- 2) التهذيب 5:123 الحديث 400،الاستبصار 2:225 الحديث 776،الوسائل 9:455 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:123 الحديث 401،الاستبصار 2:225 الحديث 777،الوسائل 9:455 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 2. [4]
4- 4) التهذيب 5:123 الحديث 402،الاستبصار 2:225 الحديث 778،الوسائل 9:455 [5] الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 3 و ج 10:84 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 10.
5- 5) التهذيب 5:123 الحديث 403،الاستبصار 2:226 الحديث 779.

و لا نعلم خلافا في أنّ المريض يطاف به إذا استمسك الطهارة.

روى الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طاف في حجّة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن (1). (2)

و عن أمّ سلمة،قالت:شكوت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّي أشتكي، فقال:«طوفي من وراء النّاس و أنت راكبة» (3).

و رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام،يقول:«حدّثني أبي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طاف على راحلته و استلم الحجر بمحجنه و سعى عليها بين الصفا و المروة» (4).

مسألة:و لو كان المريض لا يستمسك الطهارة،طيف عنه مع ضيق الوقت،

و ينتظر به مع السعة،

فإن برأ و إلاّ طيف عنه؛للضرورة.

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمى عنهما» (5).

و عن حبيب الخثعميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يطاف عن المبطون و الكسير» (6).

ص:385


1- 1المحجن-و زان مقود-:عصا معقّفة الرأس كالصولجان:النهاية لابن الأثير 1:347. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:185،186،صحيح مسلم 2:926 الحديث 1372،سنن أبي داود 2:176 الحديث 1877، [2]سنن النسائيّ 5:233،سنن البيهقيّ 5:99.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:190،صحيح مسلم 2:927 الحديث 1276،سنن أبي داود 2:177 الحديث 1882، [3]سنن النسائيّ 5:223،سنن البيهقيّ 5:101.
4- 4) الفقيه 2:251 الحديث 1209،الوسائل 9:492 الباب 81 من أبواب الطواف الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 5:124 الحديث 404،الاستبصار 2:226 الحديث 780،الوسائل 9:458 الباب 49 من أبواب الطواف الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 5:124 الحديث 405،الاستبصار 2:226 الحديث 781،الوسائل 9:459 الباب 49 من أبواب الطواف الحديث 5. [6]

و يدلّ على انتظار البرء:ما رواه الشيخ عن يونس بن عبد الرحمن البجليّ، قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام أو كتبت إليه عن سعيد بن يسار أنّه سقط من جمله فلا يستمسك بطنه أطوف عنه و أسعى؟قال:«لا،و لكن دعه،فإن برأ،قضى هو،و إلاّ فاقض أنت عنه» (1).

أمّا الكسير فإن استمسك الطهارة،طيف به،و إلاّ طيف عنه؛لما تقدّم (2).

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الكسير يحمل فيطاف به،و المبطون يرمي و يطاف عنه و يصلّى عنه» (3).

فرع:

لو طاف بعض طوافه فاعتلّ علّة لا يتمكّن معها من إتمام الطواف،انتظر به يوم

أو يومان،

فإن برأ،أتمّ طوافه إن كان قد تجاوز النصف و إلاّ أعاده،و إن لم يبرأ، طيف به أسبوعا إن كان قد طاف أقلّ من النصف،و إلاّ طيف به التمام لما تقدّم (4).

و لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت بعض طوافه طواف الفريضة،ثمّ اعتلّ علّة لا يقدر معها على إتمام (5)طوافه،قال:«إذا طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط و قد تمّ طوافه،و إن كان طاف ثلاثة أشواط و كان لا يقدر على التمام،فإنّ هذا ممّا

ص:386


1- 1التهذيب 5:124 الحديث 406،الاستبصار 2:226 الحديث 782،الوسائل 9:453 الباب 45 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
2- 2) يراجع:ص 383. [2]
3- 3) التهذيب 5:125 الحديث 409،الوسائل 9:459 الباب 49 من أبواب الطواف الحديث 6. [3]
4- 4) يراجع:ص 383. [4]
5- 5) ج:تمام،كما في التهذيب و الاستبصار.

غلب اللّه عليه،فلا بأس أن يؤخّره يوما أو يومين،فإن كانت العافية و قدر على الطواف،طاف أسبوعا،و إن طالت علّته،أمر من يطوف عنه أسبوعا و يصلّى عنه و قد خرج من إحرامه،و في رمي الجمار مثل ذلك» (1).

و في رواية محمّد بن يعقوب:«و يصلّي هو» (2).

و قال الشيخ:و المعنيّ به ما ذكرناه من أنّه متى استمسك طهارته،صلّى هو بنفسه،و متى لم يقدر على استمساكها طيف عنه و صلّى عنه (3).

مسألة:إذا حمل محرم محرما فطاف به و نوى كلّ واحد منهما الطواف،أجزأ

عنهما.

و به قال أبو حنيفة (4)،و للشافعيّ قولان:

أحدهما:أنّه يجزئ عن المحمول.

و الثاني:أنّه يجزئ عن الحامل دون المحمول (5).

لنا:أنّ الحامل قد حصل منه الطواف،و المحمول أيضا قد حصل طائفا حول البيت،فيجزئه،و كونه على ظهر غيره لا يمنع صحّة طوافه،كما لو طاف راكبا.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرأة تطوف بالصبيّ و تسعى به،هل يجزئ ذلك عنها و عن الصبيّ؟فقال:«نعم» (6).

و عن الهيثم بن عروة التميميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:إنّي

ص:387


1- 1التهذيب 5:124 الحديث 407،الاستبصار 2:226 الحديث 783،الوسائل 9:453 الباب 45 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 4:414 الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:125.
4- 4) حلية العلماء 3:328،المغني 3:211،الشرح الكبير بهامش المغني 3:406،المجموع 8:61.
5- 5) حلية العلماء 3:328،المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:28 و 61،فتح العزيز بهامش المجموع 7:341،مغني المحتاج 1:492،المغني 3:211،الشرح الكبير بهامش المغني 3:406.
6- 6) التهذيب 5:125 الحديث 411،الوسائل 9:460 الباب 50 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]

حملت امرأتي ثمّ طفت بها و كانت مريضة و قلت له:إنّي طفت بها بالبيت في طواف الفريضة و بالصفا و المروة و احتسبت بذلك لنفسي،فهل يجزئني؟فقال:

«نعم» (1).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه فعل واحد،فإذا وقع عن الفاعل للطواف-أعني الحامل- لم يقع عن المحمول؛لأنّ الفعل الواحد لا يقع عن اثنين (2).

و الجواب:لا نسلّم اتّحاد الفعل هنا؛لأنّ اختلاف الأوضاع و السبب و تغاير الأمكنة حاصل لكلّ واحد منهما لكن لأحدهما بالذات و للآخر بالعرض،و الأوّل غير مشترط؛لأنّه وافقنا على جواز طواف الراكب.

و ينتقض أيضا بالواقف بعرفة إذا حمل غيره،فإنّه وافقنا على جوازه أيضا.

مسألة:و يستحبّ الدعاء في الطواف بما تقدّم ،

(3)

و يجوز الكلام فيه بالمباح.

و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الطواف بالبيت صلاة إلاّ أنّكم تتكلّمون فيه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الكلام في الطواف،و إنشاد الشعر،و الضحك في الفريضة أو غير الفريضة أ يستقيم ذلك؟قال:«لا بأس به،و الشعر ما كان

ص:388


1- 1التهذيب 5:125 الحديث 410،الوسائل 9:460 الباب 50 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:222،المجموع 8:28،فتح العزيز بهامش المجموع 7:341،المغني 3:211، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:406. [3]
3- 3) يراجع:ص 346. [4]
4- 4) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960، [5]سنن النسائيّ 5:222،سنن الدارميّ 2:44، [6]مسند أحمد 3:414 و ج 4:64 و ج 5:377،المستدرك للحاكم 1:459 و ج 2:267،سنن البيهقيّ 5:85،87، المسند لأبي يعلى 4:467 الحديث 2599،جامع الأصول 4:29 الحديث 1466.في بعض المصادر بتفاوت يسير.

لا بأس به منه» (1).

و لأنّ الأصل إباحة الكلام،فيبقى الحكم عليه ما لم يظهر مناف.

فروع:
الأوّل:قراءة القرآن في الطواف مستحبّة غير مكروهة،

قاله:علماؤنا،و به قال عطاء،و مجاهد،و الثوريّ،و ابن المبارك (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور (4)، و أصحاب الرأي (5).

و روي عن عروة،و الحسن (6)،و مالك:أنّها مكروهة (7).و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة روت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في طوافه: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ (9)» (10)،

ص:389


1- 1التهذيب 5:127 الحديث 418،الاستبصار 2:227 الحديث 784،الوسائل 9:464 الباب 54 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 3:397،الشرح الكبير بهامش المغني 3:401،المجموع 8:59.
3- 3) الأمّ 2:173،حلية العلماء 3:332،المجموع 8:44، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:324، [3]مغني المحتاج 1:489،السراج الوهّاج:160.
4- 4) المغني 3:397،الشرح الكبير بهامش المغني 3:401،المجموع 8:59. [4]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:48،بدائع الصنائع 2:131.
6- 6) المغني 3:297، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:401، [6]المجموع 8:59.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:406،حلية العلماء 3:332،المجموع 8:59،المغني 3:397،الشرح الكبير بهامش المغني 3:401.
8- 8) المغني 3:397، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 3:401، [8]الإنصاف 4:11،المجموع 8:59. [9]
9- 9) البقرة(2):201. [10]
10- 10) أورده ابنا قدامة في المغني 3:398،و [11]الشرح الكبير بهامش المغني 3:401،و [12]عن عطاء بن السائب رواه أبو داود في سننه 2:179 الحديث 1892،و [13]سنن البيهقيّ 5:84.

و هو من القرآن.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن فضيل أنّه سأل محمّد بن عليّ الرضا عليهما السّلام،فقال له:سعيت شوطا ثمّ طلع الفجر،فقال:«صلّ ثمّ عد فأتمّ سعيك،و طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلّم فيه إلاّ بالدعاء و ذكر اللّه و قراءة القرآن»قال:و النافلة يلقى الرجل أخاه فيسلّم عليه و يحدّثه بالشيء من أمر الآخرة و الدنيا،[قال] (1):«لا بأس به» (2).

و لأنّ الطواف كالصلاة،و أفضل الذكر في الصلاة القرآن،و هو أعلى الأذكار، فكان أولى من غيره.

قال ابن المنذر:وافقنا مالك في أنّه يقول: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ .و هي من القرآن (3).

الثاني:الكلام المباح مباح في الطواف؛

لما تقدّم من الأحاديث (4).

الثالث:يستحبّ الإكثار من ذكر اللّه تعالى في الطواف؛

لأنّه مستحبّ في جميع الأحوال ففي حال تلبّسه بهذه العبادة أولى.

و يستحبّ أن يترك الحديث إلاّ بالذكر و قراءة القرآن،و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر و ما لا بدّ منه؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الطواف بالبيت صلاة،فمن تكلّم فلا يتكلّم إلاّ بخير» (5).

ص:390


1- 1أثبتناها من التهذيب و الاستبصار.
2- 2) التهذيب 5:127،الاستبصار 2:227 الحديث 785،الوسائل 9:465 الباب 54 من أبواب الطواف الحديث 2 [1] فيه:«و تلاوة القرآن»و ص 534 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 3.
3- 3) المجموع 8:59، [2]قال فيه باستحباب قراءة القرآن في الطواف.
4- 4) يراجع:ص 388.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960، [3]سنن النسائيّ 5:222،سنن الدارميّ 2:44،مسند أحمد 3: 414 و ج 4:64 و ج 5:377،المستدرك للحاكم 1:459 و ج 2:267،سنن البيهقيّ 5:85 و 87، المسند لأبي يعلى 4:467 الحديث 2599،جامع الأصول 4:29 الحديث 1466 في بعض المصادر بتفاوت يسير.
الرابع:يجوز له الشرب في الطواف،و لا أعلم أحدا منع منه.

و روى الجمهور،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرب في الطواف (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:هل نشرب و نحن في الطواف؟قال:«نعم» (2).

الخامس:قال الشيخ في الخلاف:الأفضل أن يقول:طواف و طوافين و ثلاثة

أطواف،

و إن قال:شوطا و شوطين و ثلاثة أشواط،جاز (3).

و قال الشافعيّ:أكره ذكر الشوط.و به قال مجاهد (4).

احتجّ الشيخ:بإجماع الفرقة،و بأنّ الأصل الإباحة و عدم الكراهية.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز الطواف و على الطائف برطلّة

(5)

و أطلق (6).

و قال ابن إدريس:إنّه مكروه في طواف الحجّ محرّم في طواف العمرة؛نظرا إلى تحريم تغطية الرأس في طواف العمرة دون طواف الحجّ (7).

و قال الشيخ في التهذيب:يكره للرجل أن يطوف و عليه برطلّة (8).و استدلّ بما

ص:391


1- 1المستدرك للحاكم 1:460،سنن البيهقيّ 5:85،الدرّ المنثور 4:358. [1]
2- 2) التهذيب 5:135 الحديث 444،الوسائل 9:477 الباب 69 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
3- 3) الخلاف 1:446 مسألة-128.
4- 4) الأمّ 2:176،المجموع 8:55.
5- 5) البرطل-بالضمّ-:قلنسوة،و ربما تشدّد و يقال:البرطلّة.لسان العرب 11:51. [3]
6- 6) النهاية:242،المبسوط 1:359. [4]
7- 7) السرائر:135.
8- 8) التهذيب 5:134.

رواه زياد بن يحيى الحنظليّ (1)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تطوفنّ بالبيت و عليك برطلّة» (2).

و عن يزيد بن خليفة،قال:رآني أبو عبد اللّه عليه السّلام أطوف حول الكعبة و عليّ برطلّة،فقال لي بعد ذلك:«قد رأيتك تطوف حول الكعبة و عليك برطلّة، لا تلبسها حول الكعبة،فإنّها من زيّ اليهود» (3).و قول ابن إدريس جيّد.

مسألة:من نذر أن يطوف على أربع،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكون عليه

طوافان:أسبوع ليديه،و أسبوع لرجليه .

(4)

و قال ابن إدريس:لا ينعقد نذره؛لأنّه غير مشروع،فلا ينعقد؛لأنّ انعقاده يحتاج إلى شرع (5).

احتجّ الشيخ:بما رواه السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع،قال:تطوف أسبوعا ليديها و أسبوعا لرجليها» (6).

ص:392


1- 1زياد بن يحيى التميميّ الحنظليّ،قال السيّد الخوئيّ:و الظاهر اتّحاده مع زياد بن يحيى الكوفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام لعدم العثور عليه بهذا العنوان في سند الروايات و إنّما الموجود:زياد بن يحيى الحنظليّ،و قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكن حاله مجهول. رجال الطوسيّ:197،تنقيح المقال 1:460، [1]معجم رجال الحديث 7:328. [2]
2- 2) التهذيب 5:134 الحديث 442،الوسائل 9:477 الباب 67 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) الفقيه 2:255 الحديث 1235 لا يوجد فيه قوله:«قد رأيتك...»،التهذيب 5:134 الحديث 443، الوسائل 9:477 الباب 67 من أبواب الطواف الحديث 2. [4]
4- 4) النهاية:242، [5]المبسوط 1:360، [6]التهذيب 5:135.
5- 5) السرائر:135.
6- 6) التهذيب 5:135 الحديث 446،الوسائل 9:478 الباب 70 من أبواب الطواف الحديث 1. [7]

و عن أبي الجهم (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السّلام أنّه قال في امرأة نذرت أن تطوف على أربع،قال:«تطوف أسبوعا ليديها و أسبوعا لرجليها» (2).

و مع سلامة هذين الحديثين من الطعن في السند ينبغي الاقتصار على موردهما، و هو المرأة،و لا يتعدّى إلى الرجل.

و قول ابن إدريس:إنّه نذر في غير مشروع،ممنوع؛إذ الطواف عبادة يصحّ نذرها،نعم الكيفيّة غير مشروعة،و لا نسلّم أنّه يبطل نذر الفعل عند بطلان نذر الصفة.

و بالجملة:فالذي ينبغي الاعتماد عليه،بطلان النذر في حقّ الرجل،و التوقّف في حقّ المرأة،فإن صحّ سند هذين الخبرين عمل بموجبهما،و إلاّ بطل،كالرجل.

مسألة:طواف الحجّ ركن فيه،و هو واجب.اتّفق عليه علماء الإسلام،قال اللّه تعالى: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (3).

قال ابن عبد البرّ:أجمع العلماء على أنّ هذه الآية فيه (4).و عن عائشة،قالت:

حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفضنا يوم النحر،فحاضت صفيّة،فأراد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما يريد الرجل من أهله،فقلت:يا رسول اللّه إنّها حائض قال:«أ حابستنا هي؟»قالوا:يا رسول اللّه إنّها قد أفاضت يوم النحر،قال:

ص:393


1- 1ثوير بن أبي فاختة،أبو جهم الكوفيّ،و اسم أبي فاختة سعيد بن علاقة،عدّة الشيخ في رجاله من أصحاب السّجاد عليه السّلام قائلا:ثوير بن أبي فاختة سعيد بن جهمان مولى أمّ هانئ تابعيّ،و أخرى من أصحاب الباقر عليه السّلام مثل ذلك بحذف كلمة تابعيّ،و ثالثة من أصحاب الصادق عليه السّلام بقوله: ثوير بن أبي فاختة سعيد بن جهمان الهاشميّ مولى أمّ هانئ كوفيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.رجال النجاشيّ:118،رجال الطوسيّ:85،111،161،رجال العلاّمة:30. [1]
2- 2) التهذيب 5:135 الحديث 447،الوسائل 9:478 الباب 70 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
3- 3) الحجّ(22):29. [3]
4- 4) المغني 3:473،الشرح الكبير بهامش المغني 3:475.

«اخرجوا» (1).

فدلّ على وجوب الطواف،و أنّه حابس لمن لم يأت به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«على المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت، و سعيان بين الصفا و المروة،فعليه إذا قدم مكّة طواف بالبيت،و ركعتان عند مقام إبراهيم عليه السّلام» (2).

و كذا في حديث ابن مسكان عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«على المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثلاثة أطواف،و يصلّي لكلّ طواف ركعتين،و سعيان بين الصفا و المروة» (4).و لا نعلم خلافا في وجوبه.

و لأنّه أحد النسكين،فكان الطواف فيه ركنا،كالعمرة.

إذا ثبت هذا:فإن أخلّ به عامدا،بطل حجّه،و إن أخلّ به ناسيا،وجب عليه أن يعود و يقضيه،فإن لم يتمكّن،استناب فيه.

و قال الشافعيّ:إن كان قد طاف طواف الوداع،أجزأ عنه،و إلاّ وجب عليه الرجوع،و لا يحلّ له النساء حتّى يطوف و إن طال زمانه و خرج وقته (5).

لنا:أنّ طواف الوداع نفل،فلا يجزئ عنه.

ص:394


1- 1صحيح البخاريّ 2:214،صحيح مسلم 2:964 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:208 الحديث 2003، [1]سنن ابن ماجة 2:1021 الحديث 3072،الموطّأ 1:412 الحديث 225، [2]سنن الدارميّ 2:68، سنن البيهقيّ 5:146.
2- 2) التهذيب 5:35 الحديث 104،الوسائل 8:155 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 8. [3]
3- 3) التهذيب 5:35 الحديث 105،الوسائل 8:156 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 11. [4]
4- 4) التهذيب 5:36 الحديث 106،الوسائل 8:156 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9. [5]
5- 5) الأمّ 2:180،المجموع 8:220،فتح العزيز بهامش المجموع 7:381 و 382.

و يدلّ على حكم الناسي:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتّى يرجع إلى أهله،قال:«إذا كان على جهة الجهالة،أعاد الحجّ و عليه بدنة» (1).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة،قال:«إن كان على وجه (2)الجهالة في الحجّ،أعاد و عليه بدنه» (3).

إذا ثبت هذا:فالشيخ-رحمه اللّه-أوجب عليه بدنة مع إعادة الحجّ (4).و توقّف ابن إدريس في إيجاب البدنة (5).و العمل على الرواية أولى.

إذا عرفت هذا:فلو نسي طواف النساء،لم تحلّ له النساء حتّى يزور البيت و يأتي به،و يجوز له أن يستنيب عنه (6)؛لما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل نسي طواف النساء حتّى دخل أهله،قال:«لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت»و قال:«يأمر أن (7)يقضى عنه إن لم يحجّ،فإن توفّي قبل أن يطاف عنه،فليقض عنه وليّه أو غيره» (8).

ص:395


1- 1التهذيب 5:127 الحديث 419،الاستبصار 2:228 الحديث 786،الوسائل 9:466 الباب 56 من أبواب الطواف الحديث 2 [1] فيه:«على وجه الجهالة».
2- 2) ع:«جهة»كما في الاستبصار.
3- 3) التهذيب 5:127 الحديث 420،الاستبصار 2:228 الحديث 787،الوسائل 9:466 الباب 56 من أبواب الطواف الحديث 1 و [2]في الجميع:عن عليّ بن يقطين،و قد تقدّم الحديث في ص 373.
4- 4) النهاية:240،المبسوط 1:359.
5- 5) السرائر:135.
6- 6) ع و ح:فيه،مكان:عنه.
7- 7) في التهذيب و الوسائل:« [3]من»مكان:«أن».
8- 8) التهذيب 5:128 الحديث 422،الاستبصار 2:228 الحديث 789،الوسائل 9:468 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 6. [4]

و على هذه الرواية حمل الشيخ-رحمه اللّه-رواية عليّ بن جعفر،عن أخيه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتّى قدم بلاده و واقع النساء كيف يصنع؟قال:«يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعث به في حجّ،و إن كان تركه في عمرة يبعث به في عمرة،و و كلّ من يطوف عنه ما ترك من طوافه» (1).

و يجوز أن يحمل عندي على تارك طواف الزيارة إذا لم يتمكّن من العود.

ص:396


1- 1التهذيب 5:128 الحديث 421،الاستبصار 2:228 الحديث 788،الوسائل 9:467 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]فيه:«يبعث به...».
الفصل الرابع
اشارة

في السعي و التقصير،

و مباحثه أربعة:

الأوّل:في المقدّمات
اشارة

و هي عشرة مندوبة كلّها:الطهارة؛إذ ليست واجبة في السعى و إن كانت مستحبّة فيه.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول عامّة أهل العلم.

و قال أحمد في إحدى الروايتين:إنّها شرط (1).و كان الحسن يقول:إن ذكر قبل أن يحلّ،فليعد الطواف بين الصفا و المروة،و إن ذكر بعد ما حلّ،فلا شيء عليه (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعائشة حين حاضت:«اقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت» (3).

ص:397


1- 1المغني 3:416،الشرح الكبير بهامش المغني 3:421،الكافي لابن قدامة 1:592،الإنصاف 4:21.
2- 2) المغني 3:416،الشرح الكبير بهامش المغني 3:421،المجموع 8:79.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:81،84 و ج 2:195 و ج 7:129،132،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211، سنن أبي داود 2:153 الحديث 1782 و ص 155 الحديث 1786، [1]سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،سنن النسائيّ 1:153،180 و ج 5:156،الموطّأ 1:411 الحديث 224، [2]سنن الدارميّ 2: 44، [3]مسند أحمد 6:39،219،273. [4]

و عن عائشة و أمّ سلمة قالتا:إذا طافت المرأة بالبيت و صلّت ركعتين ثمّ حاضت،فلتطف بين الصفا و المروة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يسعى بين الصفا و المروة على غير وضوء، فقال:«لا بأس» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف،فإنّ فيه صلاة و الوضوء أفضل» (3).

و في الصحيح عن رفاعة بن موسى،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أشهد شيئا من المناسك و أنا على غير وضوء؟قال:«نعم،إلاّ الطواف بالبيت،فإنّ فيه صلاة» (4).

و لأنّه عبادة لا يتعلّق بالبيت،فأشبه الوقوف.

إذا ثبت هذا:فإنّ الطهارة أفضل بلا خلاف؛لما تقدّم من الأخبار.و لما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:قلت له:الرجل يسعى بين الصفا و المروة ثلاثة أشواط أو أربعة ثمّ يبول،أ يتمّ سعيه بغير وضوء؟قال:

«لا بأس،و لو أتمّ نسكه بوضوء كان أحبّ إليّ» (5).

ص:398


1- 1المصنّف لابن أبي شيبة 4:386 الباب 260 الحديث 1،و رواه ابنا قدامة في المغني 3:416 و الشرح الكبير بهامش المغني 3:421 نقلا عن الأثرم.
2- 2) التهذيب 5:154 الحديث 507،الاستبصار 2:241 الحديث 837،الوسائل 9:530 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 5:154 الحديث 509،الاستبصار 2:241 الحديث 841،الوسائل 9:530 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:154 الحديث 510،الاستبصار 2:241 الحديث 838،الوسائل 9:530 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:154 الحديث 506،الاستبصار 2:241 الحديث 840،الوسائل 9:531 الباب 15 من أبواب الطواف الحديث 6. [4]

و رواية ابن فضّال،قال:قال أبو الحسن عليه السّلام:«لا تطوف و لا تسعى إلاّ بوضوء» (1)محمول على الاستحباب في السعي؛لما تقدّم من الأحاديث.

مسألة:و يستحبّ له إذا فرغ من الطواف و صلّى ركعتيه أن يستلم الحجر الأسود

قبل السعي.

و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا فرغت من الركعتين فأت الحجر الأسود فقبّله و استلمه،أو أشر (3)إليه،فإنه لا بدّ من ذلك»و قال:«إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا،فافعل،و تقول حين تشرب:اللهمّ اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كلّ داء و سقم»قال:و بلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال حين نظر إلى زمزم:لو لا أن أشقّ على أمّتي لأخذت منه ذنوبا أو ذنوبين» (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يشرب من ماء زمزم،و يصبّ على جسده من الدلو

المقابل للحجر؛

(5)

لما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«إذا فرغ الرجل من طوافه و صلّى ركعتين،فليأت زمزم فيستقي منه ذنوبا أو

ص:399


1- 1الكافي 4:438 الحديث 3، [1]التهذيب 5:154 الحديث 508،الاستبصار 2:241 الحديث 839، الوسائل 9:531 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 7. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن النسائيّ 5:235،مسند أحمد 3:320،سنن البيهقيّ 5:92.
3- 3) في النسخ و بعض المصادر:«و أشر»و ما أثبتناه من التهذيب.
4- 4) التهذيب 5:144 الحديث 476،الوسائل 9:514 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 1. [3]
5- 5) كلمة:ماء،توجد في الحجريّ فقط.

ذنوبين فليشرب منه و ليصبّ على رأسه و ظهره و بطنه،و يقول:اللهمّ اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كلّ داء و سقم،ثمّ يعود إلى الحجر الأسود» (1).

و في الصحيح عن حفص بن البختريّ،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام، و عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قالا:«يستحبّ أن تستقي من ماء زمزم دلو و دلوان (2)فتشرب منه و تصبّ على رأسك و جسدك،و ليكن ذلك [من] (3)الدلو الذي بحذاء الحجر» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أسماء زمزم:ركضة جبرئيل عليه السّلام،و سقيا إسماعيل عليه السّلام،و حفيرة عبد المطّلب،و زمزم،و المضنونة (5)،و طعام طعم و شفاء سقم» (6).

مسألة:و يستحبّ أن يخرج من الباب المقابل للحجر الأسود،

و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن عبد الحميد (7)،قال:سألت

ص:400


1- 1التهذيب 5:144 الحديث 477،الوسائل 9:515 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 2. [1]
2- 2) في المصادر:دلوا أو دلوين.
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:145 الحديث 478،الوسائل 9:515 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 4. [2]
5- 5) في المصادر بزيادة:«و السقيا».و المضنونة:أيّ التي يضنّ بها؛لنفاستها و عزّتها.و قيل للخلوق و الطيب:المضنونة؛لأنّه يضنّ بهما.النهاية لابن الأثير 3:104. [3]
6- 6) التهذيب 5:145 الحديث 479،الوسائل 9:515 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 5. [4]
7- 7) عبد الحميد بن أبي العلاء الأزديّ الخفّاف الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و ظاهره كونه إماميّا،و يظهر من النجاشيّ وجاهته حيث قال في ترجمة أخيه:الحسين بن أبي العلاء:و أخواه عليّ و عبد الحميد،روى الجميع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و كان الحسين أوجههم، و قال السيّد الخوئيّ:بناء على اتّحاده مع عبد الحميد بن أبي العلاء عبد الملك السمين الذي وثّقه النجاشيّ فهو ثقة و إلاّ فلم يثبت وثاقته،نعم يثبت حسنه بما ذكره النجاشيّ. رجال النجاشيّ:52،رجال الطوسيّ:236،جامع الرواة 1:439، [5]تنقيح المقال 2:135، [6]معجم رجال الحديث 9:280. [7]

أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الباب الذي يخرج منه إلى الصفا،فإنّ أصحابنا قد اختلفوا عليّ فيه،فبعضهم يقول:هو الباب الذي يستقبل السقاية،و بعضهم يقول:هو الباب الذي يستقبل الحجر،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«هو الباب الذي يستقبل الحجر الأسود،و الذي يستقبل السقاية صنعه داود و فتح داود» (1).

و في الصحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال:ابدأ بما بدأ اللّه به إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (2)قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«ثمّ اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو الباب الذي يقابل الحجر الأسود،حتّى تقطع الوادي،و عليك السكينة و الوقار» (3)الحديث.

مسألة:و يستحبّ له الصعود على الصفا.

ذهب إليه أهل العلم كافّة،إلاّ من شذّ ممّن لا يعتدّ به،فإنّه قال:لا يصحّ سعيه حتّى يصعد على الصفا و المروة بقدر ما يستوفي السعي بينهما؛لأنّه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلاّ بذلك،فيجب عليه، كوجوب غسل جزء من الرأس و صيام جزء من الليل (4).

و هذا ليس بصحيح؛لأنّ الواجبات هنا لا تنفصل بمفصل (5)حسّيّ يمكن معه

ص:401


1- 1التهذيب 5:145 الحديث 480،الوسائل 9:516 الباب 3 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
2- 2) البقرة(2):158. [2]
3- 3) التهذيب 5:145 الحديث 481،الوسائل 9:517 الباب 3 من أبواب السعي الحديث 2. [3]
4- 4) حلية العلماء 3:336،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:70،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 345،عمدة القارئ 9:290.
5- 5) د:بفصل.

الاستيفاء من الواجب دون فعل بعضه،و لهذا أوجبنا غسل جزء من الرأس و صيام جزء من الليل،بخلاف صورة النزاع،فإنّه يمكنه أن يجعل عقبه ملاصقا للصفا.

و يدلّ على استحباب الصعود:ما رواه الجمهور في حديث الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام،عن جابر في صفة سعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فاصعد الصفا (2)حتّى تنظر إلى البيت و تستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود،فاحمد اللّه عزّ و جلّ و أثن عليه» (3)الحديث.

مسألة:و يستحبّ أن يحمد اللّه و يثني عليه و يدعو،

و إطالة الوقوف على الصفا؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«فاحمد اللّه (4)و أثن عليه و اذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع إليك ما قدرت (5)ذكره،ثمّ كبّر سبعا (6)و هلّله سبعا،و قل:لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد يحيى و يميت (7)و هو على كلّ شيء قدير،ثلاث مرّات،ثمّ صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قل:اللّه أكبر،الحمد للّه على ما هدانا و الحمد للّه على ما أولانا،و الحمد للّه الحيّ القيّوم،و الحمد للّه الحيّ الدائم ثلاث مرّات،و قل:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله لا نعبد إلاّ

ص:402


1- 1صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905،سنن النسائيّ 5:236، 239،مسند أحمد 3:320، [1]سنن البيهقيّ 5:93.
2- 2) في المصادر:«على الصفا».
3- 3) التهذيب 5:145 الحديث 481،الوسائل 9:517 الباب 4 من أبواب السعي الحديث 1. [2]
4- 4) في المصادر بزيادة:«عزّ و جلّ».
5- 5) في المصادر بزيادة:على.
6- 6) في المصادر بزيادة:«و احمده سبعا».
7- 7) في المصادر بزيادة:«و هو حيّ لا يموت».

إيّاه مخلصين له الدين و لو كره المشركون،ثلاث مرّات،اللهمّ إنّي أسألك العفو و العافية و اليقين في الدنيا و الآخرة،ثلاث مرّات،اللهمّ آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النّار،ثلاث مرّات،ثمّ كبّر مائة مرّة،و هلّل مائة مرّة، و احمد اللّه مائة مرّة،و سبّح مائة مرّة،و تقول:لا إله إلاّ اللّه (1)أنجز وعده،و نصر عبده،و غلب الأحزاب وحده،فله الملك و له الحمد وحده،اللهمّ بارك لي في الموت و فيما بعد الموت،اللهمّ إنّي أعوذ بك من ظلمة القبر و وحشته،اللهمّ أظلّني في عرشك يوم لا ظلّ إلاّ ظلّك،و أكثر من أن تستودع ربّك دينك و نفسك و أهلك، ثمّ تقول:أستودع اللّه الرحمن الرحيم الذي لا يضيّع ودائعه ديني و نفسي و أهلي، اللهمّ استعملني على كتابك و سنّة نبيك و توفّني على ملّته ثمّ أعذني (2)من الفتنة، ثمّ كبّر (3)ثلاثا،ثمّ تعيدها مرّتين ثمّ تكبّر واحدة،ثمّ تعيدها،فإن لم تستطع هذا فبعضه»قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مرسلا (4). (5)

و عن عليّ بن النعمان يرفعه،قال:كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثمّ يرفع يديه ثمّ يقول:«اللهمّ اغفر لي كلّ ذنب أذنبته قطّ،فإن عدت،فعد عليّ بالمغفرة،إنّك أنت غنيّ عن عذابي،و أنا محتاج إلى رحمتك، فيا من أنا محتاج إلى رحمته،ارحمني،اللهمّ فلا تفعل بي ما أنا أهله،فإنّك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذّبني و لن تظلمني،أصبحت أتّقي عذابك و لا أخاف جورك،فيا من

ص:403


1- 1في التهذيب بزيادة:«وحده»،و في الوسائل:« [1]وحده وحده».
2- 2) ع:«و أعذني»مكان:«ثمّ أعذني».
3- 3) في المصادر:«ثمّ تكبّر».
4- 4) في المصادر:«مترسّلا».ترسّل في قراءته بمعنى تمهّل فيها.و قال اليزيديّ:الترسّل و الترسيل في القراءة:هو التحقيق بلا عجلة.المصباح المنير:226. [2]
5- 5) التهذيب 5:145 الحديث 481،الوسائل 9:517 الباب 4 من أبواب السعي الحديث 1. [3]

هو عدل لا يجور ارحمني» (1).

و عن حمّاد المنقريّ (2)،قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا» (3).

فرع:

لو لم يتمكّن من الإطالة و الدعاء بما تقدّم،دعا بما تيسّر؛

للضرورة.

روى الشيخ عن عليّ بن أسباط،عن مولى لأبي عبد اللّه عليه السّلام من أهل المدينة،قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام صعد المروة،فألقى نفسه على الحجر الذي في أعلاها في ميسرتها و استقبل الكعبة (4).و هو يدلّ على استحباب الصعود إلى المروة.

و دلّ على الإجزاء (5)باليسير مع عدم المكنة:ما رواه الشيخ عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«ليس على الصفا شيء موقّت» (6).

و عن محمّد بن عمر بن يزيد،عن بعض أصحابه،قال:كنت في قفا

ص:404


1- 1التهذيب 5:147 الحديث 482،الوسائل 9:518 الباب 4 من أبواب السعي الحديث 3. [1]فيهما بزيادة: «أنت الغفور الرحيم،اللّهم افعل بي ما أنت أهله فإنّك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني و إن تعذّبني فأنت» قال في التهذيب:الزيادة من الكافي. [2]
2- 2) حمّاد المنقريّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و روى عنه عبيد بن الحارث،قاله الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ.جامع الرواة 1:276، [3]معجم رجال الحديث 6:244.
3- 3) التهذيب 5:147 الحديث 483،الاستبصار 2:238 الحديث 827،الوسائل 9:519 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:147 الحديث 484،الوسائل 9:520 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 5. [5]
5- 5) ق و خا:الاجتزاء.
6- 6) التهذيب 5:147 الحديث 485،الوسائل 9:520 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 3. [6]

أبي الحسن موسى عليه السّلام على الصفا أو على المروة و هو لا يزيد على حرفين:

«اللهمّ إنّي أسألك حسن الظنّ بك على كلّ حال،و صدق النيّة في التوكّل عليك» (1).

ص:405


1- 1التهذيب 5:148 الحديث 486،الاستبصار 2:238 الحديث 828،الوسائل 9:520 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 6. [1]
البحث الثاني
اشارة

في الكيفيّة

مسألة:النيّة واجبة في السعي؛لأنّه عبادة مفتقر إلى النيّة؛

(1)

لقوله تعالى:

وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (2).

و لأنّه عمل فلا بدّ فيه من النيّة؛لقوله عليه السّلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (3).«و إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (4).

إذا عرفت هذا:فالنيّة (5)شرط في السعي يبطل بالإخلال بها عمدا و سهوا.

و يجب فيها تعيين الفعل و التقرّب به إلى اللّه تعالى.

ص:406


1- 1ق و خا:فيفتقر.
2- 2) البيّنة(98):5. [1]
3- 3) الكافي 2:84 الحديث 1، [2]التهذيب 4:186 الحديث 520،عوالي اللئالئ 2:190 الحديث 80، الوسائل 1:33 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1. [3]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [4]سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 518،الوسائل 1:34 الباب 5 [5] من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 10 و ج 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2 و 3 و ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 11.
5- 5) ع و ح:فإنّ النيّة،مكان:فالنيّة.
مسألة:و يجب فيه الترتيب يبدأ بالصفا و يختم بالمروة.

و هو قول العلماء.

و قد روى محمّد بن شجاع الثلجيّ (1)عن أبي حنيفة أنّ الترتيب ليس بواجب (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السّلام،عن جابر،في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و بدأ بالصفا و قال:«ابدءوا بما بدأ اللّه تعالى به» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-في حديث معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين فرغ من طوافه و ركعتيه،قال:«ابدءوا بما بدأ اللّه تعالى به،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (4)» (5)و هذا أمر و الأمر للوجوب.

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«تبدأ بالصفا و تختم بالمروة» (6).

و قد روي عن أبي حنيفة خلاف هذه الرواية التي رويت عنه (7).فكان إجماعا.

ص:407


1- 1محمّد بن شجاع البغداديّ أبو عبد اللّه الثلجيّ،فقيه العراق في وقته من أصحاب أبي حنيفة،روى عن ابن عليّة و الواقديّ و أبي أسامة و الحسن بن زياد اللؤلؤيّ و وكيع،و روى عنه أحمد بن الحسن بن صالح البغداديّ و عبد اللّه بن أحمد و غيرهم مات سنة 266 ه.تهذيب التهذيب 9:220، [1]ميزان الاعتدال 3: 577،العبر 1:382، [2]الأعلام للزركليّ 6:156. [3]
2- 2) بدائع الصنائع 2:134،عمدة القارئ 9:290،المجموع 8:78، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7:347، [5]الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:158.
3- 3) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905، [6]سنن النسائيّ 5:239، 241،مسند أحمد 3:320، [7]سنن البيهقيّ 5:93.
4- 4) البقرة(2):158. [8]
5- 5) التهذيب 5:145 الحديث 481،الوسائل 9:517 الباب 3 من أبواب السعي الحديث 2. [9]
6- 6) التهذيب 5:148 الحديث 487،الوسائل 9:521 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1. [10]
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:50،بدائع الصنائع 2:134،الهداية للمرغينانيّ 1:142،شرح فتح القدير 2:362،عمدة القارئ 9:290،المجموع 8:78.
مسألة:و يجب أن يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط يحسب ذهابه من

الصفا إلى المروة شوطا،

و عوده من المروة إلى الصفا آخر،هكذا سبع مرّات.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامّة أهل العلم.

و قال أبو بكر الصيرفيّ من الشافعيّة:يحتسب (1)سعيه من الصفا إلى المروة و منها إلى الصفا سعية واحدة.فجعل الذهاب و الرجوع شوطا واحدا،و يحكى هذا القول عن ابن جرير أنّه أفتى به،و تابعه الصيرفيّ،فلمّا حمل الفتيا إلى أبي إسحاق ضرب على فتوى الصيرفيّ و اعتقد أنّه غلط منه،فلمّا بلغه أقام على ذلك (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام،عن أبيه الباقر عليه السّلام،عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ثمّ نزل إلى المروة حتّى إذا انصبّت قدماه رمل في بطن الوادي،حتّى إذا صعدتا مشى،حتّى أتى إلى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا،فلمّا كان آخر طوافه على المروة قال:لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي و جعلتها عمرة» (3).

و هذا يقتضي أنّه آخر طوافه على المروة،و لو كان على ما ذكره،كان آخر طوافه عند الصفا في الموضع الذي بدأ منه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-:«طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة» (4).

ص:408


1- 1ع:يحسب.
2- 2) حلية العلماء 3:336،المهذّب للشيرازيّ 1:224،المجموع 8:71،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 347،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:158،المغني 3:409،الشرح الكبير بهامش المغني 3:419.
3- 3) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:1905، [1]سنن ابن ماجة 2:1023 الحديث 3074،مسند أحمد 3:320، [2]سنن البيهقيّ 5:93.
4- 4) التهذيب 5:148 الحديث 487،الوسائل 9:521 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1. [3]

و في الصحيح عن هشام بن سالم قال:سعيت بين الصفا و المروة أنا و عبيد اللّه بن راشد فقلت[له] (1):تحفظ عليّ،فجعل يعدّ ذاهبا و جائيا شوطا واحدا،فبلغ مثل ذلك،فقلت له:كيف تعدّ؟قال:ذاهبا و جائيا شوطا واحدا، فأتمنا أربعة عشر شوطا،فذكرنا ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام،فقال:«قد زادوا على ما عليهم،ليس عليهم شيء» (2).

و إنّما يتحقّق الزيادة لو جعلنا الرجوع شوطا آخر،و لأنّه في كلّ مرّة طائف بهما،فينبغي أن يحتسب بذلك،كما أنّه إذا طاف بجميع البيت،احتسب به (3).

و بالجملة:فهذا حكم متّفق عليه،و خلاف الظاهر بيّن فيه لا اعتداد به.

احتجّوا:بأنّ الطواف لا يحتسب به حتّى يعود إلى الموضع الذي بدأ منه، فكذا هنا (4).

و جوابه:أنّ الطواف حجّة لنا عليهم؛لأنّه لا يتكرّر في موضع منه في طوفة واحدة،كذا هنا.

مسألة:و يجب السعي بين الصفا و المروة في المسافة التي بينهما،

و لا يجوز الإخلال بشيء منها و لو بذراع،و لا تحلّ له النساء حتّى يكمله.

و لا يجب عليه الصعود إلى الصفا و لا إلى المروة،خلافا لبعض الشافعيّة و قد تقدّم (5).

ص:409


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:152 الحديث 501 و ص 473 الحديث 1663،الاستبصار 2:239 الحديث 834، الوسائل 9:527 الباب 11 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
3- 3) خا و ق:احتسب له.
4- 4) حلية العلماء 3:336،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:71،فتح العزيز بهامش المجموع 7:347.
5- 5) يراجع:ص 401.

لنا:قوله تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (1).

قال المفسّرون:أراد بينهما،و من سعى من الصفا إلى المروة يصدق عليه أنّه سعى بينهما و إن لم يصعد على أحدهما (2).و قد مضى البحث في ذلك (3).

و وقف عثمان في حوض في أسفل الصفا و لا يظهر عليه (4)،و لم ينكر عليه من المهاجرين و الأنصار،فكان إجماعا.

مسألة:يستحبّ له أن يسعى ماشيا و لو سعى راكبا جاز.

و هو قول العلماء كافّة.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طاف راكبا بالبيت و بالصفا و المروة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن السعي بين الصفا و المروة على الدابّة،قال:«نعم، و على المحمل» (6).

و عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يسعى بين الصفا و المروة راكبا،قال:«لا بأس،و المشي أفضل» (7).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة

ص:410


1- 1البقرة(2):158. [1]
2- 2) تفسير التبيان 2:44،تفسير القرطبيّ 2:178،تفسير الدّرّ المنثور 1:159،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:47.
3- 3) يراجع:ص 401.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:95.
5- 5) صحيح مسلم 2:927 الحديث 1273،سنن أبي داود 2:176 الحديث 1880، [2]سنن النسائيّ 5:241، مسند أحمد 3:317 و 334،سنن البيهقيّ 5:100.
6- 6) التهذيب 5:155 الحديث 511،الوسائل 9:532 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 1. [3]
7- 7) التهذيب 5:155 الحديث 512،الوسائل 9:532 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 2. [4]

تسعى بين الصفا و المروة على دابّة أو على بعير،قال:«لا بأس بذلك»و سألته عن الرجل يفعل ذلك،قال:«لا بأس» (1).

و عن حجّاج الخشّاب قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يسأل زرارة،فقال:

«أ سعيت بين الصفا و المروة؟»فقال:نعم،قال:«و ضعفت؟»قال:لا و اللّه لقد قويت،قال:«فإن خشيت الضعف فاركب فإنّه أقوى لك على الدعاء» (2).

مسألة:و يستحبّ المشي في طرفي السعي،و الهرولة وسطه،

و هي الرمل ما بين المنارة و زقاق العطّارين راكبا كان أو ماشيا.ذهب إليه العلماء كافّة.روى الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سعى بين الصفا و المروة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ثمّ انحدر ماشيا و عليك السكينة و الوقار حتّى تأتي المنارة، و هي طرف (4)المسعى،فاسع ملأ فروجك و قل:بسم اللّه و اللّه أكبر و صلّى اللّه على محمّد و آله،و قل:اللهمّ اغفر و ارحم و اعف عمّا تعلم و أنت الأعزّ الأكرم،حتّى تبلغ المنارة الأخرى،و كان المسعى أوسع ممّا هو اليوم،و لكنّ الناس ضيّقوه،ثمّ امش و عليك السكينة و الوقار حتّى تأتي المروة فاصعد عليها حتّى يبدو لك البيت فاصنع (5)كما صنعت على الصفا،[ثمّ] (6)طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة،ثمّ قصّ من رأسك من جوانبه و لحيتك و خذ من شاربك و قلّم

ص:411


1- 1التهذيب 5:155 الحديث 513،الوسائل 9:532 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:155 الحديث 514،الوسائل 9:532 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 5. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:169،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1903،سنن ابن ماجة 2:995 الحديث 2987،سنن النسائيّ 5:242،سنن الدارميّ 2:69، [3]مسند أحمد 2:15،56،سنن البيهقيّ 5:98.
4- 4) في النسخ:«طواف»مكان:«طرف».
5- 5) في المصادر بزيادة:عليها.
6- 6) أثبتناها من المصادر.

أظفارك وابق منها لحجّك،فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شيء يحلّ منه المحرم و أحرمت منه» (1).

و عن سماعة قال:سألته عن السعي بين الصفا و المروة،قال:«إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أوّل الوادي فاسع حتّى تنتهي إلى أوّل زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة،فإذا انتهيت إليه فكفّ عن السعي و امش مشيا، و إذا جئت من عند المروة فابدأ من عند الزقاق الذي وصفت لك،فإذا انتهيت إلى الباب الذي قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي و امش مشيا،و إنّما السعي على الرجل (2)و ليس على النساء سعي» (3).

و لأنّ موضع الرمل من وادي محسّر،فاستحبّ قطعه بالهرولة،كما يستحبّ قطع وادي محسّر بها.

فروع:
الأوّل:يستحبّ الدعاء حالة السعي بما تقدّم من الأدعية ،

(4)

و ليس بواجب إجماعا.

الثاني:لو ترك الرمل،لم يكن عليه شيء.و هو وفاق؛

لأنّه كيفيّة مستحبّة.

روى الجمهور عن ابن عمر،قال:إن أسع بين الصفا و المروة فقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسعى،و إن أمش فقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمشي،و أنا شيخ كبير (5).

ص:412


1- 1التهذيب 5:148 الحديث 487،الوسائل 9:521 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
2- 2) في المصادر:«على الرجال».
3- 3) التهذيب 5:148 الحديث 488،الوسائل 9:522 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 4. [2]
4- 4) يراجع:ص 402.
5- 5) سنن أبي داود 2:182 الحديث 1904، [3]سنن الترمذيّ 3:217 الحديث 864، [4]سنن ابن ماجة 2:995 الحديث 2988،سنن النسائيّ 5:241،سنن البيهقيّ 5:99.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا و المروة،قال:

«لا شيء عليه» (1).

الثالث:ليس على النساء رمل و لا صعود على الصفا و المروة ؛

(2)

لأنّ في ذلك ضررا عليهنّ من حيث مزاحمة الرجال.و لأنّ ترك ذلك كلّه أستر لهنّ،فكان أولى من فعله.

الرابع:الراكب يستحبّ له أن يحرّك دابّته عند المسعى ؛

(3)

لأنّها كيفيّة مستحبّة، فلا يسقط في حقّه بمجرّد الركوب.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«ليس على الراكب سعي و لكن ليسرع شيئا» (4).

الخامس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو نسي الرمل في حال السعي حتّى يجوز

موضعه ثمّ ذكر،

فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه (5).

ص:413


1- 1التهذيب 5:150 الحديث 494،الوسائل 9:525 الباب 9 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
2- 2) خا و ق:و على المروة،ج و ح:و لا على المروة.
3- 3) بعض النسخ:السعي.
4- 4) التهذيب 5:155 الحديث 515،الوسائل 9:533 الباب 17 من أبواب السعي الحديث 2. [2]
5- 5) المبسوط 1:363، [3]النهاية:245. [4]
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:السعي واجب و ركن من أركان الحجّ و العمرة

يبطل الحجّ بالإخلال به عمدا،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قالت عائشة،و عروة (1)،و مالك (2)، و الشافعيّ (3)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:أنّه مستحبّ لا يجب بتركه دم (4).و هو مرويّ عن ابن عبّاس،و ابن الزبير،و ابن سيرين (5).

ص:414


1- 1تفسير الطبريّ 2:47،48،أحكام القرآن للجصّاص 1:118،المغني 3:410،المجموع 8:77، تفسير القرطبيّ 2:178، [1]عمدة القارئ 9:288،تفسير فتح القدير 1:160. [2]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:409،بداية المجتهد 1:344،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:317،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1:273،حلية العلماء 3:335،المجموع 8:77،فتح العزيز بهامش المجموع 7:348،المغني 3:410،الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 158.
3- 3) الأمّ 2:210،حلية العلماء 3:335،المهذّب للشيرازيّ 1:224،المجموع 8:77،فتح العزيز بهامش المجموع 7:348،مغني المحتاج 1:513،الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:158،المغني 3:410،بداية المجتهد 1:344.
4- 4) المغني 3:410،الكافي لابن قدامة 1:594،الإنصاف 4:44،حلية العلماء 3:335،المجموع 8: 77،فتح العزيز بهامش المجموع 7:348،الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:158.
5- 5) المغني 3:410،المجموع 8:77، [3]تفسير القرطبيّ 2:183، [4]عمدة القارئ 9:288.

و قال أبو حنيفة:هو واجب و ليس بركن إذا تركه وجب عليه دم (1).و هو مذهب الحسن البصريّ،و الثوريّ (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن حبيبة بنت أبي تجراة (3)إحدى نساء بني عبد الدار، قالت:دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين ننظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يسعى بين الصفا و المروة،فرأيته يسعى و إنّ مئزره ليدور في واسطه من شدّة سعيه،حتّى لأقول:إنّي لأرى ركبتيه و سمعته يقول:«اسعوا فإنّ اللّه كتب عليكم السعي» (4).

و عن عائشة قالت:طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و طاف المسلمون،يعني بين الصفا و المروة،فكانت سنّة،فلعمري ما أتمّ اللّه حجّ من لم يطف بين الصفا و المروة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن عليّ الصيرفيّ (6)،عن

ص:415


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:50،بدائع الصنائع 2:135،الهداية للمرغينانيّ 1:142،شرح فتح القدير 2:363،عمدة القارئ 9:288،حلية العلماء 3:335،المجموع 8:77،فتح العزيز بهامش المجموع 7:348،المغني 3:411.
2- 2) المغني 3:411،المجموع 8:77،عمدة القارئ 9:288،تفسير القرطبيّ 2:183، [1]تفسير فتح القدير 1:160. [2]
3- 3) حبيبة بنت أبي تجراة الشيبيّة العبدريّة من بني عبد الدار روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روت عنها صفيّة بنت شيبة.أسد الغابة 5:421، [3]الإصابة 4:269، [4]الاستيعاب بهامش الإصابة 4:274. [5]
4- 4) مسند أحمد 6:421، [6]سنن البيهقيّ 5:98،سنن الدار قطنيّ 2:255 الحديث 86 و ص 256 الحديث 87،88،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:225-227،الحديث 572-576،مجمع الزوائد 3:247.
5- 5) صحيح مسلم 2:928 الحديث 1277،سنن البيهقيّ 5:98،المغني 3:410.
6- 6) الحسن بن عليّ الصيرفيّ،قال الأردبيليّ:هو الحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء،الذي مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 160.و قال السيّد الخوئيّ:لم يثبت ذلك فإنّ الوشّاء لم يكن صيرفيّا و لا أبوه و إنّما الصيرفيّ هو إلياس و هو جدّه من جهة أمّه،روى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و روى عنه محمّد بن أبي عمير.في التهذيب:الحسين بن عليّ الصيرفيّ،و في النسخ و الوسائل: [7]الحسن بن عليّ الصيرفيّ و لعلّه الصحيح الموافق للكافي 4:435.جامع الرواة 1:212، [8]معجم رجال الحديث 5:68. [9]

بعض أصحابنا،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن السعي بين الصفا و المروة فريضة أو سنّة؟فقال:«فريضة»قلت:أو ليس إنّما قال اللّه عزّ و جلّ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (1)؟قال:«ذلك في عمرة القضاء،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام عن الصفا و المروة،فتشاغل رجل حتّى انقضت الأيّام،فأعيدت الأصنام فجاءوا إليه فقالوا:يا رسول اللّه إنّ فلانا لم يسع بين الصفا و المروة و قد أعيدت الأصنام،فأنزل اللّه عزّ و جلّ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما أي و عليهما الأصنام» (2).

و دلّ على كونه ركنا يبطل الحجّ بالإخلال به عمدا:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ترك السعي متعمّدا،قال:«عليه الحجّ من قابل» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:في رجل ترك السعي متعمّدا قال:«لا حجّ له» (4).

و لأنّه نسك في الحجّ و العمرة،فكان ركنا فيهما،كالطواف بالبيت.و لأنّه نسك في الحجّ و العمرة فلم ينب عنه الدم،كالطواف و الإحرام.

احتجّ أحمد:بأنّه تعالى رفع الحرج عن فاعله بقوله: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما

ص:416


1- 1البقرة(2):158. [1]
2- 2) التهذيب 5:149 الحديث 490،الوسائل 9:511 الباب 1 من أبواب السعي الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 5:150 الحديث 491،الوسائل 9:523 الباب 7 من أبواب السعي الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:150 الحديث 492،الاستبصار 2:238 الحديث 829،الوسائل 9:523 الباب 7 من أبواب السعي الحديث 3. [4]

(1)و رفع الحرج دليل على عدم وجوبه،فإنّ هذا رتبة المباح،و في مصحف أبيّ و ابن مسعود: فلا جناح عليه أن لا يطّوّف بهما ،و هذا و إن لم يكن قرآنا فلا ينحطّ عن رتبة الخبر،و لأنّه نسك مخصوص بالحرم،فناب الدم عنه،كالوقوف بالمزدلفة (2).

و الجواب عن الآية:أنّ رفع الجناح لا ينافي الوجوب و لا عدمه،فليس له إشعار بأحدهما؛إذ هو جنس لهما و الجنس لا دلالة له على النوع،على أنّه يحتمل أن يكون رفع الجناح للعلّة التي نقلناها عن الصادق عليه السّلام.

و قد روى الجمهور أنّ المسلمين كرهوا التشبّه (3)بالجاهليّة،فإنّه كان لهم صنمان:أحدهما على الصفا،و الآخر على المروة،و هذا كان في عمرة القضيّة و القضيّة كانت في سنة سبع من الهجرة (4).

و قد قرئ بالوقف على فَلا جُناحَ و الابتداء بقوله: عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما .

و أمّا قراءة أبيّ و ابن مسعود فلا تعويل عليها،و لا يجوز الاحتجاج بها على أنّها قرآن؛لأنّ القرآن متواتر،فما ليس بمتواتر فليس قرآنا،و لا على أنّها خبر؛ لأنّهما لم ينقلاه خبرا و الخطأ ليس حجّة.

و أمّا القياس:فالمبيت بالمزدلفة من توابع الوقوف،و لهذا لم يجب في العمرة؛ لأنّه ليس فيها وقوف.

لا يقال:السعي تبع الطواف،و لهذا يقع عقيبه.

ص:417


1- 1البقرة(2):158. [1]
2- 2) المغني 3:410،المجموع 8:77.
3- 3) ح،ق و خا:التشبيه.
4- 4) تفسير الطبريّ 2:45، [2]أحكام القرآن للجصّاص 1:118، [3]التفسير الكبير 4:160، [4]تفسير القرطبيّ 2: 179، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:47، [6]تفسير الدرّ المنثور 1:160، [7]المغني 3:411. [8]

لأنّا نقول:إنّ السعي مرتّب (1)على الطواف،كما أنّ السجود مرتّب (2)على الركوع و ليس بتابع له.

مسألة:و لو ترك السعي ناسيا،أعاد السعي لا غير،و ليس عليه شيء،

و إن كان قد خرج من مكّة،عاد للسعي،فإن لم يتمكّن،أمر من يسعى عنه.

روى الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

رجل نسي السعي بين الصفا و المروة،قال:«يعيد السعي»قلت:فإنّه خرج،قال:

«يرجع فيعيد السعي،إنّ هذا ليس كرمي الجمار،إنّ الرمي سنّة و السعي بين الصفا و المروة فريضة» (3).

و عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة حتّى يرجع إلى أهله،فقال:«يطاف عنه» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الترتيب واجب في السعي يبدأ بالصفا و يختم بالمروة،

(5)

و هو قول العلماء،فلو عكس و بدأ بالمروة،أعاد السعي؛لأنّه لم يمتثل المأمور به على وجهه فيبقى في العهدة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من بدأ بالمروة قبل الصفا،فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا قبل المروة» (6).

ص:418


1- 1ع:يترتّب،ح:مترتّب.
2- 2) ع:يترتّب.
3- 3) التهذيب 5:150 الحديث 492،الاستبصار 2:238 الحديث 829،الوسائل 9:524 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 5:150 الحديث 493،الاستبصار 2:239 الحديث 830،الوسائل 9:524 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 2. [2]
5- 5) يراجع:ص 407. [3]
6- 6) التهذيب 5:151 الحديث 495،الوسائل 9:525 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 1. [4]

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا،قال:«يعيد،ألا ترى أنّه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء» أراد أن يعيد الوضوء (1).

و عن يونس،عن عليّ الصائغ (2)،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام-و أنّا حاضر-عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا،قال:«يعيد،ألا ترى أنّه لو بدأ بشماله قبل يمينه،كان عليه أن يبدأ بيمينه ثمّ يعيد شماله (3)» (4).

مسألة:إذا طاف بين الصفا و المروة سبعة أشواط و هو عند الصفا،أعاد السعي

من أوّله

و يسعى سبعا يبدأ بالصفا و يختم بالمروة،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

و قال الجمهور كافّة:يسقط الأوّل،و يبني على أنّه بدأ بالصفا،فيضيف إليه شوطا آخر.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بإجماع الفرقة و بالأخبار الدالّة على الإعادة مطلقا على من بدأ بالمروة،و بالاحتياط الدالّ على البراءة مع الإعادة بيقين و الشكّ مع عدمها.

ص:419


1- 1التهذيب 5:151 الحديث 496،الوسائل 9:526 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 4. [1]
2- 2) عليّ بن ميمون الصائغ،أبو الحسن،لقبه:أبو الأكراد،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام له كتاب،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السّلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،نقل دعاء الصادق عليه السّلام،ثمّ نقل عن ابن الغضائريّ أنّ حديثه يعرف و ينكر و قال:و الأقرب عندي قبول روايته؛لعدم طعن ابن الغضائريّ فيه صريحا مع دعاء الصادق عليه السّلام له،و قال المامقانيّ:و حيث لم يبق لنا وثوق بطعن ابن الغضائريّ حتّى لو كان صريحا فكيف و لا صراحة فيه هنا،نعدّ الرجل من الحسان. رجال النجاشيّ:272،رجال الطوسيّ:129،243،الفهرست:94، [2]رجال العلاّمة:96، [3]تنقيح المقال 2:312. [4]
3- 3) في المصادر:«على شماله».
4- 4) التهذيب 5:151 الحديث 497،الوسائل 9:526 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 5. [5]
5- 5) الخلاف 1:450 مسألة-143.

إذا عرفت هذا:فإذا تيقّن عدد الأشواط و شكّ فيما بدأ به،فإن كان في المزدوج على الصفا،فقد صحّ سعيه؛لأنّه بدأ به،و إن كان على المروة،أعاد،و ينعكس الحكم مع انعكاس التقدير.

مسألة:و يجب أن يطوف بينهما سبعة أشواط يلصق عقبه بالصفا و يبدأ به إن

لم يصعد عليه،

و يمشي إلى المروة و يلصق أصابعه بها،ثمّ يبتدئ منها يلصق عقبه بها و يرجع إلى الصفا و يلصق أصابعه به هكذا سبعا،فلو نقص و لو خطوة واحدة، وجب عليه الإتيان بها،و لا يحلّ له ما يحرم على المحرم مع الإخلال بها.

إذا عرفت هذا:فلو أخلّ بشوط أو ما زاد،وجب عليه الإتيان به،فإن رجع إلى بلده،وجب عليه العود مع المكنة و إتمام السعي؛لأنّ الموالاة لا تجب فيه،و لا نعلم فيه خلافا.

إذا عرفت هذا:فلو لم يذكر حتّى واقع أهله أو قصّر أو قلّم أظفاره،كان عليه دم بقرة و إتمام السعي،رواه الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل متمتّع سعى بين الصفا و المروة ستّة أشواط ثمّ رجع إلى منزله و هو يرى أنّه قد فرغ منه و قلّم أظافيره و أحلّ ثمّ ذكر أنّه سعى ستّة أشواط،فقال لي:«يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط؟فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد و ليتمّ شوطا و ليرق دما»فقلت:دم ما ذا؟قال:«بقرة»قال:«و إن كان (1)لم يكن حفظ أنّه سعى ستّة أشواط،فليبتدئ السعي حتّى يكمله سبعة أشواط ثمّ ليرق دم بقرة» (2).

و في الموثّق عن عبد اللّه بن مسكان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستّة أشواط و هو يظنّ أنّها سبعة،فذكر بعد ما أحلّ

ص:420


1- 1كلمة:«كان»لا توجد في المصادر.
2- 2) التهذيب 5:153 الحديث 504،الوسائل 9:529 الباب 14 من أبواب السعي الحديث 1. [1]

و واقع النساء أنّه إنّما طاف ستّة أشواط،فقال:«عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر» (1).

فرع:

لو لم يحصّل عدد طوافه،أعاد؛لأنّه غير متيقّن لعدد (2)،

فلا يأمن الزيادة و النقصان.و يدلّ عليه ما تقدّم في حديث سعيد بن يسار.

مسألة:و لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط،فإن زاد عامدا،أعاد السعي،

و إن كان ساهيا،طرح الزيادة و اعتدّ بالسبعة،و إن شاء أكمل أربعة عشر شوطا؛لأنّه عبادة ذات عدد،فأبطلتها الزيادة عمدا،كالصلاة و الطواف.

و لما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن محمّد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

«الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة،فإذا زدت عليها فعليك الإعادة و كذا (3)السعي» (4).

و دلّ على طرح الزيادة مع السهو:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي إبراهيم عليه السّلام،عن رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية أشواط ما عليه؟فقال:«إن كان خطأ طرح واحدا و اعتدّ بسبعة» (5).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن جميل بن درّاج،قال:

ص:421


1- 1التهذيب 5:153 الحديث 505،الوسائل 9:529 الباب 14 من أبواب السعي الحديث 2. [1]
2- 2) ع:العدد،خا:بعدد.
3- 3) ق،خا:«و كذلك»كما في الاستبصار.
4- 4) التهذيب 5:151 الحديث 498،الاستبصار 2:239 الحديث 831،الوسائل 9:527 الباب 12 من أبواب السعي الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:152 الحديث 499،و ص 472 الحديث1660،الاستبصار 2:239 الحديث 832، الوسائل 9:528 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 3. [3]

حججنا و نحن صرورة،فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا،فسألنا أبا عبد اللّه عليه السّلام[عن ذلك] (1)،فقال:«لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح» (2).

و دلّ على جواز إتمام أربعة عشر شوطا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«إنّ في كتاب عليّ عليه السّلام:

إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة و استيقن ثمانية،أضاف إليها ستّا و كذلك إذا استيقن أنّه سعى ثمانية،أضاف إليها ستّة» (3).

مسألة:و لا بأس أن يجلس الإنسان في أثناء السعي للاستراحة.

و هو إحدى الروايتين عن أحمد،و في الأخرى:لا يجوز،و يجعل الموالاة شرطا في السعي (4).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ سودة بنت عبد اللّه بن عمر امرأة عروة بن الزبير سعت بين الصفا و المروة فقضت طوافها في ثلاثة أيّام و كانت ضخمة (5).و كان عطاء لا يرى بأسا أن يجلس بينهما للاستراحة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة يستريح؟قال:«نعم إن شاء جلس على الصفا و المروة و بينهما فيجلس» (7).

ص:422


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:152 الحديث 500،الاستبصار 2:239 الحديث 833،الوسائل 9:529 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 5:152 الحديث 502،الاستبصار 2:240 الحديث 835،الوسائل 9:438 الباب 34 من أبواب الطواف الحديث 10. [2]
4- 4) المغني 3:418،الشرح الكبير بهامش المغني 3:421،الكافي لابن قدامة 1:592،الإنصاف 4:21.
5- 5) أوردها ابنا قدامة في المغني 3:418،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:422،و ينظر أيضا:الموطّأ 1: 374 الحديث 130. [3]
6- 6) المغني 3:418،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:422.
7- 7) التهذيب 5:156 الحديث 516،الوسائل 9:535 الباب 20 من أبواب السعي الحديث 1. [5]

و لأنّه نسك لا يتعلّق بالبيت،فلم يشترط له الموالاة،كالرمي و الحلق.

احتجّ أحمد:بالقياس على الطواف (1).

و الجواب:الطواف يتعلّق بالبيت و هو صلاة،و يشترط له الطهارة و الستر، فاشترطت له الموالاة،كالصلاة،بخلاف السعي.

و قد روى ابن بابويه عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يجلس بين الصفا و المروة إلاّ من جهد» (2).فهي محمولة على الاستحباب.

مسألة:و لو دخل وقت صلاة و هو في السعي،قطع السعي و ابتدأ بالصلاة،

فإذا فرغ منها تمّم سعيه،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن الحسن بن عليّ بن فضّال،قال:سأل محمّد بن عليّ أبا الحسن عليه السّلام،فقال له،سعيت شوطا واحدا ثمّ طلع الفجر،فقال:«صلّ ثمّ عد فأتمّ السعي» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيدخل وقت الصلاة أ يخفّف أو يقطع و يصلّي ثمّ يعود،أو يثبت كما هو على حاله حتّى يفرغ؟قال:«لا،بل يصلّي ثمّ يعود أو ليس عليهما مسجد؟» (4).

مسألة:و يجوز له أن يقطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثمّ يعود

فيتمّ ما قطع عليه.

(5)

ص:423


1- 1المغني 3:418،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:421.
2- 2) الفقيه 2:258 الحديث 1251،الوسائل 9:536 الباب 20 من أبواب السعي الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:156 الحديث 518،الوسائل 9:534 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:156 الحديث 519،الوسائل 9:534 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 1. [4]
5- 5) ع:فيتمّم.

روى الشيخ عن يحيى بن عبد الرحمن الأزرق،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثمّ يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام،قال:«إن أجابه فلا بأس» (1).

و عن أحمد روايتان كما تقدّم بيانهما و الاحتجاج له و بطلانه (2).

مسألة:من طاف بالبيت،جاز له أن يؤخّر السعي إلى بعد ساعة أو العشيّ،

و لا يجوز له إلى غد يومه-و هو قول أحمد،و عطاء،و الحسن،و سعيد بن جبير (3)-لأنّ الموالاة إذا لم تجب في نفس السعي ففيما بينه و بين الطواف أولى.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل يقدم مكّة و قد اشتدّ عليه الحرّ،فيطوف بالكعبة فيؤخّر السعي إلى أن يبرد،فقال:«لا بأس به،و ربما فعلته»قال:و ربما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف بالبيت فأعيى،أ يؤخّر الطواف بين الصفا و المروة؟قال:«نعم» (5).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن علاء بن رزين،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى،أ يؤخّر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد؟قال:«لا» (6).

ص:424


1- 1التهذيب 5:157 الحديث 520،الوسائل 9:535 الباب 19 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 422.
3- 3) المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422.
4- 4) التهذيب 5:128 الحديث 423،الاستبصار 2:229 الحديث 790،الوسائل 9:470 الباب 60 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:129 الحديث 424،الاستبصار 2:229 الحديث 791،الوسائل 9:471 الباب 60 من أبواب الطواف الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 5:129 الحديث 425،الاستبصار 2:229 الحديث 792،الوسائل 9:471 الحديث 60 من أبواب الطواف الحديث 3. [4]

و هذا يدلّ على المنع من تأخير السعي إلى غد يومه.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى،أ يؤخّر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد؟قال:«لا» (1).

و عن رفاعة،قال:سألته عن الرجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر أ يسعى قبل أن يصلّي،أو يصلّي قبل أن يسعى؟قال:«لا بأس أن يصلّي ثمّ يسعى» (2).

مسألة:السعى تبع للطواف لا يصحّ إلاّ أن يتقدّمه طواف،فإن سعى قبله،

لم يصحّ.

و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يصحّ إن كان ناسيا،و إن تعمّد،أعاد (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سعى بعد طوافه،و قال لنا:«خذوا عنّي مناسككم» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان بن يحيى،عن

ص:425


1- 1الفقيه 2:253 الحديث 1220،الوسائل 9:471 الباب 60 من أبواب الطواف الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:253 الحديث 1221،الوسائل 9:471 الباب 62 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
3- 3) الموطّأ 1:375،بداية المجتهد 1:346،بلغة السالك 1:273،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:318،المجموع 8:78،المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:224،المجموع 8:78،فتح العزيز بهامش المجموع 7:346،مغني المحتاج 1: 493،السراج الوهّاج:161،المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:51،بدائع الصنائع 2:134،الهداية للمرغينانيّ 1:141،شرح فتح القدير 2: 361،مجمع الأنهر 1:273،المجموع 8:78،المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422.
6- 6) المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422،الكافي لابن قدامة 1:591،الإنصاف 4:21، [3]المجموع 8:78.
7- 7) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن النسائيّ 5:235،مسند أحمد 3:320، [4]سنن البيهقيّ 5:92،و حديث:«خذوا عنّي مناسككم»ينظر:صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970، [5]سنن النسائيّ 5:270.

منصور بن حازم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت،فقال:«يطوف بالبيت ثمّ يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما» (1).

و عن سيف بن عميرة،عن منصور بن حازم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا و المروة،قال:«يرجع فيطوف بالبيت ثمّ يستأنف السعي»قلت:إنّ ذلك قد فاته،قال:«عليه دم،ألا ترى أنّك إذا غسلت شمالك قبل يمينك،كان عليك أن تعيد على شمالك» (2).

مسألة:و لو طاف بعض الطواف ثمّ مضى إلى السعي ناسيا،فذكر في أثناء

السعي نقيصة الطواف،رجع

فأتمّ طوافه ثمّ عاد إلى السعي فأتمّ سعيه،رواه الشيخ -في الموثّق-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل طاف بالبيت ثمّ خرج إلى الصفا فطاف به ثمّ ذكر أنّه قد بقي عليه من طوافه شيء،فأمره أن يرجع إلى البيت فيتمّ ما بقي من طوافه،ثمّ يرجع إلى الصفا فيتمّ ما بقي،فقلت له:فإنّه طاف بالصفا و ترك البيت،قال:«يرجع إلى البيت فيطوف به ثمّ يستقبل طواف الصفا»فقلت:ما فرق (3)بين هذين؟قال:«لأنّه قد دخل في شيء من الطواف،و هذا لم يدخل في شيء منه» (4).

فرع:

لو سعى بعد طوافه ثمّ ذكر أنّه طاف بغير طهارة،لم يعتدّ بطوافه و لا بسعيه؛

لأنّه تبع له.

ص:426


1- 1التهذيب 5:129 الحديث 426،الوسائل 9:472 الباب 63 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:129 الحديث 427،الوسائل 9:472 الباب 63 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
3- 3) ع:ما الفرق،في التهذيب:فما الفرق و في الوسائل: [3]فما فرق.
4- 4) التهذيب 5:130 الحديث 428،الوسائل 9:472 الباب 63 من أبواب الطواف الحديث 3 [4] فيه بتفاوت في الألفاظ.
مسألة:السعي واجب في الحجّ و العمرة كوجوب الطواف فيهما،

و لا يجزئ السعي في أحدهما عن الآخر.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال بعض الجمهور:لو سعى القارن و المفرد بعد طواف القدوم،لم يلزمهما بعد ذلك سعي،و إن لم يسعيا معه،لزمهما السعي مع طواف الزيارة (1).

لنا:أنّ كلّ واحد منهما نسك يشترط فيه الطواف،فيشترط فيه السعي،كالآخر.

و لأنّ السعي أحد الطوافين،فيكون واجبا،كالآخر.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«على المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت،و يصلّي لكلّ طواف ركعتين،و سعيان بين الصفا و المروة» (2).

إذا عرفت هذا:فإنّ القارن و المفرد-على ما وصفنا نحن شرحهما (3)-يجب عليهما طواف للحجّ و سعي له و طواف للنساء،و للعمرة المفردة التي يفعلانها طواف و سعي و طواف النساء أيضا.

مسألة:و لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي،

فإن فعل ذلك متعمّدا،كان عليه إعادة طواف النساء،و إن كان ناسيا،لم يكن عليه شيء؛لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد،عمّن ذكره،قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك متمتّع زار البيت فطاف طواف الحجّ ثمّ طاف طواف النساء ثمّ سعى،فقال:

«لا يكون السعي إلاّ قبل طواف النساء»فقلت:عليه شيء؟قال:«لا يكون سعي إلاّ قبل طواف النساء» (4).

ص:427


1- 1المغني 3:411،الشرح الكبير بهامش المغني 3:422.
2- 2) التهذيب 5:36 الحديث 106،الوسائل 8:156 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9. [1]
3- 3) يراجع ص 119،120.
4- 4) التهذيب 5:133 الحديث 438،الاستبصار 2:231 الحديث 799،الوسائل 9:475 الباب 65 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا ينافي هذا الخبر،ما رواه سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:سألته عن رجل (1)طاف طواف الحجّ و طواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا و المروة،فقال:«لا يضرّه،يطوف بين الصفا و المروة و قد فرغ من حجّه» (2).

لأنّه محمول على من فعل ذلك ناسيا،فإنّه يجزئ،أمّا مع العمد فلا يجوز له فعله حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل،و ليس في الخبر أنّه فعله عامدا أو ناسيا.

مسألة:لا يجوز للمتمتّع أن يقدّم طواف الحجّ و سعيه على المضيّ إلى عرفات

اختيارا.

و هو قول العلماء كافّة.

و رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت[لأبي عبد اللّه عليه السّلام]:رجل كان متمتّعا فأهلّ بالحجّ،قال:«لا يطوف بالبيت حتّى يأتي عرفات،فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة فلا يعتدّ بذلك الطواف» (3).

أمّا التقديم للضرورة،كالشيخ الكبير و المريض و المرأة التي تخاف الحيض،فإنّه جائز لهم؛لأنّ تكليف تقديم الوقوف مع المانع ضرر و حرج،فيكون منفيّا بالأصل.

و لما رواه الشيخ عن إسماعيل بن عبد الخالق،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا بأس أن يعجّل الشيخ الكبير و المريض و المرأة و المعلول طواف الحجّ قبل أن يخرج (4)إلى منى» (5).

ص:428


1- 1ج و ح:عن الرجل،كما في الاستبصار.
2- 2) التهذيب 5:133 الحديث 439،الاستبصار 2:231 الحديث 800،الوسائل 9:475 الباب 65 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:130 الحديث 429،الاستبصار 2:229 الحديث 793،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [2]
4- 4) في التهذيب و الاستبصار:«أن يخرجوا».
5- 5) التهذيب 5:131 الحديث 431،الاستبصار 2:230 الحديث 795،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6. [3]

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتّع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجّل طواف الحجّ قبل أن يأتي منى؟قال:«نعم،من كان هكذا يعجّل» (1).

و على الضرورة حمل الشيخ ما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المتمتّع يهلّ بالحجّ ثمّ يطوف و يسعى بين الصفا و المروة قبل خروجه إلى منى،قال:«لا بأس به» (2)جمعا بين الروايات، و هو جيّد.

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل دخل (3)مكّة و معه نساء قد أمرهنّ فتمتّعن قبل التروية يوما و يومين (4)فخشي على بعضهنّ الحيض،فقال:«إذا فرغن من متعتهنّ و أحللن فلينظر إلى التي يخاف عليها، فيأمرها فتغتسل و تهلّ بالحجّ مكانها،ثمّ تطوف بالبيت و بالصفا و المروة،فإن حدث بها شيء،قضت بقيّة المناسك و هي طامث»فقلت:أ ليس قد بقي طواف النساء؟قال:«بلى»قلت:فهي مرتهنة حتّى تفرغ منه؟قال:«نعم»قلت:فلم لا يتركها حتّى تقضي مناسكها؟قال:«يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من أن تبقى عليها المناسك كلّها مخافة الحدثان»قلت:أبى الجمّال أن يقيم عليها و الرفقة،قال:«ليس لهم ذلك،تستعدي عليهم حتّى يقيم عليها حتّى تطهر

ص:429


1- 1التهذيب 5:131 الحديث 432،الاستبصار 2:230 الحديث 796،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 5:131 الحديث 430،الاستبصار 2:229 الحديث 794،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) في المصادر:يدخل.
4- 4) في المصادر:بيوم أو يومين أو ثلاثة.

و تقضي المناسك» (1).

مسألة:و كذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر،

أمّا مع الاختيار فلا يجوز؛لما تقدّم (2).

و يدلّ على الترخيص:ما رواه الشيخ عن الحسن بن عليّ،عن أبيه،قال:

سمعت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام،يقول:«لا بأس بتعجيل طواف الحجّ و طواف النساء قبل الحجّ يوم التروية قبل خروجه إلى منى،و كذلك (3)لمن خاف أن (4)لا يتهيّأ له الانصراف إلى مكّة أن يطوف و يودّع البيت ثمّ يمرّ،كما[هو] (5)من منى إذا كان خائفا» (6).و سيأتي تمام ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز للقارن و المفرد تقديم طوافهما و سعيهما

على المضيّ إلى عرفات

لضرورة و غير ضرورة (7).

و أنكر ابن إدريس (8)،و الجمهور كافّة ذلك.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّ الأصل عدم وجوب الترتيب،و لا منافي له (9).

و بما رواه-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مفرد الحجّ أ يعجّل طوافه أو يؤخّره؟قال:«هو و اللّه سواء عجّله

ص:430


1- 1التهذيب 5:132 الحديث 436،الوسائل 9:474 الباب 64 من أبواب الطواف الحديث 5. [1]
2- 2) يراجع:ص 428. [2]
3- 3) في التهذيب و الاستبصار بزيادة:«لا بأس».
4- 4) في المصادر:«أمرا»مكان:«أن».
5- 5) في النسخ:«مرّ»مكان«هو»و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 5:133 الحديث 437،الاستبصار 2:230 الحديث 798،الوسائل 9:473 الباب 64 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
7- 7) المبسوط 1:359، [4]النهاية:241، [5]التهذيب 5:131.
8- 8) السرائر:135.
9- 9) التهذيب 5:131 ذيل الحديث 432.

أو أخّره» (1).

و عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المفرد للحجّ يدخل مكّة أ يقدّم طوافه أو يؤخّره؟قال:«سواء» (2).

و روى ابن بابويه عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل يحرم بالحجّ من مكّة،ثمّ يرى البيت خاليا،فيطوف قبل أن يخرج،عليه شيء؟قال:«لا» (3)احتجّ ابن إدريس على وجوب الترتيب بالإجماع (4).

و جوابه:أنّه ممنوع خصوصا مع وجود الخلاف،على أنّ شيخنا-رحمه اللّه- قد ادّعى إجماع الطائفة على جواز التقديم (5)،فكيف يصحّ له حينئذ دعوى الإجماع على خلافه!؟و الشيخ أعرف بمواضع الخلاف و الوفاق.

لا يقال:لا دلالة فيما ذكرتم من الأحاديث على صورة النزاع؛لاحتمال أن يكون دخولهما مكّة بعد عودهما من منى لا قبل الوقوف بعرفات،و يكون السؤال عن التعجيل قبل انقضاء أيّام التشريق أو بعدها،على أنّهما يتضمّنان الطواف،أمّا السعي فلا.

لأنّا نقول:المراد:ما ذكرناه من التقديم على الوقوف؛لما رواه البزنطيّ عن عبد الكريم،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن كنت أحرمت

ص:431


1- 1التهذيب 5:45 الحديث 135 و ص 132 الحديث 434،الوسائل 8:204 الباب 14 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:45 الحديث 134 و ص 131 الحديث 433،الوسائل 8:204 الباب 14 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 2:244 الحديث 1169،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 7. [3]
4- 4) السرائر:135.
5- 5) الخلاف 1:459 مسألة-175.

بالمتعة فقدمت يوم التروية فلا متعة لك،فاجعلها حجّة مفردة تطوف بالبيت و تسعى بين الصفا و المروة،ثمّ تخرج إلى منى و لا هدي عليك» (1).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن المفرد للحجّ إذا طاف بالبيت و بالصفا و المروة أ يعجّل طواف النساء؟قال:«لا،إنّما طواف النساء بعد أن يأتي (2)منى» (3).

إذا عرفت هذا:فإنّ القارن و المفرد و المتمتّع مع الضرورة إذا قدّموا الطواف، جدّدوا بالتلبية؛ليبقوا على إحرامهم،و لو لم يجدّدوا انقلبت الحجّة عمرة،قاله الشيخ-رحمه اللّه (4)-و قد تقدّم الكلام فيه (5).

ص:432


1- 1أورده المحقّق في المعتبر 2:794،و [1]بمضمونها روايات كثيرة عن غير أبي بصير،يراجع:الوسائل 8: 210 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ. [2]
2- 2) في المصادر:«بعد ما يأتي».
3- 3) الكافي 4:457 الحديث 1، [3]التهذيب 5:132 الحديث 435،الاستبصار 2:230 الحديث 797، الوسائل 8:205 الباب 14 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [4]
4- 4) النهاية:208، [5]المبسوط 1:311. [6]
5- 5) يراجع:ص 284. [7]
البحث الرابع
اشارة

في التقصير

مسألة:إذا فرغ المتمتّع من السعي،قصّر من شعره،و قد أحلّ من كلّ شيء

أحرم منه إلاّ الاصطياد؛

لكونه في الحرم،فلو خرج من الحرم،حلّ له الاصطياد أيضا،و يحلّ (1)له أكل لحم الصيد في الحرم إذا ذبح في الحلّ.و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن ابن عمر،قال:تمتّع الناس مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ،فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مكّة،قال للناس:«من كان معه هدي فإنّه لا يحلّ من شيء أحرم منه حتّى يقضي حجّته،و من لم يكن معه هدي،فليطف بالبيت و بالصفا و المروة و ليقصّر و ليحلّل» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار من طرق عدّة صحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا فرغت من سعيك و أنت متمتّع،فقصّر من شعرك من جوانبه و لحيتك،و خذ من شاربك،و قلّم من أظفارك و أبق منها لحجّك،فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شيء يحلّ منه المحرم

ص:433


1- 1ج،ع و ح:و حلّ.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [1]سنن النسائيّ 5:151،سنن البيهقيّ 5:17.

و أحرمت منه،فطف بالبيت تطوّعا ما شئت» (1).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته (2)يقول:«طواف المتمتّع أن يطوف بالكعبة و يسعى بين الصفا و المروة و يقصّر من شعره،فإذا فعل ذلك،فقد أحلّ» (3).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ثمّ ائت منزلك فقصّر من شعرك،و حلّ لك كلّ شيء» (4).

مسألة:التقصير نسك في العمرة،

فلا يقع الإحلال منها إلاّ به أو بالحلق،على خلاف سيأتي.

و بالجملة:أفعال العمرة هي الإحرام،و الطواف و ركعتاه،و السعي،و التقصير، ذهب إليه علماؤنا أجمع.

فالتقصير حينئذ نسك يثاب عليه.و به قال مالك (5)،و أبو حنيفة (6)،و أحمد (7)، و الشافعيّ في أحد القولين،و قال في الآخر:إنّه إطلاق محظور (8).

ص:434


1- 1التهذيب 5:157 الحديث 521،الوسائل 9:539 الباب 1 من أبواب التقصير الحديث 4. [1]
2- 2) ج:و سمعته كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:157 الحديث 522،الوسائل 9:539 الباب 1 من أبواب التقصير الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:157 الحديث 523،الوسائل 9:539 الباب 1 من أبواب التقصير الحديث 3. [3]
5- 5) بداية المجتهد 1:368،بلغة السالك 1:284،المغني و الشرح الكبير 3:467،المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:70،تحفة الفقهاء 1:381،بدائع الصنائع 2:140،الهداية للمرغينانيّ 1:147،شرح فتح القدير 2:385،عمدة القارئ 10:61،المغني و الشرح الكبير 3:467،المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:467،الكافي لابن قدامة 1:605،الإنصاف 4:62،المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374.
8- 8) حلية العلماء 3:343،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:205،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 374،مغني المحتاج 1:502،السراج الوهّاج:164،المغني و الشرح الكبير 3:467.

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«رحم اللّه المحلّقين» قيل:يا رسول اللّه و المقصّرين،فقال:«رحم اللّه المحلّقين»إلى أن قال في الثالثة أو الرابعة:«رحم اللّه المقصّرين» (1).و هذا يدلّ على أنّه نسك.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الأمر بالتقصير (2)، فيكون واجبا.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ كلّ ما كان محرّما في الإحرام،فإذا جاز له،كان إطلاق محظور،كالطيب و اللباس (3).

و جوابه:المنع من صدق القضيّة الكلّيّة،خصوصا مع الأحاديث التي أوردناها.

إذا عرفت هذا:فلا يستحبّ تأخير التقصير،و لو أخّره،لم يتعلّق به كفّارة.

مسألة:و لو أخلّ بالتقصير عامدا حتّى أهلّ بالحجّ،بطلت عمرته و كانت حجّته

مفردة.

و لا تدخل أفعال الحجّ في أفعال العمرة.و به قال عليّ عليه السّلام، و ابن مسعود من الصحابة،و الشعبيّ،و النخعيّ من التابعين (4)،و أبو حنيفة و أصحابه من الفقهاء (5).

ص:435


1- 1صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:946 الحديث 1301،سنن أبي داود 2:202 الحديث 1979، [1]سنن الترمذيّ 3:256 الحديث 913، [2]سنن ابن ماجة 2:1012 الحديث 3043،3044، الموطّأ 1:395 الحديث 184، [3]سنن الدارميّ 2:64، [4]مسند أحمد 1:353 و ج 2:119 و 141. [5]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) يراجع:ص 433،434.
3- 3) المجموع 8:205،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374.
4- 4) المجموع 8:61، [6]عمدة القارئ 9:184،تفسير القرطبيّ 2:392. [7]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:27،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:149،الهداية للمرغينانيّ 1:154، [8]عمدة القارئ 9:184،مجمع الأنهر 1:287،288،المغني 3:497،المجموع 8:61،فتح العزيز بهامش المجموع 7:118،تفسير القرطبيّ 2:392. [9]

و قال الشافعيّ:إذا قرن فدخل أفعال العمرة في أفعال الحجّ،و اقتصر على أفعال الحجّ فقط،يجزئه طواف واحد و سعي واحد عنهما (1).و به قال جابر، و ابن عمر،و عطاء،و طاوس،و الحسن البصريّ،و مجاهد،و ربيعة (2)، و مالك (3)،و أحمد،و إسحاق (4).

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (5).فأمر بالحجّ و العمرة معا، و لكلّ واحد منهما أفعال مخصوصة.

و روى الجمهور عن عمران بن الحصين أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من جمع الحجّ إلى العمرة فعليه طوفان» (6).

و عن حمّاد بن عبد الرحمن (7)قال:حججت مع إبراهيم بن محمّد ابن الحنفيّة (8)،فطاف طوافين و سعى سعيين لحجّه و عمرته،و قال:حججت

ص:436


1- 1المجموع 8:61،فتح العزيز بهامش المجموع 7:118،مغني المحتاج 1:514،سنن الترمذي 3: 283، [1]المغني 3:497،تفسير القرطبيّ 2:391، [2]عمدة القارئ 9:184.
2- 2) المغني 3:497،المجموع 8:61،تفسير القرطبيّ 2:391، [3]عمدة القارئ 9:184.
3- 3) بلغة السالك 1:266،تفسير القرطبيّ 2:391، [4]المغني 3:497،المجموع 8:61،عمدة القارئ 9:184.
4- 4) المغني 3:497،سنن الترمذيّ 3:283، [5]المجموع 8:61،تفسير القرطبيّ 2:391، [6]عمدة القارئ 9:184.
5- 5) البقرة(2):196. [7]
6- 6) سنن الدار قطنيّ 2:264 الحديث 133.
7- 7) حمّاد بن عبد الرحمن الأنصاريّ كوفيّ روى عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة عن أبيه عن عليّ عليه السّلام في طواف القارن و روى عنه إسرائيل بن يونس. تهذيب التهذيب 3:18، [8]ميزان الاعتدال 1:596،الجرح و التعديل 3:143.
8- 8) إبراهيم بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ ابن الحنفيّة،روى عن أبيه و عن جدّه مرسلا و عن أنس، و روى عنه ياسين العجليّ و عمر مولى غفرة و محمّد بن إسحاق. تهذيب التهذيب 1:157، [9]الجرح و التعديل 1:124.

مع أبي محمّد بن الحنفيّة،فطاف طوافين و سعى سعيين لحجّته و عمرته،و قال:

حججت مع أبي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فطاف طوافين و سعى سعيين لحجّه و عمرته،و قال:حججت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فطاف طوافين و سعى سعيين لحجّه و عمرته،فهو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام من بعده (1).

و القرآن الذي فسّروه،بيّنّا فساده فيما تقدّم (2).

إذا عرفت هذا:فيدلّ على بطلان العمرة بترك التقصير عامدا:ما رواه الشيخ -في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«المتمتّع إذا طاف و سعى ثمّ لبّى قبل أن يقصّر،فليس له أن يقصّر،و ليس له متعة» (3).

مسألة:و لو أخلّ بالتقصير ناسيا،صحّت متعته،و وجب عليه دم،

قاله الشيخ- رحمه اللّه (4)-،و استدلّ عليه بما رواه-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار، قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام:الرجل يتمتّع،فينسى (5)أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ،فقال:«عليه دم يهريقه» (6).

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي

ص:437


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:263 الحديث 121 بتفاوت يسير في اللفظ،و ينظر:عمدة القارئ 9:280،فتح الباري 3:388.
2- 2) يراجع:ص 131،132.
3- 3) التهذيب 5:159 الحديث 529،الاستبصار 2:243 الحديث 846،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
4- 4) المبسوط 1:363، [2]النهاية:246، [3]التهذيب 5:158.
5- 5) ق و خا:فنسي.
6- 6) التهذيب 5:158 الحديث 527،الاستبصار 2:242 الحديث 844،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 6. [4]

أن يقصّر حتّى دخل الحجّ،قال:«يستغفر اللّه و لا شيء عليه و تمّت عمرته» (1).

قال ابن بابويه-رحمه اللّه-:الحديث الذي دلّ على الدم محمول على الاستحباب (2).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فلمّا أوجب الدم قال:المراد:ليس عليه شيء من العقاب (3).

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فدخل مكّة فطاف و سعى و لبس ثيابه و أحلّ،و نسي أن يقصّر حتّى خرج إلى عرفات،قال:«لا بأس به يبني على العمرة و طوافها،و طواف الحجّ على أثره» (4).

مسألة:و لو جامع امرأته قبل التقصير،وجب عليه جزور إن كان موسرا،

و إن كان متوسّطا فبقرة،و إن كان فقيرا فشاة إن كان عامدا،و لو كان جاهلا أو ناسيا، لم يكن عليه شيء،رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر،قال:«ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه» (5).

و رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عنه عليه السّلام (6).

ص:438


1- 1التهذيب 5:159 الحديث 531،الاستبصار 2:243 الحديث 848،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:237 ذيل الحديث 1129.
3- 3) التهذيب 5:159 ذيل الحديث 528،الاستبصار 2:243 ذيل الحديث 846.
4- 4) التهذيب 5:159 الحديث 530،الاستبصار 2:243 الحديث 847،الوسائل 9:73 الباب 54 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:161 الحديث 536،إلاّ أنّه ليس فيه قوله:«و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه»،الوسائل 9:270 الباب 13 من أبواب كفّارات الإحرام الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 5:161 الحديث 537،الوسائل 9:270 الباب 13 من أبواب كفّارات الإحرام الحديث 2. [4]

و في رواية ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر،قال:«عليه دم شاة» (1).

و دلّ على سقوط الكفّارة عن الجاهل:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتّع وقع على امرأته و لم يقصّر،فقال:«ينحر جزورا و قد خفت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما، و إن كان جاهلا،فلا شيء عليه» (2).

أمّا لو واقعها بعد التقصير،فلا شيء عليه إجماعا؛لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الإحلال من كلّ شيء عند التقصير (3).

و لما رواه الشيخ عن محمّد بن ميمون،قال:قدم أبو الحسن عليه السّلام متمتّعا ليلة عرفة،فطاف و أحلّ و أتى بعض جواريه ثمّ أهل بالحجّ و خرج (4).

و في الصحيح عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل أحلّ من إحرامه و لم تحلّ امرأته فوقع عليها،قال:«عليها بدنة يغرمها زوجها» (5).

و في الموثّق عن محمّد الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة متمتّعة عاجلها زوجها قبل أن تقصّر،فلمّا تخوّفت أن يغلبها أهوت إلى قرونها فقرضت منها بأسنانها و قرضت بأظافيرها،هل عليها شيء؟فقال:«لا،ليس كلّ أحد يجد المقاريض» (6).

ص:439


1- 1التهذيب 5:161 الحديث 538،الوسائل 9:270 الباب 13 من أبواب كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:161 الحديث 539،الوسائل [2]9:270 الباب 13 من كفّارات الإحرام [3]الحديث 4.
3- 3) يراجع:ص 433،434.
4- 4) التهذيب 5:161 الحديث 540،الاستبصار 2:243 الحديث 849،الوسائل 9:546 الباب 8 من أبواب التقصير الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 5:162 الحديث 541،الاستبصار 2:244 الحديث 850،الوسائل 9:260 الباب 8 من أبواب كفّارات الاستماع الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 5:162 الحديث 542،الاستبصار 2:244 الحديث 851،الوسائل 9:541 الباب 3 من أبواب التقصير الحديث 4. [6]

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك إنّي لمّا قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي و لم أقصّر،قال:«عليك بدنة»قال:قلت:إنّي لمّا أردت ذلك منها و لم تكن قصّرت،امتنعت،فلمّا غلبتها،قرضت بعض شعرها بأسنانها،فقال:«رحمها اللّه كانت أفقه منك،عليك بدنة،و ليس عليها شيء» (1).

و لا نعلم في ذلك خلافا.

أمّا رواية سليمان بن حفص المروزيّ عن الفقيه عليه السّلام،قال:«إذا حجّ الرجل فدخل مكّة متمتّعا،فطاف بالبيت و صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السّلام،و سعى بين الصفا و المروة و قصّر،فقد حلّ له كلّ شيء ما خلا النساء، لأنّ عليه لتحلّة النساء طوافا و صلاة» (2).فغير دالّة على ما يناقض الروايات المتقدّمة؛لاحتمال أن يكون الطواف و السعي في الحجّ،و ليس له الوطء حينئذ؛ لأنّ عليه طواف النساء،و ليس في الحديث إشعار بأنّ الطواف و السعي كانا للعمرة.

و يدلّ عليه:تعليله عليه السّلام بوجوب طواف النساء عليه،و ليس في إحرام عمرة التمتّع طواف النساء،بل في إحرام العمرة المبتولة؛لما رواه الشيخ قال:كتب أبو القاسم مخلّد بن موسى الرازيّ (3)يسأله عن العمرة المبتولة،هل على صاحبها طواف النساء؟و عن العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ؟فكتب عليه السّلام:«أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء،و أمّا التي يتمتّع بها إلى الحجّ،فليس

ص:440


1- 1التهذيب 5:162 الحديث 543،الاستبصار 2:244 الحديث 852.
2- 2) التهذيب 5:162 الحديث 544،الاستبصار 2:244 الحديث 853،الوسائل 9:494 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 7. [1]
3- 3) مخلّد بن موسى الرازيّ أبو القاسم له مكاتبة إلى الرجل عليه السّلام رواها محمّد بن يعقوب في الكافي 4: 538 باب قطع تلبية المحرم الحديث 9،و [2]رواها الشيخ في التهذيب 5:254 الحديث 861.قال المامقانيّ:لم أقف فيه على غير ذلك.جامع الرواة 2:222، [3]تنقيح المقال 3:207، [4]معجم رجال الحديث 18:121. [5]

على صاحبها طواف النساء» (1).

فرع:

لو قبّل امرأته قبل التقصير،وجب عليه دم شاة،

قاله الشيخ رحمه اللّه (2).

و استدلّ عليه (3):بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتّع طاف بالبيت و بين الصفا و المروة،فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه،قال:«عليه دم يهريقه،و إن كان الجماع فعليه جزور أو بقرة» (4).

مسألة:و التقصير في إحرام العمرة المتمتّع بها أولى من الحلق،

قاله الشيخ في الخلاف (5).و منع في غيره من الحلق،و أوجب به دم شاة مع العمد (6).

و قال أحمد:التقصير أفضل (7).

و قال الشافعيّ:الحلق أفضل (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق،عن أبيه عليهما السّلام،عن جابر لمّا وصف حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و قال عليه السّلام لأصحابه:

ص:441


1- 1التهذيب 5:163 الحديث 545 و ص 254 الحديث 861،الاستبصار 2:232 الحديث 854،الوسائل 9:493 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:363، [2]النهاية:246، [3]التهذيب 5:160.
3- 3) التهذيب 5:160.
4- 4) التهذيب 5:160 الحديث 535،الوسائل 9:269 الباب 13 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [4]
5- 5) الخلاف 1:450 مسألة-144.
6- 6) المبسوط 1:363،النهاية:246،التهذيب 5:158،الجمل و العقود:142،الاقتصاد:452.
7- 7) المغني 3:413،الشرح الكبير بهامش المغني 3:424،الكافي لابن قدامة 1:593،الإنصاف 4:22. [5]
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:288،المجموع 8:199، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 7:377،مغني المحتاج 1:502،السراج الوهّاج:164.في هذه المصادر قال الشافعيّ بأفضليّة الحلق في الحجّ و البحث في العمرة،و قال في مبحث العمرة بالحلق و لم يصرّح بالأفضليّة،يراجع:حلية العلماء 3:279،المهذّب للشيرازيّ 1:206،المجموع 7:236.

«حلّوا من إحرامكم بطواف بين الصفا و المروة و قصّروا» (1).

و رووا في صفة حجّه عليه السّلام أيضا:فجاء الناس كلّهم و قصّروا (2).

و في حديث ابن عمر،قال:«من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت و بين الصفا و المروة و ليقصّر و ليحلل» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه،قال:«عليه دم يهريقه، فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق» (4).

و لأنّه ينبغي الحلق في الحجّ فمع الحلق هنا يفوت ذلك الفضل.

و دلّ على السقوط عن الناسي:ما رواه الشيخ عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتّع حلق رأسه بمكّة،قال:«إن كان جاهلا فليس عليه شيء،و إن تعمّد ذلك في أوّل الشهور للحجّ (5)بثلاثين يوما فليس عليه شيء،و إن تعمّد بعد الثلاثين التي (6)يوفّر فيها الشعر للحجّ فإنّ عليه دما يهريقه» (7).

ص:442


1- 1صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2:1022 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:235،سنن الدارميّ 2:47،مسند أحمد 3:320، سنن البيهقيّ 5:7.
2- 2) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [2]سنن ابن ماجة 2:1022 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:235،سنن الدارميّ 2:47،مسند أحمد 3:320، [3]سنن البيهقيّ 5:7.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:206،صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [4]سنن النسائيّ 5:151،سنن البيهقيّ 5:17.
4- 4) التهذيب 5:158 الحديث 525،الاستبصار 2:242 الحديث 842،الوسائل 9:542 الباب 4 من أبواب التقصير الحديث 3. [5]
5- 5) ع:«شهور الحجّ» [6]كما في الوسائل،و [7]في التهذيب:«أشهر الحجّ». [8]
6- 6) في النسخ:«الذي»و ما أثبتناه من المصادر.
7- 7) التهذيب 5:158 الحديث 526،الاستبصار 2:242 الحديث 843،الوسائل 9:542 الباب 4 من أبواب التقصير الحديث 5. [9]

احتجّ الشافعيّ (1):بقوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (2).و العرب تبدأ بالأهمّ.و بقوله عليه السّلام:«رحم اللّه المحلّقين»ثلاثا،قيل:يا رسول اللّه و المقصّرين،قال:«رحم اللّه المقصّرين» (3)فدلّ على أنّه أفضل.

و الجواب:مثل هذه الدلائل لا يعارض ما نقلناه،فيكون العمل بقولنا أولى.

و دلّ على حكم الناسي:ما رواه ابن بابويه عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأله (4)عن متمتّع حلق رأسه بمكّة،فقال:«إن كان جاهلا فليس عليه شيء،و إن تعمّد في أوّل[شهور] (5)الحجّ بثلاثين يوما فليس عليه شيء،و إن تعمّد ذلك بعد الثلاثين التي يوفّر فيها الشعر للحجّ،فإنّ عليه دما يهريقه» (6).

مسألة:و أدنى التقصير أن يقصّر شيئا من شعر رأسه و لو كان يسيرا،

و أقلّه ثلاث شعرات؛لأنّ الامتثال يحصل به،فيكون مجزئا.

و لما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن متمتّع قصّ أظفاره و أخذ من شعره بمشقص،قال:

«لا بأس» (7).هذا اختيار علمائنا،و به قال الشافعيّ (8).

ص:443


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:199،فتح العزيز بهامش المجموع 7:377،مغني المحتاج 1:502.
2- 2) الفتح(48):27. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:946 الحديث 1301،سنن أبي داود 2:202 الحديث 1979، [2]سنن الترمذيّ 3:256 الحديث 913، [3]سنن ابن ماجة 2:1012 الحديث 3044،الموطّأ 1: 395 الحديث 184، [4]سنن الدارميّ 2:64، [5]مسند أحمد 1:353 و ج 2:119 و 141. [6]
4- 4) كثير من النسخ:سأل.
5- 5) أثبتناه من المصدر.
6- 6) الفقيه 2:238 الحديث 1137،الوسائل 9:542 الباب 4 من أبواب التقصير الحديث 5. [7]
7- 7) التهذيب 5:158 الحديث 524،الوسائل 9:540 الباب 2 من أبواب التقصير الحديث 1.و [8]فيهما: قرض أظفاره.
8- 8) حلية العلماء 3:344،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:199،فتح العزيز بهامش المجموع 7:378،مغني المحتاج 1:502،السراج الوهّاج:164،المغني 3:415.

و قال أبو حنيفة:الربع (1).

و قال مالك:يقصّر من جميع شعر رأسه أو يحلقه أجمع (2).و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:مثل ما قلناه (3).

لنا:ما تقدّم.

احتجّ مالك (4):بقوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (5)و هو عامّ.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حلق جميع شعر رأسه (6).و لأنّه نسك يتعلّق بالرأس فوجب استيعابه،كالمسح.

و الجواب عن الأوّل:بمنع عموم الحلق و إن كان عامّا بالنسبة إلى أشخاص النّاس،أمّا بالنسبة إلى شعر الرأس فلا.

سلّمنا لكن نمنع مساواة التقصير له،و العطف لا يدلّ عليه،و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مسلّم؛لأنّه بيّن الحلق في الحجّ،و الأصل في القياس ممنوع و قد تقدّم (7).

ص:444


1- 1المبسوط للسرخسيّ 40:70،بدائع الصنائع 2:141،الهداية للمرغينانيّ 1:148،شرح فتح القدير 2: 386،مجمع الأنهر 1:292،عمدة القارئ 10:63،المجموع 8:215،فتح العزيز بهامش المجموع 7:378.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:402،بلغة السالك 1:279،تفسير القرطبيّ 2:382،المغني 3:414،الشرح الكبير بهامش المغني 3:463،عمدة القارئ 10:63.
3- 3) المغني 3:415،الشرح الكبير بهامش المغني 3:463،الكافي لابن قدامة 1:606،الإنصاف 4:38.
4- 4) المغني 3:415،الشرح الكبير بهامش المغني 3:463.
5- 5) الفتح(48):28. [1]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:945 الحديث 1301،سنن أبي داود 2:203 الحديث 1981،سنن البيهقيّ 5:134.
7- 7) يراجع:ص 441.
فروع:
الأوّل:لو حلق في إحرام العمرة،أجزأه،و هل يكون حراما؟فيه خلاف تقدّم.

و لو حلق بعض رأسه،فالوجه عدم التحريم على القولين و سقوط الدم و الاجتزاء به (1).

الثاني:لو قصّ الشعر بأيّ شيء كان،أجزأه،و كذا لو نتفه أو أزاله بالنورة؛

لأنّ القصد الإزالة و الأمر ورد مطلقا،فيجزئ كلّما يتناوله الإطلاق،لكنّ الأفضل التقصير في إحرام العمرة،و الحلق في الحجّ؛اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أمره (2)و فعله (3).

الثالث:لو قصّر من الشعر النازل عن حدّ الرأس أو ما يحاذيه،أجزأه؛

لأنّ المأمور به التقصير و قد حصل،بخلاف المسح في الوضوء؛لأنّ المأمور به هناك المسح على الرأس و هو ما ترأس و علا،و لا نعلم فيه خلافا.

الرابع:لو قصّر من أظفاره،أجزأه؛لأنّه نوع من التقصير،فيتناوله المطلق،

فيكون مجزئا،

(4)

و كذا لو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته،أجزأه.

و قد روى ابن بابويه عن حفص،و جميل و غيرهما،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في محرم يقصّر من بعض و لا يقصّر من بعض،قال:«يجزئه» (5).

مسألة:ينبغي للمتمتّع أن يتشبّه بالمحرمين بعد التقصير و لا يلبس المخيط،

ص:445


1- 1ع و ح:الإجزاء.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:176 و 206،صحيح مسلم 2:884 الحديث 1216(143)و ص 901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805،سنن النسائيّ 5:151،سنن البيهقيّ 4:356 و ج 5:3.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:913 الحديث 1246(209-210)،سنن أبي داود 2: 159 الحديث 1802،سنن النسائيّ 5:244،مسند أحمد 4:96،97 و 98.
4- 4) ع ور:قصّ.
5- 5) الفقيه 2:238 الحديث 1136،الوسائل 9:540 الباب 3 من أبواب التقصير الحديث 1. [1]

رواه الشيخ عن حفص بن البختريّ،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إذا أحلّ أن لا يلبس قميصا و ليتشبّه بالمحرمين» (1).

إذا عرفت هذا:فليس ذلك على سبيل الوجوب بلا خلاف.و لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الإحلال من كلّ شيء عند (2)التقصير (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز له الجماع قبل التقصير،

(4)

فإن جامع،وجب عليه بدنة إن كان موسرا،و بقرة إن كان متوسّطا،و شاة إن كان فقيرا،و لا تبطل عمرته.

و بإيجاب الدم مطلقا و صحّة العمرة قال مالك (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال الشافعي:تفسد عمرته (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه سئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصّر،قال:من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليرق دما،قيل:إنّها موسرة، قال:فلتنحر ناقة (9).

ص:446


1- 1التهذيب 5:160 الحديث 532،الوسائل 9:545 الباب 7 من أبواب التقصير الحديث 1. [1]
2- 2) ع:بعد،مكان:عند.
3- 3) يراجع:ص 433-434. [2]
4- 4) يراجع:ص 438. [3]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:410،بلغة السالك 1:292،المغني 3:414،الشرح الكبير بهامش المغني 3:425.
6- 6) المغني 3:414،الشرح الكبير بهامش المغني 3:425،الإنصاف 3:501.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:58-59،بدائع الصنائع 2:228،الهداية للمرغينانيّ 1:165،المغني 3:414،الشرح الكبير بهامش المغني 3:425.
8- 8) حلية العلماء 3:315،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:388،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 376،مغني المحتاج 1:522،السراج الوهّاج:169.
9- 9) بهذا اللفظ،رواه ابنا قدامة في المغني 3:414،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:425.و بتفاوت ينظر: الموطّأ 1:419 الحديث 240،سنن الدار قطنيّ 2:244 الحديث 37-39،سنن البيهقيّ 5:152،جامع الأصول 3:447 الحديث 1383.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في قول الصادق عليه السّلام:«و قد خفت أن يكون قد ثلم حجّه» (1)و هو يدلّ على الصحّة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الكفّارة تجب عليه و عليها إن طاوعته،و إن أكرهها تحمّل عنها كفّارتها أيضا.و لأنّ التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بالوطء قبله،كالرمي في الحجّ.

احتجّ الشافعيّ بأنّه وطئ قبل حلّه من عمرته فأفسدها (2).

و الجواب:المنع من الإفساد.

مسألة:يكره للمتمتّع بالعمرة أن يخرج من مكّة قبل أن يقضي مناسكه كلّها إلاّ

لضرورة،

فإن اضطرّ إلى الخروج،خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ،و يخرج محرما بالحجّ،فإن أمكنه الرجوع إلى مكّة،و إلاّ مضى على إحرامه إلى عرفات.

و لو خرج بغير إحرام ثمّ عاد،فإن كان في الشهر الذي خرج فيه،لم يضرّه أن يدخل مكّة بغير إحرام،و إن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه،دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ،و تكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتّع بها إلى الحجّ،رواه الشيخ -في الحسن-عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من دخل مكّة متمتّعا في أشهر الحجّ،لم يكن له أن يخرج حتّى يقضي الحجّ،فإن عرضت له الحاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق،خرج محرما،و دخل ملبّيا بالحجّ،فلا يزال على إحرامه،فإن رجع إلى مكّة رجع محرما،و لم يقرب البيت حتّى يخرج مع النّاس إلى منى...»[قلت] (3):فإن جهل فخرج إلى المدينة و إلى (4)نحوها بغير إحرام ثمّ رجع في إبّان الحجّ في أشهر الحجّ يريد الحجّ أ يدخلها محرما

ص:447


1- 1يراجع:ص 439. [1]
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 7:376،المغني 3:414،الشرح الكبير بهامش المغني 3:425.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) ع:أو إلى،كما في الوسائل. [2]

أو بغير إحرام؟فقال:«إن رجع في شهره دخل بغير إحرام،و إن دخل في غير الشهر دخل محرما»قلت:فأيّ الإحرامين و المتعتين متعته؟الأولى أو الأخيرة؟ قال:«الأخيرة هي عمرته،و هي المحتسب (1)بها التي وصلت بحجّه»قلت:فما فرق بين المفردة و بين عمرة المتعة إذا دخل في أشهر الحجّ؟قال:«أحرم بالعمرة و هو ينوي العمرة ثمّ أحلّ منها و لم يكن عليه دم و لم يكن محتسبا (2)بها؛لأنّه لا يكون ينوي الحجّ» (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ يريد الخروج إلى الطائف،قال:«يهلّ بالحجّ من مكّة و ما أحبّ أن يخرج منها إلاّ محرما و لا يجاوز الطائف إنّها قريبة من مكّة» (4).

و في الصحيح عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل قضى متعته و عرضت له حاجة،أراد أن يخرج (5)إليها،قال:فقال:«فليغتسل للإحرام و ليهلّ بالحجّ و ليمض في حاجته،فإن لم يقدر على الرجوع إلى مكّة مضى إلى عرفات» (6).

ص:448


1- 1في المصادر:«المحتبس».
2- 2) في المصادر:«محتبسا».
3- 3) التهذيب 5:163 الحديث 546،الوسائل 8:219 الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6. [1]
4- 4) التهذيب 5:164 الحديث 547،الوسائل 8:219 الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 7 [2] فيه: «و لا يتجاوز...».
5- 5) في التهذيب و الوسائل: [3]أن يمضي.
6- 6) التهذيب 5:164 الحديث 548،الوسائل 8:218 الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [4]
فروع:
الأوّل:لو خرج من مكّة بغير إحرام و عاد في الشهر الذي خرج فيه،

استحبّ له أن يدخلها محرما بالحجّ،و يجوز له أن يدخلها بغير إحرام على ما تقدّم.

روى الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتّع يجيء فيقضي متعته،ثمّ تبدو له[الحاجة] (1)فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المعادن،قال:«يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير أشهر الحجّ الذي (2)يتمتّع فيه؛لأنّ لكلّ شهر عمرة،و هو مرتهن بالحجّ» قلت:فإنّه دخل في الشهر الذي خرج فيه،قال:«كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقّى بعض هؤلاء،فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم بالحجّ،و دخل و هو محرم بالحجّ» (3).

هذا قول الشيخ رحمه اللّه و استدلاله (4).و فيه إشكال؛إذ قد بيّنّا أنّه لا يجوز الإحرام لحجّ التمتّع إلاّ من مكّة (5).

الثاني:قد بيّنّا أنّه لا يجوز لأحد أن يدخل مكّة إلاّ محرما

إلاّ في هذه الصورة التي قدّمناها و المريض و الحطّابة (6).

روى الشيخ-في الصحيح-عن عاصم بن حميد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يدخل أحد الحرم إلاّ محرما؟قال:«لا إلاّ المريض أو المبطون» (7).

ص:449


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) في المصدر:«في غير الشهر الذي»مكان:«في غير أشهر الحجّ [1]الذي».
3- 3) التهذيب 5:164 الحديث 549،الوسائل 8:220 الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 8. [2]
4- 4) التهذيب 5:164.
5- 5) يراجع:ص 169 و 171.
6- 6) يراجع:ص 294.
7- 7) التهذيب 5:165 الحديث 550،الاستبصار 2:245 الحديث 855،الوسائل 9:67 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام هل يدخل الرجل (1)بغير إحرام؟فقال:«لا،إلاّ أن يكون مريضا أو به بطن» (2).

و في الصحيح عن رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل به بطن و وجع شديد يدخل مكّة حلالا؟فقال:«لا يدخلها إلاّ محرما»و قال:

«يحرمون عنه،إنّ الحطّابين[و المجتلبة] (3)أتوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:المنع في هذه الرواية من دخول المريض إلاّ بإحرامه على سبيل الندب؛لما تقدّم في الحديثين الأوّلين (5).و هو جيّد.

و حمل ما رواه-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يخرج إلى جدّة في الحاجة،فقال:«يدخل مكّة بغير إحرام» (6)على من عاد في الشهر الذي خرج فيه (7).و هو حسن لما تقدّم (8)،و لما رواه عن حفص ابن البختريّ و أبان بن عثمان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم،قال:«إن رجع في الشهر الذي خرج فيه،دخل بغير

ص:450


1- 1في الاستبصار بزيادة:الحرم.
2- 2) التهذيب 5:165 الحديث 551،الاستبصار 2:245 الحديث 856،الوسائل 9:67 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 2 و 4. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:165 الحديث 552،الاستبصار 2:245 الحديث 857،الوسائل 9:67 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 3 و [2]ص 70 الحديث 2.لا توجد في الأخيرين جملة:و قال:«يحرمون عنه».
5- 5) التهذيب 5:165،الاستبصار 2:246.
6- 6) التهذيب 5:166 الحديث 553،الاستبصار 2:246 الحديث 858،الوسائل 9:70 الباب 51 من أبواب الإحرام الحديث 3. [3]
7- 7) التهذيب 5:166،الاستبصار 2:246.
8- 8) يراجع:ص 293،294.

إحرام،و إن دخل في غيره،دخل بإحرام» (1).

مسألة:يجوز للمحرم المتمتّع إذا دخل مكّة أن يطوف و يسعى و يقصّر،

إذا علم أو غلب على ظنّه أنّه يقدر على إنشاء الإحرام بالحجّ بعده،و الخروج إلى عرفات و المشعر و لا يفوته شيء من ذلك و لو كان دخوله إلى مكّة بعد الزوال من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة قبل الزوال أو بعده.

و بالجملة:الاعتبار بإدراك أحد الموقفين في وقته،فمتى علم أو غلب على ظنّه إدراكه،صحّت المتعة،هذا اختيار الشيخ رحمه اللّه (2).

و قال المفيد-رحمه اللّه-:إذا زالت الشمس من يوم التروية و لم يكن أحلّ من عمرته،فقد فاتته المتعة،و لا يجوز له التحلّل منها،بل يبقى على إحرامه،و تكون حجّة مفردة (3).

لنا:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن هشام بن سالم و مرازم و شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل المتمتّع يدخل ليلة عرفة، فيطوف و يسعى ثمّ يحرم فيأتي منى،فقال:«لا بأس» (4).

و عن محمّد بن ميمون (5)،قال:قدم أبو الحسن عليه السّلام متمتّعا ليلة عرفة

ص:451


1- 1التهذيب 5:166 الحديث 554،الاستبصار 2:246 الحديث 859،الوسائل 9:70 الباب 51 من أبواب الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) النهاية:247، [2]التهذيب 5:170،المبسوط 1:364. [3]
3- 3) كذا نسب إلى المفيد هنا و في التذكرة 8:153 و [4]حكي عنه في السرائر:137،و الموجود في المقنعة: 67:من دخل مكّة يوم التروية فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة فأدرك ذلك قبل مغيب الشمس أدرك المتعة،فإن غابت الشمس قبل أن يفعل ذلك فلا متعة له.
4- 4) الفقيه 2:242 الحديث 1156،الوسائل 8:210 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [5]
5- 5) محمّد بن ميمون،كذا عنونه الأردبيليّ و المامقانيّ و السيّد الخوئيّ بغير وصف،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و روى عنه حمّاد بن عيسى،ليس في حقّه في كتب الرجال أكثر من هذا.جامع الرواة 2: 207، [6]تنقيح المقال 3:194، [7]معجم رجال الحديث 17:329. [8]

و طاف و أحلّ و أتى جواريه ثمّ أهلّ بالحجّ و خرج (1).

و في الصحيح عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:المرأة تجيء متمتّعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة،فقال:«إن كانت تعلم أنّها تطهر و تطوف بالبيت و تحلّ من إحرامها و تلحق الناس بمنى،فلتفعل» (2).

و عن شعيب العقرقوفيّ،قال:خرجت أنا و حديد (3)فانتهينا إلى البستان يوم التروية فتقدّمت على حمار فقدمت مكّة فطفت و سعيت و أحللت من تمتّعي ثمّ أحرمت بالحجّ و قدم حديد من الليل،فكتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام أستفتيه في أمره،فكتب إليّ:«مره يطوف و يسعى و يحلّ من متعته و يحرم بالحجّ و يلحق الناس بمنى و لا يبيتنّ بمكّة» (4).

و لأنّ الواجب هو الإتيان بأفعال العمرة و أفعال الحجّ و هو ممكن (5)هاهنا؛لأنّ البحث فيه،فكان الاعتبار به لا بالوقت.

قال الشيخ-رحمه اللّه-في التهذيب:المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ تكون عمرته تامّة ما أدرك الموقفين،سواء كان ذلك يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة إلى بعد الزوال،فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة؛لأنّه لا يمكنه أن يلحق الناس بعرفات،إلاّ أنّ مراتب الناس تتفاوت في الفضل و الثواب،فمن

ص:452


1- 1الفقيه 2:242 الحديث 1157،الوسائل 8:210 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:242 الحديث 1158،الوسائل 8:211 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) حديد بن حكيم أبو عليّ الأزديّ المدائنيّ،ثقة وجه متكلّم روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و أبي الحسن عليه السّلام،له كتاب،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:حديد والد عليّ بن حديد له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،قال المامقانيّ:الرجل مسلّم الوثاقة لا غمز فيه من أحد.رجال النجاشيّ:148،رجال الطوسيّ:181،الفهرست:63، [3]رجال العلاّمة:64، [4]تنقيح المقال 1:258. [5]
4- 4) الفقيه 2:242 الحديث 1159،الوسائل 8:211 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [6]
5- 5) ج:متمكّن.

أدرك يوم التروية عند الزوال يكون ثوابه أكثر و متعته أكمل ممّن يلحق بالليل،و من أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك،و الأخبار التي وردت في أنّ من لم يدرك يوم التروية فقد فاتته المتعة،المراد بها:فوت الكمال الذي يرجى لحوقه يوم التروية، و ما تضمّنت من قولهم عليهم السّلام:و ليجعلها حجّة مفردة.فالإنسان بالخيار في ذلك بين أن يمضي المتعة و بين أن يجعلها حجّة مفردة إذا لم يخف فوت الموقفين و كانت غير حجّة الإسلام التي لا يجوز فيها الإفراد مع الإمكان،و إنّما يتوجّه وجوبها و الحتم على أن تجعل حجّة مفردة لمن غلب على ظنّه أنّه إن اشتغل بالطواف و السعي و الإحلال ثمّ الإحرام بالحجّ،يفوته الموقفان،فإذا (1)حملنا الأخبار على ما ذكرناه،لم نكن قد دفعنا شيئا منها (2).

قال موسى بن القاسم:روى لنا الثقة من أهل البيت،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام أنّه قال:«أهلّ بالمتعة بالحجّ-يريد يوم التروية-[إلى] (3)زوال الشمس و بعد العصر و بعد المغرب و بعد العشاء ما بين ذلك كلّه واسع» (4).

أمّا رواية الفوات،فقد رواها الشيخ عن زكريّا بن عمران (5)،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتّع إذا دخل يوم عرفة،قال:«لا متعة له،يجعلها

ص:453


1- 1ج:و إذا.
2- 2) التهذيب 5:170.
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:172 الحديث 578،الاستبصار 2:248 الحديث 873،الوسائل 8:213 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13. [1]
5- 5) زكريّا بن عمران،روى عن أبي الحسن عليه السّلام و روى عنه محمّد بن سهل في الاستبصار 2:249 الحديث 874.و هذا الحديث بعينه في التهذيب عن زكريّا بن آدم،قال الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ: و الصحيح ما في التهذيب بقرينة رواية محمّد بن سهل عنه و اتّحاد الخبر. جامع الرواة 1:333، [2]معجم رجال الحديث 7:277. [3]

عمرة مفردة» (1).

و عن إسحاق بن عبد اللّه،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«المتمتّع إذا قدم ليلة عرفة فليست له متعة يجعلها حجّة مفردة،إنّما المتعة إلى يوم التروية» (2).

و عن موسى بن عبد اللّه (3)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتّع يقدم مكّة ليلة عرفة،قال:«لا متعة له يجعلها حجّة مفردة و يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة و يخرج إلى منى و لا هدي عليه،إنّما الهدي على المتمتّع» (4).

و عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن الرجل و المرأة يتمتّعان بالعمرة إلى الحجّ،ثمّ يدخلان مكّة يوم عرفة كيف يصنعان؟قال:

«يجعلانها حجّة مفردة،و حدّ المتعة إلى يوم التروية» (5).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قدمت مكّة يوم التروية و قد غربت الشمس،فليس لك متعة،و امض (6)كما أنت بحجّك» (7).

ص:454


1- 1التهذيب 5:173 الحديث 579،الاستبصار 2:249 الحديث 874،الوسائل 8:215 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:173 الحديث 580،الاستبصار 2:249 الحديث 875،الوسائل 8:215 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9. [2]
3- 3) موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام المدنيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،قال المامقانيّ:و الظاهر أنّه أخو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن النفس الزكيّة.رجال الطوسيّ:307،جامع الرواة 2:277، [3]تنقيح المقال 3:257. [4]
4- 4) التهذيب 5:173 الحديث 581،الاستبصار 2:249 الحديث 876،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 10. [5]
5- 5) التهذيب 5:173 الحديث 582،الاستبصار 2:249 الحديث 877،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 11. [6]
6- 6) في المصادر:امض.
7- 7) التهذيب 5:173 الحديث 583،الاستبصار 2:249 الحديث 878،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 12. [7]

و هذه الروايات كلّها محمولة على من خاف فوت الموقفين؛للجمع بين الروايات،و لما ذكرنا من الدليل (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أهلّ بالحجّ و العمرة جميعا،ثمّ قدم مكّة و الناس بعرفات،فخشي إن هو طاف و سعى بين الصفا و المروة أن يفوته الموقف،فقال:

«يدع العمرة فإذا أتمّ حجّه صنع كما صنعت عائشة و لا هدي عليه» (2).

و التقييد بخوف الفوات هنا يقتضي تقييده في الأحاديث المتقدّمة؛حملا للمطلق على المقيّد،و يدلّ على ذلك أيضا:تفاوت التقدير في الأخبار،ففي بعضها:إذا أدرك الناس بمنى،و في بعضها:إذا غربت الشمس من يوم التروية أدرك العمرة،و في بعضها:إلى السحر من ليلة عرفة (3).

و في رواية محمّد بن سرو (4)،قال:كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السّلام:ما تقول في رجل يتمتّع (5)بالعمرة إلى الحجّ وافى غداة عرفة،و خرج النّاس من منى

ص:455


1- 1يراجع:ص 451،452.
2- 2) التهذيب 5:174 الحديث 584،الاستبصار 2:250 الحديث 879،الوسائل 8:215 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 6. [1]
3- 3) ينظر:الوسائل 8:212 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ. [2]
4- 4) محمّد بن سرو،روى عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام،و روى عنه عبد اللّه بن جعفر.قد جزم صاحب المعالم(قدّس سرّه)في المنتقى 3:340 بوقوع التحريف في سند هذه الرواية،و أنّ الصحيح:محمّد بن جزّك بدل محمّد بن سرو و ردّه السيّد الخوئيّ بأنّ ما ذكره و إن كان يؤيّده كثرة رواية عبد اللّه بن جعفر عن محمّد بن جزّك و عدم وجود روايته عن محمّد بن سرو غير هذه الرواية إلاّ أنّه لا يمكن الجزم به و لا سيّما مع اتّفاق جميع النسخ القديمة و الحديثة على ضبط الرجل بعنوان:محمّد بن سرو،و محمّد بن جزّك الجمّال عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السّلام و قال:ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال الطوسيّ:422،رجال العلاّمة:141، [3]معجم رجال الحديث 16:121. [4]
5- 5) ح:متمتّع،كما في الوسائل.

إلى عرفات عمرته (1)قائمة،أو قد ذهبت منه،إلى أيّ وقت عمرته قائمة إذا كان متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فلم يواف ليلة التروية و لا يوم التروية فكيف يصنع؟فوقّع عليه السّلام:«ساعة يدخل مكّة إن شاء اللّه يطوف و يصلّي ركعتين و يسعى و يقصّر و يحرم بحجّة و يمضي إلى الموقف و يفيض مع الإمام» (2).و الضابط ما ذكرناه نحن (3).

ص:456


1- 1في التهذيب و الوسائل: [1]أعمرته.
2- 2) التهذيب 5:171 الحديث 570،الاستبصار 2:247 الحديث 865،الوسائل 8:213 الباب 20 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 16. [2]في الجميع:بحجّته.
3- 3) يراجع:ص 451. [3]

المجلد 11

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

تنبيه

كنّا قد أشرنا في الأجزاء الأوّل و السابع و التاسع من هذا الكتاب إلى النسخ المعتمدة في التحقيق.و قد تمكّنّا من الحصول على نسختين أخريين أخذتا موقعهما في تحقيق هذا الجزء،و هما:

1-النسخة المحفوظة في مكتبة الوزيريّ بيزد،و المرقّمة ب 12682.فرغ محمّد عليّ بن شيخ عبّاس البلاغيّ من كتابتها سنة 1207 ه.تحتوي على كتاب الحجّ و العمرة.وقفها ملاّ محمّد إسماعيل اليزديّ العقدائيّ على طلبة العلوم الدينيّة سنة 1231 ه،ثمّ وضعت في مكتبة الوزيريّ سنة 1344 ه.و قد رمزنا لها بالحرف«د».

2-النسخة المحفوظة في المكتبة المركزيّة للآستانة الرضويّة المقدّسة،و المرقّمة ب 17841.كتبها عبد الكريم بن إبراهيم بن عليّ بن عبد العال الشهير بالميسيّ العامليّ سنة 975 ه.و قوبلت بنسخة مقابلة بنسخة المؤلّف الأصليّة.تشتمل على مباحث من الصوم و الاعتكاف و الحجّ و العمرة و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،بيد أنّ فيها غير قليل من الاضطراب و التداخل في تسلسل المباحث،إلى جانب ما فيها من سقط كثير،لكنّها على أيّ حال لا تخلو من فائدة.و هي من موقوفات آل عصفور.

و قد رمزنا لها بالحرف«آل».

ص:5

ص:6

الحمد للّه الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة و باطنة،و شرّفنا بأن هدانا إلى اتّباع أشرف أنبيائه و أوصيائه محمّد و آله الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

و من فضل اللّه تعالى علينا أن وفّقنا لإخراج جزء آخر من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»و هو الجزء الحادي عشر من هذه المجموعة الفقهيّة القيّمة،و نسأله سبحانه أن يواتر إحسانه علينا و يعيننا على إتمام ما بقي منها.

و حريّ بنا أن نشكر الزملاء الذين ساهموا في تحقيق هذا الجزء من أعضاء قسم الفقه،و هم السادة العلماء و الإخوة الفضلاء:

الشيخ عليّ الاعتماديّ.

الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ.

الشيخ عبّاس المعلّميّ.

الشيخ محمّد عليّ الملكيّ.

الشيخ عليّ النمازيّ.

السيّد أبو الحسن الهاشميّ.

الأخ السيّد طالب الموسويّ.

الأخ عادل البدريّ.

الأخ شكر اللّه الأختري.

الأخ عليّ أصغر المولويّ.

كما يجدر بنا أيضا أن نشكر لسماحة حجّة الإسلام و المسلمين عليّ أكبر إلهيّ الخراسانيّ إشرافه على التحقيق،سائلين اللّه له و لكلّ المشاركين بهذا العمل دوام التوفيق و حسن العاقبة؛ إنّه غفور شكور.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:7

ص:8

تتمة كتاب الخمس في الحج و العمرة

المقصد الثالث

اشارة

في أفعال الحجّ

و فيه فصول:

ص:9

ص:10

الفصلالأوّل
اشارة

في الإحرام بالحجّ

قد ذكرنا فيما تقدّم (1)من كتابنا هذا أفعال العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ و أحكامها،و شرحنا ذلك مستوفى.و نحن الآن نذكر أفعال حجّ التمتّع (2)بعد إحلاله من العمرة،و نبدأ بحديث ذكره الجمهور،صحيح عندهم،رواه مسلم، و أبو داود،و ابن ماجة،عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ نذكر بعد ذلك ما ورد من الأحاديث عندنا، و نستوفي مسائل هذا المقصد بعون اللّه تعالى فنقول:

روى الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام،عن أبيه محمّد الباقر عليه السلام،عن جابر،و ذكر الحديث إلى أن قال:«فحلّ الناس كلّهم و قصّروا إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و من كان معه هدي،فلمّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى،فأهلّوا بالحجّ،و ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الفجر،ثمّ مكث قليلا حتّى طلعت الشمس و أمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة،فسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لا تشكّ قريش إلاّ أنّه واقف

ص:11


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 118.
2- 2) ق و ع:حجّ المتمتّع،خا:الحجّ المتمتّع.

عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة،فاجتاز (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أتى عرفة،فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة،فنزل بها حتّى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء (2)فرحلت له فأتى بطن الوادي،فخطب الناس و قال:إنّ دماءكم و أموالكم حرام عليكم،كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا،ألا إنّ كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ موضوع،و دماء الجاهليّة موضوعة،و إنّ أوّل دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث (3)كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل (4)،و ربا الجاهليّة موضوع،و أوّل ربا أضع ربانا ربا عبّاس بن عبد المطّلب؛فإنّه موضوع كلّه،فاتّقوا اللّه في النساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة اللّه،و استحللتم فروجهنّ بكلمة اللّه،و لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه،فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح،و لهنّ عليكم رزقهنّ و كسوتهنّ بالمعروف،و قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به (5):كتاب اللّه،و أنتم تسألون عنّي،فما أنتم قائلون؟قالوا:نشهد أنّك قد بلّغت و أدّيت و نصحت،فقال بإصبعه السبّابة يرفعها إلى السماء و ينكبها إلى الناس (6):اللهمّ اشهد

ص:12


1- 1د،و المصادر:فأجاز.
2- 2) القصواء:الناقة التي قطع طرف أذنها...و لم تكن ناقة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قصواء و إنّما كان هذا لقبا لها.النهاية لابن الأثير 4:75. [1]
3- 3) ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيّ الهاشميّ يكنّى أبا أروى،و هو ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو الذي قال فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و إنّ أوّل دم أضعه دم ربيعة بن الحارث»و ذلك أنّه قتل لربيعة في الجاهليّة ابن اسمه آدم،و قيل:تمام،مات سنة 23 ه بالمدينة في خلافة عمر. أسد الغابة 2:166،الإصابة 1:506، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 1:505. [4]
4- 4) قال في لسان العرب 11:694:...و هذيل:قبيلة.
5- 5) كثير من النسخ:إن اعتصم به،ع:ما إن تمسّكتم به.
6- 6) ينكبها:أي يميلها إليهم.النهاية لابن الأثير 5:112. [5]

ثلاث مرّات،ثمّ أذّن ثمّ أقام فصلّى الظهر،ثمّ أقام فصلّى العصر،و لم يصلّ بينهما شيئا،ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أتى الموقف،فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات،و جعل حبل المشاة بين يديه،فاستقبل القبلة،فلم يزل واقفا حتّى غربت الشمس و ذهبت الصفرة قليلا حتّى غاب القرص،و أردف أسامة خلفه، و دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد شنق القصواء بالزمام حتّى أنّ رأسها ليصيب مورك (1)رحله،و يقول بيده اليمنى:أيّها النّاس السكينة السكينة،كلّما أتى حبلا من الحبال (2)أرخى لها قليلا حتّى تصعد،حتّى أتى المزدلفة فصلّى بها المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين،و لم يسبّح بينهما شيئا،ثمّ اضطجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى طلع الفجر،فصلّى الفجر حين تبيّن (3)له الصبح بأذان و إقامة،ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام،فاستقبل القبلة فدعا اللّه و كبّره و هلّله و وحّده،و لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا،فدفع قبل أن تطلع الشمس،و أردف الفضل بن عبّاس،و كان رجلا حسن الشعر أبيض و سيما،فلمّا دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّت به ظعن (4)يجرين،فطفق الفضل ينظر إليهنّ فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يده على وجه الفضل،فحوّل الفضل وجهه إلى الشقّ الآخر ينظر،فحوّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده من الشقّ الآخر على وجه الفضل،فصرف وجهه من الشقّ الآخر ينظر حتّى أتى بطن محسّر فحرّك قليلا،

ص:13


1- 1المورك و الموركة:المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل،يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب.النهاية لابن الأثير 5:176، [1]لسان العرب 10:511. [2]
2- 2) الحبل من الرمل:ما طال و امتدّ و اجتمع و ارتفع.المصباح المنير:119، [3]لسان العرب 11:137، [4]النهاية لابن الأثير 1:333. [5]
3- 3) أكثر النسخ:حتى تبيّن.
4- 4) الظّعن:النّساء،واحدتها:ظعينة،و أصل الظّعينة:الرّاحلة التي يرحل و يظعن عليها:أي يسار.و قيل للمرأة ظعينة،لأنّها تظعن مع الزوج حيثما ظعن،أو لأنّها تحمل على الراحلة إذا ظعنت،و قيل الظعينة: المرأة في الهودج.ثمّ قيل للهودج بلا امرأة،و للمرأة بلا هودج:ظعينة.النهاية لابن الأثير 3:157. [6]

ثمّ سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى[حتّى أتى الجمرة] (1)التي عند الشجرة فرماها سبع حصيات،يكبّر مع كلّ حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي،ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا و ستّين بدنة[بيده] (2)،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر و أشركه في هديه،ثمّ أمر من كلّ بدنة ببضعة فوضعت (3)في قدر فطبخت،فأكلا من لحمها و شربا من مرقها،ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر،فأتى بني عبد المطّلب و هم يسقون على زمزم فقال:انزعوا بني عبد المطّلب،فلو لا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم،فناولوه دلوا شرب منه» (4)قال عطاء:كان منزل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمنى بالخيف (5).

مسألة:و إذا فرغ من أفعال العمرة و قصّر،فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه

على ما بيّنّاه

(6).

إذا عرفت هذا:فنقول:إنّه يجب عليه بعد ذلك الإتيان بالحجّ.

و صفته:أن يحرم بالحجّ من مكّة،ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها إلى غروب الشمس من يوم عرفة،ثمّ يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفجر،ثمّ يفيض إلى منى فيحلق بها يوم النحر و يذبح هدية و يرمي جمرة العقبة،ثمّ إن شاء أتى مكّة ليومه أو لغده،فطاف (7)طواف الزيارة و صلّى ركعتيه و سعى للحجّ،و طاف طواف

ص:14


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) في المصادر:فجعلت.
4- 4) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1022-1027 الحديث 3074.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:429.
6- 6) يراجع:الجزء العاشر ص 119.
7- 7) ع:و طاف.

النساء و صلّى ركعتيه،ثمّ عاد إلى منى لرمي ما تخلّف من الجمار،و إن شاء أقام بمنى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر،و مثله يوم الثاني عشر،ثمّ ينفر بعد الزوال،و إن شاء أقام إلى النفر الثاني،و عاد إلى مكّة للطوافين و السعي،فهذه صفة الحجّ للمتمتّع،و نحن نذكر حكما حكما في فصل فصل إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يستحبّ أن يكون إحرامه بالحجّ يوم التروية

،و هو الثامن من ذي الحجّة،و سمّي بذلك؛لأنّه لم يكن بعرفات ماء،و كانوا يستقون (1)من مكّة من الماء ريّهم (2)،و كان يقول بعضهم لبعض:تروّيتم تروّيتم،فسمّي يوم التروية لذلك.

ذكره ابن بابويه (3)و الجمهور،و نقل الجمهور أيضا وجها آخر:و هو أنّ إبراهيم عليه السلام رأى في تلك الليلة التي رأى فيها ذبح الولد رؤياه،فأصبح يروّي في نفسه أ هو حلم أم من اللّه تعالى؟فسمّي يوم التروية،فلمّا كانت ليلة عرفة رأى ذلك أيضا،فعرف أنّه من اللّه تعالى،فسمّي يوم عرفة (4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ للمتمتّع إذا أحلّ من عمرته أن يحرم بالحجّ يوم التروية،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن جابر:فلمّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى،فأهلّوا بالحجّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:15


1- 1كثير من النسخ:يسقون.
2- 2) ع:لريّهم.
3- 3) الفقيه 2:127 الحديث 546،علل الشرائع:435 الحديث 1. [1]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:429،المجموع 8:81، [2]عمدة القارئ 9:296،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:357.
5- 5) صحيح مسلم 2:889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل،ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا،و عليك السكينة و الوقار،ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة،ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة،فأحرم بالحجّ،ثمّ امض و عليك السكينة و الوقار،فإذا انتهيت إلى الرقطاء (1)دون الردم (2)فلبّ،فإذا انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح (3)فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (4).

و عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:متى ألبّي بالحجّ؟قال:«إذا خرجت إلى منى»ثمّ قال:«إذا جعلت شعب الدبّ (5)عن يمينك،و العقبة عن (6)يسارك،فلبّ بالحجّ» (7).

أمّا المكّيّ،فذهب مالك إلى أنّه يستحبّ أن يهلّ بالحجّ من المسجد لهلال

ص:16


1- 1الرقطاء:موضع دون الردم و يسمّى مدعا،و مدعى الأقوام مجتمع قبائلهم.مجمع البحرين 4:249. [1]
2- 2) الردم:بمكّة،و هو حاجز يمنع السيل عن البيت المحرّم و يعبّر عنه الآن بالمدعى.المصباح المنير:225، مجمع البحرين 6:71. [2]
3- 3) الأبطح:مسيل وادي مكّة و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى و آخره متّصل بالمقبرة التي تسمّى بالمعلى عند أهل مكّة.النهاية لابن الأثير 1:134، [3]مجمع البحرين 2: 343. [4]
4- 4) التهذيب 5:167 الحديث 557،الاستبصار 2:251 الحديث 883،الوسائل 9:71 [5] الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1 و ج 10:2 الباب 1 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1.
5- 5) شعب الدبّ:في طريق الخارج إلى منى و لعلّه عين شعب أبي دبّ الذي يقال:إنّ به قبر آمنة بنت وهب أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. معجم البلدان 3:347، [6]مراصد الاطّلاع 2:800.
6- 6) في التهذيب و الوسائل: [7]على.
7- 7) التهذيب 5:167 الحديث 558،الاستبصار 2:252 الحديث 884 و فيه:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 5. [8]

ذي الحجّة (1).

و روي عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و طاوس،و سعيد بن جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضا (2).و هو قول أحمد (3)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالإهلال يوم التروية (4).

و لأنّه ميقات للإحرام،فاستوى فيه أهل مكّة و غيرهم،كميقات المكان.

و لا خلاف أنّه لو أحرم المتمتّع بحجّة (5)أو المكّيّ قبل ذلك في أيّام الحجّ،فإنّه يجزئه.

مسألة:و يحرم من مكّة،و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب

،و يجوز أن يحرم من أيّ موضع شاء من مكّة،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حتّى أهل مكّة يهلّون منها» (6)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن صفوان،عن أبي أحمد عمرو بن حريث الصيرفيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:من أين أهلّ بالحجّ؟فقال:

«إن شئت من رحلك،و إن شئت من الكعبة،و إن شئت من الطريق» (7).

ص:17


1- 1الموطّأ 1:339-340، [1]المدوّنة الكبرى 1:369،بداية المجتهد 1:325،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:258.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:430،المجموع 7:181.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:430،الكافي لابن قدامة 1:595،الإنصاف 4:25، [2]زاد المستقنع:33.
4- 4) صحيح مسلم 2:889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074.
5- 5) ع:بالحجّ.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738، [3]سنن النسائيّ 5:125-126،سنن الدارميّ 2:30،سنن الدار قطنيّ 2:237-238 الحديث 8، سنن البيهقيّ 5:29.
7- 7) التهذيب 5:166 الحديث 555،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 2. [4]

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟فقال:«من أيّ المسجد شئت» (1).

و دلّ على استحباب ما قلناه قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة، ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحجّ» (2)الحديث.

مسألة:و يستحبّ له أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الطلي

و الاغتسال و التنظيف

بإزالة الشعر و الدعاء و الاشتراط؛لما تقدّم من الأحاديث (3).

و أمّا رواية أيّوب بن الحرّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:إنّا قد أطلينا و نتفنا و قلّمنا أظفارنا بالمدينة فما نصنع عند الحجّ؟فقال:«لا تطل و لا تنتف و لا تحرّك شيئا» (4).فإنّها محمولة على من كانت حجّته مفردة دون المتمتّع؛لأنّ المفرد لا يجوز له شيء من ذلك حتّى يفرغ من مناسكه يوم النحر،و ليس في الخبر:إنّا قد فعلنا ذلك و نحن متمتّعون غير مفردين،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكون إحرامه عند الزوال يوم التروية

بعد أن يصلّي الفرضين (6)؛لما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (7).

و يجوز أن يحرم بقيّة نهاره أو أيّ وقت شاء بعد أن يعلم أنّه يلحق عرفات،ثمّ

ص:18


1- 1التهذيب 5:166 الحديث 556،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:167 الحديث 557،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر ص 198.
4- 4) التهذيب 5:168 الحديث 560،الاستبصار 2:251 الحديث 882،الوسائل 9:10 الباب 7 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:168.
6- 6) ع:الفريضتين.
7- 7) يراجع:ص 15.

يفعل ما فعل عند الإحرام الأوّل من الغسل و التنظيف و أخذ الشارب و قلم الأظفار و غير ذلك،ثمّ يلبس ثوبي إحرامه و يدخل المسجد حافيا عليه (1)السكينة و الوقار،و يصلّي ركعتين عند المقام أو في الحجر،و إن صلّى ستّ ركعات، كان أفضل.

و إن صلّى فريضة الظهر و أحرم عقيبها،كان أفضل،فإذا صلّى ركعتي الإحرام، أحرم بالحجّ مفردا،و يدعو بما دعا به عند الإحرام الأوّل،غير أنّه يذكر الحجّ مفردا؛لأنّ عمرته قد مضت.

و يلبّي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه،و إن كان راكبا،فإذا نهض به بعيره،فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح،رفع صوته بالتلبية؛لقول الصادق عليه السلام في حديث معاوية بن عمّار الصحيح:«فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الرّدم فلبّ،فإذا انتهيت إلى الرّدم و أشرفت على الأبطح،فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (2).

و في حديث أبي بصير:«ثمّ تلبّي من المسجد الحرام» (3).

و في رواية زرارة عن الباقر عليه السلام:«إذا جعلت شعب الدبّ عن يمينك و العقبة عن يسارك فلبّ بالحجّ» (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذه الروايات غير متنافية؛لأنّ رواية أبي بصير

ص:19


1- 1ع و ح:على.
2- 2) التهذيب 5:167 الحديث 557،الاستبصار 2:251 الحديث 883،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:168 الحديث 559،الاستبصار 2:252 الحديث 885،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) الكافي 4:455 الحديث 6، [3]التهذيب 5:167 الحديث 558،الاستبصار 2:252 الحديث 884 و فيه: عن أبي عبد اللّه عليه السلام،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 5. [4]

للماشي و الأخرى (1)للراكب (2)؛لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة،ثمّ صلّ ركعتين خلف المقام، ثمّ أهلّ بالحجّ،فإن كنت ماشيا فلبّ عند المقام،و إن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك،و صلّ الظهر إن قدرت بمنى،و اعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار» (3).

مسألة:و لا يسنّ له الطواف بعد إحرامه

.و به قال ابن عبّاس،و هو مذهب عطاء، و مالك،و إسحاق،و أحمد (4).

و لو فعل ذلك لغير عذر،لم يجزئه عن طواف الحجّ،و كذا السعي.أمّا لو حصل عذر،مثل مرض أو خوف حيض،فإنّه يجوز الطواف قبل المضيّ إلى عرفات.

و قال الشافعيّ:يجوز مطلقا (5).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه أن يهلّوا بالحجّ إذا خرجوا إلى منى (6).

و قالت عائشة:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فطاف الذين أهلّوا بالعمرة (7)بالبيت،و بين الصفا و المروة،ثمّ حلّوا ثمّ طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا

ص:20


1- 1أكثر النسخ:و الأخير.
2- 2) التهذيب 5:168،الاستبصار 2:252.
3- 3) التهذيب 5:169 الحديث 561،الاستبصار 2:252 الحديث 886،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:431.
5- 5) الأمّ 2:170،المجموع 8:61 و 84.
6- 6) صحيح مسلم 2:882 الحديث 1214 و ص 889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [2]سنن ابن ماجة 2:1024 الحديث 3074،سنن البيهقيّ 4:356.
7- 7) كثير من النسخ:بعمرة.

من منى لحجّهم (1).و لو شرع لهم الطواف قبل الخروج،لم يتّفقوا على تركه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:سألته عن الرجل يأتي المسجد[الحرام و قد أزمع بالحجّ] (2)يطوف بالبيت؟قال:«نعم،ما لم يحرم» (3).

و عن عبد الحميد بن سعيد (4)،عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحجّ،ثمّ طاف بالبيت بعد إحرامه [و هو لا يرى أنّ ذلك لا ينبغي،أ ينقض طوافه بالبيت إحرامه؟] (5)فقال:«لا،و لكن يمضي على إحرامه» (6).و قد تقدّم البحث في ذلك.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يحرم بالحجّ ؛لأنّ ذمّته قد برئت من العمرة

و بقيت مشغولة بالحجّ،فيحرم به

(7)

.

و لو سها فأحرم بالعمرة و هو يريد الحجّ،لم يكن عليه شيء،رواه الشيخ-في

ص:21


1- 1صحيح البخاريّ 2:172،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:165،سنن البيهقيّ 5:105.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:169 الحديث 563،الوسائل 9:496 الباب 83 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
4- 4) عبد الحميد بن سعيد،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الكاظم عليه السلام بقوله:عبد الحميد بن سعيد روى عنه صفوان بن يحيى،و أخرى من أصحاب الرضا عليه السلام في موضعين،قال الأردبيليّ: و الظاهر اتّحاده مع عبد الحميد بن سعد بقرينة الراوي و المرويّ عنه،و قال المامقانيّ:إنّ ظاهر الشيخ التعدّد...إلى أن قال:و ظاهر كلام الشيخ كونه إماميّا و رواية صفوان عنه تكشف عن وثاقته.و قال السيّد الخوئيّ:فإن كان رواية صفوان عن شخص دليلا على وثاقته فكلاهما ثقة و إلاّ-كما هو الصحيح-لم يعمل معهما معاملة الثقة اتّحد أم تعدّدا.رجال الطوسيّ:355،379،383،جامع الرواة 1:440، [3]تنقيح المقال 2:136، [4]معجم رجال الحديث 9:287. [5]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:169 الحديث 564،الوسائل 9:497 الباب 83 من أبواب الطواف الحديث 6. [6]
7- 7) يراجع:ص 14. [7]

الصحيح-عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل دخل قبل التروية بيوم،فأراد الإحرام بالحجّ،فأخطأ،فقال:العمرة،قال:

«ليس عليه شيء،فليعمد (1)الإحرام بالحجّ» (2).

مسألة:و لو نسي الإحرام يوم التروية بالحجّ حتّى حصل بعرفات،فليحرم من

هناك

،فإن لم يذكر حتّى يرجع إلى بلده،فقد تمّ حجّه و لا شيء عليه،قاله الشيخ (3)؛ لأنّه ناس فيكون معذورا؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (4).

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ،فذكره و هو بعرفات ما حاله؟قال:«يقول:اللهمّ على كتابك و سنّة نبيّك فقد تمّ إحرامه،فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتّى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها،فقد تمّ حجّه» (5).

ص:22


1- 1خاوق:فليعد،كما في التهذيب و نسخة من الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:169 الحديث 562،الوسائل 9:72 الباب 53 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) النهاية:248، [3]المبسوط 1:365. [4]
4- 4) سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، [5]الوسائل 4:1284 [6] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5: 345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2.
5- 5) التهذيب 5:175 الحديث 586،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 8. [7]
الفصل الثاني
اشارة

في الوقوف بعرفات و مباحثه ثلاثة

(1)

البحثالأوّل
اشارة

يستحبّ لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكّة حتّى يصلّي الظهرين

يوم التروية بها

،ثمّ يخرج إلى منى،إلاّ الإمام خاصّة،فإنّه يستحبّ له أن يصلّي الظهر و العصر بمنى يوم التروية،و يقيم بها إلى طلوع الشمس.

و أطبق الجمهور كافّة على استحباب الخروج للإمام و غيره من مكّة قبل الظهر، و أن يصلّوا بمنى الظهرين يوم التروية.

لنا:أنّه يستحبّ الإحرام عقيب الظهر يوم التروية على ما بيّنّا (2)بمكّة،و لا يتمّ ذلك إلاّ باستحباب صلاة الظهرين بمكّة.

و ما رواه الجمهور عن ابن الزبير أنّه صلّى بمكّة.

و عن عائشة أنّها تخلّفت ليلة التروية حتّى ذهب ثلثا الليل (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من حديث معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام-الصحيح-أنّه يصلّي الظهر بمكّة (4).

ص:23


1- 1ج:و فيه مباحث.
2- 2) يراجع:ص 18.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:432،المجموع 8:92،عمدة القارئ 9:297.
4- 4) يراجع:ص 16.

و ما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يريد أن يتقدّم فيه الذي ليس له وقت أقلّ (1)منه،قال:«إذا زالت الشمس»و عن الذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية إلى أيّة ساعة يسعه أن يتخلّف؟قال:«ذلك واسع (2)له حتّى يصبح بمنى» (3).

و في حديث رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته هل يخرج النّاس إلى منى غدوة؟قال:«نعم» (4).و هو محمول عندي على جواز ذلك؛إذ لا ينافي استحباب التأخير إلى الزوال جواز التقديم (5)غدوة.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فحمله على صاحب الأعذار،فإنّه يجوز له أن يتقدّم الناس (6).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ للإمام أن يتقدّم على هذا الوقت،و أن يصلّي الظهر يوم التروية بمنى؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية إلاّ بمنى و يبيت بها إلى طلوع الشمس» (7).

و في الصحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا ينبغي

ص:24


1- 1في المصادر:أوّل،مكان:أقلّ.
2- 2) في التهذيب و الوسائل: [1]موسّع،و في الاستبصار:أوسع.
3- 3) التهذيب 5:175 الحديث 587،الاستبصار 2:252 الحديث 887،الوسائل 10:3 الباب 2 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
4- 4) الكافي 4:460 الحديث 3، [3]التهذيب 5:176 الحديث 588،الاستبصار 2:253 الحديث 888، الوسائل 10:4 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
5- 5) أكثر النسخ:التقدّم.
6- 6) التهذيب 5:176،الاستبصار 2:253.
7- 7) التهذيب 5:176 الحديث 591،الاستبصار 2:253 الحديث 891،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]

للإمام أن يصلّي الظهر إلاّ بمنى يوم التروية،و يبيت بها و يصبح بها حتّى تطلع الشمس و يخرج» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«على الإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف،و يصلّي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام هل صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟قال:«نعم،و الغداة بمنى يوم عرفة» (3).

إذا عرفت هذا:فهذا التوظيف للإمام و غيره على سبيل الندب،و قد يأتي في كلام الشيخ-رحمه اللّه-أنّه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال يوم التروية مع الاختيار،و لأنّ الإمام لا يجوز أن يصلّي الظهر و العصر يوم التروية إلاّ بمنى، و مراده شدّة الاستحباب.

مسألة:و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و من يخاف الزحام،المبادرة

إلى الخروج قبل الظهر

بيوم أو يومين أو ثلاثة؛للضرورة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس و زحامهم،يحرم بالحجّ و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟قال:«نعم»قلت:

ص:25


1- 1التهذيب 5:177 الحديث 592،الاستبصار 2:254 الحديث 892،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:177 الحديث 593،الاستبصار 2:254 الحديث 893،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:177 الحديث 594،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [3]

فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروّح بذلك؟قال:«لا»قلت:يتعجّل بيوم؟قال:«نعم»،قلت:يتعجّل بيومين؟قال:«نعم»،قلت:ثلاثة؟قال:«نعم»، قلت:أكثر من ذلك؟قال:«لا» (1).

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابه،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:يتعجّل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام و ضغاط الناس؟قال:«لا بأس» (2).

مسألة:و يستحبّ له عند التوجّه إلى منى الدعاء

بما رواه الشيخ-في الحسن- عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا توجّهت إلى منى فقل:

اللهمّ إيّاك أرجو و إيّاك أدعو،فبلّغني أملي و أصلح لي عملي» (3).

و يستحبّ له إذا نزل منى أن يدعو بما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا انتهيت إلى منى فقل:اللهمّ هذه منى، و هي ممّا مننت به علينا من المناسك،فأسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على أنبيائك،فإنّما أنا عبدك و في قبضتك،ثمّ تصلّي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر،و الإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلاّ ذلك،و موسّع لك (4)أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر،ثمّ تدركهم بعرفات»قال:«و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر» (5).

ص:26


1- 1التهذيب 5:176 الحديث 589،الاستبصار 2:253 الحديث 889،الوسائل 10:4 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:176 الحديث 590،الاستبصار 2:253 الحديث 890،الوسائل 10:5 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:177 الحديث 595،الوسائل 10:7 الباب 6 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
4- 4) ج:عليك.
5- 5) التهذيب 5:177 الحديث 596،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5 و [4]ص 7 الباب 6 الحديث 2.
فروع:
الأوّل:لو صادف يوم التروية يوم جمعة

،فمن أقام بمكّة حتّى تزول الشمس ممّن تجب عليه الجمعة،لم يجز له الخروج حتّى يصلّي الجمعة؛لأنّها فرض، و الخروج في هذا الوقت ندب،أمّا قبل الزوال فإنّه يجوز له الخروج،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:لا يجوز (1).

لنا:أنّ الجمعة الآن غير واجبة،و قد مضى البحث في ذلك (2).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يستحبّ للإمام أن يخطب أربعة أيّام من ذي

الحجّة

:يوم السابع منه،و يوم عرفة،و يوم النحر بمنى،و يوم النفر الأوّل يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم (3).روى جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر بمكّة يوم السابع و خطب (4).

الثالث:الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان

،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:بعده (6).

لنا:حديث جابر،فإنّه قال:فخطب الناس ثمّ أذّن بلال و أقام (7).و هذا نصّ في الباب.

الرابع:المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة

،و ليس بنسك و لا يجب بتركه شيء.

ص:27


1- 1المجموع 8:84،فتح العزيز بهامش المجموع 7:353،مغني المحتاج 1:495-496.
2- 2) يراجع:الجزء الخامس ص 458.
3- 3) المبسوط 1:365. [1]
4- 4) روي قريب منه عن ابن عمر،و بمضمونه عن جابر في سنن البيهقيّ 5:111.
5- 5) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:353-354،مغني المحتاج 1:496.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:53،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:151،الهداية للمرغينانيّ 1: 143،شرح فتح القدير 2:369-370،مجمع الأنهر 1:274،275،عمدة القارئ 9:303.
7- 7) سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [2]سنن الدارميّ 2:48،سنن البيهقيّ 5:114.
مسألة:و يستحبّ المبيت بمنى ليلة عرفة إلى طلوع الفجر من يوم عرفة

، و يكره الخروج قبل الفجر إلاّ لضرورة (1)،كالمريض و الخائف؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله:«ثمّ تصلّي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر» (2).

إذا عرفت هذا:فالأفضل له أن يصبر حتّى تطلع الشمس،فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر،جاز ذلك،لكن ينبغي له أن لا يجوز وادي محسّر إلاّ بعد طلوع الشمس.رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس» (3).

أمّا الإمام فلا يخرج من منى إلاّ بعد طلوع الشمس.رواه الشيخ عن أبي إسحاق،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتّى تطلع الشمس» (4).

مسألة:و يجوز للمعذور-كالمريض و الخائف من الزحام و الماشي-الخروج

قبل أن يطلع الفجر

و يصلّي الفجر في الطريق؛للضرورة.رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا مشاة فكيف نصنع؟قال:«أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى،و أمّا أنتم فامضوا حيث تصلّون في الطريق» (5).

ص:28


1- 1ع:للضرورة.
2- 2) التهذيب 5:177 الحديث 596،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 5:178 الحديث 597،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 5:178 الحديث 598،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2.و [3]فيه:عن إسحاق بن عمّار.
5- 5) التهذيب 5:179 الحديث 599،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [4]
مسألة:و يستحبّ له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات

بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجّه إليها:اللهمّ إليك صمدت،و إيّاك اعتمدت و وجهك أردت، أسألك أن تبارك لي في رحلي (1)،و أن تقضي لي حاجتي،و أن تجعلني ممّن تباهي به اليوم من هو أفضل منّي،ثمّ تلبّي و أنت غاد إلى عرفات،فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة-و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة-فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين،فإنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة»قال:«و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز،و خلف الجبل موقف» (2).

ص:29


1- 1في المصادر:رحلتي.
2- 2) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 8 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1 و [1]الباب 9 الحديث 1 و ص 10 الباب 10 الحديث 1.
البحث الثاني
اشارة

في الكيفيّة

مسألة:يستحبّ الاغتسال للوقوف بعرفة

؛لأنّها عبادة فشرّع لها الاغتسال، كالإحرام.

و يدلّ عليه:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

و كان ابن مسعود يفعله (2).

و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام (3)،و به قال الشافعيّ (4)،و إسحاق، و أبو ثور،و أحمد،و ابن المنذر (5)؛لأنّها مجمع للناس فاستحبّ الاغتسال لها، كالعيد و الجمعة.

مسألة:و يجب فيه النيّة

،خلافا للجمهور.

ص:30


1- 1يراجع:ص 29.
2- 2) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
3- 3) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
4- 4) الأمّ 2:146،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:110،فتح العزيز بهامش المجموع 7:243، مغني المحتاج 1:496،المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
5- 5) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ (1).و الوقوف عبادة.

و لأنّه عمل،فيفتقر إلى النيّة؛لقوله عليه السلام:«الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (2).

«و لا عمل إلاّ بنيّة» (3)إلى غير ذلك من الأدلّة الدالّة على وجوب النيّة في العبادات.

و لأنّ الواجب إيقاعها على جهة الطاعة،و هو إنّما يتحقّق بالنيّة.و يجب فيها نيّة الوجوب و التقرّب إلى اللّه تعالى.

مسألة:و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة

،و هو وفاق.

روى الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة حتّى غابت الشمس (4).

و في حديث عليّ عليه السلام و أسامة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع حين غربت الشمس (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:31


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 7:341 و ج 4:112،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10 و [3]ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 12.
3- 3) الكافي 2:84 الحديث 1، [4]التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1:33 الباب 5 [5] من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1 و ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 13.
4- 4) صحيح مسلم 2:886-892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182-186 الحديث 1905، [6]سنن الدارميّ 2:44-49.
5- 5) سنن أبي داود 2:190 الحديث 1922،سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [7]مسند أحمد 5:202، [8]كنز العمّال 5:198 الحديث 12597.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس، فخالفهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأفاض بعد غروب الشمس» (1).

و عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:متى تفيض من عرفات؟فقال:«إذا ذهبت الحمرة من هاهنا»و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس (2).

مسألة:و كيف ما حصل بعرفة،أجزأه قائما و جالسا و راكبا و مجتازا

،لكنّ الوقوف قائما أفضل منه راكبا،اختاره الشيخ-رحمه اللّه- (3)،و الشافعيّ في أحد القولين،و قال في الآخر:الركوب أفضل (4)،و به قال أحمد (5).

لنا:أنّ القيام أشقّ،فيكون أفضل؛لقوله عليه السلام:«أفضل الأعمال أحمزها» (6).و لأنّه أخفّ على الراحلة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف راكبا،و لأنّه أمكن له و أعون على الدعاء (7).

و الجواب:يحتمل أنّه عليه السلام فعل ذلك ليبيّن به جواز الوقوف راكبا،فإنّه

ص:32


1- 1التهذيب 5:186 الحديث 619،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:186 الحديث 618،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:367،الخلاف 1:453 مسألة-155.
4- 4) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94،111،فتح العزيز بهامش المجموع 7:358،الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:436،الكافي لابن قدامة 1:597،الإنصاف 4:28،زاد المستقنع:33.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:25،بدائع الصنائع 1:294،النهاية لابن الأثير 1:440، [3]مجمع البحرين 4: 16. [4]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94،111،فتح العزيز بهامش المجموع 7:358،الميزان الكبرى 2:51.

عليه السلام لو وقف قائما،توهّم الوجوب خصوصا مع أنّهم كانوا إلى أفعاله أطوع من أقواله،و هذا كما يقول:إنّه عليه السلام طاف راكبا،و مع ذلك فلا خلاف في أنّ المشي في الطواف أفضل.

مسألة:و لو مرّ بها مجتازا و هو لا يعلم أنّها عرفة،فالوجه أنّه لا يجزئه

.و به قال أبو ثور (1).

و قال الفقهاء الأربعة:إنّه يجزئه (2).

لنا:أنّه لا يكون واقفا إلاّ بإرادة و هي غير متحقّقة هنا.و لأنّا شرطنا النيّة و هي متوقّفة على الشعور.

احتجّوا (3):بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك صلاتنا هذه-يعني صلاة الصبح يوم النحر-و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (4)و لم يفصّل بين الشاعر و غيره.

و جوابه:كما لا يدلّ على اشتراط الشعور،لا يدلّ على عدمه أيضا،فلا دلالة فيه و لا معارضة؛لما بيّنّاه من الأدلّة.

و لأنّ قوله:«أتى عرفات»إنّما يتحقّق بالقصد و الإرادة المتوقّفة على العلم.

ص:33


1- 1المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
2- 2) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8: 103،فتح العزيز بهامش المجموع 7:361،المبسوط للسرخسيّ 4:55،تحفة الفقهاء 1:406،بدائع الصنائع 2:127،بلغة السالك 1:277.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:226،المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
4- 4) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263-264،سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15، [4]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3: 254.
فروع:
الأوّل:لو كان نائما،صحّ وقوفه؛لسبق النيّة منه

،و عندي فيه إشكال على تقدير استمرار النوم من قبل الدخول إلى بعد الفوات.

أمّا الجمهور فجزموا بالصحّة على هذا التقدير،و اختاره الشيخ على تردّد،قال:

لأنّ الواجب الكون (1).

و منع ابن إدريس ذلك،و قال:إنّه لا يجزئه؛لعدم النيّة (2).و هو الأقوى عندي.

الثاني:المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتّى خرج منها،لم يجزئه الوقوف

.

و به قال الحسن البصريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أبو ثور،و إسحاق،و ابن المنذر (5).

و قال عطاء في المغمى عليه:يجزئه (6)،و به قال مالك (7)،و أصحاب الرأي (8).

و توقّف أحمد (9).

لنا:أنّه ركن من أركان الحجّ،فلا يصحّ من المغمى عليه،كغيره من الأركان.

احتجّوا:بأنّه لا يعتبر فيه نيّة و لا طهارة،و يصحّ من النائم،فصحّ من المغمى

ص:34


1- 1المبسوط 1:384. [1]
2- 2) السرائر:146.
3- 3) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
4- 4) حلية العلماء 3:338-339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:104 و 118،فتح العزيز بهامش المجموع 7:362،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162،المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
5- 5) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،المجموع 8:118.
6- 6) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:413،بلغة السالك 1:277،المغني 3:444،المجموع 8:118،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:56،تحفة الفقهاء 1:406،بدائع الصنائع 2:127،الهداية للمرغينانيّ 1: 151،شرح فتح القدير 2:401 و 402،مجمع الأنهر 1:284،المغني 3:444.
9- 9) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،الكافي لابن قدامة 1:598،الإنصاف 4:29. [2]

عليه،كالمبيت بمزدلفة (1).

و الجواب:المنع من عدم اعتبار النيّة،و قد بيّنّا وجوب اعتبارها فيما سلف (2).

و أمّا الطهارة،فينتقض اعتبارها بالسعي،و أمّا النائم فيمنع صحّة وقوفه،و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم (3).

و لو سلّمنا صحّة وقوفه على ما اختاره الشيخ-رحمه اللّه-إلاّ أنّ الفرق بينه و بين المغمى عليه و المجنون ظاهر؛إذ النائم بحكم المستيقظ،و لهذا صحّ صومه و إن استوعب النوم النهار،بخلاف الإغماء،فافترقا.

الثالث:السكران لا يصحّ وقوفه إن زال عقله

؛لأنّه زائل العقل بغير نوم،فأشبه المجنون و المغمى عليه،و لو لم يزل عقله صحّ وقوفه.و كذا البحث في كلّ من غلب على عقله بمرض أو غيره.

الرابع:لا يشترط فيه الطهارة و لا الستر و لا استقبال القبلة

،و لا نعلم فيه خلافا بين العلماء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعائشة:«افعلي ما يفعل الحاجّ غير الطواف بالبيت» (4)و كانت حائضا.

نعم،تستحبّ الطهارة بلا خلاف.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقف بعرفات على غير وضوء؟

ص:35


1- 1المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،بدائع الصنائع 2:127،مجمع الأنهر 1:284.
2- 2) يراجع:ص 30.
3- 3) يراجع:ص 34. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:195،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1782،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،الموطّأ 1:411 الحديث 224، [2]سنن الدارميّ 2:44، [3]مسند أحمد 6:273،سنن البيهقيّ 5:95.في بعض المصادر بتفاوت.

فقال:«لا يصلح إلاّ و هو على وضوء» (1).

و هو يدلّ على الاستحباب لا الوجوب؛لما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-عن الصادق عليه السلام،قال:«لا بأس أن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف؛فإنّ فيه صلاة،و الوضوء أفضل» (2).

مسألة:و يستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة،و هي بطن عرنة

-بفتح النون و الراء، و كسر الميم في نمرة،و ضمّ العين،و فتح الراء و النون في عرنة-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب له قبّة من شعر بنمرة.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فاضرب خباءك بنمرة و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة» (3).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يخطب بعرفة قبل الأذان

على ما تقدّم (4)،فإذا أذّن المؤذّن و أقام،صلّى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين جمع بينهما على هذه الصفة على ما بيّنّاه في كتاب الصلاة (5).

و باستحباب الأذان في الأولى قال الشافعيّ (6)،و أبو ثور (7)،و أصحاب

ص:36


1- 1التهذيب 5:479 الحديث 1700،الوسائل 10:28 الباب 20 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:154 الحديث 509،الاستبصار 2:241 الحديث 841،الوسائل 1:262 الباب 5 من أبواب الوضوء الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
4- 4) يراجع:ص 27. [4]
5- 5) يراجع:الجزء الرابع ص 419.
6- 6) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:92،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354،مغني المحتاج 1:496،السراج الوهّاج:162.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:433،المجموع 8:92،بداية المجتهد 1:347.

الرأي (1)،و مالك (2)،و أحمد في إحدى الروايتين.و في الأخرى:خيّر بين الأذان لها و عدمه (3).

لنا:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطب إلى أن أذّن المؤذّن،فنزل و صلّى بالناس في حديث جابر (4).

و لأنّها جماعة فاستحبّ فيها الأذان،أمّا الأذان للعصر فغير مستحبّ هنا.

و قال مالك:هو مستحبّ (5).

لنا:أنّه يستحبّ الجمع و المبادرة إلى الدعاء.

و ما رواه الجمهور في حديث جابر:ثمّ أذّن بلال،ثمّ أقام فصلّى الظهر،ثمّ أقام فصلّى العصر (6).

و عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بعرفة بأذان واحد و إقامتين (7)،و هو نصّ في الباب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان

ص:37


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:14-15،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:152،الهداية للمرغينانيّ 1: 143، [1]شرح فتح القدير 2:370،مجمع الأنهر 1:275.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:411 و 412،بداية المجتهد 1:347،بلغة السالك 1:278.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:433،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422.
4- 4) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48،سنن البيهقيّ 5:114.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:412،بداية المجتهد 1:347،بلغة السالك 1:278.
6- 6) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [2]سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48، [3]سنن البيهقيّ 5:114.
7- 7) حديث ابن عمر أورده ابن قدامة بلفظ:جمع بين المغرب و العشاء بجمع كلّ واحدة منهما بإقامة.و أبي داود بلفظ:جمع بين المغرب و العشاء بالمزدلفة جميعا.راجع:المغني 1:465،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1926. [4]

واحد و إقامتين،و إنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة» (1).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (2).

احتجّ مالك:بالقياس على سائر الصلوات (3).

و الجواب:الفرق بمعارضته فضيلة الدعاء هنا.

فروع:
الأوّل:إذا صلّى مع الإمام،جمع معه،كما يجمع الإمام إجماعا

.

أمّا المنفرد،فإنّه ينبغي له أن يجمع أيضا بين الصلاتين.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (4)،و عطاء (5)،و مالك (6)،و أحمد (7)،و إسحاق،و أبو ثور (8)،

ص:38


1- 1التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:182 الحديث 610،الوسائل 10:10 الباب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:412،بداية المجتهد 1:347.
4- 4) حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:92،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 360،مغني المحتاج 1:496،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159.
5- 5) المغني 3:433،الشرح الكبير بهامش المغني 3:434-435.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:173،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:347،مقدّمات ابن رشد 1:137،بلغة السالك 1:278.
7- 7) المغني 3:433،الشرح الكبير بهامش المغني 3:434،الكافي لابن قدامة 1:596،الإنصاف 4:28، [3]زاد المستقنع:33.
8- 8) المغني 3:433.

و أبو يوسف،و محمّد (1).

و قال النخعيّ،و الثوريّ (2)،و أبو حنيفة:لا يجوز له أن يجمع إلاّ مع الإمام (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه كان إذا فاته الجمع بين الظهر و العصر مع الإمام بعرفة،جمع بينهما منفردا (4).

و من طريق الخاصّة:قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (5).

و هو كما يتناول المنفرد،يتناول المأموم،فلا أولويّة خصوصا مع تعليله عليه السلام بأنّ المراد بالجمع التفريغ للدعاء،و هو عامّ في الجميع.

و لأنّا بيّنّا في كتاب الصلاة جواز الجمع مطلقا للمنفرد و المأموم،حضرا و سفرا (6).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ لكلّ صلاة وقتا محدودا،و إنّما ترك ذلك في الجمع مع الإمام،فإذا لم يكن الإمام،رجعنا إلى الأصل (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الوقت مشترك على ما بيّنّاه (8).سلّمنا،لكنّ العلّة

ص:39


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:15،بدائع الصنائع 2:153،الهداية للمرغينانيّ 1:144، [1]شرح فتح القدير 2: 371،مجمع الأنهر 1:276،عمدة القارئ 9:304. [2]
2- 2) المغني 3:433،عمدة القارئ 9:304.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:14-15،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:152،الهداية للمرغينانيّ 1: 143،شرح فتح القدير 2:371،مجمع الأنهر 1:276،عمدة القارئ 9:304.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:199،سنن البيهقيّ 5:114،مصنّف ابن أبي شيبة 4:346. [3]
5- 5) التهذيب 5:179 الحديث 600 و ص 182 الحديث 610،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1 و [4]ص 10 الحديث 4.
6- 6) يراجع:الجزء السادس ص 397-404.
7- 7) بدائع الصنائع 2:152،شرح فتح القدير 2:371.
8- 8) يراجع:الجزء الرابع ص 54،70 و 78.

المفروضة مع الإمام ثابتة في المنفرد و متساوية في الحكم،على أنّ قوله:إنّما جاز الجمع في الجماعة،باطل؛لأنّه مسلّم أنّ الإمام يجمع و إن كان منفردا.

الثاني:يجوز الجمع لكلّ من بعرفة من مكّيّ و غيره

،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّ الإمام يجمع بين الظهر و العصر بعرفة،و كذلك من صلّى مع الإمام.

و قال أحمد:لا يجوز الجمع إلاّ لمن بينه و بين وطنه ستّة عشر فرسخا؛إلحاقا له بالقصر.

و هو باطل؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع،فجمع معه من حضر من المكّيّين و غيرهم،و لم يأمرهم بترك الجمع،كما أمرهم بترك القصر حين قال لهم (1):«أتمّوا فإنّا سفر» (2)و لو حرم الجمع لبيّنه لهم؛لأنّه عليه السلام لا يقرّ أحدا على الخطأ،و كان عثمان يتمّ الصلاة؛لأنّه اتّخذ أهلا و جمع بين الصلاتين تماما.

و جمع عمر بن عبد العزيز و هو والي مكّة بين الصلاتين.و كان ابن الزبير بمكّة مقيما و جمع بين الصلاتين.

و لم يبلغنا عن أحد من القدماء إنكار الجمع بعرفة للمقيم و المسافر و بالمزدلفة أيضا،بل اتّفق عليه كلّ من لا يرى الجمع أيضا (3).

الثالث:إذا كان الإمام مقيما،أتمّ،و قصّر من خلفه من المسافرين،و أتمّ

المقيمون

.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

ص:40


1- 1لا توجد كلمة:«لهم»في كثير من النسخ.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:135-136.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:434-435.

و قال الشافعيّ:يتمّ المسافرون أيضا (1).

لنا:أنّ القصر عزيمة،فلا يجوز لهم خلافه.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«يا أهل مكّة لا تقصّروا في أقلّ من أربعة برد» (2).رواه الجمهور،و التخصيص يدلّ على القصر في حقّ غيرهم.

الرابع:لو كان الإمام مسافرا قصّر،و قصّر من خلفه من المسافرين،و أتمّ

المقيمون خلفه

.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و كذا أهل مكّة يتمّون؛لنقصان المسافة عن ما يجب فيه القصر.و به قال عطاء، و مجاهد،و الزهريّ،و الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6)، و ابن المنذر (7).

و قال مالك (8)،و الأوزاعيّ:لهم القصر (9).

ص:41


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:356،فتح العزيز بهامش المجموع 4:461 و ج 7:354- 355،مغني المحتاج 1:269 و 496،السراج الوهّاج:81،الميزان الكبرى 1:181،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 1:387 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:137،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:79 الحديث 11162،مجمع الزوائد 2:157،عمدة القارئ 7:119.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:435،عمدة القارئ 7:119.
4- 4) الأمّ 1:181،المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354،355،مغني المحتاج 1:496، السراج الوهّاج:162.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:435،الكافي لابن قدامة 1:261،الإنصاف 2:320.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:243،تحفة الفقهاء 1:405،بدائع الصنائع 1:101،الهداية للمرغينانيّ 1: 81، [1]شرح فتح القدير 2:13-14،مجمع الأنهر 1:163،عمدة القارئ 7:119.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:435.
8- 8) الموطّأ 1:148، [2]سنن الترمذيّ 3:229، [3]بداية المجتهد 1:347-348،بلغة السالك 1:278، المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354-355،المغني و الشرح الكبير 3:435، عمدة القارئ 7:118.
9- 9) المغني و الشرح الكبير 3:435،سنن الترمذيّ 3:229،عمدة القارئ 7:118.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أهل مكّة عن القصر (1).و لأنّهم في غير سفر بعيد،فلم يجز لهم القصر،كغير عرفة و مزدلفة.

احتجّوا:بأنّ لهم الجمع،فكان لهم القصر،كغيرهم (2).

و الجواب:الفرق،و هو السفر في حقّ الغير ثابت،دونهم.

الخامس:يستحبّ تعجيل الصلاة حين تزول الشمس،و أن يقصّر الخطبة

،ثمّ يروح إلى الموقف؛لأنّ تطويل ذلك يمنع من الرواح إلى الموقف في أوّل وقته، و السنّة؛التعجيل.

روى ابن عمر قال:غدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من منى حين صلّى الصبح صبيحة يوم عرفة حتّى أتى عرفة فنزل بنمرة حتّى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مهجّرا،فجمع بين الظهر و العصر،ثمّ خطب الناس، ثمّ راح فوقف على الموقف من عرفة (3).و لا خلاف في هذا بين علماء الإسلام.

مسألة:فإذا فرغ من الصلاتين،جاء إلى الموقف فوقف

،و يستحبّ له الاغتسال للموقف على ما قلناه (4).و رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس،و يجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين» (5).

و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة؛لما تقدّم.

ص:42


1- 1سنن الدارقطنيّ 1:387 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:137،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:79 الحديث 11162،مجمع الزوائد 2:157،عمدة القارئ 7:119.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:435.
3- 3) سنن أبي داود 2:188 الحديث 1913، [1]المغني و الشرح الكبير 3:434.
4- 4) يراجع:ص 30.
5- 5) التهذيب 5:181 الحديث 607،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]

و رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن تلبية المتمتّع متى يقطعها؟قال:«إذا رأيت بيوت مكّة، و تقطع تلبية الحجّ عند زوال الشمس يوم عرفة» (2).

و يقطع تلبية العمرة المبتولة حين تقع أخفاف الإبل في الحرم.

و عن ابن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية و اغتسل و عليك بالتكبير و التحميد و التهليل و التمجيد و التسبيح و الثناء على اللّه،و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (3).و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم (4).

مسألة:فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار حمد اللّه و أثنى عليه و كبّر اللّه

و هلّله و دعا و اجتهد،فإنّه يوم شريف معظّم كثير البركة،يستجاب فيه الدعاء خصوصا في المشاعر العظام التي أمر الشارع بالدعاء و الابتهال إلى اللّه تعالى فيها.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و إنّما تعجّل الصلاة و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة،ثمّ تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار،فاحمد اللّه و هلّله و مجّده و أثن عليه و كبّره مائة مرّة،و احمد اللّه مائة مرّة،و سبّحه مائة مرّة،و اقرأ قل هو اللّه أحد مائة مرّة،و تخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت،و اجتهد،فإنّه يوم دعاء (5)،و تعوّذ

ص:43


1- 1في التهذيب:عبد اللّه بن مسكان.
2- 2) التهذيب 5:182 الحديث 609،الوسائل 9:58 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 6. [1]
3- 3) التهذيب 5:182 الحديث 610،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
4- 4) يراجع:الجزء العاشر ص 238.
5- 5) في المصادر بزيادة:و مسألة.

باللّه من الشيطان (1)فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن،و إيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس،و أقبل قبل نفسك،و ليكن فيما تقول:اللّهمّ ربّ المشاعر كلّها فكّ رقبتي من النار،و أوسع عليّ من رزقك الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس،و تقول:اللهمّ لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني،و تقول:اللهمّ إنّي أسألك بحولك وجودك و كرمك و منّك و فضلك يا أسمع السامعين،و يا أبصر الناظرين،و يا أسرع الحاسبين،و يا أرحم الراحمين أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تفعل بي كذا و كذا،و ليكن فيما تقول و أنت رافع رأسك إلى السماء:اللهمّ حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرّني ما منعتني، و إن (2)منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني،أسألك خلاص رقبتي من النار،و ليكن فيما تقول:اللهمّ إنّي عبدك و ملك يدك،ناصيتي بيدك،و أجلي بعلمك،أسألك أن توفّقني لما يرضيك عنّي،و أن تسلّم منّي مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم عليه السلام (3)،و دللت عليها نبيّك محمّدا صلّى اللّه عليه و آله (4)،و ليكن فيما تقول:

اللهمّ اجعلني ممّن رضيت عنه (5)،و أطلت عمره،و أحييته بعد الموت حياة طيّبة، و يستحبّ أن تطلب عشيّة عرفة بالعتق و الصدقة» (6).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام:ألا أعلّمك دعاء يوم عرفة

ص:44


1- 1في التهذيب بزيادة:الرجيم.
2- 2) في المصادر:و التي إن.
3- 3) ج:صلوات اللّه عليه،كما في التهذيب،و في بعض النسخ:صلواتك عليه.
4- 4) كثير من النسخ:صلواتك عليه،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) في المصادر:عمله.
6- 6) التهذيب 5:182 الحديث 611،الوسائل 10:15 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]

و هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء عليهم السلام،قال:تقول:لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد،يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت،بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير،اللهمّ لك الحمد كالذي تقول،و خير ممّا نقول (1)،و فوق ما يقول القائلون،اللهمّ لك صلاتي و نسكي و محياي و مماتي،و لك براءتي،و بك حولي،و منك قوّتي،اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفقر،و من وساوس الصدور،و من سيّئات (2)الأمر،و من عذاب القبر،اللهمّ إنّي أسألك خير الرياح،و أعوذ بك من شرّ ما تجيء به الرياح،و أسألك خير الليل و خير النهار،اللهمّ اجعل[في قلبي نورا] (3)و في سمعي و بصري نورا،و لحمي و دمي و عظامي و عروقي و مقعدي و مقامي و مدخلي و مخرجي نورا،و أعظم لي نورا يا ربّ يوم ألقاك إنّك على كلّ شيء قدير» (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يكثر من الدعاء لإخوانه المؤمنين

،و يؤثرهم على نفسه،روى الشيخ-رحمه اللّه-عن إبراهيم بن هاشم،قال:رأيت عبد اللّه بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه،ما زال مادّا يديه إلى السماء و دموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض،فلمّا صرف الناس قلت:يا أبا محمّد ما رأيت موقفا قطّ أحسن من موقفك،قال:و اللّه ما دعوت فيه إلاّ لإخواني،و ذلك أنّ أبا الحسن موسى عليه السلام أخبرني:أنّه«من دعا لأخيه بظهر الغيب،نودي من العرش:و لك مائة ألف ضعف مثله»فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة

ص:45


1- 1في التهذيب:«و خيرا ممّا نقول».
2- 2) في التهذيب و الوسائل:« [1]شتات»مكان:«سيّئات».
3- 3) في النسخ:«اللهمّ اجعل لي نورا»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:183 الحديث 612،الوسائل 10:16 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2 و [2]ص 17 الحديث 3.

لواحد (1)لا أدري يستجاب أم لا (2).

و عن ابن أبي عمير،قال:كان عيسى بن أعين (3)إذا حجّ فصار إلى الموقف، أقبل على الدعاء لإخوانه حتّى يفيض الناس،قال:فقيل له:تنفق مالك و تتعب بدنك حتّى إذا صرت إلى الموضع الذي تبثّ فيه الحوائج إلى اللّه تعالى أقبلت على الدعاء لإخوانك و تركت (4)نفسك،فقال:إنّي على ثقة من دعوة الملك لي و في شكّ من الدعاء لنفسي (5).

و عن إبراهيم بن أبي البلاد:أنّ عبد اللّه بن جندب قال:كنت في الموقفين (6)فلمّا أفضت،لقيت (7)إبراهيم بن شعيب (8)فسلّمت عليه،و كان مصابا بإحدى عينيه،فإذا عينه الصحيحة حمراء كأنّها علقة دم،فقلت له:قد أصبت بإحدى عينيك

ص:46


1- 1في المصادر:لواحدة.
2- 2) التهذيب 5:184 الحديث 615،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
3- 3) عيسى بن أعين الجريريّ الأسديّ مولى كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قاله النجاشيّ، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:296،رجال الطوسيّ:258،الفهرست:117، [2]رجال العلاّمة:123. [3]
4- 4) كثير من النسخ:و تترك.
5- 5) التهذيب 5:185 الحديث 616،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
6- 6) ع:في الموقف،كما في المصادر.
7- 7) في التهذيب:أتيت،مكان:لقيت.
8- 8) إبراهيم بن شعيب بن ميثم الأسديّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكن حاله مجهول،و قال السيّد الخوئيّ:روى عنه عبد اللّه بن القاسم الحضرميّ في كامل الزيارات. رجال الطوسيّ:145،تنقيح المقال 1:20، [5]معجم رجال الحديث 1:99. [6]

و أنا و اللّه مشفق على الأخرى،فلو قصرت من البكاء قليلا،قال:و اللّه (1)يا أبا محمّد، ما دعوت اليوم لنفسي دعوة،فقلت:فلمن دعوت؟قال:لإخواني،إنّي سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّه عزّ و جلّ به ملكا يقول:و لك مثلاه»فأردت أن أكون أدعو لإخواني و يكون الملك يدعو لي؛لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي،و لست في شكّ من دعاء الملك لي (2).

مسألة:و يستحبّ فيه الدعاء بالذي دعا به زين العابدين عليّ بن الحسين

عليهما السلام

(3)في الموقف و هو طويل،ذكره الشيخ-رحمه اللّه-في المصباح (4).

و هذه الأدعية مستحبّة و ليست واجبة إنّما (5)الواجب الوقوف،و لا نعلم في ذلك خلافا.

روى الشيخ عن[جعفر بن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة] (6)الأزديّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس فلا يدعو حتّى أفاض الناس،فقال:«يجزئه وقوفه»ثمّ قال:«أ ليس قد صلّى بعرفات الظهر و العصر و قنت و دعا؟»قلت:بلى،قال:«فعرفات كلّها موقف،و ما

ص:47


1- 1في المصادر:لا و اللّه.
2- 2) التهذيب 5:185 الحديث 617،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [1]
3- 3) ج:صلوات اللّه عليهما.
4- 4) ينظر:مصباح المتهجّد:630-640.
5- 5) ع:و إنّما.
6- 6) في النسخ:عليّ بن عبد اللّه بن حداجة،و ما أثبتناه-و لعلّ هو الصحيح-من المصادر؛لأنّا لم نعثر على وجود شخص بعنوان:عليّ بن عبد اللّه بن حداجة في كتب الرجال،قال السيّد الخوئيّ:جعفر بن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ روى عن أبيه و روى عنه جعفر بن عيسى و يونس بن عبد الرحمن. معجم رجال الحديث 4:75.

قرب من الجبل فهو أفضل» (1).

و عن أبي يحيى زكريّا الموصليّ (2)،قال:سألت العبد الصالح عليه السلام عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه أو نعي بعض ولده قبل أن يذكر اللّه بشيء أو يدعو،فاشتغل بالجزع و البكاء عن الدعاء،ثمّ أفاض الناس،فقال:«لا أرى عليه شيئا و قد أساء فليستغفر اللّه،أما لو صبر و احتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا من غير أن ينقص من حسناتهم شيء» (3).

ص:48


1- 1التهذيب 5:184 الحديث 613،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) زكريّا،أبو يحيى كوكب الدم الموصليّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام مرّتين: مرّة بالعنوان المذكور،و أخرى بعنوان زكريّا أبي يحيى الموصليّ،و من أصحاب الكاظم عليه السلام بعنوان زكريّا كوكب الدم،و من أصحاب الرضا عليه السلام بعنوان أبي يحيى الموصليّ،و قال الكشّيّ:أبو يحيى الموصليّ كوكب الدم كان شيخا من الأخيار،و ذكره المصنّف في الخلاصة في القسمين منه،قال في القسم الأوّل بعد نقل توثيق الكشّيّ و تضعيف ابن الغضائريّ له:يحتمل أنّهما متغايران:لأنّ الكشّيّ لم يذكره باسمه...فالأقرب التوقّف فيه،و قال في القسم الثاني:ضعّفه ابن الغضائريّ،و روى الكشّيّ ما يقتضي مدح أبي يحيى كوكب الدم فإن يكن هذا،نعيّن التوقّف فيه؛لمعارضة قول ابن الغضائريّ لمدحه و إن يكن غيره، كان قوله مقبولا.و قال المامقانيّ و السيّد الخوئيّ:ما ذكره المصنّف من احتمال تعدّد ما ذكره الكشّيّ مع ما ذكره ابن الغضائريّ في غير محلّه،و أمّا ما ذكره من تضعيف ابن الغضائريّ و توثيق الكشّيّ فقال المامقانيّ: لا وجه له؛لابتلاء ابن الغضائريّ بكثرة جرح البرآء و تضعيف الثقات فالحقّ أنّ شهادة الكشّيّ بلا معارض، فحديث الرجل في الصحاح،و إن أبيت فلا أقلّ من كون حديثه في الحسان.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ المعارضة إنّما تتمّ إذا كان سند الكتاب إلى ابن الغضائريّ ثابتا و لكنّه لم يثبت فلا مانع من الأخذ بما ذكره الكشّيّ. رجال الكشّيّ:606،رجال الطوسيّ:200،201،350،396،رجال العلاّمة:76،224، [2]تنقيح المقال 1:448،449، [3]معجم رجال الحديث 7:271،272،273. [4]
3- 3) التهذيب 5:184 الحديث 614،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [5]
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:الوقوف بعرفة ركن من أركان الحجّ،يبطل بالإخلال به عمدا الحجّ

.

و هو قول علماء الإسلام.

روى الجمهور عن عبد الرحمن بن يعمر الديليّ (1)،قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعرفة،فجاءه نفر من أهل نجد،فقالوا:يا رسول اللّه كيف الحجّ؟ قال:«الحجّ عرفة،فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة الجمع فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

ص:49


1- 1في النسخ:عبد الرحمن بن نعم الديلميّ،و في المغني:عبد الرحمن بن نعم الديليّ،و في الإصابة: عبد الرحمن بن يعمر الدؤليّ،و ما أثبتناه من أسد الغابة و [1]تهذيب التهذيب و المصادر الحديثيّة،ذكره ابن الأثير و ابن حجر في الإصابة و قالا:سكن الكوفة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه بكير بن عطاء الليثيّ،يقال:مات بخراسان. أسد الغابة 3:328، [2]الإصابة 2:425، [3]تهذيب التهذيب 6:301. [4]
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949، [5]سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [6]سنن النسائيّ 5:256،سنن الدارميّ 2:59، [7]سنن الدارقطنيّ 2:240 الحديث 19، سنن البيهقيّ 5:116،المغني 3:437.
3- 3) مسند أحمد 3:318 و 367،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73. [8]

و روي:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر رجلا ينادي:الحجّ عرفة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[في الموقف] (2):«ارتفعوا عن بطن عرنة»و قال:«أصحاب الأراك لا حجّ لهم» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا وقفت بعرفات فادن من الهضاب (4)-و الهضاب:هي الجبال-فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:إنّ أصحاب الأراك لا حجّ لهم،يعني الذين يقفون عند الأراك» (5).و إذا حكم عليه السلام بنفي الحجّ مع وقوفهم بحدّ (6)من عرفة.فنفيه مع عدم الوقوف أولى.

و لا يعارض ذلك:ما رواه ابن فضّال عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الوقوف بالمشعر فريضة،و الوقوف بعرفة سنّة» (7).

لأنّ المراد هنا بالسنّة:ما ثبت بالنقل عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سنّه هو عليه السلام،و بالفرض:ما ثبت بالقرآن،و لا ريب أنّ الوقوف بعرفة لم يثبت بالقرآن،بل بالسنّة.

ص:50


1- 1سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949 بتفاوت،سنن الترمذيّ 3:237 الحديث 889، [1]سنن النسائيّ 5: 256.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:287 الحديث 976،الوسائل 10:25 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 10. [2]
4- 4) في التهذيب:الهضبات.
5- 5) التهذيب 5:287 الحديث 975،الاستبصار 2:302 الحديث 1078،الوسائل 10:25 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 11. [3]
6- 6) ق و خا:الحدّ.
7- 7) التهذيب 5:287 الحديث 977،الاستبصار 2:302 الحديث 1080،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 14. [4]

أمّا الوقوف بالمشعر فيثبت بالكتاب العزيز،قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (1).

مسألة:و لو ترك الوقوف بعرفة ناسيا أو لعذر،تداركه

،فإن لم يتمكّن و لحق الوقوف بالمشعر الحرام في وقته،فقد أدرك الحجّ،و إلاّ فقد فاته الحجّ.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات،فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته (2)عرفات،فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (3).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها، قال:«فإن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات،و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان

ص:51


1- 1البقرة(2):198. [1]
2- 2) في المصادر:«فاتته».
3- 3) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:23 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر،و إذا (1)شيخ كبير،فقال:يا رسول اللّه ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟فقال:«إن ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا،ثمّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس،فليأتها،و إن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيض الناس من جمع فلا يأتها (2)و قد تمّ حجّه» (3).

و عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الناس (4)فقد أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ له،فإن شاء أن يقيم بمكّة،أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله، [رجع] (5)و عليه الحجّ من قابل» (6).

مسألة:و أوّل وقت الوقوف بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (7)،و مالك (8).

و قال أحمد:أوّله طلوع الفجر من يوم عرفة (9).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعد الزوال،و قال:«خذوا عنّي

ص:52


1- 1في المصادر:فإذا.
2- 2) في النسخ:«فلا يأتيها»و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:290 الحديث 983،الاستبصار 2:303 الحديث 1081،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [1]
4- 4) في المصادر:الإنسان.
5- 5) أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 5:290 الحديث 984 و ص 294 الحديث 997،الاستبصار 2:303 الحديث 1082 و ص 306 الحديث 1094،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3 و 4. [2]
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94، فتح العزيز بهامش المجموع 7:349،مغني المحتاج 1:496،السراج الوهّاج:162.
8- 8) بداية المجتهد 1:347،إرشاد السالك:57،بلغة السالك 1:277.
9- 9) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441،الإنصاف 4:29.

مناسككم» (1).و وقف الصحابة كذلك و أهل الأمصار (2)من لدن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى زماننا هذا وقفوا بعد الزوال،و لو كان قبل ذلك جائزا لما اتّفقوا على تركه.

و قال ابن عبد البرّ:أجمع العلماء على أنّ أوّل الوقوف (3)بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة (4).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمّ تأتي الموقف»يعني بعد الصلاتين (5).و الأمر للوجوب.

احتجّ أحمد:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى معنا هذه الصلاة-يعني صلاة الصبح يوم النحر-و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (6)و لم يفصّل قبل الزوال و بعده (7).

و لأنّه أحد زماني الوقوف،فتعلّق الإدراك بجميعه،كالليل (8).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على ما بعد الزوال.

و عن الثاني:أنّ تشبيهه بالليل لا يثبت هذا الحكم؛لأنّ الزمانين قد يختلفان.

مسألة:و آخر وقت الوقوف بعرفة الاختياريّ غروب الشمس

،و لا نعلم خلافا

ص:53


1- 1مسند أحمد 3:318 و 367، [1]سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73. [2]
2- 2) ج و ق:الأعصار.
3- 3) خا و ق:الوقت،مكان:الوقوف.
4- 4) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
5- 5) التهذيب 5:182 الحديث 611،الوسائل 10:15 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
6- 6) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [4]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [5]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الدارميّ 2:59، [6]مسند أحمد 4:15، [7]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3:254.
7- 7) ق و خا:أو بعده.
8- 8) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.

في ذلك.

روى الجمهور عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام و أسامة بن زيد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع حين غربت الشمس (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد غروب الشمس» (2).

و عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:متى نفيض (3)من عرفات؟قال:«إذا ذهبت الحمرة من هاهنا»و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس (4).

مسألة:و لو لم يتمكّن من الوقوف بعرفة نهارا و أمكنه أن يقف بها ليلا و لو كان

قليلا إلى أن يطلع الفجر أو قبله،وجب عليه

،و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس يوم النحر و لا نعلم في ذلك خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي

ص:54


1- 1سنن أبي داود 2:190 الحديث 1922، [1]سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885. [2]
2- 2) التهذيب 5:186 الحديث 619،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
3- 3) كثير من النسخ:يفيض،و في المصادر:تفيض.
4- 4) التهذيب 5:186 الحديث 618،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
5- 5) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [5]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [6]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الدارميّ 2:59، [7]مسند أحمد 4:15، [8]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3:254.

عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات، فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا،فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته (1)عرفات،فليقف بالمشعر الحرام،فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام،فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة،و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها، فقال:«إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس،فليأت عرفات،و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف[بجمع] (3)ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه» (4).

مسألة:و لو لم يدرك الوقوف بعرفة في ليلة النحر و خشي إن مضى إلى عرفات

فاته المشعر،وجب عليه المضيّ إلى المشعر

،فإن أدركه في وقته فقد أدرك الحجّ.

و أطبق الجمهور كافّة على خلاف ذلك،و قالوا:إنّ الحجّ يبطل بفوات الوقوف بعرفة.

لنا:الإجماع المركّب،فإنّ كلّ من يقول بوجوب الوقوف بالمشعر،يذهب إلى الاجتزاء به عند فوات عرفة للضرورة،لكنّ الوجوب ثابت-على ما يأتي-فيثبت الحكم.

ص:55


1- 1في المصادر:فاتته.
2- 2) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [2]

و يدلّ عليه أيضا:ما تقدّم في الحديثين المتقدّمين عن الصادق عليه السلام (1)، و كذا في حديث محمّد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام (2).

احتجّوا (3):بقوله عليه السلام:«الحجّ عرفة» (4).

و جوابه:أنّه لا دلالة على مطلوبهم فيه؛لأنّه لا بدّ فيه من إضمار،فيخرج عن دلالته الظاهرة.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يقف إلى غروب الشمس من يوم عرفة بها

(5)، فلو أفاض قبله عامدا،فقد فعل حراما،و جبره بدم-على ما يأتي-و صحّ حجّه.

و به قال عامّة أهل العلم.

و قال مالك:لا حجّ له (6)،و لا نعرف أحدا من فقهاء أهل الأمصار قال بقول مالك.

لنا:ما رواه الجمهور عن عروة بن مضرّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائيّ (7)قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمزدلفة حين خرج إلى الصلاة،

ص:56


1- 1تقدّما في ص 51.
2- 2) التهذيب 5:290 الحديث 984،الاستبصار 2:303 الحديث 1082،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4،و [1]قد تقدّم الحديث في ص 52.
3- 3) المغني 3:437،بداية المجتهد 1:346.
4- 4) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949،سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [2]سنن الدارميّ 2:59،سنن الدارقطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:116.
5- 5) يراجع:ص 53.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:413،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:348،المغني 3:441.
7- 7) عروة بن مضرّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائيّ،شهد مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع و [3]روى عنه حديث:«من صلّى صلاتنا هذه ثمّ أفاض...فقد تمّ حجّه».قيل:روى عنه الشعبيّ و قيل:لم يرو عنه، و روى عنه ابن عمّه حميد بن منهب بن حارثة بن حزم و روى عنه أيضا عروة بن الزبير. أسد الغابة 3:406، [4]تهذيب التهذيب 7:188. [5]

فقلت:يا رسول اللّه إنّي جئت من جبلي (1)طيّئ،أكللت راحلتي،و أتعبت نفسي، و اللّه ما تركت من جبل إلاّ وقفت عليه،فهل لي (2)حجّ؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من شهد صلاتنا هذه و وقف معنا حتّى ندفع،و قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إن أدركه الناس فقد أدرك الحجّ.فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ،فإن شاء أن يقيم بمكّة،أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله،رجع،و عليه الحجّ من قابل» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ» (5).

و لأنّه وقف في زمن الوقوف،فاجتزأ،كالليل.

احتجّ مالك (6):بما رواه ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجّ،و من فاته عرفات بليل فقد فاته الحجّ،فليحلّ بعمرة

ص:57


1- 1ع:جبل.
2- 2) في المصادر بزيادة:من.
3- 3) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن النسائيّ 5:263، سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15، [4]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5: 116،مجمع الزوائد 3:254.
4- 4) التهذيب 5:290 الحديث 984،الاستبصار 2:303 الحديث 1082،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [5]
5- 5) التهذيب 5:294 الحديث 98،الاستبصار 2:307 الحديث 1095،الوسائل 10:63 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [6]
6- 6) المغني 3:441،الشرح الكبير بهامش المغني 3:443.

و عليه الحجّ من قابل» (1).

و الجواب:أنّه إنّما خصّ الليل؛لأنّ الفوات يتعلّق به إذا كان يوجد بعد النهار فهو آخر وقت الوقوف،و ذلك كقوله عليه السلام:«من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها» (2).

مسألة:إذا دفع من عرفات قبل غروب الشمس،وجب عليه بدنة إن كان

عامدا

.و به قال ابن جريج،و الحسن البصريّ (3).

و قال باقي الجمهور:عليه دم لا غير،و اختلفوا:فذهب أبو حنيفة (4)،و أحمد إلى وجوبه (5)،و به قال الشافعيّ في القديم و الأمّ،و قال في الإملاء:هو مستحبّ (6).

لنا:أنّه قد ترك نسكا.

و روى ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من ترك نسكا فعليه دم» (7).و الأحوط البدنة؛لأنّه معها يتيقّن براءة الذمّة،و لا يحصل اليقين بدونه، فتعيّن البدنة،كقولنا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ضريس،عن أبي جعفر عليه السلام،

ص:58


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:241 الحديث 21،سنن البيهقيّ 5:174 بتفاوت فيه.
2- 2) صحيح مسلم 1:424 الحديث 608،سنن أبي داود 1:112 الحديث 412،سنن الترمذيّ 1:353 الحديث 186،سنن النسائيّ 1:273،سنن الدارميّ 1:278، [1]مسند أحمد 2:462، [2]سنن البيهقيّ 1: 368،المصنّف لعبد الرزّاق 1:584 الحديث 2224.
3- 3) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،عمدة القارئ 10:5.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:405-406،بدائع الصنائع 2:127،الهداية للمرغينانيّ 1:167،شرح فتح القدير 2: 467،مجمع الأنهر 1:294،عمدة القارئ 10:5.
5- 5) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،الكافي لابن قدامة 1:599،الإنصاف 4:30، زاد المستقنع:33.
6- 6) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المجموع 8:102، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162.
7- 7) سنن الدارقطنيّ 2:244 الحديث 37 و 39،سنن البيهقيّ 5:152 بتفاوت.

قال:سألته عمّن أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس،قال:«عليه بدنة ينخرها يوم النحر،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في الطريق أو في أهله» (1).

فروع:
الأوّل:لو أفاض قبل الغروب ساهيا،لم يكن عليه شيء

؛لأنّ الكفّارة تترتّب على الذنب و لم يثبت هنا،و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس،قال:«إذا كان جاهلا،فلا شيء عليه،و إن كان متعمّدا،فعليه بدنة» (2).

الثاني:لو لم يتمكّن من بدنة،صام ثمانية عشر يوما

على ما تضمّنته رواية ضريس عن الباقر عليه السلام (3).

الثالث:لو عاد نهارا فوقف حتّى غربت الشمس،فلا دم عليه

.و به قال مالك (4)، و الشافعيّ (5)تفريعا على الوجوب عنده،و أحمد (6).

و قال الكوفيّون،و أبو ثور:عليه دم (7).

ص:59


1- 1التهذيب 5:186 الحديث 620،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:187 الحديث 621،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:186 الحديث 620،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الموقوف بعرفة الحديث 3.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:413،بداية المجتهد 1:348-349،بلغة السالك 1:277.
5- 5) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:102،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162.
6- 6) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،الكافي لابن قدامة 1:599،الإنصاف 4:30- 31.
7- 7) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444.

لنا:أنّه أتى بالواجب و هو الجمع بين الوقوف في الليل و النهار،فلم يجب عليه دم،كمن تجاوز الميقات غير محرم ثمّ رجع فأحرم منه.

و لأنّ الواجب عليه الوقوف حالة الغروب و قد فعله.

و لأنّه لو لم يقف أوّلا ثمّ أتى قبل غروب الشمس و وقف حتّى تغرب،لم يجب عليه شيء،فكذا هنا.

الرابع:لو كان عوده بعد الغروب،لم يسقط عنه الدم

.و به قال أحمد (1).

و قال الشافعيّ:يسقط الدم (2).

لنا:أنّ الواجب عليه الوقوف حالة الغروب و قد فاته بغروبه،فأشبه من تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه.

الخامس:لو لم يأت عرفات نهارا،أو جاء بعد غروب الشمس و وقف بها،صحّ

حجّه

و لا شيء عليه،و هو قول علماء الإسلام كافّة؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجّ» (3).

و لأنّه لم يدرك جزءا من النهار،فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه.

السادس:لو لم يقف بها نهارا و وقف ليلا،أجزأه

على ما بيّنّاه،و جاز له أن يدفع من عرفات أيّ وقت شاء بلا خلاف،و لا دم عليه إجماعا.

لا يقال:إنّه وقف أحد الزمانين،فوجب الدم كما قلتم (4)إذا وقف نهارا و أفاض قبل الليل.

ص:60


1- 1المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444.
2- 2) المجموع 8:102،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج: 162.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:241 الحديث 21،سنن البيهقيّ 5:174.
4- 4) كثير من النسخ:قلت.

لأنّا نقول:الفرق بينهما أنّ من أدرك النهار،أمكنه (1)الوقوف إلى الليل و الجمع بين الليل و النهار،فتعيّن ذلك عليه،فإذا تركه،لزمه الدم،أمّا من أتاها ليلا فلا يمكنه الوقوف نهارا،فلم يتعيّن عليه،فلا يجب الدم بتركه.

السابع:لو غمّ الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة،فوقف الناس يوم التاسع من

ذي الحجّة

،ثمّ قامت البيّنة أنّه يوم العاشر قال الشافعيّ:أجزأهم؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حجّكم يوم تحجّون» (2).

و لأنّ ذلك لا يؤمن مثله في القضاء مع اشتماله على المشقّة العظيمة الحاصلة من السفر الطويل و إنفاق المال الكثير (3).

قال:و لو وقفوا يوم التروية،لم يجزئهم؛لأنّه لا يقع فيه الخطأ؛لأنّ نسيان العدد لا يتصوّر من العدد الكثير،و العدد القليل لا يعذرون في ذلك؛لأنّهم مفرطون، و يأمنون ذلك في القضاء (4).

و لو شهد شاهدان عشيّة عرفة برؤية الهلال و لم يبق من النهار و الليل ما يمكن الإتيان (5)إلى عرفة،قال:وقفوا من الغداة (6).

و لو أخطأ الناس أجمع في العدد فوقفوا في غير ليلة (7)عرفة قال بعض الجمهور:يجزئهم؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يوم عرفة الذي يعرّف الناس

ص:61


1- 1خا:و أمكنه.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 7:365.
3- 3) المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364-366،مغني المحتاج 1:498-499، السراج الوهّاج:163.
4- 4) ينظر:المجموع 8:293،فتح العزيز بهامش المجموع 7:366.
5- 5) كثير من النسخ:الانتقال،مكان:الإتيان.
6- 6) المجموع 8:293، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:366. [2]
7- 7) كذا في النسخ و الأنسب:يوم.

فيه» (1).

و إن اختلفوا فأصاب بعضهم و أخطأ بعض وقت الوقوف،لم يجزئهم؛لأنّهم غير معذورين في هذا (2).

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فطركم يوم تفطرون و أضحاكم يوم تضحّون» (3).و في الكلّ إشكال.

الثامن:لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذي الحجّة و ردّ الحاكم شهادتهما

، وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما.و به قال الشافعيّ (4).

و قال محمّد بن الحسن في حكاية عنه:لا يجزئه حتّى يقف مع الناس يوم العاشر (5).

لنا:أنّه يتيقّن (6)أنّ هذا يوم عرفة،فلزمه الوقوف،كما لو قبلت شهادته.

و لأنّه لو رأى الهلال و ردّ الحاكم شهادته،لزم الصيام و إن وقع الخلاف في وجوب الكفّارة،فكذا هنا.

احتجّ محمّد:بأنّ الوقوف لا يكون في يومين،و قد ثبت في حقّ الجماعة يوم العاشر (7).

ص:62


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:223 الحديث 33،سنن البيهقيّ 5:176،كنز العمّال 5:65 الحديث 12071.
2- 2) المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364-365.
3- 3) سنن أبي داود 2:297 الحديث 2324، [1]سنن الترمذيّ 3:80 الحديث 697 [2] بتفاوت فيه،سنن الدارقطنيّ 2:224 و 225 الحديث 35 و 36،سنن البيهقيّ 5:175 و 176،كنز العمّال 8:488 الحديث 23761 و 23762.
4- 4) حلية العلماء 3:339،المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:366.
5- 5) بدائع الصنائع 2:126،حلية العلماء 3:339،المجموع 8:292.
6- 6) كثير من النسخ:تيقّن.
7- 7) بدائع الصنائع 2:126.

و الجواب:المنع من كونه لا يقع في يومين مطلقا،بل ذلك ثابت في حقّ شخص شخص،أمّا بالنسبة إلى شخصين فلا استبعاد فيه؛لاختلاف سبب الوجود في حقّهما،كصوم رمضان.

مسألة:و عرفة كلّها موقف،يصحّ الوقوف في أيّ حدّ شاء منها

.و هو قول علماء الإسلام.

روى الجمهور عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة،و قد أردف أسامة بن زيد،فقال:«هذا الموقف و كلّ عرفة موقف» (1).

أو قال عليه السلام:«عرفة كلّها موقف و ارتفعوا عن وادي عرنة،و المزدلفة كلّها موقف و ارتفعوا عن بطن محسّر» (2).

و عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام (3)،عن أبيه الباقر عليه السلام،عن جابر لمّا وصف حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ عرفة موقف،و كلّ منى منحر،و كلّ المزدلفة موقف،و كلّ فجاج مكّة طريق و منحر» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبها،فنحّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،

ص:63


1- 1سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935 [1] بتفاوت فيه،سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [2]سنن ابن ماجة 2:1001 الحديث 3010،كنز العمّال 5:62 الحديث 12054،12055 و ص 284 الحديث 12903.
2- 2) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [3]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،سنن الدارميّ 2: 57، [4]الموطّأ 1:388 الحديث 166، [5]مسند أحمد 4:82، [6]سنن البيهقيّ 5:115،كنز العمّال 5:61 الحديث 12050،12051،12052،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:141 الحديث 11408،مجمع الزوائد 3:251.
3- 3) خا:عليهما السلام.
4- 4) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [7]سنن البيهقيّ 5:239،كنز العمّال 5:61 الحديث 12049.

ففعلوا مثل ذلك،فقال:«أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف»و أشار بيده إلى الموقف،فقال:«هذا كلّه موقف» (1)،فتفرّق الناس.

و فعل ذلك بالمزدلفة،و قال عليه السلام:«عرفة كلّها موقف،و لو لم يكن إلاّ ما تحت خفّ ناقتي لم يسع الناس ذلك»رواه ابن بابويه رحمه اللّه (2).

مسألة:و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز

،فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك؛فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات، فلو وقف بها،بطل حجّه.و به قال الجمهور كافّة،إلاّ ما حكي عن مالك أنّه لو وقف ببطن عرنة،أجزأه و لزمه الدم. (3).

قال ابن عبد البرّ:أجمع الفقهاء على أنّه لو وقف ببطن عرنة،لم يجزئه (4).

لنا:أنّ هذه حدود و ليست من عرفة.و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كلّ عرفة موقف،و ارتفعوا عن بطن عرنة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل (6)موقف» (7).

ص:64


1- 1التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [1]
2- 2) الفقيه 2:281 ضمن الحديث 1377.
3- 3) حلية العلماء 3:337،المغني و الشرح الكبير 3:436،المجموع 8:109 و 120،عمدة القارئ 10:5.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:436.
5- 5) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [2]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،الموطّأ 1:388 الحديث 166، [3]سنن الدارميّ 2:57،مسند أحمد 4:82، [4]سنن البيهقيّ 5:115،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:141 الحديث 11408،مجمع الزوائد 3:251.
6- 6) كثير من النسخ:«من خلف»مكان:«و خلف».
7- 7) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:10 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف» (1).

و في الموثّق عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات» (2).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اتّق الأراك و نمرة و بطن عرنة و ثويّة و ذا المجاز؛فإنّه ليس من عرفة فلا تقف فيه» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حجّ لهم» (4)يعني من وقف تحت الأراك.

مسألة:و ينبغي أن يقف على السهل،و يستحبّ أن يقف على ميسرة الجبل

و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضرورة إلى ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة في ميسرة الجبل.أمّا مع الضرورة فإنّه يجوز الارتفاع إلى الجبل.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:«سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟فقال:

«على الأرض» (5).

ص:65


1- 1التهذيب 5:179 الحديث 601،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 602،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 5:181 الحديث 606،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:180 الحديث 603،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5. [5]

و عن سماعة بن مهران،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى وادي محسّر»قلت:فإذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟قال:«يرتفعون إلى المأزمين»قلت:فإذا كانوا بالموقف و كثروا (1)فكيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى الجبل» (2).

مسألة:يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس

،ثمّ يمضي إلى الموقف فيقف هناك؛لما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا ينبغي الوقوف تحت الأراك،فأمّا النزول تحته حتّى تزول الشمس و تنهض إلى الموقف فلا بأس» (3).

و المستحبّ أن يضرب خباءه أو قبّته بنمرة دون عرنة و دون الموقف،كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4)،فإذا جاء وقت الوقوف،مضى و وقف في الموقف.

مسألة:و يستحبّ له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله

،قال اللّه تعالى:

كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (5)فوصفهم بالاجتماع.

و روى الشيخ عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إذا رأيت خللا فتقدّم فسدّه (6)بنفسك و راحلتك،فإنّ اللّه تعالى يحبّ أن تسدّ تلك

ص:66


1- 1في المصادر بزيادة:و ضاق عليهم.
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 5:181 الحديث 605،الوسائل 10:12 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 7. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1022-1027 الحديث 3074.
5- 5) الصفّ(61):4. [3]
6- 6) بعض النسخ:«و سدّه».

الخلال» (1).

و يستحبّ له أن يقرب من الجبل؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن عبد اللّه الأزديّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و ما قرب من الجبل فهو أفضل» (3).

فصل

روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم و حفص أنّهما سألا أبا عبد اللّه

عليه السلام أيّما أفضل الحرم أو عرفة؟

فقال:«الحرم»فقيل:كيف لم تكن عرفات في الحرم؟قال:«هكذا جعلها اللّه» (4).

فصل

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:«اليوم المشهود يوم عرفة»

(5).

فصل

و روى الشيخ عن عبد الرحمن بن سيابة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

غسل يوم عرفة في الأمصار

،فقال:«اغتسل أينما كنت» (6).

ص:67


1- 1التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:15 الباب 13 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة ذيل الحديث 2. [1]
2- 2) مرّ ذكره في صفحة 47 أيضا،و قلنا:لم نعثر على وجود شخص بعنوان:عليّ بن عبد اللّه،راجع و تأمّل.
3- 3) التهذيب 5:184 الحديث 613 فيه:عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:478 الحديث 1694،الوسائل 9:381 الباب 44 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:479 الحديث 1695،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 15. [4]
6- 6) التهذيب 5:479 الحديث 1696،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [5]فيه:عن عبد اللّه بن سيارة(سنان).
فصل

و روي عن إبراهيم بن أبي البلاد،قال:حدّثني أبو بلال المكّيّ ،قال:رأيت

أبا عبد اللّه عليه السلام بعرفة أتى بخمسين نواة

(1)

،و كان يصلّي بقل هو اللّه أحد،و صلّى مائة ركعة بقل هو اللّه أحد و ختمها بآية الكرسيّ،فقلت له:جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلّى هذه الصلاة هنا،فقال:«ما شهد هذا الموضع نبيّ و لا وصيّ نبيّ إلاّ صلّى هذه الصلاة» (2).

فصل

و روي عن طلحة بن زيد،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«لا عرفة إلاّ

بمكّة

،و لا بأس أن يجتمعوا في الأمصار يوم عرفة يدعون اللّه» (3).

فصل

و روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل إذا أمسى بعرفة»

(4).

ص:68


1- 1أبو بلال المكّيّ:قال المامقانيّ:لم نقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في باب حجّ آدم عليه السلام(الكافي 4:194 الحديث 5)و [1]حجّ الأنبياء(الكافي 4:214 الحديث 9)و [2]ليس له ذكر في كتب الرجال فهو مهمل، و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه و روى عنه إبراهيم بن أبي البلاد. تنقيح المقال 3:7 باب الكنى، [3]معجم رجال الحديث 22:78. [4]
2- 2) التهذيب 5:479 الحديث 1697،الوسائل 10:18 الباب 15 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]
3- 3) التهذيب 5:479 الحديث 1699،الوسائل 10:32 الباب 25 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [6]
4- 4) التهذيب 5:480 الحديث 1701،الاستبصار 2:255 الحديث 898،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [7]
الفصل الثالث
اشارة

في الوقوف بالمشعر الحرام و فيه مباحث

البحثالأوّل
اشارة

إذا غربت الشمس في عرفات،فليفض منها قبل الصلاة إلى المشعر الحرام

.

و يستحبّ له إذا أراد الإفاضة أن يدعو بما رواه الشيخ عن أبي بصير-في الموثّق-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا غربت الشمس فقل:اللهمّ لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف،و ارزقنيه (1)أبدا ما أبقيتني،و اقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا،بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من و فدك عليك، و أعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير و البركة و الرحمة و الرضوان و المغفرة،و بارك لي فيما أرجع إليه من أهل و مال،أو قليل أو كثير،و بارك لهم فيّ» (2).

مسألة:و يستحبّ له أن يقتصد في السير،و أن يسير سيرا جميلا

،و عليه السكينة و الوقار،و يستغفر اللّه تعالى و يكثر من الاستغفار.

روى الجمهور في حديث جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام،عن جابر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:حتّى دفع و قد شنق

ص:69


1- 1في المصادر بزيادة:من قابل.
2- 2) التهذيب 5:187 الحديث 622،الوسائل 10:31 الباب 24 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]

القصواء (1)بالزمام حتّى أنّ رأسها ليصيب مورك (2)رحله و يقول بيده اليمنى:«أيّها الناس السكينة السكينة» (3).

و عن ابن عبّاس أنّه دفع مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم عرفة،فسمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وراءه زجرا شديدا و ضربا للإبل،فأشار بسوطه إليهم و قال:

«أيّها الناس عليكم بالسكينة،فإنّ البرّ ليس بإيضاع الإبل» (4).

و سئل أسامة:كيف كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسير في حجّة الوداع؟ قال:كان يسير العنق،فإذا وجد فجوة نصّ (5)،أي رفع في السير،و النصّ مأخوذ من الرفع؛لأنّه رفع في بيانه (6)إلى أقصى غايته.

و عن عليّ عليه السلام:«إنّ (7)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دفع و عليه السكينة و الوقار» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

ص:70


1- 1شنقت البعير:إذا كففته بزمامه و أنت راكبه،و القصواء:لقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. النهاية لابن الأثير 2:506 و ج 4:75. [1]
2- 2) المورك:المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل،يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب.أراد أنّه قد بالغ في جذب رأسها إليه ليكفّها عن السير.النهاية لابن الأثير 5:176. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-49، [4]سنن البيهقيّ 5:118.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:201.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:200،صحيح مسلم 2:936 الحديث 1286،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1923، [5]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3017،سنن النسائيّ 5:258،سنن الدارميّ 2:57، [6]سنن البيهقيّ 5:119،كنز العمّال 5:197 الحديث 12595،عمدة القارئ 10:6،المصباح المنير:608 و فيه:إذا وجد فرجة نصّ،النهاية لابن الأثير 5:64. [7]
6- 6) كثير من النسخ:في ثيابه،مكان:في بيانه.
7- 7) ع:على أنّ،مكان:و عن عليّ عليه السلام إنّ.
8- 8) لم نعثر عليه.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا غربت الشمس فأفض مع الناس و عليك السكينة و الوقار،و أفض من حيث أفاض الناس،و استغفر اللّه إنّ اللّه غفور رحيم،فإذا انتهيت إلى الكثيب (1)الأحمر عن يمين الطريق فقل:اللهمّ ارحم موقفي و زد في عملي و سلّم ديني و تقبّل مناسكي،و إيّاك و الوصف (2)الذي يصنعه كثير من الناس، فإنّه بلغنا أنّ الحجّ ليس بوصف الخيل،و لا إيضاع (3)الإبل،و لكن اتّقوا اللّه و سيروا سيرا جميلا،و لا توطئوا ضعيفا و لا توطئوا مسلما،و اقتصدوا في السير؛فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف (4)ناقته،حتّى كان يصيب رأسها مقدّم الرحل،و يقول:

أيّها الناس عليكم بالدعة (5)فسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تتّبع»قال معاوية بن عمّار:و سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اللهمّ أعتقني من النار»يكرّرها حتّى إذا أفاض الناس،قلت:ألا تفيض قد أفاض الناس؟قال:«إنّي أخاف الزحام و أخاف أن أشرك في عنت (6)إنسان» (7).

مسألة:و لا ينبغي أن يلبّي في سيره

.لأنّا قد بيّنّا أنّ الحاجّ يقطع التلبية يوم عرفة (8).و استحبّ أحمد التلبية (9).و ليس بشيء.

ص:71


1- 1الكثيب:التلّ من الرمل.أقرب الموارد 2:1067.
2- 2) وصفت الناقة:أجادت السير و جدّت فيه،و في التهذيب:«و الوضيف».وضف البعير:أسرع.أقرب الموارد 2:1457 و 1462.و في الكافي 4:467:«و [1]الوجيف»في الموضعين و هو كما في النهاية: [2]ضرب من السير سريع.النهاية لابن الأثير 5:157. [3]
3- 3) وضع البعير و أوضعه راكبه:إذا حمله على سرعة السير.النهاية لابن الأثير 5:196. [4]
4- 4) ع:«يوقف».
5- 5) في النسخ:«بالدعاء»و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) في النسخ:«عيب»و ما أثبتناه من المصادر.العنت:المشقّة و الفساد،و الهلاك،و الإثم و الغلط،و الخطأ و الزنا،كلّ ذلك قد جاء.النهاية لابن الأثير 3:306. [5]
7- 7) التهذيب 5:187 الحديث 623،الوسائل 10:34 الباب 2 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [6]
8- 8) يراجع:الجزء العاشر ص 239.
9- 9) المغني 3:446،الشرح الكبير بهامش المغني 3:445،الكافي لابن قدامة 1:599، [7]الإنصاف 4:35.

و يستحبّ أن يمضي على طريق المأزمين؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلك هذا (1)الطريق،و إن سلك غيرها،جاز.

و يستحبّ له الإكثار من ذكر اللّه تعالى،قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ (2).

و لأنّه زمن الاستشعار بطاعة اللّه تعالى و التلبّس بعبادته و السعي إلى شعائره.

مسألة:و ينبغي له أن يصلّي المغرب و العشاء بالمزدلفة و إن ذهب ربع الليل

أو ثلثه

.أجمع عليه أهل العلم كافّة،رواه الجمهور عن الصادق عليه السلام،عن جابر (3).

و عن ابن عمر (4)،و أسامة (5)،و أبي أيّوب (6)و غيرهم في أحاديث صحيحة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه جمع بينهما بمزدلفة (7).

ص:72


1- 1ح و ع:هذه.
2- 2) البقرة(2):198. [1]
3- 3) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الترمذيّ 3:235 ذيل الحديث 888، [2]سنن الدارميّ 2:48، [3]سنن البيهقيّ 5: 121.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:201،صحيح مسلم 2:937 الحديث 1287،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1926،سنن الترمذيّ 3:235 الحديث 887 و 888، [4]سنن النسائيّ 5:260،الموطّأ 1:400 الحديث 196، [5]سنن البيهقيّ 5:121.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [6]سنن الترمذيّ 2:235 ذيل الحديث 888، [7]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019، الموطّأ 1:400 الحديث 197، [8]سنن البيهقيّ 5:119-120.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:201-202،صحيح مسلم 2:937 الحديث 1287،سنن الترمذيّ 3:235 ذيل الحديث 888،سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3020،الموطّأ 1:401 الحديث 198،سنن البيهقيّ 5: 120.
7- 7) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1934.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا تصلّ المغرب حتّى تأتي جمعا،و إن ذهب ثلث الليل» (1).

و في الحسن عن الحلبيّ و معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تصلّ المغرب حتّى تأتي جمعا،فصلّ بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، فانزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر» (2).

و عن زرعة،عن سماعة،قال:سألته عن الجمع بين المغرب و العشاء الآخرة بجمع،فقال:«لا تصلّهما حتّى تنتهي إلى جمع و إن مضى من الليل ما مضى؛فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمعهما بأذان واحد و إقامتين،كما جمع بين الظهر و العصر بعرفات» (3).و لا نعرف في مشروعيّة تأخير المغرب و العشاء عن وقتهما الأوّل إلى المزدلفة خلافا.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يؤذّن للأولى،و يقيم و يصلّيها،ثمّ يقيم للعشاء من غير أذان

و يصلّيها

،قاله علماؤنا،و هو أحد أقوال الشافعيّ (4)،و اختاره أبو ثور،و ابن المنذر (5)،و أحمد في إحدى الروايات.

ص:73


1- 1التهذيب 5:188 الحديث 625،الاستبصار 2:254 الحديث 895،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:188 الحديث 626،الوسائل 10:40 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:188 الحديث 624،الاستبصار 2:254 الحديث 894،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
4- 4) الأمّ 2:212،حلية العلماء 2:37 و ج 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:55،المجموع 3:86،فتح العزيز بهامش المجموع 3:155-156، [4]مغني المحتاج 1:135.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:447،عمدة القارئ 10:12.

و قال في الأخرى:يقيم لكلّ صلاة إقامة (1).و به قال الشافعيّ (2)أيضا، و إسحاق،و سالم،و القاسم بن محمّد،و هو قول ابن عمر (3).

و قال الثوريّ:يقيم للأولى من غير أذان،و يصلّي الأخرى بغير أذان و لا إقامة، و هو مرويّ عن ابن عمر أيضا (4)،و أحمد (5).

و قال مالك:يجمع بينهما بأذانين و إقامتين (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد عليهما السلام،عن جابر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث الحلبيّ و سماعة (8)،و ما رواه الشيخ- في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«صلاة المغرب و العشاء بجمع بأذان واحد و إقامتين،و لا تصلّ بينهما شيئا»و قال:«هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (9).

احتجّ أحمد (10):بما رواه أسامة بن زيد قال:دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من عرفة حتّى إذا كان بالشعب نزل فبال ثمّ توضّأ،فقلت له:الصلاة يا رسول اللّه،

ص:74


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:446 و 447،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422،زاد المستقنع:10.
2- 2) الأمّ 1:86،حلية العلماء 2:36 و ج 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:55،المجموع 3:86.
3- 3) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12. [1]
4- 4) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12.
5- 5) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،الإنصاف 1:422، [2]عمدة القارئ 10:12.
6- 6) بداية المجتهد 1:347،المجموع 8:149، [3]عمدة القارئ 10:12.
7- 7) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [4]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48، [5]سنن البيهقيّ 5:121.
8- 8) يراجع:ص 73. [6]
9- 9) التهذيب 5:190 الحديث 630،الاستبصار 2:255 الحديث 899،الوسائل 10:40 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [7]
10- 10) المغني و الشرح الكبير 3:447.

فقال:«الصلاة أمامك»فركب فلمّا جاء مزدلفة نزل فتوضّأ فأسبغ الوضوء ثمّ أقيمت الصلاة فصلّى المغرب،ثمّ أناخ كلّ إنسان بعيره في مبركه ثمّ أقيمت الصلاة فصلّى و لم يصلّ بينهما (1).

و احتجّ الثوريّ (2):بما رواه ابن عمر،قال:جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين المغرب و العشاء بجمع صلّى المغرب ثلاثا،و العشاء ركعتين بإقامة واحدة (3).

احتجّ مالك:بأنّ عمر و ابن مسعود أذّنا أذانين و إقامتين (4).

و الجواب عن هذه الأحاديث:أنّ روايتنا تضمّنت الزيادة،فكانت أولى،و أيضا فهو معتبر بسائر الفوائت و المجموعات؛فإنّه ينبغي الجمع بينهما بأذان و إقامتين، و أمّا قول مالك فهو ضعيف؛لأنّه مخالف للإجماع.

قال ابن عبد البرّ:لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا بوجه من الوجوه (5).

و أمّا عمر فإنّما أمر بالتأذين للثانية؛لأنّ الناس كانوا قد تفرّقوا لعشائهم،فأذّن لجمعهم (6).

الثاني:لا ينبغي أن يصلّي بينهما شيئا من النوافل

،و هو وفاق؛لما تقدّم في حديث جابر و أسامة (7).

ص:75


1- 1صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [1]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197، [2]سنن البيهقيّ 5:119.
2- 2) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12.
3- 3) صحيح مسلم 2:938 الحديث 1288،سنن أبي داود 2:192 الحديث 1931، [3]مسند أحمد 2:34، [4]سنن البيهقيّ 5:121.
4- 4) بداية المجتهد 1:347،المجموع 8:149.
5- 5) المغني 3:448،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،عمدة القارئ 10:12.
6- 6) المغني 3:448،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447.
7- 7) يراجع:ص 74. [5]

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث منصور بن حازم (1)،و ما رواه عنبسة بن مصعب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا صلّيت المغرب بجمع أصلّي الركعات بعد المغرب؟قال:«لا،صلّ المغرب و العشاء ثمّ تصلّي الركعات بعد» (2).

الثالث:لو صلّى بينهما شيئا من النوافل،لم يكن مأثوما

؛لأنّ الجمع مستحبّ، فلا يترتّب على تركه إثم.

و ما رواه الجمهور عن ابن مسعود أنّه كان يتطوّع بينهما،و رواه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبان بن تغلب،قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام المغرب بالمزدلفة،فقام فصلّى المغرب ثمّ صلّى العشاء الآخرة و لم يركع فيما بينهما،ثمّ صلّيت خلفه بعد ذلك بسنة،فلما صلّى المغرب قام فتنفّل بأربع ركعات (4).

الرابع:لو ترك الجمع فصلّى المغرب في وقتها،و العشاء في وقتها،

صحّت صلاته و لا إثم عليه

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء،و عروة،و القاسم بن محمّد،و سعيد بن جبير (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و إسحاق،و أبو ثور (8)،

ص:76


1- 1يراجع:ص 74. [1]
2- 2) التهذيب 5:190 الحديث 631،الاستبصار 2:255 الحديث 900،الوسائل 10:41 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [2]
3- 3) المغني 3:448،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:447.
4- 4) التهذيب 5:190 الحديث 632،الاستبصار 2:256 الحديث 901،الوسائل 10:41 الباب 6 [4] من، أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5.
5- 5) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،المجموع 8:148،عمدة القارئ 10:12.
6- 6) بلغة السالك 1:279،المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،حلية العلماء 30:339.
7- 7) حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:2270،المجموع 8:134.
8- 8) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،عمدة القارئ 10:12.

و أحمد (1)،و أبو يوسف،و ابن المنذر (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و الثوريّ،و محمّد:لا يجزئه (4).

لنا:أنّ كلّ صلاتين جاز الجمع بينهما،جاز التفريق بينهما،كالظهر و العصر بعرفة،و ما تقدّم من الأخبار (5).

احتجّوا (6):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الصلاتين،فكان نسكا، و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (7).

و لأنّه قال لأسامة:«الصلاة أمامك» (8).

و الجواب:أنّه محمول على الاستحباب؛لئلاّ ينقطع سيره.

الخامس:لو فاته مع الإمام الجمع،جمع منفردا

،و هو قول العلماء كافّة؛لأنّ الثانية منهما تصلّى في وقتها،بخلاف العصر مع الظهر عند المخالف.

السادس:لو عاقه في الطريق عائق و خاف أن يذهب أكثر الليل،صلّى في الطريق

ص:77


1- 1المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،الكافي لابن قدامة 1:600.
2- 2) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،حلية العلماء 3:340،عمدة القارئ 10:12.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146، [1]شرح فتح القدير 2: 377-378،مجمع الأنهر 1:278،عمدة القارئ 10:11. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146،شرح فتح القدير 2: 377-378.
5- 5) يراجع:الجزء الرابع ص 57 و 78.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146،شرح فتح القدير 2: 378.
7- 7) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125.و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925،سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197،سنن البيهقيّ 5:119.

الطريق؛لئلاّ يفوت الوقت.رواه الشيخ عن محمّد بن سماعة بن مهران (1)،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يصلّي المغرب و العتمة في الموقف؟قال:«قد فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،صلاّهما في الشعب» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«عثر محمل أبي (3)بين عرفة و المزدلفة،فنزل فصلّى المغرب،و صلّى العشاء بالمزدلفة» (4).

و في الصحيح عن هشام بن الحكم (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة» (6).

السابع:ينبغي أن يصلّي نوافل المغرب بعد العشاء

،و لا يفصل بين الصلاتين،

ص:78


1- 1محمّد بن سماعة بن مهران،كذا عنونه الأردبيليّ و نقل عنه روايات،و تعجّب المامقانيّ منه و قال:إنّ محمّد بن سماعة بن مهران لا وجود له أصلا فضلا عن كون الروايات له و أنّ الأخبار المزبورة لمحمّد بن سماعة الصيرفيّ.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ محمّد بن سماعة الذي وقع في أسناد الروايات من غير تقييد لا شكّ في انصرافه إلى محمّد بن سماعة بن موسى فإنّه المشهور المعروف،و ما جاء فيه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن محمّد بن سماعة بن مهران(التهذيب 5:189 الحديث 627)الظاهر وقوع التحريف فيه؛ و الصحيح:عن محمّد بن سماعة عن سماعة بن مهران. جامع الرواة 2:123،تنقيح المقال 3:124، [1]معجم رجال الحديث 16:152 و 154. [2]
2- 2) التهذيب 5:189 الحديث 627،الاستبصار 2:255 الحديث 896،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [3]
3- 3) في النسخ:«عبر محمّد أبي»مكان:«عثر محمل أبي».
4- 4) التهذيب 5:189 الحديث 628،الاستبصار 2:255 الحديث 897،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
5- 5) في الاستبصار:أبي الحكم.
6- 6) التهذيب 5:189 الحديث 629 و ص 480 الحديث 1701،الاستبصار 2:255 الحديث 898، الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [5]

و لو فعل،جاز،لكنّ (1)الأوّل أولى؛لرواية أبان و غيره (2).

و ينبغي أن يصلّي قبل حطّ الرحال؛لرواية أسامة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام للمغرب،ثمّ أناخ الناس في منازلهم و لم يحلّوا حتّى أقام العشاء الآخرة،فصلّى ثمّ حلّوا (3).

مسألة:و يبيت تلك الليلة بالمزدلفة،و يكثر فيها من ذكر اللّه تعالى

و الدعاء و التضرّع و الابتهال إليه تعالى.

روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية و الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة و تقول:اللهمّ هذه جمع،اللّهمّ إنّي أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير،اللهمّ لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي،ثمّ أطلب إليك أن تعرّفني ما عرّفت أولياءك في منزلي هذا،و أن تقيني جوامع الشرّ،و إن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل،فإنّه بلغنا أنّ أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين،لهم دويّ كدويّ النحل،يقول اللّه (4)تعالى عزّ و جلّ ثناؤه:أنا ربّكم و أنتم عبادي أدّيتم حقّي،و حقّ عليّ أن أستجيب لكم، فيحطّ تلك الليلة عمّن أراد أن يحطّ عنه ذنوبه،و يغفر لمن أراد أن يغفر له» (5).

مسألة:المبيت بالمزدلفة ليس بركن و إن كان الوقوف بها ركنا

.

ص:79


1- 1ح و ع:و لكنّ.
2- 2) التهذيب 5:190 الحديث 632،الاستبصار 2:256 الحديث 901،الوسائل 10:41 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [1]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197،سنن البيهقيّ 5:119.
4- 4) في النسخ:«لقول اللّه».
5- 5) التهذيب 5:188 الحديث 626،الوسائل 10:44 الباب 10 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]

و حكي عن الشعبيّ،و النخعيّ أنّهما قالا:المبيت بالمزدلفة ركن (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عروة بن مضرّس،قال:أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بجمع،فقال:«من صلّى معنا هذه الصلاة،و أتى عرفات قبل ذلك ليلا كان أو نهارا، فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّه مبيت في مكان،فلم يكن ركنا،كالمبيت بمنى.

احتجّ المخالف:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له» (3).

و الجواب:المراد به:من لم يبت بها و لم يقف وقف الوقوف؛جمعا بين الأدلّة.

ص:80


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،حلية العلماء 3:340،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 159،تفسير القرطبيّ 2:425، [1]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:138، [2]عمدة القارئ 10:17.
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [3]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الترمذيّ 3: 238 الحديث 891، [4]سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 4:15 و 261 و 262، [6]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدار قطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116.
3- 3) المجموع 8:150،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367.
البحث الثاني
اشارة

في الكيفيّة

مسألة:النيّة واجبة في الوقوف بالمشعر

؛لأنّه عبادة،فلا تصحّ بدونها،قال اللّه تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ (1).

و لأنّه عمل فلا بدّ فيه من النيّة؛لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (2).و يجب فيها التقرّب إلى اللّه تعالى،و نيّة الوجوب.

مسألة:و يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني الذي تجب معه الصلاة

.

و قال الشافعيّ:يجوز أن يدفع بعد نصف الليل و لو بجزء قليل (3).فأوجب الوقوف في النصف الثاني من الليل.

ص:81


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 318 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10،و [3]يراجع أيضا:الجزء العاشر ص 215-216 في نيّة الإحرام.
3- 3) الأمّ 2:212،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367، مغني المحتاج 1:499،السراج الوهّاج:163.

لنا:ما رواه الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الصبح حين تبيّن له الصبح (1).

و في حديث ابن مسعود أنّه صلّى الفجر حين طلع الفجر،قائل يقول:قد طلع، و قائل يقول:لم يطلع،ثمّ قال في آخر الحديث:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يفعله (2).

قال جابر:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا (3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله:«خذوا عنّي مناسككم» (4).

و قال عليه السلام في جمع:«من وقف معنا حتّى ندفع و قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل،و إن شئت حيث تثبت (6)» (7).

و لأنّ الكفّارة تجب لو أفاض قبل الفجر على ما يأتي،و هي مترتّبة على الذنب.

ص:82


1- 1صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1022-1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-48،سنن البيهقيّ 5:124.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:203،سنن البيهقيّ 5:121.
3- 3) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1022-1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
4- 4) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [4]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الترمذيّ 3: 238 الحديث 891، [5]سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [6]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [7]سنن الدارقطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116.
6- 6) ر،د و ع:«تبيت»كما في التهذيب.
7- 7) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [8]

احتجّوا (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (2).

و روت عائشة أنّ سودة استأذنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تفيض من المزدلفة في النصف الأخير من الليل،و كانت امرأة ثبطة (3)،فأذن لها،و ليتني كنت استأذنته (4).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدّم ضعفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة (5).

و عن ابن عبّاس،قال:قدمنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة (6)بني عبد المطّلب و كان يلطح (7)أفخاذنا و يقول:«أ بينيّ (8)لا ترموا جمرة العقبة حتّى تطلع الشمس» (9).

ص:83


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:368،مغني المحتاج 1:499.
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942،سنن البيهقيّ 5:133.
3- 3) ثبطة:أي ثقيلة بطيئة.النهاية لابن الأثير 1:207. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:939 الحديث 1290،سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3027،سنن النسائيّ 5:262،سنن الدارميّ 2:58، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:202،صحيح مسلم 2:941 الحديث 1293،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1939، [3]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3026،سنن البيهقيّ 5:123.
6- 6) أغيلمة:تصغير أغلمة جمع غلام في القياس،و يريد بالأغيلمة الصبيان،النهاية لابن الأثير 3:382. [4]
7- 7) اللطح:الضرب بالكفّ و ليس بالشديد.الصحاح 4:250.
8- 8) قال ابن الأثير في النهاية 1:17« [5]ابن»و قد اختلف في صيغتها و معناها،فقيل:إنّه تصغير ابني،كأعمى و أعيمى،و هو اسم مفرد يدلّ على الجمع.و قيل:إنّ ابنا يجمع على أبنا مقصورا و ممدودا،و قيل: هو تصغير ابن،و فيه نظر،و قال أبو عبيدة:هو تصغير بنيّ جمع ابن مضافا إلى النفس.
9- 9) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [6]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن النسائيّ 5: 270،271.

و الجواب عن ذلك كلّه:أنّ المعذورين،كالنساء و الصبيان و الخائف،يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر عندنا على ما يأتي.

مسألة:و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر

،و لو وقف قبل الصلاة إذا كان قد طلع الفجر،أجزأه؛لأنّه وقت مضيّق،فاستحبّ البدأة بالصلاة.

و يستحبّ أن يدعو بعد أن يحمد اللّه تعالى و يثني عليه،و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به-ما قدر عليه،ثمّ يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يقول:«اللهمّ ربّ المشعر الحرام،فكّ رقبتي من النار،و أوسع عليّ من رزقك الحلال،و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس،اللهمّ أنت خير مطلوب إليه،و خير مدعوّ،و خير مسئول،و لكلّ وافد جائزة،فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيل (1)عثرتي،و تقبل معذرتي،و تجاوز (2)عن خطيئتي،ثمّ اجعل التقوى من الدّنيا زادي يا أرحم الراحمين»ثمّ أفض حين (3)يشرق لك ثبير (4)و ترى الإبل مواضع أخفافها،رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكون متطهّرا

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر،فقف إن شئت قريبا من الجبل،و إن شئت حيث تبيت»الحديث (6).

و لو وقف و هو على غير طهر،أو كان جنبا،أجزأه،؛لما تقدّم في باب الوقوف

ص:84


1- 1في المصادر:تقيلني.
2- 2) في المصادر:و أن تجاوز.
3- 3) في المصادر:حيث.
4- 4) ثبير:جبل بين مكّة و منى و يرى من منى و هو على يمين الداخل منها إلى مكّة.المصباح المنير:80. [1]
5- 5) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]

بعرفات (1)،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و يستحبّ له أن يصلّي الفجر في أوّل وقته

و إن اشتركت (2)الصلوات كلّها في ذلك إلاّ أنّه هاهنا آكد استحبابا.

روى ابن مسعود أنّه قال:ما صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة قبل وقتها إلاّ الصبح بجمع (3).أراد بذلك أنّه صلّى الصبح بالمزدلفة قبل وقتها المعتاد، و إنّما صلّى في أوّل الفجر قبل أن يظهر للناس كافّة،بل لبعضهم،و كان في سائر الأيّام يصلّيها إذا طلع الفجر؛لاجتماع الناس في المزدلفة و استعدادهم للصلاة، و طلبا للوقوف و الدعاء،بخلاف الحضر.

مسألة:و يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام

.قال الشيخ-رحمه اللّه-:

و المشعر الحرام جبل هناك يسمّى قزح (4).

و يستحبّ الصعود عليه و ذكر اللّه تعالى عنده.

قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (5).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أردف الفضل بن العبّاس و وقف على قزح،و قال:«هذا قزح،و هو الموقف،و جمع كلّها موقف» (6).

و روى الجمهور في حديث جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام عن أبيه،عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام،فرقي

ص:85


1- 1يراجع:ص 35.
2- 2) ج و خا:أشركت.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:938 الحديث 1289،سنن أبي داود 2:193 الحديث 1934، [1]سنن النسائيّ 5:262،سنن البيهقيّ 5:124.
4- 4) المبسوط 1:368،و [2]فيه:فراخ،مكان:قزح،و هو تصحيف.
5- 5) البقرة(2):198. [3]
6- 6) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935، [4]سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [5]سنن البيهقيّ 5:122. بتفاوت في الجميع.

عليه و استقبل القبلة،فحمد اللّه تعالى و هلّله و كبّره و وحّده،فلم يزل واقفا حتى أسفر جدّا (1).

قال ابن بابويه:يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر برجله،أو يطأ ببعيره (2).

و روى الشيخ عن أبان بن عثمان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام،و أن يدخل البيت» (3).

ص:86


1- 1صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
2- 2) الفقيه 2:326.
3- 3) التهذيب 5:191 الحديث 636،الوسائل 9:371 [3] الباب 35 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2، و ج 10:42 الباب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2.
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحجّ يبطل الحجّ بالإخلال به

عمدا

.ذهب إليه علماؤنا،و هو أعظم من الوقوف بعرفة عندنا،و به قال علقمة، و الشعبيّ،و النخعيّ (1).

و قال باقي الفقهاء:إنّه نسك و ليس بركن (2).

لنا:قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (3).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن فضّال،عن بعض أصحابنا،عن

ص:87


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،تفسير القرطبيّ 2:425، [1]عمدة القارئ 10:17،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:138. [2]
2- 2) المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449،الكافي لابن قدامة 1:601،حلية العلماء 3: 340،المجموع 8:150، [3]مغني المحتاج 1:499،بداية المجتهد 1:350،بلغة السالك 1:278-279، المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 3:381،بدائع الصنائع 2:135.
3- 3) البقرة(2):198. [4]
4- 4) المجموع 8:150،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الوقوف بالمشعر فريضة» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،[عن أبي عبد اللّه عليه السلام] (2)قال:«من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع و ليأت جمعا و ليبت (3)بها و إن كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن قدم و قد فاته عرفات،فليقف بالمشعر الحرام،فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ،فليجعلها عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (5).

و عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الناس (6)فقد أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ له» (7).

و لأنّه أحد الموقفين،فكان ركنا،كالآخر.

ص:88


1- 1التهذيب 5:287 الحديث 977،الاستبصار 2:302 الحديث 1080،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 14. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) في المصادر:و ليقف.
4- 4) التهذيب 5:288 الحديث 978،الوسائل 10:37 الباب 4 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
6- 6) في التهذيب و الاستبصار:الإنسان.
7- 7) التهذيب 5:290 الحديث 984 و ص 294 الحديث 997،الاستبصار 2:303 الحديث 1082 و ص 306 الحديث 1094،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]

احتجّ الجمهور (1):بما رواه عروة بن مضرّس قال:أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بجمع،فقال:«من صلّى معنا هذه الصلاة و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّه مبيت في مكان،فلم يكن ركنا،كالمبيت بمنى.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حجّة لنا؛لقوله عليه السلام:«من صلّى معنا هذه الصلاة»أراد بذلك:من وقف بالمشعر؛لأنّها كانت صلاة الفجر في جمع،و إذا علّق تمام الحجّ على الوقوف بالمشعر،انتفى عند عدمه،و هو مطلوبنا.

و عن الثاني:أنّه معارض بقياسنا فيبقى دليلنا سالما.

على أنّا لا نوجب المبيت و[لا] (3)نجعله ركنا على ما تقدّم،بل الركن عندنا هو الوقوف حال الاختيار بعد طلوع الفجر (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الوقوف بالمشعر يجب بعد طلوع الفجر

،فلا يجوز الإفاضة منه قبل طلوعه اختيارا،بل يجب الكون به بعد طلوع الفجر (5).و به قال أبو حنيفة (6).

ص:89


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،المبسوط للسرخسيّ 4:63،بدائع الصنائع 2:135،بداية المجتهد 1:350.
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [4]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدار قطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116، مجمع الزوائد 3:254.
3- 3) أثبتناها لاقتضاء السياق.
4- 4) يراجع:ص 79.
5- 5) يراجع:ص 81.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:63-64،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:136،الهداية للمرغينانيّ 1: 146،شرح فتح القدير 2:379-380،مجمع الأنهر 1:278،عمدة القارئ 10:17.

و قال باقي الفقهاء:يجوز الدفع بعد نصف الليل (1).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعد طلوع الفجر (2).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله:«من صلّى معنا هذه الصلاة،و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه» (3).علّق التمام على الصلاة،و هي إنّما تتحقّق بعد الفجر.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع منها قبل طلوع الشمس،و كانت الجاهليّة تفيض بعد طلوع الشمس (4)،فدلّ على أنّ ذلك هو الواجب،احتجّ به أبو حنيفة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقف مع الناس بجمع ثمّ أفاض قبل أن يفيض الناس،قال:«إن كان جاهلا، فلا شيء عليه،و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر،فعليه دم شاة» (6).

ص:90


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:135 و 151،المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449،بداية المجتهد 1:350.
2- 2) لم نعثر على رواية بهذا اللفظ،نعم،مفهوم رواية جابر يدلّ على ذلك.ينظر:صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
3- 3) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [3]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [4]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [6]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدارقطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116، مجمع الزوائد 3:254.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:204،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1938، [7]سنن الترمذيّ 3:241-242 الحديث 895 و 896،سنن ابن ماجة 2:1006 الحديث 3022،سنن النسائيّ 5:265،سنن البيهقيّ 5: 124-125،مجمع الزوائد 3:255.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:147.
6- 6) التهذيب 5:193 الحديث 642،الاستبصار 2:256 الحديث 902،الوسائل 10:49 الباب 16 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [8]

و لأنّه أحد الموقفين،فيجب فيه الجمع بين الليل و النهار،كعرفات.

احتجّوا (1):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (2).

و الجواب:أنّا نقول بموجبه؛لأنّ المعذورين و من هو بحكمهم من النساء يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر على ما سيأتي.

مسألة:و لو أفاض قبل طلوع الفجر عامدا بعد أن وقف به ليلا،جبره بشاة

،و إن كان ناسيا فلا شيء عليه.ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال أبو حنيفة (4).

و قال ابن إدريس:لو أفاض عامدا قبل طلوع الفجر،بطل حجّه (5).

و قال باقي الفقهاء:إذا أفاض عامدا قبل طلوع الفجر،لا شيء عليه إذا وقف بعد نصف الليل (6).

لنا:ما بيّنّاه من أنّ الوقوف بعد طلوع الفجر،فيجب بتركه الدم؛لقوله عليه السلام«من ترك نسكا،فعليه دم»رواه الجمهور (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في رواية مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ص:91


1- 1المغني 3:451، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:450، [2]المهذّب للشيرازيّ 1:227-228،المجموع 8:153. [3]
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942،سنن البيهقيّ 5:133.
3- 3) المبسوط 1:368، [4]النهاية:252،الجمل و العقود:144،الاقتصاد:454.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:136،الهداية للمرغينانيّ 1: 146،عمدة القارئ 10:17.
5- 5) السرائر:138-139.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:417،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:135،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367 و 368،المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449.
7- 7) بهذا اللفظ،ينظر:فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،و في الموطّأ 1:419 و سنن البيهقيّ 5:152 عن ابن عبّاس،قال:من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما.

و قول ابن إدريس لا نعرف له موافقا،فكان خارقا للإجماع،و احتجاجه بأنّ الوقوف بالمشعر ركن،و أنّ فرضه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فيبطل بالإخلال به،ممنوع،فإنّا لا نسلّم أنّ الوقوف بعد طلوع الفجر ركن،نعم مطلق الوقوف ليلة النحر أو يومه ركن،أمّا بعد طلوع الفجر فلا نسلّم له ذلك.و كون الوقوف يجب أن يكون بعد طلوع الفجر،لا يعطي كون الوقوف في هذا الوقت ركنا.

مسألة:و يجوز للخائف و للنساء و لغيرهم من أصحاب الأعذار و من له

ضرورة،الإفاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة

،و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛ لما رواه الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (1).و أذن لسودة فيه أيضا (2).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدّم ضعفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة (3).

و قال:قدمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة بني عبد المطّلب (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل،و يرموا الجمار بليل،و أن يصلّوا الغداة في منازلهم،فإن خفن الحيض مضين إلى مكّة،و وكّلن من يضحّي عنهنّ» (5).

ص:92


1- 1سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942 [1] بتفاوت،سنن البيهقيّ 5:133.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:939 الحديث 1290،سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3027،سنن النسائيّ 5:266،سنن الدارميّ 2:58،سنن البيهقيّ 5:124.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:202،صحيح مسلم 2:941 الحديث 1293،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1939 و 1941، [2]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3026،سنن البيهقيّ 5:123.
4- 4) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [3]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن البيهقيّ 5: 132،سنن النسائيّ 5:270،271.
5- 5) التهذيب 5:194 الحديث 646،الاستبصار 2:257 الحديث 906،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [4]

و عن سعيد الأعرج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك معنا نساء فأفيض بهنّ بليل؟قال:«نعم تريد أن تصنع كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟»قلت (1):نعم،فقال:«أفض بهنّ بليل،و لا تفض بهنّ حتّى تقف بهنّ بجمع، ثمّ أفض بهنّ حتّى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة،فإن لم يكن عليهنّ ذبح، فليأخذن من شعورهنّ و يقصّرن من أظفارهنّ،ثمّ يمضين إلى مكّة في وجوههنّ و يطفن بالبيت و يسعين بين الصفا و المروة،ثمّ يرجعن إلى البيت فيطفن أسبوعا،ثمّ يرجعن إلى منى و قد فرغن من حجّهنّ».و قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل أسامة معهنّ» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«أيّ امرأة و رجل (3)خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا،فلا بأس،فليرم الجمرة» (4)الحديث.

و عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا بأس أن يفيض الرجل إذا كان خائفا» (5).

و على هذه الروايات المقيّدة حمل الشيخ-رحمه اللّه-ما رواه في الصحيح،عن هشام بن سالم و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في التقدّم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس:«لا بأس به»و المتقدّم من مزدلفة إلى منى يرمون

ص:93


1- 1في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:195 الحديث 647،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) في التهذيب و الوسائل: [2]أو رجل.
4- 4) التهذيب 5:194 الحديث 644،الاستبصار 2:256 الحديث 904،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:194 الحديث 645،الاستبصار 2:257 الحديث 905،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]

الجمار و يصلّون الفجر في منازلهم بمنى:«لا بأس» (1).قال-رحمه اللّه-:

هو محمول على الخائف و صاحب الأعذار من النساء و غيرهنّ،فأمّا مع الاختيار فلا يجوز ذلك (2).

مسألة:و يستحبّ لغير الإمام أن يكون طلوعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس

بقليل

،و للإمام بعد طلوعها،قاله الشيخ رحمه اللّه (3).

و في موضع آخر من كتبه:استحباب الإفاضة مطلقا للإمام و غيره قبل طلوع الشمس بقليل (4).و لا نعلم خلافا فيه.

روى الجمهور أنّ المشركين كانوا لا يفيضون حتّى تطلع الشمس و يقولون:

أشرق ثبير كيما نغير،و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خالفهم،فأفاض قبل أن تطلع الشمس.رواه البخاريّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ أفض حين يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها» و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«كان أهل الجاهليّة يقولون:أشرق ثبير-يعنون الشمس-كيما نغير،و إنّما أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف أهل الجاهليّة كانوا يفيضون بإيجاف الخيل و اتّضاع (6)الإبل،فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة»الحديث (7).

ص:94


1- 1التهذيب 5:193 الحديث 643،الاستبصار 2:256 الحديث 903،الوسائل 10:52 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:194،الاستبصار 2:256.
3- 3) المبسوط 1:368، [2]النهاية 249، [3]الجمل و العقود:144،الاقتصاد:454.
4- 4) التهذيب 5:192.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:204.
6- 6) بعض النسخ:«اتّصاع»،و في المصدر:«إيضاع».
7- 7) التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [4]

و هذا يدلّ على الإفاضة بعد طلوع الشمس،أمّا ما يدلّ على استحباب تقديم الإفاضة قبل طلوعها.فما رواه الشيخ عن معاوية بن حكيم،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض (1)من جمع؟فقال:«قبل أن تطلع الشمس بقليل،هي أحبّ الساعات إليّ»قلت:فإن مكثنا (2)حتّى تطلع الشمس؟ قال:«ليس به بأس» (3).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام،أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض (4)من جمع؟فقال:«قبل أن تطلع الشمس بقليل،هي أحبّ الساعات إليّ»قلت:فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟فقال:«ليس به بأس» (5).

و قد روى الشيخ عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتّى تطلع الشمس،و سائر الناس إن شاءوا عجّلوا و إن شاءوا أخّروا» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذا الحديث رفع الحرج عمّن فعل ذلك، و الخبران الأوّلان محمولان على الاستحباب (7).

إذا عرفت هذا:فإنّه تستحبّ الإفاضة بعد الإسفار،قبل طلوع الشمس بقليل

ص:95


1- 1د،ق و ع:تفيض.
2- 2) في التهذيب في الحديثين:مكثت.
3- 3) التهذيب 5:192 الحديث 638،الاستبصار 2:257 الحديث 907،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [1]
4- 4) بعض النسخ:تفيض،و في التهذيب و الوسائل: [2]أفيض.
5- 5) التهذيب 5:192 الحديث 639،الاستبصار 2:257 الحديث 908،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:193 الحديث 641،الاستبصار 2:258 الحديث 909،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
7- 7) الاستبصار 2:258.

على ما تضمّنه الحديثان الأوّلان،و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2)،و أصحاب الرأي (3)،و كان مالك يرى الدفع قبل الإسفار (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا،فدفع قبل أن تطلع الشمس (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في الحديثين السابقين.

إذا ثبت هذا:فلو دفع قبل الإسفار بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس،لم يكن مأثوما،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و لمزدلفة ثلاثة أسماء:هذا،و جمع،و المشعر الحرام

(6)

.

و حدّها:ما بين مأزمي (7)عرفة إلى الحياض إلى وادي محسّر يجوز الوقوف في أيّ موضع شاء منه،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ المزدلفة موقف» (8).

ص:96


1- 1الأمّ 2:212،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:370، مغني المحتاج 1:501،السراج الوهّاج:163،المغني و الشرح الكبير 3:452.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:452،الكافي لابن قدامة 1:600،زاد المستقنع:33.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:156،الهداية للمرغينانيّ 1: 147،شرح فتح القدير 2:381،مجمع الأنهر 1:279،عمدة القارئ 10:23،المغني و الشرح الكبير 3:452.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:417،بداية المجتهد 1:349 و 350،بلغة السالك 1:279،إرشاد السالك:57.
5- 5) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
6- 6) ع:و للمزدلفة.
7- 7) المأزم:الطريق الضيّق بين الجبلين.المصباح المنير:13. [3]
8- 8) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [4]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،سنن النسائيّ 5: 265،سنن الدارميّ 2:57،مسند أحمد 4:82،سنن البيهقيّ 5:122،كنز العمّال 5:187 الحديث 12557،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:138 الحديث 1583.

و عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«وقفت هاهنا بجمع،و جمع كلّها موقف» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال للحكم بن عتيبة (2):«ما حدّ المزدلفة؟»فسكت،قال أبو جعفر عليه السلام:«حدّها؛ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسّر». (3)

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:«حدّ المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض و إلى وادي محسّر،و إنّما سمّيت المزدلفة؛لأنّهم ازدلفوا إليها من عرفات» (4).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه وقف بجمع،فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته،فأهوى بيده و هو واقف فقال:«إنّي وقفت و كلّ هذا موقف» (5).

و قال الصادق عليه السلام:«كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت» (6).

فرع:

لو ضاق عليه الموقف،جاز له أن يرتفع إلى الجبل

.

ص:97


1- 1صحيح مسلم 2:893 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:193 الحديث 1936، [1]مسند أحمد 3:320، [2]سنن البيهقيّ 5:115.
2- 2) في النسخ:عيينة،و ما أثبتناه من المصادر،و لعلّه الصحيح،و ترجم له في ج 1:258.
3- 3) التهذيب 5:190 الحديث 634،الوسائل 10:42 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:190 الحديث 633،الوسائل 10:42 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 2:281 الحديث 1379،الوسائل 10:43 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 7. [5]
6- 6) الفقيه 2:281 الحديث 1380،الوسائل 10:43 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 8. [6]

روى الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى وادي محسّر» قلت:فإذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى المأزمين»قلت:فإذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون؟فقال:

«يرتفعون إلى الجبل،[وقف في ميسرة الجبل] (1)فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات،فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ففعلوا مثل ذلك،فقال:أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف،و أشار بيده إلى الموقف،و قال:هذا كلّه موقف،فتفرّق الناس و فعل مثل ذلك بالمزدلفة» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّ وقت الوقوف بالمشعر الحرام بعد طلوع الفجر إلى طلوع

الشمس

(3)،هذا في حال الاختيار،أمّا لو لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس للضرورة،جاز،و يمتدّ الوقت إلى زوال الشمس من يوم النحر.

و قال المرتضى-رحمه اللّه-:وقت الوقوف الاضطراريّ بالمشعر يوم النحر، فمن فاته الوقوف بعرفات و أدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر،فقد أدرك الحجّ (4).

و الحاصل:أنّ الشيخ-رحمه اللّه-أوجب الوقوف بالمشعر إلى زوال الشمس لمن أدرك الوقوف بعرفات و يصحّ له الحجّ حينئذ،و لو لم يدرك الوقوف بعرفات نهارا و وقف بها ليلا ثمّ أدرك المشعر في وقته الاختياريّ،و هو بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،أيّ وقت كان منه أجزأ،فقد أدرك الحجّ أيضا.و لو فاته الوقوف

ص:98


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف الحديث 4. [1]
3- 3) يراجع:ص 81.
4- 4) الانتصار:90.

الاختياريّ بعرفات و أدركها ليلا،و لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس،فقد فاته الحجّ.و لو ورد الحاجّ ليلا و علم أنّه إذا مضى إلى عرفات وقف بها و إن كان قليلا ثمّ عاد إلى المشعر قبل طلوع الشمس،وجب عليه المضيّ إلى عرفات و الوقوف بها ثمّ يجيء إلى المشعر.أمّا لو غلب على ظنّه أنّه إن مضى إلى عرفات،لم يلحق المشعر قبل طلوع الشمس،اقتصر على الوقوف بالمشعر،و قد تمّ حجّه،و ليس عليه شيء.و لو وقف بعرفات اختيارا ثمّ مضى إلى المشعر فعاقه في الطريق عائق فلم يلحق إلاّ قرب الزوال،فقد تمّ حجّه،و يقف قليلا بالمشعر،و لو لم يكن وقف بعرفات و أدرك المشعر بعد طلوع الشمس،فقد فاته الحجّ (1).هذا اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسيّ رحمه اللّه.

و أمّا السيّد المرتضى-رحمه اللّه-فقال:إذا لم يدرك الوقوف بعرفات و أدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر،فقد أدرك الحجّ (2).

أمّا الجمهور،فقالوا:إذا فاته الوقوف بعرفات،فقد فاته الحجّ مطلقا،سواء وقف بالمشعر أو لا (3).

لنا:الإجماع المركّب،و هو أنّ كلّ من قال بوجوب الوقوف بالمشعر الحرام، قال بالاكتفاء به مع فوات عرفات للضرورة،لكنّ الأوّل قد بيّنّا صحّته،فيكون الثاني كذلك.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض[الناس] (4)من عرفات،فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا،

ص:99


1- 1المبسوط 1:383، [1]النهاية:273. [2]
2- 2) الانتصار:90.
3- 3) المغني 3:566،المجموع 8:102-103،بداية المجتهد 1:346.
4- 4) أثبتناها من المصادر.

فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته عرفات،فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام،فقد فاته الحجّ فيجعلها (1)عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع،و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها،فقال:«إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس،فليأت عرفات، و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف[بجمع] (3)ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه». (4)

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر و إذا (5)شيخ كبير،فقال:يا رسول اللّه ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟فقال له:«إن ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا ثمّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس،فليأتها،و إن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيض الناس من جمع،فلا يأتيها و قد تمّ حجّه». (6)

فهذه الأحاديث تدلّ على إدراك الحجّ لمن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع

ص:100


1- 1ع:«فليجعلها».
2- 2) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [2]
5- 5) في المصادر:فإذا.
6- 6) التهذيب 5:290 الحديث 983،الاستبصار 2:303 الحديث 1081،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [3]

الشمس،سواء وقف بعرفات أو لم يقف للضرورة،و على وجوب الوقوف بعرفات ليلا مع الضرورة،و اللّحاق بالناس في المشعر الحرام.

و دلّ على الاجتزاء (1)بالوقوف بالمشعر أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح- عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مفرد للحجّ فاته الموقفان جميعا،فقال:«له إلى طلوع الشمس يوم النحر،فإن طلعت الشمس من يوم النحر، فليس له حجّ و يجعلها عمرة و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إسحاق بن عبد اللّه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل دخل [مكّة] (3)مفردا للحجّ،فخشي أن يفوته الموقفان،فقال:«له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر،فإذا طلعت الشمس،فليس له حجّ»فقلت له:كيف (4)يصنع بإحرامه؟قال:«يأتي مكّة فيطوف بالبيت،و يسعى بين الصفا و المروة».فقلت له:

إذا صنع ذلك فما يصنع بعد؟قال:«إن شاء أقام بمكّة،و إن شاء رجع إلى الناس بمنى،و ليس منهم في شيء،فإن شاء رجع إلى أهله و عليه الحجّ من قابل» (5).

و عن محمّد بن فضيل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحدّ الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا،و الناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،فإن لم يأت جمعا حتّى تطلع الشمس فهي

ص:101


1- 1ق و خا:الإجزاء،مكان:الاجتزاء.
2- 2) التهذيب 5:291 الحديث 986،الاستبصار 2:304 الحديث 1084،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) كثير من النسخ:فكيف.
5- 5) التهذيب 5:290 الحديث 985،الاستبصار 2:303 الحديث 1083،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [2]

عمرة مفردة و لا حجّ له،فإن شاء أقام (1)،و إن شاء،رجع (2)و عليه الحجّ من قابل» (3).

أمّا لو وقف بعرفات اختيارا،و لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ أيضا؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن المغيرة،قال:جاءنا رجل بمنى فقال:إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعا،فقال له عبد اللّه بن المغيرة:فلا حجّ لك.و سأل إسحاق بن عمّار،فلم يجبه،فدخل (4)إسحاق على أبي الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك،فقال:«إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر،فقد أدرك الحجّ» (5).

و في الحسن عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ» (6).

و حمل الشيخ-رحمه اللّه-هذين الخبرين على من وقف بعرفات،فإنّه يدرك الحجّ بإدراك المشعر بعد طلوع الشمس أو أنّه يدرك فضل الحجّ و ثوابه،لا الأفعال الواجبة عليه (7).

و استدلّ على التأويل الأوّل بما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن رئاب،عن

ص:102


1- 1في الاستبصار و الوسائل بزيادة:بمكّة.
2- 2) خا و ق بزيادة:إلى أهله.
3- 3) التهذيب 5:291 الحديث 987،الاستبصار 2:304 الحديث 1085،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [1]
4- 4) في النسخ:و دخل.
5- 5) التهذيب 5:291 الحديث 989،الاستبصار 2:304 الحديث 1086،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6. [2]
6- 6) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9. [3]
7- 7) التهذيب 5:292،الاستبصار 2:304.

الحسن العطّار (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أدرك الحاجّ عرفات قبل طلوع الفجر،فأقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع،و وجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام و ليلحق الناس بمنى و لا شيء عليه» (2).

فروع:
الأوّل:ظهر من جميع ما تقدّم:أنّ الوقت الاختياريّ بعرفات من زوال الشمس

إلى غروبها من يوم عرفة

،و الاضطراريّ إلى طلوع الفجر من يوم النحر.و الوقت الاختياريّ للوقوف بالمشعر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و الاضطراريّ من غروب الشمس ليلة النحر إلى الزوال من يومه على قول الشيخ،و إلى غروبها منه على قول السيّد رحمه اللّه (3).

الثاني:إذا أدرك أحد الموقفين اختيارا،و الآخر اضطرارا،صحّ حجّه إجماعا

.

و لو أدرك الاضطراريّين،فيه تردّد،أقربه إدراك الحجّ؛لرواية الحسن العطّار- الصحيحة-عن الصادق عليه السلام (4).أمّا لو أدرك أحد الاضطراريّين خاصّة،فإن كان المشعر،صحّ حجّه على قول السيّد-رحمه اللّه-و بطل على قول الشيخ رحمه اللّه.

ص:103


1- 1الحسن بن زياد العطّار مولى بني ضبّة،كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام-و قيل:الحسن بن زياد الطائيّ-له كتاب،قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له أصل.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة.رجال النجاشيّ:47،الفهرست:49، [1]رجال العلاّمة:41. [2]
2- 2) التهذيب 5:292 الحديث 990،الاستبصار 2:305 الحديث 1088،الوسائل 10:62 الباب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]
3- 3) يراجع:ص 98. [4]
4- 4) التهذيب 5:292 الحديث 990،الاستبصار 2:305 الحديث 1088،الوسائل 10:62 الباب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]

و يؤيّد قول السيّد:روايتا عبد اللّه بن المغيرة-الصحيحة (1)-و جميل-الحسنة -عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2)،لكنّ الشيخ-رحمه اللّه-تأوّلهما بالتأويلين البعيدين (3).

و إن كان هو عرفات،فالوجه:بطلان الحجّ؛لعموم قوله عليه السلام:«من أدرك المشعر الحرام من يوم النحر قبل زوال الشمس،فقد أدرك الحجّ» (4).و لرواية الحسن العطّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و لو أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الآخر مطلقا،فإن كان الفائت هو عرفات،فقد صحّ حجّه؛لإدراك المشعر،و إن كان هو المشعر،ففيه تردّد،أقربه الفوات.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من فاته الوقوف بالمشعر،فلا حجّ له على كلّ

حال

(5).و استدلّ عليه:بما رواه عن عبيد اللّه،و عمران ابني عليّ الحلبيّين،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ» (6).

قال:و هذا خبر (7)عامّ فيمن فاته ذلك عامدا أو جاهلا،و على كلّ حال (8)،

ص:104


1- 1التهذيب 5:291 الحديث 989،الاستبصار 2:304 الحديث 1086،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6.
2- 2) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9.
3- 3) التهذيب 5:292،الاستبصار 2:304.
4- 4) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9. [1]
5- 5) التهذيب 5:292.
6- 6) التهذيب 5:292 الحديث 991،الاستبصار 2:305 الحديث 1089،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [2]
7- 7) خا:و هذا الخبر،كما في التهذيب.
8- 8) التهذيب 5:292.

قال-رحمه اللّه-:و لا ينافيه ما رواه محمّد بن يحيى الخثعميّ عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن جهل،و لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتّى أتى منى،قال:«يرجع».قلت:إنّ ذلك فاته؟قال:«لا بأس به» (1).

و ما رواه محمّد بن يحيى أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل لم يقف بالمزدلفة،و لم يبت بها حتّى أتى منى،فقال:«أ لم ير الناس لم تبكر (2)منى حين دخلها؟»قلت:فإنّه جهل ذلك،قال:«يرجع»قلت:إنّ ذلك قد فاته،قال:«لا بأس» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذان-و إن كان أصلهما واحدا و هو محمّد بن يحيى الخثعميّ و هو عامّيّ،و مع ذلك تارة يرويه عن أبي عبد اللّه عليه السلام بلا واسطة،و تارة يرويه بواسطة و يرسله-يمكن حملهما على من وقف بالمزدلفة شيئا يسيرا؛فإنّه يجزئه ذلك،و يكون قوله:«لم يقف بالمزدلفة»الوقوف التامّ الذي متى وقفه الإنسان،كان أكمل و أفضل،و متى لم يقف على ذلك الوجه،كان أنقص ثوابا و إن كان لا يفسد الحجّ؛لأنّ الوقوف القليل يجزئ عند الضرورة (4).

يدلّ عليه:ما رواه أبو بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك إنّ صاحبيّ هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة،فقال:«يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة»قلت:فإنّه لم يخبرهما (5)أحد حتّى كان اليوم و قد نفّر الناس،قال:فنكس

ص:105


1- 1التهذيب 5:292 الحديث 992،الاستبصار 2:305 الحديث 1090،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [1]
2- 2) في النسخ:«لم ينكر»و في الاستبصار:«لم يكونوا بمنى»و ما أثبتناه من التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:293 الحديث 993،الاستبصار 2:305 الحديث 1091،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:293،الاستبصار 2:305.
5- 5) كثير من النسخ:يجزهما.

رأسه ساعة ثمّ قال:«أ ليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟»قلت:بلى،قال:«أ ليس قد قنتا في صلاتهما؟»قلت:بلى،قال:«تمّ حجّهما»ثمّ قال:«المشعر من المزدلفة و المزدلفة من المشعر،و إنّما يكفيهما اليسير من الدعاء» (1).

و عن محمّد بن حكيم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أصلحك اللّه الرجل الأعجميّ و المرأة الضعيفة يكون (2)مع الجمّال الأعرابيّ،فإذا أفاض بهم من عرفات مرّ بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جمعا،فقال:«أ ليس قد صلّوا بها فقد أجزأهم»قلت:فإن لم يصلّوا؟قال:«قد ذكروا اللّه فيها،فإن كان (3)قد ذكروا اللّه فقد أجزأهم» (4).

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من ترك الوقوف بالمشعر متعمّدا،فعليه

بدنة

(5)؛لما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أفاض من عرفات مع الناس و لم يبت (6)معهم بجمع و مضى إلى منى متعمّدا أو مستخفّا،فعليه بدنة» (7).

و الوجه أنّه إذا ترك الوقوف بالمشعر عمدا،بطل حجّه؛لما تقدّم من أنّه ركن يبطل الحجّ بالإخلال به عمدا (8).

الخامس:لو ترك الوقوف بالموقفين معا،بطل حجّه

،سواء كان عن عمد

ص:106


1- 1التهذيب 5:293 الحديث 994،الاستبصار 2:306 الحديث 1092،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 7. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و في الكافي 4:472 و [2]الاستبصار:يكونان،و في الوسائل: [3]تكونان.
3- 3) في المصادر:كانوا.
4- 4) التهذيب 5:293 الحديث 995،الاستبصار 2:306 الحديث 1093،الوسائل 10:63 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:294.
6- 6) في المصادر:«و لم يلبث».
7- 7) التهذيب 5:294 الحديث 996،الوسائل 10:65 الباب من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]
8- 8) يراجع:ص 87. [6]

أو نسيان.و لو نسي الوقوف بعرفة،رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا عرف أنّه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس،و لو غلب على ظنّه الفوات،اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس و قد تمّ حجّه،و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يدرك إلاّ بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس.

و لو نسي الوقوف بالمشعر،فإن كان قد وقف بعرفة،صحّ حجّه،و إلاّ بطل.

مسألة:و يستحبّ أخذ حصى الجمار من المزدلفة،و هو سبعون حصاة

،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و هو قول ابن عمر،و سعيد بن جبير (2).

و عن أحمد جواز ذلك و ليس بمستحبّ (3).

لنا:أنّ الرمي تحيّة لموضعه،فينبغي له أن يلتقطه من المشعر؛لئلاّ يشتغل عند قدومه بغيره،كما أنّ الطواف تحيّة المسجد،فلا يبدأ بشيء قبله.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه كان يأخذ الحصى من جمع (4).و فعله سعيد بن جبير،و قال:كانوا يتزوّدون الحصى من جمع (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

«خذ حصى الجمار من جمع،و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» (6).

و عن ربعيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«خذ حصى الجمار من جمع، و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك». (7).

ص:107


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:137،فتح العزيز بهامش المجموع 7:369،مغني المحتاج 1:500،السراج الوهّاج:163.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:454.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:454،الإنصاف 4:32،زاد المستقنع:33.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:128.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:454.
6- 6) التهذيب 5:195 الحديث 650،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
7- 7) التهذيب 5:196 الحديث 651،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل الحديث 1. [2]
مسألة:و يجوز أخذ حصى الجمار من الطريق في الحرم و من بقيّة مواضع

الحرم

،عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف،و من حصى الجمار إجماعا؛لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس (1)،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غداة العقبة و هو على ناقته:«القط لي حصّى»فلقطت له سبع حصيات هي حصى الخذف، فجعل يقبضهنّ (2)في كفّه و يقول:«أمثال هؤلاء فارموا»ثمّ قال:«أيّها الناس إيّاكم و الغلوّ في الدين،فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين» (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن حنّان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلاّ من المسجد الحرام و مسجد الخيف» (4).

و عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟قال:«تأخذه من سائر الحرم» (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز أخذ الحصاة من سائر الحرم إلاّ المسجد الحرام و مسجد الخيف،و من حصى الجمار على ما بيّنّاه،و لا يجزئه إن أخذه من غير الحرم؛لما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك» قال:و قال:«لا ترم الجمار إلاّ بالحصى» (6).

ص:108


1- 1أكثر النسخ:أنّ ابن عبّاس.
2- 2) كذا في أكثر النسخ،كما في المغني و الشرح،و في ق:فقبضهنّ،و في ع:يضعهنّ،و في سنن ابن ماجة: ينفضهنّ،و في سنن البيهقيّ:فوضعتهنّ.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،مسند أحمد 1:215 و 347، [1]سنن البيهقيّ 5:127،المغني و الشرح الكبير 3:454.
4- 4) التهذيب 5:196 الحديث 652،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:196 الحديث 653،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]

قال ابن بابويه:و في خبر:«و لا تأخذ من حصى الجمار الذي (1)قد رمي» (2).

و رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و لا تأخذ من حصى الجمار» (3).

إذا عرفت هذا:فقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه لا يؤخذ الحصى من جميع المساجد (4)،و الحديثان دلاّ على استثناء المسجد الحرام و مسجد الخيف.

مسألة:و يستحبّ له الدفع من المزدلفة إلى منى إذا أسفر الصبح قبل طلوع

الشمس

(5)

على ما بيّنّاه (6)؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كان أهل الشرك و الأوثان لا يدفعون من المزدلفة حتّى تطلع الشمس و يعتمّ بها رءوس الجبال كأنّها عمائم الرجال في وجوههم،و إنّما ندفع قبل طلوعها،و هدينا مخالف هدي أهل الشرك و الأوثان» (7).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:إنّ أهل الجاهليّة كانوا يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس،و من المزدلفة (8)بعد أن تطلع الشمس،و يقولون:أشرق ثبير كيما نغير (9)،فأخّر اللّه تعالى هذه و قدّم هذه (10).

ص:109


1- 1كذا في النسخ،و في المصدر:«التي».
2- 2) الفقيه 2:285 الحديث 1398.
3- 3) التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:72 الباب 5 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [1]
4- 4) ينظر:الشرائع 1:257،الجامع للشرائع:209.
5- 5) ج و د:من مزدلفة.
6- 6) يراجع:ص 89.
7- 7) سنن البيهقيّ 5:125،تفسير الدرّ المنثور 1:222، [2]مجمع الزوائد 3:255.
8- 8) ج:و من مزدلفة.
9- 9) أغار القوم إغارة:أسرعوا في السير.المصباح المنير:456. [3]
10- 10) لم نعثر على حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المصادر الموجودة لدينا.نعم،نقل بهذا المضمون عن عمر،ينظر:صحيح البخاريّ 2:204،سنن الترمذيّ 3:242 الحديث 896، [4]سنن ابن ماجة 2:1006 الحديث 3022،سنن النسائيّ 5:265،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 1:39،42،54، [6]سنن البيهقيّ 5:124-125،تفسير القرطبيّ 2:429. [7]
مسألة:و يستحبّ له أن يفيض بالسكينة و الوقار ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا

؛ لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:ثمّ أردف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الفضل بن عبّاس و قال:«أيّها الناس إنّ البرّ ليس بإيجاف الخيل و الإبل،فعليكم بالسكينة» (1)فما رأيتها رافعة يديها حتّى أتى منى (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة،فأفض بذكر اللّه تعالى و الاستغفار و حرّك به لسانك» (3).

مسألة:فإذا بلغ وادي محسّر-و هو واد عظيم بين جمع و منى،و هو إلى منى

أقرب-أسرع في مشيه إن كان ماشيا

،و إن كان راكبا حرّك دابّته،و لا نعلم فيه خلافا.روى الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لمّا أتى وادي محسّر حرّك قليلا، و سلك الطريق الوسطى (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا مررت بوادي محسّر-و هو واد عظيم بين جمع و منى،و هو إلى منى أقرب-فاسع فيه حتّى تجاوزه،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّك ناقته» (5).

ص:110


1- 1أكثر النسخ:فعليكم السكينة.
2- 2) سنن أبي داود 2:190 الحديث 1920، [1]سنن البيهقيّ 5:126،المغني و الشرح الكبير 3:453.
3- 3) التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [4]سنن البيهقيّ 5:8.
5- 5) الفقيه 2:282 الحديث 1384،التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]

و لا نعلم في استحباب الإسراع فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:لو ترك الهرولة فيه،استحبّ له أن يرجع و يهرول فيه

؛لأنّها كيفيّة مستحبّة،و لا يمكن فعلها إلاّ بإعادة الفعل،فاستحبّ إعادته.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه،قال:ترك رجل السعي في وادي محسّر،فأمره أبو عبد اللّه عليه السلام بعد الانصراف إلى مكّة فرجع فسعى (1).

الثاني:يستحبّ الدعاء حالة السعي في وادي محسّر

بما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:اللهمّ سلّم عهدي،و اقبل توبتي،و أجب دعوتي،و اخلفني بخير فيمن تركت بعدي» (2).

الثالث:روى ابن بابويه عن محمّد بن إسماعيل،عن أبي الحسن عليه السلام،

قال:«الحركة في وادي محسّر مائة خطوة»

(3).

و في حديث آخر:«مائة ذراع» (4).

أمّا الجمهور:فاستحبّوا الإسراع قدر رمية حجر (5).

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس

؛فلا

ص:111


1- 1الفقيه 2:282 الحديث 1387،الوسائل 10:47 الباب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:282 الحديث 1384،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:282 الحديث 1385،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 2:282 الحديث 1386،الوسائل 10:47 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
5- 5) الموطّأ 1:392،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:143،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 371،المغني و الشرح الكبير 3:453.

يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس. (1)

الخامس:لو ترك السعي في وادي محسّر،أو أفاض بعد طلوع الشمس

، أو جاوز وادي محسّر قبل طلوعها،لم يكن عليه شيء؛لأنّها أفعال مستحبّة فلا يستتبع تركها عقوبة.

السادس:روى ابن بابويه عن أبان،عن عبد الرحمن بن أعين ،عن أبي

جعفر عليه السلام أنّه يكره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة

(2)

(3).

ص:112


1- 1المبسوط 1:368، [1]النهاية:249، [2]التهذيب 5:192.
2- 2) عبد الرحمن بن أعين بن سنسن الشيبانيّ،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قاله النجاشيّ، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام،و قال في الفهرست:له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال المامقانيّ:الرجل في أعلى مراتب الحسن. رجال النجاشيّ:237،رجال الطوسيّ:128،231،الفهرست:109، [3]رجال العلاّمة:114، [4]تنقيح المقال 2:140. [5]
3- 3) الفقيه 2:282 الحديث 1383،الوسائل 10:46 الباب 12 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [6]
الفصل الرابع
اشارة

في نزول منى و رمي جمرة العقبة و فيه مباحث

البحثالأوّل
اشارة

إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة و وقار

على ما بيّنّاه (1)داعيا بما رسم،و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر،و هي ثلاثة:رمي جمرة العقبة،ثمّ الذبح،ثمّ الحلق.و ترتيب هذه المناسك واجب.

و نحن نذكر في هذا الفصل رمي جمرة العقبة،و نذكر شروط الرمي فيها و في غيرها من باقي الجمار الثلاث بعون اللّه تعالى.

مسألة:إذا أتى منى،استحبّ له أن يبدأ فيرمي جمرة العقبة حال وصوله

،و هي آخر الجمرات ممّا يلي منى،و أوّلها ممّا يلي مكّة،و هي عند العقبة،و لذلك سمّيت جمرة العقبة؛لأنّ أوّل ما بدأ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمنى الرمي.

إذا ثبت هذا:فإنّ رمي هذه الجمرة بمنى يوم النحر واجب،و لا نعلم فيه خلافا؛ لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها (2)،و قال عليه السلام:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

ص:113


1- 1يراجع:ص 110.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [1]سنن البيهقيّ 5:8.
3- 3) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، [2]سنن البيهقيّ 5:125.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من قبل وجهها،و لا ترمها من أعلاها» (1).

مسألة:و لا يجوز الرمي بغير الحجارة

،قاله علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2)، و مالك (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:يجوز بكلّ ما كان من جنس الأرض،مثل الكحل و الزرنيخ و المدر،فأمّا ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز (5).

و قال داود:يجوز الرمي بكلّ شيء حتّى حكي عنه أنّه قال:لو رمى بعصفور ميّت أجزأه (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«عليكم بحصى الخذف» (7).و قال عليه السلام لمّا لقط له الفضل بن عبّاس حصى الخذف،قال:

ص:114


1- 1التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:340،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:170،فتح العزيز بهامش المجموع 7:397،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،مغني المحتاج 1:507،السراج الوهّاج:165.
3- 3) بلغة السالك 1:282،حلية العلماء 3:340،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
4- 4) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:35، زاد المستقنع:33.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:66،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:157،الهداية للمرغينانيّ 1: 147،شرح فتح القدير 2:385،مجمع الأنهر 1:280،عمدة القارئ 10:89،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
6- 6) حلية العلماء 3:340،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،عمدة القارئ 10:89.
7- 7) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:269،سنن البيهقيّ 5:127،مجمع الزوائد 3: 257.

«بمثلها فارموا» (1).

و قال عليه السلام:«يا أيّها الناس لا يقتل بعضكم بعضا،فإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

«خذ حصى الجمار من جمع،و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» (3).

و مثله روي عن ربعيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4)،و الأمر يدلّ على الوجوب.

و لأنّه رمي بغير الحجارة،فلم يجزئه،كما لو رمى بالدراهم،و الدراهم مخلوقة في الأرض فهي من جنس الحجارة.

احتجّ أبو حنيفة و داود (5):بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رميتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء» (6)و لم يفصّل.

ص:115


1- 1سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،مسند أحمد 1:215 و 347، [1]المعجم الكبير للطبرانيّ 25:160-161 الحديث 388 و 389.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3028،سنن أبي داود 2:200 الحديث 1966، [2]مسند أحمد 3:503 و ج 5:379 و [3]ج 6:376 و 379،سنن البيهقيّ 5:128،المعجم الكبير للطبرانيّ 25:160 الحديث 388.
3- 3) التهذيب 5:195 الحديث 650،الوسائل 10:52 [4] الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1 و ص 71 الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2.
4- 4) التهذيب 5:196 الحديث 651،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل الحديث 2. [5]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:66،بدائع الصنائع 2:158،الهداية للمرغينانيّ 1:147، [6]المغني 3:455، الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
6- 6) مسند أحمد 6:143،سنن الدارقطنيّ 2:276 الحديث 186 و 187،سنن البيهقيّ 5:136،كنز العمّال 5:78 الحديث 12128.

و ما روي عن سكينة بنت الحسين (1)عليه السلام أنّها رمت الجمرة و رجل يناولها الحصى،تكبّر مع كلّ حصاة،فسقطت حصاة فرمت بخاتمها (2).

و لأنّه رمي بما هو من جنس الأرض،فأجزأه،كالحجارة.

و الجواب:أنّه لا دلالة في الحديث؛لأنّ الرمي هنا مجمل،و إنّما بيّنه صلّى اللّه عليه و آله بفعله الرمي،فينصرف ما ذكره عليه السلام إلى المعهود من فعله،كغيره من العبادات التي بيّنها بفعله.

و ما روي عن سكينة عليها السلام،إن سلم السند عن الطعن،محتمل للتأويل؛ إذ يمكن أن يكون فصّه حجرا يجوز الرمي به،كالعقيق و الفيروزج على رأي من يجوّز الرمي بكلّ حجر على ما يأتي من الخلاف.

و قياس أبي حنيفة منتقض بالدراهم.

مسألة:و اختلف قول الشيخ-رحمه اللّه-فقال في أكثر كتبه:لا يجوز الرمي

إلاّ بالحصى

(3).و هو اختيار ابن إدريس (4)،و أكثر علمائنا (5).

و قال في الخلاف:لا يجوز الرمي إلاّ بالحجر و ما كان جنسه من البرام و الجواهر و أنواع الحجارة،و لا يجوز بغيره،كالمدر و الآجر و الكحل و الزرنيخ

ص:116


1- 1سكينة بنت الشهيد الحسين بن عليّ عليه السلام و اسمها أميمة،و قيل:أمينة،و سكينة لقب و أمّها الرباب بنت امرئ القيس بن عديّ،تزوّجها مصعب بن الزبير ثمّ عبد اللّه بن عثمان بن عبد اللّه بن حكيم بن حزام ثمّ زيد بن عمرو بن عثمان.و جمالها و حسن خلقها مشهور،توفّيت بالمدينة سنة 117 ه. شذرات الذهب 1:154، [1]العبر 1:113. [2]
2- 2) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) المبسوط 1:369، [3]النهاية 253، [4]الجمل و العقود:145،الاقتصاد:454.
4- 4) السرائر:139.
5- 5) منهم:ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):692،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):581، و ابن البرّاج في المهذّب 1:254،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:257،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:210.

و الملح و غير ذلك من الذهب و الفضّة (1).و به قال الشافعيّ (2).

و أنكر ابن إدريس ذلك؛لوقوع الاتّفاق على الإجزاء بالحصى،و براءة الذمّة معه،و حصول الخلاف في غيره (3).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«بأمثال هؤلاء فارموا» (4)و مثل الحصى حصى.

و قال عليه السلام لمّا هبط مكان محسّر:«أيّها الناس عليكم بحصى الخذف» (5).

و قول ابن إدريس جيّد؛لتواتر الأحاديث بالأمر بالرمي بالحصى.

و روى الشيخ-في الحسن-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«لا ترم الجمار إلاّ بالحصى» (6).

مسألة:و يجب أن يكون الحصى أبكارا

،فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره، لم يجزئه،قاله علماؤنا،و به قال أحمد (7).

ص:117


1- 1الخلاف 1:455 مسألة-163.
2- 2) الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:340،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7:397،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) السرائر:139.
4- 4) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268 و 269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127 بتفاوت يسير.
5- 5) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:269،سنن البيهقيّ 5:127،مجمع الزوائد 3: 257.
6- 6) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:71 الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
7- 7) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459،الإنصاف 4:35.

و قال الشافعيّ:إنّه مكروه و يجزئه (1).

و قال المزنيّ:إن رمى بما به هو،لم يجزئه،و إن رمى بما رمى به غيره، أجزأه (2).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخذ الحجارة قال:«بأمثال هؤلاء فارموا» (3)و المماثلة إنّما تتحقّق بما ذكرناه.

و لأنّه صلّى اللّه عليه و آله أخذ الحصى من غير المرمى و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يأخذ من حصى الجمار» (5).

و لأنّ ابن عبّاس قال:ما يقبل من ذلك يرفع (6).فحينئذ يكون الباقي غير مقبول،فلا يجوز الرمي به.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه رمى بما يقع عليه اسم الحجارة،فأجزأه،كما لو لم يرم به قبل ذلك (7).

و الجواب:ليس المطلق كافيا و إلاّ لما احتاج الناس إلى نقل الحصى إلى

ص:118


1- 1الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:341،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:172 و 185،مغني المحتاج 1:500.
2- 2) حلية العلماء 3:341،المجموع 8:172.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268 و 269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127 بتفاوت يسير.
4- 4) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366 بتفاوت يسير فيهما،سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [1]
5- 5) التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:72 الباب 5 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [2]
6- 6) سنن البيهقيّ 5:128،المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:228.

الجمار،و قد وقع الإجماع على خلافه.

و لأنّ سكينة عليها السلام لمّا سقطت الحصاة السابعة (1)رمت بخاتمها،و لو كان ما رمي به مجزئا،لأخذت منه واحدة عوض الخاتم (2).

فروع:
الأوّل:لا فرق في عدم الإجزاء بين جميع العدد و بعضه

،فلو رمى بستّ أبكار و واحدة رمي بها قبل ذلك،لم يجزئه.

الثاني:لو رمى بحصاة نجسة،كره له ذلك،و هل يكون مجزئا أم لا؟فيه تردّد

، أقربه الإجزاء؛عملا بالعموم.

الثالث:لو رمى بخاتم فصّه ممّا يجوز الرمي به،هل يجزئه أم لا؟

قال بعض الجمهور:لا يجزئه؛لأنّه تبع،و الرمي بالمتبوع لا بالتابع (3).و طعن في حديث سكينة عليها السلام بضعف السند (4).

مسألة:و يجب أن يكون الحصى من الحرم،فلا يجزئه لو أخذه من غيره

؛لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم، لم يجزئك» (5)و هذا نصّ في الباب.

و يكره أن تكون صمّا (6)،و يستحبّ أن تكون برشا (7)؛لما رواه الشيخ-في

ص:119


1- 1كثير من النسخ:السابقة.
2- 2) أورده ابنا قدامة في المغني 3:455،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) المغني 3:456،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 3:455،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
5- 5) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
6- 6) حجر أصمّ:صلب مصمت.المصباح المنير:348.
7- 7) البرشة:لون مختلط حمرة و بياضا أو غيرهما من الألوان.النهاية لابن الأثير 1:118. [2]

الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حصى الجمار،قال:

«كره الصمّ منها»و قال:«خذ البرش» (1).

و يستحبّ أن تكون كحليّة منقّطة.

و يكره السود و الحمر و البيض،رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«حصى الجمار تكون مثل الأنملة،و لا تأخذها سودا و لا بيضا و لا حمرا (2)،خذها كحليّة منقّطة تخذفهنّ خذفا و تضعها[على الإبهام] (3)و تدفعها بظفر السبّابة»قال:«و ارمها من بطن الوادي،و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ،و لا ترم على (4)الجمرة و تقف عند الجمرتين الأوّلتين،و لا تقف عند جمرة العقبة» (5).

مسألة:و يستحبّ التقاط الحصى و يكره تكسيرها

،و لا نعلم فيه خلافا عندنا -و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7)-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الفضل فلقط له حصى الخذف،و قال:«بمثلها فارموا» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«التقط الحصى،و لا تكسر منه شيئا» (9).

ص:120


1- 1التهذيب 5:197 الحديث 655،الوسائل 10:54 الباب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
2- 2) د و خا:«و لا حمراء»كما في المصادر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في التهذيب:«أعلى».
5- 5) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
6- 6) المجموع 8:139.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:454.
8- 8) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127.
9- 9) التهذيب 5:197 الحديث 657،الوسائل 10:54 الباب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]

و لأنّه لا يؤمن من أذاه لو كسره بأن يطير منه شيء إلى وجهه فيؤذيه.

مسألة:و يستحبّ أن تكون صغارا قدر كلّ واحدة مثل الأنملة

.

و قال الشافعيّ:أصغر من الأنملة طولا و عرضا.و منهم من قال:كقدر النواة.

و منهم من قال:مثل الباقلاء (1).

و هذه المقادير متقاربة،و الأصل في ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بحصى الخذف (2)،و الخذف إنّما يكون بأحجار صغار.

و في حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام،قال:

«حصى الخذف تكون مثل الأنملة» (3).

إذا ثبت هذا:فلو رمى بأكبر من هذا المقدار،فالوجه:الإجزاء؛لأنّه رمى بالحصى،فيخرج عن العهدة.

و في إحدى الروايتين عن أحمد أنّه لا يجزئه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بهذا القدر و نهى عن تجاوزه،و الأمر للوجوب،و النهي يدلّ على الفساد (4).

و هما ممنوعان هنا.

إذا عرفت هذا:فإنّه يستحبّ أن تكون رخوة،و يكره أن تكون صمّا.

ص:121


1- 1الأمّ 2:214،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:171، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:398، [2]مغني المحتاج 1:508.
2- 2) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:267،مسند أحمد 1:210،213 و 219، سنن البيهقيّ 5:127.
3- 3) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:454،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:32،33.
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الرمي

مسألة:و يجب فيه النيّة؛لأنّه عبادة و كلّ عبادة بنيّة

؛لقوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1).

و لأنّه عمل،و قال عليه السلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (2).

و«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (3).

و يجب أن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّه تعالى؛ليتحقّق مسمّى الإخلاص.

مسألة:و يجب فيه العدد،و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة

، فلا يجزئه لو أخلّ و لو بواحدة،بل يجب عليه الإكمال،و لا نعلم فيه خلافا.و الأصل

ص:122


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 9. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:2،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907 بتفاوت فيه،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [3]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647 بتفاوت فيه،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341. و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10. [4]

فيه فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فعل الأئمّة عليهم السلام بعده.

و في حديث جابر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها بسبع حصيات يكبّر مع كلّ (1)حصاة (2).و هو قول علماء الإسلام.

مسألة:و يجب إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله

،فلو وضعها بكفّه في المرمى،لم يجزئه،و هو قول العلماء،و الأصل فيه قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«بمثل هذه فارموا» (3)و هذا لا يسمّى رميا،فلا يكون مجزئا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها» (4)،و الأمر للوجوب.

و لو طرحها،قال بعض الجمهور:لا يجزئه،لأنّه لا يسمّى رميا (5).

و قال أصحاب الرأي:يجزئه؛لأنّه يسمّى رميا (6).

و الحاصل:أنّ الاختلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق الاسم،فإن سمّي رميا،أجزأ بلا خلاف،و إلاّ لم يجزئ إجماعا.

مسألة:و لا يجزئه الرمي إلاّ أن يقع الحصى في المرمى

،فلو وقع دونه لم يجزئه، و لا نعلم فيه خلافا.

ص:123


1- 1ح،ع و ر:في كلّ،مكان:مع كلّ.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:267-268،سنن الدارميّ 2:49. [2]
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029 و فيه:أمثال هؤلاء فارموا،سنن النسائيّ 5:268 و فيه:بأمثال هؤلاء،سنن البيهقيّ 5:127،128 و فيه:فارموا بمثل حصى الخذف.
4- 4) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
5- 5) المغني 3:460،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:457.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:67،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1:147،شرح فتح القدير 2: 384،المغني 3:460،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:458.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل،فأعد مكانها» (1).

و يجب أن يكون إصابة الجمرة بفعله؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل، و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

و لأنّه عليه السلام أمر برمي الجمرة بفعلنا،فقال:«بمثلها فارموا» (3)و لا نعلم فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:إذا رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثمّ مرّت على سننها أو أصابت

شيئا صلبا

كالمحمل و شبهه ثمّ وقعت في المرمى بعد ذلك،أجزأه؛لأنّ وقوعها في المرمى بفعله و رميه من غير مشاركة فاعل آخر.

لا يقال:قد قيل في المسابقة:إنّ السهم إذا أصاب الأرض ثمّ ازدلف (4)و أصاب الغرض لم يعتدّ به إصابة فكيف اعتبرتم ذلك هنا؟!

لأنّا نمنع ذلك في المسابقة أوّلا،و ثانيا يفرق بينهما؛لأنّ القصد هنا الإصابة بالرمي و قد حصلت،و في المسابقة القصد إبانة الحذق (5)،فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن،فلم تدلّ الإصابة على حذقه،فلهذا لم يعتبره هناك.

الثاني:لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها

،أو على عنق بعير فنفضها فوقعت

ص:124


1- 1الفقيه 2:285 الحديث 1399،الوسائل 10:72 الباب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297 بتفاوت،سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
3- 3) يراجع:ص 123،الرقم 3.
4- 4) ازدلف السهم إلى كذا:اقترب.المصباح المنير:254. [3]
5- 5) حذق الرجل في صنعته:مهر فيها و عرف غوامضها و دقائقها.المصباح المنير:126. [4]

في المرمى،لم يجزئه.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أحمد:يجزئه؛لأنّ ابتداء الرمي من فعله،فأشبه ما لو أصابت موضعا صلبا ثمّ وقعت في المرمى (2).

و ليس بصحيح؛لأنّ المأخوذ عليه هو الإصابة بفعله و لم تحصل،و إنّما حصلت برمي الثاني،فأشبه ما لو وقعت في غير المرمى فأخذها إنسان آخر فرماها إلى المرمى،و يخالف ما قاس عليه؛لأنّ الفعل كلّه له،فأجزأه.

الثالث:لو وقعت على ثوب إنسان فتحرّك فوقعت في المرمى

،أو على عنق بعير فتحرّك فوقعت في المرمى،ففيه وجهان:

أحدهما:الإجزاء؛لأنّ الأصل رميه؛و لم يعلم حصولها برمي غيره.

و الثاني:عدمه؛لأنّه يحتمل أن يكون ذلك بتحرّك البعير،و يحتمل أن يكون برميه،و مع الاحتمال لا يسقط الفرض.

الرابع:لو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا؟فالوجه:

أنّه لا يجزئه

؛لأنّ الرمي واجب عليه،و الأصل بقاؤه حتّى يتحقّق حصوله منه.و به قال الشافعيّ في الجديد،و قال في القديم:يجزئه؛لأنّ الظاهر حصولها في الموضع (3).و ليس بمعتمد.

الخامس:لو رمى حصاة فوقعت على حصاة فطفرت الحصاة الثانية فوقعت في

المرمى،لم يجزئه

؛لأنّ التي رماها لم تحصل في المرمى،و التي حصلت لم يرمها ابتداءً.

ص:125


1- 1الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:143،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:174 و 175.
2- 2) المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:458،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:34.
3- 3) حلية العلماء 3:341،المجموع 8:175،فتح العزيز بهامش المجموع 7:398.
السادس:لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى،لم يجزئه

(1)

؛لأنّه لم يقصده و شرطنا في الرمي القصد.

لا يقال:قد قلتم:إنّه لو رمى سهما إلى صيد فأصاب غيره،حلّ.

لأنّا نفرّق بأنّ الذكاة لا يعتبر فيها القصد و النيّة،و هاهنا يعتبر القصد،و لهذا صحّ ذكاة المجنون دون رميه.

السابع:لو وقعت على مكان هو أعلى من الجمرة فتد حرجت فوقعت في

المرمى،فالأقرب الإجزاء

؛لأنّها حصلت في المرمى بفعله،و لم يحصل من غيره فعل.

و قال بعض الشافعيّة:لا يجزئه؛لأنّ رجوعها لم يكن بفعله،و إنّما تدحرجت لعلوّ الموضع،بخلاف ما لو رماها فأصابت الأرض ثمّ مرّت على سننها على (2)المرمى؛لأنّ مرورها بفعل الرامي،و لهذا مرّت في الجهة التي رماها إليها (3).

الثامن:لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها،لم يجزئه

،سواء رماها الطائر في المرمى،أولا؛لأنّ حصولها في المرمى لم يكن بفعله.

التاسع:لو أعاد الرمي بحصاة قلنا:إنّه لم يجزئه الرمي بها،أجزأه

؛لأنّ الرمي الأوّل بها لم يعتدّ به،فهي بمنزلة الأبكار.

العاشر:لو أصابت الحصاة إنسانا،أو جملا،ثمّ وقعت على الجمار،أجزأه

.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و إن أصابت إنسانا أو جملا ثمّ وقعت على الجمار،أجزأك» (4).

مسألة:و يرمي كلّ حصاة بانفرادها

،فلو رمى الحصيات دفعة واحدة،لم

ص:126


1- 1ع:فوقعت.
2- 2) ق،ج و د:إلى.
3- 3) حلية العلماء 3:342،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:174.
4- 4) الفقيه 2:285 الحديث 1399،الوسائل 10:72 الباب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]

يجزئه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى متفرّقا (1)، (2)و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (3).و هذا قول مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال عطاء:يجزئه (8)،و هو مخالف لفعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و فعل الأئمّة عليهم السلام.

مسألة:و يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها استحبابا بلا

خلاف

.

روى الجمهور عن سليمان بن الأحوص (9)عن أمّه أنّها قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة من بطن الوادي و هو راكب يكبّر مع كلّ حصاة (10).

ص:127


1- 1خا و ق:منفردا،ح،د و ع:متفرّقات.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1008 الحديث 3031 و ص 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:129.
3- 3) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297 بتفاوت فيه،سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، [1]سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
4- 4) إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:353،مقدّمات ابن رشد:299،بلغة السالك 1:279 و 281.
5- 5) الأمّ 2:213،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:185،فتح العزيز بهامش المجموع 7:399، مغني المحتاج 1:507،السراج الوهّاج:165.
6- 6) المغني 3:460-461،الشرح الكبير بهامش المغني 3:457،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:33،زاد المستقنع:33.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:66-67،بدائع الصنائع 2:158،الهداية للمرغينانيّ 1:147، [3]شرح فتح القدير 2:384،مجمع الأنهر 1:279،عمدة القارئ 10:89.
8- 8) المغني 3:461،الشرح الكبير بهامش المغني 3:457،المجموع 8:185،عمدة القارئ 10:89.
9- 9) سليمان بن عمرو بن الأحوص الجشميّ و يقال الأزديّ الكوفيّ،روى عن أبيه و أمّه،و روى عنه شبيب بن غرقدة البارقيّ و يزيد بن أبي زياد. تهذيب التهذيب 4:212، [4]الجرح و التعديل 4:132.
10- 10) سنن أبي داود 2:200 الحديث 1966، [5]سنن البيهقيّ 5:130.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و ارمها من بطن الوادي،و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ» (1).

مسألة:و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة

،بخلاف غيرها من الجمار،و هو قول أكثر أهل العلم (2)؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه رمى جمرة العقبة مستدبرا للقبلة (3).

و يستحبّ أن يرميها من قبل وجهها و لا يرميها من أعلاها؛لما رواه الشيخ- في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من قبل وجهها،و لا ترمها من أعلاها» (4).

إذا ثبت هذا:فقد روى الجمهور عن عمر أنّه جاء و الزحام عند الجمرة،فصعد فرماها من فوقها (5).

و ما ذكرناه أولى؛لما رووه عن عبد الرحمن بن يزيد (6)أنّه مشى مع عبد اللّه بن مسعود،و هو يرمي الجمرة،فلمّا كان في بطن الوادي اعترضها فرماها،فقيل له:إنّ ناسا يرمونها من فوقها،فقال:من هاهنا-و الذي لا إله غيره-رأيت الذي أنزلت

ص:128


1- 1التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:369،و [2]المحقّق في الشرائع 1:259،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:210.
3- 3) أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:369. [3]
4- 4) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [4]
5- 5) المغني 3:457،الشرح الكبير بهامش المغني 3:456.
6- 6) في النسخ:عبد اللّه بن سويد،مكان:عبد الرحمن بن يزيد،و ما أثبتناه من المصادر.و هو:عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعيّ أبو بكر الكوفيّ،روى عن أخيه الأسود و عمّه علقمة و عن حذيفة و عثمان و ابن مسعود...و روى عنه ابنه محمّد و إبراهيم بن يزيد النخعيّ،مات سنة 83 ه. تهذيب التهذيب 6:299، [5]رجال صحيح مسلم 1:425،الجمع بين رجال الصحيحين 1:289.

عليه سورة البقرة رماها (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام قال:«و لا ترم على الجمرة (2)» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:جميع أفعال الحجّ يستحبّ أن تكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلاّ جمرة العقبة يوم النحر،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماها مستقبلها مستدبر الكعبة (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يرميها خذفا

،بأن يضع كلّ حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السبّابة-قال صاحب الصحاح:الخذف رمي الحجر بأطراف الأصابع (5)-لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«تخذفهنّ خذفا و تضعها و تدفعها بظفر السبّابة» (6).

و لو رماها على غير هذه الهيئة،كان جائزا،و يكون قد ترك الأفضل.

مسألة:و ينبغي أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر

ذراعا

؛لما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة

ص:129


1- 1صحيح البخاريّ 2:217-218،صحيح مسلم 2:942 الحديث 1296،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1974، [1]سنن الترمذيّ 3:245 الحديث 901، [2]سنن النسائيّ 5:273،سنن البيهقيّ 5:129، عمدة القارئ 10:89-90 الحديث 329-330.
2- 2) في التهذيب:أعلى الجمرة.
3- 3) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:76 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [3]
4- 4) المبسوط 1:369. [4]
5- 5) الصحاح 4:1347.
6- 6) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [5]

عشر (1)ذراعا» (2).

و يستحبّ أن يكبّر مع كلّ حصاة،و أن يدعو بما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و تقول-و الحصى في يدك (3)-:اللهمّ هؤلاء حصياتي فأحصهنّ لي و ارفعهنّ في عملي،ثمّ ترمي و تقول مع كلّ حصاة:اللّه أكبر اللهمّ ادحر عنّي الشيطان الرجيم،اللهمّ تصديقا بكتابك و على سنّة نبيك،اللهمّ اجعله حجّا مبرورا،و عملا مقبولا،و سعيا مشكورا،و ذنبا مغفورا»ثمّ قال:«فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل:اللهمّ بك وثقت و عليك توكّلت،فنعم الربّ (4)و نعم النصير» (5).

ص:130


1- 1في النسخ:«و خمسة عشر»و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
3- 3) خا:«يديك»كما في المصدر.
4- 4) كثير من النسخ بزيادة:أنت.
5- 5) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:قد بيّنّا أنّ الإتيان إلى منى لقضاء المناسك واجب

(1)،و ينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلكها في حديث جابر عنه عليه السلام (2).

و حدّ منى:من العقبة إلى وادي محسّر،قاله علماؤنا.و هو قول عطاء (3)، و الشافعيّ (4).

و رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار و أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«حدّ منى:من العقبة إلى وادي محسّر» (5).

مسألة:يجوز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض،و الطهارة أفضل

،و لا نعلم

ص:131


1- 1يراجع:ص 113. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [2]سنن البيهقيّ 5:129.
3- 3) المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:455.
4- 4) الأمّ 2:215،المجموع 8:130،مغني المحتاج 1:501.
5- 5) الفقيه 2:280 الحديث 1375،الوسائل 10:7 الباب 6 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [3]

فيه خلافا؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة بالإتيان بأفعال الحجّ سوى الطواف،و كانت حائضا (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حميد بن مسعود (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رمي الجمار على غير طهور،قال:«الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرّك،و الطهر أحبّ إليّ فلا تدعه و أنت تقدر عليه» (3).

و دلّ على أفضليّة الطهارة مع هذا الحديث:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجمار،فقال:«لا ترم الجمار إلاّ و أنت على طهر» (4).

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن الغسل إذا رمى الجمار،فقال:«ربّما فعلت فأمّا السنّة فلا،و لكن من الحرّ و العرق» (5).

ص:132


1- 1صحيح البخاريّ 1:84،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،سنن الترمذيّ 3:281 الحديث 945،الموطّأ 1:411 الحديث 224،سنن الدارميّ 2:44، مسند أحمد 6:39، [1]سنن البيهقيّ 5:86.
2- 2) حميد بن مسعود:قال حميد بن زياد:سمعت من أبي محمّد القاسم بن إسماعيل القرشيّ-ينزل وراء أشجع بالكوفة-كتاب حميد بن مسعود،و قال:سمعت منه أيضا كتاب الراهب و الراهبة قاله النجاشيّ، و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على قول النجاشيّ،و ظاهره أنّه إماميّ،و في كفاية كونه ذا كتاب في إلحاقه بالحسان تأمّل.رجال النجاشيّ:133،تنقيح المقال 1:380. [2]
3- 3) التهذيب 5:198 الحديث 660،الاستبصار 2:258 الحديث 912،الوسائل 10:70 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 5:197 الحديث 659،الاستبصار 2:258 الحديث 911،الوسائل 10:69 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 5:197 الحديث 658،الاستبصار 2:258 الحديث 910،الوسائل 10:69 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [5]

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«و يستحبّ أن يرمي الجمار على طهر» (1).

مسألة:و يجوز الرمي راجلا و راكبا

،قال الشيخ-رحمه اللّه-:و راجلا أفضل (2).و قال الشافعيّ:راكبا أفضل (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان لا يأتيها-يعني جمرة العقبة-إلاّ ماشيا ذاهبا و راجعا،رواه أحمد في المسند (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمار ماشيا» (5).

و عن عنبسة بن مصعب،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام بمنى يمشي و يركب،فحدّثت نفسي أن أسأله حين أدخل عليه،فابتدأني هو بالحديث،فقال:

«إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يخرج من منزله ماشيا إذا رمى الجمار و منزلي اليوم أنفس (6)من منزله فأركب[حتّى آتي] (7)إلى منزله،فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتّى أرمي الجمار» (8).

ص:133


1- 1التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط 1:369،النهاية:268،الجمل و العقود:150.
3- 3) الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:341،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:168.
4- 4) مسند أحمد 2:138. [2]
5- 5) التهذيب 5:267 الحديث 912،الاستبصار 2:298 الحديث 1066،الوسائل 10:74 الباب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
6- 6) ح:أبعد،مكان:أنفس،كما في الاستبصار.و أنفس أي:أفسح و أبعد قليلا.النهاية لابن الأثير 5:94. [4]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 5:267 الحديث 913،الاستبصار 2:298 الحديث 1067،الوسائل 10:74 الباب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [5]

و يدلّ على جواز الرمي راكبا:إجماع العلماء عليه.

روى الجمهور عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر،قال:

رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يرمي على راحلته يوم النحر،و يقول:«لتأخذوا عنّي مناسككم؛فإنّي لا أدري لعليّ لا أحجّ بعد حجّتي هذه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن عيسى،أنّه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام رمى الجمار راكبا (2).

و عن محمّد بن الحسين،عن بعض أصحابنا،عن أحدهم عليهم السلام في رمي الجمار:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى الجمار راكبا على راحلته» (3).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران أنّه رأى أبا الحسن الثاني عليه السلام يرمي الجمار و هو راكب حتّى رماها كلّها (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل رمى الجمار و هو راكب،فقال:«لا بأس به» (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكبّر مع كلّ حصاة،و هو إجماع

،قيل:و يستحبّ أن يرفع

ص:134


1- 1صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970، [1]سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [2]سنن البيهقيّ 5:130.إلاّ أنّ جعفر بن محمّد عليه السلام غير موجود في السند.
2- 2) التهذيب 5:267 الحديث 908،الاستبصار 2:298 الحديث 1062،الوسائل 10:73 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:267 الحديث 909،الاستبصار 2:298 الحديث 1063،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [4]
4- 4) التهذيب 5:267 الحديث 910،الاستبصار 2:298 الحديث 1064،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [5]
5- 5) التهذيب 5:267 الحديث 911،الاستبصار 2:298 الحديث 1065،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [6]

يده في الرمي حتّى يرى بياض إبطه،قاله بعض الجمهور (1)،و استدلّ بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله (2)، (3)و أنكره مالك (4).

و يستحبّ أن لا يقف عند جمرة العقبة،و لا نعلم فيه خلافا.

روى ابن عبّاس و ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف و لم يقف (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و لا تقف عند جمرة العقبة» (6).

مسألة:و يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها

.

قال ابن عبد البرّ:أجمع علماء المسلمين على أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها ضحى ذلك اليوم (7).

و قال جابر:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده (8).

و قال ابن عبّاس:قدمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة بني عبد المطّلب

ص:135


1- 1المغني 3:461،المجموع 8:154 و 170.
2- 2) المجموع 8:170. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:219.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:423.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:218،سنن ابن ماجة 2:1009 الحديث 3032 و 3033.
6- 6) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:76 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
7- 7) المغني 3:458،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) صحيح مسلم 2:945 الحديث 1299،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1971، [3]سنن الترمذيّ 3:241 الحديث 894، [4]سنن النسائيّ 5:270،سنن الدارقطنيّ 2:275 الحديث 181،سنن البيهقيّ 5:131، عمدة القارئ 10:85.

على حمرات لنا من جمع،فجعل يلطح أفخاذنا[و يقول:] (1)«أ بينيّ لا ترموا الجمرة حتّى تطلع الشمس» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان بن مهران، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (3).

و عن محمّد،عن سيف (4)عن منصور بن حازم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«رمي الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (5).

و في الصحيح عن زرارة و ابن أذينة،عن أبي جعفر عليه السلام،أنّه قال للحكم بن عتيبة:«ما حدّ رمي الجمار؟»فقال الحكم:عند زوال الشمس،فقال أبو جعفر عليه السلام:«يا حكم أ رأيت لو أنّهما كانا اثنين فقال أحدهما لصاحبه:احفظ علينا متاعنا حتّى أرجع،أ كان يفوته الرمي؟!هو و اللّه ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (6).

مسألة:و قد رخّص للمعذور-كالخائف و العاجز و المرأة و الرعاة و العبيد-في الرمي ليلا للعذر

ص:136


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [1]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن النسائيّ 5: 270-271،سنن البيهقيّ 5:131-132.
3- 3) التهذيب 5:262 الحديث 890،الاستبصار 2:296 الحديث 1054،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
4- 4) في النسخ:محمّد بن سيف،قال الأردبيليّ:الظاهر أنّ محمّد بن سيف اشتباه؛لعدم وجوده في كتب الرجال،و الصواب:موسى بن القاسم عن محمّد عن سيف بقرينة رواية محمّد عن سيف بن عميرة و هو عن منصور بن حازم.جامع الرواة 2:265. [3]
5- 5) التهذيب 5:262 الحديث 891،الاستبصار 2:296 الحديث 1055،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 5:262 الحديث 892،الاستبصار 2:296 الحديث 1056،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [5]

الرمي ليلا؛للعذر.

و ممّن جوّز الرمي ليلا مطلقا من نصفه الأخير للمعذور و غيره:الشافعيّ (1)، و عطاء،و ابن أبي ليلى،و عكرمة بن خالد (2). (3)

و عن أحمد رواية أنّه لا يجوز الرمي إلاّ بعد طلوع الفجر (4)،و هو قول مالك (5)،و أصحاب الرأي (6)،و إسحاق،و ابن المنذر (7).

و قال مجاهد،و الثوريّ،و النخعيّ:لا يرميها إلاّ بعد طلوع الشمس (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي داود،و عائشة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة ليلة النحر،فرمت جمرة العقبة قبل الفجر،ثمّ مضت فأفاضت (9).

و روي أنّه أمرها أن تعجّل الإفاضة و توافي مكّة مع صلاة الصبح (10).و رمت أسماء ثمّ رجعت فصلّت الصبح،و ذكرت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أذن

ص:137


1- 1الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:342،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:180، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:381، [2]مغني المحتاج 1:504،السراج الوهّاج:164،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،عمدة القارئ 10:86.
2- 2) عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم القرشيّ،روى عن أبي هريرة و ابن عبّاس و ابن عمر،و روى عنه أيّوب و ابن جريج،تهذيب التهذيب 7:258. [3]
3- 3) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460،المجموع 8:180،حلية العلماء 3:342.
4- 4) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460،الإنصاف 4:37.
5- 5) الموطّأ 1:391،المدوّنة الكبرى 1:418-419،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:350،بلغة السالك 1:279.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1: 150،حلية العلماء 3:342.
7- 7) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) حلية العلماء 3:342،المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
9- 9) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942، [4]سنن الدارقطنيّ 2:276 الحديث 188،سنن البيهقيّ 5:133.
10- 10) سنن البيهقيّ 5:133.

للظعن (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يرمي الخائف باللّيل و يضحّي و يفيض باللّيل» (2).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا» (3).

و عن عليّ بن عطيّة (4)،قال:أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام بن عبد الملك الكوفيّ و كان هشام خائفا،فانتهينا إلى جمرة العقبة[عند] (5)طلوع الفجر،فقال لي هشام:أيّ شيء أحدثنا في حجّنا فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السلام قد رمى الجمار،و انصرف،فطابت نفس هشام (6).

احتجّوا (7):بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى ضحى يوم النحر (8).

و جوابه:لا يجب الاقتصار عليه إجماعا.

مسألة:و يجوز تأخيرها إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك

.

ص:138


1- 1صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:940 الحديث 1291،المغني 3:459.
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 895،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:263 الحديث 896،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [2]
4- 4) عليّ بن عطيّة،عدّه الشيخ في رجاله من غير توصيف من أصحاب الكاظم عليه السلام و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا،و يلوح من كلام العلاّمة اتّحاده مع عليّ بن عطيّة الحنّاط فينطبق عليه توثيق الحنّاط أيضا. رجال الشيخ:353،الفهرست:97، [3]رجال العلاّمة:103، [4]تنقيح المقال 2:299. [5]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:263 الحديث 897،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [6]
7- 7) المغني 3:458،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) صحيح مسلم 2:945 الحديث 1299،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1971،سنن الترمذيّ 3:241 الحديث 894،سنن النسائيّ 5:270،سنن البيهقيّ 5:131.

قال ابن عبد البرّ:أجمع أهل العلم على أنّ من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها و إن لم يكن ذلك مستحبّا (1).

و روى ابن عبّاس،قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يسأل يوم النحر بمنى، قال رجل:رميت بعد ما أمسيت،فقال:«لا حرج» (2).

إذا ثبت هذا:فلو غابت الشمس،فليرم من غده.و به قال أبو حنيفة (3)، و أحمد (4).

و قال الشافعيّ (5)،و محمّد،و ابن المنذر،و يعقوب:يرمي ليلا (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر،قال:من فاته الرمي حتّى تغيب الشمس فلا يرم حتّى تزول الشمس من الغد (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتّى انتهى إلى منى،فعرض له[عارض] (8)فلم يرم حتّى غابت الشمس،قال:«يرمي إذا أصبح مرّتين:مرّة لما فاته،و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه،و ليفرّق بينهما،تكون إحداهما بكرة

ص:139


1- 1المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:212،سنن أبي داود 2:203 الحديث 1983،سنن النسائيّ 5:272،عمدة القارئ 10:60.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:409،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1: 150، [1]عمدة القارئ 10:86.
4- 4) المغني 3:459-460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461،الكافي لابن قدامة 1:604،الإنصاف 4:38، [2]زاد المستقنع:34.
5- 5) الأمّ 2:214،مغني المحتاج 1:504.
6- 6) المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
7- 7) سنن البيهقيّ 5:150 بتفاوت،المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
8- 8) أثبتناها من المصدر.

و هو لأمس،و الأخرى عند زوال الشمس» (1).

و عن بريد العجليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في اليوم الثاني،قال:«فليرمها في اليوم الثالث لما فاته،و لما يجب عليه في يومه» (2).

احتجّوا:يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ارم و لا حرج» (3).

و جوابه:أنّه إنّما كان في النهار؛لأنّه سأله في يوم النحر،و لا يكون اليوم إلاّ قبل مغيب الشمس.

و قال مالك:يرمي ليلا،ثمّ اضطرب قوله،فتارة أوجب الدم حينئذ،و تارة أسقطه (4).

مسألة:يستحبّ الرمي عند زوال الشمس

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس» (5).

و يستحبّ له أن لا يقف عندها بلا خلاف.

رواه الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار،و لا تقف

ص:140


1- 1التهذيب 5:262 الحديث 893،الوسائل 10:81 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 894،الوسائل 10:82 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:31 و 43 و ج 2:215،صحيح مسلم 2:948 الحديث 1306،سنن أبي داود 2: 211 الحديث 2014،سنن الترمذيّ 3:233 الحديث 885 و ص 258 الحديث 916،سنن الدارميّ 2: 64،سنن الدارقطنيّ 2:254 الحديث 78.
4- 4) الموطّأ 1:409،المدوّنة الكبرى 1:419،بداية المجتهد 1:351،بلغة السالك 1:280،المغني 3: 460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
5- 5) التهذيب 5:261 الحديث 888،الاستبصار 2:296 الحديث 1057،الوسائل 10:78 [3] الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1 و ص 75 الباب 10 الحديث 2.

عندها» (1).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجمار،فقال:«قم عند الجمرتين و لا تقم عند جمرة العقبة»،فقلت:هذا من السنّة؟ قال:«نعم»،قلت:ما ذا أقول إذا رميت؟قال:«كبّر مع كلّ حصاة» (2).

فرع :

(3)

قال الشيخ-رحمه اللّه-:وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع

الشمس من يوم النحر بلا خلاف

،و وقت الإجزاء من عند طلوع الفجر مع الاختيار، فإن رمى قبل ذلك،لم يجزئه،و للعليل و صاحب الضرورة و للنساء يجوز الرمي بالليل.و بمثل ما قلناه قال مالك و أبو حنيفة،و أحمد و إسحاق.

و قال الشافعيّ:أوّل وقت الإجزاء إذا انتصفت ليلة النحر.و به قال عطاء، و عكرمة.

و قال النخعيّ،و الثوريّ،وقته بعد طلوع الشمس يوم النحر و قبل ذلك لا يجزئ،و لا يعتدّ به.

و استدلّ بإجماع الفرقة و أخبارهم،و بما روت عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل بأمّ سلمة ليلة النحر،فرمت الجمرة قبل الفجر ثمّ مضت فأفاضت (4).

مسألة:عدد حصى الجمار سبعون حصاة

:سبع منها لجمرة العقبة ترمى بها يوم

ص:141


1- 1التهذيب 5:261 الحديث 888،الاستبصار 2:296 الحديث 1057،الوسائل 10:78 [1] الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1 و ص 75 الباب 10 الحديث 2.
2- 2) التهذيب 5:261 الحديث 889،الوسائل 10:75 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
3- 3) ح و ع:مسألة.
4- 4) الخلاف 1:456 مسألة-167.

النحر خاصّة،و يرمى كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث كلّ جمرة بسبع حصيات،يبدأ بالأولى،ثمّ الوسطى،ثمّ جمرة العقبة،و لا خلاف في ذلك كلّه.

و يستحبّ غسل الحصى،و به قال ابن عمر،و طاوس،و قال عطاء،و مالك:

لا يستحبّ (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:ما روي عن ابن عمر أنّه غسله (3)،و الظاهر أنّه توقيف.

و لأنّه يحتمل أن تلاقيه نجاسة،فمع الغسل يزول هذا الاحتمال و إن لم يكن معتبرا شرعا.

و لو كان الحجر نجسا،استحبّ له غسله،فإن لم يغسله و رمى به،أجزأه؛لأنّه امتثل المأمور و هو الرمي بالحصى.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يرمي كلّ حصاة بانفرادها

(4)

،فلو رمى أكثر من واحدة فرمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاحقا فيه،أمّا لو اتّبع الحجر الحجر فرميتان و إن تساويا في الوقوع.و بقيّة الكلام في الرمي و أحكامه يأتي إن شاء اللّه تعالى.

ص:142


1- 1المغني 3:456،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:455.
2- 2) المغني 3:456،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:455،الإنصاف 4:37. [3]
3- 3) المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:455.
4- 4) يراجع:ص 126. [4]
الفصل الخامس
اشارة

في الذبح و فيه مباحث

البحثالأوّل:في الهدي
مسألة:فإذا فرغ من رمي جمرة العقبة،ذبح هديه أو نحره إن كان من الإبل

.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه رمى من بطن الوادي،ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا و ستّين بدنة بيده،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر و أشركه في هديه (1).

و قال أنس:نحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبع بدن قياما (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«فلمّا أضاء له النهار أفاض حتّى انتهى إلى منى،فرمى جمرة العقبة،و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين أو ستّا و ستّين،و جاء عليّ عليه السلام بأربع (3)و ثلاثين أو ستّ و ثلاثين،فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّا و ستّين،

ص:143


1- 1صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [2]سنن البيهقيّ 5:8.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:210،سنن الترمذيّ 3:248 الرقم 904، [3]سنن البيهقيّ 5:237 و ج 9:279.
3- 3) في النسخ:«بأربعة»و ما أثبتناه من التهذيب.

و نحر عليّ عليه السلام أربعا و ثلاثين بدنة» (1).

مسألة:و يجب الهدي على المتمتّع،و هو قول علماء الإسلام

.

قال اللّه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2).

و روى الجمهور عن ابن عمر،قال:تمتّع الناس مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ،فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للناس:«من لم يكن أهدى فليطف بالبيت و بالصفا و المروة و ليقصّر ثمّ ليهلّ بالحجّ و يهدي،فمن لم يجد الهدي فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله» (3).

و قال جابر:كنّا نتمتّع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،عن أبي جعفر عليه السلام في المتمتّع،قال:«و عليه الهدي»فقلت:و ما الهدي؟فقال:

«أفضله بدنة،و أوسطه بقرة،و أخسّه (5)شاة (6).

و أجمع المسلمون كافّة على وجوب الهدي على التمتّع بالعمرة إلى الحجّ.

إذا عرفت هذا:فلو تمتّع المكّيّ وجب عليه الهدي؛للعموم.

مسألة:و إنّما يجب الهدي على غير أهل مكّة و حاضريها

؛لأنّ فرضهم التمتّع، أمّا أهل مكّة و حاضروها فلا يجب عليهم الهدي،و هو قول علماء الإسلام كافّة؛

ص:144


1- 1التهذيب 5:454-457 الحديث 1588،الوسائل 8:150-153 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن النسائيّ 5:151،سنن البيهقيّ 5:170.
4- 4) سنن أبي داود 3:98 الرقم 2807، [3]مسند أحمد 3:304، [4]سنن البيهقيّ 5:234.
5- 5) ق:«و أعزّه»،و في التهذيب:«و أخفضه»مكان:«و أخسّه».
6- 6) التهذيب 5:36 الحديث 107،الوسائل 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 5. [5]

لأنّ اللّه تعالى قال: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1).

و ذلك لأنّ فرضهم القران أو الإفراد،و كلّ واحد منهما لا يجب عليه الهدي، و لا نعرف فيه خلافا.

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن المفرد،قال:«و ليس عليه هدي و لا أضحيّة» (2).

مسألة:لا يجب على غير المتمتّع هدي،و يكفي القارن ما ساقه

،و يستحبّ الأضحيّة،و به قال علماؤنا.

و قال الشافعيّ (3)،و مالك (4)،و أبو حنيفة:إذا قرن بين الحجّ و العمرة،لزمه دم (5).

و قال الشعبيّ:يلزمه بدنة (6).

و قال داود:لا يلزمه شيء (7).

لنا:أنّ إيجاب الدم منفيّ بالأصل السالم عن المعارض،و لأنّا قد بيّنّا أنّ القران

ص:145


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:41 الحديث 122،الوسائل 10:86 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
3- 3) الأمّ 2:133،حلية العلماء 3:260،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:190،مغني المحتاج 1: 515-517،السراج الوهّاج:167،الميزان الكبرى 2:37،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 146.
4- 4) الموطّأ 1:336، [3]المدوّنة الكبرى 1:378،إرشاد السالك:55،بداية المجتهد 1:335،مقدّمات ابن رشد:302،بلغة السالك 1:272.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:25،26،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1: 155،شرح فتح القدير 2:417،مجمع الأنهر 1:288.
6- 6) حلية العلماء 3:260،المجموع 7:191،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146.
7- 7) حلية العلماء 3:260،المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،المجموع 7:191، [4]الميزان الكبرى 2:37،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146،عمدة القارئ 9:205.

ليس هو الجمع بين الحجّ و العمرة،بل هو ضمّ الهدي إلى الإحرام (1)،و كلّ من قال بذلك،لزمه القول بسقوط الدم (2)؛لأنّ الدم إنّما يوجبونه لفوات الإحرام من ميقاته، و على ما قلناه نحن،لا يقع إلاّ من الميقات،فلا يلزم الدم.

و يدلّ على انتفائه في حقّ المفرد:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من تمتّع في أشهر الحجّ،ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحاجّ،فعليه شاة،و من تمتّع في غير أشهر الحجّ،ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ، فليس عليه دم،إنّما هي حجّة مفردة» (3).

مسألة:فرض المكّيّ القران أو الإفراد على ما بيّنّاه

(4)،فلو تمتّع قال الشيخ -رحمه اللّه-:سقط عنه الفرض و لا يلزمه دم (5).

و قال الشافعيّ:يصحّ تمتّعه و قرانه،و ليس عليه دم (6).

و قال أبو حنيفة:يكره له التمتّع و القران،فإن خالف و تمتّع،فعليه دم المخالفة دون التمتّع و القران (7).

ثمّ استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-بقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا

ص:146


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 118-120.
2- 2) خا و ق:الهدي،مكان:الدم.
3- 3) التهذيب 5:36 الحديث 108 و ص 288 الحديث 980،الاستبصار 2:259 الحديث 913،الوسائل 10:87 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 11. [1]
4- 4) يراجع:ص 145-146 و قد تقدّم أيضا في الجزء العاشر ص 125.
5- 5) الخلاف 1:423 مسألة-42،المبسوط 1:306-307. [2]
6- 6) حلية العلماء 3:267،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:169،مغني المحتاج 1:514-516، السراج الوهّاج:167.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:411،412،بدائع الصنائع 2:169،الهداية للمرغينانيّ 1:159،مجمع الأنهار 1: 290،عمدة القارئ 9:205.

اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إلى قوله: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1)قال:معناه أنّ الهدي لا يلزم،إلاّ من لم يكن من حاضري المسجد،و يجب أن يكون قوله: ذلِكَ راجعا إلى الهدي،لا إلى التمتّع؛لأنّ من قال:من دخل داري فله درهم،ذلك لمن لم يكن[غاصبا] (2)فهم منه الرجوع إلى الجزاء لا إلى الشرط.ثمّ قال-رحمه اللّه-:و لو قلنا:إنّه راجع إليهما،و قلنا:إنّه لا يصحّ منهم التمتّع أصلا، كان قويّا (3).و الذي قوّاه الشيخ-رحمه اللّه-في موضع القوّة.

مسألة:دم التمتّع نسك

،ذهب إليه علماؤنا،و به قال أبو حنيفة (4)،و أصحابه (5).

و قال الشافعيّ:هو جبران؛لإخلاله بالإحرام من الميقات؛لأنّه مرّ بالميقات و هو مريد للحجّ و العمرة و حجّ من سنته (6).

لنا:قوله تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها (7)أخبر اللّه تعالى أنّه جعلها من الشعائر،و أمر بالأكل منها،فلو كان جبرانا،لما أمرنا بالأكل منها.

و قول الشافعيّ:إنّه أخلّ بالإحرام من الميقات ضعيف؛لأنّ ميقات حجّ التمتّع عندنا مكّة لا غير،و قد أحرم منه.

ص:147


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عاميّا و في ع:غائبا،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) الخلاف 1:423 مسألة-42،المبسوط 1:307. [2]
4- 4) تحفة الفقهاء 1:413،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:157،159،شرح فتح القدير 2: 421.
5- 5) بدائع الصنائع 2:174،تحفة الفقهاء 1:412،المبسوط للسرخسيّ 4:26.
6- 6) المجموع 7:176،مغني المحتاج 1:515،التفسير الكبير 5:154. [3]
7- 7) الحجّ(22):36. [4]
فرع:

المتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكّة،لزمه الدم إجماعا

،أمّا عندنا:فلأنّه نسك و أمّا [عند] (1)المخالف:فلأنّه أخلّ بالإحرام من المواقيت.

فلو أتى الميقات و أحرم منه،لم يسقط عنه الدم عندنا.و قال جميع الفقهاء بسقوطه.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2)و هو عامّ.

آخر:لو أحرم المفرد بالحجّ و دخل مكّة،جاز أن يفسخه و يجعله عمرة و يتمتّع بها،قاله علماؤنا،و خالف أكثر الجمهور فيه،و ادّعوا أنّه منسوخ (3).

و ليس بجيّد؛إذ قد ثبت مشروعيّته؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بذلك (4)و لم يثبت النسخ،و نقله بخبر واحد لا يفيد.

إذا ثبت هذا:فإنّ الدم يجب عليه؛لصدق التمتّع عليه.

مسألة:إذا أحرم بالعمرة،و أتى بأفعالها في غير أشهر الحجّ،ثمّ أحرم بالحجّ

في أشهر الحجّ،لم يكن متمتّعا

،و لا يجب عليه الدم؛لأنّه لم يأت بالعمرة في زمان الحجّ،فكان كالمفرد؛فإنّ المفرد لمّا أتى بالعمرة بعد أشهر الحجّ،لم يجب عليه الدم بالإجماع،و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السعي و التقصير و حجّ من سنته،لم يكن متمتّعا،قاله الشيخ

ص:148


1- 1أضفناها لاستقامة العبارة.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 1:362-365،حلية العلماء 3:268،المجموع 7:166،المغني 3:254، الشرح الكبير بهامش المغني 3:253.
4- 4) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1023-1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46،سنن البيهقيّ 5:7.

-رحمه اللّه (1)-و لا يلزمه دم.

و للشافعيّ قولان:قال في القديم و الإملاء:يجب عليه الدم و يكون متمتّعا؛ لأنّه أتى بأفعال العمرة في أشهر الحجّ،و استدامة الإحرام بمنزلة ابتدائه،فهو كما لو ابتدأ بالإحرام في أشهر الحجّ (2).

و قال في الأمّ:لا يجب الدم (3)،و به قال أحمد؛لأنّه أتى بنسك لا يتمّ العمرة إلاّ به في غير أشهر الحجّ،فلا يكون متمتّعا،كما لو طاف (4).

و قال مالك:إذا لم يتحلّل من إحرام العمرة حتّى دخلت أشهر الحجّ،صار متمتّعا (5).

و قال أبو حنيفة:إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ،صار متمتّعا؛لأنّ العمرة صحّت في أشهر الحجّ؛لأنّه لو وطئ أفسدها،فأشبه ما إذا أحرم بها في أشهر الحجّ (6).

لنا:أنّه أتى بركن من أركان العمرة في غير أشهر الحجّ،فلا يجزئ عن إحرام المتعة؛لأنّ من شرطها إيقاعها في أشهر الحجّ،و هو مستلزم لإيقاع أركانها فيها، و التسوية بين الابتداء و الاستدامة خطأ؛لأنّه لو أحرم بالحجّ قبل أشهره و استدامه، لم يكن مجزئا.

مسألة:إذا أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ و مضى إلى الميقات

ثمّ منه إلى

ص:149


1- 1الخلاف 1:422 مسألة-38،المبسوط 1:307، [1]النهاية:280. [2]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:174،حلية العلماء 3:260-261.
3- 3) الأمّ 2:143-144.
4- 4) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:246 و 247،الكافي لابن قدامة 1:536.
5- 5) الموطّأ 1:344،بداية المجتهد 1:334،مقدّمات ابن رشد:291،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1: 272.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:31 بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2: 432،مجمع الأنهر 1:289-290،المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.

عرفات،لم يسقط عنه الدم.

و قال الشافعيّ:إن مضى من مكّة إلى عرفات،لزمه الدم قولا واحدا،و إن مضى إلى الميقات ثمّ منه إلى عرفات فقولان:

أحدهما:لا دم عليه؛لأنّه لو أحرم من الميقات،لم يجب الدم،فإذا عاد إليه محرما قبل التلبّس بأفعال الحجّ،صار كأنّه أحرم منه.

و الثاني:لا يسقط (1).و هو مذهبنا-و به قال مالك (2)-لأنّ له ميقاتين يجب مع الإحرام من أحدهما الدم،فإذا أحرم منه،وجب الدم،و لم يسقط بعد ذلك،كما لو عاد بعد التلبّس بشيء من المناسك.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (3)و قد بيّنّا (4)أنّ الدم نسك لا جبران.

و قال أبو حنيفة:لا يسقط الدم حتّى يعود إلى بلده؛لأنّه لم يلمّ (5)بأهله،فلم يسقط دم التمتّع،كما لو رجع إلى ما دون الميقات (6).

و ليس بجيّد؛لأنّ بلده موضع لا يجب عليه الإحرام منه بابتداء الشرع،فلا يتعلّق سقوط دم التمتّع بالعود إليه،كسائر البلاد،و دون الميقات ليس بميقات بلده.

مسألة:قد بيّنّا أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة

(7)

،فإذا فرغ المتمتّع من أفعال العمرة أنشأ الإحرام بالحجّ من مكّة،فإن خالف و أحرم من غيرها،وجب عليه أن يرجع

ص:150


1- 1حلية العلماء 3:261،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:174،مغني المحتاج 1:516.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:376،حلية العلماء 3:261،المغني و الشرح الكبير 3:225.
3- 3) البقرة(2):196. [1]
4- 4) يراجع:ص 147. [2]
5- 5) ألمّ الرجل بالقوم:أتاهم فنزل بهم.المصباح المنير:559.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:31،تحفة الفقهاء 1:395،بدائع الصنائع 2:170-171،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2:430-432،مجمع الأنهر 1:290.
7- 7) يراجع:الجزء العاشر ص 119 و 169.

إلى مكّة و يحرم منها،سواء أحرم من الحلّ أو من الحرم إذا أمكنه،فإن لم يمكنه، مضى على إحرامه،و تمّم أفعال الحجّ و لا يلزمه دم لهذه المخالفة.

و قال الشافعيّ:إن أحرم من خارج مكّة و عاد إليها،فلا شيء عليه،و إن لم يعد إليها و مضى على وجهه إلى عرفات،فإن كان أنشأ الإحرام من الحلّ،فعليه دم قولا واحدا،و إن كان أنشأه من الحرم ففي وجوب الدم قولان:

أحدهما:لا يجب؛لأنّ الحكم إذا تعلّق بالحرم و لم يختصّ ببقعة منه،كان جميعه فيه سواء،كذبح الهدي.

و الثاني:يجب؛لأنّ ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه،فإذا ترك ميقاته،وجب عليه الدم،كأهل القرى إذا خرج واحد منهم من قريته و أحرم دونها،وجب الدم و إن كان ذلك كلّه من حاضري المسجد الحرام (1).

لنا:أنّ الدم يجب للتمتّع،فإيجاب غيره منفيّ بالأصل.

مسألة:قد بيّنّا أنّ التمتّع إنّما يقع بالنيّة

(2)

؛لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات» (3).فإذا لم ينو التمتّع،لم يكن متمتّعا و لم يجب الدم،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و قال في الآخر:يكون متمتّعا و يجب الدم؛لأنّه إذا أحرم بالعمرة من الميقات

ص:151


1- 1الأمّ 2:143،حلية العلماء 3:261-262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:179-180، [1]مغني المحتاج 1:516.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر ص 215.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341.و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10. [3]

و حجّ من سنته،فقد صار جامعا بينهما فيجب الدم (1).

و الحقّ خلافه؛لأنّه لا يجب الدم إلاّ أن ينوي ذلك ليكون حكم الحجّ؛لأنّها له و يصدق عليه أنّه متمتّع مع النيّة،أمّا بدونها فلا.

مسألة:المفرد و القارن إذا أكملا حجّهما،وجب عليهما الإتيان بعمرة

-بعد الحجّ-مفردة يحرمان بها من أدنى الحلّ على ما يأتي.

إذا عرفت هذا:فلو أحرما من الحرم،لم يصحّ،و لو طافا و سعيا،لم يكونا معتمرين،قاله الشيخ-رحمه اللّه-و لا يلزمهما دم (2).

و للشافعيّ قولان:

أحدهما:مثل ما قلناه،لكن خلاف الشافعيّ في المفرد خاصّة.

و الثاني:تكون عمرة صحيحة،و يجب الدم (3).

لنا:أنّه يجب عليه أن يقدّم الخروج إلى الحلّ قبل الطواف و السعي،فلا يعتدّ بهما بدونه،و يلزمه أن يخرج إلى الحلّ ثمّ يعود و يطوف و يسعى؛ليكون جامعا في نسكه بين الحلّ و الحرم،و هذا بخلاف المتمتّع حيث كان له أن يحرم من مكّة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا فسخ (4)على أصحابه الحجّ إلى العمرة أمرهم أن يحرموا بالحجّ من جوف مكّة (5).

و لأنّ الحاجّ لا بدّ له من الخروج إلى الحلّ للوقوف فيكون جامعا في إحرامه

ص:152


1- 1حلية العلماء 3:262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:178،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 161.
2- 2) الخلاف 1:421 مسألة-32.
3- 3) المجموع 7:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:97-99،مغني المحتاج 1:475،السراج الوهّاج: 155.
4- 4) كثير من النسخ:فتح.
5- 5) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805،سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44،سنن البيهقيّ 5:17.

بين الحلّ و الحرم،بخلاف المتمتّع.

احتجّ:بأنّه ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام،و ذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة (1).

و الجواب:أنّه لم يأت بالعبادة على وجهها،فلا تقع مجزئة.

مسألة:و لو أفرد الحجّ عن نفسه فلمّا فرغ من الحجّ خرج إلى أدنى الحرم

فاعتمر لنفسه و لم يعد إلى الميقات،لا دم عليه

.و هكذا من تمتّع ثمّ اعتمر بعد ذلك من أدنى الحرم.و كذا لو أفرد عن غيره أو تمتّع أو قرن ثمّ اعتمر من أدنى الحلّ،كلّ هذا لا دم عليه؛لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف.

و أمّا إن أفرد عن غيره ثمّ اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحلّ،قال الشافعيّ في القديم:عليه دم،و قال أصحابه:على هذا لو اعتمر عن غيره ثمّ حجّ عن نفسه فأحرم بالحجّ من جوف مكّة،فعليه دم؛لتركه الإحرام من الميقات (2).

و عندنا أنّه لا دم عليه؛عملا بالأصل السالم عن المعارض.

مسألة:و لو اعتمر في أشهر الحجّ و لم يحجّ في ذلك العام بل حجّ من العام

المقبل مفردا له عن العمرة،لم يجب الدم

؛لأنّه لا يكون متمتّعا،و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ قولا شاذّا عن الحسن البصريّ فيمن اعتمر في أشهر الحجّ،فهو متمتّع،حجّ أو لم يحجّ (3).

و أهل العلم كافّة على خلافه؛لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (4).

و هذا يقتضي الموالات بينهما.

و لأنّ الإجماع واقع على أنّ من اعتمر في غير أشهر الحجّ ثمّ حجّ من عامه

ص:153


1- 1المجموع 7:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:98،مغني المحتاج 1:475.
2- 2) المجموع 7:180.
3- 3) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.
4- 4) البقرة(2):196. [1]

ذلك،فليس بمتمتّع،فهذا أولى؛لأنّ التباعد بينهما أكثر.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا ينبغي للمتمتّع بعد فراغه من العمرة أن يخرج من مكّة

حتّى يأتي بالحجّ

(1)؛لأنّه صار مرتبطا به؛لدخولها فيه؛لقوله عليه السلام:«دخلت العمرة في الحجّ هكذا»و شبّك بين أصابعه (2).

و قال تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (3).

إذا ثبت هذا:فلو خرج من مكّة بعد إحلاله ثمّ عاد في الشهر الذي خرج منه، صحّ له أن يتمتّع،و لا يجب عليه تجديد عمرة،و إن دخل في غير الشهر،اعتمر أخرى،و تمتّع بالأخيرة،و وجب عليه الدم بالأخيرة و لا يسقط عنه الدم.

و قال عطاء،و المغيرة (4)،و أحمد،و إسحاق:إذا خرج إلى سفر بعيد،يقصّر في مثله الصلاة،سقط عنه الدم (5).

و قال الشافعيّ:إن رجع إلى الميقات،فلا دم عليه (6).

ص:154


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 447.
2- 2) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46-47، [2]مسند أحمد 1:236 و 253،سنن البيهقيّ 5:7، كنز العمّال 5:43 الحديث 11974 و 11975 و ص 44 الحديث 11983،مجمع الزوائد 3:235 و ص 278،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:137 الحديث 1581 و 1582 و ج 7:119 الحديث 6561،6562 و ص 127 الحديث 6582 و ص 128 الحديث 6586 و ص 130 الحديث 6594 و ص 131 الحديث 6597 و ج 11:51 الحديث 11045 و 11046 و ص 69 الحديث 11117 و ج 12:176 الحديث 12960 و 12961 و ص 308 الحديث 13487.
3- 3) البقرة(2):196. [3]
4- 4) مغيرة بن مقسم،الفقيه الحافظ أبو هشام مولاهم الكوفيّ الأعمى،ولد أعمى و كان عجبا في الذكاء،حدّث عن أبي وائل و الشعبيّ و إبراهيم النخعيّ و مجاهد و حدّث عنه شعبة و الثوريّ و جرير و غيرهم. تذكرة الحفّاظ 1:143.
5- 5) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:440.
6- 6) حلية العلماء 3:261،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:177،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 147،مغني المحتاج 1:516،السراج الوهّاج:167.

و قال أصحاب الرأي:إن رجع إلى مصره،بطلت متعته،و إلاّ فلا (1).

و قال مالك:إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره،بطلت متعته،و إلاّ فلا (2).

و قال الحسن:هو متمتّع و إن رجع إلى بلده،و اختاره ابن المنذر (3).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4).

و ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على صحّة العمرة إن رجع في الشهر الذي خرج منه،و وجوب إعادتها إن رجع في غيره (5)،و على كلا التقديرين لا بدّ من الدم.

احتجّ أحمد:بما روي عن عمر و ابنه أنّهما قالا:إذا اعتمر في أشهر الحجّ ثمّ أقام،فهو متمتّع،فإن خرج و رجع،فليس بمتمتّع (6).

و جوابه:أنّه محمول على من رجع في غير الشهر الذي خرج فيه؛جمعا بين الأدلّة.

مسألة:و إنّما يجب الدم على من أحلّ من إحرام العمرة

،فلو لم يحلّ منها و أدخل إحرام الحجّ عليها،بطلت المتعة،و سقط الدم على قول الشيخ- رحمه اللّه (7)-،و به قال أحمد (8).

روت عائشة قالت:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حجّة الوداع،

ص:155


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:31،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:172،الهداية للمرغينانيّ 1: 158،شرح فتح القدير 2:431،مجمع الأنهر 1:290.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:383،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1:272.
3- 3) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
5- 5) يراجع:الجزء العاشر ص 447.
6- 6) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536.
7- 7) الخلاف 1:421 مسألة-32.
8- 8) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:442. [2]

فأهللنا بعمرة،فقدمت مكّة و أنا حائض لم أطف بالبيت،و لا بين الصفا و المروة، فشكوت ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ و دعي العمرة»قالت:ففعلت،فلمّا قضينا الحجّ،أرسلنا مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم،فاعتمرت معه،فقال:«هذه مكان عمرتك» (1).

قال عروة:فقضى اللّه حجّها و عمرتها و لم يكن في شيء من ذلك هدي و لا صوم و لا صدقة (2).

و لأنّه على تقدير بطلان التمتّع،يسقط عنه فرض الهدي؛لاختصاصه بالمتمتّع على ما بيّنّاه أوّلا.

مسألة:و إنّما يجب على من نأى عن مكّة على ما تقدّم

(3)،فلو كان من أهل مكّة و حاضريها،فلا دم عليه،إلاّ أن يكون قد تمتّع على تقدير تجويزه له على إشكال.

و لو دخل الآفاقيّ متمتّعا إلى مكّة ناويا للإقامة بها بعد تمتّعه،فعليه دم المتعة.

أجمع عليه كلّ من يحفظ عنه العلم؛لعموم الآية (4)،و بالعزم على الإقامة لا يثبت له حكمها.

و لو كان الرجل مولده و منشؤه مكّة،فخرج منتقلا مقيما بغيرها ثمّ عاد إليها متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو لها،فعليه دم المتعة-و به قال مالك (5)و الشافعيّ (6)،

ص:156


1- 1صحيح البخاريّ 5:221،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:165،سنن البيهقيّ 4:346.بتفاوت في الجميع.
2- 2) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248.
3- 3) يراجع:ص 144. [2]
4- 4) البقرة(2):196.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:383،بلغة السالك 1:272.
6- 6) المجموع 7:175،فتح العزيز بهامش المجموع 7:130-131.

و أحمد،و إسحاق (1)-لأنّ حضور المسجد الحرام إنّما يحصل بنيّة الإقامة و فعلها، و هذا إنّما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحجّ؛لأنّه إذا فرغ من عمرته فهو ناو للخروج إلى الحجّ،فكأنّه إنّما نوى أن يقيم بعد أن يجب الدم.

مسألة:الآفاقيّ إذا ترك الإحرام من الميقات،وجب عليه أن يرجع و يحرم منه

مع المكنة

،فإن لم يتمكّن،أحرم من دونه بعمرته،فإذا أحلّ،أحرم بالحجّ من عامه و هو متمتّع،و عليه دم المتعة،و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات؛لأنّه تركه للضرورة،فلا دم عليه؛لعدم الذنب الموجب للعقوبة بالكفّارة.

قال ابن المنذر،و ابن عبد البرّ:أجمع العلماء على أنّ من أحرم في أشهر الحجّ بعمرة و أحلّ منها و لم يكن من حاضري المسجد الحرام ثمّ أقام بمكّة حلالا ثمّ حجّ من عامه،أنّه متمتّع،عليه دم المتعة (2).

و قال بعض الجمهور:إذا تجاوز الميقات حتّى صار بينه و بين مكّة أقلّ من مسافة القصر فأحرم منه،فلا دم عليه للمتعة؛لأنّه من حاضري المسجد الحرام (3).

و ليس بجيّد،فإنّ حضور المسجد الحرام إنّما يحصل بالإقامة به و نيّة الإقامة، و هذا لم تحصل منه الإقامة و لا نيّتها.

و لأنّه تعالى قال: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (4)و هو يقتضي أن يكون المانع من الدم السكنى به،و هذا ليس بساكن.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الهدي إنّما يجب على المتمتّع

(5)،و إنّما يكون متمتّعا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحجّ،فإن أحرم بها في غير أشهر الحجّ فليس بمتمتّع

ص:157


1- 1المغني 3:504-505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250،الإنصاف 3:441. [1]
2- 2) المغني 3:505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250.
3- 3) المغني 3:505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250-251.
4- 4) البقرة(2):196. [2]
5- 5) يراجع:ص 144. [3]

و لا هدي عليه،و قد تقدّم ذلك (1)،و هو قول عامّة أهل العلم،و لا نعلم فيه خلافا إلاّ قولين شاذّين:

أحدهما:عن طاوس قال:إذا اعتمرت في غير أشهر الحجّ ثمّ أقمت حتّى الحجّ فأنت متمتّع.

و الثاني:عن الحسن،قال:من اعتمر بعد النحر فهي متعة.و كلاهما شاذّ.

قال ابن المنذر:لا نعلم أحدا قال بواحد من هذين القولين (2).

أمّا لو أحرم في غير أشهر الحجّ،ثمّ حلّ منها في أشهره،فكذلك لا يصحّ له التمتّع بتلك العمرة،و قد بيّنّاه فيما تقدّم (3)،و به قال أحمد،و جابر و إسحاق (4)، و الشافعيّ في أحد القولين.

و قال في الآخر:عمرته في الشهر الذي يطوف فيه.و به قال الحسن،و الحكم و ابن شبرمة،و الثوريّ.

و قال طاوس:عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم.

و قال عطاء:عمرته في الشهر الذي يحلّ فيه (5).و به قال مالك (6).

و قال أبو حنيفة:إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحجّ فليس بمتمتّع،و إن طاف الأربعة في أشهر الحجّ فهو متمتّع (7).

لنا:أنّه أتى بنسك لا تتمّ العمرة إلاّ به في غير أشهر الحجّ،فلا يكون متمتّعا،

ص:158


1- 1يراجع:ص 148 و قد مرّ أيضا في الجزء العاشر ص 155.
2- 2) المغني 3:501،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.
3- 3) يراجع:ص 148-149.
4- 4) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:441. [1]
5- 5) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247،و يظهر ذلك من المجموع 7:182.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:388،بداية المجتهد 1:334،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1:272.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:31،بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2: 422،مجمع الأنهر 1:290-291.

كما لو طاف في غير أشهر الحجّ،أو طاف دون الأربعة فيها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ،فعليه شاة،و من تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور (1)حتّى يحضر الحجّ،فليس عليه دم،إنّما هي حجّة مفردة،و إنّما الأضحى على أهل الأمصار» (2).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل اعتمر في رجب،فقال:«إن أقام بمكّة حتّى يخرج منها حاجّا،فقد وجب الهدي،و إن خرج من مكّة حتّى يحرم من غيرها، فليس عليه هدي» (3).

قال الشيخ:و الوجه فيه أمران:

أحدهما:حمله على الاستحباب.

الثاني:حمله على من اعتمر في رجب و أقام بمكّة إلى أشهر الحجّ ثمّ تمتّع منها بالعمرة إلى الحجّ،فيلزمه الهدي (4)،لما رواه إسحاق بن عبد اللّه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المعتمر المقيم بمكّة يجرّد الحجّ أو يتمتّع مرّة أخرى؟ فقال:«يتمتّع أحبّ إليّ،و ليكن إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين» (5).

مسألة:و لو كان المتمتّع مملوكا،لم يجب عليه الهدي

،و لا يجب على مولاه أن

ص:159


1- 1أكثر النسخ:«جاوز».
2- 2) التهذيب 5:36 الحديث 108،الاستبصار 2:259 الحديث 913،الوسائل 10:87 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 11. [1]
3- 3) التهذيب 5:199 الحديث 663،الاستبصار 2:259 الحديث 914،الوسائل 10:85 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:200،الاستبصار 2:259.
5- 5) التهذيب 5:200 الحديث 664،الاستبصار 2:259 الحديث 915،الوسائل 8:181 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 20. [3]

يهدي عنه معيّنا،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (1).و العاجز يسقط عنه الهدي إجماعا،إلاّ في قول الشافعيّ؛لأنّ إذنه تضمّنه،فلزمه أن يؤدّيه عنه؛لأنّه يعلم أنّه لا يقدر عليه (2).

و ليس بجيّد؛لأنّ فرض العبد الصوم،فانصرف إذنه إليه.

و قد روى الشيخ-في الموثّق-عن الحسن العطّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ،أ عليه أن يذبح عنه؟ قال:«لا،إنّ (3)اللّه تعالى يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (4). (5)

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سئل عن المتمتّع كم يجزئه؟قال:«شاة»،و سألته عن المتمتّع المملوك،فقال:«عليه مثل ما على الحرّ إمّا أضحيّة و إمّا صوم» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه فيه أمور:

أحدها:أن يكون إخبارا عن مساواته الحرّ في كمّيّة ما يجب عليه،و إن كان الذي يجب على المملوك على جهة التخيير؛لأنّ مولاه مخيّر،إن شاء أهدى عنه، و إن شاء أمره بالصيام،و يكون مع أمره بالصوم يلزمه مثل ما يلزم الحرّ من الصوم، بخلاف الظهار الذي يجب عليه فيه نصف ما يجب على الحرّ،و كذلك إن أراد الذبح، لزمه أن يهدي عنه مثل ما يهدي الحرّ،فمن هذه الحيثيّة صار مساويا للحرّ و إن لم

ص:160


1- 1النحل(16):75. [1]
2- 2) الأمّ 2:119،حلية العلماء 3:235،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:54. [2]
3- 3) في الاستبصار و الوسائل:« [3]لأنّ».
4- 4) النحل(16):75. [4]
5- 5) التهذيب 5:200 الحديث 665 و ص 482 الحديث 1713،الاستبصار 2:262 الحديث 923، الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 5:201 الحديث 668،الاستبصار 2:262 الحديث 926،الوسائل 10:85 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 1 و [6]ص 90 الباب 2 الحديث 5.

يساوه في وجوب الهدي عليه عينا.

و ثانيها:أن يحمل على مملوك أعتق قبل فوات أحد الموقفين،فإنّه يلزمه الهدي.

و ثالثها:أنّ المولى إذا لم يأمر عبده بالصوم إلى النفر الأخير،فإنّه يلزمه أن يذبح عنه و لا يجزئه الصوم.كذا قال في الاستبصار (1)،و قال في النهاية:إنّ الهدي أفضل حينئذ (2)،و سيأتي.

مسألة:و يتخيّر المولى بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصيام

،قاله علماؤنا، و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الرواية الأخرى:أنّه لا يجزئه ذلك و يلزمه الصوم على التعيين.و به قال الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي،ذكره ابن المنذر عنهم في الصيد (5).

لنا:عموم قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (6)و بتقدير تمليك المولى له الهدي،يصدق عليه أنّه موسر.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سعد بن أبي خلف،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،قلت:أمرت مملوكي أن يتمتّع،فقال:«إن شئت فاذبح عنه،و إن شئت فمره فليصم» (7).

ص:161


1- 1الاستبصار 2:262-263.
2- 2) النهاية:256. [1]
3- 3) المغني 3:570،الشرح الكبير بهامش المغني 3:528-529.
4- 4) الأمّ 2:112،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،حلية العلماء 3:235-236،المهذّب للشيرازيّ 1:196، المجموع 7:54.
5- 5) المغني 3:570،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
6- 6) البقرة(2):196. [2]
7- 7) التهذيب 5:482 الحديث 1714،الاستبصار 2:262 الحديث 924،الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]

-و في الصحيح-عن جميل بن درّاج،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع،قال:فمره فليصم،و إن شئت فاذبح عنه» (1).

احتجّوا:بأنّه غير مالك،و لا سبيل له إلى التملّك؛لأنّه لا يملك بالتمليك فصار كالعاجز الذي يتعذّر عليه الهدي فيتعيّن عليه الصوم (2).

فروع:
الأوّل:الواجب من الصوم على المملوك ثلاثة أيّام في الحجّ،و سبعة إذا رجع

إلى أهله كالحرّ.و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و الشافعيّ (3).

و قال أحمد في الرواية الأخرى:يصوم عن كلّ مدّ من قيمة الشاة يوما (4).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (5)و هو عامّ في الحرّ و العبد،و لأنّه صوم وجب (6)لحلّه من إحرامه قبل إتمامه،فكان عشرة أيّام،كصوم الحرّ.

الثاني:المعسر في الصوم كالعبد يجب عليه صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة

إذا رجع

.

ص:162


1- 1التهذيب 5:200 الحديث 667،الاستبصار 2:262 الحديث 925،الوسائل 10:88 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 2:112،المجموع 7:54،المغني 3:570-571،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
3- 3) الأمّ 2:112،المجموع 7:54، [2]المهذّب للشيرازيّ 1:196،المغني 3:571، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:529. [4]
4- 4) المغني 3:571، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:529، [6]الكافي لابن قدامة 1:538، [7]الإنصاف 3:511- 513، [8]زاد المستقنع:32.
5- 5) البقرة(2):196. [9]
6- 6) ع و ح:واجب.

و قال بعض الجمهور:يجب لكلّ مدّ من قيمة الشاة يوم (1).و قد مضى البحث فيه.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الجمهور عن عمر أنّه قال لهبّار بن الأسود (2):فإن وجدت سعة فاهد،و إن (3)لم تجد سعة فصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجعت إن شاء اللّه تعالى (4).

الثالث:لو لم يذبح عنه مولاه،تعيّن عليه الصوم

،و لا يجوز للمولى منعه منه، و يجب الصوم و لو منعه المولى؛لأنّه أمره بالعبادة،فوجب عليه إتمامها؛لقوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (5).

و لأنّه صوم واجب،فلا يجوز له منعه منه،كرمضان.

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا لم يصم العبد إلى أن تمضي أيّام

التشريق،فالأفضل لمولاه أن يهدي عنه

و لا يأمره بالصيام،و إن أمره لم يكن به بأس،و إنّما يكون مخيّرا قبل انقضاء هذه الأيّام (6)،لما رواه الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد،عن عليّ،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سألته عن غلام أخرجته معي فأمرته فتمتّع،ثمّ أهلّ بالحجّ يوم التروية و لم أذبح عنه،أ فله أن

ص:163


1- 1المغني 3:571،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
2- 2) هبّار بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى،هو الذي أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة بقتله لمّا ضرب هودج زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أرسلها زوجها إلى المدينة و كانت حاملا فأسقطت فقال صلّى اللّه عليه و آله:إن لقيتم هبّارا هذا فأحرقوه بالنار،ثمّ قال:اقتلوه.ثمّ أسلم و فيه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الإسلام يجبّ ما قبله. أسد الغابة 5:53، [1]الإصابة 3:597، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:609، [4]الأعلام للزركليّ 8:70. [5]
3- 3) ق،خا،ل،د و ر:فإن.
4- 4) الموطّأ 1:383 الحديث 154، [6]سنن البيهقيّ 5:174.
5- 5) البقرة(2):196. [7]
6- 6) النهاية:256. [8]

يصوم بعد النفر؟فقال:«ذهبت الأيّام التي قال اللّه ألا كنت أمرته أن يفرد الحجّ؟» قلت:طلبت الخير،فقال:«كما طلبت الخير فاذهب و اذبح (1)عنه شاة سمينة» و كان ذلك يوم النفر الأخير (2).

الخامس:إذا أعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين،أجزأ عن حجّة الإسلام

و وجب عليه الهدي إن تمكّن

،و إلاّ الصوم،و لا يجب على المولى،و لا نعلم فيه خلافا.

السادس:روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه

عليه السلام:إنّ معنا مماليك لنا قد تمتّعوا،علينا أن نذبح عنه؟

تقال:فقال:«المملوك لا حجّ (3)له و لا عمرة» (4).

قال الشيخ:هو محمول على أنّه حجّ بغير إذن مولاه (5).و هو جيّد،و يحتمل أيضا أنّه لا حجّ له يجزئه عن حجّة الإسلام لو أعتق،و الاحتمال الأوّل أقرب.

مسألة:و إنّما يجب الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء

؛ لأنّ تكليف المعسر ضرر،فيكون منفيّا،و لا نعلم فيه خلافا،و لا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي،بل ينتقل إلى الصوم؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:قلت له:رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ و في عيبته ثياب،له (6)أن يبيع من ثيابه شيئا و يشتري بدنة (7)؟قال:«لا،

ص:164


1- 1ع و ح:فاذبح،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:201 الحديث 669،الاستبصار 2:263 الحديث 927،الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
3- 3) ق و خا:لا حجّة.
4- 4) التهذيب 5:482 الحديث 1715،الوسائل 8:32 [3] الباب 15 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3 و ج 10:90 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 6.
5- 5) التهذيب 5:482.
6- 6) ع:أله.
7- 7) في التهذيب:هديا،مكان:بدنة.

هذا يتزيّن (1)به المؤمن،يصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئا» (2).

و لأنّه ضرر و حرج و يعتبر القدرة في موضعه،فمتى عدمه في موضعه،جاز له الانتقال إلى الصيام و إن كان قادرا عليه في بلده،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ وجوبه موقّت،و ما كان وجوبه موقّتا اعتبرت القدرة عليه في موضعه،كالماء في الطهارة إذا عدمه في مكانه انتقل إلى التراب.

مسألة:و لو تمتّع الصبيّ،وجب على وليّه أن يذبح عنه

؛عملا بالعموم،فإن لم يجد،فليصم عنه عشرة أيّام؛للآية (3).و لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي نعيم (4)،قال:تمتّعنا فأحرمنا و معنا صبيان،فأحرموا و لبّوا كما لبّينا،و لم نقدر على الغنم،قال:«فليصم عن كلّ صبيّ وليّه» (5).

ص:165


1- 1في التهذيب:«ممّا يتزيّن».
2- 2) التهذيب 5:238 الحديث 802،الوسائل 10:171 الباب 57 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
3- 3) البقرة(2):196.
4- 4) أبو نعيم،قال الأردبيليّ:كنية لأحمد بن عبد اللّه الأصفهانيّ الذي ذكره العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة و قال:إنّه عامّيّ.و كنية لربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود الذي ترجم له في الجزء الرابع ص 62. و كنية لمحمّد بن أحمد بن محمّد بن سعيد.قال الأردبيليّ:و في الأوّل أشهر. رجال العلاّمة:205، [2]جامع الرواة 2:420. [3]
5- 5) التهذيب 5:237 الحديث 801،الوسائل 10:91 الباب 3 من أبواب الذبح الحديث 4.و [4]فيه:و لم يقدروا،مكان:و لم نقدر.
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الذبح

مسألة:يجب فيه النيّة؛لأنّه عبادة

،فيشترط (1)فيه النيّة؛لقوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (2).

و لأنّ جهات إراقة الدم متعدّدة،فلا يتخلّص المذبوح هديا إلاّ بالقصد.

و يجب اشتمالها على جنس الفعل و جهته من كونه هديا أو كفّارة أو غير ذلك، و صفته من وجوب أو ندب و التقرّب إلى اللّه تعالى.

و يجوز أن يتولاّها عنه الذابح؛لأنّه فعل تدخله النيابة،فتدخل في شرطه كغيره من الأفعال.

مسألة:و يختصّ الإبل بالنحر،فلا يجوز ذبحها،و البقر و الغنم بالذبح

،فلا يجوز نحرهما،و سيأتي البحث في ذلك.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«كلّ منحور مذبوح حرام،و كلّ مذبوح منحور حرام» (3).

ص:166


1- 1بعض النسخ:يشترط.
2- 2) البيّنة(98):5. [1]
3- 3) الفقيه 2:299 الحديث 1485،الوسائل 10:139 الباب 38 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]

و يستحبّ أن يتولّى الحاجّ بنفسه الذبيحة؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بنفسه (1).

و روى غرفة بن الحارث الكنديّ (2)،قال:شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع و أتي بالبدن فقال:«ادع لي أبا حسن»فدعي له عليّ عليه السلام،فقال:«خذ بأسفل الحربة» (3)و أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأعلاها،ثمّ طعنا بها البدن.رواه أبو داود (4).و إنّما فعلا ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أشرك عليّا عليه السلام في هديه.

و قال جابر:نحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و ستّين بدنة بيده،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر (5).

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر خمس بدنات ثمّ قال:«من شاء اقتطع»رواه الجمهور (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«و كان

ص:167


1- 1صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026،1027 الحديث 3074 و 3076.
2- 2) غرفة-بفتح الغين و الراء-بن الحارث الكنديّ يكنّى أبا الحارث،شهد حجّة الوداع، [2]روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قصّة نحر البدن،و روى عنه عبد اللّه بن الحارث الأزديّ و عبد الرحمن بن شماسة المهريّ و كعب بن علقمة التنوخيّ شهد فتح مصر،و كان كاتب عمر بن الخطّاب. أسد الغابة 4:169،الإصابة 3:185، [3]تهذيب التهذيب 8:244. [4]
3- 3) الحربة:هي كالرمح.المصباح المنير:127.
4- 4) سنن أبي داود 2:149 الحديث 1766. [5]
5- 5) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [6]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن البيهقيّ 5:133.
6- 6) مسند أحمد 4:350، [7]المستدرك للحاكم 4:221،سنن البيهقيّ 5:237.

الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين أو ستّا و ستّين،و جاء عليّ عليه السلام بأربع (1)و ثلاثين أو ستّ و ثلاثين،فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منها ستّا و ستّين،و نحر عليّ عليه السلام أربعا و ثلاثين بدنة» (2).

و روى ابن بابويه،قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ساق معه مائة بدنة، فجعل لعليّ عليه السلام منها أربعا و ثلاثين،و لنفسه ستّا و ستّين،و نحرها كلّها بيده، ثمّ أخذ من كلّ بدنة جذوة و طبخها (3)في قدر،و أكلا منها و تحسّيا من المرق، و افتخر عليّ عليه السلام على الصحابة و يقول:«من فيكم مثلي و أنا شريك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هديه؟من فيكم مثلي و أنا الذي ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هديي بيده؟» (4).

فرع:

لو لم يحسن الذباحة،ولاّها غيره

،و استحبّ له أن يجعل يده مع يد الذابح، و ينوي الذابح عن صاحبها؛لأنّه فعل تدخله النيابة فتدخل في شرطه.و يستحبّ له أن يذكره بلسانه وقت الذبيحة و أنّه يذبح عن فلان بن فلان.

إذا ثبت هذا:فلو أخطأ فذكر غير صاحبها،أجزأت عن صاحبها بالنيّة؛لأنّ الأصل النيّة،و الذكر لا اعتبار به.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن

ص:168


1- 1أكثر النسخ:بأربعة،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:457 الحديث 1588،الوسائل 8:153 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [2]
3- 3) في الفقيه:ثمّ طبخها.
4- 4) الفقيه 2:153 الحديث 665،أورد قطعة منه في الوسائل 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 6 و [3]ص 137 الباب 36 الحديث 6،و ص 146 الباب 40 الحديث 21.

جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن الضحيّة (1)يخطئ الذي يذبحها فيسمّى غير صاحبها أ تجزئ عن صاحب الضحيّة (2)؟فقال:«نعم،إنّما له ما نوى» (3).

مسألة:و يستحبّ نحر الإبل قائمة من قبل اليمنى قد ربطت يدها

(4)

(5)ما بين الخفّ إلى الركبة،ثمّ يطعن في لبّتها،و هي الوهدة التي بين أصل العنق و الصدر.و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و إسحاق (8)،و أحمد (9)،و ابن المنذر (10).

و استحبّ عطاء نحرها باركة (11)،و جوّز الثوريّ (12)،و أصحاب الرأي كلّ ذلك (13).

ص:169


1- 1أكثر النسخ:الأضحيّة.
2- 2) ق و خا:الأضحيّة.
3- 3) التهذيب 5:222 الحديث 748،الوسائل 10:128 الباب 29 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
4- 4) د و ع:اليمين.
5- 5) ع:يداها.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:485،بلغة السالك 1:314،تفسير القرطبيّ 12:63، [2]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:324،أحكام القرآن لابن العربيّ 3:1289، [3]المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 551.
7- 7) الأمّ 2:217،المهذّب للشيرازيّ 1:252،المجموع 9:85،مغني المحتاج 4:271،السراج الوهّاج: 558،المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،عمدة القارئ 10:50.
8- 8) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551.
9- 9) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،الكافي لابن قدامة 1:650،الإنصاف 4:82، [4]زاد المستقنع:35،عمدة القارئ 10:50.
10- 10) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551.
11- 11) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62، [5]عمدة القارئ 10:50.
12- 12) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62، [6]عمدة القارئ 10:50.
13- 13) الهداية للمرغينانيّ 1:187،شرح فتح القدير 3:82،عمدة القارئ 10:50،المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62. [7]

لنا على استحباب نحرها قائمة:قوله تعالى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها (1)روي في تفسير قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (2)أي قياما،قاله المفسّرون (3).

و ما رواه الجمهور عن زياد بن جبير (4)قال:رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنة لينحرها (5)،فقال:ابعثها قياما مقيّدة سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله (6).

و عن عبد الرحمن بن سابط (7)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (9)قال:«ذلك حين تصفّ للنحر تربط يديها ما بين الخفّ إلى الركبة،و وجوب جنوبها

ص:170


1- 1الحجّ(22):36. [1]
2- 2) الحجّ(22):36. [2]
3- 3) تفسير الطبريّ 17:164، [3]تفسير القرطبيّ 12:61، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 3:1289، [5]تفسير فتح القدير 3:455. [6]
4- 4) زياد بن جبير بن حيّة بن مسعود بن معتّب الثقفيّ البصريّ،روى عن أبيه و ابن عمر و سعد و المغيرة بن شعبة،و روى عنه ابن أخيه سعيد بن عبيد اللّه بن جبير و يونس بن عبيد اللّه و عبد اللّه بن عون. تهذيب التهذيب 3:357،الجمع بين رجال الصحيحين 1:146،رجال صحيح مسلم 1:219.
5- 5) ق و خا:لنحرها.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:210،صحيح مسلم 2:956 الحديث 1320،سنن أبي داود 2:149 الحديث 1768، [7]مسند أحمد 2:3، [8]سنن البيهقيّ 5:237.
7- 7) عبد الرحمن بن سابط الجمحيّ المكّيّ تابعيّ أرسل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عن عمر و سعد بن أبي وقّاص و العبّاس بن عبد المطّلب و عائشة و جمع كثير،و روى عنه ابن جريج و ليث بن أبي سليم و يزيد بن خليفة،مات سنة 118 ه. تهذيب التهذيب 6:180، [9]العبر 1:114. [10]
8- 8) سنن أبي داود 2:149 الحديث 1767، [11]سنن البيهقيّ 5:237،جامع الأصول 4:150 الحديث 1675.
9- 9) الحجّ(22):36. [12]

إذا وقعت على الأرض» (1).

و عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كيف تنحر البدنة/ قال:«تنحر و هي قائمة من قبل اليمين» (2).

و عن أبي خديجة،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى،ثمّ يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول:«بسم اللّه و اللّه أكبر،اللهمّ هذا منك و لك،اللهمّ تقبّله منّي»ثمّ يطعن في لبّتها،ثمّ يخرج السكّين بيده،فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده (3).

فرع:

هذا القيام مستحبّ و لا نعلم في عدم وجوبه خلافا

،و لو خاف عليها أن تنفر، أناخها و نحرها باركة.

مسألة:و يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة

،خلافا للجمهور،و سيأتي ذلك إن شاء اللّه في موضعه.

و يستحبّ أن يدعو بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان و ابن أبي عمير، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة و انحره (4)أو اذبحه و قل: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من المسلمين[اللهمّ] (5)منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر،اللّهمّ تقبّل

ص:171


1- 1التهذيب 5:220 الحديث 743،الوسائل 10:134 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:221 الحديث 744،الوسائل 10:135 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:221 الحديث 745،الوسائل 10:135 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
4- 4) أكثر النسخ:فانحره.
5- 5) أثبتناها من المصادر.

منّي،ثمّ أمرّ السكّين و لا تنخعها حتّى تموت» (1).

و رواه الجمهور أيضا عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و تجب فيه التسمية؛لقوله تعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (3).

و لقوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (4).و لو نسي التسمية،حلّ أكله،و سيأتي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا ذبح المسلم و لم يسمّ و نسي فكل من ذبيحته و سمّ اللّه على ما تأكل» (5).

مسألة:نحر هدي التمتّع يجب بمنى

.ذهب إليه علماؤنا.

و قال أكثر الجمهور:إنّه مستحبّ و إنّ الواجب نحره بالحرم (6).

و قال بعض الشافعيّة:لو ذبحه في الحلّ و فرّقه في الحرم أجزأه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«منى كلّها منحر» (8).و التخصيص بالذكر يدلّ على التخصيص في الحكم.

ص:172


1- 1التهذيب 5:221 الحديث 746،الوسائل 10:137 الباب 3 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) سنن أبي داود 3:95 الحديث 2795،سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3121،سنن الدارميّ 2:75، سنن البيهقيّ 9:287.
3- 3) الحجّ(22):36. [2]
4- 4) الأنعام(6):121. [3]
5- 5) التهذيب 5:222 الحديث 747،الوسائل 10:138 الباب 38 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
6- 6) الأمّ 2:216،المجموع 8:190،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،بداية المجتهد 1:377.
7- 7) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86. [5]
8- 8) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935،1936 و 1937،سنن ابن ماجة 2:1013 الحديث 3048، سنن الدارميّ 2:57، [6]مسند أحمد 3:326،سنن البيهقيّ 5:239.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قدم بهديه مكّة في العشر،فقال:«إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلاّ بمنى،و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء،و إن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلاّ يوم الأضحى» (1).

و لأنّه عليه السلام نحر بمنى إجماعا،و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

احتجّوا:بقوله عليه السلام:«كلّ منى منحر،و كلّ فجاج مكّة منحر و طريق» (3).رواه أبو داود (4).

و جوابه:نحن نقول بموجبه؛لأنّ بعض الدماء ينحر بمكّة،و بعضها ينحر بمنى.

و احتجّ الآخرون:بأنّ الغرض منفعة مساكين الحرم باللّحم الطريّ،و هذا موجود هاهنا (5).

و جوابه:ما تقدّم،و بأنّ إراقة الدم مقصود؛بدليل أنّه لو اشترى لحما طريّا و فرّقه،لم يجزئه،و إذا كان مقصودا،تعيّن الحرم،كتفرقة اللّحم.

و لا يعارض ما ذكرناه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك،في منزلك بمكّة،فقال:«إنّ مكّة كلّها منحر» (6)لاحتمال أن يكون هديه قد كان تطوّعا،

ص:173


1- 1التهذيب 5:201 الحديث 670،الاستبصار 2:263 الحديث 928،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86،شرح فتح القدير 3:81.
4- 4) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937،و [3]فيه:«طريق و منحر»مكان:«منحر و طريق».
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86.
6- 6) التهذيب 5:202 الحديث 671،الاستبصار 2:263 الحديث 929،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 2. [4]

و التطوّع يجوز ذبحه بمكّة؛لدلالة الخبر الأوّل عليه،و هو أولى؛لأنّه مفصّل،و هذا الخبر مجمل،فيحمل عليه؛جمعا بين الأدلّة.

مسألة:من ساق هديا في الحجّ،نحره أو ذبحه بمنى

،و إن كان قد ساقه في العمرة،نحره أو ذبحه بمكّة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة (1).

روى الشيخ عن شعيب العقرقوفيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟قال:«بمكّة»قلت:فأيّ شيء أعطي منها؟قال:«كل ثلثا و أهد ثلثا و تصدّق بثلث» (2).

مسألة:كلّ ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره،يذبحه أو ينحره بمكّة

إن كان معتمرا،و بمنى إن كان حاجّا

.

و قال أحمد:يجوز في موضع السبب (3).

و قال الشافعيّ:لا يجوز إلاّ في الحرم (4).

لنا:قوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (5)و قال تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (6)في جزاء الصيد.

احتجّ أحمد (7):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر كعب بن عجرة بالفدية بالحديبيّة،و لم يأمر ببعثه إلى الحرم (8).

ص:174


1- 1هو موضع بمكّة عند باب الحنّاطين.النهاية لابن الأثير 1:380. [1]
2- 2) التهذيب 5:202 الحديث 672،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 3:588،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:357،الكافي لابن قدامة 1:579، [4]الإنصاف 3:532.
4- 4) الأمّ 2:184،حلية العلماء 3:323،المهذّب للشيرازيّ 1:220،المجموع 7:499،فتح العزيز بهامش المجموع 8:87،مغني المحتاج 1:530،السراج الوهّاج:171.
5- 5) الحجّ(22):33. [5]
6- 6) المائدة(5):95. [6]
7- 7) المغني 3:587، [7]الكافي لابن قدامة 1:579.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:13،صحيح مسلم 2:861 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1856،سنن ابن ماجة 2:1028 الحديث 3079.

و روى الأثرم و أبو إسحاق الجوزجانيّ في كتابيهما عن أبي أسماء (1)مولى عبد اللّه بن جعفر،قال:كنت مع عليّ و الحسين بن عليّ عليهما السلام بالسقيا (2)، فأومأ بيده إلى رأسه،فحلقه عليّ عليه السلام،و نحر عنه جزورا بالسقيا (3).

و الجواب:أنّ أمره عليه السلام بالفدية بالحديبيّة لا يستلزم الذبح بها.

و عن الثاني:بالمنع من الرواية.

فرع:

ما وجب نحره بالحرم،وجب تفرقة لحمه به

.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال مالك (6)،و أبو حنيفة:إذا ذبحها في الحرم،جاز تفرقة لحمها في الحلّ (7).

لنا:أنّه أحد مقصودي النسك،فلم يجز في الحلّ،كالذبح،و لأنّ المقصود من ذبحه بالحرم،التوسعة على مساكينه،و هذا لا يحصل بإعطاء غيرهم،و لأنّه نسك يختصّ بالحرم،فكان جميعه مختصّا به،كالطواف و سائر المناسك.

مسألة:قد بيّنّا أنّ وقت استقرار وجوب الهدي إحرام المتمتّع بالحجّ

(8)-و به

ص:175


1- 1أبو أسماء مولى عبد اللّه بن جعفر،روى عنه،لم نعثر على ترجمته في كتب الرجال.
2- 2) منزل بين مكّة و المدينة،و قيل:هي على يومين من المدينة.النهاية لابن الأثير 2:381.
3- 3) أورده ابنا قدامة في المغني 3:587،الشرح الكبير بهامش المغني 3:357.
4- 4) حلية العلماء 3:323،المهذّب للشيرازيّ 1:220،المجموع 7:499،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 88،مغني المحتاج 1:530،السراج الوهّاج:171،المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 356.
5- 5) المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356،الكافي لابن قدامة 1:579،الإنصاف 3:532. [1]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:431،بداية المجتهد 1:368،تفسير القرطبيّ 6:316، [2]المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:136،بدائع الصنائع 2:179،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،مجمع الأنهر 1:310،المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356.
8- 8) يراجع:ص 144 و 157.

قال أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين (3)-لقوله تعالى:

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)و هذا قد فعل ذلك.

و لأنّ المجعول غاية يكفي وجود أوّله؛لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (5).

و قال مالك:يجب إذا وقف بعرفة،و هو قول أحمد في الرواية الأخرى (6)؛لأنّ التمتّع بالعمرة إلى الحجّ إنّما يحصل بعد وجود الحجّ منه،و لا يحصل ذلك إلاّ بالوقوف؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الحجّ عرفة» (7)لأنّه قبل ذلك معرّض للفوات،فلا يحصل التمتّع (8).

و قال عطاء:يجب إذا رمى جمرة العقبة؛لأنّه وقت ذبحه فكان وقت

ص:176


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:157،بدائع الصنائع 2:173،المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 251،حلية العلماء 3:262،المجموع 7:184،فتح العزيز بهامش المجموع 7:168،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:262،المجموع 7:184،فتح العزيز بهامش المجموع 7:168،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [2]
3- 3) المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،الكافي لابن قدامة 1:537،الإنصاف 3:444. [3]
4- 4) البقرة(2):196. [4]
5- 5) البقرة(2):187. [5]
6- 6) المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،الكافي لابن قدامة 1:537،الإنصاف 3:444.
7- 7) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949،سنن ابن ماجة 3:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [6]سنن النسائيّ 5:256،مسند أحمد 4:309 و 310،المستدرك للحاكم 1:464 و ج 2:278،سنن الدار قطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:173.
8- 8) نسب المصنّف إلى مالك وجوب الهدي إذا وقف بعرفة،و كذا في المغني 3:506،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،و لكنّ الشيخ في الخلاف 1:424 مسألة-44 نسب إليه وجوب الهدي بعد رمي الجمار، و هكذا نسب إليه في المجموع 7:184،و [7]فتح العزيز بهامش المجموع 7:167،و [8]حلية العلماء 3: 263،و أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [9]

وجوبه (1).

و الجواب:بالمنع من كون التمتّع إنّما يحصل بالوقوف،بل بالإحرام يتلبّس بالحجّ.على أنّ قوله عليه السلام:«دخلت العمرة في الحجّ هكذا»و شبّك بين أصابعه (2).

يعطي التلبّس به من أوّل أفعال العمرة.

و التعريض للفوات لا يقتضي عدم الإيجاب.و كون وقت الذبح هو بعد رمي جمرة العقبة لا يستلزم كون وقت وجوبه ذلك.

مسألة:و وقت ذبحه يوم النحر

.و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و أحمد.

و عن أحمد رواية أنّه يجوز له نحره في شوّال بمكّة،و إن قدم في العشر،لم ينحره إلاّ بمنى يوم النحر (5)،و به قال عطاء (6).

و قال الشافعيّ:يجوز نحره بعد الإحرام بالحجّ قولا واحدا،و فيما قبل ذلك بعد حلّه من العمرة احتمالان (7).

ص:177


1- 1نسب المصنّف إليه وجوب الهدي بعد رمي الجمار،و لكنّ الشيخ في الخلاف 1:424 مسألة-44 و المصنّف نفسه في التذكرة 8:255 [1] نسب إليه وجوب الهدي إذا وقف بعرفة،ينظر:المجموع 7:184، [2]حلية العلماء 3:263.
2- 2) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46،47. [4]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:146،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،مجمع الأنهر 1:288.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:487،بداية المجتهد 1:378،بلغة السالك 1:279،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:347،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [5]
5- 5) المغني 3:506،507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،الإنصاف 3:445. [6]
6- 6) المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252.
7- 7) حلية العلماء 3:263،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:184،مغني المحتاج 1:516.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر يوم النحر،و كذا أصحابه (1)،و قال عليه السلام:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

و لأنّ ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه الأضحيّة،فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتّع، كقبل التحلّل من العمرة.

أمّا من ساق هديا في العشر،فإن كان قد أشعره و قلّده (3)،فلا ينحره إلاّ بمنى يوم النحر،و إن لم يكن أشعره و لم يقلّده،فإنّه ينحره بمكّة إذا قدم في العشر؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا دخل بهديه في العشر،فإن كان أشعره (4)و قلّده فلا ينحره إلاّ يوم النحر بمنى،و إن لم يقلّده و لم يشعره (5)فينحره بمكّة إذا قدم في العشر» (6).

و كذا لو كان تطوّعا،فإنّه ينحره بمكّة؛لما بيّنّاه أوّلا (7)في حديث إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام من أنّه إن كان واجبا نحره بمنى،و إن كان تطوّعا نحره بمكّة،و إن كان أشعره و قلّده فلا ينحره إلاّ يوم الأضحى (8).

ص:178


1- 1صحيح البخاريّ 2:209،صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:152،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:134.
2- 2) مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73،و ج 4:34 الحديث 118. [1]
3- 3) ع:أو قلّده.
4- 4) في التهذيب:قد أشعره.
5- 5) في التهذيب:و إن كان لم يشعره و لم يقلّده.
6- 6) التهذيب 5:237 الحديث 799،الوسائل 10:93 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
7- 7) يراجع:ص 173. [3]
8- 8) التهذيب 5:201 الحديث 670،الاستبصار 2:263 الحديث 928،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

و لأنّا قد بيّنّا أنّ الذبح إنّما يجب بمنى و هو إنّما يكون يوم النحر (1).

مسألة:أيّام النحر بمنى أربعة أيّام:أوّلها يوم النحر و ثلاثة بعده

،و في غيرها من الأمصار ثلاثة أيّام:يوم النحر و يومان بعده.و به قال عليّ عليه السلام، و الحسن،و عطاء،و الأوزاعيّ (2)،و الشافعيّ (3)،و ابن المنذر (4).

و قال ابن سيرين:يوم واحد (5).

و قال سعيد بن جبير،و جابر بن زيد:في الأمصار يوم واحد،و بمنى ثلاثة (6).

و قال أحمد:يوم النحر و يومان بعده (7).و به قال مالك (8)،و الثوريّ،و روي عن ابن عبّاس،و ابن عمر (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أيّام التشريق كلّها منحر» (10).

ص:179


1- 1يراجع:ص 174،177.
2- 2) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390،بداية المجتهد 1:436، عمدة القارئ 21:148.
3- 3) الأمّ 2:226،حلية العلماء 3:370،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:390،مغني المحتاج 4: 287،السراج الوهّاج:562.
4- 4) المغني 3:464.
5- 5) حلية العلماء 3:370،المغني 3:464،المجموع 8:390، [1]عمدة القارئ 21:147.
6- 6) حلية العلماء 3:370،المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390، عمدة القارئ 21:148.
7- 7) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،الكافي لابن قدامة 1:640،الإنصاف 4:86، زاد المستقنع:35،المجموع 8:390،عمدة القارئ 21:148.
8- 8) المدوّنة الكبرى 2:73،بداية المجتهد 1:436،بلغة السالك 1:307،تفسير القرطبيّ 12:43، [2]المغني 3:464، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:556، [4]عمدة القارئ 21:147.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 5:67، [5]المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8: 390،تفسير القرطبيّ 12:43، [6]عمدة القارئ 21:147.
10- 10) سنن البيهقيّ 5:239،كنز العمّال 5:106 الحديث 12258 و فيها:«ذبح»بدل:«منحر».

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟فقال:«أربعة أيّام» و سألته عن الأضحى في غير منى؟ فقال:«ثلاثة أيّام»فقلت:فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين،أله أن يضحّي في اليوم الثالث؟قال:«نعم» (1).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الأضحى بمنى،فقال:«أربعة أيّام»و عن الأضحى في سائر البلدان،فقال:«ثلاثة أيّام» (2).

و عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام (3)،قال:

«الأضحى ثلاثة أيّام،و أفضلها أوّلها» (4).

احتجّ المخالف:بأنّ يوم الرابع لا يصلح للرمي فلا يصلح للذبح (5).

و جوابه:المنع من الملازمة.و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن كليب الأسديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النحر فقال:«أمّا بمنى فثلاثة أيّام، و أمّا في البلدان فيوم واحد» (6).

و ما رواه-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

ص:180


1- 1التهذيب 5:202 الحديث 673،الاستبصار 2:264 الحديث 930،الوسائل 10:94 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:291 الحديث 1439،التهذيب 5:203 الحديث 674،الاستبصار 2:264 الحديث 931، الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) خا و ج:عليهم السلام.
4- 4) الفقيه 2:292 الحديث 1442،التهذيب 5:203 الحديث 675،الاستبصار 2:264 الحديث 932، الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
5- 5) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557.
6- 6) التهذيب 5:203 الحديث 676،الاستبصار 2:264 الحديث 933،الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 6. [4]

«الأضحى يومان بعد يوم النحر،و يوم واحد بالأمصار» (1). (2)

قال الشيخ:لأنّ هذين الخبرين محمولان على أنّ أيّام النحر التي (3)لا يجوز فيها الصوم بمنى ثلاثة أيّام،و في سائر البلدان يوم واحد؛لأنّ ما بعد يوم النحر في سائر الأمصار يجوز صومه،و لا يجوز ذلك بمنى إلاّ بعد ثلاثة أيّام (4)؛لما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«النحر بمنى ثلاثة أيّام،فمن أراد الصوم لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام،و النحر بالأمصار يوم (5)، فمن أراد أن يصوم،صام من الغد» (6).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى،و لو أخّره،أثم و أجزأ،و كذا لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة،جاز.

فرع:

الليالي المتخلّلة لأيّام النحر قال أكثر فقهاء الجمهور:إنّه يجزئ فيها ذبح

الهدي

؛لأنّ هاتين الليلتين داخلتان في مدّة الذبح،فجاز الذبح فيها (7)كالأيّام (8).

ص:181


1- 1كثير من النسخ:«في الأمصار».
2- 2) التهذيب 5:203 الحديث 677،الاستبصار 2:264 الحديث 934،الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 7. [1]
3- 3) في النسخ:الذي،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:203،الاستبصار 2:264.
5- 5) ع:يوم واحد.
6- 6) التهذيب 5:203 الحديث 678،الاستبصار 2:265 الحديث 935،الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
7- 7) خا و ق:فيهما.
8- 8) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557 و 558،حلية العلماء 3:368،المجموع 8: 391،الميزان الكبرى 2:53،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:161.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ (1)و الليالي لا تدخل في اسم الأيّام (2).

و جوابه:المنع من ذلك.

ص:182


1- 1الحجّ(22):28. [1]
2- 2) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557،تفسير القرطبيّ 12:44، [2]المدوّنة الكبرى 1: 487.
البحث الثالث
اشارة

في صفات الهدي

مسألة:يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام:الإبل و البقر و الغنم

(1).

و لا نعلم فيه خلافا.

قال اللّه تعالى: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (2).

و أفضله من البدن،ثمّ البقر،ثمّ الغنم؛لما رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنة، و من راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن،و من راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة،و من راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،عن

ص:183


1- 1كثير من النسخ:أو البقر أو الغنم.
2- 2) الحجّ(22):28. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن النسائيّ 3:99،سنن أبي داود 1: 96 الحديث 351،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [2]مسند أحمد 2:460، [3]الموطّأ 1:101 الحديث 1، [4]سنن البيهقيّ 3:226.

أبي جعفر عليه السلام في المتمتّع،قال:«عليه الهدي»فقلت:و ما الهدي؟فقال:

«أفضله بدنة،و أوسطه بقرة،و أخسّه شاة» (1).

و لأنّ ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء،و لذلك أجزأت البدنة مكان سبعة من الغنم.

مسألة:و لا يجزئ في الهدي إلاّ الجذع من الضأن و الثنيّ من غيره

.و الجذع من الضأن هو الذي له ستّة أشهر،و ثنيّ المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية،و ثنيّ الإبل ما له خمس سنين و دخل في السادسة.و به قال مالك (2)،و الليث (3)، و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال ابن عمر،و الزهريّ:لا يجزئ إلاّ الثنيّ من كلّ شيء (8).

و قال عطاء،و الأوزاعيّ:يجزئ الجذع من الكلّ إلاّ المعز (9).

ص:184


1- 1التهذيب 5:36 الحديث 107،الوسائل 8:183 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3،و [1]فيهما: «و أخفضه»مكان:«و أخسّه»و ج 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 5،و فيه:«و آخره» مكان:«و أخسّه».
2- 2) بلغة السالك 1:307،بداية المجتهد 1:376،المدوّنة الكبرى 2:69،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:73،إرشاد السالك:67،المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
3- 3) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
4- 4) الأمّ 2:223،حلية العلماء 2:372،المهذّب للشيرازيّ 1:238،المجموع 8:393 و 398، [2]مغني المحتاج 4:284،السراج الوهّاج:562،المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
5- 5) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،الكافي لابن قدامة 1:638،الإنصاف 4:74، 75، [3]زاد المستقنع:35.
6- 6) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 4:75، [4]شرح فتح القدير 8:435،المبسوط للسرخسيّ 12:10،بدائع الصنائع 5: 70،تحفة الفقهاء 3:84،مجمع الأنهر 2:519.
8- 8) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394،بداية المجتهد 1:376.
9- 9) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394.

لنا:ما رواه الجمهور عن أمّ بلال بنت هلال (1)،عن أبيها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«يجوز الجذع من الضأن أضحيّة» (2).

و عن عاصم بن كليب (3)،عن أبيه،قال:كنّا مع رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقال له:مجاشع من بني سليم (4)،فعزّت الغنم،فأمر مناديا فنادى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:«إنّ الجذع يوفي ممّا يوفي منه الثنيّة» (5).

و عن جابر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تذبحوا إلاّ مسنّة إلاّ أن يعسر عليكم،فتذبحوا جذعا من الضأن» (6).

ص:185


1- 1أمّ بلال بنت هلال بن أبي هلال الأسلميّة المدنيّة،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى محمّد بن أبي يحيى الأسلميّ عن أمّه عنها. أسد الغابة 5:569، [1]الإصابة 4:435، [2]تهذيب التهذيب 12:460. [3]
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1049 الحديث 3139،مسند أحمد 6:368، [4]سنن البيهقيّ 9:271،كنز العمّال 5: 104 الحديث 12247.
3- 3) عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرميّ الكوفيّ،روى عن أبيه،و أبي بردة بن أبي موسى، و عبد الرحمن بن الأسود و غيرهم،و روى عنه ابن عون،و شعبة،و القاسم بن مالك المزنيّ و غيرهم.مات سنة 137 ه. تهذيب التهذيب 5:55، [5]ميزان الاعتدال 2:356.
4- 4) مجاشع بن مسعود بن ثعلبة بن وهب بن...سليم بن منصور السلميّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و روى عنه أبو عثمان النهديّ،و عبد الملك بن عمير،و كليب بن شهاب،قتل يوم الجمل سنة 36 ه. أسد الغابة 4:300، [6]الإصابة 3:362، [7]تهذيب التهذيب 10:38، [8]العبر 1:27. [9]
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1049 الحديث 3140،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2799، [10]المستدرك للحاكم 4: 226،سنن النسائيّ 7:219،سنن البيهقيّ 9:270.
6- 6) صحيح مسلم 3:1555 الحديث 1963،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2797، [11]سنن ابن ماجة 2: 1049 الحديث 3141،سنن النسائيّ 7:218،سنن البيهقيّ 9:269.

و عن أبي بردة بن نيار (1)،قال:يا رسول اللّه إنّ عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم،فقال:«تجزئك و لا تجزئ عن أحد بعدك» (2)و في لفظ:إنّ عندي جذعة من المعز (3).

قال أبو عبيد الهرويّ:قال إبراهيم الحربيّ:إنّما يجزئ الجزع من الضأن في الأضاحيّ؛لأنّه ينزو فيلقح،فإذا كان من المعز،لم يلقح حتّى يصير ثنيّا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول:«الثنيّة من الإبل،و الثنيّة من البقر،و من المعز،و الجذعة من الضأن» (5).

و في الصحيح عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«يجزئ من الضأن الجذع،و لا يجزئ من المعز إلاّ الثنيّ» (6).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى

ص:186


1- 1في النسخ:يسار،و ما أثبتناه هو الصحيح،كما في المصادر،و هو أبو بردة بن نيار الأنصاريّ خال البراء بن عازب،و اختلف في اسمه قيل:هانئ،و قيل:مالك بن هبيرة،و قيل:الحارث بن عمرو،شهد بدرا و ما بعدها،و شهد مع عليّ عليه السلام حروبه كلّها.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه البراء بن عازب،و جابر،و ابن أخيه سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار،و عبد الرحمن بن جابر بن عبد اللّه،توفّي في أوّل خلافة معاوية.أسد الغابة 5:146، [1]الإصابة 4:18، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:17، [4]تهذيب التهذيب 12:19. [5]
2- 2) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2800، [6]سنن النسائيّ 7:222 و 223،سنن الدارميّ 2:80، [7]سنن البيهقيّ 9:269.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2801، [8]سنن البيهقيّ 9:269.
4- 4) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:543.
5- 5) التهذيب 5:206 الحديث 688،الوسائل 10:97 الباب 8 [9] من أبواب الذبح الحديث 2 و ص:102 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 1.في الجميع:«و الثنيّة من المعز»مكان:«و من المعز».
6- 6) التهذيب 5:206 الحديث 689،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 2. [10]

ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي؟فقال:«الجذع من الضأن»قلت:فالمعز؟ قال:«لا يجوز الجذع من المعز»قلت:و لم؟قال:«لأنّ الجذع من الضأن يلقح، و الجذع من المعز لا يلقح» (1).

مسألة:و يجب أن يكون تامّا

،فلا يجزئ العوراء،و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا المريضة البيّن مرضها،و لا الكسيرة (2)التي لا تنقي،و قد وقع الاتّفاق بين العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع.

روى البراء بن عازب قال:قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«أربع لا تجوز في الأضاحيّ (3):العوراء البيّن عورها،و المريضة البيّن مرضها،و العرجاء البيّن ضلعها (4)،و الكسيرة (5)التي لا تنقي»قال:قلت:إنّي أكره أن يكون في السنّ نقص،قال:«ما كرهت فدعه،و لا تحرّمه على أحد» (6).

قوله:البيّن عورها:أي التي انخسفت عينها و ذهبت،فإنّ ذلك ينقصها؛لأنّ شحمة العين عضو يستطاب أكله.

و العرجاء البيّن عرجها:التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم و مشاركتهنّ في العلف و الرعي فتهزل.

و التي لا تنقي:هي التي لا مخّ لها لهزالها؛لأنّ النقي-بالنون المكسورة و القاف المسكّنة-:المخّ.

ص:187


1- 1التهذيب 5:206 الحديث 690،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
2- 2) د،ر و ع:الكبيرة.
3- 3) في النسخ:«في الأضحى»و ما أثبتناه من المصادر.
4- 4) الضّلع:الاعوجاج خلقة.أقرب الموارد 1:688.
5- 5) د،ر و ع:الكبيرة،كما في سنن الدارميّ.
6- 6) سنن ابن ماجة 2:1050 الحديث 3144،سنن الترمذيّ 4:85 الحديث 1497، [2]سنن أبي داود 3:97 الحديث 2802، [3]سنن النسائيّ 7:214،سنن الدارميّ 2:77. [4]

و المريضة قيل:هي الجرباء؛لأنّ الجرب يفسد اللحم (1).و الأقرب اعتبار كلّ مرض يؤثّر في هزالها و في فساد لحمها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر عليه السلام،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يضحّى بالعرجاء البيّن عرجها،و لا بالعوراء البيّن عورها،و لا بالعجفاء و لا بالخرماء (2)، و لا بالجذّاء و هي المقطوعة الأذن،و لا بالعضباء و هي المكسورة القرن» (3).

فرع:

العوراء لو لم تنخسف عينها و كان على عينها بياض ظاهر،فالوجه المنع من

الإجزاء

؛لعموم الخبر و الانخساف ليس معتبرا.

آخر:

كما وقع الاتّفاق على الصفات الأربع المتقدّمة،فكذا وقع (4)على ما فيه نقص

أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه

،كالعمياء لا يجزئ؛لأنّ العمى أكثر من العور.

و لا يعتبر مع العمى انخساف العين إجماعا؛لأنّه يخلّ بالمشي مع الغنم (5)و المشاركة في العلف أكثر من إخلال العرج.

ص:188


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 3:547.
2- 2) الأخرم:المثقوب الأذن،و الذي قطعت و ترة أنفه أو طرفه شيئا لا يبلغ الجدع.النهاية لابن الأثير 2:27. و [1]في بعض نسخ الوسائل:« [2]بالخرقاء»بدل«بالخرماء».و الخرقاء:التي في أذنها ثقب مستدير.النهاية لابن الأثير 2:26. [3]
3- 3) التهذيب 5:213 الحديث 716،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 3. [4]
4- 4) خا و ق بزيادة:الاتّفاق.
5- 5) كثير من النسخ:مع النعم.
مسألة:العضباء-و هي ما ذهب نصف أذنها،أو قرنها-لا تجزئ

.و به قال أبو يوسف،و محمّد (1)،و أحمد في إحدى الروايتين (2).

و كذا لا يجزئ عندنا ما قطع ثلث أذنها-و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد في الرواية الأخرى (4)-لما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بأعضب الأذن و القرن» (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث أبي عبد اللّه عليه السلام عن عليّ عليه السلام:«و لا بالجذّاء،و هي المقطوعة الأذن» (6).

و لأنّ ما قطع بعض أذنها يصدق عليها أنّها مقطوعة الأذن،فتدخل تحت النهي.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا تجزئ العضباء،و هي المكسورة القرن

،قال علماؤنا:إن كان القرن الداخل صحيحا،لا بأس بالتضحية به و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.و به قال عليّ عليه السلام،و عمّار،و سعيد بن المسيّب،و الحسن (7).

ص:189


1- 1الهداية للمرغينانيّ 4:74،شرح فتح القدير 8:434،بدائع الصنائع 5:75،تحفة الفقهاء 3:85، المبسوط للسرخسيّ 12:16،المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:546.
2- 2) المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،الإنصاف 4:79،الكافي لابن قدامة 1:641، زاد المستقنع:35.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 4:74،بدائع الصنائع 5:75،المبسوط للسرخسيّ 12:16،تحفة الفقهاء 3:85، شرح فتح القدير 8:434،المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548.
4- 4) المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،الإنصاف 4:79.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1051 الحديث 3145،سنن الترمذيّ 4:90 الحديث 1504، [1]المستدرك للحاكم 4: 224،سنن أبي داود 3:98 الحديث 2805، [2]مسند أحمد 1:127، [3]سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:234 و 235 الحديث 270،271،سنن النسائيّ 7:217.
6- 6) يراجع ص 188 و [4]الحديث عن أبي جعفر عليه السلام،عن أبيه،عن آبائه.
7- 7) المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548.

و قال باقي الجمهور:لا تجزئ (1).

و قال مالك:إن كان يدمي،لم يجز،و إلاّ جاز (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمّار،و لم يظهر لهما مخالف من الصحابة،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في المقطوعة القرن أو المكسور القرن:«إذا كان القرن الداخل صحيحا،فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا» (3).

و لأنّ ذلك لا يؤثّر في اللحم،فأجزأت،كالجمّاء.

احتجّوا (4):بما رواه عن عليّ عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بأعضب الأذن و القرن» (5).

و الجواب:يحمل على ما كان الكسر من داخله.

مسألة:و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبتها إذا لم يكن قد قطع من الأذن شيء

.

روى الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:«أمرنا أن نستشرف العين و الأذن (6)

ص:190


1- 1الهداية للمرغينانيّ 4:74،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،المهذّب للشيرازيّ 1:239.
2- 2) بلغة السالك 1:309،المدوّنة الكبرى 2:69،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548، حلية العلماء 3:374.
3- 3) التهذيب 5:213 الحديث 717،الوسائل 10:121 الباب 22 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
4- 4) المغني 3:597،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:548.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1051 الحديث 3145،سنن أبي داود 3:98 الحديث 2805، [3]سنن النسائيّ 7: 217،سنن الترمذيّ 4:90 الحديث 1504، [4]مسند أحمد 1:127، [5]المستدرك للحاكم 4:224،سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:234 الحديث 271.
6- 6) أي:نتأمّل سلامتهما من آفة تكون بهما.النهاية لابن الأثير 2:462. [6]

لا نضحّي بمقابلة و لا مدابرة و لا خرقاء و لا شرقاء» (1).

قال زهير:قلت لأبي إسحاق:ما المقابلة؟قال:يقطع طرف الأذن،قلت:فما المدابرة؟قال:يقطع من مؤخّر الأذن،قلت:فما الخرقاء؟قال تشقّ الأذن،قلت:

فما الشرقاء؟قال:تشقّ أذنها السمة (2). (3)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسرائيل (4)،عن أبي إسحاق،عن شريح بن هانئ (5)،عن عليّ عليه السلام،قال:«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الأضاحيّ أن نستشرف العين و الأذن،و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة» (6).

يقال استشرفت الشيء:إذا رفعت بصرك تنظر إليه،و بسطت كفّك (7)فوق حاجبك كأنّك تستظلّ من الشمس (8).

ص:191


1- 1سنن ابن ماجة 2:1050 الحديث 3142،3143،سنن الترمذيّ 4:86 الحديث 1498، [1]سنن أبي داود 3:97 الحديث 2804، [2]سنن النسائيّ 7:216 و 217،سنن الدارميّ 2:77، [3]سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:456 الحديث 355.
2- 2) أكثر المصادر:للسمة.
3- 3) سنن أبي داود 3:98، [4]سنن البيهقيّ 9:275،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:549.
4- 4) إسرائيل بن أبي إسحاق الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ: الرجل مجهول إلاّ أنّ ظاهر الشيخ كونه إماميّا. رجال الطوسيّ:152،تنقيح المقال 1:123. [5]
5- 5) شريح بن هانئ بن يزيد الحارثيّ الهمدانيّ،عدّه ابن الأثير من الصحابة و قال:كان من أعيان أصحاب عليّ عليه السلام و شهد معه حروبه.و قال المامقانيّ:كان من خلّص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام شهد معه صفّين و كان أميرا على مقدار من مقدّمة الجيش،و هذا يدلّ على غاية اعتماده عليه السلام على ثباته و قوّة إيمانه،فلا ريب في تشيّع الرجل و جلالته و عدالته،قتل بسجستان سنة 78 ه. أسد الغابة 2:395، [6]تنقيح المقال 2:83. [7]
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 715،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 2. [8]
7- 7) خا،ق و ح:يدك.
8- 8) الصحاح 4:1380. [9]

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر بإسناد له عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سئل عن الأضاحيّ إذا كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة،فقال:«ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس» (1).

و قد ظهر ممّا تقدّم (2)أنّه لا يجوز العرجاء البيّن عرجها،و لا العوراء البيّن عورها،و لا العجفاء،و هي المهزولة،و لا الخرقاء (3)،و لا الجذّاء،و هي المقطوعة الأذن،و لا العضباء،و هي المكسورة القرن،فإن كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس به و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.

قال ابن بابويه:سمعت شيخنا محمّد بن الحسن-رضي اللّه عنه-يقول:سمعت محمّد بن الحسن الصفّار-رحمه اللّه-يقول:إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه و بقي ثلثه،فلا بأس بأن يضحّى به (4).

و يجوز بما كانت أذنه مشقوقة،أو مثقوبة.

مسألة:و لا يجزئ الخصيّ

،قال علماؤنا،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي بردة أنّه قال:يا رسول اللّه عندي جذعة من المعز، فقال:«يجزئك و لا يجزئ أحدا بعدك» (6).

قال أبو عبيد:قال إبراهيم الحربيّ:إنّما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحيّ

ص:192


1- 1التهذيب 5:213 الحديث 718،الوسائل 10:121 الباب 23 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 187-189. [2]
3- 3) خا،ق و ع:الجرباء.
4- 4) الفقيه 2:296.
5- 5) المغني 3:597، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:550، [4]المجموع 8:401،المبسوط للسرخسيّ 12: 11.
6- 6) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2800 و 2801،سنن البيهقيّ 9:269.

دون الجذع من المعز؛لأنّ جذع الضأن يلقح،بخلاف جذع المعز (1).و هذا المقتضي موجود في صورة النزاع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الأضحيّة بالخصيّ،قال:«لا» (2).

و لأنّه ناقص فلا يكون مجزئا.

فروع:
الأوّل:لو ضحّى بالخصيّ،قال الشيخ:وجب عليه الإعادة إذا قدر عليه

(3)؛ لأنّه غير المأمور به،فلا يقع به الخروج عن العهدة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يشتري الهدي،فلمّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب و لم يكن يعلم أنّ الخصيّ لا يجوز في الهدي هل يجزئه أم يعيده؟قال:

«لا يجزئه،إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه» (4).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيّا مجبوبا،قال:«إن كان صاحبه موسرا، فليشتر مكانه» (5).

الثاني:يجزئ الموجوء و إن كان مكروها

-و هو مرضوض الخصيتين-لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضحّى بكبشين أملحين موجوءين.رواه

ص:193


1- 1المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:543.
2- 2) التهذيب 5:210 الحديث 707،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
3- 3) النهاية:258، [2]المبسوط 1:373، [3]التهذيب 5:211.
4- 4) التهذيب 5:211 الحديث 708،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:211 الحديث 709،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 4. [5]

الجمهور (1).

أمّا الذي سلّت بيضتاه:فالأقوى أنّه في حكم الخصيّ.

الثالث:الجمّاء-و هي التي لم يخلق لها قرن-تجزئ

.

و قال بعض الجمهور:لا تجزئ؛لأنّ عدم القرن أكثر من ذهاب نصفه (2).

و نحن نمنع الحكم في الأصل؛إذ قد بيّنّا أنّ أعضب القرن يجزئ إذا كان الداخل سليما (3).

و الأقرب إجزاء البتراء،و هي المقطوعة الذنب،و كذا الصمعاء،و هي التي لم يخلق لها أذن،أو كان لها أذن صغيرة؛لأنّ فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة و لا في لحمها.

مسألة:و لا تجزئ المهزولة

؛لما رواه الشيخ عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن اشتراه و هو يعلم أنّه مهزول لم يجزئ عنه» (4).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صدقة رغيف خير من نسك مهزول» (5).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا تضحّى بالعرجاء»إلى قوله:«و لا بالعجفاء» (6).

ص:194


1- 1سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3122،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2795، [1]مسند أحمد 6:136، سنن البيهقيّ 9:273.
2- 2) المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:550.
3- 3) يراجع:ص 189. [2]
4- 4) التهذيب 5:211 الحديث 712،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
5- 5) الكافي 4:491 الحديث 10، [4]التهذيب 5:211 الحديث 711،الوسائل 10:111 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 4. [5]
6- 6) الكافي 4:491 الحديث 12، [6]التهذيب 5:213 الحديث 716،الوسائل 10:120 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 5. [7]

و لأنّه قد منع من المعيب لأجل الهزال،كالعرجاء،فالمهزولة أولى بالمنع.

فروع:
الأوّل:حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم

(1)

؛لما رواه الشيخ عن حريز،عن الفضيل (2)،قال:حججت بأهلي سنة،فعزّت الأضاحيّ،فانطلقت فاشتريت شاتين بالغلاء،فلمّا ألقيت إهابهما (3)ندمت ندامة شديدة؛لما رأيت بهما من الهزال،فأتيته فأخبرته ذلك،فقال:«إن كان على كليتها (4)شيء من الشحم، أجزأت» (5).

الثاني:يستحبّ أن تكون سمينة تنظر في سواد و تمشي في سواد و تبرك في

مثله

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«تكون ضحاياكم سمانا،فإنّ أبا جعفر عليه السلام كان يستحبّ أن تكون أضحيّته سمينة» (6).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضحّي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد و يمشي في سواد» (7).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«إنّ

ص:195


1- 1ر و ج:كليتيها،كما في المصادر.
2- 2) أكثر النسخ:الفضل،كما في الوسائل. [1]
3- 3) الإهاب:الجلد.النهاية لابن الأثير 1:83.
4- 4) ر،و ج:كليتيها،كما في المصادر.
5- 5) التهذيب 5:212 الحديث 714،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 3.و [2]فيهما: إهابيهما،مكان:إهابهما.
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 710،الوسائل 10:108 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
7- 7) التهذيب 5:205 الحديث 685،الوسائل 10:107 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد» (1).

قيل:معناه أنّه (2)يكون هذه المواضع منه سودا (3).و قيل:يكون سمينا له ظلّ يمشي فيه و يأكل فيه و ينظر فيه (4).

الثالث:لو اشترى هديا على أنّه سمين فوجده مهزولا،أجزأ عنه

،و كذا العكس،أمّا لو اشتراه على أنّه مهزول فوجده كذلك،لم يجزئه.

روى الشيخ عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«و إن اشترى الرجل هديا و هو يرى أنّه سمين،أجزأ عنه و إن لم يجده سمينا،و من اشترى هديا و هو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا،أجزأ عنه،و إن اشتراه و هو يعلم مهزول،لم يجزئ عنه» (5).

الرابع:لو اشترى هديه ثمّ أراد أن يشتري أسمن منه،فليشتره و ليبع الأوّل إن

أراد

؛لأنّه لم يتعيّن للذبح.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى شاة،ثمّ أراد أن يشتري أسمن منها،قال:«يشتريها، فإذا اشترى،باع الأولى»و لا أدري شاة قال أو بقرة (6).

الخامس:لو اشترى هديا ثمّ وجد به عيبا،لم يجزئ عنه

،قاله الشيخ-رحمه اللّه

ص:196


1- 1التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:107 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) ع:أن.
3- 3) السرائر:140.
4- 4) الشرائع 1:261. [2]
5- 5) التهذيب 5:211 الحديث 712،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 713،الوسائل 10:118 الباب 20 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

-في التهذيب (1)؛لما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه سأله عن الرجل يشتري الأضحيّة عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها،هل يجزئ عنه؟قال:«نعم،إلاّ أن يكون هديا واجبا،فإنّه لا يجوز ناقصا» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو اشترى هديه و لم يعلم أنّ به عيبا و نقد ثمنه ثمّ وجد العيب،فإنّه يجزئ عنه (3)؛لما رواه-في الصحيح-عن عمران الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من اشترى هديا و لم يعلم أنّ به عيبا حتّى نقد ثمنه، ثمّ علم بعد،فقد تمّ» (4).

قال:و لا ينافي ذلك ما رواه-في الحسن (5)-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى هديا و كان به عيب عور (6)أو غيره،فقال:«إن كان قد فقد ثمنه،ردّه و اشترى غيره» (7).

قال-رحمه اللّه-:لأنّ هذا الخبر محمول على أنّه اشترى و لم يعلم بالعيب،ثمّ علم قبل أن ينقد الثمن عنه،ثمّ نقد بعد ذلك،فإنّ عليه ردّ الهدي و استعادة الثمن

ص:197


1- 1التهذيب 5:213.
2- 2) التهذيب 5:213 الحديث 719،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:214.
4- 4) التهذيب 5:214 الحديث 720،الاستبصار 2:269 الحديث 953،الوسائل 10:122 الباب 24 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
5- 5) خا و ق:في الصحيح.في ملاذ الأخيار 8:35 [3] قال:حسن،و قال في جامع الرواة 2:519:طريق الشيخ إلى معاوية صحيح في المشيخة و الفهرست.
6- 6) خا و ق:عوراء.
7- 7) التهذيب 5:214 الحديث 721،و فيه:إن كان قد نقد ثمنه،فقد أجزأ عنه،و إن لم يكن نقد ثمنه،ردّه و اشترى غيره،الاستبصار 2:269 الحديث 954،الوسائل 10:122 الباب 24 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

و شراء بدله (1).

السادس:لو اشتراه على أنّه تامّ،فبان ناقصا،لم يجزئ عنه

؛لما تقدّم في حديث عليّ بن جعفر،عن أخيه عليه السلام.

مسألة:و الإناث من الإبل و البقر أفضل من الذكران،و من الضأن و المعز

الذكران أفضل

.و لا نعلم خلافا في جواز عكس في البابين،إلاّ ما روي عن ابن عمر أنّه قال:ما رأيت أحدا فاعلا ذلك،و أن أنحر أنثى أحبّ إليّ (2).و هذا يدلّ على موافقتنا أيضا؛لأنّه لم يصرّح بالمنع من الذكران.

لنا على جواز الذكران:قوله تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (3)و لم يذكر ذكرا و لا أنثى.

و روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهدى جملا لأبي جهل (4)في أنفه برة (5)من فضّة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل و البقر،و قد تجزئ الذكورة من البدن،و الضحايا من الغنم الفحولة» (7).

ص:198


1- 1التهذيب 5:214 ذيل الحديث 721.
2- 2) المغني 3:593،الشرح الكبير بهامش المغني 3:541.
3- 3) الحجّ(22):36. [1]
4- 4) أبو جهل:عمرو بن هشام بن المغيرة المخزوميّ القرشيّ أشدّ الناس عداوة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قتل يوم بدر كافرا،و أخباره مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كثرة أذاه إيّاه مشهور. الأعلام للزركليّ 5:87، [2]العبر 1:5،الكنى و الألقاب 1:38. [3]
5- 5) البرة:حلقة تجعل في لحم الأنف.النهاية لابن الأثير 1:122. [4]
6- 6) سنن ابن ماجة 2:1027 الحديث 3076،سنن أبي داود 2:145 الحديث 1749، [5]سنن البيهقيّ 5: 230،و أورده ابن قدامة في المغني 3:593.
7- 7) التهذيب 5:204 الحديث 680،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 1. [6]

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الإبل و البقر أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟ (1)قال:«ذوات الأرحام»فسألته عن أسنانها،فقال:

«أمّا البقر (2)فلا يضرّك بأيّ أسنانها ضحّيت،و أمّا الإبل فلا يصلح إلاّ الثنيّ فما فوق» (3).

فروع:
الأوّل:يكره التضحية بالجاموس و بالثور

؛لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:

سألته عن الأضاحيّ،فقال:أفضل الأضاحيّ في الحجّ الإبل و البقر (4)ذو و الأرحام، و لا يضحّى بثور و لا جمل» (5).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجزئ الذكورة من الإبل في البلاد

(6)؛لما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يجوز ذكورة الإبل و البقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث،و الإناث أفضل» (7).

الثالث:الفحل من غير الإبل و البقر أفضل

؛لما تقدّم (8)،و لما رواه عن الحسن بن عمّارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:199


1- 1ع:بهما،كما في المصادر.
2- 2) ع،ق و خا:البقرة.
3- 3) التهذيب 5:204 الحديث 681،الوسائل 10:100 الباب 9 [1] من أبواب الذبح الحديث 5،و ص:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 5.
4- 4) في المصادر بزيادة:و قال.
5- 5) التهذيب 5:204 الحديث 682،الوسائل 10:100 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
6- 6) النهاية:257، [3]المبسوط 1:388، [4]التهذيب 5:205.
7- 7) التهذيب 5:205 الحديث 683،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]
8- 8) يراجع:ص 198. [6]

بكبش أجذع أملح فحل سمين» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد،فإذا لم تجدوا من ذلك شيئا،فاللّه أولى بالعذر»و قال:

«الإناث و الذكور من الإبل و البقر يجزئ»و سألته أ يضحّى بالخصيّ؟قال:«لا» (2).

الرابع:الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز

.رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،أنّه سئل عن الأضحيّة، فقال:«أقرن فحل سمين عظيم العين و الأذن،و الجذع من الضأن يجزئ،و الثنيّ من المعز و الفحل من الضأن خير من الموجوء،و الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز» (3).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصيّ من الضأن»و قال:«الكبش السمين خير من الخصيّ و من الأنثى»و قال:سألته عن الخصيّ و الأنثى،فقال:

«الأنثى أحبّ إليّ من الخصيّ» (4).

مسألة:و يستحبّ أن يكون ممّا عرّف به،و هو الذي أحضر عشيّة عرفة بعرفة

، و هو وفاق.

روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يضحّى إلاّ بما

ص:200


1- 1التهذيب 5:205 الحديث 684،الوسائل 10:108 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:100 الباب 9 [2] من أبواب الذبح الحديث 3،و ص 105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 2.
3- 3) التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:107 [3] الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 2 و ص 109 الباب 14 من أبواب الذبح الحديث 1.
4- 4) التهذيب 5:206 الحديث 687،الوسائل 10:105 الباب 14 من أبواب الذبح الحديث 5. [4]

قد عرّف به» (1).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سئل عن الخصيّ يضحّى (2)به؟قال:«إن كنتم تريدون اللحم فدونكم»و قال:«لا يضحّى إلاّ بما قد عرّف به» (3).

إذا عرفت هذا:فإنّ ذلك على جهة الاستحباب.و قول الشيخ-رحمه اللّه-:

و لا يجوز أن يضحّى إلاّ بما قد عرّف به (4).الظاهر أنّه أراد به شدّة تأكيد الاستحباب.

و منع ابن عمر،و سعيد بن جبير من التضحية بما لم يعرّف به (5).

لنا:الأصل عدم الوجوب،و ما رواه الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمّن اشترى شاة لم يعرّف بها،قال:«لا بأس،عرّف بها أو لم يعرّف» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا محمول على أنّه إذا لم يعرّف بها المشتري،و ذكر البائع أنّه قد عرّف بها،فإنّه يصدّقه في ذلك و يجزئ (7)عنه؛لما رواه سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري هل

ص:201


1- 1التهذيب 5:206 الحديث 691،الاستبصار 2:265 الحديث 936،الوسائل 10:112 الباب 7 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) في التهذيب،و الاستبصار:أ يضحّى.
3- 3) التهذيب 5:207 الحديث 692،الاستبصار 2:265 الحديث 937،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:206.
5- 5) بداية المجتهد 1:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.
6- 6) التهذيب 5:207 الحديث 693،الاستبصار 2:265 الحديث 938،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
7- 7) التهذيب 5:207،الاستبصار 2:265.

عرّف بها أم لا؟فقال:«إنّهم لا يكذبون،لا عليك ضحّ بها» (1).

و هذا التأويل بعيد،و الأقرب الحمل على الاستحباب،و لأنّه لو كان واجبا لما قال عليه السلام:«لا عليك».

فرع:

قال مالك في هدي المجامع:إن لم يكن ساقه،فليشتره من مكّة ثمّ ليخرجه

إلى الحلّ و ليسقه إلى مكّة

فاشترط فيه الجمع بين الحلّ و الحرم (2).و لم يوافقه أحد.

لنا:الأصل براءة الذمّة،و لأنّ القصد اللحم و نفع المساكين،و هو لا يقف على ما ذكره،و لا دليل على قوله،فيسقط بالكلّيّة.

ص:202


1- 1التهذيب 5:207 الحديث 694،الاستبصار 2:265 الحديث 939،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:377،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:333،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.
البحث الرابع
اشارة

في البدل

إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه،وجب عليه أن يصوم بدله عشرة أيّام:ثلاثة أيّام في الحجّ متتابعات،و سبعة إذا رجع إلى أهله،و لا خلاف في ذلك بين العلماء كافّة؛ لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (1).

و تعتبر القدرة عليه في مكانه،فمتى عدمه في موضعه،انتقل (2)إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده؛لأنّ وجوبه مؤقّت،و ما كان وجوبه مؤقّتا،اعتبرت القدرة عليه في موضعه،كالماء في الطهارة إذا عدمه في موضعه،انتقل إلى التراب،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و لو لم يجد الهدي و وجد ثمنه،قال الشيخان-رحمهما اللّه-يترك

الثمن عند من يثق به من أهل مكّة

؛ليشتري له به هديا و يذبحه عنه في بقيّة ذي الحجّة،فإن خرج ذو الحجّة و لم يجد،اشترى له في ذي الحجّة في العام المقبل (3).

ص:203


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) ج بزيادة:فرضه.
3- 3) الشيخ المفيد في المقنعة:61،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:254،و [2]المبسوط 1:370. [3]

و به قال عليّ بن بابويه (1).

و منع ابن إدريس ذلك و أوجب الانتقال إلى الصوم (2).

لنا:أنّ وجدان الثمن بمنزلة وجدان العين،كواجد ثمن الماء عنده،مع أنّ النصّ ورد:فإن لم تَجِدُوا ماءً (3).

و كذا وجدان ثمن الرقبة في العتق مع ورود النصّ بوجدان العين (4)،و ما ذلك إلاّ أنّ التمكّن يحصل باعتبار الثمن هناك و يصدق عليه أنّه واجد للثمن،فكذا هنا.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في متمتّع يجد الثمن و لا يجد الغنم،قال:«يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزئ عنه،فإن مضى ذو الحجّة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة» (5).

و عن النضر بن قرواش (6)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فوجب عليه النسك،فطلبه فلم يجده (7)و هو موسر حسن الحال و هو يضعف عن القيام بما ينبغي له أن يفعل (8)،قال:«يدفع ثمن النسك إلى من

ص:204


1- 1الفقيه 2:304.
2- 2) السرائر:139.
3- 3) النساء(4):43،و [1]المائدة(5):6: [2]فَلَمْ تَجِدُوا ماءً .
4- 4) النساء(4):92.
5- 5) التهذيب 5:37 الحديث 109،الاستبصار 2:260 الحديث 916،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
6- 6) النضر بن قرواش الخزاعيّ الكوفيّ الجمّال،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،قال المامقانيّ:و ظاهر الشيخ أنّه إماميّ إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:139،324، تنقيح المقال 3:271. [4]
7- 7) في التهذيب و الاستبصار:فلم يصبه.
8- 8) في المصادر:عن الصيام،فما ينبغي له أن يصنع؟.

يذبحه بمكّة إن كان يريد المضيّ إلى أهله،و ليذبح عنه في ذي الحجّة»فقلت:فإنّه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذي الحجّة نسكا و أصابه بعد ذلك،قال:«لا يذبح عنه إلاّ في ذي الحجّة و لو أخّره إلى قابل» (1).

احتجّ ابن إدريس:بأنّ اللّه تعالى نقلنا إلى الصوم مع عدم الوجدان،فالنقل إلى الثمن يحتاج إلى دليل شرعيّ (2).

و جوابه:لا نسلّم أنّ عدم الوجدان يصدق لمن وجد الثمن،و قد بيّنّا في الكفّارة و التيمّم.و مع ذلك فالدليل الشرعيّ ما بيّنّاه من الحديثين،فإن زعم أنّه لا يعمل بأخبار الآحاد،فهو غالط؛إذ أكثر المسائل الشرعيّة (3)مستفادة منها.

قال الشيخ-رحمه اللّه (4)-:فأمّا ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام، قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتّى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة، أ يذبح أو يصوم؟قال:«بل يصوم،فإنّ أيّام الذبح قد مضت» (5)فلا ينافي ما قلناه؛ لأنّ معنى هذا الحديث:من لم يجد الهدي و لا ثمنه و صام ثلاثة أيّام ثمّ وجد الهدي فعليه أن يصوم ما بقي عليه تمام عشرة أيّام،و لا يجب عليه الهدي؛لما رواه حمّاد بن عثمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجّ، ثمّ أصاب هديا يوم خرج من منى،قال:«أجزأه صيامه» (6).

ص:205


1- 1التهذيب 5:37 الحديث 110،الاستبصار 2:260 الحديث 917،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) السرائر:139.
3- 3) في النسخ:مسائل الشرعيّة،و الأنسب ما أثبتناه،و في نسخة د:مسائل الشريعة.
4- 4) التهذيب 5:37،الاستبصار 2:260.
5- 5) التهذيب 5:37 الحديث 111،الاستبصار 2:260 الحديث 918،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 5:38 الحديث 112،الاستبصار 2:260 الحديث 919،الوسائل 10:154 الباب 45 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
مسألة:و يستحبّ أن يكون الثلاثة في الحجّ هي يوم قبل التروية

،و يوم التروية و يوم عرفة،فيكون آخرها يوم عرفة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال عطاء، و طاوس،و الشعبيّ،و مجاهد،و الحسن،و النخعيّ،و سعيد بن جبير،و علقمة، و عمرو بن دينار،و أصحاب الرأي (1).

و قال الشافعيّ:آخرها يوم التروية (2)،و هو محكيّ عن ابن عمر و عائشة (3)، و مرويّ عن أحمد (4).

لنا:أنّ هذه الأيّام أشرف من غيرها،و يوم عرفة أفضل من غيره من أيّام ذي الحجّة،فكان صومه أولى.

و ما رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتّع لا يجد الهدي،قال:«فليصم قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم عرفة» قلت:فإنّه قدم يوم التروية،قال:«يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق»قلت:لم يقم عليه جمّاله،قال:«يصوم يوم الحصبة و بعده بيومين»قال:قلت:و ما الحصبة؟قال:

«يوم نفره»قلت:يصوم و هو مسافر؟!قال:«نعم،أ فليس هو يوم عرفة مسافرا؟!إنّا أهل بيت نقول ذلك؛لقول اللّه عزّ و جلّ: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (5)نقول:في ذي الحجّة» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن

ص:206


1- 1المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:341.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7:172،مغني المحتاج 1:517،المغني 3:508.
3- 3) المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
4- 4) المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الإنصاف 3:512.
5- 5) البقرة(2):196. [1]
6- 6) التهذيب 5:38 الحديث 114،الاستبصار 2:280 الحديث 995،الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]

متمتّع لم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ:يوما قبل التروية،و يوم التروية،و يوم عرفة»قال:قلت:فإن فاته ذلك؟قال:«فليتسحّر ليلة الحصبة (1)، و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده»قلت:فإن لم يقم عليه جمّاله أ يصومها في الطريق؟قال:«إن شاء صامها في الطريق،و إن شاء إذا رجع إلى أهله» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«صوم ثلاثة أيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة» (3)و غير ذلك من الأحاديث الدالّة عليه.

احتجّ المخالف:بأنّ صوم يوم عرفة بعرفة غير مستحبّ (4).

و جوابه:أنّ ذلك لموضع الحاجة.

مسألة:و يجب صومها متتابعا

،أمّا السبعة فلا يجب التتابع فيها،و لم يوجب الجمهور التتابع في الثلاثة أيضا،و أجمع علماؤنا على إيجاب التتابع فيها،إلاّ إذا فاته قبل يوم التروية،فإنّه يصوم يوم التروية و يوم عرفة،و يفطر العيد،ثمّ يصوم يوما آخر بعد انقضاء أيّام التشريق.

و لو صام غير هذه الأيّام،وجب فيها التتابع ثلاثة،و لا يجوز تخلّل الإفطار بين اليومين و الثالث،إلاّ في الصورة التي ذكرناها.

لنا:أنّ الأمر بالصوم متوجّه عليه،فينبغي المسارعة إليه بقدر الإمكان،

ص:207


1- 1كثير من النسخ:«فليصم ليلة الحصبة»و في نسخة د:«فليصم يوم الحصبة»-و هو يوم الرابع عشر-و أمّا المصادر:ففي الكافي و [1]الوسائل:« [2]يتسحّر ليلة الحصبة»و في التهذيب الحجريّ:«فليقم ليلة الحصبة» و لعلّ كلمة:«فليصم»تكون من اشتباه النسّاخ مكان:فليقم.
2- 2) الكافي 4:507 الحديث 3، [3]التهذيب 5:39 الحديث 115،الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 4. [4]
3- 3) التهذيب 5:234 الحديث 791،الاستبصار 2:283 الحديث 1003،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 10، [5]في الجميع:الصوم الثلاثة الأيّام.
4- 4) المغني 3:508،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 172.

و هو إنّما يتحقّق بالتتابع.

و ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يجزئه أن يصوم يوما آخر» (1).

و عن يحيى الأزرق قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم يوم التروية متمتّعا و ليس له هدي،فصام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق» (2).

و عن عليّ بن الفضل الواسطيّ،قال:سمعته يقول:«إذا صام المتمتّع يومين لا يتابع الصوم اليوم الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيّام في الحجّ،فليصم بمكّة ثلاثة أيّام متتابعات،فإن لم يقدر و لم يقم عليه الجمّال،فليصمها في الطريق،أو إذا قدم على أهله صام عشرة أيّام متتابعات» (3).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يصوم الثلاثة الأيّام متفرّقة» (4).

أمّا السبعة،فيجوز تفريقها،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام:

إنّي قدمت الكوفة و لم أصم السبعة الأيّام حتّى فزعت في حاجة إلى بغداد،قال:

ص:208


1- 1التهذيب 5:231 الحديث 780،الاستبصار 2:279 الحديث 991،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:304 الحديث 1509،التهذيب 5:231 الحديث 781،الاستبصار 2:279 الحديث 992، الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:231 الحديث 782،الاستبصار 2:279 الحديث 993،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:232 الحديث 784،الاستبصار 2:280 الحديث 994،الوسائل 10:168 الباب 53 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

«صمها ببغداد»قلت:أفرّقها؟قال:«نعم» (1).

مسألة:و أوجب علماؤنا التفريق بين الثلاثة و السبعة

؛لأنّهم أوجبوا صوم الثلاثة في الحجّ و السبعة في بلده.و به قال الشافعيّ في حرملة،و نقله المزنيّ عنه، و قال في الإملاء:يصوم إذا فرغ من أفعال الحجّ (2).و به قال أبو حنيفة (3)، و أحمد (4).

و حكي عن الشافعيّ أنّه يصوم إذا خرج من مكّة سائرا في الطريق (5).و به قال مالك (6).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (7).

و لا يقال لمن فرغ من أفعال الحجّ:رجع عنها،إنّما يقال لمن عاد إلى وطنه.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث طويل:«فمن لم يجد هديا،فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله» (8).

ص:209


1- 1التهذيب 5:233 الحديث 787،الاستبصار 2:281 الحديث 998،الوسائل 10:170 الباب 55 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) مختصر المزنيّ(الأمّ)8:64،حلية العلماء 3:265،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:185، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:174، [3]مغني المحتاج 1:517.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:412،شرح فتح القدير 2:417، مجمع الأنهر 1:288.
4- 4) المغني 3:508-509، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:342، [5]الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:514. [6]
5- 5) حلية العلماء 3:265،المجموع 7:185، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 7:177. [8]
6- 6) بداية المجتهد 1:369،تفسير القرطبيّ 2:401، [9]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:267،حلية العلماء 3:265،المغني 3:509، [10]الشرح الكبير بهامش المغني 3:342. [11]
7- 7) البقرة(2):196. [12]
8- 8) صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [13]سنن النسائيّ 5:151، سنن البيهقيّ 5:17.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:«و لا يجمع الثلاثة و السبعة جميعا» (1).

و ما رواه-في الصحيح-عن ابن مسكان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع فلم (2)يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام»قلت له:أ فيها (3)أيّام التشريق؟قال:«لا،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله» (4).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و سبعة إذا رجع إلى أهله» (5).

احتجّ المخالف:بأنّ كلّ من لزمه صوم و جاز له أن يؤدّيه إذا رجع إلى وطنه، جاز قبل ذلك،كقضاء رمضان (6).

و الجواب:لا قياس مع ما تلوناه من القرآن و الحديث.

فرع:

لو صام قبل رجوعه إلى وطنه لم يجزئه إلاّ أن يصبر إلى أن يصل الناس إلى

أهله

،أو يمضي عليه شهر،قاله علماؤنا،و لم نقف على قول للجمهور في اعتبار

ص:210


1- 1التهذيب 4:315 الحديث 957،الاستبصار 2:281 الحديث 999،الوسائل 10:158 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 17. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل:و [2]لم.
3- 3) أكثر النسخ:إنّها،مكان:أ فيها.
4- 4) التهذيب 5:229 الحديث 775،الاستبصار 2:277 الحديث 984،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:229 الحديث 776،الاستبصار 2:277 الحديث 985،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 3، [4]في الجميع:و سبعة أيّام.
6- 6) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.

ذلك،بل جوّز مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد صومها بعد مضيّ أيّام التشريق (3).

و عن عطاء،و مجاهد:يصومها في الطريق،و هو قول إسحاق (4).

و قال ابن المنذر:يصومها إذا رجع إلى أهله (5)،و هو مرويّ عن ابن عمر (6).

و للشافعيّ ثلاثة أقوال تقدّمت (7).

لنا:أنّه صام قبل حضور وقته،فلم يجزئه،كما لو صام رمضان في شعبان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من كان متمتّعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله،فإن فاته ذلك...و كان له مقام بمكّة و أراد أن يصوم السبعة،ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله،أو شهرا ثمّ صام» (8).

و لأنّه مسافر و بعد مضيّ أحد الوقتين يخرج عن حكم المسافر.

ص:211


1- 1بلغة السالك 1:302،المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:401،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:174،تحفة الفقهاء 1:412،مجمع الأنهر 1:288.
3- 3) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:513.
4- 4) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،تفسير القرطبيّ 2:401، [1]تفسير الطبريّ 2: 253، [2]الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216، [3]فتح القدير للشوكانيّ 1:197. [4]
5- 5) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216. [5]
6- 6) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،تفسير القرطبيّ 2:401، [6]سنن البيهقيّ 5:24، الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216. [7]
7- 7) يراجع:ص 209. [8]
8- 8) التهذيب 5:234 الحديث 790،الاستبصار 2:282 الحديث 1002،الوسائل 10:160 [9] الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 4،و ص 163 الباب 50 من أبواب الذبح الحديث 2،فيهما:«ثمّ صام بعده».
آخر:

إنّما يلزمه التفريق بين الثلاثة و السبعة إذا كان بمكّة

؛لأنّه يجب عليه صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله،فلا يمكن الجمع بينهما،و لو أقام بمكّة فكذلك يجب عليه التفريق؛لأنّه يلزمه أن يصبر شهرا أو قدر وصول الناس إلى وطنه،أمّا لو لم يصم الثلاثة الأيّام إلاّ بعد وصول الناس إلى وطنه،أو مضيّ شهر، فإنّه لا يجب عليه التفريق بين الثلاثة و السبعة،و كذا لو وصل إلى أهله و لم يكن قد صام بمكّة ثلاثة أيّام،فإنّه يجوز له الجمع بين الثلاثة و السبعة،و لا يجب عليه التفريق.

و قال الشافعيّ:يجب عليه التفريق في أحد القولين،و في الآخر كقولنا،و له في كيفيّة التفريق أربعة أقوال:

أحدها:يفصل بقدر المسافة و أربعة أيّام.و ثانيها:بأربعة أيّام.و ثالثها:قدر المسافة.و رابعها:يفصل بيوم (1).

لنا:أنّه صوم واجب في زمن يصحّ الصوم فيه،فلم يجب تفريقه،كسائر الصوم.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع و لم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام بمكّة و سبعة إذا رجع إلى أهله،فإن لم يقم عليه أصحابه و لم يستطع المقام بمكّة،فليصم عشرة أيّام إذا رجع إلى أهله» (2).

و نحوه روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن العبد الصالح

ص:212


1- 1حلية العلماء 3:266،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:188،189،فتح العزيز بهامش المجموع 7:183-185،مغني المحتاج 1:517.
2- 2) التهذيب 5:233 الحديث 789،الاستبصار 2:282 الحديث 1001،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 7. [1]

عليه السلام (1).و لم يذكر التفريق مع أنّ الأصل عدمه.

و حديث عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام من أنّه لا يجمع بين الثلاثة و السبعة (2). (3)محمول على من صام بمكّة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه وجب من حيث الفعل،فلا يسقط بفوات وقته،كأفعال الصلاة،من الركوع و السجود (4).

و جوابه:سلّمنا وجوب التفريق في الأداء،لكن إنّما ثبت (5)من حيث الوقت، فإذا فات الوقت سقط،كالتفريق بين الصلاتين.

مسألة:و يجوز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحجّ

و قد وردت رخصة في جواز صومها في أوّل العشر إذا تلبّس بالمتعة (6).

و قال أبو حنيفة:يجوز صيامها إذا أحرم بالعمرة (7).و هو رواية عن أحمد،

ص:213


1- 1التهذيب 5:233 الحديث 788،الاستبصار 2:282 الحديث 1000،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 2، [1]قال في ملاذ الأخيار 8:71: [2]نقل عن الفاضل التستريّ أنّه قال:لعلّ المراد بالعبد الصالح موسى بن جعفر عليه السلام.
2- 2) في النسخ:العشرة،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:315 الحديث 957،الاستبصار 2:281 الحديث 999،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 11 و 17. [3]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:185،188،فتح العزيز بهامش المجموع 7:183.
5- 5) ع و ق:يثبت.
6- 6) الكافي 4:507 الحديث 2،التهذيب 5:235 الحديث 793،الاستبصار 2:283 الحديث 1005، الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 2،و ص 199 الباب 54 من أبواب الذبح الحديث 1.في الأخيرين باختلاف في السند.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:157،تحفة الفقهاء 1:412،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:424، مجمع الأنهر 1:289.

و عنه رواية أخرى:إذا أحلّ من العمرة (1).

و قال مالك (2)،و الشافعيّ:لا يجوز إلاّ بعد الإحرام بالحجّ (3).و هو مرويّ عن ابن عمر،و به قال إسحاق،و ابن المنذر (4).

و قال الثوريّ،و الأوزاعيّ:يصومهنّ من أوّل العشر إلى يوم عرفة (5).

لنا:أنّ إحرام العمرة أحد إحرامي التمتّع،فجاز الصوم بعده و بعد الإحلال منه، كإحرام الحجّ.و لأنّا قد بيّنّا أنّه يستحبّ أن يصام قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم عرفة (6).و بيّنّا أيضا أنّه يستحبّ الإحرام بالحجّ يوم التروية (7).فليلخّص (8)من ذلك جواز صومها قبل الإحرام بالحجّ.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتّعا و ليس له هدي،فصام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق» (9).و إذا وقع الإجزاء بهذين اليومين دلّ على المراد.

ص:214


1- 1المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:512، 513.
2- 2) بداية المجتهد 1:369،تفسير القرطبيّ 2:399، [1]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129، [2]المغني 3:508، الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
3- 3) حلية العلماء 3:263،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:172،مغني المحتاج 1:516.
4- 4) المجموع 7:193، [3]تفسير القرطبيّ 2:399، [4]المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
5- 5) تفسير القرطبيّ 2:399، [5]المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
6- 6) يراجع:ص 206. [6]
7- 7) يراجع:ص 15. [7]
8- 8) ح:فيلخّص.
9- 9) التهذيب 5:231 الحديث 781،الاستبصار 2:279 الحديث 992،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 2. [8]

و يدلّ على الرخصة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه، قال:«من لم يجد الهدي و أحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في أوّل العشر،فلا بأس بذلك» (1)قال الشيخ-رحمه اللّه-:و العمل على ما ذكرناه أوّلا (2).

احتجّ الشافعيّ:بقوله تعالى: ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (3)و لأنّه صيام واجب،فلم يجز تقديمه على وقت وجوبه،كغيره من الصيام الواجب،و لأنّ ما قبله وقت لا يجوز فيه المبدل،فلم يجز البدل،كقبل الإحرام بالعمرة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا بدّ من تقدير؛إذ الحجّ أفعال لا تصام فيها،إنّما يصام في وقتها أو في أشهرها،كقوله تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (5)و أمّا تقديمه على وقت الوجوب فيجوز إذا وجد السبب،كتقديم التكفير على الحنث عنده،و كتقديم الزكاة عندنا،و أمّا كونه بدلا فلا نسلّم مساواته للمبدل في كلّ حكم، فإنّ المتيمّم يجب عليه التأخير،فجاز التقديم.

إذا عرفت هذا:فإنّه لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة،و لا نعرف فيه خلافا،إلاّ ما روي عن أحمد أنّه يجوز تقديم صومها على إحرام بالعمرة (6).و هو خطأ؛لأنّه تقديم للواجب على وقته و سببه،و مع ذلك فهو خلاف قول العلماء.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الثلاثة هي قبل يوم التروية و يومها و يوم عرفة

(7)،فإن فاته

ص:215


1- 1التهذيب 5:235 الحديث 793،الاستبصار 2:283 الحديث 1005،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:235.
3- 3) البقرة(2):196. [2]
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 7:172، [3]مغني المحتاج 1:516،المغني 3:508.
5- 5) البقرة(2):197. [4]
6- 6) المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الإنصاف 3:513.
7- 7) يراجع:ص 206. [5]

هذه الثلاثة صامها بعد أيّام منى،و لا يسقط الصوم لفواته (1)في العشر.و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،و عائشة،و عروة بن الزبير،و الحسن،و عطاء،و الزهريّ (2)، و مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6).

و روي عن ابن عبّاس،و سعيد بن جبير،و طاوس،و مجاهد:إذا فاته الصوم في العشر لم يصمه بعده و استقرّ الهدي في ذمّته (7).

لنا:أنّه صوم واجب،فلا يسقط بفوات وقته،كرمضان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:حدّثني عبد صالح عليه السلام،قال:سألته عن المتمتّع ليس له أضحيّة و فاته الصوم حتّى يحرم (8)و ليس له مقام،قال:«يصوم ثلاثة أيّام في الطريق إن شاء،و إن شاء صام عشرة في أهله» (9).

ص:216


1- 1ع،ح و د:بفواته.
2- 2) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 10:32،أحكام القرآن للجصّاص 1:368، [1]تفسير القرطبيّ 2:400. [2]
3- 3) بلغة السالك 1:302،بداية المجتهد 1:369،المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:399، [3]المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
4- 4) حلية العلماء 3:266،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:193، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 183، [5]مغني المحتاج 1:517،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
5- 5) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514. [6]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:155، [7]شرح فتح القدير 2:418،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 1:368، [8]عمدة القارئ 10:32،تفسير القرطبيّ 2:401، [9]المغني 3:509، الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
8- 8) متن التهذيب و الاستبصار و الوسائل:« [10]حتّى يخرج»و في هامش التهذيب:في أكثر النسخ«حتّى يحرم»مكان«حتّى يخرج»و يشبه أن يكون تصحيفا،فإن صحّ،فالمراد به الإحرام بالحجّ.
9- 9) التهذيب 5:233 الحديث 788،الاستبصار 2:282 الحديث 1000،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 2. [11]

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«الصوم الثلاثة الأيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة،و إن لم يقدر على ذلك فليؤخّرها حتّى يصومها في أهله و لا يصومها في السفر» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«لا يصومها في السفر»لا ينافي جواز صومها في الطريق؛لأنّه عليه السلام أراد:لا يصومها في السفر معتقدا أنّه لا يسعه غير ذلك،بل يعتقد أنّه مخيّر في صومها في السفر و صومها إذا رجع إلى أهله (2).

احتجّوا:بقوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (3).

و لأنّه بدل مؤقّت،فيسقط بخروج وقته،كالجمعة (4).

و الجواب:أنّ الآية تدلّ على وجوبه في الحجّ،أي في أشهر الحجّ،لا على سقوطه،و ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:كنت قائما أصلّي و أبو الحسن عليه السلام قاعد قدّامي و أنا لا أعلم،فجاءه عبّاد البصريّ، قال (5):فسلّم عليه ثمّ جلس،فقال (6):يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتّع و لم يكن له هدي؟قال:«يصوم الأيّام التي قال اللّه تعالى».قال:فجعلت سمعي (7)إليهما،قال له عبّاد:و أيّ أيّام هي؟قال:«قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم

ص:217


1- 1التهذيب 5:234 الحديث 791،الاستبصار 2:283 الحديث 1003،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:234 ذيل الحديث 791،الاستبصار 2:283.
3- 3) البقرة(2):196. [2]
4- 4) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
5- 5) لا توجد كلمة«قال»في ع،كما في الاستبصار و الوسائل. [3]
6- 6) في المصادر بزيادة:له.
7- 7) في التهذيب:أصغي.

عرفة»قال:فإن فاته ذلك؟قال:«يصوم صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك»قال:

أ فلا تقول كما قال عبد اللّه بن الحسن؟قال:«و أيش (1)قال؟»قال:يصوم أيّام التشريق،قال:«إنّ جعفرا عليه السلام كان يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بديلا ينادي أنّ هذه أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ أحد»قال:يا أبا الحسن إنّ اللّه تعالى قال: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (2)قال:«كان جعفر عليه السلام يقول:ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ» (3).

و قياسهم على الجمعة خطأ؛لأنّ الجمعة ليست بدلا،و إنّما هي الأصل،و إنّما سقطت؛لأنّ الوقت جعل شرطا لها،كالجماعة.

مسألة:و لا يجوز أن يصوم أيّام التشريق بمنى في بدل الهدي و لا في غيره

،قاله أكثر علمائنا المحصّلون (4).و به قال عليّ عليه السلام،و الحسن،و عطاء،و ابن المنذر (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6)،و الشافعيّ في الجديد.و قال في القديم:يجوز صيامها (7)،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (8).و به قال ابن عمر،

ص:218


1- 1في التهذيب«فأيش»و في الاستبصار و الوسائل:« [1]فأيّ شيء».
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) التهذيب 5:230 الحديث 779،الاستبصار 2:278 الحديث 988،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) منهم المفيد في المقنعة:58،و الشيخ في النهاية:166،و الخلاف 1:396 مسألة-70،و ابن إدريس في السرائر:94.
5- 5) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،المجموع 6:445،عمدة القارئ 11:113.
6- 6) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:513، المجموع 6:445.
7- 7) حلية العلماء 3:214،المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:445،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 411،مغني المحتاج 1:433،المغني 3:510.
8- 8) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514. [4]

و عائشة (1)،و مالك (2)،و إسحاق (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام يوم الفطر،و الأضحى،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان (4).

و عن عمرو بن سليم (5)،عن أمّه قالت:بينا نحن بمنى إذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام على جمل أحمر ينادي أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إنّها أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ فيها أحد» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيام أيّام التشريق،فقال:«أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا» (7).

و ما رواه ابن بابويه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث بديل بن ورقاء الخزاعيّ

ص:219


1- 1المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113،تفسير القرطبيّ 2: 400، [1]المجموع 6:445. [2]
2- 2) بلغة السالك 1:254،المدوّنة الكبرى 1:389،بداية المجتهد 1:309،إرشاد السالك:52،عمدة القارئ 11:113،المجموع 6:445، [3]المغني 3:510.
3- 3) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113،المجموع 6:445. [4]
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:208،كنز العمّال 8:517 الحديث 23920.
5- 5) عمرو بن سليم بن خلدة بن مخلّد بن زريق الأنصاريّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أبي هريرة، و أبي سعيد،و ابن عمر،و ابن الزبير و غيرهم،و روى عنه ابنه سعيد،و أبو بكر بن المنكدر و سعيد المقبريّ، و الزهريّ،مات سنة 104 ه. أسد الغابة 4:111، [5]الإصابة 3:176، [6]تهذيب التهذيب 8:44. [7]
6- 6) سنن البيهقيّ 4:298،كنز العمّال 8:520 الحديث 23942.
7- 7) التهذيب 4:297 الحديث 897،الاستبصار 2:132 الحديث 429،الوسائل 7:385 الباب 2 من أبواب الصوم المحرّم الحديث 1. [8]

على جمل أورق (1)،فأمره أن يتخلّل الفساطيط و ينادي في الناس أيّام منى:أن لا تصوموا؛فإنّها أيّام أكل و شرب و بعال (2).

و في الصحيح روى الشيخ عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن رجل تمتّع فلم يجد هديا،قال:«فليصم ثلاثة أيّام ليس فيها أيّام التشريق،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله»و ذكر حديث بديل بن ورقاء (3).

و في الصحيح عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام»قلت له:أ فيها أيّام التشريق؟ قال:«لا،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله».الحديث (4).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:قلت له:

ذكر ابن السرّاج أنّه كتب إليك يسألك عن متمتّع لم يكن له هدي،فأجبته في كتابك:«يصوم أيّام منى (5)،فإن فاته ذلك،صام صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك» قال:«أمّا أيّام منى فإنّها أيّام أكل و شرب لا صيام فيها،و سبعة إذا رجع إلى أهله» (6).

و لأنّه يوم سنّ فيه الرمي،فأشبه يوم النحر و لأنّه لا يجوز فيها صوم النفل،فلا يجوز صوم بدل الهدي،كيوم النحر.

ص:220


1- 1الأورق:الأسمر.النهاية لابن الأثير 5:175. [1]
2- 2) المقنع:90، [2]الوسائل 7:386 الباب 2 من أبواب صوم المحرّم الحديث 8، [3]بتفاوت فيهما.
3- 3) التهذيب 5:228 الحديث 774،الاستبصار 2:276 الحديث 983،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:229 الحديث 775،الاستبصار 2:277 الحديث 984،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]
5- 5) في التهذيب و الوسائل:« [6]يصوم ثلاثة أيّام بمنى».
6- 6) التهذيب 5:229 الحديث 776،الاستبصار 2:277 الحديث 985،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 3. [7]

احتجّ المخالف:بما رواه ابن عمر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص للمتمتّع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيّام التشريق (1).

و عن ابن عمر و عائشة:أنّه لم يرخّص في أيّام التشريق أن يصمن إلاّ لمن لم يجد الهدي (2).و الظاهر انصراف الترخيص إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و لأنّه تعالى أمر بصيام الثلاثة في الحجّ،و لم يبق من أيّام الحجّ إلاّ هذه الأيّام،فتعيّن الصوم فيها (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ راوي الحديث يحيى بن سلام (4)،عن شعبة،عن عبد اللّه بن عيسى (5)،عن الزهريّ،عن سالم.و يحيى بن سلام ضعيف لا يعوّل على روايته عند أهل الحديث.

و أيضا:فإنّ هذا الحديث قد روي بلفظ آخر،رواه عبد الغفّار بن القاسم (6)عن

ص:221


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 29،سنن البيهقيّ 5:25.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:56،سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 30،سنن البيهقيّ 5:25،جامع الأصول 7: 231 الحديث 4503.
3- 3) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،المجموع 6:442،فتح العزيز بهامش المجموع 6:410.
4- 4) يحيى بن سلام البصريّ،قال الدارقطنيّ:يحيى بن سلام ليس بالقويّ،و ضعّفه ابن الجوزيّ و الذهبيّ. سنن الدارقطنيّ 2:186،الضعفاء و المتروكين 3:196،ميزان الاعتدال 4:380.
5- 5) عبد اللّه بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريّ أبو محمّد الكوفيّ،روى عن جدّه عبد الرحمن، و أبيه عيسى،و أميّة بن هند المزنيّ،و سعيد بن جبير،و عبد اللّه بن أبي الجعد الغطفانيّ،و الزهريّ،و غيرهم، و روى عنه عمّه محمّد بن عبد الرحمن،و ابن ابنه عيسى بن المختار بن عبد اللّه بن عيسى،و إسماعيل بن أبي خالد،و شعبة،و غيرهم،مات سنة 35 ه.تهذيب التهذيب 5:352. [1]
6- 6) عبد الغفّار بن القاسم بن قيس بن فهد،أبو مريم الأنصاريّ الكوفيّ،قال الدارقطنيّ:ضعيف،و ضعّفه ابن حبّان،و الذهبيّ،و الرازيّ،و ابن الجوزيّ. سنن الدارقطنيّ 2:186،المجروحين 2:143،ميزان الاعتدال 2:640،الجرح و التعديل 6:53، الضعفاء و المتروكين 2:112.

الزهريّ،عن عروة،عن عائشة و ابن عمر قالا:لم يرخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأحد صيام أيّام التشريق،إلاّ لمتمتّع أو محصر (1).و عبد الغفّار بن القاسم أخطأ في إسناده،و هو ضعيف أيضا،و حينئذ لا اعتداد بهذه الرواية البتّة.

و الرواية الثانية جاز أن يكون ابن عمر و عائشة قالاه عن اجتهاد،و حينئذ،لا تبقى حجّة،و الآية لا تدلّ على مطلوبهم؛لأنّ أيّام الحجّ تستمرّ إلى آخر ذي الحجّة على ما بيّنّاه (2).

لا يقال:قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام كان يقول:«من فاته صيام الثلاثة الأيّام التي في الحجّ فليصمها أيّام التشريق،فإنّ ذلك جائز له» (3).

و روى عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كان يقول:«من فاته صيام الثلاثة (4)في الحجّ و هي قبل التروية بيوم و يوم التروية،و يوم عرفة،فليصم أيّام التشريق فقد أذن له» (5).

لأنّا نقول:إنّ هذين الخبرين لا يسلم (6)سندهما من قول،و مع ذلك فقد وردا في معارضة الأخبار الكثيرة الواردة في نقيض هذا المعنى،و عمل علماؤنا عليها، فكان المصير إليها أولى.

و مع ذلك فإنّ المشهور من مذهب عليّ عليه السلام المنع من ذلك قد نقلناه

ص:222


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 31.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر ص 151.
3- 3) التهذيب 5:229 الحديث 777،الاستبصار 2:277 الحديث 986،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
4- 4) في المصادر بزيادة:الأيّام.
5- 5) التهذيب 5:229 الحديث 778،الاستبصار 2:277 الحديث 987،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 6. [2]
6- 6) ع و خا:لا نسلّم.

نحن،و نقله الجمهور عنه عليه السلام،و ذكروا أنّ مذهب عليّ عليه السلام المنع من صوم أيّام التشريق (1)،و لا استبعاد في أن يكون الراويان وهما و نقلا مذهب عبد اللّه بن الحسن (2)و توهّما أنّه الصادق عليه السلام.

و بالجملة:فالاحتمالات الكثيرة متطرّقة إلى هذين الخبرين،فلا حجّة فيهما.

فرع:

وقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدي

؛لأنّه بدل،فكان وقت وجوبه وقت وجوب مبدله،كسائر الأبدال.و لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ (3)و الفاء يقتضي التعقيب.

لا يقال:كيف جاز الانتقال إلى البدل قبل زمان المبدل و لم يتحقّق العجز عن المبدل؛لأنّه إنّما يتحقّق العجز المقتضي لجواز الانتقال إلى البدل زمن الوجوب، و كيف جوّزتم الصوم قبل وجوبه؟!

لأنّا نقول:إنّما جوّزنا الانتقال إلى البدل قضيّة لظاهر الحال و جريان العادة؛ فإنّ الظاهر من المعسر استمرار عجزه و إعساره،و أمّا تجويز الصوم قبل وقت وجوبه فقد بيّنّا الدليل عليه.

مسألة:و لو لم يصمها بعد أيّام التشريق،جاز صيامها طول ذي الحجّة أداء

لا قضاء

،و به قال الشافعيّ (4)،و مالك (5).

ص:223


1- 1ينظر:المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113.
2- 2) يراجع لمذهب عبد اللّه بن الحسن:ص 202-203.
3- 3) البقرة(2):196. [1]
4- 4) حلية العلماء 3:264،المجموع 7:193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:173،مغني المحتاج 1:517.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:400. [2]قال الشافعيّ و مالك بوجوب الصوم بلا تعرّض للأداء و القضاء.

و قال أبو حنيفة:إذا فاته الصوم بخروج (1)يوم عرفة،سقط الصوم و استقرّ الهدي في ذمّته (2).

لنا:أنّه صوم واجب،فلم يسقط بفوات وقته،كصوم شهر رمضان.و لما تقدّم في حديث عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن عليه السلام،عن جعفر عليه السلام أنّه كان يقول:«ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ» (3).

و ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«من لم يجد ثمن الهدي فأحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك» (4).

احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (5)و لأنّه بدل مؤقّت فوجب أن يسقط بفوات وقته،كالجمعة (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية تدلّ على الوجوب في أشهر الحجّ،لا على السقوط بعد انقضاء عرفة.

و عن الثاني:أنّ الجمعة ليست بدلا.و قد مضى البحث في ذلك (7).

مسألة:و لا يجوز صيام هذه الأيّام إلاّ في ذي الحجّة بعد التلبّس بالمتعة

(8)

،

ص:224


1- 1خا و ق:بخروجه،د:لخروج.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:419،مجمع الأنهر 1:288.
3- 3) التهذيب 5:230 الحديث 779،الاستبصار 2:278 الحديث 988،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
4- 4) الفقيه 2:303 الحديث 1508،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 8،و [2]ص 158 الحديث 13.
5- 5) البقرة(2):196. [3]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173.
7- 7) يراجع:ص 218. [4]
8- 8) ق،خا و ع بزيادة:الثلاثة.

و لو خرج ذو الحجّة و أهلّ المحرّم،سقط فرض الصوم و استقرّ الهدي في ذمّته و وجب عليه دم شاة.

و قال أبو حنيفة:يستقرّ الهدي في ذمّته (1).

و قال أحمد:يجوز الصوم و لا يسقط بفوات وقته،لكن يجب عليه دم شاة (2).

و قال الشافعيّ:لا يسقط الصوم و لا يجب الشاة (3).

لنا:أنّه صوم فات وقته،فيسقط (4)إلى مبدله،كالجمعة.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرّم فعليه دم شاة،و ليس له صوم، و يذبح بمنى» (5).

و روى ابن بابويه عن عمران الحلبيّ أنّه قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الأيّام التي على المتمتّع إذا لم يجد الهدي حتّى يقدم إلى أهله،قال:«يبعث بدم» (6).

و على وجوب الشاة أنّه ترك نسكا هو الصوم،فيجب الدم؛لقوله عليه السلام:

«من ترك نسكا فعليه دم» (7).

ص:225


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:419،مجمع الأنهر 1:288.
2- 2) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514.
3- 3) حلية العلماء 3:264،المجموع 7:193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:173،مغني المحتاج 1: 517.
4- 4) ق،ع و خا:فسقط.
5- 5) التهذيب 5:39 الحديث 116،الاستبصار 2:278 الحديث 989،الوسائل 10:159 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
6- 6) الفقيه 2:304 الحديث 1511،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
7- 7) الموطّأ 1:397 الحديث 188،سنن الدارقطنيّ 2:244 الحديث 39،سنن البيهقيّ 5:152،و أورده ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 3:225.

و لما تقدّم في حديث منصور،و لأنّه صوم مؤقّت وجب على وجه البدل، فوجب بتأخيره كفّارة،كقضاء رمضان.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه صوم يجب بفواته القضاء،فلم يجب به كفّارة كصوم رمضان (1)،و لأنّه صوم بدل عن الهدي،فإذا أوجب (2)قضاءه و الهدي،فقد أوجب البدل و المبدل أو ما هو مثل المبدل مع البدل،و هذا لا يوجد مثله في الأصول.

و الجواب:لا نسلّم وجوب القضاء؛لأنّا قد بيّنّا أنّه ينتقل فرضه إلى المبدل و هو الهدي،و هو الجواب عن الثاني.على أنّ الواجب بتأخير الصوم ليس هو الهدي و لا مثله،بل هو كفّارة عمّا تركه من الصيام و الكفّارة عن الهدي،و لأنّ الهدي أحد الأنعام،و الواجب شاة بعينها و لأنّ الموجب ليس هو الموجب للهدي؛لأنّ الموجب للكفّارة هو ترك الصوم،و الموجب للهدي هو التمتّع،فتغايرا.

مسألة:و لو مات من وجب عليه الصيام و لم يصم،نظر،فإن لم يكن قد تمكّن

من صيام شيء من العشرة،سقط الصوم

(3)

و لا يجب على وليّه القضاء عنه و لا الصدقة عنه.ذهب إليه علماؤنا،و به قال أكثر الجمهور (4)،و الشافعيّ في أحد القولين،و قال في الآخر:يطعم عنه (5).

لنا:أنّ الهدي لا يجب عليه؛لأنّه غير واجد،و لا الصوم؛لأنّه لم يقدر عليه فصار القضاء رمضان.نعم يستحبّ للوليّ أن يقضي عنه؛لأنّها عبادة مات من وجبت عليه قبل فعلها،فشرع القضاء على الوليّ،كما لو تمكّن.

ص:226


1- 1فتح العزيز بهامش المجموع 7:174.
2- 2) خا،ع و ح:وجب.
3- 3) ع:صوم.
4- 4) المغني 3:512،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
5- 5) حلية العلماء 3:266،المجموع 7:192،فتح العزيز بهامش المجموع 7:193،مغني المحتاج 1: 518.

و إن تمكّن من فعل الجميع و لم يفعل،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يقضي الوليّ عنه ثلاثة أيّام وجوبا،و لا يجب قضاء السبعة (1).

و أوجب ابن إدريس قضاء الجميع على الوليّ (2)،و به قال الشافعيّ في حكاية أبي إسحاق عنه.و في القول الآخر:يتصدّق عنه،كقضاء رمضان (3).و هو قول الجمهور.و الحقّ عندي اختيار ابن إدريس.

لنا:أنّه صوم واجب لم يفعله من وجب عليه مع تمكّنه من ذلك،فوجب على وليّه القضاء عنه،كرمضان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:«من مات و لم يكن له هدي لمتعته،فليصم عنه وليّه» (4).

و لأنّ الشيخ-رحمه اللّه-وافقنا على وجوب قضاء ما يفوت الميّت من صيام و صلاة على الوليّ.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الرواية يعني بها الثلاثة الأيّام،فأمّا السبعة فليس على أحد القضاء عنه إذا مات بعد الرجوع إلى أهله (5)،لما رواه الحلبيّ-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل (6)عن رجل تمتّع بالعمرة و لم يكن له هدي،فصام ثلاثة أيّام في ذي الحجّة ثمّ مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيّام،على وليّه أن يقضي عنه؟قال:«ما أرى عليه قضاء» (7).

ص:227


1- 1النهاية:255، [1]المبسوط 1:370. [2]
2- 2) السرائر:139.
3- 3) المجموع 7:192،فتح العزيز بهامش المجموع 7:194.
4- 4) التهذيب 5:40 الحديث 117،الاستبصار 2:261 الحديث 921،الوسائل 10:161 الباب 48 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:40 ذيل الحديث 117،الاستبصار 2:261 ذيل الحديث 922.
6- 6) في التهذيب و الوسائل: [4]أنّه سأله،مكان:أنّه سئل.
7- 7) الكافي 4:509 الحديث 13، [5]التهذيب 5:40 الحديث 118،الاستبصار 2:261 الحديث 922، الوسائل 10:161 الباب 48 من أبواب الذبح الحديث 2. [6]

و التفسير الذي ذكره الشيخ للرواية الأولى لا دليل عليه.

و الرواية الثانية لا حجّة فيها؛لاحتمال أن يكون موته قبل أن يتمكّن من الصيام،و مع هذا الاحتمال لا يبقى (1)فيه دلالة على مطلوبه،و لأنّه صوم وجب بأصل الشرع،فأشبه صوم رمضان.

أمّا لو لم يتمكّن من صيام السبعة أو تمكّن من بعضها،فإنّه يجب على الوليّ أن يقضي ما تمكّن الميّت من فعله و أخلّ به،و يستحبّ له قضاء الباقي.

مسألة:و لو تمكّن من صيام السبعة،وجب عليه صيامها و لا يجزئه الصدقة

عنها

؛لأنّ الصدقة بدل،فلا تجزئ مع التمكّن من فعل المبدل عنه،كالتيمّم.

و روى الشيخ عن موسى بن القاسم،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:كتب إليه أحمد بن القاسم (2)في رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فلم يكن عنده ما يهدي،فصام ثلاثة أيّام،فلمّا قدم أهله لم يقدر على صوم السبعة الأيّام و أراد أن يتصدّق من الطعام،فعلى من يتصدّق؟فكتب:«لا بدّ من الصيام» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«لم يقدر على الصوم»يعني لا يقدر عليه إلاّ بمشقّة؛لأنّه لو لم يكن قادرا عليه على كلّ حال،لما قال عليه السلام:

«لا بدّ من الصيام» (4).

مسألة:و لو تلبّس بالصوم ثمّ أيسر أو وجد الهدي

(5)

،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

ص:228


1- 1ع،ح:لا ينبغي.
2- 2) أحمد بن القاسم،قال النجاشيّ:رجل من أصحابنا رأينا بخطّ حسين بن عبيد اللّه كتابا له(إيمان أبي طالب).و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على قول النجاشيّ،فهو إماميّ مجهول الحال. رجال النجاشيّ:95،تنقيح المقال 1:76. [1]
3- 3) التهذيب 5:40 الحديث 119،الوسائل 10:162 الباب 49 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:40 ذيل الحديث 119.
5- 5) خا،ق و ع:و وجد.

لا يجب الهدي،بل يستحبّ (1).و الظاهر من كلامه أنّه اشترط صيام ثلاثة أيّام،و به قال حمّاد،و الثوريّ (2).

و أطلق ابن إدريس ذلك (3)،و به قال الحسن،و قتادة (4)،و مالك (5)، و الشافعيّ (6)،و أحمد في إحدى الروايتين (7).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه الانتقال إلى الهدي،و كذلك إذا وجد الهدي بعد أن صام الثلاثة قبل يوم النحر،و إن وجده بعد أن مضت أيّام النحر،أجزأه الصوم و إن لم يتحلّل؛لأنّه قد مضى زمان التحلّل (8).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (9).

مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد،فالانتقال عنه إلى الهدي يحتاج إلى دليل.

لا يقال:هذا يقتضي عدم الإجزاء (10)بالهدي و إن لم يدخل في الصوم أو دخل فيه.

ص:229


1- 1المبسوط 1:371. [1]
2- 2) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،تفسير القرطبيّ 2:401. [2]
3- 3) السرائر:140.
4- 4) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،تفسير القرطبيّ 2:401.
5- 5) بلغة السالك 1:303،المدوّنة الكبرى 1:390،تفسير القرطبيّ 2:401، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:191،المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
6- 6) حلية العلماء 3:265،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:190،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 191،المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
7- 7) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،الكافي لابن قدامة 1:540،الإنصاف 3:516، فتح العزيز بهامش المجموع 7:191.
8- 8) بدائع الصنائع 2:174،حلية العلماء 3:265،بداية المجتهد 1:369،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 191، [4]تفسير القرطبيّ 2:401. [5]
9- 9) البقرة(2):196. [6]
10- 10) ع و ق:الاجتزاء.

لأنّا نقول:لو خلّينا و الظاهر لحكمنا بذلك،لكنّ الوفاق وقع على خلافه فيبقى ما عداه على الأصل.

و أيضا:فإنّه صوم دخل فيه لعدم الهدي،فإذا وجد الهدي،لم يلزمه (1)الخروج إليه،كصوم السبعة.

لا يقال:صوم السبعة ليس ببدل عن الهدي.

لأنّا نقول:إنّه مخالف لكتاب اللّه تعالى؛لاشتماله على إيجابها لعدم الهدي،كما أوجب الثلاثة،و لأنّها تسقط بوجود الهدي.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجّ،ثمّ أصاب هديا يوم خرج من منى، قال:«أجزأه صيامه» (2).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وجد المبدل قبل فراغه من البدل،فأشبه المتيمّم إذا وجد الماء في أثناء تيمّمه،و إذا وجد الهدي قبل يوم النحر فقد وجد المبدل قبل حصول المقصود بالبدل،و هو التحلّل (3).

و الجواب:الفرق،فإنّ المقصود من التيمّم الصلاة و ليس بمقصود في نفسه، و الصوم عبادة مقصودة تجب ابتداءً بالشرع لا لغيرها.

لا يقال:قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتّى إذا كان يوم النفر

ص:230


1- 1ع،خا و ق:لم يلزم.
2- 2) التهذيب 5:38 الحديث 112،الاستبصار 2:260 الحديث 919،الوسائل 10:154 الباب 45 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) بدائع الصنائع 2:174،فتح العزيز بهامش المجموع 7:191،بداية المجتهد 1:369.

وجد ثمن شاة،أ يذبح أو يصوم؟قال:«بل يصوم،فإنّ أيّام الذبح قد مضت» (1).

لأنّا نقول:المراد به:من صام ثلاثة أيّام ثمّ وجد ثمن الهدي،فعليه أن يصوم ما بقي عليه تمام العشرة،و ليس يجب عليه الهدي،كذا ذكره الشيخ-رحمه اللّه- و استدلّ عليه برواية حمّاد (2).

إذا عرفت هذا:فإنّما قلنا:إنّه يستحبّ له الرجوع إلى الهدي؛لأنّه وجد المبدل قبل انتهاء البدل،فكان فعله أولى.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن عقبة بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع و ليس معه ما يشتري[به] (3)هديا،فلمّا أن صام ثلاثة أيّام في الحجّ،أيسر،أ يشتري هديا فينحره؟أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله؟قال:«يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له» (4).

مسألة:و لو أحرم بالحجّ و لم يصم ثمّ وجد الهدي،تعيّن عليه الذبح و لا يجزئه

الصوم

.و هو قول أحمد في إحدى الروايتين،و الشافعيّ في أحد أقواله.و قال أيضا:

فرضه الصيام و إن أهدى كان أفضل.و قال قولا ثالثا:إنّ عليه الهدي لا غير و لا يجزئه الصيام،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (5).

و الشافعيّ بنى أقواله على أقواله في الكفّارات هل الاعتبار فيها بحال الوجوب أو الأداء؟فإن قلنا بحال الوجوب،أجزأه الصيام،و إن قلنا بحال الأداء أو بأغلظ

ص:231


1- 1التهذيب 5:37 الحديث 111،الاستبصار 2:260 الحديث 918،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:37 ذيل الحديث 111،الاستبصار 2:260 ذيل الحديث 918.
3- 3) أثبتناه من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:38 الحديث 113،الاستبصار 2:261 الحديث 920،الوسائل 10:154 الباب 45 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 3:512،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،الكافي لابن قدامة 1:540،الإنصاف 3:516.

الحالين،لزمه الهدي (1).

لنا:أنّه قدر على المبدل قبل شروعه في البدل،فلزمه الانتقال إليه،كالمتيمّم إذا وجد الماء.و لأنّ البراءة القطعيّة حاصلة مع الهدي دون الصيام،فكان الذبح متعيّنا.

احتجّ المخالف:بأنّ الصيام استقرّ في ذمّته؛لوجوبه حال وجود السبب المتّصل بشرطه،و هو عدم الهدي (2).

و الجواب:المنع من الاستقرار مطلقا.نعم،إنّه وجب بشرط عدم القدرة على المبدل.

مسألة:لو تعيّن عليه الصوم و خاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم عرفة أخّر

الصوم إلى بعد انقضاء أيّام التشريق

؛للضرورة،و لو لم يصم الثلاثة الأيّام و خرج عقيب أيّام التشريق،صامها في الطريق أو إذا رجع إلى أهله،رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن متمتّع لم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ يوما (3)قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة»قلت:فإن فاته ذلك (4)؟قال:«فليتسحّر ليلة الحصبة و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده»قلت:فإن لم يقم عليه جمّاله أ يصومها في الطريق؟قال:«إن شاء صامها في الطريق و إن شاء إذا رجع إلى أهله» (5).

إذا ثبت هذا:فالأفضل تقديم صومها في الطريق؛لأنّ المسارعة إلى فعل العبادة أولى من تأخيرها و لا مانع عن ذلك؛إذا السفر لا ينافي صوم الثلاثة.

ص:232


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:202،حلية العلماء 3:265،المجموع 7:190،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 191.
2- 2) المغني 3:512،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،المهذّب للشيرازيّ 1:202.
3- 3) في النسخ:«يوم».
4- 4) في التهذيب بزيادة:اليوم.
5- 5) التهذيب 5:39 الحديث 115،الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]

هذا إذا لم يهلّ المحرّم،فأمّا إن أهلّ المحرّم فإنّه يتعيّن عليه الهدي على ما قدّمناه (1)إذا لم يصم الثلاثة.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو لم يصم الثلاثة لا بمكّة و لا في الطريق و رجع إلى بلده و كان متمكّنا من الهدي،بعث به،فإنّه أفضل من الصوم (2)،قال-رحمه اللّه-:

و الصوم بعد أيّام التشريق يكون أداء لا قضاء (3).و قد بيّنّاه (4).

فلو أحرم بالحجّ و لم يكن صام ثمّ وجد الهدي،لم يجز له الصوم و تعيّن الهدي، فلو مات،وجب أن يشتري الهدي من تركته من أصل المال؛لأنّه دين عليه.

و لا يعارض ما تقدّم من جواز صوم الثلاثة في الطريق ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«الصوم الثلاثة الأيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة،و إن لم يقدر على ذلك فليؤخّرها حتّى يصومها في أهله و لا يصومها في السفر» (5).قال الشيخ-رحمه اللّه-:لأنّه عليه السلام أراد:

«لا يصومها في السفر»معتقدا أنّه لا يسعه غير ذلك،بل يعتقد أنّه مخيّر في صومها في السفر و صومها إذا رجع إلى أهله (6).

فرع:

لو مات من وجب عليه الهدي،أخرج من أصل تركته

؛لأنّه دين للّه (7)تعالى، فيخرج من الأصل.

ص:233


1- 1يراجع:ص 224-225.
2- 2) النهاية:256، [1]المبسوط 1:371. [2]
3- 3) الخلاف 1:426 مسألة-52.
4- 4) يراجع:ص 223. [3]
5- 5) التهذيب 5:234 الحديث 791،الاستبصار 2:283 الحديث 1003،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 10. [4]
6- 6) التهذيب 5:234،الاستبصار 2:283.
7- 7) ر،خا و ح:دين اللّه،مكان:دين للّه.
مسألة:من وجب عليه بدنة في كفّارة أو نذر و لم يجد،كان عليه سبع شياه

، و ذلك على الترتيب عندنا.

و عن أحمد روايتان:إحداهما:كذلك،و الأخرى:على التخيير (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل، فقال:إنّ عليّ بدنة و أنا موسر لها و لا أجدها فأشتريها؟فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبتاع سبع شياه فيذبحهنّ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن داود الرقّيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء،قال:«إذا لم يجد بدنة،فسبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله» (3).

و التعليق على عدم الوجدان يدلّ على الترتيب.و لأنّ ذلك بدل عنها،فلا يصار إليه مع وجودها،كسائر الأبدال،فأمّا مع عدمها،فيجوز،لما تقدّم.

احتجّ أحمد:بأنّ الشاة معدولة بسبع بدنة،و هي أطيب لحما،فكانت أولى (4).

و الجواب:المنع من المعادلة.

فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من السبع شياه،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يصوم ثمانية عشر

يوما

(5).و هو جيّد؛لرواية داود عن الصادق عليه السلام.

ص:234


1- 1المغني 3:593،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:360،الكافي لابن قدامة 1:636،637،الإنصاف 3: 535.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1048 الحديث 3136،مسند أحمد 1:311، [2]سنن البيهقيّ 5:169،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:146 الحديث 11431 بتفاوت في الجميع.
3- 3) التهذيب 5:237 الحديث 800،الوسائل 10:171 الباب 56 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
4- 4) المغني 3:594،الكافي لابن قدامة 1:636،الإنصاف 3:536.
5- 5) النهاية:262، [4]المبسوط 1:375، [5]التهذيب 5:237.
الثاني:لو وجب عليه سبع من الغنم،لم يجزئه بدنة

،و فرّق أحمد بين وجوب السبع في جزاء الصيد،و بين وجوبها في كفّارة محظور،فذهب إلى الجواز في الثاني؛لأنّ الواجب ما استيسر من الهدي،و هو شاة أو سبع بدنة،و قد كان أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يشترك السبعة منهم في البقرة أو البدنة (1).و ذهب إلى المنع في الأوّل:لأنّ سبعا من الغنم أطيب لحما من البدنة،فلا يعدل إلى الأدنى (2).

الثالث:لو وجب عليه بقرة،فالأقرب إجزاء البدنة

؛لأنّها أكثر لحما و أوفر من البقر.

و لو لزمه بدنة في غير النذر و جزاء الصيد قال أحمد:أجزأته بقرة (3)؛لما رواه جابر،قال:كنّا ننحر البدنة عن سبعة،فقيل له:و البقرة؟فقال:«و هل هي إلاّ من البدن» (4).

و الحقّ خلاف ذلك،و سيأتي.

أمّا في النذر،فإن نوى شيئا،انصرف إلى ما نواه،و إن أطلق،فالأقرب الإجزاء (5)بأيّهما كان.و هو إحدى الروايتين عن أحمد،و في الثانية،تتعيّن البدنة (6)،و هو قول الشافعيّ؛لأنّها مبدل،فاشترط عدمها (7).

و الجواب:كونها مبدلا في بعض المواضع لا يقتضي كونها كذلك في النذر المطلق.هذا إذا نذر الهدي مطلقا،أمّا لو نذر بدنة،فسيأتي البحث فيه.

ص:235


1- 1صحيح مسلم 2:955 الحديث 1318،سنن البيهقيّ 5:169.
2- 2) المغني 3:594،الشرح الكبير بهامش المغني 3:360،الإنصاف 3:535.
3- 3) المغني 3:594،الكافي لابن قدامة 1:637،الإنصاف 3:535.
4- 4) صحيح مسلم 2:955 الحديث 1318،سنن البيهقيّ 9:295.
5- 5) ع،ق:الاجتزاء.
6- 6) المغني 3:594،الكافي لابن قدامة 1:637،الإنصاف 4:102.
7- 7) حلية العلماء 3:390،المهذّب للشيرازيّ 1:243،المجموع 8:470،المغني 3:594.
البحث الخامس
اشارة

في الأحكام

مسألة:يجزئ الهدي الواحد في التطوّع عن سبعة نفر

،سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم إجماعا.

أمّا الهدي الواجب،فذهب الشيخ-رحمه اللّه-في ثالث الخلاف إلى أنّه لا يجزئ،إلاّ عن واحد مع المكنة،و مع الضرورة كذلك،و يتعيّن الصوم على الفاقد منهم (1)،و به قال ابن إدريس (2)،و هو مذهب مالك (3).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في الجمل و النهاية و المبسوط:و لا يجزئ مع الاختيار واحد،إلاّ عن واحد،و يجوز مع الضرورة[عن خمسة و] (4)عن سبعة و عن سبعين (5).

و قال الشافعيّ:يجوز للسبعة أن يشتركوا في بدنة أو بقرة،سواء كان واجبا

ص:236


1- 1الخلاف 2:535 مسألة-27.
2- 2) السرائر:140.
3- 3) بلغة السالك 1:304،بداية المجتهد 1:434،المدوّنة الكبرى 1:468،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:77،عمدة القارئ 10:47،المغني 3:398.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) الجمل و العقود:146،النهاية:258، [1]المبسوط 1:372. [2]

أو تطوّعا،و سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم،و أراد الباقون اللحم (1).

و قال أبو حنيفة:يجوز اشتراك السبعة في البدنة و البقرة إذا كانوا متقرّبين (2)كلّهم،تطوّعا كان أو فرضا،و لا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة (3).

لنا على عدم الإجزاء مع التمكّن:طريقة الاحتياط.و لأنّ وجوب الذبح متيقّن، و لا يخرج المكلّف عن عهدته بيقين،إلاّ بالانفراد.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«تجزئ البقرة و البدنة في الأمصار عن سبعة،و لا تجزئ بمنى،إلاّ عن واحد» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا تجوز البدنة و البقرة،إلاّ عن واحد بمنى» (5).

و على الإجزاء مع الضرورة:ما رواه الجمهور عن جابر،قال:كنّا نتمتّع مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

ص:237


1- 1الأمّ 2:159،حلية العلماء 3:379،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:398،مغني المحتاج 4: 285،السراج الوهّاج:562.
2- 2) ع:متفرّقين،كما في المغني.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 12:11-12،الهداية للمرغينانيّ 4:71،شرح فتح القدير 8:429،بدائع الصنائع 5:70،تحفة الفقهاء 3:85،مجمع الأنهر 2:517،المغني 3:595.
4- 4) التهذيب 5:207 الحديث 695،الاستبصار 2:266 الحديث 940،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
5- 5) التهذيب 5:208 الحديث 696،فيه:لا تجوز إلاّ عن واحد بمنى،الاستبصار 2:266 الحديث 941، الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
6- 6) صحيح مسلم 2:956 الحديث 1318،سنن أبي داود 3:98 الحديث 2807، [3]مسند أحمد 3:304، [4]سنن النسائيّ 7:222،الموطّأ 2:486 الحديث 9. [5]

عليه السلام،قال:«تجزئ البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد» (1).

و في الحسن عن حمران،قال:عزّت البدن سنة بمنى حتّى بلغت البدنة مائة دينار،فسئل أبو جعفر عليه السلام عن ذلك،فقال:«اشتركوا فيها»قال:قلت:كم؟ قال:«ما خفّ فهو أفضل»فقال:قلت:عن كم تجزئ؟قال:«عن سبعين» (2).

و عن سوادة القطّان (3)و عليّ بن أسباط،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال:قلنا له:جعلنا فداك عزّت الأضاحيّ علينا بمكّة،أ فيجزئ اثنين أن يشتركا في شاة؟فقال:«نعم و عن سبعين» (4).

و عن أحمد بن محمّد،عن الحسن بن عليّ،عن رجل يسمّى سوادة،قال:كنّا جماعة بمنى فعزّت الأضاحيّ فنظرنا فإذا أبو عبد اللّه عليه السلام واقف على القطيع يساوم بغنم و يماكسهم مكاسا شديدا و نحن ننتظر (5)،فلمّا فرغ أقبل علينا فقال:

«أظنّكم قد تعجّبتم من مكاسي؟»فقلنا:نعم،فقال:«إنّ المغبون لا محمود و لا مأجور،أ لكم حاجة؟»قلنا:نعم،أصلحك اللّه إنّ الأضاحيّ قد عزّت علينا، قال:«فاجتمعوا فاشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم»قلنا:فلا تبلغ نفقتنا ذلك، قال:«فاجتمعوا فاشتروا بقرة فيما بينكم».قلنا:فلا تبلغ نفقتنا،قال:«فاجتمعوا فاشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم»قلنا:تجزئ عن سبعة؟قال:«نعم و عن

ص:238


1- 1التهذيب 5:208 الحديث 697،الاستبصار 2:266 الحديث 942،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:209 الحديث 703،الاستبصار 2:267 الحديث 948،الوسائل 10:115 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 11. [2]
3- 3) سوادة القطّان،لم نعثر فيه إلاّ على ما ذكره السيّد الخوئيّ،قال:روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، و روى عنه الحسن بن عليّ بن فضّال.معجم رجال الحديث 8:321.
4- 4) التهذيب 5:209 الحديث 704،الاستبصار 2:267 الحديث 949،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 9. [3]
5- 5) في الكافي: [4]فوقفنا ننتظر،و في التهذيب و الوسائل: [5]فوقفنا ننظر،مكان:و نحن ننتظر.

سبعين» (1).

و على حال الضرورة حمل الشيخ-رحمه اللّه (2)-ما رواه يونس بن يعقوب- في الموثّق-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن البقرة يضحّى بها؟فقال:

«تجزئ عن سبعة» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«البدنة و البقرة تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا،من أهل بيت واحد و من غيرهم» (4).

و عن إسماعيل بن أبي زياد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام،قال:«البقرة الجذعة (5)تجزئ عن ثلاثة من أهل بيت واحد،و المسنّة تجزئ عن سبعة نفر متفرّقين،و الجزور تجزئ عن عشرة متفرّقين» (6).

و في الصحيح عن عليّ بن الريّان بن الصلت،عن أبي الحسن الثالث عليه السلام،قال:كتبت إليه أسأله عن الجاموس عن كم يجزئ في الضحيّة؟ (7)فجاء الجواب:«إن كان ذكرا فعن (8)واحد،و إن كان (9)أنثى فعن

ص:239


1- 1الكافي 4:496 الحديث 3، [1]التهذيب 5:209 الحديث 702،الاستبصار 2:267 الحديث 947، الوسائل 10:115 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 12. [2]
2- 2) التهذيب 5:210،الاستبصار 2:268.
3- 3) التهذيب 5:208 الحديث 698،الاستبصار 2:266 الحديث 943،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 2، [3]في الجميع:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام.
4- 4) التهذيب 5:208 الحديث 699،الاستبصار 2:266 الحديث 944،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 6. [4]
5- 5) في الاستبصار:و الجذعة.
6- 6) التهذيب 5:208 الحديث 700،الاستبصار 2:266 الحديث 945،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 7. [5]
7- 7) خا:في الأضحيّة.
8- 8) ر:ففيه.
9- 9) ج،ح،ر و د:و إن كانت.

سبعة» (1).

و استدلّ على هذا الجمع بما رواه-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن قوم غلت عليهم الأضاحيّ و هم متمتّعون و هم مترافقون،ليسوا بأهل بيت واحد،رفقة اجتمعوا (2)في مسيرهم، و مضربهم واحد،ألهم أن يذبحوا بقرة؟فقال:«لا أحبّ ذلك إلاّ من ضرورة» (3).

و لأنّ الأخبار الأوّلة دلّت على عدم الإجزاء،و لو لم يحمل ما دلّ على الإجزاء على الضرورة،لحصل التنافي.

ثمّ إنّ الشيخ-رحمه اللّه-تأوّل الأخبار الدالّة على الاجتزاء مع الضرورة أيضا بتأويل آخر،و هو حمل ما يجزئ فيه الواحد عن العدد الكثير،بالتطوّع (4)،و استدلّ على هذا الجمع بما رواه عن محمّد الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النفر تجزئهم البقرة؟قال:«أمّا في الهدي فلا،و أمّا في الأضحى (5)فنعم» (6).

و هذا الكلام من الشيخ-رحمه اللّه-يدلّ على المذهب الذي اختاره ابن إدريس،لكن نصّ قوله في كتب فتاويه على ما نقلناه عنه أوّلا.

ص:240


1- 1التهذيب 5:209 الحديث 701،الاستبصار 2:267 الحديث 946،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 8. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل:و [2]قد اجتمعوا،مكان:رفقة اجتمعوا.
3- 3) التهذيب 5:210 الحديث 706،الاستبصار 2:268 الحديث 951،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 10. [3]
4- 4) التهذيب 5:210،الاستبصار 2:268.
5- 5) في التهذيب:«في الأضاحي»و في الاستبصار:«في الأضحيّة».
6- 6) التهذيب 5:210 الحديث 705،الاستبصار 2:268 الحديث 950،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 3. [4]
فروع:
الأوّل:كلّما قلّ المشتركون في الهدي،كان أفضل

؛لزيادة النفع للفقراء، و لحديث حمران عن الباقر عليه السلام (1).

الثاني:شرط علماؤنا في المشتركين أن يكونوا أهل خوان واحد

؛لحديث معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام (2).

الثالث:اشترط الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف ما اشترطه أبو حنيفة من

اجتماعهم على إرادة التقرّب

،سواء كانوا متطوّعين أو مفترضين أو بالتفريق،و سواء اتّفقت مناسكهم،بأن كانوا متمتّعين أو قارنين،أو افترقوا (3).و فيه نظر؛لأنّ الجزاء المجزئ لا ينقص قدره بإرادة الشريك غير القربة،فجاز،كما لو اختلفت جهات القرب فأراد بعضهم المتعة و الآخر الإفراد.

و يجوز أن يقسّم اللحم؛لأنّ القسمة تميّز (4)الحقوق و ليست بيعا.

مسألة:الهدي على ضربين:

الأوّل:التطوّع،مثل أن خرج حاجّا أو معتمرا فساق معه هديا بنيّة أنّه نحره (5)بمنى أو مكّة من غير أن يشعره أو يقلّده،فهذا لا يخرج عن ملك صاحبه،بل هو باق على ملكيّته يتصرّف فيه كيف يشاء (6)من بيع،أو هبة،و له ولده و شرب لبنه،و إن هلك فلا شيء عليه.

ص:241


1- 1التهذيب 5:209 الحديث 703،الاستبصار 2:267 الحديث 948،الوسائل 10:115 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 11.
2- 2) التهذيب 5:208 الحديث 697،الاستبصار 2:266 الحديث 942،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 5.
3- 3) الخلاف 1:499 مسألة-341.
4- 4) ع و ق:تمييز،د:تقسّم.
5- 5) ع و د:ينحره.
6- 6) ع و د:شاء.

الثاني:الواجب،و هو قسمان:

أحدهما:ما وجب بالنذر في ذمّته.

و الثاني:ما وجب بغيره،كهدي التمتّع و الدماء الواجبة بترك واجب،أو فعل محظور،كاللباس و الطيب.

و الذي وجب بالنذر قسمان:

أحدهما:أن يطلق النذر فيقول:للّه عليّ أن أهدي بدنة أو بقرة أو شاة، و حكمه حكم ما وجب بغير النذر،و سيأتي.

و الثاني:أن يعيّنه فيقول:للّه عليّ أن أهدي هذه البدنة،أو هذه الشاة،فإذا قال، زال ملكه عنها و انقطع تصرّفه في حقّ نفسه فيها،و هي أمانة للمساكين في يده، و عليه أن يسوقها (1)إلى المنحر.و يتعلّق الوجوب هنا بعينه دون ذمّة صاحبه،بل يجب عليه حفظه و إيصاله إلى محلّه،فإن تلف بغير تفريط منه،أو سرق أو ضلّ كذلك،لم يلزمه شيء؛لأنّه لم يجب في الذمّة،و إنّما تعلّق الوجوب بالعين،فيسقط بتلفها،كالوديعة.

و أمّا الواجب المطلق،كدم التمتّع،و جزاء الصيد،و النذر غير المعيّن و ما شابه ذلك فعلى ضربين:

أحدهما:أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول،فهذا لا يزول ملكه عنه إلاّ بذبحه و دفعه إلى أهله،و له التصرّف فيه بما شاء من أنواع التصرّف، كالبيع و الهبة و الأكل و غير ذلك؛لأنّه لم يتعلّق حقّ الغير به،فإن عطب،تلف من ماله،و إن عاب،لم يجزئه ذبحه،و عليه الهدي الذي كان واجبا عليه؛لأنّ وجوبه تعلّق بالذمّة،فلا تبرأ منه إلاّ بإيصاله إلى مستحقّه،و جرى ذلك مجرى من عليه دين،فحمله إليه،فتلف قبل وصوله إليه.

ص:242


1- 1خا و ق:يسوق بها.

الثاني:أن يعيّن الواجب عليه،فيقول:هذا الواجب عليّ،فإنّه يتعيّن الوجوب (1)فيه من غير أن تبرأ الذمّة منه،لأنّه لو أوجب هديا و لا هدي عليه، لتعيّن،فكذا إذا كان واجبا فعيّنه و يكون مضمونا عليه،فإن عطب أو سرق أو ضلّ، لم يجزئه و عاد الوجوب إلى ذمّته،كما لو كان عليه دين فاشترى صاحبه منه متاعا به،فتلف المتاع قبل القبض،فإنّ الدين يعود إلى الذمّة.

و لأنّ التعيين (2)ليس سببا في إبراء ذمّته،و إنّما تعلّق الوجوب (3)بمحلّ آخر، فصار كالدين إذا رهن عليه رهنا،فإنّ الحقّ يتعلّق بالذمّة و الرهن،فمتى تلف الرهن استوفي من المدين.

و إذا ثبت أنّه يتعيّن:فإنّه يزول ملكه عنه،و ينقطع تصرّفه فيه،و عليه أن يسوقه إلى المنحر،فإن وصل،نحره و أجزأه،و إلاّ سقط التعيين،و وجب عليه إخراج الذي في ذمّته على ما قلناه،و هذا كلّه لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام، قال:سألته عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثمّ يعطب،قال:«إن كان تطوّعا فليس عليه غيره،و إن كان جزاءا أو نذرا فعليه بدله» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل أهدى هديا فانكسرت،فقال:«إن كانت مضمونة،فعليه مكانها،و المضمون ما كان نذرا أو جزاءا،و له أن يأكل منها،و إن لم يكن مضمونا،فليس عليه شيء» (5).

ص:243


1- 1ع:الواجب.
2- 2) ح،ج و ر:التعيّن.
3- 3) خا و ق:الواجب.
4- 4) التهذيب 5:215 الحديث 724،الاستبصار 2:269 الحديث 955،الوسائل 10:123 الباب 25 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 5:215 الحديث 725،الاستبصار 2:269 الحديث 956،الوسائل 10:123 الباب 25 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«و له أن يأكل منه»محمول على أنّه إذا كان تطوّعا؛لأنّ الواجب لا يجوز الأكل منه (1)،و استدلّ على ذلك بما رواه عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سألته عن الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ المنحر،أ يجزئ عن صاحبه؟فقال:«إن كان تطوّعا فلينحره و ليأكل منه و قد أجزأ (2)بلغ المنحر أو لم يبلغ،و ليس عليه فداء،و إن كان مضمونا فليس عليه أن يأكل منه بلغ (3)أو لم يبلغ و عليه مكانه» (4).

و عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ من ساق هديا تطوّعا فعطب هديه،فلا شيء عليه ينحره و يأخذ نعل التقليد فيغمسها في الدم فيضرب (5)به صفحة سنامه و لا بدل عليه،و ما كان من جزاء صيد أو نذر، فيعطب (6)،فعل مثل ذلك و عليه البدل،و كلّ شيء إذا دخل الحرم فعطب،فلا بدل على صاحبه تطوّعا أو غيره» (7).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و ليس هذا الحديث منافيا لما تقدّم من أنّ عليه البدل بلغ أو لم يبلغ؛لأنّ هذا الخبر محمول على أنّه إذا عطب عطبا يكون دون الموت، مثل انكسار أو مرض و ما أشبه ذلك،فإنّه-و الحال على ما وصفناه-يجزئ عن

ص:244


1- 1التهذيب 5:215،الاستبصار 2:270.
2- 2) في المصادر بزيادة:«عنه».
3- 3) في المصادر:«بلغ المنحر».
4- 4) التهذيب 5:215 الحديث 726،الاستبصار 2:270 الحديث 957،الوسائل 10:123 الباب 25 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
5- 5) ح:«و يضرب»كما في الكافي 4:493 الحديث 1. [2]
6- 6) في المصادر:«فعطب».
7- 7) التهذيب 5:216 الحديث 727،الاستبصار 2:270 الحديث 958،الوسائل 10:124 الباب 25 من أبواب الذبح الحديث 6. [3]

صاحبه (1)؛لما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل أهدى هديا و هو سمين،فأصابه مرض و انفقأت عينه و انكسر فبلغ المنحر و هو حيّ،فقال:«يذبحه (2)و قد أجزأ عنه» (3).

قال-رحمه اللّه-:و يحتمل أن يكون المراد به:من لا يقدر على البدل؛لأنّ من هذه حاله،فهو معذور،فأمّا مع التمكّن فلا بدّ له من البدل (4)؛لما رواه-في الصحيح -عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل اشترى هديا لمتعته فأتى به منزله و ربطه فانحلّ فهلك،فهل يجزئه أو يعيد؟قال:«لا يجزئه إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه» (5).

فروع:
الأوّل:لو ذبح الواجب غير المعيّن،فسرق أو غصب بعد الذبح،فالوجه:

الإجزاء

،و به قال أحمد،و الثوريّ،و بعض أصحاب مالك،و أصحاب الرأي.

و قال الشافعيّ:عليه الإعادة (6).

لنا:أنّه أدّى الواجب عليه فبرئ منه،كما لو فرّقه؛لأنّ الواجب هو الذبح، و التفرقة ليست واجبة؛لأنّه لو خلّي بينه و بين الفقراء،أجزأهم و إن لم يفرّقه

ص:245


1- 1التهذيب 5:216،الاستبصار 2:270.
2- 2) أكثر النسخ:«أذبحه».
3- 3) التهذيب 5:216 الحديث 728،الاستبصار 2:270 الحديث 959،الوسائل 10:125 الباب 26 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 5:216،الاستبصار 2:271.
5- 5) التهذيب 5:216 الحديث 729،الاستبصار 2:271 الحديث 960،الوسائل 10:124 الباب 25 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:575،المجموع 7:501، [3]الإنصاف 4:93. [4]

عليهم،و لهذا لمّا نحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله البدن،قال:«من شاء فليقتطع (1)» (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لم يوصل الحقّ إلى مستحقّه،فأشبه ما لو لم يذبحه (3).

و الجواب:الفرق؛لأنّ مع الذبح و التخلية يحصل فعل الواجب،بخلاف المقيس عليه.

الثاني:الواجب غير المعيّن إذا عيّنه بالقول،تعيّن على ما قلناه

(4)،فإن عطب أو عاب عيبا يمنع من الإجزاء،لم يجزئه ذبحه عمّا في ذمّته؛لأنّ الواجب عليه هدي سليم و لم يوجد،فعليه الإبدال.

إذا ثبت هذا:فإنّه يرجع هذا الهدي إلى ملكه،فيصنع به ما شاء من أكل و بيع وهبة و صدقة.و به قال الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور (7)،و أصحاب الرأي (8).

و قال مالك:يأكل و يطعم من أحبّ من الأغنياء و الفقراء،و لا يبيع منه شيئا (9).

ص:246


1- 1أكثر النسخ:«فليقطع».
2- 2) مسند أحمد 4:350،المستدرك للحاكم 4:221،سنن البيهقيّ 5:241 و ج 7:288،المغني و الشرح الكبير 3:575.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:575.
4- 4) يراجع:ص 243. [1]
5- 5) حلية العلماء 3:368،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:378،مغني المحتاج 4:289،المغني و الشرح الكبير 3:576.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:576،الكافي لابن قدامة 1:633،الإنصاف 4:99.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:576.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:145،الهداية للمرغينانيّ 1:188، [2]شرح فتح القدير 3:83،مجمع الأنهر 1: 311.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:385،بداية المجتهد 1:379،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:328،المغني و الشرح الكبير 3:576.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:و إذا أهديت هديا واجبا فعطب فانحره بمكانه إن شئت،و أهده إن شئت،و بعه إن شئت و تقوّ به في هدي آخر (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب،أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه في هدي آخر؟قال:«يبيعه و يتصدّق بثمنه و يهدي هديا آخر» (2).

و لأنّ جواز أكله و إطعامه الأغنياء يستلزم جواز بيعه؛لأنّه ملكه.

إذا عرفت هذا:فالأولى ذبحه و ذبح ما وجب في ذمّته معا،فإن باعه تصدّق بثمنه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب،أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه في هديه؟قال:«لا يبيعه،و إن باعه تصدّق بثمنه و ليهد آخر» (3).

و لأنّه قد تعلّق به حقّ الفقراء بتعيّنه،فكان عليه ذبحه،كما لو عيّنه بنذر ابتداءً.

و أوجب أحمد في رواية ذبحه (4).و الأقرب:حمل ما تلوناه من الرواية على الاستحباب.

الثالث:لو عيّن معيبا عمّا في ذمّته،لم يجزئه

؛لأنّ الواجب عليه سليم،فلا يخرج عن العهدة إلاّ به،و هل يلزمه ذبح ما عيّنه؟الوجه:عدم اللزوم،لأنّ المتعيّن إنّما يجزئ إذا وافق ما في الذمّة،فلهذا إذا حصلت المساواة قلنا بوجوب ذبح ما

ص:247


1- 1أورده بهذا اللفظ ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 3:576،و بهذا المضمون،ينظر:الموطّأ 1:381 الرقم 149،سنن البيهقيّ 5:243،جامع الأصول 4:162 الرقم 1691 و فيها:روى مثله عن ابن عبّاس.
2- 2) التهذيب 5:217 الحديث 730،الوسائل 10:126 الباب 27 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:217 الحديث 731،الوسائل 10:126 الباب 27 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:576.

يعيّنه (1)و لم يحصل الشرط هنا.

الرابع:تعيين الهدي يحصل بقوله:هذا هديي،أو بإشعاره،أو تقليده مع نيّة

الهدي

،و به قال الثوريّ،و إسحاق (2).

و لا يحصل بالشراء مع النيّة،و لا بالنيّة المجرّدة في قول أكثر العلماء (3).

و قال أبو حنيفة:يجب الهدي و يتعيّن بالشراء مع النيّة (4).

لنا:أنّ الأصل عدم التعيين،فلا يصار إلى خلافه لغير دليل.و لأنّه إزالة ملك على وجه القربة،فلم يجب بالنيّة،كالعتق و الوقف.

الخامس:لو سرق الهدي من موضع حريز،أجزأ عن صاحبه

،و إن أقام بدله فهو أفضل؛لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن غير واحد من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى شاة لمتعته فسرقت منه أو هلكت،فقال:«إن كان أوثقها في رحله فضاعت،فقد أجزأت عنه» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى أضحيّة فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها،قال:«لا بأس،و إن أبدلها فهو أفضل،و إن لم يشتر فليس عليه شيء» (6).

ص:248


1- 1ع:ما عيّنه.
2- 2) المغني 3:577،الشرح الكبير بهامش المغني 3:560.
3- 3) المغني 3:577،المجموع 8:360 و 451.
4- 4) تحفة الفقهاء 3:84،بدائع الصنائع 5:62،الهداية للمرغينانيّ 4:72،المغني 3:577.
5- 5) التهذيب 5:217 الحديث 732،الوسائل 10:129 الباب 30 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]لا توجد فيه كلمة:«لمتعته».
6- 6) التهذيب 5:217 الحديث 733،الوسائل 10:129 الباب 30 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]

و عن إبراهيم بن عبد اللّه (1)[عن رجل يقال له الحسن] (2)عن رجل سمّاه قال:اشترى لي أبي شاة بمنى،فسرقت،فقال لي أبي:ايت أبا عبد اللّه عليه السلام فاسأله (3)عن ذلك،فأتيته فأخبرته،فقال لي:«ما ضحّي بمنى شاة أفضل من شاتك» (4).

و عن ابن جبلة (5)،عن عليّ (6)،عن عبد صالح عليه السلام،قال:«إذا اشتريت

ص:249


1- 1إبراهيم بن عبد اللّه بن معبد بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف المدنيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام،كذا عنونه الشيخ و الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ،و لكن قال المامقانيّ:إبراهيم بن عبد اللّه بن سعيد ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكنّي لم أقف على غير ذلك في حقّه فهو مجهول الحال،و قال أيضا:إنّ الموجود في نسخ الرجال المصحّحة هو:ابن سعيد بعد عبد اللّه، و الموجود في نسختين من رجال الشيخ و نسخة جامع الرواة [1]المصحّحة:ابن معبد،و قال السيّد الخوئيّ: روى عنه عليّ بن مهزيار و ابن جمهور و عبد الرحمن بن حمّاد،و هذا غريب فإنّ المذكورين هم من أصحاب الرضا عليه السلام و من بعده فكيف يمكنهم الرواية عن إبراهيم المذكور،و ليس في الروايات التي ذكرها تقييد بابن معبد،و لعلّ المراد بإبراهيم في بعض هذه الروايات هو إبراهيم بن إسحاق أبو إسحاق الأحمريّ الذي روى عنه سيف بن عميرة و هو من أصحاب الكاظم عليه السلام. رجال الطوسيّ:81،جامع الرواة 1:25، [2]تنقيح المقال 1:24، [3]معجم رجال الحديث 1:112. [4]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) ج:فسله،كما في التهذيب.
4- 4) التهذيب 5:218 الحديث 734،الوسائل 10:129 الباب 30 من أبواب الذبح الحديث 3. [5]
5- 5) عبد اللّه بن جبلة بن حنّان بن الحرّ الكنانيّ أبو محمّد،قال النجاشيّ:عربيّ صليب،ثقة روى عن أبيه عن جدّه،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام،و قال في الفهرست:له روايات،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،قال المامقانيّ:على أيّ حال فقد عدّه موثّقا جمع،و ليت العلاّمة ذكره في القسم الأوّل من الخلاصة،ثمّ إنّه قد اختلف في اسم أبيه و جدّه،نقل المامقانيّ عن النجاشيّ:أنّه: حنّان،و الموجود في رجال النجاشيّ المطبوع:حيّان،و ضبط الحرّ في رجال النجاشيّ المطبوع بأبجر. رجال النجاشيّ:216،رجال الطوسيّ:356،رجال العلاّمة:237، [6]الفهرست:104، [7]تنقيح المقال 2: 172، [8]معجم رجال الحديث 10:137. [9]
6- 6) هو:عليّ بن عبد اللّه حيث إنّ السيّد الخوئيّ قال:روى عنه [10] عبد اللّه بن جبلة و هو مشترك بين عدّة،و لعلّه

أضحيّتك و قمطتها 1و صارت في رحلك فقد بلغ الهدي محلّه» 2.

السادس:لو عطب الهدي في موضع لا يجد من يتصدّق به عليه،فلينحره

و يكتب كتابا و يضعه عليه ليعلم من يمرّ به من الفقراء أنّه صدقة

؛لأنّ تخليته غير منحور تضييع له،و وضع الكتاب عليه؛ليعلم الفقراء أنّه لهم فيتناولونه 3،و يعلم الأغنياء أنّه صدقة فيجتنبوه.و لما رواه الشيخ عن عمر بن حفص الكلبيّ 4،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل ساق الهدي،فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه،و لا من يعلمه أنّه هدي،قال:«ينحره و يكتب كتابا و يضعه عليه، ليعلم من يمرّ به أنّه صدقة» 5.

السابع:إذا ضلّ الهدي فاشترى مكانه غيره ثمّ وجد الأوّل،فصاحبه بالخيار

، إن شاء ذبح الأوّل،و إن شاء ذبح الأخير،فإن ذبح الأوّل،جاز له بيع الأخير،و إن ذبح الأخير،لزمه ذبح الأوّل أيضا إن كان قد أشعره،و إن لم يكن أشعره،جاز له بيعه،و يذبحهما معا،قاله عمر و ابنه،و ابن عبّاس 6.و به قال مالك 7،

ص:250

و الشافعيّ (1)،و إسحاق (2).

و قال أصحاب الرأي:يصنع بالأوّل ما شاء (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّها أهدت هديين فأضلّتهما فبعث إليها ابن الزبير هديين فنحرتهما ثمّ عاد الضالاّن فنحرتهما و قالت:هذه سنّة الهدي (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى كبشا (5)فهلك منه،قال:«يشتري مكانه آخر»[قلت:فإن اشترى مكانه آخر] (6)ثمّ وجد الأوّل؟قال:«إن كانا جميعا قائمين،فليذبح الأوّل و ليبع الأخير و إن شاء ذبحه،و إن كان قد ذبح الأخير،ذبح الأوّل معه» (7).

و لأنّ حق اللّه تعالى تعلّق بهما،أمّا جواز بيع الأخير فللرّواية،و لأنّ الثاني بدل عن الأوّل و قد وجد المبدل منه،فلم يجب فعل البدل،كالتيمّم مع وجود الماء.

أمّا لو لم يشعر الأوّل،فإنّه يجوز له بيعه؛لعدم تعيينه،فلا تعلّق لحقّ اللّه تعالى به.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري البدنة ثمّ تضلّ قبل أن يشعرها و يقلّدها (8)،فلا يجدها حتّى

ص:251


1- 1المجموع 8:378،المغني 3:576،الشرح الكبير بهامش المغني 3:577.
2- 2) المغني 3:576،الشرح الكبير بهامش المغني 3:577.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:142،بدائع الصنائع 5:66،الهداية للمرغينانيّ 4:74،المغني 3:576.
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:242 الحديث 29،سنن البيهقيّ 5:244.
5- 5) ع،ج و ق:هديا.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 5:218 الحديث 737،الاستبصار 2:271 الحديث 961،الوسائل 10:132 الباب 32 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
8- 8) ع:أو يقلّدها،كما في الاستبصار.

يأتي منى،فينحر،و يجد هديه،قال:«إن لم يكن أشعرها (1)فهي من ماله،إن شاء نحرها و إن شاء باعها،و إن كان أشعرها،نحرها» (2).

الثامن:إذا غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه،لم يجزئه

،رضي المالك أو لم يرض،عوّضه عنها أو لم يعوّضه.

و قال أبو حنيفة:يجزئه مع رضاء المالك (3).

لنا:أنّه لم يكن في ابتدائه قربة،فلا يصير قربة في انتهائه،كما لو ذبحه للأكل ثمّ نوى به التقرّب،و كما لو أعتق تطوّعا ثمّ نواه عن الكفّارة.و لأنّه فعل منهيّ عنه، فلا يخرج به عن عهدة المأمور به؛لتضادّهما،و رضاء المالك بعد وقوع الفعل،لا يخرج الفعل عن وجهه الذي وقع عليه.

التاسع:لو ضلّ الهدي فوجده غيره،فإن ذبحه عن نفسه،لم يجزئ عن واحد

منهما

،أمّا عن الذابح؛فلأنّه منهيّ عنه،و أمّا عن صاحبه؛فلعدم النيّة،و إن ذبحه عن صاحبه،فإن ذبحه بمنى،أجزأ عنه،و إن ذبحه بغيرها،لم يجزئ عنه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يضلّ هديه فيجده رجل آخر فينحره،قال:«إن كان نحره بمنى،فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه،و إن كان نحره في غير منى،لم يجزئ عن صاحبه» (4).

و لأنّه مع الذبح عن صاحبه يحصل المقصود من الأمر بالذبح،فيخرج عن

ص:252


1- 1في التهذيب و الوسائل:قد أشعرها.
2- 2) التهذيب 5:219 الحديث 738،الاستبصار 2:271 الحديث 962،الوسائل 10:131 الباب 32 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 12:18،تحفة الفقهاء 3:87،بدائع الصنائع 5:67،الهداية للمرغينانيّ 4:78، شرح فتح القدير 8:438،مجمع الأنهر 2:522،المغني و الشرح الكبير 3:577.
4- 4) التهذيب 5:219 الحديث 739،الاستبصار 2:272 الحديث 963،الوسائل 10:127 الباب 28 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]

العهدة.

العاشر:ينبغي لواجد الهدي الضالّ أن يعرّفه ثلاثة أيّام

،فإن عرفه صاحبه و إلاّ ذبحه عنه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«إذا وجد الرجل هديا ضالاّ،فليعرّفه يوم النحر و اليوم الثاني و الثالث،ثمّ ليذبحها عن صاحبها عشيّة الثالث» (1).

الحادي عشر:لو اشترى هديا و ذبحه فاستعرفه غيره و ذكر أنّه هديه ضلّ عنه

و أقام بذلك شاهدين،كان له لحمه

،و لا يجزئ عن واحد منهما،أمّا عن صاحبه؛ فلعدم النيّة منه و من الذابح،و أمّا عن المشتري؛فلأنّه غير مالك،و لصاحبه الغرم ما بين قيمته مذبوحا و حيّا.

روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه-عن محمّد بن يعقوب،عن عدّة من أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام في رجل اشترى هديا فنحره فمرّ بها رجل فعرفها (2)،فقال:

هذه بدنتي ضلّت منّي بالأمس،و شهد له رجلان بذلك،فقال:«له لحمها،و لا يجزئ عن واحد منهما»ثمّ قال:«و لذلك جرت السنّة بإشعارها و تقليدها إذا عرفت» (3).

الثاني عشر:إذا عيّن هديا صحيحا عمّا في ذمّته،فهلك أو عاب عيبا يمنع من

الإجزاء بغير تفريط،لم يلزمه أكثر ممّا كان واجبا في ذمّته

؛لأنّ الزائد لم يجب في الذمّة،و إنّما تعلّق بالعين،فسقط بتلفها،كأصل الهدي إذا لم يجب بغير التعيين،و إن أتلفه أو تلف بتفريط قال قوم:يجب مثل المعيّن؛لأنّ الزائد تعلّق به حقّ اللّه تعالى، فإذا فوّته،لزمه ضمانه،كالهدي المعيّن ابتداءً (4).و عندي في ذلك تردّد.

ص:253


1- 1التهذيب 5:217 الحديث 731،الوسائل 10:127 الباب 28 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) في الكافي و [2]الوسائل: [3]فعرفه.
3- 3) الكافي 4:495 الحديث 9، [4]التهذيب 5:220 الحديث 740،الاستبصار 2:272 الحديث 964، الوسائل 10:132 الباب 33 من أبواب الذبح الحديث 1.و [5]في الأخيرين:«إذا».
4- 4) المغني 3:577،الشرح الكبير بهامش المغني 3:576،المجموع 8:377.
مسألة:إذا ولدت الهدية،كان ولدها بمنزلتها في وجوب نحره أو ذبحه

، و لا فرق في ذلك بين ما عيّنه ابتداءً،و بين ما عيّنه بدلا عن الواجب في ذمّته.

و قال بعض الجمهور:يحتمل أن لا يتبعها الولد فيما عيّنه بدلا عن الواجب (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن المغيرة بن حذف (2)،قال:أتى رجل عليّا عليه السلام ببقرة قد أولدها،فقال:«لا تشرب من لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها،و إذا كان يوم الأضحى ضحّيت بها و ولدها عن سبعة» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إن نتجت بدنتك (4)فاحلبها ما لا يضرّ بولدها ثمّ انحرهما جميعا»قلت:أشرب من لبنها و أسقي؟قال:«نعم» (5).

و لأنّه ولد هدي واجب،فكان واجبا،كالمعيّن ابتداءً.

احتجّ:بأنّ الواجب في الذمّة واحد،فلا يلزمه اثنان (6).

و الجواب:أنّه بتعيّنه خرج عن ملكه،فكان الولد نماء ما ليس بملك له،فلا يكون ملكا،كالمعيّن ابتداءً.

فروع:
الأوّل:لو تلفت المعيّنة ابتداءً أو بتعيينه،وجب إقامة بدلها على ما قلناه

من

ص:254


1- 1المغني 3:580،الكافي لابن قدامة 1:634.
2- 2) المغيرة بن حذف العبسيّ روى عن حذيفة و عائشة،و روى عنه زهير بن أبي ثابت و أبو الضريس عقبة بن عمّار العبسيّ،عن يحيى بن معين قال:مغيرة بن حذف مشهور.الجرح و التعديل 8:220.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:237،و أوردها ابن قدامة في المغني 3:581 نقلا عن سعيد و الأثرم.
4- 4) في النسخ:«بدنك»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:220 الحديث 741،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 6. [1]
6- 6) المغني 3:581.

التفصيل،و وجب ذبح الولد أيضا؛لأنّه تبعها في الوجوب حالة اتّصاله بها و لم يتبعها في زوالها (1)،لأنّه منفصل عنها،فكان كولد المعيبة إذا ردّها بالعيب لم يبطل البيع في الولد.

الثاني:يجوز له شرب لبنه ما لم يضرّ به أو بولده

؛لما رواه الجمهور في حديث عليّ عليه السلام:«و لا تشرب لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها» (2).و الاستثناء يقتضي إباحة شرب غير المضرّ.و ما تقدّم في حديث سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام.و لما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى (3)قال:«إن احتاج إلى ظهرها (4)ركبها من غير أن يعنف عليها،و إن كان لها لبن،حلبها حلابا لا ينهكها» (5).

و لأنّ بقاء اللبن في الضرع مضرّ به (6)،فإن شرب ما يضرّ بالأمّ أو بالولد، ضمنه؛لأنّه منهيّ عنه،و إن كان صوفها يضرّ بها بقاؤه،أزاله و تصدّق (7)به على الفقراء،و لا يجوز له التصرّف فيه،بخلاف اللبن؛لأنّ اللبن لم يكن موجودا وقت التعيين،بل يتجدّد،فلم يدخل في التعيين،كالركوب و غيره من المنافع،و أمّا الصوف،فإنّه كان موجودا حال إيجابها،فكان واجبا معها.

الثالث:يجوز له ركوب الهدي على وجه لا يضرّ به

.و به قال أحمد في إحدى

ص:255


1- 1بعض النسخ:زواله.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:237،و أورده ابن قدامة في المغني 3:581،نقلا عن سعيد و الأثرم.
3- 3) الحجّ(22):33. [1]
4- 4) أكثر النسخ:إلى ظهورها.
5- 5) التهذيب 5:220 الحديث 742،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
6- 6) ع:يضرّ به.
7- 7) ع:و يتصدّق.

الروايتين (1)،و الشافعيّ (2)،و ابن المنذر (3)،و أصحاب الرأي (4).

و قال أحمد في الرواية الأخرى:لا يجوز (5).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«اركبها بالمعروف إذا ألجئت (6)إليها حتّى تجد ظهرا» (7).

و ما رواه أبو هريرة و أنس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يسوق بدنة فقال:«اركبها»قال:يا رسول اللّه إنّها بدنة،فقال:«اركبها ويلك»في الثانية أو في الثالثة (8).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و لأنّه نفع لا يضرّ بالهدي،فكان سائغا،كاللبن.

احتجّ المخالف:بأنّ حقّ الفقراء تعلّق بها (9).

ص:256


1- 1المغني 3:581،الشرح الكبير بهامش المغني 3:563،الإنصاف 4:91.
2- 2) المجموع 8:368، [1]سنن الترمذيّ 3:254.
3- 3) المغني 3:581،الشرح الكبير بهامش المغني 3:563،المجموع 8:368.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:144،الهداية للمرغينانيّ 1:187،المغني 3:581،الشرح الكبير بهامش المغني 3:563.
5- 5) المغني 3:582،الشرح الكبير بهامش المغني 3:563،الإنصاف 4:91.
6- 6) ع:إذا احتجت.
7- 7) صحيح مسلم 2:961 الحديث 1324،سنن أبي داود 2:147 الحديث 1761، [2]سنن النسائيّ 5:177، مسند أحمد 3:317،324،325 و 348، [3]سنن البيهقيّ 5:236،مسند أبي يعلى 4:142 الحديث 2199 و ص 144 الحديث 2204.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:960 الحديث 1322 و 1323،سنن أبي داود 2:147 الحديث 1760، [4]سنن ابن ماجة 2:1036 الحديث 3103 و 3104،سنن الترمذيّ 3:254 الحديث 911، [5]سنن النسائيّ 5:176،الموطّأ 1:377 الحديث 139، [6]سنن البيهقيّ 5:236.
9- 9) المغني 3:582،الشرح الكبير بهامش المغني 3:563.

و الجواب:أنّه لا يمنع من منافعها،كاللبن و كما في وقت الحاجة إلى الركوب.

مسألة:من السنّة أن يأكل من هدي المتعة

.و به قال ابن عمر،و عطاء، و الحسن،و إسحاق (1)،و مالك (2)،و أحمد (3)،و أصحاب الرأي (4).

و قال الشافعيّ:لا يأكل منه (5).

لنا:قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (6).

و ما رواه الجمهور أنّ أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تمتّعن في حجّة الوداع معه،و أدخلت عائشة الحجّ على العمرة فصارت قارنة ثمّ ذبح عنهنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله البقرة فأكلن من لحومها،و قالت عائشة:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحلّ،فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت:ما هذا؟فقيل:ذبح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (7).

و روى مسلم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من كلّ بدنة ببضعة،فجعلت في قدر،فأكل هو و عليّ عليه السلام من لحمها،و شربا من مرقها (8).

ص:257


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:583.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:384،إرشاد السالك:60،بداية المجتهد 1:379،بلغة السالك 1:304،المغني و الشرح الكبير 3:583،المجموع 8:419.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:583،الكافي لابن قدامة 1:634،الإنصاف 4:104.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:141،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:186، [1]مجمع الأنهر 1: 310،عمدة القارئ 10:56،المغني و الشرح الكبير 3:583،المجموع 8:419.
5- 5) الأمّ 2:217،حلية العلماء 3:378،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:417،مغني المحتاج 4: 290،المغني و الشرح الكبير 3:583.
6- 6) الحجّ(22):36. [2]
7- 7) بهذا اللفظ،ينظر:المغني و الشرح الكبير 3:584،و بالمضمون،ينظر:صحيح البخاريّ 2:212، صحيح مسلم 2:874 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1782، [3]سنن الدارميّ 2:63، [4]سنن البيهقيّ 5:3.
8- 8) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا ذبحت أو نحرت،فكل و أطعم،كما قال اللّه: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ فقال:«القانع:الذي يقنع بما أعطيته،و المعترّ:الذي يعتريك،و السائل:الذي يسألك في يديه،و البائس:الفقير» (1).

و في الصحيح عن صفوان و ابن أبي عمير و جميل بن درّاج و حمّاد بن عيسى و جماعة ممّن روينا عنه من أصحابنا،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّهما قالا:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أن يؤخذ من كلّ بدنة بضعة،فأمر بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فطبخت،فأكل هو و عليّ عليه السلام و حسوا من المرق،و قد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أشركه في هديه» (2).

و عن عليّ بن أسباط،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رأيت أبا الحسن الأوّل عليه السلام دعا ببدنة فنحرها،فلمّا ضرب الجزّارون عراقيبها،فوقعت على الأرض و كشفوا شيئا من سنامها،قال:اقطعوا و كلوا فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا (3). (4)

و لأنّه دم نسك،فأشبه التطوّع.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه هدي وجب بالإحرام،فلم يجز الأكل منه،كدم الكفّارة (5).

و الجواب:القياس لا يعارض نصّ القرآن مع وقوع الفرق،و هو أنّ دم المتعة دم نسك،بخلاف الكفّارة.

ص:258


1- 1التهذيب 5:223 الحديث 751،الوسائل 10:142 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:223 الحديث 752،الوسائل 10:142 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) الحجّ(22):36. [3]
4- 4) التهذيب 5:224 الحديث 755،الوسائل 10:146 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 20. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:240،المغني 3:583.
فروع:
الأوّل:ينبغي أن يقسّم أثلاثا يأكل ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدّق على الفقراء

بثلثه

،و هذا على جهة الاستحباب،و لو أكل دون الثلث،كان سائغا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن سيف التمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجّا فلقي أبي،فقال:إنّي سقت[هديا] (1)فكيف أصنع؟فقال له أبي:أطعم أهلك ثلثا،و أطعم القانع و المعترّ ثلثا،و أطعم المساكين ثلثا،فقلت:المساكين هم السؤّال؟فقال:نعم (2)،و القانع:الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها،و المعترّ ينبغي له أكثر من ذلك و هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك» (3).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الهدي ما يأكل منه الذي يهديه في متعته و غير ذلك،فقال:«كما يأكل من هديه» (4).

الثاني:قال بعض علمائنا:بوجوب الأكل

(5)،و قال آخرون باستحبابه (6)، و الأوّل أقوى؛للآية (7).

الثالث:لو قلنا بوجوب الأكل،لم يضمن بتركه

،و يضمن لو ترك الصدقة بثلثه؛ لأنّه المطلوب الأصليّ من الهدي،و هل يضمن لو أخلّ بالإهداء؟الأقرب أنّه إن كان الإخلال بسبب أكله،ضمن،و إلاّ فلا.

ص:259


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) في المصدر بزيادة:و قال.
3- 3) التهذيب 5:223 الحديث 753،الوسائل 10:142 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 5:224 الحديث 754،الوسائل 10:146 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 19. [2]
5- 5) ينظر:السرائر:141.
6- 6) ينظر:المبسوط 1:374،الكافي في الفقه:200، [3]الشرائع 1:263،الجامع للشرائع:214.
7- 7) الحجّ(22):36.
مسألة:و لا يجوز له الأكل من كلّ واجب غير هدي التمتّع

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ إلاّ في جواز الأكل من دم المتعة (1)،على ما بيّنّا خلافه أوّلا (2).

و عن أحمد رواية تناسب مذهبنا؛لأنّه جوّز الأكل من دم المتعة و القران لا غير (3)،و دم القران عندنا غير واجب،فيجوز الأكل منه عندنا؛لأنّه تطوّع،فلا خلاف بيننا و بينه في الحكم و إن اختلفنا نحن و إيّاه في العلّة،و بهذه الرواية عن أحمد قال أصحاب الرأي (4).

و عن أحمد رواية ثالثة:أنّه لا يأكل من النذر و جزاء الصيد،و يأكل ممّا سواهما (5).و به قال ابن عمر،و عطاء،و الحسن البصريّ،و إسحاق (6).

و قال ابن أبي موسى:لا يأكل أيضا من الكفّارة و يأكل ممّا سوى هذه الثلاثة (7).و نحوه مذهب مالك (8).

لنا:أنّ جزاء الصيد بدل،و النذر جعله للّه تعالى،و الكفّارة عقوبة،فلا يناسب جواز التناول.

و لأنّ وجوب الإخراج ينافي جواز الأكل،صرنا إلى خلافه في هدي المتعة فيبقى الباقي على الأصل.

ص:260


1- 1الأمّ 2:217،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:74،المجموع 8:418،المغني و الشرح الكبير 3:583.
2- 2) يراجع:ص 257.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:583،الكافي لابن قدامة 1:634،الإنصاف 4:104،المجموع 8:419.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:583.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:583،الكافي لابن قدامة 1:635،الإنصاف 4:104،عمدة القارئ 10:56.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:583،المحلّى 7:271.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:583.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:384،بداية المجتهد 1:379،إرشاد السالك:60،بلغة السالك 1:304،المغني و الشرح الكبير 3:583،المجموع 8:419،المحلّى 7:271،عمدة القارئ 10:56.

و لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألته عن رجل أهدى هديا فانكسر، قال:«إن كان مضمونا،و المضمون ما كان في يمين يعني نذرا أو جزاءا،فعليه فداؤه»قلت:أ يأكل (1)منه؟قال:«لا،إنّما هو للمساكين،و إن لم يكن مضمونا فليس عليه شيء»قلت:أ يأكل منه؟قال:«يأكل منه» (2).

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه؟فقال:«يأكل من أضحيّته و يتصدّق بالفداء» (3).

و عن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الهدي ما يؤكل (4)منه،شيء يهديه في المتعة أو غير ذلك؟قال:«كلّ هدي من نقصان الحجّ فلا تأكل منه،و كلّ هدي من تمام الحجّ فكل» (5).

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يؤكل من الهدي كلّه،مضمونا كان أو غير مضمون» (6).

و عن جعفر بن بشير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن البدن التي

ص:261


1- 1في المصادر:أ يأكل.
2- 2) التهذيب 5:224 الحديث 756،الاستبصار 2:272 الحديث 965،الوسائل 10:145 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 16. [1]
3- 3) التهذيب 5:224 الحديث 757،الاستبصار 2:273 الحديث 966،الوسائل 10:145 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 15. [2]
4- 4) في النسخ:ما يأكل،و ما أثبتناه عن التهذيب و الاستبصار.
5- 5) التهذيب 5:224 الحديث 758،الاستبصار 2:273 الحديث 967،الوسائل 10:143 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
6- 6) التهذيب 5:225 الحديث 759،الاستبصار 2:273 الحديث 968،الوسائل 10:143 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 6. [4]

تكون جزاء الأيمان و النساء و لغيره،يؤكل منها؟قال:«نعم،يؤكل من البدن» (1).

لأنّا نقول:إنّه محمول على حال الضرورة و يجب عليه لما يأتي.

فروع:
الأوّل:هدي التطوّع يستحبّ الأكل منه بلا خلاف

؛لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها (2).و أقلّ مراتب الأمر الاستحباب.و لأنّ النبيّ و عليّا صلّى اللّه عليهما و آلهما أكلا من بدنهما (3).

و قال جابر:كنّا نأكل من بدننا فوق ثلاث،فرخّص لنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«كلوا و تزوّدوا»فأكلنا و تزوّدنا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن بنان بن محمّد،عن أبيه،قال:إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شيء عليه (5).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه قال:«إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شيء عليه،و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل (6)» 7.

ص:262


1- 1التهذيب 5:225 الحديث 760،الاستبصار 2:273 الحديث 969،الوسائل 10:143 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 7، [1]في الجميع:«يؤكل من كلّ البدن».
2- 2) الحجّ(22):36. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:240.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:211،صحيح مسلم 3:1562 الحديث 1972،مسند أحمد 3:378،سنن البيهقيّ 9:291.
5- (5 و 7) رواية بنان و السكونيّ رواية واحدة في المصادر و السند فيها هكذا:محمّد بن أحمد بن يحيى عن بنان بن محمّد عن أبيه،عن ابن المغيرة،عن السكونيّ،عن جعفر:عن أبيه.ينظر:التهذيب 5:225 الحديث 761،الاستبصار 2:273 الحديث 970،الوسائل 10:143 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 5. [3]
6- 6) ج،ق،خا و ح:«ما كان»مكان:«ما أكل».

و لأنّه لا يزيد على مرتبة الواجب و قد سنّ الأكل من هدي المتعة مع وجوبه.

الثاني:لو لم يأكل من التطوّع لم يكن به بأس بلا خلاف

؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا نحر البدنات الخمس،قال:«من شاء اقتطع» (1)و لم يأكل منهنّ شيئا.

و ينبغي له أن يأكل اليسير منها،كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2)،و إن أكل كثيرا،كان جائزا،و إن أكل الجميع،ضمن المشروع للصّدقة منها.

الثالث:لو أكل ممّا منع من الأكل منه،ضمنه بمثله لحما

؛لأنّ الجملة مضمونة بمثلها من الحيوانات،فكذا أبعاضها.

الرابع:لو أطعم غنيّا ممّا له الأكل منه،كان جائزا

؛لأنّه يسوغ له أكله،فيسوغ له هديّته.

و لو باع منه شيئا أو أتلفه،ضمنه بمثله؛لأنّه ممنوع من ذلك،كما منع من عطيّة الجزّار.

و لو أتلف أجنبيّ منه شيئا،ضمنه بقيمته؛لأنّ المتلف من غير ذوات الأمثال، فلزمته قيمته،كما لو أتلف لحما لآدميّ معيّن.

و في حديث السكونيّ عن الباقر عليه السلام دلالة على وجوب القيمة على من أكل (3).

مسألة:الدماء الواجبة بنصّ القرآن أربعة

:

ص:263


1- 1مسند أحمد 4:350،المستدرك للحاكم 4:221،سنن البيهقيّ 5:241 و ج 7:288.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:240.
3- 3) التهذيب 5:225 الحديث 761،الاستبصار 2:273 الحديث 970،الوسائل 10:143 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]

أحدها:دم التمتّع،و هو مرتّب بنصّ القرآن،قال اللّه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (1).

الثاني:دم الحلق،و هو على التخيير،قال اللّه تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ 2.

و قال عليه السلام لكعب بن عجرة:«احلق و انسك شاة،أو صم ثلاثة أيّام، أو تصدّق بثلاثة آصع على ستّة مساكين» (2).

الثالث:هدي الجزاء،و هو على التخيير،خلافا للشيخ (3)-رحمه اللّه-قال اللّه تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (4)و سيأتي البحث مع الشيخ في ذلك.

الرابع:هدي الإحصار،قال اللّه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5)و الهدي فيه واجب على التعيين و لا بدل له.و به قال مالك (6)،

ص:264


1- (1 و 2) البقرة(2):196. [1]
2- 3) صحيح البخاريّ 3:12-13،صحيح مسلم 2:861 الحديث 1201،سنن الترمذيّ 5:213 الحديث 2974 و ج 3:288 الحديث 953، [2]الموطّأ 1:417 الحديث 238، [3]مسند أحمد 4:242 و 243، [4]سنن البيهقيّ 5:55،كنز العمّال 5:41 الحديث 11967.
3- 4) قال في المبسوط 6:207: [5]قد روي في أخبارنا ما يدلّ على أنّها مرتّبة.
4- 5) المائدة(5):95. [6]
5- 6) البقرة(2):196. [7]
6- 7) المدوّنة الكبرى 1:429،تفسير القرطبيّ 2:373، [8]المغني 3:379 و 585، [9]الشرح الكبير بهامش المغني 3:534. [10]

و أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ في أحد قوليه.و في الآخر:له بدل (2)،و به قال أحمد (3).

لنا:قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)و الأصل عدم البدل،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:قد بيّنّا أنّ ما يساق في إحرام الحجّ يذبح أو ينحر بمنى

،و ما يساق في إحرام العمرة ينحر أو يذبح بمكّة،و ما يلزم من فداء ينحر بمكّة إن كان معتمرا، و بمنى إن كان حاجّا،و بيّنّا الخلاف فيه (5).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجب تفرقته على مساكين الحرم؛لما بيّنّاه فيما تقدّم 6، و هم من كان في الحرم من أهله أو من غير أهله من الحاجّ و غيرهم ممّن يجوز دفع الزكاة إليه،و كذا الصدقة مصرفها مساكين الحرم.

أمّا الصوم:فلا يختصّ بمكان دون غيره بغير خلاف نعلمه؛لأنّه لا يتعدّى نفعه إلى أحد،فلا معنى لتخصيصه بمكان.

و لو دفع إلى من ظاهره الفقر،فبان غنيّا،فالوجه:الإجزاء،و للشافعيّ فيه قولان.

و ما يجوز تفريقه في غير الحرم،لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذمّة.و به قال

ص:265


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:113،تحفة الفقهاء 1:417،بدائع الصنائع 2:180،الهداية للمرغينانيّ 1: 180، [1]شرح فتح القدير 3:54،المغني 3:379 و 585، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:534. [3]
2- 2) حلية العلماء 3:356،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:302 و 303،فتح العزيز بهامش المجموع 8:79-80،المغني 3:379 و 585،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534،بدائع الصنائع 2: 180،تفسير القرطبيّ 2:373. [4]
3- 3) المغني 3:379 و 585،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534،الكافي لابن قدامة 1:626،الإنصاف 4:69،زاد المستقنع:32.
4- 4) البقرة(2):196. [5]
5- (5 و 6) يراجع:ص 174 و 175. [6]

الشافعيّ،و أحمد (1)،و أبو ثور،و قال أصحاب الرأي:يجوز 2.

لنا:أنّه كافر يمنع من الدفع إليه،كالحربيّ.

و لو نذر هديا مطلقا أو معيّنا و أطلق مكانه،وجب صرفه في فقراء الحرم.

و جوّز أبو حنيفة ذبحه حيث شاء،كما لو نذر الصدقة بشاة (2).

لنا:قوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (3).

و لأنّ إطلاق النذر ينصرف إلى المعهود شرعا،و المعهود في الهدي الواجب ذبحه في الحرم.

و لو عيّن موضعه،فإن كان في الحرم،تعيّن و فرّق على مساكينه،و لو عيّن في غير الحرم ممّا ليس فيه صنم أو شيء من أنواع الكفر و المعاصي،كبيوت البيع و الكنائس و أشباهها،جاز؛لأنّ رجلا أتى إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:إنّي نذرت أن أنحر ببوانة (4)،قال:«أ بها صنم؟»قال:لا،قال:«أوف بنذرك» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن[إسحاق] (6)الأزرق الصائغ،قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل للّه عليه بدنة ينحرها بالكوفة في شكره،فقال لي:«عليه أن ينحرها حيث جعل للّه عليه،و إن لم يكن سمّى بلدا،فإنّه

ص:266


1- (1 و 2) المغني 3:589،الشرح الكبير بهامش المغني 3:357.
2- 3) أحكام القرآن للجصّاص 5:80، [1]تحفة الفقهاء 1:422 و 423،بدائع الصنائع 2:225،مجمع الأنهر 1: 310،الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:310،المغني 3:590،الشرح الكبير بهامش المغني 3:581.
3- 4) الحجّ(22):33. [2]
4- 5) بوانة-بضمّ الباء،و قيل:بفتحها:هضبة من وراء ينبع.النهاية لابن الأثير 1:164، [3]لسان العرب 13:62. [4]
5- 6) سنن أبي داود 3:238 الحديث 3313 و 3314، [5]سنن ابن ماجة 1:688 الحديث 2131،مسند أحمد 6:366، [6]سنن البيهقيّ 10:83،كنز العمّال 16:710 الحديث 46464.
6- 7) في النسخ:إسماعيل،و ما أثبتناه من المصادر،و هو الصحيح؛لأنّ الشيخ عدّ إسماعيل الأزرق من أصحاب الباقر عليه السلام،و إسحاق الأزرق روى عن أبي الحسن عليه السلام. رجال الطوسيّ:105،تنقيح المقال 1:111 و 134،معجم رجال الحديث 3:29 و 92.

ينحرها في فناء الكعبة منحر البدن» (1).

و استفسار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدلّ على المنع فيما ذكرنا من حيث المفهوم و لأنّه نذر في معصية،فلا يوفى به؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا نذر في معصية اللّه و لا فيما لا يملك ابن آدم» (2).

فرع:

لو لم يتمكّن من إيصاله إلى المساكين بالحرم،لم يلزمه إيصاله إليهم

؛لقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها (3).

و لو منع الناذر من إيصاله بنفسه و أمكنه الانفراد،وجب.

مسألة:و يسنّ تقليد الهدي:و هو أن يجعل في رقبته نعلا

،و ينبغي أن يكون ممّا صلّى فيه،سواء كانت إبلا أو بقرا أو غنما.و به قال أحمد (4).

و قال مالك (5)،و أبو حنيفة:لا يسنّ تقليد الغنم (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:كنت أفتل القلائد للنبيّ صلّى اللّه عليه

ص:267


1- 1التهذيب 5:239 الحديث 806 و فيه:«في قبالة الكعبة»مكان:«في فناء الكعبة»،الوسائل 10:172 الباب 59 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) سنن أبي داود 3:238 الحديث 3313 و ص 239 الحديث 3316، [2]سنن البيهقيّ 10:33،كنز العمّال 16:710 الحديث 46464.
3- 3) البقرة(2):286. [3]
4- 4) المغني 3:591،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579،الكافي لابن قدامة 1:630،الإنصاف 4:101، إرشاد الساري 3:220.
5- 5) بداية المجتهد 1:377،المغني 3:591،المجموع 8:360،فتح العزيز بهامش المجموع 8:95،فتح الباري 3:431،إرشاد الساري 3:220،عمدة القارئ 10:41.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:137،تحفة الفقهاء 1:400،بدائع الصنائع 2:162،الهداية للمرغينانيّ 1: 153،مجمع الأنهر 1:286،عمدة القارئ 10:41،المغني 3:591.

و آله،فيقلّد الغنم،و يقيم في أهله حلالا (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن الباقر عليه السلام،قال:«كان الناس يقلّدون الغنم و البقر و إنّما تركه الناس حديثا و يقلّدون بخيط أو بسير (2)» (3).

و لأنّه هدي،فيسنّ تقليده،كالإبل.و لأنّ الإبل يمكن معرفة (4)أنّها صدقة بالإشعار،بخلاف الغنم،فكان تقليد الغنم أولى.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لو كان مسنونا لنقل،كالإبل (5).

و الجواب:قد بيّنّا نقله.

مسألة:و يسنّ إشعار الإبل خاصّة

:و هو أن يشقّ صفحة سنامها من الجانب الأيمن و يلطخ بالدم؛ليعرف أنّه (6)صدقة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال عامّة أهل العلم بمشروعيّة الإشعار للإبل و البقر أيضا.

و قال أبو حنيفة:لا يجوز (7).

ص:268


1- 1صحيح البخاريّ 2:208،صحيح مسلم 2:958 الحديث 1321،سنن أبي داود 2:147 الحديث 1759،سنن ابن ماجة 2:1034 الحديث 3095،سنن الترمذيّ 3:252 الحديث 909، [1]سنن النسائيّ 5:176،سنن البيهقيّ 5:234.
2- 2) السّير:ما يقدّ-أي:يشقّ-من الجلد.الصحاح 2:692، [2]المصباح المنير:299.
3- 3) الفقيه 2:209 الحديث 952،الوسائل 8:200 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 9.و [3]فيه: «بخيط و سير».
4- 4) ع:معرفته.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:137،المغني 3:591.
6- 6) خا:أنّها.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:138،تحفة الفقهاء 1:400،بدائع الصنائع 2:162،الهداية للمرغينانيّ 1: 153،عمدة القارئ 10:36،المغني 3:591،المجموع 8:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.

و قال مالك:إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها،و إلاّ فلا (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:فتلت قلائد هدي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ أشعرها و قلّدها (2).و رواه ابن عبّاس،و فعله الصحابة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن البدن كيف تشعر؟فقال:«تشعر و هي باركة يشقّ سنامها الأيمن» (4).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه مثلة،فلا يجوز (5)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن تعذيب الحيوان.و لأنّه إيلام،فهو كقطع عضو منه (6).

و الجواب:أنّ الحديث مخصوص بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فعل الصحابة.

و لأنّه إيلام لغرض صحيح،فكان جائزا،كالذبح و الكيّ و الوسم و الفصد و الغرض هنا أن لا تختلط بغيرها،و أن يتناولها المساكين إذا ضلّت،و أن يتوقّاها اللصوص و قد لا يحصل ذلك بالتقليد.

إذا عرفت هذا:فعندنا أنّ البقر لا يشعر بل يقلّد،كالغنم؛لأنّه لا سنام لها

ص:269


1- 1تفسير القرطبيّ 6:40، [1]المغني 3:591،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579،عمدة القارئ 10:36، بلغة السالك 1:302.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:207،سنن أبي داود 2:147 الحديث 1757، [2]صحيح مسلم 2:957 الحديث 1321،سنن الترمذيّ 3:251 الحديث 908، [3]سنن النسائيّ 5:173،سنن البيهقيّ 5:233.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:207،صحيح مسلم 2:959 الحديث 1321،سنن البيهقيّ 5:234،المغني 3: 591،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.
4- 4) الفقيه 2:209 الحديث 955،الوسائل 8:201 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 14. [4]
5- 5) بدائع الصنائع 2:162،الهداية للمرغينانيّ 1:157،المغني 3:591،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 579،تحفة الفقهاء 1:400،المبسوط للسرخسيّ 4:138،مجمع الأنهر 1:290.
6- 6) المغني 3:591،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579،مجمع الأنهر 1:290،بدائع الصنائع 2:162.

كالإبل،فأشبهت الغنم،و لما تقدّم (1)،و لا يشعر الغنم أيضا؛لأنّها ضعيفة و صوفها يستر إشعارها.

فرع:

قد بيّنّا (2)أنّ الإشعار يكون في صفحة السنام من الجانب الأيمن

،و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور (5).

و قال مالك (6)،و أبو يوسف:بل يشعر في صفحتها اليسرى (7)،و هو رواية عن أحمد (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بذي الحليفة ثمّ دعا ببدنة و أشعرها من صفحة سنامها الأيمن و سلت الدم عنها بيده (9).

ص:270


1- 1من أنّ الغنم يقلّد و لا يشعر.يراجع:ص 267.
2- 2) يراجع:ص 268.
3- 3) الأمّ 2:216،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:73،حلية العلماء 3:363،المهذّب للشيرازيّ 1:235،236، المجموع 8:358 و 360،فتح العزيز بهامش المجموع 8:93،المغني 3:592،بداية المجتهد 1:377.
4- 4) المغني 3:591 و 592،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579 و 580،الكافي لابن قدامة 1:629، الإنصاف 4:101،بداية المجتهد 1:377،عمدة القارئ 10:35.
5- 5) المغني 3:592،الشرح الكبير بهامش المغني 3:580،بداية المجتهد 1:377،تفسير القرطبيّ 6:38. [1]
6- 6) الموطّأ 1:379، [2]بداية المجتهد 1:377،إرشاد السالك:59،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:325، بلغة السالك 1:302،المغني 3:592،الشرح الكبير بهامش المغني 3:580،المحلّى 7:112،عمدة القارئ 10:35.
7- 7) بدائع الصنائع 2:163،الهداية للمرغينانيّ 1:157،المغني 3:592،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 580،المحلّى 7:112،عمدة القارئ 10:35.
8- 8) المغني 3:592،الشرح الكبير بهامش المغني 3:580،الإنصاف 4:101،عمدة القارئ 10:35.
9- 9) صحيح مسلم 2:912 الحديث 1243،سنن أبي داود 2:146 الحديث 1752، [3]سنن النسائيّ 5:170، سنن الدارميّ 2:66، [4]سنن البيهقيّ 5:232.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث أبي الصباح عن الصادق عليه السلام:

«و يشقّ سنامها الأيمن» (1)و غيره من الأحاديث (2).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التيامن في شأنه كلّه (3).

احتجّ المخالف:بأنّ ابن عمر فعله (4).

و الجواب:فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو الحجّة،فلا يعتدّ بفعل غيره.

إذا ثبت هذا:فلو كانت بدنا كثيرة،دخل بينها و شقّ سنام أحد الهديين من الجانب الأيمن و الآخر من الأيسر؛لما تقدّم.

مسألة:قد بيّنّا أنّ النحر و الذبح يجب يوم النحر بمنى و ذكرنا الخلاف فيه

(5).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجب مقدّما على الحلق عقيب الرمي؛لما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا ذبحت أضحيّتك فاحلق رأسك» (6)الحديث.

و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى،فإن أخّره عن الحلق،أثم و أجزأ عنه، و كذا لو ذبحه بقيّة ذي الحجّة،جاز.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الهدي الواجب لا يجوز له أن يأكل منه إلاّ هدي التمتّع

(7)

أمّا الهدي المتطوّع به فإنّه يستحبّ أن يأكل ثلثه،و يتصدّق بثلثه،و يهدي ثلثه،كهدي التمتّع،قاله علماؤنا،و به قال الشافعيّ في القديم،و له قول آخر:أنّه يأكل النصف

ص:271


1- 1يراجع:ص 269. [1]
2- 2) يراجع:الوسائل 8:198 الباب 12 من أبواب أقسام الحجّ الأحاديث 1،4،6 و [2] 18.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:53،صحيح مسلم 1:226 الحديث 268.
4- 4) المغني 3:592، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:580، [4]عمدة القارئ 10:35.
5- 5) يراجع:ص 174 و 177.
6- 6) التهذيب 5:240 الحديث 808،الوسائل 10:177 الباب 1 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [5]
7- 7) يراجع:ص 260.

و يتصدّق بالنصف (1).

لنا:قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (2)أمر بالأكل و إطعام صنفين فاستحبّت التسوية بينهم،فكان أثلاثا.

فرع:

لو أكل الجميع في التطوّع،لم يضمن شيئا

،و هو قول أبي العبّاس (3).

و قال باقي الشافعيّة:يضمن،و اختلفوا،فقال قوم:يضمن القدر الذي لو تصدّق به أجزأه.و قال آخرون:يضمن القدر (4)المستحبّ إمّا النصف أو الثلث على الخلاف بينهم (5).

قال أبو حامد الأسفرايينيّ:القول قول أبي العبّاس،و هو التفريع على قول الشافعيّ في النذر المطلق،و غلط أصحابنا فنقلوا من مسألة إلى مسألة (6).

لنا:أنّه غير واجب في الأصل لو أخلّ به،لم يضمن،فكذا بعد الذبح؛لأنّ الأصل عدم الوجوب و براءة الذمّة.

مسألة:لو نذر هديا بعينه،زال ملكه عنه و انقطع تصرّفه منه

،و لا يجوز له بيعه

ص:272


1- 1الأمّ 2:217،حلية العلماء 3:376،المهذّب للشيرازيّ 1:239،المجموع 8:415،مغني المحتاج 4: 290،السراج الوهّاج:563،المغني 11:109،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:587،تفسير القرطبيّ 12:47. [2]
2- 2) الحجّ(22):36. [3]
3- 3) حلية العلماء 3:376،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:416. [4]
4- 4) خا،ق و ع:قدر.
5- 5) حلية العلماء 3:376،المجموع 8:416.
6- 6) لم نعثر عليه،نقله عنه الشيخ في الخلاف 1:501 مسألة-347.

و إخراج بدله،قاله (1)علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:له إخراج بدله (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن[سالم] (4)بن عبد اللّه عن أبيه،قال:أهدى عمر بن الخطّاب نجيبا (5)فأعطى بها ثلاثمائة دينار،فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال:يا رسول اللّه،إنّي أهديت نجيبا،فأعطيت بها ثلاثمائة دينار،فأبيعها (6)و أشتري بثمنها بدنا؟قال:«لا،انحرها» (7).

و لأنّ النذر تعلّق بالعين،فيجب إخراجها؛لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (8).

و للاحتياط.

احتج:بأنّ القصد نفع المساكين.

و الجواب:هذا التعليل باطل؛لأنّه يرجع إلى أصله بالإبطال.

مسألة:و لا ينبغي أن يأخذ من جلود الأنعام المهداة شيئا

،بل يتصدّق بها و لا يعطيها الجزّار أيضا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن أمّهات المؤمنين بقرة بقرة،و نحر

ص:273


1- 1كثير من النسخ:قال.
2- 2) الأمّ 2:257،حلية العلماء 3:364،المهذّب للشيرازيّ 1:237،240 و 243،المجموع 8:377، 467، [1]مغني المحتاج 4:288،المغني 3:580.
3- 3) حلية العلماء 3:364،المغني 3:580،المجموع 8:368. [2]
4- 4) في النسخ:سليمان،و الصحيح ما أثبتناه،كما في المصادر.
5- 5) ع في الموضعين:بختيّا،كما في متن سنن البيهقيّ و هامش سنن أبي داود. [3]قال في المصباح المنير:37: [4]البخت:نوع من الإبل،الواحد بختيّ.
6- 6) د:أ فأبيعها،كما في سنن أبي داود. [5]
7- 7) سنن أبي داود 2:146 الحديث 1756، [6]سنن البيهقيّ 5:241.
8- 8) المائدة(5):1. [7]

هو ستّا (1)و ستّين بدنة،و نحر عليّ عليه السلام أربعا (2)و ثلاثين بدنة،و لم يعط الجزّارين من جلالها و لا قلائدها و لا جلودها و لكن تصدّق به» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الإهاب؟فقال:«تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت و لا تعط الجزّارين» و قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعطى جلالها و جلودها و قلائدها الجزّارين،و أمر أن يتصدّق بها» (4).

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سألته عن الهدي أ يخرج شيء (5)منه عن الحرم؟فقال:«بالجلد و السنام و الشيء ينتفع به»قلت:بلغنا عن أبيك أنّه قال:«لا يخرج من الهدي المضمون شيئا»قال:«[بل] (6)يخرج بالشيء ينتفع به»و زاد فيه أحمد بن محمّد:

و لا يخرج بشيء من اللحم من الحرم (7).

لأنّا نقول:إنّه محمول على من تصدّق بثمنها؛لما رواه الشيخ-في الصحيح- عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن جلود الأضاحيّ هل يصلح لمن ضحّى بها أن يجعلها جرابا؟قال:«لا يصلح أن يجعله

ص:274


1- 1في النسخ:ستّة.
2- 2) أكثر النسخ:أربعة.
3- 3) التهذيب 5:227 الحديث 770،الاستبصار 2:275 الحديث 979،الوسائل 10:101 [1] الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 4 و ص 151 الباب 43 الحديث 3.
4- 4) التهذيب 5:228 الحديث 771،الاستبصار 2:276 الحديث 980،الوسائل 10:152 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
5- 5) د،ق و خا:بشيء،كما في التهذيب.
6- 6) أثبتناها من التهذيب،و في الاستبصار:«بلى».
7- 7) التهذيب 5:228 الحديث 772،الاستبصار 2:276 الحديث 981،الوسائل 10:152 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 6. [3]

جرابا إلاّ أن يتصدّق بثمنها» (1).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب تقديم الذبح قبل الحلق

(2).رواه (3)الشيخ عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق،و في العقيقة بالحلق قبل الذبح» (4).

إذا عرفت هذا:فلو فعل خلاف ذلك ناسيا،لم يكن عليه شيء؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (5).

و لما رواه الشيخ-في الحسن-عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق،قال:«لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا»ثمّ قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر،فقال بعضهم:

يا رسول اللّه حلقت قبل أن أذبح،و قال بعضهم:حلقت قبل أن أرمي،فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخّر إلاّ قدّموه،فقال:لا حرج» (6).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت فاشترى بمكّة ثمّ نحرها،

ص:275


1- 1التهذيب 5:228 الحديث 773،الاستبصار 2:276 الحديث 982،الوسائل 10:151 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
2- 2) يراجع:ص 271. [2]
3- 3) أكثر النسخ:و رواه.
4- 4) التهذيب 5:222 الحديث 749،الوسائل 10:139 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131،و [4]بالمضمون،ينظر:سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250، و من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 4:1284 [5] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.
6- 6) التهذيب 5:222 الحديث 750،الاستبصار 2:285 الحديث 1009،الوسائل 10:140 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 4. [6]في الجميع:«كان ينبغي لهم أن يؤخّر»مكان:«كان ينبغي أن يؤخّر».

قال:«لا بأس قد أجزأ عنه» (1).

إذا عرفت هذا:فلا يجوز أن يحلق،و لا أن يزور البيت إلاّ بعد الذبح،أو أن يبلغ الهدي محلّه و هو منى يوم النحر بأن يشتريه و يجعله في رحله بمنى؛لأنّ وجوده في رحله في ذلك الموضع بمنزلة الذبح،و لما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا اشتريت أضحيّتك و قمطتها (2)و صارت في جانب رحلك،فقد بلغ الهدي محلّه،فإن أحببت أن تحلق فاحلق» (3).

و عن موسى بن القاسم عن عليّ (4)،قال:لا يحلق رأسه و لا يزور حتّى يضحّي فيحلق رأسه و يزور متى شاء (5).

فصل:

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و من تمتّع عن أمّه و أهلّ بحجّة عن أبيه،فهو بالخيار

في الذبح،إن فعل أفضل

،و إن لم يفعل فليس عليه شيء (6)؛لما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تمتّع عن أمّه و أهلّ بحجّة عن أبيه، قال:«إن كان ذبح فهو خير له،و إن لم يذبح فليس عليه شيء؛لأنّه إنّما تمتّع عن

ص:276


1- 1الفقيه 2:301 الحديث 1497،الوسائل 10:140 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
2- 2) القماط:حبل يشدّ به قوائم الشاة عند الذبح.الصحاح 3:1154. [2]
3- 3) التهذيب 5:235 الحديث 794،الاستبصار 2:284 الحديث 1007،الوسائل 10:141 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 7. [3]
4- 4) قال في ملاذ الأخيار 8:75: [4]قال الفاضل التستريّ-رحمه اللّه-في عليّ:كأنّه عليّ بن جعفر،كما نسبه إليه في المختلف:307.
5- 5) التهذيب 5:236 الحديث 795،الاستبصار 2:284 الحديث 1006،الوسائل 10:141 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 9. [5]
6- 6) التهذيب 5:239.

أمّه و أهلّ بحجّة عن أبيه» (1).

مسألة:قد بيّنّا أنّ غير المتمتّع لا يجب عليه الهدي

(2)،فالقارن (3)لا يخرج هديه عن ملكه،و له إبداله و التصرّف فيه و إن أشعره أو قلّده؛لأنّه غير واجب عليه، لكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان لإحرام الحجّ،و إن كان للعمرة فبفناء الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة (4)،و لو هلك،لم يضمنه.

أمّا لو كان مضمونا،كالكفّارات،فإنّه يجب إقامة بدله.

و لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكّة أو منى،جاز أن ينحر أو يذبح و يعلم بما يدلّ على أنّه هدي.

و لو أصابه كسر،جاز له بيعه،و ينبغي أن يتصدّق بثمنه أو يقيم بدله؛لأنّه عوض عن هدي مستحبّ.

و لو نذر هدي السياق،تعيّن و لا يتعيّن بدونه،و لو سرق من غير تفريط،لم يضمن.

و لو ضلّ فذبحه غير صاحبه عن صاحبه،أجزأ عنه،و لو ضلّ فأقام بدله ثمّ وجد الأوّل،ذبحه و لم يجب ذبح الأخير،و لو ذبح الأخير،ذبح الأوّل استحبابا ما لم يكن منذورا،فإنّه يجب ذبحه.

و يجوز ركوب الهدي ما لم يضرّ به،و يجوز شرب لبنه ما لم يضرّ بولده.

و يستحبّ أن يأكل من هدي السياق ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدّق بثلثه،كهدي التمتّع.و كذا يستحبّ في الأضحيّة.و أكثر هذه الأحكام قد بيّنّاها فيما سلف (5).

ص:277


1- 1التهذيب 5:239 الحديث 807،الوسائل 10:86 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
2- 2) يراجع:ص 145. [2]
3- 3) بعض النسخ:و القارن.
4- 4) الحزورة:موضع بمكّة عند باب الحنّاطين.النهاية لابن الأثير 1:380. [3]
5- 5) يراجع:ص 255-259.
البحث السادس
اشارة

في الضحايا

الضحايا:جمع ضحيّة،كهديّة و هدايا،و الأضاحيّ:جمع أضحيّة،كأمنيّة و أمانيّ،و أضحى:جمع أضحاة،كأرطاة و أرطى لضرب من الشجر،و هي مستحبّة، قال اللّه تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (1).قيل في التفسير:إنّه الأضحيّة بعد صلاة العيد (2).

و روى أنس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ضحّى بكبشين أقرنين أملحين (3).و الأقرن معروف:و هو ما له قرنان.

قال أبو عبيدة:و الأملح:ما فيه سواد و بياض و البياض أغلب (4).

و قال ابن الأعرابيّ (5):الأملح الأبيض النقيّ البياض (6).

ص:278


1- 1الكوثر(108):2. [1]
2- 2) تفسير الطبريّ 30:326، [2]تفسير القرطبيّ 20:220، [3]التفسير الكبير 32:130، [4]تفسير الدرّ المنثور 6: 403. [5]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:210،صحيح مسلم 3:1556 الحديث 1966،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2794، [6]سنن الترمذيّ 4:84 الحديث 1494، [7]سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3120.
4- 4) لسان العرب 2:602. [8]
5- 5) محمّد بن زياد المعروف ب«ابن الأعرابيّ»أبو عبد اللّه علاّمة باللغة من أهل الكوفة،له تصانيف،منها:أسماء الخيل و فرسانها و تاريخ القبائل و النوادر.مات سنة 231 ه.العبر 1:322، [9]الأعلام للزركليّ 6:131. [10]
6- 6) ينظر:النهاية لابن الأثير 4:354. [11]

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد و ينظر في سواد و يبرك في سواد،فأتي به فضحّى به،فأضجعه و ذبحه،و قال:«بسم اللّه اللهمّ تقبّل من محمّد و آل محمّد و من أمّة محمّد» (1).

و جاءت أمّ سلمة-رضي اللّه عنها-إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:

يا رسول اللّه يحضر الأضحى و ليس عندي ثمن الأضحيّة فأستقرض و أضحّي؟ قال:«فاستقرضي فإنّه دين مقضيّ» (2).

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه ضحّى بكبشين،ذبح واحدا بيده فقال:«اللهمّ هذا عنّي و عمّن لم يضحّ من أهل بيتي»و ذبح الآخر و قال:

«اللهمّ هذا عنّي و عمّن لم يضحّ من أمّتي»و كان أمير المؤمنين عليه السلام يضحّي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ سنة بكبش فيذبحه و يقول:«بسم اللّه وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ،اللهمّ منك و لك»ثمّ يقول:«اللهمّ هذا عن نبيّك»ثمّ يذبحه و يذبح كبشا آخر عن نفسه (3).

مسألة:قال علماؤنا:الأضحيّة سنّة مؤكّدة و ليست واجبة

،و هو قول أبي بكر و عمر،و أبي مسعود (4)البدريّ،و ابن عبّاس،و ابن عمر،و بلال،و سويد بن غفلة،

ص:279


1- 1صحيح مسلم 3:1557 الحديث 1967،سنن أبي داود 3:94 الحديث 2792، [1]سنن ابن ماجة 2: 1046 الحديث 3128.
2- 2) الفقيه 2:292 الحديث 1447،علل الشرائع:440 الباب 183 الحديث 1، [2]الوسائل 10:177 الباب 64 من أبواب الذبح الحديث 1.و [3]من طريق العامّة روي عن عائشة،ينظر:سنن الدارقطنيّ 4:283 الحديث 46.
3- 3) الفقيه 2:293 الحديث 1448،الوسائل 10:138 [4] الباب 37 من أبواب الذبح الحديث 2 و ص 174 الباب 60 الحديث 6 و 7.
4- 4) في النسخ:ابن مسعود،و ما أثبتناه من المصادر.

و ذهب إليه سعيد بن جبير،و عطاء،و علقمة،و الأسود (1)،و أحمد (2)،و إسحاق، و أبو ثور (3)،و الشافعيّ (4)،و المزنيّ،و ابن المنذر (5).

و قال ربيعة:إنّها واجبة (6)،و به قال مالك (7)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و الليث بن سعد (8)،و أصحاب الرأي (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«كتب عليّ النحر و لم يكتب عليكم» (10).و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

احتجّوا (11):بما رواه أبو رملة (12)عن مخنف بن[سليم] (13)أنّ النبيّ صلّى اللّه

ص:280


1- 1المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المجموع 8:385،المحلّى 7:358.
2- 2) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،الكافي لابن قدامة 1:637،الإنصاف 4:105، زاد المستقنع:35.
3- 3) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المجموع 8:385،المحلّى 7:358.
4- 4) الأمّ 2:221،حلية العلماء 3:369،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:383،مغني المحتاج 4: 282،السراج الوهّاج:561،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المحلّى 7:358.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:284،المجموع 8:385،المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585.
6- 6) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المجموع 8:385. [1]
7- 7) المدوّنة الكبرى 2:70،بداية المجتهد 1:429،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:79،بلغة السالك 1: 307،المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،و قال في الموطّأ 2:487:الضحيّة سنّة و ليست بواجبة و لا أحبّ لأحد...أن يتركها.
8- 8) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المجموع 8:385.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 12:8،بدائع الصنائع 5:62،الهداية للمرغينانيّ 4:70. [2]
10- 10) مسند أحمد 1:317، [3]سنن الدارقطنيّ 4:282 الحديث 42،سنن البيهقيّ 9:264.
11- 11) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585.
12- 12) أبو رملة:عامر،روى عن مخنف بن سليم الغامديّ و روى عنه عبد اللّه بن عون.تهذيب التهذيب 5:84. [4]
13- 13) جميع النسخ:سليمان،و ما أثبتناه من المصادر،و هو:مخنف بن سليم بن الحارث بن عوف...الغامديّ، روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام و أبي أيّوب،و روى عنه ابنه حبيب و عون بن أبي جحيفة و عامر أبو رملة،استعمله عليّ عليه السلام على أصبهان و سكن الكوفة،و كان ممّن خرج مع سليمان بن صرد في وقعة عين الوردة و قتل بها سنة 64 ه.أسد الغابة 4:339، [5]تهذيب التهذيب 10:78. [6]

عليه و آله قال:«على أهل كلّ بيت في كلّ عام أضحيّة و عتيرة» (1).

و الجواب:أنّ أصحاب الحديث قد ضعّفوا هذا الخبر (2)،و يدلّ على ضعفه أنّه أوجب عتيرة و هي ذبيحة كانت الجاهليّة تذبحها في رجب.و أيضا:فهو محمول على الاستحباب؛جمعا بين الأدلّة.

و كذا يحمل على الاستحباب ما رواه الأصحاب في هذا الباب،كرواية ابن بابويه عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«الأضحيّة واجبة على من وجد من صغير أو كبير و هي سنّة» (3).

و عن العلاء بن الفضيل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام إنّ رجلا سأله عن الأضحى،فقال:«هو واجب على كلّ مسلم إلاّ من لم يجد»فقال له السائل:فما ترى في العيال؟قال:«إن شئت فعلت و إن شئت لم تفعل،فأمّا أنت فلا تدعه» (4).

مسألة:و الهدي يجزئ عن الأضحيّة،و الجمع بينهما أفضل

؛لأنّه دم ذبح للنسك في وقت الأضحيّة،فكان مجزئا عنها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«يجزئك من الأضحيّة هديك» (5).

مسألة:و أيّام الأضحى بمنى أربعة:يوم النحر و ثلاثة أيّام بعده

،و في غير منى من الأمصار ثلاثة أيّام:يوم النحر و يومان بعده.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال

ص:281


1- 1سنن أبي داود 3:93 الحديث 2788، [1]سنن الترمذيّ 4:99 الحديث 1518، [2]سنن ابن ماجة 2:1045 الحديث 3125،سنن النسائيّ 7:167،مسند أحمد 4:215 و ج 5:76،سنن البيهقيّ 9:260.
2- 2) المغني 11:95،الشرح الكبير بهامش المغني 3:585،المجموع 8:385.
3- 3) الفقيه 2:292 الحديث 1445،الوسائل 10:173 الباب 60 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 2:292 الحديث 1446،الوسائل 10:173 الباب 60 من أبواب الذبح الحديث 5. [4]
5- 5) التهذيب 5:238 الحديث 803،الوسائل 10:173 الباب 60 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]

سعيد بن جبير (1).

و قال الحسن،و عطاء:إنّها أربعة أيّام مطلقا (2).و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و مالك (5)،و الثوريّ:ثلاثة أيّام يوم النحر و يومان بعده مطلقا (6).

و قال محمّد بن سيرين:لا يجوز الأضحيّة إلاّ في يوم الأضحى خاصّة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن جبير بن مطعم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«عرفة كلّها موقف و ارتفعوا عن بطن عرنة و أيّام منى كلّها منحر» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الأضحى بمنى،قال:«أربعة أيّام»و عن الأضحى في سائر البلدان،قال:«ثلاثة أيّام»و قال:«لو أنّ رجلا قدم إلى أهله بعد الأضحى

ص:282


1- 1كذا نسب إليه،و الموجود في المصادر عنه:النحر في الأمصار يوم واحد و في منى ثلاثة أيّام،ينظر:حلية العلماء 3:370،المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390،المحلّى 7: 377،عمدة القارئ 21:148.
2- 2) المغني 3:464 و ج 11:115،المجموع 8:390،المحلّى 7:378،عمدة القارئ 21:148.
3- 3) الأمّ 2:222،حلية العلماء 3:370،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:390،مغني المحتاج 4: 287،السراج الوهّاج:562،المحلّى 7:378،عمدة القارئ 21:148.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:9،بدائع الصنائع 5:74،الهداية للمرغينانيّ 4:73، [1]شرح فتح القدير 8: 432،مجمع الأنهر 2:518،عمدة القارئ 21:147،المجموع 8:390.
5- 5) بداية المجتهد 1:436،تفسير القرطبيّ 12:43، [2]بلغة السالك 1:308،المجموع 8:390،عمدة القارئ 21:147.
6- 6) المغني 3:464،تفسير القرطبيّ 12:43، [3]عمدة القارئ 21:147.
7- 7) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390،المحلّى 7:377.
8- 8) مسند أحمد 4:82، [4]سنن البيهقيّ 9:295،كنز العمّال 5:61 الحديث 12052،مجمع الزوائد 3:251، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6:62 الحديث 3843.

بيومين ضحّى اليوم الثالث الذي يقدم فيه» (1)رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام (2).

قال ابن بابويه:و قد روي أنّ الأضحى ثلاثة أيّام و أفضلها أوّلها (3).و هذه الرواية رواها الشيخ عن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،عن عليّ عليه السلام،قال:«الأضحى ثلاثة أيّام و أفضلها أوّلها» (4)و هذه الرواية محمولة على الأيّام التي بعد النحر،أو على أنّ عدّتها ثلاثة في الأمصار؛توفيقا بين الأخبار، و مع ذلك فالطريق ضعيف.

و قد روى الشيخ،و ابن بابويه معا عن كليب الأسديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النحر،فقال:«أمّا بمنى فثلاثة أيّام،و أمّا في البلدان فيوم واحد».

و تأوّلا معا هذه الرواية بأنّ أيّام النحر التي لا يجوز صومها بمنى ثلاثة أيّام، و في سائر البلدان يوم واحد؛لأنّ ما بعد يوم النحر في سائر الأمصار يجوز صومه، و لا يجوز بمنى إلاّ بعد ثلاثة أيّام (5).

و هذا التأويل جيّد،و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ،و ابن بابويه معا عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«النحر بمنى ثلاثة أيّام،فمن أراد الصوم،لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام،و النحر بالأمصار يوم،

ص:283


1- 1الفقيه 2:291 الحديث 1439،الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 2 و 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:202 الحديث 673،الاستبصار 2:264 الحديث 930،الوسائل 10:94 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:292 الحديث 1442،الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:203 الحديث 675،الاستبصار 2:264 الحديث 932،الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 4. [4]
5- 5) الفقيه 2:291 الحديث 1440،التهذيب 5:203 الحديث 676،الاستبصار 2:264 الحديث 933، الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 6. [5]

فمن أراد أن يصوم،صام من الغد» (1).

و كذا حمل الشيخ (2)الرواية التي رواها-في الحسن-عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«الأضحى يومان بعد يوم النحر بمنى،و يوم واحد بالأمصار» (3).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ التقدير لا يثبت إلاّ بتوقيف أو اتّفاق،و أحدهما غير ثابت في اليوم الرابع (4).

و احتجّ ابن سيرين:بأنّ يوم الأضحى اختصّ بتسمية الأضحى دون غيره فاختصّ بها (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ اليومين الأوّلين لم يثبت الاتّفاق فيهما،و قد بيّنّا (6)وجود النقل فيهما و في اليوم الرابع،فالوجه الذي أثبت به الأوّلين يثبت به الرابع، فلا وجه للتخصيص.و أيضا:فالقياس يدلّ عليه؛لأنّ اليوم الرابع يثبت فيه الرمي، كالأوّلين.

و عن الثاني:أنّ الاختصاص بالاسم لا يوجب ذلك بانفراده بالأضحيّة،كالرمي في يوم الأضحى و إن اختصّت أيّام التشريق بأنّها أيّام منى.

ص:284


1- 1الفقيه 2:291 الحديث 1441،التهذيب 5:203 الحديث 678،الاستبصار 2:265 الحديث 935، الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:203،الاستبصار 2:264.
3- 3) التهذيب 5:203 الحديث 677،الاستبصار 2:264 الحديث 934،الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 7. [2]
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 4:73،المجموع 8:390.
5- 5) المغني 11:115،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390.
6- 6) يراجع:ص 281-283.
فرع:

لو فاتت هذه الأيّام،فإن كانت الأضحيّة واجبة بالنذر و شبهه،لم تسقط،

و وجب قضاؤها

؛لأنّ لحمها مستحقّ للمساكين،فلا يخرجون عن الاستحقاق بفوات الوقت،و إن كانت غير واجبة،فقد فات ذبحها،فإن ذبحها،لم تكن أضحيّة، فإن فرّق لحمها على المساكين،استحقّ الثواب على التفرقة دون الذبح.

آخر:

وقت الأضحيّة إذا طلعت الشمس و مضى بقدر صلاة العيد و الخطبتين

،سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ.

و قال الشافعيّ:يعتبر قدر صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1)،و كان عليه السلام يصلّي في الأولى ب ق و في الثانية ب اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ (2).

و قال عطاء:وقتها إذا طلعت الشمس (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و مالك (5)،و أحمد:من شرط الأضحيّة أن يصلّي الإمام و يخطب (6).إلاّ أنّ أبا حنيفة يقول:أهل السواد يجوز لهم الأضحيّة إذا طلع الفجر؛

ص:285


1- 1حلية العلماء 3:370،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:387،المحلّى 7:374.
2- 2) صحيح مسلم 2:607 الحديث 891،سنن أبي داود 1:300 الحديث 1154،سنن ابن ماجة 1:408 الحديث 1282،سنن النسائيّ 3:183،سنن الدارقطنيّ 2:45 الحديث 11،سنن البيهقيّ 3:294.
3- 3) المغني 11:114،الشرح الكبير بهامش المغني 3:555،عمدة القارئ 21:157.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:10،تحفة الفقهاء 3:83،بدائع الصنائع 5:74،الهداية للمرغينانيّ 4:72، شرح فتح القدير 8:430،تبيين الحقائق 6:477،مجمع الأنهر 2:518،عمدة القارئ 21:157، [1]المجموع 8:389، [2]فتح الباري 10:17.
5- 5) المدوّنة الكبرى 2:69،بداية المجتهد 1:435،بلغة السالك 1:309،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:73،المجموع 8:389، [3]المحلّى 7:374، [4]عمدة القارئ 21:157.
6- 6) المغني 11:114،الشرح الكبير بهامش المغني 3:554،الكافي لابن قدامة 1:640،الإنصاف 4:83، زاد المستقنع:35.

لأنّ عنده لا عيد عليهم.

لنا:أنّها عبادة يتعلّق آخر وقتها بالوقت،فيتعلّق أوّله بالوقت،كالصوم و الصلاة.

احتجّ أبو حنيفة و أصحابه (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«أوّل نسكنا في يومنا هذا الصلاة،ثمّ الذبح،فمن ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم قدّمها لأهله» (2).

و الجواب:أنّا نقول به؛لأنّه عليه السلام كان لا يؤخّر الصلاة عن وقتها.

مسألة:الأيّام المعدودات أيّام التشريق إجماعا

،و الأيّام المعلومات عشرة أيّام من ذي الحجّة،آخرها غروب الشمس من يوم النحر،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام (3)،و ابن عبّاس (4)،و ابن عمر (5)،و الشافعيّ (6).

و قال مالك:ثلاثة أيّام أوّلها يوم النحر (7).فجعل أوّل التشريق و ثانيها من المعدودات و المعلومات.

و روي عن عليّ عليه السلام:«أربعة أيّام أوّلها يوم عرفة» (8).

ص:286


1- 1المبسوط للسرخسيّ 12:10،الهداية للمرغينانيّ 4:72،تبيين الحقائق 6:477،المغني 11:114.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:26.بتفاوت يسير.
3- 3) حكاه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:497 مسألة-332،و ينظر:التهذيب 5:487 الحديث 1736، قرب الإسناد:81.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 5:67، [1]سنن البيهقيّ 5:228،المجموع 8:382،التفسير الكبير 23:29، [2]تفسير الدرّ المنثور 4:356. [3]
5- 5) حكاه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:497 مسألة-332.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:73،المجموع 8:381،فتح العزيز بهامش المجموع 8:89،التفسير الكبير 23:29. [4]
7- 7) بداية المجتهد 1:436،المجموع 8:381،فتح العزيز بهامش المجموع 8:89.
8- 8) المجموع 8:381.

و قال سعيد بن جبير:المعدودات هي المعلومات (1).

لنا:أنّ اختلاف الاسمين يدلّ على تغايرهما؛لأنّ الترادف على خلاف الأصل، و لأنّ النصّ عندنا يدلّ عليه (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز الذبح عندنا في اليوم الثالث من أيّام التشريق،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة (4)و مالك:لا يجوز؛لأنّه ليس من المعلومات (5)،و قد تقدّمت هذه المسألة.

و ممّا يؤيّده بيانا:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صيام أيّام التشريق و قال:«إنّها أيّام أكل و شرب و بعال» (6).

و في رواية:«إنّها أيّام أكل و شرب و ذكر».

و ذكروا في رواية:«إنّها أيّام أكل و شرب و ذبح» (7).

فثبت بذلك أنّ الثالث من أيّام الذكر و الذبح معا.

و عند أبي حنيفة أنّ الثالث ليس من أيّام الذكر و لا الذبح (8).

مسألة:لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجّة و أراد أن يضحّي أن يحلق

ص:287


1- 1حكاه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:497 مسألة-332.
2- 2) قرب الإسناد:81،التهذيب 5:487 الحديث 1736.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:381،387 و 390،المغني 3:464،بداية المجتهد 1: 436،المبسوط للسرخسيّ 12:9.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:9،تحفة الفقهاء 3:83،المجموع 8:381 و 390. [1]
5- 5) بداية المجتهد 1:436،المجموع 8:390،فتح العزيز بهامش المجموع 8:89.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:212 الحديث 32.
7- 7) أوردهما الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:497 مسألة-333.
8- 8) حكاه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:497 مسألة-333.

رأسه أو يقلّم أظفاره،و لا يحرم ذلك أيضا،بل هو جائز،و به قال أبو حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:إنّه مكروه (2).

و قال أحمد (3)،و إسحاق:يحرم عليه (4).

لنا:أنّه لا يحرم عليه الوطء و الطيب و اللباس،فكذلك حلق الشعر و تقليم الأظفار.

احتجّ أحمد (5):بما روي عن أمّ سلمة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحّي فلا يمسّ من شعره و لا بشره شيئا» (6)و ظاهر النهي يقتضي التحريم.

و الجواب:أنّه خبر واحد فيما يعمّ به البلوى،فلا يقبل،و مع ذلك فهو معارض بما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:كنت أفتل قلائد هدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ يقلّدها هو بيده،ثمّ يبعث بها مع أبي بكر،فلا يحرم عليه شيء (7)أحلّه اللّه له حتّى ينحر الهدي (8).

مسألة:روى علماؤنا أنّ من ينفذ من أفق من الآفاق هديا فإنّه يواعد أصحابه

يوما يقلّدونه فيه أو يشعرونه

،و يجتنب هو ما يجتنبه المحرم،فإذا كان يوم وافقهم

ص:288


1- 1المغني 11:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:591،المجموع 8:392.
2- 2) المجموع 8:392،المغني 11:96، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:591، [2]المحلّى 7:369.
3- 3) المغني 11:96، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:591، [4]الإنصاف 4:109، [5]المجموع 8:392.
4- 4) المغني 11:96، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 3:591، [7]المجموع 8:392.
5- 5) المغني 11:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:591،المجموع 8:392.
6- 6) صحيح مسلم 3:1565 الحديث 1977،سنن ابن ماجة 2:1052 الحديث 3149،سنن النسائيّ 7: 212،سنن البيهقيّ 9:266.
7- 7) أكثر النسخ:شيئا.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:207-208،صحيح مسلم 2:959 الحديث 1321،سنن البيهقيّ 5:234.

على نحره أو ذبحه،حلّ ممّا يحرم منه.و هو مرويّ عن ابن عبّاس (1).و خالف جميع الجمهور في ذلك.

و احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بإجماع الفرقة،و بأنّ الأصل جوازه،و المنع يحتاج إلى دليل و لم يوجد (2).

و رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبعث بالهدي تطوّعا و ليس بواجب،فقال:«يواعد أصحابه يوما فيقلّدونه،فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر،فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين صدّه المشركون يوم الحديبيّة،نحره و أحلّ و رجع إلى المدينة» (3).

و قال الصادق عليه السلام:«ما يمنع أحدكم من أن يحجّ كلّ سنة؟»فقيل له:لا يبلغ ذلك أموالنا،فقال:«أ ما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحيّة و يأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت،و يذبح عنه،فإذا كان يوم عرفة،لبس ثيابه و تهيّأ و أتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتّى تغرب الشمس» (4).

مسألة:و لا تختصّ الأضحيّة بمكان،بل يجوز أن يضحّي حيث شاء من

الأمصار

و لا تختصّ ذلك بالحرم،و لا نعلم فيه خلافا،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضحّى بالمدينة بكبشين أملحين (5).و هو قول علماء الإسلام.

و الفرق بينه و بين الهدي هو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث بدنه إلى الحرم

ص:289


1- 1صحيح مسلم 2:959 الحديث 1321،سنن البيهقيّ 5:234،المجموع 8:360-361.
2- 2) الخلاف 1:499 مسألة-340.
3- 3) الفقيه 2:306 الحديث 1517،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار الحديث 5. [1]
4- 4) الفقيه 2:306 الحديث 1518،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار الحديث 6. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:210،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2793 و 2794. [3]

و ضحّى بالمدينة (1).و لأنّ الهدي له تعلّق بالإحرام،بخلاف الأضحيّة.

مسألة:و تختصّ الأضحيّة بالنعم:الإبل و البقر و الغنم

،و هو قول علماء الإسلام؛لقوله تعالى: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (2).قال أهل التفسير:الأنعام:الإبل و البقر و الغنم (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه لا يجزئ إلاّ الثنيّ من الإبل و البقر و المعز،و يجزئ الجذع من الضأن،ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أكثر العلماء (4).

و حكي عن الزهريّ أنّه قال:لا يجزئ الجذع من الضأن أيضا (5).

و قال الأوزاعيّ:يجزئ الجذع من جميع الأجناس (6).

لنا على الزهريّ:ما رواه الجمهور عن عقبة بن عامر،قال:قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ضحايا بين أصحابنا،فأعطاني جذعا،فرجعت إليه به،فقلت:يا رسول اللّه إنّه جذع،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ضحّ به» (7).

و على الأوزاعيّ:ما رواه براء بن عازب أنّ رجلا يقال له:أبو بردة بن[نيار] (8)ذبح قبل الصلاة،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«شاتك شاة لحم»فقال:يا

ص:290


1- 1صحيح البخاريّ 2:207-208،صحيح مسلم 2:957 الحديث 1321،سنن أبي داود 2:147 الحديث 1757، [1]سنن البيهقيّ 5:234.
2- 2) الحجّ(22):34. [2]
3- 3) تفسير التبيان 7:279، [3]تفسير القرطبيّ 12:44، [4]التفسير الكبير 23:29. [5]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:9،حلية العلماء 3:372،المهذّب للشيرازيّ 1:238،المجموع 8:394، [6]المغني 11:100،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
5- 5) حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394،المغني 11:100.
6- 6) حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394.
7- 7) صحيح البخاريّ 7:129،صحيح مسلم 3:1556 الحديث 1965،سنن النسائيّ 7:218،سنن البيهقيّ 9:269.
8- 8) في النسخ:يسار.

رسول اللّه عندي جذعة من المعز،فقال صلّى اللّه عليه و آله:«ضحّ بها و لا تصلح لغيرك» (1).

و في رواية:«تجزئك و لا تجزئ أحدا بعدك» (2).

و هذا نصّ في عدم إجزاء الجذع عن المعز لغير أبي بردة،فلا يجزئ من غير المعز من الإبل و البقر؛لعدم القائل بالفرق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام،أنّه كان يقول:«الثنيّة من الإبل و الثنيّة من البقر و من المعز،و الجذعة من الضأن» (3).

و في الصحيح عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«يجزئ من الضأن الجذع،و لا يجزئ من المعز إلاّ الثنيّ» (4).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي،فقال:«الجذع من الضأن»قلت:فالمعز؟قال:

«لا يجوز الجذع من المعز»قلت:و لم؟قال:«لأنّ الجذع من الضأن يلقح،و الجذع من المعز لا يلقح» (5).

احتجّ الأوزاعيّ (6):بما رواه مجاشع بن سليم،قال:سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه

ص:291


1- 1صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2801، [1]سنن البيهقيّ 9:269.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:21-22،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2800،سنن البيهقيّ 3:283-284.
3- 3) التهذيب 5:206 الحديث 688،الوسائل 10:102 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:206 الحديث 689،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:206 الحديث 690،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 4. [4]
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.

و آله يقول:«إنّ الجذع يوفي ممّا يوفي منه الثنيّ» (1).

و الجواب:أنّه محمول على أنّ الجذع من الضأن يوفي ما يوفي الثنيّ من المعز؛جمعا بين الأدلّة.

إذا عرفت هذا:فنقول:الثنيّ من المعز و البقر ما له سنة،و دخل في الثانية، و من الإبل ما له خمس سنين،و دخل في السادسة،و جذع الضأن هو الذي له ستّة أشهر،و قد مضى البحث في ذلك (2).

مسألة:الأفضل الثنيّ من الإبل ثمّ الثنيّ من البقر ثمّ الجذع من الضأن

.و به قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

و قال مالك:الأفضل الجذع من الضأن ثمّ الثنيّ من البقر ثمّ الثنيّ من الإبل (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في الجمعة:«من راح في الساعة الأوّلة (7)فكأنّما قرّب بدنة،و من راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة عن الباقر

ص:292


1- 1سنن أبي داود 3:96 الحديث 2799، [1]سنن ابن ماجة 2:1049 الحديث 3140،سنن البيهقيّ 9:270.
2- 2) يراجع:الجزء الثامن ص 104،130 و 149.
3- 3) حلية العلماء 3:372،المهذّب للشيرازيّ 1:238،المجموع 8:398، [2]المغني 11:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:540.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:9،بدائع الصنائع 5:70،الهداية للمرغينانيّ 4:75،المغني 11:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:540،المجموع 8:398. [3]
5- 5) المغني 11:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:540،الكافي لابن قدامة 1:638،الإنصاف 4:73.
6- 6) المدوّنة الكبرى 2:69،المغني 11:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:540،المجموع 8:398. [4]
7- 7) ع:الأولى.
8- 8) صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [5]سنن النسائيّ 3:99، سنن البيهقيّ 3:226.

عليه السلام في الهدي:«أفضله بدنة،و أوسطه بقرة،و أخسّه (1)شاة» (2).

و لأنّ البدنة تقوم في الكفّارة مقام سبع من الغنم.

احتجّ المخالف:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أفضل الذبح الجذع من الضأن،و لو علم اللّه خيرا منه لفدى به إسحاق عليه السلام» (3).

و الجواب:أنّه محمول على أنّه أفضل من باقي أسنان الغنم.

فرع:

لو أراد أن يخرج سبع بدنة،كانت الجذعة من الغنم أفضل

؛لأنّ إراقة الدم مقصود في الأضحيّة،و إذا ضحّى بالشاة،حصلت إراقة الدم جميعه قربة.

مسألة:و يستحبّ أن يكون أملح،و هو الأبيض

-على ما فسّرناه أوّلا (4)- و يكون فيها سواد في المواضع التي ذكرناها،كما (5)تقدّم (6)،و أن يكون سمينا.

قال ابن عبّاس في قوله تعالى: وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (7)قال:تعظيمها استسمان الهدي و استحسانه (8).

ص:293


1- 1ح:«و أخصّه»،في الوسائل 10:«و [1]آخره»و في الوسائل 8 و [2]التهذيب:«و أخفضه».
2- 2) التهذيب 5:36 الحديث 107،الوسائل 8:183 الباب 5 [3] من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3 و ج 10: 101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 5.
3- 3) ينظر:المغني 11:99،الشرح الكبير بهامش المغني 3:540،و بتفاوت ينظر:المستدرك للحاكم 4: 223،كنز العمّال 5:103 الحديث 12242.
4- 4) مرّ تفسيره في ص 278.
5- 5) كثير من النسخ:لما.
6- 6) تقدّم في ص 278. [4]
7- 7) الحجّ(22):32. [5]
8- 8) تفسير الطبريّ 17:156، [6]تفسير القرطبيّ 12:56، [7]المغني 11:99، [8]الشرح الكبير [9]بهامش المغني 3: 542. [10]

و ينبغي أن يكون تامّا،فلا تجزئ في الضحايا العوراء البيّن عورها، و لا العرجاء البيّن عرجها،و لا المريضة البيّن مرضها،و لا العجفاء؛لما رواه الجمهور عن البراء بن عازب،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لا تجوز في الأضاحيّ أربع:العوراء البيّن عورها،و العرجاء البيّن عرجها،و المريضة البيّن مرضها،و العجفاء التي لا تنقي» (1).

و إنّما لم تجزئ العوراء؛لأنّه قد ذهبت عينها و هي عضو مستطاب،أو لأنّها لا تستوفي الرعي،فإنّها إنّما تشاهد الكلأ من ناحية العين الصحيحة.

و تخالف الكفّارة حيث جاز فيها الرقبة العوراء؛لأنّ العور لا يؤثّر في المقصود من العمل و تكميل الأحكام،و إذا لم تجزئ العوراء فالعمياء أولى بذلك.

و العرجاء البيّن عرجها هي التي تكون إحدى رجليها ناقصة عن الأخرى و هو يمنع أن تلحق الغنم فيسبقونها (2)إلى الكلأ الطيّب فيرعونه و لا تدركه فينقص لحمها فلا تجزئ،و لو لم يمنع عرجها اللحوق و إدراك الغنم في الرعي أجزأت.

و أمّا المريضة فهي الجرباء التي كثر بها و أثّر في لحمها،فلا تجزئ؛لأنّ اللحم هو المقصود،فما أثّر فيه يمنع الإجزاء.

و العجفاء (3)لا تجزئ؛لأنّها لا لحم لها،و إنّما هي عظام مجتمعة.

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يضحّى بالمصفرة،و البخقاء، و المستأصلة،و المشيّعة و الكسراء (4).

ص:294


1- 1سنن أبي داود 3:97 الحديث 2802، [1]سنن النسائيّ 7:214،سنن البيهقيّ 9:274،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:547.
2- 2) بعض النسخ:فتسبقونها،و لعلّ الأنسب:فيسبقنها...فيرعينه.
3- 3) العجف:ذهاب السمن و الهزال.لسان العرب 9:233. [3]
4- 4) سنن أبي داود 3:97 الحديث 2803، [4]مسند أحمد 4:185،المستدرك للحاكم 1:469،سنن البيهقيّ 9:275.

فالمصفرة:التي قطعت أذناها من أصلهما حتّى بدا صماخها،و إنّما لم تجزئ؛ لذهاب عضو مستطاب منها.

و البخقاء:العمياء.و المستأصلة:التي استؤصل قرناها،و هي لا تجزئ عندنا إذا لم يكن القرن الداخل صحيحا،و تجزئ إن كان صحيحا.

و المشيّعة:التي تتأخّر عن الغنم،فتكون أواخرها،و إنّما يكون لهزال فلا تجزئ،و لو كان لكلال أجزأت.و الكسراء،كالعرجاء.

مسألة:و تكره الجلحاء،و هي المخلوقة بغير قرن

و يقال لها:الجمّاء.

و العضباء (1)لا تجزئ على ما تقدّم (2).

و روي عن عليّ عليه السلام،قال:«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باستشراف العين (3)و الأذن،و لا نضحّي بعوراء و لا مقابلة و لا مدابرة و لا خرقاء و لا شرقاء» (4).

فالمقابلة:أن تقطع من مقدّم الأذن أو يبقى معلّقا فيها،كالزنمة.

و المدابرة:أن تقطع من مؤخّر الأذن.و الخرقاء:أن تكون مثقوبة من السمة، فإنّ الغنم توسم في آذانها،فتثقب بذلك.و الشرقاء:أن تشقّ أذنها،فتصير كالشاختين (5).

و هذه العيوب تكره معها التضحية و إن كانت مجزئة،بخلاف العيوب المتقدّمة في المسألة الأولى.

ص:295


1- 1عضبت الشاة عضبا:انكسر قرنها.المصباح المنير:414.
2- 2) يراجع:ص 189 و 192. [1]
3- 3) كثير من النسخ:العينين.
4- 4) سنن أبي داود 3:97 الحديث 2804، [2]سنن الترمذيّ 4:86 الحديث 1498، [3]سنن النسائيّ 7:216، سنن الدارميّ 2:77، [4]سنن البيهقيّ 9:275.
5- 5) الشاخة:المعتدل.لسان العرب 3:32. [5]
مسألة:و يستحبّ التضحية بذوات الأرحام من الإبل و البقر،و الفحولة من

الغنم

.رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل و البقر،و قد يجزئ الذكورة من البدن و الضحايا من الغنم الفحولة» (1).

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الإبل و البقر أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟قال:«ذوات الأرحام» (2).

و عن الحسن بن عمّارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبش أجذع أملح فحل سمين» (3).

و لو كانت الأنثى في الضأن أفضل لما عدل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و روي-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام:

«و الفحل من الضأن خير من الموجوء،و الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز» (4).

فروع:
الأوّل:لا يجوز التضحية بالثور و لا بالجمل بمنى

،و يجوز ذلك في الأمصار.

روى الشيخ عن أبي بصير،قال:سألته عن الأضاحيّ،فقال:«أفضل الأضاحيّ في الحجّ الإبل و البقر»و قال:«ذو و الأرحام،و لا يضحّى بثور و لا جمل» (5).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يجوز

ص:296


1- 1التهذيب 5:204 الحديث 680،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:204 الحديث 681،الوسائل 10:100 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:205 الحديث 684،الوسائل 10:108 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:109 الباب 14 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 5:204 الحديث 682،الوسائل 10:100 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 4. [5]

ذكورة الإبل و البقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث،و الإناث أفضل» (1).

الثاني:لا يجوز التضحية بالخصيّ؛لنقصانه،

رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته أ يضحّى بالخصيّ؟قال:

«لا» (2).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من[الخصيّ من] (3)الضأن»و قال:«الكبش السمين خير من الخصيّ و من الأنثى»قال:و سألته عن الخصيّ و الأنثى،فقال:«الأنثى أحبّ إليّ من الخصيّ» (4).

الثالث :و تجب التذكية بإزهاق الروح

(5)

،و إنّما يكون ذلك بقطع الأعضاء الأربعة:الحلقوم،و المريء،و الودجين،فالحلقوم:مجرى النفس،و المريء:

مجرى الطعام و الشراب،و الودجان:عرقان محيطان (6)بالحلقوم.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (7)،و أبو يوسف (8).

و قال أبو حنيفة:يجب قطع ثلاثة من الأربعة (9)أيّها قطع (10).

ص:297


1- 1التهذيب 5:205 الحديث 683،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:210 الحديث 707،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:206 الحديث 687،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 5. [3]
5- 5) أكثر النسخ:مسألة،مكان:الثالث.
6- 6) ع:يحيطان.
7- 7) المدوّنة الكبرى 2:65،بداية المجتهد 1:445،مقدّمات ابن رشد:324،حلية العلماء 3:423، المغني 11:46.
8- 8) المغني 11:46.
9- 9) ع:من الأربع.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 12:2،تحفة الفقهاء 3:68،بدائع الصنائع 5:41،الهداية للمرغينانيّ 4:65، حلية العلماء 3:423،المغني 11:46،المجموع 9:90،بداية المجتهد 1:445.

و قال محمّد بن الحسن:يجب قطع أكثر كلّ واحد من الأربعة (1).

و قال الشافعيّ:الواجب قطع الحلقوم و المريء،و استحبّ قطع الودجين (2).

لنا:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما أنهر الدم و فري الأوداج فكل» (3).

و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه.

مسألة:و يجب ذبح البقر و الغنم،فلا يجوز نحرهما،و يجب نحر الإبل،فلا

يجوز ذبحها

،فإن خولف ما قلناه،حرم الحيوان،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (4).

و قال الشافعيّ:إنّ الذبح و النحر يجوزان في جميع الحيوان (5).و قد تقدّم (6)بيان ذلك،و سيأتي تتمّة كلام فيه في كتاب الذبائح إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و ينبغي أن يتولّى ذبح أضحيّته بنفسه

؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يلي ذبح أضحيّته في المصلّى (7).فإن لم يحسن الذباحة،جعل يده مع يد الذابح؛لأنّ فعل القربة بنفسه أولى من استنابته فيها.

فإن استناب مسلما،جاز إجماعا،و إن استناب كافرا،فإن كان حربيّا

ص:298


1- 1تحفة الفقهاء 3:68-69،بدائع الصنائع 5:41،المجموع 9:90،بداية المجتهد 1:445.
2- 2) الأمّ 2:236،حلية العلماء 3:423-424،المهذّب للشيرازيّ 1:252،المجموع 9:90،المغني 11: 46،المبسوط للسرخسيّ 12:3.
3- 3) أورده السرخسيّ في المبسوط 12:2،و الكاسانيّ في بدائع الصنائع 5:41.
4- 4) المدوّنة الكبرى 2:65،مقدّمات ابن رشد:324،المجموع 9:90،المغني 11:48،الشرح الكبير بهامش المغني 11:54.
5- 5) الأمّ 2:217،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:74،حلية العلماء 3:424،المهذّب للشيرازيّ 1:252، المجموع 9:90،المغني 11:48،الشرح الكبير بهامش المغني 11:54.
6- 6) يراجع:ص 166.
7- 7) صحيح مسلم 3:1556 الحديث 1966،سنن الدارميّ 2:75،سنن البيهقيّ 9:259 و 285.

أو مجوسيّا،لم يجز،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1).

و إن كان كتابيّا فكذلك أيضا،ذهب إليه أكثر علمائنا (2).و نقل الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا جواز ذلك (3)،و هو قول الجمهور،إلاّ أنّ مالكا و إن أباحه لكنّه قال:إنّها تكون شاة لحم لا أضحيّة (4).

لنا:قوله عليه السلام:«لا يذبح ضحاياكم إلاّ طاهر» (5).

و لأنّ عليّا عليه السلام و عمر منعا من أكل ذبائح نصارى العرب (6).و وافقنا الشافعيّ على ذلك (7)،و فعلهما حجّة عنده و عندنا،و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه (8).

مسألة:و يجوز ذبيحة الصبيان إذا كانوا عارفين بشرائط الذبيحة

؛لأنّه محكوم بإسلامه.

و لما روي عن جابر أنّه قال:تؤكل ذبيحة الصبيّ (9).

و الأخرس يجوز ذباحته و إن لم ينطق؛لأنّ النطق ليس شرطا،نعم،يجب تحريك لسانه بالتسمية؛لأنّها شرط عندنا.

و ذبائح النساء جائزة أيضا،و لا نعلم فيه خلافا؛لما رواه نافع عن ابن عمر أنّ

ص:299


1- 1المجموع 8:405.
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في الانتصار:188،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:390،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 3:204.
3- 3) المبسوط 1:390.
4- 4) المنتقى للباجي 3:89،المجموع 8:407.
5- 5) أورده ابن قدامة في المغني 11:117.
6- 6) سنن البيهقيّ 9:284،المهذّب للشيرازيّ 1:251.
7- 7) الأمّ 2:232،المهذّب للشيرازيّ 1:251،المجموع 9:75.
8- 8) ق بزيادة:تعالى.
9- 9) سنن البيهقيّ 9:283.

جارية لآل كعب كانت ترعى غنما،فرأت بشاة منها موتا،فأخذت حجرا فكسرته و ذبحتها به؛فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«تؤكل» (1).

و استفيد من هذا الحديث خمس فوائد:

أحدها:جواز ذبح المرأة.

و ثانيها:أنّ الحائض و الطاهر سواء؛لأنّه لم يستفصل حالها.

و ثالثها:أنّ من ذبح شاة غيره بغير إذنه،صحّت الذكاة.

و رابعها:جواز ذبح الحجر.

و خامسها:أنّ الحيوان إذا خيف موته و فيه حياة مستقرّة،جاز ذبحه.

و أمّا السكران.و المجنون،فإنّ ذبيحتهما جائزة؛لأنّهما محكوم بإسلامهما لكنّها مكروهة؛لأنّهما لا يعرفان محلّ الذكاة،فربما قطعا غير ما شرط قطعه، فتعطّلت الذبيحة.

و يستحبّ أن يتولّى الذبيحة المسلم البالغ العاقل الفقيه؛لأنّه أعرف بشرائط الذبح و وقته،فإن لم يكن رجل فالنساء،فإن لم يكن فالصبيان،فإن لم يكن فالسكران و المجنون.

مسألة:و يجب استقبال القبلة عند الذبح و توجيه الذبيحة إليها

،قاله علماؤنا؛ لما رواه جابر،قال:ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبشين أقرنين أملحين، فلمّا وجّههما قرأ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي (2)الآيتين (3).

و تجب فيها التسمية؛لقوله تعالى: فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (4)

ص:300


1- 1صحيح البخاريّ 7:119،سنن البيهقيّ 9:281.
2- 2) الأنعام(6):79 و 162. [1]
3- 3) سنن أبي داود 3:95 الحديث 2795، [2]سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3121،سنن الدارميّ 2:75. [3]
4- 4) الأنعام(6):118. [4]

وَ لا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (1).

و لا تكره الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عند الذبيحة مع التسمية،بل هي مستحبّة،و به قال الشافعيّ (2).

و قال مالك (3)،و أبو حنيفة:إنّ ذلك مكروه (4).و قال أحمد:ليس بمشروع (5).

لنا:أنّ ما شرّع فيه ذكر اسم اللّه تعالى،شرّع فيه ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كالأذان.

احتجّوا (6):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«موطنان لا أذكر فيهما:عند الذبيحة و عند العطاس» (7).

و الجواب:أنّ مراده:لا يذكر فيهما مع اللّه تعالى على الوجه الذي يذكر معه في غيرهما،فإنّ في الأذان يشهد للّه تعالى بالتوحيد،و يشهد للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالرسالة،و كذا في شهادة الإسلام و الصلاة،و هاهنا يسمّي اللّه تعالى و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الصلاة ليست من جنس التسمية،و كذا في العطاس،فإنّ المرويّ فيه أنّه يسمّي اللّه تعالى و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ أن يقول ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي

ص:301


1- 1الأنعام(6):121. [1]
2- 2) الأمّ 2:239،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:284،المجموع 8:410 و ج 9:86،حلية العلماء 3:375، المغني 11:6.
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:66،تفسير القرطبيّ 12:66، [2]حلية العلماء 3:375،المجموع 8:410. [3]
4- 4) بدائع الصنائع 5:48،الهداية للمرغينانيّ 4:64،شرح فتح القدير 8:411،تبيين الحقائق 6:453، حلية العلماء 3:375.
5- 5) المغني 11:6،الفروع في فقه أحمد 3:498،حلية العلماء 3:375.
6- 6) المغني 11:6. [4]
7- 7) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة الموجودة،أورده ابن قدامة في المغني 11:6،و الكاسانيّ في بدائع الصنائع 5:48،و الزيلعيّ في تبيين الحقائق 6:453.

عمير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة فانحره أو اذبحه و قل: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من المسلمين،اللهمّ منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر،اللهمّ تقبّله منّي، ثمّ أمرّ السكّين و لا تنخعها حتّى تموت» (1).

فرع:

لو نسي التسمية،لم تحرم و كان حلالا،و ينبغي أن يسمّي عند أكله

.

روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا ذبح المسلم و لم يسمّ و نسي فكل من ذبيحته،و سمّ اللّه على ما تأكل» (2).

مسألة:و إذا ذبحها قطع الأعضاء الأربعة التي ذكرناها،و لا يقطع رأسها إلى

أن تموت

،فإن قطعه قبله فقولان:

أحدهما:التحريم-و به قال سعيد بن المسيّب (3)-لأنّها ماتت من جرحين:

أحدهما مبيح،و الآخر محرّم،فلا تحلّ.

و لقول الصادق عليه السلام:«و لا تنخعها حتّى تموت» (4).

و الآخر:الحلّ؛لأنّها بقطع المريء و الحلقوم و الودجين مذكّاة،و الزائد غير مؤثّر؛لأنّه حصل و الحياة غير مستقرّة،فكان كما لو قطع يدها أو رجلها،

ص:302


1- 1التهذيب 5:221 الحديث 746،الوسائل 10:137 الباب 37 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:222 الحديث 747،الوسائل 10:138 الباب 38 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
3- 3) حلية العلماء 3:423.
4- 4) الكافي 4:498 الحديث 6، [3]الفقيه 2:299-300 الحديث 1489،التهذيب 5:221 الحديث 746، الوسائل 10:137 الباب 37 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

و هو الوجه عندي،و قول الصادق عليه السلام لا يقتضي التحريم،سلّمنا لكن تحريم الفعل لا يقتضي تحريم الأكل.

مسألة:و لو ذبحها من قفاها،سمّيت القفينة

(1)،و لا يخلو حالها بعد قطع الرقبة، إمّا أن تبقى فيها حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة أو لا تبقى،فإن بقيت، حلّت،و إلاّ لم تحلّ،و به قال الشافعيّ (2).

و قال مالك (3)،و أحمد:إنّها لا تحلّ بحال (4).

و روى الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«إن كان ذلك سهوا،حلّت،و إن كان عمدا،لم تحلّ» (5).

لنا:أنّه قطع الأعضاء الأربعة و فيه حياة مستقرّة،فكان حلالا،كما لو قطع الأعضاء الأربعة بعد قطع يده أو رجله.

احتجّ مالك،و أحمد:بأنّه لم يأت بالذبح المأمور به (6).

و الجواب:المنع من ذلك.

إذا عرفت هذا:فالمعتبر في معرفة الحياة المستقرّة هو وجود الحركة القويّة بعد

ص:303


1- 1شاة قفيّة:مذبوحة من قفاها،و منهم من يقول:قفينة،و الأصل:قفيّة و النون زائدة.لسان العرب 15: 193. [1]
2- 2) الأمّ 2:239،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:284،حلية العلماء 3:424،المهذّب للشيرازيّ 1:252، المجموع 9:87 و 91،مغني المحتاج 4:271،السراج الوهّاج:558،المغني 11:51،الشرح الكبير بهامش المغني 11:56.
3- 3) بداية المجتهد 1:446،بلغة السالك 1:313،المنتقى للباجيّ 3:109،تفسير القرطبيّ 6:54، [2]حلية العلماء 3:424،المجموع 9:91،المغني 11:51،الشرح الكبير بهامش المغني 11:56.
4- 4) المغني 11:51،الشرح الكبير بهامش المغني 11:56،الكافي لابن قدامة 1:651،الفروع في فقه أحمد 3:496،الإنصاف 10:395،المجموع 9:91.
5- 5) الحاوي الكبير 15:99.
6- 6) بداية المجتهد 1:446،المنتقى للباجيّ 3:109،المغني 11:51،الشرح الكبير بهامش المغني 11: 56.

قطع العنق قبل قطع المريء و الودجين و الحلقوم،و إن كانت ضعيفة أو لم تتحرّك لم تحلّ؛لأنّه قد حصل فعلان:

أحدهما:يتعلّق به الإباحة،و الآخر:يتعلّق به التحريم،فإذا لم يعلم بقاء الحياة المستقرّة بوجود الحركة القويّة حكمنا بالحظر،تغليبا له.

و أيضا الظاهر من حال الحيوان إذا قطع رأسه من قفاه أنّه لا تبقى فيه حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة،فإذا لم يثبت بقاء الحياة بوجود الحركة القويّة، حرّمناه؛عملا بالظاهر السليم عن المعارض،و سيأتي البحث في ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:يكره ذباحة الأضحيّة و غيرها ليلا

؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن الذبح ليلا (1).و لأنّ الأضحيّة يتعذّر تفريقها ليلا،فلا يفرّق اللحم طريّا،و هذا لا خلاف فيه.

إذا ثبت هذا:فلو ذبحها ليلا،أجزأه.و قال مالك:لا تجزئه و يكون لحم شاة (2).

لنا:أنّ الليل محلّ الرمي،فكان محلاّ للذبح،كالنهار.

احتجّ مالك:بقوله تعالى: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (3).و الأيّام تقع على بياض النهار دون الليل (4).

و الجواب:الأيّام إذا جمعت،دخلت فيها الليالي،و لهذا لو نذر أن يعتكف

ص:304


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 11:116،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557،و بلفظ الأمر بإعادة الأضحيّة على من ذبح قبل الغداة،ينظر:الموطّأ 2:484 الحديث 5،و بلفظ الأمر بالإعادة على من ذبح قبل صلاة الإمام،ينظر:صحيح مسلم 3:1551 الحديث 1960.
2- 2) المدوّنة الكبرى 2:73،تفسير القرطبيّ 12:42، [1]المنتقى للباجيّ 3:86،حلية العلماء 3:370، المجموع 8:391،المغني 11:115،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557.
3- 3) الحجّ(22):28. [2]
4- 4) المدوّنة الكبرى 2:73،تفسير القرطبيّ 12:43. [3]

عشرة أيّام،دخلت الليالي فيها.

مسألة:و يستحبّ له الأكل من الأضحيّة

،و هو قول العلماء،إلاّ شذوذ من الناس قالوا بوجوب الأكل،لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (1)قرنه بالإطعام الواجب،فيكون الأكل واجبا (2).

و الجواب:لا نسلّم وجوب الإطعام في المستحبّ من الأضحيّة،سلّمناه لكن نمنع وجوب ما يقترن (3)بالواجب؛لقوله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (4)و الإيتاء واجب و الأكل غير واجب.

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز أن يأكل منها أكثرها و يتصدّق بالأقلّ،قال الشيخ:و إن أكل الجميع،ضمن للفقراء قيمة المجزئ (5).

و قال أبو العبّاس بن سريج و ابن القاصّ:له أن يأكل الجميع و لا يضمن شيئا (6).

و بقول الشيخ أفتى الشافعيّ (7).

احتجّ الشيخ:بالآية (8)،فإنّها تدلّ على وجوب التصدّق.

احتجّ ابن سريج:بأنّه إذا جاز أن يأكل بعضها،جاز أن يأكل الجميع،كشاة اللحم،و تكون القربة في الذبح خاصّة (9).

إذا عرفت هذا:فالمستحبّ أن يأكل ثلثها،و يتصدّق بالثلث،و يهدي الثلث.

ص:305


1- 1الحجّ(22):28. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:375،المجموع 8:414،المغني 11:110، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:588. [3]
3- 3) ع:يتقرّب،ج،روح:يقرن.
4- 4) الأنعام(6):141. [4]
5- 5) المبسوط 1:393. [5]
6- 6) حلية العلماء 3:376،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:416.
7- 7) حلية العلماء 3:376،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:416.
8- 8) الحجّ(22):28.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:416.

و به قال الشافعيّ في الجديد.

و قال في القديم:يأكل النصف،و يتصدّق بالنصف (1).

لنا:قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (2)و القانع:السائل، و المعترّ:الذي لا يسأل.

احتجّ الشافعيّ (3):بقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (4).

و الجواب:أنّه لا ينافي الإهداء الثابت بالآية الأخرى.

مسألة:و لا يجوز بيع لحم الأضاحيّ

.و به قال الشافعيّ،و أكثر الجمهور (5).

و قال أبو حنيفة:يجوز بيعه و شراؤه (6).

لنا:أنّه بذبحه خرجت عن ملكه و استحقّها المساكين.

إذا ثبت هذا:فإنّه يكره له بيع جلودها،فإن باعه تصدّق به (7)،و كذا يكره أن يعطي الجزّارين،بل ينبغي الصدقة بها،و منع الشيخ من بيعها (8)،و الظاهر أنّ مراده بذلك الكراهية،كما قلناه،أمّا الشافعيّ فقد منع منه (9)،و به قال أبو هريرة (10).

ص:306


1- 1حلية العلماء 3:376،المهذّب للشيرازيّ 1:239،المجموع 8:413،مغني المحتاج 4:290،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:587.
2- 2) الحجّ(22):36. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:239،المجموع 8:414،مغني المحتاج 4:291.
4- 4) الحجّ(22):28. [3]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:419،المغني 11:112،المنتقى للباجيّ 3:91.
6- 6) تحفة الفقهاء 3:88،الهداية للمرغينانيّ 4:76،حلية العلماء 3:379،المغني 11:112،المجموع 8: 420.
7- 7) كذا في النسخ،و الأنسب:فإن باعها تصدّق بها.
8- 8) المبسوط 1:393،الخلاف 2:535 مسألة-26.
9- 9) حلية العلماء 3:378،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:420،مغني المحتاج 4:291.
10- 10) المغني 11:112،الشرح الكبير بهامش المغني 3:567.

و قال عطاء:لا بأس ببيع أهب الأضاحيّ (1).

و قال الأوزاعيّ:يجوز بيع جلودها بآلة البيت التي تصلح للعارية،كالقدر و القدوم (2)،و المنخل (3)،و الميزان و أشباهها (4).

و يدلّ على الكراهية:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن أقوم على بدنه و أقسّم جلودها و جلالها و لا أعطي الجازر (5)منها شيئا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الإهاب،فقال:«تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت و لا تعط الجزّارين»و قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعطى جلالها و جلودها و قلائدها الجزّارين،و أمر أن يتصدّق بها» (7).

و إنّما قلنا:إنّ هذا النهي للكراهية؛لقول الصادق عليه السلام:«أو تجعله مصلّى ينتفع به».

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم

ص:307


1- 1حلية العلماء 3:379،المجموع 8:420،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:167،المحلّى 7: 385.
2- 2) القدوم:آلة النجّار،و قال ابن الأنباريّ:القدوم:التي ينحت بها.المصباح المنير:494.
3- 3) المنخل-بضمّ الميم-:ما ينخل به،و هو من النوادر التي وردت بالضمّ،و القياس الكسر؛لأنّه اسم آلة. المصباح المنير:597. [1]
4- 4) المغني 11:112،الشرح الكبير بهامش المغني 3:567،حلية العلماء 3:379،المجموع 8:420، الميزان الكبرى 2:55،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:167.
5- 5) ع:الجزّار،كما في بعض المصادر.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:211،صحيح مسلم 2:954 الحديث 1317،سنن ابن ماجة 2:1054 الحديث 3157،سنن البيهقيّ 5:241،و ج 9:294.
7- 7) التهذيب 5:228 الحديث 771،الاستبصار 2:276 الحديث 980،الوسائل 10:152 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]

عليه السلام،قال:سألته عن الهدي أ يخرج بشيء منه عن الحرم؟فقال:«بالجلد و السنام و الشيء ينتفع به» (1).

و يدلّ على استحباب الصدقة بثمنه مع الانتفاع به:ما رواه الشيخ-في الصحيح -عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن جلود الأضاحيّ هل يصلح لمن ضحّى بها أن يجعلها جرابا؟قال:«لا يصلح أن يجعلها جرابا إلاّ أن يتصدّق بثمنها» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه لا يعطى الجازر من لحمها شيئا لجزارته؛لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على المنع،و لأنّ المضحّي قد لزمه إيصال ذلك إلى الفقراء،فكانت الأجرة عليه،و لو كان الجازر فقيرا،جاز أن يأخذ منها لفقره؛لأنّه من المستحقّين و قد باشرها و تاقت نفسه إليها.

مسألة:و لا بأس بأكل لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثة أيّام و ادّخارها

،و قد كان منهيّا عن ادّخارها،فنسخ.

روى الشيخ عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،قال:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا نأكل لحم الأضاحيّ بعد ثلاث،ثمّ أذن لنا أن نأكل و نقدّد و نهدي إلى أهالينا (3).

و روى الشيخ عن حنّان بن سدير،عن أبيه،عن الباقر عليه السلام،و عن

ص:308


1- 1التهذيب 5:228 الحديث 772،الاستبصار 2:276 الحديث 981،الوسائل 10:152 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:228 الحديث 773،الاستبصار 2:276 الحديث 982،الوسائل 10:151 الباب 43 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:225 الحديث 762،الاستبصار 2:274 الحديث 971،الوسائل 10:148 الباب 41 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]

أبي الصباح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال (1):«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثة أيّام ثمّ أذن فيها،قال:كلوا من لحوم الأضاحيّ بعد ذلك و ادّخروا» (2).

لا يقال:يعارض ذلك ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تحبس لحوم الأضاحيّ فوق ثلاثة أيّام» (3).

لأنّا نقول:إنّه لا منافاة؛إذا النسخ قد ثبت بما تقدّم.

مسألة:و يكره أن يخرج شيئا ممّا يضحّيه عن منى

،بل يخرجه إلى مصرفه بها؛ لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام، قال:سألته عن اللحم أ يخرج به من الحرم؟قال:«لا يخرج منه شيء إلاّ السنام بعد ثلاثة أيّام» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تخرجنّ شيئا من لحم الهدي» (5).

و عن عليّ بن أبي حمزة[،عن أحدهما عليهما السلام] (6)قال:«لا يتزوّد

ص:309


1- 1د:قالا،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 5:226 الحديث 763،الاستبصار 2:274 الحديث 972،الوسائل 10:148 الباب 41 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:226 الحديث 764،الاستبصار 2:274 الحديث 973،الوسائل 10:148 الباب 41 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:226 الحديث 765،الاستبصار 2:274 الحديث 974،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:226 الحديث 766،الاستبصار 2:275 الحديث 975،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 2. [4]
6- 6) أثبتناها من المصدر.

الحاجّ من أضحيّته و له أن يأكل بمنى»قال:و هذه مسألة شهاب كتب إليه فيها (1).

فروع:
الأوّل:لا بأس بإخراج السنام من منى؛للحاجة إليه

.و لرواية محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (2).

الثاني:لا بأس بإخراج لحم ما ضحّاه غيره إذا اشتراه منه،أو أهداه إليه

؛لما رواه الشيخ عن عليّ،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سمعته يقول:«لا يتزوّد الحاجّ من أضحيّته،و له أن يأكل منها،إلاّ السنام فإنّه دواء»،قال أحمد:و قال:«لا بأس أن يشتري الحاجّ من لحم[منى] (3)و يتزوّده» (4).

و على هذا حمل الشيخ-رحمه اللّه-ما رواه-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن إخراج لحوم الأضاحيّ من منى، فقال:«كنّا نقول:لا يخرج شيء؛لحاجة الناس إليه،فأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه» (5).

الثالث:يكره أن يضحّي بما يربّيه

،و يستحبّ أن يشتري و يضحّي،و قد تقدّم.

الرابع:يستحبّ أن يضحّي بما قد عرّف به

،و قد تقدّم أيضا (6).

ص:310


1- 1التهذيب 5:227 الحديث 767،الاستبصار 2:275 الحديث 976،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:226 الحديث 765،الاستبصار 2:274 الحديث 974،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:227 الحديث 769،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:227 الحديث 768،الاستبصار 2:275 الحديث 977،الوسائل 10:150 الباب 42 من أبواب الذبح الحديث 5. [4]
6- 6) يراجع:ص 200. [5]
مسألة:و إذا تعذّرت الأضحيّة،تصدّق بثمنها

،فإن اختلفت أثمانها،جمع الأعلى و الأوسط و الأدون،و تصدّق بثلث الجميع،رواه الشيخ عن عبد اللّه بن عمر (1)،قال:كنّا بمكّة فأصابنا غلاء الأضاحيّ،فاشترينا بدينار،ثمّ بدينارين،ثمّ بلغت سبعة،ثمّ لم توجد بقليل و لا كثير،فوقّع هاشم المكاري (2)إلى أبي الحسن عليه السلام،فأخبره بما اشترينا و أنّا لم نجد بعد،فوقّع إليه:«انظروا إلى الثمن الأوّل و الثاني و الثالث فاجمعوا ثمّ تصدّقوا بمثل ثلثه» (3).

مسألة:إذا اشترى شاة تجزئ في الأضحيّة بنيّة أنّها أضحيّة

،قال الشيخ -رحمه اللّه-:تصير أضحيّة بذلك،و لا يحتاج إلى قوله:إنّها أضحيّة،و لا إلى نيّة مجدّدة،و لا إلى إشعار و تقليد (4).و به قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6).

و قال الشافعيّ:إنّها لا تصير أضحيّة،بل بقوله:قد جعلتها أضحيّة،أو هي

ص:311


1- 1عبد اللّه بن عمر،قال المامقانيّ:عبد اللّه بن عمر الذي حدّث عنه هشام بن الحارث عدّه الشيخ بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام على نسخة و في نسخة أخرى:عمرو،و على كلّ حال فهو إماميّ على الظاهر مجهول الحال،و قال الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام:عبد اللّه بن عمرو الذي روى ابن زكير(بكير)عن هشام عن(بن)الحارث عن عبد اللّه بن عمرو.و قال السيّد الخوئيّ:عبد اللّه بن عمر روى عن أبي الحسن عليه السلام و روى عنه إبراهيم بن هاشم و النوفليّ،و قال أيضا عند ذكر عبد اللّه بن عمر:مجهول،يأتي بعنوان:عبد اللّه بن عمرو.رجال الطوسيّ:265،تنقيح المقال 2:201، [1]معجم رجال الحديث 10:279. [2]
2- 2) كذا في النسخ،و في المصادر:هشام،قال المامقانيّ:هو هاشم بن حيّان أبو سعيد المكاري،و قد وقع الخلاف في اسمه فسمّاه جمع،منهم:النجاشيّ و العلاّمة:هاشم،و آخرون،منهم:الشيخ:هشام،و قد تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل ص 90.رجال النجاشيّ:439،رجال الطوسيّ:330،رجال العلاّمة: 214، [3]تنقيح المقال 3:287. [4]
3- 3) التهذيب 5:238 الحديث 805،الوسائل 10:172 الباب 58 من أبواب الذبح الحديث 1. [5]
4- 4) المبسوط 1:390، [6]الخلاف 2:531 مسألة-15.
5- 5) بدائع الصنائع 5:68،حلية العلماء 3:374،المغني 11:107،الشرح الكبير بهامش المغني 3:560.
6- 6) المغني 11:107،الشرح الكبير بهامش المغني 3:560،المجموع 8:426.

أضحيّة،أو ما أشبه ذلك.هذا قوله في الجديد.

و قال في القديم:تصير أضحيّة بالنيّة مع الإشعار أو التقليد (1).

احتجّ الشيخ:بأنّه مأمور بشراء الأضحيّة،فإذا اشتراها بالنيّة،وقعت عنها، كالوكيل إذا اشترى لموكّله بأمره (2).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّها إزالة ملك على وجه القربة،فلا تؤثّر فيها النيّة المقارنة للشراء،كما لو اشترى عبدا بنيّة العتق،و أجاب عن القياس الأوّل:بالشراء للعتق، فإنّه لا ينعتق بذلك،و هو معارضة،ثمّ فرّق بين الأضحيّة و بين الوكيل بأنّه بعد وقوعه له لا يمكنه جعله لموكّله،و هاهنا يمكنه بعد شرائها أن يجعلها أضحيّة فجرى مجرى الإعتاق (3).

مسألة:إذا عيّن الأضحيّة على وجه يصحّ به التعيين،فقد زال ملكه عنها

،و هل له إبدالها؟قال أبو حنيفة،و محمّد:نعم،له ذلك و لا يزول ملكه عنها (4).

و قال الشافعيّ:لا يجوز له إبدالها،و قد زال ملكه عنها (5)،و به قال أبو يوسف (6)،و أبو ثور (7)،و هو الظاهر من كلام الشيخ رحمه اللّه (8).

ص:312


1- 1الأمّ 2:225،حلية العلماء 3:374،الميزان الكبرى 2:57،مغني المحتاج 4:288،السراج الوهّاج: 563.
2- 2) المبسوط 1:390،الخلاف 2:531 مسألة-15.
3- 3) المجموع 8:426،المغني 11:107،الشرح الكبير بهامش المغني 3:560.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 12:13،تحفة الفقهاء 3:86،بدائع الصنائع 5:68،الهداية للمرغينانيّ 4:74، حلية العلماء 3:364،المغني 11:112،الشرح الكبير بهامش المغني 3:561.
5- 5) حلية العلماء 3:364،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:377،المغني 11:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:562.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 12:13،المغني 11:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:562.
7- 7) المغني 11:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:562.
8- 8) المبسوط 1:391، [1]الخلاف 2:532 مسألة-16.

احتجّ الشافعيّ (1):بما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«من عيّن أضحيّة فلا يستبدل بها» (2).

و احتجّ أبو حنيفة (3):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أهدى هدايا فاشترك عليّا عليه السلام فيها (4)،و هو إنّما يكون بنقلها إليه.و فيه ضعف؛لجواز أن يكون عليه السلام وقت السياق نوى أنّها عن عليّ عليه السلام.

التفريع على القول بالتعيين:

إذا ثبت أنّها تتعيّن،فإنّ ملكها يزول عن المالك،فإن باعها فالبيع فاسد،و يجب ردّها إن كانت باقية،و إن كانت تالفة فعلى المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين قبضها إلى حين التلف،و على البائع أكثر الأمرين من قيمتها إلى حين التلف أو مثلها يوم التضحية.و كذا لو لم يبعها و لكن أتلفها أو فرّط في حفظها حتّى تلفت،أو ذبحها قبل وقت الأضحيّة.هذا اختيار الشافعيّ (5).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:عليه قيمتها يوم التلف (6).و به قال أبو حنيفة (7).

احتجّ الشيخ:بأنّه أتلف الأضحيّة،فلزمه قيمتها،كالأجنبي (8).

ص:313


1- 1المغني 11:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:562.
2- 2) الحاوي الكبير 15:102.
3- 3) المغني 11:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:561.
4- 4) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074.
5- 5) الأمّ 2:223،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:284،حلية العلماء 3:365،مغني المحتاج 4:288،السراج الوهّاج:563،المغني 11:104،الشرح الكبير بهامش المغني 3:570،المجموع 8:371.
6- 6) المبسوط 1:391،الخلاف 2:532 مسألة-17.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 12:13،بدائع الصنائع 5:67،الهداية للمرغينانيّ 4:74،مجمع الأنهر 2:522، المغني 11:104،الشرح الكبير بهامش المغني 3:570،المجموع 8:371.
8- 8) المبسوط 1:391،الخلاف 2:532 مسألة-17.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ هذه الأضحيّة مضمونة عليه لحقّ اللّه تعالى و حقّ المساكين؛لوجوب نحرها و تفرقة لحمها،و لا يجزئه دفعها إليهم قبل ذلك،فإذا فرضنا قيمتها وقت التلف عشرة ثمّ زادت قيمة الأضاحيّ فصارت عشرين،وجب أن يشتري أضحيّة بعشرين ليوفي حقّ اللّه تعالى و هو نحرها،بخلاف الأجنبيّ فإنّه لا يلزمه حقّ اللّه تعالى فيها (1).و كلام الشافعيّ قويّ.

إذا ثبت هذا:فإن أمكنه أن يشتري بها أضحيّتين بأن ترخص الأضاحيّ،كان عليه إخراجهما معا.

و لو كان الفاضل ممّا يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان يجزئ في الأضحيّة -كالسبع مثلا-فعليه أن يشتري به؛لأنّه يمكنه صرفه في الأضحيّة،فلزمه،كما لو أمكنه أن يشتري به جميعا.و يجزئه الصدقة بالفاضل،و الأوّل أفضل،و لو كان الفاضل لا يساوي جزءا،تصدّق به.

هذا إذا كان المتلف المالك،أمّا إذا كان أجنبيّا،فإنّ عليه القيمة يوم الإتلاف، فإن أمكن أن يشتري بها أضحيّة أو أكثر،فعلى ما تقدّم،و إن لم يمكن،جاز أن يشتري به جزء حيوان للأضحيّة،فإن قصر،تصدّق به،و لا يلزم المضحّي شيئا؛لأنّه غير مفرّط.

و لو تلفت الأضحيّة في يده أو سرقت من غير تفريط،لم يكن عليه ضمان؛ لأنّه غير مفرّط و هي أمانة في يده.

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى أضحيّة فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها،قال:«لا

ص:314


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:236،المجموع 8:369 و 371،المغني 11:104، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:570. [2]

بأس،و إن أبدلها فهو أفضل،و إن لم يشتر فليس عليه شيء» (1).

أمّا لو فرّط فإنّه يضمن.

لا يقال:أ ليس لو نذر عتق عبد ثمّ أتلفه أو تلف بتفريط،لم يكن عليه ضمان.

لأنّا نقول:الفرق بينهما أنّ الحقّ في الأضحيّة للفقراء و هم باقون بعد تلفها،و الحقّ في عتق العبد له،فإذا تلف،لم يبق مستحقّ لذلك،فسقط الضمان فافترقا.

و لو اشترى شاة و عيّنها للأضحيّة فوجد بها عيبا،لم يكن له ردّها؛لأنّه قد زال ملكه عنها فتعذّر ردّها،كالعبد إذا أعتق بعد الشراء ثمّ وجد به عيبا،و يرجع بالأرش،فإذا أخذه صرفه إلى المساكين،و إن أمكنه أن يشتري به حيوانا أو جزءا منه مجزئا في الأضحيّة،كان أولى.

و هل صرف الأرش إلى الفقراء متعيّن،أم يجوز له تملّكه؟قيل:يتعيّن؛لأنّه عوض اللحم المستحقّ للفقراء،بخلاف ما إذا اشترى عبدا فأعتقه ثمّ وجد به عيبا فإنّ الأرش للمالك؛لأنّ القصد بالعتق تكميل الأحكام،كقبول الشهادة و الجمعة و الحدود و ما غايرها،و العيب لا يؤثّر في ذلك،أمّا الأضحيّة فالقصد بها اللحم،فإذا كانت معيبة،لم يكن لحمها كاملا.

و قيل:لا يتعيّن للصدقة،و ما ذكروه أوّلا غير مستقيم؛لأنّ أرش العيب إنّما وجب؛لأنّ عقد البيع اقتضى سلامة العين و هو حقّ للمشتري،و إنّما وجب في ملكه،فلا يستحقّ الفقراء ما أوجبه عقد الشراء.و لأنّ العيب قد لا يؤثّر في اللحم، فلا يكون ذلك مؤثّرا في المقصود بها،كما ذكروه في العبد (2).و هذا عندي أقوى.

مسألة:و إذا عيّن أضحيّة ،ذبح معها ولدها

(3)

،سواء كان حملا حال التعيين

ص:315


1- 1التهذيب 5:217 الحديث 733،الوسائل 10:129 الباب 30 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) المجموع 8:373.
3- 3) د،ع و خا:أضحيّته.

أو حدث بعد ذلك؛لأنّ التعيين معنى يزيل الملك عنها،فاستتبع الولد، كالعتق (1).

و لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لا يضرّ بولدها ثمّ انحرهما جميعا» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز له شرب لبنها ما لم يضرّ بولدها،قاله علماؤنا،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لا يحلبها و يرشّ على الضرع الماء حتّى ينقطع اللبن (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام لمّا رأى رجلا يسوق بدنة معها ولدها،فقال:«لا تشرب من لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«فاحلبها ما لا يضرّ بولدها» (6).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ اللبن متولّد (7)من الأضحيّة،فلم يجز للمضحّي الانتفاع

ص:316


1- 1ق،ع و خا بزيادة:في العبد.
2- 2) الكافي 4:493 الحديث 2، [1]التهذيب 5:220 الحديث 741،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 6. [2]
3- 3) الأمّ 2:225،حلية العلماء 3:364،المهذّب للشيرازيّ 1:236،المجموع 8:367،مغني المحتاج 4: 292،المغني 11:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:565.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:145،بدائع الصنائع 2:225،الهداية للمرغينانيّ 1:187،شرح فتح القدير 3:83،تبيين الحقائق 2:437،مجمع الأنهر 1:311،حلية العلماء 3:365،المجموع 8:368،المغني 11:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:565.
5- 5) سنن البيهقيّ 9:288.
6- 6) الكافي 4:493 الحديث 2، [3]التهذيب 5:220 الحديث 741،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 6. [4]
7- 7) كثير من النسخ:يتولّد.

به،كالولد (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ الولد يمكنه حمله إلى محلّه،بخلاف اللبن،فإنّه إن حلب و ترك،فسد و إن لم يحلب،تعقّد الضّرع و أضرّ بالأمّ،فجاز له شربه.و الأفضل له أن يتصدّق به.

و يجوز له ركوب الأضحيّة و قد تقدّم (2)؛لقوله تعالى: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى (3).

مسألة:و لو أوجب أضحيّة بعينها و هي سليمة فعابت عيبا يمنع الإجزاء من

غير تفريط

،لم يكن عليه إبدالها،و أجزأه ذبحها،و كذلك حكم الهدايا.

و قال أبو حنيفة:لا تجزئه (4).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّها لو تلفت،لم يضمنها فكذا أبعاضها.و لو كانت واجبة عليه على التعيين ثمّ حدث بها عيب لمعالجة الذبح،أجزأه أيضا،و به قال أبو حنيفة استحسانا (5).

و قال الشافعيّ:لا يجزئه (6).

ص:317


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:145،بدائع الصنائع 2:225،الهداية للمرغينانيّ 1:187،شرح فتح القدير 3:82،تبيين الحقائق 2:437،مجمع الأنهر 1:311،المغني 11:106،الشرح الكبير بهامش المغني 3:565.
2- 2) يراجع:ص 255. [1]
3- 3) الحجّ(22):33. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:141 و ج 12:17،تحفة الفقهاء 3:86،حلية العلماء 3:380،المغني 11: 104،الشرح الكبير بهامش المغني 3:573.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 12:17،تبيين الحقائق 6:483،المغني 11:104،الشرح الكبير بهامش المغني 3:574.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:404،المغني 11:104،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 574.

أمّا لو نذر أضحيّة مطلقة فإنّه تلزمه (1)سليمة من العيوب،فإن عيّنها في شاة بعينها،تعيّنت،فإن عابت قبل أن ينحرها عيبا يمنع الإجزاء-كالعور-لم تجزئه عن التي في ذمّته،و عليه إخراج ما بقي في ذمّته سليما من العيب.

و لو عيّن أضحيّة ابتداءً و بها ما يمنع من الأضحيّة الشرعيّة-كالعور و شبهه- أخرجها على عيبها؛لزوال ملكه عنها بالنذر و لم تكن أضحيّة و لا يحصل له ثواب الأضحيّة،بل تكون صدقة واجبة،فيجب ذبحها،و يتصدّق بلحمها،و يثاب على الصدقة،كما لو أعتق عبدا معيبا (2)عن كفّارته و قلنا باشتراط السلامة من العيوب.

و لو عيّنها معيبة ثمّ زال عيبها بأن سمنت بعد العجاف،فإنّها لا تقع موقع الأضحيّة؛لأنّه أوجب ما لا يجزئ عن الأضحيّة،فزال ملكه عنها و انقطع تصرّفه عنها حال كونها غير أضحيّة،فلا تقع مجزئة عنها؛لأنّ (3)الاعتبار حالة الإيجاب، لزوال الملك به،و لهذا لو عابت بعد التعيين،لم يضرّه ذلك و أجزأ عنه.و كذا لو كانت معيبة،فزال عيبها،لم تجزئه.

مسألة:و لو ضلّت المعيّنة بغير تفريط،لم يكن عليه ضمان

؛لأنّها أمانة،فلا يضمن إلاّ مع التفريط أو التعدّي،كالوديعة،فإن عادت قبل فوات أيّام التشريق، ذبحها و كانت أداء،و إن عادت بعد فوات الأيّام،ذبحها أيضا و كانت قضاء،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (4)و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:لا يذبحها و إنّما يسلّمها إلى الفقراء،فإن ذبحها،فرّق لحمها،

ص:318


1- 1كثير من النسخ:يلزمها.
2- 2) ع:معيّنا.
3- 3) كثير من النسخ:فإنّ،مكان:لأنّ.
4- 4) المبسوط 1:392، [1]الخلاف 2:533 مسألة-20.
5- 5) المجموع 8:379،مغني المحتاج 4:289.

و كان عليه أرش النقصان بالذبح (1).

لنا:أنّ الذبح أحد مقصودي الهدي،و لهذا لا يكفي شراء اللحم،فلا تسقط بفوات وقته،كتفرقة اللحم،و ذلك بأن يذبحها في أيّام التشريق ثمّ يخرج قبل تفريقها (2)،فإنّه يفرّقها بعد ذلك.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الذبح مؤقّت،فسقط بفوات وقته،كالرمي و الوقوف (3).

و الجواب:الفرق،فإنّ الأضحيّة لا تسقط بفوات الوقت،بخلاف الرمي و الوقوف.

فروع:
الأوّل:لو أوجب أضحيّة في عام فأخّرها إلى قابل،كان عاصيا

،و أخرجها قضاء؛لأنّ وجوب ذبحها كان مؤقّتا بالعام الماضي و قد خرج.

الثاني:لو ذبح أضحيّة غيره المعيّنة ،أجزأت عن صاحبها

(4)

و وجب عليه أرش النقصان،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:لا يجب عليه شيء (6).

و قال مالك:لا تقع موقعها و تكون شاة لحم يلزم صاحبها بدلها،و يكون له

ص:319


1- 1حلية العلماء 3:371،المغني 11:116،الشرح الكبير بهامش المغني 3:558.
2- 2) بعض النسخ:تفرقتها.
3- 3) المغني 11:116،الشرح الكبير بهامش المغني 3:558.
4- 4) ح:المعيبة.
5- 5) الأمّ 2:225،حلية العلماء 3:367،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:374،المغني 11: 118،الشرح الكبير بهامش المغني 3:568.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 12:17،بدائع الصنائع 5:67،الهداية للمرغينانيّ 4:77،تبيين الحقائق 6: 489،حلية العلماء 3:367،المغني 11:118.

أرشها (1).

لنا:أنّ الذبح أحد مقصودي الهدي،فإذا فعله فاعل بغير إذن المضحّي،ضمنه، كتفرقة اللحم.و على مالك:أنّها تعيّنت للفقراء،و لا ضمان على صاحبها؛لعدم التفريط،فكانت مجزئة.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الأضحيّة أجزأت عنه و وقعت موقعها،فلم يجب على الذابح ضمان الذبح،كما لو أذن له (2).

و احتجّ مالك:بأنّ الذبح عبادة،فإذا فعلها غيره بغير إذنه،لم تصحّ،كالزكاة (3)

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الإذن و عدمه،فإنّ مع عدم الإذن يكون عاصيا،فيضمن ما فرّط بغصبه،بخلاف صورة الإذن.

و عن الثاني:أنّها لا تحتاج إلى نيّة،كإزالة النجاسات،بخلاف الزكاة.و لأنّ القدر المخرج في الزكاة لم يتعيّن إلاّ بالإخراج من المالك،بخلاف الشاة المعيّنة.

الثالث:إذا أخذ الأرش،صرفه إلى الفقراء

؛لأنّه وجب لنقص في الأضحيّة المتعيّنة لهم،و له أن يتصدّق به،و أن يشتري به شاة أو جزءا منها للأضحيّة.

الرابع:لو أوجب كلّ واحد منهما هديا،فذبح كلّ واحد منهما هدي صاحبه

خطأ،كان لكلّ واحد منهما الخيار

بين أن يدع مطالبة صاحبه،و بين أن يضمّنه الأرش.

و قال قوم من الشافعيّة:يتخيّر بين الترك،و بين تضمين صاحبه كمال القيمة و يتقاصّان فيما تساويا فيه،و يترادّان الفضل،و يكون كلّ واحد منهما أهدى الهدي

ص:320


1- 1المدوّنة الكبرى 2:72،حلية العلماء 3:367،المغني 11:118،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 568.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 12:17-18،بدائع الصنائع 5:67،تبيين الحقائق 6:489،المغني 11:119، الشرح الكبير بهامش المغني 3:568.
3- 3) المغني 11:118،الشرح الكبير بهامش المغني 3:568.

الذي باشر ذبحه (1).و ليس بجيّد؛لأنّه لا يملك الهدي بعد ذبحه بدفع قيمته.

الخامس:هل يجب ترك الأرش فيما إذا ذبح الأضحيّة بغير إذن صاحبه أم

لا؟فيه تردّد

(2)

،و كذا التردّد في وجوب صرف الأرش إلى المساكين،و منشأ التردّد كون الأرش عوضا عمّا استحقّه المساكين،و كون القدر الذي يستحقّه المساكين المذبوح،لا الحيّ.

مسألة:و تجزئ الأضحيّة عن سبعة،و كذا الهدي المتطوّع به

،و في الواجب خلاف ذكرناه فيما تقدّم (3).

إذا ثبت هذا:فإنّ البدنة و البقرة تجزئ،سواء كان الجميع متقرّبين أو بعضهم يريد اللحم،و سواء كانوا أهل بيت واحد أو لم يكونوا،و به قال مالك إلاّ أنّه اشترط أن يكونوا أهل بيت واحد (4)،و بقولنا قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:يجوز إذا كانوا كلّهم متقرّبين (6).

و بقول مالك روايات لنا.

منها:رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تجزئ البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد» (7).

ص:321


1- 1الحاوي الكبير 15:113،حلية العلماء 3:367.
2- 2) لا توجد كلمة«يجب»في:ع،ق و خا.
3- 3) يراجع:ص 236.
4- 4) الموطّأ 2:486،المدوّنة الكبرى 2:70،بداية المجتهد 1:433،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3: 77،المنتقى للباجيّ 3:98-99.
5- 5) الأمّ 2:222،حلية العلماء 3:379،المهذّب للشيرازيّ 1:240،المجموع 8:398،مغني المحتاج 4: 285،المغني 11:119. [1]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:144 و ج 12:11-12،تحفة الفقهاء 3:85،بدائع الصنائع 5:70،حلية العلماء 3:379،المجموع 8:398،المغني 11:119-120.
7- 7) التهذيب 5:208 الحديث 697،الاستبصار 2:266 الحديث 942،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«البدنة و البقرة تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد دون غيرهم» (1).

و في رواية إسماعيل بن أبي زياد عن الصادق عليه السلام،عن الباقر عليه السلام،عن عليّ عليه السلام،قال:«البقرة الجذعة تجزئ عن ثلاثة من أهل بيت واحد،و المسنّة تجزئ عن سبعة نفر متفرّقين،و الجزور يجزئ عن عشرة متفرّقين» (2).

و في رواية عليّ بن الصلت (3)عن أبي الحسن الثالث عليه السلام،أنّ الجاموس الذكر يجزئ عن واحد و الأنثى عن سبعة (4).

و في رواية الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تجزئ البقرة و البدنة في الأمصار عن سبعة و لا تجزئ بمنى إلاّ عن واحد» (5).

ص:322


1- 1التهذيب 5:208 الحديث 699،الاستبصار 2:266 الحديث 944،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 6.و [1]فيها:«و من غيرهم»مكان:«دون غيرهم».
2- 2) التهذيب 5:208 الحديث 700،الاستبصار 2:266 الحديث 945،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 7. [2]
3- 3) عليّ بن الصلت،ذكره النجاشيّ مع نفر و قال:هؤلاء رجال ذكرهم ابن بطّة،و قال الشيخ في الفهرست: عليّ بن الصلت له كتاب،قال المامقانيّ و السيّد الخوئيّ:احتمل نجل الشهيد الثاني اتّحاده مع عليّ بن الريّان بن الصلت فيكون ثقة و أجابا عنه بأنّ الاتّحاد في غاية البعد حيث إنّ النجاشيّ عنون تارة عليّ بن الريّان بن الصلت و وثّقه،و أخرى عليّ بن الصلت بدون التوثيق،و كذلك الشيخ في الفهرست،فعلى هذا لم يرد فيه توثيق و لا مدح يعتدّ به فيلحق بالمجاهيل. رجال النجاشيّ:278،279،الفهرست:90-96، [3]تنقيح المقال 2:293، [4]معجم رجال الحديث 12: 68. [5]
4- 4) التهذيب 5:209 الحديث 701،الاستبصار 2:267 الحديث 946،الوسائل 10:114 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 8. [6]
5- 5) التهذيب 5:207 الحديث 695،الاستبصار 2:266 الحديث 940،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 4. [7]

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا تجوز إلاّ عن واحد بمنى» (1).

و في رواية الحسن بن عليّ عن رجل يسمّى سوادة (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّها تجزئ عن سبعة و عن سبعين (3).

و في الحسن عن حمران،قال:«عزّت البدن سنة بمنى حتّى بلغت البدنة مائة دينار،فسئل أبو جعفر عليه السلام عن ذلك،فقال:«اشتركوا فيها»قال:قلت:كم؟ قال:«ما خفّ فهو أفضل»قال:قلت:عن كم يجزئ؟قال:«[عن] (4)سبعين» (5).

و جمع الشيخ ذلك،بأن حمل ما دلّ على أنّه لا يجزئ واحد إلاّ عن واحد على الواجب،و ما عدا ذلك على الندب (6)،و قد مضى البحث في ذلك (7).

مسألة:و العبد القنّ و المدبّر و أمّ الولد و المكاتب المشروط لا يملكون شيئا

، فإن ملّكهم مولاهم شيئا،ففي ثبوت تملّكهم قولان:فإن قلنا:لا يملكون،لم يجزئ

ص:323


1- 1التهذيب 5:208 الحديث 696،الاستبصار 2:266 الحديث 941،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]في الاستبصار و الوسائل:« [2]لا تجوز البدنة و البقرة إلاّ عن واحد بمنى».
2- 2) سوادة،لم نعثر على ترجمته إلاّ ما ذكره السيّد الخوئيّ في معجمه قال:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحسن بن عليّ.و قال أيضا في سوادة القطّان روى عن أبي الحسن و روى عنه الحسن بن عليّ بن فضّال،و قال الأردبيليّ:سوادة القطّان روى عنه الحسن بن عليّ بن فضّال و روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و يحتمل اتّحادهما لاتّحاد الراوي و المرويّ عنه و اللّه العالم. جامع الرواة 1:390، [3]معجم رجال الحديث 8:320،321.
3- 3) التهذيب 5:209 الحديث 702،الاستبصار 2:267 الحديث 947،الوسائل 10:115 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 12. [4]
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 5:209 الحديث 703،الاستبصار 2:267 الحديث 948،الوسائل 10:115 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 11. [5]
6- 6) التهذيب 5:210،الاستبصار 2:268.
7- 7) يراجع:ص 321.

لهم أضحيّة.

و إن قلنا:يملكون،فإذا ملّكهم مولاهم الأضحيّة،جاز لهم أن يضحّوا، و لو ضحّوا من غير إذن سيّدهم،لم يجز.

أمّا لو انعتق بعضه و ملك شاة بما فيه من الحرّيّة،فإنّه يجوز له أن يضحّي بها، و لا يحتاج إلى إذن سيّده؛لأنّه ملك الأضحيّة بما فيه من الحرّيّة،فلا سبيل للسيّد عليه حينئذ.

فصل:

روى ابن بابويه قال:كان عليّ بن الحسين و أبو جعفر عليهما السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم،و بثلث على السؤّال،و ثلث يمسكانه لأهل البيت (1).

و كره أبو عبد اللّه عليه السلام أن يطعم المشرك من لحوم الأضاحيّ (2).

و سأل عليّ بن جعفر أخاه موسى عليه السلام عن الرجل يشتري الضحيّة عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها هل تجزئ عنه؟قال:«نعم،إلاّ أن يكون هديا فإنّه لا يجوز ناقصا» (3).

و سئل أبو جعفر عليه السلام عن هرمة قد سقطت ثناياها تجزئ في الأضحيّة؟ فقال:«لا بأس أن يضحّي بها» (4).

و قال عليّ عليه السلام:«لا يضحّى عمّن في البطن» (5).

و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام:«لا يضحّى بشيء من

ص:324


1- 1الفقيه 2:294 الحديث 1457،المقنع:88، [1]الوسائل 10:144 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 13. [2]
2- 2) الفقيه 2:295 الحديث 1458،المقنع:88، [3]الوسائل 10:147 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 25. [4]
3- 3) الفقيه 2:295 الحديث 1463،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 1. [5]
4- 4) الفقيه 2:296 الحديث 1464،الوسائل 10:121 الباب 22 من أبواب الذبح الحديث 2. [6]
5- 5) الفقيه 2:296 الحديث 1465،الوسائل 10:174 الباب 60 من أبواب الذبح الحديث 8. [7]

الدواجن (1)» (2).

و سأل محمّد الحلبيّ أبا عبد اللّه عليه السلام عن النفر تجزئهم البقرة؟فقال:«أمّا في الهدي فلا،و أمّا في الأضحى فنعم،و يجزئ الهدي عن الأضحيّة» (3).

و في الصحيح عن حريز أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان عليّ عليه السلام إذا ساق البدنة و مرّ على المشاة،حملهم على بدنه،و إن ضلّت راحلة رجل و معه بدنة ركبها غير مضرّ و لا مثقل» (4).

و سأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أ يركب هديه إن احتاج إليه؟قال:«فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يركبها غير مجهد و لا متعب» (5).

ص:325


1- 1شاة داجن و راجن:إذا ألفت البيوت و استأنست.الصحاح 5:2111. [1]
2- 2) الفقيه 2:296 الحديث 1468،الوسائل 10:176 الباب 61 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 2:297 الحديث 1472،الوسائل 10:113 الباب 18 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]عبارة: «و يجزئ الهدي عن الأضحيّة»غير موجودة في الوسائل. [4]
4- 4) الفقيه 2:300 الحديث 1490 و فيه:«على البدنة»،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]
5- 5) الفقيه 2:300 الحديث 1491،الوسائل 10:133 الباب 34 من أبواب الذبح الحديث 3. [6]

ص:326

الفصل السادس
اشارة

في الحلق و التقصير

مسألة:إذا ذبح الحاجّ هديه،وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى يوم النحر

، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلاّ في قول شاذّ للشيخ-رحمه اللّه-في التبيان:إنّه مندوب (1).و هو نسك عند علمائنا،و به قال مالك (2)،و أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4)، و أحمد في إحدى الروايتين (5).و في الأخرى:إنّه إطلاق محظور لا نسك (6)، و هو قول الشافعيّ أيضا (7).

ص:327


1- 1تفسير التبيان 2:154. [1]
2- 2) المنتقى للباجيّ 3:31،المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374،المغني و الشرح الكبير 3:467.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:70،تحفة الفقهاء 1:381،بدائع الصنائع 2:140،المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374،المغني و الشرح الكبير 3:467.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:205 و 208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374،مغني المحتاج 1:502،المنتقى للباجيّ 3:31،المغني و الشرح الكبير 3:467.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:467،الكافي لابن قدامة 1:605،الفروع في فقه أحمد 2:280،الإنصاف 4:40، [2]المجموع 8:208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:467،الكافي لابن قدامة 1:605،الفروع في فقه أحمد 2:280،الإنصاف 4:40. [3]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:205 و 208،فتح العزيز بهامش المجموع 7:374،المنتقى للباجيّ 3:31.

لنا:قوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (1)و لو لم يكن من المناسك،لم يصفهم اللّه تعالى به،كالطيب و اللّبس.

و ما رواه الجمهور عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أحلّوا من إحرامكم بطواف البيت و بين الصفا و المروة و قصّروا» (2).و الأمر للوجوب.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«رحم اللّه المحلّقين»قيل:يا رسول اللّه و المقصّرين؟قال:«رحم اللّه المحلّقين»ثمّ قال في الثالثة:«و المقصّرين» (3).

و لو لم يكن نسكا،لم يدخله التفضيل،كالمباحات.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا ذبحت أضحيّتك فاحلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك» (4).و الأمر يدلّ على الثواب بالفعل،فيكون عبادة.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام و الصحابة داوموا عليه و فعلوه في حجّهم و عمرتهم،و لو لم يكن نسكا،لم يداوموا عليه،و لأخلّوا به في أكثر الأوقات،و لم يفعلوه إلاّ نادرا؛لأنّه لم يكن عادة لهم فيداوموا عليه،و لا فيه فضل فيفعلوه لفضله.

احتجّوا:بما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا سعى بين الصفا و المروة،قال:«من كان منكم ليس معه هدي فليحلّ و ليجعلها عمرة» (5)و أمره

ص:328


1- 1الفتح(48):27. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:176،سنن البيهقيّ 4:356.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:945 الحديث 1301،سنن أبي داود 2:202 الحديث 1979، [2]سنن الترمذيّ 3:256 الحديث 913، [3]الموطّأ 1:395 الحديث 184،سنن البيهقيّ 5:103.
4- 4) التهذيب 5:240 الحديث 808،الوسائل 10:177 الباب 1 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [4]
5- 5) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [5]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074.

بالحلّ عقيب السعي يقتضي عدم وجوب الحلق و التقصير.و لأنّ ما كان محرّما في الإحرام إذا أبيح،كان إطلاقا من محظور،كسائر محرّماته (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المعنى:فليحلّ بالتقصير أو الحلق؛لأنّه كان مشهورا بينهم معروفا،فاستغنى عن ذكره.

و عن الثاني:أنّ الحلّ من العبادة لما كان محرّما فيها،غير مستبعد،كالسلام في الصلاة،فإنّه محظور و هو مشروع للتحلّل.

مسألة:و يتخيّر الحاجّ بين الحلق و التقصير أيّهما فعل أجزأه

،ذهب إليه أكثر علمائنا (2)،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-إن كان صرورة،وجب الحلق (4).و به قال المفيد -رحمه اللّه (5)-و ذهب إليه الحسن البصريّ (6).

و قال الشيخان أيضا:إنّ من لبّد شعره في الإحرام،وجب عليه أن يحلق و إن لم يكن صرورة (7).و به قال مالك (8)،و الشافعيّ (9)،و النخعيّ (10)،

ص:329


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:467-468.
2- 2) منهم:ابن إدريس في السرائر:141،و المحقّق في المختصر النافع:92.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:70،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:140،الهداية للمرغينانيّ 1: 147،شرح فتح القدير 2:385،تبيين الحقائق 2:307،المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
4- 4) المبسوط 1:376، [1]النهاية:262. [2]
5- 5) المقنعة:66.
6- 6) المغني 3:466، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:464، [4]المجموع 8:209.
7- 7) الشيخ المفيد،نقله عنه في السرائر:142،و الشيخ الطوسيّ،ينظر:المبسوط 1:376،النهاية:262-263. [5]
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:402،المنتقى للباجيّ 3:34،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:352،المغني 3: 467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
9- 9) حلية العلماء 3:344،المجموع 8:206،المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
10- 10) المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.

و أحمد (1)،و إسحاق،قالوا:و كذا لو عقّد شعره أو فتله أو عقصه (2).

و قال ابن عبّاس:من لبّد أو ضفر أو عقّد أو فتل أو عقص فهو على ما نوى، يعني أنّه إن نوى الحلق فليحلق،و إلاّ فلا يلزمه (3).

و تلبيد الشعر في الإحرام:أن يأخذ عسلا أو صمغا،و يجعله في رأسه لئلاّ يقمل أو يتّسخ.

لنا:قوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (4)و الجمع غير مراد إجماعا، فيثبت التخيير و هو ثابت في حقّ الجميع.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«رحم اللّه المحلّقين و المقصّرين» (5)و قد كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من قصّر و لم ينكر عليه السلام عليه (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة:اللهمّ اغفر للمحلّقين مرّتين،قيل:و للمقصّرين يا رسول اللّه؟قال:«و للمقصّرين» (7).

و لأنّ الأصل عدم التعيين فلا يصار إليه إلاّ بدليل.

ص:330


1- 1المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464،الكافي لابن قدامة 1:605،الفروع في فقه أحمد 2:280،الإنصاف 4:39. [1]
2- 2) المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
3- 3) المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
4- 4) الفتح(48):27. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:945 الحديث 1301،سنن أبي داود 2:202 الحديث 1979، [3]سنن الترمذيّ 3:256 الحديث 913، [4]الموطّأ 1:395 الحديث 184، [5]سنن البيهقيّ 5:103.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:945 الحديث 1301،سنن الترمذيّ 3:256 الحديث 913، [6]سنن البيهقيّ 5:103.
7- 7) التهذيب 5:243 الحديث 822،الوسائل 10:186 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 6. [7]

احتجّ الشيخان-رحمهما اللّه-و المخالفون من الجمهور (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من لبّد فليحلق» (2).

و بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«على الصرورة أن يحلق رأسه و لا يقصّر،إنّما التقصير لمن حجّ حجّة الإسلام» (3).

و عن بكر بن خالد (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس للصرورة أن يقصّر و عليه أن يحلق» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ينبغي للصرورة أن يحلق،و إن كان قد حجّ فإن شاء قصّر و إن شاء حلق»قال:«و إذا لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق،و ليس له التقصير» (6).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لبّد شعره فحلقه (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّه للندب.

و عن الثاني:أنّ في طريقه سهل بن زياد و عليّ بن أبي حمزة و هما ضعيفان.

و عن الثالث:أنّ في طريقه أبان بن عثمان و هو واقفيّ.

ص:331


1- 1المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:135،المغني 3:467،الشرح الكبير بهامش المغني 3:464.
3- 3) التهذيب 5:243 الحديث 819 و ص 484 الحديث 1725،الوسائل 10:186 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 5. [1]
4- 4) بكر بن خالد الكوفيّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ إيّاه من أصحاب الباقر عليه السلام و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:108،تنقيح المقال 1:178. [2]
5- 5) التهذيب 5:243 الحديث 820،الوسائل 10:187 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 10. [3]
6- 6) التهذيب 5:243 الحديث 821 و ص 484 الحديث 1726،الوسائل 10:185 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [4]
7- 7) صحيح البخاريّ 2:213،سنن ابن ماجة 2:1012 الحديث 3046،سنن البيهقيّ 5:134،المغني 3: 467،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:464.

و عن الرابع:أنّ لفظة:ينبغي،كما يتناول الواجب،يتناول الندب،و الأصل عدم الاشتراك و المجاز،فيكون حقيقة في القدر المشترك و هو مطلق الرجحان من غير إشعار بخصوصيّة معيّنة،و نحن نقول به؛إذ الحلق أفضل.

و كذا يحمل قوله عليه السلام:«فمن (1)لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق، و ليس له التقصير».إذ هذه الصورة قد تراد (2)أيضا في الندب المتأكّد،و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يدلّ على وجوبه عينا بعد ثبوت التخيير.

مسألة:التقصير و إن كان جائزا،لما قلناه،فالحلق أفضل مطلقا
اشارة

،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«رحم اللّه المحلّقين»ثلاثا،ثمّ قال:

«و المقصّرين» (3)و زيادة الترحّم تدلّ على الأولويّة.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله.

و روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«استغفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحلّقين ثلاث مرّات»قال:و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التفث،قال:«هو الحلق و ما كان على جلد الإنسان» (4).

إذا عرفت هذا:فالحلق آكد فضلا في حقّ من لبّد شعره أو عقصه أو كان من صرورة من غيرهم؛لورود التأكيد في حقّهم و اختصاصهم بالحلق حتّى ورد في حقّهم في أكثر المواضع بلفظ الوجوب أو معناه.

ص:332


1- 1ع،ق و خا:فيمن.
2- 2) ح و ر:ترد.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:213،صحيح مسلم 2:946 الحديث 1302-1303،سنن ابن ماجة 2:1012 الحديث 3043-3044،سنن البيهقيّ 5:134.
4- 4) التهذيب 5:243 الحديث 823،الوسائل 10:186 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 7. [1]
فروع:
الأوّل:المرأة ليس عليها حلق إجماعا و يجزئها من التقصير قدر الأنملة

.روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ليس على النساء حلق،إنّما على النساء التقصير» (1).

و عن عليّ عليه السلام قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تقصّر المرأة من شعرها لمتعتها مقدار الأنملة» (3).

لأنّ الحلق في حقّهنّ مثلة،فلا يكون مشروعا.

الثاني:يستحبّ لمن حلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن و يحلق إلى

العظمين بلا خلاف

.

روى الجمهور عن أنس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى جمرة العقبة يوم النحر،ثمّ رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح فذبح،ثمّ دعا بالحلاّق فأخذ شقّ رأسه الأيمن فحلقه فجعل يقسم بين من يليه الشعرة و الشعرتين،ثمّ أخذ شقّ رأسه الأيسر فحلقه،ثمّ قال:«هاهنا أبو طلحة»و دفعه إلى أبي طلحة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن مسلم،عن بعض الصادقين عليهم السلام،قال:لمّا أراد أن يقصّر من شعره للعمرة،أراد الحجّام أن يأخذ من

ص:333


1- 1سنن أبي داود 2:203 الحديث 1984 و 1985،سنن الدارميّ 2:64، [1]سنن البيهقيّ 5:104، كنز العمّال 5:98 الحديث 12221.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:257 الحديث 914، [2]سنن النسائيّ 8:130،كنز العمّال 5:276 الحديث 12873.
3- 3) التهذيب 5:244 الحديث 824،الوسائل 9:541 الباب 3 من أبواب التقصير الحديث 3. [3]
4- 4) صحيح مسلم 2:947 الحديث 1305،سنن أبي داود 2:203 الحديث 1981، [4]سنن البيهقيّ 2:427.

جوانب الرأس،فقال له:«ابدأ بالناصية»فبدأ بها (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار عن أبي جعفر عليه السلام،قال:أمر الحلاّق أن يدع الموسى على قرنه الأيمن،ثمّ أمره أن يحلق و سمّى هو و قال:«اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة» (2).

و عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن آبائه،عن عليّ عليه (3)السلام،قال:

«السنّة في الحلق أن يبلغ العظمين» (4).

الثالث:يجزئ من التقصير ما يقع عليه اسمه

؛لأنّ الزائد لم يثبت،و الأصل براءة الذمّة،و سواء قصّر من شعر رأسه أو من لحيته أو من شاربه،فإنّه مجزئ.

الرابع:لا بدّ في الحلق و التقصير من النيّة

؛لأنّه نسك عندنا لا إطلاق محظور.

مسألة:و لو لم يكن على رأسه شعر،سقط الحلق عنه إجماعا

؛لعدم ما يحلق، و يمرّ الموسى على رأسه،و هو قول أهل العلم كافّة.

روى الشيخ عن زرارة أنّ رجلا من أهل خراسان قدم حاجّا و كان أقرع الرأس لا يحسن أن يلبّي،فاستفتي له أبو عبد اللّه عليه السلام،فأمر أن يلبّي عنه و يمرّ الموسى على رأسه،فإنّ ذلك يجزئ عنه (5).

إذا ثبت هذا:فهل هو واجب أم لا؟قال أكثر الجمهور:إنّه مستحبّ غير واجب (6).و قال أبو حنيفة:إنّه واجب (7).

ص:334


1- 1التهذيب 5:244 الحديث 825،الوسائل 9:547 الباب 10 من أبواب التقصير الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:244 الحديث 826،الوسائل 10:190 الباب 10 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [2]
3- 3) كثير من النسخ:عليهم،كما في الوسائل.
4- 4) التهذيب 5:244 الحديث 827،الوسائل 10:190 الباب 10 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:244 الحديث 828،الوسائل 10:191 الباب 11 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 3. [4]
6- 6) حلية العلماء 3:344،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:201 و 212،فتح العزيز بهامش المجموع 7:378،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:465،الكافي لابن قدامة 1:605، مغني المحتاج 1:503،الميزان الكبرى 2:52،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:160.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:70،بدائع الصنائع 2:74،تبيين الحقائق 2:309،حلية العلماء 3:344.

احتجّ الأوّلون:بأنّ الحلق محلّه الشعر،فسقط بعدمه،كما يسقط وجوب غسل العضو بقطعه.و لأنّه إمرار لو فعله في الإحرام لم يجب عليه دم،فلم يجب عليه عند التحلّل،كإمراره (1)على الشعر من غير حلق (2).

احتج أبو حنيفة:بقوله عليه السلام:«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (3)و هذا لو كان ذا شعر لوجب عليه إزالته و إمرار الموسى على رأسه،فإذا سقط أحدهما لتعذّره،وجب الآخر (4).

و كلام الصادق عليه السلام يعطيه،فإنّ الإجزاء إنّما يستعمل في الواجب.

مسألة:و لو ترك الحلق و التقصير معا حتّى زار البيت،فإن كان عامدا،وجب

عليه دم شاة

،و إن كان ناسيا،لم يكن عليه شيء،و كان عليه إعادة الطواف و السعي.

و قال عطاء،و أبو يوسف،و أبو ثور (5)،و أحمد في إحدى الروايتين:لا دم عليه، و في الرواية الأخرى:عليه دم (6)،و هو مذهب أبي حنيفة (7)،إلاّ أنّهم لم يفرّقوا بين الساهي و العامد.

لنا:أنّه نسك أخّره عن محلّه،فكان عليه الدم؛لأنّ تارك النسك عليه دم.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق،فقال:«إن كان زار البيت قبل أن

ص:335


1- 1ر،ح:كإمرار اليد،مكان:كإمراره.
2- 2) المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:465،المجموع 8:213.
3- 3) صحيح البخاريّ 9:117،مسند أحمد 2:428،482 و 508، [1]سنن البيهقيّ 7:103.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:70،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:465،المجموع 8: 212.
5- 5) المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:465،المجموع 8:209.
6- 6) المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:465،الكافي لابن قدامة 1:605،الإنصاف 4:40.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:70،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:467.

يحلق و هو عالم أنّ ذلك لا ينبغي،فإنّ عليه دم شاة» (1).

و عن محمّد بن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق،قال:«لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا» (2).

و الذي يدلّ على إعادة الطواف و السعي لو فعلهما قبل التقصير:ما رواه الشيخ- في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت و ذبحت و لم تقصّر حتّى زارت البيت و طافت و سعت من الليل ما حالها؟و ما حال الرجل إذا فعل ذلك؟قال:«لا بأس يقصّر و يطوف للحجّ ثمّ يطوف للزيارة ثمّ قد حلّ من كلّ شيء» (3).

مسألة:و لو رحل من منى قبل الحلق،رجع و حلق بها أو قصّر واجبا مع

الاختيار

،و لو لم يتمكّن من الرجوع لضرورة،حلق مكانه،و ردّ شعره إلى منى ليدفن هناك،و لو لم يتمكّن،لم يكن عليه شيء؛لأنّه قد ترك نسكا واجبا،فيجب عليه الإتيان به،و التدارك مع المكنة.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتّى ارتحل من منى،قال:«يرجع إلى منى حتّى يلقي (4)شعره بها حلقا كان أو تقصيرا» (5).

و عن أبي بصير،قال:سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتّى ارتحل من منى،قال:«فليرجع إلى منى حتّى يحلق شعره بها أو يقصّر،و على

ص:336


1- 1التهذيب 5:240 الحديث 809،الوسائل 10:180 الباب 2 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:240 الحديث 810،الوسائل 10:181 الباب 2 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:241 الحديث 811،الوسائل 10:182 الباب 4 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [3]
4- 4) ج و ر:بلغ،مكان:يلقي.
5- 5) التهذيب 5:241 الحديث 812،الاستبصار 2:285 الحديث 1011،الوسائل 10:182 الباب 5 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [4]

الصرورة أن يحلق» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل زار البيت و لم يحلق رأسه،قال:«يحلقه بمكّة و يحمل شعره إلى منى و ليس عليه شيء» (2).

و عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يحلق رأسه بمكّة،قال:«يردّ الشعر إلى منى» (3).

و عن مسمع،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصّر حتّى نفر،قال:«يحلق في الطريق أو أين كان» (4).

و حمل الشيخ هذه الرواية على الضرورة و عدم التمكّن من الرجوع (5).

إذا عرفت هذا:فالظاهر أنّ ردّ الشعر مع عدم التمكّن من الرجوع ليس واجبا، و قد لوّح الشيخ به في التهذيب (6).

و يدلّ عليه:ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل ينسى أن يحلق رأسه حتّى ارتحل من منى،فقال:«ما يعجبني أن يلقي شعره إلاّ بمنى»و لم يجعل عليه شيئا (7).

ص:337


1- 1التهذيب 5:241 الحديث 813،الاستبصار 2:285 الحديث 1012،الوسائل 10:183 الباب 5 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:242 الحديث 817،الاستبصار 2:286 الحديث 1016،الوسائل 10:185 الباب 6 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 5:241 الحديث 816،الاستبصار 2:286 الحديث 1015،الوسائل 10:184 الباب 6 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:241 الحديث 814،الاستبصار 2:285 الحديث 1013،الوسائل 10:182 الباب 5 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 5:242.
6- 6) التهذيب 5:242.
7- 7) التهذيب 5:242 الحديث 818،الاستبصار 2:286 الحديث 1017،الوسائل 10:184 الباب 6 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 6. [5]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:المراد:لم يجعل عليه شيئا من الكفّارة (1).

إذا عرفت هذا:فإنّه يستحبّ له إذا حلق رأسه بمنى أن يدفن شعره بها؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى،و يقول:كانوا يستحبّون ذلك»،قال:و كان أبو عبد اللّه عليه السلام يكره أن يخرج الشعر من منى، و يقول:«من أخرجه فعليه أن يردّه» (2).

مسألة:و يستحبّ لمن حلق رأسه أو قصّر،تقليم أظفاره و الأخذ من شاربه

.

قال ابن المنذر:ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا حلق رأسه قلّم أظفاره (3).

و روى الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا ذبحت أضحيّتك فاحلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك» (4).و لا نعلم في ذلك خلافا.

و يستحبّ له عند الحلق أن يدعو بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن الباقر عليه السلام،قال:«و يقول اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة» (5).

مسألة:لا يجوز الحلق قبل محلّه و هو يوم النحر
اشارة

،و لا نعلم فيه خلافا.

ص:338


1- 1الاستبصار 2:286.
2- 2) التهذيب 5:242 الحديث 815،الاستبصار 2:286 الحديث 1014،الوسائل 10:184 الباب 6 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 5. [1]
3- 3) المغني 3:470،الشرح الكبير بهامش المغني 3:466،المجموع 8:218. [2]
4- 4) التهذيب 5:240 الحديث 808،الوسائل 10:177 الباب 1 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:244 الحديث 826،الوسائل 10:190 الباب 10 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [4]

قال اللّه تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2).

إذا عرفت هذا:فهل يجب تأخيره عن الذبح و الرمي أم لا؟قال أكثر علمائنا:

يجب ترتيب هذه المناسك بمنى:الرمي ثمّ الذبح ثمّ الحلق (3).

و قال أبو الصلاح من علمائنا:يجوز تقديم الحلق على الرمي (4).و بالقول الأوّل قال أحمد (5)،و مالك (6)،و أبو حنيفة (7)،و الشافعيّ في أحد القولين.و بالقول الثاني قال الشافعيّ في القول الآخر (8).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف:ترتيب هذه المناسك مستحبّ و ليس بفرض (9).

لنا:قوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (10).

و ما رواه الجمهور في حديث أنس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رتّب هذه

ص:339


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:203 الحديث 1981.
3- 3) ينظر:المقنع:89،النهاية:261،المبسوط 1:374،الاستبصار 2:284،الشرائع 1:265، [2]المختصر النافع:89.
4- 4) الكافي في الفقه:200-201.
5- 5) المغني 3:471،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461،الإنصاف 4:40-41، [3]حلية العلماء 3:343.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:383،المجموع 8:216.
7- 7) بدائع الصنائع 2:224،تبيين الحقائق 2:93،بداية المجتهد 1:340،المجموع 8:216.
8- 8) الأمّ 2:215،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:343،المجموع 8:160،207 و 216، فتح العزيز بهامش المجموع 7:380،مغني المحتاج 1:503.
9- 9) الخلاف 1:457 مسألة-168.
10- 10) البقرة(2):196. [4]

المناسك و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم (2)،عن عليّ (3)قال:

لا يحلق رأسه و لا يزور حتّى يضحّي فيحلق رأسه و يزور متى شاء (4).

احتجّ أبو الصلاح:بما رواه الشيخ عن محمّد بن أبي نصر،قال:قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام:جعلت فداك إنّ رجلا من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر و حلق قبل أن يذبح،فقال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين،فقالوا:يا رسول اللّه ذبحنا من قبل أن نرمي و حلقنا من قبل أن نذبح،فلم يبق شيء ممّا ينبغي أن يقدّموه إلاّ أخّروه،و لا شيء ممّا ينبغي أن يؤخّروه إلاّ قدّموه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا حرج» (5).

و ما رواه الجمهور عن عطاء،عن ابن عبّاس،قال:جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم النحر،فقال له:زرت قبل أن أرمي،فقال له:«ارم و لا حرج»فقال:

ذبحت قبل أن أرمي،فقال:«ارم و لا حرج»فما سئل يومئذ عن شيء قدّمه رجل

ص:340


1- 1سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125.و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [1]
2- 2) هو:موسى بن القاسم البجليّ،تقدّمت ترجمته في الجزء الرابع ص 48.
3- 3) هو:عليّ بن جعفر،قال الصدوق في شرح مشيخة الفقيه:ما كان في هذا الكتاب عن عليّ بن جعفر فقد رويته...عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفّار و سعد بن عبد اللّه جميعا عن أحمد بن محمّد بن عيسى و الفضل بن عامر عن موسى بن القاسم البجليّ عن عليّ بن جعفر عن أخيه. الفقيه(شرح المشيخة)4:5.
4- 4) التهذيب 5:236 الحديث 795،الاستبصار 2:284 الحديث 1006،الوسائل 10:141 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 9. [2]
5- 5) التهذيب 5:236 الحديث 796،الاستبصار 2:284 الحديث 1008 و فيه:«لا حرج لا حرج»، الوسائل 10:140 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 6 و [3]فيه:«لا حرج و لا حرج».

و لا أخّره إلاّ قال له:«افعل و لا حرج» (1)و لم يفصل بين الجاهل و العالم،فدلّ على عدم الوجوب.

و أجاب الشيخ عن الأوّل:بأنّه محمول على الناسي (2)؛لما رواه-في الحسن -عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق،قال:«لا ينبغي،إلاّ أن يكون ناسيا»ثمّ قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر،فقال بعضهم:يا رسول اللّه حلقت قبل أن أذبح،و قال بعضهم:حلقت قبل أن أرمي،فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلاّ قدّموه، فقال:لا حرج» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان-في الصحيح-قال:سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي،قال:«لا بأس،و ليس عليه شيء و لا يعودنّ» (4).و هو الجواب عن الثاني.

فروع:
الأوّل:إن قلنا:إنّ الترتيب واجب،فليس شرطا و لا يجب بالإخلال به كفّارة

، فلو أخّر مقدّما أو قدّم مؤخّرا،أثم حينئذ و لا شيء عليه.ذهب إليه علماؤنا،و قال الشافعيّ:إن قدّم الحلق على الذبح،جاز،و إن قدّم الحلق على الرمي،وجب الدم إن قلنا:إنّه إطلاق محظور؛لأنّه حلق قبل أن يتحلّل،و إن قلنا:إنّه نسك،فلا شيء

ص:341


1- 1صحيح البخاريّ 2:212،سنن الترمذيّ 3:233 الحديث 885،سنن الدارقطنيّ 2:254 الحديث 78، سنن البيهقيّ 5:143،كنز العمّال 5:280 الحديث 12889،مسند أبي يعلى 1:264 الحديث 312.
2- 2) الاستبصار 2:284.
3- 3) التهذيب 5:236 الحديث 797،الاستبصار 2:285 الحديث 1009،الوسائل 10:140 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 5:237 الحديث 798،الاستبصار 2:285 الحديث 1010،الوسائل 10:141 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 10. [2]

عليه؛لأنّه أحد ما يتحلّل به (1).

و قال أبو حنيفة:إذا قدّم الحلق على الذبح،لزمه دم إن كان قارنا أو متمتّعا، و لا شيء عليه إن كان مفردا (2).

و قال مالك:إن قدّم الحلق على الذبح،فلا شيء عليه،و إن قدّمه على الرمي، وجب الدم (3).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث من طرقنا و طرق الجمهور (4)،و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

الثاني:لو بلغ الهدي محلّه و لم يذبح،قال الشيخ-رحمه اللّه-يجوز له أن

يحلق

؛لقوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (5).و قال تعالى:

ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (6).

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا اشتريت أضحيّتك و قمطتها (7)و صارت في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محلّه،فإن أحببت أن تحلق فاحلق» (8).

ص:342


1- 1الأمّ 2:215،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:343،المجموع 8:207 و 216،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:470.
2- 2) بدائع الصنائع 2:224،تبيين الحقائق 2:311،حلية العلماء 3:343،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:470،المجموع 8:216.
3- 3) الموطّأ 1:418،المدوّنة الكبرى 1:418،بداية المجتهد 1:352،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2: 387،حلية العلماء 3:343،المغني 3:469،الشرح الكبير بهامش المغني 3:470.
4- 4) يراجع:ص 339-340. [1]
5- 5) البقرة(2):196. [2]
6- 6) الحجّ(22):33. [3]
7- 7) القماط:حبل يشدّ به قوائم الشاة عند الذبح.الصحاح 3:1154. [4]
8- 8) التهذيب 5:235 الحديث 794،الاستبصار 2:284 الحديث 1007،الوسائل 10:141 الباب 39 من أبواب الذبح الحديث 7. [5]
الثالث:قال أبو الصلاح من علمائنا:يجوز له تأخير الحلق إلى آخر أيّام

التشريق

(1).و هو حسن،لكن لا يجوز له أن يقدّم زيارة البيت عليه و به قال عطاء، و أبو ثور،و أبو يوسف؛لأنّ اللّه تعالى بيّن أوّله بقوله تعالى: حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (2)و لم يبيّن آخره،فمتى أتى به،أجزأه،كالطواف للزيارة و السعي (3).

فصل:

يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ هو يوم النحر

،فإنّه روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في خطبته يوم النحر:«هذا يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار بن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ،فقال:«هو يوم النحر،و الأصغر العمرة» (5).

و سمّي بذلك؛لكثرة أفعال الحجّ فيه من الوقوف بالمشعر و الدفع منه إلى منى و الرمي و النحر و الحلق و طواف الإفاضة و الرجوع إلى منى للمبيت بها، و ليس في غيره من الأيّام مثل ذلك،و هو مع ذلك يوم عيد و يوم يحلّ فيه من إحرام الحجّ.

ص:343


1- 1الكافي في الفقه:201. [1]
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) المغني 3:469 و 481،الشرح الكبير بهامش المغني 3:470،المجموع 8:208. [3]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:217،سنن أبي داود 2:195 الحديث 1945، [4]سنن ابن ماجة 2:1016 الحديث 3058،المستدرك للحاكم 2:331،سنن البيهقيّ 5:139.
5- 5) الفقيه 2:292 الحديث 1443،الوسائل 10:61 [5] الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6 و ص 86 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 6.

و روى ابن بابويه عن فضيل بن عياض (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في آخر حديث يقول فيه:«إنّما سمّي الحجّ الأكبر،لأنّها كانت سنة حجّ فيها المسلمون و المشركون،و لم يحجّ المشركون بعد تلك السنة» (2).

مسألة:و يستحبّ أن يخطب الإمام يوم النحر و يعلم الناس ما فيه من المناسك

من النحر و الإفاضة و الرمي.و به قال الشافعيّ (3)،و ابن المنذر (4)،و أحمد (5).

و قال مالك:لا يخطب (6)،و به قال أبو حنيفة (7).

ص:344


1- 1الفضيل بن عياض بن مسعود التميميّ الزاهد الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ:الفضيل بن عياض:بصريّ ثقة عامّيّ،روى عن أبي عبد اللّه،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:بصريّ عامّيّ ثقة،و نقل المامقانيّ ما يظهر من بعض من عدم كونه عامّيّا بدليل عدم غمز الشيخ في رجاله في مذهبه الظاهر في كونه إماميّا و ما في بعض الروايات من أنّ فضيل بن عياض قال:سألت أبا عبد اللّه عن أشياء من المكاسب فنهاني عنها و قال:(يا فضيل و اللّه و اللّه لضرر هؤلاء على هذه الأمّة أشدّ من ضرر الترك و الديلم)و اعترض عليه بأنّ هذا الاستظهار من الرواية مبنيّ على أن يراد بكلمة(هؤلاء)العامّة،و لكنّه واضح البطلان؛إذ المفروض في الرواية أنّ هنا طائفة خاصّة و ضررهم على الأمّة أكثر من ضرر الترك و الديلم،فالمراد بهذه الكلمة هم الولاة الجائرون، فالرواية لا تنافي كونه عامّيّا و عدم غمز الشيخ في مذهبه بمنزلة الأصل لا يصار إليه إلاّ مع فقد الدليل و تصريح النجاشيّ بكونه عامّيّا دليل. رجال النجاشيّ:310،رجال الطوسيّ:271،رجال العلاّمة:246، [1]تنقيح المقال 2:14 باب الفاء، [2]معجم رجال الحديث 13:358. [3]
2- 2) الفقيه 2:292 الحديث 1444،الوسائل 10:61،62 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 20. [4]
3- 3) حلية العلماء 3:351،المهذّب للشيرازيّ 1:229،المجموع 8:219،المغني 3:478،الشرح الكبير بهامش المغني 3:473.
4- 4) المغني 3:478،الشرح الكبير بهامش المغني 3:473.
5- 5) المغني 3:478،الشرح الكبير بهامش المغني 3:473،الكافي لابن قدامة 1:607،الفروع في فقه أحمد 2:281،الإنصاف 4:42.
6- 6) المغني 3:478،الشرح الكبير بهامش المغني 3:473.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:432،تبيين الحقائق 2:283،حلية العلماء 3:351.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خطب الناس يوم النحر بمنى (1).

و عن رافع بن عمرو المزنيّ (2)،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحاء على بغلة شهباء و عليّ عليه السلام يعبّر عنه و الناس بين قائم و قاعد (3).

و عن عبد الرحمن بن معاذ (4)،قال:خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن بمنى ففتحت أسماعنا حتّى كنّا نسمع و نحن في منازلنا،فطفق يعلّمهم مناسكهم حتّى بلغ الجمار (5).

و قد روى الشيخ-رحمه اللّه-:خطب عليّ عليه السلام يوم الأضحى (6).

و لأنّه يوم يكثر فيه أفعال الحجّ،و يحتاج الناس فيه إلى التعليم،فاحتيج إلى الخطبة،كيوم عرفة.

احتجّ مالك:بأنّها سنّة في اليوم الذي قبله،فلا تسنّ الخطبة فيه (7).

و الجواب:لا منافاة بين الخطبة في اليوم الأوّل و الثاني.

ص:345


1- 1صحيح البخاريّ 2:251،مسند أحمد 3:80 و 371، [1]سنن البيهقيّ 5:139،مسند أبي يعلى 4:87 الحديث 2113.
2- 2) رافع بن عمرو بن هلال المزنيّ،له و لأخيه عائذ بن عمرو المزنيّ صحبة،سكن رافع البصرة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه هلال بن عامر المزنيّ و عمرو بن سليم و عطيّة بن يعلى الضبّيّ. أسد الغابة 2:154،تهذيب التهذيب 3:231. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:198 الحديث 1956، [3]سنن البيهقيّ 5:140.
4- 4) عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة التيميّ له صحبة،روى حديثه حميد الأعرج عن محمّد بن عبد الرحمن. أسد الغابة 3:324،تهذيب التهذيب 6:271. [4]
5- 5) سنن أبي داود 2:198 الحديث 1957، [5]سنن البيهقيّ 5:140.
6- 6) مصباح المتهجّد:607.
7- 7) المغني 3:478،الشرح الكبير بهامش المغني 3:473.
مسألة:إذا عقد الإحرام بالتلبية أو ما يقوم مقامها،حرم عليه عشرون شيئا
اشارة

:

الصيد،و النساء،و الطيب،و لبس المخيط للرجال،و الاكتحال بالسواد و بما فيه طيب،و النظر في المرآة،و لبس الخفّين و ما يستر ظهر القدم،و الفسوق و هو الكذب،و الجدال و هو قول:لا و اللّه و بلى و اللّه،و قتل هوامّ الجسد،و لبس الخاتم للزينة،و تحلّي المرأة للزينة،و استعمال الأدهان،و إزالة الشعر،و تغطية الرأس،و إخراج الدم،و قصّ الأظفار،و قطع الشجر و الحشيش،و تغسيل المحرم الميّت بالكافور،و لبس السلاح على ما سيأتي تفصيل ذلك كلّه،و ذكر الخلاف فيه إن شاء اللّه.

إذا عرفت هذا:فإنّه إذا حلق أو قصّر،حلّ له كلّ شيء.

هذا إن (1)كان الإحرام للعمرة،و إن كان للحجّ فقد حلّ له كلّ شيء إلاّ الطيب و النساء و الصيد.ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و أحمد:يحلّ له كلّ شيء إلاّ النساء (5).و به قال ابن الزبير،و علقمة،و سالم،و طاوس،و النخعيّ،و أبو ثور (6).

ص:346


1- 1بعض النسخ:إذا.
2- 2) المنتقى للباجيّ 3:30،المغني 3:471،الشرح الكبير بهامش المغني 3:467،بدائع الصنائع 2:142.
3- 3) الأمّ 2:211،حلية العلماء 3:346،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:229،مغني المحتاج 1: 505،المغني 3:470،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:466،بدائع الصنائع 2:142.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:71،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:142،الهداية للمرغينانيّ 1: 148، [2]شرح فتح القدير 2:386،تبيين الحقائق 2:309،المغني 3:470،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:466.
5- 5) المغني 3:470،الشرح الكبير بهامش المغني 3:466،الكافي لابن قدامة 1:606،الفروع في فقه أحمد 2:280،الإنصاف 4:39. [4]
6- 6) المغني 3:470،الشرح الكبير بهامش المغني 3:466.

و قال ابن عمر،و عروة بن الزبير:يحلّ له كلّ شيء إلاّ النساء و الطيب (1).

لنا:أنّ النساء محرّمة عليه إجماعا و لما يأتي من الأحاديث،فيحرم عليه الطيب؛لأنّه من دواعي الجماع فكان حراما،كالقبلة،فيحرم عليه الصيد؛لقوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (2)و الإحرام يتحقّق بتحريم هذين.

و ما رواه الجمهور عن عمر بن الخطّاب،قال:إذا رميتم الجمار بسبع حصيات و ذبحتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء إلاّ الطيب و النساء (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل رمى و حلق،أ يأكل شيئا فيه صفرة؟قال:«لا،حتّى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة،ثمّ قد حلّ له كلّ شيء إلاّ النساء حتّى يطوف بالبيت طوافا آخر،ثمّ قد حلّ له النساء» (4).

و في الصحيح عن العلاء،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:تمتّعت يوم ذبحت و حلقت أ فألطخ رأسي بالحنّاء؟قال:«نعم،من غير أن تمسّ شيئا من الطيب»قلت:أ فألبس القميص؟قال:«نعم،إذا شئت»قلت:أ فأغطّي رأسي؟قال:

«نعم» (5).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اعلم أنّك إذا حلقت

ص:347


1- 1المغني 3:470،الشرح الكبير بهامش المغني 3:466،بدائع الصنائع 2:144.
2- 2) المائدة(5):95. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:218،سنن ابن ماجة 2:1011 الحديث 3041،سنن النسائيّ 5:277،مسند أحمد 1:234، [2]سنن البيهقيّ 5:135،مسند أبي يعلى 5:90 الحديث 2696.في بعضها بتفاوت في السند.
4- 4) التهذيب 5:245 الحديث 829،الاستبصار 2:287 الحديث 1018،الوسائل 10:193 الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:245 الحديث 830،الاستبصار 2:287 الحديث 1019،الوسائل 10:193 الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 3. [4]

رأسك فقد حلّ لك كلّ شيء إلاّ النساء و الطيب» (1).

لا يقال:قد روى الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتّع،قال:«إذا حلق رأسه يطليه بالحنّاء و الثياب و الطيب و كلّ شيء إلاّ النساء»ردّدها عليّ مرّتين أو ثلاثا،قال:و سألت أبا الحسن عليه السلام عنها،فقال:

«نعم،الحنّاء و الثياب و الطيب و كلّ شيء إلاّ النساء» (2).

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون المراد:من حلق و طاف طواف الزيارة،قاله الشيخ -رحمه اللّه-جمعا بين الأدلّة (3).

لا يقال:قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

ولد لأبي الحسن عليه السلام مولود فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص (4)فيه زعفران و كنّا قد حلقنا،قال عبد الرحمن:فأكلت أنا،و أبى الكاهليّ و مرازم أن يأكلا منه، و قالا:لم نزر البيت،فسمع أبو الحسن عليه السلام كلامنا،فقال لمصادف-و كان هو الرسول الذي جاءنا به-:«في أيّ شيء كانوا يتكلّمون؟»قال:أكل عبد الرحمن،و أبى الآخران،و قالا (5):لم نزر بعد،فقال:«أصاب عبد الرحمن»ثمّ قال:«أ ما تذكر حين أتينا به في مثل هذا اليوم،فأكلت أنا منه،و أبى عبد اللّه أخي أن يأكل منه،فلمّا جاء أبي حرّشه عليّ،فقال:يا أبة إنّ موسى أكل خبيصا فيه زعفران و لم يزر بعد،فقال أبي:هو أفقه منك أ ليس قد حلقتم رءوسكم» (6).

ص:348


1- 1التهذيب 5:245 الحديث 831،الاستبصار 2:287 الحديث 1020،الوسائل 10:193 الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:245 الحديث 832،الاستبصار 2:287 الحديث 1021،الوسائل 10:194 الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 5:246،الاستبصار 2:288.
4- 4) الخبيص:الحلواء المخبوصة معروف،و الخبيصة أخصّ منه.لسان العرب 7:20. [3]
5- 5) في النسخ:و قالوا،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 5:246 الحديث 833،الاستبصار 2:288 الحديث 1022،الوسائل 10:196 الباب 14 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 3. [4]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سئل ابن عبّاس هل كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتطيّب قبل أن يزور بالبيت؟قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور البيت» (1).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّهما محمولان على غير المتمتّع؛لأنّ غير المتمتّع يحلّ له كلّ شيء عند الحلق إلاّ النساء،بخلاف المتمتّع،فإنّه لا يحلّ له الطيب (2)، و استدلّ عليه بما رواه محمّد بن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحاجّ يوم النحر ما يحلّ له؟قال:«كلّ شيء إلاّ النساء»و عن المتمتّع ما يحلّ له يوم النحر؟قال:«كلّ شيء إلاّ النساء و الطيب» (3).

فروع:
الأوّل:إذا طاف طواف الزيارة،حلّ له الطيب

؛لما تقدّم من الأحاديث و لما يأتي.

الثاني:إذا طاف طواف النساء،حلّ له النساء

؛عملا بما تقدّم،فحينئذ مواطن التحلّل ثلاثة:

الأوّل:إذا حلق أو قصّر،حلّ له كلّ شيء أحرم منه إلاّ النساء و الطيب و الصيد.

الثاني:إذا طاف طواف الزيارة،حلّ له الطيب.

الثالث:إذا طاف طواف النساء،حلّ له النساء.

الثالث:يستحبّ لمن حلق رأسه أن يتشبّه بالمحرمين قبل طواف الزيارة

،فلا

ص:349


1- 1التهذيب 5:246 الحديث 834،الاستبصار 2:288 الحديث 1023،الوسائل 10:196 الباب 14 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:247،الاستبصار 2:288.
3- 3) التهذيب 5:247 الحديث 835،الاستبصار 2:289 الحديث 1024.و فيه سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:عن الحاجّ غير المتمتّع،الوسائل 10:195 الباب 14 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 1. [2]

يلبس الثياب حتّى يطوف طواف الزيارة و إن كان سائغا؛لما تقدّم (1).و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العلاء،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي حلقت رأسي و ذبحت و أنا متمتّع،أطلي رأسي بالحنّاء؟قال:«نعم،من غير أن تمسّ شيئا من الطيب»قلت:و ألبس القميص و أتقنّع؟قال:«نعم»قلت:قبل أن أطوف بالبيت؟قال:«نعم» (2).

و يدلّ على الكراهية ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع بالعمرة،فوقف بعرفات و وقف بالمشعر و رمى الجمرة و ذبح و حلق،أ يغطّي رأسه؟فقال:«لا،حتّى يطوف بالبيت و بالصفا و المروة»قيل (3):لو (4)كان فعل؟قال:«ما أرى عليه شيئا» (5).

و عن إدريس القمّيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ مولى لنا تمتّع،فلمّا حلق،لبس الثياب قبل أن يزور البيت (6)،فقال:«بئس ما صنع»قلت:أ عليه شيء؟ قال:«لا»قلت:فإنّي رأيت ابن أبي السمّاك (7)يسعى بين الصفا و المروة و عليه

ص:350


1- 1يراجع:ص 347. [1]
2- 2) التهذيب 5:247 الحديث 836،الاستبصار 2:289 الحديث 1025،الوسائل 10:193 الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 5. [2]
3- 3) في المصادر بزيادة:له.
4- 4) في المصادر:فإن،مكان:لو.
5- 5) التهذيب 5:247 الحديث 837 و ص 485 الحديث 1731،الاستبصار 2:289 الحديث 1026، الوسائل 10:199 الباب 18 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [3]
6- 6) ق و خا:بالبيت،كما في الاستبصار.
7- 7) بعض النسخ:ابن أبي سمّال،و هو:إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الربيع،و قد اختلف في كنية أبيه،قال النجاشيّ:يكنّى بأبي بكر بن أبي سمّال،و نقل المامقانيّ عن المصنّف في إيضاح الاشتباه أنّه يكنّى بابن أبي السمّاك،وثّقه النجاشيّ مع التصريح بأنّه واقفيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام و نسب إليه و إلى أخيه الوقف،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:إنّه واقفيّ-

خفّان و قباء و منطقة،فقال:«بئس ما صنع»قلت:عليه 1شيء؟قال:«لا» 2.

و لأنّه يشتغل بغير المناسك.

و يدلّ على أنّ هذين الحديثين للكراهية:ما تقدّم في حديث العلاء،و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل كان متمتّعا فوقف بعرفات و بالمشعر و ذبح و حلق،فقال:«لا يغطّي رأسه حتّى يطوف بالبيت و بالصفا و المروة،فإنّ أبي عليه السلام كان يكره ذلك و ينهى عنه»فقلنا:و إن كان فعل؟قال:«ما أرى عليه شيئا،و إن لم يفعل كان أحبّ إليّ» 3.

الرابع:يستحبّ لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ الطيب حتّى يطوف

طواف النساء

؛لئلاّ يشتغل به عن أداء المناسك.و لأنّه من دواعي شهوة النساء.و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل،قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام:هل يجوز للمحرم المتمتّع 4أن يمسّ الطيب قبل أن يطوف طواف النساء؟فقال«لا» 5.

ص:351

و يدلّ على أنّها للكراهية:ما تقدّم من الأحاديث (1).

الخامس:إنّما يحصل التحلّل بالرمي و الحلق.

و قال أبو سعيد الإصطخريّ:يتحلّل بدخول وقت الرمي و إن لم يرم،كما لو فاته الوقت فإنّه يتحلّل (2).

و ليس بمعتمد؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إذا رميتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء إلاّ النساء» (3)علّق ذلك بالرمي دون وقته؛لأنّ ما يقع به التحلّل لا يحصل بدخول وقته،كالطواف،و أمّا خروج وقته فسقط به فعل الرمي،و هاهنا فرض الرمي باق،فلم يحصل التحلّل بوقته.

هذا آخر الجزء الرابع (4)من كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب،و يتلوه في الخامس:الفصل السابع في بقيّة أفعال الحجّ و فيه مباحث.

و كان الفراغ من تسويده على يد العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر مصنّف الكتاب في ثاني عشر ربيع الأوّل من سنة سبع و ثمانين و ستّمائة، وفّق اللّه تعالى لإتمام الكتاب بمنّه و كرمه،و الحمد للّه ربّ العالمين،و صلّى اللّه على سيّد المرسلين و آله الطاهرين.

ص:352


1- 1يراجع:ص 350.
2- 2) حلية العلماء 3:346،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:230.
3- 3) مسند أحمد 6:143، [1]سنن البيهقيّ 5:136،سنن الدار قطنيّ 2:276 الحديث 186،كنز العمّال 5:78 الحديث 12128.
4- 4) حسب تجزئة المصنّف.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

الفصل السابع
اشارة

في بقيّة أفعال الحجّ و فيه مباحث

البحثالأوّل:في زيارة البيت
مسألة:إذا قضى مناسكه بمنى من الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير،رجع إلى

مكّة و طاف طواف الزيارة

،و يسمّى طواف الزيارة؛لأنّه يأتي من منى فيزور البيت، و لا يقيم بمكّة،بل يرجع إلى منى،و هذا الطواف ركن في الحجّ لا يتمّ إلاّ به لا نعلم فيه خلافا.

قال اللّه تعالى: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (2).و هو قول علماء الإسلام.

و روى الجمهور عن عائشة،قالت:حججنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأفضنا يوم النحر فحاضت صفيّة،فأراد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما يريد الرجل من أهله،فقلت:يا رسول اللّه إنّها حائض،قال:«أ حابستنا هي؟»قالوا:يا رسول اللّه إنّها قد أفاضت يوم النحر،قال:«اخرجوا» (3).

ص:353


1- 1د و ق بزيادة:ربّ يسّر يا كريم،ع:و به ثقتي.
2- 2) الحجّ(22):29. [1]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:صحيح البخاريّ 2:214،المغني 3:473،الشرح الكبير بهامش المغني 3:475، و بتفاوت في الألفاظ،ينظر:صحيح مسلم 2:965 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:208 الحديث 2003، [2]سنن الترمذيّ 3:280 الحديث 943، [3]الموطّأ 1:41 [4]2 الحديث 225،226،و ص 413 الحديث 228،مسند أحمد 6:38، [5]سنن البيهقيّ 5:162.

فدلّ على أنّ هذا الطواف لا بدّ منه و أنّه حابس لمن لم يأت به.

و يسمّى أيضا طواف الإفاضة لقولهم (1):إنّها أفاضت يوم النحر،بمعنى (2)طافت طواف الزيارة.و سمّي (3)بذلك؛لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكّة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ احلق رأسك و اغتسل،و قلّم أظفارك و خذ من شاربك،و زر البيت و طف به أسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكّة» (4).

و لأنّ الحجّ أحد النسكين،فكان الطواف واجبا فيه،كالعمرة.

مسألة:و لهذا الطواف وقتان:وقت فضيلة،و وقت إجزاء

.

فأمّا وقت الفضيلة،فيوم النحر بعد أداء المناسك بمنى؛لما رواه الجمهور عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم النحر:فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر (5).

و قال ابن عمر:أفاض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم النحر ثمّ رجع فصلّى الظهر (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن المتمتّع متى يزور؟قال:«يوم النحر» (7).

ص:354


1- 1في النسخ:لقوله،و الأنسب ما أثبتناه.
2- 2) ق و خا:يعني.
3- 3) كثير من النسخ:و يسمّى.
4- 4) التهذيب 5:250 الحديث 848،الوسائل 10:203 الباب 2 من أبواب زيارة البيت الحديث 2. [1]
5- 5) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن أبي داود 2: 186 الحديث 1905،سنن البيهقيّ 5:144.
6- 6) صحيح مسلم 2:950 الحديث 1308،سنن أبي داود 2:207 الحديث 1998،سنن البيهقيّ 5:144.
7- 7) التهذيب 5:249 الحديث 841،الاستبصار 2:290 الحديث 1030،الوسائل 10:201 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 5. [2]

و في الصحيح عن منصور بن حازم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

«لا يبيت المتمتّع يوم النحر بمنى حتّى يزور» (1).

و في الصحيح عن عمران الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ينبغي للمتمتّع أن يزور البيت يوم النحر و من ليلته لا يؤخّر ذلك اليوم» (2).

إذا عرفت هذا:فلو أخّره إلى الليل،لم يكن به بأس،لما رواه ابن عبّاس و عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر طواف الزيارة إلى الليل (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث،فإنّها دالّة على أنّ يوم النحر بأجمعه ظرف للزيارة.و أمّا وقت الإجزاء فسيأتي.

مسألة:و أوّل وقت هذا الطواف:طلوع الفجر من يوم النحر

.و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:من نصف الليل من ليلة النحر (5).

لنا:أنّه يجب فعله بعد أداء المناسك المتعلّقة بيوم النحر فلا يتحقّق (6)له وقت

ص:355


1- 1التهذيب 5:249 الحديث 842،الاستبصار 2:290 الحديث 1031،الوسائل 10:201 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:249 الحديث 843 و فيه:«أو من ليلته و لا يؤخّر ذلك»،الاستبصار 2:291 الحديث 1032 و فيه:«و من ليلته و لا يؤخّر ذلك اليوم»،الوسائل 10:201 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 7 و [2]فيه:«أو من ليلته و لا يؤخّر ذلك اليوم».
3- 3) سنن الترمذيّ 3:262 الحديث 920، [3]سنن ابن ماجة 2:1017 الحديث 3059،و بلفظ:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر طواف يوم النحر إلى الليل،ينظر:سنن أبي داود 2:207 الحديث 2000، [4]مسند أحمد 1:288 و 309،سنن البيهقيّ 5:144،مسند أبي يعلى 5:93 الحديث 2700.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:148،بدائع الصنائع 2:132،شرح فتح القدير 2:388،تبيين الحقائق 2: 310،حلية العلماء 3:345،المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:476.
5- 5) حلية العلماء 3:345،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:282،مغني المحتاج 1:504، السراج الوهّاج:164،المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:476.
6- 6) ج:فلا يتعلّق.

قبله.

إذا عرفت هذا:فآخر وقته اليوم الثاني من أيّام النحر للمتمتّع،قاله علماؤنا، فإنّهم قالوا:ينبغي للمتمتّع المبادرة بعد أداء المناسك بمنى إلى طواف الزيارة يوم النحر،و لا يؤخّر ذلك،و يجوز له تأخيره عند (1)يومه ثمّ لا يجوز له التأخير عن ذلك.

و قال أبو حنيفة:آخر وقته آخر أيّام النحر (2).

و قال باقي الجمهور:لا تحديد لآخره (3).

لنا:أنّه نسك في الحجّ،فكان آخره محدودا،كالوقوف و الرمي.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«لا يبيت المتمتّع يوم النحر بمنى حتّى يزور[البيت] (4). (5)

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المتمتّع متى يزور[البيت] 6قال:«يوم النحر أو من الغد،و لا يؤخّر،و المفرد و القارن ليسا سواء (6)موسّع عليهما» (7).

ص:356


1- 1ع:عن.
2- 2) بدائع الصنائع 2:132،الهداية للمرغينانيّ 1:149،شرح فتح القدير 2:389،تبيين الحقائق 2: 311،المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:476.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:405،حلية العلماء 3:345،المجموع 8:282،المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:476.
4- (4 و 6) أثبتناهما من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:249 الحديث 842،الاستبصار 2:290 الحديث 1031،الوسائل 10:201 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 6. [1]
6- 7) في التهذيب و الوسائل: [2]بسواء.
7- 8) التهذيب 5:249 الحديث 844،الاستبصار 2:291 الحديث 1036،الوسائل 10:202 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 8. [3]

احتجّوا:بأنّه لو طاف بعد أيّام النحر،لم يكن عليه دم،فكان طوافه صحيحا، كما لو طاف قبل فواتها (1).

و الجواب:نحن لا نوجب الدم بتأخيره؛عملا بالبراءة السالمة عن المعارض، و الإثم لا يستلزم الكفّارة،و كذلك الصحّة.

فروع:
الأوّل:لو أخّر المتمتّع زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر،أثم و لا كفّارة

عليه

،و كان طوافه صحيحا.

الثاني:قد بيّنّا أنّ المتمتّع إذا طاف طواف الزيارة،حلّ له كلّ شيء إلاّ النساء

و الصيد

(2)،فلا وجه لإعادة ذلك.

الثالث:يجوز للقارن و المفرد تأخير طواف الزيارة و السعي إلى آخر ذي

الحجّة

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخّر إلى يوم الثالث؟قال:«تعجيلها أحبّ إليّ،و ليس به بأس إن أخّره» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بأن تؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر،إنّما يستحبّ تعجيل ذلك مخافة الأحداث و المعاريض» (4).

ص:357


1- 1المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:476.
2- 2) يراجع:ص 349. [1]
3- 3) التهذيب 5:250 الحديث 845،الاستبصار 2:291 الحديث 1033،الوسائل 10:202 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 5:250 الحديث 846،الاستبصار 2:291 الحديث 1034،الوسائل 10:202 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 9. [3]

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتّى أصبح،فقال:«ربّما أخّرته حتّى تذهب أيّام التشريق، و لكن لا يقرب النساء و الطيب» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّ التأخير و إن كان جائزا لهما،لكنّه مكروه؛للعلّة التي ذكرها الصادق عليه السلام في حديث ابن سنان.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر (2):«زره،فإن شغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد،و لا تؤخّر أن تزور من يومك،فإنّه يكره للمتمتّع أن يؤخّره، و موسّع للمفرد أن يؤخّره» (3).

مسألة:و يستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يفعل كما فعله أوّل قدومه

(4)،من الغسل،و تقليم الأظفار،و أخذ الشارب،و الدعاء إذا وقف على باب المسجد و غير ذلك من الوظائف؛لما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا ذبحت أضحيّتك فاحلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك و زر البيت و طف به أسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكّة» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:«فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت:اللهمّ أعنّي على

ص:358


1- 1التهذيب 5:250 الحديث 847،الاستبصار 2:291 الحديث 1035،الوسائل 10:201 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 2. [1]
2- 2) في المصادر بزيادة:قال.
3- 3) التهذيب 5:251 الحديث 853،الاستبصار 2:292 الحديث 1037،الوسائل 10:200 الباب 1 من أبواب زيارة البيت الحديث 1. [2]
4- 4) كثير من النسخ:قدمه.
5- 5) التهذيب 5:250 الحديث 848،الوسائل 10:203 الباب 2 من أبواب زيارة البيت الحديث 2. [3]

نسكك و سلّمني له و سلّمه (1)لي،أسألك مسألة العليل (2)الذليل المعترف بذنبه أن تغفر ذنوبي،و أن ترجعني بحاجتي،اللهمّ إنّي عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك،و أؤمّ (3)طاعتك متّبعا (4)لأمرك،راضيا بقدرك،أسألك مسألة المضطرّ إليك،المطيع لأمرك،المشفق من عذابك،الخائف من عقوبتك (5)أن تبلّغني عفوك و تجيرني من النار برحمتك،ثمّ تأتي الحجر الأسود،فتستلمه و تقبّله،فإن لم تستطع فاستلمه بيدك و قبّل يدك،فإن لم تستطع فاستقبله و كبّر و قل كما قلت حين طفت بالبيت[يوم قدمت مكّة،ثمّ طف بالبيت] (6)سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكّة،ثمّ صلّ عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين تقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثمّ ارجع إلى الحجر الأسود فقبّله إن استطعت و استقبله و كبّر،ثمّ اخرج إلى الصفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكّة،ثمّ ائت المروة[فاصعد عليها و طف بينهما سبعة أشواط،تبدأ بالصفا و تختم بالمروة] 7فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شيء أحرمت منه إلاّ النساء،ثمّ ارجع إلى البيت فطف (7)به أسبوعا آخر،ثمّ تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام،ثمّ قد أحللت من كلّ شيء و فرغت من حجّك كلّه و كلّ شيء أحرمت منه» (8).

ص:359


1- 1في التهذيب:و تسلّمه.
2- 2) ع و يحتمل د و خا:القليل.
3- 3) ع و ج:أروم،دور:و أرمّ.
4- 4) خا و ق:مطيعا.
5- 5) في المصادر:لعقوبتك.
6- (6 و 7) أثبتناهما من المصدر.
7- 8) في المصادر:و طف.
8- 9) التهذيب 5:251 الحديث 853،الوسائل 10:204 الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث 1. [1]
فروع:
الأوّل:لا بأس أن يغتسل من منى و يأتي إلى مكّة،فيطوف بذلك الغسل

؛لما رواه الشيخ عن حسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الغسل إذا زرت (1)البيت من منى،فقال:«أنا أغتسل بمنى ثمّ أزور البيت» (2).

الثاني:لا بأس أن يغتسل نهارا و يطوف ليلا بذلك الغسل ما لم ينقضه بحدث

أو نوم

،فإن نقضه،أعاده استحبابا؛ليطوف على غسله (3)،رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار و يزور بالليل بغسل واحد،قال:«يجزئه إن لم يحدث،فإن أحدث ما يوجب وضوءا،فليعد غسله» (4).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثمّ ينام،أ يتوضّأ قبل أن يزور؟قال:«يعيد غسله؛لأنّه إنّما دخل بوضوء» (5).

الثالث:يستحبّ للمرأة الغسل،كما يستحبّ للرجل

؛لأنّها أحد المكلّفين فاستحبّ الغسل لها،كالرجل.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عمران الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ تغتسل النساء إذا أتين البيت؟فقال:«نعم،إنّ اللّه تعالى يقول: أَنْ

ص:360


1- 1ح:إذا أردت.
2- 2) التهذيب 5:250 الحديث 849،الوسائل 10:204 الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث 1. [1]
3- 3) ج:غسل.
4- 4) التهذيب 5:251 الحديث 850،الوسائل 10:204 الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:251 الحديث 851،الوسائل 10:204 الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث 4. [3]

طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (1)فينبغي للعبد ألاّ يدخل إلاّ و هو طاهر قد غسل عنه العرق و الأذى و تطهّر» (2).

مسألة:فإذا فعل ما ذكرناه من الاغتسال و تقليم الأظفار و غير ذلك،وقف على

باب المسجد

ثمّ دعا بما ذكرناه (3)،ثمّ يدخل المسجد و يأتي الحجر الأسود فيستلمه و يقبّله،فإن لم يستطع،استلمه بيده و قبّل يده،فإن لم يتمكّن،استقبله و كبّر و قال ما قال حين طاف يوم قدم مكّة،كلّ ذلك مستحبّ،ثمّ يطوف واجبا طواف الزيارة أسبوعا،يبدأ بالحجر و يختم به على ما مضى ذكره،فإذا فرغ من طوافه، صلّى ركعتين (4)في مقام إبراهيم عليه السلام فرضا واجبا،ثمّ يرجع إلى الحجر الأسود،فيستلمه إن استطاع،و إلاّ استقبله و كبّر مستحبّا،ثمّ يخرج إلى الصفا واجبا للسعي،فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة،و يطوف بين الصفا و المروة سبعة أشواط يبدأ بالصفا و يختم بالمروة على ما مضى وصفه،فإذا فعل ذلك،فقد أحلّ من كلّ شيء إلاّ النساء،ثمّ يرجع إلى البيت فيطوف به طواف النساء أسبوعا يبدأ بالحجر و يختم به فرضا واجبا،ثمّ يصلّي ركعتيه في المقام واجبا و قد حلّ له النساء،دلّ على هذه الجملة كلّها:ما تقدّم (5)في حديث معاوية بن عمّار-الصحيح -عن الصادق عليه السلام.

مسألة:و هذا طواف الزيارة فرض واجب لا نعلم فيه خلافا

؛لما تقدّم،و صفته

ص:361


1- 1في النسخ:و طهّر بيتى،و في المصادر:و طهّرا بيتى.إنّ الآية في سورة البقرة(2):125 [1] هكذا: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ إلى آخر ما في المتن،و في سورة الحجّ(22):26 [2] هكذا: وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ .
2- 2) التهذيب 5:251 الحديث 852،الوسائل 10:203 الباب 2 من أبواب زيارة البيت الحديث 3. [3]
3- 3) يراجع:ص 358-359. [4]
4- 4) ج،خاوق:صلّى الركعتين.
5- 5) يراجع:ص 358.

كصفة طواف القدوم على ما تقدّم (1).

و النيّة شرط فيه،كما هي شرط في طواف القدوم،و به قال إسحاق،و ابن المنذر (2).

و قال الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي:يجزئه و إن لم ينو الفرض الذي عليه (5).

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (6)و الطواف عبادة.

و لأنّه عمل،فيفتقر إلى النيّة؛لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات و إنّما لا مرئ ما نوى» (7).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الطواف بالبيت صلاة» (8).فسمّاه صلاة، و لا تصحّ الصلاة إلاّ بالنيّة إجماعا.

مسألة:فإذا فرغ من طواف الزيارة و صلّى ركعتيه،سعى سعي الحجّ

،كما فعله

ص:362


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 318.
2- 2) المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:475.
3- 3) المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:475.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:221،المجموع 8:16،المغني 3:474.
5- 5) بدائع الصنائع 2:128،المغني 3:474،الشرح الكبير بهامش المغني 3:475.
6- 6) البيّنة(98):5. [1]
7- 7) من طريق العامّة،ينظر:صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 7:13،و من طريق الخاصّة، ينظر:التهذيب 4:186 الحديث 518،519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 6،7. [3]
8- 8) سنن الترمذيّ 3:293 الحديث 960،سنن النسائيّ 5:222،المستدرك للحاكم 2:267،سنن الدارميّ 2:44،سنن البيهقيّ 5:85 و 87،كنز العمّال 5:49 الحديث 12002،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:29 الحديث 10955.

يوم القدوم،و هو واجب و ركن في الحجّ عندنا،و بين الجمهور خلاف في أنّه هل هو مستحبّ أو واجب؟ذكرناه في باب السعي (1).

و يدلّ على وجوبه زيادة على ما تقدّم:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام-في حديث ذكر فيه حكم الرمي-ثمّ قال:قلت:فرجل نسي السعي بين الصفا و المروة،قال:«يعيد السعي»قلت:فاته ذلك حتّى خرج (2)،قال:«يرجع فيعيد السعي،إنّ هذا ليس كرمي الجمار،إنّ الرمي سنّة،و السعي بين الصفا و المروة فريضة» (3).

إذا عرفت هذا:فقد بيّنّا أنّ التحلّل الثاني يقع عند طواف الزيارة (4)،فهل يشترط فيه السعي حتّى أنّه لا يحلّ التحلّل الثاني إلاّ عند السعي أو لا يشترط؟ الأقرب عدم الاشتراط؛لأنّهم عليهم السلام علّقوا التحلّل بطواف الزيارة،و السعي ليس جزءا من المسمّى.

و بين الجمهور خلاف،فمن قال:هو فرض،لم يحصل التحلّل إلاّ به (5)،و من قال:هو سنّة،ففي التحلّل قبله وجهان:أحدهما:التحلّل؛لأنّه لم يبق عليه شيء من واجبات الحجّ عندهم.

و الثاني:عدمه؛لأنّه من أفعال الحجّ،فيأتي به في إحرام الحجّ،كالسعي في العمرة (6).

ص:363


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 414.
2- 2) في التهذيب:فإنّه خرج،و في الاستبصار:فإنّه يخرج،مكان:فاته ذلك حتّى خرج،و هو مطابق للكافي.
3- 3) التهذيب 5:150 الحديث 492،الاستبصار 2:238 الحديث 829،الوسائل 9:524 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 1. [1]
4- 4) يراجع:ص 349.
5- 5) قال به الشافعيّ،ينظر:المهذّب للشيرازيّ 1:224،المجموع 8:76،77،الميزان الكبرى 2:50.
6- 6) قال به أحمد،ينظر:المغني 3:410 و 475،الشرح الكبير بهامش المغني 3:477،الكافي لابن قدامة 1:594.
مسألة:فإذا فرغ من طواف الحجّ و سعيه،طاف طواف النساء

،و سمّي طواف النساء؛لأنّ حلّ النساء إنّما يحصل به،و هذا الطواف المسمّى بطواف النساء فرض واجب على الرجال و النساء و الخصيان من البالغين و غيرهم،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أطبق الجمهور على أنّه ليس بواجب.

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّها قالت:فطاف الذين أهلّوا بالعمرة و بين الصفا و المروة،ثمّ حلّوا ثمّ طافوا طوافا آخر (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد،قال:قال أبو الحسن عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (2)قال:«هو طواف النساء» (3).

و عن حمّاد الناب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال:«هو طواف النساء» (4).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لو لا ما منّ اللّه تعالى به على النّاس من طواف الوداع،لرجعوا إلى منازلهم،و لا ينبغي لهم أن يمسّوا نساءهم» (5)يعني لا تحلّ لهم النساء حتّى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا آخر بعد ما سعى بين الصفا و المروة،و ذلك على النساء و الرجال واجب.

ص:364


1- 1صحيح البخاريّ 2:191،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:167،الموطّأ 1:410 الحديث 223. [2]
2- 2) الحجّ(22):29. [3]
3- 3) التهذيب 5:252 الحديث 854،الوسائل 9:389 الباب 2 من أبواب الطواف الحديث 4. [4]
4- 4) التهذيب 5:253 الحديث 855 و ص 285 الحديث 972،الوسائل 9:390 الباب 2 من أبواب الطواف الحديث 5. [5]
5- 5) التهذيب 5:253 الحديث 856،الوسائل 9:389 الباب 2 من أبواب الطواف الحديث 3. [6]
فروع:
الأوّل:طواف النساء واجب في الحجّ و العمرة المبتولة عند علمائنا أجمع

.

أمّا وجوبه في الحجّ فقد تقدّم (1).

و أمّا وجوبه في العمرة المبتولة،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن رياح (2)قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة،عليه طواف النساء؟ قال:«نعم» (3).

و عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن عمر أو غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«المعتمر يطوف و يسعى و يحلق»قال:«و لا بدّ له بعد الحلق من طواف آخر» (4).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن أبي خالد مولى عليّ بن يقطين (5)،قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة،عليه طواف النساء؟قال:«ليس عليه طواف النساء» (6).

ص:365


1- 1يراجع:ص 364. [1]
2- 2) بعض النسخ:إسماعيل بن رباح،و قد مرّ الاختلاف في اسم أبيه في الجزء الرابع ص 131.
3- 3) التهذيب 5:253 الحديث 858،الاستبصار 2:231 الحديث 801،الوسائل 9:495 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 8. [2]
4- 4) التهذيب 5:254 الحديث 859،الاستبصار 2:231 الحديث 802،الوسائل 9:493 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 2. [3]
5- 5) أبو خالد مولى عليّ بن يقطين،روى عن أبي الحسن عليه السلام أنّه ليس على مفرد الحجّ [4]طواف النساء، و نقل المامقانيّ عن بعض:أنّ ذلك خلاف إجماعنا فكأنّه كان مخالفا أو ضعيف العقل سفيها،ثمّ ردّه بقوله: و هو غريب،لعدم انحصار الحال في الأمرين حتّى يجرح في دين الرجل أو عقله بذلك،ضرورة إمكان صدور ذلك من أبي الحسن عليه السلام تقيّة من غيره لا منه،فلا ينافي كونه مؤمنا عاقلا،نعم غاية ما ذكرناه خروج الرجل من برج الضعف إلى برج الجهالة. تنقيح المقال 3:14 باب الكنى، [5]معجم رجال الحديث 21:143. [6]
6- 6) التهذيب 5:254 الحديث 860،الاستبصار 2:232 الحديث 803،الوسائل 9:495 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 9. [7]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على أنّه إذا دخل الإنسان معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحجّ ثمّ أراد أن يجعلها متعة،فإنّه يجوز له ذلك،و لا يلزمه طواف النساء؛لأنّ طواف النساء إنّما يلزم المعتمر عمرة مفردة،فإذا تمتّع بها إلى الحجّ سقط عنه (1).

و استدلّ عليه بما رواه محمّد بن عيسى،قال:كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازيّ (2)إلى الرجل يسأله عن العمرة المبتولة،هل على صاحبها طواف النساء و عمرة (3)التي يتمتّع بها إلى الحجّ؟فكتب:«أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء» (4).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،قال:سأله أبو حارث (5)عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فطاف و سعى و قصّر،هل عليه طواف النساء؟قال:«[لا] (6)إنّما طواف النساء بعد الرجوع من منى» (7).

و قد روى الشيخ عن سيف،عن يونس قال:«ليس طواف النساء إلاّ على

ص:366


1- 1التهذيب 5:254،الاستبصار 2:232.
2- 2) مخلد-بفتح الميم و سكون الخاء المعجمة و فتح اللام-بن موسى أبو القاسم الرازيّ له مكاتبة إلى الرجل عليه السلام رواها الكلينيّ في الكافي 4:538 الحديث 9،و [1]رواها الشيخ في التهذيب 5:254 الحديث 861،و في الاستبصار 2:245 الحديث 854،و لكن في الاستبصار 2:232 الحديث 804 عن أحمد بن محمّد بدل محمّد بن أحمد،قال السيّد الخوئيّ:قد وقع فيه التحريف. تنقيح المقال 3:207، [2]معجم رجال الحديث 18:121. [3]
3- 3) في موضع من التهذيب و الاستبصار:و عن العمرة.
4- 4) التهذيب 5:163 الحديث 545 و ص 254 الحديث 861،الاستبصار 2:232 الحديث 804 و ص 245 الحديث 854،الوسائل 9:493 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 1. [4]
5- 5) لعلّه هو كثير بن كلثم،تقدّمت ترجمته في الجزء الرابع:220.
6- 6) أثبتناها من المصادر.
7- 7) التهذيب 5:254 الحديث 862،الاستبصار 2:232 الحديث 805،الوسائل 9:494 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 6. [5]

الحاجّ» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:فليس بمعترض ما ذكرناه؛لأنّ هذه الرواية غير مسندة إلى أحد من الأئمّة عليهم السلام،و إذا كان حالها ذلك،لم يجب العمل بها، و مع ذلك فهي رواية شاذّة لا تقابل بمثلها الأخبار الكثيرة،بل يجب العدول عنها إلى العمل بالأكثر و الأظهر (2).

الثاني:قد بيّنّا أنّ طواف النساء واجب على الرجال و النساء و الصبيان

و الشيوخ و الخصيان

(3)؛عملا بالعمومات،و بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحسين بن عليّ بن يقطين (4)،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخصيان و المرأة الكبيرة أ عليهم طواف النساء؟قال:«نعم،عليهم الطواف كلّهم» (5).

الثالث:كلّ إحرام يجب فيه طواف النساء إلاّ إحرام العمرة المتمتّع بها إلى

الحجّ

؛لما تقدّم (6).و كلّ طواف لا بدّ له من سعي يعقّبه إلاّ طواف النساء.

مسألة:و لو ترك طواف النساء ناسيا،لم يحلّ له النساء و يجب عليه العود

و طواف النساء مع المكنة

،فإن لم يتمكّن من الرجوع،جاز له أن يأمر من يطوف عنه طواف النساء و قد حلّت له النساء،و لو مات و لم يكن طاف،قضاه وليّه عنه؛ لأنّه أحد المناسك الواجبة،فلا يخرج عن العهدة إلاّ به.

ص:367


1- 1التهذيب 5:254 الحديث 863،الاستبصار 2:232 الحديث 806،الوسائل 9:495 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:255،الاستبصار 2:233.
3- 3) يراجع:ص 364. [2]
4- 4) الحسين بن عليّ بن يقطين،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام و قال:إنّه ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال الطوسيّ:373،رجال العلاّمة:49. [3]
5- 5) التهذيب 5:255 الحديث 864،الوسائل 9:389 الباب 2 من أبواب الطواف الحديث 1. [4]
6- 6) يراجع:الجزء العاشر ص 119.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله، قال:«لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت،فإن هو مات فليقض عنه وليّه أو غيره، فأمّا ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضى عنه،و إن نسي[رمي] (1)الجمار فليسا سواء إنّ الرمي سنّة و الطواف فريضة» (2).

و يدلّ على جواز الاستنابة فيه مع تعذّر الرجوع بنفسه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله،قال:«يرسل فيطاف عنه،فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليّه» (3).

و لأنّ التكليف بالرجوع مع عدم التمكّن تكليف بما لا يطاق.

و يدلّ على المنع من الاستنابة مع المكنة أنّه مكلّف بالحجّ و أفعاله بالمباشرة مع المكنة،و التقدير حصولها،فلا يجوز الاستنابة.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي طواف النساء حتّى أتى الكوفة،قال:«لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت»قلت:فإن لم يقدر؟قال:«يأمر من يطوف عنه» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ أوّل وقت طواف الزيارة يوم النحر

(5)،و قد وردت رخصة

ص:368


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:253 الحديث 857 و ص 255 الحديث 865،الاستبصار 2:233 الحديث 807،الوسائل 9:467 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:255 الحديث 866،الاستبصار 2:233 الحديث 808،الوسائل 9:468 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:256 الحديث 867،الاستبصار 2:233 الحديث 809،الوسائل 9:468 الباب 58 من أبواب الطواف الحديث 4. [3]
5- 5) يراجع:ص 355. [4]

عندنا في جواز تقديم الطواف و السعي على الخروج إلى منى و عرفات.و به قال الشافعيّ (1).

و قال مالك:لا يجزئه الإضافة فليرم ثمّ لينحر ثمّ ليفض (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عطاء أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال له رجل:

أفضت قبل أن أرمي،قال:«ارم و لا حرج» (3).

و عنه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من قدّم شيئا قبل شيء فلا حرج» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن صفوان،عن يحيى الأزرق (5)،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ ففرغت من طواف العمرة و خافت الطمث قبل يوم النحر،يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟قال:«إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك،فعلت» (6).

و عن محمّد بن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق،قال:«لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا»ثمّ قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر،فقال بعضهم:يا رسول اللّه ذبحت قبل أن أرمي،

ص:369


1- 1المجموع 8:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:372،السراج الوهّاج:161،المغني 3:481، الشرح الكبير بهامش المغني 3:472.
2- 2) إرشاد السالك:57،بلغة السالك 1:273،بداية المجتهد 1:352،المغني 3:481،الشرح الكبير بهامش المغني 3:472.
3- 3) صحيح مسلم 2:949 الحديث 1306،مسند أحمد 2:210، [1]سنن البيهقيّ 5:143،سنن الدار قطنيّ 2: 254 الحديث 78،كنز العمّال 5:281 الحديث 12893.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:142-144،سنن الدار قطنيّ 2:253 الحديث 76،كنز العمّال 5:280 الحديث 12887 و 12891.
5- 5) كذا في النسخ،و في المصادر:صفوان بن يحيى الأزرق،قال السيّد الخوئيّ:في بعض نسخ التهذيب: صفوان بن يحيى،و الصحيح ما في النسخ الأخرى:صفوان،عن يحيى الأزرق.معجم رجال الحديث 9: 142. [2]
6- 6) التهذيب 5:398 الحديث 1384،الوسائل 9:500 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 9. [3]

و قال بعضهم:ذبحت قبل أن أحلق،فلم يتركوا شيئا أخّروه كان ينبغي لهم أن يقدّموه،و لا شيئا قدّموه كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلاّ قال:لا حرج» (1).

ص:370


1- 1التهذيب 5:240 الحديث 810،الوسائل 10:181 الباب 2 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [1]
البحث الثاني
اشارة

في الرجوع إلى منى

مسألة:فإذا قضى الحاجّ مناسكه بمكّة من طواف الزيارة و السعي و طواف

النساء،وجب عليه العود يوم النحر إلى منى

،و المبيت بها ليالي التشريق،و هي ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر،قاله علماؤنا أجمع،و به قال عطاء، و عروة،و إبراهيم،و مجاهد (1)،و مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد في إحدى الروايتين.

و في الأخرى أنّه مستحبّ ليس بواجب (4)،و به قال الحسن البصريّ (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رخّص

ص:371


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:482.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:411،إرشاد السالك:57،المنتقى للباجيّ 3:45،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:368،بلغة السالك 1:281،المغني و الشرح الكبير 3:482.
3- 3) الأمّ 2:215،حلية العلماء 3:350،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:247،فتح العزيز بهامش المجموع 7:387،مغني المحتاج 1:505.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:482،الكافي لابن قدامة 1:610،الفروع في فقه أحمد 2:282،الإنصاف 4:45 و 47.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:482.

للعبّاس بن عبد المطّلب أن يبيت بمكّة ليالي منى من أجل سقايته (1).و تخصيص العبّاس بالرخصة للعذر يقتضي عدم المشاركة.

و عن ابن عبّاس،قال:لم يرخّص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأحد يبيت بمكّة إلاّ للعبّاس من أجل سقايته (2).

و عن ابن عمر قال:لا يبيتنّ أحد من الحاجّ إلاّ بمنى،و كان يبعث رجالا لا يدعون أحدا يبيت وراء العقبة (3).

و عن عائشة،قالت:أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من آخر يومه حين صلّى الظهر ثمّ رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيّام التشريق (4).و الظاهر أنّه فعله نسكا و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إذا فرغت من طوافك للحجّ و طواف النساء فلا تبيت إلاّ بمنى،إلاّ أن يكون شغلك في نسكك،و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،أنّه قال في

ص:372


1- 1صحيح البخاريّ 2:191،صحيح مسلم 2:953 الحديث 1315،سنن أبي داود 2:199 الحديث 1959، [1]سنن ابن ماجة 2:1019 الحديث 3065،سنن الدارميّ 2:75، [2]سنن البيهقيّ 5:153.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1019 الحديث 3066،و أورده ابن قدامة في المغني 3:482.
3- 3) بهذا اللفظ،أورده ابن قدامة في المغني 3:482،و بالمضمون،ينظر:الموطّأ 1:406 الحديث 208 و 209، [3]سنن البيهقيّ 5:153،كنز العمّال 5:239 الحديث 12745 و 12747.
4- 4) سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973، [4]المستدرك للحاكم 1:477،سنن البيهقيّ 5:148،سنن الدار قطنيّ 2:274 الحديث 179.
5- 5) سنن النسائيّ 5:27،مسند أحمد 3:318، [5]سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [6]
6- 6) التهذيب 5:256 الحديث 868،الوسائل 10:206 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [7]

الزيارة:«إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلاّ بمنى» (1).

و في الصحيح عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزيارة من منى،قال:«إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلاّ و هو بمنى،و إن زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكّة» (2).

احتجّ أحمد:بما رواه عن ابن عبّاس،قال:إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت.

و لأنّه قد حلّ من حجّه،فلم يجب عليه المبيت بموضع معيّن،كليلة الحصبة (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا حجّة فيه،مع أنّه معارض بقول ابن عبّاس لا يبيتنّ أحد من وراء العقبة من منى ليلا (4).

و عن الثاني:بالفرق؛لبقاء بعض المناسك عليه،و هو الرمي في صورة النزاع.

مسألة:فإن ترك المبيت بمنى،وجب عليه عن كلّ ليلة شاة إلاّ أن يخرج من

منى بعد نصف الليل

،أو يبيت بمكّة مشتغلا بالعبادة-قاله علماؤنا-فلو ترك المبيت ليلة،وجب عليه دم،فإن ترك ليلتين،وجب عليه دمان،فإن ترك الثالثة،لم يجب عنها شيء و وجب الدمان لا غير؛لأنّ له أن ينفر في اليوم الأوّل،إلاّ أن تغيب الشمس و هو بمنى،فإنّه لا يجوز له النفر و يجب عليه المبيت،فإن لم يبت،وجب عليه شاة ثالثة.

و قال أبو حنيفة:لا شيء عليه إذا ترك المبيت (5).

ص:373


1- 1التهذيب 5:256 الحديث 869،الوسائل 10:206 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:256 الحديث 870،الوسائل 10:206 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [2]
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:482.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:482.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:24،بدائع الصنائع 2:159،الهداية للمرغينانيّ 1:150، [3]شرح فتح القدير 2: 395،مجمع الأنهر 1:282،فتح العزيز بهامش المجموع 7:391.

و قال الشافعيّ:إذا ترك المبيت ليلة واحدة،وجب عليه مدّ.و فيه قولان آخران:أحدهما:يجب عليه درهم،و الآخر:ثلث دم.و هل الدم واجب أو مستحبّ؟قولان (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من ترك نسكا،فعليه دم» (2)و قد بيّنّا أنّ المبيت نسك (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان،قال:قال أبو الحسن عليه السلام:«سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من ليالي منى بمكّة» فقلت:لا أدري،فقلت[له] (4):جعلت فداك ما تقول فيها؟قال عليه السلام:«عليه دم إذا بات»فقلت:إن كان إنّما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه و سعيه،لم يكن لنوم و لا لذّة،أ عليه مثل ما على هذا؟قال:«ليس هذا بمنزلة هذا،و ما أحبّ أن ينشقّ له الفجر إلاّ و هو بمنى» (5).

و عن ابن مسكان،عن جعفر بن ناجية (6)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص:374


1- 1حلية العلماء 3:350،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:247،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 390،مغني المحتاج 1:509.
2- 2) الموطّأ 1:419 الحديث 240،سنن البيهقيّ 5:152.
3- 3) يراجع:ص 371.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 5:257 الحديث 871،الاستبصار 2:292 الحديث 1038،الوسائل 10:207 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 5. [1]
6- 6) جعفر بن ناجية بن أبي عمّار(أبي عمّارة)الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و زاد قوله:مولى،و ذكره الصدوق في المشيخة،قال المصنّف في آخر الخلاصة:طريق الصدوق إليه صحيح،و فيه إشعار بوثاقته. الفقيه(شرح المشيخة)4:127،رجال الطوسيّ:162،رجال العلاّمة:280. [2]

عمّن بات ليالي منى بمكّة،فقال:«ثلاثة من الغنم يذبحهنّ» (1).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه[عليه السلام] (2)عن رجل بات بمكّة في ليالي منى حتّى أصبح،فقال:«إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتّى أصبح، فعليه دم يهريقه» (3).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن العيص بن القاسم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى،قال:«ليس عليه شيء و قد أساء» (4).

و عن سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل،فقال:«لا بأس» (5).

قال الشيخ:هذان الخبران يحتملان وجهين:

أحدهما:أن يكون الرجل قد بات بمكّة مشتغلا بالدعاء و المناسك إلى أن يطلع الفجر،فإنّه لا شيء عليه حينئذ؛لما تقدّم؛و لما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه و دعائه و السعي و الدعاء حتّى طلع (6)الفجر،فقال:«ليس عليه شيء كان في طاعة

ص:375


1- 1التهذيب 5:257 الحديث 872 و ص 489 الحديث 1751،الوسائل 10:207 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 6. [1]
2- 2) أثبتناها من التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:257 الحديث 873،الاستبصار 2:292 الحديث 1040،الوسائل 10:206 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:257 الحديث 874،الاستبصار 2:292 الحديث 1041،الوسائل 10:207 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 7. [3]
5- 5) التهذيب 5:257 الحديث 875،الاستبصار 2:293 الحديث 1042،الوسائل 10:208 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 12. [4]
6- 6) بعض النسخ:يطلع،كما في التهذيب.

اللّه عزّ و جلّ» (1).

و الثاني:أن يكون قد خرج من منى بعد نصف الليل،فلا شيء عليه،و إن كان الأفضل ترك الخروج حتّى يصبح؛لما رواه عبد الغفّار الجازيّ (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل،فأصبح بمكّة،فقال:«لا يصلح له حتّى يتصدّق بها صدقة،أو يهريق دما،فإن خرج من منى بعد نصف الليل،لم يضرّه شيء» (3).

و ما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا تبت أيّام التشريق إلاّ بمنى،فإن بتّ في غيرها،فعليك دم،فإن خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلاّ و أنت في منى،إلاّ أن يكون شغلك نسكك، أو خرجت من مكّة،و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تصبح في غيرها» (4).

ص:376


1- 1التهذيب 5:258 الحديث 876،الاستبصار 2:293 الحديث 1043،الوسائل 10:208 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 13. [1]
2- 2) كثير من النسخ:الحارثيّ،مكان:الجازيّ،كما في الاستبصار،و هو:عبد الغفّار بن حبيب الطائيّ الجازيّ من أهل الجازية-قرية بالنهرين-روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ثقة له كتاب.و قال الشيخ في الفهرست:عبد الغفّار الجازيّ له كتاب،و عدّه في رجاله تارة في أصحاب الصادق عليه السلام قائلا: عبد الغفّار بن حبيب الجازي،و أخرى في من لم يرو عنهم عليه السلام قائلا:عبد الغفّار الجازيّ،قال السيّد الخوئيّ:إنّ ابن داود نقل عن نسخة بخطّ الشيخ:عبد الغفّار بن حبيب الحارثيّ،و قال المامقانيّ: ظاهر الشيخ اتّحاد الطائيّ و الجازيّ و الحارثيّ. رجال النجاشيّ:247،الفهرست:122، [2]رجال الشيخ:237،488،تنقيح المقال 2:158، [3]معجم رجال الحديث 10:57. [4]
3- 3) التهذيب 5:258 الحديث 877،الاستبصار 2:293 الحديث 1044،الوسائل 10:209 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 14. [5]
4- 4) التهذيب 5:258 الحديث 878،الاستبصار 2:293 الحديث 1045،الوسائل 10:207 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8. [6]

و قد روى الشيخ عن القاسم بن محمّد،عن عليّ،عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال:سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت و بالصفا و المروة ثمّ رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتّى أصبح،فقال عليه السلام:«عليه دم شاة» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا ينافي هذا الخبر ما تضمّنه الحديث الأوّل من قوله:«إلاّ أن يكون قد خرجت من مكّة»لأنّ ذلك الخبر محمول على من خرج من مكّة و جاز عقبة المدنيّين،فإنّه يجوز له أن ينام و الحال هذه؛لما رواه-في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل،عن أبي الحسن عليه السلام،عن الرجل يزور فينام دون منى،فقال:«إذا جاز عقبة المدنيّين فلا بأس أن ينام» (2).

و في الصحيح عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من زار فنام في الطريق،فإن بات بمكّة،فعليه دم،و إن كان قد خرج منها،فليس عليه شيء و إن أصبح دون منى» (3).

فروع:
الأوّل:يجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق

-على ما يأتي-فلا يجب المبيت حينئذ بمنى،فلا تجب الكفّارة عن الإخلال بها.

أمّا لو أخلّ بالمبيت في الليالي الثلاث هل يجب عليه ثلاث شياه أو شاتان؟

للشيخ قولان:

ص:377


1- 1التهذيب 5:259 الحديث 879،الاستبصار 2:294 الحديث 1046،الوسائل 10:208 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:259 الحديث 880،الاستبصار 2:294 الحديث 1047،الوسائل 10:209 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 15. [2]
3- 3) التهذيب 5:259 الحديث 881،الاستبصار 2:294 الحديث 1048،الوسائل 10:209 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 16. [3]

أحدهما:يجب عليه ثلاث شياه؛لأنّ الصادق عليه السلام أوجب عليه ثلاثا من الغنم (1).

و الثاني:يجب عليه شاتان لا غير؛لأنّ المبيت في الليلة الثالثة غير واجب، و يحمل الخبر المرويّ عن الصادق عليه السلام على من غربت عليه الشمس ليلة النفر الثاني و هو بمنى،فإنّه لا يجوز له حينئذ النفر،بل يجب عليه المبيت تلك الليلة،أو يكون قد أصاب النساء أو الصيد في إحرامه،فإنّه لا يجوز له النفر في اليوم الأوّل؛لأنّ اللّه تعالى شرط الاتّقاء فيه (2).

الثاني:ظهر من الأحاديث التي تلوناها جواز الخروج من منى بعد نصف

الليل

.و قيل:يشترط أن لا يدخل مكّة إلاّ بعد طلوع الفجر (3)،و لا كفّارة؛لأنّ المتجاوز عن النصف هو معظم ذلك الشيء و يطلق عليه اسمه،و إن بات بمكّة مشتغلا بالعبادة في الليالي الثلاث لا شيء عليه،فلو بات بغير مكّة أو بها غير مشتغل بالعبادة،وجبت الكفّارة.

الثالث:الأفضل أن لا يخرج من منى إلاّ بعد الفجر

(4)

؛لما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الدلجة (5)إلى مكّة أيّام منى و أنا أريد أن أزور البيت،قال:«لا،حتّى ينشقّ الفجر كراهية أن يبيت الرجل

ص:378


1- 1التهذيب 5:257 الحديث 872 و ص 489 الحديث 1751،الاستبصار 2:292 الحديث 1039، الوسائل 10:207 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 6.
2- 2) المبسوط 1:378، [1]الخلاف 1:462 مسألة-190.
3- 3) القائل:الشيخ في النهاية:265،و [2]المبسوط 1:378،و [3]التهذيب 5:258،و ابن إدريس في السرائر: 142.
4- 4) ع بزيادة:طلوع.
5- 5) أدلج القوم:إذا ساروا من أوّل الليل،و الاسم:الدلج-بالتحريك-و الدلجة و الدلجة أيضا،فإن ساروا من آخر الليل فقد ادّلجوا-بتشديد الدال-و الاسم:الدلجة و الدلجة.الصحاح 1:315. [4]

بغير منى» (1).

الرابع:الواجب الكون بمنى،و لا يجب عليه شيء من العبادات الزائدة على

سائر الأوقات بها

؛عملا بالأصل السالم عن المعارض.

مسألة:و يجوز له أن يأتي إلى مكّة أيّام منى لزيارة البيت تطوّعا

و إن كان الأفضل المقام بها إلى انقضاء أيّام التشريق،إلاّ أنّه لا يبيت إلاّ بمنى على ما قدّمناه (2).

و يدلّ على جواز ذلك:الأصل،و الدليل إنّما دلّ على وجوب المبيت بها، و هو إنّما يكون ليلا،و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يأتي الرجل مكّة فيطوف بها أيّام منى و لا يبيت بها» (3).

و في الصحيح عن رفاعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزور البيت في أيّام التشريق؟قال:«نعم إن شاء» (4).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن زيارة البيت في أيّام التشريق،قال:«حسن» (5).

و يدلّ على أنّ الأفضل المقام بها أيّام التشريق:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام بها (6).

ص:379


1- 1التهذيب 5:259 الحديث 882،الوسائل 10:208 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 11. [1]
2- 2) يراجع:ص 371.
3- 3) التهذيب 5:260 الحديث 883 و ص 490 الحديث 1753،الاستبصار 2:295 الحديث 1050، الوسائل 10:211 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:260 الحديث 884،الوسائل 10:211 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:260 الحديث 885،الوسائل 10:211 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [4]
6- 6) سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973،المستدرك للحاكم 1:477،سنن البيهقيّ 5:148،سنن الدار قطنيّ 2:274 الحديث 179.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزيارة بعد زيارة الحجّ في أيّام التشريق،فقال:«لا» (1).

و إنّما قلنا:إنّ هذا النهي للكراهية لما تقدّم (2)من الأحاديث المسوّغة.

و ما رواه الشيخ عن ليث المراديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي مكّة أيّام منى بعد فراغه من زيارة البيت،فيطوف بالبيت تطوّعا،فقال:«المقام بمنى أفضل و أحبّ إليّ» (3).

مسألة:و قد رخّص للرعاة المبيت في منازلهم و ترك المبيت بمنى ما لم تغرب

الشمس عليهم في منى

فإنّه يلزمهم المبيت بها،و لا نعلم خلافا في الترخّص.

روى الجمهور عن عاصم بن عديّ (4)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى و يرموا يوم النحر جمرة العقبة ثمّ يرموا يوم النفر (5).

ص:380


1- 1التهذيب 5:260 الحديث 886،و ص 490 الحديث 1754،الاستبصار 2:295 الحديث 1052، الوسائل 10:212 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 6. [1]
2- 2) أكثر النسخ:ما تقدّم.
3- 3) التهذيب 5:260 الحديث 887 و ص 490 الحديث 1755،الاستبصار 2:295 الحديث 1053، الوسائل 10:211 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 5. [2]
4- 4) عاصم بن عديّ بن الجدّ بن العجلان...البلويّ العجلانيّ حليف الأنصار،كان سيّد بني العجلان،يكنّى أبا عبد اللّه،و قيل:أبو عمر و أبو عمرو،شهد بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قيل:لم يشهد بدرا بنفسه لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ردّه من الروحاء و استخلفه على أهل قباء و العالية و ضرب له بسهمه و أجره،و هو الذي أمره عويمر العجلانيّ أن يسأل له عن الرجل يجد مع امرأته رجلا فنزلت قصّة اللعان،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عنه سهل بن سعد و عامر و الشعبيّ و ابنه أبو البدّاح بن عاصم بن عديّ.مات سنة 40 و قيل:45 ه و قد عاش مائة و خمس عشرة سنة و قيل: مائة و عشرين. أسد الغابة 3:75، [3]الإصابة 2:246، [4]تهذيب التهذيب 5:49. [5]
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:فتح العزيز بهامش المجموع 7:393،و بتفاوت في الألفاظ،ينظر:سنن أبي داود 2: 202 الحديث 1975، [6]سنن ابن ماجة 2:1010 الحديث 3037،سنن الترمذيّ 3:289 الحديث 954 و 955، [7]سنن النسائيّ 5:273،سنن البيهقيّ 5:150-151.

و لأنّ المبيت بمنى لمثلهم يشقّ عليهم،فيكون منفيّا؛لقوله تعالى: ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1)و كذلك أهل سقاية العبّاس يجوز لهم ترك المبيت بمنى؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص لأهل سقاية العبّاس أن يدعوا المبيت بمنى (2).

إذا عرفت هذا:فقد قيل:إنّه لو غربت الشمس على أهل سقاية العبّاس بمنى، لم يجب عليهم المبيت بها،بخلاف الرعاة؛لأنّ الرعاة إنّما يكون رعيهم (3)بالنهار و قد فات،فتفوت الضرورة،فيجب عليهم المبيت،و أمّا أهل السقاية فشغلهم ثابت ليلا و نهارا فافترقا (4).

إذا ثبت هذا:فهل لغيرهم ممّن شاركهم في جنس الضرورة الترخّص أم لا؟ و ذلك كمن له مريض يحتاج إلى المبيت عنده للعلاج،أو يكون له بمكّة مال يخاف ضياعه،فعندنا أنّه يجوز لهم ترك المبيت،و للشافعيّ وجهان (5).

لنا:أنّ الترخّص ثبت في حقّ الرعاة و أهل السقاية للحاجة،و هي ثابتة هنا.

ص:381


1- 1الحجّ(22):78. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:199 الحديث 1959،سنن ابن ماجة 2:1019 الحديث 3065 و 3066،سنن الدارميّ 2:75،سنن البيهقيّ 5:153.
3- 3) كثير من النسخ:رعيتهم.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:248،فتح العزيز بهامش المجموع 7:394.
5- 5) حلية العلماء 3:350،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:248،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 394،مغني المحتاج 1:507،السراج الوهّاج:165.
البحث الثالث
اشارة

في الرمي

مسألة:يجب عليه أن يرمي في كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث كلّ

جمرة بسبع حصيات

،و هي التي التقطها من المشعر الحرام،فإنّا قد بيّنّا أنّه ينبغي له أن يلتقط حصى الجمار و هو سبعون حصاة من المشعر الحرام (1)،و لا نعلم خلافا في وجوب الرمي.

و قد يوجد في بعض العبارات أنّه سنّة،و ذلك في بعض أحاديث الأئمّة عليهم السلام (2)،و في لفظ الشيخ في الجمل و العقود (3)،و هو محمول على أنّه ثابت بالسنّة،لا أنّه مستحبّ؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله نسكا،و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (4).و سيأتي وجوب أمور فيه،فيكون واجبا.

إذا ثبت هذا:فإنّ أوّل الرمي يوم النحر،و هو مختصّ برمي جمرة العقبة بسبع

ص:382


1- 1يراجع:ص 107. [1]
2- 2) ينظر:الوسائل 10:213 الباب 4 من أبواب العود إلى منى الحديث 3 و 7.
3- 3) الجمل و العقود:145.
4- 4) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، [2]سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]

حصيات لا غير-على ما بيّنّاه أوّلا (1)-قبل الذبح.

و أمّا هذا الرمي،فإنّه للجمرات الثلاث،كلّ جمرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة،و هو أوّل أيّام التشريق،و في اليوم الثاني عشر، و هو ثانيها،و في اليوم الثالث عشر و هو ثالث أيّام التشريق،فيرمي في كلّ يوم الجمرات الثلاث،بإحدى و عشرين حصاة،يبدأ بالجمرة الأولى،و هي أبعد الجمرات من مكّة،و يلي مسجد الخيف.

و ليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا،و يكبّر مع كلّ حصاة،و يدعو،ثمّ يقوم عن يسار الطريق و يستقبل القبلة،و يحمد اللّه و يثني عليه،و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ ليتقدّم قليلا،و يدعو و يسأله أن يتقبّل منه،ثمّ يتقدّم و يرمي الجمرة الثانية،و يصنع عندها كما صنع عند الأولى، و يقف و يدعو بعد الحصاة السابعة،ثمّ يمضي إلى الثالثة،و هي جمرة العقبة يختم بها الرمي،فيرميها كما رمى الأوليين،إلاّ أنّه لا يقف عندها،و لا نعلم في ذلك كلّه خلافا.

روى الجمهور عن عائشة،قالت:أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من آخر يومه حين (2)صلّى الظهر،ثمّ رجع إلى منى فمكث بها ليالي التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كلّ جمرة بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة،و يقف عند الأولى و الثانية،فيطيل القيام و يتضرّع،و يرمي الثالثة و لا يقف عندها (3).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس و قل كما قلت

ص:383


1- 1يراجع:ص 113.
2- 2) أكثر النسخ:حتّى،كما في بعض المصادر.
3- 3) سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973، [1]سنن الدار قطنيّ 2:274 الحديث 179،سنن البيهقيّ 5:148.

حين رميت جمرة العقبة و ابدأ بالجمرة الأولى،فارمها عن يسارها في (1)بطن المسيل و قل كما قلت يوم النحر،ثمّ قم عن يسار الطريق،فاستقبل القبلة و احمد اللّه و أثن عليه و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ تقدّم قليلا فتدعو و تسأله أن يتقبّل منك ثمّ تقدّم أيضا،و افعل ذلك عند الثانية،و اصنع كما صنعت بالأولى،و تقف و تدعو اللّه كما دعوت،ثمّ تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار،و لا تقف عندها» (2).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجمار فقال:«قم عند الجمرتين،و لا تقم عند جمرة العقبة»فقلت:هذا من السنّة؟ قال:«نعم»قلت:فما أقول إذا رميت؟قال:«كبّر مع كلّ حصاة» (3).

مسألة:و وقت الرمي في هذه الأيّام كلّها من طلوع الشمس إلى غروبها

،قاله أكثر علمائنا (4)،و للشيخ-رحمه اللّه-قولان:

أحدهما:هذا (5)، (6)و به قال طاوس،و عكرمة (7).

و الثاني:قال في الخلاف:لا يجوز الرمي إلاّ بعد الزوال (8)،و هو قول الفقهاء

ص:384


1- 1في التهذيب و الوسائل: [1]من،بدل:في،و ما في المتن مطابق للكافي.
2- 2) التهذيب 5:261 الحديث 888،الوسائل 10:75 [2] الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2، و ص 78 الباب 12 الحديث 1.
3- 3) التهذيب 5:261 الحديث 889،الوسائل 10:75 [3] الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1، و ص 77 الباب 11 الحديث 1.
4- 4) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:66،و السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:111،و سلاّر في المراسم:115،و ابن إدريس في السرائر:143،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:218. [4]
5- 5) كثير من النسخ:سنّة،مكان:هذا.
6- 6) المبسوط 1:378، [5]النهاية:266. [6]
7- 7) المغني 3:484،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:424،عمدة القارئ 10:86، حاشية الشلبيّ هامش تبيين الحقائق 2:314،فتح الباري 3:457.
8- 8) الخلاف 1:459 مسألة-176.

الأربعة (1)،إلاّ أنّ أبا حنيفة جوّز الرمي يوم النفر قبل الزوال استحسانا (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس قدر ما إذا فرغ من رميه صلّى الظهر (3).و من المعلوم أنّه صلّى اللّه عليه و آله كان يبادر إلى أداء الفريضة في أوّل وقتها،فدلّ على أنّ الرمي قبل الزوال.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان بن مهران، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (4).

و عن منصور بن حازم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«رمي الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (5).

و في الصحيح عن زرارة و ابن أذينة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال للحكم بن عتيبة:«ما حدّ رمي الجمار؟»فقال الحكم:عند زوال الشمس،فقال أبو جعفر عليه السلام:«يا حكم أ رأيت لو أنّهما كانا اثنين،فقال أحدهما لصاحبه:احفظ علينا متاعنا حتّى أرجع أ كان يفوته الرمي؟!هو و اللّه ما بين طلوع الشمس إلى

ص:385


1- 1المغني 3:486،المدوّنة الكبرى 1:423،المجموع 8:239،المبسوط للسرخسيّ 4:68.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:408-409،بدائع الصنائع 2:137-138،الهداية للمرغينانيّ 1:149،شرح فتح القدير 2:392-393،مجمع الأنهر 1:281-282،عمدة القارئ 10: 86،تبيين الحقائق 2:312،314.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1014 الحديث 3054،المغني 3:484،الشرح الكبير بهامش المغني 3:486.
4- 4) التهذيب 5:262 الحديث 890،الاستبصار 2:296 الحديث 1054،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 5:262 الحديث 891،الاستبصار 2:296 الحديث 1055،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [2]

غروبها» (1).

و لأنّه رمي،فكان هذا وقته،كرمي جمرة العقبة يوم النحر،فإنّهم وافقونا على أنّ وقت ذلك الرمي هذا.و لأنّه رمي،فكان هذا وقته،كرمي اليوم الثالث عند أبي حنيفة.

احتجّ الشيخ:بالإجماع و طريقة الاحتياط (2)،فإنّ من فعل ما قلناه،أجزأه بلا خلاف،و إذا خالفه ففيه الخلاف.

و احتجّ الجمهور (3):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى هذا الوقت،يعني بعد الزوال (4).

و الجواب:أنّ الإجماع لا يتحقّق في صورة الخلاف،نعم الإجماع دلّ على جواز الرمي بعد الزوال،لا على المنع قبله،و هو المدّعى هنا،و الدليل الذي ذكرناه يزيل الخلاف،و فعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله لا ينافي جوازه لدليل آخر.

فروع:
الأوّل:الأفضل أن يجعل الرمي عند الزوال ليزول الخلاف

.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (5)،و قد كان عليه السلام يبادر إلى الأفضل،فلو كان الأفضل قبله،لبادر إليه،و كذا لو كان مساويا،فدلّ على أولويّة الرمي عند الزوال.

ص:386


1- 1التهذيب 5:262 الحديث 892،الاستبصار 2:296 الحديث 1056،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [1]
2- 2) الخلاف 1:459 مسألة-176.
3- 3) المغني 3:484،الشرح الكبير بهامش المغني 3:486،المجموع 8:237،فتح العزيز بهامش المجموع 7:396.
4- 4) صحيح مسلم 2:945 الحديث 1299،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1971،سنن الترمذيّ 3:241 الحديث 894،سنن النسائيّ 5:270،سنن البيهقيّ 5:131.
5- 5) سنن الدارميّ 2:61،سنن الدارقطنيّ 2:275 الحديث 181.

و لقول الصادق عليه السلام في حديث معاوية بن عمّار-الصحيح-:«ارم في كلّ يوم عند الزوال» (1).

الثاني:الرمي بعد الزوال أفضل من الرمي قبله في الأداء دون القضاء

،على ما يأتي.

الثالث:رخّص للعليل و الخائف و الرعاة و العبيد الرمي بالليل للضرورة

الحاصلة لهم

،دون غيرهم.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل و يضحّي و يفيض بالليل» (2).

و في الموثّق عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا» (3).

و عن عليّ بن عطيّة (4)،قال:أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام بن عبد الملك الكوفيّ (5)،و كان هشام خائفا،فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر،فقال لي

ص:387


1- 1الكافي 4:480 الحديث 1، [1]التهذيب 5:261 الحديث 888،الاستبصار 2:296 الحديث 1057، الوسائل 10:78 الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 895،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:263 الحديث 896،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [4]
4- 4) عليّ بن عطيّة عدّه الشيخ في رجاله من غير توصيف من أصحاب الكاظم عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة،قال السيّد الخوئيّ:هذا هو المعروف ب:عليّ بن عطيّة الحنّاط فيشمله توثيق النجاشيّ أيضا في ترجمة أخيه الحسن بن عطيّة الحنّاط. رجال النجاشيّ:46،رجال الطوسيّ:353،الفهرست:97، [5]رجال العلاّمة:103، [6]معجم رجال الحديث 12:101. [7]
5- 5) هشام بن عبد الملك الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال:هشام بن عبد الملك الكوفيّ و أخوه أبان بن عبد الملك.رجال الطوسيّ:331.

هشام:أيّ شيء أحدثنا في حجّنا؟فنحن كذلك،إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السلام قد رمى الجمار و انصرف،فطابت نفس هشام (1).

مسألة:و الترتيب بين الجمرات واجب في الرمي

،فلو نكس،فبدأ بجمرة العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الأولى،أعاد على الوسطى ثمّ على جمرة العقبة.و كذا لو بدأ بالوسطى و رمى الثلاث،لم يجزئه إلاّ الأولى.و لو رمى القصوى ثمّ الأولى ثمّ الوسطى،أعاد على القصوى خاصّة.

و بالجملة:يعيد ما يحصل معه الترتيب،ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (2)، و الشافعيّ (3)،و أحمد (4).

و قال الحسن البصريّ و عطاء:لا يجب الترتيب (5)،و هو قول أبي حنيفة (6).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رتّبها في الرمي (7)و قال:«خذوا عنّى مناسككم» (8).

ص:388


1- 1التهذيب 5:263 الحديث 897،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [1]
2- 2) إرشاد السالك:57،المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:487.
3- 3) حلية العلماء 3:348،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:239،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 404،الميزان الكبرى 2:53،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:161،مغني المحتاج 1:507، السراج الوهّاج:165.
4- 4) المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:487،الكافي لابن قدامة 1:611-612،الفروع في فقه أحمد 2:282،الإنصاف 4:46،زاد المستقنع:34.
5- 5) المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:487.
6- 6) بدائع الصنائع 2:139،حاشية الشلبيّ بهامش تبيين الحقائق 2:312،حلية العلماء 3:348،المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:487،الميزان الكبرى 2:53،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:161.
7- 7) سنن النسائيّ 5:270،سنن الدارميّ 2:63، [2]سنن الدار قطنيّ 2:275 الحديث 183،سنن البيهقيّ 5: 148.
8- 8) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله:«و ابدأ بالجمرة الأولى»إلى أن قال:«ثمّ تقدّم أيضا و افعل ذلك عند الثانية»ثمّ قال:«ثمّ تمضي إلى الثالثة» (1).و الأمر بالبدأة و العطف ب«ثمّ»يقتضي الترتيب.

و ما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل رمى الجمار منكوسة،قال:«يعيد على الوسطى و جمرة العقبة» (2).

و عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني،فبدأ بجمرة العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الأولى،قال:«يأخذ (3)ما رمى و يرمي الجمرة الوسطى ثمّ جمرة العقبة» (4).

و لأنّه نسك متكرّر،فاشترط الترتيب فيه،كالسعي.

احتجّ أبو حنيفة (5):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من قدّم نسكا بين يدي نسك فلا حرج» (6).

و لأنّها مناسك متكرّرة في أمكنة متفرّقة في وقت واحد ليس بعضها تابعا لبعض،فلا يشترط فيها الترتيب،كالرمي و الذبح.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الحديث ورد فيمن قدّم نسكا على نسك،لا فيمن قدّم بعض النسك على بعض.

و عن الثاني:أنّه يبطل بالطواف و السعي.

ص:389


1- 1التهذيب 5:261 الحديث 888،الوسائل 10:75 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:265 الحديث 903،الوسائل 10:216 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [2]
3- 3) في المصدر:«يؤخّر»مكان:«يأخذ».
4- 4) التهذيب 5:265 الحديث 902،الوسائل 10:215 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [3]
5- 5) المغني 3:485،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:487.
6- 6) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:487،و بلفظ:«من قدّم من نسكه شيئا أو أخّره فلا شيء عليه»ينظر:سنن البيهقيّ 5:144،كنز العمّال 5:93 الحديث 12204،فيض القدير 6:195 الحديث 8919.
مسألة:و يجب أن يرمي كلّ جمرة بسبع حصيات كملا

،فلا يجوز له الإخلال بحصاة منها.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)و أصحاب الرأي (2)، و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الأخرى:يجوز أن ينقص حصاة أو حصاتين،و لا يجوز أن ينقص أكثر من ذلك (3).و به قال مجاهد،و إسحاق (4).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى بسبع حصيات (5).

و ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:

رجل رمى الجمرة بستّ حصيات و وقعت واحدة،قال:«يعيدها إن شاء من ساعته و إن شاء من الغد إذا أراد الرمي،و لا يأخذ من حصى الجمار» (6).

و وجوب الإعادة يستلزم وجوب الابتداء.

ص:390


1- 1الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:347-348،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:239،فتح العزيز بهامش المجموع 7:395،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:161،مغني المحتاج 1:506، السراج الوهّاج:165.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:408-409،بدائع الصنائع 2:159،الهداية للمرغينانيّ 1:149،شرح فتح القدير 2: 381،مجمع الأنهر 1:281،عمدة القارئ 10:88.
3- 3) المغني 3:485-486،الشرح الكبير بهامش المغني 3:488،الكافي لابن قدامة 1:612، [1]الفروع في فقه أحمد 2:282،الإنصاف 4:46،عمدة القارئ 10:88. [2]
4- 4) المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:488،عمدة القارئ 10:88. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:219،صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973، [4]سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3031 و ص 1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:274- 275،سنن الدارميّ 2:63،سنن الدار قطنيّ 2:274-275 الحديث 179 و 183،سنن البيهقيّ 5: 148،مجمع الزوائد 3:259-260.
6- 6) التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:218 الباب 7 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [5]

احتجّ أحمد (1):بما روى ابن أبي نجيح (2)،قال:سئل طاوس عن رجل ترك حصاة،قال:يتصدّق بتمرة أو لقمة،فذكرت ذلك لمجاهد،فقال:إنّ أبا عبد الرحمن لم يسمع قول سعد،قال سعد:رجعنا من الحجّة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعضنا يقول:رميت بستّ،و بعضنا يقول:رميت بسبع،فلم يعب ذلك بعضنا على بعض (3).

و الجواب:يجوز أن يكون الترك لسهو،فإنّه كما يحصل العمد،يحتمل ذلك، و حكاية الحال لا عموم لها.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الترتيب في الجمرات واجب،و هو يحصل بأن يرمي الجمرة

العظمى التي تلي مسجد الخيف

-و هي أقربها من منى و أبعدها من مكّة-ثمّ الوسطى ثمّ القصوى،كلّ واحدة بسبع حصيات،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و قد يحصل الترتيب إذا أخلّ ببعض الرميات في الأولى أو في الثانية ناسيا بشرط أن يرمي التي أخلّ برمي بعضها بأربع حصيات فما زاد،فلو نسي فرمى الأولى بأربع حصيات ثمّ رمى الثانية بسبع ثمّ رمى الثالثة و ذكر الإخلال أكمل على الأولى بثلاث،و كذا لو كان السهو في الثانية.

أمّا لو رماها بثلاث،فإنّه يعيد على ما بعدها بعد إكمالها،فلو رمى الأولى بثلاث ثمّ الثانية بسبع و الثالثة،أتمّ بأربع على الأولى،ثمّ أعاد على الوسطى و القصوى.

و لو رمى الثانية بثلاث ثمّ الثالثة،أكمل الثانية ثمّ أعاد على الثالثة.

ص:391


1- 1المغني 3:486،الشرح الكبير بهامش المغني 3:489.
2- 2) ابن أبي نجيح:عبد اللّه بن أبي نجيح و اسم أبي نجيح يسار،مكّيّ مولى الأخنس الثقفيّ،روى عن عطاء و طاوس و مجاهد و أبيه و روى عنه الثوريّ و شعبة و ابن عيينة،مات سنة 131 ه. تهذيب التهذيب 6:54، [1]الجرح و التعديل 5:203،العبر 1:133. [2]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:486، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:489،و [4]بتفاوت،ينظر:سنن النسائيّ 5:275،سنن البيهقيّ 5:149.

و قال الشافعيّ:لو أخلّ بحصاة واحدة،بطل الترتيب و وجبت الإعادة على ما يحصل معه الترتيب (1).

لنا:أنّ الأكثر يقوم مقام الشيء مع النسيان.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل رمى جمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبع و الثالثة بسبع، قال:«يعيد و يرميهنّ جميعا بسبع سبع»[قلت:] (2)فإن رمى الأولى بأربع و الثانية بثلاث و الثالثة بسبع؟قال:«يرمي جمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبع،و يرمي جمرة العقبة بسبع»قلت:فإنّه رمى الجمرة الأولى بأربع و الثانية بأربع و الثالثة بسبع،قال:

«يعيد فيرمي الأولى بثلاث،و الثانية بثلاث،و لا يعيد على الثالثة» (3).

و عن عليّ بن أسباط،قال:قال أبو الحسن عليه السلام:«إذا رمى الرجل الجمار أقلّ من أربع (4)لم يجزئه،أعاد[عليها] (5)و أعاد على ما بعدها و إن كان قد أتمّ ما بعدها،و إذا رمى شيئا منها أربعا،بنى عليها،و لم يعد على ما بعدها إن كان قد أتمّ رميه» (6).

فروع:
الأوّل:لو رمى ستّ حصيات فضاعت منهنّ واحدة،فليعدها

و إن كان من الغد

ص:392


1- 1الأمّ 2:213،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:239،فتح العزيز بهامش المجموع 7:405، مغني المحتاج 1:507.
2- 2) أضفناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:265 الحديث 904،الوسائل 10:217 الباب 6 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [1]
4- 4) في النسخ:أربعة،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) أضفناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:266 الحديث 905،الوسائل 10:217 الباب 6 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [2]

و لا يسقط وجوبها؛لأنّ أداء الواجب إنّما يحصل بفعله.

و لما رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:

رجل رمى في الجمرة بستّ حصيات و وقعت واحدة،قال:«يعيدها إن شاء من ساعته،و إن شاء من الغد إذا أراد الرمي،و لا يأخذ من حصى الجمار»قال:و سألته عن رجل رمى جمرة العقبة بستّ حصيات و وقعت حصاة في محمل،قال:

«يعيدها» (1).

الثاني:لو علم أنّه قد أخلّ بحصاة و لم يعلم من أيّ الجمار هي،فليرم الثلاث

بثلاث حصيات

؛ليحصل اليقين بإكمال العدد في الجميع،رواه الشيخ-في الصحيح -عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل أخذ إحدى و عشرين حصاة فرمى بها،فزاد واحدة فلم يدر من أيّهنّ نقص،قال:«فليرجع فليرم كلّ واحدة بحصاة»و إن سقطت من رجل حصاة فلم يدر أيّتهنّ هي؟قال:

«يأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها»قال:«فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل،فأعد مكانها،و إن هي أصابت إنسانا أو جملا ثمّ وقعت في الجمار، أجزأك» (2).

الثالث:الواجب أن يرمي بالسبع حصيات في سبع مرّات

،فإن رماها في دفعة أو أقلّ من سبع،لم يجزئه إلاّ بعدد الرميات؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى سبع

ص:393


1- 1التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:72 الباب 6 [1] من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2 و ص 218 الباب 7 من أبواب العود إلى منى الحديث 3.
2- 2) التهذيب 5:266 الحديث 907،الوسائل 10:72 الباب 6 [2] من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1 و ص 217 الباب 7 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.

حصيات في سبع رميات (1)و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

مسألة:و يجوز الرمي راكبا،و ماشيا أفضل

،روى الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن عيسى أنّه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام رمى الجمار راكبا (3).

و عن محمّد بن الحسين (4)،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام في رمي الجمار أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى الجمار راكبا (5).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران أنّه رأى أبا الحسن الثاني عليه السلام يرمي الجمار و هو راكب حتّى رماها كلّها (6).

و قال الشافعيّ:يرمي في اليوم الآخر راكبا،و في اليومين الأوّلين ماشيا؛لأنّ النفر يتعقّب الرمي في اليوم الثالث،فإذا كان راكبا مضى عقيب الرمي،و في اليومين الأوّلين يكون مقيما،و الجميع جائز (7).

مسألة:و يستحبّ أن يترك الحصى في كفّه و يأخذ منها و يرمي

،و التكبير عند

ص:394


1- 1صحيح البخاريّ 2:219،صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973،سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:274-275،سنن الدارميّ 2:63، سنن الدار قطنيّ 2:274-275 الحديث 179 و 183،سنن البيهقيّ 5:148،مجمع الزوائد 3:260.
2- 2) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125.و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [1]
3- 3) التهذيب 5:267 الحديث 908،الاستبصار 2:298 الحديث 1062،الوسائل 10:73 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
4- 4) في النسخ:محمّد بن الحسن،كما في الوسائل. [3]
5- 5) التهذيب 5:267 الحديث 909،الاستبصار 2:298 الحديث 1063،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [4]
6- 6) التهذيب 5:267 الحديث 910،الاستبصار 2:298 الحديث 1064،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [5]
7- 7) الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:341،المجموع 8:183 و 242،فتح العزيز بهامش المجموع 7:406، مغني المحتاج 1:508،المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:486.

كلّ حصاة يرميها،و المقام بمنى أيّام التشريق،و أن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه، و يقف و يدعو،و كذا الثانية،و يرمي الثالثة مستدبرا للقبلة مقابلا لها،و لا يقف عندها،فلو أخلّ بشيء من ذلك،لم يكن عليه شيء،و لا نعلم فيه خلافا إلاّ الثوريّ؛ فإنّه قال:إن ترك الوقوف و الدعاء،أطعم شيئا،و إن أراق دما،كان أحبّ إليّ (1)؛ لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله،فيكون نسكا (2).

لنا (3):أنّه مندوب،فلا تجب الكفّارة بتركه.

مسألة:و يجوز أن يرمى عن العليل و المبطون و المغمى عليه و الصبيّ و من

أشبههم من أصحاب الأعذار

؛للضرورة.روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية و عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الكسير و المبطون يرمى عنهما»قال:«و الصبيان يرمى عنهم» (4).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المريض يرمى عنه الجمار؟قال:«نعم يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه» (5).

و في الصحيح عن رفاعة بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل أغمي عليه،فقال:«يرمى عنه الجمار» (6).

ص:395


1- 1المغني 3:485،الشرح الكبير بهامش المغني 3:486،المجموع 8:283،عمدة القارئ 10:93.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:219،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1973،سنن النسائيّ 5:276،سنن النسائيّ 5:276،سنن الدارميّ 2:63،سنن الدار قطنيّ 2:275 الحديث 183،سنن البيهقيّ 5:148.
3- 3) كثير من النسخ:و لنا.
4- 4) التهذيب 5:268 الحديث 914،الوسائل 10:83 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 5:268 الحديث 915،الوسائل 10:83 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [2]
6- 6) التهذيب 5:268 الحديث 916،الوسائل 10:84 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [3]

و عن داود بن عليّ اليعقوبيّ (1)،قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المريض لا يستطيع أن يرمي الجمار،فقال:«يرمى عنه» (2).

و عن يحيى بن سعيد (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن امرأة سقطت من المحمل فانكسرت و لم تقدر على رمي الجمار،قال:«يرمى عنها و عن المبطون» (4).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن المريض يرمى عنه الجمار؟قال:«يحمل إلى الجمار و يرمى عنه»قلت:فإنّه لا يطيق ذلك، قال:«يترك في منزله و يرمى عنه»قلت:فالمريض المغلوب يطاف عنه؟قال:«لا، و لكن (5)يطاف به» (6).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب عليه أن يرمي أيّام التشريق الجمار الثلاث في كلّ

يوم

(7)

،فلو نسي رمي يوم بعض الجمرات أو جميعها،أعاده من الغد.و للشافعيّ قولان:

أحدهما:أنّ رمي كلّ يوم محدود الأوّل و الآخر.

ص:396


1- 1داود بن عليّ اليعقوبيّ الهاشميّ أبو عليّ بن داود،روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام،و قيل:روى عن الرضا عليه السلام،ثقة له كتاب يرويه عنه جماعة قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال الطوسيّ:375،رجال النجاشيّ:160،رجال العلاّمة:69. [1]
2- 2) التهذيب 5:268 الحديث 917،الوسائل 10:84 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 6. [2]
3- 3) يحيى بن سعيد قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى الحسين بن سعيد عمّن حدّثه عنه.معجم رجال الحديث 21:56. [3]
4- 4) التهذيب 5:268 الحديث 918،الوسائل 10:84 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 7. [4]
5- 5) أكثر النسخ:«ذلك»مكان:«و لكن».
6- 6) التهذيب 5:268 الحديث 919،الوسائل 10:83 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2، و [5]ذيل الحديث في الوسائل 9:456 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 5. [6]
7- 7) يراجع:ص 382. [7]

و الثاني:أنّ الجميع كاليوم الواحد.فعلى القول الثاني يعيد في اليوم الثاني أو الثالث ما فاته قبله،و على القول الأوّل هل يسقط بفوات وقته؟فيه وجهان:

أحدهما السقوط (1).

لنا:أنّه وجب عليه الرمي،فلا يخرج عن العهدة إلاّ به.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتّى انتهى إلى منى،فعرض له[عارض] (2)فلم يرم حتّى غابت الشمس،قال:«يرمي إذا أصبح مرّتين:مرّة لما فاته،و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه،و ليفرّق بينهما تكون إحداهما بكرة و هو للأمس و الأخرى عند زوال الشمس» (3).

و عن بريد العجليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في اليوم الثاني،قال:«فليرمها في اليوم الثالث لما فاته و لما يجب عليه في يومه» (4).

وجه قول الشافعيّ بالسقوط؛أنّه رمي يوم من أيّام التشريق،فكان محدودا بغروب الشمس،كاليوم الثالث؛لأنّه لو كان غير محدود،لجاز تأخيره من اليوم الأوّل إلى الثاني،و إذا فات الوقت المحدود،سقط الفعل (5).

و الجواب:نمنع أنّه محدود الوقت أوّلا؛لما روي عن عاصم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى،و يرموا يوم النحر جمرة العقبة ثمّ

ص:397


1- 1حلية العلماء 3:348،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:240،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 402-403،مغني المحتاج 1:508،السراج الوهّاج:166.
2- 2) أضفناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:262 الحديث 893،الوسائل 10:81 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 5:263 الحديث 894،الوسائل 10:82 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:349،المهذّب للشيرازيّ 1:230.

يرموا يوم النفر (1)،و لو كان محدودا،لما سوّغ لهم التأخير حتّى يكون الفعل قضاء.

و لأنّه إذا جاز للمعذور،جاز لغيره،كاليوم الأوّل،فأمّا اليوم الأخير فالأصل فيه أنّه إذا غربت الشمس،خرج وقت الرمي بأجمعه،و هاهنا لم يخرج وقت جميع الرمي، فافترقا،و قولهم:لا يجوز له تأخير الرمي،لا يدلّ على فواته؛فإنّه ليس له أن يؤخّر الوقوف إلى الليل،و مع ذلك فلا يفوته بالتأخير.

سلّمنا،لكن لا نسلّم سقوط الفعل بفوات الوقت؛فإنّه نفس المتنازع،سلّمنا، لكن مع وجود الدليل على وجوب الإتيان به،لا يكون ساقطا.

فروع:
الأوّل:إذا فاته رمي يوم،فقد قلنا:إنّه يقضيه وجوبا

؛لما تقدّم من الأحاديث (2)،و للشافعيّ ثلاثة أقوال:أحدها:السقوط إلى الدم.

و الثاني:القضاء و الدم،كقضاء رمضان إذا أخّره إلى رمضان آخر.

و الثالث:يقضي و لا شيء عليه،كقولنا،كالوقوف إذا أخّره إلى الليل (3).

لنا على وجوب القضاء:ما تقدّم (4)،و على سقوط الدم:الأصل السالم عن المنافي.

الثاني:يستحبّ له أن يرمي الذي لأمسه بكرة،و الذي ليومه عند الزوال

،أمّا الأوّل فللمبادرة إلى القضاء،و أمّا الثاني فلأنّه وقت الفضيلة،و يدلّ عليه:حديث

ص:398


1- 1سنن أبي داود 2:202 الحديث 1975، [1]سنن ابن ماجة 2:1010 الحديث 3037،سنن النسائيّ 5: 273،سنن الدارميّ 2:61، [2]سنن البيهقيّ 5:150.
2- 2) يراجع:ص 396-397.
3- 3) الأمّ 2:214،حلية العلماء 3:349،المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:236،فتح العزيز بهامش المجموع 7:406،مغني المحتاج 1:509،السراج الوهّاج:166.
4- 4) يراجع:ص 396-397.

ابن سنان عن الصادق عليه السلام (1).

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:الترتيب واجب بين الفائت و الحاضر

،فيرمي ما فاته أوّلا،و الذي ليومه بعده،فلو رمى الذي ليومه أوّلا،لم يقع الذي لأمسه؛لعدم إرادته،و لا الذي ليومه،لسقوط الترتيب،كما لو رمى الجمرة الثانية قبل الأولى (2).

و للشافعيّ قولان:هذا أحدهما.و الثاني:سنّة (3).

لنا:أنّ الواجب الترتيب أداء،فيكون.

الرابع:قال الشيخ رحمه اللّه:لو رمى جمرة واحدة بأربع عشر حصاة:سبعا

ليومه،و سبعا لأمسه،بطلت الأولى

،و كانت الثانية لأمسه (4).

الخامس:لو فاته رمي يومين،قضاه يوم الثالث مرتّبا

-على ما قلناه-و لا شيء عليه؛عملا بالأصل.

السادس:لو فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاث حتّى خرجت أيّام التشريق

،لم يكن عليه شيء،و إن رماها في القابل،كان أحوط.

و قال الشافعيّ:إن ترك واحدة،فعليه مدّ،و إن ترك ثنتين،فمدّان،و إن ترك ثلاثة،فدم إذا كان ذلك من الجمرة الأخيرة،و إن كان من الأوّلتين،بطل الرمي (5).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل،و لم يثبت.

مسألة:لو نسي رمي الجمار كلّها في الأيّام بأجمعها حتّى جاء إلى مكّة

،وجب

ص:399


1- 1التهذيب 5:262 الحديث 893،الوسائل 10:81 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:379، [2]الخلاف 1:461 مسألة-185 و 186.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:230،المجموع 8:240،فتح العزيز بهامش المجموع 7:402،مغني المحتاج 1:509.
4- 4) المبسوط 1:379، [3]الخلاف 1:462 مسألة-187.
5- 5) الأمّ 2:214،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:69،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:239،فتح العزيز بهامش المجموع 7:408،مغني المحتاج 1:509.

عليه الرجوع إلى منى و إعادة الرمي إن كانت أيّام التشريق لم تخرج،و إن خرجت، قضاه من قابل في أيّام التشريق،أو يأمر من يقضي عنه الرمي،و لا دم عليه.

و قال الشافعيّ:لا قضاء عليه إذا فاتت أيّام التشريق قولا واحدا،و ما يجبّ عليه عنده قولان:

أحدهما:دم واحد.و الثاني:أربعة دماء (1).

لنا:أنّه مكلّف بالرمي،فلا يخرج عن العهدة إلاّ به،إمّا بفعله أو بفعل نائبه؛دفعا للحرج الحاصل من الاقتصار على المباشرة،و الأصل براءة الذمّة من الكفّارة،فلا يثبت خلافه إلاّ بدليل.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتّى تعود إلى مكّة؟قال:

«فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي،و الرجل كذلك» (2).

و عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل نسي رمي الجمار،قال:«يرجع فليرمها»قلت:فإنّه (3)نسيها حتّى أتى مكّة،قال:«يرجع فيرمي متفرّقا فيفصل بين كلّ رميتين بساعة»قلت:فإنّه نسي أو جهل حتّى فاته و خرج،قال:«ليس عليه أن يعيد» (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:معناه:ليس عليه أن يعيد هذه السنة؛لفوات وقت

ص:400


1- 1حلية العلماء 3:350،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:241،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 407.
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 898،الاستبصار 2:296 الحديث 1058،الوسائل 10:212 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [1]
3- 3) في المصادر:«فإن».
4- 4) التهذيب 5:263 الحديث 899،الاستبصار 2:297 الحديث 1059،الوسائل 10:213 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [2]

الرمي،و يجب عليه إعادته في العام المقبل (1)؛لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتّى تمضي أيّام التشريق فعليه أن يرميها من قابل،فإن لم يحجّ،رمى عنه وليّه،فإن لم يكن له وليّ، استعار رجلا (2)من المسلمين يرمي عنه؛فإنّه لا يكون رمي الجمار إلاّ أيّام التشريق» (3).

فروع:
الأوّل:لو نسي رمي الجمار في يوم النحر و أيّام التشريق معا،وجب عليه

القضاء و لا دم

على ما تقدّم من الخلاف بيننا و بين الشافعيّ،و قد سلف البحث فيه (4).

الثاني:لو أخّر رمي جمرة العقبة يوم النحر،أعادها يوم الثاني من أيّام النحر

، و للشافعيّ قولان:

أحدهما:أنّه يسقط و لا يكون أيّام التشريق وقتا له؛لأنّه يخالفها،فلا يتعلّق رمي يوم النحر إلاّ بجمرة العقبة فهو لجنس آخر،بخلاف بعض الأيّام مع بعض.

و الثاني:القضاء (5)،و هو الأصحّ عندنا؛لأنّه رمي فات وقته،و كان عليه القضاء،كرمي أيّام التشريق.

ص:401


1- 1التهذيب 5:264،الاستبصار 2:297.
2- 2) في المصادر:استعان برجل.
3- 3) التهذيب 5:264 الحديث 900،الاستبصار 2:297 الحديث 1060،الوسائل 10:213 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [1]
4- 4) يراجع:ص 399-400. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:349،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:241،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 404،مغني المحتاج 1:508-509،السراج الوهّاج:166.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتّى انتهى إلى منى،فعرض له[عارض] (1)فلم يرم حتّى غابت الشمس،قال:«يرمي إذا أصبح مرّتين:مرّة لما فاته،و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه»الحديث (2).

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:قد روي أنّ من ترك رمي الجمار متعمّدا،لا تحلّ

له النساء

،و عليه الحجّ من قابل (3).رواه محمّد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد،عن يحيى بن مبارك (4)،عن عبد اللّه بن جبلة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«من ترك رمي الجمار متعمّدا،لم تحلّ له النساء و عليه الحجّ من قابل» (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذا الخبر محمول على الاستحباب؛لأنّا قد بيّنّا في كتابنا الكبير أنّ الرمي سنّة و ليس بفرض،و إذا لم يكن فرضا و لا هو من أركان الحجّ،لم يجب عليه إعادة الحجّ بتركه (6).و هذا يدلّ على اضطراب رأي الشيخ- رحمه اللّه-في وجوب الرمي.

الرابع:قد بيّنّا أنّه يجوز الاستنابة في الرمي عن العليل و المريض،فلو نسي

النائب،كان حكمه حكم المنوب

،و قد تقدّم (7).

ص:402


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:262 الحديث 893،الوسائل 10:81 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:264.
4- 4) يحيى بن المبارك،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:395،تنقيح المقال 3:321. [2]
5- 5) التهذيب 5:264 الحديث 901،الاستبصار 2:297 الحديث 1061،الوسائل 10:214 الباب 4 من أبواب العود إلى منى الحديث 5. [3]
6- 6) الاستبصار 2:297.
7- 7) يراجع:ص 395-396.

إذا ثبت هذا:فإنّه لا يشترط في الرمي عن المريض أن يكون مأيوسا منه.

و يستحبّ للنائب عن المريض و الصبيّ و غيرهما أن يستأذنه في ذلك،و أن يضع المنوب عنه الحصى في كفّ النائب؛تشبيها بالرمي،هذا إذا كان عقله ثابتا.

و إن أغمي عليه فإن كان قد أذن لغيره في الرمي قبل زوال عقله،لم يبطل إذنه و جاز للنائب الرمي عنه،و إن زال عقله قبل الإذن،جاز له أن يرمي عنه عندنا؛ عملا بالعمومات.

إذا ثبت هذا:فإن زال العذر و وقت الرمي باق و قد فعله النائب،لم يجب عليه فعله؛لأنّ الفرض قد سقط بفعل النائب.

مسألة:قد بيّنّا أنّ وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها

(1)،و أنّ ما قرب من الزوال أفضل،فلا يجوز الرمي ليلا حينئذ؛لأنّها عبادة مؤقّتة،فلا تفعل إلاّ في وقتها المضروب لها.

و لما رواه الشيخ-في الموثّق-عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا» (2).

و التخصيص لهؤلاء بالرخصة يدلّ على نفيها عمّن سواهم إذا لم يشاركهم في العذر،و كذلك وقت القضاء؛فإنّه بعد طلوع الشمس من اليوم الثاني.

مسألة:و يستحبّ التكبير بمنى أيّام التشريق عقيب خمس عشرة صلاة

،و في سائر الأمصار عقيب عشر صلوات،أوّل الصلوات الظهر يوم النحر؛لأنّه قبل ذلك مشغول بالتلبية،و يستوي هو و الحلال في ابتداء المدّة،إلاّ أنّ المحرم يكبّر عقيب خمس عشرة صلاة،و المحلّ عقيب عشرة على ما بيّنّاه.

ص:403


1- 1يراجع:ص 384. [1]
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 896،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [2]

قال اللّه تعالى: وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ (1).

و اختلف علماؤنا في وجوبه،فقال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّه واجب (2)؛ عملا بالآية (3)،و بما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«التكبير واجب في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق» (4).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:هو مستحبّ؛عملا بالأصل،و حمل ما ورد،على الاستحباب (5)؛لما رواه عمّار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في الرجل ينسى أن يكبّر أيّام التشريق،قال:«إن نسي حتّى قام عن موضعه،فليس عليه شيء» (6).

إذا عرفت هذا:فإنّما يستحبّ عقيب الفرائض،أمّا النوافل فلا.

و رواية عمّار ضعيفة؛لما رواه الشيخ عن داود بن فرقد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«التكبير في كلّ فريضة،و ليس في النافلة تكبير أيّام التشريق» (7).

و صورة التكبير هاهنا أن يقول:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام،روى ذلك الشيخ-في الصحيح- عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:التكبير أيّام التشريق في دبر

ص:404


1- 1البقرة(2):185. [1]
2- 2) جمل العلم و العمل:75،رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):45،الانتصار:57.
3- 3) بعض النسخ:بالأمر،مكان:بالآية.
4- 4) التهذيب 5:270 الحديث 923،الاستبصار 2:299 الحديث 1070،الوسائل 5:130 الباب 5 من أبواب صلاة العيد الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:270،الاستبصار 2:299-300.
6- 6) التهذيب 5:270 الحديث 924،الاستبصار 2:299 الحديث 1071،الوسائل 5:129 الباب 23 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [3]
7- 7) التهذيب 5:270 الحديث 925،الاستبصار 2:300 الحديث 1072،الوسائل 5:130 الباب 25 من أبواب صلاة العيدين الحديث 2. [4]

الصلاة؟فقال:«التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلوات،و في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات،و أوّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر،تقول فيه:اللّه أكبر، اللّه أكبر،لا إله الاّ اللّه و اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام،و إنّما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات التكبير؛لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوّل،أمسك أهل الأمصار عن التكبير،و كبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تكبّر أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من أيّام التشريق إن أنت أقمت بمنى،و إن أنت خرجت من منى فليس عليك تكبير،و التكبير:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله الاّ اللّه و اللّه أكبر،اللّه أكبر و للّه الحمد،اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام،و الحمد للّه على ما أبلانا» (2).

و قد روى-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (3)قال:

«التكبير في أيّام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث، و في الأمصار عقيب عشر صلوات،فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار،و من أقام بمنى فصلّى بها الظهر و العصر فليكبّر» (4).

ص:405


1- 1التهذيب 5:269 الحديث 921،الاستبصار 2:299 الحديث 1069،الوسائل 5:123 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:269 الحديث 922،الوسائل 5:124 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 4. [2]في التهذيب:«صلاة الفجر»بدل:«صلاة العصر».
3- 3) البقرة(2):203. [3]
4- 4) التهذيب 5:269 الحديث 920،الاستبصار 2:299 الحديث 1068،الوسائل 10:219 الباب 8 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [4]

و قد تقدّم البحث في التكبير و صفته و وقته و ذكر الخلاف فيه و التفريعات عليه في باب صلاة العيدين (1)،و باقي مباحث الرمي سلفت في بابه (2).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يخطب بعد الظهر يوم الثالث من أيّام النحر

، و هو الثاني من أيّام التشريق،و هو النفر الأوّل،فيودّع الحاجّ و يعلمهم أنّ من أراد التعجيل ممّن اتّقى،فله ذلك،و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و ابن المنذر (5).

و قال أبو حنيفة:لا يستحبّ ذلك (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن سرّاء (7)بنت نبهان،قالت:خطبنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الرءوس (8)فقال:«أيّ يوم هذا؟»فقلنا:اللّه و رسوله أعلم،فقال:«أ ليس أوسط أيّام التشريق؟» (9).

و عن رجلين من بني بكر،قالا:رأينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب بين

ص:406


1- 1يراجع:الجزء السادس ص 58 و 61-69.
2- 2) يراجع:ص 113-142.
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:69،حلية العلماء 3:351،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:249، فتح العزيز بهامش المجموع 7:356،مغني المحتاج 1:495،المغني 3:488،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496.
4- 4) المغني 3:488،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496،الكافي لابن قدامة 1:614،الإنصاف 4:42.
5- 5) المغني 3:488،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:53،تحفة الفقهاء 1:432،الهداية للمرغينانيّ 1:142،شرح فتح القدير 3: 367،مجمع الأنهر 1:274-275،عمدة القارئ 10:78-79.
7- 7) سرّى-بفتح السين و إمالة الراء المشدّدة و آخره ياء ساكنة و قيل:بتشديد الراء و فتحها مع الإمالة-بنت نبهان بن عمرو الغنويّة،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنها ربيعة بن عبد الرحمن الغنويّ و ساكنة بنت الجعد.أسد الغابة 5:473، [1]الإصابة 4:326، [2]تبصير المنتبه بتحرير المشتبه 2:679.
8- 8) قال الزمخشريّ:أهل مكّة يسمّون يوم القرّ يوم الرءوس؛لأنّهم يأكلون فيه رءوس الأضاحيّ. أساس البلاغة 1:310.
9- 9) سنن أبي داود 2:197 الحديث 1953، [3]سنن البيهقيّ 5:151،مجمع الزوائد 3:272،عمدة القارئ 10:79.

أوساط أيّام التشريق و نحن عند راحلته (1).

و عن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة (2)،عن أبيه،عن جدّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطب وسط أيّام التشريق،يعني يوم النفر الأوّل (3).

و لأنّ للناس حاجة إلى معرفة التعجيل و أنّ من تأخّر حتّى غابت الشمس، لزمه المبيت و الوداع و كيفيّته،فاستحبّت الخطبة لذلك.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه يوم من أيّام التشريق،فلا يستحبّ فيه الخطبة،كغيره من اليومين (4).

و الجواب:الفرق،فإنّ بالناس حاجة إلى معرفة التعجيل،و هو إنّما يحصل بالخطبة و إعلام الرسول صلّى اللّه عليه و آله،بخلاف اليومين.

ص:407


1- 1سنن أبي داود 2:197 الحديث 1952، [1]سنن البيهقيّ 5:151،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496، عمدة القارئ 10:79.
2- 2) عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهنيّ حجازيّ روى عن أبيه و روى عنه ابناه سبرة و حرملة، و ابن وهب و يحيى بن حسّان،قال ابن حجر:ذكره ابن حبّان في الثقات. تهذيب التهذيب 6:335، [2]الجرح و التعديل 5:382،رجال صحيح مسلم 1:427.
3- 3) سنن الدار قطنيّ 2:227 الحديث 49،المغني 3:488،عمدة القارئ 10:79.
4- 4) المغني 3:488،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496.
البحث الرابع
اشارة

في النفر من منى

مسألة:إذا رمى الحاجّ الجمار الثلاث في اليوم الأوّل من أيّام التشريق و في

اليوم الثاني منها،جاز له أن ينفر من منى

،و يسقط عنه رمي اليوم الثالث إن كان قد اتّقى في إحرامه النساء و الصيد،و قد أجمع أهل العلم كافّة على أنّ من أراد الخروج من منى شاخصا عن الحرم غير مقيم بمكّة،فله أن ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيّام التشريق،لا نعلم فيه خلافا.

و الأصل فيه قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (1).

و اختلف في قوله تعالى: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ مع أنّ التأخير فضيلة؛لأنّه يأتي بالنسك كاملا،فحكي عن ابن مسعود أنّه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أي كفّرت سيّئاته،و كذلك: مَنْ تَأَخَّرَ (2).

و قيل:لا إثم عليه بالتعجيل،و قوله: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ مزاوجة في

ص:408


1- 1البقرة(2):203. [1]
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 1:395، [2]تفسير القرطبيّ 3:13 و 14، [3]تفسير الدرّ المنثور 1:236، [4]تفسير التبيان 2:176، [5]مجمع البيان 1:299.

الكلام (1). (2)

و قيل:إنّ ذلك ورد على سبب،فإنّ قوما قالوا:لا يجوز التعجيل،و لم يقولوا:

لا يجوز التأخير،فوردت الآية على ذلك (3).

أقول:و يحتمل أن يكون المراد بذلك دفع الوهم الحاصل من دليل الخطاب حتّى لا يتوهّم أحد أنّ تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير،و قد أشار الصادق عليه السلام إلى ذلك،قال في حديث:«فإنّ اللّه تعالى يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ،فلو سكت،لم يبق أحد إلاّ تعجّل،و لكنّه قال: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ » (4).

مسألة:و لا فرق في جواز النفر في النفر الأوّل بين أهل مكّة و غيرهم ممّن

يريد المقام بمكّة أو لا يريد في قول عامّة أهل العلم

.

و قال أحمد:لا ينبغي لمن أراد المقام بمكّة أن يتعجّل (5).

و قال مالك:من كان من أهل مكّة و له عذر،فله أن يتعجّل في يومين،فإن أراد التخفيف عن نفسه من (6)أمر الحجّ،فلا (7).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (8).و هو عامّ في أهل مكّة و غيرهم،فلا وجه للتخصيص.

و روى الجمهور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أيّام منى ثلاثة

ص:409


1- 1ق:من وجه الكلام،ع:مزاوجة الكلام،دور:من أوجه في الكلام.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 1:396، [1]تفسير التبيان 2:176، [2]مجمع البيان 1:299.
3- 3) التفسير الكبير 5:194.
4- 4) التهذيب 5:271 الحديث 927،الوسائل 10:222 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [3]
5- 5) المغني 3:486، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:496، [5]الإنصاف 4:49،تفسير القرطبيّ 3:13. [6]
6- 6) كثير من النسخ:في،مكان:من.
7- 7) المغني 3:486، [7]الشرح الكبير [8]بهامش المغني 3:496، [9]تفسير القرطبيّ 3:13. [10]
8- 8) البقرة(2):203. [11]

فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ » (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس،فإن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق،و هو يوم النفر الأخير،فلا عليك أيّ ساعة نفرت و رميت قبل الزوال أو بعده» (2).

و لأنّه دفع من مكان،فاستوى فيه أهل مكّة و غيرهم،كالدفع من عرفة و مزدلفة.

احتجّ المخالف:بقول عمر:من شاء من الناس كلّهم أن ينفر في النفر الأوّل إلاّ آل خزيمة فلا ينفروا إلاّ في النفر الأخير (3).

و الجواب:أنّ قول عمر ليس بحجّة خصوصا إذا خالف القرآن،أو يحمل على أنّهم لم يتّقوا،لا على أنّهم من أهل مكّة.

مسألة:و إنّما يجوز النفير في النفر الأوّل لمن اتّقى النساء و الصيد في إحرامه

، فلو جامع في إحرامه،أو قتل صيدا فيه،لم يجز له أن ينفر في النفر الأوّل،و وجب عليه المقام بمنى و النفر في اليوم الثالث من أيّام التشريق،و لا نعرف للجمهور في ذلك قولا يحضرنا الآن.

لنا:قوله تعالى: لِمَنِ اتَّقى (4).و الشرط يخرج عن العموم ما انتفى عنه.

ص:410


1- 1سنن الدارميّ 2:59، [1]سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949، [2]سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3:237 الحديث 889، [3]سنن الدار قطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5: 152.
2- 2) التهذيب 5:271 الحديث 926،الاستبصار 2:300 الحديث 1073،الوسائل 10:221 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [4]
3- 3) تفسير القرطبيّ 3:13، [5]المغني 3:486،الشرح الكبير بهامش المغني 3:496.
4- 4) البقرة(2):203. [6]

و ما رواه الشيخ عن محمّد بن المستنير (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من أتى النساء في إحرامه،لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل» (2).

و عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (3)«الصيد يعني في إحرامه،فإن أصابه،لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في قول اللّه عزّ و جلّ: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى قال:«يتّقي الصيد حتّى ينفر أهل منى في النفر الأخير» (5).

و روى ابن بابويه عن سلام بن المستنير (6)،عن أبي جعفر عليه السلام،أنّه قال:

«لمن اتّقى الرفث و الفسوق و الجدال و ما حرّم اللّه عليه في إحرامه» (7).

و في رواية عليّ بن عطيّة عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لمن اتّقى

ص:411


1- 1محمّد بن المستنير بن أحمد النحويّ اللغويّ مولى سلام بن زياد المعروف ب«قطرب»قال الطباطبائيّ في فوائده:أخذ الأدب عن سيبويه و هو الذي لقّبه قطرب لبكوره في التعليم.مات سنة 206 ه. تنقيح المقال 3:183، [1]الفوائد الرجاليّة 3:324. [2]
2- 2) التهذيب 5:273 الحديث 932،الوسائل 10:225 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [3]
3- 3) البقرة(2):203. [4]
4- 4) التهذيب 5:273 الحديث 933،الوسائل 10:225 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [5]
5- 5) الفقيه 2:288 الحديث 1415،الوسائل 10:226 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 6. [6]
6- 6) سلام بن المستنير الجعفيّ الكوفيّ،عدّه الشيخ تارة من أصحاب السجّاد عليه السلام بالعنوان المذكور و أخرى من أصحاب الباقر عليه السلام بعنوان:سلام بن المستنير و ثالثة من أصحاب الصادق عليه السلام بعنوان:سلام بن المستنير الجعفيّ مولاهم الكوفيّ،و قد عدّه الشيخ المفيد في الاختصاص من أصحاب الباقر عليه السلام،روى عن أبي جعفر عليه السلام،و روى عنه أبو جعفر الأحول. الاختصاص:8،رجال الطوسيّ:93،125،210،تنقيح المقال 2:43، [7]معجم رجال الحديث 8:175. [8]
7- 7) الفقيه 2:288 الحديث 1416،الوسائل 10:226 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 7 و [9]فيه: عن محمّد بن المستنير.

اللّه عزّ و جلّ» (1).و المشهور الأوّل.

مسألة:و النفر في اليوم الأوّل إنّما يكون بعد الزوال،فلا ينفر قبله

،إلاّ لضرورة أو حاجة تدعوه،فيجوز له أن ينفر من الزوال،روى ذلك الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس،و إن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق، و هو يوم النفر الأخير،فلا عليك أيّ ساعة نفرت و رميت قبل الزوال أو بعده» (2).

و عن أبي أيّوب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نريد أن نتعجّل (3)السير؟-و كانت ليلة النفر حين سألته-فأيّ ساعة تنفر؟فقال لي:«أمّا اليوم الثاني فلا تنفر حتّى تزول الشمس،و أمّا اليوم الثالث فإذا ابيضّت الشمس فانفر على كتاب اللّه»الحديث (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن الحلبيّ أنّه سئل عن الرجل ينفر في النفر الأوّل قبل أن تزول الشمس،فقال:«لا،و لكن يخرج ثقله و لا يخرج حتّى تزول الشمس» (5).

و في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل زوال الشمس» (6).فقال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على حال

ص:412


1- 1الفقيه 2:288 الحديث 1417،الوسائل 10:226 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 5:271 الحديث 926،الاستبصار 2:300 الحديث 1073،الوسائل 10:221 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [2]
3- 3) في النسخ:أ ما تريد أن تتعجّل،مكان:إنّا نريد أن نتعجّل.
4- 4) التهذيب 5:271 الحديث 927،الاستبصار 2:300 الحديث 1074،الوسائل 10:222 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [3]
5- 5) الفقيه 2:288 الحديث 1422،الوسائل 10:223 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 6. [4]
6- 6) التهذيب 5:272 الحديث 928،الاستبصار 2:301 الحديث 1075،الوسائل 10:223 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 11. [5]

الاضطرار،فأمّا مع الاختيار فلا يجوز ذلك حسب ما قدّمناه (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ النفر الأخير يجوز أن ينفر الإنسان قبل الزوال فيه بلا خلاف، و الأحاديث السالفة تدلّ عليه (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز لمن اتّقى أن ينفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق

و هو النفر الأوّل (3)،بشرط أن لا تغرب الشمس و هو بمنى،فإن غربت الشمس يوم النفر الأوّل و هو بمنى،وجب عليه المبيت بها و النفر في الأخير.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن عمر،و جابر بن زيد،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و أبان بن عثمان (4)،و مالك (5)،و الشافعيّ (6)،و الثوريّ،و إسحاق (7)،و أحمد (8)،و ابن المنذر (9).

و قال أبو حنيفة:له أن ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث (10).

ص:413


1- 1التهذيب 5:272،الاستبصار 2:301.
2- 2) يراجع:ص 411-412.
3- 3) يراجع:ص 408. [1]
4- 4) المغني 3:487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:497،المجموع 8:284.
5- 5) بلغة السالك 1:281،المغني 3:487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:497،المجموع 8:283، الميزان الكبرى 2:53.
6- 6) حلية العلماء 3:351،المهذّب للشيرازيّ 1:231،المجموع 8:283، [2]مغني المحتاج 1:506، السراج الوهّاج:165،الميزان الكبرى 2:53،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:162،المغني 3: 487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:497.
7- 7) المغني 3:487، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:497. [4]
8- 8) المغني 3:487، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:497، [6]الكافي لابن قدامة 1:615،الإنصاف 4:49، [7]زاد المستقنع:34،المجموع 8:283 و 284. [8]
9- 9) المغني 3:487، [9]الشرح الكبير بهامش المغني 3:497. [10]
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:409،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1: 149، [11]شرح فتح القدير 2:392-393،مجمع الأنهر 1:282.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (1).و اليوم اسم للنهار، فمن أدركه الليل لم يتعجّل في يومين.

و ما رواه الجمهور عن عمر أنّه قال:من أدرك المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتّى تنفر الناس (2).

قال ابن المنذر:ثبت أنّ عمر قال ذلك (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من تعجّل في يومين فلا ينفر حتّى تزول الشمس،فإن أدركه المساء،بات و لم ينفر» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا نفرت في النفر الأوّل فإن شئت أن تقيم بمكّة تبيت بها،فلا بأس بذلك»قال:و قال:

«إذا جاء الليل بعد النفر الأوّل فبتّ بمنى،فليس لك أن تخرج منها حتّى تصبح» (5).

و في الموثّق عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينفر في النفر الأوّل،قال:«له أن ينفر ما بينه و بين أن تصفرّ الشمس،فإن هو لم ينفر حتّى يكون عند غروبها،فلا ينفر و ليبت بمنى حتّى إذا أصبح و طلعت الشمس فلينفر متى شاء» (6).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لم يدخل وقت رمي اليوم الآخر،فجاز له النفر،كما قبل

ص:414


1- 1البقرة(2):203. [1]
2- 2) المغني 3:487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:498،المجموع 8:284،فتح العزيز بهامش المجموع 7:396.
3- 3) المغني 3:487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:498،المجموع 8:283.
4- 4) التهذيب 5:272 الحديث 929،الوسائل 10:224 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:272 الحديث 930،الوسائل 10:224 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [3]
6- 6) الفقيه 2:288 الحديث 1421،التهذيب 5:272 الحديث 931،الوسائل 10:224 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [4]

الغروب (1).

و الجواب:أنّ المقيس عليه غير مشبه للمقيس؛لأنّ المعتبر (2)في المقيس عليه أنّه يتعجّل في اليومين،و هاهنا يتعجّل بعد خروج اليومين،فافترقا.

فروع:
الأوّل:لو دخل عليه وقت العصر،جاز له أن ينفر في الأوّل.

و حكي عن الحسن البصريّ المنع منه (3)،و ليس بصحيح؛لأنّه إذا نفر بعد العصر قبل الغروب فقد تعجّل في اليومين فكان سائغا.

الثاني:إذا رحل من منى فغربت الشمس و هو راحل قبل انفصاله منها،لم

يلزمه المقام على إشكال

؛لأنّ عليه في الحطّ و الرحال مشقّة.و لو كان مشغولا بالتأهّب فغربت الشمس،فالوجه لزوم المقام؛لأنّ الشمس غربت و لم يرحل.

الثالث:لو رحل منها قبل الغروب ثمّ رجع إليها،ليمرّ إلى موضع،أو يزور

إنسانا،أو يأخذ متاعا له نسيه بها،لم يلزمه المقام بها

؛لأنّه قد ترخّص بالتعجيل، فلم يلزمه بعد ذلك المقام.

فلو أقام هذا و بات بمنى هل يلزمه الرمي من الغد أم لا؟الوجه عدم اللزوم؛ لأنّه لم يلزمه البيتوتة،و لو قيل باللزوم لدخول وقت الرمي،كان وجها.

الرابع:من نفر في الأوّل،فليس له أن ينفر إلاّ بعد الزوال

على ما قلناه (4).

ثمّ هو مخيّر من الزوال إلى الغروب أيّ وقت شاء رحل،فإذا غربت الشمس،

ص:415


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:149،مجمع الأنهر 1:282،المبسوط للسرخسيّ 4:68،شرح فتح القدير 2: 393،المغني 3:487،الشرح الكبير بهامش المغني 3:497.
2- 2) ع و ر:المعنى،مكان:المعتبر.
3- 3) المجموع 8:284،تفسير القرطبيّ 3:13،حلية العلماء 3:351.
4- 4) يراجع:ص 412. [1]

وجب المبيت على ما قلناه (1).

و يجوز له أن يرحل متاعه قبل الزوال،ثمّ يرحل بعده؛لأنّ المتاع لا اعتداد به.

و لرواية الحلبيّ المتقدّمة (2).و لو نفر في النفر الثاني،جاز له أن ينفر متى شاء قبل الزوال و بعده و لكن بعد الرمي.

الخامس:يجوز لمن نفر في الأوّل أن يأتي مكّة و يقيم بها

؛لأنّ الترخّص غير مخصوص بقوم دون آخرين على ما تقدّم (3).و لرواية معاوية بن عمّار-الصحيحة- عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا نفرت في النفر الأوّل،فإن شئت أن تقيم بمكّة و تبيت بها فلا بأس» (4).

و في الصحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل ثمّ يقيم بمكّة» (5).

السادس:ينبغي للإمام أن ينفر قبل الزوال في النفر الأخير يصلّي الظهر بمكّة

ليعلم الناس كيفيّة الوداع

،رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«يصلّي الإمام الظهر يوم النفر بمكّة» (6).

و عن أيّوب بن نوح،قال:كتبت إليه أنّ أصحابنا قد اختلفوا علينا،فقال بعضهم:إنّ النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل،و قال بعضهم:قبل الزوال،فكتب:

«أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر و العصر بمكّة فلا يكون

ص:416


1- 1يراجع:ص 413. [1]
2- 2) يراجع:ص 412. [2]
3- 3) يراجع:ص 409.
4- 4) الكافي 4:521 الحديث 7، [3]التهذيب 5:272 الحديث 930،الوسائل 10:224 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [4]
5- 5) الكافي 4:521 الحديث 6، [5]الفقيه 2:289 الحديث 1425،التهذيب 5:274 الحديث 938،الوسائل 10:221 الباب 9 [6] من أبواب العود إلى منى الحديث 1 و ص 224 الباب 10 الحديث 3.
6- 6) التهذيب 5:273 الحديث 934،الوسائل 10:227 الباب 12 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [7]

ذلك إلاّ و قد نفر قبل الزوال» (1).

السابع:لا بأس أن يقيم الإنسان بمنى بعد النفر

؛لأنّه فرغ من أداء المناسك، رواه الشيخ عن الحسين بن[عليّ] (2)السريّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ما ترى في المقام بمنى بعد ما ينفر الناس؟قال:«إذا كان قد قضى نسكه فليقم ما شاء فليذهب حيث شاء» (3).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز له بعد قضاء المناسك أن لا يأتي إلى مكّة؛لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي يقول:

لو أنّ لي طريقا إلى منزلي من منى،ما دخلت مكّة» (4).

إذا ثبت هذا:فالمستحبّ له أن يعود إلى مكة لطواف الوداع و سيأتي.

الثامن:قد بيّنّا أنّه يجوز له أن ينفر في النفر الأوّل،فحينئذ يسقط عنه رمي

الجمار

يوم الثالث من أيّام التشريق بلا خلاف (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ له أن يدفن الحصى المختصّ بذلك اليوم بمنى.

و أنكره الشافعيّ و قال:لا نعرف فيه أثرا،بل ينبغي أن يطرح أو يدفع إلى من لم يتعجّل (6).

مسألة:و يستحبّ للحاجّ أن يصلّي في مسجد الخيف بمنى،و كان رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد

،و فوقها إلى القبلة

ص:417


1- 1التهذيب 5:273 الحديث 935،الوسائل 10:227 الباب 12 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [1]
2- 2) في النسخ:الحسن بن السريّ،و الصحيح ما أثبتناه.قال السيّد الخوئيّ:كذا في الطبعة القديمة من التهذيب و لكن في الكافي 4:541 الحديث 6: [2]الحسن بن السريّ بدل الحسين بن عليّ السريّ و هو الصحيح،و الحسن بن السريّ ترجم له في الجزء الرابع ص 389.معجم رجال الحديث 6:57. [3]
3- 3) التهذيب 5:273 الحديث 936،الوسائل 10:228 الباب 13 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:274 الحديث 937،الوسائل 10:228 الباب 14 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [5]
5- 5) يراجع:ص 408.
6- 6) المجموع 8:249،فتح العزيز بهامش المجموع 7:396،مغني المحتاج 1:506.

نحوا من ثلاثين ذراعا،و عن يمينها و يسارها مثل ذلك،فمن استطاع أن يكون مصلاّه فيه فليفعل.

و يستحبّ له أن يصلّي ستّ ركعات،رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«صلّ في مسجد الخيف و هو مسجد منى،و كان مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا،و عن يمين و يسار (1)و خلفها نحوا من ذلك،إن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل؛فإنّه صلّى فيه ألف نبيّ» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال (3):«صلّ ستّ ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة» (4).

و الخيف:سفح الجبل؛لأنّ سفح كلّ جبل يسمّى خيفا،فلمّا كان هذا المسجد في سفح الجبل،سمّي مسجد الخيف.

مسألة:و يستحبّ لمن نفر أن يأتي المحصّب و ينزل به

،و يصلّي في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يستريح فيه قليلا،و يستلقي على قفاه،و ليس للمسجد أثر اليوم،و إنّما المستحبّ اليوم التحصيب و هو النزول بالمحصّب و الاستراحة فيه قليلا،اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.و لا خلاف في أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نزل به.

روى الجمهور عن نافع،عن ابن عمر،قال:كان يصلّي به الظهر و العصر، و المغرب و العشاء،و يهجع هجعة،و يذكر ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (5).

ص:418


1- 1في الكافي و [1]الفقيه و الوسائل:و [2]عن يمينها و عن يسارها.
2- 2) التهذيب 5:274 الحديث 939،الوسائل 3:534 الباب 50 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1. [3]
3- 3) أكثر النسخ:بل،مكان:قال.
4- 4) التهذيب 5:274 الحديث 940،الوسائل 3:535 الباب 51 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2. [4]
5- 5) صحيح البخاريّ 2:222،سنن أبي داود 2:210 الحديث 2012،سنن البيهقيّ 5:160.

و روى سليمان بن يسار،قال:قال أبو رافع:لم يأمرني[رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله] (1)أن أنزله،و لكن ضربت قبّة فنزله،يعني بالأبطح (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:فإذا نفرت و انتهيت إلى الحصبة و هي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا؛فإنّ أبا عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي ينزلها ثمّ يرتحل فيدخل مكّة من غير أن ينام فيها»و قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما نزلها حيث أرسل عائشة مع أخيها عبد الرحمن (3)إلى التنعيم،فاعتمرت لمكان العلّة التي أصابتها،فطافت بالبيت ثمّ سعت ثمّ رجعت فارتحل من يومه» (4).

إذا عرفت هذا:فالتحصيب إنّما يستحبّ لمن نفر في النفر الثاني،أمّا من نفر في النفر الأوّل فلا.

روى ابن بابويه عن أبي مريم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن الحصبة،فقال:«كان أبي عليه السلام ينزل الأبطح[قليلا] (5)ثمّ يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح»فقلت له:أ رأيت من تعجّل في يومين عليه أن يحصّب؟قال:

ص:419


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) صحيح مسلم 2:952 الحديث 1314،سنن أبي داود 2:209 الحديث 2009، [1]سنن البيهقيّ 5:161، عمدة القارئ 10:101.
3- 3) عبد الرحمن بن أبي بكر القرشيّ التيميّ،كنيته أبو عبد اللّه و يقال:أبو محمّد،كان اسمه عبد الكعبة فغيّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اسمه و سمّاه عبد الرحمن،أسلم في هدنة الحديبيّة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبيه،و روى عنه أبو عثمان النهديّ و عمرو بن أوس.مات سنة 58 و قيل:53 ه. أسد الغابة 3:304، [2]الإصابة 2:407، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 2:399، [5]رجال صحيح مسلم 1: 401.
4- 4) التهذيب 5:271 الحديث 926 و ص 275 الحديث 941،الوسائل 10:229 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 1 و 2. [6]
5- 5) أضفناها من المصدر.

«لا» (1).

و قال:«كان أبي عليه السلام ينزل الحصبة قليلا،ثمّ يرتحل و هو دون خبط و حرمان (2)» (3).

إذا ثبت هذا:فقد اختلف العلماء في أنّه هل هو نسك أم لا؟

و التحقيق:الخلاف لفظيّ؛لأنّهم إن عنوا بالنسك ما يثاب عليه،فهو كذلك؛ لاستحبابه؛لما تلوناه من الأخبار،و قد اتّفقوا عليه،و إن عنوا به ما يستحقّ العقاب بتركه،فلا خلاف في أنّه ليس كذلك؛إذ قد أجمع العلماء على أنّه ليس بواجب.

و قد روى ابن عبّاس،قال:ليس المحصّب سنّة إنّما هو منزل نزله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

و عن عائشة،قالت:إنّما نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المحصّب ليكون أسمح لخروجه،و ليس بسنّة،من شاء تركه،و من شاء لم يتركه (5).

و قد ذكرنا من طريق الخاصّة ما يدلّ على عدم وجوبه (6)،و لا خلاف فيه.

إذا ثبت هذا:فقد قيل:إنّ حدّ المحصّب من الأبطح ما بين الجبلين إلى المقبرة (7).و إنّما سمّي محصّبا؛لاجتماع الحصباء فيه،و هي الحصى؛لأنّه موضع

ص:420


1- 1الفقيه 2:289 الحديث 1428،الوسائل 10:229 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [1]
2- 2) خبط و حرمان:هما اسما موضعين.مجمع البحرين 4:244. [2]
3- 3) الفقيه 2:289 الحديث 1429،الوسائل 10:229 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [3]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:222،صحيح مسلم 2:952 الحديث 1312،سنن الدارميّ 2:54، [4]سنن الترمذيّ 3:263 الحديث 922، [5]سنن البيهقيّ 5:160.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:221،صحيح مسلم 2:951،سنن أبي داود 2:209 الحديث 2008، [6]سنن ابن ماجة 2:1019 الحديث 3067،سنن الترمذيّ 3:264 الحديث 923، [7]سنن البيهقيّ 5:161.
6- 6) يراجع:ص 419.
7- 7) المجموع 8:253،المغني 3:489،الشرح الكبير بهامش المغني 3:498،عمدة القارئ 10:99، مجمع الأنهر 1:282.

منهبط،فالسيل يحمل الحصباء إليه من الجمار.

و ليلة النفر الثاني و هي ليلة ثالث عشر تسمّى ليلة التحصيب،و اليوم العاشر يسمّى يوم النحر،و يوم الحادي عشر يسمّى يوم القرّ؛لأنّ الناس يقرّون فيه بمنى لا يبرحونه،و الثاني عشر يوم النفر الأوّل،و الثالث عشر يوم النفر الثاني و ليلته تسمّى ليلة التحصيب.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:ليلة الرابع تسمّى ليلة التحصيب (1).و مراده ليلة الرابع من يوم النحر.

قال الثوريّ:سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من أيّام النحر ما كانت العرب تسمّيه؟فقال:ليس عندي من ذلك علم،فلقيت ابن منادر (2)فأخبرته بذلك فعجب و قال:أسقط مثل هذا على أبي عبيدة؟و هي أربعة أيّام متواليات كلّها على الراء:

الأوّل:يوم النحر،و الثاني:يوم القرّ،و الثالث:يوم النفر،و الرابع:يوم الصدر، فحدّثت أبا عبيدة فكتبه عنّي عن ابن منادر (3).

ص:421


1- 1المبسوط 1:365. [1]
2- 2) ابن منادر،كذا ضبطه ابن حجر في لسان الميزان،و لكن ضبطه السيوطيّ في بغية الوعاة و الزركليّ في الأعلام:ابن مناذر،و هو:محمّد بن المناذر اليربوعيّ بالولاء أبو عبد اللّه و قيل:أبو جعفر،و قيل:أبو ذريح، شاعر كان من العلماء بالأدب و اللغة،و كان في أوّل أمره ناسكا ثمّ ترك و تزندق و له معرفة بالحديث، روى عن سفيان بن عيينة و الثوريّ،مات سنة 198 ه. بغية الوعاة:107،لسان الميزان 5:390،الأعلام للزركليّ 7:111. [2]
3- 3) نقل ذلك ابن إدريس في السرائر:145.
البحث الخامس
اشارة

في الرجوع إلى مكّة

مسألة:فإذا قضى الحاجّ مناسكه بمنى،استحبّ له العود إلى مكّة لطواف الوداع

على ما يأتي من استحبابه.

و يستحبّ له دخول الكعبة؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن خالد،عمّن حدّثه،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«كان[أبي] (1)يقول:الداخل الكعبة يدخل و اللّه راض [عنه] (2)و يخرج عطلا من الذنوب» (3).

و عن ابن القدّاح،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:سألته عن دخول الكعبة،قال:«الدخول فيها دخول في الرحمة و الخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقي من عمره،مغفور له ما سلف من ذنوبه» (4).و لأنّه بيت شريف معظّم،فيستحبّ فيه الدخول،كالمسجد.

ص:422


1- 1أضفناها من الكافي. [1]
2- 2) أضفناها من المصادر.
3- 3) الكافي 4:527 الحديث 1، [2]التهذيب 5:275 الحديث 943،الوسائل 9:370 الباب 34 من أبواب مقدّمات الطواف و ما يتبعها الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:275 الحديث 944،الوسائل 9:370 الباب 34 من أبواب مقدّمات الطواف و ما يتبعها الحديث 1. [4]
مسألة:و يستحبّ لمن أراد دخول الكعبة الاغتسال و الدعاء،و التحفّي

.روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها،و لا تدخلها بحذاء،و تقول إذا دخلت:اللهمّ إنّك قلت في كتابك: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)فآمنّي من عذابك عذاب النار،ثمّ تصلّي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة،و في الثانية عدد آياتها من القرآن،و صلّ في زواياه و تقول:اللهمّ من تهيّأ و تعبّأ و أعدّ و استعدّ لو فادة إلى مخلوق رجاء[رفده و] (2)جوائزه و نوافله و فواضله فإليك كانت يا سيّدي تهيئتي و تعبئتي و استعدادي رجاء رفدك و نوالك (3)و جائزتك،فلا تخيّب اليوم رجائي،يا من لا يخيّب سائله، و لا ينقص نائله،فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدّمته،و لا شفاعة مخلوق رجوته، و لكن أتيتك مقرّا بالذنوب و الإساءة على نفسي،فإنّه لا حجّة لي و لا عذر،فأسألك يا من هو كذلك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تعطيني مسألتي،و تقيلني عثرتي،و تقلبني برغبتي،و لا تردّني محروما و لا مجبوها و لا خائبا،يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم،أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم،لا إله إلاّ أنت،و لا تدخلنّ بحذاء،و لا تبزق فيها و لا تمتخط.و لم يدخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ يوم فتح مكّة» (4).

و عن ذريح،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام في الكعبة و هو ساجد و هو يقول:«لا يردّ غضبك إلاّ حلمك،و لا يجير من عقابك إلاّ رحمتك،و لا ينجي منك إلاّ التضرّع إليك،فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد،

ص:423


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) أضفناها من المصدر.
3- 3) د:«و نوافلك»كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 5:276 الحديث 945،الوسائل 9:372 الباب 36 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [2]

و بها تنشر ميت البلاد،و لا تهلكني يا إلهي غمّا حتّى تستجيب[لي] (1)دعائي و تعرّفني الإجابة،اللهمّ ارزقني العافية إلى منتهى أجلي،و لا تشمت بي عدوّي، و لا تمكّنه من عنقي،من ذا الذي يرفعني إن وضعتني،و من ذا الذي يضعني إن رفعتني،و إن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك،أو يسألك عن أمرك،فقد علمت يا إلهي أنّه ليس في حكمك ظلم،و لا في نقمتك عجلة،و إنّما يعجل من يخاف الفوت،و يحتاج إلى الظلم الضعيف،و قد تعاليت يا إلهي عن ذلك علوّا كبيرا، اللهمّ لا تجعلني للبلاء غرضا،و لا لنقمتك نصبا،و مهّلني و نفسي و أقلني عثرتي، و لا تردّ يدي إلى نحري،و لا تتبعني بلاء على إثر بلاء،فقد ترى ضعفي و تضرّعي إليك،و وحشتي من النار و أنسي بك،أعوذ بك اليوم فأعذني،و أستجير بك فأجرني،و أستعين بك على الضرّاء فأعنّي،و أستنصرك فانصرني،و أتوكّل عليك فاكفني،و أو من بك فآمنّي،و أستهديك فاهدني،و أسترحمك فارحمني،و أستغفرك ممّا تعلم فاغفر لي،و أسترزقك من فضلك الواسع فارزقني،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» (2).

مسألة:و يتأكّد استحباب دخولها للصرورة،فلا ينبغي له أن يتركه

.

روى الشيخ عن سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بدّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع،فإذا دخلته فادخله بسكينة و وقار،ثمّ ائت كلّ زاوية من زواياه،ثمّ قل:اللهمّ إنّك قلت: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (3)فآمنّي من عذابك يوم القيامة،و صلّ بين العمودين اللذين يليان الباب على الرخامة الحمراء، و إن كثر الناس فاستقبل كلّ زاوية في مقامك حيث صلّيت،و ادع اللّه عزّ و جلّ

ص:424


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:276 الحديث 946،الوسائل 9:375 الباب 37 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) آل عمران(3):97. [2]

و سله» (1).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دخول البيت،فقال:«أمّا الصرورة فيدخله،و أمّا من قد حجّ فلا» (2).

مسألة:و يستحبّ لمن دخلها الدعاء بما ذكرنا،و أن يصلّي بين الأسطوانتين

على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى منهما:حم السجدة،و في الثانية عدد آيها،ثمّ يصلّي في زوايا البيت كلّها،ثمّ يقوم فيستقبل الحائط بين الركن اليمانيّ و الغربيّ يرفع يديه عليه و يلتصق به و يدعو،ثمّ يتحوّل إلى الركن اليمانيّ فيفعل به مثل ذلك،ثمّ يفعل ذلك بباقي الأركان،ثمّ ليخرج.

روى الشيخ عن إسماعيل بن همّام،قال:قال أبو الحسن عليه السلام:«دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الكعبة فصلّى في زواياها الأربع في كلّ زاوية ركعتين» (3).

و عن يونس،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا دخلت الكعبة كيف أصنع؟قال:«خذ بحلقتي الباب إذا دخلت ثمّ امض حتّى تأتي العمودين فصلّ على الرخامة الحمراء،ثمّ إذا خرجت من البيت فنزلت من الدرجة فصلّ عن يمينك ركعتين» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلّى فيها ركعتين على الرخامة الحمراء،ثمّ قام فاستقبل الحائط بين الركن اليمانيّ و الغربيّ فرفع يديه عليه و لصق به و دعا،ثمّ تحوّل إلى الركن اليمانيّ فلصق به و دعا،ثمّ أتى (5)الركن الغربيّ ثمّ خرج (6).

ص:425


1- 1التهذيب 5:277 الحديث 947،الوسائل 9:374 الباب 36 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:277 الحديث 948،الوسائل 9:371 الباب 35 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:278 الحديث 949،الوسائل 9:373 الباب 36 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:278 الحديث 950،الوسائل 9:378 الباب 40 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [4]
5- 5) أكثر النسخ:ثمّ إلى،مكان:ثمّ أتى.
6- 6) التهذيب 5:278 الحديث 951،الوسائل 9:374 الباب 36 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4. [5]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار في دعاء الولد،قال:«أفض دلوا من ماء زمزم ثمّ ادخل البيت،فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثمّ قل:اللهمّ إنّ البيت بيتك و العبد عبدك،و قد قلت: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)فآمنّي من عذابك و أجرني من سخطك،ثمّ ادخل البيت و صلّ على الرخامة الحمراء ركعتين،ثمّ ائت الأسطوانة التي بحذاء الحجر فألزق (2)بها صدرك،ثمّ قل:يا واحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين،هب لي من لدنك ذرّيّة طيّبة إنّك سميع الدعاء،ثمّ در بالأسطوانة فألزق (3)بها ظهرك [و] (4)بطنك و تدعو بهذا الدعاء فإن يرد اللّه شيئا كان» (5).

مسألة:و تكره الفريضة جوف الكعبة و قد بيّنّاه فيما سلف

(6).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تصلّ المكتوبة في الكعبة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يدخل الكعبة في حجّ و لا عمرة،و لكنّه دخلها في الفتح فتح مكّة و صلّى ركعتين بين العمودين و معه أسامة بن زيد» (7).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة» (8).

ص:426


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) في المصادر:«فألصق».
3- 3) بعض النسخ و المصادر:فألصق.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:278 الحديث 952،الوسائل 9:374 الباب 36 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 5. [2]
6- 6) يراجع:الجزء الرابع ص 164.
7- 7) التهذيب 2:382 الحديث 1596 و ج 5:279 الحديث 953،الاستبصار 1:298 الحديث 1101، الوسائل 3:246 الباب 17 من أبواب القبلة الحديث 3. [3]
8- 8) التهذيب 5:279 الحديث 954،الاستبصار 1:298 الحديث 1102،الوسائل 3:246 الباب 17 من أبواب القبلة الحديث 4. [4]

إذا عرفت هذا:فقد قال الشيخ:لا تجوز الفريضة جوف الكعبة.و استدلّ بهذين الحديثين (1).

و نحن نقول:إن أراد الشيخ التحريم،فهو ممنوع؛لقوله عليه السلام:«جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا أينما أدركتني الصلاة صلّيت» (2).و هو عامّ.

و لما رواه الشيخ-في الموثّق-عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:حضرت الصلاة المكتوبة،و أنا في الكعبة أ فأصلّي فيها؟قال:

«صلّ» (3).

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-بهذا الحديث على الجواز حالة الضرورة و خوف فوت الوقت (4).و ما ذكرناه أولى.

مسألة:و يستحبّ الدعاء عند الخروج من الكعبة

؛لأنّها مسجد فاستحبّ الدعاء في حالتي الدخول و الخروج.

و روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن مسكان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو خارج من الكعبة و هو يقول:«اللّه أكبر اللّه أكبر»قالها ثلاثا،ثمّ قال:«اللهمّ لا تجهد بلائي و لا تشمت بنا أعداءنا،فإنّك أنت الضارّ النافع»ثمّ هبط

ص:427


1- 1الخلاف 1:159 مسألة-186،التهذيب 5:279.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:91 و 119،صحيح مسلم 1:370-371 الحديث 521-523،سنن الدارميّ 1: 322، [1]سنن أبي داود 1:132 الحديث 489،سنن ابن ماجة 1:187 الحديث 567،سنن الترمذيّ 2: 131 ذيل الحديث 317، [2]سنن النسائيّ 1:209،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:144،كنز العمّال 11:407 الحديث 31901. و من طريق الخاصّة ينظر:عوالي اللآلئ 2:208 الحديث 130، [3]الفقيه 1:155 الحديث 724،الوسائل 2:970 الباب 7 [4] من أبواب التيمّم الحديث 4 و ج 3:422 الباب 1 من أبواب مكان المصلّي الحديث 2.
3- 3) التهذيب 5:279 الحديث 955،الاستبصار 1:298 الحديث 1103،الوسائل 3:246 الباب 17 من أبواب القبلة الحديث 6. [5]
4- 4) التهذيب 5:279.

فصلّى إلى جانب الدرجة عن يساره مستقبل الكعبة ليس بينه و بينها أحد،ثمّ خرج إلى منزله (1).

ص:428


1- 1التهذيب 5:279 الحديث 956،الوسائل 9:377 الباب 40 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]فيه:عن عبد اللّه بن سنان.
البحث السادس
اشارة

في الوداع

مسألة:و يستحبّ لمن قضى المناسك الرجوع إلى مكّة

؛لما قلناه (1)،و وداع البيت،و لا نعلم فيه خلافا.روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا ينفرنّ أحد حتّى يكون آخر عهده بالبيت» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك فودّع البيت» (3).

إذا ثبت هذا:فاعلم أنّ من أتى مكّة فلا يخلو إمّا أن يريد الإقامة بها، أو الخروج منها،فإن أراد الخروج منها،استحبّ له الوداع إجماعا،و إن نوى الإقامة،فلا وداع عليه،قاله الجمهور؛لأنّ الوداع من المفارق لا من الملازم.ثمّ

ص:429


1- 1يراجع:ص 422. [1]
2- 2) مسند أحمد 1:222، [2]صحيح مسلم 2:963 الحديث 1327،سنن الدارميّ 2:72، [3]سنن أبي داود 2: 208 الحديث 2002، [4]سنن ابن ماجة 2:1020 الحديث 3070،سنن البيهقيّ 5:161،كنز العمّال 5: 59 الحديث 12041،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:36 الحديث 10986.
3- 3) التهذيب 5:280 الحديث 957،الوسائل 10:231 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [5]

اختلفوا فقال الشافعيّ:لا وداع عليه،سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده (1)،و به قال أحمد (2).

و قال أبو حنيفة:إن نوى الإقامة بعد أن حلّ له النفر،لم يسقط عنه طواف الوداع (3).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّه غير مفارق،فلا وداع عليه،كما لو نوى الإقامة قبل حلّ النفر،و إنّما قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا ينفرنّ أحدكم حتّى يكون آخر عهده بالبيت» (4)و هذا ليس بنافر (5).

و في حديث معاوية بن عمّار-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله:

«إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك فودّع البيت» (6)دلالة على استحباب الوداع للخارج من مكّة،و عدمه عن غيره،بدليل مفهوم الشرط.

مسألة:و يستحبّ لمن أراد الوداع أن يودّعه بطواف سبعة أشواط،و لا خلاف

فيه

.لكن اختلف الناس في وجوب طواف الوداع،فالذي عليه علماؤنا أجمع،أنّه مستحبّ ليس بواجب،و لا يجب بتركه الدم،و به قال الشافعيّ في الإملاء.

ص:430


1- 1المجموع 8:254،المهذّب للشيرازيّ 1:232،فتح العزيز بهامش المجموع 7:412،الميزان الكبرى 2:54،مغني المحتاج 1:509-510،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:162،حلية العلماء 3: 352،المغني 3:489،الشرح الكبير بهامش المغني 3:500.
2- 2) الإنصاف 4:49،الكافي لابن قدامة 1:615،المغني 3:489،الشرح الكبير بهامش المغني 3:500، زاد المستقنع:34.
3- 3) تحفة الفقهاء 1:411،الهداية للمرغينانيّ 1:151،شرح فتح القدير 2:437،المبسوط للسرخسيّ 4: 35،مجمع الأنهر 1:282-283،بدائع الصنائع 2:142.
4- 4) مسند أحمد 1:222، [1]صحيح مسلم 2:963 الحديث 1327،سنن الدارميّ 2:72، [2]سنن أبي داود 2: 208 الحديث 2002، [3]سنن ابن ماجة 2:1020 الحديث 3070،سنن البيهقيّ 5:161،كنز العمّال 5: 59 الحديث 12041،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:36 الحديث 10986.
5- 5) المغني 3:489،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:500.
6- 6) التهذيب 5:280 الحديث 957،الوسائل 10:231 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [5]

و قال في القديم و الأمّ:إنّه نسك واجب،يجب بتركه الدم (1).و به قال الحسن، و الحكم و حمّاد،و الثوريّ،و إسحاق،و أحمد،و أبو ثور (2).

لنا:الأصل و هو البراءة،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل.و لأنّ المعذور لا يجب عليه بتركه شيء،فلا يكون واجبا.

و لأنّه كتحيّة البيت،فأشبه طواف القدوم و هو عندهم مستحبّ.و لأنّه يسقط عن الحائض،فلا يكون واجبا.

و لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن عليّ،عن أحدهما عليهما السلام في رجل لم يودّع البيت،قال:«لا بأس به إن كانت به علّة أو كان ناسيا» (3).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمّن نسي زيارة البيت حتّى رجع إلى أهله،فقال:«لا يضرّه إذا كان قد قضى مناسكه» (4).

احتجّوا (5):بما روى ابن عبّاس،قال:أمر الناس أن يكون آخر عهدهم البيت، إلاّ أنّه خفّف عن المرأة الحائض (6).

و الجواب:أنّه محمول على الاستحباب؛جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين أهل العلم كافّة في أنّ طواف الوداع ليس بركن في الحجّ

ص:431


1- 1الأمّ 2:215-216،المجموع 8:254،فتح العزيز بهامش المجموع 7:413،مغني المحتاج 1:510، السراج الوهّاج:166،المهذّب للشيرازيّ 1:232.
2- 2) المغني 3:490،الشرح الكبير بهامش المغني 3:501،عمدة القارئ 10:95.
3- 3) التهذيب 5:282 الحديث 960،الوسائل 10:234 الباب 19 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:282 الحديث 961،الوسائل 10:234 الباب 19 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [2]
5- 5) المغني 3:490،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:501،مغني المحتاج 1:510،عمدة القارئ 10: 94-95.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:220،صحيح مسلم 2:963 الحديث 1328،سنن البيهقيّ 5:161.

و إن اختلفوا في وجوبه،و لهذا سقط عن الحائض،بخلاف طواف الزيارة.

و سمّي طواف الوداع؛لأنّه لتوديع البيت،و طواف الصدر؛لأنّه عند صدور الناس من مكّة.

و وقته بعد فراغ المرء من جميع أموره؛ليكون البيت آخر عهده،كما جرت العادة في توديع المسافر أهله؛و لهذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حتّى يكون آخر عهده البيت» (1).

الثاني:إذا ودّع البيت بالطواف و صلاته،فإن انصرف و خرج من غير لبث،فقد

حصل الوداع

،و إن أقام بعد ذلك على زيارة صديق أو شراء متاع أو غير ذلك،قال الشافعيّ:يعود للوداع و لا يجزئه الأوّل،و إن قضى حاجة في طريقه من أخذ الزاد و ما أشبه ذلك،لم يؤثّر في وداعه (2)،و به قال أحمد (3)،و عطاء،و مالك (4)، و الثوريّ،و أبو ثور (5).

و قال أبو حنيفة:لا يعيد الوداع و لو أقام شهرا أو شهرين و أكثر؛لأنّه طاف للصدر بعد ما حلّ له النفر،فوجب أن يجزئه،كما لو نفر عقيبه (6).

و احتجّ الشافعيّ:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا ينفرنّ أحدكم حتّى يكون

ص:432


1- 1مسند أحمد 1:222،صحيح مسلم 2:963 الحديث 1327،سنن الدارميّ 2:72،سنن أبي داود 2: 208 الحديث 2002،سنن ابن ماجة 2:1020 الحديث 3070،سنن البيهقيّ 5:161.
2- 2) المجموع 8:255،فتح العزيز بهامش المجموع 7:412-413،المهذّب للشيرازيّ 1:232،مغني المحتاج 1:510،السراج الوهّاج 1:166.
3- 3) المغني 3:491،الشرح الكبير بهامش المغني 3:502،الإنصاف 4:50،زاد المستقنع:34،الكافي لابن قدامة 1:616.
4- 4) بلغة السالك 1:283،عمدة القارئ 10:95،المغني 3:491،الشرح الكبير بهامش المغني 3:502.
5- 5) المغني 3:491،الشرح الكبير بهامش المغني 3:502،عمدة القارئ 10:95.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:29،مجمع الأنهر 1:282،بدائع الصنائع 2:143.

آخر عهده بالبيت» (1).

و لأنّه إذا أقام،خرج من أن يكون ما فعله وداعا في العادة،و لا يكون أيضا للصدر،فلا يجزئه (2).

و هذا الفرع عندنا ساقط؛لأنّه مستحبّ لو أخلّ به من رأس،لم يكن عليه شيء.

الثالث:لو كان منزله في الحرم،قال أبو ثور:عليه الوداع

(3)،و هو قياس قول مالك (4)،و الظاهر عندنا.

و قال أصحاب الرأي:لا وداع عليهم (5)،و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّهم ينفرون و يخرجون من مكّة،فاستحبّ لهم الوداع؛عملا بعموم النهي عن النفر قبل الوداع (7).

احتج أبو حنيفة:بأنّ حكمهم حكم أهل مكّة؛و لهذا سقط دم المتعة عنهم، فسقط التوديع في حقّهم (8).

و الجواب:المنع من المساواة.

ص:433


1- 1مسند أحمد 1:222، [1]صحيح مسلم 2:963 الحديث 1327،سنن أبي داود 2:208 الحديث 2002، [2]سنن الدارميّ 2:72، [3]سنن ابن ماجة 2:1020 الحديث 3070،سنن البيهقيّ 5:161،كنز العمّال 5:59 الحديث 12041،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:36 الحديث 10986.
2- 2) المجموع 7:412 و ج 8 ص 255،المهذّب للشيرازيّ 1:232،مغني المحتاج 1:510.
3- 3) المغني 3:491.
4- 4) بلغة السالك 1:283،المغني 3:491،عمدة القارئ 10:95،المغني 3:491.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:35،الهداية للمرغينانيّ 1:160،تحفة الفقهاء 1:410،بدائع الصنائع 2: 142،شرح فتح القدير 2:437،مجمع الأنهر 1:282-283.
6- 6) المغني 3:490،الشرح الكبير بهامش المغني 3:500 و 502.
7- 7) سنن أبي داود 2:208 الحديث 2002،الوسائل 10:231 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.
8- 8) بدائع الصنائع 2:142.
الرابع:لو أخّر طواف الزيارة حتّى يخرج،فالوجه:أنّه لا يسقط استحباب

طواف الوداع

؛لأنّهما عبادتان،و الأصل عدم تداخلهما.و قيل:يسقط؛لأنّه عليه السلام أمر أن يكون آخر عهده بالبيت (1)،و قد فعل (2).

الخامس:قد بيّنّا أنّ طواف الوداع مستحبّ و لا يجب بتركه الدم

(3).

و الموجبون له،اختلفوا في وجوب الدم،و الظاهر عندهم أنّ القريب يرجع و يطوف للوداع،و البعيد يبعث بالدم.

و حدّ القرب عندهم ما نقص عن مسافة التقصير،فلو رجع البعيد و طاف للوداع قال قوم:لا يسقط الدم؛لاستقراره ببلوغ مسافة التقصير.و قيل:يسقط؛[لأنّه واجب] (4)أتي به،فلا يجب[عليه بدله] 5. (5)

و لو رجع القريب فطاف،فلا دم عليه،سواء كان ممّن له عذر يسقط عنه الرجوع،أو لا؛لعدم استقرار الدم عليه؛لأنّه كالحاضر.و لو لم يرجع القريب،لم يجب أكثر من الدم عندهم،سواء تركه عمدا أو سهوا،لعذر أو غيره،و عندنا أنّ ذلك كلّه باطل؛لأنّه مستحبّ عندنا.

السادس:لو خرج من مكّة و لم يودّع،يكون قد ترك الأفضل عندنا

،فلو رجع لطواف الوداع،كان له ذلك إجماعا،أمّا عندنا؛فلأنّه مستحبّ،و أمّا عندهم؛فلأنّه واجب.

ص:434


1- 1مسند أحمد 1:222،صحيح مسلم 2:963 الحديث 1327،سنن الدارميّ 2:72،سنن أبي داود 2: 208 الحديث 2002،سنن ابن ماجة 2:1020 الحديث 3070،سنن البيهقيّ 5:161،كنز العمّال 5: 59 الحديث 12041،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:36 الحديث 10986.
2- 2) المغني 3:490-491،الشرح الكبير بهامش المغني 3:503.
3- 3) يراجع:ص 430. [1]
4- (4-5) في النسخ المعتمدة بياض و ما أثبتناه من المصادر.
5- 6) المغني 3:492،الشرح الكبير بهامش المغني 3:504،المجموع 8:254-255،فتح العزيز بهامش المجموع 7:415،عمدة القارئ 10:95.

إذا ثبت هذا:فإن رجع و هو قريب لم يخرج من الحرم،فلا بحث،و إن رجع و قد بعد عن الحرم،لم يجز له أن يتجاوز الميقات إلاّ محرما؛لأنّه ليس من أهل الأعذار،فيجب عليه طواف العمرة لإحرامه و سعيه،و لا يجب عليه طواف الوداع عندنا،بل يستحبّ،خلافا لهم،و لو رجع من دون الميقات،أحرم من موضعه.

مسألة:و كيفيّة الوداع ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

أبي عبد اللّه عليه السلام

،قال:«إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك،فودّع البيت و طف أسبوعا،و إن استطعت أن تستلم الحجر الأسود و الركن اليمانيّ في كلّ شوط فافعل،و إلاّ فافتح به و اختم به،و إن لم تستطع ذلك فموسّع عليك،ثمّ تأتي المستجار،فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكّة،ثمّ تخيّر لنفسك من الدعاء، ثمّ استلم الحجر الأسود،ثمّ ألصق بطنك بالبيت،و احمد اللّه و أثن عليه و صلّ على محمّد و آله،ثمّ قل:اللهمّ صلّ على محمّد عبدك و رسولك و أمينك و حبيبك، و نجيّك (1)و خيرتك من خلقك،اللهمّ كما بلّغ رسالاتك،و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك فأوذي فيك و في جنبك حتّى أتاه اليقين،اللهمّ اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية فيما (2)يسعني أن أطلب،أن تعطيني مثل الذي أعطيته أو أفضل من عندك تزيدني عليه،اللهمّ إن أمتّني فاغفر لي،و إن أحييتني فارزقنيه من قابل،اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك،اللهمّ إنّي عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك حملتني على دابّتك و سيّرتني في بلادك حتّى أدخلتني حرمك و أمنك،و قد كان في حسن ظنّي بك أن تغفر لي ذنوبي،فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي،فازدد عنّي رضا،و قرّبني إليك زلفى و لا تباعدني،و إن كنت لم تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك

ص:435


1- 1في المصادر:«و نجيبك»نعم،في بعض نسخ الكافي:«و [1]نجيّك».
2- 2) بعض النسخ:«ممّا»كما في المصادر.

داري،فهذا أوان انصرافي إن كنت أذنت لي غير راغب عنك و لا عن بيتك، و لا مستبدل بك و لا به،اللهمّ احفظني من بين يديّ و من خلفي،و عن يميني و عن شمالي حتّى تبلّغني أهلي،و اكفني مئونة عبادك و عيالي،فإنّك وليّ ذلك من خلقك و منّي،ثمّ ائت زمزم فاشرب منها،ثمّ اخرج فقل:آئبون تائبون عابدون،لربّنا حامدون،إلى ربّنا راغبون،إلى ربّنا راجعون»و إنّ أبا عبد اللّه عليه السلام لمّا أن ودّعها و أراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجدا عند باب المسجد طويلا،ثمّ قام فخرج (1).

و عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام ودّع البيت، فلمّا أراد أن يخرج من باب المسجد خرّ ساجدا،ثمّ قام فاستقبل الكعبة فقال:

«اللهمّ إنّي أنقلب على أن لا إله إلاّ اللّه» (2).

و عن عليّ بن مهزيار،قال:رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام سنة خمس و عشرين و مائتين ودّع البيت بعد ارتفاع الشمس و طاف بالبيت يستلم الركن اليمانيّ في كلّ شوط،فلمّا كان في الشوط السابع استلمه و استلم الحجر و مسح بيده،ثمّ مسح وجهه بيده،ثمّ أتى المقام فصلّى خلفه ركعتين و خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت و كشف الثوب عن بطنه،ثمّ وقف عليه طويلا يدعو،ثمّ خرج من باب الحنّاطين و توجّه.و قال:رأيته في سنة تسع عشرة و مأتين ودّع البيت ليلا يستلم الركن اليمانيّ و الحجر الأسود في كلّ شوط،فلمّا كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليمانيّ و فوق الحجر المستطيل، و كشف الثوب عن بطنه،ثمّ أتى الحجر الأسود فقبّله و مسحه و خرج إلى المقام فصلّى خلفه و مضى و لم يعد إلى البيت،و كان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف

ص:436


1- 1التهذيب 5:280 الحديث 957،الوسائل 10:231 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:281 الحديث 958،الوسائل 10:232 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 2. [2]

بعض أصحابنا سبعة أشواط و بعضهم ثمانية (1).

و عن قثم بن كعب (2)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّك لمدمن الحجّ؟» قلت:أجل،قال:«فليكن آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب و تقول:

المسكين على بابك فتصدّق عليه بالجنّة» (3).

مسألة:و الحائض لا وداع عليها و لا فدية عن طواف الوداع الفائت بالحيض

- و هو قول عامّة فقهاء الأمصار-بل يستحبّ لها أن تودّع من أدنى باب من أبواب المسجد،و لا تدخله إجماعا؛لأنّه يحرم عليها دخول المساجد.

و روي عن عمر و ابنه،أنّهما قالا:تقيم الحائض لطواف الوداع (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قال:إلاّ أنّه رخّص للحائض (5).

و اختلف ابن عبّاس و زيد بن ثابت في ذلك،فقال زيد:لا ينفر إلاّ بوداع،فقال ابن عبّاس لزيد:مرّ إلى أمّ سليم بنت ملحان،فمرّ إليها ثمّ رجع بعد لبث و هو يضحك،فقال:الأمر كما قلت (6).

و روي عن مالك في الموطّأ أنّها استفتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد حاضت أو ولدت بعد ما أفاضت يوم النحر،فأذن لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،

ص:437


1- 1التهذيب 5:281 الحديث 959،الوسائل 10:232 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 3. [1]
2- 2) قثم-بضمّ القاف و فتح التاء المثلّثة-بن كعب الجعفريّ كوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا لكن حاله غير مبيّن. رجال الطوسيّ:276،تنقيح المقال 2:28 باب الفاء. [2]
3- 3) التهذيب 5:282 الحديث 962،الوسائل 10:233 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 4. [3]
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:277 الحديث 190،عمدة القارئ 10:96،المغني 3:492،الشرح الكبير بهامش المغني 3:505.
5- 5) صحيح مسلم 2:963 الحديث 1328.و فيه:إلاّ أنّه خفّف.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:220،سنن البيهقيّ 5:163،عمدة القارئ 10:97.

فخرجت (1).

و عن عائشة،قالت:قلت:يا رسول اللّه إنّ صفيّة قد حاضت،فقال:«أ حابستنا هي؟»فقلت:قد أفاضت،فقال:«فلا،إذا»و نفر بها (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن فضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت، نفرت إن شاءت» (3).

و عن حمّاد،عن رجل،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا طافت المرأة الحائض،ثمّ أرادت أن تودّع البيت،فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد فلتودّع البيت» (4).

و لأنّ إلزامها بالمقام مشقّة عظيمة،و ربّما انفردت عن الحاجّ و لم تتمكّن بعد ذلك من النفور إلى بلدها،فيكون منفيّا.و لا فرق بين النفساء و الحائض؛لأنّ حكمهما واحد.

فرع:

لو حاضت قبل طواف الوداع فنفرت ثمّ طهرت،فإن لم تفارق بنيان مكّة،

استحبّ لها العود و الاغتسال و الطواف

،و أوجبه الموجبون له،و إن كان بعد أن فارقت البنيان،لم تعد؛للمشقّة إجماعا.

ص:438


1- 1الموطّأ 1:413 الحديث 229. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:220،صحيح مسلم 2:964 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:208 الحديث 2003، [2]سنن ابن ماجة 2:1021 الحديث 3073،سنن الترمذيّ 3:280 الحديث 943، [3]سنن البيهقيّ 5: 162،الموطّأ 1:412 الحديث 225، [4]مجمع الزوائد 3:281،عمدة القارئ 10:96.
3- 3) التهذيب 5:397 الحديث 1382،الوسائل 9:506 الباب 90 من أبواب الطواف الحديث 1. [5]
4- 4) التهذيب 5:398 الحديث 1383،الوسائل 9:506 الباب 90 من أبواب الطواف الحديث 2. [6]

و الموجبون فرّقوا بينهما و بين من خرج متعمّدا-فإنّه يعود ما لم يبلغ مسافة التقصير-بأنّه قد ترك واجبا،فلا يسقط بمفارقة البنيان،و هاهنا لم يجب،فلا يجب بعد الانفصال إذا أمكن،كما يجب على المسافر إتمام الصلاة في البنيان،و لا يجب بعد الانفصال.

آخر:

المستحاضة إذا نفرت في يوم حكم بأنّه حيض،فلا وداع عليها

،و إن كان في يوم استحاضة،كان عليها الوداع استحبابا عندنا،و عندهم وجوبا.

و لو عدمت المستحاضة الماء،تيمّمت و طافت،كما تفعل في الصلاة.

مسألة:يستحبّ له أن يشرب من زمزم بلا خلاف

.

روى الجمهور عن عطاء أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أفاض،نزع هو لنفسه بدلو من بئر زمزم،و لم ينزع معه أحد،فشرب ثمّ أفرغ باقي الدلو في البئر (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ ائت زمزم فاشرب منها ثمّ اخرج» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا أعرف استحبابا لشرب نبيذ السقاية (3).

و قال الشافعيّ:يستحبّ لمن حجّ أن يشرب نبيذ السقاية (4)؛لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتى السقاية ليشرب منها،فقال له العبّاس:إنّه نبيذ قد خاضت فيه الأيدي و وقع فيه الذباب،و لنا في البيت نبيذ صاف،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه

ص:439


1- 1لم نعثر عليه بهذا اللفظ و السند،و بهذا المضمون ينظر:سنن البيهقيّ 5:146.
2- 2) يراجع:ص 436. [1]
3- 3) المبسوط 1:386، [2]الخلاف 1:503 مسألة-357.
4- 4) هو:ما ينبذ في الماء من تمرات ليطيب طعمه.مجمع البحرين 3:190.

و آله:«هات»فشرب منه (1).قال:و إنّما له أن يشرب ما لم يشتدّ (2).

مسألة:و يستحبّ لمن أراد الخروج من مكّة أن يشتري بدرهم تمرا و يتصدّق

به

؛ليكون كفّارة لما دخل عليه في حال الإحرام من فعل محرّم أو مكروه.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يستحبّ للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكّة حتّى يشتريا بدرهم تمرا يتصدّقان به لما كان منهما في إحرامهما،و لما كان في حرم اللّه عزّ و جلّ» (3).

و روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ قال:«ما يكون من الرجل في حال إحرامه،فإذا دخل مكّة،طاف و تكلّم بكلام طيّب كان ذلك كفّارة لذلك الذي كان منه» (4).

و روى ابن بابويه عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ قال:«قصّ الشارب و الأظفار» (5).

و في رواية النضر عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ التفث هو الحلق و ما في جلد الإنسان» (6).

و في رواية البزنطيّ عن الرضا عليه السلام،قال:«التفث تقليم الأظفار و طرح الوسخ و طرح الإحرام عنه» (7).

ص:440


1- 1صحيح مسلم 2:953 الحديث 1316،سنن أبي داود 2:213 الحديث 2021، [1]سنن البيهقيّ 5:147.
2- 2) المجموع 8:271،مغني المحتاج 1:511.
3- 3) الفقيه 2:290 الحديث 1430،الوسائل 10:234 الباب 20 من أبواب العود إلى منى الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 2:290 الحديث 1431.
5- 5) الفقيه 2:290 الحديث 1433،الوسائل 10:178 الباب 1 من أبواب الحلق الحديث 3. [3]
6- 6) الفقيه 2:290 الحديث 1434،الوسائل 10:178 الباب 1 من أبواب الحلق الحديث 4. [4]
7- 7) الفقيه 2:290 الحديث 1436،الوسائل 10:178 الباب 1 من أبواب الحلق الحديث 6. [5]

و عن ذريح المحاربيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ قال:«التفث لقى (1)الإمام» (2).

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت:جعلني اللّه فداك [ما معنى] (3)قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ؟قال:«أخذ الشارب و قصّ الأظفار و ما أشبه ذلك»قال:قلت:جعلت فداك،فإنّ ذريح المحاربيّ حدّثني عنك أنّك قلت: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقى (4)الإمام وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (5)تلك المناسك، قال:«صدق ذريح و صدقت،إنّ للقرآن ظاهرا و باطنا و من يحتمل ما يحتمل ذريح؟!» (6).

و أمّا قوله: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (7)فإنّه روي أنّه طواف النساء (8).

فصل:

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا أعرف كراهية أن يقال لحجّة الوداع:حجّة الوداع

، و لا أن يقال:شوط و أشواط،و لا أن يقال لمن لم يحجّ:صرورة،بل رواياتنا وردت بذلك (9).

ص:441


1- 1في الفقيه:«لقاء».
2- 2) الفقيه 2:290 الحديث 1432،الوسائل 10:253 الباب 2 من أبواب المزار الحديث 3. [1]
3- 3) أضفناها من المصادر.
4- 4) في المصدر:«لقاء».
5- 5) الحجّ(22):29. [2]
6- 6) الفقيه 2:290 الحديث 1437،الوسائل 10:253 الباب 2 من أبواب المزار الحديث 4. [3]
7- 7) الحجّ(22):29. [4]
8- 8) الفقيه 2:291 الحديث 1438،الوسائل 9:390 الباب 2 من أبواب الطواف الحديث 5. [5]
9- 9) المبسوط 1:385، [6]الخلاف 1:503 مسألة-356.

ص:442

الفهارس

الفهارس العامّة

*فهرس الآيات الكريمة

*فهرس الأدعية

*فهرس الأحاديث

*فهرس الأماكن و البلدان

*فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

*فهرس الكتب

*فهرس أسماء المعصومين(ع)

*فهرس الأعلام

*فهرس الموضوعات

ص:443

ص:444

فهرس الآيات الكريمة

«حرف الألف»

اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ (القمر:1)285

أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (البقرة:125)361

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة:1)273

«حرف الثاء»

ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (البقرة:196)215

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (البقرة:187)176

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (الحجّ:29)440،441

ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (الحجّ:33)174،266،342

«حرف الحاء»

حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)343

اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (البقرة:197)215

«حرف الذال»

ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (البقرة:196)145،147،157

ص:445

«حرف الضاد»

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (النحل:75)160

«حرف الفاء»

فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (البقرة:198)51،72،85

فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها (الحجّ:36)170،258

فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (الحجّ:36)170،172

فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (البقرة:198)87

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)264

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (الكوثر:2)278

فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (البقرة:196)206،217،218،224

فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (الأنعام:118)300

فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (الحجّ:28)305،306

فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (الحجّ:36)257،258،262،272،306

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)265

فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (البقرة:203).408،409، 410،411،414

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)144،146،147،148،150، 153،176،264

فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (البقرة:196) 264

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ (البقرة:196)162،209،223،229

ص:446

«حرف القاف»

ق (ق:1)285

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (الإخلاص:1)359

قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (الكافرون:1)359

«حرف الكاف»

كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصّفّ:4)66

كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (الأنعام:141)305

«حرف اللاّم»

لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (المائدة:95)347

لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها (البقرة:286)267

لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى (الحجّ:33)255،317

لِمَنِ اتَّقى (البقرة:203)410،411

لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (الحجّ:34)290

«حرف الميم»

ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحجّ:78)381

مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (الفتح:27)328،330

«حرف الهاء»

هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة:95)174

ص:447

«حرف الواو»

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (البقرة:196)154،163

وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (البقرة:203)405

وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (الحجّ:36)147،198

وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي (الأنعام:79)162،300

وَ لا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (الأنعام:121)172،301

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)339،342

وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ (البقرة:185)404

وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (الحجّ:29)353،364،441

وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (الحجّ:29)441

وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (البيّنة:5)31،81،122،166،362

وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (البقرة:203)408،409

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (آل عمران:97)423،424،426

وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (المائدة:95)264

وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (الحجّ:32)293

وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (الحجّ:28)182،183، 304

ص:448

فهرس الأدعية

«حرف الألف»

آئبون تائبون عابدون لربّنا حامدون 436

أسألك أن توفّقني لما يرضيك عنّي و أن تسلّم منّي مناسكي 44

أسألك خير الليل و خير النهار 45

أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر ذنوبي 359

اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر اللّه أكبر و للّه الحمد اللّه أكبر على ما هدانا 404،405

اللّه أكبر اللّه أكبر،قالها ثلاثا 427

اللّه أكبر اللهمّ ادحر عنّي الشيطان الرجيم 130

اللهمّ اجعل في قلبي نورا و في سمعي و بصري نورا و...مخرجي نورا 45

اللهمّ اجعلني ممّن رضيت عنه و أطلت عمره و أحييته بعد الموت حياة طيّبة 44

اللهمّ اجعله حجّا مبرورا و عملا مقبولا 130

اللهمّ احفظني من بين يديّ و من خلفي و عن يميني 436

اللهمّ ارحم موقفي و زد في عملي و سلّم ديني 71

اللهمّ ارزقني العافية إلى منتهى أجلي 424

اللهمّ أعتقني من النار 71

اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة 334،338

ص:449

اللهمّ أعنّي على نسكك و سلّمني له و سلّمه لي 358-359

اللهمّ اغفر للمحلّقين 330

اللهمّ أقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد 435

اللهمّ إن أمتّني فاغفر لي و إن أحييتني فارزقنيه 435

اللهمّ أنت خير مطلوب إليه و خير مدعوّ 84

اللهمّ إنّ البيت بيتك و العبد عبدك 426

اللهمّ إنّك قلت في كتابك: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فآمنّي من عذابك 423،424

اللهمّ إنّي أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير 79

اللهمّ إنّي أسألك بحولك و جودك...يا أسمع السامعين 44

اللهمّ إنّي أسألك خير الرياح و أعوذ بك من شرّ ما تجيء به الرياح 45

اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفقر و من وساوس الصدور 45

اللهمّ إنّي أنقلب على أن لا إله إلاّ اللّه 436

اللهمّ إنّي عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك جئت أطلب رحمتك 359

اللهمّ إنّي عبدك و ابن عبدك...حملتني على دابّتك...حتّى أدخلتني حرمك 435

اللهمّ إنّي عبدك و ملك يدك ناصيتي بيدك 44

اللهمّ إيّاك أرجو و إيّاك أدعو فبلّغني أملي و أصلح لي عملي 26

اللهمّ بك وثقت و عليك توكّلت 130

اللهمّ تصديقا بكتابك 130

اللهمّ حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرّني ما منعتني 44

اللهمّ ربّ المشاعر كلّها فكّ رقبتي من النار و أوسع 44

اللهمّ ربّ المشعر الحرام فكّ رقبتي من النار و أوسع عليّ من رزقك الحلال 84

اللهمّ سلّم عهدي و اقبل توبتي و أجب دعوتي 111

ص:450

اللهمّ على كتابك و سنّة نبيّك فقد تمّ إحرامه 22

اللهمّ لك الحمد كالذي تقول و خير ما نقول 45

اللهمّ لك صلاتي و نسكي و محياي و مماتي و لك براءتي 45

اللهمّ لا تؤيسني من الخير الذي سألتك 59

اللهمّ لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف 69

اللهمّ لا تجعلني للبلاء غرضا و مهّلني و نفسي و أقلني عثرتي 424

اللهمّ لا تجهد بلائي و لا تشمت بنا أعدائنا فإنّك أنت الضارّ النافع 427

اللهمّ لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني 44

اللهمّ من تهيّأ و تعبّأ و أعدّ و استعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جوائزه 423

اللهمّ منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر اللهمّ تقبّل منّي 171،172

اللهمّ منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر 302

اللهمّ هؤلاء حصياتي فأحصهنّ لي و ارفعهنّ في عملي 130

اللهمّ هذا عن نبيّك 279

اللهمّ هذا عنّي و عمّن لم يضحّ من أهل بيتي 279

اللهمّ هذه منّي و هي ممّا مننت به علينا من المناسك فأسألك 26

«حرف الباء»

بسم اللّه اللهمّ تقبّل من محمّد و آل محمّد 279

بسم اللّه و اللّه أكبر اللهمّ هذا منك و لك 171

بسم اللّه وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا 279

ص:451

«حرف الراء»

رحم اللّه المحلّقين و المقصّرين 330

«حرف اللاّم»

لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت 45

لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه 424

لا يردّ غضبك إلاّ حلمك و لا يجير من عقابك إلاّ رحمتك 423

«حرف الواو»

وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين إنّ صلاتي و نسكي 171،302

«حرف الياء»

يا أسمع السامعين و يا أبصر الناظرين و يا أرحم الراحمين 44

يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد 423

يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم 423

يا من لا يخيّب سائله و لا ينقص نائله فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدّمته 423

يا واحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين 426

ص:452

فهرس الأحاديث

«حرف الألف»

ابدأ بالناصية،لمّا أراد أن يقصّر من شعره للعمرة...فقال 333-334

ابعثها قياما مقيّدة سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله 170

أ بها صنم؟قال:لا قال:أوف بنذرك 266

أ بينيّ لا ترموا الجمرة حتّى تطلع الشمس 136

أ بينيّ لا ترموا جمرة العقبة حتّى تطلع الشمس 83

أتمّوا فإنّا سفر 40

أتى رجل عليّا ببقرة قد أولدها،فقال:لا تشرب من لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها 254

أجزأه صيامه(عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجّ ثمّ أصاب هديا)205،230

أ حابستنا هي؟353،438

احلق و انسك شاة أو صم ثلاثة أيّام 264

أحلّوا من إحرامكم بطواف البيت و بين الصفا و المروة 328

أخذ الشارب و قصّ الأظفار و ما أشبه ذلك 441

ادع لي أبا حسن.(شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع و أتى بالبدن فقال)167

ص:453

إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له.52،88، 101

إذا أدرك الحاجّ عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات 103

إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحجّ 102

إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك فودّع البيت و طف أسبوعا 429،435

إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس 412

إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها و لا تدخلها بحذاء 423

إذا اشتريت أضحيّتك و قمطتها و صارت...فاحلق 342

إذا اشتريت أضحيّتك و قمطتها و صارت في رحلك فقد بلغ الهدي محلّه 250

إذا اشتريت أضحيّتك و قمطتها و صارت في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محلّه 276،342

إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة فانحره أو اذبحه و قل:وجّهت 171،302

إذا اعتمر في أشهر الحجّ ثمّ أقام فهو متمتّع...فإن خرج و رجع فليس بمتمتّع 155

إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شيء عليه،و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل 262

إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم 335

إذا انتهيت إلى منى فقل:هذه منى و هي ممّا مننت به علينا من المناسك 26

إذا جاء الليل بعد النفر الأوّل فبت بمنى 414

إذا جاز عقبة المدنيّين فلا بأس أن ينام 377

إذا جعلت شعب الدبّ عن يمينك و العقبة عن يسارك فلبّ بالحجّ 16،19

إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك فعلت 369

إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلاّ بمنى 373

إذا حلق رأسه يطليه بالحنّاء و الثياب و الطيب و كلّ شيء إلاّ النساء 348

إذا دخل بهديه في العشر،فإن كان أشعره و قلّده فلا ينحره إلاّ يوم النحر بمنى 178

ص:454

إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحّي فلا يمسّ من شعره و لا بشره شيئا 288

إذا ذبحت أضحيّتك فاحلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك 328،338،358

إذا ذبحت أو نحرت فكل و أطعم كما قال اللّه: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ 258

إذا ذبح المسلم و لم يسمّ و نسي،فكل من ذبيحته و سمّ اللّه على ما تأكل 172،302

إذا ذهبت الحمرة من هاهنا،و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس 32،54

إذا رأيت بيوت مكّة و تقطع تلبية الحجّ عند زوال الشمس يوم عرفة(عن تلبية المتمتّع متى يقطعها؟)43

إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت 373

إذا رمى الرجل الجمار أقلّ من أربع،لم يجزئه 392

إذا رميتم الجمار بسبع حصيات و ذبحتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء إلاّ الطيب و النساء 347

إذا رميتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء 115

إذا رميتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء إلاّ النساء 352

إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية و اغتسل و عليك بالتكبير 43

إذا زالت الشمس(عن الذي يريد...ليس له وقت أقلّ منه قال)24

إذا صام المتمتّع يومين لا يتابع الصوم اليوم الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيّام في الحجّ 208

إذا طافت المرأة الحائض ثمّ أرادت أن تودّع البيت،فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد 438

إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجّه إليها:اللّهمّ إليك صمدت و إيّاك اعتمدت 29

إذا غربت الشمس فأفض مع الناس و عليك السكينة و الوقار 71

إذا غربت الشمس فقل:اللّهمّ 69

إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ 104

ص:455

إذا فرغت من طوافك للحجّ و طواف النساء فلا تبيت إلاّ بمنى إلاّ أن يكون شغلك في نسكك 372

إذا كان جاهلا،فلا شيء عليه،و إن كان متعمّدا،فعليه بدنة 59

إذا كان قد قضى نسكه فليقم ما شاء فليذهب حيث شاء.(ما ترى في المقام بمنى...؟)417

إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا 190

إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا 16

إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة 20

إذا لبّد شعره أو عقصه،فإنّ عليه الحلق و ليس له التقصير 331

إذا لم يجد بدنة فسبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله 234

إذا نفرت في النفر الأوّل فإن شئت أن تقيم بمكّة تبيت بها فلا بأس بذلك 414،416

إذا وجد الرجل هديا ضالاّ فليعرّفه يوم النحر 253

إذا وقفت بعرفات فادن من الهضاب و الهضاب هي الجبال 50

أربعة أيّام(عن الأضحى كم هو بمنى؟فقال)180،282

أربعة أيّام أوّلها:يوم عرفة 286

أربع لا تجوز في الأضاحيّ:العوراء...و المريضة و 187

ارتفعوا عن بطن عرنة 50

ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات 65

أردف الفضل بن العبّاس و وقف على قزح 85

اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتّى تجد ظهرا 256

اركبها.إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يسوق بدنة فقال 256

ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس 140

ارم في كلّ يوم عند الزوال 387

ص:456

ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة 383-384

ارم و لا حرج(أفضت قبل أن أرمي قال)140،340،369

استغفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحلّقين ثلاث مرّات 332

السنّة في الحلق أن يبلغ العظمين 334

اشتركوا فيها(عزّت البدن سنة بمنى...؟فقال)238،323

أشرق ثبير كيما نغير فأخّر اللّه تعالى هذه و قدّم هذه 109

أصاب عبد الرحمن 348

أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل 82،84

أصحاب الأراك لا حجّ لهم،يعني الذين يقفون عند الأراك 50

الأضحيّة واجبة على من وجد من صغير أو كبير و هي سنّة 281

الأضحى ثلاثة أيّام و أفضلها أوّلها 180،283

الأضحى يومان بعد يوم النحر بمنى و يوم واحد بالأمصار 181،284

اعلم أنّك إذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كلّ شيء إلاّ النساء و الطيب 347-348

الأعمال بالنيّات 31

اغتسل أينما كنت 67

أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من آخر يومه حين صلّى الظهر ثمّ رجع إلى منى فمكث 372، 383

أفاض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم النحر ثمّ رجع فصلّى الظهر 354

أفض بهنّ بليل و لا تفض بهنّ حتّى...بجمع 93

أفض دلوا من ماء زمزم ثمّ ادخل البيت،فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب 426

أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام بن عبد الملك الكوفيّ 138،387

أفضل الأضاحيّ في الحجّ:الإبل و البقر ذوو الأرحام و لا يضحّى بثور و لا جمل 199،296

ص:457

أفضل الأعمال أحمزها 32

أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل و البقر و قد تجزئ الذكورة من البدن و الضحايا من الغنم الفحولة 198،296

أفضل الذبح الجذع من الضأن و لو علم اللّه خيرا منه لهدى به إسحاق عليه السّلام 293

أفضله بدنة و أوسطه بقرة و أخسّه شاة(ما الهدي؟قال)144،184،293

افعل و لا حرج 341

افعلي ما يفعل الحاجّ غير الطواف بالبيت 35

اقطعوا و كلوا فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها 258

أكللت راحلتي و أتعبت نفسي 57

ألا أعلّمك دعاء يوم عرفة و هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء 44-45

ألا إنّ كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ موضوع 12

إلاّ أنّه رخّص للحائض 437

إلاّ أن يكون قد خرجت من مكّة 377

التقط الحصى و لا تكسر منه شيئا 120

القط لي حصى 108

أ لم ير الناس لم تبكر منى حين دخلها؟105

أ ليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟...المشعر من المزدلفة 106

أ ليس قد صلّوا بها فقد أجزأهم 106

أ ليس قد صلّى بعرفات الظهر و العصر و قنت و دعا؟قلت:بلى 47

أمّا أيّام منى فإنّها أيّام أكل و شرب لا صيام فيها 220

أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا 219

أمّا البقر فلا يضرّك أيّ أسنانها ضحّيت،و أمّا الإبل فلا يصلح إلاّ الثنيّ فما فوق 199

ص:458

أمّا بمنى فثلاثة أيّام و أمّا في البلدان فيوم واحد(عن النحر؟)180،283

أمّا الصرورة فيدخله و أمّا من قد حجّ فلا 425

أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر و العصر بمكّة فلا يكون ذلك إلاّ 416

أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء 366

أمّا في الهدي فلا و أمّا في الأضحى،فنعم،و يجزئ الهدي عن الأضحيّة 240،325

أ ما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحيّته...أسبوعا بالبيت 289

أمثال هؤلاء فارموا 108

أمر أمّ سلمة فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة 83،92

أمر أن يكون آخر عهده بالبيت 434

أمر أن يلبّي عنه و يمرّ الموسى على رأسه فإنّ ذلك يجزئ عنه 334

أمر الحلاّق أن يدع الموسى على قرنه الأيمن ثمّ أمره أن يحلق و سمّى 334

أمر الناس أن يكون آخر...إلاّ أنّه خفّف(عن المرأة و الحائض)431

أمرنا أن نستشرف العين و الأذن لا نضحّي بمقابلة و لا مدابرة 190-191

أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا نأكل لحم الأضاحيّ بعد ثلاث و نهدي إلى أهالينا.308

أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باستشراف العين و الأذن 295

أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الأضاحيّ أن نستشرف العين و الأذن و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء 191

أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن أقوم على بدنه و أقسّم جلودها و جلالها و لا أعطي الجازر منها شيئا 307

أمرها أن تعجّل الإفاضة و توافي مكّة مع صلاة الصبح 137

أمرهم أن يحرموا بالحجّ من جوف مكّة 152

أنا أغتسل بمنى ثمّ أزور البيت 360

ص:459

الأنثى أحبّ إلى من الخصيّ 200،297

انزعوا بني عبد المطّلب فلو لا أن يغلبكم الناس 14

انظروا إلى الثمن الأوّل و الثاني و الثالث فاجمعوا ثمّ تصدّقوا بمثل ثلثه 311

انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ و دعي العمرة 156

إن احتاج إلى ظهر ركبها من غير أن يعنف عليها 255

إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم،لم يجزئك 119

إن أقام بمكّة حتّى يخرج منها حاجّا،فقد وجب الهدي 159

إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلاّ و هو بمنى،و إن زار بعد نصف الليل 373

إن شاء أقام بمكّة،و إن شاء رجع إلى الناس بمنى 101

إن شاء صامها في الطريق،و إن شاء إذا رجع إلى أهله 207

إن شئت فاذبح عنه،و إن شئت فمره فليصم 161

إن شئت من رحلك،و إن شئت من الكعبة...(من أين أهلّ بالحجّ؟)17

إن ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا ثمّ يدرك جمعا 100

إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس،فليأت عرفات 100

إن فعل فهو أفضل،و إن لم يفعل فليس عليه شيء 276

إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتّى أصبح،فعليه دم يهريقه 375

إن كان أوثقها في رحله فضاعت،فقد أجزأت عنه 248

إن كان تطوّعا فليس عليه غيره،و إن كان جزاءا أو نذرا فعليه بدله 243

إن كان تطوّعا فلينحره...(عن الهدي إذا عطب؟)244

إن كان جاهلا،فلا شيء عليه،و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر،فعليه دم شاة 90

إن كان ذبح فهو خير له،و إن لم يذبح فليس عليه شيء 276

إن كان ذكرا فعن واحد،و إن كان أنثى فعن...(كم يجزئ في الضحيّة؟)239

ص:460

إن كان ذلك سهوا،حلّت،و إن كان عمدا،لم تحلّ 303

إن كان زار البيت قبل أن يحلق و هو عالم...(في رجل زار البيت قبل أن يحلق،فقال)...335- 336

إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه،(عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيّا...؟)193

إن كان على كليتها شيء من الشحم،أجزأت 195

إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته...فلا يتمّ حجّه 51،55

إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض 99

إن كان قد فقد ثمنه،ردّه و اشترى غيره.(في رجل اشترى هديا و كان به عيب...؟فقال)197

إن كان مضمونا و المضمون ما كان في يمين يعني نذرا أو جزاءا فعليه فداؤه 261

إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه 252

إن كان،واجبا نحره بمنى،و إن كان تطوّعا نحره بمكّة 178

إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلاّ بمنى،و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء 173

إن كانت مضمونة،فعليه مكانها،و المضمون ما كان نذرا أو جزاءا و له أن يأكل منها 243

إن كنتم تريدون اللحم فدونكم،و قال:لا يضحّى إلاّ بما قد عرّفت به 201

إن لم يكن أشعرها فهي من ماله،إن شاء نحرها و إن شاء باعها 252

إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لا يضرّ بولدها ثمّ انحرهما جميعا 254،316

إن نسي حتّى قام عن موضعه فليس عليه شيء 404

إنّا قد أطلينا و نتفنا و قلّمنا أظفارنا بالمدينة فما نصنع عند الحجّ؟18

إنّا مشاة فكيف نصنع؟قال أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى 28

إنّا نريد أن نتعجّل السير،و كانت ليلة النفر 412

إنّا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري هل عرّف بها أم لا؟201

ص:461

إن أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تمتّعن في حجّة الوداع معه و أدخلت عائشة الحجّ على العمرة 257

إنّ أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حجّ لهم 65

إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك في منزلك بمكّة 173

إنّ أوّل دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث 12

إنّ التفث هو الحلق و ما في جلد الإنسان 440

إنّ جارية لآل كعب كانت ترعى غنما فرأت بشاة منها موتا 300

إنّ الجاموس الذكر يجزئ عن واحد و الأنثى عن سبعة 322

إنّ الجذع يوفي ممّا يوفي منه الثنيّ 292

إنّ الجذع يوفي ممّا يوفي منه الثنيّة 185

إنّ جعفرا عليه السّلام كان يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بديلا ينادي أنّ هذه أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ أحد 218

إنّ الحجّ يبطل بفوات الوقوف بعرفة 55

إنّ رجلا من أهل خراسان قدم حاجّا و كان أقرع الرأس 334

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم...لا حرج 275،341

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل أسامة معهنّ 93

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل بأمّ سلمة ليلة النحر،فرمت الجمرة قبل الفجر 141

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أن يؤخذ من كلّ بدنة بضعة فأمر بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 258

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بحصى الخذف 121

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما نزلها حيث أرسل عائشة مع أخيها عبد الرحمن 419

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين 74

ص:462

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين صدّه المشركون يوم الحديبيّة،نحره و أحلّ و رجع إلى المدينة 289

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس 94

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطب إلى أن أذّن المؤذّن فنزل و صلّى بالناس 37

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطب وسط أيّام التشريق يعني يوم النفر الأوّل 407

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دفع و عليه السكينة و الوقار 70

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها 113

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة 123

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها ضحى ذلك اليوم 135

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى الجمار راكبا 394

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى جمرة العقبة يوم النحر ثمّ رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح 333

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى ضحى يوم النحر 138

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف 135

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يرمى الجمار إذا زالت الشمس قدر ما إذا فرغ من رميه صلّى الظهر 385

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد 196

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين فقالوا:ذبحنا...لا حرج 340

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا حلق رأسه قلّم أظفاره 338

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بنفسه 167

ص:463

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون 63

إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجّا فلقي أبي فقال:إنّي سقت هديا فكيف أصنع 259

إنّ سودة استأذنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تفيض من المزدلفة 83

إنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن 44

إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يخرج من منزله ماشيا إذا رمى الجمار و منزلي اليوم أنفس من منزله 133

إنّ عندي جذعة من المعز 186

إنّ المشركين كانوا لا يفيضون حتّى تطلع الشمس و يقولون أشرق ثبير كيما نغير 94

إنّ المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس،فخالفهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 32

إنّ المغبون لا محمود و لا مأجور أ لكم حاجة؟...فاجتمعوا فاشتروا 238

إنّ مكّة كلّها منحر 173

إنّ من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتّى تطلع الشمس 28

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتى السقاية ليشرب منها،فقال له العبّاس:إنّه نبيذ 439

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر طواف الزيارة إلى الليل 355

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أذن للظعن 138

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام بها 379

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة 83

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثمّ مضت 137

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بهذا القدر و نهى عن تجاوزه 121

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر رجلا ينادي الحجّ عرفة 50

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر كعب بن عجرة بالفدية بالحديبيّة و لم يأمر ببعثه إلى الحرم 174

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة بالإتيان بأفعال الحجّ سوى الطواف و كانت حائضا 132

ص:464

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من كلّ بدنة ببضعة فجعلت في قدر فأكل هو و عليّ(ع)257

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحلّ فدخل علينا 257

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهدى جملا لأبي جهل في أنفه برة من فضّة 198

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث بدنة إلى الحرم و ضحّى بالمدينة 289

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث بديل بن ورقاء الخزاعيّ على جمل أورق،فأمره أن يتخلّل الفساطيط 219-220

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بعرفة بأذان واحد و إقامتين 37

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خطب...حين ارتفع الضحاء على بغلة شهباء 345

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع حين غربت الشمس 54

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رتّبها في الرمي 388

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رتّب هذه المناسك و قال:خذوا عنّي مناسككم 339-340

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماها مستقبلها مستدبر الكعبة 129

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى بسبع حصيات 390

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى متفرّقا و قال:خذوا عنّي مناسككم 127

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى هذا الوقت يعني بعد الزوال 386

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلك هذا الطريق 72

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بذي الحليفة ثمّ دعا ببدنة و أشعرها 270

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الصبح حين تبيّن له الصبح 82

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر بمكّة يوم السابع و خطب 27

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضحّى بكبشين أملحين موجوءين 193،289

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب له قبّة من شعر بنمرة 36

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله فيكون نسكا 395

ص:465

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التيامن في شأنه كلّه 271

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدّم ضعفة أهله 83

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لبّد شعره فحلقه 331

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخذ الحجارة قال:بأمثال هؤلاء فارموا 118

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا فدفع قبل أن تطلع الشمس 82،96

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر خمس بدنات ثمّ قال من شاء اقتطع 167

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تحبس لحوم الأضاحيّ فوق ثلاثة أيّام 309

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يضحّى بالمصفرة و البخقاء و المستأصلة 294

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن تعذيب الحيوان 269

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أهل مكّة عن القصر 42

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله...ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها 170

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعد طلوع الفجر 90

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة حتّى غابت الشمس 31

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف راكبا 32

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة و قد أردف أسامة بن زيد 63

إنّك لمدمن الحجّ؟قلت:أجل 437

إنّما الأعمال بالنيّات 151

إنّما الأعمال بالنيّات و إنّما لا مرئ ما نوى 362

إنّما الأعمال بالنيّات و إنّما لكلّ امرئ ما نوى 81،122

إنّما سمّي الحجّ الأكبر؛لأنّها كانت سنة حجّ فيها المسلمون و المشركون 344

إنّما نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المحصّب ليكون أسمح لخروجه و ليس بسنّة،من شاء تركه 420

ص:466

إنّه صلّى بمكّة 23

إنّه يصلّي الظهر بمكّة 23

إنّها أيّام أكل و شرب و بعال 287

إنّها أيّام أكل و شرب و ذبح 287

إنّها أيّام أكل و شرب و ذكر 287

إنّها أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ فيها أحد 219

إنّها تجزئ عن سبعة و عن سبعين 323

إنّها تخلّفت ليلة التروية حتّى ذهب ثلثا الليل 23

إنّها رمت الجمرة و رجل يناولها الحصى تكبّر مع كلّ حصاة 116

إنّهم لا يكذبون،لا عليك ضحّ بها 202

إنّي أخاف الزحام و أخاف أن أشرك في عنت إنسان 71

إنّى رأيت ابن أبي السمّاك،يسعى بين الصفا و المروة و عليه 350

إنّي على ثقة من دعوة الملك لي و في شكّ من الدعاء لنفسي 46

إنّي قدمت الكوفة و لم أصم السبعة الأيّام حتّى فزعت في حاجة إلى بغداد 208

إنّي وقفت و كلّ هذا موقف 97

أهدت هديين فأضلّتهما فبعث إليها ابن الزبير 251

أهدى هدايا فاشترك عليّا عليه السّلام فيها 313

أو تجعله مصلّى ينتفع به 307

أوّل نسكنا في يومنا هذا الصلاة،ثمّ الذبح،فمن ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم 286

إيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس و أقبل قبل نفسك 44

أيّام التشريق كلّها منحر 179

أيّام منى ثلاثة فمن تعجّل في يومين 409

ص:467

أينما أدركتني الصلاة صلّيت 427

أيّها النّاس إنّ البرّ ليس بإيجاف الخيل و الإبل فعليكم بالسكينة 110

أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف 64،98

أيّها الناس إيّاكم و الغلوّ في الدين فإنّما أهلك من كان قبلكم 108

أيّها الناس السكينة السكينة كلّما أتى جبلا من الجبال 13،70

أيّها الناس عليكم بالدعة فسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تتّبع 71

أيّها الناس عليكم بالسكينة فإنّ البرّ ليس بإيضاع الإبل 70

أيّها الناس عليكم بحصى الخذف 117

أيّ امرأة و رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا،فلا بأس 93

أيّ شيء أحدثنا في حجّنا فنحن كذلك؛إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السّلام 138،388

«حرف الباء»

بالجلد و السنام و الشيء ينتفع به.(عن الهدي أ يخرج بشيء منه عن الحرم؟فقال)274،308

بأمثال هؤلاء فارموا 117

بئس ما صنع 350

بئس ما صنع،قلت:عليه شيء؟قال:لا 351

البدنة و البقرة تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد 239

البقرة و الجذعة تجزئ عن ثلاثة من أهل بيت واحد 239،322

بل يصوم فإنّ أيّام الذبح قد مضت 205،230،231

بمثلها فارموا 115،120،124

بمكّة.(سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟قال:)174

ص:468

«حرف التاء»

تأخذه من سائر الحرم.(من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟)108

تؤكل ذبيحة الصبيّ 299

تجزئ البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد 238،321

تجزئ البقرة و البدنة في الأمصار عن سبعة و لا تجزئ بمنى إلاّ عن واحد 237،322

تجزئ عن سبعة.(سألته عن البقرة يضحّى بها)239

تجزئك و لا تجزئ أحدا بعدك 291

تجزئك و لا تجزئ عن أحد بعدك 186

تخذفهنّ خذفا و تضعها و تدفعها بظفر السبّابة 129

تشعر و هي باركة يشقّ سنامها الأيمن 269

تشقّ الأذن.(فما الخرقاء؟قال)191

تشقّ أذنها السمة.(فما الشرقاء؟قال)191

تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت و لا تعط الجزّارين 274،307

تقصّر المرأة من شعرها لمتعتها مقدار الأنملة 333

تعجيلها أحبّ إليّ و ليس به بأس إن أخّره 357

التفث تقليم الأظفار و طرح الوسخ و طرح الإحرام عنه 440

التفث لقى الإمام(في قول اللّه عزّ و جلّ...؟قال:)441

تقيم الحائض لطواف الوداع 437

تكبّر أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر 405

التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلوات و في سائر الأمصار 404

التكبير في أيّام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث عشر 405

التكبير في كلّ فريضة و ليس في النافلة تكبير أيّام التشريق 404

ص:469

التكبير واجب في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق 404

تكون ضحاياكم سمانا فإنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يستحبّ أن تكون أضحيّته سمينة 195

تمتّعنا فأحرمنا و معنا صبيان فأحرموا و لبّوا كما لبّينا و لم نقدر على الغنم 165

تنحر و هي قائمة من قبل اليمين.(كيف تنحر البدنة؟)171

تنفق مالك و تتعب بدنك حتّى إذا صرت إلى الموضع الذي تبثّ فيه الحوائج إلى اللّه 46

«حرف الثاء»

ثلاثة أيّام.(عن الأضحى في غير منى؟فقال)180

ثلاثة من الغنم يذبحهنّ(عمّن بات ليالي منى بمكّة)375

ثمّ ائت زمزم فاشرب منها ثمّ اخرج 439

ثمّ احلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك و زر البيت 354

ثمّ أذّن بلال ثمّ أقام فصلّى الظهر ثمّ أقام فصلّى العصر 37

ثمّ أعطى عليّا فنحر ما غبر و أشركه في هديه 14

ثمّ أمرّ السكّين و لا تنخعها حتّى تموت 172

ثمّ تأتي الموقف...فاحمد اللّه و هلّله و مجّده و أثن عليه و كبّره مائة مرّة 43

ثمّ تأتي الموقف يعني بعد الصلاتين 53

ثمّ تصلّي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر 28

ثمّ تلبّي من المسجد الحرام 19

ثمّ تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار 140

ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات 13

ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر فأتى بني عبد المطّلب و

ص:470

هم يسقون على زمزم 14

ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس 18

ثمّ قد أحللت من كلّ شيء و فرغت من حجّك كلّه و كلّ شيء أحرمت منه 359

ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحجّ 16

ثمّ يطعن في لبّتها ثمّ يخرج السكّين بيده فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده 171

الثنيّة من الإبل و الثنيّة من البقر و من المعز و الجذعة من الضأن 186،291

«حرف الجيم»

الجذع من الضأن.(ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي؟فقال)187

الجذع من الضأن يلقح و الجذع من المعز لا يلقح 291

جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا 427

الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرّك 132

جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين المغرب و العشاء بجمع 75

«حرف الحاء»

حتّى أهل مكّة يهلّون منها 17

حتّى يكون آخر عهده البيت 432

حججت بأهلي سنة فعزّت الأضاحيّ 195

حججنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأفضنا يوم النحر فحاضت صفيّة 353

الحجّ عرفة 176

الحجّ عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة الجمع فقد تمّ حجّه 49

حجّكم يوم تحجّون 61

ص:471

حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف 65

حدّ المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض و إلى وادي محسّر 97

حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر 131

حدّها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسّر(ما حدّ المزدلفة؟قال)97

الحركة في وادي محسّر مائة خطوة 111

الحرم.(أيّما أفضل الحرم أو عرفة؟فقال)67

حسن.(عن زيارة البيت أيّام التشريق.قال:)379

حصى الجمار تكون مثل الأنملة و لا تأخذها سودا و لا بيضا و لا حمرا 120

حصى الخذف تكون مثل الأنملة 121

«حرف الخاء»

خذ بأسفل الحربة 167

خذ بحلقتي الباب إذا دخلت ثمّ امض حتّى تأتي العمودين فصلّ على الرخامة الحمراء 425

خذ البرش 120

خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها 114،123،128

خذ حصى الجمار و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك 107،115

خذوا عنّي مناسككم.49،52،53،77،82،113،118،124،173،178،340،372،382، 388،394

خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حجّة الوداع فأهللنا بعمرة 155

خطب عليّ عليه السّلام يوم الأضحى 345

خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن بمنى ففتحت أسماعنا حتّى كنا نسمع 345

خطبنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الرءوس فقال أيّ يوم هذا؟فقلنا:اللّه و رسوله أعلم...406

ص:472

«حرف الدال»

دخلت العمرة في الحجّ هكذا و شبّك بين أصابعه 154،177

دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الكعبة فصلّى في زواياها الأربع في كلّ زاوية ركعتين 425

الدخول فيها دخول في الرحمة و الخروج منها خروج من الذنوب معصوم فيها 422

دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من عرفة حتّى إذا كان بالشعب نزل فبال ثمّ توضّأ 74

«حرف الذال»

ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن أمّهات المؤمنين بقرة بقرة،و نحر 273

ذلك حين تصفّ للنحر تربط يديها ما بين الخفّ إلى الركبة 170

ذلك واسع له حتّى يصبح بمنى.(عن الّذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية...؟)24

ذوات الأرحام.(عن الإبل و البقر أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟قال)199،296

ذوو الأرحام و لا يضحّى بثور و لا جمل 296

ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ 224

ذهبت الأيّام التي قال اللّه ألا كنت أمرته أن يفرد الحجّ؟164

«حرف الراء»

راح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مهجّرا فجمع بين الظهر و العصر 42

رأى أبا الحسن الثاني عليه السّلام يرمي الجمار و هو راكب حتّى رماها كلّها 394

رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام سنة خمس و عشرين و مأتين ودّع البيت 436

رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو ينحر معقولة يدها اليسرى 171

رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة 128-129

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحاء على بغلة شهباء.345

ص:473

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده 135

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة من بطن الوادي و هو راكب يكبّر مع كلّ حصاة 349

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور البيت 349

رأيت عبد اللّه بن جندب بالموقف...ما زال مادّا يديه إلى السماء و دموعه تسيل 45

رأيت العبد الصالح عليه السّلام دخل الكعبة فصلّى فيها ركعتين على الرخامة الحمراء 425

رأيته في سنة تسع عشرة و مأتين ودّع البيت ليلا يستلم الركن اليمانيّ و الحجر الأسود 436

رأينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب بين أوساط أيّام التشريق و نحن عند راحلته 407

ربّما أخّرته حتّى تذهب أيّام التشريق و لكن لا يقرب النساء و الطيب 358

ربّما فعلت فأمّا السنّة فلا و لكن من الحرّ و العرق(عن الغسل إذا رمى الجمار؟فقال)132

رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس 47

رحم اللّه المحلّقين و المقصّرين 330،332

رحم اللّه المحلّقين قيل:يا رسول اللّه و المقصّرين 328

رحم اللّه المحلّقين ثمّ قال:في الثالثة و المقصّرين 328

رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل و يرموا الجمار بليل 92

رخّص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى و يرموا يوم النحر جمرة العقبة 380

رخّص للعبّاس بن عبد المطّلب أن يبيت بمكّة ليالي منى من أجل سقايته 372

رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا 138،387،403

رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان 22،275

ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام...و استقبل القبلة 85-86

رمي الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها 136،385

رمى جمرة العقبة مستدبرا للقبلة 128

ص:474

الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها 136،385

رمى من بطن الوادي ثمّ انصرف إلى المنحر...فنحر ما غبر و أشركه في هديه 143

روي أنّه طواف النساء 441

«حرف الزاي»

زرت قبل أن أرمي،فقال له:ارم و لا حرج 340

زره فإن شغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد 358

«حرف السين»

سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من أيّام النحر ما كانت العرب تسمّيه 421

السنّة في الحلق أن يبلغ العظمين 334

«حرف الشين»

شاتك شاة لحم 290

شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع و أتى بالبدن 167

«حرف الصاد»

صدقة رغيف خير من نسك مهزول 194

صدق ذريح و صدقت إنّ للقرآن ظاهرا و باطنا 441

الصلاة أمامك 75،77

صلاة المغرب و العشاء بجمع بأذان واحد و إقامتين 74

صلّ بين العمودين اللذين يليان الباب على الرخامة الحمراء 424

ص:475

صلّ ستّ ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة 418

صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام المغرب بالمزدلفة 76

صمها ببغداد،قلت:أفرّقها؟قال:نعم 209

الصوم الثلاثة الأيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة و إن لم يقدر 207،217،233

الصيد يعني في إحرامه،فإن أصابه لم يكن له أن ينفر...(في قول اللّه عزّ و جلّ)411

«حرف الضاد»

ضحّ بها و لا تصلح لغيرك 291

ضحّى بكبشين أقرنين أملحين 278،300

ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبش أجذع أملح فحل سمين 199-200،296

«حرف الطاء»

طاف راكبا 33

الطواف بالبيت صلاة 362

«حرف العين»

عزّت البدن سنة بمنى حتّى بلغت البدنة مائة 323

عثر محمل أبي بين عرفة و المزدلفة 78

عرفة كلّها موقف و لو لم يكن إلاّ ما تحت خفّ ناقتي 64

على الأرض(عن الوقوف بعرفات فوق الجبل)65

على الإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف و يصلّي الظهر 25

على الصرورة أن يحلق رأسه و لا يقصّر إنّما التقصير لمن حجّ حجّة الإسلام 331

ص:476

عليكم بحصى الخذف 114

عليه بدنة ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكّة 59

عليه أن ينحرها حيث جعل اللّه عليه في فناء الكعبة منحر البدن 266-267

عليه دم إذا بات(عن رجل بات ليلة من ليالي منى بمكّة؟)374

عليه دم شاة 377

عليه الهدي(في المتمتّع،قال:)184

عليه مثل ما على الحرّ إمّا أضحيّة و إمّا صوم 160

«حرف الغين»

غدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من منى حين صلّى الصبح صبيحة يوم عرفة 42

الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس و يجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين 42

«حرف الفاء»

فاتّقوا اللّه في النساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة اللّه 12

فاحلبها ما لا يضرّ بولدها 316

فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر 354

فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد غروب الشمس 54

فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار 110

فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد 358

فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل 130

فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم فلبّ فإذا انتهيت إلى الردم 19

فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة 29

ص:477

فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين 37-38

فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبتاع سبع شياه فيذبحهنّ 234

فإذا مررت بوادي محسّر و هو واد عظيم بين جمع و منى فاسع فيه 110

فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها 124

فإن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات 51،55

فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة مفردة 51،100

فإن وجدت سعة فاهدر،و إن لم تجد سعة فصم ثلاثة أيّام في الحجّ 163

فتلت قلائد هدي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ أشعرها و قلّدها 269

فخطب الناس ثمّ أذّن بلال و أقام 27

فطاف الذين أهلّوا بالعمرة و بين الصفا و المروة ثمّ حلّوا ثمّ طافوا طوافا آخر 364

فطركم يوم تفطرون و أضحاكم يوم تضحّون 62

فعرفات كلّها موقف و ما قرب من الجبل فهو أفضل 47-48

فقال الحكم:عند زوال الشمس(ما حدّ رمي الجمار؟)385

فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي و الرجل كذلك 400

فلمّا أضاء له النهار أفاض حتّى انتهى إلى منى و نحر عليّ عليه السّلام 143

فليتسحّر ليلة الحصبة و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده 207،232

فليرجع إلى منى حتّى يحلق شعره بها أو يقصّر و على الصرورة أن يحلق 336-337

فليرجع فليرم كلّ واحدة بحصاة 393

فليرمها في اليوم الثالث لما فاته و لما يجب عليه في يومه 140،397

فليصم ثلاثة أيّام ليس فيها أيّام التشريق و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها 220

فليصم عن كلّ صبيّ وليّه 165

فليصم قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم عرفة 206

ص:478

فليكن آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب 437

فمره فليصم و إن شئت فاذبح عنه.(عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع قال)162

فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه...فلو سكت لم يبق أحد إلاّ تعجّل 409

فمن لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق و ليس له التقصير 332

في أيّ شيء كانوا يتكلّمون 348

في رجل نسي أن يذبح حتّى زار البيت فاشترى بمكّة ثمّ نحرها 275

في قول اللّه عزّ و جلّ فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ قال:ذلك حين تصفّ للنحر 170

«حرف القاف»

قال عليه السّلام لمّا هبط مكان محسّر أيّها الناس عليكم بحصى الخذف 117

القانع:الذي يقنع بما أعطيته،و المعترّ:الذي يعتريك،و السائل:الذي 258

قبل أن تطلع الشمس بقليل هي أحبّ الساعات إليّ 95

قد فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاّهما في الشعب 78

قد كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من قصّر و لم ينكر عليه 330

قرّب كبشا 292

قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ضحايا بين أصحابنا فأعطاني جذعا 290

قصّ الشارب و الأظفار(في قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ )440

قم عند الجمرتين و لا تقم عند جمرة العقبة 141،384

«حرف الكاف»

كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يكره أن يخرج الشعر من منى 338

كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت 97

ص:479

كان أبي يقول:الداخل الكعبة يدخل و اللّه راض عنه و يخرج عطلا من الذنوب 422

كان أبي يقول:لو أنّ لي طريقا إلى منزلي من منى،ما دخلت مكّة 417

كان أبي عليه السّلام ينزل الأبطح قليلا ثمّ يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح 419

كان أبي عليه السلام ينزل الحصبة قليلا،ثمّ يرتحل و هو دون خبط و حرمان 420

كان أبي ينزلها ثمّ يرتحل فيدخل مكّة من غير أن ينام فيها 419

كان أهل الجاهليّة يقولون:أشرق ثبير يعنون الشمس 94

كان أهل الشرك و الأوثان لا يدفعون من المزدلفة 109

كان جعفر عليه السّلام يقول:ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ 218

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمار ماشيا 133

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله...يسير العنق فاذا وجد فجوة نصّ 70

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضحّي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد و يمشي في سواد 195

كان عليّ عليه السّلام إذا ساق البدنة و مرّ على المشاة،حملهم على بدنه 325

كان عليّ بن الحسين و أبو جعفر عليهم السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم و بثلث على السؤّال و ثلث يمسكانه لأهل البيت 324

كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى 338

كان عيسى بن أعين إذا حجّ فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه حتّى يفيض الناس 46

كان الناس يقلّدون الغنم و البقر و إنّما تركه الناس حديثا 268

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يسأل يوم النحر بمنى قال رجل رميت بعد ما أمسيت فقال:

لا حرج 139

كان يأخذ الحصى من جمع 107

كان يصلّي به الظهر و العصر و المغرب و العشاء و يهجع هجعة 418

كان يقدّم ضعفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة 92

ص:480

كبّر مع كلّ حصاة(ما أقول إذا رميت؟قال)141،384

الكبش السمين خير من الخصيّ و من الأنثى 200،297

كره الصمّ منها 120

الكسير و المبطون يرمى عنهما،قال:و الصبيان يرمى عنهم 395

كلوا و تزوّدوا(كنّا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث فرخّص لنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:)262

كلّ ثلثا و أهد ثلثا و تصدّق بثلث.(فأيّ شيء أعطي منها؟)174

كلّ شيء إلاّ النساء.(عن الحاجّ يوم النحر ما يحلّ له؟قال:)349

كلّ شيء إلاّ النساء و الطيب.(عن المتمتّع ما يحلّ له يوم النحر؟قال:)349

كلّ عرفة موقف و ارتفعوا عن بطن عرنة 64

كلّ عرفة موقف...و كلّ المزدلفة موقف و كلّ فجاج مكّة طريق و منحر 63

كلّ المزدلفة موقف 96

كلّ منحور مذبوح حرام و كلّ مذبوح منحور حرام 166

كلّ من ساق هديا تطوّعا فعطب هديه فلا شيء عليه ينحره 244

كلّ منى منحر و كلّ فجاج مكّة منحر و طريق 173

كلّ هدي من نقصان الحجّ فلا تأكل منه،و كلّ هدي من تمام الحجّ فكل 261

كما طلبت الخير فاذهب و اذبح عنه شاة سمينة 164

كنّا نتمتّع مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها 237

كنّا نقول:لا يخرج شيء لحاجة الناس إليه(عن إخراج لحوم الأضاحيّ من منى؟فقال)310

كنت أفتل القلائد للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيقلّد الغنم و يقيم في أهله حلالا 267-268

كنت أفتل قلائد هدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ يقلّدها هو بيده 288

كنت في الموقفين فلمّا أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب...و كان مصابا بإحدى عينيه 46

ص:481

«حرف اللاّم»

لا.(أ يضحّى بالخصيّ؟قال)297

لا.(سألته عن الأضحيّة بالخصيّ،قال)193

لا.(عن الزيارة بعد زيارة الحجّ؟فقال)380

لا.(هل يجوز للمحرم المتمتّع أن يمسّ الطيب؟)351

لا أحبّ ذلك إلاّ لضرورة 240

لا أرى عليه شيئا و قد أساء فليستغفر اللّه 48

لا،إنّما هو طواف النساء بعد الرجوع من منى 366

لا،إنّما هو للمساكين و إن لم يكن مضمونا فليس عليه شيء 261

لا بأس.(فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل،فقال)375

لا بأس.(يتعجّل الرجل قبل التروية بيوم...من أجل الزحام...؟)26

لا بأس،أن يأتي الرجل مكّة فيطوف بها أيّام منى و لا يبيت بها 379

لا بأس أن يرمي الخائف بالليل و يضحّي و يفيض بالليل 138

لا بأس أن يشتري الحاجّ من لحم منى و يتزوّده 310

لا بأس أن يصلّي الرجل إذا أمسى بعرفة 68،78

لا بأس أن يضحّي بها.(عن هرمة قد سقطت ثناياها تجزئ في الأضحيّة)324

لا بأس أن يفيض الرجل إذا كان خائفا 93

لا بأس أن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف فإنّ فيه 36

لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل زوال الشمس 412

لا بأس بأن تؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر...مخافة الأحداث و المعاريض 357

لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل و يضحّي و يفيض بالليل 387

لا بأس به(عن رجل رمى الجمار و هو راكب،فقال)134

ص:482

لا بأس به(في التقدّم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس)93

لا بأس به إن كانت به علّة أو كان ناسيا 431

لا بأس،عرّف بها،أو لم يعرّف(عمّن اشترى شاة لم يعرّف بها)201

لا بأس قد أجزأ عنه 276

لا بأس و إن أبدلها فهو أفضل،و إن لم يشتر فليس عليه شيء 248،314-315

لا بأس يقصّر و يطوف للحجّ ثمّ يطوف للزيارة ثمّ قد حلّ من كلّ شيء 336

لا بأس و ليس عليه شيء و لا يعودنّ(عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي؟قال)341

لا بدّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع،فإذا دخلته فادخله بسكينة 424

لا بدّ من الصيام،(كتب إليه أحمد بن القاسم في رجل تمتّع)228

لا تبت أيّام التشريق إلاّ بمنى...إلاّ أن يكون شغلك نسكك أو خرجت من مكّة 376

لا تجوز إلاّ عن واحد بمنى 323

لا تجوز البدنة و البقرة إلاّ عن واحد بمنى 237

لا تجوز في الأضاحيّ أربع:العوراء...و العرجاء...و المريضة...و العجفاء...294

لا تجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس 28

لا تخرجنّ شيئا من لحم الهدي 309

لا تذبحوا إلاّ مسنّة إلاّ أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعا من الضأن 185

لا ترم الجمار إلاّ بالحصى 108،117

لا ترم الجمار إلاّ و أنت على طهر 132

لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت،فإن هو مات فليقض عنه وليّه 368

لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت،(قلت:فإن لم يقدر؟قال)يأمر من يطوف عنه 368

لا تشرب من لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها 316

لا تصلّ المغرب حتّى تأتي جمعا 73

ص:483

لا تصلّ المكتوبة في الكعبة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يدخل الكعبة في حجّ و لا عمرة 426

لا تصلّهما حتّى تنتهي إلى جمع،كما جمع بين الظهر و العصر بعرفات 73

لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة 426

لا تضحّى بالعرجاء...و لا بالعجفاء 194

لا تطل و لا تنتف و لا تحرّك شيئا 18

لا،حتّى ينشقّ الفجر،كراهية أن يبيت الرجل بغير منى 378

لا،حتّى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة ثمّ قد حلّ له كلّ شيء إلاّ النساء 347

لا،حتّى يطوف بالبيت...ما أرى عليه شيئا 350

لا حرج.كان ينبغي لهم أن يؤخّروه 370

لا،صلّ المغرب و العشاء ثمّ تصلّي الركعات بعد 76

لا عرفة إلاّ بمكّة و لا بأس أن يجتمعوا في الأمصار 68

لا عليك،ضحّ بها 202

لا عمل إلاّ بنيّة 31،122

لا نذر في معصية اللّه و لا فيما لا يملك ابن آدم 267

لا،و لكن يخرج ثقله و لا يخرج حتّى تزول الشمس 412

لا،و لكن يطاف به 396

لا،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها و سبعة إذا رجع إلى أهله.(أ فيها أيّام التشريق؟)210

لا،و لكن يمضي على إحرامه 21

لا يأخذ من حصى الجمار 118

لا يبيت المتمتّع يوم النحر بمنى حتّى يزور 355

لا يبيتنّ أحد من الحاجّ إلاّ بمنى و كان يبعث رجالا لا يدعون أحدا 372

ص:484

لا يبيتنّ أحد من وراء العقبة من منى ليلا 373

لا يبيعه...(عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب)247

لا يتزوّد الحاجّ من أضحيّته و له أن يأكل منها إلاّ السنام فإنّه دواء 310

لا يجزئه إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه 193،245

لا يجوز الجذع من المعز؛...لأنّ الجذع من الضأن يلقح و الجذع من المعز لا يلقح 187

لا يحلق رأسه و لا يزور حتّى يضحّي فيحلق رأسه و يزور متى شاء 276،340

لا يخرج منه شيء إلاّ السنام بعد ثلاثة أيّام 309

لا يذبح ضحاياكم إلاّ طاهر 299

لا يذبح عنه إلاّ في ذي الحجّة،و لو أخّره إلى قابل 205

لا يصلح إلاّ و هو على غير وضوء.(هل يصلح له أن يقف بعرفات على غير وضوء؟)35-36

لا يصلح أن يجعلها جرابا إلاّ أن يتصدّق بثمنها 274-275 و 308

لا يصلح له حتّى يتصدّق بها صدقة أو يهريق دما،فإن خرج من منى بعد نصف الليل 376

لا يصوم الثلاثة الأيّام متفرّقة 208

لا يصومها في السفر 217،233

لا يضحّى إلاّ بما قد عرّف به 200-201

لا يضحّى بشيء من الدواجن 324-325

لا يضحّى بالعرجاء البيّن عرجها...و لا بالعضباء...و هي المكسورة القرن 188

لا يضحّى عمّن في البطن 324

لا يضرّه إذا كان قد قضى مناسكه 431

لا يغطّي رأسه حتّى يطوف بالبيت و بالصفا...ما أرى عليه شيئا 351

لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا.(عن الرجل زار البيت قبل أن يحلق)275،336،341

لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا.إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر 341،369

ص:485

لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر إلاّ بمنى يوم التروية و يبيت بها و يصبح بها حتّى تطلع 24-25

لا ينفر إلاّ بوداع 437

لا ينفرنّ أحدكم حتّى يكون آخر عهده بالبيت 429،430،432،433

لا،هذا يتزيّن به المؤمن يصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئا 164-165

لبّد شعره فحلقه 331

لتأخذوا عنّي مناسككم فإنّي لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد حجّتي هذه 134

لمّا أراد أن يقصّر من شعره للعمرة أراد الحجّام أن يأخذ من جوانب الرأس 333

لمّا أتى وادي محسّر حرّك قليلا و سلك الطريق الوسطى 110

لمّا سقطت الحصاة السابعة رمت بخاتمها 119

لم يرخّص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأحد يبيت بمكّة إلاّ للعبّاس من أجل سقايته 372

لم يقدر على الصوم 228

لمن اتّقى الرفث و الفسوق و الجدال و ما حرّم عليه في إحرامه 411

لو أنّ رجلا قدم إلى أهله بعد الأضحى بيومين ضحّى اليوم الثالث الذي يقدم فيه 282-283

لو لا ما منّ اللّه تعالى به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم 364

له إلى طلوع الشمس يوم النحر فإن طلعت الشمس...فليس له حجّ 101

له أن ينفر ما بينه و بين أن تصفرّ الشمس،فإن هو لم ينفر حتّى يكون عند غروبها 414

ليس طواف النساء إلاّ على الحاجّ 366-367

ليس على النساء حلق،إنّما على النساء التقصير 333

ليس عليه أن يعيد 400

ليس عليه شيء فليعمد الإحرام بالحجّ 22

ليس عليه شيء كان في طاعة اللّه عزّ و جلّ 375-376

ليس عليه شيء و قد أساء(عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى)375

ص:486

ليس عليه طواف النساء(عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟قال)365

ليس عندي من ذلك علم(سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من أيّام النحر...؟)421

ليس للصرورة أن يقصّر و عليه أن يحلق 331

ليس المحصّب سنّة إنّما هو منزل نزله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 420

ليس هذا بمنزلة هذا و ما أحبّ أن ينشقّ له الفجر إلاّ و هو بمنى 374

«حرف الميم»

ما أرى عليه شيئا 350

ما أرى عليه شيئا،و إن لم يفعل كان أحبّ إليّ 351

ما أرى عليه قضاء 227

ما أنهر الدم و فري الأوداج فكل 298

ما خفّ فهو أفضل 323

ما شهد هذا الموضع نبيّ و لا وصيّ نبيّ إلاّ صلّى هذه الصلاة 68

ما صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة قبل وقتها إلاّ الصبح بجمع 85

ما ضحّى بمنى شاة أفضل من شاتك 249

ما كرهت فدعه و لا تحرّمه على أحد 187

ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس(سئل عن الأضاحي إذا كانت الأذن مشقوقة؟)192

ما يأكل منه الذي يهديه في متعته و غير ذلك،فقال:كما يأكل من هديه 259

ما يعجبني أن يلقي شعره إلاّ بمنى.(عن الرجل ينسى أن يحلق رأسه حتّى ارتحل)337

ما يقبل من ذلك يرفع 118

ما يكون من الرجل في حال إحرامه،فإذا دخل مكّة طاف و تكلّم بكلام طيّب 440

ما يمنع أحدكم من أن يحجّ كلّ سنة؟فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا 289

ص:487

مائة ذراع 111

متى ألبّي بالحجّ؟قال:إذا خرجت إلى منى 16

مرّ إلى أمّ سليم بنت ملحان فمرّ إليها ثمّ رجع بعد لبث و هو يضحك 437

المسكين على بابك فتصدّق عليه بالجنّة 437

المعتمر يطوف و يسعى و يحلق 365

المقام بمنى أفضل و أحب إليّ 380

المملوك لا حجّ له و لا عمرة 164

منى كلّها منحر 172

موطنان لا أذكر فيهما عند الذبيحة و عند العطاس 301

من أتى النساء في إحرامه،لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل 411

من أخرجه فعليه أن يردّه 338

من أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ 57

من أدرك ركعة من العصر 58

من أدرك صلاتنا هذه يعني صلاة الصبح يوم النحر...و أتى عرفات 33

من أدرك عرفات بليل 57

من أدرك المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتّى تنفر الناس 414

من أدرك المشعر الحرام من يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ 104

من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنة 183

من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتّى تمضي أيّام التشريق فعليه أن يرميها من قابل 401

من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع و ليأت جمعا و ليبت بها 88

من أفاض من عرفات مع الناس و لم يبت معهم بجمع 106

من أيّ المسجد شئت.(من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟)18

ص:488

من ترك رمي الجمار متعمّدا،لمّ تحلّ له النساء و عليه الحجّ من قابل 402

من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له 80،87

من ترك نسكا فعليه دم 58،91،225،374

من تعجّل في يومين فلا ينفر حتّى تزول الشمس 414

من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتى يحضر الحاجّ فعليه شاة 146

من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّه عزّ و جلّ به ملكا يقول:و لك مثلاه 47

من دعا لأخيه بظهر القلب نودي من العرش و لك مائة ألف ضعف مثله 45

من راح في الساعة الأوّلة فكأنّما قرّب بدنة 292

من زار فنام في الطريق فإن بات بمكّة فعليه دم 377

من شاء اقتطع.(لمّا نحر البدنات الخمس قال:)263

من شاء فليقتطع 246

من شاء من الناس كلّهم أن ينفر في النفر الأوّل إلاّ آل خزيمة فلا ينفروا 410

من شهد صلاتنا هذه و وقف معنا...فقد تمّ حجّه 57

من صلّى معنا هذه الصلاة...و أتى عرفات...فقد تمّ حجّه 53،80،90

من عيّن أضحيّة فلا يستبدل بها 313

من فاته الرمي حتّى تغيب الشمس،فلا يرم حتّى تزول الشمس من الغد 139

من فاته صيام الثلاثة الأيّام التي في الحجّ،فليصمها أيّام التشريق 222

من فاته صيام الثلاثة في الحجّ و هي قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة 222

من فيكم مثلي و أنا الذي ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هديي بيده 168

من فيكم مثلي و أنا شريك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هديه 168

من قدّم شيئا قبل شيء،فلا حرج 369

من قدّم نسكا بين يدي نسك،فلا حرج 389

ص:489

من كان متمتّعا فلم يجد هديا،فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله 211

من كان منكم ليس معه هدي فليحلّ و ليجعلها عمرة 328

من لبّد فليحلق 331

من لم يجد ثمن الهدي فأحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في العشر الأواخر،فلا بأس بذلك 224

من لم يجد الهدي و أحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في أوّل العشر،فلا بأس بذلك 215

من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرّم،فعليه دم شاة 225

من لم يكن أهدى،فليطف بالبيت و بالصفا و المروة و ليقصّر 144

من مات و لم يكن له هدي لمتعته،فليصم عنه وليّه 227

من وقف معنا حتّى ندفع و قد وقف بعرفة 82

«حرف النون»

النحر بمنى ثلاثة أيّام.فمن أراد الصوم،لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام 181،283

نحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و ستّين بدنة بيده ثمّ أعطى عليّا عليه السّلام 167

نحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبع بدن قياما 143

النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصيّ من الضأن 200،297

نعم.(أ تغتسل النساء إذا أتين البيت؟قال)360

نعم.(أ فأغطّي رأسي؟قال)347

نعم.(أ فألبس القميص؟)347

نعم.(أ فألطخ رأسي؟)347

نعم.(ألبس القميص و أتقنّع؟قال)350

نعم.(أله أن يضحّي في اليوم الثالث؟)180

نعم.(عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا...؟)25

ص:490

نعم.(عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟قال)365

نعم.(هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟)24

نعم.(يخرج الرجل الصحيح مكانا أو يتروّح بذلك؟)26

نعم.إذا شئت.(أ فألبس القميص؟قال)347

نعم،أ فليس هو يوم عرفة مسافرا 206

نعم،إلاّ أن يكون هديا واجبا،فإنّه لا يجوز ناقصا 197،324

نعم،إن شاء(عن الرجل يزور البيت في أيّام التشريق؟)379

نعم،إنّما له ما نوى(عن الضحيّة...أ تجزئ عن صاحب الضحيّة؟)169

نعم،تريد أن تصنع كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(معنا نساء فأفيض بهنّ بليل؟)93

نعم،الحنّاء و الثياب و الطيب و كلّ شيء إلاّ النساء 348

نعم،عليهم الطواف كلّهم.(عن الخصيان و المرأة الكبيرة أ عليهم طواف النساء؟)367

نعم،ما لم يحرم(عن الرجل يأتي المسجد الحرام و قد أزمع بالحجّ يطوف بالبيت؟قال)21

نعم،من غير أن تمسّ شيئا من الطيب...(أطلي رأسي بالحنّاء؟)350

نعم،من غير أن تمسّ شيئا من الطيب(أ فألطخ رأسي بالحنّاء؟)347

نعم،و عن سبعين.(عزّت الأضاحيّ...أ فيجزئ اثنين أن يشتركا في شاة؟)238

نعم،و الغداة بمنى يوم عرفة.(هل صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟)25

نعم،يؤكل من البدن 262

نعم،يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه(عن المريض يرمى عنه الجمار؟)395

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثة أيّام 309

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها 333

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بأعضب الأذن و القرن 189،190

ص:491

نهى عن الذبح ليلا 304

«حرف الواو»

و ابدأ بالجمرة الأولى ثمّ تقدّم أيضا و افعل ذلك عن الثانية 389

و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل 384

و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا 54

و أردف الفضل بن عبّاس و كان رجلا حسن الشعر أبيض و سيما 13

و ارمها من بطن الوادي و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ 120،128

و إذا أهديت هديا واجبا فعطب فانحره بمكانه 247

و إذا رأيت خللا فتقدّم فسدّه بنفسك و راحلتك 66

و إذا لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق و ليس له التقصير 331

و اعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار 20

و اللّه ما دعوت فيه إلاّ لإخواني 45

و إن اشترى الرجل هديا و هو يرى أنّه سمين أجزأ عنه 196

و إن اشتراه و هو يعلم أنّه مهزول،لم يجزئ عنه 194

و إن أصابت إنسانا أو جملا ثمّ وقعت على الجمار،أجزأك 126

و إن قدم و قد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده 88

و إنّما تعجّل الصلاة و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنّه يوم دعاء و مسألة 43

و إنّما لكلّ امرئ ما نوى 31

و إنّما له أن يشرب ما لم يشتدّ 440

و إنّما يكفيهما اليسير من الدعاء 106

و أوّل ربا أضع ربانا ربا عبّاس بن عبد المطلّب 12

ص:492

و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل موقف 29،64

و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر 26

و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين 38

و عليه الهدي(في المتمتّع؟)144

و الفحل من الضأن خير من الموجوء و الموجوء خير من النعجة و النعجة خير من المعز 296

و القانع:الذي يقنع...و المعترّ 259

و قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به،كتاب اللّه 12

وقفت هاهنا بجمع و جمع كلّها موقف 97

الوقوف بالمشعر فريضة 88

الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنّة 50

و كان ابن مسعود يفعله 30

و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين 168

و كبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير 405

و لا بالجذّاء و هي المقطوعة الأذن 189

و لا بدّ له بعد الحلق من طواف آخر 365

و لا تأخذ من حصى الجمار الذي قد رمي 109

و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة 79

و لا ترم على الجمرة 120

و لا تشرب لبنها إلاّ ما فضل عن ولدها 255

و لا تنخعها حتّى تموت 302

و لا يجمع الثلاثة و السبعة جميعا 210

ولد لأبي الحسن عليه السّلام مولود فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران 348

ص:493

و لذلك جرت السنّة بإشعارها و تقليدها إذا عرفت 253

و له أن يأكل منه 244

و ليس عليه هدي و لا أضحيّة 145

و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع 129

و ما قرب من الجبل فهو أفضل 67

و المسنّة تجزئ عن سبعة نفر متفرّقين 322

و من اشترى هديا و هو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا،أجزأ عنه 196

و من تمتّع في غير أشهر الحجّ...إنّما هي حجّة مفردة 146

و من دخله كان آمنا فآمنّي من عذابك و أجرني من سخطك 426

و هل هي إلاّ من البدن.(كنّا ننحر البدنة عن سبعة قيل له:و البقرة؟فقال)235

و يشقّ سنامها الأيمن 271

«حرف الهاء»

هات،فشرب منه 440

هذا قزح و هو الموقف و جمع كلّها موقف 85

هذا الموقف و كلّ عرفة موقف 63

هذا يوم الحجّ الأكبر 343

هذه مكان عمرتك 156

هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 74

هاهنا أبو طلحة و دفعه إلى أبي طلحة 333

هو أفقه منك أ ليس قد حلقتم رءوسكم؟348

هو الحلق و ما كان على جلد الإنسان(عن التفث؟قال)332

ص:494

هو طواف النساء.(في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال)364

هو و اللّه ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.(حدّ رمي الجمار؟)136،385

هو واجب على كلّ مسلم إلاّ من لم يجد 281

هو يوم النحر و الأصغر العمرة.(سألته عن الحجّ الأكبر،فقال)343

«حرف الياء»

يا أبا محمّد ما دعوت اليوم لنفسي دعوة،فقلت:فلمن دعوت؟قال:لإخواني 47

يا أبة إنّ موسى أكل خبيصا فيه زعفران و لم يزر بعد 348

يا أهل مكّة لا تقصّروا في أقلّ من أربعة برد 41

يا أيّها الناس لا يقتل بعضكم بعضا فإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل 115

يا حكم أ رأيت لو أنّهما كانا اثنين،فقال أحدهما لصاحبه:احفظ علينا متاعنا 136،385

يا رسول اللّه إنّي أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلاثمائة دينار 273

يأتي مكّة فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة 101

يأخذ ما رمى و يرمي الجمرة الوسطى ثمّ جمرة العقبة 389

يأكل من أضحيّته و يتصدّق بالفداء.(عن فداء الصيد؟)261

يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق و في العقيقة بالحلق قبل الذبح 275

يبعث بدم(إذا لم يجد الهدي حتّى يقدم إلى أهله،قال)225

يبيعه و يتصدّق بثمنه و يهدي هديا آخر 247

يتصدّق بتمرة أو لقمة فذكرت ذلك لمجاهد،فقال:إنّ أبا عبد الرحمن 391

يتّقي الصيد حتّى ينفر أهل منى في النفر الأخير 411

يتمتّع أحبّ إليّ و ليكن إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين 159

يجزئك من الأضحيّة هديك 281

ص:495

يجزئك و لا يجزئ أحدا بعدك(يا رسول اللّه عندي جذعة من المعز،فقال)192

يجزئ من الضأن الجذع،و لا يجزئ من المعز إلاّ الثنيّ 186،291

يجزئه إن لم يحدث،فإن أحدث ما يوجب وضوءا،فليعد غسله 360

يجزئه أن يصوم يوما آخر.(فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة؟قال)208

يجزئه وقوفه 47

يجوز الجذع من الضأن أضحيّة 185

يجوز ذكورة الإبل و البقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث،و الإناث أفضل 199،296-297

يحلق في الطريق أو اين كان 337

يحلقه بمكّة و يحمل شعره إلى منى و ليس عليه شيء 337

يحمل إلى الجمار و يرمى عنه 396

يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة و يأمر من يشتري له 204

يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكّة 204-205

يذبحه و قد أجزأ عنه 245

يرتفعون إلى وادي محسّر 66،98

يرتفعون إلى المأزمين 98

يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة(إنّ صاحبيّ هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة)105

يرجع.(فيمن جهل و لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتّى أتى منى،قال)105

يرجع إلى منى حتّى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا 336

يرجع فليرمها(رجل نسي رمي الجمار)400

يرجع فيرمي متفرّقا فيفصل بين كلّ رميتين بساعة 400

يرجع فيعيد السعي إنّ هذا ليس كرمي الجمار 363

يردّ الشعر إلى منى(في الرجل يحلق رأسه بمكّة)337

ص:496

يرسل فيطاف عنه فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليّه 368

يركبها غير مجهد و لا متعب(أ يركب هديه إن احتاج إليه؟)325

يرمي إذا أصبح مرّتين:مرّة لما فاته،و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه 139،397،402

يرمي الجمار و هو راكب حتّى رماها كلّها 134

يرمي جمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبعة و يرمي جمرة العقبة بسبع 392

يرمى عنه(عن المريض لا يستطيع أن يرمي الجمار،فقال)396

يرمى عنه الجمار(عن رجل أغمي عليه،فقال)395

يرمى عنها و عن المبطون.(عن امرأة سقطت من المحمل)396

يستحبّ أن يرمي الجمار على طهر 133

يستحبّ للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكّة حتّى يشتريا بدرهم تمرا يتصدّقان به 440

يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام و أن يدخل البيت 86

يشتري مكانه آخر...إن كانا جميعا قائمين(عن رجل اشترى كبشا فهلك منه)251

يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له 231

يشتريها فإذا اشترى،باع الأولى و لا أدري شاة قال أو بقرة 196

يصوم الأيّام التي قال اللّه تعالى 217

يصوم أيّام منى فإن فاته ذلك،صام صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك 220

يصوم ثلاثة أيّام،(عن رجل تمتّع فلم يجد هديا،قال)210،220

يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق 206

يصوم ثلاثة أيّام بمكّة و سبعة إذا رجع إلى أهله 212

يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ،يوما قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة 207،232

يصوم ثلاثة أيّام في الطريق إن شاء،و إن شاء صام عشرة في أهله 216

يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق 208،214

ص:497

يصوم يوم الحصبة و بعده بيومين 206

يعيد غسله؛لأنّه إنّما دخل بوضوء 360

يعيدها(عن رجل رمى جمرة العقبة بستّة حصيات و وقعت حصاة في محمل؟قال)393

يعيدها إن شاء من ساعته و إن شاء من الغد إذا أراد الرمي و لا يأخذ من حصى الجمار 390،393

يعيد على الوسطى و جمرة العقبة 389

يعيد و يرميهنّ جميعا بسبع سبع 392

يكره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة 112

يواعد أصحابه يوما فيقلّدونه،فإذا كان تلك الساعة،اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر 289

اليوم المشهود يوم عرفة 67

يوم النحر(سألته عن المتمتّع متى يزور؟قال)354

يوم النحر أو من الغد،و لا يؤخّر،و المفرد و القارن ليسا سواء،موسّع عليهما 356

يؤكل من الهدي كلّه مضمونا كان أو غير مضمون 261

ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتّى تطلع الشمس و سائر الناس إن شاءوا عجّلوا 95

ينبغي للصرورة أن يحلق و إن كان قد حجّ فإن شاء قصّر و إن شاء حلق 331

ينبغي للمتمتّع أن يزور البيت يوم النحر و من ليلته لا يؤخّر ذلك اليوم 355

ينحره و يكتب كتابا و يضعه عليه ليعلم من يمرّ به أنّه صدقة 250

ص:498

فهرس الأماكن و البلدان

«حرف الألف»

الأبطح:16،19،419،420

الأراك:50،64،65،66

«حرف الباء»

باب الحنّاطين:436

بئر زمزم:439

البطحاء:419

بطن عرنة:29،36،64

بطن محسّر:13،63

بطن المسيل:383،384

بطن الوادي:12،14،73،127،128،143

بغداد:208،209

البيت الحرام:14،20،21،86،93،101، 257،275،276،289،328،335،336، 341،343،347،348،349،350،351، 353،354،357،358،359،360،362، 364،368،369،379،422،425،426، 429،430،431،432،436،438

«حرف التاء»

التنعيم:156،419

«حرف الثاء»

ثويّة:29،64

«حرف الجيم»

الجبل:29،64

جبل طيّئ:57

جمع:51،52،55،57،73،79،85،88، 89،90،96،97،98،100،101،103، 106،107،110،115،136

ص:499

الجمار الثلاث:382،383،408

الجمرة العظمى:93،391

جمرة العقبة:14،113،120،122،127، 129،133،135،138،141،142،143، 333،380،382،383،384،386،387، 388،397،401

الجمرة الكبرى:14

«حرف الحاء»

الحجر:16،18،19

الحجر الأسود:359،361،436

الحديبيّة:174،175،289،330

الحرم:67،108،119،152،153،172، 173،174،175،202،265،266،267، 274،289،408،433،435

حرمان:420

الحصبة:419

الحياض:96

«حرف الخاء»

خبط:420

الخيف:14

«حرف الذال»

ذي المجاز:29،64

«حرف الراء»

الردم:16،19

الرقطاء:16،19

الركن الغربيّ:425

الركن اليمانيّ:425،436

«حرف الزاي»

زمزم:426،439

«حرف السين»

سقيا:175

السقاية:439

سقاية العبّاس:381

«حرف الشين»

شعب الدبّ:16،19

«حرف الصاد»

الصفا:20،132،144،328،347،350،

ص:500

351،359،361،363،364

«حرف العين»

عرفات:14،15،18،20،22،23،26،29، 33،51،52،53،54،55،57،58،59،60، 63،64،65،67،69،71،73،80،85،90، 91،93،97،98،99،100،101،102، 103،104،106،107،150،151،350، 351،369

عرفة:12،15،25،27،28،29،30،31، 32،36،39،40،42،43،44،49،50،51، 56،61،63،64،67،68،70،71،74،78، 86،96،107،200،206،207،214، 215،218،224،232،233،345،410

عرنة:36،66

العقبة:19،26،113،114،131

عقبة المدنيّين:377

«حرف الفاء»

فجاج مكّة:63

«حرف القاف»

قزح:85

«حرف الكاف»

الكعبة:17،128،129،174،277،422، 423،425،426،427،428،436

الكوفة،208،266

«حرف الميم»

المأزمين:66،72

المحصّب:418،420

المدينة:18،289،290

المروة:20،93،101،132،144،328، 347،350،351،359،361،363،364

المزدلفة:13،35،40،56،63،64،72، 73،75،76،78،79،80،83،85،87،91، 92،93،94،96،97،98،105،106،107، 109،113،138،410

المساجد:109

المسجد:16،18،358،361،417،422، 427،438

مسجد الحرام:21،25،108،109،145،

ص:501

147،151،157

مسجد الخيف:25،108،109،391

مسجد رسول اللّه:418

مسجد منى:418

المشاعر:44

المشاعر العظام:43

المشعر الحرام:12،13،14،50،51،52، 54،55،57،69،73،81،86،87،88،89، 92،93،97،98،99،100،101،102، 103،104،105،106،107،111،343، 350،351،382

المقام:19،20،21،436،438

مقام إبراهيم عليه السّلام:16،18،359،361

المقبرة:420

مكّة:14،15،17،23،24،27،40،43، 52،57،59،63،68،93،101،113،137، 146،148،149،150،151،152،154، 156،159،173،174،177،178،202، 208،209،210،211،212،220،233، 234،238،241،265،275،277،337، 353،354،358،359،360،361،371، 372،373،374،375،376،378،379، 380،381،383،391،408،409،416، 417،419،422،426،429،430،433، 434،438،440

الملتزم:436

المنارة:417

المنحر:14

منى:11،14،15،16،19،20،21،23، 24،25،26،27،28،42،63،66،80،88، 93،98،101،105،106،107،109، 110،113،131،133،139،143،172، 173،174،177،178،179،180،181، 205،219،220،225،230،237،238، 241،249،252،265،271،275،276، 277،281،282،283،284،310،321، 322،323،327،333،336،337،338، 339،343،345،353،354،360،369، 371،372،373،374،375،376،377، 378،379،380،381،391،395،408، 410،413،414،415،417،418

الموقف:29،36،42،43،45،47،48

الموقفين:46

الميزاب:17

ص:502

الميقات:149،150،151،153

«حرف النون»

نمرة:11،12،29،36،42،64،66

«حرف الواو»

وادي عرنة:63،65

وادي محسّر:26،28،66،96،97،98، 110،111،112،131

«حرف الهاء»

الهضاب:50

ص:503

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

«حرف الألف»

آل خزيمة:410

آل كعب:300

آل محمّد:423

الائمّة عليهم السّلام:123،127،328،367، 382

الأزديّ:47

الأصحاب:281

أصحاب أبي حنيفة:286

أصحاب الأراك:50

أصحاب الأعذار:92،395

أصحاب الحديث:281

أصحاب الرأي:34،36،37،41،96،123، 127،137،155،161،169،184،206، 216،245،246،256،257،260،266، 280،362،390

أصحاب الرحال:28

أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:185

أصحاب مالك:245

أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:235

أصحابنا:50،87،93،109،134،164، 228،248،253،258،272،290،299، 333،340،394،416،437

الأعجميّ:106

الأغنياء:246

أغيلمة بني عبد المطّلب:83،135

أمّهات المؤمنين:273

الأنبياء:26،45

ص:504

أهل الأعذار:435

أهل الأمصار:53،159،405

أهل البيت:324

أهل الجاهليّة:94،109

أهل خراسان:334

أهل الذمّة:265

أهل سقاية العبّاس:381

أهل السواد:285

أهل الشرك:109

أهل العلم:72،128،139،153،158، 268،334،408،409،431

أهل القرى:151

أهل مكّة:17،41،42،144،173،203، 204،409،410،433

أهل منى:411

أهل الموقف:48

أهل نجد:49

«حرف الباء»

بنو بكر:406

بنو سعد:12

بنو سليم:185

بنو عبد المطّلب:14،83،135

«حرف الجيم»

الجاهليّة:281

الجزّارين:274

الجمهور:11،15،17،23،31،34،37، 39،41،49،54،55،56،58،61،63،64، 72،80،82،85،87،89،90،91،92،94، 96،99،107،108،110،111،114، 119،123،127،128،134،135،137، 139،143،144،148،163،167،170، 171،172،185،189،190،192،194، 198،207،209،210،219،223،226، 227،234،237،247،251،254،255، 257،267،269،270،273،280،282، 288،289،290،294،299،303،306، 307،316،328،330،331،333،334، 339،340،342،345،347،353،354، 356،363،364،369،371،374،383، 385،386،406،409،410،414،418، 429،437،439

ص:505

«حرف الخاء»

الخاصّة:23،31،39،50،54،57،58، 63،64،70،73،76،82،87،90،91،92، 94،96،97،107،110،114،115،118، 120،123،128،129،132،136،138، 139،143،167،170،173،180،186، 188،189،190،191،193،198،210، 234،237،247،251،256،258،262، 266،268،271،282،291،292،307، 316،328،330،333،340،347،349، 354،355،364،369،372،374،383، 385

«حرف الشين»

الشافعيّة:126،172،272،320

«حرف الصاد»

الصحابة:190،269،328

«حرف العين»

العلماء:35،53،77،123،134،157، 187،203،215،248،290،305،420

علماء الإسلام:42،49،60،63،123، 144،289،290،353

علماء المسلمين:135

علماؤنا:38،40،41،52،73،76،87، 107،114،117،145،147،148،161، 172،189،192،206،207،209،210، 218،222،226،241،259،260،268، 271،273،279،281،286،288،290، 297،298،299،300،316،327،329، 339،341،343،346،356،364،365، 371،373،384،388،404،413،430

«حرف الفاء»

الفقراء:184،246،250،315،318،320

الفقهاء:64،87،90،91،148،384

الفقهاء الأربعة:33

فقهاء الأمصار:437

فقهاء أهل الأمصار:56

فقهاء الجمهور:181

«حرف القاف»

القدماء:40

ص:506

القرشيّ:12،419

قريش:11

«حرف الكاف»

الكتابيّ:299

الكوفيّون:59

«حرف الميم»

المجوسيّ:299

المحصّلون:218

المخالف:77،80،180،207،210،221، 232،256،271،293،410

المخالفون:331

مذهب عبد اللّه بن الحسن:223

مذهب عليّ عليه السّلام:222،223

مساكين الحرم:173

المساكين:202،285،314،321

المسلم:172،302

المسلمون:144،340،344

المشركون:32،94،344

المفسّرون:170

المكّيّ:16،144

المكّيّون:40

الموصليّ:48

«حرف النون»

نصارى العرب:299

«حرف الهاء»

هذيل:12

«حرف الواو»

واقفيّ:331

ص:507

فهرس الكتب المذكورة في المتن

«حرف الألف»

الاستبصار:161

الأمّ:58،431

الإملاء:58،149،209،430

«حرف التاء»

التبيان:327

التهذيب:197،337

«حرف الجيم»

الجمل و العقود:236،382

«حرف الحاء»

حرملة الشافعيّ:209

«حرف الخاء»

الخلاف:116،241،339،384

«حرف القاف»

القرآن:210،263،264،410،423

«حرف الكاف»

كتاب اللّه:12،230

كتابنا الكبير:402

«حرف الميم»

المبسوط:236

الموطّأ:437

«حرف النون»

النهاية:161،163،236

ص:508

فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام

«حرف الألف»

إبراهيم عليه السّلام:15،44

أبو إبراهيم عليه السّلام:65،95،163،193،

240،245،307،310،357،360،395

أبو جعفر عليه السّلام:16،25،58،97،112، 132،136،144،180،184،195،199، 238،258،281،284،296،309،323، 324،334،335،340،354،385،411، 412،422،440

أبو جعفر الثاني عليه السّلام:134،140،340، 394،436

أبو حسن:167

أبو الحسن عليه السّلام:25،26،52،56،57، 65،88،101،102،111،120،121، 128،159،161،208،210،214،217، 220،224،228،266،311،336،348، 360،364،365،367،369،374،377، 392،396،425،436

أبو الحسن الأوّل عليه السّلام:21،258

أبو الحسن الثالث عليه السّلام:239،322

أبو الحسن الثاني عليه السّلام:134،394

أبو الحسن الرضا عليه السّلام:164،238، 351

أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام:45، 138،208،324،396

أبو عبد اللّه عليه السّلام:16،17،18،20،23، 24،25،26،27،28،29،30،32،36،37، 38،39،43،44،47،50،51،53،54،55، 59،63،64،65،66،67،68،69،71،73، 76،78،79،82،86،88،90،91،92،93، 94،95،98،99،100،101،103،104، 105،106،108،109،111،114،115،

ص:509

117،118،119،120،123،124،126، 128،129،131،132،133،134،136، 138،139،140،141،143،145،146، 159،162،164،167،170،171،172، 173،174،178،180،181،186،189، 190،193،194،195،196،197،198، 199،200،201،204،205،206،208، 210،212،215،219،220،222،224، 225،226،227،230،231،232،234، 237،238،239،243،244،245،248، 249،250،251،252،254،255،256، 258،259،261،269،271،273،274، 275،276،281،282،283،289،291، 296،297،302،307،309،310،314، 316،321،322،323،324،325،328، 330،331،332،333،334،335،336، 337،338،341،342،343،344،347، 348،349،350،351،354،355،356، 358،360،363،364،365،368،372، 373،374،375،376،378،379،380، 383،384،385،387،389،390،392، 395،396،397،400،402،403،404، 410،411،412،414،416،417،418، 419،423،424،425،427،429،430، 431،435،437،438،439،440

إسحاق عليه السّلام:293

أمير المؤمنين عليه السّلام:279

«حرف الباء»

الباقر عليه السّلام:59،63،241،263، 268،292،308،322،338

«حرف الجيم»

جعفر عليه السّلام:222،224

جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام:11، 63،69،74،85،97،110،134

«حرف الحاء»

الحسن بن عليّ عليهما السّلام:175،323

«حرف الراء»

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:11،12،13، 14،20،25،32،42،44،49،50،52،56، 63،65،66،70،71،74،75،83،85،92،

ص:510

93،94،98،100،108،110،111،113، 121،123،127،133،134،135،138، 140،141،143،144،155،167،168، 183،185،187،188،189،190،191، 192،194،195،196،200،211،219، 222،256،258،263،273،275،279، 288،290،291،295،296،300،307، 308،325،328،330،332،333،338، 340،341،345،349،353،354،371، 383،385،386،394،406،407،409، 416،417،418،419،420،437،438

الرضا عليه السّلام:440

«حرف الزاي»

زين العابدين عليه السّلام:47

«حرف الصاد»

الصادق عليه السّلام:19،36،56،72،97، 103،166،223،234،241،255،271، 289،302،303،307،322،335،358، 361،378،387،399،409

الصادقين عليهما السّلام:333

«حرف العين»

العبد الصالح عليه السّلام:48،212،216، 249،425

عليّ عليه السّلام:14،30،44،54،63،68، 70،143،144،167،168،175،179، 180،186،189،190،191،216،218، 222،223،255،257،258،262،274، 276،286،291،295،299،307،313، 316،322،324،325،333،334،340، 345،383

عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:219

عليّ بن الحسين عليهما السّلام:133،324، 338

«حرف الميم»

محمّد صلّى اللّه عليه و آله:44

محمّد الباقر عليه السّلام:11،170

موسى بن جعفر عليهما السّلام:22،35،133، 168،169،180،197،274،283،308، 348

ص:511

«حرف النون»

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:11،14،17،20، 27،31،32،35،37،41،42،49،50،52، 53،54،57،58،60،61،62،63،64،69، 70،72،76،77،79،80،82،83،84،85، 90،91،96،97،109،110،114،117، 118،120،121،123،128،129،131، 132،134،137،139،143،148،167، 168،170،172،174،176،178،193، 198،209،219،221،234،257،262، 263،267،269،271،278،279،280، 286،287،288،289،290،291،293، 294،298،301،304،309،313،328، 330،331،332،339،340،343،345، 352،353،354،355،362،369،372، 374،379،380،381،382،383،384، 386،389،390،393،395،397،406، 418،425،429،430،432،439

ص:512

فهرس الأعلام

«حرف الألف»

أبان:79،112

أبان بن تغلب:76

أبان بن عثمان:86،331،413

إبراهيم:371

إبراهيم بن أبي البلاد:46،68

إبراهيم بن أبي محمود:436

إبراهيم الحربيّ:186،192

إبراهيم بن شعيب:46

إبراهيم بن عبد الحميد:365

إبراهيم بن عبد اللّه:249

إبراهيم الكرخيّ:173،178

إبراهيم بن هاشم:45

ابن أبي جبلة:249

ابن أبي السمّاك:350

ابن أبي عمير:46،171،258،301،302، 333

ابن أبي ليلى:137

ابن أبي نجيح:391

ابن أذينة:136،385

ابن إدريس:34،91،92،116،117،204، 205،227،229،236،240

ابن الأعرابيّ:278

ابن بابويه:15،64،86،97،109،110، 111،112،124،126،131،166،168، 192،219،224،225،268،269،275، 279،281،282،283،289،324،343، 344،411،412،419،440

ابن جريج:57

ابن الزبير:23،40،251،346

ابن ربيعة بن الحارث:12

ابن السرّاج:220

ابن سريج:305

ابن سنان:172،186،220،291،302،

ص:513

339

ابن سيرين:179،284

ابن شبرمة:158

ابن عبّاس:17،20،58،70،83،92،108، 110،118،135،139،179،216،234، 247،250،270،279،280،286،289، 293،330،333،340،345،347،349، 355،372،373،374،385،420،431، 437

ابن عبد البرّ:53،64،75،135،139،157

ابن عمر:17،37،39،42،57،72،73، 74،75،107،135،142،144،170، 172،179،184،198،201،206،209، 214،216،218،221،222،250،257، 260،271،286،299،347،354،371، 372،413،418

ابن فضّال:50،87

ابن القاصّ:305

ابن القدّاح:422

ابن ماجة:11

ابن مسعود:30،75،76،82،85،408

ابن مسكان:210،220،374،427

ابن منادر:421

ابن المنذر:30،34،41،73،77،137، 139،157،158،161،169،179،214، 218،256،280،338،344،362،406، 413،414

ابن يزيد:43

أبو أحمد عمرو بن حريث الصيرفيّ:17

أبو إسحاق:28،191،227

أبو إسحاق الجوزجانيّ:175

أبو أسماء مولى عبد اللّه بن جعفر:175

أبو أيّوب:72،412

أبو بصير:19،50،65،66،69،92،105، 120،131،199،200،205،230،239، 251،261،276،322،331،336،337، 342،414،440

أبو بردة بن نيار:186،192،290،291

أبو بكر:279

أبو بلال المكّيّ:68

أبو ثور:30،33،34،36،38،73،76، 246،266،270،280،312،335،343، 346،431،432،433

أبو جعفر الطوسيّ:99

أبو حارث:366

أبو حامد الأسفرايينيّ:272

ص:514

346،431،432،433

أبو جعفر الطوسيّ:99

أبو حارث:366

أبو حامد الأسفرايينيّ:272

أبو حنيفة:27،39،58،77،89،91،114، 115،116،139،141،145،146،147، 149،150،158،175،176،177،189، 209،211،213،224،225،229،230، 237،241،248،252،265،266،267، 268،269،273،282،284،285،286، 287،288،292،297،301،306،311، 312،313،316،317،318،319،320، 321،327،329،334،335،339،342، 344،346،355،356،373،385،386، 388،389،406،407،413،414،430، 432،433

أبو خالد مولى عليّ بن يقطين:365

أبو خديجة:171

أبو داود:11،137،167،173

أبو رافع:419

أبو رملة:280

أبو سعيد الإصطخريّ:352

أبو الصباح:256،271،309

أبو الصباح الكنانيّ:171،255،269،378

أبو الصلاح:339،340،343

أبو طلحة:333

أبو العبّاس:272

أبو العبّاس بن سريج:305

أبو عبد الرحمن:391

أبو عبيد:192

أبو عبيدة:278،421

أبو عبيد الهرويّ:186

أبو القاسم مخلد بن موسى الرازيّ:366

أبو محمّد عبد اللّه بن جندب:45،47

أبو مريم:419

أبو مسعود البدريّ:279

أبو نعيم:165

أبو هريرة:183،219،256،306

أبو يحيى زكريّا الموصليّ:48

أبو يوسف:39،77،189،270،297،312، 335،343

الأثرم:175

أحمد:17،20،30،32،34،37،38،40، 41،52،53،58،59،60،71،73،74،77،

ص:515

96،107،114،117،120،121،125، 127،137،139،141،142،149،154، 155،157،161،162،169،174،175، 176،177،179،184،189،206،209، 211،213،215،216،218،225،229، 231،234،235،245،246،247،255، 256،257،260،265،266،267،270، 280،285،288،292،301،303،310، 327،330،335،339،344،346،371، 373،388،391،406،409،413،432، 433

أحمد بن محمّد:238،274،364،431

أحمد بن محمّد بن أبي نصر:26،120،121، 128،129،192،201

أحمد بن محمّد بن عيسى:248

أحمد بن القاسم:228

إدريس القمّيّ:350

إدريس بن عبد اللّه القمّيّ:51،55،100، 350،364

أسامة:13،70،72،75،77،79،93

أسامة بن زيد:54،63،74،426

إسحاق:20،30،34،38،74،76،137، 141،154،157،158،159،169،184، 211،214،219،248،251،257،260، 280،288،330،362،390،413،431

إسحاق الأزرق الصائغ:266

إسحاق بن عبد اللّه:101

إسحاق بن عمّار:25،65،95،102،208، 222،307،357،360،364،395،396، 417

إسرائيل:191

أسماء:137

إسماعيل بن أبي زياد:239،322

إسماعيل بن رياح:365

إسماعيل بن همّام:425

الأسود:280

أمّ بلال بنت هلال:185

أمّ سلمة:83،91،92،137،141،279، 288

أمّ سليم بنت ملحان:437

الأوزاعيّ:41،179،184،214،280، 290،291،307

أنس:143،256،278،333،339

أيّوب بن الحرّ:18

ص:516

أيّوب بن نوح:416

«حرف الباء»

البخاريّ:94

بديل بن ورقاء الخزاعيّ:218،219،220

البراء بن عازب:187،290،294

بريد العجليّ:140،397

البزنطيّ:440

بكر بن خالد:331

بلال:27،279

بنان بن محمّد:262

«حرف الثاء»

الثوريّ:39،41،75،77،137،141،158، 161،169،179،214،229،245،248، 280،282،362،395،413،421،431، 432

«حرف الجيم»

جابر:11،15،27،31،37،63،69،74، 75،82،85،96،97،110،123،131، 134،135،144،158،185،235،237، 262،299،300،328،354

جابر بن زيد:179،413

جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ:308

جبير بن مطعم:282

جعفر:180،188،194،262،283،334، 422

جعفر بن بشير:261

جعفر بن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ:

47

جعفر بن ناجية:374

جميل بن درّاج:24،93،95،162،190، 275،341،377،379،416

«حرف الحاء»

الحارث بن المغيرة:276

حريز:101،106،108،195،325،330

الحسن:155،158،179،189،206،216، 218،229،249،257،282،431

الحسن البصريّ:34،58،153،260،329، 371،388،415

الحسن العطّار:103،104،160

الحسن بن عليّ:238

ص:517

الحسن بن عمّارة:199،296

الحسن بن مسلم:333

الحسين بن أبي العلاء:360

الحسين بن سعيد:163

الحسين بن عليّ السريّ:417

الحسين بن عليّ بن يقطين:367

حفص بن البختريّ:337

الحكم:158،431

الحكم بن عتيبة:97،136،385

الحلبيّ:21،42،50،51،54،73،74،79، 99،132،195،199،200،227،237، 247،251،261،296،297،322،332، 336،358،389،412،414،416

حمّاد:229،231،431،438

حمّاد بن عثمان:186،205،230،231، 291،411،425

حمّاد بن عيسى:258

حمّاد الناب:364

حمران:238،241،323

حميد بن مسعود:132

حنّان بن سدير:308

«حرف الدال»

داود:114،115،145

داود الرقيّ:234

داود بن عليّ اليعقوبيّ:396

داود بن فرقد:404

«حرف الذال»

ذريح:423

ذريح المحاربيّ:441

«حرف الراء»

رافع بن عمرو المزنيّ:345

ربعيّ:107،115

ربيعة:280

رفاعة:24،379

رفاعة بن موسى:206،395

«حرف الزاي»

زرارة:16،19،97،108،117،136،215، 224،268،292،334،385،404،412

زرارة بن أعين:144،183

زرعة:73

ص:518

الزهريّ:41،184،216،221،222،290

زهير:191

زياد بن جبير:170

زيد بن ثابت:437

«حرف السين»

سالم:221،273،346

سالم بن عبد اللّه:273

سرّاء بنت نبهان:406

سعد:391

سعد بن أبي خلف:161

سعيد الأعرج:93،146،159،424

سعيد بن جبير:17،76،107،179،201، 206،216،280،282،287

سعيد بن المسيّب:198،302

سعيد بن يسار:201،348،375

السكونيّ:188،194،262،263

سكينة بنت الحسين عليه السّلام:116،119

سلام بن المستنير:411

سليمان بن الأحوص:127

سليمان بن خالد:212،254،255،316

سليمان بن يسار:419

سماعة:73،74

سماعة بن مهران:63،65،66،98،137، 387،403

سوادة:323

سوادة القطّان:238

سودة:83،92

سويد بن غفلة:279

سهل بن زياد:331

السيّد(المرتضى):99،103،104،404

سيف التمّار:259،366

«حرف الشين»

الشافعيّ:20،27،30،32،34،36،38، 40،52،58،59،60،61،73،74،76،81، 96،107،114،117،118،120،121، 125،127،131،133،151،161،162، 169،174،175،176،177،179،184، 209،211،212،213،214،215،216، 218،223،225،226،229،231،236، 245،246،251،256،257،258،260، 265،266،270،271،272،273،277، 280،282،285،286،287،288،292،

ص:519

298،299،301،303،305،306،310، 311،312،313،314،316،317،318، 319،321،327،329،339،341،344، 346،355،362،369،371،374،381، 388،390،392،394،396،397،398، 399،400،401،406،413،432،417، 430،439

شريح بن هانئ:191

شعبة:221

الشعبيّ:80،87،206

شعيب العقرقوفيّ:174

الشيخ:15،18،19،21،22،24،25،26، 27،28،29،31،32،34،35،36،37،42، 43،45،47،50،51،54،58،59،63،64، 65،66،67،68،69،70،73،75،76،78، 79،82،85،86،90،91،93،94،95،97، 98،99،101،102،104،105،106، 107،109،110،114،115،116،120، 123،128،129،130،132،133،136، 137،138،139،140،141،143،144، 145،146،147،148،149،150،151، 152،153،154،155،156،158،159، 160،161،163،164،165،167،168، 170،171،172،173،174،180،181، 186،188،191،193،194،195،196، 197،198،199،200،201،204،205، 206،208،211،212،214،215،216، 217،219،220،222،225،227،228، 230،231،232،233،234،236،237، 239،240،241،243،244،247،248، 250،251،252،253،254،255،258، 259،261،262،264،266،271،273، 275،276،281،283،284،289،291، 292،296،297،299،301،302،305، 306،307،308،310،311،312،313، 314،318،323،327،328،329،330، 332،333،334،335،336،337،338، 339،340،341،342،345،347،348، 349،350،351،354،356،357،358، 360،363،364،365،366،367،368، 369،372،374،375،377،378،379، 380،382،383،384،385،386،387، 389،392،393،395،397،399،400، 402،403،404،410،411،412،414،

ص:520

417،418،419،421،422،423،424، 425،426،427،429،431،435،439، 441

الشيخان:203،329،331

«حرف الصاد»

صاحب الصحاح:129

صفوان:17،171،258،369،374

صفوان بن مهران:136،385

صفوان بن يحيى:210،220،366

صفيّة:353،438

«حرف الضاد»

ضريس:58،59

«حرف الطاء»

طاوس:17،68،142،158،206،216، 346،384،391،413

«حرف العين»

عائشة:20،23،35،83،132،137،141، 155،206،216،219،221،222،251، 257،267،269،288،353،355،364، 372،383،420،438

عاصم:397

عاصم بن عديّ:380

عاصم بن كليب:185

عبّاد البصريّ:217

العبّاس:381

عبّاس بن عبد المطلّب:12،372

عبد الأعلى:109،118،390،393

عبد الحميد الطائيّ:21،28

عبد الرحمن:261،348،419

عبد الرحمن بن أبي بكر القرشيّ:419

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه:259

عبد الرحمن بن أبي نجران:134،394

عبد الرحمن بن أعين:112

عبد الرحمن بن الحجّاج:193،208،217، 224،240،245،248،360،395

عبد الرحمن بن سابط:170

عبد الرحمن بن معاذ:345

عبد الرحمن بن يزيد:128

عبد الرحمن بن يعمر الديلميّ:49

عبد العزيز بن الربيع بن سبرة:407

ص:521

عبد الغفّار الجازيّ:376

عبد الغفّار بن القاسم:221،222

عبد اللّه بن جبلة:402

عبد اللّه بن جعفر:175

عبد اللّه بن جندب:45،46

عبد اللّه بن الحسن:218

عبد اللّه بن سنان:43،44،138،139،170، 195،296،341،357،387،397،402

عبد اللّه بن عمر:311

عبد اللّه بن عيسى:221

عبد اللّه بن المغيرة:102،104

عبد اللّه بن مسعود:128

عبد اللّه بن ميمون القدّاح:222

عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ:261

عبيد اللّه الحلبيّ:104

عثمان:40

عروة:76،156،221،371

عروة بن الزبير:216،347

عروة بن مضرّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائيّ:56،80،89

عطاء:14،20،34،38،41،76،127، 131،137،141،142،154،158،169، 176،179،184،206،207،211،216، 218،257،260،280،282،285،307، 335،340،343،369،371،388،413، 432،439

عطيّة الجزّار:263

عقبة بن خالد:231

عقبة بن عامر:290

عكرمة:141،384

عكرمة بن خالد:137

العلاء:350،351

العلاء بن الفضيل:281

علقمة:87،206،280،346

عليّ:163،249،276،310،340،431

عليّ بن أبي حمزة:93،309،331

عليّ بن أسباط:164،238،258،392

عليّ بن بابويه:204

عليّ بن جعفر:22،35،133،168،180، 197،198،210،213،274،283،308، 324،340،375

عليّ بن خالد:422

عليّ بن رئاب:102

عليّ بن الريّان بن الصلت:239،322

ص:522

عليّ بن عبد اللّه الأزديّ:67

عليّ بن عطيّة:138،387،411

عليّ بن الفضل الواسطيّ:208

عليّ بن مهزيار:436

عليّ بن يقطين:24،336

عمّار:189

عمّار بن موسى الساباطيّ:180،282،404

عمران الحلبيّ:104،197،225،355،360

عمر بن الخطّاب:75،128،155،163، 250،273،279،299،347،365،410، 414،437

عمر بن حفص الكلبيّ:250

عمر بن عبد العزيز:40،271

عمر بن يزيد:20،38،328،338،347، 354،358،401

عمرو بن دينار:206

عمرو بن سليم:219

عنبسة بن مصعب:76،133

عيسى بن أعين:46

عيص بن القاسم:159،186،291،373، 375،380

«حرف الغين»

غرفة بن الحارث الكنديّ:167

غياث بن إبراهيم:180،283،334

«حرف الفاء»

الفضل:120

الفضل بن عبّاس:13،85،110،114

الفضيل:195

فضيل بن عياض:344

«حرف القاف»

القاسم بن محمّد:76،163

قتادة:229

قثم بن كعب:437

«حرف الكاف»

الكاهليّ:348

كعب بن عجرة:174،264

كليب الأسديّ:180،283

«حرف اللام»

الليث:184

ص:523

الليث بن سعد:280

ليث المراديّ:380

«حرف الميم»

مالك:16،20،25،34،37،38،41،56، 57،59،64،74،75،76،96،114،127، 135،137،140،141،142،145،149، 150،155،156،158،162،169،175، 176،177،179،184،190،202،209، 236،246،250،257،260،264،267، 269،270،280،282،285،286،287، 292،297،298،299،301،303،304، 311،319،320،321،327،329،339، 342،344،345،346،369،388،409، 413،432،437

مجاشع بن سليم:185،291

مجاهد:41،137،206،211،216،371، 390،413

محمّد:39،77،139،189،312

محمّد بن أبي نصر:340

محمّد بن أحمد بن يحيى:402

محمّد الحلبيّ:240،325

محمّد بن إسماعيل:111،351،377

محمّد بن الحسن:62،192،298

محمّد بن الحسن الصفّار:192

محمّد بن الحسين:134،394

محمّد بن حكيم:106

محمّد بن حمران:336،349،369

محمّد بن سنان:52،56،57،88

محمّد بن سماعة بن مهران:78

محمّد بن سيرين:282

محمّد بن سيف:136

محمّد بن عيسى:366

محمّد بن فضيل:101

محمّد بن المستنير:411

محمّد بن مسلم:24،25،73،78،132، 160،170،193،195،200،207،217، 233،237،243،247،253،281،284، 296،297،309،310،323،335،350، 354،372،405،426،440

محمّد بن يحيى الخثعميّ:105

محمّد بن يعقوب:253

مخنف بن سليم:280

مرازم:348

ص:524

المرتضى:98

المزنيّ:118،209،280،345

مسلم:11،257

مسمع:90،91،178،337،389

مسمع بن عبد الملك:59

مصادف:348

معاوية:73،395

معاوية بن حكيم:95

معاوية بن عمّار:15،18،19،23،25،26، 28،29،30،31،36،37،43،44،51،53، 57،64،67،70،71،79،82،84،88،94، 97،100،107،110،111،114،115، 123،124،126،128،129،130،131، 133،134،140،143،145،167،173، 196،197،198،206،211،212،216، 219،227،232،237،241،243،244، 245،248،258،273،274،275،289، 296،309،314،321،331،334،338، 343،349،356،358،361،368،372، 375،376،383،387،392،400،405، 410،411،412،414،416،418،419، 423،425،426،429،430،435،439

المغيرة:154

المغيرة بن حذف:254

المفيد:329

منصور:194،196،225،226

منصور بن حازم:74،76،136،181،252، 283،347،351،355،356،385

موسى:348

موسى بن القاسم:228،276،340

«حرف النون»

نافع:299،418

النخعيّ:39،80،87،137،206،329، 346

النضر:440

النضر بن قرواش:204

«حرف الهاء»

هاشم المكاريّ:311

هبّار بن الأسود:163

هشام بن الحكم:28،67،78،120

هشام بن سالم:93،431

ص:525

هشام بن عبد الملك الكوفيّ:138،387، 388

«حرف الياء»

يحيى الأزرق:208،214،369

يحيى بن سعيد:396

يحيى بن سلام:221

يحيى بن مبارك:402

يعقوب:139

يعقوب بن شعيب:141،325،379،384

يعقوب بن يزيد:402

يونس:366،425

يونس بن يعقوب:18،32،54،164،239

ص:526

فهرس الموضوعات

في الإحرام بالحجّ

في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 11

وجوب الإتيان بالحجّ بعد العمرة 14

صفة حجّ التمتّع 14

استحباب الإحرام بالحجّ يوم التروية 15

جواز الإحرام بالحجّ في أيّ موضع من مكّة 17

ما يستحبّ فعله لمريد الإحرام بالحجّ 18

استحباب الإحرام عند الزوال يوم التروية بعد أن يصلّي الفرضين 18

جواز الإحرام في بقيّة نهاره 18

في التلبية للإحرام 19

هل يسنّ له الطواف بعد الإحرام؟20

لو سها فأحرم بالعمرة و هو يريد الحجّ 21

لو نسي الإحرام حتّى حضر بعرفات أو بلده 22

وقت الخروج إلى منى للإمام و الحاجّ 23

في وقوف الشيخ و الشيخة و من يخاف الزحام 25

استحباب الدعاء بالمنقول في منى و عند النزول بها 26

ص:527

لو صادف يوم التروية الجمعة 27

استحباب الخطبة للإمام في أربعة أيّام من ذي الحجّة 27

استحباب المبيت بمنى ليلة عرفة 28

لو خرج قبل طلوع الفجر 28

جواز الخروج قبل طلوع الفجر لذوي الأعذار 28

استحباب الدعاء بالمنقول عند الخروج إلى عرفات 29

كيفيّة الوقوف

استحباب الاغتسال للوقوف بعرفة 30

وجوب النيّة في الوقوف 30

وجوب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة 31

إجزاء الوقوف بعرفة كيفما كان 32

لو مرّ بها مجتازا و هو لا يعلم أنّها عرفة 33

صحّة وقوف النائم 34

وقوف المجنون و المغمى عليه 34

في وقوف السكران 35

هل يشترط الطهارة و الستر و القبلة في الوقوف؟35

استحباب ضرب الخباء بنمرة 36

استحباب خطبة الإمام قبل الأذان في عرفة و صلاته الظهرين بأذان واحد و إقامتين 36

في الجمع بين الظهر و العصر للمأموم و المنفرد 38

جواز الجمع بين الظهرين لكلّ من بعرفة 40

لو كان الإمام مقيما و المأموم مسافرا 40

ص:528

لو كان الإمام و المأموم مسافرا 41

استحباب تعجيل الصلاة و تقصير الخطبة حين تزول الشمس 42

إذا فرغ من الصلاتين 42

قطع تلبية العمرة حين تقع أخفاف الإبل فن الحرم 43

استحباب الدعاء في الموقف 43

دعاء يوم عرفة 44

استحباب إكثار الدعاء لإخوانه المؤمنين 45

استحباب الدعاء في الموقف بما دعا به زين العابدين عليه السّلام 47

أحكام الوقوف

لو ترك الوقوف بعرفة عمدا 49

لو ترك الوقوف بعرفة ناسيا أو لعذر 51

أوّل وقت الوقوف بعرفة 52

آخر وقت الوقوف بعرفة الاختياريّ 53

لو لم يتمكّن من الوقوف بعرفة نهارا و أمكنه ليلا 54

لو لم يدرك الوقوف بعرفة ليلة النحر و خشي فوت المشعر 55

لو أفاض قبل غروب الشمس 56

إذا دفع من عرفات قبل غروب الشمس 58

لو أفاض قبل الغروب ساهيا 59

لو لم يتمكّن من بدنة 59

لو عاد نهارا فوقف حتّى غربت الشمس 59

لو كان عوده بعد الغروب 60

ص:529

لو لم يأت عرفات نهارا أو جاء بعد غروب الشمس و وقف بها 60

لو لم يقف بها نهارا و وقف ليلا 60

لو غمّ الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة فوقف الناس يوم التاسع من ذي الحجّة ثمّ قامت البيّنة أنّه يوم العاشر 61

لو شهد شاهدان برؤية الهلال عشيّة عرفة و لا يمكن الوقوف 61

لو أخطأ الناس أجمع في العدد فوقفوا في غير ليلة عرفة 61

لو شهد واحد أو اثنان برؤية الهلال و ردّ الحاكم شهادتهما 62

هل عرفة كلّها موقف؟63

حدّ عرفة 64

الوقوف على السهل و ميسرة الجبل 65

النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس 66

لو وجد خللا هل يستحبّ أن يسدّه بنفسه؟66

أيّما أفضل الحرم أو عرفة؟67

ما اليوم المشهود؟67

غسل يوم عرفة في الأمصار 67

صلاة الأنبياء في عرفة 68

في الوقوف بالمشعر الحرام

وقت الإفاضة من عرفات إلى المشعر 69

استحباب الاقتصاد في السير 69

هل ينبغي أن يلبّي في سيره؟71

استحباب المضيّ على طريق المأزمين و الإكثار من ذكر اللّه 72

ص:530

استحباب صلاة المغرب و العشاء بالمزدلفة 72

استحباب إقامة العشاء بدون أذان 73

هل يجوز أن يصلّي بينهما من النوافل؟75

لو صلّى بينهما شيئا من النوافل 76

لو ترك الجمع فصلاّهما في وقتهما 76

لو فاته مع الإمام الجمع 77

لو عاقه في الطريق عائق و خاف أن يذهب أكثر الليل 77

إتيان نوافل المغرب بعد العشاء 78

المبيت بالمزدلفة و إكثار الدعاء 79

هل المبيت بالمزدلفة ركن؟79

في كيفيّة الوقوف بالمشعر

وجوب النيّة في الوقوف 81

وقت وجوب الوقوف 81

استحباب الوقوف بعد أن يصلّي الفجر 84

استحباب الدعاء بالمنقول 84

استحباب الكون على الطهارة 84

لو وقف على غير طهر أو كان جنبا 84

استحباب أن يصلّي الفجر أوّل وقته 85

استحباب وطئ المشعر للصرورة 85

استحباب الصعود عليه و ذكر اللّه 85

ص:531

أحكام الوقوف بالمشعر

هل الوقوف بالمشعر ركن؟87

وجوب الكون بالمشعر بعد طلوع الفجر 89

لو أفاض قبل طلوع الفجر عامدا بعد أن وقف به ليلا 91

الإفاضة قبل طلوع الفجر لذوي الأعذار 92

استحباب الإفاضة بعد طلوع الشمس للإمام و لغيره قبله 94

أسماء المزدلفة 96

حدّ المزدلفة 96

لو ضاق عليه الموقف 97

في الوقوف الاضطراريّ 98

إذا أدرك أحد الموقفين اختيارا و الآخر اضطرارا 103

من فاته الوقوف بالمشعر 104

لو ترك الوقوف بالموقفين معا 106

استحباب أخذ حصى الجمار من المزدلفة 107

جواز أخذ حصى الجمار من الطريق أو من بقيّة مواضع الحرم 108

استحباب الدفع من المزدلفة إلى منى 109

استحباب الإفاضة بالسكينة ذاكرا للّه 110

الإسراع في المشي إذا بلغ وادي محسّر 110

لو ترك الهرولة فيه 111

استحباب الدعاء حالة السعي في وادي محسّر 111

لو ترك السعي في وادي محسّر 112

ص:532

في نزول منى و رمي جمرة العقبة

في مناسك منى و وجوب ترتيبها 113

وجوب رمي جمرة العقبة 113

هل يجوز الرمي بغير الحجارة؟114

اختلاف قول الشيخ في الرمي بالحصى و الحجر 116

وجوب أن يكون الحصى أبكارا 117

لو رمى بحصاة نجسة 119

وجوب أن يكون الحصى من الحرم 119

استحباب التقاط الحصى 120

استحباب أن تكون صغارا مثل الأنملة 121

في كيفيّة الرمي

وجوب النيّة في الرمي 122

وجوب سبع حصيات لرمي جمرة العقبة 122

وجوب إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة 123

عدم إجزاء الرمي إلاّ أن يقع الحصى في المرمى 123

إذا رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثمّ وقعت في المرمى 124

لو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا؟125

لو رمى الحصيات دفعة واحدة 126

استحباب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي 127

استحباب رمي جمرة العقبة مستقبلا لها مستدبرا للكعبة 128

استحباب رمي الجمرة خذفا 129

ص:533

استحباب أن يكون بين الرامي و الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا 129

استحباب التكبير مع كلّ حصاة و الدعاء بالمنقول 130

في أحكام الرمي

وجوب الإتيان إلى منى لقضاء المناسك 131

حدّ منى 131

جواز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض 131

جواز الرمي راجلا و راكبا 133

استحباب التكبير مع كلّ حصاة 134

جواز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها 135

جواز الرمي للمعذور ليلا من نصفه 136

جواز تأخيرها إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك 138

استحباب الرمي عند زوال الشمس 140

عدد حصى الجمار 141

في الهدي

ذبح الهدي أو نحره بعد الفراغ من رمي جمرة العقبة 143

وجوب الهدي على المتمتّع 144

هل يجب على أهل مكّة الهدي؟144

عدم وجوب الهدي على غير المتمتّع و كفاية القارن ما ساقه 145

فرض المكّيّ 146

هل يكون دم التمتّع نسك؟147

ص:534

إذا أحرم المتمتّع بالحجّ من مكّة 148

إذا أحرم بالعمرة و أتى بأفعالها في غير أشهر الحجّ ثمّ أحرم بالحجّ في أشهره 148

إذا أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ و مضى إلى الميقات ثمّ منه إلى عرفات 149

حكم إنشاء الإحرام للحجّ من مكّة أو غيرها بعد فراغ أفعال العمرة 150

إذا لم ينو المتمتّع التمتّع 151

إذا أكمل المفرد و القارن حجّهما 152

لو أفرد الحجّ عن نفسه 153

لو اعتمر في أشهر الحجّ و حجّ من العام المقبل مفردا له عن العمرة 153

لو خرج من مكّة بعد إحلاله ثمّ عاد في الشهر الذي خرج منه 154

وجوب الدم على من أحلّ من إحرام العمرة 155

لو دخل الآفاقيّ متمتّعا إلى مكّة ناويا للإقامة بها بعد تمتّعه 156

لو كان الرجل مولده و منشأه مكّة فخرج بغيرها مقيما ثمّ عاد متمتّعا للإقامة 156

إذا ترك الآفاقيّ الإحرام من الميقات 157

لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ هل يكون متمتّعا؟157

لو كان المتمتّع مملوكا هل يجب عليه الهدي؟159

تخيّر المولى بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصيام 161

الواجب من الصوم على المملوك 162

حكم المعسر في الصوم كالعبد 162

لو لم يذبح عنه مولاه 163

إذا لم يصم العبد إلى أن تمضي أيّام التشريق 163

إذا أعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين 164

وجوب الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه 164

ص:535

لو تمتّع الصبيّ 165

في كيفيّة الذبح

وجوب النيّة في الذبح 166

وجوب اشتمالها على جنس الفعل و صفته 166

اختصاص الإبل بالنحر و البقر و الغنم بالذبح 166

استحباب أن يتولّى الحاجّ بنفسه الذبيحة 167

لو لم يحسن الذباحة 168

استحباب نحر الإبل قائمة من قبل اليمنى 169

وجوب توجيه الذبيحة إلى القبلة و الدعاء بالمنقول 171

وجوب التسمية فى الذبح 172

وجوب نحر هدي التمتّع بمنى 172

لو ساق هديا في الحجّ 174

مكان ذبح ما يلزم المحرم من فداء و غيره 174

وقت استقرار وجوب الهدي 175

وقت ذبح الهدي 177

أيّام النحر بمنى 179

هل يجزئ ذبح الهدي في الليالي المتخلّلة لأيّام النحر؟181

في صفات الهدي

وجوب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام 183

ص:536

بيان ما هو الأفضل في الهدي؟183

هل يجزئ في الهدي الجذع و الثنيّ؟184

هل يجزئ العوراء و العرجاء و المريضة و الكسيرة؟187

حكم هدي العمياء و العوراء 188

هل يجزئ العضباء؟189

حكم هدي المشقوقة الأذن أو مثقوبتها 190

هل يجزئ الخصيّ؟192

لو ضحّى بالخصيّ 193

هل يجزئ الموجوء؟193

هل تجزئ المهزولة و الجمّاء؟194

حدّ الهزال 195

استحباب أن تكون الهدي سمينة 195

لو اشترى هديا ثمّ وجد به عيبا 196

أفضليّة الإناث من الإبل و البقر 198

أفضليّة الذكران من الضأن و المعز 198

كراهة التضحية بالجاموس و الثور 199

استحباب كون الهدي ممّا عرّف به 200

في هدي المجامع 202

في البدل

إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه 203

لو لم يجد الهدي و وجد ثمنه 203

ص:537

لو لم يجد الرقبة في العتق و وجد ثمنها 204

استحباب أن يكون الثلاثة في الحجّ يوما قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة 206

وجوب صوم الثلاثة متتابعا 207

وجوب التفريق بين الثلاثة و السبعة 209

لو صام قبل رجوعه إلى وطنه 210

لو لم يصم الثلاثة الأيّام إلاّ بعد وصول الناس إلى وطنه أو مضيّ شهر 212

هل يجوز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحجّ؟213

لو فاته الثلاثة قبل أيّام منى 215-216

هل يجوز أن يصوم أيّام التشريق بمنى في بدل الهدي؟218

وقت وجوب الصوم 223

لو لم يصمها بعد أيّام التشريق 223

هل يجوز صيام هذه الثلاثة في غير ذي الحجّة؟224

لو مات من وجب عليه الصيام و لم يصم 226

لو تمكّن من صيام السبعة 228

لو تلبّس بالصوم ثمّ أيسر أو وجد الهدي 228

لو أحرم بالحجّ و لم يصم ثمّ وجد الهدي 231

لو تعيّن عليه الصوم و خاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم عرفة 232

لو مات من وجب عليه الهدي 233

لو وجب عليه بدنة في كفّارة أو نذر و لم يجد 234

لو لم يتمكّن من السبع شياه 234

لو وجب عليه سبع من الغنم هل يجزئه بدنة؟235

لو وجب عليه بقرة هل يجزئه بدنة؟235

ص:538

في أحكام الهدي

هل يجزئ الهدي الواحد في التطوّع عن سبعة نفر؟236

عدم إجزاء الهدي الواجب إلاّ عن واحد 236

حكم فاقد الهدي 236

أقوال العلماء و الروايات في الإجزاء و عدمه 236

أقسام الهدي و حكم التصرّف فيها 241

أقسام هدي الواجب 242

أقسام هدي الواجب المطلق 242

لو ذبح الواجب غير المعيّن فسرق أو غصب بعد الذبح 245

الواجب غير المعيّن إذا عيّنه بالقول 246

لو عيّن معيبا عمّا في ذمّته 247

هل يحصل تعيّن الهدي بالقول؟248

لو سرق الهدي من موضع حريز هل يجزئ عن صاحبه 248

لو عطب الهدي في موضع لا يجد من يتصدّق به عليه 250

إذا ضلّ الهدي فاشترى مكانه غيره ثمّ وجد الأوّل 250

إذا غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه 252

لو ضلّ الهدي فوجده غيره 252

حكم الواجد للهدي الضالّ 253

لو اشترى هديا و ذبحه فاستعرفه غيره و ذكر أنّه هديه ضلّ عنه 253

إذا عيّن هديا صحيحا عمّا في ذمّته فهلك أو عاب عيبا يمنع من الإجزاء 253

إذا ولدت الهدية 254

لو تلفت المعيّنة ابتداءً أو بتعيينه 254

ص:539

هل يجوز شرب لبن الهدي ما لم يضرّ به أو بولده؟255

هل يجوز ركوب الهدي؟255

استحباب الأكل من هدي التمتّع 257

تقسيم الهدي أثلاثا 259

عدم جواز الأكل من كلّ هدي واجب غير هدي التمتّع 260

استحباب الأكل من هدي التطوّع 262

لو لم يأكل من التطوّع 263

لو أكل ممّا منع من الأكل منه 263

لو أطعم غنيّا ممّا له الأكل منه 263

لو باع منه شيئا أو أتلفه 263

الدماء الواجبة بنصّ القرآن 263

وجوب تفرقة لحم الهدي على مساكين الحرم 265

لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا 265

هل يجوز دفع ما يجوز تفريقه في غير الحرم إلى فقراء أهل الذمّة؟265

لو نذر هديا مطلقا أو معيّنا و أطلق مكانه 266

لو عيّن موضعه في غير الحرم ممّا ليس فيه صنم أو شيء من أنواع الكفر 266

لو لم يتمكّن من إيصال الهدي إلى المساكين بالحرم 267

استحباب تقليد الهدي و كيفيّته 267

استحباب إشعار الإبل و كيفيّته 268

وجوب تقديم النحر على الحلق يوم النحر 271

الأكل من الهدي 271

لو أكل الجميع في التطوّع 272

ص:540

لو نذر هديا بعينه 272

هل يمكن أن يأخذ من جلود الأنعام المهداة شيئا؟273

لو قدّم الحلق على الذبح 275

من تمتّع عن أمّه و أهلّ بحجّة عن أبيه 276

هل القارن يخرج هديه عن ملكه؟277

لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكّة أو منى 277

لو أصابه كسر 277

في الضحايا

استحباب الضحيّة 278

أقوال العلماء فيها 279

الجمع بين الهدي و الأضحيّة 281

أيّام الأضحى بمنى،و غير منى من الأمصار 281

لو فاتت هذه الأيّام و كانت الأضحيّة واجبة 285

وقت الأضحيّة 285

بيان الأيّام المعدودات و المعلومات 286

هل يجوز الذبح في اليوم الثالث من أيّام التشريق؟287

من أراد أن يضحّي هل يجوز له الحلق في عشر ذي الحجّة؟287

حكم من ينفذ من أفق من الآفاق هديا 288

هل تختصّ الأضحيّة بمكان خاصّ؟289

هل تختصّ الأضحيّة بالنعم؟290

أفضليّة الثنيّ من الإبل و البقر و الجذع من الضأن 292

ص:541

استحباب كون الأضحيّة أملح 293

عدم إجزاء العوراء و العرجاء و المريضة و العجفاء 294

كراهة الجلحاء و عدم إجزاء العضباء 295

استحباب التضحية بذوات الأرحام 296

هل يجوز التضحية بالثور و الجمل بمنى؟296

التضحية بالخصيّ 297

وجوب التذكية بإزهاق الروح و قطع الأعضاء الأربعة 297

وجوب ذبح البقر و الغنم و عدم جواز نحرهما و الإبل بالعكس 298

استحباب تولّي الحاجّ ذبح أضحيّته بنفسه 298

حكم ذبائح الصبيان و الأخرس و النساء 299

ذبائح السكران و المجنون 300

استحباب أن يتولّى الذبيحة المسلم البالغ العاقل الفقيه 300

وجوب استقبال القبلة و التسمية عند الذبح 300

لو نسي التسمية 302

إذا ذبحها و قطع الأعضاء الأربعة و قطع رأسها قبل موتها 302

لو ذبحها من قفاها 303

كراهة ذباحة الأضحيّة و غيرها ليلا 304

استحباب الأكل من الأضحيّة 305

عدم جواز بيع لحم الأضاحيّ 306

كراهة بيع جلودها و إعطائها الجزّارين 306

جواز أكل لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثة أيّام و ادّخارها 308

كراهة أن يخرج شيئا ممّا يضحّيه عن منى 309

ص:542

إخراج السنام من منى 310

حكم إخراج لحم ما ضحّاه غيره عن منى 310

كراهة أن يضحّي بما يربّيه 310

إذا تعذّرت الأضحيّة 311

اذا اشترى شاة تجزئ في الأضحيّة بنيّة أنّها أضحيّة 311

إذا عيّن الأضحيّة على وجه يصحّ به التعيين 312

لو تلفت الأضحيّة في يده أو سرقت من غير تفريط 314

لو اشترى شاة و عيّنها للأضحيّة فوجد بها عيبا 315

هل صرف الأرش إلى الفقراء متعيّن أم يجوز له تملّكه؟315

إذا عيّن أضحيّة هل تذبح معها ولدها؟315

هل يجوز شرب لبنها؟316

لو أوجب أضحيّة سليمة بعينها فعابت بما يمنع الإجزاء من غير تفريط 317

لو عيّنها معيبة ثمّ زال عيبها 318

لو ضلّت المعيّنة بغير تفريط 318

لو أوجب أضحيّة في عام فأخّرها إلى قابل 319

لو ذبح أضحيّة غيره المعيّنة 319

لو أوجب كلّ واحد منهما هديا فذبح كلّ واحد هدي صاحبه خطأ 320

هل يجب ترك الأرش فيما إذا ذبح الأضحيّة بغير إذن صاحبه أم لا؟321

إجزاء الأضحيّة و هدي المتطوّع به عن سبعة 321

العبد القنّ و المدبّر و أمّ الولد و المكاتب المشروط هل يملكون شيئا؟323

ما روي عن أهل البيت عليهم السّلام في الأضحيّة 324

ص:543

في الحلق و التقصير

وجوب الحلق أو التقصير بمنى بعد الذبح 327

تخيّر الحاجّ بين الحلق و التقصير 329

القائلون بوجوب الحلق على الصرورة 329

أفضليّة الحلق على التقصير 332

إجزاء التقصير للمرأة 333

استحباب البدأة بالناصية من القرن الأيمن لمن حلق 333

إجزاء ما يقع عليه اسم التقصير 334

وجوب النيّة في الحلق و التقصير 334

إمرار الموسى على رأس من لا شعر عليه 334

لو ترك الحلق و التقصير معا حتّى زار البيت 335

لو رحل من منى قبل الحلق 336

استحباب تقليم الأظفار و الأخذ من الشارب لمن حلق رأسه أو قصّر 338

استحباب الدعاء عند الحلق بالمنقول 338

عدم جواز الحلق قبل يوم النحر 338

هل يجب تأخير الحلق عن الذبح و الرمي أم لا؟339

هل يجب بالإخلال بالترتيب كفّارة أم لا؟341

لو بلغ الهدي محلّه و لم يذبح 342

جواز تأخير الحلق إلى آخر أيّام التشريق 343

ما هو يوم الحجّ الأكبر؟343

استحباب الخطبة للإمام يوم النحر و تعليم الناس المناسك؟344

ما يحرم على الحاجّ بعقد الإحرام 346

ص:544

حلّيّة كلّ شيء بالحلق أو التقصير في العمرة 346

حلّيّة كلّ شيء بالحلق أو التقصير إلاّ الطيب و النساء و الصيد إن كان الإحرام للحجّ 346

مواطن التحلّل 349

استحباب أن يتشبّه بالمحرمين قبل طواف الزيارة 349

استحباب عدم مسّ الطيب لمن طاف طواف الزيارة حتّى يطوف طواف النساء 351

هل يحصل التحلّل بالرمي و الحلق؟352

في بقيّة أفعال الحجّ في زيارة البيت

ركنيّة طواف الزيارة في الحجّ بعد مناسك منى 353

وقت طواف الزيارة 354

أوّل وقت طواف الزيارة 355

آخر وقته 356

لو أخّر المتمتّع زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر 357

جواز تأخير طواف الزيارة و السعي إلى آخر ذي الحجّة للقارن و المفرد 357

ما يستحبّ لمن أراد زيارة البيت 358

إذا اغتسل نهارا و يطوف ليلا 360

استحباب الغسل للمرأة كما للرجل لطواف الزيارة 360

بقيّة أفعال الحجّ بعد طواف الزيارة 361

صفة طواف الزيارة 361-362

اشتراط النيّة فيه 362

وجوب السعي بعد طواف الزيارة و ركعتيه 362

ص:545

هل يشترط في التحلّل الثاني فعل السعي أم لا؟363

وجوب طواف النساء في الحجّ 364

وجوب طواف النساء في الحجّ و العمرة المبتولة 365

إذا دخل الإنسان معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحجّ ثمّ أراد أن يجعلها متعة 366

وجوب طواف النساء في كلّ إحرام إلاّ إحرام العمرة المتمتّع بها 367

وجوب السعي في كلّ طواف إلاّ طواف النساء 367

لو ترك طواف النساء ناسيا 367

جواز تقديم الطواف و السعي على الخروج إلى منى و عرفات 369

في الرجوع إلى منى

وجوب الرجوع إلى منى بعد أداء مناسك مكّة 371

لو ترك المبيت بمنى 373

لو أخلّ بالمبيت في الليالي الثلاث هل يجب عليه ثلاث شياه أو شاتان؟377

جواز الخروج من منى بعد نصف الليل 378

إن بات بمكّة مشتغلا بالعبادة في الليالي الثلاث 378

وجوب الكفّارة لو بات بغير مكّة أو بها غير مشتغل بالعبادة 378

أفضليّة عدم الخروج من منى إلاّ بعد طلوع الفجر 378

وجوب الكون بمنى 379

جواز أن يأتي إلى مكّة أيّام منى لزيارة البيت 379

جواز ترك المبيت بمنى للرعاة و أهل السقاية و المبيت في منازلهم 380

ص:546

في الرمي

وجوب رمي الجمار الثلاث في كلّ يوم من أيّام التشريق 382

وقت رمي جمرة العقبة 382

مقدار حصيات الرمي للجمار الثلاث و كيفيّته 383

وقت الرمي في هذه الأيّام 384

وقت فضيلة الرمي 386

جواز الرمي بالليل للعليل و المريض و الخائف و الرعاة و العبيد 387

وجوب الترتيب بين الجمرات 388

وجوب أن يرمي كلّ جمرة بسبع حصيات 390

لو نسي فرمى الأولى بأربع حصيات ثمّ رمى الثانية 391

حكم الإخلال في الرمي 391

حكم الإخلال في الرمي 391

لو رمى ستّ حصيات فضاعت منهنّ واحدة 392

لو علم أنّه قد أخلّ بحصاة و لم يعلم من أيّ الجمار هي 393

لو رماها دفعة أو أقلّ من سبع 393

جواز الرمي راكبا و ماشيا 394

استحباب أن يترك الحصى في كفّه و يأخذ منها و يرمي و التكبير عند كلّ حصاة 394

جواز الرمي عن العليل و المبطون و المغمى عليه و الصبيّ و أصحاب الأعذار 395

لو نسي رمي يوم بعض الجمرات أو جميعها 396

فروع في الرمي 398

لو نسي رمي الجمار كلّها في الأيّام بأجمعها حتّى جاء إلى مكّة 399

لو نسي رمي الجمار في يوم النحر و أيّام التشريق معا 401

لو أخّر رمي جمرة العقبة يوم النحر 401

ص:547

روي أنّ من ترك رمي الجمار متعمّدا لا تحلّ له النساء 402

لو نسي النائب الرمي 402

وقت رمي الأداء و القضاء 403

استحباب التكبير بمنى أيّام التشريق عقيب خمس عشرة صلاة و في سائر الأمصار عقيب عشر صلوات 403

اختلاف العلماء في وجوب هذا التكبير و استحبابه 404

استحبابه عقيب الفرائض لا النوافل 404

صورة التكبير 404

استحباب أن يخطب الإمام بعد الظهر يوم الثالث من أيّام النحر 406

في النفر من منى

جواز النفر من منى إذا رمى الحاجّ الجمار الثلاث لمن اتّقى النساء و الصيد 408

عدم الفرق في جواز النفر الأوّل بين أهل مكّة و غيرهم 409

لو جامع أو قتل صيدا في إحرامه هل يجوز له النفير في النفر الأوّل؟410

عدم جواز النفر في الأوّل قبل الزوال إلاّ لضرورة أو حاجة 412

لو غربت الشمس يوم النفر الأوّل و هو بمنى 413

لو دخل عليه وقت العصر هل يجوز له أن ينفر في الأوّل؟415

هل يجوز لمن نفر في الأوّل أن يأتي مكّة و يقيم بها؟416

هل ينبغي للإمام أن ينفر قبل الزوال في النفر الأخير؟416

هل يمكن أن يقيم الإنسان بمنى بعد النفر؟417

استحباب دفن الحصى المختصّ بذلك اليوم بمنى 417

استحباب الصلاة للحاجّ في مسجد الخيف بمنى 417

ص:548

استحباب صلاة ستّ ركعات في مسجد الخيف 418

استحباب إتيان المحصّب و النزول به و الصلاة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 418

اختلاف العلماء في أنّه هل هو نسك أم لا؟420

حدّ المحصّب 420

ما هي ليلة التحصيب و يوم النحر و يوم القرّ؟421

في الرجوع إلى مكّة

استحباب العود إلى مكّة لطواف الوداع بعد أداء المناسك بمنى 422

استحباب دخول الكعبة و الاغتسال و الدعاء لمريد الدخول إلى الكعبة 423

تأكّد استحباب دخول الكعبة للصرورة و الدعاء بالمنقول 424

استحباب أن يصلّي بين الأسطوانتين و زواياها 425

كراهة أداء الفريضة جوف الكعبة 426

استحباب الدعاء عند الخروج من الكعبة بالمنقول 427

في الوداع

استحباب وداع البيت لمريد الخروج من مكّة 429

استحباب الوداع بطواف سبعة أشواط 430

هل يكون طواف الوداع ركن في الحجّ؟431

لم سمّي طواف الوداع بالوداع؟432

وقت طواف الوداع 432

إذا طاف للوداع و صلّى ركعتيه و لم ينصرف 432

لو كان منزله في الحرم هل يكون له الوداع؟433

ص:549

لو أخّر طواف الزيارة حتّى يخرج هل يسقط طواف الوداع؟434

هل هذا الطواف مستحبّ أم واجب؟434

لو خرج من مكّة و لم يودّع 434

كيفيّة الوداع و الدعاء بالمنقول 435

هل يكون طواف الوداع للحائض؟437

لو حاضت قبل طواف الوداع فنفرت ثمّ طهرت 438

هل للمستحاضة وداع البيت؟439

لو عدمت المستحاضة الماء 439

استحباب الشرب من زمزم 439

استحباب شراء التمر بدرهم و التصدّق به لمن أراد الخروج من مكّة 440

هل يكره أن يقال لحجّة الوداع:حجّة الوداع؟441

ص:550

المجلد 12

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

تتمة كتاب الحج

المقصد الرابع

اشارة

في تروك الإحرام و ما يجب من الكفّارة بفعل المحرم

و أحكام الحصر و الصدّ و الفوات

و فيه فصول:

ص:7

ص:8

الفصل الأوّل
اشارة

في ما يجب على المحرم اجتنابه و ما لا يجب

و فيه بحثان:

البحثالأوّل:في ما يجب اجتنابه،و هو أصناف
الصنفالأوّل:لبس المخيط
مسألة:يحرم على المحرم لبس المخيط من الثياب إن كان رجلا،و لا نعلم

فيه خلافا

.

روى الجمهور عن ابن عمر،قال:نادى رجل فقال:يا رسول اللّه،ما يجتنب المحرم؟فقال:«لا يلبس قميصا،و لا سراويل،و لا عمامة،و لا برنسا،و لا يلبس ثوبا مسّه ورس أو زعفران،و ليحرم أحدكم في إزار و رداء و نعلين،فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين،ليقطعهما حتّى يكونا إلى الكعبين» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوبا تزرّه و لا تدرّعه،

ص:9


1- 1صحيح البخاريّ 2:168،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177،سنن الدارميّ 2:32، [1]الموطّأ 1:324 الحديث 8، [2]سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823، [3]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2929،سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [4]سنن النسائيّ 5:131،سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 63،سنن البيهقيّ 5:49،كنز العمّال 5:33 الحديث 11925،المعجم الكبير للطبرانيّ 12: 213 الحديث 13099.

و لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار،و لا الخفّين إلاّ أن لا يكون نعلان» (1).

و لا خلاف في ذلك،قال ابن عبد البرّ:لا يجوز لباس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم،و أجمعوا على أنّ المراد بهذا:الذكور،دون النساء (2).

إذا ثبت هذا:فإنّ النبيّ (3)صلّى اللّه عليه و آله نصّ على تحريم القميص،فكان ما في معناه محرّما من الجبّة و الدرّاعة و ما أشبهه،و نصّ على تحريم السراويل، فكان ما شابهه محرّما،كالتبّان (4)و الران (5)،و نصّ على تحريم البرنس،فكان ما ساواه كالقلنسوة مساويا له في التحريم،و نصّ على تحريم الخفّين،فكان ما ساواه من الساعدين و القفّازين (6)كذلك.

مسألة:و لا يجوز له لبس الخفّين،و لا ما يستر ظهر القدم اختيارا

،و يجوز اضطرارا،و لا نعلم فيه خلافا؛لما تقدّم في حديث ابن عمر من جواز لبسهما إذا لم يجد النعلين (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل؟قال:«نعم،و لكن يشقّ ظهر القدم» (8).

ص:10


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 227،الوسائل 9:114 الباب 35 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) الاستذكار 4:14،المغني 3:276،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281.
3- 3) كثير من النسخ:فالنبيّ.
4- 4) التبّان-فعّال-:شبه السراويل.المصباح المنير:72. [2]
5- 5) الرّان:حذاء كالخفّ إلاّ أنّه أطول منه و لا قدم له.أقرب الموارد 1:452.
6- 6) القفّاز:شيء تتّخذه نساء الأعراب و يحشى بقطن يغطّي كفّي المرأة و أصابعها.المصباح المنير: 511.
7- 7) يراجع:ص 9.
8- 8) الفقيه 2:218 الحديث 997، [3]الوسائل 9:135 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]

إذا ثبت هذا:فإن لم يجد النعلين،شقّ الخفّين و جعلهما شمشكين و لبسهما.

و لو لم يجد إزارا،لم يجز له لبس القميص؛لأنّه لا يذهب منفعته بشقّه.و لأنّه يمكنه لبسه على صفته،كالمئزر،و له أن يعقد إزاره؛لأنّ ذلك صلاحية،و به يثبت و لا يزول عنه،و لا يجوز له لبس القباء إجماعا،فإن لم يجد ثوبا،جاز له أن يلبس القباء مقلوبا و لا فدية عليه.و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).

و قال مالك (3)،و أبو حنيفة:تجب الفدية (4).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة (5).

و يجوز له لبس السراويل إذا لم يجد إزارا،و لا نعلم فيه خلافا.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إذا لم يجد المحرم نعلين،لبس خفّين،و إذا لم يجد إزارا،لبس سراويلا» (6).

ص:11


1- 1المجموع 7:255،فتح العزيز بهامش المجموع 7:439-442، [1]حلية العلماء 3:285،مغني المحتاج 1:519.
2- 2) المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:287،الإنصاف 3:468، [2]الكافي لابن قدامة 1: 547. [3]
3- 3) إرشاد السالك:57-58،المدوّنة الكبرى 1:460،بلغة السالك 1:285،المغني 3:285، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:287. [5]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:125،تحفة الفقهاء 1:421،بدائع الصنائع 2:183-184،مجمع الأنهر 1:269 و 292-293.
5- 5) يراجع:الجزء العاشر:271.
6- 6) مسند أحمد 1:215، [6]صحيح البخاريّ 7:187،صحيح مسلم 2:835 الحديث 1178،سنن الدارميّ 2:32، [7]سنن أبي داود 2:166 الحديث 1829، [8]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2931، سنن الترمذيّ 3:195 الحديث 834، [9]سنن النسائيّ 5:135،سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 60، سنن البيهقيّ 5:50،كنز العمّال 5:34 الحديث 11929 و 11931،المعجم الكبير للطبرانيّ 12: 137 الحديث 12809 بتفاوت في البعض.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار» (1).

إذا ثبت هذا:فقد اتّفق العلماء على أنّه لا فدية عليه في لبسه،إلاّ مالكا (2)و أبا حنيفة،فإنّهما أوجبا الفدية عليه (3).

لنا:ما تقدّم في حديث ابن عبّاس؛فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جوّز لبسهما مع عدم الإزار.

و لأنّه يختصّ لبسه بحالة عدم غيره،فلا يجب به فدية،كالخفّين المقطوعين.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منع من لبس السراويل في حديث ابن عمر (4)،فتجب الفدية.و لأنّ ما وجبت الفدية بلبسه مع وجود الإزار، وجبت مع عدمه،كالقميص (5).

و الجواب:أنّ حديث ابن عمر مخصوص بحديث ابن عبّاس،و المقيس عليه و هو القميص مخالف للمقيس؛لأنّ القميص يمكنه الاستتار به من غير لبس مع عدم الإزار،بخلاف السراويل.

إذا ثبت هذا:فلا نعلم خلافا في جواز لبس السراويل للمرأة.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن المرأة إذا

ص:12


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 227،الوسائل 9:133 الباب 50 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) الموطّأ 1:419،المدوّنة الكبرى 1:460،بداية المجتهد 1:327.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:126-127،بدائع الصنائع 2:184 و 188.
4- 4) الموطّأ 1:324 الحديث 8،صحيح البخاريّ 2:168،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177، سنن الدارميّ 2:32، [2]سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823،سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2929،سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [3]سنن النسائيّ 5:131،سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 63.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:126،بدائع الصنائع 2:184،عمدة القارئ 10:203.

أحرمت أ تلبس السراويل؟فقال:«نعم،إنّما تريد بذلك الستر» (1).

مسألة:يحرم عليه لبس الخفّين،كما قلناه،فإن لم يجد النعلين،جاز له

لبسهما إجماعا

،و هل يجب عليه شقّهما أم لا؟ذهب الشيخ إلى شقّهما (2)،و به قال عروة بن الزبير (3)،و مالك (4)،و الثوريّ (5)،و الشافعيّ (6)،و إسحاق،و ابن المنذر (7)، و أصحاب الرأي (8).

و قال ابن إدريس منّا:لا يشقّهما (9).و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام (10)، و به قال عطاء،و عكرمة،و سعيد بن سالم (11)، (12)و عن أحمد روايتان

ص:13


1- 1الفقيه 2:219 الحديث 1013،الوسائل 9:133 الباب 50 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) المبسوط 1:320،الخلاف 1:434 مسألة-75.
3- 3) المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282،المجموع 7:265.
4- 4) الموطّأ 1:324 الحديث 8،إرشاد السالك:58،بداية المجتهد 1:327،بلغة السالك 1:285- 286،المدوّنة الكبرى 1:463،المنتقى للباجيّ 2:196.
5- 5) المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.
6- 6) الأمّ 2:147 و 202،المهذّب للشيرازيّ 1:208،مغني المحتاج 1:519،حلية العلماء 3: 286،المجموع 7:265،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453،الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151.
7- 7) المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:138، [2]تحفة الفقهاء 1:421،المبسوط للسرخسيّ 4:126،بدائع الصنائع 2: 183،مجمع الأنهر 1:269،شرح فتح القدير 2:346،عمدة القارئ 9:161-162 و ج 10:203.
9- 9) السرائر:127.
10- 10) المغني 3:277-278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.
11- 11) سعيد بن سالم القدّاح أبو عثمان المكّيّ خراسانيّ الأصل،و يقال:كوفيّ سكن مكّة،روى عن أيمن بن نائل و عبد اللّه بن عمر و موسى بن عليّ بن رباح و ابن جريج و الثوريّ و غيرهم،و روى ابنه عليّ و يحيى بن آدم و الشافعيّ و أسد بن موسى و غيرهم،مات قبل المائتين. تهذيب التهذيب 4:35، [3]الجرح و التعديل 4:31.
12- 12) المغني 3:277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281-282،المجموع 7:265.

كالقولين (1).

احتجّ الشافعيّ (2):بما رواه الجمهور عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين،و ليقطعهما حتّى يكونا إلى الكعبين» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في المحرم يلبس الخفّ؟قال:«نعم،و لكن يشقّ ظهر القدم» (4).

احتجّ ابن إدريس (5)،و أحمد (6):بحديث ابن عبّاس (7)و جابر:«من لم يجد نعلين فليلبس خفّين» (8).

و عن عليّ عليه السلام:«قطع الخفّين فساد،يلبسهما كماهما» (9)رواه

ص:14


1- 1الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3:464، [1]المغني 3:276-277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:281-282.
2- 2) المجموع 7:250 و 265، [2]الأمّ 2:147،المهذّب للشيرازيّ 1:207-208.
3- 3) مسند أحمد 2:50، [3]الموطّأ 1:325 الحديث 9، [4]صحيح البخاريّ 3:20،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177،سنن الدارميّ 2:32، [5]سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823، [6]سنن ابن ماجة 2: 977 الحديث 2929،سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [7]سنن النسائيّ 5:131،سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 63،سنن البيهقيّ 5:49،كنز العمّال 5:33 الحديث 11925.
4- 4) الفقيه 2:218 الحديث 997،الوسائل 9:135 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [8]
5- 5) السرائر:127.
6- 6) المغني 3:277،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282،الكافي لابن قدامة 1:548.
7- 7) مسند أحمد 1:221،279 و 285،سنن الدارميّ 2:32، [9]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2931،سنن النسائيّ 5:133،سنن الدارقطنيّ 2:228 الحديث 54،سنن البيهقيّ 5:50،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:137 الحديث 12809 و 12813-12814.
8- 8) مسند أحمد 3:323 و 395،صحيح مسلم 2:836 الحديث 1179،سنن الدارقطنيّ 2:228- 229 الحديث 57 و 58،كنز العمّال 5:33 الحديث 11926.
9- 9) المغني 3:277-278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.

الجمهور.

و لأنّه ملبوس أبيح لعدم غيره،فلا يجب قطعه،كالسراويل.

و لأنّ قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر،فإنّ لبس المقطوع مع وجود النعل حرام،كلبس الصحيح.

و لأنّ فيه إتلافا لماليّته،و قد نهى النبيّ صلّى اللّه عليه آله عن إضاعة المال (1).

و عن عائشة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص للمحرم أن يلبس الخفّين و لا يقطعهما (2).

و كان ابن عمر يفتي بقطعهما (3)،قالت صفيّة:فلمّا أخبرته بحديث عائشة، رجع (4).قال بعضهم:و الظاهر:أنّ القطع منسوخ (5)،فإنّ عمرو بن دينار روى الحديثين معا و قال:انظروا أيّهما كان قبل (6).

قال الدارقطنيّ:قال أبو بكر النيسابوريّ (7):حديث ابن عمر قبل؛لأنّه قد جاء في بعض رواياته قال:نادى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في المسجد،يعني بالمدينة،و كأنّه كان قبل الإحرام.

ص:15


1- 1المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.
2- 2) المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282.
3- 3) المجموع 7:265،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453،عمدة القارئ 10:198.
4- 4) المغني 3:278،الشرح الكبير بهامش المغني 3:282،عمدة القارئ 10:198.
5- 5) المغني 3:279،الشرح الكبير بهامش المغني 3:283،عمدة القارئ 9:162.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:229 الحديث 59،المغني 3:279،الشرح الكبير بهامش المغني 3:283، عمدة القارئ 9:162.
7- 7) خاوق:النيشابوريّ.و هو:أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن زياد بن واصل النيشابوريّ،سمع محمّد بن يحيى الذّهليّ و يونس بن عبد الأعلى،و روى عنه ابن عقدة و أبو عليّ النيشابوريّ و الدارقطنيّ. مات سنة 324 ه. تذكرة الحفّاظ 3:819،العبر:2:22، [1]شذرات الذهب 2:302. [2]

و في حديث ابن عبّاس يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب بعرفات يقول:«من لم يجد نعلين فليلبس خفّين»فدلّ على تأخّره عن حديث ابن عمر،فكان ناسخا (1).

إذا عرفت هذا:فالأولى عندي القطع؛تفصّيا من الخلاف و أخذا بالمتيقّن و ما يحصل البراءة القطعيّة به.

فروع:
الأوّل:لا يجوز له لبس المقطوع من الخفّين مع وجود النعلين

؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط في ترخّصهما عدم النعال (2)،فلو لبسه،وجبت الفدية،و به قال مالك (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:لا فدية عليه (5).و للشافعيّ قولان كالمذهبين (6).

لنا:أنّه عليه السلام شرط في لبسهما عدم النعلين،و كان لبسهما مع وجودهما باقيا على النهي المحرّم؛و لأنّه مخيط لعضو على قدره،فوجب على المحرم الفدية بلبسه،كالقفّازين.

ص:16


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 61.
2- 2) مسند أحمد 3:323 و 395،صحيح مسلم 2:836 الحديث 1179،سنن الدارقطنيّ 2:228 الحديث 57-58،كنز العمّال 5:33 الحديث 11926.
3- 3) بداية المجتهد 1:327،المدوّنة الكبرى 1:463،بلغة السالك 1:285.
4- 4) المغني 3:279،الشرح الكبير بهامش المغني 3:283،الإنصاف 3:465،الكافي لابن قدامة 1: 548.
5- 5) شرح فتح القدير 2:346،المغني 3:279،الشرح الكبير بهامش المغني 3:283،المجموع 7: 261.
6- 6) المجموع 7:261،فتح العزيز بهامش المجموع 7:453،المهذّب للشيرازيّ 1:208،مغني المحتاج 1:519،حلية العلماء 3:286.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لو كان لبسهما محرّما،تجب به الفدية لما أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقطعهما؛لعدم الفائدة (1).

و الجواب:أنّ القطع و اللبس بعده إنّما يجوز مع عدم النعلين،فالفائدة بسقوط الدم و العقاب بلبسهما مع القطع و عدم النعال.

الثاني:منع علماؤنا من لبس ما يستر ظهر القدم

و لا يجوز لبس[اللالكة] (2)و الجمجم (3)حينئذ،و لو عدم النعال،جاز له لبس ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سوّغ لبس الخفّين مع عدم النعلين،فما هو أدون أولى.

الثالث:يجوز لبس النعال مطلقا

،و لا يجب قطع شيء منها،و لا فدية حينئذ.

و قال أحمد:يجب قطع القيد في النعل و العقب و تجب به الفدية لو لم يقطعهما (4)و به قال عطاء 5.

لنا:أنّ الأمر بلبسهما ورد مطلقا،و الأصل عدم التخصيص،و لأنّ لبسهما مع قطع القيد و العقب ممّا يتعذّر،و يمتنع معه المشي بها.

الرابع:لو وجد نعلا و لا يمكنه لبسه،فله لبس الخفّ و لا فدية عليه

؛لأنّ المتعذّر استعماله،كالمعدوم،و ذلك كما لو كانت النعل لغيره أو صغيرة،و كالماء في التيمّم،و الرقبة التي لا يمكنه عتقها.

و لأنّ العذر في اللبس سوّغ لبس الخفّ و قام مقام العدم،فكذا في سقوط

ص:17


1- 1المغني 3:279،الشرح الكبير بهامش المغني 3:283.
2- 2) في النسخ:الدالكة،و ما أثبتناه من المغني و الكافي لابن قدامة و الإنصاف،و لم نعثر على معناه في كتب اللغة العربيّة الّتي بأيدينا.نعم،وردت هذه اللفظة في معاجم اللغة الفارسيّة و هي تفيد بأنّها نوع من الأحذية،مصنوع من الجلود يقال لها بالفارسيّة:كفش،نعلين، پاى افزار و أرسي.ينظر:فرهنگ نظام 4:462،فرهنگ آنندراج 5:3661، لغت نامه دهخدا 38:59.
3- 3) الجمجم:المداس،ليس بعربيّ بل هو(معرّب).تاج العروس 8:233،المعجم الوسيط:133. [1]
4- (4-5) المغني 3:280،الشرح الكبير بهامش المغني 3:284.

الفدية.

و عن أحمد رواية بالفدية (1)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه آله قال:«من لم يجد نعلين فليلبس خفّين» (2)و هذا واجد.

و الجواب:المراد من الوجدان:تمكّن استعماله،كالتيمّم.

الخامس:ليس للمحرم أن يعقد عليه الرداء و لا غيره إلاّ الإزار و الهميان

، و ليس له أن يجعل لذلك زرّا و لا عروة.

روى ابن بابويه عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

المحرم يشدّ الهميان وسطه؟فقال:«نعم،و ما خيره بعد نفقته؟» (3).

و في رواية أبي بصير عنه،أنّه قال:«كان أبي عليه السلام يشدّ على بطنه نفقته يستوثق بها فإنّها تمام حجّه» (4).

و سأل سعيد الأعرج عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى، قال:«نعم» (5).

السادس:الجورب كالخفّين في المنع من لبسهما مع التمكّن من النعلين

و جوازه مع عدمه

؛لأنّه بمعناه.

ص:18


1- 1الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3:466،المغني 3:281،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 285.
2- 2) مسند أحمد 3:323 و 395، [1]صحيح مسلم 2:836 الحديث 1179،سنن الدارقطنيّ 2:228- 229 الحديث 57-58،كنز العمّال 5:33 الحديث 11926.
3- 3) الفقيه 2:221 الحديث 1027،الوسائل 9:128 الباب 47 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) الفقيه 2:221 الحديث 1028،الوسائل 9:128 الباب 47 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5 [3]بتفاوت فيه.
5- 5) الفقيه 2:221 الحديث 1024،الوسائل 9:140 الباب 57 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. و [4]فيهما عن محمّد بن مسلم.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«و أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان،فله أن يلبس الخفّين إذا اضطرّ إلى ذلك،و الجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلى لبسهما» (1).

السابع:يجوز له أن يعقد إزاره عليه

؛لأنّه يحتاج إليه لستر العورة،فيباح، كاللباس للمرأة،و يعقد الهميان.

قال ابن عبد البرّ:أجمع فقهاء الأمصار على أنّ للمحرم أن يلبس الهميان متقدّموهم و متأخّروهم (2).

إذا ثبت هذا:فإن أمكنه أن يدخل السيور بعضها في بعض و لا يعقده،فعل؛ لأنّه لا حاجة حينئذ إلى عقده و إن لم يثبت عقده للضرورة.

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته.

و قال ابن عبّاس:أوثقوا عليكم نفقاتكم رخّص في الخاتم و الهميان للمحرم (3).

و لأنّ الحاجة ممّا تدعو إلى شدّه،فجاز،كعقد الإزار،و لو لم يكن في الهميان نفقة،لم يجز عقده؛لعدم الحاجة.

الثامن:يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا

؛لأنّها عورة و ليست كالرجال، و لا نعلم فيه خلافا،إلاّ قولا شاذّا للشيخ (4)،لا اعتداد به.و كذا يجوز لها أن تلبس

ص:19


1- 1التهذيب 5:384 الحديث 1341،الوسائل 9:134 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:285-286،عمدة القارئ 9:154.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:233 الحديث 71-72،سنن البيهقيّ 5:69 بتفاوت.و بهذا اللفظ ينظر: المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:286.
4- 4) النهاية:218. [2]

الغلالة (1)إذا كانت حائضا إجماعا؛لتقي ثيابها من الدم.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تلبس المرأة المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة» (2).

فرع:

الخنثى المشكل لا يلزمه اجتناب المخيط

؛لعدم تيقّن الذكوريّة الموجبة لذلك.

التاسع:لا يجوز للمرأة لبس القفّازين

،و لا شيء من الحلي ما لم تجر عادتهنّ بلبسه له قبل الإحرام.

و القفّازان في الأصل:شيء تتّخذه النساء باليدين يحشى بقطن،و يكون له أزرار تزرّ على الساعدين من البرد تلبسه النساء.و قد روي أنّه لا بأس أن تلبس المرأة الخلخالين و المسك (3).

و المسك-بفتح الميم و السين غير المعجمة المفتوحة و الكاف-أسورة من ذبل (4)أو عاج.

روى ابن بابويه عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه السلام:أنّه كره للمحرمة البرقع و القفّازين (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز له لبس القباء إلاّ إذا لم يجد الإزار فيلبسه مقلوبا

،

ص:20


1- 1الغلالة:ثوب رقيق يلبس على الجسد تحت الثياب تتّقي به الحائض عن التلويث.مجمع البحرين 5:437. [1]
2- 2) الفقيه 2:219 الحديث 1011،الوسائل 9:135 الباب 52 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:74 الحديث 246،الاستبصار 2:309 الحديث 1100،الفقيه 2:220 الحديث 1019،الكافي 4:345 الحديث 4. [3]بتفاوت.
4- 4) الذّبل:شيء كالعاج،و هو ظهر السلحفاة البحريّة يتّخذ منه السوار.الصحاح 4:1701. [4]
5- 5) الفقيه 2:219 الحديث 1012،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [5]

و لا يدخل يديه في يدي القباء،و لا فدية عليه بلبسه حينئذ،و لا يجوز له لبسه مع وجود الإزار (1).ذهب إليه علماؤنا،و به قال أبو حنيفة (2).

و قال مالك (3)،و الشافعيّ:عليه الفدية (4).

لنا:ما تقدّم من جواز لبس القباء عند عدم الإزار (5).و لأنّ القباء لا يحيط بالبدن،فلا تجب به الفدية،كالقميص يتّشح به.

احتجّ الشافعيّ (6):بما رواه ابن المنذر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن لبس الأقبية (7).

و لأنّه مخيط لبسه المحرم على العادة في لبسه،فلزمه الفداء،كالقميص.

و الجواب:أنّا نقول بموجب الحديث،و تخصيصه بما تلوناه من الأحاديث بالمكنة،أو من أدخل يديه في كمّيه،و قياسهم باطل؛للنقض بالرداء الموصول.

ص:21


1- 1يراجع:ص 11. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:125،بدائع الصنائع 2:184،الهداية للمرغينانيّ 1:161،شرح فتح القدير 2:443،مجمع الأنهر 1:269 و 294.
3- 3) بلغة السالك 1:285،المغني 3:285،المجموع 7:266.
4- 4) حلية العلماء 3:285،المجموع 7:266،فتح العزيز بهامش المجموع 7:441،الميزان الكبرى 2:41،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151،مغني المحتاج 1:518،المغني 3:285، الشرح الكبير بهامش المغني 3:287.
5- 5) يراجع:ص 11. [2]
6- 6) المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:287،المجموع 7:266 و فيه:...و حكاه ابن المنذر بمعناه عن الأوزاعيّ.
7- 7) سنن الدارقطنيّ 2:232 الحديث 68،سنن البيهقيّ 5:50.
الصنف الثاني

الطيب

مسألة:و الطيب حرام على المحرم

،و هو قول علماء الإسلام؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال في المحرم الذي وقصت (1)به ناقته:«لا تمسّوه بطيب» (2)فلمّا منع الميّت من الطيب لأجل إحرامه،كان منع الحيّ أولى.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تمسّ شيئا من الطيب» (3).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب و لا من الريحان و لا يتلذّذ به،فمن ابتلي بشيء من ذلك،فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه»يعنى من الطعام (4).

ص:22


1- 1الوقص:كسر العنق.النهاية لابن الأثير 5:214. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:22،صحيح مسلم 2:866 الحديث 1206،سنن النسائيّ 5:195،مسند أحمد 1:215،سنن الدارقطنيّ 2:295 الحديث 264،سنن البيهقيّ 3:393،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:61 الحديث 12529 و ص 63 الحديث 12541-12543.
3- 3) التهذيب 5:297 الحديث 1006،الاستبصار 2:178 الحديث 590،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [2]
4- 4) التهذيب 5:297 الحديث 1007،الاستبصار 2:178 الحديث 591،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 11. [3]

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،عن قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (1):«حفوف الرجل من الطيب» (2).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن السعوط للمحرم فيه طيب،فقال:«لا بأس» (3).

قال الشيخ:لأنّه محمول على حال الضرورة؛جمعا بين الأحاديث (4).و هو جيّد.يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسماعيل بن جابر،و كانت عرضت له ريح في وجهه من علّة أصابته،و هو محرم،قال:فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ الطبيب الذي يعالجني وصف لي سعوطا فيه مسك،فقال:«استعط به» (5).

فرع:

لو مات المحرم،لم يجز تغسيله بالكافور

،و لا يجوز أن يقرب الطيب أصلا، لا في غسله و لا في حنوطه؛لما تقدّم (6).

مسألة:الطيب ما تطيب رائحته،و يتّخذ للشمّ،كالمسك و العنبر و الكافور

ص:23


1- 1الحجّ(22):29. [1]
2- 2) التهذيب 5:298 الحديث 1010،الاستبصار 2:179 الحديث 593،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 13. [2]
3- 3) التهذيب 5:298 الحديث 1011،الاستبصار 2:179 الحديث 594،الوسائل 9:97 الباب 19 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:298،الاستبصار 2:179.
5- 5) التهذيب 5:298 الحديث 1012،الاستبصار 2:179 الحديث 595،الوسائل 9:97 الباب 19 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]
6- 6) يراجع:الجزء السابع ص 177-179.

و الزعفران و ماء الورد،و الأدهان الطيّبة،كدهن البنفسج و الورس-بفتح الواو و سكون الراء-و هو نبت أحمر قان يوجد على قشور شجرة ينحت منها و يجمع، و هو شبيه بالزعفران المسحوق،يجلب من اليمن،طيّب الريح.

إذا عرفت هذا:فقد اختلف علماؤنا في عموم تحريم الطيب،فقال الشيخ في النهاية:الطيب الذي يحرم مسّه و شمّه،و أكل طعام يكون فيه المسك و العنبر و الزعفران و الورس و العود و الكافور،فأمّا ما عدا هذا من الطيب و الرياحين فمكروه يستحبّ اجتنابه و إن لم يلحق في الحظر بالأوّل (1).

و قال أكثر علمائنا:الطيب على اختلاف أجناسه حرام (2)،و اختاره الشيخ أيضا في المبسوط قال:و أغلظها خمسة أجناس:المسك و العنبر و الكافور و الزعفران و العود،و قد ألحق بذلك الورس (3).

لنا:ما تقدّم من الأخبار (4).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء:المسك و العنبر و الورس و الزعفران،غير أنّه يكره للمحرم الأدهان الطيّبة الريح» (5).

و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الطيب:المسك

ص:24


1- 1النهاية:219. [1]
2- 2) منهم:الشيخ المفيد في المقنعة:67،و السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:107، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:202،و ابن البرّاج في شرح جمل العلم و العمل:214، و ابن إدريس في السرائر:127،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:249.
3- 3) المبسوط 1:319. [2]
4- 4) يراجع:ص 22. [3]
5- 5) التهذيب 5:299 الحديث 1013،الاستبصار 2:179 الحديث 596،الوسائل 9:96 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 14. [4]

و العنبر و الزعفران و العود» (1).

و عن سيف،قال:حدّثني عبد الغفّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام، يقول:«الطيب:المسك و العنبر و الزعفران و الورس» (2).

قال الشيخ:الوجه في هذه الأخبار:أحد شيئين:

أحدهما:أن نخصّ الأخبار التي تضمّنت وجوب اجتناب الطيب على العموم بهذه و نقول:إنّ الطيب الذي يجب اجتنابه ما تضمّنته هذه الأخبار لخصوص هذه الأخبار و عموم تلك،و العامّ يبنى على الخاصّ.

الثاني:أن تحمل هذه الأربعة الأشياء على وجوب اجتنابها،و ما عداها من الطيب على أنّه يستحبّ تركها و اجتنابها و إن لم يكن ذلك واجبا،كما فصّله الصادق عليه السلام في قوله:«إنّما يحرم من الطيب أربعة أشياء».

على أنّ الخبرين الأخيرين ليس فيهما أكثر من الإخبار بأنّ الطيب أربعة أشياء و ليس فيهما (3)-كما ذكر-ما يجب على المحرم أو يحلّ له،و لا يمتنع أن يكون الخبر إنّما تناول ذكر الأربعة تعظيما و تفخيما،و لم يكن القصد بيان تحريمها أو تحليلها في بعض الأحوال،و إنّما تأوّلناهما بما ذكرناه؛لما وجدنا أصحابنا-رحمهم اللّه-ذكروا الخبرين في أبواب ما يحرم على المحرم اجتنابه،و إلاّ فلا يحتاج-مع ما قلناه-إلى تأويلهما (4).

هذه خلاصة ما ذكره الشيخ-رحمه اللّه-و الأقرب:الاعتماد على المشهور

ص:25


1- 1التهذيب 5:299 الحديث 1014،الاستبصار 2:179 الحديث 597،الوسائل 9:96 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 15. [1]
2- 2) التهذيب 5:299 الحديث 1015،الاستبصار 2:180 الحديث 598،الوسائل 9:96 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 16. [2]
3- 3) في النسخ:فيها،و ما أثبتناه من المصدر و هو مقتضى السياق.
4- 4) الاستبصار 2:180.

من تحريم الطيب على عمومه.

مسألة:النبات الطيّب على ثلاثة أضرب:

أحدها:ما لا ينبت للطيب و لا يتّخذ منه،كنبات الصحراء من الشّيح و القيصوم و الخزامى و الإذخر،و الفواكه كلّها من الأترجّ (1)و التفّاح و السفرجل و أشباهه.

و ما ينبته الآدميّون لغير قصد الطيب،كالحنّاء و العصفر،فهذا كلّه يباح شمّه و لا يجب به فدية باتّفاق العلماء؛لما رواه الجمهور أنّ أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كنّ يحرمن في المعصفرات (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا بأس أن تشمّ الإذخر و القيصوم و الخزامى و الشّيح و أشباهه و أنت محرم» (3).

و لا بأس أن تأكل ماله رائحة طيّبة عند الحاجة إليه غير أنّه يمسك على أنفه من رائحته.

روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن التفّاح و الأترجّ و النبق و ما طابت ريحه، فقال:«يمسك على شمّه و يأكله» (4).

ص:26


1- 1الأترجّ-بضمّ الهمزة و تشديد الجيم-:فاكهة معروفة،الواحدة:أترجّة،و في لغة ضعيفة:ترنج. المصباح المنير:73. [1]
2- 2) الموطّأ 1:326 الحديث 11،سنن البيهقيّ 5:59،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:86 الحديث 11186،مجمع الزوائد 3:219.
3- 3) التهذيب 5:305 الحديث 1041،الوسائل 9:101 الباب 25 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:305 الحديث 1042،الاستبصار 2:183 الحديث 606،الوسائل 9:102 الباب 26 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1 و 3. [3]

و عن عمّار الساباطيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم أ يتخلّل؟ قال:«نعم لا بأس به»قلت:له أن يأكل الأترجّ؟قال:«نعم»قلت:فإنّ له رائحة (1)طيّبة،فقال:«إنّ الأترجّ طعام و ليس هو من الطيب» (2).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحنّاء،فقال:«إنّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره،و ما هو بطيب، و ما به بأس» (3).

و قد روى ابن بابويه عن إبراهيم بن سفيان،قال:كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام عن المحرم يغسل يده بأشنان فيه الإذخر،فكتب:«لا أحبّه لك» (4).

و هذه الرواية غير منافية لرواية معاوية بن عمّار-الصحيحة-من جواز شمّ الإذخر؛لأنّها تعطي الكراهية،لا التحريم،و مع ذلك فهي مشتملة على المكاتبة، فروايتنا أولى.

و لأنّا لا يحضرنا الآن حال رجال هذه الرواية،فإذا الاعتماد على الأولى.

و لأنّه لا يقصد منه الطيب و لا يتّخذ منه،فأشبه سائر نبات الأرض.

الثاني:ما يقصد شمّه و يتّخذ منه الطيب،كالياسمين و الورد و النيلوفر، و الظاهر أنّ هذا يحرم شمّه و تجب منه الفدية.و به قال الشافعيّ (5).

ص:27


1- 1أكثر النسخ:ريحة.
2- 2) التهذيب 5:306 الحديث 1043،الاستبصار 2:183 الحديث 607،الوسائل 9:102 الباب 26 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 2:224 الحديث 1052،الوسائل 9:100 الباب 23 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 2:224 الحديث 1048،الوسائل 9:103 الباب 27 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [3]
5- 5) حلية العلماء 3:288 و 290،المهذّب للشيرازيّ 1:208-209،المجموع 7:270-271 و 274،فتح العزيز بهامش المجموع 7:456،مغني المحتاج 1:520.

و قال مالك (1)،و أبو حنيفة:و لا تجب به فدية (2).

لنا:أنّ الفدية تجب فيما يتّخذ منه،فكذا في أصله.

الثالث:ما ينبته الآدميّون للطيب و لا يتّخذ منه طيب،كالريحان و المرزنجوش و النرجس،فهل تجب فيه فدية؟فيه خلاف،قال قوم:إنّه لا فدية فيه،قاله ابن عبّاس،و عثمان بن عفّان،و الحسن،و مجاهد،و إسحاق (3)،و مالك (4)، و أبو حنيفة (5).

و الآخر:تجب منه الفدية و يكون محرّما،و هو قول جابر،و ابن عمر (6)، و الشافعيّ (7)،و أبي ثور (8)،و عن أحمد روايتان،كالقولين (9).

احتجّ الموجبون:بأنّه يتّخذ للطيب،فأشبه الورد (10).

و احتجّ الآخرون:بأنّه لا يتّخذ للطيب،فأشبه العصفر (11). (12)

ص:28


1- 1المدوّنة الكبرى 1:456،بلغة السالك 1:287-288،المغني 3:297،عمدة القارئ 9:156.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:123،بدائع الصنائع 2:191،شرح فتح القدير 2:438.
3- 3) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،عمدة القارئ 9:157.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:456،بلغة السالك 1:288،عمدة القارئ 9:157.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:123،بدائع الصنائع 2:191،شرح فتح القدير 2:438،عمدة القارئ 9:156.
6- 6) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،عمدة القارئ 9:156.
7- 7) الأمّ 2:204،حلية العلماء 3:288-290،المهذّب للشيرازيّ 1:209،المجموع 7:278، فتح العزيز بهامش المجموع 7:457،مغني المحتاج 1:520.
8- 8) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،عمدة القارئ 9:156.
9- 9) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،الكافي لابن قدامة 1:552،الإنصاف 3:470.
10- 10) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،الكافي لابن قدامة 1:551،المجموع 7: 278،فتح العزيز بهامش المجموع 7:457.
11- 11) أكثر النسخ:المعصفر.
12- 12) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291.
مسألة:الحنّاء ليس بطيب

،و لا يجب على المحرم باستعماله فدية،و لا يحرم استعماله،بل يكره للزينة.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:هو طيب تجب به الفدية (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عكرمة أنّ عائشة و أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كنّ يختضبن بالحنّاء (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السلام،عن الحنّاء لمّا سأله عنه،فقال:«إنّه ليس بطيب و إنّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره و ما به بأس».و رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان أيضا (4).

و لأنّه يقصد منه اللون دون الرائحة،فأشبه الممشّق (5)و هو مغرة.

احتجّ أبو حنيفة:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال لأمّ سلمة:

«لا تطيّبي و أنت محرمة،و لا تمسّي الحنّاء فإنّه طيب» (6).

ص:29


1- 1حلية العلماء 3:291،المهذّب للشيرازيّ 1:209،المجموع 7:278،فتح العزيز بهامش المجموع 7:463 و 464،الميزان الكبرى 2:42،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:151، مغني المحتاج 1:520-521.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:125،بدائع الصنائع 2:191،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:440،مجمع الأنهر 1:292.
3- 3) مجمع الزوائد 3:219،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:86 الحديث 11186،و فيهما:عن ابن عبّاس.
4- 4) الفقيه 2:224 الحديث 1052،التهذيب 5:300 الحديث 1019،الاستبصار 2:181 الحديث 600،الوسائل 9:100 الباب 23 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]بتفاوت.
5- 5) المشق:المغرة-و هو الطين الأحمر-و أمشقت الثوب:صبغته بالمشق،و قالوا:ثوب ممشّق و لم يذكروا فعله.المصباح المنير:574. [2]
6- 6) المعجم الكبير للطبرانيّ 23:418 الحديث 1012،مجمع الزوائد 3:218،كنز العمّال 5:121 الحديث 12323.

و لأنّ له رائحة مستلذّة،فأشبه الورس و الزعفران (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ رواية ابن لهيعة (2)و هو ضعيف،و روى غيره:

«لا تمسّي الحنّاء فإنّه خضاب» (3).

و عن الثاني:أنّ رائحته لا تستلذّ،و ينتقض بالفواكه.

مسألة:و العصفر ليس بطيب

(4)

،و يجوز للمحرم أن يلبس المعصفر، و لا تجب به الفدية.و به قال الشافعيّ (5)،و أحمد (6).

و قال أبو حنيفة:العصفر (7)طيب و تجب به الفدية على المحرم (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى النساء في

ص:30


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:125،بدائع الصنائع 2:191،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:440.
2- 2) عبد اللّه بن لهيعة بن عقبة،أبو عبد الرحمن الحضرميّ-و يقال:الغافقيّ-قاضي مصر،يروي عن الأعرج و أبي الزبير،و روى عنه ابن المبارك و ابن وهب،ضعّفه ابن حبّان و ابن الجوزيّ و العقيليّ، و نقل الذهبيّ عن ابن معين إنّه ضعيف لا يحتجّ به.مات سنة 174 ه. المجروحين لابن حبّان 2:11،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 2:136،الضعفاء الكبير للعقيليّ 2:293،ميزان الاعتدال 2:475.
3- 3) سنن أبي داود 2:292 الحديث 2305،سنن النسائيّ 6:204-205،المعجم الكبير للطبرانيّ 23:419 الحديث 1013،في الجميع بتفاوت يسير.
4- 4) أكثر النسخ:و المعصفر.العصفر:نبت معروف،و عصفرت الثوب:صبغته بالعصفر،فهو معصفر. المصباح المنير:414. [1]
5- 5) الأمّ 2:150،حلية العلماء 3:290،المهذّب للشيرازيّ 1:209،المجموع 7:278،فتح العزيز بهامش المجموع 7:457،مغني المحتاج 1:520.
6- 6) المغني 3:300،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،الكافي لابن قدامة 1:552،الإنصاف 3: 505.
7- 7) أكثر النسخ:المعصفر.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:126،بدائع الصنائع 2:185،شرح فتح القدير 2:438.

إحرامهنّ عن القفّازين و النقاب،و ما[مسّ] (1)الورس من الثياب،و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ (2).

و روى القاسم بن محمّد أنّ عائشة كانت تلبس الأحمرين-و هي محرمة-:

الذهب و المعصفر.

و عن عمر بن الخطّاب أنّه أبصر على عبد اللّه بن جعفر ثوبين مضرّجين و هو محرم فقال:ما هذه الثياب؟فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام:«ما إخال أحدا يعلّمنا بالسنّة»فسكت عمر (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر؟فقال:

«إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به» (4).

احتجّ المخالف:بالقياس على الورس و الزعفران (5).

و الجواب:الفرق بأنّ المقيس عليه طيب،بخلاف المقيس.

إذا ثبت هذا:فإنّ أصحابنا كرهوا لبسه إذا كان مشبعا.و قد روى الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن امرأة خافت الشقاق،فأرادت أن تحرم،هل تخضب يدها بالحنّاء قبل ذلك؟قال:«ما يعجبني أن تفعل» (6).

ص:31


1- 1في النسخ:أشبه،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [1]سنن البيهقيّ 5:52،المغني 3:300.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:59.
4- 4) التهذيب 5:67 الحديث 217،الاستبصار 2:165 الحديث 540،الوسائل 9:120 الباب 40 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:126،بدائع الصنائع 2:185.
6- 6) التهذيب 5:300 الحديث 1020،الاستبصار 2:181 الحديث 601،الوسائل 9:100 الباب 23 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه فيه:أن نحمله على ضرب من الكراهية دون الحظر (1).

مسألة:و لا بأس بخلوق الكعبة و شمّ رائحته

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،سواء كان عالما أو جاهلا،عامدا أو ناسيا.

و قال الشافعيّ:إن جهل أنّه طيب فبان طيبا رطبا،فإن غسله في الحال و إلاّ وجب الفدية،و إن علمه طيبا فوضع يده عليه يعتقده يابسا فبان رطبا،ففيه قولان (2).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة،خرج منه المتّفق عليه،فبقي الباقي.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن خلوق الكعبة و خلوق القبر يكون في ثوب الإحرام،فقال:«لا بأس به،هما طهوران» (3).

احتجّ المخالف:بأنّه مسّ طيبا،فوجبت الفدية (4).

و الجواب:المنع من إيجاب الكفّارة في كلّ موضع،و الفرق:أنّ هذا الموضع ممّا تمسّ الحاجة إلى الدخول إليه،و ربما حصل ازدحام،فلو أوجبنا الفدية،لزم الضرر.

مسألة:الريحان الفارسيّ لا تجب به الفدية

،و اختلف أصحاب الشافعيّ،

ص:32


1- 1الاستبصار 2:181.
2- 2) الأمّ 2:152 و 204،حلية العلماء 3:300-301،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7: 272،فتح العزيز بهامش المجموع 7:461،مغني المحتاج 1:520.
3- 3) التهذيب 5:299 الحديث 1016،الوسائل 9:98 الباب 21 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
4- 4) المجموع 7:272،فتح العزيز بهامش المجموع 7:461 و 462.

فقال:قوم منهم:تجب الفدية،و به قال ابن عمر،و جابر (1).

و قال الآخرون:لا تجب فدية (2)،و به قال عثمان بن عفّان،و ابن عبّاس، و عطاء (3).

لنا:أنّ الأصل الإباحة و براءة الذمّة،و كذا البحث في النرجس و المرزنجوش و البرم (4)و البنفسج،و قد تقدّم ذلك (5).

مسألة:و يحرم عليه لبس ثوب مسّه طيب محرّم،كالورس و الزعفران

و أشباهه.ذهب إليه فقهاء الأمصار،و لا نعلم فيه خلافا.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تلبسوا شيئا من الثياب مسّه الزعفران و الورس» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«لا تمسّ الريحان و أنت محرم، و لا تمسّ شيئا فيه زعفران،و لا تأكل طعاما فيه زعفران،و لا ترتمس في ماء (7)

ص:33


1- 1المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،عمدة القارئ 9:153.
2- 2) حلية العلماء 3:290،المهذّب للشيرازيّ 1:209،المجموع 7:274،فتح العزيز بهامش المجموع 7:457.
3- 3) المغني 3:297،الشرح الكبير بهامش المغني 3:291،المهذّب للشيرازيّ 1:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:457.
4- 4) البرم:الكحل المذاب.تهذيب اللغة 1:322.
5- 5) يراجع:ص 28. [1]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:169،صحيح مسلم 2:834 الحديث 1177،سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823، [2]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [3]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2929،سنن النسائيّ 5:131،الموطّأ 1:324 الحديث 8، [4]سنن الدارميّ 2:32،سنن الدارقطنيّ 2:230 الحديث 63،سنن البيهقيّ 5:49.
7- 7) ع:«فيما»مكان:«في ماء».

يدخل فيه رأسك» (1).

إذا ثبت هذا:فلا فرق بين أن يصبغ الثوب بالطيب أو يغمس فيه،كما يغمس في ماء الورد أو يتبخّر به،كما لو تبخّر بالندّ (2)و العود.و كذا لا يجوز له افتراشه و النوم عليه و الجلوس،فمتى لبس المحرم ذلك أو نام عليه،وجب عليه الفدية،و به قال الشافعيّ (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:إن كان رطبا يلي بدنه،أو يابسا ينفض،فعليه الفدية،و إلاّ فلا (5).

لنا:أنّه محرم استعمل ثوبا مطيّبا عامدا،فلزمه الفداء،كما لو كان رطبا أو نفض عليه.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن لبس ما مسّه الزعفران،و لم يفرّق بين الرطب و اليابس،و لا بين ما نفض و ما لا ينفض.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه غير مستعمل لجرم الطيب في بدنه،فلا تلزمه فدية،كما لو جلس في العطّارين فشمّ الطيب (6).

و الجواب:أنّ الجلوس في العطّارين ليس بتطيّب في العادة،بخلاف مسألتنا.

ص:34


1- 1التهذيب 5:307 الحديث 1048،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 10. [1]
2- 2) الندّ-بالفتح-:عود يتبخّر به.المصباح المنير:597،و في الصحاح 2:543: [2]الندّ من الطيب، ليس بعربيّ.
3- 3) حلية العلماء 3:288،المجموع 7:272، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:461، [4]مغني المحتاج 1:520.
4- 4) المغني 3:299،الشرح الكبير بهامش المغني 3:288.
5- 5) المغني 3:299،الشرح الكبير بهامش المغني 3:288،حلية العلماء 3:288.
6- 6) المغني 3:299،الشرح الكبير بهامش المغني 3:288.
فروع:
الأول:لو غسله حتّى ذهب الطيب،جاز له لبسه عند جميع العلماء

،لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ المقتضي لتحريم ذلك اللبس قد زال،فيزول المعلول قضيّة للتعليل.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام في محرم أصابه طيب،فقال:«لا بأس أن يمسحه بيده أو يغسله» (1).

و عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران،ثمّ يغسل،فقال:«لا بأس به إذا ذهب ريحه،و لو كان مصبوغا كلّه إذا ضرب إلى البياض فلا بأس به» (2).

و عن إسماعيل بن الفضل،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب،فقال:«إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه» (3).

الثاني:لو انقطعت رائحة الثوب لطول الزمن عليه،أو لكونه صبغ بغيره بحيث

لا يظهر له رائحة إذا رشّ بالماء،جاز استعماله

.و به قال سعيد بن المسيّب،و الحسن البصريّ،و النخعيّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور،و أصحاب الرأي (6).و كره ذلك

ص:35


1- 1التهذيب 5:299 الحديث 1017،الوسائل 9:99 الباب 22 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:68 الحديث 220،الوسائل 9:122 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:68 الحديث 223،الوسائل 9:123 الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [3]
4- 4) المغني 3:299.
5- 5) المجموع 7:273،فتح العزيز بهامش المجموع 7:459،مغني المحتاج 1:480،المغني 3: 299.
6- 6) المغني 3:299.

مالك (1).

لنا:أنّ النهي إنّما تناوله لأجل الرائحة،و التقدير زوالها بالكلّيّة.

أمّا لو لم يكن له رائحة في الحال،لكنّه بحيث لو رشّ بالماء.ظهرت،منع من لبسه و يلزمه الفدية؛لأنّه مطيّب؛لأنّ رائحته تظهر عند رشّ الماء،و الماء لا رائحة فيه،و إنّما هي من الصبغ.

الثالث:لو فرش فوق الثوب المطيّب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة و المباشرة

،فلا فدية عليه بالجلوس و النوم.

و لو كان الحائل بينهما ثياب بدنه،فالوجه:المنع؛لأنّه كما منع من استعمال الطيب في بدنه،منع من استعماله في ثوبه.

الرابع:قد بيّنّا أنّه إذا أصاب ثوبه طيب،أزاله،فلو كان معه من الماء

ما لا يكفيه لغسل الطيب و طهارته،فإنّه يغسل به الطيب

(2)

؛لأنّه يمكنه أن يرجع عن الوضوء إلى بدله الذي هو التيمّم.و لو أمكنه قطع رائحة الطيب بشيء من الماء،فعل ذلك و توضّأ بالماء.

الخامس:لا بأس بالممشّق و هو المصبوغ بالمغرة

(3)؛لأنّه مصبوغ بطين لا بطيب.و كذا المصبوغ بسائر الأصباغ ممّا ليس بطيب-عدا السواد على ما بيّنّاه (4)فيما مضى،فإنّه لا يجوز الإحرام فيه-لأنّ الأصل الإباحة إلاّ ما ورد الشرع فيه بالتحريم صريحا أو تضمّنا.

ص:36


1- 1الموطّأ 1:326 الحديث 11، [1]المدوّنة الكبرى 1:362 و 457،بلغة السالك 1:289،المغني 3: 299.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر ص 267 و ص 35 من هذا الجزء.
3- 3) المغرة:الطين الأحمر،المصباح المنير:576.
4- 4) يراجع:الجزء العاشر ص 263-264.

و أمّا المصبوغ بالرياحين،فإنّه يجوز عندنا؛لجواز استعمال الرياحين، فالمصبوغ بها أولى.أمّا المخالف:فمن جوّز استعمال الرياحين،جوّز استعماله، و من منع هناك،منع هنا.

السادس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة

و يشمّها

،فإن فعل،فعليه الفداء (1).و الظاهر أنّ مراده-رحمه اللّه-بالكراهة:

التحريم.

و قال الشافعيّ:لا كفّارة عليه (2).

لنا:العمومات الواردة بالمنع من الطيب فإنّها متناولة لصورة النزاع و طريقة الاحتياط (3).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكره له الجلوس عند العطّارين الذين

يباشرون العطر

،و لو جاز في زقاق العطّارين،أمسك على أنفه (4).

و قال الشافعيّ:لا بأس بذلك و أن يجلس إلى رجل مطيّب (5).

لنا:الاحتياط يقتضي الاحتراز منه،و يدلّ على التسويغ:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:

«لا بأس بالريح الطيّبة في ما بين الصفا و المروة من ريح العطّارين،و لا يمسك على أنفه» (6).

ص:37


1- 1المبسوط 1:353. [1]
2- 2) الأمّ 2:152،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:272،275 و 280،فتح العزيز بهامش المجموع 7:460،مغني المحتاج 1:520،السراج الوهّاج:168.
3- 3) ينظر:الوسائل 9:93 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام.
4- 4) المبسوط 1:353، [2]الخلاف 1:439 مسألة-96.
5- 5) الأمّ 2:152،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:280،283.
6- 6) التهذيب 5:300 الحديث 1018،الاستبصار 2:180 الحديث 599،الوسائل 9:98 الباب 20 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
فروع:
الأوّل:إذا جاز في موضع فيه طيب،أمسك على أنفه و لا يشمّه

،و لو كان في طريق فيه ريح منتن،لم يقبض على أنفه.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«اتّق قتل الدوابّ كلّها،و لا تمسّ شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك، و اتّق الطيب في زادك،و أمسك على أنفك من الريح الطيّبة،و لا تمسك من الريح المنتنة،فإنّه لا ينبغي أن يتلذّذ بريح طيّبة،فمن ابتلي بشيء من ذلك،فعليه غسله و ليتصدّق بقدر ما صنع» (1).

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم إذا مرّ على جيفة فلا يمسك على أنفه» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:حديث معاوية بن عمّار في الأمر بأن يمسك على أنفه من الروائح الطيّبة لا ينافي حديث هشام بن الحكم أنّه لا يمسك عليه،لأمرين:

أحدهما:يحتمل أن يكون الأمر بالإمساك على الأنف إنّما توجّه إلى من يباشر ذلك بنفسه،فإنّه ينبغي له أن يمسك على أنفه.و أمّا إذا كان مجتازا في الطريق فتصيبه الرائحة،فلا يجب عليه ذلك.

و الآخر:أن يحمل الأمر بالإمساك على الاستحباب (3).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:قال الشافعيّ:يجوز أن يجلس عند الكعبة

ص:38


1- 1التهذيب 5:297 الحديث 1006،الاستبصار 2:178 الحديث 590،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 5:305 الحديث 1040،الوسائل 9:101 الباب 24 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) الاستبصار 2:180.

و هي تجمّر،كما يجوز له أن يجلس عند العطّارين (1).و هو جيّد؛لأنّهم عليهم السلام جوّزوا خلوق الكعبة (2).

إذا ثبت هذا:فقال الشافعيّ:لا يكره الجلوس عند الكعبة؛لأنّ القرب منها قربة،و أمّا الجلوس في العطّارين (3)أو إلى رجل متطيّب،فلا يخلو إمّا أن يجلس لحاجة أو غرض غير الطيب،فيكون مكروها،أو لشمّ الطيب،ففيه عنده قولان:

أحدهما:الجواز من غير كراهية،كما لا يكره الجلوس إلى الكعبة.

الثاني:الكراهية؛لأنّه موضع ليس فيه قربة،فالجلوس فيه لشمّ (4)الطيب يكره،كما لو أخذ الطيب في صرّة (5). (6)و عندنا أنّه لا يجوز له ذلك.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو كان الطيب يابسا مسحوقا،فإن علق

ببدنه منه شيء،فعليه الفدية

،و إن لم يعلق بحال،فلا فدية،و إن كان يابسا غير مسحوق،كالعود و العنبر و الكافور،فإن علق ببدنه رائحته،فعليه الفدية-و قال الشافعيّ:إن علق به رائحته،فيها قولان-و استدلّ بعموم الأخبار و طريقة الاحتياط (7).

الرابع:روى ابن بابويه عن عليّ بن مهزيار،قال:سألت ابن أبي عمير عن

التفّاح و الأترجّ و النبق و ما طاب من ريحه

،فقال:تمسك عن شمّه و تأكله،

ص:39


1- 1الخلاف 1:439 مسألة-96.
2- 2) ينظر:الوسائل 9:98 الباب 21 من أبواب تروك الإحرام. [1]
3- 3) د:إلى العطّارين مكان:في العطّارين.
4- 4) بعض النسخ:ليشمّ.
5- 5) د،ر:جرّة.
6- 6) حلية العلماء 3:292،المجموع 7:271، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:460. [3]
7- 7) المبسوط 1:353، [4]الخلاف 1:439.

و لم يرو (1)فيه شيئا (2).

الخامس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو مسّ طيبا ذاكرا لإحرامه عالما بالتحريم

رطبا،كالمسك و الغالية و الكافور إذا كان مبلولا بماء ورد أو دهن طيّب،فعليه الفدية في أيّ موضع من بدنه كان[و لو بعقبه] (3)و كذلك لو سعّط به أو حقن،و به قال الشافعيّ.

و قال أبو حنيفة:إن ابتلع الطيب،فلا فدية،و عندنا و عند الشافعيّ ظاهر البدن و باطنه سواء،و كذلك إن حشا جرحه بطيب فداواه.

و استدلّ-رحمه اللّه-بعموم الأخبار الواردة في تحريم استعمال الطيب و وجوب الفدية به المتناول لجميع المواضع،و طريقة الاحتياط أيضا تقتضيه؛لأنّه بالتكفير يحصل له يقين البراءة بخلاف عدمه (4).

السادس:لو داس بنعله طيبا فعلق بنعله،فإن تعمّد ذلك،وجبت الفدية

؛لأنّه مستعمل للطيب،كما لو علّقه بثوبه،و إن لم يقصده،لم يكن عليه شيء.

السابع:روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عمران الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام أنّه سئل عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء فيه زعفران؟

فقال:

«إن كان الغالب على الدواء الزعفران،فلا،و إن كانت الأدوية الغالبة (5)عليه فلا بأس» (6).

الثامن:قال ابن بابويه:إذا اضطرّ المحرم إلى سعوط فيه مسك من ريح

ص:40


1- 1بعض النسخ:و لم يرد،مكان:و لم يرو.
2- 2) الفقيه 2:225 الحديث 1058،الوسائل 9:102 الباب 26 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) في النسخ:أو بعضه،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) الخلاف 1:439 مسألة-93.
5- 5) كذا في النسخ،و في الفقيه:غالبة.
6- 6) الفقيه 2:222 الحديث 1037،الوسائل 9:154 الباب 69 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]

يعرض له في وجهه و علّة تصيبه،فلا بأس بأن يستعط به،فقد سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فقال:«استعط به» (1)و هذا للضرورة.

أمّا لو لم يكن ضرورة،فالوجه:المنع و وجوب الفدية.و به قال الشافعيّ (2).

و كذا لو احتقن على ما بيّنّاه أوّلا،خلافا لأبي حنيفة (3).

مسألة:و يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب،و تجب به الفدية على جميع

الأحوال

،ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال مالك:إن مسّته النار،فلا فدية (4)،و هو قول أصحاب الرأي (5).

و قال الشافعيّ:إن كانت أوصافه باقية من طعم أو لون أو رائحة فعليه الفدية، و إن بقي له وصف و معه رائحة،ففيه الفدية قولا واحدا،و إن لم يبق غير لونه و لم يبق له ريح و لا طعم،ففيه قولان:

أحدهما:وجوب الفدية.

و الثاني:سقوطها (6).

لنا:عموم الأخبار الدالّة على المنع من أكل طعام فيه طيب أو شربه

ص:41


1- 1الفقيه 2:224 الحديث 1054،الوسائل 9:97 الباب 19 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الأمّ 2:152،المجموع 7:271،فتح العزيز بهامش المجموع 7:460،مغني المحتاج 1:520.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:123-124،بدائع الصنائع 2:190-191،الهداية للمرغينانيّ 1: 161،شرح فتح القدير 2:441،الفتاوى الهنديّة 1:241.
4- 4) الموطّأ 1:330،بلغة السالك 1:289،المدوّنة الكبرى 1:457،المغني 3:304،الشرح الكبير بهامش المغني 3:289.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:124،بدائع الصنائع 2:191،شرح فتح القدير 2:441،عمدة القارئ 9:156.
6- 6) الأمّ 2:152،حلية العلماء 3:288،المجموع 7:282،فتح العزيز بهامش المجموع 7:458، [2]مغني المحتاج 1:520.

و استعمال الطيب مطلقا (1)،و هو يندرج فيه صورة النزاع.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اتّق الطيب في زادك»الحديث،ثمّ قال:«فمن ابتلي بشيء من ذلك،فليغسله (2)غسلة و ليتصدّق بقدر ما صنع» (3).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان،و لا يتلذّذ به،فمن ابتلي بشيء من ذلك،فليتصدّق بقدر ما صنع،بقدر شبعه (4)من الطعام» (5).و الأكل نوع تلذّذ.

و عن الحسن بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:أكلت خبيصا فيه زعفران حتّى شبعت،قال:«إذا فرغت من مناسكك فأردت الخروج من مكّة فاشتر بدرهم تمرا تصدّق (6)به يكون كفّارة لما أكلت و لما دخل عليك في إحرامك ممّا لم تعلم» (7).

و روى ابن بابويه،قال:كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا تجهّز إلى مكّة، قال لأهله:«إيّاكم أن تجعلوا في زادنا شيئا من الطيب و لا الزعفران نأكله أو

ص:42


1- 1الوسائل 9:93 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام. [1]
2- 2) متن ج:فليعد،كما في الوسائل، [2]هامش ج:فعليه،كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:297 الحديث 1006،الاستبصار 2:178 الحديث 590،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [3]
4- 4) أكثر النسخ بزيادة:«يعني»كما في التهذيب و الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 5:297 الحديث 1007،الاستبصار 2:178 الحديث 591،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 11. [5]
6- 6) د:و تصدّق،و في المصادر:ثمّ تصدّق.
7- 7) التهذيب 5:298 الحديث 1008،الاستبصار 2:178 الحديث 592،الوسائل 9:283 الباب 3 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [6]

نطعمه» (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب،فعليه دم،و إن كان ناسيا،فلا شيء عليه،و يستغفر اللّه و يتوب إليه» (2).

و هو أحسن حديث في هذا الباب،و هو كما يتناول ما يبقى أوصافه يتناول ما زالت أوصافه به أوّلا على السواء.

و قد نقل الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام كراهية ذلك (3).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه استحال بالطبخ عن كونه طيبا،فيكون سائغا،سواء بقيت أوصافه أو لم تبق،لكن يكره؛لبقاء ريحه (4).

و الجواب:أنّ الاستمتاع و الترفّه به حاصل من حيث المباشرة،فأشبه ما لو كان نيئا.

مسألة:لو طيّب بعض العضو،كان كما لو طيّب كلّه،و يجب الفداء

،قاله علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:إن طيّب جميع العضو كالرأس و اليد،وجبت الفدية،و إلاّ

ص:43


1- 1الفقيه 2:223 الحديث 1043 الباب 118،الوسائل 9:96 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 18. [1]
2- 2) الفقيه 2:223 الحديث 1046 الباب 118،الوسائل 9:284 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:304-305،الشرح الكبير بهامش المغني 3:289.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:124،بدائع الصنائع 2:191،شرح فتح القدير 2:441،المغني 3: 304،الشرح الكبير بهامش المغني 3:289.
5- 5) مغني المحتاج 1:520،حلية العلماء 3:291،المجموع 7:270-271،فتح العزيز بهامش المجموع 7:460،المغني 3:533،الشرح الكبير بهامش المغني 3:353.

فلا (1).

لنا:أنّه مستعمل للطيب فيدخل تحت عموم النهي.

و كذا البحث في اللبس لو لبس بعض العضو المخيط بأن يغطّي بعض رأسه، كان كما لو ستر الجميع.

و قد ظهر ممّا تقدّم أنّ الطيب يحرم مسّه و شمّه و أكل طعام يكون فيه.

و هل (2)ذلك عامّ في كلّ ما يسمّى طيبا،أو في الأطياب الأربعة التي هي المسك و العنبر و الزعفران و الورس،أو الستّة التي هي الأربعة المذكورة و العود و الكافور؟ فيه خلاف ذكرناه فيما سلف (3).

فلو اضطرّ إلى أكل طعام يكون فيه طيب أو مسّه،أكل أو لمس و قبض على أنفه،للضرورة،و قد تقدّم ذلك (4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز له شراء الطيب و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه منع من استعماله،و الشراء ليس استعمالا له،و قد لا يقصد به الاستعمال،بل التجارة أو استعماله عند الإحلال،فلا يمنع منه.

و كذا له أن يشتري المخيط و يشتري الجواري و إن حرم عليه لبس المخيط و الاستمتاع بالنساء؛لأنّه قد لا يقصد بشرائهنّ الاستمتاع حالة الإحرام،بل إمّا حالة الإحلال أو التجارة،بخلاف النكاح؛لأنّه لا يقصد به إلاّ الاستمتاع،فلهذا منع منه المحرم.

ص:44


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:122،بدائع الصنائع 2:189،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:439،مجمع الأنهر 1:292.
2- 2) د،ر،ح بزيادة:يكون.
3- 3) يراجع:ص 24. [1]
4- 4) يراجع:ص 41.
الصنف الثالث

الادّهان

مسألة:أجمع علماؤنا على أنّه يحرم الادّهان في حال الإحرام بالأدهان

الطيّبة

،كدهن الورد و البان (1)و الزنبق،و هو قول عامّة أهل العلم،و تجب به الفدية إجماعا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن استعمال الطيب (2)،فيدخل تحته الادّهان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء:المسك و العنبر و الورس و الزعفران،غير أنّه يكره للمحرم الأدهان الطيّبة الريح» (3).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اتّق قتل الدوابّ كلّها،و لا تمسّ شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك» (4).

ص:45


1- 1البان:ضرب من الشجر،طيّب الزّهر،واحدتها:بانة.الصحاح 5:2081. [1]
2- 2) مسند أحمد 1:215،صحيح البخاريّ 3:22،صحيح مسلم 2:866 الحديث 1206،سنن النسائيّ 5:195،سنن الدارقطنيّ 2:295 الحديث 264،سنن البيهقيّ 3:393،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:61 الحديث 12529.
3- 3) التهذيب 5:299 الحديث 1013،الاستبصار 2:179 الحديث 596،الوسائل 9:96 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 14. [2]
4- 4) التهذيب 5:297 الحديث 1006،الاستبصار 2:178 الحديث 590،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [3]

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألته عن الرجل يدّهن بدهن فيه طيب و هو يريد أن يحرم؟فقال:«لا تدّهن-حين تريد أن تحرم-بدهن فيه مسك و لا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعد ما تحرم،و ادّهن بما شئت حين تريد أن تحرم قبل الغسل و بعده،فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتّى تحلّ» (1).

و في الحسن عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تدّهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك و لا عنبر،من أجل أنّ رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم،و ادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم،فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتّى تحلّ» (2).

مسألة:و في استعمال ما ليس بطيب من الأدهان،كالشيرج و السمن و الزيت

في حال الإحرام و بعده قولان:

أحدهما:الجواز،و الثاني:المنع،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشافعيّ:يجوز له استعماله في بدنه و لا يجوز له استعماله في رأسه و لا شعره (4)،و هو قول أكثر الجمهور (5).

و منع الشيخ-رحمه اللّه-من استعمال ما ليس بطيب من الأدهان إلاّ في حال

ص:46


1- 1التهذيب 5:302 الحديث 1031،الاستبصار 2:181 الحديث 602،الوسائل 9:105 الباب 29 من أبواب تروك الإحرام ذيل الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:303 الحديث 1032،الاستبصار 2:181 الحديث 603،الوسائل 9:104 الباب 29 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:122،بدائع الصنائع 2:190،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:440،مجمع الأنهر 1:292.
4- 4) الأمّ 2:152،حلية العلماء 3:292،المجموع 7:279،فتح العزيز بهامش المجموع 7:462، المهذّب للشيرازيّ 1:214،السراج الوهّاج:168،مغني المحتاج 1:520-521.
5- 5) المغني 3:306،الشرح الكبير بهامش المغني 3:292،المجموع 7:279،المدوّنة الكبرى 1: 455-456.

الضرورة (1).

احتجّ الشيخ على المنع:بما رواه الحلبيّ-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و ادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم،فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن» (2).

و في رواية محمّد الحلبيّ أنّه سأله عن دهن الحنّاء و البنفسج أ ندّهن به إذا أردنا أن نحرم؟فقال:«نعم» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:فلا تنافي الأخبار الواردة بالمنع؛لأنّها وردت في تحريم الأدهان التي فيها طيب،مثل المسك و العنبر،و ليس فيها حظر دهن البنفسج و ما أشبهه و إن كان طيبا (4).

و هذا التأويل من الشيخ يعطي أنّه يجوز له استعمال الأدهان الطيّبة،و هو خلاف المتّفق عليه.

ثمّ قال:على أنّه يجوز أن يكون إنّما أباح استعمال دهن البنفسج إذا كان ممّا تزول عنه رائحته عند عقد الإحرام،أو يكون ذلك مختصّا بحال الضرورة و الحاجة إلى استعماله،أو يكون قد ذهبت رائحة دهن البنفسج،فيجري مجرى الشيرج حينئذ في جواز الاستعمال؛لما رواه عن هشام بن سالم،قال:قال له ابن أبي يعفور:ما تقول في دهنة بعد الغسل للإحرام؟فقال (5):«قبل و بعد و مع ليس به

ص:47


1- 1التهذيب 5:302.
2- 2) التهذيب 5:303 الحديث 1032،الاستبصار 2:181 الحديث 603،الوسائل 9:104 الباب 29 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:303 الحديث 1033،الاستبصار 2:182 الحديث 604،الوسائل 9:106 الباب 30 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [2]
4- 4) الاستبصار 2:182.
5- 5) جميع النسخ:فقيل،و ما أثبتناه من المصدر.

بأس»قال:ثمّ دعا بقارورة[بان] (1)سليخة (2)ليس فيها شيء،فأمرنا فادّهنّا منها، فلمّا أردنا أن نخرج،قال:«لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة» (3).

إذا عرفت هذا:فقد احتجّ الشافعيّ (4)على جواز استعماله في جسده:بما رواه ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ادّهن في إحرامه بزيت غير مطيّب (5).

و لأنّ هذا الدهن لا يستطاب،فإنّه لو حلف لا يستعمل طيبا،فاستعمله، لم يحنث،فإذا استعمله في غير شعره،لم تجب الفدية،كالسمن،أمّا إذا استعمله في رأسه أو لحيته،فإنّ الفدية عنده واجبة؛لأنّ الدهن فيها يزيل الشعث و يرجّل الشعر و يحسّنه،فلهذا وجبت الفدية لا أنّه طيب.

و أوجب الفدية،سواء كان رأسه محلوقا أو كان الشعر قائما؛لأنّ أصول الشعر موجودة في المحلوق و يحسّن النابت منها.

و أسقط الفدية عن الأصلع و الأقرع الذي لا شعر على رأسه البتّة؛لأنّه لا يرجّل شعرا،فأشبه سائر البدن.و كذا الأمرد إذا لم يكن على وجهه شعر، فلا شيء عليه؛لأنّه لم يلق الشعر و لا أصوله.و كذا لو كان في رأسه شجّة فجعل

ص:48


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) السليخة:نوع من العطر كأنّه قشر منسلخ و دهن ثمر البان.مجمع البحرين 2:434. [1]
3- 3) التهذيب 5:303 الحديث 1034،الاستبصار 2:182 الحديث 605،الوسائل 9:106 الباب 30 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [2]
4- 4) المجموع 7:282.
5- 5) مسند أحمد 2:29 و 59،سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3083،سنن الترمذيّ 3:294 الحديث 962،سنن البيهقيّ 5:58.فيه:عن ابن عبّاس.

الدهن في داخلها،فلا شيء عليه (1).

و أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قسّم الدهن إلى طيب،كالبنفسج و الورد و البان.

و إلى غير طيب،كالشيرج و السمن،قال:فالأوّل لا خلاف أنّ فيه الفدية على أيّ وجه استعمله.

و أمّا الثاني:فلا يجوز الادّهان به عندنا على وجه،و يجوز أكله بلا خلاف، و أمّا وجوب الكفّارة به فلست أعرف به نصّا،و الأصل براءة الذمّة.

ثمّ قال:و اختلف الناس على أربعة مذاهب:

فقال أبو حنيفة:فيه الفدية على كلّ حال.

و قال الحسن بن صالح بن حيّ:لا فدية فيه بحال.

و قال الشافعيّ:فيه الفدية في الرأس و اللحية و لا فدية فيما عداهما.

و قال مالك:إن دهن به ظاهر بدنه،ففيه الفدية،و إن كان في بواطن بدنه، فلا فدية.

ثمّ استدلّ-رحمه اللّه-على عدم الكفّارة:بأنّ الأصل براءة الذمّة،فيعمل به ما لم يظهر المنافي.

و بحديث ابن عمر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ادّهن و هو محرم بزيت (2).

و كلام الشيخ جيّد؛عملا ببراءة الذمّة،و القياس على الطيب باطل؛لأنّ الطيب يوجب الفدية و إن لم يزل شعثا،و يستوي فيه الرأس و غيره،و الدهن بخلافه.و لأنّه مانع لا تجب فيه الفدية باستعماله في اليدين،فلا تجب باستعماله في الرأس،كالماء.

ص:49


1- 1الأمّ 2:152،مغني المحتاج 1:520،المجموع 7:279،فتح العزيز بهامش المجموع 7:462، الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66.
2- 2) الخلاف 1:438 مسألة-90.
فروع:
الأوّل:لا يجوز الادّهان بما فيه طيب قبل الإحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى

بعد الإحرام

؛لأنّ النهي عن استعماله يتناوله،و قد بيّنّاه فيما تقدّم (1).

أمّا لو ذهبت رائحته،أو استعمل قبل الإحرام ما ليس بطيب،فإنّه يسوغ إجماعا؛لما تقدّم من الأحاديث (2).

الثاني:لو اضطرّ إلى استعمال الأدهان الطيّبة في حال الإحرام،وجبت

الفدية

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج،قال:«إن كان فعله بجهالة،فعليه طعام مسكين،و إن كان تعمّد،فعليه دم شاة يهريقه» (3).

الثالث:يجوز استعمال ما ليس بطيب بعد الإحرام مع الاضطرار إجماعا

، و لا فدية عندنا.

روى الشيخ عن أبي الحسن الأحمسيّ (4)،قال:سأل أبا عبد اللّه عليه السلام سعيد بن يسار عن المحرم يكون به القرحة أو البثرة أو الدمّل،قال:«اجعل عليه البنفسج أو الشيرج و أشباهه ممّا ليس فيه الريح الطيّبة» (5).

و هذا الحديث يدلّ على أنّ دهن البنفسج ليس من الأدهان الطيّبة،فإنّ فيه خلافا،بخلاف الحديث المرويّ عن معاوية بن عمّار؛فإنّه أوجب الفدية به.

ص:50


1- 1يراجع:ص 45. [1]
2- 2) يراجع:ص 47. [2]
3- 3) التهذيب 5:304 الحديث 1038،الوسائل 9:285 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [3]
4- 4) ح و ج:الأحمشيّ،و في بعض النسخ:الأخمسيّ.
5- 5) التهذيب 5:303 الحديث 1035،الوسائل 9:107 [4] الباب 31 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3 و ص 155 الباب 69 الحديث 4.

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا خرج بالمحرم الخراج (1)أو الدمّل فليبطّه و ليداوه بسمن أو زيت» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن محرم تشقّقت يداه،قال:فقال:«يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة (3)» (4).

ص:51


1- 1في النسخ:«الجراح»و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:304 الحديث 1036،الوسائل 9:107 الباب 31 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) الإهالة:الودك-و هو دسم اللحم و الشحم المذاب.المصباح المنير:28 و 653.
4- 4) التهذيب 5:304 الحديث 1037،الوسائل 9:107 الباب 31 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
الصنف الرابع

الاكتحال بما فيه طيب

مسألة:أجمع علماؤنا على أنّه لا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب،

سواء كان رجلا أو امرأة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حرّم استعمال الطيب،و هو قول كلّ من حرّم استعمال الطيب،و تجب به الفدية،كما قلنا في الطيب (1).

و روى ابن بابويه،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك و لا كافور إذا اشتكى عينه،و تكتحل المرأة المحرمة بالكحل كلّه إلاّ الكحل الأسود لزينة» (2).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«يكتحل المحرم عينه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران و لا ورس» (3).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه

ص:52


1- 1مسند أحمد 1:215،صحيح البخاريّ 2:96 و ج 3:22،صحيح مسلم 2:866 الحديث 1206، سنن النسائيّ 5:196،سنن البيهقيّ 5:70،المغني 3:296،الشرح الكبير بهامش المغني 3:288.
2- 2) الفقيه 2:221 الحديث 1029،الوسائل 9:113 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 13. [1]
3- 3) الفقيه 2:221 الحديث 1030،الوسائل 9:113 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 12. [2]

عليه السلام،يقول:«يكتحل المحرم إن هو رمد بكحل ليس فيه زعفران» (1).

و عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يكتحل المحرم (2)عينيه بكحل فيه زعفران،و ليكحلها بكحل فارسيّ» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا بأس أن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه،فأمّا للزينة، فلا» (4).

مسألة:قال المفيد-رحمه اللّه-:لا يكتحل المحرم بالسواد و يكتحل بالصبر

و الحضض

(5)و ما أشبههما إذا شاء (6).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز للرجل و المرأة أن يكتحلا بالسواد إذا كانا محرمين،إلاّ عند الضرورة،و يجوز لهما الاكتحال بغير السواد،إلاّ إذا كان فيه طيب، فإنّه لا يجوز على حال (7).

و قال في الخلاف:الاكتحال بالإثمد مكروه للنساء و الرجال،و للشافعيّ فيه قولان:

أحدهما:مثل ما قلناه.

ص:53


1- 1التهذيب 5:301 الحديث 1026،الوسائل 9:112 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) كثير من النسخ:«المسلم»مكان:«المحرم».
3- 3) التهذيب 5:301 الحديث 1027،الوسائل 9:112 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:302 الحديث 1028،الوسائل 9:112 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [3]
5- 5) الحضض و الحضض-بضمّ الضاد الأولى و فتحها-دواء معروف،و هو صمغ مرّ،كالصبر.الصحاح 3:1071. [4]
6- 6) المقنعة:68.
7- 7) المبسوط 1:321، [5]النهاية:220. [6]

و الآخر:أنّه لا بأس به.هذا إذا لم يكن فيه طيب،فإن كان فيه طيب، فلا يجوز،و من استعمله،فعليه الفداء (1).و هذا قول عطاء،و الحسن،و مجاهد (2).

و قال ابن عمر:يكتحل المحرم بكلّ كحل ليس فيه طيب (3).

و قال[مالك] (4):لا بأس أن يكتحل المحرم بالإثمد من حرّ يجده في عينيه و غير الإثمد (5).

و قال أحمد:يكتحل المحرم ما لم يجد به (6)الزينة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر أنّ عليّا عليه السلام قدم من اليمن فوجد فاطمة عليها السلام ممّن حلّ،فلبست ثيابا صبغا و اكتحلت،فأنكر ذلك عليها، فقالت:«أبي أمرني بهذا»فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقت صدقت» (8).

و إنكار عليّ عليه السلام يدلّ على أنّها كانت ممنوعة من ذلك.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الحاجّ أشعث أغبر» (9)و ذلك ينافي

ص:54


1- 1الخلاف 1:442 مسألة-106.
2- 2) المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332.
3- 3) المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332،المجموع 7:354،سنن البيهقيّ 5:63.
4- 4) أضفناها من المغني و الشرح الكبير.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:457،المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332.
6- 6) ج:«ما لم يجد فيه»مكان«ما لم يجد به»،و في المصدر:«ما لم يرد به».
7- 7) المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332،الكافي لابن قدامة 1:551 و 559، الفروع في فقه أحمد 2:245.
8- 8) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن ابن ماجة 2:1024 الحديث 3074،سنن أبي داود 2:184،سنن الدارميّ 2:47، [1]سنن النسائيّ 5:144،في الجميع:ثيابا صبيغا.
9- 9) بهذا اللفظ رواه ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):577 و الشيخ في الخلاف 1:442 مسألة- 106،و بلفظ«الشّعث التّفل»ينظر:سنن ابن ماجة 2:967 الحديث 2896،سنن الترمذيّ 5:225 الحديث 2998،سنن البيهقيّ 5:58.

الاكتحال.

و عن عائشة أنّها قالت لامرأة:اكتحلي بأيّ كحل شئت غير الإثمد أو الأسود (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يكتحل الرجل و المرأة المحرمان بالكحل الأسود، إلاّ من علّة» (2).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تكتحل المرأة المحرمة بالكحل كلّه إلاّ الكحل الأسود للزينة» (3).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد،إنّ السواد زينة» (4).

فروع:
الأوّل:في تحريم الاكتحال بالأسود خلاف بين أصحابنا

(5)،و المشهور:

ص:55


1- 1سنن البيهقيّ 5:63،المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332،المجموع 7:354.
2- 2) التهذيب 5:301 الحديث 1023،الوسائل 9:111 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:301 الحديث 1024،الوسائل 9:111 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:301 الحديث 1025،الوسائل 9:112 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) قال بعضهم بالجواز،ينظر:الخلاف 1:442 مسألة-106،الاقتصاد:449،الجمل و العقود: 136،المختصر النافع:85،الغنية(الجوامع الفقهيّة):577. و قال بعضهم بعدم الجواز،ينظر:المبسوط 1:321، [4]النهاية:220، [5]المقنعة:68،السرائر:128، الجامع للشرائع:184.

ما قلناه،و لا خلاف في زوال التحريم مع الضرورة.

الثاني:يجوز الاكتحال بما عدا الأسود من أنواع الأكحال إلاّ ما فيه طيب

بلا خلاف

،و يدلّ عليه:ما تقدّم من الأحاديث السابقة (1).

الثالث:لا نعلم أحدا أوجب الفدية بالكحل

؛عملا بالأصل و عدم ورود النصّ.روت شميسة (2)عن عائشة،قالت:اشتكيت عيني و أنا محرمة،فسألت عائشة،فقالت:اكتحلي بأيّ كحل شئت غير الإثمد،أما إنّه ليس بحرام و لكنّه زينة فنحن نكرهه (3).قال الشافعيّ:إن فعلا فلا أعلم عليهما فيه فدية شيء (4).

مسألة:و لا يجوز للمحرم النظر في المرآة

؛لأنّه زينة،رجلا كان أو امرأة.و به قال الشافعيّ في سنن حرملة،و قال في الأمّ:لهما ذلك (5).

لنا:أنّه يراد للزينة و الترفّه.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا تنظر في المرآة و أنت محرم،فإنّها من الزينة» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا تنظر[المرأة المحرمة] (7)في المرآة للزينة» (8).

ص:56


1- 1يراجع:ص 52.
2- 2) شميسة بنت عزيز بن عامر العتكيّة ثمّ الوسقية البصريّة روت عن عائشة و عنها سعيد و هشام بن حسان. تهذيب التهذيب 12:428.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:63،المغني 3:313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332،المجموع 7:354.
4- 4) الأمّ 2:150،المجموع 7:354،المغني 3:314،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332.
5- 5) المجموع 7:358،فتح العزيز بهامش المجموع 7:464،مغني المحتاج 1:521.
6- 6) التهذيب 5:302 الحديث 1029،الوسائل 9:114 الباب 34 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 5:302 الحديث 1030،الوسائل 9:114 الباب 34 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
الصنف الخامس

لبس الحلي للزينة

مسألة:لا يجوز للمرأة أن تلبس الحلي للزينة

،و ما لم يعتد لبسه في حال الإحرام.

روى ابن بابويه عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرمة:

«إنّها تلبس الحلي كلّه إلاّ حليا مشهورا لزينة (1)» (2).

و روى الكاهليّ عن الصادق عليه السلام،قال:«تلبس المرأة المحرمة الحلي كلّه إلاّ القرط المشهور (3)و القلادة المشهورة» (4).

و سأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تلبس الحلي؟قال:

«تلبس المسك و الخلخالين» (5).

و في رواية حريز،قال:«إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للإحرام،لم تنزع عنها» (6).

ص:57


1- 1ع و خا:للزينة،كما في الوسائل. [1]
2- 2) الفقيه 2:220 الحديث 1016،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
3- 3) أكثر النسخ:«المشهورة».القرط:ما يعلّق في شحمة الأذن.المصباح المنير:498.
4- 4) الفقيه 2:220 الحديث 1014،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [3]
5- 5) الفقيه 2:220 الحديث 1019،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [4]
6- 6) الفقيه 2:220 الحديث 1021،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. و في المصادر:«لم تنزع حليها»مكان«لم تنزع عنها».
مسألة:لا يجوز لبس الخاتم للمحرم للزينة،و يجوز للسنّة

؛لأنّ المنع من لبس الحلي للزينة و الاكتحال بالسواد و النظر في المرآة للزينة يدلّ بمفهومه على تحريم لبس الخاتم كذلك.

و روى الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته أ يلبس المحرم الخاتم؟قال:«لا يلبسه للزينة» (1).

و يدلّ على جواز لبسه للسنّة:الأصل،و ما رواه الشيخ عن[ابن أبي نصر] (2)عن نجيح،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«لا بأس بلبس الخاتم للمحرم» (3).

و في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل،قال:رأيت العبد الصالح عليه السلام و هو محرم و عليه خاتم و هو يطوف طواف الفريضة (4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز للمرأة لبس الخاتم من الذهب؛لأنّه محلّل لهنّ في الإحلال فكذا حالة الإحرام ما لم يقصد به الزينة.

روى ذلك الشيخ،عن عمّار بن موسى الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«تلبس المحرمة الخاتم من الذهب» (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز لها أن تلبس الحلي للزينة و ما لم تعتد لبسه،و يجوز

ما عدا ذلك

،و لا يجوز لها أن تظهر لزوجها.و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،

ص:58


1- 1التهذيب 5:73 الحديث 242،الاستبصار 2:165 الحديث 544،الوسائل 9:127 الباب 46 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) في النسخ:أبي بصير و الصحيح ما أثبتناه،كما في المصادر.
3- 3) التهذيب 5:73 الحديث 240،الاستبصار 2:165 الحديث 542،الوسائل 9:127 الباب 46 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:73 الحديث 241،الوسائل 9:127 الباب 46 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:76 الحديث 250،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]

و عائشة،و أصحاب الرأي (1).

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ أو حلي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة يكون عليها الحلي و الخلخال و المسكة و القرطان من الذهب و الورق تحرم فيه و هو عليها و قد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها أ تنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله؟قال:

«تحرم فيه و تلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها و مسيرها» (3).

و روى ابن بابويه عن الحلبيّ-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب و الخزّ،و ليس يكره إلاّ الحرير المحض» (4).

و في خبر حريز،قال:«إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للإحرام،لم تنزع عنها» (5).

و روى الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المحرمة لا تلبس الحلي و لا الثياب المصبّغات إلاّ صبغا لا يردع (6)» (7).

ص:59


1- 1المغني 3:300 و 316،الشرح الكبير بهامش المغني 3:333،سنن أبي داود 2:166. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [2]سنن البيهقيّ 5:47 و 52،المغني 3:316.
3- 3) التهذيب 5:75 الحديث 248،الاستبصار 2:310 الحديث 1104،الوسائل 9:131 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 2:220 الحديث 1020،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 4. [4]
5- 5) الفقيه 2:220 الحديث 1021،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [5]
6- 6) الردع:اللطخ بالزعفران،تهذيب اللغة 2:1392.
7- 7) التهذيب 5:74 الحديث 245،الوسائل 9:123 [6] الباب 43 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3 و ص 131 الباب 49 الحديث 2.

و هذا النهى يتناول من الحلي ما لم تعتد لبسه،أو ما تقصد به إظهاره للزوج؛ جمعا بين الأدلّة.

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

المرأة تلبس القميص تزرّه عليها تلبس الخزّ و الحرير و الديباج؟فقال:«نعم، لا بأس به و تلبس الخلخالين و المسك» (1).

مسألة:قد بيّنّا فيما تقدّم أنّه يحرم على المرأة لبس القفّازين

(2).و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و النخعيّ (3)،و مالك (4)، و أحمد (5)،و إسحاق (6).

و كان سعد بن أبي وقّاص يلبس بناته القفّازين و هنّ محرمات (7).و به قال أبو حنيفة (8)،و للشافعيّ كالمذهبين (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

ص:60


1- 1التهذيب 5:74 الحديث 246،الاستبصار 2:309 الحديث 1100،الوسائل 9:41 الباب 33 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 20. [2]
3- 3) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،المجموع 7:269.
4- 4) الموطّأ 1:328 الحديث 15،بداية المجتهد 1:328،المنتقى للباجيّ 2:200.
5- 5) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،الكافي لابن قدامة 1:548،الإنصاف 3: 503، [3]الفروع في فقه أحمد 2:203،زاد المستقنع:31.
6- 6) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:128،بدائع الصنائع 2:186،المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،الأمّ 2:203،مغني المحتاج 1:519.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:128،بدائع الصنائع 2:186،المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،عمدة القارئ 10:199.
9- 9) الأمّ 2:203 قال فيه بالجواز فقط،المجموع 7:263،حلية العلماء 3:287،مغني المحتاج 1: 519،السراج الوهّاج:168.

«لا تتنقّب المرأة الحرام و لا تلبس القفّازين» (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين و الخلخال (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن داود بن الحصين،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟قال:«الثياب كلّها ما خلا القفّازين و البرقع و الحرير»قلت:تلبس الخزّ؟قال:«نعم»[قلت] (3):فإنّ سداه إبريسم و هو حرير،قال:«ما لم يكن حريرا محضا،فإنّه لا بأس به» (4).

و لأنّ الرجل لمّا وجب عليه كشف رأسه،تعلّق حكم إحرامه بغيره فمنع من لبس المخيط في سائر بدنه،كذلك المرأة لمّا لزمها كشف وجهها،ينبغي أن يتعلّق الإحرام بغير ذلك البعض و هو اليدان.

احتجّوا:بما رووه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«إحرام المرأة في وجهها» (5).و لأنّه عضو يجوز ستره بغير المخيط،فجاز ستره به،كالرجلين (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد به:الكشف.

و عن الثاني:أنّ الستر بغير المخيط يجوز للرجل و لا يجوز بالمخيط.

ص:61


1- 1الموطّأ 1:328 الحديث 15، [1]مسند أحمد 2:119،صحيح البخاريّ 3:19،سنن أبي داود 2: 165 الحديث 1825 و 1826، [2]سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [3]سنن النسائيّ 5:133،سنن البيهقيّ 5:46.
2- 2) مسند أحمد 2:22 و 32،سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [4]سنن البيهقيّ 5:47.
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:75 الحديث 247،الاستبصار 2:309 الحديث 1101،الوسائل 9:42 الباب 33 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [5]
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:294 الحديث 260،سنن البيهقيّ 5:47.
6- 6) المغني 3:315،الشرح الكبير بهامش المغني 3:331،بدائع الصنائع 2:186.
مسألة:الخلخال و القرط و القلادة لا بأس بالمرأة أن تلبسها و لا تظهره

لزوجها

،كما قلنا:إذا كانت عادتها في الإحلال لبسه.و به قال ابن عمر،و عائشة، و أصحاب الرأي.و كرهه عطاء،و الثوريّ،و أبو ثور (1)،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.و في الأخرى:المنع (2).

لنا:ما تقدّم (3).و لأنّه إذا كانت معتادة بلبسه،يكون لبسها له في حال الإحرام للعادة،كالثياب،لا للزينة.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه سمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

«و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ أو حلي» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه سأله عن المرأة تلبس الحلي؟قال:«تلبس المسك و الخلخالين» (5).و قد بيّنّاه فيما تقدّم (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في المحرمة:«تلبس الحلي كلّه،إلاّ حليا مشهورا لزينة (7)» (8).

ص:62


1- 1المغني 3:316،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332.
2- 2) المغني 3:316،الشرح الكبير بهامش المغني 3:332،الإنصاف 3:504. [1]
3- 3) يراجع:ص 57-60.
4- 4) سنن أبي داود 2:166 الحديث 1827، [2]سنن البيهقيّ 5:47 و 52،المغني 3:316.
5- 5) الفقيه 2:220 الحديث 1019،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [3]
6- 6) يراجع:ص 59-60. [4]
7- 7) خا و ج:للزينة،كما في الوسائل. [5]
8- 8) الفقيه 2:220 الحديث 1016،الوسائل 9:132 الباب 49 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [6]
الصنف السادس

تغطية الرأس

مسألة:يحرم على الرجل حال الإحرام تغطية رأسه

.و هو قول علماء الأمصار،لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن العمائم و البرانس (1).

و قال في المحرم الذي وقصت به ناقته:«لا تخمّروا رأسه،فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا» (2).علّل عليه السلام منع تخمير رأسه بالإحرام الباقي تقديرا،فالإحرام الثابت تحقيقا أولى بالمنع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا،قال:«يلقي القناع عن رأسه

ص:63


1- 1الموطّأ 1:324 الحديث 8،مسند أحمد 2:32، [1]صحيح البخاريّ 2:169،صحيح مسلم 2: 835 الحديث 1177،سنن الدارميّ 2:32، [2]سنن ابن ماجة 2:977 الحديث 2929،سنن أبي داود 2:165 الحديث 1823،سنن الترمذيّ 3:194 الحديث 833، [3]سنن البيهقيّ 5:52،سنن النسائيّ 5:133 و 134.
2- 2) مسند أحمد 1:215، [4]صحيح البخاريّ 2:96،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن الدارميّ 2:50، [5]سنن أبي داود 3:219 الحديث 3238، [6]سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3084، سنن الترمذيّ 3:286 الحديث 951، [7]سنن النسائيّ 5:196،سنن البيهقيّ 3:390 و ج 5:53.

و يلبّي و لا شيء عليه» (1).

و في الصحيح عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:الرجل المحرم يريد أن ينام،يغطّي وجهه من الذباب؟قال:«نعم،و لا يخمّر رأسه،و المرأة المحرمة لا بأس أن تغطّي وجهها كلّه» (2).

و روى ابن بابويه عن عبد اللّه بن ميمون،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السلام،قال:«المحرمة لا تتنقّب (3)؛لأنّ إحرام المرأة في وجهها و إحرام الرجل في رأسه» (4).

فروع:
الأوّل:الأذنان هل يحرم سترهما أم لا؟

نصّ الشافعيّ على تسويغه (5)،و منع أحمد منه (6)؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الأذنان من الرأس» (7).

ص:64


1- 1التهذيب 5:307 الحديث 1050،الاستبصار 2:184 الحديث 613،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الكافي 4:349 الحديث 1، [2]التهذيب 5:307 الحديث 1051،الاستبصار 2:184 الحديث 614،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [3]
3- 3) بعض النسخ:«لا تنتقب».
4- 4) الفقيه 2:219 الحديث 1009،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
5- 5) ينظر:الأمّ 1:26،المهذّب للشيرازيّ 1:18،المجموع 1:413.في الجميع نصّ عليه في باب الوضوء.
6- 6) المغني 3:308،الشرح الكبير بهامش المغني 3:276،الفروع في فقه أحمد 2:199،الإنصاف 3:460.
7- 7) سنن الترمذيّ 1:53 الحديث 37،سنن أبي داود 1:33 الحديث 134،سنن البيهقيّ 1:66- 67،كنز العمّال 9:321 الحديث 26232.
الثاني:يحرم تغطية بعض الرأس،كما يحرم تغطيته

؛لأنّ النهي عن إدخال الشيء في الوجود يستلزم النهي عن إدخال أبعاضه،و لهذا لمّا حرّم اللّه تعالى حلق الرأس (1)،تناول التحريم حلق بعضه.

الثالث:لا فرق في التحريم بين أن يغطّي رأسه بالمعتاد،كالعمامة و القلنسوة،

أو بغيره

بأن جعل عليه قرطاسا،و كذا لو خضبه بحنّاء أو طيّنه بطين أو جعل عليه نورة أو دواء،كلّ ذلك ستر له،و هو ممنوع منه و تجب به الفدية.

الرابع:روى علماؤنا:جواز تعصيب الرأس بعصابة عند الحاجة إليه

.و به قال عطاء (2)،و منع منه الشافعيّ (3)،و أحمد (4).

لنا:أنّه في محلّ الحاجة إليه و الضرورة،فكان سائغا؛لقوله تعالى: وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (5).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يعصّب المحرم رأسه من الصداع» (6).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم،يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى؟فقال:«نعم» (7).

ص:65


1- 1البقرة 2:196.
2- 2) المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3:276.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:212،المجموع 7:253 و 336، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:437، [2]المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3:276.
4- 4) الإنصاف 3:461،الكافي لابن قدامة 1:549،المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 276.
5- 5) الحجّ(22):78. [3]
6- 6) التهذيب 5:308 الحديث 1056،الوسائل 9:139 الباب 56 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]
7- 7) الفقيه 2:221 الحديث 1024،الوسائل 9:140 الباب 57 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [5]

و لأنّه غير ساتر لجميع العضو،فكان سائغا،كستر النعل في الرجل.

و سأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل المحرم يكون به القرحة،يربطها أو يعصّبها بخرقة؟قال:«نعم» (1).

مسألة:و الارتماس في الماء بحيث يعلو الماء على رأسه محرّم

.و به قال مالك (2)-خلافا للجمهور (3)-لأنّه في حكم تغطية الرأس.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«لا تمسّ الريحان و أنت محرم،و لا تمسّ شيئا فيه زعفران،و لا تأكل طعاما فيه زعفران و لا ترتمس في ماء (4)يدخل فيه رأسك» (5).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يرتمس المحرم في الماء» (6).

فروع:
الأوّل:لا بأس أن يغسل رأسه و يفيض عليه الماء

،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه لا يطلق عليه اسم التغطية،و لا ما هو في معناها و هو الارتماس،فكان سائغا.

ص:66


1- 1الفقيه 2:221 الحديث 1025،الوسائل 9:155 الباب 70 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:329،بلغة السالك 1:288،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:226،المدوّنة الكبرى 1:363،المنتقى للباجيّ 2:195.
3- 3) المغني 3:274،المجموع 7:252.
4- 4) ع:«فيما»مكان«في ماء»كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 5:307 الحديث 1048،الوسائل 9:140 الباب 58 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 5:307 الحديث 1049،الوسائل 9:140 الباب 58 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن يعقوب بن شعيب،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يغتسل؟فقال:«نعم،يفيض الماء على رأسه و لا يدلك (1)» (2).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا اغتسل المحرم من الجنابة،صبّ على رأسه الماء يميّز الشعر بأنامله بعضه من بعض» (3).

و روى ابن بابويه عن أبان،عن زرارة،قال:سألته عن المحرم هل يحكّ رأسه أو يغسل بالماء؟فقال:«يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة،و لا بأس بأن يغتسل بالماء و يصبّ على رأسه ما لم يكن ملبّدا،فإن كان ملبّدا فلا يفيض على رأسه الماء إلاّ من احتلام» (4).

الثاني:لو طلى رأسه بعسل أو صمغ ليجمع الشعر و يتلبّد،فلا يتخلّله

(5)الغبار و لا يصيبه الشعث و لا يقع فيه الدبيب،جاز و هو التلبد،روى ابن عمر،قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يهلّ ملبّدا.

الثالث:لا يجوز أن يضع الطيب في رأسه بحيث يبقى إلى بعد الإحرام

؛لما بيّنّا أنّه لا يجوز له استعمال الطيب (6)،و قد خالف فيه الجمهور.

ص:67


1- 1في التهذيب و الوسائل« [1]يدلكه»مكان:«يدلك».
2- 2) التهذيب 5:313 الحديث 1079،الوسائل 9:160 الباب 75 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:313 الحديث 1080،الفقيه 2:230 الحديث 1094،الكافي 4:365 الحديث 2، [3]الوسائل 9:160 الباب 75 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
4- 4) الفقيه 2:230 الحديث 1092،الوسائل 9:159 [5] الباب 73 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4 و ص 160 الباب 75 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3.
5- 5) أكثر النسخ:يتحلّله.
6- 6) يراجع:ص 22.
الرابع:لو حمل على رأسه مكتلا أو طبقا أو نحوه،وجبت الفدية عليه

.و به قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).

و قال عطاء (3)،و مالك (4)،و أحمد:لا فدية عليه (5).

لنا:أنّه ستره و يصدق عليه أنّه قد غطّى رأسه،فوجبت الفدية.

احتجّ مالك:بأنّه لا يقصد به الستر غالبا،فلا تجب الفدية،كما لو وضع يده على رأسه،و سواء قصد به الستر أو لم يقصد؛لأنّ ما تجب به الفدية لا يختلف بالقصد و عدمه،فكذا ما لا تجب به الفدية (6).

و الجواب:أنّ كونه ممّا لا يقصد به الستر غالبا،لا يخرجه عن كونه ساترا.

و لأنّه مع القصد تجب الفدية عليه،لأنّ الحلية لا تسقط الحقوق،فكذا لو لم يقصد، كما قرّره.و لأنّ الحنّاء و الطين لا يقصد بهما الستر و مع ذلك تجب الفدية.

الخامس:لو خضب رأسه،وجبت الفدية،سواء كان الخضاب ثخينا أو رقيقا

؛

ص:68


1- 1المجموع 7:253، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:434، [2]مغني المحتاج 1:518،حلية العلماء 3:284.
2- 2) ينظر:بدائع الصنائع 2:185،المبسوط للسرخسيّ 4:130،تبيين الحقائق 2:260،و يؤيّده الشيخ في الخلاف 1:436 مسألة-82.
3- 3) المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3:278،المجموع 7:253، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:435. [4]
4- 4) بلغة السالك 1:286،المدوّنة الكبرى 1:464،المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 278.
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:549،الفروع في فقه أحمد 2:200،الإنصاف 3:463،المغني 3:309، الشرح الكبير بهامش المغني 3:278.
6- 6) المغني 3:309،الشرح الكبير بهامش المغني 3:278.هذا احتجاج أحمد و هو يوافق احتجاج مالك.

لأنّه ساتر.و به قال الشافعيّ (1)،و فصّل أصحابه بين الثخين و الرقيق،فأوجبوا الفدية في الأوّل دون الثاني (2).و ليس بمعتمد.

و كذا لو وضع عليه مرهما له جرم ستر رأسه.

و لو طلى رأسه بعسل أو لبن ثخين فكذلك،خلافا للشافعيّ (3).

و لو كان مع الدواء قرطاس على رأسه،وجبت الفدية.

السادس:لو غطّى رأسه ناسيا،ألقى القناع و جدّد التلبية استحبابا و لا شيء

عليه

؛لأنّ استدامة التغطية مع الذكر كابتدائها،و تجديد التلبية على الاستحباب، و عدم الفدية للنسيان؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (4).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا،قال:«يلقي القناع عن رأسه و يلبّي و لا شيء عليه» (5).

و روى ابن بابويه عن الحلبيّ-في الصحيح-أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يغطّي رأسه ناسيا أو نائما،قال:«يلبّي إذا ذكر» (6).

السابع:لو ستر رأسه بيده أو بعض أعضائه ببعض،فالوجه:الجواز

.و هو

ص:69


1- 1الأمّ 2:150،حلية العلماء 3:286،مغني المحتاج 1:480.
2- 2) المجموع 7:253،فتح العزيز بهامش المجموع 7:437،السراج الوهّاج:168.
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 7:437.
4- 4) سنن ابن ماجة 1:659،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطي 2:24 و 196،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307. و من طريق الخاصّة:ينظر:عوالي اللّآلئ 1:232 الحديث 131، [1]الخصال:417،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:307 الحديث 1050،الاستبصار 2:184 الحديث 613،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [3]
6- 6) الفقيه 2:227 الحديث 1070، [4]الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [5]

قول الجمهور؛لأنّ الستر بما هو متّصل به لا يثبت له حكم الستر،و لهذا لو وضع يده على فرجه،لم يجزئه في الستر.

و لأنّ المحرم مأمور بمسح رأسه في الطهارة.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس»و قال:«لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» (1).

و قد روى ابن بابويه عن سعيد الأعرج أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده،فقال:«لا،إلاّ من علّة» (2).

مسألة :يباح للمحرم ستر وجهه،فلا يجب عليه كشفه إذا كان رجلا

(3)

،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام،و عمر،و عثمان،و عبد الرحمن، و سعد بن أبي وقّاص،و ابن عبّاس،و ابن الزبير،و زيد بن ثابت،و جابر،و مروان بن الحكم (4)،و الشافعيّ (5)،و الثوريّ،و إسحاق،و طاوس (6).

ص:70


1- 1التهذيب 5:308 الحديث 1055،الوسائل 9:152 الباب 67 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:227 الحديث 1069،الوسائل 9:152 الباب 67 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) بعض النسخ:الثامن،مكان:مسألة.
4- 4) الأمّ 7:241،المجموع 7:268، [3]المغني 3:310، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:279، [5]الفروع في فقه أحمد 2:201،بداية المجتهد 1:328،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:232،عمدة القارئ 9:166.ليس في المصادر قول عليّ عليه السلام.
5- 5) الأمّ 7:241،حلية العلماء 3:286،المجموع 7:268، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 7:446، [7]مغني المحتاج 1:518،تبيين الحقائق 2:259.
6- 6) المغني 3:310،الشرح الكبير بهامش المغني 3:279،بداية المجتهد 1:328،عمدة القارئ 9: 167.

و قال مالك (1)،و أبو حنيفة:إحرام الرجل يتعلّق برأسه و وجهه،فلا يجوز له ستر رأسه (2).و عن أحمد روايتان (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إحرام الرجل في رأسه و إحرام المرأة في وجهها» (4)و التفصيل قاطع للشركة.

و عن ابن عبّاس:أنّ محرما وقصت به ناقته غداة عرفة فمات،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«خمّروا وجهه و لا تخمّروا رأسه فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:الرجل المحرم يريد أن ينام يغطّي وجهه من الذباب؟قال:

«نعم،و لا يخمّر رأسه» (6).

و روى ابن بابويه عن عبد اللّه بن ميمون،عن الصادق،عن أبيه عليهما السلام،

ص:71


1- 1المدوّنة الكبرى 1:462،إرشاد السالك:58،بداية المجتهد 1:328،بلغة السالك 1:285، المنتقى للباجيّ 2:199،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:232،المغني 3:310،المجموع 7: 268، [1]عمدة القارئ 9:167.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:126،بدائع الصنائع 2:185،الهداية للمرغينانيّ 1:138،شرح فتح القدير 2:346،تبيين الحقائق 2:259،مجمع الأنهر 1:269،عمدة القارئ 9:167،المغني 3: 310،المجموع 7:267.
3- 3) المغني 3:310،الشرح الكبير بهامش المغني 3:279،الكافي لابن قدامة 1:550،الفروع في فقه أحمد 2:202،الإنصاف 3:463. [2]
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:294 الحديث 260،سنن البيهقيّ 5:47.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:96،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن الترمذيّ 3:286 الحديث 951،سنن النسائيّ 5:196،سنن الدارميّ 2:50، [3]مسند أحمد 1:215، [4]سنن البيهقيّ 5:53.
6- 6) التهذيب 5:307 الحديث 1051،الاستبصار 2:184 الحديث 614،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [5]

قال:«المحرمة لا تتنقّب؛لأنّ إحرام المرأة في وجهها،و إحرام الرجل في رأسه» (1).

و لأنّه مذهب من سمّيناه من الصحابة و لم يوجد لهم مخالف،فكان إجماعا.

احتجّ أبو حنيفة:بما رواه ابن عبّاس أنّ رجلا وقع عن راحلته فأقعصته (2)، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اغسلوه بماء و سدر و كفّنوه في ثوبيه فلا تخمّروا وجهه و لا رأسه،فإنّه يبعث يوم القيامة يلبّي» (3).

و لأنّه من حرم عليه الطيب لأجل الإحرام،حرم عليه تخمير الوجه، كالمرأة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المشهور في حديث ابن عبّاس:«و لا تخمّروا رأسه»و في بعض ألفاظ الروايات:«خمّروا وجهه و لا تخمّروا رأسه» (5)فتتعارض الروايتان و يبقى ما ذكرناه سالما،على (6)أنّه محمول على ما لا بدّ من كشفه من الوجه.و القياس على المرأة باطل؛لما روي عندنا و عندهم:أنّ إحرام الرجل في رأسه،و إحرام المرأة في وجهها.

و لأنّ المرأة لا يجب عليها كشف الرأس و إنّما يجب عليها كشف عضو واحد، فكذا الرجل.

ص:72


1- 1الفقيه 2:219 الحديث 1009،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) بعض المصادر:فوقصته.
3- 3) صحيح مسلم 2:866 الحديث 1206،سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3084،سنن النسائيّ 5:196،197،سنن البيهقيّ 5:54.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:139، [2]شرح فتح القدير 2:347،تبيين الحقائق 2:259،عمدة القارئ 9:167.
5- 5) سنن البيهقيّ 3:393.
6- 6) في النسخ:و على،حذفنا الواو لاستقامة العبارة.
فصل:

قال الشيخ في التهذيب:تغطية الوجه جائز مع الاختيار

غير أنّه يلزمه الكفّارة،و متى لم ينو الكفّارة،لم يجز له ذلك (1).

و استدلّ عليه:بما رواه عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:المحرم يقع عليه (2)الذباب حين يريد النوم فيمنعه من النوم،أ يغطّي وجهه إذا أراد أن ينام؟ قال:«نعم» (3).

و استدلّ على لزوم الكفّارة:بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:

المحرم إذا غطّى وجهه فليطعم مسكينا في يده،و قال:لا بأس (4)أن ينام المحرم على وجهه على راحلته (5).

و نحن في هذا من المتوقّفين،و تحمل الرواية على الاستحباب،مع أنّ الحلبيّ لم يسندها إلى إمام (6).

مسألة:و إحرام المرأة في وجهها،فلا يجوز لها تغطيته

.و هو قول علماء الأمصار،و لا نعلم فيه خلافا،إلاّ ما روي عن أسماء أنّها كانت تغطّي وجهها و هي

ص:73


1- 1التهذيب 5:308.
2- 2) في المصادر:على وجهه.
3- 3) التهذيب 5:308 الحديث 1053،الوسائل 9:139 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [1]
4- 4) خا و المصادر:قال و لا بأس.
5- 5) التهذيب 5:308 الحديث 1054،الوسائل 9:138 [2] الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4 و ص 142 الباب 60 الحديث 1.
6- 6) بعض النسخ:إلى الإمام.

محرمة (1)،و يحتمل أنّها كانت تغطّيه بالسدل عند الحاجة،فلا يكون مخالفا للإجماع.

و الأصل فيه ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إحرام الرجل في رأسه،و إحرام المرأة في وجهها» (2).

و قال عليه السلام:«و لا تتنقّب المرأة و لا تلبس القفّازين» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن عبد اللّه بن ميمون،عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام،قال:«المحرمة لا تتنقّب؛لأنّ إحرام المرأة في وجهها و إحرام الرجل في رأسه» (4).

و مرّ أبو جعفر عليه السلام بامرأة محرمة و قد استترت بمروحة،فأماط المروحة بقضيبه عن وجهها (5).و لو كان سائغا،لم تكن الإماطة سائغة.

و عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السلام:«إنّه كره للمحرمة البرقع و القفّازين» (6).

فروع:
الأوّل:لو احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها،سدلت ثوبها من

فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها

-و لا نعلم فيه خلافا-و روي ذلك عن

ص:74


1- 1المغني 3:311،و في الموطّأ 1:328 الحديث 16 [1] عن فاطمة بنت المنذر؛أنّها قالت:كنّا نخمّر وجوهنا و نحن محرمات،و نحن مع أسماء بنت أبي بكر.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:294 الحديث 260،سنن البيهقيّ 5:47.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:19،20،سنن أبي داود 2:165 الحديث 1825-1826، [2]سنن الترمذيّ 3: 194،195 الحديث 833، [3]سنن النسائيّ 5:133،136،مسند أحمد 2:119.
4- 4) الفقيه 2:219 الحديث 1009،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 2:219 الحديث 1010،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [5]
6- 6) الفقيه 2:219 الحديث 1012،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [6]

عثمان (1)،و عائشة (2)،و به قال عطاء (3)،و مالك (4)،و الثوريّ (5)،و الشافعيّ (6)، و أحمد،و إسحاق (7)،و محمّد بن الحسن (8)؛لما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:

كان الركبان يمرّون بنا و نحن محرمات مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإذا حاذونا (9)سدلت إحدانا جلبابها على وجهها،فإذا جاوزونا كشفناه (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن حريز،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن» (11).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه قال:

«تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة» (12).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر

ص:75


1- 1الموطّأ 1:327،الأمّ 7:241،المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:294،295،المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
3- 3) المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
4- 4) الموطّأ 1:328،المنتقى للباجيّ 2:199-200،المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
5- 5) المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
6- 6) الأمّ 7:241،المهذّب للشيرازيّ 1:208،المجموع 7:250،مغني المحتاج 1:519،المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
7- 7) المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329،الكافي لابن قدامة 1:549،الإنصاف 3: 502. [1]
8- 8) المغني 3:311،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
9- 9) بعض النسخ:جاوزنا.
10- 10) سنن أبي داود 2:167 الحديث 1833، [2]سنن البيهقيّ 5:48،المغني 3:312،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
11- 11) الفقيه 2:219 الحديث 1007،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [3]
12- 12) الفقيه 2:219 الحديث 1008،الوسائل 9:130 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [4]

عليه السلام:الرجل المحرم يريد أن ينام،يغطّي وجهه من الذباب؟قال:«نعم، و لا يخمّر رأسه،و المرأة المحرمة لا بأس أن تغطّي وجهها كلّه» (1).

و لأنّ بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها،فلا يحرم عليها على الإطلاق،كالعورة.

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكون الثوب متجافيا عن وجهها بحيث

لا يصيب البشرة

،فإن أصابها ثمّ زال أو أزالته بسرعة،فلا شيء عليها،و إلاّ وجب الدم (2).و الوجه عندي:سقوط هذا؛لأنّه ليس بمذكور في الخبر،مع أنّ الظاهر خلافه،فإن سدل الثوب لا يكاد تسلم معه البشرة من الإصابة،فلو كان شرطا لبيّن؛ لأنّه موضع الحاجة.

الثالث:يجتمع في حقّ المحرمة ستر الرأس و كشف الوجه

،و لا يمكن أحدهما إلاّ بفعل ما ينافي الآخر،فإنّه لا يمكن ستر الرأس إلاّ بستر جزء من الوجه، و لا كشف الوجه إلاّ بكشف جزء من الرأس،لكنّ الأوّل أولى؛لأنّها عورة.

الرابع:يجوز لها أن تطوف بعد الإحلال متنقّبة و ليس بمكروه

.و كرهه عطاء ثمّ رجع عنه.و طافت عائشة و هي متنقّبة (3).

الخامس:يجوز لها أن تستتر بثوبها من الرجال

،رواه ابن بابويه عن سماعة، عن الصادق عليه السلام،قال:«و إن مرّ بها رجل استترت منه بثوبها و لا تستتر بيدها من الشمس» (4).

السادس:الخنثى المشكل يجوز له تغطية رأسه

؛لعدم تيقّن الذكوريّة المقتضية

ص:76


1- 1التهذيب 5:307 الحديث 1051،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) المبسوط 1:320.
3- 3) المغني 3:312-313،الشرح الكبير بهامش المغني 3:330.
4- 4) الفقيه 2:220 الحديث 1017،الوسائل 9:131 الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 10. [2]

لذلك و لا كفّارة-خلافا لبعض الجمهور (1)-عملا بالأصل،فلا يجب بالشكّ،و كذا له أن يغطّي وجهه؛لعدم تيقّن الأنوثة،و لو جمع بينهما،لزمته الفدية.و كذا لو غطّى رأسه و لبس المخيط على بدنه؛لعدم خروجه عن كونه ذكرا أو أنثى.

السابع:روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:«يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه

،و لا بأس أن يمدّ المحرم ثوبه حتّى يبلغ أنفه» (2)يعني من أسفل.

و ذلك:أنّ حفص بن البختريّ و هشام بن الحكم رويا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«يكره للمحرم أن يجوز ثوبه أنفه من أسفل»و قال:«أضح لمن أحرمت له» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لأبي و شكا إليه حرّ الشمس و هو محرم و هو يتأذّى به و قال:ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟قال:«لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك» (4).

و في الصحيح عن حريز أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم ينام على وجهه و هو على راحلته،فقال:«لا بأس بذلك» (5).

و عن منصور بن حازم،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و قد توضّأ و هو محرم،ثمّ أخذ منديلا فمسح به وجهه (6).

ص:77


1- 1المغني 3:317،الشرح الكبير بهامش المغني 3:333،المجموع 7:264،265.
2- 2) الفقيه 2:226 الحديث 1066،الوسائل 9:143 الباب 61 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 2:226 الحديث 1067،الوسائل 9:143 الباب 61 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 2:227 الحديث 1068،الوسائل 9:152 الباب 67 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) الكافي 4:349 الحديث 3، [4]الفقيه 2:227 الحديث 1072،الوسائل 9:142 الباب 60 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [5]في الكافي و الوسائل: [6]عن الحلبيّ.
6- 6) الفقيه 2:226 الحديث 1065،الوسائل 9:143 الباب 61 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [7]
الصنف السابع

التظليل

مسألة:لا يجوز للمحرم أن يظلّل على نفسه سائرا

،فيحرم عليه الاستظلال في المحمل و ما في معناه،كالهودج و الكنيسة و العماريّة و أشباه ذلك.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن عمر (1)،و مالك (2)،و سفيان بن عيينة،و أهل المدينة (3)، و أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

و رخّص فيه ربيعة،و الثوريّ (6)،و الشافعيّ (7)،و هو مرويّ عن عثمان،

ص:78


1- 1المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.
2- 2) الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:286،حلية العلماء 3:284،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:422،المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.
3- 3) المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:130،بدائع الصنائع 2:184-185،شرح فتح القدير 2:350.
5- 5) المغني 3:285،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277،الكافي لابن قدامة 1:550،الفروع في فقه أحمد 2:200،الإنصاف 3:461، [1]شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:422.
6- 6) المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.
7- 7) الأمّ 2:219،حلية العلماء 3:283،المجموع 7:252 و 267،مغني المحتاج 1:518،المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:422.

و عطاء (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه رأى على رحل عمر بن عبد اللّه بن أبي ربيعة (2)عودا يستره من الشمس فنهاه (3).

و عن نافع،عن ابن عمر أنّه رأى رجلا محرما على رحل قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس فقال:اضح لمن أحرمت له أي ابرز للشمس (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الموثّق-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن المحرم يظلّل عليه و هو محرم،قال:«لا، إلاّ مريض أو من به علّة و الذي لا يطيق الشمس» (5).

و في الصحيح عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يركب في القبّة؟قال:«ما يعجبني ذلك إلاّ أن يكون مريضا» (6).

و عن محمّد بن منصور،عنه،قال:سألته عن الظلال للمحرم،قال:«لا يظلّل إلاّ من علّة» (7).

ص:79


1- 1المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.
2- 2) عمر بن عبد اللّه بن أبي ربيعة المخزوميّ،روى عن سعيد بن المسيّب و روى عنه عطاف بن خالد. الجرح و التعديل 6:119،سير أعلام النبلاء 4:397.
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277،و بتفاوت يسير،ينظر: سنن البيهقيّ 5:70.
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277،و بمضمونه،ينظر: سنن البيهقيّ 5:70،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 5:422.
5- 5) التهذيب 5:309 الحديث 1057،الاستبصار 2:185 الحديث 618،الوسائل 9:147 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [1]
6- 6) التهذيب 5:309 الحديث 1058،الاستبصار 2:185 الحديث 619،الوسائل 9:146 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
7- 7) التهذيب 5:309 الحديث 1060،الاستبصار 2:186 الحديث 621،الوسائل 9:147 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [3]

و عن جعفر بن المثنّى (1)الخطيب عن محمّد بن الفضيل و بشر (2)بن إسماعيل (3)،قال:قال لي محمّد:ألا أبشّرك (4)يا ابن مثنّى (5)؟فقلت:بلى،فقمت إليه فقال:دخل هذا الفاسق آنفا،فجلس قبالة أبي الحسن عليه السلام ثمّ أقبل عليه،فقال له:يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أ يستظلّ على المحمل؟فقال [له] (6):«لا»قال:فيستظلّ في الخباء؟فقال له:«نعم»فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك:يا أبا الحسن فما فرق بين هذا و هذا؟قال:«يا أبا يوسف إنّ الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون إنّا (7)صنعنا كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قلنا كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه آله و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يركب راحلته فلا يستظلّ عليها،و تؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض،

ص:80


1- 1جعفر بن المثنّى الخطيب،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام مضيقا إلى ذلك قوله:مولى لثقيف كوفيّ واقفيّ و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة من دون تصريح بأنّه من أصحاب الرضا عليه السلام.قال المامقانيّ:لم يرد فيه توثيق و لا مدح. رجال الطوسيّ:370،رجال العلاّمة:210، [1]تنقيح المقال 1:221. [2]
2- 2) بعض النسخ:و بشير،كما في التهذيب.
3- 3) بشر بن إسماعيل الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.قال المامقانيّ: ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.و قال السيّد الخوئيّ عند ترجمة محمّد بن الفضيل:روى الشيخ بسنده عن جعفر بن المثنّى الخطيب عن محمّد بن الفضيل و بشير بن إسماعيل...كذا في هذه الطبعة و لكن في الطبعة القديمة و النسخة المخطوطة:بشر بن إسماعيل و هو الصحيح الموافق للكافي 4: 350 الحديث 1. رجال الطوسيّ:155،تنقيح المقال 1:171، [3]معجم رجال الحديث 14:212. [4]
4- 4) ع:أسرّك،كما في المصادر.
5- 5) بعض النسخ:المثنّى.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) كثير من النسخ:«إنّما».

و ربّما ستر وجهه بيده،و إذا نزل،استظلّ بالخباء و في البيت و الجدار» (1).

و عن إسماعيل بن عبد الخالق،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،هل يستتر المحرم من الشمس،فقال:«لا،إلاّ أن يكون شيخا كبيرا»و قال (2):«ذو علّة» (3).

و لأنّه محرم ستر على رأسه بما يقصد به الترفّه في بدنه،فلزمته الفدية،كما لو غطّاه.و لأنّه ستر رأسه بما يستدام و يلازمه غالبا،فأشبه ما لو ستره بشيء يلاقيه.

احتجّ الشافعيّ:بما روته أمّ الحصين (4)،قالت:حججت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع فرأيت أسامة و بلالا أحدهما أخذ بخطام ناقة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الآخر رافع ثوبه يستره من الحرّ حتّى رمى جمرة العقبة (5).

و لأنّه يباح له التظليل في البيت و الخباء،فجاز حالة الركوب،كالحلال (6).

و الجواب عن الأوّل:من وجوه:

أحدها:منع الحديث.

ثانيها:جاز أن يكون عليه السلام مضطرّا إلى التظليل،فإنّه يكون سائغا على

ص:81


1- 1التهذيب 5:309 الحديث 1061،الوسائل 9:149 الباب 66 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) د:أو قال،كما في بعض المصادر.
3- 3) التهذيب 5:310 الحديث 1062،الاستبصار 2:186 الحديث 622،الوسائل 9:147 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [2]
4- 4) أمّ الحصين بنت إسحاق الأحمسيّة ثبت حديثها في صحيح مسلم من طريق زيد بن أبي أنيسة و روى عنها يحيى بن الحصين. أسد الغابة 5:575،الإصابة 4:442، [3]رجال صحيح مسلم 2:417.
5- 5) صحيح مسلم 2:944 الحديث 1298،سنن أبي داود 2:167 الحديث 1834، [4]مسند أحمد 6: 402، [5]سنن البيهقيّ 5:69.
6- 6) المجموع 7:267، [6]المغني 3:286،الشرح الكبير بهامش المغني 3:277.

ما يأتي.

ثالثها:أنّها لم نقل:إنّه كان يرفعه حالة الركوب،فجاز أن يكون ذلك حالة النزول و نحن نقول به.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ ترك التظليل حالة النزول مؤذ جدّا،بخلاف حالة الركوب.

مسألة:و إذا نزل،جاز أن يستظلّ بالسقف و الحائط و الشجرة و الخباء

و الخيمة

،و أن ينزل تحت شجرة و يطرح عليها ثوبا يستتر به،و أن يمشي تحت الظلال،و أن يستظلّ بثوب ينصبه إذا كان سائرا و نازلا،لكن (1)لا يجعله فوق رأسه سائرا خاصّة لضرورة و غير ضرورة عند جميع أهل العلم؛لما رواه الجمهور عن جابر،قال-في حديث حجّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-:فأمر بقبّة من شعر فضربت له بنمرة فأتى عرفة فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتّى إذا زاغت الشمس (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في حديث جعفر بن المثنّى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يركب راحلته فلا يستظلّ عليها و تؤذيه الشمس،فيستر بعض جسده ببعض،و ربّما ستر وجهه بيده،و إذا نزل،استظلّ بالخباء و في البيت و بالجدار» (3).

و لأنّ الضرر به عظيم؛لأنّ دوام الفعل يحصل به كثرة الأثر و زيادته.

ص:82


1- 1بعض النسخ:و لكن.
2- 2) صحيح مسلم 2:886-892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182-186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2:1022-1027 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-49. [2]
3- 3) التهذيب 5:309 الحديث 1061،الوسائل 9:149 الباب 66 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من ملاقاة الشمس،جاز له أن يستظلّ و يفدي

،و كذا إذا كان مريضا أو خاف المطر،رواه الشيخ،عن عليّ بن محمّد،قال:كتبت إليه:

المحرم هل يظلّل على نفسه إذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضا أم لا؟فإن ظلّل هل يجب عليه الفداء أم لا؟فكتب:«يظلّل على نفسه و يهريق دما إن شاء اللّه» (1).

و في الصحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال:سألته عن المحرم يظلّل على نفسه،فقال:«أ من علّة؟»فقلت:تؤذيه الشمس و هو محرم،فقال:«هي علّة يظلّل و يفدي» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس و أنا أسمع،فأمره أن يفدي شاة يذبحها (3)بمنى (4).

و عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:المحرم يظلّل على محمله و يفدي إذا كانت الشمس و المطر تضرّ به؟قال:«نعم»قلت:كم الفداء؟قال:«شاة» (5).

ص:83


1- 1التهذيب 5:310 الحديث 1063،الاستبصار 2:186 الحديث 623،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:310 الحديث 1064،الاستبصار 2:186 الحديث 624،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 4. [2]
3- 3) د،ر:«شيئا يذبحه»مكان:«شاة يذبحها».
4- 4) التهذيب 5:311 الحديث 1065،الاستبصار 2:186 الحديث 625،الوسائل 9:288 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 5:311 الحديث 1066،الاستبصار 2:187 الحديث 626،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [4]

و لأنّه في محلّ الحاجة و الضرورة،فكان سائغا.

و لأنّهم عليهم السلام استثنوا من المنع:العلّة،فيكون سائغا قضيّة للاستثناء.

و لما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل المحرم و كان إذا أصابته الشمس شقّ عليه و صدّع (1)فيستتر منها؟فقال:«هو أعلم بنفسه إذا علم أنّه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظلّ منها» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:ليس لأحد أن يقول:إنّ الأخبار المتضمّنة لجواز التظليل مع العلّة منافية للأخبار المتضمّنة لوجوب الفدية؛لأنّ الإباحة إنّما تحصل بالعلّة و التزام الكفّارة،فلا يجوز للعليل أن يستظلّ ما لم يلتزم الكفّارة (3).

و لا يجوز للمختار الاستظلال و إن التزم الكفّارة؛لما رواه في الصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة،قال:قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام:أظلّل و أنا محرم؟ قال:«لا»قلت:أ فأظلّل و أكفّر؟قال:«لا»قلت:فإن مرضت؟قال:«ظلّل و كفّر» (4).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بالظلال للنساء و قد رخّص فيه للرجال» (5).

ص:84


1- 1الصداع:وجع الرأس،و قد صدّع الرجل تصديعا.لسان العرب 8:195. [1]
2- 2) التهذيب 5:309 الحديث 1059،الاستبصار 2:186 الحديث 620،الوسائل 9:147 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [2]
3- 3) الاستبصار 2:187.
4- 4) التهذيب 5:313 الحديث 1075،الاستبصار 2:187 الحديث 627،الوسائل 9:146 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:312 الحديث 1074،الاستبصار 2:187 الحديث 628،الوسائل 9:147 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 10. [4]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«و قد رخّص فيه للرجال» محمول على الضرورة (1).و التزام (2)الكفّارة على ما تقدّم (3).

و هو جيّد؛لأنّ اسم الرخصة غالبا إنّما يطلق على ما منع منه أوّلا،ثمّ أذن فيه لضرورة،كالقصر و أكل الميتة.

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا وقع التظليل في إحرام العمرة المتمتّع بها،

لزمه كفّارتان

(4)،و استدلّ بما رواه أبو عليّ بن راشد،قال:قلت له عليه السلام:

جعلت فداك،إنّه يشتدّ عليّ كشف الظلال في الإحرام؛لأنّي محرور تشتدّ عليّ الشمس،فقال:«ظلّل و أرق دما»فقلت له:دما أو دمين؟قال:«للعمرة؟»قلت:إنّا نحرم بالعمرة و ندخل مكّة فنحلّ و نحرم بالحجّ،قال:«فأرق دمين» (5).

و الوجه عندي:الاستحباب.

الثالث:لا بأس بالتظليل للنساء

؛لضعف أمزجتهنّ و قبولهنّ للانفعال بسرعة، فلو لم يشرع لهنّ،لزم الحرج المنفيّ،و كذا الصبيان.

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام، قال:سألته عن المحرم يركب القبّة؟فقال:«لا»،قلت:فالمرأة المحرمة؟قال:

«نعم» (6).

ص:85


1- 1التهذيب 5:312،الاستبصار 2:187.
2- 2) بعض النسخ:إلزام.
3- 3) يراجع:ص 83.
4- 4) التهذيب 5:311.
5- 5) التهذيب 5:311 الحديث 1067،الوسائل 9:288 الباب 7 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
6- 6) التهذيب 5:312 الحديث 1070،الوسائل 9:146 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بالقبّة على النساء و الصبيان و هم محرمون،و لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم» (1).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يركب في الكنيسة (2)؟فقال:«لا،و هو للنساء جائز» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يركب في القبّة؟قال:«ما يعجبني إلاّ أن يكون مريضا»قلت:فالنساء؟قال:

«نعم» (4).

و لحديث جميل بن درّاج-الصحيح-و قد تقدّم (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قد رخّص للنساء في التظليل،و تركه أفضل على كلّ حال (6).

الرابع:يجوز للمريض التظليل بلا خلاف

،و قد تقدّم،و بيّنّا وجوب الفدية عليه (7)،و لو زامله صحيح،اختصّ المريض بالتظليل،و لا يجوز للصحيح مشاركته فيه؛لعدم المقتضي في حقّه و قيام المانع و هو الإحرام.

ص:86


1- 1التهذيب 5:312 الحديث 1071،الوسائل 9:140 [1] الباب 58 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3 و ص 148 الباب 65 الحديث 1.
2- 2) الكنيسة:شبه هودج يغرز في المحمل أو في الرّحل قضبان و يلقى عليه ثوب يستظلّ به الراكب و يستتر به.المصباح المنير:542. [2]
3- 3) التهذيب 5:312 الحديث 1072،الوسائل 9:146 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:312 الحديث 1073،الوسائل 9:146 الباب 64 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
5- 5) يراجع:ص 84. [5]
6- 6) المبسوط 1:321،النهاية:221.
7- 7) يراجع:ص 83.

و لما رواه الشيخ عن بكر بن صالح (1)،قال:كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام:إنّ عمّتي معي و هي زميلتي و يشتدّ عليها الحرّ إذا أحرمت،فترى أظلّل عليّ و عليها؟فكتب:«ظلّل عليها وحدها» (2).

و قد روى الشيخ عن العبّاس بن معروف (3)،عن بعض أصحابنا،عن الرضا

ص:87


1- 1بكر بن صالح الرازيّ-مولى بني ضبّة روى عن أبي الحسن عليه السلام-ضعيف،له كتاب نوادر، قاله النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام،ضعيف جدّا كثير التفرّد بالغرائب،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و اختلف كلامه في رجاله فعدّه تارة من أصحاب الرضا عليه السلام قائلا:بكر بن صالح الضبيّ الرازيّ مولى، و أخرى في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام قائلا:بكر بن صالح الرازيّ روى عنه إبراهيم بن هاشم، قال المامقانيّ:قول الشيخ ينافي عدّ النجاشيّ و العلاّمة إيّاه من أصحاب الكاظم عليه السلام و لا يرفع التنافي إلاّ البناء على التعدّد إلى أن قال:و بالجملة الرجل مشترك بين الضعيف و المجهول.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ بين ما ذكره النجاشيّ و ما ذكره الشيخ اختلافا من جهتين:إحداهما:أنّ الشيخ عدّ الرجل من أصحاب الرضا عليه السلام و عدّه النجاشيّ من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام.ثانيهما:أنّ الشيخ عدّه في من لم يرو عنهم عليهم السلام،و النجاشيّ ذكر أنّه روى عن أبي الحسن عليه السلام ثمّ قال:لا مناقضة بين كون الرجل من أصحاب أحد الأئمّة عليهم السلام و لا يروي عنهم،نعم بناء على ما ذكره الشيخ في أوّل رجاله من أنّه يذكر الرواة عن المعصومين أوّلا ثمّ يذكر من لم يعاصرهم أو عاصرهم و لم يرو عنهم كان بين عدّه من أصحاب الرضا عليه السلام و لم يرو عنهم مناقضة. رجال النجاشيّ:109،رجال الطوسيّ:370 و 457،رجال العلاّمة:207، [1]الفهرست:39، [2]تنقيح المقال 1:178، [3]معجم رجال الحديث 3:340. [4]
2- 2) التهذيب 5:311 الحديث 1068،الاستبصار 2:185 الحديث 616،الوسائل 9:153 الباب 68 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1، [5]فيه و في التهذيب:أ فترى أن أظلّل،و في الاستبصار:فترى أن أظلّل،مكان:فترى أظلّل.
3- 3) العبّاس بن معروف أبو الفضل مولى جعفر بن عمران بن عبد اللّه الأشعريّ قمّيّ ثقة له كتاب الآداب، قاله النجاشيّ [6]،و قال المامقانيّ:عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا عليه السلام و قال:ثقة صحيح مولى جعفر بن عمران بن عبد اللّه الأشعريّ،و أخرى من أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: قمّيّ،و قال السيّد الخوئيّ:لكنّ الرجال المطبوع خال عن ذكره في أصحاب الهادي عليه السلام،و قال-

عليه السلام،قال:سألته عن المحرم له زميل فاعتلّ و ظلّل على رأسه،أله أن يستظلّ؟قال:«نعم» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا لا ينافي الخبر الأوّل؛لأنّ قوله:له أن يستظلّ؟ الضمير فيه عائد إلى المريض الذي قد ظلّل هل له ذلك أم لا؟لا أنّه عائد إلى الصحيح (2).

الخامس:لو زامل امرأة أو صبيّا،اختصّ الصبيّ و المرأة بالتظليل

؛لما تقدّم (3).

ص:88


1- 1) التهذيب 5:311 الحديث 1069،الاستبصار 2:185 الحديث 617،الوسائل 9:153 الباب 68 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2.
2- 2) التهذيب 5:312،الاستبصار 2:185.
3- 3) يراجع:ص 86-87.
الصنف الثامن

إزالة الشعر

مسألة:يحرم على المحرم إزالة شيء من شعره،قليلا كان أو كثيرا

،على رأسه كان أو على بدنه أو لحيته،و قد أجمع عليه العلماء.

و الأصل فيه قوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1).

و ما رواه الجمهور عن كعب بن عجرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال له:«لعلّك يؤذيك هوامّ رأسك»قال:نعم يا رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«احلق رأسك،و صم ثلاثة أيّام،أو أطعم ستّة مساكين،أو انسك شاة» (2)و هو يدلّ على المنع من الحلق قبل ذلك.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم؟قال:«لا،إلاّ أن يخاف على نفسه التلف و لا يستطيع الصلاة»و قال:«إذا آذاه الدم فلا بأس به،و يحتجم و لا يحلق

ص:89


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:12-14،صحيح مسلم 2:859 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1856، [2]سنن ابن ماجة 2:1028-1029 الحديث 3079-3080،سنن البيهقيّ 5:54- 55.في الجميع بتفاوت في الألفاظ.

الشعر» (1).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على كعب بن عجرة الأنصاريّ و القمل يتناثر من رأسه،فقال:

أ تؤذيك هوامّك؟فقال:نعم،قال:فأنزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (2)فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فحلق رأسه،و جعل عليه صيام ثلاثة أيّام،و الصدقة على ستّة مساكين لكلّ مسكين مدّان،و النسك شاة»ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و كلّ شيء في القرآن:

أَوْ فصاحبه فيه بالخيار يختار ما شاء،و كلّ شيء في القرآن: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فعليه كذا،فالأوّل بالخيار» (3).

مسألة:و سواء حلق لعذر أو غير عذر،فإنّ الفدية واجبة

؛لقوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ و إذا وجب الفداء مع العذر،فمع عدمه أولى.

قال ابن عبّاس: مَرِيضاً أي:برأسه قروح أَوْ بِهِ أَذىً أي:قمل (4).

و لا فرق بين شعر الرأس في ذلك و بين شعر البدن في قول أهل العلم.

و قال أهل الظاهر:لا يجب في شعر غير الرأس (5).

ص:90


1- 1التهذيب 5:306 الحديث 1044،الاستبصار 2:183 الحديث 608،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) التهذيب 5:333 الحديث 1147،الاستبصار 2:195 الحديث 656،الوسائل 9:295 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) المغني 3:302،الشرح الكبير بهامش المغني 3:269.
5- 5) حلية العلماء 3:283،المجموع 7:248،بداية المجتهد 1:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:274.

لنا:ما تقدّم في قول الصادق عليه السلام:«و لا يحلق الشعر»و هو يتناول شعر الرأس و البدن على السواء.

و لأنّه يحصل له التنظيف و الترفّه بحلق شعر بدنه،فلزمته الفدية،كشعر الرأس،بل يحصل به من التنظيف و الترفّه أكثر ممّا يحصل من الرأس،فإذا ثبت الحكم في الرأس،فثبوته فيما هو أولى بالمناط أولى.

احتجّوا (1)بقوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (2).

و الجواب:دلالة الآية على المنع من حلق الرأس بالنصّ،لا ينافي تحريم حلق شعر البدن بدليل آخر.

مسألة:و الكفّارة عندنا تتعلّق بحلق جميع الرأس و بعضه،قليلا كان أو كثيرا

، لكن يختلف،ففي حلق جميع الرأس دم،و كذا فيما يسمّى حلق الرأس و إن كان بعضه،و في حلق ثلاث شعرات،صدقة بمهما كان.

و قال الشافعيّ:عليه دم (3).

و قال أبو حنيفة:لا يجب الدم إلاّ بحلق ربع الرأس (4).

و قال أبو يوسف:إذا حلق النصف،وجب الدم (5).

ص:91


1- 1المغني 3:301،الشرح الكبير بهامش المغني 3:269.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،حلية العلماء 3:306،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7: 369 و 374،فتح العزيز بهامش المجموع 7:466،مغني المحتاج 1:521،المغني 3:526.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:73،بدائع الصنائع 2:192،الهداية للمرغينانيّ 1:161،شرح فتح القدير 2:444،تبيين الحقائق 2:358،مجمع الأنهر 1:292،حلية العلماء 3:306،المغني 3: 526،الشرح الكبير بهامش المغني 3:271.
5- 5) بدائع الصنائع 2:192،الهداية للمرغينانيّ 1:161،شرح فتح القدير 2:445،تبيين الحقائق 2:359،حلية العلماء 3:306،المجموع 7:374،المحلّى 7:212.

و قال مالك:إذا حلق من رأسه ما أماط عنه الأذى،وجب الدم،قلّ أو كثر (1).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّه يجب بثلاث شعرات،كقول الشافعيّ.و الثانية:

بأربع شعرات (2).

لنا:أنّ الدم معلّق (3)على حلق الرأس،و هو إنّما يصدق حقيقة في الجميع، فيبقى الباقي على أصل البراءة.

و أمّا وجوب الصدقة بما استطاع؛فلما روي عنهم عليهم السلام أنّ من مسّ شعر رأسه و لحيته،فسقط شيء من شعره،يتصدّق بشيء (4)،على ما يأتي بيان الرواية إن شاء اللّه تعالى،و هو يتناول هذه الصورة.

احتجّ مالك:بأنّ الثلاث شعرات لا يحصل به إماطة الأذى،فلا تتعلّق به الفدية،كالشعرة و الشعرتين (5).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الربع يقوم مقام الكلّ،و لهذا إذا رأى رجلا يقول:رأيت فلانا،و إنّما رأى إحدى جهاته (6).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّه شعر آدميّ يقع عليه اسم الجمع المطلق،فجاز أن يتعلّق

ص:92


1- 1المدوّنة الكبرى 1:430،بداية المجتهد 1:365-366،بلغة السالك 1:289،المحلّى 7: 213،المغني 3:526،الشرح الكبير بهامش المغني 3:271،المجموع 7:374.
2- 2) المغني 3:526،الشرح الكبير بهامش المغني 3:270،الكافي لابن قدامة 1:563،الفروع في فقه أحمد 2:193،الإنصاف 3:456،المجموع 7:374.
3- 3) ق،ح و خا:يتعلّق.
4- 4) ينظر:الوسائل 9:298 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام. [1]
5- 5) المغني 3:526،الشرح الكبير بهامش المغني 3:271،المجموع 7:374.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:73،بدائع الصنائع 2:192،الهداية للمرغينانيّ 1:161،مجمع الأنهر 1:292،المجموع 7:374،المغني 3:526.

بحلقه الدم،كالربع (1).

و الجواب عن حجّة مالك:أنّا نقول بموجبها،فإنّ الدم إنّما يجب عندنا بحلق الجميع.

و عن احتجاج أبي حنيفة:بالمنع من الإطلاق حقيقة،و قولنا:رأيت فلانا، مجاز؛لأنّ فلانا ليس هو الهيكل المحسوس على ما ذهب إليه المحقّقون (2).و لأنّ الآدميّ ليس مربّعا،بل إذا رأى ما يعرفه به قال:رأيته،و لو رأى صفحة وجهه.

و الجواب عن احتجاج الشافعيّ:بالمنع من الحكم في الأصل على ما سبق.

فروع:
الأوّل:إذا أتلف أقلّ من الثلاث،تصدّق أيضا عندنا

.

و قال الشافعيّ:إنّه يكون مضمونا عليه (3).

و حكى ابن المنذر عن عطاء أنّه قال:لا يكون مضمونا عليه؛لقلّة ذلك (4).

لنا:أنّ كلّ جملة ضمنها المحرم بالإتلاف،فإذا تلف بعضها،ضمن ذلك البعض،كالصيد.

الثاني:إذا نبت الشعر في عينه ،أو نزل شعر حاجبه فغطّى عينه

(5)

،جاز له

ص:93


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:374،فتح العزيز بهامش المجموع 7:466،مغني المحتاج 1:521،المغني 3:526.
2- 2) تلخيص المحصّل:378.
3- 3) حلية العلماء 3:307،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:370،374،فتح العزيز بهامش المجموع 7:467،مغني المحتاج 1:521.
4- 4) حلية العلماء 3:307،المجموع 7:374.
5- 5) ق و خا:عينيه.

قلع النابت في عينه (1)،و قصّ المسترسل و الوجه:أنّه لا فدية عليه؛لأنّ الشعر ألجأه إلى أخذه؛لأنّه لو تركه،لأضرّ بعينه (2)و منعه من الإبصار،كما لو صال الصيد عليه فقتله،فإنّه لا فدية عليه.

الثالث:لو كان له عذر من مرض،أو وقع في رأسه قمل أو غير ذلك من أنواع

الأذى،جاز له الحلق إجماعا

؛للآية (3)،و الأحاديث السابقة (4).

ثمّ ينظر،فإن كان الضرر اللاحق به من نفس الشعر،فلا فدية عليه،كما لو نبت في عينه (5)،أو نزل شعر حاجبه بحيث يمنعه الإبصار؛لأنّ الشعر أضرّ به،فكان له إزالة ضرره،كالصيد إذا صال عليه،و إن كان الأذى من غير الشعر لكن لا يتمكّن من إزالة الأذى إلاّ بحلق الشعر،كالقمل و القروح برأسه،و الصداع من الحرّ بكثرة الشعر،وجبت الفدية؛لأنّه قطع الشعر لإزالة ضرر عنه،فصار كما لو أكل الصيد للمخمصة.

لا يقال:القمل من ضرر الشعر،و الحرّ سببه كثرة الشعر،فكان الضرر منه أيضا.

لأنّا نقول:ليس القمل من الشعر و إنّما لا يمكنه (6)المقام إلاّ بالرأس ذي الشعر،فهو محلّ،لا سبب،و كذلك الحرّ من الزمان؛لأنّ الشعر يوجد في البرد، فلا يتأذّى به،فقد ظهر أنّ الأذى في هذين النوعين ليسا من الشعر.

الرابع:لو قطع يده و عليها شعر،لم يضمن الشعر

؛لأنّ الشعر تابع لليد،

ص:94


1- 1ق و خا:عينيه.
2- 2) ق و خا:بعينيه.
3- 3) البقرة(2):196.
4- 4) يراجع:ص 89-90.
5- 5) ق و خا:عينيه.
6- 6) ع:لا يتمكن.

فلا ينفرد بضمان،و اليد لا تضمن فديتها،فكذلك التابع.و لهذا لو كان للرجل (1)زوجتان:صغرى و كبرى فأرضعت الكبرى الصغرى،انفسخ النكاح و ضمنت المهر، و لو قتلتها (2)،انفسخ النكاح و لم تضمن المهر.

الخامس:لو نتف إبطه،وجب عليه الفدية

؛لأنّه أزال الشعر للترفّه.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا نتف الرجل إبطه بعد الإحرام،فعليه دم» (3).

السادس:يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحلّ و لا شيء عليه

.و به قال الشافعيّ (4)،و مالك (5)،و أحمد (6)،و حكي ذلك عن مجاهد (7).

و قال أبو حنيفة:لا يجوز له،فإن فعل فعليه صدقة (8).

لنا:أنّ المحلّ يجوز له أن يحلق رأسه،فجاز للمحرم فعله به،كما لو فعله المحلّ؛لأنّ المحرّم إنّما هو إزالة شعر المحرم عن نفسه.

و لأنّه لم يتعلّق بمنبته حرمة لإحرام،فجاز للمحرم حلقه،كشعر البهيمة.

ص:95


1- 1ع:لرجل.
2- 2) كثير من النسخ:قتلها.
3- 3) الفقيه 2:228 الحديث 1079،الوسائل 9:292 الباب 11 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
4- 4) الأمّ 2:206،المهذّب للشيرازيّ 1:207،المجموع 7:248 و 350،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469،مغني المحتاج 1:522.
5- 5) المجموع 7:248 و 350،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469.
6- 6) المغني 3:529،الشرح الكبير بهامش المغني 3:274،الكافي لابن قدامة 1:545،الفروع في فقه أحمد 2:195،الإنصاف 3:458.
7- 7) المغني 3:529،الشرح الكبير بهامش المغني 3:274.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:72،بدائع الصنائع 2:193،الهداية للمرغينانيّ 1:162،شرح فتح القدير 2:449،المغني 3:529،المجموع 7:350،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469.

و لأنّه يجوز له أن يطيّبه و يلبسه،فأشبه المحلّ إذا حلقه.و لأنّ الأصل براءة الذمّة و شغلها يحتاج إلى دليل،و لم يثبت.

و لأنّ وجوب الفدية إنّما يثبت بالنصّ أو القياس،و كلّ منهما منتف.

احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ (1)قال معناه:لا يحلق بعضكم رءوس بعض.

و لأنّ المحرم ممنوع عنه بكلّ حال،و ما كان كذلك منع منه في حقّ غيره، كقتل الصيد،بخلاف اللباس،فإنّه ليس بممنوع منه بكلّ حال (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّها خطاب للمحرمين؛لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (3).

و لأنّ المحلّ غير ممنوع من حلق الرأس إجماعا.

و عن الثاني:أنّ الصيد إذا أتلفه المحرم كيف ما كان،ضمنه،و هاهنا منع من شعر المحرم؛لما يحصل به من الترفّه و زوال الشعث في الإحرام،و هذا لا يوجد في شعر المحلّ.

فروع:
الأوّل:لا يجوز للمحرم أن يحلق رأس المحرم إجماعا

؛لقوله تعالى:

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ (4)و المراد به:أن لا يحلقه بنفسه و لا بغيره،بل انصراف ذلك إلى الغير أولى،فإنّ الإنسان لا يمكنه أن يحلق رأس نفسه إلاّ نادرا.

ص:96


1- 1البقرة(2):196.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:72،بدائع الصنائع 2:193،المجموع 7:374.
3- 3) البقرة(2):196. [1]
4- 4) البقرة(2):196.

و لأنّه يحرم عليه حلق شعره و اللباس و الطيب،و كلّما حرم عليه أن يفعله مباشرة،حرم متولّدا أو نيابة،كقطع عضو من أعضائه أو لبس الحرير و ما أشبه ذلك.

الثاني:لا يجوز للمحلّ أيضا أن يحلق رأس المحرم

؛لما بيّنّاه في حقّ المحرم؛إذ لا تفاوت بينهما،فإنّ إزالة شعر المحرم حرام،سواء كان المزيل نفسه أو غيره على ما بيّنّا.

الثالث:لو حلق المحلّ أو المحرم شعر المحرم،فقد بيّنّا أنّه حرام

،لكن لا فدية عليه.

و قال الشافعيّ:إن كان حلق بأمره،وجبت الفدية على المحرم لا على الحالق (1).

و قال أبو حنيفة:يجب على الحالق المحرم صدقة (2).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة،و لم يوجد دليل على وجوب الكفّارة،و التحريم لا يستلزمه،كما في كثير من المحرّمات.

و لأنّه إذا كان مأمورا،كان إزالة الشعر منسوبة إلى ذي الشعر و هو متعدّ فيه، فأشبه ما لو إزالة بنفسه.

و لأنّ يده على الشعر ثابتة و هو مستحفظ له،فيكون كالمستعير أو المستودع، و أيّهما كان إذا تلف في يده بأمره،ضمن.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه شعر منع من إزالته؛لحرمة الإحرام،فإذا أزاله المحرم،

ص:97


1- 1الأمّ 2:206،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:345،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 469،مغني المحتاج 1:522.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:73،بدائع الصنائع 2:193،الهداية للمرغينانيّ 1:162،شرح فتح القدير 2:447،تبيين الحقائق 2:360،مجمع الأنهر 1:293،المجموع 7:350،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469.

لزمه فدية (1).

و الجواب:المنع من الملازمة؛لأنّ الإزالة هاهنا في الحقيقة منسوبة إلى الآمر.

الرابع:لو حلق المحلّ أو المحرم شعر المحرم بغير إذنه،فلا فدية عليه

، و فصّل الشافعيّ فقال:إن كان مكرها أو نائما،وجبت الفدية على الحالق على أحد القولين.

و قال في الآخر:تجب على المحرم،و يرجع بها على الحالق (2)،و به قال أبو حنيفة (3).

و اختلف أصحاب أبي حنيفة،فقال أكثرهم:لا يرجع على المحلّ (4)،و قال أبو حازم:يرجع (5).و بالقول الأوّل للشافعيّ قال مالك (6)،و أحمد (7).

و إن كان ساكتا،اختلف أصحاب الشافعيّ،فمنهم من قال:إنّه كالمكره؛لأنّ السكوت لا يجري مجرى الأمر،و لهذا لو أتلف عليه شيء و هو ساكت فإنّه يضمنه، و لا يكون سكوته بمنزلة الإذن في الإتلاف.

ص:98


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:72-73،بدائع الصنائع 2:193،تبيين الحقائق 2:360.
2- 2) حلية العلماء 3:302،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:345-346،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469-470.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:73،بدائع الصنائع 2:193،الهداية للمرغينانيّ 1:162،شرح فتح القدير 2:447-448،تبيين الحقائق 2:361.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:73،بدائع الصنائع 2:193،شرح فتح القدير 2:448-449،تبيين الحقائق 2:361،حلية العلماء 3:302-303.
5- 5) بدائع الصنائع 2:193،حلية العلماء 3:303.
6- 6) حلية العلماء 3:302،المجموع 7:350،فتح العزيز بهامش المجموع 7:469.
7- 7) المغني 3:530، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:273، [2]الكافي لابن قدامة 1:562،الفروع في فقه أحمد 2:195،الإنصاف 3:458.

و منهم من قال:هو بمنزلة الأمر،لا يضمن الحالق شيئا؛لأنّ المحرم مستحفظ للشعر بمنزلة المودع،فإذا سكت على إتلافه،ضمنه،كما لو أمر به (1).

إذا ثبت هذا:فالذي نذهب إليه:أنّ الحالق لا شيء عليه،و المحرم إن كان حلق الحالق بإذنه،لزمه الفداء،و إن لم يكن بإذنه،لم يكن عليه شيء؛عملا بالأصل و هو براءة الذمّة.

احتجّ الشافعيّ على أحد القولين:بأنّه زال شعره بغير اختياره،فلم تلزمه الفدية،كما لو تمعّط شعره.

و على الآخر:بأنّه زال شعره على وجه حصل له به الترفّه،فلزمته الفدية،كما لو كان بأمره.قال أبو حامد في التعليق:هذا مبنيّ على القولين في أنّ الشعر في يده، كالعارية أو كالوديعة،فإن قلنا:إنّه كالعارية،وجبت الفدية على المحلوق رأسه.

و إن قلنا:كالوديعة،وجبت على الحالق.قال أبو الطيّب:هذا خطأ و ينبغي أن يكون كالوديعة؛لأنّ العارية ما أمسكه لمنفعة نفسه،و هذا منفعته في إزالته.و لأنّه لو احترق بشرارة نار وقعت فيه،لم يجب ضمانه،و هذا أظهر (2).

إذا عرفت هذا:فالتفريع على قول الشافعيّ فنقول:إن قلنا:الفدية واجبة على الحالق،فإنّه مخيّر فيها،فإن أخرجها،فلا بحث،و إلاّ كان للمحرم مطالبته بإخراجها؛لأنّ الفدية وجبت لأجله.

و ليس هذا القول بجيّد؛لأنّ هذا الوجوب متعلّق بالفاعل لحقّ اللّه تعالى،و إن كان معسرا أو عاجزا عن الكفّارة،بقيت في ذمّته و لا شيء على المحلوق رأسه.

و إذا قلنا:تجب على المحلوق رأسه و يرجع به،فإنّه إن كان الحالق حاضرا

ص:99


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:346-347،فتح العزيز بهامش المجموع 7:470.
2- 2) ينظر:المجموع 7:346-347.

موسرا،كان للمحلوق رأسه أن يطالبه بإخراج أقلّ الأمرين من الدم أو الآصع (1)الثلاث،و إن أخرج المحلوق أحدهما،كان له أن يرجع عليه بأقلّهما فيه؛لأنّه أقلّ الواجب،و كذا لو كان الحالق غائبا أو معسرا،أخرج المحلوق الفدية و يرجع عليه إذا حضر أو أيسر بأقلّ الأمرين،فإن اختار المحلوق الصوم فصام ثلاثة أيّام،قال بعض الشافعيّة:لا يرجع عليه بشيء.و منهم من قال:يرجع بثلاثة أمداد؛لأنّ الشرع جعل قيمة (2)المدّ صيام يوم (3).

و هذا ليس بشيء؛لأنّ ذلك فيما أخرج في حقّ اللّه تعالى،فأمّا الآدميّ فليس للصوم قيمة،و هذه التفريعات كلّها ساقطة عندنا؛لأنّ الحالق لا كفّارة عليه عندنا مطلقا،و المحلوق رأسه لا كفّارة عليه أيضا إن كان مكرها أو نائما،و إلاّ وجبت عليه الكفّارة على ما قلناه.

ص:100


1- 1خا:الأصبع،ع:للاصبع،د،ر:الاصبع.الصاع يذكّر و يؤنّث،قال الفرّاء:أهل الحجاز يؤنّثون الصاع في القلّة على أصوع و في الكثرة على صيعان،و بنو أسد و أهل نجد يذكّرون و يجمعون على (أصواع)...و نقل المطرّزيّ عن الفارسيّ أنّه يجمع أيضا على(آصع).المصباح المنير:351،352. [1]
2- 2) ج:فيه،مكان:قيمة.
3- 3) حلية العلماء 3:303،المجموع 7:348-349.
الصنف التاسع

القلم

مسألة:أجمع فقهاء الأمصار كافّة على أنّ المحرم ممنوع من قصّ أظفاره مع

الاختيار

؛لأنّه إزالة جزء يترفّه به،فحرم،كإزالة الشعر.

و لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:

سألته عن رجل أحرم فنسي أن يقلّم أظفاره،قال:فقال:«يدعها»قال:قلت:إنّها طوال،قال:«و إن كانت»قلت:إنّ رجلا أفتاه بأن يقلّمها و أن يغتسل و يعيد إحرامه ففعل،قال:«عليه دم» (1).

إذا ثبت هذا:فإن احتاج إلى مداواة قرحة و لا يمكنه إلاّ بقصّ أظفاره،جاز له ذلك و وجبت الفدية.

و قال بعض الجمهور:لا فدية عليه (2).

لنا:أنّه أزال ما منع إزالته لضرر في غيره،فكان كما لو حلق رأسه لضرر القمل.

ص:101


1- 1التهذيب 5:314 الحديث 1082،الوسائل 9:162 الباب 77 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 3:303،الشرح الكبير بهامش المغني 3:275.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل المحرم تطول أظفاره،قال:«لا يقصّ شيئا منها إن استطاع،فإن كانت تؤذيه فليقصّها و ليطعم (1)مكان كلّ ظفر قبضة من طعام» (2).

فروع:
الأوّل:لو أزال بعض الظفر،تعلّق به ما يتعلّق بالظفر جميعه

.

الثاني:لو انكسر ظفره،كان له إزالته بلا خلاف بين العلماء

؛لأنّه يؤذيه و تؤلمه،فكان له إزالته،كالشعر النابت في عينه و الصيد الصائل عليه،و هل تجب الفدية أم لا؟فيه تردّد ينشأ من أنّ الأصل براءة الذمّة،و مشابهته للصيد الصائل، و من الرواية التي رواها ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم تطول أظفاره إلى أن ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك قال:«لا يقصّ منها شيئا إن استطاع،فإن كانت تؤذيه فليقصّها و ليطعم مكان كلّ ظفر قبضة من طعام» (3).

الثالث:لو قصّ المكسور خاصّة،لم يكن عليه شيء عند قوم

(4)،على ما تقدّم من التردّد.

و لو أزال منه ما بقي ممّا لم ينكسر،ضمنه بما يضمن به الظفر؛لأنّه لو أزال بعض الظفر ابتداءً من غير علّة،وجب عليه ضمانه،فكذا لو أزاله تبعا.

ص:102


1- 1كثير من النسخ:و يطعم.
2- 2) التهذيب 5:314 الحديث 1083،الوسائل 9:161 الباب 77 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 2:228 الحديث 1077،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 4.و [2]فيهما:أو ينكسر،مكان:إلى أن ينكسر.
4- 4) ينظر:المغني 3:302-303،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:275.
الرابع:لو قلّم بعض ظفر فلم يستوف ما على اليدين منه بل خفّفه أو أخذ

بعضه،ففيه الفدية

؛لأنّه بعض من جملة مضمونة.

إذا ثبت هذا:فإنّه يضمنه بما يضمن الظفر،و كذا لو أخذ بعض شعرة فإنّه يكون كأخذ الشعرة بأجمعها.

ص:103

الصنف العاشر

إخراج الدم

مسألة:اختلف علماؤنا في جواز الحجامة للمحرم اختيارا

،فمنع منه المفيد (1)-رحمه اللّه-و ابن إدريس (2)،و به قال مالك (3)،و كان الحسن البصريّ يرى في الحجامة دما (4).

و اختار ابن بابويه-رحمه اللّه-الجواز (5)،و هو قول أكثر الجمهور (6).

و للشيخ-رحمه اللّه-قولان (7).

احتجّ المفيد-رحمه اللّه-:بما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:104


1- 1المقنعة:68.
2- 2) السرائر:128.
3- 3) الموطّأ 1:350،المنتقى للباجيّ 2:240،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:288،المغني 3:283،الشرح الكبير بهامش المغني 3:334،المجموع 7:355.
4- 4) المغني 3:283،الشرح الكبير بهامش المغني 3:334،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:275.
5- 5) الفقيه 2:222.
6- 6) المغني 3:283،الشرح الكبير بهامش المغني 3:334،المجموع 7:355.
7- 7) قال في المبسوط 1:321 و [1]النهاية:220 [2] بعدم الجواز،و قال في الخلاف 1:443 مسألة-110 بالجواز.

عن المحرم يحتجم؟قال:«لا إلاّ أن يخاف على نفسه التلف و لا يستطيع الصلاة» و قال:«إذا آذاه الدم فلا بأس به و يحتجم و لا يحلق الشعر» (1).

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم؟قال:«لا أحبّه» (2).

احتجّ المجوّزون (3):بما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله احتجم-و هو محرم-في رأسه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه-في الصحيح-عن حريز، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر» (5).

و روى ابن بابويه عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه احتجم و هو محرم (6).

و سأل ذريح أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم؟فقال:«نعم،إذا خشي

ص:105


1- 1التهذيب 5:306 الحديث 1044،الاستبصار 2:183 الحديث 608،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:306 الحديث 1045،الاستبصار 2:183 الحديث 609،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
3- 3) المغني 3:283،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:334،المجموع 7:356.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:19،صحيح مسلم 2:862 الحديث 1202،سنن أبي داود 2:167 الحديث 1835-1826، [4]سنن الترمذيّ 3:198 الحديث 839، [5]سنن ابن ماجة 2:1029 الحديث 3081، سنن النسائيّ 5:193،سنن الدارميّ 2:37، [6]مسند أحمد 1:215، [7]المستدرك للحاكم 1:453،سنن البيهقيّ 5:64،في أكثر المصادر لا توجد عبارة:في رأسه.
5- 5) الفقيه 2:222 الحديث 1033،التهذيب 5:306 الحديث 1046،الاستبصار 2:183 الحديث 610،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [8]
6- 6) الفقيه 2:222 الحديث 1034،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [9]

الدم» (1).و لأنّه تداو و ليس بترفّه،فأشبه شرب الأدوية.

قال الشيخ في كتابي الأخبار:حديث حريز محمول على الضرورة (2).

و قال في الخلاف:إنّه مكروه؛عملا في عدم الحظر بالأصل،و لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله احتجم،فدلّ على أنّه ليس بمحظور، و استدلّ على الكراهية:بإجماع الفرقة (3).

مسألة:و لا خلاف في جواز الحجامة مع الضرورة و دعوى الحاجة،و كذلك

الفصد

؛لأنّه إذا ثبت جواز الحجامة مطلقا على رأي،و مقيّدا بحال الضرورة على رأى،تبعه جواز الفصد على حسبه؛إذ لا فارق بين الصورتين،و كذا يجوز قطع العضو عند الحاجة،و الختان،كلّ هذا مباح من غير فدية؛عملا بالأصل السالم عن المعارض.

إذا ثبت هذا:فلو احتاج في الحجامة إلى قطع شعر،فله قطعه؛لما روى الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله احتجم في طريق مكّة-و هو محرم- وسط رأسه (4).من ضرورة ذلك قطع الشعر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مهران بن أبي نصر (5)و عليّ بن

ص:106


1- 1الفقيه 2:222 الحديث 1035،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:306،الاستبصار 2:184.
3- 3) الخلاف 1:443 مسألة-110.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:19،صحيح مسلم 2:862 الحديث 1203،سنن النسائيّ 5:194،سنن البيهقيّ 5:65.
5- 5) مهران بن أبي نصر،كذا في أكثر النسخ و المصادر،و في نسخة:مهران بن أبي بصير،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الكاظم عليه السلام،و احتمل الأردبيليّ كون أبي بصير مصحّف ابن أبي نصر،و قال المامقانيّ:يشهد بما ذكره من التصحيف عدم وجود ابن أبي بصير في شيء من الأسانيد حسب اطّلاعنا،و يظهر من السيّد الخوئيّ التعدّد حيث عنون تارة مهر [2]ان بن أبي بصير،و قا [3]ل:كذا في-

إسماعيل بن عمّار (1)،عن أبي الحسن عليه السلام،قالا:سألناه،فقال في حلق القفا للمحرم:«إن كان أحد منكم يحتاج إلى الحجامة،فلا بأس به،و إلاّ فليلزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق» (2).

و لأنّه يباح إزالة الشعر أجمع لضرر القمل،فيباح هاهنا.

إذا عرفت هذا:فإنّ الفدية واجبة عليه،و به قال الشافعيّ 3،و أبو حنيفة 4، و مالك 5،و أحمد،و أبو ثور،و ابن المنذر 6.

و قال أبو يوسف،و محمّد:يتصدّق بشيء 7.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ

ص:107


1- 1) عليّ بن إسماعيل بن عمّار،قال النجاشي في ترجمة إسحاق بن عمّار:و ابنا أخيه عليّ بن إسم [1]اعيل و بشر بن إسماعيل كانا من وجوه من روى الحديث،قال المامقانيّ:و في ذلك دلالة على جلالته،و نقل في جامع الرواة رواية ابن أبي عمير عنه،و في ذلك إشعار بوثاقته،فالرجل في أعلى درجات الحسن إن لم يكن ثقة. رجال النجاشيّ:71،جامع الرواة 1:558،تنقيح المقال 2:270.
2- 2) التهذيب 5:306-307 الحديث 1047،الوسائل 9:144 الباب 62 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6.

أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (1).

و لأنّه حلقه لإزالة ضرر عنه،فلزمته الكفّارة،كما لو حلقه لإزالة قمله.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز له تقليم الأظفار

(2)

،فمن قلّم ظفرا،وجب عليه أن يتصدّق بمدّ من طعام على ما قلناه (3)،فإن أفتاه غيره فقلّم المستفتي ظفره فأدماه،وجب على المفتي دم؛لأنّه سبب في الجناية،فكانت العقوبة عليه عائدة.

و يؤيّده:رواية إسحاق بن عمّار عن أبي إبراهيم عليه السلام،قلت:فإنّ رجلا من أصحابنا أفتاه أن يقلّم أظافيره و يعيد إحرامه،ففعل،قال:«عليه دم» (4).

مسألة:يجوز له أن يربط جراحه و يشقّ الدمّل إذا احتاج إلى ذلك

،و لا فدية عليه،و لا نعلم فيه خلافا؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه احتجم و هو محرم (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المحرم يعصر الدمّل و يربط عليه الخرقة؟فقال:«لا بأس» (6).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا

ص:108


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) يراجع:ص 101.
3- 3) يراجع:ص 102.
4- 4) الكافي 4:360 الحديث 6، [2]الفقيه 2:228 الحديث 1078،التهذيب 5:314 الحديث 1082، الوسائل 9:162 [3] الباب 77 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2 و ص 295 الباب 13 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:19،صحيح مسلم 2:862 الحديث 1202،سنن أبي داود 2:167 الحديث 1835، [4]سنن الترمذيّ 3:198 الحديث 839، [5]سنن ابن ماجة 2:1029 الحديث 3081،سنن النسائيّ 5:193،سنن الدارميّ 2:37،مسند أحمد 1:215،سنن البيهقيّ 5:64.
6- 6) الفقيه 2:222 الحديث 1038،الوسائل 9:155 الباب 70 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [6]

خرج بالمحرم الخراج و الدمل فليبطّه و ليداوه بزيت أو بسمن» (1).

و لأنّه في محلّ الحاجة و لا يستتبع ترفّها،فكان سائغا،كشرب الأدوية.

مسألة:و يجوز له أن يقطع ضرسه مع الحاجة إليه

؛لأنّه تداو،و ليس بترفّه، فكان سائغا،كشرب الدواء.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن الحسن الصيقل أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يؤذيه ضرسه أ يقلعه؟قال:«نعم،لا بأس به» (2).

و لو لم يحتج إلى قلعه،كان عليه دم،قاله الشيخ،و استدلّ:بما رواه محمّد بن عيسى،عن عدّة من أصحابنا،عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء:محرم قلع ضرسه؟فكتب:«يهريق دما» (3).

مسألة:و لا يدلك جسده بقوّة؛لئلاّ يدميه أو يقلع شعره

،و كذا لا يستقصي في سواكه؛لئلاّ يدمي فاه،و لا يدلك وجهه في غسل الوضوء و غيره؛لئلاّ يسقط من شعر لحيته شيء.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم كيف يحكّ رأسه؟قال:«بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر» (4).

ص:109


1- 1الفقيه 2:222 الحديث 1040،الوسائل 9:156 الباب 70 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [1]
2- 2) الفقيه 2:222 الحديث 1036،الوسائل 9:180 الباب 95 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:385 الحديث 1344،الوسائل 9:302 الباب 19 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:313 الحديث 1076،الوسائل 9:159 الباب 73 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]

و عن عمر بن يزيد (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بحكّ الرأس و اللحية ما لم يلق الشعر،و يحكّ الجسد ما لم يدمه» (2).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يستاك؟قال:«نعم،و لا يدمي» (3).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يغتسل؟فقال:«نعم،يفيض الماء على رأسه و لا يدلكه» (4).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا اغتسل المحرم من الجنابة صبّ على رأسه الماء و يميّز الشعر بأنامله بعضه من بعض» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا بأس أن يدخل المحرم الحمّام و لكن لا يتدلّك» (6).

و قد روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:في المحرم يستاك؟قال:«نعم»قال:قلت:فإن أدمى يستاك؟

ص:110


1- 1في النسخ:عن بكر بن يزيد،و الصحيح ما أثبتناه،كما في المصادر لعدم وجود رجل بعنوان بكر بن يزيد في شيء من الأسانيد،و عمر بن يزيد ترجم له في الجزء الأوّل:248.
2- 2) التهذيب 5:313 الحديث 1077،الوسائل 9:159 الباب 73 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:313 الحديث 1078،الوسائل 9:159 الباب 73 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:313 الحديث 1079،الوسائل 9:160 الباب 75 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:313 الحديث 1080،الوسائل 9:160 الباب 75 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
6- 6) التهذيب 5:314 الحديث 1081،الاستبصار 2:184 الحديث 611،الوسائل 9:161 الباب 76 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [5]

قال:«نعم،هو[من] (1)السنّة» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز للمحرم غسل رأسه و يديه برفق بحيث لا يسقط

منه شيء من شعر رأسه و لحيته

(3)

،و عليه إجماع العلماء،فعل ذلك عليّ عليه السلام، و عمر،و ابنه،و قال به جابر،و سعيد بن جبير (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور (6)، و أصحاب الرأي (7)،إلاّ أنّه لا يجوز له أن يغطس رأسه في الماء بحيث يغيّبه فيه، قاله علماؤنا،و به قال مالك (8)،خلافا للجمهور.

لنا:أنّه تغطية للرأس.

احتجّ المخالف:بما رواه ابن عبّاس،قال:ربّما قال لي عمر-و نحن محرمون بالجحفة-:تعال أباقيك (9)أيّنا أطول نفسا في الماء (10).

و لأنّه ليس بستر معتاد،فأشبه صبّ الماء عليه (11).

و الجواب عن الأوّل:أنّ حديث عمر لا حجّة فيه،مع أنّه يحتمل أن

ص:111


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) الفقيه 2:222 الحديث 1032،الوسائل 9:178 الباب 92 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) يراجع:ص 66.
4- 4) المغني 3:274، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،الفروع في فقه أحمد 2:195-196.
5- 5) الأمّ 2:146،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:355 و 374،فتح العزيز بهامش المجموع 7:463،المغني 3:274،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 313.
6- 6) المغني 3:274،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:139، [3]شرح فتح القدير 2:348-349،تبيين الحقائق 2:261،المغني 3:274،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.
8- 8) المنتقى للباجيّ 2:194.
9- 9) بقاه بقيا:انتظره و رصده.لسان العرب 14:81. [4]
10- 10) سنن البيهقيّ 5:63،المغني 3:274،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.
11- 11) المغني 3:274،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.

يكون (1)لم يأخذ في الإحرام،بل شرع فيه؛لأنّه في الميقات الذي يحرم منه، و الظاهر:أنّ ذلك للإحرام.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأصل ليس فيه تغطية الرأس،بخلاف صورة النزاع،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم أنّ للمحرم أن يغتسل من الجنابة.

مسألة:و يجوز له غسل رأسه بالسدر و الخطميّ و نحوهما

-و به قال جابر بن عبد اللّه (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أصحاب الرأي (5)-و لا فدية عليه.

و عن أحمد رواية أنّ عليه الفدية (6)،و به قال مالك (7)،و أبو حنيفة (8).

و قال أبو يوسف،و محمّد:عليه صدقة (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في المحرم الذي وقصه بعيره:«اغسلوه بماء و سدر،و كفّنوه في ثوبيه،و لا تحنّطوه و لا تخمّروا

ص:112


1- 1ج بزيادة:بعد.
2- 2) المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،المجموع 7:355.
3- 3) حلية العلماء 3:304،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:355،فتح العزيز بهامش المجموع 7:463،مغني المحتاج 1:521،المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.
4- 4) المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،الكافي لابن قدامة 1:560،الفروع في فقه أحمد 2:196،الإنصاف 3:460.
5- 5) المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،عمدة القارئ 10:201.
6- 6) المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،الكافي لابن قدامة 1:560،الفروع في فقه أحمد 2:196،الإنصاف 3:460. [1]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:389،بداية المجتهد 1:329،المنتقى للباجيّ 3:194،المغني 3:275، الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،المجموع 7:355،عمدة القارئ 10:201.
8- 8) بدائع الصنائع 2:191،تبيين الحقائق 2:356،شرح فتح القدير 2:441،المغني 3:275، الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،المجموع 7:355.
9- 9) بدائع الصنائع 2:191،تبيين الحقائق 2:356،شرح فتح القدير 2:441،المغني 3:275، الشرح الكبير بهامش المغني 3:313،المجموع 7:355.

رأسه،فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا» (1)أمر بغسله بالسدر مع بقاء حكم الإحرام عليه،و لهذا منعه من الطيب.

احتجّوا:بأنّه تستطاب رائحته،و يزيل الشعث،و يقتل الهوامّ (2).

و الجواب:المنع من كونه مستلذّ الرائحة،سلّمنا لكنّه يبطل بالفاكهة و نفض التراب و إزالة الشعث يحصل بالتراب و الماء (3)أيضا مع موافقته على التجويز، و قتل الهوامّ غير معلوم.

إذا ثبت هذا:فيجوز له دخول الحمّام اتّفاقا،و لا يدلك جسده فيه دلكا بعنف؛ لئلاّ يدميه أو يزيل شعره.

روى الجمهور عن ابن عبّاس أنّه دخل حمّام الجحفة و قال:ما يعبأ اللّه بأوساخكم شيئا (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في قول الصادق عليه السلام:«لا بأس أن يدخل المحرم الحمّام و لكن لا يتدلّك» (5).

إذا عرفت هذا:فالأفضل له ترك الحمّام؛لأنّ فيه ترفّها.

و لما رواه الشيخ عن عقبة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن

ص:113


1- 1صحيح البخاريّ 2:96 و ج 3:22،صحيح مسلم 2:865 الحديث 1206،سنن ابن ماجة 2: 1030 الحديث 3084،سنن النسائيّ 5:195-197،سنن الدارميّ 2:50،مسند أحمد 1:215، [1]سنن البيهقيّ 5:70 في الجميع بتفاوت يسير.
2- 2) المغني 3:275،الشرح الكبير بهامش المغني 3:313.
3- 3) ج:و بالماء.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:63 و فيه:بأوساخنا.
5- 5) التهذيب 5:314 الحديث 1081،الاستبصار 2:184 الحديث 611،الوسائل 9:161 الباب 76 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1 و 3. [2]

المحرم يدخل الحمّام؟قال:«لا يدخل» (1)قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على الكراهية؛عملا بالأحاديث الدالّة على الجواز (2).

ص:114


1- 1التهذيب 5:386 الحديث 1349،الاستبصار 2:184 الحديث 612،الوسائل 9:161 الباب 76 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) الاستبصار 2:184 ذيل الحديث 612.
الصنف الحادي عشر

قتل هوامّ الجسد

مسألة:لا يجوز للمحرم قتل القمل و الصئبان

(1)و البراغيث و غير ذلك من هوامّ الجسد،و هو إحدى الروايتين عن أحمد،و في الأخرى:يباح قتله (2).

لنا:أنّ قتل القمل يحصل به الترفّه و إزالة الشعث،فكان حراما،كالطيب.

و ما رواه الشيخ عن حسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المحرم لا ينزع القملة من جسده و لا من ثوبه متعمّدا،و إن قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده» (3).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا رأى كعب بن عجرة و القمل يتناثر على وجهه،فقال له:«احلق رأسك و انسك» (4).

ص:115


1- 1الصؤابة-بالهمز-:واحدة الصّئبان،و هي بيضة القمل و البرغوث.تهذيب اللغة 2:2074.
2- 2) المغني 3:272،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311،الكافي لابن قدامة 1:557،الفروع في فقه أحمد 2:197،الإنصاف 3:486.
3- 3) التهذيب 5:336 الحديث 1160،الاستبصار 2:196 الحديث 661،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]
4- 4) صحيح مسلم 2:859 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1860، [2]سنن الترمذيّ 3:288 الحديث 953، [3]سنن النسائيّ 5:194،مسند أحمد 4:241-243،سنن البيهقيّ 5:55.

فلو كان قتل القمل أو إزالته مباحا،لم يتركه كعب حتّى يبلغ به هذه الحالة، و لأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإزالته،فإنّه أخفّ من الحلق و التكفير.

مسألة:و لا فرق بين أن يقتله أو يلقيه عن بدنه إلى الأرض أو قتله بالزئبق

، فإنّ ذلك كلّه محرّم؛لأنّ تحريم قتله ليس معلّلا بحرمته،بل للترفّه بفقده،فعمّ المنع إزالته كيف ما كان.

و يؤيّد ذلك:رواية الحسين بن أبي العلاء (1)،و ما رواه الشيخ-في الصحيح- عن حمّاد بن عيسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يبين القملة من جسده فيلقيها،فقال:«يطعم مكانها طعاما» (2).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عنه عليه السلام (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز له أن يحوّلها من مكان من جسده إلى مكان آخر منه؛لأنّ دوامها في موضع واحد قد يحصل به أذى عظيم،فجاز نقلها؛عملا بالمقتضي لنفي الحرج السالم عن معارضة القتل أو الرمي على الأرض.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و المحرم يلقي عنه الدوابّ كلّها إلاّ القملة،فإنّها من جسده و إذا (4)أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضرّه» (5).

ص:116


1- 1التهذيب 5:336 الحديث 1160،الاستبصار 2:196 الحديث 661،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:336 الحديث 1158،الاستبصار 2:196 الحديث 659،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:336 الحديث 1159،الاستبصار 2:196 الحديث 660،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2.
4- 4) خا:فإذا.
5- 5) التهذيب 5:336 الحديث 1161،الوسائل 9:163 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [3]
مسألة:و لو قتل القملة،فعل حراما،على ما اخترناه

،و وجب عليه فدية كفّ من طعام،و به قال عطاء.و قال مالك:حفنة من طعام،و هو مرويّ عن ابن عمر.

و قال إسحاق:تمرة فما فوقها (1).و قال أحمد في إحدى الروايتين:يتصدّق بمهما كان من قليل و كثير،و هو قول أصحاب الرأي (2).

و في الرواية الأخرى:لا شيء عليه (3)،و به قال طاوس،و سعيد بن جبير، و أبو ثور،و ابن المنذر (4).

لنا:أنّه فعل إزهاق نفس محرّمة،فكان عليه صدقة،كالصيد.

و يؤيّده:ما تقدّم من الروايات.

و لا يعارض ذلك ما رواه صفوان بن يحيى عن مرّة مولى خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يلقي القملة؟فقال:«ألقوها أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

المحرم يحكّ رأسه فيسقط منه القملة و الثنتان،قال:«لا شيء عليه و لا يعود»قلت:

كيف يحكّ رأسه؟قال:«بأظافيره ما لم يدم و لا يقطع الشعر» (6).

ص:117


1- 1المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312.
2- 2) المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312.
3- 3) المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312،الكافي لابن قدامة 1:557،الفروع في فقه أحمد 2:197،الإنصاف 3:486.
4- 4) المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312.
5- 5) التهذيب 5:337 الحديث 1146،الاستبصار 2:197 الحديث 662،الوسائل 9:163 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [1]
6- 6) الفقيه 2:229 الحديث 1086،التهذيب 5:337 الحديث 1165،الاستبصار 2:197 الحديث 663،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [2]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما تقول في محرم قتل قملة؟قال:«لا شيء في القملة و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:المراد بذلك:لا شيء معيّن في قتلها،كغيرها من الكفّارات المعيّنة (2).

مسألة:و يجوز له أن ينحّي عن نفسه القراد و الحلمة و يلقي عنه و عن

بعيره

(3)(4)

،و لا يجوز له قتل ذلك.

أمّا المنع من القتل؛فلما تقدّم،و لما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اتّق قتل الدّوابّ كلّها» (5).

و أمّا جواز الرمي،فلما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و المحرم يلقي عنه الدّوابّ كلّها إلاّ القملة،فإنّها من جسده،و إن أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضرّه» (6).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي وجدت عليّ قرادا أو حلمة (7)أطرحهما؟قال:«نعم و صغار لهما إنّهما رقيا في غير

ص:118


1- 1التهذيب 5:337 الحديث 1166،الاستبصار 2:197 الحديث 664،الوسائل 9:298 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:338،الاستبصار 2:197.
3- 3) القراد-مثل غراب-:ما يتعلّق بالبعير و نحوه و هو كالقمل للإنسان.المصباح المنير:496. [2]
4- 4) الحلم:القراد الضخم،الواحدة:حلمة.المصباح المنير:148. [3]
5- 5) التهذيب 5:365 الحديث 1273،الوسائل 9:166 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
6- 6) التهذيب 5:336 الحديث 1161،الوسائل 9:163 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [5]
7- 7) بعض النسخ:و حلمة.

مرقاهما» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز أن يلقي المحرم القراد عن بعيره و ليس له أن يلقي الحلمة (2).

و روى ذلك معاوية بن عمّار،قال:قال:«و إن ألقى المحرم يعني القراد عن بعيره فلا بأس و لا يلقي الحلمة» (3).

و عن عمر بن يزيد،قال:لا بأس أن تنزع القراد عن بعيرك و لا ترم بالحلمة (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إنّ القراد ليس من البعير و الحلمة من البعير» (5).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي بصير،قال:سألته عن المحرم ينزع الحلم عن البعير؟فقال:«لا،هي بمنزلة القملة من جسدك» (6).

ص:119


1- 1التهذيب 5:337 الحديث 1162،الوسائل 9:164 الباب 79 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:338.
3- 3) التهذيب 5:338 الحديث 1167،الوسائل 9:165 الباب 80 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:338 الحديث 1168،الوسائل 9:165 الباب 80 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) الفقيه 2:232 الحديث 1107، [4]الوسائل 9:165 الباب 80 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [5]
6- 6) الفقيه 2:232 الحديث 1108،الوسائل 9:165 الباب 80 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [6]
الصنف الثاني عشر

قطع شجر الحرم

مسألة:يحرم على المحرم قطع شجر الحرم

،و هو قول علماء الأمصار، و الأصل فيه ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة:«إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السماوات و الأرض فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة،و إنّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي،و لم يحلّ لي إلاّ ساعة من نهار،فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة،لا يختلى خلاها،و لا يعضد شوكها،و لا ينفّر صيدها،و لا يلتقط لقطتها إلاّ من عرّفها»فقال العبّاس:يا رسول اللّه إلاّ الإذخر،فإنّه لقينهم (1)و بيوتهم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إلاّ الإذخر» (2).

ص:120


1- 1القين:الحدّاد،و يطلق على كلّ صانع.المصباح المنير:521.قال في هامش صحيح مسلم 2: 987:القين:هو الحدّاد و الصانع،و معناه:يحتاج إليه القين في وقود النار،و يحتاج إليه في القبور لتسدّ به فرج اللحد المتخلّلة بين اللبنات،و يحتاج إليه في سقوف البيوت يجعل فوق الخشب.
2- 2) صحيح مسلم 2:986 الحديث 1353،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017-2018، [1]سنن النسائيّ 5:203-204،مسند أحمد 1:259، [2]سنن البيهقيّ 5:195.

و روى أبو شريح (1)و أبو هريرة نحوا من هذا.

و في حديث أبي هريرة:«ألا و إنّها ساعتي هذه حرام لا يختلى شوكها و لا يعضد شجرها» (2).

و في حديث أبي شريح:أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة قال:«إنّ مكّة حرّمها اللّه و لم يحرّمها الناس،فلا يحلّ لأحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يسفك بها دما و يعضد بها شجرة» (3).

و في حديث أبي هريرة:«لا يعضد شجرها و لا يحتشّ حشيشها و لا يصاد صيدها» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال يوم فتح مكّة:«إنّ اللّه تعالى حرّم مكّة يوم خلق السماوات و الأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحلّ لأحد قبلي،و لا تحلّ لأحد من بعدي،و لم تحلّ لي إلاّ ساعة من النهار» (5).

ص:121


1- 1أبو شريح الكعبيّ الخزاعيّ العدويّ،اختلفوا في اسمه،قيل:اسمه:خويلد بن عمرو،و قيل: عمرو بن خويلد،و قيل:كعب بن عمرو،و قيل:هانئ بن عمرو،و قيل:عبد الرحمن بن عمرو، و المشهور الأوّل،أسلم يوم الفتح،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن ابن مسعود،و روى عنه أبو سعيد المقبريّ و سعيد بن أبي سعيد المقبريّ و نافع بن جبير بن مطعم.مات سنة 68 ه. أسد الغابة 5:225، [1]الجرح و التعديل 3:398،تهذيب التهذيب 12:125. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:38-39،صحيح مسلم 2:988 الحديث 1355،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017، [3]سنن البيهقيّ 5:195،كنز العمّال 12:198 الحديث 34651.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:37،صحيح مسلم 2:987 الحديث 1354،سنن النسائيّ 5:205،مسند أحمد 6:385، [4]سنن البيهقيّ 5:195،كنز العمّال 12:199 الحديث 34654،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:185 الحديث 484-486.
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 3:362،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:377.
5- 5) الفقيه 2:159 الحديث 687،الوسائل 9:68 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 7. [5]

و عن كليب الأسديّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استأذن اللّه عزّ و جلّ في مكّة ثلاث مرّات من الدهر،فأذن له فيها ساعة من النهار ثمّ جعلها حراما ما دامت السماوات و الأرض» (1).

و قال عليه السلام:«إنّ اللّه عزّ و جلّ حرّم مكّة يوم خلق السماوات و الأرض فلا يختلى خلاها،و لا يعضد شجرها،و لا ينفّر صيدها،و لا يلتقط لقطتها إلاّ المنشد»فقام إليه العبّاس بن عبد المطّلب،فقال:يا رسول اللّه إلاّ الإذخر فإنّه للقبر و لسقوف بيوتنا،فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ساعة و ندم العبّاس على ما قال،ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إلاّ الإذخر» (2).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«كلّ شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلاّ ما أنبتّه أنت و غرسته» (3).

و لا خلاف بين المسلمين في تحريم قلع شجر الحرم إلاّ ما نستثنيه.

مسألة:و يحرم قطع الشوك و العوسج

و به قال أحمد (4).

و قال الشافعيّ:لا يحرم (5)،و به قال عطاء،و مجاهد،و عمرو بن دينار (6).

ص:122


1- 1الفقيه 2:159 الحديث 688،الوسائل 9:68 الباب 50 من أبواب الإحرام الحديث 9. [1]
2- 2) الفقيه 2:159 الحديث 689،الوسائل 9:176 الباب 88 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:380 الحديث 1325،الوسائل 9:173 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
4- 4) المغني 3:364،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378،الكافي لابن قدامة 1:575، [4]زاد المستقنع:32،الفروع في فقه أحمد 2:260،الإنصاف 3:552. [5]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:448-450،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511- 512،مغني المحتاج 1:528،السراج الوهّاج:170،المغني 3:364،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.
6- 6) المغني 3:364،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.

لنا:عموم قوله عليه السلام:«لا يعضد شوكها»و في حديث آخر:«لا يختلى شوكها».

و لأنّ الغالب في شجر الحرم الشوك،فلمّا حرّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شجرها و الشوك غالبه،كان ذلك ظاهرا في تحريمه.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه مؤذ،فأشبه السباع من الحيوان (1).

و الجواب:المنع من المساواة؛لإمكان الاحتراز (2)غالبا عن الشوك و قلّة ضرره،بخلاف السباع.

مسألة:و يحرم أخذ ورق الشجر

،و به قال أحمد (3).

و قال الشافعيّ:له أخذه.و كذا يحرم أغصانها (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يخبط شوكها و لا يعضد شجرها»رواه مسلم (5).

و لأنّ ما حرم أخذه،حرم كلّ شيء منه،كريش الطائر.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لا يضرّ به،فكان سائغا (6).

و الجواب:أنّه يضعفها،و ربّما آل إلى تلفها،و لأنّه منقوض بريش الطائر.

ص:123


1- 1المجموع 7:448،المغني 3:364،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.
2- 2) خا و ق:الإحراز.
3- 3) المغني 3:365،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378،الكافي لابن قدامة 1:576،الفروع في فقه أحمد 2:260،الإنصاف 3:552. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:447-449،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511، مغني المحتاج 1:527،المغني 3:365،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.
5- 5) صحيح مسلم 2:988-989 الحديث 1355.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:447،المغني 3:365،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.
مسألة:و يحرم قطع حشيش الحرم إلاّ ما استثني من الإذخر و ما أنبته

الآدميّون

؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«لا يختلى خلاها» (1).

و في حديث أبي هريرة:«لا يحتشّ حشيشها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رآني عليّ بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى،فقال:«يا بنيّ إنّ هذا لا يقلع» (3).

و عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يتّقي الطاقة من العشب ينتفها من الحرم»قال:«و قد نتف طاقة و هو يطلب أن يعيدها في مكانها» (4).

مسألة:شجر الفواكه و النخل لا بأس بقلعه،سواء أنبته اللّه تعالى أو الآدميّون

، و به قال أبو حنيفة (5).

و قال الشافعيّ:كلّ ما ينبت في الحرم فهو حرام،سواء أنبته اللّه تعالى

ص:124


1- 1صحيح مسلم 2:986 الحديث 1353،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2018،سنن النسائيّ 5: 203-204،مسند أحمد 1:259،سنن البيهقيّ 5:195.
2- 2) أورده ابنا قدامة في المغني 3:362،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:377.
3- 3) التهذيب 5:379 الحديث 1322،الوسائل 9:172 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:379 الحديث 1323،الوسائل 9:173 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:104،تحفة الفقهاء 1:425،بدائع الصنائع 2:211،عمدة القارئ 10: 189،المغني 3:362،الشرح الكبير بهامش المغني 3:377،المجموع 7:494. [3]

أو الآدميّون (1).

لنا:أنّ الحرم يختصّ تحريمه بما كان وحشيّا من الصيد،فكذا من الشجر.

و ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن رجل قلع من الأراك الذي بمكّة،قال:«عليه ثمنه»و قال:«لا ينزع من شجر مكّة شيء إلاّ النخل و شجر الفواكه» (2).

و في الصحيح عن حريز،عن الصادق عليه السلام:«كلّ شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلاّ ما أنبتّه أنت و غرسته» (3).

احتجّ الشافعيّ:بعموم قوله عليه السلام:«لا يعضد شجرها» (4).

و لأنّها شجرة نابتة في الحرم أشبه ما لم ينبته الآدميّون (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه عليه السلام استثنى،فقال:«إلاّ ما أنبته الآدميّ»في بعض الروايات.و لأنّه عامّ،فيختصّ بما ذكرناه من الأدلّة.

و عن القياس:بالفرق بين الأهليّ من الشجر،كالنخل و الجوز و اللوز،

ص:125


1- 1الأمّ 2:208،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:450 و 494، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:510 و 512، [2]المغني 3:362،الشرح الكبير بهامش المغني 3:377،عمدة القارئ 10:189.
2- 2) التهذيب 5:379 الحديث 1324،الوسائل 9:301 الباب 18 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 5:380 الحديث 1325،الوسائل 9:173 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [4]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:38-39،صحيح مسلم 2:989 الحديث 1355،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017،سنن البيهقيّ 5:195،كنز العمّال 12:189 الحديث 34651.
5- 5) المجموع 7:447،فتح العزيز بهامش المجموع 7:512-513،المغني 3:362،الشرح الكبير بهامش المغني 3:377.

و الوحشيّ،كالدّوح (1)،و السّلم،كالصيد.

إذا عرفت هذا:فسواء كان الشجر الذي أنبته الآدميّ ممّا جنسه أنّه ينبته الآدميّون،أو لم يكن جنسه من ذلك،يجوز قلعه مطلقا،خلافا للشافعيّ (2).

لنا:عموم قول الصادق عليه السلام:«إلاّ ما أنبتّه أنت و غرسته» (3).

مسألة:لا بأس بقطع شجر الإذخر إجماعا

،و كذلك لا بأس بعودي المحالة، لمكان الحاجة إلى ذلك،رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قطع عودي المحالة-و هي البكرة التي يستقى بها-من شجر الحرم و الإذخر» (4).

و كذلك لا بأس أن يقلع الإنسان شجرة تنبت في منزله بعد بنائه له،و لو نبتت قبل بنائه،لم يجز له قلعها؛لأنّه ربّما احتاج إلى مكانها لضيق المنزل،فكان سائغا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقطع الشجر من مضربه أو داره في الحرم،فقال:

«إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن تبنى الدار و تتّخذ المضرب،فليس له أن يقلعها، و إن كانت طريّة عليه (5)،فله أن يقلعها» (6).

ص:126


1- 1الدوحة:الشجرة العظيمة أيّ شجرة كانت،و الجمع:دوح.المصباح المنير:202. [1]
2- 2) الأمّ 2:208،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:450 و 494،فتح العزيز بهامش المجموع 7:510 و 512،المغني 3:362،الشرح الكبير بهامش المغني 3:377،عمدة القارئ 10:189.
3- 3) التهذيب 5:380 الحديث 1325،الوسائل 9:173 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 5:381 الحديث 1330،الوسائل 9:174 الباب 87 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [3]
5- 5) خا:عليها،كما فى التهذيب.
6- 6) التهذيب 5:380 الحديث 1326،الوسائل 9:173 الباب 87 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم،فقال:«إن بنى المنزل و الشجرة فيه،فليس له أن يقلعها،و إن كانت نبتت في منزله و هو له،قلعها (1)» (2).

فروع:
الأول:لا بأس بقطع اليابس من الشجر و الحشيش

؛لأنّه ميّت فلم تبق له حرمة،و كذا يجوز قطع ما انكسر و لم يبن؛لأنّه قد تلف،فهو بمنزلة الميّت و الظفر المنكسر.

الثاني:يجوز أخذ الكمأة من الحرم و الفقع

(3)

(4)؛لأنّه لا أصل له،فهو كالثمرة الموضوعة على الأرض.

الثالث:لو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها

،فإن كان ذلك بغير فعل الآدميّ،جاز الانتفاع به إجماعا؛لأنّ النهي يتناول القطع و هذا لم يقطع،و إن كان بفعل الآدميّ،فالأقرب:جوازه أيضا؛لأنّه بعد القطع يكون كاليابس،و تحريم الفعل لا ينافي جواز استعماله.

و قال بعض الجمهور:ليس له ذلك؛لأنّه ممنوع من إتلافه؛لحرمة الحرم، فإذا قطعه من يحرم عليه قطعه،لم ينتفع،كالصيد يذبحه المحرم (5).

ص:127


1- 1في التهذيب:«فليقلعها».
2- 2) التهذيب 5:380 الحديث 1327،الوسائل 9:174 الباب 87 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
3- 3) الكمأة-واحدها:كمء-:و هو نبات ينقّض الأرض فيخرج،كما يخرج الفطر.لسان العرب 1:148. [2]
4- 4) الفقع-بالفتح و الكسر-:الأبيض الرخو من الكمأة،و هو أردؤها.لسان العرب 8:255. [3]
5- 5) المغني 3:364-365،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378،الكافي لابن قدامة 1:576، الإنصاف 3:557.

و قال آخرون:يباح لغير القاطع؛لأنّه انقطع بغير فعله،فأبيح له الانتفاع به (1).

و جواب الأوّل:بالفرق،فإنّ الصيد يعتبر في ذبحه الأهليّة،و المحرم ليس أهلا للذبح،بخلاف قطع الشجرة،فإنّ البهيمة لو قطعته،جاز الانتفاع به.

مسألة:لا بأس برعي الحشيش في الحرم بأن يترك إبله فيه لترعى

،و لا يجوز له قلعه و إعلافه الإبل،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2)،و عطاء (3).

و قال أبو حنيفة:لا يجوز (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إلاّ علف الدوابّ» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يخلّى البعير في الحرم يأكل ما شاء» (6).

و في الصحيح عن جميل و محمّد بن حمران،قالا:سألنا (7)أبا عبد اللّه عليه السلام عن النبت الذي في أرض الحرم أ ينزع؟فقال:«أمّا شيء تأكله الإبل،

ص:128


1- 1المغني 3:365،الشرح الكبير بهامش المغني 3:378.
2- 2) المجموع 7:495،فتح العزيز بهامش المجموع 7:512،مغني المحتاج 1:528،المغني 3: 366،الشرح الكبير بهامش المغني 3:379.
3- 3) المغني 3:366،الشرح الكبير بهامش المغني 3:379.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:104،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:34،تبيين الحقائق 2:391،المجموع 7:495،فتح العزيز بهامش المجموع 7:512.
5- 5) أورده الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:485 مسألة-282.
6- 6) التهذيب 5:381 الحديث 1329،الوسائل 9:176 الباب 89 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
7- 7) ع:قال:سألت،كما فى المصادر.

فليس به بأس أن تنزعه» (1).

و لأنّ الهدايا كانت تدخل الحرم و تكثر فيه و لم ينقل أنّه شدّ (2)أفواهها.

و لأنّ الحاجة ماسّة إلى ذلك،فكان سائغا،كالإذخر.

و لأنّ الإجماع واقع من عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ترك الإبل في الحرم،و أنّها ترعى و لم ينكر أحد ذلك،و لو كان حراما،لأنكروه.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ ما حرم إتلافه،لم يجز أن يرسل عليه ما يتلفه، كالصيد (3).

و الجواب:الفرق بينهما من حيث الحاجة.و لأنّ (4)الصيد منهيّ عن قتله مباشرة و تولّدا،بخلاف الحشيش.

مسألة:الشجرة إذا كان أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ،حرم قطعها

؛لأنّه يصدق عليه أنّه قطع شجرة من الحرم،و كذا يحرم قطع غصنها أيضا؛لأنّه تابع لأصله،و إن كان أصلها في الحلّ و غصنها في الحرم،حرم قطعها أيضا و قطع غصنها؛لأنّه في الحرم.

و قال بعض الجمهور:لا ضمان عليه في الفرع؛لأنّه تابع لأصله،كالتي قبلها (5).

أمّا الأصل إذا قطع الغصن في الحرم و كان في الحلّ،فالوجه:أنّه لا يحرم

ص:129


1- 1التهذيب 5:380 الحديث 1328،الوسائل 9:177 الباب 89 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:تشدّ.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:104،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175،المغني 3: 366،الشرح الكبير بهامش المغني 3:379.
4- 4) أكثر النسخ:لأنّ.
5- 5) المغني 3:369،الشرح الكبير بهامش المغني 3:382،المجموع 7:444.

قطعه؛لأنّ المقتضي للتحريم-و هو استتباع قطع الغصن لقطعه-زال بقطع الغصن.

و لو كان بعض الأصل في الحلّ و بعضه في الحرم،ضمن الغصن،سواء كان في الحلّ أو في الحرم؛تغليبا لحرمة الحرم،كما لو وقف صيد بعض قوائمه في الحلّ و بعضها في الحرم.

و يدلّ على ما ذكرناه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ، فقال:«حرم فرعها،لمكان أصلها»قال:قلت:فإنّ أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم،قال:«حرام أصلها؛لمكان فرعها» (1).

مسألة:لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان آخر منه فيبست،ضمنها

؛ لأنّه متلف لها.

و إن غرسها في مكان آخر من الحرم فنبتت،لم يكن عليه ضمان؛لأنّه لم يتلفها و لم تزل حرمتها.

و إن غرسها في غير الحرم فنبتت،وجب عليه ردّها إليه؛لأنّه أزال حرمتها، و لو تعذّر ردّها،أو ردّها فيبست،ضمنها.

روى الشيخ عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يتّقي الطاقة من العشب ينتفها من الحرم»قال:

«و[رأيته] (2)قد نتف طاقة و هو يطلب أن يعيدها في مكانها» (3).

ص:130


1- 1التهذيب 5:379 الحديث 1321،الوسائل 9:177 الباب 90 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:379 الحديث 1323،الوسائل 9:173 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
فرع:

لو غرسها في الحلّ فقلعها غيره منه،قال بعض الجمهور:يضمنها الثاني

؛لأنّه المتلف لها،و ليست كالصيد إذا نفّره إنسان من الحرم فقتله آخر في الحلّ،فإنّ الضمان على المنفّر؛لأنّ الشجر لا ينتقل بنفسه و لا تزول حرمته بإخراجه،و لهذا وجب على قالعه ردّه،أمّا الصيد فإنّه تارة في الحلّ و أخرى في الحرم،فمن نفّره فقد أذهب حرمته،فوجب عليه جزاؤه،و الشجر لا تفوت حرمته بالإخراج،فكان الضمان على المتلف؛لأنّه أتلف شجرا من الحرم يحرم إتلافه (1).و عندي في ذلك تردّد.

مسألة:و أوجب الشيخ-رحمه اللّه-الضمان في قطع شجر الحرم

(2)،و به قال ابن عبّاس،و عطاء (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6).

و قال ابن إدريس:لا ضمان فيه و إن حرم (7)،و به قال مالك (8)،و أبو ثور،

ص:131


1- 1المغني 3:369.
2- 2) المبسوط 1:354، [1]الخلاف 1:485 مسألة-280.
3- 3) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:381،عمدة القارئ 10:189.
4- 4) الأمّ 2:208،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،حلية العلماء 3:322،المجموع 7:494،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،مغني المحتاج 1:527،المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،عمدة القارئ 10:189.
5- 5) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،الكافي لابن قدامة 1:576،الإنصاف 3: 554-555،المجموع 7:494،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:103،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175، [2]شرح فتح القدير 3:33،عمدة القارئ 10:189،المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380، المجموع 7:494،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511.
7- 7) السرائر:130.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:451،بلغة السالك 1:298،حلية العلماء 3:322،المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:495،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،عمدة القارئ 10:189.

و داود،و ابن المنذر (1).

و احتجّ الشيخ (2):بما رواه ابن عبّاس أنّه قال:في الدوحة بقرة،و في الجزلة شاة (3).و الدوحة:الشجرة الكبيرة و الجزلة:الشجرة الصغيرة.

و عن أبي هشيمة (4)،قال:رأيت عمر بن الخطّاب أمر بشجر كان في المسجد يضرّ بأهل الطواف،فقطع و فدى،قال:و ذكر البقر (5).

و عن ابن الزبير أنّه قال:في الكبيرة بقرة و في الصغيرة شاة و لا مخالف لهؤلاء،فكان إجماعا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه موسى بن القاسم،قال:روى أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام أنّه قال:«إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم و لم تنزع،فإن أراد نزعها نزعها،و كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين» (7).

و لأنّه ممنوع من إتلافه لحرمة الحرم،فكان مضمونا،كالصيد.

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل براءة الذمّة،و لم يثبت شاغل لها (8).

ص:132


1- 1المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:495، [1]عمدة القارئ 10:189.
2- 2) الخلاف 1:485 مسألة-281.
3- 3) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:447،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511.
4- 4) لم نعثر على ترجمته.
5- 5) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380.
6- 6) الأمّ 2:208،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المجموع 7:496،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 511،مغني المحتاج 1:527.
7- 7) التهذيب 5:381 الحديث 244،الوسائل 9:301 الباب 18 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [2]
8- 8) السرائر:130.

و حديث ابن عبّاس و ابن الزبير و عمر لم يثبت عندنا،و حديث موسى بن القاسم مرسل.

احتجّ مالك:بأنّ المحرم لا يضمن في الحلّ،فلا يضمنه في الحرم،كالزرع (1).

مسألة:إذا قلنا بالضمان،ضمن الكبيرة بقرة،و الصغيرة بشاة،و الحشيش

بقيمته،و الغصن بأرشه

.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3).

و قال أصحاب الرأي:يضمن الجميع بالقيمة؛لأنّه لا مقدّر فيه،فأشبه الحشيش (4).

لنا:رواية ابن عبّاس،و ابن الزبير،و موسى بن القاسم.و لأنّه أحد نوعي ما يحرم إتلافه،فكان فيه مقدّر،كالصيد.

إذا ثبت هذا:فلو قطع غصنا أو قلع حشيشا فعاد عوضه،فالوجه:بقاء الضمان؛لأنّ الثاني غير الأوّل.

مسألة:و حدّ الحرم الذي لا يجوز قتل صيده و لا قطع شجره بريد في بريد

، رواه الشيخ-في الموثّق-عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

«حرّم اللّه حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه و يعضد شجره،إلاّ الإذخر،أو يصاد

ص:133


1- 1المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:495.
2- 2) الأمّ 2:208،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،حلية العلماء 3:322،المجموع 7:496،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،مغني المحتاج 1:527،السراج الوهّاج:170،المغني 3:368، الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،عمدة القارئ 10:189.
3- 3) المغني 3:368،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،الكافي لابن قدامة 1:576،الفروع في فقه أحمد 2:261-262،الإنصاف 3:555-556،المجموع 7:496.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:103،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:33،عمدة القارئ 10:189،المغني 3:368،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380.

طيره،و حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة ما بين لابتيها (1)صيدها،و حرّم ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها و يعضد شجرها،إلاّ عودي الناضح (2)» (3).

إذا ثبت هذا:فصيد وجّ و شجره مباح،و هو واد بالطائف،قاله علماؤنا، و اختاره أحمد (4).

و قال أصحاب الشافعيّ:هو محرّم (5)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«صيد وجّ و عضاها (6)محرّم» (7).

لنا:أنّ الأصل الإباحة،و عدم شغل الذمّة من واجب أو عقوبة،فنعمل به ما لم يظهر المنافي.و حديث الشافعيّ رواه أحمد في مسنده (8)،و ضعّفه (9)،فلا حجّة فيه.

مسألة:للمدينة حرم كحرم مكّة لا يجوز قطع شجره و لا قتل صيده

،ذهب إليه

ص:134


1- 1اللابتان،اللوبة و اللابة:الحرّة،و في الحديث أنّه(حرّم ما بين لابتي المدينة)و هما:حرّتان تكتنفانها.الصحاح 1:220. [1]
2- 2) في المصدر:«عودي محالة الناضح».
3- 3) التهذيب 5:381 الحديث 1332،الوسائل 9:174 الباب 87 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) المغني 3:373،الشرح الكبير بهامش المغني 3:386،الكافي لابن قدامة 1:578،الفروع في فقه أحمد 2:270،الإنصاف 3:563.
5- 5) المجموع 7:497،فتح العزيز بهامش المجموع 7:520،مغني المحتاج 1:529،المغني 3: 373،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:386.
6- 6) العضاه-وزان كتاب-:من شجر الشّوك،كالطّلع و العوسج.المصباح المنير:415.
7- 7) سنن أبي داود 2:215-216 الحديث 2032،مسند أحمد 1:165،سنن البيهقيّ 5:200،كنز العمّال 12:269 الحديث 34997.
8- 8) مسند أحمد 1:165.
9- 9) المغني 3:373،الشرح الكبير بهامش المغني 3:386.

علماؤنا،و به قال أحمد (1)،و مالك (2)،و الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لا يحرم (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

«للمدينة حرم ما بين ثور إلى عير» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ مكّة حرم اللّه حرّمها إبراهيم عليه السلام،و إنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا يعضد شجرها و هو ما بين ظلّ عائر إلى ظلّ و عير،و ليس صيدها كصيد مكّة،يؤكل هذا و لا يؤكل ذلك (6)و هو بريد» (7).

و عن أبان،عن أبي العبّاس،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة؟قال:«نعم،بريدا في بريد عضاها»قال:

ص:135


1- 1المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:382،الكافي لابن قدامة 1:577،الفروع في فقه أحمد 2:265،الإنصاف 3:559، [1]الميزان الكبرى 2:47.
2- 2) المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:382،المجموع 7:497،الميزان الكبرى 2:47.
3- 3) حلية العلماء 3:323،المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:497،مغني المحتاج 1:529، السراج الوهّاج:170،الميزان الكبرى 2:47،المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:383.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:105،المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:383،المجموع 7:497،الميزان الكبرى 2:46.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:383،و بتفاوت،ينظر: صحيح البخاريّ 3:26،سنن أبي داود 2:216 الحديث 2034، [2]سنن البيهقيّ 5:196.
6- 6) بعض النسخ:«ذاك»كما في التهذيب.
7- 7) التهذيب 6:12 الحديث 23،الوسائل 10:283 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1. [3]

قلت:صيدها؟قال:«لا،يكذب الناس (1)» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:المراد من تحليل صيد حرم المدينة إنّما هو ما بين البريد إلى البريد و هو ظلّ عائر إلى ظلّ و عير،و يحرم ما بين الحرّتين،و به يتميّز صيد هذا الحرم من حرم مكّة؛لأنّ حرم مكّة يحرم في جميع الحرم،و ليس كذلك في حرم المدينة؛لأنّ الذي يحرم منها هو القدر المخصوص.

و استدلّ عليه:بما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين الحرّتين» (3).

و عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كنت جالسا عند زياد بن عبد اللّه (4)و عنده ربيعة الرأي،فقال له زياد بن عبد اللّه:ما الّذي حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة؟فقال:بريد في بريد»فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«فقلت لربيعة:و كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أميال؟ فسكت فلم يجبني،فمال عليّ زياد فقال:يا أبا عبد اللّه فما تقول أنت؟قلت:حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة ما بين لابتيها،فقال:و ما لابتيها؟قلت:ما أحاطت به الحرّتان،فقال:و ما الذي يحرم من الشجر؟قلت:من و عير إلى و عير (5)» (6).

ص:136


1- 1في النسخ:«لا،بل ربّ الناس»و ما أثبتناه من المصدر.قال المجلسيّ في مرآة العقول 18:278: [1]ظاهره تكذيب الناس و إن احتمل التصديق أيضا.
2- 2) التهذيب 6:13 الحديث 24،الوسائل 10:285 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 6:13 الحديث 25،الوسائل 10:285 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 9. [3]
4- 4) زياد بن عبد اللّه بن علاثة العقيليّ أبو سهل الحرّاني كان خليفة أخيه محمّد على القضاء،روى عن أبيه و عبد الكريم الجزريّ...و روى عنه أخوه محمّد و أبو النضر،له حديث في ابن ماجة. تهذيب التهذيب 3:377.
5- 5) ع:«من عائر إلى و عير»كما في التهذيب،د:«من و عير إلى عائر».
6- 6) التهذيب 6:13 الحديث 26،الوسائل 10:284 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 2. [4]

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لو كان لها حرم،لبيّنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيانا عامّا و لوجب منه الجزاء،كصيد الحرم (1).

و الجواب:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّنه بيانا عامّا على ما تقدّم في حديث عليّ عليه السلام (2).

و روى تحريم المدينة أيضا أبو هريرة (3)،و رافع (4)،و عبد اللّه بن زيد (5)، و أهل البيت عليهم السلام على ما تقدّم (6).

و رواه مسلم،عن سعد و جابر و أنس (7)،و هو يدلّ على تعميم البيان و شياعه.

على أنّه يمكن أن يكون قد بيّنه عليه السلام بيانا خاصّا أو عامّا ثمّ نقل نقلا خاصّا،كفصول الأذان و الإقامة.

فرع:

حرم المدينة ما بين لابتيها،و اللابة:الحرّة،و الحرّة:الحجارة السوداء

.

ص:137


1- 1المغني 3:370.
2- 2) ينظر:المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:383،و ينظر أيضا:صحيح البخاريّ 3: 26،سنن أبي داود 2:216 الحديث 2034،سنن البيهقيّ 5:196.
3- 3) صحيح مسلم 2:999،1000 الحديث 1371،1372،سنن البيهقيّ 5:196،المغني 3:370، الشرح الكبير بهامش المغني 3:383.
4- 4) أكثر النسخ:و رواه عبد اللّه،مكان:و رافع و عبد اللّه.
5- 5) صحيح مسلم 2:991 الحديث 1360،1361،سنن البيهقيّ 5:197،المغني 3:370،الشرح الكبير بهامش المغني 3:383.
6- 6) التهذيب 6:12 الحديث 23 و ص 13 الحديث 24،الوسائل 10:283 و 285 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1 و 4. [1]
7- 7) صحيح مسلم 2:992-994 الحديث 1362-1366.

روى الجمهور عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما بين لابتيها حرام» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّه بريد في بريد،قاله أحمد (2)،و مالك (3).

و رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن الصادق عليه السلام (4)،و عن أبي العبّاس،عنه عليه السلام (5).

و روى الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل المدينة اثني عشر ميلا حمى (6).

قال الجمهور:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حرم المدينة ما بين ثور إلى عير»قال العلماء بالمدينة:لا نعرف بها ثورا و لا عيرا،و إنّما هما جبلان بمكّة (7).

و يحتمل أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أراد:قدر ما بين ثور و عير.

و يحتمل أنّه أراد:جبلين بالمدينة سمّاهما ثورا و عيرا.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و اعلم أنّ للمدينة حرما مثل حرم مكّة،و حدّه ما

ص:138


1- 1صحيح البخاريّ 3:26-27،صحيح مسلم 2:999 الحديث 1372،مسند أحمد 2:236، [1]سنن البيهقيّ 5:197،كنز العمّال 12:234 الحديث 34817 و ص 242 الحديث 34863 و ص 243 الحديث 34870 و ج 14:134 الحديث 38152 و ص 135 الحديث 38155.
2- 2) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:385،الكافي لابن قدامة 1:578،الفروع في فقه أحمد 2:268،الإنصاف 3:560.
3- 3) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:385.
4- 4) التهذيب 6:12 الحديث 23،الوسائل 10:283 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 6:13 الحديث 24،الوسائل 10:285 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 4.
6- 6) صحيح مسلم 2:1000 الحديث 1372،سنن البيهقيّ 5:196،المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:385،386.
7- 7) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:386،المجموع 7:486.

بين لابتيها،و هو من ظلّ عائر إلى ظلّ و عير لا يختلى خلاها (1)و لا يعضد شجرها، و لا بأس أن يؤكل صيدها إلاّ ما صيد بين الحرّتين (2).

و هذه عبارة رديئة؛لأنّ الحرّتين غير ظلّ عائر و ظلّ و عير،و الحرّتان بين الظلّين؛لأنّه قال:لا يعضد شجرها فيما بين الظلّين،و لا بأس أن يؤكل الصيد إلاّ ما صيد بين الحرّتين،فدلّ على دخول الحرّتين في الظلّين،و إلاّ تناقض الكلام، فالأولى حينئذ أن يقال:و حدّه من ظلّ عائر إلى ظلّ و عير لا يعضد شجرها، و لا بأس أن يؤكل صيدها إلاّ ما صيد بين الحرّتين.

مسألة:من فعل شيئا ممّا حرّم عليه في حرم المدينة من قتل صيد أو قطع

شجر،لم يكن عليه ضمان

،و هو قول أكثر أهل العلم (3)،و قاله مالك (4)،و الشافعيّ في الجديد.و في القديم:عليه الجزاء (5).و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة و عدم العقوبة،و التحريم لا يستلزم الكفّارة.و لأنّه موضع يجوز دخوله بغير إحرام،فلم يجب فيه جزاء،كصيد وجّ (7).

ص:139


1- 1الخلى مقصورا:الرطب من الحشيش.الصحاح 6:2331. [1]
2- 2) النهاية:286، [2]المبسوط 1:386. [3]
3- 3) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:384،المجموع 7:497، [4]الميزان الكبرى 2: 46،تفسير القرطبيّ 6:306، [5]عمدة القارئ 10:229.
4- 4) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:384،المجموع 7:497،الميزان الكبرى 2: 47،تفسير القرطبيّ 6:306،عمدة القارئ 10:229.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:497،مغني المحتاج 1:529،السراج الوهّاج:170، الميزان الكبرى 2:46،المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:384،تفسير القرطبيّ 6: 306، [6]عمدة القارئ 10:229.
6- 6) المغني 3:371،الشرح الكبير بهامش المغني 3:384،الكافي لابن قدامة 1:578،الفروع في فقه أحمد 2:267،الميزان الكبرى 2:47،المجموع 7:497،عمدة القارئ 10:229.
7- 7) وجّ-بالفتح ثمّ التشديد-:الطائف.معجم البلدان 5:361. [7]

احتجّ الشافعيّ:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّي أحرّم المدينة،كما حرّم إبراهيم مكّة» (1)و نهى أن يعضد شجرها و يقتل صيدها (2).

و الجواب:قد بيّنّا أنّ التحريم لا يستلزم الجزاء.

إذا ثبت هذا:و أنّه لا شيء عليه،فقد قال الشافعيّ:جزاؤه إباحة سلب القاتل لمن أخذه (3)،لما رواه عامر بن سعد (4)أنّ سعدا ركب إلى قصره بالعقيق،فوجد عبدا يقطع شجرا و يحتطبه (5)،فسلبه،فلمّا رجع سعد،جاء أهل العبد فكلّموه أن يردّ على غلامهم أو عليهم،فقال:معاذ اللّه أن أردّ شيئا نفّلنيه (6)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأبى أن يردّ عليهم،قال:فعلى هذا يجوز سلبه و أخذ ثيابه حتّى سراويله،و ليس له أخذ دابّته إن كان راكبا،و إن لم يسلبه أحد،فلا شيء عليه سوى الاستغفار (7).و الكلّ ضعيف.

ص:140


1- 1صحيح مسلم 2:992 الحديث 1362،سنن البيهقيّ 5:197،كنز العمّال 12:243 الحديث 34866،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:258 الحديث 4325-4328.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المغني 3:372،الشرح الكبير بهامش المغني 3:385،تفسير القرطبيّ 6:306. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:219،المجموع 7:497،مغني المحتاج 1:529،السراج الوهّاج:170، الميزان الكبرى 2:47،المغني 3:372،الشرح الكبير بهامش المغني 3:385،تفسير القرطبيّ 6: 306، [2]عمدة القارئ 10:229.
4- 4) عامر بن سعد بن أبي وقّاص الزهريّ المدنيّ روى عن أبيه و عثمان و العبّاس بن عبد المطّلب... و أبي هريرة و ابن عمر و عائشة،روى عنه ابنه داود و ابنا إخوته إسماعيل بن محمّد و أشعث بن إسحاق،مات سنة 104 ه،و قيل:مات بالمدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك. تهذيب التهذيب 5:63،الجرح و التعديل 6:321،العبر 1:96. [3]
5- 5) ج:أو يخبطه،كما في صحيح مسلم،ع و ر:أن يحتطبه،ق:أو يحتطبه.
6- 6) نفّلته:وهبت له النفل،و تنفّلت على أصحابي:أخذت نفلا عنهم،أي:زيادة على ما أخذوا. المصباح المنير:619. [4]
7- 7) صحيح مسلم 2:993 الحديث 1364،مسند أحمد 1:168، [5]سنن البيهقيّ 5:199.
فرع:

حرم المدينة يفارق حرم مكّة في أمور:

أحدها:أنّه لا كفّارة فيما يفعل فيه من صيد أو قطع شجر على ما قلناه.

الثاني:أنّه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف.

روى الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:«المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور لا يختلى خلاها،و لا ينفّر صيدها،و لا يصلح أن يقطع منها شجرة إلاّ أن يعلف رجل بعيره» (1).

و لأنّ المدينة يقرب منها شجر كثير و زرع،فلو منع من احتشاشها مع الحاجة،حصل الضرر و الحرج المنفيّ بالأصل و النصّ،بخلاف مكّة.

الثالث:أنّه لا يجب دخولها بإحرام،بخلاف حرم مكّة.

الرابع:أنّ من أدخل صيدا إلى المدينة،لم يجب عليه إرساله؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:«يا أبا عمير (2)ما فعل النغير؟» (3)و هو طائر صغير.

رواه الجمهور،و ظاهره:إباحة إمساكه،و إلاّ لأنكر عليه.

ص:141


1- 1سنن أبي داود 2:216 الحديث 2034-2035، [1]سنن البيهقيّ 5:196،كنز العمّال 12:231 الحديث 34806.
2- 2) أبو عمير بن أبي طلحة و اسم أبي طلحة زيد بن سهل و هو أخو أنس بن مالك لأمّة،أمّهما أمّ سليم، و هو صاحب القصّة التي فيها:«يا أبا عمير ما فعل النغير».أسد الغابة 5:264، [2]الإصابة 4:143. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 8:37،صحيح مسلم 3:1692 الحديث 2150،سنن ابن ماجة 2:1226 الحديث 3720،سنن الترمذيّ 4:357 الحديث 1989، [4]كنز العمّال 3:648 الحديث 8324 و ج 7: 208 الحديث 18656،المغني 3:373،الشرح الكبير بهامش المغني 3:384.
الصنف الثالث عشر

الصيد

مسألة:يحرم على المحرم صيد الحرم

،و كذا يحرم على المحلّ،و يحرم على المحرم صيد الحلّ أيضا.

و المراد بالصيد:الحيوان الممتنع.و قيل:يشترط أن يكون حلالا (1)بالنصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (2).

و قال تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (3).

و روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة:«إنّ هذا البلد حرام حرّمه اللّه يوم خلق السماوات و الأرض،فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة،و إنّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي و لم يحلّ لي إلاّ ساعة

ص:142


1- 1هو قول المحقّق في المختصر النافع:101،و قال في الشرائع 1:283،و [1]قيل:يشترط أن يكون حلالا،قال في الجواهر 20:166:و [2]القائل الشيخ في محكيّ المبسوط.و [3]حكاه ابن قدامة عن بعض أهل اللغة في المغني 3:346.
2- 2) المائدة(5):96. [4]
3- 3) المائدة(5):95. [5]

من نهار،فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة لا يختلى خلاها،و لا يعضد شوكها، و لا ينفّر صيدها،و لا يلتقط لقطتها إلاّ من عرّفها»فقال العبّاس:يا رسول اللّه إلاّ الإذخر (1)فإنّه لقينهم (2)و بيوتهم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إلاّ الإذخر» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه،و لا تأكل ما صاده غيرك، و لا تشر إليه فيصيده» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ (5)قال:«حشر عليهم الصيد من كلّ وجه حتّى دنا منهم ليبلوهم به» (6).

و أجمع المسلمون كافّة على تحريم صيد الحرم على الحلال و الحرام لم يخالف فيه مخالف.

مسألة:و يضمن المحرم الصيد،في الحلّ كان أو في الحرم بلا خلاف

،و كذا

ص:143


1- 1الإذخر-بكسر الهمزة و الخاء-:نبات معروف ذكيّ الريح،و إذا جفّ،ابيضّ.المصباح المنير: 207. [1]
2- 2) القين:الحدّاد،و يطلق على كلّ صانع.المصباح المنير:521.
3- 3) صحيح مسلم 2:986 الحديث 1353،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017، [2]سنن ابن ماجة 2:1038 الحديث 3109،سنن النسائيّ 5:203،مسند أحمد 1:259، [3]سنن البيهقيّ 5:195، صحيح البخاريّ 3:18،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:185 الحديث 485 بتفاوت.
4- 4) التهذيب 5:300 الحديث 1021،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]
5- 5) المائدة(5):94. [5]
6- 6) التهذيب 5:300 الحديث 1022،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [6]

المحلّ يضمنه في الحرم،ذهب إليه علماؤنا،و به قال أكثر الجمهور (1)،و خالف فيه داود،فإنّه حكي عنه أنّه قال:لا ضمان على المحلّ إذا قتل الصيد في الحرم (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن الصحابة أنّهم قضوا في حمام الحرم بشاة شاة،رووه عن عليّ عليه السلام،و ابن عبّاس،و عمر،و عثمان،و ابن عمر (3)،و لم ينقل خلاف لهم،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة» (4).

و لأنّه قول من تقدّم من الصحابة،فلا اعتداد،بخلاف داود.

و لأنّه صيد ممنوع منه لحقّ اللّه تعالى،فأشبه الصيد في حقّ المحرم.

إذا ثبت هذا:فكلّ ما يحرم و يضمن في الإحرام،يحرم و يضمن في الحرم للمحلّ،إلاّ القمل و البراغيث،فإنّه يحرم قتلها حال الإحرام،و لا بأس به في الحرم للمحلّ بلا خلاف،و إن وقع الخلاف في تحريم قتله في حال الإحرام،و قد تقدّم البحث فيه (5).

و يؤيّد الإجماع على إباحة قتل القمل و البرغوث و النمل و أشباهه للمحلّ في الحرم:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بقتل القمل و البقّ في الحرم و لا بأس بقتل النملة في

ص:144


1- 1المغني 3:350،الشرح الكبير بهامش المغني 3:371،المجموع 7:490،فتح العزيز بهامش المجموع 7:509،الهداية للمرغينانيّ 1:174،بدائع الصنائع 2:207،تبيين الحقائق 2:387.
2- 2) المغني 3:350، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:371، [2]المجموع 7:490.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:205،المغني 3:350،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:371.
4- 4) التهذيب 5:370 الحديث 1288،الوسائل 9:241 الباب 44 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [4]
5- 5) يراجع:ص 115.

الحرم» (1).

مسألة:و لا بأس للإحرام و لا للحرم في تحريم شيء من الحيوان الأهليّ و إن

توحّش

،كالإبل و البقر و الغنم،و هو قول علماء الأمصار؛لأنّ المقتضي للإباحة و هي النصوص الدالّة عليه موجود،و المانع و هو كونه صيدا منفيّ.و لأنّ الأصل الإباحة.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يذبح البدن في إحرامه في الحرم يتقرّب به إلى اللّه تعالى،و قال عليه السلام:«أفضل الحجّ العجّ و الثجّ» (2)يعني إسالة الدماء بالذبح و النحر.رواه الجمهور و علماؤنا أيضا (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم يذبح ما حلّ للحلال في الحرم أن يذبحه و هو في الحلّ و الحرم جميعا» (4).

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يذبح في الحرم الإبل و البقر و الغنم و الدجاج» (5).

مسألة:الدجاج الأهليّ يجوز للمحرم و المحلّ ذبحه في الحرم و غيره

ص:145


1- 1التهذيب 5:366 الحديث 1277،الوسائل 9:171 الباب 84 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1-2. [1]
2- 2) سنن الترمذيّ 3:189 الحديث 827، [2]سنن ابن ماجة 2:975 الحديث 2924،سنن الدارميّ 2: 31، [3]كنز العمّال 5:23 الحديث 11883،مجمع الزوائد 3:224،مسند أبي يعلى 9:19 الحديث 5086.
3- 3) ينظر:البحار 99:339 و 365. [4]
4- 4) التهذيب 5:367 الحديث 1278،الوسائل 9:169 الباب 82 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [5]
5- 5) التهذيب 5:367 الحديث 1279،الوسائل 9:169 الباب 82 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [6]

بلا خلاف،و أمّا الدجاج الحبشيّ فعندنا أنّه كالأهليّ يجوز للمحرم و المحلّ في الحرم-قاله علماؤنا-و لا جزاء فيه.

و قال الشافعيّ:فيه الجزاء (1).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الدجاج الحبشيّ،فقال:«ليس من الصيد،إنّما الصيد ما كان بين السماء و الأرض»قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ما كان من الطير لا يصفّ،فلك أن تخرجه (2)من الحرم،و ما صفّ منها،فليس لك أن تخرجه» (3).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن جميل بن درّاج و محمّد بن مسلم،قالا:

سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الدجاج السنديّ يخرج به من الحرم،فقال:«نعم؛ لأنّها لا تستقلّ بالطيران».و في خبر:«أنّها تدفّ دفيفا» (4).

و سأله الحسن الصيقل عن دجاج مكّة و طيرها،فقال:«ما لم يصفّ فكله، و ما كان يصفّ فخلّ سبيله» (5).

مسألة:و لا كفّارة في قتل السباع طائرة كانت أو ماشية

،كالبازي و الصقر و الشاهين و العقاب و نحوها،و النمر و الفهد و نحوهما،إلاّ الأسد،فإنّ أصحابنا رووا

ص:146


1- 1المجموع 7:296.
2- 2) في النسخ:«فله أن يخرجه»مكان:«فلك أن تخرجه»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:367 الحديث 1280،الوسائل 9:236 الباب 41 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 2:172 الحديث 757،758،الوسائل 9:235 الباب 40 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2 و 3. [2]
5- 5) الفقيه 2:172 الحديث 759،الوسائل 9:235 الباب 40 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [3]

أنّ في قتله كبشا إذا لم يرده (1)،و أمّا إذا أراده فإنّه يجوز قتله و لا كفّارة حينئذ إجماعا،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم أنّ الأسد إذا بدا للمحرم (2)فقتله، لا شيء (3)عليه.

و الذي قلناه من جواز قتل السباع كلّها من سباع البهائم و جوارح الطير ذهب إليه أحمد (4)،و مالك (5)،و الشافعيّ (6).

و قال أصحاب الرأي:تقتل الحيّة و الغراب الأبقع و الفأرة و الكلب العقور و الذئب و الحدأة لا غير (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقتل خمس فواسق في الحرم:الحدأة و الغراب و الفأرة و العقرب و الكلب

ص:147


1- 1الكافي 4:237 الحديث 26، [1]التهذيب 5:366 الحديث 1275،الاستبصار 2:208 الحديث 712،الوسائل 9:234 الباب 39 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1.
2- 2) د:إذا أراد المحرم،مكان:إذا بدا للمحرم.
3- 3) د:فلا شيء.
4- 4) المغني 3:342،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،الكافي لابن قدامة 1:556 و 573، الإنصاف 3:488،المجموع 7:333،فتح العزيز بهامش المجموع 7:488.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:442،بداية المجتهد 1:364،المنتقى للباجيّ 2:260،المغني 3:344، الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،المجموع 7:333.
6- 6) الأمّ 2:208،المهذّب للشيرازيّ 1:212،المجموع 7:333،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 488،المغني 3:344-345،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،المبسوط للسرخسيّ 4:90، الهداية للمرغينانيّ 1:172.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:90،بدائع الصنائع 2:197،الهداية للمرغينانيّ 1:172،شرح فتح القدير 3:20،المغني 3:345،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،المجموع 7:333،بداية المجتهد 1:364.

العقور (1).

و عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«خمس من الدوابّ ليس على المحرم جناح في قتلهنّ» (2)و ذكر مثل حديث عائشة،نصّ من كلّ جنس على صنف من أدناه تنبيها على الأعلى و دلالة على ما في معناه،فنبّه بالحدأة و الغراب على البازي و العقاب و شبههما،و بالفأرة على الحشرات،و بالعقرب على الحيّة،و بالكلب العقور على السباع.

قال مالك:الكلب العقور ما عقر الناس و عدا عليهم،كالأسد و النمر و الفهد و الذئب (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ ما يخاف المحرم على نفسه من السباع و الحيّات و غيرها فليقتله،و إن لم يردك فلا ترده» (4).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ اتّق قتل الدوابّ كلّها إلاّ الأفعى و العقرب و الفأرة،فأمّا الفأرة فإنّها توهي (5)السقاء و تضرم على

ص:148


1- 1صحيح البخاريّ 3:17،صحيح مسلم 2:857 الحديث 1198،سنن الترمذيّ 3:197 الحديث 837، [1]سنن النسائيّ 5:188،سنن الدارميّ 2:36،37، [2]مسند أحمد 6:97، [3]سنن البيهقيّ 5:209، كنز العمّال 5:39 الحديث 11960،مسند أبي يعلى 7:478 الحديث 4503.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:17،صحيح مسلم 2:858 الحديث 1199،1200،سنن ابن ماجة 2: 1031 الحديث 3088،سنن البيهقيّ 5:209،كنز العمّال 5:39 الحديث 11957.
3- 3) بداية المجتهد 1:364،المنتقى للباجيّ 2:262،المغني 3:344،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:310،المجموع 7:333.
4- 4) التهذيب 5:365 الحديث 1272،الاستبصار 2:208 الحديث 711،الوسائل 9:166 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [5]
5- 5) و هى الحائط:ضعف و استرخى و كذلك الثوب و القربة و الحبل،و يتعدّى بالهمزة،فيقال:أوهيته. المصباح المنير:674. [6]

أهل البيت البيت (1)،و أمّا العقرب فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مدّ يده إلى الجحر فلسعته،فقال:«لعنك اللّه لا برّا تدعينه و لا فاجرا،و الحيّة إذا أرادتك فاقتلها، و إن لم تردك،فلا تردها،و الأسود الغدر فاقتله على كلّ حال وارم الغراب و الحدأة رميا على ظهر بعيرك» (2).

و عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يقتل المحرم الأسود الغدر و الأفعى و العقرب و الفأرة،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سمّاها الفاسقة و الفويسقة،و يقذف الغراب»و قال:«اقتل كلّ شيء منهنّ يريدك» (3).

و لأنّ ما لا يضمن بمثله و لا بقيمته،لا يضمن،كالحشرات.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الحديث خصّص الفواسق الخمس (4).

و الجواب:قد بيّنّا الوجه في التخصيص،فلا يقتضي العدم عن غيرها.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه-:روى أصحابنا أنّ من قتل سبعا لم يرده

،كان عليه كبش،فأمّا الذئب و غيره من السباع،فلا جزاء عليه،سواء صال أو لم يصل (5).

ص:149


1- 1د،ر،ق و خا:«و تضرّه على أهل البيت».ع:«و تضرّ على أهل البيت»و ما أثبتناه من نسخة ج، كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 5:365 الحديث 1273،الوسائل 9:166 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:366 الحديث 1274،الوسائل 9:167 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:90،الهداية للمرغينانيّ 1:172،شرح فتح القدير 3:2-3،عمدة القارئ 10:182.
5- 5) المبسوط 1:338،339، [3]النهاية:229،الخلاف 1:488 مسألة-299.

و قال الشافعيّ:لا جزاء فيه بحال (1).

و قال أبو حنيفة:إن صال،لم يكن عليه شيء،و إن لم يصل،وجب على قاتله الجزاء (2).

استدلّ الشيخ على عدم الوجوب مع الإرادة:بالإجماع (3).و لأنّ حفظ النفس واجب،و لا يتمّ إلاّ بقتل السبع إذا أراده،فيكون سائغا.

و على وجوب الكفّارة مع عدم الإرادة:بما رواه أبو سعيد المكاري،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل قتل أسدا في الحرم،فقال:«عليه كبش يذبحه» (4).

و عندي في هذه الرواية توقّف،و الأولى سقوط الكفّارة؛عملا بما تقدّم من الأحاديث (5).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:الضبع لا كفّارة فيه

،و كذا الضبع المتولّد بين (6)الذئب و الضبع (7).

و قال الشافعيّ:فيهما الجزاء (8).

ص:150


1- 1الأمّ 2:208،المجموع 7:333،فتح العزيز بهامش المجموع 7:488،المغني 3:345،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،المبسوط للسرخسيّ 4:90،الهداية للمرغينانيّ 1:172.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:90،بدائع الصنائع 2:197،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:3،المجموع 7:333.
3- 3) الخلاف 1:489 مسألة-299.
4- 4) التهذيب 5:366 الحديث 1275،الاستبصار 2:208 الحديث 712،الوسائل 9:234 الباب 39 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
5- 5) يراجع:ص 146. [2]
6- 6) أكثر النسخ:من،مكان:بين.
7- 7) الخلاف 1:489 مسألة-300.
8- 8) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:428،فتح العزيز بهامش المجموع 7:489.

لنا:أنّ (1)الأصل براءة الذمّة.و لأنّ الضبع يحرم أكله على ما يأتي،و كلّ من قال بذلك قال:إنّه لا جزاء فيه.

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-أيضا:بإجماع الفرقة (2).

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:الحيوان إمّا مأكول أو غير مأكول

و المأكول إمّا إنسيّ،كبهيمة الأنعام و لا يجب بقتله فدية،أو وحشيّ،كالغزلان و حمر الوحش و بقر الوحش،و يجب بقتله الجزاء إجماعا.

و ما ليس بمأكول على ثلاثة أقسام:

أحدها:لا جزاء فيه بالاتّفاق،كالحيّة و العقرب و الغراب و الحدأة و الكلب و الذئب.

و الثاني:يجب فيه الجزاء عند جميع من خالفنا،و لا نصّ لأصحابنا فيه، و الأولى أن نقول:لا جزاء فيه؛لعدم الدليل،و أصالة البراءة،كالمتولّد بين ما يجب فيه الجزاء و ما لا يجب،كالسّمع،و هو:المتولّد بين الضبع و الذئب،و المتولّد بين الحمار الأهليّ و الوحشيّ.

و الثالث:مختلف فيه،و هو الجوارح من الطير،كالبازي و الصقر و الشاهين و العقاب و نحوها،و السباع من البهائم،كالأسد و النمر و الفهد و غيرها،فلا يجب الجزاء عندنا في شيء منه،و قد روي أنّ في الأسد خاصّة كبشا (3).

و يجوز للمحرم قتل جميع المؤذيات،كالذئب و الكلب العقور و الفأرة و العقارب و الحيّات،و ما أشبه ذلك،و لا جزاء عليه،و له أن يقتل صغار السباع و إن

ص:151


1- 1لا توجد في أكثر النسخ.
2- 2) الخلاف 1:489.
3- 3) التهذيب 5:366 الحديث 1275،الاستبصار 2:208 الحديث 712،الوسائل 9:234 الباب 39 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1.

لم يكن محذورا منها.

و يجوز له قتل الزنابير و البراغيث و القمل،إلاّ أنّه إذا قتل القمل على بدنه، لا شيء عليه،و إن أزاله عن جسمه،فعليه الفداء،و الأولى أن لا يعرض له ما لم يؤذه (1).هذا آخر كلام الشيخ رحمه اللّه.

و الأقوى عندي في المتولّد بين الوحشيّ و الإنسيّ مراعاة الاسم،فتجب الكفّارة إن ألحق بالوحشيّ في الاسم،و إلاّ فلا.

الرابع:في الزنبور عندي تردّد

،و الذي رواه أصحابنا:أنّ من قتله خطأ، لا شيء عليه،و من قتله عمدا،كان عليه أن يتصدّق بشيء من الطعام.و به قال مالك (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أحمد:لا شيء عليه (4).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم قتل زنبورا،فقال:«إن كان خطأ فلا شيء»قلت:بل عمدا، قال:«يطعم شيئا من الطعام» (5).

الخامس:ما لا يؤذي بطبعه و لا يؤكل،كالرخم و الديدان

(6)

،قال الشافعيّ:

ص:152


1- 1المبسوط 1:338-339. [1]
2- 2) المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311،المجموع 7:334.
3- 3) المجموع 7:334،فتح العزيز بهامش المجموع 7:489،المغني 3:345،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310.
4- 4) المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:310،الفروع في فقه أحمد 2:240،الإنصاف 3:489، [2]المجموع 7:334.
5- 5) التهذيب 5:365 الحديث 1271،الوسائل 9:192 الباب 8 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]فيهما:فلا شيء عليه.
6- 6) الرّخمة:طائر يأكل العذرة و هو من الخبائث و ليس من الصيد،و الجمع:رخم.المصباح المنير:224. [4]

لا يحرم قتلها (1).

و قال مالك:يحرم و يفدي،و كذا كلّ سبع لا يعدو على الإنسان (2).

و عندي في ذلك تردّد أقربه:عدم الكفّارة؛عملا بالأصل.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بقتل القمل و البقّ في الحرم،و لا بأس بقتل النملة في الحرم» (3).

السادس:روى علماؤنا عن أهل البيت عليهم السلام:أنّ الغراب يرمى رميا

، و كذا الحدأة،رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام (4).

السابع:كلّ ما أدخله الإنسان إلى الحرم من السباع أسيرا

،فإنّه يجوز له إخراجه منه؛لأنّ قتله مباح،فإخراجه أولى بالإباحة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل أدخل فهدا إلى الحرم،أله أن يخرجه؟فقال:«هو سبع،و كلّ ما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه» (5).

مسألة:الجراد عندنا من صيد البرّ يحرم قتله

،و يضمنه المحرم في الحلّ

ص:153


1- 1الأمّ 2:208،المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311.
2- 2) المنتقى للباجيّ 2:264،المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311.
3- 3) التهذيب 5:366 الحديث 1277،الوسائل 9:171 الباب 84 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) الكافي 4:363 الحديث 2، [2]التهذيب 5:367 الحديث 1273،الوسائل 9:166 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:367 الحديث 1281،الوسائل 9:236 الباب 41 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [4]

و الحرم،و المحلّ في الحرم،ذهب إليه علماؤنا،و به قال عمر،و ابن عبّاس،و أكثر أهل العلم (1).

و قال أبو سعيد الخدريّ:هو من صيد البحر (2).

و قال عروة:هو من نثرة حوت (3)،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر،أنّه قال لكعب في جرادتين:ما فعلت في تينك؟قال:درهمان،قال:بخّ درهمان خير من مائة جرادة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجراد أ يأكله المحرم؟قال:«لا» (6).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«المحرم لا يأكل الجراد» (7).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،أنّه مرّ على أناس يأكلون جرادا و هم محرمون،فقال:«سبحان اللّه و أنتم محرمون؟!»فقالوا:

ص:154


1- 1الأمّ 2:196،المدوّنة الكبرى 1:444،المحلّى 7:230-232،المغني 3:545،الشرح الكبير بهامش المغني 3:316،بداية المجتهد 1:363،المجموع 7:331 و 440،فتح العزيز بهامش المجموع 7:490،الهداية للمرغينانيّ 1:172.
2- 2) المغني 3:544،الشرح الكبير بهامش المغني 3:316.
3- 3) المغني 3:544، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:316، [2]المجموع 7:331. [3]
4- 4) المغني 3:545،الشرح الكبير بهامش المغني 3:316،الكافي لابن قدامة 1:556،الفروع في فقه أحمد 1:237،الإنصاف 3:490.
5- 5) أورده الشافعيّ في الأمّ 2:196،و المزنيّ في مختصره،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:72،و ابنا قدامة في المغني 3:545،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:316،و ابن حزم في المحلّى 7:230.في الجميع عن عمر.
6- 6) التهذيب 5:363 الحديث 1261،الوسائل 9:84 الباب 7 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]
7- 7) التهذيب 5:363 الحديث 1262،الوسائل 9:84 الباب 7 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [5]

إنّما هو من صيد البحر،فقال لهم:«فارمسوه في الماء إذا» (1).

و في الصحيح عن معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله» (2).

و لأنّه من صيد البرّ بالجنس،فيكون محرّما.

احتجّ أحمد (3):بما رواه أبو هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:

«إنّه من صيد البحر» (4).

و الجواب:أنّ هذه الرواية وهم،قاله أبو داود (5)،و الظاهر:أنّه عليه السلام قال:«إنّه من صيد البرّ»فوهم الراوي،و كيف يكون من صيد البحر و هو يشاهد طيرانه و يقتله الماء إذا وقع فيه.

و يدلّ عليه:إنكار الباقر عليه السلام على الذين أكلوا و هم محرمون، و اعتذروا بأنّه من البحر،برميه (6)فيه.

مسألة:و المحرّم إنّما هو صيد البرّ،أمّا صيد البحر،فإنّه سائغ أكله

و لا فدية فيه بالنصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّارَةِ (7).

ص:155


1- 1التهذيب 5:363 الحديث 1263،الوسائل 9:83 الباب 7 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:363 الحديث 1264،الوسائل 9:84 الباب 7 [2] من أبواب تروك الإحرام الحديث 4 و ص 232 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1.
3- 3) المغني 3:544،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:316،الكافي لابن قدامة 1:556. [4]
4- 4) سنن أبي داود 2:171 الحديث 1853، [5]سنن ابن ماجة 2:1074 الحديث 3222،سنن الترمذيّ 3:207 الحديث 850، [6]سنن البيهقيّ 5:207.
5- 5) سنن أبي داود 2:171.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:برمسه.
7- 7) المائدة(5):96. [7]

و روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا بأس أن يصيد المحرم السمك و يأكله طريّه و مالحه و يتزوّد،قال اللّه تعالى:

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّارَةِ (1)قال:فليتخيّر الذي (2)يأكلون»و قال:«فصل ما بينهما كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ (3)و يفرخ في البرّ،فهو من صيد البرّ،و ما كان من طير يكون في البحر و يفرخ في البحر،فهو من صيد البحر» (4).

و قد أجمع المسلمون كافّة على تحليل مصيد البحر صيدا و أكلا و بيعا و شراء ممّا يحلّ أكله لا خلاف بينهم فيه.

إذا ثبت هذا:فإنّ صيد البحر:هو ما يعيش في الماء و يبيض فيه و يفرخ فيه، كالسمك و أشباهه ممّا يحلّ،و كذا ما يحرم أكله،كالسلحفاة و السرطان و نحوهما، فإن كان ممّا يعيش في البرّ و البحر معا،اعتبر بالبيض و الفرخ،فإن كان ممّا يبيض و يفرخ في البحر،فهو صيد البحر،و إن كان يبيض و يفرخ في البرّ،فهو صيد البرّ، و لا نعلم في ذلك خلافا إلاّ من عطاء،فإنّه حكي عنه أنّ ما يعيش في البرّ -كالسلحفاة و السرطان-فيه الجزاء (5).

لنا:أنّه يبيض في الماء و يفرخ فيه،فأشبه السمك.

احتجّ عطاء:بأنّه يعيش في البرّ،فأشبه صيده (6).

و الجواب:أنّه يعيش في البحر،فأشبه السمك و الزيادة معنا من حيث البيض

ص:156


1- 1المائدة(5):96. [1]
2- 2) في المصدر:«الذين».
3- 3) في النسخ:«في البحر»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:365 الحديث 1270،الوسائل 9:81 الباب 6 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
5- 5) المغني 3:544،الشرح الكبير بهامش المغني 3:315.
6- 6) المغني 3:544،الشرح الكبير بهامش المغني 3:315.

و الفرخ.

و أمّا طير الماء،كالبطّ و نحوه،فإنّه من صيد البرّ؛لأنّه يبيض و يفرخ فيه، و هو قول عامّة أهل العلم.

و حكي عن عطاء أنّه قال:حيث يكون أكثر فهو صيده (1).

و ليس بمعتمد؛لأنّه يبيض و يفرخ في البرّ،فكان كصيده،و إنّما يقيم في الماء أحيانا لطلب الرزق و المعيشة منه،كالصائد.

فرع:

لو كان لجنس من الحيوان نوعان:بحريّ و بريّ،كالسلحفاة،كان لكلّ نوع

حكم نفسه

،فلا جزاء في البحريّ منه،و يثبت الجزاء في البريّ منه.

مسألة:و صيد البرّ حرام اصطياده،و الأكل منه

،و الإشارة إليه،و الدلالة، و الإغلاق،و كذا فرخه و بيضه.و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

قال اللّه تعالى: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (2)و تحريم العين يستلزم تحريم جميع المنافع المتعلّقة (3)بها.

و ما رواه الجمهور في حديث أبي قتادة لمّا صاد الحمار الوحشيّ و أصحابه محرمون،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه:«هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟» (4)و هو يدلّ على تعلّق التحريم بالحمل و الإشارة لو وجد

ص:157


1- 1المغني 3:544،الشرح الكبير بهامش المغني 3:315.
2- 2) المائدة(5):96. [1]
3- 3) كثير من النسخ:لتعلّقه،مكان:المتعلّقة.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:16،صحيح مسلم 2:854 الحديث 1196،سنن البيهقيّ 5:189.و الضمير المؤنّث في«عليها»و«إليها»راجع إلى«حمر وحش»الواردة في متن الحديث.

منهم.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه و لا تأكل ممّا صاده غيرك، و لا تشر إليه فيصيده» (1).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المحرم لا يدلّ على الصيد،فإن دلّ عليه فعليه الفداء» (2).

و لأنّه تسبّب إلى محرّم عليه،فحرم،كنصبه لأحبولة.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد،عن عثمان بن عيسى،عن ابن أبي شجرة (3)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم، يشهد على نكاح محلّين؟قال:«لا يشهد»ثمّ قال:«يجوز للمحرم أن يشير بصيد على محلّ؟!» (4)قوله عليه السلام:«يجوز للمحرم أن يشير على محلّ؟!»إنكار و تنبيه على أنّه إذا لم يجز ذلك فكذلك لا تجوز الشهادة على عقد المحلّين،و لم يرد

ص:158


1- 1التهذيب 5:300 الحديث 1021،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:315 الحديث 1086،الاستبصار 2:187 الحديث 629،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) ابن أبي شجرة:قال السيّد الخوئيّ:روى عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه عثمان بن عيسى،و قال الأردبيليّ في ترجمة عليّ بن شجرة:الظاهر أنّ ابن أبي شجرة في سند التهذيب اشتباه لعدم وجوده في كتب الرجال فيحتمل قويّا أنّ الرجل عليّ بن شجرة لكثرة رواية عثمان بن عيسى عنه و هو الذي وثّقه النجاشيّ،قال الشيخ في الفهرست:له كتاب. رجال النجاشيّ:275،الفهرست:95، [3]جامع الرواة 1:586-587، [4]معجم رجال الحديث 23: 109. [5]
4- 4) التهذيب 5:315 الحديث 1087،الاستبصار 2:188 الحديث 630،الوسائل 9:76 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [6]

عليه السلام الإخبار بإباحته (1).

و هو جيّد لا بأس به،مع أنّ راوي هذا الحديث عثمان بن عيسى و فيه قول، و هو مرسل.

فرع:

لو شاركه في الصيد،وجب على كلّ واحد منهما جزاء كامل

؛لأنّه فعل الصيد.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجلين أصابا صيدا[و هما محرمان] (2)الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما جزاء؟قال:«لا،بل عليهما جميعا يجزئ كلّ واحد منهما الصيد» فقلت:إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه؟فقال:«إذا أصبتم مثل هذا فلا تدرون،فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا» (3).

مسألة:و لا تحلّ الإعانة على الصيد،و هو قول العلماء

.

روى الجمهور في حديث أبي قتادة:ثمّ ركبت و نسيت السوط و الرمح،فقلت لهم:ناولوني السوط و الرمح،فقالوا:و اللّه لا نعينك (4).

و في حديث آخر:فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني (5).و هو يدلّ على اعتقادهم تحريم ذلك،و أقرّهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ذلك.

ص:159


1- 1التهذيب 5:315،الاستبصار 2:188.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:466 الحديث 1631،الوسائل 9:210 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [1]
4- 4) صحيح مسلم 2:851 الحديث 1196،سنن البيهقيّ 5:187.بتفاوت في الجميع.
5- 5) صحيح مسلم 2:853 الحديث 1196.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من قوله عليه السلام:«اجتنب[في إحرامك] (1)صيد البرّ كلّه» (2).

و لأنّ الإشارة محرّمة فالإعانة أولى بالتحريم؛لأنّ المشير سبب بعيد، و المعين سبب قريب.

و لأنّه إعانة على محرّم،فحرم،كالإعانة على قتل المسلم.

مسألة:و يضمن الصيد بالدلالة،فإذا دلّ المحرم المحلّ على صيد فقتله،

ضمنه المحرم كلّه

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عبّاس، و عطاء،و مجاهد،و بكر المزنيّ،و إسحاق (3)،و أحمد (4)،و أصحاب الرأي (5).

و قال مالك (6)،و الشافعيّ:لا شيء على الدالّ (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله لأصحاب أبي قتادة:«هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟» (8).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث منصور بن حازم-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم لا يدلّ على الصيد،و إن دلّ عليه فعليه

ص:160


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:300 الحديث 1021،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]
3- 3) المغني 3:288،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،المجموع 7:330.
4- 4) المغني 3:288،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،الإنصاف 3:474،المجموع 7:330.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:169،شرح فتح القدير 3:3،تبيين الحقائق 2:377.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:432،بلغة السالك 1:296،المغني 3:288، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3: 297. [3]
7- 7) الأمّ 2:208،المجموع 7:300،فتح العزيز بهامش المجموع 7:492،مغني المحتاج 1:524، المغني 3:288،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297.
8- 8) صحيح مسلم 2:854 الحديث 1196،سنن البيهقيّ 5:189.

الفداء» (1).

و لأنّه سبب يتوصّل به إلى إتلاف الصيد،فتعلّق به الضمان،كما لو نصب أحبولة.

و لأنّه قول عليّ عليه السلام،و ابن عبّاس،و لم يعرف لهما مخالف.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه يضمن بالجناية،فلا يضمن بالدلالة،كالآدميّ (2).

و الجواب:أنّه قياس في مقابلة النصّ،فلا يقبل مع وقوع الفرق،فإنّ التحريم هنا لحرمة الحرم أو الإحرام،لا للصيد،فكلّ من انتهكه،وجبت عليه العقوبة، بخلاف الآدميّ،فإنّ انتهاك حرمته متعلّق بقاتله لا غير.

فروع:
الأوّل:لو دلّ المحرم محرما على صيد فقتله،وجب على كلّ واحد منهما

فداء كامل

.و به قال الشعبيّ،و سعيد بن جبير،و أصحاب الرأي (3).

و قال أحمد،و عطاء،و حمّاد بن أبي سليمان:الجزاء بينهما (4).

و قال مالك (5)،و الشافعيّ:لا جزاء على الدالّ (6).

ص:161


1- 1التهذيب 5:315 الحديث 1086،الاستبصار 2:187 الحديث 629،الوسائل 9:75 الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) المغني 3:288،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297.
3- 3) المغني 3:289،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،المجموع 7:330،شرح فتح القدير 3:3.
4- 4) المغني 3:289،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،المجموع 7:330،الإنصاف 3:476.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:432-433،بلغة السالك 1:296،المغني 3:288،فتح العزيز بهامش المجموع 7:492،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،المجموع 7:330.
6- 6) المجموع 7:300 و 330،المغني 3:288،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297،مغني المحتاج 1:524.

لنا:أنّ كلّ واحد منهما محرما لا يشاركه الآخر فيه،فالدالّ فعل الدلالة، و القاتل القتل،فوجب على كلّ واحد منهما عقوبة كاملة.

و لأنّ كلّ واحد منهما فعل فعلا يستحقّ به العقوبة الكاملة لو انفرد،فكذا لو انضمّ إلى فعل الآخر؛لأنّ المقتضي لا يخرج بالانضمام عن مقتضاه.

احتجّ أحمد:بأنّ الواجب جزاء المتلف،و هو واحد،فيكون الجزاء واحدا (1).

و الجواب:بمنع الملازمة،و أمّا الشافعيّ فقد سبق الاحتجاج عليه (2).

الثاني:لا فرق بين كون المدلول ظاهرا أو خفيّا لا يراه

(3)إلاّ بدلالة عليه،قاله الشيخ-رحمه اللّه (4)-و به قال أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:إن دلّ دلالة باطنة،وجب عليه الجزاء،و إن كانت الدلالة ظاهرة،فلا جزاء عليه (6).

لنا:أنّه يصدق عليه في الحال (7)أنّه دالّ،فيتناوله العموم.

الثالث:لو كان المدلول رأى الصيد قبل الدلالة أو الإشارة،فالوجه:أنّه

لا جزاء عليه

؛لأنّه لم يكن سببا في قتله.و لأنّ هذا في الحقيقة لا يسمّى دلالة.

الرابع:لو فعل المحرم فعلا عند رؤية الصيد،كما لو ضحك أو تشرّف على

الصيد،فرآه غيره و فطن للصيد فصاده،فالوجه:أنّه لا ضمان عليه

؛لأنّه لم يدلّ

ص:162


1- 1المغني 3:289،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297.
2- 2) يراجع:ص 160.
3- 3) أكثر النسخ:لا يراده،مكان:لا يراه.
4- 4) الخلاف 1:484 مسألة-275.
5- 5) المغني 3:289،الشرح الكبير بهامش المغني 3:297-298.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:80،بدائع الصنائع 2:203،فتح العزيز بهامش المجموع 7:492، الهداية للمرغينانيّ 1:169.
7- 7) ج:في الحالين.

عليه.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الجمهور في حديث أبي قتادة قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى إذا كنّا بالقاحة (1)و منّا المحرم و منّا غير المحرم؛ إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا،فنظرت فإذا حمار وحش (2).

و في لفظ:بينا أنا مع أصحابي يضحك بعضهم[إلى بعض] (3)إذ نظرت إذا أنا بحمار وحش (4).

و في لفظ:فلمّا كان في الصفاح (5)فإذا هم يتراءون،فقلت:أيّ شيء تنظرون؟فلم يخبروني (6).

الخامس:لو كان الدالّ محرما و المدلول محلاّ في الحلّ،فالجزاء كلّه على

المحرم الدالّ

،و لو كان في الحرم،وجب على المحرم جزاء كامل،و كذا على المحلّ؛لأنّ الصيد في الحرم.

و لو كان الدالّ محلاّ و المدلول محرما أو محلاّ في الحرم،وجب على كلّ واحد منهما جزاء كامل؛لأنّ الصيد حرام في الحرم للمحرم و المحلّ،و عندي في إيجاب الفدية هنا بالدلالة على المحلّ نظر،ينشأ من تخصيص المحرم الدالّ بالفدية ذكرا فيخصّص حكما؛عملا بالأصل و هو براءة الذمّة.

ص:163


1- 1القاحة:موضع بين مكّة و المدينة.لسان العرب 2:568.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:15،صحيح مسلم 2:851 الحديث 1196.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) صحيح مسلم 2:853 الحديث 1196.
5- 5) الصّفاح-بكسر الصاد و تخفيف الفاء-:موضع بين حنين و أنصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكّة. النهاية لابن الأثير 3:35. [1]
6- 6) فتح الباري 4:22.

أمّا لو دلّ المحلّ (1)محلاّ على الصيد في الحلّ،فلا ضمان على واحد منهما بلا خلاف؛لأنّ الصيد في الحلّ لا يضمنه المحلّ بالإتلاف فبالدلالة أولى.

و لو كان المدلول محرما،قال قوم:لا ضمان على المحلّ الدالّ،لما قلناه، و عندي فيه تردّد ينشأ،من كونه فعل (2)محرّما؛لأنّه أعان على محرّم،فكان كالمشارك.

السادس:لو أعار قاتل الصيد سلاحا،فقتله به،قال الشيخ-رحمه اللّه-:ليس

لأصحابنا فيه نصّ

(3).

و قال قوم من الجمهور:عليه الجزاء؛لأنّه كالدالّ عليه،سواء (4)كان المستعار ممّا لا يتمّ قتله إلاّ به،أو أعاره شيئا هو مستغن عنه،كأن يعيره رمحا و معه رمح (5).

و قال أبو حنيفة:إن أعاره ما هو مستغن عنه،لم يضمن المعير،أمّا لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصاد بها،فلا ضمان على المعير قولا واحدا؛لأنّ الإعارة لا للصيد غير محرّمة عليه،فكان كما لو ضحك عند رؤية الصيد ففطن له القاتل (6).

السابع:صيد الحرم يضمن بالدلالة و الإشارة،كصيد الإحرام

،سواء كان الدالّ في الحلّ أو الحرم.

و قال بعض الجمهور:لا جزاء على الدالّ في الحلّ،و الجزاء على المدلول

ص:164


1- 1د و ح:المحرم.
2- 2) ح:فعلا.
3- 3) الخلاف 1:484 مسألة-275.
4- 4) أكثر النسخ:و سواء.
5- 5) المغني 3:290،الشرح الكبير بهامش المغني 3:298.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:80.

وحده (1).

لنا:أنّ قتل صيد الحرم حرام على الدالّ،فيضمنه بالدلالة،كما لو كان في الحرم.

مسألة:لو صاد المحرم صيدا،لم يملكه بالإجماع

.

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:سألته عن ظبي دخل الحرم،قال:«لا يؤخذ و لا يمسّ،إنّ اللّه تعالى يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » (2). (3)

إذا ثبت هذا:فلو تلف في يده،كان عليه جزاؤه؛لأنّه سبب في الإتلاف، فكان عليه ضمانه.

رواه الشيخ عن أبي سعيد المكاري،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا يحرم أحد و معه شيء من الصيد حتّى يخرجه من ملكه،فإذا أدخله الحرم، وجب عليه أن يخلّيه،فإن لم يفعل حتّى يدخل الحرم و مات،لزمه الفداء» (4).

و في الصحيح عن بكير بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا،فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم،فقال:«إن كان حين أدخله خلّى سبيله،فلا شيء عليه،و إن كان أمسكه حتّى مات،فعليه الفداء» (5).

ص:165


1- 1المغني 3:291،الشرح الكبير بهامش المغني 3:299.
2- 2) آل عمران(3):97. [1]
3- 3) التهذيب 5:362 الحديث 1258،الوسائل 9:231 الباب 36 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:362 الحديث 1257،الوسائل 9:230 الباب 34 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:362 الحديث 1259،الوسائل 9:231 الباب 36 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [4]

أمّا لو كان الصيد في منزله فإنّه يجوز له ذلك،و لا يزول ملكه عنه؛لأنّ الأصل بقاء الملك على مالكه،و المانع-و هو حصول الصيد في الحرم-منتف.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير،يحرم و هو في منزله؟قال:«لا بأس،لا يضرّه» (1).

مسألة:و لو ذبحه المحرم،كان حراما لا يحلّ أكله للمحرم و لا للمحلّ

، و يصير ميتة يحرم أكله على جميع الناس.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الحسن البصريّ،و سالم (2)،و مالك (3)،و الأوزاعيّ (4)،و الشافعيّ (5)،و إسحاق،و أحمد (6)، و أصحاب الرأي (7).

و قال الحكم،و الثوريّ،و أبو ثور:الناس يأكله،و به قال ابن المنذر.

و قال عمرو بن دينار و أيّوب[السختيانيّ] (8)يأكله الحلال (9).

و حكي عن الشافعيّ قول قديم أنّه يحلّ لغيره الأكل منه (10).

ص:166


1- 1التهذيب 5:362 الحديث 1260،الوسائل 9:229 الباب 34 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 3:295،المجموع 7:330.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:436،بلغة السالك 1:296-297،المجموع 7:330.
4- 4) المغني 3:295،المجموع 7:330.
5- 5) المجموع 7:330،مغني المحتاج 1:525،المغني 3:295.
6- 6) المغني 3:295،الإنصاف 3:481، [2]المجموع 7:330.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:173، [3]تبيين الحقائق 2:385،شرح فتح القدير 3:22،مجمع الأنهر 1: 300،المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:303،المجموع 7:330.
8- 8) في النسخ:السجستانيّ،و الصحيح ما أثبتناه،مرّت ترجمته في الجزء الخامس ص 440.
9- 9) المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:303،المجموع 7:330.
10- 10) حلية العلماء 3:298،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:304،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494،المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:303.

لنا:أنّه حيوان حرم عليه ذبحه؛لحرمة الإحرام و حقّ اللّه تعالى،فلا يحلّ ذبحه،كالمجوسيّ.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن وهب،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام،قال:«إذا ذبح المحرم الصيد،لم يأكله الحلال و الحرام و هو كالميتة، و إذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام» (1).

و عن إسحاق،عن جعفر عليه السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم،و إذا ذبح المحلّ الصيد في جوف الحرم،فهو ميتة لا يأكلها محلّ و لا محرم» (2).

احتجّ ابن المنذر:بأنّ الذبح حرام أمّا الأكل،فلا،فكان بمنزلة السارق إذا ذبح (3).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ من أباحت ذكاته غير الصيد،أباحت الصيد،أباحت الصيد،كالحلال (4).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق؛لأنّ التحريم هنا لحقّ اللّه تعالى،فكان كالميتة، بخلاف السارق.

و عن الثاني:أنّ غير الصيد يجوز ذبحه و يأكل المحرم منه و إن ذبحه هو، بخلاف الصيد،فافترقا.

و لأنّ إباحة أكله مناف لتحريم ذبحه في الحكمة،فلا يكون مشروعا.

ص:167


1- 1التهذيب 5:377 الحديث 1315،الاستبصار 2:214 الحديث 733،الوسائل 9:86 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:377 الحديث 1316،الاستبصار 2:214 الحديث 734،الوسائل 9:86 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:303.
4- 4) المجموع 7:304،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494،المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:303.
فروع:
الأوّل:لو ذبحه المحلّ في الحرم،فإنّ حكمه حكم المحرم إذا ذبحه

(1)

،فإنّه يكون حراما.

و يدلّ عليه:ما تقدّم في الحديثين عن عليّ عليه السلام أنّه يكون ميتة (2).

و ما رواه الشيخ عن الحكم بن عتيبة،عن الباقر عليه السلام،قال:«إن أدخل الحرم فذبح فيه فإنّه ذبح بعد ما دخل مأمنه» (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حمام ذبح في الحلّ،قال:«لا يأكله محرم،و إذا أدخل مكّة،أكله المحلّ بمكّة،و إن دخل الحرم حيّا ثمّ ذبح في الحرم فلا يأكله؛لأنّه ذبح بعد ما بلغ مأمنه» (4).

الثاني:لو صاده حلال و ذبحه في الحلّ و كان من المحرم إعانة فيه أو دلالة

أو إشارة إليه،لم يكن حراما

؛لكونه ذبح في الحلّ من محلّ،فكان سائغا.

الثالث:لو صاده الحرام من أجل المحلّ،لم يبح أكله إجماعا

(5)

،و لو صاده المحلّ من أجل المحرم،كان حراما على المحرم.و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عبّاس،و ابن عمر،و عائشة،و عثمان بن عفّان،و مالك (6)،و الشافعيّ (7).

ص:168


1- 1ج:كان،مكان:فإنّ.
2- 2) يراجع:ص 167. [1]
3- 3) التهذيب 5:375 الحديث 1309،الاستبصار 2:213 الحديث 727،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:376 الحديث 1310،الاستبصار 2:213 الحديث 728،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) خا و ق:المحرم.
6- 6) المغني 3:292،الشرح الكبير بهامش المغني 3:300.
7- 7) المجموع 7:303، [4]المغني 3:292،الشرح الكبير بهامش المغني 3:300.

و قال أبو حنيفة:إنّه ليس بحرام (1).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (2).

و ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،عن الصعب بن جثّامة (3)الليثيّ أنّه أهدى إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حمارا وحشيّا و هو بالأبواء أو بودّان،فردّه عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما في وجهه قال:«إنّا لم نردّه عليك (4)إلاّ أنّا حرام» (5).

و عن عبد اللّه بن الحارث (6)،عن أبيه،قال:كان الحارث (7)خليفة عثمان

ص:169


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:174، [1]مجمع الأنهر 1:300،المغني 3:292، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:300. [3]
2- 2) المائدة(5):96. [4]
3- 3) الصعب بن جثّامة و اسمه يزيد بن قيس بن ربيعة بن عبد اللّه بن يعمر الليثيّ هاجر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كان ينزل بودّان و الأبواء من أرض الحجاز،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابن عبّاس مات في خلافة أبي بكر. أسد الغابة 3:19،الإصابة 2:184، [5]تهذيب التهذيب 4:421، [6]رجال صحيح مسلم 1:320.
4- 4) في النسخ:«عليه»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:16،صحيح مسلم 2:850 الحديث 1193،سنن الترمذيّ 3:206 الحديث 849، [7]سنن النسائيّ 5:184،الموطّأ 1:353 الحديث 83، [8]مسند أحمد 4:71 و 73.و [9]في الجميع: «أنّا حرم».
6- 6) عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم الهاشميّ أبو محمّد المدنيّ روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرسلا و عن عمر و عثمان و عليّ عليه السلام و عن أبيه،و روى عنه أبناؤه عبيد اللّه و إسحاق و عبد اللّه و أبو إسحاق السبيعيّ،مات سنة 79 ه. أسد الغابة 3:139، [10]الاستيعاب [11]بهامش الإصابة 2:281، [12]تهذيب التهذيب 5:18. [13]
7- 7) الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب القرشيّ الهاشميّ و أبوه ابن عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسلم عند اسلام أبيه نوفل و استعمله أبو بكر على مكّة روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله روى عنه ابنه عبد اللّه،قيل:مات آخر خلافة عمر و قيل:في خلافة عثمان و هو ابن سبعين سنة. أسد الغابة 1:35، [14]الإصابة 1:292. [15]

على الطائف فصنع له طعاما و صنع فيه الحجل و اليعاقيب (1)و لحم الوحش،فبعث إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فجاءه،فقال عليّ عليه السلام:«أطعموه قوما حلالا»ثمّ قال عليّ عليه السلام:«أنشد اللّه من كان هاهنا من أشجع،أ تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهدى إليه رجل حمار وحش،فأبى أن يأكله؟»قالوا:

نعم (2).

و لأنّه لحم صيد،فحرم على المحرم،كما لو دلّ عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حمام ذبح فى الحلّ،قال:«لا يأكله محرم» (3).و هو عامّ فيما ذبح لأجله،أو لا لأجله.

احتجّ أبو حنيفة:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث أبي قتادة:«هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟»قالوا:لا،قال:«فكلوا ما بقي من لحمها» (4).

فدلّ على أنّ التحريم إنّما يتعلّق بالإشارة و الأمر و الإعانة.

و لأنّه صيد مذكّى لم يحصل فيه و لا في سببه صنع منه،فلم يحرم عليه أكله، كما لو لم يصد له (5).

و الجواب:أنّ ما تلوناه من الآية و الأحاديث أولى من حديثهم،و المقيس عليه ممنوع عندنا؛لأنّا نحرّم صيد البرّ على المحرم بكلّ حال.

الرابع:لو صاده المحلّ و ذبحه في الحلّ من أجل المحرم،حرم على المحرم

،

ص:170


1- 1اليعقوب:ذكر الحجل،و الجمع:يعاقيب.المصباح المنير:420.
2- 2) سنن أبي داود 2:170 الحديث 1849. [1]
3- 3) التهذيب 5:376 الحديث 1310،الاستبصار 2:213 الحديث 728،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:854 الحديث 1196،المغني 3:292،الشرح الكبير بهامش المغني 3:300.
5- 5) المغني 3:292،الشرح الكبير بهامش المغني 3:300.

فكذا لو صاده لا لأجله على ما قلناه بتحريم الصيد على المحرم بكلّ حال (1)،قال عليّ عليه السلام،و ابن عبّاس،و ابن عمر-خلافا لأبي حنيفة-على ما قلناه، و لا يحرم على المحلّ،سواء صاده المحلّ لأجل المحرم أو لا لأجله،بغير خلاف؛ لقول عليّ عليه السلام:«أطعموه حلالا».

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ على الصعب بن جثّامة الصيد،و كان قد صيد له،و لم ينهه عن أكله.

و لأنّه صيد حلال فأبيح على الحلال،كما لو صيد له.

إذا ثبت هذا:فإنّه يحرم على محرم آخر لم يصد لأجله على ما قلناه من تحريم صيد البرّ على المحرم بكلّ حال،سواء صيد لأجله أو لأجل غيره.و خالف فيه بعض الجمهور (2).

مسألة:إذا ذبح المحلّ الصيد في الحلّ فأدخله الحرم،حلّ على المحلّ أكله

في الحرم لا المحرم

،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ المقتضي للتحريم و هو الإحرام زائل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحكم بن عتيبة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:ما تقول في حمام أهليّ ذبح في الحلّ و أدخل الحرم؟فقال:«لا بأس بأكله إن كان محلاّ،و إن كان محرما،فلا»و قال:«إن أدخل الحرم فذبح فيه فإنّه ذبح بعد ما دخل مأمنه» (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حمام ذبح في الحلّ،قال:«لا يأكله محرم،و إذا أدخل مكّة،أكله المحلّ بمكّة،و إن أدخل

ص:171


1- 1يراجع:ص 142.
2- 2) المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:301-302.
3- 3) التهذيب 5:375 الحديث 1309،الاستبصار 2:213 الحديث 727،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]

الحرم حيّا ثمّ ذبح في الحرم فلا يأكله،لأنّه ذبح بعد ما بلغ مأمنه» (1).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أهدي لنا طير مذبوح،فأكله أهلنا،فقال:«لا يرى أهل مكّة بأسا»قلت:فأيّ شيء تقول أنت؟قال:«عليهم ثمنه» (2).

لأنّه محمول على أنّه ذبح في الحرم؛إذ لا دلالة في الحديث على أنّه ذبح في الحلّ؛لما تقدّم من الأحاديث.

و لما رواه الشيخ عن ابن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ هؤلاء يأتونا بهذه اليعاقيب،فقال:«لا تقربوها في الحرم إلاّ ما كان مذبوحا»فقلت:إنّا نأمرهم أن يذبحوها هنالك؟قال:«نعم،كل و أطعمني» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن صيد رمي في الحلّ ثمّ أدخل الحرم و هو حيّ،[فقال:«إذا أدخله الحرم و هو حيّ] (4)فقد حرم لحمه و إمساكه»و قال:«لا تشتره في الحرم إلاّ مذبوحا قد ذبح في الحلّ ثمّ أدخل الحرم فلا بأس به» (5).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن أبي يعفور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ص:172


1- 1التهذيب 5:376 الحديث 1310،الاستبصار 2:213 الحديث 728،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:376 الحديث 1311،الاستبصار 2:213 الحديث 729،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:376 الحديث 1312،الاستبصار 2:213 الحديث 730،الوسائل 9:81 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:376 الحديث 1313،الاستبصار 2:214 الحديث 731،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]

الصيد يصاد في الحلّ و يذبح في الحلّ و يدخل الحرم و يؤكل؟قال:«نعم،لا بأس به» (1).

مسألة:إذا صاد المحرم صيدا في الحلّ و ذبحه المحلّ،حلّ للمحلّ،

لا للمحرم،أمّا التحريم على المحرم؛فلإحرامه،و أمّا التحليل على المحلّ؛ فللأصل السالم عن معارضة الإحرام و الحرم،و يكون فداؤه على المحرم؛لأنّه يضمن بالدلالة،فبالصيد أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل أصاب صيدا و هو محرم،آكل منه و أنا حلال؟قال:«أنا كنت فاعلا»قلت له:فرجل أصاب مالا حراما؟فقال:«[ليس] (2)هذا مثل هذا يرحمك اللّه إنّ ذلك عليه» (3).

و في الصحيح عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم أصاب صيدا أ يأكل منه المحلّ؟فقال:«ليس على المحلّ شيء إنّما الفداء على المحرم» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أصاب صيدا و هو محرم أ يأكل منه الحلال؟فقال:«لا بأس إنّما الفداء على المحرم» (5).

ص:173


1- 1التهذيب 5:377 الحديث 1314،الاستبصار 2:214 الحديث 732،الوسائل 9:80 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:375 الحديث 1305،الوسائل 9:78 الباب 3 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:375 الحديث 1306،الاستبصار 2:215 الحديث 737،الوسائل 9:78 الباب 3 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:375 الحديث 1307،الاستبصار 2:215 الحديث 738،الوسائل 9:78 الباب 3 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]

أمّا لو كان الصيد في الحرم،فإنّه لا يحلّ للمحلّ أيضا؛لأنّ صيد الحرم حرام على المحلّ و المحرم بلا خلاف.

روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم أصاب صيدا و أهدى إليّ منه،قال:«لا،[إنّه] (1)صيد في الحرم» (2).

فصل:

روى الشيخ-رحمه اللّه في الحسن-عن الحلبيّ،قال:المحرم إذا قتل الصيد

فعليه جزاؤه

و يتصدّق بالصيد على مسكين (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يحتمل أن يكون بالصيد رمق فيتصدّق به على المحلّ في الحلّ ليذبحه فيه،لأنّه لو كان قد ذبحه المحرم،كان حراما على المحلّ و غيره على ما تقدّم.

قال:و كذلك ما رواه معاوية بن عمّار-في الحسن-قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم،فإنّه ينبغي أن يدفنه و لا يأكله أحد،و إذا أصابه في الحلّ،فإنّ الحلال يأكله و عليه هو الفداء».

فإنّ معناه:أنّه إذا أصابه و هو حيّ،حلّ للمحلّ ذبحه في الحلّ و أكله،قال -رحمه اللّه-:و يحتمل أن يكون المراد:إذا قتله برميه فإنّه يحلّ للمحلّ،لا للمحرم، و الأخبار الدالّة على منع أكل ما يصيده المحرم إنّما تدلّ على تحريم ما ذبحه

ص:174


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:375 الحديث 1308،الوسائل 9:79 الباب 4 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:377 الحديث 1317،الاستبصار 2:214 الحديث 735،الوسائل 9:86 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [2]

المحرم،لا على تحريم ما قتله بالرمي؛لأنّ الرمي غير الذبح (1).

و عندي في هذا التأويل إشكال،و الصحيح:الأوّل.

فصل:

إذا ذبح المحرم الصيد،فقد قلنا:إنّه يحرم أكله مطلقا

،و ينبغي له دفنه؛ احتراما له عن أن تأكله الهوامّ و تظهر جيفته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن خلاّد السريّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم،قال:«عليه الفداء»قلت:فيأكله؟قال:«لا» قلت:فيطرحه؟قال:«إذا طرحه فعليه فداء آخر»قلت:فما يصنع به؟قال:

«يدفنه» (3).

و عن أحمد (4)عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:المحرم يصيب الصيد فيفديه،يطعمه أو يطرحه؟قال:«إذن يكون عليه فداء آخر»قلت:

فما يصنع به؟قال:«يدفنه» (5).

ص:175


1- 1التهذيب 5:378 الحديث 1318،الاستبصار 2:215 الحديث 736.
2- 2) في المصدر:السنديّ.قال النجاشيّ:خلاّد السدّيّ البزّاز كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و قال الشيخ في الفهرست:خلاّد السنديّ له كتاب و عدّه في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و قال المامقانيّ:خلاّد السدّيّ البزّاز و في بعض النسخ:السنديّ و في ثالثة:السريّ،ثمّ قال:و ظاهر النجاشيّ و الشيخ كونه إماميّا،فإذا انضمّ إليه رواية ابن أبي عمير عنه،اندرج حديثه في الحسان. رجال النجاشيّ:154،رجال الطوسيّ:187،الفهرست:66، [1]تنقيح المقال 1:400. [2]
3- 3) التهذيب 5:378 الحديث 1319،الاستبصار 2:215 الحديث 739،الوسائل 9:85 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [3]
4- 4) كذا في النسخ،و في التهذيب:عن ابن أبي أحمد،و في الاستبصار:عن أبي أحمد،و في الوسائل: [4]عن أبي أحمد يعني:ابن أبي عمير،و هو الصحيح و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 37.
5- 5) التهذيب 5:378 الحديث 1320،الاستبصار 2:215 الحديث 740،الوسائل 9:86 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [5]
مسألة:و يباح أكل الصيد للمحرم في حال الضرورة

،يأكل منه بقدر ما يأكل من الميتة ممّا يمسك به الرمق و يحفظ به الحياة لا غير،و لا يجوز له الشبع و لا التجاوز عن ذلك،و لا نعلم فيه خلافا.

إذا عرفت هذا:فلو اضطرّ إلى أكل الصيد و وجد الميتة فأيّهما يأكل؟اختلف علماؤنا في ذلك،فقال بعضهم:يأكل الميتة،و اختاره ابن إدريس (1).و به قال الحسن البصريّ،و الثوريّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و محمّد بن الحسن (4)،و مالك (5)، و أحمد (6).

و قال الشيخ (7)،و السيّد المرتضى-رحمهما اللّه-:يأكل الصيد و يفديه (8).

و به قال الشافعيّ (9)،و إسحاق،و ابن المنذر،و أبو يوسف (10).

و قال بعض علمائنا:لا يخلو الصيد إمّا أن يكون حيّا أو ميّتا،فإن كان حيّا،لم يحلّ له ذبحه؛لأنّه يصير ميتة إجماعا،بل يأكل الميتة.

و إن كان مذبوحا،فإن كان الذابح محرما،فهو كالميتة لا فرق بينهما،و إن كان

ص:176


1- 1السرائر:133.
2- 2) المغني 3:296 و ج 11:79،الشرح الكبير بهامش المغني 11:103،بداية المجتهد 1:331.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 24:155،شرح فتح القدير 3:2،مجمع الأنهر 1:300،المغني 11:79؛ الشرح الكبير بهامش المغني 11:103،بداية المجتهد 1:331.
4- 4) شرح فتح القدير 3:2.
5- 5) الموطّأ 1:354، [1]بداية المجتهد 1:331،المغني 3:296 و ج 11:79،الشرح الكبير بهامش المغني 11:103.
6- 6) المغني 3:296 و ج 11:79،الشرح الكبير بهامش المغني 11:103.
7- 7) المبسوط 1:349، [2]النهاية:230. [3]
8- 8) جمل العلم و العمل:114،الانتصار:100.
9- 9) المجموع 9:48-49، [4]المغني 3:296 و ج 11:79،الشرح الكبير بهامش المغني 11:103.
10- 10) حلية العلماء 3:320،المغني 3:296،بداية المجتهد 1:331،شرح فتح القدير 3:2.

محلاّ فإن كان في الحرم،فهو ميتة أيضا،و إن كان في الحلّ،فإن كان المحرم المضطرّ قادرا على الفداء،أكل الصيد و لم يأكل الميتة،و إن كان غير قادر على فدائه،أكل الميتة.

و قوّاه ابن إدريس ثمّ رجع عنه إلى قوله الذي نقلناه عنه (1).و الأقوى عندي:

قول الشيخ رحمه اللّه.

لنا:أنّه مع الضرورة و الفدية يخرج من الإثم،فيكون واجدا للمذبوح حلالا، فلا تحلّ له الميتة المشترط في تحلّلها فقدان غيرها.

و لأنّ تحريم الصيد عارض بسبب الإحرام و الحلّ،و تحريم الميتة ذاتيّ، فيكون الأوّل أولى بالتناول.

و لأنّ النفس ربّما عافت (2)الميتة،فيحصل الضرر.و لأنّ الميتة ربما ضرّت بالمزاج،بخلاف الصيد.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المحرم يضطرّ فيجد الميتة و الصيد أيّهما يأكل؟قال:

«يأكل من الصيد أ ما يحبّ أن يأكل من ماله؟!»قلت:بلى،قال:«إنّما عليه الفداء فليأكل و ليفده» (3).

و عن منصور بن حازم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم اضطرّ إلى أكل الصيد و الميتة،قال:«أيّهما أحبّ إليك أن تأكل؟»قلت:الميتة؛لأنّ الصيد محرّم على المحرم،فقال:«أيّهما أحبّ إليك؟أن تأكل من مالك أو الميتة؟»قلت:

ص:177


1- 1السرائر:133.
2- 2) عاف الشيء:كرهه فلم يشربه طعاما أو شرابا.لسان العرب 9:260. [1]
3- 3) التهذيب 5:368 الحديث 1283،الاستبصار 2:209 الحديث 714،الوسائل 9:238 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]

آكل من مالي،قال:«فكل الصيد و افده» (1).

احتجّ المخالف:بأنّ الصيد إذا ذبح فصار ميتة فيساوي الميتة في التحريم و يمتاز بإيجاب الجزاء و ما يتعلّق به من هتك حرمة الإحرام،فكان أكل الميتة أولى (2).

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كان يقول:«إذا اضطرّ المحرم إلى الصيد و إلى الميتة فليأكل الميتة التي أحلّ اللّه له» (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّا نمنع أنّه يصير ميتة أو مساويا لها حال الضرورة، و الهتك إنّما يتحقّق بفعل المنهيّ عنه،و النهي هاهنا ممنوع.

و عن الحديث:باحتمال أن يكون واجدا للميتة لا للصيد،أو غير متمكّن منه؛ إذ لا يعطي الحديث القدرة عليهما و التمكّن من تناولهما،بل الاضطرار إليهما،قاله الشيخ-رحمه اللّه-و استدلّ عليه:بما رواه يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المضطرّ إلى الميتة و هو[يجد الصيد] (4)،قال:«يأكل الصيد»قلت:

إنّ اللّه عزّ و جلّ قد أحلّ له الميتة إذا اضطرّ إليها و لم يحلّ له الصيد،قال:«تأكل من مالك أحبّ إليك أو ميتة؟»قلت:من مالي،قال:«هو مالك لأنّ عليك (5)فداؤه»

ص:178


1- 1التهذيب 5:368 الحديث 1282،الاستبصار 2:209 الحديث 713،الوسائل 9:239 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 9. [1]
2- 2) السرائر:133،المغني 3:296،الشرح الكبير بهامش المغني 11:103-104.
3- 3) التهذيب 5:368 الحديث 1284،الاستبصار 2:209 الحديث 715،الوسائل 9:240 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
4- 4) في النسخ:محلّ،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) في التهذيب:«و عليك»و في النسخ:«و لأنّ عليك».

قلت:فإن لم يكن عندي مال؟قال:«تقضيه إذا رجعت إلى مالك» (1).

و ليس في هذا الحديث دلالة على تأويل الشيخ رحمه اللّه.

و قد روى عبد الغفّار الجازي،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم إذا اضطرّ إلى ميتة فوجدها و وجد صيدا،فقال:«يأكل الميتة و يترك الصيد» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يحتمل هذا الحديث أمرين:أحدهما:أن يكون خرج مخرج التقيّة؛لأنّه مذهب بعض العامّة.

الثاني:أن يكون قد وجد الصيد غير مذبوح فإنّه يأكل الميتة و يخلّي سبيل الصيد؛لأنّ الصيد إذا ذبحه المحرم،كان حكمه حكم الميتة،فحينئذ يقتصر على الميتة و لا يذبح الحيّ (3).

قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:و لأنّ في الناس من يقول:إنّ الصيد ليس بميتة و أنّه يذكّى و أكله مباح،و الميتة متّفق على حظرها،قال:و ربّما رجّحوا الميتة على الصيد بأنّ الحظر في الصيد ثبت من وجوه:

أحدهما:تناوله.

و الثاني:قتله.

و الثالث:أكله،و ذلك كلّه محظور،بخلاف الميتة،فإنّه ليس فيها إلاّ محظور واحد و هو الأكل،قال:و هذا ليس بشيء؛لأنّا لو فرضنا أنّ غاصبا غصب شاة ثمّ وقذها (4)حتّى ماتت ثمّ أكلها،لكان الحظر هاهنا من وجوه،كما ذكرتم في الصيد،

ص:179


1- 1التهذيب 5:368 الحديث 1285،الاستبصار 2:210 الحديث 716،الوسائل 9:238 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:369 الحديث 1286،الاستبصار 2:210 الحديث 717،الوسائل 9:240 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 12. [2]
3- 3) التهذيب 5:369،الاستبصار 2:210.
4- 4) شاة موقوذة:قتلت بالخشب أو بغيره فماتت من غير ذكاة.المصباح المنير:668.

و أنتم مع ذلك لا تفرّقون بين أكل هذه الميتة و بين غيرها عند الضرورة و تعدلون إليها عن (1)أكل الصيد (2).

و ليس هذا الكلام بجيّد؛لأنّ الفرق واقع بالاتّفاق بين أكل شاة ميتة،و بين أكل شاة كانت حيّا يفعل بها ما ذكره السيّد-رحمه اللّه-و يجب على المضطرّ العدول عن إماتة الشاة المغصوبة إلى أكل الشاة الميتة.

نعم،إذا فعل بها ذلك ثمّ صارت مساوية للميتة،لم يبق بينهما فرق في الأكل، لكن ليس البحث فيه،إلاّ أن يذهب السيّد المرتضى-رحمه اللّه-إلى أنّ الصيد إذا كان حيّا،فإنّه لا يجوز له ذبحه،و إذا وجد مذبوحا،كان أولى من الميتة،لكن كلامه الأوّل لا يعطي ذلك.

مسألة:قد قلنا:إنّه لا يجوز له إمساك الصيد و هو محرم و يضمنه لو فعل

(3)، فلو أمسكه حتّى حلّ،لزمه إرساله و ليس له ذبحه،فإن ذبحه أو تلف،لزمه الضمان و حرم أكله؛لأنّه صيد ضمنه بحرمة الإحرام،فلم يبح أكله،كما لو ذبحه حال إحرامه.

و لأنّها ذكاة منع منها بسبب الإحرام،فأشبه ما لو كان الإحرام باقيا.

هذا إذا كان في الحرم،أمّا إذا كان الصيد في الحلّ فأمسكه و هو محرم،فإنّه قد فعل محرّما و يضمنه؛لأنّ الصيد حرام على المحرم،سواء كان في الحلّ أو في الحرم،فإن أمسكه حتّى حلّ،فالوجه:أنّ له ذبحه،و الوجه:لزوم الضمان؛لأنّه تعلّق به بسبب الإمساك.

مسألة:إذا ذبح الصيد ثمّ أكله،ضمنه للقتل،و وجب عليه ضمان آخر للأكل

،

ص:180


1- 1كثير من النسخ:عند ذكر،مكان:عن.
2- 2) الانتصار:100.
3- 3) يراجع:ص 165.

قاله علماؤنا.و به قال عطاء (1)،و أبو حنيفة (2).

و قال الشافعيّ:يضمن القتل دون الأكل (3).و به قال مالك (4)،و أحمد (5).

لنا:أنّه أكل من صيد محرّم عليه،فيضمنه،كما لو أكل ممّا صيد لأجله.و لأنّه فعل أحد المحرّمين،فيضمن به،كما في الآخر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم،ما عليهم؟فقال:

«على كلّ من أكل منه (6)فداء صيد،كلّ إنسان منهم على حدة فداء صيد كاملا» (7).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و أيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه،فإنّ على كلّ إنسان منهم قيمة،و إن اجتمعوا عليه في صيد، فعليهم مثل ذلك» (8).

ص:181


1- 1المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،بداية المجتهد 1:359،المنتقى للباجيّ 2:250،عمدة القارئ 10:164.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:86،بدائع الصنائع 2:204،الهداية للمرغينانيّ 1:173،عمدة القارئ 10:164،مجمع الأنهر 1:300،المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،حلية العلماء 3:298،المنتقى للباجيّ 2:250.
3- 3) الأمّ 2:208،حلية العلماء 3:298،المجموع 7:303،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494، المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،المنتقى للباجيّ 2:250.
4- 4) الموطّأ 1:354،المدوّنة الكبرى 1:436،بداية المجتهد 1:359،المنتقى للباجيّ 2:250، المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،حلية العلماء 3:298.
5- 5) المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،الإنصاف 3:478.
6- 6) في المصدر:«منهم».
7- 7) التهذيب 5:351 الحديث 1221،الوسائل 9:209 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
8- 8) التهذيب 5:370 الحديث 1288،الوسائل 9:209 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]

و لأنّه لو قتله محرم و أكله آخر،كان على كلّ واحد منهم فداء،و كذا لو اجتمع الفعلان لواحد؛لأنّ التداخل على خلاف الأصل.

احتجّوا:بأنّه صيد مضمون بالجزاء،فلم يضمن ثانيا،كما لو أتلفه بغير الأكل.

و لأنّ تحريمه لكونه ميتة،و الميتة لا تضمن بالجزاء (1).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الأكل و الإتلاف بغيره.

و عن الثاني:بالمنع من تعليل التحريم بذلك لا غير،و لا معارضة فيهما بما لو صيد لأجله فأكله،فإنّه يضمنه عند أحمد (2)،و الشافعيّ في القديم (3).

مسألة:من ملك صيدا في الحلّ و أدخله الحرم،وجب عليه إرساله

،و زال ملكه عنه،و لو تلف في يده أو أتلفه،كان عليه ضمانه.و به قال ابن عبّاس، و عائشة،و ابن عمر،و عطاء،و طاوس،و إسحاق (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6).

و رخّص في إدخال الصيد الحرم سعيد بن جبير،و مجاهد (7)،و مالك (8)،

ص:182


1- 1المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302.
2- 2) المغني 3:295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،الكافي لابن قدامة 1:554.
3- 3) حلية العلماء 3:297،المجموع 7:303،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494،المغني 3: 295،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302.
4- 4) المغني 3:352،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
5- 5) المغني 3:352،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307،الإنصاف 3:482. [1]
6- 6) بدائع الصنائع 2:206 و 208،مجمع الأنهر 1:300،المغني 3:352،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
7- 7) المغني 3:353،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
8- 8) المغني 3:353،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.

و الشافعيّ (1)،و أبو ثور،و ابن المنذر (2).

لنا:أنّ الحرم سبب محرّم للصيد و يوجب ضمانه،فيحرم استدامة إمساكه، كالإحرام.

و لأنّه صيد ذبحه في الحرم،فلزمه جزاؤه،كما لو صاده منه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طائر أهليّ أدخل الحرم حيّا،فقال:«لا يمسّ؛لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (3). (4)

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن ظبي دخل الحرم[قال:] (5)«لا يؤخذ و لا يمسّ إنّ اللّه تعالى يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (6)» (7).

و عن بكير بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا فدخل (8)الحرم فمات الظبي في الحرم،فقال:«إن كان حين أدخله خلّى سبيله

ص:183


1- 1المجموع 7:310-311،442 و 491، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:495، [2]المغني 3:353، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:307. [4]
2- 2) المغني 3:353،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
3- 3) آل عمران(3):97. [5]
4- 4) التهذيب 5:348 الحديث 1206،الوسائل 9:201 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [6]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) آل عمران(3):97. [7]
7- 7) التهذيب 5:362 الحديث 1258،الوسائل 9:176 الباب 88 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [8]
8- 8) في المصدر:فأدخله.

فلا شيء عليه،و إن كان أمسكه حتّى مات،فعليه[الفداء] (1)» (2).

و عن يعقوب بن يزيد،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«إذا دخلت بطير المدينة فجائز لك أن تخرجه منها ما أدخلت،و إذا أدخلت مكّة، فليس لك أن تخرجه» (3).

و عن يونس بن يعقوب،قال:أرسلت إلى أبي الحسن عليه السلام،قال:قلت له:حمام أخرج بها من المدينة إلى مكّة ثمّ أخرجها من مكّة إلى الكوفة؟قال:

«أ ترى (4)أنّهنّ كنّ منزّهة (5)؟قل له (6)أن يذبح مكان كلّ طير شاة» (7).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه ملكه خارجا و حلّ له التصرّف فيه،فجاز له ذلك في الحرم،كصيد المدينة إذا أدخله حرمها فإنّ له إخراجه منها (8).

و الجواب:أنّ ملكه زال بإدخاله الحرم،و صيد المدينة يفارق صيد الحرم، و لهذا لم يكن فيه جزاء،بخلاف صيد الحرم،فلا يجوز القياس عليه.

ص:184


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:362 الحديث 1259،الوسائل 9:200 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8-9. [1]
3- 3) التهذيب 5:349 الحديث 1213،الوسائل 9:205 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [2]
4- 4) في المصدر:«أرى».
5- 5) ر و ع:«متنزّهة»و في المصادر:«فرهة».قال في ملاذ الأخيار:« [3]كنّ فرهة»أي:معلّمة لإرسال الكتب أو قابلة لذلك أو جيّدة.ملاذ الأخيار 8:289. [4]
6- 6) في النسخ:قال له،مكان:«قل له».
7- 7) التهذيب 5:349 الحديث 1214،الوسائل 9:204 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [5]
8- 8) المغني 3:353،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
فرع:

لو كان مقصوص الجناح،أمسكه حتّى ينبت ريشه و يخلّي سبيله

،أو يودعه من ثقة حتّى ينبت ريشه؛لما روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال الحكم بن عتيبة:سألت أبا جعفر عليه السلام:ما تقول في رجل أهدي له حمام أهليّ-و هو في الحرم-من غير الحرم؟ (1)فقال:«أمّا إن كان مستويا، خلّيت سبيله،و إن كان غير ذلك،أحسنت إليه حتّى إذا استوى ريشه خلّيت سبيله» (2).

و عن كرب الصيرفيّ (3)،قال:كنّا جميعا اشترينا طائرا،فقصصناه و أدخلناه الحرم،فعاب ذلك علينا أصحابنا أهل مكّة،فأرسل كرب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله،فقال:«استودعه رجلا من أهل مكّة مسلما أو امرأة،فإذا استوى ريشه خلّوا سبيله» (4).

و لأنّ تخليته إتلاف له؛لأنّه غير متمكّن من الامتناع عن صغير الحيوان.

مسألة:حمام الحرم لا يحلّ صيده و إن كان في الحلّ

؛لأنّه يصدق عليه أنّه

ص:185


1- 1في النسخ:غير المحرم،مكان:من غير الحرم.
2- 2) التهذيب 5:348 الحديث 1207،الوسائل 9:201 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 12. [1]
3- 3) كرب الصيرفيّ،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه مثنّى بن عبد السلام،و قال المامقانيّ:لم أقف في كتب الرجال على ذكر له. تنقيح المقال 2:38 باب الفاء، [2]معجم رجال الحديث 14:117. [3]
4- 4) التهذيب 5:348 الحديث 1208،الوسائل 9:201 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 13. [4]

صيد الحرم،فيدخل تحت قوله عليه السلام:«لا ينفّر صيدها» (1).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى عليه السلام عن حمام الحرم يصاد في الحلّ؟فقال:«لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم» (2).

إذا ثبت هذا:فلو كان الحمام في الحرم أو غيره من الصيود فأخرجه،وجب عليه أن يعيده إليه،و لو مات،كان عليه قيمته.رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى عليه السلام عن رجل أخرج حمامة من.

حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها،قال:«عليه أن يردّها،فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به» (3).

و في الصحيح عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء القماريّ يخرج من مكّة و المدينة،فقال:«ما أحبّ أن يخرج منها شيء» (4).

مسألة:و يضمن صيد الحرم المسلم و الكافر،و الكبير و الصغير،و الحرّ

و العبد،و الرجل و المرأة بلا خلاف

؛لأنّ الحرمة تعلّقت بمحلّه بالنسبة إلى الجميع،

ص:186


1- 1صحيح البخاريّ 3:18،صحيح مسلم 2:988 الحديث 1355،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017،سنن ابن ماجة 2:1038 الحديث 3109،سنن النسائيّ 5:211،مسند أحمد 1:119 و 253،سنن البيهقيّ 5:195،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 2:159 الحديث 689،الوسائل 9: 176 الباب 88 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:348 الحديث 1209،الوسائل 9:203 الباب 13 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:349 الحديث 1211،الوسائل 9:204 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:349 الحديث 1212،الوسائل 9:204 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [4]

فوجب على الجميع ضمانه،كالآدميّ.و للعمومات الدالّة عليه (1).

مسألة:المحلّ إذا رمى من الحلّ صيدا في الحرم فقتله،أو أرسل كلبه عليه

فقتله،أو قتل صيدا على فرع شجرة في الحرم أصلها في الحلّ،ضمنه

في جميع هذه الصور،ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال الثوريّ (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور، و ابن المنذر (4)،و أصحاب الرأي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين.

و قال في الأخرى:لا ضمان عليه في ذلك كلّه (6).

لنا:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا ينفّر صيدها» (7)و لم يفرّق بين ما هو في الحلّ أو في الحرم.و للإجماع على تحريم صيد الحرم و هذا منه.و لأنّ صيد الحرم معصوم بمحلّه؛لحرمة الحرم،فلا يختصّ تحريمه بمن في الحرم.

ص:187


1- 1الوسائل 9:204 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد.
2- 2) المغني 3:355،الشرح الكبير بهامش المغني 3:373.
3- 3) حلية العلماء 3:321،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:441-442،مغني المحتاج 1:524،السراج الوهّاج:169.
4- 4) المغني 3:355،الشرح الكبير بهامش المغني 3:373.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:85،بدائع الصنائع 2:208،الهداية للمرغينانيّ 1:174، [1]شرح فتح القدير 3:26،مجمع الأنهر 1:300.
6- 6) المغني 3:355،الشرح الكبير بهامش المغني 3:373،الكافي لابن قدامة 1:573،الإنصاف 3: 548،549.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:18،صحيح مسلم 2:988 الحديث 1355،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017،سنن ابن ماجة 2:1038 الحديث 3109،سنن النسائيّ 5:211،مسند أحمد 1:119 و 253،سنن البيهقيّ 5:195،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 2:159 الحديث 689،الوسائل 9: 176 الباب 88 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [2]
فروع:
الأوّل:لو انعكست الحال،فرمى من الحرم صيدا في الحلّ،أو أرسل كلبه

عليه،ضمنه

.و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الأخرى:لا ضمان عليه (1)،و به قال الثوريّ،و الشافعيّ،و أبو ثور،و ابن المنذر (2).

لنا:أنّه في الحرم،فلا يحلّ له الرمي فيه.

و ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حلّ في الحرم رمى صيدا خارجا من الحرم فقتله،فقال:«عليه الجزاء؛لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم» (3).

الثاني:لو قتل صيدا على غصن في الحلّ أصله في الحرم،ضمنه

.و هو إحدى الروايتين عن أحمد (4).

لنا:أنّ الغصن تابع للأصل و هو في الحرم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام أنّه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ،على غصن منها طير،رماه[رجل] (5)فصرعه،قال:«عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم» (6).

ص:188


1- 1المغني 3:355،الكافي لابن قدامة 1:574،الإنصاف 3:549.
2- 2) المغني 3:356،الشرح الكبير بهامش المغني 3:373-374.
3- 3) التهذيب 5:362 الحديث 1256،الوسائل 9:229 الباب 33 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
4- 4) المغني 3:355-356،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:373-374،الكافي لابن قدامة 1: 574، [3]الإنصاف 3:549-550.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:386 الحديث 1347،الوسائل 9:177 الباب 90 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]

احتجّوا:بأنّ الأصل حلّ الصيد،خرج صيد الحرم بالإجماع،فبقي ما عداه على الأصل.و لأنّه صيد حلّ صاده حلال،فلم يحرم،كما لو كانا في الحلّ (1).

و الجواب:أنّه من صيد الحرم؛لأنّ الفرع قد بيّنّا تبعيّته للأصل،فيتناوله النهي.

الثالث:لو كان الصيد في الحلّ و رماه الصائد في الحلّ بسهم،أو أرسل عليه

كلبه،فدخل السهم أو الكلب الحرم ثمّ رجع فقتل الصيد،لم يضمنه

،قاله الشيخ -رحمه اللّه (2)-و به قال أصحاب الرأي (3)،و أحمد،و أبو ثور،و ابن المنذر (4).

و قال الشافعيّ:عليه الضمان،حكاه عنه أبو ثور (5).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّه سهمه لا يزيد على نفسه،و لو عدا ذلك الحرم في طريقه،ثمّ خرج منه و قتل صيدا في الحلّ،فإنّه لا يضمنه إجماعا،فالسهم أولى.

الرابع:لو رمى من الحلّ صيدا في الحلّ فقتل صيدا في الحرم،ضمنه

.و به قال الثوريّ،و أحمد،و إسحاق (6)،و أصحاب الرأي (7).

ص:189


1- 1المغني 3:356،الشرح الكبير بهامش المغني 3:374.
2- 2) الخلاف 1:486 مسألة-288.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:99،المغني 3:357،الشرح الكبير بهامش المغني 3:374.
4- 4) المغني 3:357،الشرح الكبير بهامش المغني 3:374،الكافي لابن قدامة 1:574،الفروع في فقه أحمد 2:260،الإنصاف 3:552.
5- 5) حلية العلماء 3:321،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:443،فتح العزيز بهامش المجموع 7:509،مغني المحتاج 1:524،المغني 3:357.
6- 6) المغني 3:357،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375،الكافي لابن قدامة 1:574،الفروع في فقه أحمد 2:259،الإنصاف 3:552.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:188،بدائع الصنائع 2:209.

و قال أبو ثور:لا جزاء عليه (1).و ليس بصحيح؛لأنّه قتل صيدا في الحرم، فكان عليه جزاؤه،كما لو رمى حجرا في الحرم فقتل صيدا،و الأصل في ذلك أنّ العمد و الخطأ في الصيد واحد في وجوب الجزاء.

الخامس:لو أرسل كلبه على صيد في الحلّ فدخل الكلب الحرم فقتل صيدا

غيره فيه،لم يضمنه

-و به قال الثوريّ (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور،و أحمد (4)، و أصحاب الرأي (5)-لأنّ الكلب دخل باختيار نفسه،لا بإرساله،فصار كما لو استرسل من نفسه من غير أن يرسله صاحبه.

السادس:لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله في

الحرم،فالوجه:الضمان

.و به قال عطاء،و أبو حنيفة،و أبو يوسف،و محمّد بن الحسن (6).

و قال الشافعيّ:لا ضمان عليه (7).و به قال أبو ثور،و ابن المنذر (8)،و أحمد في إحدى الروايتين.

و قال في الأخرى:إن كان الصيد قريبا من الحرم،ضمنه،و إن كان بعيدا،

ص:190


1- 1المغني 3:357،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.
2- 2) المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 7:510،مغني المحتاج 1:525.
4- 4) المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375،الكافي لابن قدامة 1:574،الفروع في فقه أحمد 2:259،الإنصاف 3:551.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:189،المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.
6- 6) المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:443، [1]مغني المحتاج 1:525.
8- 8) المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.

لم يضمن (1).و به قال مالك (2).

لنا:أنّه قتل صيدا حرميّا بإرسال كلب عليه،فكان عليه ضمانه،كما لو قتله بسهم؛لتساويهما في السببيّة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه أرسل الكلب على صيد مباح،فلم يضمن،كما لو قتل صيدا سواه (3).

و احتجّ مالك:بأنّه إذا كان قريبا،يكون مفرطا بإرساله في موضع يغلب على الظنّ أنّه يدخل الحرم،بخلاف ما إذا كان بعيدا؛فإنّه لا يفرط بالإرسال (4).

السابع:لا يجوز له أكل الصيد في هذه المواطن أجمع

،سواء ضمنه أو لم يضمنه؛لأنّه صيد حرميّ قتل في الحرم،فكان كالميتة؛لما بيّنّا أنّ كلّ صيد يقتل في الحرم فإنّه يكون حراما (5).

أمّا لو رمى المحلّ صيدا في الحلّ فجرحه فتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه،فقال بعض الجمهور:يحلّ أكله و لا جزاء فيه؛لأنّ الذكاة حصلت في الحلّ، فأشبه ما إذا جرح صيدا و هو محلّ ثمّ أحرم فمات الصيد بعد إحرامه (6).و عندنا أنّ المقيس عليه لا يحلّ أكله له إذا أحرم و يجوز لغيره أكله.أمّا في صورة المقيس، فالوجه عندنا:لزوم الضمان؛لأنّه صيد مات في الحرم بسببه،فكان عليه الضمان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن مسمع،عن الصادق عليه السلام في رجل حلّ رمى

ص:191


1- 1المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375،الكافي لابن قدامة 1:574،الفروع في فقه أحمد 2:259،الإنصاف 3:551.
2- 2) الموطّأ 1:355، [1]المدوّنة الكبرى 1:435،بلغة السالك 1:295،المنتقى للباجيّ 2:251.
3- 3) المجموع 7:443.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:435،المغني 3:358،الشرح الكبير بهامش المغني 3:375.
5- 5) يراجع:ص 142،175.
6- 6) المغني 3:359،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376.

صيدا في الحلّ فتحامل الصيد حتّى دخل الحرم،فقال:«لحمه حرام،كالميتة» (1).

الثامن:لو وقّف صيدا بعض قوائمه في الحلّ و بعضها في الحرم فقتله قاتل،

ضمنه

،سواء أصاب ما هو في الحلّ أو في الحرم؛تغليبا للحرم.و به قال أبو ثور (2)، و أصحاب الرأي (3)،و أحمد (4).

التاسع:لو نفّر صيدا من الحرم فأصابه شيء حال نفوره،ضمنه

؛لأنّه تسبّب إلى إتلافه،فكان كما لو أتلفه بشبكته أو شركه،و لو سكن من نفوره ثمّ أصابه شيء، فالوجه:عدم الضمان،و هو قول الثوريّ (5).

و قال بعض الجمهور:عليه الضمان؛لأنّ عمر بن الخطّاب وقعت على ركابه (6)حمامة فأطارها فوقعت على واقف فانتهزتها حيّة فاستشار في ذلك عثمان و نافع بن[عبد] (7)الحارث،فحكما عليه بشاة (8).

ص:192


1- 1التهذيب 5:359 الحديث 1250،الاستبصار 2:206 الحديث 702،الوسائل 9:224 الباب 29 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]في الجميع:«مثل الميتة»مكان:«كالميتة».
2- 2) المغني 3:360،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:99،بدائع الصنائع 2:211.
4- 4) المغني 3:360،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376،الكافي لابن قدامة 1:574،الفروع في فقه أحمد 2:259،الإنصاف 3:550.
5- 5) المغني 3:360،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376.
6- 6) في المصادر:ردائه.
7- 7) ما بين المعقوفتين من المصادر،و هو:نافع بن عبد الحارث بن خالد بن عمير بن الحارث الخزاعيّ، روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه أبو الطفيل عامر بن واثلة و جميل بن عبد الرحمن و أبو سلمة بن عبد الرحمن،قال ابن عبد البرّ:كان من كبار الصحابة و فضلائهم،و قيل:إنّه أسلم يوم الفتح و أقام بمكّة و لم يهاجر و استعمله عمر بن الخطّاب على مكّة. أسد الغابة 5:7، [2]الإصابة 3:545، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 3:539، [5]تهذيب التهذيب 10:406. [6]
8- 8) المغني 3:360،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376،عمدة القارئ 10:190،سنن البيهقيّ 5:205.

أمّا لو انتقل الطائر باختياره عن ذلك المكان إلى مكان آخر فأصابه شيء،فلا ضمان؛لأنّه خرج عن المكان الذي طرد إليه.

مسألة:لو رمى صيدا فجرحه و مضى لوجهه و لم يعلم هو حيّ أو ميّت،كان

عليه الفداء

،قاله علماؤنا؛تغليبا لطرف الإتلاف،و لما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده و جرح (1)،فقال:«إن كان الظبي مشى عليها و رعى و هو ينظر إليه،فلا شيء عليه،و إن كان الظبي ذهب لوجهه و هو رافعها فلا يدري ما صنع،فعليه فداؤه؛لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك» (2).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل رمى صيدا و هو محرم،فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد؟قال:«عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد» (3).قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو رآه بعد ما كسر يده أو رجله و قد رعى و صلح،كان عليه ربع قيمته (4).

و رواه-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:

سألته عن رجل رمى صيدا فكسر يده أو رجله و تركه فرعى الصيد؟قال:«عليه ربع الفداء» (5).

ص:193


1- 1كثير من النسخ:و خرج،و في المصادر:فعرج.
2- 2) التهذيب 5:358 الحديث 1245،الاستبصار 2:205 الحديث 700،الوسائل 9:221 الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 5:359 الحديث 1246،الوسائل 9:221 الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
4- 4) المبسوط 1:343، [3]النهاية:228، [4]التهذيب 5:359.
5- 5) التهذيب 5:359 الحديث 1247،الاستبصار 2:205 الحديث 698،الوسائل 9:222 الباب 28 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [5]

و في الصحيح عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل رمى ظبيا و هو محرم،فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدر ما صنع؟ فقال:«عليه فداؤه»قلت:فإنّه رآه بعد يمشي،فقال:«عليه ربع ثمنه» (1).

مسألة:اختلف علماؤنا في المحلّ هل يجوز له قتل الصيد في الحلّ إذا كان

الصيد يؤمّ الحرم أم لا؟

فذهب الشيخ-رحمه اللّه-إلى تحريمه (2).

و منع منه ابن إدريس و جعله مكروها-و هو قول الجمهور كافّة-عملا بالأصل المقتضي للتحليل السالم عن معارضة كون الصائد محرما و كون الصيد في الحرم (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يكره أن يرمى الصيد و هو يؤمّ الحرم» (4).

و عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حلّ رمى صيدا في [الحلّ] (5)فتحامل الصيد حتّى دخل الحرم،فقال:«لحمه حرام،كالميتة» (6).

و عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل قضى

ص:194


1- 1التهذيب 5:359 الحديث 1248،الاستبصار 2:205 الحديث 699،و فيهما:بعد ذلك مشى، الوسائل 9:221 [1] الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2 و ص 222 الباب 28 الحديث 2.
2- 2) المبسوط 1:343،الخلاف 1:491 مسألة-313،النهاية:228.
3- 3) السرائر:133.
4- 4) التهذيب 5:359 الحديث 1249،الاستبصار 2:206 الحديث 701،الوسائل 9:223 الباب 29 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
5- 5) في النسخ:الحرم،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:359 الحديث 1250،الاستبصار 2:206 الحديث 702،الوسائل 9:224 الباب 29 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]

حجّه ثمّ أقبل حتّى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريبا من الحرم و الصيد متوجّه نحو الحرم،فرماه فقتله،ما عليه في ذلك شيء (1)؟قال:«يفديه على نحوه» (2).

و قد روي عن ابن أبي عمير،عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يرمي الصيد و هو يؤمّ الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتّى يدخل الحرم فيموت فيه،قال:«ليس عليه شيء،إنّما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحلّ فوقع فيها صيد،فاضطرب حتّى دخل الحرم فمات فيه»قلت:هذا عندهم من القياس؟قال:«لا،إنّما شبّهت لك شيئا بشيء» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا ليس بمناف لما قدّمناه؛لأنّ قوله عليه السلام:

«ليس عليه شيء»يريد نفي العقاب؛لأنّه يكون ناسيا أو جاهلا،و لا تسقط الكفّارة حينئذ،كذا (4)قال في التهذيب (5).

و قال في الاستبصار في وجه الجمع:قوله عليه السلام:«ليس عليه شيء» يعني من العقاب؛لأنّ فعل ذلك مكروه،و ليس ممّا يستحقّ به العقاب،كما يستحقّ لو فعله في الحرم،و قد صرّح بذلك في الرواية الأولى و إن كانت الكفّارة لازمة (6).

و الذي يدلّ على لزوم الكفّارة مع ما تقدّم،ما رواه الحلبيّ-في الصحيح-عن

ص:195


1- 1كذا في النسخ،و لا توجد كلمة:(شيء)في المصادر.
2- 2) التهذيب 5:360 الحديث 1251،الاستبصار 2:206 الحديث 703،الوسائل 9:224 الباب 30 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:360 الحديث 1252،الاستبصار 2:206 الحديث 704،الوسائل 9:224 الباب 30 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
4- 4) في النسخ:و كذا،حذفنا الواو لاقتضاء السياق.
5- 5) التهذيب 5:360.
6- 6) الاستبصار 2:207.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كنت محلاّ في الحلّ فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد إلى الحرم،فإنّ عليك جزاؤه،فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه،تصدّقت بصدقة» (1).

إذا عرفت هذا:فالأقرب عندي:الكراهية و حمل الأخبار الواردة بالكفّارة على الاستحباب،نعم،إذا أصابه فدخل الحرم و مات فيه،ضمنه على إشكال.

مسألة:و اختلف علماؤنا في تحريم الصيد للمحلّ فيما بين البريد و بين

الحرم

،فقال به الشيخ (2).و جوّزه ابن إدريس-رحمه اللّه-عملا بالأصل المقتضي للإباحة السالم عن معارضة كون الصيد في الحرم و كون الصائد محرما (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كنت محلاّ في الحلّ فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد إلى الحرم،فإنّ عليك جزاؤه،فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه،تصدّقت بصدقة» (4).

و الأقرب عندي:قول ابن إدريس و حمل الرواية على الاستحباب.

ص:196


1- 1التهذيب 5:361 الحديث 1255،الاستبصار 2:207 الحديث 705،الوسائل 9:228 الباب 32 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:346، [2]النهاية:228. [3]
3- 3) السرائر:133.
4- 4) التهذيب 5:361 الحديث 1255،الاستبصار 2:207 الحديث 705.
الصنف الرابع عشر

الاستمتاع بالنساء

مسألة:أجمع علماء الأمصار كافّة على أنّ الوطء حرام على المحرم حال

إحرامه

.قال اللّه تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (1).

و روى الجمهور عن ابن عمر أنّ رجلا سأله،فقال:إنّي واقعت امرأتي و نحن محرمان؟فقال:أفسدت حجّك،انطلق أنت و أهلك فاقضوا ما يقضون و حلّوا إذا أحلّوا،فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت و امرأتك و أهديا هديا،فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجعتم (2).

و كذا روى ابن عبّاس،و في حديثه:و يتفرّقان من حيث يحرمان حتّى يقضيا حجّهما 3.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه و ذكر اللّه و قلّة

ص:197


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- (2-3) ينظر:المغني 3:323، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:321،و [3]بتفاوت ينظر:سنن البيهقيّ 5: 167،كنز العمّال 5:260 الحديث 12815-12816.

الكلام إلاّ بخير،فإنّ تمام الحجّ و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلاّ من خير كما قال اللّه تعالى،فإنّ اللّه يقول: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (1)فالرفث:الجماع،و الفسوق:الكذب،و السباب،و الجدال:قول الرجل:

لا و اللّه و بلى و اللّه» (2).

و عن سليمان بن خالد،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:«في الجدال شاة،و في السباب و الفسوق بقرة،و الرفث:فساد الحجّ» (3).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى عليه السلام عن الرفث و الفسوق و الجدال ما هو؟و ما على من فعله؟فقال:«الرفث:جماع النساء، و الفسوق:الكذب،و التفاخر و الجدال:قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه،فمن رفث فعليه بدنة ينحرها،و إن لم يجد،فشاة،و كفّارة الفسوق يتصدّق به إذا فعله و هو محرم» (4)و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

مسألة:و لا يجوز للمحرم أن يتزوّج،و لا يزوّج،و لا يكون وليّا في النكاح،

و لا وكيلا فيه

،سواء كان رجلا أو امرأة،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام،و عمر،و عبد اللّه بن عمر،و زيد بن ثابت.و من التابعين:سعيد بن

ص:198


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- 2) التهذيب 5:296 الحديث 1003،الوسائل 9:108 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:297 الحديث 1004،الوسائل 9:280 الباب 1 [3] من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1 و ص 282 الباب 2 الحديث 1.
4- 4) التهذيب 5:297 الحديث 1005،الوسائل 9:109 [4] الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4 و ص 256 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 4.

المسيّب،و سليمان بن يسار،و الزهريّ (1).و به قال في الفقهاء مالك (2)، و الشافعيّ (3)،و الأوزاعيّ،و أحمد بن حنبل (4).

و روي عن ابن عبّاس:جواز ذلك كلّه (5)،و به قال أبو حنيفة (6)،و الحكم (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبان بن عثمان،عن عثمان بن عفّان أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا ينكح المحرم و لا ينكح و لا يخطب» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس للمحرم أن يتزوّج و لا يزوّج،فإن تزوّج أو زوّج محلاّ فتزويجه باطل» (9).

ص:199


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:318،الفروع في فقه أحمد 2:209-210،المجموع 7:287،بداية المجتهد 1:331،عمدة القارئ 10:195.
2- 2) الموطّأ 1:348،بداية المجتهد 1:331،المنتقى للباجيّ 2:238،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:274.
3- 3) حلية العلماء 3:293،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:287،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:152.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:318،الكافي لابن قدامة 1:544،الفروع في فقه أحمد 2:209- 210،الإنصاف 3:492، [1]عمدة القارئ 10:195.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:318،عمدة القارئ 10:195.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:191،عمدة القارئ 10:195.
7- 7) المجموع 7:288،عمدة القارئ 10:195.
8- 8) صحيح مسلم 2:1030 الحديث 1409،سنن أبي داود 2:169 الحديث 1841-1842، [2]سنن الترمذيّ 3:199 الحديث 840، [3]سنن النسائيّ 5:192،الموطّأ 1:348 الحديث 70، [4]سنن الدارميّ 2:141، [5]مسند أحمد 1:64، [6]سنن البيهقيّ 5:65،كنز العمّال 5:40 الحديث 11964.
9- 9) التهذيب 5:328 الحديث 1128،الاستبصار 2:193 الحديث 647،الوسائل 9:89 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [7]

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن عمر بن أبان الكلبيّ (1)،قال:انتهيت إلى باب أبي عبد اللّه عليه السلام فخرج المفضّل،فاستقبلته،فقال لي:ما لك؟قلت:

أردت أن أصنع شيئا،فلم أصنع حتّى يأمرني أبو عبد اللّه عليه السلام،فأردت أن يحصن اللّه فرجي و يغضّ بصري في إحرامي،فقال لي:كما أنت،و دخل فسأله عن ذلك،فقال:هذا الكلبيّ على الباب و قد أراد الإحرام و أراد أن يتزوّج ليغضّ اللّه بذلك بصره إن أمرته فعل و إلاّ انصرف عن ذلك،فقال لي:«مره فليفعل و ليستتر» (2).

لأنّه عليه السلام أمره بذلك قبل عقد الإحرام.

و يؤيّده:قول السائل:أراد الإحرام،و أراد أن يتزوّج،و هو يدلّ على أنّه لم يدخل بعد في الإحرام.

و لأنّ الإحرام عبادة يحرّم الطيب فيحرم النكاح،كالعدّة.

احتجّ أبو حنيفة:بما رواه عكرمة عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تزوّج ميمونة و هو محرم (3).و لأنّه عقد يملك به الاستمتاع فلا يحرّمه الإحرام، كشراء الجواري (4).

ص:200


1- 1عمر بن أبان الكلبيّ مولى كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:285،رجال الطوسيّ:252،الفهرست:114، [1]رجال العلاّمة:120. [2]
2- 2) التهذيب 5:329 الحديث 1131،الاستبصار 2:193 الحديث 650،الوسائل 9:90 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:19،صحيح مسلم 2:1031 الحديث 1410،سنن الترمذيّ 3:201 الحديث 842، [4]سنن النسائيّ 5:191.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:191،عمدة القارئ 10:195.

و الجواب عن الأوّل:أنّ يزيد بن الأصمّ (1)روى عن ميمونة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تزوّجها حلالا،و بنى بها حلالا،و ماتت ب«سرف»في الظلّة التي بنى بها فيها (2).

و عن أبي رافع،قال:تزوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه آله ميمونة و هو حلال، و بنى بها و هو حلال،و كنت أنا الرسول بينهما (3).

إذا ثبت هذا:فهذا الحديث أولى من حديث أبي حنيفة؛لأنّ ميمونة صاحبة القصّة و هي أعلم من ابن عبّاس؛لأنّه أجنبيّ منها.

و لأنّ أبا رافع كان السفير بينهما فهو أعلم من ابن عبّاس في هذه الصورة.

و لأنّ ابن عبّاس كان صغيرا لا يعرف حقايق الأشياء،و لا يقف عليها،فربّما توهّم الإحرام و ليس بموجود،بخلاف أبي رافع.

و مع ذلك فقد أنكر عليه جماعة،قال سعيد بن المسيّب:و هم ابن عبّاس ما تزوّجها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ حلالا.

و أيضا:فإنّ لقول ابن عبّاس محملين:

أحدهما:أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تزوّجها في الشهر الحرام أو في البلد الحرام،فإنّه يصدق عليه المحرم حينئذ،كما قالوا:

ص:201


1- 1يزيد بن الأصمّ بن عبيد بن معاوية أبو عوف البكّائيّ الكوفيّ ابن أخت ميمونة زوجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله روى عن خالته و عائشة و أبي هريرة و ابن خالته ابن عبّاس و روى عنه ابنا أخيه...و محمّد بن مسلم الزهريّ و ميمون بن مهران.مات سنة 103 ه. أسد الغابة 5:104، [1]تهذيب التهذيب 11:313، [2]العبر 1:95. [3]
2- 2) صحيح مسلم 2:1032 الحديث 1411،سنن أبي داود 2:169 الحديث 1843، [4]سنن الترمذيّ 3:203 الحديث 845، [5]سنن البيهقيّ 5:66،عمدة القارئ 10:195.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:200 الحديث 841، [6]سنن البيهقيّ 5:66،عمدة القارئ 10:195.

قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما (1).

الثاني:أن يكون تزوّجها و هو حلال،و ظهر أمر التزويج و هو محرم.

و أيضا:لو صحّ هذا الحديث،كان حديثنا أولى؛لأنّه قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و هذا قول ابن عبّاس حكاية فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لو ثبت، كان القول مقدّما على الفعل.

و عن الثاني:بالفرق؛فإنّ شراء الأمة قد لا يكون للاستمتاع،بل الغالب ذلك، بخلاف عقد النكاح،فلمّا كان مقدّمة للمحرّم كان حراما،بخلاف شراء الأمة.

و أيضا:فإنّ النكاح يحرم بالعدّة و اختلاف الدين و الردّة و كون المنكوحة أختا له من الرضاع،و يعتبر له شرائط غير معتبرة في شراء الإماء،فافترقا.

فرع:

لو أفسد إحرامه،لم يجز له أن يتزوّج فيه أيضا

؛لأنّ حكم الفاسد فيما يمنع حكم الصحيح.

مسألة:و لو تزوّج في إحرامه،فعل محرّما و كان النكاح باطلا

،و يفرّق بينهما، سواء كانا محرمين أو أحدهما؛لأنّه منهيّ عنه،فيكون فاسدا،كنكاح الأمّ من الرضاعة.

و لما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم تزوّج،قال:«نكاحه باطل» (2).

ص:202


1- 1صدر بيت للراعي،و عجزه:و دعا فلم أر مثله مخذولا. ينظر:المغني و الشرح الكبير 3:319،الصحاح 5:1897. [1]
2- 2) التهذيب 5:328 الحديث 1129،الاستبصار 2:193 الحديث 648،الوسائل 9:89 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [2]

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه-في الصحيح-قال:قال له أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رجلا من الأنصار تزوّج و هو محرم،فأبطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نكاحه» (1).

و كذلك لو عقد المحرم النكاح لغيره؛فإنّه يكون العقد باطلا؛لما روى الشيخ -في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم لا يتزوّج و لا يزوّج،فإن فعل،فنكاحه باطل» (2).

و عن الحسن بن عليّ،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد،فإن نكح فنكاحه باطل» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«ليس ينبغي للمحرم أن يتزوّج و لا يزوّج محلاّ» (4).

مسألة:يكره الخطبة للمحرم و خطبة المحرمة،و يكره للمحرم أن يخطب

للمحلّين

؛لأنّه تسبّب إلى الحرام،فكان مكروها،كالصرف،و الفرق بين الخطبة هاهنا و بين الخطبة في العدّة أنّ الخطبة في العدّة إنّما حرّمت؛لأنّها تكون داعية للمرأة إلى أن تخبر بانقضاء عدّتها قبل انقضائها؛رغبة في النكاح،فكان حراما،أمّا هاهنا فليس كذلك،فلهذا قلنا:إنّه مكروه و ليس بمحرّم،بخلاف الخطبة في العدّة.

ص:203


1- 1التهذيب 5:328 الحديث 1130،الاستبصار 2:193 الحديث 649،الوسائل 9:89 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:330 الحديث 1135،الوسائل 9:90 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 5:330 الحديث 1136،الوسائل 9:90 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 5:330 الحديث 1137،الوسائل 9:90 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [4]
مسألة:و لا يجوز للمحرم أن يشهد بالعقد بين المحلّين،و لو شهد،انعقد

النكاح عندنا

؛لأنّ النكاح لا يعتبر فيه الشهادة.و قال الشافعيّ:يجوز له أن يشهد (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض ألفاظه:«لا ينكح المحرم و لا ينكح و لا يشهد» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن عليّ،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد،فإن نكح فنكاحه باطل» (3).

و عن عثمان بن عيسى،عن[ابن]شجرة (4)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح المحلّين؟قال:«لا يشهد» (5).

و لأنّه معونة على المحرّم،فكان حراما.

احتجّ المخالف:بأنّه لا مدخل للشاهد في العقد،فأشبه الخطيب.

و الجواب:الفرق؛لأنّ الخطبة لإيقاع العقد في حال الإحلال وسيلة إلى الحلال،أمّا الشهادة على عقد المحرم،فإنّه معونة على فعل الحرام،فكان حراما.

ص:204


1- 1حلية العلماء 3:294،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:284.
2- 2) المغني 3:322،الشرح الكبير بهامش المغني 3:320،المجموع 7:284.
3- 3) التهذيب 5:330 الحديث 1136،الوسائل 9:90 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [1]
4- 4) في النسخ:أبي شجرة،و في المصادر:ابن أبي شجرة،و الصحيح ما أثبتناه و قد مرّت ترجمته في ص 158.
5- 5) التهذيب 5:315 الحديث 1087،الاستبصار 2:188 الحديث 630،الوسائل 9:89 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
فرع:

قد بيّنّا أنّه لا يجوز للمحرم أن يكون وليّا و لا وكيلا في العقد

،لا للمحلّ و لا للمحرم (1).و كذا الإمام لا يجوز له أن يعقد في حال إحرامه لأحد،خلافا للشافعيّ في أحد الوجهين (2).

لنا:عموم الخبر (3).

احتجّ:بأنّه يجوز له التزويج للمحرمين بولايته العامّة؛لأنّه موضع الحاجة (4).

و الجواب:المنع من الحاجة الزائدة على عقد الوليّ بالولاية الخاصّة.

مسألة:لو عقد المحرم حال إحرامه على امرأة،فإن كان عالما بتحريم ذلك،

فرّق بينهما

و لم تحلّ له أبدا،و إن لم يكن عالما،فرّق بينهما،فإذا أحلاّ،أو أحلّ إن لم تكن هي محرمة،جاز له العقد عليها،ذهب إليه علماؤنا،خلافا للجمهور.

لنا:الاحتياط يقتضي التحريم المؤبّد.

و ما رواه الشيخ عن أديم بن الحرّ الخزاعيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«إنّ المحرم إذا تزوّج و هو محرم،فرّق بينهما و لا يتعاودان أبدا،و التي تتزوّج (5)و لها زوج،يفرّق بينهما و لا يتعاودان أبدا» (6).

ص:205


1- 1يراجع:ص 198. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:293،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:284.
3- 3) الوسائل 9:89 الباب 14 من أبواب تروك الإحرام.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7:283.
5- 5) في النسخ:«و الذي تزوّج»مكان:«و التي تتزوّج».
6- 6) ما رواه أديم هو روايتان منفصلتان أخرجهما الشيخ في موضعين:الأولى:في التهذيب 5:329 الحديث 1132،و الثانية:في ج 7:307 الحديث 1271 من التهذيب أيضا،و قد أوردهما الحرّ العامليّ عنه في موضعين من الوسائل، [2]الأولى في ج 9:91 الباب 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2،و الأخرى في ج 14:341 الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.و قد أوردهما المصنّف هنا برواية واحدة.

و عن إبراهيم بن الحسن (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ المحرم إذا تزوّج و هو محرم،فرّق بينهما،ثمّ لا يتعاودان أبدا» (2).

و يدلّ على جواز المراجعة مع الجهل و عدم الدخول:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأته و هو محرم قبل أن يحلّ،فقضى أن يخلّي سبيلها،و لم يجعل نكاحه شيئا حتّى يحلّ،فإذا أحلّ خطبها،إن شاء أهلها زوّجوه، و إن شاءوا لم يزوّجوه» (3).

فروع:
الأوّل:لو وكّل محلّ محلاّ في التزويج،فعقد له الوكيل بعد إحرام الموكّل،

لم يصحّ النكاح

،سواء حضره الموكّل أو لم يحضره،و سواء علم الوكيل أو لم يعلم؛ لأنّ الوكيل نائب عن الموكّل،فكان العقد في الحقيقة مستندا إليه و هو محرم.

الثاني:لو وكّل محرم محلاّ في التزويج،فعقد الوكيل،نظر،فإن كان العقد وقع

و الموكّل محرم بعد،كان النكاح باطلا

،و إن كان بعد الإحلال،صحّ العقد و لزم؛لأنّه زوّجه بإذنه في حال يصحّ فيها نكاحه،فصحّ العقد.

ص:206


1- 1إبراهيم بن الحسن،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه ابن بكير و أحمد بن محمّد الكوفيّ،قال المامقانيّ:لم أقف على حاله و ذكر السيّد الخوئيّ روايته عن وهب بن حفص و رواية عبد اللّه بن أحمد عنه في الكافي 1:472 باب مولد الصادق عليه السلام الحديث 1. [1] تنقيح المقال 1:15، [2]معجم رجال الحديث 1:80. [3]
2- 2) التهذيب 5:329 الحديث 1133،الوسائل 9:91 الباب 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [4]
3- 3) التهذيب 5:330 الحديث 1134،الوسائل 9:92 الباب 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [5]

فإن قيل:يفسد العقد لفساد التوكيل،فصار كالصبيّ إذا وكّل في التزويج،فعقد له الوكيل في وقت بلوغه.قلنا:الإذن وقع في النكاح مطلقا في حال الإحرام و الإحلال،لكن ما تناول حالة الإحرام يكون باطلا،و ما تناول حالة الإحلال يكون صحيحا،و الوكالة إذا اشتملت على شرط فاسد،بطل ذلك،و بقي مجرّد الإذن يوجب صحّة التصرّف لذلك،و فساده في بعضه لا يمنع نفوذ التصرّف فيما يتناوله الإذن على وجه الصحّة،بخلاف الصبيّ إذا وكّل،فإنّ الوكالة لا اعتبار بها في تلك الحال،و لا في ثانيه،و لم يوجد منه الإذن في ثاني الحال،و لا في أوّله على وجه الصحّة،فافترقا.

الثالث:إذا اتّفق الزوجان على أنّ العقد وقع في حال الإحرام،بطل

،و سقط المهر إن كانا عالمين أو جاهلين و لم يدخل بها؛لفساد العقد في أصله،و إن دخل بها و هي حاملة،ثبت لها المهر بما استحلّ من فرجها،و فرّق بينهما.

و لو اختلفا فادّعى أحدهما أنّه وقع في الإحلال،و الآخر أنّه وقع في الإحرام،فإن كان لأحدهما بيّنة،حكم بها،و إن لم تكن بيّنة و ادّعت الزوجة وقوعه حالة الإحرام و أنكر الرجل،فالقول قوله؛عملا بالأصل المقتضي لصحّة العقد، و حكما بالظاهر من صحّة النكاح،فإذا حلف،ثبت النكاح.

و لو ادّعى الرجل وقوعه في الإحرام،فأنكرت المرأة،فالقول قولها مع يمينها؛لما مضى،إلاّ أن يحكم بانفساخ العقد في حقّ الزوج؛لأنّه ادّعى فساده، و يثبت عليه أحكام النكاح الصحيح.

إذا ثبت هذا:فإن كان قد دخل بها،وجب عليه المهر كملا؛لما رواه ابن بابويه عن سماعة،قال:«لها المهر إن كان دخل بها» (1).

ص:207


1- 1الفقيه 2:231 الحديث 1098،الوسائل 9:92 الباب 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [1]

و إن لم يكن دخل بها،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجب عليه نصف المهر (1).

و لو قيل:بوجوبه أجمع،كان وجها.

الرابع:لو أشكل الأمر فلم يعلم هل وقع العقد في حال الإحرام أو الإحلال،

صحّ العقد

،و به قال الشافعيّ (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و الأحوط تجديده؛لأنّ الأوّل إن وقع في الإحلال لم يضرّ الثاني،و إلاّ كان مبيحا (3).

الخامس:لو شهد و هو محرم،فعل حراما و صحّ العقد

؛لأنّه ليس من شرطه الشهادة،و لو أقام الشهادة بذلك،لم يثبت بشهادته النكاح إذا كان يتحمّلها و هو محرم،قاله الشيخ-رحمه اللّه (4)-و الأقوى عندي ثبوته إذا أقامها في حالة الإحلال.

السادس:كما يحرم عليه الشهادة بالعقد حال إحرامه يحرم عليه إقامتها في

تلك الحال

،و لو تحمّلها محلاّ،أمّا لو تحمّلها محرما و أقامها محلاّ،فالوجه عندي:

قبولها.

السابع:إذا وطئ العاقد في حال الإحرام،لزمه المهر

،إمّا المسمّى إن كان قد سمّاه،و إلاّ مهر المثل،و يلحق به الولد،و يفسد حجّه إن كان قبل الوقوف بالموقفين، و يلزمها العدّة،و إن لم يدخل بها،فلا يلزمه شيء من ذلك.

و لو عقد المحرم لغيره،كان العقد فاسدا،ثمّ ينظر،فإن كان المعقود له محرما و دخل بها،لزم العاقد بدنة.و سيأتي بيان ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى.

ص:208


1- 1المبسوط 1:318، [1]الخلاف 1:444 مسألة-113.
2- 2) المجموع 7:287.
3- 3) المبسوط 1:317، [2]الخلاف 1:443 مسألة-112.
4- 4) المبسوط 1:317. [3]
مسألة:و لا بأس أن يراجع امرأته و هو محرم

،قاله علماؤنا.و به قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد في إحدى الروايتين.و قال في الأخرى:

لا يجوز (3).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ (4).

و عموم قوله تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (5).و الإمساك هو المراجعة،و لم يفصّل.

و لأنّه ليس باستئناف عقد،بل إزالة مانع عن الوطء و يمسك بالعقد؛لقوله:

فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ .فكان سائغا،كالتكفير عن الظهار.

احتجّ أحمد:بأنّه استباحة فرج مقصود بعقد،فلا يجوز في الإحرام،كعقد النكاح (6).

و الجواب:الفرق،فإنّ عقد النكاح يملك به الاستمتاع،بخلاف الرجعة؛لأنّ الاستمتاع مملوك له قبلها؛إذ لا تخرج بالطلقة الرجعيّة عن أحكام الزوجات،و لهذا يتوارثان فيها.

على أنّ المشهور من مذهب أحمد:أنّ الرجعيّة مباحة،فلا يصحّ قوله:

الرجعة استباحة.

ص:209


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،حلية العلماء 3:294،المهذّب للشيرازيّ 1:210،المجموع 7: 285،290،الميزان الكبرى 2:43،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:152.
2- 2) الموطّأ 1:349،المنتقى للباجيّ 2:239،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:275.
3- 3) المغني 3:341، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:320، [2]الكافي لابن قدامة 1:544،الفروع في فقه أحمد 2:211-212.
4- 4) البقرة(2):228. [3]
5- 5) البقرة(2):229. [4]
6- 6) المغني 3:341،الشرح الكبير بهامش المغني 3:320،الكافي لابن قدامة 1:544.
مسألة:و يجوز له شراء الإماء حال الإحرام،لكن لا يقربهنّ إجماعا

؛لأنّ الشراء لفائدة الاستخدام غالبا،فكان سائغا،و سواء قصد به التسرّي أو لم يقصد، لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه ليس بموضوع للاستباحة في البضع،فأشبه شراء العبد و البهائم و لذلك أبيح شراء من لا يحلّ وطؤها،و لم يحرم الشراء في حال يحرم فيه الوطء.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سعد بن سعد-في الصحيح-عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن المحرم يشتري الجواري و يبيع؟قال:«نعم» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز له مفارقة النساء حال الإحرام بكلّ حال،من طلاق أو خلع،أو ظهار،أو لعان،أو غير ذلك من أسباب الفرقة،و لا نعلم فيه خلافا.

رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«المحرم يطلّق و لا يزوّج» (2).

مسألة:و كما يحرم وطء النساء قبلا حال الإحرام،فكذا يحرم دبرا إجماعا

، و يتعلّق به الإفساد على حدّ ما يتعلّق بالوطء في القبل على ما يأتي بيانه و الخلاف فيه.

و كذا يحرم على المحرم التقبيل للنساء و ملاعبتهنّ بشهوة،و النظر إليهنّ بشهوة،و الملامسة و إن كان بدون الجماع؛لما رواه الجمهور عن عبد الرحمن بن

ص:210


1- 1التهذيب 5:331 الحديث 1139،الوسائل 9:92 الباب 16 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:231 الحديث 1100،الوسائل 9:93 الباب 17 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. و فيهما:«و لا يتزوّج».

الحارث (1)أنّ عمر بن عبد اللّه (2)قبّل عائشة بنت طلحة (3)محرما،فسأل،فأجمع له على أن يهريق دما (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قبّل امرأته و هو محرم،قال:«عليه بدنة و إن لم ينزل،و ليس له أن يأكل منه» (5).

و عن مسمع أبي سيّار،قال:قال[لي] (6)أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا أبا سيّار إنّ حال المحرم ضيّقة،إن قبّل امرأته على غير شهوة و هو محرم،فعليه دم شاة، و من قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور و يستغفر اللّه،و من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة،فعليه دم شاة،و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى،فعليه جزور،

ص:211


1- 1عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم أبو محمّد المدنيّ ولد في زمان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله روى عن أبيه و عمر و عثمان و عليّ عليه السلام و أبي هريرة و حفصة و عائشة...و روى عنه أولاده أبو بكر و عكرمة توفّي في خلافة معاوية. أسد الغابة 3:283، [1]تهذيب التهذيب 6:156. [2]
2- 2) كذا في النسخ،و الصحيح:عمر بن عبيد اللّه بن معمّر التيميّ القرشيّ و هو زوج عائشة بنت طلحة بن عبيد اللّه،روى عن أبان بن عثمان. الجرح و التعديل 6:120،التاريخ الكبير للبخاريّ 6:175.
3- 3) عائشة بنت طلحة بن عبيد اللّه التيميّة،روت عن عائشة و عنها ابنها طلحة بن عبد اللّه بن عبد الرحمن و حبيب بن أبي عمر تزوّجها عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر ثمّ مصعب بن الزبير ثمّ عمر بن عبيد اللّه بن معمّر.تهذيب التهذيب 12:436. [3]
4- 4) أوردها ابن قدامة في المغني 3:334.
5- 5) التهذيب 5:327 الحديث 1123،الوسائل 9:277 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 4. [4]
6- 6) أثبتناها من المصدر.

و إن مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة،فلا شيء عليه» (1).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى،قال:«ليس عليه شيء» (2).

لأنّه محمول على حال السهو دون العمد؛جمعا بين الأخبار.

فروع:
الأوّل:لو نظر إليها من غير شهوة و أمنى،لم يكن عليه شيء،و إن كان بشهوة

، كان عليه جزور مع اليسار،رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي بصير،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل محرم نظر إلى ساق امرأته فأمنى،فقال:«إن كان موسرا فعليه بدنة،و إن كان وسطا فعليه بقرة،و إن كان فقيرا فعليه شاة»ثمّ قال:

«أما إنّي لم أجعل هذا عليه لأنّه أمنى،إنّما جعلته (3)عليه لأنّه نظر إلى ما لا يحلّ له» (4).

و في الصحيح عن حريز،عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل،قال:«عليه جزور أو بقرة،فإن لم يجد

ص:212


1- 1التهذيب 5:326 الحديث 1121،الاستبصار 2:191 الحديث 641،الوسائل 9:88 الباب 12 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:327 الحديث 1122،الاستبصار 2:192 الحديث 643،الوسائل 9:276 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 7. [2]
3- 3) في النسخ:«جعل»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:325 الحديث 1115،الوسائل 9:272 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [3]

فشاة» (1).

و يدلّ على سقوط الكفّارة مع الإمناء بغير شهوة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم،قال:«لا شيء عليه» (2).

الثاني:لو حملها بشهوة فأمنى أو لم يمن،وجب عليه دم شاة

،و لو لم يكن بشهوة،لم يكن عليه شيء،و لو أمنى.

روى الشيخ عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المحرم يضع يده على امرأته؟قال:«لا بأس»قلت:فإن هو أراد أن ينزلها في المحمل و يضمّها إليه؟قال:«لا بأس»قلت:فإنّه أراد أن ينزلها في المحمل فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوة؟قال:«ليس عليه شيء إلاّ أن يكون طلب ذلك» (3).

و في الصحيح عن حريز،عن محمّد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل محرم حمل امرأته و هو محرم فأمنى أو أمذى،قال:«إن كان حملها و مسّها بشيء من الشهوة،فأمنى أو لم يمن أو أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه،و إن حملها أو مسّها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شيء» (4).

الثالث:لا يحرم للمحرم أن يقبّل أمّه

؛لأنّه ليس محلّ الشهوة،و لا داعيا إلى

ص:213


1- 1التهذيب 5:325 الحديث 1116،الوسائل 9:272 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:325 الحديث 1117،الاستبصار 2:191 الحديث 642،الوسائل 9:274 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:326 الحديث 1118،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 5:326 الحديث 1119،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 6. [4]

الجماع،فكان سائغا.

روى الشيخ عن الحسين بن حمّاد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يقبّل أمّه؟قال:«لا بأس به،هذه قبلة رحمة،إنّما تكره قبلة الشهوة» (1).

إذا ثبت هذا:فالتعليل الذي علّل الإمام عليه السلام به يستحبّ في غير الأمّ، كالبنت و الأخت،و العمّة و الخالة،و بنت الأخ،و غير هنّ من المحرمات.

الرابع:كلّ موضع حكمنا فيه ببطلان العقد،فإنّه يفرّق بين الرجل و المرأة فيه

بغير خلاف

.و به قال الشافعيّ (2).و قال مالك:يفرّق بينهما بطلقة (3).

لنا:أنّ الطلاق فرع ثبوت العقد و صحّته،و التقدير فساده و بطلانه،فلا يطرأ عليه ما هو فرعه.

ص:214


1- 1التهذيب 5:328 الحديث 1127،الوسائل 9:277 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:294،المجموع 7:290.
3- 3) بداية المجتهد 2:71-72،المنتقى للباجيّ 2:239.
الصنف الخامس عشر

الفسوق و الجدال

مسألة:يحرم على المحرم الفسوق،و هو الكذب

.و على غير المحرم أيضا، إلاّ أنّه آكد في حقّ المحرم.

قال اللّه تعالى: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (1).

قال الصادق عليه السلام في حديث معاوية بن عمّار الصحيح:«و الفسوق:

الكذب و السباب» (2).

و عنه عليه السلام في حديث سليمان بن خالد:«و في السباب و الفسوق بقرة» (3).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:

«و الفسوق:الكذب» (4)و لا نعلم فيه خلافا.

ص:215


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- 2) الكافي 4:337 الحديث 3، [2]التهذيب 5:296 الحديث 1003،الوسائل 9:108 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
3- 3) الكافي 4:339 الحديث 6، [4]التهذيب 5:297 الحديث 1004،الوسائل 9:282 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [5]
4- 4) التهذيب 5:297 الحديث 1005،الوسائل 9:109 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [6]
مسألة:و يحرم عليه الجدال،و هو قول الرجل لغيره:لا و اللّه و بلى و اللّه

؛لأنّه قال الصادق عليه السلام في حديث معاوية بن عمّار:«و الجدال:قول الرجل:

لا و اللّه و بلى و اللّه» (1).

و كذا في حديث عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام (2).

و قال مجاهد: وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ أي لا مجادلة،و لا شكّ في الحجّ أنّه في ذي الحجّة (3).و الأوّل:أصحّ و قول مجاهد لم يوافقه عليه أحد.

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ للمحرم قلّة الكلام إلاّ فيما ينفع.

روى الجمهور عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال:

«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» (4).

و عن الحسين بن عليّ عليهما السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه و ذكر اللّه و قلّة الكلام إلاّ بخير،فإنّ تمام الحجّ و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلاّ من خير،كما قال اللّه تعالى،فإنّ اللّه يقول: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي

ص:216


1- 1الكافي 4:337 الحديث 3، [1]التهذيب 5:296 الحديث 1003،الوسائل 9:108 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 5:297 الحديث 1005،الوسائل 9:109 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [3]
3- 3) تفسير الطبريّ 2:275، [4]تفسير القرطبيّ 2:410، [5]المغني 3:271،الشرح الكبير بهامش المغني 3:336.
4- 4) سنن الترمذيّ 4:659 الحديث 2500، [6]مجمع الزوائد 8:176.
5- 5) مسند أحمد 1:201 [7] فيه بتفاوت يسير،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:128 الحديث 2886.

اَلْحَجُّ (1)فالرفث:الجماع،و الفسوق:الكذب،و الجدال:قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه» (2).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اتّق المفاخرة،و عليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه عزّ و جلّ، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (3)و من التّفث:أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح،فإذا دخلت مكّة،و طفت بالبيت تكلّمت بكلام طيّب،و كان ذلك كفّارة لذلك» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و الحلبيّ جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (5)فقال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ (6)اشترط على الناس شرطا،و شرط لهم شرطا،فمن وفى له،و فى اللّه له»فقالا له:فما الذي اشترط عليهم؟و ما الذي شرط لهم؟فقال:«أمّا الذي اشترط عليهم فإنّه قال:

اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و أمّا ما شرط لهم،فإنّه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (7)قال:«يرجع لا ذنب له»فقالا له:أ رأيت من ابتلي بالفسوق

ص:217


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- 2) التهذيب 5:296 الحديث 1003،الوسائل 9:108 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) الحجّ(22):29. [3]
4- 4) الفقيه 2:214 الحديث 974،الوسائل 9:109 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [4]
5- 5) البقرة(2):197. [5]
6- 6) أكثر النسخ:«جلّ جلاله»مكان:«عزّ و جلّ».
7- 7) البقرة(2):203. [6]

ما عليه؟فقال:«لم يجعل اللّه له حدّا،يستغفر اللّه و يلبّي»فقالا له:فمن ابتلي بالجدال فما عليه؟فقال:«إذا جادل فوق مرّتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة و على المخطئ بقرة» (1).

إذا عرفت هذا:فلو جادل،كان عليه من الكفّارة ما يأتي،فإن كذب،استغفر اللّه و لا شيء عليه؛عملا بالأصل و بهذا الحديث.

ص:218


1- 1الفقيه 2:212 الحديث 968،الوسائل 9:108 [1] الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2 و ص 280 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2 و ص 282 الباب 2 الحديث 2.
البحث الثاني
اشارة

في ما لا يجب اجتنابه

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز للمحرم أن يلبس الهميان

(1)،و هو قول أكثر أهل العلم و جمهورهم.روي ذلك عن ابن عبّاس،و سعيد بن المسيّب،و عطاء،و مجاهد، و طاوس،و القاسم،و النخعيّ (2)،و الشافعيّ (3)،و إسحاق،و أبي ثور (4)،و أصحاب الرأي (5).

قال ابن عبد البرّ:أجمع فقهاء الأمصار متقدّموهم و متأخّروهم على جواز ذلك (6).و كرهه ابن عمر و نافع مولاه (7).

ص:219


1- 1يراجع:ص 18-19.
2- 2) المغني 3:282، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:285، [2]المجموع 7:255،عمدة القارئ 9: 154.
3- 3) المجموع 7:255، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:445-446، [4]مغني المحتاج 1:518.
4- 4) المغني 3:282، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:285. [6]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:127،بدائع الصنائع 2:186،الهداية للمرغينانيّ 1:139، [7]شرح فتح القدير 2:350،تبيين الحقائق 2:262،مجمع الأنهر 1:269.
6- 6) المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:285،الفروع في فقه أحمد 2:205،عمدة القارئ 9:154.
7- 7) المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:285،المجموع 7:255،الفروع في فقه أحمد 2:205.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحرم في الهميان أن يربطه،إذا كانت فيه نفقته (1).و قال ابن عبّاس:أوثقوا عليكم نفقاتكم،رخّص في الخاتم و الهميان للمحرم (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه عن ابن فضّال،عن يونس بن يعقوب، قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المحرم يشدّ الهميان في وسطه؟فقال:«نعم، و ما خيره بعد نفقته» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير،عنه عليه السلام أنّه قال:«كان أبي عليه السلام يشدّ على بطنه نفقته يستوثق[بها] (4)،فإنّها تمام حجّه» (5).

و لأنّه ممّا يشتدّ الحاجة إليه،فلو لم يصحّ،لزم الحرج.

مسألة:و يجوز للمحرم أن يلبس السلاح عند الحاجة إليه و الضرورة إجماعا

، إلاّ من الحسن البصريّ؛فإنّه كرهه أيضا (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن البراء،قال:لمّا صالح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الحديبيّة صالحهم على أن لا يدخلوها إلاّ بجلبان (7)السلاح:القراب بما فيه (8).

ص:220


1- 1المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:285.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:69،المغني 3:282،الشرح الكبير بهامش المغني 3:286.
3- 3) الفقيه 2:221 الحديث 1027،الوسائل 9:128 الباب 47 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4. [1]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) الفقيه 2:221 الحديث 1028،الوسائل 9:128 الباب 47 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
6- 6) حلية العلماء 3:305،المغني 3:284،الشرح الكبير بهامش المغني 3:287،المجموع 7: 269.
7- 7) د،ر:بجلباب.
8- 8) سنن أبي داود 2:167 الحديث 1832، [3]سنن البيهقيّ 5:69.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ المحرم إذا خاف العدوّ و لبس السلاح،فلا كفّارة عليه» (1).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ يحمل السلاح[المحرم] (2)؟فقال:«إذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا فليلبس السلاح» (3).

و لأنّ الحاجة تدعو إليه و تمسّ الضرورة إليه،فلو لم يبح،لزم الضرر.

هذا مع الضرورة،فأمّا مع الأمن و عدم الضرورة هل يحرم لبسه أم لا؟اختلف علماؤنا على قولين:فقال بعضهم بالتحريم (4)؛قضيّة للشرط في قول الصادق عليه السلام:«إذا خاف العدوّ و لبس السلاح،فلا كفّارة عليه» (5).

و الوجه:الكراهية؛لأنّه ليس بملبوس منصوص على تحريمه،و لا في معنى المنصوص.و احتجاجهم مأخوذ من دليل الخطاب،و هو ضعيف عندنا.

مسألة:يكره للمحرم النوم على الفرش المصبوغة و ليس بحرام

،رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء» (6).

ص:221


1- 1التهذيب 5:387 الحديث 1351،الوسائل 9:137 الباب 54 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:387 الحديث 1352،الوسائل 9:137 الباب 54 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) ينظر:المبسوط 1:322،النهاية:222،الاقتصاد:448.
5- 5) التهذيب 5:387 الحديث 1351،الوسائل 9:137 الباب 54 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:68 الحديث 221،الوسائل 9:104 الباب 28 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]

و كذا يكره الإحرام في الثوب المصبوغ بالسواد أو المعصفر و شبهه،و يتأكّد في السواد و النوم عليه.

و في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة.

و لبس الثياب المعلمة.

و استعمال الحنّاء للزينة.

و النقاب للمرأة على إشكال.و دخول الحمّام و تدليك الجسد فيه.

و استعمال الرياحين،و قد مضى ذلك كلّه (1).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكره للمحرم أن يلبّي من دعاه،بل يجيب

بكلام غير ذلك

؛لأنّه في مقام التلبية للّه تعالى،فكره لغيره (2).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس للمحرم أن يلبّي من دعاه حتّى يقضي إحرامه»قلت:كيف يقول؟قال:«يقول:يا سعد» (3).

مسألة:لا بأس أن يؤدّب الرجل عبده عند حاجته إلى ذلك و هو محرم

؛لأنّه في محلّ الحاجة،فكان سائغا.

و رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يؤدّب المحرم عبده ما بينه و بين عشرة أسواط» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ المحرم إذا مات،غسّل و حنّط و كفّن،كالحلال

إلاّ أنّه

ص:222


1- 1يراجع:الجزء العاشر:264-268 و 276،و من هذا الجزء ص 24 و 29.
2- 2) المبسوط 1:322، [1]النهاية:221. [2]
3- 3) التهذيب 5:386 الحديث 1348،الوسائل 9:178 الباب 91 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:387 الحديث 1353،الوسائل 9:180 الباب 95 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [4]

لا يقرّب الكافور و لا الطيب أصلا إجماعا؛لما تقدّم من الأحاديث (1).

و لما رواه الشيخ عن ابن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟فحدّثني:«إنّ عبد الرحمن بن الحسن بن عليّ مات بالأبواء مع الحسين بن عليّ عليهما السلام و هو محرم،و مع الحسين عليه السلام عبد اللّه بن العبّاس،و عبد اللّه بن جعفر،فصنع به كما صنع بالميّت و غطّى وجهه و لم يمسّه طيبا» قال:«ذلك في كتاب عليّ عليه السلام» (2).

و في الصحيح عن العلاء،عن محمّد،عن أبي جعفر عليه السلام عن المحرم إذا مات كيف يصنع به؟قال:«يغطّى وجهه و يصنع به كما يصنع بالحلال غير أنّه لا يقرّبه طيبا» (3).

مسألة:إذا قتل المحرم حيوانا و شكّ في أنّه صيد أو لا،لم يكن عليه شيء

؛ عملا بالأصل من براءة الذمّة.

أمّا لو علمه صيدا و شكّ في أيّ صنف هو،فإنّه يلزمه دم شاة؛لأنّه أقلّ مراتب الصيد فيكون هو المتيقّن.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن يحيى رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو و هو محرم،قال:«عليه شاة» (4).

مسألة:لا بأس أن يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله

و يترك إلى وقت

ص:223


1- 1يراجع:الجزء الرابع:177،و من هذا الجزء ص 23.
2- 2) التهذيب 5:383 الحديث 1337،الوسائل 2:697 الباب 13 من أبواب غسل الميّت الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 5:384 الحديث 1338،الوسائل 9:170 الباب 83 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:384 الحديث 1342،الوسائل 9:250 الباب 54 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]

إحلاله ثمّ يأكله إذا لم يكن صاده هو.

رواه الشيخ عن عليّ بن مهزيار،قال:سألته عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده (1)،هل يجوز أن يكون معه و لا يأكله و يدخله مكّة و هو محرم،فإذا أحلّ أكله؟فقال:«نعم،إذا لم يكن صاده» (2).

مسألة:و يجوز إخراج الفهد من الحرم

،رواه الشيخ عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:[قلت] (3)له:فهود تباع على باب المسجد ينبغي لأحد أن يشتريها و يخرج بها؟قال:«لا بأس» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل أدخل فهدا إلى الحرم،أله أن يخرجه؟فقال:«هو سبع،و كلّما أدخلت من السباع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه» (5).

و لا بأس بإخراج القماريّ و الدباسيّ من مكّة على رواية،و لا يجوز قتلها و لا أكلها.و قد روى الشيخ عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء القماريّ يخرج من مكّة و المدينة،فقال:«ما أحبّ أن يخرج منها شيء» (6).

ص:224


1- 1في النسخ:في داره،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:385 الحديث 1345،الوسائل 9:230 الباب 35 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:385 الحديث 1346،الوسائل 9:236 الباب 41 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 5:367 الحديث 1281،الوسائل 9:236 الباب 41 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:349 الحديث 1212،الوسائل 9:204 الباب 14 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [4]
مسألة:و لا بأس بإخراج ماء زمزم،بل يستحبّ للتبرّك به

،رواه الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة» (1).

ص:225


1- 1التهذيب 5:471 الحديث 1657،الوسائل 9:350 الباب 20 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]

ص:226

الفصل الثاني
اشارة

في ما يجب على المحرم من الكفّارة في ما يفعله عمدا أو خطأ

و فيه مباحث:

البحثالأوّل:ما يجب في لبس المخيط
مسألة:من لبس ثوبا لا يحلّ له لبسه،وجب عليه الفدية دم شاة

،و هو قول العلماء.

روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمّدا،قال:«عليه دم» (1).

و عن سليمان بن العيص (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم

ص:227


1- 1لم نعثر على رواية بهذا اللفظ عن محمّد بن مسلم،نعم،روى عن أبي جعفر عليه السلام بهذا المضمون،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها،قال: «عليه لكلّ صنف منها فداء».التهذيب 5:384 الحديث 1340.
2- 2) في النسخ:بن عيص،و ما أثبتناه من المصدر،و هو سليمان بن العيص(الفيض)قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في أواخر باب الكفّارة من خطأ المحرم من التهذيب بسنده عن صفوان و ابن أبي عمير عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام و في رواية هذين الجليلين عنه إشعار بوثاقته،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه صفوان و ابن أبي عمير ثمّ قال:و عن بعض النسخ التهذيب:(الفيض)بدل(العيص). تنقيح المقال 2:64، [1]معجم رجال الحديث 8:279. [2]

يلبس القميص متعمّدا،قال:«عليه دم» (1).

و لأنّه ترفّه بمحظور في إحرامه،فلزمته الفدية،كما لو ترفّه بحلق شعره، و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و لا فرق في وجوب الدم بين قليل اللبس و كثيره

،ذهب إليه علماءنا أجمع.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:إنّما يجب الدم بلباس يوم و ليلة،و لا يجب فيما دون ذلك (4).

لنا:صدق اللبس المطلق على القليل كما يصدق في الكثير،فلا يتخصّص الحكم المعلّق عليه بأحد جزئيّاته لغير مخصّص.

و لأنّه معنى حصل به الاستمتاع بالمحظور،فاعتبر مجرّد الفعل،كالوطء،أو محظور لا يتقدّر فديته بالزمن،كسائر المحظورات.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لم يلبس لبسا معتادا،فأشبه ما لو اتّزر بالقميص (5).

و الجواب:المنع من كونه غير معتاد،فإنّ الناس يختلفون في اللبس، و لا يتّفقون في العادة.

و لأنّ ما ذكره تقدير،و التقديرات معلومة من النصّ لا غير،و التقدير بيوم

ص:228


1- 1التهذيب 5:384 الحديث 1339،الوسائل 9:289 الباب 8 من أبواب كفّارات الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) الأمّ 2:154،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:259،فتح العزيز بهامش المجموع 7:440.
3- 3) المغني 3:533،الكافي لابن قدامة 1:564-565،الإنصاف 3:466.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:125،تحفة الفقهاء 1:419،بدائع الصنائع 2:186-187،الهداية للمرغينانيّ 1:161،مجمع الأنهر 1:292.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:125،الهداية للمرغينانيّ 1:161.

و ليلة تحكّم محض،و الفرق بين المقيس و المقيس عليه ظاهر،فإنّ من اتّزر بالقميص غير لابس له،بخلاف من لبسه زمانا يسيرا،و لهذا يحرم عليه لبسه ساعة واحدة أو أقلّ،و لا يحرم الاتّزار به،فافترقا.

مسألة:و الاستدامة في اللبس كالابتداء به

،فلو لبس المحرم قميصا ناسيا،ثمّ ذكر،وجب عليه خلعه إجماعا؛لأنّه فعل محظورا،فلزمه إزالته و قطع استدامته، كسائر المحظورات.و قد قلنا فيما تقدّم:إنّه ينزعه من أسفل،و لو لم ينزعه ذاكرا، وجب عليه الفداء؛لأنّه ترفّه بمحظور في إحرامه،فوجبت عليه الفدية.

و لأنّ ابتداء اللبس حرم لغايته،و هو بقاؤه عليه و الترفّه به،فكانت الفدية في الحقيقة واجبة لأجله.

إذا ثبت هذا:فقد قلنا إنّه ينزعه من أسفله بأن يشقّه،و لا ينزعه من رأسه.و به قال بعض التابعين (1).

و قال الشافعيّ:ينزعه من رأسه (2).

لنا:أنّه لو نزعه من رأسه لغطّاه،و تغطية الرأس حرام.و لأنّه قول بعض التابعين،و ما تقدّم من الروايات.

فروع:
الأوّل:لو لبس مع الذكر،وجبت الفدية بنفس الفعل

،سواء استدامه أو لم يستدمه على ما قلناه و لو نزع عقيبه،و به قال الشافعيّ (3).

ص:229


1- 1ينظر:حلية العلماء 3:301،عمدة القارئ 10:210.
2- 2) حلية العلماء 3:301،المجموع 7:340،الميزان الكبرى 2:43.
3- 3) الأمّ 2:154،حلية العلماء 3:285،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:254،فتح العزيز بهامش المجموع 7:440-441.

و قال أبو حنيفة أوّلا:إن استدام اللبس أكثر النهار،وجبت الفدية،و إن كان أقلّ،فلا فدية.

و قال آخرا:إن استدامه طول النهار،وجبت الفدية،و إلاّ فلا،لكن فيه صدقة، و بالقولين روايتان عن أبي يوسف (1).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (2)و معناه:من كان منكم مريضا فلبس أو تطيّب أو حلق بلا خلاف،فعلّق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة،قاله الشيخ رحمه اللّه (3).و لأنّ اسم اللبس صادق على القليل و الكثير بالسويّة،فيتساويان في الحكم المعلّق عليه،و قد مضى البحث مع أبي حنيفة (4).

الثاني:لو نزعه من رأسه،فعل حراما،و هل تجب به الفدية؟

إن قلنا:إنّه يغطّيه،وجبت الفدية للتغطية،و إلاّ،فلا.

الثالث:لو لبس ثيابا كثيرة دفعة واحدة،وجب عليه فداء واحد

،و لو كان في مرّات متعدّدة،وجب عليه لكلّ ثوب دم؛لأنّ لبس كلّ ثوب مغاير لبس الثوب الآخر،فيقتضي كلّ واحد منها مقتضاه من غير تداخل.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها (5)،قال:«عليه

ص:230


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:125،تحفة الفقهاء 1:419،بدائع الصنائع 2:186-187،الهداية للمرغينانيّ 1:161، [1]شرح فتح القدير 2:442-443،تبيين الحقائق 2:356-358،مجمع الأنهر 1:292-293.
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) الخلاف 1:436-437 مسألة-86.
4- 4) يراجع:ص 228. [3]
5- 5) في المصادر:يلبسها،مكان:فلبسها.

لكلّ صنف منها فداء» (1).

الرابع:لو احتاج إلى اللبس فلبس،وجب عليه الفدية

؛لأنّه ترفّه بمحظور لحاجته،فكان عليه الفداء،كما لو حلق رأسه لأذى.

أمّا لو اضطرّ إلى لبس الخفّين و الجوربين،فليلبسهما و لا شيء عليه،قاله الشيخ رحمه اللّه (2).

و استدلّ:بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان،فله أن يلبس الخفّين إذا اضطرّ إلى ذلك،و الجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلى لبسهما» (3).

الخامس:لو لبس قميصا و عمامة و خفّين و سراويل،وجب عليه لكلّ واحد

فدية

؛لأنّ الأصل عدم التداخل،خلافا لأحمد (4).

السادس:إذا لبس ثمّ صبر ساعة ثمّ لبس شيئا آخر ثمّ لبس بعد ساعة أخرى

أيضا،وجب عليه عن كلّ لبسة كفّارة

،سواء كفّر عن المتقدّم أو لم يكفّر،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

و قال الشافعيّ:إن كفّر عن الأوّل،لزمه كفّارة ثانية قولا واحدا،و إن لم يكفّر،

ص:231


1- 1التهذيب 5:384 الحديث 1340،الوسائل 9:290 الباب 9 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:320،النهاية:218.
3- 3) التهذيب 5:384 الحديث 1341،الوسائل 9:134 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) المغني 3:534،الشرح الكبير بهامش المغني 3:351،الكافي لابن قدامة 1:564،الإنصاف 3:527.
5- 5) النهاية:234،الخلاف 1:436 مسألة-83.

ففيها قولان:قال في القديم بالتداخل،و به قال محمّد (1).

و قال في الأمّ و الإملاء بالتعدّد و عدم التداخل (2)،و به قال أبو حنيفة، و أبو يوسف (3).

لنا:أنّ كلّ لبسة تستلزم كفّارة إجماعا،فالتداخل يحتاج إلى دليل.

مسألة:لو لبس ناسيا أو جاهلا،ثمّ ذكر أو علم فنزع،لم يكن عليه فدية

، ذهب إليه علماؤنا.و به قال عطاء،و الثوريّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد،و إسحاق، و ابن المنذر (6).

و قال مالك:عليه الفدية (7).و به قال أبو حنيفة (8)،و الليث،و هو رواية عن أحمد،و الثوريّ (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن يعلى بن أميّة:أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو بالجعرانة و عليه جبّة و عليه أثر خلوق،أو قال:أثر صفرة،فقال:يا رسول اللّه كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟قال:«اخلع عنك هذه الجبّة،و اغسل

ص:232


1- 1بدائع الصنائع 2:189،شرح فتح القدير 2:442،مجمع الأنهر 1:292.
2- 2) حلية العلماء 3:307-308،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:379،فتح العزيز بهامش المجموع 7:484،الميزان الكبرى 2:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154. و نقل الشيخ الأقوال كلّها عنه في الخلاف 1:436 مسألة-83.
3- 3) بدائع الصنائع 2:189،شرح فتح القدير 2:442،مجمع الأنهر 1:292.
4- 4) حلية العلماء 3:300،المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:353،عمدة القارئ 10:208.
5- 5) الأمّ 2:203،حلية العلماء 3:300،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:340.
6- 6) المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:353،الإنصاف 3:528، [1]زاد المستقنع:32.
7- 7) حلية العلماء 3:300،المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354.
8- 8) بدائع الصنائع 2:188،حلية العلماء 3:300،عمدة القارئ 10:208.
9- 9) المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354،الإنصاف 3:528. [2]

عنك أثر الخلوق»أو قال:«أثر الصفرة،و اصنع في عمرتك كما تصنع في حجّك» (1).

و في رواية أخرى:يا رسول اللّه أحرمت بالعمرة و عليّ هذه الجبّة (2)، فلم يأمره بالفدية.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام،يقول:«من نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم،ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء،و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة» (3).

و لأنّ الحجّ عبادة تجب بإفسادها الكفّارة،فكان من محظوراته ما يفرّق بين عمده و سهوه،كالصوم.

و لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (4).

و لأنّ الكفّارة عقوبة فتستدعي ذنبا،و لا ذنب مع النسيان.

ص:233


1- 1صحيح البخاريّ 2:167،صحيح مسلم 2:836 الحديث 1180،سنن أبي داود 2:164 الحديث 1819، [1]سنن النسائيّ 5:142-143،مسند أحمد 4:222 و 224، [2]سنن البيهقيّ 5:56، المعجم الكبير للطبرانيّ 22:251 الحديث 653 و 656.بتفاوت في الجميع.
2- 2) صحيح مسلم 2:836 الحديث 1180 بتفاوت،سنن البيهقيّ 5:56،المعجم الكبير للطبرانيّ 22: 253 الحديث 656.
3- 3) التهذيب 5:369 الحديث 1287،الوسائل 9:289 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،الجامع الصغير للسيوطي 2:24،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131.و [4]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،فيض القدير 6:362 الحديث 9622،و من طريق الخاصّة،ينظر:الوسائل 4:1284 [5] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.

احتجّ المخالف:بأنّه هتك حرمة الإحرام،فاستوى عمده و سهوه،كحلق الشعر و تقليم الأظفار و قتل الصيد (1).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في حلق الشعر و تقليم الأظفار أيضا على ما يأتي،سلّمنا لكن حلق الشعر و تقليم الأظفار و قتل الصيد إتلاف لا يمكن تلافيه، بخلاف صورة النزاع؛فإنّه ترفّه يمكن إزالته،فافترقا.

فرع:

حكم الجاهل حكم الناسي

على ما قلناه في حديث زرارة عن الباقر عليه السلام.

و كذا المكره؛لأنّه غير مكلّف فلا يحصل منه ذنب،فلا يستحقّ عقوبة.

و لأنّ ما عفي عنه بالنسيان،عفي عنه بالإكراه؛لاقترانهما في الحديث الدالّ على العفو عنهما،و لو علم الجاهل،كان حكمه حكم الناسي إذا ذكر.

مسألة:و لو اضطرّ المحرم إلى لبس المخيط لاتّقاء الحرّ أو البرد،لبس و عليه

شاة

،أمّا جواز اللبس؛فللضرورة الداعية إليه،فلو لم يبح،لزم الحرج و الضرر،و أمّا الكفّارة؛فللترفّه بالمحظور،فكان كحلق الرأس لأذى.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها،قال:

«عليه لكلّ صنف منها فداء» (2).

ص:234


1- 1المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354.
2- 2) التهذيب 5:384 الحديث 1340،الوسائل 9:290 الباب 9 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
البحث الثاني
اشارة

في ما يجب في استعمال الطيب

مسألة:أجمع فقهاء الأمصار كافّة على أنّ المحرم إذا تطيّب عامدا،وجب

عليه دم

؛لأنّه ترفّه بمحظور،فلزمه الدم،كما لو ترفّه بحلق شعره أو تقليم أظفاره.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم،و إن كان ناسيا فلا شيء عليه، و يستغفر اللّه و يتوب إليه» (1).

إذا ثبت هذا:فسواء استعمل الطيب اطلاء أو صبغا أو بخورا أو في الطعام، وجب عليه الدم إجماعا.

و لا بأس بخلوق الكعبة على ما تقدّم (2)و إن كان فيه زعفران.

روى الشيخ-في الصحيح-عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة،قال:«لا يضرّه

ص:235


1- 1الفقيه 2:223 الحديث 1046،الوسائل 9:284 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 32. [2]

و لا يغسله» (1).

و كذا الفواكه،كالأترجّ و التفّاح و الرياحين على ما تقدّم بيانه (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف:ما عدا المسك و العنبر و الكافور و الزعفران و الورس و العود عندنا لا يتعلّق به الكفّارة إذا استعملها المحرم،و خالف جميع الفقهاء في ذلك و أوجبوا فيما عداها الكفّارة مع الاستعمال.

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-على التخصيص:بإجماع الفرقة،و بالأصل (3).

و الإجماع لم نحقّقه،و الأصل إنّما يصار إليه إذا لم يوجد دليل شرعيّ،و قد تقدّم البحث في ذلك كلّه (4).

مسألة:و الكفّارة تتعلّق باستعمال الطيب،سواء طيّب عضوا كاملا أو بعضه،

ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:إن طيّب عضوا كاملا،وجبت الفدية بدم،و إلاّ الصدقة (6).

لنا:عموم الأدلّة،فإنّها كما تتناول العضو الكامل بعمومها،تتناول بعضه على السويّة.و لأنّه تطيّب بما يوجب فدية،فكانت فدية كاملة،كما لو طيّب العضو كملا.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه ليس بتطيّب معتاد،فلم يتعلّق به الكفّارة (7).

ص:236


1- 1التهذيب 5:69 الحديث 226،الوسائل 9:98 الباب 21 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) يراجع:ص 26. [2]
3- 3) الخلاف 1:437 مسألة-88.
4- 4) يراجع:ص 24-26.
5- 5) الأمّ 2:151،حلية العلماء 3:291،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:377،مغني المحتاج 1:520.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:122،بدائع الصنائع 2:189،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:439،تبيين الحقائق 2:353،مجمع الأنهر 1:292-293.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:122،بدائع الصنائع 2:189،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 2:439،تبيين الحقائق 2:354،مجمع الأنهر 1:293.

و الجواب:المنع من كونه غير معتاد،و الناس مختلفون في ذلك.

مسألة:و لا فرق بين الابتداء و الاستدامة في وجوب الكفّارة

،فلو تطيّب ناسيا ثمّ ذكر،وجب عليه إزالة الطيب،و لو لم يزله،وجب عليه الدم؛لأنّه فعل محظور، فيلزمه إزالته و قطع استدامته،فإذا لم يفعل،وجبت عليه الكفّارة.و لأنّ الترفّه يحصل بالاستدامة،فتجب عليه العقوبة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الكفّارة تجب بنفس الفعل،فلو تطيّب ثمّ أزاله بسرعة، وجبت عليه الكفّارة و إن لم يستدم الطيب،و لا نعلم فيه خلافا،و وافقنا هنا أبو حنيفة (1)و إن كان قد نازعنا في اللبس على ما تقدّم (2).

و كذا تجب الكفّارة بأكل طعام فيه طيب،سواء مسّته النار أو لم تمسّه،و سواء بقي الطعام على وصفه أو لم يبق على ما تقدّم بيانه و ذكر الخلاف فيه (3).

فروع:
الأوّل:إذا تطيّب عامدا،وجب عليه غسل الطيب عنه

،و يستحبّ له أن يستعين في غسله بحلال؛لئلاّ يباشر المحرم الطيب بنفسه،و لو غسله بيده، جاز؛لأنّه ليس بمتطيّب بل هو تارك للطيب،كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة على عزم الترك للغصب،فإنّه يكون تصرّفا مأمورا به،كذلك هاهنا.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للّذي رأى عليه طيبا:«اغسل عنك الطيب» (4).

ص:237


1- 1شرح فتح القدير 2:439.
2- 2) يراجع:ص 228. [1]
3- 3) يراجع:ص 41. [2]
4- 4) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 3:534،الشرح الكبير بهامش المغني 3:353،و بتفاوت،ينظر:شرح فتح القدير 2:338.
الثاني:لو لم يجد ماء يغسله به و وجد ترابا،فمسحه به أو بشيء من

الحشيش أو ورق الشجر

؛لأنّ الواجب عليه إزالته بحسب القدرة،و هذا نهاية قدرته.

الثالث:لو لم يكن معه من الماء ما يكفيه لطهارته و غسل الطيب،قدّم غسل

الطيب و تيمّم

؛لأنّ الطهارة لها بدل.فلو أمكنه قطع رائحة الطيب بشيء غير الماء، فعله و توضّأ بالماء.

الرابع:يجوز له شراء الطيب و لا يشمّه

؛لأنّه منع من الشمّ و الأكل،لا من الشراء؛إذ قد لا يقصد به الاستعمال،بل قد يقصد به التجارة،و كذلك له أن يشتري المخيط و يشتري الجواري؛لأنّ شراءهنّ قد لا يقصد به الاستمتاع،بل التجارة، ففارق عقد النكاح.

مسألة:و إنّما تجب الفدية باستعمال الطيب عمدا

،فلو استعمله ناسيا أو جاهلا بالتحريم،لم يكن عليه فدية،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و المزنيّ:عليه الكفّارة (4)،و عن أحمد روايتان (5).

لنا:ما رواه الجمهور:أنّ أعرابيّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالجعرانة

ص:238


1- 1الأمّ 2:154،حلية العلماء 3:300،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:340 و 343، فتح العزيز بهامش المجموع 7:461،مغني المحتاج 1:520.
2- 2) المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354،حلية العلماء 3:300.
3- 3) المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354،حلية العلماء 3:300.
4- 4) المجموع 7:340،فتح العزيز بهامش المجموع 7:461،حلية العلماء 3:300.
5- 5) المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354،الإنصاف 3:528،فتح العزيز بهامش المجموع 7:461.

و عليه مقطّعة (1)له و هو متضمّخ بالخلوق،فقال:يا رسول اللّه،أحرمت و عليّ هذه، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«انزع الجبّة و اغسل الصفرة»و لم يأمره بالفدية (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب،فعليه دم، و إن كان ناسيا فلا شيء عليه،و يستغفر اللّه و يتوب إليه» (3).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل مسّ الطيب ناسيا و هو محرم،قال:«يغسل يديه و يلبّي».و في خبر آخر:«و يستغفر ربّه» (4).

و روى ابن بابويه عن الحسن بن هارون (5)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أكلت خبيصا فيه زعفران حتّى شبعت منه و أنا محرم،فقال:«إذا

ص:239


1- 1مقطّعات له:أي:ثياب قصار.النهاية لابن الأثير 4:81.
2- 2) صحيح مسلم 2:836 الحديث 1180،سنن أبي داود 2:164 الحديث 1819 [1] بتفاوت،سنن النسائيّ 5:142،الموطّأ 1:328 الحديث 18، [2]مسند أحمد 4:224،سنن البيهقيّ 5:56.
3- 3) الفقيه 2:223 الحديث 1046،الوسائل 9:284 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 2:224 الحديث 1049-1050،الوسائل 9:284 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2 و 3. [4]
5- 5) الحسن بن هارون عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام و ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.و هو مشترك بين جماعة و هم:الحسن بن هارون،و الحسن بن هارون من الدينور،و الحسن بن هارون بن خارجة، و الحسن بن هارون بيّاع الأنماط،قال السيّد الخوئيّ:يمكن أن يكون الجميع واحدا. رجال الطوسيّ:184،الفقيه(شرح المشيخة)4:102،تنقيح المقال 1:314، [5]معجم رجال الحديث 5:154-155. [6]

فرغت من مناسكك و أردت الخروج من مكّة فابتع بدرهم تمرا و تصدّق به فيكون كفّارة لذلك و لما دخل عليك في إحرامك ممّا لا تعلم» (1).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن الصادق عليه السلام، قال:«لا تمسّ شيئا من الطيب و أنت محرم،و لا من الدهن،و اتّق الطيب و أمسك على أنفك من الريح الطيّبة و لا تمسك عليها من الريح المنتنة،فإنّه لا ينبغي للمحرم أن يتلذّذ بريح طيّبة،و اتّق الطيب في زادك،فمن ابتلي بشيء من ذلك فليعد غسله و ليتصدّق بقدر ما صنع» (2).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب،و لا من الريحان،و لا يتلذّذ به،فمن ابتلي بشيء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه»يعني من الطعام (3).

و هذان الحديثان لا ينافيان الأخبار الدالّة على وجوب الدم؛لأنّهما محمولان على حال الضرورة و الحاجة إلى الاستعمال.

و يدلّ عليه:قوله عليه السلام:«فمن ابتلي بشيء من ذلك»فإنّه يفهم منه الحاجة إلى ذلك.

و لأنّ السهو يرفع التكليف فيرفع العقوبة.و لأنّ الحجّ عبادة شرعيّة تجب بإفسادها الكفّارة،فكان في محظوراته ما يفرّق بين عمده و سهوه،كالصوم.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه هتك حرمة الإحرام،فاستوى عمده و سهوه،كحلق

ص:240


1- 1الفقيه 2:223 الحديث 1045،الوسائل 9:283 الباب 3 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:304 الحديث 1039،الوسائل 9:94 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 5:297 الحديث 1007،الاستبصار 2:178 الحديث 591،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 11. [3]

الشعر و تقليم الأظفار (1).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل،و قد سلف (2).

ص:241


1- 1المغني 3:535،الشرح الكبير بهامش المغني 3:354.
2- 2) يراجع:ص 101.
البحث الثالث
اشارة

في ما يجب بالادّهان

مسألة:قد بيّنّا أنّه يحرم على المحرم استعمال الأدهان الطيّبة حال الإحرام

، فمن استعملها،وجب عليه دم شاة (1).رواه الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة،فداواها بدهن بنفسج،قال:«إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين،و إن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه» (2).لكن معاوية لم يسندها إلى إمام.

و هذه الرواية تدلّ على وجوب الكفّارة و إن اضطرّ إلى استعماله،و بها أفتى الشيخ-رحمه اللّه (3)-و نحن فيها من المتوقّفين.

و يمكن أن يعضد استدلال الشيخ-رحمه اللّه-بهذه الرواية؛لما رواه عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اتّق قتل الدوابّ كلّها و لا تمسّ شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك،و اتّق الطيب في زادك و أمسك على

ص:242


1- 1يراجع:ص 45. [1]
2- 2) التهذيب 5:304 الحديث 1038،الوسائل 9:285 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:304،النهاية:235.

أنفك من الريح الطيّبة و لا تمسك من الريح المنتنة،فإنّه لا ينبغي أن يتلذّذ بريح طيّبة،فمن ابتلي بشيء من ذلك فليعد (1)غسله و ليتصدّق بقدر ما صنع» (2).

و هذا عائد إلى كلّ ما عدّده عليه السلام،فيقول:لمّا وجبت الصدقة وجبت الشاة؛إذ كلّ من أوجب فدية أوجب الشاة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الكفّارة تجب لو فعل ذلك عمدا،أمّا لو فعله نسيانا،لم يكن عليه شيء.

ص:243


1- 1في التهذيب و الاستبصار:«فعليه»مكان:«فليعد».
2- 2) التهذيب 5:297 الحديث 1006،الاستبصار 2:178 الحديث 590،الوسائل 9:95 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9. [1]
البحث الرابع
اشارة

في ما يجب في تغطية الرأس و التظليل

مسألة:من غطّى رأسه و هو محرم،وجب عليه دم شاة،و لا نعلم فيه خلافا

.

و كذا لو ظلّل على نفسه حال سيره،فإنّه يجب عليه الفدية عندنا،و قد خالف فيه بعض الجمهور،و قد سبق (1).

و يدلّ على وجوب الفدية:أنّه ترفّه بمحظور،فلزمه الفداء،كما لو حلق رأسه.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظلّ للمحرم من أذى مطر أو شمس،فقال:«أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى» (2).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى عليه السلام:أظلّل و أنا محرم؟فقال:«نعم و عليك الكفّارة»قال:«فرأيت عليّا عليه السلام إذا قدم

ص:244


1- 1يراجع:ص 78.
2- 2) التهذيب 5:334 الحديث 1151،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]

مكّة ينحر بدنة لكفّارة الظلّ» (1).

و عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:المحرم يظلّل على محمله و يفدي إذا كانت الشمس و المطر يضرّ به؟قال:«نعم»قلت:كم الفداء؟قال:«شاة» (2).

مسألة:و لو فعل ذلك للحاجة أو الضرورة،وجب عليه الفداء

؛لأنّه ترفّه بمحظور،فأشبه حلق الرأس لأذى.و لما تقدّم من الأحاديث،فإنّها تدلّ على الفدية مع الأذى.

و سواء غطّى رأسه بمخيط أو بغيره،أو طيّنه بطين،أو ارتمس في الماء،أو حمل ما يستره،أو ستره بستر أو غير ذلك.و لو فعل ذلك ناسيا،أزاله إذا ذكر و لا شيء عليه على ما تقدّم.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا،قال:«يلقي القناع عن رأسه، و يلبّي و لا شيء عليه» (3).

ص:245


1- 1التهذيب 5:334 الحديث 1150،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:311 الحديث 1066،الاستبصار 2:187 الحديث 626،الوسائل 9:287 الباب 6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:307 الحديث 1050،الاستبصار 2:184 الحديث 613،الوسائل 9:138 الباب 55 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [3]
البحث الخامس
اشارة

في كفّارة حلق الرأس

مسألة:أجمع علماء الأمصار كافّة على وجوب الفدية على المحرم إذا حلق

رأسه متعمّدا

.

و الأصل فيه:النصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (1).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لكعب بن عجرة:

«لعلّك آذاك هوامّك؟»قال:نعم يا رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«احلق رأسك،و صم ثلاثة أيّام،أو أطعم ستّة مساكين،أو انسك شاة» (2).

و في حديث آخر:«أو أطعم ستّة مساكين،لكلّ مسكين نصف صاع تمر» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على كعب بن عجرة

ص:246


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:12،الموطّأ 1:417 الحديث 238، [2]سنن البيهقيّ 5:54.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:13،سنن البيهقيّ 5:55.

الأنصاريّ و القمل يتناثر من رأسه،فقال:«أ تؤذيك هوامّك؟»فقال:نعم،قال:

فأنزلت هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (1)فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فحلق رأسه،و جعل عليه الصيام ثلاثة أيّام و الصدقة على ستّة مساكين،لكلّ مسكين مدّان،و النسك شاة» (2).

و لأنّ الإجماع واقع على وجوب الكفّارة بالحلق.

مسألة:و الفدية تتعلّق بمن حلق رأسه،سواء كان لأذى أو لغير أذى

؛لأنّ الآية دلّت على إيجاب الكفّارة على من حلق لأذى،و كذا الأحاديث،فمن حلق لغير أذى،كان وجوب الكفّارة في حقّه أولى.

هذا إذا فعل ذلك عامدا.أمّا لو حلق ناسيا فعندنا لا شيء عليه،و به قال إسحاق،و ابن المنذر (3).

و قال الشافعيّ:تجب عليه الفدية (4).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ،و النسيان،و ما استكرهوا عليه» (5).

ص:247


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:333 الحديث 1147،الاستبصار 2:195 الحديث 656،الوسائل 9:295 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:525،الشرح الكبير بهامش المغني 3:270.
4- 4) الأمّ 2:206،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،حلية العلماء 3:301،المهذّب للشيرازيّ 1:213، المجموع 7:339-340، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:468، [4]الميزان الكبرى 2:44،مغني المحتاج 1:521،السراج الوهّاج:168.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، و [5]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،و ج 7:357،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،فيض القدير 6:362 الحديث 9623،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 32،الخصال 2:417 الحديث 9،الوسائل 4:1284 [6] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2،و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«من نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه،أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم،ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا،فليس عليه شيء،و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة» (1).

و لأنّه غير مكلّف و إلاّ لزم التكليف بما لا يطاق،فلا يستحقّ العقوبة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه إتلاف،فاستوى عمده و خطؤه،كقتل الصيد.و لأنّه يقال:

أوجب الفدية على من حلق رأسه لأذى و هو معذور؛تنبيها على وجوبها على غير المعذور و دليلا على وجوبها على المعذور بنوع آخر،كمن يحلق موضع الحجامة (2).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الصيد و إزالة الشعر،فإنّ قتل الصيد و إن شارك الحلق في التحريم إلاّ أنّه فارقه بنوع آخر،فإنّ فيه إضاعة للمال و إتلافا للحيوان لغير فايدة-إذ أكله حرام حينئذ-و تعذيبا له،بخلاف الحلق.و إذا سقطت العقوبة عن أدنى المذنبين،لم يلزم سقوطها عن أعلاهما بحيث يتحفّظ المكلّف من قتل الصيد غاية التحفّظ،فإنّه إذا علم وجوب الكفّارة على القتل خطأ بالغ في الاحتفاظ.

و عن الثاني:أنّ الناسي معذور،و ليس عذره كعذر من حلق لأذى أو لمحجمة (3)؛لأنّه ناس غير قاصد لمصلحة،بخلاف من حلق لأذى،فإنّ فعله لمصلحته و الترفّه به،فوجبت عليه الفدية.

ص:248


1- 1التهذيب 5:369 الحديث 1287،الوسائل 9:289 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:339،فتح العزيز بهامش المجموع 7:468.
3- 3) ع:لحجمة.

أمّا الجاهل:فقال الشيخ-رحمه اللّه-:يجب عليه الفداء (1).و عندي فيه نظر، فإنّ حديث زرارة يدلّ على سقوط الكفّارة عنه.

و النائم في حكم الساهي،فلو قلع النائم شعره أو قرّبه من النار فأحرقته، لم تلزمه الكفّارة عندنا،خلافا للشافعيّ (2).

مسألة:و الكفّارة هي أحد الثلاثة:إمّا الصيام،أو الصدقة،أو الدم مخيّرا فيها

أيّها شاء فعل،سواء كان لعذر أو لغير عذر،ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4).

و قال أبو حنيفة:إنّها مخيّرة إن كان الحلق لأذى،و إن كان لغير أذى،وجب عليه الدم تعيّنا (5)،و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّ الآية دلّت على الوجوب لصفة التخيير،فلا يجب التعيين المنافي.

و لأنّ الحكم ثبت في غير المعذور بطريق التنبيه تبعا له،و التبع لا يخالف أصله.

و لأنّ كلّ كفّارة ثبت التخيير فيها إذا كان سببها مباحا،ثبت التخيير فيها إذا كان محظورا،كجزاء الصيد،فإنّه لا فرق بين قتله للضرورة إلى أكله أو لغير الضرورة.

ص:249


1- 1الخلاف 1:441 مسألة-102.
2- 2) المجموع 7:350.
3- 3) الموطّأ 1:419،بداية المجتهد 1:366-367،إرشاد السالك:58،بلغة السالك 1:290.
4- 4) حلية العلماء 3:306،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:376،الميزان الكبرى 2:44، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:153.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:74،تحفة الفقهاء 1:421،بدائع الصنائع 2:192،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:451،تبيين الحقائق 2:362،مجمع الأنهر 1:293.
6- 6) المغني 3:526،الشرح الكبير بهامش المغني 2:337،الكافي لابن قدامة 1:562-563، الإنصاف 3:507-508،زاد المستقنع:31 و 32،الفروع في فقه أحمد 2:192-193.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ اللّه تعالى خيّر بشرط العذر،فإذا عدم الشرط،وجب زوال التخيير (1).

و الجواب:أنّ الشرط لجواز الحلق،لا للتخيير.

فروع:
الأوّل:يجزئ البرّ و الشعير و الزبيب في الفدية

؛لأنّ كلّ موضع أجزأ فيه التمر،أجزأ فيه ذلك،كالفطرة و كفّارة اليمين.

و في حديث كعب بن عجرة،قال:فدعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال لي:«احلق رأسك[و صم ثلاثة أيّام أ] (2)و أطعم ستّة مساكين فرقا من زبيب،أو انسك شاة» (3).رواه الجمهور.

الثاني:المشهور:أنّ الإطعام الذي هو أحد هذه الثلاثة إنّما هو على ستّة

مساكين

،لكلّ مسكين نصف صاع.و به قال مجاهد،و النخعيّ (4)،و مالك (5)، و الشافعيّ (6)،و أصحاب الرأي (7).

ص:250


1- 1بدائع الصنائع 2:192،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:452.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:12،الموطّأ 1:417 الحديث 238، [1]سنن البيهقيّ 5:54-55،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1860، [2]المعجم الكبير للطبرانيّ 19:121 الحديث 258.
4- 4) المغني 3:527،الشرح الكبير بهامش المغني 3:337.
5- 5) الموطّأ 1:419،المدوّنة الكبرى 1:463،بداية المجتهد 1:366،إرشاد السالك:58،بلغة السالك 1:291.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:367-368،فتح العزيز بهامش المجموع 8:69، مغني المحتاج 1:530.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:74،تحفة الفقهاء 1:421،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:451،تبيين الحقائق 2:362،مجمع الأنهر 1:293.

و في قول آخر لنا:إنّ الصدقة على عشرة مساكين (1).و به قال الحسن، و عكرمة،و هو مرويّ عن الثوريّ،و أصحاب الرأي (2).

أمّا الأوّل:فيدلّ عليه:ما رواه الجمهور في حديث كعب بن عجرة:«أو أطعم ستّة مساكين،لكلّ مسكين نصف صاع» (3).

و في لفظ آخر:«أو أطعم فرقا (4)بين ستّة مساكين» (5).

و في رواية أخرى:«أو أطعم ستّة مساكين بين كلّ مسكينين صاع (6)» (7).

و في لفظ آخر:«فصم ثلاثة أيّام،و إن شئت فتصدّق بثلاثة آصع من تمر بين ستّة مساكين» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن الصادق عليه السلام في حديث كعب بن عجرة:«و جعل عليه الصيام ثلاثة أيّام و الصدقة على ستّة مساكين،لكلّ مسكين مدّان،و النسك شاة» (9).

ص:251


1- 1المبسوط 1:350،الشرائع 1:296.
2- 2) المغني3:527،الشرح الكبير بهامش المغني 3:337-338،المحلّى 7:212،تفسير القرطبيّ 2:383. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:12،سنن البيهقيّ 5:55،المغني 3:527،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 337.
4- 4) الفرق:ثلاثة آصع.تهذيب اللغة 3:2780.
5- 5) صحيح مسلم 2:861 الحديث 1201،سنن الترمذيّ 3:288 الحديث 953، [2]سنن البيهقيّ 5: 55،كنز العمّال 5:41 الحديث 11967،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:110 الحديث 224.
6- 6) كثير من النسخ:«نصف صاع».
7- 7) صحيح مسلم 2:862 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1858، [3]المعجم الكبير للطبرانيّ 19:117 الحديث 243،المغني 3:527 بتفاوت في الجميع.
8- 8) صحيح مسلم 2:861 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1856، [4]المغني 3:527.
9- 9) التهذيب 5:333 الحديث 1147،الاستبصار 2:195 الحديث 656،الوسائل 9:295 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [5]

و أمّا الثاني:فاستدلّ عليه بعض أصحابنا:بما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال اللّه تعالى في كتابه: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (1)فمن عرض له وجع أو أذى فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا،فالصيام ثلاثة أيّام،و الصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام،و النسك شاة يذبحها فيأكل و يطعم و إنّما عليه واحد من ذلك» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه فيهما التخيير؛لأنّ الإنسان مخيّر بين أن يطعم ستّة مساكين،لكلّ مسكين مدّين،و بين أن يطعم عشرة مساكين قدر شبعهم، و لا تنافي بينهما (3).و أكّد الرواية الأولى بما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا أحصر الرجل فبعث هديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه،فإنّه يذبح شاة مكان الذي أحصر فيه،أو يصوم أو يتصدّق على ستّة مساكين،و الصوم ثلاثة أيّام و الصدقة نصف صاع لكلّ مسكين» (4).

الثالث:الصوم الذي هو أحد الثلاثة إنّما هو صوم ثلاثة أيّام،و لا تجب

الزيادة عليها

،ذهب إليه علماؤنا أجمع.و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ الحسن البصريّ،و عكرمة،و نافع،فإنّهم قالوا:الصيام عشرة أيّام،و هو مرويّ عن الثوريّ،

ص:252


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:333 الحديث 1148،الاستبصار 2:195 الحديث 657،الوسائل 9:296 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:334،الاستبصار 2:196.
4- 4) التهذيب 5:334 الحديث 1149،الاستبصار 2:196 الحديث 658،الوسائل 9:296 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [3]

و أصحاب الرأي (1).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث كعب بن عجرة:«احلق رأسك،و صم ثلاثة أيّام» (2).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الروايات (3)،مع أنّ الأصل براءة الذمّة.

الرابع:الفدية تجب بما يطلق عليه اسم حلق الرأس

،و قد مضى البحث فيه و الخلاف (4).

مسألة:لا فرق بين شعر الرأس و بين شعر سائر البدن في وجوب الفدية

و إن اختلف مقاديرها على ما يأتي،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أهل الظاهر:لا تجب في شعر غير الرأس (6).

لنا:أنّهما تساويا في الترفّه و حصول التنظيف،فاشتركا في العقوبة،بل الترفّه بحلق شعر البدن أكثر.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ (7).

ص:253


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 1:350، [1]المغني 3:527،الشرح الكبير بهامش المغني 3:337- 338،المحلّى 7:212،تفسير القرطبيّ 2:383. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:12،صحيح مسلم 2:860 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1860، [3]سنن الترمذيّ 3:288 الحديث 953، [4]سنن البيهقيّ 5:55،كنز العمّال 5:40 الحديث 11962،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:109 الحديث 220.
3- 3) يراجع:ص 246.
4- 4) يراجع:ص 91. [5]
5- 5) حلية العلماء 3:283،المهذّب للشيرازيّ 1:207،المجموع 7:247 و 375،فتح العزيز بهامش المجموع 7:464،الميزان الكبرى 2:44.
6- 6) حلية العلماء 3:283،المجموع 7:248 و 375،بداية المجتهد 1:367،عمدة القارئ 10:152.
7- 7) البقرة(2):196.

و الجواب:وجوب الكفّارة بحلق الرأس لا ينافي وجوبها بغيره،مع أنّ القياس يدلّ عليه،و هو عندهم من أصول الأدلّة.

مسألة:إذا نتف إبطيه جميعا،وجب عليه دم شاة

،و لو نتف إبطا واحدا،وجب عليه إطعام ثلاثة مساكين.

و قال أهل الظاهر:لا فدية عليه (1).و أوجب الشافعيّ (2)،و أحمد في نتف ثلاث شعرات أو أربع،الدم (3)،على ما تقدّم في شعر الرأس (4).

لنا:أنّ الدم في الرأس إنّما يجب لحلقه،أو ما يسمّى حلق الرأس،و هو غالبا مساو للإبطين معا،أمّا الواحد،فلا.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام، يقول:«من حلق رأسه،أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا،فلا شيء عليه،و من فعله متعمّدا،فعليه دم» (5).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا نتف الرجل إبطيه (6)بعد الإحرام،فعليه دم» (7).

ص:254


1- 1حلية العلماء 3:283،المجموع 7:247.
2- 2) حلية العلماء 3:306،المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:369،فتح العزيز بهامش المجموع 7:466،مغني المحتاج 1:521،الميزان الكبرى 2:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154،السراج الوهّاج:168.
3- 3) المغني 3:526،الشرح الكبير بهامش المغني 3:270،الكافي لابن قدامة 1:563،الفروع في فقه أحمد 2:193،زاد المستقنع:31،الإنصاف 3:456.
4- 4) يراجع:ص 91. [1]
5- 5) التهذيب 5:339 الحديث 1174،الاستبصار 2:199 الحديث 672،الوسائل 9:291 الباب 10 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]
6- 6) في النسخ:«إبطه»و ما أثبتناه من المصدر.
7- 7) التهذيب 5:340 الحديث 1177 فيه:عن أبي عبد اللّه عليه السلام،الاستبصار 2:199 الحديث 675،الوسائل 9:292 الباب 11 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]

و عن عبد اللّه بن جبلة (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم نتف إبطه، قال:«يطعم ثلاثة مساكين» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على من نتف إبطا واحدا؛لأنّ الأوّل متوجّه إلى من نتف إبطيه جميعا (3).

مسألة:لو مسّ رأسه أو لحيته فسقط منهما شيء من الشعر،أطعم كفّا من

الطعام

.و لو فعل ذلك في وضوء الصلاة،لم يكن عليه شيء.

روى الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم إذا مسّ لحيته فوقع منها شعر،قال:«يطعم كفّا من طعام أو كفّين» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

المحرم يعبث بلحيته فتسقط منها الشعرة و الثنتان؟قال:«يطعم شيئا» (5).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا وضع

ص:255


1- 1عبد اللّه بن جبلة بن حنان(حيّان)الحرّ(أبجر)الكنانيّ أبو محمّد،قال النجاشيّ:ثقة روى عن أبيه عن جدّه...و كان عبد اللّه واقفا و كان فقيها ثقة مشهورا،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام،و قال في الفهرست:له روايات،و لكنّ المصنّف ذكره في القسم الثاني من الخلاصة المشعر بضعفه،قال المامقانيّ:و ليت العلاّمة ذكره في القسم الأوّل،كجملة من الموثّقين من الواقفة. مات عبد اللّه بن جبلة سنة 229 ه. رجال النجاشيّ:216،رجال الطوسيّ:356،الفهرست:104، [1]رجال العلاّمة:237، [2]تنقيح المقال 2: 172. [3]
2- 2) التهذيب 5:340 الحديث 1178،الاستبصار 2:200 الحديث 676،الوسائل 9:292 الباب 11 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [4]
3- 3) التهذيب 5:340،الاستبصار 2:200.
4- 4) التهذيب 5:338 الحديث 1169،الاستبصار 2:198 الحديث 667،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [5]
5- 5) التهذيب 5:338 الحديث 1170،الاستبصار 2:198 الحديث 668،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [6]

أحدكم يده على رأسه أو لحيته و هو محرم فيسقط شيء من الشعر،فليتصدّق بكفّ من طعام أو بكفّ من سويق» (1).

و يدلّ على سقوط الكفّارة إذا مسّها في حال الوضوء:أنّ الوضوء واجب و لا يمكن إلاّ بمسّه للرأس و اللحية،فلو وجبت الكفّارة بما يسقط من الشعر بذلك، لزم الضرر.رواه الشيخ عن[الهيثم بن] (2)عروة التميميّ،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام:إنّ (3)المحرم يريد إسباغ الوضوء فيسقط من لحيته الشعرة و الشعرتان؟فقال:«ليس عليه شيء ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (4)» (5).

و عن جعفر بن بشير و المفضّل بن عمر،قال:دخل النباجيّ (6)على أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال:ما تقول في محرم مسّ لحيته فسقط منها شعرتان؟فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لو (7)مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات،ما كان عليّ

ص:256


1- 1التهذيب 5:338 الحديث 1171،الاستبصار 2:198 الحديث 669،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) في المصادر:عن،مكان:إنّ.
4- 4) الحجّ(22):78. [2]
5- 5) التهذيب 5:339 الحديث 1172،الاستبصار 2:198 الحديث 670،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [3]في المصادر:ليس بشيء،مكان:ليس عليه شيء.
6- 6) قال النجاشيّ:أبو حبيب النباجيّ له كتاب،و قد استظهر المامقانيّ اتّحاده مع ناجية بن أبي عمارة و نفى عنه البعد السيّد الخوئيّ،و ظاهر النجاشيّ كون الرجل إماميّا.و قال المامقانيّ:في بعض النسخ: النياجيّ-بالنون و الياء المثنّاة من تحت و الألف و الجيم و الياء-و لكن نصّ العلاّمة في إيضاح الاشتباه بكونه النباجيّ-بالباء الموحّدة بدل الياء-فهو نسبة إلى نباج ككتاب بلدة بالبادية على طريق البصرة. رجال النجاشيّ:458،تنقيح المقال 3:10 باب الكنى، [4]معجم رجال الحديث 19:143،144. [5]
7- 7) في النسخ:لقد،و ما أثبتناه من المصادر.

شيء» (1).

و روى الشيخ عن ليث المراديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتناول لحيته و هو محرم يعبث بها فينتف منها الطاقات تبين (2)في يده خطأ أو عمدا؟فقال:«لا يضرّه» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يريد بعدم الضرر:عدم العقاب،أمّا الكفّارة فلا بدّ منها (4)؛لما رواه الحسن بن هارون،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أولع بلحيتي و أنا محرم فتسقط منها الشعرات؟قال:«إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا و تصدّق به؛فإنّ تمرة خير من شعرة» (5).

مسألة:اختلف قول الشيخ-رحمه اللّه-في المحرم،هل له أن يحلق رأس

المحلّ؟

فجوّزه في الخلاف و لا ضمان (6).و به قال الشافعيّ (7)،و عطاء،و مجاهد، و إسحاق،و أبو ثور (8).

ص:257


1- 1التهذيب 5:339 الحديث 1173،الاستبصار 2:198 الحديث 671،الوسائل 9:300 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 7. [1]
2- 2) في بعض المصادر:يبقين،مكان:تبين.
3- 3) التهذيب 5:339 الحديث 1175،الاستبصار 2:199 الحديث 673،الوسائل 9:300 الباب 17 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 8. [2]
4- 4) التهذيب 5:340،الاستبصار 2:199.
5- 5) التهذيب 5:340 الحديث 1176،الاستبصار 2:199 الحديث 674،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 4. [3]
6- 6) الخلاف 1:441 مسألة-103.
7- 7) الأمّ 2:206،حلية العلماء 3:304،المهذّب للشيرازيّ 1:207،المجموع 7:248،350، فتح العزيز بهامش المجموع 7:469،مغني المحتاج 1:522،المغني 3:529،الشرح الكبير بهامش المغني 3:274.
8- 8) المغني 3:529،الشرح الكبير بهامش المغني 3:274.

و قال في التهذيب:لا يجوز له ذلك (1).و به قال مالك (2)و أبو حنيفة،و أوجبا عليه الضمان،و هو عند أبي حنيفة صدقة (3).

احتجّ الشيخ في الخلاف:بأنّ الأصل براءة الذمّة،و لم يوجد دليل على الشغل (4).

و احتجّ في التهذيب:بما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال:«لا يأخذ الحرام من شعر الحلال» (5).

فروع:
الأوّل:لو قلع جلدة عليها شعر،لم يكن عليه ضمان

؛لأنّ زوال الشعر بالتبعيّة،فلا يكون مضمونا،كما لو قلع أشفار عيني غيره،فإنّه لا يضمن أهدابهما (6).

الثاني:لو خلّل شعره فسقطت شعرة،فإن كانت ميتة،فالوجه:أنّه لا فدية

فيها

،و لو كانت من شعره النابت،وجبت الفدية،و لو شكّ فيها،لم يكن عليه ضمان؛ عملا بالأصل.

الثالث:من يريد حلق رأسه لأذى،فإنّه يباح له ذلك

؛لقوله تعالى:

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ

ص:258


1- 1التهذيب 5:340.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:428،الكافي في فقه أهل المدينة:153.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:72،بدائع الصنائع 2:193،تبيين الحقائق 2:361،شرح فتح القدير 2:447،مجمع الأنهار 1:293.
4- 4) الخلاف 1:441 مسألة-103.
5- 5) التهذيب 5:340 الحديث 1179.
6- 6) هدب العين:ما ثبت من الشعر على أشفارها،و الجمع:أهداب،مثل:قفل و أقفال.المصباح المنير:635. [1]

فَفِدْيَةٌ (1)معناه فليحلق أو ليلبس،و عليه فدية بلا خلاف.

إذا ثبت هذا:فإنّه يتخيّر بين التكفير قبل الحلق و بعده؛لما رواه الجمهور:أنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام اشتكى رأسه،فأتى عليّ عليه السلام فقيل له:هذا الحسين يشير إلى رأسه،فدعا بجزور فنحرها ثمّ حلقه و هو بالسقياء (2). (3)و لأنّها كفّارة،فجاز تقديمها،كالظهار.

الرابع:قد بيّنّا أنّ الصدقة على ستّة مساكين

(4).و الشاة تفرّق إلى المساكين.

و لا يجوز أن يأكل منها شيئا؛لأنّها كفّارة،فيجب دفعها إلى المساكين،كغيرها من الكفّارات.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه آله في حديث كعب:

«و النسك شاة لا يطعم منها أحد إلاّ المساكين» (5).

الخامس:روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المحرم يعبث بلحيته

،فيسقط منها الشعرة

ص:259


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) السقياء:منزل بين مكّة و المدينة.النهاية لابن الأثير 2:382،و [2]في المغني:السعياء،و هو واد بتهامة قرب مكّة،معجم البلدان 3:221.و [3]السقياء أيضا:المسيل الذي يفرغ في عرفة و مسجد إبراهيم. معجم البلدان 3:228.
3- 3) المغني 3:531.
4- 4) يراجع:ص 250. [4]
5- 5) الفقيه 2:229 الحديث 1084،الوسائل 9:296 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [5]

و الثنتان؟قال:«يطعم شيئا» (1)و في خبر آخر:«مدّا من طعام أو كفّين» (2).

و عن هشام بن سالم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا وضع أحدكم يده على رأسه و على لحيته و هو محرم،فسقط شيء من الشعر،فليتصدّق بكفّ من كعك (3)أو سويق» (4).

ص:260


1- 1الفقيه 2:229 الحديث 1087،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2.و [1]فيهما:عن معاوية بن عمّار.
2- 2) الفقيه 2:229 الحديث 1088،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [2]
3- 3) الكعك:الخبز اليابس،و قيل:الكعك:خبز،فارسيّ معرّب.لسان العرب 10:481. [3]
4- 4) الفقيه 2:229 الحديث 1089،الوسائل 9:299 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [4]
البحث السادس
اشارة

في كفّارة قصّ الأظفار

مسألة:أجمع فقهاء الأمصار كافّة على أنّ المحرم ممنوع من قصّ أظفاره

.

و اتّفق جمهورهم على وجوب الفدية به،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال حمّاد (1)،و مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد،و أبو ثور (4)،و أصحاب الرأي (5)، و عطاء،في إحدى الروايتين.

و عنه رواية أخرى:أنّه لا فدية فيه (6).

ص:261


1- 1المغني 3:532،الشرح الكبير بهامش المغني 3:272.
2- 2) الموطّأ 1:418،بداية المجتهد 1:366-367،إرشاد السالك:57-58،المنتقى للباجيّ 2: 266،بلغة السالك 1:288.
3- 3) الأمّ 2:206،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:66،حلية العلماء 3:301،المهذّب للشيرازيّ 1:207، المجموع 7:247،248 و 376،فتح العزيز بهامش المجموع 7:464،مغني المحتاج 1:521، السراج الوهّاج:168،الميزان الكبرى 2:44.
4- 4) المغني 3:531-532،الشرح الكبير بهامش المغني 3:272،الكافي لابن قدامة 1:546، الفروع في فقه أحمد 2:198،زاد المستقنع:31،الإنصاف 3:507. [1]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:77،تحفة الفقهاء 1:421،بدائع الصنائع 2:194،الهداية للمرغينانيّ 1:162، [2]شرح فتح القدير 2:450،تبيين الحقائق 2:360،مجمع الأنهر 1:293.
6- 6) المغني 3:532.

لنا:أنّه أزال ما منع من إزالته لأجل التنظيف و الترفّه،فوجبت الفدية،كحلق الشعر.

احتجّ عطاء:بأنّ الشرع لم يرد فيه بفدية و لا يجب عليه (1).

و الجواب:المنع من عدم ورود الشرع بها على ما يأتي،مع أنّ القياس أصل عنده يثبت به الأحكام،و قد دلّ على الوجوب،كما قاس شعر البدن على شعر الرأس.

مسألة:و في الظفر الواحد مدّ من طعام

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (2).و للشافعيّ ثلاثة أقوال:هذا أحدها.

و الثاني:عليه درهم.

و الثالث:ثلث دم؛لأنّ الدم يجب عنده في ثلاثة أظفار (3).

إنّ الشارع عدل عن الحيوان إلى الإطعام في جزاء الصيد،و هاهنا أوجب الإطعام مع الحيوان على وجه التخيير؛لأنّه لا فرق بين القلم و الحلق إجماعا، فيجب أن يرجع إلى الإطعام فيما لا يجب فيه الدم،و يجب المدّ؛لأنّه أقلّ ما وجب بالشرع فدية.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قلّم ظفرا من أظافيره و هو محرم؟قال:«عليه في كلّ ظفر قيمة مدّ من طعام حتّى يبلغ عشرة» (4).

ص:262


1- 1المغني 3:532.
2- 2) المغني 3:532،الكافي لابن قدامة 1:563،الفروع في فقه أحمد 2:198،الإنصاف 3:456.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:370-371،فتح العزيز بهامش المجموع 7:467، مغني المحتاج 1:521،السراج الوهّاج:168-169.
4- 4) التهذيب 5:332 الحديث 1141،الاستبصار 2:194 الحديث 651،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]

و عن الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم قلّم أظافيره،قال:

«عليه مدّ في كلّ إصبع،فإن هو قلّم أظافيره عشرتها،فإنّ عليه دم شاة» (1).

مسألة:و في الظفرين مدّان

،و كذا في الثلاثة ثلاثة أمداد.و بالجملة ففي كلّ ظفر مدّ حتّى يبلغ عشرة أظفار يديه،فيجب عليه دم شاة،قاله علماؤنا.

و قال أبو حنيفة:إن قلّم خمس أصابع من يد واحدة،لزمه الدم،و لو قلّم من كلّ يد أربعة أظفار،لم يجب عليه دم،بل تجب الصدقة،و كذا لو قلّم يدا واحدة إلاّ بعض الظفر،لم يجب الدم.

و بالجملة فالدم عنده إنّما يجب بتقليم أظفار يد واحدة كاملة (2)،و هو رواية لنا (3).

و قال الشافعيّ:إن قلّم ثلاثة أظفار في مجلس واحد،وجب الدم،و لو كانت في ثلاثة أوقات متفرّقة،ففي كلّ ظفر الأقوال الثلاثة،و لا يقول:إنّه يجب الدم عند التكامل،و في أصحابه من قال:عليه دم،و ليس هو المذهب عندهم (4).

و قال محمّد:إذا قصّ خمسة أظفار من يدين أو رجلين،أو منهما أو من واحدة منهما،وجب الدم (5).

ص:263


1- 1التهذيب 5:332 الحديث 1142،الاستبصار 2:194 الحديث 652،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:78،تحفة الفقهاء 1:421،بدائع الصنائع 2:194-195،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:450-451،تبيين الحقائق 2:361،مجمع الأنهر 1: 293.
3- 3) ينظر:المختلف:285 نقله عن ابن الجنيد.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:369-371 و 376،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 466-467.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:78،بدائع الصنائع 2:194،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:451،تبيين الحقائق 2:361،مجمع الأنهر 1:293.

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة من الدم،فلا يثبت إلاّ بدليل،و لم يوجد ممّا ذكروه.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«فإن قلّم أصابع يديه كلّها،فعليه دم شاة» (1).

و في حديث الحلبيّ عنه،قال:«عليه مدّ في كلّ إصبع،فإن هو قلّم أظافيره عشرتها،فإنّ عليه دم شاة» (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه قلّم ما يقع عليه اسم الجمع،فأشبه ما لو قلّم خمسا من كلّ واحدة أو العشر معا (3).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لم يستكمل منفعة اليد من التزيين و الارتفاق الكامل، أمّا الارتفاق فلا يحصل،و كذا التزيين؛لأنّه يحصل به الشين في الأعين،بخلاف اليد الواحدة أو الرجل الواحدة؛لأنّه كامل في الارتفاق و التزيين (4).

و احتجّ محمّد:بأنّه ربع و زيادة،فصار كقصّ يد واحدة أو رجل واحدة (5).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من تعلّق الدم بما يقع عليه اسم الجمع،و لا يلزم من وجوب الدم لأعلى الدنيّين وجوبه لأدناهما،كقصّ الظفرين.

و عن الثاني:بالتسليم،فإنّا نقول بموجبه،و نقول:إنّ التزيين و الارتفاق الكامل إنّما يحصل بقصّ اليدين أو الرجلين،أمّا بقصّ واحدة منهما،فلا.

ص:264


1- 1التهذيب 5:332 الحديث 1141،الاستبصار 2:194 الحديث 651،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:332 الحديث 1142،الاستبصار 2:194 الحديث 652،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [2]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:214،المجموع 7:364.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:78،الهداية للمرغينانيّ 1:163،شرح فتح القدير 2:451،تبيين الحقائق 2:362.
5- 5) بدائع الصنائع 2:194،تبيين الحقائق 2:362،شرح فتح القدير 2:451.

و عن الثالث:بالمنع من الحكم في الأصل.و قد روى الشيخ-في الصحيح- عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم ينسى فيقلّم ظفرا من أظافيره، قال:«يتصدّق بكفّ من طعام»قلت:فاثنين؟فقال:«كفّين»قلت:فثلاث؟قال:

«ثلاثة أكفّ،لكلّ ظفر كفّ حتّى يصير خمسة،فإذا قلّم خمسة فعليه دم واحد، خمسة كان أو عشرة و ما كان» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذه الرواية:الحمل على الاستحباب، و يعضده أنّه عليه السلام أثبت الكفّارة مع النسيان،و قد ثبت أنّ النسيان يسقط الكفّارة (2)؛لما رواه-في الصحيح-عن أبي حمزة،قال:سألته عن رجل قصّ أظافيره إلاّ إصبعا واحدة،قال:«نسي؟»قلت:نعم،قال:«لا بأس» (3).

و في الصحيح عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من قلّم أظافيره ناسيا أو ساهيا،أو جاهلا فلا شيء عليه،و من فعله متعمّدا،فعليه دم» (4).

و تأوّل الرواية الأولى باحتمال أن يضيف إلى الأظفار الخمسة بقلم اليد الأخرى؛لأنّه ليس في ظاهر الرواية وجوب الدم على من قلّم خمسة أظفار و لم يزد عليها (5).و هذا التأويل ردي.

ص:265


1- 1التهذيب 5:332 الحديث 1143،الاستبصار 2:194 الحديث 653،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الاستبصار 2:195.
3- 3) التهذيب 5:332 الحديث 1144،الاستبصار 2:195 الحديث 654،الوسائل 9:291 الباب 10 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 5:333 الحديث 1145،الاستبصار 2:195 الحديث 655،الوسائل 9:291 الباب 10 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [3]
5- 5) التهذيب 5:332.
فروع:
الأوّل:الكفّارة:إنّما تجب على من قلّم أظفاره عامدا

،و لو فعل ذلك ناسيا،لم يكن عليه شيء،و كذا لو فعله جاهلا،قاله علماؤنا.و به قال إسحاق،و ابن المنذر و أحمد (1).

و قال الشافعيّ:يجب على الناسي الكفّارة،كالعامد (2).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان،و ما استكرهوا عليه» (3).

و ما تقدّم في حديث زرارة و أبي حمزة.

و ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تأكل شيئا من الصيد و إن صاده حلال،و ليس عليك فداء لشيء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجّك أو عمرتك (4)إلاّ الصيد،[فإنّ] (5)عليك الفداء،بجهل كان

ص:266


1- 1المغني 3:525،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352،الكافي لابن قدامة 1:561،الفروع في فقه أحمد 2:253،الإنصاف 3:527. [1]
2- 2) الأمّ 2:206،حلية العلماء 3:301،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:340، [2]مغني المحتاج 1:521،السراج الوهّاج:168.
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، و [3]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،فيض القدير 6:362 الحديث 9622،مجمع الزوائد 6:250.و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 4:1284 [4] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.
4- 4) في النسخ:«و لا عمرتك»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) أثبتناها من المصدر.

أو عمد» (1)الحديث.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه إتلاف،فاستوى عمده و خطؤه،كالصيد (2).

و الجواب:الفرق و قد مضى (3).

الثاني:لو قصّ بعض الظفر،وجب عليه ما يجب في جميعه

؛لأنّ الفدية تجب بقصّ الظفر،سواء طال أو قصر؛لعدم التقدير فيه،فصار[كالموضحة] (4)تجب فى الصغيرة ما تجب في الكبيرة.

الثالث:لو قصّ أظافير يديه و رجليه معا،فإن اتّحد المجلس،وجب دم

واحد،و إن كان في مجلسين،وجب دمان

؛لأنّ الدم يجب بالعشرة فيجب الدمان بالعشرين،و أمّا مع اتّحاد المجلس فإنّه بمنزلة اليدين.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت له:فإن قلّم أظافير رجليه و يديه جميعا؟قال:«إن كان فعل ذلك في مجلس واحد،فعليه دم،و إن كان فعله متفرّقا في مجلسين،فعليه دمان» (5).

الرابع:من أفتى غيره بتقليم ظفره فقلّمه فأدماه،وجب على المفتي دم شاة

؛ لأنّه الأصل في إراقة الدم،فكانت الفدية عليه.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن إسحاق الصيرفيّ،قال:قلت لأبي إبراهيم عليه السلام:إنّ رجلا أحرم فقلّم أظفاره و كانت إصبع له عليلة فترك ظفرها

ص:267


1- 1التهذيب 5:370 الحديث 1288،الوسائل 9:227 الباب 31 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4 و 5. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:339.
3- 3) يراجع:ص 248. [2]
4- 4) في النسخ:كالوصمة،و لعلّ الصواب ما أثبتناه.
5- 5) التهذيب 5:332 الحديث 1141،الاستبصار 2:194 الحديث 651،الوسائل 9:293 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]

لم يقصّه،فأفتاه رجل بعد ما أحرم،فقصّه فأدماه،قال:«على الذي أفتاه شاة» (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي إبراهيم عليه السلام أنّه سأله عن رجل نسي أن يقلّم أظافيره عند الإحرام حتّى أحرم،قال:

«يدعها»قلت:فإنّ رجلا من أصحابنا أفتاه أن يقلّم أظافيره و يعيد إحرامه ففعل، قال:«عليه دم» (2).

ص:268


1- 1التهذيب 5:333 الحديث 1146،الوسائل 9:294 الباب 13 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:228 الحديث 1078،الوسائل 9:295 الباب 13 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [2]
البحث السابع
اشارة

في قتل هوامّ الجسد

مسألة:و يجب برمي القملة عن جسد المحرم أو قتلها كفّ من طعام

.

و قال أصحاب الرأي:يتصدّق بمهما كان (1).

و قال إسحاق:يتصدّق بتمرة (2).

و قال مالك:حفنة من طعام (3).

و قال عطاء (4)كقولنا.

و قال سعيد بن جبير،و طاوس،و أبو ثور،و ابن المنذر،و أحمد في إحدى الروايتين:لا شيء عليه 5.

لنا:أنّه حصل به الترفّه و التنظيف،فوجب عليه الفداء،كحلق الرأس.

و ما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

ص:269


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:101،بدائع الصنائع 2:196،الهداية للمرغينانيّ 1:172،شرح فتح القدير 2:440،مجمع الأنهر 1:299،تبيين الحقائق 2:383.
2- 2) المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312،المجموع 7:334.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:428،بلغة السالك 1:289،المجموع 7:334.
4- (4-5) المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312،المجموع 7:334، [1]الإنصاف 3:486.

«المحرم لا ينزع القملة من جسده و لا من ثوبه متعمّدا،و إن قتل شيئا من ذلك خطأ، فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده» (1).

و في الصحيح عن حمّاد بن عيسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يبين القملة من جسده فيلقيها،فقال:«يطعم مكانها طعاما» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألته عن المحرم ينزع القملة عن جسده فيلقيها،قال:«يطعم مكانها طعاما» (3).

و عن الحلبيّ،قال:حككت رأسي و أنا محرم،فوقع منه قملات فأردت ردّهنّ،فنهاني و قال:«تصدّق بكفّ من طعام» (4).

احتجّوا:بما روي عن ابن عبّاس أنّه سئل عن محرم ألقى قملة ثمّ طلبها فلم يجدها،فقال:تلك ضالّة لا تبتغى (5).

و الجواب:أنّه غير دالّ على عدم الفداء.و قد روى الشيخ عن مرّة مولى خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يلقي القملة،فقال:«ألقوها

ص:270


1- 1التهذيب 5:336 الحديث 1160،الاستبصار 2:196 الحديث 661،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:336 الحديث 1158،الاستبصار 2:196 الحديث 659،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:336 الحديث 1159،الاستبصار 2:196 الحديث 660،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:337 الحديث 1163،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 4. [4]
5- 5) مسند الشافعيّ:136،المصنّف لعبد الرزّاق 4:414 الرقم 8263،سنن البيهقيّ 5:213،المغني 3:273،الشرح الكبير بهامش المغني 3:312.

أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

المحرم يحكّ رأسه فتقع منه القملة و الثنتان؟قال:«لا شيء عليه و لا يعود»قلت:

كيف يحكّ رأسه؟قال:«بأظافيره ما لم يدم،و لا يقطع الشعر» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما تقول في محرم قتل قملة؟قال:«لا شيء عليه في القملة،و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الرواية محمولة على الرخصة في جواز القتل مع الأذى و إن وجبت الكفّارة،و قوله عليه السلام:«ليس عليك شيء»،يريد نفي العقاب،أو لا شيء عليه مقدّر،كغيره من الكفّارات المقدّرة (4).

إذا ثبت هذا:فإنّ الكفّارة تجب في العمد و السهو و الخطأ،كالصيد؛للرواية.

ص:271


1- 1التهذيب 5:337 الحديث 1164،الاستبصار 2:197 الحديث 662،الوسائل 9:163 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:337 الحديث 1165،الاستبصار 2:197 الحديث 663،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:337 الحديث 1166،الاستبصار 2:197 الحديث 664،الوسائل 9:298 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 5:338،الاستبصار 2:197.
البحث الثامن
اشارة

في ما يجب بقطع شجرة الحرم

مسألة:يحرم قطع شجرة الحرم في قول أهل العلم كافّة

،و تجب في الكبيرة بقرة،و في الصغيرة شاة،و في أبعاضها قيمة،قاله الشيخ رحمه اللّه (1).

و ممّن أوجب الضمان:الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و أصحاب الرأي (4)،و هو مرويّ عن ابن عبّاس،و عطاء (5).

ص:272


1- 1المبسوط 1:354، [1]الخلاف 1:485 مسألة-281.
2- 2) الأمّ 2:208،حلية العلماء 3:322،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:447،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،الميزان الكبرى 2:46،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:156، مغني المحتاج 1:527،السراج الوهّاج:170.
3- 3) المغني 3:361 و 368،الشرح الكبير بهامش المغني 3:376 و 379،الكافي لابن قدامة 1: 575 و 576،الفروع في فقه أحمد 2:260 و 262،الإنصاف 3:552 و 555-556.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:103،تحفة الفقهاء 1:425،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175،تبيين الحقائق 2:390،مجمع الأنهر 1:301،عمدة القارئ 10:189.
5- 5) الأمّ 2:208،المغني 3:368،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:496،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،عمدة القارئ 10:189.

و قال مالك:لا ضمان فيه (1).

لنا:أنّه آمن،فيجب به الضمان كالصيد،قال عليه السلام:«لا يختلى خلاها و لا يعضد شجرها» (2).

و ما رواه ابن عبّاس،أنّه قال:في الدوحة (3)بقرة و في الجزلة (4)شاة (5).

و عن ابن الزبير،قال:في الكبيرة بقرة،و في الصغيرة شاة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن موسى بن القاسم، قال:روى أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنّه قال:«إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم،لم تنزع،فإن أراد أن ينزعها،نزعها،و كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين» (7).

و عندي في ذلك توقّف،و الرواية مقطوعة السند،و الأصل براءة الذمّة.

احتجّ مالك:بأنّ قطع شجر الحلّ لا يوجب الجزاء على المحرم،فكذا قطع شجر الحرم؛لأنّ ما حرم بالإحرام لا يتفاوت،كالصيد (8).

ص:273


1- 1الموطّأ 1:420، [1]المدوّنة الكبرى 1:451،بداية المجتهد 1:365،بلغة السالك 1:298،حلية العلماء 3:322،المغني 3:367، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:380، [3]عمدة القارئ 10:189.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:18،سنن النسائيّ 5:211،سنن الدارميّ 2:265، [4]مسند أحمد 1:253، سنن البيهقيّ 5:195.
3- 3) الدوحة:الشجرة العظيمة.تهذيب اللغة 2:1127.
4- 4) قال في النظم المستعذب بهامش المهذّب للشيرازيّ 1:219:...هي:الشجرة الشابّة التي لا أغصان لها.و قال أيضا:هي ما عظم من الشجر دون الدوحة.
5- 5) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،المجموع 7:447.
6- 6) الأمّ 2:208،مغني المحتاج 1:527،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511.
7- 7) التهذيب 5:381 الحديث 1331،الوسائل 9:301 الباب 18 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [5]
8- 8) المغني 3:367،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380.

و الجواب:أنّ هتك حرمة الحرم يحصل في الفرع،دون الأصل،فافترقا.

إذا ثبت هذا:فإنّ الكفّارة-إن قلنا بوجوبها-ما قلناه،و به قال الشافعيّ (1)، و أحمد (2).

و قال أصحاب الرأي:يضمن الجميع بالقيمة (3).

لنا:ما تقدّم من الروايات،فإنّها كما دلّت على الكفّارة،دلّت على قدرها.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا مقدّر فيه،فأشبه الحشيش (4).

و الجواب:المنع من عدم التقدير،و قد قلناه.

ص:274


1- 1الأمّ 2:208،حلية العلماء 3:322،المهذّب للشيرازيّ 1:218،المجموع 7:447،فتح العزيز بهامش المجموع 7:511،الميزان الكبرى 2:46،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:156، مغني المحتاج 1:527،السراج الوهّاج:170.
2- 2) المغني 3:368،الشرح الكبير بهامش المغني 3:380،الكافي في فقه أحمد 1:576،الفروع في فقه أحمد 2:261-262،الإنصاف 3:555-556.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:103،تحفة الفقهاء 1:425،بدائع الصنائع 2:210،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:33،تبيين الحقائق 2:390،مجمع الأنهر 1:301،المغني 3:368.
4- 4) المغني 3:368.
البحث التاسع
اشارة

في ما يجب في الصيد

و فيه مطالب:
المطلبالأوّل:في وجوب الجزاء

اعلم أنّا قد بيّنّا أنّ المحرم يحرم عليه الصيد (1)،و بيّنّا أنّ الصيد المحرّم،إنّما هو صيد البرّ،و هو الحيوان الممتنع (2).

و قيل:يشترط أن يكون مباحا،و قد تقدّم (3).

إذا ثبت هذا:فالصيد ينقسم قسمين:

الأوّل:ما تجب به الكفّارة المعيّنة،و لتلك الكفّارة بدل على الخصوص،إذا لم توجد الكفّارة،انتقل المكلّف إلى ذلك البدل.

الثاني:ما ليس لكفّارته بدل.

و الأوّل:خمسة أقسام:

الأوّل:النعامة.

الثاني:بقرة الوحش و حمار الوحش.

ص:275


1- 1يراجع:ص 142. [1]
2- 2) يراجع:ص 142 و 155. [2]
3- 3) يراجع:ص 142. [3]

الثالث:الظبي.

الرابع:بيض النعام.

الخامس:بيض القطا و القبج،و نحن نأتي على جميع ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:أجمع علماء الأمصار على وجوب الجزاء على قتل الصيد للمحرم.

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (1).

و لا نعلم أحدا خالف فيه،سواء قتله عمدا،أو سهوا،أو خطأ،إلاّ الحسن البصريّ و مجاهد،فإنّهما قالا:إن قتله متعمّدا ذاكرا لإحرامه،لا جزاء عليه،و إن كان مخطئا أو ناسيا لإحرامه،فعليه الجزاء (2).

و هذا خلاف القرآن العزيز؛لأنّه تعالى علّق الكفّارة على القتل عمدا،و الذاكر لإحرامه متعمّد.ثمّ قال في سياق الآية: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ (3).و الساهي و المخطئ لا عقاب عليه و لا ذمّ.و لا نعرف لهذين دليلا مع أنّهما خرقا الإجماع و خالفا نصّ القرآن،فلا اعتداد بقولهما.

مسألة:و لا خلاف في وجوب الكفّارة بالصيد على الناسي

،أمّا العامد فقد بيّنّاه و دلّلناه على وجوب الكفّارة عليه بالقرآن و الإجماع.

و أمّا الخاطئ،فإنّ الكفّارة تجب عليه أيضا.ذهب إليه علماؤنا، و به قال الحسن البصريّ،و عطاء،و النخعيّ (4)،و مالك (5)،و الثوريّ (6)،

ص:276


1- 1المائدة(5):95. [1]
2- 2) المغني 3:539،الشرح الكبير بهامش المغني 3:296،عمدة القارئ 10:161.
3- 3) المائدة(5):95. [2]
4- 4) المغني 3:541،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352،المجموع 7:321،تفسير القرطبيّ 6:308. [3]
5- 5) الموطّأ 1:419،بداية المجتهد 1:358،بلغة السالك 1:295،تفسير القرطبيّ 6:308. [4]
6- 6) المغني 3:541،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352.

و أصحاب الرأي (1)،و الزهريّ (2).

و قال ابن عبّاس:لا كفّارة على الخاطئ في قتل الصيد،و به قال سعيد بن جبير،و طاوس،و ابن المنذر،و عن أحمد روايتان (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن جابر،قال:جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الضبع يصيده المحرم كبشا (4).

و قال عليه السلام في بيض النعام يصيبه المحرم:«ثمنه» (5).و لم يفرّق عليه السلام بين العامد و الخاطئ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطإ أو عمد،أهم فيه سواء؟قال:«لا»قلت:جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب صيدا بجهالة و هو محرم؟قال:«عليه الكفّارة»قلت:فإن أصابه خطأ؟قال:«فأيّ شيء الخطأ عندك؟»قلت:يرمي هذه النخلة فيصيب نخلة أخرى،قال:«نعم،هذا الخطأ و عليه الكفّارة»قلت:فإن أخذ ظبيا متعمّدا فذبحه و هو محرم؟قال:«عليه الكفّارة»قلت:جعلت فداك أ لست قلت:إنّ الخطأ و الجهالة و العمد ليس بسواء؟

ص:277


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:96،بدائع الصنائع 2:201،شرح فتح القدير 3:7،تبيين الحقائق 2: 377،عمدة القارئ 10:161.
2- 2) المغني 3:541،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352،تفسير القرطبيّ 6:308، [1]عمدة القارئ 10:161.
3- 3) المغني 3:541،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352،الكافي لابن قدامة 1:561،الفروع في فقه أحمد 2:254،الإنصاف 3:528، [2]المبسوط للسرخسيّ 4:96.
4- 4) سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3085،المستدرك للحاكم 1:452،سنن البيهقيّ 5:183، سنن الدارقطنيّ 2:246 الحديث 49،مصنّف ابن أبي شيبة 4:527 الحديث 5.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1031 الحديث 3086،سنن البيهقيّ 5:208،المصنّف لعبد الرزّاق 4:423 الحديث 8302،كنز العمّال 5:38 الحديث 11955،فيض القدير 4:454 الحديث 5947.

فبأيّ شيء يفصل المتعمّد[من] (1)الخاطئ؟قال:«بأنّه أثم و لعب بدينه» (2).

و لأنّه ضمان إتلاف،فاستوى عمده و خطؤه،كمال الآدميّ.

احتجّ المخالف:بقوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً (3).و لأنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّه محظور الإحرام لا يفسده،فيجب التفرقة بين الخطأ فيه و العمد، كاللبس و الطيب (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على مطلوبكم إلاّ بدليل الخطاب.و هو ليس حجّة عند المحقّقين.

و عن الثاني:بأنّ الأصل يزول مع ظهور الأدلّة،و قد بيّنّاها.

و عن الثالث:بالفرق بأنّ القتل إتلاف،و اللبس ترفّه،فافترقا.

مسألة:و لو تكرّر الصيد،فإن كان المحرم ناسيا،تكرّرت الكفّارة إجماعا

.

و إن كان متعمّدا فللشيخ قولان:

أحدهما:أنّه يجب الجزاء في أوّل مرّة،و لا يجب في الثاني كفّارة (5)،و به قال ابن بابويه (6)،و هو مرويّ عن ابن عبّاس،و به قال شريح و الحسن البصريّ، و سعيد بن جبير،و مجاهد،و النخعيّ،و قتادة،و أحمد في إحدى الروايات (7).

ص:278


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:360 الحديث 1253،الوسائل 9:226 الباب 31 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2 و 3. [1]
3- 3) المائدة(5):95. [2]
4- 4) المغني 3:541،الشرح الكبير بهامش المغني 3:352،الكافي لابن قدامة 1:561،المبسوط للسرخسيّ 4:96.
5- 5) المبسوط 1:342، [3]الخلاف 1:480 مسألة-259.
6- 6) الفقيه 2:234،المقنع:79.
7- 7) المغني 3:561، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:368، [5]الكافي لابن قدامة 1:565،الفروع في فقه أحمد 2:250،الإنصاف 3:526، [6]المجموع 7:323. [7]

و القول الآخر للشيخ-رحمه اللّه-:تكرّر الكفّارة بتكرّر السبب (1)،و هو قول أكثر أهل العلم،و به قال عطاء،و الثوريّ (2)،و الشافعيّ (3)و إسحاق،و ابن المنذر (4)، و أصحاب الرأي (5)،و أحمد في إحدى الروايات.و لأحمد رواية بالسراية:إن كفّر عن الأوّل،وجبت الكفّارة في الثاني،و إلاّ فلا (6).و الحقّ عندنا:ما ذهب الأكثر.

لنا:قوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (7).و هو يتناول المبتدئ و العائد.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه جعل في الضبع،يصيده المحرم،كبشا (8).و لم يفرق بين العائد و المبتدئ،فيجب شمول الحكم لهما.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم يصيد الصيد،قال:«عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب» (9).

ص:279


1- 1المبسوط 1:342،الخلاف 1:480 مسألة-259.
2- 2) المغني 3:561،الشرح الكبير بهامش المغني 3:368.
3- 3) الأمّ 2:207،حلية العلماء 3:319،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:323،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:155.
4- 4) المغني 3:561،الشرح الكبير بهامش المغني 3:368،المجموع 7:323.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:96،بدائع الصنائع 2:201،شرح فتح القدير 3:7،مجمع الأنهر 1: 298.
6- 6) المغني 3:561، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:368. [2]
7- 7) المائدة(5):95. [3]
8- 8) سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3085،المستدرك للحاكم 1:452،سنن الدارقطنيّ 2:246 الحديث 49،سنن البيهقيّ 5:183،المصنّف لابن أبي شيبة 4:527 الحديث 5.
9- 9) التهذيب 5:372 الحديث 1295،الاستبصار 2:210 الحديث 718،الوسائل 9:243 الباب 47 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [4]

و في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:محرم أصاب صيدا؟قال:«عليه الكفّارة»قلت:فإنّه عاد؟قال:«عليه كلّما عاد كفّارة» (1).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد،عن أبي الحسن عليه السلام،عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأ أو عمد،أهم فيه سواء؟قال:«لا»قال:قلت:جعلت فداك،ما تقول في رجل أصاب صيدا بجهالة و هو محرم؟قال:«عليه الكفّارة» قلت:فإن أصابه خطأ؟قال:[«و أيّ شيء الخطأ عندك؟»قلت:يرمي هذه النخلة فيصيب نخلة أخرى:فقال:«نعم هذا الخطأ و] (2)عليه الكفّارة»قلت:فإن أخذ ظبيا متعمّدا فذبحه؟قال:«عليه الكفّارة»قلت:جعلت فداك أ لست قلت:«إنّ الخطأ،و الجهالة و العمد ليس بسواء!»فبأيّ شيء يفصل المتعمّد[من] (3)الخاطئ؟ قال:«بأنّه أثم و لعب بدينه» (4).

و لو انفصل العامد عن الساهي و الخاطئ بشيء غير ذلك،لوجب على الإمام عليه السلام أن يبيّنه؛لأنّه وقت الحاجة.

و لأنّها بدل متلف يجب فيه المثل أو القيمة،فأشبه مال الآدميّ.

و لأنّها كفّارة عن قتل،فاستوى فيها المبتدئ و العائد،كقتل الآدميّ.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-على القول بعدم التكرار:بقوله تعالى: وَ مَنْ عادَ

ص:280


1- 1التهذيب 5:372 الحديث 1296،الاستبصار 2:210 الحديث 719،الوسائل 9:244 الباب 47 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:360 الحديث 1253،الوسائل 9:226 الباب 31 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2 و 3. [2]

فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ (1)دلّ على أنّ الأوّل للابتداء،و لأنّ جعل الانتقام مجازاة على الفور، دليل على سقوط الكفّارة،و لأنّه لم يوجب جزاء (2).

و ما رواه الحلبيّ-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحرم إذا قتل الصيد،فعليه جزاؤه،و يتصدّق بالصيد على مسكين،فإن عاد فقتل صيدا آخر،لم يكن عليه جزاؤه،و ينتقم اللّه منه و النقمة في الآخرة» (3).

و في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أصاب المحرم الصيد خطأ،فعليه كفّارة،فإن أصابه ثانية خطأ،فعليه الكفّارة أبدا إذا كان خطأ،فإن أصابه متعمّدا،كان عليه الكفّارة،فإن أصابه ثانية متعمّدا،فهو ممّن ينتقم اللّه منه،و لم يكن عليه الكفّارة» (4).

احتجّ أحمد:بأنّه إن كفّر عن الأوّل،فعليه للثاني كفّارة،و إلاّ فلا؛لأنّها كفّارة تجب بفعل محظور في الإحرام،فيتداخل جزاؤها قبل التكفير،كاللبس و الطيب (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية دلّت على وجوب الجزاء على العائد بعمومها، و ذكر العقوبة لا ينافي الوجوب،و لا يلزم أن تكون الآية مقصورة على الابتداء بذكر العود؛لأنّ الحكم إذا علّق على أمر عامّ شامل للشيئين،و اختصّ أحدهما بحكم آخر،جاز ذكر ذلك الأخصّ تارة بالتضمّن و تارة بالمطابقة،و جعل الانتقام مجازاة على العود،لا يقتضي أن يكون هو كلّ المجازاة.

ص:281


1- 1المائدة(5):95. [1]
2- 2) الخلاف 1:480 مسألة-259،المبسوط 1:342، [2]التهذيب 5:372،الاستبصار 2:211.
3- 3) التهذيب 5:372 الحديث 1297،الاستبصار 2:211 الحديث 720،الوسائل 9:244 الباب 48 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:372 الحديث 1298،الاستبصار 2:211 الحديث 721،الوسائل 9:244 الباب 48 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [4]
5- 5) المغني 3:561.

و الحديثان الآخران معارضان بما تقدّم،و مع ذلك فيحتمل حملها (1)على نفي الكفّارة لا غير؛إذ الكفّارة بهذا القيد منفيّة عن العائد إجماعا،بخلاف الابتداء،بل الواجب في العائد الكفّارة و الانتقام معا،و هذا التأويل و إن بعد،لكنّ الجمع بين الأدلّة أولى.

مسألة:و يجب الجزاء على القاتل للضرورة

؛و ذلك:أنّ من أبيح له أكل الصيد فإنّه يذبحه إجماعا بغير خلاف.و لقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (2)و ترك الأكل مع القدرة عند الضرورة إلقاء بيده إلى التهلكة،فيكون منهيّا عنه،فيكون الأكل مأمورا به.

إذا ثبت هذا:فإنّ المضطرّ يباح له قتل الصيد للضرورة و يجب عليه الفداء.

و قال الأوزاعيّ:لا يضمنه (3).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (4)و هو يتناول المضطرّ و غيره.

و لأنّه قتله من غير معنى يحدث فيه من الصيد يقتضي قتله،فيضمنه كغيره.

و لأنّه أتلفه لنفعه و دفع الأذى عنه،فكان عليه الكفّارة،كحلق الرأس.

و لما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن المحرم يضطرّ فيجد الميتة و الصيد أيّهما يأكل؟قال:«يأكل من الصيد، أ ما يحبّ أن يأكل من ماله؟»قلت:بلى،قال:«إنّما عليه الفداء،فليأكل

ص:282


1- 1كذا في النسخ،و لعلّ الصواب:حملهما.
2- 2) البقرة(2):195. [1]
3- 3) المغني 3:540، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:317. [3]
4- 4) المائدة(5):95. [4]

و ليفده» (1).

احتجّ الأوزاعيّ:بأنّه مباح أشبه صيد البحر (2).

و الجواب:الإباحة لا تستلزم عدم الكفّارة،كما في حلق الرأس،و الفرق بين صيد البرّ و صيد البحر موجود،فإنّ صيد البحر لم يتناوله حرمة الإحرام و لا الحرم، فلا تجب الكفّارة به،بخلاف صيد البرّ.

مسألة:إذا صال عليه صيد فلم يقدر على دفعه إلاّ بقتله،ساغ له قتله إجماعا

، و هل يجب عليه الجزاء أم لا؟الوجه:أنّه لا يجب،و به قال الشافعيّ (3)، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:عليه الضمان (5).

لنا:أنّه التحق بالمؤذي طبعا،فوجب سقوط الضمان فيه،كالكلب العقور.

و لأنّه حيوان قتله لدفع شرّه،فلم يضمنه،كالآدميّ و الصائل.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه قتله لحاجة نفسه،فأشبه قتله لحاجة الأكل.

و الجواب:الفرق؛فإنّ القتل هنا لدفع الأذى،بخلاف قتله للأكل؛فإنّه لجلب النفع،و إذا افترقا،لم يجز الإلحاق.

ص:283


1- 1التهذيب 5:368 الحديث 1283،الاستبصار 2:209 الحديث 714،الوسائل 9:238 الباب 43 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 3:540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:317.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:212،المجموع 7:336،فتح العزيز بهامش المجموع 7:498،مغني المحتاج 1:524.
4- 4) المغني 3:540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:308،الكافي لابن قدامة 1:558،الإنصاف 3: 483.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:91،بدائع الصنائع 2:197،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:22،تبيين الحقائق 2:384،مجمع الأنهر 1:300،المغني 3:540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:308.

إذا ثبت هذا:فلا فرق بين أن يخاف منه التلف أو الجرح أو إتلاف المال.

مسألة:لو خلّص صيدا من سبع أو شبكة،أو أخذه ليخلّص من رجله خيطا

أو نحوه فتلف بذلك،كان عليه الضمان

،و به قال قتادة (1).

و قال عطاء:لا ضمان عليه (2)،و للشافعيّ قولان (3).

لنا:عموم الأدلّة الواردة بوجوب الجزاء.و لأنّ غاية ذلك أنّه عدم القصد إلى قتله،لكن مجرّد عدم القصد إلى القتل لا يسقط الضمان بالقتل،كقتل الخطأ.

احتجّ المخالف:بأنّه فعل أبيح لحاجة الحيوان،فلا يضمن ما يتلف به،كما لو داوى وليّ الصبيّ الصبيّ فمات (4).

و الجواب:أنّه مشروط بالسلامة.

مسألة:إذا قتل المحرم صيدا مملوكا لغيره،لزمه الجزاء للّه تعالى،و القيمة

لمالكه

.و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6).

و قال مالك،و المزنيّ:لا يجب الجزاء بقتل الصيد المملوك (7).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ

ص:284


1- 1المغني 3:540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:308.
2- 2) الأمّ 2:199،المغني 3:540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:308.
3- 3) الأمّ 2:199،حلية العلماء 3:296،المجموع 7:297،فتح العزيز بهامش المجموع 7:497.
4- 4) الأمّ 2:199،المهذّب للشيرازيّ 1:211،فتح العزيز بهامش المجموع 7:497،المغني 3: 540،الشرح الكبير بهامش المغني 3:308.
5- 5) الأمّ 2:208،حلية العلماء 3:296،المهذّب للشيرازيّ 1:211،المجموع 7:297،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494،مغني المحتاج 1:524،الميزان الكبرى 2:43،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:152.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:103-104،تحفة الفقهاء 2:424،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:31،تبيين الحقائق 2:389-390،مجمع الأنهار 1:301.
7- 7) حلية العلماء 3:297،المجموع 7:330،فتح العزيز بهامش المجموع 7:486.

اَلنَّعَمِ (1)و هو يتناول صورة النزاع،كما يتناول صورة الاتّفاق.

مسألة:الجزاء واجب على المحرم

،سواء كان إحرامه للحجّ أو للعمرة، و سواء كان الحجّ تمتّعا أو قرانا أو إفرادا،و سواء كانا واجبين أو مندوبين،صحيحين أو عرض لهما الفساد؛عملا بالعمومات،و لا نعرف فيه خلافا.

و لو كان الصيد في الحرم و تجرّد عن الإحرام،ضمن و لو كان محرما تضاعف الجزاء.

و قال الشافعيّ:صيد الحرم مثل صيد الإحرام يتخيّر فيه بين ثلاثة أشياء:

المثل و الإطعام و الصوم،و فيما لا مثل له،يتخيّر بين الصوم و الإطعام (2).

و قال أبو حنيفة:لا مدخل للصوم في ضمان صيد الحرم (3).و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

ص:285


1- 1المائدة(5):95. [1]
2- 2) الأمّ 2:207،حلية العلماء 3:322،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:491،فتح العزيز بهامش المجموع 7:499،مغني المحتاج 1:524-526.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:97،بدائع الصنائع 2:207،الهداية للمرغينانيّ 1:174،مجمع الأنهر 1:302،المجموع 7:491،فتح العزيز بهامش المجموع 7:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 371.
المطلب الثاني

في مقدار الكفّارة في قتل الصيد و فيه قسمان

القسم الأوّل

في ما لكفّارته بدل على الخصوص و مباحثه خمسة

البحثالأوّل:في ما يجب بقتل النعامة
مسألة:دابّة الصيد تضمن بمثلها من النعم في قول أكثر أهل العلم

(1).

و قال أبو حنيفة:الواجب القيمة (2).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (3).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه جعل في الضبع كبشا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ في الصيد: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ

ص:286


1- 1المغني 3:545، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:361، [2]حلية العلماء 3:316،المجموع 7: 438،فتح العزيز بهامش المجموع 7:500.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:82،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:170،عمدة القارئ 10:161،مجمع الأنهار 1:297.
3- 3) المائدة(5):95. [3]
4- 4) سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3085،سنن الدارميّ 2:74،سنن الدارقطنيّ 2:245-247 الأحاديث 42،43،44،48،49 و 52،سنن البيهقيّ 5:183،المصنّف لعبد الرزّاق 4:404 الحديث 8226،المصنّف لابن أبي شيبة 4:337 الباب 195 الحديث 1.

مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال:«في الظبي شاة،و في حمار وحش بقرة، و في النعامة جزور» (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الصيد ليس بمثليّ،فتجب القيمة،و يجوز صرفها في المثل (2).

و الجواب:المماثلة الحقيقيّة غير مرادة هنا؛لامتناعها بين الصيد و النعم،لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة،فإنّ النعامة تشبه البدنة.

و لأنّ الصحابة حكموا في الحيوانات بأمثالها،فحكم عليّ عليه السلام،و زيد بن ثابت،و عمر،و عثمان،و ابن عبّاس،و جماعة في النعامة ببدنة.و حكم أبو عبيدة،و ابن عبّاس في حمار الوحش ببدنة.و حكم عمر فيه ببقرة.و حكم عليّ عليه السلام،و عمر في الضبع بشاة (3).

و هذه الأحكام في الأزمنة المختلفة و الأوقات المتباعدة و الأماكن المتباينة، يدلّ على أنّه ليس على وجه القيمة؛لامتناع اتّفاقها في شيء واحد.و لأنّه لو كان على وجه القيمة لاعتبروا صفة المتلف التي تختلف القيمة بها،إمّا بنقل أخبار أو لمشاهدة (4)،و لم ينقل عن أحد من الصحابة ذلك،و لم يسألوا عنه حال الحكم،مع أنّهم حكموا في الحمامة بشاة و لا تبلغ الحمامة في القيمة الشاة غالبا.

ص:287


1- 1التهذيب 5:341 الحديث 1180،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:83،بدائع الصنائع 2:199،الهداية للمرغينانيّ 1:170،المغني 3: 545،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361.
3- 3) الأمّ 2:190،المغني 3:545-546،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:440،المحلّى 7:227-228، [2]عمدة القارئ 10:161-162،اللباب 7: 521.
4- 4) خا و ع:أو بمشاهدة،ح:أو المشاهدة.
مسألة:ما ثبت فيه نصّ مقدّر،اتّبع

،إمّا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أو من الأئمّة عليهم السلام،أو من الصحابة الذين يجب اتّباعهم،و لا يجب استيناف الحكم، و به قال عطاء،و الشافعيّ،و إسحاق،و أحمد (1).

و قال مالك:يستأنف الحكم (2).

لنا:أنّ قول من ذكرنا حجّة،و هم أعرف من غيرهم و أزيد و أبصر بالعلم، فكان قولهم حجّة على غيرهم،كالعامّيّ بالنسبة إلى العالم.

احتجّ مالك (3):بقوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (4).

و الجواب:التقدير ثبوت الحكم.

مسألة:و قد ثبت أنّ جماعة من الصحابة حكموا في النعامة ببدنة

،و هو قول علمائنا أجمع،فمن قتل نعامة و هو محرم،وجب عليه جزور.و به قال عطاء، و مجاهد (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و أكثر العلماء (9).

ص:288


1- 1المغني 3:546،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المجموع 7:439، [1]اللباب 7:522، الحاوي الكبير 4:291.
2- 2) المغني 3:546،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المجموع 7:439،الاستذكار 4:381.
3- 3) المغني 3:546،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361.
4- 4) المائدة(5):95. [2]
5- 5) المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المجموع 7:440.
6- 6) إرشاد السالك:59،بلغة السالك 1:299،المنتقى للباجيّ 2:254،المغني 3:555،المجموع 7:440،عمدة القارئ 10:161.
7- 7) الأمّ 2:190،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:440،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 502،مغني المحتاج 1:525،السراج الوهّاج:169،المغني 3:555،عمدة القارئ 10:161.
8- 8) المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،الكافي لابن قدامة 1:568،الفروع في فقه أحمد 2:233،زاد المستقنع:32.
9- 9) المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المجموع 7:440.

و قال أبو حنيفة:تجب القيمة (1)،و هو محكيّ،عن النخعيّ (2).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (3).

و ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه حكم فيها ببدنة (4)،و كذلك جماعة من الصحابة سمّيناهم فيما مضى.

و من طريق الخاصّة:حديث أبي الصباح عن الصادق عليه السلام،قال:

«و في النعامة جزور» (5).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في قول اللّه عزّ و جلّ: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال:«في النعامة بدنة» (6).

و عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«...في النعامة بدنة» (7).

و لأنّ النعامة تشبه البعير في خلقته،فكان مثلا لها،فيدخل في عموم النصّ، و قد مضى احتجاج أبي حنيفة و جوابه (8).

ص:289


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:82،تحفة الفقهاء 1:423،بدائع الصنائع 2:198،شرح فتح القدير 3: 8،مجمع الأنهر 1:298،عمدة القارئ 10:161،حلية العلماء 3:316،المغني 3:556. [1]
2- 2) المغني 3:556، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:361، [3]المجموع 7:440.
3- 3) المائدة(5):95. [4]
4- 4) سنن البيهقيّ 5:182،المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361.
5- 5) التهذيب 5:341 الحديث 1180،الوسائل 9:181 الباب 3 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 5:341 الحديث 1181،الوسائل 9:181 الباب 3 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [6]
7- 7) التهذيب 5:341 الحديث 1182،الوسائل 9:181 الباب 3 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [7]
8- 8) يراجع:ص 287.
مسألة:و لو لم يجد البدنة،قوّم البدنة،و فضّ ثمنها على البرّ

،و أطعم كلّ مسكين نصف صاع.و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).

و قال مالك:يقوّم الصيد لا المثل (3).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (4)على قراءة من قرأ بالخفض، و هو يقتضي أن يكون الجزاء بدلا عن المثل من النعم؛لأنّ تقديرها:بمثل ما قتل من النعم.

و ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد،قوّم جزاؤه من النعم دراهم،ثمّ قوّمت الدراهم طعاما لكلّ مسكين نصف صاع،فإن لم يقدر على الطعام،صام لكلّ نصف صاع يوما» (5).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن قوله تعالى:

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (6)قال:«عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به،فإن لم يكن،فليصم

ص:290


1- 1الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:320،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:438،فتح العزيز بهامش المجموع 7:499،مغني المحتاج 1:529،السراج الوهّاج:170،المغني 3:558.
2- 2) المغني 3:558، [1]الكافي لابن قدامة 1:571،الفروع في فقه أحمد 2:235،الإنصاف 3:509، [2]المجموع 7:438.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:434،إرشاد السالك:59،بداية المجتهد 1:358،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:298،حلية العلماء 3:320،المغني 3:558، [3]المجموع 7:438،عمدة القارئ 10:161.
4- 4) المائدة(5):95. [4]
5- 5) التهذيب 5:466 الحديث 1626،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [5]
6- 6) المائدة(5):95. [6]

بقدر ما بلغ لكلّ طعام مسكين يوما» (1).

و لأنّ كلّ متلف وجب فيه المثل،إذا قوّم لزمت قيمة مثله،كالمثليّ من مال الآدميّ.

احتجّ مالك:بأنّ التقويم إذا وجب لأجل الإتلاف،قوّم المتلف،كالذي لا مثل له (2).

مسألة:و لو لم يجد الإطعام،قوّم الجزور بدراهم و الدراهم بطعام على ما

قلناه

،و صام عن كلّ نصف صاع يوما.و به قال ابن عبّاس،و الحسن البصريّ، و النخعيّ،و الثوريّ،و أصحاب الرأي،و ابن المنذر (3).

و قال عطاء:يصوم عن كلّ مدّ يوما (4).و هو قول الشيخ-رحمه اللّه (5)-و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و عن أحمد روايتان (8).

لنا:أنّ صوم اليوم بدل عن نصف صاع في غير هذه الصورة،فيكون كذلك هنا.

ص:291


1- 1التهذيب 5:342 الحديث 1184،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [1]
2- 2) المغني 3:558،الشرح الكبير بهامش المغني 3:339.
3- 3) المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،المجموع 7:438،فتح العزيز بهامش المجموع 7:500.
4- 4) المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،المجموع 7:438، [2]المحلّى 7:222، عمدة القارئ 10:163.
5- 5) الخلاف 1:482 مسألة-268.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:433،إرشاد السالك:59،بداية المجتهد 1:358،بلغة السالك 1:299، المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:438،فتح العزيز بهامش المجموع 7:500،السراج الوهّاج:170،المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340.
8- 8) المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،الكافي لابن قدامة 1:571،الفروع في فقه أحمد 2:235.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«فإن لم يقدر على الطعام،صام لكلّ نصف صاع يوما» (1).

احتجّوا:بأنّ اللّه تعالى جعل اليوم في كفّارة الظهار في مقابلة إطعام المسكين، فكذا هنا (2).

و الجواب:النصّ مقدّم على القياس،و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل،فإن لم يجد ما يشتري بدنة فأراد أن يتصدّق،فعليه أن يطعم ستّين مسكينا لكلّ مسكين مدّان،فإن لم يقدر على ذلك،صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما،مكان كلّ عشر مساكين ثلاثة أيّام» (3)الحديث.

مسألة:و اختلف علماؤنا في كفّارة جزاء الصيد

،فقال بعضهم:إنّها على الترتيب (4)،اختاره المفيد-رحمه اللّه (5)-و به قال ابن عبّاس (6)،و الثوريّ (7)،و ابن سيرين (8)،و نقله أبو ثور عن الشافعيّ في القديم (9).

ص:292


1- 1التهذيب 5:466 الحديث 1626،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340.
3- 3) التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
4- 4) ينظر:الشرائع 1:284،285. [3]
5- 5) المقنعة:68.
6- 6) المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:339،المحلّى 7:221،بدائع الصنائع 2:200.
7- 7) المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:339،المحلّى 7:221.
8- 8) المنتقى للباجيّ 2:256.
9- 9) المجموع 7:427،فتح العزيز بهامش المجموع 7:500.

و قال آخرون من علمائنا:إنّها على التخيير (1).و به قال مالك (2)، و الشافعيّ (3)،و أصحاب الرأي (4).و للشيخ قولان (5)،و عن أحمد روايتان (6).

و عن أحمد رواية ثالثة:أنّه لا إطعام في الكفّارة (7)،و إنّما ذكر في الآية ليعدل به الصيام؛لأنّ من قدر على الإطعام قدر على الذبح،و هو قول للشافعيّ و مرويّ عن ابن عبّاس (8).

لنا:قوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (9)و وضع«أو»للتخيير،قال ابن عبّاس:كلّ شيء«أو،أو»فهو مخيّر و أمّا ما كان:«فإن لم يجد»فهو الأوّل الأوّل،رواه الجمهور (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ شيء في القرآن أَوْ فصاحبه بالخيار يختار

ص:293


1- 1ينظر:السرائر:131،الخلاف 1:482 مسألة-268.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:442،إرشاد السالك:59،بداية المجتهد 1:358،بلغة السالك 1:299، المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:338،المحلّى 7:221.
3- 3) حلية العلماء 3:320،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:427،فتح العزيز بهامش المجموع 7:499،السراج الوهّاج:170،المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:338، المحلّى 7:221.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:169،مجمع الأنهر 1:298،عمدة القارئ 10:163،المغني 3:557. الشرح الكبير بهامش المغني 3:338،المحلّى 7:221.
5- 5) قال في الخلاف 1:482 مسألة-268 بالتخيير،و قال في النهاية:222 بالترتيب.
6- 6) المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:338،الإنصاف 3:509،عمدة القارئ 10:163.
7- 7) المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:339،الإنصاف 3:509.
8- 8) المغني 3:557، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:339. [2]
9- 9) المائدة(5):95. [3]
10- 10) المغني 3:558،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:339.

ما شاء،و كلّ شيء في القرآن فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فعليه كذا،فالأوّل بالخيار» (1)

و لأنّها كفّارة إتلاف عطف بعض خصالها على البعض ب(أو)،فكان التخيير ثابتا فيها،ككفّارة أذى الحلق.

و لأنّها فدية تجب بفعل محظور،فكان مخيّرا بين ثلاثتها،كفدية الأذى.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-بقول الصادق عليه السلام في روايات معدودة:فإن لم يقدر على ذلك-يعني الذبح-قوّم جزاء الصيد و يتصدّق بثمنه على المساكين، ثمّ قال:فإن لم يقدر،صام بدل كلّ صاع يوما (2).و ذلك يدلّ على الترتيب.و لأنّ هدي المتعة على الترتيب،و هذا أوكد منه؛لأنّه بفعل محظور.

و الجواب عن الأوّل:أنّه و إن دلّ ظاهرا على الترتيب لكن يحتمل عدمه،إمّا لأفضليّة المتقدّم،أو لغير ذلك،فيحمل على غير الترتيب؛جمعا بين الأدلّة.

و عن الثاني:أنّه ينتقض بكفّارة أذى حلق الرأس.على أنّ لفظ النصّ صريح في التخيير،فلا يعدل عنه إلى القياس المبطل له.و قول أحمد ضعيف جدّا؛لأنّه تعالى سمّى الإطعام كفّارة،و لو لم يجب إخراجه،لم يكن كفّارة و جعله طعاما للمساكين،و ما لا يجوز صرفه إليهم،لا يكون طعاما لهم.

و لأنّه عطف الطعام على الهدي،ثمّ عطف الصوم عليه،و لو لم يكن خصلة من خصالها،لم يجز ذلك فيه.

و لأنّه كفّارة ذي الطعام (3)فيها،فكان من خصالها،كسائر الكفّارات.

و لا نسلّم أنّ من قدر على الإطعام قدر على الذبح؛لإمكان تعذّره،إمّا لتعذر

ص:294


1- 1التهذيب 5:333 ذيل الحديث 1147،الاستبصار 2:195 ذيل الحديث 656،الوسائل 9: 295 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ذيل الحديث 1. [1]
2- 2) ينظر:التهذيب 5:341 و 343 الحديث 1183 و 1187.
3- 3) د:أذى الطعام.

المذبوح،أو لغلاء السعر أو لغير ذلك،و بالجملة فكلام أحمد في غاية السقوط.

مسألة:و لو زاد قيمة الفداء على إطعام ستّين مسكينا لكلّ مسكين نصف

صاع،لم يلزمه الزائد

(1)

،و أجزأه إطعام ستّين،و لو نقص عن إطعام الستّين،لم يجب عليه الإكمال،بل أجزأه و إن كان ناقصا.

و كذا لو ثمن الطعام على صيام ستّين يوما لكلّ يوم نصف صاع،لم يجب عليه الصوم الزائد على الستّين،و لو نقص،أجزأه الناقص،و لا يجب عليه إكمال الصوم.

و خالف فيه الجمهور؛لأنّهم لم يعتبروا ذلك (2).

لنا:أنّها كفّارة،فلا تزيد على إطعام (3)ستّين،و لا على صيام ستّين يوما؛ لأنّها أعلى مراتب الكفّارة.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن جميل،عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم قتل نعامة،قال:«عليه بدنة،فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكينا،فإن كانت قيمة البدنة أقلّ من إطعام ستّين مسكينا،لم يكن عليه إلاّ قيمة البدنة» (4).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن جميل،عن محمّد بن مسلم و زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم قتل نعامة،قال:«عليه بدنة،فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكينا،فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام (5)ستّين مسكينا،لم يزد

ص:295


1- 1بعض النسخ:مسكينين.
2- 2) المغني 3:558،الشرح الكبير بهامش المغني 3:339.
3- 3) أكثر النسخ:عن إطعام،مكان:على إطعام.
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1185،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
5- 5) بعض النسخ:إطعام.

على إطعام ستّين (1)،و إن كانت قيمة البدنة أقلّ من طعام ستّين مسكينا،لم يكن عليه إلاّ قيمة البدنة» (2).

فرع:

لو بقي ما لا يعدل يوما،كربع الصاع،كان عليه صيام يوم كامل

.و به قال عطاء،و النخعيّ،و حمّاد،و الشافعيّ،و أصحاب الرأي (3)،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ صيام اليوم لا يتبعّض،و السقوط غير ممكن؛لشغل الذمّة،فيجب إكمال اليوم.

مسألة:و لو عجز عن الأصناف الثلاثة في البدنة و إطعام ستّين و صيام

شهرين،صام ثمانية عشر يوما

؛لأنّ صيام ثلاثة أيّام بدل عن إطعام عشرة مساكين في كفّارة اليمين مع العجز عن الإطعام،فيكون كذلك هاهنا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن محرم أصاب نعامة،قال:«عليه بدنة»قال:قلت:فإن لم يقدر على بدنة،ما عليه؟قال:«ليطعم ستّين مسكينا»قلت:فإن لم يقدر على ما يتصدّق به، قال:«فليصم ثمانية عشر يوما»الحديث (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل،فإن لم يجد ما يشتري بدنة فأراد أن يتصدّق، فعليه أن يطعم ستّين مسكينا كلّ مسكين مدّا (5)،فإن لم يقدر على ذلك صام مكان

ص:296


1- 1ر بزيادة:مسكينا،كما في المصدر.
2- 2) الفقيه 2:232 الحديث 1110،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 7. [1]
3- 3) المغني 3:559-560،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،المجموع 7:427.
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
5- 5) ر،ع و ح:مدّان،د:مدّين.

ذلك ثمانية عشر يوما،مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام»الحديث (1).

و روى ابن بابويه عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم أصاب نعامة و حمار وحش،قال:«عليه بدنة»قلت:فإن لم يقدر؟قال:«ليطعم ستّين مسكينا»قلت:فإن لم يقدر على ما يتصدّق به،ما عليه؟قال:«فليصم ثمانية عشر يوما»الحديث (2).

و عن الحسن بن محبوب،عن داود الرقّيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء،فقال:«إذا لم يجد،فسبع شياه،فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله» (3).

مسألة:و في فراخ النعامة قولان لعلمائنا:

أحدهما:من صغار الإبل،قاله المفيد (4)-رحمه اللّه-و به قال الشافعيّ (5)، و أحمد (6).

و الثاني:فيه ما في النعامة سواء،قاله الشيخ (7)-رحمه اللّه تعالى-و به قال

ص:297


1- 1التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [1]
2- 2) الفقيه 2:233 الحديث 1112،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 2:232 الحديث 1111،الوسائل 9:184 الباب 2 [3] من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4 و ج 10:171 الباب 56 من أبواب الذبح الحديث 1.
4- 4) المقنعة:68.
5- 5) المجموع 7:431 و 439،فتح العزيز بهامش المجموع 7:504،مغني المحتاج 1:526.
6- 6) المغني 3:554،الشرح الكبير بهامش المغني 3:304،الكافي لابن قدامة 1:569،الفروع في فقه أحمد 2:234.
7- 7) النهاية:225، [4]المبسوط 1:342.

مالك (1).و الأوّل أقوى و الثاني أحوط.

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (2)و مثل الصغير صغير.

و لأنّ الفرخ من الحمام يضمن بمثله-على ما يأتي-فكذا الفرخ من النعم.

و لأنّ ما ضمن باليد و الجناية اختلف زمانه بالصغر و الكبر،كالبهيمة.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوم حجّاج محرمين أصابوا فراخ نعام،فأكلوا جميعا،قال:«عليهم مكان كلّ فرخ بدنة يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ و على عدد الرجال» (3).

و لأنّ اللّه تعالى قال: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (4)و لا يجزئ في الهدي صغير.

و لأنّها كفّارة متعلّقة بقتل حيوان،فلم يختلف بقتل صغيرة و كبيرة،كالآدميّ.

و الجواب عن الأوّل:أنّه متناول للصغيرة و الكبيرة.

و عن الثاني:أنّ الهدي مقيّد بالمثل،فقد أجمع العلماء على الضمان بما لا يصلح في الهدي،كالعقاب و الجدي.

و عن الثالث:أنّ كفّارة الآدميّ ليست بدلا عنه و لا تجري أيضا مجرى الضمان؛لأنّه لا يتبعّض في أبعاضه.

ص:298


1- 1المدوّنة الكبرى 1:436،بداية المجتهد 1:362،بلغة السالك 1:300،المنتقى للباجيّ 2: 255،المحلّى 7:232. [1]
2- 2) المائدة(5):95. [2]
3- 3) التهذيب 5:353 الحديث 1227،الوسائل 9:185 الباب 2 [3] من أبواب كفّارات الصيد الحديث 9،و ص 209 الباب 18 الحديث 4.
4- 4) المائدة(5):95. [4]
البحث الثاني

في كفّارة قتل حمار الوحش و بقرته

مسألة:يجب في حمار الوحش بقرة

،قاله علماؤنا،و هو مرويّ عن عمر،و به قال عروة،و مجاهد (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين.

و في الأخرى:عليه بدنة،و هو مرويّ عن أبي عبيدة،و ابن عبّاس (3)،و هو رواية لنا (4)،و به قال عطاء،و النخعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:تجب القيمة (6)،و قد مضى البحث فيه (7)

ص:299


1- 1المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الكافي لابن قدامة 1:568،الفروع في فقه أحمد 2:233.
2- 2) الأمّ 2:192 و 206،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:423،فتح العزيز بهامش المجموع 7:502،مغني المحتاج 1:525-526،السراج الوهّاج:169.
3- 3) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الكافي لابن قدامة 1:568،الإنصاف 3: 536،الفروع في فقه أحمد 2:233.
4- 4) المقنع:77.
5- 5) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الفروع في فقه أحمد 2:233.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:82،تحفة الفقهاء 1:424،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:169-170،شرح فتح القدير 3:7،تبيين الحقائق 2:378،عمدة القارئ 10:161،مجمع الأنهر 1:297.
7- 7) يراجع:ص 286.

لنا:أنّ مماثلة حمار الوحش للبقرة أقوى من مماثلته للبدنة،فتكون البقرة هي الواجبة،و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش،ما عليه؟قال:«عليه بقرة» (1).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في قول اللّه عزّ و جلّ: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (2)قال:«في النعامة بدنة،و في حمار الوحش بقرة،و في الظبي شاة،و في البقرة بقرة» (3).

و في الصحيح عن أبي الصباح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و في حمار وحش بقرة» (4).

مسألة:و في بقرة الوحش بقرة

،قاله علماؤنا،و هو مرويّ عن ابن مسعود، و عطاء،و عروة،و قتادة (5)،و الشافعيّ (6)،و لا نعلم فيه خلافا إلاّ من أبي حنيفة (7)؛ لأنّ الصحابة رضوا فيها على ذلك؛و لأنّها مشابهة لها في الصورة.

ص:300


1- 1التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [1]
2- 2) المائدة(5):95. [2]
3- 3) التهذيب 5:341 الحديث 1181،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:341 الحديث 1180،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [4]
5- 5) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الفروع في فقه أحمد 2:233.
6- 6) الأمّ 2:192 و 206،المجموع 7:423،فتح العزيز بهامش المجموع 7:502،مغني المحتاج 1:525،السراج الوهّاج:169.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:82،تحفة الفقهاء 1:422،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:169-170،شرح فتح القدير 3:8،مجمع الأنهر 1:297،عمدة القارئ 10:161.

و ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش،قال:«عليه بدنة»قلت:فإن لم يقدر؟قال:«فليطعم ستّين مسكينا»قلت:فإن لم يقدر على ما يتصدّق به، ما عليه؟قال:«فليصم ثمانية عشر يوما»قلت:فإن أصاب بقرة،ما عليه؟قال:

«عليه بقرة» (1).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام«و في البقرة بقرة» (2).

و عن سليمان بن خالد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«في الظبي شاة و في البقرة بقرة،و في الحمار بدنة،و في النعامة بدنة»الحديث (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:فإن أصاب بقرة أو حمار وحش،ما عليه؟قال:«عليه بقرة» (4).

مسألة:و لو لم يجد البقرة في جزاء حمار الوحش و بقرته،قوّم ثمنها بدراهم

و فضّه على الحنطة

،و أطعم كلّ مسكين نصف صاع،و لا يجب عليه ما زاد على إطعام ثلاثين مسكينا،و لا إتمام ما نقص عنه،قاله علماؤنا أجمع.

ص:301


1- 1الفقيه 2:233 الحديث 1112،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:341 الحديث 1181،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:341 الحديث 1182،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [4]

و قال مالك:إنّما يقوّم الصيد (1)،و قد سلف البحث فيه (2).

و يدلّ على التقويم:ما تقدّم في حديث أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد،قوّم جزاؤه من النعم دراهم،ثمّ قوّمت الدراهم طعاما،لكلّ مسكين نصف صاع،فإن لم يقدر على الطعام،صام لكلّ نصف صاع يوما» (3).

و يدلّ على التقدير:ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش،ما عليه؟قال:«عليه بقرة»قلت:فإن لم يقدر على بقرة؟قال:«فليطعم ثلاثين مسكينا» (4).

و في الصحيح عن حمّاد،و ابن أبي عمير و فضالة،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و من كان عليه فداء شيء من الصيد فداؤه بقرة،فإن لم يجد،فليطعم ثلاثين مسكينا» (5).

و لأنّ المراد من اللحم صرفه إلى المساكين لينتفعوا به في الاغتذاء،فيقوم البرّ مقامه مع عدمه؛لحصول الغرض به.

مسألة:و لو لم يتمكّن من الإطعام،صام ثلاثين يوما

كلّ يوم بإزاء نصف

ص:302


1- 1المدوّنة الكبرى 1:434،بداية المجتهد 1:358،المنتقى للباجيّ 2:257،بلغة السالك 1:298.
2- 2) يراجع:ص 290. [1]
3- 3) الكافي 4:387 الحديث 10، [2]التهذيب 5:341 الحديث 1183 و ص 466 الحديث 1626، الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [4]
5- 5) التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [5]

صاع،و لو لم يبلغ الإطعام ذلك،لم يكن عليه الإكمال،و لو فضل،لم تجب عليه الزيادة عن ثلاثين؛لأنّه قد ثبت ذلك في كفّارة النعامة،فعلم أنّ صوم اليوم مقابل لنصف الصاع،فيكون كذلك هنا.

و ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد،قوّم جزاؤه من النعم دراهم،ثمّ قوّمت الدراهم طعاما،لكلّ مسكين نصف صاع،فإن لم يقدر على الطعام، صام لكلّ نصف صاع يوما» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن قوله عزّ و جلّ: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (2)قال:«عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به،فإن لم يكن[عنده] (3)فليصم بقدر ما بلغ،لكلّ طعام مسكين يوما» (4).

مسألة:و الخلاف في هذه الأصناف الثلاثة من كونها مرتّبة أو مخيّرة كما

مضى في جزاء النعامة

(5)،و لو لم يتمكّن من هذه الأصناف،صام تسعة أيّام؛لأنّه ثبت في كفّارة اليمين أنّ صوم ثلاثة أيّام بدل عن إطعام عشرة مساكين مع العجز فكذا هاهنا.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قلت:فإن لم يقدر على بقرة؟قال:«فليطعم ثلاثين مسكينا»قلت:فإن لم يقدر

ص:303


1- 1الكافي 4:387 الحديث 10، [1]التهذيب 5:341 الحديث 1183 و ص 466 الحديث 1626، الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
2- 2) المائدة(5):95. [3]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1184،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [4]
5- 5) يراجع:ص 292-295.

على ما يتصدّق به؟قال:«فليصم تسعة أيّام» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و من كان عليه فداء شيء من الصيد فداؤه بقرة،فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا،فإن لم يجد فليصم تسعة أيّام» (2).

ص:304


1- 1التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
البحث الثالث

في كفّارة الظبي و الثعلب و الأرنب

مسألة:و في الظبي شاة

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام، و عطاء،و عروة،و عمر بن الخطّاب (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد،و ابن المنذر (3).

و قال أبو حنيفة:الواجب القيمة (4).

لنا:أنّه قول من سمّيناه من الصحابة،و لم يعلم لهم مخالف،فكان حجّة.

و ما رواه الجمهور عن جابر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه آله أنّه قال:«و في الظبي شاة» (5).

ص:305


1- 1المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361،المجموع 7:426.
2- 2) الأمّ 2:193،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:426 و 428،فتح العزيز بهامش المجموع 7:501،مغني المحتاج 1:526،السراج الوهّاج:169،المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362.
3- 3) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الكافي لابن قدامة 1:568،الفروع في فقه أحمد 2:231،الإنصاف 3:537، [1]زاد المستقنع:32.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:82،تحفة الفقهاء 1:422،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:170،شرح فتح القدير 3:8،عمدة القارئ 10:162. [2]
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:246 الحديث 49 و 52،سنن البيهقيّ 5:183،كنز العمّال 5:38 الحديث 11953 و ص 41 الحديث 11971،فيض القدير 4:452 الحديث 5932.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«في الظبي شاة» (1).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله (2).و كذا حديث سليمان بن خالد عنه عليه السلام (3)،و قد مضى البحث مع أبي حنيفة (4).

مسألة:فإن عجز عن الشاة،قوّم ثمنها دراهم و فضّه على البرّ،و أطعم عشرة

مساكين

،لكلّ مسكين نصف صاع.

و لو زاد التقويم عن ذلك،لم تجب عليه الزيادة على إطعام العشرة.

و لو نقص لم يجب عليه الإكمال؛لأنّه قد ثبت أنّ إطعام عشرة مساكين مساو للشاة في اليمين و أذى الحلق و غيرهما،فيكون هنا كذلك.

و ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه،قوّم جزاؤه من النعم دراهم،ثمّ قوّمت الدراهم طعاما لكلّ مسكين نصف صاع،فإن لم يقدر على الطعام، صام لكلّ نصف صاع يوما» (5).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:فإن أصاب ظبيا،ما عليه؟

ص:306


1- 1التهذيب 5:341 الحديث 1180،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:341 الحديث 1181،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:341 الحديث 1182،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]
4- 4) يراجع:ص 286. [4]
5- 5) الكافي 4:387 الحديث 10، [5]التهذيب 5:341 الحديث 1183،و ص 466 الحديث 1626، الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [6]

قال:«عليه شاة»قلت:فإن لم يجد شاة؟قال:«فعليه إطعام عشرة مساكين» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و من كان عليه شاة فلم يجدها،فليطعم عشرة مساكين» (2).

مسألة:و لو عجز عن الإطعام،صام عن كلّ نصف صاع يوما

.و لو زاد التقويم على خمسة آصع،لم يكن عليه صوم عن الزائد،و لو نقص،لم يكن عليه إلاّ بقدر التقويم؛لأنّه قد ثبت فيما تقدّم أنّ صوم اليوم مقابل لنصف الصاع،فيكون كذلك هنا؛لما رواه الشيخ في حديث أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن لم يقدر على الطعام،صام لكلّ نصف صاع يوما» (3).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن قوله تعالى:

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (4)قال:«عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به،فإن لم يكن فليصم بقدر ما بلغ لكلّ طعام مسكين يوما» (5).

مسألة:و الخلاف هنا في ترتيب هذه الأصناف الثلاثة أو تخييرها،كالخلاف

فيما تقدّم

(6).

و لو عجز عن الشاة و إطعام عشرة مساكين و صوم عشرة أيّام،صام ثلاثة

ص:307


1- 1التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
3- 3) التهذيب 5:341 الحديث 1183،الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
4- 4) المائدة(5):95. [4]
5- 5) التهذيب 5:342 الحديث 1184،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [5]
6- 6) يراجع:ص 292.

أيّام؛لأنّه قد ثبت أنّها بدل في كفّارة اليمين عن إطعام عشرة مساكين،و كذا في كفّارة الأذى،فيكون بدلا هنا.

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفّارة الظبي، قلت:فإن لم يجد شاة؟قال:«فعليه إطعام عشرة مساكين»قلت:فإن لم يقدر على ما يتصدّق به؟قال:«فعليه صيام ثلاثة أيّام» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و من كان عليه شاة فلم يجد،فليطعم عشرة مساكين،فإن لم يجد،فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ» (2).

مسألة:و في الثعلب شاة

،رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل ثعلبا،قال:«عليه دم»قلت:فأرنبا؟قال:«مثل ما في الثعلب» (3).

إذا ثبت هذا:فقال قوم:إنّ في الثعلب مثل ما في الظبي (4)،و لم يثبت.

و يمكن الاحتجاج عليه بقول الصادق عليه السلام في رواية معاوية بن عمّار:

«و من كان عليه شاة فلم يجد،فليطعم عشرة مساكين،فإن لم يجد فصيام ثلاثة

ص:308


1- 1التهذيب 5:342 الحديث 1186،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
3- 3) التهذيب 5:343 الحديث 1188،الوسائل 9:190 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [3]
4- 4) ينظر:المقنعة:68،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):688،المبسوط 1:340،المهذّب 1:224، المراسم:120،السرائر:130،الجامع للشرائع:189.

أيّام» (1).

و بقوله عليه السلام في حديث أبي عبيدة:«إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد،قوّم جزاؤه من النعم دراهم،ثمّ قوّمت الدراهم طعاما،لكلّ مسكين نصف صاع،فإن لم يقدر على الطعام،صام لكلّ نصف صاع يوما» (2).

و في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى:

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (3)قال:«عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به،فإن لم يكن،فليصم بقدر ما بلغ لكلّ طعام مسكين يوما» (4).

و نحن في هذا من المتوقّفين.

مسألة:و في الأرنب شاة

ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء.و قال ابن عبّاس:

فيه حمل (5).

و قال الشافعيّ:فيه عناق (6)،و هو الأنثى من ولد المعز في أوّل سنة،و الذكر جدي.

ص:309


1- 1التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [1]
2- 2) الكافي 4:387 الحديث 10، [2]التهذيب 5:341 الحديث 1183 و ص 466 الحديث 1626، الوسائل 9:183 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
3- 3) المائدة(5):95. [4]
4- 4) التهذيب 5:342 الحديث 1184،الوسائل 9:185 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [5]
5- 5) الأمّ 2:193،المغني 3:548،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 3:362.
6- 6) الأمّ 2:193،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:428،فتح العزيز بهامش المجموع7: 502،أحكام القرآن للشافعيّ 1:123،مغني المحتاج 1:526،السراج الوهّاج:169،عمدة القارئ 10:161.

لنا:أنّه كالثعلب،فيكون جزاؤه مساويا لجزائه.

و لأنّ الشاة أعلى ما ذكروا،فيكون أحوط.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا،فقال:«في الأرنب شاة» (1).

و في رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام:«في الأرنب مثل ما في الثعلب» (2).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن ابن مسكان،عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأرنب يصيبه المحرم،فقال:«شاة هديا بالغ الكعبة» (3).

إذا عرفت هذا:فقال قوم من أصحابنا:إنّ فيه أيضا مثل ما في الظبي (4)، و يمكن الاحتجاج عليه مثل ما احتججنا لهم في الثعلب،و التوقّف هناك آت هاهنا.

ص:310


1- 1التهذيب 5:343 الحديث 1189،الوسائل 9:189 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1 و 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:343 الحديث 1188،الوسائل 9:190 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 2:233 الحديث 1115،الوسائل 9:189 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]
4- 4) ينظر:المقنعة:68،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):688،المبسوط 1:340،المهذّب 1:224، المراسم:120،السرائر:130،الجامع للشرائع:189.
البحث الرابع

في كفّارة كسر بيض النعام

مسألة:إذا كسر المحرم بيضة نعامة،فإن كان قد تحرّك فيه الفرخ،كان عليه

عن كلّ بيضة بكارة من الإبل

،و إن لم يكن قد تحرّك الفرخ فيه،كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض،فما نتج كان هديا لبيت اللّه تعالى.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعيّ:يجب عليه قيمة البيض (1)،و به قال عمر بن الخطّاب و ابن مسعود،و النخعيّ،و الزهريّ،و أبو ثور،و أحمد (2)،و أصحاب الرأي (3).

ص:311


1- 1الأمّ 2:208،حلية العلماء 3:299،المهذّب للشيرازيّ 1:212،المجموع 7:318 و 332، فتح العزيز بهامش المجموع 7:486.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:93،المجموع 7:333،المحلّى 7:234،المغني 3:553-554، الشرح الكبير بهامش المغني 3:303،الكافي لابن قدامة 1:557،الفروع في فقه أحمد 2:237، الإنصاف 3:478. [1]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:93،بدائع الصنائع 2:203،الهداية للمرغينانيّ 1:171، [2]تبيين الحقائق 2:382،مجمع الأنهر 1:299.

و قال مالك:يجب في البيضة عشر قيمة الصيد (1).

و قال داود و أهل الظاهر:لا شيء في البيض (2).

لنا:أنّه مع التحرّك يكون قد قتل فرخ نعامة،فيكون عليه مثله من الإبل،و مع عدمه يحتمل الفساد و الصحّة،فكان فيه (3)ما يقابله من إلقاء المنيّ في رحم الأنثى المحتمل للفساد و الصحّة.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من أصاب بيض نعام و هو محرم،فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدّة البيض من الإبل،فإنّه ربّما فسد كلّه،و ربّما خلق كلّه،و ربّما صلح بعضه و فسد بعضه،فما نتجت[الإبل] (4)فهديا بالغ الكعبة» (5).

و روى الشيخ:أنّ رجلا سأل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال:يا أمير المؤمنين إنّي خرجت محرما،فوطأت ناقتي بيض نعام فكسرته،فهل عليّ كفّارة؟فقال أمير المؤمنين عليه السلام:«فاسأل ابني الحسن عليه السلام عنها» و كان بحيث يسمع كلامه،فتقدّم إليه الرجل فسأله،فقال له:«يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض،فما نتج فهو هدي لبيت اللّه عزّ و جلّ»فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:«يا بنيّ كيف قلت ذلك و أنت تعلم أنّ

ص:312


1- 1الموطّأ 1:415،المدوّنة الكبرى 1:437،إرشاد السالك:59،بلغة السالك 1:300،حلية العلماء 3:299،المحلّى 7:233،المجموع 7:333،فتح العزيز بهامش المجموع 7:486،الفروع في فقه أحمد 2:237،بداية المجتهد 1:363،بدائع الصنائع 2:203.
2- 2) المجموع 7:318 و 332،الفروع في فقه أحمد 2:237.
3- 3) أكثر النسخ:منه،مكان:فيه.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:354 الحديث 1230،الاستبصار 2:202 الحديث 685،الوسائل 9:214 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]

الإبل ربّما أزلقت أو كان فيها ما يزلق؟»فقال:«يا أمير المؤمنين و البيض ربّما أمرق» (1)فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام و قال له:«صدقت يا بنيّ»ثمّ تلا: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2)» (3).

و يدلّ على وجوب البكارة مع التحرّك:ما تقدّم.

و ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«في كتاب عليّ عليه السلام:في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم،مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل» (4).

و هذه الرواية و إن دلّت على وجوب البكارة مطلقا،لكن نحن نقيّدها بالتحرّك؛جمعا بين الأدلّة.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل كسر بيض نعامة و في البيض فراخ قد تحرّك، فقال عليه السلام:«لكلّ فرخ تحرّك بعير ينحره في المنحر» (5).

احتجّ المخالف:بأنّ البيض لا مثل له،فتجب فيه القيمة (6).

و لأنّه روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«في بيض النعام يصيبه

ص:313


1- 1في المصادر بزيادة:«أو كان فيه ما يمرق»مرقت البيضة:إذا فسدت فصارت ماء.لسان العرب 10:340. [1]
2- 2) آل عمران(3):34. [2]
3- 3) التهذيب 5:354 الحديث 1231،الوسائل 9:215 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:355 الحديث 1233،الاستبصار 2:202 الحديث 687،الوسائل 9:217 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [4]
5- 5) التهذيب 5:355 الحديث 1234،الاستبصار 2:203 الحديث 688،الوسائل 9:216 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [5]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:212،المجموع 7:333،فتح العزيز بهامش المجموع 7:486.

المحرم ثمنه» (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من عدم المثليّة؛إذ المثل هنا ليس المثل الحقيقيّ على ما قلناه.

و عن الثاني:أنّه مرسل لا اعتداد به.و قول مالك لا حجّة عليه،و قول داود مناف للإجماع.

مسألة:و الاعتبار في العدد بالإناث،فيجب لكلّ بيضة أنثى

،فلو كسر عشرا، وجب عليه أن يرسل في عشر إناث،و لو كان ذكرا واحدا،أجزأه؛لأنّ الإنتاج مأخوذ من الإناث.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح الكنانيّ،قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم وطئ بيضة نعام فشدخها،قال:«قضى فيها أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث،فما لقح و سلم،كان النتاج هديا بالغ الكعبة» (2).

مسألة:و لا فرق بين أن يكسره بنفسه أو بدابّته

؛لأنّه سبب في الإتلاف، فكان عليه ضمانه.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما وطأته أو وطأه بعيرك أو دابّتك و أنت محرم،فعليك فداؤه» (3).

ص:314


1- 1سنن ابن ماجة 2:1031 الحديث 3086،سنن الدارقطنيّ 2:250 الحديث 64،سنن البيهقيّ 5: 208،كنز العمّال 5:38 الحديث 11955،المصنّف لعبد الرزّاق 4:421 الحديث 8294،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:78،فيض القدير 4:454 الحديث 5947.
2- 2) التهذيب 5:355 الحديث 1232،الاستبصار 2:202 الحديث 686،الوسائل 9:215 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:355 الحديث 1232،الاستبصار 2:202 الحديث 686،الوسائل 9:249 الباب 53 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
مسألة:و لو لم يتمكّن من الإبل،كان عليه عن كلّ بيضة شاة

،فإن لم يجد، كان عليه عن كلّ بيضة إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ،فإن لم يجد،كان عليه صيام ثلاثة أيّام؛لأنّها تثبت أبدالا في كفّارات متعدّدة،فتكون كذلك هاهنا.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل أصاب بيض نعامة و هو محرم،قال:«يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض»قلت:فإنّ البيض يفسد كلّه و يصلح كلّه،قال:

«ما نتج الهدي فهو هدي بالغ الكعبة،و إن لم ينتج،فليس عليه شيء،فمن لم يجد إبلا،فعليه لكلّ بيضة شاة،فإن لم يجد،فالصدقة على عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ،فإن لم يقدر،فصيام ثلاثة أيّام» (1).

فروع:
الأوّل:لو كسر بيضة فيها فرخ ميّت،لم يكن عليه شيء

،و كذا لو كان البيض فاسدا.

و قال بعض الجمهور:عليه القيمة؛لأنّ للقشر قيمة (2).

و ليس بمعتمد؛لأنّه بمنزلة الخشب و الحجر و سائر ما له قيمة من غير الصيد، و لهذا لو ثقب (3)بيضة فأخرج ما فيها أجمع،ضمنها،و لو جاء آخر بعده و كسرها، لم يكن عليه شيء.

ص:315


1- 1التهذيب 5:354 الحديث 1229،الاستبصار 2:201 الحديث 684،الوسائل 9:215 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:88،بدائع الصنائع 2:203،الهداية للمرغينانيّ 1:171،شرح فتح القدير 2:15،تبيين الحقائق 2:382،مجمع الأنهر 1:299.
3- 3) ع:نقب.

و يؤيّده:ما رواه عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام لمّا أوجب الإرسال،قلت:فإنّ البيض يفسد كلّه،و يصلح كلّه،قال:«ما ينتج الهدي فهو هدي بالغ الكعبة،فإن لم ينتج فليس عليه شيء» (1).

الثاني:لو باض الطير على فراش محرم،فنقله إلى موضعه فنفر الطير

فلم يحضنه

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يلزمه الجزاء،و استدلّ:بعموم الأخبار الواردة في هذا المعنى (2)،و للشافعيّ قولان (3).

الثالث:لو كسر بيضة فخرج منها فرخ حيّ و عاش،لم يكن عليه شيء

، و لو مات،كان فيه ما في صغير النعام.

ص:316


1- 1التهذيب 5:354 الحديث 1229،الاستبصار 2:201 الحديث 684،الوسائل 9:215 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [1]
2- 2) الخلاف 1:488 مسألة-298،المبسوط 1:348.
3- 3) حلية العلماء 3:300،المهذّب للشيرازيّ 1:212.
البحث الخامس

في كسر بيض القطاة و القبج

مسألة:إذا كسر المحرم بيضة من بيض القطاة أو القبج،فإن كان قد تحرّك فيه

الفرخ،كان عليه عن كلّ بيضة،مخاض من الغنم

،و إن لم يكن قد تحرّك فيه الفرخ، كان عليه أن يرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض،فما نتج كان هديا لبيت اللّه تعالى.

و قال الجمهور:عليه القيمة و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم (1).

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:سألته عن محرم وطئ بيض القطاة فشدخه،قال:«يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الغنم،كما يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل» (2).

و عن ابن رباط،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن بيض القطاة،قال:«يصنع فيه في الغنم،كما يصنع في بيض النعام في الإبل» (3).

ص:317


1- 1يراجع:ص 315. [1]
2- 2) التهذيب 5:356 الحديث 1237،الاستبصار 2:203 الحديث 689،الوسائل 9:218 الباب 25 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:356 الحديث 1238،الاستبصار 2:203 الحديث 690،الوسائل 9:218 الباب 25 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [3]

و يدلّ على وجوب المخاض من الغنم مع التحرّك:أنّه بيض تحرّك فيه الفرخ، فكان عليه صغير من ذلك النوع،كما في بيض النعام.

و ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«في كتاب عليّ عليه السلام:في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل» (1).

و عن سليمان بن خالد،قال:سألته عن رجل وطئ بيضة قطاة فشدخه،قال:

«يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم،كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل، و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله:«و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم» لا ينافي الأخبار الأوّلة؛لأنّ المخاض إنّما يلزمه على التعيين إذا كان في البيض فرخ،كما قلنا في بيض النعام إنّما يلزمه البدنة إذا كان فيه الفرخ (3).

و يدلّ على المساواة:ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«في كتاب عليّ عليه السلام:في بيض القطاة بكارة مثل ما في بيض النعام» (4).

مسألة:و لو لم يتمكّن من الإرسال،قال الشيخ-رحمه اللّه-:كان حكمهJ حكم بيض النعام

ص:318


1- 1التهذيب 5:355 الحديث 1233،الاستبصار 2:203 الحديث 691،الوسائل 9:217 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:356 الحديث 1239،الاستبصار 2:203 الحديث 692،الوسائل 9:218 الباب 25 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:357،الاستبصار 2:204.
4- 4) التهذيب 5:355 الحديث 1233،الاستبصار 2:203 الحديث 691،الوسائل 9:217 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [3]

حكم بيض النعام سواء (1).

قال ابن إدريس:يريد أنّه إذا لم يتمكّن من الإرسال،وجب عليه عن كلّ بيضة شاة،كما أنّ من عجز عن إرسال فحولة الإبل في إناثها،وجب عليه عن كلّ بيضة شاة.و لا استبعاد فيه إذا قام الدليل عليه.ثمّ قال شيخنا المفيد في مقنعته:و من وطئ بيض نعام و هو محرم فكسره،كان عليه أن يرسل فحولة الإبل على إناثها بعدد ما كسر من البيض،فما نتج منها،كان المنتوج هديا لبيت اللّه عزّ و جلّ،فإن لم يقدر على ذلك،كفّر عن كلّ بيضة بإطعام ستّين مسكينا،فإن لم يجد الإطعام،صام عن كلّ بيضة شهرين متتابعين،فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين،صام ثمانية عشر يوما عوضا عن إطعام كلّ عشرة مساكين بصيام ثلاثة أيّام.فإن وطئ بيض القبج و الدرّاج أرسل فحولة الغنم على إناثها بعدد المكسور من البيض،فما نتج، كان هديا لبيت اللّه عزّ و جلّ،فإن لم يجد،ذبح عن كلّ بيضة شاة،فإن لم يجد،أطعم عن كلّ بيضة عشرة مساكين،فإن لم يقدر على ذلك،صام عن كلّ بيضة ثلاثة أيّام.

قال شيخنا المفيد-عليه الرحمة-:لم نجعل حكمه حكم بيض النعام مع تعذّر الإرسال (2).

و عندي في ذلك تردّد؛فإنّ الشاة تجب مع تحرّك الفرخ لا غير،بل و لا تجب شاة كاملة بل صغيرة على ما بيّنّا (3)،فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرّك و إمكان فساده و عدم خروج الفرخ منه.

و الأقرب:مقصود الشيخ-رحمه اللّه-بمساواته لبيض النعام في وجوب الصدقة على عشرة مساكين،أو الصيام ثلاثة أيّام إذا لم يتمكّن من الإطعام.

ص:319


1- 1المبسوط 1:345، [1]النهاية:227. [2]
2- 2) السرائر:132-133.
3- 3) يراجع:ص 317.
القسم الثاني

في ما لا بدل له على الخصوص

و مباحثه اثنان:
البحثالأوّل

الحمام و هو كلّ طائر يهدر بأن يواتر صوته،و يعبّ الماء بأن يضع منقاره فيه، فيكرع،كما تكرع الشاة،و لا يأخذ قطرة قطرة بمنقاره،كالدجاج و العصافير.

و قال الكسائيّ:كلّ مطوّق حمام (1).فالحجل حمام؛لأنّه مطوّق.

و يدخل في الأوّل:الفواخت و الوراشين،و القماريّ،و الدبسيّ و القطا.

إذا ثبت هذا:فنقول:في كلّ حمامة شاة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام،و عمر،و عثمان،و ابن عمر،و ابن عبّاس،و نافع بن عبد الحارث، فإنّهم حكموا في حمام الحرم بكلّ حمامة شاة،و به قال سعيد بن المسيّب،و عطاء، و عروة،و قتادة (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد،و إسحاق (4).

ص:320


1- 1المغني 3:556،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:363،الكافي لابن قدامة 1:570،الإنصاف 3: 540. [2]
2- 2) المغني 3:556،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363،الأمّ 2:195،المهذّب للشيرازيّ 1: 217،المجموع 7:440، [3]المحلّى 7:229،المصنّف لعبد الرزّاق 4:414-418 الحديث 8264- 8285،المبسوط للسرخسيّ 4:83،فتح العزيز بهامش المجموع 7:504. [4]
3- 3) الأمّ 2:195،حلية العلماء 3:317،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:440، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 7:504، [6]مغني المحتاج 1:526،الميزان الكبرى 2:46،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:155،السراج الوهّاج:169.
4- 4) المغني 3:556،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363،الكافي لابن قدامة 1:570،الفروع في فقه أحمد 2:233،الإنصاف 3:539، [7]زاد المستقنع:32.

و قال أبو حنيفة (1)،و مالك:فيه القيمة إلاّ أنّ مالكا وافق في حمام الحرم-لما قلناه-دون حمام الإحرام (2).

لنا:أنّ من سمّيناه من الصحابة حكموا في كلّ حمامة بشاة.و لأنّه يكرع الماء،كالشاة،فكانت شبيهة بها.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة» (3).

و على مالك:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قضى في الحمام حال الإحرام بالشاة (4)،و لا مخالف له من الصحابة.

و لأنّها حمامة لحقّ اللّه تعالى،فضمنت بشاة،كحمامة الحرم.

و لأنّ الشاة مثل لها في الحرم،فيكون كذلك في الإحرام؛لقوله تعالى:

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (5).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الحمام لا مثل لها،فتجب القيمة (6).

و احتجّ مالك:بأنّ القياس يقتضي القيمة في كلّ الطير،تركناه في حمام الحرم،

ص:321


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:82-83،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:169-170، تبيين الحقائق 2:378،مجمع الأنهر 1:298.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:443،إرشاد السالك:59،بداية المجتهد 1:362،المنتقى للباجيّ 2:254، بلغة السالك 1:299-300،المغني 3:556،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363.
3- 3) التهذيب 5:345 الحديث 1197،الاستبصار 2:200 الحديث 678،الوسائل 9:193 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
4- 4) سنن البيهقيّ 5:205،المصنّف لعبد الرزّاق 4:418 الحديث 8282،كنز العمّال 14:111 الحديث 38086.
5- 5) المائدة(5):95. [2]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:83،بدائع الصنائع 2:199،الهداية للمرغينانيّ 1:170.

لقضاء الصحابة،فبقي ما عداه على الأصل (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّا قد بيّنّا أنّ المماثلة في الصورة و الحقيقة غير مرادة، بل ما شابهها شرعا،و قد بيّنّا (2)أنّ الشارع حكم في الحمامة بشاة،مع قوله تعالى:

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (3).فدلّ على ثبوت المماثلة الشرعيّة بينهما،و هو الجواب عن الثاني.

مسألة:و الشاة تجب بقتل المحرم للحمامة

،أمّا لمحلّ لو قتلها في الحرم،فإنّه يجب عليه القيمة،و هي درهم،نصّ عليه علماؤنا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«في الحمامة درهم» (4).

و إنّما قلنا:إنّ هذا إنّما يجب على المحلّ؛لما رواه الشيخ عن ابن فضيل،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم،قال:«عليه قيمتها و هو درهم يتصدّق به أو يشتري طعاما لحمام الحرم» (5).

و عن منصور قال:حدّثني صاحب لنا ثقة،قال:كنت أمشي في بعض طرق مكّة فلقيني إنسان فقال لي:اذبح[لي] (6)هذين الطيرين،فذبحتهما ناسيا و أنا

ص:322


1- 1المغني 3:556،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363.
2- 2) يراجع:ص 286.
3- 3) المائدة(5):95. [1]
4- 4) التهذيب 5:345 الحديث 1196،الاستبصار 2:200 الحديث 677،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [2]
5- 5) التهذيب 5:345 الحديث 1198،الاستبصار 2:200 الحديث 679،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [3]
6- 6) أثبتناها من المصدر.

حلال،ثمّ سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،فقال:«عليك الثمن» (1).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فرخين مسرولين (2)ذبحتهما و أنا بمكّة محلّ،فقال لي:«لم ذبحتهما؟»فقلت:جاءتني بهما جارية قوم من أهل مكّة،فسألتني أن أذبحهما لها، فظننت أنّي بالكوفة،و لم أذكر أنّي بالحرم،فذبحتهما،فقال:«تصدّق بثمنهما» قلت:كم ثمنهما؟قال:«درهم خير من ثمنهما» (3).

فرع:

لو كانت القيمة أزيد من درهم أو أنقص هل تجب القيمة أو الدرهم؟

الأقرب:وجوب الدرهم لا غير؛عملا بالنصوص مع احتمال أن يكون سبب التنصيص بلوغ الحمامة درهما وقت السؤال،و لهذا أطلق في بعض الأخبار وجوب الثمن من غير تقييد بقدر معيّن،و الأحوط:وجوب الزائد من الأمرين من القيمة و الدرهم،لكنّ الإشكال في وجوبه مع إطلاق الأصحاب وجوب الدرهم و لم يلتفتوا إلى القيمة السوقيّة.

آخر:

القماريّ و الدباسيّ و الفواخت من أجناس الحمام

،ففي كلّ واحدة شاة،

ص:323


1- 1التهذيب 5:346 الحديث 1199،الاستبصار 2:201 الحديث 680،الوسائل 9:197 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [1]
2- 2) حمامة مسرولة:في رجليها ريش.لسان العرب 11:334.
3- 3) التهذيب 5:346 الحديث 1200،الاستبصار 2:201 الحديث 681،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 7. [2]

و ما دون ذلك فيه القيمة؛لما رواه سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام:«و فيما سوى ذلك قيمته» (1).

مسألة:و لو كان القاتل للحمام محرما في الحرم،وجب عليه الجزاء و القيمة

معا

،فيجب عليه عن كلّ حمامة شاة و درهم؛لأنّه هتك حرمة الحرم و الإحرام، فكان عليه فداؤهما معا.

و لأنّ المحرم في الحلّ تجب عليه شاة،و المحلّ في الحرم يجب عليه درهم، فيجتمعان في حقّ من اجتمع فيه الوصفان؛إذ قيد الحلّ و الإحلال لا تأثير له في الوجوب،بل في السقوط.

و لما رواه الشيخ عن ابن فضيل،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم،قال:«عليه قيمتها و هو درهم، يتصدّق به،أو يشتري طعاما لحمام الحرم،و إن قتلها و هو محرم في الحرم،فعليه شاة و قيمة الحمامة» (2).

و عن ابن مسكان،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم،قال:فقال:«عليه شاة»قلت:

فإن قتلها في جوف الحرم؟قال:«فعليه شاة و قيمة الحمامة»قلت:فإن قتلها في الحرم و هو حلال؟قال:«عليه ثمنها ليس غيره» (3).

مسألة:و لو قتل فرخا من فراخ الحمام،وجب عليه حمل قد فطم و رعى

من

ص:324


1- 1التهذيب 5:341 الحديث 1182،الوسائل 9:181 الباب 1 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:345 الحديث 1198،الاستبصار 2:200 الحديث 679،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 5:347 الحديث 1203،الوسائل 9:198 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]

الشجر إن كان محرما؛لأنّا قد بيّنّا فيما تقدّم أنّ في الصغير من الصيد صغيرا من الجزاء؛تحقيقا للمماثلة،و عملا بأصالة البراءة (1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة،فإن قتل فراخه ففيه حمل،و إن وطئ البيض فعليه درهم» (2).

و في الصحيح عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه قال في محرم ذبح طيرا:«إنّ عليه دم شاة يهريقه،فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:فمن قتل فرخا من فراخ الحمام و هو محرم؟قال:«عليه حمل» (4).

مسألة:و لو قتل الفرخ محلّ في الحرم،كان عليه نصف درهم

،و لو كان محرما في الحرم،وجب عليه الجزاء و القيمة معا،فيجب عليه حمل و نصف درهم لكلّ فرخ؛لأنّ الدرهم يجب في الحمامة،فيجب دونه فيما هو أصغر منها،كالجزاء.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«في الحمامة درهم،و في الفرخ نصف درهم،و في البيض ربع درهم» (5).

ص:325


1- 1يراجع:ص 298.
2- 2) التهذيب 5:345 الحديث 1197،الاستبصار 2:200 الحديث 678،الوسائل 9:193 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:346 الحديث 1201،الاستبصار 2:201 الحديث 682،الوسائل 9:194 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:347 الحديث 1203،الوسائل 9:194 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 9. [3]
5- 5) التهذيب 5:345 الحديث 1196،الاستبصار 2:200 الحديث 677،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [4]

و إذا ثبت أنّ الدرهم يجب على القاتل في الحرم،و الشاة تجب على المحرم، و لا تنافي بين اجتماع الوصفين و لا الحكمين،وجبا معا على المحرم القاتل في الحرم؛تحقيقا للعلّة،و لما تقدّم.

مسألة:و إذا كسر المحرم بيض الحمام و لم يكن قد تحرّك فيه الفرخ،وجب

عليه عن كلّ بيضة درهم

،و إن كان قد تحرّك فيه الفرخ،وجب عليه عن كلّ بيضة حمل،هذا إذا كان في الحلّ؛لما رواه الشيخ-في الحسن-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن وطئ البيض فعليه درهم» (1).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن وطئ المحرم بيضة فكسرها فعليه درهم،كلّ هذا يتصدّق به بمكّة و منى،و هو قول اللّه تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ (2)» (3).

أمّا إذا كان الكاسر محلاّ في الحرم،فإنّ عليه لكلّ بيضة ربع درهم؛لقوله عليه السلام:«و في البيض ربع درهم» (4).

و لو كان الكاسر محرما في الحرم،وجب عليه عن كلّ بيضة درهم و ربع درهم؛لما بيّنّا من وجوب كلّ واحد منهما على المحرم في الحلّ،و المحلّ في الحرم،و إمكان اجتماع الوصفين.

و في رواية يزيد بن خليفة،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده،فقال

ص:326


1- 1التهذيب 5:345 الحديث 1197،الاستبصار 2:200 الحديث 678،الوسائل 9:193 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المائدة(5):94. [2]
3- 3) التهذيب 5:346 الحديث 1202،الاستبصار 2:201 الحديث 683،الوسائل 9:193 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 5:345 الحديث 1196،الاستبصار 2:200 الحديث 677،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [4]

له[رجل] (1):إنّ غلامي طرح مكيالا في منزلي و فيه بيضتان من طير حمام الحرم، فقال:«عليه قيمة البيضتين يعلف به حمام الحرم و قيمة البيضتين قيمة الطير (2)سواء» (3).

و عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:كان في بيتي مكتل فيه بيض[من] (4)حمام الحرم،فذهب غلامي فكبّ المكتل و هو لا يعلم أنّ فيه بيضا فكسره،فخرجت فلقيت عبد اللّه بن الحسن فذكرت ذلك له،فقال:تصدّق بكفّين من دقيق،قال:ثمّ لقيت أبا عبد اللّه عليه السلام فأخبرته،فقال:«ثمن طيرين تطعم به حمام الحرم»فلقيت عبد اللّه بن الحسن بعد ذلك فأخبرته،فقال:صدق، فخذ به،فإنّه أخذه عن آبائه[عليهم السلام] (5). (6)

و يدلّ على اعتبار حال البيض و وجوب الحمل مع التحرّك:أنّ الحمل واجب بقتل الفرخ و التقدير وجوده.

و ما رواه الشيخ عن الحلبيّ،عن عبيد اللّه،قال:حرّك الغلام مكتلا فكسر بيضتين في الحرم،فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام،فقال:«جديين أو حملين» (7).

ص:327


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) ع:«و قيمة الطير»،كما في التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:357 الحديث 1241،الاستبصار 2:204 الحديث 694،الوسائل 9:220 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [1]بتفاوت يسير،و في الجميع:طرح مكتلا،مكان:طرح مكيالا.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) أثبتناها من التهذيب و الاستبصار.
6- 6) التهذيب 5:357 الحديث 1242،الاستبصار 2:204 الحديث 695،الوسائل 9:220 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 5:358 الحديث 1243،الاستبصار 2:204 الحديث 696،الوسائل 9:219 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]

و إنّما حملناه على التحرّك؛توفيقا بين الأدلّة،و تنزيلا على ما رواه الشيخ -في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل كسر بيض الحمام و في البيض فراخ قد تحرّك،فقال:«عليه أن يتصدّق عن كلّ فرخ قد تحرّك بشاة و يتصدّق بلحومها إن كان محرما،و إن كان محرما،و إن كان الفرخ لم يتحرّك، تصدّق بقيمته ورقا اشترى به علفا يطرحه لحمام الحرم» (1).

مسألة:و لا فرق بين الحمام الحرم و الأهليّ في القيمة إذا قتل في الحرم

،إلاّ أنّ حمام الحرم يشترى بقيمته علفا لحمامه،و الأهليّ يتصدّق بثمنه على المساكين لا نعلم فيه خلافا،إلاّ ما نقل عن داود أنّه قال:لا جزاء في صيد الحرم؛لأنّ الأصل براءة الذمّة (2)،و لم يرد فيه نصّ،فيبقى على حاله.

و هو خطأ،فإنّا قد بيّنّا أنّ أربعة من الصحابة حكموا في حمام الحرم بشاة.

و لأنّه صيد ممنوع منه لحقّ اللّه تعالى،فأشبه الصيد في الحرم.

و ما رواه الشيخ عن ابن فضيل،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم،قال:«عليه قيمتها و هو درهم يتصدّق به أو يشتري طعاما لحمام الحرم» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول في حمام مكّة الأهليّ غير حمام الحرم:«من ذبح منه طيرا و هو غير محرم،فعليه

ص:328


1- 1التهذيب 5:358 الحديث 1244،الاستبصار 2:205 الحديث 697،الوسائل 9:219 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) الفروع في فقه أحمد 2:258.
3- 3) التهذيب 5:345 الحديث 1198،الاستبصار 2:200 الحديث 679،الوسائل 9:196 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [2]

أن يتصدّق،و إن كان محرما فشاة عن كلّ طير» (1).

و في الصحيح عن محمّد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أهدي إليه حمام أهليّ جيء به و هو في الحرم محلّ؟قال:«إن أصاب منه شيئا فليتصدّق مكانه بنحو من ثمنه» (2).

و عن حمّاد بن عثمان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل أصاب طيرين،واحد من حمام الحرم،و الآخر من حمام غير الحرم،قال:«يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم،و يتصدّق بجزاء الآخر» (3).

ص:329


1- 1التهذيب 5:347 الحديث 1204،الوسائل 9:194 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:347 الحديث 1205،الوسائل 9:199 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:353 الحديث 1228،الوسائل 9:214 الباب 22 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [3]
البحث الثاني

في كفّارة القطا و ما يتبعه

مسألة:في كلّ واحد من القطا و الحجل و الدرّاج حمل قد فطم و رعى من

الشجر

،و الحمل:ما أتى عليه أربعة أشهر،فإنّ أهل اللغة بعد أربعة أشهر يسمّون ولد الضأن حملا (1).

و أوجب ابن عبّاس،و جابر،و عطاء شاة (2).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل،قد فطم من اللبن و أكل من الشجر» (3).

و عن سليمان بن خالد،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«في كتاب عليّ عليه السلام:من أصاب قطاة أو حجلة أو درّاجة أو نظيرهنّ،فعليه دم» (4).

ص:330


1- 1مجمع البحرين 4:310 و ج 5:357.
2- 2) المغني 3:557،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366.
3- 3) التهذيب 5:344 الحديث 1190،الوسائل 9:190 الباب 5 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 5:344 الحديث 1191،الوسائل 9:190 الباب 5 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
مسألة:و في العصفور و الصعوة و القبّرة و ما أشبهها مدّ من طعام

(1)(2)

،قاله أكثر علمائنا (3).

و قال عليّ بن بابويه-رحمه اللّه-في رسالته:في الطائر جميعه دم شاة ما عدا النعامة،فإنّ فيها جزورا (4).

و قال داود:لا يضمن ما كان أصغر من الحمام؛لقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (5)و هذا لا مثل له (6).

و ليس بجيّد؛لعموم قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (7).و قيل في قوله تعالى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ (8)يعني الفرخ و البيض و ما لا يقدر أن يفرّ من صغار الصيد وَ رِماحُكُمْ يعني الكبار (9).

و ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس:أنّه حكم في الجراد بجزاء (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى،عن بعض

ص:331


1- 1الصّعو:صغار العصافير،الواحدة:صعوة.المصباح المنير:340. [1]
2- 2) د و ع:و ما شابهها.
3- 3) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:223،و [2]ابن البرّاج في المهذّب 1:225،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):689،و ابن إدريس في السرائر:131،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1: 287.
4- 4) نقله عنه في السرائر:131.
5- 5) المائدة(5):95. [3]
6- 6) حلية العلماء 3:317،المغني 3:553، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:365، [5]بداية المجتهد 1: 362.
7- 7) المائدة(5):95. [6]
8- 8) المائدة(5):94. [7]
9- 9) المغني 3:553،الشرح الكبير بهامش المغني 3:365.
10- 10) المغني 3:553،الشرح الكبير بهامش المغني 3:365.

أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«القبّرة و الصّعوة و العصفور إذا قتله المحرم،فعليه مدّ من طعام عن كلّ واحد منهم» (1).

و قول ابن بابويه-رحمه اللّه-ضعيف.

مسألة:من قتل زنبورا خطأ،لم يكن عليه شيء

،و إن تعمّد،كان عليه كفّ من طعام.و به قال مالك (2).

و قال الشافعيّ،و أحمد:لا شيء عليه (3).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم قتل زنبورا،فقال:«إن كان خطأ فلا شيء»قلت:بل عمدا، قال:«يطعم شيئا من الطعام» (4).

قال المفيد-رحمه اللّه تعالى-:فإن قتل زنابير كثيرة،تصدّق بمدّ من طعام أو بمدّ من تمر (5).و هو حسن.

أمّا الهوامّ من الحيّات و العقارب و غير ذلك،فلا يلزمه شيء بقتله،و لا يقتله إذا لم يؤذه.رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«كلّ ما يخاف المحرم على نفسه من الحيّات و السباع و غيرها فليقتله،و إن لم يردك

ص:332


1- 1التهذيب 5:344 الحديث 1193،الوسائل 9:192 الباب 7 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:447 فيه:ذباب أو ذرّ أو نمل،المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311.
3- 3) المغني 3:346،الشرح الكبير بهامش المغني 3:311،الفروع في فقه أحمد 2:240.
4- 4) التهذيب 5:365 الحديث 1271،الوسائل 9:192 الباب 8 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
5- 5) المقنعة:68.

فلا ترده» (1).

و كذا لا بأس بقتل القمل و البقّ و أشباههما في الحرم للمحلّ؛عملا بالأصل.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا بأس بقتل القمل و البقّ في الحرم،و لا بأس بقتل النملة في الحرم» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو كان محرما،لزمته الكفّارة (3).و هو جيّد؛لما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و إن قتل شيئا من ذلك-يعني القمل-خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده» (4).

و كذا إذا ألقاها عن جسده،رواه-في الصحيح-حمّاد بن عيسى عن الصادق عليه السلام (5).و قد تقدّم (6).

مسألة:من قتل جرادة و هو محرم،كان عليه كفّ من طعام أو تمرة

،و إن قتل جرادا كثيرا،كان عليه دم شاة.و قد مضى ما تقدّم من الخلاف فيه (7).

روى الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم

ص:333


1- 1التهذيب 5:365 الحديث 1272،الاستبصار 2:208 الحديث 711،الوسائل 9:166 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:366 الحديث 1277،الوسائل 9:171 الباب 84 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [2]بتفاوت يسير.
3- 3) التهذيب 5:366.
4- 4) التهذيب 5:336 الحديث 1160،الاستبصار 2:196 الحديث 661،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:336 الحديث 1158،الاستبصار 2:196 الحديث 659،الوسائل 9:297 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [4]
6- 6) يراجع:ص 270. [5]
7- 7) يراجع:ص 153. [6]

قتل جرادة،قال:«يطعم تمرة،و تمرة خير من جرادة» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:

ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم؟قال:«تمرة خير من جرادة» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم قتل جرادا كثيرا،قال:«كفّ من طعام،و إن كان أكثر،فعليه دم شاة» (3).

و في رواية عروة الحنّاط (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أصاب جرادة فأكلها،قال:«عليه دم» (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على الجراد الكثير،و إن كان قد أطلق لفظ التوحيد؛لأنّه أراد الجنس؛لما تقدّم من الأحاديث (6).

مسألة:و لو كان الجراد في طريقه و لم يتمكّن من التحرّز عن قتله،لم يكن

عليه شيء

.و به قال عطاء (7)،و الشافعيّ في أحد القولين و في الآخر:عليه

ص:334


1- 1التهذيب 5:363 الحديث 1265،الاستبصار 2:207 الحديث 706،الوسائل 9:232 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:363 الحديث 1264،الوسائل 9:232 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:363 الحديث 1267،الاستبصار 2:208 الحديث 708،الوسائل 9:232 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [3]
4- 4) عروة الحنّاط(الخيّاط)كذا عنونه السيّد الخوئيّ في معجمه،و عنونه المامقانيّ بعنوان:عروة الحنّاط و قال:و في بعض النسخ:«الخيّاط»و عنونه الأردبيليّ بالخيّاط،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه صالح بن عقبة. جامع الرواة 1:537، [4]تنقيح المقال 2:251، [5]معجم رجال الحديث 11:151. [6]
5- 5) التهذيب 5:364 الحديث 1266،الاستبصار 2:207 الحديث 707،الوسائل 9:232 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [7]
6- 6) التهذيب 5:364،الاستبصار 2:208.
7- 7) الأمّ 2:199.

الضمان (1).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«على المحرم أن يتنكّب (2)الجراد إذا كان على طريقه،و إن لم يجد بدّا فقتل فلا بأس» (3).

و في الصحيح عن معاوية،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الجراد يكون على ظهر الطريق و القوم محرمون فكيف يصنعون؟قال:«يتنكّبونه ما استطاعوا» قلت:فإن قتلوا منه شيئا ما عليهم؟قال:«لا شيء عليهم» (4).

و لأنّه في محلّ الضرورة،فلو لم يكن سائغا لزم الحرج.

مسألة:و في كلّ واحد من الضبّ و القنفذ و اليربوع جدي

،وافقنا في الضبّ الشافعيّ (5)،و أحمد في إحدى الروايتين،و قال في الأخرى:فيه شاة (6).

و قال مجاهد:حفنة (7)من طعام (8).

و قال قتادة:صاع (9).

ص:335


1- 1الأمّ 2:199،حلية العلماء 3:300،المجموع 7:337،فتح العزيز بهامش المجموع 7:498.
2- 2) نكب عن الطريق:عدل و مال.المصباح المنير:624.
3- 3) التهذيب 5:364 الحديث 1268،الاستبصار 2:208 الحديث 710،الوسائل 9:233 الباب 38 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 5:364 الحديث 1269،الاستبصار 2:208 الحديث 709،الوسائل 9:233 الباب 38 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
5- 5) المجموع 7:440،فتح العزيز بهامش المجموع 7:502،مغني المحتاج 1:526.
6- 6) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الكافي لابن قدامة 1:569،الفروع في فقه أحمد 2:233،الإنصاف 3:538،زاد المستقنع:32.
7- 7) حفنة:ملء الكفّين.المصباح المنير:142.
8- 8) المغني 3:548،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،المجموع 7:440. [3]
9- 9) المجموع 7:440،المغني 3:548.

و قال مالك:قيمته من الطعام (1).

و قال أحمد:في اليربوع جفرة،و هي الشاة التي قد فطمت و رعت (2)،و به قال الشافعيّ (3)،و أبو ثور،و عطاء،و هو مرويّ عن عمر،و ابن مسعود (4).

و قال النخعيّ:فيه ثمنه (5).

و قال مالك:قيمته طعاما (6).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (7).

و لما تقدّم من أنّ الصحابة قضوا فيما ذكرنا بمثله من النعم،فقضى عمر و ابن مسعود في اليربوع بجفرة،و قضى عمر و زيد في الضبّ بجدي،و قضى جابر بن عبد اللّه بشاة (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«في اليربوع و القنفذ و الضبّ إذا أصابه المحرم فعليه جدي،و الجدي خير منه، و إنّما جعل هذا؛لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد» (9).

ص:336


1- 1المدوّنة الكبرى 1:443،بلغة السالك 1:299.
2- 2) المغني 3:548،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الفروع في فقه أحمد 2:233،الإنصاف 3:539.
3- 3) الأمّ 2:206،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:439،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 502،مغني المحتاج 1:526،السراج الوهّاج:169.
4- 4) الأمّ 2:206،المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362،الفروع في فقه أحمد 2: 231،الكافي لابن قدامة 1:568.
5- 5) المغني 3:547،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:443،بلغة السالك 1:299.
7- 7) المائدة(5):95. [1]
8- 8) المغني 3:547-548،الشرح الكبير بهامش المغني 3:362.
9- 9) التهذيب 5:344 الحديث 1192،الوسائل 9:191 الباب 6 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
المطلب الثالث

في ما لا نصّ فيه

مسألة:قد بيّنّا فيما تقدّم مقادير كفّارات الصيد فيما له تقدير شرعيّ

قدّره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام (1).

أمّا ما لا مثل له و لا تقدير شرعيّ فيه،فإنّه يرجع فيه إلى قول عدلين يقوّمانه، و تجب عليه القيمة التي يقدّر أنّها فيه.

و يشترط في الحكمين العدالة بلا خلاف؛لنصّ القرآن (2).و لأنّ غير العدل لا يثمر قوله الظنّ.و يعتبر فيهما الخبرة و المعرفة؛لأنّه لا يتمكّن من الحكم إلاّ من له خبرة.

و لأنّ الخبرة شرط في سائر الأحكام،فيكون كذلك هاهنا.و يجب أن يكون اثنين فما زاد؛للنصّ (3).و يجوز أن يكون القاتل أحد العدلين،قاله الشيخ -رحمه اللّه- (4).و به قال الشافعيّ (5)،و أحمد،و إسحاق،و ابن المنذر.

ص:337


1- 1يراجع:ص 286-288.
2- 2) المائدة(5):95.
3- 3) المائدة(5):95.
4- 4) المبسوط 1:339.
5- 5) حلية العلماء 3:317،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:423 و 430،فتح العزيز بهامش المجموع 7:503.

و قال النخعيّ:ليس له ذلك (1).

لنا:قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2)و القاتل مع غيره ذوا عدل منّا، فيكون ممتثلا.

و روى الجمهور عن طارق بن شهاب،قال:خرجنا حجّاجا فأوطأ رجل منّا يقال له أربد (3)ضبّا ففزر (4)ظهره،فقدمنا على عمر فسأله أربد،فقال له:أحكم يا أربد فيه،قال:أنت خير منّي،قال:إنّما أمرتك أن تحكم و لم آمرك أن تزكّيني،قال أربد:أرى فيه جديا قد جمع الماء و الشجر،قال عمر:فذلك فيه (5).

فأمره عمر أن يحكم مع أنّه القاتل،و أمر كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما و هو محرم (6).

و لأنّه مال يخرج في حقّ اللّه تعالى،فجاز أن يكون من وجب عليه،أمينا فيه،كالزكاة.

احتجّ النخعيّ:بأنّ الإنسان لا يحكم لنفسه (7).

و الجواب:المنع من ذلك،كما قلناه في الزكاة.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:في البطّ و الوزّ و الكركيّ شاة

،و هو

ص:338


1- 1المغني 3:548،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363،الكافي لابن قدامة 1:569،الفروع في فقه أحمد 2:233.
2- 2) المائدة(5):95. [1]
3- 3) أربد بن عبد اللّه البجليّ أدرك الجاهليّة،و حكّمه عمر في قضيّة إيطائه ضبّا فقتله في حال الإحرام. الإصابة 1:101. [2]
4- 4) الفزر:الكسر.تهذيب اللغة 3:2784.
5- 5) مسند الشافعيّ:134،سنن البيهقيّ 5:182،المصنّف لعبد الرزّاق 4:402 الحديث 8221،كنز العمّال 5:246 الحديث 12774 في الأخيرين بتفاوت.
6- 6) المغني 3:549،الشرح الكبير بهامش المغني 3:364.
7- 7) المغني 3:548،الشرح الكبير بهامش المغني 3:363.

الأحوط،و إن قلنا فيه القيمة؛لأنّه لا نصّ فيه،كان جائزا (1).

و هو الظاهر من قول ابن بابويه-رحمه اللّه-لأنّه أوجب شاة في كلّ طائر عدا النعامة (2).

و يؤيّد هذا القول:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في محرم ذبح طيرا:«إنّ عليه دم شاة يهريقه،فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن» (3).و هو عامّ.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من قتل عظاية،كان عليه كفّ من طعام

(4).

و هو حسن؛لما رواه-في الصحيح-عن معاوية،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:محرم قتل عظاية،قال:«كفّ من طعام» (5).

إذا عرفت هذا:فالقيمة واجبة في قتل كلّ ما لا تقدير فيه شرعا،و كذلك البيوض التي لم ينصّ فيها على مقدّر.

مسألة:و يضمن الكبير من ذوات الأمثال بكبير،و الصغير بصغير

،و إن ضمنه بكبير،كان أولى،و في الذكر ذكر،و في الأنثى أنثى.و به قال الشافعيّ (6).

ص:339


1- 1المبسوط 1:346. [1]
2- 2) الفقيه 2:232،المقنع:78.
3- 3) التهذيب 5:346 الحديث 1201،الاستبصار 2:201 الحديث 682،الوسائل 9:194 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:344.
5- 5) التهذيب 5:345 الحديث 1194،الوسائل 9:192 الباب 7 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [3]
6- 6) الأمّ 2:201،حلية العلماء 3:316،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:431،فتح العزيز بهامش المجموع 7:504،مغني المحتاج 1:526.

و قال مالك:يضمن الصغير بكبير (1).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (2).

احتجّ:بقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (3)و الصغير لا يهدى.

و الجواب:المنع،و قد تقدّم البحث في ذلك (4).

مسألة:و يضمن الصحيح بصحيح إجماعا،و المعيب بمعيب،و إن ضمنه

بصحيح،كان أحوط

.و به قال الشافعيّ (5)،و أحمد (6).

و قال مالك:في المعيب صحيح (7).و قد تقدّم الاستدلال من الطرفين بالآيتين.

و لو اختلف العيب بأن فدى الأعرج بأعور أو بالعكس،لم يجزئه؛لعدم المماثلة،أمّا لو فدى الأعور من إحدى العينين بأعور من الأخرى،و الأعرج من إحدى القائمتين بأعرج من الأخرى،فالأقرب:الإجزاء؛لأنّ الاختلاف بينهما يسير لا يخرج به عن المماثلة،و نوع العيب واحد،و إنّما اختلف محلّه.

أمّا الذكر فإنّه يفدى بمثله إجماعا،و كذا الأنثى تفدى بمثلها اتّفاقا.

و لو فدى الذكر بالأنثى جاز؛لأنّ لحمها أطيب و أرطب.

ص:340


1- 1المدوّنة الكبرى 1:438،إرشاد السالك:59،بداية المجتهد 1:362،المنتقى للباجيّ 2:255، بلغة السالك 1:299.
2- 2) المائدة(5):95. [1]
3- 3) المائدة(5):95. [2]
4- 4) يراجع:ص 297-298. [3]
5- 5) الأمّ 2:201،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:431،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 505،الحاوي الكبير 4:295،مغني المحتاج 1:526.
6- 6) المغني 3:549، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:364، [5]الكافي لابن قدامة 1:569،الفروع في فقه أحمد 2:234،الإنصاف 3:541. [6]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:438،المنتقى للباجيّ 2:255،بلغة السالك 1:299،300.

و لو فدى الأنثى بالذكر فقد قيل:إنّه يجوز؛لأنّ لحمه أوفر،فتساويا.

و قيل:لا يجوز،لأنّ زيادته ليست من جنس زيادتها،فأشبه فداء المعيب بنوع معيب من آخر (1).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه نصّ على جواز أن يفدى كلّ واحد من الذكر و الأنثى بمثله و بالآخر،قال:و الأفضل أن يفدى كلّ واحد بمثله (2)،و به قال الشافعيّ (3).

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-:بقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (4)(5)و نحن نعلم أنّه أراد المثل في الخلقة؛لأنّ الصفات الأخر لا تراعى،كاللون.

مسألة:لو قتل ماخضا ،ضمنها بماخض مثلها

(6)

،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (7).

و قال الشافعيّ:يضمنها بقيمة مثلها (8).

و ليس بجيّد؛لقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (9)و إيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه.

ص:341


1- 1المجموع 7:432،فتح العزيز بهامش المجموع 7:505،مغني المحتاج 1:526.
2- 2) المبسوط 1:344، [1]الخلاف 1:481 مسألة-264.
3- 3) الأمّ 2:193،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المجموع 7:432،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 505،الحاوي الكبير 4:296،مغني المحتاج 1:526.
4- 4) المائدة(5):95. [2]
5- 5) الخلاف 1:481 مسألة-264.
6- 6) ناقة ماخض:إذا دنا ولادها.تهذيب اللغة 4:3358. [3]
7- 7) المبسوط 1:345.
8- 8) الأمّ 2:192،المجموع 7:433،فتح العزيز بهامش المجموع 7:506،مغني المحتاج 1:526، الحاوي الكبير 4:299.
9- 9) المائدة(5):95. [4]

احتجّ الشافعيّ:بأنّ قيمته أكثر من قيمة لحمه (1).

و الجواب:الواجب المثل،و الزيادة و النقصان في القيمة لا اعتداد بها مع إمكان المثل.

إذا ثبت هذا:فلو فداها بغير ماخض،ففي الإجزاء نظر؛من حيث الخروج عن عموم الآية،و من حيث أنّ هذه الصفة لا تزيد في لحمها،بل قد تنقصه غالبا فلا يشترط وجودها في المثل،كاللون و العيب.

مسألة:لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا،فإن خرج حيّا و ماتا معا،لزمه

فداؤهما معا

فيفدي الأمّ بمثلها،و الصغير بصغير،أو كبير،و إن عاشا فإن لم يحصل عيب،لم يكن عليه شيء؛عملا بالأصل السالم عن معارضة حصول العيب، و إن حصل عيب،ضمن أرشه،و لو مات أحدهما دون الآخر،ضمن الميّت خاصّة، و إن خرج ميّتا،لزمه الأرش و هو ما بين قيمتها حاملا و مجهضا.

ص:342


1- 1الأمّ 2:192،المجموع 7:433،فتح العزيز بهامش المجموع 7:506،مغني المحتاج 1:526، الحاوي الكبير 4:299.
المطلب الرابع

في أسباب الضمان و هي اثنان

الأوّل:المباشرة:

فمن قتل صيدا،وجب عليه فداؤه على ما بيّنّاه أوّلا (1)،و لو أكله،لزمه فداء آخر.و به قال عطاء (2)و أبو حنيفة (3).

و قال مالك (4)،و الشافعيّ:لا يضمن الآكل (5).

لنا:أنّه أكل من صيد محرّم عليه،فكان عليه ضمانه،كما لو صيد لأجله،و قد تقدّم البحث فيه (6).

ص:343


1- 1يراجع:ص 142.
2- 2) المغني 3:294،الشرح الكبير بهامش المغني 3:302،المجموع 7:330،بداية المجتهد 1: 359،المنتقى للباجيّ 2:250.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:86،بدائع الصنائع 2:204،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:24،تبيين الحقائق 2:385،مجمع الأنهر 1:300.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:436،إرشاد السالك:58،بداية المجتهد 1:359،المنتقى للباجيّ 2:250، بلغة السالك 1:296.
5- 5) الأمّ 2:207،حلية العلماء 3:298،المجموع 7:330،فتح العزيز بهامش المجموع 7:508.
6- 6) يراجع:ص 180. [1]

إذا ثبت هذا:فإنّ الرواية دلّت على وجوب الجزاء الثاني (1).

و قال بعض علمائنا:إنّما يجب عليه جزاء القتل و قيمة ما أكله (2)،و هو حسن.

و سواء أدّى جزاء القتل أو لم يؤدّ؛فإنّ الجزائين يجبان عليه،أو الجزاء و القيمة على ما بيّنّا من الخلاف و لا يتداخلان.

و قال أبو حنيفة:إذا ذبحه و أكله قبل أن يؤدّي جزاءه،دخل ضمان ما أكل في ضمان الجزاء،و إن أكل بعد ما أدّى قيمته،فعليه قيمة ما أكل.

و قال أبو يوسف،و محمّد:لا يضمن عن الأكل شيئا،و عليه التوبة و الاستغفار.

لنا:أنّه تناول محظور إحرامه،فلزمه الجزاء.

احتجّ أبو يوسف و محمّد:بأنّ حرمته لكونه ميتة،لا لأنّه جناية على الإحرام، و ذلك لا يوجب إلاّ التوبة و الاستغفار (3).

و الجواب:المنع من عدم إيجاب شيء عليه بما قلناه من الأدلّة.

مسألة:حكم البيض حكم الصيد في تحريم الأكل إجماعا

،فلا يجوز للمحرم أن يأكل بيض الصيد،كما أنّه لا يجوز له أكل لحمه،و لا نعلم فيه خلافا،و سواء كسره هو،أو محرم آخر.

و لو كسره حلال،كان على المحرم قيمته إذا أكله،سواء أخذ لأجله أو لغيره.

و خالف فيه بعض الجمهور،كما خالف في أكل اللحم،فجوّزه إذا ذبح لا لأجله،

ص:344


1- 1يراجع:الوسائل 9:85 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام و ص 250 الباب 55 من أبواب كفّارات الصيد.
2- 2) ينظر:الخلاف 1:484 مسألة-274،الشرائع 1:288.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:86،بدائع الصنائع 2:204،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:24،تبيين الحقائق 2:385،مجمع الأنهر 1:300.

و منعه إذا ذبح لأجله (1).و نحن لم نفرّق بينهما على ما تقدّم.

و لو كسر المحرم بيض الصيد،فالوجه:أنّه لا يحرم على الحلال أكله و إن وجب الفداء على المحرم بالكسر على ما بيّنّا؛لأنّ حلّه لا يقف على كسره و لا يعتبر له أهل يصدر عنه،بل لو انكسر من قبل نفسه أو كسره مجوسيّ أو و ثنيّ، لم يحرم،و كذا لو لم يسمّ،فأشبه قطع اللحم و طبخه.

و قال بعض الجمهور:يحرم على المحلّ أكله (2)،و هو قول الشيخ -رحمه اللّه- (3)كما لو ذبح الصيد المحرم؛لأنّ كسره جرى مجرى الذبح.و ليس بجيّد على ما قلناه.

مسألة:لو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام و أكله المحرم،كان على المحرم عن

كلّ بيضة شاة

،و على المحلّ عن كلّ بيضة درهم.

أمّا وجوب الشاة على المحرم؛فلأنّه جزاء البيضة على ما قلناه (4)،و قد بيّنّا وجوب الجزاء على المحرم بالأكل،كما يجب بالصيد و الكسر (5)،و أمّا وجوب الدرهم على المحلّ فلإعانته،و قد بيّنّا وجوب الضمان بالإعانة (6).

و أيضا:ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محلّ اشترى لرجل محرم بيض نعام،فأكله المحرم،فما على الذي أكله؟

ص:345


1- 1المغني 3:554،الشرح الكبير بهامش المغني 3:304.
2- 2) المغني 3:554،الشرح الكبير بهامش المغني 3:304،المجموع 7:305،فتح العزيز بهامش المجموع 7:487.
3- 3) المبسوط 1:348.
4- 4) يراجع:ص 344.
5- 5) يراجع:ص 343.
6- 6) يراجع:ص 159.

فقال:«على الذي اشتراه فداء لكلّ بيضة درهم،و على المحرم لكلّ بيضة شاة» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّ البيض المضمون إنّما هو بيض الصيد الحرام،أمّا بيض ما يباح أكله،كبيض الدجاج الحبشيّ،فإنّه حلال لا يجب بكسره شيء؛لأنّ أصله غير مضمون،ففرعه أولى بعدم الضمان.

مسألة:لو أتلف جزءا من الصيد،ضمنه

،و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم، إلاّ داود و أهل الظاهر،فإنّهم قالوا:لا شيء في أبعاض الصيد؛لأنّ الجملة مضمونة، فأبعاضها كذلك؛لأنّ ما ضمنت جملته،ضمنت أجزاؤه،كالآدميّ و الأموال (2).

و لأنّه منهيّ عنه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التنفير (3)،ففي الجرح أولى،و النهي يقتضي التحريم،و ما كان محرّما من الصيد،كان مضمونا،كالجملة.

إذا ثبت هذا:فقد قال الشيخ-رحمه اللّه-:في كسر قرني الغزال نصف قيمته، و في كلّ واحد ربع القيمة،و في عينيه كمال قيمته،و في كسر إحدى يديه نصف قيمته،و كذا في كسر إحدى رجليه،و لو كسر يديه معا،وجب عليه كمال القيمة، و كذا لو كسر رجليه معا،و لو قتله،كان عليه فداء واحد (4).

و قال بعض الجمهور:يضمن بمثله من مثله؛لأنّ ما وجب ضمان جملته بالمثل،وجب في بعضه مثله،كالمكيلات (5).

ص:346


1- 1التهذيب 5:355 الحديث 1135،الوسائل 9:217 [1] الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5 و ص 252 الباب 57 الحديث 1.و فيه بتفاوت يسير.
2- 2) حلية العلماء 3:319-320،الحاوي الكبير 4:297.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:18،صحيح مسلم 2:986 الحديث 1353،سنن أبي داود 2:212 الحديث 2017،سنن ابن ماجة 2:1038 الحديث 3109،سنن النسائيّ 5:203،مسند أحمد 1:119،سنن البيهقيّ 5:195،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:272 الحديث 11957.
4- 4) المبسوط 1:342، [2]النهاية:227. [3]
5- 5) المغني 3:551،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366.

و قال آخرون:يجب فيه مقداره من مثله؛لأنّ الجزاء يشقّ إخراجه،فيمتنع إيجابه،و لهذا لم يوجب الشارع جزءا (1)من بعير في خمس من الإبل،و عدل إلى إيجاب الشاة و هي من غير الجنس؛طلبا للتخفيف (2).

و هذا ليس بجيّد؛لأنّا بيّنّا أنّ الكفّارة مخيّرة هنا (3)،و هذا القائل يوافقنا عليه، فتنتفي المشقّة؛لوجود الخيرة له في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام أو الصيام.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه احتجّ:بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:ما تقول في محرم كسر إحدى قرني غزال في الحلّ؟قال:

«عليه ربع قيمة الغزال»قلت:فإن هو كسر قرنيه؟قال:«عليه نصف قيمته يتصدّق به»قلت:فإن هو فقأ عينيه؟قال:«عليه قيمته»قلت:فإن هو كسر إحدى يديه؟ قال:«عليه نصف قيمته»قلت:فإن هو كسر إحدى رجليه؟قال:«عليه نصف قيمته»قلت:فإن هو قتله؟قال:«عليه قيمته»قلت:فإن هو فعل به و هو محرم في الحرم؟قال:«عليه دم يهريقه،و عليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم» (4).

و في طريق هذه الرواية،أبو جميلة و سماعة بن مهران،و فيهما قول،و الأقرب الأرش.

مسألة:و لو نتف ريشة من حمام الحرم،وجب عليه أن يتصدّق بصدقة

، و يجب أن يسلّمها باليد التي نتف بها؛لأنّها آلة في الجناية.رواه الشيخ عن إبراهيم بن

ص:347


1- 1أكثر النسخ:جزاءا.
2- 2) المغني 3:551،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366.
3- 3) يراجع:ص 292.
4- 4) التهذيب 5:387 الحديث 1354،الوسائل 9:223 الباب 28 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]

ميمون،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل نتف ريشة حمامة من حمام الحرم،قال:«يتصدّق بصدقة على مسكين،و يطعم باليد التي نتفها،فإنّه قد أوجعها (1)» (2).

إذا ثبت هذا:فلو نتف ريشا متعدّدا،فإن كان بالتفريق،فالوجه:تكرّر الفدية، و إن كان دفعة،فالوجه:الأرش.و به قال الشافعيّ،و أبو ثور (3).

و قال مالك (4)،و أبو حنيفة:فيه الجزاء جميعه (5).

و ليس بجيّد؛لأنّه نقصه نقصا يمكنه إزالته،فلا يضمن بكماله،كما لو جرح.

إذا عرفت هذا:فلو حفظه حتّى نبت ريشه،كان عليه الصدقة؛لحصول السبب.

و قال بعض الجمهور:لا ضمان عليه؛لزوال النقص (6).

و هو خطأ؛لأنّ الثاني غير الأوّل.

مسألة:إذا جرح الصيد،ضمن الجرح على قدره،و هو قول العلماء

،إلاّ داود، و أهل الظاهر،فإنّهم لم يوجبوا فيه شيئا (7).و هو خطأ.

ثمّ يعتبر حاله،فإن رآه سويّا بعد ذلك،وجب عليه الأرش؛لوجود السبب

ص:348


1- 1أكثر النسخ:فإنّه فداء و حقّها.
2- 2) التهذيب 5:348 الحديث 1210،الوسائل 9:203 الباب 13 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [1]
3- 3) الأمّ 2:200،حلية العلماء 3:318-319،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:424، المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:368.
4- 4) المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:368.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:95،بدائع الصنائع 2:205،الهداية للمرغينانيّ 1:171،شرح فتح القدير 3:14،تبيين الحقائق 2:381،مجمع الأنهر 1:298.
6- 6) المغني 3:555،الشرح الكبير بهامش المغني 3:368،المجموع 7:424.
7- 7) حلية العلماء 3:320،الحاوي الكبير 4:297.

للضمان،و الاندمال غير مسقط للفدية،كالآدميّ.

و لو أصابه و لم يؤثّر فيه،لم يكن عليه شيء؛عملا بالأصل السالم عن معارضة الجناية.

و لما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده فعرج،فقال:«إن كان الظبي مشى عليها و رعى و هو ينظر إليه،فلا شيء عليه،و إن كان الظبي ذهب لوجهه و هو رافعها فلا يدري ما صنع،فعليه فداؤه؛لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو كسر يده أو رجله،ثمّ رآه و قد صلح و رعى، وجب عليه ربع الفداء (2).

و استدلّ:بما رواه في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل رمى صيدا،فكسر يده أو رجله و تركه فرعى الصيد،قال:«عليه ربع الفداء» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رجل رمى ظبيا و هو محرم،فكسر يده أو رجله،فذهب الظبي على وجهه،فلم يدر ما صنع؟فقال:«عليه فداؤه»قلت:فإنّه رآه بعد ذلك مشى،قال:«عليه ربع ثمنه» (4).

ص:349


1- 1التهذيب 5:358 الحديث 1245،الاستبصار 2:205 الحديث 700،الوسائل 9:221 الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 4. [1]
2- 2) المبسوط 1:343، [2]النهاية:228. [3]
3- 3) التهذيب 5:359 الحديث 1247،الاستبصار 2:205 الحديث 698،الوسائل 9:222 الباب 28 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:359 الحديث 1248،الاستبصار 2:205 الحديث 699،الوسائل 9:221 [5] الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2 و ص 222 الباب 28 الحديث 2.
فروع:
الأوّل:لو جرح الصيد فاندمل و صار غير ممتنع،فالوجه:الأرش.

و قال أبو حنيفة:يضمن الجميع (1).و هو قول الشيخ-رحمه اللّه (2)-لأنّه مفض إلى تلفه،فصار كما لو جرحه جرحا متيقّنا (3)موته به.

و ليس بجيّد؛لأنّه إنّما يضمن ما نقص،لا ما لا ينقص،و التقدير:أنّه لم يتلف جميعه فلم يضمنه.

الثاني:لو جرحه فغاب عن عينه و لم يعلم حاله،وجب عليه ضمانه أجمع.

و قال بعض الجمهور:إن كانت الجراحة موجبة و هي التي لا يعيش معها غالبا،ضمنه جميعه،و إن كانت غير موجبة،ضمن ما نقص و لا يضمن جميعه؛لأنّه لا يعلم حصول التلف،فلا يضمن،كما لو رمى سهما إلى صيد فلم يعلم أوقع به أو لا (4).

و ليس بجيّد؛لأنّه فعل سببا يحصل معه الإتلاف،فيكون ضامنا له،كما لو كان الجرح موجبا،و يفارق عدم العلم بالإصابة؛لأنّه لم يفعل السبب.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما تقدّم في رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام (5)، و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام، قال:سألته عن رجل رمى صيدا و هو محرم،فكسر يده أو رجله،فمضى الصيد على وجهه،فلم يدر الرجل ما صنع الصيد؟قال:«عليه الفداء كاملا إذا لم يدر

ص:350


1- 1بدائع الصنائع 2:205،الهداية للمرغينانيّ 1:171،شرح فتح القدير 3:14،تبيين الحقائق 2: 381،مجمع الأنهر 1:298.
2- 2) المبسوط 1:344،الخلاف 1:490 مسألة-304.
3- 3) في النسخ:متيقّن.
4- 4) المغني 3:551،الشرح الكبير بهامش المغني 3:367.
5- 5) يراجع:ص 349. [1]

ما صنع الصيد» (1).

الثالث:إذا رآه ميّتا و لم يعلم أمات من الجناية أو من غيرها،ضمنه.

و قال بعض الجمهور:لا يضمنه؛لعدم العلم بالإتلاف (2).

و ليس بجيّد؛لأنّه وجد سبب إتلافه منه،و لم يعلم له سبب آخر،فوجب إحالته عليه؛لأنّه السبب المعلوم،كما لو تغيّر الماء و فيه نجاسة يصلح إسناد التغيّر إليها،فإنّه ينسب إليها.

و لو صيّرته الجناية غير ممتنع فلم يعلم أ صار ممتنعا أم لا،ضمنه عندنا بأعلى الأرشين؛لأنّ الأصل عدم الامتناع.أمّا لو رماه و لم يعلم هل أثّر فيه أم لا،فإنّه يلزمه الفداء؛عملا بأغلب الأحوال من الإصابة عند القصد بالرمي.

الرابع:لو اشترك جماعة في قتل صيد،وجب على كلّ واحد منهم فداء كامل.

و به قال مالك (3)،و الثوريّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و مرويّ عن الحسن البصريّ، و الشعبيّ،و النخعيّ من التابعين (6).

ص:351


1- 1التهذيب 5:359 الحديث 1246،الوسائل 9:221 الباب 27 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 3:551،الشرح الكبير بهامش المغني 3:367.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:433،بداية المجتهد 1:358،بلغة السالك 1:296،الحاوي الكبير 4:320.
4- 4) المغني 3:562،الشرح الكبير بهامش المغني 3:369،الحاوي الكبير 4:320.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:30،تحفة الفقهاء 1:425،بدائع الصنائع 2:202،الهداية للمرغينانيّ 1:176،شرح فتح القدير 3:36،تبيين الحقائق 2:392،مجمع الأنهر 1:302،حلية العلماء 3:316.
6- 6) المغني 3:562،الشرح الكبير بهامش المغني 3:369.

و قال الشافعيّ:الواجب جزاء واحد (1)،و به قال عمر بن الخطّاب، و ابن عبّاس،و ابن عمر،و عطاء،و الزهريّ،و النخعيّ،و الشعبيّ،و إسحاق (2).

و عن أحمد روايتان كالمذهبين،و عنه ثالثة:إن كان صوما،صام كلّ واحد صوما تامّا،و إن كان غير صوم،فجزاء واحد،و إن كان أحدهما يهدي و الآخر يصوم،فعلى المهدي[بحصّته] (3)و على الآخر صوم تامّ (4).

لنا:أنّ كلّ واحد منهم فعل فعلا حصل بسببه الموت،فكان كما لو جرحه جرحا متلفا.

و لأنّها كفّارة قتل يدخلها الصوم،فأشبهت كفّارة الآدميّ.

و لأنّ كلّ واحد صار جانيا على إحرامه جناية كاملة،فيلزمه جزاء كامل.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إن اجتمع قوم على صيد و هم محرمون[في صيده،أو أكلوا منه] (5)فعلى كلّ واحد منهم قيمته» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه،فقالت رفيقة لهم:اجعلوا لي فيه بدرهم،فجعلوا لها،

ص:352


1- 1الأمّ 2:207،حلية العلماء 3:316،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:436،فتح العزيز بهامش المجموع 7:508،الحاوي الكبير 4:320،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:155.
2- 2) المغني 3:562،الشرح الكبير بهامش المغني 3:369،الكافي لابن قدامة 1:571،الفروع في فقه أحمد 2:223-224.
3- 3) في بعض النسخ:تحقيقه،و في بعضها:بحقيقه،و ما أثبتناه من المصادر.
4- 4) المغني 3:562،الشرح الكبير بهامش المغني 3:369،الكافي لابن قدامة 1:571،الفروع في فقه أحمد 2:223-224،الإنصاف 3:547.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:351 الحديث 1219،الوسائل 9:209 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]

فقال:«على كلّ إنسان منهم شاة» (1).

و في الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم،ما عليهم؟فقال:«على كلّ من أكل منه فداء صيد،على كلّ إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملا» (2).

احتجّ الشافعيّ:بقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (3)و المقتول واحد، فالمثل واحد،و الزائد خارج عن المثل،فلا يجب.و لأنّه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه،فكان واحدا،كالدية،و كما لو كان القاتل واحدا (4).

و احتجّ أحمد:بأنّ الجزاء ليس بكفّارة،و إنّما هو بدل،بدليل أنّه تعالى عطف عليه الكفّارة،فقال تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ (5)و الصوم كفّارة،فتكمل،ككفّارة قتل الآدميّ (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبه،فإنّ كلّ واحد منهم قاتل؛لأنّه جزاء السبب،فيجب عليه المثل للصيد المقتول بأجمعه.على أنّا قد بيّنّا أنّ المماثلة الحقيقيّة ليست مرادة هنا (7)،و القياس معارض بمثله على ما بيّنّاه (8).

و قول أحمد ضعيف جدّا؛لأنّه متى ثبت إيجاد الجزاء في الهدي،وجب

ص:353


1- 1التهذيب 5:351 الحديث 1220،الوسائل 9:210 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:351 الحديث 1221،الوسائل 9:209 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [2]
3- 3) المائدة(5):95. [3]
4- 4) الأمّ 2:207،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:436،الحاوي الكبير 4:320.
5- 5) المائدة(5):95. [4]
6- 6) المغني 3:563، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:369، [6]الفروع في فقه أحمد 2:224.
7- 7) يراجع:ص 287. [7]
8- 8) يراجع:ص 352.

إيجاده في الصيام،و إن ثبت المقدّر في الهدي،ثبت في الصيام؛لقوله تعالى:

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (1).

و لأنّ الإجماع واقع على أنّه معدول بالقيمة،إمّا قيمة المتلف،أو قيمة مثله، و المثل عنده واحد،فإيجاب الزائد في الصوم لا معنى له،و خلاف النصّ،و لا نسلّم أنّ الجزاء ليس بكفّارة.

فروع:
الأوّل:لو كان شريك المحرم حلالا أو تبعا و كان القتل في الحلّ،فلا شيء

على الحلال

،و كان على المحرم جزاؤه؛عملا بالأصل من براءة الذمّة السالم عن معارضة هتك الحرم و الإحرام،و بما تقدّم من وجوب الجزاء على المحرم الشريك.

الثاني:لو أصابه الحلال أوّلا،ثمّ أصابه الحرام،فقد بيّنّا أنّ المحلّ لا شيء

عليه

،و الوجه:أنّ الواجب على المحرم جزاؤه مجروحا على إشكال،و لو كان السابق المحرم،فعليه جزاؤه سليما.

و لو اتّفقا في حالة واحدة،فعندنا يجب الجزاء كلّه على المحرم،و لا شيء على المحلّ،و قد سلف.

أمّا القائلون بوجوب الجزاء الواحد على المشتركين،فقال بعضهم:إنّه يجب على المحرم تقسيطه،كما لو كان شريكه محرما؛لأنّه أتلف بعض الجملة (2).

و ليس بجيّد؛لأنّ المحلّ لا جزاء عليه،فيعذر الجزاء منه،فيجب الجزاء بكماله على الآخر.

ص:354


1- 1المائدة(5):95. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:436،فتح العزيز بهامش المجموع 7:509،الحاوي الكبير 4:322.
الثالث:لو اشترك الحرام و الحلال في قتل صيد حرميّ،وجب على المحلّ

القيمة كملا

،و على المحرم الجزاء و القيمة معا.

و خالف فيه بعض الجمهور،فأوجب جزاء واحدا عليهما معا (1).

و قال الشيخ في التهذيب:على المحرم الفداء كملا،و على المحلّ نصف الفداء (2)؛لما رواه إسماعيل بن أبي زياد،عن أبي عبد اللّه،عن أبيه عليهما السلام، قال:«كان عليّ عليه السلام يقول:في محرم و محلّ قتلا صيدا،فقال:على المحرم الفداء كملا،و على المحلّ نصف الفداء» (3).

الرابع:لو رمى اثنان صيدا فقتله أحدهما و أخطأ الآخر،كان على كلّ واحد

منهما فداء كامل

،أمّا القاتل:فلجنايته،و أمّا الآخر:فلإعانته.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما،الجزاء بينهما أم على كلّ واحد منهما؟قال:«عليهما جميعا،يفدي كلّ واحد منهما على حدته» (4).

و في الصحيح عن ضريس بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجلين محرمين رميا صيدا،فأصابه أحدهما،قال:«على كلّ واحد منهما الفداء» (5).

ص:355


1- 1المغني 3:563،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:370.
2- 2) التهذيب 5:352.
3- 3) التهذيب 5:352 الحديث 1224،الوسائل 9:212 الباب 21 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:351 الحديث 1222،الوسائل 9:212 الباب 20 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:352 الحديث 1225،الوسائل 9:212 الباب 20 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [4]
الخامس:لو قتله واحد و أكله جماعة،كان على كلّ واحد منهم فداء كامل

؛ لأنّ الأكل محرّم،كالقتل،فكان فيه الكفّارة،كالقتل.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن يوسف الطاطريّ (1)،قال:قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:صيد أكله قوم محرمون؟قال:«عليهم شاة شاة،و ليس على الذي ذبحه إلاّ شاة» (2).

مسألة:لو ضرب بطير على الأرض فقتله،كان عليه دم و قيمتان:قيمة للحرم،

و قيمة لاستصغاره إيّاه

،و كان عليه التعزير.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:في محرم اصطاد طيرا في الحرم،فضرب به الأرض فقتله،قال:

«عليه ثلاث قيمات:قيمة لإحرامه،و قيمة للحرم،و قيمة لاستصغاره إيّاه» (3).

و لأنّه فعل (4)زيادة هتك،فيجب عليه زيادة عقوبة،و قد روى الشيخ عن حمران،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:محرم قتل صيدا فيما بين الصفا و المروة عمدا؟قال:«عليه الفداء و الجزاء و يعزّر»قال:قلت:فإنّه قتله في الكعبة عمدا؟قال:«عليه الفداء و الجزاء و يضرب دون الحدّ،و يقلب للناس كي ينكل

ص:356


1- 1في النسخ:سيف الطاهريّ،و الصحيح ما أثبتناه كما في المصادر،و هو:يوسف بن إبراهيم الطاطريّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و عدّه المفيد في الاختصاص من المجهولين من أصحاب أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السلام،و ذكره الصدوق في المشيخة،و قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. الاختصاص:196،الفقيه(شرح المشيخة)4:118،رجال الطوسيّ:337،تنقيح المقال 3:336. [1]
2- 2) التهذيب 5:352 الحديث 1225،الوسائل 9:211 الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 8. [2]
3- 3) التهذيب 5:370 الحديث 1290،الوسائل 9:242 الباب 45 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [3]
4- 4) د،ر:فضل،مكان:فعل.

غيره» (1).

و هذه الرواية لا بأس بها؛لإقدامه على المحرّم،فاستحقّ التعزير.

مسألة:لو شرب لبن ظبية،كان عليه الجزاء و قيمة اللبن

،قاله الشيخ -رحمه اللّه-و استدلّ عليه:بما رواه عن يزيد بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل مرّ و هو محرم في الحرم،و أخذ عنز ظبية فاحتلبها و شرب لبنها،قال:«عليه دم و جزاء الحرم ثمن اللبن» (2).

و لأنّه شرب ما لا يحلّ له شربه؛إذا اللبن كالجزء من الصيد،فكان ممنوعا منه،فيكون كالأكل لما لا يحلّ له أكله؛لقول الباقر عليه السلام:«من نتف إبطه»إلى قوله:«أو أكل طعاما لا ينبغي أكله و هو محرم،ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا،فليس عليه شيء،و من فعله متعمّدا،فعليه دم شاة» (3)إذ لا فرق بين الأكل و الشرب.

و أمّا وجوب قيمة اللبن؛فلأنّه جزء صيد،فكان عليه قيمته.

مسألة:إذا جرح الصيد فجاء آخر فقتله،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لزم كلّ

واحد منهما الفداء

(4).

و قال الشافعيّ:يجب على الجارح القيمة ما بين كونه صحيحا و معيبا،و على

ص:357


1- 1التهذيب 5:371 الحديث 1291،الوسائل 9:241 الباب 44 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:371 الحديث 1292،الوسائل 9:241 الباب 44 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 6.و [2]ينظر:المبسوط 1:342، [3]النهاية:226. [4]
3- 3) الكافي 4:361 الحديث 8، [5]الفقيه 2:228 الحديث 1080،التهذيب 5:369 الحديث 1287، الاستبصار 2:199 الحديث 672،الوسائل 9:289 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [6]
4- 4) الخلاف 1:489 مسألة-303.

الثاني الجزاء (1).

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-:بالاحتياط و الإجماع (2).

و لو جرحه فصار غير ممتنع بعد الجرح و النتف،ثمّ غاب عن العين،لزمه الجزاء كملا،و به قال أبو إسحاق من الشافعيّة،و قال باقيهم:إنّما يضمن الجناية التي وجدت منه،و هو النتف أو الجرح (3).و استدلّ الشيخ رحمه اللّه:بالاحتياط و الإجماع (4).

فرع:

لو رمى الصيد و هو حلال في الحلّ فأصابه السهم و هو محرم فقتله،لم يكن

عليه ضمان

؛لأنّ الجناية وقعت غير مضمونة،فكان كما لو أصابه قبل الإحرام.

و كذا لو جعل في رأسه ما يقتل القمل،ثمّ أحرم فقتله،لم يكن أيضا عليه شيء.

السبب الثاني:التسبيب.
مسألة:من كان معه صيد فأحرم،زال ملكه عنه إذا كان حاضرا معه،و وجب

عليه إرساله

،و لو أمسكه،ضمنه إذا تلف.و به قال مالك (5)،و أحمد (6)،و أصحاب

ص:358


1- 1الأمّ 2:207،حلية العلماء 3:317،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:434،فتح العزيز بهامش المجموع 7:507.
2- 2) الخلاف 1:489 مسألة-303.
3- 3) الأمّ 2:200،المجموع 7:435.
4- 4) الخلاف 1:490 مسألة-304.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:439-440،إرشاد السالك:58،المنتقى للباجيّ 2:246،بلغة السالك 1:294.
6- 6) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306،الكافي لابن قدامة 1:555،الفروع في فقه أحمد 2:228.

الرأي (1).

و قال أبو ثور:ليس عليه إرسال ما في يده (2)،و هو أحد قولي الشافعيّ (3).

لنا:أنّه فعل في الصيد استدامة الإمساك و هو ممنوع منه،كابتداء الإمساك، فيكون ضامنا به،كالابتداء.

و ما رواه الشيخ عن بكير بن بكير بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم،فمات الظبي في الحرم،فقال:«إن كان حين أدخله خلّى سبيله،فلا شيء عليه،و إن كان أمسكه حتّى مات،فعليه الفداء» (4).

و عن أبي سعيد المكاري،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يحرم أحد و معه شيء من الصيد حتّى يخرجه من ملكه،فإن أدخله الحرم،وجب عليه أن يخلّيه،فإن لم يفعل حتّى يدخل الحرم و مات،لزمه الفداء» (5).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه في يده،فأشبه ما لو كان في بيته بائنا عن الحرم.و لأنّه لا يلزم من منع ابتداء الصيد،المنع من استدامته (6).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين الحرم و غيره،فإنّ إمساكه في الحرم هتك له و هو منهيّ عنه،بخلاف البلاد المتباعدة.

ص:359


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:89 و 98،بدائع الصنائع 2:206،الهداية للمرغينانيّ 1:174،شرح فتح القدير 3:29-30،تبيين الحقائق 2:388 و 389،مجمع الأنهر 1:300-301.
2- 2) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:211،المجموع 7:310-311،فتح العزيز بهامش المجموع 7:495، مغني المحتاج 1:525،المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.
4- 4) التهذيب 5:362 الحديث 1259،الوسائل 9:231 الباب 36 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 5:362 الحديث 1257،الوسائل 9:230 الباب 34 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 3. [2]
6- 6) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.

و عن الثاني:أنّ استدامة الإمساك إمساك أيضا،فإنّه لو حلف لا يمسك شيئا، حنث بالاستدامة،كما يحنث بالابتداء.

إذا ثبت هذا:فإنّ ملكه عندنا يزول عنه.

و قال بعض الجمهور:لا يزول و إن وجب إرساله،و إذا حلّ (1)،جاز له إمساكه،و لو أخذه غيره،ردّه عليه بعد الإحلال،و من قتله ضمنه له (2).و ليس بمعتمد.

لنا:أنّ إرساله واجب عليه.و لأنّه حينئذ من صيد الحرم و هو غير مملوك.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن طائر أهليّ أدخل الحرم حيّا،فقال:«لا يمسّ؛لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » (3)» (4).

احتجّوا:بأنّ ملكه كان عليه،و إزالة اليد لا تزيل الملك بدليل الغصب و العارية (5).

و ليس بجيّد؛لأنّ زوال يده لمعنى شرعيّ،بخلاف الغصب و العارية؛لأنّه في حكم ما في يده.

و لأنّه لو أمسكه مع إمكان إرساله،وجب عليه ضمانه إجماعا منّا و من القائلين بوجوب الإرسال؛لأنّه تلف تحت اليد العادية،فلزمه الضمان،كمال الآدميّ.

ص:360


1- 1في النسخ:و إذا دخل،مكان:و إذا حلّ،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.
3- 3) آل عمران(3):97. [1]
4- 4) التهذيب 5:348 الحديث 1206،الوسائل 9:201 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 11. [2]
5- 5) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:307.

أمّا لو لم يمكنه الإرسال و تلف قبل إمكانه،فالوجه:عدم الضمان؛لأنّه ليس بمفرط و لا متعدّ.

فرع:

لو أرسله إنسان من يده،لم يكن عليه ضمانه

؛لأنّه فعل ما يلزمه فعله،فكان كمن دفع المغصوب إلى مالكه من يد الغاصب.و لأنّ اليد زال حكمها و حكم الملك أيضا.

و قال أبو حنيفة:يضمن؛لأنّه أتلف ملك الغير (1).

و الجواب:المنع من الملك.

و لو أمسكه حتّى حلّ،له[أن] (2)يملكه،و لم يعد ملكه الأوّل إليه إلاّ بسبب ثان مبيح،و خالف فيه بعض الجمهور (3).

لنا:أنّ ملكه زال عنه على ما بيّنّاه.

مسألة:و لو كان الصيد في منزله،لم يزل ملكه عنه

،و كذا لو كان في يده الحكميّة،بأن يكون في يد نائبه في غير الحرم،و لا شيء عليه بالإمساك لو مات، و له البيع و الهبة و غيرهما.و به قال مالك (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي،و قال

ص:361


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:89،بدائع الصنائع 2:206،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:31،تبيين الحقائق 2:389،مجمع الأنهر 1:301.
2- 2) أضفناها لاستقامة العبارة.
3- 3) المجموع 7:311،فتح العزيز بهامش المجموع 7:495،المغني 3:564.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:439،تفسير القرطبيّ 6:323، [1]المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.
5- 5) المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306،الكافي لابن قدامة 1:555،الفروع في فقه أحمد 2:228،الإنصاف 3:481.

الثوريّ:هو ضامن لما في بيته (1).و هو أحد قولي الشافعيّ (2).

لنا:أنّه قبل الإحرام مالك له،فيدوم ملكه؛عملا بالاستصحاب السالم عن معارضة كونه في الحرم.

و لأنّه لو لم يفعل في الصيد فعلا،فلم يلزمه شيء،كما لو كان في ملك غيره.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله،أو من الطير يحرم و هو في منزله؟قال:«و ما به بأس لا يضرّه» (3).

مسألة:و لا ينتقل الصيد إلى الحرم بابتياع و لا هبة و لا غيرهما من أسباب

التملّكات

،فإنّ الصعب بن جثّامة أهدى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حمارا وحشيّا،فردّه عليه،و قال:«إنّا لم نردّه عليه إلاّ أنّا حرم» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قال الحكم بن عتيبة:سألت أبا جعفر عليه السلام،ما تقول في رجل أهدي له حمام أهليّ و هو في الحرم؟فقال:«أمّا إن كان مستويا خلّيت سبيله» (5).

و لو أخذه بأحد هذه الأسباب فتلف،ضمنه؛لما تقدّم (6)،فإن انتقل إليه بالبيع،

ص:362


1- 1المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.
2- 2) المجموع 7:310-311،فتح العزيز بهامش المجموع 7:495-496.
3- 3) التهذيب 5:362 الحديث 1260،الوسائل 9:229 الباب 34 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 3:16،صحيح مسلم 2:850 الحديث 1193،سنن ابن ماجة 2:1032 الحديث 3090،سنن الترمذيّ 3:206 الحديث 849، [2]سنن النسائيّ 5:183،مسند أحمد 4:38، [3]سنن البيهقيّ 5:191.
5- 5) التهذيب 5:348 الحديث 1207،الوسائل 9:201 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 12. [4]
6- 6) يراجع:ص 358.

لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه؛لأنّ ملكه لم يزل عنه،و لو أخذه رهنا فكذلك؛لأنّه رهن فاسد،و المقبوض بالرهن الفاسد مضمون،و لو لم يتلف،لم يكن له ردّه على مالكه؛لأنّه زال ملك المالك عنه بدخول الحرم،كما لو كان مملوكا له؛لأنّه لا يجوز له إثبات يده المشاهدة على الصيد،و هذا قول الشافعيّ (1)،و أصحاب الرأي (2).

و كذا لا يجوز للمحرم أن يستردّ الصيد إذا باعه بخيار و هو حلال،و لا لوجود عيب في الثمن المعيّن و لا غير ذلك؛لأنّه ابتداء ملك على الصيد و هو ممنوع منه، و لو ردّه المشتري بعيب أو خيار،فله ذلك؛لأنّ سبب الردّ متحقّق،فإذا ردّه عليه،لم يدخل في ملكه و وجب عليه إرساله.

هذا إذا كان الصيد في الحرم،أمّا لو كان في الحلّ،فالوجه:الجواز؛لأنّ له استدامة الملك فيه،فله ابتداؤه.

و لو ورث صيدا،لم يملكه في الحرم و وجب عليه إرساله،خلافا لبعض الجمهور (3)؛لأنّه من جهات التملّك،فأشبه البيع و غيره.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:في جميع ذلك يقوى عندي أنّه إن كان حاضرا معه، انتقل إليه و يزول ملكه عنه.قال:و لو باع المحلّ صيدا لمحلّ ثمّ[أحرم البائع و] (4)أفلس المبتاع،لم يكن للبائع أن يختار عين ماله من الصيد؛لأنّه (5)لا يملكه (6).

ص:363


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:211،المجموع 7:310-311،فتح العزيز بهامش المجموع 7:495، مغني المحتاج 1:525،المغني 3:564،الشرح الكبير بهامش المغني 3:306.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:89 و 98،بدائع الصنائع 2:206،الهداية للمرغينانيّ 1:174،شرح فتح القدير 3:29-30،تبيين الحقائق 2:388 و 389،مجمع الأنهر 1:300-301.
3- 3) المغني 3:565،الشرح الكبير بهامش المغني 3:305.
4- 4) زيادة من المصدر لمقتضى السياق.
5- 5) في النسخ:و لأنّه،و ما أثبتناه مطابق للمصدر.
6- 6) المبسوط 1:348. [1]
مسألة:إذا أمسك المحرم صيدا فذبحه محرم آخر،كان على كلّ واحد منهما

فداء كامل

؛لأنّ الفداء يجب بالدلالة و بالرمي مع الخطأ،فبالإمساك الذي هو إعانة حقيقة أولى،و لو كانا في الحرم،تضاعف الفداء على ما يأتي ما لم يكن بدنة و سيأتي.

و لو كانا محلّين في الحرم،وجب على كلّ واحد فداء و لم يتضاعف،و لو كان أحدهما محلاّ و الآخر محرما،تضاعف الفداء في حقّ المحرم دون المحلّ.

و لو أمسكه المحرم في الحلّ فذبحه المحلّ،ضمنه المحرم خاصّة و لا شيء على المحلّ؛لأنّه لم يهتك حرمة الإحرام و لا الحرم.

و قال الشافعيّ:إذا أمسكه محرم و قتله محرم آخر،وجب جزاء واحد، و على من يجب؟فيه وجهان:أحدهما:على الذابح،و الآخر:بينهما (1)،و قد تقدّم (2).

و لو نقل بيض صيد ففسد،ضمنه.

و لو أحضنه فخرج الفرخ سليما،لم يضمنه.

مسألة:و لو أغلق بابا على حمام من الحرم و فراخ و بيض،فإن هلكت

و كان الإغلاق قبل الإحرام،ضمن الحمامة بدرهم

،و الفرخ بنصف،و البيضة بربع.

و إن كان بعد الإحرام،ضمن الحمامة بشاة،و الفرخ بحمل،و البيضة بدرهم؛لأنّ التلف بسببه،فكان عليه ضمانه؛لما تقدّم (3).

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إبراهيم بن عمر و سليمان بن خالد، قالا:قلنا لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل أغلق بابه على طائر فقال:«إن كان أغلق

ص:364


1- 1الأمّ 2:207،المجموع 7:437،فتح العزيز بهامش المجموع 7:494.
2- 2) يراجع:ص 351 و 357.
3- 3) يراجع:ص 320-326 و 358.

[الباب بعد ما أحرم،فعليه شاة،و إن كان أغلق الباب] (1)قبل أن يحرم،فعليه ثمنه» (2).

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أغلق بابه على حمام (3)من حمام الحرم و فراخ و بيض،فقال:«إن كان أغلق عليها قبل أن يحرم،فإنّ عليه لكلّ طير درهما،و لكلّ فرخ نصف درهم،و لكلّ بيضة ربع درهم،و إن (4)كان أغلق عليها بعد ما أحرم،فإنّ عليه لكلّ طير (5)شاة،و لكلّ فرخ حملا،و إن لم يكن تحرّك،فدرهم،و للبيض نصف درهم» (6).

و عن زياد الواسطيّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوم أغلقوا الباب على حمام الحرم،فقال:«عليهم قيمة كلّ طائر درهم يشتري به علفا لحمام الحرم» (7).

فروع:
الأوّل:لو أرسلها بعد الإغلاق سليمة،فالوجه:عدم الضمان

.و قال قوم منّا:

ص:365


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:350 الحديث 1215،الوسائل 9:207 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [1]
3- 3) ح:حمامة.
4- 4) في النسخ:فإن،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) في المصادر:«لكلّ طائر».
6- 6) التهذيب 5:350 الحديث 1216،الوسائل 9:207 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 5:350 الحديث 1217،الوسائل 9:207 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 4. [3]

عليه الضمان بنفس الإغلاق؛عملا بالرواية (1)،و فيه بعد.

الثاني:لو كان الإغلاق من المحرم في الحرم،وجب عليه الجزاء و القيمة

معا

؛لأنّه متلف،و قد قلنا:إنّ المحرم في الحرم يتضاعف عليه الفداء (2).

الثالث:لو أغلق على غير الحمام من أنواع الصيود،ضمن إذا تلفت

بالإغلاق

؛لأنّه سبب متلف،فكان كما لو رماه بسهم فقتله.

مسألة:لو نفّر حمام الحرم،فإن رجع،وجب عليه دم شاة،و إن لم يرجع،

وجب عليه لكلّ طير شاة

.

قال الشيخ:و لا بأس به؛لأنّ التنفير حرام؛لأنّه سبب للإتلاف غالبا.و لعدم العود،فكان عليه مع الرجوع دم لفعل المحرّم،و مع عدم الرجوع يكون عليه لكلّ طير شاة؛لما تقدّم أنّ من أخرج طيرا من الحرم،وجب عليه أن يعيده،فإن لم يفعل، ضمنه.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا الحكم ذكره عليّ بن بابويه في رسالته،و لم أجد به حديثا مسندا (3).

مسألة:إذا أوقد جماعة نارا فوقع فيها طائر،فإن كان قصدهم ذلك،وجب

على كلّ واحد منهم فداء كامل

،و إن لم يكن قصدهم ذلك،وجب عليهم أجمع فداء واحد؛لأنّهم مع القصد يكون كلّ واحد منهم قد فعل جناية استند الموت إليها و إلى مشاركه،فيكون بمنزلة من اشترك في قتل صيد،فإنّ على كلّ واحد منهم فدية

ص:366


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:341،و [1]ابن البرّاج في المهذّب 1:226-227،السرائر: 131.
2- 2) يراجع:ص 364. [2]
3- 3) التهذيب 5:350.

كاملة،على ما تقدّم (1).و أمّا مع عدم القصد فإنّ القتل غير مراد،فوجب عليهم أجمع فداء واحد.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي ولاّد الحنّاط،قال:خرجنا بستّة (2)نفر من أصحابنا إلى مكّة فأوقدنا نارا عظيما في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحما نكبّبه و كنّا محرمين،فمرّ بها طير صافّ-مثل حمامة أو شبهها-فاحترق جناحاه فسقطت في النار فاغتممنا لذلك،فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام بمكّة،فأخبرته و سألته،فقال:«عليكم فداء واحد دم شاة[و تشتركون فيه جميعا؛ لأنّ ذلك كان منكم على غير تعمّد] (3)،و لو كان ذلك منكم تعمّدا ليقع فيها الصيد، فوقع،ألزمت كلّ واحد منكم دم شاة»قال أبو ولاّد:كان ذلك منّا قبل أن ندخل الحرم (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الجزاء يجب في الصيد،سواء قتله المحرم عمدا أو خطأ أو

سهوا

،و بيّنّا الخلاف فيه (5).

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تأكل شيئا من الصيد و إن صاده حلال،و ليس عليك فداء لشيء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجّك،و لا عمرتك (6)،إلاّ

ص:367


1- 1يراجع:ص 351. [1]
2- 2) ع:ستّة،كما في المصادر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:352 الحديث 1226،الوسائل 9:211 الباب 19 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1 و [2]فيه:سقط مكان:سقطت.
5- 5) يراجع:ص 276. [3]
6- 6) في المصدر:«أو عمرتك».

الصيد[فإنّ] (1)عليك الفداء،بجهل كان أو عمد؛لأنّ اللّه تعالى قد أوجبه عليك،فإن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة (2)واحدة،و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ، فعليك القيمة،و إن أصبته و أنت حرام في الحرم،فعليك الفداء مضاعفا» (3).

إذا ثبت هذا:فلو رمى صيدا فقتل الصيد بتحرّكه آخر،أو فرخا،ضمنهما معا، لأنّه سبب في الإتلاف،و عدم قصد الآخر لا يخرجه عن السببيّة.

مسألة:إذا وطئ بعيره أو دابّته صيدا فقتله،ضمنه

؛لأنّه سبب الإتلاف.

و لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم وطئ بيض نعام فشدخها،قال:«قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث،فما لقح و سلم،كان النتاج هديا بالغ الكعبة»و قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ما وطئته أو وطئه بعيرك أو دابّتك و أنت محرم،فعليك فداؤه» (4).

فروع:
الأوّل:إذا كان راكبا عليها سائرا،كان عليه ضمان ما تجنيه بيديها و فمها

، و لا ضمان عليه فيما تجنيه برجلها (5)؛لأنّه لا يمكنه حفظ رجلها،و قال

ص:368


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) خا و ق:«بقيمة»،و في المصدر:«فعليك قيمة».
3- 3) التهذيب 5:370 الحديث 1288،الوسائل 9:77 الباب 2 [1] من أبواب تروك الإحرام الحديث 2، و ص 227 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 5.
4- 4) التهذيب 5:355 الحديث 1232،الاستبصار 2:202 الحديث 686،الوسائل 9:215 الباب 23 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [2]
5- 5) ع:برجليها.

عليه السلام:«الرّجل جبار (1)» (2).

و لو كان واقفا أو سائقا لها غير راكب،ضمن جميع جنايتها؛لأنّه يمكنه حفظها و يده عليها و يشاهد رجلها.

الثاني:لو انفلتت فأتلفت صيدا،لم يضمنه

؛لأنّه لا يد له عليها،و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«العجماء (3)جبار» (4).

الثالث:لو نصب المحرم شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد،ضمنه

؛لأنّه تلف بسببه،فكان عليه ضمانه،كما يضمن الآدميّ.

أمّا لو حفر البئر بحقّ،كما لو حفرها في ملكه أو في موضع متّسع ينتفع بها المسلمون،فالوجه:سقوط الضمان،كما لا يضمن الآدميّ هنا.

الرابع:لو نصب شبكة قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه،لم يضمنه

؛ لأنّه لم يوجد منه بعد إحرامه بسبب الإتلاف،فكان كما لو صاده قبل إحرامه و تركه في منزله،فتلف بعد إحرامه،أو باعه و هو حلال،فذبحه المشتري.

الخامس:لو جرح صيدا فتحامل فوقع في شيء تلف به،ضمنه

؛لأنّ الإتلاف بسببه،و كذا لو نفّره فتلف في حال نفوره.

ص:369


1- 1الجبار:الهدر،و معناه:أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنسانا أو شيئا فجرحها هدر. تهذيب اللغة 1:533-534. [1]
2- 2) سنن أبي داود 4:196 الحديث 4592، [2]كنز العمّال 15:15 الحديث 39867 و ص 18 الحديث 39876.
3- 3) العجماء:البهيمة،سمّيت به لأنّها لا تتكلّم.و كلّ ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم و مستعجم. النهاية لابن الأثير 3:187. [3]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:160،سنن أبي داود 4:196 الحديث 4593،سنن الدارميّ 1:393 و ج 2: 196،مسند أحمد 2:274 و 382،سنن البيهقيّ 4:155 و ج 8:110،مسند أبي يعلى 10:459 الحديث 1072.

و لو سكن في مكان و أمن من نفوره ثمّ تلف فهل يضمنه أم لا؟قال بعض الجمهور:لا يضمنه؛لأنّ التلف ليس منه و لا بسببه،و قال بعضهم:يضمنه (1)؛لما روي عن عمر أنّه دخل دار الندوة فألقى رداءه على واقف في البيت،فوقع عليه طير (2)من هذا الحمام،فأطاره،فوقع على واقف آخر،فانتهزته حيّة فقتلته،فقال لعثمان بن عفّان و نافع بن عبد الحارث:إنّي وجدت في نفسي أنّي أطرته من منزل كان فيه آمنا إلى موقعة كان فيها حتفه،فقال نافع لعثمان:كيف ترى في عنز ثنيّة عفراء (3)يحكم بها عليه؟فقال عثمان:أرى ذلك،فأمر بها عمر (4).

السادس:إذا نتف المحرم ريش طير أو جرحه

،فإن بقي ممتنعا على ما كان بأن تحامل فأهلك نفسه بأن أوقع نفسه في بئر أو ماء أو صدم حائطا،فعليه ضمان ما جرحه،و إن امتنع و غاب عن العين،وجب عليه ضمانه كملا،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

و قال الشافعيّ مثل ما قلناه،إلاّ أنّه قال:إذا غاب عن العين،يقوّم بين كونه صحيحا و معيبا،فإن كان له مثل،ألزم ما بين قيمتي المثل (6).

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-:بالإجماع و بالنصّ عن الأئمّة عليهم السلام و طريقة الاحتياط.

ص:370


1- 1المغني 3:552،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366،الفروع في فقه أحمد 2:223.
2- 2) في النسخ:على طير،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) ما عزة عفراء:خالصة البياض.لسان العرب 4:585. [1]
4- 4) مسند الشافعيّ:135،المغني 3:552،الشرح الكبير بهامش المغني 3:366،الفروع في فقه أحمد 2:223.
5- 5) الخلاف 1:489 مسألة-302.
6- 6) الأمّ 2:200،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:72،حلية العلماء 3:319،المجموع 7:425، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:486،المغني 3:555.
السابع:لو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه،ضمن

،و كذا لو أمسك المحلّ صيدا له طفل في الحرم فهلك الطفل،ضمنه؛لأنّه سبب في إتلافه،و لا ضمان عليه في الأمّ لو تلفت.

أمّا لو أمسكها المحلّ في الحرم فتلفت و تلف فراخها في الحلّ قال الشيخ:

ضمن الجميع (1).

الثامن:لو أغرى المحرم كلبا على صيد فقتله ضمنه

(2)

،سواء كان في الحلّ أو في الحرم؛لأنّه سبب في إتلافه و الكلب كالآلة،لكن إذا كان القتل في الحرم، تضاعف الجزاء على ما يأتي.

أمّا لو أرسله و لا صيد،فعرض له صيد فقتله،ففي الضمان إشكال.

التاسع:لو نفّر صيدا فهلك بمصادمة شيء،أو أخذه جارح،ضمنه

.

و كذا لو ضرب صيدا بسهم فمرق السهم فقتل آخر،أو رمى غرضا فأصاب صيدا،فإنّه يضمنه؛لما تقدّم.

و كذا لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب،ضمن النفس مع التلف و الأرش مع العيب.

و للشافعيّ قولان:أحدهما:لا جزاء عليه (3)،و قد تقدّم (4).

و كذا لو دلّ على صيد فقتله،فإنّه يضمنه؛لما بيّنّا فيما مضى (5).

العاشر:لو أمر المحرم عبده المحلّ بقتل الصيد،فقتله،فعلى السيّد الفداء

؛لأنّ

ص:371


1- 1المبسوط 1:347. [1]
2- 2) روع:كلبه.
3- 3) الأمّ 2:199،حلية العلماء 3:299،المجموع 7:297،فتح العزيز بهامش المجموع 7:497.
4- 4) يراجع:ص 284.
5- 5) يراجع:ص 160.

العبد كالآلة.و لأنّ الضمان يجب بالإعانة و الدلالة و غيرهما،فبالأمر أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم معه غلام له ليس بمحرم أصاب صيدا و لم يأمره سيّده،قال:«ليس على سيّده شيء» (1).و هو يدلّ من حيث المفهوم على أنّه إذا كان بأمر السيّد،فإنّه يلزمه فداء ما صاده.

إذا ثبت هذا:فلو كان الغلام محرما بإذن سيّده،و قتل صيدا بغير إذن مالكه، وجب على السيّد الفداء؛لأنّ الإذن في الإحرام يستلزم تحمّل جناياته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ ما أصاب العبد و هو محرم في إحرامه فهو على السيّد إذا أذن له في الإحرام» (2).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن أبي نجران،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن عبد أصاب صيدا و هو محرم هل على مولاه شيء من الفداء؟فقال:«لا شيء على مولاه» (3).

لأنّه محمول على ما إذا لم يأذن له مولاه في الإحرام؛لأنّ المطلق محمول على المقيّد.

ص:372


1- 1التهذيب 5:382 الحديث 1333،الوسائل 9:251 الباب 56 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:382 الحديث 1334،الاستبصار 2:216 الحديث 741،الوسائل 9:251 الباب 56 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:383 الحديث 1335،الاستبصار 2:216 الحديث 742،الوسائل 9:252 الباب 56 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 3. [3]
المطلب الخامس

في اللواحق

مسألة:قد بيّنّا أنّ الصيد إذا كان مثليّا،تخيّر القاتل بين أن يخرج مثله من

النعم،و بين أن يقوّم المثل دراهم

(1)

و يشتري به طعاما و يتصدّق به،و بين أن يصوم عن كلّ مدّين يوما،و لو كان الصيد لا مثل له،تخيّر بين شيئين:بين أن يقوّم الصيد و يشتري بثمنه طعاما و يتصدّق به،أو يصوم عن كلّ مدّين يوما.

قال الشيخ:و لا يجوز إخراج القيمة بحال،و وافقنا الشافعيّ في ذلك كلّه، و مالك،إلاّ أنّ مالكا قال:يقوّم الصيد،و عندنا يقوّم المثل.

و قال بعض أصحابنا:إنّها على الترتيب.

و قال أبو حنيفة:الصيد مضمون بالقيمة،سواء كان له مثل من النعم أو لم يكن، إلاّ أنّه إذا قوّمه،كان مخيّرا بين أن يشتري بالقيمة من النعم و يخرجه،و بين أن يشتري بالقيمة طعاما و يتصدّق به،و بين أن يصوم عن كلّ مدّ يوما،إلاّ أنّه إذا اشترى النعم لم يجزئه إلاّ ما يجوز في الضحايا،و هو:الجذع من الضأن،و الثنيّ من كلّ شيء.

ص:373


1- 1يراجع:ص 292.

و قال أبو يوسف و محمّد:يجوز أن يشتري بالقيمة شيئا من النعم ما يجوز في الضحايا و ما لا يجوز (1).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (2).

و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«في الضبع كبش» (3).و ما تقدّم من الأحاديث.

إذا ثبت هذا:فلو جرح الصيد،لزمه أرش الجراح بأن يقوّم الصيد صحيحا و معيبا،فإن كان ما بينهما مثلا عشرا،لزمه عشر مثله.و به قال المزنيّ (4).

و قال الشافعيّ:يلزمه قيمة المثل (5).

لنا:قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (6).و المثل لا يدخل في القيمة بالاتّفاق بيننا و بينه.

مسألة:إذا اختار المثل أو قلنا بوجوبه عنه ،ذبحه و تصدّق به على مساكين

الحرم

(7)

؛لأنّه تعالى قال: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (8).

و لا يجزئه (9)أن يتصدّق به حيّا على مساكين؛لأنّه تعالى سمّاه هديا،

ص:374


1- 1الخلاف 1:480 مسألة-260.
2- 2) المائدة(5):95. [1]
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1030 الحديث 3085،سنن البيهقيّ 5:184،كنز العمّال 5:38 الحديث 11952 و 11953 و ص 41 الحديث 11971.
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المجموع 7:432،فتح العزيز بهامش المجموع 7:506.
5- 5) الأمّ 2:207،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،حلية العلماء 3:319،المجموع 7:432،فتح العزيز بهامش المجموع 7:506،مغني المحتاج 1:527.
6- 6) المائدة(5):95. [2]
7- 7) ح:عند،ع:عليه،مكان:عنه.
8- 8) المائدة(5):95. [3]
9- 9) د:و لا يجوز،مكان:و لا يجزئه.

و الهدي يجب ذبحه.

و له ذبحه أيّ وقت شاء لا يختصّ ذلك بأيّام النحر؛لأنّه كفّارة،فيجب إخراجها متى شاء،كغيرها من الكفّارات.

أمّا المكان:فإن كان الإحرام للحجّ،وجب عليه أن ينحر فداء الصيد أو يذبحه بمنى،و إن كان محرما بالعمرة،ذبحه أو نحره بمكّة بالموضع المعروف بالحزورة؛لأنّه هدي،فكان كغيره من الهدايا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من وجب عليه فداء صيد أصابه محرما،فإن كان حاجّا، نحر هديه الذي يجب عليه بمنى،و إن كان معتمرا،نحره بمكّة قبالة الكعبة» (1).

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال في المحرم إذا أصاب صيدا يوجب عليه الهدي:«فعليه أن ينحره إن كان في الحجّ بمنى حيث ينحر الناس،و إن كان عمرة،نحر بمكّة،و إن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فإنّه يجزئ عنه» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«و إن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه»رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكّة أو منى؛لأنّ من وجب عليه كفّارة الصيد،فإنّ الأفضل أن يفديه من حيث أصابه؛لما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:يفدي المحرم فداء الصيد من حيث صاده (3).

ص:375


1- 1التهذيب 5:373 الحديث 1299،الاستبصار 2:211 الحديث 722،الوسائل 9:245 الباب 49 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:373 الحديث 1300،الاستبصار 2:212 الحديث 723،الوسائل 9:246 الباب 49 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:373 الحديث 1301،الاستبصار 2:212 الحديث 724،الوسائل 9:247 الباب 51 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1. [3]

إذا ثبت هذا:فإنّه إذا نحره بمنى أو بمكّة على التفصيل (1)،جاز له أن ينحر بأيّ الموضعين شاء؛لأنّه المأمور به.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار أنّ عبّاد البصريّ جاء إلى أبي عبد اللّه عليه السلام و قد دخل مكّة بعمرة مبتولة و أهدى هديا،فأمره بنحر (2)في منزله بمكّة،فقال له عبّاد:نحرت الهدي في منزلك و تركت أن تنحره بفناء الكعبة و أنت رجل يؤخذ منك؟فقال له:«أ لم تعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بمنى في المنحر و أمر الناس،فنحروا (3)في منازلهم،و كان ذلك موسّعا عليهم،و كذلك هو موسّع على من نحر الهدي بمكّة في منزله إذا كان معتمرا» (4).

و لا يعارض ما تقدّم:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن منصور بن حازم، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كفّارة العمرة المفردة أين تكون؟فقال:

«بمكّة،إلاّ أن يشاء صاحبها أن يؤخّرها إلى منى،و يجعلها بمكّة أحبّ إليّ و أفضل» (5)لأنّه رخصة لما يجب من الكفّارة في غير الصيد.

و أمّا ما يجب في كفّارة الصيد،فإنّه لا ينحر إلاّ بمكّة،قاله الشيخ-رحمه اللّه- لما رواه أحمد بن محمّد عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من وجب عليه هدي في إحرامه،فله أن ينحر حيث شاء،إلاّ فداء الصيد،فإنّ اللّه تعالى

ص:376


1- 1بعض النسخ:التفضيل.
2- 2) د:فأمره أن ينحر،و في التهذيب:فأمر به فنحر،مكان:فأمره بنحر.
3- 3) في النسخ:«ينحروا»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:374 الحديث 1302،الوسائل 9:248 الباب 52 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 5:374 الحديث 1303،الاستبصار 2:212 الحديث 725،الوسائل 9:246 الباب 49 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 4. [2]

يقول: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (1)» (2).

مسألة:و لو اختار الإطعام،قوّم المثل من النعم لا الصيد عندنا على ما مضى

، فإذا قوّمه أخرج بقيمته طعاما إمّا بمكّة أو بمنى على ما قلناه في الجزاء؛لأنّه عوض عمّا يجب دفعه إلى مساكين ذلك المكان،فيجب دفعه إليهم.

و يعتبر قيمة المثل في الحرم؛لأنّه محلّ إخراجه و لا يجزئ إخراج القيمة؛ لأنّه تعالى خيّر بين ثلاثة أشياء،و ليست القيمة واحدا منها.

و الطعام المخرج:الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب.

و لو قيل:يجزئ كلّ ما يسمّى طعاما،كان حسنا؛لأنّه تعالى أوجب الطعام (3).

و يتصدّق على كلّ مسكين بنصف صاع.و به قال أحمد في التمر،و قال في البرّ بمدّ (4)،و قد مضى البحث فيه (5).

إذا عرفت هذا:فإنّ المقوّم عندنا هو الجزاء،لا الصيد على ما تقدّم (6).

هذا إذا كان له مثل،فإذا أريد التقويم،قوّم المثل يوم يريد تقويمه،و لا يلزمه أن يقوّم وقت إتلاف الصيد؛لأنّ القيمة ليست واجبة في بدل المال (7)،و إنّما تجب إذا اختارها القاتل،فكان اعتبار القيمة وقت وجوبها.

ص:377


1- 1المائدة(5):95. [1]
2- 2) التهذيب 5:374 الحديث 1304،الاستبصار 2:212 الحديث 726،الوسائل 9:246 الباب 49 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 3. [2]
3- 3) المائدة(5):95.
4- 4) المغني 3:559،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،الإنصاف 3:510-511.
5- 5) يراجع:ص 290.
6- 6) يراجع:ص 290.
7- 7) د:في تلك المال،مكان:في بدل المال.

و أمّا إذا لم يكن له مثل،فإن كان الشارع قدّر قيمته،وجب ما قدّره الشارع، كالحمامة و الفرخ و البيض،و إن لم يقدّره الشارع،قوّم الصيد وقت الإتلاف؛لأنّه وقت الوجوب.

إذا ثبت هذا:فلو قتل ماخضا،وجب عليه أن يخرج ماخضا و هي الإبل،و إن لم يجد،قوّم الجزاء ماخضا.

مسألة:و لو اختار الصيام،صام عن كلّ نصف صاع يوما

على ما قلناه (1)،و لو بقي ما لا يعدل يوما،صام عنه يوما كاملا بلا خلاف.

و لا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء و يطعم عن البعض.و به قال الشافعيّ، و الثوريّ،و أحمد،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن المنذر.و جوّز محمّد بن الحسن ذلك إذا عجز عن بعض الإطعام (2).

لنا:أنّها كفّارة واحدة،فلا يؤدّى بعضها بالإطعام و بعضها بالصيام،كسائر الكفّارات.

إذا ثبت هذا:فإنّه لا يتعيّن صومه بمكان دون غيره؛لأنّه صوم كفّارة، فلا يختصّ بمكان،كغيره من الكفّارات.

مسألة:ما لا مثل له من الصيد،يتخيّر قاتله بين أن يشتري بقيمته طعاما

فيطعمه على المساكين،و بين الصوم.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا يجوز له إخراج القيمة (3)-و به قال ابن عبّاس، و أحمد في رواية عنه (4)-لأنّه جزاء صيد،فلم يجز إخراج القيمة فيه،كالذي له

ص:378


1- 1يراجع:ص 291. [1]
2- 2) المغني 3:560،الشرح الكبير بهامش المغني 3:340،الإنصاف 3:512. [2]
3- 3) الخلاف 1:480 مسألة-260،المبسوط 1:339.
4- 4) المغني 3:560،الشرح الكبير بهامش المغني 3:341.

مثل.

و لأنّه تعالى خيّر بين ثلاثة (1)ليست القيمة أحدها،و قد تعذّر واحد،فيبقى التخيير بين اثنين.

و عن أحمد رواية:أنّه يجوز إخراج القيمة؛لأنّ عمر قال لكعب:ما جعلت على نفسك؟قال:درهمين،قال:اجعل ما جعلت على نفسك (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه يقوّم في محلّ الإتلاف،بخلاف المثل؛فإنّ المعتبر في قيمة النعم بمكّة؛لأنّه محلّ ذبحه.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يحرم على المحلّ في الحرم من الصيد ما يحرم على

المحرم

(3).

إذا ثبت هذا:فإذا قتل المحلّ صيدا في الحرم،وجب عليه الفداء،و لو كان محرما في الحرم،كان عليه جزاءان،و لم يفصّل أحد من الفقهاء ذلك.

لنا:أنّه جمع بين الإحرام و الحرم،فيضاعف عليه الجزاء؛لأنّه هتكهما معا.

و لأنّ هتك كلّ واحد يوجب الجزاء،فيكون كذلك حال الاجتماع.

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّ من صاد متعمّدا و هو محرم في الحلّ، كان عليه جزاءان،و لو كان في الحرم و هو محرم عامدا إليه،تضاعف ما كان يجب عليه في الحلّ (4).و الأصل براءة الذمّة.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

ص:379


1- 1المائدة(5):95.
2- 2) المغني 3:560،الشرح الكبير بهامش المغني 3:341،الكافي لابن قدامة 1:571،الإنصاف 3: 509،المجموع 7:424،عمدة القارئ 10:161.
3- 3) يراجع:ص 142. [1]
4- 4) الانتصار:99،جمل العلم و العمل:114.

عليه السلام،قال:«فإن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة،و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة،و إن أصبته و أنت حرام في الحرم،فعليك الفداء مضاعفة» (1).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إنّما يتضاعف من الجزاء ما كان دون

البدنة

،أمّا ما يجب فيه بدنة؛فإنّه لا يتضاعف و لو كان القاتل محرما في الحرم (2).

و أوجب ابن إدريس التضاعف مطلقا؛عملا بالإطلاق (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّ البدنة أعلى ما يجب في الكفّارات،و لما رواه حسن بن عليّ بن فضّال عن رجل قد سمّاه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«في الصيد يضاعفه ما بينه و بين البدنة،فإذا بلغ البدنة،فليس عليه التضعيف» (4).و الرواية ضعيفة السند مع إرسالها.

مسألة:و لو كان الصيد لا دم فيه و قتله محلّ في الحرم أو محرم في الحلّ،

كان عليه القيمة

،و لو كان محرما في الحرم،كان عليه قيمتان،رواه الشيخ عن حريز،عمّن حدّثه،عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،ما في القمريّ و الدبسيّ،و السمان و العصفور و البلبل؟قال:«قيمته،فإن أصابه المحرم في الحرم،فعليه قيمتان ليس عليه دم» (5).

ص:380


1- 1التهذيب 5:370 الحديث 1288،الوسائل 9:241 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 5. [1]
2- 2) النهاية:226،المبسوط 1:342، [2]التهذيب 5:371.
3- 3) السرائر:132.
4- 4) التهذيب 5:372 الحديث 1294،الوسائل 9:243 الباب 46 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:371 الحديث 1293،الوسائل 9:242 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 7. [4]

و لأنّه هتك حرمة الإحرام و الحرم،فيجب عليه في كلّ واحد منهما جميعا ما يجب إفرادا.

فرع:

يجوز إخراج جزاء الصيد بعد جرحه

و قبل موته على تردّد.

مسألة:كلّ من وجب عليه بدنة في كفّارة الصيد و لم يجد،أطعم ستّين

مسكينا

،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما.

و لو كان عليه بقرة و لم يجد،أطعم ثلاثين مسكينا،فإن لم يجد،صام تسعة أيّام.

و إن كان عليه شاة و لم يجد،أطعم عشرة مساكين،فإن لم يجد،صام ثلاثة أيّام.

روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل،فإن لم يجد ما يشتري بدنة فأراد أن يتصدّق،فعليه أن يطعم ستّين مسكينا كلّ مسكين مدّا،فإن لم يقدر على ذلك،صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام، و من كان عليه فداء شيء من الصيد،فداؤه بقرة،فإن لم يجد،فليطعم ثلاثين مسكينا،فإن لم يجد،فليصم تسعة أيّام،و من كان عليه شاة فلم يجد،فليطعم عشرة مساكين،فإن لم يجد،فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ» (1).

مسألة:منع الشيخ-رحمه اللّه-صيد حمام الحرم

حيث كان للمحلّ

ص:381


1- 1التهذيب 5:343 الحديث 1187،الوسائل 9:186 الباب 2 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 11. [1]

و المحرم (1).و جوّزه ابن إدريس (2).

و الحقّ:الأوّل؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن حمام الحرم يصاد في الحلّ،فقال:«لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم» (3).

مسألة:لو قتل المحرم حيوانا و شكّ في أنّه صيد،لم يضمنه

؛لأنّ الأصل براءة الذمّة السالم عن معارضة قتل الصيد يقينا.

و لو أكل المحرم لحم صيد و لم يدر ما هو،وجب عليه دم شاة،رواه الشيخ عن محمّد بن يحيى رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو و هو محرم،قال:«عليه دم شاة» (4).

و لأنّه أكل محرّما،فكان عليه شاة،كما تقدّم من أنّ المحرم إذا أكل طعاما لا يحلّ له أكله،وجب عليه دم شاة.

مسألة:لو اقتتل نفسان في الحرم،كان على كلّ واحد منهما دم

؛لأنّه هتك حرمة الحرم،فيكون عليه عقوبة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي هلال الرازيّ (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،

ص:382


1- 1المبسوط 1:341، [1]النهاية:224، [2]التهذيب 5:348.
2- 2) السرائر:131.
3- 3) التهذيب 5:348 الحديث 1209،الوسائل 9:203 الباب 13 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:384 الحديث 1342،الوسائل 9:250 الباب 54 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 2. [4]
5- 5) أبو هلال الرازيّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه حفص بن البختريّ و قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه 3:48 الحديث 167،و روى عنه عبد اللّه بن مسكان،قال المامقانيّ:لم أقف على اسمه و حاله.جامع الرواة 2:423، [5]تنقيح المقال 3:38 [6] من فصل الكنى.

قال:سألته عن رجلين اقتتلا و هما محرمان،فقال:«سبحان اللّه!بئس ما صنعا» قلت:فقد فعلا،ما الذي يلزمهما؟قال:«على كلّ واحد منهما دم» (1).

مسألة:لا بأس أن يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله و يبقيه إلى وقت

إحلاله إذا كان قد صاده محلّ

؛عملا بالأصل،و بما رواه الشيخ عن عليّ بن مهزيار، قال:سألته عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده،هل يجوز أن يكون معه و لا يأكله و يدخله مكّة و هو محرم فإذا أحلّ أكله؟فقال:«نعم،إذا لم يكن صاده» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الجماعة المحرمين إذا اشتركوا في قتل صيد،كان على كلّ

واحد منهم فداء كامل

،و لو اشترك محلّون في قتل صيد في الحرم،قال الشيخ -رحمه اللّه-:لزم كلّ واحد منهم القيمة،فإن قلنا يلزمهم جزاء واحد،كان قويّا؛لأنّ الأصل براءة الذمّة.

و لو اشترك محلّون و محرمون في قتل صيد في الحلّ،لزم المحرمين الجزاء و لا يلزم المحلّين،و إن اشتركوا في الحرم،لزم المحرمين الجزاء و القيمة،و المحلّين جزاء واحد (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا أراد التقويم للجزاء،وجب أن يقوّم عدلان

و يكون أحدهما القاتل جوازا إذا كان عدلا بأن يكون قد قتله خطأ (4).

إذا ثبت هذا:فإنّ الخيار في الكفّارة بين الإطعام و الذبح و الصيام إلى القاتل،

ص:383


1- 1التهذيب 5:385 الحديث 1343،الوسائل 9:301 الباب 17 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:385 الحديث 1345،الوسائل 9:230 الباب 35 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط 1:346، [3]النهاية:225. [4]
4- 4) يراجع:ص 337.

و به قال أبو يوسف،و أبو حنيفة.

و قال محمّد:الخيار في التعيين إلى الحكمين،إن شاءا حكما عليه بالهدي، و إن شاءا حكما عليه بالإطعام،و إن شاءا حكما عليه بالصيام (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و مالك (3).

لنا:أنّ الواجب على القاتل،فكان الاختيار في التعيين إليه،كما في كفّارة اليمين،و إنّما حكم العدلين لبيان قدر الواجب بالتقويم.

احتجّ محمّد:بقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (4)فنصب هديا؛لوقوع الحكم عليه (5).

و الجواب:أنّ التقدير:فجزاء من النعم هديا،أو كفّارة طعام،أو عدل ذلك صياما مثل يحكم به ذوا عدل؛مقصورا (6)على بيان المثل،و نصب هَدْياً على الحال،أي في الإهداء؛ليبقى ما قبله إيجابا على العبد من غير حكم أحد بكلمة «أو»،فيكون إليه الخيار.

إذا ثبت هذا:فإنّ المعتبر في المثل هو ما نصّ الشارع على مقابله حيوانا من النعم،كالبدنة في النعامة،و البقرة في بقرة الوحش،و الشاة في الظبي،و لا اعتبار

ص:384


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:83،تحفة الفقهاء 1:422-423،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:170،شرح فتح القدير 3:10،تبيين الحقائق 2:378-379،مجمع الأنهر 1:298، عمدة القارئ 10:162.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:427.
3- 3) الكافي في فقه أهل المدينة:157،المنتقى للباجيّ 2:255،بداية المجتهد 1:358.
4- 4) المائدة(5):95. [1]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:83،الهداية للمرغينانيّ 1:170، [2]شرح فتح القدير 3:10،تبيين الحقائق 2:378 و 379،مجمع الأنهر 1:298،عمدة القارئ 10:162.
6- 6) د،ر و ح:مقصود،خا و ق:مقصودا.

بالصورة و لا بالقيمة فيما نصّ فيه،أمّا ما لا نصّ فيه فإنّ الاعتبار بالقيمة.

و قال محمّد:الاعتبار بالصورة (1).

و قال أبو حنيفة،و أبو يوسف:الاعتبار بالقيمة (2).

لنا:أنّ الشاة تجب في الحمام،و لا مماثلة بينهما صورة و قيمة.

احتجّ محمّد:بقوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (3).

و قد نصّ الصحابة على إيجاب البدنة و البقرة و الشاة فيما قلنا و هي أمثالها صورة (4).

احتجّ أبو حنيفة،و أبو يوسف:بأنّه حيوان مضمون بالمثل،فيكون مضمونا بالقيمة،كالمملوك.

و أمّا الآية:فالمراد من النّعم:المقتول من النعم،لا أن يكون المثل من النعم، و قوله: فَجَزاءٌ مِثْلُ يقرأ مرفوعا منوّنا،أي:فعليه جزاء،ثمّ فسّره،فقال: مِثْلُ ما قَتَلَ و مثل الحيوان قيمته؛لأنّه يماثله معنى،و أمّا حيوان آخر،فإنّه لا يماثله ذاتا و لا معنى،و يقرأ:فجزاء مثل ما،برفع الأوّل و خفض الثاني،أي:فعليه جزاء ما هو مثل المقتول،و جزاء المثل و جزاء العين سواء (5).

ص:385


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:82،بدائع الصنائع 2:198.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:82،تحفة الفقهاء 1:422-423،بدائع الصنائع 2:198-199، الهداية للمرغينانيّ 1:170،شرح فتح القدير 3:7-8،تبيين الحقائق 2:378،مجمع الأنهر 1: 297-298،عمدة القارئ 10:162.
3- 3) المائدة(5):95. [1]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:82-83،بدائع الصنائع 2:198،الهداية للمرغينانيّ 1:170،شرح فتح القدير 3:7،مجمع الأنهر 1:298،عمدة القارئ 10:162.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:83،بدائع الصنائع 2:199،الهداية للمرغينانيّ 1:170،عمدة القارئ 10:162.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبه إن ثبت المماثلة في الصورة؛لأنّ عندنا:الواجب المثل،لا القيمة.

و عن احتجاج أبي حنيفة:ما تقدّم،و ليس المراد من النعم:النعم المقتول؛ لأنّه خلاف الظاهر.

مسألة:يجوز في إطعام الفدية،التمليك و الإباحة

،و به قال أبو يوسف.

و قال محمّد:لا يجوز إلاّ التمليك (1).

لنا:أنّ هذه كفّارة،فيجوز فيها الإباحة و التمليك،ككفّارة اليمين،و الجامع أنّ الواجب هو الإطعام،و هذا يسمّى إطعاما.

و لأنّ التكليف وقع بالإطعام و قد فعله على كلا التقديرين،فيخرج عن العهدة.

احتجّ محمّد:بأنّها صدقة؛لقوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ (2)فصارت كالزكاة.

و الجواب:أنّ الواجب في الزكاة:الإيتاء و التمليك،و اسم الصدقة لا يقتضي التمليك،قال عليه السلام:«نفقة الرجل على أهله صدقة» (3)و ذلك إنّما هو بالإباحة،لا التمليك.

مسألة:المحرم إذا قتل صيدا،فأخذه محرم آخر،فعلى كلّ واحد منهما جزاء

؛ لتعرّض كلّ واحد منهما له،و لا يرجع الأوّل-أعني القاتل-على الثاني،و لا الثاني على الأوّل بما ضمن من الجزاء.و به قال زفر،و قال أبو حنيفة و صاحباه:يرجع

ص:386


1- 1بدائع الصنائع 2:187.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:21،سنن الترمذيّ 4:344 الحديث 1965،مسند أحمد 5:273، [2]كنز العمّال 6:419 الحديث 16344،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:188،المصنّف لابن أبي شيبة 6:258 الباب 217 الحديث 1،فيض القدير 6:289 الحديث 9282.

الأوّل على الثاني (1).

لنا:أنّ الآخذ لم يملكه،فكيف يرجع بالضمان على غيره.

احتجّوا:بأنّه أكّد على غيره ضمانا على شرف السقوط؛لأنّه كان بسبيل من الإرسال،فكأنّه أدخله في هذه العهدة،فيرجع عليه بشاهدين شهدا أنّه طلّق امرأته قبل الدخول بها،ثمّ رجعا (2).

و الجواب:أنّ كلّ واحد منهما جاز،فكان عليه الجزاء،بخلاف المشهور عليه.

فرع:

لو أصاب محرم صيودا كثيرة على وجه الإحلال و رفض الإحرام متأوّلا،

لا يعتبر تأويله

،و يلزمه بكلّ محظور كفّارة على حدة.و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:لا يلزمه إلاّ جزاء واحد (4).

لنا:أنّ وجود التأويل و عدمه بمثابة واحدة؛لأنّ الإحرام لا يرتفع به، فتعدّدت الجناية.

ص:387


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:88،بدائع الصنائع 2:206،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:31،تبيين الحقائق 2:390،مجمع الأنهر 1:301.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:89،الهداية للمرغينانيّ 1:175،شرح فتح القدير 3:32،تبيين الحقائق 2:390.
3- 3) الأمّ 2:182،حلية العلماء 3:319،المهذّب للشيرازيّ 1:217،المجموع 7:323 و 436، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:155،الحاوي الكبير 4:284.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:101،بدائع الصنائع 2:201،الهداية للمرغينانيّ 1:169،شرح فتح القدير 3:7،مجمع الأنهر 1:298.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ التأويل الفاسد معتبر في دفع الضمانات الدنياويّة (1)، كالباغي إذا أتلف مال العادل و أراق دمه لا يضمن؛لأنّه أتلف عن تأويل (2).

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل.

آخر:لو قتل حمامة مسرولة.وجب عليه الضمان،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال مالك:لا ضمان عليه (4).

لنا:أنّه صيد حقيقة؛لامتناعه و إن كان فيه بطء،لكنّ التفاوت غير معتبر هنا.

احتجّ:بأنّه ليس بصيد؛لأنّه لا يمتنع بجناحه؛لبطء طيرانه (5).

و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ التفاوت غير معتبر.

ص:388


1- 1كذا في النسخ.
2- 2) بدائع الصنائع 2:201.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:94،بدائع الصنائع 2:196،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:22،تبيين الحقائق 2:385،مجمع الأنهر 1:300.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:94،بدائع الصنائع 2:196،الهداية للمرغينانيّ 1:173،شرح فتح القدير 3:22،تبيين الحقائق 2:385،مجمع الأنهر 1:300.
5- 5) بدائع الصنائع 2:196،تبيين الحقائق 2:385.
البحث العاشر
اشارة

في ما يجب بالاستمتاع بالنساء

مسألة:من وطئ امرأته و هو محرم عالما بالتحريم عامدا قبل الوقوف

بالموقفين،فسد حجّه

.و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الجمهور عن ابن عمر أنّ رجلا سأله،فقال:إنّي وقعت بامرأتي و نحن محرمان؟فقال:أفسدت حجّك انطلق أنت و أهلك مع الناس،فاقضوا ما يقضون، و حلّ إذا أحلّوا،فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت و امرأتك،و أهديا هديا،فإن لم تجدا،فصوما ثلاثة أيّام في الحجّ،و سبعة إذا رجعتم (1).

و كذلك قال ابن عبّاس،و ابن عمر،و لا مخالف لهم،فكان إجماعا (2).

و في حديث ابن عبّاس:يتفرّقان من حيث يحرمان حتّى يقضيا حجّهما.قال ابن المنذر:قول ابن عبّاس أعلى شيء روي فيمن وطئ في حجّه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن زرارة،قال:سألته

ص:389


1- 1المغني 3:323، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:321، [2]المجموع 7:387. [3]
2- 2) المغني 3:323،الشرح الكبير بهامش المغني 3:321،المجموع 7:387،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471.
3- 3) سنن البيهقيّ 5:167،المغني 3:323،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:321.

عن محرم غشي امرأته و هي محرمة،فقال:«جاهلين أو عالمين؟»قلت:أجبني عن الوجهين جميعا،قال:«إن كانا جاهلين،استغفرا ربّهما،و مضيا على حجّهما، و ليس عليهما شيء،و إن كانا عالمين،فرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه، و عليهما بدنة و عليهما الحجّ من قابل،فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه،فرّق بينهما حتّى يقضيا مناسكهما و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا»قلت:فأيّ الحجّتين لهما؟قال:«الأولى التي (1)أحدثا فيها ما أحدثا،و الأخرى عليهما عقوبة» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل محرم واقع أهله،فقال:«قد أتى عظيما»قلت:أفتني،قال:«استكرهها أو لم يستكرهها؟»قلت:أفتني فيهما جميعا،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه بدنتان، و إن لم يستكرهها،فعليه بدنة و عليها بدنة،و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتّى ينتهيا إلى مكّة،و عليهما الحجّ من قابل لا بدّ منه»قال:قلت:فإذا انتهيا إلى مكّة فهي امرأته كما كانت؟قال:«نعم،هي امرأته كما هي،فإذا انتهيا إلى المكان الذي كان فيه ما كان،افترقا حتّى يحلاّ،فإذا أحلاّ انقضى عنهما،إنّ أبي كان يقول ذلك» (3).

و في رواية أخرى:«فإن لم يقدر على بدنة،فإطعام ستّين مسكينا لكلّ مسكين مدّ،فإن لم يقدر،فصيام ثمانية عشر يوما،و عليها أيضا كمثله إن لم يكن

ص:390


1- 1في النسخ:الذي،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:317 الحديث 1092،الوسائل 9:257 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 9. [1]
3- 3) التهذيب 5:317 الحديث 1093،الوسائل 9:259 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [2]

استكرهها» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل محرم وقع على أهله،فقال:«إن كان جاهلا فليس عليه شيء،و إن لم يكن جاهلا فإنّ عليه أن يسوق بدنة،و يفرّق بينهما حتّى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا،و عليهما الحجّ من قابل» (2).

و في الصحيح عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم وقع على أهله،قال:«عليه بدنة»قال:فقال له زرارة:قد سألته عن الذي سألته عنه،فقال لي:«عليه بدنة»قلت:عليه شيء غير هذا؟قال:«نعم،عليه الحجّ من قابل» (3).و لا نعلم في ذلك خلافا.

مسألة:و لو جامع بعد الوقوف بالموقفين،صحّ حجّه و لم يفسد

،و كان عليه بدنة لا غير.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:لا فرق بين الجماع قبل الوقوف و بعده في الإفساد إذا كان قبل التحلّل الأوّل،و لو كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي و الحلق،لم يفسد إحرامه الماضي،و يأتي بالطواف و يلزمه الكفّارة (5).

ص:391


1- 1التهذيب 5:318 الحديث 1094،الوسائل 9:260 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:318 الحديث 1095،الوسائل 9:255 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:318 الحديث 1096،الوسائل 9:256 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:119،بدائع الصنائع 2:217،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:456،تبيين الحقائق 2:366،مجمع الأنهر 1:296.
5- 5) حلية العلماء 3:310،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:414،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471،مغني المحتاج 1:522،السراج الوهّاج:169،الميزان الكبرى 2:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154.

و قال مالك (1)،و أحمد:يفسد حجّه إن كان قبل التحلّل الأوّل،و إن كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي و الحلق،لم يفسد إحرامه الماضي و فسد ما بقي من إحرامه، و يجب عليه أن يحرم بعمرة ليأتي بالطواف في إحرام صحيح و يلزمه شاة (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أدرك عرفة فقد تمّ حجّه» (3).

و قوله عليه السلام:«الحجّ عرفة» (4).

و عن ابن عبّاس أنّه قال:إذا جامع قبل الوقوف إنّ حجّه يفسد و عليه شاة، و إن جامع بعد الوقوف،فعليه جزور و حجّه تامّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة،فعليه الحجّ من قابل» (6).

ص:392


1- 1الموطّأ 1:382، [1]المدوّنة الكبرى 1:454،إرشاد السالك 60،بلغة السالك 1:292،المنتقى للباجيّ 3:4-5.
2- 2) المغني 3:516 و 519،الشرح الكبير بهامش المغني 3:321 و 326،الكافي لابن قدامة 1: 565-566،الفروع في فقه أحمد 2:214،الإنصاف 3:495 و 499.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:173.
4- 4) سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3:237 الحديث 889، [2]سنن النسائيّ 5:256،سنن الدارميّ 2:59،مسند أحمد 4:309، [3]المستدرك للحاكم 1:464،سنن الدارقطنيّ 2: 240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:173،كنز العمّال 5:63 الحديث 12061،المصنّف لابن أبي شيبة 4:308 الحديث 13،فيض القدير 3:406 الحديث 3794.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:57،المغني 3:323 و 516،الشرح الكبير بهامش المغني 3:321 و 326.
6- 6) التهذيب 5:319 الحديث 1099،الوسائل 9:255 الباب 3 [4] من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1 و ص 261 الباب 6 الحديث 1.

و هو يدلّ بمفهومه على عدم وجوب إعادة الحجّ لو كان الجماع بعد الوقوف بالمزدلفة؛لما سيأتي من أنّ من جامع قبل الطواف،وجب عليه بدنة،و هو حينئذ محرم.و لأنّه أمن الفوات فأمن الفساد،كما لو تحلّل التحلّل الأوّل.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه وطء عمد صادف إحراما تامّا فأفسده،كما لو كان قبل الوقوف.

و لأنّ ما كان مفسدا للعبادة لا يفرّق الحال فيه بين حصوله في أوّلها و بين حصوله في آخرها،كالأكل في الصوم و الكلام في الصلاة (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من عدم الفارق و هو موجود،فإنّه قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحجّ باقية،بخلاف ما بعد الوقوف.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ عدم ما بقي بعد الوقوف بالموقفين لا يفسد ما مضى بفساده،أوّلا،بخلاف ما ذكر؛لأنّ فساد آخر الجزء يؤثّر في إفساد الباقي و عدمه كذلك.و لأنّ آخر الجزء شرط في صحّة الأوّل،بخلاف صورة النزاع.

مسألة:و لو وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بالمزدلفة،فسد حجّه أيضا

، و هو قول أكثر العلماء (2).

و قال أبو حنيفة:لا يفسد و يجب عليه بدنة (3).

لنا:أنّه وطئ قبل أحد الموقفين ففسد حجّه،كما لو وطئ قبل الموقف الآخر.

و لأنّا قد بيّنّا أنّ الوقوف بالمشعر ينوب في تمام الحجّ عن الوقوف بعرفة إذا لم يدركه،فيكون مساويا له في الإفساد بالجماع قبله بالقياس،و بالإجماع المركّب.

ص:393


1- 1المجموع 7:419،مغني المحتاج 1:522.
2- 2) المغني 3:516،المجموع 7:414،بداية المجتهد 1:370.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:119،بدائع الصنائع 2:217،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:456،تبيين الحقائق 2:366،مجمع الأنهر 1:296.

احتجّ أبو حنيفة (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه آله أنّه قال:«الحجّ عرفة،من وقف بعرفة فقد تمّ حجّه» (2).

و الجواب:أنّه لا يدلّ على المطلوب إلاّ من حيث المفهوم و هو لا يقول به.

و لأنّه معارض بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعروة بن مضرّس بالمزدلفة:«من وقف معنا هذا الموقف و صلّى معنا هذه الصلاة و قد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار،فقد تمّ حجّه» (3).

و أيضا:فإنّه محمول على أنّ معظم الحجّ عرفة،و معنى تمام الحجّ:مقارنة التمام؛لقوله عليه السلام:«إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة،فقد تمّت صلاته» (4).

و أيضا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قال:من وطئ بعد التحلّل،فقد تمّ حجّه و عليه بدنة (5).

و الظاهر:أنّه قاله نقلا عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و هو يدلّ على عدم

ص:394


1- 1بدائع الصنائع 2:217،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:456،تبيين الحقائق 2:366.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3:237 الحديث 889، [1]سنن النسائيّ 5:256،سنن الدارميّ 2:59،مسند أحمد 4:309، [2]المستدرك للحاكم 1:464،سنن الدارقطني 2: 240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:173،كنز العمّال 5:63 الحديث 12061،المصنّف لابن أبي شيبة 4:308 الحديث 13،فيض القدير 3:406 الحديث 3794.
3- 3) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [3]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [4]سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 4:15،261- 262، [6]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدارقطنيّ 2:239-240 الحديث 17-18،سنن البيهقيّ 5:116.
4- 4) سنن الدارقطنيّ 1:379 الحديث 3،المصنّف لعبد الرزّاق 2:354 الحديث 3675. [7]
5- 5) الحاوي الكبير 4:219.

التمام لو وطئ قبل التحلّل.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة، فعليه الحجّ من قابل» (1).

مسألة:و يجب على من وطئ قبل الوقوف بالموقفين بدنة

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن عبّاس،و طاوس،و عطاء،و مجاهد (2)،و مالك (3)، و الشافعيّ (4)،و أحمد بن حنبل،و أبو ثور (5).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه شاة (6).

و قال الثوريّ،و إسحاق:يجب عليه بدنة،فإن لم يجد فشاة (7).

لنا:أنّه وطئ في إحرام تامّ عامدا،فوجب به بدنة،كالوطء بعد الوقوف بالموقفين.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت

ص:395


1- 1التهذيب 5:319 الحديث 1099،الوسائل 9:255 الباب 3 [1] من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1 و ص 261 الباب 6 الحديث 1.
2- 2) المغني 3:324-325،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،المجموع 7:416.
3- 3) الموطّأ 1:381، [2]المدوّنة الكبرى 1:454،إرشاد السالك:60،بداية المجتهد 1:370،المنتقى للباجيّ 2:237،بلغة السالك 1:291-292.
4- 4) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:310،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:414، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:471، [4]السراج الوهّاج:169،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154.
5- 5) المغني 3:324-325،الشرح الكبير بهامش المغني 3:321-322،الكافي لابن قدامة 1: 565،الفروع في فقه أحمد 2:212-213،الإنصاف 3:295-296. [5]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:118،بدائع الصنائع 2:228،الهداية للمرغينانيّ 1:164، [6]شرح فتح القدير 2:454،تبيين الحقائق 2:364،مجمع الأنهر 1:295-296.
7- 7) المغني 3:325،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،المجموع 7:416.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل محرم وقع على أهله،فقال:«إن كان جاهلا،فليس عليه شيء،و إن لم يكن جاهلا،فإنّ عليه أن يسوق بدنة،و يفرّق بينهما حتّى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا،و عليهما الحجّ من قابل» (1).

و ما تقدّم من الروايات الدالّة على وجوب البدنة (2).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه معنى يتعلّق به وجوب القضاء،و لا يتعلّق به وجوب البدنة،كالفوات (3).

و الجواب:أنّ الفوات مفارق للجماع بالإجماع،و لهذا لا يوجبون فيه شاة، بخلاف الإفساد،و إذا فرّق الإجماع بينهما،لم يجز الإلحاق.

مسألة:و يجب عليه إتمام حجّه الفاسد

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامّة أهل العلم.

و قال داود و أهل الظاهر:يخرج من إحرامه و لا يجب عليه الإتمام (4).

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (5)؛فإنّه كما يتناول الصحيح يتناول الفاسد.

و ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمر،و ابن عبّاس،و أبي هريرة أنّهم قالوا:من أفسد حجّه،يمضي في فاسده و يقضي من قابل (6).و لم يعرف لهم

ص:396


1- 1التهذيب 5:318 الحديث 1095،الوسائل 9:255 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) يراجع:ص 389-391.
3- 3) المغني 3:517.
4- 4) المحلّى 7:189-190،المجموع 7:388 و 414.
5- 5) البقرة(2):196. [2]
6- 6) سنن البيهقيّ 5:167،المبسوط للسرخسيّ 4:118،المغني 3:383،فتح العزيز بهامش المجموع 7:472.

مخالف،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الروايات (1).

و ما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن الصادق عليه السلام،قال:

سألته عن محرم وقع على أهله،فقال:«إن كان جاهلا،فليس عليه شيء،و إن لم يكن جاهلا،فإنّ عليه أن يسوق بدنة،و يفرّق بينهما حتّى يقضيا المناسك،و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا،و عليهما الحجّ من قابل» (2).

و لأنّه معنى يتعلّق به وجوب قضاء الحجّ،فلا يخرج به منه،كالفوات.

احتجّوا:بقوله عليه السلام (3):«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود» (4).

و الجواب:أنّ المضيّ في الفاسد مأمور به.

مسألة:و يجب عليه القضاء في السنة المقبلة

(5)وجوبا على الفور.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (6).

و اختلف أصحابه على قولين:

ص:397


1- 1يراجع:ص 390-392. [1]
2- 2) التهذيب 5:318 الحديث 1095،الوسائل 9:255 الباب 3 [2] من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2 و ص 257 الباب 3 الحديث 12.
3- 3) المجموع 7:414.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:91،صحيح مسلم 3:1343 الحديث 1718،مسند أحمد 6:180 و 256، الجامع الصغير للسيوطيّ 2:176،فيض القدير 6:182 الحديث 8868.
5- 5) ع،خا و ق:المستقبلة.
6- 6) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:310،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:389،فتح العزيز بهامش المجموع 7:473،مغني المحتاج 1:523،السراج الوهّاج:169.

أحدهما:هذا،و الآخر:أنّه على التراخي (1).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ رجلا أفسد حجّه،فسأل عمر،فقال:يقضي من قابل، و سأل ابن عبّاس،فقال كذلك،و سأل ابن عمر،فقال كذلك (2)و لم يوجد لهم مخالف،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الروايات الدالّة على وجوب الحجّ من قابل (3).

و لأنّه لمّا دخل في الإحرام،تعيّن عليه،فيجب أن يكون قضاؤه متعيّنا.

و لأنّ الحجّ واجب على الفور،و التقدير أنّه لم يقع؛إذ الفاسد لا يخرج المكلّف عن عهدة التكليف.

و لأنّ المقتضي لوجوب الفور في الأداء موجود في القضاء و هو الكفر مع جواز الموت.

احتجّ المخالف:بأنّ الأداء واجب على التراخي،و القضاء كذلك بل أولى،فإنّ الصوم واجب على الفور و قضاؤه على التراخي (4).

و الجواب:بالمنع من كون الأداء على التراخي،و قد تقدّم (5)،سلّمنا لكنّ الفرق،فإنّ الأداء على التراخي قبل الشروع،أمّا بعده،فلا.

مسألة:و يجب على المرأة أيضا مثل ذلك

:من المضيّ في الفاسد و البدنة و الحجّ من قابل إن كانت مطاوعة،و إن استكرهها،لم يكن عليها شيء؛لقوله

ص:398


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:389،فتح العزيز بهامش المجموع 7:473،مغني المحتاج 1:523.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:167-168،المغني 3:323،الشرح الكبير بهامش المغني 3:321.
3- 3) يراجع:ص 392-395.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:384 و 389، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:473. [2]
5- 5) تقدّم في الجزء العاشر ص 14.

عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (1).

أمّا مع المطاوعة،فإنّ الكفّارة واجبة عليها،كما تجب عليه،و به قال ابن عبّاس،و سعيد بن المسيّب،و النخعيّ،و الضحّاك،و مالك،و الحكم،و أحمد؛ لوجود المقتضي و هو الإفساد في حقّها،كوجوده (2)في حقّه،فساوته في العقوبة (3).

و لما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل محرم واقع أهله،فقال:«قد أتى عظيما»قلت:أفتني،قال:«استكرهها أو لم يستكرهها؟»قلت:أفتني فيهما جميعا،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه بدنتان،و إن لم يكن استكرهها،فعليه بدنة و عليها بدنة،و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتّى ينتهيا إلى مكّة،و عليهما الحجّ من قابل لا بدّ منه» (4).

و لما تقدّم من الأحاديث (5).و لقول ابن عبّاس:أهد ناقة،و لتهد ناقة (6).

ص:399


1- 1كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131،و [1]بتفاوت،ينظر: سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،مجمع الزوائد 6:250،فيض القدير 6:362 الحديث 9622،و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 4:1284 [2] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.
2- 2) في النسخ:لوجوده،غيّرناه لاستقامة المعنى.
3- 3) المغني 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347،المجموع 7:418،الكافي لابن قدامة 1: 565، [3]الإنصاف 3:521، [4]المنتقى للباجيّ 3:2،بلغة السالك 1:291-292،شرح فتح القدير 2: 455-456.
4- 4) التهذيب 5:317 الحديث 1093،الوسائل 9:259 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [5]
5- 5) يراجع:ص 395-397.
6- 6) سنن البيهقيّ 5:168،المغني 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347،المجموع 7: 387،الكافي لابن قدامة 1:565.

و لأنّها أحد المجامعين من غير إكراه،فلزمتها بدنة،كالرجل.

و قال الشافعيّ:يجزئهما هدي واحد (1)،و به قال عطاء،و أحمد في إحدى الروايتين؛لأنّه جماع واحد،فلم يوجب أكثر من بدنة،كرمضان (2).

و الجواب:المنع من الأصل.

فروع:
الأوّل:لو كانت المرأة محلّة،لم يتعلّق بها شيء

،و لا يجب عليها كفّارة و لا حجّ،و لا على الرجل بسببها؛لأنّه لم يحصل منها جناية في الإحرام،فلا عقوبة عليها.

الثاني:لو أكرهها-و هي محرمة-على الجماع وجب عليه بدنتان

:إحداهما عن نفسه،و الأخرى عنها؛لأنّ البدنتين عقوبة عن هذا الفعل،و قد أسند بأسره إليه، فكان عليه كمال العقوبة،و يدلّ عليه:ما تقدّم من الروايات (3)،و به قال عطاء، و مالك،و أحمد في إحدى الروايتين (4).

و قال في الأخرى:لا شيء عليه عنها.و به قال إسحاق،و أبو ثور، و ابن المنذر.

ص:400


1- 1الأمّ 2:218،المهذّب للشيرازيّ 1:215،فتح العزيز بهامش المجموع 7:475،مغني المحتاج 1:522-523،السراج الوهّاج:169.
2- 2) المغني 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347،الكافي لابن قدامة 1:566،الفروع في فقه أحمد 2:214،الإنصاف 3:521.
3- 3) يراجع:ص 399.
4- 4) المغني 3:325،326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347،الكافي لابن قدامة 1:566، الفروع في فقه أحمد 2:214-215،الإنصاف 3:521. [1]

و عنه ثالثة:أنّ البدنة عليها (1).و هو خطأ.

احتجّ:بأنّ فساد الحجّ ثبت بالنسبة إليها،فكان الهدي عليها،كالمطاوعة (2).

و الجواب:المنع في الأوّل،و لا يجب عليها حجّ ثان،و لا عليه عنها،بل يحجّ عن نفسه في العام المقبل؛لأنّ حجّها لم يفسد،فلا قضاء عليها و لا بسببها،و إنّما يتحمّل عنها البدنة لا غير.

الثالث:إذا كانت مطاوعة،وجب عليها قضاء الحجّ

،كما قلناه،و نفقة الحجّ عليها،و لا يجب على الزوج نفقته،و للشافعيّ وجهان:هذا أحدهما.

و الثاني:أنّ عليه غرامة الحجّ لها (3).

لنا:أنّ نفقة الأداء لم تكن عليه،و كذا القضاء.و لأنّ الجناية منها،فلا تجب العقوبة على غيرها.

احتجّوا:بأنّه غرامة تعلّقت بالوطء،فكانت على الزوج،كالمهر (4).

و الجواب:أنّ المهر عوض بضعها،أمّا الكفّارة هنا فإنّها عقوبة عليها،فافترقا.

و على هذا ثمن ماء غسلها عليها خاصّة،خلافا لهم.

مسألة:و يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغا المكان الذي وطئها

فيه إلى أن يقضيا المناسك

.و به قال الشافعيّ في القديم،و اختلف أصحابه على وجهين:أحدهما:أنّه مستحبّ،و الآخر:أنّه واجب-كقولنا (5)-و به قال

ص:401


1- 1المغني 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347.
2- 2) المغني 3:326،الشرح الكبير بهامش المغني 3:347.
3- 3) حلية العلماء 3:311،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:396،فتح العزيز بهامش المجموع 7:476.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:215.
5- 5) حلية العلماء 3:311،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:415،فتح العزيز بهامش المجموع 7:476،مغني المحتاج 1:523.

أحمد (1).

و قال مالك:يفترقان من حيث يحرمان،و نقله في الموطّأ عن عليّ عليه السلام (2).

و قال أبو حنيفة:لا أعرف هذه التفرقة (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عثمان،و عمر بن الخطّاب،و ابن عبّاس.و لا مخالف لهم،فكان إجماعا (4).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم (5)من حديث زرارة عنه،قال:«و إن كانا عالمين،فرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه حتّى يقضيا مناسكهما،و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا» (6).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن عليه السلام:«و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان» (7).

ص:402


1- 1المغني 3:385، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:324، [2]الفروع في فقه أحمد 2:216،الإنصاف 3:497. [3]
2- 2) الموطّأ 1:381 الحديث 151،المدوّنة الكبرى 1:454،إرشاد السالك:60،بداية المجتهد 1: 371،المنتقى للباجيّ 3:2-3،المغني 3:385،الشرح الكبير بهامش المغني 3:324.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:118،بدائع الصنائع 2:218،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:455،تبيين الحقائق 2:366،مجمع الأنهر 1:296،المغني 3:385،الشرح الكبير بهامش المغني 3:324.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:167-168،المغني 3:385،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:324،المجموع 7:415.
5- 5) يراجع:ص 389. [5]
6- 6) التهذيب 5:317 الحديث 1092،الوسائل 9:257 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 9. [6]
7- 7) التهذيب 5:317 الحديث 1093،الوسائل 9:259 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [7]

و لأنّهما إذا انتهيا إلى ذلك المكان،تذكّرا الجماع،فكان داعيا إلى إيقاعه المنهيّ عنه.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لو وطئها في رمضان،لم يجب التفريق بينهما في قضائه، فكذا هنا (1).

و احتجّ مالك:بأنّ التفريق إنّما يكون لخوف مواقعة الوطء،و ذلك يوجد بإحرامهما (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الصوم يشقّ فيه التفريق؛لأنّ السكنى تجمعهما.

و أيضا:القضاء في رمضان لا يتعيّن،بخلاف القضاء هنا.

و أيضا:المشقّة الحاصلة بإفساد قضاء رمضان أقلّ كثيرا من المشقّة هنا، فكان الاحتراز هنا عمّا يفسده أشدّ من الاحتراز هناك.

و عن الثاني:أنّ التفريق في جميع الطريق قد يشقّ مشقّة عظيمة،فاقتصر على موضع مواقعة المحظور؛لأنّه الذي به يحصل الداعي إلى الوطء.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:الحجّة الأولى هي حجّة الإسلام،و الثانية

عقوبة

(3).

و قال ابن إدريس:الحجّة الثانية هي حجّة الإسلام،دون الأولى (4).

احتجّ الشيخ:بما رواه-في الحسن-عن حريز،عن زرارة،قال:سألته أيّ الحجّتين لهما؟قال:«الأولى التي (5)أحدثا فيها ما أحدثا،و الأخرى عليهما

ص:403


1- 1المغني 3:385،الشرح الكبير بهامش المغني 3:324.
2- 2) المنتقى للباجيّ 3:3،المغني 3:385،الشرح الكبير بهامش المغني 3:324.
3- 3) النهاية:230. [1]
4- 4) السرائر:129.
5- 5) في النسخ:«الذي»و ما أثبتناه من المصادر.

عقوبة» (1).

و لأنّ الثانية لو كانت هي حجّة الإسلام،لاعتبر فيها شرائط حجّة الإسلام، و ليس كذلك،فإنّه لو تمكّن من الحجّ ماشيا،وجب عليه و أجزأ عنه.

و الأقوى عندي قول ابن إدريس؛لأنّ الثانية فسدت،فلا يخرج بها عن عهدة التكليف،و وجوب المضيّ فيها لا يوجب أن تكون هي الحجّة المأمور بها.

و أمّا رواية زرارة،فإنّها و إن كانت حسنة،لكن زرارة لم يسندها إلى إمام، فجاز أن يكون المسئول غير إمام،و هو و إن كان بعيدا لكنّ البعد لا يمنع تطرّق الاحتمال،فيسقط الاحتجاج بها.

و أمّا قوله:لو كانت الثانية هي حجّة الإسلام،لا يشترط فيها ما يشترط في حجّة الإسلام،فليس بشيء؛لأنّه بتفريطه أوّلا وجب عليه الحجّ ثانيا كيف أمكن، و لهذا لو حصلت الشرائط،و لم يحجّ أصلا،ثمّ تمكّن من الحجّ ماشيا،لوجب عليه، فكذا هنا.

مسألة:قد بيّنّا أنّه ينبغي أن يفرّق بينهما في القضاء من المكان الذي أحدثا

فيه ما أحدثا

حتّى يقضيا المناسك (2)،و الروايات تعطي التفريق أيضا في الحجّة الأولى من ذلك المكان حتّى يأتيا بها فاسدة أيضا (3)،و هو جيّد؛لأنّ التحريم في الفاسد ثابت،كما في الصحيح،فوجب التفريق بينهما.

إذا عرفت هذا:فحدّ الافتراق أن لا يخلوا بأنفسهما،بل متى اجتمعا،كان معهما غيرهما؛لأنّ وجود الثالث يمنع من الإقدام على المواقعة،كمنع التفريق.

ص:404


1- 1التهذيب 5:317 الحديث 1092،الوسائل 9:257 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 9. [1]
2- 2) يراجع:ص 401. [2]
3- 3) يراجع:الوسائل 9:255 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم يقع على أهله،قال:«يفرّق بينهما و لا يجتمعان في خباء إلاّ أن يكون معهما غيرهما حتّى يبلغ الهدي محلّه» (1).

و عن أبان بن عثمان رفعه إلى أبي جعفر،و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قالا (2):

«المحرم إذا وقع على أهله يفرّق بينهما»يعني بذلك لا يخلوان[إلاّ و أن] (3)يكون معهما ثالث (4).قال ابن بابويه:لو حجّ على غير تلك الطريق،لم يفرّق بينهما (5).

و هو قريب؛لأنّ المقتضي و هو التذكّر بالمكان فائت.

مسألة:لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم،لم يفسد حجّه و لا شيء عليه

،و به قال الشافعيّ في الجديد.

و قال في القديم:يفسد حجّه،و تجب البدنة،كالعامد (6).و به قال مالك (7)، و أبو حنيفة (8)،و أحمد (9).

ص:405


1- 1التهذيب 5:319 الحديث 1100،الوسائل 9:256 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [1]
2- 2) في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) أثبتناها من التهذيب.
4- 4) التهذيب 5:319 الحديث 1101،الوسائل 9:256 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 6. [2]
5- 5) الفقيه 2:213،المقنع:71.
6- 6) حلية العلماء 3:302،المهذّب للشيرازيّ 1:213،المجموع 7:341،فتح العزيز بهامش المجموع 7:478،الميزان الكبرى 2:44.
7- 7) بداية المجتهد 1:371،المنتقى للباجيّ 3:3،بلغة السالك 1:291-292.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:121،بدائع الصنائع 2:217،الهداية للمرغينانيّ 1:165،شرح فتح القدير 2:457،تبيين الحقائق 2:364-368،مجمع الأنهر 1:295-296.
9- 9) المغني 3:338،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،الكافي لابن قدامة 1:621،الفروع في فقه أحمد 2:214،الإنصاف 3:495.

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن زرارة،قال:سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة،فقال:«جاهلين أو عالمين؟»قلت:أجبني عن الوجهين جميعا،فقال:«إن كانا جاهلين،استغفرا ربّهما،و مضيا على حجّهما، و ليس عليهما شيء» (2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل محرم وقع على أهله،فقال:«إن كان جاهلا فليس عليه شيء» (3).

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«و إن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا،فلا شيء عليك» (4).

و عن أبي بصير،عن الصادق عليه السلام،قال:«فإن أتى المحرم أهله ناسيا، فلا شيء عليه،إنّما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان و هو ناس» (5).

ص:406


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، و [1]بتفاوت،ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،فيض القدير 6:362 الحديث 9622،و من طريق الخاصّة ينظر: الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 4:1284 [2] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5: 345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.
2- 2) التهذيب 5:317 الحديث 1092،الوسائل 9:257 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 9. [3]
3- 3) التهذيب 5:318 الحديث 1095،الوسائل 9:255 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [4]
4- 4) الفقيه 2:213 الحديث 969،الوسائل 9:254 الباب 2 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [5]
5- 5) الفقيه 2:213 الحديث 970،الوسائل 9:255 الباب 2 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 7.و [6]فيه:عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.

و لأنّها عبادة تجب بإفسادها الكفّارة،فافترق وطء العامد فيها و الناسي، كالصوم.

احتجّوا:بأنّه سبب يتعلّق به وجوب القضاء،فاستوى عمده و سهوه،كالفوات.

و لأنّ الوطء محظور من المحظورات،فاستوى عمده و سهوه،كقتل الصيد (1).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بينهما؛فإنّ الفوات ترك ركن،فاستوى عمده و سهوه،كغيره من الأصول،و هاهنا فعل محظور،فيفارق عمده و سهوه،كما أنّ النيّة في الصوم أو الصلاة لو تركها سهوا أو عمدا،بطلت العبادتان،و لو أكل أو جامع أو تكلّم ناسيا،لم يفسدا.

و عن الثاني:بالفرق أيضا؛فإنّ جزاء الصيد ضمان الإتلاف،و ذلك يستوي في الأصول بين عمده و سهوه،بخلاف صورة النزاع.

فرع:

لو أكره على الجماع،لم يفسد حجّه و لا كفّارة عليه عندنا

،و للشافعيّ قولان، كالناسي (2).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (3).

ص:407


1- 1المغني 3:339،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،المبسوط للسرخسيّ 4:121،المهذّب للشيرازيّ 1:213،فتح العزيز بهامش المجموع 7:478.
2- 2) المجموع 7:341-342، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:478. [2]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، و [3]بتفاوت ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24 و 196،فيض القدير 6:362 الحديث 9622،مجمع الزوائد 6:250،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 4:1284 [4] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الحديث 2.

و لأنّ الإكراه يرفع الفساد في حقّ المرأة،فكذا في حقّ الرجل؛لعدم الفرق بينهما.

مسألة:و لا فرق بين الوطء في القبل و الدبر من المرأة و الغلام

،ذهب إليه أكثر علمائنا في وجوب الكفّارة و الإفساد للحجّ على الشرائط المتقدّمة (1)،و به قال مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو يوسف،و محمّد بن الحسن (5).

و قال أبو حنيفة:لا يفسد بالوطء في الدبر،رواه عنه أبو ثور (6).

لنا:أنّه وطء في فرج يوجب الغسل،فيوجب الإفساد،كالقبل.

و لأنّهم عليهم السلام أوجبوا ما ذكرناه فيمن واقع امرأته أو غشيها على ما قدّمناه من الأحاديث (7)،و هو صادق في القبل و الدبر معا.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وطء لا يتعلّق به الإحصان و الإحلال،فأشبه الوطء فيما

ص:408


1- 1منهم:الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:467 مسألة-210،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:203،و ابن إدريس في السرائر:129،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:187، و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:293.
2- 2) يظهر ذلك من:المغني 3:327،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،حلية العلماء 3:314، المجموع 7:409،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471.
3- 3) حلية العلماء 3:314،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:409 و 421،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471،مغني المحتاج 1:522.
4- 4) المغني 3:327،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،الكافي لابن قدامة 1:565،الفروع في فقه أحمد 2:214،الإنصاف 3:495.
5- 5) بدائع الصنائع 2:216،شرح فتح القدير 2:455،حاشية الشلبيّ على تبيين الحقائق 2:364، حلية العلماء 3:314.
6- 6) المغني 3:327،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،بدائع الصنائع 2:217،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:455،تبيين الحقائق 2:364-365.
7- 7) يراجع:ص 389-391.

دون الفرج (1).

و الجواب:الفرق بينهما،فإنّ الوطء فيما دون الفرج لا يوجب الغسل و ليس كبيرة في حقّ الأجنبيّة،و لا يوجب مهرا و لا حدّا و لا عدّة،بخلاف مسألتنا في ذلك كلّه.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من أصحابنا من قال:إتيان البهيمة و اللواط

بالرجال و النساء بإتيانها في دبرها كلّ ذلك يتعلّق به فساد الحجّ

.و به قال الشافعيّ.

و منهم من قال:لا يتعلّق الفساد إلاّ بالوطء في القبل من المرأة.

و قال أبو حنيفة:إتيان البهيمة لا يفسده،و الوطء في الدبر على روايتين:

المعروف أنّه يفسده.قال:دليلنا على الأوّل:طريقة الاحتياط،و على الثاني:براءة الذمّة (2).

و هذا يدلّ على تردّد الشيخ في تعلّق الإفساد بالوطء في دبر المرأة و الغلام.

و جزم في المبسوط بتعلّق الفساد بالوطء في دبر المرأة (3)،و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم.

أمّا إتيان البهائم،فقال مالك (4)،و أبو حنيفة:لا يفسد به الحجّ (5).

ص:409


1- 1المغني 3:327،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،شرح فتح القدير 2:455،تبيين الحقائق 2:364.
2- 2) الخلاف 1:467 مسألة-210.
3- 3) المبسوط 1:336.
4- 4) المغني 3:327،الشرح الكبير بهامش المغني 3:322،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:120،بدائع الصنائع 2:216،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:455،تبيين الحقائق 2:365،حلية العلماء 3:314.

و قال الشافعيّ:يفسد الحجّ (1).و نحن فيه من المتوقّفين،و الأقرب:عدم الفساد؛لأنّ الحجّ انعقد صحيحا و لا يفسده إلاّ دليل شرعيّ و لم نقف عليه.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية و المبسوط:إذا عبث بذكره فأمنى،

كان حكمه حكم من جامع سواء

،فإن كان قد فعله قبل الوقوف بالموقفين،فسد حجّه و وجب عليه بدنة (2).

و منع ابن إدريس من فساد الحجّ و أوجب الفدية (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:قلت:ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟قال:«أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم،بدنة و الحجّ من قابل» (4).

و لأنّه هتك حرمة الإحرام بالإنزال على وجه أبلغ من الوطء لامرأته في القبح،و كان مساويا له في العقوبة.

و احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل الصحّة و براءة الذمّة،خرج عن ذلك وجوب الكفّارة؛للإجماع فيبقى الباقي على الأصل (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه عقيب هذه الرواية-:

هذا الخبر لا ينافي ما ورد من أنّ من وطئ فيما دون الفرج،لم يكن عليه سوى البدنة،لأنّه لا يمنع أن يكون حكم من عبث بذكره أغلظ من حكم من أتى

ص:410


1- 1حلية العلماء 3:314،المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:409،فتح العزيز بهامش المجموع 7:471،مغني المحتاج 1:522.
2- 2) النهاية:231، [1]المبسوط 1:337. [2]
3- 3) السرائر:129.
4- 4) التهذيب 5:324 الحديث 1113،الاستبصار 2:192 الحديث 646،الوسائل 9:272 الباب 15 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [3]
5- 5) السرائر:129.

أهله فيما دون الفرج؛لأنّه ارتكب محظورا لا يستباح على وجه من الوجوه،و من أتى أهله،لم يرتكب محظورا إلاّ من حيث فعل في وقت لم يشرع له فيه إباحة ذلك.ثمّ قال:و يمكن أن يكون هذا الخبر محمولا على ضرب من التغليظ و شدّة الاستحباب،دون أن يكون ذلك واجبا (1).

و هذا الكلام الأخير يدلّ على تردّده في ذلك،و نحن في ذلك من المتوقّفين.

مسألة:لو وطئ فيما دون الفرج،وجب عليه بدنة و لا يفسد حجّه

.و به قال أحمد في إحدى الروايتين.

و قال في الأخرى:يجب عليه بدنة و يفسد حجّه،و به قال الحسن، و عطاء (2)،و مالك (3)،و إسحاق (4).

و قال الشافعيّ (5)،و أصحاب الرأي:عليه شاة (6).

لنا:أنّه جماع،فوجبت البدنة،كما لو جامع في الفرج.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع على أهله فيما دون الفرج؟قال:«عليه بدنة،و ليس

ص:411


1- 1الاستبصار 2:193.
2- 2) المغني 3:330-331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328،الكافي لابن قدامة 1:566، [1]الفروع في فقه أحمد 2:219،الإنصاف 3:501-502 و 522-524. [2]
3- 3) بداية المجتهد 1:371،بلغة السالك 1:291-292،حلية العلماء 3:315.
4- 4) المغني 3:331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328.
5- 5) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:315،المهذّب للشيرازيّ 1:210 و 216،المجموع 7:411 و 421،فتح العزيز بهامش المجموع 7:480،مغني المحتاج 1:522،السراج الوهّاج:169.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:120،بدائع الصنائع 2:195،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:453،تبيين الحقائق 2:363-364،مجمع الأنهر 1:296،المغني 3:331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328.

عليه الحجّ من قابل» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المحرم يقع على أهله،قال:«إن كان أفضى إليها،فعليه بدنة و الحجّ من قابل،و إن لم يكن أفضى إليها،فعليه بدنة،و ليس عليه الحجّ من قابل» (2).

و لأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ،فلم يفسد الحجّ،كالتقبيل.

و لأنّه لا نصّ و لا إجماع و لا هو في معنى المنصوص عليه؛لأنّ الوطء في الفرج يجب بنوعه الحدّ،و يتعلّق به أحكام كثيرة،و لا يفرق الحال فيه بين الإنزال و عدمه،بخلاف صورة النزاع.

احتجّوا على وجوب الشاة:بأنّه مباشرة فيما دون الفرج،فأشبه القبلة (3).

و احتجّ أحمد:بأنّها عبادة يفسدها الوطء،فأفسدها الإنزال عن مباشرة، كالصيام (4).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق؛فإنّ الجماع فيما دون الفرج أفحش ذنبا من القبلة،فتكون العقوبة أشدّ.

و عن الثاني:بالفرق أيضا؛فإنّ الصوم يخالف الحجّ في المفسدات.

ص:412


1- 1التهذيب 5:318 الحديث 1097،الاستبصار 2:192 الحديث 644،الوسائل 9:262 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:319 الحديث 1098،الاستبصار 2:192 الحديث 645،الوسائل 9:262 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 3:331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328،المبسوط للسرخسيّ 4:120،تبيين الحقائق 2:364.
4- 4) المغني 3:331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328،الفروع في فقه أحمد 2:219.
فرعان:
الأوّل:البدنة لا ريب في وجوبها مع الإنزال

،و هل تجب بدونه؟فيه تردّد.

و أطبق الجمهور على وجوب الشاة إذا لم ينزل،اختلفوا فيما إذا أنزل على ما قلناه.

الثاني:حكم المرأة حكم الرجل في هذا إذا كانت ذات شهوة و أنزلت

،و إلاّ فلا شيء عليها،كالرجل.

مسألة:و لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد،لم يكن عليه شيء

و إن تلبّس بالإحرام؛لأنّ الإحرام إنّما ينعقد بأحد هذه الأمور،فإذا وطئ قبل هذه، لم يصادف الجناية إحراما منعقدا،فلا يكون عليه عقوبة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن ابن أبي عمير،عن جميل بن درّاج،عن أحدهما عليهما السلام في رجل صلّى الظهر في مسجد الشجرة و عقد الإحرام ثمّ مسّ طيبا أو صاد صيدا أو واقع أهله،قال:«ليس عليه شيء ما لم يلبّ» (1).

و عن زياد بن مروان،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:ما تقول في رجل تهيّأ للإحرام،و فرغ من كلّ شيء إلاّ الصلاة،و جميع الشروط،إلاّ أنّه لم يلبّ،أله أن ينقض ذلك و يواقع النساء؟قال:«نعم» (2).

و في الحسن عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل إذا تهيّأ

ص:413


1- 1التهذيب 5:316 الحديث 1088،و بتفاوت يسير ينظر:ص 82 الحديث 273،الاستبصار 2: 189 الحديث 635،الوسائل 9:87 الباب 11 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:316 الحديث 1089،الاستبصار 2:189 الحديث 636،الوسائل 9:19 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 10. [2]

للإحرام:«فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي» (1).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن محمّد بن عيسى،عن أحمد بن محمّد، قال:سمعت أبي يقول في رجل يلبس ثيابه و يتهيّأ للإحرام،ثمّ يواقع أهله قبل أن يهلّ بالإحرام،قال:«عليه دم» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذا أحد شيئين:إمّا أن نحمله على من لم يجهر بالتلبية و إن كان قد لبّى فيما بينه و بين نفسه،فإنّه متى كان الأمر كذلك،كان الإحرام منعقدا،و تلزمه الكفّارة فيما يرتكبه،و إمّا أن نحمله على الاستحباب (3).

و هو حسن؛للجمع بين الأخبار.

مسألة:لو كرّر الوطء و هو محرم،وجب عليه بكلّ وطء كفّارة

،و هي بدنة، سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر،و هو إحدى الروايتين عن أحمد (4).

و قال الشافعيّ:إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل،وجبت عليه الكفّارة،و هل الثانية شاة أو بدنة؟قولان،و إن وطئ قبل أن يكفّر فأقوال ثلاثة:

أحدها:لا شيء عليه.و الثاني:شاة.و الثالث:بدنة (5).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه شاة،سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر،إلى

ص:414


1- 1التهذيب 5:316 الحديث 1090،الاستبصار 2:190 الحديث 637،الوسائل 9:19 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:317 الحديث 1091،الاستبصار 2:190 الحديث 638،الوسائل 9:20 الباب 14 من أبواب الإحرام الحديث 14. [2]
3- 3) الاستبصار 2:190،التهذيب 5:317.
4- 4) المغني 3:328،الشرح الكبير بهامش المغني 3:350،الفروع في فقه أحمد 2:250،الإنصاف 3:526.
5- 5) حلية العلماء 3:313،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:407،فتح العزيز بهامش المجموع 7:472-473،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:155.

أن يتكرّر الوطء في مجلس واحد على وجه الرفض للإحرام،بأن ينوي به رفض الإحرام (1).

و قال مالك:لا يجب عليه شيء بالوطء الثاني (2).

و قال أحمد في الرواية الثانية:إن كفّر عن الأوّل،وجب عليه عن الثاني بدنة (3).

لنا:أنّه وطء صادف إحراما لم يتحلّل منه،فوجب به البدنة؛كما لو كان الإحرام صحيحا.

و لأنّ الإحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفّارات،فكذا الوطء.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وطء صادف إحراما نقضت حرمته،فلم يجب به البدنة، كما لو وطئ بعد التحلّل الأوّل (4).

و احتجّ مالك:بأنّه وطء لا يتعلّق به إفساد الحجّ،فلا تجب به الكفّارة،كما لو كان في مجلس واحد (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الوطء بعد التحلّل لم يصادف الإحرام؛إذ قد تحلّل من معظم محظوراته،ففارق الوطء في الإحرام الكامل.

و عن الثاني:أنّ عدم تعلّق الإفساد به لا يمنع وجوب الكفّارة،كقتل الصيد و لبس الثوب و غيرهما من أنواع المحظورات.

و احتجّ أحمد:بأنّ المهر يتداخل،و الحدّ إذا كرّر الوطء قبل أداء الأوّل،

ص:415


1- 1بدائع الصنائع 2:218،حاشية الشلبيّ على تبيين الحقائق 2:365.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:382،بداية المجتهد 1:371،المنتقى للباجيّ 3:6،بلغة السالك 1:293.
3- 3) المغني 3:328،الشرح الكبير بهامش المغني 3:350،الكافي لابن قدامة 1:564-565، الفروع في فقه أحمد 2:250،الإنصاف 3:526.
4- 4) بدائع الصنائع 2:218،تبيين الحقائق 2:365.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:382،المنتقى للباجيّ 3:6.

و لو تفرّق،لم يتداخل (1).

و الجواب:بالفرق بينهما،فإنّ الهتك يتحقّق في كلّ وطء،بخلاف المقيس عليه.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فقال في الخلاف:إن قلنا بما قاله الشافعيّ-من أنّه إذا كفّر عن الأوّل،لزمه الكفّارة،و إن كان قبل أن يكفّر،فعليه كفّارة واحدة-كان قويّا؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة (2).

و هذا يدلّ على تردّد الشيخ-رحمه اللّه-فيه و جزم في المبسوط بتكرّر الكفّارة على كلا التقديرين (3).

مسألة:و لو جامع قبل طواف الزيارة،وجب عليه جزور إن كان غنيّا،فإن لم

يتمكّن،فبقرة

،فإن لم يتمكّن،فشاة؛لما تقدّم من أنّ من جامع بعد التحلّل الأوّل، وجب عليه بدنة،و قد مضى الخلاف فيه (4).

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متمتّع وقع على أهله و لم يزر،قال:«ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما،و إن كان جاهلا فلا بأس عليه» (5).

و في الصحيح عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

ص:416


1- 1المغني 3:328،الشرح الكبير بهامش المغني 3:351،الفروع في فقه أحمد 2:250.
2- 2) الخلاف 1:466 مسألة-204.
3- 3) المبسوط 1:337. [1]
4- 4) يراجع:ص 391. [2]
5- 5) التهذيب 5:321 الحديث 1104،الوسائل 9:264 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [3]

رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت،قال:«يهرق دما» (1).

و عن أبي خالد القمّاط،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع على أهله يوم النحر قبل أن يزور البيت،قال:«إن كان وقع عليها بشهوة،فعليه بدنة،و إن كان غير ذلك فبقرة»قلت:أو شاة؟قال:«أو شاة» (2).

و روى ابن بابويه عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هو محرم،قال:«عليه جزور كوماء (3)»فقال:لا يقدر،قال:«ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لا يفسدوا[عليه] (4)حجّه» (5).

مسألة:و لو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئا،وجب عليه الكفّارة:

بدنة أيضا.

و قد مضى الخلاف في أصل ذلك من أنّ المجامع قبل الإحلال ما حكمه،و قد سلف (6).

و كذلك لو أتمّ طوافه ثمّ جامع بعد أن سعى من سعيه شيئا،فإنّ البدنة تجب عليه؛لأنّه سيأتي أنّ من جامع قبل طواف النساء،وجبت عليه البدنة.

و يدلّ على ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة،قال:سألت

ص:417


1- 1التهذيب 5:321 الحديث 1105،الوسائل 9:264 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:321 الحديث 1106،الوسائل 9:264 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [2]
3- 3) الكوماء:الضخمة السّنام.تهذيب اللغة 4:3082.
4- 4) أثبتناها من الفقيه.
5- 5) الفقيه 2:213 الحديث 970،الوسائل 9:258 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 13. [3]
6- 6) يراجع:ص 389.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت أسبوعا طواف الفريضة،ثمّ سعى بين الصفا و المروة أربعة أشواط،ثمّ غمزة بطنه[فخرج] (1)فقضى حاجته،ثمّ غشي أهله،قال:«يغتسل ثمّ يعود فيطوف ثلاثة أشواط و يستغفر ربّه و لا شيء عليه» قلت:فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة فطاف أربعة أشواط،ثمّ غمزه بطنه فخرج فقضى حاجته فغشي أهله،قال:«أفسد حجّه و عليه بدنة،ثمّ يرجع فيطوف أسبوعا،ثمّ يسعى و يستغفر ربّه»قلت:كيف لم تجعل عليه حين غشي أهله قبل أن يفرغ من سعيه،كما جعلت عليه هديا حين غشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه؟ قال:«إنّ الطواف فريضة و فيه صلاة،و السعي سنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»قلت:أ ليس اللّه تعالى يقول: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ ؟قال:«بلى [و لكن] (2)قد قال فيهما: وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (3)فلو كان السعي فريضة،لم يقل:فمن تطوّع» (4).

و اعلم أنّ في هذا الحديث إشكالات:

أحدها:أنّه عليه السلام جعل الطواف فريضة و السعي سنّة،و كلاهما فرض عندنا و إن خالف في السعي بعض الناس على ما تقدّم (5).

الثاني:أنّه لم يوجب بالوطء قبل الفراغ من السعي شيئا،و أنتم أوجبتم عليه البدنة.

الثالث:قوله عليه السلام:«أفسد حجّه»،و قد بيّنّا أنّ الإفساد بالوطء إنّما

ص:418


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) في النسخ:«و ذلك»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) البقرة(2):158. [1]
4- 4) التهذيب 5:321 الحديث 1107،الوسائل 9:267 الباب 11 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [2]
5- 5) يراجع:الجزء العاشر ص 414.

يتحقّق إذا كان قبل الوقوف بالموقفين (1).

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أنّه عليه السلام أراد بالسنّة،ما ثبت عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و استفيد من سنّته،لا أنّه مندوب.

و عن الثاني:باحتمال أن يكون الوطء قبل الفراغ من سعي العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ على سبيل السهو؛لأنّا إنّما أوجبنا الكفّارة لو وطئ في أثناء السعي للحجّ؛لأنّ الوطء قبل طواف النساء مطلقا يوجب بدنة،و هذا غير متحقّق في إحرام العمرة المتمتّع بها؛لأنّها لا طواف للنساء فيها.

و عن الثالث:أنّ المراد بالحجّ:الطواف،و لا استبعاد في التجوّز عن الجزء باسم الكلّ،فإنّه أحد أسباب المجاز،أو أنّه أراد بالفساد إدخال الهتك فيه.

إذا ثبت هذا:فقد تلخّص أنّه من وطئ في إحرام الحجّ قبل طواف النساء، وجب عليه بدنة،سواء فرغ من سعيه للحجّ أو لم يفرغ فلو سعى بين الصفا و المروة ستّة أشواط،و ظنّ أنّه أتمّ السعي،فقصّر و جامع،وجب عليه دم بدنة،و روي بقرة على ما يأتي و يسعى شوطا آخر،و إنّما وجب عليه الكفّارة؛لأنّه خرج من السعي على غير وجه القطع،و الظنّ لا اعتداد به،و هذا ليس بحكم الساهي،و هذا يكون في سعي العمرة المتمتّع بها.

و لو كان في سعي الحجّ،كان يجب عليه الكفّارة و لو سلم له سعيه و خرج منه على يقين؛لأنّه قاطع على وجوب طواف النساء،و ليس كذلك العمرة المتمتّع بها و لو سلم له سعيه و قصّر،لم يجب عليه الكفّارة؛لأنّ طواف النساء غير واجب فيه.

أمّا لو سها عن طواف النساء أيضا فجامع،فالوجه:سقوط الكفّارة؛لما تقدّم من أنّه لو وطئ ناسيا،لم يكن عليه شيء (2).

ص:419


1- 1يراجع:ص 389.
2- 2) يراجع:ص 405.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو كان قد انصرف من السعي ظنّا منه أنّه تمّمه ثمّ جامع،لم تلزمه الكفّارة،و كان عليه تمام السعي،فجعله في حكم الناسي (1).

و هو إنّما يصحّ أيضا في إحرام العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ.

مسألة:و لو جامع قبل طواف النساء،وجب عليه بدنة أيضا

،و حجّه صحيح على ما قلناه أوّلا (2).

و يدلّ على وجوب الكفّارة:أنّه وطئ في إحرامه،فكان عليه بدنة،كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة.

و ما رواه الشيخ عن سلمة بن محرز (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء،قال:«ليس عليه شيء» فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم،فقالوا:[اتّقاك] (4)هذا ميسر قد سأله عن مثل ما سألت،فقال له:«عليك بدنة»قال:فدخلت عليه،فقلت:جعلت فداك،إنّي أخبرت أصحابنا بما أخبرتني،فقالوا:[اتّقاك] 5هذا ميسر قد سأله عمّا سألت، فقال له:«عليك بدنة»فقال له:«إنّ ذلك كان بلغه،فهل بلغك؟»قلت:لا،قال:

ص:420


1- 1النهاية:231، [1]المبسوط 1:337. [2]
2- 2) يراجع:ص 417. [3]
3- 3) سلمة بن محرز-بالميم المضمومة و الحاء المهملة الساكنة و الراء المخفّفة المكسورة و الزاي، و عن بعض بالراء المشدّدة-عدّه الشيخ في رجاله بالعنوان المذكور من أصحاب الباقر عليه السلام و بعنوان:سلمة بن محرز القلانسيّ الكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:يظهر من روايته النصّ على الكاظم عليه السلام في البحار 49:18 الحديث 18 كونه شيعيّا و كذا رواية ابن أبي عمير و جميل عنه تجعله ثقة أو بحكم الثقة فيكون حديثه من قسم الصحيح،و قال السيّد الخوئيّ:قد يقال بوثاقة الرجل،لرواية جميل و ابن أبي عمير عنه،و يرد عليه أنّ رواية أمثال هؤلاء عن أحد لا يدلّ على وثاقته. رجال الطوسيّ:124،210،تنقيح المقال 2:51، [4]معجم رجال الحديث 8:214. [5]
4- (4-5) أكثر النسخ:يقال،و في بعضها:تعال،و ما أثبتناه من المصادر.

«ليس عليك شيء» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء،قال:«عليه جزور سمينة،و إن كان جاهلا فليس عليه شيء»قال:و سألته عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي،قال:«عليه دم يهريقه من عنده» (2).

مسألة:و إنّما تجب عليه البدنة في الجماع قبل طواف الزيارة و قبل طواف

النساء لو فعل ذلك متعمّدا عالما بالتحريم

،و لو كان ناسيا أو جاهلا،لم يجب عليه كفّارة؛لأنّهما عذران يسقطان الكفّارة في الوطء قبل الوقوف،و هو أبلغ من الفاحشة هنا،فهنا أولى.

و يؤيّده:ما تقدّم في حديث سلمة بن محرز و معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3)؛فإنّهما دلاّ على سقوط الكفّارة عن الجاهل،فتسقط عن الساهي؛لأنّه أعذر.

مسألة:و لو جامع بعد أن طاف من طواف النساء شيئا

،قال الشيخ -رحمه اللّه-إن كان أكثر من النصف،بنى عليه بعد الغسل و لا شيء عليه،و إن كان أقلّ من النصف،لزمته (4)الكفّارة و إعادة الطواف (5).

و هو جيّد لموافقته الأصل من براءة الذمّة و الصحّة.و لأنّ معظم الشيء يعطي

ص:421


1- 1التهذيب 5:322 الحديث 1108،الوسائل 9:265 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:323 الحديث 1109،الوسائل 9:264 الباب 9 [2] من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1 و ص 276 الباب 18 الحديث 2.
3- 3) يراجع:ص 420.
4- 4) في النسخ:لزمه،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) المبسوط 1:337، [3]النهاية:231. [4]

غالبا حكم ذلك الشيء.

و لو جامع بعد فراغه من الطواف،لم يكن عليه شيء،و كذا إذا طاف معظمه.

يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمران بن أعين،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده،فطاف منه خمسة أشواط ثمّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثمّ غشي جاريته، قال:«يغتسل ثمّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه، و يستغفر ربّه و لا يعود،و إن كان طاف طواف النساء،فطاف منه ثلاثة أشواط،ثمّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه و عليه بدنة،و يغتسل ثمّ يعود فيطوف أسبوعا» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-استدلّ بهذه الرواية على سقوط الكفّارة في حقّ من جامع بعد مجاوزة النصف.و هي إنّما تدلّ على سقوطها عمّن جامع و قد طاف خمسة أشواط.

فإن احتجّ بمفهوم قوله:«فطاف منه ثلاثة أشواط»كان للمنازع أن يحتجّ بمفهوم الخمسة.

و بالجملة:فالذي نختاره نحن أنّه لا كفّارة عليه إذا طاف خمسة أشواط.

أمّا لو طاف أربعة أشواط،فإنّه و إن تجاوز النصف لكنّ الكفّارة تجب عليه؛ عملا بالأخبار الدالّة على وجوب الكفّارة على من جامع قبل طواف النساء؛إذ هو ثابت في حقّ من طاف بعضه،السالم عن معارضة طواف خمسة أشواط.

أمّا ابن إدريس،فإنّه اعتبر مجاوزة النصف في صحّة الطواف و البقاء عليه، لا في سقوط الكفّارة،و قال:الإجماع حاصل على أنّ من جامع قبل طواف النساء، فإنّ الكفّارة تجب عليه و هو متحقّق فيما إذا طاف دون الأشواط،مع أنّ الاحتياط

ص:422


1- 1التهذيب 5:323 الحديث 1110،الوسائل 9:267 الباب 11 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [1]

يقتضي وجوب الكفّارة (1).

و لا تعويل على هذا الكلام،مع ورود الحديث الصحيح،و موافقة عمل الأصحاب عليه.

مسألة:و لا فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب

؛لأنّه بعد التلبّس بالإحرام يصير المندوب واجبا و يجب عليه إتمامه،كما يجب عليه إتمام الحجّ الواجب.

و لأنّ الحجّ الفاسد يجب إتمامه،فالمندوب أولى؛لقوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (2).

إذا ثبت هذا:فكلّ صورة قلنا:إنّه يفسد الحجّ الواجب فيها،كالوطء قبل الوقوف بالموقفين،فإنّه يفسد الحجّ المندوب فيها أيضا،فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحجّ المندوب،فسد حجّه،و وجب عليه إتمامه و بدنة،و الحجّ من قابل،و لو كان بعد الوقوف بالموقفين،وجب عليه بدنة لا غير؛عملا بالعمومات المتناولة للواجب و المندوب.

مسألة:و كذا لا فرق بين أن يطأ امرأته الحرّة،أو جاريته المحرمة أو المحلّة

إذا كان محرما

،فإنّ الحكم في الجميع واحد،إمّا الإفساد إن كان الوطء قبل الوقوف بالموقفين،أو البدنة خاصّة إن كان بعده؛عملا بالعمومات.

إذا ثبت هذا:فإن كانت أمته محرمة بغير إذنه أو محلّة،فإنّه لا تتعلّق بها كفّارة و لا به عنها.

و لو كانت محرمة بإذنه و طاوعته،فهل يتعلّق بها كفّارة؟فيه إشكال،و الوجه:

وجوبها.

ص:423


1- 1السرائر:129.
2- 2) البقرة(2):196. [1]

و إذا قلنا بوجوب الكفّارة،فهل تجب على المولى؟فالوجه:أنّ حكمها حكم العبد المأذون له في الحجّ إذا أفسد حجّه،و سيأتي.

و لو أكرهها،فالوجه:أنّه مبنيّ على حكم المطاوعة إن قلنا بوجوب الكفّارة عليها تحمّلها السيّد،و إلاّ فلا.

مسألة:و لو وطئ أمته و هو محلّ و هي محرمة،فإن كان إحرامها بغير إذنه،

فلا اعتداد به و لا كفّارة عليه

؛لوقوعه فاسدا،فلا يؤثّر هتكه في العقوبة،و إن كان إحرامها بإذنه،وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة،فإن لم يجد كان عليه شاة أو صيام ثلاثة أيّام؛لأنّه هتك لإحرام صحيح مستند إليه،فكان عليه كفّارة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام:أخبرني عن رجل محلّ وقع على أمة محرمة،قال:«موسرا أو معسرا؟»قلت:أجبني عنهما،قال:«هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها؟»قلت:أجبني فيهما،قال:«إن كان موسرا و كان عالما أنّه لا ينبغي له و كان هو الذي أمرها بالإحرام،فعليه بدنة،و إن شاء بقرة،و إن شاء شاة،و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شيء عليه،موسرا كان أو معسرا،و إن كان أمرها و هو معسر،فعليه دم شاة أو صيام» (1).

و قد روى الشيخ عن ضريس،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت،و لم يكن هو أحرم،فغشيها بعد ما أحرمت،قال:«يأمرها فتغتسل ثمّ تحرم و لا شيء عليه» (2).

ص:424


1- 1التهذيب 5:320 الحديث 1102،الاستبصار 2:190 الحديث 639،الوسائل 9:263 الباب 8 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:320 الحديث 1103،الاستبصار 2:191 الحديث 640،الوسائل 9:263 الباب 8 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [2]

و الوجه في هذه الرواية:أنّها تكون قد تلبّست بالإحرام قبل أن تلبّي،كما قلنا أوّلا (1)،و هو مفهوم من قوله:«تغتسل ثمّ تحرم»و هو إنّما يكون في ابتداء الإحرام؛لأنّه عطف الغشيان على الإحرام بالفاء المقتضية للتعقيب.

فروع:
الأوّل:لو كان هو محرما و هي محرمة بإذنه أو بغير إذنه،وجبت عليه الكفّارة

قولا واحدا على ما بيّنّاه (2)،و يتعلّق به الإفساد إن كان قبل الوقوف على ما بيّنّا (3)، و كذا لو كانت محلّة.

الثاني:لو كان هو محلاّ و هي محرمة بإذنه،وجبت عليه البدنة لا غير

،سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده،و سواء طاوعته أو أكرهها،لكن لو طاوعته، فسد حجّها،و وجب عليه أن يأذن لها في القضاء؛لأنّه أذن لها في الابتداء و أحرمت إحراما منعقدا و كان الفساد منه،فوجب عليه الإذن في القضاء،كالصيام.

الثالث:لو حجّت زوجته الحرّة تطوّعا،فإن كان بغير إذنه،لم ينعقد إحرامها

، فلو وطئها فيه و هو محلّ،فلا شيء عليه،و لو كان محرما،وجبت عليه الكفّارة عنها و فسد حجّه إن كان قبل الوقوف و إلاّ فلا،و لو كانت محرمة،بإذنه،كان حكمه حكم الواجب.

الرابع:لو زنى بامرأة،تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح

؛لأنّه أبلغ في هتك الإحرام،فكانت العقوبة واجبة عليه،بل أولى بالوجوب.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من وجب عليه دم بدنة في إفساد الحجّ

فلم

ص:425


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 246.
2- 2) يراجع:ص 400.
3- 3) يراجع:ص 389.

يجد،كان عليه بقرة،فإن لم يجد،فسبع شياه على الترتيب،فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما يتصدّق به،فإن لم يجد،صام عن كلّ مدّ يوما،قال:و نصّ الشافعيّ على مثل ما قلناه،قال:و في أصحابنا (1)من قال:هو مخيّر.ثمّ استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-على قوله:بإجماع الفرقة و أخبارهم و طريقة الاحتياط (2).

أمّا ابن بابويه-رحمه اللّه-فإنّه قال:من وجب عليه بدنة في كفّارة فلم يجدها،فعليه سبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله (3).

إذا عرفت هذا:فالشافعيّ ذهب إلى ما قاله الشيخ رحمه اللّه (4).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّها على التخيير إن شاء أخرج أيّ هذه الخمسة (5)،التي ذكرنا،أعني البدنة و البقرة و سبع شياه و قيمة البدنة و الصيام.

لنا على الترتيب:أنّ الصحابة و الأئمّة عليهم السلام قضوا بالبدنة في الإفساد، و ذلك يقتضي تعيّنها،و البقرة دونها،فلا تقوم مقامها،و إنّما كانت دونها؛لأنّ الحسّ (6)يعطي النقصان.

و كذا القيمة السوقيّة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في الرواح إلى الجمعة:

«من راح في الساعة الأوّلة فكأنّما قرّب بدنة،و من راح في الثانية فكأنّما قرّب

ص:426


1- 1في الخلاف:و في أصحابه،مكان:و في أصحابنا.
2- 2) الخلاف 1:468 مسألة-213.
3- 3) المقنع:78. [1]
4- 4) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:311،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:401 و 416، فتح العزيز بهامش المجموع 8:76،مغني المحتاج 1:523.
5- 5) الشرح الكبير بهامش المغني 3:346،الكافي لابن قدامة 1:567،الإنصاف 3:518،حلية العلماء 3:312،المجموع 7:416.
6- 6) خا:الجنس.

بقرة» (1).

و لأنّ ذلك سبب يجب به القضاء،فكانت كفّارته على الترتيب،كالفوات.

احتجّ أحمد:بأنّه سبب تجب به البدنة،فكان التخيير فيها ثابتا،كقتل النعامة.

و لأنّ هذه الكفّارة وجبت بالاستمتاع،فأشبه ما دون الفرج (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة،فكان مخيّرا فيها، و هنا ينتقل إلى ما هو دونها،على أنّا نمنع الحكم في الأصل،كما تقدّم الخلاف فيه.

و عن الثاني:أنّ تلك الكفّارة لا تجب لإفساد العبادة،فهي بمنزلة كفّارة الصوم.على أنّا نمنع الحكم في الأصل أيضا،فإنّ البدنة عندنا تتعيّن في وطء ما دون الفرج.

مسألة:و لو وطئ في العمرة قبل السعي،فسدت عمرته و وجبت عليه بدنة

و قضاؤها

.و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط،فسدت عمرته و وجب عليه القضاء و شاة (4).

و قال أحمد:يجب بالوطء القضاء و شاة إذا وجد في الإحرام (5).

ص:427


1- 1صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن أبي داود 1:96 الحديث 351،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [1]سنن النسائيّ 3:99،الموطّأ 1:101 الحديث 1، [2]كنز العمّال 7:750 الحديث 21228.
2- 2) الكافي لابن قدامة 1:567.
3- 3) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:310-311،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:422، فتح العزيز بهامش المجموع 7:471-472،الميزان الكبرى 2:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154،مغني المحتاج 1:522،السراج الوهّاج:169.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:58،بدائع الصنائع 2:219،الهداية للمرغينانيّ 1:165،شرح فتح القدير 2:457،تبيين الحقائق 2:367.
5- 5) المغني 3:518،الشرح الكبير بهامش المغني 3:325،الكافي لابن قدامة 1:566،الإنصاف 3:497.

لنا:أنّها عبادة تشتمل على طواف و سعي،فوجب عليه بالوطء فيها بدنة، كالحجّ.

و ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعتمر العمرة (1)مفردة (2)،فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثمّ يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا و المروة،قال:«قد أفسد عمرته و عليه بدنة،و يقيم بمكّة محلاّ حتّى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه،ثمّ يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل بلاده،فيحرم منه و يعتمر» (3).

و في الصحيح عن بريد بن معاوية العجليّ،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة،فغشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه،قال:

«عليه بدنة؛لفساد عمرته،و عليه أن يقيم إلى الشهر الآخر،فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم بعمرة» (4).

أمّا أبو حنيفة،فإنّه نفاه على أصله،و هو أنّه إذا وجب القضاء،لم تجب البدنة على ما قرّرناه من مذهبه أوّلا (5)،و نحن قد أبطلنا أصله،فبطل ما يبنى عليه.

و أيضا احتجّ بأنّها عبادة لا تتضمّن الوقوف،فلا يجب بالوطء فيها بدنة،كما لو قرنها بحجّه (6).

ص:428


1- 1خا و ق:بعمرة،مكان:العمرة،و في المصادر:عمرة.
2- 2) د،ر و ح:منفردة.
3- 3) التهذيب 5:323 الحديث 1111،الوسائل 9:268 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:324 الحديث 1112،الوسائل 9:268 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [2]
5- 5) يراجع:ص 396.
6- 6) المغني 3:518،الشرح الكبير بهامش المغني 3:325.

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل،و سيأتي.

مسألة:و البدنة و الإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة قبل السعي

و لو كان بعد الطواف و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:إذا وطئ بعد أربعة أشواط،لم يفسد عمرته و وجبت الشاة (2).

لنا:أنّه وطء صادف إحراما تامّا،فوجبت البدنة و فسدت العمرة،كما لو كان قبل الطواف.و ما تقدّم في حديث مسمع عن الصادق عليه السلام (3).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وطء بعد ما أتى بركن العبادة،فأشبه ما إذا وطئ بعد الوقوف في الحجّ،و إنّما وجبت الشاة؛لأنّ الشاة تقوم مقام الطواف و السعي في حقّ المحصر،فقامت مقام بعض ذلك هنا (4).

و الجواب:أنّ محظورات الإحرام سواء،مثل الطيب و اللباس و قتل الصيد يستوي قبل الإتيان بأكثر الطواف و بعده،كذلك الوطء.

مسألة:القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هديا

،و عندهم هو من يقرن الإحرامين على ما مضى الخلاف فيه (5).

إذا ثبت هذا:فلو أفسد القارن حجّه،وجب عليه بدنة،و ليس عليه دم القران،

ص:429


1- 1الأمّ 2:218،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:422،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 471،مغني المحتاج 1:522،السراج الوهّاج:169،الميزان الكبرى 2:45،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:154.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:58،بدائع الصنائع 2:219،الهداية للمرغينانيّ 1:165،شرح فتح القدير 2:457،تبيين الحقائق 2:367.
3- 3) يراجع:ص 428.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:58،بدائع الصنائع 2:219.
5- 5) يراجع:الجزء العاشر ص 130.

و يجب عليه القضاء.

و قال الشافعيّ:إذا وطئ القارن-على تفسيرهم:و هو الجامع بين الحجّ و العمرة في الإحرام-لزمه بدنة بالوطء و دم القران،و يقضي قارنا،و يلزمه دم القران في القضاء أيضا،و إن قضى مفردا،جاز و لا يسقط عنه دم القران الذي يلزمه في القضاء (1).و به قال أحمد،إلاّ أنّه قال:إذا قضى مفردا،لم يجب دم القران (2).

و قال أبو حنيفة:يفسد إحرامه،و يجب عليه شاة لإفساد الحجّ،و شاة لإفساد العمرة،و شاة القران،إلاّ أن يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط (3).

لنا:أنّه أفسد حجّا،فكان عليه بدنة،كالمتمتّع و المفرد.و أمّا أبو حنيفة،فإنّ الإفساد عنده لا يوجب البدنة،و قد مضى الكلام فيه.

و أمّا الشافعيّ،فإنّه قال:الدم يجب في الأداء فيجب في القضاء.و قد مضى بطلان ذلك كلّه عند تفسير القرآن،و أنّ دم القران مستحبّ على ما بيّنّا فيما مضى (4).

مسألة:و إذا قضى الحاجّ أو المعتمر،فعليه في قضاء الحجّ،الإحرام من

الميقات و عليه في إحرام العمرة

،الإحرام من أدنى الحلّ،و به قال أبو حنيفة، و مالك (5).

و قال الشافعيّ:إذا أفسد الحجّ و العمرة،لزمه القضاء من حيث أحرم

ص:430


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:416،فتح العزيز بهامش المجموع 7:476،مغني المحتاج 1:523.
2- 2) المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:325،الإنصاف 3:521.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:119،بدائع الصنائع 2:219،شرح فتح القدير 2:454،تبيين الحقائق 2:365.
4- 4) يراجع:الجزء العاشر ص 130 و الجزء الحادي عشر ص 133.
5- 5) المجموع 7:415-416،فتح العزيز بهامش المجموع 7:475،الفروع في فقه أحمد 2:215.

بالأداء (1)،و به قال أحمد (2).

لنا:أنّه لا يجوز الإحرام قبل الميقات-على ما بيّنّا-إلاّ على وجه النذر،و قد سلف بيانه (3)،فلا يجوز في القضاء أيضا؛لأنّه تابع.

و أمّا في العمرة،فلأنّ الإحرام من أدنى الحلّ هو الواجب في الأداء،فكذا في القضاء.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة أن تقضي عمرتها من التنعيم (4).

و لأنّ هذا تبرّع به في الأداء،فلا يلزمه في القضاء،كما لو أحرم من أوّل شهور الحجّ.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ كلّ مسافة وجب عليه قطعها محرما في الأداء،وجب عليه في القضاء،كما لو أحرم قبل الميقات (5).

و الجواب:أنّا نقول بموجبه؛لأنّه لا يجب عليه قطع المسافة محرما إلاّ من الميقات.

أمّا أبو حنيفة،فإنّه يفرّق بين الأصل و الفرع؛لأنّه إذا أحرم قبل الميقات فقد تلبّس به فوجب عليه الإتمام،و إنّما يمكن بقطع المسافة محرما،فكان واجبا،

ص:431


1- 1حلية العلماء 3:310،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:415،فتح العزيز بهامش المجموع 7:474-475،مغني المحتاج 1:523،السراج الوهّاج:169.
2- 2) المغني 3:384،الشرح الكبير بهامش المغني 3:324،الإنصاف 3:496. [1]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر ص 179.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:4-5،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:208 الحديث 2005، [2]سنن ابن ماجة 2:997 الحديث 2999،سنن النسائيّ 5:164،سنن البيهقيّ 5:173.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:416،فتح العزيز بهامش المجموع 7:474،مغني المحتاج 1:523.

بخلاف القضاء الذي لم يشرع فيه بعد،فإنّه كما لم يجب الإحرام قبل الميقات في الأداء،فكذا القضاء،لأنّه تابع.و لأنّ الأصل براءة الذمّة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الطريق الذي سلكه في الأداء،لا يجب عليه سلوكه في القضاء إجماعا،و هذا ينقض على الشافعيّ وجوب الإحرام من المكان الذي أحرم منه في الأداء،لكنّ الشافعيّ أوجب الإحرام من المحاذي للمكان الأوّل (1).

مسألة:إذا أفسد حجّه بالوطء قبل الوقوف بالموقفين،وجب عليه بدنة

و إتمامه و القضاء من قابل

على ما قلناه (2).

فلو أفسد القضاء أيضا،وجب عليه بدنة أخرى،و إتمام القضاء الفاسد أيضا، و وجب عليه الحجّ من قابل؛عملا بالعمومات الدالّة على وجوب ما ذكرنا على من وطئ قبل الوقوف بالموقفين،و هو يتناول القضاء،كما يتناول الأداء.

إذا ثبت هذا:فإنّه يلزمه أن يأتي القضاء و لا يتكرّر عليه،بل إذا أتى بحجّة واحدة،كفاه،و كذلك إن تكرّر إفساد القضاء،كفاه قضاء واحد؛لأنّ الحجّ الذي يلزمه أن يأتي به على شرائطه الصحيحة واحد،فإذا لم يأت به على شرائطه،لزمه أن يأتي به على شرائطه،و لا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضا عن إفساد القضاء بمفرده،بل إذا أتى في العام الثالث بحجّة صحيحة،كفاه عن الفاسد ابتداءً و قضاء.

و لو أفسد الحجّ الثالث،كفاه في العام الرابع أن يأتي بحجّة واحدة صحيحة عن جميع ما تقدّم؛لأنّ الحجّ الفاسد إذا انضمّ إليه القضاء،أجزأ عمّا كان يجزئ عنه الأداء لو لم يفسده،فهذا القضاء الذي أفسده،إذا أتى بعده القضاء،أجزأ عمّا كان يجزئ الفاسد لو كان صحيحا،و لو كان صحيحا،سقط به قضاء الأوّل كذلك إذا قضاه،و هذا يقتضي أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد.

ص:432


1- 1المجموع 7:415،فتح العزيز بهامش المجموع 7:474.
2- 2) يراجع:ص 389.
مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز للمحرم أن يعقد لمحرم على امرأة

(1)،فلو عقد له على امرأة و دخل المحرم،وجب على العاقد كفّارة،كما يجب على الواطئ.و كذا لو كان العاقد محلاّ.

رواه الشيخ في الموثّق عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوّج محرما يعلم أنّه لا يحلّ له»قلت:فإن فعل فدخل بها المحرم؟قال:«إن كانا عالمين،فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة،و على المرأة إن كانت محرمة،و إن لم تكن محرمة،فلا شيء عليها،إلاّ أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها محرم،فإن كانت علمت ثمّ تزوّجته،فعليها بدنة» (2).

و في سماعة قول،و عندي في هذه الرواية توقّف.

مسألة:و لو نظر إلى غير أهله فأمنى،لم يفسد حجّه،و وجب عليه بدنة،

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و بعدم الإفساد قال ابن عبّاس (3)،و أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6).

و قال مالك:إذا ردّد النظر حتّى أمنى،وجب عليه الحجّ من قابل (7)،و به قال

ص:433


1- 1يراجع:ص 198. [1]
2- 2) التهذيب 5:330 الحديث 1138،الوسائل 9:279 الباب 21 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:335،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:329،المجموع 7:413.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:120،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:453،حاشية الشلبيّ على تبيين الحقائق 2:363،المغني 3:333 و 335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
5- 5) المجموع 7:413،المغني 3:335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
6- 6) المغني 3:333 و 335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329،الكافي لابن قدامة 1:566، الفروع في فقه أحمد 2:219،الإنصاف 3:524.
7- 7) بلغة السالك 1:291،المغني 3:335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.

الحسن البصريّ،و عطاء (1).

لنا:أنّه إنزال عن غير مباشرة،فأشبه الإنزال عن الذكر و الاحتلام.

احتجّوا:بأنّه إنزال بفعل محظور،فأشبه الإنزال بالمباشرة (2).

و الجواب:أنّ المباشرة أبلغ في اللذّة و آكد في استدعاء الشهوة،و الفاحشة فيها أعظم،فلا يجوز القياس عليها.

إذا ثبت هذا:فإنّه لو نظر إلى غير أهله و لم يكرّر النظر،أو كرّره حتّى أمنى، وجب عليه البدنة عندنا.

و قال ابن عبّاس،و أحمد في إحدى الروايتين:أنّه إن كرّر،وجبت البدنة، و إن لم يكرر،وجب عليه شاة.

و قال في الأخرى:يجب عليه شاة،مطلقا،و هو قول سعيد بن جبير، و إسحاق (3).

و قال أبو ثور:لا شيء عليه مطلقا (4)،و به قال أبو حنيفة (5)-حكاية عنه- و الشافعيّ (6).

لنا:أنّه إنزال محظور،فأوجب البدنة،كالجماع فيما دون الفرج.

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل

ص:434


1- 1المغني 3:335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329،المجموع 7:413.
2- 2) المغني 3:335،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329.
3- 3) المغني 3:336،الشرح الكبير بهامش المغني 3:349،المجموع 7:413.
4- 4) المغني 3:336.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:120،بدائع الصنائع 2:216،الهداية للمرغينانيّ 1:164،شرح فتح القدير 2:453-454،المغني 3:336.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:216،المجموع 7:413،فتح العزيز بهامش المجموع 7:480،المغني 3:336.

محرم نظر إلى ساق امرأة فأمنى،فقال:«إن كان موسرا،فعليه بدنة،و إن كان وسطا، فعليه بقرة،و إن كان فقيرا،فعليه شاة»ثمّ قال:«أما إنّي لم أجعل هذا عليه؛لأنّه أمنى،إنّما جعلت عليه،لأنّه نظر إلى ما لا يحلّ له» (1).

و في الصحيح عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل،قال:«عليه جزور أو بقرة،فإن لم يجد فشاة» (2).

و قول أحمد بوجوب الشاة لا غير ضعيف؛لما تقدّم.و لأنّ ابن عبّاس أوجب البدنة (3).و لأنّه إنزال عن غير مباشرة،فأشبه الإنزال عن النظر المتكرّر.

و قول الشافعيّ ضعيف؛لما تقدّم.و لما روي عن ابن عبّاس أنّه قال له رجل دخل عليه:[فعل اللّه] (4)بهذه و فعل،إنّها تطيّبت لي فكلّمتني و حدّثتني حتّى سبقتني الشهوة،فقال ابن عبّاس:تمّ حجّك و أهرق دما (5).

و عن مجاهد:أنّ محرما نظر إلى امرأته حتّى أمذى،فجعل يشتمها.فقال ابن عبّاس:أهرق دما و لا تشتمها (6).

و لأنّه إنزال عن سبب محرّم،فوجبت الكفّارة عليه،كالجماع فيما دون الفرج.

ص:435


1- 1التهذيب 5:325 الحديث 1115،الوسائل 9:272 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:325 الحديث 1116،الوسائل 9:272 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:336،المجموع 7:413.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) المغني 3:336،الشرح الكبير بهامش المغني 3:349.
6- 6) المغني 3:336.
فروع:
الأوّل:لو كرّر النظر حتّى أمذى،لم يجب عليه شيء

؛لأنّ الأصل براءة الذمّة، و لم يوجد نصّ على خلافه،و لا إجماع،و لا هو في معنى المنصوص،فإنّ المنيّ أبلغ؛لتعلّق الغسل به و غيره من الأحكام،بخلاف المذي.

و قال أحمد:يجب به دم؛لأنّه جزء من المنيّ (1).و هو خطأ؛لما تقدّم.

الثاني:لو كرّر النظر و لم يقترن به مذي و لا منيّ،لم يكن عليه شيء

،و لا نعلم فيه خلافا،إلاّ ما روي عن أحمد أنّ من جرّد امرأته و لم يكن منه غير التجريد:أنّ عليه شاة (2).

و هو ضعيف؛لأنّ الأصل براءة الذمّة،و لم يوجد نصّ و لا معناه بخلافه، فيبقى معمولا به،بل المنقول:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينظر إلى نسائه و هو محرم،و كذلك الصحابة (3).

الثالث:لو فكّر فأنزل،لم يكن عليه شيء

؛عملا بالأصل.و لأنّ الفكر يعرض للإنسان من غير اختيار،فلا يتعلّق به عقوبة،كما في الصيام.

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه تجاوز لأمّتي عمّا حدّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلّم به» (4)رواه الجمهور.

الرابع:لو لم يجد البدنة،كان عليه بقرة،فإن لم يجد،كان عليه شاة

؛لما تقدّم في حديثي زرارة و أبي بصير عن الباقر و الصادق عليهما السلام (5).

ص:436


1- 1المغني 3:337،الإنصاف 3:524.
2- 2) المغني 3:337.
3- 3) المغني 3:337.
4- 4) مسند أحمد 2:393،425،474،481 و 491، [1]سنن الدارقطنيّ 4:171 الحديث 34،سنن البيهقيّ 10:61،كنز العمّال 12:155 الحديث 34457.
5- 5) يراجع:ص 434-435.
مسألة:و لو نظر إلى أهله،فإن تجرّد عن الشهوة،لم يكن عليه شيء

،سواء أمنى أو لم يمن.

و إن كان نظر بشهوة فأمنى،كان عليه بدنة،ذهب إليه علماؤنا.

و أمّا الجمهور فلم يفصّلوا بين الأجنبيّة و الزوجة،بل حكموا بما قلناه عنهم أوّلا حكما مطلقا.

لنا:أنّ النظر إلى الزوجة سائغ،ففارق حكمه حكم الأجنبيّة.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم،قال:

«لا شيء عليه» (1).

هذا إذا كان نظره بغير شهوة،أمّا لو قارن نظره الشهوة،فإنّه يجب عليه البدنة؛ لأنّه إنزال بسبب محرّم،فكان عليه بدنة،كما لو نظر إلى الأجنبيّة فأنزل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن مسمع أبي سيّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا أبا سيّار إنّ حال المحرم ضيّقة»إلى أن قال:«و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى،فعليه جزور» (2).

و لا يعارض ذلك:ما رواه-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى،قال:«ليس عليه شيء» (3).

ص:437


1- 1التهذيب 5:325 الحديث 1117،الاستبصار 2:191 الحديث 643،الوسائل 9:274 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:326 الحديث 1121،الاستبصار 2:191 الحديث 641،الوسائل 9:276 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:327 الحديث 1122،الاستبصار 2:192 الحديث 643،الوسائل 9:276 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 7. [3]

لأنّه محمول على السهو دون العمد.

مسألة:و لو مسّ امرأته،فإمّا أن يكون بشهوة أو بغير شهوة،فإن مسّها

بشهوة،وجب عليه دم شاة

،سواء أمنى أو لم يمن،و إن كان بغير شهوة،لم يكن عليه شيء،سواء أمنى أو لم يمن،و يكون حجّه صحيحا على كلّ التقادير،سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده،ذهب إليه علماؤنا.و به قال الشافعيّ (1)، و أبو حنيفة (2).

و قال مالك:إذا أنزل مع ذلك،فسد حجّه (3)،و هو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل (4).

لنا:أنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ،فلا يفسد الحجّ،كما لو لم ينزل.

احتجّ مالك:بأنّها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الإنزال عن المباشرة، كالصوم (5).

و الجواب:الفرق بين الصوم و الحجّ،فإنّ الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الإمساك عنه لأجله،بخلاف الحجّ.

و يدلّ على وجوب الشاة مع المسّ بشهوة،سواء أنزل أو لم ينزل:أنّه فعل محظور في الإحرام،فوجب عليه الفداء.و للإجماع عليه.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:438


1- 1الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:315،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:411 و 421، المغني 3:334. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:120،بدائع الصنائع 2:195،شرح فتح القدير 2:453،مجمع الأنهر 1:296،المجموع 7:421، [2]بداية المجتهد 1:371.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:426،بداية المجتهد 1:371،بلغة السالك 1:291،حلية العلماء 3:315.
4- 4) المغني 3:333،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328،الإنصاف 3:502.
5- 5) المغني 3:331،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328.

عليه السلام عن رجل حمل امرأته و هو محرم فأمنى أو أمذى،فقال:«إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يمن،أمذى أو لم يمذ،فعليه دم يهريقه،فإن حملها أو مسّها بغير شهوة فأمنى أو لم يمن،فليس عليه شيء» (1).

و في الصحيح عن مسمع أبي سيّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا أبا سيّار،إنّ حال المحرم ضيّقة»إلى أن قال:«و من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة،فعليه دم شاة،و إن مسّ امرأته أو لازمها (2)من غير شهوة،فلا شيء عليه» (3).

و عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المحرم يضع يده على امرأته؟قال:«لا بأس»قلت:فإنّه أراد أن ينزلها في المحمل و يضمّها إليه؟قال:

«لا بأس»قلت:فإنّه أراد أن ينزلها في المحمل فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوة؟ قال:«ليس عليه شيء إلاّ أن يكون طلب ذلك» (4).

و في الصحيح عن حريز،عن محمّد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل محرم حمل امرأته و هو محرم فأمنى أو أمذى،قال:«إن كان حملها أو مسّها بشيء من الشهوة فأمنى أو لم يمن،أمذى أو لم يمذ،فعليه دم يهريقه،و إن حملها

ص:439


1- 1التهذيب 5:326 الحديث 1120،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 6. [1]
2- 2) د،ح و ق:لازقها.
3- 3) التهذيب 5:326 الحديث 1121،الاستبصار 2:191 الحديث 641،الوسائل 9:276 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 5:326 الحديث 1118،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [3]

أو مسّها بغير شهوة فأمنى أو أمذى،فليس عليه شيء» (1).

مسألة:و لو قبّل امرأته،فإن كان بشهوة،كان عليه جزور،و إن كان بغير

شهوة،كان عليه شاة

،و لا يفسد حجّه على كلّ تقدير،سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده.

و ممّن قال بعدم الإفساد:سعيد بن المسيّب،و عطاء،و ابن سيرين،و الزهريّ، و قتادة،و الثوريّ (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور،و أصحاب الرأي (4).

و قال مالك:إن أنزل،فسد حجّه (5)،و هو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل (6)،و مرويّ عن سعيد بن جبير (7).

لنا:أنّه إنزال بغير وطء،فلم يفسد به الحجّ،كالإنزال عن نظر.

احتجّوا:بأنّه إنزال عن سبب محرّم،فأفسد الحجّ،كالإنزال عن الجماع (8).

و الجواب:الفرق ظاهر،فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع،و لهذا أفسد الحجّ

ص:440


1- 1التهذيب 5:326 الحديث 1119،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 6. [1]
2- 2) المغني 3:334،المجموع 7:421.
3- 3) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:315،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:411 و 421، فتح العزيز بهامش المجموع 7:480،المغني 3:334.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:120،بدائع الصنائع 2:195،شرح فتح القدير 2:453،مجمع الأنهر 1:296،المجموع 7:421.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:426،بداية المجتهد 1:371،بلغة السالك 1:291،حلية العلماء 3:315، المجموع 7:421، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:480. [3]
6- 6) المغني 3:332،الشرح الكبير بهامش المغني 3:328،الإنصاف 3:502،المجموع 7:421، فتح العزيز بهامش المجموع 7:480.
7- 7) المغني 3:334،الشرح الكبير بهامش المغني 3:329،المجموع 7:422.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:120،شرح فتح القدير 2:454،المغني 3:333.

مع الإنزال و عدمه،و الإنزال عن القبلة دونه في المرتبة،فوجب أن يحطّ (1)مرتبته في العقوبة،فأوجبنا عليه البدنة.

و لو لم ينزل،و لم يكن قبّل بشهوة،وجبت الشاة التي هي دون البدنة؛ لانحطاط هذه المرتبة عن المرتبة الأولى؛لأنّ مراتب أحكام الاستمتاع على وفق ما يحصل به من اللّذة.

إذا عرفت هذا:فنقول:إنّه تجب البدنة إذا قبّل بشهوة.

و شرط ابن إدريس الإنزال أيضا،و لو لم ينزل،كان عليه دم شاة،كما لو قبّلها بغير شهوة (2).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة مطلقا،و البدنة فيه مع الشهوة مطلقا،و لم يعتبر الإنزال (3).

حجّة الشيخ-رحمه اللّه-:ما رواه عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قبّل امرأته و هو محرم،قال:«عليه بدنة و إن لم ينزل،و ليس له أن يأكل منه» (4).

أمّا ابن إدريس فربّما استضعف هذه الرواية؛لأنّ في طريقها عليّ بن أبي حمزة و سهل بن زياد و هما ضعيفان،و يتمسّك بالأصل،و يستدلّ على وجوب البدنة مع الإنزال:بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ حال المحرم ضيّقة،إن قبّل امرأته على غير شهوة و هو محرم،

ص:441


1- 1بعض النسخ:ينحطّ.
2- 2) السرائر:129.
3- 3) المبسوط 1:338، [1]التهذيب 5:327.
4- 4) التهذيب 5:327 الحديث 1123،الوسائل 9:277 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 4. [2]

فعليه دم شاة،و من قبّل امرأته على شهوة،فأمنى،فعليه جزور،و يستغفر اللّه» (1).

مسألة:و لا بأس أن يقبّل المحرم أمّه حال الإحرام

؛لأنّه يكون من جهة الرحمة و التعطّف،دون الشهوة و ميل الطباع.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن الحسين بن حمّاد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يقبّل أمّه،قال:«لا بأس به،هذه قبلة رحمة،إنّما تكره قبلة الشهوة» (2).

مسألة:من لاعب امرأته و هو محرم فأمنى،كان عليه بدنة

؛لأنّه إنزال عن سبب محرّم،فوجبت البدنة،كما لو أنزل عن نظر.

و هل يجب عليها الكفّارة أيضا أم لا؟نصّ الشيخ-رحمه اللّه-في التهذيب و المبسوط عليه (3)؛لأنّه أنزل بملاعبته منها له،فوجبت عليها البدنة،كما لو جامعها.

و يدلّ على ذلك أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يعبث بامرأته حتّى يمني و هو محرم من غير جماع،أو يفعل ذلك في شهر رمضان،ما ذا عليهما؟فقال:

«عليهما جميعا الكفّارة مثل ما على الذي يجامع» (4).

مسألة:و لو سمع كلام امرأة أو استمع على من يجامع من غير رؤية لهما

ص:442


1- 1التهذيب 5:326 الحديث 1121،الاستبصار 2:191 الحديث 641،الوسائل 9:276 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:328 الحديث 1127،الوسائل 9:277 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:327،المبسوط 1:338.
4- 4) التهذيب 5:327 الحديث 1124،الوسائل 9:271 الباب 14 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [3]

فتشاهى فأمنى،لم يكن عليه شيء؛لأنّه يتعذّر التحرّز عن مثل هذا،فلو وجبت العقوبة به،لزم الحرج،أمّا لو كان برؤية فإنّه يجب عليه الكفّارة على ما قدّمناه.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حائط و هو محرم فتشاهى حتّى أنزل،قال:«ليس عليه شيء» (1).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى،قال:«ليس عليه شيء» (2).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة،فيعمل به ما لم يظهر المنافي.

مسألة:قال المفيد-رحمه اللّه-:من قبّل امرأته و هو محرم،فعليه بدنة

أنزل أو لم ينزل،فإن هوت المرأة ذلك،كان عليها مثل ما عليه (3).

و يكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته شيئا تلقمه إيّاه،و كذلك يكره أن يأكل من يد جاريته؛لما يتخوّف عليه من تحرّك شهوته بذلك.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:في التهذيب:و من شكر (4)امرأته،فعليه بدنة،فإن اشتهت هي أيضا ذلك،كان عليها أيضا بدنة (5)؛لما رواه خالد الأصمّ (6)،قال:

ص:443


1- 1التهذيب 5:327 الحديث 1125،الوسائل 9:278 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:328 الحديث 1126،الوسائل 9:278 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 4. [2]
3- 3) المقنعة:68.
4- 4) الشّكار:فروج النساء،واحدها:شكر.معجم تهذيب اللغة 2:1913،لسان العرب 4:427، و [3]المراد هنا:مسّ الفرج أو اللعب به،ينظر:النهاية لابن الأثير 2:494.
5- 5) التهذيب 5:331.
6- 6) خالد الأصمّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الحكم بن مسكين عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام و لم أتحقّق حاله،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحكم بن مسكين. تنقيح المقال 1:386، [4]معجم رجال الحديث 7:11.

حججت و جماعة من أصحابنا،و كانت معنا امرأة،فلمّا قدمنا مكّة جاءنا رجل من أصحابنا،فقال:يا هؤلاء (1)،إنّي قد بليت،قلنا:بما ذا؟قال:شكرت بهذه الامرأة، فاسألوا أبا عبد اللّه عليه السلام،فسألناه،فقال:«عليه بدنة»فقالت المرأة:سلوا لي أبا عبد اللّه عليه السلام فإنّي قد اشتهيت،فسألناه،فقال:«عليها بدنة» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا أفسد حجّه،وجب عليه إتمام الفاسد

،خلافا لجماعة الظاهرين (3).

و قال مالك:يجعل الحجّة عمرة،و لا يقيم على الحجّ الفاسد (4).و قد تقدّم البحث مع أهل الظاهر.

و لنا على مالك:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (5)و هو يعمّ الصحيح و الفاسد.

و لأنّه قول عليّ عليه السلام،و عمر،و ابن عبّاس،و أبي هريرة (6)، و لا مخالف لهم،فكان إجماعا.

و ما تقدّم من طرق أهل البيت عليهم السلام في ذلك (7).

ص:444


1- 1في النسخ:يا مولاي،مكان:يا هؤلاء،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:331 الحديث 1140،الوسائل 9:256 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 7. [1]
3- 3) المحلّى 7:189،حلية العلماء 3:310،الشرح الكبير بهامش المغني 3:323،المجموع 7: 414.
4- 4) الموطّأ 1:382،المدوّنة الكبرى 1:382،بداية المجتهد 1:370،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:292،المجموع 7:407-408.
5- 5) البقرة(2):196. [2]
6- 6) سنن البيهقيّ 5:167،المبسوط للسرخسيّ 4:118،المغني 3:383،فتح العزيز بهامش المجموع 7:472. [3]
7- 7) يراجع:ص 396.

و لأنّها حجّة لا يمكنه الخروج منها بالإخراج،فلا يخرج منها إلى عمرة، كالصحيحة.

إذا ثبت هذا:فإنّه لا يحلّ من الفاسد،بل يجب عليه أن يفعل بعد الإفساد كلّ ما يفعله لو كان صحيحا،و لا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة و الرمي و غيرهما.

و كذلك يحرم عليه بعد الفساد كلّ ما كان محرّما عليه قبله من الوطء ثانيا، و قتل الصيد و الطيب و اللباس و غير ذلك من المحرّمات.

و لو جنى في الإحرام الفاسد،وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح، و يجب عليه القضاء من قابل،سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو بالنذر،أو كانت تطوّعا،و لا نعلم فيه خلافا،و يجب على الفور بالإجماع.

إذا ثبت هذا:فلو أفسد القضاء،لم يجب قضاؤه،و إنّما يقضي عن الحجّ الأوّل،كما لو أفسد قضاء الصوم و الصلاة،وجب القضاء للأصل دون القضاء،كذلك هاهنا،و الأصل فيه أنّ الواجب لا يزداد بفواته،و إنّما يبقى ما كان واجبا في الذمّة، كما كان صورته القضاء.

فرع:

لو أحصر في حجّ فاسد،فله التحلّل إجماعا

؛لأنّه إذا أبيح له التحلّل في الصحيح ففي الفاسد أولى.

فلو حلّ ثمّ زال الحصر و في الوقت سعة،فله أن يقضي في ذلك العام، و لا يتصوّر القضاء في العام الذي أفسد الحجّ فيه في غير هذه المسألة.

ص:445

آخر:

لو حجّ تطوّعا فأفسده ثمّ أحصر،كان عليه بدنة

للإفساد و دم للإحصار، و كفاه قضاء واحد في القابل.

ص:446

البحث الحادي عشر
اشارة

في ما يجب في الفسوق و الجدال

مسألة:من جادل مرّة أو مرّتين صادقا و هو محرم،لم يكن عليه شيء من

الكفّارة

؛عملا بالأصل و يجب عليه التوبة،فإن جادل ثلاث مرّات و هو صادق،كان عليه دم شاة.

لنا:أنّه ارتكب محظورا؛لمخالفة النهي في قوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (1)فيجب عليه الكفّارة،و هو كما يتناول الثلاث يتناول ما دونها،لكن لمّا كان في الأغلب تعذّر انفكاك المحرم عن الجدال،عفي عنه صادقا في المرّتين الأوّلتين فيبقى الباقي على الأصل.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و الحلبيّ جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام،فقالا:فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟فقال:«إذا جادل فوق مرّتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة،و على المخطئ بقرة» (2).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه

ص:447


1- 1البقرة(2):197. [1]
2- 2) الفقيه 2:212 الحديث 968،الوسائل 9:108 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام ذيل الحديث 2. [2]

عليه السلام:«إنّ الرجل إذا حلف ثلاثة أيمان في مقام ولاء و هو محرم،فقد جادل و عليه حدّ الجدال دم يهريقه و يتصدّق به» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الجدال في الحجّ،فقال:«من زاد على دفعتين،فقد وقع عليه الدم»فقيل له:الذي يجادل و هو صادق؟قال:«عليه شاة و الكاذب عليه بقرة» (2).

و عن أبي بصير،قال:إذا حلف الرجل ثلاثة أيمان و هو صادق و هو محرم، فعليه دم يهريقه (3).

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يقول:

لا و اللّه و بلى و اللّه و هو صادق،عليه شيء؟قال:«لا» (4).

و إطلاق القول بعدم وجوب الكفّارة لا ينافي ما بيّنّاه من وجوبها في الثلاث؛ لأنّ تلك الأخبار مفصّلة و هذا مطلق،فتحمل عليه.

و لأنّه بالنصّ دلّ على عدم الوجوب في قوله (5):لا و اللّه و بلى و اللّه،لا غير، لأنّ السؤال وقع عنه،فلا يتناول المجادلة ثلاث مرّات.

مسألة:و لو جادل مرّة كاذبا،كان عليه شاة فإن جادل مرّتين،كان عليه بقرة

،

ص:448


1- 1التهذيب 5:335 الحديث 1152،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:335 الحديث 1153،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 5:335 الحديث 1154،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 5:335 الحديث 1156،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 8.
5- 5) ع،د و ر:في قول.

فإن جادل ثلاثا كاذبا،كان عليه جزور.

لنا:أنّ الذنب هنا أفحش،فكانت العقوبة أغلظ،و اختلاف المراتب في الكفّارة بإزاء اختلافها في الذنب.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:«إذا حلف ثلاث (1)أيمان و هو صادق و هو محرم،فعليه دم يهريقه،و إن حلف يمينا واحدة كاذبا،فقد جادل، فعليه دم يهريقه» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الجدال في الحجّ،قال:«من زاد على دفعتين،فقد وقع عليه الدم»فقيل له:

الذي يجادل و هو صادق،قال:«عليه شاة،و الكاذب عليه بقرة» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا جادل الرجل و هو محرم و كذب متعمّدا،فعليه جزور» (4).

مسألة:و الكفّارة إنّما تجب لو فعل ذلك عمدا

،و لو وقع منه على سبيل السهو، لم يكن عليه شيء؛لما تقدّم.

إذا ثبت هذا:فقد بيّنّا أنّ الجدال:هو قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه (5)؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص:449


1- 1أكثر النسخ:ثلاثة،كما في المصادر.
2- 2) التهذيب 5:335 الحديث 1154،الاستبصار 2:197 الحديث 665،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 7. [1]
3- 3) التهذيب 5:335 الحديث 1153،الوسائل 9:281 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:335 الحديث 1155،الوسائل 9:282 الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 9. [3]
5- 5) يراجع:ص 216. [4]

عن الرجل يقول:لا لعمري،و هو محرم،قال:«ليس بالجدال،إنّما الجدال قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه،و أمّا قوله:لاها،فإنّما طلب الاسم و قوله:يا هنا،فلا بأس به،و أمّا قوله:لا،بل شانئك،فإنّه من قول الجاهليّة» (1).

إذا عرفت هذا:فهل الجدال مجموع اللفظتين،أعني:«لا و اللّه»و«بلى و اللّه» أو إحداهما؟الأقرب:أنّه بواحدة منهما يكون مجادلا.

و قد روى ابن بابويه-في الصحيح-عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يريد أن يعمل العمل،فيقول له أصحابه:و اللّه لا تعمله، فيقول:و اللّه لأعملنّه،فيخالفه مرارا،فيلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟فقال:«لا، إنّما أراد بهذا إكرام أخيه،إنّما يلزمه ما كان للّه عزّ و جلّ معصية» (2).

و هذا الحديث يدلّ على أنّ مطلق الجدال لا يوجب عقوبة،بل ما يتضمّن الحلف على معصية اللّه تعالى.

مسألة:و الفسوق:هو الكذب على ما قلناه أوّلا ،و لا شيء فيه

(3)

؛عملا بالأصل السالم عن معارضة نصّ يخالفه أو غيره من الأدلّة.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و الحلبيّ جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قالا له:أ رأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال:«لم يجعل اللّه له حدّا يستغفر اللّه و يلبّي» (4).

ص:450


1- 1التهذيب 5:336 الحديث 1157،الوسائل 9:109 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 2:214 الحديث 973،الوسائل 9:110 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7. [2]في الوسائل: [3]فيحالفه،بدل:فيخالفه.
3- 3) يراجع:ص 215.
4- 4) الفقيه 2:212 الحديث 968،الوسائل 9:282 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 2. [4]

و قد روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اتّق المفاخرة و عليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه عزّ و جلّ، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (1)و من التّفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح،فإذا دخلت مكّة فطفت بالبيت تكلّمت بكلام طيّب و كان ذلك كفّارة لذلك» (2).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ

المحرم إذا خاف العدوّ فليلبس السلاح و لا كفّارة عليه»

(3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أ يحمل المحرم السلاح؟فقال:«إذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا،فليلبس السلاح» (4).

و هذه الروايات صحيحة و العمل عليها،على ما بيّنّاه أوّلا (5).

فصل:

و يجوز للمحرم أن يؤدّب غلامه و هو محرم عند الحاجة إلى ذلك

.

روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه

ص:451


1- 1الحجّ(22):29. [1]
2- 2) الفقيه 2:214 الحديث 974،الوسائل 9:109 الباب 32 من أبواب تروك الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:387 الحديث 1351،الوسائل 9:137 الباب 54 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:387 الحديث 1352،الوسائل 9:137 الباب 54 من أبواب تروك الإحرام الحديث 2. [4]
5- 5) يراجع:ص 220-221. [5]

عليه السلام،قال:«لا بأس أن يؤدّب المحرم عبده ما بينه و بين عشرة أسواط» (1).

فصل:

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا اقتتل اثنان في الحرم،لزم كلّ واحد منهما دم

(2)، رواه عن أبي هلال[الرازيّ] (3)عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجلين اقتتلا و هما محرمان،قال:«سبحان اللّه!بئس ما صنعا»قلت:قد فعلا،ما الذي يلزمهما؟قال:«على كلّ واحد منهما دم» (4).

ص:452


1- 1التهذيب 5:387 الحديث 1353،الوسائل 9:180 الباب 95 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:384.
3- 3) في النسخ:المراديّ،و الصحيح ما أثبتناه،و قد مرّت ترجمته في ص 382.
4- 4) التهذيب 5:385 الحديث 1343،الوسائل 9:301 الباب 17 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [2]

الفهارس

الفهارس العامّة

*فهرس الآيات الكريمة

*فهرس الأحاديث

*فهرس الأماكن و البلدان

*فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

*فهرس الكتب

*فهرس أسماء المعصومين(ع)

*فهرس الأعلام

*فهرس الموضوعات

ص:453

ص:454

فهرس الآيات الكريمة

«حرف الألف»

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّارَةِ (المائدة:96)155-156

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (البقرة:158)418

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (المائدة:95)290،303،307،309،354

«حرف التاء»

تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ (المائدة:94)326

«حرف الثاء»

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (الحجّ:29)23،217

«حرف الحاء»

اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (البقرة:197) 197،217

«حرف الذال»

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (آل عمران:34)313

ص:455

«حرف الفاء»

فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (البقرة:229)209

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)96

فَجَزاءٌ مِثْلُ (المائدة:95)385

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (المائدة:95)286،289،290،298،300،321،322،331، 336،340،341،353،374،385

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة:95)384

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ (المائدة:

95)353

فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ (البقرة:196)386

فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (البقرة:197)215،447

وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (البقرة:158)418

فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى (البقرة:203)217

فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (البقرة:197)198،216

فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (البقرة:196).90، 107-108،230،247،252

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ (البقرة:196،النساء:92،100،المائدة:89،المجادلة:4)90

«حرف اللام»

لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (المائدة:95)142،331

لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ (المائدة:94)331

لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ (المائدة:94)143

لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ (المائدة:95)276

ص:456

«حرف الميم»

مِثْلُ ما قَتَلَ (المائدة:95)385

«حرف الهاء»

هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة:95)298،340،374،377

هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً (المائدة:95)293

«حرف الواو»

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (البقرة:196)396،423،444

وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ (البقرة:228)209

وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (المائدة:96)142،157،169

وَ رِماحُكُمْ (المائدة:94)331

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ (البقرة:196)96،253

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)89،91

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ (البقرة:

196)258

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (البقرة:196)246

وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة:195)282

وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (البقرة:197)216

وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحجّ:78)65،256

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (آل عمران:97)165،183،360

ص:457

وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ (المائدة:95)280-281

وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً (المائدة:95)278

وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (المائدة:95)279،282،284-287

«حرف الياء»

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (المائدة:95)276

يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (المائدة:95)288،338

ص:458

فهرس الأحاديث

«حرف الألف»

أبي أمرني بهذا(فاطمة عليها السلام)54

أ ترى أنهنّ كنّ منزّهة؟قل له أن يذبح مكان كلّ طير شاة(حمام أخرج من مكّة)184

اتّق قتل الدوابّ كلّها،و لا تمسّ شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك 38،45،242

اتّق المفاخرة،و عليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه عزّ و جلّ،فإنّ اللّه عزّ و جلّ 217،451

أثر الصفرة،(اغسل)و اصنع في عمرتك 223

اجتنب[في إحرامك]صيد البرّ كلّه 160

اجعل عليه البنفسج أو الشيرج(عن المحرم يكون به القرحة...)50

إحرام الرجل في رأسه و إحرام المرأة في وجهها 71،74

إحرام المرأة في وجهها 61

احلق رأسك و انسك(المحرم يتناثر القمل على وجهه)115

احلق رأسك،و صم ثلاثة أيّام 253

احلق رأسك،و صم ثلاثة أيّام،أو أطعم ستّة مساكين،أو انسك شاة 246

احلق رأسك[و صم ثلاثة أيّام أ]و أطعم ستّة مساكين فرقا من زبيب،أو انسك شاة 250

اخلع عنك هذه الجبّة،و اغسل عنك أثر الخلوق(المحرم في العمرة و عليه جبّة و..)232-233

إذا آذاه الدم فلا بأس به،و يحتجم و لا يحلق الشعر(عن المحرم يحتجم؟)89،105

إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه و ذكر اللّه و قلّة الكلام إلاّ بخير 197،198،216

ص:459

إذا أحصر الرجل فبعث هديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه 252

إذا أدخله الحرم و هو حيّ فقد حرم لحمه و إمساكه(صيد رمي في الحلّ...و هو حيّ)172

إذا أصاب المحرم الصيد خطأ،فعليه كفّارة 281

إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم...فإنّه ينبغي أن يدفنه 174

إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر...290،302،303،306،309

إذا أصبتم مثل هذا فلا تدرون،فعليكم بالاحتياط(محرمان أصابا صيدا)159

إذا اضطرّ المحرم إلى الصيد و إلى الميتة،فليأكل الميتة 178

إذا اغتسل المحرم من الجنابة،صبّ على رأسه الماء 67،110

إذا جادل الرجل و هو محرم و كذب متعمّدا،فعليه جزور 449

إذا جادل فوق مرّتين،فعلى المصيب دم يهريقه شاة،و على المخطئ بقرة 218

إذا حلف ثلاث أيمان و هو صادق و هو محرم...فقد جادل 449

إذا خاف العدوّ و لبس السلاح،فلا كفّارة عليه 221

إذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا فليلبس السلاح 221،451

إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمّل فليبطّه 51

إذا خرج بالمحرم الخراج و الدمّل فليبطّه و ليداوه بزيت أو بسمن 108-109

إذا دخلت بطير المدينة فجائز لك أن تخرجه منها ما أدخلت 184

إذا ذبح المحرم الصيد،لم يأكله الحلال و الحرام و هو كالميتة 167

إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه(المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب)35

إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة،فقد تمّت صلاته 394

إذا طرحه،فعليه فداء آخر(محرم ذبح حمام الحرم...فيطرحه)175

إذا فرغت من إحرامك،فاشتر بدرهم تمرا و تصدّق به 257

إذا فرغت من مناسكك...فابتع بدرهم تمرا(المحرم أكل خبيصا)239-240

إذا فرغت من مناسكك...فاشتر بدرهم تمرا تصدّق به...(المحرم أكل خبيصا فيه زعفران)..42

ص:460

إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم...فإن أراد نزعها،نزعها،و كفّر...132،273

إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للإحرام،لم تنزع عنها 57

إذا كنت محلاّ في الحلّ فقتلت صيدا...فإنّ عليك جزاؤه...196

إذا لم يجد،فسبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة...(الرجل يكون عليه بدنة)297

إذا لم يجد المحرم نعلين،لبس خفّين 11

إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به(أ يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر؟)31

إذا نتف الرجل إبطه بعد الإحرام،فعليه دم 95

إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام،فعليه دم 254

إذا وضع أحدكم يده على رأسه...فيسقط شيء من الشعر،فليتصدّق 260

إذا وضع أحدكم يده على رأسه و على لحيته و هو محرم،فسقط شيء من الشعر، فليتصدّق...255-256

إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة...فعليه الحجّ من قابل 392،395

الأذنان من الرأس 64

إذن يكون عليه فداء آخر(المحرم يصيب الصيد فيفديه؟)175

أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى(الظلّ للمحرم من أذى)244

أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم(محرم عبث...فأمنى)410

استعط به(إذا اضطرّ المحرم إلى سعوط)41

استعط به(الطبيب المعالج وصف لي سعوطا)23

استكرهها أو لم يستكرهها؟(محرم واقع أهله)390،399

استودعه رجلا من أهل مكّة مسلما أو امرأة(إذا قصّ ريش طائر)185

أضح لمن أحرمت له 77

أطعموه حلالا(صيد المحلّ)171

ص:461

أطعموه قوما حلالا...أنشد اللّه من كان هاهنا...170

اغسل عنك الطيب(قول النبيّ للمحرم)237

اغسلوه بماء و سدر و كفّنوه في ثوبيه...(المحرم إذا مات)72،112

أفسد حجّه و عليه بدنة(طاف بالبيت...أربعة أشواط...فغشي أهله)418

أفضل الحجّ العجّ و الثجّ 145

اقتل كلّ شيء،منهنّ يريدك(الأفعى و العقرب و الفأرة)149

ألا و إنّها ساعتي هذه حرام لا يختلى شوكها و لا يعضد شجرها(قطع شجر)121

إلاّ الإذخر(لا يعضد المحرم شوك الحرم)120،122

إلاّ علف الدوابّ 128

إلاّ ما أنبته الآدميّ(في نبات الحرم)125

ألقوها أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة(المحرم يلقي القملة؟)117،270-271

أ لم تعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بمنى في المنحر...376

أما إنّي لم أجعل هذا عليه؛لأنّه أمنى...(محرم نظر إلى ساق امرأته)212

أمّا الذي اشترط عليهم فإنّه قال: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ... 217

أمّا إن كان مستويا،خلّيت سبيله...(رجل أهدي له حمام أهليّ)185،362

أمّا شيء تأكله الإبل،فليس به بأس أن تنزعه 128-129

أ من علّة؟(المحرم يظلّل على نفسه)83

أنا كنت فاعلا(المحرم أصاب صيدا آكل منه و أنا حلال؟)173

إن اجتمع قوم على صيد و هم محرمون 352

إن أدخل الحرم فذبح فيه فإنّه ذبح بعد ما دخل مأمنه(حمام أهليّ)168،171

إن أصاب منه شيئا فليتصدّق(رجل أهدي إليه حمام أهليّ)329

إن بنى المنزل و الشجرة فيه(الحرم)،فليس له أن يقلعها 127

إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى...فعليه دم يهريقه 439

ص:462

انزع الجبّة و اغسل الصفرة(أعرابيّا جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و عليه مقطّعة...فقال له النبيّ) 239

أنشد اللّه...أ تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهدى إليه رجل حمار وحش فأبى أن يأكله 170

إن كان أحد منكم يحتاج إلى الحجامة،فلا بأس به(في حلق القفا للمحرم)107

إن كان استكرهها،فعليه بدنتان(محرم واقع أهله)390،399

إن كان أغلق الباب بعد ما أحرم،فعليه شاة(رجل أغلق بابه على طائر)364-365

إن كان أفضى إليها،فعليه بدنة(المحرم يقع على أهله)412

إن كان أغلق عليها قبل أن يحرم(رجل أغلق بابه على حمام)365

إن كان أفضى إليها،فعليه بدنة و الحجّ من قابل(المحرم يقع على أهله)412

إن كان جاهلا فليس عليه شيء(محرم وقع على أهله)391،369،397،406

إن كان حملها و مسّها بشهوة فأمنى...فعليه دم يهريقه(محرم حمل امرأته)439

إن كان حملها و مسّها بشيء من الشهوة،فأمنى أو لم يمن...فعليه دم يهريقه(محرم حمل امرأته)213

إن كان حين أدخله خلّى سبيله(رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم)165،359

إن كان حين أدخله خلّى سبيله،فلا شيء عليه(مات الصيد في الحرم)183-184

إن كان خطأ فلا شيء(محرم قتل زنبورا)152،332

إن كان الظبي مشى عليها و رعى...فلا شيء عليه(محرم رمى صيدا فأصاب يده)...193،349

إن كان الغالب على الدواء الزعفران،فلا...المحرم يتداوى بدواء)....40

إن كان فعل ذلك في مجلس واحد،فعليه دم،و إن كان...(محرم قلّم أظافير رجليه و يديه).267

إن كان فعله بجهالة،فعليه طعام مسكين...(أ يتداوى المحرم بدهن البنفسج)50،242

إن كان موسرا فعليه بدنة(محرم نظر إلى ساق امرأة فأمنى)212،435

إن كان موسرا و كان عالما أنّه لا ينبغي له(محرم وقع على أمة)424

ص:463

إن كان وقع عليها بشهوة،فعليه بدنة،و إن...(محرم وقع على أهله يوم النحر)417

إن كانا جاهلين،استغفرا ربّهما(محرم غشي امرأته)390،406

إن كانا عالمين،فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة(حلال زوّج محرما...فدخل بها)433

إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن تبنى الدار...(الرجل يقطع الشجر...في الحرم)126

إنّ الأترج طعام و ليس هو من الطيب 27

إنّ اللّه اشترط على الناس شرطا...فمن وفى له،وفى اللّه له 217

إنّ اللّه تجاوز لأمّتي عمّا حدّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلّم به 436

إنّ اللّه تعالى حرّم مكّة يوم خلق السماوات و الأرض 121

إنّ اللّه عزّ و جلّ حرّم مكّة يوم خلق السماوات و الأرض 122

إنّ حال المحرم ضيّقة 441

إنّ الخطأ،و الجهالة و العمد ليس بسواء!280

إنّ ذلك كان بلغه،فهل بلغك؟420

إنّ الرجل إذا حلف ثلاثة أيمان...فقد جادل 448

إنّ رجلا من الأنصار تزوّج و هو محرم،فأبطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نكاحه 203

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استأذن اللّه عزّ و جلّ في مكّة ثلاث مرّات 122

إنّ الطواف فريضة و فيه صلاة،و السعي سنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 418

إنّ عبد الرحمن بن الحسن بن عليّ مات بالأبواء...فصنع به كما صنع بالميّت...223

إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يتّقي الطاقة من العشب ينتفها من الحرم 124،130

إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة 167

إنّ عليه دم شاة يهريقه...(محرم ذبح طيرا)325،339

إنّ القراد ليس من البعير و الحلمة من البعير 119

إنّ المحرم إذا تزوّج و هو محرم،فرّق بينهما،ثمّ لا يتعاودان أبدا 206

إنّ المحرم إذا تزوّج و هو محرم،فرّق بينهما و لا يتعاودان أبدا 205

ص:464

إنّ المحرم إذا خاف العدوّ فليلبس السلاح و لا كفّارة عليه 451

إنّ المحرم إذا خاف العدوّ و لبس السلاح،فلا كفّارة عليه 221

إنّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره(سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الحنّاء)27

إنّ مكّة حرّمها اللّه و لم يحرّمها الناس 121

إنّ هذا البلد حرام حرّمه اللّه يوم خلق السماوات...إلاّ الإذخر 142-143

إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السماوات و الأرض...و لا يلتقط 120

إنّا لم نردّه عليك إلاّ أنّا حرام 169

إنّا لم نردّه عليه إلاّ أنّا حرم(أهدي إلى رسول اللّه...فردّه)362

إنّما عليه الفداء فليأكل و ليفده(المحرم يضطرّ فيجد الميتة و الصيد)177،282

إنّما يحرم من الطيب أربعة أشياء 25

إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء:المسك 24،45

إنّه كره للمحرمة البرقع و القفّازين 74

إنّه ليس بطيب و إنّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره...(عن الحنّاء)29

إنّه من صيد البحر(الجراد)155

إنّه من صيد البرّ(الجراد)155

أنّها تدفّ دفيفا 146

إنّها تلبس الحلي كلّه إلاّ حليا مشهورا لزينة(المرأة المحرمة)57

إنّي أحرّم المدينة كما حرّم إبراهيم مكّة 140

أو أطعم ستّة مساكين،بين كلّ مسكينين صاع 251

أو أطعم ستّة مساكين،لكلّ مسكين نصف صاع 251

أو أطعم ستّة مساكين،لكلّ مسكين نصف صاع تمر(المحرم يحلق رأسه)246

أو أطعم فرقا بين ستّة مساكين(المحرم يحلق رأسه عن أذى)251

الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا(أيّ الحجّتين لهما)390،403

ص:465

إيّاكم أن تجعلوا في زادنا شيئا من الطيب...42

أيّهما أحبّ إليك أن تأكل؟(المحرم إذا اضطرّ إلى أكل الصيد و الميتة)177

أيّهما أحبّ إليك؟أن تأكل من مالك أو الميتة؟(المحرم إذا اضطرّ)177-178

«حرف الباء»

بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر(المحرم كيف يحكّ رأسه)109

بأظافيره ما لم يدم و لا يقطع الشعر(المحرم يحكّ رأسه)117،271

بأنّه أثم و لعب بدينه(بأيّ شيء يفصل المتعمّد من الخاطئ؟)278،280

بريد في بريد(ما الذي حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة؟)136

بلى(أ ليس اللّه يقول:إنّ الصفا و المروة...)418

بمكّة،إلاّ أن يشاء صاحبها...(عن كفّارة العمرة المفردة؟)376

«حرف التاء»

تأكل من مالك أحبّ إليك أو ميتة؟(المحرم إذا اضطرّ إلى الميتة)178

تحرم فيه و تلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها و مسيرها(المحرمة تلبس الحلي)59

تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة(المرأة المحرمة)75

تصدّق بثمنهما(فرخين مسرولين ذبحتهما)323

تصدّق بكفّ من طعام(حككت رأسي و أنا محرم)270

تغتسل ثمّ تحرم 425

تقضيه إذا رجعت إلى مالك(إن لم يكن عندي مال؟)179

تكتحل المرأة المحرمة بالكحل كلّه إلاّ الكحل الأسود للزينة 55

تلبس الحلي كلّه،إلاّ حليا مشهورا لزينة(المرأة المحرمة)62

تلبس المحرمة الخاتم من الذهب 58

ص:466

تلبس المرأة المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة 20

تلبس المرأة المحرمة الحلي كلّه إلاّ القرط المشهور 57

تلبس المسك و الخلخالين(المرأة المحرمة تلبس الحلي؟)57،62

تمرة خير من جرادة(محرم قتل جرادة)334

«حرف الثاء»

ثلاثة أكفّ،لكلّ ظفر كفّ...(محرم ينسى فيقلّم ثلاثة أظافيره)265

ثمّ اتّق قتل الدوابّ كلّها إلاّ الأفعى و العقرب و...148

ثمن طيرين تطعم به حمام الحرم(غلام كسر بيضا)327

الثياب كلّها ما خلا القفّازين و البرقع و الحرير(ما يحلّ للمرأة أن تلبس؟)61

«حرف الجيم»

جاهلين أو عالمين؟(محرم غشي امرأته)390،406

جديين أو حملين(غلام كسر بيضتين في الحرم)327

«حرف الحاء»

الحاجّ أشعث أغبر 54

الحجّ عرفة 392،394

حرّم اللّه حرمه بريدا في بريد...133

حرم فرعها؛لمكان أصلها؛حرام أصلها؛لمكان فرعها(في شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ)130

حرم المدينة ما بين ثور إلى عير 138

حشر عليهم الصيد من كلّ وجه حتّى دنا منهم ليبلوهم به 143

ص:467

حفوف الرجل من الطيب(عن قول اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ )23

«حرف الخاء»

خمّروا وجهه و لا تخمّروا رأسه 72

خمّروا وجهه و لا تخمّروا رأسه فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا(محرم و قصت به و ناقته فمات).71

خمس من الدوابّ ليس على المحرم جناح في قتلهنّ 148

«حرف الدال»

درهم خير من ثمنهما(كم ثمنهما؟في فرخين مسرولين)323

«حرف الذال»

ذلك في كتاب عليّ عليه السلام 223

ذو علّة(هل يستتر المحرم من الشمس؟)81

«حرف الراء»

رآني عليّ بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش 124

الرّجل جبار 369

رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قطع عودي المحالة-و هي البكرة...126

الرّفث:جماع النساء،و الفسوق:الكذب،و التفاخر و الجدال 198

رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان 69،399،406،407

رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه 233،247،266

ص:468

«حرف السين»

سبحان اللّه و أنتم محرمون؟!(مرّ أبو جعفر عليه السلام على أناس يأكلون جرادا)154-155

سبحان اللّه!!بئس ما صنعا(محرمان اقتتلا)452

«حرف الشين»

شاة(كم فداء المحرم يظلّل؟)83،245

شاة هديا بالغ الكعبة(الأرنب يصيبه المحرم)310

«حرف الصاد»

صدقت،صدقت(فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)54

صدقت يا بنيّ(قال أمير المؤمنين عليه السلام)313

صيد وجّ و عضاها محرّم 134

«حرف الطاء»

الطيب:المسك و العنبر و الزعفران و العود 24-25

الطيب:المسك و العنبر و الزعفران و الورس 25

«حرف الظاء»

ظلّل عليها وحدها(عمّتي...يشتدّ عليها الحرّ)87

ظلّل و أرق دما...للعمرة؟...فارق دمين(في التظليل)85

ظلّل و كفّر(فإن مرضت؟)84

ص:469

«حرف العين»

العجماء جبار 369

عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به 290،303،307،309

على الذي اشتراه فداء(محلّ اشترى لمحرم بيض نعام)345-346

على الذي أفتاه شاة(محرم كانت له إصبع عليلة...فأفتاه رجل...فقصّه فأدماه)267-268

على كلّ إنسان منهم شاة(قوم محرمون اشتروا صيدا)352-353

على كلّ من أكل منه،فداء صيد(قوم اشتروا ظبيا)353

على كلّ من أكل منه،فداء صيد،كلّ إنسان منهم على حدة فداء صيد كاملا 181

على كلّ واحد منهما دم(محرمان اقتتلا)383،452

على كلّ واحد منهما الفداء(محرمان رميا صيدا)355

على المحرم أن يتنكّب الجراد 335

على المحرم الفداء كملا(محرم و محلّ قتلا صيدا)355

عليك بدنة 420

عليك الثمن(محرم ذبح طيرين)323

عليكم فداء واحد دم شاة(أوقدنا نارا...فمرّ بها طير...فاحترق جناحاه)367

عليه أن يتصدّق عن كلّ فرخ(رجل كسر بيض الحمام)328

عليه أن يردّها،فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به(إذا أخرج حمام الحرم)186

عليها بدنة(شكرت بهذه الامرأة)444

عليه بدنة(محرم أصاب نعامة)296

عليه بدنة(محرم أصاب نعامة و حمار وحش)297،301

عليه بدنة(محرم قتل نعامة)295

عليه بدنة(محرم وقع على أهله)391

عليه بدنة؛لفساد عمرته...(رجل اعتمر عمرة مفردة،فغشي أهله)428

ص:470

عليه بدنة و إن لم ينزل و ليس له أن يأكل منه(محرم قبّل امرأته)441

عليه بدنة،و ليس عليه الحجّ من قابل(محرم وقع على أهله...)411،412

عليه بقرة(فإن أصاب بقرة وحش...ما عليه؟)300-302

عليه ثلاث قيمات(محرم اصطاد طيرا في الحرم)356

عليه ثمنه(المحرم إذا قلع من الأراك الذي بمكّة)125

عليه ثمنها ليس غيره(محلّ قتل حمامة في الحرم)324

عليه الجزاء؛لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم(لو رمى المحلّ صيدا خارج الحرم)188

عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم(شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ)188

عليه جزور أو بقرة،فإن لم يجد فشاة(محرم نظر إلى غير أهله فأنزل)212،435

عليه جزور سمينة...(رجل وقع على امرأته قبل طواف النساء)421

عليه جزور كوماء(محرم واقع امرأته)417

عليه حمل(محرم قتل فرخا من فراخ الحمام)325

عليه دم(رجل أصاب جرادة و أكلها)334

عليه دم(رجل...يتهيّأ للإحرام ثمّ يواقع أهله)414

عليه دم(قتل ثعلبا)308

عليه دم(المحرم يلبس القميص متعمّدا)227-228

عليه دم(المحرم يقلّم أظافيره و يعيد إحرامه)101،108

عليه دم يهريقه(محرم قتل غزالا)347

عليه دم(محرم نسي أن يقلّم أظافيره...فأفتاه رجل...أن يقلّم أظافيره)268

عليه دم شاة(محرم أكل لحم صيد...)382

عليه دم و جزاء الحرم ثمن اللبن(محرم أخذ عنز ظبية)357

عليه ربع ثمنه(محرم رمى ظبيا...رآه بعد ذلك مشى)194،349

عليه ربع الفداء(رجل رمى صيدا فكسر يده...فرعى الصيد)193،349

ص:471

عليه ربع قيمة الغزال(محرم كسر إحدى قرني غزال)347

عليه شاة(إن أصاب ظبيا)307

عليه شاة(المحرم أكل من لحم صيد لا يدري ما هو)223

عليه شاة(محرم قتل حمامة)324

عليه شاة و الكاذب عليه بقرة(الذي يجادل و هو صادق)448

عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد(محرم رمى صيدا...)193،350

عليه الفداء...لا...إذا طرحه فعليه فداء آخر...(رجل ذبح حمامة من حمام الحرم)175

عليه فداؤه(محرم رمى ظبيا)349

عليه فداؤه...عليه ربع ثمنه(محرم رمى ظبيا)194

عليه الفداء و الجزاء و يضرب دون الحدّ(محرم قتل صيدا في الكعبة عمدا)356

عليه الفداء و الجزاء و يعزّر(محرم قتل صيدا)356

عليه في كلّ ظفر قيمة مدّ...(محرم قلّم ظفرا)262

عليه قيمة البيضتين(غلام كسر بيضتين في الحرم)327

عليه قيمته(محرم فقأ عيني غزال)347

عليه قيمتها(رجل قتل حمامة)322

عليه قيمتها و هو درهم(قتل حمامة)324،328

عليه كبش يذبحه(رجل قتل أسدا في الحرم)150

عليه الكفّارة(فإن أخذ ظبيا متعمّدا فذبحه)277،280

عليه الكفّارة(محرم أصاب صيدا)277،280

عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب(محرم يصيد الصيد)279

عليه كلّما عاد كفّارة(محرم أصاب صيدا فعاد)280

عليه لكلّ صنف منها فداء(المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها)230-231،234

عليه مدّ في كلّ إصبع...(محرم قلّم أظافيره)263،264

ص:472

عليه نصف قيمته(محرم كسر إحدى يدى غزال)347

عليه نصف قيمته يتصدّق به(محرم كسر قرنيه)347

عليها بدنة(فقالت المرأة...فإنّي قد اشتهيت)444

عليهم شاة شاة(صيد أكله قوم محرمون)356

عليهم قيمة كلّ طائر درهم...(قوم أغلقوا الباب على حمام الحرم)365

عليهم مكان كلّ فرخ بدنة(محرمون أصابوا فراخ نعام)298

عليهما جميعا الكفّارة...(محرم يعبث بامرأته حتّى يمني)442

عليهما جميعا،يفدي(محرمان يرميان صيدا)355

«حرف الفاء»

فأرق دمين(التظليل في إحرام العمرة)85

فارمسوه في الماء إذا 155

فاسأل ابني الحسن عليه السلام عنها(خرجت محرما فوطأت ناقتي)312

فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحلق رأسه،و جعل عليه الصيام...(إذا حلق المحرم رأسه عن أذى)247

فإن أتى المحرم أهله ناسيا،فلا شيء عليه 406

فإن أصابه المحرم في الحرم،فعليه قيمتان 380

فإن أصبته و أنت حلال في الحرم 380

فإن حملها أو مسّها بغير شهوة...فليس عليه شيء 439

فإن قلّم أصابع يديه كلّها،فعليه دم شاة 264

فإن كانت قيمة البدنة أقلّ...لم يكن عليه إلاّ قيمة البدنة 295

فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام...لم يزد...295

فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا،فإن لم يجد...304

ص:473

فإن لم يجد ما يشتري بدنة...فعليه أن يطعم 292

فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين...14

فإن لم يقدر على بدنة،فإطعام ستّين مسكينا 390

فإن لم يقدر على ذلك،صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما 292

فإن لم يقدر على الطعام،صام 290،292،302،303،306،307

فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ 303

فإنّ تمام الحجّ و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلاّ من خير 216

فأيّ شيء الخطأ عندك؟(فإن أصابه خطأ؟)277

فرأيت عليّا عليه السلام إذا قدم مكّة ينحر بدنة لكفّارة الظلّ 244-245

فالرفث:الجماع،و الفسوق:الكذب،و السباب و الجدال...:لا و اللّه 198

فصل ما بينهما كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ و يفرخ 156

فصم ثلاثة أيّام،و إن شئت فتصدّق بثلاثة آصع من تمر 251

فعليه إطعام عشرة مساكين(كفّارة الظبي إن لم يجد شاة)308

فعليه أن ينحره إن كان في الحجّ(محرم أصاب صيدا)375

فعليه شاة و قيمة الحمامة(إن قتلها في جوف الحرم)324

فعليه صيام ثلاثة أيّام(لم يقدر على ما يتصدّق به)308

فقلت لربيعة...حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة ما بين لابتيها 136

فكل الصيد و افده(محرم اضطرّ إلى أكل الصيد و الميتة)178

فكلوا ما بقي من لحمها 170

فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية(الرجل إذا تهيّأ للإحرام)413-414

فليتخيّر الذي يأكلون 156

فليصم ثمانية عشر يوما(فإن لم يقدر على ما يتصدّق به)296،297،301

فليطعم ثلاثين مسكينا(إن لم يقدر على بقرة)303

ص:474

فليطعم ستّين مسكينا(محرم أصاب نعامة...إن لم يقدر)301

فمن ابتلي بشيء من ذلك فليتصدّق(المحرم إذا مسّ الطيب)240

فمن ابتلي بشيء من ذلك فليغسله 42

فمن لم يجد إبلا فعليه لكلّ بيضة شاة 315

في الأرنب شاة 310

في الأرنب مثل ما في الثعلب 310

في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه 313

في الجدال شاة،و في السباب و الفسوق بقرة،و الرفث:فساد الحجّ 198

في الحمامة درهم 322،325

في الصيد يضاعفه ما بينه و بين البدنة 380

في الضبع كبش 374

في الظبي شاة 306

في الظبي شاة و في البقرة بقرة،و في الحمار بدنة،و في النعامة بدنة 301

في الظبي شاة،و في حمار وحش بقرة،و في النعامة جزور 287

في كتاب عليّ عليه السلام:في بيض القطاة بكارة مثل ما في بيض النعام 318

في كتاب عليّ عليه السلام:في بيض القطاة بكارة من الغنم 313

في كتاب عليّ عليه السلام:من أصاب قطاة أو حجلة...فعليه دم 330

في النعامة بدنة 289

في النعامة بدنة،و في حمار الوحش بقرة 300

في اليربوع و القنفذ و الضبّ...جدي 336

«حرف القاف»

قال اللّه: ...فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً... فمن عرض له وجع أو أذى 252

ص:475

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ مكّة حرم اللّه حرّمها إبراهيم عليه السلام 135

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه 216

القبّرة و الصّعوة و العصفور إذا قتله المحرم 332

قبل و بعد و مع ليس به بأس(ما تقول في دهنة بعد الغسل للإحرام؟)47-48

قد أتى عظيما(محرم واقع أهله)390،399

قد أفسد عمرته و عليه بدنة(الرجل يعتمر...فيطوف...ثمّ يغشى أهله)428

قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الفحل...(محرم وطئ بيض نعام)368

قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأته و هو محرم 206

قضى فيها أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الفحل...(محرم وطئ بيض نعام)314

قطع الخفّين فساد،يلبسهما كما هما 14

قيمته،فإن أصابه المحرم في الحرم،فعليه قيمتان(ما في القمريّ و الدبسيّ و السمان؟)380

«حرف الكاف»

كان أبي عليه السلام يشدّ على بطنه نفقته 18،220

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يركب راحلته فلا يستظلّ عليها...و إذا انزل استظلّ 82

كان عليّ عليه السلام يقول:في محرم و محلّ قتلا صيدا 355

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة 225

كفّ من طعام(محرم قتل عظاية)339

كفّ من طعام(محرم قتل جرادا كثيرا)334

كفّين(محرم ينسي فيقلّم ظفرين)265

كلّ شيء في القرآن(أو)فصاحبه بالخيار 293

كلّ شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلاّ 122،125

كلّ ما أصاب العبد و هو محرم في إحرامه فهو على السيّد 372

ص:476

كلّ ما يخاف المحرم على نفسه من الحيّات و السباع و غيرها فليقتله،و إن لم يردك فلا ترده 332-333

كلّ ما يخاف المحرم على نفسه من السباع...فليقتله،و إن لم يردك فلا ترده 148

«حرف اللام»

لا،[إنّه]صيد في الحرم(محرم أصاب صيدا و أهدى إلى غيره)174

لا،(أظلّل و أنا محرم؟)84

لا،(أ فأظلّل و أكفّر؟)84

لا،(في الجراد أ يأكله المحرم؟)154

لا،(في المحرم يركب القبّة)85

لا،(قلت:فيأكله؟)175

لا،(المحرم أ يستظلّ على المحمل؟)80

لا،(المحرم يركب القبّة؟)85

لا،(المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطإ أو عمد،أهم فيه سواء؟)277،280

لا،(المحرم يقول:لا و اللّه و بلى و اللّه و هو صادق،عليه شيء؟)448

لا أحبّه(المحرم هل يحتجم؟)105

لا أحبّه لك(المحرم يغسل يده بأشنان فيه الإذخر؟)27

لا،إلاّ أن يخاف على نفسه التلف و لا يستطيع الصلاة(المحرم يحتجم؟)105

لا،إلاّ أن يكون شيخا كبيرا(هل يستتر المحرم من الشمس؟)81

لا،إلاّ مريض أو من به علّة و الّذي لا يطيق الشمس(المحرم هل يظلّل عليه؟)79

لا إلاّ من علّة(المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده؟)70

لا،إنّما أراد بهذا إكرام أخيه(المحرم يريد...فيقول:و اللّه لأعملنّه)450

لا بأس(رجل قصّ أظافيره نسيانا إلاّ إصبعا واحدة)265

ص:477

لا بأس(سألته عن السعوط للمحرم فيه طيب)23

لا بأس(فإن أراد أن ينزلها في المحمل)213،439

لا بأس(المحرم يضع يده على امرأته)439

لا بأس(المحرم يضع يده على امرأته هل عليه فدية؟)213

لا بأس(المحرم يعصر الدمّل و يربط عليه الخرقة؟)108

لا بأس(هل يخرج المحرم الفهد من الحرم؟)224

لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب و الخزّ 59

لا بأس أن تشمّ الإذخر و القيصوم 26

لا بأس أن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب 53

لا بأس أن يؤدّب المحرم عبده ما بينه و بين عشرة أسواط 222،452

لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر 105

لا بأس أن يدخل المحرم الحمّام و لكن لا يتدلّك 110،113

لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض(المحرم)70

لا بأس أن يصيد المحرم السمك و يأكله طريّه و 156

لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس 70

لا بأس أن يعصّب المحرم رأسه من الصداع 65

لا بأس أن يمسحه بيده أو يغسله(محرم أصابه طيب)35

لا بأس،إنّما الفداء على المحرم(محرم أصاب صيدا أ يأكل منه الحلال؟)173

لا بأس بأكله إن كان محلاّ،و إن كان محرما،فلا(حمام أهليّ ذبح و أدخل الحرم)171

لا بأس بحكّ الرأس و اللحية ما لم يلق الشعر 110

لا بأس بذلك(المحرم ينام على وجهه و هو على راحلته؟)77

لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك(المحرم يستتر بطرف ثوبه من حرّ الشمس؟)77

لا بأس بالريح الطيّبة في ما بين الصفا و المروة من ريح العطّارين،و لا يمسك على أنفه 37

ص:478

لا بأس بالظلال للنساء و قد رخّص فيه للرجال 84

لا بأس بالقبّة على النساء و الصبيان و هم محرمون،و لا يرتمس 86

لا بأس بقتل القمل و البقّ في الحرم و 144،153،333

لا بأس بلبس الخاتم للمحرم 58

لا بأس به(المحرم يقبّل أمّه؟)442

لا بأس به إذا ذهب ريحه،و لو كان مصبوغا...(ثوب المحرم يصيبه الزعفران)35

لا بأس به،هذه قبلة رحمة،إنّما تكره قبلة الشهوة(المحرم يقبّل أمّه؟)214

لا بأس به،هما طهوران(خلوق الكعبة و خلوق القبر يكون في ثوب الإحرام)32

لا بأس،لا يضرّه(الصيد يكون عند المحرم في منزله)166

لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك و لا كافور 52

لا،بل عليهما جميعا يجزئ كلّ واحد منهما الصيد(محرمان أصابا صيدا)159

لا تأكل شيئا من الصيد و إن صاده حلال 266،367

لا تتنقّب المرأة الحرام و لا تلبس القفّازين 61

لا تخمّروا رأسه،فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا(المحرم الذي و قصت به ناقته)63

لا تدّهن-حين تريد أن تحرم-بدهن...من أجل أنّ رائحته 46

لا تدّهن حين تريد أن تحرم بدهن...يبقى ريحه في رأسك...46

لا تشتره في الحرم إلاّ مذبوحا قد ذبح في الحلّ ثمّ أدخل الحرم فلا بأس به(صيد رمي في الحلّ ثمّ أدخل الحرم و هو حيّ)172

لا تطيّبي و أنت محرمة،و لا تمسّي الحنّاء فإنّه طيب 29

لا تقربوها في الحرم إلاّ ما كان مذبوحا...(إنّ هؤلاء يأتونا بهذه اليعاقيب)172

لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد،إنّ السواد زينة 55

لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار 12

لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوبا تزرّه و لا تدرّعه..9

ص:479

لا تلبسوا شيئا من الثياب مسّه الزعفران و الورس 33

لا تمسّ الريحان و أنت محرم،و لا تمسّ شيئا فيه زعفران...و لا ترتمس في ماء 33،66

لا تمسّ شيئا من الطيب 22

لا تمسّ شيئا من الطيب و أنت محرم،و لا من الدهن 240

لا تمسّوه بطيب 22

لا تمسّي الحنّاء فإنّه خضاب 30

لا تنظر في المرآة و أنت محرم،فإنّها من الزينة 56

لا تنظر[المرأة المحرمة]في المرآة للزينة 56

لا شيء على مولاه(عبد أصاب صيدا و هو محرم)372

لا شيء عليه(محرم نظر إلى امرأته فأمنى)213،437

لا شيء عليه في القملة(محرم قتل قملة)271

لا شيء عليه و لا يعود(المحرم يحكّ رأسه فيسقط منه القملة)117،271

لا شيء عليهم(قوم قتلوا من الجراد شيئا)335

لا شيء في القملة و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها(محرم قتل قملة)118

لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة 48

لا،هي بمنزلة القملة من جسدك(المحرم ينزع الحلم عن البعير؟)119

لا،و هو للنساء جائز(المحرم يركب في الكنيسة؟)86

لا يأخذ الحرام من شعر الحلال 258

لا يؤخذ و لا يمسّ،إنّ اللّه يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (عن ظبي دخل الحرم)165،183

لا يأكله محرم(حمام ذبح في الحلّ)170

لا يأكله محرم و إذا أدخل مكّة،أكله المحلّ بمكّة...(حمام ذبح في الحلّ).168،171،172

لا يحتشّ حشيشها(مكّة)124

لا يحرم أحد و معه شيء من الصيد حتّى يخرجه من ملكه 165،359

ص:480

لا يخبط شوكها و لا يعضد شجرها(مكّة)123

لا يختلى خلاها 124

لا يختلى خلاها و لا يعضد شجرها 273

لا يختلى شوكها(مكّة)123

لا يدخل(هل المحرم يدخل الحمّام؟)114

لا يرتمس المحرم في الماء 66

لا يرى أهل مكّة بأسا،عليهم ثمنه(أهدي لنا طير مذبوح،فأكله أهلنا)172

لا يشهد(هل المحرم يشهد على نكاح المحلّين؟)158،204

لا يصاد حمام الحرم حيث كان 186،382

لا يضرّه(المحرم يعبث بلحيته فينتف منها الطاقات)257

لا يضرّه و لا يغسله(المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة)235-236

لا يظلّل إلاّ من علّة(الظلال للمحرم)79

لا يعضد شجرها(الحرم)125

لا يعضد شجرها و لا يحتشّ حشيشها و لا يصاد صيدها 121

لا يعضد شوكها 123

لا يقصّ شيئا منها إن استطاع...(المحرم تطول أظفاره)102

لا يكتحل الرجل و المرأة المحرمان بالكحل الأسود 55

لا يكتحل المحرم عينيه بكحل فيه زعفران 53

لا،يكذب الناس(حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صيد المدينة؟)135-136

لا يلبس قميصا،و لا سراويل،و لا عمامة،و لا برنسا...(ما يجتنب المحرم)9

لا يلبسه للزينة(أ يلبس المحرم الخاتم؟)58

لا يمسّ؛لأنّ اللّه يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (طائر أهليّ أدخل الحرم حيّا)183،360

لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان 42

ص:481

لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب و لا من الريحان و 22،240

لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوّج محرما 433

لا ينزع من شجر مكّة شيء إلاّ النخل و شجر الفواكه 125

لا ينفّر صيدها(صيد الحرم)186،187

لا ينكح المحرم و لا ينكح و لا يخطب 199

لا ينكح المحرم و لا ينكح و لا يشهد 204

لحمه حرام،كالميتة(محلّ رمى صيدا في الحلّ فتحامل الصيد إلى الحرم)192،194

لعلّك آذاك هوامّك؟(قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للكعب بن عجرة)246

لعلّك يؤذيك هوامّ رأسك،احلق رأسك و صم ثلاثة أيّام 89

لعنك اللّه لا برّا تدعينه و لا فاجرا،و...(قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العقرب)149

لكلّ فرخ تحرّك بعير ينحره في المنحر(رجل كسر بيض نعامة)313

للعمرة؟(فقلت له:دما أو دمين؟)85

للمدينة حرم ما بين ثور إلى عير 135

لم ذبحتهما؟(فرخين مسرولين)323

لم يجعل الله له حدّا يستغفر اللّه و يلبّي(من ابتلي بالفسوق،ما عليه؟)450

لها المهر إن كان دخل بها 207

لو مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات،ما كان عليّ شيء 256

ليس بالجدال،إنّما الجدال قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه(المحرم يقول:لا لعمري)450

ليس على سيّده شيء(محرم معه غلام أصاب صيدا)372

ليس على المحلّ شيء إنّما الفداء على المحرم(محرم أصاب صيدا أ يأكل منه المحلّ؟)173

ليس عليك شيء 421

ليس عليه شيء(الرجل يرمى الصيد و هو يؤمّ الحرم)195

ليس عليه شيء(محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى)443

ص:482

ليس عليه شيء(محرم سمع كلام امرأة...فأنزل)443

ليس عليه شيء(محرم نظر إلى امرأته)212،437

ليس عليه شيء(محرم وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء)420

ليس عليه شيء(المحرم يتوضّأ فيسقط من لحيته الشعرة و الشعرتان)256

ليس عليه شيء إلاّ أن يكون طلب ذلك(فإن أراد أن ينزلها...أدركته الشهوة؟)213

ليس عليه شيء،إنّما هو بمنزلة رجل نصب شبكة(رجل يرمي و الصيد يؤمّ الحرم)195

ليس عليه شيء ما لم يلبّ(رجل صلّى الظهر في مسجد الشجرة...ثمّ واقع أهله)413

ليس عليه شيء وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 256

ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله 155

ليس للمحرم أن يتزوّج و لا يزوّج،فإن تزوّج أو زوّج محلاّ فتزويجه باطل 199

ليس للمحرم أن يلبّي من دعاه حتّى يقضى إحرامه،يقول:يا سعد 222

ليس من الصيد،إنّما الصيد ما كان بين السماء و الأرض(الدجاج الحبشيّ)146

ليس ينبغي للمحرم أن يتزوّج و لا يزوّج محلاّ 203

[ليس]هذا مثل هذا يرحمك اللّه،إنّ ذلك عليه(رجل أصاب مالا حراما)173

ليطعم ستّين مسكينا(فإن لم يقدر على بدنة)296،297

«حرف الميم»

ما أحبّ أن يخرج منها شيء(القماريّ تخرج من مكّة و المدينة؟)186،224

ما إخال أحدا يعلّمنا بالسنّة 31

ما بين لابتيها حرام(المدينة)138

ما كان من الطير لا يصفّ،فلك أن تخرجه من الحرم 146

ما لم يصفّ فكله،و ما كان يصفّ فخلّ سبيله(دجاج مكّة و طيرها)146

ما لم يكن حريرا محضا،فإنّه لا بأس به(سداه إبريسم)61

ص:483

ما نتج الهدي فهو هدي بالغ الكعبة 315

ما وطأته أو وطأه بعيرك أو دابّتك و أنت محرم،فعليك فداؤه 314،368

ما يعجبني إلاّ أن يكون مريضا(المحرم يركب القبّة؟)86

ما يعجبني أن تفعل(امرأة ارادت أن تحرم هل تخضب يدها؟)31

ما يعجبني ذلك إلاّ أن يكون مريضا(المحرم يركب في القبّة؟)79

ما ينتج الهدي فهو هدي بالغ الكعبة 316

مثل ما في الثعلب(محرم قتل أرنبا)308

المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة 321،325

المحرم إذا قتل الصيد،فعليه جزاؤه 281

المحرم إذا مرّ على جيفة فلا يمسك على أنفه 38

المحرم إذا وقع على أهله يفرّق بينهما 405

المحرم لا يأكل الجراد 154

المحرم لا يتزوّج و لا يزوّج،فإن فعل،فنكاحه باطل 203

المحرم لا يدلّ على الصيد،فإن دلّ عليه فعليه الفداء 158

المحرم لا يدلّ على الصيد،و إن دلّ عليه فعليه الفداء 160

المحرم لا ينزع القملة من جسده و لا من ثوبه متعمّدا 115،270

المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد،فإن نكح فنكاحه باطل 203،204

المحرم يذبح ما حلّ للحلال في الحرم أن يذبحه و هو في الحلّ و الحرم جميعا 145

المحرم يطلّق و لا يزوّج 210

المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن 75

المحرمة لا تتنقّب،لأنّ إحرام المرأة في وجهها 64،72،74

المحرمة لا تلبس الحلي و لا الثياب المصبغات إلاّ صبغا لا يردع 59

المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور لا يختلى خلاها 141

ص:484

مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على كعب بن عجرة و القمل يتناثر من رأسه فأمره...فحلق رأسه 90،246-247

مره فليفعل و ليستتر(أراد الإحرام و أراد أن يتزوّج)200

من أدرك عرفة فقد تمّ حجّه 392

من أصاب بيض نعام و هو محرم 312

من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل 292،296،381

من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب،فعليه دم 43،235،239

من حلق رأسه،أو نتف إبطه ناسيا...فلا شيء عليه،و من فعله متعمّدا،فعليه دم 254

من ذبح منه طيرا...فعليه أن يتصدّق...(في حمام مكّة الأهليّ)328-329

من راح في الساعة الأوّلة فكأنّما قرّب بدنة 426

من زاد على دفعتين،فقد وقع عليه الدم(الجدال في الحجّ)448،449

من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود 397

من قلّم أظافيره ناسيا أو ساهيا،أو جاهلا فلا شيء عليه،و من فعله متعمّدا،فعليه دم 265

من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت 216

من لم يجد نعلين فليلبس خفّين 16،18

من نتف إبطه...و هو محرم..ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء 233،248،357

من وجب عليه فداء صيد...فإن كان حاجّا،نحر هديه...بمنى 375

من وجب عليه هدي في إحرامه،فله أن ينحر حيث شاء 376

من وعير إلى وعير(ما الذي يحرم من الشجر؟)136

من وقف معنا هذا الموقف...فقد تمّ حجّه 394

موسرا أو معسرا؟(محلّ وقع على أمة محرمة)424

ص:485

«حرف النون»

نسي؟...لا بأس(رجل قصّ أظافيره إلاّ إصبعا واحدة...قلت:نعم)265

نعم(أ يدّهن المحرم بالحنّاء البنفسج؟)47

نعم(رجل تهيّأ للإحرام...أله أن يواقع النساء ما لم يلبّ)413

نعم(المحرم له أن يأكل الأترجّ؟)27

نعم(المحرم يستاك؟)110

نعم(المحرم يستظلّ في الخباء؟)80

نعم(المحرم يشتري الجواري و يبيع؟)210

نعم(المحرم يضع عصام القربة على رأسه؟)18،65

نعم(المحرم يظلّل على محمله و يفدي؟)83،245

نعم(المحرم يكون به القرحة،يربطها أو يعصّبها بخرقة؟)66

نعم(المرأة المحرمة تركب القبّة؟)85

نعم(النساء هل تركب القبّة؟)86

نعم(هل المريض المحرم يستظلّ؟)88

نعم(هل يعطي المحرم وجهه إذا أراد أن ينام؟)73

نعم،إذا خشي الدم(المحرم يحتجم؟)105

نعم،إذا لم يكن صاده(المحرم معه لحم الصيد)224،383

نعم،إنّما تريد بذلك الستر(المحرمة أ تلبس السراويل؟)13

نعم،بريدا في بريد عضاها(حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة؟)135

نعم...(المحرم يظلّل على محمله و يفدي إذا كانت الشمس و المطر تضرّ به؟)83،245

نعم،عليه الحجّ من قابل(عليه شيء غير هذا؟)391

نعم،لا بأس به(الصيد يذبح في الحلّ و يدخل الحرم و يؤكل؟)173

نعم،لا بأس به(المحرم أ يتخلّل؟)27

ص:486

نعم،لا بأس به(المحرم يؤذيه ضرسه أ يقلعه؟)109

نعم،لا بأس به و تلبس الخلخالين و المسك(المحرمة تلبس القميص تزرّه عليها...؟)60

نعم؛لأنّها لا تستقلّ بالطيران(الدجاج السنديّ يخرج به من الحرم؟)146

نعم،هذا الخطأ و عليه الكفّارة(يرمي النخلة فيصيب نخلة أخرى)277،280

نعم،هو من السنّة(المحرم إن أدمى يستاك؟)110-111

نعم،هي امرأته كما هي(محرم واقع أهله...فإذا انتهيا إلى مكّة فهي امرأته؟)390

نعم و صغار لهما إنّهما رقيا في غير مرقاهما(وجدت عليّ قرادا أو حلمة أطرحهما؟)118-119

نعم و عليك الكفّارة(أظلّل و أنا محرم؟)244

نعم،و لا يخمّر رأسه(المحرم يريد أن ينام يغطّي وجهه عن الذباب؟)64،71،76

نعم،و لا يخمّر رأسه،و المرأة المحرمة لا بأس أن تغطّي وجهها كلّه 64

نعم،و لا يدمي(المحرم يستاك؟)110

نعم،و لكن يشقّ ظهر القدم(المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل؟)10،14

نعم،و ما خيره بعد نفقته؟(المحرم يشدّ الهميان وسطه؟)18،220

نعم،يفيض الماء على رأسه و لا يدلك(المحرم يغتسل؟)67،110

نفقة الرجل على أهله صدقة 386

نكاحه باطل(محرم تزوّج)202

«حرف الهاء»

هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟(صيد الحمار الوحشيّ)157-160

هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟170

هو أعلم بنفسه إذا علم أنّه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظلّ(يستتر المحرم من الشمس؟)84

هو سبع،و كلّما أدخلت من السباع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه 224

ص:487

هو سبع،و كلّ ما أدخلت من السبع الحرم(رجل أدخل فهدا إلى الحرم،أله أن يخرجه؟)153

هو مالك؛لأنّ عليك فداؤه 178

هي علّة يظلّل و يفدي(المحرم تؤذيه الشمس)83

«حرف الواو»

و اتّق الطيب في زادك 42

و اتّق الطيب في زادك و أمسك على أنفك من الريح الطيّبة و لا تمسك 242-243

و اتّق الطيب و أمسك على أنفك...و لا تمسك عليها من الريح المنتنة 240

و اتّق قتل الدّوابّ كلّها 118

و اجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه 143،158

و إحرام الرجل في رأسه 74

و ادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم 47

و إذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام 167

و الرفث:فساد الحجّ 198

و أمّا ما شرط لهم،فإنّه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ... 217

و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة(في حمام الحرم)144

و إن ألقى المحرم يعني القراد عن بعيره فلا بأس و لا يلقي الحلمة 119

و إن حملها أو مسّها بغير شهوة فأمنى...فليس عليه شيء(محرم حمل امرأته)213،439-440

و إن شاء تركه إلى أن يقدم(في المحرم...يوجب عليه الهدي)375

و إن قتل شيئا من ذلك-يعني القمل-خطأ 333

و إن كان أغلق الباب قبل أن يحرم فعليه ثمنه(رجل أغلق بابه على طائر)365

و إن كان أمسكه حتّى مات،فعليه الفداء(أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات)359

و إن كانا عالمين،فرّق بينهما(محرم غشي امرأته)390،402

ص:488

و إن كانت(أظفاره طوال)101

و إن كان طاف طواف النساء...فقد أفسد حجّه...و يغتسل ثمّ يعود 422

و إن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا،فلا شيء عليك 406

و إن مرّ بها رجل استترت منه بثوبها و لا تستتر بيدها من الشمس(المرأة المحرمة)76

و إن مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة،فلا شيء عليه 212،439

و إن وطئ البيض،فعليه درهم 326

و إن وطئ المحرم بيضة فكسرها،فعليه درهم 326

و إنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم 135

و أيّ شيء الخطأ عندك؟(فإن أصاب الصيد خطأ؟)280

و أيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه،فإنّ على كلّ إنسان منهم قيمة 181

و أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان،فله أن يلبس الخفّين 19،231

و التفاخر و الجدال:قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه 198

و الجدال قول الرجل:لا و اللّه و بلى و اللّه 198،216

وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام في القطاة 330

و جعل عليه الصيام ثلاثة أيّام و الصدقة على ستّة مساكين 251

و حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة بين لابتيها 134

و[رأيته]قد نتف طاقة و هو يطلب أن يعيدها في مكانها(في عشب الحرم)130

و الصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام،و النسك شاة 252

و الفسوق:الكذب 198،215

و الفسوق:الكذب و السباب 215

و في البقرة،بقرة 301

و في البيض،ربع درهم 325،326

و في الحمار،بدنة 301

ص:489

و في حمار وحش بقرة 300

و في السباب و الفسوق بقرة 198،215

و في الظبي شاة 305

و في الفرخ نصف درهم 325

و في ما سوى ذلك قيمته 324

و في النعامة بدنة 301

و في النعامة جزور 289

و قد رخّص فيه للرجال(في التظليل للمحرم)85

و قد نتف طاقة و هو يطلب أن يعيدها في مكانها(عشب الحرم)124

و كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أميال؟(فقلت لربيعة)136

و كلّ شيء في القرآن:«أو»فصاحبه فيه بالخيار 90

و كلّ شيء في القرآن: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فعليه كذا،فالأوّل بالخيار 90

و لا بأس بأن يغتسل بالماء و يصبّ على رأسه ما لم يكن ملبّدا 67

و لا بأس بقتل النملة في الحرم 333

و لا تتنقّب المرأة و لا تلبس القفّازين(المرأة المحرمة)74

و لا تخمّروا رأسه(المحرم إذا مات)72

و لا يحلق الشعر(المحرم)91

و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها(محرم قتل قملة)271

و لتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ أو حلي(المحرمة)59،62

و ما به بأس لا يضرّه(الصيد يكون عند الرجل...في منزله)362

و المحرم يلقي عنه الدوابّ كلّها إلاّ القملة 116،118

و المرأة المحرمة لا بأس أن تغطّي وجهها كلّه 64،76

و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم 318

ص:490

و من التّفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح 217،451

و من كان عليه شاة فلم يجدها 307،308

و من كان عليه فداء شيء من الصيد فداؤه بقرة 304

و من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة،فعليه دم شاة 439

و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى،فعليه جزور 437

و يستغفر ربّه(محرم مسّ الطيب ناسيا)239

و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان 402

«حرف الياء»

يأكل الصيد(المضطرّ إلى الميتة و هو يجد الصيد)178

يأكل من الصيد أ ما يحبّ أن يأكل من ماله؟!(المحرم يضطرّ...)177،282

يأكل الميتة و يترك الصيد(المحرم إذا اضطرّ)179

يأمرها فتغتسل ثمّ تحرم و لا شيء عليه(أمر جاريته أن تحرم...فغشيها)424

يا أبا سيّار إنّ حال المحرم ضيّقة 211،437،439

يا أبا عمير ما فعل النغير؟(قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)141

يا أبا يوسف إنّ الدين ليس بقياس 80

يا أمير المؤمنين و البيض ربّما أمرق(قاله الحسن عليه السلام)313

يا بنيّ إنّ هذا لا يقلع(حشيش الحرم)124

يا بنيّ كيف قلت ذلك؟(فقال له أمير المؤمنين عليه السلام)312

يتصدّق بصدقة على مسكين...(رجل نتف ريشة حمامة)348

يتصدّق بكفّ من طعام(محرم نسي فيقلّم ظفرا)265

يتنكّبونه ما استطاعوا(الجراد يكون على الطريق)335

يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل...(خرجت محرما فوطأت ناقتي)312

ص:491

يجوز للمحرم أن يشير بصيد على محلّ؟!158

يجوز للمحرم أن يشير على محلّ؟!158

يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين الحرّتين 136

يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة،و لا بأس...(المحرم هل يحكّ رأسه أو يغسل بالماء؟)67

يخلّى البعير في الحرم يأكل ما شاء 128

يدعها(رجل أحرم فنسي أن يقلّم أظفاره)101،268

يدفنه(فما يصنع به؟[بالصيد])175

يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة(محرم تشقّقت يداه)51

يذبح في الحرم الإبل و البقر و الغنم و الدجاج 145

يرجع لا ذنب له(أمّا ما شرط لهم...فمن تعجّل في يومين...)217

يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض(محرم أصاب بيض نعامة)315

يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم 318

يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الغنم 317

يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا...(رجل أصاب طيرين)329

يصنع فيه في الغنم،كما يصنع في بيض النعام...(محرم كسر بيض القطاة)317

يطعم تمرة،و تمرة خير من جرادة(محرم قتل جرادة)334

يطعم ثلاثة مساكين(كفّارة حلق الرأس)255

يطعم شيئا(المحرم يعبث بلحيته فتسقط منها الشعرة و الثنتان)255،260

يطعم شيئا من الطعام(محرم قتل زنبورا)332

يطعم كفّا من طعام أو كفّين(المحرم إذا مسّ لحيته فوقع منها شعر)255

يطعم مكانها طعاما(المحرم يبين(ينزع)القملة من جسده)116،270

يظلّل على نفسه و يهريق دما إن شاء اللّه(المحرم يظلّل على نفسه إذا آذته الشمس؟)83

يغتسل ثمّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين(رجل،عليه طواف النساء وحده)422

ص:492

يغتسل ثمّ يعود فيطوف ثلاثة أشواط...(طاف أسبوعا...ثمّ سعى أربعة...ثمّ غشي أهله)418

يغسل يديه و يلبّي(محرم مسّ الطيب ناسيا)239

يغطّى وجهه و يصنع به كما يصنع بالحلال غير أنّه لا يقرّبه طيبا(المحرم إذا مات)223

يفديه على نحوه(رجل خرج من الحرم فاستقبله صيد...فقتله)195

يفرّق بينهما و لا يجتمعان في خباء...(محرم يقع على أهله)405

يقتل المحرم الأسود الغدر و الأفعى و العقرب و الفأرة،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله...149

يكتحل المحرم إن هو رمد بكحل ليس فيه زعفران 53

يكتحل المحرم عينه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران و لا ورس 52

يكره أن يرمى الصيد و هو يؤمّ الحرم 194

يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه،و لا بأس أن يمدّ المحرم ثوبه 77

يكره للمحرم أن يجوز ثوبه أنفه من أسفل 77

يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء 221

يلبّي إذا ذكر(المحرم لو غطّى رأسه ناسيا أو نائما)69

يلقي القناع عن رأسه و يلبّي و لا شيء عليه(محرم غطّى رأسه ناسيا)63-64،69،245

يمسك على شمّه و يأكله(سألته عن التفاح و الأترجّ...)26

ينحر جزورا(متمتّع وقع على أهله)416

يهرق دما(محرم واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت)417

يهريق دما(محرم قلع ضرسه)109

ص:493

فهرس الأماكن و البلدان

«حرف الألف»

الأبواء:169،223.

«حرف الباء»

البلد الحرام:201.

البيت:81،82،149،417،422،428، 451.

بيت اللّه:311،312،317،319.

«حرف التاء»

التنعيم:431.

«حرف الثاء»

ثور:135،138،141.

«حرف الجيم»

الجعرانة:232،238.

«حرف الحاء»

الحديبيّة:220.

الحرم:123-133،136،137،142- 147،153،161،163-165،167، 168،171-173،175،180،182- 192،194-196،224،272-274، 285،321،326،328،333،348، 356،357،359-364،366،368، 371،377،379-383.

حرم مكّة:134،136،138،141.

حرم المدينة:136-139،141.

الحزورة:375.

«حرف الدال»

دار الندوة:370.

ص:494

«حرف الزاي»

زقاق العطّارين:37.

زمزم:225.

«حرف السين»

سرف:201.

السقياء:259.

«حرف الصاد»

الصفا:37،356،418،419،428.

«حرف الطاء»

الطائف:134،170.

«حرف الظاء»

ظلّ عائر:135،136،139.

ظلّ و عير:135،136،139.

«حرف العين»

عائر:139،141.

عرفة:392-394.

عرفات:16.

العقيق:140.

عير:135،136،138.

«حرف القاف»

القاحة:163.

«حرف الكاف»

الكعبة:32،38،235،312،314، 316،356،368،374-377.

الكوفة:184،186،323.

«حرف الميم»

المدينة:15،134-138،140،141، 184،186،224،225.

المروة:37،356،418،419، 428.

المزدلفة:392-395،445.

المسجد:15،132.

مسجد الشجرة:413.

المشعر:393.

مكّة:42،106،121،122،125،134، 135،138،140،142،146،168، 171،184،185،186،224،245، 297،323،326،328،367،375-

ص:495

377،383،390،399،428،444، 451.

المنحر:376.

منى:124،326،375-377.

المواقيت:428.

الموقفان:389،391،393،395،419، 420،423،438،440.

الميقات:431،432.

«حرف الواو»

وجّ:134،139.

ودّان:169.

وعير:136،139.

«حرف الياء»

اليمن:24،54.

ص:496

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

«حرف الألف»

الأئمّة عليهم السلام:288،337،370، 426.

إسلام:216.

الأصحاب:323،423.

أصحاب أبي حنيفة:98.

أصحاب أبي قتادة:160،163.

أصحاب الرأي:41،59،62،111، 112،117،131،133،147،160، 161،182،187،189،190،192، 219،250،251،261،269،272، 274،277،279،291،293،296، 311،358-359،361،363،411، 440.

أصحاب الشافعيّ:32،98،134،263، 397،401.

أصحابنا:35،55،109،132،146، 149،151-153،159،164،185، 194،203،204،252،268،273، 295،310،317،332،373،409، 426،444.

أصحابه(النبيّ صلّى اللّه عليه و آله):

157.

أعرابيّ:238.

أهل البيت عليهم السلام:137،153، 444.

أهل الحديبيّة:220.

أهل خراسان:109.

أهل الظاهر:90،253،254،312، 346،348،396،444.

أهل العلم:45،82،90،139،154، 157،219،252،272،279،286، 396.

أهل اللغة:330.

ص:497

أهل المدينة:78.

أهل مكّة:172،185،323.

«حرف التاء»

التابعين:351.

«حرف الجيم»

جماعة الظاهرين:444.

الجمهور:9،11،13،14،19،26،29، 30،43،46،54،59،60،62،63، 66،67،70،71،75،77،79،82، 89،101،104-106،108، 111-113،120،122،124،127- 129،131،135،138،141،142، 144،145،147،154،157،159، 160،163،164،169،171،191، 192،194،197،199،204،205، 210،216،219،220،232،238، 244،246،250،251،253،259، 261،277،279،286،289،293، 295،305،317،321،331،338، 344-346،348،350،351،355، 360،361،363،370،389،392، 394،396،398،402،413،436، 437.

«حرف الخاء»

الخاصّة:9،10،12،14،22،26،29، 31،33،45،59،61-63،71،74، 75،79،82،89،105،106،108، 113،121،124،128،132،135، 143-145،148،154،158،160، 170،197،199،204،211،212، 216،220،221،233،239،246، 248،251،253.

«حرف الشين»

الشافعيّة:358.

«حرف الصاد»

صاحبا أبي حنيفة:386.

الصحابة:287-289،300،305،321، 336،385،426.

«حرف العين»

العامّة:179.

ص:498

العطّارون:34،37،39.

العلماء:12،26،35،102،111،138، 159،288،298،348.

علماء الإسلام:22.

علماء الأمصار:63،73،120،145، 197،246،276.

علماؤنا:17،21،24،32،41،45، 52،65،70،78،104،111،128، 134،135،144-146،153،154، 160،166،176،181،187،193، 194،196،198،205،209،221، 228،232،236،238،249،252، 253،261-263،266،276،288، 292،293،297،300،301،305، 309،311،320،331،344،391، 395-397،408،433،437،438.

«حرف الفاء»

الفقهاء:236،379.

فقهاء الأمصار:19،33،101،219، 235،261.

«حرف الكاف»

الكافر:186.

«حرف الميم»

المجوّزون:105.

مجوسيّ:345.

المحقّقون:93،278.

المخالف:32،111،178،204،234، 278،284،305،313،398،402، 444.

المساكين:132،250،255،259،273، 294،296،297،302،307،308، 319،328،374،377،378،381.

المسلم:185،186.

المسلمون:143،156،198.

الموجبون:28.

«حرف الواو»

و ثنيّ:345.

ص:499

فهرس الكتب

«حرف الألف»

الاستبصار:195.

الأمّ:56،232.

الإملاء:232.

«حرف التاء»

التهذيب:73،258،355،442.

«حرف الخاء»

الخلاف:258،416.

«حرف الراء»

رسالة عليّ بن بابويه:366.

«حرف السين»

سنن حرملة:56.

«حرف القاف»

القرآن:276،293،294،337.

«حرف الكاف»

كتاب اللّه:252.

كتاب عليّ عليه السلام:313،318، 330.

كتابي الأخبار(التهذيب و الاستبصار):

106.

«حرف الميم»

المبسوط:24،409،410،416، 442.

المقنعة:319.

الموطّأ:402.

«حرف النون»

النهاية:24،410.

ص:500

فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام

«حرف الألف»

إبراهيم عليه السلام:135،140.

أبو إبراهيم عليه السلام:108،267، 268.

أبو جعفر عليه السلام:10،43،52،64، 71،73-75،126،133،154،165، 171،183،185،206،212،221، 223،230،233-235،239،248، 254،265،290،303،307،330، 345،355،356،359،362،375، 405،422،428،435،448،449.

أبو جعفر الثاني عليه السلام:87.

أبو الحسن عليه السلام:27،58،59،79، 80،81،84،101،107،159،184، 211،244،277،280،310،316، 322،324،328،372،390،399، 402،410،413،441.

أبو الحسن الأوّل عليه السلام:84.

أبو الحسن الرضا عليه السلام:83،87، 210،245.

أبو الحسن موسى عليه السلام:424.

أبو عبد اللّه عليه السلام:9،18-20،22- 27،33،35،37،38،40-42،45- 47،50-53،55-66،69،70،74، 75،77،79،81،84،86،89،90، 95،102،104،105،108-110، 113،115-119،122،124-128، 130،135،136،143-146،148- 150،152-156،158،160،165، 166،168،170-175،177-179، 181،183-186،193،194،195- 200،202-206،210-214،216، 217،220،221-224،227،231، 235،239،242،245،246،252،

ص:501

255-260،262-267،269-271، 279-282،286،289،290،292، 293،295-298،300،302-304، 306-308،310،312-314،317، 318،321-332،334-336،339، 347-349،352،355-357،359، 360،362،364،367،368،372، 375،376،379-382،391،392، 395،396،405،406،411-413، 416-418،420،421،424،428، 433،434،437-439،441-444، 447-452.

أمير المؤمنين عليه السلام:206،312، 313،314،368.

«حرف الباء»

الباقر عليه السلام:14،155،234.

«حرف الجيم»

جعفر عليه السلام:167،178،225.

جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام:43.

«حرف الحاء»

الحسن عليه السلام:312.

الحسن بن عليّ عليهما السلام:105.

الحسين عليه السلام:223،259.

الحسين بن عليّ عليهما السلام:216،223، 259.

«حرف الراء»

الرسول صلّى اللّه عليه و آله:202،394، 419.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:9،11،12، 15،16،19،31،67،72،75،80، 82،89،90،106،120-122،126، 134-138،140،142،147-149، 163،169،170،200،203،216، 220،232،233،239،246،247، 250،277،362،418،428.

الرضا عليه السلام:83،87،245.

«حرف الصاد»

الصادق عليه السلام:25،29،57،71، 74،76،91،113،125،126،138، 153،191،215،216،221،240،

ص:502

251،289،294،308،310،324، 333،350،397،406،429،436.

«حرف العين»

العبد الصالح عليه السلام:58.

عليّ عليه السلام:13،14،54،58،60، 70،111،135،137،141،144، 160،161،167،168،170،171، 178،198،223،244،259،287، 289،305،313،320،355،396، 402،444.

عليّ بن أبي طالب عليه السلام:31،170، 312.

عليّ بن الحسين عليهما السلام:42،124، 130.

«حرف الفاء»

فاطمة عليها السلام:54.

«حرف الميم»

موسى(بن جعفر عليهما السلام):31،181، 186،193،198،215،216،244، 313،328،349،350،353،382.

«حرف النون»

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:10،12، 14-18،21،22،26،29،30،33، 34،45،48،49،52،54،59-64، 71،74،81،82،105،106،108، 112،115،116،123،124،128، 129،134،135،137،138،140، 141،145،155،157،159،160، 169،170،171،187،199-202، 204،216،225،232،237-239، 246،259،279،286،288،305، 313،337،346،374،392،394، 426،431،436.

ص:503

فهرس الأعلام

«حرف الألف»

أبان:67،135.

أبان بن تغلب:298.

أبان بن عثمان:199،405.

إبراهيم بن أبي محمود:83،245.

إبراهيم بن الحسن:206.

إبراهيم بن سفيان:27.

إبراهيم بن عمر:364.

إبراهيم بن ميمون:347-348.

ابن أبي شجرة:158.

ابن أبي عمير:26،35،39،194،195، 280،281،302،413.

ابن أبي نصر:58.

ابن أبي يعفور:24،47.

ابن إدريس:13،14،104،131،132، 176،177،194،195،196،319، 380،382،403،404،410،422، 441.

ابن بابويه:10،12،18،20،27،29، 39،40،42،43،52،57،59،62، 64،65،67،69-71،74-77،95، 102،104،105،108،110،119، 121،146،207،210،217،220، 235،239،259،268،278،295، 297،301،310،332،339،405، 406،417،426،447،450،451.

ابن رباط:317.

ابن الزبير:70،132،133،273.

ابن سنان:38،172،199،223،325، 339.

ابن سيرين:292،440.

ابن شجرة:204.

ابن عبّاس:11،12،14،16،19،28، 33،70،71،72،90،105،106،

ص:504

113،120،131،132،133،142، 144،154،160،161،168،169، 171،182،197،199،200،201، 202،219،220،270،272،273، 277،278،287،291-293،309، 320،321،330،331،352،378، 389،392،394-396،398،399، 402،433،434،435،444.

ابن عبد البرّ:10،19،219.

ابن عفّان:202.

ابن عمر:9،10،12،14،15،28،30، 33،48،49،54،58،60،62،67، 78،79،111،117،144،148،154، 168،171،182،197،219،320، 352،389،398.

ابن فضّال:220.

ابن فضيل:322،324،328.

ابن لهيعة:30.

ابن مثنّى:80.

ابن مسعود:300،311،336.

ابن مسكان:310،324.

ابن المنذر:13،21،93،107،117، 132،166،167،176،183،187، 188،189،190،232،247،266، 269،277،279،291،305،337، 378،389،400.

أبو إسحاق:358.

أبو بصير:18،52،119،145،193، 194،210،212،220،221،262، 264،267،296،297،300-303، 306،308،310،324،325،347، 349،350،352،406،417،434، 436،443،448-450.

أبو بكر النيسابوريّ:15.

أبو ثور:28،35،62،107،111،117، 129،131،183،187،188،189، 190،192،257،261،269،292، 311،336،348،359،378،395، 400،408،434،440.

أبو جميلة:347.

أبو حازم:98.

أبو حامد:99.

أبو الحسن الأحمسيّ:50.

أبو حمزة:265،266.

أبو حنيفة:11،12،16،17،21،28، 29،30،34،40،41،43،46،49،

ص:505

60،68،71،72،78،91،92،93، 95-98،107،112،124،128،129، 135،137،149،150،162،164، 170،171،176،181،190،199، 200،228،230،232،236،237، 238،240،249،250،258،263، 264،274،283،284،285،286، 287،289،300،305،306،321، 343،344،348،350،351،361، 373،384-388،391،393-396، 402،403،405،408،409،414، 415،427-431،433،434،438.

أبو خالد القمّاط:417.

أبو داود:155.

أبو رافع:201.

أبو سعيد الخدريّ:154.

أبو سعيد المكاري:150،165،359.

أبو سيّار:211،437،439.

أبو شريح:121.

أبو الصباح:286،289،300،306.

أبو الصباح الكنانيّ:31،202،314، 368.

أبو الطيّب:99.

أبو العبّاس:135،138.

أبو عبيدة:287،290،292،302،303، 306،307،309،345.

أبو عليّ بن راشد:85.

أبو عمير:141.

أبو قتادة:157،159،160،163، 170.

أبو هريرة:121،124،128،137،138، 155،216،396،444.

أبو هشيمة:132.

أبو هلال الرازيّ:382،452.

أبو ولاّد الحنّاط:367.

أبو يوسف:80،91،107،112،176، 190،230،232،344،374،384، 386،408.

أحمد:11،13،14،16-18،28،30، 34،60،62،64،65،68،71،75، 78،92،95،98،107،112،115، 117،122،123،131،133-135، 138،139،147،152،154،155، 160-162،166،175،176،181، 182،187-190،192،199،209، 228،231،232،238،249،254،

ص:506

297،311،325،328،330،332، 352،358،361،378،392،395، 400،405،411،412،414،415، 426،427،430،431،433،434، 435،436،438،440.

أحمد بن محمّد:277،280،310،376، 414.

إدريس بن عبد اللّه:355.

أديم بن الحرّ الخزاعيّ:205.

أربد:338.

أسامة:81.

إسحاق:13،28،60،70،75،117، 160،166،167،176،178،182، 189،219،232،247،257،266، 269،279،288،320،337،352، 378،395،400،411.

إسحاق بن عمّار:79،101،108،212، 268،376،410،424،437.

إسحاق الصيرفيّ:267.

إسماعيل بن أبي زياد:355.

إسماعيل بن جابر:23،41.

إسماعيل بن عبد الخالق:81.

إسماعيل بن الفضل:35.

إسماعيل بن الفضل الهاشميّ:224.

أسماء:73.

أمّ الحصين:81.

أمّ سلمة:29.

أنس:137.

الأوزاعيّ:166،199،282،283.

أيّوب السختيانيّ:166.

«حرف الباء»

البراء:220.

بريد بن معاوية العجليّ:428.

بشر بن إسماعيل:80.

بكر بن صالح:87.

بكر المزنيّ:160.

بكير بن أعين:165،183،359.

بلال:81.

«حرف الثاء»

الثوريّ:13،62،70،75،78،176، 188-190،192،232،251،252، 276،279،291،292،351،362، 378،395،440.

ص:507

«حرف الجيم»

جابر:14،28،33،54،70،82،111، 137،277،305،330.

جابر بن عبد اللّه:112،336.

جعفر بن بشير:256.

جعفر بن المثنّى الخطيب:80.

جميل:128،295،362.

جميل بن درّاج:84،86،124،146، 391،413.

«حرف الحاء»

الحارث:169.

حريز:22،55،57،63،66،67،69، 75،77،86،90،95،105،106، 110،119،122،125،145،148، 156،173،212،213،240،245، 246،251،254،265،289،293، 300،301،306،320،325،326، 332،335،372،380،403،413، 439.

حريز بن عبد اللّه:128،222، 451.

الحسن:28،54،251،411.

الحسن البصريّ:35،104،166،176، 220،252،276،278،291،351، 434.

الحسن بن صالح بن حيّ:49.

الحسن بن عليّ:203،204.

حسن بن عليّ بن فضّال:380.

الحسن بن محبوب:297.

الحسن بن هارون:42،200،239.

الحسن الصيقل:89،104،109،136، 146.

الحسين بن العلاء:35،115،116،149، 269،333.

الحسين بن حمّاد:214،442.

الحسين بن سعيد:158.

حفص:322،325.

حفص بن البختريّ:77.

الحكم:199،399.

الحكم بن عتيبة:168،171،185، 362.

الحلبيّ:19،46،47،59،69،73،79، 110،143،172،174،177،195،

ص:508

196،213،217،231،263،264، 270،281،282،310،312،327، 439،447،450،451.

حمّاد:56،261،296،302.

حمّاد بن أبي سليمان:161.

حمّاد بن عثمان:32،126،127، 329.

حمّاد بن عيسى:116،222،270، 333.

حمران:356.

حمران بن أعين:422.

«حرف الخاء»

خالد الأصمّ:443.

خلاّد السريّ:175.

«حرف الدال»

الدارقطنيّ:15.

داود:132،144،312،314،328، 331،346،348،396.

داود بن الحصين:61.

داود الرقّيّ:297.

«حرف الذال»

ذريح:105.

«حرف الراء»

رافع:137.

ربيعة:78،136.

ربيعة الرأي:136.

«حرف الزاي»

زرارة:43،55،64،67،71،73،75، 126،133،212،234،235،239، 249،252،254،265،266،295، 333،375،389،391،402-406، 435،436.

زرارة بن أعين:233،248.

الزهريّ:199،277،311،352، 440.

زياد:136.

زياد بن عبد اللّه:136.

زياد بن مروان:413.

زياد الواسطيّ:365.

زيد بن ثابت:70،198،287.

ص:509

«حرف السين»

سالم:166.

سعد:137،140،222.

سعد بن أبي وقّاص:60،70.

سعد بن سعد:210.

سعد بن سعد الأشعريّ:83.

سعيد الأعرج:18،70.

سعيد بن جبير:111،117،161،182، 269،277،278،434،440.

سعيد بن سالم:13.

سعيد بن المسيّب:35،198،201،219، 320،399،440.

سعيد بن يسار:50.

سفيان بن عيينة:78.

سلمة بن محرز:420،421.

سليمان بن خالد:125،198،215،289، 301،306،313،317،318،324، 330،364،380.

سليمان بن العيص:227.

سليمان بن يسار:199.

سماعة:76،207،433.

سماعة بن مهران:347،433،443.

سهل بن زياد:441.

السيّد المرتضى:176،179،180، 379.

سيف:25.

«حرف الشين»

الشافعيّ:11،13،14،16،21، 27-29،34،35،38-43،46،48، 49،53،56،60،64،65،68،69، 70،75،78،91-93،95،97،107، 111،112،122،126،128،131، 133-135،139،140،146،147، 150،152،160،162،166،168، 176،181،184،187،188،190، 204،208،209،214،219،228، 229،231،232،236،238،247، 250،253،254،257،261،264، 266،267،272،274،279،283- 285،288،290-293،296،297، 300،305،309،311،316،320، 332،334-337،339-343،348، 352،353،357،359،362-364، 370،371،373،374،378،384، 387،391،393،395،397،400،

ص:510

401،407-411،414،416،426، 427،429-435،438،440.

شريح:278.

الشعبيّ:161،351،352.

شميسة:56.

الشيخ:9،12،13،18،19،22-26، 29-33،35،37،38،39،40،42، 45،46،47،49،50،52،53،55، 56،58،59،61،63،65،66،67، 69،70،73،75،76،79،81-87، 89،98،99،101،102،104-106، 109،113-116،118،119،122، 124-126،130،133،135،136، 138،143-146،148-154،156، 158،159،162،164،168،170- 179،181،183،185،186،189، 191،193-197،199،200،202- 206،208،210-214،216،221- 225،227،230،231،233-236، 240،242،244-246،249،251، 252،254،255-258،262،264، 265،267،269-273،277-280، 282،286،290-298،300،301، 303،306،308،310،312-314، 316-319،321،322،324-328، 330-339،341،345-347،349، 350،352،355-360،362-364، 366-368،370-373،375،376، 378-383،389،392،395،403، 405،406،409-411،413،414، 416،417،420-422،424،425، 426،428،434،437،438،441- 443،447،449،451،452.

شيخ المفيد:319.

الصعب بن جثّامة:171،362.

الصعب بن جثّامة الليثيّ:169.

صفوان:166.

صفوان بن يحيى:117،331.

صفيّة:15.

«حرف الضاد»

الضحّاك:399.

ضريس:424.

ضريس بن أعين:355.

«حرف الطاء»

طارق بن شهاب:338.

ص:511

طاوس:60،70،117،182،219، 269،277،395.

«حرف العين»

عائشة:15،29،31،55،56،59،62، 75،76،147،148،168،182، 431.

عائشة بنت طلحة:211.

عامر بن سعد:140.

عبّاد البصريّ:376.

العبّاس:120،122،143.

العبّاس بن عبد المطّلب:122.

العبّاس بن معروف:87.

عبد اللّه بن أبي يعفور:172.

عبد اللّه بن جبلة:255.

عبد اللّه بن جعفر:31،223.

عبد اللّه بن الحارث:169.

عبد اللّه بن الحسن:327.

عبد اللّه بن العبّاس:223.

عبد اللّه بن سنان:20،29،33،52،66، 77،118،136،203،221،259، 328،372،375،451.

عبد اللّه بن عمر:198.

عبد اللّه بن المغيرة:84.

عبد اللّه بن ميمون:64،71،74، 225.

عبد اللّه بن يزيد:137.

عبد الرحمن:70.

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه:203.

عبد الرحمن بن أبي نجران:372.

عبد الرحمن بن الحارث:210-211.

عبد الرحمن بن الحجّاج:59،84،159، 195،323،442.

عبد الرحمن بن الحسن بن عليّ:223.

عبد الغفّار:25.

عبد الغفّار الجازيّ:179.

عبيد اللّه:327.

عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ:221.

عبيد بن زرارة:417.

عثمان:70،75،78،144،169،192، 287،320،370،402.

عثمان بن عفّان:28،33،168،199، 370.

عثمان بن عيسى:158،159،204.

عروة:154،300،305،320.

عروة الحنّاط:334.

ص:512

عروة بن الزبير:13.

عروة بن مضرّس:394.

عطاء:13،17،33،54،60،62،65، 68،75،76،79،93،117،122، 128،131،156،157،160،161، 181،182،190،219،232،257، 261،262،269،272،276،279، 284،288،291،296،300،305، 309،320،330،334،336،343، 352،395،400،411،434،440.

عقبة:113.

عقبة بن خالد:194.

عكرمة:13،29،200،251، 252.

العلاء:223.

عليّ بن أبي حمزة:46،119،211،316، 390،399،402،441.

عليّ بن إسماعيل بن عمّار:106،107.

عليّ بن بابويه:331،366.

عليّ بن جعفر:31،181،186،193، 198،215،216،244،313،328، 349،350،353،382.

عليّ بن محمّد:83.

عليّ بن مهزيار:39،224،383.

عمّار بن موسى الساباطيّ:58.

عمّار الساباطيّ:27.

عمر:31،70،111،133،144،154، 198،287،320،336،338،370، 379،396،398،444.

عمر بن أبان الكلبيّ:200.

عمر بن الخطّاب:31،132،192،305، 311،352،402.

عمران الحلبيّ:40.

عمر بن عبد اللّه:211.

عمر بن عبد اللّه بن أبي ربيعة:79.

عمر بن يزيد:110،119،143،158، 252.

عمرو بن دينار:15،122.

عيص بن القاسم:186،224،416.

«حرف الفاء»

فضالة:302.

«حرف القاف»

القاسم:219.

القاسم بن محمّد:31.

ص:513

قتادة:278،284،300،320،335، 440.

«حرف الكاف»

الكاهليّ:57.

كرب الصيرفيّ:185.

الكسائيّ:320.

كعب:116،154،259،379.

كعب الأحبار:338.

كعب بن عجرة:89،115،246،250، 251،253.

كعب بن عجرة الأنصاريّ:90.

الكلبيّ:200.

كليب الأسديّ:122.

«حرف اللام»

الليث:232.

ليث المراديّ:257.

«حرف الميم»

مالك:11،13،16،21،28،36،41، 49،54،60،66،68،71،75،78، 92،93،95،98،104،107،111، 112،117،131،133،135،138، 139،147،148،152،153،160، 161،166،168،176،181،182، 191،199،209،214،232،238، 249،250،258،261،269،273، 276،284،288،290،291،293، 298،302،312،314،321،336، 340،343،348،351،358،361، 384،388،392،395،399،400، 402،403،405،408،409،411، 415،430،433،438،440،444.

مجاهد:28،54،60،95،122،160، 182،216،219،250،257،276، 278،288،335،395،435.

محمّد:80،107،112،213،223، 232،263،264،329،344،374، 384-386،439.

محمّد بن أبي عمير:153،224.

محمّد بن إسماعيل:58،83،244.

محمّد بن الحسن:75،176،190،378، 408.

محمّد بن حمران:128.

محمّد بن عليّ الحلبيّ:12.

ص:514

محمّد بن عيسى:109،414.

محمّد بن الفضيل:80.

محمّد بن قيس:206.

محمّد بن مسلم:10،14،23،51،52، 57،62،65،85،116،146،154، 165،183،217،227،230،234، 270،290،295،303،307،309، 334،438،447-450.

محمّد بن منصور:79.

محمّد بن يحيى:223،382.

محمّد الحلبيّ:47.

مرّة مولى خالد:117،270.

مروان بن الحكم:70.

المزنيّ:238،284،374.

مسلم:137.

مسمع:58،188،191،194،336، 428،429،441.

مسمع أبو سيّار:211،437،439.

معاوية:155،242،335،339.

معاوية بن عمّار:9،12،22،24،26، 27،38،42،45،50،53،55،56، 70،75،102،108-110،116،117، 118،119،130،135،144،146، 148،152،153،173،174،181، 183،185،197،203،213،215- 217،239،240،242،255،258، 266،271،279،280،292،296، 302،304،307،308،331،332، 334،352،356،360،362،367، 375،379،381،391،392،395، 397،405،406،411،412،416، 421،437،447،449،451.

معاوية بن وهب:65.

المفضّل بن عمر:256.

المفيد:53،104،292،297،332، 443.

منصور:172،322.

منصور بن حازم:77،158،160،168، 170،171،173،177،255،376.

مهران بن أبي نصر:106.

موسى بن القاسم:132،133،273.

ميسر:420.

ميمونة:201.

«حرف النون»

نافع:79،219،252،370.

ص:515

نافع بن عبد الحارث:192،320، 370.

النباجيّ:256.

نجيح:58.

النخعيّ:35،60،219،250،276، 278،289،291،296،311،336، 338،351،352،399.

«حرف الواو»

وهب:167.

«حرف الهاء»

هارون بن حمزة:53،124،130.

هشام بن الحكم:37،38،77.

هشام بن سالم:47،51،86،108،255، 260.

الهيثم بن عروة التميميّ:256.

«حرف الياء»

يحيى بن أبي العلاء:20،74.

يزيد بن الأصمّ:201.

يزيد بن خليفة:326،327.

يزيد بن عبد الملك:357.

يعقوب بن شعيب:57،60،62،66،67، 110،235.

يعقوب بن يزيد:184.

يعلى بن أميّة:232.

يوسف الطاطريّ:356.

يونس بن يعقوب:18،105،154،178، 184،220،448.

ص:516

فهرس الموضوعات

تروك الإحرام في ما يجب على المحرم اجتنابه

1-لبس المخيط

هل يحرم على المحرم لبس المخيط؟9

نصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على تحريم لبس القميص و ما شابهه 9

هل يجوز للمحرم لبس الخفّين؟10

إذا لم يجد النعلين هل يجوز شقّ الخفّين و لبسهما؟11

هل يجوز للمحرم لبس السراويل إذا لم يجد إزارا؟11

جواز لبس السراويل للمرأة 12

هل يجب على المحرم شقّ النعلين؟13

عدم جواز لبس المقطوع من الخفّين مع وجود النعلين للمحرم 16

حكم لبس ما يستر ظهر القدم 17

هل يجوز لبس اللالكة و الجمجم؟17

جواز لبس النعال مطلقا 17

لو وجد نعلا و لا يمكنه لبسه 17

هل للمحرم أن يعقد عليه الرداء و الإزار و الهميان؟18

حكم لبس الجورب للمحرم 18

ص:517

هل يجوز للمحرم أن يعقد إزاره عليه؟19

هل يجوز للمرأة لبس المخيط؟19

حكم خنثى المشكل في لبس المخيط في الإحرام 20

هل يجوز للمرأة لبس القفّازين؟20

المراد من القفّازين و المسك 20

حكم لبس القباء إذا لم يجد الإزار 20

2-الطيب

حرمة الطيب على المحرم 22

لو مات المحرم،هل يجوز تغسيله بالكافور؟23

المراد من الطيب 23

أقوال العلماء في الطيب 24

أقسام النبات الطيب 26

حكم ما لا ينبت للطيب 26

حكم ما يقصد شمّه و يتّخذ منه الطيب 27

حكم ما ينبته الآدميّون للطيب و لا يتّخذ منه طيب 28

هل الحنّاء طيب؟29

هل العصفر طيب و يجوز لبسه؟30

حكم خلوق الكعبة و شمّ رائحته 32

حكم الريحان الفارسيّ 32

هل يحرم للمحرم لبس ثوب مسّه طيب محرّم؟33

هل الجلوس في العطّارين تطييب؟34

لو غسل الثوب حتّى ذهب الطيب هل يجوز لبسه؟35

ص:518

لو انقطعت رائحة الثوب لطول الزمن عليه 35

لو فرش فوق الثوب المطيّب ثوبا يمنع الرائحة 36

لو كان معه من الماء ما لا يكفيه لغسل الطيب و طهارته 36

المراد من الممشّق 36

هل يجوز الإحرام بثوب الممشّق و المصبوغ بسائر الأصباغ؟36

هل يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة و يشمّها؟37

كراهة الجلوس عند العطّارين 37

إمساك الأنف من الطيب في زقاق العطّارين 37

لو كان في طريق فيه ريح منتن 38

الجلوس عند الكعبة و هى تجمّر 38

حكم الجلوس في العطّارين لشمّ الطيب 39

إذا كان الطيب يابسا مسحوقا و علّق ببدنه منه شيء 39

حكم من مسّ طيبا ذاكرا لإحرامه عالما بالتحريم 40

لو داس بنعله طيبا 40

إذا اضطرّ المحرم إلى سعوط فيه مسك من ريح 40

هل يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب و تجب به الفدية؟41

لو طيّب المحرم بعض العضو هل يجب عليه الفداء؟43

حكم الأطياب الأربعة أو الستّة 44

لو اضطرّ إلى أكل طعام فيه طيب 44

هل يجوز للمحرم شراء الطيب و المخيط و الجواري؟44

3-الادّهان

حرمة الادّهان في حال الإحرام بالأدهان الطيّبة 45

ص:519

حكم استعمال ما ليس بطيب من الأدهان 46

الفرق بين دهن الطيب و دهن غير الطيب و أحكامهما 49

هل يجوز الادّهان بما فيه طيب قبل الإحرام إذا تبقى رائحته بعد الإحرام؟50

لو اضطرّ إلى استعمال الأدهان الطيّبة في حال الإحرام 50

هل يجوز استعمال ما ليس بطيب بعد الإحرام مع الاضطرار؟50

4-الاكتحال بما فيه طيب

عدم جواز الاكتحال بما فيه طيب 52

هل يكتحل المحرم بالسواد و الصبر و الحضض؟53

حرمة الاكتحال بالأسود 55

هل يجوز الاكتحال بما عدا الأسود؟56

هل يجوز للمحرم النظر في المرآة؟56

5-لبس الحلي للزينة

هل يجوز للمرأة أن تلبس الحلي للزينة؟57

هل يجوز للمحرم لبس الخاتم للزينة؟58

هل يجوز للمرأة أن تلبس الحلي للزينة ما لم تعتد لبسه؟58

حرمة لبس القفّازين على المرأة 60

هل يجوز للمرأة أن تلبس الخلخال و القرط و القلادة؟62

6-تغطية الرأس

حرمة تغطية الرأس للمحرم 63

حكم ستر الأذنين 64

ص:520

حرمة تغطية بعض الرأس 65

حكم تغطية الرأس بالمعتاد و غيره 65

هل يجوز تعصيب الرأس بعصابة عند الحاجة إليه؟65

حرمة الارتماس في الماء على المحرم 66

لو غسل المحرم رأسه و يفيض عليه الماء 66

لو طلى المحرم رأسه بعسل أو صمغ ليجمع الشعر 67

هل يجوز للمحرم أن يضع الطيب في رأسه بحيث يبقى إلى بعد الإحرام؟67

لو حمل المحرم على رأسه مكتلا أو طبقا 68

لو خضب المحرم رأسه هل تجب الفدية؟68

لو غطّى المحرم رأسه ناسيا 69

لو ستر المحرم رأسه بيده أو بعض أعضائه ببعض 69

هل يباح للمحرم ستر وجهه إذا كان رجلا؟70

حكم إحرام المرأة في وجهها 73

لو احتاجت المرأة إلى ستر وجهها لمرور الرجال 74

هل يجوز لها أن تطوف بعد الإحلال متنقّبة؟76

هل يجوز لها أن تستتر بثوبها من الرجال؟76

حكم خنثى المشكل في تغطية رأسه 76

7-التظليل

حرمة الاستظلال حالة السير 79

جواز تظليل المحرم تحت السقف و الخيمة 82

لو لم يتمكّن من ملاقاة الشمس هل يجوز له أن يستظلّ و يفدي؟83

إذا وقع التظليل في إحرام العمرة المتمتّع بها 85

ص:521

حكم التظليل للنساء 85

حكم التظليل للمريض 86

لو زامل امرأة أو صبيّا 88

8-إزالة الشعر

تحريم إزالة الشعر للمحرم 89

وجوب الفدية في الحلق لعذر أو غير عذر 90

حكم تعلّق الكفّارة بحلق جميع الرأس و بعضه 91

حكم ما لو أتلف أقلّ من ثلاث شعرات 93

إذا نبت الشعر في عينه هل يجوز له قلع النابت؟93

لو كان له عذر من مرض هل يجوز له الحلق؟94

لو قطع يده و عليها شعر هل يضمن الشعر؟94

لو نتف المحرم إبطه هل يجب عليه الفدية؟95

هل يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحلّ؟95

هل يجوز للمحرم أن يحلق رأس المحرم؟96

هل يجوز للمحلّ أن يحلق رأس المحرم؟97

لو حلق المحرم أو المحلّ شعر المحرم 97

لو حلق المحلّ أو المحرم شعر المحرم بغير إذنه 98

إذا كان الحالق معسرا أو عاجزا عن الكفّارة 99

9-القلم

حرمة قلم الأظفار للمحرم اختيارا 101

حكم من أزال بعض الظفر حال الإحرام 102

ص:522

حكم من انكسر ظفره حال الإحرام 102

لو قصّ المكسور خاصّة 102

لو قلّم بعض ظفر فلم يستوف ما على اليدين منه 103

10-إخراج الدم

هل يجوز الحجامة للمحرم اختيارا؟104

حكم جواز الحجامة مع الضرورة 106

هل يجوز الفصد و قطع العضو مع الحاجة و الختان؟106

وجوب التصدّق بمدّ في تقليم الأظفار 108

هل يجوز للمحرم أن يربط جراحه و يشقّ الدمل إذا احتاج إلى ذلك؟108

هل يجوز للمحرم أن يقطع ضرسه مع الحاجة إليه؟109

هل يجوز للمحرم أن يدلك جسده بقوّة أم لا؟109

هل يجوز للمحرم أن يغطس رأسه في الماء؟111

هل يجوز للمحرم غسل رأسه بالسدر و الخطميّ؟112

كراهيّة الحمّام للمحرم 113

11-قتل هوامّ الجسد

هل يجوز للمحرم قتل القمل و الصبان و هوامّ الجسد؟115

عدم الفرق بين قتل الهوامّ بالزئبق أو الإلقاء عن البدن إلى الأرض 116

هل يجوز للمحرم أنه يحوّل الهوامّ من جسده إلى مكان آخر منه؟116

حكم من قتل القملة 117

هل يجوز للمحرم أن ينحّي عن نفسه القراد و الحملة؟118

ص:523

12-قطع شجر الحرم

حرمة قطع شجر الحرم على المحرم 120

حرمة قطع الشوك و العوسج 122

حرمة أخذ ورق الشجر 123

حرمة قطع حشيش الحرم إلاّ قسم من الإذخر و ما أنبته الآدميّون 124

حكم شجر الفواكه و النخل 124

حكم قطع شجر الإذخر و عودي المحالة و قطع شجرة تنبت في منزله 126

حكم قطع اليابس من الشجر و الحشيش 127

لو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها 127

حكم رعي الحشيش في الحرم 128

الشجرة إذا كان أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ هل يحرم قطعها؟129

لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان آخر منه فيبست 130

لو غرسها في الحلّ فقلعها غيره منه 131

أقوال العلماء في ضمان قطع شجر الحرم 131

حدّ الحرم الذي لا يجوز قتل صيده و لا قطع شجره 133

حرم المدينة و حكمه 134

المراد من تحليل صيد حرم المدينة 136

حدّ حرم المدينة 138

حكم من فعل شيئا ممّا حرّم عليه في حرم المدينة 139

فوارق حرم مكّة و المدينة 141

13-الصيد

المراد بالصيد 142

ص:524

حرمة صيد الحرم على المحرم و المحلّ 142

ضمان المحرم الصيد في الحلّ كان أو في الحرم 143

قول العلماء في تحريم الحيوان الأهليّ 145

هل يجوز للمحرم و المحلّ ذبح دجاج الأهليّ في الحرم؟145

لا كفّارة في قتل السباع 146

حكم من قتل سبعا لم يرده 149

هل في الضبع كفّارة؟150

حكم حيوان المأكول و غير المأكول 151

جواز قتل المؤذيات من الحيوان للمحرم 151

حكم قتل الزنابير و البراغيث و القمل 152

حكم ما لا يؤذي بطبعه و لا يؤكل 152

حكم الغراب و الحدأة 153

كلّ ما أدخله الإنسان إلى الحرم من السباع هل يجوز إخراجه منه؟153

هل الجراد يحرم قتله و يضمنه المحرم؟153

حكم صيد البحر في الإحرام 155

لو كان لجنس من الحيوان نوعان 157

حكم صيد البرّ 157

لو شارك المحرم في الصيد هل يجب على كلّ واحد جزاء كامل؟159

هل تحلّ الإعانة على الصيد؟159

لو دلّ المحرم المحلّ على صيد فقتله 160

لو دلّ المحرم محرما على صيد فقتله 161

لو كان المدلول رأى الصيد قبل الدلالة و الإشارة 162

لو فعل المحرم فعلا عند رؤية الصيد فرآه غيره فصاده 162

ص:525

لو كان الدالّ محرما و المدلول محلاّ في الحلّ 163

لو كان الدالّ محلاّ و المدلول محرما أو محلاّ في الحرم 163

لو دلّ المحلّ محلاّ على الصيد في الحلّ 164

لو أعار قاتل الصيد سلاحا فقتله به 164

هل يضمن صيد الحرم بالدلالة و الإشارة؟164

لو صاد المحرم صيدا هل يملكه؟165

لو ذبح المحرم صيدا 166

لو ذبح المحلّ صيدا في الحرم 168

لو صاده حلال و ذبحه في الحلّ و كان من المحرم إعانة فيه 168

لو صاده المحرم من أجل المحلّ 168

لو صاده المحلّ من أجل المحرم 168

لو صاده المحلّ و ذبحه في الحلّ من أجل المحرم 170

إذا ذبح المحلّ الصيد في الحلّ فأدخله الحرم 171

إذا صاد المحرم صيدا في الحلّ و ذبحه المحلّ 173

حكم المحرم إذا قتل الصيد 174

إذا ذبح المحرم الصيد هل يحرم أكله؟175

إباحة أكل الصيد للمحرم في حال الضرورة 176

إذا وجد الصيد غير مذبوح 179

هل يجوز إمساك الصيد و هو محرم و هل يضمنه لو فعل؟180

إذا ذبح الصيد ثمّ أكله هل عليه ضمانان؟180

حكم من ملك صيدا في الحلّ و أدخله الحرم 182

لو كان الطائر مقصوص الجناح 185

حكم حمام الحرم 185

ص:526

لو كان الحمام في الحرم أو غيره من الصيود فأخرجه 186

حكم ضمان صيد الحرم 186

حكم المحلّ إذا رمى من الحلّ صيدا في الحرم فقتله 187

لو انعكست الحال فرمى من الحرم صيدا في الحلّ 188

لو قتل صيدا على غصن في الحلّ أصله في الحرم 188

لو كان الصيد في الحلّ و رماه الصائد في الحلّ بسهم 189

لو رمى من الحلّ صيدا في الحلّ فقتل صيدا في الحرم 189

لو أرسل كلبه على صيد في الحلّ فدخل الكلب الحرم فقتل صيدا غيره فيه 190

لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فقتله في الحرم 190

هل يجوز أكل الصيد في المواطن أم لا؟191

لو رمى المحلّ صيدا في الحلّ فجرحه فتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه 191

لو وقّف صيدا بعض قوائمه في الحلّ و بعضها في الحرم فقتله قاتل 192

لو نفّر صيدا من الحرم فأصابه شيء حال نفوره 192

لو رمى صيدا فجرحه و مضى لوجهه و لم يعلم هو حيّ أو ميّت 193

هل يجوز للمحلّ قتل الصيد في الحلّ إذا كان الصيد يؤمّ الحرم؟194

اختلاف العلماء في تحريم الصيد للمحلّ فيما بين البريد و بين الحرم 196

14-الاستمتاع بالنساء

حرمة الوطء على المحرم حال الإحرام 197

هل يجوز للمحرم أن يتزوّج أو يزوّج أو يكون وليّا أو وكيلا في النكاح؟198

لو أفسد إحرامه هل يجوز له أن يتزوّج فيه؟202

لو تزوّج في إحرامه 202

لو عقد المحرم النكاح لغيره 203

ص:527

كراهة الخطبة للمحرم و المحرمة و المحرم للمحلّين 203

هل يجوز للمحرم أن يشهد بالعقد بين المحلّين؟204

هل يجوز للإمام أن يعقد في حال إحرامه لأحد؟205

لو عقد المحرم حال إحرامه على امرأة 205

لو وكّل محلّ محلاّ في التزويج فعقد له الوكيل بعد إحرام الموكّل 206

لو وكّل محرم محلاّ في التزويج فعقد الوكيل 206

إذا اتّفق الزوجان على أنّ العقد وقع في حال الإحرام 207

لو اختلفا فادّعى أحدهما أنه وقع في الإحلال،و الآخر أنّه وقع في الإحرام 207

لو أشكل الأمر فلم يعلم هل وقع العقد في حال الإحرام أو الإحلال؟208

لو شهد و هو محرم 208

حرمة الشهادة بالعقد و إقامتها في حال الإحرام 208

إذا وطئ العاقد في حال الإحرام 208

لو عقد المحرم لغيره 208

هل يجوز أن يراجع امرأته و هو محرم؟209

هل يجوز شراء الإماء حال الإحرام؟210

حرمة وطء النساء قبلا و دبرا حال الإحرام 210

حرمة تقبيل النساء و ملاعبتهنّ بشهوة و النظر و الملامسة من غير جماع 210

لو نظر إليها من غير شهوة و أمنى 212

لو حملها بشهوة فأمنى أو لم يمن 213

هل يحرم للمحرم أن يقبّل أمّه؟213

حكم التفريق بين الرجل و المرأة في كلّ موضع حكمنا فيه ببطلان العقد 214

ص:528

15-الفسوق و الجدال

حرمة الفسوق على المحرم و غيره 215

المراد من الفسوق 215

حرمة الجدال على المحرم 216

بيان المراد من الجدال 216

استحباب قلّة الكلام للمحرم 216

حكم الكفّارة على المجادل حال الإحرام 218

في ما لا يجب على المحرم اجتنابه

هل يجوز للمحرم أن يلبس الهميان؟219

جواز لبس السلاح للمحرم عند الضرورة 220

كراهة النوم على الفرش المصبوغة للمحرم 221

كراهة الإحرام في الثوب المصبوغ بالسواد و المعصفر 222

كراهة الإحرام في الثياب الوسخة و المعلمة 222

كراهة استعمال الحنّاء للزينة و النقاب للمرأة 222

هل يكره للمحرم أن يلبّي من دعاه؟222

حكم المحرم إذا مات 222

إذا قتل المحرم حيوانا و شكّ في أنّه صيد أو لا؟223

هل يجوز أن يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله؟223

هل يجوز إخراج الفهد من الحرم؟224

استحباب إخراج ماء زمزم للتبرّك 225

ص:529

في ما يجب على المحرم من الكفّارة

1-ما يجب في لبس المخيط

وجوب الفدية على من لبس ثوبا لا يحلّ له لبسه 227

عدم الفرق في وجوب الدم بين قليل اللبس و كثيره 228

حكم الاستدامة في اللبس 229

وجوب الفدية بنفس الفعل لو لبس مع الذكر 229

لو نزعه من رأسه،فعل حراما،و هل تجب به الفدية؟230

حكم لبس الثياب دفعة واحدة و مرّات متعدّدة 230

وجوب الكفّارة على المحرم المضطرّ إلى لبس المخيط 231

لو اضطرّ إلى لبس الخفّين و الجوربين 231

لو لبس قميصا و عمامة و خفّين و سراويل 231

هل تتكرّر الكفّارة بتكرّر اللبس؟231

لو لبس ناسيا أو جاهلا ثمّ ذكر أو علم فنزع هل يكون عليه فدية؟232

حكم الجاهل و الناسي 234

لو اضطرّ المحرم إلى لبس المخيط لاتّقاء الحرّ أو البرد 234

2-ما يجب في استعمال الطيب

إذا تطيّب المحرم عامدا 235

تعلّق الكفّارة باستعمال الطيب 236

لا فرق بين الابتداء و الاستدامة في وجوب الكفّارة 237

لو لم يكن معه من الماء ما يكفيه لطهارته و غسل الطيب 238

هل يجوز شراء الطيب حال الإحرام إذا لم يشمّه؟238

لو استعمل الطيب ناسيا 238

ص:530

3-ما يجب بالادّهان

وجوب الكفّارة على المحرم إذا استعمل الأدهان الطيّبة عامدا 242

لو استعمل ناسيا 243

4-ما يجب في تغطية الرأس و التظليل

حكم من غطّى رأسه و هو محرم 244

لو فعل ذلك للضرورة 245

5-كفّارة حلق الرأس

إذا حلق رأسه متعمّدا 246

وجوب الفدية للأذى و غيره 247

بيان كفّارة حلق الرأس 249

هل يجزئ البرّ و الشعير و الزبيب في الفدية؟250

هل الإطعام هو أحد الثلاثة(من الكفّارة)؟250

المراد من الصوم الذي هو أحد الثلاثة 252

لا فرق بين شعر الرأس و بين شعر سائر البدن في وجوب الفدية 253

وجوب الدم على من نتف إبطيه 254

حكم من مسّ رأسه أو لحيته فسقط منهما شيء من الشعر 255

إذا مسّها في حال الوضوء 256

هل للمحرم أن يحلق رأس المحلّ؟257

لو قلع جلدة عليها شعر 258

لو خلّل شعره فسقطت شعرة 258

ص:531

من يريد حلق رأسه لأذى 258

التخيير بين التكفير قبل الحلق و بعده 259

حكم المحرم يعبث بلحيته فيسقط منها الشعرة 259

6-كفّارة قصّ الأظفار

حرمة قصّ الأظفار و وجوب الفدية للمحرم 261

ما يجب في الظفر الواحد أو للظفرين 262

لو قلّم الأظفار ناسيا أو جاهلا 266

لو قصّ أظافير يديه و رجليه معا 267

من أفتى غيره بتقليم ظفره فقلّمه فأدماه 267

7-قتل هوامّ الجسد

حكم رمي القملة عن جسد المحرم أو قتلها 269

وجوب الكفّارة في العمد و السهو و الخطأ 271

8-ما يجب بقطع شجرة الحرم

حرمة قطع شجرة الحرم و الكفّارة فيها 272

9-ما يجب في الصيد و فيه مطالب

الأوّل في وجوب الجزاء 275

أقسام الصيد 275

ما تجب به الكفّارة المعيّنة و له بدل 275

ما ليس لكفّارته بدل 275

ص:532

أقسام ما ينتقل إلى البدل 275

وجوب الجزاء على قتل الصيد للمحرم 276

وجوب الجزاء على قتل الصيد في العامد و الناسي و الخاطئ 276

لو تكرّر الصيد هل تتكرّر الكفّارة؟278

وجوب الجزاء على القاتل للضرورة 282

إذا صال عليه صيد فلم يقدر على دفعه إلاّ بقتله 283

لو خلّص صيدا من سبع أو شبكة أو أخذه ليخلّص من رجله خيطا فتلف 284

إذا قتل المحرم صيدا مملوكا لغيره 284

وجوب الجزاء على المحرم للحجّ أو العمرة 285

لو كان الصيد في الحرم و تجرّد عن الإحرام 285

المطلب الثاني في مقدار الكفّارة و فيه قسمان الأوّل:ما لكفّارته بدل و مباحثه خمسة:

1-ما يجب بقتل النعامة

دابّة الصيد هل تضمن بمثلها من النعم؟286

حكم ما ثبت فيه نصّ مقدّر 288

حكم الصحابة في النعامة ببدنة 288

لو لم يجد البدنة 290

لو لم يجد الإطعام 291

هل كفّارة جزاء الصيد على الترتيب أو التخيير؟292

لو زاد قيمة الفداء على إطعام ستّين مسكين هل يلزمه الزائد؟295

لو بقي ما لا يعدل يوما،كربع الصاع 296

لو عجز عن الأصناف الثلاثة في البدنة 296

ص:533

أقوال العلماء في فراخ النعامة 297

2-كفّارة قتل حمار الوحش و بقرته

كفّارة قتل حمار الوحش 299

كفّارة بقرة الوحش 300

لو لم يجد البقرة في جزاء حمار الوحش 301

لو لم يتمكّن من الإطعام 302

هل كفّارة حمار الوحش على الترتيب أو التخيير؟303

لو لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة 303

3-كفّارة الظبي و الثعلب و الأرنب

كفّارة قتل الظبي شاة 305

لو عجز عن الشاة 306

لو عجز عن الإطعام 307

اختلاف العلماء في ترتيب هذه الأصناف الثلاثة أو تخييرها 307

لو عجز عن الشاة و إطعام المساكين و صوم عشرة أيّام 307

كفّارة الثعلب 308

كفّارة قتل الأرنب 309

4-كفّارة كسر بيض النعام

إذا كسر المحرم بيضة نعامة 311

هل الاعتبار في العدد بالإناث؟314

عدم الفرق في وجوب الكفّارة بين أن يكسره بنفسه أو بدابّته 314

ص:534

لو لم يتمكّن من الإبل 315

لو كسر بيضة فيها فرخ ميّت 315

لو باض الطير على فراش محرم 316

لو كسر بيضة فخرج منها فرخ حيّ و عاش 316

5-كسر بيض القطاة و القبج

إذا كسر المحرم بيضة من بيض القطاة أو القبج 317

لو لم يتمكّن من الإرسال 318

القسم الثاني:في ما لا بدل له و مباحثه اثنان

1-الحمام

المراد من الحمام 320

كفّارة قتل الحمامة 320

ما تجب بقتل المحرم و المحلّ الحمامة في الحرم 322

لو كانت القيمة أزيد أو أنقص من درهم 323

كفّارة قتل القماريّ و الدباسيّ و الفواخت 323

لو كان القاتل للحمام محرما في الحرم 324

لو قتل فرخا من فراخ الحمام 324

لو قتل الفرخ محلّ في الحرم 325

إذا كسر المحرم بيض الحمام و لم يكن قد تحرّك فيه الفرخ 325-326

إذا كان الكاسر محلاّ في الحرم 326

لو كان الكاسر محرما في الحرم 326

هل فرق بين حمام الحرم أو الأهليّ في القيمة إذا قتل في الحرم؟328

ص:535

2-كفّارة قتل القطا و ما يتبعه

كفّارة قتل القطا و الحجل و الدرّاج 330

كفّارة قتل العصفور و الصعوة و القبّرة 331

من قتل زنبورا خطأ 332

هل في قتل الهوامّ من الحيّات و العقارب كفّارة؟332

حكم من قتل جرادة و هو محرم 333

لو كان الجراد في طريقه و لم يتمكّن من التحرّز عن قتله 334

كفّارة قتل الضبّ و القنفذ و اليربوع 335

المطلب الثالث:في ما لا نصّ فيه

حكم الرجوع إلى قول عدلين في ما لا مثل له من الصيد 337

ما اشترط في الحكمين 337

كفّارة قتل البطّ و الوزّ و الكركيّ 338

حكم من قتل عظاية 339

حكم ضمان الكبير و الصغير من ذوات الأمثال بمثله 339

حكم ضمان الصحيح و المعيب بمثله 340

لو اختلف العيب 340

لو فدى الذكر و الأنثى بجنس المخالف 340

لو قتل ماخضا 341

لو فداها بغير ماخض 342

لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا 342

ص:536

المطلب الرابع في أسباب الضمان و هي اثنان

1-المباشرة

ما يجب بقتل الصيد و أكله 343

هل حكم البيض حكم الصيد في تحريم الأكل؟344

لو كسر البيض حلال و أكله محرم 344

لو كسر المحرم بيض الصيد 345

لو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام و أكله المحرم 345

لو أتلف جزءا من الصيد 346

حكم كسر قرني الغزال 346

لو كسر رجليه معا 346

لو نتف ريشة من حمام الحرم 347

لو نتف ريشا متعدّدا دفعة أو بالتفريق 348

حكم من جرح الصيد 348

لو أصابه و لم يؤثّر فيه 349

لو كسر يده أو رجله ثمّ رآه قد صلح و رعى 349

لو جرح الصيد فاندمل و صار غير ممتنع 350

لو جرحه فغاب عن عينه و لم يعلم حاله 350

إذ رآه ميّتا و لم يعلم أمات من الجناية أو من غيرها 351

لو اشترك جماعة في قتل صيد 351

لو كان شريك المحرم حلالا أو تبعا و كان القتل في الحلّ 354

لو أصابه الحلال أوّلا ثمّ أصابه الحرام 354

لو اتّفقا في حالة واحدة 354

لو اشترك الحرام و الحلال في قتل صيد حرميّ 355

ص:537

لو رمى اثنان صيدا فقتله أحدهما و أخطأ الآخر 355

لو قتله واحد و أكله جماعة 356

لو ضرب بطير على الأرض فقتله 356

لو شرب لبن ظبية 357

إذا جرح الصيد فجاء آخر فقتله 357

لو رمى الصيد و هو حلال في الحلّ فأصابه السهم و هو محرم فقتله 358

2-التسبيب

من كان معه صيد فأحرم هل يجب عليه إرساله؟358

لو أرسله إنسان من يده 361

لو كان الصيد في منزله 361

هل ينتقل الصيد إلى الحرم بابتياع وهبة و غيرهما من أسباب التملّكات؟362

لو أخذه بأحد هذه الأسباب فتلف 362

هل يجوز للمحرم أن يستردّ الصيد إذا باعه بخيار و هو حلال؟363

لو ورث صيدا هل يملكه في الحرم؟363

إذا أمسك المحرم صيدا فذبحه محرم آخر 364

لو كانا محلّين في الحرم 364

لو أمسكه المحرم في الحلّ فذبحه المحلّ 364

لو نقل بيض صيد ففسد 364

لو أحضنه فخرج الفرخ سليما 364

لو أغلق بابا على حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض 364

لو أرسلها بعد الإغلاق سليمة 365

لو كان الإغلاق من المحرم في الحرم 366

ص:538

لو أغلق على غير الحمام من أنواع الصيود 366

لو نفّر حمام الحرم 366

إذا أوقد جماعة نارا فوقع فيها طائر 366

هل الجزاء يجب في الصيد؟367

لو رمى صيدا فقتل الصيد بتحرّكه آخر،أو فرخا 368

إذا وطئ بعيره أو دابّته صيدا فقتله 368

إذا كان راكبا عليها سائرا 368

لو انفلتت فأتلفت صيدا 369

لو نصب المحرم شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد 369

لو نصب شبكة قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه 369

لو جرح صيدا فتحامل فوقع في شيء تلف به 369

لو سكن في مكان و أمن من نفوره ثمّ تلف 370

إذا نتف المحرم ريش طير أو جرحه 370

لو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه 371

لو أغرى المحرم كلبا على صيد فقتله 371

لو نفّر صيد فهلك بمصادمة شيء 371

لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف 371

لو أمر المحرم عبده المحلّ بقتل الصيد،فقتله 371

لو كان الغلام محرما بإذن سيّده و قتل صيدا بغير إذن مالكه 372

المطلب الخامس:في اللواحق

كفّارة قتل الصيد إذا كان مثليّا 373

لو كان الصيد لا مثل له 373

ص:539

إذا اختار القاتل المثل أو قلنا بوجوبه عنه 374

لو اختار الإطعام 377

لو اختار الصيام 378

حكم ما لا مثل له من الصيد 378

إذا قتل المحلّ صيدا في الحرم 379

تضاعف الجزاء في ما كان دون البدنة 380

لو كان الصيد لا دم فيه و قتله محلّ في الحرم أو محرم في الحلّ 380

من وجب عليه بدنة في كفّارة الصيد و لم يجد 381

لو قتل المحرم حيوانا و شكّ في أنّه صيد 382

لو اقتتل نفسان في الحرم 382

لو كان مع المحرم لحم الصيد و قد صاده في الإحلال 383

لو اشترك محلّون و محرمون في قتل صيد في الحلّ 383

هل الخيار في الكفّارة إلى القاتل؟383

ما المعتبر في المثل؟384

ما المراد من النعم؟385

هل يجوز في إطعام الفدية التمليك و الإباحة؟386

حكم المحرم إذا قتل صيدا فأخذه محرم آخر 386

لو أصاب محرم صيودا كثيرة على وجه الإحلال 387

لو قتل حمامة مسرولة هل يجب عليه الضمان؟388

10-ما يجب بالاستمتاع بالنساء

حكم من وطئ امرأته و هو محرم عالما بالتحريم قبل الوقوف 389

حكم من جامع بعد الوقوف بالموقفين 391

ص:540

حكم من وطئ بعد الوقوف بعرفة و قبل المزدلفة 393

هل يجب على من وطئ قبل الوقوف بالموقفين بدنة؟395

هل يجب عليه إتمام حجّه الفاسد؟396

وجوب القضاء في السنة المقبلة 397

هل يجب على المرأة مثل ما يجب على الرجل في المسائل السابقة؟398

لو كانت المرأة محلّة هل يتعلّق بها شيء؟400

لو أكرهها-و هي محرمة-على الجماع 400

إذا كانت مطاوعة هل يجب عليها قضاء الحجّ؟401

هل يجب عليهما أن يفترقا في القضاء؟401

إذا بلغا مكان الوطء 401

حجّة الإسلام و حجّة العقوبة 403

حدّ الافتراق بينهما 404

حكم من وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم 405

لو أكره على الجماع 407

هل فرق بين الوطء في القبل و الدبر في وجوب الكفّارة؟408

حكم إتيان البهيمة و اللواط بالرجال و النساء في دبرها 409

حكم من عبث بذكره فأمنى 410

حكم من وطئ في ما دون الفرج 411

حكم من وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد 413

حكم من كرّر الوطء و هو محرم 414

حكم من جامع قبل طواف الزيارة 416

حكم من جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئا 417

إشكالات حديث عبيد بن زرارة 418

ص:541

حكم من وطئ في إحرام الحجّ قبل طواف النساء 419

حكم من سها عن طواف النساء فجامع 419

حكم من جامع قبل طواف النساء 420

من جامع قبل طواف الزيارة و قبل طواف النساء هل تجب عليه البدنة؟421

حكم من جامع بعد أن طاف من طواف النساء شيئا 421

حكم من جامع بعد فراغه من الطواف 422

هل فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب؟423

هل فرق بين أن يطأ امرأته الحرّة أو جاريته إذا كان محرما؟423

إذا كانت الأمة محرمة بغير إذنه 423

لو كانت محرمة بإذنه و طاوعته هل يتعلّق بها كفّارة؟423

لو وطئ أمته و هو محلّ و هي محرمة 424

لو كان هو محرما و هي محرمة بإذنه أو بغير إذنه 425

لو كان هو محلاّ و هي محرمة بإذنه 425

لو حجّت زوجته الحرّة تطوّعا و وطئها و هو محلّ 425

لو زنى بامرأة،تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح 425

من وجب عليه دم بدنة في إفساد الحجّ فلم يجد 425

حكم من وطئ في العمرة قبل السعي 427

هل البدنة و الإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة؟429

المراد من القارن 429

لو أفسد القارن حجّه 429

إذا قضى الحاجّ أو المعتمر،فمن أين الإحرام؟430

اذا أفسد حجّه بالوطء قبل الوقوف بالموقفين 432

لو أفسد الحجّ الثالث 432

ص:542

لو عقد على امرأة و دخل المحرم 433

حكم من نظر إلى غير أهله فأمنى 433

حكم من كرّر النظر حتّى أمذى 436

حكم من كرّر النظر و لم يقترن به مذي و لا منيّ 436

حكم من فكّر فأنزل 436

حكم من لم يجد البدنة 436

حكم من نظر إلى أهله بشهوة أو بغير شهوة 437

حكم من مسّ امرأته بشهوة أو بغير شهوة 438

حكم من قبل امرأته بشهوة أو بغير شهوة 440

هل يجوز أن يقبّل المحرم أمّه حال الإحرام؟442

من لا عب امرأته و هو محرم فأمنى 442

لو سمع كلام امرأة أو استمع من يجامع فأمنى 442

من قبل امرأته و هو محرم،فعليه بدنة 443

إذا أفسد حجّه هل يجب عليه إتمام الفاسد؟444

لو جنى في الإحرام الفاسد 445

لو أحصر في حجّ فاسد 445

لو حلّ ثمّ زال الحصر 445

لو حجّ تطوّعا فأفسده ثمّ أحصر 446

11-ما يجب في الفسوق و الجدال

من جادل مرّة أو مرّتين صادقا و هو محرم 447

لو جادل مرّة كاذبا 448

حكم وقوع المجادلة على طريق العمد و السهو 449

ص:543

حكم الفسوق و تعريفه 450

حكم المحرم إذا خاف العدوّ 451

هل يجوز للمحرم أن يؤدّب غلامه و هو محرم؟451

إذا اقتتل اثنان في الحرم 452

ص:544

المجلد 13

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

المدخل

نثني على اللّه تعالى أحسن الثناء،و نحمده على السرّاء و الضرّاء،و نصلّي و نسلّم على محمّد أشرف الأنبياء و آله المعصومين النجباء.

لا ريب أنّ تراثنا الفقهيّ الخالد-الذي منه هذه المجموعة القيّمة المسمّاة«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»-كلمة طيّبة كشجرة طيّبة تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها.

و قد وفّقنا اللّه عزّ و جلّ بإذنه و أعاننا على إتمام هذا الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب.

نسأله تعالى أن يسبغ علينا من لطفه و توفيقه لإكمال هذا المشروع و نشره،شاكرين لأعضاء قسم الفقه جهودهم الدءوبة في إنجاز العمل في هذا الجزء و راجين لهم مزيد التوفيق و حسن العاقبة،و هم العلماء و الأفاضل:

الشيخ عليّ الاعتماديّ

الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ

الشيخ عبّاس المعلّميّ(الجلالي نيا)

الشيخ محمّد عليّ الملكيّ

الشيخ عليّ النمازيّ

السيّد أبو الحسن الهاشميّ

الأخ السيّد طالب الموسويّ

الأخ شكر اللّه الأختريّ

الأخ عادل البدريّ

الأخ عليّ أصغر المولويّ

كما نشكر بامتنان سماحة حجّة الإسلام و المسلمين الشيخ عليّ أكبر إلهيّ الخراسانيّ إشرافه على التحقيق و رعايته لمسيرته.نسأل اللّه تعالى له دوام العافية و التوفيق في خدمة معارف أهل البيت عليهم السّلام؛إنّه قريب مجيب.

قسم الفقه

في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:5

ص:6

تتمة كتاب الحج

تتمة المقصد الرابع في تروك الأحرام و ما يجب من الكفارة بفعل المحرم و أحكام الحصر و الصد و الفوات

تتمة الفصل الثاني في ما يجب على المحرم من الكفارة في ما يفعله عمدا أو خطأ
البحث الثاني عشر
اشارة

في لواحق هذا الباب

ص:7

ص:8

مسألة:إذا اجتمعت أسباب مختلفة،كاللبس و تقليم الأظفار و الطيب،لزمه عن

كلّ واحد كفّارة

،سواء فعل ذلك في وقت واحد أو وقتين أو أكثر،كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر؛لأنّ كلّ واحد منهما سبب مستقلّ في وجوب الكفّارة،و الحقيقة باقية عند الاجتماع،فالأثر موجود.

و لو اتّحد الفعل فأقسامه ثلاثة:

أحدها:إتلاف على وجه التعديل،كقتل الصيد،فإنّه يعدل به و يجب فيه مثله، و يختلف بالصغر و الكبر،فعلى أيّ وجه فعله،وجب عليه الجزاء.

و لو تكرّر،تكرّرت بلا خلاف؛لأنّ المثل واجب،و هو إنّما يتحقّق بالتعدّد لو تعدّدت الجناية.

الثاني:إتلاف مضمون لا على وجه التعديل،كحلق الشعر و تقليم الأظفار،فهما جنسان،فإن حلق أو قلّم دفعة واحدة،كان عليه فدية واحدة،و إن فعل ذلك في أوقات،كأن يحلق بعض رأسه غدوة و بعضه عشيّة،تعدّدت الكفّارة عليه،و إن كان في دفعة واحدة و وقت واحد،وجبت فدية واحدة.

الثالث:الاستمتاع باللباس و الطيب و القبلة،فإن فعله دفعة واحدة بأن لبس كلّ ما يحتاج إليه دفعة،أو تطيّب بأنواع الطيب دفعة واحدة،أو قبّل و أكثر منه،لزمه كفّارة واحدة،و إن فعل ذلك في أوقات متفرّقة،لزمه عن كلّ فعل كفّارة،سواء كفّر

ص:9

عن الأوّل أو لم يكفّر.و به قال أبو حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:إن كفّر عن الأوّل،لزمه كفّارة أخرى عن الثاني،و إن لم يكفّر، لم يكن عليه سوى كفّارة واحدة (2).و هو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل.

و في الأخرى:إن كان السبب واحدا،اتّحدت الكفّارة،كمن لبس ثوبين للحرّ، و إن تعدّد،تعدّدت،كمن لبس ثوبا للحرّ و ثوبا للمرض (3).

و قال مالك:تتداخل كفّارة الوطء دون غيره (4).

لنا:أنّه مع تعدّد الوقت يتعدّد الفعل،و قد كان كلّ واحد سببا تامّا في إيجاب الكفّارة،فكذا مع الاجتماع.

مسألة:إذا جنّ بعد إحرامه ففعل ما يفسد به الحجّ من الوطء قبل الوقوف

بالموقفين،لم يفسد حجّه

؛لأنّ العاقل لو فعل ذلك ناسيا لم يبطل حجّه،و الجنون أبلغ من النسيان في العذر.

و لقوله عليه السلام:«رفع القلم عن المجنون حتّى يفيق» (5).

و أمّا الصيد،فإنّه يلزمه الضمان بإتلافه؛لأنّ حكم العمد و السهو فيه واحد.

مسألة:الصبيّ إذا قتل صيدا،ضمنه،كما يضمنه البالغ

،و إن تطيّب أو لبس،فإن

ص:10


1- 1بدائع الصنائع 2:189-190 و 217-218،تبيين الحقائق 2:361-362،شرح فتح القدير 2: 439،مجمع الأنهر 1:292.
2- 2) حلية العلماء 3:313،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:378،فتح العزيز بهامش المجموع 7:484،مغني المحتاج 1:521.
3- 3) المغني 3:528،الشرح الكبير بهامش المغني 3:350،الكافي لابن قدامة 1:564،الفروع في فقه أحمد 2:250،الإنصاف 3:525-526.
4- 4) بداية المجتهد 1:371،المغني 3:529،الشرح الكبير بهامش المغني 3:351.
5- 5) صحيح البخاريّ 7:59،سنن أبي داود 4:140 الحديث 4400، [1]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن النسائيّ 6:156،سنن البيهقيّ 4:325 و ج 10:317،مجمع الزوائد 6:251.

كان ناسيا،لم يكن عليه شيء؛لأنّ البالغ لا شيء عليه في ذلك مع النسيان فالصبيّ أولى،و إن كان عامدا،فإن قلنا:إنّ عمده و خطأه واحد،فلا شيء عليه أيضا،و إن قلنا:إنّ عمده عمد إلاّ في القصاص،وجبت الكفّارة،و إذا وجبت فهل تجب على الصبيّ في ماله من حيث وجبت بجنايته،أو على الوليّ؛لأنّه عقده بإذنه،فكان هو الذي أدخله في ذلك و غرّر بماله؟فيه تردّد.و قال مالك بالثاني (1).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قال:الظاهر أنّه يتعلّق به الكفّارة على وليّه و إن قلنا:إنّه لا يتعلّق به شيء؛لما روي عنهم عليهم السلام من أنّ:«عمد الصبيّ و خطأه سواء» (2)و الخطاء في هذه الأشياء لا تتعلّق به كفّارة من البالغين،كان قويّا (3).

و أمّا قتل الصيد،فإنّه يضمنه على كلّ حال.

و أمّا الحلق و تقليم الأظفار،فإنّ حكمهما عندنا كحكم اللبس و الطيب من أنّ عمده مخالف لخطائه.

و أمّا إذا وطئ بشهوة،فإنّه قد يحصل من الصبيّ قبل بلوغه-و إنّما يبلغ بالإنزال لا بالوطء و شهوته-فإذا فعل،فإن كان ناسيا أو جاهلا،لم يكن عليه شيء، كالبالغ.

و إن كان عامدا،فإن قلنا:إنّ عمده عمد،فسد حجّه إن كان الوطء قبل الوقوف بالموقفين،و وجبت البدنة.و إن كان خطأ،لم يكن عليه شيء.

و إذا أوجبنا البدنة على تقدير العمد،ففي محلّ وجوبها وجهان:أحدهما:

عليه.و الثاني:على وليّه على ما تقدّم.

ص:11


1- 1المغني 3:210،المجموع 7:32،فتح العزيز بهامش المجموع 7:425.
2- 2) التهذيب 10:233 الحديث 920،الوسائل 19:307 الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث 2. و [1]فيهما:«عمد الصبيّ و خطأه واحد».
3- 3) المبسوط 1:329. [2]

إذا عرفت هذا:فإن قلنا بإفساد الحجّ،فهل يجب عليه القضاء أم لا؟فيه وجهان:

أحدهما:الوجوب؛لأنّه وطئ عمدا قبل الوقوف بالموقفين،فوجب عليه القضاء؛عملا بالعموم.و لأنّ كلّ من وجبت البدنة في حقّه للإفساد،وجب عليه القضاء،كالبالغ.

و الثاني:عدم الوجوب؛لأنّه غير مكلّف،فلا يتوجّه عليه الأمر بالوجوب في القضاء،كما لا يتوجّه عليه في الأداء،و هو الأقوى.

إذا ثبت هذا:فإذا أوجبنا عليه القضاء،هل يجزئه أن يقضيه في حال صغره أم لا؟فيه تردّد.

قال مالك (1)و أحمد:لا يجزئه؛لأنّها حجّة واجبة،فلم تقع منه في صغره، كحجّة الإسلام (2).

و قال الشافعيّ في أحد القولين:يجزئه؛لأنّ أداء هذه العبادة يصحّ منه في حال الصغر،فكذلك قضاؤها،بخلاف حجّة الإسلام (3).

فرع:

إذا أوجبنا على الصبيّ القضاء فقضى في حال بلوغه،فهل يجزئه عن حجّة

الإسلام؟فالوجه:التفصيل

،و هو أن يقال:إن كانت الحجّة التي أفسدها لو صحّت

ص:12


1- 1حلية العلماء 3:235،فتح العزيز بهامش المجموع 7:426. [1]
2- 2) المغني 3:210،الشرح الكبير بهامش المغني 3:172،الكافي لابن قدامة 1:517،الفروع في فقه أحمد 2:125،الإنصاف 3:394. [2]
3- 3) حلية العلماء 3:234-235،المهذّب للشيرازيّ 1:215،المجموع 7:35،فتح العزيز بهامش المجموع 7:426،مغني المحتاج 1:523.

أجزأته-بأن يكون قد بلغ قبل مضيّ وقت الوقوف-أجزأه القضاء،و إن كان لو بلغ فيها بعد الوقوف،لم يجزئه القضاء،و وجب عليه حجّة أخرى للإسلام.

آخر:

لو خرجت قافلة إلى الحجّ فأغمي على واحد منهم،لم يصر محرما بإحرام

غيره عنه

.و به قال الشافعيّ (1)،و أبو يوسف،و محمّد (2).

و قال أبو حنيفة:يصير بإحرام بعض الرفقة محرما (3).

لنا:أنّه بالغ فلا يصير محرما بإحرام غيره عنه،كالنائم.و لأنّه لو أذن في ذلك و أجازه،لم يصحّ.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه علم ذلك من قصده،و تلحقه المشقّة في ترك ذلك،فأجزأ عنه إحرام غيره (4).

و الجواب:قد بيّنّا أنّه لو أذن له فيه،لم يصحّ،فكيف مع علم القصد المجرّد عن الإذن؟!

مسألة:و لو قبّل امرأته بعد طواف النساء،فإن كانت هي قد طافت،لم يكن

عليهما شيء

؛لأنّه بعد طواف النساء تحلّ له النساء،و إن كانت هي لم تطف، فقد روي أنّ عليه دم يهريقه؛لأنّ القبلة بالنسبة إليها حرام و قد فعلها هو،فكانت عليه العقوبة.

ص:13


1- 1المجموع 7:38،مغني المحتاج 1:462،المغني 3:211،الشرح الكبير بهامش المغني 3:173.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:160،المجموع 7:38،المغني 3:211،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 173.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:160،المجموع 7:38،المغني 3:211،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 173.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:160،المجموع 7:38.

رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي،قال:

«عليه دم يهريقه من عنده» (1).

مسألة:و لو أحصر فبعث بهديه ثمّ احتاج إلى حلق رأسه لأذى قبل أن يبلغ

الهدي محلّه،جاز له أن يحلقه

،و يتصدّق بالنسك أو الإطعام أو الصيام على ما قلناه؛لأنّ غير المحصر كذلك،فكذا المحصر.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه،فإنّه يذبح شاة مكان الذي أحصر منه (2)،أو يصوم أو يتصدّق على ستّة مساكين،و الصوم ثلاثة أيّام، و الصدقة نصف صاع لكلّ مسكين» (3).

مسألة:لو قلع ضرسه مع الحاجة إليه،لم يكن عليه شيء

،فإن كان لا مع الحاجة،وجب عليه دم شاة،قاله الشيخ-رحمه اللّه (4)-و استدلّ عليه:بما رواه محمّد بن عيسى،عن عدّة من أصحابنا،عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء:محرم قلع ضرسه فكتب [عليه السلام] (5):«يهريق دما» (6).

ص:14


1- 1التهذيب 5:323 الحديث 1109،الوسائل 9:276 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) بعض النسخ:عنه،و في المصادر:فيه.
3- 3) التهذيب 5:334 الحديث 1149،الاستبصار 2:196 الحديث 658،الوسائل 9:308 الباب 8 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:385.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:385 الحديث 1344،الوسائل 9:302 الباب 19 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 1. [3]
الفصل الثالث
اشارة

في الحصر و الصدّ و الفوات

الحصر عندنا:هو المنع عن تتمّة أفعال الحجّ-على ما يأتي-بالمرض خاصّة، و الصدّ بالعدوّ.

و عند الفقهاء المخالفين:الحصر و الصدّ واحد،و هما من جهة العدوّ.

لنا:أنّهما لفظان متغايران،و الأصل عدم الترادف.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:«المحصور غير المصدود؛فإنّ المحصور هو المريض، و المصدود هو الذي يردّه المشركون،كما ردّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ليس من مرض،و المصدود تحلّ له النساء،و المحصور لا تحلّ له النساء» (1).

و القارن إذا أحصر،فليس له أن يتمتّع في العام القابل (2)،بل عليه أن يفعل مثل ما دخل به.

إذا عرفت هذا:فالبحث هنا يقع عن المصدود (3)و المحصور،و يحصره بحثان:

ص:15


1- 1التهذيب 5:423 الحديث 1467،الوسائل 9:303 الباب 1 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [1]
2- 2) خا:المقبل.
3- 3) بعض النسخ:على المصدود،مكان:عن المصدود.
البحث الأوّل:في المصدود.
مسألة:إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام و صار محرما،تعلّق به من الأحكام وجوب

الإتمام للحجّ،على ما سلف

،و غير ذلك من الأحكام التي ذكرناها (1).

إذا ثبت هذا:فإذا صدّه المشركون أو غيرهم عن الوصول إلى مكّة بعد إحرامه، و لم يكن له طريق سوى ما صدّ عنه،أو كان له طريق غير موضع الصدّ لكن قصرت نفقته،تحلّل،و هو قول العلماء كافّة.

قال اللّه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2).

و روى الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبيّة أن ينحروا و يحلقوا و يحلّوا (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«و المصدود تحلّ له النساء» (4).

مسألة:و سواء كان الإحرام للحجّ أو العمرة،و بأيّ أنواع الحجّ أحرم،يجوز له

التحلّل مع الصدّ

.و به قال أبو حنيفة (5)،و الشافعيّ (6)،و أحمد بن حنبل (7).

ص:16


1- 1يراجع:الجزء الثاني عشر:396.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) سنن البيهقيّ 5:215،كنز العمّال 10:496 الحديث 30154،المصنّف لابن أبي شيبة 8:507 الحديث 3 و ص 516 الحديث 18.
4- 4) التهذيب 5:423 الحديث 1467،الوسائل 9:303 الباب 1 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [2]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:109،بدائع الصنائع 2:177،الهداية للمرغينانيّ 1:181، [3]شرح فتح القدير 3:56،تبيين الحقائق 2:411.
6- 6) حلية العلماء 3:356،المجموع 8:355،فتح العزيز بهامش المجموع 8:4،مغني المحتاج 1: 532-533.
7- 7) المغني 3:374،الشرح الكبير بهامش المغني 3:530،الكافي لابن قدامة 1:625،الفروع في فقه أحمد 2:290.

و قال مالك:المعتمر لا يتحلّل؛لأنّه لا يخاف الفوات (1).

و هو خطأ؛لأنّ الآية (2)عامّة في كلّ محرم،و هو كما يتناول إحرام الحجّ، يتناول إحرام العمرة.

و لأنّ الآية إنّما نزلت في صدّ الحديبيّة،و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه محرمين بعمرة فحلّوا جميعا (3).

مسألة:و لو كان له طريق غير موضع الصدّ،فإن كان معه نفقة تكفيه،لم يجز له

التحلّل

و استمرّ على إحرامه و وجب عليه سلوكها،سواء بعدت أو قربت،خاف الفوات أو لم يخف.

فإن كان محرما بعمرة لم تفت،فلا يجوز له التحلّل،و إن كان بحجّ،صبر حتّى يتحقّق الفوات ثمّ يتحلّل بعمرة،و ليس له التحلّل قبل الفوات و الإتيان بالعمرة بمجرّد خوف الفوات؛لأنّ التحلّل إنّما يجوز بالحصر لا لخوف الفوات،و هذا غير مصدود هنا،فإنّه يجب أن يمضي على إحرامه في ذلك الطريق،فإن أدرك الحجّ، أتمّه،و إن فاته،تحلّل بعمرة و قضاه.

و لو قصرت نفقته،جاز له التحلّل؛لأنّه كالممنوع و لا طريق له سوى موضع المنع.و كذا لو لم يكن له طريق سوى موضع الصدّ،فإنّه يحلّ،كما قلنا و يرجع إلى بلده.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر

ص:17


1- 1المغني 3:374،المجموع 8:355،عمدة القارئ 10:142.
2- 2) البقرة(2):196.
3- 3) المغني 3:374،المجموع 7:355،تفسير القرطبيّ 2:377.

بدنته و رجع إلى المدينة» (1).

مسألة:إنّما يتحلّل المصدود بالهدي و نيّة التحلّل معا

.أمّا الهدي،فقد أجمع عليه أكثر العلماء (2)و حكي عن مالك أنّه لا هدي عليه (3).

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4).

قال الشافعيّ:لا خلاف بين أهل التفسير أنّ هذه الآية نزلت في حصر الحديبيّة (5).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنة و رجع إلى المدينة (6)،و فعله عليه السّلام بيان للواجب،فيكون واجبا.

و لأنّه أبيح له التحلّل قبل أداء نسكه،فكان عليه الهدي و الفوات (7).

احتجّ مالك:بأنّه تحلّل أبيح له من غير تفريط أشبه من أتمّ حجّه (8).و هو خطأ؛لأنّه خلاف النصّ.و فعله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و لأنّ من أتمّ حجّه، لم يبق عليه شيء من النسك،فتحلّله لأداء مناسكه،بخلاف المصدود الذي لم يتمّ نسكه.

ص:18


1- 1التهذيب 5:424 الحديث 1472،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 5.و [1]فيهما:«نحر بدنة»مكان:«نحر بدنته»كما في بعض النسخ.
2- 2) المغني 3:374،الشرح الكبير بهامش المغني 3:530،المجموع 8:303-304،المبسوط للسرخسيّ 4:109.
3- 3) بداية المجتهد 1:355،بلغة السالك 1:306،تفسير القرطبيّ 2:373. [2]
4- 4) البقرة(2):196. [3]
5- 5) الأمّ 2:158،المغني 3:374،الشرح الكبير بهامش المغني 3:530.
6- 6) التهذيب 5:424 الحديث 1472،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 5.و [4]في نسختي ع و ح:بدنه،مكان:بدنة.
7- 7) كذا في النسخ و الأنسب:كالفوات،كما في التذكرة 8:387. [5]
8- 8) المغني 3:374.

و أمّا النيّة،فلأنّه يخرج من إحرام فيفتقر إلى النيّة،كمن يدخل فيه.

و لأنّ الذبح يقع على وجوه:

أحدها:التحلّل،فلا يتخصّص لوجه دون آخر إلاّ بالنيّة.

لا يقال:نيّة التحلّل غير معتبرة في غير المصدود،فكيف اعتبرت هنا!أ ليس إذا رمى،أحلّ من بعض الأشياء و إن لم ينو التحلّل؟

لأنّا نقول:من أتى بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة و أتى بما عليه،فيحلّ بإكمال الأفعال،و لا يحتاج إلى نيّة،بخلاف المصدود.

و لأنّا قد بيّنّا أنّ الذبح لا يتخصّص بالتحلّل إلاّ بالنيّة و احتيج بها،دون الرمي الذي لا يكون إلاّ للنسك،فلم يحتج إلى قصد.

فرع:

لو نوى التحلّل قبل الهدي،لم يتحلّل و كان على إحرامه حتّى ينحر الهدي

؛ لأنّه أقيم مقام أفعال الحجّ،فلا يحلّ قبله،كما لا يتحلّل القادر على أفعال الحجّ قبل فعلها.

و لا فدية عليه في نيّة التحلّل؛لعدم تأثيرها في العبادة،فإن فعل شيئا من محظورات الإحرام قبل الهدي،فعليه الفداء؛لأنّه محرم فعل محظورا في إحرام صحيح،فكان عليه فديته،كالقادر.

مسألة:و لا بدل لهدي التحلّل،فلو عجز عنه و عن ثمنه،لم ينتقل إلى غيره

و يبقى على إحرامه،و لو تحلّل،لم يحلّ.و به قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)، و الشافعيّ في أحد القولين.

ص:19


1- 1المغني 3:379،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:113،بدائع الصنائع 2:180،مجمع الأنهر 1:306.

و تحرير مذهب الشافعيّ في هذا الباب أنّ له قولين:

أحدهما:لا ينتقل إلى البدل.و الثاني-و هو الصحيح عندهم-:ينتقل،فإذا قال:لا ينتقل،يكون في ذمّته،فله في جواز التحلّل قولان منصوصان.

أحدهما:أنّه يبقى محرما إلى أن يهدي.

و الثاني-و هو الأشبه-:أنّه يحلّ،ثمّ يهدي إذا وجد (1).

و إذا قال:ينتقل،قال في مختصر الحجّ:ينتقل إلى صوم التعديل (2).و قال في الأمّ:ينتقل إلى الإطعام (3)،و فيه قول ثالث:إنّه مخيّر بين الإطعام و الصيام (4).

و قال أحمد بن حنبل:إنّه ينتقل إلى صيام عشرة أيّام (5).

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (6)منع من الحلق إلاّ ببلوغ الهدي،فلو كان الإطعام أو الصيام بدلا،لجاز الخلاف قبل بلوغ الهدي.و لأنّه لم يذكر في القرآن،و لو كان له بدل، لذكره،كما ذكر بدل هدي حلق الأذى.

احتجّ الشافعيّ:بالقياس على هدي التمتّع و الطيب و اللباس (7).

و الجواب:النصّ أولى من القياس.

إذا ثبت هذا:فهل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي أم لا؟فيه تردّد؛ لأنّه تعالى ذكر الهدي وحده و لم يشترط سواه.

ص:20


1- 1الأمّ 2:161،المجموع 8:303،فتح العزيز بهامش المجموع 8:80.
2- 2) المجموع 8:303.
3- 3) الأمّ 2:161.
4- 4) الأمّ 2:161،المجموع 8:303.
5- 5) المغني 3:380، [1]الكافي لابن قدامة 1:626،زاد المستقنع:35.
6- 6) البقرة(2):196. [2]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:299.

و قال أحمد في إحدى الروايتين:لا بدّ منه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حلق يوم الحديبيّة (1).و هو قويّ.

مسألة:قد بيّنّا أنّ المصدود إنّما يتحلّل بالهدي و نيّة التحلّل.

(2)

و بعض أصحابنا يخصّ وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود (3)،قال ابن إدريس:و هو الأظهر؛لأنّ الأصل براءة الذمّة.و لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)أراد:بالمرض؛لأنّه يقال:أحصره المرض و حصره العدوّ (5).

و الأقرب:وجوب الهدي؛لأنّه محصور بالعدوّ،فكان عليه الهدي،كالمحصور بالمرض.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا صدّ بالحديبيّة-و هي اسم نهر خارج الحرم-نحر هديه و أحلّ (6).

إذا ثبت هذا:فلو كان قد ساق المصدود هديا في إحرامه قبل الصدّ ثمّ صدّ،هل يكفيه هدي السياق عن هدى التحلّل أم لا؟فيه قولان:

أحدهما:أنّه يجزئه ما ساقه عن هدي التحلّل (7)؛لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ

ص:21


1- 1المغني 3:380،الشرح الكبير بهامش المغني 3:535،الكافي لابن قدامة 1:626،الإنصاف 4: 62 و 70.
2- 2) يراجع:ص 18. [1]
3- 3) ينظر:المبسوط 1:332.
4- 4) البقرة(2):196. [2]
5- 5) السرائر:151.
6- 6) المغني 3:374،كنز العمّال 5:262 الرقم 12821.
7- 7) ينظر:النهاية:282،الكافي في الفقه:218.

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1).

و قيل:لا بدّ له من هدي آخر للتحلّل،كما لو لم يسق (2).و الأوّل:أقرب.

مسألة:و لا يتعيّن مكان لنحر هدي التحلّل في المصدود،بل يجوز نحره في

موضع الصدّ

،سواء كان حلاّ أو حرما.و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى الروايتين (5).

و قال في الأخرى:لا ينحر إلاّ بالحرم يبعث به و يواطئ من يبعثه معه على نحره في وقت يتحلّل فيه.و به قال ابن مسعود،و الحسن،و الشعبيّ،و النخعيّ، و عطاء (6)،و أبو حنيفة (7).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بالحديبيّة،و هي خارج الحرم (8).

و روي:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان،و هي من الحلّ باتّفاق أهل النقل (9).قال اللّه تعالى: وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ

ص:22


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) ينظر:الفقيه 2:305.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:450،بداية المجتهد 1:355،بلغة السالك 1:306،المنتقى للباجيّ 2:271، المغني 3:376،الشرح الكبير بهامش المغني 3:532،عمدة القارئ 10:147.
4- 4) الأمّ 2:218،حلية العلماء 3:355،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:355،مغني المحتاج 1:534،السراج الوهّاج:171.
5- 5) المغني 3:376،الشرح الكبير بهامش المغني 3:532،الكافي لابن قدامة 1:625،الإنصاف 3: 534، [2]زاد المستقنع:35.
6- 6) المغني 3:376،الشرح الكبير بهامش المغني 3:532.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:109،تحفة الفقهاء 1:417،بدائع الصنائع 2:178،الهداية للمرغينانيّ 1:181، [3]شرح فتح القدير 3:53.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:12،سنن البيهقيّ 5:217،المغني 3:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 533.
9- 9) سنن البيهقيّ 5:218،المغني 3:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3:533.

يَبْلُغَ مَحِلَّهُ (1).

و لأنّه موضع حلّ،فكان له نحره فيه،كالحرم.و لأنّ ذلك يفضي إلى تعذّر الحلّ،لتعذّر وصول الهدي محلّه مع مقاومة العدوّ.

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«المحصور و المضطرّ ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطرّان فيه» (2).

احتجّ أحمد:بقوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (3).ثمّ قال: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (4).

و لأنّه ذبح يتعلّق بالإحرام،فلم يجز في غير الحرم،كدم الطيب و اللباس (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية في حقّ غير المصدود،و لا يمكن قياس المصدود عليه؛لأنّ تحلّل المصدود في الحلّ،و تحلّل غيره في الحرم،فكلّ منهما ينبغي أن ينحر في موضع تحلّله،و قد قيل في قوله تعالى: حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (6)أي:حتّى يذبح،و ذبح المصدود في موضع الصدّ و هو موضع حلّه؛ اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (7).

و عن الثاني (8):بالفرق،و قد تقدّم (9).

ص:23


1- 1الفتح(48):25. [1]
2- 2) الفقيه 2:305 الحديث 1513،الوسائل 9:309 الباب 6 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 3. [2]
3- 3) البقرة(2):196. [3]
4- 4) الحجّ(22):33. [4]
5- 5) المغني 3:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3:533.
6- 6) البقرة(2):196. [5]
7- 7) المغني 3:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3:533.
8- 8) كثير من النسخ:و عن الجواب،مكان:و عن الثاني.
9- 9) يراجع:ص 22. [6]
فرع:

لو قدر على الحرم هل يجب أن يبعث هديه إليه أم لا؟فيه تردّد

،و لكن لا ريب في الأولويّة،و كذا لو قدر على أطراف الحرم؛لأنّ الحرم كلّه منحر.

مسألة:فكما لا يختصّ النحر بمكان،فكذا لا يختصّ بزمان

،بل متى صدّ،جاز له الذبح في الحال و الإحلال؛لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1)و لم يشترط زمانا خصوصا مع الإتيان بالفاء الدالّة على التعقيب.

و عملا بالعمومات الدالّة على النحر مطلقا من غير تقييد بزمان.

و لأنّه ربّما احتاج إلى العود لسرعة،فلو لم يسع ذبحه في الحال،لزم الحرج.

مسألة:إذا صدّ عن الوصول إلى مكّة قبل الموقفين،فهو مصدود إجماعا

،يجوز له التحلّل،و كذا لو صدّ عن الوقوف بموقفين.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و مالك:ليس له أن يتحلّل (4).

لنا:عموم قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5)و لم يفصل، و كذا لو منع من إحدى الموقفين،قاله الشيخ (6)رحمه اللّه.

أمّا لو صدّ بعد الوقوف بالموقفين و منع من العود إلى منى،لرمي الجمار

ص:24


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) الأمّ 2:162،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:301،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 60،مغني المحتاج 1:537،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:123. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:114،بدائع الصنائع 2:177،الهداية للمرغينانيّ 1:181، [3]شرح فتح القدير 3:58،المجموع 8:355،فتح العزيز بهامش المجموع 8:60 و 61.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:366،بلغة السالك 1:306.
5- 5) البقرة(2):196. [4]
6- 6) المبسوط 1:333. [5]

و المبيت بها،فإنّه لا يتحقّق الصدّ بذلك،بل قد تمّ حجّه،فيتحلّل و يستنيب من يرمي عنه.

و لو صدّ بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة و السعي،فإنّه يتحلّل أيضا؛ لأنّ الصدّ يفيد التحلّل من جميعه فأفاد التحلّل من بعضه.و له أن يبقى على إحرامه.

إذا ثبت هذا:فإن لحق أيّام منى،رمى و حلق و ذبح،و إن لم يلحق،أمر من ينوب عنه في ذلك،فإذا تمكّن،أتى مكّة فطاف طواف الحجّ و سعى و قد تمّ حجّه و لا قضاء عليه،هذا إذا بقي على إحرامه حتّى يطوف و يسعى.

و إن لم يقم على إحرامه و تحلّل،كان عليه الحجّ من قابل ليأتي بأركان الحجّ من الطواف و السعي.

أمّا لو طاف و سعى و منع من المبيت بمنى و من الرمي،فإنّ حجّه تامّ على ما بيّنّاه (1).

و لو تمكّن من المبيت و صدّ عن الوقوف بالموقفين أو عن أحدهما،جاز له التحلّل؛للعموم (2)،و إن لم يتحلّل و أقام على إحرامه حتّى فاته الوقوف،فقد فاته الحجّ،و عليه أن يتحلّل بعمرة و لا يلزمه دم لفوات الحجّ.

و هل يجوز له أن يفسخ نيّة الحجّ و يجعله عمرة قبل الفوات؟فيه إشكال -و قال بعض الجمهور:له ذلك (3)-لأنّا أبحنا له ذلك من غير صدّ،فمعه أولى، و لا دم عليه.

ص:25


1- 1يراجع:ص 24. [1]
2- 2) البقرة(2):196.
3- 3) المغني 3:379، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:536.
فرع:

لو طاف و سعى للقدوم ثمّ صدّ حتّى فاته الحجّ،طاف و سعى ثانيا لعمرة أخرى

و لا يجتزئ بالطواف الأوّل و سعيه؛لأنّ الأوّل لم يقصد به طواف العمرة و لا سعيها، أمّا الإحرام،فإنّه يجتزئ بالأوّل و لا يجدّد إحراما آخر.و به قال الشافعيّ،و أحمد، و أبو ثور (1).

و قال مالك:يخرج إلى الحلّ،فيفعل ما يفعله المعتمر (2).

و قال الزهريّ:لا بدّ أن يقف بعرفة (3).

و قال محمّد بن الحسن:لا يكون محصرا بمكّة (4).

مسألة:إذا تحلّل،وفاته الحجّ،وجب عليه القضاء في العام المقبل

إن كان الحجّ للفائت واجبا،كحجّة الإسلام و النذر و شبهه،و إن كان نفلا،لم يجب القضاء،ذهب إليه علماؤنا.

و كذا العمرة إن كانت واجبة عمرة الإسلام أو واجبة بنذر و شبهه،وجب عليه قضاؤها،و إن كانت نفلا،لم يجب عليه القضاء.

و قال الشافعيّ:لا قضاء عليه بالتحلّل،فإن كانت حجّة تطوّع أو عمرة تطوّع، لم يلزمه قضاؤها بحال،و إن كانت حجّة الإسلام أو عمرة الإسلام و كانت قد

ص:26


1- 1المغني 3:379،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536،الكافي لابن قدامة 1:622،الإنصاف 4: 63،بداية المجتهد 1:357.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:373،بلغة السالك 1:305،المغني 3:379،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 537.
3- 3) المغني 3:379،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536،بداية المجتهد 1:357،عمدة القارئ 10: 146.
4- 4) المغني 3:379،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536.

استقرّت في ذمّته قبل هذه السنة،فإن خرج منها (1)بالتحلّل،فكأنّه لم يفعلها و كان باقيا في ذمّته على ما كان عليه،و إن كانت وجبت عليه في هذه السنة،سقط وجوبها و لم يستقرّ في ذمّته؛لفقدان بعض شرائط الحجّ،فحينئذ التحلّل بالصدّ لا يوجب القضاء بحال (2)-كما ذهبنا نحن إليه-و به قال مالك (3)،و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين (4).

و قال أبو حنيفة:إذا تحلّل،لزمه القضاء،ثمّ إن كان إحرامه بعمرة مندوبة، قضاها واجبا،و إن كان بحجّة مندوبة فأحصر،تحلّل،و عليه أن يأتي بحجّ و عمرة، و إن كان قرن (5)بينهما فأحصر و تحلّل،لزمته حجّة و عمرتان،عمرة لأجل العمرة، و حجّة و عمرة لأجل الحجّ (6).

و يجيء على مذهبه:إذا أحرم بحجّتين،فإنّه ينعقد بهما،و إنّما ينتقض (7)عن أحدهما إذا أخذ في السير،فإن أحصر قبل أن يسير،تحلّل منهما،و لزمه حجّتان

ص:27


1- 1أكثر النسخ:أخرج منها.
2- 2) الأمّ 2:162 و 218،حلية العلماء 3:358،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:355، مغني المحتاج 1:537،السراج الوهّاج:172،المغني 3:375،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 536.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:366،بداية المجتهد 1:355،بلغة السالك 1:306،المغني 3:375،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536،المجموع 4:355،فتح العزيز بهامش المجموع 8:56.
4- 4) المغني 3:375،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536،الكافي لابن قدامة 1:622،الفروع في فقه أحمد 2:291،الإنصاف 4:64. [1]
5- 5) أكثر النسخ:فرق.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:109 و 177،تحفة الفقهاء 1:418،بدائع الصنائع 2:170،الهداية للمرغينانيّ 1:181،حلية العلماء 3:358،بداية المجتهد 1:355 و 357،المغني 3:375،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536.
7- 7) بعض النسخ:ينتقص.

و عمرتان.

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة،و إيجاب القضاء خلاف له،فيفتقر إلى دليل، و لم يوجد.

و لأنّه تطوّع جاز التحلّل منه مع صلاح الوقت،فلا يجب قضاؤه،كما لو فعل في الصوم يعتقد أنّه واجب فلم يكن.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا تحلّل بالحديبيّة (1)،قضى من قابل و سمّيت عمرة القضيّة.و لأنّه حلّ من إحرامه قبل إتمامه،فلزمه القضاء،كما لو فاته الحجّ بالإفساد (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الذين صدّوا كانوا ألفا و أربعمائة (3)من أصحابه محرمين بعمرة فحصرهم العدوّ فتحلّلوا،فلمّا كان في السنة الثانية،عاد في نفر مصدودين عددا يسيرا،و لم ينقل إلينا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أحدا بالقضاء، و لم ينكر على من تخلّف عن مصاحبته،و سمّيت عمرة القضيّة؛لأنّهم عنوا بها العمرة التي جرى فيها قضيّة الصلح التي اصطلحوا عليها و اتّفقوا (4)عليها، و لو أرادوا غير ذلك،لقالوا عمرة القضاء.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الذي فاته الحجّ مفرّط،بخلاف المصدود.

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا كان له طريق آخر غير الذي صدّ عنه،وجب عليه

سلوكه

(5)

إذا كان آمنا و لم يجز له أن يتحلّل؛إذ لا فرق بين الطريق الأوّل و الثاني.

ص:28


1- 1ق و خا:من الحديبيّة.
2- 2) المغني 3:375،الشرح الكبير بهامش المغني 3:536.
3- 3) ق،ع و خا بزيادة:نفر.
4- 4) كثير من النسخ:أو نقضوا،مكان:و اتّفقوا.
5- 5) يراجع:ص 17.

هذا إذا كان الطريق الثاني مساويا للأوّل في المسافة،و لو كان أبعد منه،فإن لم يكن له نفقة يمكنه أن يقطع بها الطريق الأبعد،جاز له التحلّل؛لأنّه مصدود عن الأوّل و عاجز عن سلوك الثاني،و إن كان معه نفقة يمكنه قطع الطريق الأوّل (1)بها، لم يجز له التحلّل و وجب عليه سلوكه.

و لو خاف في الطريق الثاني أنّه إذا سلكه فاته الحجّ،لم يكن له أن يتحلّل؛لأنّ التحلّل إنّما يجوز بالصدّ،لا خوف الفوات،و هذا غير مصدود عن الطريق الأطول، فيمضي في إحرامه في ذلك الطريق،فإن أدرك الحجّ أتمّه،و إن فاته الحجّ،تحلّل بعمرة و وجب القضاء إن كان الحجّ واجبا،و إلاّ استحبّ له القضاء.

مسألة:و لا فرق بين الحصر العامّ-و هو أن يصدّه المشركون و يصدّوا

أصحابه-و بين الحصر الخاصّ في حقّ شخص واحد

،مثل أن يحبس بغير حقّ،أو يأخذه اللصوص وحده؛لعموم النصّ و وجود المعنى المقتضي؛لجواز التحلّل في الصورتين.

و كما أنّه لا فرق بينهما في جواز التحلّل،فلا فرق بينهما في وجوب القضاء و عدم وجوبه،فكلّ موضع حكمنا فيه بوجوب القضاء في الصدّ العامّ،فهو ثابت في الصدّ الخاصّ،و ما لا يجب فيه هناك لا يجب فيه هنا.و هو أحد قولي الشافعي، و في الآخر:يجب القضاء (2).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و ما تقدّم في الحصر العامّ فإنّه آت هنا.

ص:29


1- 1كذا في النسخ،و مقتضى السياق:الطريق الثاني أو الطريق الأطول.
2- 2) الأمّ 2:162،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:306 و 307،فتح العزيز بهامش المجموع 8:59،مغني المحتاج 1:537.
فروع:
الأوّل:لو حبس بدين،فإن كان قادرا على أدائه،لم يكن مصدودا و لم يجز له

التحلّل

،و لو كان عاجزا عنه،تحلّل؛لأنّه مع القدرة لا عذر له،فلا يجوز له التحلّل، و مع العجز يكون مصدودا؛لإعساره،و كذا يتحلّل لو حبس ظلما.

الثاني:لو كان عليه دين مؤجّل يحلّ قبل قدوم الحاجّ فمنعه صاحبه من الحجّ،

كان له التحلّل

؛لأنّه معذور.

الثالث:لو أحرم العبد بغير إذن سيّده أو الزوجة تطوّعا بغير إذن زوجها

،كان للمولى و الزوج منعهما من إتمام الحجّ،و تحلّلا و لا دم عليهما.

مسألة:قد بيّنّا أنّ حكم العمرة حكم الحجّ في جواز التحلّل و عدمه

(1)،فكلّ موضع جوّزنا فيه التحلّل من إحرام الحجّ فإنّه يجوز من إحرام العمرة،و هو قول أكثر العلماء (2).

و حكي عن مالك أنّه لا يحلّ من إحرام العمرة؛لأنّها لا تفوت (3).و قد سبق البحث فيه (4).

و كذا يجوز التحلّل لكلّ مصدود حاجّ،سواء كان قارنا أو مفردا أو متمتّعا،و قد بيّنّا أنّه لا يجوز له التحلّل إلاّ مع الهدي (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز الذبح وقت الصدّ و لا يجب الانتظار إلى بلوغ الهدي

ص:30


1- 1يراجع:ص 16.
2- 2) حلية العلماء 3:356،المجموع 8:355،المغني 3:378،الشرح الكبير بهامش المغني 3:533، المبسوط للسرخسيّ 4:109.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:366،بلغة السالك 1:306،حلية العلماء 3:356،المغني 3:374،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534،المجموع 8:355،المبسوط للسرخسيّ 4:109.
4- 4) يراجع:ص 16-17. [1]
5- 5) يراجع:ص 18.

محلّه.و هو إحدى الروايتين عن أحمد،و في الأخرى:لا يذبح حتّى يبلغ الهدي محلّه و هو يوم النحر،و إذا لم يجز الذبح،لم يجز التحلّل (1).

و احتجّ:بأنّ للهدي محلّ زمان و محلّ مكان،فإذا عجز عن محلّ المكان، سقط و بقي محلّ الزمان واجبا؛لإمكانه (2).

و هو غلط؛لأنّ محلّ الزمان تابع لمحلّ المكان،فإذا فات،فات تابعه.

و أيضا:فإنّه ربّما حصل له ضرر عظيم بالصبر إلى يوم النحر.

مسألة:يستحبّ له تأخير الإحلال؛لجواز زوال العذر

،فإذا أخّر و زال العذر قبل تحلّله،وجب عليه المضيّ في تمام نسكه بغير خلاف؛لأنّه محرم لم يأت بالمناسك مع إمكانها،فوجب عليه إتمامها،كالقادر.

و لقوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (3)و هو قادر؛إذ الغرض زوال العائق و لو خشي الفوات،لم يتحلّل على ما قلنا،و صبر حتّى يتحقّق ثمّ يتحلّل بعمرة.فلو صابر ففات الحجّ،لم يكن له أن يتحلّل بالهدي و وجب عليه أن يتحلّل بعمرة و عليه القضاء إن كان واجبا.و إلاّ فلا.

و لو فات الحجّ ثمّ زال الصدّ بعده،قال بعض الجمهور:يتحلّل بالهدي و عليه هدي آخر للفوات (4).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قال:إذا لم يتحلّل و أقام على إحرامه حتّى فاته الوقوف،فقد فاته الحجّ،و عليه أن يتحلّل بعمرة،و لا يلزمه دم لفوات الحجّ (5).

ص:31


1- 1المغني 3:377،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:534،الكافي لابن قدامة 1:625،الإنصاف 4: 67. [2]
2- 2) المغني 3:378،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534.
3- 3) البقرة(2):196. [3]
4- 4) المغني 3:378،الشرح الكبير بهامش المغني 3:534،بداية المجتهد 1:357.
5- 5) المبسوط 1:333، [4]الخلاف 1:492 مسألة-318.
فروع:
الأوّل:إذا غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات،جاز له أن يتحلّل

؛عملا بالعموم،لكنّ الأفضل البقاء على إحرامه،فإن انكشف العدوّ أتمّ،و لو اتّفق الفوات، أحلّ بعمرة.

الثاني:لو أفسد حجّه فصدّ،كان عليه بدنة و دم التحلّل و الحجّ من قابل.

و لو انكشف العدوّ في وقت متّسع لاستئناف القضاء،وجب،و هو حجّ يقضي لسنته،و ليس يتصوّر القضاء في العام الذي أفسده فيه في غير هذه المسألة، و لو ضاق الوقت،قضى من قابل.

و إن لم يتحلّل من الفاسد،فإن زال الصدّ و الحجّ لم يفت،مضى في الفاسد و تحلّل،كالصحيح،فإن فاته،تحلّل بعمرة،و تلزمه بدنة للإفساد،و لا شيء عليه للفوات.

و القضاء عليه من قابل هاهنا واجب،سواء كان الحجّ تطوّعا أو واجبا؛لأنّ التطوّع ينقلب واجبا مع الإفساد.

و لو كان العدوّ باقيا،فله التحلّل،فإذا تحلّل،لزمه الدم للتحلّل و بدنة للإفساد، و القضاء من قابل،و ليس عليه أكثر من قضاء واحد.

الثالث:لو صدّ فأفسد حجّه،جاز له التحلّل

؛عملا بالعموم (1).و لأنّه يجوز له التحلّل في الصحيح،ففي الفاسد أولى،و يجب عليه دم التحلّل،و بدنة للإفساد، و عليه القضاء للحجّ مطلقا (2)،و يكفيه قضاء واحد،كما قلنا هناك.

فالحاصل:أنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون الصدّ بعد الإفساد،و بين أن يكون قبله.

ص:32


1- 1البقرة(2):196.
2- 2) أكثر النسخ:و الحجّ عليه القضاء مطلقا،مكان:و عليه القضاء للحجّ مطلقا.
مسألة:قد بيّنّا أنّه ينبغي للمحرم أن يشترط على ربّه في حال الإحرام

(1)، خلافا لمالك (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه متى شرط في ابتداء إحرامه أن يحلّ متى مرض،أو ضاعت نفقته أو نفدت،أو منعه ظالم،أو غير ذلك من الموانع،فإنّه يحلّ متى وجد ذلك بلا خلاف،و هل يسقط الهدي أم لا؟قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يسقط (3)، و به قال جماعة من الجمهور (4).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يسقط؛لعموم الآية في قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5).فإنّه كما يتناول الشرط،يتناول غيره (6).و قد سلف البحث في ذلك (7).

إذا ثبت هذا:فإنّ الشرط لا يؤثّر في سقوط الحجّ في العام المقبل إن كان الحجّ واجبا،خلافا لقوم (8)،و قد سلف البحث فيه (9).

و ينبغي أن يشترط ما له فائدة،مثل أن يقول:إن مرضت،أو فنى مالي، أو فاتني الوقت،أو ضاق عليّ الوقت،أو منعني عدوّ،أو غيره.و لو قال:أن تحلّني حيث شئت،فليس له ذلك.

ص:33


1- 1يراجع:الجزء العاشر:248.
2- 2) سنن البيهقيّ 5:221،المغني 3:249،المحلّى 7:114-115،تفسير القرطبيّ 2:375، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 8:10،عمدة القارئ 10:147.
3- 3) الانتصار:104.
4- 4) المغني 3:382، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:539. [3]
5- 5) البقرة(2):196. [4]
6- 6) الخلاف 1:494 مسألة-324.
7- 7) يراجع:ص 16.
8- 8) المغني 3:382،الشرح الكبير بهامش المغني 3:539.
9- 9) يراجع:ص 16.

ثمّ ينظر في الشرط و صيغته،فإن قال:إن مرضت،فلي أن أحلّ،و إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني (1)،فإذا حبس يكون بالخيار بين الحلّ و بين البقاء على الإحرام.

و إن قال:إن مرضت فأنا حلال،قال بعض الجمهور:متى وجد الشرط،حلّ بوجوده؛لأنّه شرط صحيح،فكان على ما شرط (2).

فرع:

لو قال:أنا أرفض إحرامي و أحلّ،فلبس الثياب و ذبح الصيد و عمل ما يعمل

الحلال من غير صدّ أو حصر أو إتمام،لم يحلّ

و وجب عليه عن كلّ فعل كفّارة حسب ما تقدّم (3)؛لأنّ التحلّل من الحجّ إنّما يحصل بأمور ثلاثة:كمال أفعاله،أو التحلّل عند الحصر،أو الصدّ بالعدوّ إذا شرط،و مع فقدان هذه الأشياء لا يتحلّل،فإن نوى التحلّل لم يحلّ،و لا يفسد الإحرام برفضه؛لأنّه عبادة لا يخرج منها بالفساد، فلا يخرج منها برفضها،بخلاف سائر العبادات التي يخرج منها بإفسادها،كالصلاة.

و إن وطئ،أفسد حجّه و وجب عليه إتمامه،و البدنة،و الحجّ من قابل،سواء كان الوطء قبل ما فعله من الجنايات أو بعده،فإنّ الجناية على الإحرام الفاسد توجب الجزاء،كالجناية على الإحرام الصحيح،و ليس عليه لرفضه للإحرام شيء؛ لأنّه مجرّد نيّة لم تؤثر شيئا.

مسألة:العدوّ الصادّ لأهل الحجّ،إمّا أن يكونوا مسلمين أو مشركين

،فإن كانوا مسلمين،كالأكراد و الأعراب و أهل البادية،فالأولى الانصراف عنهم و ترك قتالهم؛

ص:34


1- 1خا و ق:فمحلّ حيث حبستني،د:فحلّني حيث حبستني.
2- 2) المغني 3:383،الشرح الكبير بهامش المغني 3:539،الإنصاف 4:72.
3- 3) يراجع:ص 32-33.

لأنّ في قتالهم مخاطرة بالنفس و المال و قتل مسلم،فكان الترك أولى،إلاّ أن يدعوهم الإمام أو من نصبه الإمام إلى قتالهم،و يجوز قتالهم؛لأنّهم تعدّوا على المسلمين بمنعهم طريقهم،فأشبهوا سائر قطّاع الطريق.

و إن كانوا مشركين،لم يجب على الحاجّ قتالهم؛لأنّ قتالهم إنّما يجب بأحد أمرين:إمّا الدفع عن النفس،أو الدعاء إلى الإسلام بإذن الإمام،و ليس هنا واحد منهما.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إذا لم يجب قتالهم،فلا يجوز أيضا،سواء كانوا قليلين أو كثيرين،أو المسلمون أكثر أو أقلّ-مع أنّه قال في جانب المسلمين-:

الأولى ترك قتالهم (1).و هو يشعر بجواز قتالهم.

و الأقوى عندي:أنّ قتالهم لا يجب،و لكن إن غلب على ظنّ المسلمين القهر لهم و الظفر،استحبّ قتالهم؛لما فيه من الجهاد،و حصول النصر،و إتمام النسك و دفعهم عن منع السبيل،و لا يجب قتالهم أيضا،بل يجوز التحلّل.

و لو غلب على الظنّ ظفر الكفّار،انصرفوا عنهم من غير قتال،لئلاّ يضرّوا بالمسلمين.

فروع:
الأوّل:لو احتاج الحاجّ إلى لبس السلاح،و ما يجب فيه الفدية لأجل الحرب،

جاز

؛لما تقدّم (2)و عليهم الفدية؛لأنّ لبسهم لأنفسهم،فأشبه ما لو لبسوا لدفع الحرّ و البرد.

الثاني:لو قتلوا نفسا و أتلفوا أموالا،لم يكن عليهم ضمان

،و لو كان هناك صيد

ص:35


1- 1المبسوط 1:334. [1]
2- 2) يراجع:الجزء الثاني عشر:220.

فقتلوه،فإن كان لأهل الحرب،ففيه الجزاء دون القيمة؛لأنّه لا حرمة لمالكه،و إن كان لمسلم أو لا مالك له،كان فيه الجزاء و القيمة على ما تقدّم (1).

الثالث:لو بذل لهم العدوّ تخلية الطريق،فإن كانوا معروفين بالغدر،جاز لهم

الانصراف

،و إن كانوا معروفين بالوفاء و أمّنوهم،لم يجز لهم التحلّل،و وجب عليهم المضيّ في إحرامهم؛لزوال الصدّ.

الرابع:لو طلب العدوّ مالا على تخلية الطريق،فإن لم يكونوا مأمونين،

لم يجب بذله إجماعا

؛لأنّ الخوف باق مع البذل،و إن كانوا مأمونين يوثق بقولهم، فإمّا أن يكون المال كثيرا أو قليلا،فإن كان كثيرا،لم يجب بذله،بل يكره إن كان العدوّ مشركين؛لأنّ فيه صغارا و تقوية للمشركين،و إن كان قليلا،قال الشيخ -رحمه اللّه-:لا يجب بذله و له التحلّل (2)،كما أنّه لا يجب في ابتداء الحجّ بذل مال إذا لم يجد طريقا آمنا.و لو قيل بوجوبه مع إمكان التحلّل به من غير إضرار،كان حسنا.

مسائل:
الأولى:قد بيّنّا:أنّ المحصر إذا لم يجد هديا،لم يتحلّل

،بل يبقى على إحرامه (3)،و به قال أبو حنيفة (4).

و قال الشافعيّ:ينتقل إلى الصوم و يحلّ به،و هو أن يقوّم شاة وسطا بالطعام

ص:36


1- 1يراجع:الجزء الثاني عشر:284.
2- 2) المبسوط 1:334. [1]
3- 3) يراجع:ص 19. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:113،تحفة الفقهاء 1:417،بدائع الصنائع 2:180،شرح فتح القدير 3: 53،تبيين الحقائق 2:408،مجمع الأنهر 1:306.

فيصوم بإزاء كلّ مدّ يوما (1).

لنا:قوله تعالى: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (2)أنهى الحرمة إلى غاية الحلق،و هذا يمنع زوالها قبله.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه عجز عن الهدي،فيلزمه الصوم،كدم المتعة (3).

و الجواب:الفرق بما تقدّم (4).

الثانية:قد بيّنّا أنّه يصحّ أن يصدّ الحاجّ بعد دخول مكّة إذا لم يقف

بالموقفين

(5).و به قال الشافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة:ليس بمصدود،بل إن قدر على الأداء،أدّى،و إن دام العجز حتّى مضى الوقت،فحكمه حكم فائت الحجّ،يتحلّل بأفعال العمرة،و النحر في الحرم لا يكون مثل النحر خارج الحرم (7).

لنا:عموم قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ (8)من غير فصل.

احتجّ:بأنّ المراد بذلك:من أحصر خارج الحرم،و لهذا قال: وَ لا تَحْلِقُوا

ص:37


1- 1الأمّ 2:161،حلية العلماء 3:357،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:304،305،فتح العزيز بهامش المجموع 8:80،مغني المحتاج 1:534.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:234،فتح العزيز بهامش المجموع 8:80،مغني المحتاج 1:534.
4- 4) يراجع:ص 19-20.
5- 5) يراجع:ص 24. [2]
6- 6) الأمّ 2:162،المهذّب للشيرازيّ 1:233،المجموع 8:301،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 80،مغني المحتاج 1:533.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:415،الهداية للمرغينانيّ 1:182،شرح فتح القدير 3:59،تبيين الحقائق 2: 414،مجمع الأنهار 1:307.
8- 8) البقرة(2):196. [3]

رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1)و هو الحرم،فدلّ على أنّه خارج الحرم (2).

و الجواب:ما تقدّم:أنّ محلّه موضع نحره (3)،أو أنّ الآية وردت في حقّ القادر،على ما تقدّم (4).

الثالثة:إذا تحلّل المصدود بالهدي و كان واجبا،قضى ما تحلّل منه

،إن كان حجّا،وجب عليه حجّ لا غير،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه قضاء حجّة و عمرة معا (6).

لنا:أنّه أحصر عن الحجّ،فلا يلزمه غيره،كمن أحصر عن العمرة،لا يلزمه غيرها.

احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إلى قوله:

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (7)لكنّ العمرة في القضاء معرّفا بالألف و اللام،فدلّ ذلك على عمرة معهودة واجبة عليه،و ليست تلك إلاّ العمرة الواجبة بالصدّ.و لأنّ المصدود عن الحجّ فائت الحجّ،و فائت الحجّ يتحلّل بأفعال العمرة،فإذا لم يأت

ص:38


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:182،شرح فتح القدير 3:59.
3- 3) يراجع:ص 22.
4- 4) يراجع:ص 16-17.
5- 5) حلية العلماء 3:358،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:306،فتح العزيز بهامش المجموع 8:56-57،مغني المحتاج 1:537،السراج الوهّاج:172،الميزان الكبرى 2:54، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:163.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:117،تحفة الفقهاء 1:418،بدائع الصنائع 2:182،الهداية للمرغينانيّ 1:182،شرح فتح القدير 3:55،تبيين الحقائق 2:410،مجمع الأنهر 1:306.
7- 7) البقرة(2):196. [2]

بأفعال العمرة في الحال،يجب عليه قضاؤها (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من العود إلى ما ذكرتم.

و عن الثاني:أنّ التحلّل للمصدود إمّا أن يكون بالعمرة إن فاته الوقت،و إلاّ فالهدي.و الحاصل:أنّا نمنع أنّ حكمه حكم فائت الحجّ مطلقا.

الرابعة:الصدّ قد يتحقّق في العمرة

.و به قال أبو حنيفة (2).

و قال الشافعيّ:لا يتحقّق (3).

لنا:قوله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)ذكر ذلك عقيبهما،فينصرف إلى كلّ واحد منهما،كما انصرف إلى أحدهما؛لعدم الأولويّة.

و عن ابن مسعود،أنّه سئل عن معتمر لدغ،فقال:ابعثوا عنه هديا،فإذا ذبح عنه فقد حلّ (5).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا صدّ كان معتمرا (6).

و لأنّه عجز عن الأداء للحال،و في البقاء على الإحرام مدّة غير معلومة حرج عظيم،فأبيح له التحلّل بالهدي،كما في الحجّ.و لأنّه أبيح له التحلّل بالهدي في أعلى العبادتين،فيباح له في أدناهما.

ص:39


1- 1تحفة الفقهاء 1:418،الهداية للمرغينانيّ 1:181،شرح فتح القدير 3:56،تبيين الحقائق 2: 410،مجمع الأنهر 1:306.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:109،تحفة الفقهاء 1:415،بدائع الصنائع 2:177،الهداية للمرغينانيّ 1:181،شرح فتح القدير 3:56،تبيين الحقائق 2:411،مجمع الأنهر 1:306.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:310.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
5- 5) سنن البيهقيّ 5:221،المصنّف لابن أبي شيبة 4:238 الحديث 1.فيه بتفاوت.
6- 6) صحيح البخاريّ 5:161،سنن البيهقيّ 5:215.

احتجّ:بأنّه ليس لها وقت معلوم،فيمكنه المكث إلى أن يزول الإحصار ثمّ يؤدّي (1).

و الجواب:أنّه يلزم منه الحرج؛لعدم العلم بالغاية.

ص:40


1- 1المغنيّ 3:374،الشرح الكبير بهامش المغني 3:530،المجموع 8:355،فتح العزيز بهامش المجموع 8:4.
البحث الثاني
اشارة

في المحصور

مسألة:قد بيّنّا أنّ الحصر هو المنع بسبب المرض،إمّا عن الوصول إلى مكّة،أو

عن الموقفين

،كما قلنا في الصدّ (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ الحاجّ متى حصره المرض بحيث لا يتمكّن معه من النفوذ إلى مكّة،بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح،فإن كان قد ساق هديا، بعث ما ساقه،و إن لم يكن قد ساق،بعث هديا أو ثمنه.

و لا يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه،و هو منى إن كان حاجّا،و مكّة إن كان معتمرا.

فإذا بلغ الهدي محلّه،أحلّ من كلّ شيء،إلاّ من النساء إلى أن يطوف في القابل،أو يأمر من يطوف عنه،فيحلّ له النساء حينئذ.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن مسعود،و عطاء،و الثوريّ،و النخعيّ،و أحمد في إحدى الروايتين (2).

و أصحاب الرأي،إلاّ أنّهم لم يعتبروا طواف النساء،بل قالوا:يحلّ بالبلوغ إلى

ص:41


1- 1يراجع:ص 15 و 24.
2- 2) المغني 3:382،الشرح الكبير بهامش المغني 3:538،المجموع 8:355، [1]الكافي لابن قدامة 1: 628،الفروع في فقه أحمد 2:292،الإنصاف 4:71. [2]

المحلّ (1).

و قال الشافعيّ:لا يجوز له التحلّل أبدا إلى أن يأتي به،فإن فاته الحجّ،تحلّل بعمرة (2).و به قال ابن عمر،و ابن عبّاس،و مروان (3)،و مالك (4)،و أحمد في الرواية الأخرى (5).

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (6)لأنّ الإحصار إنّما هو للمرض و نحوه،يقال:أحصره المرض إحصارا فهو محصر،و حصره العدوّ حصرا فهو محصور.قال الفرّاء:أحصره المرض لا غير،و حصره العدوّ و أحصره معا (7).

و هو نصّ في محلّ النزاع،كما هو متناول للصدّ بالعدوّ.

و ما رواه الجمهور عن عكرمة،عن حجّاج بن عمرو الأنصاريّ (8)،أنّ النبيّ

ص:42


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:107،تحفة الفقهاء 1:416،بدائع الصنائع 2:178،الهداية للمرغينانيّ 1:180-181،شرح فتح القدير 3:53،تبيين الحقائق 2:292،مجمع الأنهر 1:306.
2- 2) الأمّ 2:219،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:310،فتح العزيز بهامش المجموع 8:8، الميزان الكبرى 2:54،مغني المحتاج 1:533.
3- 3) المغني 3:382، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:538، [2]المجموع 8:355، [3]بداية المجتهد 1: 356.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:372،بداية المجتهد 1:356،بلغة السالك 1:305.
5- 5) المغني 3:382، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:538، [5]الفروع في فقه أحمد 2:292،الإنصاف 4:71. [6]
6- 6) البقرة(2):196. [7]
7- 7) المصباح المنير:138، [8]المبسوط للسرخسيّ 4:108.
8- 8) د و ع:عمر الأنصاريّ،ح،ق،خا و ر:عمير الأنصاريّ،و الصحيح ما أثبتناه،و هو:حجّاج بن عمرو بن عزيّة الأنصاريّ المازنيّ المدنيّ له صحبة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابن أخيه حمزة بن سعيد و عبد اللّه بن رافع و عكرمة،شهد مع عليّ عليه السلام صفّين. أسد الغابة 1:382، [9]تهذيب التهذيب 2:204. [10]

صلّى اللّه عليه و آله قال:«من كسر أو عرج فقد حلّ و عليه حجّة أخرى» (1)و في بعضها:«و عليه الحجّ من قابل» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي،قال:«يواعد أصحابه ميعادا،فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي[يوم] (3)النحر،فإذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه و لا يجب الحلق حتّى تنقضي مناسكه،و إن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة و الساعة التي يعدهم فيها،فإذا كان تلك الساعة،قصّر و أحلّ، فإن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله،رجع و نحر بدنة إن أقام مكانه،و إن كان في عمرة فإذا برئ،فعليه العمرة واجبة،و إن كان عليه الحجّ، رجع إلى أهله،و أقام ففاته الحجّ،فكان (4)عليه الحجّ من قابل،فإن ردّوا الدراهم عليه و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد أحلّ،لم يكن عليه شيء،و لكن يبعث من قابل و ينسك (5)أيضا»قال:«إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليّا عليه السلام و هو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السّقيا (6)و هو مريض،فقال:يا بنيّ ما تشتكي؟فقال:أشتكي رأسي،فدعا عليّ عليه السلام

ص:43


1- 1سنن ابن ماجة 2:1028 الحديث 3077،سنن الترمذيّ 3:277 الحديث 940، [1]سنن النسائيّ 5: 198،سنن الدارميّ 2:61، [2]مسند أحمد 3:450، [3]سنن البيهقيّ 5:220،المعجم الكبير للطبرانيّ 3: 224 الحديث 3211 و 3212.
2- 2) سنن أبي داود 2:173 الحديث 1862، [4]سنن ابن ماجة 2:1028 الحديث 3078،سنن النسائيّ 5:199،سنن البيهقيّ 5:220،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:224 الحديث 3213.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) أكثر النسخ و المصادر:و كان.
5- 5) في المصادر:«و يمسك».
6- 6) السّقيا-بالضمّ-:موضع يقرب من المدينة،و قيل:هي على يومين منها.مجمع البحرين 1:221. [5]

ببدنة فنحرها،و حلق رأسه و ردّه إلى المدينة،فلمّا برئ من وجعه اعتمر»فقلت له:

أ رأيت حين برئ من وجعه أحلّ له النساء؟فقال:«لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة»قلت:فما بال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حيث رجع إلى المدينة حلّ له النساء و لم يطف بالبيت؟فقال:«ليس هذا مثل هذا،النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان مصدودا،و الحسين عليه السلام كان محصورا» (1).

و لأنّه ممنوع من البيت،فأشبه المصدود بالعدوّ،و لأنّ الصبر ضرر عظيم خصوصا مع احتياجه إلى الملبوس للمرض أو المشروب؛لما فيه طيب،أو استعمال الأدهان و غير ذلك من الأسباب المحرّمة،فلو لم يبح له الإحلال،لزم الضرر بالترك أو بالإفداء في كلّ محرّم.

احتجّوا:بأنّه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله،و لا التخلّص من الأذى الذي به،بخلاف حصر العدوّ (2).

و الجواب:المنع من عدم الانتقال،و عدم التخلّص من الأذى لا يمنع من التحلّل.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يبعث بهديه و ينتظر وصوله إلى المحلّ الذي يذبحه به إمّا

مكّة إن كان معتمرا،أو منى إن كان حاجّا

،فإذا كان يوم المواعدة،قصّر من شعر رأسه،و أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلاّ النساء؛فإنّهنّ لا يحللن له حتّى يحجّ في القابل،و يطوف طواف النساء إن كان الحجّ واجبا،أو يطاف عنه في القابل إن كان الحجّ تطوّعا،قاله علماؤنا (3).

ص:44


1- 1التهذيب 5:421 الحديث 1465،الوسائل 9:305 الباب 2 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [1]فيهما:فليقصّ،مكان:فليقصّر،و فيهما:فلينتظر،مكان:فلينظر.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:308،فتح العزيز بهامش المجموع 8:8.
3- 3) يراجع:ص 41. [2]

و لم يعتبر الجمهور ذلك،بل حكم بعضهم بجواز الإحلال مطلقا،و آخرون بالمنع مطلقا على ما بيّنّا (1).

لنا:أنّ النساء حرمن عليه بالإحرام،فيستصحب الحكم إلى أن يزيله دليل.

و ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المحصور غير المصدود،فإنّ المحصور هو المريض»إلى أن قال:«و المصدود تحلّ له النساء،و المحصور لا تحلّ له النساء» (3).

مسألة:و لو وجد المحصور من نفسه خفّة بعد أن بعث هديه و أمكنه السير إلى

مكّة،فليلحق بأصحابه

؛لأنّه محرم بأحد النسكين،فيجب عليه إتمامه؛للآية (4)، و التقدير أنّه متمكّن.

إذا ثبت هذا:فإن أدرك أحد الموقفين في وقته،فقد أدرك الحجّ،و ليس عليه الحجّ من قابل،و إن لم يدرك أحد الموقفين في وقته،فقد فاته الحجّ،و كان عليه الحجّ من قابل،و الحكمان ظاهران،فإنّا قد بيّنّا أنّه يلحق الحاجّ بإدراك أحد الموقفين،و يفوته الحجّ بفواتهما معا (5).

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا أحصر الرجل،بعث هديه،فإن أفاق و وجد من نفسه خفّة،فليمض إن ظنّ أن يدرك هديه قبل أن ينحر،فإن قدم مكّة قبل أن ينحر

ص:45


1- 1يراجع:ص 41-42.
2- 2) يراجع:ص 43. [1]
3- 3) التهذيب 5:423 الحديث 1467،الوسائل 9:303 الباب 1 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [2]
4- 4) البقرة(2):196.
5- 5) يراجع:الجزء الحادي عشر:106.

هديه،فليقم على إحرامه حتّى يقضي المناسك و ينحر هديه و لا شيء عليه،و إن قدم مكّة و قد نحر هديه،فإنّ عليه الحجّ من قابل و العمرة»قلت:فإن مات قبل أن ينتهي إلى مكّة؟قال:«إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه و يعتمر،فإنّما هو شيء عليه» (1).

و إنّما اعتبر الباقر عليه السلام إدراك النحر؛لأنّه متى أدركهم و قد نحر هديه فقد فاته الحجّ؛لأنّه إنّما يكون النحر يوم العاشر و الوقوف ليلة العاشر،و إن أدركهم قبل النحر،جاز أن يلحق الوقوف فيتمّ حجّه.

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا لم يكن قد ساق هديا،فإنّه يبعث بثمنه مع أصحابه

و يواعدهم يوما بعينه ليشتروه و يذبحوا عنه في ذلك اليوم،و يبقى هو على إحرامه، و يجتنب كلّما يجتنبه المحرم،فإذا كان ذلك اليوم الذي واعدهم فيه،قصّر و أحلّ من كلّ شيء،إلاّ من النساء على ما بيّنّاه (2).

إذا ثبت هذا:فلو ردّوا عليه الثمن و لم يكونوا وجدوا الهدي،أو وجدوه و لم يشتروا له و لا ذبحوا عنه،لم يبطل تحلّله،و وجب عليه أن يبعث به في العام القابل ليذبح عنه في موضع الذبح؛لأنّ تحلّله وقع مشروعا،فلا يكون باطلا.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن ردّوا عليه الدراهم،و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد أحلّ، لم يكن عليه شيء،و لكن يبعث من قابل و يمسك أيضا» (3).

ص:46


1- 1التهذيب 5:422 الحديث 1466،الوسائل 9:306 الباب 3 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 41-44. [2]
3- 3) التهذيب 5:421 الحديث 1465،الوسائل 9:305 الباب 2 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [3]

و عن زرعة قال:سألته عن رجل أحصر في الحجّ،قال:«فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه،و محلّه أن يبلغ الهدي محلّه،و محلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ، و إن كان في عمرة،نحر بمكّة،و إنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما،فإذا كان ذلك اليوم فقد و فى،و إن اختلفوا في الميعاد،لم يضرّه إن شاء اللّه» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-قال:و يجب عليه أن يمسك ممّا يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه (2).و منع ابن إدريس ذلك كلّ المنع (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بعث بهديه مع قوم بسياق،و واعدهم يوما يقلّدون فيه هديهم و يحرمون،قال:«يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتّى يبلغ الهدي محلّه»[قلت] (4)أ رأيت إن اختلفوا في الميعاد و أبطئوا في السير عليه و هو يحتاج أن يحلّ هو في اليوم الذي واعدهم فيه؟قال:«ليس عليه جناح أن يحلّ في اليوم الذي واعدهم فيه» (5).

و احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل براءة الذمّة و لأنّه ليس بمحرم،فكيف يحرم عليه لبس المخيط و الجماع و الصيد و ليس هو بمحرم و لا في الحرم!! (6)

مسألة:و كذلك من بعث بهدي تطوّعا من أفق من الآفاق

،قال الشيخ-

ص:47


1- 1التهذيب 5:423 الحديث 1470،الوسائل 9:306 الباب 2 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 2. [1]
2- 2) المبسوط 1:335، [2]النهاية:282 و 283. [3]
3- 3) السرائر:151.
4- 4) في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:424 الحديث 1471،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 4. [4]في التهذيب::يساق،و في الوسائل: [5]فساق.
6- 6) السرائر:151.

رحمه اللّه-:فليبعثه و يواعد أصحابه يوما بعينه،ثمّ يجتنب ما يجتنبه المحرم من الثياب و النساء و الطيب و غير ذلك من المحرّمات على المحرم،إلاّ أنّه لا يلبّي،فإن فعل شيئا ممّا يحرم عليه،كان عليه الكفّارة،كما تجب على المحرم سواء،فإذا كان اليوم الذي واعدهم،أحلّ،و إن بعث بالهدي من أفق من الآفاق،يواعدهم يوما بعينه بإشعاره و تقليده،فإذا كان ذلك اليوم،اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى أن يبلغ الهدي محلّه،ثمّ إنّه أحلّ من كلّ شيء أحرم منه (1).

و منع ابن إدريس من ذلك (2).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما تقدّم في حديث الحلبيّ (3)،و ما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يرسل بالهدي تطوّعا،قال:«يواعد أصحابه يوما يقلّدون فيه،فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم،فإذا كان يوم النحر،أجزأ عنه،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة،نحر بدنته و رجع إلى المدينة» (4).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«إنّ ابن عبّاس و عليّا عليه السلام كانا يبعثان بهديهما من المدينة ثمّ يتجرّدان،و إن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما و إشعارهما يوما معلوما،ثمّ يمسكان (5)يومئذ إلى النحر عن كلّ ما يمسك عنه المحرم و يجتنبان كلّ ما يجتنب

ص:48


1- 1المبسوط 1:335، [1]النهاية:283. [2]
2- 2) السرائر:152.
3- 3) يراجع:ص 47. [3]
4- 4) التهذيب 5:424 الحديث 1472،الوسائل 9:313 الباب 9 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 5. [4]
5- 5) في النسخ:«ليمسكا»و ما أثبتناه من المصدر.

المحرم إلاّ أنّه لا يلبّي،إلاّ من كان حاجّا أو معتمرا» (1).

و في الصحيح عن هارون بن خارجة قال:إنّ أبا مراد بعث ببدنة و أمر الذي بعث بها معه أن يقلّد و يشعر في يوم كذا و كذا،فقلت له:لا ينبغي لك أن تلبس الثياب،فبعثني إلى أبي عبد اللّه عليه السلام و هو بالحيرة،فقلت له:إنّ أبا مراد فعل كذا و كذا،و إنّه لا يستطيع أن يدع الثياب؛لمكان أبي جعفر،فقال:«مره فليلبس الثياب،و لينحر بقرة عن لبسه الثياب» (2).و هذه روايات كثيرة دالّة على المنع، فالأولى التعويل عليها.

مسألة:المحصور إذا احتاج إلى حلق رأسه لأذى،ساغ له ذلك و فداه

؛لأنّ القادر يجوز له ذلك،فالمحصور أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا أحصر الرجل فبعث بهديه و آذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه،فإنّه يذبح في المكان الذي أحصر فيه،أو يصوم،أو يطعم ستّة مساكين» (3).

مسألة:الحاجّ و المعتمر في ذلك سواء،إذا أحصر المعتمر،فعل ما ذكرناه

، و كانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبة إن كانت عمرة الإسلام أو غيرها من الواجبات،و إن كانت نفلا،كان عليه ذلك نفلا،و كذلك الحاجّ يجب عليه القضاء مع وجوب الحجّ،و يستحبّ مع استحبابه.

إذا ثبت هذا:فلو كان المحصور قد أحرم بالحجّ قارنا،قال الشيخ

ص:49


1- 1الكافي 4:540 الحديث 4.و [1]فيه:إنّ مرارا،و لعلّه الصحيح.التهذيب 5:424 الحديث 1473، الوسائل 9:312 الباب 9 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 3. [2]
2- 2) التهذيب 5:425 الحديث 1474،الوسائل 9:314 الباب 10 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:423 الحديث 1469،الوسائل 9:308 الباب 5 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [4]

-رحمه اللّه-:لم يجز له أن يحجّ في المستقبل إلاّ قارنا،و لا يجوز له أن يتمتّع،بل يدخل في مثل ما خرج منه (1).و قال ابن إدريس:يحرم بما شاء (2).

و الوجه عندي:أنّه يأتي بما كان واجبا،و إن كان ندبا بما شاء من أنواعه و إن كان الإتيان بمثل ما خرج منه أفضل.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فقد استدلّ بما رواه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،و عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّهما قالا:القارن يحصر و قد قال و اشترط فحلّني حيث حبستني،قال:«يبعث بهديه» قلنا:هل يتمتّع من قابل؟قال:«لا،و لكن يدخل بمثل ما خرج منه» (3).

و نحن نحمل هذه الرواية على الاستحباب،أو على أنّه قد كان القرآن متعيّنا في حقّه؛لأنّه إذا لم يكن واجبا،لم يجب القضاء،فعدم وجوب الكيفيّة أولى.

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا كان قد ساق هديا مع إحرامه ثمّ أحصر،فإنّه يبعثه مع

أصحابه و لا يحتاج إلى هدي آخر

(4).

و قال ابن بابويه:إذا قرن الرجل الحجّ و العمرة و أحصر،بعث هديا مع هديه، و لا يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه،فأوجب هديا آخر مع هدي السياق،ذكر ذلك عليّ بن بابويه في رسالته (5)،و ابنه أبو جعفر في كتاب من لا يحضره الفقيه (6).

ص:50


1- 1النهاية:283، [1]المبسوط 1:335. [2]
2- 2) السرائر:152.
3- 3) التهذيب 5:423 الحديث 1468،الوسائل 9:307 الباب 4 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 1. [3]
4- 4) يراجع:ص 41. [4]
5- 5) نقله عنه في المختلف:317.
6- 6) الفقيه 2:305.

و قوّاه ابن إدريس بقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1)فأوجب هديا للإحصار (2).

و أصحابنا أكثرهم قالوا:يبعث بهديه الذي ساقه (3)،و لم يوجبوا هديا آخر.

و الآية نحن نقول بموجبها؛لأنّها،لا تدلّ على وجوب هديين،بل ما استيسر، و هدي السياق كاف في هذا الباب.

إذا ثبت هذا:فإنّ ابن إدريس فسّر كلام ابن بابويه هاهنا في المكان،فقال:

قوله:إذا قرن الحجّ و العمرة،مراده:كلّ واحد منهما على الانفراد و يقرن إلى واحد من الحجّ أو من العمرة هديا يشعره أو يقلّده،فيخرج من مكّة بذلك،و إن لم يكن ذلك عليه واجبا ابتداءً،و لم يقصد أن يحرم بهما جميعا،و يقرن بينهما؛لأنّ هذا مذهب من خالفنا في حدّ القران (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّه إذا اشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه،جاز له أن

يحلّ

(5).

إذا ثبت هذا:فله أن يتحلّل من دون إنفاذ هدي أو ثمن هدي إلاّ أن يكون ساقه و أشعره أو قلّده،فإنّه متى كان كذلك فلينفذ،و أمّا إذا لم يكن ساقه و اشترط،فله التحلّل إذا بلغ الهدي محلّه،و بلوغه يوم العيد،فإذا كان يوم النحر فليتحلّل من جميع ما أحرم منه إلاّ النساء،على ما قدّمناه (6).

و روى المفيد-رحمه اللّه-في مقنعته عن الصادق عليه السلام،قال:«المحصور

ص:51


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) السرائر:151.
3- 3) ينظر:المقنعة:70،النهاية:281،الشرائع 1:282.
4- 4) السرائر:151.
5- 5) يراجع:الجزء العاشر:248.
6- 6) يراجع:ص 41. [2]

بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتّى يبلغ الهدي محلّه،ثمّ يحلّ، و لا يقرب النساء حتّى يقضي المناسك من قابل،هذا إذا كان في حجّة الإسلام،فأمّا حجّة التطوّع فإنّه ينحر هديه و قد أحلّ ممّا كان أحرم منه،فإن شاء حجّ من قابل، و إن لم يشأ لم يجب عليه الحجّ» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّ المحصور يفتقر إلى نيّة التحلّل،كما دخل في الإحرام بنيّة، قاله ابن إدريس (2).

فصل:

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام في المحصور و لم يسق الهدي

،قال:«ينسك و يرجع»قيل:فإن لم يجد هديا؟قال:«يصوم».

و إذا تمتّع رجل بالعمرة إلى الحجّ فحبسه سلطان جائر بمكّة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر،فإنّ عليه أن يلحق الناس بجمع،ثمّ ينصرف إلى منى و يرمي و يذبح و يحلق و لا بأس بحلقه،فإن خلّى (3)عنه يوم النحر،فهو مصدود عن الحجّ،إن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ،فليطف بالبيت أسبوعا،و يسعى أسبوعا، و يحلق رأسه و يذبح شاة،و إن كان دخل مكّة مفردا للحجّ،فليس عليه ذبح، و لا شيء عليه (4).

ص:52


1- 1المقنعة:70. [1]
2- 2) السرائر:152.
3- 3) د،ر،ح و ع:فإن دخل،مكان:فإن خلّى،كما في المصدر.
4- 4) الفقيه 2:305 الحديث 1514،الوسائل 9:310 الباب 7 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 2. [2]
البحث الثالث
اشارة

في حكم الفوات

مسألة:قد بيّنّا أنّ من لم يقف بالموقفين في وقتهما،فاته الحجّ

(1)،و هو قول العلماء كافّة.

إذا ثبت هذا:فإنّه إذا فاته الحجّ،تحلّل بطواف و سعي و حلاق (2)،و يسقط عنه بقيّة أفعال الحجّ من الرمي و المبيت،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عمر بن الخطّاب،و ابن عمر،و زيد بن ثابت،و ابن عبّاس و ابن الزبير،و مروان بن الحكم (3)،و مالك (4)،و الثوريّ (5)،و الشافعيّ (6)،و أحمد في إحدى الروايتين (7)،

ص:53


1- 1يراجع:الجزء الحادي عشر:106.
2- 2) د،خا و ع:و حلق.
3- 3) المغني 3:566، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:523، [2]المجموع 8:290. [3]
4- 4) بداية المجتهد 1:356،المنتقى للباجيّ 2:281،المغني 3:566، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:523، [5]المجموع 8:290. [6]
5- 5) المغني 3:566، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 3:523. [8]
6- 6) حلية العلماء 3:354،المهذّب للشيرازيّ 1:233،المجموع 8:290، [9]فتح العزيز بهامش المجموع 8:48، [10]مغني المحتاج 1:537،المغني 3:566،الشرح الكبير بهامش المغني 3:523.
7- 7) المغني 3:566،الشرح الكبير بهامش المغني 3:523،الإنصاف 4:71، [11]المجموع 8:290. [12]

و أصحاب الرأي (1).

و قال أحمد في الرواية الأخرى:إنّه يمضي في حجّ فاسد (2)،و به قال المزنيّ، قال:يلزمه جميع أفعال الحجّ إلاّ الوقوف (3).

و قال مالك في رواية أخرى عنه:لا يحلّ،بل يقيم على إحرامه حتّى إذا كان من قابل أتى بالحجّ،فوقف و أكمل الحجّ.

و في رواية ثالثة عنه:أنّه يحلّ بعمرة مفردة،و لا يجب عليه القضاء (4).

لنا:أنّ بقيّة أفعال الحجّ تترتّب على الوقوف و قد فات،فتفوت هي بفواته.

و لأنّ وجوب باقي الأفعال مع فوات الحجّ يحتاج إلى دليل،و لم يثبت.

و لأنّه قول من سمّينا من الصحابة و لم يوجد لهم مخالف،فكان إجماعا.

و ما رواه الجمهور عن عمر أنّه قال لأبي أيّوب حين فاته الحجّ:اصنع ما يصنع المعتمر ثمّ قد حللت،فإن أدركت الحجّ قابلا،حجّ و أهد ما استيسر من الهدي (5).

و عن ابن عمر نحو ذلك (6).

و حجّ ابن الأسود من الشام فقدم يوم النحر،فقال له عمر:ما حبسك؟فقال:

ص:54


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:174،بدائع الصنائع 2:274،الهداية للمرغينانيّ 1:182،شرح فتح القدير 3:60،تبيين الحقائق 2:415 و 416،مجمع الأنهر 1:307،المغني 3:566، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:523، [2]المجموع 8:290. [3]
2- 2) المغني 3:566،الشرح الكبير بهامش المغني 3:523،الإنصاف 4:72،المجموع 8:290.
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:69-70،المجموع 8:290،المغني 3:566،الشرح الكبير بهامش المغني 3:523.
4- 4) المغني 3:569،الشرح الكبير بهامش المغني 3:527،المنتقى للباجيّ 2:278،بداية المجتهد 1:357.
5- 5) الموطّأ 1:383 الحديث 153، [4]مسند الشافعيّ:125،سنن البيهقيّ 5:174،المغني 3:566، الشرح الكبير بهامش المغني 3:524.
6- 6) سنن البيهقيّ 5:174.

حسبت أنّ اليوم يوم عرفة،قال:فانطلق إلى البيت فطف به سبعا و إن كان معك هدية فانحرها،ثمّ إذا كان عام قابل فاحجج،فإن وجدت سعة،فأهد،و إن لم تجد، فصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجعت (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل جاء حاجّا ففاته الحجّ و لم يكن طاف،قال:

«يقيم مع الناس حراما أيّام التشريق و لا عمرة فيها،فإذا انقضت،طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحلّ و عليه الحجّ من قابل يحرم من حيث أحرم» (2).

و قول المزنيّ لا وجه له؛لأنّ الإتيان بالأفعال الباقية لا يخرج عن العهدة،فلا فائدة فيها،و قياسه على المفسد باطل؛لأنّ الجناية وقعت هناك من المفسد،فكان التفريط من قبله،بخلاف الفوات.و قول مالك باطل؛لأنّه ضرر عظيم.

مسألة:إذا فاته الحجّ،جعل حجّه عمرة مفردة

،فيطوف و يسعى و يحلق،قاله علماؤنا أجمع،و به قال ابن عبّاس،و ابن الزبير،و عطاء (3)،و أحمد (4)،و أصحاب الرأي (5).

ص:55


1- 1المغني 3:566، [1]منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد 2:336 و 337، [2]الموطّأ 1:383 الحديث 154، [3]سنن البيهقيّ 5:174.
2- 2) التهذيب 5:295 الحديث 999،الاستبصار 2:307 الحديث 1096،الوسائل 10:66 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [4]
3- 3) المغني 3:567،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524.
4- 4) المغني 3:567،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524،الكافي لابن قدامة 1:622،الفروع في فقه أحمد 2:288،الإنصاف 4:62 و 63،زاد المستقنع:35.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:174،تحفة الفقهاء 1:417،بدائع الصنائع 2:220،الهداية للمرغينانيّ 1:182،تبيين الحقائق 2:415،مجمع الأنهر 1:307،عمدة القارئ 10:147.

و قال مالك (1)،و الشافعيّ:لا يصير إحرامه بعمرة،بل يتحلّل بطواف و سعي و حلاق (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عطاء:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من فاته الحجّ فعليه دم و ليجعلها عمرة و ليحجّ من قابل» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدرك الناس فقد أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ،و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة و لا حجّ له،فإن (4)شاء[أن] (5)يقيم بمكّة، أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله،رجع،و عليه الحجّ من قابل» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ»قال:و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ قدم و قد فاته الحجّ،فليجعلها عمرة،و عليه الحجّ من قابل» (7).

ص:56


1- 1الموطّأ 1:362 و 363، [1]المدوّنة الكبرى 1:373،المنتقى للباجيّ 2:281،بلغة السالك 1:304 و 305،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:305،المجموع 8:290. [2]
2- 2) الأمّ 2:166،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:286 و 290،فتح العزيز بهامش المجموع 8:55،مغني المحتاج 1:537،السراج الوهّاج:172.
3- 3) المغني 3:567،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524.
4- 4) في النسخ:«و إن»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:290 الحديث 984،الاستبصار 2:303 الحديث 1082،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [3]
7- 7) التهذيب 5:294 الحديث 998،الاستبصار 2:307 الحديث 1095،الوسائل 10:95 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]

و لأنّه يجوز فسخ الحجّ إلى العمرة من غير فوات،فمع الفوات أولى.

و لأنّ الإتيان ببقيّة الأفعال على أنّها للحجّ،باطل؛لفواته،فيتعيّن العمرة؛لأنّه لا خروج عن أحد النسكين.

احتجّ الشافعي:بأنّه أحرم بأحد النسكين،فلا ينقلب إلى الآخر،كما لو أحرم بالعمرة (1).

و الجواب:الفرق بفوات الحجّ و إمكان الإتيان بالعمرة من غير فوات لوقتها، فلا حاجة إلى انقلاب إحرامها،بخلاف الحجّ.

فرع:

لا بدّ من نيّة الاعتمار،و خالف فيه قوم من الجمهور

،فأوجبوا الإتيان بأفعالها.

و ليس بجيّد؛لأنّه عمل،فلا بدّ فيه من نيّة،و يجب إسناده إلى أحد النسكين و قد فات الحجّ،فيبقى العمرة.

مسألة:إذا فاته الحجّ،استحبّ له المقام بمنى إلى انقضاء أيّام التشريق

،و ليس عليه شيء من أفعال الحجّ-على ما ذكرنا-و لا حلق عليه و لا تقصير،و إنّما يقصّر إذا تحلّل بعمرة بعد الطواف و السعي؛لأنّه محرم،فينبغي له أن يتشبّه بمن أدرك المناسك في اللبث بمنى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل جاء حاجّا ففاته الحجّ و لم يكن طاف؟قال:«يقيم مع الناس حراما أيّام التشريق و لا عمرة فيها،فإذا انقضت،طاف بالبيت و سعى بين

ص:57


1- 1الأمّ 2:165،المجموع 8:290،مغني المحتاج 1:537،المغني 3:567،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524.

الصفا و المروة و أحلّ و عليه الحجّ من قابل و يحرم من حيث أحرم» (1).

و هذه الإقامة ليست واجبة؛لأنّا بيّنّا سقوط بقيّة أفعال الحجّ عنه.

و لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عبد اللّه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل دخل مكّة مفردا للحجّ فخشي أن يفوته الموقفان،فقال:له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر،فإذا طلعت الشمس فليس له حجّ»فقلت:كيف يصنع بإحرامه؟قال:«يأتي مكّة فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة»فقلت:إذا فعل ذلك فما يصنع بعد؟قال:«إن شاء أقام بمكّة،و إن شاء رجع إلى الناس بمنى و ليس منهم في شيء،فإن شاء رجع إلى أهله،و عليه الحجّ من قابل» (2).

مسألة:و هل يجب على فائت الحجّ الهدي أم لا؟فيه قولان

:أحدهما:أنّه لا يجب،قاله الشيخ-رحمه اللّه (3)،و هو قول أصحاب الرأي (4).

و الثاني:يجب عليه الهدي،و به قال الشافعيّ (5)،و أكثر الفقهاء (6)،و نقله الشيخ

ص:58


1- 1التهذيب 5:295 الحديث 999،الاستبصار 2:307 الحديث 1096،الوسائل 10:66 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:290 الحديث 985،الاستبصار 2:303 الحديث 1083،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [2]
3- 3) الخلاف 1:469 مسألة-219،المبسوط 1:333.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:180،بدائع الصنائع 2:220،الهداية للمرغينانيّ 1:182،المغني 3: 568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:526،المجموع 8:290،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 54،بداية المجتهد 1:357.
5- 5) المجموع 8:290،فتح العزيز بهامش المجموع 8:54.
6- 6) المجموع 8:290،المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:526.

-رحمه اللّه-عن بعض أصحابنا (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّه لو كان الفوات سببا لوجوب الهدي،للزم المحصر هديان:هدي للفوات،و هدي بالإحصار.

و لما تقدّم في الروايات السالفة،فإنّها لا تتضمّن ذكر الهدي،و لو كان واجبا لبيّنوه عليهم السلام خصوصا مع الحاجة إلى الجواب عقيب السؤال (3).

أمّا القول الآخر لعلمائنا:فقد احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه داود بن كثير الرقّيّ،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام بمنى إذ دخل عليه رجل،فقال:قدم اليوم نفر قد فاتهم الحجّ؟فقال:«نسأل اللّه العافية»ثمّ قال:«أرى عليهم أن يهريق كلّ رجل منهم دم شاة و يحلق،و عليهم الحجّ من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم،و إن أقاموا حتّى يمضي ثلاثة أيّام التشريق بمكّة،خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكّة، فأحرموا منه و اعتمروا فليس عليهم الحجّ من قابل» (4).

و بالاحتياط.و لأنّه حلّ من إحرامه قبل إتمامه،فلزمه هدي،كالمحصر (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الاستحباب،و الاحتياط معارض بالبراءة الأصليّة و نمنع (6)أنّه حلّ قبل إتمام إحرامه؛لأنّه نقله إلى العمرة و النقل عندنا جائز،فيكون قد أحلّ من إحرام تامّ،فلا يجب عليه الهدي.

ص:59


1- 1الخلاف 1:469 مسألة-219.
2- 2) المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:526،الكافي لابن قدامة 1:623،الإنصاف 4: 64،المجموع 8:290.
3- 3) يراجع:ص 56.
4- 4) التهذيب 5:295 الحديث 1000 و ص 480 الحديث 1705،الاستبصار 2:307 الحديث 1097،الوسائل 10:66 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [1]
5- 5) الخلاف 1:469 مسألة-219.
6- 6) كثير من النسخ:و يمنع.
فرع:

لو كان قد ساق هديا،نحره بمكّة؛لتعيّنه للإهداء،فلا يسقط بالفوات

.

إذا عرفت هذا:فنقول:إن قلنا بوجوب الهدي،فإنّه يذبحه في ذلك العام، و لا يجوز له تأخيره إلى القابل.و هو أحد قولي الشافعيّ.

و قال في الآخر:يجوز (1).

لنا:أنّه هدي وجب في إحرام،فلا يجوز له تأخيره إلى العام المقبل،كالمدرك لأفعال الحجّ.و لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك.و لأنّ الحجّ واجب على الفور،فكذا أفعاله التي من جملتها الهدي.

فرع:

لو أخّره إلى القابل،عصى على القول بوجوبه

،فإذا قضى،وجب عليه ذبحه، و لا يجزئه عن هدي القضاء؛لأنّ القضاء إحرام،فيجب فيه الهدي؛لقوله تعالى:

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2).

مسألة:إذا كان الفائت واجبا،كحجّة الإسلام،أو منذورة أو غير ذلك من أنواع

الواجبات،وجب القضاء

.و لا تجزئه العمرة التي فعلها للتحلّل،و إن لم يكن الحجّ واجبا،لم يجب عليه القضاء.و به قال عطاء،و أحمد في إحدى الروايتين (3)،و مالك في أحد القولين (4).

ص:60


1- 1الأمّ 2:169،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:72،حلية العلماء 3:357،المجموع 8:287 و 290، فتح العزيز بهامش المجموع 8:54،مغني المحتاج 1:537،السراج الوهّاج:172.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:525،الكافي لابن قدامة 1:622،الفروع في فقه أحمد 2:291،الإنصاف 4:70، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 8:53.
4- 4) المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:525،الحاوي الكبير 4:238.

و قال الشافعيّ:يجب القضاء و إن كان الحجّ تطوّعا (1)،و به قال ابن عبّاس، و ابن الزبير،و مروان،و أصحاب الرأي،و روي عن عمر،و ابنه،و زيد و هو الرواية الأخرى لمالك،و أحمد (2).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا سئل عن الحجّ أكثر من مرّة،قال:«بل مرّة واحدة» (3)و لو أوجبنا القضاء أكثر من مرّة.

و ما رواه الشيخ عن داود الرقّيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في القوم الذين فاتهم الحجّ،قال:«ليس عليهم الحجّ من قابل» (4)و لا يمكن ذلك في الواجب فيحمل على النفل.

و لأنّه معذور في ترك إتمام حجّه،فلم يلزمه القضاء،كالمحصر.

و لأنّها عبادة تطوّع،فلا يجب قضاؤها مع الفوات،كسائر العبادات المندوبة.

احتجّ المخالف:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من فاته عرفات فقد فاته الحجّ فليتحلّل (5)بعمرة و عليه الحجّ من قابل» (6).

ص:61


1- 1الأمّ 2:169،المجموع 8:278،مغني المحتاج 1:537،فتح العزيز بهامش المجموع 8:53، السراج الوهّاج:172.
2- 2) المغني 3:566 و 568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:525،المجموع 8:290، [1]المبسوط للسرخسيّ 4:107،تحفة الفقهاء 1:418.
3- 3) سنن أبي داود 2:139 الحديث 1721، [2]سنن ابن ماجة 2:963 الحديث 2886،كنز العمّال 5: 22 الحديث 11875.
4- 4) التهذيب 5:295 الحديث 1000 و ص 480 الحديث 1705،الاستبصار 2:307 الحديث 1097،الوسائل 10:66 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [3]
5- 5) في المصادر:«فليحلّ».
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:241 الحديث 21 و 22،سنن البيهقيّ 5:175،المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:525.

و لأنّ الحجّ يلزم بالشروع فيه،فيكون له حكم الواجب (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الحجّ الواجب.

و عن الثاني:أنّه يجب بالشروع فيه مع إمكان فعله و لا يجوز حمله على الواجب ابتداءً؛للفرق بينهما و هو ظاهر.

إذا عرفت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-ذكر عقيب حديث داود الرقّيّ تأويلين لإسقاط القضاء من قابل:أحدهما:الحمل على أن يكون الحجّة مندوبة،و هو الذي ذهبنا إليه.

لا يقال:لو كان كذلك،لما قال في أوّل الخبر:«و عليهم الحجّ من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم»فإنّه إذا كان الحجّ تطوّعا،لا يجب عليه الرجوع من قابل، سواء انصرف إلى بلده أو أقام.

لأنّا نقول:إنّما أوجب عليهم الرجوع من قابل مع الانصراف؛لأنّهم حينئذ يكونون قد تركوا الطواف و السعي و التقصير و هو العمرة التي أوجبنا تحلّلهم لها، فوجب عليهم الرجوع من قابل للإتيان بالطواف و السعي،و لا يجب الرجوع لأداء الحجّ ثانيا.

التأويل الثاني:أن يكون سقوط الحجّ لمن اشترط في حال الإحرام،فإنّه مع الاشتراط لا يجب الحجّ من قابل،و لو لم يشترط وجب (2).

و استدلّ عليه:بما رواه عن ضريس بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فلم يبلغ مكّة إلاّ يوم النحر،فقال:«يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل مكّة و يطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إن شاء»و قال:«هذا لمن اشترط على ربّه عند

ص:62


1- 1المغني 3:568، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:525. [2]
2- 2) التهذيب 5:295 و 480،الاستبصار 2:307.

إحرامه،فإن لم يكن قد اشترط،فإنّ عليه الحجّ من قابل» (1).

و التأويل الأوّل حقّ،أمّا الثاني ففي محلّ التردّد؛لأنّا قد بيّنّا فيما سلف أنّ الاشتراط لا يسقط فرض الحجّ في القابل،و حينئذ نقول:هذا الحجّ الفائت إن كان واجبا،لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرّد الاشتراط،فإن لم يكن واجبا، لم يجب بترك الاشتراط،و الوجه في هذه الرواية الثانية:حمل إلزام الحجّ في القابل مع ترك الاشتراط على شدّة الاستحباب.

مسألة:إذا كان الفائت حجّة الإسلام،وجب قضاؤها إجماعا

،فعندنا على الفور -ذهب إليه علماؤنا أجمع-فلا يجوز تأخيرها عن العام المقبل،و به قال الشافعيّ، و هو ظاهر مذهبهم،و في أصحابه من قال:إنّها على التراخي (2).

لنا:أنّ القضاء كالأداء،و قد ثبت وجوب الأداء على الفور فكذا القضاء؛لأنّه إنّما يجب القضاء على حسب ما يجب الأداء.

و لأنّ الأمر في الحجّ للفور و للاحتياط.و لأنّه قول عمر و ابنه،و لا مخالف لهما (3).

إذا ثبت هذا:فإذا قضى في العام المقبل،أجزأه القضاء عن الحجّة الواجبة، و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ الحجّة المقضيّة لو تمّت،لأجزأت عن الواجبة عليه،فكذا قضاؤها.و لأنّ القضاء استدراك ما فات و يقوم مقام الأداء.

مسألة:من فاته الحجّ و كان واجبا عليه،وجب عليه أن يأتي به

بحسب ما

ص:63


1- 1التهذيب 5:295 الحديث 1001،الاستبصار 2:308 الحديث 1098،الوسائل 10:65 الباب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
2- 2) الأمّ 2:169 و 218،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:73،حلية العلماء 3:355،المجموع 8:290، فتح العزيز بهامش المجموع 8:53،مغني المحتاج 1:537،السراج الوهّاج:169-172،المغني 3:569،الشرح الكبير بهامش المغني 3:527.
3- 3) المغني 3:568،الشرح الكبير بهامش المغني 3:525.

فاته،فإن كان متمتّعا ففاته الحجّ،فإن كانت حجّة الإسلام،وجب عليه أن يقضيها متمتّعا؛لأنّه فرضه،فلا يجوز له غيره،و يحتاج إلى أن يعيد العمرة في أشهر الحجّ في السنة المقبلة.

و إن لم يكن حجّة الإسلام،أو كان من أهل مكّة و حاضريها،جاز أن يقضيها مفردا أو قارنا.

و إن فاته القران و الإفراد،جاز أن يقضيه متمتّعا؛لأنّه أفضل،كذا قال الشيخ رحمه اللّه (1).

و عندي في ذلك تردّد.و الوجه:وجوب القضاء بحسب ما وجب عليه،و إنّما يكون التمتّع أفضل على تقدير عدم وجوب الحجّ،أمّا على تقدير وجوبه،فلا؛لأنّ كلّ نوع واجب على قوم،لا يجوز لهم العدول عنه إلى غيره في الأداء اختيارا،فكذا في القضاء.

هاهنا مسائل:
الأولى:قد بيّنّا أنّ من فاته الحجّ،يجعل حجّه عمرة،و لا يحتاج إلى تجديد

إحرام آخر للعمرة

،كما لا يحتاج من ضاق عليه الوقت (2)،فنقل النيّة عن عمرة التمتّع إلى الحجّ مفردا،و قد بيّنّا أنّ الشافعيّ قال:لا ينقلب (3)،و هو غلط،و إلاّ لجاز له أن يحلق قبل الطواف،فلمّا لم يجز،دلّ على انتقاله إلى العمرة.

الثانية:العمرة التي يأتي بها للتحلّل لا تسقط وجوب العمرة التي للإسلام إن

كانت الفائتة حجّة الإسلام

؛لأنّا قد بيّنّا أنّ الواجب أن يأتي بالحجّ و العمرة في سنة واحدة (4).

ص:64


1- 1المبسوط 1:384. [1]
2- 2) يراجع:ص 55.
3- 3) يراجع:ص 57.
4- 4) يراجع:الجزء العاشر:20.
الثالثة:لو أراد فائت الحجّ البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ من قابل،

فالظاهر من الروايات:المنع منه

؛لأنّهم عليهم السلام أوجبوا عليه الإتيان بطواف و سعي (1)،و حكموا بانقلاب الحجّ إلى العمرة (2).

و قال مالك:يجوز؛لأنّ تطاول المدّة بين الإحرام و فعل النسك لا يمنع إتمامه، كالعمرة (3).

و بما قلناه ذهب الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي (5)،و ابن المنذر (6)لظاهر الحديث من قوله عليه السلام:«من فاته الحجّ،فعليه دم،و ليجعلها عمرة» (7).

و لأنّ إحرام الحجّ يصير في غير أشهر،فصار كالمحرم بالعبادة قبل وقتها.

الرابعة:المكّيّ و غيره سواء في وجوب الهدي بالفوات و عدم وجوبه

،بخلاف دم التمتّع؛لأنّ الفوات يحصل من المكّيّ،كما يحصل من غيره،فإن أوجبنا الهدي على غير المكّيّ،وجب على المكّيّ أيضا.

الخامسة:العمرة المفردة لا تفوت؛لأنّ وقتها جميع أيّام السنة

.أمّا المتمتّع بها، فإنّها تفوت بفوات الحجّ؛لأنّها منوطة بوقت معيّن،كالحجّ.

ص:65


1- 1التهذيب 5:295 الحديث 999.
2- 2) الكافي 4:276 الحديث 2،التهذيب 5:294 الحديث 998،الاستبصار 2:307 الحديث 1095.
3- 3) المغني 3:569،الشرح الكبير بهامش المغني 3:527.
4- 4) الأمّ 2:165،المهذّب للشيرازيّ 1:234،المجموع 8:290،السراج الوهّاج:172.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:175،بدائع الصنائع 2:220،الهداية للمرغينانيّ 1:182،شرح فتح القدير 3:60،تبيين الحقائق 2:415،مجمع الأنهر 1:307.
6- 6) المغني 3:569،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524.
7- 7) المغني 3:567،الشرح الكبير بهامش المغني 3:524،كنز العمّال 5:261 الحديث 12817 فيه بتفاوت.

المقصد الخامس

اشارة

في أحكام النساء و العبيد و الصبيان و الأجير في الحجّ

و فيه فصول:

الفصلالأوّل:في أحكام النساء
مسألة:الحجّ واجب على النساء كوجوبه على الرجال بالنصّ و الإجماع

.

قال اللّه تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1)و هو عامّ يتناولهنّ،كتناول الرجال.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«بني الإسلام على خمسة:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة،و صوم رمضان،و حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» (2).

و قال الباقر عليه السلام:«بني الإسلام على خمسة أشياء:على الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم و الولاية» (3).

ص:66


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:9،صحيح مسلم 1:45 الحديث 21 و 22،سنن الترمذيّ 5:5 الحديث 2609، [2]سنن النسائيّ 8:107-108،مسند أحمد 4:263 و 264، [3]سنن البيهقيّ 1:358 و ج 4: 81،كنز العمّال 1:28 الحديث 28 فيه بتفاوت،مجمع الزوائد 1:47،مسند أبي يعلى 13:489 الحديث 7502.
3- 3) الكافي 2:18 الحديث 1، [4]الفقيه 2:44 الحديث 196،التهذيب 4:151 الحديث 418،الوسائل 7:289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [5]

و لا خلاف بين المسلمين في وجوب الحجّ على النساء و الخناثى،كوجوبه على الرجال و قد تقدّم ذلك (1).

مسألة:و ليس للزوج منعها عن حجّة الإسلام و لا النذر و لا ما وجب عليها

بالإفساد

،أو غير ذلك من الواجبات،فإذا أحرمت،وجب عليها المضيّ فيه و إن كره الزوج،و ليس له منعها من الإتمام إذا كان الحجّ واجبا،ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول أكثر العلماء،منهم:النخعيّ،و إسحاق (2)،و مالك (3)،و أصحاب الرأي (4)، و أحمد (5)،و الشافعيّ في أصحّ قوليه.

و قال في الآخر:له منعها (6).

قال أصحابه:القول الأوّل لا يجيء على مذهبه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (8).

ص:67


1- 1يراجع:الجزء العاشر:14.
2- 2) المغني 3:572،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176.
3- 3) المنتقى للباجي 3:83،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:402.
4- 4) مجمع الأنهر 1:263،بدائع الصنائع 2:176،الهداية للمرغينانيّ 1:135، [1]شرح فتح القدير 2: 331،تبيين الحقائق 2:243،المغني 3:195 و 572،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176، المبسوط للسرخسيّ 4:111.
5- 5) المغني 3:195 و 572،الشرح الكبير بهامش المغني 3:176،الكافي لابن قدامة 1:519، [2]الفروع في فقه أحمد 2:127،الإنصاف 3:399. [3]
6- 6) الأمّ 2:117،حلية العلماء 3:360،المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:326،فتح العزيز بهامش المجموع 8:35،مغني المحتاج 1:536،السراج الوهّاج:172.
7- 7) المجموع 8:327. [4]
8- 8) كنز العمّال 5:792 الحديث 14401،المصنّف لعبد الرزّاق 2:383 الحديث 3788،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:17 الحديث 381.

و قال:«لا تمنعوا إماء اللّه عن مساجد اللّه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن امرأة لم تحجّ و لها زوج و أبى أن يأذن لها في الحجّ،فغاب زوجها،فهل لها أن تحجّ؟قال:«لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام» (2).

و إن لم يكن له منعها في الابتداء،ففي الانتهاء أولى.

و لأنّها عبادة تجب على الفور،فلم يكن له منعها منها،كالصلاة و الصوم.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه واجب على التراخي،فلا يتعيّن في هذا العام،فكان له منعها منه (3).

و الجواب:أنّ هذا ليس بصحيح؛لما بيّنّا أنّ الحجّ واجب على الفور أيضا (4)، فإنّ الحجّ الواجب يتعيّن بالشروع فيه،فيصير كالصلاة إذا أحرمت بها في أوّل وقتها، و قضاء رمضان إذا شرعت فيه.

و لأنّ ذلك يفضى إلى إسقاط القضاء بالكلّيّة؛لاستمرار حقّ الزوج على الدوام، فلو ملك منعها في هذا العام،لملكه (5)في العام المقبل و هكذا.

ص:68


1- 1صحيح البخاريّ 2:7،صحيح مسلم 1:327 الحديث 136،سنن أبي داود 1:155 الحديث 565،سنن الدارميّ 1:293، [1]الموطّأ 1:197 الحديث 12، [2]مسند أحمد 2:16، [3]سنن البيهقيّ 3: 132،كنز العمّال 8:325 الحديث 23129،المصنّف لعبد الرزّاق 3:151 الحديث 5121، [4]المعجم الكبير للطبرانيّ 5:248 الحديث 5239،مسند أبي يعلى 10:340 الحديث 5934،مجمع الزوائد 2:33.
2- 2) التهذيب 5:400 الحديث 1391،الاستبصار 2:318 الحديث 1126،الوسائل 8:110 الباب 59 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [5]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:235،المجموع 8:324،329،مغني المحتاج 1:536.
4- 4) يراجع:ص 63.
5- 5) روع:يملكه.
مسألة:و له أن يمنعها عن حجّ التطوّع إجماعا
اشارة

،قال ابن المنذر:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّ للرجل أن يمنع زوجته من الخروج إلى حجّ التطوّع؛لأنّه تطوّع يفوّت حقّ زوجها،فكان لزوجها منعها منه،كالاعتكاف (1).

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن ابن جبلة،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:

سألته عن المرأة الموسرة قد حجّت حجّة الإسلام تقول لزوجها:حجّ بي (2)من مالي،أله أن يمنعها من ذلك؟قال:«نعم،و يقول لها:حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ في هذا» (3).

فروع:
الأوّل:إذا أذن لها في التطوّع،جاز له الرجوع فيه ما لم تتلبّس بالإحرام

إجماعا

،فلو رجع قبل التلبّس ثمّ أحرمت،كان له أن يحلّلها،كمن لم يأذن لها (4)، و هل يلزمها الهدي كالمحصر؟قال بعض الجمهور:نعم،فإن لم تجد،صامت (5).

و فيه إشكال؛لوقع (6)الإحرام على وجه الفساد.

الثاني:لو أذن لها في التطوّع،فتلبّست بالإحرام،لم يكن له أن يرجع فيه

؛ لأنّها أحرمت إحراما صحيحا،فوجب عليها الاستمرار عليه،و صار واجبا، فلم يكن له منعها منه،كما ليس له منعها من الواجب ابتداءً.

الثالث:لو لم يأذن لها في التطوّع،فأحرمت من غير إذنه،كان له أن يحلّلها

،

ص:69


1- 1المغني 3:195 و 573.
2- 2) د:أحجّ في مالي،ع،ق و خا:حجّ لي من مالي،ح:حجّ في مالي،و في المصدر:أحجّني من مالي.
3- 3) التهذيب 5:400 الحديث 1392،الوسائل 8:110 الباب 59 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
4- 4) ق و خا بزيادة:في التطوّع.
5- 5) المغني 3:574.
6- 6) ع:لوقوع.

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:أنّ إذنه شرط في التطوّع و صحّته و قد فات،فيفوت المشروط.

و لأنّه تطوّع فيفوت لحقّ الرجل،فإذا أحرمت به بغير إذنه،يملك تحلّلها منه، كالأمة تحرم بغير إذن مولاها.

و لأنّ العدّة تمنع المضيّ في الإحرام لحقّ اللّه تعالى،فحقّ الآدميّ أولى؛لأنّ حقّه أضيق؛لشحّه و كرم اللّه تعالى.

احتجّ المخالف:بأنّ الحجّ يجب بالشروع فيه،فلم يملك الزوج تحليلها منه، كالحجّ المنذور (2).

و الجواب:أنّه إنّما يجب إذا وقع على جهة الصحّة،و هو قبل الإذن غير صحيح،فلا يجب إتمامه.

الرابع:لو كانت الحجّة حجّة الإسلام لكن لم تكمل شرائطها في حقّها؛لعدم

الاستطاعة،فله منعها من الخروج إليها

و التلبّس بها؛لأنّها غير واجبة عليها حينئذ.

فلو أحرمت و الحال هذه بغير إذنه،فهل يملك تحليلها أم لا؟فيه تردّد ينشأ من أنها أحرمت بغير إذنه فيما إذنه شرط فيه،فكان له منعها منه،كالتطوّع،و من أنّ ما أحرمت به يقع عن حجّة الإسلام الواجبة بأصل الشرع،كالمريض إذا تكلّف حضور الجمعة.

الخامس:لو حلف زوجها-أن لا تحجّ في العام حجّة الإسلام-بالطلاق ثلاثا،

لم يكن له اعتبار عندنا

؛لأنّ الحلف بالطلاق عندنا باطل.

ص:70


1- 1المغني 3:572،الشرح الكبير بهامش المغني 3:175،حلية العلماء 3:360،المجموع 8: 332-333،فتح العزيز بهامش المجموع 8:39.
2- 2) الأمّ 2:117،حلية العلماء 3:360،المجموع 8:333،فتح العزيز بهامش المجموع 8:39، المغني 3:572،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177 و 178.

أمّا الجمهور فقد اختلفوا فقال بعضهم:ليس لها أن تحلّ؛لأنّ الطلاق مباح، فليس لها ترك فريضة اللّه تعالى خوفا من الوقوع فيه (1).

و قال عطاء:الطلاق هلاك،و هي بمنزلة المحصر (2).

السادس:قد بيّنّا أنّ المحرم ليس شرطا في وجوب الحجّ على المرأة

فيما تقدّم (3)،بل يجوز لها أن تخرج و إن لم تجد محرما.

السابع:لو نذرت الحجّ،فإن كان بغير إذن زوجها،لم ينعقد نذرها

؛لأنّها تفوّته منافعها المستحقّة له.و لو كان بإذنه،لزم،و كان حكمه حكم حجّة الإسلام ليس له منعها منه،بل يستحبّ له إعانتها عليه،كما يستحبّ له إعانتها على أداء حجّة الإسلام.

الثامن:حكم المطلّقة رجعيّة حكم الزوجة

؛لعدم خروجها بالطلاق عن الزوجات،و لو خرجت من العدّة،أو كان الطلاق بائنا،كانت المرأة مالكة لأمرها تخرج في حجّة الإسلام و التطوّع معا متى شاءت؛لسقوط الولاية عليها حينئذ.

التاسع:إذا حجّت المرأة حجّة الإسلام بإذن زوجها،كان قدر نفقة الحضر

عليه

،و ما زاد لأجل السفر عليها؛لأنّه لأداء واجب عليها.و كذا لو حجّت بغير إذن الزوج أو بإذنه في حجّة التطوّع.

أمّا لو أفسدت حجّها،فإن مكّنت زوجها من وطئها مختارة قبل الوقوف بالمشعر،لزمها القضاء،و كان في القضاء مقدار نفقة الحضر على الزوج،و ما زاد عليه

ص:71


1- 1المغني 3:574،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177،الفروع في فقه أحمد 2:127،الإنصاف 3:399.
2- 2) المغني 3:574،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177،الفروع في فقه أحمد 2:127،الإنصاف 3:399.
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:108.

فعليها في مالها،و يلزمها مع ذلك كفّارة في مالها.

و لو خرجت في التطوّع بغير إذنه،كانت النفقة عليها أجمع؛لأنّها كالناشز بخروجها عن طاعته.

مسألة:و جميع ما يجب على الرجل من أفعال الحجّ و تروكه فهو واجب على

المرأة

،إلاّ في لبس المخيط على ما تقدّم (1).

إذا عرفت هذا:فإنّها يجب عليها أن تحرم من الميقات،كما يحرم الرجل، و لا تؤخّره و إن كانت حائضا،لكنّها تحتشي و تستثفر و تتوضّأ وضوء الصلاة، و لا تصلّي ركعتي الإحرام؛لمكان الحيض؛لأنّ الإحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة،فجاز وقوعه من الحائض.

روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تريد الإحرام،قال:«تغتسل و تستثفر و تحتشي بالكرسف،و تلبس ثوبا دون ثيابها لإحرامها،و تستقبل القبلة،و لا تدخل المسجد،ثمّ تهلّ بالحجّ بغير صلاة» (2).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المرأة الحائض تحرم و هي لا تصلّي؟قال:«نعم،إذا بلغت الوقت فلتحرم» (3).

و عن زيد الشحّام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فتطمث، قال:«تغتسل و تحتشي بكرسف و تلبس ثياب الإحرام و تحرم،فإذا كان الليل خلعتها و لبست ثيابها الأخرى حتّى تطهر» (4).

ص:72


1- 1يراجع:الجزء العاشر:295.
2- 2) التهذيب 5:388 الحديث 1355،الوسائل 9:65 الباب 48 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 5:388 الحديث 1356،الوسائل 9:64 الباب 48 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:388 الحديث 1357،الوسائل 9:65 الباب 48 من أبواب الإحرام الحديث 3. [3]

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تحرم و هي حائض؟قال:«نعم،تغتسل و تحتشي،و تصنع كما تصنع المحرمة و لا تصلّي» (1).

و في الصحيح عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ تحرم المرأة و هي طامث؟قال:«نعم،تغتسل و تلبّي» (2).

مسألة:و المستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجب عليها الغسل على

ما مرّ من التفصيل في باب الحيض

(3)،ثمّ تحرم عند الميقات،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ-في الصحيح-عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المستحاضة تحرم؟فذكر أسماء بنت عميس فقال:«إنّ أسماء بنت عميس ولدت محمّدا ابنها بالبيداء (4)،و كان في ولادتها بركة للنساء لمن ولد منهنّ أو طمث (5)،فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستثفرت و تمنطقت بمنطق و أحرمت» (6).

إذا ثبت هذا:فحكم النفساء حكم الحائض من وجوب الإحرام في حقّها، و لا نعلم فيه خلافا؛لما (7)تقدّم (8).

ص:73


1- 1التهذيب 5:388 الحديث 1358 فيه:«كما يصنع المحرم»،الوسائل 9:65 الباب 48 من أبواب الإحرام الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:389 الحديث 1360،الوسائل 9:65 الباب 48 من أبواب الإحرام الحديث 5. [2]
3- 3) يراجع:الجزء الثاني:416.
4- 4) البيداء:اسم موضع مخصوص بين مكّة و المدينة.لسان العرب 3:97. [3]
5- 5) كثير من النسخ:«إن طمثت».
6- 6) التهذيب 5:389 الحديث 1361،الوسائل 9:66 الباب 49 من أبواب الإحرام الحديث 2. [4]
7- 7) ق،خا و ح:كما.
8- 8) يراجع:الجزء الثاني:449.
مسألة:و لو تركت الإحرام نسيانا أو ظنّا منها أنّه لا يجوز لها حتّى جازت

الميقات،وجب عليها الرجوع إليه

و الإحرام منه إن تمكّنت،و إن لم تتمكّن أو ضاق الوقت عليها،خرجت إلى خارج الحرم و أحرمت منه.فإن لم تتمكّن،أحرمت من موضعها؛للعذر بالجهل و النسيان.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت،فأرسلت إليهم فسألتهم، فقالوا:ما ندري هل عليك إحرام أم لا و أنت حائض،فتركوها حتّى دخلت،قال:

«إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه،و إن لم يكن عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحجّ فتحرم» (1).

مسألة:إذا دخلت المرأة مكّة متمتّعة،طافت و سعت و قصّرت ثمّ أحرمت

بالحجّ،كما يفعل الرجل سواء

.

فإن حاضت قبل الطواف،لم يكن لها أن تطوف بالبيت إجماعا؛لأنّ الطواف صلاة؛و لأنّها ممنوعة من الدخول في المسجد،و تنتظر إلى وقت الوقوف بالموقفين،فإن طهرت و تمكّنت من الطواف و السعي و التقصير و إنشاء إحرام الحجّ و إدراك عرفة،صحّ لها التمتّع،و إن لم تدرك ذلك و ضاق عليها الوقت،أو استمرّ بها الحيض إلى وقت الوقوف،بطلت متعتها و صارت حجّتها مفردة،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (2).

و قال باقي الجمهور كافّة:تحرم بالحجّ مع عمرتها،و تصير قارنة تجمع بين

ص:74


1- 1التهذيب 5:389 الحديث 1362،الوسائل 8:238 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 4. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 4:179،الهداية للمرغينانيّ 1:160،شرح فتح القدير 3:436،تبيين الحقائق 2:352،مجمع الأنهر 1:286،المغني 3:513،الشرح الكبير بهامش المغني 3:258.

الحجّ و العمرة (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عروة،عن عائشة،قالت:أهللنا بعمرة فقدمت مكّة و أنا حائض لم أطف بالبيت و لا بين الصفا و المروة،فشكوت ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:«انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ،و دعي العمرة» قالت:ففعلت،فلمّا قضيت الحجّ أرسلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم،فاعتمرت معه،فقال:«هذه عمرة مكان عمرتك» (2).و هو يدلّ على إبطال العمرة من وجوه:

أحدها:قوله عليه السلام:«و دعي عمرتك».

الثاني:قوله:«و امتشطي».

الثالث:قوله عليه السلام:«هذه عمرة مكان عمرتك».

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية،قال:

«تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة،ثمّ تقيم حتّى تطهر،فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة» (3)قال ابن عمير:كما صنعت عائشة.

احتجّ المخالف:بما رواه جابر،قال:أقبلت عائشة بعمرة حتّى إذا كانت بسرف (4)عركت (5)ثمّ دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على عائشة فوجدها تبكي،فقال:«ما شأنك؟»قالت:شأني أنّي قد حضت و قد حلّ الناس،و لم أحلّ و لم أطف بالبيت،

ص:75


1- 1المغني 3:513،الشرح الكبير بهامش المغني 3:257-258.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:172 و 191،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:165،سنن الدارميّ 2:44،الموطّأ 1:410 الحديث 223. [2]
3- 3) التهذيب 5:390 الحديث 1363،الوسائل 8:214 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [3]
4- 4) سرف:موضع قريب من التنعيم،المصباح المنير:274. [4]
5- 5) أكثر النسخ:تحرّكت.يقال:امرأة عارك،أي حائض.تهذيب اللغة 3:2412.

و الناس يذهبون إلى الحجّ الآن،فقال:«إنّ هذا أمر كتبه اللّه على بنات آدم، فاغتسلي ثمّ أهلّي بالحجّ»ففعلت و وقفت بالمواقف حتّى إذا طهرت طافت بالكعبة و بالصفا و المروة،ثمّ قال:«قد حللت من حجّتك و عمرتك»قالت:يا رسول اللّه إنّي أجد في نفسي أنّي لم أطف بالبيت حتّى (1)حججت،قال:«فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمر بها من التنعيم» (2).

و لأنّه يصحّ إدخال الحجّ على العمرة لمن لم يخف الفوات،فمع الخوف أولى (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبه؛فإنّه عليه السلام أمرها بالحجّ و أبطل العمرة،و ليس في حديثك ما يدلّ على بقاء العمرة،و لهذا أمرها بالاعتمار ثانيا.

و قوله عليه السلام:«قد أحللت من حجّتك و عمرتك»لا يدلّ على بقاء العمرة؛ لأنّ ذلك الإحرام قد كان للعمرة ثمّ صار للحجّ و انتقل إليه،فصحّ إضافة الإحلال إليه بالنسبة إلى الحجّ و العمرة،لا أنّها محرمة بهما دفعة واحدة.

و عن الثاني:بالمنع فإنّا قد بيّنّا فيما سلف أنّه لا يجوز إدخال إحرام على إحرام (4).

و يدلّ على ذلك قول عائشة:يا رسول اللّه أ ترجع الناس بنسكين و أرجع

ص:76


1- 1أكثر النسخ:حين،مكان:حتّى،كما في بعض المصادر.
2- 2) صحيح مسلم 2:881 الحديث 1213،سنن أبي داود 2:154 الحديث 1785، [1]سنن النسائيّ 5: 164،مسند أحمد 3:394، [2]سنن البيهقيّ 3:347.
3- 3) المغني 3:513،الشرح الكبير بهامش المغني 3:258.
4- 4) يراجع:الجزء العاشر:281.

بنسك (1).و هو يدلّ على سقوط اعتبار العمرة.

إذا عرفت هذا:فكلّ متمتّع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة،رفض عمرته و أبطلها و صارت حجّته مفردة،كمن تضيّق عليه الوقت،و لا يأتي مكّة إلاّ بقدر ما يصل إلى عرفات و يقف بها،و قد تقدّم البحث فيه (2).

مسألة:إذا بطلت متعتها،لم يجب عليها إحرام آخر

،بل تبقى على ذلك الإحرام و تخرج به إلى عرفات؛لأنّه إحرام وقع صحيحا،فلا يتعقّبه البطلان خصوصا مع جواز الفعل (3).

و يدلّ عليه:قول الصادق عليه السلام:«تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة ثمّ تقيم حتّى تطهر» (4).

و لذلك لا يجب عليها الدم؛عملا بالأصل،بل يستحبّ؛لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن المرأة تجيء متمتّعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات،قال:«تصير حجّة مفردة» قلت:عليها شيء؟قال:«دم يهريقه و هي أضحيّتها» (5).

و إنّما قلنا:إنّ الدم على الاستحباب؛عملا بالأصل.

و بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت

ص:77


1- 1صحيح البخاريّ 3:6،صحيح مسلم 2:876 الحديث 126،مسند أحمد 6:43 و 245، [1]سنن البيهقيّ 4:331،332 بتفاوت يسير،و ينظر:المغني 3:515،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 260.
2- 2) يراجع:ص 64.
3- 3) د:النقل،مكان:الفعل.
4- 4) التهذيب 5:390 الحديث 1363،الوسائل 8:214 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:390 الحديث 1365،الاستبصار 2:310 الحديث 1106،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 13. [3]

أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تدخل مكّة متمتّعة،فتحيض قبل أن تحلّ، متى تذهب متعتها؟فقال:«كان جعفر عليه السلام يقول:زوال الشمس من يوم التروية،و كان موسى عليه السلام يقول:صلاة الصبح من يوم النحر»فقلت:جعلت فداك عامّة مواليك يدخلون يوم التروية و يطوفون و يسعون ثمّ يحرمون بالحجّ، فقال:«زوال الشمس»فذكرت له رواية عجلان أبي صالح،فقال:«لا،إذا زالت الشمس ذهبت المتعة»فقلت:فهي على إحرامها أو تجدّد إحراما للحجّ؟فقال:«لا، هي على إحرامها»فقلت:فعليها هدي؟قال:«لا،إلاّ أن تحبّ أن تتطوّع»ثمّ قال:

«أمّا (1)نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجّة قبل أن نحرم،فاتتنا المتعة» (2).

و هذا الحديث كما يدلّ على سقوط وجوب الدم يدلّ على الاجتزاء بالإحرام الأوّل،و أمّا اختلاف الإمامين عليهما السلام في فوات المتعة فالضابط فيه:ما تقدّم من أنّه إذا أدركت أحد الموقفين،صحّت متعتها إذا كانت قد طافت وسعت،و إلاّ فلا،و قد تقدّم البحث فيه (3).

و يزيده (4)بيانا ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المرأة تجيء متمتّعة (5)،فتطمث قبل أن تطوف بالبيت،فيكون طهرها ليلة عرفة،فقال:«إن كانت تعلم أنّها تطهر و تطوف بالبيت و تحلّ من إحرامها

ص:78


1- 1كثير من النسخ:«إنّما»مكان:«أمّا».
2- 2) التهذيب 5:391 الحديث 1366،الاستبصار 2:311 الحديث 1307 فيه:كان أبو جعفر،الوسائل 8:216 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 14. [1]
3- 3) يراجع:74.
4- 4) د،خا و ق:و يؤيّده،مكان:و يزيده.
5- 5) كثير من النسخ:متعتها،ر:بمتعتها،مكان:متمتّعة.

و تلحق الناس،فلتفعل» (1).

و قد روى الشيخ عن درست الواسطيّ عن عجلان أبي صالح،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،قلت:امرأة متمتّعة قدمت مكّة فرأت الدم،قال:«تطوف بين الصفا و المروة ثمّ تجلس في بيتها،فإن طهرت،طافت بالبيت،و إن لم تطهر،فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء و أهلّت بالحجّ من بيتها و خرجت إلى منى فقضت المناسك كلّها،فإذا قدمت،طافت بالبيت طوافين و سعت بين الصفا و المروة، فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كلّ شيء ما عدا فراش زوجها» (2).

و عن درست بن أبي منصور،عن عجلان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

متمتّعة قدمت فرأت الدم كيف تصنع؟قال:«تسعى بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها،فإن طهرت،طافت بالبيت،و إن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء و أهلّت بالحجّ و خرجت إلى منى فقضت المناسك كلّها،فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كلّ شيء ما عدا فراش زوجها»قال:و كنت أنا و عبد اللّه بن صالح (3)سمعنا

ص:79


1- 1التهذيب 5:391 الحديث 1367،الاستبصار 2:311 الحديث 1108،الوسائل 9:498 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:391 الحديث 1368،الاستبصار 2:312 الحديث 1109،الوسائل 9:497 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
3- 3) عبد اللّه بن صالح،كذا في النسخ و الاستبصار،و لكن في الكافي و [3]التهذيب:عبيد اللّه بن صالح،قال السيّد الخوئيّ:ما في التهذيب موافق للكافي المتقدّم عليه،عنونه المامقانيّ بعنوان:عبيد اللّه بن صالح الخثعميّ الكوفيّ أبو الحجّاج،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال المامقانيّ أيضا:عبد اللّه بن صالح الخثعميّ عدّه الشيخ تارة من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفا إلى ما في العنوان:روى عنهما،يعني:الباقر و الصادق عليهما السلام و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام،و يظهر منه اتّحاد عبيد اللّه بن صالح و الخثعميّ.و يظهر من السيّد الخوئيّ مغايرتهما،حيث عنونه مرّتين مرّة بعنوان عبيد اللّه بن صالح،و مرّة بعنوان عبيد اللّه بن صالح الخثعميّ،كما يظهر منهما-

الحديث في المسجد،فدخل عبد اللّه على أبي الحسن عليه السلام،فخرج إليّ،فقال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن رواية عجلان،فحدّثني نحو ما سمعنا من عجلان (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و ليس في هاتين الروايتين ما ينافي ما ذكرناه؛لأنّه ليس في هذين أنّه قد تمّ متعتها،و يجوز أن يكون من هذه حاله ينبغي أن يعمل ما تضمّنه الخبران و تكون حجّته مفردة،دون أن تكون متعة،و لهذا أوجب عليها في الخبر الأوّل طوافين،و لو كان المراد تمام المتعة،كان عليها ثلاثة أطواف و سعيان، و إنّما لزمها طوافان و سعي واحد؛لأنّ حجّتها صارت مفردة،و يكون قوله في الخبرين:«و تسعى بين الصفا و المروة»للاستحباب،أو يحمل على من يريد أن يرجع إلى صفة المحلّين؛لأنّا قد بيّنّا أنّ من سعى بين الصفا و المروة فقد أحلّ،إلاّ أن يكون سائق هدي،و يكون (2)أمره لها بالإهلال بعد ذلك بالحجّ صحيحا؛لأنّها بالسعي قد دخلت في كونها محلّة فتحتاج إلى استيناف الإحرام للحجّ،أو يكون أمره بالإهلال تأكيدا لتجديد التلبية بالحجّ دون أن يكون واجبا (3).

مسألة:و لو حاضت في أثناء طواف المتعة،فلا يخلو إمّا أن يكون حاضت

و قد طافت أربعة أشواط أو دونها

،فإن كانت قد طافت أربعة أشواط،فإنّها تقطع الطواف و تسعى و تقصّر،ثمّ تحرم بالحجّ و قد تمّت متعتها،فإذا فرغت من المناسك

ص:80


1- 1) التهذيب 5:392 الحديث 1369،الاستبصار 2:312 الحديث 1110،الوسائل 9:499 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 6.
2- 2) في الاستبصار:أو يكون،مكان:و يكون.
3- 3) التهذيب 5:392،الاستبصار 2:312.

و طهرت،تمّمت الطواف،قاله الشيخ-رحمه اللّه (1).و منع منه ابن إدريس و أبطل المتعة إذا حاضت في أثناء الطواف مطلقا،و لم يبطلها لو حاضت قبل السعي بعد إكمال الطواف (2).

و إن كانت قد طافت ثلاثة أشواط،كان حكمها حكم من حاضت قبل الطواف، تنتظر (3)،فإن طهرت و أدركت المتعة،قضتها،و إلاّ جعلت حجّتها مفردة-على ما تقدّم-لأنّها مع طواف أربعة أشواط تكون قد تجاوزت النصف،و حكم معظم الشيء حكمه غالبا،و لهذا جوّزنا الإفطار و لم نوجب الاستيناف على من أفطر بعد أن صام من الشهر الثاني شيئا؛اعتبارا بالأكثر.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ قال:حدّثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول-في المرأة المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثمّ حاضت-:«فمتعتها تامّة و تقضي ما فاتها من الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة و تخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر» (4).

و عن ابن مسكان،عن إبراهيم (5)،عمّن سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط و هي معتمرة ثمّ طمثت،قال:«تتمّ طوافها و ليس عليها غيره و متعتها تامّة،فلها أن تطوف بين الصفا و المروة و ذلك لأنّها زادت على

ص:81


1- 1المبسوط 1:331،التهذيب 5:393،الاستبصار 2:313.
2- 2) السرائر:147.
3- 3) د:و تنتظر.
4- 4) التهذيب 5:393 الحديث 1370،الاستبصار 2:313 الحديث 1111،الوسائل 9:503 الباب 86 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
5- 5) إبراهيم بن أبي إسحاق،روى عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ،و روى عنه الحسين بن سعيد،و روى عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه ابن مسكان في التهذيب و الاستبصار إلاّ أنّ فيها إبراهيم بن إسحاق بدل إبراهيم بن أبي إسحاق.معجم رجال الحديث 1:52. [2]

النصف و قد مضت متعتها و لتستأنف (1)بعد الحجّ» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّها إذا طافت ثلاثة أشواط ثمّ حاضت،يبطل الطواف إجماعا، و لا يجوز لها السعي حينئذ؛لأنّ السعي تابع للطواف و مترتّب عليه،فإذا لم يحصل و لا معظمه،لم يجز السعي،بل تبقى على إحرامها إلى وقت الخروج إلى عرفات إن (3)لم تطهر قبله.

و يدلّ على عدم جواز السعي:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عمر بن يزيد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطامث،قال:«تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا و المروة» (4).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن عجلان أبي صالح أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف،قدّمت (5)السعي و شهدت المناسك،فإذا طهرت و انصرفت من الحجّ،قضت طواف العمرة و طواف الحجّ و طواف النساء،ثمّ أحلّت من كلّ شيء» (6).

لأنّه محمول على من حاضت بعد طواف أربعة أشواط.

و قوله:«قضت طواف العمرة»أراد التمام دون الابتداء به.

ص:82


1- 1ع و ر:«و تستأنف».
2- 2) التهذيب 5:393 الحديث 1371،الاستبصار 2:313 الحديث 1112،الوسائل 9:502 الباب 86 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) د:إذا،مكان:إن.
4- 4) التهذيب 5:393 الحديث 1372،الاستبصار 2:313 الحديث 1113،الوسائل 9:503 الباب 87 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
5- 5) د و ر:«فقدّمت».
6- 6) التهذيب 5:394 الحديث 1374،الاستبصار 2:314 الحديث 1115،الوسائل 9:498 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]
مسألة:إذا طافت أربعة أشواط ثمّ حاضت،فقد تمّت متعتها

على ما بيّنّاه (1)، لكنّها تقطع الطواف للحيض ثمّ تخرج فتسعى ثمّ تقصّر ثمّ تخرج إلى الموقف؛لأنّ الطهارة ليست شرطا في السعي على ما تقدّم (2).

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت،ثمّ حاضت قبل أن تسعى، قال:«تسعى».و سألته عن امرأة طافت بين الصفا و المروة فحاضت بينهما،قال:

«تتمّ سعيها» (3).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تسعى بين الصفا و المروة،فقال:إي لعمري قد أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسماء بنت عميس فاغتسلت و استثفرت (4)و طافت بين الصفا و المروة» (5).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المرأة تطوف بالبيت ثمّ تحيض قبل أن تسعى بين الصفا و المروة،قال:«فإذا طهرت فلتسع بين الصفا و المروة» (6).

لأنّه محمول على من يرجو زوال الحيض قبل فوات وقت المتعة،فإنّه يستحبّ

ص:83


1- 1يراجع:ص 80. [1]
2- 2) يراجع:ص 80-81. [2]
3- 3) التهذيب 5:395 الحديث 1376،الاستبصار 2:315 الحديث 1117،الوسائل 9:505 الباب 89 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) بعض النسخ:«فاستثفرت»كما في التهذيب.
5- 5) التهذيب 5:396 الحديث 1378،الاستبصار 2:316 الحديث 1119،الوسائل 9:505 الباب 89 من أبواب الطواف الحديث 3. [4]
6- 6) التهذيب 5:396 الحديث 1379،الاستبصار 2:316 الحديث 1120،الوسائل 9:505 الباب 89 من أبواب الطواف الحديث 4. [5]

لها تأخير السعي؛لتفعله على طهارة.

مسألة:و لو حاضت بعد الطواف قبل أن تصلّي الركعتين،تركتهما و سعت

و أحلّت

،فإذا فرغت من المناسك قضتهما؛لأنّها ممنوعة من الصلاة و دخول المساجد.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت في حجّ أو عمرة ثمّ حاضت قبل أن تصلّي الركعتين،[قال:] (1)«فإذا طهرت فلتصلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام و قد قضت طوافها» (2).

إذا ثبت هذا:فليس عليها إعادة الطواف؛لأنّ الأمر يقتضي الإجزاء.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه عن زرارة،قال:سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل أن تصلّي الركعتين،فقال:«ليس عليها إذا طهرت إلاّ الركعتين و قد قضت الطواف» (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّها إذا طافت ثلاثة أشواط ثمّ حاضت،فإنّه يبطل طوافها

(4)، ثمّ إن أدركت الطهر قبل فوات المتعة،صحّت متعتها،و إلاّ بطلت،قاله الشيخ- رحمه اللّه- (5)لما تقدّم من الأحاديث (6).

أمّا ابن بابويه-رحمه اللّه-فإنّه قال:إذا طافت ثلاثة أشواط أو أقلّ ثمّ حاضت،جاز لها البناء و تصحّ متعتها؛لما رواه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،

ص:84


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:397 الحديث 1381،الوسائل 9:504 الباب 88 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
3- 3) الفقيه 2:240 الحديث 1149،الوسائل 9:504 الباب 88 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
4- 4) يراجع:ص 81. [3]
5- 5) التهذيب 5:393،الاستبصار 2:313،المبسوط 1:331. [4]
6- 6) يراجع:ص 81. [5]

قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أطواف (1)أو أقلّ من ذلك ثمّ رأت دما،قال:«تحفظ مكانها،فإذا طهرت طافت منه و اعتدّت بما مضى» (2).

رواه حريز عن محمّد بن مسلم و العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (3).

قال ابن بابويه:و بهذا الحديث أفتي (4)،دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق،عمّن سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط و هي معتمرة ثمّ طمثت،قال:«تتمّ طوافها و ليس عليها غيره و متعتها تامّة، و لها أن تطوف بين الصفا و المروة؛لأنّها زادت على النصف و قد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحجّ،و إن هي لم تطف إلاّ ثلاثة أشواط فلتستأنف (5)الحجّ،فإذا أقام بها جمّالها بعد الحجّ فلتخرج إلى الجعرانة أو التنعيم فلتعتمر» (6).

قال:لأنّ هذا الحديث إسناده منقطع و الحديث الأوّل رخصة و رحمة و إسناده متّصل (7).

مسألة:لو حاضت في إحرام الحجّ،فإن كان قبل طواف الزيارة،وجب عليها

المقام بمكّة حتّى تطهر ثمّ تطوف و تسعى

،و إن كان بعده قبل طواف النساء،فكذلك، و لا يجوز لها الخروج من مكّة حتّى تأتي بطواف النساء على طهر.

و إن كانت قد طافت من طواف النساء أربعة أشواط،جاز لها الخروج من مكّة؛

ص:85


1- 1د و خا:أشواط،كما في الوسائل. [1]
2- 2) الفقيه 2:241 الحديث 1153،الوسائل 9:501 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 2:241 الحديث 1154،الوسائل 9:501 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 2:241.
5- 5) في الفقيه بزيادة:«بعد».
6- 6) الفقيه 2:241 الحديث 1155،الوسائل 9:502 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 4. [4]
7- 7) الفقيه 2:242.

لأنّ في تخلّفها عن الحاجّ ضررا عظيما (1)،و قد طافت معظمه،فجاز لها الخروج قبل الإكمال.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن فضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:«إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت،نفرت إن شاءت» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّها تودّع من باب المسجد،و لا يجوز لها دخوله،لأنّها حائض.

روى الشيخ عن حمّاد عن رجل،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا طافت المرأة الحائض ثمّ أرادت أن تودّع البيت،فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد فلتودّع البيت» (3).

مسألة:إذا فرغت المتمتّعة من عمرتها و خافت الحيض،جاز لها تقديم طواف

الحجّ

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (4)،و منع مالك منه (5)،و إليه ذهب ابن إدريس منّا (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سأله رجل،فقال:أفضت قبل أن أرمي،قال:«ارم و لا حرج» (7).

ص:86


1- 1في النسخ:ضرر عظيم.
2- 2) التهذيب 5:397 الحديث 1382،الوسائل 9:506 الباب 90 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:398 الحديث 1383،الوسائل 9:506 الباب 90 من أبواب الطواف الحديث 2. [2]
4- 4) لم نعثر عليه.
5- 5) إرشاد السالك:61.
6- 6) السرائر:147.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:31 و ج 2:212،صحيح مسلم 2:948 الحديث 1306،سنن أبي داود 2: 203 الحديث 1983 و ص 211 الحديث 2014، [3]سنن الترمذيّ 3:258 الحديث 916، [4]سنن الدارميّ 2:64، [5]الموطّأ 1:421 الحديث 242، [6]مسند أحمد 2:159،160،202،210 و 217 و [7]ج 3:385،سنن البيهقيّ 5:142.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ ففرغت من طواف العمرة و خافت الطمث قبل يوم النحر،يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟قال:«إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك،فعلت» (1).

و لأنّها ربّما تعذّر عليها الطواف للحيض و تضرّرت بالتخلّف عن الحاجّ،فلو لم يبح لها التقديم،لزم الضرر.

مسألة:المرأة إذا كانت عليلة،جاز أن يطاف بها و لو كان على الحجر زحام،

جاز لها ترك الاستلام

،و لو حملت حتّى تستلم،كان أفضل.روى الشيخ عن محمّد بن الهيثم التميميّ (2)عن أبيه،قال:حججت بامرأتي و كانت قد أقعدت بضع عشرة سنة،قال:فلمّا كان في الليل وضعتها في شقّ محمل و حملتها أنا بجانب [المحمل] (3)و الخادم بالجانب الآخر،قال:فطفت بها طواف الفريضة و بين الصفا و المروة و اعتددت به أنا لنفسي ثمّ لقيت أبا عبد اللّه عليه السلام فوصفت له ما صنعته،فقال:«قد أجزأ عنك» (4).

و عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل،فليحرم عنها،و عليها ما بقي على المحرم،و يطاف بها أو يطاف

ص:87


1- 1التهذيب 5:398 الحديث 1384،الوسائل 9:500 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 9. [1]
2- 2) محمّد بن الهيثم بن عروة التميميّ كوفيّ ثقة روى أبوه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قاله النجاشيّ، و قال الشيخ في الفهرست:محمّد بن الهيثم التميميّ له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:362،الفهرست:155، [2]رجال العلاّمة:159، [3]معجم رجال الحديث 17:366. [4]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:398 الحديث 1385،الوسائل 9:459 الباب 50 من أبواب الطواف الحديث 1. [5]

عنها،و يرمى عنها» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة حجّت معنا و هي حبلى و لم تحجّ قطّ يزاحم بها حتّى تستلم الحجر؟قال:

«لا تضرّوا (2)بها»قلت:فموضوع عنها؟قال:«كنّا نقول:لا بدّ من استلامها (3)في أوّل سبع واحدة،ثمّ رأينا الناس قد كثروا و حرصوا،فلا»قال:و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تحمل في المحمل فتستلم (4)الحجر و تطوف بالبيت من غير مرض و لا علّة؟فقال:«إنّي لأكره ذلك لها،و أمّا أن تحمل و تستلم الحجر كراهية الزحام للرجل،فلا بأس به حتّى إذا استلمت طافت ماشية» (5).

مسألة:و المستحاضة تطوف بالبيت و تفعل ما تفعله الطاهر من الصلاة فيه

و السعي و غير ذلك إذا فعلت ما تفعله المستحاضة

؛لأنّها حينئذ تكون بحكم الطاهر.

روى الشيخ-في الحسن-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،قال:إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر،فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أرادت الإحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف و الخرق و تهلّ بالحجّ، قال:فلمّا قدموا،نسكوا المناسك و قد نالها ثمانية عشر يوما،فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تطوف بالبيت و تصلّي،و لم ينقطع عنها الدم،ففعلت (6).

ص:88


1- 1التهذيب 5:398 الحديث 1386،الوسائل 9:455 الباب 47 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
2- 2) ر و هامش د:«لا تغرّوا بها»،باقي النسخ:«لا تضرّو بها»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) في المصادر:«من استلامه».
4- 4) كثير من النسخ:و تستلم.
5- 5) التهذيب 5:399 الحديث 1387،الوسائل 9:411 [2] الباب 16 من أبواب الطواف الحديث 12، و ص 492 الباب 81 من أبواب الطواف الحديث 4.
6- 6) التهذيب 5:399 الحديث 1388،الوسائل 9:507 الباب 91 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]

و عن يونس بن يعقوب،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«المستحاضة تطوف بالبيت و تصلّي و لا تدخل الكعبة» (1).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المستحاضة أ يطؤها زوجها و هل تطوف بالبيت؟قال:تقعد قرءها الذي (2)كانت تحيض فيه،فإن (3)كان قرؤها مستقيما،فلتأخذ به،و إن كان فيه خلاف،فلتحتط بيوم أو يومين و لتغتسل و لتستدخل كرسفا،فإذا ظهر على الكرسف،فلتغتسل،ثمّ تضع كرسفا آخر ثمّ تغتسل،فإذا كان دم سائل فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة ثمّ تصلّي صلاتين بغسل واحد،و كلّ شيء استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت» (4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يكره لها دخول الكعبة حسب ما تضمّنته رواية يونس.

مسألة:قد بيّنّا أنّها إذا كانت عليلة،جاز أن يطاف بها و تستلم الأركان

و الحجر

(5)

،و لو كان عليه (6)زحمة،أشارت إليه و لا تزاحم الرجال (7).

و لو كان بها علّة تمنع من حملها و الطواف بها،طاف عنها وليّها و ليس عليها شيء؛للضرورة.

و لو كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام،أحرم عنها وليّها،و جنّبها ما يجتنب المحرم و تمّ إحرامها.

ص:89


1- 1التهذيب 5:399 الحديث 1389،الوسائل 9:507 الباب 91 من أبواب الطواف الحديث 2. [1]
2- 2) في النسخ:«التي»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) في النسخ:«و إن»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:400 الحديث 1390،الوسائل 9:507 الباب 91 من أبواب الطواف الحديث 3. [2]
5- 5) ع و ر بزيادة:لها.
6- 6) بعض النسخ:و لو عليها،د:و لو رأت عليها،خا و ق:و لو غلبها،مكان:و لو كان عليه.
7- 7) يراجع:ص 87. [3]

و قد بيّنّا (1)فيما مضى أنّه ليس على النساء رفع الصوت بالتلبية،و لا كشف الرأس،و يجوز لها لبس المخيط و الحرير على كراهية،و رخّص لها في تظليل المحمل،و ليس عليها حلق و لا دخول البيت،فإذا أرادت دخول البيت،فلتدخله إذا لم يكن زحام،و لو زاملها الرجل،صلّى أحدهما أوّلا،فإذا فرغ،صلّى الآخر،و هذا بناء على تحريم المحاذاة،و قد سبق في باب الصلاة (2).

و ينبغي أن يصلّي الرجل أوّلا ثمّ المرأة،رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل و المرأة يصلّيان جميعا في المحمل؟ قال:«لا،و لكن يصلّي الرجل و تصلّي المرأة بعده» (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز للمرأة أن تخرج في حجّة الإسلام،سواء أذن لها

زوجها أو منعها

(4).و كذا المطلّقة،سواء كانت المطلّقة رجعيّة أو بائنة.و كذا المتوفّى عنها زوجها.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا أحرمت المرأة بالحجّ ثمّ طلّقها زوجها و وجبت عليها العدّة،فإن كان الوقت ضيّقا بحيث يخاف فوت الحجّ إذا أقامت،فإنّها تخرج و تقضي حجّها ثمّ تعود و تقضي باقي العدّة إن بقي عليها شيء،و إن كان الوقت واسعا أو كانت محرمة بعمرة،فإنّها تقيم و تقضي عدّتها ثمّ تحجّ و تعتمر (5).

و هذا القول منه-رحمه اللّه-إن كان في حجّة الإسلام فهو ممنوع،بل الواجب عليها المضيّ فيها مطلقا،سواء اتّسع الوقت أو ضاق؛لقوله عليه السلام:«لا تمنعوا

ص:90


1- 1يراجع:الجزء العاشر:233.
2- 2) يراجع:الجزء الرابع:295.
3- 3) التهذيب 5:403 الحديث 1404،الوسائل 3:433 الباب 10 من أبواب مكان المصلّي الحديث 2. [1]
4- 4) يراجع:ص 67 و 71.
5- 5) الخلاف 2:309 مسألة-25،المبسوط 5:259. [2]

إماء اللّه مساجد اللّه،فإذا خرجن فليخرجن تفلات» (1)أي:غير متطيّبات.

و لأنّها فيها بمنزلتها في صلب النكاح،و إن كان في حجّة التطوّع فهو حقّ،أمّا المتوفّى عنها زوجها فإنّه يجوز لها أن تخرج في الحجّ مطلقا.

و قال أحمد:ليس لها أن تخرج في حجّة الإسلام (2).

لنا:أنّ الحجّ واجب على الفور في حقّ عامّة المكلّفين،فيكون كذلك في حقّ المتوفّى عنها زوجها.

و لأنّها معتدّة،فوجب عليها الخروج إلى الحجّ،كالمطلّقة.

و ما رواه الشيخ عن داود بن الحصين،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن المتوفّى عنها زوجها،قال:«تحجّ و إن كانت في عدّتها» (3).

و في الموثّق عن زرارة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتوفّى عنها زوجها تحجّ؟قال:«نعم» (4).

و عن أبي هلال،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال في التي (5)يموت عنها زوجها:«تخرج إلى الحجّ و العمرة و لا تخرج التي تطلّق؛لأنّ اللّه تعالى يقول:

وَ لا يَخْرُجْنَ (6)إلا أن تكون طلّقت في سفر» (7).

ص:91


1- 1صحيح البخاريّ 2:7،صحيح مسلم 1:327 الحديث 136،سنن أبي داود 1:155 الحديث 565،سنن الدارميّ 1:293، [1]الموطّأ 1:197 الحديث 12،مسند أحمد 2:16،438 و 475 و ج 6: 69،سنن البيهقيّ 3:132.
2- 2) المغني 3:196،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177،الكافي لابن قدامة 1:520.
3- 3) التهذيب 5:402 الحديث 1400،الوسائل 8:113 الباب 61 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:402 الحديث 1401،الوسائل 8:113 الباب 61 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [3]
5- 5) في النسخ:في الذي،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) الطلاق(65):1. [4]
7- 7) التهذيب 5:401 الحديث 1397،الاستبصار 2:317 الحديث 1123،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [5]

إذا عرفت هذا:فالمراد بالنهي هاهنا عن الخروج للمطلّقة:يعني به الخروج في حجّة التطوّع،أمّا في حجّة الإسلام فلا؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المطلّقة تحجّ في عدّتها» (1).

و إنّما قلنا:المراد بها حجّة الإسلام؛لما رواه منصور بن حازم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المطلّقة تحجّ في عدّتها؟قال:«إن كانت صرورة،حجّت في عدّتها،و إن كانت قد حجّت،فلا تحجّ حتّى تقضي عدّتها» (2).

و كذا إذا كان الطلاق بائنا،فإنّه يجوز لها أن تخرج في التطوّع و الواجب على ما تقدّم (3).

أمّا أحمد،فإنّه احتجّ:بأنّ العدّة تفوت،بخلاف الحجّ (4).

و الجواب:المنع من عدم فوات الحجّ،فإنّه عندنا على الفور فهو و إن لم يفت، بمعنى أنّه يمكن استدراكه،و لكنّه يفوت تعجيله الواجب.

مسألة:لو نذرت المرأة الحجّ،فإن كان قبل العقد عليها أو بعده بإذن زوجها،

كان حكمه حكم حجّة الإسلام

،و إن كان بعد العقد بغير إذن الزوج،لم ينعقد نذرها، سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل؛لأنّها مئونة المنافع المستحقّة له منها،فكانت كالعبد،و قد مضى البحث في ذلك كلّه (5).

ص:92


1- 1التهذيب 5:402 الحديث 1398،الاستبصار 2:317 الحديث 1124،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:402 الحديث 1399،الاستبصار 2:318 الحديث 1125،الوسائل 8:112 الباب 60 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:116.
4- 4) المغني 3:196،الشرح الكبير بهامش المغني 3:177،الكافي لابن قدامة 1:520.
5- 5) يراجع:الجزء العاشر:113 و ص 71 من هذا الجزء.
فصل:

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما

عليهما السلام،قال:سألته عن المحرمة إذا طهرت تغسل رأسها بالخطميّ؟فقال:

«يجزئها الماء» (1).

فصل:

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام

عن رجل كان معه امرأة

فقدمت مكّة و هي لا تصلّي فلم تطهر إلى (2)يوم التروية، فطهرت و طافت بالبيت،و لم تسع بين الصفا و المروة حتّى شخصت إلى عرفات، هل تعتدّ بذلك الطواف،أو تعيد قبل الصفا و المروة؟قال:«تعتدّ بذلك الطواف الأوّل و تبني عليه» (3).

فصل:

و روى ابن بابويه أيضا-في الصحيح-عن صفوان،عن إسحاق بن عمّار

،قال:

سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها و أهلها فحاضت فاستحيت أن تعلم أهلها و زوجها حتّى قضت المناسك و هي على تلك الحالة و واقعها زوجها و رجعت إلى الكوفة،فقالت لأهلها:قد كان من الأمر كذا و كذا،فقال:«عليها سوق بدنة و الحجّ من قابل و ليس على زوجها شيء» (4).و هذه الرواية مناسبة للمذهب.

ص:93


1- 1الفقيه 2:240 الحديث 1145،الوسائل 9:500 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 11. [1]
2- 2) في الفقيه:إلاّ،مكان:إلى.
3- 3) الفقيه 2:240 الحديث 1148،الوسائل 9:471 الباب 61 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 2:241 الحديث 1151،الوسائل 9:278 الباب 19 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 1. [3]
الفصل الثاني
اشارة

في أحكام العبيد و الصبيان و الكفّار في الحجّ

مسألة:قد بيّنّا فيما سلف أنّ الحجّ غير واجب على العبيد

و لا من انعتق بعضه لثبوت الولاية عليه (1).و كذا الحكم في المدبّر و المدبّرة و المكاتب و المكاتبة و أمّ الولد،و من انعتق بعضه لا يختلف الحكم فيه.

و لا يجوز لواحد من هؤلاء أن يحجّ إلاّ بإذن مولاه،و إذا حجّ،كانت حجّته تطوّعا لا فرضا،و لا تجزئه عن حجّة الإسلام لو انعتق ما لم يدركه العتق قبل الوقوف بالموقفين.

و الزوجة الأمة لا يجوز لها أن تحجّ إلاّ بإذن مولاها و زوجها معا،فلو كره أحدهما،وجب عليها الامتناع؛لأنّها مملوكة فلا تحجّ بغير إذن سيّدها و زوجها فلا يصحّ أن تحجّ إلاّ بإذن زوجها؛لأنّ الحجّ ليس واجبا عليها.

أمّا من انعتق بعضه و هاياه مولاه على أيّام معيّنة يكون لنفسه،قال الشيخ- رحمه اللّه-:لا يمتنع أن نقول:ينعقد إحرامه فيها،و يصحّ حجّه بغير إذن سيّده (2).

و قد مضى البحث في ذلك كلّه و في أحكام الصبيان (3).

ص:94


1- 1يراجع:الجزء العاشر:62 و 69.
2- 2) المبسوط 1:327. [1]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:53 و 62.
مسألة:إحرام الصبيّ عندنا صحيح،و إحرام العبد صحيح بإذن مولاه أيضا،

و قد وقع الإجماع على العبد،و خالفنا الشافعيّ في الصبيّ (1).

إذا عرفت هذا:فلو بلغ الصبيّ و أعتق العبد،فإن كان بعد فوات وقت الوقوف، مضيا على الإحرام،و كان الحجّ تطوّعا،و لا يجزئ عن حجّة الإسلام إجماعا،و إن كملا قبل الوقوف،تعيّن إحرام كلّ واحد منهما بالفرض،و أجزأه عن حجّة الإسلام.

و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة:الصبيّ يحتاج إلى تجديد إحرام؛لأنّ إحرامه لا يصحّ عنده، و العبد يمضي على إحرامه تطوّعا،و لا ينقلب فرضا (3).

و قال مالك:الصبيّ و العبد معا يمضيان في الحجّ،و يكون تطوّعا (4).

و إن كان البلوغ و العتق بعد الوقوف و قبل فوات وقته بأن يكملا قبل طلوع فجر النحر،رجعا إلى عرفات و المشعر إن أمكنهما،فإن (5)لم يمكنهما،رجعا إلى المشعر و وقفا و قد أجزأهما،و لو لم يعودا،لم يجزئهما عن حجّة الإسلام.

و قال الشافعيّ:إن لم يعودا إلى عرفات،لم يجزئهما عن حجّة الإسلام (6).

ص:95


1- 1الأمّ 2:112 و 130،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:57، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:429، [2]المغني 3:208،الشرح الكبير بهامش المغني 3:169.
2- 2) الأمّ 2:130،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:57، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 429، [4]المغني 3:204، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:168. [6]
3- 3) بدائع الصنائع 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:136،عمدة القارئ 10:218،المغني 3:204، تفسير القرطبيّ 2:370. [7]
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:380-381،المغني 3:204،الشرح الكبير بهامش المغني 3:168، المجموع 7:58،عمدة القارئ 10:218.
5- 5) د:و إن،مكان:فإن.
6- 6) الأمّ 2:130،المجموع 7:58،تفسير القرطبيّ 2:370. [8]

و قد مضى البحث في ذلك (1).

إذا عرفت هذا:فكلّ موضع قلنا:إنّه يجزئهما عن حجّة الإسلام،فإنّه يلزمهما الدم إن كانا متمتّعين،و إن لم يكونا متمتّعين،لم يلزمهما شيء.

و قال الشافعيّ:عليه (2)دم (3).

و قال في موضع آخر:لا يتبيّن لي أنّ عليهما شيئا (4).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5).

و الأصل براءة الذمّة في حقّ غير المتمتّع.

مسألة:الكافر يجب عليه الحجّ لكن لا يصحّ منه إلاّ بشرط تقديم الإسلام

(6)

، كالمحدث يجب عليه الصلاة لكن لا تصحّ منه إلاّ بشرط تقديم (7)الطهارة،فلو مرّ الكافر على الميقات مريدا للنسك و أحرم منه،فإنّ إحرامه لا ينعقد إجماعا؛لأنّ الحجّ عبادة فلا تصحّ من الكافر،كالصلاة.

إذا عرفت هذا:فإن مات على كفره،فلا حكم له.

و إن أسلم،فإن كان بعد مضيّ زمان الوقوف،لم يجب عليه الحجّ؛لأنّه أسلم بعد فوات وقته،و ما مضى حال كفره معفوّ عنه.

و إن أسلم قبل فوات الوقوف،وجب عليه الحجّ؛لإمكانه،و يتعيّن عليه في

ص:96


1- 1يراجع:الجزء العاشر:59.
2- 2) كذا في النسخ،و لعلّ الصواب:عليهما.
3- 3) الأمّ 2:130،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،المجموع 7:59،المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:223.
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،تفسير القرطبيّ 2:370. [1]
5- 5) البقرة(2):196. [2]
6- 6) ح و د:تقدّم.
7- 7) ح و د:تقدّم.

تلك السنة؛لأنّه واجب على الفور،خلافا للشافعيّ (1).و قد سلف (2).

فإن لم يحرم،جدّد إحراما،إن تمكّن من الرجوع إلى الميقات،وجب،و إلاّ فمن حيث تمكّن،و لا دم عليه عندنا-خلافا للشافعيّ (3)-لأنّ الإحرام الأوّل لا اعتداد به؛لوقوعه حال الكفر.و به قال أبو حنيفة (4)،و أحمد بن حنبل (5).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه جاوز الميقات مريدا للنسك و أحرم دونه و لم يعد إليه، فوجب عليه الدم،كالمسلم (6).

و هو ضعيف؛لأنّه مرّ على الميقات و ليس من أهل النسك،فإذا أحرم دونه، لم يجب عليه الدم،كما لو مرّ على الميقات مجنونا.و لأنّه ترك الإحرام حال الكفر و هو معفوّ عنه،و الإسلام يجبّ ما قبله،فلا يجب الدم.

مسألة:المخالف للإماميّة من أهل القبلة إذا حجّ ثمّ استبصر،فإن كان قد أتى

بأركان الحجّ و أفعاله،صحّ حجّه و أجزأ عنه

،و إن كان قد أخلّ بشيء من أركان الحجّ،لم يجزئه ذلك عن حجّة الإسلام و وجب عليه قضاؤها فيما بعد؛لأنّه مع الإتيان بالأركان مسلم أتى بالحجّ على وجهه،فكان مجزئا عنه و مخرجا عن عهدة التكليف،كغيره من المسلمين،و أمّا مع الإخلال بشيء من الأفعال؛فلأنّه لم يأت

ص:97


1- 1الأمّ 2:130،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:61،المغني 3:228.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر:105.
3- 3) الأمّ 2:130،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:61،المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:323.
4- 4) شرح فتح القدير 2:333،المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:223.
5- 5) المغني 3:228،الشرح الكبير بهامش المغني 3:323،الكافي لابن قدامة 1:525.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:204،المجموع 7:61،فتح العزيز بهامش المجموع 7:430،مغني المحتاج 1:474.

بالأركان،فوجب عليه إعادة الحجّ،كغيره.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن بريد بن معاوية العجليّ،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل حجّ و هو لا يعرف هذا الأمر،ثمّ منّ اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به،يجب عليه حجّة الإسلام أو قد قضى فريضته؟فقال:«قد قضى فريضته،و لو حجّ كان أحبّ إليّ» (1).

و في الحسن عن عمر بن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل حجّ و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر،ثمّ منّ اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به، أ عليه حجّة الإسلام أو قد قضى؟قال:«قد قضى فريضة اللّه و الحجّ أحبّ إليّ» (2).

مسألة:الحجّ و إن لم يكن واجبا عليه،إلاّ أنّه يستحبّ إعادته ندبا و تطوّعا

؛ ليقع أكمل العبادات على أكمل الوجوه.

و يدلّ عليه:قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الحديثين المتقدّمين:«و الحجّ أحبّ إليّ» (3).

و لا يعارض ما تقدّم:ما رواه الشيخ عن عليّ بن مهزيار،قال:كتب إبراهيم بن محمّد بن عمران الهمدانيّ إلى أبي جعفر عليه السلام:إنّي حججت و أنا مخالف

ص:98


1- 1التهذيب 5:9 الحديث 23،الاستبصار 2:145 الحديث 472،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:10 الحديث 25،الاستبصار 2:146 الحديث 475،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) و هما حديثا بريد بن معاوية العجليّ و عمر بن أذينة،ينظر:التهذيب 5:9 الحديث 23 و ص 10 الحديث 25،الاستبصار 2:145 الحديث 472 و ص 146 الحديث 475،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1 و 2. [3]

و كنت صرورة فدخلت متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ،فكتب إليه:«أعد حجّك» (1).

و ما رواه عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الناصب إذا عرف فعليه الحجّ و إن كان قد حجّ» (2).

لأنّ ذلك محمول على من أخلّ ببعض أركان الحجّ،أو على جهة الاستحباب على ما تقدّم،و أيضا في طريق إحداهما سهل بن زياد،و في الأخرى عليّ بن أبي حمزة.

و يدلّ على الاستحباب:ما تقدّم من قوله:«و الحجّ أحبّ إليّ».

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن عمر بن أذينة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:كتبت إليه أسأله عن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متديّن،ثمّ منّ اللّه عليه فعرف هذا الأمر،أ يقضي عنه حجّة الإسلام،أو عليه أن يحجّ من قابل؟قال:«الحجّ أحبّ إليّ» (3).

مسألة:و كذلك باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها،لا يجب عليه قضاؤها
اشارة

؛ عملا بالأصل،إلاّ الزكاة.

روى الشيخ-في الصحيح-عن بريد بن معاوية العجليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،عن رجل حجّ و هو لا يعرف هذا الأمر،ثمّ منّ اللّه تعالى عليه بمعرفته و الدينونة به،يجب عليه حجّة الإسلام أو قد قضى فريضته؟فقال:«قد قضى فريضته،و لو حجّ لكان أحبّ إليّ»قال:و سألته عن رجل حجّ و هو في بعض هذه

ص:99


1- 1التهذيب 5:10 الحديث 24،الاستبصار 2:145 الحديث 473،الوسائل 8:43 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:9 الحديث 22،الاستبصار 2:145 الحديث 473،الوسائل 8:43 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:10 الحديث 25،الاستبصار 2:146 الحديث 475،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]

الأصناف من أهل القبلة ناصب متديّن،ثمّ منّ اللّه عليه فعرف هذا الأمر،يقضي حجّة الإسلام؟قال:«يقضي أحبّ إليّ»و قال:«كلّ عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثمّ منّ اللّه عليه و عرّفه الولاية،فإنّه يؤجر عليه إلاّ الزكاة،فإنّه يعيدها؛ لأنّه وضعها في غير مواضعها؛لأنّها لأهل الولاية،و أمّا الصلاة و الحجّ و الصيام، فليس عليه قضاؤه (1)» (2).

فصل:

روى ابن بابويه عن أبي عبد اللّه الخراسانيّ (3)،عن أبي جعفر الثاني

عليه السلام

،قال:قلت:إنّي حججت و أنا مخالف و حججت حجّتي هذه و قد منّ اللّه عليّ بمعرفتكم،و علمت أنّ الذي كنت فيه كان باطلا،فما ترى في حجّتي؟ قال:«اجعل هذه حجّة الإسلام و تلك نافلة» (4).

و هذا الحديث محمول على أنّه أخلّ بشيء من الواجبات.

ص:100


1- 1كذا في النسخ،و في المصدر:«قضاء».
2- 2) التهذيب 5:9 الحديث 23،الاستبصار 2:145 الحديث 472،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) أبو عبد اللّه الخراسانيّ،يظهر من الرواية التي رواها الصدوق في باب ما جاء قبل المعرفة أنّه كان مخالفا ثمّ استبصر و أنّه روى عن مولانا الجواد عليه السلام،و ذكره أيضا في المشيخة.قال المامقانيّ: ظاهر الصدوق كونه معتمدا عنده و إنّي أعتبر الرجل لمجموع ذلك حسن الحال و العلم عند اللّه.الفقيه (شرح المشيخة)4:119،تنقيح المقال 3:24 باب الكنى.
4- 4) الفقيه 2:263 الحديث 1282،الوسائل 8:42 الباب 23 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [2]
فرع:

قد بيّنّا أنّه إذا أخلّ بركن،أعاد

(1)،و المراد بالركن هنا:ما يعتقد أهل الحقّ أنّ الإخلال به مبطل للحجّ،لا ما يعتقده الضالّ تديّنا أنّه ركن.

مسألة:من شهد المناسك سكران،فإن لم يحصّل شيئا،لم يجزئه الحجّ،

و وجب عليه إعادته،و إن حصّل ما يفعله و أمكنه أن يأتي بها على وجهها متعقّلا لها،فالوجه:صحّة حجّة.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه أطلق القول و قال:من شهد المناسك كلّها و رتّبها في مواضعها إلاّ أنّه كان سكران،فلا حجّ له،و كان عليه إعادة الحجّ من قابل (2).

و الظاهر أنّ مراده:التفصيل؛لأنّه مع عدم التمييز يكون كالمجنون لا قصد له، و الأفعال يشترط إيقاعها على وجهها من وجه وجوب أو ندب،و مع التمييز أنّه مسلم حجّ بشرائط الحجّ،فكان مجزئا عنه.

و يؤيّد ذلك:ما رواه أبو عليّ بن راشد،قال:كتبت إليه أسأله (3)عن رجل محرم سكر و شهد المناسك و هو سكران،أ يتمّ حجّه على سكره؟فكتب:«لا يتمّ حجّه» (4).

ص:101


1- 1يراجع:ص 97. [1]
2- 2) النهاية:274. [2]
3- 3) في النسخ:يسأله،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:296 الحديث 1002،الوسائل 9:74 الباب 55 من أبواب الإحرام الحديث 1. [3]
الفصل الثالث
اشارة

في حجّ النائب

مسألة:من وجد الاستطاعة و تمكّن من الحجّ بنفسه ،وجب عليه أن يحجّ
اشارة

حجّة الإسلام

(1)

،و لا يجوز له أن يستنيب فيه.و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم لا خلاف بينهم فيه.

و الحجّ المنذور،كحجّة الإسلام،إن تمكّن من فعلها مباشرة،لم يجز له الاستنابة فيه أيضا؛لأنّه واجب،فأشبه حجّة الإسلام،و لا نعلم فيه خلافا.

هذا في الواجب،أمّا حجّ التطوّع،فإنّه لا يخلو من أقسام ثلاثة:

أحدها:أن يكون المستأجر لم يحجّ حجّة الإسلام،هل يجوز له أن يستنيب في التطوّع؟الوجه عندي:الجواز؛عملا بعموم الأخبار الواردة بجواز (2)الاستنابة في التطوّع.

و لأنّها عبادة لا تمنع من فعل الواجب،فجاز فعلها.و منع من ذلك أحمد بن حنبل؛لأنّ هذا التطوّع لا يجوز له فعله بنفسه،فنيابته أولى (3).

و هو ضعيف؛لأنّه إنّما لم يجز له فعله بنفسه؛لأنّه يمنع من فعل الحجّ

ص:102


1- 1د:من نفسه.
2- 2) ر،ع و ح:لجواز.
3- 3) المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:211،الإنصاف 3:418.

الواجب،بخلاف ما إذا استأجر و فعل هو الحجّ الواجب.

إذا ثبت هذا:فإنّه متى كان الاستئجار يمنعه من الإتيان بالحجّ الواجب،بأن تقصر نفقته بسبب دفع مال الإجارة،فإنّه لا يجوز الاستئجار.

أمّا لو لم يكن السرب مخلّى،فإنّه ينبغي القول بجواز الاستئجار للتطوّع مطلقا، سواء قصرت نفقة الحجّ الواجب عنه أو لم تقصر؛لأنّه لا يجب عليه الحجّ حينئذ.

الثاني:أن يكون ممّن قد أدّى حجّة الإسلام ثمّ عجز عن الحجّ التطوّع بنفسه، فإنّه يجوز له الاستنابة فيه إجماعا؛لأنّ الحجّ عبادة تجوز الاستنابة في فرضها فتجوز في نفلها،كغيره من العبادات.

الثالث:أن يكون قد أدّى حجّة الإسلام و هو قادر على الحجّ بنفسه،فإنّه يجوز له أن يستنيب أيضا عندنا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:لا يجوز (2).

و عن أحمد روايتان (3).

لنا:أنّه حجّ غير واجب عليه بنفسه،فجاز له أن يستنيب فيه،كالمغصوب.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه حجّ يقدر عليه بنفسه،فلا يجوز له النيابة فيه،كالفرض (4).

و الجواب:بالفرق،و هو ظاهر.

ص:103


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:152،المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:211،المجموع 7:116،فتح العزيز بهامش المجموع 7:41.
2- 2) الأمّ 2:122،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:114 و 116، [1]المغني 3:185، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:212. [3]
3- 3) المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:211،الإنصاف 3:418. [4]
4- 4) المغني 3:185،الشرح الكبير بهامش المغني 3:212.
فرع:

لو كان عاجزا عنه عجزا يرجى زواله

،كالمريض مرضا يرجى زواله، و المحبوس،جاز له أن يستنيب؛لأنّه حجّ لا يلزمه عجز عنه بنفسه،فجاز له أن يستنيب فيه،كالشيخ.

و الشافعيّ (1)و إن خالفنا في الأوّل،فإنّه وافقنا هنا،و فرق في هذه الصورة بين الفرض و التطوّع؛لأنّ الفرض عبادة العمر،فلا يفوت بتأخيره عن هذا العام، و التطوّع مشروع في كلّ عام،فيفوت حجّ هذا العام بتأخيره.

و لأنّ حجّ الفرض لوفات في حياته قضي بعد موته،بخلاف التطوّع،فإنّه لا يقضى،فيفوت.

و يجيء على أصلنا:يجوز له الاستنابة؛لأنّا جوّزناها مع القدرة،فمع العجز أولى.

مسألة:و لو كان عاجزا عن الحجّ الواجب بنفسه،و أمكنه إقامة غيره ليحجّ

عنه،ففي وجوب الاستنابة قولان:

أحدهما:لا يجب،و به قال مالك (2).

و الثاني:يجب،اختاره الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال الشافعيّ (4)،

ص:104


1- 1المجموع 7:115،الأمّ 2:122.
2- 2) بداية المجتهد 1:319،بلغة السالك 1:264،المغني 3:181،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 183.
3- 3) المبسوط 1:299،النهاية:203.
4- 4) الأمّ 2:121،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،المهذّب للشيرازيّ 1:198،المجموع 7:94، الميزان الكبرى 2:35،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:144.

و أبو حنيفة (1)،و قد تقدّم البحث فيه (2).

و لو لم يجد مالا يقيم به غيره،سقط عنه بلا خلاف،و لو وجد مالا و لم يجد من ينوبه،لم يجب أيضا.و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الأخرى:لا يسقط وجوب الحجّ و يقضى عنه بعد موته (3)؛لأنّ إمكان المسير عنده ليس شرطا في وجوب الحجّ.

و هو باطل؛لأنّ الأمر حينئذ يكون أمرا بغير المقدور،و وجوب القضاء تابع لوجوب الأداء.

مسألة:يصحّ الاستئجار للحجّ و تبرأ ذمّة من استأجره إذا كان ميّتا أو ممنوعا

.

و به قال الشافعيّ (4).

و قال أبو حنيفة:لا يصحّ،و إذا لبّى،وقع عن الأجير و للمكتري ثواب النفقة، فإن بقي شيء،يلزمه ردّه،أمّا لو أوصى الميّت بالحجّ عنه،كان تطوّعا من الثلث (5).

لنا:خبر الخثعميّة التي أمرها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقضاء دين الحجّ عن والدها (6).

ص:105


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:153.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر:91 و 95.
3- 3) المغني 3:182،الشرح الكبير بهامش المغني 3:184،الإنصاف 3:406.
4- 4) الأمّ 2:124،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62 و 71،المجموع 7:139،فتح العزيز بهامش المجموع 7:49.
5- 5) تحفة الفقهاء 1:426،427،بدائع الصنائع 2:22،الهداية للمرغينانيّ 3:340،شرح فتح القدير 3:67،عمدة القارئ 10:213،214،المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 1:973 الحديث 407،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928، [1]سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:117 و 119 و ج 8:227،الموطّأ 1:359 الحديث 97،سنن الدارميّ 2:40،مسند أحمد 1: 76،157،212،213،219،251،329،359،سنن البيهقيّ 4:328.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن مسمع،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أعطيت رجلا دراهم يحجّ بها عنّي،ففضل منها شيء فلم يردّه عليّ،فقال:«هو له،لعلّه ضيّق على نفسه في النفقة،لحاجته إلى النفقة» (1).

و عن محمّد بن عبد اللّه القمّيّ،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يعطى الحجّة يحجّ بها و يوسّع على نفسه فيفضل منها،أ يردّه (2)عليه؟قال:

«لا،هو (3)له» (4).

و عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأخذ الدراهم (5)ليحجّ بها عن رجل،هل يجوز له أن ينفق منها في غير الحجّ؟ قال:«إذا ضمن الحجّ فالدراهم له يصنع بها ما أحبّ،و عليه حجّة» (6).

و لأنّها عبادة تدخلها النيابة،فجاز الاستئجار فيها.

مسألة:يشترط في النائب الإسلام؛لأنّها عبادة يشترط فيها النيّة

،و هي إنّما تصحّ من المسلم.و لاشتمالها على أفعال لا تصحّ من دون الإسلام.

و يشترط فيه العقل؛لأنّ المجنون ليس أهلا للخطاب.و لأنّه متّصف بما يوجب رفع القلم،فلا حكم لفعله.

ص:106


1- 1التهذيب 5:414 الحديث 1442،الوسائل 8:126 الباب 10 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) في المصدر:أ يردّها.
3- 3) في المصدر:هي.
4- 4) التهذيب 5:415 الحديث 1443،الوسائل 8:126 الباب 10 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]
5- 5) في النسخ:الدنانير،مكان:الدراهم.
6- 6) التهذيب 5:415 الحديث 1444،الوسائل 8:127 الباب 10 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 3. [3]

و كذا الصبيّ غير المميّز،سواء أحرم بنفسه أو أحرم به وليّه نيابة عن غيره؛لأنّ نيّة الوليّ إنّما تعتبر في حقّ الصبيّ؛للنصّ (1)،فلا تؤثّر في غيره؛لأنّه خلاف الأصل،فيحتاج إلى نصّ و لم يثبت.

أمّا المميّز،فالوجه:أنّه لا يصحّ نيابته أيضا؛لأنّ حجّه عن نفسه و إن كان صحيحا،لكنّه شرع (2)للتمرين و الاعتياد بفعل الطاعات،فصحّ بالنسبة إلى ما يراد من تمرينه عليه،لا أنّه مندوب يستحقّ به الثواب،كما يستحقّ المكلّف بفعل المندوبات؛لأنّه غير مكلّف؛لقوله عليه السلام:«رفع القلم عن ثلاثة»ذكر أحدهم «الصبيّ حتّى يبلغ» (3).و الثواب منوط بالتكليف.

مسألة:و يجوز أن يحجّ الرجل عن مثله إجماعا و عن المرأة كذلك،و المرأة

عن مثلها

و عن الرجل في قول عامّة أهل العلم؛لا خلاف (4)بينهم فيه إلاّ الحسن بن صالح؛فإنّه كره نيابة المرأة عن الرجل (5).

قال ابن المنذر:هذه غفلة عن ظاهر السنّة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المرأة أن تحجّ عن أبيها (6).فإنّ ابن عبّاس روى أنّ امرأة من خثعم قالت:يا رسول اللّه إنّ فريضة اللّه على عباده في الحجّ أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن

ص:107


1- 1ينظر:الوسائل 8:207 الباب 17 من أبواب أقسام الحجّ.
2- 2) ح،د و ر:شرعا.
3- 3) عوالي اللآلئ 1:209 الحديث 48،و ج 3:528 الحديث 3، [1]سنن أبي داود 4:140 الحديث 4398-4401، [2]سنن البيهقيّ 10:317.
4- 4) ر،ع،خا و ق:لا اختلاف.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:189،عمدة القارئ 10:213.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 3:189،عمدة القارئ 10:213.

يثبت على الراحلة،أ فأحجّ عنه؟قال:«نعم» (1).

و عن عليّ عليه السلام،أنّه سئل عن شيخ يجد الاستطاعة،قال:«يحجّ عنه» (2).و هو عامّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه قال:«تحجّ المرأة عن أختها و عن أخيها»و قال:«تحجّ المرأة عن أبيها» (3).

و لأنّها عبادة تدخلها النيابة،فاستوى فيه الرجل و المرأة.

مسألة:و سواء كانت المرأة أجنبيّة أو من أقارب الرجل،فإنّه يجوز لها أن

تحجّ عنه مطلقا

،و سواء أخذت أجرة أو لم تأخذ؛لأنّها من أهل النيابة،فاستوى الجميع منهنّ فيه،كالرجل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:المرأة تحجّ عن الرجل و الرجل يحجّ عن المرأة؟قال:

«لا بأس» (4).

و عن مصادف،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:تحجّ المرأة عن الرجل؟

ص:108


1- 1صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928 فيه:بتفاوت،سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909، سنن النسائيّ 5:118،سنن الدارميّ 2:40،الموطّأ 1:359 الحديث 97،مسند أحمد 1:219، سنن البيهقيّ 4:328-329.
2- 2) مسند أحمد 1:76 و 175،سنن البيهقيّ 4:329.
3- 3) التهذيب 5:413 الحديث 1438،الاستبصار 2:322 الحديث 1140،الوسائل 8:124 الباب 8 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [1]
4- 4) التهذيب 5:413 الحديث 1437،الاستبصار 2:322 الحديث 1141،الوسائل 8:124 الباب 8 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]

قال:«نعم،إذا كانت فقيهة مسلمة و كانت قد حجّت،ربّ امرأة خير من رجل» (1).

إذا عرفت هذا:فإنّ المرأة سواء كانت صرورة أو لم تكن،فإنّه يجوز لها أن تحجّ عن الرجل،و للشيخ-رحمه اللّه-قولان (2):

أحدهما:عدم الجواز إذا كانت صرورة،ذكره في كتابي الأخبار (3)،لما تقدّم في حديث مصادف،فإنّه جوّز نيابتها بشرط أن تكون فقيهة[و كانت] (4)قد حجّت، و هما معا شرط،فإنّ الفقه بأفعال الحجّ شرط،فكذا عدم كونها صرورة.

و لما رواه زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«يحجّ الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة،و لا تحجّ المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة» (5).

و عن سليمان بن جعفر،قال:سألت الرضا عليه السلام عن امرأة صرورة حجّت عن امرأة صرورة،قال:«لا ينبغي» (6).

و لنا:عموم قوله عليه السلام:«تحجّ المرأة عن أختها و[عن] (7)أخيها»

ص:109


1- 1التهذيب 5:413 الحديث 1436،الاستبصار 2:322 الحديث 1142،الوسائل 8:125 الباب 8 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 7. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و لكنّنا لم نعثر على قول آخر له،نعم،شرط الشيخ-رحمه اللّه-في حجّ المرأة عن الرجل شرطين:أحدهما:أن تكون عارفة بمناسك الحجّ.و الثاني:أن تكون قد حجّت أوّلا،ينظر: التهذيب 5:413 و 414،الاستبصار 2:322.
3- 3) ينظر:التهذيب 5:413 و 414،الاستبصار 2:322.
4- 4) في النسخ:«لم تكن»و الصحيح ما أثبتناه؛لأنّه أحد شرطي الجواز على قول الشيخ.
5- 5) التهذيب 5:414 الحديث 1439،الاستبصار 2:323 الحديث 1143،الوسائل 8:125 الباب 9 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 5:414 الحديث 1440،الاستبصار 2:323 الحديث 1144،الوسائل 8:126 الباب 9 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 3. [3]
7- 7) ما أثبتناه من المصدر.

و[قال:«تحجّ عن] (1)أبيها» (2).

و لأنّها مكلّفة تصحّ نيابتها إذا كانت قد حجّت،فتصحّ صرورة (3)،كالرجل.

و الجواب عن الأوّل من احتجاج الشيخ-رحمه اللّه-:أنّ الحديث يدلّ على مطلوبه من طريق المفهوم،فلا يعارض العموم.و مع ذلك فإنّه شرط فيه أن تكون فقيهة،و لا ريب أنّ ذلك ليس بشرط،بل خرج مخرج الأولى.

و عن الثاني:أنّ المنهيّ عنه على سبيل الكراهية؛جمعا بين الأدلّة.

و عن الثالث:أنّه أدلّ على الكراهية من الأوّل؛فإنّ قوله عليه السلام:

«لا ينبغي»إنّما يستعمل غالبا في الكراهية.و مع ذلك ففي طريقه أحمد بن أشيم (4)و هو ضعيف.و الحديث الثاني يرويه المفضّل و هو ضعيف جدّا.

مسألة:من فقد الاستطاعة،جاز له أن يحجّ عن غيره و إن لم يحجّ حجّة

الإسلام

،سواء تمكّن من الحجّ من غير استطاعة أو لم يقدر،ذهب إليه علماؤنا.

و به قال جعفر بن محمّد عليهما السلام،رواه عنه الجمهور،و به قال الحسن، و النخعيّ،و أيّوب السجستانيّ (5)،و مالك (6)،و أبو حنيفة (7)،و أحمد في إحدى

ص:110


1- 1ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:413 الحديث 1438،الاستبصار 2:322 الحديث 1140،الوسائل 8:124 الباب 8 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [1]
3- 3) كثير من النسخ بزيادة:كانت.
4- 4) في المصادر:عليّ بن أحمد بن أشيم،و قد مرّت ترجمته و القول بضعفه في الجزء الثالث:29، و أمّا أحمد بن أشيم فقد مرّت ترجمته في الجزء السابع:407.
5- 5) المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:207-208،المجموع 7:118،عمدة القارئ 9:127.
6- 6) بداية المجتهد 1:320،إرشاد السالك:54،المغني 3:201.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:151،تحفة الفقهاء 1:429،شرح فتح القدير 3:79،عمدة القارئ 9: 127،مجمع الأنهر 1:308.

الروايتين (1).

و قال الشافعيّ:من لم يحجّ حجّة الإسلام ليس له أن يحجّ عن غيره،فإن فعل، وقع إحرامه عن حجّة الإسلام عن نفسه.و به قال ابن عبّاس،و الأوزاعيّ، و إسحاق (2).

و روي عن ابن عبّاس أيضا أنّه لا يقع عن نفسه و لا عن غيره،بل يقع باطلا (3)، و هو رواية عن أحمد (4).

و قال الثوريّ:إن كان قادرا على أن يحجّ عن نفسه،حجّ عن نفسه،و إلاّ جاز له أن يحجّ عن غيره (5).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جوّز للخثعميّة أن تحجّ عن أبيها (6)،من غير أن يسألها:هل أدّت حجّة الإسلام عن نفسها أم لا؟و ترك الاستفصال عن الحال ينبئ عن عموم الجواز.

ص:111


1- 1المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:208،الكافي لابن قدامة 1:523،الإنصاف 3: 416. [1]
2- 2) الأمّ 2:127،حلية العلماء 3:249،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:118،فتح العزيز بهامش المجموع 7:35،الميزان الكبرى 2:36،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:147، المغني 3:201.
3- 3) المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:207،عمدة القارئ 9:127.
4- 4) المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:207،الإنصاف 3:416،الميزان الكبرى 2: 36.
5- 5) المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:208.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928،سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:118،الموطّأ 1:359 الحديث 97،سنن الدارميّ 2:40،مسند أحمد 1:219،سنن البيهقيّ 4: 328-329.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سعد بن أبي خلف، قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل الصرورة،يحجّ عن الميّت؟ قال:«نعم،إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه،فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه،فليس يجزئ عنه حتّى يحجّ من ماله،و هي تجزئ عن الميّت إن كان للصرورة مال و إن لم يكن له مال» (1).

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و له مال،قال:«يحجّ عنه صرورة لا مال له» (2).

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا بأس أن يحجّ الصرورة عن الصرورة» (3).

و لأنّ هذا الوقت غير معيّن لفرضه،فإذا أخّره لسنة أخرى بترك (4)الحجّ في هذه السنة،جاز،فيملك أداء النفل فيه و أداء فرض غيره.

و لأنّه عبادة تدخله النيابة،فجاز أن يؤدّيه عن غيره من لم يسقط فرضه عن نفسه،كالزكاة.

احتجّ المخالف (5):بما روى ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سمع

ص:112


1- 1التهذيب 5:410 الحديث 1427،الاستبصار 2:319 الحديث 1131،الوسائل 8:121 الباب 5 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:411 الحديث 1428،الاستبصار 2:320 الحديث 1132،الوسائل 8:122 الباب 6 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:411 الحديث 1429،الاستبصار 2:320 الحديث 1133،الوسائل 8:122 الباب 6 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [3]
4- 4) ح:ترك،ع،ر:ليترك،خا،ق:يترك.
5- 5) المغني 3:201،الشرح الكبير بهامش المغني 3:208،المهذّب للشيرازيّ 1:199.

رجلا يقول:لبّيك عن شبرمة (1)،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من شبرمة؟» قال:قريب لي،قال:«هل حججت قطّ؟»قال:لا،قال:«فاجعل هذه عن نفسك ثمّ احجج عن شبرمة» (2).

و لأنّ مطلق النيّة و النفل في هذا سواء،و لو أطلق،كان عن الفرض،فكذا إذا نوى النفل أو فرض غيره؛لأنّ فرض غيره نفل في حقّه.

و لأنّه حجّ عن غيره قبل الحجّ عن نفسه،فلم يقع عن الغير،كما لو كان صبيّا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حجّة لنا؛لأنّه عليه السلام لم يقل له:أنت حاجّ عن نفسك،كما هو مذهب الشافعيّ،بل قال:حجّ عن نفسك،و هو الاستيناف،و كان ذلك في وقت كان يجوز فسخ الإحرام.

و عن الثاني:بالمنع أوّلا من الاجتزاء بالمطلق.سلّمنا لكنّ الظاهر من حال المرء أنّه إنّما تحمّل هذه المشاقّ لأداء الفرض الذي عليه،فانصرف المطلق إليه.

و عن الثالث:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل إن قلنا:إنّ المميّز يصحّ أن يحجّ عن غيره،و بالفرق إن لم نقل بذلك؛لأنّه في حقّ الصبيّ إنّما لم يصحّ في حقّه لمعنى لم يوجد في البالغ،فإن صحّت العلّة،ظهر الفرق،و إلاّ منعنا الحكم في الأصل.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عقبة،قال:كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحجّ قطّ،حجّ عن صرورة لم يحجّ قطّ،أ يجزئ كلّ واحد منهما تلك الحجّة عن حجّة الإسلام أو لا؟بيّن لي ذلك يا سيّدي إن شاء اللّه،فكتب

ص:113


1- 1شبرمة،قال ابن الأثير و ابن حجر:شبرمة غير منسوب له صحبة توفّي في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقع في ذكر حديث صحيح.أسد الغابة 2:384، [1]الإصابة 2:136. [2]
2- 2) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1811، [3]سنن ابن ماجة 2:969 الحديث 2903،سنن الدار قطنيّ 2:270 الحديث 157،سنن البيهقيّ 4:336.

عليه السلام:«لا يجوز ذلك» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه:في هذه الرواية أن نحمل (2)على أنّه إذا كان للصرورة مال،فإنّ تلك الحجّة لا تجزئ عنه،كما تقدّم في حديث سعد بن أبي خلف (3)مفصّلا،فحمل الإطلاق عليه.قال:و يحتمل أنّه لا يجزئ ذلك عن الذي يحجّ إذا أيسر؛لأنّ من حجّ عن غيره ثمّ أيسر،وجب عليه الحجّ (4)؛لما رواه آدم بن عليّ،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«من حجّ عن إنسان و لم يكن له مال يحجّ به،أجزأت عنه حتّى يرزقه اللّه تعالى ما يحجّ به و يجب عليه الحجّ» (5).

و قد روى عن بكر بن صالح،قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام:إنّ ابني معي و قد أمرته أن يحجّ عن أمّي،أ يجزئ عنها حجّة الإسلام؟فكتب:«لا»و كان ابنه صرورة و كانت أمّه صرورة (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على ما إذا كان للولد مال،فإنّه لا يجوز له أن يحجّ عن أمّه إلاّ بعد أن يحجّ عن نفسه (7).

إذا ثبت هذا:فإنّ الأجرة يستحقّها؛لأنّه عقد صحيح.

و قال المانعون:يجب ردّ الأجرة على المستأجر؛لأنّه لم تقع الحجّة عنه،

ص:114


1- 1التهذيب 5:411 الحديث 1430،الاستبصار 2:320 الحديث 1134،الوسائل 8:122 الباب 6 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 3. [1]
2- 2) كثير من النسخ:تحمل.
3- 3) يراجع:ص 112. [2]
4- 4) التهذيب 5:411،الاستبصار 2:320.
5- 5) التهذيب 5:411 الحديث 1431،الاستبصار 2:320 الحديث 1135،الوسائل 8:38 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:412 الحديث 1433،الاستبصار 2:321 الحديث 1137،الوسائل 8:122 الباب 6 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 4. [4]
7- 7) التهذيب 5:412،الاستبصار 2:321.

فأشبه ما لو لم يحجّ.

مسألة:من فقد الاستطاعة و هو صرورة،و تمكّن من الحجّ تطوّعا،جاز له ذلك

و يقع عن التطوّع

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1)،و مالك (2)، و الثوريّ،و إسحاق،و ابن المنذر (3).

و قال الشافعيّ:يقع عن حجّة الإسلام (4).و به قال ابن عمر،و أنس (5).و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّه نوى التطوّع و لم ينو الفرض،فلا يقع عن الفرض؛لقوله عليه السلام:

«إنّما الأعمال بالنيّات.و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (7).

و لأنّها عبادة تنقسم نفلا و فرضا،فجاز إيقاع نفلها قبل فرضها،كالصلاة.

و لأنّه زمان لا يجب عليه الفرض فيه،فجاز إيقاع النفل،كما بعد الحجّ.

احتجّ المخالف:بأنّه أحرم بالحجّ و عليه فرضه،فوجب أن يقع عن فرضه،كما

ص:115


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:151،بدائع الصنائع 2:121،المغني 3:202.
2- 2) المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:34.
3- 3) المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209.
4- 4) الأمّ 2:122،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:117،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 34،الميزان الكبرى 2:36،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:145.
5- 5) المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209.
6- 6) المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209،الكافي لابن قدامة 1:522،523، الإنصاف 3:417.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:202 الحديث 2201، [1]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413،سنن النسائيّ 1: 58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة ينظر: عوالي اللآلئ 1:11 الحديث 19 و 20 و [2]ص 191-192 الحديث 79 و 81،التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7. [3]

لو كان مطلقا (1).

و الجواب:بالمنع أوّلا من ثبوت الحكم في الأصل.و ثانيا بالفرق؛لأنّ النفل و الفرض متنافيان لا يمكن اجتماعهما،فنيّة أحدهما لا تجامع نيّة الآخر و لا فعله؛ لوقوع الفعل بحسب النيّة،بخلاف المطلق و الفرض،فإنّ الفرض مركّب عن المطلق و قيد الخصوصيّة،فنيّته لا تنافي نيّة الفرض.

مسألة:و لو نوى فاقد الاستطاعة حجّا منذورا عليه،أجزأه عن النذر عندنا

.

و قال الشافعيّ:يقع عن حجّة الإسلام (2).

لنا:ما تقدّم من قوله عليه السلام:«الأعمال بالنيّات» (3)و قد مضى البحث فيه.

و كذا الخلاف لو مات و عليه حجّة الإسلام و أخرى المنذورة،فاستوجر رجل ليحجّ عنه الحجّة المنذورة،فأحرم بها،وقع عن النذر عندنا،و عند الشافعيّ:عن حجّة الإسلام (4).

و لو كان عليه حجّة منذورة،فأحرم بحجّة التطوّع قال الشافعيّ:وقع عن المنذورة (5).و عندي في ذلك تردّد،و الوجه:أنّ النذر إن تعلّق بزمان معيّن،لم يجز إيقاع التطوّع فيه،فإن أوقعه بنيّة التطوّع،بطل،و لم يجزئ المنذورة،لعدم القصد.

و إن لم يتعلّق بزمان معيّن،لم يقع عن المنذورة أيضا؛لعدم القصد.و هل يقع تطوّعا؟فيه إشكال.

ص:116


1- 1المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209،المجموع 7:117.
2- 2) الأمّ 2:131،المهذّب للشيرازيّ 1:200،المجموع 7:119 و 138،فتح العزيز بهامش المجموع 7:35.
3- 3) يراجع:ص 115. [1]
4- 4) الأمّ 2:131،المهذّب للشيرازيّ 1:200.
5- 5) حلية العلماء 3:249،المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:209.
مسألة:قد بيّنّا التردّد في جواز نيابة الصبيّ ،أمّا العبد المأذون له،فإنّه تجوز

نيابته عن الحرّ

(1)

،خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:أنّ الحجّ غير واجب عليهما،فجاز أن ينوب عن غيره،كمن حجّ حجّة الإسلام،و كالصرورة العاجز.

احتجّ المخالف:بأنّه لم يسقط فرض الحجّ عن نفسه،فلم يجز له أن ينوب عن غيره،كالحرّ (3).

و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ الحجّ غير واجب عليه (4)،و الإسقاط إنّما يكون بعد الثبوت،هذا في الحجّ الواجب.

أمّا التطوّع:فالمانعون هناك جوّزوا النيابة هنا (5)؛لأنّه من أهل التطوّع دون الفرض،و لا يمكن أن تقع الحجّة التي مات فيها عن فرضه؛لأنّه ليس من أهله، فتثبت لمن فعلت عنه.و حينئذ لا يلزمه ردّ ما أخذ منه،كالحرّ إذا حجّ عن نفسه ثمّ استوجر.

مسألة:لا تجوز النيابة عن المخالف في الاعتقاد إلاّ أن يكون أبا للنائب

،قاله الشيخان رحمهما اللّه (6).

و الدليل إنّما ينهض في الناصب؛لأنّه كافر،و نعني به:من يظهر العداوة

ص:117


1- 1يراجع:ص 107.
2- 2) المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:210.
3- 3) الأمّ 2:127،المغني 3:202،الشرح الكبير بهامش المغني 3:210.
4- 4) يراجع:الجزء العاشر:62.
5- 5) المجموع 7:114،فتح العزيز بهامش المجموع 7:40.
6- 6) الشيخ المفيد،نقل عنه المحقّق في المعتبر 2:766،و [1]الشيخ الطوسيّ،ينظر:المبسوط 1:326، [2]النهاية:280.

و الشنآن (1)لأمير المؤمنين عليه السلام و الأئمّة عليهم السلام من بعده،و ينسبهم إلى ما يقدح في العدالة،كالخوارج و من ضارعهم.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن وهب بن عبد ربّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:أ يحجّ الرجل[عن] (2)الناصب؟فقال:«لا»قلت:فإن كان أبي؟ فقال:«إن كان أبوك (3)فنعم» (4).

أمّا المخالف الذي لا عناد عنده و لا بغضة (5)لأهل البيت عليهم السلام،ففيه إشكال؛للإجماع على أنّ عباداته التي فعلها مجزئة عنه،إلاّ الزكاة.

أمّا ابن إدريس-رحمه اللّه-فإنّه منع من النيابة عن المخالف مطلقا،سواء كان أب النائب أو أجنبيّا،و ادّعى عليه الإجماع،و أنّ استثناء الشيخ-رحمه اللّه-الأب لرواية شاذّة لا يعمل عليها (6).و نحن لا نحقّق الإجماع هنا،و لم نظفر في المنع بأكثر من هذه الرواية،فإن كانت شاذّة فالاستثناء و المستثنى منه ممنوعان،و ينبغي الجواز؛عملا بالأصل و إن كان معمولا بها،و كيف سلم أحد الحكمين اللذين اشتملت الرواية عليهما دون الآخر!و هل هذا إلاّ تحكّم محض؟!

مسألة:و يشترط في النيابة نيّة النائب عن المنوب عنه بالنيّة أو الذكر

؛لأنّه فعل يحتمل وجوها،و صرفه إلى الفاعل أقرب،فلا بدّ من مخصّص؛لأنّه لا ينصرف فعل النائب إلى المنوب عنه إلاّ كذلك.

ص:118


1- 1شنئته شنئا و شنآنا-بفتح النون و سكونها-:أبغضته.المصباح المنير:324. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) «أبوك»مرفوع على تقدير:كان أبوك ناصبا.و في المصدر:«أباك».
4- 4) التهذيب 5:414 الحديث 1441،الوسائل 8:135 الباب 20 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [2]
5- 5) البغضة-بالكسر-و البغضاء:شدّة البغض.المصباح المنير:56. [3]
6- 6) السرائر:149.

و يستحبّ له أن يذكره في المواقف كلّها باللفظ.

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:قلت له:ما يجب على الذي يحجّ عن الرجل؟قال:«يسمّيه في المواطن و المواقف» (1).

و هذا على جهة الأفضل دون الوجوب و إن أجاب عليه السلام عن الوجوب في لفظ السائل تأكيدا للاستحباب؛عملا بالأصل،و بما رواه عن مثنّى بن عبد السلام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يحجّ عن الإنسان يذكره في جميع المواطن كلّها؟قال:«إن شاء فعل و إن شاء لم يفعل،اللّه يعلم أنّه قد حجّ عنه، و لكن يذكره عند الأضحيّة إذا ذبحها» (2).

و يستحبّ له إذا أحرم عنه أن يقول:ما رواه الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:الرجل يحجّ عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس، هل ينبغي له أن يتكلّم بشيء؟قال:«نعم،يقول بعد ما يحرم:اللّهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدّة أو بلاء أو سغب فأجر فلانا فيه و أجرني في قضائي عنه» (3).

مسألة:لا يجوز الحجّ و العمرة عن حيّ إلاّ بإذنه،سواء كان الحجّ فرضا أو

نفلا

؛لأنّها عبادة تدخلها النيابة،فلم تجز عن الحيّ المكلّف إلاّ بإذنه،كالزكاة.

و تجوز عن الميّت مطلقا؛لأنّ الإذن في طرفه ممتنع،فلو وقف مطلق النيابة

ص:119


1- 1التهذيب 5:418 الحديث 1453،الاستبصار 2:324 الحديث 1148،الوسائل 8:131 الباب 16 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:419 الحديث 1454،الاستبصار 2:324 الحديث 1149،الوسائل 8:132 الباب 16 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:418 الحديث 1452،الاستبصار 2:324 الحديث 1147،الوسائل 8:131 الباب 16 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [3]

على الإذن،لبطل الحجّ عن الميّت،لكنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الخثعميّة بالحجّ عن والدها الميّت (1)،و إذا (2)كان في حجّة الإسلام جائزا كان في النفل أولى.

و لأنّ ما جاز فعله في طرف الميّت من فرض،جاز من نفل،كالصدقة،فحينئذ كلّما يفعله النائب عن المنوب ممّا لم يؤمر به،فإنّه يصحّ في طرف الميّت دون الحيّ و يقع عمّن فعله تطوّعا.

و لو كان عليه حجّة الإسلام،لم يجز عنه على ما سلف (3)،و إنّما يحصل له ثواب الحجّ؛لأنّه لمّا تعذّر وقوعه عن المنوب (4)عنه وقع عن نفسه.

مسألة:من استأجر غيره ليحجّ عنه حجّة الإسلام فمات النائب،فإن كان بعد

الإحرام و دخول الحرم،أجزأ عن المنوب عنه

،و إن كان قبل ذلك،لم يجزئ، اختاره في النهاية و التهذيب (5).

و قال في الخلاف:إن مات بعد الإحرام (6)،أجزأ عن المنوب عنه،و إلاّ فلا (7).

و اقتصر الشيخ هاهنا على الإحرام و اكتفى به في براءة الذمّة،و هو اختيار

ص:120


1- 1صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928،سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:118،سنن الدارميّ 2:40،الموطّأ 1:359 الحديث 97،مسند أحمد 1:219،سنن البيهقيّ 4: 328-329.
2- 2) بعض النسخ:و إن،مكان:و إذا.
3- 3) يراجع:ص 102.
4- 4) أكثر النسخ:المنويّ،مكان:المنوب.
5- 5) النهاية:278، [1]التهذيب 5:417.
6- 6) خا و ق بزيادة:و دخول الحرم.
7- 7) الخلاف 1:476 مسألة-243 و 244.

ابن إدريس (1).

أمّا الشافعيّة فقالوا:إن مات قبل الإحرام،لم يجب له شيء من الأجرة و لم يجزئ عن المنوب عنه،نصّ عليه الشافعيّ.و إن مات بعد الإحرام و الإتيان بأركان الحجّ أجمع و إنّما بقي عليه الرمي و المبيت أيّام منى،ففيه قولان.و إن مات قبل أن يفعل شيئا من الأركان ردّ،و إن كان بعد فعل بعضها،فقولان (2).

لنا:أنّ الحجّ ثابت في الذمّة بيقين،فلا يسقط عنها إلاّ بالإتيان بأركانه و إكمال أفعاله بمقتضى الدليل،تركناه في صورة الإتيان بالإحرام و دخول الحرم لإجماع علمائنا،فيبقى الباقي على الأصل.

و أيضا روى الشيخ-في الصحيح-عن بريد بن معاوية،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل خرج حاجّا و معه جمل و نفقة و زاد،فمات في الطريق،فقال:

إن كان صرورة فمات في الحرم،فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام» (3).

فنقول ثبت الإجزاء في حقّ المكلّف نفسه فكذا في النائب؛لأنّ فعله كفعل المنوب عنه.و لأنّ الحجّ واجب في الموضعين بالسويّة،فيتساويان في المبرئ.

و أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجّة فيعطى رجل دراهم ليحجّ بها عنه فيموت قبل أن يحجّ،قال:«إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن يقضي مناسكه فإنّه يجزئ عن الأوّل» (4).

ص:121


1- 1السرائر:148.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:406،المجموع 7:135-136.
3- 3) التهذيب 5:407 الحديث 1416،الوسائل 8:47 الباب 26 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 5:417 الحديث 1450،الوسائل 8:130 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [2]
مسألة:لو مات بعد الإحرام و دخول الحرم فقد قلنا:إنّه يجزئ عن المنوب

عنه

،فيخرج عن العهدة،فلا يجب على الورثة ردّ شيء من الأجرة؛لأنّه قد فعل ما أبرأ ذمّة المنوب عنه،فكان كما لو أكمل الحجّ.

و لو مات قبل أن يدخل الحرم فهل يستحقّ المستأجر شيئا من الأجرة أم لا؟ تردّد الشيخ-رحمه اللّه-فيه،فتارة يقول:تستعاد الأجرة منه بكمالها؛لأنّها استحقّت في مقابلة أفعال الحجّ،و لم يفعل منها شيئا.

و تارة قال:يستحقّ من الأجرة بقدر ما عمل و يستعاد ما بقي؛لأنّه كما استؤجر على أفعال الحجّ استؤجر على قطع المسافة (1)،و قوّى الأخير،و اختاره ابن إدريس ثمّ رجع عنه إلى الأوّل (2).

أمّا الشافعيّة فقالوا:إن مات قبل الإحرام،لم يجب له شيء من الأجر.

و استفتي الصير فيّ و أبو سعيد الإصطخريّ في عام القرامطة و قد حصر الناس، فأفتيا أنّ لكلّ أجير بقدر ما عمله،فقال بعض الشافعيّة:إنّما أوجباه رضخا؛لما رأياه من المصلحة (3).

و منهم من قال:إنّها أجرة؛لأنّ المسافة لا بدّ منها ليتوصّل بها إلى النسك، و يجب عليه فعلها و قد يلزمه المئونة الكبيرة (4)إذا قصد ذلك من المواضع المتباعدة (5).

ص:122


1- 1قال في المبسوط 1:323،و [1]الخلاف 1:476 مسألة-243 باستعادة الأجرة،و قال في النهاية: 278 بالاستحقاق بمقدار عمله.
2- 2) السرائر:148.
3- 3) حلية العلماء 5:422،المهذّب للشيرازيّ 1:407،المجموع 7:136-137،فتح العزيز بهامش المجموع 7:72،الحاوي الكبير 4:272.
4- 4) د و خا:الكثيرة.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:407،المجموع 7:137،فتح العزيز بهامش المجموع 7:72.

و ردّ عليهم الأوّلون بأنّ الأجرة إنّما تقابل المقصود بها و الأفعال الواقعة عن المستأجر،و أمّا التسبّب إلى ذلك فلا،كما لو استأجره للبناء أو الحفر فقرّب إليه آلتهما (1)و لم يبن و لم يحفر،فإنّه لا يجب له من الأجرة شيء.

و إن مات بعد إكمال الأركان و بقي عليه الرمي و المبيت،فإنّه يلزمه الجبران، و هل يسقط شيء من الأجرة بقدر ما ترك؟فيه طريقان:أحدهما:يجب قولا واحدا.و الثاني:قولان.

و لو مات بعد أن فعل ركني الإحرام و الوقوف و بقي عليه الطواف و السعي فهل يستحقّ شيئا من الأجرة؟اختلف قول الشافعيّ فيه على قولين:

أحدهما:يستحقّ الأجرة؛لأنّه استأجره لعمل معلوم فعمل بعضه فاستحقّ بقدر ما عمل،كما لو استأجره لبناء عشرة أذرع فعمل بعضها.

و الثاني:لا يستحقّ شيئا؛لأنّ ما أتى به لا يسقط عنه الفرض،فلا يستحقّ به أجرة،كمن استأجر رجلا ليردّ عبده الآبق،فردّه إلى بعض الطريق ثمّ هرب منه، بخلاف ما إذا عمل بعض البناء؛لانتفاعه به.

و هذا ليس بجيّد؛لأنّ لأولئك أن يقولوا:إن قلنا بالبناء،فقد حصلت الفائدة بالعمل،و هو سقوط الأفعال المتقدّمة و إن لم نقل به،فقد حصلت فائدة الثواب.

قالوا:فإن قلنا:لا أجرة،فلا بحث،و إن أوجبنا الأجرة فهل تقسّط الأجرة على أفعال الإحرام أو على ذلك مع مسيره؟اختلفوا:فقال بعضهم:تقسّط على العمل و المسير و إن كان المسير بانفراده لا تقسّط عليه؛لأنّه هنا تابع للأفعال و يجوز أن يتناول العقد شيئا على وجه التبعيّة لغيره و إن كان لو انفرد لم يصحّ،كأساس الحائط،فإنّه يصحّ بيعه مع الدار تبعا و إن لم يصحّ بانفراده،و كذا طيّ الآبار.

ص:123


1- 1آل ور:آلتها.

و منهم من قال:تقسّط على الأعمال؛لأنّها المقصودة،بخلاف التسبّب إليها، و لو قابله عوض،لكان إذا انفرد تعلّق به عوضه.

و قال أبو العبّاس:ليست على قولين،بل الموضع الذي قال فيه بالتقسيط على العمل خاصّة إنّما هو فيما إذا استأجره ليحصل له حجّة و لم يعيّن له المسير من بلده.

و الموضع الذي قال:تقسّط على السير (1)فيما إذا استأجره ليحصل له حجّة من بلده.

ثمّ اختلف قول الشافعيّ:فقال في الجديد:لا يبني على ما فعله الميّت،بل يستأنف؛لأنّها عبادة يتعلّق أوّلها بآخرها،فلا يصحّ البناء عليه (2)،كالصوم و الصلاة.و لأنّه لو جاز ذلك،لجاز أن يستأجر ابتداءً شخصين يفعلان الحجّ.

و قال في القديم:يبني عليه،فإنّ المقصود وجود الأفعال،فإنّ الصبيّ يحرم عنه وليّه،و يأتي هو بما يتمكّن من الأفعال،و يأتي الوليّ بالباقي.

ثمّ فرّع أصحابه على قوليه فقالوا:إن قلنا بالجديد،فإن كانت الإجارة معيّنة بفعله،بطلت و ردّ الأجرة على ما ذكرناه،و إن كانت في الذمّة،فإن كان وقت الحجّ باقيا،بأن يموت قبل فوات الوقوف،استأجر ورثته من يحجّ في هذه السنة عن المستأجر،فإن كان قد مات قبل وقت الوقوف،فإنّ الحجّ يتأخّر إلى السنة الثانية، فإن اختار المستأجر فسخ الإجارة،فعل؛لتأخّرها عنه،و إن اختار إقرارها، استؤجر عنه في السنة الثانية من يحجّ عنه من مال المورّث.

و إن قلنا بقوله القديم،فإن كانت الإجارة معيّنة،فسدت بموته و يكون المتولّي لإتمامها المستأجر فيستأجر من يتمّها،و إن كان قبل الوقوف،استأجر من يحرم

ص:124


1- 1د:المسير.
2- 2) أكثر النسخ:عليها.

عنه من مكانه و يقف،و لا يجب الدم؛لأنّه بنى (1)على إحرام أتي به من الميقات، و سقوط الدم هو الفرق هنا بين القولين،فإنّ على قوله الجديد إذا أحرم من مكانه، وجب الدم؛لأنّ الإحرام لزم عنه من الميقات،و إن مات بعد الوقوف فالمستأجر يستأجر من يكمل الحجّ على ما يأتي بيانه.

و إن كانت الإجارة في الذمّة،فإنّ ورثة الأجير يتمّون النسك،فإن كان مات قبل الوقوف،استأجروا من يحرم و يقف و يتمّ الحجّ،و إن كان بعد الوقوف فكذلك و إن كان وقت الوقوف باقيا و قد وقف الأوّل محرم و لا يقف و يأتي بالباقي.

إذا ثبت هذا:فإن كان وقت الوقوف باقيا فإنّ الثاني يحرم بالحجّ؛لأنّ وقت الحجّ باق،و إن كان قد فات زمان الوقوف،فقد فات وقت الحجّ فظاهر (2)قوله في القديم:إنّه يحرم بالحجّ،و اختلف أصحابه:فمنهم من قال:يحرم بالحجّ.

و قال أبو إسحاق:يحرم بالعمرة و يأتي بالطواف و السعي و لا يأتي بالرمي؛ لأنّه ليس في العمرة رمي.قال:لأنّ زمان الحجّ قد فات،و لا يجوز الإحرام بالحجّ قبل أشهره.

قال أبو حامد:القول الأوّل يضعّف لهذا الوجه،و ما قاله أبو إسحاق أفسد؛لأنّه يأتي بطواف العمرة و لا يقع عن الحجّ.

أجاب الأوّلون:بأنّ هذا الإحرام مبنيّ على إحرام ابتدأه في أشهر الحجّ،و إنّما لا يجوز ابتداء الإحرام في غير أشهر الحجّ.

و لأنّ هذا الإحرام تابع للأفعال،و هذه الأفعال الباقية تجوز في غير أشهر الحجّ،و يلزم أبا إسحاق أن يقول:إنّه إذا أحرم بالحجّ و وقت الوقوف باق أن يلزمه

ص:125


1- 1بعض النسخ:بناء،مكان:بنى.
2- 2) خا:و ظاهر.

الوقوف؛لأنّ إحرام الحجّ يوجب ذلك (1).و هذه الفروع كلّها ساقطة عندنا؛لأنّا قد بيّنّا أنّه إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم،أجزأ عن المنوب عنه فاستحقّ الأجرة بكمالها،و إن مات قبل ذلك،لم يجزئ عنه،و هل يستحقّ الآخر شيئا؟على ما تقدّم من التردّد (2)،و إنّما طوّلنا في هذا النقل عن الشافعيّة؛لما فيه من المباحث المفيدة.

مسألة:لو صدّ الأجير عن بعض الطريق،قال الشيخان-رحمهما اللّه-كان

عليه ممّا أخذ،بقدر نصيب ما بقي من الطريق

الذي يؤدّي فيها الحجّ إلاّ أن يضمن العود لأداء ما وجب (3).

و نحن نقول:إن كانت الإجارة وقعت على حجّة في الذمّة من غير تعيين الوقت،وجب عليه الإتيان بها مرّة ثانية،و لم يكن للمستأجر فسخ الإجارة،و كانت الأجرة بكمالها للأجير،و إن كانت معيّنة،فإنّه يرجع عليه بالمتخلّف،و لا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحجّ ثانيا،بل له أن يفسخ الإجارة و استأجر غيره (4)، و له أن يجيبه إلى ذلك؛لأنّ الإجارة إنّما وقعت مطلقة استحقّ المستأجر عليه العمل و لا يبرأ إلاّ به،و التقدير:أنّه غير متعيّن لوقت معيّن،فيجب عليه الإتيان في العام المقبل.

و لا يجوز للمستأجر فسخ العقد؛لأنّ الإجارة لازمة من الطرفين،و إذا وقعت معيّنة و لم يأت الموجر بها،كان للمستأجر فسخ العقد؛لأنّه إنّما تناول (5)السنة الأولى و لم يتناول غيرها،فلا يجب على المستأجر الإجارة،أمّا الرجوع بالمتخلّف

ص:126


1- 1ينظر لهذه الفروع كلّها:حلية العلماء 5:422،المهذّب للشيرازيّ 1:406،فتح العزيز بهامش المجموع 7:68-73،الحاوي الكبير 4:274،275.
2- 2) يراجع:ص 122. [1]
3- 3) الشيخ المفيد في المقنعة:69،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:278.
4- 4) ع:و استئجار غيره.
5- 5) ق و خا:يتناول.

فلأنّه لم يأت بالفعل بكماله،فلا يستحقّ كمال الأجرة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-قال:إذا أحصر الأجير،تحلّل بالهدي و لا قضاء عليه؛لأنّه لا دليل على وجوبه،و المستأجر على ما كان عليه،إن كان متطوّعا،كان بالخيار،و إن كان وجب عليه حجّة الإسلام،لزمه أن يستأجر من ينوب عنه،غير أنّه يلزم الأجير أن يردّ مقدار ما بقي من الطريق،أو يضمن الحجّ ممّا يستأنفه و يتولاّه بنفسه (1).

مسألة:إذا أحصر الأجير،جاز له التحلّل بالهدي

؛عملا بعموم الآية (2).و يقع ما فعله عن المستأجر؛لأنّه قصد الفعل له.

و قال بعض الشافعيّة:يقع عن المحصر (3).و هو الظاهر من قول الشيخ (4).

إذا ثبت هذا:فالدم عليه.

و لو لم يتحلّل و أقام على إحرامه حتّى فات الحجّ،تحلّل بعمرة،و لا يستحقّ الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلّل؛لأنّ تلك الأفعال لم يفعلها للمستأجر،بل ليتحلّل من إحرامه،و أمّا ما فعله قبل ذلك،فإنّه يستحقّ به الأجرة عندنا،و للشافعيّ قولان سلفا (5).

مسألة:لو أفسد الأجير حجّة النيابة،قال الشيخ-رحمه اللّه-:وجب عليه

قضاؤها عن نفسه و كانت الحجّة باقية عليه

،ثمّ ينظر فيها،فإن كانت الحجّة معيّنة، انفسخت الإجارة و لزم المستأجر أن يستأجر من ينوب عنه فيها،و إن لم تكن

ص:127


1- 1المبسوط 1:323. [1]
2- 2) البقرة(2):196.
3- 3) المجموع 7:137،فتح العزيز بهامش المجموع 7:73.
4- 4) المبسوط 1:323. [2]
5- 5) يراجع:ص 123. [3]

معيّنة بل تكون في الذمّة،لم تنفسخ،و عليه أن يأتي بحجّة أخرى في المستقبل عمّن استأجره بعد أن يقضي الحجّة التي أفسدها عن نفسه،و لم يكن للمستأجر فسخ هذه الإجارة عليه،و الحجّة الأولى فاسدة لا تجزئ عنه،و الثانية قضاها عن نفسه،و إنّما يقضي عن المستأجر بعد ذلك على ما بيّنّاه (1).هذا قوله-رحمه اللّه- في المبسوط (2).

و في الخلاف نحوه،قال:إذا أحرم الأجير انعقد عمّن أحرم عنه،فإن أفسد الأجير الحجّ،انقلب عن المستأجر إليه و صار محرما بحجّة عن نفسه فاسدة،فعليه قضاؤها عن نفسه و الحجّ باق عليه للمستأجر يلزمه أن يحجّ عنه فيما بعد إن كانت الحجّة في الذمّة،و لم يكن له فسخ هذه الإجارة؛لأنّه لا دليل على ذلك،فإن كانت معيّنة،انفسخت الإجارة،و كان على المستأجر أن يستأجر من ينوب عنه (3).

و نحن نقول:إن قلنا:إنّ من حجّ عن نفسه فأفسده،كانت الأولى حجّة الإسلام و الثانية عقوبة على ما اختاره الشيخ-رحمه اللّه-برئت ذمّة المستأجر بإكمالها و القضاء في القابل عقوبة على الأجير و لا تنفسخ الإجارة.و إن قلنا:الأولى فاسدة و الثانية قضاؤها (4)،لزم النائب الجميع و لا تجزئ عن المستأجر؛لأنّ الفاسدة لا تجزئ عنه،و لا العقوبة؛لأنّها على الجاني،و تستعاد منه الأجرة إن كانت الإجارة متعلّقة بزمان معيّن و قد فات،و إن كانت مطلقة،لم تبطل الإجارة و كان على الأجير الحجّ عن المستأجر بعد حجّ القضاء؛لأنّها تجب على الفور.

و لو قيل:الحجّة الثانية مجزئة؛لأنّها قضاء الحجّة الفاسدة،كما أجزأت عن

ص:128


1- 1يراجع:ص 126. [1]
2- 2) المبسوط 1:322. [2]
3- 3) الخلاف 1:475 مسألة-239.
4- 4) خا و ق:قضاء لها.

الحاجّ نفسه،كان وجها حسنا.

و يعضده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجّة فيعطى رجلا دراهم يحجّ بها عنه،فيموت قبل أن يحجّ،ثمّ أعطي الدراهم غيره؟قال:«إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن يقضي مناسكه،فإنّه يجزئ عن الأوّل»قلت:فإن ابتلي بشيء يفسد عليه حجّه حتّى يصير عليه الحجّ من قابل أ يجزئ عن الأوّل؟قال:«نعم»قلت:لأنّ الأجير ضامن؟قال:

«نعم» (1).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حجّ عن رجل فأخرج (2)في حجّه شيئا،يلزمه (3)فيه الحجّ أو كفّارة (4)؟قال:«هي عن الأوّل تامّة و على هذا فلا حرج (5)» (6).

و يمكن أن يوجّه كلام الشيخ-رحمه اللّه-بأنّه أتى بالحجّ على غير الوجه المأذون فيه؛لأنّه إنّما أذن له في حجّ صحيح فأتى بفاسد،فيقع عن الفاعل،كما لو أذن له في شراء عين بصفة،فاشتراها بغير تلك الصفة،فإنّ الشراء يقع له،دون الأوّل.

و إذا ثبت أنّه ينقلب إليه فنقول:إنّه قد أفسد حجّا و وقع عنه،فلزمه قضاؤه،

ص:129


1- 1التهذيب 5:417 الحديث 1450،الوسائل 8:130 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) في المصدر:فاجترح.
3- 3) كثير من النسخ:يلزم.
4- 4) في النسخ:و كفّارة،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) خا:فلا خرج،ق:فلا جرح،و في المصادر:ما اجترح.
6- 6) التهذيب 5:461 الحديث 1606،الوسائل 8:130 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]

و هذا الذي ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه-اختيار الشافعيّ (1)،و هو أيضا قويّ.

أمّا المزنيّ،فإنّه قال:لا قضاء عليه و لا على المستأجر و يقع (2)عن المستأجر، لأنّ الإحرام انعقد عن المستأجر و صار الأجير (3)نائبا فيه عنه،فلو قلنا:يكون عنه،لجوّزنا انعقاد الإحرام عن شخص و انقلابه إلى غيره،و إنّما قلنا بعدم وجوب القضاء،أمّا عليه؛فلأنّ الحجّ فسد على غيره،و أمّا على المستأجر؛فلأنّه لم يفسد شيئا،فسقط القضاء مطلقا (4).و هو ضعيف.

لأنّا نقول:يمكن انعقاده مراعى بإكماله،كما ينعقد صحيحا ثمّ ينقلب فاسدا، و كما يقع حجّ الصبيّ و العبد ندبا ثمّ ينقلب فرضا مع زوال عذرهما قبل الوقوف.

مسألة:إذا فعل الأجير شيئا تلزمه الكفّارة به من محظورات الإحرام،كانت

عليه في ماله من الصيد و اللباس و الطيب

؛لأنّها عقوبة على جناية صدرت عنه،أو ضمان في مقابلة إتلاف،فاختصّت بالجاني،و جرى مجرى الأجير إذا جنى على إنسان،فخرق ثوبه،لا يجب الأرش على مستأجره،كذا هاهنا.

مسألة:قد بيّنّا أنّ عقد الإجارة عن الحجّ صحيح و يستحقّ به الأجرة

(5).ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7).

ص:130


1- 1الأمّ 2:124،المهذّب للشيرازيّ 1:409،المجموع 7:124،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 66،الحاوي الكبير 4:271،272.
2- 2) خا و ق:و يتحقّق،مكان:و يقع.
3- 3) د:و صار أجيرا.
4- 4) المجموع 7:134،فتح العزيز بهامش المجموع 7:66،الحاوي الكبير 4:272.
5- 5) يراجع:ص 105. [1]
6- 6) بداية المجتهد 1:321،مقدّمات ابن رشد:626،بلغة السالك 1:265،المنتقى للباجيّ 2:271، المغني و الشرح الكبير 3:186.
7- 7) الأمّ 2:124،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المهذّب للشيرازيّ 1:398 و 406،المجموع 7: 139،فتح العزيز بهامش المجموع 7:49،مغني المحتاج 1:470.

و قال أبو حنيفة (1)،و أحمد:لا تنعقد (2)عليه الإجارة،بل يعطى رزقا (3).

لنا:أنّه عمل تدخله النيابة،فجاز عقد الإجارة عليه،كتفريق الصدقة و غيرها، أو أنّه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه،فجاز عقد الإجارة عليه،كتفريق الصدقة.

احتجّا:أنّه عمل من شرطه أن يكون فاعله من أهل القربة،فلا يجوز أخذ الأجرة عليه،كالصلاة و الصوم.

و جوابه:أنّه عكس (4)علينا.

إذا ثبت هذا:فنقول:للأجير أجرته و يقع الحجّ عن المستأجر.

مسألة :و يسقط به الفرض عنه،سواء كان حيّا أو ميّتا استأجر عنه وليّه

(5)

،و به قال الشافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة:لا تجوز الإجارة (7)على الحجّ،فإذا فعل،كانت الإجارة باطلة،فإن فعل الأجير و لبّى عن المستأجر،وقع الحجّ عن الأجير،و يكون للمكتري ثواب النفقة،فإن بقي مع الأجير شيء،كان عليه ردّه (8).

لنا:أنّ الأصل جواز الإجارة،فالمانع يحتاج إلى دليل،و إذا جازت الإجارة، وقع الحجّ عن المستأجر و استحقّ الأجير الأجرة.

ص:131


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:159،المغني 3:186،المجموع 7:139، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:49، [2]الحاوي الكبير 4:257.
2- 2) آل،ر،ع و ق:لا يعقد.
3- 3) المغني 3:187،الشرح الكبير بهامش المغني 3:186،الإنصاف 6:46،المجموع 7:139.
4- 4) خا و ق:انعكس،مكان:أنه عكس.
5- 5) لا توجد كلمة:مسألة في آل،ر و ع.
6- 6) الأمّ 2:125،المجموع 7:114،فتح العزيز بهامش المجموع 7:44.
7- 7) كثير من النسخ:الأجرة،مكان:الإجارة.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:158،بدائع الصنائع 4:191،الهداية للمرغينانيّ 3:240،شرح فتح القدير 8:39.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سمع رجلا يقول:لبّيك عن شبرمة،فقال:« ويحك،من شبرمة؟»قال:أخ لي أو صديق،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حجّ عن نفسك ثمّ حجّ عن شبرمة» (1).

فقوله:«حجّ عن شبرمة»يدلّ على الجواز،خلافا لأبي حنيفة.و كذا في خبر الخثعميّة أمرها بالحجّ عن أبيها (2).

مسألة:و لا تفتقر الإجارة إلى تعيين محلّ الإحرام،سواء كان الحجّ عن

حيّ أو ميّت

(3)(4)

،و سواء كان للبلد ميقاتان أو ميقات واحد،و للشافعيّ قولان:قال في الأمّ:إنّه شرط (5)،و نقله المزنيّ أيضا عنه (6).

و قال في الإملاء:إنّه ليس بشرط (7).

و اختلفت (8)الشافعيّة:فقال بعضهم:إنّها ليست على قولين و إنّما هي على اختلاف حالين و اختلفوا حينئذ:فقال بعضهم:الموضع الذي قال:إنّه شرط،إنّما هو إذا كان ميقات الشرع في بلده مختلف،فيكون بين ميقاتين مختلفين،و الذي قال:

ص:132


1- 1سنن أبي داود 2:162 الحديث 1811، [1]سنن ابن ماجة 2:969 الحديث 2903،سنن الدار قطنيّ 2:270 الحديث 157،سنن البيهقيّ 4:336.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928،سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:118،سنن الدارميّ 2:40،الموطّأ 1:359 الحديث 97،مسند أحمد 1:219،سنن البيهقيّ 4: 328-329.
3- 3) آل،ر و ع:تعيّن.
4- 4) كثير من النسخ:من،مكان:عن.
5- 5) الأمّ 2:124.
6- 6) المجموع 7:121.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:398،المجموع 7:121،فتح العزيز بهامش المجموع 7:51.
8- 8) بعض النسخ:و اختلف.

إنّه ليس بشرط،فيما إذا كان له ميقات واحد.

و قال آخرون:إنّما يشترط بيان موضع الإحرام إذا كان المحجوج عنه حيّا، فإنّ له اختيارا في ذلك،و الموضع الذي قال:لا يحتاج،إذا كان ميّتا؛لعدم اختياره.

و قال آخرون:بل له في المسألة قولان (1).

لنا:أنّ المواقيت معيّنة لوضع (2)الشرع لكلّ جهة،فلا يجوز الإحرام عندنا قبلها و لا بعدها،فاستغني عن التعيين،و انصرف الإطلاق إلى المعهود الشرعيّ،كما أنّه لا يحتاج إلى بيان موضع الوقوف و الطواف لعرف الشرع فيه،و كذا إذا أطلق المتبايعان الثمن و كان له عرف في العادة،فإنّه ينصرف الإطلاق إليه،كذلك هاهنا.

احتجّوا:بأنّ الغرض يختلف بذلك،و بحسب اختلافه تختلف الأجرة،فإنّه قد يتعلّق الغرض بالإحرام قبل الميقات،فيكون المعقود عليه مجهولا،فتبطل الإجارة مع عدم التعيين (3).

و الجواب:أنّه يبنى (4)على جواز الإحرام قبل الميقات،و قد بيّنّا امتناعه.

و يعضده:ما رواه ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«هذه المواقيت لأهلها و لكلّ آت أتى عليها من غير أهلها أراد حجّا أو عمرة» (5).و هو يتناول النائب،كما يتناول غيره.

ص:133


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:398،المجموع 7:121،فتح العزيز بهامش المجموع 7:51،الحاوي الكبير 4:259،260.
2- 2) خا و ق:بوضع.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:398،المجموع 7:121،فتح العزيز بهامش المجموع 7:51،الحاوي الكبير 4:259،260.
4- 4) آل،خا و ق:مبنيّ.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:166،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738، [1]سنن النسائيّ 5:124،سنن الدارميّ 2:30،مسند أحمد 1:252،سنن البيهقيّ 5:29.

إذا ثبت هذا:فلو شرط عليه أن يحرم من قبل الميقات،لم يلزمه ذلك-خلافا للشافعيّ (1)على ما مضى-و لو عيّن له دون الميقات،لم يصحّ؛لأنّه يجوز الميقات و هو غير محرم،و ذلك غير جائز.

أمّا الشافعيّ،فإنّه فرّع على عدم جواز الإطلاق:أنّه إن عيّن له الميقات أو قبله،صحّ و لزم،و إن عيّن دونه،لم يصحّ (2)؛لما قلناه.و إن أطلق،بطلت الإجارة، فإن حجّ،وقع عن المستأجر؛لأنّه حجّ عنه بإذنه و إن كانت الإجارة فاسدة،كما إذا و كلّه في بيع شيء أو شرائه وكالة فاسدة،فإنّ البيع صحيح للإذن،و يستحقّ أجرة المثل.

و إن وقّت له موضعا قبل الميقات،فأحرم دونه،فعندنا لا شيء عليه إذا كان إحرامه من الميقات؛لأنّ الشرط عندنا لا يصحّ.

و قال الشافعيّ:عليه دم إلاّ أن يعود إليه محرما،كما إذا ترك الميقات الشرعيّ و أحرم دونه (3).

و هو ضعيف؛لأنّ الميقات الشرعيّ تعيّن بوضع الشرع و هذا الذي عيّنه المستأجر لا يجوز الإحرام منه،فلا يجب عليه الدم.

فإن قالوا:إنّه لو نذر الإحرام من موضع بعينه،تعيّن.

قلنا:إن جوّزنا هذا النذر،كان تعيّنه لحقّ اللّه تعالى،و في مسألتنا يتعيّن لحقّ المستأجر.

ص:134


1- 1الأمّ 2:124،المهذّب للشيرازيّ 1:409،المجموع 7:130،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 59،الحاوي الكبير 4:260.
2- 2) المجموع 7:131، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:59، [2]الحاوي الكبير 4:260.
3- 3) الأمّ 2:124،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:409، المجموع 7:131،فتح العزيز بهامش المجموع 7:59،الحاوي الكبير 4:261.

إذا ثبت هذا:فلو نذر المستأجر أن يحجّ و يحرم من موضع بعينه،فإنّه يتعيّن عندنا ذلك على إشكال تقدّم،فلو عجز عن أداء هذا الحجّ،فالوجه:وجوب الاستنابة على هذه الهيئة،فيستأجر من يحرم عنه من ذلك الموضع،فلو أخّره الأجير،وجب عليه العود إن تمكّن،و إلاّ أحرم من حيث التمكّن.

قال الشافعيّ على أصله:لو عيّن له موضعا فأحرم بعده و لم يتمكّن من الرجوع،وجب الدم،و هل يردّ من الأجرة بقدره؟قولان:

أحدهما:لا يردّ شيئا؛لأنّه قد جبره بالدم،فصار ذلك كأنّه فعله،كما لو جنى على إحرامه لصيد أو طيب و كفّر،لم يردّ شيئا من الأجرة لنقصان الإحرام؛لأنّه قد جبره بالكفّارة.

و الثاني:يردّ؛لأنّه استأجره لعمل فأتى بدونه،و إخراج الدم لحقّ اللّه تعالى دون حقّ المستأجر،بخلاف الجناية،فإنّها لا تنقص شيئا من عمله،فلا يوجب سقوط شيء من الأجرة،و على هذا تقوّم أجرة الحجّ من الموضع المعيّن،و أجرته من الموضع الذي أحرم منه،و ينظر،كم نقص؟فيسقط بقدر جبره من الأجرة (1).

مسألة:لو استأجره ليحجّ عنه على طريق،فعدل عنها و حجّ على غير

بلد الطريق و أتى بأفعال الحجّ،أجزأه و استحقّ الأجرة

(2)(3)

؛لأنّه أتى بالمقصود من الأفعال و قطع المسافة لأجل الأفعال و قد حصل بالمسافة الأخرى،فيكون مجزئة، و لا يسقط من الأجرة شيء؛لأنّه لم يخلّ بأمر مقصود.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حريز بن عبد اللّه،قال:سألت

ص:135


1- 1الأمّ 2:124،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،حلية العلماء 3:271،المهذّب للشيرازيّ 1:409، المجموع 7:130،فتح العزيز بهامش المجموع 7:58.
2- 2) بعض النسخ:من غير.
3- 3) خا:هذا،ع:تلك،مكان:بلد.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أعطى رجلا حجّة يحجّ عنه من الكوفة،فحجّ عنه من البصرة،قال:«لا بأس،إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه» (1).

أمّا لو تعلّق بالمسافة المعيّنة غرض مقصود،و شرط المستأجر السفر بها،فعدل عنها الأجير،صحّ الحجّ و برئت ذمّتهما (2)،و يرجع المستأجر على الأجير بنسبة التفاوت من الطريق.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يرجع عليه بشيء (3).و فيه تردّد.

مسألة:و يجب على الأجير أن يأتي بالنوع الذي شرط عليه و استؤجر لفعله

، فإذا استأجره للتمتّع أو القران أو الإفراد،وجب عليه أن يأتي بالشرط (4)و لا يعدل إلى غيره،و هو منقول عن عليّ بن رئاب (5)منّا.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا استأجره للقران،فتمتّع،أجزأه،و إن أفرد،لم يجزئه،و لو استأجره للتمتّع،فقرن أو أفرد،لم يجزئه،و إن استأجره للإفراد،فتمتّع أو قرن أجزأه (6).

و قال الشافعيّ:إن استأجره للتمتّع فقرن أو أفرد،أجزأه (7)بناء منه على تفسيره للقران بما تقدّم (8).

ص:136


1- 1التهذيب 5:415 الحديث 1445،الوسائل 8:127 الباب 11 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) د:ذمّته منه،مكان:ذمّتهما.
3- 3) المبسوط 1:324.
4- 4) كثير من النسخ:بالمشترط.
5- 5) التهذيب 5:416 الحديث 1447،الوسائل 8:128 الباب 12 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2.
6- 6) المبسوط 1:324، [2]الخلاف 1:477 مسألة-247 و 248.
7- 7) الأمّ 2:125،المجموع 7:133،فتح العزيز بهامش المجموع 7:63،الحاوي الكبير 4:265.
8- 8) يراجع:الجزء العاشر:136 و 138.

و لو استأجره ليقرن،فتمتّع أو أفرد،صحّ.و كذا لو استأجره للإفراد،فتمتّع أو قرن،و تختلف هذه الصورة فيما يأتي.

فالحاصل:أنّه اجتزأ بالمأتيّ به و إن كان مخالفا.

لنا:أنّ عقد الإجارة وقع على حجّ معيّن،فيجب الإتيان به.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فاحتجّ على الاجتزاء بالتمتّع:بما رواه-في الصحيح- عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام في رجل أعطى رجلا دراهم يحجّ عنه حجّة مفردة،فيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟قال:«نعم،إنّما خالف إلى الفضل و الخير (1)» (2).

و الجواب:أنّه محمول على الحجّ المندوب؛إذ لو كان الحجّ واجبا،لتعيّن عليه صفته،كأصله،و لم يجز له العدول على ما تقدّم.

و قد روى الشيخ عن الحسن بن محبوب،عن عليّ (3)في رجل أعطى رجلا دراهم يحجّ بها عنه حجّة مفردة،قال:«ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ لا يخالف صاحب الدراهم» (4).

ص:137


1- 1د:«إلى الأفضل و الأخير».
2- 2) التهذيب 5:415 الحديث 1446،الاستبصار 2:323 الحديث 1145،الوسائل 8:128 الباب 12 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) ح بزيادة:عليه السلام،كما في الاستبصار،و هو سهو من النسّاخ،قال السيّد الخوئيّ في ترجمة عليّ:وقع بهذا العنوان في إسناد كثير من الروايات تبلغ مائة و ستّة و ثمانين موردا...فقد روى الشيخ بسنده عن الحسن بن محبوب عن عليّ في رجل أعطى رجلا،التهذيب 5 باب الزيادات في فقه الحجّ الحديث 1447،و الاستبصار الجزء 2 باب من أعطى غيره حجّة مفردة الحديث 1146،إلاّ أنّ فيه أيضا:عليّ عليه السلام،و لكن يظهر في بيان الشيخ في قوله:على أنّ الخبر الأخير موقوف غير مسند، زيادة كلمة عليه السلام في الاستبصار من النسّاخ.معجم رجال الحديث 11:197،200. [2]
4- 4) التهذيب 5:416 الحديث 1447،الاستبصار 2:323 الحديث 1146،الوسائل 8:128 الباب 12 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [3]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه فيه:أحد شيئين:

أحدهما:أن يكون مخيّرا جائزا له أيّ الحجّتين حجّ،و لا يجب عليه أحدهما دون الآخر،كما يجب عليه التمتّع إذا حجّ عن نفسه.

و الثاني:أن يكون الخبر الأخير مختصّا بمن كان فرضه الإفراد لم يجز له أن يحجّ عنه متمتّعا؛لأنّ ذلك لا يجزئ عنه.و الخبر الأوّل يكون متناولا لمن فرضه التمتّع،فإذا أعطى للإفراد و خولف إلى التمتّع الذي هو فرضه،أجزأ عنه،على أنّ الخبر الأخير موقوف،فلا يعارض الأخبار المسندة (1).و نحن قد بيّنّا ما عندنا في ذلك (2).

إذا عرفت هذا:فالذي نختاره:أنّه إن كان الحجّ عليه واجبا،فلا بدّ من تعيينه عليه،فيجب على الأجير متابعته في شرطه،و إن كان غير واجب عليه و علم من قصد المستأجر الإتيان بالأفضل و إن لم يضمنه العقد،فإنّه يجوز له العدول إلى الأفضل؛لأنّه كالمنطوق به.

مسألة:إذا استأجره ليأتي بنوع معيّن فأتى بغيره،فعلى قول الشيخ-رحمه اللّه-

إذا أتى بالتمتّع،كان له الأجرة

(3)؛لأنّه زاده على ما أمر به.و أمّا على ما اخترناه؛ فإن علم منه التخيير،فإنّه يستحقّ الأجرة بأيّ الأنواع أتى.

و إن لم يعلم منه ذلك،فإنّ الحجّ يقع عن المنوب عنه بنيّة النائب،و أمّا الأجرة ففي استحقاقها إشكال من حيث إنّه تبرّع بفعل ذلك النوع فلا يستحقّ به أجرا،كما لو عمل له عملا لم يأذن له فيه،بخلاف ما إذا علم من قصد التخيير،فإنّه حينئذ يقصد حجّا مطلقا لا معيّنا فاستحقّ الأجرة؛لأنّه بأيّ الأنواع أتى يكون قد فعل

ص:138


1- 1الاستبصار 2:323.
2- 2) المبسوط 1:324.
3- 3) المبسوط 1:324.

المأذون فيه؛لأنّ المعلوم من القصد كالمنطوق.هذا ما تلخّص لنا على رأينا.

أمّا الشافعيّ،فإنّه قال:إذا استأجره للتمتّع فقرن فقد زاده خيرا؛لأنّه أحرم بالحجّ من الميقات،و كان قد شرط عليه أن يحرم بالحجّ من مكّة-و هو بناء على أصله في تفسير القرآن-قال:و لا يلزمه ردّ شيء من الأجرة لما خفّ عنه من العمل بتداخل النسكين؛لأنّه مجزئ في الشرع عن العبادتين.

و لو استأجره للقران فأفرد،فإنّ الحجّ يجزئ عن المحجوج عنه،و يلزمه أن يردّ من الأجرة بقسط عمرة،و ليس له أن يأتي بعمرة بعد التحلّل من الحجّ؛لأنّه عيّن له وقت العمرة بأن يأتي بها في أشهر الحجّ،فإذا فات ذلك الوقت،كان عليه أن يردّ الأجرة.

قال:و لو استأجره ليقرن فتمتّع،فإنّه يقع النسكان عنه؛لأنّه أتى بهما و خالف قوله في الإحرام بالحجّ من مكّة،و قد أمره أن يحرم من الميقات إلاّ أنّه أفرد فعلي كلّ واحد من النسكين،فلا يستحقّ لهذه الزيادة شيئا؛لأنّ الفعل الواحد يقوم مقامها،و لهذا قلنا:لو أمره بالتمتّع فأتى بالقران،لم يسقط شيء من الأجرة (1).

و قال أبو حامد:يجب عليه دم؛لتركه الإحرام من الميقات،و يجب على المستأجر دم؛لأنّ القران الذي رضي به يتضمّنه (2).

قال أصحاب الشافعيّ:هذا يؤدّي إلى إيجاب الدمين عن شيء واحد؛لأنّ دم التمتّع جبران لترك الإحرام من الميقات (3).

مسألة:إذا أذن له في التمتّع فتمتّع،وجب على الأجير دم التمتّع

،قاله الشيخ

ص:139


1- 1ينظر لهذه الفروع:الأمّ 2:125،المجموع 7:132،133 و 139،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 63،الحاوي الكبير 4:267،المغني 3:190، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:191. [2]
2- 2) المجموع 7:133، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:63. [4]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:206،المجموع 7:133،فتح العزيز بهامش المجموع 7:63.

-رحمه اللّه (1)-لأنّه مضمون العقد.

و قال الشافعيّ:دم النسك يجب على المستأجر؛لأنّه رضي بوجوب الدم (2).

لنا:أنّه استأجره لإيقاع التمتّع المستلزم للدم،فكان (3)الدم على الأجير،كما لو استأجره للخياطة،وجب على الأجير إعداد الآلة.و لأنّ التمتّع وقع عن (4)الأجير مباشرة،فيجب عليه التمتّع؛لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5).

إذا ثبت هذا:فلو استأجره للتمتّع و شرط الهدي على المستأجر،صحّ و لزم؛ لأنّه شرط سائغ تضمّن عقدا لازما،فكان لازما.

أمّا الشافعيّ فإنّ الدم عنده على المستأجر،قال:و لو شرطه على الأجير،لم تصحّ الإجارة؛لأنّ ذلك في معنى بيع و إجارة و في ذلك قولان (6).إلاّ أنّه هاهنا يفسد قولا واحدا؛لأنّ المبيع فيها غير مضبوط بالصفة و لا متعيّن،و نحن نمنع كونه بيعا على ما يأتي.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو استأجره للقران،فقرن،كان هدي السياق الذي باعتباره يكون قارنا على الأجير أيضا؛لتضمّن الإجارة ذلك،و لو شرط الهدي على المستأجر،كان جائزا (7).

و قال الشافعيّ:الدم على المستأجر،و لو شرطه على الأجير،بطل العقد على

ص:140


1- 1المبسوط 1:324.
2- 2) الأمّ 2:125،المجموع 7:132،فتح العزيز بهامش المجموع 7:60.
3- 3) أكثر النسخ:و كان.
4- 4) أكثر النسخ:من،مكان:عن.
5- 5) البقرة(2):196. [1]
6- 6) المجموع 7:132،فتح العزيز بهامش المجموع 7:60.
7- 7) المبسوط 1:324. [2]

ما تقدّم (1).

و لو استأجره ليفرد فتمتّع أو قرن،فلزوم الهدي هاهنا للأجير أظهر؛لأنّ احتجاج الشافعيّ هناك لا يتأتّى هاهنا؛إذ (2)لم يأذن له في الدم.

مسألة:لو استأجره للحجّ من العراق مثلا فوصل الأجير الميقات،فأحرم عن

نفسه بالعمرة ثمّ فعل مناسكها و أحلّ،ثمّ حجّ عن المستأجر

،فإن كان قد خرج إلى الميقات الذي وقّته له و هو ميقات العراق،و أحرم منه للحجّ ثمّ فعل بقيّة المناسك، صحّ حجّه إجماعا؛لأنّه أتى بالمأمور به على وجهه،فكان مجزئا.

و إن لم يخرج إلى الميقات (3)و إنّما أحرم من مكّة،فإن كان إحرامه من مكّة لعدم تمكّنه من الخروج إلى الميقات،قال الشيخ-رحمه اللّه-:صحّ حجّه و لا يلزمه دم،و إن كان مع تمكّنه من الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه و أداء بقيّة المناسك، لم يجزئه (4).

و قال الشافعيّ:يصحّ حجّه مطلقا،سواء تمكّن من الرجوع إلى الميقات أو لم يتمكّن،و يجب عليه الدم؛لإخلاله بالإحرام من الميقات،و يجب عليه الدم في ماله،و يرجع عليه بقدر ما ترك ما بين الميقات و مكّة (5).

و قال أبو حنيفة و أصحابه:يردّ جميع الأجرة (6).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه استأجره على أن يحجّ من ميقات بلده،فإذا

ص:141


1- 1المجموع 7:132، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:60. [2]
2- 2) كثير من النسخ:إذا.
3- 3) خا و ق بزيادة:الذي وقّته و هو ميقات العراق و أحرم منه للحجّ.
4- 4) المبسوط 1:323، [3]الخلاف 1:477 مسألة-246.
5- 5) المجموع 7:128-129،فتح العزيز بهامش المجموع 7:54-55،المغني و الشرح الكبير 3: 190.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:155 و 156،شرح فتح القدير 3:73،المغني و الشرح الكبير 3:190.

حجّ من غيره،فقد فعل غير ما أمر به،و إجزاؤه عنه يحتاج إلى دليل،فأمّا مع التعذّر، فلا خلاف في إجزائه،و إيجاب الدم عليه يحتاج إلى دليل (1).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّه قد أتى بحجّ صحيح،و إنّما أخلّ بما يجبره الدم،فلا تسقط أجرته (2).

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه أدّى بالسفر غير المأمور به و فعل الحجّ من غير سفر (3).

و نحن ننازع الشيخ هاهنا و نقول:إن كان قد استأجره للحجّ مطلقا من غير تعيين الميقات و قد أتى به،فاستحقّ الأجرة مطلقا-كما قال الشافعيّ-اللهمّ إلاّ أن نقول:إنّ الاستئجار مطلقا ينصرف إلى الإحرام من العراق مثلا،فيكون حكمه حكم ما إذا عيّن الميقات،فنقول:إنّ تعيّن الميقات عندك ليس بشرط،بل ينصرف إلى أحد المواقيت الشرعيّة التي من جملتها مكّة،و كذا جوّزت العدول عن الطريق الذي شرط عليه سلوكها،فإن تضمّن الشرط الإحرام من ميقات أهل تلك الطريق، سلّمنا أنّ الميقات يتعيّن،لكنّا نقول:لم قلت:إنّه مع التعيين لا يجزئه الحجّ لو أخلّ به مع التمكّن؟و هل هذا إلاّ بمنزلة من استؤجر على عملين فعل أحدهما،فإنّه ينبغي أن يسقط من الأجرة بنسبة ما عمله؟سلّمنا،لكن ينبغي أن لا يجزئه و إن لم يتمكّن؛لأنّه فرّط بالإحرام من وقته مع تمكّنه من الإتيان به و صرفه إلى نفسه.

و الوجه عندي حينئذ:إجزاء الحجّ مطلقا و ردّ التفاوت-كما قال الشافعيّ (4)- إن عيّن له الميقات،و إلاّ فلا.

ص:142


1- 1الخلاف 1:477 مسألة-246.
2- 2) الأمّ 2:125،المهذّب للشيرازيّ 1:409،المجموع 7:130،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 58.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:155،شرح فتح القدير 3:73،المغني و الشرح الكبير 3:190.
4- 4) الأمّ 2:125،المهذّب للشيرازيّ 1:409،المجموع 7:129،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 54.

أمّا كلام أبي حنيفة فهو ضعيف؛لأنّ الواجب عليه الحجّ و قد فعله.

إذا عرفت هذا:ففي ردّ التفاوت حينئذ إشكال من وجهين:

أحدهما:أن يقال:حجّة من العراق أحرم بها من الميقات،كم يستحقّ الفاعل؟ فإذا قيل:مائة،فيقال:حجّة من العراق أحرم بها من مكّة،كم يستحقّ الفاعل؟فإذا قيل:تسعين،رجع المستأجر بالعشر.

الثاني:أن يقال:حجّة من العراق و حجّة من مكّة و يؤخذ من الأجرة بقدر التفاوت؛لأنّ سفره كان لنفسه.

و الأوّل:أقرب؛لأنّا لا نعلم أنّ سفره كان لنفسه.و لأنّه لو عاد إلى الميقات و أحرم منه،استحقّ جميع الأجرة.و لأنّ الأجرة وقعت على الأفعال و قد حصلت.

مسألة:الإجارة على الحجّ على ضربين:معيّنة و في الذمّة.
اشارة

فالمعيّنة:أن يقول له:استأجرتك لتحجّ عنّي بكذا و كذا،فهاهنا يتعيّن على الأجير فعلها مباشرة،و لا يجوز له أن يستنيب غيره؛لأنّ الإجارة وقعت على فعله بنفسه،و لو قال:على أن تحجّ عنّي بنفسك،كان تأكيدا؛لأنّ إضافة الفعل إليه في الصورة الأولى تكفي في ذلك.

فلو استأجر النائب غيره،لم تنعقد الأجرة،و لو استعان بغيره في الحجّ عن المستأجر،صحّ الحجّ عنه و لم يستحقّ الحاجّ أجرة و لا المستأجر الأوّل.

و أمّا التي في الذمّة:بأن يستأجره ليحصل له حجّة،فيقول:استأجرتك لتحصل لي حجّة و يكون قصده تحصيل النيابة مطلقا،سواء كانت الحجّة الصادرة عنه من الأجير أو من غيره،فإنّ هذا صحيح و يجوز للأجير أن يستنيب فيها؛لأنّه كالمأذون له في فعل ما استؤجر فيه لغيره،و كان ذلك كما لو صرّح له بالاستنابة.

ص:143

و يدلّ عليه:ما رواه عمر بن عيسى (1)عن الرضا عليه السلام،قال:قلت:ما تقول في الرجل يعطى الحجّة فيدفعها إلى غيره؟قال:«لا بأس» (2).و لا يجوز صرف هذه الرواية إلى المعيّنة.

و لأنّه فعل ما شرط عليه،فاستحقّ الأجرة،كما لو باشر الفعل.

فرع:

لو أمره بالاستئجار،لم يكن له أن يحجّ عن نفسه

؛لأنّه غير ما أذن له فيه.

مسألة:إذا استأجره ليحجّ عنه،فإن عيّن السنة المتّصلة بالعقد،صحّ إجماعا

بشرط أن يكون الأجير متمكّنا من التلبّس بالإحرام في أشهر الحجّ،أمّا لو لم يتمكّن من الإتيان به في تلك السنة،فإنّه يكون باطلا،كمن استأجر غيره و هو بالعراق في مستهلّ (3)ذي الحجّة ليحجّ عنه في تلك السنة،فإنّه يتعذّر على الأجير فعله فيه،فتنفسخ الإجارة؛لأنّه عقد على ما لا يمكن فعله؛إذ لا يصحّ شرعا.

أمّا لو استأجره و هو متمكّن من الإتيان بها في تلك السنة،فإنّه تصحّ الإجارة، سواء وقع العقد في أشهر الحجّ أو في غير أشهره،و إذا عقد في غير أشهر الحجّ، فسواء أمكنه الشروع في أشهر الحجّ،أو احتاج إلى التقدّم بالشروع،بأن تكون البلاد القاصية،أو استأجره ماشيا و يكون المشاة يخرجون قبل أشهر الحجّ.

ص:144


1- 1كذا في النسخ،و في المصادر:عثمان بن عيسى و هو الصحيح،قال السيّد الخوئيّ في ترجمة عمر بن عيسى:روى عن سماعة و روى عنه الحسين بن سعيد في التهذيب 7:54 الحديث 233،ثمّ قال:كذا في الطبعة القديمة على نسخة،و في نسخة أخرى منه:عثمان بن عيسى،و هو الصحيح الموافق للوافي و الوسائل بقرينة سائر الروايات،معجم رجال الحديث 13:56. [1]
2- 2) الكافي 4:309 الحديث 2، [2]التهذيب 5:417 الحديث 1449،الوسائل 8:129 الباب 14 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [3]
3- 3) د:شهر،مكان:مستهلّ.

و قال الشافعيّ:لا يجوز أن يقع في غير أشهر الحجّ إلاّ مع الاحتياج إلى التلبّس بالسعي قبل أشهره،كالبعيد و الماشي؛لأنّ العقد من شرطه إيصاله بالعمل؛ لأنّه يفتقر إلى إمكان التسليم،أو التسبّب إليه في الحال (1).

و نحن نمنع ذلك على ما يأتي في باب الإجارة إن شاء اللّه تعالى.

إذا ثبت هذا:فإن فعل الأجير الحجّ في السنة المعيّنة،برئت ذمّته،و إن لم يفعل، بطلت الإجارة؛لأنّها تعيّنت بهذه السنة و لم يفعله فيها،فيبطل،كما لو استأجر دارا شهرا معيّنا فلم يسلّمها حتّى فات الشهر.

مسألة:و لو استأجره مطلقا،بأن يقول:أستأجرك لتحجّ عنّي و لم يعيّن زمانا،

فإنّه يصحّ

؛لأنّها إجارة على فعل معلوم،فكانت (2)صحيحة.

إذا ثبت هذا:فإنّها تقتضي التعجيل و الإتيان بها على الفور،فلو أخّرها الأجير لم تنفسخ الإجارة؛لأنّها وقعت في الذمّة،فلا تبطل بالتأخير،و ليس للمستأجر الفسخ مع التأخير،سواء قبض الأجير مال الإجارة أو لم يقبضها،و سواء كان المستأجر حيّا معضوبا أو وصيّ ميّت.

و قال بعض الشافعيّة:إن كان المستأجر وصيّ ميّت،أو حيّا كما عن ميّت،أو وارثه،لم يكن له الفسخ؛لأنّه لا منفعة له في فسخه،لأنّه لا يجوز له التصرّف في الأجرة.و إن كان المستأجر حيّا معضوبا،جاز له الفسخ؛لأنّه ينتفع بالأجرة و يتصرّف فيها إلى السنة القابلة (3).

ص:145


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:400،المجموع 7:120،فتح العزيز بهامش المجموع 7:49،مغني المحتاج 1:470.
2- 2) أكثر النسخ:و كانت.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:399،المجموع 7:126 و 128،فتح العزيز بهامش المجموع 7:53، الحاوي الكبير 4:269.

و ليس بمعتمد؛لأنّه عقد صحيح لازم من الطرفين،فتجدّد الفسخ يحتاج إلى دليل و لم يثبت،و ليس جواز الفسخ لنفع المستأجر أولى من عدمه بعد لزومه و ملك الإجارة لنفع الأجير.

إذا ثبت هذا:فإنّ الأجير يجب عليه الإتيان بالحجّ في أوّل أوقات الإمكان، فإذا أحرم في السنة الثانية عن المستأجر،صحّ حجّه عمّن استأجره.

أمّا لو عيّن له سنة بعد سنة الإجارة،فإنّه يصحّ عندنا،كمن يستأجر غيره ليحجّ عنه في العام الثاني أو الثالث،خلافا للشافعيّ على ما يأتي.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا أخذ الأجير حجّة عن غيره،لم يكن له أن

يأخذ حجّة أخرى حتّى يقضي التي أخذها

(1).

و نحن نقول:إن استأجره الأوّل لسنة معيّنة،لم يكن له أن يؤجر نفسه بغيره تلك السنة بعينها؛لأنّ فعله صار مستحقّا للأوّل،فلا يجوز صرفه إلى غيره.

و إن استأجره الأوّل مطلقا،فإن استأجره الثاني للسنة الأولى،ففي صحّة الإجارة نظر،أقربه:عدم الجواز؛لأنّه و إن كانت الإجارة الأولى غير معيّنة بزمان، لكن يجب إتيانها في السنة الأولى،فلا يجوز حينئذ صرف العمل فيها إلى غيره،و إن استأجره للسنة الثانية أو مطلقا،جاز.

و لو استأجره الأوّل لسنة ثالثة،جاز للثاني أن يستأجره مطلقا و أن يستأجره للسنة الأولى؛عملا بالأصل السالم عن معارضة تصادم العقدين في سنة واحدة.

مسألة:لا يجوز لحاضر مكّة المتمكّن من الطواف الاستنابة فيه

؛لأنّه عبادة بدنيّة يمكن الإتيان بها مباشرة،فلا يجوز الاستنابة فيها،كالحجّ.

و لو كان غائبا،جاز له أن يستنيب فيه؛لأنّه حينئذ غير متمكّن من الطواف،

ص:146


1- 1المبسوط 1:326، [1]النهاية:278. [2]

فكان كالعاجز عن الحجّ.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي نجران،عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:الرجل يطوف عن الرجل و هما مقيمان بمكّة؟ قال:«لا،و لكن يطوف عن الرجل و هو غائب»قلت:و كم قدر الغيبة؟قال:

«عشرة أميال» (1).

و كذا يجوز للحاضر غير المتمكّن من الطواف؛لعدم تمكّنه من الطهارة،بأن يكون مريضا لا يستمسك الطهارة فإنّه يطاف عنه،و لو استمسك،طيف به.

أمّا مع تمكّنه من الطهارة؛فلأنّه يمكن أن يطاف به،و ليس الطواف ماشيا شرطا،فإنّ الراكب يجوز طوافه،كالماشي،و قد طاف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله راكبا ناقته،و لا فرق بين أن يكون الحامل إنسانا أو غيره.

و يدلّ عليه:ما تقدّم في حديث محمّد بن الهيثم التميميّ عن أبيه:قد حملت زوجتي في شقّ المحمل،أنا في جانب و الخادم في جانب،و طفت بها طواف الفريضة و اعتددت به لنفسي ثمّ عرضت (2)ذلك على أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال:

«[قد] (3)أجزأ عنك» (4).

أمّا المبطون،فإنّه يطاف عنه؛لعدم تمكّنه من الطهارة،و كذا المغمى عليه؛لعدم تمكّنه منها و من النيّة المشترطة في الطواف؛لما تقدّم (5).

و لما رواه حريز بن عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المريض

ص:147


1- 1التهذيب 5:419 الحديث 1455،الوسائل 8:134 الباب 18 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:أعرضت،و في المصدر:ثمّ لقيت أبا عبد اللّه عليه السلام،فوصفت له ما صنعته.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:398 الحديث 1385،الوسائل 9:459 الباب 50 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
5- 5) يراجع:الجزء العاشر:383.

و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه» (1).

و في رواية معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الكبير يحمل و يطاف به،و المبطون يرمى عنه و يطاف عنه» (2)و قد سلف البحث في ذلك (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الأجير يملك الأجرة بالعقد

(4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ له أن يعيد فاضل الأجرة عن مئونته؛ليكون قصده بالحجّ القربة لا العوض (5)،و ليس ذلك بلازم؛لما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قلت:أعطيت الرجل دراهم يحجّ بها عنّي،ففضل منها شيء فلم يردّه عليّ،قال:«هو له و لعلّه ضيّق على نفسه» (6).

و عن محمّد بن عبد اللّه (7)القمّيّ (8)،عن الرضا عليه السلام،قال:سألته

ص:148


1- 1التهذيب 5:123 الحديث 403،الاستبصار 2:226 الحديث 779،الوسائل 9:458 الباب 49 من أبواب الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:125 الحديث 409،الاستبصار 2:226 الحديث 780،الوسائل 9:459 الباب 49 من أبواب الطواف الحديث 6. [2]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:385.
4- 4) يراجع:ص 130. [3]
5- 5) آل،ر و ق:المعوّض.
6- 6) التهذيب 5:414 الحديث 1442،الوسائل 8:126 الباب 10 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [4]
7- 7) آل،ع و د:عبيد اللّه.
8- 8) محمّد بن عبد اللّه القمّيّ،و في بعض النسخ:عبيد اللّه القمّيّ،و الموجود في كتب الحديث و الرجال: محمّد بن عبد اللّه و محمّد بن عبيد اللّه و كلاهما يرويان عن الرضا عليه السلام و روى عنهما أحمد بن محمّد بن أبي نصر و لكنّ الملقّب بالقمّيّ هو محمّد بن عبد اللّه و لعلّه الأظهر.ترجم له في الجزء الأوّل ص 197. معجم رجال الحديث 16:271،299 و 350. [5]

عليه السلام عن الرجل يعطى الحجّة يحجّ بها[و يوسّع على نفسه] (1)فيفضل منها، أ يردّها؟قال:«لا،هو له» (2).

و لأنّ عقد الإجارة تسبّب لتملّك الأجرة مع الإتيان بالفعل المشترط،و قد وجد السبب فيوجد المسبّب.

و كذلك يستحبّ للمستأجر أن يتمّ للأجير لو أعوزته الأجرة؛لما فيه من المساعدة على الطاعة للمؤمن،و التعاون على البرّ و التقوى و الرفق على أفضل العبادات،و ليس بواجب؛عملا بالأصل.

أمّا أبو حنيفة:فإنّه منع من الإجارة،فيكون الأجير نائبا محضا،و ما يدفع إليه من المال لكونه نفقة لطريقه.

فلو مات أو أحصر أو ضلّ الطريق أو صدّ،لم يلزمه الضمان لما أنفق عليه؛ لأنّه إنفاق بإذن صاحب المال.

فإذا ناب عنه آخر،فإنّه يحجّ من حين بلغ النائب الأوّل؛لأنّه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه،فلم يكن عليه الإنفاق دفعة أخرى،و يردّ النائب ما فضل معه من المال،و لا يسرف و لا يقتر على نفسه و لا يمشي و لا يدعو إلى طعامه و لا يتفضّل،أمّا لو أعطاه ألفا و قال:حجّ بهذه،كان له أن يتوسّع فيها،و إن (3)فضل شيء فهو له.

و لو سلك النائب طريقا يمكنه سلوك أقرب منه،كان الفاضل من النفقة في ماله،و إن تعجّل عجلة يمكنه تركها،فكذلك.

ص:149


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) الكافي 4:314 الحديث 1، [1]التهذيب 5:415 الحديث 1443،الوسائل 8:126 الباب 10 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]في المصادر:«لا،هي له».
3- 3) آل،خا و ق:فإن.

و إن أقام بمكّة أكثر من مدّة القصر بعد إمكان السفر للرجوع،أنفق من ماله؛ لأنّه غير مأذون فيه،فأمّا من لا يمكنه الخروج قبل ذلك،فله النفقة،لأنّه مأذون فيه،و له نفقة الرجوع.

و إن مرض في الطريق فعاد،فله نفقة رجوعه؛لأنّه لا بدّ له منه حصل بغير تفريطه،فأشبه ما لو قطع عليه الطريق أو صدّ.

و إن قال:خفت أن أمرض فرجعت،فعليه الضمان؛لأنّه مجرّد و هم (1).

و هذه الفروع قد تتأتّى على مذهبنا فيما إذا استنابه من غير عقد إجارة.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الاستئجار على الحجّ صحيح،فيشترط فيه العلم بالعوض
اشارة

و تعيّن مقداره،كالإجارة

(2).

فلو قال له:حجّ عنّي بنفقتك،كانت الإجارة باطلة،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:الإجارة صحيحة (4).

لنا:أنّ الأجرة مجهولة فلا تنعقد الإجارة معها.

و كذا البحث لو قال:حجّ عنّي بما شئت،و إذا فسدت الإجارة،فإن حجّ عنه، وجب له أجرة المثل و صحّت الحجّة عن المستأجر.

فروع:
الأوّل:لو قال:أوّل من يحجّ عنّي فله مائة،كانت جعالة صحيحة.

ص:150


1- 1الجامع الصغير للشيبانيّ:166،المبسوط للسرخسيّ 4:148 و 158،بدائع الصنائع 4:191، شرح فتح القدير 3:70،تبيين الحقائق 2:423-424 و 427،مجمع الأنهر 1:308،المغني 3: 186-189،الشرح الكبير بهامش المغني 1:185-187.
2- 2) يراجع:ص 130.
3- 3) الأمّ 2:129-130،المهذّب للشيرازيّ 1:399،فتح العزيز بهامش المجموع 7:49.
4- 4) نقله عنه الشيخ في الخلاف 1:478 مسألة-250،و المحقّق في المعتبر 2:775. [1]

و قال المزنيّ:الإجارة فاسدة و له أجرة المثل (1).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه شرط و جزاء محض،و لا مانع يمنع منه،فيكون صحيحا.

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«المؤمنون عند شروطهم» (2). (3)

الثاني:لو قال:حجّ عنّي أو اعتمر بمائة،قال الشيخ:إنّه يكون صحيحا

،فمتى حجّ أو اعتمر استحقّ المائة (4).

و قال الشافعيّ:الإجارة باطلة؛لأنّها مجهولة،فإن حجّ أو اعتمر،استحقّ أجرة المثل (5).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه يخيّر بين الحجّ و العمرة بأجرة معلومة و ليس بمجهول و لا مانع يمنع منه،فمن ادّعى المنع،فعليه الدلالة (6).

و الوجه أن نقول:إن كان هذا عقد إجارة،فالقول ما قاله الشافعيّ،و إن كان جعالة،فالقول قول الشيخ-رحمه اللّه-.

الثالث:لو قال:من حجّ عنّي،فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم،كان صحيحا

و يكون المستأجر مخيّرا في إعطائه أيّها شاء.

ص:151


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:71،المجموع 7:122،فتح العزيز بهامش المجموع 7:51 و 52، الحاوي الكبير 4:275.
2- 2) ينظر:سنن البيهقيّ 6:79 و 166،و ج 7:249،كنز العمّال 4:363 الحديث 10917-10919، المعجم الكبير للطبرانيّ 4:275 الحديث 4404.في الجميع:«المسلمون»بدل:«المؤمنون».
3- 3) التهذيب 7:371،الاستبصار 3:232،الخلاف 1:475 مسألة-238 و ص 478 مسألة-251.
4- 4) المبسوط 1:325، [1]الخلاف 1:478 مسألة-252.
5- 5) الأمّ 2:130،المجموع 7:122 و 123، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:49 و 52،مغني المحتاج 1:470.
6- 6) الخلاف 1:478 مسألة-252.

و قال الشافعيّ:العقد باطل،فإن حجّ،استحقّ أجرة المثل (1).و الاستدلال من الطرفين ما تقدّم.

مسألة:إذا استأجر اثنان شخصا ليحجّ عنهما حجّة واحدة،فأحرم عنهما،

لم يصحّ إحرامه عنهما و لا عن واحد منهما

؛لأنّ الحجّة الواحدة لا تقع عن شخصين، و ليس أحدهما أولى بها من صاحبه،و لا ينعقد عن نفسه؛لأنّه لم ينوها عنه،بل عنهما،فانقلابها إليه يحتاج إلى دليل،هذا قول الشيخ-رحمه اللّه،قال:و عدم صحّتها عنهما و عن واحد منهما بلا خلاف،و لا يصحّ عندنا إحرامه عن نفسه و لا ينقلب إليه (2).و قال الشافعيّ:ينقلب الإحرام إليه (3).

و استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما تقدّم من الاحتياج إلى دليل،و بأنّ شرط الإحرام النيّة،فإذا لم ينو عن نفسه،فقد تجرّد عن نيّته (4)،فلا يقع مجزئا (5)؛لقوله عليه السلام:«و لا عمل إلاّ بنيّة» (6).

و لو قيل:إن كانت الحجّة مندوبة،صحّ؛لأنّه طاعة تصحّ النيابة فيها عن واحد فتصحّ عن اثنين.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن موسى

ص:152


1- 1نقله عنه الشيخ في الخلاف 1:478 مسألة-253.
2- 2) المبسوط 2:323، [1]الخلاف 1:475-476 مسألة-240-241.
3- 3) الأمّ 2:125،المجموع 7:138.
4- 4) أكثر النسخ:نيّة،مكان:نيّته.
5- 5) الخلاف 1:475 مسألة-240.
6- 6) الكافي 2:84 الحديث 1، [2]أمالي الطوسيّ 2:203،التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1: 33 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1.و [3]من طريق العامّة،ينظر:كنز العمّال 15:911 الحديث 43574.

عليه السلام عن الرجل شرّك في حجّة (1)الأربعة و الخمسة من مواليه،فقال:«إن كانوا صرورة جميعا،فلهم أجر،و لا يجزئ عنهم من حجّة الإسلام،و الحجّة للذي حجّ» (2).

و هذه الرواية توافق قول الشافعيّ من انقلاب الحجّة إلى النائب،أمّا لو كانت الحجّتان واجبتين،فإنّه لا تصحّ الواحدة عنهما قولا واحدا.

مسألة:إذا أحرم الأجير عن نفسه و عمّن استأجره،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

لا ينعقد الإحرام عنهما و لا عن واحد منهما

(3).

و قال الشافعيّ:ينعقد عن نفسه و لا يصحّ عن غيره (4).

لنا:أنّ من شرط الإحرام النيّة،فإذا لم ينو عن نفسه،لم يصحّ عنه،كما لا يصحّ عن المستأجر.

و تحقيقه:أنّ مجامعة غيره في النيّة إن كان مبطلا للنيّة اشترك (5)في النائبين و لم ينعقد عن واحد منهما؛لتجرّد الفعل عن النيّة،و إن لم يكن مبطلا،لم يتخصّص الوقوع بالأجير.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ الإحرام ينعقد و لا يصحّ عن غيره،فيقع عن نفسه، كالصرورة.

و الجواب:المنع من انعقاد الإحرام.

مسألة:إذا استأجره ليحجّ عنه في سنة معيّنة،فحصلت شرائط الحجّ

من

ص:153


1- 1بعض النسخ:حجّه،و في المصادر:حجّته.
2- 2) التهذيب 5:413 الحديث 1435،الاستبصار 2:322 الحديث 1139،الوسائل 8:143 الباب 28 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [1]
3- 3) المبسوط 1:323، [2]الخلاف 1:478 مسألة-241.
4- 4) الأمّ 2:125،حلية العلماء 3:249،المجموع 7:138،الحاوي الكبير 4:271.
5- 5) آل،خا و ر:أشرك.

الاستطاعة في تلك السنة بعد عقد الإجارة و كان صرورة،انصرف الزمان إلى حجّ النيابة دون حجّة الإسلام؛لأنّها مستحقّة في ذلك الزمان قبل حصول الشرائط فيصرف الزمان إليها،فهو في الحقيقة غير متمكّن من حجّة الإسلام؛لعدم الزمان، فلو أحرم عن نفسه،لم يقع عن نفسه،و هل يقع عن المستأجر؟فيه إشكال ينشأ من عدم القصد إليه مع اشتراطه،و من الرواية التي رواها ابن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطى رجلا مالا ليحجّ به عنه،فحجّ عن نفسه،فقال:

«هي عن صاحب المال» (1).

أمّا لو كان عقد الإجارة غير معيّن،بل في الذمّة،فإنّه يجوز الحجّ عن نفسه على إشكال.

مسألة:لو أحرم النائب عمّن استأجره ثمّ نقل الحجّ إلى نفسه،لم يصحّ

،فإذا أتمّ الحجّ استحقّ الأجرة.

و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا،و الثاني:صحّة النقل (2)؛لأنّه عليه السلام سمع ملبّيا عن شبرمة،فقال عليه السلام:«حجّ عن نفسك ثمّ عن شبرمة» (3). (4)

لنا:أنّ ما فعله وقع عن المستأجر،فلا يصحّ العدول بها بعد إيقاعها؛لأنّ أفعال الحجّ استحقّت لغيره بالنيّة الأولى،و النقل لا يصحّ،فيتمّ الحجّة لمن ابتدئ بالنيّة له، و حينئذ يستحقّ الأجرة؛لامتثال الشرط.

مسألة:إذا استأجره ليحجّ عنه،فاعتمر،أو ليعتمر عنه،فحجّ له

،قال الشيخ

ص:154


1- 1الفقيه 2:262 الحديث 1276،التهذيب 5:461 الحديث 1605،الوسائل 8:136 الباب 22 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) آل،ر،د،خا و ق:حجّة النقل،ع:حجّة انتقل.
3- 3) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1811، [2]سنن ابن ماجة 2:969 الحديث 2903،سنن الدار قطنيّ 2:270 الحديث 157،سنن البيهقيّ 4:336.
4- 4) المجموع 7:134،فتح العزيز بهامش المجموع 7:67.

-رحمه اللّه-:لا يقع عن المستأجر،سواء كان حيّا أو ميّتا و لا يستحقّ شيئا من الأجرة (1).

و قال الشافعيّ:إن كان المنوب حيّا،وقعت عن الأجير،و إن كان ميّتا،وقعت عن المنوب،و لا يستحقّ شيئا من الأجرة على كلّ حال (2).

احتجّ الشيخ:بأنّه لم يفعل ما استؤجر له،بل خالف،فيحتاج الإجزاء إلى دليل مع المخالفة (3).

و الأقرب عندي:أنّها تقع عن المنوب،سواء كان حيّا أو ميّتا؛لأنّه نسك نوى به صرفه إلى غيره،فينصرف إليه.

نعم،لا يستحقّ الأجرة؛لأنّه متبرّع بفعله؛إذا التقدير أنّه لم يأذن له،بل في غيره،و الأجرة وقعت في مقابلة ما لم يفعل فيرجع إلى المستأجر،و قول الشافعيّ باطل؛لما بيّنّا من جواز النيابة عن الحيّ،و قول الشيخ ضعيف؛لأنّ المتبرّع تصحّ نيابته لكن لا يستحقّ أجرة.

مسألة:إذا أحصر الأجير،تحلّل بالهدي-على ما قلناه-و لا قضاء عليه

؛لأنّه ليس في ذمّته حجّ يأتي به،و يبقى المستأجر على ما كان عليه،إن كان الحجّ واجبا، وجب عليه أن يستأجر من يأتي به،و إلاّ كان تطوّعا.

و لو فاته الموقفان بتفريط منه،لزمه التحلّل بعمرة لنفسه،و يعيد الأجرة إن كان الزمان معيّنا.

و إن لم يكن بتفريط،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يستحقّ أجرة المثل إلى حين

ص:155


1- 1الخلاف 1:479 مسألة-255.
2- 2) الأمّ 2:129،المجموع 7:134،الحاوي الكبير 4:266.
3- 3) الخلاف 1:479 مسألة-255.

الفوات (1).

و لو قيل:له من الأجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحجّ و يستعاد الباقي،كان وجها.

و لو أفسد الحجّ،وجب عليه القضاء على ما تقدّم،و لو أفسد القضاء،وجب عليه أن يأتي بقضاء آخر،كما يجب على المنوب لو فعل ذلك.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الصرورة يجوز أن ينوب بشرط عدم الاستطاعة

،و ليس له ذلك معها على ما بيّنّاه (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه إذا حجّ عن غيره و لم يكن مستطيعا،صحّ الحجّ و أجزأ عن المنوب على ما بيّنّاه أوّلا،فإذا وجد النائب بعد ذلك الاستطاعة،وجب عليه أن يحجّ عن نفسه حجّة الإسلام و لا يجزئه ما فعله عن غيره؛لأنّها حجّة وقعت عن غيره،فلا تجزئ عنه،كما لو حجّ عن نفسه،فإنّه لا يجزئ عن غيره.

و يدلّ عليه:ما رواه آدم بن عليّ عن أبي الحسن عليه السلام:قال:«من حجّ عن إنسان و لم يكن له مال يحجّ به،أجزأت عنه حتّى يرزقه اللّه ما يحجّ به،و يجب عليه الحجّ» (3).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«حجّ الصرورة يجزئ عنه و عمّن حجّ عنه» (4)لأنّ المراد به:ما دام معسرا،فإنّه يجزئ عنه،فإذا أيسر،وجب عليه الحجّ.و لأنّ المنوب

ص:156


1- 1المبسوط 1:323، [1]الخلاف 1:476.
2- 2) يراجع:ص 102 و 110. [2]
3- 3) التهذيب 5:8 الحديث 20 و ص 411 الحديث 1431،الاستبصار 2:144 الحديث 469 و ص 320 الحديث 1135،الوسائل 8:38 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:411 الحديث 1432،الاستبصار 2:320 الحديث 1136،الوسائل 8:38 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [4]

لو تجدّدت له المكنة،وجب عليه الحجّ بنفسه على ما تقدّم،فالنائب أولى.

و قد روى الشيخ عن عمرو بن إلياس (1)،قال:حججت مع أبي و أنا صرورة، فقلت:أنا أحبّ أن أجعل حجّتي عن أمّي فإنّها قد ماتت،قال:فقال لي:حتّى أسأل لك أبا عبد اللّه عليه السلام،فقال إلياس لأبي عبد اللّه عليه السلام-و أنا أسمع-:

جعلت فداك إنّ ابني هذا صرورة و قد ماتت أمّه فأحبّ أن يجعل حجّته لها أ فيجوز ذلك له؟فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يكتب له و لها،و يكتب له ثواب أجر البرّ» (2).

و هذه الرواية لا تدلّ على الإجزاء،فإنّ كتبة الثواب لا تعطي السقوط،و حينئذ يحتمل أنّها تجزئ عن أمّه و يجب عليه هو الحجّ في ماله لنفسه؛لرواية سعد بن أبي خلف عن الكاظم عليه السلام و قد سلفت (3).هذا إذا نوى الحجّة عن والدته.

و أمّا إن نواها عنه و عنها،قال الشيخ-رحمه اللّه-:تجزئ عنه و يستحقّ هو ثواب الحجّ و لا يسقط عنها الفرض؛لرواية عليّ بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام في الرجل يشرك (4)في حجّته الأربعة و الخمسة من مواليه،فقال:«إن كانوا صرورة جميعهم فلهم أجر و لا يجزئ عنهم الذي حجّ عنهم من حجّة الإسلام،

ص:157


1- 1عمرو بن إلياس البجليّ كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السلام و هو أبو إلياس بن عمرو،روى عنه ابن جبلة،له كتاب قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:عمرو بن إلياس الكوفيّ،و ابنه إلياس. رجال النجاشيّ:288،رجال الطوسيّ:247،معجم رجال الحديث 13:86. [1]
2- 2) التهذيب 5:412 الحديث 1434،الاستبصار 2:321 الحديث 1138،الوسائل 8:38 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:410 الحديث 1427،الاستبصار 2:319 الحديث 1131،الوسائل 8:121 الباب 5 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1،و قد تقدّمت الرواية في ص 112.
4- 4) بعض النسخ:يشترك،كما في الاستبصار.

و الحجّة للذي حجّ» (1).

و روى ابن بابويه عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ليس له مال،حجّ عن رجل أو أحجّه غيره ثمّ أصاب مالا،هل عليه الحجّ؟فقال:

«يجزئ عنهما» (2).و في هذه الرواية نظر،و الأولى:تأويلها.

و روى ابن بابويه عن البزنطيّ عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل أخذ حجّة من رجل،فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل حجّة أخرى،يجوز له؟ فقال:«جائز له ذلك محسوب للأوّل و الآخر (3)،و ما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجّة» (4).

و هذه الرواية أيضا قابلة للتأويل؛لأنّ احتساب الحجّة للأوّل و الآخر في الثواب لا يدلّ على الإجزاء عنهما معا.

و قد روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل،قال:أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يأخذ من رجل حجّة فلا تكفيه،أله أن يأخذ من رجل آخر حجّة أخرى فيتّسع بها و تجزئ عنهما جميعا،أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحداهما؟فذكر أنّه قال:«أحبّ إليّ أن تكون خالصة لواحد،فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذها (5)» (6).

و هو يدلّ على المطلوب من عدم الإجزاء بالنسبة إليهما.

ص:158


1- 1التهذيب 5:413 الحديث 1435،الاستبصار 2:322 الحديث 1139،الوسائل 8:143 الباب 27 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 2:261 الحديث 1268،الوسائل 8:39 الباب 21 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [2]
3- 3) آل،خا،ر و ق:و للآخر.
4- 4) الفقيه 2:261 الحديث 1267،الوسائل 8:134 الباب 19 من أبواب النيابة في الحجّ 2. [3]
5- 5) في النسخ:«فلا يأخذه»و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) الفقيه 2:271 الحديث 1324،الوسائل 8:134 الباب 19 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [4]
مسألة:من وجب عليه أحد النسكين لا غير،جاز له أن ينوب غيره في النسك

الآخر

و يفعل هو ما وجب عليه عن نفسه،كمن وجب عليه العمرة،جاز له أن يحجّ عن غيره.

و كذا لو وجب عليه الحجّ لا غير،جاز له أن يعتمر؛عملا بالأصل،و لا يجب عليه ردّ شيء من الأجرة؛لأنّه امتثل ما استؤجر له و أتى به،فيخرج عن العهدة.

و كذا من لم يجب عليه أحد النسكين،جاز له أن يؤجر نفسه عن شخصين لأدائهما،فلو استأجره واحد للعمرة و آخر للحجّ،جاز ذلك.

إذا ثبت هذا:فإنّ القرآن عندنا عبارة عن سياق الهدي مع الإحرام،و الجمهور فسّروه بإقران إحرام العمرة بإحرام الحجّ (1)،و هو تفسير بعض علمائنا (2)،فلو جوّزناه على هذا التفسير،فاستأجره شخص للحجّ و آخر للعمرة و أذنا له في القران،جاز؛لأنّه نسك مشروع مأذون فيه فيخرج به عن العهدة،و لو قرن من غير إذنهما،فالوجه:الجواز أيضا،و يقع عنهما.

و قال بعض الجمهور:و يردّ من نفقة كلّ واحد منهما نصفها؛لأنّه جعل السفر عنهما بغير إذنهما،و لو أذن له أحدهما دون الآخر،ردّ على من لم يأمره النصف.

و قال آخرون منهم:إذا لم يأذنا،ضمن الجميع؛لأنّه أمر بنسك مفرد و لم يأت به،فكان مخالفا،كما لو أمره بالحجّ،فاعتمر (3).

و الجواب:أنّه أتى بما أمر به،و إنّما خالف في الصفة،لا في الأصل،فأشبه من

ص:159


1- 1المغني 3:251،الشرح الكبير بهامش المغني 3:245،المبسوط للسرخسيّ 4:25،المجموع 7: 17،فتح العزيز بهامش المجموع 7:116 و 118،بداية المجتهد 1:334،التفسير الكبير 7:142 و 143. [1]
2- 2) نقله في المختلف:259 عن ابن أبي عقيل.
3- 3) المغني 3:191،الشرح الكبير بهامش المغني 3:192،المبسوط للسرخسيّ 4:156.

أمر بالتمتّع،فقرن.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يستحبّ أن يذكر النائب المنوب في جميع الأفعال عند

الإحرام

و التلبية و الطواف و السعي و الموقفين و الذبح و الرمي و جميع المناسك، و إن لم يذكره و كانت نيّة الحجّ عنه أجزأت،و لا نعلم فيه خلافا.

و كذا يستحبّ لمن طاف عن غيره أن يذكره عند الطواف.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فأت الحجر الأسود و قل:بسم اللّه اللهمّ تقبّل من فلان» (1).

و روى البزنطيّ،قال:سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يحجّ عن رجل أ يسمّيه (2)؟قال:«اللّه لا تخفى عليه خافية» (3).

و سأل يحيى الأزرق أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل،يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟فقال:«إذا قضى مناسك الحجّ فليصنع ما شاء» (4).

ص:160


1- 1الفقيه 2:253 الحديث 1222 و ص 279 الحديث 1366،الوسائل 9:461 الباب 51 من أبواب الطواف الحديث 4. [1]
2- 2) ح،د و ر:أسميّه،خا و ق:أسمه،و في المصدر:يسمّيه باسمه.
3- 3) الفقيه 2:279 الحديث 1367،الوسائل 8:132 الباب 17 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [2]
4- 4) الفقيه 2:253 الحديث 1223،الوسائل 9:462 الباب 51 من أبواب الطواف الحديث 5. [3]
الفصل الرابع
اشارة

في أحكام الحجّ عن الميّت و الوصيّة بالحجّ

و فيه بحثان:

البحثالأوّل
مسألة:من وجد الاستطاعة و تمكّن من الحجّ و لم يفعله حتّى مات،وجب

عليه أن يخرج من يحجّ عنه من صلب تركته

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الحسن،و طاوس (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد بن حنبل (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و مالك (5):يسقط بالموت،فإن وصّى بها،فهي من الثلث و به قال الشعبيّ،و النخعيّ (6).

ص:161


1- 1المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
2- 2) الأمّ 2:126،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:109 و 112، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:31 و 44، [2]رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:142، المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
3- 3) المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196،الكافي لابن قدامة 1:520،الفروع في فقه أحمد 2:140،الإنصاف 3:409.
4- 4) النافع الكبير بهامش الجامع الصغير لعبد الحيّ اللكنويّ:167،عمدة القارئ 10:214،المجموع 7:112،المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:491،إرشاد السالك:53.
6- 6) المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس:أنّ امرأة سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أبيها (1)مات و لم يحجّ،قال:«حجّي عن أبيك (2)» (3).

و عنه أنّ امرأة نذرت أن تحجّ فماتت،فأتى أخوها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن ذلك،فقال:«أ رأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟»قال:نعم، قال:«فاقضوا اللّه فهو أحقّ بالقضاء» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا قدر الرجل على ما يحجّ به ثمّ دفع ذلك و ليس له شغل يعذره اللّه به،فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام،و إن كان موسرا و حال بينه و بين الحجّ مرض أو حصر أو أمر يعذره اللّه فيه،كان عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له»و قال:«يقضى عن الرجل حجّة الإسلام من جميع ماله» (5).

و عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يوص بها و هو موسر،فقال:«يحجّ عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك» (6).

و لأنّه مستحقّ عليه تصحّ الوصيّة به،فلا يسقط بالموت،كحقوق الآدميّين.

احتجّوا:بأنّها عبادة وجبت عليه في حال حياته،فتسقط بموته،كالصلاة.

ص:162


1- 1أكثر النسخ عن ابنها.
2- 2) في النسخ:«عن ابنك»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) سنن النسائيّ 5:117،المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
4- 4) صحيح البخاريّ 8:177،سنن النسائيّ 5:116،سنن الدارميّ 2:183، [1]سنن البيهقيّ 6:277.
5- 5) التهذيب 5:403 الحديث 1405،الوسائل 8:44 الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
6- 6) التهذيب 5:15 الحديث 41 و ص 404 الحديث 1406،الوسائل 8:50 الباب 28 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [3]

و لأنّها عبادة بدنيّة،فتسقط بالموت،كالصلاة (1).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل،سلّمنا،لكنّ الفرق ظاهر،فإنّ الصلاة لا تدخلها النيابة،بخلاف الحجّ.

إذا ثبت هذا:فإنّه يخرج من صلب المال؛لأنّه دين مستقرّ،فكان من جميع المال،كدين الآدميّ.

و البحث في العمرة كالبحث في الحجّ،فإنّ من لم يعتمر عمرة الإسلام مع تمكّنه ثمّ مات،فإنّه (2)تقضى عنه من جميع التركة؛لأنّها واجبة و قد أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا رزين أن يحجّ عن أبيه و يعتمر (3).

مسألة:و يستحبّ أن يحجّ عنه من بلده،و الواجب الاستئجار من الميقات

، سواء كثرت التركة أو قلّت،و هو اختيار الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف و المبسوط (4)،و به قال الشافعيّ (5)،و ابن المنذر (6).

و قال الشيخ في النهاية:يستأجر عنه من بلده (7).و اختاره ابن إدريس (8).

ص:163


1- 1المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196.
2- 2) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:فإنّها.
3- 3) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1810،سنن الترمذيّ 3:269 الحديث 930،سنن ابن ماجة 2: 970 الحديث 2096،سنن النسائيّ 5:111 و 117،مسند أحمد 4:10،11 و 12،سنن الدارقطنيّ 2:283 الحديث 209،سنن البيهقيّ 4:329.
4- 4) الخلاف 1:416 مسألة-18،المبسوط 1:303.
5- 5) الأمّ 2:126،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:62،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:110، [1]الميزان الكبرى 2:33،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:143.
6- 6) المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:197.
7- 7) النهاية:203 و 617.
8- 8) السرائر:120.

و لو قصرت التركة،استؤجر من الميقات.و به قال أحمد بن حنبل (1).

لنا:أنّ الواجب إنّما هو الحجّ،و قطع المسافة ليس مرادا لذاته،و إنّما وجب توصّلا لأداء الحجّ؛إذ لا يمكن إلاّ به،و ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجب.

و لأنّ الإحرام من دون الميقات غير واجب،بل لا يجوز.

احتجّ ابن إدريس:بتواتر أخبارنا على ذلك.و لأنّ الحجّ وجب على الميّت من بلده و يلزمه نفقة طريقه،فمع الموت لا تسقط النفقة (2).

و هذا خطأ،أمّا التواتر فإنّا لم نقف في هذه المسألة على رواية لأصحابنا فضلا عن الروايات المتواترة،سوى ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن رئاب، قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام فلم يبلغ جميع ما ترك (3)إلاّ خمسين درهما،قال:«يحجّ عنه من بعض المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قرب» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:فإن أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام و لم يبلغ ماله ذلك،فليحجّ عنه من المواقيت (5).لكن دلالة هذين

ص:164


1- 1المغني 3:199،الشرح الكبير بهامش المغني 3:198،الكافي لابن قدامة 1:521،الإنصاف 3:410.
2- 2) السرائر:120-121.
3- 3) كثير من النسخ:ما تركه.
4- 4) التهذيب 5:405 الحديث 1411،الوسائل 8:117 الباب 2 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
5- 5) كذا أورد المصنّف بعنوان الصحيح عن الحلبيّ،و كذا السبزواريّ في ذخيرة المعاد:563 و [2]العامليّ في المدارك 7:86 و [3]النجفيّ في الجواهر 17:324 و [4]البحرانيّ في الحدائق 14:182.و لكن صحيح الحلبيّ قد ورد في التهذيب 5:405 الحديث 1410 هكذا:فإن أوصى أن يحجّ عنه رجل فليحجّ ذلك الرجل.ثمّ قال:فإن أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام و لم يبلغ ماله ذلك فليحجّ عنه من بعض-

الحديثين على مطلوبه ضعيف.

و أمّا وجوب الحجّ من بلد الميّت فغلط؛لأنّ وجوبه ليس لذاته،بل لأنّ الإتيان بأفعال الحجّ مباشرة لا يمكن إلاّ بقطع المسافة،فلهذا وجب عليه قطعها،ألا ترى أنّه لو كان حاضر بعض المواقيت لا يقصد الحجّ ثمّ أنشأ الحجّ،لأجزأه و لم يجب عليه ابتداء الحجّ من بلده،فكذا (1)نائبه.

و لو وجب عليه الحجّ من بلده،لكان المغمى عليه أو المجنون أو الفقير في بلده إذا حصلوا في بعض المواقيت ثمّ زالت أعذارهم و وجب عليهم الحجّ،يجب عليهم الرجوع إلى منازلهم و إنشاء السفر منها،و ذلك لا يقوله محصّل،بل الواجب عليهم حينئذ،إنشاء الإحرام من الميقات.

فعلمنا أنّ ابتداء الحجّ ليس من البلد،و أيضا:فإنّ أحدا من العلماء لم يوجب على الحاجّ إنشاء الحجّ من بلده.

مسألة:و لو كان عليه دين فإن نهضت التركة بهما،صرف فيهما ما يقوم بهما

و الفاضل يكون ميراثا

.

و إن قصرت التركة،قسّمت على أجرة المثل للحجّ من الميقات،و على الدين بالحصص.و هو أحد أقوال الشافعيّ.

و في الآخر:يقدّم دين الآدميّ؛لأنّ له ضرورة،و لا ضرورة للّه تعالى.

و الثالث:يقدّم دين اللّه تعالى؛لقوله عليه السلام للخثعميّة:«دين اللّه أحقّ أن

ص:165


1- 1) أكثر النسخ:و كذا.

يقضى» (1). (2)

أمّا أحمد،فإنّه ذهب إلى أنّه يقضي الحجّ من بلد الميّت،قال:فإن كان عليه دين و لم تف التركة،قسّمت بالحصص و صرف نصيب الحجّ إلى من يحجّ من أقرب المواقيت؛لقوله عليه السلام:«إذا أمرتكم بأمر،فأتوا منه ما استطعتم» (3).

و لأنّه قدر على أداء بعض الواجب،فلزمه،كالزكاة.

و في رواية أخرى:يسقط (4)،كما ذهب إليه الشافعيّ في أحد أقواله (5).

لنا:أنّهما دينان واجبان و ليس أحدهما بالتقديم أولى من الآخر،فوجب قسمة التركة عليهما،كما لو كانا لآدميّين.

مسألة:لو كان عليه حجّة الإسلام و أخرى منذورة،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

تخرج حجّة الإسلام من أصل المال و المنذورة من الثلث

(6).

و قال ابن إدريس:تخرجان معا من صلب المال (7).و هو الأقوى عندي.

لنا:أنّهما واجبان تساويا في شغل الذمّة و وجوب أدائهما لو كان حيّا و اشتراكهما في كون كلّ واحد منهما دينا (8)،فيتساويان في القضاء،كالدّينين.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه ضريس بن أعين،قال:سألت أبا جعفر

ص:166


1- 1سنن النسائيّ 5:118.
2- 2) الأمّ 2:125،المهذّب للشيرازيّ 1:175 و 199،المجموع 7:110.
3- 3) صحيح البخاريّ 9:117،صحيح مسلم 2:975 الحديث 1337،سنن ابن ماجة 1:3 الحديث 2،سنن النسائيّ 5:110،111،سنن البيهقيّ 4:326.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:199،الإنصاف 3:410.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:175 و 195،المجموع 7:110.
6- 6) المبسوط 1:306. [1]
7- 7) السرائر:120 و 358.
8- 8) في النسخ:دين،و لعلّ الأنسب ما أثبتناه.

عليه السلام عن رجل عليه حجّة الإسلام و نذر في شكر ليحجّنّ رجلا،فمات الرجل الذي نذر قبل أن يحجّ حجّة الإسلام و قبل أن يفي بنذره،فقال:«إن كان ترك مالا،حجّ عنه حجّة الإسلام من جميع ماله،و يخرج من ثلثه ما يحجّ به عنه للنذر،و إن لم يكن ترك مالا إلاّ بقدر حجّة الإسلام،حجّ عنه حجّة الإسلام ممّا ترك،و حجّ عنه وليّه النذر،فإنّما هو دين عليه» (1).

فروع:
الأوّل:لو نذر الحجّ مطلقا،فالوجه:وجوب القضاء عنه من الميقات،كحجّة

الإسلام

أمّا لو عيّن الموضع الذي ينشأ منه السفر للحجّ،فإنّه يتعيّن،و يقضى عنه من حيث وجب عليه مع المكنة،و مع ضيق التركة يقضى من أقرب الأماكن.

الثاني:لو لم يخلّف ما لا يفي بحجّة الإسلام و المنذورة معا و يفي بأحدهما،

فالأقرب:صرفه إلى حجّة الإسلام

؛لأنّها وجبت بأصل الشرع.و لرواية ضريس.

و لأنّه لا يمكن صرفها إلى غيرهما،و لا أولويّة لحجّة النذر،فتتعيّن حجّة الإسلام.

الثالث:إذا صرفت التركة إلى حجّة الإسلام فهل يجب على الوليّ قضاء النذر

أم لا؟الوجه:عدم الوجوب

؛عملا بالأصل.

و رواية ضريس في قول أبي عبد اللّه عليه السلام:فليحجّ عنه وليّه ما نذر،إنّما هو على جهة الاستحباب دون الوجوب؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن أبي يعفور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل نذر للّه:لئن عافى اللّه ابنه من وجعه ليحجّ به إلى بيت اللّه الحرام،فعافى اللّه الابن و مات الأب،فقال:

ص:167


1- 1التهذيب 5:406 الحديث 1413،الوسائل 8:52 الباب 58 من أبواب وجوب الحجّ ذيل الحديث 1. [1]

«الحجّة على الأب يؤدّيها عنه بعض ولده»قلت:هي واجبة على ابنه[الذي نذر فيه؟] (1)قال:«هي واجبة على الأب من ثلثه أو يتطوّع ابنه فيحجّ عن أبيه» (2).

مسألة:من وجب عليه الحجّ فخرج لأدائه فمات في الطريق،قال الشيخ

-رحمه اللّه-:إن مات قبل أن يبلغ الحرم فعلى وليّه أن يقضي عنه

من تركته،فإن مات بعد دخوله الحرم،أجزأه ذلك (3).

و الأقرب:أن نقول:هذا التفضيل ثابت في حقّ من وجب عليه الحجّ قبل عامه و استقرّ في ذمّته و فرّط في أدائه،فإنّه يجب أن يقضى عنه من أصل تركته إن لم يدخل الحرم محرما،و لا يقضى عنه لو أحرم و دخل الحرم.أمّا من لم يجب عليه الحجّ قبل ذلك،و إنّما وجب عليه في العام الذي خرج لأدائه ثمّ مات في الطريق؛ فإنّه لا يقضى عنه؛لعدم تمكّنه من الأداء،و شرط الوجوب إمكان الفعل،و إذا انتفى وجوب الأداء انتفى وجوب القضاء.

لا يقال:إنّه قد وجب عليه الأداء،و لهذا لو أخّر،عدّ عاصيا.

لأنّا نقول:إنّا تبيّنّا بموته عدم وجوبه عليه،و هذا يتفرّع على مسألة أصوليّة هي:أنّ الأمر،من شرطه انتفاء علم الآمر بامتناعه أم لا؟

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فقد استدلّ بما رواه-في الصحيح-عن بريد بن معاوية العجليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل خرج حاجّا و معه جمل و نفقة و زاد،فمات في الطريق،فقال:«إن كان صرورة فمات في الحرم،فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام،و إن مات قبل أن يحرم و هو صرورة،جعل جمله و زاده و نفقته في حجّة الإسلام،فإن فضل من ذلك شيء فهو لورثته»قلت:أ رأيت إن كانت الحجّة

ص:168


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:406 الحديث 1414،الوسائل 8:52 الباب 29 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [1]
3- 3) المبسوط 1:306. [2]

تطوّعا فمات في الطريق قبل أن يحرم،لمن يكون جمله و نفقته و ما ترك؟قال:

«لورثته،إلاّ أن يكون عليه دين فيقضى،أو يكون أوصى بوصيّة فينفذ ذلك لمن أوصى و يجعل ذلك من الثلث» (1).

و نحن نقول:إنّ هذه الرواية كما يحتمل عدم سبق وجوب الحجّ،يحتمل أيضا سبقه على السواء،و لا (2)دلالة فيها (3)على أحد الأمرين دون الآخر.

مسألة:يستحبّ للإنسان أن يحجّ عن أبويه،ميّتين كانا أو حيّين عاجزين،

بلا خلاف

؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أبا رزين،فقال:«حجّ عن أبيك و اعتمر» (4).

و سألت امرأة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أبيها مات و لم يحجّ،قال:«حجّي عن أبيك» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل يحجّ عن أبيه،أ يتمتّع؟قال:«نعم، المتعة له و الحجّ عن أبيه» (6).

و عن الحارث بن المغيرة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ أمّي ماتت

ص:169


1- 1التهذيب 5:407 الحديث 1416،الوسائل 8:47 الباب 26 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) آل،خا و ق:فلا.
3- 3) في النسخ:فيه.
4- 4) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1810، [2]سنن الترمذيّ 3:269 الحديث 930، [3]سنن ابن ماجة 2: 970 الحديث 2906،سنن النسائيّ 5:111 و 117،مسند أحمد 4:10-12،سنن الدارقطنيّ 2: 283 الحديث 209،سنن البيهقيّ 4:329.
5- 5) سنن النسائيّ 5:116-117،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:284 الحديث 727.
6- 6) الفقيه 2:273 الحديث 1330،الوسائل 8:142 الباب 27 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [4]

و لم تحجّ،قال:«حجّ عنها فإنّها لك و لها» (1).

و عن بشير النبّال،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ والدتي توفّيت و لم تحجّ،قال:«يحجّ عنها رجل أو امرأة»قال:قلت:أيّهم أحبّ إليك؟قال:

«رجل أحبّ إليّ» (2).

و سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و له ابن فلم يدر حجّ أبوه أم لا، قال:«يحجّ عنه،فإن كان أبوه قد حجّ،كتب لأبيه نافلة و للابن فريضة،و إن لم يكن حجّ أبوه،كتب لأبيه فريضة و للابن نافلة» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه إذا تبرّع الابن أو غيره بالحجّ عن الميّت،برئت ذمّة الميّت من حجّة الإسلام.

مسألة:و إذا حجّ عن غيره،وصل ثواب ذلك إليه و حصل للحاجّ ثواب عظيم

؛ لما روى الجمهور عن زيد بن أرقم،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا حجّ الرجل عن والديه،تقبل منه و منهما و استبشرت أرواحهما في السماء و كتب عند اللّه برّا» (4).

و عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من حجّ عن أبويه أو قضى عنهما مغرما،بعث يوم القيامة مع الأبرار» (5).

ص:170


1- 1الفقيه 2:270 الحديث 1317،الوسائل 8:116 الباب 2 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 4. [1]في الوسائل [2]بتفاوت يسير.
2- 2) الفقيه 2:270 الحديث 1319،الوسائل 8:125 الباب 8 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 8. و [3]فيه:أيّهما أحبّ إليك؟مكان:أيّهم أحبّ إليك.
3- 3) الفقيه 2:273 الحديث 1329،الوسائل 8:145 الباب 31 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [4]
4- 4) سنن الدار قطنيّ 2:259 الحديث 109،المغني و الشرح الكبير 3:200.
5- 5) سنن الدار قطنيّ 2:260 الحديث 110،المغني و الشرح الكبير 3:200.

و عن جابر (1)،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من حجّ عن أبويه أو أمّه فقد قضى عنه حجّته و كان له فضل عشر حجج» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ أبي قد حجّ و إنّ والدتي قد حجّت و إنّ أخويّ قد حجّا و قد أردت أن أدخلهم في حجّتي كأنّي (3)قد أحببت أن يكونوا معي،فقال:«اجعلهم معك فإنّ اللّه عزّ و جلّ جاعل لهم حجّا و لك حجّا و لك أجرا بصلتك إيّاهم» (4)و قال عليه السلام:«تدخل على الميّت في قبره الصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و العتق» (5).

و الأخبار في ذلك كثيرة (6).

قال أحمد بن حنبل:و ينبغي أن يبدأ بالحجّ عن الأمّ إذا كان تطوّعا أو كان واجبا عليهما،و لو لم يكن الحجّ واجبا عليها و كان واجبا على الأب،بدأ به؛لأنّ الأمّ مقدّمة في البرّ (7).

قال أبو هريرة:جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟قال:«أمّك»قال:ثمّ من؟قال:«أمّك»قال:ثمّ من؟قال:

«أمّك»قال:ثمّ من؟قال:«أبوك» (8).

ص:171


1- 1في النسخ:حمّاد،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:260 الحديث 112،المغني و الشرح الكبير 3:200.
3- 3) آل،ر،خا و ق:فإنّي،ع:و إنّي.
4- 4) الفقيه 2:279 الحديث 1369،الوسائل 8:143 الباب 28 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 6. [1]
5- 5) الفقيه 2:279 الحديث 1369،الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث 3. [2]
6- 6) ينظر:الوسائل 2:655 الباب 28 من أبواب الاحتضار. [3]
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:200،الإنصاف 3:419.
8- 8) صحيح البخاريّ 8:2،صحيح مسلم 4:1974 الحديث 2548.

أمّا إذا كان الحجّ واجبا على الأب دونها،فإنّه ينبغي أن يبدأ به؛لأنّه واجب، فيكون أولى من التطوّع.

ص:172

البحث الثاني
اشارة

في أحكام الوصيّة بالحجّ

مسألة:من وجب عليه الحجّ و فرّط فيه ثمّ عجز عن أدائه بنفسه أو بنائبه،

وجب عليه أن يوصي به

؛لأنّه حقّ واجب و دين ثابت،فتجب الوصيّة به،كغيره من الديون.

قال اللّه تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ (1).

و لو لم يوص،وجب على ورثته أن يخرجوا من صلب ماله ما يحجّ به عنه، لأنّه دين،فلا يسقط عن ذمّته بترك الوصيّة به،خلافا لأبي حنيفة،فإنّه قال:يسقط بوفاته (2)بمعنى أنّه لا يفعل عنه بعد وفاته و حسابه على اللّه تعالى يلقاه و الحجّ في ذمّته.

أمّا لو أوصى،أخرج من الثلث و يكون تطوّعا لا يسقط به الفرض،و كذا نقول في الزكوات و الكفّارات و جزاء الصيد كلّ ذلك يسقط بوفاته فلا يفعل عنه بوجه.

ص:173


1- 1البقرة(2):180. [1]
2- 2) شرح فتح القدير 3:67،عمدة القارئ 10:214،المغني 3:198،الشرح الكبير بهامش المغني 3:196،المجموع 7:112.

لنا:خبر الخثعميّة (1)،و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يوص بها و هو موسر،فقال:«يحجّ عنه من صلب ماله،لا يجوز غير ذلك» (2).

مسألة:و لو لم يكن عليه حجّ واجب فأوصى أن يحجّ عنه تطوّعا،صحّت

الوصيّة و أخرجت من الثلث

.ذهب إليه علماؤنا،و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا.

و الثاني:بطلان الوصيّة (3).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ (4)و لأنّها عبادة تصحّ الوصيّة بها واجبة،فتصحّ مندوبة.

مسألة:و لو لم يوص بحجّة الإسلام مع وجوبها مع وجوبها عليه فقد قلنا:إنّه يجب أن

يخرج عنه من صلب ماله

ما يستأجر به عنه،و لو لم يخلّف شيئا،استحبّ للورثة قضاؤها عنه و تبرأ بذلك ذمّته،و كذا لو خلّف مالا و تبرّع بها بعض ورثته أو أجنبيّ؛ لأنّ الذمّة تبرأ مع العوض فكذا بدونه؛لأنّ الواجب هو الحجّ عنه و قد حصل.

و يدلّ عليه:ما رواه عمّار بن عمير (5)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ص:174


1- 1صحيح البخاريّ 2:163،صحيح مسلم 2:973 الحديث 1334،سنن أبي داود 2:161 الحديث 1809،سنن الترمذيّ 3:267 الحديث 928،سنن ابن ماجة 2:971 الحديث 2909،سنن النسائيّ 5:117-119،سنن الدارميّ 2:40،الموطّأ 1:359 الحديث 97،مسند أحمد 1:76،157.
2- 2) التهذيب 5:15 الحديث 41 و ص 404 الحديث 1406،الوسائل 8:50 الباب 28 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [1]
3- 3) الأمّ 2:129،المهذّب للشيرازيّ 1:199،المجموع 7:114،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 40.
4- 4) البقرة(2):181. [2]
5- 5) عمّار بن عمير،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في باب زيادات الحجّ من التهذيب 5:404 الحديث 1407 عن عبد اللّه بن مسكان عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و قال السيّد الخوئيّ:-

بلغني عنك أنّك قلت:لو أنّ رجلا مات و لم يحجّ حجّة الإسلام فأحجّ عنه بعض أهله،أجزأ ذلك عنه،فقال:«أشهد على[أبي] 1أنّه حدّثني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه أتاه رجل،فقال:يا رسول اللّه،إنّ أبي مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، فقال:حجّ عنه،فإنّ ذلك يجزئ عنه» 2.

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و لم يكن له مال و لم يحجّ حجّة الإسلام فأحجّ عنه بعض إخوانه هل يجزئ عنه؟أو هي ناقصة؟قال:«بل هي حجّة تامّة» 3.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الخثعميّة بالحجّ عن أبيها 4،و لم يستفصل لمّا سألته،فيدلّ على العموم.

مسألة:إذا أوصى بحجّة الإسلام و لم يعيّن المقدار،انصرف إلى أجرة المثل من

جميع المال

.

أمّا صرفها إلى أجرة المثل؛فلأنّ الوصيّة يجب العمل بها مع الاحتياط للورثة، فيكون ما جرت العادة به كالمنطوق به،و هو المراد من أجرة المثل.و لأنّه لو و كلّه

ص:175

في بيع أو شراء و لم يعيّن الثمن،انصرف إلى ثمن المثل عادة،فكذا هنا.

و أمّا خروجها من الأصل؛فلأنّه دين،و قد سلف البحث فيه (1).

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحجّ عنه،قال:«إن كان صرورة فمن جميع المال،و إن كان تطوّعا فمن ثلثه» (2).

أمّا لو عيّن المقدار،فإن كان بقدر أجرة المثل فلا بحث،يخرج من صلب المال،و إن كان أكثر من أجرة المثل،أخرج مقدار أجرة المثل من صلب المال، و الزائد من الثلث؛لأنّه ضمن وصيّة شيئين:أحدهما:واجب،و الآخر:تطوّع، فيخرج الواجب من الأصل،و التطوّع من الثلث.

و إن كان أقلّ من أجرة المثل،وجب على الورثة إكمال الأجرة من التركة،كما لو لم يوص.

مسألة:و لو مات و لم يخلّف شيئا سوى قدر ما يحجّ به عنه و كان عليه حجّة

الإسلام،صرف في الحجّ و لا شيء للوارث

؛لأنّه دين و لا إرث إلاّ بعد قضائه.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن رئاب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلاّ خمسين درهما،قال:«يحجّ عنه من بعض المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قرب» (3).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:176


1- 1يراجع:ص 163.
2- 2) التهذيب 5:404 الحديث 1409،الوسائل 8:46 الباب 25 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:405 الحديث 1411،الاستبصار 2:318 الحديث 1128،الوسائل 8:117 الباب 2 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [2]

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يترك إلاّ بقدر نفقة الحجّ فورثته أحقّ بما ترك،إن شاءوا حجّوا عنه،و إن شاءوا أكلوا» (1).

لأنّا نقول بموجبه؛إذ يحتمل أن يكون الميّت لم يجب عليه حجّة الإسلام،فإنّ الحديث لم يتضمّن وجوب الحجّ على الميّت،بل إنّه مات و لم يحجّ،فجاز أن يكون مع عدم الوجوب،كما جاز أن يكون معه.

مسألة:من أوصى بحجّ و غيره،فإن كان الجميع واجبا،أخرج من أصل المال

و إن لم يف قسّم بالحصص،و إن لم يكن الجميع واجبا،أخرج من الثلث،فإن وفى الثلث بالجميع،عمل بمقتضى وصيّته،و إن لم يف بذلك،بدئ بما أوصى به أوّلا.

بقي هاهنا شيء واحد و هو أن يكون الجميع واجبا و لا يفي المال به،فإنّه يبدأ بالحجّ؛لأنّه دين اللّه فيكون أحقّ بالقضاء؛لقوله عليه السلام للخثعميّة:«فدين اللّه أحقّ أن يقضى» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،قال:قال:إنّ امرأة هلكت فأوصت بثلثها يتصدّق به عنها و يحجّ عنها و يعتق عنها،فلم يسع المال [ذلك] (3)فسألت أبا حنيفة و سفيان الثوريّ،فقال كلّ واحد منهما:انظر إلى رجل قد حجّ فقطع به،فيقوى،و رجل قد سعى في فكاك رقبته فبقي عليه شيء،فيعتق (4)، و يتصدّق بالبقيّة،فأعجبني هذا القول و قلت للقوم-يعني أهل المرأة-:إنّي قد

ص:177


1- 1التهذيب 5:405 الحديث 1412،الاستبصار 2:318 الحديث 1127،الوسائل 8:41 الباب 14 من أبواب وجوب الحجّ ذيل الحديث 1. [1]
2- 2) إنّ هذا الحديث قد قاله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لرجل أيضا،ينظر:صحيح البخاريّ 3:46، صحيح مسلم 2:804 الحديث 1148،سنن النسائيّ 5:118،سنن البيهقيّ 4:255.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في النسخ:يعتق،و ما أثبتناه من التهذيب.

سألت[لكم] (1)،فتريدون أن أسأل لكم من هو أوثق من هؤلاء؟قالوا:نعم، فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فقال:«ابدأ بالحجّ فإنّ الحجّ فريضة و ما بقي فضعه في النوافل»قال:فأتيت أبا حنيفة،قلت:إنّي سألت فلانا،فقال:كذا و كذا، فقال:هذا و اللّه الحقّ،فأخذ به و ألقى هذه المسألة على أصحابه،و قعدت لحاجة لي بعد انصرافه،فسمعتهم يتطارحونها،فقال بعضهم بقول أبي حنيفة الأوّل،فخطّأه من كان سمع هذا و قال:سمعت هذا من أبي حنيفة منذ عشرين سنة (2).

مسألة:لو أوصى أن يحجّ عنه و لم يعيّن المرّات،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

وجب أن يحجّ عنه ما بقي من ثلثه شيء

(3).

و التحرير أن نقول:إن لم يعلم منه إرادة التكرار،حجّ عنه مرّة واحدة؛لأنّه القدر المعلوم و ما عداه منفيّ بالأصل.

و لأنّ الأمر بمجرّده لا يقتضي التكرار.و لأنّ الأصل بقاء التركة على الورثة.

و إن علم إرادة التكرار،حجّ عنه بمقدار الثلث.

احتجّ الشيخ:بما رواه عن محمّد بن الحسن أنّه قال لأبي جعفر عليه السلام:

جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك،فقال:«هات»فقلت:سعد بن سعد أوصى:

حجّوا عنّي،مبهما و لم يسمّ شيئا،و لا ندري كيف ذلك؟فقال:«حجّ عنه ما دام له مال» (4).

ص:178


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:407 الحديث 1417،الوسائل 8:53 الباب 30 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
3- 3) النهاية:284 و 617، [2]التهذيب 5:408.
4- 4) التهذيب 5:408 الحديث 1419،الاستبصار 2:319 الحديث 1130،الوسائل 8:120 الباب 4 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [3]

و عن محمّد بن الحسين بن أبي خالد (1)،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أوصى أن يحجّ عنه مبهما،فقال:«يحجّ عنه ما بقي من ثلثه شيء» (2).

و نحن نحمل هاتين الروايتين على ما إذا علم منه التكرار و لم يعيّن المرّات.

مسألة:لو أوصى أن يحجّ عنه كلّ سنة بشيء معلوم يقصر نصيب كلّ سنة عن

الحجّ،جعل نصيب سنتين فما زاد لسنة واحدة

؛لأنّه انتقل بالوصيّة عن ملك الورثة، و وجب عليه صرفه فيما عيّنه الموصي بقدر الإمكان،و لا طريق إلاّ ما ذكرناه، فتعيّن.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار،قال:كتب إليه عليّ بن محمّد الحضينيّ (3)أنّ ابن عمّي أوصى أن يحجّ عنه بخمسة عشر دينارا في

ص:179


1- 1محمّد بن الحسين بن أبي خالد،روى محمّد بن عليّ بن محبوب عن العبّاس عنه في التهذيب 5: 408 الحديث 1420،و الاستبصار 2:319 الحديث 1129،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال،و قال السيّد الخوئيّ عند ذكر محمّد بن الحسن بن أبي خالد:روى الشيخ بسنده عن العبّاس عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد في التهذيب 9:الحديث 889،و الاستبصار 4:الحديث 514 إلاّ أنّ فيه محمّد بن الحسين بن أبي خالد و هو الموافق للطبعة القديمة و النسخة المخطوطة من التهذيب، ثمّ قال:و لا يبعد أن يكون الصحيح ما في هذه الطبعة فيكون المراد به محمّد بن الحسن الأشعريّ. تنقيح المقال 3:106، [1]معجم رجال الحديث 15:225،226. [2]
2- 2) التهذيب 5:408 الحديث 1420،الاستبصار 2:319 الحديث 1129 و ج 4:137 الحديث 514،الوسائل 8:120 الباب 4 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [3]
3- 3) أكثر النسخ:الحصينيّ،قال المصنّف عند ذكر إسحاق بن إبراهيم الحضينيّ:بالحاء المهملة المضمومة و الضاد المعجمة المفتوحة.و قال المامقانيّ عند ذكر عبد اللّه بن محمّد بن حصين الحضينيّ: و اختلفت النسخ في الحضينيّ ففي بعضها بالحاء المهملة المضمومة و الضاد المعجمة المفتوحة و في بعضها بالصاد المهملة و في بعضها بالخاء المعجمة و الصاد و الباء و في بعضها الحصيبيّ،ثمّ قال: الظاهر سقوط الأخيرين،أمّا الأوّلان فكلّ منهما محتمل،و قد أسبقنا وجه نسبة كلّ منهما في إسحاق بن إبراهيم الحضينيّ و في أحمد بن محمّد الحصينيّ،قال عند ذكر الأوّل:الحضينيّ و زان-

كلّ سنة و ليس يكفي،فما تأمر في ذلك؟فكتب عليه السلام:«تجعل حجّتين حجّة 1،فإنّ اللّه تعالى عالم بذلك» 2.

و روى ابن بابويه،قال:كتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمّد عليه السلام:

أعلمك أنّ مولاك عليّ بن مهزيار أوصى أن يحجّ عنه من ضيعة صيّر ربعها 3للحجّة 4في كلّ سنة بعشرين دينارا و أنّه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المئونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا،و كذلك أوصى عدّة[من] 5مواليك في حجّتين،فكتب عليه السلام:«يجعل ثلاث حجج حجّتين إن شاء اللّه تعالى» 6.

مسألة:لو حصل عند إنسان مال لميّت وديعة و كان على الميّت حجّة الإسلام

مستقرّة،و علم أنّ الورثة لا يؤدّون الحجّ،جاز أن يقتطع

7أجرة الحجّ و يدفع إلى الورثة ما بقي،لأنّ الحجّ دين على الميّت فلا يستحقّ الوارث إلاّ ما يفضل عنه،

ص:180

فتعيّن خروج ملكهم عن مقدار أجرة الحجّ،فلا يجوز صرفها إليهم مع العلم بالتفريط.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل استودعني مالا فهلك و ليس لولده شيء و لم يحجّ حجّة الإسلام،قال:«حجّ عنه و ما فضل فأعطهم» (1).

فصل:

روى ابن بابويه،قال:كتب عمرو بن سعيد الساباطيّ إلى أبي جعفر عليه السلام

يسأله عن رجل أوصى إليه رجل أن يحجّ عنه

ثلاثة رجال،فيحلّ له أن يأخذ لنفسه حجّة منها؟فوقّع بخطّه و قرأته:«حجّ عنه إن شاء اللّه تعالى،فإنّ لك مثل أجره،و لا ينقص من أجره شيء إن شاء اللّه تعالى» (2).

مسألة:إذا أوصى أن يحجّ عنه حجّة واجبة من نذر أو قضاء أو حجّة الإسلام،

فلا يخلو إمّا أن لا يعيّن الأجير و الأجرة

،أو يعيّنهما معا،أو يعيّن أحدهما دون الآخر،فإن لم يعيّن شيئا منهما،حجّ عنه بأقلّ ما يوجد من يحجّ عنه من الميقات.

و إن عيّنهما معا،فقال:أحجّوا عنّي فلانا بمائة،أعطي فلان أجرة المثل من أصل المال و الزائد من الثلث،فإن رضي الموصى له،فلا بحث،و إلاّ استؤجر غيره بالمعيّن إن ساوى أجرة المثل أو كان أقلّ،و إن زاد،فالوجه:أنّ الزيادة للوارث؛ لأنّه أوصى بها لشخص معيّن بشرط الحجّ و لم يفعل الموصى له،فيكون للوارث، و لا شيء للموصى له؛لأنّه إنّما أوصى له بشرط قيامه بالحجّ،و لا فرق بين أن

ص:181


1- 1التهذيب 5:416 الحديث 1448،الوسائل 8:116 الباب 13 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:271 الحديث 1323،الوسائل 8:148 الباب 36 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [2]

يكون وارثا أو غير وارث.

و إن عيّن الأجير دون الأجرة،فقال:أحجّوا عنّي فلانا و لم يذكر مبلغ الأجرة، فإنّه يحجّ عنه بأقلّ ما يوجد من يحجّ عنه،فإن رضي الأجير بذلك و قام به،لم يكن للوليّ العدول عنه إلى غيره؛لأنّه مخالف للوصيّة،و إن لم يقبل ذلك و لم يقم به،كان على الوليّ أن يحجّ عنه بأقلّ ما يوجد من يحجّ عنه.

و إن عيّن الأجرة دون الأجير،فإن كان مساويا لأجرة المثل،صرفه الوارث إلى من شاء ممّن يقوم بالحجّ،و كذا إن كان أنقص،و إن كان أزيد،كان ما يساوي أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث.

و كذا البحث في التطوّع،إلاّ أنّ الواجب يكون من أصل المال،و التطوّع يكون من الثلث.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الواجب الاستئجار من الميقات و أنّ الاستئجار من بلد

الميّت مستحبّ

(1)،فلو أوصى أن يحجّ عنه من بلده،فإن وسع الثلث ذلك،أخرج، و إن ضاق عنه،أخرج أجرة الحجّ من الميقات من صلب المال و ما زاد من الثلث.

و لو أوصى بحجّة تطوّع،أخرجت من الثلث،فإن لم يبلغ الثلث ما يحجّ عنه من موضعه،حجّ عنه من بعض الطريق،و إن بلغ ما يحجّ به عنه من بلده،حجّ عنه منه.

و إن لم يسع الثلث للحجّ أصلا،صرف في وجوه البرّ؛لأنّه بالوصيّة خرج عن ملك الورثة،و لا يمكن صرفه في الطاعة التي عيّنها الموصي،فيصرف إلى غيرها من الطاعات.

و قيل:يصير ميراثا؛لأنّه لم يوص به في غير الحجّ،و صرفه في الحجّ غير

ص:182


1- 1يراجع:ص 163. [1]

ممكن،فكان للورثة (1).و ليس بمعتمد.

مسألة:إذا أوصى بالحجّ فاستؤجر شخص أو استأجره ليحجّ عنه،فإن فعل

الأجير ما شرط عليه،استحقّ الأجرة

،و إن خالف،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

يستحقّ أجرة المثل (2).و لو قيل:لا أجرة له،كان وجها.

ص:183


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) المبسوط 1:299. [1]

المقصد السادس

اشارة

في حجّ النذر و العمرة و في زيادات الحجّ و المزار

و فيه مباحث:
البحثالأوّل:في حجّ النذر
مسألة:النذر و العهد و اليمين أسباب في وجوب الحجّ إذا تعلّقت به بلا خلاف

، قال اللّه تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (1).

و قال: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2).و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

و يشترط في صحّة النذر و العهد و اليمين أمران:كمال العقل و الحرّيّة.

أمّا كمال العقل:فلأنّ الصبيّ و المجنون و من غلب على عقله بمرّة أو سكر أو ما شابه ذلك،لا ينعقد نذره بلا خلاف؛لأنّه منوط بالعقل.

و أمّا الحرّيّة:فلأنّ العبد لا ينعقد نذره إلاّ بإذن مولاه،فلو نذر،كان لمولاه أن يفسخ النذر؛لأنّ أوقاته مستحقّة له،فلا يجوز له صرفها إلى غيره إلاّ بإذنه،و لو أذن له مولاه في النذر،انعقد نذره و لم يكن لمولاه بعد ذلك منعه منه،و يجب عليه إعانته على أدائها بالحمولة (3)إن احتاج إليها؛لأنّه السبب في شغل ذمّته.

ص:184


1- 1الإنسان(76):7. [1]
2- 2) المائدة(5):1. [2]
3- 3) أكثر النسخ:بالحجر له،مكان:بالحمولة.قال في المصباح المنير:152: [3]الحمولة-بالفتح-:البعير، و قد يستعمل في الفرس و البغل و الحمار.

و كذا البحث في أمّ الولد و المكاتب و المدبّر و من انعتق بعضه.

مسألة:و ذات البعل لا ينعقد نذرها إلاّ بإذن زوجها

؛لأنّ أوقاتها مشغولة بحقوقه فلا تصرف إلى غيره،كالعبد،فإن نذرت،لم ينعقد نذرها،و لو أذن لها الزوج في النذر،صحّ و لزم و وجب على الزوج تخليتها للحجّ،كالعبد.

و كذا البحث في المطلّقة رجعيّا؛لأنّها بحكم الزوجة.

أمّا المطلّقة بائنا و المتوفّى عنها زوجها،فإنّها مالكة لأمرها يجوز لها الحجّ تطوّعا بغير إذن الزوج فالنذر له (1)أولى.

و الأمة إذا كانت زوجة،لم ينعقد نذرها إلاّ بإذن الزوج و السيّد معا،حتّى لو أذن لها أحدهما و منعها الآخر،لم ينعقد نذرها؛لأنّ لكلّ منهما حقّا في جميع أوقاتها.

مسألة:و إذا صحّ النذر،لزم الإتيان بما نذره

،ثمّ لا يخلو إمّا أن ينذر الحجّ مطلقا أو مقيّدا بزمان،فإن نذره مطلقا،كان له الإتيان به متى شاء،و يستحبّ له فعله في أوّل أوقات الإمكان.و إن كان معيّنا بوقت،تعيّن بحسب تعيينه و وجب عليه الحجّ فيه،فإن أهمله،وجب عليه قضاؤه فيما بعد و وجب عليه كفّارة خلف النذر، و إن كان فواته لعذر أو لمانع منعه من الحجّ،كعدوّ أو مرض أو غير ذلك،فإنّه لا يلزمه فيما بعد؛لأنّ النذر تعلّق بتلك السنة و قد فات،و قد ثبت أنّ الأمر لا يستعقب القضاء إلاّ بأمر جديد و لم يوجد.

مسألة:لو نذر أن يحجّ و عليه حجّة الإسلام،فإن قصد بالنذر غير حجّة

الإسلام،لم يتداخلا،و إن قصد بها حجّة الإسلام،تداخلا

،و إن أطلق فقولان:

أحدهما:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا حجّ بنيّة النذر،أجزأ عن

ص:185


1- 1لا توجد كلمة:له،في آل و د.

حجّة الإسلام (1).

و الثاني:قال في الجمل (2)و المبسوط (3)و الخلاف:لا يجزئ إحداهما عن الأخرى (4).و هو الوجه عندي.

لنا:أنّهما فرضان اختلف سببهما،فلا يجزئ أحدهما عن الآخر،كما لو عيّن في نذره المغايرة،أو لو كان عليه حجّة القضاء.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه-في الصحيح-عن رفاعة بن موسى،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام،فمشى،هل يجزئه عن حجّة الإسلام؟قال:«نعم» (5).

و الجواب:يحتمل أن يكون النذر تعلّق بكيفيّة الحجّ،لا به نفسه،و نحن نقول به،فإنّه إذا نذر أن يحجّ حجّة الإسلام ماشيا،وجب عليه؛لأنّ المشي في نفسه طاعة،فصحّ تعلّق النذر به؛لأنّه مشقّة في طاعة،فاستحقّ به الثواب.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لا أفضل» (6).

مسألة:إذا نذر حجّة و أطلق،فقد بيّنّا أنّها لا تداخل حجّة الإسلام،و كذا لو

عيّن في نذره المغايرة

.فلو حجّ بنيّة النذر،لم يجزئ عن حجّة الإسلام في

ص:186


1- 1النهاية:205. [1]
2- 2) الجمل و العقود:128.
3- 3) المبسوط 1:325.
4- 4) الخلاف 1:416-417 مسألة-20.
5- 5) التهذيب 5:13 الحديث 35،الوسائل 8:49 الباب 27 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
6- 6) التهذيب 5:11 الحديث 28،الاستبصار 2:141 الحديث 460،الوسائل 8:54 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]

الموضعين عندنا،و وافقنا الشيخ-رحمه اللّه-في الثاني دون الأوّل،و قد سلف (1).

و لو حجّ بنيّة حجّة الإسلام،لم يجزئه عن النذر في الموضعين،أمّا عندنا فظاهر؛لتغايرهما.و أمّا عند الشيخ-رحمه اللّه-فلأنّه ذهب إلى أنّه إذا حجّ بنيّة حجّة الإسلام لا يجزئه عن النذر،أطلق النذر أو قيّد بالمغايرة.

أمّا لو حجّ بنيّة النذر في الثاني،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجزئه عن حجّة الإسلام و هو ظاهر،و لا عن النذر أيضا؛لأنّ الواجب عليه تقديم حجّة الإسلام على النذر (2).

مسألة:لو نذر الحجّ ماشيا،وجب عليه،لأنّه طاعة فيصحّ نذره بلا خلاف

؛ لقوله عليه السلام:«من نذر أن يطيع اللّه فليطعه» (3).

و لحديث رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي عبيدة الحذّاء،قال:

سألت أبا جعفر (4)عليه السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى مكّة حافيا،فقال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج حاجّا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل،فقال:من هذه؟فقالوا:أخت عقبة بن عامر،نذرت أن تمشي إلى مكّة حافية،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب،فإنّ اللّه غنيّ عن

ص:187


1- 1يراجع:ص 185-186. [1]
2- 2) الخلاف 1:416 مسألة-20،الجمل و العقود:128،المبسوط 1:325. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 8:177،سنن أبي داود 3:232 الحديث 3289، [3]سنن ابن ماجة 1:687 الحديث 2126،سنن الترمذيّ 4:104 الحديث 1526، [4]سنن النسائيّ 7:17،سنن الدارميّ 2:184، [5]الموطّأ 2:476 الحديث 8، [6]مسند أحمد 6:36،41 و 224، [7]سنن البيهقيّ 9:231 و ج 10:68 و 75.
4- 4) في التهذيب المطبوع:أبا عبد اللّه.

مشيها و حفاها»قال:فركبت (1).

لأنّ ذلك حكاية حال،فلا عموم له،و إنّما يتناول صورة واحدة،فلعلّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علم من حال المرأة العجز عن المشي،فأمرها بالركوب.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:ناذر المشي إذا احتاج إلى عبور نهر،قام في

السفينة

(2).

و هل قوله هذا على الوجوب أو على الاستحباب؟فيه تردّد،ينشأ من أنّ المشي يجمع القيام و الحركة،فإذا تعذّر أحدهما،لم يسقط الآخر؛لما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام:«إنّ عليّا عليه السلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمرّ بالمعبر،قال:ليقم في المعبر قائما حتّى يجوزه» (3).و الأمر للوجوب.

و من أنّ نذر المشي ينصرف إلى ما يصحّ المشي فيه،فيكون مواضع العبور مستثنى بالعادة فلا يتعلّق النذر به مطلقا.و الأخير أقرب،و الرواية محمولة على الاستحباب،و وجوب القيام من دون الحركة ممنوع.

مسألة:إذا نذر المشي فركب طريقه اختيارا،أعاد

؛لأنّ الوجوب تعلّق بصفة و لم يأت بها مع إمكانها،فيجب عليه إعادتها؛لأنّ فعل غير الواجب لا يخرج عن العهدة.

و لو ركب بعض الطريق،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يقضي و يمشي ما ركب

ص:188


1- 1التهذيب 5:13 الحديث 37،الاستبصار 2:150 الحديث 491،الوسائل 8:60 الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) النهاية:565-566. [2]
3- 3) التهذيب 5:478 الحديث 1693،الاستبصار 4:50 الحديث 171،الوسائل 8:64 الباب 37 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]

و يركب ما مشى (1).و هو قول ابن عمر،و ابن الزبير (2).

و قال ابن إدريس:يقضي ماشيا؛لإخلاله بالصفة المشترطة (3)،و هو جيّد.

أمّا لو عجز فإنّه يركب إجماعا؛لأنّ العجز مسقط للوجوب؛لأنّ التكليف مشروط بالقدرة.

إذا عرفت هذا:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا ركب مع العجز،ساق هديا بدنة؛ كفّارة عن ركوبه (4).و به قال الشافعيّ في أحد القولين (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6).

و أوجب أبو حنيفة الهدي مع العجز و القدرة (7).

و قال المفيد-رحمه اللّه-:لا يسوق شيئا (8).و هو القول الآخر للشافعيّ، و الرواية الثانية عن أحمد.

و قال بعض أصحابنا:لا يخلو النذر إمّا أن يكون معيّنا أو مطلقا،فإن كان معيّنا فإن ركب مع القدرة،قضاه و كفّر؛لخلف النذر.و إن كان مع العجز لم يجبره بشيء، و إن كان النذر مطلقا،وجب القضاء فيما بعد و لا كفّارة (9).و هذا قول جيّد.

ص:189


1- 1النهاية:565-566. [1]
2- 2) المغني 11:347،الشرح الكبير بهامش المغني 11:361.
3- 3) السرائر:357.
4- 4) النهاية:205،المبسوط 1:303.
5- 5) حلية العلماء 3:398،المهذّب للشيرازيّ 1:246،المجموع 8:492،المغني 11:347،الشرح الكبير بهامش المغني 11:361.
6- 6) المغني 11:347،الشرح الكبير بهامش المغني 11:361،الفروع في فقه أحمد 3:551.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:131،بدائع الصنائع 5:84،تبيين الحقائق 2:441،مجمع الأنهر 1: 312،المغني 11:347،الشرح الكبير بهامش المغني 11:361.
8- 8) المقنعة:69.
9- 9) ينظر:المعتبر 2:764. [2]

لنا:أنّ مع الإطلاق لم يتعيّن الزمان الذي ركب فيه للحجّ و لم يأت بما نذره، فيجب عليه فعله؛لأنّ ما فعله غير المنذور،فلا يخرج به عن العهدة.

و مع التعيين إذا ركب مع القدرة يكون قد خالف النذر،فيجب عليه كفّارة خلف النذر،و إذا ركب مع العجز،لم يكن عليه شيء؛لأنّ العجز مسقط لأصل الحجّ؛ لوجه (1)العجز نحوه،فلصفته أولى.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام و عجز أن يمشي، قال:«فليركب و ليسق بدنة،فإنّ ذلك يجزئ عنه إذا عرف اللّه منه الجهد» (2).

و عن ذريح المحاربيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل حلف ليحجّنّ ماشيا فعجز عن ذلك فلم يطقه،قال:«فليركب و ليسق الهدي» (3).

و أبو حنيفة أوجب الهدي مطلقا،و أقلّه:شاة؛لأنّه خلل واقع في الحجّ،فيجبر بالهدي (4).

و الجواب عن الحديثين:أنّهما محمولان على الاستحباب.

و يؤيّده:رواية أبي عبيدة الحذّاء عن الباقر عليه السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه

ص:190


1- 1ع:لتوجّه.
2- 2) التهذيب 5:13 الحديث 36،الاستبصار 2:149 الحديث 489،الوسائل 8:60 الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 5:403 الحديث 1403،الاستبصار 2:149 الحديث 490،الوسائل 8:60 الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:131،تبيين الحقائق 2:441،مجمع الأنهر 1:312،المغني 11:347، الشرح الكبير بهامش المغني 11:361.

عليه و آله أمر أخت عقبة بن عامر بالركوب و لم يوجب عليها شيئا (1).و لو كان واجبا لبيّنه.

و روى الشيخ-في الصحيح-عن رفاعة بن موسى،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه،قال:«فليمش»قلت:فإنّه تعب،قال:

«فإذا تعب ركب» (2).

و لو كان الهدي واجبا،لم يسع له الركوب بمجرّد التعب،بل به و بالهدي، فلا يجوز التعليق على التعب خاصّة.

و قول أبي حنيفة ضعيف؛لأنّا نمنع الإخلال بشيء من أفعال الحجّ،فإنّ الإخلال بالمشي ليس إخلالا بشيء من أفعال الحجّ،و لو سلّم،فلا نسلّم أنّ كلّ إخلال موجب للجبران،بل مع الدلالة.

إذا عرفت هذا:فلو أخلّ بالمشي مع القدرة فعندي في بطلان الحجّ تردّد؛لأنّ المشي ليس مؤثّرا في الحجّ و لا هو من صفاته بحيث يبطل بفواته،بل أقصى ما في الباب أنّه من أخلّ بمشي منذور مقدور على فعله،فيجب عليه كفّارة خلف النذر، و يكون حجّه صحيحا،و فيه إشكال.

مسألة:روى ابن بابويه عن الحسين بن سعيد،عن إسماعيل بن همام المكّيّ،

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام

،عن أبيه عليه السلام،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام في الذي عليه المشي:«إذا رمى الجمرة،زار البيت راكبا» (3).

ص:191


1- 1التهذيب 5:13 الحديث 37،الاستبصار 2:150 الحديث 491،الوسائل 8:60 الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:403 الحديث 1402،الاستبصار 2:150 الحديث 492،الوسائل 8:59 الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:246 الحديث 1180،الوسائل 8:62 الباب 35 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]
مسألة:لو نذر الحجّ،وجب عليه بالنذر دون العمرة،و لو نذر العمرة،وجبت

عليه دون الحجّ

؛لأنّ الأصل براءة الذمّة،و فعل كلّ واحد منهما يصحّ دون صاحبه، فلا يجب بالنذر إلاّ ما تعلّق به.

و كذا يجب بالنذر ما تعلّق به النذر من المرّة الواحدة أو التكرار بحسب القصد و توجّه النذر،و ذلك ظاهر.

و لو نذر الحجّ و عليه حجّة الإسلام،قضاهما معا و يبدأ بحجّة الإسلام،و لو مات استؤجر عنه لأدائهما من أصل المال،و يجوز أن يستأجر اثنان لأدائهما في عام واحد،و لو لم يخلّف مالا سوى ما يكفي حجّة الإسلام،استؤجر لها و استحبّ لوليّه أن يقضي عنه النذر.

و لو نذر الحجّ أو أفسد حجّه و هو معضوب،قيل:يجب أن يستنيب؛لأنّه حجّ وجب عليه و عجز عن أدائه،فكان عليه الاستنابة،كحجّة الإسلام (1)،و قد مضى البحث في ذلك كلّه (2).

و حكم اليمين و العهد،حكم النذر في كون كلّ واحد منهما سببا في إيجاب الحجّ إذا تعلّق به.

ص:192


1- 1ينظر:الشرائع 1:230. [1]
2- 2) يراجع:ص 167. [2]
البحث الثاني
اشارة

في العمرة

مسألة:العمرة واجبة مثل الحجّ على كلّ مكلّف حاصل فيه شرائط الحجّ بأصل

الشرع

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عليّ عليه السلام (1)،و عمر،و ابنه،و ابن عبّاس،و زيد بن أرقم و سائر الصحابة،و من التابعين:سعيد بن المسيّب،و سعيد بن جبير،و عطاء،و طاوس،و مجاهد،و الحسن البصريّ،و ابن سيرين،و الشعبيّ، و من الفقهاء:الثوريّ،و إسحاق (2).

و قال ابن مسعود:إنّها ليست واجبة،و هو مذهب مالك،و أبي ثور (3)، و أصحاب الرأي (4).

ص:193


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 1:328، [1]تفسير القرطبيّ 2:368. [2]
2- 2) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،المجموع 7:7، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:47، [4]بداية المجتهد 1:322.
3- 3) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،بداية المجتهد 1:322،بلغة السالك 1: 261،المجموع 7:7،فتح العزيز بهامش المجموع 7:47،حلية العلماء 3:230،الميزان الكبرى 2:32.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:391،بدائع الصنائع 2:226،شرح فتح القدير 3:62،تبيين الحقائق 2:417، حلية العلماء 3:230،المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،بداية المجتهد 1: 322،المجموع 7:7،فتح العزيز بهامش المجموع 7:48،الميزان الكبرى 2:32،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:142.

و للشافعيّ قولان (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (3).و الأصل في الأمر للوجوب.

و لأنّه عطفها على الحجّ بالواو،فيكون مساوية له في الوجوب؛قضيّة للعطف.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«حجّ عن أبيك و اعتمر» لمّا سأله أبو رزين،فقال:إنّ أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجّ و لا العمرة و لا الظّعن (4).

و عن الصّبيّ بن معبد،قال:أتيت عمر فقلت له:إنّي أسلمت و إنّي وجدت الحجّ و العمرة مكتوبين عليّ[فأتيت رجلا من قومي،فقال لي:اجمعهما و اذبح ما استيسر من الهدي] (5)فأهللت بهما،فقال عمر:هديت لسنّة نبيّك (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،قال:

قلت لأبي جعفر عليه السلام:الذي يلي الحجّ في الفضل؟قال:«العمرة المفردة ثمّ يذهب حيث شاء»و قال:«العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ؛لأنّ اللّه تعالى

ص:194


1- 1الأمّ 2:132،حلية العلماء 3:230،المهذّب للشيرازيّ 1:195،المجموع 7:7،فتح العزيز بهامش المجموع 7:47،الميزان الكبرى 2:32،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:142، السراج الوهّاج:151.
2- 2) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165،الإنصاف 3:387، [1]الميزان الكبرى 2: 32،فتح العزيز بهامش المجموع 7:47.
3- 3) البقرة(2):196. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1810، [3]سنن ابن ماجة 2:970 الحديث 2906،سنن الترمذيّ 3: 269 الحديث 930، [4]سنن النسائيّ 5:111 و 117.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن أبي داود 2:158 الحديث 1798، [5]سنن النسائيّ 5:146-148.

يقول: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (1)» (2).

و لأنّه قول من سمّينا من الصحابة،و لا مخالف لهم إلاّ ابن مسعود على اختلاف عنه (3).

احتجّ المخالف (4):بما رواه جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل عن العمرة أ واجبة هي؟قال:«لا،و أن يعتمر فهو أفضل» (5).

و عن طلحة أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:الحجّ جهاد و العمرة تطوّع (6).

و لأنّه نسك غير مؤقّت،فلم يكن واجبا،كالطواف المجرّد.

و الجواب:أنّ حديث جابر ضعّفه الشافعيّ،قال الترمذيّ:قال الشافعيّ:هو ضعيف لا يقوم بمثله الحجّة،و ليس في العمرة شيء ثابت بأنّها تطوّع (7).

و قال ابن عبد البرّ:روي ذلك بأسانيد لا تصحّ و لا تقوم بمثلها الحجّة (8).

ثمّ هو محمول على المعهود و هو العمرة التي قضوها حين أحصروا في الحديبيّة.و القياس على الطواف باطل؛لأنّ الإحرام من شرط العمرة،بخلاف الطواف.

إذا ثبت هذا:فإنّ وجوبها كوجوب الحجّ في العمر مرّة واحدة،و هي واجبة

ص:195


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:433 الحديث 1502،الوسائل 10:235 الباب 1 من أبواب العمرة الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 3:174،الشرح الكبير بهامش المغني 3:165-166.
4- 4) المغني 3:174،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:165.
5- 5) سنن الترمذيّ 3:270 الحديث 931، [4]مسند أحمد 3:316.
6- 6) سنن ابن ماجة 2:995 الحديث 2989.
7- 7) سنن الترمذيّ 3:271. [5]
8- 8) الاستذكار 4:110-111.

على أهل مكّة و غيرهم،و قد سلف البحث في ذلك كلّه (1).

مسألة:تجزئ عمرة التمتّع عن العمرة المفردة

.و هو قول العلماء كافّة.

روى الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا تمتّع الرجل بالعمرة فقد قضى (2)ما عليه من فريضة العمرة» (3).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (4)يكفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ مكان تلك العمرة المفردة؟قال:«كذلك أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحابه» (5).

و لأنّه أتى بالعمرة متقدّمة،فتكون مجزئة عن المفردة.

و يؤكّد (6)ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن العمرة أ واجبة هي؟قال:«نعم»قلت:فمن تمتّع تجزئ عنه؟قال:«نعم» (7).

مسألة:إذا دخل مكّة بعمرة مفردة في غير أشهر الحجّ،لم يجز له أن يتمتّع بها

ص:196


1- 1يراجع:الجزء العاشر:17 و 20.
2- 2) أكثر النسخ:«مضى».
3- 3) التهذيب 5:433 الحديث 1503،الاستبصار 2:325 الحديث 1150،الوسائل 10:242 الباب 5 من أبواب العمرة الحديث 1. [1]
4- 4) البقرة(2):196. [2]
5- 5) التهذيب 5:433 الحديث 1504،الاستبصار 2:325 الحديث 1151،الوسائل 10:243 الباب 5 من أبواب العمرة الحديث 4. [3]
6- 6) ع،ر و خا:و يؤيّد،مكان:و يؤكّد.
7- 7) التهذيب 5:434 الحديث 1506،الاستبصار 2:325 الحديث 1153،الوسائل 10:242 الباب 5 من أبواب العمرة الحديث 3. [4]

إلى الحجّ،فإن (1)أراد التمتّع،اعتمر عمرة أخرى في أشهر الحجّ.

و إن دخل مكّة بعمرة مفردة في أشهر الحجّ،جاز له أن يقضيها و يخرج إلى بلده أو أيّ موضع شاء،و الأفضل أن يقيم حتّى يحجّ،و يجعلها متعة.

روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ ثمّ يرجع إلى أهله» (2).

و عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل خرج في أشهر الحجّ معتمرا ثمّ رجع إلى بلاده،قال:«لا بأس،و إن حجّ مرّة في عامه و أفرد الحجّ فليس عليه دم،إنّ الحسين عليه السلام خرج قبل التروية إلى العراق و كان معتمرا» (3).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة،فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس» (4).

و ما رواه موسى بن القاسم،قال:أخبرني بعض أصحابنا أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام في عشرين من شوّال،فقال:إنّي أريد أن أفرد عمرة هذا الشهر،فقال له:«أنت مرتهن بالحجّ»فقال له الرجل:إنّ المدينة منزلي و مكّة منزلي و لي بينهما أهل و بينهما أموال،فقال له:«أنت مرتهن بالحجّ»فقال له الرجل:فإنّ لي ضياعا

ص:197


1- 1بعض النسخ:فإذا،مكان:فإن.
2- 2) التهذيب 5:436 الحديث 1515،الاستبصار 2:327 الحديث 1159،الوسائل 10:246 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:436 الحديث 1516،الاستبصار 2:327 الحديث 1160،الوسائل 10:246 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:436 الحديث 1517،الاستبصار 2:327 الحديث 1161،الوسائل 10:247 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 6. [3]

حول مكّة و أحتاج إلى الخروج إليها،قال:«تخرج حلالا و ترجع حلالا إلى الحجّ» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّهما محمولان على أحد أمرين:إمّا الاستحباب،أو على من كانت عمرته متعة فإنّه لا يجوز له أن يخرج؛لأنّه مرتهن بالحجّ،و ليس في الحديثين:أنّها كانت عمرة مفردة أو متمتّعا بها (2).

و يؤكّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:من أين افترق المتمتّع و المعتمر؟فقال:«إنّ المتمتّع مرتبط بالحجّ، و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء،و قد اعتمر الحسين عليه السلام في ذي الحجّة ثمّ راح (3)يوم التروية إلى العراق و الناس يروحون إلى منى،فلا بأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجّ» (4).

و قد روى الشيخ عن وهيب بن حفص،عن عليّ عليه السلام،قال:سأله أبو بصير و أنا حاضر عمّن أهلّ بعمرة في أشهر الحجّ له أن يرجع؟قال:«ليس في أشهر الحجّ عمرة يرجع فيها إلى أهله و لكنّه يجلس بمكّة حتّى يقضي حجّه؛لأنّه إنّما أحرم لذلك» (5).

فقوله عليه السلام:«لأنّه إنّما أحرم لذلك»أي:للحجّ،و هو إشارة إلى من

ص:198


1- 1التهذيب 5:436 الحديث 1518،الاستبصار 2:327 الحديث 1162،الوسائل 8:218 [1] الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3 و ج 10:247 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 8.
2- 2) التهذيب 5:437،الاستبصار 2:328.
3- 3) أكثر النسخ:«و راح»مكان:«ثمّ راح».
4- 4) التهذيب 5:437 الحديث 1519،الاستبصار 2:328 الحديث 1163،الوسائل 10:246 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 5:437 الحديث 1520،الاستبصار 2:328 الحديث 1164،الوسائل 10:247 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 7. [3]

أحرم بالعمرة المتمتّع بها،ليس له الخروج من مكّة حتّى يقضي مناسك الحجّ.

و قد ظهر ممّا تقدّم أنّ من اعتمر في أشهر الحجّ عمرة التمتّع،ليس له أن يخرج من مكّة حتّى يقضي المناسك؛لأنّه مرتبط بالحجّ.و قال عليه السلام:دخلت العمرة في الحجّ هكذا و شبّك بين أصابعه.

و كما أنّه لا يجوز الخروج من مكّة لمن تلبّس بالحجّ،كذا لا يجوز لمن تلبّس بالعمرة المتمتّع بها.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن نجيّة عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا دخل المعتمر مكّة غير متمتّع فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و صلّى الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام فليلحق بأهله إن شاء»و قال:«إنّما أنزلت العمرة المفردة و المتعة؛لأنّ المتعة دخلت في الحجّ و لم تدخل العمرة المفردة في الحجّ» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّما تدخل (2)العمرة المفردة في الحجّ إذا وقعت في أشهر الحجّ،و متى كان الأمر كذلك فهي غير مجزئة عن المتعة (3).

مسألة:و يستحبّ أن يعتمر الإنسان في كلّ شهر مرّة

،قاله علماؤنا.و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،و ابن عبّاس،و أنس،و عائشة،و عطاء،و طاوس، و عكرمة و الشافعيّ،و أحمد.

و كره العمرة في السنة مرّتين الحسن البصريّ،و ابن سيرين،و مالك،

ص:199


1- 1التهذيب 5:434 الحديث 1505،الاستبصار 2:325 الحديث 1152،الوسائل 10:243 الباب 5 من أبواب العمرة الحديث 5. [1]
2- 2) في النسخ:لم تدخل،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:434،الاستبصار 2:325.

و النخعيّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّها اعتمرت في شهر مرّتين بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،عمرة مع قرانها،و عمرة بعد حجّها (2).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما» (3).

[و]قال عليّ عليه السلام:«في كلّ شهر مرّة» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان عليّ عليه السلام يقول:لكلّ شهر عمرة» (5).

و في الصحيح عن يونس بن يعقوب،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:

«كان عليّ عليه السلام يقول:لكلّ شهر عمرة» (6).

و لأنّها طاعة،فاستحبّ تكرارها في السنة،كالصلاة.

احتجّ المخالف:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يفعله (7).

و الجواب:عدم الفعل قد يكون لمانع غير انتفاء الاستحباب.

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه

ص:200


1- 1المغني 3:178.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:2،سنن النسائيّ 5:115،المغني 3:178.
3- 3) مسند أحمد 3:447، [1]صحيح البخاريّ 3:2،صحيح مسلم 2:983 الحديث 1349.
4- 4) مسند الشافعيّ:113 و ص 367،سنن البيهقيّ:344،المغني 3:178.ما بين المعقوفين من المغني.
5- 5) التهذيب 5:435 الحديث 1509،الاستبصار 2:326 الحديث 1154،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 4. [2]
6- 6) التهذيب 5:435 الحديث 1510،الاستبصار 2:326 الحديث 1155،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 5. [3]
7- 7) المغني 3:178.

عليه السلام،قال:«و العمرة في كلّ سنة» (1).

و في الصحيح عن حريز و زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا يكون عمرتان في سنة» (2).

لأنّ المراد بذلك:العمرة المتمتّع بها،أمّا المبتولة فلا بأس.

مسألة:و يستحبّ في كلّ عشرة أيّام عمرة مع التمكّن

.و به قال عطاء، و أحمد بن حنبل (3)؛لأنّها زيارة للبيت،فاستحبّ تكرارها في الشهر الواحد.

روى الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكّة في السنّة المرّة و المرّتين و الأربعة كيف يصنع؟قال:«إذا دخل فليدخل ملبّيا،و إذا خرج فليخرج محلاّ»قال:«و لكلّ شهر عمرة»فقلت:يكون أقلّ؟فقال:«يكون لكلّ عشرة أيّام عمرة»ثمّ قال:«و حقّك لقد كان في عامي هذه السنة ستّ عمر»قلت:لم ذلك؟قال:«كنت مع محمّد بن إبراهيم بالطائف،فكان كلّما دخل دخلت معه» (4).

روى ابن بابويه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلّها في ذي القعدة (5).

إذا عرفت هذا:فقد قيل:إنّه يحرم أن يكون بين العمرتين أقلّ من عشرة أيّام.

ص:201


1- 1التهذيب 5:435 الحديث 1511،الاستبصار 2:326 الحديث 1156،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:435 الحديث 1512،الاستبصار 2:326 الحديث 1157،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 7،8. [2]
3- 3) المغني 3:178. [3]
4- 4) التهذيب 5:434 الحديث 1508،الاستبصار 2:326 الحديث 1158،الوسائل 10:244 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 3. [4]
5- 5) الفقيه 2:275 الحديث 1341،الوسائل 10:238 الباب 2 من أبواب العمرة الحديث 4. [5]

و قيل:يكره (1).و هو الأقرب.

مسألة:و جميع أوقات السنة صالحة للمبتولة

،و أفضل ما يكون في رجب، و هي تلي الحجّ في الفضل،رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل أيّ العمرة أفضل؟عمرة في رجب،أو عمرة في شهر رمضان؟فقال:«لا،بل عمرة في رجب أفضل» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه إذا أحرم بالعمرة في آخر أيّام رجب،فقد أدرك العمرة في رجب،رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أحرمت و عليك من رجب يوم و ليلة فعمرتك رجبيّة» (3).

إذا عرفت هذا:فإنّه تجوز العمرة في جميع أيّام السنة و لا تكره في وقت من أوقاتها.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«عمرة في رمضان تعدل حجّة» (4).و روى عنه أنّه صلّى اللّه عليه و آله اعتمر في شوّال و في ذي القعدة (5).

و اعتمرت عائشة من التنعيم ليلة المحصّب و هي الليلة التي يرجعون من منى إلى مكّة (6).

ص:202


1- 1ينظر:الشرائع 1:303. [1]
2- 2) الفقيه 2:276 الحديث 1347،الوسائل 10:239 الباب 3 من أبواب العمرة الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 2:276 الحديث 1349،الوسائل 10:239 الباب 3 من أبواب العمرة الحديث 4. [3]
4- 4) صحيح مسلم 2:917 الحديث 1256،سنن أبي داود 2:204 الحديث 1988-1989، [4]سنن ابن ماجة 2:996 الحديث 2991-2995،سنن الترمذيّ 3:276 الحديث 939، [5]سنن البيهقيّ 4: 346.
5- 5) سنن أبي داود 2:204 الحديث 1991. [6]
6- 6) فتح العزيز بهامش المجموع 7:76.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ (1)-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكلّ شهر عمرة» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن موسى عليه السلام،قال:«لكلّ شهر عمرة»قال:فقلت له:أ يكون أقلّ من ذلك؟قال:«لكلّ عشرة أيّام عمرة» (3).

و عن أبي الجارود عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن العمرة بعد الحجّ في ذي الحجّة،قال:«حسن» (4).

و لأنّ الحجّ عبادة لها تحريم و تحليل،فكان من جنسها عبادة غير مؤقّتة، كالصلاة.

إذا ثبت هذا:فإنّ العمرة لا تكره في جميع أيّام السنة،و به قال الشافعيّ (5)، و أحمد بن حنبل (6).

و قال أبو حنيفة:تكره في خمسة أيّام:يوم عرفة،و يوم النحر،و أيّام التشريق (7).

و قال أبو يوسف:تكره في أربعة أيّام:يوم النحر،و أيّام التشريق (8).

ص:203


1- 1كذا في النسخ،و لم نعثر عليه في التهذيب و الاستبصار و هي و ما بعدها.بهذا السند و المتن موجودة في الفقيه.
2- 2) الفقيه 2:278 الحديث 1362،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 9. [1]
3- 3) الفقيه 2:278 الحديث 1363،الوسائل 10:245 الباب 6 من أبواب العمرة الحديث 10. [2]
4- 4) الفقيه 2:278 الحديث 1364،الوسائل 10:248 الباب 7 من أبواب العمرة الحديث 12. [3]
5- 5) الأمّ 2:135،المجموع 7:147،148 و 149،فتح العزيز بهامش المجموع 7:75،مغني المحتاج 1:471-472،السراج الوهّاج:154،المغني 3:178.
6- 6) المغني 3:178،الفروع في فقه أحمد 2:286،الإنصاف 3:387، [4]المجموع 7:148 و 149.
7- 7) بدائع الصنائع 2:227،شرح فتح القدير 3:61،مجمع الأنهر 1:307،حلية العلماء 3:253، المجموع 7:148،فتح العزيز بهامش المجموع 7:76.
8- 8) بدائع الصنائع 2:227،شرح فتح القدير 3:61،مجمع الأنهر 1:307،حلية العلماء 3:253.

لنا:أنّ كلّ وقت صالح لها،كغير هذه الأيّام.و لأنّ كلّ وقت لا يكره فيه القران بين الحجّ و العمرة لا يكره فيه إفراد العمرة بالإحرام،كما قيل يوم عرفة.

احتجّوا (1):بما روي عن عائشة،أنّها قالت:السنة كلّها وقت للعمرة إلاّ خمسة أيّام:يوم عرفة و يوم النحر و أيّام التشريق.و لأنّها عبادة غير مؤقّتة،فانقسم وقتها إلى مكروه و غيره،كصلاة التطوّع (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على ما إذا كان متلبّسا بإحرام الحجّ.

و عن الثاني:أنّ التطوّع كان فيه ما هو مؤقّت،بخلاف العمرة.و لأنّ اعتبار العمرة بالطواف المجرّد أولى من اعتباره بالصلاة.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز إدخال الحجّ على العمرة،و لا العمرة على الحجّ

إذا كان قد أحرم بالحجّ وحده

(3)

،بل كلّ واحد منهما له حكم نفسه،فإن أحرم بالعمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ،فضاق عليه الوقت أو حاضت المرأة،جعله حجّة مفردة و مضى فيه،و إن أحرم بالحجّ مفردا ثمّ أراد التمتّع،جاز له أن يتحلّل،ثمّ ينشئ الإحرام بعد ذلك للحجّ فيصير متمتّعا،فأمّا أن يحرم بالحجّ قبل أن يفرغ من مناسك العمرة،أو بها قبل أن يفرغ من مناسكه،فإنّه لا يجوز على حال.

و خالف في ذلك جميع الفقهاء،فقالوا:يجوز إدخال الحجّ على العمرة،و في العكس خلاف.

لنا:قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (4)و لا يمكن إتمامهما معا دفعة، فوجب على التعاقب.

ص:204


1- 1شرح فتح القدير 3:61.
2- 2) بدائع الصنائع 2:227،شرح فتح القدير 3:61.
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:136.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
فروع:
الأوّل:لو قرن بين الحجّ و العمرة في إحرامه،لم ينعقد إحرامه إلاّ بالحجّ

،قاله الشيخ-رحمه اللّه-قال:فإن أتى بأفعال الحجّ،لم يلزمه دم،و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحلّ و يجعلها متعة،جاز ذلك و يلزمه الدم (1).

أمّا المتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكّة،فإنّه يلزمه الدم إجماعا،و لو خرج إلى الميقات و أحرم منه،لم يسقط عنه الدم.و خالف فيه الفقهاء كافّة.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2)و هو عامّ.

الثاني:قد بيّنّا أنّه إذا أحرم بالحجّ و دخل مكّة،جاز له أن يفسخه و يجعله

عمرة يتمتّع بها

(3).و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا:إنّه منسوخ.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من لم يسق الهدي بالفسخ (4)،و من يدّعي الفسخ،يحتاج إلى دليل.

الثالث:قد بيّنّا أنّ وقت العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ هي أشهر الحجّ

(5)

،فلو أحرم بها في غير أشهر الحجّ و فعل بقيّة أفعال العمرة في أشهر الحجّ،لا يكون متمتّعا و لا يلزمه دم،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر قال:يلزمه التمتّع (6)،

ص:205


1- 1الخلاف 1:420 مسألة-30.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر:144.
4- 4) صحيح مسلم 2:877 الحديث 128.
5- 5) يراجع:الجزء العاشر:155.
6- 6) حلية العلماء 3:260-261،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:176، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:138. [3]

و به قال أبو حنيفة (1).

لنا:أنّه لم يفعل جزء العمرة في أشهر الحجّ فلا يصدق عليه فعلها في أشهره.

الرابع:لو أحرم بعمرة فأفسدها ثمّ أحرم بالحجّ،فللشافعيّة وجهان:

أحدهما:ينعقد و يكونان (2)فاسدين.

و الثاني:لا ينعقد؛لأنّه لم يطرأ على إحرام الحجّ ما يفسده حتّى يكون فاسدا، و لا يجوز أن يكون صحيحا و مقارنه فاسدا (3).

مسألة:ميقات العمرة هو ميقات الحجّ لمن كان خارجا من المواقيت إذا قصد

مكّة

.

أمّا أهل مكّة أو من فرغ من الحجّ ثمّ أراد الاعتمار،فإنّه يخرج إلى أدنى الحلّ.

و ينبغي أن يكون من أحد المواقيت التي وقّتها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للعمرة المبتولة.

روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلّها في ذي القعدة:عمرة أهلّ منها من عسفان و هي عمرة الحديبيّة،و عمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة،و عمرة أهلّ فيها من الجعرانة،و هي بعد أن رجع من الطائف من غزاة حنين (4). (5)و قد مضى البحث في ذلك كلّه (6).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز له أن يحرم إلاّ بنسك واحد

(7)،فلو أهلّ بحجّتين أو

ص:206


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:31،بدائع الصنائع 2:169،حلية العلماء 3:261.
2- 2) أكثر النسخ:و يكونا.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:171،172،فتح العزيز بهامش المجموع 7:125.
4- 4) أكثر النسخ:خيبر،مكان:حنين.
5- 5) الفقيه 2:275 الحديث 1341،الوسائل 8:247 الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث 2. [1]
6- 6) يراجع:الجزء العاشر:173.
7- 7) يراجع:الجزء العاشر:282 و 283.

بحجّ ثمّ أدخل عليه آخر،أو بعمرتين،أو بعمرة ثمّ أدخل عليها أخرى انعقد لواحد لا غير.و به قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد بن حنبل (3).

و قال أبو حنيفة:ينعقد بهما؛فإذا توجّه بعمل أحدهما،ارتفض الآخر،و وجب عليه قضاؤها (4).

و قال أبو يوسف:يرتفض عقيب الإحرام؛لأنّه أحرم بنسكين،فانعقد بهما،كما لو أحرم بحجّ و عمرة (5).

لنا:أنّهما عبادتان لا يصحّ المضيّ فيهما،و لا يصحّ الإحرام بهما،كالصلاتين، و قياسه باطل؛لأنّا نمنع الحكم في الأصل على ما تقدّم.سلّمنا،لكنّ الحجّ و العمرة يصحّ المضيّ فيهما عنده،بخلاف صورة النزاع.

مسألة:شرائط وجوب العمرة،شرائط وجوب الحجّ،و مع الشرائط تجب في

العمر مرّة واحدة

.و قد تجب بالنذر و اليمين و العهد و الاستئجار و الإفساد،فلو أفسد عمرة التطوّع أو الواجبة،وجب عليه قضاؤها.

و كذا تجب بالفوات أيضا؛فإنّ من فاته الحجّ،يجب عليه أن يتحلّل بعمرة مفردة،و يقضيه في العام المقبل إن كان الحجّ واجبا،و إلاّ استحبّ القضاء.

ص:207


1- 1الأمّ 2:136،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:226،231، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:203، [2]مغني المحتاج 1:476،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:361.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:416،بلغة السالك 1:271،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 261.
3- 3) المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:261،الفروع في فقه أحمد 2:185،الإنصاف 3:450. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:182،بدائع الصنائع 2:170،الهداية للمرغينانيّ 1:179،شرح فتح القدير 3:43-44،تبيين الحقائق 2:399،الفتاوى الهنديّة 1:254،المغني 3:255،الشرح الكبير بهامش المغني 3:261.
5- 5) بدائع الصنائع 2:170،الفتاوى الهنديّة 1:254.

و تجب أيضا بالدخول إلى مكّة؛فإنّا قد بيّنّا أنّه لا يجوز له الدخول إلى مكّة إلاّ محرما إمّا بالعمرة أو بالحجّ مع انتفاء العذر و عدم تكرّر الدخول،و يتكرّر وجوبها بحسب السبب،و قد مضى ذلك كلّه (1).

مسألة:و صورة العمرة:أن يحرم من الميقات الذي يسوغ له الإحرام منه،ثمّ

يدخل مكّة فيطوف و يصلّي ركعتيه

،ثمّ يسعى بين الصفا و المروة و يقصّر،ثمّ إن كانت العمرة عمرة التمتّع فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه،و يجب عليه الإتيان بعد ذلك بالحجّ.و إن كانت عمرة مبتولة،طاف بعد السعي و التقصير أو الحلق طواف النساء ليحللن (2)له،و يصلّي ركعتيه.

و التمتّع بها تجب على من ليس من أهل مكّة و حاضريها.

و المفردة تجب على أهل مكّة و حاضريها،و لا يصحّ الأوّل إلاّ في أشهر الحجّ، و تسقط المفردة معها،و تصحّ الثانية في جميع أيّام السنة،و أفضلها ما وقع في رجب.

و لو أحرم بالمفردة و دخل مكّة،جاز أن ينوي التمتّع و يلزمه دمه.و لو كان في غير أشهر الحجّ،لم يجزئه.

و لو دخل مكّة متمتّعا،لم يجز له الخروج حتّى يأتي بالحجّ؛لأنّه مرتبط به، نعم،لو خرج بحيث لا يحتاج إلى استئناف إحرام،جاز،و لو خرج فاستأنف عمرة، تمتّع بالأخيرة.

و يجوز الاعتمار في كلّ شهر،و أقلّه:في كلّ عشرة أيّام.

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يجوز في كلّ يوم؛لأنّها زيارة (3).

ص:208


1- 1يراجع:الجزء العاشر:293.
2- 2) د:ليتحلّلن.
3- 3) جمل العلم و العمل:103.

و يتحلّل من المفردة بالتقصير،و الحلق أفضل،و إذا قصّر أو حلق،حلّ له كلّ شيء إلاّ النساء،فإذا أتى بطواف النساء،حلّ له النساء،و هو واجب في المفردة بعد السعي على كلّ معتمر من رجل و امرأة،و خصيّ و خنثى و صبيّ،و هي واجبة على الفور،كالحجّ،و قد مضى بيان ذلك كلّه (1).

و المتمتّع إذا فاتته عمرة المتعة،وجب عليه أن يعتمر بعد الحجّ عمرة مبتولة، و ينبغي له أن يعتمر إذا أمكن الموسى من رأسه،و إن أخّره إلى استقبال الشهر،جاز.

رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المعتمر بعد الحجّ،قال:«إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد روى أصحابنا و غيرهم أنّ التمتّع إذا فاتته عمرة المتعة،اعتمر بعد الحجّ و هو الذي أمر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عائشة،و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«قد جعل اللّه في ذلك فرجا للناس»و قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«المتمتّع إذا فاتته العمرة،أقام إلى هلال المحرّم و اعتمر،فأجزأت عنه مكان عمرة المتعة» (3).

فأمّا إذا فرغ المعتمر من طوافه و سعيه،إن شاء قصّر و إن شاء حلق،و الحلق أفضل.

مسألة:و التقصير متعيّن في عمرة المتمتّع

،لأنّه يؤخّر الحلق إلى منى،و الحلق أفضل في المفردة.

يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:209


1- 1يراجع:الجزء الحادي عشر:349.
2- 2) التهذيب 5:438 الحديث 1521،الوسائل 10:249 الباب 8 من أبواب العمرة الحديث 8. [1]
3- 3) التهذيب 5:438 الحديث 1522،الوسائل 8:215 الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4 و 5. [2]

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المعتمر عمرة مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة و صلاة الركعتين خلف المقام و السعي بين الصفا و المروة،حلق أو قصّر»و سألته عن العمرة المبتولة،فيها الحلق؟قال:«نعم»و قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال في العمرة المبتولة:اللهمّ اغفر للمحلّقين،فقيل:يا رسول اللّه و للمقصّرين، فقال:و للمقصّرين» (1).

و يدلّ على وجوب طواف النساء بعد ما تقدّم (2):ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي البلاد،قال:كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام أسأله عن العمرة المفردة، على صاحبها طواف النساء؟فجاء الجواب:«نعم،هو واجب لا بدّ منه» (3).

مسألة:و لا يجب في العمرة هدي

،فلو ساق هديا،نحره قبل أن يحلق بفناء الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة.

روى ابن بابويه في-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق»قال:«و من ساق هديا و هو معتمر،نحر هديه عند المنحر،و هو بين الصفا و المروة و هي الحزورة» (4).

مسألة:لو جامع قبل السعي،فسدت عمرته و وجب عليه قضاؤها و الكفّارة

بدنة

.روى ابن بابويه عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة،ثمّ يطوف بالبيت طواف الفريضة،ثمّ يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا و المروة،قال:«قد أفسد عمرته و عليه بدنة،و يقيم بمكّة حتّى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه،ثمّ يخرج إلى الميقات الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه

ص:210


1- 1التهذيب 5:438 الحديث 1523،الوسائل 9:543 الباب 5 من أبواب التقصير الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:الجزء الحادي عشر:365.
3- 3) التهذيب 5:439 الحديث 1524،الوسائل 9:494 الباب 82 من أبواب الطواف الحديث 5. [2]
4- 4) الفقيه 2:275 الحديث 1343،الوسائل 10:93 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]

عليه و آله لأهله،فيحرم منه و يعتمر» (1).

و روى عليّ بن رئاب عن بريد العجليّ،عن أبي جعفر عليه السلام:«إنّه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه و يعتمر» (2).

مسألة:من وجب عليه العمرة،لا يجوز له أن يعتمر عن غيره كالحجّ

،و ينبغي إذا أحرم المعتمر أن يذكر في دعائه أنّه يحرم بالعمرة المفردة،و إذا دخل الحرم قطع التلبية.

ص:211


1- 1الفقيه 2:275 الحديث 1344،الوسائل 9:268 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:276 الحديث 1345،الوسائل 9:269 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 3. [2]
البحث الثالث
اشارة

في الزيادات

مسألة:من أحدث حدثا في غير الحرم فالتجأ إلى الحرم،ضيّق عليه في

المطعم و المشرب

،حتّى يخرج فيقام عليه الحدّ؛لقوله تعالى: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1).

و لو أحدث في الحرم،قوبل فيه بجنايته؛لأنّه هتك حرمته،فيقابل بمثل فعله.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رجل قتل رجلا في الحلّ ثمّ دخل الحرم،قال:

«لا يقتل و لكن لا يطعم و لا يسقى،و لا يبايع و لا يؤوى،حتّى يخرج من الحرم فيؤخذ فيقام عليه الحدّ»قال:قلت:فرجل قتل رجلا في الحرم و سرق في الحرم، فقال:«يقام عليه الحدّ و صغار له؛لأنّه لم ير للحرم حرمة،و قد قال اللّه عزّ و جلّ:

فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)يعني في الحرم و قال:

فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ (3). (4)

ص:212


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) البقرة(2):194. [2]
3- 3) البقرة(2):193. [3]
4- 4) التهذيب 5:419 الحديث 1456،الوسائل 9:236 الباب 14 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [4]

و روى الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (1)فقال:«كلّ الظلم فيه إلحاد حتّى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا،فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكّة» (2).

مسألة:لا ينبغي لأهل مكّة أن يمنعوا الحاجّ شيئا من دورها و منازلها

،و الوجه عندي في ذلك:الكراهية.

روى الشيخ-في الصحيح-عن الحسين بن أبي العلاء،قال:ذكر أبو عبد اللّه عليه السلام هذه الآية: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (3)فقال:«كانت مكّة ليس على شيء منها باب،و كان أوّل من علّق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان، و ليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاجّ شيئا من الدور و منازلها» (4).

و عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس ينبغي لأهل مكّة أن يجعلوا على دورهم أبوابا،و ذلك أنّ الحاجّ ينزلون معهم في ساحة الدار حتّى يقضوا حجّهم» (5).

مسألة:يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة

؛لما فيه من التعظيم لبيت اللّه تعالى.

ص:213


1- 1الحجّ(22):25. [1]
2- 2) التهذيب 5:420 الحديث 1457،الوسائل 9:240 الباب 16 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [2]
3- 3) الحجّ(22):25. [3]
4- 4) التهذيب 5:420 الحديث 1458،الوسائل 9:368 الباب 32 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4. [4]
5- 5) التهذيب 5:463 الحديث 1615،الوسائل 9:368 الباب 32 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 5. [5]

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة» (1).

مسألة:لقطة الحرم لا يجوز أخذها،فإن أخذه عرّفه سنة

،فإن جاء صاحبه و إلاّ تخيّر الآخذ بين احتفاظه لصاحبه،كما يحفظ الأمانة،و بين الصدقة به عن صاحبه بشرط الضمان إن لم يرض بذلك صاحبه قاله الشيخ-رحمه اللّه-:و له قول آخر:أنّه لا ضمان عليه مع الصدقة بعد التعريف (2).

أمّا المنع من الأخذ؛فلأنّه مال الغير،فلا يتصرّف فيه إلاّ بإذنه.

و لما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن لقطة الحرم،فقال:«لا تمسّ أبدا حتّى يجيء صاحبها فيأخذها»قلت:فإن كان مالا كثيرا؟قال:«فإن لم يأخذها إلاّ مثلك فليعرّفها» (3).

و أمّا التعريف،فلما تقدّم،و لما يأتي.

و أمّا الصدقة به مع الضمان؛فلما رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:

سألت العبد الصالح عليه السلام عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه،قال:«بئس ما صنع،ما كان ينبغي له أن يأخذه»قلت:ابتلي بذلك؟قال:«يعرّفه»قلت:فإنّه قد عرّفه فلم يجد له باغيا،قال:«يرجع به إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين،فإن جاء طالبه فهو له ضامن» (4).و لأنّ الصدقة تصرّف في مال الغير بغير

ص:214


1- 1التهذيب 5:420 الحديث 1459،الوسائل 9:343 الباب 17 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 3:321، [2]النهاية:320،الخلاف 2:24 مسألة-12.
3- 3) التهذيب 5:421 الحديث 1461،الوسائل 9:361 الباب 28 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:421 الحديث 1462،الوسائل 9:361 الباب 28 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [4]

إذنه فيكون ضامنا له،و وجه الإجزاء:أنّه مأمور بالصدقة،و قد فعل،فلا يكون عليه الضمان.

أمّا لقطة غير الحرم فإنّها تعرّف سنة،فإن جاء صاحبها أخذها،و إلاّ فهي كسبيل ماله،رواه الشيخ-في الصحيح-عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقطة و نحن يومئذ بمنى قال:«أمّا بأرضنا هذه فلا تصلح،و أمّا عندكم فإنّ صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كلّ مجمع،ثمّ هي كسبيل ماله» (1).

و عن إبراهيم بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اللقطة لقطتان:لقطة الحرم تعرّف سنة،فإن وجدت لها طالبا،و إلاّ تصدّقت بها،و لقطة غيرها تعرّف سنة، فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك (2)» (3).و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى في باب اللقطة.

مسألة:يكره الحجّ و العمرة على الإبل الجلاّلات،و هي التي تغتذي بعذرة

الإنسان خاصّة

؛لأنّها محرّمة،فيكره الحجّ عليها.

و يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،أنّ عليّا عليه السلام كان يكره الحجّ و العمرة على الإبل الجلاّلات (4).

مسألة:يستحبّ لمن حجّ على طريق العراق أن يبدأ أوّلا بزيارة النبيّ صلّى اللّه

عليه و آله بالمدينة

،ثمّ يمضي إلى مكّة؛لأنّه ربما حصل له عائق عن المضيّ إليه.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:215


1- 1التهذيب 5:421 الحديث 1463،الوسائل 9:361 الباب 28 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) في النسخ:ماله،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:421 الحديث 1464،الوسائل 9:361 الباب 28 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 5:439 الحديث 1525،الوسائل 9:330 الباب 57 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [3]

عليه السلام عن الحاجّ من الكوفة،يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكّة؟قال:

«بالمدينة» (1).

و قد روي التخيير بينهما،رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن الممرّ بالمدينة في البداءة[أفضل] (2)أو في الرجعة؟قال:«لا بأس بذلك أيّة كان» (3).

و في رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر،عن أبيه،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام أبدأ بالمدينة أو بمكّة؟قال:«ابدأ بمكّة و اختم بالمدينة؛فإنّه أفضل» (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه محمول على من حجّ على غير طريق العراق؛ جمعا بين الأخبار (5).

مسألة:إذا ترك الناس الحجّ،وجب على الإمام إجبارهم على ذلك

؛لأنّه واجب،فيجب عليه الأمر به،و الإجبار عليه مع المخالفة.

و لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجبرهم الإمام عليها (6).

ص:216


1- 1التهذيب 5:439 الحديث 1526،الاستبصار 2:328 الحديث 1165،الوسائل 10:251 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:440 الحديث 1528،الاستبصار 2:329 الحديث 1167،الوسائل 10:251 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:439 الحديث 1527،الاستبصار 2:329 الحديث 1166،الوسائل 10:251 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:440،الاستبصار 2:329.
6- 6) النهاية:285،المبسوط 1:385. [4]

و منع ابن إدريس من وجوب ذلك؛لأنّها مستحبّة،فلا يجب إجبارهم عليها (1).

و نحن نقول:إنّ ذلك يدلّ على الجفاء و هو محرّم،فيجبرهم الإمام عليه السلام لذلك.

مسألة:تكره الصلاة في طريق مكّة في أربعة مواضع:البيداء،و ذات

الصلاصل،و ضجنان،و وادي الشقرة

،و قد مضى (2).

رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اعلم أنّه تكره الصلاة في ثلاثة أمكنة من الطريق:البيداء و هي ذات الجيش،و ذات الصلاصل،و ضجنان»قال:«و لا بأس أن يصلّي بين الظواهر،و هي الجوادّ جوادّ الطريق،و يكره أن يصلّي في الجوادّ (3)» (4).

مسألة:يستحبّ الإتمام في الحرمين:مكّة و المدينة ما دام مقيما،و إن لم ينو

المقام عشرة أيّام

،و لو قصّر لم يكن عليه شيء.

و كذا يستحبّ الإتمام في مسجد الكوفة و الحائر على ساكنه السلام.روى الشيخ-رحمه اللّه-عن إبراهيم بن شيبة،قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام، أسأله عن إتمام الصلاة في الحرمين:فكتب إليّ (5)«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:217


1- 1السرائر:153.
2- 2) يراجع:الجزء الرابع:348.
3- 3) الجادّة:معظم الطريق،و قيل:وسطه،و قيل:الطريق الأعظم،و الجمع:جوادّ.لسان العرب 3: 109. [1]
4- 4) التهذيب 2:375 الحديث 1560،الوسائل 3:451 [2] الباب 23 من أبواب مكان المصلّي الحديث 2 و ص 444 الباب 19 الحديث 1.
5- 5) في النسخ:إليه،و ما أثبتناه من المصدر.

و آله يحبّ إكثار الصلاة في الحرمين فأكثر[فيهما] (1)و أتمّ» (2).

و عن عثمان بن عيسى،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن إتمام الصلاة و الصيام في الحرمين،فقال:«أتمّها و لو صلاة واحدة» (3).

و عن مسمع،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:«كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يرى لغيرهما و يقول:إنّ الإتمام فيهما من الأمر المذخور» (4).

و عن عمر بن رياح (5)،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:أقدم مكّة أتمّ أو

ص:218


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:425 الحديث 1476،الاستبصار 2:330 الحديث 1172،الوسائل 5:547 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 18. [1]
3- 3) التهذيب 5:425 الحديث 1477،الاستبصار 2:330 الحديث 1173،الوسائل 5:547 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 17. [2]
4- 4) التهذيب 5:426 الحديث 1478،الاستبصار 2:330 الحديث 1174،الوسائل 5:543 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 2. [3]
5- 5) عمر بن رياح(رباح)القلاّء،السوّاق،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،وقف،و كلّ ولده واقفة،ذكره النجاشيّ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عليّ بن عمر.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:عمر بن رياح الزهريّ القلاّء مولى.و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة:عمر بن رياح:بتريّ،و هذا ينافي كونه من الواقفة؛لأنّ البتريّة فرقة من الزيديّة.و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي جعفر عليه السلام و روى عنه أبو بصير،الكافي 6:57 الحديث 1، و [4]روى عنه صفوان أيضا،ثمّ قال:على ما ذكرناه فعمر بن رياح روى عن ثلاثة من الأئمّة عليهم السلام،و بناء على أنّ رواية صفوان عن رجل يدلّ على وثاقته يحكم بوثاقة الرجل لكنّه غير ثابت،ثمّ إنّه قد اختلف في اسم أبيه هل هو رياح أو رباح،قال الشيخ و المامقانيّ:هو رياح في ترجمة عمر بن رياح و لكنّ النجاشيّ و الشيخ و المامقانيّ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عليّ بن عمر قالوا: هو عمر بن رباح،و قال المامقانيّ:ضبطه بالرّاء المهملة المفتوحة و الباء الموحّدة و الحاء وزان سحاب.رجال النجاشيّ:92،رجال الشيخ:252 و 454،الفهرست:26، [5]رجال العلاّمة:241، [6]تنقيح المقال 1:88 و ج 2:343، [7]معجم رجال الحديث 2:298 و ج 13:40. [8]

أقصّر؟قال:«أتمّ»قلت:و أمرّ بالمدينة فأتمّ الصلاة أو أقصّر؟قال:«أتمّ» (1).

و في الصحيح عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال لي:«إذا دخلت مكّة فأتمّ يوم تدخل» (2).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التمام بمكّة و المدينة،قال:«أتمّ و إن لم تصلّ فيهما إلاّ صلاة واحدة» (3).

و قد روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال:سألت الرضا عليه السلام عن الصلاة بمكّة و المدينة قصر أو تمام؟قال:«قصّر ما لم تعزم على مقام عشرة أيّام» (4).

و عن عليّ بن حديد،قال:سألت الرضا عليه السلام،فقلت:إنّ أصحابنا اختلفوا في الحرمين:فبعضهم يقصّر و بعضهم يتمّ،و أنا ممّن يتمّ على رواية قد رواها أصحابنا في التمام،و ذكرت عبد اللّه بن جندب أنّه كان يتمّ،قال:«رحم اللّه ابن جندب»ثمّ قال لي:«لا يكون الإتمام إلاّ أن تجمع على إقامة عشرة أيّام،و صلّ النوافل ما شئت»قال ابن حديد:و كان محبّتي أن يأمرني بالإتمام (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذان يحتملان أمرين:

ص:219


1- 1التهذيب 5:426 الحديث 1479،الاستبصار 2:330 الحديث 1175،الوسائل 5:545 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:426 الحديث 1480،الاستبصار 2:331 الحديث 1176،الوسائل 5:545 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 5:426 الحديث 1481،الاستبصار 2:331 الحديث 1177،الوسائل 5:544 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 5:426 الحديث 1482،الاستبصار 2:331 الحديث 1178،الوسائل 5:550 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 32. [4]
5- 5) التهذيب 5:426 الحديث 1483،الاستبصار 2:331 الحديث 1179،الوسائل 5:551 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 33. [5]

أحدهما:أنّ التقصير توجّه إلى من لا يعزم على مقام عشرة أيّام إذا اعتقد وجوب الإتمام فيهما؛فإنّ الإتمام ليس بواجب،بل هو مندوب.

الثاني:أنّ من حصل بالحرمين ينبغي له أن يعزم على مقام عشرة أيّام و يتمّ الصلاة فيهما،و إن كان يعلم أنّه لا يقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغد،و يكون هذا ممّا يختصّ به هذان الموضعان،و يتميّزان به من سائر البلدان،قال:و هذا هو المعتمد عندي (1).

فاستدلّ عليه:بما رواه محمّد بن إبراهيم الحضينيّ (2)،قال:استأمرت أبا جعفر عليه السلام في الإتمام و التقصير،قال:«إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيّام و أتمّ الصلاة»فقلت له:إنّي أقدم مكّة قبل يوم التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة،قال:«انو عشرة أيّام و أتمّ الصلاة» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و نيّة المقام عشرة أيّام مستحبّة و ليست فرضا (4).

و استدلّ:بما رواه عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن التقصير بمكّة،فقال:«أتمّ و ليس بواجب إلاّ أنّي أحبّ لك مثل الذي أحبّ لنفسي» (5).

ص:220


1- 1التهذيب 5:427،الاستبصار 2:331.
2- 2) محمّد بن إبراهيم الحضينيّ-بالحاء المضمومة المهملة و الضاد المعجمة و النون بين الياءين-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام،و يظهر من الرواية التي رواها الكشيّ أنّه من خصّيص الشيعة،روى عن حمدان الحضينيّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنّ أخي مات،فقال لي:«رحم اللّه أخاك فإنّه كان من خصّيص شيعتي»و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطوسيّ:405،رجال الكشيّ:563،رجال العلاّمة:152. [1]
3- 3) التهذيب 5:427 الحديث 1484،الاستبصار 2:332 الحديث 1180،الوسائل 5:546 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 15. [2]
4- 4) التهذيب 5:428-429،الاستبصار 2:332.
5- 5) التهذيب 5:429 الحديث 1488،الاستبصار 2:333 الحديث 1184،الوسائل 5:547 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 19. [3]

و عن الحسين بن المختار،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:قلت له:إنّا إذا دخلنا[مكّة و] (1)المدينة نتمّ أو نقصّر؟قال:«إن قصّرت فذاك و إن أتممت فهو خير تزداد» (2).

و يدلّ على استحباب الإتمام بجامع الكوفة و الحائر:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن:حرم اللّه،و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و حرم أمير المؤمنين عليه السلام،و حرم الحسين عليه السلام» (3).

و عن زياد القنديّ قال:قال أبو الحسن عليه السلام:«يا زياد أحبّ لك ما أحبّ لنفسي،و أكره لك ما أكره لنفسي،أتمّ الصلاة في الحرمين،و بالكوفة،و عند قبر الحسين عليه السلام» (4).و الأخبار في ذلك كثيرة و قد مضى البحث فيه (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّه ينبغي للإمام أن يجبر الناس على الحجّ و على زيارة النبيّ

صلّى اللّه عليه و آله إذا تركوهما

(6)،و يجوز له أن ينفق عليهم من بيت مال المسلمين إذا لم يكن لهم مال؛لأنّه مساعدة على الطاعة،فكان مشروعا.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن حفص بن

ص:221


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 5:430 الحديث 1491،الاستبصار 2:334 الحديث 1188،الوسائل 5:547 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 16. [1]
3- 3) التهذيب 5:430 الحديث 1494،الاستبصار 2:334 الحديث 1191،الوسائل 5:543 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 1. [2]في التهذيب و الوسائل:«و [3]حرم الحسين بن عليّ عليهما السلام».
4- 4) التهذيب 5:430 الحديث 1495،الاستبصار 2:335 الحديث 1192،الوسائل 5:546 الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث 13. [4]
5- 5) يراجع:الجزء السادس ص 364.
6- 6) يراجع:ص 216. [5]

البختريّ،و هشام بن سالم،و حسين الأحمسيّ (1)،و حمّاد و غير واحد،و معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لو أنّ الناس تركوا الحجّ لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده،و لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك،فإن لم يكن لهم أموال،أنفق عليهم من بيت مال المسلمين» (2).

مسألة:من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت اللّه تعالى،بيع و صرف في الحاجّ

و الزائرين

،روى ذلك الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل جعل[ثمن] (3)جاريته هديا للكعبة،قال:

«مر مناديا يقم على الحجر،فينادي:ألا من قصرت نفقته،أو قطع به أو نفد طعامه فليأت فلان بن فلان،و أمره أن يعطي أوّلا فأوّلا حتّى ينفد (4)ثمن الجارية» (5).

مسألة:يجوز أن يستدين الإنسان للحجّ إذا كان له مال يفي به لو مات

،و لو

ص:222


1- 1الحسين الأحمسيّ:قال الشيخ في الفهرست: [1]الحسين الأحمسيّ له كتاب،رويناه بالإسناد الأوّل عن ابن أبي عمير عنه،و أراد بالإسناد الأوّل:عدّة من أصحابنا عن أبي المفضّل عن ابن بطّة،عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير.و يظهر من المامقانيّ و السيّد الخوئيّ اتّحاده مع الحسين بن عثمان الأحمسيّ الذي عنونه النجاشيّ بهذا العنوان و قال:كوفيّ ثقة،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و قال:مولى كوفيّ،و مع ذلك ذكره الشيخ في الفهرست [2]على حدة و هذا ينافي الاتّحاد،قال السيّد الخوئيّ:طريق الشيخ في الفهرست [3]إلى الحسين الأحمسيّ هو عين طريقه إلى الحسين بن عثمان الأحمسيّ و مع ذلك يطمأنّ بوقوع التكرار في كلام الشيخ و اللّه العالم.رجال الطوسيّ:183،الفهرست:56، [4]رجال النجاشيّ:54،تنقيح المقال 1:320، [5]معجم رجال الحديث 5:174 و ج 6:27. [6]
2- 2) التهذيب 5:441 الحديث 1532،الوسائل 8:16 الباب 5 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [7]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في المصدر:«يتصدّق»مكان:«ينفد».
5- 5) التهذيب 5:483 الحديث 1719،الوسائل 9:354 الباب 22 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 7. [8]

لم يكن له مال،كره له الاستدانة.

روى الشيخ عن معاوية بن وهب،عن غير واحد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي رجل ذو دين أ فأتديّن و أحجّ؟فقال:«نعم،هو أقضى للدّين» (1).

و عن محمّد بن أبي عمير،عن عقبة،قال:جاءني سدير الصيرفيّ،فقال:إنّ أبا عبد اللّه عليه السلام يقرأ عليك السلام و يقول لك:«ما لك لا تحجّ،استقرض و حجّ» (2).

و هذان الحديثان و إن كانا بإطلاقهما يقتضيان الاستدانة مطلقا،لكنّ التفصيل أولى؛لما رواه عبد الملك بن عتبة،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل عليه دين يستقرض و يحجّ؟قال:«إن كان له وجه مال،فلا بأس» (3).

و عن موسى بن بكر الواسطيّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يستقرض و يحجّ،قال:«إن كان خلف ظهره ما إن حدث به حدث أدّى عنه، فلا بأس» (4).

و عن عيسى بن أبي منصور،قال:قال لي جعفر بن محمّد عليهما السلام:«يا عيسى إن استطعت أن تأكل الخبز و الملح و تحجّ في كلّ سنة فافعل» (5).

ص:223


1- 1التهذيب 5:441 الحديث 1533،الاستبصار 2:329 الحديث 1168،الوسائل 8:99 الباب 50 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:441 الحديث 1534،الاستبصار 2:329 الحديث 1169،الوسائل 8:99 الباب 50 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:442 الحديث 1535،الاستبصار 2:329 الحديث 1170،الوسائل 8:100 الباب 50 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 5:442 الحديث 1536،الاستبصار 2:330 الحديث 1171،الوسائل 8:100 الباب 50 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 7. [4]
5- 5) التهذيب 5:442 الحديث 1537،الوسائل 8:95 الباب 26 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [5]

و قد روى البرقيّ عن شيخ رفع الحديث إلى أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال له:يا فلان أقلل النفقة في الحجّ تنشط للحجّ و لا تكثر النفقة في الحجّ فتملّ الحجّ» (1).

مسألة:روى المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من ركب

زاملة،ثمّ وقع منها فمات،دخل النار»

(2).

قال الشيخ:الوجه في هذا الحديث:ما ذكره أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه -رحمه اللّه-من أنّه كان من عادة العرب إذا أرادوا النزول،رموا بنفوسهم عن (3)الزاملة،من غير تعلّق بشيء منها،فنهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه و قال:«من فعل ذلك و مات،دخل النار» (4).

و في رواية محمّد بن أبي عمير عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«من ركب زاملة فليوص» (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا الخبر إنّما يدلّ على الحثّ على الوصيّة،و إنّما خصّ بهذا الموضع؛لما اشتمل عليه من الخطر؛لما يلحق الإنسان من النوم و السهو،فلا يأمن أن يقع فيهلك (6).

مسألة:يستحبّ لمن انصرف من الحجّ،العزم على العود و سؤال اللّه تعالى

ذلك

؛لأنّه من أعظم الطاعات و أشقّها،فالعزم عليها طاعة،و يكره ترك العزم.

روى الشيخ عن محمّد بن أبي حمزة رفعه،قال:«من خرج من مكّة و هو

ص:224


1- 1التهذيب 5:442 الحديث 1538،الوسائل 8:105 الباب 53 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:440 الحديث 1530،الوسائل 8:266 الباب 12 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [2]
3- 3) في النسخ:على،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:440،الفقيه 2:309.
5- 5) التهذيب 5:441 الحديث 1531،الوسائل 8:267 الباب 13 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:441،الفقيه 2:309.

لا يريد العود إليها،فقد قرب أجله و دنا عذابه» (1).

و عن الحسن بن عليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ يزيد بن معاوية حجّ فلمّا انصرف قال:

إذا جعلنا ثافلا (2)يمينا فلا نعود بعدها سنينا

للحجّ و العمرة ما بقينا

فنقص اللّه عمره و أماته قبل أجله» (3).

مسألة:و يستحبّ الدعاء للقادم بما رواه الشيخ عن عبد الوهّاب بن الصباح

(4)، عن أبيه،قال:لقي مسلم (5)مولى أبي عبد اللّه عليه السلام صدقة الأحدب (6)،و قد

ص:225


1- 1التهذيب 5:444 الحديث 1545،الوسائل 8:107 الباب 57 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) ثافل:جبلان،يقال لاحدهما:ثافل الأكبر و للآخر:ثافل الأصغر و هما لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة.معجم البلدان 2:71. [2]
3- 3) التهذيب 5:444 الحديث 1546،الوسائل 8:107 الباب 57 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [3]
4- 4) عبد الوهّاب بن الصباح الطنافسيّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكنّ حاله مجهول،نعم في رواية الحسن بن محبوب و محمّد بن أبي عمير عنه إشعار بوثاقته.رجال الطوسيّ:238،تنقيح المقال 2:234، [4]معجم رجال الحديث 11:46. [5]
5- 5) مسلم مولى أبي عبد اللّه عليه السلام،روى الكشّيّ عن محمّد بن مسعود قال:حدّثنا عليّ بن الحسن، قال:حدّثنا محمّد بن الوليد البجليّ،عن العبّاس بن هلال عن أبي الحسن عليه السلام،قال:ذكر أنّ مسلما مولى جعفر بن محمّد سنديّ،و أنّ جعفر قال له:أرجو أن تكون قد وفّقت الاسم،و أنّه علّم القرآن في النوم فأصبح و قد علمه.و قال المامقانيّ:الرواية التي رواها الشيخ في التهذيب المتضمّنة لملاقاته صدقة الأحدب،دلّ على كونه إماميّا و ذلك إن لم يفد وثاقته فلا أقلّ من إفادته حسنا. رجال الكشّيّ:338،تنقيح المقال 3:215. [6]
6- 6) صدقة الأحدب،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على ما رواه الشيخ في التهذيب 5:444 الحديث 1547 عن عبد الوهّاب بن الصباح،عن أبيه قال:لقي مسلم مولى أبي عبد اللّه عليه السلام صدقة الأحدب...و قال السيّد الخوئيّ:في الرواية دلالة-

قدم من مكّة،فقال له مسلم:الحمد للّه الذي يسّر سبيلك،و هدى دليلك،و أقدمك بحال عافية،و قد قضى الحجّ،و أعان على السعة،تقبّل اللّه منك،و أخلف عليك نفقتك و جعلها حجّة مبرورة،و لذنوبك طهورا،فبلغ ذلك أبا عبد اللّه عليه السلام،فقال له:«كيف قلت لصدقة»فأعاد عليه،فقال:«من علّمك بهذا؟»فقال:جعلت فداك، مولاي أبو الحسن عليه السلام،فقال له:«نعم ما تعلّمت،إذا لقيت أخا من إخوانك فقل له هكذا؛فإنّ الهدى بنا هدى 1،و إذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما يقولون» 2.

مسألة:ينبغي للحاجّ الانتظار للحائض،حتّى تقضي مناسكها

؛لأنّ الإتمام واجب و التفرّد فيه ضرر عليها.

روى الشيخ عن موسى بن عامر 3،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:

«أميران و ليسا بأميرين:صاحب الجنازة،ليس لمن يتبعها أن يرجع حتّى يأذن له، و امرأة حجّت مع قوم فاعتلّت بالحيض،فليس لهم أن يرجعوا و يدعوها حتّى تأذن

ص:226

لهم» (1).

مسألة:الطواف لمن جاور بمكّة أفضل من الصلاة،ما لم يجاور ثلاث سنين

فإن جاورها أو كان من أهل مكّة،كانت الصلاة أفضل.روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطواف يعني أهل مكّة فيمن جاورها أفضل أو الصلاة؟فقال:«الطواف للمجاورين أفضل،و الصلاة لأهل مكّة و القاطنين بها أفضل من الطواف» (2).

و في الصحيح عن ابن أبي عمير،عن حفص بن البختريّ و حمّاد و هشام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أقام الرجل بمكّة سنة،فالطواف أفضل،و إذا أقام سنتين،خلط من هذا و هذا،فإذا أقام ثلاث سنين،فالصلاة أفضل» (3).

مسألة:ينبغي لأهل مكّة أن يتشبّهوا بالمحرمين في ترك لبس المخيط

؛لأنّ ذلك شعار المسلمين في ذلك الوقت و المكان.

روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا ينبغي لأهل مكّة أن يلبسوا القميص،و أن يتشبّهوا بالمحرمين شعثا غبرا»و قال:«ينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك» (4).

مسألة:الأيّام المعدودات:عشر ذي الحجّة،و المعلومات:أيّام التشريق

،روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن حمّاد بن عيسى،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:«قال أبي:قال عليّ عليه السلام:اذكروا اللّه في أيّام معدودات

ص:227


1- 1التهذيب 5:444 الحديث 1548،الوسائل 8:305 الباب 36 من أبواب آداب السفر الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:446 الحديث 1555،الوسائل 8:398 الباب 9 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:447 الحديث 1556،الوسائل 8:397 الباب 9 من أبواب الطواف الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 5:447 الحديث 1557،الوسائل 9:545 الباب 7 من أبواب التقصير الحديث 2. [4]

قال:عشر ذي الحجّة،و أيّام معلومات قال:أيّام التشريق» (1).

مسألة:و صرف المال في الحجّ المفروض أفضل من الصدقة به على ولد

فاطمة عليها السلام

؛لأنّ الحجّ واجب و الصدقة ندب.

و روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أوصت أن ينظر قدر ما يحجّ به فيسأل فإن كان الفضل أن يوضع في فقراء ولد فاطمة عليها السلام،وضع فيهم،و إن كان الحجّ أفضل،حجّ به عنها،فقال:«إن كان عليها حجّة مفروضة،فليجعل ما أوصت به في حجّتها أحبّ إليّ من أن يقسّم في فقراء ولد فاطمة عليها السلام» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يستحبّ أن يحجّ الإنسان عن والديه و ولده

(3)،و إن كان المحجوج عنه مملوكا لا يجب عليه الحجّ،لم يحجّ عنه؛لأنّ ثواب ذلك يصل إليه.

رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سليمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و[قد] (4)سألته امرأة فقالت:إنّ ابنتي توفّيت و لم يكن بها بأس فأحجّ عنها؟قال:«نعم» قالت:إنّها كانت مملوكة،فقال:«لا،عليك بالدعاء،فإنّه يدخل عليها،كما يدخل البيت الهديّة» (5).

مسألة:دخول الكعبة للنساء مستحبّ و ليس بواجب،و لا يتأكّد في حقّهنّ،

كالرجال

.

ص:228


1- 1التهذيب 5:447 الحديث 1558،الوسائل 10:219 الباب 8 من أبواب العود إلى منى الحديث 4 و 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:447 الحديث 1559،الوسائل 8:80 الباب 42 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [2]
3- 3) يراجع:ص 169.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:447 الحديث 1560،الوسائل 8:140 الباب 25 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 8. [3]

و يدلّ على الاستحباب:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سئل عن دخول النساء الكعبة،فقال:«ليس عليهنّ،فإن فعلن فهو أفضل» (1).

مسألة:تكره المجاورة بمكّة،و يستحبّ لمن أدّى مناسكه الخروج منها

،رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكّة سنة»قلت:كيف يصنع؟قال:«يتحوّل عنها» (2).

مسألة:من أخرج شيئا من حصى المسجد،كان عليه ردّه

،رواه الشيخ-في الصحيح-عن زيد الشحّام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أخرج من المسجد [و]في ثوبي حصاة؟قال:«تردّها أو اطرحها في مسجد» (3).

أمّا ثياب الكعبة:فقد روى الشيخ أنّه ينبغي لمن تصل إليه،أن يتّخذها للمصاحف أو الصبيان أو المخدّة (4)،للبركة.رواه عن عبد الملك بن عتبة،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شيء يصل إلينا من ثياب الكعبة،هل يصلح لنا أن نلبس شيئا منها؟فقال:«يصلح للصبيان و المصاحف و المخدّة،يبتغى بذلك البركة إن شاء اللّه تعالى» (5).

ص:229


1- 1التهذيب 5:448 الحديث 1561،الوسائل 9:378 الباب 41 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:448 الحديث 1565،الوسائل 9:342 الباب 16 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:449 الحديث 1568،الوسائل 9:334 الباب 12 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 5. [3]ما بين المعقوفين أضفناه من الكافي 4:229 الحديث 4. [4]
4- 4) المخدّة-بكسر الميم-:سمّيت بذلك لأنّها توضع تحت الخدّ و الجمع:المخادّ،وزان:دوابّ. المصباح المنير:165. [5]
5- 5) التهذيب 5:449 الحديث 1567،الوسائل 8:359 الباب 26 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [6]
مسألة:لا ينبغي للموسر المتمكّن،ترك الحجّ أكثر من خمس سنين

؛لأنّه طاعة عظيمة فيستحبّ المداومة عليها.

روى الشيخ عن ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من مضت له خمس سنين،فلم يعد إلى ربّه و هو موسر إنّه لمحروم» (1).

و عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ رجلا استشارني في الحجّ،و كان ضعيف الحال،فأشرت عليه أن لا يحجّ؟قال:«ما أخلقك (2)أن تمرض»قال:فمرضت سنة (3).

مسألة:و يستحبّ الطواف عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و عن الأئمّة عليهم

السلام

.

روى الشيخ عن موسى بن القاسم،قال:قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام:قد أردت أن أطوف عنك و عن أبيك،فقيل لي:إنّ الأوصياء لا يطاف عنهم،فقال:«بلى طف ما أمكنك فإنّ ذلك جائز»ثمّ قلت له بعد ذلك بثلاث سنين:إنّي كنت استأذنتك في الطواف عنك و عن أبيك فأذنت لي في ذلك،فطفت عنكما ما شاء اللّه تعالى،ثمّ وقع في قلبي شيء فعملت به،فقال:«و ما هو؟»قلت:طفت يوما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال ثلاث مرّات:«صلّى اللّه على رسول اللّه»و اليوم الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام،ثمّ طفت اليوم الثالث عن الحسن عليه السلام،و الرابع عن الحسين عليه السلام،و الخامس عن عليّ بن الحسين عليه السلام،و السادس عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام،و السابع عن جعفر بن محمّد

ص:230


1- 1التهذيب 5:450 الحديث 1570،الوسائل 8:98 الباب 49 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) أكثر النسخ:ما أخافك.قال في مجمع البحرين 5:158:و [2]قوله عليه السلام:«ما أخلقك أن تمرض»كأنّ المعنى:ما أليق بك و أجدر بك.
3- 3) التهذيب 5:450 الحديث 1569،الوسائل 8:97 الباب 48 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [3]

برای مشاهده متن کتاب می بایست عضو سایت شوید و چنانچه عضو هستید از اینجا وارد شوید

لمشاهدة محتويات الكتاب عليك أن تسجل عضواً في الموقع وإن كنت عضواً فيه ادخل من هنا

To view the book text you must Sign up first. If you are a member, Sign in here

-------------------------

إن كنت لا تقدر علی شراء الاشتراك عبرPayPal أو بطاقة VISA، الرجاء ارسال رقم هاتفك المحمول إلی مدير الموقع عبر webmaster@noorlib.ir [1]

If you fail to purchase subscription via PayPal or VISA Card, please send your mobile number to the Website Administrator via webmaster@noorlib.ir [2]

ص:

برای مشاهده متن کتاب می بایست عضو سایت شوید و چنانچه عضو هستید از اینجا وارد شوید

لمشاهدة محتويات الكتاب عليك أن تسجل عضواً في الموقع وإن كنت عضواً فيه ادخل من هنا

To view the book text you must Sign up first. If you are a member, Sign in here

-------------------------

إن كنت لا تقدر علی شراء الاشتراك عبرPayPal أو بطاقة VISA، الرجاء ارسال رقم هاتفك المحمول إلی مدير الموقع عبر webmaster@noorlib.ir [1]

If you fail to purchase subscription via PayPal or VISA Card, please send your mobile number to the Website Administrator via webmaster@noorlib.ir [2]

ص:

برای مشاهده متن کتاب می بایست عضو سایت شوید و چنانچه عضو هستید از اینجا وارد شوید

لمشاهدة محتويات الكتاب عليك أن تسجل عضواً في الموقع وإن كنت عضواً فيه ادخل من هنا

To view the book text you must Sign up first. If you are a member, Sign in here

-------------------------

إن كنت لا تقدر علی شراء الاشتراك عبرPayPal أو بطاقة VISA، الرجاء ارسال رقم هاتفك المحمول إلی مدير الموقع عبر webmaster@noorlib.ir [1]

If you fail to purchase subscription via PayPal or VISA Card, please send your mobile number to the Website Administrator via webmaster@noorlib.ir [2]

ص:

و قد روى الشيخ عن ابن أبي عمير،عن ابن أبي حمزة و الحسين بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطى رجلا مالا ليحجّ عنه فحجّ عن نفسه؟ قال:«هي عن صاحب المال» (1).

و لو فعل ما يوجب الكفّارة،كانت الكفّارة على الأجير؛لأنّه الجاني.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حجّ عن رجل،فاجترح في نفسه (2)شيئا يلزمه فيه الحجّ من قابل أو كفّارة؟ قال:«هي للأوّل تامّة و على هذا ما اجترح» (3).

و لو مات الأجير في الطريق بعد الإحرام و دخول الحرم،أجزأه،و إلاّ فلا؛لما تقدّم (4).و رواه الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،و الحسين بن يحيى (5)،عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطى رجلا مالا يحجّ به فمات،قال:«إن كان

ص:234


1- 1التهذيب 5:461 الحديث 1605،الوسائل 8:136 الباب 22 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) في المصدر:في حجّه،مكان:في نفسه.
3- 3) التهذيب 5:461 الحديث 1606،الوسائل 8:130 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 2. [2]
4- 4) يراجع:ص 120. [3]
5- 5) الحسين بن يحيى الكوفيّ البجليّ مولى،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، و عنونه المامقانيّ بعنوان:الحسين بن يحيى الكرخيّ البجليّ ثمّ قال في رجاله:الظاهر أنّ الصحيح: الكوفيّ؛لما في رجال الشيخ،و الكرخيّ من اشتباه النسّاخ،هذا،و قال السيّد الخوئيّ:روى عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه ابن أبي عمير في التهذيب 5 الحديث 1604 كذا في الطبعة القديمة أيضا و لكنّ الظاهر وقوع التحريف فيه،و الصحيح:الحسين بن عثمان؛لكثرة رواية ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان و عدم ثبوت وجود للحسين بن يحيى،و لأنّ مضمون هذه الرواية رواها محمّد بن يعقوب في الكافي 4:306 الحديث 5 [4] بإسناده عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عمّن ذكره. رجال الطوسيّ:191،تنقيح المقال 1:348، [5]معجم رجال الحديث 6:114. [6]

في منزله قبل أن يخرج،فلا يجزئ عنه،و إن مات في الطريق،فقد أجزأ عنه» (1).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حجّ عن آخر و مات في الطريق،قال:«قد وقع أجره على اللّه،و لكن يوصي،فإن قدر على رجل يركب من رحله (2)و يأكل زاده،فعل» (3).

فلو أخذ الأجير مالا فأنفقه،وجب عليه الحجّ؛عملا بصحّة العقد.و لو عجز عمّا يحجّ به،و قدر على المشي،وجب عليه.

روى الشيخ عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أخذ دراهم رجل ليحجّ عنه فأنفقها،فلمّا حضر أوان الحجّ،لم يقدر الرجل على شيء، قال:«يحتال (4)و يحجّ عن صاحبه كما ضمن»سئل:إن لم يقدر؟قال:«إن كان له عند اللّه حجّة أخذها منه،فجعلها للذي أخذ منه الحجّة» (5).

مسألة:من كان غير مختتن،وجب عليه الاختتان إذا كان بالغا،و لو وجب

عليه الحجّ،قدّم الاختتان عليه

.رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الذي يسلم،و يريد أن يختتن و قد حضر الحجّ،أ يحجّ أو يختتن؟قال:«لا يحجّ حتّى يختتن» (6).

ص:235


1- 1التهذيب 5:461 الحديث 1604،الوسائل 8:130 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) في المصادر:«في رحله».
3- 3) التهذيب 5:461 الحديث 1607،الوسائل 8:131 الباب 15 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 5. [2]
4- 4) في النسخ:فلا يحتاج،مكان:قال:«يحتال»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:461 الحديث 1608،الوسائل 8:137 الباب 23 من أبواب النيابة في الحجّ الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 5:125 الحديث 412 و ص 469 الحديث 1646،الوسائل 9:369 الباب 33 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [4]
مسألة:لا بأس بالقران في طواف النافلة على ما بيّنّاه

(1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،قال:طفت مع أبي جعفر عليه السلام ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا و هو آخذ بيدي،ثمّ خرج فتنحّى ناحية فصلّى ستّا و عشرين ركعة و صلّيت معه (2).

و يستحبّ أن يطوف ثلاثمائة و ستّين أسبوعا،رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يستحبّ أن تطوف ثلاثمائة و ستّين أسبوعا عدد أيّام السنة،فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف» (3).

و يستحبّ أيضا الشرب من ماء زمزم و إهداؤه.روى الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليه السلام،قال:«كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة» (4).

فصول في هذا الباب

روى الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج إلى جدّة،قال:«يدخل[مكّة] (5)بغير إحرام» (6).

ص:236


1- 1يراجع:الجزء العاشر:356 و 377.
2- 2) التهذيب 5:470 الحديث 1650،الوسائل 9:441 الباب 36 من أبواب الطواف الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 5:135 الحديث 445 و ص 471 الحديث 1656،الوسائل 9:396 الباب 7 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:471 الحديث 1657،الوسائل 9:350 الباب 20 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [3]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:166 الحديث 553 و ص 474 الحديث 1672،الاستبصار 2:246 الحديث 858، الوسائل 9:70 الباب 51 من أبواب الإحرام الحديث 3. [4]

و عن ابن بكير،عن غير واحد من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه خرج إلى الربذة يشيّع أبا جعفر ثمّ دخل مكّة حلالا (1).

فصل:

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«لا تطوف المرأة بالبيت و هي متنقّبة»

(2).

فصل:

لو نسي الإحرام،و أتى بباقي المناسك،صحّ حجّه

على ما بيّنّاه (3).

رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه عليه السلام،قال:

سألته عن رجل خرج متمتّعا إلى عرفات،و نسي أن يحرم يوم التروية بالحجّ،حتّى دخل إلى بلده ما حاله؟قال:«إذا قضى المناسك كلّها فقد تمّ حجّه»و سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ،فذكر و هو بعرفات ما حاله؟قال:«[يقول:] (4)اللّهمّ على كتابك و سنّة نبيّك،قد تمّ إحرامه» (5).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه

ص:237


1- 1التهذيب 5:475 الحديث 1673،الوسائل 9:70 الباب 51 من أبواب الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 5:476 الحديث 1677،الوسائل 9:477 الباب 68 من أبواب الطواف الحديث 1. [2]
3- 3) يراجع:الجزء الحادي عشر:22.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:476 الحديث 1678،الوسائل 8:245 الباب 20 من أبواب المواقيت الحديث 2. [3]

عليه السلام في المجاور بمكّة يخرج إلى أهله،ثمّ يرجع إلى مكّة،بأيّ شيء يدخل؟فقال:«إن كان مقامه بمكّة أكثر من ستّة أشهر فلا يتمتّع،و إن كان أقلّ من ستّة أشهر فله أن يتمتّع» (1).

و عن الحسين (2)بن عثمان و غيره،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«من أقام بمكّة خمسة أشهر،فليس له أن يتمتّع» (3).و قد بيّنّا هذا فيما تقدّم (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«من أقام بمكّة سنة فهو بمنزلة أهل مكّة» (5).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حاضري المسجد الحرام،قال:«ما دون الأوقات إلى مكّة» (6).

فصل:

روى الشيخ عن عمرو بن حريث الصيرفيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام

و هو بمكّة:من أين أهلّ بالحجّ؟

فقال:«إن شئت من رحلك،و إن شئت من المسجد،و إن شئت من الطريق» (7).

ص:238


1- 1التهذيب 5:476 الحديث 1679 و ص 492 الحديث 1768،الوسائل 8:191 الباب 8 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [1]
2- 2) في النسخ:و عن الحسن،و ما أثبتناه من المصدر و هو الصحيح.
3- 3) التهذيب 5:476 الحديث 1682،الوسائل 8:191 الباب 8 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [2]
4- 4) يراجع:الجزء العاشر:148.
5- 5) التهذيب 5:476 الحديث 1680،الوسائل 8:191 الباب 8 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [3]
6- 6) التهذيب 5:476 الحديث 1683،الوسائل 8:187 الباب 6 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 5. [4]
7- 7) التهذيب 5:477 الحديث 1684،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 2. [5]
فصل:

قد بيّنّا أنّه يجوز للمتمتّع تقديم الطواف و السعي للحجّ

(1)،رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن المتمتّع يقدّم طوافه و سعيه في الحجّ،فقال:«هما سيّان قدّمت أو أخّرت» (2).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يتمتّع ثمّ يهلّ بالحجّ،و يطوف بالبيت،و يسعى بين الصفا و المروة قبل خروجه إلى منى،فقال:«لا بأس» (3).

و كذا البحث في القارن و المفرد على ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عثمان،عن ابن أبي عمير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مفرد الحجّ يعجّل طوافه أو يؤخّره؟قال:«هو و اللّه سواء،عجّله أو أخّره» (4).

و في الموثّق عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن مفرد الحجّ يقدّم طوافه أو يؤخّره؟قال:«يقدّمه»فقال رجل إلى جنبه:لكن شيخي لم يكن يفعل ذلك،كان إذا قدم أقام بفخّ حتّى إذا راح الناس إلى منى راح معهم،قال:فقلت له:

و من شيخك؟فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام،فسألت عن الرجل فإذا هو أخو عليّ بن الحسين عليهما السلام لأمّه (5).

ص:239


1- 1يراجع:الجزء الحادي عشر:368.
2- 2) التهذيب 5:477 الحديث 1685،الوسائل 8:202 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:477 الحديث 1686،الوسائل 8:203 الباب 13 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:477 الحديث 1687،الوسائل 8:204 الباب 14 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:477 الحديث 1688،الوسائل 8:204 الباب 14 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3. [4]
فصل:

المشي مع القدرة أفضل من الركوب إذا لم يضعفه عن أداء الواجبات

،و لو أضعفه كان الركوب أفضل.روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لا أفضل» (1).

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل المشي، فقال:«إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام قاسم ربّه ثلاث مرّات،حتّى نعلا و نعلا، و ثوبا و ثوبا،و دينارا و دينارا،و حجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه» (2).

و عن محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيديّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ما عبد اللّه بشيء أفضل من المشي» (4).

و قد روى الشيخ عن رفاعة،قال:سأل أبا عبد اللّه عليه السلام رجل،الركوب أفضل أم المشي؟فقال:«الركوب أفضل من المشي؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:240


1- 1التهذيب 5:11 الحديث 28،الاستبصار 2:141 الحديث 460،الوسائل 8:54 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:11 الحديث 29،الاستبصار 2:141 الحديث 461،الوسائل 8:55 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3. [2]
3- 3) في النسخ:الزبيريّ كما في الاستبصار،و الأنسب ما أثبتناه و هو محمّد بن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الكوفيّ الزبيديّ،أبو عبد اللّه عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفا إلى ذلك قوله:أسند عنه،مات سنة سبع و ستّين و مائة،و قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و به نصّ ابن حجر بقوله في محكيّ تقريبه:أنّه صدوق يتشيّع فيكون وصفه له بالصدق مع اعترافه بتشيّعه مدحا معتدّا به مدرجا في الحسان،و نصّ ابن حجر بتشيّعه في التهذيب أيضا.و قال السيّد الخوئيّ:في الاستبصار:الزبيريّ،بدل:الزبيديّ،و الصحيح ما في التهذيب الموافق للوافي. رجال الطوسيّ:281،تنقيح المقال 2:82، [3]معجم رجال الحديث 15:118، [4]تهذيب التهذيب 9: 57. [5]
4- 4) التهذيب 5:12 الحديث 30،الاستبصار 2:142 الحديث 462،الوسائل 8:55 الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 4. [6]

و آله ركب» (1).

و سأل سيف التمّار أبا عبد اللّه عليه السلام،أيّ شيء أحبّ إليك،نمشي أو نركب؟فقال:«تركبون أحبّ إليّ،فإنّ ذلك أقوى على الدعاء و العبادة» (2).

و هذان الخبران محمولان على من يضعفه المشي عن الوظائف الشرعيّة نفلها و فرضها.

و يدلّ عليه:مفهوم قوله عليه السلام:«فإنّ ذلك أقوى على العبادة و الدعاء».

أو يحمل على من يركب و يسبق إلى مكّة فيكثر من العبادة هناك قبل وصول المشاة؛لما رواه الشيخ عن هشام بن سالم،قال:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام أنا و عنبسة بن مصعب،و بضعة عشر[رجلا] (3)من أصحابنا،فقلنا:جعلنا اللّه فداك، أيّهما أفضل المشي أو الركوب؟فقال:«ما عبد اللّه بشيء أفضل من المشي»قلنا:

أيّما أفضل،نركب إلى مكّة نعجّل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي أو نمشي؟فقال:

«الركوب أفضل» (4).

أو يحمل على من يساق معه المحامل ليركب إذا احتاج،فإنّ المشي له أفضل؛ لما رواه الشيخ-في الموثّق-عن عبد اللّه بن بكير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نريد الخروج إلى مكّة؟قال:«لا تمشوا و اركبوا»فقلت:أصلحك اللّه إنّه بلغنا أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام حجّ عشرين حجّة ماشيا،فقال:«إنّ

ص:241


1- 1التهذيب 5:12 الحديث 31،الاستبصار 2:142 الحديث 463،الوسائل 8:57 الباب 33 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:12 الحديث 32،الاستبصار 2:142 الحديث 464،الوسائل 8:58 الباب 33 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 5. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:13 الحديث 34،الاستبصار 2:143 الحديث 466،الوسائل 8:54 [3] الباب 32 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2 و ص 57 الباب 33 الحديث 3.

الحسن بن عليّ عليهما السلام كان يمشي و تساق معه محامله و رحاله» (1).

فصل:

إذا حجّ ماشيا،انقطع المشي برمي الجمرة

.رواه الشيخ عن جميل،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا حججت ماشيا فرميت الجمرة فقد انقطع المشي» (2).

و لأنّه حينئذ قد أكمل أفعال الحجّ،فيسقط عنه ما وجب عليه.

فصل:

الحرم أفضل من عرفة

.روى الشيخ-في الصحيح-عن حفص و هشام بن الحكم،أنّهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام أيّهما (3)أفضل الحرم أو عرفة؟فقال:

«الحرم»فقيل:كيف لم تكن عرفات في الحرم؟قال:«هكذا جعلها اللّه» (4).

فصل:

و يوم عرفة شريف يستحبّ فيه الغسل

،روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اليوم المشهود يوم عرفة» (5).

و عن عبد الرحمن بن سيابة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل يوم

ص:242


1- 1التهذيب 5:12 الحديث 33،الاستبصار 2:142 الحديث 465،الوسائل 8:58 الباب 33 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 5:478 الحديث 1692،الوسائل 8:62 الباب 35 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 2. [2]
3- 3) في التهذيب:أيّما،مكان:أيّهما.
4- 4) التهذيب 5:478 الحديث 1694،الوسائل 9:381 الباب 44 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:479 الحديث 1695،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 15. [4]

عرفة في الأمصار؟فقال عليه السلام:«اغتسل أينما كنت» (1).

و يستحبّ أيضا فيه الصلاة مائة ركعة.روى الشيخ عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال:حدّثني أبو بلال المكّيّ قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام بعرفة أتى بخمسين نواة،و كان يصلّي بقل هو اللّه أحد،و صلّى مائة ركعة بقل هو اللّه أحد و ختمها بآية الكرسيّ،فقلت له:جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلّى هذه الصلاة هاهنا؛ فقال:«ما شهد هذا الموضع نبيّ و لا وصيّ نبيّ،إلاّ صلّى هذه الصلاة» (2).

و يستحبّ التعريف فيه في الأمصار،فيجتمع المؤمنون،و يدعون إلى اللّه تعالى، فإنّه عظيم البركة.رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام، قال:«لا عرفة إلاّ بمكّة،و لا بأس أن يجتمعوا في الأمصار يوم عرفة،يدعون اللّه» (3).

و ينبغي أن لا يقف الإنسان فيه إلاّ بوضوء؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألت عن الرجل هل يصلح له أن يقف بعرفات على غير وضوء؟قال:«لا يصلح إلاّ و هو على وضوء» (4).

فصل:

و لا بأس بالنظر إلى فرج المرأة و الجارية بعد الحلق

.روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الماضي عليه السلام،قال:سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بمنى بعد ما حلق و لم يطف بالبيت و لم يسع:اطرحي

ص:243


1- 1التهذيب 5:479 الحديث 1696،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:479 الحديث 1697،الوسائل 10:18 الباب 15 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:479 الحديث 1699،الوسائل 10:32 الباب 25 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:479 الحديث 1700،الوسائل 10:28 الباب 20 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1. [4]

ثوبك و نظر إلى فرجها،ما عليه؟قال:«لا شيء عليه إذا لم يكن غير النظر» (1).

فصل:

المملوك إذا تمتّع بإذن مولاه،وجب عليه الصوم،و إن ذبح عنه مولاه أجزأه

.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن المملوك المتمتّع،فقال:«عليه ما على الحرّ إمّا أضحيّة و إمّا صوم» (2).

فصل:

من وجب عليه بدنة،أجزأته بقرة

،إلاّ أن يعني بدنة من الإبل.رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام،قال في الرجل يقول:عليّ بدنة؟قال:«تجزئ عنه بقرة،إلاّ أن يكون عنى بدنة من الإبل» (3).

و لو وجبت عليه بدنة في فداء و لم يجد،كان عليه سبع شياه،فإن لم يجد،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله؛لما رواه الشيخ عن داود الرقّيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء،قال:«إذا لم يجد بدنة فسبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله» (5).

ص:244


1- 1التهذيب 5:479 الحديث 1698،الوسائل 9:275 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:481 الحديث 1709،الوسائل 10:90 الباب 5 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 5:481 الحديث 1710،الوسائل 10:172 الباب 59 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
4- 4) في النسخ:داود النوفليّ،و ما أثبتناه من المصادر،و لعلّه هو الصحيح؛لعدم عثورنا على هذا الاسم في كتب الرجال التي بأيدينا.
5- 5) التهذيب 5:237 الحديث 800 و ص 481 الحديث 1711،الوسائل 10:171 الباب 56 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
فصل:

لا يجزئ المهزول في النسك و قد تقدّم

(1).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صدقة رغيف خير من نسك مهزول» (2).

و يكره أن يطعم المشرك لحوم الأضاحيّ؛لأنّها استحبّت لمعونة الفقراء فلا يستعين بها غير المسلم.روى الشيخ-رحمه اللّه-عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كره أن يطعم المشرك من لحوم الأضاحيّ (3).

فصل:

من عقص شعره أو لبّده،وجب عليه الحلق،و لا يجزئه التقصير

.قاله الشيخ -رحمه اللّه- (4)و قد سبق البحث فيه (5).

و استدلّ:بما رواه-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحجّ أو العمرة،فقد وجب عليه الحلق» (6).

ص:245


1- 1يراجع:الجزء الحادي عشر:194.
2- 2) التهذيب 5:211 الحديث 711 و ص 482 الحديث 1716،الوسائل 10:111 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 5:484 الحديث 1722،الوسائل 10:147 الباب 40 من أبواب الذبح الحديث 25. [2]
4- 4) النهاية:262، [3]المبسوط 1:376.
5- 5) يراجع:الجزء الحادي عشر:329-330.
6- 6) التهذيب 5:484 الحديث 1724،الوسائل 10:185 الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 2. [4]

و قد روى الشيخ عن حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«حلق الرأس في غير حجّ و لا عمرة مثلة» (1).

فصل:

روى الشيخ عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من أقام بمكّة سنتين

فهو من أهل مكّة لا متعة له»

فقلت لأبي جعفر عليه السلام:أ رأيت إن كان له أهل بالعراق،و أهل بمكّة؟قال:«فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله» (2).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن

عليه السلام عن الحرم و أعلامه؟

فقال:«إنّ آدم عليه السلام لمّا هبط على أبي قبيس شكا إلى ربّه الوحشة،و أنّه لا يسمع ما كان يسمع في الجنّة،فأنزل اللّه عزّ و جلّ ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت و كان يطوف بها،و كان قد بلغ ضوؤها موضع الأعلام،فعلّمت الأعلام على ضوئها فجعله اللّه حرما» (3).

ص:246


1- 1التهذيب 5:485 الحديث 1728،الوسائل 10:192 الباب 12 من أبواب الحلق و التقصير الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:34 الحديث 101 و ص 492 الحديث 1767،الاستبصار 2:159 الحديث 519، الوسائل 8:191 الباب 9 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:448 الحديث 1562،الوسائل 9:334 الباب 13 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [3]
فصل:

روى الشيخ عن عليّ بن عيسى (1)،[عن محمّد بن يزيد] (2)الرفاعيّ

(3)رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام،أنّه سئل عن الوقوف بالجبل (4)،لم لم يكن في الحرم؟فقال:«لأنّ الكعبة بيته و الحرم بابه،فلمّا قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرّعون»قيل له:فالمشعر الحرام لم صار في الحرم؟قال:«لأنّه لمّا أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني،فلمّا طال تضرّعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم، فلمّا قضوا تفثهم تطهّروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم و بينه،أذن لهم بالزيارة على الطهارة»فقيل له:لم حرّم الصيام أيّام التشريق؟فقال:«لأنّ القوم زاروا اللّه تعالى و هم في ضيافته،و لم يجمل بمضيف أن يصوم أضيافه»قيل له:

فالتعلّق بأستار الكعبة لأيّ معنى هو؟قال:«مثله مثل رجل له عند آخر جناية و ذنب،فهو يتعلّق بثوبه يتضرّع إليه و يخضع له أن يتجافى عن ذنبه» (5).

فصل:

لا بأس بالصلاة هناك،و المرأة قائمة أو جالسة بين يديه

؛لما رواه الشيخ-في

ص:247


1- 1عليّ بن عيسى القمّاط،قال الأردبيليّ:روى عن عمّه و عن محمّد بن يزيد الرفاعيّ،و روى عنه يونس بن يعقوب و عليّ بن الحسين و عمرو بن عثمان،و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على نقل جامع الرواة عنه. جامع الرواة 1:595،تنقيح المقال 2:301. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) محمّد بن يزيد الرفاعيّ،لم نقف فيه إلاّ ما نقل السيّد الخوئيّ قال:روى الكلينيّ بسنده عن عليّ بن الحسن عن محمّد بن يزيد الرفاعيّ مرفوعا عن أمير المؤمنين عليه السلام،الكافي 4:224 الحديث 1، [2]التهذيب 5:448 الحديث 1565،معجم رجال الحديث 18:55. [3]
4- 4) في النسخ:في الحلّ،مكان:بالجبل،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 5:448 الحديث 1565،الوسائل 8:159 الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 18. [4]

الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أقوم أصلّي بمكّة و المرأة بين يديّ جالسة أو مارّة،قال:«لا بأس،إنّما سمّيت بكّة؛لأنّه يبكّ فيها الرجال و النساء» (1).

و روى الشيخ عن معاوية،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحطيم،فقال:

«هو ما بين الحجر الأسود و بين الباب»و سألته لم سمّي الحطيم؟فقال:«لأنّ الناس يحطم بعضهم بعضا» (2).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا عبد اللّه

عليه السلام يقول:«ليس ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت

،و إن أخذ من ذلك شيئا ردّه» (3).

فصل:

روى الشيخ عن ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من مات و لم يحجّ

حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به

،أو مرض لا يطيق معه الحجّ،أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّا أو نصرانيّا»،و قال:«من مضت له خمس حجج

ص:248


1- 1التهذيب 5:451 الحديث 1574،الوسائل 3:435 الباب 11 من أبواب مكان المصلّي الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 5:451 الحديث 1575،الوسائل 3:539 الباب 35 من أبواب أحكام المساجد الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 5:420 الحديث 1460 و ص 453 الحديث 1582،الوسائل 9:333 الباب 12 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2. [3]

و لم يعد إلى ربّه و هو موسر إنّه لمحروم» (1).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ (2)،عن محمّد بن

جعفر،عن أبيه عليه السلام

،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يأتي على الناس زمان يكون فيه حجّ الملوك نزهة،و حجّ الأغنياء تجارة،و حجّ المساكين مسألة» (3).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن

عليه السلام

،قال:سألته عن محرم انكسرت ساقه أيّ شيء حاله،و أيّ شيء عليه؟ قال:«هو حلال من كلّ شيء»فقلت:من النساء و الثياب و الطيب؟فقال:«نعم،من جميع ما يحرم على المحرم»و قال:«أ ما بلغك قول أبي عبد اللّه عليه السلام:و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ»قلت:أصلحك اللّه ما تقول في الحجّ؟

ص:249


1- 1التهذيب 5:462 الحديث 1610،الوسائل 8:19 الباب 7 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 1. [1]في التهذيب:و لم يفد،مكان:و لم يعد.
2- 2) عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ،عدّ الشيخ عبد اللّه بن حمّاد تارة من أصحاب الصادق عليه السلام و أخرى بإضافة الأنصاريّ له كتاب من أصحاب الكاظم عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب، و قال النجاشيّ:عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ من شيوخ أصحابنا له كتابان أحدهما أصغر من الآخر،قال المامقانيّ:و ظاهر النجاشيّ كونه إماميّا و الشيخوخة إن لم تفد وثاقة فلا أقلّ من كونها مدحا معتدّا به ملحقا له بالحسان،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:218،رجال الطوسيّ:265 و 355،الفهرست:103، [2]رجال العلاّمة:110، [3]تنقيح المقال 2:179. [4]
3- 3) التهذيب 5:462 الحديث 1613،الوسائل 8:41 الباب 22 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 9. [5]

قال:«لا بدّ أن يحجّ من قابل»قلت:أخبرني عن المحصور و المصدود هما سواء؟ قال:«لا»قلت:فأخبرني عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين ردّه المشركون قضى عمرته؟فقال:«لا،و لكنّه اعتمر بعد ذلك» (1).

و عن الفضل بن يونس،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عرض له سلطان فأخذه يوم عرفة قبل أن يعرّف،فبعث به إلى مكّة فحبسه،فلمّا كان يوم النحر خلّى سبيله،كيف يصنع؟قال:«يلحق بجمع ثمّ ينصرف إلى منى و يرمي و يذبح و لا شيء عليه»قلت:فإن خلّى عنه يوم الثاني كيف يصنع؟قال:«هذا مصدود عن الحجّ،إن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ،فليطف بالبيت أسبوعا،و يسعى أسبوعا،و يحلق رأسه و يذبح شاة،و إن كان دخل مكّة مقرنا (2)للحجّ،فليس عليه ذبح و لا حلق» (3).

فصل:

روى الشيخ عن خالد بن مادّ القلانسيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال

عليّ بن الحسين عليهما السلام:تسبيحة بمكّة أفضل من خراج العراقين

ينفق في سبيل اللّه»و قال:«من ختم القرآن بمكّة،لم يمت حتّى يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يرى منزله في الجنّة» (4).

ص:250


1- 1التهذيب 5:464 الحديث 1622،الوسائل 9:304 الباب 1 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 4. [1]
2- 2) في المصدر:«مفردا»مكان:«مقرنا».
3- 3) التهذيب 5:465 الحديث 1623،الوسائل 9:307 الباب 3 من أبواب الإحصار و الصدّ الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:468 الحديث 1640،الوسائل 9:382 الباب 45 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1. [3]
فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه

عليه السلام:ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمّدا؟

قال:«يضرب رأسه ضربا شديدا»ثمّ قال:ما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمّدا؟قال:«يقتل» (1).

فصل:

روى الشيخ عن محمّد بن الحسين،عن الحكم بن مسكين،عن أيّوب بن أعين

عن أبي عبد اللّه عليه السلام

،قال:«إنّ امرأة[كانت] (2)تطوف و خلفها رجل، فأخرجت ذراعها فقال (3)بيده حتّى وضعها على ذراعها،فأثبت اللّه يده في ذراعها حتّى قطع الطواف،و أرسل إلى الأمير،و اجتمع الناس،فأرسل إلى الفقهاء،فجعلوا يقولون:اقطع يده فهو الذي جنى الجناية،فقال:هاهنا أحد من ولد محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قالوا:نعم الحسين بن عليّ عليهما السلام قدم الليلة،فأرسل إليه فدعاه،فقال:انظر ما لقيا ذان،فاستقبل الكعبة و رفع يديه فمكث طويلا يدعو ثمّ جاء إليهما (4)حتّى خلص يده من يدها،فقال الأمير:لانقاصّه (5)بما صنع؟

ص:251


1- 1التهذيب 5:469 الحديث 1642،الوسائل 9:384 الباب 46 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال و تطلقه على غير الكلام و اللسان، [2]فتقول:قال بيده: أي أخذ:و قال برجله:أي مشى.النهاية لابن الأثير 4:124. [3]
4- 4) أكثر النسخ:«إليها»كما في التهذيب.
5- 5) ع:«أ نقاصّه»روق:«لا تقاصّه»و في المصدر:«ألا نعاقبه».

فقال:لا» (1).

فصل:

روى ابن بابويه عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ،قال:سألت محمّد بن عثمان

العمريّ رضي اللّه عنه

،فقلت له:رأيت صاحب هذا الأمر؟فقال:نعم،و آخر عهدي به عند بيت اللّه الحرام و هو يقول:«اللهمّ انجز لي ما وعدتني»قال محمّد بن عثمان -رحمه اللّه-:و رأيته صلوات اللّه عليه متعلّقا بأستار الكعبة في المستجار و هو يقول:«اللهمّ انتقم لي من أعدائك» (2).

و روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«مقام يوم قبل الحجّ أفضل من مقام يومين بعد الحجّ» (3).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ

ثمّ أنزل اللّه عليه: وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (4)فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحجّ من عامه هذا،فعلم به من حضر المدينة و أهل العوالي و الأعراب،فاجتمعوا

ص:252


1- 1التهذيب 5:470 الحديث 1647،الوسائل 9:338 الباب 14 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 7. [1]
2- 2) الفقيه 2:307 الحديث 1526،الوسائل 9:360 الباب 27 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 1 و 2. [2]
3- 3) الفقيه 2:311 الحديث 1544،الوسائل 9:397 الباب 8 من أبواب الطواف الحديث 2. [3]
4- 4) الحجّ(22):27. [4]

لحجّ (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و إنّما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيصنعونه،أو يصنع شيئا فيصنعونه،فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أربع بقين من ذي القعدة،فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس،اغتسل (2)ثمّ خرج حتّى أتى المسجد الذي عند الشجرة،فصلّى فيه الظهر و أحرم (3)بالحجّ مفردا و خرج حتّى انتهى إلى البيداء عند الميل الأوّل،فصفّ الناس سماطين،فلبّى بالحجّ مفردا و ساق الهدي ستّا و ستّين أو أربعا و ستّين،حتّى انتهى إلى مكّة في سلخ أربع من ذي الحجّة،فطاف بالبيت سبعة أشواط،ثمّ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام،ثمّ عاد إلى الحجر فاستلمه و قد كان استلمه في أوّل طوافه،ثمّ قال:إنّ الصفا و المروة من شعائر اللّه فابدءوا بما بدأ اللّه به،و إنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّ السعي بين الصفا و المروة شيء صنعه المشركون،فأنزل اللّه تعالى: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (4)ثمّ أتى الصفا فصعد عليها فاستقبل الركن اليمانيّ،فحمد اللّه و أثنى عليه و دعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسّلا،ثمّ انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا حتّى فرغ من سعيه،ثمّ أتاه جبرئيل عليه السلام و هو على المروة فأمره[أن] (5)يأمر الناس أن يحلّوا إلاّ سائق هدي،فقال رجل:أ نحلّ و لم نفرغ من مناسكنا؟ فقال:نعم»قال:«فلمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمروة بعد فراغه من السعي،توجّه (6)فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:إنّ هذا جبرئيل عليه السلام-و أومأ

ص:253


1- 1بعض النسخ:«بحج»و في المصدر:«فحجّ».
2- 2) ع:«ثمّ اغتسل».
3- 3) في المصدر:«و عزم»مكان:«و أحرم».
4- 4) البقرة(2):158. [1]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) في التهذيب:«أقبل على الناس بوجهه»مكان:«توجّه».

بيده إلى خلفه-يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ،و لو استقبلت من أمري مثل ما استدبرت،لصنعت مثل ما أمرتكم،و لكنّي سقت الهدي،و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه،قال:قال لي (1)رجل من القوم:لنخرجنّ حجّاجا و شعرنا يقطر،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أما إنّك لن تؤمن بها أبدا،فقال له سراقة بن مالك بن جعشم (2)الكنانيّ:يا رسول اللّه علّمتنا ديننا كأنّا خلقنا اليوم،فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:بل هو للأبد إلى يوم القيامة،[ثمّ شبّك أصابعه بعضها إلى بعض و قال:دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة] (3).

و قدم عليّ عليه السلام من اليمن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو بمكّة، فدخل على فاطمة عليها السلام و هي قد أحلّت،فوجد ريحا طيّبا و وجد عليها ثيابا مصبوغة،فقال:ما هذا يا فاطمة؟فقالت:أمرنا بهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فخرج عليّ عليه السلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مستفتيا محرّشا على فاطمة عليها السلام،فقال:يا رسول اللّه،إنّي رأيت فاطمة عليها السلام[قد أحلّت] (4)و عليها ثياب مصبوغة،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنا أمرت الناس بذلك،فأنت يا عليّ بما أهللت؟قال:قلت يا رسول اللّه إهلالا كإهلال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كن على إحرامك مثلي و أنت شريكي في هديي»قال:«فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة بالبطحاء

ص:254


1- 1في المصدر:«له»مكان:«لي».
2- 2) بعض النسخ:«خثعم»كما في الوسائل. [1]
3- 3) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
4- 4) أثبتناه من المصدر.

هو و أصحابه،و لم ينزل (1)الدور،فلمّا كان يوم التروية عند زوال الشمس،أمر الناس أن يغتسلوا و يهلّوا بالحجّ،و هو قول اللّه تعالى الذي أنزله على نبيّه: فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ (2)فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه مهلّين بالحجّ حتّى أتوا منى فصلّى الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر،ثمّ غدا و الناس معه، و كانت قريش تفيض من المزدلفة و هي جمع و يمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قريش ترجو إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل اللّه على نبيّه: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ (3)يعني إبراهيم و إسماعيل و إسحاق عليهم السلام و إفاضتهم منها و من كان بعدهم،فلمّا رأت قريش أنّ قبّة (4)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد مضت كأنّه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يرجون الإفاضة من مكانهم حتّى انتهى إلى نمرة و هي بطن عرنة بحيال الأراك،فضربت قبّته،و ضرب الناس أخبيتهم عندها،فلمّا زالت الشمس، خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه فرسه و قد اغتسل و قطع التلبية حتّى وقف بالمسجد فوعظ الناس و أمرهم (5)و نهاهم،ثمّ صلّى الظهر و العصر بأذان و إقامتين، ثمّ مضى إلى الموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبيها فنحّاها،ففعلوا مثل ذلك،فقال:أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف و لكن هذا كلّه موقف،و أومأ بيده إلى الموقف،فتفرّق الناس،ففعل مثل ذلك بمزدلفة،فوقف حتّى وقع القرص قرص الشمس،ثمّ أفاض و أمر الناس

ص:255


1- 1ح:«و لم نزل».
2- 2) آل عمران(3):95. [1]
3- 3) البقرة(2):199. [2]
4- 4) كثير من النسخ:«فئة»مكان:«قبّة».
5- 5) آل،ع و ر:«فأمرهم».

بالدعة (1)حتّى إذا انتهى إلى المزدلفة و هي المشعر الحرام فصلّى المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين،ثمّ أقام حتّى صلّى فيها الفجر،[و عجّل] (2)ضعفاء بني هاشم بالليل و أمرهم أن لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتّى تطلع الشمس،فلمّا أضاء له النهار،أفاض (3)حتّى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة،و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين،أو ستّا و ستّين،و جاء عليّ عليه السلام بأربع و ثلاثين،أو ستّ و ثلاثين،فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّا و ستّين (4)،و نحر عليّ عليه السلام أربعا و ثلاثين بدنة،و أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يؤخذ من كلّ بدنة منها جزء (5)من لحم،ثمّ يطرح في برمة ثمّ يطبخ،فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السلام منها و حسيا من مرقها،و لم يعط الجزّارين جلودها و لا جلالها و لا قلائدها،و تصدّق به،و حلق و زار البيت و رجع إلى منى فأقام بها حتّى كان اليوم الثالث من[آخر] (6)أيّام التشريق،ثمّ رمى الجمار و نفر حتّى انتهى إلى الأبطح،فقالت له عائشة:يا رسول اللّه،ترجع نساؤك بحجّة و عمرة معا و أرجع بحجّة،فأقام بالأبطح و بعث[معها] (7)عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم،فأهلّت بعمرة،ثمّ جاءت فطافت بالبيت و صلّت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام و سعت بين الصفا و المروة،ثمّ أتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فارتحل من يومه،و لم يدخل المسجد،و لم يطف بالبيت،و دخل من أعلى مكّة من

ص:256


1- 1عليك بالمودوع،أي:بالسكينة و الوقار.لسان العرب 8:382. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) في النسخ:«و أفاض»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) أكثر النسخ:«و ثلاثين»مكان:«و ستّين».
5- 5) في المصدر:«جذوة»مكان:«جزء».
6- 6) أثبتناه من المصدر.
7- 7) أثبتناه من المصدر.

عقبة المدنيّين (1)،و خرج من أسفل مكّة من ذي طوى» (2).

فصل:

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،

قال:«الذي كان على بدن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ناجية بن جندب الخزاعيّ

الأسلميّ (3)،و الذي حلق رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة:خراش بن أميّة الخزاعيّ (4)،و الذي حلق رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حجّته:معمّر بن عبد اللّه بن حارثة بن نضر بن[عوف بن] (5)عويج بن عديّ بن كعب» (6)قال:«و لمّا

ص:257


1- 1ق و خا:«المدينين»،مكان:«المدنيّين».
2- 2) التهذيب 5:454 الحديث 1588،الوسائل 8:150 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [1]
3- 3) ناجية بن جندب الخزاعيّ الأسلميّ،كان اسمه ذكوان فسمّاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ناجية حين نجا من قريش،عدّه ابن الأثير و ابن حجر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قالا:كان على بدن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قال المامقانيّ:حاله غير معلوم،مات بالمدينة في خلافة معاوية. أسد الغابة 5:4، [2]الإصابة 3:542، [3]تنقيح المقال 3:265. [4]
4- 4) خراش بن أميّة بن الفضل الكعبيّ الخزاعيّ مدنيّ شهد مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الحديبيّة و خيبر و ما بعدهما من المشاهد و هو الذي حلق رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة،روى عنه ابنه عبد اللّه،مات في آخر أيّام معاوية.أسد الغابة 2:108، [5]الإصابة 1:421. [6]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) معمّر بن عبد اللّه بن حارثة بن نضر بن عوف بن عويج بن عديّ بن كعب،عدّه الشيخ في رجاله بعنوان:معمّر بن عبد اللّه من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قال ابن حجر:أسلم قديما و هاجر إلى الحبشة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عمر بن الخطّاب،و روى عنه سعيد بن المسيّب و بشر بن سعيد...و جاء أنّه حلق رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع.ثمّ إنّه قد اختلف في أسماء آباء معمّر في الكتب من العامّة و الخاصّة ففي أسد الغالبة:معمّر بن عبد اللّه بن نضلة بن عبد العزّى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عديّ بن كعب،و في الإصابة: [7]معمّر بن عبد اللّه بن نضلة بن نافع بن عوف بن عبيد بن عويج بن عديّ القرشيّ،و في الاستيعاب: [8]معمّر بن-

كان في حجّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يحلقه،قالت قريش:أي (1)معمّر أذن (2)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يدك و في يدك الموسى،فقال معمّر:و اللّه إنّي لأعدّه فضلا من اللّه عظيما عليّ»قال:«و كان معمّر بن عبد اللّه هو يرحّل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا معمّر إنّ الرحل الليلة يسترخي،فقال معمّر:بأبي أنت و أمّي لقد شددته كما كنت أشدّه، و لكن بعض من حسدني 3مكاني منك يا رسول اللّه أراد أن يستبدل بي،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما كنت لأفعل» 4.

ص:258


1- 1) في النسخ:إنّ،و ما أثبتناه [1]من المصدر.
2- 2) قال في ملاذ الأخيار 8:508:ظرف،أو بضمّتين أريد به العضو المخصوص،تسمية للكلّ باسم الجزء،و غرضهم أنّك تقدر على قتله،و لذا كانوا يكرهون الحلق.
البحث الرابع
اشارة

في المزار

و فيه فصول:

الفصلالأوّل

في زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

و بيان فضلها و نسبه و موضع قبره عليه السلام

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف سيّد الرسل و خاتم النبيّين صلّى اللّه عليه و آله،كنيته أبو القاسم.

ولد بمكّة يوم الجمعة سابع عشر شهر ربيع الأوّل في عام الفيل،و بعث في يوم السابع و العشرين من رجب و له صلّى اللّه عليه و آله أربعون سنة،و قبض بالمدينة مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة و هو ابن ثلاث و ستّين سنة.

أمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ (1)بن غالب.

و قبره صلّى اللّه عليه و آله (2)بالمدينة في حجرته التي توفّي فيها،و كان قد

ص:259


1- 1هو لؤيّ بن غالب أبو قريش.لسان العرب 15:238. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.

أسكنها في حياته صلّى اللّه عليه و آله (1)عائشة بنت أبي بكر،فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اختلف أهل بيته و من حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي دفنه فيه،فقال بعضهم:يدفن بالبقيع،و قال آخرون:يدفن في صحن المسجد،و قال أمير المؤمنين عليه السلام:إنّ اللّه لم يقبض نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن في البقعة التي قبض فيها،فاتّفقت الجماعة على قوله و دفن في حجرته صلّى اللّه عليه و آله (2).

مسألة:و في زيارته صلّى اللّه عليه و آله فضل كثير

(3)

،روى الشيخ بإسناده (4)عن جعفر بن محمّد عليه السلام،عن أبيه عليه السلام عن عليّ عليه السلام،قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من زار قبري بعد موتي كمن هاجر إليّ في حياتي،فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ بالسلام فإنّه يبلغني» (5).

و عن صفوان بن سليمان (6)،عن أبيه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من زارني في حياتي[و بعد موتي] (7)كان في جواري يوم القيامة» (8).

ص:260


1- 1أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
4- 4) ر:بإسناد،مكان:بإسناده.
5- 5) التهذيب 6:3 الحديث 1،الوسائل 10:263 الباب 4 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
6- 6) صفوان بن سليمان،روى عن أبيه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه إبراهيم بن أبي يحيى في التهذيب 6:3 الحديث 2.قال السيّد الخوئيّ:رواها ابن قولويه في كامل الزيارات [2]عن صفوان بن سليم عن أبيه،و هو صفوان بن سليم الزهريّ المدنيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:93،تنقيح المقال 2:99، [3]معجم رجال الحديث 9:124. [4]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 6:3 الحديث 2،الوسائل 10:262 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 5. [5]

و في الصحيح عن ابن أبي نجران،قال:سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عمّن زار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قاصدا،قال:«له الجنّة» (1).

و عن ابن محبوب،عن أبان،عن السدوسيّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من أتاني زائرا،كنت شفيعه يوم القيامة» (3).

و عن أبي يحيى الأسلميّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، و من أتاني زائرا وجبت له شفاعتي[و من وجبت له شفاعتي] (5)وجبت له

ص:261


1- 1التهذيب 6:3 الحديث 3،الوسائل 10:260 الباب 3 من أبواب المزار ذيل الحديث 1. [1]
2- 2) د،روع:السروسيّ،آل،خا و ق:الدوسيّ،ح:السيروسيّ،و الصحيح ما أثبتناه.قال السيّد الخوئيّ في ترجمة السنديّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه أبان في التهذيب 6:3 الحديث 3،ثمّ قال:في بعض نسخ التهذيب:السدوسيّ،بدل:السنديّ،و قال في ترجمة السدوسيّ: روى الكلينيّ بسنده عن أبان عن السدوسيّ،الكافي 4:548 الحديث 3. [2]قال:و رواها في التهذيب إلاّ في نسخة منه:السنديّ و نسخة أخرى كما في الكافي،و [3]الظاهر هو الصحيح الموافق لكامل الزيارات.معجم رجال الحديث 8:314 و ج 24:117. [4]
3- 3) التهذيب 6:4 الحديث 4،الوسائل 10:261 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 2. [5]
4- 4) أبو يحيى الأسلميّ،قال المامقانيّ:روى الشيخ في باب فضل زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من التهذيب 6:4 الحديث 5 عن محمّد بن سليمان الديلميّ عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام و لم أقف على اسمه و لا حاله،و يوهنه أنّ الكلينيّ روى في الكافي 4:548 الحديث 5 [6] عين هذه الرواية عن أبي حجر الأسلميّ،و اللّه العالم بالصواب،ثمّ قال:و على كلّ حال فلا ذكر للرجل في كتب أصحابنا، نعم،عنونته العامّة،فعن ابن حجر أنّه قال:أبو يحيى الأسلميّ مولاهم المدنيّ اسمه سمعان و يشبه أن يكون الرجل من العامّة. تنقيح المقال 3:39 [7] من فصل الكنى،تهذيب التهذيب 4:238. [8]
5- 5) أثبتناها من المصدر.

الجنّة» (1).

و عن زيد الشحّام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما لمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قال:«كمن زار اللّه تعالى فوق عرشه» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:معناه:أنّ لزائره من الثواب العظيم كمن رفعه اللّه إلى سمائه و أدناه من عرشه و أراه من خاصّة ملكه ما يكون به توكيد كرامته،و ليس على ما تظنّه العامّة من مقتضى التشبيه (3).

مسألة:و صفة زيارته صلّى اللّه عليه و آله ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن

معاوية بن عمّار

(4)

،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين (5)تدخلها ثمّ تأتي قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتسلّم (6)على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ تقوم عند الأسطوانة المتقدّمة (7)من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر و أنت مستقبل القبلة و منكبك الأيسر إلى جانب القبر،و منكبك الأيمن ممّا يلي المنبر،فإنّه موضع رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و تقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أشهد أنّك رسول اللّه،و أشهد أنّك محمّد بن عبد اللّه،و أشهد أنّك قد بلّغت رسالات ربّك،و نصحت لأمّتك،و جاهدت في سبيل اللّه،و عبدت اللّه حتّى أتاك اليقين بالحكمة و الموعظة الحسنة،و أدّيت الذي عليك من الحقّ،و أنّك قد

ص:262


1- 1التهذيب 6:4 الحديث 5،الوسائل 10:261 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 6:4 الحديث 6،الوسائل 10:262 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 6:4.
4- 4) أكثر النسخ:عليه السلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) د،ع و خا:«حتّى»مكان:«حين».
6- 6) أكثر النسخ:«فسلّم»مكان:«فتسلّم».
7- 7) خاوق:«المقدّمة»مكان:«المتقدّمة».

رؤفت بالمؤمنين و غلظت على الكافرين،فبلغ اللّه بك أفضل شرف محلّ المكرّمين الحمد للّه الذي استنقذنا بك من الشرك و الضلالة،اللهمّ فاجعل صلواتك و صلوات ملائكتك المقرّبين،و عبادك الصالحين،و أنبيائك المرسلين،و أهل السموات و الأرضين،و من سبّح لك يا ربّ العالمين من الأوّلين و الآخرين على محمّد عبدك [و رسولك] (1)،و نبيّك و أمينك و نجيبك و حبيبك و صفيّك،و خاصّتك و صفوتك و خيرتك من خلقك،اللهمّ أعطه الدرجة و الوسيلة من الجنّة،و ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأوّلون و الآخرون،اللهمّ إنّك قلت: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً (2)و إنّي أتيتك مستغفرا تائبا من ذنوبي،و إنّي أتوجّه بك إلى اللّه ربّي و ربّك ليغفر لي ذنوبي.و إن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خلف كتفيك و استقبل القبلة،و ارفع يديك،وسل حاجتك،فإنّه أحرى أن تقضى إن شاء اللّه تعالى» (3).

مسألة:إذا فرغ من زيارته صلّى اللّه عليه و آله يستحبّ له أن يأتي المنبر

فيمسحه و يمسح رمّانتيه

(4)

،و أن يصلّي بين القبر و المنبر ركعتين،فإنّ فيه روضة من رياض الجنّة.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا فرغت من الدعاء عند القبر فأت المنبر فامسحه (5)بيدك و خذ برمّانتيه،و هما السفلاوان،فامسح عينيك و وجهك،فإنّه يقال:إنّه شفاء للعين،و قم

ص:263


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) النساء(4):64. [1]
3- 3) التهذيب 6:5 الحديث 8،الوسائل 10:266 الباب 6 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
4- 4) أكثر النسخ:«عليه السلام»مكان:«صلّى اللّه عليه و آله».
5- 5) في النسخ:«فامسح»و ما أثبتناه من المصدر.

عنده و احمد اللّه و أثن عليه وسل حاجتك،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

ما بين منبري و بيتي روضة من رياض الجنّة،و منبري على ترعة من ترع الجنّة -و الترعة هي الباب الصغير-ثمّ تأتي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتصلّي فيه ما بدا لك،فإذا دخلت المسجد فصلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و إذا خرجت فاصنع مثل ذلك،و أكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله» (1).

مسألة:ثمّ يأتي مقام جبرئيل عليه السلام و يدعو بما رواه الشيخ

-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ائت مقام جبرئيل عليه السلام و هو تحت الميزاب،فإنّه كان مقامه إذا استأذن على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقل:أسألك أي جواد أي كريم أي قريب أي بعيد،[أسألك أن تصلّى على محمّد و أهل بيته،و أسألك] (2)أن تردّ عليّ نعمتك»قال:«و ذلك مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل القبلة ثمّ تدعو بدعاء الدم إلاّ رأت الطهر إن شاء اللّه تعالى» (3).

مسألة:و يستحبّ وداعه عليه السلام عند الخروج من المدينة

؛لما رواه الشيخ -في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثمّ ائت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد ما تفرغ من حوائجك فودّعه و اصنع مثل ما صنعت عند دخولك،و قل:اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيّك،فإن توفّيتني قبل ذلك،فإنّي أشهد في مماتي على ما

ص:264


1- 1التهذيب 6:7 الحديث 12،الوسائل 10:270 الباب 7 من أبواب المزار الحديث 1 و [1]ص 265 الباب 5 الحديث 2.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:8 الحديث 17،الوسائل 10:271 الباب 8 من أبواب المزار الحديث 1. [2]

أشهد (1)عليه في حياتي[أن] (2)لا إله إلاّ أنت،و أنّ محمّدا عبدك و رسولك» (3).

و الزيارات كثيرة ذكرها أصحابنا في كتب مفردة.

مسألة:مكّة حرم اللّه تعالى،و المدينة حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

(4)، و الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام.

روى الشيخ عن حسّان بن مهران،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:

«[قال أمير المؤمنين عليه السلام:] (5)مكّة حرم اللّه،و المدينة حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الكوفة حرمي لا يريدها جبّار يجور فيه إلاّ قصمه اللّه» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ مكّة حرم اللّه حرّمها إبراهيم عليه السلام،و إنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم،لا يعضد شجرها-و هو ما بين ظلّ عائر إلى ظلّ و عير-ليس صيدها كصيد مكّة،يؤكل هذا و لا يؤكل ذاك و هو بريد» (7).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:المراد منه:أنّ المدينة لا يحرم صيد البريد إلى البريد، و هو ظلّ عائر إلى و عير منها،و يحرم ما بين الحرّتين،و بهما يتميّز عن حرم مكّة؛ لأنّ صيد حرم مكّة حرام في جميعه،بخلاف حرم المدينة (8)؛لما رواه-في الصحيح-عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يحرم من الصيد صيد

ص:265


1- 1في المصدر:«شهدت»مكان:«أشهد».
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:11 الحديث 20،الوسائل 10:280 الباب 15 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
4- 4) أكثر النسخ:«عليه السلام»مكان:«صلّى اللّه عليه و آله».
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 6:12 الحديث 21،الوسائل 10:282 الباب 16 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 6:12 الحديث 23،الوسائل 10:283 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1. [3]
8- 8) التهذيب 6:13.

المدينة ما بين الحرّتين» (1).

مسألة:و يستحبّ المجاورة بالمدينة

،روى الشيخ عن الحسن (2)بن الجهم،عن أبي الحسن عليه السلام أنّ المقام بها أفضل من المقام بمكّة (3).

و عن محمّد بن عمرو الزيّات،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من مات في المدينة بعثه اللّه عزّ و جلّ في الآمنين يوم القيامة»منهم:يحيى بن حبيب (4)، و أبو عبيدة الحذّاء،و عبد الرحمن بن الحجّاج.هذا من كلام محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات (5).

و روى ابن بابويه،قال:لمّا دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة،قال:

ص:266


1- 1التهذيب 6:13 الحديث 25،الوسائل 10:285 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 9. [1]
2- 2) في النسخ:الحسين،و ما أثبتناه من المصدر.و قد مرّت ترجمته و الاختلاف في اسمه في الجزء الخامس:272.
3- 3) التهذيب 6:14 الحديث 29،الوسائل 10:272 الباب 9 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
4- 4) يحيى بن حبيب،روى الكلينيّ في الكافي 4:558 الحديث 3 [3] عن محمّد بن عمرو الزيّات عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:من مات في المدينة بعثه اللّه في الآمنين يوم القيامة منهم يحيى بن حبيب... و روى أيضا في الكافي 1:320 الحديث 1 [4] عن محمّد بن الوليد عن يحيى بن حبيب الزيّات قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام.و روى الشيخ في التهذيب 2:6 الحديث 10 عن محمّد بن عيسى عنه عن الرضا عليه السلام،و روى أيضا رواية محمّد بن عمرو الزيّات في التهذيب 6:14 الحديث 28 و قال في آخره جملة:«منهم يحيى بن حبيب...»من كلام محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات.و نقل السيّد الخوئيّ عن مرآة العقول [5]بعد كونه من كلام الإمام؛لأنّ عبد الرحمن بقي إلى زمان الرضا عليه السلام و القول بأنّه أخبر بذلك على سبيل الإعجاز لا يخلو من بعد إلاّ أن يقال اشتبه المعصوم على الراوي،ثمّ قال،أقول:و يؤكّد الاشتباه أنّ محمّد بن عمرو الزيّات لم يدرك الصادق عليه السلام فالرواية مرسلة،أو أنّ فيه اشتباها،إلى أن قال:و الذي يسهل الخطب أنّ الرواية ضعيفة بسهل بن زياد فلا يستدلّ بها على شيء،و يظهر من السيّد الخوئيّ أيضا اتّحاد يحيى بن حبيب مع يحيى بن حبيب الزيّات.تنقيح المقال 3:313، [6]معجم رجال الحديث 20:38-39. [7]
5- 5) التهذيب 6:14 الحديث 8،الوسائل 10:272 الباب 9 من أبواب المزار الحديث 3. [8]

«اللهمّ حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة و أشدّ (1)،و بارك في ضياعها (2)و مدّها،و انقل حمّاها و وباها إلى الجحفة» (3).

مسألة:و يستحبّ الإكثار من الصلاة في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

،فإنّ الصلاة فيه تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام،رواه الشيخ -في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صلاة في مسجدي مثل ألف صلاة في غيره إلاّ المسجد الحرام» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السلام،كم أصلّي؟فقال:«صلّ ثماني ركعات عند زوال الشمس،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:الصلاة في مسجدي كألف في غيره،إلاّ المسجد الحرام،فإنّ صلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي» (5).

و نحوه روى-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (6)،و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و يكره النوم في المسجد،و يتأكّد في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه

و آله و المسجد الحرام

؛لأنّه لا يأمن الجنابة فيه.

روى الشيخ عن محمّد بن حمران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الجنب يجلس في المسجد؟قال:«لا،و لكن يمرّ فيه إلاّ المسجد الحرام و مسجد

ص:267


1- 1في المصدر:«أو أشدّ».
2- 2) في المصدر:«في صاعها».
3- 3) الفقيه 2:337 الحديث 1569،الوسائل 10:273 الباب 9 من أبواب المزار الحديث 5. [1]
4- 4) التهذيب 6:15 الحديث 32،الوسائل 3:544 الباب 57 من أبواب أحكام المساجد الحديث 8. [2]
5- 5) التهذيب 6:14 الحديث 30،الوسائل 3:544 الباب 57 من أبواب أحكام المساجد الحديث 6. [3]
6- 6) التهذيب 6:14 الحديث 32،الوسائل 3:544 الباب 57 من أبواب أحكام المساجد الحديث 8. [4]

المدينة»قال:و روى أصحابنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا ينام في مسجدي أحد و لا يجنب فيه[أحد] (1)»و قال:«إنّ اللّه أوحى إليّ أن أتّخذ مسجدا طهورا لا يحلّ لأحد أن يجنب فيه إلاّ أنا و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السلام» (2)قال:ثمّ أمر بسدّ أبوابهم و ترك باب عليّ عليه السلام فتكلّموا في ذلك، فقال:«ما أنا أمرت بسدّ أبوابكم و تركت باب عليّ عليه السلام و لكنّ اللّه أمر بسدّها و ترك باب عليّ» (3).

مسألة:و يستحبّ لمن أقام بالمدينة ثلاثة أيّام،أن يصومها للحاجة،و يكون

معتكفا فيها لا يخرج من المسجد إلاّ لضرورة

،و تكون هذه الأيّام الأربعاء و الخميس و الجمعة،و يصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة (4)-و هي

ص:268


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) لا توجد جملة:«عليهم السلام»في أكثر النسخ.
3- 3) التهذيب 6:15 الحديث 34،الوسائل 1:485 [1] الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث 5 و ج 3: 497 الباب 18 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3.
4- 4) أسطوانة أبي لبابة،قال الصدوق:هي التي ربط بها نفسه إليها حتّى تاب اللّه عليه و تسمّى أسطوانة التوبة.و أبو لبابة،هو:بشير-و قيل:رفاعة-بن عبد المنذر الأنصاريّ،يقال:شهد بدرا،و يقال:ردّه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين خرج إلى بدر من الروحاء و استعمله على المدينة و ضرب له بسهمه، و اختلفوا في ذنب أبي لبابة الذي تاب منه،فقيل:كان من الّذين تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك،و قيل:ما صدر منه في قريظة و هذا هو المرويّ عن الصادقين عليهما السلام، و شرحه في المرويّ عنهما:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حاصر بني قريظة إحدى و عشرين ليلة فسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير،فأبى ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ،فقالوا:أرسل إلينا أبا لبابة،و كان مناصحا لهم،لأنّ عياله و ماله و ولده كانت عندهم،فبعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأتاهم فقالوا:ما ترى يا أبا لبابة أ ننزل على حكم سعد بن معاذ؟فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه أنّه الذبح فلا تفعلوا،فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك،قال أبو لبابة:فو اللّه ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي خنت اللّه-

أسطوانة التوبة،و يقيم عندها يوم الأربعاء،و يأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تلي مقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مصلاّه،و يصلّي عندها،و يصلّي ليلة الجمعة عند مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام،صمت أوّل يوم الأربعاء و تصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة-و هي أسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتّى نزل عذره من السماء-و تعقد عندها يوم الأربعاء،ثمّ تأتي ليلة الخميس [الأسطوانة] (1)التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله[ليلتك و يومك، و تصوم يوم الخميس،ثمّ تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله] (2)و مصلاّه ليلة الجمعة فتصلّي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة، و إن استطعت أن لا تتكلّم بشيء في هذه الأيّام إلاّ ما لا بدّ لك منه،و لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة،و لا تنام في ليل و لا نهار،فافعل،فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل، ثمّ احمد اللّه و أثن عليه في يوم الجمعة،و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،وسل حاجتك،و ليكن فيما تقول:اللهمّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها و التماسها أو لم أشرع،سألتكها أو لم أسألكها فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك[محمّد] (3)نبيّ الرحمة صلّى اللّه عليه و آله في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها،فإنّك حريّ أن

ص:269


1- 1) أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناه من المصدر.

تقضى حاجتك إن شاء اللّه تعالى» (1).

مسألة:و يستحبّ لمن جاء إلى المدينة النزول بالمعرّس

(2)و الاستراحة و الصلاة فيه.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قال لي في المعرّس معرّس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رجعت إلى المدينة فمرّ به فانزل و أنخ و صلّ فيه فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك»قلت:فإن لم يكن وقت صلاة؟قال:«فأقم»قلت:لا يقيمون أصحابي،قال:«فصلّ ركعتين و امضه» (3)و قال:«إنّما سمّى (4)المعرّس إذا رجعت إلى المدينة ليس (5)إذا بدأت» (6).

و عن عليّ بن أسباط،قال:قلت لعليّ بن موسى عليه السلام:إنّ ابن الفضيل بن يسار روى عنك و أخبرنا عنك بالرجوع إلى المعرّس و لم نكن عرّسنا و رجعنا إليه فأيّ شيء نصنع؟قال:«تصلّي و تضطجع قليلا و قد كان أبو الحسن عليه السلام يصلّي فيه و يقعد»فقال محمّد بن عليّ بن فضّال:فإن (7)مررت فيه في غير وقت صلاة بعد العصر؟فقال:«قد سئل أبو الحسن عليه السلام عن ذلك،فقال:صلّ فيه»

ص:270


1- 1التهذيب 6:16 الحديث 35،الوسائل 10:274 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) المعرّس-بالضمّ ثمّ الفتح و تشديد الراء و فتحها-مسجد ذي الحليفة على ستّة أميال من المدينة، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعرّس فيه ثمّ يرحل لغزاة أو غيرها.و التعريس نومة المسافر بعد إدلاجه من الليل فإذا كان وقت السحر أناخ و نام نومة خفيفة ثمّ يثور مع انفجار الصبح لوجهة. معجم البلدان 5:155. [2]
3- 3) آل:«ارمضه»،ق و ر:«ارمصه»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) هذه الكلمة غير موجودة في المصدر.
5- 5) د:«و ليس».
6- 6) التهذيب 6:16 الحديث 36،الوسائل 10:290 الباب 19 من أبواب المزار الحديث 3. [3]
7- 7) في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصدر.

فقال له حسن بن عليّ بن فضّال:إن مررت به ليلا أو نهارا فنعرّس (1)أو إنّما (2)التعريس بالليل؟فقال:«نعم،إن مررت به ليلا أو نهارا فعرّس فيه؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل ذلك» (3).

مسألة:يستحبّ إتيان المساجد كلّها بالمدينة،مثل مسجد قبا،و مشربة أمّ

إبراهيم

(4)،و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح (5)،و مسجد الفضيخ (6)،و قبور

ص:271


1- 1كثير من النسخ:فعرّس،و في المصدر:اتعرّس.
2- 2) في النسخ:و إنّما،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:16 الحديث 37،الوسائل 10:290 الباب 19 من أبواب المزار الحديث 3. [1]
4- 4) مشربة أمّ إبراهيم إنّما سمّيت بذلك لأنّ أمّ إبراهيم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ولدته فيها و تعلّقت حين ضربها المخاض بخشبة من خشب تلك المشربة فتلك المشربة اليوم معروفة. تاريخ المدينة المنوّرة 1:173،174،تهذيب اللغة 2:1848،مجمع البحرين 2:89. [2]
5- 5) مسجد الأحزاب،و يقال:مسجد الفتح من المساجد المعروفة بالمدينة التي بنيت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال السمهوديّ:و [3]المساجد التي حوله في قبلته تعرف اليوم كلّها بمساجد الفتح،و المراد به:هو الواقع في المرتفع على قطعة من جبل سلع في المغرب غربيّة وادي بطحان دعا فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الأحزاب.رواه الخاصّة و العامّة. معجم البلدان 1:111، [4]الكافي 4:561، [5]وفاء الوفاء 3:830. [6]
6- 6) مسجد الفضيخ-بفتح الفاء و كسر الضاد المعجمة بعدها مثنّاة تحتيّة و خاء معجمة-و هذا المسجد يعرف اليوم بمسجد الشمس و هو شرقيّ مسجد قباء على شفير الوادي و هو مسجد صغير،و في وجه تسميته بمسجد الفضيخ ما رواه الكلينيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه يسمّى مسجد الفضيخ لنخل يسمّى الفضيخ فلذلك سمّي مسجد الفضيخ،و في وجه تسميته بمسجد الشمس ما رواه الكلينيّ أيضا أنّ رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان في حجر أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ خفق حتّى غطّ و حضرت صلاة العصر قال عليه السلام فكرهت أن أحرّك رأسه عن فخذي فأكون قد آذيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى ذهب الوقت و فاتت،فانتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا عليّ صلّيت؟قلت:لا،قال:و لم ذلك؟قلت:كرهت أن أوذيك،قال:فقام و استقبل القبلة و مدّ يديه كلتيهما و قال:اللهمّ ردّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليّ،فرجعت الشمس إلى وقت الصلاة حتّى-

الشهداء كلّهم و يأتي قبر حمزة بأحد،و لا يتركه إلاّ عند الضرورة.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تدع إتيان المساجد 1كلّها،مسجد قبا فإنّه المسجد الذي أسّس على التقوى من أوّل يوم،و مشربة أمّ إبراهيم،و مسجد الفضيخ،و قبور الشهداء، و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح»قال:«و بلغنا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أتى قبور الشهداء قال:السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار،و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح:يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرّين اكشف همّي و غمّي و كربي كما كشفت عن نبيّك همّه و غمّه و كربه و كفيته هول عدوّه في هذا المكان» 2.

و عن عقبة بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام إنّا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيّها أبدأ؟قال:«ابدأ بقبا،فصلّ فيه و أكثر،فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هذه العرصة،ثمّ ائت مشربة أمّ إبراهيم،فصلّ فيه فهو مسكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مصلاّه،ثمّ[تأتي] 3مسجد الفضيخ فتصلّي فيه فقد صلّى فيه نبيّك،فإذا قضيت هذا الجانب أتيت 4أحد،فبدأت بالمسجد الذي دون الحرّة فصلّيت فيه،ثمّ مررت بقبر حمزة بن عبد المطّلب، فسلّمت عليه،ثمّ مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت:السلام عليكم يا أهل الديار،أنتم لنا فرط و إنّا بكم لاحقون،ثمّ تأتي المسجد الذي في المكان الواسع إلى

ص:272

جنب الجبل عن يمينك حين تدخل أحدا،فتصلّي فيه،فعنده خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى أحد حيث لقي المشركين فلم يبرحوا حتّى حضرت الصلاة فصلّى فيه،ثمّ مرّ أيضا حتّى ترجع فتصلّي عند قبور الشهداء ما كتب اللّه لك،ثمّ امض على وجهك حتّى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي فيه و تدعو (1)فيه،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا فيه يوم الأحزاب و قال:يا صريخ المكروبين و يا مجيب المضطرّين و يا مغيث المهمومين اكشف همّي و كربي و غمّي فقد ترى حالى و حال أصحابي» (2).

مسألة:و مسجد غدير خمّ موضع شريف فيه نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه

و آله عليّا عليه السلام إماما للأنام

(3)

،و أظهر فيه شرفه و عظم منزلته عند اللّه و قربه منه،و أخذ له البيعة على المسلمين كافّة في حجّة الوداع،فيستحبّ الصلاة فيه و الإكثار من الدعاء.

روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الصلاة في مسجد[غدير] (4)خمّ بالنهار و أنا مسافر،فقال:

ص:273


1- 1في المصدر:«و تدعو اللّه».
2- 2) التهذيب 6:17 الحديث 39،الوسائل 10:276 الباب 12 من أبواب المزار الحديث 2. [1]
3- 3) مسجد غدير خمّ،قال السمهوديّ: [2]مسجد بعد الجحفة و أظنّه مسجد غدير خمّ على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق حذاء العين مسجد لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بينهما الغيضة و هي غدير خمّ و هي على أربعة أميال من الجحفة.و في مسند أحمد [3]عن البراء بن عازب قال:كنّا مع النبيّ في سفر فنزلنا بغدير خمّ فنودي فيها:الصلاة جامعة،و كسح لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحت شجرتين فصلّى الظهر و أخذ بيد عليّ رضي اللّه عنه فقال:أ لستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟قالوا: بلى،قال:أ لستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟قالوا:بلى،قال:فأخذ بيد عليّ فقال:من كنت مولاه فعليّ مولاه،اللهمّ وال [4]من والاه و عاد من عاداه. وفاء الوفاء 3:1018، [5]مسند أحمد 4:281. [6]
4- 4) أثبتناها من المصدر.

«صلّ فيه،فإنّ فيه فضلا،و قد كان أبي يأمر بذلك» (1).

و عن أبان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تستحبّ الصلاة في مسجد الغدير؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام،و هو موضع أظهر اللّه فيه الحقّ» (2).

و روى ابن بابويه عن حسّان الجمّال،قال:حملت أبا عبد اللّه عليه السلام من المدينة إلى مكّة،فلمّا انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد،فقال:«ذلك موضع قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه»ثمّ نظر إلى الجانب الآخر و قال:«ذلك موضع فسطاط المنافقين،فلمّا رأوه رافعا يديه، قال بعضهم:انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون،فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (3)» (4).

ص:274


1- 1التهذيب 6:18 الحديث 41،الوسائل 3:549 [1] الباب 61 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2 و ج 10:292 الباب 22 من أبواب المزار الحديث 1.
2- 2) التهذيب 6:18 الحديث 42،الوسائل 3:549 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [2]
3- 3) القلم(68):51-52. [3]
4- 4) الفقيه 1:148-149 الحديث 688 و ج 2:335 الحديث 1558،الوسائل 3:548 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1.
الفصل الثاني

في زيارة فاطمة عليها السلام

و فيها فضل كثير و ثواب جزيل.

روى الشيخ عن يزيد بن عبد الملك،عن أبيه،عن جدّه،قال:دخلت على فاطمة عليها السلام،فبدأتني بالسلام قالت:ما غدا بك؟»قلت:طلب[البركة] (1)، قالت:«أخبرني أبي و هو ذا،هو أنّه من سلّم عليه و عليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة»قلت لها:في حياته و حياتك؟قالت:«نعم،و بعد موتنا» (2).

مسألة:و اختلفت الرواية في موضع قبرها عليها السلام

؛لأنّها دفنت ليلا.

فروي أنّها دفنت في الروضة بين القبر و المنبر؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة»فهي مدفونة هناك (3).

و روي أنّها دفنت في بيتها،فلمّا زاد بنو أميّة في المسجد،صار من جملة المسجد (4).

ص:275


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:9 الحديث 18،الوسائل 10:287 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 6:341 الحديث 1574،التهذيب 6:8 الحديث 15،الوسائل 10:288 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 4-5. [2]
4- 4) الفقيه 6:341 الحديث 1575،الوسائل 10:288 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 3-4. [3]

و روي أنّها مدفونة في البقيع (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الروايتان الأوّلتان (2)كالمتقاربتين،و الأفضل عندي:

أن يزور الإنسان من الموضعين جميعا؛فإنّه[لا يضرّه ذلك] (3)يحوز به أجرا عظيما،و أمّا من قال:إنّها دفنت بالبقيع فبعيد من الصواب (4).

قال ابن بابويه:و الصحيح عندي أنّها دفنت في بيتها (5).

مسألة:و صفة زيارتها:ما رواه الشيخ عن محمّد العريضيّ

(6)،قال:حدّثني أبو جعفر عليه السلام ذات يوم،قال:«إذا صرت إلى قبر جدّتك[فاطمة عليها السلام] (7)فقل:يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة،و زعمنا أنّا لك أولياء،و مصدّقون و صابرون لكلّ ما أتانا به أبوك صلّى اللّه عليه و آله،و أتى به وصيّه،فإنّا نسألك إن كنّا صدّقناك إلاّ ألحقتنا بتصديقنا لهما (8)؛ لنبشّر أنفسنا،لأنّا (9)قد طهرنا بولايتك» (10).

ص:276


1- 1الفقيه 2:341 الحديث 1573.
2- 2) كثير من النسخ:الأوليان.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:9.
5- 5) الفقيه 2:341.
6- 6) محمّد العريضيّ،كذا في النسخ،و في المصادر:إبراهيم بن محمّد بن عيسى بن محمّد العريضيّ،قال الأردبيليّ:روى العبّاس بن الوليد بن العبّاس المنصوريّ عنه عن أبي جعفر عليه السلام في التهذيب في باب زيارة سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي جعفر عليه السلام،و روى عنه العبّاس بن الوليد بن العبّاس المنصوريّ.جامع الرواة 1:32، [1]معجم رجال الحديث 1:147. [2]
7- 7) أثبتناها من التهذيب.
8- 8) أكثر النسخ:بهما.
9- 9) فى المصادر:«بأنّا»مكان:«لأنّا».
10- 10) التهذيب 6:9 الحديث 19،الوسائل 10:287 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 2. [3]

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الزيارة وجدتها مرويّة لفاطمة عليها السلام، و ذكر أصحابنا-رحمهم اللّه-زيارة أخرى (1).و الزيارات هناك كثيرة فلتطلب من موضعها.

ص:277


1- 1التهذيب 6:10.
الفصل الثالث

في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام

و نسبه و موضع قبره

عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف،أمير المؤمنين وصيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،سيّد الوصيّين،و كنيته أبو الحسن.

ولد بمكّة في نفس الكعبة يوم الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة،و قبض عليه السلام قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة،و له يومئذ ثلاث و ستّون سنة.

و أمّه فاطمة بنت أسد (1)بن هاشم بن عبد مناف.

ص:278


1- 1فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيّة الهاشميّة أمّ أمير المؤمنين عليه السلام و أمّ إخوته: طالب و عقيل و جعفر،كانت أوّل امرأة هاجرت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من مكّة إلى المدينة على قدميها،و كانت من أبرّ الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،هي أوّل هاشميّة ولدت لهاشميّ، كفّنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قميصه و اضطجع في قبرها ثمّ قام فأخذها على يديه حتّى وضعها في القبر ثمّ انكبّ عليها طويلا يناجيها و يقول لها:ابنك ابنك،ثمّ خرج و سوّى عليها فقال له المسلمون:إنّا رأيناك فعلت شيئا لم تفعله قبل اليوم،قال:إنّي ذكرت القيامة و أنّ الناس يحشرون عراة،فقالت:وا سوأتاه،و ذكرت ضغطة القبر،فقالت: وا ضعفاه،فضمنت لها أن يكفيها اللّه فكفّنتها في قميصي و اضطجعت في قبرها لذلك،و انكببت عليها فلقّنتها ما تسأل عنه،فإنّها سئلت عن ربّها فقالت، و سئلت عن رسولها فأجابت،و سئلت عن وليّها و إمامها فارتجّ عليها،فقلت:ابنك ابنك.قال المامقانيّ:فيه دلالة على غاية وثاقتها و ديانتها. أسد الغابة 5:517، [1]تنقيح المقال 3:81 [2] من فصل النساء.

هو أوّل هاشميّ ولد في الإسلام من هاشميّين،و قبره بالغريّ من نجف الكوفة عليه السلام.

مسألة:و في زيارته فضل كثير و ثواب جزيل.

روى الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«بينا الحسين بن عليّ عليه السلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إذ رفع رأسه فقال:يا أبه ما لمن زارك بعد موتك؟فقال:يا بنيّ من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنّة،و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنّة،و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنّة،و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنّة» (1).

و عن الحسين بن إسماعيل الصيمريّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من زار أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا،كتب اللّه له لكلّ خطوة حجّة[و عمرة] (3)فإن رجع ماشيا،كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّتين و عمرتين» (4).

و عن[عمر بن] (5)عبد اللّه بن طلحة النهديّ (6)،عن أبيه،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال:«يا عبد اللّه بن طلحة ما تزور قبر أبي:حسين؟»

ص:279


1- 1التهذيب 6:40 الحديث 84،الوسائل 10:257 الباب 2 من أبواب المزار الحديث 17. [1]
2- 2) الحسين بن إسماعيل الصيمريّ،لم نعثر عليه إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ في معجمه أنّه روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه محمّد بن الحسن الرازيّ.معجم رجال الحديث 5:202.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:20 الحديث 46،الوسائل 10:256 الباب 24 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) عبد اللّه بن طلحة النهديّ عربيّ كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ليس هو أخا يحيى بن طلحة،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال المامقانيّ: ظاهر النجاشيّ كونه إماميّا و لم نقف فيه على مدح يدرجه في الحسان. رجال النجاشيّ:224،رجال الطوسيّ:229،تنقيح المقال 2:190. [3]

قلت (1):بلى إنّا لنأتيه،قال:«تأتونه كلّ جمعة؟»قلت:لا،قال:«فتأتونه في كلّ شهر؟»قلت:لا،قال:«ما أجفاكم،إنّ زيارته تعدل حجّة و عمرة،و زيارة أبي:

عليّ عليه السلام تعدل حجّتين و عمرتين» (2).

و عن الحسين بن محمّد بن مالك (3)،عن أخيه جعفر (4)،عن رجاله يرفعه، قال:كنت عند الصادق عليه السلام و قد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام،فقال ابن

ص:280


1- 1في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:21 الحديث 47،الوسائل 10:297 الباب 25 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
3- 3) الحسين بن محمّد بن مالك،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أخيه جعفر،و روى عنه أبو محمّد بن المغيرة الكوفيّ.معجم رجال الحديث 6:81.
4- 4) جعفر بن محمّد بن مالك بن عيسى بن سابور مولى أسماء بن خارجة بن حصن الفزاريّ كوفيّ أبو عبد اللّه،كان ضعيفا في الحديث،قال أحمد بن الحسين:كان يضع الحديث وضعا و يروي عن المجاهيل...و لا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو عليّ بن همام و شيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراريّ رحمهما اللّه،قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:جعفر بن محمّد بن مالك له كتاب النوادر،و قال في رجاله في باب من لم يرو عنهم:جعفر بن محمّد بن مالك كوفيّ ثقة و يضعّفه قوم،روى في مولد القائم عليه السلام أعاجيب،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال بعد نقل قول النجاشيّ و الشيخ:فعندي في حديثه توقّف و لا أعمل بروايته،و قال المامقانيّ:إنّ جملة ممّا هو من ضروريّات مذهبنا اليوم قد كان يعدّ في سالف الزّمان غلوّا،و عليه فرّعوا تضعيف جمع من الثقات،و ظنّي أنّ ما صدر في المقام في حقّه من الغمز و التضعيف ناش من روايته جملة من معجزات الأئمّة عليهم السلام سيّما معجزات ولادة القائم عليه السلام...إلى أن قال:و تحقيق المقال أنّ الأقوى كون الرجل ثقة،و قال السيّد الخوئيّ بعد نقل كلام النجاشيّ و الشيخ و ابن قولويه و عليّ بن إبراهيم عنه،أقول:إنّ توثيق الشيخ و ابن قولويه و عليّ بن إبراهيم إيّاه يعارضه ما تقدّم من تضعيفه فلا يمكن الحكم بوثاقته،و اللّه العالم. رجال النجاشيّ:122،الفهرست:43، [2]رجال الطوسيّ:458،رجال العلاّمة:210، [3]تنقيح المقال 1: 225، [4]معجم رجال الحديث 4:119. [5]

مارد (1)لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما لمن زار جدّك أمير المؤمنين عليه السلام؟قال:

«يا بن مارد من زار جدّي عارفا بحقّه،كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة مقبولة و عمرة مبرورة،و اللّه يا بن مارد ما تطعم النار قدما تغيّرت (2)في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا كان أو راكبا،يا بن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب» (3).

و عن عمارة بن زيد (4)،عن أبي عامر السائيّ (5)واعظ أهل الحجاز،قال:

أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام،فقلت له:يا بن رسول اللّه ما لمن زار قبر أمير المؤمنين عليه السلام و عمر تربته؟قال:«يا أبا عامر (6)حدّثني أبي،عن أبيه،عن جدّه الحسين بن عليّ،عن عليّ عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له:«و اللّه

ص:281


1- 1محمّد بن مارد التميميّ عربيّ صميم كوفيّ ختن محمّد بن مسلم،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، ثقة عين قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:محمّد بن مارد له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:رجال النجاشيّ:357،الفهرست:149، [1]رجال العلاّمة:158. [2]
2- 2) ع،ق:«تغبّرت»و في المصدر:«اغبرّت».
3- 3) التهذيب 6:21 الحديث 49،الوسائل 10:249 الباب 23 من أبواب المزار الحديث 3. [3]
4- 4) عمارة بن زيد أبو زيد الخيوانيّ الهمدانيّ كذا عنونه النجاشيّ،قال المامقانيّ:قد اختلفت النسخ في لقبيه ففي بعضها:الحيوانيّ-بالحاء المهملة-و في بعضها:الخيوانيّ-بالخاء المعجمة-و في نسخة ثالثة:الخيرانيّ،و في الخلاصة و النجاشيّ:الهمدانيّ،و في جامع الرواة: [4]المدنيّ،قال النجاشيّ: عمارة بن زيد أبو زيد الخيوانيّ الهمدانيّ لا يعرف من أمره غير هذا،ذكر الحسين بن عبيد اللّه أنّه سمع بعض أصحابنا يقول:سئل عبد اللّه بن محمّد البلويّ:من عمارة بن زيد هذا الذي حدّثك؟قال:رجل نزل من السماء حدّثني ثمّ عرج،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة. رجال النجاشيّ:303،رجال العلاّمة:245، [5]جامع الرواة 1:615، [6]تنقيح المقال 2:322. [7]
5- 5) بعض النسخ:البنائيّ،و في المصدر:الساجيّ،قال المامقانيّ:أبو عامر السائيّ في نسخة و البنانيّ في نسخة أخرى،و قال السيّد الخوئيّ:أبو عامر الساجيّ(السائيّ)(البنانيّ)واعظ أهل الحجاز روى عمارة بن زيد عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال المامقانيّ:لم أتحقّق حاله. تنقيح المقال 3:23 [8] من فصل الكنى،معجم رجال الحديث 12:299. [9]
6- 6) خا،ق:«يا عمّار»باقي النسخ:«يا عامر»و ما أثبتناه من المصدر.

لتقتلنّ بأرض العراق و تدفن بها،قلت:يا رسول اللّه ما لمن زار قبورنا و عمرها و تعاهدها؟فقال لي:يا أبا الحسن إنّ اللّه جعل قبرك و قبر ولدك بقاعا من بقاع الجنّة و عرصة من عرصاتها،و أنّ اللّه جعل قلوب نجباء من خلقه و صفوته من عباده تحنّ إليكم و تحمل المذلّة و الأذى فيكم،فيعمرون قبوركم و يكثرون زيارتها؛تقرّبا منهم إلى اللّه تعالى و مودّة منهم لرسوله،يا عليّ،أولئك المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي،و هم زوّاري غدا في الجنّة،يا عليّ من عمر قبوركم و تعاهدها،فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس،و من زار قبوركم عدل ذلك،له ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام،و خرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّة،فابشر و بشّر أولياءك و محبّيك من النعيم و قرّة العين، ما لا عين رأت و لا أذن سمعت،و لا خطر على قلب بشر،و لكن حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم بزيارتكم،كما تعيّر الزانية بزناها أولئك شرار أمّتي،لا نالتهم شفاعتي،و لا يردون حوضي» (1).

و الأخبار المنقولة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى اقتصرنا منها نحن على هذا؛طلبا للإيجاز.

مسألة:و له عليه السلام زيارات كثيرة منقولة نذكر منها نحن هاهنا زيارة

واحدة

رواها الشيخ عن[يونس بن ظبيان] (2)عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام فتوضّأ و اغتسل و امش على هنيئتك و قل:الحمد للّه الذي أكرمني بمعرفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من فرض طاعته رحمة منه و تطوّلا منه عليّ بالإيمان،الحمد للّه الذي سيّرني في بلاده

ص:282


1- 1التهذيب 6:22 الحديث 50،الوسائل 10:298 الباب 26 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) بعض النسخ:موسى بن عليان،و في بعضها:موسى بن طهمان،و ما أثبتناه من المصدر.

و حملني على دابّته (1)و طوى لي البعيد و دفع عنّي المكروه حتّى أدخلني حرم أخي رسوله فأرانيه في عافية،الحمد للّه الذي جعلني من زوّار قبر وصيّ رسوله (2)، الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه [وحده لا شريك له] (3)و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله جاء بالحقّ من عنده، و أشهد أنّ عليّا عبده و أخو رسوله عليهما السلام،ثمّ تدنو من القبر و تقول:السلام من اللّه السلام (4)على محمّد أمين اللّه على رسالته و عزائم أمره،و معدن الوحي و التنزيل،الخاتم لما سبق،و الفاتح لما استقبل،و المهيمن على ذلك كلّه،الشاهد على الخلق،السراج المنير،و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته،اللهمّ صلّ على محمّد و على أهل بيته المظلومين أفضل و أجمل و أرفع و أشرف ما صلّيت على أنبيائك و أصفيائك،اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عبدك و رسولك و خير خلقك بعد نبيّك و أخي رسولك الذي بعثته بعلمك،و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك و ديّان الدين بعدلك و فصل قضائك من خلقك (5)و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته،اللهمّ صلّ على الأئمّة من ولده القوّامين بأمرك (6)من بعده المطهّرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك و حفظة على سرّك و شهداء على خلقك و أعلاما لعبادك،و صلّ عليهم جميعا ما استطعت،السلام على خالصة اللّه من خلقه، السلام على المؤمنين الذين أقاموا أمرك و آزروا أولياء اللّه و خافوا لخوفهم،السلام

ص:283


1- 1في المصدر:«دوابّه».
2- 2) ح بزيادة:«صابرا بمحبّتك من عنده»خاوق:«جاء بالحقّ من عنده».
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في المصدر:«و التسليم»مكان:«السلام».
5- 5) في المصدر:«بين خلقك».
6- 6) في النسخ:«بأمره».

على ملائكة اللّه،السلام عليك يا أمير المؤمنين،السلام عليك يا حبيب اللّه (1)،السلام عليك يا صفوة اللّه،السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا حجّة اللّه،السلام عليك يا عمود الدين و وارث علم الأوّلين و الآخرين و صاحب المقدم (2)و الصراط المستقيم،أشهد أنّك قد أقمت الصلاة،و آتيت الزكاة،و أمرت بالمعروف،و نهيت عن المنكر،و اتّبعت الرسول،و تلوت الكتاب حقّ تلاوته،و وفيت بعهد اللّه، و جاهدت في اللّه حقّ جهاده،و نصحت للّه و لرسوله،وجدت بنفسك صابرا مجاهدا عن دين اللّه موقّيا لرسول اللّه،طالبا لما عند اللّه،راغبا فيما وعد اللّه من رضوانه، مضيت للذي كنت عليه شاهدا و شهيدا و مشهودا،فجزاك اللّه عن رسوله و عن الإسلام و أهله أفضل الجزاء،فلعن اللّه من قتلك،و لعن اللّه من بايع (3)على قتلك، و لعن اللّه من خالفك،و لعن اللّه من افترى عليك و ظلمك و غصبك و من بلغه ذلك فرضي به،أنا إلى اللّه منهم بريء،و لعن (4)اللّه أمّة خالفتك و أمّة جحدتك ولايتك (5)و أمّة تظاهرت عليك و أمّة قتلتك و أمّة خذلتك و حادت عنك،الحمد للّه الذي جعل النار مثواهم و بئس الورد المورود،اللهمّ العن قتلة أنبيائك و أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك،و أصلهم حرّ نارك،و العن الجوابيت و الطواغيت و الفراعنة و اللات و العزّى و الجبت و الطاغوت و كلّ ندّ يدعى من دون اللّه و كلّ محدث مفتر،اللهمّ العنهم و أشياعهم و أتباعهم و محبّيهم و أولياءهم لعنا كثيرا،اللهمّ العن قتلة الحسين-ثلاثا- اللهمّ عذّبهم عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين و ضاعف عليهم عذابك لما شاقّوا ولاة

ص:284


1- 1د:«يا حبيب حبيب اللّه»مكان:«يا حبيب اللّه».
2- 2) في المصدر:«المقام»مكان:«المقدم».
3- 3) بعض النسخ:«تابع»مكان:«بايع».
4- 4) أكثر النسخ:«لعن»و في نسخة ع:«فلعن»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) كذا في النسخ،و في المصدر:«جحدت ولايتك».

أمرك،و أعدّ لهم عذابا لم تحلّه بأحد من خلقك،اللهمّ و أدخل على قتلة أنصار رسولك و أنصار أمير المؤمنين و على قتلة الحسين و أنصار الحسين و قتلة من قتل في ولاية آل محمّد عليهم السلام أجمعين عذابا مضاعفا في أسفل درك الجحيم لا يخفّف عنهم[العذاب] (1)و هم فيه مبلسون ملعونون ناكسو رءوسهم قد عاينوا الندامة و الخزي الطويل بقتلهم عترة نبيّك و رسلك و أتباعهم من عبادك الصالحين، اللهمّ و العنهم في مستتر السرّ و ظاهر العلانية و سمائك و أرضك،اللهمّ اجعل لي لسان صدق في أوليائك و حبّب إليّ مشهدهم و مشاهدهم حتّى تلحقني بهم و تجعلني لهم[تبعا] (2)في الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين.و اجلس عند رأسه و قل:سلام اللّه و سلام ملائكته المقرّبين و المسلمين بقلوبهم و الناطقين بفضلك و الشاهدين على أنّك صادق صدّيق عليك يا مولاي،صلّى اللّه على روحك و بدنك طهر طاهر مطهّر،و أشهد[لك] (3)يا وليّ اللّه و وليّ رسوله بالبلاغ و الأداء،و أشهد أنّك حبيب اللّه،و أنّك باب اللّه،و أنّك وجه اللّه الذي منه يؤتى،و أنّك سبيل اللّه، و أنّك عبد اللّه و أخو رسوله،أتيتك وافدا لعظيم حالك و منزلتك عند اللّه و عند رسوله،متقرّبا إلى اللّه بزيارتك طالبا خلاص رقبتي متعوّذا بك من نار أستحقّها (4)بما جنيت على نفسي،أتيتك انقطاعا إليك و إلى ولدك الخلف من بعدك على تزكية الحقّ،فقلبي لكم مسلّم و أمري لكم متّبع و نصرتي لكم معدّة،أنا عبد اللّه و مولاك و في طاعتك الوافد إليك ألتمس بذلك كمال المنزلة عند اللّه،و أنت ممّن أمرني اللّه

ص:285


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) كثير من النسخ:«استحقيتها»و في المصدر:«استحققتها».

بصلته و حثّني على برّه و دلّني على فضله و هداني بحبّه (1)و رغّبني في الوفادة إليه و ألهمني طلب الحوائج من عنده،أنتم أهل بيت سعد من تولاّكم،و لا يخيب من أتاكم و لا يخسر من يهواكم (2)،و لا يسعد من عاداكم،لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم،أنتم أهل بيت الرحمة و دعائم الدين و أركان الأرض و الشجرة الطيّبة، اللهمّ لا تخيّب توجّهي إليك برسولك و آل رسولك،و لا تردّ استشفاعي بهم إليك، اللهمّ إنّك مننت عليّ بزيارة مولاي و ولايته و معرفته،فاجعلني ممّن ينصره و ممّن ينتصر به،و منّ عليّ بنصرتي لدينك في الدنيا و الآخرة،اللهمّ إنّي أحيا على ما حيي عليه عليّ بن أبي طالب و أموت على ما مات عليه عليّ بن أبي طالب عليه السلام» (3).

و إذا أردت وداعه فقل:السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته و أستودعك اللّه و أسترعيك و أقرأ عليك السلام،آمنّا باللّه و بالرسول و بما جاء به و دعيت إليه و دللت (4)عليه فاكتبنا مع الشاهدين،اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتي إيّاه،فإن توفّيتني قبل ذلك فإنّي أشهد مع الشاهدين في مماتي على ما شهدت في حياتي، أشهد أنّهم الأئمّة-كذا و كذا-و أشهد أنّ قاتلهم و خاذلهم (5)مشركون،و أنّ من ردّ عليهم في درك الجحيم،أشهد أنّ من حاربهم لنا أعداء و نحن منهم برآء و أنّهم حزب الشيطان،و على من قتلهم لعنة اللّه و لعنة الملائكة و الناس أجمعين و من شرك فيهم و من سرّه قتلهم،اللهمّ إنّي أسألك بعد الصلاة و التسليم أن تصلّي على

ص:286


1- 1كثير من النسخ:«لحبّه».
2- 2) كثير من النسخ:«من هداكم».
3- 3) التهذيب 6:25-28 الحديث 53،الوسائل 10:303 الباب 29 من أبواب المزار الحديث 1.
4- 4) من كلمة:«آمنّا»إلى هنا هكذا في التهذيب 6:30:«آمنّا باللّه و بالرسل و بما جاءت به و دعت إليه و دلّت».
5- 5) ع:«قاتليهم و خاذليهم».

محمّد و آل محمّد-و تسمّيهم-و لا تجعله آخر العهد من زيارته،فإن جعلته فاحشرني مع هؤلاء المسلمين (1)الأئمّة،اللهمّ و ذلّل قلوبنا لهم بالطاعة و المناصحة و المحبّة و حسن الموازرة و التسليم.

ص:287


1- 1في التهذيب 6:30:الميامين،مكان:المسلمين.
الفصل الرابع

في زيارة أبي محمّد الحسن عليه السلام

و نسبه و موضع قبره و مولده

هو الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الإمام الزكيّ أحد سيّدي شباب أهل الجنّة،كنيته:أبو محمّد.

ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة و قبض بالمدينة مسموما في صفر سنة تسع و أربعين من الهجرة،و كان سنّه عليه السلام يومئذ سبعا و أربعين سنة.

أمّه سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت محمّد عليهما السلام (1)،و دفن بالبقيع من مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

مسألة:و في زيارته فضل كثير

،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للحسين (2)عليه السلام:«من زارني حيّا أو ميّتا،أو زار أباك حيّا أو ميّتا،أو زار أخاك حيّا أو ميّتا،أو زارك حيّا أو ميّتا،كان حقّا عليّ أن أستنقذه يوم القيامة» (3).

و صفة الزيارة:ما رواه عمر بن يزيد بيّاع السابريّ رفعه،قال:كان محمّد بن

ص:288


1- 1خا و ع:صلّى اللّه عليه و آله،مكان:عليهما السلام.
2- 2) ح:للحسن،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
3- 3) التهذيب 6:40 الحديث 83،الوسائل 10:258 الباب 2 من أبواب المزار الحديث 19. [2]

الحنفيّة يأتي قبر الحسن عليه السلام فيقول:السلام عليك يا بقيّة المؤمنين و ابن أوّل المسلمين،و كيف لا تكون كذلك و أنت سليل الهدى و حليف التقى و خامس أصحاب الكساء،غذتك يد الرحمة،و ربّيت في حجر الإسلام،و رضعت من ثدي الإيمان،و طبت حيّا و طبت ميّتا،غير أنّ الأنفس غير طيّبة لفراقك و لا شاكّة في الجنان لك.ثمّ يلتفت إلى الحسين (1)عليه السلام و يقول:السلام عليك يا أبا عبد اللّه و على أبي محمّد السلام (2).

و إذا ودّعه وقف على قبره و قال:السلام عليك يا بن رسول اللّه،السلام عليك يا مولاي و رحمة اللّه و بركاته،أستودعك اللّه و أسترعيك و أقرأ عليك السلام،آمنّا باللّه و بالرسول و بما جئت به و دللت عليه،اللهمّ اكتبنا مع الشاهدين.

ثمّ تسأل اللّه حاجتك و أن لا يجعله آخر العهد منك،و ادع بما أحببت إن شاء اللّه تعالى.

ص:289


1- 1أكثر النسخ:للحسين.
2- 2) التهذيب 6:41 الحديث 85،الوسائل 10:317 الباب 36 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
الفصل الخامس

في زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام و نسبه و موضع قبره

هو الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام الإمام الشهيد،أحد سيّديّ شباب أهل الجنّة.

ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث من الهجرة،و قبض عليه السلام بكربلاء من أرض العراق قتيلا يوم الاثنين.و قيل:يوم الجمعة (1).و قيل:يوم السبت العاشر من المحرّم (2)قبل الزوال (3)سنة إحدى و ستّين من الهجرة،و له يومئذ ثمان و خمسون سنة.

و أمّه سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت محمّد عليهما السلام.

و قبره بالطفّ بكربلاء بين نينوى و الغاضريّة في قرى النهروان.

مسألة:و في زيارته فضل كثير

،روى الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام،فإنّ إتيانه يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مدافع السوء،و إتيانه مفترض على كلّ مؤمن

ص:290


1- 1عيون المعجزات:61. [1]
2- 2) الإرشاد للشيخ المفيد 2:136، [2]روضة الواعظين:195، [3]المناقب لا بن شهرآشوب 3:231. [4]
3- 3) د بزيادة:منه.

يقرّ بالإمامة من اللّه» (1).

و عن عبد الرحمن بن كثير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لو أنّ أحدا حجّ للّه و لم يزر الحسين بن عليّ عليهما السلام،لكان تاركا حقّا من حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لأنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم» (2).

و عن ابن رئاب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«حقّ على الغنيّ أن يأتي قبر الحسين عليه السلام في السنة مرّتين،و حقّ على الفقير أن يأتيه في السنة مرّة» (3).

و عن القاسم بن عبد اللّه (4)،عن الرضا عليه السلام،عن أبيه عليه السلام،قال:

«قال الصادق عليه السلام:إنّ أيّام زائري الحسين بن عليّ عليهما السلام لا تعدّ من آجالهم» (5).

ص:291


1- 1التهذيب 6:42 الحديث 86،الوسائل 9:345 الباب 44 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 6:42 الحديث 87،الوسائل 10:346 الباب 44 من أبواب المزار الحديث 3.و [2]فيهما: «لو أنّ أحدكم حجّ دهره»مكان:«لو أنّ أحدا حجّ للّه».
3- 3) التهذيب 6:42 الحديث 88،الوسائل 10:340 الباب 40 من أبواب المزار الحديث 1. [3]
4- 4) القاسم بن عبد اللّه:في المصادر:الهيثم بن عبد اللّه و هو الصحيح؛لعدم وجود رجل بعنوان القاسم بن عبد اللّه في كتب الرجال،و لعلّ الاشتباه من النسّاخ حيث أنّ الموجود في النسخ:القسم و هذه الكلمة تشبه الهيثم،و هو:الهيثم بن عبد اللّه الرمّانيّ كوفيّ روى عن موسى و الرضا عليهما السلام،له كتاب. قال المامقانيّ:عنونه النجاشيّ كذلك،و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال النجاشيّ:436،تنقيح المقال 3:306. [4]
5- 5) التهذيب 6:43 الحديث 90،الوسائل 10:322 الباب 37 من أبواب المزار الحديث 9. [5]

و عن قدامة بن مالك (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أراد زيارة قبر الحسين عليه السلام لا أشرا و لا بطرا و لا رياء و لا سمعة،محّصت ذنوبه،كما يمحّص الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنس،و يكتب له بكلّ خطوة حجّة،و كلّما رفع قدمه عمرة» (2).

و عن محمّد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«من أتى قبر الحسين عليه السلام في السنة ثلاث مرّات أمن من الفقر» (3).

مسألة:و تستحبّ زيارته في يوم عرفة و الأعياد.

روى الشيخ عن بشير الدهّان (4)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ربّما فاتني الحجّ فأعرّف عند قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقّه؟فقال:«أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقّه في غير يوم عيد،كتب اللّه له عشرين حجّة و عشرين عمرة مبرورات مقبولات و عشرين غزوة مع نبيّ مرسل

ص:292


1- 1قدامة بن مالك،قال المامقانيّ:روى الشيخ في باب زيارة سيّد الشهداء عليه السلام من التهذيب عن يونس بن عبد الرحمن عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و ليس له ذكر في كتب الرجال،نعم،عدّ في كتب العامّة قدامة بن مالك من ولد سعد العشيرة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قالوا: إنّه شهد فتح مصر،و على كلّ حال فهو مجهول الحال. تنقيح المقال 2:28 من أبواب القاف، [1]أسد الغابة 4:198. [2]
2- 2) التهذيب 6:44 الحديث 93،الوسائل 10:347 الباب 45 من أبواب المزار الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 6:48 الحديث 106،الوسائل 10:340 الباب 40 من أبواب المزار الحديث 3. [4]
4- 4) بشير الدهّان،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام قائلا:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و قيل:يسير-بالياء و السين غير المعجمة-قال المامقانيّ:و عدّ الشيخ إيّاه من أصحاب الإمامين من دون تعرّض لمذهبه شهادة بكونه إماميّا،و يدلّ عليه ما رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام من ثواب زيارة قبر الحسين عليه السلام. رجال الطوسيّ:156،تنقيح المقال 1:174، [5]معجم رجال الحديث 3:326. [6]

أو إمام[عدل] (1)،و من أقام في يوم عيد،كتب اللّه له مائة حجّة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل»قلت:و كيف لي بمثل الموقف؟فنظر[إليّ] (2)شبه المغضب ثمّ قال:«يا بشير إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجّه إليه،كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها» و لا أعلمه إلاّ قال:«و غزوة» (3).

مسألة:و تستحبّ زيارته عليه السلام في أوّل يوم من رجب.

روى الشيخ عن بشير الدهّان،عن جعفر بن محمّد عليه السلام،قال:«من زار قبر الحسين عليه السلام أوّل يوم من رجب غفر اللّه له البتّة» (4).

و تستحبّ زيارته في النصف من رجب و النصف من شعبان.

روى الشيخ عن أحمد بن أبي نصر البزنطيّ،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام،في أيّ شهر نزور (5)الحسين عليه السلام؟قال:«في النصف من رجب و النصف من شعبان» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أحبّ أن يصافحه مائة (7)ألف نبيّ و عشرون ألف نبيّ فليزر[قبر] (8)الحسين بن عليّ عليهما السلام

ص:293


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:46 الحديث 101،الوسائل 10:358 الباب 49 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 6:48 الحديث 107،الوسائل 10:363 الباب 50 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
5- 5) خا و ق:تزور.
6- 6) التهذيب 6:28 الحديث 108،الوسائل 10:364 الباب 50 من أبواب المزار الحديث 2. [3]
7- 7) أكثر النسخ:«مأتا»كما في الوسائل.
8- 8) أثبتناها من المصدر.

في النصف من شعبان،فإنّ أرواح النبيّين تستأذن[اللّه] (1)في زيارته فيؤذن لهم» (2).

و تستحبّ زيارته في ليلة القدر.

روى الشيخ عن أبي الصباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كان ليلة القدر-و فيها يفرق كلّ أمر حكيم-نادى مناد تلك الليلة من بطنان العرش:أنّ اللّه تعالى قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام في هذه الليلة» (3).

و عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من زار قبر الحسين عليه السلام ليلة من ثلاث،غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر»قلت:أيّ الليالي جعلت فداك؟قال:«ليلة الفطر أو ليلة الأضحى أو ليلة النصف من شعبان» (4).

و تستحبّ زيارته في يوم عاشوراء.

روى الشيخ-في الصحيح-عن زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السلام يوم عاشوراء عارفا بحقّه،كان كمن زار اللّه تعالى في عرشه» (5).

و عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«من زار قبر الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وجبت له الجنّة» (6).

و تستحبّ زيارته يوم الأربعين من مقتله (7)عليه السلام،و هو العشرون من

ص:294


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:48 الحديث 109،الوسائل 10:364 الباب 51 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 6:49 الحديث 111،الوسائل 10:368 الباب 53 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 6:49 الحديث 112،الوسائل 10:371 الباب 54 من أبواب المزار الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 6:51 الحديث 120،الوسائل 10:371 الباب 55 من أبواب المزار الحديث 1. [4]
6- 6) التهذيب 6:51 الحديث 121،الوسائل 10:372 الباب 55 من أبواب المزار الحديث 2. [5]
7- 7) بعض النسخ:من قتله.

صفر.

روى الشيخ عن أبي محمّد العسكريّ عليه السلام أنّه قال:«علامات المؤمن خمس:صلاة الإحدى و الخمسين (1)،و زيارة الأربعين،و التختّم في اليمين،و تعفير الجبين،و الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم» (2).

و تستحبّ زيارته في كلّ شهر،روى الشيخ عن داود بن فرقد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما لمن زار الحسين عليه السلام في كلّ شهر من الثواب؟ قال:«له من الثواب ثواب مائة ألف شهيد مثل شهداء بدر» (3).

مسألة:و صفة زيارته:ما رواه الشيخ عن الحسين بنثوير

(4)قال:كنت أنا و يونس بن ظبيان و[المفضّل] (5)بن عمر و أبو سلمة السرّاج (6)جلوسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام،و كان المتكلّم يونس بن ظبيان و كان أكبرنا سنّا،فقال له:

جعلت فداك،إذا أردت زيارة الحسين عليه السلام كيف أصنع و كيف أقول؟قال له:

«اغتسل على شاطئ الفرات و البس ثيابك الطاهرة ثمّ امش حافيا،فإنّه حرم (7)من

ص:295


1- 1أكثر النسخ:«صلاة الخمسين»كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 6:52 الحديث 122،مصباح المتهجّد:730، [1]الوسائل 10:373 الباب 56 من أبواب المزار الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 6:52 الحديث 123،الوسائل 10:341 الباب 40 من أبواب المزار الحديث 4. [3]
4- 4) في النسخ:الحسين بن يونس،و ما أثبتناه من المصدر،و هو:الحسين بن ثوير الحازميّ الكوفيّ، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:170،تنقيح المقال 1:322. [4]
5- 5) في النسخ:و الفضيل،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) أبو سلمة السرّاج،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية محمّد بن إسماعيل بن بزيع عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي 3:342 الحديث 10 و [5]في التهذيب 2:321 الحديث 1313 و الرواية صريحة في كون الرجل شيعيّا.تنقيح المقال 1:322. [6]
7- 7) آل،د،روح:«فإنّه في حرم»و في المصدر:«فإنّك في حرم».

حرم اللّه تعالى و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد (1)و التعظيم للّه تعالى كثيرا،و الصلاة على محمّد و أهل بيته حتّى تصير إلى باب الحائر ثمّ تقول:السلام عليك يا حجّة اللّه و ابن حجّته،السلام عليكم يا ملائكة اللّه و زوّار قبر[ابن] (2)نبيّ اللّه،ثمّ اخط عشر خطى ثمّ قف و كبّر ثلاثين تكبيرة ثمّ امش إليه حتّى تأتيه من قبل وجهه،و استقبل بوجهك وجهه و تجعل القبلة بين كتفيك ثمّ قل:السلام عليك يا حجّة اللّه و ابن حجّته،السلام عليك يا قتيل اللّه و ابن قتيله،السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره،السلام عليك يا وتر اللّه الموتور في السموات و الأرض،أشهد أنّ دمك سكن في الخلد،و اقشعرّت له أظلّة العرش، و بكى له جميع الخلائق،و بكت له السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ،و من في الجنّة و النار من خلق ربّنا ما يرى (3)و ما لا يرى،أشهد أنّك حجّة اللّه و ابن حجّته،و أشهد أنّك قتيل اللّه و ابن قتيله،و أشهد أنّك ثار اللّه و ابن ثاره،و أشهد أنّك وتر اللّه الموتور في السموات و الأرض،و أشهد أنّك قد بلّغت و نصحت و وفيت و جاهدت في سبيل ربّك و مضيت للذي كنت عليه شهيدا برّا و مستشهدا و شاهدا و مشهودا،أنا عبدك و مولاك و في طاعتك الوافد إليك،ألتمس كمال المنزلة عند اللّه و ثبات القدم في الهجرة إليك و[في] (4)السبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي أمرت بها،من أراد اللّه بدأ بكم،و بكم يبيّن اللّه الكذب،و بكم يباعد الزمان الكلب،و بكم فتح اللّه و بكم يختم،و بكم يمحو ما يشاء

ص:296


1- 1بعض النسخ:«و التمجيد»مكان:«و التحميد»كما في التهذيب.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) كثير من النسخ:«و ما يرى».
4- 4) أثبتناها من المصدر.

و بكم يثبت،و بكم يفكّ الذلّ من رقابنا،و بكم ترة (1)كلّ مؤمن يطلب،و بكم تنبت الأرض أشجارها،و بكم تخرج الأشجار أثمارها،و بكم تنزّل السماء مطرها (2)و رزقها،و بكم يكشف اللّه الكرب،و بكم ينزّل اللّه الغيث،و بكم يسبّح الأرض التي تحمل أبدانكم و تستقلّ (3)جبالها عن مراسيها.إرادة الربّ في مقادير أموره (4)تهبط إليكم و تصدر من بيوتكم،و الصادر عمّا فعل (5)من أحكام الجهاد،لعن اللّه أمّة (6)قتلتك و أمّة قتلتكم و أمّة خالفتكم و أمّة جحدت ولايتكم و أمّة ظاهرت عليكم و أمّة شهدت و لم تشهد (7)،الحمد للّه الذي جعل النار مأواهم و بئس الورد المورود و بئس ورد الواردين،الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه (8)أبرأ إلى اللّه ممّن خالفك و أنا إلى اللّه ممّن خالفك بريء (9)،ثمّ تقوم فتأتي ابنه عليّا عليه السلام و هو عند رجليه فتقول:السلام عليك يا بن رسول اللّه،السلام عليك يا بن عليّ أمير المؤمنين،السلام عليك يا بن الحسين (10)،السلام عليك يا بن

ص:297


1- 1كان عليه ترة،أي:نقصا،و الهاء فيه عوض من الواو المحذوفة،مثل:وعدته عدة،يقال:و ترت الرجل،إذا قتلت له قتيلا،و أخذت له مالا.لسان العرب 5:274. [1]
2- 2) في المصدر:«قطرها».
3- 3) في الكافي 4:577:« [2]تستقرّ»مكان:«تستقلّ».
4- 4) من عبارة:«إرادة الربّ»إلى هنا هكذا في النسخ:«إلى إرادة الربّ في مقاديره»و ما أثبتناه من التهذيب.
5- 5) في التهذيب:«عمّا نقل»مكان:«عمّا فعل».
6- 6) أكثر النسخ:«لعنت أمّة».
7- 7) ر:«و لم يتشهّد»و في المصدر:«و لم تستشهد».
8- 8) في التهذيب بزيادة:«ثلاثا».
9- 9) في المصدر بزيادة:«ثلاثا».
10- 10) خاوق:«يا أبا الحسن»،ع:«يا عليّ بن الحسين»و في المصدر:«يا بن الحسن و الحسين»مكان: «يا بن الحسين».

خديجة الكبرى و فاطمة الزهراء،صلّى اللّه عليك،لعن اللّه من قتلك-ثلاثا-أنا إلى للّه منهم بريء.-ثلاثا-ثمّ تقوم فتومئ بيدك إلى الشهداء و تقول:السلام عليكم فزتم و اللّه،فزتم و اللّه،فزتم و اللّه،فليت إنّي معكم فأفوز فوزا عظيما،ثمّ تدور فتجعل قبر أبي عبد اللّه عليه السلام بين يديك فصلّ (1)ستّ ركعات،و قد تمّت زيارتك و إن شئت فانصرف» (2).

فإذا أردت وداعه فقل:السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا أبا عبد اللّه،أنت لي جنّة من العذاب،و هذا أوان انصرافي غير راغب عنك و لا مستبدل بك و لا مؤثر عليك غيرك،و لا زاهد في قربك،جدت بنفسي للحدثان و تركت الأهل و الأوطان، فكن لي يوم حاجتي و فقري و فاقتي يوم لا يغني عنّي والدي و لا ولدي، و لا حميمي و لا قريبي،أسأل اللّه الذي قدّر و خلق أن ينفّس بك كربي،و أسأل اللّه الذي قدّر عليّ فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد منّي و من رجوعي،و أسأل اللّه الذي أبكى عليك عيني أن يجعله سندا[لي] (3)و أسأل اللّه الذي بلّغني إليك من رحلي و أهلي أن يجعله ذخرا لي،و أسأل اللّه الذي أراني مكانك و هداني للتسليم عليك و لزيارة آبائك الصالحين أن يوردني حوضهم (4)و يرزقني مرافقتهم (5)في الجنان مع آبائك الصالحين،السلام عليك يا صفوة اللّه و ابن صفوته،السلام على محمّد بن عبد اللّه حبيب اللّه و صفوته و أمينه و رسوله و سيّد النبيّين،السلام على أمير المؤمنين و وصيّ رسول ربّ العالمين،و قائد الغرّ المحجّلين،السلام على الأئمّة

ص:298


1- 1د:«فتصلّي»كما في المصدر.
2- 2) التهذيب 6:54 الحديث 131،الوسائل 10:382 الباب 62 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
3- 3) أثبتناها من التهذيب.
4- 4) في التهذيب:«حوضكم».
5- 5) في التهذيب:«مرافقتكم».

الراشدين،السلام على الأئمّة المهديّين،السلام على من في الحائر منكم و رحمة اللّه و بركاته،السلام على ملائكة اللّه الباقين المقيمين الذين هم بأمر ربّهم قائمون، السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين و الحمد للّه ربّ العالمين (1).

ثمّ تزور العبّاس و تودّعه بالمنقول.

ص:299


1- 1نقل هذه الزيارة [1]في التهذيب 6:67 باب 19 باب وداع أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السلام.
الفصل السادس

في زيارة الأئمّة عليهم السلام بالبقيع

(1)

و في البقيع من الأئمّة عليهم السلام غير الحسن بن عليّ عليه السلام عليّ بن الحسين زين العابدين،كنيته أبو محمّد،ولد بالمدينة سنة[ثمان] (2)و ثلاثين من الهجرة،و قبض عليه السلام بالمدينة سنة خمس و تسعين،فله يومئذ سبعة و خمسون سنة.

و أمّه شاه زنان (3)بنت شيرويه بن كسرى و قبره بالبقيع.

و محمّد بن عليّ بن الحسين باقر علم الأوّلين و الآخرين،كنيته:أبو جعفر،ولد

ص:300


1- 1أكثر النسخ:في زيارة الأئمّة بالبقيع عليهم السلام
2- 2) في النسخ:ثلاث،و ما أثبتناه من التهذيب 6:77.
3- 3) شاه زنان زوجة الإمام الحسين عليه السلام أمّ الإمام زين العابدين عليه السلام،اختلف في اسمها و اسم أبيها،قال المفيد في المقنعة و الشيخ في التهذيب:أمّه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى،و قال المفيد في الإرشاد،و [1]المصنّف في التحرير،و [2]الإربليّ في موضع من كشف الغمّة: [3]أمّه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى،و يقال:كان اسمها شهربانويه،و قال الصدوق في العيون:أمّه شهربانو بنت يزدجرد.و في الكافي: [4]أمّه سلامة بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى أبرويز،و في موضع من كشف الغمّة: [5]أمّه خولة بنت يزدجرد ملك فارس و هي الّتي سمّاها أمير المؤمنين عليه السلام شاه زنان،و يقال:كان اسمها برّة بنت النوشجان،و يقال:كان اسمها:شهربانو بنت يزدجرد،و في الدروس:أمّه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى أبرويز،و قيل:ابنة يزدجرد. الإرشاد للمفيد 2:138، [6]التهذيب 6:77،كشف الغمّة 2:249،295 و 317، [7]الكافي 1:446، [8]عيون أخبار الرضا 2:47،الدروس الشرعيّة 2:14،التحرير 2:123. [9]

بالمدينة سنة سبع و خمسين من الهجرة،و قبض عليه السلام بالمدينة سنة أربع عشرة و مائة،و كانت سنّه يومئذ سبعا و خمسين سنة.

أمّه أمّ عبدة (1)بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب،و هو هاشميّ من هاشميّين، علويّ من علويّين،و قبره بالبقيع.

و جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليه السلام الصادق،كنيته أبو عبد اللّه، ولد بالمدينة سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة،و قبض بالمدينة في شوّال سنة ثمان و أربعين و مائة،و له يومئذ خمس و ستّون سنة.

و أمّه أمّ فروة (2)بنت القاسم بن محمّد النجيب بن أبي بكر،و قبره بالبقيع مع أبيه و جدّه و عمّه الحسن بن عليّ عليهم السلام.

مسألة:و في زيارتهم فضل كثير

،قال الصادق عليه السلام:«من زارني،غفرت له ذنوبه و لم يمت فقيرا» (3).

ص:301


1- 1ح:أمّ عبيدة،و لعلّ الصحيح:أمّ عبد اللّه،و هي أمّ عبد اللّه بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام أمّ الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام كما في الكافي و [1]المقنعة و التحرير و [2]الدروس،روى الراونديّ عن أبي جعفر عليه السلام قال:كانت أمّي قاعدة عند جدار فتصدّع الجدار،و سمعنا هدّة شديدة فقالت بيدها:لا،و حقّ المصطفى ما أذن اللّه لك في السقوط،فبقي معلّقا حتّى جازته،فتصدّق عنها أبي بمائة دينار،و ذكرها الصادق عليه السلام يوما فقال:كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن مثلها.الكافي 1:469، [3]المقنعة:73،الدروس 2:17،الدعوات للراونديّ:68 الحديث 165.
2- 2) ح:فروة،باقي النسخ:أمّ فروة،كما في الكافي و [4]المقنعة و التحرير و [5]الدروس،و نقل في الدروس عن الجعفيّ:أنّ اسمها فاطمة و كنيتها أمّ فروة،و هي بنت القاسم بن محمّد النجيب بن أبي بكر،قال الصادق عليه السلام:كانت أمّي ممّن آمنت و اتّقت و أحسنت و اللّه يحبّ المحسنين.الكافي 1:472، [6]المقنعة:73،التحرير 2:123، [7]الدروس الشرعيّة 2:15،العبر 1:160، [8]شذرات الذهب 1:220. [9]
3- 3) المقنعة:73،التهذيب 6:78 الحديث 153،الوسائل 10:426 الباب 79 من أبواب المزار الحديث 2. [10]

و عن العسكريّ عليه السلام:«من زار جعفرا و أباه لم يشتك عينه (1)،و لم يصبه سقم و لم يمت مبتلى» (2).

و عن الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:سمعت الرضا عليه السلام يقول:«لكلّ إمام عهد في عنق أوليائهم و شيعتهم،و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم،فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغّبوا فيه،كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة» (3).

مسألة:إذا أتيت القبر الذي بالبقيع فاجعله بين يديك ثمّ تقول و أنت على

غسل:

السلام عليكم أئمّة الهدى،السلام عليكم أهل التقوى،السلام عليكم الحجّة على أهل الدنيا،السلام عليكم القوّام في البريّة بالقسط،السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليكم أهل النجوى،أشهد أنّكم قد بلّغتم و نصحتم و صبرتم في ذات اللّه و كذّبتم و أسيء إليكم فغفرتم،و أشهد أنّكم الأئمّة الراشدون المهديّون،و أنّ طاعتكم مفروضة،و أنّ قولكم الصدق،و أنّكم دعوتم فلم تجابوا و أمرتم فلم تطاعوا،و أنّكم دعائم الدين و أركان الأرض،و لم تزالوا بعين اللّه ينسخكم في أصلاب كلّ مطهّر،و ينقلكم من أرحام المطهّرات،لم تدنّسكم الجاهليّة الجهلاء و لم تشرك فيكم فتن الأهواء،طبتم و طاب منبتكم (4)،منّ بكم علينا ديّان الدين فجعلكم فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ و جعل صلواتنا عليكم رحمة لنا و كفّارة لذنوبنا،إذ اختاركم لنا و طيّب خلقنا بما منّ به علينا من ولايتكم،و كنّا

ص:302


1- 1في النسخ:«لم يسأل عنه»مكان:«لم يشتك عينه».
2- 2) التهذيب 6:78 الحديث 154،الوسائل 10:426 الباب 79 من أبواب المزار الحديث 2. [1]
3- 3) المقنعة:73،التهذيب 6:78 الحديث 155،الوسائل 10:246 الباب 44 من أبواب المزار الحديث 2 و [2]ص 253 الباب 2 الحديث 5.في الوسائل [3]بتفاوت يسير.
4- 4) في المصدر:«منشأكم».

عنده (1)متسمّين بعلمكم،مقرّين بفضلكم،معترفين بتصديقنا إيّاكم،هذا مقام [من] (2)أسرف و أخطأ و استكان و أقرّ بما جنى و رجا بمقامه الخلاص[و] 3أن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى،فكونوا لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا و اتّخذوا آيات اللّه هزوا و استكبروا عنها،يا من هو ذاكر لا يسهو و دائم لا يلهو،و يحيط بكلّ شيء،لك المنّ بما وفّقتني و عرّفتني بما ثبّتني عليه؛إذ صدّ عنه عبادك و جحدوا معرفتهم و استخفّوا بحقّهم و مالوا إلى سواهم،و كانت المنّة لك و منك عليّ مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به،فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي مذكورا مكتوبا،و لا تحرمني ما رجوت و لا تخيّبني فيما دعوت،و ادع لنفسك بما أحببت.ثمّ تصلّي ثمان ركعات إن شاء اللّه.

فإذا أردت وداعهم فقف على قبورهم عليهم السلام و قل:السلام عليكم أئمّة الهدى و رحمة اللّه و بركاته،أستودعكم اللّه و أقرأ عليكم السلام،آمنّا باللّه و بالرسول و بما جئتم به و دللتم عليه،اللهمّ فاكتبنا مع الشاهدين،ثمّ ادع كثيرا و اسأله أن لا يجعله آخر العهد من زيارتهم (3).

ص:303


1- 1بعض النسخ:عبيده،مكان:عنده.
2- (2 و 3) أضفناهما من التهذيب 6:79.
3- 4) ذكر الشيخ هذه الزيارة في التهذيب 6:79 باب 27 و 28.
الفصل السابع

في زيارة الكاظم عليه السلام و مولده و موضع قبره

هو موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام الإمام الكاظم العبد الصالح،كنيته أبو الحسن و يكنّى أبا إبراهيم و يكنّى[أيضا] (1)أبا عليّ،ولد بالأبواء سنة ثمان و عشرين و مائة من الهجرة،و قبض قتيلا بالسمّ ببغداد في حبس السنديّ بن شاهك (2)لستّ بقين من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة من الهجرة، و كان سنّه يومئذ خمسا و خمسين سنة،و أمّه:أمّ ولد يقال لها:حميدة البربريّة (3)،

ص:304


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) السنديّ بن شاهك قد وقع في طريق الصدوق في باب النوادر الواقع بعد باب التعزية من الفقيه 1: 120 الحديث 577،و هو ملعون،سمّ الكاظم عليه السلام على ما ذكره الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2:84. [1] تنقيح المقال 2:71، [2]معجم رجال الحديث 8:318. [3]
3- 3) حميدة البربريّة،أمّ الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام،نسبة إلى بربر،و هم جيل من الناس،يقال:إنّهم من ولد برّ بن قيس بن عيلان،قال المامقانيّ:قد وقعت هذه الجليلة في سند الفقيه بعنوان:حميدة البربريّة،و في عيون أخبار الرضا عليه السلام: [4]حميدة المصفّاة،و لقبها:لؤلؤة،و هي ابنة صاعد البربريّ،و يقال:إنّها أندلسيّة و هي من التقيّات الثقات،و قد كان مولانا الصادق عليه السلام يرسلها مع أمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة،و قال الصادق عليه السلام في حقّها: «حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب». الكافي 1:477، [5]عيون أخبار الرضا عليه السلام 2:24،48، [6]لسان العرب 4:56، [7]تنقيح المقال 3: 76 [8] من فصل النساء.

و قبره ببغداد من مدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش.

مسألة:و في زيارته فضل كثير

،روى الشيخ عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام[هل هي] (1)مثل زيارة قبر الحسين عليه السلام؟قال:«نعم» (2).

و عن الحسين بن محمّد القمّيّ (3)،قال:قال لي الرضا عليه السلام:«من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قبر أمير المؤمنين عليه السلام، إلاّ أنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لأمير المؤمنين عليه السلام فضلهما» (4).

و الأخبار في ذلك كثيرة (5).

مسألة:و إذا أردت زيارته فقل :ما رواه الشيخ عن محمّد بن عيسى

(6)

،عمّن ذكره،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«تقول ببغداد:السلام عليك يا وليّ اللّه، السلام عليك يا حجّة اللّه،السلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض،السلام عليك يا من بدا للّه في شأنه،أتيتك عارفا بحقّك،معاديا لأعدائك،فاشفع لي عند ربّك.

ص:305


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:81 الحديث 158،الوسائل 10:427 الباب 80 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
3- 3) الحسين بن محمّد القمّيّ،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الكاظم و الجواد عليهما السلام،و روى عن الرضا عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول، قال السيّد الخوئيّ:روى عن الرضا عليه السلام،و روى عنه الحميريّ في الكافي 4:583 الحديث 1،و [2]لكن في التهذيب 6:181 الحديث 159 عن الخيبريّ عن الحسن بن محمّد الأشعريّ القمّيّ، و هو الصحيح الموافق للفقيه 2:348 الحديث 1596،و قال الأردبيليّ:الظاهر أنّ ما في التهذيب من اشتباه النسّاخ. رجال الطوسيّ:348،400،جامع الرواة 1:253، [3]معجم رجال الحديث 6:84. [4]
4- 4) التهذيب 6:81 الحديث 159،الوسائل 10:427 الباب 80 من أبواب المزار الحديث 2. [5]
5- 5) ينظر:التهذيب 6:81،82،الوسائل 10:427 الباب 80 من أبواب المزار. [6]
6- 6) ع و ح:افعل،مكان:فقل.

و ادع اللّه و اسأل حاجتك،و تسلّم بهذا على أبي جعفر محمّد عليه السلام» (1).

فإذا أردت وداعه فقف على القبر و قل:السلام عليك يا مولاي يا أبا الحسن و رحمة اللّه و بركاته،أستودعك اللّه و أقرأ عليك السلام،آمنّا باللّه و بالرسول و بما جئت به و دللت عليه،اللهمّ فاكتبنا مع الشاهدين (2).

ص:306


1- 1التهذيب 6:82 الحديث 163،الوسائل 10:430 الباب 81 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 6:83.
الفصل الثامن

في زيارة عليّ بن موسى الرضا عليه السلام و مولده و موضع قبره

هو عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام الإمام الرضا وليّ المؤمنين،كنيته أبو القاسم و يكنّى أبا الحسن.

ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة من الهجرة،و قبض عليه السلام بطوس من أرض (1)خراسان في سنة ثلاث و مائتين،و هو يومئذ ابن خمس و خمسين سنة،و أمّه أمّ ولد يقال لها:أمّ البنين (2)،و قبره بطوس في سناباد في الموضع المعروف بالمشهد من أرض حميد (3).

مسألة:و في زيارته فضل كثير

،روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن

ص:307


1- 1كثير من النسخ:أراضي،مكان:أرض.
2- 2) أمّ البنين،أمّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام،قال الكلينيّ في الكافي: [1]أمّه أمّ ولد يقال لها أمّ البنين،و قال الصدوق:سمّيت:سمان،و تكنّى:أمّ البنين،و قال الإربليّ:و أمّه أمّ ولد يقال لها:أمّ البنين،و اسمها:نجمة،و لها أسماء أخرى،منها:الخيزران،المرسية و شقراء النوبيّة و سكن النوبيّة و تكتم. الكافي 1:486، [2]عيون أخبار الرضا 1:16، [3]كشف الغمّة 3:105. [4]
3- 3) في النسخ:حميدة،و ما أثبتناه من التهذيب 6:83،و هو:حميد بن قحطبة الطائيّ الذي قتل ستّين من العلويّين في ليلة واحدة بأمر هارون الرشيد.و دخل الإمام الرضا عند وروده بخراسان داره و خطّ بيده إلى جانبيه و قال:هذه تربتي.عيون أخبار الرضا 1:147 و ج 2:100، [5]الإرشاد 2:263. [6]

عليّ بن مهزيار،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:جعلت فداك زيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام؟قال:«زيارة أبي أفضل و ذلك أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام يزوره كلّ الناس،و أبي لا يزوره إلاّ الخواصّ من الشيعة» (1).

و عن يحيى بن سليمان المازنيّ (2)،عن أبي الحسن موسى عليه السلام،قال:

«من زار قبر ولدي عليّا،كان عند اللّه كسبعين حجّة مبرورة»قال:قلت:سبعين حجّة!؟قال:«نعم،و سبعين ألف حجّة»قال:قلت:سبعين ألف حجّة!؟قال:«ربّ حجّة لا تقبل،من زاره و بات عنده ليلة[كان] (3)كمن زار اللّه في عرشه»قلت:كمن زار اللّه في عرشه!؟قال:«نعم،إذا كان يوم القيامة كان على عرش اللّه أربعة من الأوّلين و أربعة من الآخرين،فأمّا الأربعة الذين هم من الأوّلين فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام،و أمّا الآخرون فمحمّد و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السلام،ثمّ يمدّ القمطار (4)فيقعد معنا من زار قبور الأئمّة إلاّ أنّ أعلاهم درجة و أقربهم حبوة زوّار قبر ولدي عليّ» (5).

و عن أحمد بن أبي نصر،قال:قرأت في كتاب أبي الحسن عليه السلام بخطّه:

ص:308


1- 1التهذيب 6:84 الحديث 165،الوسائل 10:441 الباب 85 من أبواب المزار الحديث 1. [1]
2- 2) يحيى بن سليمان المازنيّ روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام،و روى عنه عبد الرحمن بن سعيد المكّيّ. جامع الرواة 2:330،معجم رجال الحديث 21:61. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) كذا في النسخ،و في المصدر:«ثمّ يمدّ المضمار»و يمكن أن يكون تصحيفا،و الأنسب:«المطمار» كما في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2:259 الحديث 20. [3]
5- 5) التهذيب 6:84 الحديث 167،الوسائل 10:442 [4] الباب 86 من أبواب المزار الحديث 1 و ص 443 الباب 87 الحديث 1.

«أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه ألف حجّة و ألف عمرة متقبّلة كلّها»قال:

[قلت] (1)لأبي جعفر:ألف حجّة؟قال:«إي و اللّه ألف[ألف] (2)حجّة لمن يزوره عارفا بحقّه» (3).

و عن إبراهيم بن إسحاق النهاونديّ (4)،قال:قال الرضا عليه السلام:«من زارني على بعد داري و مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها:إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا،و عند الصراط،و عند (5)الميزان» (6).

و الأخبار في ذلك كثيرة (7).

مسألة:و صفة زيارته ما ذكره محمّد بن الحسن بن الوليد القمّيّ

في كتاب

ص:309


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:85 الحديث 168،الوسائل 10:444 الباب 87 من أبواب المزار الحديث 3. [1]
4- 4) إبراهيم بن إسحاق أبو إسحاق الأحمريّ النهاونديّ،كان ضعيفا في حديثه متهوما،قاله النجاشيّ، و قال الشيخ في الفهرست: [2]كان ضعيفا في حديثه متّهما في دينه،و عدّه في رجاله في من لم يرو عنهم عليهم السلام،و قال:له كتب و هو ضعيف.و قال المصنّف في الخلاصة:كان ضعيفا في حديثه متّهما في دينه و في مذهبه ارتفاع و أمره مختلط لا أعمل على شيء ممّا يرويه،و قد ضعّفه الشيخ في الفهرست،و [3]قال في كتاب الرجال في أصحاب الهادي عليه السلام:إبراهيم بن إسحاق ثقة،فإن يكن هو هذا فلا تعويل على روايته،قال المامقانيّ:كيف يمكن اتّحادهما مع تضعيفه للنهاونديّ و توثيقه لإبراهيم بن إسحاق و عدّه الثقة من رجال الهادي عليه السلام،و عدّه ممّن لم يرو عنهم مع قلّة الفصل بينهما. رجال النجاشيّ:19،الفهرست:7، [4]رجال الطوسيّ:409،رجال العلاّمة:198، [5]تنقيح المقال 1: 13. [6]
5- 5) لا توجد كلمة:«عند»في التهذيب و أكثر النسخ.
6- 6) التهذيب 6:85 الحديث 169،الوسائل 10:433 الباب 82 من أبواب المزار الحديث 2. [7]
7- 7) ينظر:الوسائل 10:430-446 الباب 81-88 من أبواب المزار. [8]

الجامع،قال:إذا أردت زيارة قبر[أبي الحسن] (1)الرضا عليه السلام فاغتسل و قل:اللهمّ طهّرني و طهّر قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني مدحتك و الثناء عليك،فإنّه لا قوّة إلاّ بك،اللهمّ اجعله لي طهورا و شفاء و نورا.و تقول حين تخرج:بسم اللّه و إلى اللّه و إلى ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حسبي اللّه توكّلت على اللّه،اللهمّ إليك توجّهت و إليك قصدت و ما عندك أردت.فإذا خرجت فقل على باب دارك:اللهمّ إليك وجّهت وجهي و عليك خلّفت أهلي و مالي و ما خوّلتني و بك و ثقت فلا تخيّبني،يا من لا يخيّب من أراده و لا يضيّع من حفظه،صلّ على محمّد و أهل بيته،و احفظني بحفظك،فإنّه لا يضيع من حفظت،فإذا وصلت فاغتسل (2)و ادع عنده،و البس أطهر ثيابك،و امش حافيا بسكينة و وقار و تكبير و تهليل و تسبيح و تحميد،و قصّر خطاك و قل حين تدخل:بسم اللّه[و باللّه] (3)و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أنّ عليّا وليّ اللّه،ثمّ سر حتّى تقف على قبره و استقبل وجهه بوجهك و اجعل القبلة بين كتفيك و قل:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أنّه سيّد الأوّلين و الآخرين،و أنّه سيّد الأنبياء و المرسلين، اللهمّ صلّ على محمّد عبدك و رسولك و نبيّك و سيّد خلقك أجمعين صلاة لا يطيق إحصاءها غيرك،اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عبدك و أخي رسولك الذي انتجبته بعلمك،و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك،و الدليل على من

ص:310


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) في الفقيه 2:364 و التهذيب بزيادة:و قل حين تغتسل:اللهمّ طهّرني و طهّر لي قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني مدحتك و محبّتك و الثناء عليك،فإنّه لا قوّة إلاّ بك و قد علمت أنّ قوّة ديني التسليم لأمرك و الاتّباع لسنّة نبيّك صلّى اللّه عليه و آله و الشهادة على جميع خلقك اللهمّ اجعله لي شفاء و نورا إنّك على كلّ شيء قدير.
3- 3) أثبتناها من المصدر.

بعثته برسالاتك،و ديّان الدين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك،و المهيمن على ذلك كلّه و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته،اللهمّ صلّ على فاطمة بنت نبيّك و زوجة وصيّ نبيّك و أمّ السبطين الحسن و الحسين سيّدي شباب أهل الجنّة الطهر الطاهرة المطهّر[ة] (1)،التقيّة الرضيّة الزكيّة سيّدة نساء أهل الجنّة أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك،اللهمّ صلّ على الحسن و الحسين سبطي نبيّك و سيّدي شباب أهل الجنّة القائمين في خلقك و الدالّين على من بعثت برسالاتك و ديّاني الدين (2)بعدلك و فصل قضائك بين خلقك (3)،اللهمّ صلّ على عليّ بن الحسين عبدك القائم في خلقك و الدليل على من بعثت (4)برسالاتك و ديّان الدين بعدلك سيّد العابدين، اللهمّ صلّ على محمّد بن عليّ عبدك و خليفتك باقر علم النبيّين،اللهمّ صلّ على جعفر بن محمّد الصادق عبدك و وليّ دينك و حجّتك على خلقك أجمعين،اللهمّ صلّ على موسى بن جعفر عبدك الصالح و لسانك الناطق في خلقك بحكمتك و الحجّة على بريّتك،اللهمّ صلّ على عليّ بن موسى الرضا المرتضى عبدك و وليّك القائم بعدلك الداعي إلى دينك و دين آبائه الصادقين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك،اللهمّ صلّ على محمّد بن عليّ التقيّ الرضيّ صلاة لا يحصيها غيرك،اللهمّ صلّ على عليّ بن محمّد عبدك و حجّتك على عبادك صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك،اللهمّ صلّ على الحسن بن عليّ العامل بأمرك القائم بحقّك و حجّتك المؤدّي عن نبيّك و شاهدك على خلقك المخصوص بكرامتك الداعي إلى طاعتك،و طاعة رسولك صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ صلّ على حجّتك و وليّك القائم في خلقك صلاة

ص:311


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) في النسخ:و ديّان الدين.
3- 3) كثير من النسخ:من خلقك.
4- 4) د،خا و ق:بعثته،كما في التهذيب.

تامّة باقية تعجّل بها فرجه و تنصره و تجعلنا معه في الدنيا و الآخرة،اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بحبّهم و أوالي وليّهم و أعادي عدوّهم،فارزقني بهم خير الدنيا و الآخرة و اصرف عنّي بهم شرّ الدنيا و الآخرة و اكفني أهوال يوم القيامة،ثمّ تجلس عند رأسه و تقول:السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا حجّة اللّه،السلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض،السلام عليك يا عمود الدين،السلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه،السلام عليك يا وارث نوح نبيّ اللّه،السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل اللّه،السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح اللّه،السلام عليك يا وارث موسى كليم اللّه،السلام عليك يا وارث عيسى روح اللّه،السلام عليك يا وارث محمّد حبيب اللّه، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين (1)،السلام عليك يا وارث الحسن و الحسين سيّدي شباب أهل الجنّة،السلام عليك يا وارث عليّ بن الحسين زين العابدين، السلام عليك يا وارث محمّد بن عليّ باقر علم الأوّلين و الآخرين،السلام عليك يا وارث جعفر بن محمّد الصادق البارّ،السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر،السلام عليك أيّها الصدّيق الشهيد،السلام عليك أيّها الوصيّ التقيّ أشهد أنّك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و عبدت اللّه مخلصا حتّى أتاك اليقين،السلام عليك يا أبا الحسن و رحمة اللّه و بركاته إنّه حميد مجيد،ثمّ تنكّب على القبر و تقول:اللهمّ إليك صمدت من أرضي و قطعت الأرض رجاء رحمتك فلا تخيّبني و لا تردّني بغير (2)قضاء حوائجي و ارحم تقلّبي على قبر ابن أخي رسولك،بأبي أنت و أمّي (3)أتيتك زائرا وافدا عائذا ممّا جنيت على نفسي و احتطبت على ظهري فكن لي شفيعا إلى اللّه يوم فقري و فاقتي فلك عند اللّه مقام

ص:312


1- 1ح و ق بزيادة:وليّ اللّه و وصيّ رسول اللّه.
2- 2) أكثر النسخ:بعد،مكان:بغير.
3- 3) أكثر النسخ:بأبي و أمّي أنت.

محمود و أنت عند اللّه وجيه (1)،ثمّ ترفع يدك اليمنى و تبسط اليسرى على القبر و تقول:اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بحبّهم و بولايتهم أتولّى آخرهم كما تولّيت أوّلهم و أبرأ من كلّ وليجة دونهم،اللهمّ العن الذين بدّلوا دينك و غيّروا نعمتك و جحدوا آياتك و سخروا بإمامك (2)و حملوا الناس على أكتاف آل محمّد،اللهمّ إنّي أتقرّب إليك باللعنة عليهم و البراءة منهم في الدنيا و الآخرة فارحمني (3)،ثمّ تقول عند رجليه:

صلّى اللّه عليك يا أبا الحسن صلّى اللّه على روحك و بدنك (4)و أنت الصادق المصدّق لعن اللّه من قتلك بالأيدي و الألسن (5)،ثمّ تحوّل نحو رأسه[من خلفه] (6)و صلّ ركعتين تقرأ في إحداهما:«يس»و في الأخرى:«الرّحمن»،و تجتهد في الدعاء.

فإذا أردت وداعه فقل:السلام عليك يا مولاي و ابن مولاي و رحمة اللّه و بركاته أنت لنا جنّة من العذاب و هذا أوان انصرافي عنك غير راغب و لا مستبدل بك و لا مؤثر عليك و لا زاهد في قربك،قد جدت بنفسي للحدثان و تركت الأهل و الأوطان (7)،إلى آخر الوداع الذي ذكرناه في وداع الحسين عليه السلام،ثمّ تقول:

أستودعك اللّه و أسترعيك إلى آخر الدعاء أيضا.

ص:313


1- 1في النسخ:وجيها،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) في النسخ:بآياتك،مكان:بإمامك و ما أثبتناه من التهذيب.
3- 3) في المصدر:يا رحمان،مكان:فارحمني.
4- 4) في المصدر بزيادة:صبرت.
5- 5) في التهذيب بزيادة:و ابتهل باللعنة على قاتل أمير المؤمنين عليه السلام و قتلة الحسين و على جميع قتلة أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) و رواه الشيخ أيضا عن الجامع،ينظر:التهذيب 6:87-90 الحديث 171.
الفصل التاسع

في زيارة محمّد الجواد عليه السلام و موضع قبره

هو محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام الجواد،كنيته أبو جعفر.

ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمسة و تسعين و مائة من الهجرة،و قبض عليه السلام ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين،و له يومئذ خمس و عشرون سنة.

و أمّه أمّ ولد يقال لها:خيزران (1)،و كانت من أهل بيت مارية القبطيّة (2).و دفن

ص:314


1- 1خيزران أمّ الإمام الجواد عليه السلام،قال في الكافي [1]أمّه أمّ ولد يقال لها:سبيكة نوبيّة،و قيل أيضا: إنّ اسمها كان خيزران،و روي أنّها من أهل بيت مارية أمّ إبراهيم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و في الإرشاد للمفيد: [2]أمّه أمّ ولد يقال لها:سبيكة،و كانت نوبيّة.و في المناقب: [3]أمّه أمّ ولد تدعى درّة و كانت مرّيسيّة ثمّ سمّاها الرضا عليه السلام خيزران و كانت من أهل بيت مارية القبطيّة،و يقال:إنّها سبيكة و كانت نوبيّة،و يقال:ريحانة و تكنّى أمّ الحسن. الكافي 1:492،الإرشاد للمفيد 2:264، [4]مناقب آل أبي طالب 3:487. [5]
2- 2) مارية القبطيّة،عدّها ابن عبد البرّ و ابن حجر و ابن الأثير من الصحابيّات،و [6] هي مولاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمّ ولده إبراهيم بن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أهداها له المقوقس صاحب الإسكندريّة و أهدى معها أختها سيرين و خصيّا يقال له:مابور،و هو الذي اتّهم بمارية،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام:خذ هذا السيف و انطلق به فإن وجدته عندها فاقتله،قلت:يا رسول اللّه أكون كالسكّة المحماة أمضي لما أمرتني،أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب،فقال لي النبيّ-

ببغداد في مقابر قريش في ظهر جدّه موسى عليه السلام.

مسألة:و في زيارته فضل كثير

،روى الشيخ عن إبراهيم بن عقبة،قال:كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام و زيارة أبي الحسن و أبي جعفر عليه السلام،فكتب إليّ:أبو عبد اللّه عليه السلام المقدّم، و هذا أجمع و أعظم أجرا (1).

مسألة:فإذا أردت زيارته فقل:ما رواه الشيخ عن محمّد بن عيسى

عمّن ذكره، عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«تقول ببغداد»إلى آخر الزيارة التي ذكرناها للكاظم عليه السلام.

فإذا أردت وداعه فقل:السلام عليك يا مولاي يا ابن رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته أستودعك اللّه و أقرأ عليك السلام آمنّا باللّه و برسوله (2)و بما جئت به و دللت عليه،اللهمّ فاكتبنا مع الشاهدين،ثمّ تسأله أن لا يجعله آخر العهد منك، و ادع بما شئت و قبّل القبر وضع خدّك عليه إن شاء اللّه تعالى (3).

ص:315


1- 1) التهذيب 6:91 الحديث 172،الوسائل 10:447 الباب 89 من أبواب المزار الحديث 1.
2- 2) كثير من النسخ:و رسوله،و في بعضها:و بالرسول،مكان:و برسوله.
3- 3) التهذيب 6:91 الحديث 173.
الفصل العاشر

في زيارة أبي الحسن عليّ بن محمّد و موضع قبره و مولده

و قبر ولده و زيارته

هو عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام الإمام المنتجب كنيته أبو الحسن الهادي.

ولد بالمدينة منتصف ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة و مائتين للهجرة،و قبض بسرّ من رأى في رجب من سنة أربع و خمسين و مائتين،و له يومئذ إحدى و أربعون (1)سنة و تسعة أشهر.

و أمّه أمّ ولد يقال لها:سمانة (2).و قبره بسرّ من رأى،في داره.

مسألة:و في ذلك الموضع أيضا ولد الإمام أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ

الإمام الهادي

.

ولد بالمدينة في ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين،و قبض بسرّ من رأى لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين و مائتين،و له يومئذ ثمان و عشرون سنة.

ص:316


1- 1كثير من النسخ:إحدى و أربعين.
2- 2) سمانة:أمّ الإمام الهادي عليه السلام،في الكافي و [1]الإرشاد: [2]أمّه أمّ ولد يقال لها:سمانة،و في المناقب: [3]أمّه أمّ ولد يقال لها:سمانة المغربيّة،و يقال:إنّ أمّه المعروفة بالسيّدة أمّ الفضل. مناقب آل أبي طالب 4:420،الكافي 1:503، [4]الإرشاد للمفيد 2:301. [5]

و أمّه أمّ ولد يقال لها:حديث (1).و قبره إلى جانب قبر أبيه عليه السلام في البيت الذي دفن فيه أبوه بداره بسرّ من رأى.

مسألة:و في زيارتهما عليهما السلام فضل كثير

،روى الشيخ عن زيد الشحّام، قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن زار أحدا منكم؟قال:«كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و عن أبي هاشم الجعفريّ،قال:قال أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام:

«قبري بسرّ من رأى أمان لأهل الجانبين» (3).

مسألة:فإذا أردت زيارتهما فاغتسل و قف بظاهر الشّباك و اجعل وجهك تلقاء

القبلة

و قل:السلام عليكما يا وليّي اللّه،السلام عليكما يا حجّتي اللّه،السلام عليكما يا نوري اللّه في ظلمات الأرض،السلام عليكما يا من بدا للّه فيكما،أتيتكما عارفا بحقّكما،معاديا لأعدائكما،مواليا لأوليائكما،مؤمنا بما أتيتما به،كافرا بما كفرتما به،محقّقا لما حقّقتما،مبطلا لما أبطلتما،أسأل ربّي و ربّكما أن يجعل حظّي من زيارتكما،الصلاة على محمّد و أهل بيته،و أن يرزقني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين،و أسأله أن يعتق رقبتي من النار و يرزقني شفاعتكما و مصاحبتكما،و لا يفرّق بيني و بينكما،و لا يسلبني حبّكما و حبّ آبائكما الصالحين،و لا يجعله آخر العهد منكما و من زيارتكما،و أن يحشرني معكما في

ص:317


1- 1حديث:أمّ الإمام العسكريّ عليه السّلام،في الكافي: [1]أمّه أمّ ولد يقال لها:حديث،و قيل:سوسن، و في الإرشاد: [2]يقال لها:حديثة،و في المناقب: [3]يقال لها:حديث. مناقب آل أبي طالب 4:420، [4]الكافي 1:503، [5]الإرشاد للمفيد 2:301. [6]
2- 2) التهذيب 6:79 الحديث 157 و ص 93 الحديث 174،الوسائل 10:448 الباب 90 من أبواب المزار الحديث 1. [7]
3- 3) التهذيب 6:93 الحديث 176،الوسائل 10:448 الباب 90 من أبواب المزار الحديث 2. [8]

الجنّة برحمته،اللهمّ ارزقني[حبّهما] (1)و توفّني (2)على ملّتهما،اللهمّ العن ظالمي آل محمّد حقّهم و انتقم منهم،اللهمّ العن الأوّلين منهم و الآخرين،و ضاعف عليهم العذاب الأليم إنّك على كلّ شيء قدير،اللهمّ عجّل فرج وليّك و ابن وليّك و ابن نبيّك، و اجعل فرجنا مع فرجهم يا أرحم الراحمين.

فإذا ودّعتهما فقل:السلام عليكما يا وليّي اللّه أستودعكما اللّه و أقرأ عليكما السلام آمنّا باللّه و بالرسول و بما جئتما به و دللتما عليه،اللهمّ اكتبنا مع الشاهدين.

ثمّ اسأل اللّه العود إليهما و ادع بما أحببت.

ص:318


1- 1أضفناها من الفقيه 2:368.
2- 2) في النسخ:وقوفي،و ما أثبتناه من الفقيه 2:368.
الفصل الحادي عشر

في زيارة القائم عليه السّلام

رواه الشيخ عن السعيد أبي القاسم بن روح (1)رحمه اللّه:تسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على أمير المؤمنين عليه السّلام بعده و على خديجة الكبرى و على فاطمة الزهراء و على الحسن و الحسين و على الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا إلى صاحب الزمان عليه السّلام،ثمّ تقول:السلام عليك يا فلان بن فلان أشهد أنّك باب المولى أدّيت عنه و أدّيت إليه ما خالفته و لا خالفت عليه،قمت خاصّا (2)و انصرفت سابقا،جئتك عارفا بالحقّ الذي أنت عليه و أنّك ما خنت في التأدية و السفارة،السلام عليك من باب ما أوسعه،و من سفير ما آمنك،و من ثقة ما أمكنك،أشهد أنّ اللّه اختصّك بنوره حتّى عاينت الشخص فأدّيت عنه و أدّيت إليه.

ثمّ ترجع فتبتدئ بالسلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى صاحب الزمان و تقول بعد ذلك:جئتك مخلصا بتوحيد اللّه و موالاة أوليائه و البراءة من أعدائهم

ص:319


1- 1أبو القاسم حسين بن روح من أبواب الحجّة المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه،و هو من الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى وسائط بين الشيعة و بين القائم عليه السّلام،و حسين بن روح كان وكيلا لأبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ و أوصى إليه عند موته و سلّم الأمر إليه بأمر من الحجّة عجّل اللّه تعالى فرجه،توفّي سنة 326 ه.ق.تنقيح المقال 1:328. [1]
2- 2) في التهذيب:فقمت خالصا.

و من الذين خالفوك يا وليّ اللّه (1)و بك إليهم (2)توجّهي و بهم إلى اللّه توسّلي.

ثمّ تدعو و تسأل اللّه بما تحبّ (3).

و الزيارات المنقولة في هذه المواضع كثيرة لم نذكر هاهنا؛لأنّ الكتاب لم يوضع لذلك و لها كتب مفردة.

ص:320


1- 1في التهذيب:يا حجّة المولى،بدل:يا وليّ اللّه.
2- 2) أكثر النسخ:اللهمّ،مكان:إليهم.
3- 3) التهذيب 6:118.
الفصل الثاني عشر

في زيادات هذا الباب

(1)

مسألة:يستحبّ زيارة سلمان رحمه اللّه فيقول:السلام عليك يا عبد اللّه سلمان

، السلام عليك يا تابع صفوة الرحمن،السلام عليك يا من لا يتميّز من أهل بيت الإيمان،السلام عليك يا من خالف حزب الشيطان،السلام عليك يا من نطق بالحقّ و لم يخف صولة السلطان،السلام عليك يا من نابذ عبدة الأوثان،السلام عليك يا خير من تبع الوصيّ زوج سيّدة النسوان،السلام عليك يا من جاهد في اللّه مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الوصيّ أبي السبطين،السلام عليك يا من صدق فكذّبه أقوام، السلام عليك يا من قال له سيّد الخلق من الإنس و الجانّ أنت منّا أهل البيت لا يدانيك إنسان،السلام عليك يا من تولّى أمره عند وفاته أبو الحسنين جوزيت عنه بكلّ إحسان،السلام عليك فلقد كنت (2)على خير الأديان،السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته،أتيتك يا عبد اللّه (3)زائرا قاضيا فيك حقّ الإمام لبلائك في الإسلام،فأسأل اللّه الذي خصّك بالصدق (4)و متابعة الخيّرين الفاضلين أن يحييني حياتك و أن

ص:321


1- 1كثير من النسخ:زيارات،مكان:زيادات.
2- 2) كثير من النسخ:فقد كنت.
3- 3) في التهذيب:يا أبا عبد اللّه.
4- 4) كثير من النسخ:بصدقه،و في التهذيب 6:118 بصدق الدين.

يميتني مماتك و يحشرني محشرك و على إنكار ما أنكرت و منابذة من نبذت و الردّ على من خالفت،ألا لعنة اللّه على الظالمين من الأوّلين و الآخرين،فكن يا أبا عبد اللّه شاهدا لي بهذه الزيارة عند إمامي و إمامك صلّى اللّه عليه و آله،جمع اللّه بيني و بينك في مستقرّ رحمته (1)،إنّه وليّ ذلك و القادر عليه إن شاء اللّه (2)،و هو قريب مجيب، و صلّى اللّه على خيرته من خلقه محمّد و آله الطاهرين و سلّم تسليما،و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.

مسألة:و يستحبّ زيارة المؤمنين

،روى الشيخ عن عليّ بن عثمان الرازيّ (3)، قال:سمعت أبا الحسن[الأوّل] (4)عليه السلام،يقول:«من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي إخوانه يكتب له ثواب زيارتنا،و من لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا» (5).

و روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن محمّد بن أحمد بن يحيى،قال:

[كنت] (6)بفيد (7)،فمشيت مع[عليّ] (8)بن بلال إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن

ص:322


1- 1في التهذيب:من رحمته.
2- 2) في التهذيب بزيادة:و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.
3- 3) عليّ بن عثمان الرازيّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في التهذيب 6:104 الحديث 181 في باب فضل زيارة الأولياء من المؤمنين. تنقيح المقال 2:299، [1]معجم رجال الحديث 12:100.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 6:104 الحديث 182،الوسائل 10:458 الباب 97 من أبواب المزار الحديث 10. [2]في الوسائل [3]بتفاوت يسير،و فيه أيضا عن عليّ البزّاز،بدل:عليّ بن عثمان الرازيّ.
6- 6) أضفناها من المصدر.
7- 7) بعض النسخ:لعبد،و في بعضها:لقيته،مكان:بفيد.قال في لسان العرب 3:342: [4]الفيد منزل بطريق مكّة.
8- 8) أضفناها من المصدر.

بزيع،قال:فقال لي عليّ بن بلال:قال[لي] (1)صاحب هذا القبر عن الرضا عليه السّلام:«من أتى قبر أخيه المؤمن من أيّ ناحية،يضع يده و قرأ:إنّا أنزلناه، سبع مرّات،أمن من الفزع الأكبر» (2).

مسألة:و صفة زيارتهم:ما رواه الشيخ عن عمرو بن أبي المقدام

،عن أبيه، قال:مررت مع أبي جعفر عليه السّلام بالبقيع فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة،فقلت لأبي جعفر عليه السّلام:جعلت فداك هذا قبر رجل من الشيعة،قال:

فوقف عليه ثمّ قال:«اللهمّ ارحم غربته وصل وحدته و آنس وحشته و أسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك و ألحقه بمن كان يتولاّه»ثمّ قرأ:إنّا أنزلناه،سبع مرّات (3).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،كيف أضع يدي على قبور المسلمين؟فأشار بيده إلى الأرض فوضعها عليها و هو مقابل القبلة (4).

مسألة:لو تعذّرت الزيارة،صعد على منزله و زار الإمام عليه السّلام من أعلى

داره

،رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عمّن رواه،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا بعدت بأحدكم الشقّة و نأت (5)به الدار،فليعل على منزله و ليصلّ ركعتين و ليؤم بالسلام إلى قبورنا،فإنّ ذلك يصل إلينا» (6).

و يسلّم على الأئمّة عليهم السلام من بعيد،كما يسلّم عليهم من قريب غير أنّك

ص:323


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:104 الحديث 182،الوسائل 2:881 الباب 57 من أبواب الدفن الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 6:105 الحديث 183،الوسائل 10:462 الباب 101 من أبواب المزار الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 6:105 الحديث 184،الوسائل 2:861 الباب 33 من أبواب الدفن الحديث 5. [3]
5- 5) نأى عن الشيء:بعد.المصباح المنير:632.
6- 6) التهذيب 6:103 الحديث 179،الوسائل 10:452 الباب 95 من أبواب المزار الحديث 1. [4]

لا يصحّ أن تقول:أتيتك زائرا،بل تقول موضعه:قصدتك بقلبي زائرا إذا عجزت عن حضور مشهدك وجّهت إليك سلامي؛لعلمي بأنّه يبلغك صلّى اللّه عليك فاشفع لي عند ربّك جلّ و عزّ،و تدعو بما أحببت.

مسألة:قال المفيد-رحمه اللّه-:إذا أردت زيارة الإمامين بسرّ من رأى فقف

بظاهر الشّباك

(1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا الذي ذكره من المنع من دخول الدار هو الأحوط، فإنّ الدار ملك الغير،فلا يجوز التصرّف فيها إلاّ بإذنه،و لو أنّ أحدا يدخلها،لم يكن مأثوما خصوصا إذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم عليهم السلام من أنّهم جعلوا شيعتهم في حلّ من مالهم،و ذلك على عمومه (2).

تمّ الجزء الخامس من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»و يتلوه في الجزء السادس (3)-بعون اللّه تعالى و حسن توفيقه-:الكتاب السادس في الجهاد و سيرة الإمام و حكم الرباط و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ص:324


1- 1المقنعة:75.
2- 2) التهذيب 6:94.
3- 3) حسب تجزئة المصنّف.

الفهارس

الفهارس العامّة

فهرس الآيات الكريمة

فهرس الأحاديث

فهرس الأدعية

فهرس الأماكن و البلدان

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

فهرس الكتب المذكورة في المتن

فهرس الأعلام

فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام

فهرس الموضوعات

ص:325

ص:326

فهرس الآيات الكريمة

«حرف الألف»

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (البقرة:158)253

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة:1)184

«حرف الثاء»

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ (البقرة:199)255

ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (الحجّ:33)23

«حرف الحاء»

حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)23

«حرف السين»

سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (الحجّ:25)213

«حرف الفاء»

فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ (آل عمران:95)255

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ (البقرة:196)37

ص:327

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)20

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)16،18،21،22،24،33،38،42،51

فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ (البقرة:193)212

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)22،60

فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (البقرة:194)212

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ (البقرة:181)174

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (البقرة:196)38

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)96،140،205

«حرف الكاف»

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ (البقرة:180)173

«حرف الواو»

وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ (الفتح:25)22،23

وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (القلم:51-52)274

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (البقرة:196)31،194،195،196،204

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (البقرة:196)39

وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (الحجّ:27)252

وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (البقرة:196)23،37

وَ لا يَخْرُجْنَ (الطلاق:1)91

وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (آل عمران:97)66

وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً

ص:328

(النساء:64)263

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (آل عمران:97)212

وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (الحجّ:25)213

«حرف الياء»

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (الإنسان:7)184

ص:329

فهرس الأحاديث

«حرف الألف»

ائت مقام جبرئيل عليه السّلام و هو تحت الميزاب،فإنّه كان مقامه إذا استأذن على النبيّ 264

ابدأ بالحجّ فإنّ الحجّ فريضة و ما بقي فضعه في النوافل 178

ابدأ بقبا،فصلّ فيه و أكثر،فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللّه 272

ابدأ بمكّة و اختم بالمدينة؛فإنّه أفضل 216

ابعثوا عنه هديا،فإذا ذبح عنه فقد حلّ 39

أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه ألف حجّة و ألف عمرة متقبّلة كلّها 309

أبو عبد اللّه عليه السّلام المقدّم و هذا أجمع و أعظم أجرا 315

أبوك(من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟)171

أتمّ(أقدم مكّة أتمّ أو أقصّر؟قال:)218،219

أتمّ(أمرّ بالمدينة فأتمّ الصلاة أو أقصّر؟قال:)219

أتمّ و إن لم تصلّ فيهما إلاّ صلاة واحدة(عن التمام بمكّة و المدينة قال:)219

أتمّ و ليس بواجب إلاّ أنّي أحبّ لك مثل الذي أحبّ لنفسي(عن التقصير بمكّة فقال:)220

أتمّها و لو صلاة واحدة(عن إتمام الصلاة و الصيام في الحرمين 218

اجعل هذه حجّة الإسلام و تلك نافلة 100

اجعلهم معك فإنّ اللّه عزّ و جلّ جاعل لهم حجّا و لك حجّا و لك حجّا و لك أجرا بصلتك إيّاهم 171

أحبّ إليّ أن تكون خالصة لواحد،فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذها 158

ص:330

أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتى قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقّه في غير يوم عيد،كتب اللّه له عشرين حجّة و عشرين عمرة مبرورات 292

أحصيت لعليّ بن يقطين من وافى عنه في عام واحد خمسمائة و خمسين رجلا أقلّ من أعطاه سبعمائة 233

أخبرني أبي و هو ذا،هو أنّه من سلّم عليه و عليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة 275

إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ،و لا عمرة له 56

إذا أحرمت و عليك من رجب يوم و ليلة،فعمرتك رجبيّة 202

إذا أحصر الرجل،بعث هديه،فإن أفاق و وجد من نفسه خفّة،فليمض 45

إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه 49

إذا أحصر الرجل فبعث بهديه...يذبح في المكان الذي أحصر فيه 49

إذا أردت أن تخرج من المدينة،فاغتسل ثمّ ائت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد ما تفرغ من حوائجك فودّعه 264

إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك،فأت الحجر الأسود و قل:160

إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السّلام،فتوضّأ و اغتسل و امش على هنيئتك و قل:282

إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف،قدّمت السعي و شهدت المناسك 82

إذا أقام الرجل بمكّة سنة فالطواف أفضل،و إذا أقام سنتين،خلط من هذا و هذا،فإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل 227

إذا أمرتكم بأمر،فأتوا منه ما استطعتم 166

إذا أمكن الموسى من رأسه،فحسن 209

إذا بعدت بأحدكم الشقّة و نأت به الدار،فليعل على منزله و ليصلّ ركعتين 323

إذا تمتّع الرجل بالعمرة،فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة 196

إذا حجّ الرجل عن والديه،تقبل منه و منهما و استبشرت أرواحهما في السماء 170

إذا حججت ماشيا فرميت الجمرة،فقد انقطع المشي 242

ص:331

إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك،فعلت 87

إذا دخل فليدخل ملبّيا،و إذا خرج فليخرج محلاّ 201

إذا دخل المعتمر مكّة غير متمتّع فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة 199

إذا دخلت الحرمين،فانو عشرة أيّام و أتمّ الصلاة 220

إذا دخلت المدينة،فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ثمّ تأتي قبر النبيّ 262

إذا دخلت مكّة فأتمّ يوم تدخل 219

إذا رجعت إلى المدينة فمرّ به فانزل و أنخ و صلّ فيه 270

إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا 191

إذا صرت إلى قبر جدّتك[فاطمة عليها السلام]فقل:276

إذا ضمن الحجّ فالدراهم له يصنع بها ما أحبّ،و عليه حجّة 106

إذا طافت المرأة الحائض ثمّ أرادت أن تودّع البيت،فلتقف على 86

إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت،نفرت إن شاءت 86

إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحجّ أو العمرة،فقد وجب عليه الحلق 245

إذا فرغت من الدعاء عند القبر فأت المنبر فامسحه بيدك و خذ برمّانتيه،و هما السفلاوان 263

إذا قدر الرجل على ما يحجّ به ثمّ دفع ذلك و ليس له شغل يعذره اللّه به،فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام 162

إذا قضى مناسك الحجّ فليصنع ما شاء 160

إذا قضى المناسك كلّها فقد تمّ حجّه 237

إذا كان ليلة القدر...نادى مناد تلك الليلة من بطنان العرش:أنّ اللّه تعالى قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السّلام في هذه الليلة 294

إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل،فليحرم عنها 87

إذا لم يجد بدنة،فسبع شياه،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في منزله 244

إذن و اللّه تدين بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره(ربّما طفت عن فاطمة عليها السلام 231

ص:332

أ رأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟162

ارم و لا حرج(أفضت قبل أن أرمي)86

أرى عليهم أن يهريق كلّ رجل منهم دم شاة و يحلق،و عليهم الحجّ 59

استكثر من هذا؛فإنّه أفضل ما أنت عامله إن شاء اللّه تعالى 231

أشهد على[أبي]أنّه حدّثني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه أتاه رجل،فقال:يا رسول اللّه،إنّ أبي مات و لم يحجّ حجّة الإسلام،فقال:حجّ عنه،فإنّ ذلك يجزئ عنه 175

اصنع ما يصنع المعتمر ثمّ قد حللت فإن أدركت الحجّ قابلا حجّ 54

اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلّها في ذي القعدة عمرة أهلّ منها من عسفان 206

اعتمرت عائشة من التنعيم ليلة المحصّب 202

أعد حجّك 99

اعلم أنّه تكره الصلاة في...البيداء و هي ذات الجيش،و ذات الصلاصل،و ضجنان 217

الأعمال بالنيّات 116

اغتسل أينما كنت(عن غسل يوم عرفة في الأمصار؟)243

اغتسل على شاطئ الفرات و البس ثيابك الطاهرة ثمّ امش حافيا،فإنّه حرم من حرم اللّه تعالى و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله 295-296

اقطع يده فهو الذي جنى الجناية،فقال 251

الذي كان على بدن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ناجية بن جندب الخزاعيّ الأسلميّ 257

اللّه لا تخفى عليه خافية 160

أ ما بلغك قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:و حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ 249

أمّا بأرضنا هذه فلا تصلح،و أمّا عندكم فإنّ صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كلّ مجمع،ثمّ هي كسبيل ماله 215

أمّا نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجّة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة 78

أمر الخثعميّة بالحجّ عن والدها الميّت 120

ص:333

أمرها(الخثعميّة)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقضاء دين الحجّ عن والدها 105

أمّك(من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟)171

أميران و ليسا بأميرين:صاحب الجنازة...و امرأة حجّت مع قوم فاعتلّت بالحيض 226

أنت مرتهن بالحجّ 197

انظر ما لقيا ذان،فاستقبل الكعبة و رفع يديه 251

انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ،و دعي العمرة 75

انو عشرة أيّام و أتمّ الصلاة(إنّي أقدم مكّة قبل يوم التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة،قال:)220

إنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط على أبي قبيس شكا إلى ربّه الوحشة 246

إنّ ابن عبّاس و عليّا عليه السلام كانا يبعثان بهديهما من المدينة ثمّ يتجرّدان 48

إنّ أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجّ و لا العمرة و لا الظعن 194

إنّ أسماء بنت عميس ولدت محمّدا ابنها بالبيداء 73

إنّ امرأة[كانت]تطوف و خلفها رجل،فأخرجت ذراعها 251

إنّ أيّام زائري الحسين بن عليّ عليهما السلام لا تعدّ من آجالهم 291

إنّ الحسن بن عليّ عليه السّلام قاسم ربّه ثلاث مرّات،حتّى نعلا و نعلا،و ثوبا و ثوبا،و دينارا و دينارا،و حجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه 240

إنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام كان يمشي و تساق معه محامله و رحاله 242

إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام خرج معتمرا فمرض في الطريق 43

إنّ اللّه أوحى إليّ أن أتّخذ مسجدا طهورا لا يحلّ لأحد أن يجنب فيه إلاّ أنا و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السلام 268

إنّ رجلا أتى عليّا عليه السّلام و لم يحجّ قطّ،فقال:إنّي كنت كثير المال و فرّطت في الحجّ 232

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلّها في ذي القعدة 201

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ 252

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أخت عقبة بن عامر بالركوب 191

ص:334

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنته 17،18

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج حاجّا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل 187

إنّ عليّا عليه السّلام سئل عن رجل نذر...قال:ليقم في المعبر قائما حتّى يجوزه 188

إنّ المتمتّع مرتبط بالحجّ،و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء 198

إنّ مكّة حرم اللّه حرّمها إبراهيم عليه السّلام،و إنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم،لا يعضد شجرها -و هو ما بين ظلّ عائر إلى ظلّ و عير 265

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من لم يسق الهدي بالفسخ 205

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جوّز للخثعميّة أن تحجّ عن أبيها 111

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له:و اللّه لتقتلنّ بأرض العراق 281

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا تحلّل بالحديبيّة،قضى من قابل 28

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا صدّ بالحديبيّة،نحر هديه و أحلّ 21

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا صدّ كان معتمرا 39

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان 22

إنّ هذا أمر كتبه اللّه على بنات آدم،فاغتسلي ثمّ أهلّي بالحجّ 76

إنّ هذا جبرئيل عليه السّلام-و أومأ بيده إلى خلفه 253

إنّه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه و يعتمر 211

إنّ يزيد بن معاوية حجّ فلمّا انصرف قال:225

إن شاء أقام بمكّة،و إن شاء رجع إلى الناس بمنى و ليس منهم في شيء 58

إن شاء فعل و إن شاء لم يفعل،اللّه يعلم أنّه قد حجّ عنه 119

إن شئت فجهّز رجلا ثمّ ابعثه يحجّ عنك 232

إن شئت من رحلك،و إن شئت من المسجد،و إن شئت من الطريق 238

إن ظنّ أن يدرك هديه قبل أن ينحر،فإن قدم مكّة قبل أن ينحر هديه 45

إن قصّرت فذاك و إن أتممت فهو خير تزداد(إنّا إذا دخلنا مكّة و المدينة نتمّ أو نقصّر؟)221

ص:335

إن كان ترك مالا،حجّ عنه حجّة الإسلام من جميع ماله،و يخرج من ثلثه ما يحجّ به عنه للنذر 167

إن كان خلف ظهره ما إن حدث به حدث،أدّى عنه،فلا بأس 223

إن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فليطف بالبيت أسبوعا 52

إن كان دخل مكّة مفردا للحجّ،فليس عليه ذبح و لا شيء عليه 52

إن كان صرورة فمات في الحرم،فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام 121،168

إن كان صرورة فمن جميع المال،و إن كان تطوّعا فمن ثلثه 176

إن كان عليها حجّة مفروضة،فليجعل ما أوصت به في حجّتها أحبّ إليّ من أن يقسّم في فقراء ولد فاطمة عليها السلام 228

إن كان عليها مهلة،فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه 74

إن كان في عمرة فإذا برئ،فعليه العمرة واجبة 43

إن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة 43

إن كان في منزله قبل أن يخرج،فلا يجزئ عنه،و إن مات في الطريق،فقد أجزأ عنه 235

إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام...و تصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة 269

إن كان له عند اللّه حجّة أخذها منه،فجعلها للذي أخذ منه الحجّة 235

إن كان له وجه مال،فلا بأس(عن الرجل عليه دين يستقرض و يحجّ؟قال:)223

إن كان مقامه بمكّة أكثر من ستّة أشهر،فلا يتمتّع،و إن كان أقلّ من ستّة أشهر،فله أن يتمتّع 238

إن كانت تعلم أنّها تطهر و تطوف بالبيت و تحلّ من إحرامها و تلحق الناس،فلتفعل 78،79

إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه و يعتمر،فإنّما هو شيء عليه 46

إن كانت صرورة،حجّت في عدّتها،و إن كانت قد حجّت،فلا تحجّ حتّى تقضي عدّتها 92

إن كانوا صرورة جميعا،فلهم أجر،و لا يجزئ عنهم من حجّة الإسلام 153

إن كانوا صرورة جميعهم،فلهم أجر و لا يجزئ عنهم الذي حجّ عنهم من حجّة الإسلام 157

إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن يقضي مناسكه فإنّه يجزئ عن الأوّل 121،129

إنّما الأعمال بالنيّات.و إنّما لكلّ امرئ ما نوى 115

ص:336

إنّما أنزلت العمرة المفردة و المتعة؛لأنّ المتعة دخلت في الحجّ و لم تدخل 199

إنّما سمّي المعرّس إذا رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت 270

إنّي لأكره ذلك لها 88

إي و اللّه ألف[ألف]حجّة لمن يزوره عارفا بحقّه(قلت لأبي جعفر ألف حجّة؟قال:)309

أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة...فليجعلها عمرة 56

أيّها النّاس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف و لكن هذا كلّه موقف 255

«حرف الباء»

بئس ما صنع،ما كان ينبغي له أن يأخذه(عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال:)214

بل مرّة واحدة 61

بل هي حجّة تامّة 175

بلى طف ما أمكنك فإنّ ذلك جائز 230

بالمدينة(عن الحاجّ من الكوفة يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكّة؟قال:)216

بني الإسلام على خمسة أشياء:على الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم و الولاية 66

بني الإسلام على خمسة:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و إقام الصلاة 66

بينا الحسين بن عليّ عليه السلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ رفع رأسه فقال:يا أبه ما لمن زارك بعد موتك؟279

بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة 275

«حرف التاء»

تأتونه كلّ جمعة؟280

تتمّ سعيها(حاضت بينهما)83

تتمّ طوافها و ليس عليها غيره و متعتها تامّة،فلها أن تطوف بين الصفا و المروة 81

ص:337

تجزئ عنه بقرة،إلاّ أن يكون عنى بدنة من الإبل 244

تجعل حجّتين حجّة،فإنّ اللّه تعالى عالم بذلك 180

تحجّ المرأة عن أبيها 108

تحجّ المرأة عن أختها و عن أخيها 108،109

تحجّ عن أبيها 110

تحجّ و إن كانت في عدّتها(عن المتوفّى عنها زوجها)91

تحفظ مكانها،فإذا طهرت طافت منه و اعتدّت بما مضى 85

تخرج إلى الحجّ و العمرة و لا تخرج التي تطلّق...إلا أن تكون طلّقت في سفر 91

تخرج حلالا و ترجع حلالا إلى الحجّ 198

تدخل على الميّت في قبره الصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و العتق 171

تردّها أو اطرحها في مسجد(أخرج من المسجد في ثوبي حصاة؟)229

تركبون أحبّ إليّ،فإنّ ذلك أقوى على الدعاء و العبادة 241

تسبيحة بمكّة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل اللّه 250

تستحبّ الصلاة في مسجد الغدير؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام، و هو موضع أظهر اللّه فيه الحقّ 274

تسعى(امرأة طافت بالبيت ثمّ حاضت)83

تسعى بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها،فإن طهرت،طافت بالبيت 79

تصلّي و تضطجع قليلا و قد كان أبو الحسن عليه السلام يصلّي فيه و يقعد 270

تصير حجّة مفردة 77

تطوف بين الصفا و المروة ثمّ تجلس في بيتها 79

تعتدّ بذلك الطواف الأوّل و تبني عليه 93

تغتسل و تحتشي بكرسف و تلبس ثياب الإحرام و تحرم 72

تغتسل و تستثفر و تحتشي بالكرسف،و تلبس ثوبا 72

ص:338

تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا و المروة 82

تقول ببغداد 315

تقول ببغداد:السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا حجّة اللّه 305

تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة،ثمّ تقيم حتّى تطهر،فتخرج إلى التنعيم 75،77

«حرف الثاء»

ثمّ ائت مشربة أمّ إبراهيم 272

ثمّ أتى الصفا فصعد عليها فاستقبل الركن اليماني،فحمد اللّه و اثنى عليه 253

ثمّ أحلّت من كلّ شيء 82

ثمّ أنزل اللّه عليه: وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً 352

ثمّ يخرج إلى الميقات الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهله،فيحرم منه و يعتمر 210

ثمّ يمدّ القمطار فيقعد معنا من زار قبور الأئمّة إلاّ أنّ أعلاهم درجة و أقربهم حبوة زوّار قبر ولدي عليّ 308

ثمّ يمسكان يومئذ إلى النحر عن كلّ ما يمسك عنه المحرم و يجتنبان كلّ ما يجتنب المحرم 48

«حرف الجيم»

جائز له ذلك محسوب للأوّل و الآخر،و ما كان يسعه غير الذي فعل 158

«حرف الحاء»

حتّى كبرت سنّي،قال:تستطيع الحجّ؟قال:لا،فقال له عليّ عليه السلام 232

الحجّ جهاد و العمرة تطوّع 195

حجّ الصرورة يجزئ عنه و عمّن حجّ عنه 156

حجّ عن أبيك و اعتمر 169،194

ص:339

حجّ عن شبرمة 132

حجّ عن نفسك ثمّ حجّ عن شبرمة 132،154

حجّ عنها فإنّها لك و لها(إنّ أمّي ماتت و لم تحجّ قال:)170

حجّ عنه إن شاء اللّه تعالى،فإنّ لك مثل أجره،و لا ينقص من أجره شيء إن شاء اللّه تعالى 181

حجّ عنه ما دام له مال 178

حجّ عنه و ما فضل فأعطهم 181

الحجّة على الأب يؤدّيها عنه بعض ولده 168

حجّي عن أبيك 169

حجّي عن أبيك(إنّ امرأة سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أبيها مات و لم يحجّ قال:)162

الحرم(أيّهما أفضل الحرم أو عرفة؟فقال:)242

حسبت أنّ اليوم يوم عرفة قال:فانطلق إلى البيت فطف به سبعا 55

حسن(سألته عن العمرة بعد الحجّ في ذي الحجّة قال:)203

حقّ الحسين عليه السلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم 291

حقّ على الغنيّ أن يأتي قبر الحسين عليه السلام في السنة مرّتين 291

حلق الرأس في غير حجّ و لا عمرة مثلة 246

«حرف الخاء»

خرج إلى الربذة يشيّع أبا جعفر ثمّ دخل مكّة حلالا 237

«حرف الدال»

دم يهريقه و هي أضحيّتها 77

دون ثيابها لإحرامها،و تستقبل القبلة 72

دين اللّه أحقّ أن يقضى 165،166

ص:340

«حرف الذال»

ذلك موضع فسطاط المنافقين،فلمّا رأوه رافعا يديه،قال بعضهم:انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون 274

ذلك موضع قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث قال:من كنت مولاه فعليّ مولاه 274

«حرف الراء»

ربّ حجّة لا تقبل،من زاره و بات عنده ليلة[كان]كمن زار اللّه في عرشه 308

رجل أحبّ إليّ(أيّهم أحبّ إليك؟)170

رجل نذر للّه:لئن عافى اللّه ابنه من وجعه ليحجّ به إلى بيت اللّه الحرام 167

رفع القلم عن ثلاثة 107

رفع القلم عن المجنون حتّى يفيق 10

الركوب أفضل 241

الركوب أفضل من المشي؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركب 240

روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله اعتمر في شوّال و في ذي القعدة 202

«حرف الزاي»

زوال الشمس من يوم التروية 78

زيارة أبي أفضل و ذلك أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام يزوره كلّ الناس،و أبي لا يزوره إلاّ الخواصّ من الشيعة 308

«حرف السين»

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار،و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح 272

السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكلّ شهر عمرة 203

ص:341

السنة كلّها وقت للعمرة إلاّ خمسة أيّام:يوم عرفة و 204

«حرف الصاد»

الصبيّ حتّى يبلغ 107

الصلاة في مسجدي كألف في غيره،إلاّ المسجد الحرام،فإنّ صلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي 267

صلّ ثماني ركعات عند زوال الشمس 267

صلّ فيه،فإنّ فيه فضلا،و قد كان أبي يأمر بذلك 274

«حرف الطاء»

طفت مع أبي جعفر عليه السّلام ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا و هو آخذ بيدي 236

طفت يوما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و اليوم الثاني عن أمير المؤمنين عليه السّلام 230

الطواف للمجاورين أفضل،و الصلاة لأهل مكّة و القاطنين بها أفضل من الطواف 227

«حرف العين»

عشرة أميال(كم قدر الغيبة؟)147

علامات المؤمن خمس:صلاة الإحدى و الخمسين،و زيارة الأربعين،و التختّم في اليمين 295

عليها سوق بدنة و الحجّ من قابل و ليس على زوجها شيء 93

عليه دم يهريقه من عنده 14

عليه ما على الحرّ،إمّا أضحيّة،و إمّا صوم(سألته عن المملوك المتمتّع،فقال:)244

عمد الصبيّ و خطأه سواء 11

العمرة المفردة ثمّ يذهب حيث شاء 194

العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ؛لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ 194

ص:342

عمرة في رمضان تعدل حجّة 202

عن اللقطة و نحن يومئذ بمنى قال:37

«حرف الفاء»

فأثبت اللّه يده في ذراعها حتّى قطع الطواف 251

فاجعل هذه عن نفسك ثمّ احجج عن شبرمة 113

فإذا أردت وداعه،فقل:315

فإذا انقضت،طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحلّ و عليه الحجّ من قابل 55،57،58

فإذا تعب ركب 191

فإذا طهرت،فلتسع بين الصفا و المروة 83

فإذا طهرت،فلتصلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام و قد قضت طوافها 84

فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كلّ شيء ما عدا فراش زوجها 79

فإذا قدمت،طافت بالبيت طوافين و سعت بين الصفا و المروة 79

فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم،فإذا كان يوم النحر،أجزأ عنه 48

فإذا كان دم سائل فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة 89

فإذا كان الليل خلعتها و لبست ثيابها الأخرى حتّى تطهر 72

فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمر بها من التنعيم 76

فأرسل إليه فدعاه،فقال:251

فاقضوا اللّه فهو أحقّ بالقضاء 162

فأقم(فإن لم يكن وقت صلاة؟قال:)270

فأمّا الأربعة الذين هم من الأوّلين:فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام 308

فأمّا حجّة التطوّع فإنّه ينحر هديه و قد أحلّ ممّا كان أحرم منه 52

فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 252

ص:343

فامسح عينيك و وجهك...إنّه شفاء للعين،و قم عنده و احمد اللّه و أثن عليه 263-264

فإن أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام و لم يبلغ ماله ذلك،فليحجّ عنه من المواقيت 164

فإن ردّوا عليه الدراهم،و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد أحلّ،لم يكن عليه شيء،و لكن يبعث من قابل و يمسك أيضا 46

فإن شاء[أن]يقيم بمكّة،أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله،رجع،و عليه الحجّ من قابل 56

فإن شاء حجّ من قابل،و إن لم يشأ لم يجب عليه الحجّ 52

فإن شاء رجع إلى أهله،و عليه الحجّ من قابل 58

فإن طهرت،طافت بالبيت،و إن لم تطهر،فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء 79

فإن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله 43

فإن لم يأخذها إلاّ مثلك فليعرّفها 214

فإنّ ذلك أقوى على العبادة و الدعاء 241

فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة،نحر بدنته 48

فأنزل اللّه عزّ و جلّ ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت و كان يطوف بها 246

فبلغ عليّا عليه السلام و هو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السّقيا و هو مريض،فقال:43

فتأتونه في كلّ شهر؟280

فدين اللّه أحقّ أن يقضى 177

فصلّ ركعتين و امضه 270

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما كنت لأفعل 258

فقال:يا رسول اللّه،إنّ أبي مات و لم يحجّ حجّة الاسلام فقال:175

فلمّا قضوا تفثهم،تطهّروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم و بينه،أذن لهم 247

فلمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمروة بعد فراغه من السعي،توجّه فحمد اللّه 253

فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه 47

فليركب و ليسق بدنة،فإنّ ذلك يجزئ عنه إذا عرف اللّه منه الجهد 190

ص:344

فليركب و ليسق الهدي 190

فليقصّر من رأسه و لا يجب الحلق حتّى تنقضي مناسكه 43

فليمش(رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه قال:)191

فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله 246

فمتعتها تامّة و تقضي ما فاتها من الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة 81

فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا 274

فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة بالبطحاء هو و أصحابه،و لم ينزل الدور 254

في النصف من رجب و النصف من شعبان(في أيّ شهر تزور الحسين عليه السّلام؟قال:)293

«حرف القاف»

قال أبي:قال عليّ عليه السلام:اذكروا اللّه في أيّام معدودات قال:عشر ذي الحجّة،و أيّام معلومات قال:أيّام التشريق 227،228

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صدقة رغيف خير من نسك مهزول 245

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صلاة في مسجدي مثل ألف صلاة في غيره 267

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من أتاني زائرا،كنت شفيعه يوم القيامة 261

قال عليّ عليه السّلام في كلّ شهر مرّة 200

قال له:يا فلان أقلل النفقة في الحجّ تنشط للحجّ و لا تكثر النفقة في الحجّ فتملّ الحجّ 224

قبري بسرّ من رأى أمان لأهل الجانبين 317

قد أجزأ عنك 87،147

قد أحللت من حجّتك و عمرتك 76

قد أفسد عمرته و عليه بدنة،و يقيم بمكّة حتّى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه 210

قد أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا رزين أن يحجّ عن أبيه و يعتمر 163

قد جعل اللّه في ذلك فرجا للناس 209

ص:345

قد سئل أبو الحسن عليه السلام عن ذلك،فقال:صلّ فيه 270

قد قضى فريضته،و لو حجّ،كان أحبّ إليّ 98

قد قضى فريضته،و لو حجّ،لكان أحبّ إليّ 99

قد قضى فريضة اللّه و الحجّ أحبّ إليّ 98

قد وقع أجره على اللّه،و لكن يوصي،فإن قدر على رجل يركب...فعل 235

قصّر ما لم تعزم على مقام عشرة أيّام(عن الصلاة بمكّة و المدينة قصر أو تمام؟)219

قضت طواف العمرة 82

«حرف الكاف»

كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يرى لغيرهما و يقول:إنّ الإتمام فيهما من الأمر المذخور 218

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة 236

كان جعفر عليه السلام يقول:زوال الشمس من يوم التروية،و كان موسى عليه السلام يقول:صلاة الصبح من يوم النحر 78

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحبّ إكثار الصلاة في الحرمين فأكثر[فيهما]و أتمّ 217،218

كان عليّ عليه السلام يقول:لكلّ شهر عمرة 200

كانت مكّة ليس على شيء...أوّل من علّق على بابه المصراعين معاوية 213

الكبير يحمل و يطاف به،و المبطون يرمى عنه و يطاف عنه 148

كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّتين و عمرتين 279

كذلك أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحابه 196

كره أن يطعم المشرك من لحوم الأضاحيّ 245

كلّ الظلم فيه إلحاد حتّى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا 213

كلّ عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثمّ منّ اللّه عليه و عرّفه الولاية،فإنّه يؤجر 100

ص:346

كمن زار اللّه تعالى فوق عرشه(ما لمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قال:)262

كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(ما لمن زار أحدا منكم؟قال:)317

كنّا نقول:لا بدّ من استلامها في أوّل سبع واحدة،ثمّ رأينا الناس قد كثروا و حرصوا فلا 88

كنت مع محمّد بن إبراهيم بالطائف فكان كلّما دخل دخلت معه 201

كن على إحرامك مثلي و أنت شريكي في هديي 254

كيف قلت لصدقة 226

«حرف اللاّم»

لا.(إنّ ابني معي و قد أمرته أن يحجّ عن أمّي أ يجزئ عنها حجّة الإسلام؟فكتب)114

لا.(أ يحجّ الرجل عن الناصب؟فقال:)118

لا.(عن المحصور و المصدود هما سواء؟قال:)250

لا،إذا زالت الشمس ذهبت المتعة 78

لا،إلاّ أن تحبّ أن تتطوّع 78

لا بأس.(عن الرجل يتمتّع ثمّ يهلّ بالحجّ و يطوف بالبيت...قال:)238

لا بأس.(ما تقول في الرجل يعطي الحجّة فيدفعها إلى غيره؟قال:)144

لا بأس.(المرأة تحجّ عن الرجل و الرجل يحجّ عن المرأة؟قال:)108

لا بأس،إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه 136

لا بأس،إنّما سمّيت بكّة؛لأنّه يبكّ فيها الرجال و النساء 248

لا بأس أن يحجّ الصرورة عن الصرورة 112

لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ ثمّ يرجع إلى أهله 197

لا بأس بذلك أيّة كان 216

لا بأس،و إن حجّ مرّة في عامه و أفرد الحجّ فليس عليه دم،إنّ الحسين عليه السلام خرج قبل التروية إلى العراق و كان معتمرا 197

ص:347

لا بدّ أن يحجّ من قابل 250

لا،بل عمرة في رجب أفضل 202

لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة 44

لا تدع إتيان المساجد كلّها،مسجد قبا فإنّه المسجد الذي أسّس على التقوى من أوّل يوم،و مشربة أمّ إبراهيم،و مسجد الفضيخ،و قبور الشهداء،و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح 272

لا تضرّوا بها 88

لا تطوف المرأة بالبيت و هي متنقّبة 237

لا تمسّ أبدا حتّى يجيء صاحبها فيأخذها 214

لا تمشوا و اركبوا 241

لا تمنعوا إماء اللّه عن مساجد اللّه 68

لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه،فإذا خرجن فليخرجن تفلات 91

لا شيء عليه إذا لم يكن غير النظر 244

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 67

لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام 68

لا عرفة إلاّ بمكّة،و لا بأس أن يجتمعوا في الأمصار يوم عرفة،يدعون اللّه 243

لا،عليك بالدعاء،فإنّه يدخل عليها،كما يدخل البيت الهديّة 228

لا،و أن يعتمر فهو أفضل 195

لا،و لكنّه اعتمر بعد ذلك(حين ردّه المشركون قضى عمرته فقال:)250

لا،و لكن يدخل بمثل ما خرج منه 50

لا،و لكن يصلّي الرجل و تصلّي المرأة بعده 90

لا،و لكن يطوف عن الرجل و هو غائب(الرجل يطوف عن الرجل و هما مقيمان بمكّة؟)147

لا،و لكن يمرّ فيه إلاّ المسجد الحرام و مسجد المدينة 267

لا،هو له(عن الرجل يعطي الحجّة يحجّ بها...أ يردّها)149

ص:348

لا،هي على إحرامها 78

لا يتمّ حجّه(محرم سكر و شهد المناسك...أ يتمّ حجّة على سكره؟)101

لا يجوز ذلك(أ يجزئ كلّ واحد...عن حجّة الإسلام أم لا؟)113

لا يحجّ حتّى يختتن(أ يحجّ أو يختتن؟قال:)235

لا يصلح إلاّ و هو على وضوء 243

لا يقتل و لكن لا يطعم و لا يسقى،و لا يبايع و لا يؤوى،حتّى يخرج من الحرم 212

لا يكون الإتمام إلاّ أن تجمع على إقامة عشرة أيّام،و صلّ النوافل ما شئت 219

لا يكون عمرتان في سنة 200

لا يلبّي،إلاّ من كان حاجّا أو معتمرا 48،49

لا ينام في مسجدي أحد و لا يجنب فيه[أحد]268

لا ينبغي 110

لا ينبغي(عن امرأة صرورة حجّت قال:)109

لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة 214

لا ينبغي لأهل مكّة أن يلبسوا القميص،و أن يتشبّهوا بالمحرمين شعثا غبرا 227

لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكّة سنة 229

لأنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم 291

لأنّ القوم زاروا اللّه تعالى و هم في ضيافته،و لم يجمل بمضيف أن يصوم أضيافه 247

لأنّ الكعبة بيته و الحرم بابه،فلمّا قصدوه وافدين،وقفهم بالباب يتضرّعون 247

لأنّ الناس يحطم بعضهم بعضا(سألته لم سمّي الحطيم؟)248

لأنّه إنّما أحرم لذلك 198

لأنّه لمّا أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني،فلمّا طال تضرّعهم بها أذن لهم 247

لأنّه وضعها في غير مواضعها؛لأنّها لأهل الولاية،و أمّا الصلاة و الحجّ و الصيام 100

اللقطة لقطتان:لقطة الحرم تعرّف سنة،فإن وجدت لها طالبا،و إلاّ تصدّقت بها،و لقطة غيرها

ص:349

تعرّف سنة،فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك 215

لكلّ إمام عهد في عنق أوليائهم و شيعتهم 302

لكلّ شهر عمرة 200،203

لكلّ عشرة أيّام عمرة 203

لو استقبلت من أمري مثل ما استدبرت،لصنعت مثل ما أمرتكم 254

لو أنّ أحدا حجّ للّه و لم يزر الحسين بن عليّ عليهما السلام،لكان تاركا حقّا 291

لو أنّ الناس تركوا الحجّ،لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده 222

لورثته،إلاّ أن يكون عليه دين فيقضى،أو يكون أوصى بوصيّة فينفذ ذلك لمن أوصى 169

له الجنّة(عمّن زار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قاصدا،قال:)261

له من الثواب ثواب مائة ألف شهيد مثل شهداء بدر 295

ليس صيدها كصيد مكّة،يؤكل هذا و لا يؤكل ذاك و هو بريد 265

ليس عليها إذا طهرت إلاّ الركعتين و قد قضت الطواف 84

ليس عليه جناح أن يحلّ في اليوم الذي واعدهم فيه 47

ليس عليهم الحجّ من قابل 61

ليس عليهنّ،فإن فعلن فهو أفضل(سئل عن دخول النساء الكعبة)229

ليس في أشهر الحجّ عمرة يرجع فيها إلى أهله و لكنّه يجلس بمكّة حتّى يقضي حجّة 198

ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ لا يخالف صاحب الدراهم 137

ليس هذا مثل هذا،النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان مصدودا،و الحسين عليه السلام كان محصورا 44

ليس ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت،و إن أخذ من ذلك شيئا،ردّه 248

ليس ينبغي لأهل مكّة أن يجعلوا على دورهم أبوابا،و ذلك أنّ الحاجّ ينزلون معهم في ساحة الدار حتّى يقضوا حجّهم 213

ليلة الفطر أو ليلة الأضحى أو ليلة النصف من شعبان 294

ص:350

«حرف الميم»

ما أجفاكم إنّ زيارته تعدل حجّة و عمرة،و زيارة أبي عليّ عليه السلام تعدل حجّتين و عمرتين 280

ما أخلقك أن تمرض(قال:فمرضت سنة)230

ما أنا أمرت بسدّ أبوابكم و تركت باب عليّ عليه السلام و لكنّ اللّه أمر بسدّها 268

ما دون الأوقات إلى مكّة(في حاضري المسجد الحرام،قال:)238

ما شأنك؟75

ما شهد هذا الموضع نبيّ و لا وصيّ نبيّ،إلاّ صلّى هذه الصلاة 243

ما عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لا أفضل 186،240

ما عبد اللّه بشيء أفضل من المشي 240،241

ما لك لا تحجّ،استقرض و حجّ 223

المتمتّع إذا فاتته العمرة،أقام إلى هلال المحرّم و اعتمر،فأجزأت عنه مكان عمرة المتعة 209

مثله مثل رجل له عند آخر جناية و ذنب،فهو يتعلّق بثوبه يتضرّع إليه و يخضع له 247

المحصور بالمرض إن كان ساق هديا،أقام على إحرامه حتّى يبلغ الهدي محلّه 52

المحصور غير المصدود؛فإنّ المحصور هو المريض 15،45

المحصور و المضطرّ ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطرّان فيه 23

مر مناديا يقم على الحجر،فينادي:ألا من قصرت نفقته،أو قطع به،أو نفد طعامه 222

مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام،فإنّ إتيانه يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مدافع السوء،و إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ بالإمامة من اللّه 290

مره فليلبس الثياب،و لينحر بقرة عن لبسه الثياب 49

المريض و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه 148

المستحاضة تطوف بالبيت و تصلّي و لا تدخل الكعبة 89

المصدود تحلّ له النساء 16

ص:351

المصدود تحلّ له النساء،و المحصور لا تحلّ له النساء 15

المطلّقة تحجّ في عدّتها 92

المعتمر عمرة مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة...حلق أو قصّر 210

المقام بها أفضل من المقام بمكّة 266

مقام يوم قبل الحجّ أفضل من مقام يومين بعد الحجّ 252

مكّة حرم اللّه،و المدينة حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الكوفة حرمي لا يريدها جبّار يجور فيه إلاّ قصمه اللّه 265

من أتاني زائرا،وجبت له شفاعتي[و من وجبت له شفاعتي]وجبت له الجنّة 261

من أتى قبر أخيه المؤمن من أيّ ناحية،يضع يده و قرأ:إنّا أنزلناه...أمن من الفزع الأكبر 323

من أتى قبر الحسين عليه السلام في السنة ثلاث مرّات،أمن من الفقر 292

من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني إلى المدينة،جفوته يوم القيامة 261

من أحبّ أن يصافحه مائة ألف نبيّ و عشرون ألف نبيّ،فليزر[قبر]الحسين بن عليّ عليهما السلام في النصف من شعبان،فإنّ أرواح النبيّين تستأذن[اللّه]في زيارته فيؤذن لهم 293-294

من أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ 56

من أراد زيارة قبر الحسين عليه السلام لا أشرا و لا بطرا و لا رياء و لا سمعة،محّصت ذنوبه 292

من أقام بمكّة خمسة أشهر،فليس له أن يتمتّع 238

من أقام بمكّة سنة فهو بمنزلة أهل مكّة 238

من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة لا متعة له 246

من حجّ عن أبويه أو أمّه،فقد قضى عنه حجّته و كان له فضل عشر حجج 171

من حجّ عن أبويه أو قضى عنهما مغرما،بعث يوم القيامة مع الأبرار 170

من حجّ عن إنسان و لم يكن له مال يحجّ به،أجزأت عنه حتّى يرزقه اللّه تعالى 114،156

من ختم القرآن بمكّة،لم يمت حتّى يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يرى منزله في الجنّة 250

ص:352

من خرج من الحرمين...قبل أن يصلّي الظهر و العصر نودي 231

من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها،فقد قرب أجله و دنا عذابه 224-225

من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة،فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس 197

من ركب زاملة،ثمّ وقع منها فمات،دخل النار 224

من ركب زاملة،فليوص 224

من زار أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا،كتب اللّه له لكلّ خطوة حجّة 279

من زار جعفرا و أباه لم يشتك عينه،و لم يصبه سقم،و لم يمت مبتلى 302

من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قبر أمير المؤمنين 305

من زار قبر أبي عبد اللّه عليه السلام يوم عاشوراء عارفا بحقّه،كان كمن زار اللّه تعالى في عرشه 294

من زار قبر الحسين عليه السلام أوّل يوم من رجب،غفر اللّه له البتّة 293

من زار قبر الحسين عليه السلام ليلة من ثلاث،غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر 294

من زار قبر الحسين عليه السلام يوم عاشوراء،وجبت له الجنّة 294

من زار قبر ولدي عليّا،كان عند اللّه كسبعين حجّة مبرورة 308

من زار قبري بعد موتي،كمن هاجر إليّ في حياتي،فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ بالسلام 260

من زارني حيّا أو ميّتا،أو زار أباك حيّا أو ميّتا...كان حقّا عليّ أن أستنقذه يوم القيامة 288

من زارني على بعد داري و مزاري،أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها 309

من زارني،غفرت له ذنوبه و لم يمت فقيرا 301

من زارني في حياتي[و بعد موتي]كان في جواري يوم القيامة 260

من ساق هديا في عمرة،فلينحر قبل أن يحلق 210

من شبرمة؟113

من علّمك بهذا؟226

من فاته الحجّ،فعليه دم،و ليجعلها عمرة 65

ص:353

من فاته الحجّ،فعليه دم،و ليجعلها عمرة،و ليحجّ من قابل 56

من فاته عرفات،فقد فاته الحجّ فليتحلّل بعمرة و عليه الحجّ من قابل 61

من فعل ذلك و مات،دخل النار(عن الزاملة)224

من كان مؤمنا فحجّ و عمل في إيمانه ثمّ أصابته في إيمانه فتنة فكفر،ثمّ تاب و آمن 232

من كسر أو عرج،فقد حلّ و عليه حجّة أخرى 43

من لم يقدر على زيارتنا،فليزر صالحي إخوانه يكتب له ثواب زيارتنا 322

من مات في المدينة،بعثه اللّه عزّ و جلّ في الآمنين يوم القيامة 265

من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به،أو مرض لا يطيق معه الحجّ، أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّا أو نصرانيّا 248

من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يترك إلاّ بقدر نفقة الحجّ فورثته أحقّ بما ترك 177

من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن:حرم اللّه،و حرم رسوله 221

من مضت له خمس حجج و لم يعد إلى ربّه و هو موسر،إنّه لمحروم 248-249

من مضت له خمس سنين،فلم يعد إلى ربّه و هو موسر،إنّه لمحروم 230

من نذر أن يطيع اللّه،فليطعه 187

المؤمنون عند شروطهم 151

«حرف النون»

الناصب إذا عرف،فعليه الحجّ و إن كان قد حجّ 99

نسأل اللّه العافية 59

نعم.(الأجير ضامن؟قال:)129

نعم.(إنّ ابنتي توفّيت و لم يكن بها بأس فأحجّ عنها؟قال:)228

نعم.(إنّ امرأة من خثعم قالت يا رسول اللّه...أ فأحجّ عنه؟)108

نعم.(أ يجزئ عن الأوّل)129

ص:354

نعم.(سألته عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السّلام هل هي مثل زيارة الحسين عليه السّلام؟)305

نعم.(سألته عن العمرة المبتولة فيها الحلق؟قال:)210

نعم.(عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام فمشى هل يجزئه عن حجّة الإسلام؟)186

نعم.(عن الصرورة يحجّ من الزكاة؟قال:)233

نعم.(عن العمرة أ واجبة هي؟)196

نعم.(عن المتوفّى عنها زوجها تحجّ؟)91

نعم.(فمن تمتّع تجزئ عنه؟قال:)196

نعم،إذا بلغت الوقت فلتحرم 72

نعم،إذا كانت فقيهة مسلمة و كانت قد حجّت،ربّ امرأة خير من رجل 109

نعم،إذا كان يوم القيامة كان على عرش اللّه أربعة من الأوّلين و أربعة من الآخرين 308

نعم،إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه،فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتّى يحجّ من ماله 112

نعم،إنّما خالف إلى الفضل و الخير 137

نعم،إن مررت به ليلا أو نهارا فعرّس فيه،لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل ذلك 271

نعم،تغتسل و تحتشي،و تصنع كما تصنع المحرمة و لا تصلّي 73

نعم،تغتسل و تلبّي 73

نعم،المتعة له و الحجّ عن أبيه(عن رجل يحجّ عن أبيه أ يتمتّع؟قال:)169

نعم،من جميع ما يحرم على المحرم 249

نعم،و بعد موتنا 275

نعم،و سبعين ألف حجّة 308

نعم،و يقول لها:حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ في هذا 69

نعم،هو أقضى للدين(إنّي رجل ذو دين أ فأتديّن و أحجّ؟فقال:)223

ص:355

نعم،هو واجب لا بدّ منه(أسأله عن العمرة المفردة على صاحبها طواف النساء؟)210

نعم،يقول بعد ما يحرم 119

نعم ما تعلّمت،إذا لقيت أخا من إخوانك فقل له هكذا؛فإنّ الهدى بنا هدى،و إذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما يقولون 226

«حرف الهاء»

هات(جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك)178

هاهنا أحد من ولد محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قالوا:نعم الحسين بن عليّ عليهما السلام قدم الليلة 251

هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه،فإن لم يكن قد اشترط،فإنّ عليه الحجّ من قابل 62-63

هذا مصدود عن الحجّ،إن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ،فليطف بالبيت أسبوعا 250

هذه عمرة مكان عمرتك 75

هذه المواقيت لأهلها و لكلّ آت أتى عليها من غير أهلها أراد حجّا أو عمرة 133

هكذا جعلها اللّه 242

هل حججت قطّ؟113

هما سيّان قدّمت أو أخّرت 239

هو حلال من كلّ شيء(عن محرم انكسرت ساقه أيّ شيء حاله و أيّ شيء عليه؟قال:)249

هو له،لعلّه ضيّق على نفسه في النفقة،لحاجته إلى النفقة 106

هو له و لعلّه ضيّق على نفسه 148

هو ما بين الحجر الأسود و بين الباب(عن الحطيم)248

هو و اللّه سواء،عجّله أو أخّره(عن مفرد الحجّ يعجّل طوافه أو يؤخّره؟قال:)239

هي عن الأوّل تامّة و على هذا فلا حرج 129

ص:356

هي عن صاحب المال(في رجل أعطى رجلا مالا ليحجّ به عنه)154

هي عن صاحب المال(في رجل أعطى رجلا مالا ليحجّ عنه فحجّ عن نفسه؟قال:)234

هي للأوّل تامّة و على هذا ما اجترح 234

هي واجبة على الأب من ثلثه،أو يتطوّع ابنه فيحجّ عن أبيه 168

«حرف الواو»

و ادع اللّه و اسأل حاجتك،و تسلّم بهذا على أبي جعفر محمّد عليه السلام 305

و أرسل إلى الأمير،و اجتمع الناس،فأرسل إلى الفقهاء،فجعلوا يقولون:251

و اصنع مثل ما صنعت عند دخولك،و قل:اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيّك 264

و أمّا الآخرون فمحمّد و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السلام 308

و أمّا أن تحمل و تستلم الحجر كراهية الزحام للرجل،فلا بأس به حتّى إذا استلمت طافت ماشية 88

و الحجّ أحبّ إليّ 98،99

و الذي حلق رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حجّته:معمّر بن عبد اللّه 257

و الذي حلق رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة:خراش بن أميّة الخزاعيّ 257

و العمرة في كلّ سنة 201

و اللّه إنّي لأعدّه فضلا من اللّه عظيما عليّ 258

و اللّه لتقتلنّ بأرض العراق و تدفن بها،قلت:يا رسول اللّه ما لمن زار قبورنا و عمرها 282

و امتشطي 75

و المصدود تحلّ له النساء،و المحصور لا تحلّ له النساء 45

و المصدود:هو الذي يردّه المشركون،كما ردّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 15

و اعتمروا فليس عليهم الحجّ من قابل 59

و إن اختلفوا في الميعاد،لم يضرّه إن شاء اللّه 47

ص:357

و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة و لا حجّ له 56

و إن أقاموا حتّى يمضي ثلاثة أيّام التشريق بمكّة،خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكّة،فأحرموا منه و إن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما و إشعارهما يوما معلوما 48

و إن قدم مكّة و قد نحر هديه،فإنّ عليه الحجّ من قابل و العمرة 45

و إن كان دخل مكّة مقرنا للحجّ فليس عليه ذبح و لا حلق 250

و إن كان عليه الحجّ،رجع إلى أهله،و أقام ففاته الحجّ،فكان عليه الحجّ من قابل 43

و إن كان في عمرة،نحر بمكّة،و إنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما،فإذا كان ذلك اليوم فقد و فى 47

و إن كان موسرا و حال بينه و بين الحجّ مرض أو حصر...عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له 162

و إن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء و أهلّت 79

و إن لم يكن ترك مالا إلاّ بقدر حجّة الإسلام،حجّ عنه حجّة الإسلام ممّا ترك،و حجّ عنه وليّه النذر، فإنّما هو دين عليه 167

و إن لم يكن عليها مهلة،فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحجّ 74

و إن مات قبل أن يحرم و هو صرورة،جعل جمله و زاده و نفقته في حجّة الإسلام،فإن فضل من ذلك شيء فهو لورثته 168

و إنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا يعضد شجرها 265

و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم،فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغّبوا فيه،كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة 302

و إيتاء الزكاة،و صوم رمضان،و حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا 66

و بلغنا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أتى قبور الشهداء قال:272

و تسعى بين الصفا و المروة 80

و الحجّة للذي حجّ 153

و حقّ على الفقير أن يأتيه في السنة مرّة 291

ص:358

و حقّك لقد كان في عامي هذه السنة ستّ عمر 201

و دعي عمرتك 75

و ذلك لأنّها زادت على النصف و قد مضت متعتها و لتستأنف بعد الحجّ 82

و ذلك مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل القبلة ثمّ تدعو بدعاء الدم 43

و الصوم ثلاثة أيّام و الصدقة نصف صاع لكلّ مسكين 14

و عليهم الحجّ من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم 62

و قد اعتمر الحسين عليه السلام في ذي الحجّة ثمّ راح يوم التروية إلى العراق 198

و كان في ولادتها بركة للنساء لمن ولد منهنّ أو طمث،فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستثفرت و تمنطقت بمنطق و أحرمت 73

و كان معمّر بن عبد اللّه هو يرحّل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 258

و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله...ستّا و ستّين و جاء عليّ...أربعا و ثلاثين بدنة 256

و لا بأس أن يصلّي بين الظواهر،و هي الجوادّ جوادّ الطريق،و يكره أن يصلّي في الجوادّ 217

و لا تدخل المسجد،ثمّ تهلّ بالحجّ بغير صلاة 72

و لا عمل إلاّ بنيّة 152

و لكن يبعث من قابل و ينسك أيضا 43

و لمّا كان في حجّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يحلقه،قالت قريش:أي معمّر أذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يدك و في يدك الموسى 258

و لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك،فإن لم يكن لهم أموال،أنفق عليهم من بيت مال المسلمين 222

و ليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاجّ شيئا من الدور و منازلها 213

و محلّه أن يبلغ الهدي محلّه،و محلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ 47

و من أتاني زائرا وجبت له شفاعتي[و من وجبت له شفاعتي]وجبت له الجنّة 261

ص:359

و من ساق هديا و هو معتمر،نحر هديه عند المنحر،و هو بين الصفا و المروة و هي الحزورة 210

و الناس يروحون إلى منى فلا بأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجّ 198

و هو ما بين ظلّ عائر إلى ظلّ و عير 265

ويحك،من شبرمة؟132

«حرف الياء»

يأتي على الناس زمان يكون فيه حجّ الملوك نزهة،و حجّ الأغنياء تجارة،و حجّ المساكين مسألة 249

يأتي مكّة فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة 58

يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ 254

يا أبا الحسن إنّ اللّه جعل قبرك و قبر ولدك بقاعا من بقاع الجنّة 282

يا أبا عامر حدّثني أبي،عن أبيه،عن جدّه الحسين بن عليّ،عن عليّ عليهم السلام 281

يا بشير إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجّه إليه،كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها 293

يا بن مارد من زار جدّي عارفا بحقّه،كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة مقبولة و عمرة مبرورة،281

يا بنيّ ما تشتكي؟فقال:أشتكي رأسي،فدعا عليّ عليه السلام ببدنة فنحرها،و حلق رأسه و ردّه إلى المدينة،فلمّا برئ من وجعه اعتمر 43

يا زياد أحبّ لك ما أحبّ لنفسي،و أكره لك ما أكره لنفسي،أتمّ الصلاة في الحرمين،و بالكوفة و عند قبر الحسين عليه السلام 221

يا عبد اللّه بن طلحة ما تزور قبر أبي حسين؟279

يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب،فإنّ اللّه غنيّ عن مشيها و حفاها 187

يا عليّ بما أهللت؟قال:قلت...إهلالا كإهلال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 254

ص:360

يا عيسى إن استطعت أن تأكل الخبز و الملح و تحجّ في كلّ سنة فافعل 223

يا معمّر إنّ الرحل الليلة يسترخي،فقال معمّر:...لقد شددته كما كنت أشدّه،و لكن بعض من حسدني مكاني 258

يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة 276

يا هذا،إذا أنت فعلت هذا،كان لإسماعيل حجّة بما أنفق من ماله،و كانت لك تسع بما أنفقت من بدنك 231

يبعث بهديه 50

يتحوّل عنها 229

يجزئها الماء(عن المحرمة إذا طهرت تغسل رأسها بالخطميّ؟فقال:)93

يجزئ عنهما(في رجل ليس له مال...هل عليه الحجّ؟)158

يجعل ثلاث حجج حجّتين إن شاء اللّه تعالى 180

يحتال و يحجّ عن صاحبه كما ضمن 235

يحجّ الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة،و لا تحجّ المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة 109

يحجّ عنه(سئل عن شيخ يجد الاستطاعة،قال:)108

يحجّ عنه صرورة لا مال له 112

يحجّ عنها رجل أو امرأة(إنّ والدتي توفّيت و لم تحجّ)170

يحجّ عنه،فإن كان أبوه قد حجّ،كتب لأبيه نافلة و للابن فريضة،و إن لم يكن حجّ أبوه،كتب لأبيه فريضة و للابن نافلة 170

يحجّ عنه ما بقي من ثلثه شيء 179

يحجّ عنه من بعض المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قرب 164،176

يحجّ عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك 162،174

يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتّى يبلغ الهدي محلّه 47

يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين الحرّتين 265-266

ص:361

يحسب له كلّ عمل صالح عمله في إيمانه،و لا يبطل منه شيء 232

يدخل[مكّة]بغير إحرام(في الرجل يخرج إلى جدّة،قال:)236

يرجع به إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين فإن جاء طالبه فهو له ضامن 214

يستحبّ أن تطوف ثلاثمائة و ستّين أسبوعا عدد أيّام السنة،فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف 236

يسمّيه في المواطن و المواقف(ما يجب على الذي يحجّ عن الرجل؟قال:)119

يصلح للصبيان و المصاحف و المخدّة،يبتغى بذلك البركة إن شاء اللّه تعالى 229

يصوم(فإن لم يجد هديا،؟)52

يضرب رأسه ضربا شديدا(ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمّدا؟قال:)251

يعرّفه(ابتلي بذلك؟قال:)214

يقام عليه الحدّ و صغار له؛لأنّه لم ير للحرم حرمة 212

يقتل(ما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمّدا؟قال:)251

يقدّمه(عن مفرد الحجّ يقدّم طوافه أو يؤخّره؟قال:)239

يقضي أحبّ إليّ 100

يقضى عن الرجل حجّة الإسلام من جميع ماله 162

يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل مكّة و يطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إن شاء 62

يقيم مع الناس حراما أيّام التشريق و لا عمرة فيها 55،57

يكتب له و لها،و يكتب له ثواب أجر البرّ 157

يكون لكلّ عشرة أيّام عمرة 201

يلحق بجمع ثمّ ينصرف إلى منى و يرمي و يذبح و لا شيء عليه 250

ينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك 227

ينسك و يرجع(في المحصور و لم يسق الهدي)52

ص:362

يواعد أصحابه ميعادا،فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي[يوم]النحر،فإذا كان يوم النحر 43

يواعد أصحابه يوما يقلّدون فيه 47

اليوم المشهود يوم عرفة 242

يهريق دما(محرم قلع ضرسه)14

ص:363

فهرس الأدعية

«حرف الألف»

أسألك أن تصلّي على محمّد و أهل بيته 264

أسألك أي جواد أي كريم أي قريب أي بعيد 264

أستودعك اللّه و أقرأ عليك السلام 306

أشهد أنّك قد بلّغت رسالات ربّك،و نصحت لأمّتك 262

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا عبده و رسوله 262

اللهمّ اجعل لي لسان صدق في أوليائك،و حبّب إليّ مشهدهم و مشاهدهم 285

اللهمّ ارحم غربته و صل وحدته و آنس وحشته...و ألحقه بمن كان يتولاّه 323

اللهمّ ارزقني حبّهما و توفّني على ملّتهما 318

اللهمّ اغفر للمحلّقين،فقيل:يا رسول اللّه و للمقصّرين 210

اللهمّ اكتبنا مع الشاهدين 289

اللهمّ العن الأوّلين منهم و الآخرين 318

اللهمّ العن ظالمي آل محمّد حقّهم و انتقم منهم 318

اللهمّ العن قتلة الحسين،اللهمّ عذّبهم عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين 284

اللهمّ العن قتلة أنبيائك و أوصياء أنبيائك 284

اللهمّ العنهم و أشياعهم و أتباعهم و محبّيهم 284

اللهمّ إليك توجّهت و إليك قصدت و ما عندك أردت 310

ص:364

اللهمّ إليك صمدت من أرضي و قطعت الأرض رجاء رحمتك 312

اللهمّ إليك وجّهت وجهي و عليك خلّفت أهلي و مالي 310

اللهمّ انتقم لي من أعدائك 252

اللهمّ انجز لي ما وعدتني 252

اللهمّ إنّك قلت: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ 263

اللهمّ إنّي أتقرّب إليك باللعنة عليهم و البراءة منهم 313

اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بحبّهم و أوالي وليّهم 312

اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بحبّهم و بولايتهم أتولّى 313

اللهمّ إنّي أحيا على ما حيّي عليه...و أموت على ما مات عليه عليّ بن أبي طالب 286

اللهمّ إنّي أسألك بعد الصلاة و التسليم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و لا تجعله آخر العهد من زيارته 286-287

اللهمّ أعطه الدرجة و الوسيلة من الجنّة،و ابعثه مقاما محمودا 263

اللهمّ تقبّل من فلان 160

اللهمّ حبّب إلينا المدينة،كما حبّبت إلينا مكّة و أشدّ 267

اللهمّ صلّ على الأئمّة من ولده القوّامين بأمرك من بعده 283

اللهمّ صلّ على الحسن بن عليّ العامل بأمرك القائم بحقّك 311

اللهمّ صلّ على الحسن و الحسين سبطي نبيّك 311

اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عبدك و رسولك و خير خلقك 310

اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عبدك 310

اللهمّ صلّ على جعفر بن محمّد الصادق عبدك و وليّ دينك 311

اللهمّ صلّ على حجّتك و وليّك القائم في خلقك صلاة تامّة 311

اللهمّ صلّ على عليّ بن الحسين عبدك القائم في خلقك 311

اللهمّ صلّ على عليّ بن محمّد عبدك و حجّتك على عبادك 311

ص:365

اللهمّ صلّ على عليّ بن موسى الرضا المرتضى 311

اللهمّ صلّ على فاطمة بنت نبيّك و زوجة وصيّ نبيّك 311

اللهمّ صلّ على محمّد بن عليّ التقيّ الرضيّ 311

اللهمّ صلّ على محمّد بن عليّ عبدك و خليفتك باقر علم النبيّين 311

اللهمّ صلّ على محمّد عبدك و رسولك و نبيّك 310

اللهمّ صلّ على محمّد و على أهل بيته المظلومين أفضل و أجمل و أرفع و أشرف 283

اللهمّ صلّ على موسى بن جعفر عبدك الصالح 311

اللهمّ طهّرني و طهّر قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني مدحتك 310

اللهمّ عجّل فرج وليّك و ابن وليّك 318

اللّهمّ على كتابك و سنّة نبيّك 237

اللّهمّ فاجعل صلواتك و صلوات ملائكتك المقرّبين،و عبادك الصالحين 263

اللهمّ فاكتبنا مع الشاهدين 315

اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيّك 264

اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتي إيّاه 286

اللّهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدّة أو بلاء أو سغب،فأجر فلانا فيه و أجرني في قضائي فيه 119

اللهمّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها 269

اللهمّ و أدخل على قتلة أنصار رسولك و أنصار أمير المؤمنين 285

اللهمّ و ذلّل قلوبنا لهم بالطاعة و المناصحة و المحبّة و حسن الموازرة و التسليم 287

إنّي أتيتك مستغفرا تائبا من ذنوبي،و إنّي أتوجّه بك إلى اللّه ربّي 263

«حرف الباء»

بسم اللّه اللهمّ تقبّل من فلان 160

ص:366

بسم اللّه و إلى اللّه و إلى ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حسبي اللّه توكّلت على اللّه 310

بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه 310

«حرف الحاء»

الحمد للّه الذي أكرمني بمعرفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من فرض 282

الحمد للّه الذي جعل النار مأواهم و بئس الورد المورود 297

الحمد للّه الذي جعل النار مثواهم و بئس الورد المورود 284

الحمد للّه الذي جعلني من زوّار قبر وصيّ رسوله 283

الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه 283

الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه 297

«حرف الراء»

رحم اللّه ابن جندب 219

«حرف السين»

السلام على الأئمّة الراشدين،السلام على الأئمّة المهتديّين 299

السلام على أمير المؤمنين و وصيّ رسول ربّ العالمين،و قائد الغرّ المحجّلين 298

السلام على المؤمنين الذين أقاموا أمرك و آزروا أولياء اللّه 283

السلام عليكما يا من بدا للّه فيكما،أتيتكما عارفا بحقّكما 317

السلام عليكما يا وليّي اللّه،السلام عليكما يا حجّتي اللّه 317

السلام عليكما يا وليّي اللّه أستودعكما اللّه 318

السلام عليكم أئمّة الهدى...أهل التقوى...القوّام في البريّة 302

السلام عليكم أهل الصفوة...أهل النجوى 302

ص:367

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 272

السلام عليكم فزتم و اللّه،فزتم و اللّه 298

السلام عليكم يا أهل الديار،أنتم لنا فرط 272

السلام عليك يا أبا عبد اللّه،أنت لي جنّة من العذاب 298

السلام عليك يا أبا عبد اللّه و على أبي محمّد السلام 289

السلام عليك يا بقيّة المؤمنين و ابن أوّل المسلمين 289

السلام عليك يا ابن خديجة الكبرى و فاطمة الزهراء 298

السلام عليك يا ابن عليّ أمير المؤمنين،السلام عليك يا بن الحسين 297

السلام عليك يا ثار اللّه و ابن ثاره 296

السلام عليك يا حجّة اللّه و ابن حجّته 296

السلام عليك يا عبد اللّه سلمان،السلام عليك يا تابع صفوة الرحمن 321

السلام عليك يا فلان بن فلان أشهد أنّك باب المولى أدّيت عنه 319

السلام عليك يا قتيل اللّه و ابن قتيله 296

السلام عليك يا من بدا للّه في شأنه،أتيتك عارفا بحقّك...فاشفع لي 305

السلام عليك يا من لا يتميّز من أهل بيت الإيمان،السلام عليك يا من خالف حزب الشيطان 321

السلام عليك يا مولاي و ابن مولاي و رحمة اللّه و بركاته 313

السلام عليك يا مولاي يا أبا الحسن و رحمة اللّه و بركاته 306

السلام عليك يا مولاي يا بن رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته أستودعك اللّه 315

السلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه...نوح نبيّ اللّه 312

السلام عليك يا وتر اللّه الموتور في السموات و الأرض 296

السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا أبا عبد اللّه 298

السلام عليك يا وليّ اللّه،السلام عليك يا حجّة اللّه 284،305

السلام عليك يا وارث محمّد حبيب اللّه 284

ص:368

السلام عليك يا وليّ اللّه...يا نور اللّه 312

السلام على من في الحائر منكم و رحمة اللّه و بركاته،السلام على ملائكة اللّه الباقين المقيمين 299

السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين و الحمد للّه ربّ العالمين 299

السلام من اللّه السلام على محمّد أمين اللّه على رسالته و عزائم أمره 283

«حرف الصاد»

صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و سل حاجتك 269

صلّى اللّه عليك،لعن اللّه من قتلك 298

صلّى اللّه عليك يا أبا الحسن صلّى اللّه على روحك و بدنك 313

«حرف الفاء»

فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة 269

«حرف الواو»

و أسألك أن تردّ عليّ نعمتك 264

«حرف الياء»

يا صريخ المكروبين و يا مجيب المضطرّين و يا مغيث المهمومين 273

يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرّين اكشف همّي و غمّي و كربي 272

يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة 276

يا من لا يخيّب من أراده و لا يضيّع من حفظه صلّ على محمّد و أهل بيته 310

ص:369

فهرس الأماكن و البلدان

«حرف الألف»

الأبطح:256

الأبواء:304

أبو قبيس:246

الأراك:255

أحد:272،273

الأسطوانة:262

أسطوانة أبو لبابة:268

أسطوانة التوبة:269

«حرف الباء»

بدر:295

البصرة:136،180

البطحاء:254

بطن عرنة:255

بغداد:304،305،314

البقيع:260،276،288،300،302

بكّة:248

البيت:55،57،58،75،77،78،79، 81،83،84،86،88،89،90،93، 237،246،248،250،256

بيت اللّه:167،213،222

بيت اللّه الحرام:167،252

بيت المقدس:282

البيداء:73،217،253

«حرف التاء»

التنعيم:75،76،85،202،256

«حرف الجيم»

الجحفة:206،267

جدّة:236

الجعرانة:85،206

الجمرة:242

ص:370

جمرة العقبة:256

جمع:250

«حرف الحاء»

الحائر:221،296،299

الحجاز:281

الحجر:87،88،222

الحجر الأسود:160،248

الحديبية:17،18،21،22،28،48، 206،257

الحزورة:210

الحرّة:272

الحرّتين:265،266

الحرم:21،22،23،24،37،38،47، 74،212،214،215،221،242،247

حرم أمير المؤمنين عليه السّلام:221،265

حرم الحسين عليه السّلام:221

حرم اللّه:221،265،296

حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:221، 265،296

حرم المدينة:265

حرم مكّة:265

الحرمين:217،218،220،221،231

الحطيم:248

حنين:206

الحيرة:49

«حرف الخاء»

خراسان:14،307

«حرف الذال»

ذات الجيش:217

ذات الصلاصل:217

ذي الحليفة:88،253

ذي طوى:257

«حرف الراء»

الربذة:237

الركن اليمانيّ:253

«حرف الزاي»

زمزم:236

«حرف السين»

سرف:75

سرّ من رأى:316،317،324

ص:371

السقياء:43

سلخ:253

سناباد:307

«حرف الشين»

شاطئ الفرات:295

«حرف الصاد»

الصفا:44،55،58،62،75،76،79، 80،81،82،83،85،87،93،199، 208،210،239،253،256

«حرف الضاد»

ضجنان:217

«حرف الطاء»

الطائف:201

الطفّ:290

طوس:307

«حرف الظاء»

ظلّ عائر:265

«حرف العين»

العراق:143،216،246،282،290

العراقين:250

عرفات:61،77،82،93،95،237، 242

عرفة:26،55،78،203،242،243، 292،293

عسفان:206

عقبة المدنيّين:257

«حرف الغين»

الغاضريّة:290

الغريّ:279

«حرف الفاء»

فخّ:239

الفرات:293

«حرف القاف»

القبر:263،275

قبر أبو الحسن الرضا:310

قبر أبو عبد اللّه:294

قبر الحسين عليه السّلام:221،289،292،

ص:372

293،294

قبر حمزة:272

قبور الشهداء:271-273

«حرف الكاف»

كربلاء:290

الكعبة:76،89،210،213،214، 222،228،229،247،251،252، 278

الكوفة:93،136،216،217،221، 265،278،279

«حرف الميم»

المحصّب:202

المدينة:18،43،44،48،215،216، 217،219،221،236،259،262، 264،265،266،267،268،269، 270،271،272،274،288،290، 300،301

المروة:44،55،58،62،75،79،80، 81،82،83،85،87،93،199،208، 209،210،239،253،256

المزدلفة:255،256

المساجد:267،271،272

مساجد اللّه:68

المسجد:72،74،86،229،253، 255،256،260،264،267،268، 269،275

مسجد الأحزاب:271،273

مسجد الحرام:238،251،267

مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله:264

مسجد غدير خمّ:273،274

مسجد الفتح:271،272

مسجد الفضيخ:271،272

مسجد قباء:271

مشربة أمّ إبراهيم:271،272

المشعر الحرام:56،71،95،256

المشهد:307

المعرّس:270

مقابر قريش:305،315

المقام:210،217

مقام إبراهيم عليه السّلام:84،199،253

مقام جبرئيل عليه السّلام:264

مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:264،269

مكّة:16،24،25،26،37،41،43، 44،45،46،47،52،56،58،59،

ص:373

62،74،75،77،78،79،85،129، 139،143،147،196،197،198، 199،201،205،208،210،213، 215،216،217،218،219،220، 224،226،227،229،236،237، 238،241،243،244،246،248، 250،253،254،256،257،261، 265،266،267،274،278

المنبر:263،264،275

منى:24،25،41،44،47،52،57، 58،79،81،215،239،243،255، 256

الميزاب:264

المواقيت:133،164،165،211

الموقف:83

الموقفين:24،25،37،41،45،74،

78

الميقات:74،97،133،134،139، 141،142،143،181،182،205، 206،210

«حرف النون»

النجف:279

نهروان:290

نهاوند:309

نينوى:290

«حرف الواو»

وادي الشقرة:217

وادي محسّر:231

وعير:265

ص:374

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

«حرف الألف»

آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله:285،287، 313،318

الأئمّة:118،230،283،286،298، 299،300،302،303،308،319، 323

أئمّة المهديّين:299

أئمّة الهدى:302

الإسلام:26،46،49،64،96،97، 162،164،174،176،177،181، 186،187،248،284،289،321

أصحاب الرأي:41،54،55،58،61، 65،67،193

أصحاب الشافعيّ:139

أصحاب الكساء:289

أصحابنا:14،51،59،164،189، 197،209،219،237،265،268، 277

الأعراب:34،252

الأكراد:34

الإماميّة:97

الأوصياء:230

أهل البادية:34

أهل البيت عليهم السّلام:118،286،296، 310

أهل بيت الإيمان:321

أهل التطوّع:117

أهل التفسير:18

أهل التقوى:302

أهل الجانبين:317

أهل الجنّة:311

أهل الحجّ:34

أهل الحجاز:281

أهل الحرب:36

ص:375

أهل الحقّ:101

أهل خراسان:14

أهل الدنيا:302

أهل الصفوة:302

أهل العلم:107

أهل العوالي:253

أهل القبلة:97،99،100

أهل الكوفة:323

أهل مكّة:59،206،208،213،227، 238،246

أهل النجواء:302

أهل النسك:97

أهل النقل:22

أهل النيابة:108

أهل الولاية:100

«حرف الباء»

بنات آدم:76

بنو أميّة:275

بنو هاشم:256

«حرف التاء»

التابعين:193

«حرف الجيم»

الجاهليّة:302

الجمهور:16،25،34،42،45،54، 56،57،70،71،74،75،86،110، 117،159،200،202

«حرف الحاء»

حزب الشيطان:321

حمير:252

الحنفيّة:289

«حرف الخاء»

الخاصّة:16،43،55،56

الخثعميّة:105،107،111،120،132، 165،174،175،177

الخوارج:118

«حرف الشين»

الشافعيّة:121،122،126،127،132، 145،206

الشيعة:308،323

ص:376

«حرف الصاد»

الصحابة:54،193،195

«حرف العين»

علماؤنا:41،44،53،55،59،63، 67،74،86،159،174،193،199

العلماء:16،18،53،67،165،196

«حرف الفاء»

الفقهاء:15،58،205،251

«حرف القاف»

القرامطة:122

القبطيّة:314

قريش:255،258

«حرف الكاف»

الكافر:96

الكنانيّ:251

«حرف الميم»

المخالف:15،61،70،97،98

المسلمون:34،35،67،97،184، 221،222،227،285،289،323

المشركون:16،17،18،29،34،35، 36،250،253،273

«حرف النون»

الناصب:99،118

النبيّون:259،294،298،311

«حرف الهاء»

الهاشميّ:279،301

ص:377

فهرس الكتب المذكورة في المتن

«حرف الألف»

الأمّ للشافعيّ:20

الإملاء للشافعيّ:132

«حرف التاء»

التهذيب للشيخ الطوسيّ:120

«حرف الجيم»

الجمل للشيخ الطوسيّ:186

«حرف الخاء»

الخلاف للشيخ الطوسيّ:120،128،163، 186

«حرف الراء»

رسالة عليّ بن بابويه لعليّ بن بابويه:50

«حرف القاف»

القرآن:20

«حرف الكاف»

كتابي الأخبار(التهذيب و الاستبصار للشيخ الطوسيّ):109

«حرف الميم»

المبسوط للشيخ الطوسيّ:128،163،186

المقنعة للشيخ المفيد:51

من لا يحضره الفقيه للصدوق:50

«حرف النون»

النهاية للشيخ الطوسيّ:120،163،185

ص:378

فهرس الأعلام

«حرف الألف»

آدم:246

آدم بن عليّ:114،156

أبان:261،274

إبراهيم:81

إبراهيم بن أبي البلاد:210،243

إبراهيم بن إسحاق النهاونديّ:85،309

إبراهيم بن شيبة:217

إبراهيم بن عبد الحميد:231

إبراهيم بن عقبة:113،315

إبراهيم بن عمر:215

إبراهيم بن عمر اليماني:197

إبراهيم بن محمّد بن عمران الهمدانيّ:98

إبراهيم بن مهزيار:180

إبراهيم بن ميمون:235

ابن أبي حمزة:234

ابن أبي عمير:221،227،234،239، 323

ابن أبي نجران:261

ابن أبي يعفور:267

ابن إدريس:21،47،48،50،51،52، 81،86،118،121،122،163،164، 217

ابن الأسود:54

ابن بابويه:23،50،51،52،84،85، 93،158،159،160،169،171، 180،181،191،201،202،206، 210،252،266،274،276

ابن بكير:237

ابن جبلة:69

ابن جندب:219

ابن رئاب:291

ابن رسول اللّه:281،289

ابن الزبير:53،55،61

ص:379

ابن سنان:245

ابن سيرين:193

ابن عبّاس:42،53،55،61،107، 111،112،132،133،162،170، 193،199

ابن عبد البرّ:195

ابن عمر:42،53،54،115،189،199

ابن محبوب:261

ابن مسعود:22،39،41،195

ابن مسكان:81،85

ابن المنذر:65،69،107،115،163

أبو إسحاق صاحب اللؤلؤ:81

أبو إسحاق:125

أبو أيّوب:54

أبو بصير:78،90،99،137،198، 252،293

أبو بلال المكّي:243

أبو ثور:26،193

أبو الجارود:203

أبو جعفر:50،237

أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه:224

أبو حامد:125،139

أبو حفص سلمة:232

أبو حنيفة:10،13،16،19،22،24، 27،28،36،37،38،39،74،95،97، -103،105،110،115،131،132، 141،142،143،149،150،161، 177،178،189،190،191،203، 206،207

أبو رزين:163،194

أبو سعيد الإصطخريّ:122

أبو سلمه السراج:295

أبو الصباح الكنانيّ:84،251،294

أبو عامر السائيّ:281

أبو العبّاس:124

أبو عبد اللّه الخراسانيّ:100

أبو عبيدة الحذّاء:187،190،266

أبو عليّ بن راشد:101

أبو القاسم:259

أبو القاسم بن روح:307

أبو لبابة:268

أبو مراد:49

أبو هاشم الجعفريّ:317

أبو هريرة:171

أبو هلال:91

أبو يحيى الأسلميّ:261

ص:380

أبو يوسف:13،207

أحمد[بن حنبل]:10،12،16،20،21، 22،23،26،27،31،41،42،53، 54،55،59،60،61،67،91،92، 97،102،103،105،110،111، 115،131،161،164،166،171، 194،199،201،203،207

أحمد بن أشيم:110

أحمد بن محمّد بن أبي نصر:196،249، 293،308

أحمد بن محمّد:246

إسحاق:67،111،115،193،255

إسحاق بن عبد اللّه:58

إسحاق بن عمّار:77،93،121،129، 203،215،230،234،267

إسماعيل:231،255

إسماعيل بن همّام المكّيّ:191

أسماء بنت عميس:73،83،88

إلياس:157

آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب:

259

امرأة من خثعم:107

أمّ إبراهيم:271،272

أمّ عبدة بنت الحسن بن عليّ:301

أمّ ولد حديث:317

أمّ ولد:304،307،314،316،317

أمّ البنين:307

أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد النجيب:301

أنس:115

الأوزاعيّ:111

أيّوب بن أعين:251

أيّوب السجستانيّ:110

«حرف الباء»

البرقيّ:224

بريد العجليّ:211

بريد بن معاوية العجليّ:98،121،168، 181

البزنطيّ:158،160

بشير الدهّان:292،293

بشير النبّال:170

بكر بن صالح:114

«حرف التاء»

الترمذيّ:195

ص:381

«حرف الثاء»

الثوريّ:41،53،111،115،193

«حرف الجيم»

جابر:75،171،195

جميل:239،242

جميل بن درّاج:75،158،236،239

جعفر:188،244،245،280

«حرف الحاء»

الحارث بن المغيرة:169

حجّاج بن عمرو الأنصاريّ:42

حديث:317

حريز:85،201،294

حريز بن عبد اللّه:135،147

حسّان بن مهران:265

حسّان الجمّال:274

الحسن:22،110،161

الحسن البصريّ:193،199

الحسن بن الجهم:266

الحسن بن صالح:107

الحسن بن عليّ:225

الحسن بن عليّ الوشّاء:302،305

الحسن بن عليّ بن فضّال:271

الحسن بن محبوب:137

الحسين بن أبي العلاء:213

حسين الأحمسيّ:222

الحسين بن إسماعيل الصيمريّ:279

الحسين بن ثوير:295

الحسين بن سعيد:191

الحسين بن عثمان:234،238

الحسين بن محمّد القمّيّ:305

الحسين بن محمّد بن مالك:280

الحسين بن المختار:221

الحسين بن يحيى:234

حفص:246

حفص بن البختريّ:213،222،227، 237

الحكم بن مسكين:251

الحلبيّ:47،48،119،164،190، 196،200،213،228،240

حمّاد:222،227

حمّاد بن عثمان:238،239

حمّاد بن عيسى:221

حمزة بن عبد المطلّب:272

حميد:307

حميدة البربريّة:304

ص:382

«حرف الخاء»

خالد بن مادّ القلانسيّ:250

خراش بن أميّة الخزاعيّ:257

خيزران:314

«حرف الدال»

داود بن الحصين:91

داود الرقّيّ:61،62،244

داود بن فرقد:295

داود بن كثير الرقّيّ:59

درست بن أبي منصور:79

درست الواسطيّ:79

«حرف الذال»

ذريح:230،248

ذريح المحاربيّ:190

«حرف الراء»

رفاعة:50،108،187،240

رفاعة بن موسى:186،191

«حرف الزاي»

زرارة:14،49،84،91،201،232، 236،239،246

زرارة بن أعين:45،194

زرعة:47

زياد القنديّ:221

زيد:61

زيد بن أرقم:170،193

زيد بن ثابت:53

زيد الشحّام:72،109،262،294،317

الزهريّ:26

«حرف السين»

السدوسيّ:261

سدير الصيرفيّ:223

سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ:254

سعد بن أبي خلف:112،114،157

سعد بن سعد:178

سعيد بن جبير:193

سعيد بن المسيّب:193

سفيان الثوريّ:177

السكونيّ:188،244

سلمان:321

سليمان بن جعفر:109

سليمان بن الحسين:233

ص:383

سليمان بن داود:282

سماعة بن مهران:162،174

سمانة:316

سهل بن زياد:99

السنديّ بن شاهك:304

سيف التمّار:241

السيّد المرتضى:208

«حرف الشين»

شبرمة:113،132،154

الشافعيّ:10،12،13،16،18،19، 20،22،24،26،29،36،37،38، 39،42،53،56،57،58،60،61، 63،64،65،67،68،86،95،96، 97،103،104،111،113،115، 116،121،122،124،127،130، 131،132،134،135،136،139، 140،141،142،145،146،150، 151،152،153،154،155،161، 163،165،166،174،189،194، 195،199،203،205،207

الشافعيّة:121،122،126،127،132، 145

شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى:300

الشعبيّ:22،161،193

الشيخ:11،14،15،17،24،31،33، 36،45،46،47،48،49،50،56، 57،58،59،61،64،68،69،72، 73،74،75،77،78،79،80،81، 82،83،84،86،87،88،90،91، 92،94،98،99،101،104،106، 108،109،110،112،113،114، 119،120،121،127،128،129، 130،135،136،137،138،139، 141،146،147،151،152،153، 154،155،156،157،162،163، 164،166،167،168،174،176، 177،178،179،181،183،185، 187،188،189،190،194،196، 197،198،199،200،201،203، 205،209،212،213،214،216، 217،219،220،221،224،225، 226،227،228،229،230،231، 232،233،234،235،236،237، 238،239،240،241،242،243، 244،245،246،247،248،249،

ص:384

250،251،252،257،262،263، 264،266،267،269،270،272، 273،275،276،277،279،282، 290،292،293،294،295،305، 307،317،319،322،323،324

الشيخان:126

«حرف الصاد»

الصبيّ بن معبد:194

صفوان:93

صفوان بن سليمان:260

الصيرفيّ:122،238

«حرف الضاد»

ضريس بن أعين:62،166،167

«حرف الطاء»

طاوس:161،193،199

طلحة:195

طلحة بن زيد:243

«حرف العين»

عائشة:75،199،200،204،256،260

عائشة بنت أبي بكر:260

عبد الرحمن بن أبي بكر:75

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه:89،323

عبد الرحمن بن أبي نجران:147

عبد الرحمن بن الحجّاج:93،219،239، 266،273،294

عبد الرحمن بن سيابة:242

عبد الرحمن بن كثير:291

عبد اللّه:80

عبد اللّه بن أبي يعفور:167

عبد اللّه بن بكير:241

عبد اللّه بن جعفر الحميريّ:252

عبد اللّه بن جندب:219

عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ:249

عبد اللّه بن سنان:48،186،197،202، 229،231،240،265،279

عبد اللّه بن سليمان:228

عبد اللّه بن صالح:79

عبد اللّه بن طلحة:279

عبد اللّه بن ميمون:236

عبد اللّه بن أبي يعفور:167

عبد الملك بن عتبة:223،229

عبد مناف:278

ص:385

عبد الوهّاب بن الصباح:225

عثمان بن عيسى:218

عجلان:79،80

عجلان أبي صالح:78،82

عروة:75

عطاء:22،41،55،56،60،71،193، 199،201

عقبة:223

عقبة بن خالد:272

عقبة بن عامر:187

عكرمة:42،199

العلاء:85

عليّ بن أبي حمزة:99،152،157،201، 203،214،234

عليّ بن أسباط:270

عليّ بن بابويه:50

عليّ بن بلال:322

عليّ بن جعفر:222،237،243

عليّ بن حديد:219

عليّ بن رئاب:164،176،211

عليّ بن عثمان الرازيّ:322

عليّ بن عيسى:247

عليّ بن محمّد الحضينيّ:179

عليّ بن مهزيار:98،179،180،308

عليّ بن يقطين:216،220،233،243

عمّار الساباطيّ:235

عمّار بن عمير:174

عمّار بن موسى:106

عمارة بن يزيد:281

عمر:54،61،63،193،194

عمر بن أذينة:98،99

عمر بن الخطّاب:53

عمر بن رياح:218

عمر بن عبد اللّه بن طلحة النهديّ:279

عمر بن يزيد:82،197

عمر بن يزيد بيّاع السابريّ:288

عمرو بن أبي المقدام:323

عمرو بن إلياس:157

عمرو بن حريث الصيرفيّ:238

عمرو بن سعيد الساباطيّ:181

عمرو بن عيسى:144،145

عنبسة بن مصعب:241

عيسى:223

عيسى بن أبي منصور:223

العيص بن القاسم:73،215

ص:386

«حرف الغين»

غياث بن إبراهيم:216

«حرف الفاء»

الفرّاء:42

فضل بن يونس:250

الفضيل بن يسار:86،214

«حرف القاف»

القاسم بن عبد اللّه:291

قدامة بن مالك:292

القمّيّ:148

«حرف الميم»

مارية القبطيّة:314

مالك:10،11،12،17،18،19،22، 24،26،27،30،33،42،53،54، 56،60،61،65،67،86،95،104، 110،115،130،161،193،199، 207

مثنّى بن عبد السّلام:119

مجاهد:193

محمّد:13

محمّد بن إبراهيم:201

محمّد بن إبراهيم الحضينيّ:220

محمّد بن أبي بكر:88

محمّد بن إسماعيل:158

محمّد بن إسماعيل بن بزيع:77،219، 322

محمّد بن أبي حمزة:224

محمّد بن أبي عمير:223،224

محمّد بن أحمد بن يحيى:322

محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيديّ:240

محمّد بن جعفر:249

محمّد بن الحسن:26،178

محمّد بن الحسين:251

محمّد بن الحسين بن أبي خالد:179

محمّد بن الحسن بن الوليد القمّيّ:309

محمّد بن حمران:267

محمّد بن الحنفيّة:288،289

محمّد بن حكيم:292

محمّد بن سنان:56

محمّد بن عبد اللّه القمّيّ:106،148

محمّد العريضيّ:276

محمّد بن عثمان العمريّ:252

محمّد بن عمرو الزيّات:266

ص:387

محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات:266

محمّد بن عليّ بن فضّال:270

محمّد بن عيسى:14،305،315

محمّد بن مسلم:50،68،84،85،92، 93،112،119،169،214،229، 233،238،248،290

محمّد بن الهيثم التميميّ:87،147

محمّد بن يزيد الرفاعيّ:247

مروان:42،61

مروان بن الحكم:53

المزنيّ:54،55،130،132،151

مسلم مولى أبي عبد اللّه:225

مسمع:106،148،218

مسمع بن عبد الملك:210

مصادف:108،109

معاوية بن أبي سفيان:213

معاوية بن وهب:223

معاوية بن عمّار:14،15،16،17،43، 45،46،48،52،55،56،57،73، 74،83،87،88،108،112،148، 156،160،175،176،177،198، 200،202،209،212،217،222، 227،236،237،242،244،248، 257،262،263،264،265،269، 270،272

معمّر بن عبد اللّه:258

معمّر بن عبد اللّه بن حارثة بن نضر بن عوف بن عويج بن عديّ بن كعب:257

المفضّل بن عمر:224،295

المفيد:51،189،324

منصور بن حازم:72،92

موسى بن بكر الواسطيّ:223

موسى بن عامر:226

موسى بن القاسم:197،230

«حرف النون»

ناجية بن جندب الخزاعيّ الأسلميّ:257

نجيّة:199

النخعيّ:22،41،67،110،161،200

«حرف الهاء»

هارون بن خارجة:49

هاشم:278

هشام:227

هشام بن الحكم:242

هشام بن سالم:222،241،245

ص:388

«حرف الواو»

واعظ أهل الحجاز:281

وهب بن عبد ربّة:118

وهيب بن حفص:198

«حرف الياء»

يحيى الأزرق:87،160

يحيى الأسلميّ:261

يحيى بن حبيب:266

يحيى بن سليمان المازنيّ:308

يزيد بن عبد الملك:275

يزيد بن معاوية:225

يعقوب بن شعيب:196،215

يونس:89

يونس بن ظبيان:282،295

يونس بن يعقوب:72،89،200

ص:389

فهرس الأسماء المقدّسة

«حرف الألف»

آدم عليه السّلام:246،312

إبراهيم عليه السّلام:84،199،253، 255،256،308،312

أبو إبراهيم عليه السّلام:93،220،221، 239،273

أبو جعفر عليه السّلام:45،49،50،62، 68،86،98،114،166،169،178، 179،181،187،194،197،199، 201،211،214،217،220،229، 232،236،246،290،300،308، 309،314،315

أبو جعفر الثاني عليه السّلام:100،261

أبو جعفر محمّد عليه السّلام:306

أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام:

230

أبو الحسن عليه السّلام:56،58،69،77، 80،87،114،156،158،160،196، 201،216،218،221،223،226، 246،249،250،266،270،292، 304،305،306،307،308

أبو الحسن الأوّل عليه السّلام:322

أبو الحسن الثالث عليه السّلام:315

أبو الحسن الرضا عليه السّلام:78،106، 293،310،312

أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام:316

أبو الحسن الماضي عليه السّلام:243

أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام:

112،152،203،210،308

أبو الحسنين عليه السّلام:321

أبو الحسن الهاديّ عليه السّلام:316

أبو عبد اللّه عليه السّلام:14،15،17،43، 45،47،48،49،50،52،55،56، 57،59،61،72،73،74،75،78،

ص:390

79،81،82،83،84،85،86،87، 88،89،90،91،92،98،99،106، 108،109،112،118،119،121، 129،136،147،148،154،156، 157،158،160،162،164،167، 168،169،170،171،174،175، 176،178،181،186،187،190، 191،196،197،198،200،202، 203،209،210،212،213،215، 217،219،221،222،223،224، 225،227،228،229،230،231، 232،233،234،235،236،237، 238،239،240،241،242،243، 244،245،246،248،249،250، 251،252،261،262،263،264، 265،266،267،269،270،272، 274،281،282،289،291،292، 293،294،295،301،315،317

أبو عبد اللّه الحسين عليه السّلام:290،298، 308

أبو السبطين عليه السّلام 321

أبو محمّد عليه السّلام:180،288،289، 300

أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام:

288،317

أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام:316

أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام:295

إسحاق عليه السّلام:255

إسماعيل عليه السّلام:231،312

أمّ السبطين عليها السّلام:311

أمير المؤمنين عليه السّلام:118،247، 260،265،274،278،279،280، 281،282،283،284،285،305، 310،312،319

ابن الحسين عليه السّلام:297

ابن خديجة الكبرى عليها السلام:298

ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:281، 289،297

ابن عليّ عليه السّلام:297

ابن فاطمة الزهراء عليها السّلام:298

«حرف الباء»

باقر علم الأوّلين عليه السّلام:300

الباقر عليه السّلام:46،66،190

ص:391

«حرف الجيم»

جبرئيل عليه السّلام:253،274

جعفر عليه السّلام:78،215،216،236، 302

جعفر بن محمّد عليهما السّلام:110،223، 230،260،293

جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام:311، 312

جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السّلام:301

الجواد عليه السّلام:314

«حرف الحاء»

الحسن عليه السّلام:230،268،308، 311،312،319

الحسن بن عليّ عليهما السّلام:240،241، 242،300،301،311

الحسين عليه السّلام:43،44،197،221، 230،268،279،281،285،288، 289،290،291،293،294،295، 305،308،311،312،313،319

الحسين بن عليّ عليهما السّلام:251،291

«حرف الخاء»

خاتم النبيّين صلّى اللّه عليه و آله:259

خديجة الكبرى عليها السّلام:319

«حرف الراء»

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:15،17،23، 48،73،75،88،107،112،113، 164،170،175،187،190،195، 196،201،209،210،217،230، 240،249،250،252،253،254، 255،256،257،258،259،260، 261،262،264،265،266،267، 268،269،270،271،272،273، 274،275،278،279،282،285، 288،289،291،303،306،310، 317،319

الرضا عليه السّلام:109،144،148، 291،302

«حرف السين»

سليمان بن داود عليهما السّلام:282

سيّد الرسل صلّى اللّه عليه و آله:259

سيّدة نساء العالمين:288

ص:392

سيّدة النسوان:321

«حرف الصاد»

صاحب الأمر عليه السّلام:252

صاحب الزمان عليه السّلام:319

الصادق عليه السّلام:77،291،301

«حرف العين»

العبّاس عليه السّلام:299

العبد الصالح عليه السّلام:226،304

العسكريّ عليه السّلام:302

عليّ عليه السّلام(الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام):43،48،107،137،193، 198،200،215،232،243،244، 256،260،268،273،274،278، 280،281،282

عليّ عليه السّلام(الإمام الرضا عليه السّلام):

308

عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:286،288، 290،310

عليّ بن الحسين عليهما السّلام:300،311، 312

عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السّلام:316

عليّ بن محمّد النقيّ عليهما السّلام:311

عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام:311

عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السّلام:307

عليّ بن موسى عليهما السلام:270،307

عيسى روح اللّه عليه السّلام:308،312

«حرف الفاء»

فاطمة عليها السّلام:228،231،254، 275،276،288،311

فاطمة الزهراء عليها السّلام:319

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف:278

فاطمة الزهراء عليها السّلام:290

فاطمة بنت محمّد عليها السّلام:288،290

«حرف القاف»

القائم عليه السّلام:311،319

«حرف الكاف»

الكاظم عليه السّلام:304

«حرف الميم»

محمّد صلّى اللّه عليه و آله:308

ص:393

محمّد أمين اللّه صلّى اللّه عليه و آله:283

محمّد حبيب اللّه صلّى اللّه عليه و آله:312

محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله:262، 298

محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف صلّى اللّه عليه و آله:259

محمّد بن عليّ التقيّ عليهما السّلام:311

محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السّلام:

300،304

محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السّلام:314

محمّد بن عليّ باقر علم الأوّلين عليهما السّلام:

311،312

موسى عليه السّلام:231،243

موسى بن جعفر عليهما السّلام:222،304، 308،311،312،315

«حرف النون»

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:16،17،18، 21،22،28،39،42،44،56،61، 66،67،75،86،105،107،111، 120،132،133،147،151،162، 163،169،171،188،194،195، 200،202،205،206،215،216، 221،224،250،254،257،259، 260،261،262،264،267،269، 270،272،273،274،281،321

ص:394

فهرس الموضوعات

البحث الثاني عشر في لواحق هذا الباب

إذا اجتمعت أسباب مختلفة،كاللبس و تقليم الأظفار و الطيب هل يلزمه على كلّ واحد كفّارة 9

لو اتّحد الفعل 9

إذا جنّ بعد إحرامه ففعل ما يفسد به الحجّ قبل الوقوف هل يفسد حجّه؟10

الصبيّ إذا قتل صيدا هل يضمنه كالبالغ؟10

حكم قتل الصيد و الحلق و تقليم الأظفار و الوطء بشهوة 11

إذا قلنا بإفساد الحجّ فهل يجب عليه القضاء أم لا؟12

إذا أوجبنا على الصبيّ القضاء فقضى في حال بلوغه فهل يجزئه عن حجّة الإسلام؟12

لو خرجت قافلة إلى الحجّ فأغمي على واحد منهم 13

لو قبّل امرأته بعد طواف النساء 13

لو أحصر فبعث بهديه ثمّ احتاج إلى حلق رأسه لأذى قبل أن يبلغ الهدي محلّه 14

لو قلع ضرسه مع الحاجة إليه 14

في الحصر و الصدّ و الفوات

ما الحصر و الصدّ؟15

في المصدود

إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام و صار محرما 16

ص:395

إذا صدّ المشركون و لم يكن له طريق سوى ما صدّ عنه 16

مساواة الإحرام للحجّ و العمرة في جواز التحلّل مع الصدّ 16

لو كان له طريق غير موضع الصدّ 17

تحلّل المصدود بالهدي و نيّة التحلّل معا 18

لو نوى التحلّل قبل الهدي 19

هل يكون لهدي التحلّل بدل؟19

لو ساق المصدود هديا في إحرامه قبل الصدّ ثمّ صدّ،هل يكفيه هدي السياق عن هدي التحلّل 21

هل يتعيّن مكان لنحر هدي التحلّل في المصدود؟22

لو قدر على الحرم هل يجب أن يبعث هديه إليه 24

هل يختصّ النحر بزمان خاصّ في الصدّ 24

إذا صدّ عن الوصول إلى مكّة قبل الموقفين 24

لو صدّ بعد الوقوف بالموقفين و منع من العود إلى منى 24

لو صدّ بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة و السعي 25

لو تمكّن من المبيت و صدّ عن الوقوف بالموقفين 25

هل يجوز له أن يفسخ نيّة الحجّ و يجعله عمرة قبل الفوات؟25

لو طاف و سعى للقدوم ثمّ صدّ حتّى فاته الحجّ 26

إذا تحلّل وفاته الحجّ 26

إذا كان له طريق آخر غير الذي صدّ عنه 28

حكم حصر العامّ و الخاصّ و الفرق بينهما 29

حكم الحصر بالدين 30

لو كان عليه دين مؤجّل يحلّ قبل قدوم الحاجّ فمنعه صاحبه من الحجّ 30

هل يجوز التحلّل لكلّ مصدود حاجّ؟30

ص:396

هل يجوز الذبح وقت الصدّ؟30

حكم تأخير الإحلال لجواز زوال العذر 31

حكم جواز التحلّل إذا غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات 32

لو أفسد حجّه فصدّ 32

إذا شرط في ابتداء إحرامه أن يحلّ هل يسقط هدي التحلّل؟33

عدم تأثير الحجّ في سقوط القضاء إن كان الحجّ واجبا 33

هل ينبغي أن يشترط ماله فائدة؟33

لو قال في اشتراطه أنا أرفض إحرامي و أحلّ 34

أقسام العدوّ الصّادّ لأهل الحجّ 34

لو احتاج الحاجّ إلى لبس السلاح و ما يجب فيه الفدية لأجل الحرب 35

لو قتلوا نفسا و أتلفوا أموالا هل يكون عليهم ضمان؟35

لو بذل العدوّ تخلية الطريق 36

لو طلب العدوّ مالا على تخلية الطريق 36

إذا لم يجد المحصر هديا هل يتحلّل أو يبقى على إحرامه؟36

هل يصحّ أن يصدّ الحاجّ بعد دخول مكّة إذا لم يقف بالموقفين؟37

إذا تحلّل المصدود بالهدي و كان الحجّ واجبا 38

هل يتحقّق الصدّ في العمرة؟39

في المحصور

تعريف الحصر 41

ما يجب على المحصر 41

إذا بلغ الهدي محلّه هل يحلّ الحاجّ من كلّ شيء؟41

ص:397

عدم حلّيّة النساء للحاجّ حتّى يحجّ في العام القابل 44

لو وجد المحصر من نفسه خفّة بعد بعث الهدي و أمكنه اللحوق بأصحابه 45

لو أدرك أحد الموقفين في وقته 45

إذا لم يكن قد ساق هديا هل يجوز أن يبعث بثمنه ليشتروه؟46

لو ردّوا عليه الثمن و لم يكونوا وجدوا الهدي أو وجدوه و لم يشتروا له 46

من بعث بهدي تطوّعا من أفق من الآفاق 47

حكم المحصور إذا احتاج إلى حلق رأسه لأذى 49

مساواة الحاجّ و المعتمر في ذلك 49

لو كان المحصور قد أحرم بالحجّ قارنا 49

إذا ساق هديا مع إحرامه ثمّ أحصر هل يحتاج إلى هدي آخر؟50

جواز التحلّل من دون إنفاذ هدي أو ثمن هدي إذا لم يكن ساقه أو أشعره 51

إذا تمتّع رجل بالعمرة إلى الحجّ فحبسه سلطان جائر 52

البحث الثالث في حكم الفوات

حكم من لم يقف بالموقفين في وقتهما وفاته الحجّ 53

إذا فاته الحجّ هل يجوز أن يجعل حجّه عمرة مفردة؟55

حكم نيّة الاعتمار 57

استحباب المقام بمنى لمن فاته الحجّ 57

هل يجب على فائت الحجّ الهدي؟58

إذا قلنا بوجوب الهدي هل يذبحه في ذلك العام؟60

لو أخّره إلى القابل 60

إذا كان الفائت واجبا هل يجب القضاء أو تجزئه العمرة التي للتحلّل؟60

ص:398

وجوب الفائت على الفور أو التراخي؟60

حكم فوات التمتّع أو القران و الإفراد 64

العمرة التي يأتي بها للتحلّل هل تسقط وجوب العمرة التي للإسلام؟64

لو أراد فائت الحجّ البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ من قابل 65

مساواة المكّيّ و غيره في وجوب الهدي بالفوات 65

هل تفوت العمرة المفردة؟65

المقصد الخامس في أحكام النساء و العبيد و الصبيان و الأجير في الحجّ و فيه فصول

الأوّل:

وجوب الحجّ على النساء 66

هل يجوز للزوج منعها عن حجّة الإسلام؟67

هل يجوز له منعها عن حجّ التطوّع؟69

إذا أذن لها في التطوّع هل يجوز له الرجوع فيه؟69

لو أذن لها في التطوّع و تلبّست بالإحرام 69

لو لم يأذن لها في التطوّع فأحرمت بغير إذنه 69

لو كانت الحجّة حجّة الإسلام و لم تكمل شرائطها في حقّها 70

لو حلف زوجها أن لا تحجّ في العام حجّة الإسلام 70

هل يشترط وجود المحرم في وجوب الحجّ على المرأة؟71

لو نذرت الحجّ 71

حكم المطلّقة الرجعيّة 71

حكم نفقة الحضر و السفر إذا حجّت بإذنه 71

ص:399

وجوب جميع أفعال الحجّ و تروكه على المرأة إلاّ المخيط 72

حكم المستحاضة و النفساء و الحائض 73

لو تركت الإحرام نسيانا أو ظنّا منها 74

إذا دخلت المرأة مكّة متمتّعة و حاضت قبل الطواف 74

إذا بطلت متعتها هل يجب عليها إحرام آخر؟77

لو حاضت في أثناء طواف المتعة 80

إذا طافت ثلاثة أشواط ثمّ حاضت 82

إذا طافت أربعة أشواط ثمّ حاضت 83

لو حاضت بعد الطواف قبل أن تصلّي الركعتين 84

إذا طافت ثلاثة أشواط ثمّ حاضت و أدركت الطهر قبل فوات المتعة 84

لو حاضت في إحرام الحجّ و كان قبل طواف الزيارة 85

لو طافت من طواف النساء أربعة أشواط هل يجوز لها الخروج من مكّة؟85

إذا فرغت المتمتّعة من عمرتها و خافت الحيض 86

إذا كانت المرأة عليلة 87

حكم المستحاضة تطوف بالبيت 88

لو كان بها علّة تمنع من حملها و الطواف بها 89

لو كانت المرأة عليلة لا تعقل عند الإحرام 89

إذا أحرمت المرأة بالحجّ ثمّ طلّقها و وجبت عليها العدّة 90

المراد بالنهي عن الخروج للمطلّقة 92

لو نذرت المرأة الحجّ 92

ما روي عن ابن بابويه 93

ص:400

الفصل الثاني في أحكام العبيد و الصبيان و الكفّارة في الحجّ

هل الحجّ واجب على العبيد؟94

حكم من انعتق بعضه و هاياه مولاه على أيّام معيّنة 94

حكم إحرام الصبيّ و العبد 95

لو بلغ الصبيّ و أعتق العبد 95

هل يجب الحجّ على الكافر و هل يصحّ منه 96

لو أسلم قبل فوات الوقوف 96

حكم المخالف إذا حجّ ثمّ استبصر 97

استحباب إعادته ندبا 98

حكم باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها 99

ما روي عن ابن بابويه في حجّ المخالف 100

لو شهد السكران المناسك حال سكره 101

الفصل الثالث في حجّ النائب

عدم جواز الاستنابة للحجّ الواجب إذا تمكّن بنفسه 102

أقسام حجّ التطوّع و الاستنابة فيه 102

لو كان عاجزا عجزا يرجى زواله 104

لو كان عاجزا عن الحجّ الواجب و أمكنه إقامة غيره 104

هل يصحّ الاستئجار للحجّ و هل تبرأ ذمّة من استأجره إذا كان ميّتا أو ممنوعا؟105

ما يشترط في النائب 106

استنابة الرجل عن المرأة و بالعكس 107

ص:401

لو كانت المرأة أجنبيّة أو من أقارب الرجل 108

حكم الصرورة في الاستنابة 109

من فقد الاستطاعة هل يجوز له أن يحجّ عن غيره؟110

من فقد الاستطاعة و هو صرورة و تمكّن من الحجّ تطوّعا 115

لو نوى فاقد الاستطاعة حجّا منذورا عليه 116

لو كان عليه حجّة منذورة فأحرم بحجّة التطوّع 116

حكم نيابة الصبيّ و العبد المأذون له 117

حكم النيابة عن المخالف في الاعتقاد 117

اشتراط نيّة النائب عن المنوب عنه 118

ما يستحبّ أن يقول إذا أحرم عنه 118

هل يجوز الحجّ و العمرة عن حيّ؟119

في موت النائب 120

لو مات بعد الإحرام و دخول الحرم 122

لو مات قبل أن يدخل الحرم 122

لو مات بعد أن فعل ركني الإحرام و الوقوف 123

لو صدّ الأجير عن بعض الطريق 126

هل يجوز للمستأجر فسخ العقد؟126

إذا أحصر الأجير هل يجوز له التحلّل بالهدي؟127

لو لم يتحلّل و أقام على إحرامه حتّى فات الحجّ 127

لو أفسد الأجير حجّة النيابة 127

إذا فعل الأجير شيئا هل تلزمه الكفّارة به؟130

استحقاق الأجير الأجرة مع عقد الإجارة 130

سقوط الفرض عن المستأجر مع عقد الإجارة 131

ص:402

هل تفتقر الإجارة إلى تعيين محلّ الإحرام؟132

لو شرط عليه أن يحرم من قبل الميقات 134

لو عيّن له دون الميقات 134

لو استأجره ليحجّ عنه على طريق فعدل عنها 135

هل يجب على الأجير أن يأتي بالنوع الذي شرط عليه؟136

لو استأجره ليقرن فتمتّع أو أفرد 137

إذا استأجره ليأتي بنوع معيّن فأتى بغيره 138

إذا أذن له في التمتّع فتمتّع هل يجب على الأجير دم التمتّع؟139

لو استأجره للتمتّع و شرط الهدي على المستأجر 140

لو استأجره للحجّ من العراق 141

أنواع الإجارة 143

حكم الإجارة المعيّنة 143

حكم الإجارة التي في الذمّة 143

لو أمره بالاستئجار 144

إذا استأجره ليحجّ عنه و عيّن السنة 144

لو استأجره مطلقا 145

إذا أخذ الأجير حجّة عن غيره هل له أن يأخذ حجّة أخرى؟146

هل يجوز لحاضر مكّة المتمكّن من الطواف الاستنابة فيه؟146

لو كان غائبا 146

لو كان الحاضر غير متمكّن من الطواف 147

استحباب عود فاضل الأجرة عن مئونته 148

لو سلك النائب طريقا يمكنه سلوك أقرب 149

هل يشترط العلم بالعوض 150

ص:403

لو قال:أوّل من يحجّ عنّي فله مائة 150

لو قال:حجّ عنّي أو اعتمر بمائة 151

لو قال:من حجّ عنّي فله عبد أو دينار 151

إذا استأجر اثنان شخصا ليحجّ عنهما حجّة واحدة 152

إذا أحرم الأجير عن نفسه و عمّن استأجره 153

إذا استأجره ليحجّ عنه في سنة معيّنة فحصلت شرائط استطاعة و كان صرورة 153-154

لو أحرم النائب عمّن استأجره ثمّ نقل الحجّ إلى نفسه 154

إذا استأجره ليحجّ عنه فاعتمر و بالعكس 154

إذا أحصر الأجير هل يتحلّل بالهدي؟155

لو فاته الموقفان 155

إذا حجّ عن غيره و لم يكن مستطيعا 156

إذا وجد النائب بعد إتيان الحجّ عن غيره الاستطاعة 156

حكم من وجب عليه أحد النسكين لا غير 159

تعريف القران 159

استحباب أن يذكر النائب المنوب في جميع الأفعال 160

الفصل الرابع في أحكام الحجّ عن الميّت و الوصيّة بالحجّ

من تمكّن من الحجّ و لم يفعله حتّى مات 162

هل الاستئجار من الميقات أو البلد؟163

لو نهضت التركة للدين و الحجّ 165

لو كان عليه حجّة الإسلام و أخرى منذورة 166

لو نذر الحجّ مطلقا 167

ص:404

لو لم يخلف ما لا يفي بحجّة الإسلام و المنذورة معا 167

إذا صرفت التركة إلى حجّة الإسلام فهل يجب على الوليّ قضاء النذر؟167

من وجب عليه الحجّ فخرج لأدائه فمات في الطريق 168

استحباب أن يحجّ الإنسان عن أبويه ميّتين كانا أو حيّين عاجزين 169

في ثواب الحجّ عن الغير 170

البحث الثاني في أحكام الوصيّة بالحجّ

الوصيّة بالحجّ الواجب 173

حكم الوصيّة بالحجّ تطوّعا 174

لو لم يوص بحجّة الإسلام مع وجوبها عليه 174

إذا أوصى بحجّة الإسلام و لم يعيّن المقدار 175

لو مات و لم يخلّف شيئا سوى قدر ما يحجّ به عنه 176

إذا أوصى بحجّ و غيره 177

لو أوصى أن يحجّ عنه و لم يعيّن المرّات 178

لو أوصى أن يحجّ عنه كلّ سنة بشيء معلوم يقصر عنه 179

لو حصل عند إنسان مال لميّت وديعة 180

إذا أوصى أن يحجّ عنه حجّة واجبة 181

الواجب الاستئجار من الميقات،فلو أوصى أن يحجّ عنه من بلده 182

لو أوصى بحجّة تطوّع هل تخرج من الثلث؟182

إذا أوصى بالحجّ فاستؤجر شخص أو استأجره ليحجّ عنه 183

ص:405

المقصد السادس في حجّ النذر و العمرة و في زيادات الحجّ و المزار و فيه مباحث

الأوّل:

أسباب وجوب الحجّ 184

ما يشترط في حجّة النذر و العهد و اليمين 184

هل ينعقد نذر ذات البعل؟185

إذا صحّ النذر هل يلزم الإتيان بما نذره؟185

لو نذر أن يحجّ و عليه حجّة الإسلام 185

إذا نذر حجّة و أطلق 186

لو حجّ بنيّة حجّة الإسلام 187

لو نذر الحجّ ماشيا 187

ناذر المشي إذا احتاج إلى عبور نهر 188

إذا نذر المشي فركب طريقه اختيارا 188

لو عجز عن المشي 189

ما روي عن ابن بابويه في المشي 191

لو نذر الحجّ هل يمكن فعل العمرة و بالعكس؟192

البحث الثاني في العمرة

وجوب العمرة مثل الحجّ 193

هل تجزئ عمرة التمتّع عن العمرة المفردة؟196

إذا دخل مكّة بعمرة مفردة في غير أشهر الحجّ 196

ص:406

إن دخل مكّة بعمرة مفردة في أشهر الحجّ 197

من اعتمر في أشهر الحجّ عمرة التمتّع 199

استحباب أن يعتمر الإنسان في كلّ شهر مرّة 199

استحباب إتيان عمرة في كلّ عشرة مع التمكّن 201

أوقات العمرة المبتولة 202

أفضليّة العمرة الرجبيّة 202

إذا أحرم بالعمرة في آخر أيّام رجب 202

هل تكره العمرة في جميع أيّام السنة؟203

هل يجوز إدخال الحجّ على العمرة و بالعكس؟204

لو قرن بين الحجّ و العمرة 205

إذا أحرم بالحجّ و دخل مكّة هل يجوز له أن يفسخه؟205

لو أحرم بعمرة التمتّع في غير أشهر الحجّ 205

لو أحرم بعمرة فأفسدها 206

مواقيت العمرة لأهل مكّة و من كان خارجا من المواقيت 206

لو أهلّ بحجّتين أو بحجّ ثمّ أدخل عليها آخر 206-207

لو أهلّ بعمرتين أو بعمرة ثمّ أدخل عليها أخرى 207

شرائط وجوب العمرة 207

صورة العمرة 208

على من تجب عمرة المتمتّع بها و المفردة؟208

لو أحرم بالمفردة و دخل مكّة 208

لو دخل مكّة متمتّعا هل يجوز له الخروج من مكّة؟208

هل يتحلّل من المفردة بالتقصير أو الحلق؟209

حكم المتمتّع إذا فاتته عمرة المتعة 209

ص:407

حكم الحلق و التقصير في عمرتي المفردة و التمتّع 209

هل يجب في العمرة هدي؟210

لو جامع قبل السعي 210

من وجب عليه العمرة هل يجوز له أن يعتمر عن غيره؟211

البحث الثالث في الزيادات

حكم من أحدث حدثا في غير الحرم و التجأ إلى الحرم 212

حكم من أحدث في الحرم 212

هل ينبغي لأهل مكّة أن يمنعوا الحاجّ من دورها و منازلها؟213

كراهة أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة 213

حكم لقطة الحرم 214

حكم لقطة غير الحرم 215

تعريف الإبل الجلاّلات 215

كراهة الحجّ و العمرة على الإبل الجلاّلات 215

ما يستحبّ لمن حجّ على طريق العراق 215

إذا ترك الناس الحجّ 216

لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 216

مواضع كراهة الصلاة في طريق مكّة 217

استحباب إتمام الصلاة في الحرمين 217

استحباب إتمام الصلاة في مسجد الكوفة و الحائر 217

استحباب نيّة المقام عشرة أيّام 220

إجبار الناس على الحجّ و زيارة النبيّ و الإنفاق عليهم من بيت المال 221

ص:408

من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت اللّه 222

هل يجوز أن يستدين الإنسان للحجّ؟222

استحباب العزم على العود لمن انصرف من الحجّ 224

استحباب الدعاء للقادم 225

هل ينبغي للحاجّ الانتظار للحائض حتّى تقضي مناسكها؟226

افضليّة الطواف من الصلاة للمجاور 227

التشبّه بالمحرمين لأهل مكّة 227

المراد من الأيّام المعدودات و المعلومات 227

صرف المال في الحجّ أفضل أو الصدقة على ولد فاطمة؟228

حكم دخول الكعبة للنساء 228

كراهية المجاورة بمكّة 229

من أخرج شيئا من حصى المسجد 229

حكم ثياب الكعبة لمن يصل إليه 229

حكم الموسر المتمكّن في الحجّ 230

استحباب الطواف عن الرسول و الأئمّة عليهم السلام 230

براءة ذمّة من حجّ عنه و حصول ثواب عظيم للنائب 231

كراهة الخروج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلّي الظهر و العصر بها 231

حكم المسلم إذا حجّ و هو مستبصر ثمّ ارتدّ 232

حكم من عجز عن الحجّ مع وجوبه عليه 232

لو أعطي الصرورة ما يستعين به على الحجّ من الزكاة 232

هل ينبغي للمتمكّن أن يعطي من يحجّ عنه تطوّعا؟233

من أعطى غيره ما لا ليحجّ به عنه فحجّ عن نفسه 233

لو فعل ما يوجب الكفّارة 234

ص:409

لو مات الأجير في الطريق بعد الإحرام و دخول الحرم 234

لو أخذ الأجير مالا فأنفقه 235

من كان غير مختتن هل يجب عليه الاختتان؟235

حكم القران في طواف النافلة 236

استحباب أن يطوف ثمانمائة و ستّين أسبوعا 236

استحباب الشرب من ماء زمزم 236

فصول في هذا الباب

في الرجل يخرج إلى جدّة؟236

طواف المرأة بالبيت متنقّبة 237

لو نسي الإحرام و أتى بباقي المناسك 237

في المجاور بمكّة يخرج إلى أهله ثمّ يرجع بأيّ شيء يدخل؟238

في حاضري المسجد الحرام 238

جواز تقديم الطواف و السعي للحجّ 238

عن مفرد الحجّ يقدّم طوافه أو يؤخّره؟238

لو أضعفه المشي عن أداء الواجبات 240

أي شيء أحبّ إليك؟نمشي أو نركب؟241

إذا حجّ ماشيا هل ينقطع المشي برمي الجمرة؟242

أيّهما أفضل؟الحرم أو عرفة؟242

استحباب غسل يوم عرفة 242

استحباب صلاة مائة ركعة في الحرم 243

حكم النظر إلى فرج المرأة و الجارية بعد الحلق 243

حكم المملوك إذا تمتّع بإذن مولاه 244

ص:410

لو وجبت عليه بدنة واجبة في فداء 244

هل يجزئ المهزول في النسك؟245

من عقص شعره أو لبّده 245

حكم من أقام بمكّة سنتين 246

عن الحرم و أعلامه؟246

عن الوقوف بالجبل لم لم يكن في الحرم؟247

حكم الصلاة و المرأة قائمة أو جالسة بين يدي المصلّي 247

لم سمّيت بكّة بكّة؟248

عن الحطيم و لم سمّي الحطيم حطيما؟248

هل يجوز أن يأخذ من تربة ما حول البيت؟248

من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام 248

في حجّ الملوك و الأغنياء و المساكين 249

عن محرم انكسرت ساقه أيّ شيء حاله؟249

أفضليّة التسبيح بمكّة من خراج العراقين 250

حكم من ختم القرآن بمكّة 250

فيمن أحدث في المسجد الحرام أو الكعبة متعمّدا 251

مقام يوم قبل الحجّ أفضل أو يومين بعد الحجّ 252

كيفيّة حجّ رسول اللّه 252-253

يا عليّ بما أهللت؟254

من الذي كان على بدن رسول اللّه؟و من الذي حلق رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟257

ص:411

البحث الرابع في المزار و فيه فصول الأوّل:في زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بيان فضلها

في نسبه 259

في ولادته 259

في أمّه 259

في موضع قبره 259

في فضل زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 260

صفة زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 262

إذا فرغ من زيارته صلّى اللّه عليه و آله 263

إتيان مقام جبرئيل عليه السّلام و الدعاء عنده 264

استحباب وداع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عند الخروج من المدينة 264

في حرم اللّه و حرم الرسول و الكوفة 265

استحباب المجاورة بالمدينة 266

استحباب الإكثار من الصلاة في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 267

كراهية النوم في المسجد 267

صوم الحاجة في المدينة 268

حكم الصلاة و الصوم و ما ورد عند أسطوانة الأساطين 269

حكم النزول بالمعرّس 270

استحباب إتيان المساجد كلّها بالمدينة 271

استحباب الصلاة في مسجد غدير خمّ 273

ص:412

الفصل الثاني في زيارة فاطمة عليها السّلام

فضل زيارة فاطمة سلام اللّه عليها 275

في موضع قبرها 275

صفة زيارتها 276

الفصل الثالث في زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام

في نسبه و ولادته 278

فضل زيارته 279

صفة زيارته 282

إذا أردت وداعه 286

الفصل الرابع في زيارة أبي محمّد الحسن عليه السّلام

في نسبه و مولده و موضع قبره 288

فضل زيارته 288

صفة الزيارة 288-289

وداعه 289

الفصل الخامس في زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام

في نسبه و مولده و موضع قبره 290

ص:413

فضل زيارته 290

استحباب زيارته في يوم عرفة و الأعياد 292

استحباب زيارته في أوّل يوم و النصف من رجب و النصف من شعبان 293

استحباب زيارته ليلة القدر و يوم عاشوراء و الأربعين 294

استحباب زيارته في كلّ شهر 295

صفة زيارته 295

إذا أردت وداعه 298

الفصل السادس في زيارة أئمّة البقيع

في نسبهم و مولدهم و مدفنهم 300-301

فضل زيارتهم 301

صفة زيارتهم 302

إذا أردت وداعهم 303

الفصل السابع في فضل زيارة الكاظم عليه السّلام

في نسبه و مولده و موضع قبره 304

إذا أردت زيارته 305

وداعه 306

ص:414

الفصل الثامن في زيارة عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام

في نسبه و مولده و موضع قبره 307

فضل زيارته عليه السّلام 307

صفة زيارته 309

في وداعه 313

الفصل التاسع في زيارة محمّد الجواد عليه السّلام

في نسبه و مولده و موضع قبره 314

فضل زيارته 315

صفة زيارته 315

وداعه 315

الفصل العاشر في زيارة أبي الحسن عليّ بن محمّد و أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام

في نسبهما و مولدهما و موضع قبرهما 316

فضل زيارتهما 317

صفة زيارتهما 317

في وداعهما 318

ص:415

الفصل الحادى عشر في زيارة القائم عليه السّلام

صفة الزيارة 319

الزيارات المنقولة في هذا الباب 320

الفصل الثاني عشر في زيادات هذا الباب

استحباب زيارة سلمان 321

صفة زيارته 321

استحباب زيارة المؤمنين 322

صفة زيارتهم 323

لو تعذّرت الزيارة 323

زيارة الأئمّة من بعيد 323

إذا أردت زيارة الإمامين بسرّ من رأى 324

و الحمد للّه ربّ العالمين

ص:416

المجلد 14

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

الكتاب السادس

اشارة

في الجهاد و سيرة الإمام

و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

و فيه مقاصد:

المقصدالأوّل

اشارة

فيمن يجب عليه

و فيه مباحث:

ص:7

ص:8

البحثالأوّل
اشارة

في وجوب الجهاد

مسألة:لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالتوحيد و التبليغ،

نزل عليه جبرئيل عليه السلام،فقال له: اِقْرَأْ فقال:«و ما أقرأ؟»قال: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)ففزع من ذلك و خاف على نفسه،فمضى إلى خديجة رضي اللّه عنها (2)، فأخبرها الخبر و قال:«زمّلوني و دثّروني»فنزل عليه يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (3)و يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (4)(5)ثمّ نزل عليه وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (6).

رتّب اللّه تعالى له الإنذار،فأمره بتكليف أهله أوّلا،فقال: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ

ص:9


1- 1العلق(96):1. [1]
2- 2) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ القرشيّة الأسديّة أمّ المؤمنين زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أوّل امرأة تزوّجها و أوّل من أسلم،كانت تدعى في الجاهلية:الطاهرة،ولدت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ولده كلّهم قبل أن ينزل عليه الوحي:زينب و أمّ كلثوم و فاطمة و رقيّة و القاسم و الطاهر و الطيّب،أمّا القاسم و الطيّب و الطاهر فهلكوا قبل الإسلام،قيل:توفّيت قبل الهجرة بخمس سنين،و قيل:بأربع سنين،و قيل:كانت بعد أبي طالب بثلاثة أيّام،و كان موتها في رمضان و دفنت بالحجون،قيل:كان عمرها خمسا و ستّين سنة.أسد الغابة 5:438، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:279، [4]الإصابة 4:281. [5]
3- 3) المزّمّل(73):1. [6]
4- 4) المدّثّر(74):1-3. [7]
5- 5) صحيح البخاريّ 6:214-215،الدرّ المنثور 6:368، [8]أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1954. [9]
6- 6) الشعراء(26):214. [10]

وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها (1)ثمّ كلّفه إنذار العشيرة-الذين هم أعمّ من الأهل-بقوله وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (2)ثمّ عمّم التكليف بقوله: وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها (3).

ثمّ زاد التعميم بقوله: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ (4).و قال: وَ أَنْذِرِ النّاسَ (5).

فلمّا كلّفه أوّلا بإنذار العشيرة،اتّبعه عليّ و خديجة و فاطمة عليهم السلام، و جماعة على الإسلام.

و فرض اللّه تعالى الصلاة بمكّة،ثمّ أذن لهم في الهجرة،فمنهم من هاجر إلى الحبشة،و منهم من هاجر إلى المدينة،و هاجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة، ثمّ فرض اللّه تعالى الصوم بعد سنتين من الهجرة،و فرض الحجّ في السنة السادسة بقوله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (6)،و قيل:في سنة خمس (7).

و أمّا الزكاة:فقيل:أوجبها بعد الصيام،و قيل:قبله (8).

و أمّا الجهاد:فلم يؤذن له بمكّة،فلمّا هاجر،أمره اللّه تعالى في القتال لمن يبدأ به،فقال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (9).

فلمّا قويت شوكة المسلمين و كثروا،فرض اللّه تعالى الجهاد،فقال تعالى:

ص:10


1- 1طه(20):132. [1]
2- 2) الشعراء(26):214. [2]
3- 3) الأنعام(6):92. [3]
4- 4) سبأ(34):28. [4]
5- 5) إبراهيم(14):44. [5]
6- 6) البقرة(2):196. [6]
7- 7) ينظر:البحار 20:298، [7]شذرات الذهب 1:11 و 12. [8]
8- 8) شذرات الذهب 1:15.
9- 9) الحجّ(22):39. [9]

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ (1)الآية،و قد كثرت الآيات الواردة في القرآن بوجوب (2)الجهاد.

مسألة:و الجهاد من أعظم أركان الإسلام،

به يتمّ نظام العالم،و حفظ الشرائع و الأديان،و قد ورد في القرآن آيات لا تحصى كثرة دالّة على وجوب الجهاد.

روى الجمهور عن ابن مسعود،قال:سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيّ الأعمال أفضل؟قال:«الصلاة لوقتها»قلت:ثمّ أيّ؟قال:«برّ الوالدين»قلت:ثمّ أيّ؟قال:«الجهاد في سبيل اللّه تعالى» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء،فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه،و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته» (4).

و قد أجمع المسلمون كافّة على وجوب الجهاد.

ص:11


1- 1البقرة(2):216. [1]
2- 2) ح،ر و ع:لوجوب.
3- 3) صحيح البخاريّ 4:17،صحيح مسلم 1:89 الحديث 85،سنن الترمذيّ 4:310 الحديث 1898. [2]
4- 4) التهذيب 6:126 الحديث 222،الوسائل 11:14 الباب 4 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]في التهذيب:«و غيرته»مكان:«و عشيرته»،و في الوسائل:«و [4]غيرته(و عشرته)».
البحث الثاني

في فضله

و فيه ثواب كثير و أجر عظيم،قال اللّه تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (1).

و روى الجمهور عن سهل بن سعد الساعديّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و الذي نفسي بيده[غدوة] (2)في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب (4)،عن أبيه،عن جعفر،عن أبيه

ص:12


1- 1النساء(4):95. [1]
2- 2) أكثر النسخ:«لغزوة»،و في ح:«الغزوة»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) صحيح مسلم 3:1500 الحديث 1881،سنن الترمذيّ 4:180 الحديث 1648، [2]سنن ابن ماجة 2:921 الحديث 2756،سنن النسائيّ 6:15،سنن الدارميّ 2:202، [3]سنن البيهقيّ 9:38.
4- 4) وهب،قال السيّد الخوئيّ وقع بهذا العنوان في إسناد عدّة من الروايات تبلغ خمسة و [4] أربعين موردا، فقد روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جميع الموارد...و روى عنه أبو جعفر عن أبيه،و في التهذيب 6:155 الحديث 273 عن أبي جعفر،عن أبيه،عن وهب،عن حفص،عن أبيه،عن جدّه.قال:كذا في النسخة القديمة،و في نسخة أخرى منها و النسخة المخطوطة:وهب عن جعفر،عن أبيه بدل وهب عن حفص،و هو الصحيح بقرينة سائر الروايات،ثمّ قال:الظاهر أنّ وهب هذا هو:وهب بن وهب أبي-

عليهما السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ جبرئيل عليه السلام أخبرني بأمر،قرّت به عيني و فرح به قلبي،قال:يا محمّد من غزا غزوة في سبيل اللّه من أمّتك فما أصابه قطرة من السماء أو صداع،إلاّ كانت له شهادة يوم القيامة» 1.

و عن حيدرة 2،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض» 3.

و عن السكونيّ،عن جعفر 4،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فوق كلّ ذي برّ برّ حتّى يقتل في سبيل اللّه،فإذا قتل في

ص:13

سبيل اللّه فليس فوقه برّ،و فوق كلّ عقوق عقوق حتّى يقتل أحد والديه[فإذا قتل أحد والديه] (1)فليس فوقه عقوق» (2).

و عن عثمان بن مظعون،قال:قلت:يا رسول اللّه إنّ نفسي تحدّثني بالسياحة و أن ألحق بالجبال،فقال:«يا عثمان لا تفعل،فإنّ سياحة أمّتي الغزو و الجهاد» (3).

و عن أبان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الخير كلّه في السيف،و تحت ظلّ السيف،و لا يقيم الناس إلاّ السيف و السيوف مقاليد (4)الجنّة و النار» (5).

و عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للجنّة باب يقال له:باب المجاهدين يمضون إليه،فإذا هو مفتوح و هم متقلّدون بسيوفهم و الجمع في الموقف و الملائكة تزجر (6)،فمن ترك الجهاد ألبسه اللّه تعالى ذلاّ و فقرا في معيشته و محقا في دينه،إنّ اللّه عزّ و جلّ أعزّ أمّتي بسنابك (7)خيلها و مركز رماحها» (8).و الأخبار في ذلك كثيرة.

ص:14


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:122 الحديث 209،الوسائل 11:10 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 21. [1]
3- 3) التهذيب 6:122 الحديث 210،الوسائل 11:10 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 22. [2]
4- 4) المقاليد:الخزائن،و يجوز أن تكون المفاتيح.لسان العرب 3:366. [3]
5- 5) التهذيب 6:122 الحديث 211،الوسائل 11:5 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [4]
6- 6) الزجر:المنع و النهي.الصحاح 2:668. [5]
7- 7) سنبك كلّ شيء:أوّله،و السنبك:طرف الحافر و جانباه من قدم،و السنبك:ضرب من العدوّ.لسان العرب 10:444. [6]
8- 8) التهذيب 6:123 الحديث 213،الوسائل 11:5 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [7]في الوسائل:« [8]ترحب بهم»مكان:«تزجر».و في التهذيب و الوسائل:«و [9]مراكز»بدل:«و مركز».
البحث الثالث
اشارة

في كيفيّة وجوبه

و هو فرض على الكفاية،

إذا قام به البعض،سقط عن الباقين،و هو في الابتداء كفرض الأعيان يجب على الجميع،لكن يفارقه بأنّ فرض الأعيان لا يسقط بفعل البعض،بخلاف الواجب على الكفاية،فإنّ الصلاة و الصوم و الزكاة و الحجّ،لا يسقط عن أحد بفعل (1)غيره.

و غسل الميّت و الصلاة عليه،يسقط بفعل البعض،و كذا الجهاد أيضا،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامّة العلماء.

و حكي عن سعيد بن المسيّب أنّه قال:الجهاد واجب على الأعيان (2).

لنا:قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى (3).

و هو يدلّ على انتفاء الإثم عن القاعد،و لو كان واجبا عليه مع جهاد غيره، لاستحقّ الإثم.

و لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يبعث سراياه إلى الغزو و يقيم هو

ص:15


1- 1بعض النسخ:لفعل،مكان:بفعل.
2- 2) حلية العلماء 7:645،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:359 و 360، [2]الميزان الكبرى 2:178، تفسير القرطبيّ 3:38. [3]
3- 3) النساء(4):95. [4]

و أصحابه (1).

احتجّ المخالف:بقوله تعالى: اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ (2)ثمّ قال: إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (3).

و قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ (4).

و روى أبو هريرة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من مات و لم يغز و لم يحدّث نفسه بالغزو،مات على شعبة من النفاق» (5). (6)

و الجواب عن الآية من وجوه:

أحدها:ما روي عن ابن عبّاس أنّه قال:إنّها منسوخة بقوله تعالى: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (7). (8)

الثاني:يحتمل أنّه أراد حين استنفرهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى غزاة (9)تبوك،فكانت إجابتهم حينئذ واجبة،و لهذا هجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كعب بن مالك و أصحابه الذين خلّفوا حتّى تاب اللّه عليهم بعد ذلك (10).

الثالث:أنّا نقول بموجب الآية و لا دلالة فيها؛لأنّ الجهاد في الابتداء واجب

ص:16


1- 1المغني و الشرح الكبير 10:360.
2- 2) التوبة(9):41. [1]
3- 3) التوبة(9):39. [2]
4- 4) البقرة(2):216. [3]
5- 5) صحيح مسلم 3:1517 الحديث 1910،سنن أبي داود 3:10 الحديث 2502، [4]سنن النسائيّ 6: 8،سنن البيهقيّ 9:48.
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 10:360.
7- 7) التوبة(9):122. [5]
8- 8) المغني و الشرح 10:360.
9- 9) ح:غزوة،مكان:غزاة.
10- 10) المغني و الشرح الكبير 10:360.

على الأعيان؛لاستحالة تكليف غير المعيّن و عدم أولويّة المعيّن،فلم يبق إلاّ تكليف الجميع.نعم،إنّه يسقط بفعل البعض و لهذا لو لم يفعله أحد،اشتركوا بأجمعهم في العقاب،و لو لم يعمّ الوجوب لما استحقّوا بأسرهم العقاب.

و أمّا الحديث:فإنّا نقول بموجبه؛لأنّ الجهاد واجب،فمن تركه و ترك العزم عليه فعل حراما؛لأنّ العزم من أحكام الدين.

مسألة:و معنى الكفاية في الجهاد أن ينهض (1)له قوم يكفون في قتالهم،إمّا بأن يكونوا جندا معدّين للحرب و لهم أرزاق على ذلك على ما يأتي،أو يكونوا قد أعدّوا أنفسهم له تبرّعا بحيث إذا قصدهم العدوّ،حصلت المنعة بهم.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و القدر الذي يسقط به فرض الجهاد عن الباقين أن يكون على كلّ طرف من أطراف بلاد الإسلام قوم يكونون أكفاء لمن يليهم من الكفّار،و على الإمام أن يغزو بنفسه أو بسراياه في كلّ سنة دفعة حتّى لا يتعطّل الجهاد،[اللهمّ] (2)إلاّ أن يعلموا خوفا فيكثر من ذلك (3).

مسألة:كان الفرض في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الجهاد في زمان دون

زمان

و في مكان دون آخر.

أمّا الزمان:فإنّه كان جائزا في جميع السنة إلاّ في الأشهر الحرم،و هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجّة و المحرّم:لقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4).

و أمّا المكان:فإنّ الجهاد كان سائغا في جميع البقاع إلاّ الحرم،فإنّ الابتداء

ص:17


1- 1بعض النسخ:ينخفض،مكان:ينهض.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) المبسوط 2:2. [1]
4- 4) التوبة(9):5. [2]

بالقتال فيه كان محرّما؛لقوله تعالى: وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ (1).

إذا عرفت هذا:فإنّ أصحابنا قالوا:إنّ تحريم القتال في أشهر الحرم باق إلى الآن لم ينسخ في حقّ من يرى للأشهر الحرم حرمة،و أمّا من لا يرى لها حرمة فإنّه يجوز قتاله فيها.

و ذهب جماعة من الجمهور إلى أنّهما منسوختان (2)بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3). (4)و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى الطائف،فافتتحها في ذي القعدة (5).

و قال تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (6).

أمّا تحريم القتال في المسجد الحرام فإنّه منسوخ.

مسألة:لمّا نزل قوله تعالى: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها

(7)

أوجب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المهاجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام.

و اعلم أنّ الناس في الهجرة على أقسام ثلاثة:

أحدها:من تجب عليه،و هو من أسلم في بلاد الشرك و كان مستضعفا فيهم

ص:18


1- 1البقرة(2):191. [1]
2- 2) ب،ق و خا:منسوخان،مكان:منسوختان.
3- 3) التوبة(9):5. [2]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 1:321، [3]سنن البيهقيّ 9:11،تفسير القرطبيّ 2:351، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:107. [5]
5- 5) البحار 21:163 و 169. [6]
6- 6) البقرة(2):193، [7]الأنفال(8):39. [8]
7- 7) النساء(4):97. [9]

لا يمكنه إظهار دينه،و لا عذر له من مرض و غيره؛لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً (1).

الثاني:من لا تجب عليه لكن تستحبّ له المهاجرة،و هو من أسلم بين المشركين،و له عشيرة تحميه عن المشركين،و يمكنه إظهار دينه،و يكون آمنا على نفسه مع مقامه بين ظهرانيّ المشركين،كالعبّاس و عثمان (2)و لهذا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة إلى أهل مكّة عثمان؛لأنّ عشيرته كانت أقوى بمكّة،و إنّما لم تجب عليه المهاجرة؛لتمكّنه من إظهار دينه و عدم مبالاته بهم، و إنّما استحبّت له؛لأنّ فيه تكثيرا لعددهم و اختلاطا بهم.

الثالث:من لا تجب عليه و لا تستحبّ له،و هو من كان له عذر يمنعه من المهاجرة:من مرض أو ضعف أو عدم نفقة أو غير ذلك،فلا جناح عليه؛لقوله تعالى: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ (3).

و لأنّهم غير متمكّنين و كانوا بمنزلة المكرهين،فلا إثم عليهم،و لو تجدّدت له القدرة،وجبت عليه المهاجرة.

إذا ثبت هذا:فإنّ الهجرة (4)باقية ما دام الشرك باقيا؛لوجود المقتضي و هو الكفر الذي يعجز معه عن إظهار شعائر الإسلام.

و لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تنقطع الهجرة حتّى تنقطع

ص:19


1- 1النساء(4):97. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عمر،مكان:عثمان.
3- 3) النساء(4):98. [2]
4- 4) خاوق:المهاجرة،مكان:الهجرة.

التوبة،و لا تنقطع التوبة حتّى تطلع الشمس من مغربها» (1).

و أمّا ما روي عنه عليه السلام أنّه قال:«لا هجرة بعد الفتح» (2)فله تأويلان:

أحدهما:أنّه أراد لا هجرة بعد الفتح،فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح؛لأنّ الهجرة قبل الفتح كانت أفضل منها بعد الفتح.و كذا الإنفاق؛لقوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا (3).

الثاني:أنّه أراد:لا هجرة من مكّة؛لأنّها صارت دار الإسلام أبدا.

ص:20


1- 1سنن أبي داود 3:3 الحديث 2479، [1]سنن الدارميّ 2:239-240، [2]مسند أحمد 4:99، [3]المعجم الكبير للطبرانيّ 19:387 الحديث 907،سنن البيهقيّ 9:17.
2- 2) صحيح البخاريّ 4:18،سنن الترمذيّ 4:148 الحديث 1590،سنن الدارميّ 2:239،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:339 الحديث 10844.
3- 3) الحديد(57):10. [4]
البحث الرابع
اشارة

فيمن يجب عليه و شرائط وجوبه

مسألة:الذكورة شرط في وجوب الجهاد
اشارة

فلا يجب على المرأة إجماعا؛لما روت عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قالت:قلت:يا رسول اللّه هل على النساء جهاد؟فقال:«جهاد لا قتال فيه:الحجّ و العمرة» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء،فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه،و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته (2)» (3)و التفصيل في معنى الجهاد بينهما قاطع للشركة.

و لأنّها ليست من أهل القتال؛لضعفها و خورها،و لهذا لم يسهم لها من الغنيمة، و لا نعلم فيه خلافا.

فرع:

الخنثى المشكل لا يجب عليه الجهاد؛

لأنّ الذكورة شرط الوجوب،و مع الشكّ في الشرط يحصل الشكّ في المشروط،مع أنّ الأصل العدم،أمّا من التحق بالرجال

ص:21


1- 1سنن ابن ماجة 2:968 الحديث 2901،سنن البيهقيّ 4:350.
2- 2) ع:«و عشرته»و في المصدر:«و غيرته»مكان:«و عشيرته».
3- 3) التهذيب 6:126 الحديث 222،الوسائل 11:14 الباب 4 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]

فإنّه يجب عليه الجهاد؛لأنّه ذكر.

مسألة:البلوغ شرط في وجوب الجهاد،

فلا يجب على الصبيّ إجماعا.

روى ابن عمر،قال:عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة بدر (1)و أنا ابن ثلاث عشرة سنة (2)فردّني (3).

و لأنّه غير مكلّف.و لأنّه ضعيف البنية،فيسقط عنه،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:العقل شرط في الوجوب،
اشارة

فلا يجب على المجنون إجماعا؛لأنّه لا يتأتّى منه الجهاد.و لأنّه غير مكلّف،و هو وفاق.

و الحرّيّة شرط؛فلا يجب على العبد إجماعا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يبايع الحرّ على الإسلام و الجهاد،و[يبايع] (4)العبد على الإسلام دون الجهاد (5).

و لأنّه عبادة يتعلّق بها قطع مسافة،فلا تجب على العبد،كالحجّ.و كذا لا يجب على المدبّر،و أمّ الولد،و المكاتب المشروط،و من انعتق بعضه؛لعدم الشرط في حقّهم كلّهم.

أمّا الإسلام فليس شرطا عندنا؛لأنّ الكفّار مخاطبون بفروع العبادات.

ص:22


1- 1في المصادر:أحد،مكان:بدر.
2- 2) في المصادر:أربع عشر،مكان:ثلاث عشرة.
3- 3) صحيح مسلم 3:1490 الحديث 1868،سنن ابن ماجة 2:850 الحديث 2543،سنن الدارقطنيّ 4:115 الحديث 40،سنن البيهقيّ 9:21.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:المغني و الشرح الكبير 10:361،و بتفاوت،ينظر:المجموع 19:270، [1]الحاوي الكبير 14:114،العزيز شرح الوجيز 11:358.
فرع:

لو أخرج الإمام العبيد بإذن ساداتهم،

و النساء و الصبيان،جاز (1)؛لحصول النفع بهم في إتيان المياه و مداواة الجرحى،و معالجتهم و الطبخ و ما يحتاجون إليه من المداواة (2)،و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخرج معه أمّ سليم و غيرها (3).أمّا المجنون:فلا يخرجه؛لعدم الانتفاع به.

مسألة:و يسقط فرض الجهاد عن الشيخ الكبير؛

لعجزه و ضعف قوّته عن الحرب،قال اللّه تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (4).

و كذا يسقط فرض الجهاد عن الأعمى إجماعا،قال اللّه تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ (5).

و لأنّ الجهاد متعذّر عليه.

فأمّا (6)الأعور فإنّه يجب عليه؛لإمكانه منه.

و يسقط أيضا فرض الجهاد بالعرج إذا كان يمنع من المشي أو الركوب، كالزمن؛لقوله تعالى: وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ (7).

ص:23


1- 1ر و ع:لجاز.
2- 2) ب:المداراة.
3- 3) صحيح مسلم 3:1443 الحديث 1810،سنن أبي داود 3:18 الحديث 2531،سنن ابن ماجة 2: 952 الحديث 2856،سنن الترمذيّ 4:139 الحديث 1575.
4- 4) التوبة(9):91. [1]
5- 5) الفتح(48):17. [2]
6- 6) ح و خا:و أمّا.
7- 7) الفتح(48):17. [3]

و لو كان به عرج يسير يمكنه معه الركوب و المشي و إنّما يتعذّر عليه شدّة العدو؛فإنّه يجب عليه الجهاد؛لتمكّنه منه،فكان كالأعور.

و أمّا المريض فقسمان:

أحدهما:أن يكون مرضه شديدا،كالبرسام (1)و الحمّى المطبقة و أشباههما،فإنّه يسقط عنه فرض الجهاد؛لعجزه عنه،قال اللّه تعالى: وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ (2)، و قوله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى (3).

الثاني:أن يكون مرضه يسيرا،كوجع الضرس و الصداع اليسير،و حمّى يوم يتمكّن معه (4)من الجهاد،فإنّه يجب عليه؛لتمكّنه منه.

مسألة:و لو احتاج إلى نفقة و عجز عنها،

سقط عنه فرض الجهاد؛لقوله تعالى:

وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (5).

إذا ثبت هذا:فإن كانت المسافة قصيرة لا يحتاج معها إلى الحمولة،لم يجب عليه حتّى يكون له زاد و نفقة عياله في غيبته و سلاح يقاتل به،و لا يعتبر الراحلة؛ لقرب السفر.

و إن كانت المسافة طويلة،اعتبر مع ما ذكرناه وجود الراحلة؛لحاجته إليها؛ لقوله تعالى: وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (6).

ص:24


1- 1البرسام:داء معروف،و في بعض كتب الطبّ أنّه ورم حارّ يعرض للحجاب الذي بين الكبد و المعى ثمّ يتّصل بالدماغ.المصباح المنير:41. [1]
2- 2) الفتح(48):17. [2]
3- 3) التوبة(9):91. [3]
4- 4) ع،ق و خا:منه،مكان:معه.
5- 5) التوبة(9):91. [4]
6- 6) التوبة(9):92. [5]

و الضابط في إسقاط الجهاد لأجل عدم الراحلة:هو الحاجة إليها،سواء قصرت المسافة أو طالت،و الشيخ-رحمه اللّه-اعتبر مسافة التقصير (1)،و ليس بمعتمد،بل الضابط ما قلناه نحن.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الجهاد يجب على الكفاية،

فإذا قام به من فيه كفاية و غنى، سقط عن الباقين (2).و لا يجب على غيرهم إلاّ أن يعيّنه الإمام؛لاقتضاء المصلحة أو قصور القائمين عن الدفع بحيث لا يحصل الدفع إلاّ بالاجتماع،أو يعيّنه على نفسه بالنذر و شبهه أو بالاستئجار،فيجب عليه حينئذ،و لا يكفي فيه غيره.

و من تعيّن عليه الجهاد،وجب أن يخرج بنفسه أو يستأجر غيره عنه؛لحصول المقصود به.

مسألة:الجهاد قد يكون للدعاء إلى الإسلام،

و قد يكون للدفع بأن يدهم المسلمين عدوّ.

فالأوّل:لا يجوز إلاّ بإذن الإمام العادل،أو من يأمره الإمام.

و الثاني:يجب مطلقا.

و قال أحمد:يجب الأوّل مع كلّ إمام برّ و فاجر (3).

لنا:أنّ الداعي يجب أن يكون بشرائط الإمامة أو منصوبا من قبله؛لأنّه العارف بشرائط الإسلام و له الولاية المطلقة.

و ما رواه الشيخ عن أبي عمرو الزبيديّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

ص:25


1- 1المبسوط 2:5 و 6.
2- 2) يراجع:ص 15.
3- 3) المغني 10:365-366،الشرح الكبير بهامش المغني 10:366،الفروع في فقه أحمد 3:427، الإنصاف 4:119،الكافي لابن قدامة 4:219. [1]
4- 4) أبو عمرو الزبيديّ،كذا في النسخ،و هكذا عنونه الأردبيليّ في جامعه و السيّد الخوئيّ في معجمه،-

قلت له:أخبرني عن الدعاء إلى اللّه عزّ و جلّ و الجهاد في سبيله،أ هو لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم به إلاّ من كان منهم؟أو هو مباح لكلّ من وحّد اللّه تعالى و آمن برسوله صلّى اللّه عليه و آله،و من كان كذا فله أن يدعو إلى اللّه عزّ و جلّ و إلى طاعته، و أن يجاهد في سبيل اللّه؟فقال:«ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم بذلك إلاّ من كان منهم»و قال في أثناء الحديث:«و لا يكون داعيا إلى اللّه تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحقّ،و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،و لا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به،و لا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه،فمن كان قد ثبت 1فيه شرائط اللّه عزّ و جلّ التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد» 2و الحديث طويل.

و عن أبي حمزة الثماليّ،قال:قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السلام:أقبلت على الحجّ و تركت الجهاد،فوجدت الحجّ ألين عليك؟و اللّه تعالى يقول: إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ الآية فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:

ص:26

«أقرأ ما بعدها»فقرأ: اَلتّائِبُونَ... (1)الآية فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:

«إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا» (2).

و عن بشير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رأيت في المنام أنّي قلت لك:إنّ القتال مع غير الإمام المفروض طاعته حرام،مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير،فقلت:نعم هو كذلك،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«هو كذلك هو كذلك» (3).

احتجّ أحمد:بما روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«الجهاد واجب عليكم مع كلّ أمير برّا كان أو فاجرا» (4)(5).

و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ثلاث من أصل الإيمان:

الكفّ عمّن قال لا إله إلاّ اللّه،لا نكفّره بذنب و لا نخرجه من الإسلام بعمل،و الجهاد ماض منذ بعثني اللّه تعالى إلى أن يقاتل آخر أمّتي الدجّال،و الإيمان بالإنذار (6)» (7).

و لأنّ ترك الجهاد مع الفجّار يفضي إلى قطع الجهاد،و ظهور الكفّار على

ص:27


1- 1التوبة(9):111-112. [1]
2- 2) التهذيب 6:134 الحديث 225،الوسائل 11:34 الباب 12 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 6:134 الحديث 226،الوسائل 11:32 الباب 12 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
4- 4) سنن أبي داود 3:18 الحديث 2533، [4]سنن الدارقطنيّ 2:56 الحديث 6،سنن البيهقيّ 3:121 و ج 8:185.
5- 5) المغني 10:365،الشرح الكبير بهامش المغني 10:366،الكافي لابن قدامة 4:219،الفروع في فقه أحمد 3:427.
6- 6) ح و ر:«بالأبدان».و في المصدر:«بالأقدار».
7- 7) سنن أبي داود 3:18 الحديث 2532، [5]سنن البيهقيّ 9:156،كنز العمّال 15:811 الحديث 43226،مسند أبي يعلى 7:287 الحديث 4311،فيض القدير 3:293 الحديث 3434.

المسلمين،و قال اللّه تعالى: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ (1)الآية.

و الجواب عن الأوّل:أنّ أبا هريرة مطعون في حديثه؛و لهذا أدّبه عمر على كثرة حديثه (2)،فلو لم يكن في محلّ التهمة،لما فعل عمر به ذلك،على أنّا نقول:إنّ أحد نوعي الجهاد يجب مع كلّ برّ و فاجر.

و عن الثاني:أنّا نقول بموجبه،فإنّ وجوب الجهاد دائم ما دامت الشريعة،لكن وجوبها لا يخرجها عن اشتراطها بأمور أخرى.

و عن الثالث:بأنّ الجهاد للدفع عن الضرر كاف في كفّ الفجّار،على أنّ الإمام الفاجر ليس محلاّ للأمانة،فكيف يسوغ جعله رئيسا مطلقا على المسلمين كافّة، و ربّما واطأ الكفّار و حصل للمسلمين بذلك ضرر لا يمكن تداركه.

أمّا القسم الثاني من أنواع الجهاد،فإنّه يجب مطلقا،فإنّه متى دهم المسلمين- و العياذ باللّه-عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام،وجب على المسلمين كافّة النفور إليهم و دفعهم،سواء كان الداعي إلى جهادهم برّا أو فاجرا،لأنّ دفع الضرر لا يحصل إلاّ به،فيجب.

و كذا لو كان المسلم في أرض العدوّ من الكفّار ساكنا بينهم بأمان حتّى دهمهم عدوّ من المشركين و خشي على نفسه إذا تخلّف،جاز له معاونة الكفّار و مساعدتهم،و يكون قصده بذلك الدفع عن نفسه لا معاونة المشركين.

رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان،فغزا القوم الذين دخل عليهم (3)قوم آخرون،قال:

ص:28


1- 1الحجّ(22):40. [1]
2- 2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4:67-68. [2]
3- 3) ب:معهم،مكان:عليهم.

«على المسلم أن يمنع عن نفسه و يقاتل على حكم اللّه و حكم رسوله،و أمّا أن يقاتل الكفّار على حكم الجور و سنّتهم،فلا يحلّ له ذلك» (1).

و كذا من خشي على نفسه مطلقا أو ماله إذا غلب السلامة،جاز له أن يجاهد.

مسألة:من وجب عليه الجهاد،يتخيّر بين أن يخرج بنفسه و يجاهد،
اشارة

و بين أن يستأجر غيره ليجاهد عنه،و تكون الإجارة صحيحة،و لا يلزمه ردّ الأجرة،ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعيّ:لا تنعقد الإجارة،و يجب عليه ردّ الأجرة إلى صاحبها (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من جهّز غازيا،كان له مثل أجره» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب،عن جعفر،عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام سئل عن الإجعال للغزو،فقال:«لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل» (4).

و لأنّ القصد من الجهاد و هو معونة المسلمين،و حراستهم يحصل بفعله مباشرة و تسبيبا،فيتساويان.

ص:29


1- 1التهذيب 6:135 الحديث 229،الوسائل 11:20 الباب 6 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
2- 2) المجموع 15:39،فتح العزيز بهامش المجموع 12:286،مغني المحتاج 4:222،السراج الوهّاج:542،543،المغني 10:519،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:512.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:921-922 الحديث 2758 و 2759،سنن الدارميّ 2:209، [3]سنن البيهقيّ 9: 172،كنز العمّال 4:292 الحديث 10554،المعجم الكبير للطبرانيّ 5:246 الحديث 5233 و 5234.
4- 4) التهذيب 6:173 الحديث 338،الوسائل 11:22 الباب 8 [4] من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1 و ص 111 الباب 63 الحديث 2.

و لأنّها عبادة،فجاز عقد الإجارة فيها و لزم،كالحجّ،و لأنّه يجوز (1)أخذ الرزق عليها من بيت المال،فجاز أن يأخذ عليها إجارة.و لأنّه من فروض الكفايات فيجزئ عنه فعل غيره،و لأنّ الضرورة قد تدعو إلى الاستئجار،فيكون مشروعا،كغيره من الإجارات.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه يتعيّن بحضوره الصفّ للجهاد،و إذا تعيّن عليه الفرض،لم يجز له أن يفعله عن غيره،كما لو كان عليه حجّ الإسلام لا يجوز له أن يحجّ عن غيره (2).

و الجواب:المنع أوّلا من التعيين (3)،و النقض بالحجّ،فإنّه إذا حضر مكّة تعيّن عليه الإحرام،و مع هذا جاز أن يقع الإحرام المتعيّن عليه عن غيره،فكذا هنا.

فروع:
الأوّل:لو عيّنه الإمام للخروج،

لم يجز له الاستنابة؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4).

الثاني:لا يجوز لمن وجب عليه الجهاد أن يجاهد عن غيره بجعل،

فإن فعل، وقع عنه و وجب عليه ردّ الجعل إلى صاحبه؛لأنّه قد تعيّن عليه،فلا يجوز له أن ينوب عن غيره فيه،كالحجّ.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:للنائب ثواب الجهاد

و للمستأجر ثواب

ص:30


1- 1ر و ع:و لا يجوز،مكان:و لأنّه يجوز.
2- 2) المجموع 15:39،فتح العزيز بهامش المجموع 12:286،مغني المحتاج 4:222،المغني 10: 519،الشرح الكبير بهامش المغني 10:512.
3- 3) ب:التعيّن،مكان:التعيين.
4- 4) النساء(4):59. [1]

النفقة،و أمّا ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق،فليس بأجرة،بل هم يجاهدون لأنفسهم (1)،و يأخذون حقّا جعله اللّه لهم،فإن كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و أقاموا في الثغور،فهم أهل الفيء،لهم سهم من الفيء يدفع إليهم،و إن كانوا مقيمين في بلادهم يغزون إذا خفّوا (2)،فهؤلاء أهل الصدقات يدفع إليهم سهم (3)منها (4).

الرابع:يستحبّ إعانة المجاهدين و مساعدتهم،

ففيها فضل كثير من السلطان و العوامّ (5)و كلّ واحد،و يستحقّون بها الثواب؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال:«من جهّز غازيا أو حاجّا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره» (6).

و عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من بلّغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه» (7).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الجهاد واجب على الكفاية ،و يتعيّن على المكلّف بأمور:

(8)

أحدها:تعيين الإمام.

الثاني:النذر و شبهه.

الثالث:الاستئجار.

الرابع:عدم الاكتفاء بغيره.

ص:31


1- 1كثير من النسخ:بأنفسهم.
2- 2) ق:إذا خفقوا،و في المصدر:إذا خيفوا،قال في المصباح المنير:175:خفّ إلى العدوّ:أسرع.
3- 3) كثير من النسخ:سهمهم.
4- 4) المبسوط 2:7. [1]
5- 5) آل و ب:القوّام،مكان:العوامّ.
6- 6) المعجم الكبير للطبرانيّ 5:255 و 256 الحديث 5267 و 5271 بتفاوت يسير.
7- 7) الكافي 5:8 الحديث 9، [2]التهذيب 6:123 الحديث 214،الوسائل 11:13 الباب 3 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [3]
8- 8) يراجع:ص 15. [4]

الخامس:إذا التقى الزحفان و تقابل الفئتان.

أمّا الأوّل:فلأنّ الإمام إذا استنفر قوما،وجب عليهم النفور معه؛لقوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ (1)إلى آخره.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا استنفرتم فانفروا» (2).

و أمّا الثاني:فلما يأتي من وجوب ما يتعلّق به النذر من الطاعات.

و أمّا الثالث:فلأنّ عقد الإجارة لازم على ما تقدّم (3).

و أمّا الرابع:فإنّا بيّنّا معنى وجوب الكفاية (4)و أنّه متى قام به من في قيامه غنى،سقط عن الباقين،و إلاّ لم يسقط.

و أمّا الخامس:فلقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (5).

و قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (6)الآية.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الإعسار يسقط فرض الجهاد ،

(7)

فلو بذل له ما يحتاج إليه، وجب عليه الجهاد حينئذ؛لأنّه بالبذل متمكّن،كالحجّ إذا بذل للمعسر كفايته فيه،

ص:32


1- 1التوبة(9):38. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 4:18،28 و 92،صحيح مسلم 3:1487 الحديث 1353،سنن أبي داود 3:3 الحديث 2480، [2]سنن ابن ماجة 2:926 الحديث 2773،سنن الترمذيّ 4:148 الحديث 1590، سنن النسائيّ 7:146،مسند أحمد 1:226،316 و 355،سنن البيهقيّ 9:16 و 17،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:339 الحديث 10844 و ج 11:26 الحديث 10944.
3- 3) يراجع:ص 28-30. [3]
4- 4) يراجع:ص 15.
5- 5) الأنفال(8):45. [4]
6- 6) الأنفال(8):15. [5]
7- 7) يراجع:ص 24. [6]

فإنّه يجب عليه؛لأنّه تمكّن بالبذل،كذا هنا،و لو كان على سبيل الأجرة،لم يجب؛ لأنّ وجوب الجهاد مشروط باليسار،و لا يجب على المكلّف تحصيل شرط الوجوب،كالنصاب في الزكاة،و لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا فهل يجب عليه إقامة غيره أم لا؟فيه قولان:

أحدهما:الوجوب،كالحجّ (1).

و الثاني:السقوط؛لعدم المكنة (2).و الأقرب:الاستحباب.

و لو كان قادرا فجهّز غيره،سقط عنه فرض الجهاد ما لم يتعيّن عليه.

ص:33


1- 1قال به الشيخ في النهاية:289،و ابن إدريس في السرائر:156،و ابن البرّاج في المهذّب 1: 298.
2- 2) و هو ظاهر أبي الصلاح في الكافي في الفقه:246 [1] فإنّه قال:فإن كان ذو العذر غنيّا،فعليه معونة المجاهدين بماله في الخيل و السلاح و الظهر و الزاد و سدّ الثغر.
البحث الخامس
اشارة

في اشتراط إذن الأبوين و صاحب الدين

مسألة:من عليه دين لم يخل حاله من أمرين:
اشارة

أحدهما:أن يكون الدين حالاّ، و الآخر أن يكون مؤجّلا.

فإن كان حالاّ فلا يخلو إمّا أن يكون متمكّنا من أدائه أو لا يكون،فإن كان متمكّنا منه،لم يجز له الخروج إلى الجهاد إلاّ بإذن صاحب الدين إلاّ أن يترك وفاء، أو يقيم به كفيلا يرتضي (1)به،أو يوثقه برهن.

و إن لم يكن متمكّنا منه،هل يجوز له أن يخرج بغير إذن صاحب الدين أم لا؟ قال قوم:نعم،له ذلك (2)،و به قال مالك (3).

و قال الشافعيّ (4)،و أحمد بن حنبل:ليس له ذلك،و لصاحب الدين منعه من الغزو (5).و الأوّل أقرب.

لنا:أنّه لا يتوجّه له المطالبة به و لا حبسه من أجله،فلم يمنع من الغزو،كما لو

ص:34


1- 1ع:فيرتضى.
2- 2) العزيز شرح الوجيز 11:358.
3- 3) بداية المجتهد 1:381،المغني 10:378،الشرح الكبير بهامش المغني 10:376.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:293،المجموع 19:274،فتح العزيز بهامش المجموع 10:215،المغني 10:378،الشرح الكبير بهامش المغني 10:376.
5- 5) المغني 10:378،الشرح الكبير بهامش المغني 10:376،الكافي لابن قدامة 4:201،الإنصاف 4:122.

لم يكن عليه دين.

احتجّوا:بأنّ الجهاد يقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحقّ بفواتها (1).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ رجلا جاء إليه،فقال:يا رسول اللّه إن قتلت في سبيل اللّه صابرا محتسبا يكفّر عنّي خطاياي؟قال:«نعم،إلاّ الدّين،فإنّ جبرئيل عليه السلام قال لي ذلك» (2).

و الجواب:أنّ الشهادة غير معلومة و لا مظنونة،فلا يترك لأجلها ما هو أعظم أركان الإسلام.

و الرواية نحن نقول بموجبها؛لأنّ من فرّط في قضاء الدين،لا يسقط دينه بالجهاد و القتل في سبيل اللّه،و يدلّ على التفريط أنّه استثناه من الخطايا،و لا ريب أنّ تأخير الدين للمعسر ليس بخطيئة.

أمّا الدين المؤجّل،فهل لصاحبه منعه منه أم لا؟قال مالك:ليس له المنع (3).

و قال الشافعيّ (4)و أحمد:له المنع (5).و الاحتجاج من الفريقين ما تقدّم، و الوجه:ما قاله مالك.

ص:35


1- 1المغني 10:378،الشرح الكبير بهامش المغني 10:377.
2- 2) صحيح مسلم 3:1501 الحديث 1885،سنن الترمذيّ 4:212 الحديث 1712، [1]سنن النسائيّ 6: 34،الموطّأ 2:461 الحديث 31، [2]كنز العمّال 4:404 الحديث 11129.
3- 3) المغني 10:378.
4- 4) حلية العلماء 7:646،المجموع 19:275،فتح العزيز بهامش المجموع 10:215-216،مغني المحتاج 4:217.
5- 5) المغني 4:549 و ج 10:378،الشرح الكبير بهامش المغني 4:494 و 495 و ج 10:376، الفروع في فقه أحمد 2:437.
فروع:
الأوّل:لو تعيّن على المدين الجهاد،

وجب عليه الخروج فيه،سواء كان الدين حالاّ أو مؤجّلا،موسرا كان أو معسرا،أذن له غريمه أو لم يأذن،لأنّ الجهاد تعلّق بعينه،فكان مقدّما على ما في ذمّته،كسائر فروض الأعيان.

الثاني:لو ترك وفاء أو أقام كفيلا مليّا،

جاز له الغزو،سواء أذن له صاحب الدين أو لم يأذن؛لأنّ المانع-و هو فوات الدين-زائل هنا.و لأنّ عبد اللّه بن حرام 1أبا جابر بن عبد اللّه خرج إلى أحد و عليه دين كثير،فاستشهد،فقضاه عنه ابنه جابر بعلم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لم يذمّه،و لم ينكر فعله بل مدحه و قال:

«ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه» 2.

الثالث:إذا تعيّن عليه الجهاد،جاز له الخروج مطلقا

على ما بيّنّاه،لكن يستحبّ له أن لا يتعرّض لمظانّ القتل،بأن يبارز أو يقف في أوّل المقاتلة؛لما فيه من التغرير 3بفوات الحقّ.

مسألة:من له أبوان مسلمان لم يجاهد طوعا إلاّ بإذنهما،

و لهما منعه،و به قال

ص:36

أهل العلم كافّة.

روى ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أجاهد؟فقال:«أ لك أبوان؟»قال:نعم،قال:

«ففيهما فجاهد» (1).

و في رواية:جئت أبايعك على الهجرة و تركت أبويّ يبكيان،قال:«ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» (2).

و عن أبي سعيد أنّ رجلا هاجر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل لك باليمن أحد؟»قال:نعم،أبواي،قال:«أذنا لك؟»قال:لا،قال:«فارجع فاستأذنهما،فإن أذنا لك فجاهد،و إلاّ فبرّهما» (3).

و لأنّ طاعة الأبوين فرض عين،و الجهاد فرض كفاية،و فرض العين مقدّم على فرض الكفاية.

مسألة:لو كانا كافرين،جاز له مخالفتهما

و الخروج إلى الجهاد مع كراهيتهما، و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد بن حنبل (5).

و قال الثوريّ:لا يغزو إلاّ بإذنهما (6).

ص:37


1- 1صحيح البخاريّ 4:71 و ج 8:3،سنن أبي داود 3:17 الحديث 2529،سنن الترمذيّ 4:191 الحديث 1671، [1]سنن البيهقيّ 9:25.
2- 2) سنن أبي داود 3:17 الحديث 2528، [2]سنن النسائيّ 7:143،مسند أحمد 2:160، [3]المستدرك للحاكم 4:152،سنن البيهقيّ 9:26.
3- 3) المستدرك للحاكم 2:103،مسند أحمد 3:75-76، [4]سنن البيهقيّ 9:26،كنز العمّال 16:477 الحديث 45533.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:293،المجموع 19:276، [5]المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378.
5- 5) المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378،الكافي لابن قدامة 4:201.
6- 6) المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخرج معه من الصحابة إلى الجهاد من كان له أبوان كافران،من غير استئذان،كأبي بكر و غيره.

و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة (1)،كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر، و أبوه كان رئيس المشركين يومئذ قتل ببدر،و أبو عبيدة قتل أباه في الجهاد (2).

و لأنّهما كافران،فلا ولاية لهما على المسلم.و لأنّه يسوغ له قتلهما،فترك قبول قولهما أولى.

احتجّ الثوريّ:بعموم الأخبار (3).

و الجواب:ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما و يخصّص (4)العامّ.

مسألة:و لو كان الجهاد متعيّنا عليه بأحد أسباب التعيين السابقة،
اشارة

(5)

وجب عليه الخروج من غير إذن أبويه المسلمين،و لو منعاه،لم يجز له التخلّف،و لا يجوز لهما منعه.

و كذا كلّ الفرائض ليس لهما منعه منه؛لأنّه فرض عين،و كان (6)تركه معصية، و لا طاعة لأحد في معصية اللّه تعالى.

و كذا باقي الفرائض،كالحجّ و الجمعة مع الشرائط؛لقوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى

ص:38


1- 1أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ،هاجر إلى أرض الحبشة و إلى المدينة و شهد بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد كلّها،و قتل يوم اليمامة شهيدا و هو ابن ثلاث أو أربع و خمسين سنة و قيل:ابن ستّ و خمسين سنة. أسد الغابة 5:170، [1]الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 4:39، [3]الإصابة 4:42. [4]
2- 2) المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378،تفسير القرطبيّ 17:307، [5]المغازي للواقديّ 1:70. [6]
3- 3) المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378.
4- 4) روح:فيخصّص.
5- 5) بعض النسخ:بإحدى.
6- 6) ب،خاوق:فكان.

اَلنّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1)و لم يشترط إذنهما،و لا نعرف في ذلك خلافا.

فروع:
الأوّل:حكم أحد الأبوين حكمهما معا؛

لأنّ طاعة كلّ واحد منهما فرض،كما أنّ طاعتهما فرض.

الثاني:لو كان أبواه رقيقين،

فعموم كلام الشيخ-رحمه اللّه (2)-يقتضي أنّ لهما المنع،كالحرّين؛عملا بالعموم،و لأنّهما أبوان مسلمان،فكانا كالحرّين.

و قيل:لا اعتبار بإذنهما؛لأنّه لا ولاية لهما (3).

الثالث:لو كانا مجنونين،

لم يكن لهما (4)اعتبار و لا إذن لهما؛لعدم إمكان استئذانهما.

الرابع:لو سافر لطلب العلم أو التجارة،

استحبّ له استئذانهما و أن لا يخرج من دون إذنهما،و لو منعاه،لم يحرم عليه مخالفتهما.و فارق الجهاد؛لأنّ الغالب فيه الهلاك،و هذا الغالب فيه السلامة.

مسألة:لو خرج في جهاد تطوّعا بإذنهما،

فمنعاه منه بعد سيره (5)و قبل وجوبه، كان عليه أن يرجع؛لأنّ لهما منعه في الابتداء،فكذا في الأثناء،كسائر الموانع،إلاّ أن يخاف على نفسه في الرجوع،أو يحدث له عذر من مرض أو ذهاب نفقة،أو

ص:39


1- 1آل عمران(3):97. [1]
2- 2) المبسوط 2:6.
3- 3) المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378.
4- 4) ع و ر:بهما.
5- 5) ع:مسيره،مكان:سيره.

نحو ذلك،فإنّه إن أمكنته الإقامة في الطريق و إلاّ مضى مع الجيش،فإذا حضر الصفّ،تعيّن عليه بحضوره و لم يبق لهما إذن،و لو رجعا في الإذن بعد وجوبه عليه و تعيّنه،لم يؤثّر رجوعهما.

و لو كانا كافرين فأسلما و منعاه،فإن كان بعد وجوبه و تعيّنه عليه لم يعتدّ بمنعهما،و إن كان قبله،وجب عليه الرجوع مع المكنة.و كذا البحث في الغريم (1)إذا أذن للمدين في الجهاد ثمّ رجع عن الإذن.

و لو أذن له والداه في الغزو و شرطا عليه أن لا يقاتل فحضر القتال،تعيّن عليه و لم يعتدّ بشرطهما؛لأنّه صار واجبا عليه،فلا طاعة لهما في تركه،و لو خرج بغير إذنهما فحضر القتال ثمّ بدا له الرجوع،لم يجز له ذلك.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا جهاد على العبد،

فإن أذن له مولاه،صحّ،و إلاّ لم يجز، و لو أذن ثمّ رجع عن الإذن،كان حكمه حكم رجوع الأبوين،و قد سلف (2).

و المرأة لا جهاد عليها و يجوز لها أن تخرج لمعونة المسلمين-على ما قلناه- بشرط إذن الزوج لها في ذلك،و قد سلف (3).

مسألة:لو خرج إلى الجهاد و لا عذر له،

فتجدّد العذر،فإن كان قبل أن يلتقي الزحفان كان كوجوده قبل خروجه،إن كان العذر في نفسه،كالمرض و شبهه،تخيّر في الرجوع و المضيّ،و إن كان في غيره،مثل أن يرجع صاحب الدين الحالّ في إذنه،و الأبوان فيه،أو يسلم الأبوان ثمّ يمنعانه،فيجب عليه الرجوع،إلاّ أن يخاف على نفسه.

و إن حدث بعد التقاء الزحفين،فإن كان العذر في نفسه قال الشيخ-رحمه اللّه

ص:40


1- 1الغريم:المدين و صاحب الدين،و الجمع:الغرماء.المصباح المنير:446.
2- 2) يراجع:ص 22.
3- 3) يراجع:ص 23.

كان له الانصراف (1).و هو أحد قولي الشافعيّ؛لأنّه لا يمكنه القتال،فكان له الانصراف.

و قال في الآخر:ليس له الانصراف؛لأنّه كان مخيّرا قبل التقاء الزحفين، فوجب أن يتعيّن بعد التقاء الزحفين و لا جامع هنا (2).

و لو كان العذر في غيره،كرجوع الغريم و الأبوين قال الشيخ-رحمه اللّه-:

ليس له الرجوع؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (3). (4)

و لأنّ رجوعه ربّما كان فيه كسر المسلمين،فلا يجوز له الرجوع،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و قال في الآخر:له الرجوع؛لأنّ الثبات فرض و حقّ الغريم فرض و هو السابق،فكان أولى (5).

و ليس بجيّد؛لأنّ الغريم أسقط حقّه من المنع.

مسألة:و يستحبّ له أن يتجنّب قتل أبيه المشرك؛

(6)

لقوله تعالى: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً (7).

ص:41


1- 1المبسوط 2:6. [1]
2- 2) الأمّ 4:163،حلية العلماء 7:645،المجموع 19:276، [2]الميزان الكبرى 2:178،روضة الطالبين:1790.
3- 3) الأنفال(8):45. [3]
4- 4) المبسوط 2:6. [4]
5- 5) الأمّ 4:164،حلية العلماء 7:645،المهذّب للشيرازيّ 2:294،المجموع 19:276،مغني المحتاج 4:218.
6- 6) ر:أخيه.
7- 7) لقمان(31):15. [5]

و كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه،و يجوز له قتله (1).

و لو ظهر منه ما لا يجوز الصبر عليه،جاز قتله،كسبّ اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام،فقد (2)روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه حين سمعه (3)سبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لم قتلته؟»قال:سمعته يسبّك،فسكت عنه (4).

ص:42


1- 1سنن البيهقيّ 8:186،المغازي للواقديّ 1:70،المغني 10:376،الشرح الكبير بهامش المغني 10:378.
2- 2) ب و ع:و قد.
3- 3) ب:رآه،مكان:سمعه.
4- 4) سنن البيهقيّ 9:27،تفسير القرطبيّ 17:307، [1]التفسير الكبير 30:276. [2]
البحث السادس
اشارة

في الرباط

مسألة:الرباط فيه فضل كثير و ثواب جزيل،

و معناه:الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين،و أصله:من رباط الخيل؛لأنّ هؤلاء يربطون خيولهم كلّ قوم بعد آخرين،فسمّي المقام بالثغر رباطا،و إن لم يكن خيل،و فضله متّفق عليه.

روى سلمان-رحمه اللّه-قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«رباط ليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر و قيامه،فإن مات،جرى عليه عمله الذي كان يعمل،و أجري عليه رزقه،و أمن الفتّان» (1).

و عن فضالة بن عبيد (2)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ ميّت يختم على عمله،إلاّ المرابط في سبيل اللّه،فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة و يؤمن من فتّان القبر» (3).

مسألة:و للرباط طرفان في القلّة و الكثرة،

فطرف القلّة ثلاثة أيّام،و طرف

ص:43


1- 1صحيح مسلم 3:1520 الحديث 1913،سنن الترمذيّ 4:188 الحديث 1665، [1]سنن النسائيّ 6: 39،سنن البيهقيّ 9:38،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:266 الحديث 1677 و ص 267 الحديث 6178،المغني 10:370،الشرح الكبير بهامش المغني 10:369.
2- 2) كثير من النسخ بزيادة:قال.
3- 3) سنن أبي داود 3:9 الحديث 2500، [2]سنن الترمذيّ 4:165 الحديث 1621، [3]مسند أحمد 6:20، [4]المستدرك للحاكم 2:79،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:312 الحديث 803،كنز العمّال 4:303 الحديث 10613،المغني 10:370،الشرح الكبير بهامش المغني 10:369.

الكثرة أربعون يوما،فإن جاز الأربعين،كان جهادا،و ثوابه ثواب المجاهدين، و لم يكن رباطا.

أمّا طرف القلّة فاختاره الشيخ-رحمه اللّه- (1)و هو قول علمائنا.

و قال أحمد:لا طرف له في القلّة (2).

لنا:أنّ مفهومه إنّما يصدق بثلاثة أيّام غالبا،فإنّ المجتاز في الثغر أو من أقام به ساعة مثلا لا يقال له في العرف:إنّه مرابط.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قال:«الرباط ثلاثة أيّام و أكثره أربعون يوما،فإذا جاز ذلك فهو جهاد» (3).

و أمّا طرف الكثرة فمتّفق عليه؛لما قلناه من حديث زرارة و محمّد بن مسلم عنهما عليهما السلام.

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«تمام الرباط أربعون يوما» (4).

مسألة:و إنّما تستحبّ المرابطة استحبابا مؤكّدا في حال ظهور الإمام

عليه السلام،

أمّا في حال غيبته فإنّها مستحبّة أيضا استحبابا غير مؤكّد؛لأنّها

ص:44


1- 1النهاية:290.
2- 2) المغني 10:370،الشرح الكبير بهامش المغني 10:369،الكافي لابن قدامة 4:203،الفروع في فقه أحمد 3:431،الإنصاف 4:120،زاد المستقنع:36.
3- 3) التهذيب 6:125 الحديث 218،الوسائل 11:19 الباب 6 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
4- 4) المصنّف لابن أبي شيبة 4:584 الحديث 152 و 153،كنز العمّال 4:284 الحديث 10514 و ج 8:531 الحديث 24014،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:133 الحديث 7606،مجمع الزوائد 5: 290،المصنّف لعبد الرزّاق 5:280 الحديث 9614 و 9615،فيض القدير 3:267 الحديث 3361.

لا تتضمّن (1)قتالا،بل حفظا و إعلاما،و كانت (2)مشروعة حال الغيبة.

و أفضل الرباط المقام بأشدّ الثغور خوفا؛لشدّة الحاجة هناك و كثرة النفع بمقامه به.

و كلّ موضع معقل (3)للمسلمين يستحبّ للرجل أن يقيم به و بأهله.

روى الشيخ عن يونس،عن أبي الحسن عليه السلام في حديث،قال:«فليرابط و لا يقاتل»قلت:مثل قزوين و عسقلان و الديلم و ما أشبه هذه الثغور؟قال:

«نعم» (4).

و روى الجمهور عن الأوزاعيّ،قال:أتيت المدينة فسألت من فيها من العلماء؟ فقيل:محمّد بن المنكدر (5)،و محمّد بن كعب القرظيّ (6)،و محمّد بن عليّ 7بن

ص:45


1- 1ح،ق،خا و آل:تضمن.
2- 2) خا،ق و ب:فكانت.
3- 3) المعاقل:الحصون،واحدها معقل.النهاية لابن الأثير 3:281. [1]
4- 4) التهذيب 6:125 الحديث 219،الوسائل 11:19 الباب 6 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
5- 5) محمّد بن المنكدر بن عبد اللّه بن الهدير بن عبد العزّى...أبو عبد اللّه،و قيل:أبو بكر،أحد الأئمّة الأعلام، [3]روى عن أبيه و عمّه ربيعة و أبي هريرة و عائشة و أبي أيّوب...و روى عنه ابناه يوسف و المنكدر و ابن أخيه عبد الرحمن و غيرهم.مات سنة 130 ه. تهذيب التهذيب 9:473، [4]الجرح و التعديل 8:97،الأعلام للزركليّ 7:112. [5]
6- 6) محمّد بن كعب بن سليم بن أسد القرظيّ أبو حمزة،و قيل:أبو عبد اللّه،الكوفيّ المولد و المنشأ،ثمّ المدنيّ،روى مرسلا عن العبّاس بن عبد المطّلب و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و ابن مسعود و عمرو بن العاص و أبي ذرّ و أبي الدرداء،و روى مسندا عن فضالة بن عبيد و أبي هريرة و زيد بن أرقم و غيرهم.و روى عنه أخوه عثمان و الحكم بن عتيبة و محمّد بن المنكدر،و كان من فضلاء أهل المدينة.مات سنة 108 و قيل:117 ه. تهذيب التهذيب 9:420، [6]الجرح و التعديل 8:67،العبر 1:102 و ص 112. [7]

عبد اللّه بن العبّاس،و محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الباقر عليهم السلام،فقلت:و اللّه لأبد أنّ به قبلهم،فدخلت إليه فأخذ بيدي و قال:«من أيّ إخواننا أنت؟»قلت:من أهل الشام،قال:«من أيّهم؟»قلت:من أهل دمشق،قال:

«حدّثني أبي عن جدّي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:يكون للمسلمين ثلاث معاقل:فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكيّة دمشق، و معقلهم من الدجّال بيت المقدس،و معقلهم من يأجوج و مأجوج طور سيناء» 1.

إذا ثبت هذا:فإن رابط حال ظهور الإمام بإذنه و سوّغ له القتال،جاز له ذلك، و إن كان مستترا أو لم يسوّغ له المقاتلة،لم يجز له القتال ابتداءً،بل يحفظ 2الكفّار من الدخول إلى بلاد الإسلام و يعلم المسلمين بأحوالهم و إرادة دخولهم إليهم إن أرادوا ذلك،و لا يبدؤهم بالقتال،فإن قاتلوه،جاز له قتالهم،و يقصد بذلك الدفع عن نفسه و عن الإسلام،و لا يقصد به الجهاد.

مسألة:يكره له نقل الأهل و الذرّيّة إلى الثغور المخوفة؛

لجواز استيلاء الكفّار عليهم،و ظفر العدوّ بالذراريّ و النسوان مع ضعفهم عن الهرب و الحرب لو احتاجوا إليهما.

و لو عجز عن المرابطة بنفسه،فرابط فرسه،أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين،كان له في ذلك ثواب عظيم.

و ينبغي لأهل الثغور أن يجتمعوا في المساجد للصلوات؛لأنّه ربّما جاء هم

ص:46

الكفّار دفعة فخافوا بسبب كثرتهم.

و يستحبّ الحرس في سبيل اللّه،قال ابن عبّاس:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«عينان لا تمسّهما النار:عين بكت من خشية اللّه،و عين باتت تحرس في سبيل اللّه» (1).

و قال عليه السلام:«حرس ليلة في سبيل اللّه،أفضل من ألف ليلة قيام ليلها و صيام نهارها» (2).

و عن سهل بن الحنظليّة (3)أنّهم ساروا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين فأطنبوا السير حتّى كان عشيّة...قال:«من يحرسنا الليلة؟»قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ (4):أنا يا رسول اللّه قال:«فاركب»فركب فرسا له،و جاء (5)إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:«استقبل هذا الشعب حتّى تكون في أعلاه و لا نغرّنّ من قبلك الليلة»فلمّا أصبحنا جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى مصلاّه

ص:47


1- 1سنن الترمذيّ 4:175 الحديث 1639، [1]كنز العمّال 3:141 الحديث 5877،مجمع الزوائد 5: 288،فيض القدير 4:368 الحديث 5647.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:925 الحديث 2770،المستدرك للحاكم 2:81،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:91 الحديث 145،فيض القدير 3:379 الحديث 3697.
3- 3) سهل بن الحنظليّة،و الحنظليّة أمّه،و قيل:هي أمّ جدّه،و اسم أبيه:الربيع بن عمرو بن مالك بن الأوس...و قيل غير ذلك،كان ممّن بايع تحت الشجرة و شهد أحدا و ما بعدها ثمّ تحوّل إلى الشام حتّى مات بها،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه أبو كبشة السّلوليّ و القاسم بن عبد الرحمن و يزيد بن أبي مريم الشاميّ،مات في أوّل خلافة معاوية. أسد الغابة 2:364، [2]الإصابة 2:86، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 2:95. [5]
4- 4) أنس بن أبي مرثد الغنويّ الأنصاريّ يكنّى أبا يزيد،و أبو مرثد اسمه كنّاز بن الحصين،و قال البخاريّ:يقال:أنيس بن أبي مرثد الأنصاريّ،ثمّ قال:سمع أبا سلام...حدّثني السّلوليّ هو أبو كبشة عن سهل بن الحنظليّة أنّهم ساروا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:من يحرسنا؟قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ:أنا التاريخ الكبير للبخاريّ 1:30 الرقم 1584،أسد الغابة 1:129، [6]الإصابة 1:73. [7]
5- 5) ح:فجاء.

فركع ركعتين ثمّ قال:«هل أحسستم فارسكم؟»قالوا:لا،فنودي (1)بالصلاة، فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي و هو يلتفت إلى الشعب حتّى إذا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاته و سلّم قال:«أبشروا قد جاءكم فارسكم»...فإذا هو قد جاء حتّى وقف على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:

إنّي انطلقت حتّى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا أصبحت اطّلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل نزلت الليلة؟»قال:لا،إلاّ مصلّيا أو قاضي حاجة،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قد أوجبت،فلا عليك أن لا تعمل بعدها» (2).

مسألة:لو نذر المرابطة،

وجب عليه الوفاء به،سواء كان الإمام ظاهرا أو مستترا؛لأنّه طاعة قد نذرها،فيجب عليه الوفاء به،كغيره من الطاعات،غير أنّه لا يبدأ العدوّ بالقتال و لا يجاهدهم إلاّ على وجه الدفع عن الإسلام و النفس،لأنّ البدأة بالقتال إنّما تجوز مع إذن الإمام؛لقول أبي[الحسن] (3)عليه السّلام:«يرابط و لا يقاتل،فإن خاف على بيضة الإسلام و المسلمين قاتل،فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان،لأنّ في درس الإسلام درس ذكر محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (4).

إذا عرفت هذا:فلو نذر أن يصرف شيئا من ماله إلى المرابطين في حال ظهور الإمام،وجب عليه الوفاء به،و إن كان في حال استتاره،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجب الوفاء بالنذر،بل يصرفه في وجوه البرّ (5).و قال ابن إدريس:يجب عليه

ص:48


1- 1في المصدر:فثوّب،مكان:فنودي.
2- 2) سنن أبي داود 3:9 الحديث 2501، [1]سنن البيهقيّ 9:149،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:96 الحديث 5619،كنز العمّال 13:290 الحديث 36845.
3- 3) في النسخ:أبي عبد اللّه،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:125 الحديث 219،الوسائل 11:19 الباب 6 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
5- 5) النهاية:291. [3]

الوفاء به (1).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-:فله أن يحتجّ بما رواه عليّ بن مهزيار،قال:كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام:إنّي كنت نذرت نذرا منذ سنين (2)أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا ممّا يرابط فيه المتطوّعة نحو مرابطتهم (3)[بجدّة] (4)و غيرها من سواحل البحر،أ فترى-جعلت فداك-أنّه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني؟أو أفتدي للخروج إلى ذلك الموضع بشيء من أبواب البرّ لأصير إليه إن شاء اللّه تعالى؟فكتب إليه بخطّه و قرأته:«إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين،فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته،و إلاّ فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البرّ،وفّقنا اللّه و إيّاك لما يحبّ و يرضى» (5).

احتجّ ابن إدريس:بأنّه نذر في طاعة،فيجب الوفاء به.و لأنّ النذر إن بطل،لم يجب صرف المال في البرّ،و إن صحّ،لزم صرفه في الجهة المعيّنة في النذر (6).

و قول ابن إدريس قويّ.

ثمّ قال الشيخ-رحمه اللّه-:إلاّ أن يخاف الشنعة من تركه،فيجب عليه حينئذ صرفه إلى المرابطة (7).و هو استناد إلى رواية ابن مهزيار.

مسألة:لو آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة،

فإن كان الإمام ظاهرا،

ص:49


1- 1السرائر:156.
2- 2) بعض النسخ:«سنتين»كما في التهذيب 6:126 الحديث 221.
3- 3) في التهذيب:مرابطهم.
4- 4) في النسخ:بحدوده،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 6:126 الحديث 221 و ج 8:311 الحديث 1156،الوسائل 11:21 الباب 7 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
6- 6) السرائر:156.
7- 7) النهاية:291. [2]

وجب عليه الوفاء به؛لأنّها إجارة على فعل طاعة،فصحّت و لزمت،كما لو استأجره للجهاد.

و لو كان في حال الغيبة و استتار الإمام عليه السّلام،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يلزمه الوفاء به،و يردّ عليه ما أخذه،فإن لم يجده،فعلى ورثته،فإن لم يكن له ورثة،لزمه الوفاء به (1).

و منع ابن إدريس ذلك و أوجب عليه الوفاء به و لزوم الإجارة في الحالين (2).

و هو الوجه عندي،غير أنّه لا يقصد بالجهاد الدعاء إلى الإسلام؛لأنّه مخصوص بالإمام أو من يأذن له،بل يقصد الدفاع عن نفسه و عن الإسلام.و متى قتل المرابط، كان شهيدا و ثوابه ثواب الشهداء.

و في رواية عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟قال:فقال:«الويل يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة،و اللّه ما الشهداء (3)إلاّ شيعتنا و لو ماتوا على فرشهم» (4).

و هي غير معارضة لما قلناه،لأنّها تدلّ بمفهومها على أنّ المراد:من رابط و هو على غير الاعتقاد الذي ينبغي.

ص:50


1- 1المبسوط 2:9. [1]
2- 2) السرائر:156.
3- 3) في المصدر:«و ما الشهيد»مكان:«ما الشهداء».
4- 4) التهذيب 6:125 الحديث 220،الوسائل 11:21 الباب 6 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [2]

المقصد الثاني

اشارة

في بيان من يجب جهاده و كيفيّة الجهاد

و فيه مباحث:

ص:51

ص:52

البحثالأوّل
اشارة

من يجب جهاده

الذي يجب جهاده أصناف ثلاثة:

الأوّل:البغاة على إمام المسلمين من أهل الإسلام.

الثاني:أهل الذمّة،و هم اليهود و النصارى و المجوس إذا أخلّوا بشرائط الذمّة.

الثالث:من عدا هؤلاء من أصناف الكفّار،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (1).

و قال تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2).

و قال تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3).

و قال تعالى: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ (4).

فهذه الآيات تدلّ على وجوب جهاد الأصناف التي ذكرناها.

ص:53


1- 1الحجرات(49):9. [1]
2- 2) التوبة(9):29. [2]
3- 3) التوبة(9):5. [3]
4- 4) محمّد(47):4. [4]

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أعطى إماما صفقة (1)يده و ثمرة قلبه فليطعه ما استطاع،فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» (2).

و روى بريدة (3)قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أمره بتقوى اللّه في خاصّته و بمن معه من المسلمين و قال:«إذا لقيت عدوّك من المشركين،فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم:ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا فاستعن باللّه عليهم و قاتلهم» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سأل رجل[أبي] (5)عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام،و كان السائل من محبّينا،فقال له أبو جعفر عليه السّلام:بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن (6)تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ،و لن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها...فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم

ص:54


1- 1في المصادر:«و من بايع إماما فأعطاه صفقة...».
2- 2) صحيح مسلم 3:1472 الحديث 1844،سنن أبي داود 4:96 الحديث 4248، [1]سنن ابن ماجة 2: 1306 الحديث 3956،سنن النسائيّ 7:152،مسند أحمد 2:161، [2]سنن البيهقيّ 8:169.
3- 3) أكثر النسخ:أبو بريدة،و في بعضها:أبو بردة،و ما أثبتناه من المصادر،و هو الصحيح؛لعدم وجود رجل بعنوان:أبو بريدة في كتب الرجال،و الرجل ترجم له في الجزء الرابع:38 بعنوان:بريدة ابن الحصيب.و يؤيّد ما قلناه:ما يرد عنه في ص 58 و ص 65 هنا حيث قال:في حديث بريدة.
4- 4) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،مسند أحمد 5:352،358 و [3]فيهما:«فأيّتهنّ ما»،مكان: «فإن هم»،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612 و [4]فيه:«فأيّتها»،سنن الدارميّ 2:216، [5]سنن البيهقيّ 9:49 و فيه:«فأيّتهم»،المغني 10:380 و فيه:«فأيّتهنّ».
5- 5) أثبتناه من المصدر.
6- 6) أكثر النسخ:«إلاّ»كما في المصدر،و في الكافي 5:10 الحديث 2« [6]حتّى»مكان:«إلى أن».

تكن آمنت من قبل...و سيف منها مكفوف،و سيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا.

فأمّا السيوف الثلاثة الشاهرة:فسيف على مشركي العرب،قال اللّه تعالى:

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ... (1)فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام...

و السيف الثاني:على أهل الذمّة...،قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ (2)الآية...فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل...

و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم،يعني الترك و الخزر و الديلم...قال اللّه تعالى: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ (3)...فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام،و لا يحلّ لنا نكاحهم ما داموا في[دار] (4)الحرب.

و أمّا السيف المكفوف:فسيف على أهل البغي و التأويل،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما إلى قوله: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (5)

فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل،فسئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من هو؟قال:

هو خاصف النعل-يعني أمير المؤمنين عليه السّلام-قال عمّار بن ياسر:قاتلت بهذه الراية (6)مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و هذه الرابعة،و اللّه لو ضربونا حتّى

ص:55


1- 1التوبة(9):5. [1]
2- 2) التوبة(9):29. [2]
3- 3) محمّد(47):4. [3]
4- 4) زيادة من التهذيب.
5- 5) الحجرات(49):9. [4]
6- 6) في النسخ:«الرواية»و ما أثبتناه من المصدر.

يبلغوا بنا (1)السعفات من هجر (2)لعلمنا أنّا على الحقّ و أنّهم على الباطل،و كانت السيرة[فيهم] (3)من أمير المؤمنين عليه السّلام ما كان من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى (4)أهل مكّة يوم فتح مكّة،فإنّه لم يسب لهم ذرّيّة،و قال:من أغلق بابه،أو ألقى (5)سلاحه،أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و كذلك قال أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام فيهم:لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا،و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.

و أمّا السيف المغمود:[فالسيف] (6)الذي يقام به القصاص قال اللّه تعالى:

اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (7)الآية فسلّه إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا،فهذه السيوف التي بعث اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بها،فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل اللّه تعالى على محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (8).

ص:56


1- 1في النسخ:«حتى يبلغونا»و ما أثبتناه من المصدر،و كذا في الخصال:276.
2- 2) السعفات:جمع سعفة-بالتحريك-جريدة النخل ما دامت بالخوص.و هجر-محرّكة-بلدة باليمن و اسم لجميع أرض البحرين،و كانت قرية قرب المدينة تنسب إليها القلال.و في أسد الغابة: [1]حتّى يبلغوا بنا شعاب هجر.قال بعض الشارحين:فخصّ هجر؛لبعد المسافة و لكثرة النخيل بها. مجمع البحرين 3:517 و ج 5:70، [2]أسد الغابة 4:46. [3]
3- 3) زيادة من التهذيب.
4- 4) في المصدر:«في»مكان«إلى».
5- 5) في النسخ:و ألقى.
6- 6) زيادة من المصدر.
7- 7) المائدة(5):45. [4]
8- 8) التهذيب 4:114-116 الحديث 336،الوسائل 11:16-18 الباب 5 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [5]
مسألة:كلّ من يجب جهاده فالواجب على المسلمين النفور إليهم،

إمّا لكفّهم (1)أو لنقلهم إلى الإسلام،فإن بدءوا بالقتال،وجب جهادهم،و إن كفّوا،وجب جهادهم بحسب المكنة،و أقلّه في كلّ عام مرّة؛لأنّ الجزية تجب على أهل الذمّة في كلّ عام،و هي بدل عن (2)النصرة،فكذلك مبدلها و هو الجهاد،فيجب في كلّ عام مرّة.

و لأنّ تركهم أكثر من ذلك يوجب تقويتهم و ظهور شوكتهم،و لو اقتضت المصلحة التأخير عن ذلك،جاز؛نظرا إلى المصلحة،و ذلك بأن يكون في المسلمين ضعف في عدد أو عدّة،أو يكون الإمام منتظرا لمدد يستعين به على جهادهم،أو يكون الطريق إليهم ممنوعا،أو لا علف فيها أو لا ماء بها،أو يعلم الإمام من العدوّ الرغبة في الإسلام و حسن الرأي فيه و يطمع في إسلامهم إن أخّر قتالهم،و يعلم أنّ قتالهم ينفّرهم عن ذلك،أو غير ذلك من المصالح،فيجوز تأخير الجهاد و تركه حينئذ بهدنة و بغير هدنة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح قريشا عشر سنين، و أخّر قتالهم حتّى نقضوا عهده.و أخّر قتال قبائل العرب بغير هدنة (3).

و كما أنّه يجوز التأخير عن الجهاد في كلّ عام،فكذا يجوز فعله في السنة مرّتين و مرارا بحسب المصلحة.

و لو احتيج إلى أكثر من ذلك،وجب؛لأنّه فرض كفاية،فيجب منه ما دعت الحاجة إليه.

و لا يتولّى المهادنة إلاّ الإمام أو من يأذن له،على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و إنّما يجوز قتال المشركين بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام

و التزامهم بشرائعه،فإن فعلوا،و إلاّ قوتلوا.

ص:57


1- 1بعض النسخ:لكفرهم،مكان:لكفّهم.
2- 2) أكثر النسخ:تدلّ على،مكان:بدل عن.
3- 3) المغني 10:510،الشرح الكبير بهامش المغني 10:567،تفسير القرطبيّ 2:347 و ج 8:64. [1]

و الداعي إنّما يكون الإمام أو من نصبه؛لحديث بريدة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا بعث أميرا قال له:«إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم[ثمّ] (1)ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم» (2)الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه،[عن أبيه] (3)،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن فقال:يا عليّ لا تقاتل (4)أحدا حتّى تدعوه و ايم اللّه لأن يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس، و غربت و لك و لاؤه يا عليّ» (5).

و لأنّ الغرض من الحرب هو إدخالهم في الإسلام،و إنّما يتمّ بالدعاء إليه.

مسألة:و صورة الدعاء أن يطلب منهم الانقياد إلى الالتزام بالشريعة

و العمل بها و الإسلام و ما تعبّدنا اللّه تعالى به.

و يستحبّ أن يدعوهم بما رواه الشيخ عن سليمان بن داود (6)المنقريّ،عن

ص:58


1- 1أثبتناها من سنن الدارميّ و صحيح مسلم.
2- 2) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [1]سنن الدارميّ 2: 216، [2]مسند أحمد 5:352،358، [3]سنن البيهقيّ 9:49،المغني 10:380، [4]في صحيح مسلم و مسند أحمد:« [5]فأيّتهنّ ما»،و في سنن أبي داود:« [6]فأيّتها»،و في المغني:«فأيتهنّ»مكان:«فإن هم».
3- 3) زيادة من التهذيب.
4- 4) في المصدر:«لا تقاتلنّ».
5- 5) التهذيب 6:141 الحديث 240،الوسائل 11:30 الباب 10 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [7]
6- 6) سليمان بن داود المنقري أبو أيّوب الشاذكونيّ...من أصحاب جعفر بن محمّد عليه السلام،و كان ثقة له كتاب قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه، و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،و نقل عن ابن الغضائريّ أنّه ضعيف جدّا لا يلتفت إليه،-

سفيان (1)،عن الزهريّ،قال:دخل رجل من قريش على عليّ بن الحسين عليهما السلام،فسأله كيف الدعوة إلى الدين؟فقال:«تقول بسم اللّه أدعوك إلى اللّه و إلى دينه،و جماعه (2)أمران:أحدهما:معرفة اللّه،و الآخر:العمل برضوانه،و أنّ معرفة اللّه أن يعرف بالوحدانيّة و الرأفة و الرحمة و العزّة و العلم و القدرة و العلوّ

ص:59


1- 1) سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلال [1]يّ له نسخة عن جعفر بن محمّد عليهما السلام قاله النجاشيّ، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و قال:سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلاليّ مولاهم أبو محمّد الكوفيّ أقام بمكّة،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:ليس من أصحابنا و لا من عدادنا،قال المامقانيّ:لا يمكن الاعتماد على روايته بعد جزم جمع من الأساطين بكونه عامّيّا و عدم ثبوت وثاقته،و ممّا يؤيّد كونه عامّيّا توثيق له من ابن حجر في تهذيبه،ثمّ إنّ الشيخ روى بسنده عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليه السلام في التهذيب 4:294 الحديث 895،و في الاستبصار 2:131 الحديث 427:سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن عبد اللّه عن الزهريّ،قال السيّد الخوئيّ:و الصحيح ما في التهذيب الموافق للكافي 4:83 باب وجوب الصوم الحديث 1. رجال الطوسيّ:212،رجال النجاشيّ:190،رجال العلاّمة:228،تهذيب التهذيب 4:117،تنقيح المقال 2:39،معجم رجال الحديث 8:159-161.
2- 2) قال ابن الأثير فى النهاية 1:295:و الحديث الآخر:حدّثني بكلمة تكون جماعا،فقال«اتّق اللّه فيما تعلم».الجماع:ما جمع عددا،أي:كلمة تجمع كلمات.و منه الحديث:«الخمر جماع الإثم»أي: مجمعه و مظنّته.

على كلّ شيء،و أنّه النافع الضار،القاهر لكلّ شيء،الذي لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير،و أنّ محمّدا عبده و رسوله-صلّى اللّه عليه و آله و أنّ ما جاء به هو الحقّ من عند اللّه،و ما سواه هو الباطل،فإذا أجابوا إلى ذلك، فلهم ما للمؤمنين و عليهم ما على المؤمنين» (1).

مسألة:و الكفّار على قسمين:
اشارة

أحدهما:بلغتهم الدعوة و عرفوا ببعثة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أنّهم (2)مكلّفون بتصديقه.

و الآخر:لم تبلغهم الدعوة.

فالثاني:لا يجوز قتالهم،إلاّ بعد الدعاء إلى الإسلام و محاسنه،و إظهار الشهادتين،و الإقرار بالتوحيد و العدل و النبوّة و الإمامة و جميع شرائع الإسلام،فإن أجابوا و إلاّ قتلوا؛لقوله لعليّ عليه السلام:«يا عليّ لا تقاتل (3)أحدا حتّى تدعوه» (4).

و الأوّل:يجوز قتالهم ابتداءً من غير أن يدعوهم الإمام إلى الإسلام؛لأنّه معلوم عندهم؛إذ قد بلغتهم دعوة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و علموا أنّه يدعوهم إلى الإيمان و الإقرار به،و أنّ من لم يقبل منه،قاتله،و من قبل منه،آمنه،فهؤلاء حرب للمسلمين مثل الروم،و الترك،و الزنج،و الخزر (5)،و غيرهم من أصناف الكفّار الذين بلغتهم الدعوة،و سواء كان الكافر الذي بلغته الدعوة حربيّا،أو ذمّيّا فإنّه يجوز قتاله ابتداءً من غير دعاء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أغار على بني المصطلق

ص:60


1- 1التهذيب 6:141 الحديث 239،الوسائل 11:31 الباب 11 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) ب و ع:فإنّهم.
3- 3) في المصدر:«لا تقاتلنّ».
4- 4) التهذيب 6:141 الحديث 240،الوسائل 11:30 الباب 10 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
5- 5) الخزر:جيل خزر العيون،و الخزرة:انقلاب الحدقة نحو اللّحاظ،و هو أقبح الحول.لسان العرب 4: 236. [3]

و هم غارّون آمنون و إبلهم تسقى على الماء (1).

و قال سلمة بن الأكوع:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فغزونا ناسا من المشركين فبيّتناهم (2). (3)

و الدعاء أفضل؛لما رواه الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا عليه السلام حين أعطاه الراية يوم خيبر و بعثه إلى قتالهم أن يدعوهم (4)،و هم ممّن قد بلغتهم الدعوة،و دعا سلمان أهل فارس (5)،و دعا عليّ عليه السلام عمرو بن عبد ودّ العامريّ (6)فلم يسلم مع بلوغه الدعوة (7).

ص:61


1- 1صحيح البخاريّ 3:194،صحيح مسلم 3:1356 الحديث 1730،سنن أبي داود 3:42 الحديث 2633، [1]مسند أحمد 2:31،32 و 51، [2]المستدرك للحاكم 1:15،سنن البيهقيّ 9:38،54،80 و 107،المصنّف لابن أبي شيبة 7:646 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:60 الحديث 156، كنز العمّال 10:567 الحديث 30257.
2- 2) تبييت العدوّ:أن يقصده في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة،و هو البيات.مجمع البحرين 2: 194. [3]
3- 3) سنن أبي داود 3:43 الحديث 2638، [4]سنن البيهقيّ 9:79.
4- 4) صحيح البخاريّ 4:57،58 و ج 5:171،صحيح مسلم 4:1872 الحديث 2406،المستدرك للحاكم 3:38،سنن البيهقيّ 9:107.
5- 5) سنن الترمذيّ 4:119 الحديث 1548،مسند أحمد 5:444.
6- 6) عمرو بن عبد ودّ العامريّ،قال الواقديّ:كان في بدر في جيش الكفّار فارتثّ جريحا فلم يشهد احدا،و حرّم الدهن حتّى يثأر من محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه،و هو يوم الخندق كبير بلغ تسعين سنة.فلمّا دعا إلى البراز قال عليّ عليه السلام:أنا أبارزه ثلاث مرّات،و أنّ المسلمين يومئذ كأنّ على رءوسهم الطّير،لمكان عمرو و شجاعته،فلمّا أذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال له عليّ عليه السلام:إنّك كنت تقول في الجاهليّة:لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلاّ قبلتها،قال: أجل،قال عليّ عليه السلام:فإنّي أدعوك أن تشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه و تسلم للّه ربّ العالمين،فلم يقبل،و أخرى:ترجع إلى بلادك،فلم يقبل،قال:فالثالثة،قال:البراز.المغازي للواقديّ 1:470-471، [5]الأعلام للزركليّ 5:81. [6]
7- 7) تاريخ الطبريّ 2:239،البداية و النهاية 4:105، [7]المغازي للواقديّ 1:470-471.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى اليمن،قال:يا عليّ لا تقاتل (1)أحدا حتّى تدعوه» (2)و هو عامّ.

فرع:

لو بدر إنسان فقتل واحدا من الكفّار قبل بلوغ الدعوة إليه،أساء،و لا قود عليه و لا دية؛عملا بالأصل،هذا اختيار الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال أبو حنيفة (4)، و أحمد (5).

قال ابن القضبان المالكيّ:هو قياس قول مالك (6).

و قال الشافعيّ:يجب ضمانه؛لأنّه كافر أصليّ محقون الدم؛لحرمته،فوجب ضمانه،كالذمّيّ (7).

و الجواب:الفرق،فإنّ الذمّيّ قد التزم بقبول الجزية،فحرم قتله،أمّا هاهنا فلم يعلم ذلك منه،فلا يجب به الضمان؛لأنّه كافر لا عهد له،فلا يجب ضمانه، كالحربيّ.

ص:62


1- 1في المصدر:«لا تقاتلنّ».
2- 2) التهذيب 6:141 الحديث 240،الوسائل 11:30 الباب 10 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 2:13، [2]الخلاف 2:501 مسألة 6.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:30،تحفة الفقهاء 3:294،الهداية للمرغينانيّ 2:136،تبيين الحقائق 4:85،شرح فتح القدير 5:197،الميزان الكبرى 2:179.
5- 5) المغني 9:532 و ج 10:381،الشرح الكبير بهامش المغني 9:525.
6- 6) المنتقى للباجي 3:168،الكافي في فقه أهل المدينة:208،المدوّنة الكبرى 2:3.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،المهذّب للشيرازيّ 2:244،المجموع 19:3،الحاوي الكبير 14:214.
مسألة:الكفّار على أصناف ثلاثة:

أحدها:من له كتاب،و هم اليهود و النصارى لهم التوراة و الإنجيل،فهؤلاء يطلب منهم أحد الأمرين:إمّا الإسلام أو الجزية،فإن أسلموا فلا بحث،و إن امتنعوا و بذلوا الجزية،أخذت منهم و أقرّوا على دينهم بلا خلاف،قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).

الثاني:من له (2)شبهة كتاب،و هم المجوس فإنّه قد كان لهم نبيّ قتلوه و كتاب حرّقوه،و هؤلاء حكمهم حكم أهل الكتاب إن أسلموا،و إلاّ طلبت منهم الجزية، فإن بذلوها،أقرّوا على دينهم و أخذت منهم بلا خلاف أيضا؛لقوله عليه السلام:

«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (3).

الثالث:من لا كتاب له و لا شبهة كتاب،كعبدة الأوثان و النيران و من لا دين له يتديّن به.

و بالجملة:كلّ من عدا الأصناف الثلاثة من الكفّار،فإنّه لا يقبل منهم إلاّ الإسلام،فإن أجابوا،و إلاّ قتلوا،و لو بذلوا الجزية،لم تقبل منهم،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى

ص:63


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) ر،ع و ح:من لهم،مكان:من له.
3- 3) الموطّأ 1:278 الحديث 42، [2]سنن البيهقيّ 7:173،مسند أبي يعلى 2:168 الحديث 862، المصنّف لابن أبي شيبة 3:112 الحديث 2،المصنّف لعبد الرزّاق 6:69 الحديث 10025 كنز العمّال 4:502 الحديث 11490.
4- 4) الأمّ 4:173،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،حلية العلماء 7:695،المهذّب للشيرازيّ 2:320، المجموع 19:387،مغني المحتاج 4:244،الحاوي الكبير 14:284،المغني 10:382،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579.

الروايتين (1).

و قال أبو حنيفة:تقبل من عبدة الأوثان من العجم الجزية،و لا يقبل من العرب إلاّ الإسلام (2).و هو رواية عن أحمد (3).

و حكي عن مالك:إنّ الجزية تقبل من جميع الكفّار إلاّ كفّار قريش (4).

لنا:عموم قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (5).

و عموم قوله عليه السلام:«أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه» (6).خرج عنهما أهل الذمّة،بقوله (7)تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (8)و المجوس،بقوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل

ص:64


1- 1المغني 10:381 و 564،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579،الكافي لابن قدامة 4:258، الإنصاف 4:217.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:7،تحفة الفقهاء 3:307،الهداية للمرغينانيّ 2:160،شرح فتح القدير 5:292،293،بدائع الصنائع 7:110،تبيين الحقائق 4:159،المغني 10:382،الحاوي الكبير 14:284.
3- 3) المغني 10:381 و 563،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579،الكافي لابن قدامة 4:258، الإنصاف 4:217.
4- 4) حلية العلماء 7:695،الحاوي الكبير 14:284،المغني 10:382، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:579. [2]
5- 5) التوبة(9):36. [3]
6- 6) صحيح البخاريّ 1:109،صحيح مسلم 1:51-53 الحديث 20-22،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [4]سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2606،سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3927، سنن النسائيّ 5:14،مسند أحمد 1:11،سنن البيهقيّ 9:49 و 182.
7- 7) ر،ع،ح و خا:لقوله.
8- 8) التوبة(9):29. [5]

الكتاب» (1)فيبقى من عداهما على مقتضى العموم.

و لأنّ الصحابة توقّفوا في أخذ الجزية من المجوس حتّى روى لهم عبد الرحمن بن عوف قوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»و ثبت عندهم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذ الجزية من مجوس هجر (2).

و إذا كان حال من له شبهة كتاب هذا،دلّ على أنّهم لم يقبلوا الجزية ممّن سواهم بطريق أولى.

و لأنّ قوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»يقتضي تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية؛إذ لو شاركهم غيرهم،لم تختصّ الإضافة بهم.

و لأنّ كفرهم أغلظ و أشدّ؛لإنكارهم الصانع و رسله أجمع و لم تكن لهم شبهة، فلا يساوون من له كتاب و اعتراف باللّه تعالى،كالمرتدّ.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم يقرّون على دينهم بالاسترقاق فأقرّوا بالجزية،كأهل الكتاب و المجوس (3).

و احتجّ مالك:بقوله عليه السلام في حديث بريدة:إذا بعث أميرا على جيش أو سريّة،قال له:«إذا لقيت عدوّك فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال»من جملتها

ص:65


1- 1الموطّأ 1:278 الحديث 42، [1]سنن البيهقيّ 7:173،كنز العمّال 4:502 الحديث 11490، المصنّف لابن أبي شيبة 3:112 الحديث 2،المصنّف لعبد الرزّاق 6:69 الحديث 10025،مسند أبي يعلى 2:168 الحديث 862.
2- 2) صحيح البخاريّ 4:117،سنن أبي داود 3:168 الحديث 3043 و 3044، [2]سنن الدارميّ 2: 234، [3]مسند أحمد 1:191،194، [4]سنن الدارقطنيّ 2:154،155 الحديث 1 و 2،سنن البيهقيّ 8: 248،مسند أبي يعلى 2:166-168 الحديث 860-861،المغني 10:382.
3- 3) تحفة الفقهاء 3:307،الهداية للمرغينانيّ 2:160،تبيين الحقائق 4:159،المغني 10:382.

الجزية (1).و هو عامّ في كلّ مشرك.و لأنّهم كفّار،فيقبل منهم الجزية،كالمجوس (2).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين المقيس و المقيس عليه،فإنّ أهل الكتاب لهم كتاب يتديّنون (3)به،و المجوس لهم شبهة كتاب.

روى الشيخ عن أبي يحيى الواسطيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس،فقال:«كان لهم نبيّ قتلوه (4)و كتاب أحرقوه أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثني عشر جلد ثور و كان يقال له:جاماست (5)» (6)و الشبهة تقوم مقام الحقيقة فيما يبنى على الاحتياط،فحرمت دماؤهم للشبهة،بخلاف من لا كتاب له و لا شبهة كتاب.

و نمنع إقرارهم على دينهم بالاسترقاق،و حديث بريدة مخصوص بأهل الذمّة.

إذا ثبت هذا:فإن كان المشركون ممّن لا يؤخذ منهم الجزية،فإنّ الأمير يعرض عليهم الإسلام،فإن أسلموا،حقنوا دماءهم و أموالهم،و إن أبوا،قاتلهم و سبى

ص:66


1- 1صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [1]سنن الدارميّ 2: 216، [2]مسند أحمد 5:352 و 358، [3]سنن البيهقيّ 9:49.
2- 2) المغني 10:382،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579.
3- 3) ب:يدينون،مكان:يتديّنون.
4- 4) كثير من النسخ:«فقتلوه».
5- 5) ع:«جامست»و في التهذيب:«جاماسب».يظهر من الروايات أنّ المجوس لهم نبيّ و كتاب و يعامل معهم معاملة أهل الكتاب،فقد روي من طريق العامّة و الخاصّة قوله صلّى اللّه عليه و آله: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب».و في ضبط اسم نبيّهم و كتابهم تعابير مختلفة،ففي الفقيه 2:29 الحديث 105:كان لهم نبيّ اسمه دامست(دامسب)فقتلوه،و كتاب يقال له:جاماسب،و في ج 4:91 الحديث 296:إنّ للمجوس كتابا يقال له:جاماسف،و في نسخة:جاماسب،و في التهذيب 6:175 الحديث 350:كان لهم نبيّ قتلوه و كتاب أحرقوه أتاهم نبيّهم بكتابهم...و كان يقال له:جاماسب، و في ج 10:187 الحديث 737،إنّ للمجوس كتابا يقال له:جاماس،و في الاستبصار 4:269 الحديث 1019...كتابا يقال له:جاماس،و في مجمع الفائدة و البرهان 7:438:قيل:كان لهم نبيّ و كتاب قتلوه و حرّقوه،و اسم كتابه جاماست.
6- 6) التهذيب 6:175 الحديث 350،الوسائل 11:97 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [4]

ذراريهم و نساءهم و غنم أموالهم و قسّمها،على ما يأتي،و إن كانوا ممّن يؤخذ منهم الجزية،دعاهم إلى الإسلام،فإن أجابوا،كفّ عنهم،و إن أبوا،دعاهم إلى إعطاء الجزية،فإن بذلوها،قبل منهم،و إن امتنعوا،قاتلهم و سبى ذراريهم و نساءهم و غنم أموالهم و قسّمها على المستحقّين.

ص:67

البحث الثاني
اشارة

في المقاتلين مع الإمام

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب على كلّ مكلّف حرّ ذكر،

(1)

غير همّ (2)و لا مريض و لا أعمى و لا أعرج،الجهاد على الكفاية،و يتعيّن إذا عيّنه الإمام العادل.

هذا إذا كان الجهاد للدعاء إلى الإسلام،أمّا إذا كان للدفع بأن يدهم المسلمين عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام،فإنّه يجب على كلّ متمكّن الجهاد،سواء أذن الإمام أم لم يأذن؛للدفع عن النفس و الإسلام.

و يجب على المقلّ و المكثر النفير،و لا يجوز لأحد التخلّف إلاّ مع الحاجة إلى تخلّفه (3)،لحفظ (4)المكان و الأهل و المال،و من يمنعه الإمام من الخروج أو القتال؛لقوله تعالى: اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً (5).

و قوله عليه السلام:«إذا استنفرتم فانفروا» (6)و قد ذمّ اللّه تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب بقوله تعالى: وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ

ص:68


1- 1يراجع:ص 21.
2- 2) الهمّ-بالكسر-:الشيخ الفاني.المصباح المنير:641.
3- 3) ر،ع و آل:تخليفه.
4- 4) خا:كحفظ،مكان:لحفظ.
5- 5) التوبة(9):41. [1]
6- 6) صحيح البخاريّ 4:28،صحيح مسلم 2:986 الحديث 1353،سنن ابن ماجة 2:926 الحديث 2773،سنن الترمذيّ 4:148 الحديث 1590، [2]سنن الدارميّ 2:239، [3]مسند أحمد 1:226،316، 355 و ج 3:401، [4]المصنّف لابن أبي شيبة 8:539 الحديث 32.

إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِراراً (1).

إذا ثبت هذا:فإن أمكن استخراج إذن الإمام في الخروج إليهم،وجب إذنه؛ لأنّه أعرف،و أمر الحرب موكول إليه؛لعلمه بكثرة العدوّ و قلّته،و مكامن العدوّ و كيده،فيرجع إليه؛لأنّه أحوط للمسلمين،و لو لم يمكن استئذانه؛لغيبته و مفاجأة العدوّ،لم يجب استئذانه،و وجب الخروج إلى القتال.

مسألة:إذا نودي بالنفير و الصلاة،

فإن كان العدوّ بعيدا يمكن الجمع بين الصلاة و الخروج،صلّوا ثمّ خرجوا،و لو كان بالقرب بحيث يخشى من التأخير بالصلاة، خرجوا و صلّوا على ظهور دوابّهم و كان النفير أولى من الصلاة جماعة،و قد نفر من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غسيل الملائكة و هو جنب،يعني حنظلة بن الراهب (2)،و لو كانوا في الصلاة أتمّوها،و لو كان في خطبة الجمعة أتمّوها.

و لو نادى الإمام بالصلاة جامعة لأمر يحدث فيشاور فيه،لم يتخلّف أحد إلاّ لعذر.

و لا ينبغي أن تنفر الخيل إلاّ عن حقيقة الأمر،و لا ينبغي لهم أن يخرجوا مع قائد معروف بالهزيمة (3)و تضييع المسلمين؛لاشتماله على الضرر الذي لا يتدارك، و ينبغي أن يخرجوا مع من له شفقة و نظر على المسلمين.

و لو كان القائد معروفا بشرب الخمر أو غيره من المعاصي و هو شجاع،جاز النفور معه؛لقوله عليه السلام:«إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر» (4).

ص:69


1- 1الأحزاب(33):13. [1]
2- 2) أسد الغابة 2:59، [2]الإصابة 1:361. [3]
3- 3) ر:بالهربة.
4- 4) صحيح البخاريّ 4:88 و ج 5:169 و ج 8:155،صحيح مسلم 1:105،106 الحديث 111، سنن الدارميّ 2:241، [4]مسند أحمد 2:309، [5]سنن البيهقيّ 8:197 و ج 9:36،مجمع الزوائد 5: 303 و ج 7:213.

هذا كلّه مع الحاجة إلى النفير من غير إذن الإمام العادل،أمّا مع عدم الحاجة، فلا يجوز على حال.

مسألة:و لا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذّل الناس

و يثبّطهم (1)عن الغزو و يزهدهم في الخروج إليه في القتال،كمن يقول:الحرّ شديد أو البرد،و المشقّة شديدة،و لا يؤمن هزيمة هذا الجيش،و لا المرجف:و هو الذي يقول:قد هلكت سريّة المسلمين،و لا مدد لهم،و لا طاقة لكم بالكفّار،و الكفّار أكثر منكم،و لهم قوّة و مدد و صبر،و لا يقوى بهم أحد،و لا يثبت لهم مقاتل،و نحو ذلك.و لا من يعين على المسلمين بالتجسّس للكفّار و مكاتبتهم بأخبار المسلمين،و اطلاعهم على عوراتهم و إيواء جاسوسهم.و لا من يوقع العداوة بين المسلمين و يسعى بينهم بالفساد؛لقوله تعالى: وَ لكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ* لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاّ خَبالاً وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ (2).

و لأنّ فيهم ضررا على المسلمين فيلزم الإمام منعهم من الخروج.

و لو خرج واحد من هؤلاء،لم يسهم له و لا يرضخ له رضيخة (3)و إن أظهر معونة (4)المسلمين؛لأنّه أظهره نفاقا،و السهم إنّما يستحقّه من يعاون المسلمين (5).

و لو كان الأمير أحد هؤلاء،لم يخرج الناس معه؛لأنّه إذا كان متبوعا منع من

ص:70


1- 1ثبّطه تثبيطا:قعد به عن الأمر و شغله عنه و منعه تخذيلا و نحوه.المصباح المنير:80. [1]
2- 2) التوبة(9):46 و 47. [2]
3- 3) ر:و لا يوضح له رضيحة،ع:و لا يوضح له وضيحة،آل:و لا يرضح له رضيحة.رضخت له رضخا:أعطيته شيئا ليس بالكثير.المصباح المنير:228. [3]
4- 4) ر و ع:مئونة،ح:مئونته.
5- 5) ر و آل:للمسلمين،مكان:المسلمين.

استصحابه فالتابع (1)أولى؛لأنّ (2)ضرره أكثر.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز استصحاب النساء

لمداواة الجرحى و معالجتهم و غير ذلك من المصالح (3).

إذا ثبت هذا:فإنّما يستحبّ إخراج العجائز،أمّا الشوابّ فيكره إخراجهنّ إلى أرض العدوّ؛لأنّه لا فائدة لهنّ في الحرب؛لاستيلاء الجبن عليهنّ،و لا يؤمن ظفر المشركين بهنّ،فينالون منهنّ الفاحشة.

و قد روى حشرج بن زياد (4)عن جدّته أمّ أبيه،أنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة[خيبر] (5)سادسة ستّ نسوة،فبلغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فبعث إلينا،فجئنا فرأينا فيه الغضب،فقال:«مع من خرجتنّ؟»فقلنا:

يا رسول اللّه،خرجنا نغزل الشعر و نعين به في سبيل اللّه تعالى و معنا دواء للجرحى، و نناول السهام،و نسقي السويق،فقال:«قمن»حتّى إذا فتح اللّه خيبرا أسهم لنا كما أسهم للرجال،فقلت لها:يا جدّة،ما كان ذلك؟قالت:تمرا (6).

أمّا العجائز و الطواعن في السنّ إذا كان فيهنّ نفع،كسقي الماء و معالجة

ص:71


1- 1كذا في النسخ،و لعلّ الصحيح:إذا كان تابعا،منع من استصحابه،فالمتبوع أولى.
2- 2) ب،آل،ح و ر:لأنّه ضرره،ق و خا:لأنّه ضرر.
3- 3) يراجع:ص 23. [1]
4- 4) حشرج بن زياد النخعيّ الأشجعيّ روى عن جدّته أمّ زياد و روى عنه رافع بن سلمة و شهدت جدّته خيبر.التاريخ الكبير للبخاريّ 3:118،ميزان الاعتدال 1:551،الجرح و التعديل 3:296.
5- 5) في النسخ:حنين،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) سنن أبي داود 3:74 الحديث 2729، [2]مسند أحمد 5:271، [3]سنن البيهقيّ 6:333،كنز العمّال 4: 538 الحديث 11588،المصنّف لابن أبي شيبة 7:728 الحديث 2 و ج 8:523 الحديث 14، و أورده ابن قدامة في المغني 10:384-385.

الجرحى،فلا بأس به،فإنّ أمّ[سليم] (1)و نسيبة بنت كعب كانتا (2)تغزوان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3)،و قالت الربيّع:كنّا نغزو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسقي الماء و معالجة الجرحى (4).

و قال أنس:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغزو بأمّ سليم (5)و نسوة معها من الأنصار،يسقين الماء و يداوين الجرحى (6).

و لو احتاج إلى إخراج الشابّة منهنّ،جاز إخراجها،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج بعائشة في غزوات (7).

و هذا مخصوص بالأمير،أمّا الرعيّة فتشتدّ الكراهية في حقّهم.

مسألة:يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمّة في حرب الكفّار بشرطين:

أحدهما:أن يكون في المسلمين قلّة و حاجة إليهم.

و الثاني:أن يكونوا ممّن يوثق بهم؛لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استعان بيهود بني قينقاع و رضخ لهم (8).و استعان بصفوان بن أميّة على حرب

ص:72


1- 1في النسخ:أمّ سلمة،و ما أثبتناه من المصادر.و قد مرّت ترجمتها في الجزء الثاني:165.
2- 2) في النسخ:كانا،و لعلّه من سهو النسّاخ.
3- 3) لحديث أمّ سليم،ينظر:صحيح مسلم 3:1443 الحديث 1810،سنن الترمذيّ 4:139 الحديث 1575،سنن البيهقيّ 6:306،و لحديث نسيبة،ينظر:سنن الدارميّ 2:210(أمّ عطيّة اسمها نسيبة)، مسند أحمد 6:407.
4- 4) مسند أحمد 6:358،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:276 الحديث 701،702،المغني 10:385.
5- 5) أكثر النسخ:بأمّ سلمة،و الصحيح ما أثبتناه كما في المصادر.
6- 6) صحيح مسلم 3:1443 الحديث 1810،سنن أبي داود 3:18 الحديث 2531، [1]سنن الترمذيّ 4: 139 الحديث 1575، [2]سنن البيهقيّ 9:30،مجمع الزوائد 5:324.
7- 7) مجمع الزوائد 6:142،المعجم الكبير للطبرانيّ 23:162،المغازي للواقديّ 1:407،426.
8- 8) سنن البيهقيّ 9:37 و 53،الأمّ 4:167،الحاوي الكبير 14:131.

هوازن قبل إسلامه (1).

أمّا مع فقد أحد الشرطين فلا يجوز؛لقوله عليه السلام:«إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين» (2)و إنّما أراد به عليه السلام مع فقد أحد الشرطين.

و لأنّهم مع عدم الحاجة إليهم مغضوب عليهم،فلا تحصل النصرة بهم،و مع عدم أمنهم لا يجوز استصحابهم؛لأنّا منعنا الخاذل و المرجف من المسلمين،فمن الكفّار أولى.

إذا ثبت هذا:فإنّ الشافعيّ وافقنا على ذلك (3).و منع ابن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا (4).و عن أحمد روايتان (5).

لما روته عائشة،قالت:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر،حتّى إذا كان بحرّة الوبرة (6)أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة و نجدة،فسر المسلمون به،فقال:يا رسول اللّه جئت لأتّبعك و أصيب معك،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:لا،قال:«فارجع فلن نستعين بمشرك»قالت:ثمّ مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى إذا كان بالبيداء أدركه ذلك الرجل،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:

ص:73


1- 1سنن البيهقيّ 9:37،الحاوي الكبير 14:71،تفسير القرطبيّ 8:97. [1]
2- 2) مسند أحمد 3:454، [2]سنن البيهقيّ 9:37،كنز العمّال 10:434 الحديث 30048.
3- 3) الأمّ 4:166،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:270،حلية العلماء 7:647،المهذّب للشيرازيّ 2:295، المجموع 19:280،الحاوي الكبير 14:131،المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 421.
4- 4) المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:421.
5- 5) المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:420-421،الفروع في فقه أحمد 3:436، الإنصاف 4:143.
6- 6) حرّة الوبرة:بفتح الواو و سكون الباء،ناحية من أعراض المدينة،و قيل:هي قرية ذات نخيل.لسان العرب 5:273. [3]

نعم،قال:«فانطلق» (1).

و عن عبد الرحمن بن خبيب (2)قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنا و رجل من قومي و هو يريد غزوة و لم نسلم،فقلنا:إنّا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم،قال:«فأسلمتما؟»قلنا:لا قال:«فإنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين»قال:فأسلمنا و شهدنا معه (3).

و لأنّه غير مأمون على المسلمين،فأشبه المخذّل.

و الجواب عن الحديثين:أنّهما محمولان على حالة الاستغناء،أو على من يخذّل و لا يؤمن،أو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علم أنّه إذا قال ذلك،أسلموا،فقال عليه السّلام مريدا به إحدى الحالتين من غير إيضاح حتّى يسلم،أو أن يكون منسوخا،فإنّه عليه السّلام استعان بعد ذلك ببني قينقاع.

إذا ثبت هذا:فإنّه عليه السّلام يرضخ لهم،و لا يبلغ بهم سهم المجاهدين المسلمين (4).

مسألة:ينبغي للإمام أن يرفق بأصحابه في السير و يسير بهم سير أضعفهم؛

لئلاّ يشقّ عليهم،إلاّ مع الحاجة،فيجوز،كما جدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في السير جدّا

ص:74


1- 1صحيح مسلم 3:1449 الحديث 1817،سنن أبي داود 3:75 الحديث 2732،سنن ابن ماجة 2: 945 الحديث 2832،سنن البيهقيّ 9:36-37.
2- 2) عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاريّ الخزرجيّ المدينيّ،و هو والد خبيب،روى عن أبيه عبد الرحمن و جدّه خبيب بن يساف أو أساف،و خبيب هذا ذكره ابن الأثير و ابن حجر و ابن عبد البرّ في الصحابة و قالوا:روى عنه ابنه عبد الرحمن.أسد الغابة 2:101، [1]الاستيعاب بهامش الإصابة 1: 432، [2]الإصابة 1:418. [3]
3- 3) مسند أحمد 3:454، [4]سنن البيهقيّ 9:37،المستدرك للحاكم 2:121-122،مجمع الزوائد 5: 303،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:223-224 الحديث 4194-4196.
4- 4) سنن البيهقيّ 9:53.

شديدا حين بلغه قول عبد اللّه بن أبي:ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل (1).

و لا يميل الأمير مع موافقيه في المذهب و النسب على مخالفيه فيهما؛لئلاّ يكسر قلوب غيرهم فيخذلونه عند الحاجة.

و ينبغي أن يستشير أصحابه من ذوي الرأي:لقوله تعالى: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (2).

و يتخيّر لأصحابه المنازل الجيّدة و موارد المياه و مواضع العشب.

و يحمل من نفقت (3)دابّته إذا كان معه أو مع أصحابه فضل.

و لو خاف رجل تلف آخر لموت دابّته،قيل:يجب عليه بذل فضل مركوبه؛ ليحيى به صاحبه،كما يجب عليه بذل فاضل الطعام للمضطرّ و تخليصه من عدوّه (4).

و لا بأس بالعقبة بأن يكون الفرس الواحد لشخصين يتعاقبان عليه:لما فيه من المعونة و الإرفاق.

ص:75


1- 1المغني 10:385، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:422. [2]
2- 2) آل عمران(3):159. [3]
3- 3) نفقت الدابّة:ماتت.المصباح المنير:618.
4- 4) المغني 10:386،الشرح الكبير بهامش المغني 10:423.
البحث الثالث
اشارة

في كيفيّة القتال

مسألة:الجهاد موكول إلى نظر الإمام و اجتهاده،

و يلزم الرعيّة طاعته فيما (1)يراه،و ينبغي له أن يبدأ بترتيب قوم على أطراف البلاد رجالا يكفون من بإزائهم من المشركين،و يأمر بعمل حصون لهم و حفر خنادق و جميع ما فيه مصلحة لهم ليحترسوا بها من المشركين و يحفظوا المسلمين.

و ينبغي له أن يجعل في كلّ ناحية أميرا يقلّده أمر الحرب و تدبير الجهاد،يكون ذا أمانة و رفق و نصح للمسلمين و رأي في التدبير و عقل و قوّة و شجاعة و مكايدة للعدوّ؛لأنّه لا يؤمن على الأطراف من المشركين،فوجب حراستهم بما ذكرناه.

و لو احتاجوا إلى المدد،استحبّ للإمام ترغيب الناس في المقام عندهم، و الترداد (2)إليهم كلّ وقت؛ليأمنوا فساد المشركين و يستغنوا عن استنقاذ ما يأخذونه بالجيوش الكثيرة و الأموال العظيمة.

فإن رأى الإمام بالمسلمين قلّة يحتاج معها إلى المهادنة،هادنهم،و إن كان فيهم قوّة،لم يترك الغزو و جاهدهم،و ينبغي له أن يغزو في كلّ عام،و أقلّه مرّة-على ما تقدّم- (3)إمّا بنفسه أو بمن يأمره،و كلّما كثر الجهاد،كان أفضل؛لأنّه واجب على

ص:76


1- 1أكثر النسخ:كما،مكان:فيما.
2- 2) ب و ح:التردّد،مكان:الترداد.
3- 3) يراجع:ص 57. [1]

الكفاية فالإكثار منه مستحبّ.

مسألة:و ينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه من المشركين؛

لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ (1).

و لأنّ الأقرب أكثر ضررا،و في قتاله دفع ضرره عن المقاتل له و عمّن وراءه، و الاشتغال عنه بالبعيد يمكّنه من انتهاز الفرصة في المسلمين؛لاشتغالهم عنه.

و قد روى الشيخ عن عمران بن عبد اللّه القمّيّ،عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ (2)قال:

«الديلم» (3).

إذا ثبت هذا:فإن كان الأبعد أشدّ خطرا و أعظم ضررا،كان الابتداء بقتاله أولى، و لو كان قريبا و أمكنه الفرصة من الأبعد،أو كان الأقرب مهادنا،أو منع من قتاله مانع،جازت البدأة به أيضا؛لكونه موضع الحاجة.

إذا عرفت هذا:فإنّ الإمام يتربّص بالمسلمين إذا كان فيهم (4)قلّة و ضعف، و يؤخّر الجهاد حتّى يشتدّ أمر المسلمين،فإذا اشتدّت شوكتهم،وجب عليه المبادرة إلى الجهاد.

مسألة:إذا التقى الفئتان،وجب الثبات و حرم الفرار؛
اشارة

لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (5).

و قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (6).

ص:77


1- 1التوبة(9):123. [1]
2- 2) التوبة(9):123. [2]
3- 3) التهذيب 6:174 الحديث 345،الوسائل 11:19 الباب 5 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [3]
4- 4) ح،ق،خا،آل،ر و ع:منهم،مكان:فيهم.
5- 5) الأنفال(8):15. [4]
6- 6) الأنفال(8):45. [5]

و قد عدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الفرار من الزحف من الكبائر (1).

إذا عرفت هذا:فإنّما يجب الثبات بأمرين:

أحدهما:أن لا يزيد الكفّار على الضعف من المسلمين،فإن زادوا،لم يجب الثبات؛لقوله تعالى: اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (2)و هذا خبر في الصورة و أمر في المعنى؛لأنّه لو كان خبرا حقيقيّا،لم يكن ردّنا من غلبة الواحد للعشرة إلى غلبة الاثنين تخفيفا،و متى لم يزيدوا على الضعف،وجب الثبات؛للآية،و قد كان الواجب ثبات الواحد للعشرة.

قال ابن عبّاس:نزلت: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (3)فشقّ على المسلمين،ثمّ جاء التخفيف،فقال: اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ (4). (5)

[و] (6)قال ابن عبّاس:من فرّ من اثنين فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة فما فرّ (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن صالح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان يقول:«من فرّ من رجلين في القتال من الزحف فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفرّ» (8).

الثاني:أن لا يقصد بفراره الهزيمة من الحرب،فلو قصد الهزيمة و الهرب،كان

ص:78


1- 1سنن النسائيّ 7:88-89،مسند أحمد 5:413-414.
2- 2) الأنفال(8):66. [1]
3- 3) الأنفال(8):65. [2]
4- 4) الأنفال(8):66. [3]
5- 5) سنن أبي داود 3:46 الحديث 2646، [4]تفسير القرطبيّ 8:44. [5]
6- 6) أضفناها لاقتضاء السياق. [6]
7- 7) سنن البيهقيّ 9:76،كنز العمّال 4:433 الحديث 11277،المصنّف لابن أبي شيبة 7:733 الحديث 5،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:76 الحديث 11151.
8- 8) التهذيب 6:174 الحديث 342،الوسائل 11:63 الباب 27 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [7]

فارّا من الزحف.

و لو قصد التحرّف لقتال أو التحيّز إلى فئة،لم يكن فارّا من الزحف،و كان سائغا.

و معنى التحرّف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون أمكن للقتال،كاستدبار الشمس أو الريح،أو يرتفع عن هابط،أو يمضي إلى موارد المياه من المواضع المعطشة،أو يفرّ من بين أيديهم لتنتقض صفوفهم،أو تنفرد الخيّالة من الرجّالة،أو ليجد فيهم فرصة،أو ليستند إلى جبل،أو غير ذلك من الأسباب و المصالح التي جرت عادة أهل الحرب بها.

و أمّا التحيّز إلى فئة،فهو أن يصير إلى فئة من المسلمين ليكون معهم،فيقوى بهم على عدوّهم،سواء بعدت المسافة أو قصرت،و سواء كانت الفئة قليلة أو كثيرة؛ عملا بالعموم.

فروع:
الأوّل:لو غلب على ظنّه الهلاك،لم يجز الفرار؛

لقوله تعالى: إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (1).

و قيل:يجوز (2)؛لقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (3).

و الأوّل أقوى؛لقوله تعالى: إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (4).

الثاني:لو غلب على ظنّه الأسر،فالأولى أن يقاتل حتّى يقتل،

و لا يسلّم نفسه

ص:79


1- 1الأنفال(8):15. [1]
2- 2) المبسوط 2:10، [2]المجموع 19:291. [3]
3- 3) البقرة(2):195. [4]
4- 4) الأنفال(8):45. [5]

للأسر،فيفوز بثواب اللّه تعالى و درجة الشهادة،و يسلم من حكم الكفّار عليه بالتعذيب و الاستخدام و الفتنة.

الثالث:لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين،

لم يجب الثبات إجماعا، و لو غلب على ظنّ المسلمين الظفر،استحبّ لهم الثبات؛لما فيه من المصلحة،و لا يجب؛لأنّهم لا يأمنون العطب.و لأنّ الحكم بجواز الفرار علّق على مظنّته،و هو كون المسلمين أقلّ من نصف العدوّ،و لهذا لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف و لو غلب على ظنّهم الهلاك فيه.

الرابع:لو زاد المشركون على الضعف و غلب على الظنّ العطب،

قيل:يجب الانصراف إذا أمنوا معه؛لقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1).

و قيل:لا يجب؛لأنّ لهم غرضا في الشهادة (2).و هو حسن.

و كذا القول فيمن قصده رجل فغلب في ظنّه أنّه إن ثبت له،قتله،فعليه الهرب.

و لو غلب على ظنّهم الهلاك في الانصراف و الثبات،فالأولى لهم الثبات؛لينالوا درجة الشهادة و هم مقبلون على القتال صابرون عليه و لا يكونون من المولّين.

و لجواز أن يغلبوا؛لقوله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَ اللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ (3)و هل يجب؟فيه إشكال.

الخامس:لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين،لم يجب الثبات؛

لأنّ الثبات للضعف إنّما يجب إذا تعدّد المسلمون فيقوى كلّ واحد منهم بصاحبه،أمّا مع انفراد المسلم فقد يزداد ضعفا،فلهذا لم يجب.

ص:80


1- 1البقرة(2):195. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:298.
3- 3) البقرة(2):249. [2]

و قيل:يجب (1)،و عليه دلّت رواية الحسن بن صالح عن الصادق عليه السلام، و قد مرّت (2).

السادس:لو قدم العدوّ إلى بلد،جاز لأهله التحصّن منهم،

و إن كانوا أكثر من النصف؛ليلحقهم المدد و النجدة،و لا يكون ذلك فرارا و لا تولّيا؛لأنّ الفرار إنّما يكون بعد اللقاء،و كذا التولّي.

و لو لقوهم خارج الحصن،جاز لهم التحيّز إلى الحصن؛للاستثناء في الآية (3).

و لو غزوا فذهبت دوابّهم،فليس عذرا لجواز الفرار؛لأنّ القتال ممكن للرجّالة.

و لو تحيّزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه و هم رجّالة جاز؛لأنّه تحرّف لقتال.

و لو تلف سلاحهم و التجئوا إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة و التستّر بالشجر و نحوه،جاز.

و لو ولّوا حينئذ لا بنيّة القتال بالحجارة و الخشب،ففي لحوق الإثم بهم نظر؛ لأنّهم لا يقدرون في هذه الحالة على الدفع.

السابع:لو ألقى الكفّار نارا في سفينة فيها مسلمون،

فاشتعلت فيها،فإن غلب على ظنّهم السلامة بالمقام أقاموا،و إن (4)غلب بالإلقاء في الماء ألقوا أنفسهم،و إن استوى الأمران،قال الأوزاعيّ:هما موتتان فاختر أيّهما شئت (5).

و قال بعض الجمهور:يلزمهم المقام؛لأنّهم إذا رموا أنفسهم في الماء،كان موتهم بفعلهم،و إن أقاموا،فموتهم بفعل غيرهم (6).

ص:81


1- 1ينظر:الشرائع 1:311، [1]المهذّب للشيرازيّ 2:299.
2- 2) يراجع:ص 78. [2]
3- 3) الأنفال(8):16.
4- 4) ب:و لو،مكان:و إن.
5- 5) المغني 10:545.
6- 6) المغني 10:545.

و الأوّل:أقرب.

الثامن:ينبغي للإمام أن يتقدّم إلى من يؤمّره على الجيش بتقوى اللّه

و الرفق بالمسلمين،و أن لا يحملهم على مهلكة،و لا يكلّفهم نقب (1)حصن يخاف من سقوطه عليهم،و لا دخول مطمورة (2)يخشى من قتلهم تحتها،فإن فعل شيئا من ذلك فقد أساء و استغفر اللّه تعالى،و لا يجب عليه عقل و لا دية و لا كفّارة إذا أصيب واحد منهم بطاعته؛لأنّه فعله باختياره و معرفته،فلا يكون ضامنا.

مسألة:و ينبغي للوالي إذا بعث سريّة أن يوصيهم

بما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمّار،قال:أظنّه عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة،و لا تقطعوا شجرا إلاّ أن تضطرّوا إليها،و أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام اللّه،فإن تبعكم فأخوكم في دينكم،و إن أبى فأبلغوه،مأمنه،ثمّ استعينوا باللّه عليه» (3).

و عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد[أن] (4)يبعث أميرا له (5)على سريّة،أمره بتقوى اللّه عزّ و جلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّة،ثمّ يقول:اغزوا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه،

ص:82


1- 1النقب:النقب في أيّ شيء كان.و النقب:الطريق.لسان العرب 1:765 و 767. [1]
2- 2) المطمورة:حفرة يطمر فيها الطعام،أي:يخبا.الصحاح 2:726. [2]
3- 3) التهذيب 6:138 الحديث 231،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [3]
4- 4) من المصدر.
5- 5) آل،ع،ق،خا و ح:«إذا أراد بعث أميرا له»،ر:«إذا أراد بعث أمير له»مكان:«إذا أراد أن يبعث أميرا له».

قاتلوا من كفر باللّه و لا تغلّوا و لا تمثّلوا،و لا تقتلوا وليدا و لا متبتّلا في شاهق (1)،و لا تحرقوا النخل،و لا تغرقوه بالماء،و لا تقطعوا شجرة مثمرة، و لا تحرقوا زرعا،لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه،و لا تعقروا[من] (2)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ (3)لكم من أكله،و إذا لقيتم عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوكم إليها فاقبل منهم و كفّ عنه؛ادعوهم إلى الإسلام فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم،[و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام،فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم] (4)،و إن أبوا أن يهاجروا و اختاروا ديارهم و أبوا أن يدخلوا في دار الهجرة،كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين،و لا يجري لهم في الفيء[من] (5)القسمة شيئا إلاّ أن يجاهدوا في سبيل اللّه،فإن أبوا هاتين فادعوا إلى إعطاء الجزية عن يد و هم صاغرون،فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا فاستعن باللّه عليهم و جاهدهم في اللّه حقّ جهاده،و إذا حاصرت أهل حصن فإن أرادوا أن ينزلوا على حكم اللّه فلا تنزلهم، و لكن أنزلهم على حكمي،ثمّ اقض فيهم بعد بما شئتم،فإنّكم إن أنزلتموهم لم تدروا[هل] (6)تصيبوا حكم اللّه فيهم أم لا،فإذا حاصرتم أهل حصن فأرادوك على أن تنزلهم على ذمّة اللّه و ذمّة رسوله فلا تنزلهم،و لكن أنزلهم على ذمّتكم (7)و ذمم

ص:83


1- 1التبتّل:الانقطاع عن الدنيا إلى اللّه.و الشاهق:الجبل المرتفع.الصحاح 4:1505 و ص 1630. و [1]لعلّ المراد به:الرهبان.
2- 2) من المصدر.
3- 3) في النسخ:إلاّ ما بدا،مكان:إلاّ ما لا بدّ.
4- 4) من المصدر.
5- 5) من المصدر.
6- 6) من المصدر.
7- 7) في المصدر:«على ذممكم».

آبائكم و إخوانكم فإنّكم إن تخفروا (1)ذمّتكم و ذمم آبائكم و إخوانكم،كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمّة اللّه و ذمّة رسوله-صلّى اللّه عليه و آله-» (2).

مسألة:إذا نزل الإمام على بلد،جاز له محاصرته بمنع السابلة

دخولا و خروجا بلا خلاف.

قال اللّه تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ (3).

و حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف شهرا (4).و لأنّهم ربّما رغبوا في الإسلام و عرفوا محاسنه.

و يجوز أن ينصب عليهم المنجنيق،و يرميهم بالحجارة،و يهدم الحيطان و الحصون و القلاع؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصب على أهل الطائف منجنيقا (5).

و يجوز أيضا:نصب العرّادة (6)و يرمي الرجال و يهدم به الحصون و يقتل الكفّار؛لأنّ أكثر ما فيه أنّه (7)يقتلهم غيلة،و ذلك جائز على ما يأتي.

و يجوز نصب المنجنيق و الرمي بالحجارة و إن كان فيهم نساء و صبيان؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نصب على أهل الطائف المنجنيق و كان فيهم نساء و صبيان (8).

ص:84


1- 1أخفره:نقض عهده و خاس به و غدره،و أخفر الذمّة:لم يف بها.لسان العرب 4:253. [1]
2- 2) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [2]
3- 3) التوبة(9):5. [3]
4- 4) سنن البيهقيّ 9:84،كنز العمّال 10:537 الحديث 30204.
5- 5) المغازي للواقديّ 2:927، [4]سنن الترمذيّ 5:94 ذيل الحديث 2762،سنن البيهقيّ 9:84.
6- 6) العرّادة-بالتشديد-:شيء أصغر من المنجنيق.الصحاح 2:508. [5]
7- 7) آل،ع،خا،ق و ح:أن،مكان:أنّه.
8- 8) المغني 10:495-496،الشرح الكبير بهامش المغني 10:384،المهذّب للشيرازيّ 2:300.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مدينة من مدائن الحرب هل يجوز أن يرسل عليهم (1)الماء،أو يحرقون بالنيران،أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا و فيهم النساء و الصبيان و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجّار؟فقال:«يفعل ذلك،و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة» (2).

و لأنّه في محلّ الضرورة،فكان (3)سائغا.

و نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن قتل النساء و الصبيان مصروف إلى قتلهم صبرا (4)؛لأنّه عليه السلام رماهم بالمنجنيق في الطائف.

مسألة:لو كان فيهم أسارى مسلمون و خاف الإمام و أصحابه إن لم يرموهم

نزل المشركون إليهم و ظفروا بهم،جاز الرمي؛

لأنّه في محلّ الضرورة؛إذ حفظ من معه من المسلمين أولى،و يدلّ عليه:حديث حفص بن غياث.

و إن لم يكن خوف و لا هناك ضرورة إلى الرمي،نظر إلى المسلمين،فإن كانوا نفرا يسيرا،جاز رمي المشركين؛لأنّ الظاهر أنّه يصيب غيرهم لكنّه يكون مكروها؛لأنّه ربّما قتل مسلما من ضرورة.

و إن كان المسلمون كثيرين،لم يجز الرمي؛لأنّ (5)الظاهر أنّه يصيبهم، و لا يجوز قتل المسلمين لغير ضرورة.

و لو لم يكن في المشركين أحد من المسلمين،جاز الرمي مطلقا بكلّ حال.

ص:85


1- 1ع و ب:عليها،مكان:عليهم.
2- 2) التهذيب 6:142 الحديث 242،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
3- 3) ع،خا،ق،ر وع:و كان،مكان:فكان.
4- 4) أصل الصبر:الحبس،و فيه«نهي عن قتل شيء من الدوابّ صبرا»و هو أن يمسك شيء من ذوات الروح حيّا ثمّ يرمى بشيء حتّى يموت.النهاية لابن الأثير 3:7-8، [2]مجمع البحرين 3:360. [3]
5- 5) كثير من النسخ:و لأنّ،مكان:لأنّ.
مسألة:يجوز تخريب حصونهم و بيوتهم؛

لقوله تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ (1).

و لأنّه إذا جاز قتلهم،جاز تخريب بيوتهم،هذا إذا غلب على ظنّه الحاجة إلى ذلك و أنّه لا يملكهم (2)إلاّ بتخريب منازلهم.

أمّا لو لم يحتج إلى ذلك فالأولى أن لا يفعله،و لو فعله،جاز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرّب حصون بني النضير و خيبر و هدم ديارهم (3).

أمّا إلقاء النار إليهم و قذفهم بها و رميهم بالنفط،فإنّه جائز مع الحاجة إليه في قول أكثر أهل العلم (4)،خلافا لبعضهم (5).

لنا:أنّ أبا بكر أمر بتحريق أهل الردّة،و فعله خالد بن الوليد بأمره (6).

و من طريق الخاصّة:رواية (7)حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (8)و هل يجوز مع عدم الحاجة؟قال بعضهم:لا يجوز (9)،و كلام الشيخ-رحمه اللّه-

ص:86


1- 1الحشر(59):2. [1]
2- 2) ر،ع و ح:لا يمكنهم،مكان:لا يملكهم.
3- 3) ينظر:المبسوط للشيخ الطوسيّ 2:11. [2]
4- 4) المدوّنة الكبرى 2:7-8،المغني 10:493،الشرح الكبير بهامش المغني 10:390،المحلّى 7: 294،مغني المحتاج 4:223،تفسير القرطبيّ 18:8،العزيز شرح الوجيز 11:396،روضة الطالبين:1803.
5- 5) المغني 10:493،الشرح الكبير بهامش المغني 10:389،تفسير القرطبيّ 18:8،المجموع 19: 297،المحلّى 7:294.
6- 6) المغني 10:493،الشرح الكبير بهامش المغني 10:389.
7- 7) ب:ما رواه،مكان:رواية.
8- 8) التهذيب 6:142 الحديث 242،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2.
9- 9) المغني 10:493-494،الشرح الكبير بهامش المغني 10:389-390.

يفهم منه الجواز (1)،و هو الحقّ؛لأنّه سبب في إهلاكهم،فكان جائزا،كقتلهم بالسيف،و لحديث حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

احتجّ المخالف (2):بما رواه حمزة الأسلميّ (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمّره على سريّة،قال:فخرجت فيها،فقال:«إن أخذتم فلانا،فأحرقوه بالنار» فولّيت فناداني فرجعت،فقال:«إن أخذتم فلانا فاقتلوه و لا تحرقوه،فإنّه لا يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار» (4).

و الجواب:أنّه غير محلّ النزاع؛لأنّ الواجب عندنا قتل الأسير بالسيف،أمّا حرقه فلا يجوز،و ليس النزاع فيه،بل في فتح بلادهم بالنار.

مسألة:و كذا يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل،

من رمي الحيّات القواتل إليهم و العقارب،و كلّ ما فيه ضرر عليهم.

و كذا يجوز تغريقهم (5)بالماء،و فتح البثوق (6)عليهم،لكن يكره مع القدرة عليهم بغيره،خلافا لبعضهم،فإنّه منع (7)و البحث فيه كما في إلقاء النار.

و هل يجوز إلقاء السمّ في بلادهم؟الأولى الكراهية.و منع منه الشيخ رحمه اللّه (8).

ص:87


1- 1ينظر:النهاية:293. [1]
2- 2) المغني 10:493-494،الشرح الكبير بهامش المغني 10:389.
3- 3) حمزة بن عمرو بن عويمر الأسلميّ أبو صالح،و يقال:أبو محمّد المدنيّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عمر و روى عنه ابنه محمّد و حنظلة بن عليّ الأسلميّ و سليمان بن يسار. تهذيب التهذيب 3:31. [2]
4- 4) سنن أبي داود 3:54 الحديث 2673. [3]
5- 5) ر،خا و ق:تفريقهم.
6- 6) كثير من النسخ:الفتوق.بثق السيل موضع كذا:أي:خرقه و شقّه.الصحاح 4:1448. [4]
7- 7) المغني 10:494،الشرح الكبير بهامش المغني 10:390.
8- 8) النهاية:293، [5]الجمل و العقود:156.

احتجّ عليه:بما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يلقى السمّ في بلاد المشركين (1).

و لنا (2):أنّه سبب في الظفر،فجاز فعله،كالنار و المنجنيق،و النهي محمول على الكراهية.

مسألة:و يكره قطع الشجر و النخل.

و لو احتاج إليه،جاز في قول عامّة أهل العلم.و منع منه أحمد (3).

لنا:قوله تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللّهِ (4)قال ابن عبّاس:اللينة:النخلة غير الجعرور (5).

و روى الجمهور:أنّ النبيّ (6)صلّى اللّه عليه و آله قطع الشجر بالطائف و نخلهم، و قطع النخل بخيبر،و قطع شجر بني المصطلق و أحرق (7).

و أمّا الكراهية؛فلإمكان تملّكهم أرضهم فيكون تضييعا على المسلمين.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه»إلى قوله:«و لا تقطعوا شجرا إلاّ أن

ص:88


1- 1التهذيب 6:143 الحديث 244،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) ب و ق:لنا.
3- 3) المغني 10:501،الشرح الكبير بهامش المغني 10:388،الفروع في فقه أحمد 3:439، الإنصاف 4:127،الكافي لابن قدامة 4:211.
4- 4) الحشر(59):5. [2]
5- 5) تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس:348،تفسير الطبريّ 28:33، [3]تفسير التبيان 9:559.و [4]في الجميع:العجوة،مكان:الجعرور.
6- 6) أكثر النسخ:عن النبيّ،مكان:أنّ النبيّ.
7- 7) سنن البيهقيّ 9:84 و 86،الأحكام السلطانيّة 1:50،العزيز شرح الوجيز 11:422،المبسوط للسرخسيّ 10:32.

تضطرّوا إليها» (1)

و في حديث مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«و لا تحرقوا النخل،و لا تغرقوه بالماء،و لا تقطعوا شجرة مثمرة، و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه» (2).

مسألة:و يكره تبييت العدوّ غارّين ليلا،

و إنّما يلاقون بالنهار،و لو احتاجوا إلى ذلك،فعلوه بهم.

روى الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شنّ الغارة (3)على بني المصطلق ليلا (4).و لأنّه في محلّ الحاجة.و لأنّ الغرض قتلهم،فجاز التبييت؛لأنّه أبلغ في احتفاظ (5)المسلمين.

و أمّا الكراهية:فإنّما تثبت مع الغنى عن التبييت؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا طرق العدوّ ليلا لم يغر حتّى يصبح (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبّاد بن صهيب،قال:سمعت أبا عبد اللّه

ص:89


1- 1التهذيب 6:138 الحديث 231،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 5:29 الحديث 8، [2]التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [3]
3- 3) شنّ عليهم الغارة يشنّها شنّا و أشنّ:صبّها و بثّها و فرّقها من كلّ وجه.لسان العرب 13:242. [4]
4- 4) صحيح مسلم 3:1356 الحديث 1730،مسند أحمد 2:31،32 و 51،المستدرك للحاكم 1: 15،مسند الشافعيّ:314،سنن البيهقيّ 9:38،54،64،79 و 107،كنز العمّال 10:567 الحديث 30257،المصنّف لابن أبي شيبة 7:646 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:60 الحديث 156.
5- 5) ح و ب:احتياط،مكان:احتفاظ.
6- 6) مسند أحمد 3:159، [5]سنن البيهقيّ 9:79،المصنّف لابن أبي شيبة 7:647 الحديث 5،مسند أبي يعلى 6:431.

عليه السلام يقول:«ما بيّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عدوّا قطّ ليلا» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ القتال بعد الزوال؛لأنّه ربّما يحضر وقت صلاة الظهر فلا يمكنهم أداؤها،بخلاف العشاءين؛لأنّهم بالليل ينكفّون عن القتال.

و لما رواه الشيخ عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«كان عليّ عليه السلام لا يقاتل (2)حتّى نزول الشمس،و[يقول:] (3)تفتح أبواب السماء و تقبل الرحمة و ينزل النصر،و يقول:هو أقرب إلى الليل و أجدر أن يقلّ القتل و يرجع الطلب و يغلب المهزوم (4)» (5).

مسألة:و لا ينبغي قتل دوابّهم في غير حال الحرب لمغايظتهم و الإفساد عليهم،
اشارة

سواء خفنا أخذهم لها أو لم نخف.و به قال الأوزاعيّ،و الليث (6)،و الشافعيّ (7)، و أبو ثور (8).

و قال أبو حنيفة (9)،و مالك:يجوز؛لأنّ فيه غيظا لهم و إضعافا لقوّتهم،فأشبه

ص:90


1- 1التهذيب 6:174 الحديث 343،الوسائل 11:46 الباب 17 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) آل،خا و ق بزيادة:أحدا.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في المصدر:«و يرجع الطالب و يفلت المهزوم»مكان:«و يرجع الطلب و يغلب المهزوم».الطلب: جمع طالب.الصحاح 1:172.
5- 5) التهذيب 6:173 الحديث 341،الوسائل 11:46 الباب 17 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
6- 6) حلية العلماء 7:669،المغني 10:498،الشرح الكبير بهامش المغني 10:385.
7- 7) الأمّ 4:259،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:271-272،حلية العلماء 7:669،العزيز شرح الوجيز 11:422-423،المغني 10:498،الشرح الكبير بهامش المغني 10:385.
8- 8) حلية العلماء 7:669،المغني 10:498،الشرح الكبير بهامش المغني 10:385.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 10:37،تبيين الحقائق 4:100،الهداية للمرغينانيّ 2:142، [3]مجمع الأنهر 1:641،المغني 10:498،الشرح الكبير بهامش المغني 10:385.

قتلها حال قتالهم (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي بكر،قال في وصيّته (2)ليزيد بن أبي سفيان (3)حين بعثه أميرا على القتال:و لا تعقرنّ شجرا مثمرا،و لا دابّة عجماء،و لا شاة إلاّ لمأكلة (4).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل شيء من الدوابّ صبرا (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و لا تعقروا[من] (6)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (7).

و لأنّه حيوان ذو حرمة،فلا يجوز قتلها،لمغايظة الكفّار،كالنساء و الصبيان.

و أمّا في حال الحرب فيجوز فيها قتل المشركين بدوابّهم كيف كان؛لأنّها حالة يجوز فيها قتل الصبيان و النسوان و الأسارى من المسلمين،فالدوابّ أولى،و لأنّه

ص:91


1- 1المدوّنة الكبرى 2:40،الكافي في فقه أهل المدينة:208،المنتقى للباجي 3:170،المغني 10: 498،الشرح الكبير بهامش المغني 10:385.
2- 2) ب:في مرضه،مكان:في وصيّته.
3- 3) يزيد بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أميّة،أبو خالد الأمويّ روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر،و روى عنه أبو عبد اللّه الأشعريّ و عياض الأشعريّ و جنادة بن أبي أميّة،استعمله أبو بكر على ربع الأجناد في الجهاد و لمّا استخلف عمر ولاّه فلسطين فلمّا مات معاذ استخلفه على دمشق فمات بها سنة 19 ه. العبر 1:17، [1]تهذيب التهذيب 11:332. [2]
4- 4) الموطّأ 2:447-448 الحديث 10، [3]سنن البيهقيّ 9:89.
5- 5) صحيح مسلم 3:1550 الحديث 1959،سنن ابن ماجة 2:1064 الحديث 3188،مسند أحمد 3:318،321-322 و 339،سنن البيهقيّ 9:334،مسند أبي يعلى 4:163 الحديث 2231.
6- 6) من المصدر.
7- 7) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43-44 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [4]

يتوصّل بقتل بهائمهم إلى قتلهم و هربهم.و قد عقر حنظلة بن الراهب فرس أبي سفيان يوم أحد،فرمت به فخلّصه ابن شعوب (1). (2)و لا نعرف في جواز ذلك خلافا.

فروع:
الأوّل:يجوز عقر الدوابّ للأكل مع الحاجة إليه،

إذا كان ممّا لا يتّخذ إلاّ للأكل، كالدجاج و الحمام،و ما أشبه ذلك من أصناف الطيور بالإجماع؛لأنّه كالطعام، فجاز تناوله.

و لو كان ممّا يحتاج إليه للقتال،كالخيل،جاز ذبحه عند الحاجة إليه،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:أنّ فيه إضعافا لهم،مع دعوى الحاجة إليه،فكان سائغا،كحال الحرب و لو كان ممّا لا يحتاج إليه في القتال،كالغنم و البقر فإنّه يجوز ذبحها.

و عن أحمد روايتان:إحداهما:المنع (4).

لنا:أنّ هذا الحيوان مثل الطعام في الأكل و القوت،فكان مثله في إباحته.و إذا ذبح الحيوان،أكل لحمه،و ليس له الانتفاع بجلده،بل يردّ إلى المغنم.و لأنّه حيوان

ص:92


1- 1أبو بكر بن شعوب اللّيثيّ اسمه:شدّاد،و قيل:الأسود،و قيل،هو:شدّاد بن الأسود و شعوب أمّه، و هو الذي نجّى أبا سفيان يوم أحد لما استعلى عليه حنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة.المغازي للواقديّ 1:273، [1]أسد الغابة 2:59، [2]الإصابة 4:22. [3]
2- 2) الأمّ 4:259،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:272،سنن البيهقيّ 9:87،المغني 10:499،الشرح الكبير بهامش المغني 10:386.
3- 3) المغني 10:499،الشرح الكبير بهامش المغني 10:386.
4- 4) المغني 10:499،الشرح الكبير بهامش المغني 10:386،الفروع في فقه أحمد 3:439، الإنصاف 4:126.

مأكول،فأبيح أكله،كالطير.و لحديث مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و لا تعقروا[من] (1)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (2)،و الاستثناء يدلّ على الجواز.

احتجّ أحمد (3):بما رواه ثعلبة بن الحكم (4)قال:أصبنا غنما للعدوّ فانتهبناها فنصبنا قدورنا،فمرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالقدور و هي تغلي،فأمر بها فكبّت فأكفئت،ثمّ قال لهم:«إنّ النهبة لا تحلّ» (5).

و لأنّها حيوانات تكثر قيمتها و تشحّ أنفس الغانمين بها،و يمكن حملها إلى دار الإسلام.

و الجواب:أنّ الحديث مخصوص بمن له هدنة لا يحلّ نهب ماله،لا مطلقا.

و كثرة القيمة لا تمنع من ذبحها للحاجة،كما لو أذن الإمام.

الثاني:لو أذن الإمام في ذبحها،جاز إجماعا،

و كذا لو قسمها؛لما روى معاذ، قال:غزونا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خيبر فأصبنا غنما فقسم بيننا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طائفة و جعل بقيّتها في المغنم (6).

ص:93


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) الكافي 5:29 الحديث 8، [1]التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 10:500،الشرح الكبير بهامش المغني 10:386.
4- 4) ثعلبة بن الحكم بن عرفطة بن الحارث الكنانيّ،شهد حنينا،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في النهي عن النهبة،و عن ابن عبّاس،و روى عنه سمّاك بن حرب و يزيد بن أبي زياد،مات بين السبعين إلى الثمانين. أسد الغابة 1:239، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:202، [4]الإصابة 1:198، [5]تهذيب التهذيب 2:22. [6]
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1299 الحديث 3938،المصنّف لابن أبي شيبة 5:277 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:84 الحديث 1378.و النهبة:الغنيمة.النهاية لابن الأثير 5:133.
6- 6) سنن أبي داود 3:67 الحديث 2707، [7]سنن البيهقيّ 9:60،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:69 الحديث 129.
الثالث:لو عجز المسلمون عن سياقه و أخذه،

جاز ذبحه و الانتفاع به مع الحاجة و عدمها؛لانتفاع المسلمين بها و إن لم يكن لهم حاجة فيها.

الرابع:لو غنم المسلمون خيل المشركين ثمّ أدركهم المشركون،

و خافوا أن يأخذوها من أيديهم،لم يجز لهم قتلها و لا عقرها؛لما قلناه (1).

أمّا لو كانوا رجّالة،أو على خيل قد كلّت،و خافوا أن يستردّوها فيركبونها و يظفرون بهم،فإنّه يجوز لهم قتلها للحاجة.

مسألة:لو تترّس الكفّار بنسائهم و صبيانهم،

فإن كانت الحرب ملتحمة،جاز قتالهم،و لا يقصد قتل الصبيّ و لا المرأة،بل قتل من خلفهم،و لا يكفّ عنهم لأجل الترس؛لما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،هل يجوز أن يرسل عليهم الماء،أو يحرقون بالنار،أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا و فيهم النساء و الصبيان،و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجّار؟فقال:«يفعل ذلك بهم و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة» (2).

و لأنّ تركهم يؤدّى إلى قتل المسلمين؛لأنّهم يرمونهم و لا يرميهم المسلمون.

و لأنّ قتل النساء و الصبيان منع منه مع الانفراد.

و لأنّ في الكفّ عنهم تعطيلا للجهاد؛لأنّهم متى ما أراد المسلمون الجهاد تترّسوا عنهم.

أمّا إذا لم تكن الحرب ملتحمة،فإن كان المشركون في حصن متحصّنين،أو كانوا من وراء خندق كافّين عن القتال،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز رميهم.

و الأولى تجنّبهم (3)،و للشافعيّ قولان:

ص:94


1- 1يراجع:ص 90.
2- 2) التهذيب 6:142 الحديث 242،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
3- 3) المبسوط 2:12. [2]

أحدهما:لا يجوز رميهم؛لأنّه لا حاجة به إلى قتل النساء و الصبيان.

و الثاني:يرميهم؛لأنّه يؤدّي إلى تعطيل الجهاد (1).

و الأقرب عندي:اعتبار الحاجة،فإن وجدت،جاز رميهم،و إلاّ كره،و يكون سائغا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماهم بالمنجنيق و فيهم النساء و الصبيان (2).

مسألة:و لو تترّسوا بمسلم،
اشارة

فإن لم تكن الحرب قائمة،لم يجز الرمي،و كذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي،أو أمن شرّهم،فلو خالفوا و رموا،كان الحكم فيه كالحكم في غير هذا المكان،إن كان القتل عمدا فالقود و الكفّارة على قاتله،و إن كان خطأ فالدية على العاقلة و الكفّارة عليه؛لأنّه فعل ذلك من غير حاجة.

و لو كان حال التحام الحرب،جاز رميهم،و يقصد بالرمي المشركين لا المسلمين؛للضرورة إلى ذلك.هذا إذا دعت الضرورة إلى رميهم،بأن يخاف منهم لو تركوا.و لو لم يخف منهم لكن لا يقدر عليهم إلاّ بالرمي،فالأولى القول بالجواز أيضا،و به قال الشافعيّ (3).

و قال الليث و الأوزاعيّ:لا يجوز رميهم (4).

لنا:أنّ تركهم يفضي إلى تعطيل الجهاد.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ... الآية (5).قال الليث:ترك فتح

ص:95


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:300،المجموع 19:296،العزيز شرح الوجيز 11:397،روضة الطالبين: 1803،الحاوي الكبير 14:186.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:84،المغني 10:495-496،الشرح الكبير بهامش المغني 10:395.
3- 3) الأمّ 4:244،المهذّب للشيرازيّ 2:300،روضة الطالبين:1804،العزيز شرح الوجيز 11: 399،مغني المحتاج 4:223-224،الحاوي الكبير 14:188،السراج الوهّاج:543.
4- 4) المغني 10:497،الشرح الكبير بهامش المغني 10:395.
5- 5) الفتح(48):25. [1]

حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حقّ (1).

و قال الأوزاعيّ:كيف يرمون من لا يرونه؟! (2)إنّما يرمون أطفال المسلمين (3).

و هو ضعيف؛لما بيّنّا (4).و الآية محمولة على غير حال التحام الحرب.

فروع:
الأوّل:إذا رمى فأصاب مسلما،

و لم يعلم أنّه مسلم و الحرب قائمة،فلا دية عليه؛لأنّه مأمور بالرمي.و لأنّا لو أوجبنا الدية أدّى إلى بطلان الجهاد جملة؛لأنّه يجوز أن يكون كلّ رجل يقصده مسلما فيمتنع من الرمي.

الثاني:لو علمه مسلما و رمى قاصدا للمشركين،

و لم يمكنه التوقّي فأصابه و قتله،فلا قود عليه إجماعا؛لعدم القصد،و لا تجب الدية أيضا عندنا.و هو أحد قولي الشافعيّ (5)،و قول أبي حنيفة (6)،و إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الأخرى:تجب عليه الدية (7)،و هو القول الآخر للشافعيّ (8).

ص:96


1- 1المغني 10:497،الشرح الكبير بهامش المغني 10:396.
2- 2) أكثر النسخ:من لا يؤذيه،و في بعضها:من لا يؤدّيه،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) المغني 10:497.
4- 4) آل:على ما بيّنا،يراجع:ص 94-95.
5- 5) الأمّ 4:244،روضة الطالبين:1804،العزيز شرح الوجيز 11:399،الحاوي الكبير 14:189، مغني المحتاج 4:224.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:65،بدائع الصنائع 7:101،الهداية للمرغينانيّ 2:137،شرح فتح القدير 5:198،الفتاوى الهنديّة 2:194،تبيين الحقائق 4:87،مجمع الأنهر 1:635.
7- 7) المغني 10:497،الشرح الكبير بهامش المغني 10:396،الفروع في فقه أحمد 3:440، الإنصاف 4:129. [1]
8- 8) الأمّ 4:244،روضة الطالبين:1804،العزيز شرح الوجيز 11:399،الحاوي الكبير 14:189، مغني المحتاج 4:224.

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (1)و لم يذكر الدية فلا تكون واجبة.

و لأنّ إيجاب الضمان يستلزم إبطال الجهاد.و لأنّه رمي مباح،فأشبه ما إذا لم يعلمه.

و يؤيّده:حديث حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).

احتجّ المخالف:بقوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (3).

و لأنّه قتل معصوما بالإيمان،و القاتل من أهل الضمان،فأشبه ما لو لم يتترّس به (4).

و الجواب عن الآية:أنّها عامّة،و الآية التي تلوناها خاصّة،فتكون مقدّمة عليه.

و عن الثاني:بالفرق بين التترّس و عدمه إجماعا،فيكون الحكم مستندا إلى الفارق.

الثالث:هل تجب الكفّارة بقتل هذا المسلم مع العلم بإسلامه و عدم العلم؟

الذي نصّ عليه الشيخ-رحمه اللّه-أنّه تجب الكفّارة (5).و به قال الشافعيّ (6)

ص:97


1- 1النساء(4):92. [1]
2- 2) التهذيب 6:142 الحديث 242،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
3- 3) النساء(4):92. [3]
4- 4) المغني 10:497.
5- 5) المبسوط 2:12. [4]
6- 6) الأمّ 4:244،روضة الطالبين:1804،العزيز شرح الوجيز 11:399-400،الحاوي الكبير 14: 189،مغني المحتاج 4:224.

و أحمد بن حنبل (1).

و قال أبو حنيفة:لا تجب الكفّارة أيضا (2).و هو رواية لنا أيضا (3).

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (4).

و لأنّه قتل معصوم الدم بالإيمان،و القاتل من أهل الضمان فوجبت عليه الكفّارة.

احتجّ المخالف:بأنّه جوّز له الرمي و إن غلب على ظنّه أنّه يصيبه،فإذا أصابه لم تتعلّق به الكفّارة،كمباح الدم (5).

و الجواب:الفرق؛فإنّ مباح الدم لا يجب توقّيه،و هذا يجب توقّيه،فافترقا.

مسألة:لا يجوز قتل صبيان المشركين إجماعا،
اشارة

و لا نسائهم و لا المجانين منهم.

روى الجمهور عن أنس بن مالك،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«انطلقوا بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه لا تقتلوا شيخا فانيا،و لا صغيرا و لا امرأة» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه

ص:98


1- 1المغني 10:497، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:396، [2]الفروع في فقه أحمد 3:440، الإنصاف 4:129.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:65،بدائع الصنائع 7:101،الهداية للمرغينانيّ 2:137، [3]شرح فتح القدير 5:198،الفتاوى الهنديّة 2:194،تبيين الحقائق 4:87.
3- 3) التهذيب 6:142 الحديث 242،الوسائل 11:46 الباب 16 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]
4- 4) النساء(4):92. [5]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:65،المغني 10:497.
6- 6) سنن أبي داود 3:37-38 الحديث 2614، [6]سنن البيهقيّ 9:90،كنز العمّال 4:382 الحديث 11013،المصنّف لابن أبي شيبة 7:654 الحديث 7. [7]

و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا،و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة» (1).الحديث.

و في الصحيح عن محمّد بن حمران و جميل بن درّاج كليهما،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث سريّة بعث (2)أميرها فأجلسه إلى جنبه و أجلس أصحابه بين يديه،ثمّ قال:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغدروا و لا تمثّلوا و لا تغلّوا،و لا تقطعوا شجرة إلاّ أن تضطرّوا إليها،و لا تقتلوا شيخا و لا صبيّا و لا امرأة، و أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام اللّه،فإن تبعكم فأخوكم في دينكم،و إن بغت (3)فاستعينوا باللّه عليه و أبلغوا به مأمنه» (4).

و لأنّهم ليسوا من أهل المحاربة،فلا ينبغي قتلهم.

فرع:

لو قاتلت المرأة،لم يجز قتلها

إلاّ مع الاضطرار؛عملا بعموم النهي،أمّا مع الضرورة فيجوز قتلها إجماعا؛للضرورة.

و لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال:«من قتل هذه؟»فقال رجل:أنا يا رسول اللّه،قال:«و لم؟»قال:نازعتني

ص:99


1- 1التهذيب 6:138 الحديث 231،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) في المصدر:«دعا»مكان:«بعث».
3- 3) في المصدر:«و إن أبى»مكان:«و إن بغت».
4- 4) التهذيب 6:139 الحديث 233،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]

قائم سيفي،فسكت (1).

و لو أسرت،لم يجز قتلها؛لنهيه صلّى اللّه عليه و آله عن قتل النساء و الولدان (2).و لو وقفت امرأة في صفّ الكفّار أو على حصنهم،فشتمت المسلمين أو تكشّفت لهم،جاز رميها.

روى عكرمة،قال:لمّا حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف، أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها،فقال:«هادونكم فارموا» (3)فرماها رجل من المسلمين،فما أخطأ ذلك منها (4).

و يجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى الرمي.

مسألة:الشيخ من أهل الحرب على أقسام أربعة:
اشارة

أحدها:أن يكون له رأي و قتال،فيجوز قتله إجماعا.

الثاني:أن يكون فيه قتال و لا رأي له،فيجوز قتله أيضا.

الثالث:أن يكون له رأي و لا قتال فيه،فيجوز قتله أيضا إجماعا؛لأنّ دريد بن الصمّة (5)قتل يوم حنين و كان له مائة و خمسون سنة،و كان له معرفة بالحرب، و كان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرّفهم كيفيّة القتال،فقتله

ص:100


1- 1مسند أحمد 1:256،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:307 الحديث 12082،مجمع الزوائد 5: 316.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:77،المصنّف لابن أبي شيبة 7:654 الحديث 1،2 و 4،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:75 الحديث 150.
3- 3) كثير من النسخ:«فارموها».
4- 4) سنن البيهقيّ 9:82،المغني 10:496،الشرح الكبير بهامش المغني 10:395.
5- 5) دريد بن الصّمّة بن بكر بن علقمة...بن جشم،كان مع هوازن يوم حنين و هو يومئذ ابن ستّين و مائة سنة،و كان ذا معرفة بالحرب و جيء به تيمّنا،قتله أبو عامر الأشعريّ. أسد الغابة 5:238،المغازيّ للواقديّ 2:886-889، [1]تاريخ دمشق لابن عساكر 17:231.

المسلمون،و لم ينكر عليهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1).

الرابع:أن لا يكون له قتال و لا رأي له،كالشيخ الفاني،فهذا لا يجوز قتله عندنا.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك،و الثوريّ،و الليث،و الأوزاعيّ،و أبو ثور (3).

و قال أحمد بن حنبل:يقتل (4).و به قال المزنيّ (5)،و أبو إسحاق (6).و للشافعيّ قولان (7):

لنا:قوله عليه السّلام:«لا تقتلوا شيخا فانيا» (8).

و لأنّه لا ضرر فيه من حيث المخاصمة و من حيث المشورة.و لأنّه ليس من أهل القتال،فلا يقتل،كالمرأة.و قد أومأ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى هذه العلّة في

ص:101


1- 1صحيح البخاريّ 5:197،صحيح مسلم 4:1943 الحديث 2498،سنن البيهقيّ 9:91-92، مسند أبي يعلى 13:187 الحديث 7222 و ص 299 الحديث 7313،المغازي للواقديّ 2:886- 889،المهذّب للشيرازيّ 2:299،المجموع 19:295،المغني 10:534،الشرح الكبير بهامش المغني 10:394.
2- 2) بدائع الصنائع 7:101،العزيز شرح الوجيز 11:391،الحاوي الكبير 14:193.
3- 3) بداية المجتهد 1:384،الاستذكار 5:29،العزيز شرح الوجيز 11:391،المغني 10:532، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:392. [2]
4- 4) لم نعثر على قوله هذا،و الموجود في المغني و الشرح و كذا في الفروع و الإنصاف خلافه،ينظر: المغني 10:533،الشرح الكبير بهامش المغني 10:395،الإنصاف 4:128، [3]الفروع في فقه أحمد 3:440.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:272.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 2:299،العزيز شرح الوجيز 11:391.
7- 7) حلية العلماء 7:650،المهذّب للشيرازيّ 2:299،المجموع 19:296،روضة الطالبين: 1803،العزيز شرح الوجيز 11:391،الحاوي الكبير 14:193،الميزان الكبرى 2:179، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:177،مغني المحتاج 4:223.
8- 8) سنن أبي داود 3:37-38 الحديث 2614، [4]سنن البيهقيّ 9:90،كنز العمّال 4:382 الحديث 11013،المصنّف لابن أبي شيبة 7:654 الحديث 7،و من طريق الخاصّة ينظر:التهذيب 6:138 الحديث 231،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ ذيل الحديث 2. [5]

المرأة،فقال:«ما بالها قتلت و هي لا تقاتل» (1).

احتجّوا:بعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2). (3)

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«اقتلوا شيوخ المشركين و استبقوا شرخهم» (4).و الشرخ:هم الصبيان.

و قال ابن المنذر:لا أعرف حجّة في ترك قتل الشيوخ،يستثنى بها من عموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ .و لأنّه كافر لا نفع في حياته،فيقتل،كالشابّ (5).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصوص بالنساء و الصبيان إجماعا،فكذا الشيخ الهمّ؛لأنّه في معناهما.

و عن الثاني:أنّ المراد بالشيوخ:الذين فيهم قوّة القتال أو معونة عليه برأي أو تدبير؛جمعا بين الأحاديث.

و لأنّ حديثنا أخصّ لأنّه يتناول الشيخ الفاني،و حديثهم أعمّ؛لأنّه يتناول الشيوخ مطلقا.

ص:102


1- 1أورده ابنا قدامة في المغني 10:535،و الشرح الكبير بهامش المغني 10:392.
2- 2) التوبة(9):5. [1]
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 2:299،الحاوي الكبير 14:193،المغني 10:533،الشرح الكبير بهامش المغني 10:392.
4- 4) سنن أبي داود 3:54 الحديث 2670، [2]سنن الترمذيّ 4:145 الحديث 1583، [3]مسند أحمد 5:12 و 20، [4]سنن البيهقيّ 9:92،كنز العمّال 4:381 الحديث 11009،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:217 الحديث 6901 و 6902،المصنّف لابن أبي شيبة 7:657 الحديث 2.في بعض المصادر:و استحيوا، مكان:و استبقوا.
5- 5) المغني 10:533،الشرح الكبير بهامش المغني 10:392.
فروع:
الأوّل:الرهبان و أصحاب الصوامع يقتلون

إن كانوا شيوخا لهم قوّة أو رأي، و كذا لو كانوا شبّانا قتلوا،كغيرهم،إلاّ من كان شيخا فانيا عادم الرأي؛للعموم.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد روي أنّ هؤلاء[لا] (1)يقتلون (2).

الثاني:الزّمن و الأعمى اللّذين لا انتفاع بهما في الحرب

(3)

الأولى إلحاقهما بالشيخ الفاني؛لأنّهما ليسا من أهل القتال،فأشبها المرأة.

الثالث:العبيد إن قاتلوا مع ساداتهم،قتلوا،و إلاّ فلا؛

لأنّهم يصيرون رقيقا للمسلمين بالسبي،فحكمهم حكم النساء و الصبيان.

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أدركوا خالدا فمروه أن لا يقتل ذرّيّة (4)، و لا عسيفا (5)» (6)و هم العبيد.

الرابع:لو قاتل من ذكرنا،جاز قتلهم،

إلاّ النساء،إلاّ لضرورة،على ما تقدّم (7).

و يؤيّده:ما رواه حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب،إلاّ أن تقاتل،فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك»ثمّ قال:«و كذلك المقعد من أهل الذمّة

ص:103


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) المبسوط 2:12، [1]الخلاف 2:501 مسألة-5.
3- 3) الزّمن:ذو الزمانة،و الزمانة:العاهة.لسان العرب 13:199. [2]
4- 4) الذرّيّة:هم الصغار.المصباح المنير:207.
5- 5) العسيف:الأجير،و قيل:العبد.النهاية لابن الأثير 3:236.
6- 6) سنن أبي داود 3:53 الحديث 2669 سنن ابن ماجة 2:948 الحديث 2842،مسند أحمد 4: 178،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:10 الحديث 3489،مسند أبي يعلى 3:115 الحديث 1546.
7- 7) يراجع:ص 99. [3]

و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان» (1).

و كذا الشيوخ و الصبيان؛لما تقدّم (2)،و لما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام[قال] (3):«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم» (4).

أمّا مع الضرورة إلى قتل النساء،فإنّه جائز،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن مسلمة (5). (6)و وقف على امرأة مقتولة،فقال:«ما بالها قتلت و هي لا تقاتل» (7).

الخامس:المريض يقتل إذا كان بحالة لو كان صحيحا لقاتل؛

لأنّ ذلك بمنزلة الإجهاز على الجريح،أمّا لو آيس من برئه،فالوجه:أنّه يكون بمنزلة الزّمن؛لأنّه لا يخاف منه أن يصير إلى حال يقاتل فيها.

السادس:الفلاّح الذي لا يقاتل يقتل أيضا؛

لأنّه يمكنه القتال؛و لأنّه (8)يطلب

ص:104


1- 1الكافي 5:28 الحديث 6، [1]التهذيب 6:156 الحديث 277،الوسائل 11:47 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
2- 2) يراجع:ص 98 و 101.
3- 3) أثبتناها من التهذيب.
4- 4) التهذيب 6:142 الحديث 241،الوسائل 11:48 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [3]
5- 5) محمود بن مسلمة بن خالد بن عديّ...الأنصاريّ،شهد أحدا و الخندق و الحديبيّة و خيبر و قتل بها، كان أوّل ما فتح من حصون خيبر حصن ناعم و عنده قتل محمود بن مسلمة،ألقيت عليه رحى منه فقتلته و ذلك سنة ستّ من الهجرة. أسد الغابة 4:333-334، [4]الإصابة 3:387. [5]
6- 6) المغني 10:534،الشرح الكبير بهامش المغني 10:392،سنن البيهقي 9:82
7- 7) بهذا اللفظ ينظر :المغنى 10:535،الشرح الكبير بهامش المغني 10:329 و بتفاوت يسير،ينظر: سنن أبي داود 3:53 الحديث 2669،سنن ابن ماجة 2:948 الحديث 2842،مسند أحمد 4:178، [6]المعجم الكبير للطبرانيّ 4:10 الحديث 3489،مسند أبي يعلى 3:115 الحديث 1546.
8- 8) كثير من النسخ:لأنّه.

منه الإسلام،و به قال الشافعيّ (1).و خالف فيه أحمد بن حنبل (2).

لنا:ما تقدّم،و قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3).

احتجّوا (4):بقول عمر بن الخطّاب:اتّقوا اللّه في الفلاّحين الذين لا ينصبون لكم الحرب (5).

و الجواب:أنّ قول عمر ليس بحجّة في نفسه فضلا إذا عارض القرآن.

مسألة:إذا حاصر الإمام حصنا،لم يكن له الانصراف عنه إلاّ بأحد أمور
اشارة

خمسة:

الأوّل:أن يسلموا

فيحرزوا (6)بالإسلام دماءهم و أموالهم؛لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (7).

الثاني:أن يبذلوا مالا على الترك لهم،

فإن كان جزية و هم من أهلها،قبلت

ص:105


1- 1المغني 10:535،الشرح الكبير بهامش المغني 10:394.
2- 2) المغني 10:535،الشرح الكبير بهامش المغني 10:394،الفروع في فقه أحمد 3:440، الإنصاف 4:129.
3- 3) التوبة(9):5. [1]
4- 4) المغني 10:535،الشرح الكبير بهامش المغني 10:394.
5- 5) سنن البيهقيّ 9:91.
6- 6) ر:فيحوزوا،ع:فيحوز.أحرز الشيء حازه،و احترزت من كذا و تحرّزت،أي:توقّيته.لسان العرب 5:333. و الحوز:الجمع،و كلّ من ضمّ شيئا إلى نفسه من مال أو غير ذلك فقد حازه.لسان العرب 5:341. [2]
7- 7) صحيح البخاريّ 9:115،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [3]سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3927 و 3928،سنن الترمذيّ 5:439 الحديث 3341،سنن النسائيّ 5:14،مسند أحمد 3:332. [4]في بعض المصادر بتفاوت يسير.

منهم؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).

و إن لم يكن جزية،بأن كانوا حربيّين،اعتبرت المصلحة،فإن وجد الإمام من المصلحة قبوله،قبله منهم،و إلاّ فلا.

الثالث:أن يفتحه

و يملكه و يقهرهم عليه.

الرابع:أن يرى من المصلحة الانصراف عنهم،

إمّا بأن يتضرّر المسلمون بالإقامة،أو بأن يحصل اليأس منه،أو لتحصيل مصلحة تفوت بالإقامة مع الحاجة إليها،كما روي:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حاصر أهل الطائف،فلم ينل منهم شيئا،فقال:«إنّا قافلون إن شاء اللّه تعالى غدا»فقال المسلمون:أ نرجع و لم نفتحه؟! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اغدوا على القتال»فغدوا عليه،فأصابهم الجراح،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّا قافلون غدا»فأعجبهم فقفل (2)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

الخامس:أن ينزلوا على حكم حاكم فيجوز،

كما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ،فأجابهم إلى ذلك (4).

مسألة:لا يجوز التمثيل بالكفّار

و لا الغدر بهم و لا الغلول منهم؛لقول أبي

ص:106


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) آل،خا،ق و ب:ففعل،مكان:فقفل.و في المصادر غير المغني:فضحك،مكان:فقفل.و القفول: رجوع الجند بعد الغزو و الرجوع من السفر.لسان العرب 11:560. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 5:198،صحيح مسلم 3:1402 الحديث 1778،مسند أحمد 2:11، [3]سنن البيهقيّ 9:43.
4- 4) صحيح البخاريّ 4:81 و ج 5:143،صحيح مسلم 3:1388-1389،الحديث 1768 و 1769،سنن الترمذيّ 4:144 الحديث 1582، [4]مسند أحمد 3:22 و 71، [5]سنن البيهقيّ 6:57- 58 و ج 9:63.

عبد اللّه عليه السلام في حديث أبي حمزة الثماليّ-الحسن-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا أراد أن يبعث سريّة،دعاهم،فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا،و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة»الحديث (1).

و كذا في حديث مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه و لا تغدروا و لا تغلّوا و لا تمثّلوا» (2).

و كذا في حديث جميل بن درّاج-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

ص:107


1- 1الكافي 5:27 الحديث 1، [1]التهذيب 6:138 الحديث 231،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
2- 2) الكافي 5:29 الحديث 8، [3]التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [4]
3- 3) الكافي 5:30 الحديث 9، [5]التهذيب 6:139 الحديث 233،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2.و تقدّم الحديث ص 99.
البحث الرابع
اشارة

في المبارزة

مسألة:المبارزة مشروعة غير مكروهة

في قول عامّة أهل العلم،إلاّ الحسن البصريّ،فإنّه لم يعرفها و كرهها (1).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ عليّا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا (2)و بارز عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق فقتله (3).

و بارز حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة بن الحارث (4)يوم بدر بإذن رسول اللّه

ص:108


1- 1المغني 10:387،الشرح الكبير بهامش المغني 10:437.
2- 2) بعد انهزام رجلين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه اللّه و رسوله يفتح اللّه على يديه،ليس بفرّار»فلمّا أصبح،أرسل إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو أرمد العينين فتفل فيها ثمّ دفع إليه اللّواء،فكان أوّل من خرج إليه الحارث أخو مرحب،فقتله عليّ عليه السلام ثمّ خرج مرحب مرتجزا فأجابه عليّ عليه السلام فضربه ففلق رأسه،و كان الفتح بيده. المغازيّ للواقديّ 2:653-655، [1]صحيح مسلم 3:1441 الحديث 1807،المستدرك للحاكم 3: 38-39،سنن البيهقيّ 9:131-132،المغني 10:387،الشرح الكبير بهامش المغني 10:437.
3- 3) سنن البيهقيّ 9:132،المغني 10:387،الشرح الكبير بهامش المغني 10:437.
4- 4) عبيدة بن الحارث بن المطّلب(عبد المطّلب)بن عبد مناف القرشيّ المطّلبي يكنّى أبا الحارث، و قيل:أبو معاوية،أسلم و كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمكّة ثمّ هاجر و شهد بدرا و بارز فيها مع حمزة و عليّ عليه السلام عتبة بن ربيعة و الوليد،عقد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له راية و أرسله في سريّة قبل وقعة بدر فكانت أوّل راية عقدت في الإسلام و استشهد في غزوة بدر. أسد الغابة 3:356، [2]الإصابة 2:449، [3]معجم رجال الحديث 11:100.

صلّى اللّه عليه و آله (1)،و بارز شبر بن علقمة (2)إسوارا (3)فقتله،فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفّله إيّاه سعد (4).و لم يزل أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبارزون في عصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعده،و لم ينكر ذلك منكر،فكان إجماعا، و لا اعتداد بخلاف الحسن البصريّ.

و كان أبو ذرّ يقسم أنّ قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا (5)نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر و هم:حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة،بارزوا عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة (6). (7)

و قال أبو قتادة:بارزت رجلا يوم حنين (8)فقتلته (9).

ص:109


1- 1سنن البيهقيّ 9:131،المغني 10:387،الشرح الكبير بهامش المغني 10:437.
2- 2) شبر بن علقمة العبديّ الكوفيّ روى عن عمر،و روى عنه الأسود بن قيس،قال:بارزت رجلا فقتلته فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفّلني الأمير سلبه. الإصابة 2:163، [1]الجرح و التعديل 4:389.
3- 3) الأسوار،و الإسوار:قائد الفرس،و قيل:هو الجيّد الرمي بالسهام،و قيل:هو جيّد الثبات على ظهر الفرس.لسان العرب 4:388. [2]
4- 4) سنن البيهقيّ 6:311،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:149،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 6، المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:447.
5- 5) الحجّ(22):19. [3]
6- 6) عتبة و شيبة ابنا ربيعة،و الوليد بن عتبة:هم الذين خرجوا يوم بدر يدعون إلى البراز،فخرج إليهم ثلاثة من فتيان العرب،فقالوا:نريد أكفاءنا من قريش،فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حمزة بن عبد المطّلب و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و عبيدة بن الحارث فخرجوا إليهم،و نزل قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا الآية فيهم. تفسير الطبريّ 17:131،تفسير القرطبيّ 12:25، [4]الدرّ المنثور 4:348. [5]
7- 7) صحيح البخاريّ 5:96،سنن ابن ماجة 2:946 الحديث 2835،سنن البيهقيّ 9:130.
8- 8) في النسخ:خيبر،و ما أثبتناه من المصادر.
9- 9) سنن الدارميّ 2:229، [6]مسند أحمد 5:296، [7]المصنّف لعبد الرزّاق 5:236 الحديث 9476.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز،فأبى أن يبارزه،فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:ما منعك أن تبارزه؟فقال:كان فارس العرب و خشيت أن يقتلني،فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:فإنّه بغى عليك،و لو بارزته لقتلته،و لو بغى جبل على جبل لهدّ الباغي»و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين عليه السلام،فقال له:لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنّك،و لئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنّك،أ ما علمت أنّه بغي؟!» (1).

مسألة:و ينبغي للمسلم أن لا يطلب المبارزة

إلاّ بإذن الإمام إذا أمكن.و به قال الثوريّ،و إسحاق (2)،و أحمد بن حنبل (3).

و رخّص فيها مطلقا،من غير إذن الإمام،مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و ابن المنذر (6).

لنا:أنّ الإمام أعلم بفرسانه و فرسان المشركين،و من يصلح للمبارزة و من لا يصلح لها،و ربّما حصل للمسلمين ضرر بذلك،فإنّه (7)إذا انكسر صاحبهم كسر

ص:110


1- 1التهذيب 6:169 الحديث 324،الوسائل 11:67 الباب 31 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 10:387،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:438،تفسير القرطبيّ 3:258.
3- 3) المغني 10:387،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 10:438،الفروع في فقه أحمد 3:439، الإنصاف 4:147.
4- 4) تفسير القرطبيّ 3:258،المغني 10:387،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 10:438.
5- 5) حلية العلماء 7:657،المهذّب للشيرازيّ 2:304،المجموع 19:316،مغني المحتاج 4:226، المغني 10:387،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 10:438.
6- 6) المغني 10:387،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 10:438.
7- 7) ح:فإنّهم.

فيكون أقرب إلى الظفر و أحفظ لقلوب المسلمين و كسر قلوب المشركين.

و يؤيّده:ما رواه الجمهور أنّ عليّا عليه السلام و حمزة و عبيدة استأذنوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سئل عن المبارزة بين الصفّين بغير إذن الإمام،قال:«لا بأس به و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام» (2).

احتجّوا:بما رواه أبو قتادة،قال:بارزت رجلا يوم حنين (3)فقتلته (4).و لم يعلم أنّه استأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5).

و الجواب:من وجهين:

أحدهما:أنّه حكاية حال لا عموم لها،و لا تتناول الاستئذان و عدمه على الجمع،بل على البدل،و لا اختصاص لأحدهما دون الآخر،فلا دلالة فيه (6)،بل الاستئذان أولى؛لما عرف من حال الصحابة من متابعتهم للرسول صلّى اللّه عليه و آله خصوصا في كيفيّة الحرب.

الثاني:أنّه غير محلّ النزاع؛لأنّ المتنازع فيه:أنّه هل ينبغي أن يطلب المسلم المبارزة أم لا؟و الحديث دلّ على المبارزة،فجاز أن يكون أبو قتادة فعلها بعد سؤال المشرك،لا لطلب أبي قتادة لها.

مسألة:تجوز المبارزة بغير إذن الإمام على ما تضمّنته الروايات.

ص:111


1- 1المغني 10:387،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:437.
2- 2) التهذيب 6:169 الحديث 323،الوسائل 11:67 الباب 31 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
3- 3) في النسخ:خيبر،و ما أثبتناه من المصادر.
4- 4) سنن ابن ماجة 2:946 الحديث 2836،سنن الدارميّ 2:229، [3]مسند أحمد 5:296. [4]
5- 5) المغني 10:387،الشرح الكبير بهامش المغني 10:438.
6- 6) خا و ق:فلا دلالة له فيه.

منها:في قول عليّ عليه السلام،لمّا سئل عن المبارزة بين الصفّين بغير إذن الإمام،قال:«لا بأس،و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام» (1).

و منها:إنكار عليّ عليه السلام على بعض بني هاشم لمّا دعي إلى البراز فامتنع، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:«ما منعك أن تبارزه؟»الحديث (2).

و منها:قوله عليه السلام للحسن عليه السلام لمّا دعا رجلا إلى البراز:«لئن عدت[إلى مثلها] (3)لأعاقبنّك،و لئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنّك» (4).

إذا ثبت هذا:فقد ظهر أنّ طلب المبارزة ممنوع منه بغير إذن الإمام و فعلها سائغ من دون إذنه.

و هل طلب المبارزة من دون إذنه حرام أو مكروه؟كلاهما يلوحان من كلام الشيخ (5)-رحمه اللّه-و الذي تدلّ الأخبار عليه:التحريم.

مسألة:و لو خرج علج يطلب البراز،

(6)(7)

استحبّ لمن فيه قوّة و يعلم من نفسه الطاقة به،مبارزته بإذن الإمام،و يستحبّ للإمام أن يأذن له في ذلك؛لأنّ في ترك الخروج إليه كسرا للمسلمين،و في الخروج ردّا عن المسلمين و إظهارا لقوّتهم و شجاعتهم.

ص:112


1- 1الكافي 5:34 الحديث 1،و [1]فيه:عن أبي عبد اللّه عليه السلام،التهذيب 6:169 الحديث 323، الوسائل 11:67 الباب 31 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
2- 2) الكافي 5:34 الحديث 2، [3]التهذيب 6:169 الحديث 324،الوسائل 11:67 الباب 31 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الكافي 5:34 الحديث 2 و [5]فيه:«إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام...لئن عدت إلى مثل هذا». التهذيب 6:169 الحديث 324،الوسائل 11:67 الباب 31 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [6]
5- 5) المبسوط 2:19،النهاية:293.
6- 6) العلج:الرجل الشديد الغليظ.و يقال للرجل القويّ الضخم من الكفّار:علج.لسان العرب 2:326. [7]
7- 7) ر،خا و ق:بطلب،مكان:يطلب.

إذا ثبت هذا:فإنّ المبارزة حينئذ تنقسم أقساما أربعة:واجبة،و مستحبّة، و مكروهة،و مباحة.

فالواجبة:إذا ألزم الإمام بها.

و المستحبّة:أن يخرج المشرك فيطلب المبارزة،فيستحبّ لذي القوّة من المسلمين الخروج إليه.

و المكروهة:أن يخرج الضعيف من المسلمين الذي لا يعلم من نفسه المقاومة، فيكره له المبارزة؛لما فيه من كسر قلوب المسلمين بقتله ظاهرا.

و المباحة:أن يخرج ابتداءً فيبارز.

لا يقال:إنّ ضعيف (1)القوّة قد جوّز له الدخول في القتال من غير كراهة،فكيف كره له المبارزة!

لأنّا نقول:الفرق بينهما ظاهر،فإنّ المسلم هنا يطلب الشهادة و لا يترقّب (2)منه الغلبة،بخلاف المبارزة،فإنّه يطلب منه الظفر و الغلبة،فإذا قتل،كسر ذلك في المسلمين.

مسألة:إذا خرج المشرك و طلب البراز،
اشارة

جاز لكلّ أحد رميه و قتله؛لأنّه مشرك لا أمان له و لا عهد،إلاّ أن تكون العادة بينهم جارية أنّ من خرج يطلب المبارزة لا يعرض له،فيجري ذلك مجرى الشرط.

إذا ثبت هذا:فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه،وجب الوفاء له بالشرط؛لقوله عليه السلام:«المؤمنون عند شروطهم» (3).

ص:113


1- 1ب و ر:إنّ الضعيف.
2- 2) ب:و لا يتوقّف.
3- 3) التهذيب 7:371 الحديث 1503،الاستبصار 3:232 الحديث 835،الوسائل 15:30 الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4،و من طريق العامّة،ينظر:تفسير القرطبيّ 6:33، [1]فتح الباري 4:357.

فإن انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح،جاز قتاله؛لأنّ المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد انقضى القتال.و لأنّ المشرك شرط الأمان ما دام في القتال و قد زال.

و لو شرط المشرك أن لا يقاتل حتّى يرجع إلى صفّه،وجب الوفاء له إلاّ أن يترك المسلم قتاله أو يثخنه بالجراح فيرجع فيتبعه ليقتله (1)،أو يخشى عليه منه فيمنع و يدفع عن المسلم و يقاتل إن امتنع من الكفّ عنه إلاّ بالقتال؛لأنّه نقض الشرط و أبطل أمانه بمنعهم من إنقاذه (2).

و لو أعان المشركون صاحبهم،كان على المسلمين معونة صاحبهم،و يقاتلون من أعان عليه و لا يقاتلونه (3)؛لأنّه ليس النقض من جهته.

فإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزه،وجب الوفاء له،فإن استنجد أصحابه فأعانوه،فقد نقض أمانه،و يقاتل معهم.و لو منعهم فلم يمتنعوا،فأمانه باق، فلا يجوز قتاله و لكن يقاتل أصحابه.هذا إذا أعانوه بغير قوله،و لو سكت و لم ينههم عن معاونته،فقد نقض أمانه؛لأنّ سكوته يدلّ على الرضا بذلك،أمّا لو استنجدهم، فإنّه يجوز قتاله مطلقا.

فرع:

لو طلب المشرك المبارزة و لم يشترط،

جاز معونة قرنه.و لو شرط أن لا يقاتله غيره،وجب الوفاء له.فإن فرّ المسلم فطلبه (4)الحربيّ،جاز دفعه على ما قلناه،

ص:114


1- 1خا و ق:لقتله.
2- 2) ب،خا و ق:إنفاذه.
3- 3) ب:يقاتلون.
4- 4) ب:فطالبه.

سواء فرّ المسلم مختارا أو لإثخانه بالجراح.

و يجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه على ما قلناه.

و قال الأوزاعيّ:ليس لهم ذلك و إن أثخن بالجراح،قيل له:فخاف (1)المسلمون على صاحبهم؟قال:و إن؛لأنّ المبارزة إنّما تكون هكذا،و لكن لو حجزوا بينهما و خلّوا سبيل العلج،جاز (2).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ حمزة و عليّا عليهما السلام أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة حين أثخن عبيدة (3).

و لو لم يطلبه المشرك،لم تجز محاربته؛لأنّه لم ينقض شرطا.

و قيل:يجوز قتاله ما لم يشترط الأمان حتّى يعود إلى فئته (4).

مسألة:تجوز المخادعة في الحرب،

و يجوز للمبارز أن يخدع قرنه ليتوصّل بذلك إلى قتله إجماعا.

روى الجمهور أنّ عمرو بن عبد ودّ بارز عليّا عليه السلام،فقال:ما أحبّ قتلك يا ابن أخي،فقال عليّ عليه السلام:«لكنّي أحبّ أن أقتلك»فغضب عمرو و أقبل إليه،فقال عليّ عليه السلام:«ما برزت لأقاتل اثنين»فالتفت عمرو فوثب عليّ عليه السلام فضربه،فقال عمرو:خدعتني،فقال عليّ عليه السلام:«الحرب خدعة» (5).

ص:115


1- 1أكثر النسخ:فيخاف.
2- 2) المغني 10:389،الشرح الكبير بهامش المغني 10:440.
3- 3) سنن البيهقيّ 9:131،فتح الباري 7:237-238،المغني 10:389،الشرح الكبير بهامش المغني 10:440.
4- 4) نسبه في الشرائع 1:313 [1] إلى«قيل»أيضا،و في المختلف:326 إلى بعض علمائنا،و قال:و هو الظاهر من كلام الشيخ،ينظر:المبسوط 2:19،و يراجع:جواهر الكلام 21:91. [2]
5- 5) تاريخ الطبريّ 2:239،المغني 10:390،الشرح الكبير بهامش المغني 10:440.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:لأن تخطفني (1)الطير أحبّ إليّ [من] (2)أن أقول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لم يقل،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول[في يوم الخندق] (3)الحرب خدعة،يقول متكلّما ممّا (4)أردتم» (5).

و عن مسعدة بن صدقة قال:حدّثني شيخ من ولد عديّ بن حاتم،عن أبيه،عن جدّه عديّ بن حاتم-و كان مع عليّ عليه السلام في غزوته-أنّ عليّا عليه السلام قال يوم التقى هو و معاوية[...بصفّين فرفع بها صوته يسمع أصحابه:«و اللّه لأقتلنّ معاوية] (6)و أصحابه»ثمّ قال[في] (7)آخر قوله:«إن شاء اللّه تعالى»خفض بها صوته،و كنت منه قريبا،فقلت:يا أمير المؤمنين إنّك حلفت على ما قلت ثمّ استثنيت،فما أردت بذلك؟فقال:«إنّ الحرب خدعة و أنا عند المؤمنين غير كذوب،فأردت أن أحرّض[أصحابي] (8)عليهم لكي لا يفشلوا و لكي يطمعوا فيهم، فافهم فإنّك تنتفع بها بعد اليوم إن شاء اللّه تعالى،و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ قال لموسى عليه السلام حيث أرسله إلى فرعون: فَأْتِياهُ (9)فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ

ص:116


1- 1الخطف:استلاب الشيء و أخذه بسرعة،و هو مبالغة في الهلاك.النهاية لابن الأثير 2:49، [1]لسان العرب 9:76. [2]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في المصدر:«تكلموا بما»مكان:«متكلما مما».
5- 5) التهذيب 6:162 الحديث 298،الوسائل 11:102 الباب 53 من أبواب جهاد العدو الحديث 1. [3]
6- 6) ما بين المعقوفات أثبتناها من المصدر.
7- 7) ما بين المعقوفات أثبتناها من المصدر.
8- 8) ما بين المعقوفات أثبتناها من المصدر.
9- 9) طه(20):47. [4]

أو يخشى (1)و قد علم أنّه لا يتذكّر و لا يخشى و لكن ليكون ذلك أحرص لموسى على الذهاب» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّه يكره تبييت العدوّ،

و إنّما يلاقون بالنهار،و يستحبّ أن يبدأ بالقتال بعد الزوال،و يكره قبله إلاّ مع الحاجة (3).

و يكره أن تعرقب الدابّة،و إن وقفت به،ذبحها و لا يعرقبها؛لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا حرن (4)على أحدكم دابّته-يعني إذا قامت في أرض العدوّ في سبيل اللّه- فليذبحها و لا يعرقبها» (5).

و روى الشيخ عن السكونيّ أيضا عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:

«...أوّل من عرقب الفرس في سبيل اللّه جعفر بن أبي طالب عليه السلام ذو الجناحين،عرقب فرسه» (6).

و لو ثبت هذا الحديث الثاني،لكان منسوخا بالأوّل.

و تكره أيضا المبارزة بغير إذن الإمام،و قيل:تحرم (7).و الأوّل أقوى.

و تستحبّ إذا ندب إليها الإمام،و تجب إذا ألزم.

ص:117


1- 1طه(20):44. [1]
2- 2) التهذيب 6:163 الحديث 299،الوسائل 11:102 الباب 53 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
3- 3) يراجع:ص 89. [3]
4- 4) فرس حرون:لا ينقاد،و إذا اشتدّ به الجري وقف.الصحاح 5:2097. [4]
5- 5) التهذيب 6:173 الحديث 337،الوسائل 8:396 الباب 52 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 6:170 الحديث 328،الوسائل 8:396 الباب 52 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 2. [6]بتفاوت فيه.
7- 7) قاله الشيخ في النهاية:293،و ابن إدريس في السرائر:157،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:256،و يراجع:جواهر الكلام 21:86. [7]

ص:118

المقصد الثالث

اشارة

في عقد الأمان

و فيه مباحث:

ص:119

ص:120

البحثالأوّل
اشارة

في الجواز

مسألة:عقد الأمان:عبارة عن ترك القتال إجابة لسؤال الكفّار بالإمهال،

و هو جائز إجماعا.

قال اللّه تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (1).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمّن المشركين يوم الحديبيّة و عقد (2)معهم الصلح (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قلت:ما معنى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«يسعى بذمّتهم أدناهم»؟قال:

«لو أنّ جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل،فقال:

أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم فأناظره (4)فأعطاه الأمان أدناهم،وجب على أفضلهم الوفاء به» (5).

ص:121


1- 1التوبة(9):6. [1]
2- 2) كثير من النسخ:و قصد.
3- 3) صحيح مسلم 3:1409 الحديث 1783،سنن أبي داود 3:85 الحديث 2765،مسند أحمد 1: 342 و ج 4:86،87،سنن البيهقيّ 9:218.
4- 4) في النسخ:«فأنظره»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 6:140 الحديث 234،الوسائل 11:49 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]

و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

مسألة:و إنّما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة،

فلو اقتضت المصلحة ترك الأمان و أن لا يجابوا إليه،لم يفعل،و سواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو لجماعة كثيرة،فإنّه جائز مع المصلحة،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و من طلب الأمان ليسمع كلام اللّه و يعرف شرائع الإسلام،

وجب أن يعطى أمانا ثمّ يردّ إلى مأمنه،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (1)قال الأوزاعيّ:هي إلى يوم القيامة (2).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز عقد الأمان للرسول من الكفّار،و للمستأمن؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يؤمّن رسل المشركين،و جاءه رسل مسيلمة،فقال:

«لو لا أنّ الرسل لا تقتل لقتلتكما» (3).

و لأنّ الحاجة داعية إلى المراسلة،و لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت المصلحة الناشئة من المراسلة.

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز عقد الأمان لهما مطلقا و مقيّدا بزمان معيّن طويل أو قصير؛اعتبارا بالمصلحة و نظرا إلى تحصيلها.

ص:122


1- 1التوبة(9):6. [1]
2- 2) المغني 10:428،الشرح الكبير بهامش المغني 10:552.
3- 3) سنن أبي داود 3:83 الحديث 2761،سنن الدارميّ 2:235،مسند أحمد 1:406، [2]المستدرك للحاكم 2:142-143،سنن البيهقيّ 9:211،مجمع الزوائد 5:315.
البحث الثاني
اشارة

في العاقد

مسألة:يجوز للإمام عقد الصلح إجماعا؛

لأنّ أمور الحرب موكولة إليه،كما كانت موكولة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو مكلّف بتكليفه صلّى اللّه عليه و آله، فيجوز له أن يعقد أمانا،كما جاز للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك،و هو إجماع.

إذا عرفت هذا:فإنّ عقد الأمان منوط بنظره،فإن رأى من المصلحة عقد الأمان لواحد،عقده،و كذا له أن يعقد الأمان لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم أو لجميع الكفّار بحسب ما يراه من المصلحة.و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ولايته عامّة على المسلمين كافّة.

و كذا يجوز عقد الأمان لنائب الإمام لمن هو في ولايته جميعهم و آحادهم، و أمّا في غير ولايته،فهو كآحاد الرعايا؛لأنّ ولايته على أولئك دون غيرهم.

أمّا آحاد الرعيّة:فيصحّ أمان الواحد منهم للواحد من المشركين و للعدد اليسير منهم،كالعشرة،و القافلة القليلة،و الحصن الصغير؛لعموم قوله عليه السلام:«و يسعى بذمّتهم أدناهم» (1).

و ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ عليّا

ص:123


1- 1سنن أبي داود 4:180 الحديث 4530، [1]سنن النسائيّ 8:19-20،المستدرك للحاكم 2:141، سنن البيهقيّ 6:336 و ج 8:29 و 30 و ج 9:51،سنن الدارقطنيّ 3:131 الحديث 155، كنز العمّال 1:99 الحديث 441 و 444.و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 6:140 الحديث 234،الوسائل 11:49 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]

عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين» (1).

و لأنّ المقتضي لجواز أمانه للواحد-و هو استمالته إلى الإسلام مع أمن ضرره موجود في العدد اليسير.

أمّا العدد الكثير من المشركين،فلا يجوز للواحد من المسلمين عقد الأمان معهم،و لا لأهل بلد،و لا إقليم؛لأنّ في ذلك تعطيلا للجهاد على الإمام،و تقوية للمشركين.

مسألة:و يصحّ عقد الأمان من الحرّ و العبد،

سواء في ذلك المأذون له في الجهاد و غير المأذون،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الثوريّ،و الأوزاعيّ (2)، و الشافعيّ (3)،و أحمد بن حنبل (4)،و إسحاق (5)،و أكثر أهل العلم.و هو مرويّ عن عليّ عليه السلام (6)،و عمر بن الخطّاب (7).

و قال أبو حنيفة و أبو يوسف:لا يصحّ أمان العبد إلاّ أن يكون مأذونا له في القتال (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ذمّة المسلمين

ص:124


1- 1التهذيب 6:140 الحديث 235،الوسائل 11:49 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) الأمّ 7:350،المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
3- 3) الأمّ 4:284 و ج 7:351،حلية العلماء 7:652،المهذّب للشيرازيّ 2:301،المجموع 19: 310،مغني المحتاج 4:237،الحاوي الكبير 14:196.
4- 4) المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546،الفروع في فقه أحمد 3:460، الإنصاف 4:203، [2]الكافي لابن قدامة 4:248.
5- 5) المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 10:546،الحاوي الكبير 14:196.
7- 7) الأمّ 7:350،المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 10:70،تحفة الفقهاء 3:296،بدائع الصنائع 7:106،الهداية للمرغينانيّ 2:140،شرح فتح القدير 5:213،تبيين الحقائق 4:95،مجمع الأنهر 1:639.

واحدة يسعى بها أدناهم،فمن أخفر (1)مسلما،فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل منه صرف و لا عدل (2)» (3).

و عن فضل بن يزيد الرقاشيّ (4)،قال جهّز عمر بن الخطّاب جيشا فكنت فيه، فحصرنا موضعا فرأينا أنّا سنفتحها (5)اليوم،و جعلنا نقبل و نروح،فبقي عبد منّا فراطنهم و راطنوه (6)،فكتب لهم الأمان في صحيفة و شدّها على سهم فرمى بها إليهم فأخذوها و خرجوا،فكتب إلى عمر بن الخطّاب بذلك،فقال:العبد المسلم رجل من المسلمين ذمّته ذمّتهم (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ عليّا عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين» (8).

ص:125


1- 1أخفرت الرجل:إذا نقضت عهده.النهاية لابن الأثير 2:52. [1]
2- 2) قال ابن الأثير:الصرف:التوبة،و قيل:النافلة.و العدل:الفدية،و قيل:الفريضة.النهاية 3:24. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:26،صحيح مسلم 2:999 الحديث 1370 و 1371،سنن أبي داود 2:216 الحديث 2034، [3]مسند أحمد 1:126، [4]سنن البيهقيّ 5:196 و ج 9:94،مجمع الزوائد 5:330، مسند أبي يعلى 1:254 الحديث 296.
4- 4) فضل بن يزيد الرقاشيّ،كذا في النسخ،و في المغني و الشرح:فضيل بن يزيد الرقاشيّ،و في التراجم و المصادر:فضيل بن زيد الرقّاشيّ أبو حسّان،قال البخاريّ:يعدّ في البصريّين،روى عن عمر و عبد اللّه بن مفضّل،و روى عنه عاصم الأحول.التاريخ الكبير للبخاريّ 7:119،الجرح و التعديل 7:72،المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
5- 5) في النسخ:نستفتحها،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) الرطانة-بفتح الراء و كسرها-و التراطن:كلام لا يفهمه الجمهور،و إنّما هو مواضعة بين اثنين أو جماعة.النهاية لابن الأثير 2:233. [5]
7- 7) سنن البيهقيّ 9:94،المصنّف لعبد الرزّاق 5:222 الحديث 9402،المصنّف لابن أبي شيبة 7: 690 الحديث 7،المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
8- 8) التهذيب 6:140 الحديث 235،الوسائل 11:49 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [6]

و لأنّه مسلم مكلّف،فصحّ أمانه،كالحرّ،و لأنّ إعطاء الأمان منوط بالمصالح للمسلمين،و هو من جملتهم،فيصحّ أمانه،كغيره من المسلمين الأحرار.

احتجّوا:بأنّه لا يجب عليه الجهاد،فلا يصحّ أمانه،كالصبيّ.و لأنّه مجلوب من دار الحرب،فلا يؤمن أن ينظر لهم في تقديم مصلحتهم (1).

و الجواب:أنّهما منقوضان بالمرأة و المأذون له.

مسألة:و يصحّ أمان المرأة بلا خلاف؛

لأنّ أمّ هانئ قالت:يا رسول اللّه إنّي أجرت أحمائي (2)و أغلقت عليهم،و إنّ ابن أمّي أراد قتلهم،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئ،إنّما يجير على المسلمين أدناهم» (3).

و أجارت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا العاص بن الربيع (4)،

ص:126


1- 1المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546،بدائع الصنائع 7:106،الهداية للمرغينانيّ 2:140،تبيين الحقائق 4:95.
2- 2) كلّ شيء من قبل الزوج أبوه أو أخوه أو عمّه فهم الأحماء.لسان العرب 14:198. [1]
3- 3) مسند أحمد 6:341-343، [2]المستدرك للحاكم 3:277-278،سنن البيهقيّ 9:94-95، المصنّف لعبد الرزّاق 5:223 الحديث 9438 و ص 224 الحديث 9439،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:414 الحديث 1009،المصنّف لابن أبي شيبة 7:689 الحديث 4 و 5.بتفاوت في الجميع، و بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:425،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
4- 4) أبو العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ القرشيّ،صهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ابنته زينب أكبر بناته،و كان ممّن شهد بدرا مع الكفّار و أسر،فلمّا بعث أهل مكّة في فداء أسراهم قدم في فدائه عمرو بن الربيع بمال دفعته إليه زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،من ذلك قلادة لها كانت لخديجة رضوان اللّه عليها قد أدخلتها بها على أبي العاص،فلمّا أطلقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الأسر شرط عليه أن يرسل زينب إلى المدينة،فعاد إلى مكّة و أرسلها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أقام بمكّة على شركه حتّى كان قبيل الفتح خرج بتجارة إلى الشام، فلمّا عاد لقيته سريّة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أميرهم زيد بن حارثة و هرب إلى المدينة فدخل-

فأمضاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

مسألة:و لا ينعقد أمان المجنون؛

لقوله عليه السلام:«رفع القلم عن ثلاث...

عن المجنون حتّى يفيق» (2).

و كذا الصبيّ لا ينعقد أمانه،سواء كان مميّزا أو لم يكن،و به قال الشافعيّ (3)، و أبو حنيفة (4).

و قال مالك (5)،و أحمد:يصحّ أمان الصبيّ المراهق (6).

لنا:قوله عليه السلام:«رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ» (7).

ص:127


1- 1) المستدرك للحاكم 3:236،237 و ج 4:45،سنن البيهقيّ 9: [1]95،مجمع الزوائد 5:329 و ج 9:213،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:425-426 الحديث 1047-1049.
2- 2) صحيح البخاريّ 7:59،سنن أبي داود 4:140 الحديث 4400،سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن البيهقيّ 4:269 و 325 و ج 6:57.
3- 3) الأمّ 4:284،حلية العلماء 7:652،المهذّب للشيرازيّ 2:301،المجموع 19:309،الحاوي الكبير 14:197،العزيز شرح الوجيز 11:459.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:72،تحفة الفقهاء 3:296،بدائع الصنائع 7:106، [2]الهداية للمرغينانيّ 2:141،شرح فتح القدير 5:215،تبيين الحقائق 4:95،مجمع الأنهر 1:639.
5- 5) المدوّنة الكبرى 2:41،المنتقى للباجي 3:173،تفسير القرطبيّ 8:76،بلغة السالك 1:359، حلية العلماء 7:652،المغني 10:426،الشرح الكبير بهامش المغني 10:547.
6- 6) المغني 10:425-426،الشرح الكبير بهامش المغني 10: [3]547،الإنصاف 4:203،حلية العلماء 7:652.
7- 7) بهذا اللفظ،ينظر:سنن أبي داود 4:140 الحديث 4402،سنن البيهقيّ 10:317،و بتفاوت، ينظر:صحيح البخاريّ 7:59،سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن الدارميّ 2:171،مسند أحمد 6:100،سنن البيهقيّ 4:269 و 325 و ج 6: 57.

و لأنّه غير مكلّف و لا يلزم (1)بقوله حكم،فلا يلزم غيره،كالمجنون.

احتجّ أحمد:بعموم الحديث،و هو قوله عليه السلام:«إنّما يجير على المسلمين أدناهم» (2).

و لأنّه مسلم مميّز،فيصحّ أمانه كالبالغ (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إسلامه ليس بحقيقيّ و إنّما هو تمرين و لا يستحقّ به ثواب فلا يندرج تحت المسلمين المراد منه الحقيقة.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ البالغ تصحّ عقوده من البيوع و المعاملات،بخلاف الصبيّ،فكذا عقد الأمان على أنّا نمنع التشارك في الإسلام على ما بيّنّاه.

مسألة:يصحّ أمان الأسير إذا عقده غير مكره.

و به قال الشافعيّ (4)و أحمد بن حنبل (5).

و كذا يجوز أمان التاجر و الأجير في دار الحرب.

و قال الثوريّ:لا يصحّ أمان أحد منهم (6).

لنا:عموم الحديث.و لأنّهم مسلمون فيصحّ أمانهم،كغيرهم من آحاد المسلمين.

ص:128


1- 1أكثر النسخ:و لا يلزمه،مكان:و لا يلزم.
2- 2) مسند أحمد 4:197،المستدرك للحاكم 3:236-237 و ج 4:45،سنن البيهقيّ 9:95، المصنّف لابن أبي شيبة 7:690 الحديث 13،مجمع الزوائد 5:330 و ج 9:213.
3- 3) المغني 10:426،الشرح الكبير بهامش المغني 10:547.
4- 4) حلية العلماء 7:653،المجموع 19:308،الحاوي الكبير 14:197،المغني 10:425،الشرح الكبير بهامش المغني 10:547.
5- 5) المغني 10:425،الشرح الكبير بهامش المغني 10:547،الفروع في فقه أحمد 3:460، الإنصاف 4:204.
6- 6) المغني 10:425،الشرح الكبير بهامش المغني 10:547.
مسألة:و لا ينعقد أمان المكره إجماعا؛

لأنّه قول أكره عليه بغير حقّ فلم يصحّ (1)،كالإقرار.

و لا يصحّ أمان زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء أو جنون أو صغر؛لأنّ كلامه غير معتبر و لا يثبت به حكم لا في حقّ نفسه و لا في حقّ الغير.و لأنّه لا يعرف المصلحة من غيرها،فلا اعتداد بقول أحدهم كالمجنون.

و لا ينعقد أمان الكافر و إن كان ذمّيّا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» (2)فجعل الذمّة للمسلمين،فلا تحصل لغيرهم.

و لأنّ الكافر متّهم على الإسلام و أهله،فأشبه الحربيّ،و لأنّه منوط بمصلحة (3)المسلمين،و الكافر ليس أهلا للنظر (4)فيها.

مسألة:إذا انعقد الأمان،وجب الوفاء به

بحسب ما شرط فيه من وقت و غيره إجماعا،ما لم يكن متضمّنا لما يخالف الشرع،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن عبد اللّه بن سليمان (5)قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام، يقول:«ما من رجل آمن رجلا على دمه (6)ثمّ قتله،إلاّ جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر» (7).

ص:129


1- 1ع:فلا يصحّ.
2- 2) صحيح البخاريّ 9:120،سنن الترمذيّ 4:142 ذيل الحديث 1579، [1]سنن البيهقيّ 5:196 و ج 8:193 و ج 9:94.
3- 3) آل و ر:لمصلحة.
4- 4) آل،ق و خا:من أهل النظر،مكان:أهلا للنظر.
5- 5) الرواية في التهذيب عن أبي عبد اللّه بن سليمان،و في الكافي 5:31 الحديث 3،و [2]الفقيه 3:373 الحديث 1757 عن عبد اللّه بن سليمان،قال السيّد الخوئيّ:هو الصحيح.معجم رجال الحديث،الطبعة الخامسة 11:212. [3]
6- 6) أكثر النسخ:ذمّة.
7- 7) التهذيب 6:140 الحديث 236،الوسائل 11:50 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [4]

و لو انعقد فاسدا،لم يجب الوفاء به بلا خلاف،و ذلك،كأمان الصبيّ و المجنون و الكافر و غيرهم ممّن لا يقبل ذمامه،أو كان الذمام متضمّنا لشرط (1)لا يسوغ الوفاء به.

و في هذه الحالات كلّها يجب ردّ الحربيّ إلى مأمنه،و لا يجوز قتله؛لأنّه اعتقد صحّة الأمان و هو معذور؛لأنّه (2)غير عارف بأحكام الإسلام.

و كذا كلّ حربيّ دخل دار الإسلام بشبهة الأمان،كمن سمع (3)لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة فيتوهّمها أمانا.

و كذا لو طلبوا الأمان؛فقال لهم المسلمون:لا نذمّكم،فاعتقدوا أنّهم أذمّوهم، فإنّهم في جميع ذلك يردّون إلى مأمنهم و لا يجوز قتلهم؛لأنّهم اعتقدوا صحّة الأمان،فكانوا آمنين حتّى يرجعوا إلى مأمنهم.

و يؤيّده ما رواه الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن حكيم (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي الحسن عليه السلام،قال:«لو أنّ قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان،فقالوا:لا،فظنّوا أنّهم قالوا:نعم،فنزلوا إليهم،كانوا آمنين» (5).

ص:130


1- 1ر و ع:بشرط.
2- 2) ر و ع:و لأنّه.
3- 3) بعض النسخ:يسمع.
4- 4) خا و ق:محمّد بن حكم،و في نسخة من الوسائل: [1]محمّد بن الحكم قال السيّد الخوئيّ:روى الكلينيّ عن ابن أبي عمير عن محمّد بن الحكم في ج 5:31 الحديث 4 كذا في الطبعة القديمة و المرآة و [2]الوافي،و [3]في الوسائل [4]على نسخة،و في نسخة أخرى:محمّد بن حكيم،و الظاهر هو الصحيح الموافق للتهذيب بقرينة سائر الروايات.معجم رجال الحديث 16:36. [5]
5- 5) التهذيب 6:140 الحديث 237،الوسائل 11:50 الباب 20 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [6]
البحث الثالث
اشارة

في العبارة و الوقت

مسألة:و قد ورد في الشرع عبارتان:
اشارة

إحداهما:أجرتك،و الثانية:أمّنتك.

قال اللّه تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (1).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أجرنا من أجرت و أمّنّا من أمّنت» (2).

و قال:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و من أغلق عليه بابه فهو آمن» (3).

فبأيّ اللفظين أتى،انعقد الأمان،و كذا كلّ لفظ يدلّ على هذا المعنى صريحا، كقوله:أذممتك،أو أنت في ذمّة الإسلام،و كذا كلّ كناية علم بها ذلك من قصد العاقد،سواء كان بلغة العرب،أو بلغة أخرى،فلو قال بالفارسيّة:«مترس»فهو آمن.

أمّا قوله:لا بأس عليك،أو:لا تخف،أو:لا تذهل،أو:لا تحزن،أو ما شاكل ذلك،فإن علم من قصده الأمان،كان أمانا؛لأنّ المراعى هو القصد دون اللفظ.

ص:131


1- 1التوبة(9):6. [1]
2- 2) مسند أحمد 6:341،342، [2]المستدرك للحاكم 3:277،278،سنن البيهقيّ 9:94-95، المصنّف لعبد الرزّاق 5:223 الحديث 9438 و ص 224 الحديث 9439،المعجم الكبير للطبرانيّ 24:414-421 الحديث 1009-1022،المصنّف لابن أبي شيبة 7:689 الحديث 4 و 5.بتفاوت في الجميع،و بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:425،الشرح الكبير بهامش المغني 10:546.
3- 3) صحيح مسلم 3:1408 الحديث 1780،سنن أبي داود 3:162 الحديث 3021، [3]مسند أحمد 2: 292 و 538، [4]سنن البيهقيّ 6:34 و ج 9:118،المصنّف لعبد الرزّاق 5:376 الحديث 9739، المصنّف لابن أبي شيبة 8:538 الحديث 25،مجمع الزوائد 6:166،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:76 الحديث 6419.

و إن لم يقصد بذلك الأمان،لم يكن أمانا،غير أنّهم إذا سكنوا إلى ذلك و دخلوا، لم يتعرّض لهم؛لأنّه شبهة،و يردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا (1).

و كذا الحكم إذا أومأ مسلم إلى مشرك بما توهّمه أنّه أمان،فركن إلى ذلك و دخل دار الإسلام،كان حكمه ما قدّمناه.و هذا كلّه لا نعلم فيه خلافا.

فرعان:
الأوّل:لو قال له:قف،أو:قم،أو:ألق سلاحك،فليس أمانا،

خلافا لبعض الجمهور (2).

و قال الأوزاعيّ:إن ادّعى الكافر أنّه أمان،أو قال:إنّما وقفت لندائك،فهو آمن،و إن لم يدّع ذلك،فليس بأمان و لا يقبل (3).

لنا:أنّه لفظ لا يشعر منه الأمان و لا يستعمل فيه دائما؛إذ استعماله غالبا للإرهاب و التخويف،فلم يكن أمانا،كقوله:لأقتلنّك.

إذا عرفت هذا:فإنّه يرجع إلى المتكلّم،فإن قال:أردت الأمان،فهو أمان،و إن قال:لم أرده،سئل الكافر،فإن قال:اعتقدته أمانا،ردّ إلى مأمنه،و لم يجز قتله،و إن لم يعتقده أمانا،فليس بأمان،كما لو أشار إليهم بما اعتقدوه (4)أمانا.

الثاني:لو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا

و قال:أردت به الأمان فهو أمان، و إن قال:لم أرد منه الأمان،فالقول قوله:لأنّه أبصر بنيّته فيرجع إليه فيها.

و لو خرج الكفّار من حصنهم إلى الإسلام بناء على هذه الإشارة و توهّمهم

ص:132


1- 1خا:حربيّا.
2- 2) المغني و الشرح 10:549،الفروع في فقه أحمد 3:460،الإنصاف 4:205.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 10:549.
4- 4) كثير من النسخ:اعتقده،مكان اعتقدوه.

أنّها أمان،لم يجز قتلهم،و ردّوا إلى مأمنهم.

و لو مات المسلم و لم يبيّن أو غاب،كانوا آمنين و يردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا،إلاّ أن يجدّد لهم الوالي أمانا.

و إنّما جوّزنا عقد الأمان بالإشارة بخلاف الطلاق و سائر العقود؛لأنّ الدماء ينبغي حقنها،فعلينا حقن الدماء كما علينا حقن دم المجوس للشبهة في الكتاب و إن لم يكونوا أهل كتاب.

مسألة:و وقت الأمان قبل الأسر،

فيجوز عقده لآحاد المشركين قبل الأسر إجماعا،و هل يجوز لآحاد المسلمين عقد الأمان بعد الأسر؟قال علماؤنا:لا يصحّ، و به قال الشافعيّ،و أكثر أهل العلم (1).

و قال الأوزاعيّ:يصحّ عقده بعد الأسر (2).

لنا:أنّه قد ثبت للمسلمين حقّ استرقاقه،فلا يجوز إبطاله.و لأنّ المشرك إذا وقع في الأسر يتخيّر الإمام فيه بين أشياء يأتي ذكرها،و مع الأمن يبطل التخيير،فلا يجوز إبطال ذلك عليه.

احتجّ المخالف (3):بأنّ زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع بعد أسره،فأجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمانها (4).و أمّن عمر بن

ص:133


1- 1حلية العلماء 7:652،المهذّب للشيرازيّ 2:301،المجموع 19:304،العزيز شرح الوجيز 11: 457،روضة الطالبين:1818،المغني 10:426،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.
2- 2) حلية العلماء 7:652،المغني 10:426،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.
3- 3) المغني 10:426،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.
4- 4) المستدرك للحاكم 3:236،237 و ج 4:45،سنن البيهقيّ 9:95،مجمع الزوائد 5:329 و ج 9:213،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:425-426 الحديث 1047-1049.

الخطّاب هرمزان (1)بعد الأسر (2).

و الجواب:عن الأوّل:أنّ زينب إنّما جاز أمانها لإجازة الرسول صلّى اللّه عليه و آله ذلك.

و عن الثاني:أنّه الرئيس فكان له الأمن.

مسألة:و يجوز للإمام أن يؤمّن الأسير بعد الاستيلاء عليه و الأسر؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أجاز أمان زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع،و أمّن عمر الهرمزان بعد الأسر.

و لأنّ للإمام أن يمنّ عليه فيطلقه،و الأمان دون ذلك،بخلاف آحاد المسلمين، فإنّه لا يجوز لهم ذلك،بل إنّما يجوز قبل الأسر ما دام على الامتناع.

و إن حصل في مضيق أو في حصن و لحقهم المسلمون،فإنّه يصحّ الأمان،لأنّه لم يحصل،بل هو بعد على الامتناع.

مسألة:لو أقرّ المسلم أنّه أمّن المشرك،نظر،

فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان،كما لو أقرّ قبل الأسر،صحّ إقراره و قبل منه إجماعا،و إن كان في وقت لا يصحّ منه إنشاء الأمان-كما لو أقرّ بعد الأسر-لم يقبل قوله؛لأنّه لا يصحّ منه إنشاء الأمان و لا يملكه بعد الأسر فلا يملك الإقرار به.

و لو قامت له بيّنة أنّه أمّنه قبل الأسر،ثبت حكم الأمان.

و لو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه،فالوجه:أنّه لا يثبت؛لأنّهم

ص:134


1- 1هرمزان:من أمراء الجيش الفارسيّ في معركة القادسيّة،انهزم إلى خوزستان و أسره المسلمون بعد أن حاصروا«تستر»بقيادة أبي موسى و بعث به و من معه إلى عمر،فنزل على حكمه و أسلم بعد أسره. المصنّف لابن أبي شيبة 8:28-30،المنجد في الأعلام:728.
2- 2) تاريخ الطبريّ 2:183،البداية و النهاية 7:10،و أورده ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 10: 549،المصنّف لابن أبي شيبة 8:28-29 الحديث 1.

يشهدون على فعل أنفسهم،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (1)و به قال الشافعيّ (2).

و قال بعض الجمهور:يقبل؛لأنّهم عدول من المسلمين غير متّهمين شهدوا بأمانه،فوجب أن يقبل،كما لو شهدوا على غيرهم أنّه أمّنه (3).

أمّا لو شهد بعضهم أنّ البعض الآخر أمّنه،قبلت شهادتهم إجماعا إذا كانوا بصفة الشهود.

و لو شهد واحد أنّني أمّنته،فعلى قول الشيخ-رحمه اللّه-لا يقبل (4)؛لما ذكر من العلّة.

و على قول بعض الجمهور يقبل،كما لو قال الحاكم بعد عزله:كنت حكمت على فلان بحقّ،فإنّه يقبل قوله.و لأنّه يقبل أمانه فيقبل خبره،كالحاكم في حال ولايته،و هذا الأخير يتمشّى على قول الأوزاعيّ من أنّه يصحّ له إنشاء الأمان بعد الأسر (5).

و الوجه:ما قاله الشيخ-رحمه اللّه-لأنّه ليس له أن يؤمّنه في الحال،فلم يقبل إقراره به،كما لو أقرّ بحقّ على غيره.

مسألة:لو جاء المسلم بمشرك فادّعى أنّه أسره
اشارة

و ادّعى الكافر أنّه أمّنه،فالقول قول المسلم؛لأنّه معتضد بالأصل،و هو إباحة دم الحربيّ و عدم الأمان.

و قيل:يقبل قول الأسير؛لأنّه يحتمل صدقه و حقن دمه،فيكون هذا شبهة تمنع من قتله.

ص:135


1- 1المبسوط 2:15.
2- 2) روضة الطالبين:1818،المغني 10:427،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.
3- 3) ينظر:المغني 10:427،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.
4- 4) المبسوط 2:15.
5- 5) ينظر:حلية العلماء 7:652،المغني 10:427،الشرح الكبير بهامش المغني 10:548.

و قيل:يرجع إلى من يعضده الظاهر،فإن كان الكافر ذا قوّة و معه سلاحه فالظاهر:صدقه،و إن كان ضعيفا مسلوبا سلاحه،فالظاهر كذبه (1)،و الوجه:الأوّل.

و لو صدّقه المسلم،قال أصحاب الشافعيّ:لا يقبل؛لأنّه لا يقدر على أمانه و لا يملكه،فلا يقبل إقراره به (2).

و قيل:يقبل؛لأنّه كافر لم يثبت أسره و لا نازعه فيه منازع،فقبل قوله في الأمان (3).

فرع :

(4)

لو أشرف جيش الإسلام على الظهور (5)فاستذمّ الخصم،

جاز مع نظر المصلحة.و لو استذمّوا بعد حصولهم في الأسر فأذمّ،لم يصحّ على ما قلناه (6).

و لو ادّعى الحربيّ الأمان فأنكر المسلم،فالقول قول المسلم على ما بيّنّاه (7)؛لأنّ الأصل عدم الأمان و إباحة دم المشرك،و لو حيل بينه و بين الجواب بموت أو إغماء،لم تسمع دعوى الحربيّ.و في الحالين يردّ إلى مأمنه ثمّ هو حرب (8).

ص:136


1- 1المغني 10:427،الشرح الكبير بهامش المغني 10:551.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:301،المجموع 19:304.
3- 3) المغني 10:427-428،الشرح الكبير بهامش المغني 10:551-552.
4- 4) ب و خا:مسألة،مكان:فرع.
5- 5) الظهور:الظفر.لسان العرب 4:526.
6- 6) يراجع:ص 133.
7- 7) يراجع:ص 135. [1]
8- 8) خا:حربيّ،مكان:حرب.
البحث الرابع
اشارة

في الأحكام

مسألة:قد بيّنّا أنّ من عقد أمانا للكافر،وجب عليه الوفاء به
اشارة

(1)

و لا يجوز له الغدر،فإن نقضه،كان غادرا آثما،و يجب على الإمام منعه عن النقض إن عرف بالأمان.

إذا ثبت هذا:فلو عقد الحربيّ الأمان ليسكن في دار الإسلام،وجب الوفاء له، و يدخل ماله تبعا له في الأمان و إن لم يذكره،لأنّ الأمان يقتضي الكفّ عنه،و أخذ ماله إدخال الضرر عليه،و ذلك يقتضي نقض الأمان و هو غير سائغ،و لا نعلم فيه خلافا،و لو شرط الأمان لماله،كان ذلك تأكيدا.

فروع:
الأوّل:لو دخل حربيّ دار الإسلام بغير أمان و معه متاع،

(2)

فالوجه:أنّه حرب و لا أمان له في نفسه و لا في ماله؛لأنّه لم يوجد الأمان فيهما،أمّا لو اعتقد الكافر أنّ دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمان،لم يكن أمانا و ردّ إلى مأمنه.

و قال بعض الجمهور:لو كان معه متاع و قد جرت العادة بدخولهم إلينا تجّارا

ص:137


1- 1يراجع:ص 129.
2- 2) ع:الحربيّ.

بغير أمان،لم يعرض لهم (1)،و هو حسن بشرط اعتقاد الكافر أنّه أمان،أمّا مطلقا، فلا.

الثاني:لو ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجّار مشركون

من أرض العدوّ يريدون بلاد الإسلام،قال بعض الجمهور:لم يعرضوا لهم و لا يقاتلوهم (2).و فيه نظر.

الثالث:من دخل من أهل الحرب بتجارة إلى دار الإسلام معتقدا أنّه أمان،

فهو آمن حتّى يرجع إلى مأمنه على ما بيّنّاه،و يعامل بالبيع و الشراء،و لا يسأل عن شيء،و إن لم تكن معه تجارة و قال:جئت مستأمنا،فالوجه:أنّه لا يقبل منه، و يكون الإمام مخيّرا فيه.و به قال الأوزاعيّ (3)،و الشافعيّ (4).

و لو كان ممّن ضلّ الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا،قيل:يكون فيئا.

و قيل:يكون لمن أخذه (5).

مسألة:لو دخل الحربيّ دار الإسلام بأمان،
اشارة

فقد قلنا:إنّه يدخل ماله في الأمان؛ تبعا،و كذا لو شرط الأمان لماله.

إذا ثبت هذا:فلو عاد إلى دار الحرب،فإن كان لتجارة أو رسالة أو تنزّه و في نيّته العود إلى دار الإسلام،فالأمان باق؛لأنّه باق على نيّة الإقامة في دار الإسلام، فهو كالذمّيّ إذا دخل لذلك (6)،و إن كان للاستيطان بدار الحرب و الكون بها،بطل

ص:138


1- 1المغني 10:433،الشرح الكبير بهامش المغني 10:554،الإنصاف 4:207. [1]
2- 2) المغني 10:433،الشرح الكبير بهامش المغني 10:555.
3- 3) المغني 10:433،الشرح الكبير بهامش المغني 10:555.
4- 4) حلية العلماء 7:715،المهذّب للشيرازيّ 2:332،المجموع 19:438، [2]المغني 10:433، الشرح الكبير بهامش المغني 10:555.
5- 5) المغني 10:433،الشرح الكبير بهامش المغني 10:555،الفروع في فقه أحمد 3:461.
6- 6) خا،ر و ع:كذلك.

الأمان في نفسه دون ماله؛لأنّه بدخوله دار الإسلام و أخذ الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه،فإذا بطل في نفسه لمعنى لم يوجد في المال-و هو الدخول في دار الحرب-بقي الأمان في ماله؛لأنّ المقتضى للإبطال مختصّ (1)بالنفس دون المال، فيختصّ البطلان بها (2)،دونه.

لا يقال:الأمان في المال حصل على سبيل التبعيّة لأمان النفس،و قد بطل المتبوع،فيبطل التابع؛قضيّة للتبعيّة.

لأنّا نقول:إنّه ثبت له الأمان بمعنى (3)وجد فيه-و هو إدخاله معه-و هو يقتضي ثبوت الأمان له و إن لم يثبت في نفسه،كما لو بعثه مع مضارب له أو وكيل، فإنّه يثبت الأمان و لم يثبت في نفسه،و لم يوجد فيه هاهنا ما يقتضي نقض الأمان فيه،فيبقى على ما كان عليه؛عملا بالاستصحاب السالم عن المزيل،أمّا لو أخذه معه إلى دار الحرب؛فإنّه ينتقض الأمان فيه،كما ينتقض في نفسه؛لوجود المبطل فيهما معا.

فروع:
الأوّل:لو طلبه صاحبه،بعث به إليه،

تحقيقا للأمان فيه،و إن تصرّف فيه ببيع أو هبة أو غيرهما،صحّ تصرّفه.

الثاني:لو مات في دار الحرب أو قتل،انتقل إلى وارثه،

فإن كان الوارث مسلما،ملكه ملكا صحيحا،و إن كان حربيّا،انتقل إليه أيضا و انتقض الأمان فيه.

ص:139


1- 1ع:يختصّ.
2- 2) ب:لما دونه،مكان:بها دونه.
3- 3) ب:لمعنى.

و به قال أبو حنيفة (1).

و قال المزنيّ:لا يبطل الأمان،بل يكون باقيا (2)-و به قال أحمد بن حنبل (3)- و للشافعيّ قولان (4).

لنا:أنّه مال لكافر لا أمان بيننا و بينه في نفسه و لا ماله،فيكون كسائر أموال أهل الحرب.

احتجّ المخالف:بأنّ الأمان حقّ لازم متعلّق بالمال،فإذا انتقل إلى الوارث، انتقل بحقّه،كسائر الحقوق من الرهن و الضمان و الشفعة (5).

و الجواب نمنع (6)ملازمته للمال؛لأنّ الأمان تعلّق بصاحبه و قد مات،فيزول الأمان المتعلّق به.

الثالث:إذا مات فقد قلنا:إنّه يزول أمان ماله،

و حينئذ ينتقل إلى الإمام خاصّة من الفيء؛لأنّه لم يؤخذ بالسيف،و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب،فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له.

و نقل المزنيّ عن الشافعيّ أنّه يكون غنيمة (7).و ليس بجيّد؛لأنّه لم يؤخذ

ص:140


1- 1المغني 10:430،الشرح الكبير بهامش المغني 10:557.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،حلية العلماء 7:724،المهذّب للشيرازيّ 2:338،المجموع 19: 453.
3- 3) المغني 10:430،الشرح الكبير بهامش المغني 10:557،الفروع في فقه أحمد 3:461، الإنصاف 4:208.
4- 4) حلية العلماء 7:724،المهذّب للشيرازيّ 2:338،المجموع 19:452 العزيز شرح الوجيز 11: 476،الحاوي الكبير 14:219-220.
5- 5) المغني 10:430،الشرح الكبير بهامش المغني 10:557،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،العزيز شرح الوجيز 11:476،الحاوي الكبير 14:219-220.
6- 6) بعض النسخ:بمنع،مكان:نمنع.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273.

بالقهر و الغلبة.

الرابع:إذا مات في دار الحرب فقد قلنا:

إنّه ينتقض الأمان بانتقاله إلى وارثه.

إذا ثبت هذا:فإنّه بموته ينتقل إلى وارثه،سواء كان الوارث في دار الإسلام أو في دار الحرب،و إذا انتقل إلى وارثه الحربيّ في دار الإسلام أو دار الحرب،صار فيئا للإمام على ما قلناه.

و قال الشافعيّ في أحد الوجهين:لا ينتقل إلى وارثه في دار الإسلام؛لأنّه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث (1)،و ليس بجيّد.

و كذا الذمّيّ إذا مات و له ولد في دار الإسلام و ولد في دار الحرب،كان ميراثه لهما.

و لو كان له ولد في دار الإسلام،صار ماله له،و لو كان في دار الحرب،انتقل ماله إليه،و صار فيئا.

الخامس:لو دخل دار الإسلام فعقد أمانا لنفسه ثمّ مات عندنا و له مال،

فإن كان له وارث مسلم،انتقل إليه و ملكه،و إن كان له وارث كافر في دار الحرب،انتقل المال إليه،و صار فيئا؛لأنّه مال لكافر لا أمان بيننا و بينه،فيكون فيئا كما قلناه (2)في الأوّل.

و قال بعض الشافعيّة:يردّ إلى وارثه،و اختلفوا على طريقين.

أحدهما (3):منهم من قال:فيه قولان،كما لو مات في دار الحرب.

و منهم من قال هنا:يردّ،قولا واحدا؛لأنّه إذا رجع إلى دار الحرب فقد بطل

ص:141


1- 1حلية العلماء 7:724،المهذّب للشيرازيّ 2:338،المجموع 19:452،العزيز شرح الوجيز 11: 476-477،المغني 10:430،الشرح الكبير بهامش المغني 10:557.
2- 2) يراجع:ص 139. [1]
3- 3) بعض النسخ:إحداهما.

أمانه،و هاهنا مات و أمانه باق (1).

إذا ثبت هذا:فإنّه ينتقل إلى الإمام؛لأنّه لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب،و كذا لو لم يكن له وارث.

السادس:لو كان للحربيّ أمان فترك ماله و نقض الأمان و لحق بدار الحرب،

فإنّ الأمان باق في ماله على ما قلناه (2)،فإن رجع ليأخذ ماله،جاز سبيه.

و قال بعض الشافعيّة:لا يجوز،و يكون الأمان ثابتا؛لأنّا لو سبيناه،أبطلنا ملكه،و أسقطنا (3)حكم الأمان في ماله (4).

و ليس بجيّد؛لأنّ ثبوت الأمان لماله لا يثبت له الأمان،كما لو دخل إلى دار الإسلام بأمان ثمّ خرج إلى دار الحرب،فإنّ الأمان باق في المال،دونه،و كما لو أدخل ماله بأمان و هو في دار الحرب،فإنّ الأمان لا يثبت له لو دخل دار الإسلام، و يثبت لماله.

السابع:إذا أسر الحربيّ الذي لماله أمان،

لم يزل الأمان عن ماله.ثمّ لا يخلو إمّا أن يمنّ عليه الإمام أو يسترقّه أو يفاديه أو يقتله،فإن قتله،انتقل إلى وارثه المسلم إن كان،و إلاّ فإلى الحربيّ و صار فيئا على ما قلناه (5).

و إن فاداه أو منّ عليه،ردّ ماله إليه،و إن استرقّه زال ملكه عنه؛لأنّ المملوك لا يملك شيئا و صار فيئا،و إن أعتق بعد ذلك،لم يردّ إليه،و كذا لو مات،لم يردّ على ورثته،سواء كانوا مسلمين أو كفّارا؛لأنّه لم يترك شيئا.

ص:142


1- 1حلية العلماء 7:724،المهذّب للشيرازيّ 2:338،المجموع 19:453، [1]العزيز شرح الوجيز 11: 476-477.
2- 2) يراجع:ص 138-139.
3- 3) بعض النسخ:فأسقطنا.
4- 4) لم نعثر عليه.
5- 5) يراجع:ص 139. [2]
مسألة:إذا دخل المسلم أرض العدوّ بأمان فسرق منهم شيئا،
اشارة

وجب عليه ردّه على (1)أربابه؛لأنّهم أعطوه الأمان بشرط أن يترك خيانته لهم،و أمنه إيّاهم من نفسه و إن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ،فإنّه معلوم من حيث المعنى.

و لو أسر المشركون مسلما ثمّ أطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم و يترك خيانتهم،حرمت عليه أموالهم بالشرط،و لا يجوز له المقام مع المكنة على المهاجرة هذا إذا أمّنوه،و إن لم يؤمّنوه و لكن استرقّوه و استخدموه،كان له الهرب و أخذ ما أمكنه من مالهم؛لأنّهم قهروه على نفسه و لم يملكوه بذلك،فجاز له قهرهم.

و لو أطلقوه على مال،لم يجب الوفاء به؛لأنّ الحرّ لا قيمة له.

و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان،فاقترض من حربيّ مالا و عاد إلينا، و دخل صاحب المال بأمان،كان عليه ردّه إليه؛لأنّ مقتضى الأمان الكفّ عن أموالهم.

و لو اقترض حربيّ من حربيّ مالا ثمّ دخل المقترض إلينا بأمان،فإنّ (2)عليه ردّه إليه؛لأنّ الأصل وجوب الردّ،و لا دليل على براءة الذمّة منه.

فروع:
الأوّل:لو تزوّج الحربيّ بحربيّة و أمهرها مهرا،

وجب عليه ردّه عليها.

و كذا لو أسلما معا و ترافعا إلينا،فإنّا نلزم الزوج المهر إن كان ممّا يصحّ للمسلمين تملّكه،و إلاّ وجب عليه قيمته.

الثاني:لو تزوّج الحربيّ بحربيّة ثمّ أسلم الحربيّ خاصّة و المهر في ذمّته،

لم يكن للزوجة مطالبته به؛لأنّها أهل حرب و لا أمان لها على هذا المهر.

ص:143


1- 1ب:إلى،مكان:على.
2- 2) بعض النسخ:كان،مكان:فإنّ.

و كذا لو ماتت و لها ورثة كفّار،لم يكن لهم أيضا المطالبة به؛لما مرّ في الزوجة.و لو كان الورثة مسلمين،كان لهم المطالبة به.

الثالث:لو ماتت الحربيّة ثمّ أسلم الزوج بعد موتها،

كان لوارثها المسلم مطالبة الزوج بالمهر،و ليس للحربيّ مطالبته به.و كذا لو أسلمت قبله ثمّ ماتت،طالبه وارثها المسلم،دون الحربيّ.

الرابع:إذا دخل المسلم أو الحربيّ دار الحرب مستأمنا

فخرج بمال من مالهم اشترى به شيئا،لم يتعرّض له،سواء كان مع المسلم أو الذمّيّ؛لأنّه أمانة معهم، و للحربيّ أمان.

و لو دفع الحربيّ إلى الذمّيّ في دار الإسلام شيئا وديعة،كان في أمان إجماعا.

مسألة:إذا خلّى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم

و استحلفوه على أن يبعث إليهم فداء عنه،أو يعود إليهم،فإن كان ذلك كرها و قهرا،لم يلزمه الوفاء لهم برجوع و لا فدية لهم إجماعا؛لأنّه مكره،فلا يلزمه ما أكره عليه؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (1).و إن لم يكره على ذلك،بل شرط لهم مختارا،لم يجب الوفاء بالمال،و به قال الشافعيّ (2).

و قال عطاء،و الحسن،و الزهريّ،و النخعيّ،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (3)،و أحمد بن حنبل:يجب الوفاء به (4).

ص:144


1- 1سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،و من طريق الخاصّة،يراجع:الوسائل 11:295 الباب 56 من أبواب جهاد النفس. [1]
2- 2) حلية العلماء 7:723،المهذّب للشيرازيّ 2:311،المجموع 19:348، [2]مغني المحتاج 4:240، العزيز شرح الوجيز 11:465،روضة الطالبين:1820.
3- 3) حلية العلماء 7:723،المغني 10:539،الشرح الكبير بهامش المغني 10:560.
4- 4) المغني 10:539،الشرح الكبير بهامش المغني 10:560،الفروع في فقه أحمد 3:462، الإنصاف 4:210، [3]حلية العلماء 7:723.

لنا:أنّه حرّ لا يستحقّون بدله (1)،فلا يجب الوفاء بشرطه.و لأنّ في الوفاء به تقوية للمشركين و معونة لهم.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ (2).

و لأنّ في الوفاء مصلحة للأسارى و في الغدر مفسدة في حقّهم؛لأنّهم لا يأمنون بعده و الحاجة داعية إليه،فلزمه الوفاء (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه ليس على إطلاقه إجماعا،بل المعتبر فيه المصلحة الدينيّة و هو الجواب عن الثاني.

إذا ثبت هذا:فلو عجز عن المال،لم يجز الرجوع إليهم،سواء كان امرأة أو رجلا.

أمّا المرأة:فقد أجمعوا على تحريم رجوعها إليهم.

و أمّا الرجل فعندنا كذلك.و به قال الحسن البصريّ،و النخعيّ،و الثوريّ (4)، و الشافعيّ (5)،و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين.

و في الأخرى:يلزمه الرجوع (6).و به قال عثمان بن عفّان،و الزهريّ، و الأوزاعيّ (7).

لنا:أنّ الرجوع إليهم معصية،فلا يلزمه بالشرط،كما لو كان امرأة،و كما

ص:145


1- 1آل،ع:بذله،مكان:بدله.
2- 2) النحل(16):91. [1]
3- 3) المغني 10:540،الشرح الكبير بهامش المغني 10:561.
4- 4) المغني 10:540،الشرح الكبير بهامش المغني 10:561.
5- 5) حلية العلماء 7:723،المغني 10:540،الشرح الكبير بهامش المغني 10:561.
6- 6) المغني 10:540،الشرح الكبير بهامش المغني 10:561،الفروع في فقه أحمد 3:462، الإنصاف 4:210. [2]
7- 7) المغني 10:540،الشرح الكبير بهامش المغني 10:561.

لو شرط قتل مسلم،أو شرب خمر.

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عاهد قريشا على ردّ من جاءه مسلما (1).

و الجواب:المنع من ذلك.

ص:146


1- 1صحيح مسلم 3:1411 الحديث 1784،سنن أبي داود 3:85-86 الحديث 2765،سنن البيهقيّ 9:220.
البحث الخامس
اشارة

من يدخل في الأمان و من لا يدخل

(1)

مسألة:إذا نادى المشركون بالأمان،

فقد بيّنّا (2)أنّه ينبغي للإمام أن يؤمّنهم إلاّ إذا رأى المصلحة بترك أمانهم،فلا يلتفت إليهم.

إذا ثبت هذا:فلو طلبوا أمانا لأنفسهم،كانوا مأمونين على أنفسهم.

و لو طلبوا الأمان لأهليهم،فقالوا:أمّنوا أهلينا،فقال لهم المسلمون:أمّنّاهم، فهم فيء و أهلهم آمنون؛لأنّهم طلبوا الأمان لأهليهم (3)و لم يذكروا أنفسهم صريحا و لا كناية،فلا يتناولهم الأمان.

أمّا لو قالوا:نخرج على أن نراوضكم (4)في الأمان على أهلينا،فقالوا لهم:

اخرجوا،فهم آمنون و أهليهم؛لأنّهم بأمرهم بالخروج للمراوضة على الأمان أمّنوهم،و لهذا لو لم يتّفق بينهم أمر،كان عليهم أن يردّوهم إلى مأمنهم و لا يعرضوا (5)لهم بشيء.

مسألة:لو قالوا:أمّنونا على ذرّيتنا،فأمّنوهم على ذلك،

فهم آمنون و أولادهم و أولاد أبنائهم و إن سلفوا؛لعموم اسم الذرّيّة جميع هؤلاء،و هل يدخل أولاد

ص:147


1- 1خا:في من.
2- 2) يراجع:ص 121-124.
3- 3) بعض النسخ:لأهلهم.
4- 4) فلان يراوض فلانا على أمر كذا:أي يداريه ليدخله فيه.الصحاح 3:1081. [1]
5- 5) ح و ر:و لا يؤمّنوا.

البنات في ذلك؟الوجه:دخولهم؛لقوله تعالى: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله: وَ عِيسى (1)و لم يكن ابن ابنه.

و لأنّ الذرّيّة اسم للفرع المتولّد من الأصل،و الأب و الأمّ أصلان في إيجاد (2)الولد،بل التولّد و التفرّع في جانب الأمّ أرجح؛لأنّ ماء الفحل يصير مستهلكا في رحمها،و إنّما يتولّد الولد منها بواسطة ماء الفحل.

و لو قالوا:أمّنونا على أولادنا،فهل يدخل أولاد البنات كما يدخل أولاد الذكور؟فيه بحث يأتي في باب الوصايا إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لو قالوا:أمّنونا على إخوتنا،و لهم إخوة و أخوات،

فهم آمنون؛لأنّ اسم الإخوة عند الإطلاق يتناول الذكور و الإناث عند الاجتماع.

قال اللّه تعالى: وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً (3).

هذا من حيث الاستعمال،و في أصل الوضع الصيغة للذكور إلاّ أنّ العرب عند الاجتماع غلّبوا الذكور على الإناث،فأطلقوا اسم الذكور على الكلّ.

أمّا الأخوات بانفرادهنّ فلا يدخلن في الأمان؛لأنّ الإناث بانفرادهنّ لا يتناولهنّ اسم الذكور.

و كذا لو قالوا:أمّنونا على أبنائنا،دخل فيه الذكور و الإناث،و لا يتناول الإناث بانفرادهنّ إلاّ إذا كان المضاف إليه أبا القبيلة،و المراد به النسبة إلى القبيلة.

و لو تقدّم من المستأمن لفظ يدلّ على طلب الأمان لهنّ،انصرف الأمان إليهنّ و إن كان بلفظ الذكور،كما لو قال:ليس لي إلاّ هؤلاء البنات و الأخوات فأمّنوني على بنيّ أو على إخوتي،فالإناث آمنات.

ص:148


1- 1الأنعام(6):84-85. [1]
2- 2) خا:في إيجاب،مكان:في إيجاد.
3- 3) النساء(4):176. [2]
مسألة:و لو قالوا :أمّنونا على آبائنا،و لهم آباء و أمّهات،

(1)

دخلوا جميعا في الأمان؛لأنّ اسم الآباء يتناول الآباء و الأمّهات،فإنّ الأمّهات تسمّى آباء.

قال اللّه تعالى: وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (2).و قال: وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ (3).

و كذا لو كان له أب واحد و أمّهات شتّى؛لتناول الاسم للجميع من حيث الاستعمال.

و هل يدخل الأجداد في ذلك؟قال أبو حنيفة:لا يدخلون (4)؛لأنّ اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقة و لا بطريق التبعيّة؛لأنّهم أصول الآباء يختصّون باسم خاصّ،فلا يتناولهم اسم الآباء على وجه الاتّباع لفروعهم.

و الوجه:دخولهم؛لأنّ الأب يطلق عليه من حيث إنّه أب الأب،و الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة.و الصدق على سبيل التبعيّة في الاستعمال لا ينحصر في التبعيّة في الوجود.

مسألة:لو قال:أمّنونا على أبنائنا،دخل فيه أبناء الأبناء أيضا؛

لأنّ اسم الابن يتناول ابن الابن؛لأنّه طلب الأمان لمن يكون مضافا إليه بالبنوّة،إلاّ أنّه ناقص في الإضافة و النسبة إليه؛لأنّه يضاف إليه بواسطة الابن؛لأنّه متفرّع عنه و متولّد عنه بواسطة الابن،و الإضافة الناقصة كافية في إثبات الأمان؛لأنّه يحتاط في إثباته؛ لأنّ موجبه حرمة الاسترقاق،و الشبهة ملحقة بالحقيقة في موضع الاحتياط، بخلاف الوصيّة،فإنّ الشبهة فيها غير كافية في الاستحقاق؛لثبوت مزاحمة الوارث.

ص:149


1- 1أكثر النسخ:قال،مكان:قالوا.
2- 2) النساء(4):11. [1]
3- 3) النساء(4):11. [2]
4- 4) الفتاوى الهنديّة 2:199-200.
مسألة:و هذا كلّه إنّما هو بلسان العرب،

فالحكم متعلّق به مع استعماله،لكنّا قد بيّنّا أنّ صيغة الأمان يكفي فيها أيّ لغة كانت (1)،فلو كان بعض اللغات يتناول ما أخرجناه في بعض هذه الصور و طلب الأمان بتلك اللغة،دخل فيه ما أخرجناه.

و كذا لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان حتّى خرج بهم،لم يجز التعرّض لهم (2)؛لأنّهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان فيردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا.

ص:150


1- 1يراجع:ص 131.
2- 2) أكثر النسخ:بهم،مكان:لهم.
البحث السادس
اشارة

في الأمان بالرسالة و الكتابة

مسألة:ينبغي لأمير العسكر إذا أراد إنفاذ رسول

(1)

أن يختار لرسالته رجلا مسلما أمينا عدلا،و لا يختار خائنا و لا ذمّيّا و لا حربيّا مستأمنا؛لأنّه ركون إليه، و قد قال اللّه تعالى: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (2).

و لأنّه متّهم في حقّ المسلمين،و لهذا أنكر عمر بن الخطّاب على أبي موسى الأشعريّ لمّا أمره أن يأمر كاتبه أن يدخل المسجد ليقرأ كتابه،فقال:إنّ كاتبي لا يدخل (3)المسجد،فقال:أجنب هو؟فقال:لا،و لكنّه نصرانيّ،فقال:سبحان اللّه، اتّخذت بطانة من دون المؤمنين؟!أ ما سمعت قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً (4)(5)أي:لا يقصّرون في فساد أموركم، و لا نعرف في ذلك خلافا.

و ينبغي أن يكون بصيرا بالأمور عارفا بمواقع أداء الرسالة؛لأنّه ربّما يرى مصلحة لم ينبّهه الأمير عليها فيفعل بحسبها.

مسألة:إذا أرسل الأمير رسولا مسلما فذهب الرسول إلى أمير المشركين

فبلّغه

ص:151


1- 1بعض النسخ:إنفاد،مكان:إنفاذ.
2- 2) هود(11):113. [1]
3- 3) ع:لا يدخلنّ،مكان:لا يدخل.
4- 4) آل عمران(3):118. [2]
5- 5) سنن البيهقيّ 9:204 و ج 10:127،أحكام القرآن للجصّاص 2:324، [3]تفسير القرطبيّ 4:179. [4]

الرسالة،ثمّ قال له:إنّي أرسل على لساني إليك الأمان و لأهل ملّتك فافتح الباب،ثمّ ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير و قرأه بمحضر من المسلمين،فلمّا فتحوا و دخل المسلمون و شرعوا في السبي،قال لهم أمير المشركين:إنّ رسولكم أخبرنا أنّ أميركم أمّننا،و شهد أولئك المسلمون على مقالته،كانوا آمنين،و لا يجوز سبيهم؛ لأنّ التمييز بين الحقّ و الاحتيال متعذّر في حقّ المبعوث إليه،إذ لا طريق له إلى الوقوف إلى حقيقة الرسالة،و إنّما يتمكّن من الاعتماد على خبر الرسول،فيجعل ما أخبر به الرسول،كأنّه حقّ و صدق بعد ما ثبتت رسالته؛لئلاّ (1)يؤدّي إلى الغرور في حقّهم و هو حرام،كما لو قال لهم الأمير:إنّ هذا رسولي،ثمّ أتاهم بأمان،لكانوا آمنين،فكذا هنا.

مسألة:لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم أنّه أمّنهم

ثمّ رجع إليه فأخبره أنّه قد أدّى الرسالة،فهم آمنون و إن لم يعلم المسلمون التبليغ؛لأنّ الواجب هو البناء على الظاهر في ما لا يمكن الوقوف على حقيقته،و الظاهر:أنّ الرسول بعد ما دخل إليهم أنّه لا يخرج إلاّ بعد التبليغ.و لأنّ قول الرسول يحتمل الصدق فتثبت شبهة التبليغ، و الأمان يتحقّق بالشبهة.

و لو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم و قرأه عليهم و قال:إنّي رسول الأمير إليكم،لم يكن أمانا من جهته؛لأنّه ليس للواحد من المسلمين أن يؤمّن حصنا كبيرا،و لا من جهة الإمام؛لأنّه ليس برسوله و لا غرور هنا؛لأنّ التقصير من جانبهم حيث عوّلوا على قول مجهول لم يعتضد بشهادة أحد من المسلمين، و لا باعتبار الرسالة من الأمير في وقت من الأوقات و الأمير غير متمكّن من الاحتراز عن مثل هذا؛لأنّه لا يعرف المفتعل (2)حتّى يمنعه من الافتعال (3).

ص:152


1- 1ب و هامش آل:لكيلا،مكان:لئلاّ.
2- 2) ب،خا و ق:المعتقل،مكان:المفتعل.
3- 3) ب،خا و ق:الاعتقال،مكان:الافتعال.

و لو ناداهم من صفّ المسلمين مسلم-و هم قليلون يصحّ أمان الواحد لهم- إنّي رسول الأمير إليكم و إنّه أمّنكم و أنتم آمنون،كان ذلك أمانا من جهته؛لأنّ من يملك الأمان إذا أخبر عمّن يملك الأمان،كان أمانا صحيحا،أمّا إذا كان صدقا فظاهر؛لأنّه يكون من جهة المخبر عنه،و أمّا إن كان كذبا،فإنّه يكون أمانا من جهة المخبر.

مسألة:و نبذ الأمان مع اقتضاء المصلحة سائغ

على ما يأتي بشروط نذكرها.

إذا ثبت هذا:فلو أمّنهم المسلمون ثمّ بعثوا رجلا لينبذ (1)إليهم و يخبرهم أنّهم قد نقضوا العهد،فجاء الرسول و ذكر أنّه أعلمهم،لم يعرض لهم و يكونون (2)آمنين حتّى يعلموا ذلك بشاهدين؛لأنّه قد جاءهم خبر دائر بين الصدق و الكذب،و هو ليس بحجّة في نقض العهد و إن كان حجّة في الأمان.

و الفرق بينهما:أنّ النبذ يتعلّق به إباحة السبي و استحلال الأموال و الفروج و الدماء،و هو لا يثبت مع الشبهة،و خبر الواحد لا ينفكّ عن الشبهة،أمّا الأمان فيتعلّق به حفظ الأموال و حراسة الأنفس و حقن الدماء و حرمة السبي و الفروج، و هو يثبت مع الشبهة.

فلو أغار المسلمون عليهم،فقالوا:لم يبلغنا خبر رسولكم،فالقول قولهم؛ لأنّهم أنكروا نبذ الأمان،و الأصل يعضدهم،فيصار إلى قولهم؛لأنّ في وسع الإمام أن يرسل إليهم رسولا و يشهد عليه شاهدين و يسيّرهما معه.

أمّا لو كتب الإمام إليهم نقض العهد و سيّره مع رسوله و شاهدين،فقرأه عليهم بالعربيّة فاحتاجوا إلى ترجمان فترجم لهم بلسانهم،و شهد الآخران عليهم،ثمّ ادّعوا أنّ الترجمان لم يخبرهم بنقض العهد،بل أخبرنا أنّ الإمام قد زاد في مدّة الأمان،

ص:153


1- 1المنابذة:المكاشفة،و منه نابذه في الحرب،أي كاشفه.مجمع البحرين 3:189. [1]
2- 2) ب،ع و خا:و يكونوا،مكان:و يكونون.

لم يلتفت إليهم؛لأنّ الإمام أتى بما في وسعه من الإخبار بالنقض و الشهادة،و إنّما التقصير من جهتهم (1)حيث اختاروا للترجمة خائنا،إلاّ أن يعلم من حضر من المسلمين أنّ الترجمان خانهم،فيقبل قولهم حينئذ.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الرسول أمين للحاجة الداعية إلى المراسلة

التي لا تتمّ إلاّ بأمان رسلهم،و قد تقدّم (2).

فلو خاف الإمام أن يكون الرسول قد رأى عورة للمسلمين يدلّ عليها العدوّ، جاز له منعه من الرجوع،و كذا يمنع التاجر لو انكشف على عورة ينبغي إخفاؤها عن المشركين،و يجعل عليهما حرسا يحرسونهما؛نظرا للمسلمين و دفعا للفتنة عنهم.

و لو حضر قتال و احتاج الإمام إلى شغل الحرس و خاف انفلاتهما،جاز له أن يقيّدهما حتّى ينقضي الشغل؛للضرورة،و الثابت للضرورة يتقدّر بقدرها.

و لو لم يخف الإمام منهما أنفذهما،فإن خافا من اللصوص،فينبغي أن يرسل معهما من يبلغهما مأمنهما؛لقوله تعالى: ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (3).

و يجوز الاستئجار عليه من بيت المال،و كذا مئونتهما تكون من بيت المال في الموضع الذي يمنعهما من الرجوع؛لأنّ ذلك كلّه لمصلحة المسلمين.

ص:154


1- 1بعض النسخ:قبلهم،مكان؛جهتهم.
2- 2) يراجع:ص 151.
3- 3) التوبة(9):6. [1]
البحث السابع
اشارة

في الأمان على جعل

مسألة:إذا حصر المسلمون حصنا،

فناداهم رجل:أمّنوني أفتح لكم الحصن، جاز أن يعطوه أمانا و لا نعلم فيه خلافا.فإن (1)أمّنوه،لم يكن لهم نقض أمانه إجماعا.

فإن أشكل الذي أعطي الأمان و ادّعاه كلّ واحد من أهل الحصن،فإن عرف صاحب الأمان،عمل على ما عرف،و إن لم يعرف،لم يقتل واحد منهم؛لاحتمال صدق كلّ واحد،و قد حصل اشتباه المحرّم بالمحلّل (2)فيما لا ضرورة إليه،فكان الكلّ حراما،كما لو اشتبهت الأخت بأجنبيّات.

قال الشافعيّ:و يحرم استرقاقهم؛لما ذكرنا في القتل،فإنّ استرقاق من لا يحلّ استرقاقه،محرّم (3).

و قال بعض الجمهور:يقرع،فيخرج صاحب الأمان و يسترقّ (4)الباقون؛لأنّ الحقّ لواحد و قد اشتبه فيقرع بينهم،كما لو أعتق عبدا من عشرة أعبد ثمّ اشتبه، و يخالف القتل؛لأنّ الاحتياط في الدم أبلغ من الاحتياط في الاسترقاق (5).

ص:155


1- 1أكثر النسخ:فإذا،مكان:فإن.
2- 2) عبارة:«بالمحلّل»لا توجد في آل،ر،ع.
3- 3) المغني 10:432،الشرح الكبير بهامش المغني 10:553.
4- 4) كثير من النسخ:فيسترقّ.
5- 5) المغني 10:432،الشرح الكبير بهامش المغني 10:553.

و قال الأوزاعيّ:لو أسلم واحد من أهل الحصن قبل فتحه،فأشرف علينا ثمّ أشكل،فادّعى كلّ واحد منهم أنّه الذي أسلم،سعى كلّ واحد منهم في قيمة نفسه، و ترك له عشر قيمته (1).

مسألة:لو قال:اعقدوا الأمان على أهل حصني على أن أفتحه لكم،

فأمّنوه على ذلك،فهو آمن و أهل الحصن آمنون.

قالت الحنفية:أموالهم كلّها فيء؛لأنّ الأمان بشرط فتح الباب لا تدخل فيه الأموال لا بالتنصيص و لا التبعيّة للنفوس؛لأنّه لم يبق للمسلمين حينئذ فائدة في فتح الباب،و إنّما قصدوا بذلك التوسّل إلى استغنام أموالهم (2).

و لو قال:اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلّكم على طريق موضع كذا،ففعلوا ففتحوا الباب فجميع النفوس و الأموال تدخل في الأمان؛لأنّ شرط الأمان هنا جزاء على الدلالة لا على فتح الباب،فيكون كلامه بيانا أنّه يدلّهم ليتمكّنوا في القرار في حصنه مع أهل الحصن فتدخل الأموال؛تبعا للنفوس؛لأنّه لا يمكنهم المقام فيه إلاّ بالمال،بخلاف الصورة الأولى؛لأنّ في اشتراط فتح الباب دلالة على أنّ الذين تناولهم (3)الأمان غير مقرّين بالسكنى في الحصن،و إنّما تدخل الأموال في الأمان؛لأنّ التمكّن من المقام يكون بالأموال،و إذا انعدم السكنى،لم تدخل الأموال في الأمان.

و لو قال:اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلّوا،دخل الأموال في الأمان؛لأنّ في هذا تصريحا بفائدة فتح الباب،و هو الصلاة فيه دون إزعاج أهله، و قد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إمّا لينتقل الخبر بأنّ المسلمين

ص:156


1- 1المغني 10:432،الشرح الكبير بهامش المغني 10:553.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) بعض النسخ:يتناولهم،مكان:تناولهم.

صلّوا جماعة في الحصن الفلانيّ فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين،أو ليكونوا قد عبدوا اللّه في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله،و مكان العبادة شاهد للمؤمن يوم القيامة.

و لو قال:أمّنوني على قلعتي أو مدينتي،فأمّنوه،دخل المال و الأنفس فيه و إن كان تنصيص الأمان إنّما هو عليهما لا غير؛لأنّ المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة و المدينة على ما كانتا عليه عرفا و يكون هو المتصرّف و المتغلّب،و ليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما و نهب الأموال.

مسألة:لو قال:أمّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن،

فهو آمن على ما طلب،و يكون الباقي فيئا.

و لو لم يف ماله بالألف،لم يكن له زيادة على ماله.

و لو لم يكن له دراهم و لكنّه كان له عروض،أعطى من ذلك ما يساوي ألفا؛ لأنّه شرط في الأمان جزءا من ماله،و الأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.

أمّا لو قال:عليّ ألف درهم من دراهمي.و لا دراهم له (1)،كان لغوا،لأنّه شرط جزءا من دراهمه و لا دراهم له،فلا يصادف الأمان محلاّ،فيكون لغوا.

ص:157


1- 1آل،ر و ع:و لا درهم له،مكان:و لا دراهم له.
البحث الثامن
اشارة

في التحكيم

مسألة:إذا حصر الإمام بلدا،

جاز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه،فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه،و لا نعلم فيه خلافا؛لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر (1)بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأجابهم عليه السلام إلى ذلك (2).

إذا عرفت هذا:فهل يجوز للإمام إنزالهم على حكم اللّه تعالى؟الذي رواه علماؤنا:المنع من ذلك،و هو مرويّ عن محمّد بن الحسن.و قال أبو يوسف:يجوز ذلك (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:كان إذا بعث جيشا أو سريّة،أوصاهم بتقوى اللّه تعالى-إلى أن قال-:«و إذا حاصرتم (4)حصنا أو مدينة، فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم اللّه فلا تنزلوهم،فإنّكم لا تدرون ما حكم اللّه تعالى

ص:158


1- 1آل،ر و ع:حصر.
2- 2) صحيح البخاريّ 5:143،صحيح مسلم 3:1388 الحديث 1768،مسند أحمد 3:22، [1]المغازي للواقديّ 1:512،المصنّف لابن أبي شيبة 8:503 الحديث 6 و 7،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:7 الحديث 5327،مجمع الزوائد 6:137.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:7،بدائع الصنائع 7:107.
4- 4) أكثر النسخ:«حصرتم»مكان:«حاصرتم».

فيهم،و لكن أنزلوهم على حكمكم،ثمّ اقضوا فيهم ما رأيتم» (1).

و من طريق الخاصّة:عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و إذا (2)حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم (3)على حكم اللّه،فلا تنزلهم و لكن أنزلهم على حكمكم (4)ثمّ اقض فيهم بعد بما شئتم فإنّكم إن أنزلتموهم على حكم اللّه لم تدروا أ تصيبوا حكم اللّه فيهم أم لا» (5).

و لأنّ حكم اللّه تعالى في الرجال:القتل أو المنّ أو الاسترقاق أو المفاداة،و في النساء:الاسترقاق أو المنّ،فيكون مجهولا،فكان الإنزال على حكم مجهول،فكان باطلا.

احتجّ أبو يوسف:بأنّ حكم اللّه تعالى معلوم؛لأنّه في حقّ الكفرة:القتل في المقاتلين،و الاسترقاق في ذراريهم،و الاستغنام في أموالهم.ثمّ تأوّل الحديثين اللذين تلوناهما بأنّهما كانا في زمن لم تكن الأحكام مستقرّة و النسخ كان متصوّرا، فإنّ الوحي ينزل في كلّ وقت و ينسخ حكم بحكم،فمن الجائز أن يكون الإنزال على حكم قد نسخ،فأمّا الآن فقد استقرّت الشريعة و لا نسخ،و عرف حكم اللّه تعالى،فجاز الإنزال عليه (6).

ص:159


1- 1صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [1]سنن ابن ماجة 2: 953 الحديث 2858،سنن البيهقيّ 9:97 في الجميع بتفاوت.
2- 2) بعض النسخ:فإذا،كما في التهذيب.
3- 3) ب:«أن ينزلوا»كما في المصادر.
4- 4) بعض النسخ:«حكمي»كما في التهذيب.
5- 5) الكافي 5:29 الحديث 8، [2]التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:7،بدائع الصنائع 7:107.

و الجواب:أنّ حكم اللّه تعالى معلوم في حقّ قوم ممتنعين وقع (1)الظهور عليهم،أمّا في حقّ قوم ممتنعين تركوا منعتهم باختيارهم فمجهول.

مسألة:و يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه،

و لا نعلم فيه خلافا،فيحكم فيهم بما يرى؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ،فأجابهم إلى ذلك،فحكم عليهم بقتل رجالهم و سبي ذراريهم،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد حكمت بما حكم اللّه تعالى فوق سبعة أرقعة» (2)يعني (3):سبع سماوات.

قال الخليل:الرقيع اسم سماء هذه الدنيا،و يقال:كلّ واحدة رقيع للأخرى، فهي أرقعة (4).

مسألة:و يشترط في الحاكم شروط سبعة:
اشارة

أن يكون حرّا مسلما بالغا عاقلا ذكرا فقيها عدلا.

فلا يجوز أن يكون عبدا؛لأنّه ليس مظنّة للفراغ في النظر في أمور المسلمين و كيفيّة القتال و ما يتعلّق به من المصالح؛لاشتغال وقته في خدمة مولاه.

و لا يجوز أن يكون كافرا؛لأنّه لا نظر له في حقّ المسلمين،و لا يؤمن عليهم.

و لا يجوز أن يكون صبيّا؛لخفاء الأمور المنوطة بالحرب عنه.

ص:160


1- 1بعض النسخ:و مع،مكان:وقع.
2- 2) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:538،الشرح الكبير بهامش المغني 10:416،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:322.و [1]بتفاوت يسير ينظر:صحيح البخاريّ 4:81،صحيح مسلم 3: 1388 الحديث 1768 و ص 1389 الحديث 1769،مسند أحمد 3:22 و 71.
3- 3) ر،ع،ق،خا و متن آل:و هي،مكان:يعني.
4- 4) العين 1:157. [2]

و لا يجوز أن يكون مجنونا؛لفقد قصده و عدم تعقّله (1)بمزايا (2)الأمور.

و لا يجوز أن يكون امرأة؛لقصور نظرها،و قلّة معرفتها بمواقع الحرب (3)و مصالحه.

و لا يجوز أن يكون جاهلا بما حكم فيه؛لجواز أن يحكم فيهم بما لا يسوغ شرعا العمل به،فيجب تركه حينئذ،فتبطل فائدة التحكيم.

و لا يجوز أن يكون فاسقا؛لأنّه ظالم،فلا يجوز الركون إليه؛لقوله تعالى:

وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (4).

و لا يشترط أن يكون فقيها في كلّ المسائل،عارفا بجميع الأحكام؛لأنّ سعد بن معاذ أجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تحكيمه (5)(6)،و لم يعلم أنّه كان عالما بجميع الأحكام،بل أن يكون عارفا بما يتعلّق بهذا الحكم،و ما يجوز فيه و يعتبر له، و نحو ذلك.

فروع:
الأوّل:يجوز أن يكون الحاكم أعمى.

و به قال الشافعيّ (7)،و أحمد بن

ص:161


1- 1آل،ر،ع و خا:عقله.
2- 2) ب:لمزايا.
3- 3) أكثر النسخ:الحروب،مكان:الحرب.
4- 4) هود(11):113. [1]
5- 5) أكثر النسخ:بحكمه.
6- 6) صحيح البخاريّ 4:81،صحيح مسلم 3:1388 الحديث 1768 و ص 1389 الحديث 1769، مسند أحمد 3:22 و 71.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:322، [2]العزيز شرح الوجيز 11:479،روضة الطالبين: 1823،الحاوي الكبير 14:280.

حنبل (1).

و قال أبو حنيفة:لا يجوز (2).

لنا:أنّ المقصود رأيه دون بصره،و ذلك شيء لا يحتاج فيه إلى الرؤية،فعدم البصر لا يضرّ في مسألتنا.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا يصلح للقضاء،فلا يكون حاكما هنا.

و الجواب:الفرق،فإنّ القاضي لا يستغني عن البصر؛لاحتياجه إلى معرفة المدّعي و المدّعى عليه،و الشاهد و المشهود له و عليه،و المقرّ و المقرّ له،بخلاف المتنازع؛لأنّ القصد معرفة المصلحة في أحد أقسام الحكم،و التقدير:حصوله.

على أنّا نمنع الحكم في الأصل،و سيأتي.

الثاني:لو نزلوا على حكم محدود في قذف و تاب،

لم يكن به بأس.

و قال أبو حنيفة:لا يجوز (3).

لنا:أنّه مسلم عدل بالتوبة وجدت فيه الشرائط،لأنّ التقدير كذلك،فيجوز أن يكون حكما،كغير المحدود.

الثالث:لو نزلوا على حكم أسير معهم مسلم،

جاز.

و قال أبو حنيفة:لا يجوز؛لأنّه مقهور معهم،فكان كالمملوك (4).

لنا:أنّه عدل عارف،فجاز أن يكون حكما،كغيره،و القهر يرتفع بالردّ إليه.

أمّا لو كان حسن الرأي فيهم،كره القبول.

ص:162


1- 1المغني 10:537،الشرح الكبير بهامش المغني 10:416،الكافي لابن قدامة 4:215،الإنصاف 4:140. [1]
2- 2) الفتاوى الهنديّة 2:202.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 16:109،بدائع الصنائع 7:3،الفتاوى الهنديّة 2:202.
4- 4) الفتاوى الهنديّة 2:202.

و كذا لو حكّموا رجلا مسلما أسلم عندهم و هو حسن الرأي فيهم،أو حكّموا رجلا مسلما عندنا و هو حسن الرأي فيهم أيضا،كره ذلك؛للتهمة في طرفه،لكنّه يكون جائزا إذا جمع الصفات المشترطة في الحاكم.

الرابع:لو نزلوا على حكم رجل غير معيّن،

و أسندوا التعيين إلى ما يختارونه لأنفسهم من أهل العسكر،قبل ذلك منهم،ثمّ ينظر،فإن اختاروا من يجوز أن يكون حاكما،قبل منهم،و إن اختاروا من لا يجوز تحكيمه،كالعبد و الصبيّ و الفاسق،لم يجز؛اعتبارا للانتهاء بالابتداء.

و قال الشافعيّ:لا يجوز إسناد الاختيار إليهم؛لأنّهم ربّما اختاروا من لا يصلح لذلك (1).

و الأوّل:مذهب أبي حنيفة (2)،و عندي فيهما:تردّد.

أمّا لو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام فإنّه يجوز إجماعا؛لأنّه لا يختار إلاّ من يصلح للتحكيم.

الخامس:يجوز أن يكون الحاكم اثنين إجماعا،

كما جاز الواحد،فإن اتّفقا على (3)الحكم،جاز.و لو مات أحدهما،لم يحكم الآخر إلاّ بعد الاتّفاق عليه أو يعيّنوا غيره.و لو اختلفا،لم يمض الحكم حتّى يتّفقا،و لو اختلفت الفئتان،فقالت إحداهما:يحكم بهذا،و قالت الأخرى:لا يحكم بهذا،لم يجز أن يحكما حتّى يتّفقوا عليهما.

و كذا يجوز أن يكون الحاكم أكثر من اثنين إجماعا.

السادس:لو نزلوا على حكم اثنين،أحدهما:مسلم،و الآخر:كافر،

لم يجز؛

ص:163


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:305،روضة الطالبين:1823،العزيز شرح الوجيز 11:480.
2- 2) بدائع الصنائع 7:108.
3- 3) خا و ق:في.

لأنّ الكافر لا حكم له و لا يركن إليه لا بالاستقلال و لا بالجزئيّة (1).

السابع:لو اتّفقوا على حاكم تجتمع فيه الشرائط،

فمات قبل الحكم،لم يحكم فيهم غيره إلاّ إذا اتّفقوا عليه،فإن لم يتّفقوا على من يقوم مقامه أو طلبوا حكما لا يصلح،لم يجز،و ردّوا إلى مأمنهم.

الثامن:لو رضوا بتحكيم من لم تجتمع فيه الشرائط و رضي به الجيش

و نزلوا على ذلك إلينا،ثمّ بان أنّه لا يصلح،لم يحكم،و يردّون إلى مأمنهم كما كانوا، و يكونون على الحصار؛لأنّهم نزلوا إلينا على هذا الشرط،و قد بيّنّا بطلانه (2)، فيردّون إلى مواضعهم حتّى يرضوا بحكم من يجوز أن يكون حكما.

مسألة:و يتّبع ما يحكم به الحاكم ما لم يخالف مشروعا،

(3)

و لا يمضي الحكم (4)إلاّ بما يكون الحظّ فيه للمسلمين،ثمّ ينظر،فإن حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذرّيّة و غنيمة المال،نفذ ذلك إجماعا؛لأنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بذلك،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد حكم بحكم اللّه تعالى من فوق سبعة أرقعة» (5).

و إن حكم باسترقاق الرجال و سبي النساء و الولدان و أخذ الأموال،جاز أيضا، و إن حكم بالمنّ و ترك السبي بكلّ حال،جاز أيضا إذا رآه حظّا؛لأنّه قد يكون مصلحة للمسلمين،و كما يجوز للإمام أن يمنّ على الأسارى إذا رآه مصلحة،فكذا

ص:164


1- 1في النسخ:بالجزية،و لعلّ الأنسب ما أثبتناه.
2- 2) يراجع:ص 160 و 163.
3- 3) آل،ر،ب،ق و خا:يخلف،مكان:يخالف.
4- 4) ع:و لا معنى للحكم،مكان:و لا يمضي الحكم.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:538،الشرح الكبير بهامش المغني 10:416،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:322،و [1]بتفاوت يسير،ينظر:صحيح البخاريّ 4:81،صحيح مسلم 3: 1388 الحديث 1768 و ص 1389 الحديث 1769،مسند أحمد 3:22 و 71.

يجوز للحاكم.

و إن حكم بأن يعقدوا عقد الذمّة و يؤدّوا الجزية،جاز و لزمهم أن ينزلوا على حكمه في ذلك-قاله الشيخ رحمه اللّه- (1)لأنّهم رضوا بحكمه و حكم ما يجوز، فيلزمهم كغيره من الأحكام،و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين.

و في الآخر:لا يلزمهم ذلك؛لأنّ عقد الذمّة عقد معاوضة،فلا يثبت إلاّ بالتراضي،و لهذا لم يجز للإمام أن يجبر الأسير على إعطاء الجزية (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ الأسير لم يرض بما يفعله الإمام،و هؤلاء قد رضوا بحكمه.

و إن حكم عليهم بالفداء،جاز؛لأنّه يجوز للإمام،فكذا (3)للحاكم.

و لو حكم بالمنّ على الذرّيّة،قال بعض الجمهور:لا يجوز؛لأنّ الإمام لا يملك المنّ على الذرّيّة إذا سبوا،فكذلك الحاكم.

و قيل بالجواز؛لأنّهم لم يتعيّنوا للسبي،بخلاف من سبي،فإنّه يصير رقيقا بنفس السبي (4)،و إن حكم (5)بالاسترقاق،نفذ حكمه؛لأنّه إذا نفذ حكمه بالقتل، نفذ بالاسترقاق؛لأنّه أخفّ.

و إن حكم على من أسلم بالاسترقاق و من أقام على الكفر بالقتل،جاز.و لو (6)أراد أن يسترقّ بعد ذلك من أقام على الكفر،لم يكن له ذلك؛لأنّه لم يدخل على

ص:165


1- 1المبسوط 2:18. [1]
2- 2) حلية العلماء 7:655-656،المهذّب للشيرازيّ 2:302،المجموع 19:313،روضة الطالبين: 1824،العزيز شرح الوجيز 11:481.
3- 3) ع و ر:و كذا.
4- 4) المغني 10:539،الشرح الكبير بهامش المغني 10:417.
5- 5) خا و ق بزيادة:الحاكم.
6- 6) كثير من النسخ:فلو.

هذا الشرط.

و إن أراد أن يمنّ عليه،جاز؛لأنّه ليس فيه إبطال شيء شرطه،بل فيه إسقاط ما كان شرطا من القتل.

و لو حكم بالقتل و أخذ الأموال و سبي الذرّيّة و رأى الإمام أن يمنّ على الرجال أو على بعضهم،جاز؛لأنّ سعدا حكم على بني قريظة بقتل الرجال،ثمّ إنّ ثابت بن قيس الأنصاريّ (1)سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يهب له الزبير بن باطا اليهوديّ (2)من قريظة ففعل (3)،بخلاف مال الغنيمة إذا حازه المسلمون،فإنّ ملكهم قد استقرّ عليه.

مسألة:إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه،
اشارة

عصموا أموالهم و دماءهم و ذراريهم من الاستغنام و القتل و السبي؛لأنّهم أسلموا و هم أحرار لم يسترقّوا و أموالهم لهم لم تغنم،فلم يجز استرقاقهم و لا استغنام مالهم.

و لو (4)أسلموا بعد الحكم عليهم،فإن كان قد حكم عليهم بقتل الرجال و سبي الذراريّ و نهب الأموال،مضى الحكم عليهم إلاّ القتل،فإنّهم لا يقتلون؛لأنّ من %1417m-nm

ص:166


1- 1ثابت بن قيس بن شمّاس بن زهير بن مالك الأنصاريّ يكنّى أبا محمّد كان خطيب الأنصار و خطيب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،شهد أحدا و ما بعدها و قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر سنة 12 ه،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه أولاده محمّد و قيس و إسماعيل،و أنس بن مالك و عبد اللّه بن أبي ليلى.أسد الغابة 1:229، [1]الإصابة 1:195، [2]تهذيب 2لتهذيب 2:12.
2- 2) الزبير بن باطا،هو من يهود بني قريظة،أسر و وهبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لثابت بن قيس بن شمّاس،أتى ثابت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:إنّه كان للزبير عندي يد و قد أحببت أن أجزيه بها،فهبه لي،فوهبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ماله و أهله لثابت بن قيس.المغازي للواقديّ 1: 518-519. [3]
3- 3) سنن البيهقيّ 9:66،المهذّب للشيرازيّ 2:306،المجموع 19:323،العزيز شرح الوجيز 11: 481.
4- 4) كثير من النسخ:فلو.

أسلم فقد عصم دمه؛لقوله عليه السلام:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم» (1).

و لو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام لم يجز؛لأنّهم ما نزلوا على هذا الحكم، بل وجب القتل عليهم بالحكم و قد سقط بالإسلام.

و قال بعض الجمهور:يجوز استرقاقهم،كما لو أسلموا بعد الأسر (2).

و ليس بجيّد؛لأنّ الأسير قد ثبت للإمام استرقاقه.و يكون المال على ما حكم فيه من الاستغنام،و تسترقّ الذرّيّة.

و إذا حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذرّيّة و أخذ المال،كان المال غنيمة، و يجب فيه الخمس؛لأنّه أخذ بالقهر و السيف.

و لو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب اللّه تعالى أو القرآن (3)،كره ذلك؛لأنّ هذا الحكم ليس بمنصوص في كتاب اللّه تعالى،فيحصل الاختلاف.

فروع:
الأوّل:لو دخل حربيّ إلينا بأمان،

فقال له الإمام:إن رجعت إلى دار الحرب

ص:167


1- 1بهذا اللفظ ينظر:صحيح مسلم 1:53 الحديث 21،سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3927، مسند أحمد 1:11، [1]المغني 10:536،الشرح الكبير بهامش المغني 10:412،و بهذا المضمون ينظر:صحيح البخاريّ 2:131،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [2]سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2606 و 2607،سنن النسائيّ 5:14،سنن الدارميّ 2:218، [3]سنن البيهقيّ 3:92،كنز العمّال 6: 526 الحديث 16836،المصنّف لابن أبي شيبة 7:651 الحديث 7،المصنّف لعبد الرزّاق 4:43 الحديث 6916،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:217 الحديث 592-595،مسند أبي يعلى 1:69 الحديث 68،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 1:199 الحديث 174 و 175.
2- 2) المغني 10:539،الشرح الكبير بهامش المغني 10:417.
3- 3) كثير من النسخ:و القرآن،مكان:أو القرآن.

و إلاّ حكمت عليك حكم أهل الذمّة،فأقام سنة،جاز أن يأخذ منه الجزية.

و إن قال له:اخرج إلى دار الحرب،فإن أقمت عندنا،صيّرت نفسك ذمّيّا،فأقام سنة،ثمّ قال:أقمت لحاجة،قبل قوله،و لم يجز أخذ الجزية منه،بل يردّ إلى مأمنه؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن قلنا:إنّه يصير ذمّيا،كان قويّا؛لأنّه خالف الإمام (1).

الثاني:لو حكم الحاكم بالردّ لم يجز؛

لأنّه غير مشروع،و قد قلنا:إنّ حكم الحاكم يشترط فيه المشروعيّة (2).

الثالث:لو اتّفقوا على حاكم اجتمعت فيه الشرائط،

جاز له أن يحكم إجماعا على ما تقدّم (3).

و لا يجب عليه الحكم،سواء قبل التحكيم أو لم يقبله،بل يجوز له أن يخرج نفسه من الحكومة؛لأنّه دخل باختياره،فجاز أن يخرج باختياره.

الرابع:لو حكم الحاكم بما لا يجوز،

لم يقبل على ما تقدّم (4).

فلو (5)حكم بعد ذلك بالجائز،فالوجه:نفوذه؛لأنّ الحكم الأوّل وقع فاسدا لا اعتبار له في نظر الشرع،فلا يخرجه عن الحكومة،كما لو وكّله المالك في بيع سلعة بألف،فباعها بخمسمائة ثمّ باعها بألف،فإنّه يجوز.

و قال أبو حنيفة:لا يجوز حكمه بعد ذلك استحسانا (6).

ص:168


1- 1المبسوط 2:16. [1]
2- 2) يراجع:ص 164. [2]
3- 3) يراجع:ص 162.
4- 4) يراجع:ص 161 و 164.
5- 5) ب:و لو.
6- 6) الفتاوى الهنديّة 2:202.
الخامس:لو كانوا شرطوا في الصلح:

إن لم يحكم فلان في ذلك بلغتمونا إلى مأمننا،ثمّ حكم فلان بأن يبلغوهم إلى مأمنهم،جاز،و يكون مكروها؛لأنّهم ما رضوا بالصلح إلاّ بهذا الشرط (1)،فإذا لم يف بهذا،كان غدرا (2)منّا،و التحرّز عن الغدر (3)واجب،و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لما فيه من إعادتهم حربا علينا بعد تركهم ذلك باختيار منهم.

ص:169


1- 1خا و ق:إلاّ بالشرط،مكان:إلاّ بهذا الشرط.
2- 2) أكثر النسخ:عذرا.
3- 3) أكثر النسخ:من العذر.

ص:170

المقصد الرابع

اشارة

في الغنائم

الغنيمة:هي الفائدة المكتسبة،سواء اكتسبت برأس مال، كأرباح التجارات و الزراعات و غيرهما،أو اكتسبت بالقتال و المحاربة.

و القسم الأوّل مضى البحث فيه (1)،و الكلام هنا يقع في القسم الثاني و أقسامه ثلاثة:

ما ينقل و يحوّل،كالأمتعة و الأقمشة،و الذهب و الفضّة و الحيوان و غير ذلك.

و ما لا ينقل و لا يحوّل،كالأرضين و العقارات.

و ما هو سبي،كالأطفال و النساء.فلنبحث عن أحكام هذه الأقسام،و نتبع ذلك بالبحث عن كيفيّة القسمة و الجعائل و التنفيل و غير ذلك ممّا هو مختصّ بهذا الباب بعون اللّه تعالى.

و هاهنا أبحاث:

ص:171


1- 1يراجع:الجزء الثامن:537.

ص:172

البحث الأوّل
اشارة

فيما ينقل و يحوّل

مسألة:قد بيّنّا أنّ الغنيمة شاملة لما يغنم بالقهر و الغلبة

من أموال المشركين، و لما يغنم بالمعاش و الربح (1).

و عند الجمهور:الغنيمة اسم للمعنى الأوّل (2).

و الوضع يساعدنا على الشمول للمعنيين معا.

و أمّا الفيء فهو مشتقّ من فاء يفيء إذا رجع.و المراد به في قوله تعالى: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ الآية (3):ما حصل و رجع عليه من غير قتال و لا إيجاف بخيل و لا ركاب،و ما هذا حكمه فهو للرسول عليه السلام خاصّة،و لمن قام مقامه بعده من الأئمّة عليهم السلام،ليس لغيرهم في ذلك نصيب.

و الغنيمة مشتقّة من الغنم،و هو المستفاد مطلقا على ما بيّنّاه (4).

و ما يؤخذ بالفزع،مثل أن ينزل المسلمون على حصن أو قلعة،فيهرب أهله و يتركون أموالهم فيه؛فزعا منهم،فإنّه يكون من جملة الغنائم التي تخمّس،و أربعة الأخماس للمقاتلة،كالغنائم.

ص:173


1- 1يراجع:ص 171،و قد تقدّم أيضا في الجزء الثامن:537.
2- 2) المغني 7:297،المهذّب للشيرازيّ 2:313.
3- 3) الحشر(59):7. [1]
4- 4) يراجع:ص 171.

و قال الشافعيّ:إنّ ذلك من جملة الفيء؛لأنّ القتال ما حصل فيه (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هو الأقوى (2).

إذا عرفت هذا:فإنّ الغنيمة كانت محرّمة فيما تقدّم من الأديان،و كانوا يجمعون الغنيمة،فتنزل النار من السماء فتأكلها،فلمّا أرسل اللّه تعالى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،أنعم بها عليه،فجعلها له خاصّة.

قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (3).

و قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أحلّ لي الخمس و لم يحلّ لأحد قبلي...و جعلت لي الغنائم» (4).

و قال عليه السلام:«أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي»و ذكر فيها«و أحلّت لي الغنائم» (5).

إذا ثبت هذا:فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان مختصّا بالغنائم؛لقوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ (6)نزلت يوم بدر لمّا تنازعوا في الغنائم،فلمّا نزلت،قسّمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أدخل معهم جماعة لم تحضر الوقعة؛لأنّها كانت له عليه السلام يصنع بها ما شاء،ثمّ نسخ ذلك و جعلت للغانمين خاصّة أربعة أخماسها،و الخمس الباقي

ص:174


1- 1حلية العلماء 7:690،المهذّب للشيرازيّ 2:317،العزيز شرح الوجيز 7:326،الحاوي الكبير 8:388،مغني المحتاج 3:93،السراج الوهّاج:351.
2- 2) المبسوط 2:64. [1]
3- 3) الأنفال(8):1. [2]
4- 4) أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 2:65. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:119،صحيح مسلم 1:370 الحديث 521،سنن الدارميّ 2:224، [4]مسند أحمد 3:304.و [5]من طريق الخاصّة،ينظر:الخصال:292 الحديث 56.
6- 6) الأنفال(8):1. [6]

لمستحقّيه (1). (2)

قال اللّه تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ الآية (3)،فأضاف الغنيمة إليهم،و جعل الخمس للأصناف التي عدّدها،المغايرين للغانمين،فدلّ على أنّ الباقي لهم.

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (4).و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:ما يحويه العسكر ممّا ينقل و يحوّل ينقسم إلى ما يصحّ تملّكه،
اشارة

و إلى ما لا يصحّ تملّكه للمسلمين،كالخمور و الخنازير،و هذا القسم لا يكون غنيمة؛لأنّه غير مملوك.أمّا ما يصحّ تملّكه للمسلمين،فإنّه يصير غنيمة،و يختصّ به الغانمون إجماعا بعد الخمس و الجعائل.فيقسّم الخمس ستّة أقسام:ثلاثة منها للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هي الآن للإمام عليه السلام،و أربعة الأخماس الباقية تكون للمقاتلة خاصّة على ما يأتي من كيفيّة القسمة.

أمّا الأشياء المباحة في الأصل،كالصيود و الأحجار و الأشجار في دار الإسلام إذا وجد في دار الحرب و لم يكن عليه أثر تملّك لهم،فإنّه لواجده فلا يكون غنيمة؛ لأنّه لم يملكه بالقهر و الغلبة.

و لو وجد شيء من ذلك عليه أثر ملك،كالطير المقصوص و الأشجار المقطوعة و الأحجار المنحوتة،أو كان موسوما،فإنّه غنيمة؛بناء على الظاهر؛لأنّه دلالة

ص:175


1- 1بعض النسخ:لمستحقّه.
2- 2) ينظر:تفسير التبيان 5:71-75،و [1]من طريق العامّة،ينظر:أحكام القرآن للجصّاص 4:223- 224، [2]تفسير القرطبيّ 8:2، [3]التفسير الكبير 15:115. [4]
3- 3) الأنفال(8):41. [5]
4- 4) صحيح البخاريّ 4:105،تفسير القرطبيّ 8:16. [6]

على ثبوت يدهم عليه.

و لو وجد في دار الحرب شيء يحتمل أن يكون للمسلمين و لأهل الحرب، كالخيمة و السلاح،فالوجه:أنّ حكمه حكم اللقطة.

و قيل:يعرّف سنة ثمّ يلحق بالغنيمة،ذهب إليه الشيخ في المبسوط (1)و هو اختيار أحمد (2).

و لو وجد في الصحراء وتدا منحوتا أو قدحا منحوتا،كان النحت دليلا على أنّه مملوك،و لو عرفه المسلمون،كان لهم،و إن لم يعرفوه،فهو غنيمة؛لأنّ الظاهر أنّه لهم؛لأنّه في دارهم،فإن ادّعاه واحد من المسلمين،فالوجه:أنّ عليه إقامة البيّنة.

إذا عرفت هذا:فإنّ الشافعيّ وافقنا على أنّ ما يجده المسلم في دار الحرب ممّا هو مباح الأصل و لا أثر عليه لمالك،يكون لواجده (3)،و وافقنا أيضا مكحول عليه، و الأوزاعيّ (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ:لا يختصّ به الواجد،بل يكون للمسلمين كافّة (6).

لنا:أنّه لو أخذه من دار الإسلام،ملكه،فإذا أخذه من دار الحرب،كان ملكا له، كالشيء اليسير.

ص:176


1- 1المبسوط 2:30.
2- 2) المغني 10:480،الشرح الكبير بهامش المغني 10:476.
3- 3) الحاوي الكبير 14:171،روضة الطالبين:1810،العزيز شرح الوجيز 11:426،المغني و الشرح الكبير 10:477-478.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 10:477-478.
5- 5) تحفة الفقهاء 3:300،بدائع الصنائع 7:124،الدرّ المنتقى بهامش مجمع الأنهر 1:644،الحاوي الكبير 14:171،المغني و الشرح الكبير 10:477.
6- 6) المغني و الشرح الكبير 10:477.

احتجّوا:بأنّه مال ذو قيمة مأخوذ من أرض الحرب بظهر المسلمين،فكان غنيمة،كالمطعومات (1).

و الجواب:المنع من كونه غنيمة؛لأنّ التقدير أنّه لا مالك له.

أمّا لو وجد صيدا في أرضهم و احتاج إلى أكله،أو وجد ما يحتاج إلى الانتفاع به ممّا ليس بمملوك،فإنّه له و لا يردّه إجماعا؛لأنّه لو وجد طعاما مملوكا للكفّار.

كان له أكله إذا احتاج إليه،فما يأخذه من الصيود و المباحات أولى.

فروع:
الأوّل:لو أخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم،

كالمسنّ (2)و الأدوية،فهو أحقّ به إجماعا.

و لو صارت له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك.و به قال أحمد بن حنبل، و مكحول،و الأوزاعيّ،و الشافعيّ (3).

و قال الثوريّ:إذا جاء به دار الإسلام،دفعه في المقسم،و إن عالجه فصار له ثمن،أعطي بقدر عمله فيه،و دفع في المقسم (4).

لنا:أنّه مباح،فكان مملوكا لواجده و قد تقدّم (5).

و لأنّ القيمة إنّما صارت له بعمله أو نقله،فلم يكن غنيمة حال أخذه له،فكان كما لو أخذ ما لا قيمة له.

ص:177


1- 1المغني 10:478،الشرح الكبير بهامش المغني 10:477.
2- 2) سننت السكّين،أحددته،و المسنّ:حجر يحدّد به.الصحاح 5:2140. [1]
3- 3) المغني 10:478،الشرح الكبير بهامش المغني 10:477.
4- 4) المغني 10:478،الشرح الكبير بهامش المغني 10:477.
5- 5) يراجع:ص 175.
الثاني:لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله،

(1)

فقال:من حمله فهو له،كان جائزا و يصير لآخذه.و به قال مالك،و خالف بعض الجمهور فيه (2).

لنا:أنّه-إذا لم يجد من يحمله و لم يقدر على حمله-بمنزلة ما لا قيمة له، و إنّما حصلت له القيمة بحمله إلينا،فلم يكن غنيمة.

الثالث:لو وجد في أرضهم ركازا،

فإن كان في موضع يقدر عليه بنفسه،فهو كما لو وجده في دار الإسلام يخرج منه الخمس و الباقي له،و إن لم يقدر عليه إلاّ بجماعة المسلمين،فإن كان في مواتهم قال الشافعيّ:يكون كما لو وجده في دار الإسلام،و إلاّ فهو غنيمة (3).

و قال مالك،و الأوزاعيّ،و الليث،و أحمد:هو غنيمة،سواء كان في مواتهم أو في غير مواتهم؛لأنّه مال مشترك ظهر عليه بقوّة جيش المسلمين،فكان غنيمة، كالأموال الظاهرة (4).

مسألة:لا يجوز التصرّف في شيء من الغنيمة قبل القسمة
اشارة

إلاّ ما لا بدّ منه، كالطعام و علف الدوابّ.و قد أجمع أهل العلم على جواز التصرّف في الطعام و علف الدوابّ إلاّ من شذّ،و به قال سعيد بن المسيّب،و عطاء،و الحسن البصريّ، و الشعبيّ،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد بن حنبل (8)،

ص:178


1- 1ع:المغنم.
2- 2) المنتقى للباجي 3:177،المغني 10:478،الشرح الكبير بهامش المغني 10:477.
3- 3) المغني 10:479،الشرح الكبير بهامش المغني 10:476.
4- 4) المغني 10:479،الشرح الكبير بهامش المغني 10:476.
5- 5) المغني 10:480،الشرح الكبير بهامش المغني 10:460.
6- 6) الموطّأ 2:451، [1]المدوّنة الكبرى 2:35،بداية المجتهد 1:395،المنتقى للباجي 3:183.
7- 7) الأمّ 4:261-262،حلية العلماء 7:667،المهذّب للشيرازيّ 2:307-308.
8- 8) المغني 10:480،الشرح الكبير بهامش المغني 10:460،الفروع في فقه أحمد 3:454، الإنصاف 4:153. [2]

و أصحاب الرأي (1).

و قال الزهريّ:لا يؤخذ إلاّ بإذن الإمام (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن نافع،عن ابن عمر،قال:كنّا نصيب العسل و الفواكه في مغازينا فنأكله و لا نرفعه (3).

و عن عبد اللّه بن أبي أوفى،قال:أصبنا طعاما يوم خيبر و كان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه ثمّ ينصرف (4).و كتب صاحب جيش الشام إلى عمر:أنّا أصبنا أرضا كثيرة الطعام و العلف،و كرهت أن أتقدّم في شيء من ذلك،فكتب إليه عمر:دع الناس يعلفون و يأكلون،فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضّة،ففيه خمس اللّه و سهام المسلمين (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير السريّة:«و لا تقطعوا شجرة مثمرة،و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه،و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (6).

و لو لم يكن التناول سائغا،لما سوّغ له الزرع على إطلاقه.

و لأنّ الحاجة تشتدّ إليه،و في المنع منه مضرّة عظيمة بالمسلمين و بدوابّهم؛

ص:179


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:34،بدائع الصنائع 7:123،الهداية للمرغينانيّ 2:144، [1]شرح فتح القدير 5:228،مجمع الأنهر 1:643،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:182.
2- 2) حلية العلماء 7:667،المغني 10:481،الشرح الكبير بهامش المغني 10:460.
3- 3) صحيح البخاريّ 4:116،سنن البيهقيّ 9:59.
4- 4) سنن أبي داود 3:66 الحديث 2704، [2]المغني 10:481،الشرح الكبير بهامش المغني 10:461.
5- 5) المغني 10:481،الشرح الكبير بهامش المغني 10:461.
6- 6) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [3]

لتعسّر نقل الطعام و العلف من بلاد الإسلام،و لا يجدون بدار الحرب ما يشترونه، و لو وجدوه لم يجدوا الثمن،و لا يمكن قسمة ما يجده الواحد منهم،و لو قسّم، لم يحصل للواحد منهم شيء ينتفع به،و لا يدفع به حاجته،فكان مباحا.

احتجّ الزهريّ:بأنّه مال مغنوم فلم يجز أخذه بغير إذن الإمام،كسائر الأموال (1).

و الجواب:بالفرق من حيث الحاجة و الضرورة و عدمهما.

فروع:
الأوّل:قد بيّنّا أنّه يجوز التناول من الطعام و العلف مع الحاجة إليهما

على قدر الحاجة (2).و هل يجوز مع عدم الحاجة أم لا؟الوجه عندي:أنّه لا يجوز،و يدلّ عليه مفهوم قوله عليه السلام:«و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (3).

و لأنّه مال مغنوم بين جماعة،فلا يجوز التناول منه إلاّ مع الحاجة،كالسلاح و الثياب.

و قال بعض الجمهور:يجوز التناول مطلقا مع الحاجة و غيرها للغنيّ و الفقير (4)؛لأنّ عمر سوّغ الأكل و لم يعلّقه بالحاجة (5).و لأنّه يتعذّر عليهم حمل الطعام و العلف مدّة مقامهم في دار الحرب؛لما فيه من الحرج،و الشراء منهم متعذّر،

ص:180


1- 1لم نعثر على احتجاجه.
2- 2) يراجع:ص 177.
3- 3) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
4- 4) حلية العلماء 7:667،المهذّب للشيرازيّ 2:307،الحاوي الكبير 14:167.
5- 5) المغني 10:481،الشرح الكبير بهامش المغني 10:461.

فلو لم يجز التناول،لضاق الأمر على الغانمين،فبقي على الإباحة الأصليّة؛لمكان الضرورة،و متى بقي على الإباحة الأصليّة للضرورة،يجوز للغنيّ التناول بغير حاجة.

الثاني:الحيوان المأكول هل يجوز ذبحه للأكل؟

أمّا مع الحاجة فيجوز،و أمّا مع عدمها فعلى ما مضى.

إذا ثبت هذا:فهل تجب عليه القيمة مع القول بالجواز؟قيل:تجب عليه القيمة؛ لأنّ الحاجة إليه تندر،بخلاف الطعام (1).

و قيل:لا تجب؛لأنّه يغتذى به،فكان كالطعام (2)،و هو الأقرب؛لأنّه لو لا ذلك لما ساغ ذبحه،و جرى مجرى غيره من الأموال.

و يدلّ على الجواز مع الحاجة قوله عليه السلام:«و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (3).

الثالث:إذا ذبحت الأنعام للأكل،ردّ جلودها إلى المغنم،

و لم يجز استعمالها؛ لأنّه ليس ممّا تدعو الحاجة إليه،مع اشتراك الغانمين فيها،فتردّ إليهم.

و لأنّه ليس بطعام،فلا يثبت فيه الترخّص،كغيره من أموال الغنيمة،و لو استعمل الجلود في سقاء أو نعل أو شراك،وجب ردّه في المغنم،و عليه أجرة المثل للمدّة التي أقام في يده،و أرش ما نقص من أجزائه بالاستعمال؛لأنّه مضمون مع تلفه فيضمن أجزاءه،و لو زادت القيمة بالصنعة لم يكن له شيء؛لأنّه متعدّ.

الرابع:لا يجوز تناول ما عدا الطعام و العلف و اللحم،

و لا استعماله و لا الانفراد به؛لقوله عليه السلام:«أدّوا الخيط و المخيط؛فإنّ الغلول عار و نار و شنار يوم

ص:181


1- 1حلية العلماء 7:667،مغني المحتاج 4:232.
2- 2) حلية العلماء 7:667،مغني المحتاج 4:232،السراج الوهّاج:546.
3- 3) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]

القيامة» (1).

الخامس:الدهن المأكول يجوز استعماله في الطعام عند الحاجة؛

لأنّه طعام، فأشبه الحنطة و الشعير.و لو كان غير مأكول فاحتاج إلى أن يدهن به دابّته من جرب أو عقر،لم يكن له ذلك إلاّ بالقيمة،قاله الشافعيّ؛لأنّه ممّا لا تعمّ الحاجة إليه، و لا هو طعام و لا علف (2).

و قال بعض الجمهور:يجوز لهم استعماله؛لأنّ الحاجة إليه في إصلاح بدنه و دابّته كالحاجة إلى الطعام و العلف (3).

السادس:يجوز أن يأكل ما يتداوى به

أو يشربه-كالجلاّب (4)و السكنجبين و غيرهما-عند الحاجة؛لأنّه من الطعام.

و قال أصحاب الشافعيّ:ليس له تناوله،لأنّه ليس من القوت و لا يصلح به القوت.و لأنّه لا يباح مع عدم الحاجة إليه،فلا يباح مع الحاجة،كغير الطعام (5).

و الوجه:الجواز؛لأنّه محتاج إليه،فأشبه الفواكه،و قولهم يبطل بالفاكهة.

السابع:لا يجوز له أن يغسل ثوبه بالصابون؛

لأنّه ليس بطعام و لا علف،و إنّما يراد للتحسين و التزيين لا للضرورة،فلا يكون في معنى الطعام و العلف،فلا يثبت

ص:182


1- 1سنن ابن ماجة 2:950 الحديث 2850،سنن الدارميّ 2:230،مسند أحمد 5:318،كنز العمّال 4:393 الحديث 11081،مجمع الزوائد 5:337،الأمّ 4:262،المغني 10:484،الشرح الكبير بهامش المغني 10:464.في بعض المصادر بتفاوت.
2- 2) الأمّ 4:263،الحاوي الكبير 14:168،المغني 10:483، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10: 463. [2]
3- 3) المغني 10:482،الشرح الكبير بهامش المغني 10:463.
4- 4) الجلاّب:ماء الورد،فارسيّ معرّب.لسان العرب 1:274. [3]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 2:308،مغني المحتاج 4:231،المغني 10:483،الشرح الكبير بهامش المغني 10:463.

الترخّص فيه.

الثامن:لا يجوز الانتفاع بجلودهم

و لا اتّخاذ النعال منها و لا الجرب (1)و لا الخيوط و الحبال،و به قال الشافعيّ (2).

و رخّص مالك في الحبل يتّخذ من الشعر،و النعل و الخفّ يتّخذ من جلود البقر (3).

لنا:أنّه مال مغنوم فلا يختصّ به بعض الغانمين،كغير الطعام.و لأنّه روي أنّ قيس بن أبي حازم (4)قال:إنّ رجلا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبّة شعر (5)من المغنم (6)،فقال:يا رسول اللّه إنّا نعمل الشعر فهبها لي،قال:«نصيبي منها لك» (7).

و الظاهر أنّه لو كان سائغا لما خصّص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العطيّة بنصيبه عليه السلام.

و لأنّه مال مغنوم لا تدعو الحاجة العامّة إلى أخذه،فلم يجز،كالثياب و غيرها.

ص:183


1- 1جمع،واحدها:الجراب،و هو وعاء من إهاب الشاء.لسان العرب 1:261. [1]
2- 2) الأمّ 4:263،المهذّب للشيرازيّ 2:308،الحاوي الكبير 14:167،المجموع 19:332،مغني المحتاج 4:232،المغني 10:484.
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:36،المغني 10:484،الشرح الكبير بهامش المغني 10:464.
4- 4) قيس بن أبي حازم البجليّ الأحمسيّ أبو عبد اللّه،أسلم في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هاجر إلى المدينة،روى عن أبيه و أبي بكر و عثمان و عليّ عليه السلام و سعد و سعيد و الزبير و طلحة و جمع كثير،و روى عنه من التابعين فمن بعدهم إسماعيل بن أبي خالد و المغيرة بن شبل و الحكم بن عيينة و الأعمش،قيل:مات سنة 84 أو 98 ه. أسد الغابة 4:211، [2]الإصابة 3:271، [3]تهذيب التهذيب 8:386. [4]
5- 5) كبّة الشعر:ما جمع منه.لسان العرب 1:696.
6- 6) ح و خا:الغنم.
7- 7) المصنّف لابن أبي شيبة 7:622 الحديث 5،المغني 10:484،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 464.
التاسع:الكتب التي لهم،

إن كانت ممّا ينتفع بها،مثل كتب الطبّ و الأدب،فهي غنيمة،و إن كانت ممّا لا ينتفع بها،مثل التوراة و الإنجيل،فإن أمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد الغسل،غسل و كانت غنيمة لا يختصّ بها الآخذ،و إلاّ فلا.

العاشر:جوارح الصيد-كالفهود و البزاة-غنيمة

يشترك فيها الغانمون،و كذا إن كانت كلابا للصيد،إن قلنا بجواز بيعها،و لو لم يرغب فيها أحد من الغانمين،جاز إرسالها و إعطاؤها غير الغانمين،و لو رغب فيها بعض الغانمين،دفعت إليه و لا تحتسب عليه من نصيبه؛لأنّه لا قيمة لها،و إن رغب فيها الجميع،قسّمت،و لو تعذّرت القسمة؛أو تنازعوا في الجيّد منها،أقرع بينهم،و لو وجدوا خنازير،قتلوها؛ لعدم الانتفاع بها و حصول الأذى منها،و لو وجدوا خمرا،أراقوه،و لو كان لظروفه قيمة،أخذوها و كانت غنيمة.

الحادي عشر:لا يجوز لبس الثياب،و لا ركوب دابّة من المغنم؛

لما رواه رو يفع بن ثابت الأنصاريّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يركب دابّة من فيء المسلمين حتّى إذا أعجفها ردّها فيه،و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتّى إذا أخلقه ردّه فيه» (1).

و لأنّه مال مغنوم،فلا يختصّ به أحد دون غيره.

الثاني عشر:لو كان للغازي دوابّ أو رقيق،

جاز أن يطعمهم ممّا يجوز له الأكل

ص:184


1- 1سنن أبي داود 2:248 الحديث 2159، [1]مسند أحمد 4:108-109، [2]سنن البيهقيّ 9:62، كنز العمّال 9:654 الحديث 27838،المصنّف لابن أبي شيبة 7:572 الحديث 1، [3]المعجم الكبير للطبرانيّ 5:26 الحديث 4482.

منه،سواء كانوا للقنية (1)أو للتجارة لدعوى الحاجة إليه،و لو كان معه بزاة أو صقورة،لم يكن له أن يطعمها من المغنم؛لأنّه لا حاجة به إليها،بخلاف الخيل؛ لأنّه (2)محتاج إليها.

مسألة:إذا جمعت الغنائم و ثبتت يد المسلمين عليها و فيها طعام و علف،

لم يجز لأحد أخذه إلاّ لضرورة.

أمّا عندنا فظاهر؛لأنّا إنّما أبحنا له الأخذ قبل استيلاء يد المسلمين عليها مع الضرورة،فبعد الاستيلاء أولى.

و أمّا عند المخالف؛فلأنّهم أباحوه قبل جمعه؛لأنّه لم يثبت فيه ملك المسلمين (3)بعد،فأشبه المباح من الحطب و الحشيش،فإذا جمعت و حيزت،ثبت ملك المسلمين فيها،فخرجت عن المباحات و صارت ملكا لهم محضا،فلم يجز الأكل منها إلاّ مع الضرورة،و هو أن لا يجدوا ما يأكلونه،فيجوز لهم التناول منه؛ لأنّ حفظ النفس واجب،سواء حيزت في دار الحرب أو في دار الإسلام (4).

و قال بعض الجمهور:إن حيزت في دار الحرب،جاز الأكل منها،كما يجوز قبل الحيازة؛لأنّ دار الحرب مظنّة الحاجة؛لتعذّر نقل الميرة (5)إليها،بخلاف دار الإسلام (6).

و هو عندي حسن و إن كان لا يخلو من بعد؛فإنّ ما ثبت عليه يد المسلمين

ص:185


1- 1يقال:قنوت الغنم و غيرها قنوة و قنوة،و قنيت أيضا قنية و قنية:إذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة. الصحاح 6:2467. [1]
2- 2) كثير من النسخ:لأنّها،مكان:لأنّه.
3- 3) كثير من النسخ:ملك للمسلمين.
4- 4) المغني 10:491،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466.
5- 5) الميرة-بكسر الميم-:الطعام.المصباح المنير:587.
6- 6) المغني 10:491،الشرح الكبير بهامش المغني 10:467.

و تحقّق ملكهم له،لا ينبغي أخذه إلاّ برضاهم،كسائر الأملاك.و لأنّ الحيازة في دار الحرب تثبت الملك،كالحيازة في دار الإسلام،و لهذا يجوز قسمته،و تثبت فيه أحكام الملك.

مسألة:لو فضل معه من الطعام فضلة فأدخله دار الإسلام،

ردّه إلى المغنم،كثيرا كان أو قليلا.أمّا الكثير فالإجماع على وجوب ردّه لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ما أبيح له من ذلك،هو ما يحتاج إليه في دار الحرب،فإذا أخذه على وجه يفضل منه فقد أخذ ما لا يحتاج إليه،لزمه ردّه؛عملا بالأصل المقتضي للتحريم؛لأنّه مشترك بين الغانمين،كسائر المال،خرج منه ما دعت الحاجة إليه،فيبقى الزائد على التحريم، و لهذا لم يسغ له بيعه.

و أمّا اليسير،فإنّه يجب ردّه أيضا،و هو أحد قولي الشافعيّ (1)،و مذهب أبي ثور (2)،و أبي حنيفة (3)،و ابن المنذر (4)،و إحدى الروايتين عن أحمد (5).

و قال مالك:يكون مباحا و لا يجب ردّه إلى المغنم (6).و به قال الأوزاعيّ،

ص:186


1- 1الأمّ 4:262،حلية العلماء 7:668،المهذّب للشيرازيّ 2:308،المجموع 19:332،العزيز شرح الوجيز 11:430،روضة الطالبين:1811،الحاوي الكبير 14:169،مغني المحتاج 4:232، المغني 10:486-487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466.
2- 2) المغني 10:487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:34،الهداية للمرغينانيّ 2:145،شرح فتح القدير 5:234.
4- 4) المغني 10:487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466.
5- 5) المغني 10:486-487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466،الفروع في فقه أحمد 3:454، الإنصاف 4:154.
6- 6) الموطّأ 2:452،المدوّنة الكبرى 2:38،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:18،الكافي في فقه أهل المدينة:212.

و عطاء الخراسانيّ،و مكحول (1)،و الشافعيّ في القول الآخر (2)،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (3).

لنا:قوله عليه السلام:«ردّوا الخياط (4)و المخيط» (5).و لأنّه من مال الغنيمة لم يقسّم،فلا يباح في دار الإسلام،كالكثير.

احتجّوا:بقول الأوزاعيّ:أدركت الناس يقدمون بالقديد،فيهديه بعضهم إلى بعض،لا ينكره إمام و لا عامل و لا جماعة (6).

و لأنّه أبيح إمساكه عن القسمة،فأبيح في دار الإسلام،كمباحات دار الحرب.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حكاية حال،فلا عموم لها،فيجوز تناولها للمتّفق عليه دون المختلف فيه.

و عن الثاني:بالفرق،و هو ظاهر.

مسألة:إذا حاز المسلمون الغنائم و جمعوها،ثبت حقّهم فيها و ملكوها،

سواء جمعوها في دار الحرب أو في دار الإسلام.و به قال الشافعيّ (7).

ص:187


1- 1المغني 10:487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466.
2- 2) حلية العلماء 7:668،المهذّب للشيرازيّ 2:308،المجموع 19:332،روضة الطالبين: 1811،العزيز شرح الوجيز 11:431،الحاوي الكبير 14:169،مغني المحتاج 4:232،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:182.
3- 3) المغني 10:487،الشرح الكبير بهامش المغني 10:466،الفروع في فقه أحمد 3:454، الإنصاف 4:154.
4- 4) ع:الخيط،مكان:الخياط.
5- 5) المعجم الكبير للطبرانيّ 20:303 الحديث 721،كنز العمّال 4:393 الحديث 11083،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،فيض القدير 4:32 الحديث 4453.في الجميع:«ردّوا المخيط و الخياط».
6- 6) المغني 10:487، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:466. [2]
7- 7) العزيز شرح الوجيز 11:436،روضة الطالبين:1813،المغني 10:458،الشرح الكبير بهامش المغني 10:479.

و قال أبو حنيفة:إذا حازوها في دار الحرب،لا تملك،و إنّما تملك بعد إحرازها في دار الإسلام (1).و ليس بمعتمد؛و لهذا تجوز القسمة في دار الحرب على ما يأتي.

إذا ثبت هذا:فإنّ مع الحيازة للغنيمة يثبت لكلّ واحد منهم حقّ الملك.

و قيل:لا يملك إلاّ باختيار التمليك (2)-و هو اختيار أبي إسحاق الشيرازيّ (3)- و استدلّ عليه:بأنّه لو قال واحد منهم:أسقطت حقّي،سقط،و لو كان قد ملك،لم يزل ملكه بذلك،كما لو قال الوارث:أسقطت حقّي في الميراث،لم يسقط؛لثبوت الملك له و استقراره (4).و فيه نظر؛لأنّه بالحيازة زال ملك الكفّار عنها،و لا يزول إلاّ إلى المسلمين.نعم،ملك كلّ واحد منهم ليس بمستقرّ في شيء بعينه،أو جزء مشاع، بل للإمام أن يعيّن نصيب كلّ واحد بغير اختياره،بخلاف سائر الأملاك المشتركة التي يتوقّف تملّك العين فيها على الاختيار،فالحاصل أنّه ملك ضعيف.

مسألة:من غلّ من الغنيمة شيئا،ردّه إلى المغنم،
اشارة

و لا يحرق رحله.و به قال مالك (5)،و الليث.و الشافعيّ (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال الحسن البصريّ و فقهاء الشام،منهم:مكحول و الأوزاعيّ:إنّه يحرق

ص:188


1- 1تحفة الفقهاء 3:298،بدائع الصنائع 7:121،الهداية للمرغينانيّ 2:142،المغني 10:458، الشرح الكبير بهامش المغني 10:479.
2- 2) بعض النسخ:التملّك،مكان:التمليك.
3- 3) روضة الطالبين:1813،العزيز شرح الوجيز 11:437.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:75،المجموع 16:353 و 358.
5- 5) المدوّنة الكبرى 6:213،المنتقى للباجي 3:204،الكافي في فقه أهل المدينة:212،المغني و الشرح الكبير 10:524.
6- 6) الأمّ 4:251،المجموع 19:337، [1]المغني و الشرح الكبير 10:524.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 10:50،المغني و الشرح الكبير 10:524.

رحله؛إلاّ المصحف و ما فيه روح (1).و به قال أحمد بن حنبل (2).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يحرق رحل الغالّ،روى عبد اللّه بن عمرو (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم،فيخمّسه و يقسّمه،فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر، فقال:يا رسول اللّه،هذا فيما كنّا أصبنا[ه] (4)من الغنيمة،فقال:«سمعت بلالا ينادي ثلاثا؟»قال:نعم،قال:«فما منعك أن تجيء به؟»فاعتذر،فقال:«كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك» (5).

و لأنّ إحراق المتاع عقوبة لم يثبت لها نظير في الشرع في صورة من الصور.

و لأنّ عقوبة السارق القطع،أمّا حرق المتاع فلا.

و لأنّه إضاعة للمال،و لقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن إضاعة المال (6).

احتجّوا (7):بما رواه صالح بن محمّد بن زائدة (8)،قال:دخلت مع

ص:189


1- 1المغني و الشرح الكبير 10:524.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 10:524،الفروع في فقه أحمد 3:455،الإنصاف 4:185.
3- 3) في النسخ:عمر،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) سنن أبي داود 3:68 الحديث 2712، [1]سنن البيهقيّ 9:102.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:139،سنن البيهقيّ 6:63.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 10:524.
8- 8) صالح بن محمّد بن زائدة المدنيّ أبو واقد الليثيّ الصغير،روى عن أنس و سعيد بن المسيّب و سالم بن عبد اللّه بن عمر و نافع مولى ابن عمر و غيرهم،و روى عنه عبد اللّه بن دينار و وهيب بن خالد و الدراوردي و غيرهم.تهذيب التهذيب 4:401، [2]الجرح و التعديل 4:411.

مسلمة (1)أرض الروم،فأتي برجل قد غلّ،فسأل سالما عنه،فقال:سمعت أبي يحدّث عن عمر بن الخطّاب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه و اضربوه»قال:فوجدنا في متاعه مصحفا،فسأل سالما عنه، فقال:بعه و تصدّق بثمنه (2).

و الجواب:المنع من الحديث،فإنّه لم يثبت عندنا ذلك.

إذا عرفت هذا:فإنّ المصحف لا يحرق إجماعا؛لحرمته.و كذا الحيوان-؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار (3)-لحرمة الحيوان في نفسه،و لا نعلم فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:لا تحرق آلة الدابّة،كالسرج و غيره،

أمّا عندنا فظاهر؛لأنّه لا يحرق شيء من متاعه على ما قلناه.

و أمّا عند أحمد؛فلأنّه يحتاج إليه للانتفاع به.و لأنّه تابع لما لا يحرق،فأشبه جلد المصحف و كيسه (4).

ص:190


1- 1مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأمويّ،روى عن ابن عمّه عمر بن عبد العزيز،و روى عنه أبو واقد صالح بن محمّد الليثيّ و عبد الملك بن أبي عثمان و عبيد اللّه بن قزعة و غيرهم،كان يلقّب بالجرادة الصفراء،و له آثار كثيرة في الحروب و مكانة في الروم،مات سنة 120 و قيل:121 ه. تهذيب التهذيب 10:144، [1]العبر 1:118، [2]الجرح و التعديل 8:266.
2- 2) سنن أبي داود 3:69 الحديث 2713، [3]مسند أحمد 1:22، [4]المستدرك للحاكم 2:127،سنن البيهقيّ 9:102-103.
3- 3) سنن أبي داود 3:54-55 الحديث 2673 و 2675 و [5]ج 4:367-368 الحديث 5268،مسند أحمد 3:494، [6]سنن البيهقيّ 9:71-72.
4- 4) المغني 10:525،الشرح الكبير بهامش المغني 10:526،الفروع في فقه أحمد 3:455، الإنصاف 4:186.

و قال الأوزاعيّ:يحرق سرجه (1).و ليس بجيّد؛لأنّه ملبوس حيوان،فأشبه ثياب الغالّ.

الثاني:لا تحرق ثياب الغالّ التي عليه إجماعا؛

لأنّه لا يجوز تركه عريانا.

الثالث:لا يحرق ما غلّ من الغنيمة إجماعا؛

لأنّه من غنيمة المسلمين،بل يردّ إلى المغنم إجماعا.

الرابع:لا يحرق سلاحه؛

لأنّه يحتاج إليه للقتال،و هو منفعة للمسلمين عامّة، و لا نفقته؛لأنّه ممّا لا يحرق عادة.

الخامس:جميع ما قلنا:إنّه لا يحرق،فإنّه لصاحبه

إلاّ المغنوم،فإنّه يردّ إلى الغنيمة.و كذلك ما أبقت (2)النار من حديد أو غيره،فإنّه لصاحبه؛لأنّ ملكه كان ثابتا عليه قبل الإحراق،فيستصحب الحكم؛لفقدان المزيل.و المعاقبة بإحراق المتاع،لا يخرج المملوك ممّا لا يحرق عن ملكه.

السادس:لو كان معه شيء من كتب الأحاديث و العلم لا تحرق،

أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند المخالف؛فلأنّه نفع يعود إلى الدين،و ليس القصد بالإحراق إضراره في دينه،بل الإضرار به في شيء من دنياه.

السابع:لو لم يحرق رحله حتّى استحدث متاعا آخر،

أو رجع إلى بلده، لم يحرق منه شيء عندنا؛لما تقدّم (3).

و قال أحمد:يحرق ما كان معه حال الغلول (4).و قد تقدّم بطلانه (5).

ص:191


1- 1المغني 10:525،الشرح الكبير بهامش المغني 10:526.
2- 2) آل:ألقت،مكان:أبقت.
3- 3) يراجع:ص 188.
4- 4) المغني 10:525،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527.
5- 5) يراجع:ص 189.
الثامن:لو مات لم يحرق رحله إجماعا،

أمّا عندنا؛فلما تقدّم (1).

و أمّا عند أحمد؛فلأنّه عقوبة فيسقط بالموت،كالحدود،و لأنّ الموت ناقل للمال إلى الورثة،فإحراقه عقوبة على غير الجاني،فلا يكون مشروعا (2).

التاسع:لو باع متاعه،أو وهبه أو نقله عنه،لم يحرق،أ

ما عندنا فظاهر.

و أمّا عند أحمد؛فلأنّه انتقل إلى غيره،فأشبه ما لو انتقل بالموت عنه إلى الوارث (3).

و قيل:ينقض البيع و الهبة و يحرق؛لأنّه تعلّق به حقّ سابق على البيع و الهبة، فيقدّم،كالقصاص في حقّ الجاني (4).و هو فاسد الأصل.

العاشر:لو كان الغالّ صبيّا،لم يحرق متاعه إجماعا

أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عندهم؛فلأنّ الإحراق عقوبة،و ليس الصبيّ من أهلها،فأشبه الحدّ (5).

الحادي عشر:لو كان الغالّ عبدا،لم يحرق متاعه إجماعا،

أمّا عندنا فظاهر، و أمّا عند المخالف،فلأنّ المتاع لسيّده،فإحراقه عقوبة للسيّد بجناية عبده،و ذلك غير سائغ،و لو استهلك ما غلّه،فهو في رقبته؛لأنّه من جنايته (6).

الثاني عشر:لو غلّت امرأة أو ذمّيّ،

لم يحرق متاعهما عندنا.

و قال أحمد:يحرق متاعهما؛لأنّهما من أهل العقوبة،و لهذا قطعا في السرقة، و يحدّان في الزنا (7).و هو مبنيّ على الأصل الفاسد،فيكون فاسدا.

ص:192


1- 1يراجع:ص 189.
2- 2) المغني 10:525،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
3- 3) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
4- 4) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
5- 5) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
6- 6) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
7- 7) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:187.
الثالث عشر:لو أنكر الغلول و ذكر أنّه ابتاع ما بيده،

لم يحرق متاعه إجماعا، أمّا عندنا فبالأصل.و أمّا عند أحمد؛فلأنّ الأصل عدم الغلول.

و لو ثبت الغلول بالإقرار أو البيّنة،لم يحرق متاعه عندنا،و عند أحمد يحرق إذا شهد عدلان (1)،و قد مضى فساده (2).

الرابع عشر:لا يحرم الغالّ سهمه من الغنيمة،

سواء كان صبيّا أو بالغا،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الرواية الأخرى:يحرم سهمه،و قال الأوزاعيّ:إن كان صبيّا،حرم سهمه (3).

لنا:أنّ سبب الاستحقاق-و هو حضور الحرب-قائم،و الغلول لا يصلح معارضا،كغيره من أنواع الفسوق،و لم يثبت حرمانه بخبر و لا قياس،فيبقى على حالة الاستحقاق.

الخامس عشر:إذا أخذ سهمه،لم يحرق إجماعا،

أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند أحمد؛فلأنّه ليس من رحله (4).

مسألة:إذا تاب الغالّ قبل القسمة،

وجب ردّ ما غلّه في المغنم إجماعا؛لأنّه حقّ لغيره،فيجب عليه ردّه إلى أربابه،و لو تاب بعد القسمة فكذلك.و به قال الشافعيّ (5).

ص:193


1- 1المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527.
2- 2) يراجع:ص 188.
3- 3) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الإنصاف 4:186.
4- 4) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527.
5- 5) شرح صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 8:24،المغني 10:527،الشرح الكبير بهامش المغني 10:528.

و قال مالك:إذا تاب بعد القسمة أدّى خمسه إلى الإمام،و تصدّق بالباقي (1).

و به قال الحسن البصريّ،و الزهريّ،و الأوزاعيّ،و الثوريّ،و الليث (2)،و أحمد بن حنبل (3).

لنا:أنّه مال لغيره،فيجب ردّه إلى أربابه،كما لو تاب قبل القسمة.

احتجّ المخالف:بما رواه صفوان بن عمرو (4)،قال:غزا الناس الروم،و عليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد (5)،فغلّ رجل مائة دينار،فلمّا قسّمت الغنيمة و تفرّق (6)الناس،ندم فأتى عبد الرحمن،فقال:قد غللت مائة دينار فاقبضها،قال:

قد تفرّق الناس فلن أقبضها منك حتّى توافي اللّه بها يوم القيامة،فأتى معاوية فذكر ذلك له،فقال له مثل ذلك،فخرج و هو يبكي،فمرّ بعبد اللّه بن الشاعر (7)،فقال:

ص:194


1- 1تفسير القرطبيّ 4:261، [1]شرح صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 8:24،المغني 10:526، الشرح الكبير بهامش المغني 10:527.
2- 2) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527-528.
3- 3) المغني 10:526،الشرح الكبير بهامش المغني 10:527،الفروع في فقه أحمد 3:455، الإنصاف 4:186.
4- 4) صفوان بن عمرو بن هرم السكسكيّ،أبو عمرو الحمصيّ،روى عن عبد اللّه بن بسر المازنيّ الصحابيّ و جبير بن نفير و شريح بن عبيد الحضرميّ و غيرهم،و روى عنه ابن المبارك و الوليد و أبو اليمان و إسماعيل بن عيّاش.مات سنة 155 ه.التاريخ الكبير 4:308،الجرح و التعديل 4:422،تهذيب التهذيب 4:428. [2]
5- 5) عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشيّ المخزوميّ أدرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يحفظ عنه و لا سمع منه،كان من فرسان قريش،و كان منحرفا عن عليّ عليه السلام و شهد صفّين مع معاوية.مات سنة 46 ه.الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:408، [4]الإصابة 3:67. [5]
6- 6) كثير من النسخ:و تفرّقت.
7- 7) عبد اللّه بن الشاعر السكسكيّ،روى عنه حوشب بن سيف قوله في الغلول:إذا تفرّق الجيش. التاريخ الكبير 5:117،الجرح و التعديل 5:83.

ما يبكيك؟فأخبره،فقال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،أ مطيعي (1)أنت يا عبد اللّه؟قال:

نعم،قال:فانطلق إلى معاوية،فقل له:خذ منّي خمسك،فأعطه عشرين دينارا، و انظر إلى الثمانين الباقية فتصدّق بها عن ذلك الجيش،فإنّ اللّه تعالى يعلم أسماءهم و مكانهم،و إنّ اللّه يقبل التوبة عن عباده،فقال معاوية:أحسن،و اللّه لأن أكون أنا أفتيته بهذا،أحبّ إليّ من أن يكون لي مثل كلّ شيء امتلكت (2).

و الجواب:أنّ فعل معاوية ليس بحجّة.

إذا عرفت هذا:فإن تمكّن الإمام من قسمته بين العسكر،فعل؛لأنّه حقّهم،و إن لم يتمكّن؛لتفرّقهم و كثرتهم و قلّة المغلول،فالوجه عندي:اختيار مالك؛لأنّ تركه تضييع له و تعطيل لمنفعته التي خلق لها،و لا يتخفّف به شيء من إثم الغالّ،و في الصدقة به نفع لمن يصل إليه من المساكين،و ما يحصل من أجر الصدقة يصل إلى صاحبه فيذهب به الإثم عن الغالّ،فيكون أولى.

مسألة:من سرق من الغنيمة شيئا،
اشارة

فإن كان له نصيب من الغنيمة و سهم منها، فإن كان بقدر نصيبه أو أزيد بما لا يبلغ نصاب القطع،لم يجب عليه القطع؛لأنّه و إن لم يملكه لكنّ الشبهة الحاصلة له بالشركة درأت عنه الحدّ،و إن زاد على نصيبه بمقدار النصاب الذي يجب فيه القطع،وجب عليه القطع؛لأنّه سارق،فيدخل تحت عموم قوله تعالى: وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (3).

هذا إذا لم يعزل منه الخمس،و لو عزل الإمام الخمس ثمّ سرق و لم يكن من أهل الخمس فإن كان من الخمس،وجب القطع مطلقا،و إن كان من أربعة الأخماس،كان الحكم فيه ما تقدّم.

ص:195


1- 1كثير من النسخ:أ مطيع.
2- 2) المغني 10:526-527، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:528. [2]
3- 3) المائدة(5):38. [3]

و للشافعيّ وجهان:

أحدهما:إذا سرق من أربعة الأخماس ما يزيد على نصيبه بمقدار النصاب، وجب القطع؛عملا بالآية:و لأنّه لا شبهة له فيه.

و الثاني:لا يقطع؛لأنّ حقّه لم يتعيّن،فكلّ جزء مشترك بينه و بينهم،فكان كالمال المشترك (1)،و الأصل عندنا ممنوع،إذ يجب القطع عندنا في السرقة من المال المشترك-و سيأتي-مع أنّ (2)قول الشافعيّ به رواية (3)عندنا،لكنّ التفصيل أولى.

فروع:
الأوّل:لو كان السارق عبدا،فهو كالحرّ؛

لأنّه يرضخ له،فإن كان ما سرقه أزيد ممّا يرضخ بمقدار النصاب،وجب القطع،و إلاّ فلا،و كذا المرأة.

الثاني:لو سرق عبد الغنيمة منها،لم يقطع؛

لأنّه زيادة ضرر بالغانمين.نعم، يؤدّب؛حسما لمادّة الفساد.

الثالث:لو كان السارق ممّن لم يحضر الوقعة،

فلا نصيب له منها،فيقطع.

و لو كان أحد الغانمين ابنا للسارق (4)،لم يقطع إلاّ إذا زاد ما سرقه عن نصيب

ص:196


1- 1حلية العلماء 7:669،المهذّب للشيرازيّ 2:309،المجموع 19:337،الحاوي الكبير 14: 207.
2- 2) كثير من النسخ:أنّه،مكان:أنّ.
3- 3) ينظر:الكافي 7:223 الحديث 7،التهذيب 10:104-105 الحديث 406،الاستبصار 4:241 الحديث 910،الوسائل 18:496 الباب 6 من أبواب حدّ السرقة الحديث 1 و ص 518 الباب 24 الحديث 1.
4- 4) في النسخ:أب السارق،مكان:ابنا للسارق،و مقتضى السياق ما أثبتناه،كما في التذكرة 9:141، و [1]التحرير 2:160. [2]

ولده بمقدار النصاب؛لأنّ مال الولد في حكم ماله.

و لو كان السارق ممّن له سهم في الخمس و سرق منه أو من الغنيمة قبل تخميسها،كان الحكم ما قدّمناه من أنّه إن سرق أزيد من نصيبه بمقدار النصاب، قطع و إلاّ فلا،و لو لم يكن من أهل الخمس و لا من قدّمناه،قطع بكلّ حال.

و كذا لو كان من أهل الخمس و سرق من أربعة الأخماس و لا نصيب له فيها، فإنّه يقطع (1)إذا بلغ النصاب.

و لو كان السارق سيّد عبد[له نصيب] (2)في الغنيمة،كان حكمه حكم من له نصيب؛لأنّ مال العبد لسيّده.و بهذه الأحكام قال الشافعيّ،و أبو حنيفة (3).و زاد الشافعيّ:الابن إذا سرق و للأب سهم في الغنيمة،و كذا (4)أحد الزوجين (5).

و زاد أبو حنيفة:إذا كان لذي رحم محرم منه فيها حقّ،لم يقطع (6).و البحث فيه سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

الرابع:الغالّ:هو الذي يكتم ما أخذه من الغنيمة

و لا يطلع الإمام عليه و لا يضعه مع الغنيمة،و قد تقدّم الحكم فيه (7).

و لا ينزّل منزلة السارق في القطع،إلاّ أن يغلّ على وجه السرقة؛فإنّ الغلول:

أخذ مال لا حافظ له و لا يطّلع عليه غالبا،و السرقة:أخذ مال محفوظ.

ص:197


1- 1خا:بزيادة:بكلّ حال.
2- 2) أثبتناها لاستقامة المعنى.
3- 3) المغني 10:551،المهذّب للشيرازيّ 2:309.
4- 4) كثير من النسخ:أو،مكان:و كذا.
5- 5) الأمّ 7:365،المهذّب للشيرازيّ 2:309،المجموع 19:337، [1]الحاوي الكبير 14:208،العزيز شرح الوجيز 11:438.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:51،المغني 10:551.
7- 7) يراجع:ص 188. [2]

إذا ثبت هذا:فإنّ السارق لا يحرق رحله عندنا،كما مرّ في الغالّ.

و قيل:يحرق رحله،كالغالّ:لأنّه في معناه (1)،و قد سلف (2).

الخامس:لا يجوز وطء الجارية من المغنم،

و سيأتي البحث فيه في فصل الأسارى إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الغنيمة حقّ للمقاتلة من المسلمين ،
اشارة

(3)

فلو باع أحد الغانمين غيره شيئا منها،فإن كان المشتري من الغانمين أيضا،لم يصحّ البيع؛لعدم الاختصاص.

و قيل:يصحّ بيعه في قدر نصيبه (4).و ليس بصحيح،أمّا أوّلا:فلأنّه لا يعلم وقوعه في المستحقّين له؛لجواز أن يسهمه (5)الإمام غيره.

و أمّا ثانيا:فلأنّ نصيبه مجهول.

إذا ثبت هذا:فإنّه يقرّ في يد المشتري،و ليس للمشتري ردّه إلى البائع، و لا يجوز للبائع قهره عليه؛لأنّه أمانة في يدهما لجميع المسلمين.و إن لم يكن من الغانمين،لم تقرّ يده عليه؛إذ لا نصيب له فيه.

إذا عرفت هذا:فلو كان المبيع طعاما،و قد قلنا:إنّه يجوز للمسلمين تناول الطعام (6)،فهل يصحّ البيع أم لا؟الوجه:أنّه لا يصحّ بيعه؛لأنّ الضرورة المبيحة إنّما سوّغت التناول،أمّا (7)البيع فلا.و إذا لم يصحّ البيع فإن كان المشتري من الغانمين،

ص:198


1- 1المغني 10:551.
2- 2) يراجع:ص 188.
3- 3) يراجع:ص 175.
4- 4) ينظر:شرائع الإسلام 1:321. [1]
5- 5) ب،ق و خا:أن يسهم.
6- 6) يراجع:ص 177.
7- 7) ق و خا:و أمّا،مكان:أمّا.

كان أحقّ به من البائع؛لثبوت يده حينئذ عليه،و لا يكون تبايعا حقيقة،بل هو معاوضة مباح بمباح و انتقال من يد (1)إلى يد،فما حصل في يد كلّ واحد منهما، يكون أحقّ بالتصرّف فيه،فعلى هذا لو باع أحدهما الآخر صاعين من طعام بصاع منه من مال الغنيمة كان جائزا؛لأنّه ليس ببيع في الحقيقة.و لو كان المشتري من غير الغانمين لم تقرّ يده عليه؛لأنّه لا نصيب له في الغنيمة.

فروع:
الأوّل:لو أقرض غانم غيره من الغانمين طعاما أو علفا في بلاد العدوّ،

كان سائغا،و ليس بقرض حقيقة؛لأنّه لم يملكه الأوّل،و إنّما كان مباحا له التصرّف فيه، و يده عليه،فإذا أقرضه،صار يد الغير عليه،فيكون الثاني أحقّ باليد.

الثاني:هل يعيد المقترض القرض على المقرض أم لا؟

قال الشيخ رحمه اللّه-:ليس عليه ردّه،فإن ردّه،كان المردود عليه أحقّ به؛لثبوت يده عليه (2).

الثالث:لو خرج الغانم الأوّل إلى بلاد الإسلام،

لم يكن للمقترض ردّه عليه،بل يردّه إلى المغنم؛لأنّه إنّما أذن له في الأكل منه ما دام في دار الحرب و قد خرج إلى بلاد الإسلام فيردّ إلى (3)المغنم.

الرابع:لو خرج المقترض من دار الحرب و الطعام في يده،

ردّه إلى المغنم أيضا على ما قلناه،و فيه خلاف بين الجمهور و لا يردّه إلى المقرض الأوّل؛لأنّه بحصوله

ص:199


1- 1ع،روق:من يده.
2- 2) المبسوط 2:29. [1]
3- 3) بعض النسخ:على،مكان:إلى.

في دار الإسلام،صار كالغنيمة (1).

الخامس:لو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة،

لم يصحّ قرضه،و استعيد من القابض،و كذا لو باعه منه؛لأنّه أخذ ملك غيره.

و كذا لو جاء رجل من غير الغانمين فأخذ من طعام الغنيمة،لم تقرّ يده عليه؛ لأنّه لا نصيب له فيه و عليه ضمانه.و لو باعه من غير الغانمين،بطل البيع،و استعيد.

و لو باعه من غانم،كان الغانم أولى به،و لا يكون بيعا صحيحا.

السادس:يجوز للإمام أن يبيع من المغنم شيئا قبل القسمة لمصلحة،

فلو عاد الكفّار و أخذوا المبيع من المشتري في دار الحرب،فإن كان لتفريط من المشتري، مثل أن خرج به من العسكر وحده،فضمانه عليه،و إن حصل بغير تفريط،فالتلف منه أيضا.و هو قول الشافعيّ،و أحمد في إحدى الروايتين.

و في الأخرى:ينفسخ البيع،و يكون من ضمان أهل الغنيمة،فإن كان المشتري قد وزن الثمن،استعاده،و إلاّ سقط (2).

لنا:أنّه مال مقبوض أبيح لمشتريه،فكان ضمانه عليه،كما لو أخذه من دار الإسلام،و لأنّ التلف في يد المشتري،فلا يرجع بالضمان على غيره،كغيره من المبيعات.و لأنّ أخذ العدوّ له نوع من التلف،فلا يضمنه البائع،كسائر أنواع التلف، و لأنّ نماءه للمشتري،فضمانه عليه؛لقوله عليه السلام:«الخراج بالضمان» (3).

ص:200


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) المغني 10:491-492،الشرح الكبير بهامش المغني 10:518.
3- 3) سنن أبي داود 3:284 الحديث 3508،سنن الترمذيّ 3:581 الحديث 1285، [1]سنن ابن ماجة 2: 754 الحديث 2243،سنن النسائيّ 7:254،المستدرك للحاكم 2:15،مسند أحمد 6:49 و 237، [2]سنن البيهقيّ 5:321،سنن الدارقطنيّ 3:53 الحديث 213 و 214،كنز العمّال 4:93 الحديث 9698،المصنّف لعبد الرزّاق 8:176 الحديث 14777،المصنّف لابن أبي شيبة 5:138 الحديث 7، فيض القدير 3:503 الحديث 4130.

احتجّ أحمد:بأنّ القبض لم يكمل؛لأنّ المال في دار الحرب غير محرز،و كونه على خطر من العدوّ (1).

و الجواب:الحرز ليس شرطا في المبيع (2).

السابع:إذا قسّمت الغنائم في دار الحرب،

جاز لكلّ من أخذ سهمه التصرّف فيه كيف شاء بالبيع و غيره،فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشتري عليه،لم يضمنه البائع على ما تقدّم (3).

و لأحمد روايتان (4)،و قد سلف البحث معه (5).

الثامن:يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا،

قبل القسمة و بعده.

و قال أحمد:ليس له ذلك؛لأنّه يحابى (6).و ليس بمعتمد؛لأنّه يندفع الخيال بأخذه بالقيمة العدل.

ص:201


1- 1المغني 10:491،الشرح الكبير بهامش المغني 10:518.
2- 2) كثير من النسخ:البيع.
3- 3) يراجع:ص 200. [1]
4- 4) المغني 10:492،الشرح الكبير بهامش المغني 10:518،الكافي لابن قدامة 4:236،الفروع في فقه أحمد 3:447،الإنصاف 4:182.
5- 5) يراجع:ص 200. [2]
6- 6) المغني 10:493،الشرح الكبير بهامش المغني 10:519،الكافي لابن قدامة 4:236،الفروع في فقه أحمد 3:447،الإنصاف 4:163.
البحث الثاني
اشارة

في أحكام الأسارى

مسألة:الأسارى على ضربين:ذكور و إناث،

و الذكور:بالغون و أطفال.

فالنساء و الأطفال-و هم من لم يبلغ خمس عشرة سنة من الذكور-يملكون بالسبي،و لا يجوز قتلهم بلا خلاف؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان (1). (2)و كان عليه السلام يسترقّهم إذا سباهم (3).

و لو أشكل أمر الصبيّ في البلوغ و عدمه،أعتبر بالإنبات،فإن كان قد أنبت الشعر الخشن على عانته،حكم ببلوغه،و إن لم ينبت ذلك،جعل من جملة الذرّيّة؛ لأنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا (4)،و أجازه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

ص:202


1- 1ق،خا و متن آل:و الصبيان،مكان:و الولدان،كما في بعض المصادر،ينظر:صحيح البخاريّ 4: 74،صحيح مسلم 3:1364 الحديث 1744،سنن أبي داود 3:53 الحديث 2668، [1]سنن ابن ماجة 2:947 الحديث 2841،سنن الترمذيّ 4:136 الحديث 1569، [2]سنن الدارميّ 2:223،كنز العمّال 4:391 الحديث 11071،المصنّف لابن أبي شيبة 7:654 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 19: 74 الحديث 145 و 146،مسند أبي يعلى 2:204 الحديث 907،مجمع الزوائد 5:318.
2- 2) سنن أبي داود 3:54 الحديث 2672، [3]سنن البيهقيّ 9:77،المصنّف لعبد الرزّاق 5:202 الحديث 9384،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:75 الحديث 150،المصنّف لابن أبي شيبة 7:654 الحديث 4.
3- 3) المغني 10:393.
4- 4) شرح معاني الآثار 3:119 الحديث 5016،المغني 4:556،الشرح الكبير بهامش المغني 4: 557،و ينظر:المستدرك للحاكم 3:35،سنن البيهقيّ 6:58،المعجم الكبير للطبرانيّ 17:163- 165 الحديث 428-439.

و رواه الشيخ عن أبي البختريّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال [إنّ] (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرضهم يومئذ على النباتات (2)،فمن وجده أنبت،قتله،و من لم يجده أنبت،ألحقه بالذراريّ» (3).

مسألة:و البالغون:إن أسروا قبل تقضّي الحرب و انقضاء القتال،

تخيّر الإمام بين قتلهم و بين قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف،و حينئذ يتركون حتّى ينزفوا بالدم و يموتوا (4).و لا يجوز إبقاؤهم و لا استرقاقهم و لا مفاداتهم.

و إن أسروا بعد أن وضعت الحرب أوزارها و انقضى القتال،تخيّر الإمام بين المنّ و الفداء،و الاسترقاق،و الخيار إلى الإمام،لأنّه أعرف بمصلحة المسلمين.

و لا يجوز له قتلهم حينئذ بل يتخيّر بين أن يمنّ عليه فيطلقه،و بين أن يفاديه على مال يدفعه الأسير إليه و يخلّص به رقبته من العبوديّة،و بين أن يسترقّه و يستعبده،ذهب إلى ذلك علماؤنا أجمع.

و قال الشافعيّ:يتخيّر الإمام بين أربعة أشياء:القتل،و الاسترقاق،و المنّ، و الفداء على ما يراه من المصلحة في ذلك،لا على اختيار الشهوة (5).

و قال أبو حنيفة:ليس له المنّ و الفداء،و إنّما يتخيّر بين القتل و الاسترقاق،

ص:203


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) ب:«المعانات»و في المصدر:«العانات»مكان:«النباتات».
3- 3) التهذيب 6:173 الحديث 339،الوسائل 11:112 الباب 65 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
4- 4) فى النسخ:و يموتون.
5- 5) الأمّ 4:260،حلية العلماء 7:653،المهذّب للشيرازيّ 2:302،المجموع 19:304،روضة الطالبين:1806،الحاوي الكبير 14:173،مغني المحتاج 4:228،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:182،المغني 10:393،الشرح الكبير بهامش المغني 10:398-399،الأحكام السلطانيّة 2:131.

لا غير (1).

و قال أبو يوسف:لا يجوز المنّ،و يجوز الفداء بالرجال دون الأموال (2).

و في رواية عن مالك:أنّه يتخيّر بين القتل و المنّ و المفاداة،و لا يجوز الاسترقاق (3)،و هو إحدى الروايات عن أحمد،و به قال الأوزاعيّ،و أبو ثور (4).

و قال مالك أيضا في رواية:إنّه لا يجوز المنّ بغير فداء (5).

و حكي عن الحسن البصريّ،و عطاء،و سعيد بن جبير:كراهة قتل الأسارى، و قالوا:منّ عليه أو فاده (6). (7)و لا نعلم أحدا منهم قال بالتفصيل الذي ذكرناه.

لنا:على جواز المنّ و الفداء:قوله تعالى: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (8).

ص:204


1- 1تحفة الفقهاء 3:301،بدائع الصنائع 7:119،الهداية للمرغينانيّ 2:141-142،شرح فتح القدير 5:218-219،مجمع الأنهر 1:640،الحاوي الكبير 14:173،المغني 10:394،الشرح الكبير بهامش المغني 10:399.
2- 2) بدائع الصنائع 7:119،تحفة الفقهاء 3:302،الهداية للمرغينانيّ 2:141-142،شرح فتح القدير 5:220،مجمع الأنهر 1:641.
3- 3) كذا نسب إليه أيضا في المغني 10:393،و الشرح الكبير بهامش المغني 10:399،و لكنّ العلاّمة نفسه نسب جواز الاسترقاق إليه في التذكرة 9:156،و [1]هو الموجود في كتبه،ينظر:المنتقى للباجي 3:169،إرشاد السالك:64،تفسير القرطبيّ 16:228. [2]
4- 4) المغني 10:393،الشرح الكبير بهامش المغني 10:399.
5- 5) المغني 10:393،الشرح الكبير بهامش المغني 10:399،المجموع 19:310.
6- 6) بعض النسخ:فاداه.
7- 7) المغني 10:393، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 10:399، [4]المجموع 19:310.
8- 8) محمّد(47):4. [5]

و منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ثمامة بن أثال (1)، (2)و أبي عزّة الشاعر (3)(4)و أبي العاص بن الربيع (5).و قال في أسارى بدر:«لو كان مطعم بن عديّ (6)حيّا ثمّ سألني في هؤلاء النتنى (7)لأطلقتهم له» (8)و فادى أسارى بدر-

ص:205


1- 1ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة...الحنفيّ سيّد أهل اليمامة،أسر،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ما عندك يا ثمامة؟قال:إن تقتل تقتل ذا دم،و إن تمنن تمنن على شاكر،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أطلقوا ثمامة،فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فأسلم.أسد الغابة 1:246، [1]الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 1:203، [3]الإصابة 1:203. [4]
2- 2) سنن أبي داود 3:57 الحديث 2679، [5]مسند أحمد 2:452،سنن البيهقيّ 9:65،المغني 10: 394،الشرح الكبير بهامش المغني 10:400،الحاوي الكبير 14:174.
3- 3) أبو عزّة الشاعر:عمر بن عبد اللّه بن عثمان الجمحيّ،شاعر جاهليّ من أهل مكّة،أدرك الإسلام و أسر على الشرك يوم بدر فأتي به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه لقد علمت ما لي من مال و أنّي لذو حاجة و عيال فامنن عليّ و لك أن لا أظاهر عليك أحدا،فامتنّ عليه...ثمّ لما كان يوم أحد دعاه صفوان بن أميّة للخروج،فقال:إنّ محمّدا قد منّ عليّ و عاهدته أن لا أعين عليه، فلم يزل به يطمعه حتّى خرج...و أسره المسلمون،فقال:يا رسول اللّه منّ عليّ،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين.المغازي للواقديّ 1:110-111، [6]الأعلام للزركليّ 5: 80. [7]
4- 4) سنن البيهقيّ 9:65.
5- 5) سنن أبي داود 3:62 الحديث 2692،المستدرك للحاكم 3:236.
6- 6) المطعم بن نوفل بن عبد مناف من قريش،رئيس بني نوفل في الجاهليّة و قائدهم في حرب الفجار، هو الذي أجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا انصرف عن أهل الطائف،و هو الذي أجار سعد بن عبادة،و كان أحد الذين مزّقوا الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم،مات قبل وقعة بدر سنة 2 ه.المغازي للواقديّ 1:110، [8]العبر 1:5، [9]الأعلام للزركليّ 7:252. [10]
7- 7) في النسخ:«السبي»مكان:«النتنى»و ما أثبتناه من المصادر،أورد الحديث ابن الأثير في نهايته 5: 14 و قال:يعني أسارى بدر،واحدهم نتن.
8- 8) صحيح البخاريّ 5:110،سنن أبي داود 3:61 الحديث 2689، [11]سنن البيهقيّ 9:67،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:117 الحديث 1505،مسند أبي يعلى 13:412 الحديث 7416،المغازي للواقدي 1:110. [12]

و كانوا ثلاثة و سبعين رجلا-كلّ رجل (1)بأربعمائة (2).و فادى يوم بدر رجلا برجلين (3).

و أمّا تسويغ القتل:فبعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4).و كان (5)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل رجال بني قريظة و هم بين ستّمائة رجل و سبعمائة (6)،و قتل يوم بدر النضر بن الحارث (7)،و أنشدته ابنته:

أ محمّد و لأنت ضنء (8)نجيبة في قومها و الفحل فحل معرق (9)

ما كان ضرّك لو مننت و ربّما منّ الفتى و هو المغيظ المحنق

النضر أقرب من قتلت قرابة و أحقّهم إن كان عتق يعتق

فليسمعنّ النضر لو ناديته لو كان يسمع ميّت أو ينطق

ص:206


1- 1ر،ع و متن آل:كلّ واحد،مكان:كلّ رجل.
2- 2) المغني 10:394.
3- 3) سنن الدارميّ 2:223،مسند أحمد 4:426،سنن البيهقيّ 9:67،المغني 10:394.
4- 4) التوبة(9):5. [1]
5- 5) ح:و أنّ،ب:و لأنّ،مكان:و كان.
6- 6) المغني 10:394، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:400. [3]
7- 7) النَّضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف،هو ابن خالة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لمّا ظهر الإسلام استمرّ على عقيدة الجاهليّة و آذى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا،شهد وقعة بدر مع مشركي قريش فأسره المسلمون و قتلوه بالأثيل قرب المدينة،و لمّا بلغ بنته(قتيلة)قتل أبيها رثته في أبيات،فلمّا بلغ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الأبيات رقّ لها حتّى دمعت عيناه و قال:لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لوهبته لها.الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 4:390، [5]الإصابة 4:389، [6]الأعلام للزركليّ 8:33. [7]
8- 8) في النسخ:و لأنت صنو نجيبة من قومها كما في أسد الغابة 5:18،و [8]ما أثبتناه من باقي المصادر. الضنء-بالكسر-:الأصل.و قيل:بالكسر و الفتح:الولد.النهاية لابن الأثير 3:103. [9]
9- 9) عرق كلّ شيء:أصله.فحل معرق،أي:عريق النسب أصيل.لسان العرب 10:241. [10]

فقال صلّى اللّه عليه و آله:لو سمعت هذه الأبيات ما قتلته (1).و هو يدلّ على تسويغ القتل و المنّ معا.

و روى الجمهور:أنّه صلّى اللّه عليه و آله قتل عقبة بن أبي معيط (2)صبرا (3).

و قتل أبا عزّة يوم أحد (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد:عقبة بن أبي معيط،و طعن ابن أبي خلف (5)فمات بعد ذلك» (6).

ص:207


1- 1شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14:172 و [1]فيه:و لأنت نجل نجيبة.الاستيعاب بهامش الإصابة 4:390-391،الإصابة 4:389 و فيه:ولدتك خير نجيبة،مكان:و لأنت صنو نجيبة،الأحكام السلطانيّة 2:131 و فيه:يا خير ضنء كريمة،لسان العرب 10:241،النهاية لابن الأثير 3:103.
2- 2) عقبة بن أبان بن ذكوان بن أميّة بن عبد شمس من مقدّمي قريش في الجاهليّة،كنيته أبو الوليد و كنية أبيه أبو معيط،كان شديد الأذى للمسلمين عند ظهور الدعوة،فأسروه يوم بدر و قتلوه ثمّ صلبوه.العبر 1:5، [2]الأعلام للزركليّ 4:240. [3]
3- 3) المعجم الكبير للطبرانيّ 11:321 الحديث 12154،كنز العمّال 10:408 الحديث 29984، المغني 10:394،الشرح الكبير بهامش المغني 10:400،الحاوي الكبير 14:173.
4- 4) سنن البيهقيّ 9:65،المغني 10:394،الشرح الكبير بهامش المغني 10:400،المجموع 19: 307، [4]الحاوي الكبير 14:173.
5- 5) ابن أبي خلف،كذا في النسخ و التهذيب،و في الوسائل: [5]أبيّ بن أبي خلف،و الصحيح:أبيّ بن خلف، و هو من مشركي مكّة و أعداء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو الذي أخذ عظما باليا من حائط،ففتّه ثمّ قال:يا محمّد أَ إِذا كُنّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً الإسراء(17):49 و 98، [6]فأنزل اللّه: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ يس(36): 78-79.و [7]هو الذي قال بعد أسر ابنه يوم بدر:يا محمّد إنّ عندي فرسا أقتلك عليها،فلمّا بلغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:بل أنا أقتلك عليها إن شاء اللّه،و لمّا كان يوم أحد يركض فرسه حتّى إذا دنا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فطعنه في عنقه و هو على فرسه،فلم يلبث إلاّ يوما أو بعض يوم حتّى مات.تفسير العيّاشيّ 2:296-297، [8]المغازي للواقديّ 1:251. [9]
6- 6) التهذيب 6:173 الحديث 340،الوسائل 11:112 الباب 66 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [10]

و لأنّ كلّ خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح من غيرها في بعض الأسرى،فإنّ ذا القوّة و النكاية في المسلمين قتله أنفع للمسلمين،و بقاؤه ضرر عليهم،و الضعيف ذا المال الكثير لا قدرة له على الحرب،ففداؤه أصلح للمسلمين.

و منهم من هو حسن الرأي في الإسلام و يرجى إسلامه،فالمنّ عليه أولى،و قد يكون للمسلمين فيه نفع بأن يطلق أسراهم (1)و يدفع عنهم،فإذا أطلق و منّ عليه، كان أولى من قتله.

و منهم من يحصل بخدمته نفع،و يؤمن ضرره،كالنساء و الصبيان،فاسترقاقه أولى،و الإمام أعلم بهذه المصالح،فكان النظر إليه في ذلك كلّه.

و أمّا الذي يدلّ على التفصيل الذي ذكرناه (2)؛فلأنّ الأسير قبل تقضّي الحرب لا يؤمن شرّه،فيتعيّن (3)قتله،أمّا بعد انقضاء الحرب و الاستظهار (4)عليهم فشرّه مأمون،فيتعيّن (5)إطلاقه على إحدى الوجوه التي ذكرناها (6).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سمعته يقول:«كان أبي يقول:إنّ للحرب حكمين:إذا كانت قائمة لم تضع أوزارها و لم تضجر أهلها،فكلّ أسير أخذ في تلك الحال،فإنّ الإمام فيه بالخيار،إن شاء ضرب عنقه،و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم،و تركه يتشحّط في دمه حتّى يموت،فهو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا

ص:208


1- 1آل:أسراءهم.
2- 2) يراجع:ص 203.
3- 3) كثير من النسخ:فتعيّن.
4- 4) ب:و الاستقضاء،مكان:و الاستظهار.
5- 5) كثير من النسخ:فتعيّن.
6- 6) يراجع:ص 203.

مِنَ الْأَرْضِ (1)إلى آخر الآية،ألا ترى أنّ التخيير الذي خيّر اللّه تعالى الإمام على شيء واحد،و هو الكلّ (2)و ليس على أشياء مختلفة»فقلت لجعفر بن محمّد عليهما السلام:قول اللّه: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ قال:«ذلك للطلب أن تطلبه الخيل حتّى يهرب،فإن أخذته الخيل،حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك.

و الحكم الآخر:إذا وضعت اَلْحَرْبُ أَوْزارَها و أثخن أهلها،فكلّ أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم،فالإمام فيه بالخيار،إن شاء منّ عليه (3)،و إن شاء فاداهم أنفسهم،و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا» (4).

و احتجّ مالك:بأنّه لا مصلحة في المنّ بغير عوض،و إنّما يجوز للإمام فعل ما فيه مصلحة (5).

و احتجّ عطاء:بقوله تعالى: فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (6)فخيّره بعد الأسر بين هذين لا غير (7).

و احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (8)بعد قوله: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (9)؛لأنّ آية المنّ نزلت بمكّة و آية القتل نزلت بالمدينة في آخر سورة نزلت و هي براءة،فيكون ناسخا،و لأنّ فيه إعانة و تقوية

ص:209


1- 1المائدة(5):33. [1]
2- 2) قال في ملاذ الأخيار 9:381: [2]قوله:و هو الكلّ أي:مخيّر بين الجمع ليس على الترتيب و لا على التوزيع.و في أكثر نسخ الكافي:و [3]هو القتل.و هو أظهر.
3- 3) في المصدر:«عليهم»مكان:«عليه».
4- 4) التهذيب 6:143 الحديث 245،الوسائل 11:53 الباب 23 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [4]
5- 5) المغني 10:393،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 10:399.
6- 6) محمّد(47):4. [6]
7- 7) المغني 10:394، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 10:399. [8]
8- 8) التوبة(9):5. [9]
9- 9) محمّد(47):4. [10]

لأهل الحرب و صيرورته حربا علينا بسبب المال (1).

و الجواب:عن الأوّل:أنّا قد بيّنّا أنّه قد تكون المصلحة في المنّ و المفاداة بسبب المال،فيكون سائغا (2).

و عن الثاني:أنّه مخيّر في الأسير إذا أخذ بعد انقضاء الحرب.

و عن الثالث:بالمنع من النسخ،فإنّ العامّ و الخاصّ إذا تعارضا،خصّص العامّ بالخاصّ،و عمل بالعامّ في غير صورة الخاصّ،و عمل بالخاصّ في صورته.

و عن الرابع:أنّ الإعانة منتفية؛لأنّا سوّغنا ذلك بعد الاستظهار عليهم بالقتل (3).

مسألة:و التخيير الذي ذكرناه ثابت في كلّ أصناف الكفّار،
اشارة

(4)

سواء كانوا ممّن يقرّ على دينه بالجزية كأهل الكتاب،أو لا يقرّون،كأهل الحرب من عبدة الأوثان.

و به قال الشافعيّ (5).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إن أسر رجل بالغ،فإن كان من أهل الكتاب أو ممّن له شبهة كتاب،فإنّ الإمام مخيّر فيه على ما مضى بين الأشياء الثلاثة (6)،و إن كان من عبدة الأوثان،فإنّ الإمام مخيّر فيه بين المفاداة و المنّ،و يسقط الاسترقاق (7).

ص:210


1- 1بدائع الصنائع 7:120،الهداية للمرغينانيّ 2:142،شرح فتح القدير 5:221،المغني 10: 394،الشرح الكبير بهامش المغني 10:399.
2- 2) يراجع:ص 208. [1]
3- 3) يراجع:ص 208. [2]
4- 4) يراجع:ص 203.
5- 5) حلية العلماء 7:653-654،المهذّب للشيرازيّ 2:302،روضة الطالبين:1806،الحاوي الكبير 14:176،مغني المحتاج 4:228،المغني 10:393،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 398.
6- 6) آل،ب،خا و ق:من الأشياء،مكان:بين الأشياء.
7- 7) المبسوط 2:20. [3]

و به قال أبو سعيد الإصطخريّ من الشافعيّة (1)،و عن أحمد روايتان،كالقولين (2).

و قال أبو حنيفة:يجوز في العجم دون العرب (3).

لنا:أنّه كافر أصليّ،فجاز استرقاقه،كالكتابيّ،و ما تقدّم في حديث طلحة بن زيد (4)،فإنّه عامّ في كلّ أسير.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه لا يجوز له إقرارهم بالجزية،فلا يجوز له إقرارهم بالاسترقاق (5).

و الجواب:المنع من الملازمة و يبطل بالنساء و الصبيان؛فإنّه يجوز استرقاقهم إجماعا،و لا يقرّون بالجزية.

فرع:

هذا التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد لا تخيير شهوة،

فمتى رأى الإمام المصلحة في خصلة من هذه الخصال،تعيّنت عليه،و لم يجز العدول عنها (6).و لو تساوت المصالح،فالوجه:التخيير للإمام حينئذ تخيير شهوة.

ص:211


1- 1حلية العلماء 7:654،المهذّب للشيرازيّ 2:302،روضة الطالبين:1806،الحاوي الكبير 14: 176.
2- 2) المغني 10:393،الشرح الكبير بهامش المغني 10:398،الفروع في فقه أحمد 3:441،الكافي لابن قدامة 4:213،الإنصاف 4:131.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:119،تحفة الفقهاء 3:301-302،الهداية للمرغينانيّ 2:160،شرح فتح القدير 5:291-292،تبيين الحقائق 4:85 و 185،الفتاوى الهنديّة 2:245،مجمع الأنهر 1: 670-671.
4- 4) يراجع:ص 208.
5- 5) المبسوط 2:20.
6- 6) في النسخ:عنه،و مقتضى المقام ما أثبتناه،كما في التذكرة 9:159،و [1]المغني 10:395.

و قيل:القتل أولى،اختاره مالك (1).

مسألة:إذا أسلم الأسير بعد الأسر،سقط عنه القتل إجماعا،
اشارة

سواء أخذ قبل تقضّي الحرب أو بعده،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (2).

و روى الشيخ عن عيسى بن يونس (3)،عن الأوزاعيّ،عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:«الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه و صار فيئا» (4).

إذا ثبت هذا،فهل بسقوط القتل يصير رقّا أم لا؟للشافعيّ قولان:

أحدهما:أنّه يسترقّ بنفس الإسلام،و به قال أحمد بن حنبل (5).

ص:212


1- 1المغني 10:395،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:400.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:131،صحيح مسلم 1:52 الحديث 21،سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2606، [2]سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3927،سنن النسائيّ 7:77،المستدرك للحاكم 2:522،مسند أحمد 1:11، [3]كنز العمّال 6:526 الحديث 16836،المصنّف لعبد الرزّاق 4:43 الحديث 6916، المصنّف لابن أبي شيبة 6:576 الحديث 5،مجمع الزوائد 1:24،مسند أبي يعلى 1:69 الحديث 68،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:183 الحديث 1742.
3- 3) عيسى بن يونس،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام و قال:عيسى بن يونس بزرج له كتاب،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكن حاله مجهول،قال السيّد الخوئيّ:روى عن الأوزاعيّ و روى عنه سليمان بن داود في التهذيب 6:153،الحديث 267،لكن في الكافي 5:35 الحديث 8 [4] عيسى بن يونس الأوزاعيّ،و الظاهر أنّ ما في التهذيب هو الصحيح الموافق للوسائل،بقرينة سائر الروايات. رجال الطوسيّ:258 و ص 355،تنقيح المقال 2:364، [5]معجم رجال الحديث 13:228. [6]
4- 4) التهذيب 6:153 الحديث 267،الوسائل 11:53 الباب 23 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [7]
5- 5) المغني 10:396،الشرح الكبير بهامش المغني 10:403،الكافي لابن قدامة 4:213،الإنصاف 4:133.

و في الآخر:يتخيّر الإمام بين المنّ و الفداء و الاسترقاق (1).و هو قول الشيخ رحمه اللّه.

و احتجّ عليه الشيخ-رحمه اللّه- (2):بأنّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسروا رجلا من بني عقيل فأوثقوه و طرحوه في الحرّة،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا محمّد علام أخذت و أخذت سابقة الحاجّ (3)؟فقال:«أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف»و كانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين،و مضى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فناداه:يا محمّد يا محمّد،فقال له:«ما شأنك؟»فقال:إنّي مسلم،فقال له:«لو قلتها و أنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح»و فادى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجلين (4).و لو صار رقيقا لم يفاد به؛و لأنّه قبل الإسلام مخيّر بين أربعة أشياء،و الإسلام يقتضي حقن الدم،فيبقى التخيير بين الثلاثة؛عملا بالاستصحاب.

و احتجّ الشافعيّ:بأنّه أسير يحرم قتله،فيجب استرقاقه،كالمرأة (5).

و الجواب:الفرق،فإنّ النساء يسترققن،بالسبي،بخلاف الرجل،فإنّه يتخيّر فيه

ص:213


1- 1حلية العلماء 7:656،المهذّب للشيرازيّ 2:302،المجموع 19:313،روضة الطالبين: 1807،مغني المحتاج 4:228،الحاوي الكبير 14:179.
2- 2) المبسوط 2:20. [1]
3- 3) قال في الحاوي:و قوله:و أخذت سابقة الحاجّ،يعني بها ناقة كانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سابقة الحاجّ أخذها المشركون و صارت إلى العقيليّ،فأخذت منه بعد أسره،فأراد بذلك أنّ سابقة الحاجّ قد أخذت منّي ففيم أوخذ بعدها؟فقال له:«بجريرتك و جريرة قومك».الحاوي الكبير 14: 180.
4- 4) صحيح مسلم 3:1262 الحديث 1641،مسند أحمد 4:430، [2]سنن البيهقيّ 6:320 و ج 9:67، المعجم الكبير للطبرانيّ 18:190 الحديث 453،المغني 10:396،الحاوي الكبير 14:179.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 2:302،المجموع 19:313،روضة الطالبين:1807،مغني المحتاج 4: 228،الحاوي الكبير 14:179.

الإمام قبل الإسلام،فكذا بعده.

و أيضا:فإنّه لو لم يسلم،لجاز للإمام أن يمنّ عليه فيطلقه،فبعد الإسلام أولى؛ لأنّه يناسب الإكرام و التعظيم لا الإهانة بالاسترقاق،فكيف يكون حاله مع المقتضي للإكرام أدون من حاله مع المقتضي للإهانة.

فروع:
الأوّل:إذا ثبت أنّه لا يسترقّ بنفس الإسلام،

فإنّ الإمام يتخيّر فيه بين المنّ و المفاداة و الاسترقاق،أيّ هذه الثلاثة اختار،جاز.

أمّا عند الشافعيّ في أحد قوليه،فإنّه بنفس الإسلام يسترقّ و يكون للمسلمين و لا يمنّ عليه و لا يفادى به إلاّ بإذن الغانمين؛لأنّه صار مالا لهم.

الثاني:إذا اختار الإمام أن يفادي به مالا أو رجالا،جاز،

فإن فاداه بالرجال، جاز بشرط أن يكون له عشيرة تحميه من المشركين حيث صار مسلما،و إن لم يكن له عشيرة تمنعه منهم،لم يجز ردّه إليهم،و إنّما قلنا بجواز أن يفادي به بالمال و الرجال؛لأنّه يتخلّص بذلك من الاسترقاق.

الثالث:المال الذي يفادى به يكون غنيمة للغانمين.

لا يقال:الغانمون لا حقّ لهم في الأسير (1)؛لأنّ الإمام مخيّر فيه،فكيف يكون لهم حقّ في بدله؟!.

لأنّا نقول:لا نسلّم أنّ الغانمين لا حقّ لهم في الأسير،و تخيير الإمام إنّما هو فيما يتعلّق بمصلحة المسلمين في الأسير؛لأنّه لم يصر مالا،فإذا صار مالا،تعلّق حقّ الغانمين به؛لأنّهم أسروه و قهروه،و هذا كثير النظائر،فإنّ من عليه الدين إذا

ص:214


1- 1خا:الأسر.

قتل عمدا،لم يكن لأرباب الدين حقّ على القاتل،فان اختار الورثة المال و رضي به القاتل،تعلّق حقّهم حينئذ فيه.

الرابع:لو أسلم الأسير قبل أن يقع في الأسر،

لم يجز قتله إجماعا؛لما تقدّم (1)،و لا استرقاقه و لا المفاداة به؛لأنّه أسلم قبل أن يحصل مقهورا بالسبي،فلا يثبت فيه التخيير.و سواء أسلم في حصن محصور أو مصبور،أو رمى نفسه في بئر؛ لأنّه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد،و يكون دمه محقونا لا سبيل لأحد عليه بالقتل و الاسترقاق،و يحقن ماله من الاستغنام و ذرّيّته من الأسر،و أمّا البالغون من أولاده فحكمهم حكم الكفّار،و لا يكون إسلامه عاصما لهم؛لأنّ لكلّ بالغ حكم نفسه.

و يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب و ظهر عليهم المسلمون بعد ذلك،فقال:«إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له،فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين،إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل ذلك،و أمّا الدور و الأرضون فهي فيء و لا تكون له؛لأنّ الأرض هي أرض جزية لم يجر فيها حكم أهل الإسلام،و ليس بمنزلة ما ذكرناه؛لأنّ ذلك يمكن احتيازه و إخراجه إلى دار الإسلام» (2).

مسألة:إذا أسر المشرك و له زوجة لم يؤسرها المسلمون،
اشارة

فالزوجيّة باقية؛ عملا بالاستصحاب.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفّار،فمنّ على بعضهم،و فادى بعضا،فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم (3).هذا

ص:215


1- 1يراجع:ص 212.
2- 2) التهذيب 6:151 الحديث 262،الوسائل 11:89 الباب 43 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
3- 3) المغني 10:467،الشرح الكبير بهامش المغني 10:406.

مذهب علمائنا أجمع و به قال أكثر العلماء.

و قال أبو حنيفة:ينفسخ النكاح؛لافتراق الزوجين في الدار و طروّ الملك على أحدهما فانفسخ النكاح،كما لو سبيت المرأة وحدها (1).

و الجواب:أنّ الملك لا يحصل بنفس الأسر،بل باختيار الإمام له.

إذا ثبت هذا:فإن منّ عليه الإمام أو فاداه،فالزوجيّة على حالها،و إن استرقّه الإمام،انفسخ النكاح.

و لو أسر الزوجان معا،انفسخ النكاح عندنا،و به قال مالك،و الثوريّ، و الليث (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور (4).

و قال أبو حنيفة:لا ينفسخ النكاح،و به قال الأوزاعيّ،و أحمد بن حنبل (5).

لنا:قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (6)وَ الْمُحْصَناتُ :المزوّجات إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ بالسبي.

ص:216


1- 1حلية العلماء 7:666،العزيز شرح الوجيز 11:416،المغني 10:467،الشرح الكبير بهامش المغني 10:407.
2- 2) الكافي في فقه أهل المدينة:209،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405، [1]العزيز شرح الوجيز 11:416.
3- 3) الحاوي الكبير 14:241،المهذّب للشيرازيّ 2:307،حلية العلماء 7:666،روضة الطالبين: 1808،العزيز شرح الوجيز 11:416،مغني المحتاج 4:229،السراج الوهّاج:545.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 10:405. [2]
5- 5) الحاوي الكبير 14:241،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405، [3]العزيز شرح الوجيز 11:416، الكافي لابن قدامة 4:217،الإنصاف 4:135. [4]
6- 6) النساء(4):24. [5]

قال أبو سعيد الخدريّ:نزلت هذه الآية في سبي أوطاس (1). (2)

و قال ابن عبّاس:إلاّ ذوات الأزواج من المسبيّات (3).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في سبي أوطاس:«لا توطأ حامل حتّى تضع،و لا حائل حتّى تحيض» (4)فأباح الوطء بعد وضع الحامل و استبراء الحائل، و لو كان نكاحهنّ باقيا،لم يبح الوطء،و لأنّ ملك الرقبة أقوى (5)من ملك النكاح، فإذا طرأ عليه أزاله،و لأنّه استولى على محلّ حقّ الكافر،فزال ملكه،كما لو سباها وحدها.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الرقّ لا يمنع ابتداء النكاح،فلا يقطع استدامته،كالعتق (6).

و الجواب:البحث في استجداد الملك،و هو عندنا موجب لفسخ النكاح، و الفرق واقع بين الابتداء و الاستدامة على ما سيأتي.

أمّا لو أسرت الزوجة وحدها،فإنّ النكاح ينفسخ إجماعا،و لا نعلم فيه خلافا؛

ص:217


1- 1أوطاس:واد في ديار هوازن جنوبيّ مكّة بنحو ثلاث مراحل و كانت وقعتها في شوّال بعد فتح مكّة بنحو شهر.المصباح المنير:663. [1]
2- 2) تفسير الطبريّ 5:2، [2]تفسير القرطبيّ 5:122، [3]تفسير الدرّ المنثور 2:137، [4]سنن أبي داود 2:247 الحديث 2155، [5]مسند أحمد 3:72، [6]المغني 10:465،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405.
3- 3) تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس:55،تفسير القرطبيّ 5:121، [7]المغني 10:465،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405.
4- 4) سنن أبي داود 2:248 الحديث 2157، [8]سنن الدارميّ 2:171، [9]مسند أحمد 3:62، [10]المستدرك للحاكم 2:195،سنن البيهقيّ 7:449 و ج 9:124،كنز العمّال 9:655 الحديث 27839،المصنّف لعبد الرزّاق 7:227 الحديث 12904،المصنّف لابن أبي شيبة 3:436 الحديث 2،فيض القدير 5: 389 ذيل الحديث 7697.
5- 5) بعض النسخ:أولى،مكان:أقوى.
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 10:406،الحاوي الكبير 14:241.

لقوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (1).

و روى أبو سعيد الخدريّ قال:أصبنا سبايا يوم أوطاس،و لهنّ أزواج في قومهنّ،فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فنزلت وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (2). (3)

إذا ثبت هذا:فسواء سبي زوجها بعدها بيوم أو بأزيد أو بأنقص،فإنّ النكاح ينفسخ.

و قال أبو حنيفة:إن سبي زوجها بعدها بيوم،لا ينفسخ النكاح (4).

و ليس بمعتمد؛لأنّ المقتضي للفسخ و هو السبي موجود،فانفسخ النكاح،كما لو حصل السبي بعد شهر.

فروع:
الأوّل:لا فرق في انفساخ النكاح إذا سبيا

بين أن يسبيهما رجل واحد أو رجلان.

و الوجه:أنّه إذا سباهما رجل واحد و ملكهما معا أنّ النكاح باق و له فسخه، و كذا لو بيعا من واحد.

الثاني:لو كان الأسير طفلا،انفسخ النكاح في الحال،

كما قلنا في حقّ المرأة؛

ص:218


1- 1النساء(4):24. [1]
2- 2) النساء(4):24. [2]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:سنن الترمذيّ 3:438 الحديث 1132، [3]مسند أبي يعلى 2:381 الحديث 1148.و بهذا المضمون،ينظر:صحيح مسلم 2:1079 الحديث 1456،سنن أبي داود 2:247 الحديث 2155، [4]سنن النسائيّ 6:110،مسند أحمد 3:72، [5]سنن البيهقيّ 7:167،تفسير الدرّ المنثور 2:137. [6]
4- 4) المغني 10:466،الشرح الكبير بهامش المغني 10:406.

لتجدّد الملك بأسره،بخلاف البالغ.

الثالث:لو كان الزوجان مملوكين،

قيل:لا ينفسخ النكاح؛لعدم حدوث رقّ فيهما؛لأنّه كان ثابتا قبل السبي (1).

و الوجه:أنّ الغانم يتخيّر،كما لو بيعا عليه.

مسألة:إذا أسلم الحربيّ في دار الحرب،
اشارة

حقن ماله و دمه و أولاده الصغار من السبي،و المال المعصوم هنا إنّما هو ما ينقل و يحوّل،أمّا ما لا ينقل،فإنّه فيء للمسلمين.

و لو دخل دار الإسلام فأسلم فيها،و له أولاد صغار في دار الحرب،صاروا مسلمين و لم يجز سبيهم،و به قال مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و الأوزاعيّ،و أحمد بن حنبل (4).

و قال أبو حنيفة:ما كان في يده من ماله و رقيقه و متاعه و ولده الصغار،ترك له، و ما كان بدار الحرب،جاز سبيهم (5).

لنا:أنّه مسلم فيتبعه الصغار من أولاده في الإسلام،كما لو كانوا معه في الدار، و ماله مال مسلم،فلا يجوز استغنامه،كما لو كان في دار الإسلام.

ص:219


1- 1ينظر:المهذّب للشيرازيّ 2:307،العزيز شرح الوجيز 11:416،روضة الطالبين:1808.
2- 2) حلية العلماء 7:662،المغني 10:468،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413،الحاوي الكبير 14:220.
3- 3) حلية العلماء 7:662،المجموع 19:325،العزيز شرح الوجيز 11:412،روضة الطالبين: 1807،الحاوي الكبير 14:220،المغني 10:468.
4- 4) حلية العلماء 7:662،المغني 10:468،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413،الكافي لابن قدامة 4:216،الإنصاف 4:139. [1]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:66-67،الحاوي الكبير 14:220،حلية العلماء 7:662،العزيز شرح الوجيز 11:413،المغني 10:468،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413.

و يؤيّده:ما تقدّم في حديث حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام،من أنّ:

«إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له» (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لم يثبت إسلامهم بإسلامه؛لاختلاف الدارين بينهم،و لهذا إذا سبي الطفل و أبواه في دار الكفر،لم يتبعهما،و يتبع سابيه في الإسلام (2).

و الجواب:أنّ اختلاف الدار لا يقتضي ما ذكره،و نمنع (3)تبعيّة المسبيّ للسابي في الإسلام،و لو سلّم،فالفرق ظاهر؛لأنّا إنّما جعلناه تبعا للسابي؛لأنّا لا نعلم بقاء أبويه،فإن قاسهم على البالغين،منعنا المساواة؛لأنّ البالغ له حكم نفسه،و لهذا لم يقل أحد أنّه يتبع السابي في الإسلام،بخلاف الصغير.

فروع:
الأوّل:لو أسلم و له حمل،تبعه في الإسلام،

(4)

و حقن دمه من القتل و الاسترقاق.

و لو سبيت الزوجة و هي حامل و قد أسلم أبوه،أو كانت الحربيّة حاملا من مسلم بوطء مباح،كانت رقّا،دون ولدها منه،فإنّه يكون بحكم أبيه مسلما حرّا، و به قال الشافعيّ (5)و أحمد (6).

ص:220


1- 1تقدّم في ص 215،الرقم 2. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:67،بدائع الصنائع 7:105،المغني 10:468،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413.
3- 3) آل و ب:يمنع،ع:تمنع.
4- 4) ق،خا،آل و ر:أتبعه.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 2:306،المجموع 19:324، [2]العزيز شرح الوجيز 11:414،روضة الطالبين: 1807،مغني المحتاج 4:229،الحاوي الكبير 14:221،المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413.
6- 6) المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413،الكافي لابن قدامة 4:216،الفروع في فقه أحمد 3:446.

و قال أبو حنيفة:يحكم برقّه مع أمّه (1).

لنا:أنّه محكوم بحريّته و إسلامه،كالأب-على ما تقدّم-فلا يجوز استرقاقه، كالمولود.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الأمّ سرى الرقّ إليها بالسبي،فيحكم برقّه مع أمّه؛لأنّ ما سري إليه العتق،سرى إليه الرقّ،كسائر أعضائها (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ الأعضاء لا تنفرد بحكم عن الأصل،بخلاف الحمل.

الثاني:لو أسلم الحربيّ في دار الحرب و له عقار فيها،

فظهر عليها المسلمون و غنموها،سلمت عليه أمواله المنقولة،دون الأرضين و العقارات،فإنّها تكون غنيمة،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد:لا تكون غنيمة،بل تكون له (6).

لنا:أنّها بقعة من دار الحرب،فجاز اغتنامها،كما لو كانت لحربيّ.

ص:221


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:66،بدائع الصنائع 7:105،الهداية للمرغينانيّ 2:145،شرح فتح القدير 5:232،مجمع الأنهر 1:645،المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:413.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 2:145،شرح فتح القدير 5:232،مجمع الأنهر 1:645،المغني 10:469، الشرح الكبير بهامش المغني 10:413.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:66،الهداية للمرغينانيّ 2:144-145،شرح فتح القدير 5:231، تبيين الحقائق 4:107-108،مجمع الأنهر 1:644-645.
4- 4) حلية العلماء 7:661،الكافي في فقه أهل المدينة:219،المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414.
5- 5) الحاوي الكبير 14:220،حلية العلماء 7:661،روضة الطالبين:1807،المجموع 19:325، العزيز شرح الوجيز 11:412،مغني المحتاج 4:228-229،المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414.
6- 6) المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414،الكافي لابن قدامة 4:216،الفروع في فقه أحمد 3:446.

احتجّوا:بأنّه مال مسلم فأشبه ما لو كانت في دار الإسلام (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ دار الإسلام لا يصحّ استغنامها،بخلاف دار الحرب.

الثالث:لو استأجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب،صحّت الإجارة،

فلو غنمها المسلمون،كانت غنيمة و كانت المنافع للمستأجر؛لأنّه ملكها بالعقد، فلا تبطل بتجديد الملك بالاستغنام،كما لو باع الموجر ما آجره؛لأنّه إبطال حقّ لمسلم (2)سابق على الغنيمة.

لا يقال:قد أجزتم استرقاق الحربيّة إذا غنمت و إن كان زوجها قد أسلم،و في استرقاقها إبطال حقّ زوجها المسلم.

لأنّا نقول:جواز استرقاقها من حيث إنّها كافرة لا أمان لها،فجاز استرقاقها، كما لو لم يسلم زوجها.و لأنّ منفعة النكاح فارقت منفعة الأموال،فإنّها لا تضمن باليد،و لا يجوز أخذ العوض عنها،بخلاف حقّ الإجارة.

الرابع:لو كان له حمل من زوجة كافرة،

فقد بيّنّا أنّه إذا أسلم،عصم الحمل من الاسترقاق،و يجوز استرقاق الزوجة (3).و للشافعيّ وجهان:

أحدهما:هذا؛للكفر،كما لو لم تكن زوجة مسلم.

و الثاني:لا تسترقّ؛لأنّ فيه إبطال حقّه (4).و قد تقدّم البحث فيه (5).

الخامس:لو كان لمسلم عبد ذمّيّ،

فأعتقه على وجه يجوز فيه عتق المسلم للكافر،إمّا بالنذر إن لم نجوّزه،أو مطلقا إن جوّزنا عتقه بغير نذر،فلحق العبد بدار

ص:222


1- 1المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414.
2- 2) ب:مسلم.
3- 3) يراجع:ص 220.
4- 4) الحاوي الكبير 14:221،حلية العلماء 7:662،روضة الطالبين:1807،العزيز شرح الوجيز 11:414،مغني المحتاج 4:229.
5- 5) يراجع:ص 220-221.

الحرب ثمّ أسر،فهل يجوز استرقاقه أم لا؟فيه وجهان:

أحدهما:الجواز؛عملا بإطلاق الإذن في الاسترقاق.

و الثاني:المنع؛لأنّ للمسلم عليه حقّ الولاء،و استرقاقه يقتضي إبطاله عنه،فلا يجوز استرقاقه،كما لو أبق و هو مملوك.

السادس:لو كان لذمّيّ في دار الإسلام عبد ذمّيّ فأعتقه،صحّ عتقه،

فإن لحق بدار الحرب فأسر،جاز استرقاقه عندنا إجماعا،و للشافعيّ وجهان:

أحدهما:هذا.

و الثاني:المنع (1).

لنا:أنّ سيّده لو لحق بدار الحرب،جاز استرقاقه فعبده أولى،و سقط حقّه بلحوق معتقه بدار الحرب.

احتجّ:بأنّ حقّ الذمّيّ تعلّق به و هو الولاء،فأشبه المسلم (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ المسلم لو لحق بدار الحرب،لم يجز استرقاقه،بخلاف الذمّيّ.

مسألة:إذا أسلم عبد الحربيّ أو أمته في دار الحرب ثمّ أسلم مولاه،
اشارة

فإن خرج إلينا قبل مولاه،فهو حرّ،و إن خرج بعده،فهو على الرقّيّة.و من الناس من لم يشترط الخروج قبل مولاه (3)،و الأوّل:أصحّ.

ص:223


1- 1الحاوي الكبير 14:222،حلية العلماء 7:663،العزيز شرح الوجيز 11:415،روضة الطالبين: 1807،مغني المحتاج 4:229،السراج الوهّاج:545.
2- 2) الحاوي الكبير 14:222،حلية العلماء 7:663،العزيز شرح الوجيز 11:415،روضة الطالبين: 1807،مغني المحتاج 4:229،السراج الوهّاج:545.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:90،الهداية للمرغينانيّ 2:152،تبيين الحقائق 4:132،الفتاوى الهنديّة 2:231.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن قلنا:إنّه يصير حرّا على كلّ حال،كان قويّا (1).

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتق العبيد إذا جاءوا قبل مواليهم (2).

و عن أبي سعيد الأعسم (3)قال:قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العبد و سيّده قضيّتين:قضى أنّ العبد إذا أخرج من دار الحرب قبل سيّده،أنّه حرّ،فإن خرج سيّده بعد (4)،لم يردّ عليه،و قضى أنّ السيّد إذا خرج قبل العبد ثمّ خرج العبد، ردّ على سيّده (5).

و عن الشعبيّ،عن رجل من ثقيف،قال:سألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يردّ علينا أبا بكرة،و كان عبدا لنا أتى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو محاصر ثقيف فأسلم،فأبى أن يردّه علينا و قال:«هو طليق اللّه ثمّ طليق رسوله» فلم يردّه علينا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حيث حاصر أهل الطائف قال:

«أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ،و أيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو

ص:224


1- 1المبسوط 2:27. [1]
2- 2) مسند أحمد 1:236، [2]المصنّف لابن أبي شيبة 7:720 الحديث 2،مجمع الزوائد 4:245.
3- 3) أبو سعيد الأعسم الأسديّ،روى عنه حجّاج بن أرطاة.التاريخ الكبير للبخاريّ 8:35 باب الكنى، الجرح و التعديل 9:376.
4- 4) خا،آل و ق:بعده.
5- 5) المصنّف لابن أبي شيبة 7:720 الحديث 1،المغني 10:470،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 415،الكافي لابن قدامة 4:218.
6- 6) مسند أحمد 4:168، [3]شرح معاني الآثار 3:196 الحديث 5247،المغني 10:470،الشرح الكبير بهامش المغني 10:415.

عبد» (1).

و لأنّه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد قهره على نفسه،فيكون قد ملكها؛ لأنّ القهر يقتضي التملّك،فكان حرّا،أمّا إذا خرج مولاه إلينا قبله،فإنّ العبد يكون قد رضي ببقائه في العبوديّة حيث لم يقهره على نفسه بالخروج،فكان باقيا على الرقّيّة.

فروع:
الأوّل:لو خرج إلينا قبل مولاه مسلما،

ملك نفسه؛لما قلناه (2).

و لو كان سيّده صبيّا أو امرأة و لم يسلم حتّى غنمت و قد حارب معنا،جاز أن يملك مولاه.

و كذا لو أسر سيّده و أولاده و أخذ ماله و خرج إلينا،فهو حرّ و المال له و السبي رقيقه.

و لو لم يخرج قبل مولاه،فإن أسلم مولاه،كان باقيا على الرقّيّة له،و إن لم يسلم حتّى غنم المسلمون العبد،كان غنيمة للمسلمين كافّة.

الثاني:لو أسلمت أمّ ولد الحربيّ و خرجت إلينا،عتقت؛

لأنّها بالقهر ملكت نفسها-على ما قلناه-و استبرأت نفسها،و هو قول أكثر العلماء (3).

و قال أبو حنيفة:تتزوّج إن شاءت من غير استبراء (4).

و أهل العلم كافّة على خلافه؛لأنّها أمّ ولد منكوحة للمولى عتقت،فلا يجوز

ص:225


1- 1التهذيب 6:152 الحديث 264،الوسائل 11:89 الباب 44 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 223. [2]
3- 3) المغني 10:470،الشرح الكبير بهامش المغني 10:415.
4- 4) المغني 10:470،الشرح الكبير بهامش المغني 10:415.

لها أن تتزوّج بغير استبراء،كما لو كانت لذمّيّ.

الثالث:لو أسلم العبد و لم يخرج إلينا،

فإن بقي مولاه على الكفر حتّى غنم، انتقل إلى المسلمين،و زال ملك مولاه عنه،و إن أسلم مولاه،كان باقيا على ملكيّته.

و لو عقد لنفسه أمانا،لم يقرّ المسلم على ملكه؛لقوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1).

و كذا حكم المدبّر و المكاتب المشروط و المطلق و أمّ الولد الحكم في ذلك كلّه على السواء.

مسألة:إذا سبيت المرأة و ولدها الصغير،
اشارة

كره التفرقة بينهما،بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد،فإن لم يبلغ سهمه ثمنهما،دفعهما إليه و استعاد الفاضل،أو يجعلهما في الخمس،فإن لم يفعل،باعهما و ردّ ثمنهما في المغنم.

و قال بعض أصحابنا:لا تجوز التفرقة (2).

و الأقرب:الكراهيّة؛لأنّ للمالك التسلّط على ملكه بالبيع و غيره من أنواع التصرّفات السائغة،و المنع من التفرقة قصر للعامّ على بعض موارده من غير دليل.

و أطبق الجمهور على المنع من التفرقة،و به قال مالك في أهل المدينة (3)، و الأوزاعيّ في أهل الشام،و الليث في أهل مصر (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور (6)

ص:226


1- 1النساء(4):141. [1]
2- 2) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 2:21،و ابن البرّاج في المهذّب 1:318.
3- 3) الكافي في فقه أهل المدينة:209،المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.
4- 4) المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.
5- 5) الحاوي الكبير 14:242،المهذّب للشيرازيّ 2:307،حلية العلماء 7:665،المجموع 19: 329-330،روضة الطالبين:1809،العزيز شرح الوجيز 11:420،المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.
6- 6) المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.

و أصحاب الرأي (1)؛لما رواه أبو أيّوب،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من فرّق بين والدة و ولدها،فرّق اللّه بينه و بين أحبّته يوم القيامة» (2).

و لأنّ في ذلك إضرارا بالولد (3).

و الحديث غير دالّ على التحريم،و الإضرار مندفع (4).

فروع:
الأوّل:لو رضيت الأمّ بالتفرقة،

كره ذلك أيضا؛لما فيه من الإضرار بالولد.

و لأنّ المرأة قد ترضى بما فيه ضررها ثمّ يتغيّر قلبها بعد ذلك فتندم.

الثاني:حكم البيع هذا الحكم،

فيكره للمالك أن يفرّق بين الأمّ و الولد،بل ينبغي له إذا أراد بيع أحدهما باع الآخر،و في أصحابنا من منع من ذلك (5)،و الوجه:

الكراهية،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:تجوز التفرقة بين الولد و الوالد .

(6)

و منع من ذلك أبو حنيفة (7)و الشافعيّ.

ص:227


1- 1المبسوط للسرخسيّ 13:139،الهداية للمرغينانيّ 3:54، [1]المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:580 الحديث 1283، [2]سنن الدارميّ 2:227-228، [3]مسند أحمد 5:414، [4]المستدرك للحاكم 2:55،سنن البيهقيّ 9:126،سنن الدارقطنيّ 3:67 الحديث 256،كنز العمّال 9:74 الحديث 25022،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:177،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:182 الحديث 4080،فيض القدير 6:187 الحديث 8887.
3- 3) المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:408.
4- 4) ع،آل،ر و ق:يندفع.
5- 5) ينظر:المبسوط 2:21، [5]الخلاف 2:506 مسألة-18.
6- 6) المبسوط 2:21.
7- 7) المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.

(1)و قال بعض أصحابه:تجوز (2)-كما قاله الشيخ-رحمه اللّه-و به قال مالك و الليث (3).

لنا:أنّه ليس من أهل الحضانة بنفسه.و لأنّ الأصل الجواز،و لم يرد فيه نصّ بالمنع و لا معنى النصّ؛لأنّ الأمّ أشفق من الأب،فافترقا.

احتجّوا:بأنّه أحد الأبوين،فلم يجز التفريق بينهما،كالأمّ (4).

و الجواب-بعد تسليم الأصل-:بالفرق،و قد تقدّم.

الرابع:المكروه إنّما هو التفرقة بين الأمّ و الولد الصغير،

فإذا بلغ سبع سنين أو ثماني سنين،جازت التفرقة بينهما،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

و قال بعض علمائنا:إذا استغنى الولد عن الأمّ،جازت التفرقة (6)،و بالأوّل قال مالك (7)و الشافعيّ في أحد قوليه (8).و بالثاني قال الأوزاعيّ و الليث بن

ص:228


1- 8) الحاوي الكبير 14:243،المهذّب للشيرازيّ 2:307،حلية العلماء 7:665،المجموع 9: 361، [1]العزيز شرح الوجيز 11:420.
2- 9) الحاوي الكبير 14:243،المهذّب للشيرازيّ 2:307،حلية العلماء 7:665،العزيز شرح الوجيز 11:420-421،مغني المحتاج 2:38-39.
3- 10) المدوّنة الكبرى 4:281،المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
4- 11) المهذّب للشيرازيّ 2:307،العزيز شرح الوجيز 11:420،المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
5- 12) المبسوط 2:21، [2]الخلاف 2:506 مسألة-18.
6- 13) ينظر:الشرائع 2:59.
7- 14) المدوّنة الكبرى 4:281،بداية المجتهد 2:168،الكافي في فقه أهل المدينة:209،الحاوي الكبير 14:243،المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409،المجموع 19:329، العزيز شرح الوجيز 4:133،و في بعض المصادر جاء التعبير بأنّ حدّ تحريم التفرقة«الإثغار»أو«إذا أثغر»و الإثغار:هو سقوط سنّ الصبيّ و نباتها.لسان العرب 4:104. [3]
8- 15) الحاوي الكبير 14:243،المهذّب للشيرازيّ 1:356،المجموع 19:329،روضة الطالبين: 534،العزيز شرح الوجيز 4:133،مغني المحتاج 2:38،السراج الوهّاج:182،المغني 10:460، الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.

سعد (1).

و قال أبو ثور:إذا كان يلبس ثيابه وحده و يتوضّأ وحده؛لأنّه إذا كان كذلك استغنى عن أمّه (2).

و قال الشافعيّ في القول الآخر:لا يجوز التفريق بينهما إلى أن يبلغ (3).و به قال أحمد بن حنبل (4)و أصحاب الرأي (5).

و احتجّوا:بما روى عبادة بن الصامت:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يفرّق بين الوالدة و ولدها»فقيل:إلى متى؟قال:«حتّى يبلغ الغلام و تحيض الجارية» (6).و لأنّ ما دون البلوغ مولّى عليه،فأشبه الطفل (7).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه في تلك الحال يستغني عن الأمّ،فلا يبقى له حاجة إليها،فينتفي الضرر بالتفريق،و لأنّه حينئذ يخيّر الغلام بين أمّه و أبيه إذا صار كذلك،و لأنّه يجوز التفريق بينهما بتخييره،فجاز بيعه و قسمته.

الخامس:تجوز التفرقة بين البالغ و أمّه

في قول عامّة أهل العلم.

ص:229


1- 1المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409،المجموع 19:329.
2- 2) المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
3- 3) الحاوي الكبير 14:243،المهذّب للشيرازيّ 1:356،روضة الطالبين:534،المجموع 9:361 و ج 19:329، [1]العزيز شرح الوجيز 4:133 و ج 11:421،مغني المحتاج 2:38،السراج الوهّاج: 182،المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
4- 4) المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409،الكافي لابن قدامة 2:199،الإنصاف 4:137-138،الحاوي الكبير 14:243،حلية العلماء 7:665،المجموع 19:330.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 13:139،تحفة الفقهاء 2:115،بدائع الصنائع 5:229،الهداية للمرغينانيّ 3:54، [2]شرح فتح القدير 6:112،مجمع الأنهر 2:70.
6- 6) المستدرك للحاكم 2:55،سنن البيهقيّ 9:128،سنن الدار قطنيّ 3:68 الحديث 258.
7- 7) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.

و عن أحمد روايتان،إحداهما:المنع (1).

لنا:ما رووه أنّ سلمة بن الأكوع أتى بامرأة و ابنتها،فنفله أبو بكر ابنتها، فاستوهبها منه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوهبها له (2)،و لم ينكر التفريق بينهما،و لو لم يكن سائغا،لأنكره.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهديت إليه مارية و أختها سيرين (3)،فأمسك مارية و وهب سيرين لحسّان بن ثابت (4). (5)

و لأنّ الأحرار يتفرّقون بعد الكبر،فإنّ المرأة تزوّج ابنتها فالرقّ أولى.

احتجّ أحمد:بعموم الخبر المقتضي لتحريم التفريق.و لأنّ الوالدة تتضرّر

ص:230


1- 1المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409،الكافي لابن قدامة 2:199،الإنصاف 4:137،الحاوي الكبير 14:243،المجموع 19:330.
2- 2) صحيح مسلم 3:1375 الحديث 1755،سنن أبي داود 3:64 الحديث 2697،سنن ابن ماجة 2: 949 الحديث 2846،مسند أحمد 4:46 و 51،سنن البيهقيّ 9:129،المعجم الكبير للطبرانيّ 7: 14 الحديث 6237،المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
3- 3) سيرين،هي أخت مارية القبطيّة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أمّ ابنه إبراهيم،أهداهما المقوقس صاحب الإسكندريّة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فوهب سيرين لحسّان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن. أسد الغابة 5:543،الاستيعاب بهامش الإصابة 4:410، [1]تنقيح المقال 3:82 من فصل النساء.
4- 4) حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام...الأنصاريّ الخزرجيّ شاعر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حقّه:«إنّ اللّه يؤيّد حسّان بروح القدس ما نافح عن رسول اللّه»و دعا له فقال:«لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما دمت ناصرنا»و في تقييده صلوات اللّه عليه و آله ب«ما دام» معجزة و كرامة؛لإخباره بالغيب،فإنّ الرجل بعد أن كان مواليا لأهل البيت عليهم السلام،غرّته الأطماع الدنيّة و الزخارف الدنيويّة فرجع القهقرى و خالف النصّ حتّى صار من مخالفي أمير المؤمنين عليه السلام،قيل:مات سنة 40 ه في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام،و قيل:مات سنة 50،قيل: عاش مائة و عشرين سنة،ستّين في الجاهليّة و ستّين في الإسلام. أسد الغابة 2:4، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:335، [3]الإصابة 1:326، [4]تنقيح المقال 1:264. [5]
5- 5) الإصابة 4:404، [6]البداية و النهاية لابن كثير 4:272، [7]الطبقات لابن سعد 1:107 و 200. [8]

بمفارقة ولدها الكبير،فلا تجوز التفرقة،كالصغير (1).

و الجواب:عن الأوّل:أنّ عموم الحديث مخصوص بما تلوناه من الأحاديث.

و عن الثاني:أنّ ضرر الأمّ بالمفارقة لا اعتبار به،و لهذا ساغ قتله إذا كان مشركا.

السادس:لو فرّق بينهما بالبيع فعندنا:أنّه مكروه

فلا يجب،و عند الشيخ محرّم،فلو باع،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يصحّ البيع (2)،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشافعيّ:لا ينعقد البيع (4)،و به قال أحمد (5).

لنا:أنّه عقد فيدخل تحت قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (6).و لأنّ الأصل الصحّة،و النهي لا يقتضي الفساد في المعاملات،و لأنّ النهي عن هذا العقد لا لمعنى في المعقود عليه،فأشبه البيع في وقت النداء.

احتجّ المخالف:بما رواه أبو داود في سننه أنّ عليّا عليه السلام فرّق بين الأمّ

ص:231


1- 1المغني 10:460،الشرح الكبير بهامش المغني 10:409.
2- 2) المبسوط 2:21،الخلاف 2:506 مسألة-18 و 19.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 13:140،تحفة الفقهاء 2:115،بدائع الصنائع 5:228،الهداية للمرغينانيّ 3:54،شرح فتح القدير 6:112،مجمع الأنهر 2:70،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
4- 4) الحاوي الكبير 14:244،المهذّب للشيرازيّ 1:356،حلية العلماء 7:666،روضة الطالبين: 534،المجموع 9:360،العزيز شرح الوجيز 4:133،مغني المحتاج 2:39،السراج الوهّاج: 182،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
5- 5) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410،الكافي لابن قدامة 2:199،الإنصاف 4:137.
6- 6) المائدة(5):1. [1]

و ولدها،فردّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله البيع (1). (2)

و الجواب:المنع من الحديث.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يفرّق بين الولد و الجدّة أمّ الأمّ؛
اشارة

لأنّها بمنزلة الأمّ في الحضانة (3).

و قال أكثر الجمهور:لا يفرّق بين الولد و الجدّ للأب أيضا،و كذا الجدّة له أو الجدّ للأمّ؛لأنّهما بمنزلة الأبوين،فإنّ الجدّ أب و الجدّة أمّ،و لهذا يقومان مقامهما في استحقاق الحضانة و الميراث،فقاما مقامهما في تحريم التفريق (4).

و نحن نقول بالكراهيّة في الجميع.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه-:تجوز التفرقة بين الأخوين و الأختين .

(5)

و به قال مالك (6)،و الليث بن سعد (7)،و الشافعيّ (8)،و ابن المنذر (9).

ص:232


1- 1سنن أبي داود 3:63 الحديث 2696.
2- 2) الحاوي الكبير 14:244،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
3- 3) المبسوط 2:21. [1]
4- 4) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410،تحفة الفقهاء 2:116،المجموع 9: 361.
5- 5) لم نعثر على نصّ منه في مظانّه،و الموجود في المبسوط 2:21: [2]جواز التفرقة بين من خرج عن عمود الوالدين،مثل الإخوة و أولادهم و الأعمام و أولادهم.و في الخلاف 2:506 مسألة-20: جواز التفريق بين كلّ قريب ما عدا الوالدين و المولودين.
6- 6) المدوّنة الكبرى 4:278،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
7- 7) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
8- 8) الحاوي الكبير 14:245،حلية العلماء 4:124،روضة الطالبين:1809،المجموع 9:361- 362 و ج 19:330،العزيز شرح الوجيز 11:421،مغني المحتاج 2:39،المغني 10:461، الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
9- 9) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.

و قال أحمد بن حنبل:لا تجوز (1)،و به قال أصحاب الرأي (2).

لنا:أنّ الأصل الجواز،و لأنّها قرابة لا تمنع الشهادة،فلم يحرم التفريق،كقرابة ابن العمّ.

احتجّوا:بما روي عن عليّ عليه السلام،قال:«وهب لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غلامين أخوين،فبعت (3)أحدهما،فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما فعل غلامك؟فأخبرته،فقال:ردّه ردّه» (4).

و لأنّه ذو رحم محرم،فلم يجز التفريق بينهما،كالولد و الوالد (5).

و الجواب:لعلّ الأمر بالردّ لا لمعنى التفريق،و القياس يضعّف بالفارق من قوّة الشفقة و كثرة الضرر في مفارقة الأبوين،دون الإخوة.

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:تجوز التفرقة بين من خرج من عمود الوالدين

من فوق و أسفل،مثل الإخوة و أولادهم،و الأعمام و أولادهم و سائر الأقارب (6)و هو قول أكثر العلماء (7).

و قال أبو حنيفة:لا تجوز التفرقة بينه و بين كلّ ذي رحم محرم،كالعمّة مع ابن

ص:233


1- 1المغني 10:461، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:410. [2]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 13:139 و 142،الهداية للمرغينانيّ 3:54، [3]شرح فتح القدير 6:109- 112،مجمع الأنهر 2:71،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.
3- 3) بعض النسخ:فبعث.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:580 الحديث 1284، [4]سنن ابن ماجة 2:755 الحديث 2249،سنن البيهقيّ 9: 127،كنز العمّال 4:169 الحديث 10010.
5- 5) المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410-411.
6- 6) المبسوط 2:21. [5]
7- 7) الحاوي الكبير 14:245،المغني 10:461،الشرح الكبير بهامش المغني 10:410.

أخيها،و الخالة مع ابن أختها (1).

لنا:أنّ الأصل حلّ البيع و التفريق،و القياس على الأبوين باطل؛لأنّهم أقرب.

الثالث:تجوز التفرقة بينه و بين الرحم غير المحرم،

و لا نعلم فيه خلافا؛لعدم النصّ،و امتناع قياسه على المنصوص مع قيام الفارق.

و كذا يجوز التفريق بين الولد و أمّه من الرضاع و أخته منه،بالإجماع.و لأنّ قرابة الرضاع لا توجب عتق أحدهما على صاحبه و لا نفقة و لا ميراثا،فلا (2)تمنع التفريق،كالصداقة.

الرابع:تجوز التفرقة بينهما في العتق،

فتعتق الأمّ دون الولد،و بالعكس.و كذا يجوز التفريق في الفداء،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ العتق لا تفرقة فيه في المكان، و الفداء تخليص،كالعتق.

الخامس:لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر

و حسبوا عليه بنصيبه بناء على أنّهم أقارب يحرم التفريق بينهم،فبان أنّه لا نسب بينهم،وجب عليه ردّ الفضل الذي فيهم على المغنم؛لأنّ قيمتهم تزيد بذلك،فإنّ من اشترى اثنين على أنّ أحدهما أمّ، لا يحلّ له الجمع بينهما في الوطء،و لا التفرقة بينهما فتقلّ قيمتهما لذلك،فإذا ظهر أنّ إحداهما أجنبيّة من الأخرى،أبيح له وطؤهما و بيع إحداهما دون الأخرى، فتكثر القيمة،فيردّ الفضل،كما لو اشتراهما فوجد معهما حليا،و كما لو أخذ دراهم، فبانت أكثر ممّا حسب عليه.

السادس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو جنت جارية جناية

و تعلّق أرش الجناية

ص:234


1- 1المبسوط للسرخسيّ 13:139،تحفة الفقهاء 2:115،بدائع الصنائع 5:228-229،الهداية للمرغينانيّ 3:54،شرح فتح القدير 6:108-109،تبيين الحقائق 4:413،مجمع الأنهر 2:70، الحاوي الكبير 14:245.
2- 2) ر و آل:فلم،مكان:فلا.

برقبتها و لها ولد صغير،لم يتعلّق الأرش به،فإن فداها السيّد،فلا كلام،و إن امتنع، لم يجز بيعها دون ولدها؛لأنّ فيه تفريقا بينهما،لكنّهما يباعان،و يعطى المجنيّ عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد،و الباقي للسيّد،فيقال:كم قيمة الجارية-و لها ولد- دون ولدها؟فيقال:مائة،فيقال:كم قيمة ولدها؟فيقال:خمسون،فيخصّها ثلثا الثمن،و الولد الثلث،فإن و فى الثلثان بالأرش،و إلاّ فلا شيء له غيره،و إن كان أكثر،ردّ الفضل على السيّد.قال-رحمه اللّه-:و لو كانت الجارية حاملا،فإن فداها السيّد (1)،فلا بحث،و إن امتنع،لم يجز بيعها إن كانت حاملا بحرّ،و تصبر حتّى تضع،و يكون الحكم كما لو كان منفصلا،و إن كانت حاملا بمملوك،جاز بيعها معا- على ما مضى-إذا كان الولد منفصلا (2).

السابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو باع جارية حاملا إلى أجل

ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج،فهل له الرجوع فيها دون ولدها؟فيه وجهان:

أحدهما:ليس له؛لأنّه تفريق بينها و بين ولدها،و يكون بالخيار بين أن يعطي قيمة ولدها و يأخذهما،و بين أن يدع و يضرب مع الغرماء بالثمن.

و الثاني:له الرجوع فيها؛لأنّ ذلك ليس[فيه] (3)تفرقة،فإنّهما يباعان معا و ينفرد هو بحصّتها.

قال:و لو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري و علم بعيبها،لم يكن له ردّها بالعيب؛لأنّه تفريق بينها و بين ولدها،و لا يلزمه ردّ الولد؛لأنّه ملكه و يسقط الردّ،و يكون له الأرش،فإن علم بالعيب و هي حامل،كان مخيّرا بين ردّها

ص:235


1- 1آل،ر،خا،ع و ق:سيّد،مكان:السيّد.
2- 2) المبسوط 2:22. [1]
3- 3) أثبتناها من المصدر.

و بين الأرش (1).

مسألة:إذا سبي من لم يبلغ،صار رقيقا في الحال،
اشارة

ثمّ لا يخلو إمّا أن يسبى مع أبويه أو مع أحدهما أو منفردا،فالأقسام ثلاثة:

الأوّل:أن يسبى مع أبويه الكافرين،فإنّه يكون على دينهما.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الشافعيّ (4).

و قال الأوزاعيّ:يكون مسلما (5).

لنا:قوله عليه السلام:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (6)و هما معه.

احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ السابي يكون أحقّ به،فإنّه يملكه بالسبي،و تزول ولاية أبويه عنه،و ينقطع ميراثهما منه و ميراثه منهما،فيكون تابعا له في الإسلام،كما لو

ص:236


1- 1المبسوط 2:22. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:62،الحاوي الكبير 14:246،المغني 10:465، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:405. [3]
3- 3) الكافي في فقه أهل المدينة:209،المغني 10:465،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405.
4- 4) الحاوي الكبير 14:246،المهذّب للشيرازيّ 2:306،المجموع 19:326،المغني 10:465، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 10:405. [5]
5- 5) الحاوي الكبير 14:246،المغني 10:465، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 10:405. [7]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:118 و ص 125،صحيح مسلم 4:2047 الحديث 2658،سنن أبي داود 4: 229 الحديث 4714، [8]سنن الترمذيّ 4:447 الحديث 2138،الموطّأ 1:241 الحديث 52، [9]مسند أحمد 2:233، [10]سنن البيهقيّ 6:203،كنز العمّال 1:261 الحديث 1307،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:284 الحديث 830،831 و 835،المصنّف لعبد الرزّاق 11:119 الحديث 20087،مسند أبي يعلى 11:197 الحديث 6306،مجمع الزوائد 7:218،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:94،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 1:172 الحديث 133،المغني 10:464، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 10:404. [12]في بعض المصادر بتفاوت يسير.

انفرد السابي به (1).

و الجواب:المنع من الأصل،و سيأتي،و ملك السابي لا يمنع اتّباعه لأبويه، ألا ترى أنّه لو كان لمسلم عبد و أمة كافران،فزوّجه منهما،فإنّ الولد يكون كافرا و إن كان المالك مسلما.

الثاني:أن يسبى منفردا عن أبويه،قال الشيخ-رحمه اللّه-:و يتبع حينئذ السابي في الإسلام (2).و هو قول الجمهور كافّة؛لأنّ الكفر إنّما يثبت له تبعا لأبويه، و قد انقطعت تبعيّته لهما؛لانقطاعه عنهما و إخراجه عن دارهما و مصيره إلى دار الإسلام تبعا لسابيه المسلم،فكان تابعا له في دينه.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و حينئذ لا يباع إلاّ من مسلم،فإن بيع من كافر،بطل البيع (3).

الثالث:أن يسبى مع أحد أبويه،و قد حكم الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه يتبع أحد أبويه في الكفر (4).و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و أحمد في إحدى الروايتين و قال في الأخرى:يحكم بإسلامه.و به قال الأوزاعيّ (7).

و قال مالك:إن سبي مع أبيه،تبعه،و إن سبي مع أمّه،تبع السابي في

ص:237


1- 1المغني 10:465،الشرح الكبير بهامش المغني 10:405.
2- 2) المبسوط 2:23. [1]
3- 3) المبسوط 2:23. [2]
4- 4) المبسوط 2:22، [3]الخلاف 2:506 مسألة-21.
5- 5) الحاوي الكبير 14:246،المهذّب للشيرازيّ 2:306،المجموع 19:326،المغني 10:464، الشرح الكبير بهامش المغني 10:404.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:62،الحاوي الكبير 14:246،المغني 10:464،الشرح الكبير بهامش المغني 10:404.
7- 7) المغني 10:464،الشرح الكبير بهامش المغني 10:404،الكافي لابن قدامة 4:217،الإنصاف 4:135، [4]الحاوي الكبير 14:246.

الإسلام (1).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه لم ينفرد عن أحد أبويه،فلم يحكم بإسلامه، كما لو سبي معهما (2).

احتجّ أحمد:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (3)و هو يدلّ من حيث المفهوم على أنّه لا يتبع أحدهما؛لأنّ الحكم متى علّق بشيئين،لا يثبت بأحدهما،و التهويد يثبت بهما،فإذا كان مع أحدهما،لم يهوّده.و لأنّه يتبع سابيه منفردا فيتبعه مع أحد أبويه،كما لو أسلم أحد الأبوين (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة في الحديث إلاّ من حيث المفهوم الضعيف، و هو غير حجّة.

و عن الثاني:بالمنع من قوله:إنّه يتبع السابي.

ص:238


1- 1الكافي في فقه أهل المدينة:209،الحاوي الكبير 14:246،المغني 10:464،الشرح الكبير بهامش المغني 10:404.
2- 2) الخلاف 2:506-507 مسألة-21.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:118 و ص 125،صحيح مسلم 4:2047 الحديث 2658،سنن أبي داود 4: 229 الحديث 4714، [1]سنن الترمذيّ 4:447 الحديث 2138،الموطّأ 1:241 الحديث 52، [2]مسند أحمد 2:233، [3]سنن البيهقيّ 6:203،كنز العمّال 1:261 الحديث 1307،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:284 الحديث 830،831 و 835،المصنّف لعبد الرزّاق 11:119 الحديث 20087،مسند أبي يعلى 11:197 الحديث 6306،مجمع الزوائد 7:218،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:94،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 1:172 الحديث 133،المغني 10:464، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 10:404. [5]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
4- 4) المغني 10:464،الشرح الكبير بهامش المغني 10:404.
فرع:

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو مات أبوا الطفل (1)المسبيّ معهما،

لم يحكم بإسلامه،و جاز بيعه على المسلمين،و يكره بيعه على الكافر؛لأنّه بحكم الكافر، فجاز بيعه على الكافر (2).

و قال أحمد:لو مات أبواه أو أحدهما حكم بإسلامه (3).

و احتجّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (4)و هو يدلّ على أنّه إذا ماتا أو مات أحدهما، حكم بإسلامه؛لأنّ العلّة إذا عدمت،يعدم المعلول (5).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه مولود بين كافرين،فإذا ماتا أو مات أحدهما، لم يحكم بإسلامه،كما لو كانا في دار الحرب.و لأنّه كافر أصليّ،فلم يحكم بإسلامه بموت أبويه،كالبالغ.

مسألة:الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك،

(6)

فإن جلب منهم قوم تعارفوا

ص:239


1- 1في النسخ:أبو الطفل،و ما أثبتناه مطابق للمصدر،كما في التذكرة 9:171. [1]
2- 2) المبسوط 2:22-23.
3- 3) الكافي لابن قدامة 4:216.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:118 و ص 125،صحيح مسلم 4:2047 الحديث 2658،سنن أبي داود 4: 229 الحديث 4714، [2]سنن الترمذيّ 4:447 الحديث 2138،الموطّأ 1:241 الحديث 52، [3]مسند أحمد 2:233، [4]سنن البيهقيّ 6:203،كنز العمّال 1:261 الحديث 1307،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:284 الحديث 830،831 و 835،المصنّف لعبد الرزّاق 11:119 الحديث 20087،مسند أبي يعلى 11:197 الحديث 6306،مجمع الزوائد 7:218،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:94،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 1:172 الحديث 133،المغني 10:464، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:404. [6]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
5- 5) الكافي لابن قدامة 4:216.
6- 6) أكثر النسخ:بلد،مكان:بلاد.

بينهم بما يوجب التوارث،قبل قولهم بذلك سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده، و يورثون (1)على ذلك؛لأنّه لا يمكن إقامة البيّنة من المسلمين على صحّة أنسابهم.

و سواء كان النسب نسب الوالدين و الولد،أو من يتقرّب بهما،إلاّ أنّه لا يتعدّى ذلك إلى غيرهم،و لا يقبل إقرارهم به.

إذا عرفت هذا:فإنّ الشافعيّ قال:إذا أخذ الطفل من بلاد الشرك،كان رقيقا و هو حقّ-فإن أعتقه السابي،نفذ عتقه و ثبت له الولاء عليه،فإن أقرّ هذا المعتق بنسب،نظرت،فإن اعترف بنسب أب أو جدّ أو أخ أو ابن عمّ،لم يقبل منه إلاّ ببيّنة؛ لأنّه يبطل حقّ مولاه بذلك (2)و هو حسن.

قال الشافعيّ:لو أقرّ بولد،ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها:لا يقبل إقراره؛لأنّه يبطل حقّ المولى من الولاء،و يقدّم المقرّ به في الميراث.

الثاني:يقبل؛لأنّه يملك أن يستولد،فيملك الإقرار بالولد.

و الثالث:إن أمكن أن يكون ولد له بعد عتقه قبل؛لأنّه يملك الاستيلاد بعد عتقه،و لا يملكه قبل ذلك (3).

مسألة:لو أسر المشرك و لم يكن مع المسلم ما يركبه،
اشارة

و عجز المشرك عن المشي،لم يجب قتله؛لأنّه لا يدري المسلم ما حكم الإمام فيه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن عيسى بن يونس،عن الأوزاعيّ،عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:«لا يحلّ للأسير أن يتزوّج في

ص:240


1- 1ب:و يوارثون،مكان:و يورثون.
2- 2) الحاوي الكبير 14:247.
3- 3) الحاوي الكبير 14:247-248.

أيدي المشركين مخافة أن يلد له فيبقى ولده كفّارا (1)في أيديهم»و قال:«إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي،و لم يكن معك محمل،فأرسله و لا تقتله؛فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه» (2).

فروع:
الأوّل:لو بدر مسلم فقتل الأسير،

كان هدرا؛لأنّه كافر،فلا يجب بقتله كفّارة و لا دية،و بهذا قال الشافعيّ (3).

و قال الأوزاعيّ:يجب عليه الدية؛لأنّه قد تعلّق حقّ الغانمين به،و لهذا للإمام أن يفاديه بالمال و يكون لهم (4).

و الجواب:الحقّ إنّما يتعلّق بالبدل لا به،فإنّه حرّ لا ملك لهم فيه،و يعارض بأنّه مباح الدم؛لكفره (5)،فلا يجب بقتله الضمان،كالمرتدّ.

الثاني:يجب أن يطعم الأسير و يسقى،

و إن أريد قتله بعد لحظة؛لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً (6)قال:«هو

ص:241


1- 1خا:كافرا،كما في التهذيب.
2- 2) التهذيب 6:153 الحديث 267،الوسائل 11:53 [1] الباب 23 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2 و ص 90 الباب 45 الحديث 2.
3- 3) الحاوي الكبير 14:178،حلية العلماء 7:655،روضة الطالبين:1806،المغني 10:400، الشرح الكبير بهامش المغني 10:397.
4- 4) الحاوي الكبير 14:178،حلية العلماء 7:655،المغني 10:400،الشرح الكبير بهامش المغني 10:397.
5- 5) ع:بكفره،مكان:لكفره.
6- 6) الإنسان(76):8. [2]

الأسير»و قال:«الأسير يطعم و إن كان يقدّم للقتل»و قال:«إنّ عليّا عليه السلام كان يطعم من خلّد في السجن من بيت مال المسلمين» (1).

و عن سليمان بن خالد،قال:سألته عن الأسير،فقال:«طعام الأسير على من أسره و إن كان يريد قتله من الغد،فإنّه ينبغي أن يطعم و يسقى و يظلّل (2)و يرفق به من كان،كافرا أو غيره» (3).

الثالث:يكره قتل من يجب قتله صبرا

من الأسير و غيره،و معناه:يحبس للقتل،فإن أريد قتله،قتل على غير ذلك الوجه،رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد:عقبة بن أبي معيط،و طعن ابن أبي خلف فمات بعد ذلك» (4).

مسألة:إذا انقضت الحرب و حيزت الغنائم،
اشارة

فقد ملك كلّ واحد من الغانمين نصيبا من الغنيمة مشاعا،و قد بيّنّا الخلاف فيه،و أنّ بعض الشافعيّة يذهب إلى أنّه لا يملك إلاّ باختيار التملّك،و قد سلف (5).

إذا ثبت هذا:فلو وطئ واحد من الغانمين جارية من المغنم قبل القسمة عالما بالتحريم،درئ عنه من الحدّ بمقدار نصيبه منها،و يقام عليه الحدّ بمقدار نصيب

ص:242


1- 1التهذيب 6:153 الحديث 268،الوسائل 11:69 الباب 32 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) في التهذيب:«يظلّ»،مكان:«يظلّل».
3- 3) التهذيب 6:152 الحديث 266،الوسائل 11:69 الباب 32 من أبواب جهاد العدوّ ذيل الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 6:173 الحديث 340،الوسائل 11:112 الباب 66 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
5- 5) يراجع:ص 188. [4]

باقي الغانمين،سواء قلّوا أو كثروا.و بوجوب الحدّ قال مالك،و أبو ثور (1).

و قال الأوزاعيّ:كلّ من سلف من علمائنا يقول:عليه أدنى الحدّين مائة جلدة (2).

و قال الشافعيّ (3)و أبو حنيفة (4)و أحمد بن حنبل:لا حدّ عليه (5).

لنا:قوله تعالى: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (6)و هو زان؛لأنّ التقدير أنّه عالم.و لأنّه وطئ في غير ملك عامدا عالما بالتحريم،فلزمه الحدّ،كما لو وطئ جارية غيره،و إنّما قلنا بسقوط الحدّ بمقدار نصيبه؛لأنّه لا يكون زانيا باعتبار وطئه ملكه،كالجارية المشتركة.

احتجّوا:بأنّ فيها شبهة الملك،فلم يجب عليه الحدّ،كوطء جارية له فيها شريك (7).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي.

ص:243


1- 1الحاوي الكبير 14:235،المهذّب للشيرازيّ 2:309،حلية العلماء 7:670،المجموع 19: 338،العزيز شرح الوجيز 11:439،بلغة السالك 1:358،المغني 10:552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
2- 2) المغني 10:552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
3- 3) الأمّ 4:269-270،الحاوي الكبير 14:235،المهذّب للشيرازيّ 2:309،حلية العلماء 7: 670،روضة الطالبين:1814،المجموع 19:338، [1]العزيز شرح الوجيز 11:439،المغني 10: 552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
4- 4) بدائع الصنائع 7:122،المغني 10:552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
5- 5) المغني 10:552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521،الإنصاف 4:183.
6- 6) النور(24):2. [2]
7- 7) بدائع الصنائع 7:122،الحاوي الكبير 14:235،المهذّب للشيرازيّ 2:309،المغني 10: 552،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
فروع:
الأوّل:لو وطأها جاهلا بالتحريم،سقط عنه الحدّ إجماعا؛

لأنّ الشركة شبهة، و التقدير عدم علمه بالتحريم،فيسقط عنه الحدّ؛لقوله عليه السلام:«ادرءوا الحدود بالشبهات» (1).

أمّا مع العلم فقد بيّنّا وجوب الحدّ عليه،و يسقط عنه بمقدار نصيبه،سواء قلّ النصيب أو كثر (2).

و عند الشافعيّ يسقط أيضا و يجب التعزير و لا يبلغ به إلى الحدّ،و قد سلف البحث معه (3).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجب عليه المهر؛

لعدم الدلالة على شغل الذمّة به مع ثبوت البراءة الأصليّة (4).

و قال الشافعيّ:يجب عليه المهر؛لأنّه وطء في غير ملك سقط (5)فيه الحدّ عن الواطئ،فوجب المهر،كوطء الأب جارية ابنه (6).

و قال بعض الجمهور:يسقط عنه من المهر قدر نصيبه،كما لو وطأ جارية مشتركة (7).

ص:244


1- 1الفقيه 4:53 الحديث 90،الوسائل 18:336 الباب 24 من أبواب مقدّمات الحدود الحديث 4، و [1]من طريق العامّة،ينظر:كنز العمّال 5:305 الحديث 12957 و ص 309 الحديث 12972،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:14.
2- 2) يراجع:ص 242.
3- 3) يراجع:ص 242.
4- 4) المبسوط 2:32.
5- 5) ب:يسقط.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،الحاوي الكبير 14:235،حلية العلماء 7:671،المهذّب للشيرازيّ 2:309،المجموع 19:338،روضة الطالبين:1814،العزيز شرح الوجيز 11:439.
7- 7) المغني 10:553،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.

و أبطل بأنّا لو أسقطنا نصيبه،و أخذنا الباقي و طرحناه في المغنم،ثمّ قسمناه على الجميع و هو فيهم،عاد إليه سهم من حصّة غيره.و لأنّ قدر حصّته قد لا يمكن العلم به؛لقلّة المهر و كثرة الغانمين.و لو أخذناه و قسمناه بانفراده على غيره،لم يمكن (1).

و الجواب عن كلام الشافعيّ:المنع من ثبوت المشترك (2).

الثالث:إذا قلنا:بسقوط المهر فلا بحث،

و إن أوجبناه ثمّ قسّمت الغنيمة فحصلت الجارية في نصيبه،لم يسقط المهر؛لأنّ ملكه تعيّن عليها بعد القسمة، و وجوب المهر حصل بالوطء السابق على القسمة،فلا يسقط بتجديد الملك،كما لو وطئ جارية غيره ثمّ اشتراها.

الرابع:إذا أحبلها،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكون حكم ولدها حكمها،

فيكون له منه بقدر (3)نصيبه من الغنيمة،و يقوّم بقيّة سهم الغانمين عليه،و يلزمه سهم الغانمين،و ينظر،فإن كانت القيمة (4)قدر حقّه،فقد استوفى حقّه،و إن كان أقلّ، أعطي تمام حقّه،و إن كان أكثر،ردّ الفضل،و يلحق به الولد لحوقا صحيحا؛لأنّه شبهة،و تكون الجارية أمّ ولده؛لأنّ الاشتقاق يقتضيه (5).و بهذا قال الشافعيّ (6)و أحمد بن حنبل (7).

ص:245


1- 1المغني 10:553،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521.
2- 2) ر،ق و ح:الشركة،مكان:المشترك.
3- 3) خا:بمقدار،مكان:بقدر.
4- 4) في المصدر:الغنيمة،مكان:القيمة.
5- 5) المبسوط 2:32، [1]الخلاف 2:505 مسألة-15.
6- 6) الحاوي الكبير 14:236،المهذّب للشيرازيّ 2:309،حلية العلماء 7:670،المجموع 19: 338،روضة الطالبين:1815.
7- 7) المغني 10:553،الشرح الكبير بهامش المغني 10:521،الإنصاف 4:183-184.

و قال أبو حنيفة:يكون الولد رقيقا،و لا يلحق نسبه (1).

لنا:أنّه وطئ بشبهة للنصيب،فكان الولد حرّا،و لحق به بسببه،و لأنّ الشبهة تلحق النسب في الأب (2)إذا وطئ جارية ابنه،فهنا أولى.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الغانمين يملكون بالقسمة،و قد صادف وطؤه غير ملك (3)، فأشبه الزنا (4).

و الجواب:لا نسلّم أنّ الغانمين إنّما يملكون بالقسمة،بل بنفس الاستغنام،فله نصيب منها،و ما ذكره ينتقض بوطء الأب جارية الابن.

الخامس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الجارية تصير أمّ ولده في الحال

(5)

و به قال أحمد بن حنبل (6).

و قال الشافعيّ:لا تصير أمّ ولد (7)في الحال؛لأنّها ليست ملكا له،فإذا ملكها بعد ذلك،فهل تصير أمّ ولد؟فيها قولان (8).

ص:246


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:50،بدائع الصنائع 7:122،شرح فتح القدير 5:223،تبيين الحقائق 4:101،الفتاوى الهنديّة 2:208،مجمع الأنهر 1:642.
2- 2) ب:كما في الأب،مكان:في الأب.
3- 3) ح:ملكه،مكان:ملك.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:50،بدائع الصنائع 7:122،شرح فتح القدير 5:223،تبيين الحقائق 4:101.
5- 5) المبسوط 2:32. [1]
6- 6) المغني 10:553،الشرح الكبير بهامش المغني 10:522،الكافي لابن قدامة 4:238،الإنصاف 4:184.
7- 7) خا،ق و ب:ولده،مكان:ولد.
8- 8) الحاوي الكبير 14:237،المهذّب للشيرازيّ 2:309،حلية العلماء 7:670،المجموع 19: 338،روضة الطالبين:1815،الميزان الكبرى 2:187،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2: 186-187.

لنا:أنّه وطء يلحق به النسب بشبهة الملك،فتصير أمّ ولد له،كوطء جارية الابن.و به يبطل احتجاج الشافعيّ،فإنّ جارية الابن غير مملوكة للواطئ،و مع هذا تصير أمّ ولد له.

و أيضا:يمنع أنّ الملك لا يثبت في الغنيمة إلاّ بعد القسمة،فإنّا قد بيّنّا أنّه يثبت في الغنيمة بمجرّد الاستغنام (1).

السادس:قال الشيخ-رحمه اللّه-:تقوّم هذه الجارية عليه و يلزمه سهم

الغانمين .

(2)

و به قال أحمد (3).و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا،و الثاني:لا تقوّم عليه؛لأنّها ليست أمّ ولد عنده (4).

لنا:أنّها صارت أمّ ولد على ما تقدّم (5)،فوجب عليه قيمتها؛لأنّه أخرجها من الغنيمة بفعله و فوّتها على الغانمين،فلزمته القيمة،كما لو قتلها؛إذ لا يجوز قسمتها بين الغانمين؛لأنّه لا يجوز بيعها؛لأنّها حملت بحرّ،فقوّمت عليه.

قال بعض الشافعيّة:إذا لم يجز تقويمها على غيره لم يجز تقويمها عليه (6).

قلنا:ممنوع؛لأنّها قوّمت عليه؛لأنّه منع بإحبالها من بيعها.

السابع:إذا قوّمت عليه،نظر في قدر القيمة و النصيب،

فإن كان نصيبه بقدر القيمة،حسب عليه منه و قد استوفى حقّه،و إن كان أقلّ،أعطي تمام حقّه،و إن كان

ص:247


1- 1يراجع:ص 187.
2- 2) المبسوط 2:32، [1]الخلاف 2:505 مسألة-15.
3- 3) المغني 10:554،الشرح الكبير بهامش المغني 10:522،الكافي لابن قدامة 4:236،الإنصاف 4:183.
4- 4) الحاوي الكبير 14:237،المهذّب للشيرازيّ 2:309،حلية العلماء 7:670،المجموع 19: 338،العزيز شرح الوجيز 11:442.
5- 5) يراجع:ص 245-246.
6- 6) لم نعثر عليه.

أكثر،ردّ الفضل.

الثامن:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا وضعت نظر،

فإن كانت قوّمت عليه قبل الوضع،فلا يقوّم عليه الولد؛لأنّ الولد إنّما يقوّم إذا وضعت،و في هذه الحال وضعته في ملكه،و إن كانت بعد لم تقوّم عليه،قوّمت هي و الولد معا بعد الوضع،و أسقط منه نصيبه،و غرم الباقي للغانمين (1).لأنّه منع من رقّه؛لشبهته (2)بالوطء.

أمّا أحمد فعنه روايتان:إحداهما:أنّه تلزمه قيمته حين الوضع تطرح في المغنم؛لأنّه فوّت رقّه،فأشبه ولد المغرور.

و الثانية:لا ضمان عليه لقيمته (3)؛لأنّه ملكها حين علقت،و لم يثبت ملك الغانمين في الولد بحال،فأشبه ولد الأب من جارية ابنه إذا وطئها،و لأنّه يعتق حين علوقه و لا قيمة له حينئذ (4).

و الحقّ ما قاله الشيخ؛لأنّها قبل التقويم ملك للغانمين،و لا نسلّم عتقه من حين علوقه،و بعد التقويم ولدت على ملكه،فكان الولد له،و لا قيمة عليه للغانمين.

التاسع:إذا وطئ بعد القسمة،

فإن قلنا:إنّه بها يملك الغانم،سواء رضي بما عيّنه له الإمام أو لم يرض،فإن كان قد عيّنها له،كان وطؤه مصادفا لملكه و حكمه حكم من وطئ جاريته،و إن كان قد عيّنها لغيره،وجب عليه ما يجب على من وطئ جارية غيره من الحدّ و المهر،و كان الولد رقيقا لمولاها.هذا إذا كان عالما بالتحريم، و إن لم يكن عالما بالتحريم،بأن يتوهّم أنّ تعيين الإمام غير كاف في التمليك فوطئ كان شبهة في سقوط الحدّ.

ص:248


1- 1المبسوط 2:32، [1]الخلاف 2:505 مسألة-15.
2- 2) ع:بشبهة،خا:بشبهته،مكان:لشبهته.
3- 3) ر:بقيمته.
4- 4) المغني 10:554،الشرح الكبير بهامش المغني 10:523.

و إن قلنا:إنّه يملك بعد الاختيار،فإذا وطئ قبل اختيار التملّك (1)،فالحكم فيه على ما مضى فيمن وطئ جارية المغنم قبل القسمة؛لأنّه إنّما يتعيّن ملكه بالاختيار.

و إن كان بعد الاختيار،فإن وطئ ما حصل في نصيبه و اختار تملّكه،فقد وطئ ملكه و كان كسائر أملاكه،و إن وطئ ما حصل لغيره،فهو كما لو وطئ أمة غيره، و إن كان قد وطئ ما هو مشترك بينه و بين غيره،كان الحكم فيه،كما لو وطئ جارية بينه و بين شريكه.

العاشر:لو وطأها و هو معسر،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوّمت عليه مع ولدها و استسعى في نصيب الباقين،فإن لم يسع في ذلك،كان له من الجارية مقدار نصيبه، و الباقي للغانمين،و يكون الولد حرّا بمقدار نصيبه،و الباقي يكون مملوكا لهم، و الجارية تكون أمّ ولد و إن ملكها فيما بعد (2).

و قال بعض الجمهور:إذا وطأها و هو معسر،كان في ذمّته قيمتها و تصير أمّ ولد؛لأنّه استيلاد جعل بعضها أمّ ولد،فيجعل جميعها أمّ ولد،كاستيلاد جارية الابن (3).

و قال آخرون:يحسب عليه قدر حصّته من الغنيمة،و يصير ذلك المقدار أمّ ولد،و الباقي رقيق (4)للغانمين؛لأنّ كونها أمّ ولد إنّما يثبت بالسراية في ملك غيره، فلم يسر في حقّ المسلم،كالإعتاق (5).

ص:249


1- 1ب و ع:التمليك.
2- 2) المبسوط 2:32. [1]
3- 3) المغني 10:554،الشرح الكبير بهامش المغني 10:522.
4- 4) كثير من النسخ:رقيقا.
5- 5) المغني 10:554،الشرح الكبير بهامش المغني 10:522.
الحادي عشر:لو وطئ الأب جارية من المغنم

و ليس له نصيب فيها بل لولده، كان الحكم فيه،كما لو وطئ الابن.

مسألة:لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين،
اشارة

كالأب و الولد مثلا، قال الشيخ-رحمه اللّه-:الذي يقتضيه المذهب أن نقول:إنّه ينعتق منه نصيبه منه، و يكون الباقي للغانمين (1).و به قال أحمد (2).

و قال الشافعيّ:لا ينعتق عليه لا كلّه و لا بعضه (3).و هو مقتضى قول أبي حنيفة (4).

لنا:ما تقدّم من أنّ الملك يثبت للغانمين بالاستيلاء التامّ (5)و قد وجد.و لأنّ ملك الكفّار زال و لا يزول إلاّ إلى المسلمين،و هو أحدهم،فيكون له نصيب مشاع من الغنيمة،فينعتق (6)عليه ذلك النصيب.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لم يحصل الملك؛لأنّ للإمام أن يعطيه حصّته من غيره، فنصيبه غير متميّز من الغنيمة (7).

قال الشيخ-رحمه اللّه-و الأوّل:أقوى (8).

إذا عرفت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-لمّا قال:ينعتق نصيبه،قال:لا يلزمه

ص:250


1- 1المبسوط 2:32. [1]
2- 2) المغني 10:555،الشرح الكبير بهامش المغني 10:523،الكافي لابن قدامة 4:236،الإنصاف 4:184.
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:274،الحاوي الكبير 14:239،روضة الطالبين:1816.
4- 4) المغني 10:555،الشرح الكبير بهامش المغني 10:523.
5- 5) يراجع:ص 187.
6- 6) آل،ب،ر و ع:فيعتق،مكان:فينعتق.
7- 7) الحاوي الكبير 14:239.
8- 8) المبسوط 2:33. [2]

قيمة ما يبقى للغانمين؛لأنّ الأصل براءة الذمّة،و لا دليل على شغلها (1).و القياس على المعتق (2)باطل؛لأنّه هناك إنّما يجب عليه التقويم؛لأنّ العتق منه.

إذا ثبت هذا:فلو جعله الإمام في نصيبه أو نصيب جماعة هو (3)أحدهم،فإنّه ينعتق نصيبه قولا واحدا.و قيل:يجب عليه شراء حصص الباقين (4).و فيه إشكال.

أمّا إذا رضي بالقسمة،فالأقرب:التقويم عليه؛لأنّه بذله برضاه.

هذا إذا كان موسرا،و لو كان معسرا،عتق قدر نصيبه و لم يقوّم عليه الباقي.

فرع:

لو أسر أباه منفردا به،

قال بعض أصحاب الشافعيّ:لا ينعتق عليه؛لأنّ الأسير لا يصير رقيقا بالاسترقاق،بل باختيار الإمام؛لأنّ للإمام حقّ الاختيار،إن شاء قتله،و إن شاء استرقّه،و إن شاء منّ عليه،و إن شاء فاداه،فإن اختار الإمام استرقاقه،عتق على السابي أربعة أخماسه،و قوّم الخمس عليه إن كان موسرا.قال:

و لو أسر أمّه،أو ابنه الصغير،فإنّه يصير رقيقا بالأسر،فإن اختار تملّكهما،عتق عليه أربعة أخماسهما،و قوّم الباقي عليه إن كان موسرا،و إن كان معسرا،رقّ الباقي.و إن لم يختر التملّك،كان أربعة الأخماس لمصالح المسلمين و خمسه لأهل الخمس (5).

قال:و لو أنّ حربيّا باع من المسلمين امرأته و قد قهرها،جاز،و لو باع أباه أو ابنه بعد قهرهما،لم يجز؛لأنّه إذا قهر زوجته،ملكها،فيصحّ بيعها،و إذا قهر أباه أو

ص:251


1- 1المبسوط 2:33. [1]
2- 2) ح،ر،آل،خا و ق:العتق،مكان:المعتق.
3- 3) ب:أنّه،مكان:هو.
4- 4) ينظر:المغني 10:555.
5- 5) روضة الطالبين:1816،العزيز شرح الوجيز 11:446-447.

ابنه،ملكه فيعتق عليه فلا يجوز بيعه (1).

فرع:

لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة،

فإن كان ممّن لم يثبت فيه الرقّ،كالرجل قبل استرقاقه،لم يعتق؛لأنّه عليه السلام قال:«لا عتق إلاّ في ملك» (2)و التقدير أنّه لم يثبت الملك حال العتق،فكان العتق باطلا.

و إن كان ممّا (3)يملك،كالصبيّ و المرأة،فالوجه عندنا:أنّه يعتق عليه قدر حصّته و يسري إلى الباقي،فيقوّم عليه و يطرح باقي القيمة في المغنم.

هذا إذا كان موسرا،و إن كان معسرا،عتق عليه قدر نصيبه؛لأنّه موسر بقدر حصّته من الغنيمة،فإن كان بقدر حقّه (4)من الغنيمة،عتق و لم يأخذ من الغنيمة شيئا،و إن كان دون حقّه (5)،أخذ باقي نصيبه،و إن كان أكثر،عتق قدر نصيبه.

و لو أعتق عبدا آخر (6)و فضل من حقّه عن الأوّل شيء،عتق بقدره من الثاني، و إن لم يفضل شيء،كان عتق الثاني باطلا.

ص:252


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) بهذا اللفظ،ينظر:عوالي اللآلئ 2:299 الحديث 4 و ج 3:421 الحديث 3،و [1]بلفظ:«لا عتق إلاّ بعد ملك»ينظر:الكافي 6:179 الحديث 2، [2]التهذيب 8:217 الحديث 774،الاستبصار 4:5 الحديث 15،الوسائل 16:8 الباب 5 من أبواب العتق الحديث 2.و [3]من طريق العامّة،ينظر: المستدرك للحاكم 2:419،سنن البيهقيّ 7:320.
3- 3) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:ممّن،مكان:ممّا.
4- 4) بعض النسخ:حصّته.
5- 5) بعض النسخ:حصّته.
6- 6) ل،ر،ع،ق:عتق عبد.
البحث الثالث
اشارة

في أحكام الأرضين

الأرضون على أربعة أقسام:
أحدها:ما يملك بالاستغنام و يؤخذ قهرا بالسيف،

فإنّها تكون للمسلمين قاطبة و لا تختصّ بها المقاتلة،بل يشاركهم (1)غير المقاتلة من المسلمين،و كما لا يختصّون بها،كذلك لا يفضّلون،بل هي للمسلمين قاطبة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (2).

و قال الشافعيّ:إنّها تقسّم بين الغانمين،كسائر الأموال (3).و به قال أنس بن مالك،و الزبير،و بلال (4).

و قال قوم:إنّ الإمام مخيّر بين القسمة و الوقف على المسلمين.و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمر.و به قال الثوريّ (5).

و قال أبو حنيفة:الإمام مخيّر بين ثلاثة:بين قسمتها و وقفها و أن يقرّ أهلها

ص:253


1- 1آل،ر،خا و ق:بل شاركهم.
2- 2) المدوّنة الكبرى 2:26-27،بداية المجتهد 1:401،المنتقى للباجي 3:223،الكافي في فقه أهل المدينة:219،الأحكام السلطانيّة 2:137،الحاوي الكبير 14:260.
3- 3) الأمّ 4:181،الحاوي الكبير 14:260،حلية العلماء 7:677،الميزان الكبرى 2:184،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:183،الأحكام السلطانيّة 2:137.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 10:532،الأموال لأبي عبيد:69.
5- 5) حلية العلماء 7:678،الشرح الكبير بهامش المغني 10:532.

[عليها] (1)و يضرب عليهم الخراج يصير حقّا على رقبة الأرض لا يسقط بالإسلام (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه فتح هوازن و لم يقسّمها (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى،قال:رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام في حديث طويل:«و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يد (4)من يعمرها و يحييها،و يقوم عليها على صلح ما يصالحهم الإمام على قدر طاقتهم من الخراج:

النصف أو الثلث أو الثلثان،و على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضرّ بهم،فإذا خرج منها نماؤها (5)،فأخرج منه العشر من الجميع ممّا سقت السماء أو سقي (6)سيحا، و نصف العشر ممّا سقي بالدوالي و النواضح،فأخذه الوالي فوجّهه في الوجه الذي وجّهه اللّه له (7)على ثمانية أسهم: لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ،وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ،وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ،ثمانية أسهم يقسّمها بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون في سنتهم بلا ضيق و لا تقتير،فإن فضل من

ص:254


1- 1أثبتناها من بعض المصادر.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:37،بدائع الصنائع 7:118،الهداية للمرغينانيّ 2:141،شرح فتح القدير 5:215-217،تبيين الحقائق 4:96،مجمع الأنهر 1:640،الحاوي الكبير 14:260، حلية العلماء 7:678،العزيز شرح الوجيز 11:447.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) ب،ر و ع:«يدي»،ح:«أيدي».
5- 5) في التهذيب:«فإذا خرج منها فابتدأ»،مكان:«فإذا خرج منها نماؤها».
6- 6) أكثر النسخ:و سقي.
7- 7) في المصدر:«به»،مكان:«له».

ذلك شيء،ردّ إلى الوالي،و إن نقص من ذلك شيء و لم يكتفوا به،كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم (1)حتّى يستغنوا،و يؤخذ بعد ما يبقى من العشر فيقسّمه بين الوالي (2)و بين شركائه الذين هم عمّال الأرض و أكرتها،فيدفع إليهم أنصباءهم على قدر ما صالحهم عليه،و يأخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين اللّه و في مصلحة ما ينوبه (3)من تقوية الإسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير ذلك ممّا فيه مصلحة العامّة ليس لنفسه من ذلك قليل و لا كثير»الحديث (4).

احتجّ الشافعيّ (5):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على ثمانية عشر سهما (6).و لأنّ الأرض تملك عنهم بالعقد فتملك بالاغتنام،كالمنقول.

و الجواب عن الأوّل:بمنع الفعل،فقد روي أنّه عليه السلام قسّم نصف خيبر و تولّى نصفها (7)،و مع الاضطراب في النقل يطرح الجميع خصوصا مع ما نقلناه أوّلا.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأرض ملك متأبّد و نفعها دائم ففارقت الأمتعة المنقولة.

مسألة:و هذه الأرض المأخوذة بالسيف عنوة يقبّلها الإمام

ممّن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث،و على المتقبّل إخراج مال القبالة و حقّ الرقبة،و فيما يفضل في يده إذا كان نصابا،العشر أو نصف العشر،و هذا الضرب من الأرضين

ص:255


1- 1في المصدر:شبعهم.
2- 2) آل،ب،ر،ع،خا و ق:الموالي.
3- 3) آل،ب،ر،ع،خا و ق:ينويه،مكان:ينوبه.
4- 4) التهذيب 4:130 الحديث 366،الوسائل 11:84 الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
5- 5) الأمّ 4:181.
6- 6) سنن البيهقيّ 6:317،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:102 الحديث 5634.
7- 7) سنن البيهقيّ 6:317.

لا يصحّ التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و غير ذلك،و للإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره إذا انقضت مدّة ضمانه و له التصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين،و ارتفاع هذه الأرض ينصرف إلى المسلمين بأجمعهم و إلى مصالحهم، و ليس للمقاتلة خصوصا،إلاّ ما يحويه العسكر.

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال:«...و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى،كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر،قبّل سوادها و بياضها-يعني أرضها و نخلها-و الناس يقولون:لا تصلح قبالة الأرض و النخل،و قد قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر،و على المتقبّلين سوى قبالة الأرض العشر و نصف العشر في حصصهم» (1).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:«و ما أخذ بالسيف فذلك للإمام يقبّله بالذي يرى،كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر،قبّل أرضها و نخلها و الناس يقولون:لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض أكثر من السواد،و قد قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر» (2).

و عن مصعب بن يزيد الأنصاريّ 3،قال:استعملني أمير المؤمنين عليّ بن أبي

ص:256


1- 1التهذيب 4:118 الحديث 341،الوسائل 11:119 الباب 72 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:119 الحديث 342،الوسائل 11:120 الباب 72 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]

طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المدائن:البهقباذات 1،و نهر سير 2،و نهر

ص:257

جوبر (1)، (2)و نهر الملك (3)،و أمرني أن أضع على كلّ جريب زرع غليظ درهما و نصفا،و على كلّ جريب[وسط درهما،و على كلّ جريب] (4)زرع رقيق ثلثي درهم،و على كلّ جريب كرم عشرة دراهم،و على كلّ جريب نخل عشرة دراهم، و على كلّ جريب البساتين التي تجمع النخل و الشجر عشرة دراهم،و أمرني أن ألقي كلّ نخل شاذ عن القرى لمارّة الطريق و ابن السبيل و لا آخذ منه شيئا،و أمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين و يتختّمون بالذهب على كلّ رجل منهم ثمانية و أربعين درهما،و على أوساطهم و التجّار منهم على كلّ رجل منهم أربعة و عشرين درهما،و على سفلتهم و فقرائهم اثنى عشر درهما على كلّ إنسان منهم،قال:فجبيتها ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة (5).

القسم الثاني من الأرضين:أرض من أسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم،

من غير قتال،فتترك في أيديهم ملكا لهم،يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و سائر أنواع التصرّف إذا عمروها و قاموا بعمارتها،و يؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب،فإن تركوا عمارتها و تركوها خرابا،كانت

ص:258


1- 1آل و ب:جوير.
2- 2) نهر جوبر:قال المحقّق الكركيّ في الخراجيّات:66:قد جاء بعبارات مختلفة ففي بعضها:«نهر جوير»و في بعضها:«نهر جوين»و في بعضها:«نهر جوبر»و في السرائر:«نهر حريز»و في هامش الفقيه 2:26:«نهر جوير»من طساسيج كورة أردشير بابكان.و قال ياقوت الحمويّ في ترجمة أفرّ: هو بلد في سواد العراق قريب من نهر جوبر.معجم البلدان 1:228. [1]
3- 3) نهر الملك:كورة واسعة ببغداد بعد نهر عيسى،يقال:إنّه يشتمل على ثلاثمائة و ستّين قرية على عدد أيّام السنة،قيل:أوّل من حفره سليمان بن داود عليهما السلام،و قيل:حفره الإسكندر،و قيل: حفره أقفور شاه بن بلاش و هو الذي قتله أردشير بن بابك و قام مقامه.معجم البلدان 5:324. [2]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) الفقيه 2:26 الحديث 95،التهذيب 4:119 الحديث 343،الاستبصار 2:53 الحديث 178، الوسائل 11:115 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [3]

للمسلمين قاطبة،و جاز للإمام أن يقبّلها ممّن يعمرها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع،و كان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة و مئونة الأرض إذا بقي معه النصاب،العشر أو نصف العشر،ثمّ على الإمام أن يعطي أربابها حقّ الرقبة.

روى الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:ذكرنا لأبي الحسن الرضا عليه السلام الكوفة و ما وضع عليها من الخراج،و ما سار فيها أهل بيته،فقال:«من أسلم طوعا تركت أرضه في يده،و أخذ منه العشر ممّا سقت السماء و الأنهار، و نصف العشر ممّا كان بالرشاء فيما عمروه منها،و ما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبّله ممّن يعمره و كان للمسلمين،و على المتقبّلين في حصصهم العشر و نصف العشر،و ليس في أقلّ من خمسة أوساق شيء من الزكاة» (1).

القسم الثالث:أرض الصلح،و هي كلّ أرض صالح أهلها عليها،

و هي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من نصف أو ثلث أو غير ذلك،و ليس عليهم غير ذلك،فإذا أسلم أربابها،كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء، و يسقط عنهم الصلح؛لأنّه جزية و قد سقطت بالإسلام و يصحّ لأربابها التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الهبة و غير ذلك.

و للإمام أن يزيد و ينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية و نقصانها.

و لو باعها المالك من مسلم،صحّ،و انتقل ما عليها إلى ذمّة البائع.

هذا إذا صولحوا على أنّ الأرض لهم،أمّا إذا صولحوا على أنّ الأرض للمسلمين و على أعناقهم الجزية،كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة، عامرها للمسلمين و مواتها (2)للإمام.

ص:259


1- 1التهذيب 4:118 الحديث 341،الوسائل 11:119 الباب 72 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) ب:و خرابها،مكان:و مواتها.
القسم الرابع:أرض الأنفال،و هي كلّ أرض انجلى أهلها عنها و تركوها،

(1)

أو كانت مواتا لغير المالك فأحييت،أو كانت آجاما و غيرها ممّا لا يزرع فاستحدثت مزارع،فإنّها كلّها للإمام خاصّة ليس لأحد معه فيها نصيب،و كان له التصرّف فيها بالقبض و الهبة و البيع و الشراء حسب ما يراه،و كان له أن يقبّلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع.

و يجوز له نزعها من يد متقبّلها إذا انقضى مدّة الضمان،إلاّ ما أحييت بعد موتها، فإنّ (2)من أحياها أولى بالتصرّف فيها إذا تقبّلها بما يتقبّلها غيره،فإن (3)أبى ذلك، كان للإمام نزعها من يده و يقبّلها لمن يراه (4)،و على المتقبّل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصّته العشر أو نصف العشر.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و كلّ موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا أخرج الإنسان مئونته و مئونة عياله لسنته،وجب عليه فيما بقي (5)بعد ذلك الخمس لأهله (6).

روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قلت له:ما يقول اللّه: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (7)؟قال:

«الأنفال،و هي كلّ أرض انجلى أهلها من غير أن يحمل عليها خيل و لا ركاب

ص:260


1- 1كثير من النسخ:عنها أهلها.
2- 2) كثير من النسخ:كان،مكان:فإنّ.
3- 3) كثير من النسخ:و إن،مكان:فإن.
4- 4) آل:يريد،مكان:يراه.
5- 5) ع،ر،خا و ق:يبقى.
6- 6) المبسوط 1:236. [1]
7- 7) الأنفال(8):1. [2]

و لا رجال،فهي نفل للّه و الرسول» (1).

و في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه سمعه يقول:

«إنّ الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم،أو قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم،فما كان من أرض خربة أو بطون أودية،فهذا كلّه من الفيء،و الأنفال للّه و للرسول (2)،فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث (3)يحبّ» (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الأرض المأخوذة عنوة لا يختصّ بها الغانمون،

(5)

بل هي للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح،و لا يصحّ بيعها و لا هبتها و لا وقفها،بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح،مثل سدّ الثغور،و معونة الغزاة،و بناء القناطير، و يخرج منها أرزاق القضاة و الولاة و صاحب الديوان،و غير ذلك من مصالح المسلمين.

و أمّا الموات منها وقت الفتح،فهي للإمام خاصّة،و لا يجوز لأحد إحياؤها إلاّ بإذنه إن كان موجودا،و لو تصرّف فيها من غير إذنه،كان على المتصرّف طسقها (6)، و يملكها المحيي عند غيبته من غير إذن؛لما رواه حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا،عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:«و ليس لمن قاتل شيء من الأرضين»ثمّ قال:«و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها،و يقوم عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج:النصف أو الثلث أو الثلثان،و على قدر ما

ص:261


1- 1التهذيب 4:132 الحديث 368،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 9. [1]
2- 2) في التهذيب بزيادة:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) ع:حيثما،مكان:حيث.
4- 4) التهذيب 4:133 الحديث 370،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 10. [2]
5- 5) يراجع:ص 253.
6- 6) الطّسق:الوظيفة من خراج الأرض المقرّر عليها،و هو فارسي معرّب.النهاية 3:124. [3]

يكون لهم صالحا و لا يضرّ بهم»ثمّ قال:«و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها و أعطوا بأيديهم على غير قتال،و له رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام،و كلّ أرض ميتة لا وارث لها (1)،و له صوافي الملوك ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب؛لأنّ المغصوب كلّه مردود» (2).

و يدلّ على أنّ المحيي للموات في غيبته عليه السلام يملكها بالإحياء:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد،قال:سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها،فعمرها و أكرى أنهارها،و بنى فيها بيوتا،و غرس فيها نخلا و شجرا،قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:من أحيا أرضا من المؤمنين،فهي له و عليه طسقها يؤدّيه إلى الإمام في حال الهدنة،فإذا ظهر القائم عليه السلام فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه» (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّ أرض الخراج و هي المأخوذة عنوة بالسيف

(4)

إذا كانت محياة،لا يجوز بيعها و لا هبتها و لا وقفها؛لأنّها أرض المسلمين قاطبة وقفا عليهم، فلا يتخصّص بها أحد على وجه التملّك لرقبة الأرض،إنّما يجوز له التصرّف فيها، و يؤدّي حقّ القبالة إلى الإمام،و يخرج أيضا الزكاة منها مع اجتماع الشرائط،و إذا تصرّف فيها أحد بالبناء و الغرس،صحّ له بيعها،على معنى أنّه يبيع (5)ماله فيها من الآثار و حقّ الاختصاص بالتصرّف لا بالرقبة؛لأنّها ملك المسلمين قاطبة.

ص:262


1- 1في المصدر:لا ربّ لها.
2- 2) الكافي 1:539 الحديث 4، [1]التهذيب 4:128 الحديث 366،الوسائل 6:365 الباب 1 [2] من أبواب الأنفال الحديث 4 و ج 11:84 الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2.
3- 3) التهذيب 4:145 الحديث 404،الوسائل 6:382 الباب 4 من أبواب الأنفال الحديث 13. [3]
4- 4) يراجع:ص 255-256.
5- 5) ح:يتبع.

روى الشيخ عن صفوان بن يحيى،عن أبي بردة بن رجاء (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:كيف ترى في شراء أرض الخراج؟قال:«و من يبيع ذلك؟!هي أرض المسلمين»قال:قلت:يبيعها الذي هي في يديه،قال:«و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟!»ثمّ قال:«لا بأس،اشتر (2)حقّه منها و يحوّل حقّ المسلمين عليه، و لعلّه يكون أقوى عليها و أملأ بخراجها (3)منه» (4).

و عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشراء من أرض اليهود و النصارى،فقال:«ليس به بأس،قد ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض بأيديهم،يعملونها و يعمرونها،فلا أرى بها بأسا لو أنّك اشتريت منها[شيئا] (5)،و أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض و عملوها،فهم أحقّ بها و هي لهم» (6).

و في الحسن عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته[يقول:] (7)«رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل مسلم (8)اشترى أرضا من أراضي الخراج،

ص:263


1- 1أبو بردة بن رجاء لم نعثر في ترجمته أزيد ممّا قال الأردبيليّ في جامعه و السيّد الخوئيّ في معجمه: إنّه روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه صفوان بن يحيى.جامع الرواة 2:368، [1]معجم رجال الحديث 22:47. [2]
2- 2) في التهذيب:«اشترى».
3- 3) في المصادر:«بخراجهم».
4- 4) التهذيب 4:146 الحديث 406،و ج 7:155 الحديث 686،الاستبصار 3:109 الحديث 387، الوسائل 11:118 الباب 71 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 4:146 الحديث 407،الاستبصار 3:110 الحديث 390،الوسائل 11:118 الباب 71 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) في التهذيب:«مؤمن».

فقال أمير المؤمنين عليه السلام:له ما لنا و عليه ما علينا،مسلما[كان] (1)أو كافرا،له ما لأهل اللّه (2)و عليه ما عليهم» (3).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الأرض الخربة

(4)

و الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام من الأنفال يختصّ بها الإمام،ليس لأحد التصرّف فيها إلاّ بإذنه إن كان ظاهرا،و إن كان غائبا،جاز للشيعة التصرّف فيها بمجرّد الإذن منهم عليهم السلام.

روى الشيخ عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن الأنفال،فقال:«ما كان من الأرضين باد أهلها و في غير ذلك الأنفال هو لنا»و قال:«سورة الأنفال فيها جدع الأنف (5)»و قال: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (6)فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ (7)قال:«الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل،و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته» (8).

و عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن الأنفال،فقال:«كلّ أرض خربة[أو

ص:264


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) في النسخ:«له ما لأهلها عليه»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 4:147 الحديث 411،الوسائل 11:119 الباب 71 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6. [1]
4- 4) يراجع:ص 260.
5- 5) جاء في ملاذ الأخيار: [2]قال المحدّث الأسترآباديّ:أي قطع أنف المخاصم،و هي استعارة عن الذلّ و الهوان و الخزي...ملاذ الأخيار 6:378. [3]
6- 6) الحشر(59):7. [4]
7- 7) الحشر(59):6. [5]
8- 8) بهذه الصورة وردت الرواية في النسخ و الطبعة القديمة من التهذيب 1:419،و الوسائل 6:376 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 11،و [6]ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد:489.و [7]الموجود في الطبعة الحديثة من التهذيب 4:133 الحديث 371 بهذه الصورة: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ .

أشياء] (1)كانت تكون للملوك،فهو خالص للإمام،ليس للناس فيها سهم»قال:

«و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب» (2).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سمعته يقول:«الفيء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء،و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم،و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء،فهذا للّه و لرسوله،فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء،و هو للإمام بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و قوله: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ 3فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (3)»قال:«ألا ترى هو هذا،و أمّا قوله: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (4)فهذا بمنزلة المغنم،كان أبي يقول ذلك،و ليس لنا فيه غير سهمين:سهم الرسول،و سهم القربى،ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي» (5).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن الأنفال،فقال:«كلّ قرية يهلك (6)أهلها أو يجلون عنها، فهي نفل للّه عزّ و جلّ،نصفها يقسّم بين الناس،و نصفها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهو للإمام» (7)؛لأنّ في طريقه محمّد بن

ص:265


1- 1في النسخ:شيء،و مقتضى المقام ما أثبتناه و هو مطابق لما في تفسير العيّاشي 2:48 الحديث 18 و [1]البحار 93:211 الحديث 12. [2]
2- 2) التهذيب 4:133 الحديث 373،و فيه:«كلّ أرض خربة،أو شيء كان للملوك»،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 8. [3]
3- 4) الحشر(59):6. [4]
4- 5) الحشر(59):7. [5]
5- 6) التهذيب 4:134 الحديث 376،الوسائل 6:368 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 12. [6]
6- 7) بعض النسخ:«يهلكها»و في كثير منها:«تهلكها»و ما أثبتناه من المصدر.
7- 8) التهذيب 4:133 الحديث 372،الوسائل 6:367 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 7. [7]

خالد البرقيّ،و قد قال النجاشيّ:إنّه كان ضعيفا في الحديث (1).

مسألة:الظاهر من المذهب أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتح مكّة بالسيف،

ثمّ آمنهم بعد ذلك.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الأوزاعيّ (4).

و قال الشافعيّ:إنّه عليه السلام فتحها صلحا بأمان قدّمه لهم قبل دخوله (5).

و هو منقول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،و مجاهد (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأهل مكّة:«ما تروني صانعا بكم؟»فقالوا:أخ كريم و ابن أخ كريم،فقال:«أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ (7)أنتم الطلقاء» (8).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:ذكرنا له الكوفة-إلى أن قال-:«إنّ أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر،و إنّ أهل مكّة دخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:266


1- 1رجال النجاشيّ:335.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:37،بدائع الصنائع 5:128،الهداية للمرغينانيّ 2:157،شرح فتح القدير 5:217 و 279،تبيين الحقائق 4:147،مجمع الأنهر 1:662.
3- 3) المنتقى للباجي 3:220،بداية المجتهد 1:402،حلية العلماء 7:725،الحاوي الكبير 14: 224،العزيز شرح الوجيز 11:455.
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،المنتقى للباجي 3:220.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:273،الحاوي الكبير 14:224،المجموع 7:466،روضة الطالبين: 1816،حلية العلماء 7:725،العزيز شرح الوجيز 11:455،مغني المحتاج 4:236.
6- 6) الحاوي الكبير 14:224. [1]
7- 7) يوسف(12):92. [2]
8- 8) سنن البيهقيّ 9:118،كنز العمّال 10:389 الحديث 29931،فيض القدير 5:171 الحديث 6837،الحاوي الكبير 14:225.في بعضها بتفاوت.

عنوة،و كانوا أسراء في يده فأعتقهم و قال:اذهبوا فأنتم الطلقاء» (1).

احتجّ الشافعيّ:بما رواه عبد اللّه بن عبّاس قال:لمّا نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمرّ الظهران،قال العبّاس:قلت:و اللّه،لئن دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنوة،قبل أن يأتوه و يستأمنوه،إنّه لهلاك قريش،فجلست على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلّي أجد ذا حاجة يأتي مكّة فيخبرهم بمكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيخرجوا إليه فيستأمنوه،فإنّي لأسير (2)،فسمعت كلام أبي سفيان و بديل بن ورقاء و حكيم بن حزام (3)،و قد خرجوا يتجسّسون الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقلت:يا أبا حنظلة،فعرف صوتي،فقال:أبو الفضل؟ قلت:نعم،قال:ما لك بأبي أنت و أمّي؟!قلت:هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أتاكم بما لا قبل لكم به،بعشرة آلاف (4)من المسلمين،قال:فما تأمرني؟قال:

تركب عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لئن ظفر بك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليضربنّ عنقك،فأردفه و خرج به تركض به بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فكلّما مرّ بنار من نيران المسلمين،قالوا:عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حتّى مرّ بنار عمر،فقال:

ص:267


1- 1التهذيب 4:118 الحديث 341،الوسائل 11:119 الباب 72 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) ع:«لايس»مكان:لأسير.
3- 3) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى،ابن أخي خديجة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كان من سادات قريش،أسلم عام الفتح،قيل:جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله داره محلّ أمن و قال:من دخل داره فهو آمن،و كان من المؤلّفة و شهد حنينا،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابنه حزام و ابن ابن أخيه الضحّاك بن عبد اللّه بن خالد و سعيد بن المسيّب،قيل:مات سنة 54 ه،و قيل:58 ه،و قيل:60 ه. أسد الغابة 2:40، [2]الإصابة 1:349، [3]تهذيب التهذيب 2:447. [4]
4- 4) أكثر النسخ:ألف.

الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد،ثمّ اشتدّ نحو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أبو سفيان عدوّ اللّه قد أمكن اللّه منه بغير عهد و لا عقد،فقال العبّاس:يا رسول اللّه إنّي قد أجرته (1)،فقال:«اذهب،فقد أمّنّاه حتّى تغدو به بالغداة»فرجع (2)إلى منزله؛فلمّا أضحى غدا به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فعقد الأمان لأهل مكّة على أنّ من ألقى سلاحه فهو آمن،و من أغلق بابه فهو آمن، و من تعلّق بأستار الكعبة فهو آمن،فقال العبّاس-رضي اللّه عنه-:يا رسول اللّه إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» (3).

و عن أنس و سعد بن أبي وقّاص،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمّن الناس كلّهم إلاّ ستّة نفر (4):أبي حنظلة (5)،و عبد اللّه بن سعد بن أبي

ص:268


1- 1أجره:أي أمّنه.لسان العرب 4:154.
2- 2) آل،ر،ع،خا و ق:فيرجع.
3- 3) سنن أبي داود 3:162 الحديث 3022، [1]سنن البيهقيّ 9:118،كنز العمّال 10:506 الحديث 30173،مجمع الزوائد 6:165،المغازي للواقديّ 2:816-820، [2]الحاوي الكبير 14:226- 227،شرح معاني الآثار 3:244-248.في بعض المصادر بتفاوت.
4- 4) اختلفت الأخبار في أسماء الذين أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقتلهم،ففي سنن النسائي 7:105، و سنن البيهقيّ 8:205،و كنز العمّال 10:517 الحديث 30187،و أسد الغابة 4:5، [3]هم:عكرمة بن أبي جهل،و عبد اللّه بن خطل،و مقيس بن صبابة،و عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح،و في تاريخ الطبريّ 2:335،و [4]البداية و النهاية لابن كثير 4:340: [5]عبد اللّه بن خطل،و عكرمة بن أبي جهل و مقيس بن صبابة و الحويرث بن نقيذ بن وهب،و في المغازي للواقدي 2:825: [6]هذه الأربع بإضافة:هبّار بن الأسود و عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح.
5- 5) أبي حنظلة،كذا في أكثر النسخ،و في نسخة:ب،يحتمل:ابن خطل،و هو الصحيح،و هو: عبد العزّى أو:عبد اللّه بن هلال بن خطل الأدرميّ،و هو من الذين أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقتلهم و لو تعلّقوا بأستار الكعبة في فتح مكّة فقتله سعيد بن زيد و هو متعلّق بأستار الكعبة.أسد الغابة 4:5، [7]المغازي للواقديّ 2:825. [8]

السرح (1)،و مقيس بن صبابة (2)،و الحرث بن نفيل (3)،و قينتين (4)كانتا لعبد اللّه بن سعد (5).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يقسّم أموالهم و لا أراضيهم (6).

و الجواب-بعد تسليم ما ذكروه من الحديث-:أنّ الأرضين و الدور إنّما لم

ص:269


1- 1أكثر المصادر:أبي سرح،و هو:عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة... العامريّ و هو أخو عثمان بن عفّان من الرضاعة،أسلم قبل الفتح ثمّ ارتدّ مشركا،فلمّا كان يوم الفتح أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقتله و قتل ثلاثة نفر و لو وجدوا تحت أستار الكعبة،ففرّ إلى عثمان فغيّبه حتّى أتى به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ما اطمأنّ أهل مكّة فاستأمنه له،فأسلم و ولاّه عثمان مصر سنة 25 ه،قيل:مات سنة 36 ه و قيل:37 ه.أسد الغابة 3:173،174، [1]الإصابة 2:316. [2]
2- 2) مقيس بن صبابة اللّيثيّ هو ممّن أمر بقتلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الفتح،قيل:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بقتله؛لأنّ أخاه هشام بن صبابة كان مسلما فقتله رجل من الأنصار في الحرب خطأ،فقدم مقيس يطلب بدم أخيه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:قتل أخوك خطأ،و أمر له بديته فأخذها و مكث مع المسلمين شيئا ثمّ عدا على قاتل أخيه فقتله و لحق بمكّة كافرا،فأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقتله،قيل:أدركه الناس في السوق فقتلوه،و قيل:قتله نميلة بن عبد اللّه.المغازي للواقديّ 2:860، [3]الإصابة 3:574، [4]أسد الغابة 4:5 و ج 5:43. [5]
3- 3) كذا في النسخ،و في متن المغازيّ: [6]الحويرث بن نقيذ،و في هامشه:الحويرث بن نفيل،و هو: الحويرث بن نقيذ من ولد قصيّ،إنّه كان يؤذي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأهدر دمه،فبينا هو في منزله يوم الفتح قد أغلق بابه عليه و أقبل عليّ عليه السلام يسأل عنه،فقيل هو في البادية،فأخبر الحويرث أنّه يطلب،و تنحّى عليّ عليه السلام عن بابه فخرج الحويرث يريد أن يهرب من بيت إلى بيت آخر فتلقّاه عليّ عليه السلام فضرب عنقه.المغازي للواقديّ 2:857. [7]
4- 4) قال في المصباح المنير: [8]القينة:الأمة البيضاء مغنّية كانت أو غير مغنّية،و قيل:تختصّ بالمغنّية، و كان لعبد اللّه بن خطل قينتان تغنّيان بهجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،اسم أحدهما:قريبة، تصغير:قربة أو قربة،و اسم الأخرى:فرتنى،و قال الواقديّ:قينتين لأبي خطل:قرينا و قريبة، و يقال:فرتنا و أرنبة.المصباح المنير:521، [9]المغازي للواقدي 2:825. [10]
5- 5) سنن أبي داود 3:59 الحديث 2683،سنن النسائيّ 7:105،سنن البيهقيّ 8:205،كنز العمّال 10:517 الحديث 30187،مسند أبي يعلى 2:100 الحديث 757،مجمع الزوائد 6:168،أسد الغابة 4:4. [11]
6- 6) الحاوي الكبير 14:226-227.

تقسّم،لأنّها عندنا لجميع المسلمين،لا يختصّ بها الغانمون على ما بيّنّاه فيما تقدّم من أنّ الأرض المغنومة للمسلمين قاطبة (1)،و الأموال و الأنفس يجوز أن يمنّ عليهم بها؛مراعاة للمصلحة؛لأنّ للإمام أن يفعل ذلك.

مسألة:أرض السواد هي الأرض المغنومة من الفرس

التي فتحها عمر بن الخطّاب،و هي سواد العراق،و حدّه في العرض من منقطع الجبال ب«حلوان»إلى طرف القادسيّة المتّصل ب«عذيب»من أرض العرب،و من تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبّادان من شرقي دجلة،فأمّا الغربيّ الذي تليه البصرة،فإنّما هو إسلاميّ،مثل شطّ عثمان بن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا (2)و مواتا، فأحياها عثمان بن أبي العاص.و سمّيت هذه الأرض سوادا؛لأنّ الجيش لمّا خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض و التفات شجرها،سمّوها السواد لذلك.و هذه الأرض فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطّاب،ثمّ بعث إليها بعد فتحه ثلاثة أنفس:

عمّار بن ياسر على صلاتهم أميرا،و ابن مسعود قاضيا و واليا على بيت المال، و عثمان بن حنيف (3)على مساحة الأرض،و فرض لهم في كلّ يوم شاة شطرها مع السواقط لعمّار،و شطرها للآخرين،و قال:ما أرى قرية تؤخذ منها كلّ يوم شاة إلاّ

ص:270


1- 1يراجع:ص 253.
2- 2) أرض سبخة-بفتح الباء-:أي ملحة.المصباح المنير:263. [1]
3- 3) عثمان بن حنيف الأنصاريّ الأوسيّ يكنّى أبا عمرو،و قيل:أبو عبد اللّه،عدّه ابن الأثير و ابن حجر من الصحابة و قالا:شهد أحد و المشاهد بعدها،و استعمله عمر على مساحة سواد العراق فمسحه و قسط خراجه،و استعمله عليّ عليه السلام قبل وقعة الجمل على البصرة و بعدها على الكوفة،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،و عدّه المصنّف في الخلاصة من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام،و قال المامقانيّ:تولية الإمام عليه السلام إيّاه على البصرة أقوم دليل على عدالته؛لعدم تعقّل إيكاله أمور المسلمين إلى من لم يكن عدلا ضابطا.توفّي في أيّام معاوية.أسد الغابة 3:371، [2]الإصابة 2:459، [3]رجال الطوسيّ:47،رجال العلاّمة:125، [4]تنقيح المقال 2:245. [5]

سريع في خرابها (1).

مسح عثمان بن حنيف أرض الخراج،و اختلفوا في مبلغها،فقال الساجيّ:

اثنان و ثلاثون ألف ألف جريب (2).

و قال أبو عبيد:ستّة و ثلاثون ألف ألف جريب (3).ثمّ ضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم و على الكرم ثمانية دراهم،و على جريب الشجر و الرطبة ستّة دراهم،و على الحنطة أربعة دراهم،و على الشعير درهمين،ثمّ كتب بذلك إلى عمر، فأمضاه (4).

و روي أنّ ارتفاعها كان في عهد عمر مائة و ستّين ألف ألف درهم-فلمّا كان في زمن الحجّاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم،فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز،رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أوّل السنة،و في الثانية بلغ ستّين ألف ألف درهم،فقال:لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى ما كان في أيّام عمر فمات تلك السنة (5)-فلمّا أفضى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام أمضى ذلك؛لأنّه لم يمكنه أن يخالف و يحكم بما يجب عنده فيه.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و الذي يقتضيه المذهب أنّ هذه الأراضي و غيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس،و أربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة،الغانمين و غيرهم سواء في ذلك،و يكون للإمام النظر فيها

ص:271


1- 1المصنّف لعبد الرزّاق 1:333 الحديث 19276،سنن البيهقيّ 6:354 و ج 9:136،كنز العمّال 4: 552 الحديث 11627،الأموال لأبي عبيد:77 الحديث 172.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:339،المجموع 19:454.
3- 3) الأموال لأبي عبيد:78 الحديث 175،المهذّب للشيرازيّ 2:339.
4- 4) من طريق الخاصّة،ينظر:الخلاف للشيخ الطوسيّ 1:606 مسألة-27.و من طريق العامّة،ينظر: المهذّب للشيرازيّ 2:340،المجموع 19:455،العزيز شرح الوجيز 11:455.
5- 5) الحاوي الكبير 14:263،العزيز شرح الوجيز 11:455،مغني المحتاج 4:235.

و تقبيلها و يضمنها بما شاء،و يأخذ ارتفاعها و يصرفه في مصالح المسلمين و ما ينوبهم من سدّ الثغور و تقوية المجاهدين و بناء القناطر و غير ذلك من المصالح، و ليس للغانمين في هذه الأرضين على وجه التخصيص شيء،بل هم و المسلمون فيه سواء،و لا يصحّ بيع شيء من هذه الأرضين،و لا هبته،و لا معاوضته،و لا تملّكه، و لا وقفه،و لا رهنه،و لا إجارته،و لا إرثه،و لا يصحّ أن يبني دورا و منازل و مساجد و سقايات،و لا غير ذلك من أنواع التصرّف الذي يتبع الملك،و متى فعل شيئا من ذلك،كان التصرّف باطلا،و هو باق على الأصل.

ثمّ قال-رحمه اللّه-:و على الرواية التي رواها أصحابنا:أنّ كلّ عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصّة،تكون هذه الأرضون و غيرها ممّا فتحت بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ما فتح في أيّام أمير المؤمنين عليه السلام إن صحّ شيء من ذلك،يكون للإمام خاصّة،و يكون من جملة الأنفال التي له خاصّة لا يشركه فيها غيره (1).

إذا ثبت هذا،فإنّ الشافعيّ وافق على ما نقله الشيخ-رحمه اللّه-من قدر الخراج (2).

و قال أبو حنيفة كقوله،إلاّ في الحنطة و الشعير،فإنّه قال:يؤخذ من الحنطة قفيز و درهمان،و من الشعير قفيز و درهم (3).

و قال أحمد بن حنبل:يؤخذ من كلّ واحد منهما قفيز و درهم (4)؛لما رواه

ص:272


1- 1المبسوط 2:34. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:262،المهذّب للشيرازيّ 2:339،المجموع 19:455،العزيز شرح الوجيز 11:455.
3- 3) حلية العلماء 7:729،العزيز شرح الوجيز 11:454.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 10:535،حلية العلماء 7:729،العزيز شرح الوجيز 11:455.

أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«منعت العراق قفيزها و درهمها» (1)و معناه:ستمنع.

مسألة:إذا نزل الإمام على بلد فحاصره و أرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم

و كانوا من أهل الكتاب،جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة:

أحدها:أن يبذلوا الجزية.

و الثاني:أن تجري عليهم أحكام المسلمين.

و الثالث:أن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين.

فإذا بذلوا ذلك،عقد معهم الصلح،و لزم ما داموا على الشرط،و تكون أرضهم ملكا لهم يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الإجارة و غير ذلك،على ما قدّمناه (2).

و يجوز للمسلم استئجارها منهم؛لأنّها ملك له،فجاز له أن يكتريها،كما يجوز له أن يؤجر فرسه،فإذا آجرها،كانت الأجرة له و الخراج عليه.

و لو باعها من مسلم،صحّ البيع،و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4).

و قال مالك:لا يصحّ البيع؛لأنّه يؤدّي إلى إسقاط الخراج عنها،و ذلك لا يجوز؛لأنّه حقّ للمسلمين (5).

ص:273


1- 1صحيح مسلم 4:2220 الحديث 2896،سنن أبي داود 3:166 الحديث 3035، [1]مسند أحمد 2: 262، [2]سنن البيهقيّ 9:137.
2- 2) يراجع:ص 258. [3]
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 2:158،شرح فتح القدير 5:285،حلية العلماء 7:730،العزيز شرح الوجيز 11:534.
4- 4) الحاوي الكبير 14:268،روضة الطالبين:1836،العزيز شرح الوجيز 11:534،حلية العلماء 7:730.
5- 5) المنتقى للباجيّ 3:224،حلية العلماء 7:730،العزيز شرح الوجيز 11:534.

و هو خطأ؛لأنّه لا يسقط بل ينتقل ما كان على الأرض إلى رقبته.

و لأنّ ما جاز بيعه من الكافر،جاز بيعه من المسلم،كغيره من الأملاك.

إذا ثبت هذا:فإذا اشتراها المسلم،انتقل ما كان عليها من الخراج إلى رقبة الذمّي؛لأنّه كان يؤخذ عن رقبته،و به قال الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:يكون متعلّقا بالأرض؛لأنّه عنده لا يسقط بالإسلام (2).و نحن قد بيّنّا ذلك فيما مضى (3)،و سيأتي تتمّة الكلام فيه.

مسألة:كلّ أرض ترك أهلها عمارتها،كان للإمام تقبيلها ممّن يقوم بها،
اشارة

و عليه طسقها لأربابها؛لأنّه مصلحة لهم،فكان سائغا.

و كلّ أرض موات سبق إليها سابق فعمّرها و أحياها،كان أحقّ بها،إذا لم يكن لها مالك معروف،فإن كان لها مالك معروف،وجب عليه طسقها لمالكها.

فرع:

إذا استأجر مسلم دارا من حربيّ ثمّ فتحت تلك الأرض،

لم تبطل الإجارة؛لأنّ حقّ المسلم تعلّق بها،و تملّكها المسلمون؛لأنّها من الغنائم.

ص:274


1- 1الحاوي الكبير 14:268،روضة الطالبين:1836،العزيز شرح الوجيز 11:534.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 2:158،الحاوي الكبير 14:267،العزيز شرح الوجيز 11:534.
3- 3) يراجع:ص 259.

المقصد الخامس

اشارة

في كيفيّة قسمة الغنيمة

و فيه مباحث:

ص:275

ص:276

البحثالأوّل
اشارة

في الجعائل

مسألة:يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدلّه على مصلحة من مصالح

المسلمين،

مثل طريق سهل،أو ماء في مفازة،أو قلعة يفتحها،أو مال يأخذه،أو عدوّ يغير عليه،أو ثغر يدخل منها،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه جعل في مصلحة، فجاز،كأجرة الدليل،و قد استأجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الهجرة من دلّهم على الطريق (1).

و يستحقّ المجعول له الجعل بنفس الفعل الذي جعل له الجعل،سواء كان مسلما أو كافرا؛لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2)و لأنّه شرط فيدخل تحت قوله عليه السلام:«المؤمنون عند شروطهم» (3).

إذا ثبت هذا:فالجعالة لا تخلو إمّا أن تكون ممّا في يده،أو من مال أهل الحرب،فإن كانت ممّا في يده،وجب أن تكون معلومة؛لأنّه عقد على ما في

ص:277


1- 1صحيح البخاريّ 3:116،سنن البيهقيّ 6:118.
2- 2) المائدة(5):1. [1]
3- 3) بهذا اللفظ،ينظر:التهذيب 7:371 الحديث 1503،عوالي اللآلئ 1:218 الحديث 84،البحار 72:96 الحديث 18، [2]مستدرك الوسائل 2:473 الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 7.و بلفظ: (المسلمون عند شروطهم)،ينظر:صحيح البخاريّ 3:120،المستدرك للحاكم 2:49-50،سنن البيهقيّ 6:79،المصنّف لابن أبي شيبة 5:237 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:275 الحديث 4404،مجمع الزوائد 4:205،و من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 5:404 الحديث 8،الوسائل 12:353 الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 1،2 و 5.

ملكه،فلا يصحّ أن يكون مجهولا؛لأنّه غرر،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عنه (1).

و إن كان (2)من مال المشركين،جاز أن يكون معلوما،و أن يكون مجهولا جهالة لا تمنع التسليم،و لا تفضي إلى التنازع،و ذلك بأن يقول:من دلّنا على القلعة الفلانيّة،فله جارية منها،أو جارية فلان؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للسريّة الثلث أو الربع ممّا غنموا (3).و هو مجهول؛لأنّ الغنيمة مجهولة فجزؤها مجهول.

و لأنّ الحاجة تدعو إليه،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:الجعالة إنّما تثبت بحسب الحاجة؛

لأنّ الغنيمة يستحقّها الغانمون فلا تصرف إلى غيرهم إلاّ مع الحاجة،ثمّ لا تخلو الجعالة إمّا أن تكون ممّا في يده أو من مال الغنيمة،فإن كان ممّا في يده،بأن قال:من دلّنا على ثغر القلعة،فله كذا،فإنّه يجب على دفع الجعل بنفس الدلالة،و لا يتوقّف على فتح القلعة؛لأنّه فعل ما قوطع عليه،فاستحقّ العوض المبذول له في مقابله.و إن كان من مال الغنيمة،بأن قال:من دلّنا على ثغر القلعة،فله الجارية المعيّنة منها،أو جارية مطلقا،فإنّه إنّما يستحقّ الجارية بالدلالة و الفتح معا؛لأنّ جعالة شيء منها يقتضي اشتراط فتحها حكما و إن

ص:278


1- 1صحيح مسلم 3:1153 الحديث 1513،سنن أبي داود 3:254 الحديث 3376،سنن الترمذيّ 3:532 الحديث 1230،سنن ابن ماجة 2:739 الحديث 2194 و 2195،سنن الدارميّ 2:251، مسند أحمد 2:144،سنن البيهقيّ 5:338،سنن الدار قطنيّ 3:15 الحديث 46،كنز العمّال 4:176 الحديث 10048،المصنّف لعبد الرزّاق 8:109 الحديث 14507،المصنّف لابن أبي شيبة 5:61 الحديث 4 و 7 و ص 62 الحديث 18،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:172 الحديث 5899.و رواه في دعائم الإسلام 2:21 الحديث 34.
2- 2) ح:و إن كانت.
3- 3) سنن أبي داود 3:79-80 الحديث 2748 و 2750، [1]سنن ابن ماجة 2:951 الحديث 2851 و 2852.

لم يذكر لفظا،بخلاف ما إذا جعل له جعلا ممّا في يده؛لأنّ الجعل لم يتضمّن اشتراط الفتح.

و قال بعض الشافعيّة:إذا لم يفتح،رضخ (1)له (2).و ليس بمعتمد.

مسألة:لو اشترط جارية معيّنة من القلعة ثمّ فتحت القلعة،

لم يخل إمّا أن تفتح صلحا أو عنوة،فإن فتحت صلحا إلاّ أنّه لم يستثن الجارية،أخذت الجارية و سلّمت إليه،على ما يأتي تفصيله فيما إذا فتح عنوة،و إن كان المصالح قد استثنى جماعة من أهله يختارهم،فاختار الجارية منهم،فالصلح صحيح،خلافا لأبي إسحاق من الشافعيّة،فإنّه قال:يفسد؛لأنّ الجارية مستحقّة للدالّ (3).و ليس بجيّد؛ لأنّه يمكن إمضاؤه بالتراضي.

إذا ثبت هذا:فإن اختار الدالّ قيمتها،مضى الصلح و سلّم إليه القيمة؛لتعذّر تسليم العين إليه،و إن أبى،فإن اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدالّ و أخذ قيمتها، دفعت الجارية إلى الدالّ،و سلّم إلى صاحب القلعة قيمتها،و يكون جاريا مجرى الرضخ،و كان الصلح ماضيا،و إن أبى كلّ واحد منهم،فسخ الصلح؛لتعذّر إمضائه؛ لأنّ حقّ الدالّ سابق،و لا يمكن الجمع بينه و بين الصلح،و لصاحب القلعة أن يحصن قلعته،كما كانت من غير زيادة،هذا اختيار الشيخ-رحمه اللّه- (4)و هو مذهب الشافعيّ (5).

و لو قيل:يمضي الصلح و يدفع إلى المجعول له القيمة؛لتعذّر دفعها إليه،فدفع

ص:279


1- 1الرضخ:العطيّة القليلة.لسان العرب 3:19. [1]
2- 2) حلية العلماء 7:675،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:349.
3- 3) حلية العلماء 7:676،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:350.
4- 4) المبسوط 2:28. [2]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:350، [3]المغني 10:408،الشرح الكبير بهامش المغني 10:427.

إليه القيمة،كما لو كان المجعول له جارية،فأسلمت قبل الفتح،كان حسنا.و قوله- رحمه اللّه-:إنّ حقّ المبذول له العين أسبق،مسلّم،إلاّ أنّ المفسدة في فسخ الصلح أعظم؛لأنّ ضرر ذلك يعود على الجيش كلّه،و ربّما عاد على غيره من المسلمين أيضا،بأن يتعذّر فتح هذه القلعة بعد ذلك،و يتضرّر المسلمون بذلك،فلا يجوز تحمّل هذه المضرّة العظيمة لدفع ضرر يسير عن واحد،فإنّ ضرر صاحب العين إنّما هو في فوات عين الجعل،و لا ريب في أنّ الضرر بتفاوت عين الشيء و قيمته قليل جدّا،خصوصا بالنسبة إلى شخص واحد،و مراعاة حقّ المسلمين بدفع الضرر الكثير عنهم أولى من دفع الضرر اليسير عن واحد منهم أو من غيرهم،و لهذا قلنا:

من وجد متاعه من المسلمين قبل القسمة،أخذه،و إن وجده بعدها،أخذ القيمة؛لئلاّ يؤدّي إلى ضرر الغانمين بنقض القسمة،أو حرمان من وقع ذلك في سهمه.

مسألة:لو فتحت القلعة عنوة أو صلحا،
اشارة

و لم تكن الجارية داخلة في الهدنة، نظر،فإن كانت الجارية باقية على الكفر،سلّمت إليه؛عملا بالشرط،و إن كانت قد أسلمت قبل الأسر و الصلح،فإنّها قد عصمت نفسها بإسلامها،و لا يجوز استرقاقها حينئذ،فيدفع إلى الدالّ قيمتها؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح أهل مكّة عام الحديبيّة على أنّ من جاء منهم مسلما،ردّه إليهم،فلمّا جاءت مسلمات (1)،منعه اللّه تعالى من (2)ردّهن،و أمره بردّ مهورهنّ على أزواجهن،و فسخ (3)ما كان عقده عليه السلام من الهدنة (4).

ص:280


1- 1ب:جاء نساء مسلمات،مكان:جاءت مسلمات.
2- 2) آل،خا و ق:عن مكان:من.
3- 3) كثير من النسخ:و نسخ،مكان:و فسخ.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:256-258،سنن البيهقيّ 9:228،الحاوي الكبير 14:356،العزيز شرح الوجيز 11:564.

و لو أسلمت بعد الأسر،فإنّ إسلامها حينئذ لا يعصمها من الاسترقاق.

ثمّ لا يخلو المجعول له إمّا أن يكون مسلما أو كافرا،فإن كان مسلما،سلّمت إليه؛عملا بالشرط السالم عن معارضة الحرّيّة و الكفر،و إن كان كافرا،لم تسلّم إليه؛لكن يدفع إليه قيمتها؛لأنّ الكافر لا يملك المسلم،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الآخر:تسلّم إليه،و يطالب بإزالة ملكه؛لأنّ الكافر لا يستديم ملك المسلم (1).و هذان القولان مبنيّان على أنّ الكافر هل يصحّ منه شراء المسلم أم لا؟ و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

فروع:
الأوّل:لو كانت الجعالة جارية فماتت قبل الظفر أو بعده،

قال الشيخ رحمه اللّه-:لم تدفع إليه قيمتها؛لأنّ الشرط اقتضى إمكان تسليمها،و التسليم غير ممكن،فلا يجب له العوض،كما لو لم تفتح القلعة (2)،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و قال في الآخر:تدفع إليه القيمة؛لأنّه قد تعذّر تسليمها،فأشبه ما إذا أسلمت (3).

و الأوّل:أقوى؛لأنّه علّق حقّه على شيء معيّن،و تلف من غير تفريط فسقط حقّه،كالوديعة،و فارق المسلمة؛لأنّ تسليمها ممكن لكن الشرع منع منه.

الثاني:لو كان الدليل جماعة،

كانت الجارية بينهم،كما لو قال:من ردّ عبدي،

ص:281


1- 1حلية العلماء 7:675،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:350،العزيز شرح الوجيز 11: 473،روضة الطالبين:1822،مغني المحتاج 4:240-241.
2- 2) المبسوط 2:28. [1]
3- 3) حلية العلماء 7:675،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:350،العزيز شرح الوجيز 11: 473،روضة الطالبين:1821،مغني المحتاج 4:241،السراج الوهّاج:548.

فله ألف،فردّه جماعة،استحقّوا الألف،و كانت الجماعة كالواحد.

الثالث:لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام و ما عزم عليه

من قصدهم و يذكر أحواله،فإنّه لا يقتل بذلك؛لما روي أنّ حاطب بن أبي بلتعة (1)كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم،فأعلمه اللّه تعالى،فأنفذ بعليّ عليه السلام و الزبير و المقداد خلف المرأة التي حملت الكتاب و كانت جنّته (2)في عقصتها (3)،فأخذ الكتاب،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ما حملك على هذا يا حاطب؟فقال:يا رسول اللّه،لا تعجل عليّ إنّي كنت امرأ ملصقا (4)في قريش و لم أكن من أنفسها،و إنّ قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكّة فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي،و اللّه ما بي كفر و لا ارتداد،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقكم»فقال عمر:دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«قد شهد بدرا و ما يدريك إنّ اللّه تعالى اطّلع على

ص:282


1- 1حاطب بن أبي بلتعة اللخميّ،يكنّى أبا عبد اللّه،و قيل:يكنّى أبا محمّد،أنزل اللّه فيه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ... الممتحنة(60):1،و [1]سبب ذلك أنّ حاطبا كتب إلى أهل مكّة قبل حركة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليها عام الفتح يخبرهم ببعض ما يريده بهم من الغزو إليهم و بعث كتابه مع امرأة،فنزل جبرئيل بذلك على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فبعث في طلب المرأة عليّ بن أبي طالب عليه السلام و الزبير أو المقداد فأدركا المرأة و أخذا الكتاب-و قيل:مع كليهما-و وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حاطبا فاعتذر و أراد عمر قتله،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّه شهد بدرا،مات سنة 30 ه و صلّى عليه عثمان.المغازي للواقديّ 2:797، [2]أسد الغابة 1:361- 362، [3]الإصابة 1:300، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 1:348. [6]
2- 2) ق:خبّته.جنّ الشيء:ستره.لسان العرب 13:92. [7]
3- 3) قال ابن الأثير:فأخرجت الكتاب من عقاصها أي:ضفائرها،جمع:عقيصة أو:عقصة.النهاية 3: 276. [8]
4- 4) الملصق:الرجل المقيم في الحيّ و ليس منهم بنسب.النهاية لابن الأثير 4:249. [9]

أهل بدر،فقال:اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (1).

مسألة:لو بعث الإمام أو نائبه،وقت دخوله دار الحرب للغزو سريّة تغير على

العدوّ،

و يجعل لهم الربع بعد الخمس،جاز ذلك،فما قدمت به السريّة يخرج خمسه، و الباقي يعطى السريّة منه ما جعل لهم من الربع و هو خمس آخر،ثمّ يقسّم الباقي بين الجيش و السريّة أيضا.

و كذلك إذا قفل من دار الحرب مع الجيش فأنفذ سريّة تغير،و جعل لهم الثلث بعد الخمس،جاز،فإذا قدمت السريّة بشيء،أخرج خمسه ثمّ أعطي السريّة ثلث ما بقي ثمّ قسّم الباقي بين الجيش و السريّة معه.و بهذا قال أحمد بن حنبل، و الحسن البصريّ و الأوزاعيّ (2).

و قال عمرو بن شعيب:لا نفل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و ذهب مالك (4)،و سعيد بن المسيّب إلى أنّه لا نفل إلاّ من الخمس (5).

و قال الشافعيّ:يخرج من خمس الخمس (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينفّلهم إذا خرجوا

ص:283


1- 1صحيح البخاريّ 4:72،صحيح مسلم 4:1941 الحديث 2494،سنن أبي داود 3:47 الحديث 2650، [1]المصنّف لابن أبي شيبة 7:539،مسند أبي يعلى 1:316 الحديث 394،مسند أحمد 1: 80، [2]سنن الترمذيّ 5:409 الحديث 3305،مجمع الزوائد 6:162.
2- 2) المغني 10:401-402،الشرح الكبير بهامش المغني 10:428،الإنصاف 4:146. [3]
3- 3) المغني 10:402،الشرح الكبير بهامش المغني 10:428.
4- 4) المدونة الكبرى 2:30،بداية المجتهد 1:396،المنتقى للباجي 3:176،الكافي في فقه أهل المدينة:215،المغني 10:402،الشرح الكبير بهامش المغني 10:429.
5- 5) المغني 10:402،الشرح الكبير بهامش المغني 10:429.
6- 6) الأمّ 4:143 و 144،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:349،العزيز شرح الوجيز 7: 349،السراج الوهّاج:353.

بادين الربع،و ينفّلهم إذا قفلوا الثلث (1).

و عن حبيب بن مسلمة الفهريّ (2)،قال:شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نفّل الربع في البدأة،و الثلث في الرجعة (3).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينفّل الربع بعد الخمس،و الثلث بعد الخمس،إذا قفل (4).

و عن عبادة بن الصامت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفّل في البدأة الربع و في القفول الثلث (5).

و لأنّ الحاجة قد تدعو إليه.و لأنّ فيه مصلحة للمسلمين،فكان سائغا، كالسلب.

ص:284


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:شرح معاني الآثار 3:240،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:172 الحديث 4835،موارد الظمآن:410،مسند الشاميّين 4:370.و بهذا المضمون:المعجم الكبير للطبرانيّ 4: 18 الحديث 3522،سنن أبي داود 3:80 الحديث 2749 و 2750، [1]سنن ابن ماجة 2:951 الحديث 2852 و 2853.
2- 2) حبيب بن مسلمة بن مالك بن وهب....الفهريّ أبو عبد الرحمن،و يقال:أبو مسلمة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل،و أبيه مسلمة،و أبي ذرّ الغفاريّ،و روى عنه زياد بن جارية و الضحّاك بن قيس الفهريّ و عوف بن مالك و غيرهم،ولاّه عمر أعمال الجزيرة إذ عزل عنها عياض بن غنم ثمّ ضمّ إليه إرمينيّة و آذربيجان ثمّ عزله،و قيل:لم يستعمله عمر و إنّما سيّره عثمان إلى آذربيجان من الشام.مات سنة 42 ه. أسد الغابة 1:374، [2]الإصابة 1:309، [3]التاريخ الكبير للبخاريّ 2:310.
3- 3) سنن أبي داود 3:80 الحديث 2750، [4]سنن ابن ماجة 2:951 الحديث 2852،المستدرك للحاكم 2:133،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:18 الحديث 3522.
4- 4) سنن أبي داود 3:80 الحديث 2749، [5]مسند أحمد 4:160،سنن البيهقيّ 6:314.
5- 5) سنن الترمذيّ 4:130 الحديث 1561، [6]سنن ابن ماجة 2:951 الحديث 2852،مسند أحمد 5: 320، [7]المعجم الكبير للطبرانيّ 4:19 الحديث 3527،كنز العمّال 4:532 الحديث 11565.بتفاوت في الجميع.

احتجّ عمرو بن شعيب:بقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (1)فخصّه بها (2).

و هذا الاحتجاج ضعيف؛لأنّ ما ثبت للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثبت للأئمّة بعده إجماعا ما لم يقم دليل على تخصيصه.

أمّا الشافعيّ فقد احتجّ على قوله:بما رواه ابن عمر:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة فيها عبد اللّه بن عمر،فغنموا إبلا كثيرة،فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا،و نفّلوا بعيرا بعيرا (3)،و لو أعطاهم من أربعة الأخماس التي هي لهم،لم يكن نفلا و كان من سهامهم (4).

قيل عليه:إنّ هذا حجّة عليه؛لأنّ بعيرا على اثني (5)عشر بعيرا،يكون جزءا من ثلاثة عشر،و خمس الخمس جزء من خمسة و عشرين،و جزء من ثلاثة عشر أكثر،فلا يتصوّر أخذ الشيء من أقلّ منه،و تحقّقه (6)أنّ الاثني عشر إذا كانت أربعة أخماس،فالبعير منها ثلث الخمس،فكيف يتصوّر أخذ ثلث الخمس من خمس الخمس؟!و هذا محال،فتعيّن (7)أن يكون ذلك من غيره (8).

ص:285


1- 1الأنفال(8):1. [1]
2- 2) المغني 10:402، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:428. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 4:109،صحيح مسلم 3:1368 الحديث 1749،سنن أبي داود 3:78 الحديث 2743، [4]سنن الدارميّ 2:228، [5]الموطأ 2:450 الحديث 15، [6]مسند أحمد 2:62، [7]سنن البيهقيّ 6: 312،مسند أبي يعلى 10:194 الحديث 5826.
4- 4) المجموع 19:353، [8]العزيز شرح الوجيز 7:348،المغني 10:402،الشرح الكبير بهامش المغني 10:429.
5- 5) أكثر النسخ:من اثني.
6- 6) خا:و تحقيقه.
7- 7) ر و ع:فيتعيّن.
8- 8) المغني 10:403، [9]الشرح الكبير بهامش المغني 10:430. [10]

و بالجملة:فالذي ذكره الشافعيّ مستنبط محتمل،فلا يعارض الظواهر.

مسألة:و إنّما يستحقّ هذا النفل بالشرط السابق،

فإن لم يكن الإمام أو الوالي على الجيش شرط نفلا،لم يكن لأحد فضل عن سهمه؛لأنّ الأصل مساواة غيره له، و إنّما يسوغ للإمام التنفيل مع الحاجة إليه،و هو أن يكون بالمسلمين قلّة و بالمشركين كثرة،و لهم شوكة،فيشترط الإمام التنفيل لمن يفعل (1)مصلحة؛ تحريضا (2)لهم على القتال،و لو كانوا مستظهرين عليهم،فلا حاجة به؛فإنّ أكثر مغازي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم تكن فيها أنفال،فعلم أنّه إنّما يفعل ذلك عند الحاجة،و لأنّه من سهم المصالح،فلا يدفع إلاّ عند المصلحة،فإذا رأى الإمام أن لا ينفّل،فعل،و إن رأى أن ينفّلهم دون الثلث أو الربع،فله ذلك إجماعا؛لأنّه لمّا جاز له ترك التنفيل مطلقا،جاز أن يجعل لهم شيئا يسيرا.

و هل يجوز له أن ينفّل أكثر من الثلث أو الربع؟قال الشافعيّ:نعم،يجوز ذلك (3).

و قال الأوزاعيّ:لا يجوز،و هو قول مكحول،و أكثر الجمهور (4).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نفّل مرّة الثلث،و مرّة الربع (5).

ص:286


1- 1ب:ينفل،مكان:يفعل.
2- 2) كثير من النسخ:تحريصا.
3- 3) الأمّ 4:144،الحاوي الكبير 8:401-402،المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:349، روضة الطالبين:1156،العزيز شرح الوجيز 7:350،مغني المحتاج 3:102،السراج الوهّاج: 353،المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430.
4- 4) المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430.
5- 5) المعجم الكبير للطبرانيّ 4:18 الحديث 3520 و 3522،المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430،سنن أبي داود 3:80 الحديث 2749 و 2750،سنن الترمذيّ 4:130 الحديث 1561، [1]سنن ابن ماجة 2:951 الحديث 2852 و 2853،سنن الدارميّ 2:228-229،المستدرك للحاكم 2:133.

و في حديث ابن عمر:نفّل نصف السدس (1).و هذا يدلّ على أنّه ليس للنفل حدّ لا يتجاوزه الإمام،فيكون ذلك موكولا إلى نظر الإمام (2).

و احتجّ المانعون:بأنّ نفل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انتهى إلى الثلث (3)،فينبغي أن لا يتجاوزه (4).

و احتجاج الشافعيّ غير ناهض،لأنّه دلّ على أنّه ليس لأهل النفل حدّ،و أنّه يجوز أن ينفّل أقلّ من الثلث و الربع،و هو وفاق،و مع ذلك فإنّ قوله هذا،يناقض أنّ النفل من خمس الخمس.

مسألة:و لو شرط لهم الإمام زيادة على الثلث،

ردّوا إليه على القول الأوّل و لزم الوفاء به على قول الشافعيّ.

إذا ثبت هذا فقد قيل:في البدأة و الرجعة تأويلان.

أحدهما:أنّ البدأة:أوّل سريّة،و الرجعة:الثانية (5).

و الثاني:أنّ البدأة:السريّة عند دخول الجيش إلى دار الحرب،و الرجعة:عند قفول الجيش (6).

و هو أظهر الوجهين.و إنّما زادهم في الرجعة للمشقّة،فإنّ الجيش في البدأة ردء (7)للسريّة تابع لها،و الجيش مستريح و العدوّ خائف،و ربّما كان غارّا،و في الرجعة لا ردء للسريّة؛لانصراف الجيش،و العدوّ مستيقظ على حذر.

ص:287


1- 1الحاوي الكبير 8:400 و 401،المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:312،المجموع 19:349،روضة الطالبين:1156،مغني المحتاج 3: 102،المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430.
3- 3) سنن أبي داود 3:80 الحديث 2748،المستدرك للحاكم 2:133،سنن البيهقيّ 6:313.
4- 4) المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:430.
5- 5) الحاوي الكبير 8:401،العزيز شرح الوجيز 7:350.
6- 6) الحاوي الكبير 8:401،العزيز شرح الوجيز 7:350.
7- 7) الرّدء:المعين و الناصر.لسان العرب 1:85.

إذا عرفت هذا:فإنّه كما يجوز التنفيل للسريّة،كذا يجوز لبعض الجيش؛لبلائه أو لمكروه تحمّله،دون سائر الجيش،فلو نفذ الإمام سريّة فبعضهم يأتي بشيء و بعضهم لا يصيب،كان للوالي أن يخصّ الذين جاءوا بشيء،دون الآخرين مع الشرط.

و قال أحمد:هنا يجوز من غير شرط (1).و الوجه:الأوّل.

مسألة:و لو قال الأمير:من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السور

أو نقب (2)هذا النقب،أو فعل كذا فله كذا،أو من جاء بأسير فله كذا،فهو جائز في قول عامّة العلماء.

و كره مالك ذلك و لم يره،و قال:لا نفل إلاّ بعد إحراز الغنيمة (3).

لنا:قوله عليه السلام:«من قتل قتيلا فله سلبه» (4).

و لأنّ فيه مصلحة و تحريضا على القتال،فكان جائزا،كاستحقاق الغنيمة، و زيادة السهم للفارس،و استحقاق السّلب.

احتجّ مالك:بأنّ هذا القتال على هذا الوجه إنّما هو للدنيا.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه

ص:288


1- 1المغني 10:404،الشرح الكبير بهامش المغني 10:431،الكافي لابن قدامة 4:225،الإنصاف 4:146.
2- 2) خا و ق:ثقب،مكان:نقب.و النّقب:الثقب...و النّقب و النّقب:الطريق.لسان العرب 1:765 و 767. [1]
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:31،بداية المجتهد 1:396،الكافي في فقه أهل المدينة:215.
4- 4) صحيح البخاريّ 4:111،صحيح مسلم 3:1370-1371 الحديث 1751،سنن ابن ماجة 2: 947 الحديث 2838 فيه:بتفاوت يسير،سنن الترمذيّ 4:131 الحديث 1562، [2]الموطأ 2:454 الحديث 18، [3]مسند أحمد 5:306،سنن البيهقيّ 6:309،سنن الدارميّ 2:229، [4]المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995-6997 و 7000، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:147 الحديث 4785 و ص 162 الحديث 4817،المنتقى للباجي 3:191.

عليه و آله إنّما قال:«من قتل قتيلا فله سلبه» (1)بعد أن برد القتال و أحرزت الغنائم (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّه منقوض بالسّلب،و استحقاق السهم من الغنيمة، و زيادة سهم الفارس.

و عن الثاني:أنّ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات بعد تلك الغزاة التي وقع القول فيها.

مسألة:قد بيّنّا أنّه إنّما يجوز التنفيل في موضع الحاجة،
اشارة

و أنّ المصلحة للمسلمين معتبرة (3)،فإن لم يكن فيه فائدة للمسلمين،لم يجز؛لأنّه إنّما يخرج على وجه المصلحة فاعتبرت الحاجة فيه،كأجرة الحمّال و الحافظ.

إذا عرفت هذا فنقول:إنّ النفل لا يختصّ بنوع من المال.

و قال الأوزاعيّ:لا نفل في الدراهم و الدنانير؛لأنّ القاتل لا يستحقّ النفل فيها، و كذا غيره (4).

و الوجه:الأوّل؛لما تقدّم من أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل لهم الثلث

ص:289


1- 1صحيح البخاريّ 4:111،صحيح مسلم 3:1370-1371 الحديث 1751،سنن ابن ماجة 2: 947 الحديث 2838 فيه:بتفاوت يسير،سنن الترمذيّ 4:131 الحديث 1562،الموطأ 2:454 الحديث 18، [1]مسند أحمد 5:306،سنن البيهقيّ 6:309،سنن الدارميّ 2:229، [2]المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995-6997 و 7000، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:147 الحديث 4785 و ص 162 الحديث 4817،المنتقى للباجي 3:191.
2- 2) المدوّنة الكبرى 2:31،بداية المجتهد 1:397،الكافي في فقه أهل المدينة:215،المغني 10: 405،الشرح الكبير بهامش المغني 10:432.
3- 3) يراجع:ص 286. [3]
4- 4) المغني 10:406،الشرح الكبير بهامش المغني 10:432.

و الربع (1)،و هو عامّ في كلّ مغنوم.و لأنّه نوع من المال،فجاز التنفيل فيه،كغيره من الأموال.و حجّتهم ضعيفة؛لأنّ القاتل إنّما نفّل السّلب،و ليس الدراهم و الدنانير من السّلب،فلهذا لم يستحقّ غير ما جعل له.

فروع:
الأوّل:لو قال:من رجع إلى الساقة فله دينار،جاز؛

(2)

لأنّ في الرجوع إليهم منفعة،و كذا لو قال:من يعمل في سياقة الغنم (3)فله دينار؛نظرا إلى المصلحة.

الثاني:لو نزل الإمام و الجيش في قرية،و معهم الدوابّ و السبي و المتاع،

و منع الناس من جمعهم الكسل من غير خوف من العدوّ،فقال الإمام:من جاء بعشرة أثواب فله ثوب،و من جاء بعشرة أرؤس فله رأس،فالوجه:الجواز؛نظرا إلى المنفعة بالجمع.

الثالث:لو بعث سريّة و نفّلها الثلث أو الربع،

فدفع النفل إلى بعضهم و خصّه به، أو جاء بعضهم بشيء فخصّه به و نفّله به،و لم يأت بعضهم بشيء فلم ينفّله،قيل:

شارك من نفّل من لم ينفّل؛لأنّ هؤلاء إنّما أخذوا بقوّة هؤلاء؛و لأنّهم استحقّوا النفل على وجه الإشاعة بينهم بالشرط السابق،فلم يختصّ به واحد منهم، كالغنيمة (4).

أمّا لو خصّ بعض الجيش بنفل لعنائه (5)،أو يجعله له،بأن يقول:من جاء

ص:290


1- 1يراجع:ص 286. [1]
2- 2) الساقة جمع سائق،و هم الذين يسوقون جيش الغزاة و يكونون من ورائه يحفظونه.النهاية لابن الأثير 2:424. [2]
3- 3) آل،ق،خا و ر:المغنم،مكان:الغنم.
4- 4) المغني 10:411،الشرح الكبير بهامش المغني 10:435.
5- 5) بعض النسخ:لعناية،و في بعضها:لغنائه،مكان:لعنائه.و الغناء-بالفتح-:النفع و الإجزاء و الكفاية.

بعشرة أرؤس فله رأس،فجاء واحد بعشرة دون الجيش،فإنّه يختصّ بالنفل دون غيره؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خصّ القاتل بالسّلب (1)،اختصّ به؛و لأنّه جعل تحريضا على القتال،و حثّا على فعل ما يحتاج المسلمون إليه؛ليحمل فاعله كلفة فعله رغبة فيما جعل له،فلو لم يختصّ به فاعله ما خاطر بنفسه في فعله، و انتفت المصلحة بالنفل،فوجب الاختصاص بالفاعل لذلك بنفله،كاختصاصه بثواب الآخرة.

الرابع:إذا نفّل الإمام السريّة،

استوى الفارس و الراجل في النفل،إلاّ أن يفضّل بعضهم في القسمة فيستحقّ قدر المسمّى؛لأنّ النفل شيء يرضخ لهم الإمام باعتبار بلائهم و عنائهم (2)،فيعتبر في النفل إطلاق التسمية،و كذلك الغنيمة،و لهذا لو قال:

من قتل قتيلا فله سلبه،فقتله فارس و راجل،تساويا في سلبه.

و كذا لو بعث الأمير قوما من أهل الذمّة سريّة،و نفل لهم الربع،فما أصابوا اشتركوا فيه بالسويّة،كما في حقّ المسلمين.

الخامس:لو بعث الإمام سريّة عليهم أمير،و نفّلهم بالثلث بعد الخمس،

ثمّ إنّ أمير السريّة نفّل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبارزة بغير إذن الإمام،نظر،فإن نفّلهم من حصّة السريّة أو من سهامهم بعد النفل،جاز،و لو نفلهم من سهم العسكر،لم

ص:291


1- 1) صحيح البخاريّ 4:111،صحيح مسلم 3:1370-1371 الحديث 1751،سنن ابن ماجة 2: 947 الحديث 2838 فيه:بتفاوت يسير،سنن الترمذيّ 4:131 الحديث 1562،الموطأ 2:454 الحديث 18،مسند أحمد 5:306،سنن البيهقيّ 6:309،سنن الدارميّ 2:229،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995-6997 و 7000، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:147 الحديث 4785 و ص 162 الحديث 4817،المنتقى للباجي 3:191.
2- 2) بعض النسخ:و غنائهم،مكان:و عنائهم.

يجز؛لأنّه أمير على السريّة،لا على العسكر فينفذ تنفيله على السريّة فيما هو حقّهم،لا على العسكر.

هذا إذا خرج الجيش مع السريّة أمّا لو لم يخرج الجيش،جاز تنفيله؛لأنّ الغنيمة كلّها للسريّة،و لا يشاركهم الجيش؛لاختصاص السريّة بالمصاب و الجهاد.

السادس:لو بعث أمير السريّة سريّة من سريّته،

و نفّل لهم أقلّ من النفل الأوّل أو أكثر،فهو جائز من حصّة أصحاب السريّة،لا من حصّة العسكر،على ما تقدّم، إلاّ أن يكون أمير العسكر أذن له في التنفيل،فحينئذ يكون نائبا عن الأمير،فنفله جائز للسريّة الثانية في حقّ جميع العسكر،و جاز نفل السريّة الثانية؛لأنّهم بمنزلة سريّة صدرت من جيش في دار الحرب و قد نفّلهم أميرهم.

السابع:لو فقد رجل من السريّة،

فقام هناك بعضهم لطلبه،و بعضهم ذهب حتّى أصاب الغنائم،ثمّ رجعوا إلى أصحابهم و وجدوا المفقود،فكلّهم شركاء في النفل؛ لأنّهم فارقوا العسكر جملة،و أحرزوا المصاب بالعسكر جملة،فكانوا بمنزلة ما لو باشر القتال بعضهم،و بعضهم كان ردءا لهم.

و لو أصاب الرجل المفقود غنائم،و الذين أقاموا لانتظاره غنائم،و السريّة كذلك،ثمّ التقوا،فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسويّة،كما لو لم يفترقوا؛لأنّهم اشتركوا في إحراز المصاب بالعسكر.

و لو أنّ السريّة تفرّقت سريّتين،و بعدت إحداهما عن الأخرى بحيث لا تقدر إحداهما على عون الأخرى،ثمّ أصابت كلّ سريّة غنيمة،أو أصابت إحداهما دون الأخرى،فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسويّة،و لو لم يلتقوا إلاّ عند العسكر فلكلّ فريق النفل ممّا أصابوا خاصّة.

و لو أصابت السريّة الغنائم،ثمّ لم يقدروا على الرجوع إلى العسكر،فخرجوا إلى دار الإسلام من موضع آخر،قيل:تكون الغنيمة كلّها لهم تقسّم على سهام؛

ص:292

لأنّهم تفرّدوا بالإحراز إلى دار الإسلام،و هو سبب في التملّك،و إذا صارت الغنيمة كلّها لهم،بطل التنفيل (1).

الثامن:لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له،

فللشافعيّ قولان:

أحدهما:الجواز.و به قال أبو حنيفة (2).

و الثاني:لا يجوز (3).

قال الشافعيّ في الأمّ:ذهب بعض الناس إلى جوازه،و لا أرى من الأثر ما يدلّ عليه،و لو ذهب إليه ذاهب،كان له تأويل (4).

احتجّ أبو حنيفة:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال يوم بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (5). (6)

و احتجّ الشافعيّ:بأنّ من أجاز ذلك،أسقط حقّ أهل الخمس من خمسه،و من يستحقّ جزءا من الغنيمة،لم يجز للإمام أن يشرط (7)إسقاطه،كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين،و أجاب عن الحديث:بأنّ غنائم أهل بدر لم تكن للغانمين،و إنّما نزلت الآية بعدها،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها (8).

مسألة:لو بعث سريّتين إحداهما يمنة،و الأخرى يسرة،

و نفّل إحداهما الثلث،

ص:293


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:47 و 49،بدائع الصنائع 7:115،تبيين الحقائق 4:118،المغني 10: 454.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 2:313،حلية العلماء 7:676،المجموع 19:351،العزيز شرح الوجيز 7: 351،المغني 10:454. [1]
4- 4) الأمّ 4:144.
5- 5) لم نعثر على هذا الاحتجاج.
6- 6) سنن البيهقيّ 6:315-316.
7- 7) خا،ق و ع:أن يشترط.
8- 8) الأمّ 4:144.

و الأخرى الربع فيما أصابوا،كان جائزا؛لأنّ التنفيل (1)للترغيب،و هو يختلف باختلاف الطريق في القرب و البعد و السهولة و الصعوبة و الخوف و الأمن،و اختلاف حال المبعوث إليهم في القوّة و الضعف،فجاز تفاوتهم في النفل؛نظرا إلى المصلحة.

إذا ثبت هذا:فلو ذهب رجل ممّن بعثه الإمام في سريّة الربع مع سريّة الثلث، قيل:لا شيء له؛لأنّه خرج في السريّة التي خرج عنها بغير إذن الإمام،و التي أذن له بالخروج فيها لم تخرج.

و استحسن أبو حنيفة أن يجعل له مع سريّة الثلث مقدار ما سمّي له،و هو الربع.

أمّا لو ضلّ رجل من إحدى السريّتين الطريق و وقع في السريّة الأخرى فذهب معهم فأصابت الغنيمة،فالوجه:أنّه يشاركهم،فإن كان ممّن جعل له الإمام الثلث أو الربع،أخذ من السريّة التي وقع فيها لا من التي خرج معها.

مسألة:لو بعث الإمام سريّة و نفّلهم الربع،
اشارة

ثمّ أرسل أخرى و قال لهم:الحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم،فلحقوا السريّة الأولى و قد كانوا غنموا غنيمة ثمّ غنموا معهم غنيمة أخرى جميعا،فنفل الغنيمة الثانية لهم جميعا،و نفل الغنيمة الأولى للسريّة الأولى؛لأنّ حقّ المنفّلين يتأكّد في المصاب بالإصابة، فلا يثبت حقّ للسريّة في الغنيمة الأولى،فلا يملك الإمام إشراك الثانية فيما أصابت الأولى؛لأنّه يتضمّن إبطال حقّ المتأكّد،و حقّ السريّة الأولى لم يثبت على وجه الخصوص في الغنيمة الثانية حين (2)لحق بها الثانية،بل يثبت حقّ السريّتين بإصابتهما،فصحّ الاشتراك.

هذا إذا أخبرت السريّة الثانية الأولى بالتنفيل أو أخبروا بعضهم (3)أو أميرهم.

ص:294


1- 1خا و ق:لأنّ النفل،مكان:لأنّ التنفيل.
2- 2) أكثر النسخ:حتّى،مكان:حين.
3- 3) ب و ح:معظمهم،مكان:بعضهم.

و لو لم يخبروهم،قال أبو حنيفة:تكون الغنيمتان للأولى؛لأنّ الشركة تشتمل على الضرر و الغرور بالأولى،فلا تصحّ إلاّ بعد العلم.

فرع:

ذكر ابن الجنيد،قال:لو غنمت السريّة المنفّلة فأحاط بها العدوّ،

فأنجدهم المسلمون،شركوهم في النفل ما لم يحرزوه في العسكر (1).

مسألة :قد بيّنّا أنّه يصحّ التنفيل المجهول ،
اشارة

(2)(3)

فلو قال الأمير:من جاء بشيء فله منه طائفة،فجاء رجل بمتاع،نفّله الإمام على ما يراه من المصلحة.

و لو قال:من جاء بشيء فله منه قليل أو يسير أو شيء منه،فله أن يعطيه ممّا أصاب أقلّ من النصف؛لأنّ القليل و اليسير،يتناول ما دون النصف؛لأنّ مثله لا يكون يسيرا،و كذا«الشيء»يفهم منه في الغالب القلّة،فصار كما لو قال:قليلا.

و لو قال:من جاء بشيء فله جزؤه،فله أن ينفّله النصف و ما دونه،دون ما فوقه؛لأنّ الجزء اسم للبعض منه إلى النصف،يقال:جزء من جزءين،و يقال لأكثر من النصف:جزءان من ثلثه،فدلّ على أنّ ما زاد على النصف لا يكون جزءا.

و لو قال:من جاء بشيء فله سهم رجل،كان له أن يعطيه سهم راجل لا فارس؛ لأنّه المتيقّن.

و لو قال:من جاء بألف درهم فله ألفا درهم،فجاء بالألف،لم يكن له أكثر من ألف.

و لو قال:من جاء بالأسير فله الأسير و ألف،لزمه دفعهما،قاله محمّد بن

ص:295


1- 1لم نعثر على قول أبي حنيفة و ابن الجنيد.
2- 2) ح:فرع،مكان:مسألة.
3- 3) يراجع:ص 293.

الحسن (1).

و الفرق:أنّه في الأوّل قصد تحصيل المال لا غير،فلا يعطيه إلاّ ما أصابه من المال،و في الثاني مقصوده كسر شوكتهم بأخذ الأسير.

فرع:

قال ابن الجنيد:لو قال:من جاء بأسير فله مائة درهم،

كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين (2).

مسألة:لو قال:من أصاب ذهبا أو فضّة فهو له،

فأصاب سيفا محلّى بأحدهما، كان الذهب و الفضّة له دون السيف و الجفن (3)؛لأنّهما متغايران،و الجعل إنّما وقع بأحدهما.

و لو أصاب خاتما،نزع فصّه للغنيمة و كان الخاتم له.

و لو أصاب أبوابا فيها مسامير فضّة لو نزعت لهلكت الأبواب،قال محمّد بن الحسن:لا شيء له؛لأنّ المسمار مغيب في الباب،فصار كالمستهلك (4).

و لو قال:من أصاب قزّا (5)فهو له،فأصاب جبّة فيها قزّ محشوّة به،فلا شيء له؛لأنّ الحشو مغيب في الجبّة،و المغيب لا عبرة به.

أمّا لو قال:من أصاب ثوب قزّ فهو له،فأصاب رجل جبّة بطانتها ثوب قزّ أو ظهارتها،فله الثوب القزّ،و الآخر غنيمة.

ص:296


1- 1لم نعثر على قوله.
2- 2) لم نعثر على قوله.
3- 3) جفن السيف:غلافه.المصباح المنير:103.
4- 4) لم نعثر عليه.
5- 5) بعض النسخ:الخزّ،و هو اسم دابّة،ثمّ أطلق على الثوب المتّخذ من وبرها.المصباح المنير:168. و [1]القزّ-قال الليث-:هو ما يعمل منه الإبريسم.المصباح المنير:502.

و لو قال:من أصاب جبّة حرير فهي (1)له،فأصاب جبّة ظهارتها و بطانتها حرير،فهي له.و كذا لو كانت الظهارة حريرا،أمّا لو كانت البطانة حريرا،فلا شيء له.

مسألة:لو ظهر مشرك على سور الحصن يقاتل المسلمين،

فقال الإمام:من صعد السطح فأخذه فهو له و خمسمائة درهم،فصعد رجل فأخذه،لزمه دفعه و دفع خمسمائة درهم؛عملا بالشرط.

و لو سقط الرجل من السور إلى الأرض فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن، لم يكن له شيء،لأنّه لم يفعل ما شرط عليه؛لأنّ قصد الأمير من هذا التنفيل إظهار جلادته و جرأته بالصعود على السطح و لم توجد.

أمّا لو رماه رجل فطرحه من السور،فهل يستحقّ النفل؟قال محمّد بن الحسن:يستحقّ ذلك؛لأنّ المقصود ليس هو الصعود،بل فعل يؤثّر في السقوط لإظهار كسر شوكتهم.و عندي فيه نظر.

أمّا لو صعد إليه فسقط من كان على السور داخل الحصن فقتله،فله النفل؛لأنّه أتى بالمطلوب و زيادة.

و لو التقى الصفّان،فقال الأمير:من جاء برأس فله كذا،انصرف إلى رءوس الرجال دون الصبيان،أمّا لو انهزم الكفّار،فقال:من جاء برأس فله كذا،فجاء رجل بسبي أو برأس فله النفل.

و لو جاء برأس فقيل:إنّه كان ميّتا في العدوّ،و قال الآتي به:أنا قتلته،قيل:

يحلف و يعطى النفل؛لأنّ قطع الرأس سبب في الموت حقيقة،و موته بدونه غير معلوم.

ص:297


1- 1كثير من النسخ:فهو،مكان:فهي.

و لو جاء برأس لا يعلم (1)هل هو رأس مسلم أو كافر،لم يعط شيئا حتّى يعلم أنّه رأس كافر؛لأنّ الاستحقاق يتعلّق برأس المشرك.

و لو جاء برأس فقال الآخر:أنا قتلته،و قال الأوّل:بل أنا القاتل،فالقول قول الآتي به مع اليمين؛لأنّه ادّعى عليه معنى لو أقرّ به لزمه،فإذا جحد،وجب إحلافه، فلو نكل عن اليمين،لم يكن له نفل.

و هل يستحقّ المدّعي النفل؟فيه تردّد ينشأ من أنّ نكوله إقرار بأنّ هذا المدّعي قتله،و هذا إقرار بإبطال حقّ نفسه و إثبات الحقّ للمدّعي،و إقراره حجّة في حقّه لا في حقّ غيره،و من أنّ الحقّ ثابت له بكون (2)الرأس في يده،فإذا نكل عن اليمين فقد جعل ما له من الحقّ إلى المدّعي،و له هذه الولاية،فصار ذلك للمدّعي.

مسألة:لو قال الأمير:من دخل من باب هذه المدينة أو هذا الحصن فله ألف

درهم،

فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها،استحقّ كلّ واحد منهم ألفا؛لأنّه شرط لكلّ داخل،بخلاف قوله:من دخل فله الربع،فدخل عشرة،فلهم الربع الواحد؛لأنّ الربع اسم لجزء واحد من المال و هو مصرف غير متعدّد.

و لو دخل واحد ثمّ واحد،اشتركوا في النفل؛لأنّ الاستحقاق متعلّق بالدخول حال قيام الخوف.

و لو قال:من دخل فله جارية،فدخلوا فإذا هناك جارية لا غير،ثبت لكلّ واحد قيمة جارية وسط،أمّا لو قال:من دخل فله جارية من جواريهم،و ليس هناك إلاّ جارية واحدة،كان لهم ما وجد لا غير؛للفرق بين الجارية المضافة إلى الحصن و بين الجارية المطلقة.

و لو قال:من دخل أوّلا فله ثلاثة،و من دخل ثانيا فله اثنان،و من دخل ثالثا

ص:298


1- 1كثير من النسخ:لم يعلم،مكان:لا يعلم.
2- 2) أكثر النسخ:يكون،مكان:بكون.

فله واحد،فدخلوا على التعاقب،كان لكلّ واحد ما سمّاه؛لأنّ التفاوت في النفل مع التفاوت في الخوف جائز؛إذ خوف الأوّل أشدّ من الثاني.

و لو دخلوا دفعة واحدة،بطل نفل الأوّل و الثاني،و كان لهم جميعا نفل الثالث؛ لأنّ الأوّل هو المتقدّم،و الثاني هو من تقدّمه واحد و لم يوجد،فبطل نفلهما؛لانعدام الشرط و هو التفرّد و المسابقة في الدخول.و الثالث إذا سبقه اثنان،كان ثالثا،و إذا قارنه (1)اثنان،كان ثالثا أيضا؛لأنّ خوف الثالث فيما إذا قارنه (2)اثنان فوق خوفه إذا تقدّمه اثنان،فيكون فعله أشقّ،فاستحقاقه أولى.

و لو دخل اثنان أوّل مرّة،بطل نفل الأوّل،و نفل الثاني يكون لهما؛لأنّ صفة الأوّليّة انعدمت بالمقارنة (3)،بخلاف الثاني،فإنّه يصدق مع المسبوقيّة و المقارنة (4).

و لو قال:من دخل هذا الحصن أوّلا من المسلمين فله كذا،فدخل ذمّيّ ثمّ مسلم،استحقّ النفل؛لأنّه جعل النفل موصوفا بهذه الصفة،فلا تمنع أوّلية الذمّيّ، كالبهيمة لو دخلت أوّلا.أمّا لو قال:من دخل هذا الحصن من المسلمين أوّلا من الناس،فدخل ذمّيّ ثمّ مسلم،لم يستحقّ النفل؛لأنّه ليس أوّلا من الناس،بل ثانيا في الدخول منهم.

و لو قال:من دخل منكم خامسا فله درهم،فدخل خمسة معا،استحقّ كلّ واحد (5)النفل؛لأنّه أوجب النفل للخامس،و كلّ واحد منهم يصدق عليه أنّه خامس.و لو دخلوا على التعاقب،فالخامس آخرهم فاستحقّ النفل خاصّة.

ص:299


1- 1أكثر النسخ:قاربه،مكان:قارنه.
2- 2) أكثر النسخ:قاربه،مكان:قارنه.
3- 3) أكثر النسخ:بالمقاربة.
4- 4) ر:و المقاربة.
5- 5) ع بزيادة:منهم.
البحث الثاني
اشارة

في السّلب

مسألة:يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول،

و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه قد ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خصّ القاتل بسلب المقتول.

روى أبو قتادة،قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين (1)، فلمّا التقينا رأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين،فاستدرت له حتّى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه (2)ضربة فأدركه الموت،ثمّ إنّ الناس رجعوا،و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلبه»قال:فقمت فقلت:من يشهد لي؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما لك يا أبا قتادة؟»فاقتصصت عليه القصّة،فقال رجل من القوم:صدق يا رسول اللّه،سلب ذلك الرجل عندي،فأرضه منه،فقال أبو بكر:لا ها اللّه إذا (3)لا يعمد إلى أسد من أسد اللّه يقاتل عن اللّه و عن رسوله فيعطيك سلبه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:300


1- 1في النسخ و كذا في المغني 10:411:خيبر،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) حبل العاتق:هو موضع الرداء من العنق،و قيل:هو ما بين العنق و المنكب.و قيل:هو عرق أو عصب هناك.النهاية لابن الأثير 1:333. [1]
3- 3) قال ابن الأثير:هكذا جاء في الحديث:«لا ها اللّه إذا»و الصواب:«لا ها اللّه ذا»بحذف الهمزة، و معناه:لا و اللّه لا يكون ذا،أو:لا و اللّه الأمر ذا.النهاية 5:237.و [2]قال الزبيديّ: [3]الأصل:لا و اللّه،هذا ما أقسم به.فأدخل اسم اللّه بين ها و ذا.تاج العروس 1:518. [4]

و آله:«صدق فأسلمه إليه»قال:فأعطانيه (1).

و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين:«من قتل قتيلا فله سلبه»فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون قال:أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين،فبايعه،فقال عليّ عليه السلام:«لا أقتلك (3)إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين»فخلّى سبيله،و أعطى سلبه الذي جاء به (4).

و إذا أخذ الآتي السّلب،فالقاتل أولى.

و لأنّ فيه مصلحة عظيمة تنشأ من التخصيص؛لما فيه من التحريض على القتال و كثرة الجهاد،فكان سائغا،و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و إنّما يستحقّ القاتل السّلب بشرط أن يخصّه الإمام به
اشارة

و يشرطه له، و به قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ (6)،و مالك (7)،و أحمد في إحدى الروايتين.

ص:301


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:411-412،و بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 4:112،صحيح مسلم 3:1370 الحديث 1751،سنن أبي داود 3:70 الحديث 2717، [1]الموطّأ 2:454 الحديث 18، [2]سنن البيهقيّ 6:306 و ج 9:50،فتح الباري 8:29-33.
2- 2) سنن أبي داود 3:71 الحديث 2718، [3]سنن الدارميّ 2:229، [4]مسند أحمد 3:114 و 190، [5]المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3.
3- 3) خا و ع:فبايعه على أن لا أقتلك،ب و آل:فبايعه عليّ لا أقتلك.باقي النسخ:فبايعه على لا أقتلك. و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:153 الحديث 269،الوسائل 11:54 الباب 23 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [6]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:47،تحفة الفقهاء 3:297،بدائع الصنائع 7:115،الهداية للمرغينانيّ 2: 149،شرح فتح القدير 5:250،المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:446-447.
6- 6) المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:447،بداية المجتهد 1:397،الاستذكار 5:60.
7- 7) المدوّنة الكبرى 2:29،إرشاد السالك:63،بداية المجتهد 1:397،الاستذكار 5:60،المنتقى للباجي 3:191،الكافي في فقه أهل المدينة:215،بلغة السالك 1:362،المغني 10:419، الشرح الكبير بهامش المغني 10:447.

و في الأخرى:يخصّ به القاتل،سواء قال الإمام ذلك أو لم يقل (1).و به قال الأوزاعيّ،و الليث (2)،و الشافعيّ (3)،و إسحاق،و أبو عبيدة،و أبو ثور (4)،و اختاره ابن الجنيد منّا (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك،أنّ مدديّا اتّبعهم،فقتل علجا،فأخذ خالد بعض سلبه،و أعطاه بعضه،فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«لا تعطه يا خالد» (6).

و عن شبر بن علقمة (7)،قال:بارزت رجلا يوم القادسيّة[فقتلته] (8)و أخذت سلبه،فأتيت به سعدا،فخطب سعد أصحابه و قال:إنّ هذا سلب شبر خير من اثني عشر ألفا،و إنّا قد نفلناه إيّاه (9).

و لو كان حقّا له،لم يحتج أن ينفّله.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع سلب أبي قتادة إليه من غير بيّنة و لا يمين.و لأنّ السّلب إنّما جعل له؛تحريضا على

ص:302


1- 1المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:446-447،الفروع في فقه أحمد 3:448، الإنصاف 4:148. [1]
2- 2) المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:446،الاستذكار 5:60.
3- 3) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:393،حلية العلماء 7:658،مغني المحتاج 3:99،المغني 10: 419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:447.
4- 4) المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:447،بداية المجتهد 1:397،الاستذكار 5: 60.
5- 5) نقله عنه في المختلف:328.
6- 6) صحيح مسلم 3:1373-1374 الحديث 1753،سنن أبي داود 3:71 الحديث 2719، [2]مسند أحمد 6:27، [3]سنن البيهقيّ 6:310،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:47 الحديث 84.
7- 7) شبر بن علقمة العبديّ الكوفيّ،قال ابن حجر:له إدراك و شهد القادسيّة،روى عن عمر و روى عنه الأسود بن قيس.الإصابة 2:163،الجرح و التعديل 4:389.
8- 8) أضفناها من المصدر.
9- 9) المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 6 و ج 8:14 الحديث 12،سنن البيهقيّ 6:311.

القتال،فلا يستحقّه إلاّ بشرط الإمام،كالنفل،و هو إذا بعث سريّة،و شرط لها الثلث أو الربع.

احتجّوا:بما رواه أبو قتادة،قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين (1)،فلمّا التقينا كان للمسلمين جولة،فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين،فاستدرت له حتّى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة، قال:فأقبل عليّ فضمّني ضمّة وجدت منها ريح الموت،ثمّ أدركه الموت، فأرسلني،قال:ثمّ إنّ الناس رجعوا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة،فله سلبه»فقمت فقلت:من يشهد لي؟ثمّ جلست،ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة،فله سلبه»[فقمت] (2)فقلت:من يشهد لي؟ثمّ جلست،ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثالثا، [فقمت] (3)فقال:«ما لك (4)يا أبا قتادة؟»فقصصت عليه القصّة،فقال رجل من القوم:صدق يا رسول اللّه و سلب ذلك القتيل عندي فأرضه منّي.فقال أبو بكر:

لا ها اللّه إذا لا يعمد إلى أسد من أسد اللّه يقاتل عن اللّه و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيعطيك سلبه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«صدق فأعطه إيّاه» (5). (6)

ص:303


1- 1في النسخ و كذا في المغني:خيبر،مكان:حنين،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) آل،ب،ر و ع:«ما بالك»مكان:«ما لك».
5- 5) بهذا اللفظ ينظر:المغني 10:411-412 و بتفاوت ينظر:صحيح البخاريّ 4:112،صحيح مسلم 3:1370 الحديث 1751،سنن أبي داود 3:70 الحديث 2717، [1]الموطّأ 2:454 الحديث 18، [2]سنن البيهقيّ 6:306 و ج 9:50.
6- 6) الأمّ 4:142،المغني 10:419،الشرح الكبير بهامش المغني 10:446-447.

وجه الدليل أنّه قتله (1)من غير شرط و أعطاه سلبه.

و الجواب:ليس في الحديث دلالة على عدم الشرط قبل ابتداء القتال،فجاز أن يكون الرسول صلّى اللّه عليه و آله شرط ذلك،ثمّ كرّره بعد القتال.

فرع:

إذا شرط الإمام السّلب،جاز للقاتل أخذه

و إن لم يأذن له الإمام؛لأنّه استحقّه بشرط الإمام،فلا يجب إعلامه.نعم يستحبّ له ذلك.و به قال الشافعيّ (2)،و ابن المنذر (3)،سواء شرط له الإمام أو لم يشرط (4)؛لأنّ السّلب عندهما يستحقّ بجعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و الأوزاعيّ و إن ذهب إلى ذلك،إلاّ أنّه لم يسوّغ له أخذه إلاّ بإذن الإمام؛لأنّه فعل مجتهد فيه،فلم ينفذ أمره فيه إلاّ بإذن الإمام (5).

مسألة:و يشترط في استحقاق السّلب أن يكون المقتول من المقاتلة

الذين يجوز قتلهم،فلو قتل صبيّا أو امرأة أو شيخا فانيا و نحوهم ممّن لا يقاتل،لم يستحقّ سلبه،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ قتل (6)هؤلاء منهيّ عنه،فلا يستحقّ به نفل.

أمّا لو قتل أحد هؤلاء و هو مقاتل،استحقّ سلبه،لأنّه يجوز قتله إذا كان يقاتل،فيدخل تحت عموم الخبر.

ص:304


1- 1ح:فعله،مكان:قتله.
2- 2) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:394-395،الاستذكار 5:60،المغني 10:420،الشرح الكبير بهامش المغني 10:448.
3- 3) المغني 10:420،الشرح الكبير بهامش المغني 10:448.
4- 4) خا،ق،ع و ح:يشترط،مكان:يشرط.
5- 5) المغني 10:420،الشرح الكبير بهامش المغني 10:448.
6- 6) أكثر النسخ:مثل.
مسألة:و يشترط في استحقاق السّلب أن يكون المقتول ممتنعا،
اشارة

فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من أثخن بالجراح و عجز عن المقاومة،لم يستحقّ سلبه.و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2)،و مكحول (3).

و قال أبو ثور،و داود:يستحقّ سلبه على أيّ وجه قتله (4).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ ابني عفراء (5)أثخنا أبا جهل يوم بدر،فأجاز عليه (6)عبد اللّه بن مسعود،فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سلبه لا بني عفراء،و لم يعط ابن مسعود شيئا (7).

و لأنّه لم يغرّر بنفسه في دفع شرّه،فأشبه بقيّة الغانمين.

ص:305


1- 1الحاوي الكبير 8:398،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:317،مغني المحتاج 3: 100.
2- 2) المغني 10:414،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444،الفروع في فقه أحمد 3:448، الإنصاف 4:149.
3- 3) المغني 10:414،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:317،المغني 10:417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444.
5- 5) بنو عفراء:هم:عوف و معاذ و معوّذ بنو الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النجّار،و أمّهم:عفراء بنت عبيد بن ثعلبة،قتلوا يوم بدر،و اختلف في من جرح أبا جهل يوم بدر،قيل: عوف و معاذ،و قيل:معوّذ و معاذ ابنا عفراء،و قيل:معاذ بن عمرو بن الجموح و معاذ بن عفراء. صحيح مسلم 3:1372 الحديث 1752،أسد الغابة 4:155 و 378-380 و 402، [1]المغازي للواقديّ 1:24 و 91. [2]
6- 6) قال الحافظ أبو موسى بن أبي بكر الأصفهانيّ:و مثله تجهزوا.المجموع المغيث في غريبي القرآن و الحديث 1:375.و جهز على الجريح و أجهز:أثبت قتله.لسان العرب 5:325. [3]
7- 7) المغني 10:414 و 417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444،المهذّب للشيرازيّ 2:305. و بمضمونه ينظر:صحيح البخاريّ 5:95،صحيح مسلم 3:1424 الحديث 1800،سنن البيهقيّ 9: 92.

احتجّ المخالف:بعموم الخبر (1).

و الجواب:أنّه محمول على القاتل القادر (2)على الامتناع.

فروع:
الأوّل:لو قطع يدي رجل و رجليه و قتله آخر،

فالسّلب للقاطع دون القاتل؛ لأنّ القاطع هو الذي منع عن المسلمين شرّه.

الثاني:لو قطع يديه أو رجليه ثمّ قتله آخر،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:السّلب للقاتل لا للقاطع؛لأنّه لم يصر ممتنعا بالقطع؛إذ بقطع اليدين يمتنع بالعدو بالرجلين، و بقطع الرجلين يمتنع بالمقاتلة باليدين فيرمي بهما (3).

و قال بعض الجمهور:يخصّ القاطع بالسّلب؛لأنّه عطّله،فأشبه القاتل (4).

و ليس بجيّد؛لما قاله الشيخ.

و قال بعضهم:يكون غنيمة (5)؛لأنّ القاطع لم يكف شرّه كلّه،و القاتل قتله و هو مثخن بالجراح و هو ممنوع.

أمّا لو قطع يده و رجله من خلاف ثمّ قتله آخر،فالوجه:التفصيل إن امتنع و اكتفي شرّه أجمع بقطع العضوين،كان السّلب للقاطع،و إلاّ كان للقاتل.

الثالث:لو عانق رجل رجلا فقتله آخر،

فالسّلب للقاتل.و به قال الشافعيّ (6).

و قال الأوزاعيّ:هو للمعانق (7).

ص:306


1- 1المغني 10:417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444.
2- 2) لا توجد كلمة:«القادر»في أكثر النسخ.
3- 3) المبسوط 2:67. [1]
4- 4) المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.
5- 5) المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.
6- 6) المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449-450.
7- 7) المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.

لنا:أنّه جعل السّلب للقاتل،و المعانق ليس قاتلا،و لأنّ القاتل كفى المسلمين شرّه،فكان كما لو لم يعانقه (1)غيره.

الرابع:لو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله،

فجاء آخر من ورائه فضربه فقتله،فسلبه لقاتله؛لعموم الخبر،و لقضيّة قتيل أبي قتادة (2).

مسألة:و يشترط في استحقاق السّلب القتل أو الإثخان بالجراح

بحيث يجعله معطّلا في حكم المقتول،فلو أسر رجلا،لم يستحقّ سلبه،سواء قتله الإمام أو لم يقتله.

و قال مكحول:من أسر مشركا،استحقّ سلبه (3).

و قال بعض الجمهور:إن استبقاه الإمام،كان له فداؤه أو رقبته و سلبه؛لأنّه كفى المسلمين شرّه (4).

لنا:أنّ المسلمين لمّا أسروا الأسرى يوم بدر،فقتل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقبة و النضر بن الحارث،و استبقى سائرهم،فلم يعط من أسرهم أسلابهم و لا فداءهم،و كان فداؤهم لهم غنيمة.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السلب للقاتل،و ليس الآسر بقاتل.و لأنّ خيرة الإمام ثابتة في الأسير،و لو كان لمن أسره، كان أمره إليه.

احتجّوا:بأنّ الأسر أصعب من القتل و قد كفى المسلمين شرّه (5).

و الجواب:أنّ الجعل للقتل لا للأسر،و التحقيق عندي:أنّ للإمام أن ينفّل من

ص:307


1- 1كثير من النسخ:لو يعانقه،مكان:لو لم يعانقه.
2- 2) سنن البيهقيّ 6:309،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 7: 245،المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
3- 3) المغني 10:415،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.
4- 4) المغني 10:415-416،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.
5- 5) المغني 10:415-416،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.

فعل مصلحة من المصالح شيئا فيجوز له أن ينفّل من أسر مشركا بسلبه،فيجوز حينئذ ذلك.

و قد روى الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام، قال:«أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين فبايعه[فقال]عليّ[عليه السلام:] (1)لا أقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين،فخلّى سبيله و أعطى سلبه الذي جاء به» (2).

مسألة:و يشترط في استحقاق السّلب أن يغرّر القاتل بنفسه في قتله
اشارة

(3)

بأن يبارز إلى صفّ المشركين،أو إلى مبارزة (4)من يبارزهم،فيكون له السلب،فلو لم يغرّر بنفسه،مثل أن يرمي سهما في صفّ المشركين من صفّ المسلمين فيقتل مشركا،لم يكن له سلبه؛لأنّ القصد منه التحريض على القتال و مبارزة الرجال و لا يحصل إلاّ بالتغرير.

فروع:
الأوّل:لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه،

فالسّلب في الغنيمة؛ لأنّهم باجتماعهم لم يغرّروا بأنفسهم في قتله.

الثاني:لو اشترك في قتله اثنان مثل أن جرحاه فمات

من جرحهما أو ضرباه فقتلاه،كان السّلب لهما،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

ص:308


1- 1أثبتناهما من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:153 الحديث 269،الوسائل 11:54 الباب 23 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
3- 3) غرّر نفسه و ماله تغريرا و تغرّة:عرّضها للهلكة من غير أن يعرف.لسان العرب 5:13. [2]
4- 4) كثير من النسخ:مبادرة.
5- 5) المبسوط 2:67. [3]

و عن أحمد روايتان:إحداهما:هذا،و به قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).

و الثانية:يكون غنيمة (3)

لنا:أنّ قوله عليه السلام:«من قتل قتيلا فله سلبه» (4)يتناول الاثنين و الواحد على حدّ واحد،فلا وجه للتخصيص؛لأنّهما اشتركا في السبب فاشتركا في السّلب.

احتجّ أحمد:بأنّه إنّما يستحقّ السّلب بالتغرير في قتله،و لم يحصل بقتل الاثنين فلم يستحقّ به السّلب.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في سلب (5). (6)

و الجواب عن الأوّل:أنّ التغرير قد يحصل بالاثنين كما يحصل بالواحد،و كون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في السّلب؛لأنّه لم تتّفق الشركة في السبب.

الثالث:لو اشترك اثنان في ضربة و كان أحدهما أبلغ في قتله من الآخر،

قال بعض الجمهور:يكون السّلب له؛لأنّ أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح 7

ص:309


1- 1الأمّ 4:142،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:317.
2- 2) بدائع الصنائع 7:115.
3- 3) المغني 10:416،الشرح الكبير بهامش المغني 10:448،الإنصاف 4:149-150. [1]
4- 4) الموطّأ 2:455 الحديث 19، [2]سنن البيهقيّ 6:309،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3، المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995-6997 و ص 246 الحديث 7000.
5- 5) صحيح مسلم 3:1372 الحديث 1752،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:177 الحديث 381،مسند أبي يعلى 2:170 الحديث 866.
6- 6) المغني 10:417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:449.

و معاذ بن عفراء 1و أتيا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبراه فقال:«كلاكما قتله» و قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح 2. 3

مسألة:و إنّما يستحقّ السّلب بشرط أن يقتله و الحرب قائمة،
اشارة

سواء قتله مقبلا أو مدبرا،أمّا لو انهزم المشركون فقتله لم يستحقّ السّلب،بل كان غنيمة؛إذ لا تغرير حينئذ،بخلاف ما لو كانت الحرب قائمة فقتله و هو مدبر،فإنّه يستحقّ السّلب و إن قتله منهزما؛لوجود التغرير،و لأنّ الحرب فرّ و كرّ.و لأنّ سلمة بن الأكوع قتل طليعة الكفّار و هو منهزم فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من قتله؟»قالوا:ابن الأكوع قال:«له سلبه أجمع» 4.و هذا اختيار الشافعيّ 5.

و قال أبو ثور و داود:لا يشترط قيام الحرب،بل يستحقّ القاتل السّلب مطلقا 6.

ص:310

لنا:أنّ ابن مسعود ذفّف (1)على أبي جهل فلم يعطه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلبه،و أمر بقتل عقبة بن أبي معيط و النضر بن الحارث صبرا و لم يعط سلبهما لمن قتلهما،و قتل بني قريظة صبرا فلم يعط من قتلهم أسلابهم،و إنّما أعطى السّلب من قتل مبارزا (2)؛لما فيه من التغرير،و لأنّه يكفي المسلمين شرّه و المنهزم بعد انقضاء الحرب لا شرّ له و لم يغرّر قاتله بنفسه في قتله،فلا يستحقّ سلبه.

احتجّا:بعموم الخبر (3)و بحديث سلمة بن الأكوع (4). (5)

و الجواب:أنّه مخصوص بما ذكرناه،و الذي قتله سلمة بن الأكوع،كان متحيّزا إلى فئة.و كذا البحث في القاتل حال قيام الحرب و إن كان المقتول منهزما؛لأنّه متحيّز إلى فئة و راجع إلى القتال.

فرع:

إن شرطنا في المبارزة إذن الإمام،

لم يستحقّ القاتل السّلب إلاّ مع إذن الإمام في المبارزة،و إن لم نشرط (6)ذلك،استحقّ السلب؛عملا بالعموم (7).

مسألة:و إنّما يستحقّ القاتل السّلب بشرط أن يكون له نصيب من الغنيمة،
اشارة

إمّا سهم أو رضخ،أمّا لو لم يكن له نصيب من الغنيمة و لا رضخ الإمام له شيئا فلا يخلو

ص:311


1- 1ب و آل:دفّف،ر و خا:وقف.و تذفيف الجريح:الإجهاز عليه و تحرير قتله.النهاية لابن الأثير 2: 162.و [1]دفّف على الجريح كذفّف:أجهز عليه.لسان العرب 9:105. [2]
2- 2) المغني 10:417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444.
3- 3) المصنّف لابن أبي شيبة 7:648.
4- 4) سنن البيهقيّ 6:307،المصنّف لابن أبي شيبة 7:649 الحديث 10.
5- 5) المغني 10:417،الشرح الكبير بهامش المغني 10:444.
6- 6) ب:لم نشترط.
7- 7) المصنّف لابن أبي شيبة 7:648.

إمّا أن يكون ذلك لارتياب به،و ذلك بأن يكون مخذّلا،مثل عبد اللّه بن أبيّ،أو يكون معينا على المسلمين،أو يكون مرجفا (1)،فإنّه لا يستحقّ السّلب؛لأنّ ترك السهم من حيث إنّه عاون (2)على المسلمين،فلا يستحقّ السّلب أيضا،أو يكون لنقص فيه،كالمرأة و المجنون،فالذي قوّاه الشيخ-رحمه اللّه-:استحقاق السلب (3)لعموم الخبر (4)،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الآخر:أنّه لا يستحقّ السّلب؛لأنّه لا يستحقّ السهم.و استحقاقه آكد من استحقاق السّلب؛للإجماع على استحقاق السهم و وقوع الخلاف في السّلب،فإذا انتفى استحقاق السهم المجمع عليه،فانتفاء السّلب المختلف فيه أولى (5).

فروع:
الأوّل:الصبيّ عندنا يسهم له

-على ما يأتي-فلو قتل قتيلا،استحقّ سلبه، و للشافعيّ قولان (6).

الثاني:من لا يستحقّ سهما و يستحقّ أن يرضخ له،

كالعبد و المرأة و الكافر هل يستحقّ السّلب أم لا؟الأقوى:أنّه يستحقّه؛عملا بالعموم (7).و لأنّه من أهل الغنيمة،فاستحقّ السّلب،كصاحب السهم.

ص:312


1- 1قال الليث:أرجف القوم،إذا خاضوا في الأخبار السيئة و ذكر الفتن.لسان العرب 9:113. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عار،و في بعضها:غار.
3- 3) المبسوط 2:66. [2]
4- 4) سنن أبي داود 3:71 الحديث 2718،عوالي اللآلئ 1:403،مناقب آل أبي طالب 2:134.
5- 5) الحاوي الكبير 8:399،المهذّب للشيرازيّ 2:305،حلية العلماء 7:658،مغني المحتاج 3: 99-100.
6- 6) الحاوي الكبير 8:399،المهذّب للشيرازيّ 2:306،حلية العلماء 7:658.
7- 7) سنن أبي داود 3:71،عوالي اللآلئ 1:403،مناقب آل أبي طالب 2:134.

و للشافعيّ قولان:أحدهما:عدم الاستحقاق؛لما تقدّم من منعه من السهم المجمع عليه فالسّلب المختلف فيه أولى (1).

و الجواب:أنّ السهم علّق على المظنّة و لهذا يستحقّ بالحضور،و يستوي فيه الفاعل و غيره،و السّلب يستحقّ بحقيقة الفعل و قد وجد منه،فاستحقّه،كالمجعول له جعلا على ما فعل إذا فعله.

الثالث:العاصي بالقتال

-كمن يدخل بغير إذن الإمام،أو ينهاه أبواه مع عدم تعيينه عليه-لا يستحقّ السلب،كالمخذّل؛لأنّه عاص بفعله،و الإمام إنّما جعل السّلب للقاتل قتلا مشروعا.

الرابع:العبد إذا قتل قتيلا،استحقّ سلبه مولاه؛

عملا بالعموم (2)،و لو خرج من غير إذنه.قال بعض الجمهور:لا يأخذ العبد شيئا و لا مولاه؛لأنّه عاص بقتاله، فكان كالمخذّل و العاصي الحرّ (3).

و الوجه عندي:استحقاق مولاه؛لأنّ كلّ ما للعبد فهو لمولاه،ففي حرمانه السّلب حرمان سيّده و لم يصدر عنه معصية.

مسألة:اختلف علماؤنا في السّلب هل يخمّس أم لا؟على قولين:

أحدهما:يجب فيه الخمس (4).و به قال ابن عبّاس،و الأوزاعيّ،و مكحول (5).

و الثاني:لا يجب فيه الخمس (6).و به قال الشافعيّ (7)،و ابن المنذر،و ابن

ص:313


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:305،حلية العلماء 7:658.
2- 2) لعلّ المراد عموم:«من قتل قتيلا فله سلبه»و عموم:«العبد و ما في يده كان لمولاه».
3- 3) المغني 10:413،الشرح الكبير بهامش المغني 10:442.
4- 4) قال به الشيخ في المبسوط 2:70،و المحقّق في الشرائع 1:324.
5- 5) المغني 10:418،الشرح الكبير بهامش المغني 10:445.
6- 6) و هو أيضا قول الشيخ في الخلاف 2:112 مسألة 9.
7- 7) الأمّ 4:142،ال [1]حاوي الكبير 8:414،المهذّب للشيراز [2]يّ 2:313،حلية العلماء 7:677،

جرير،و أحمد بن حنبل (1)،و هو الأقوى.

و قال إسحاق:إن كان السّلب كثيرا،خمّس و إلاّ فلا،و هو قول عمر بن الخطّاب (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك و خالد بن الوليد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى في السّلب للقاتل و لم يخمّس السّلب (3).

احتجّ المخالف:بالعموم في قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ (4)الآية.و لأنّه أخذ من الكفّار على وجه القهر،فوجب أن يخمّس،كالغنيمة (5).

و الجواب:عن الأوّل:بالمنع من كونه غنيمة،سلّمنا لكن يخصّ عموم القرآن بالسنّة.

و عن الثاني:بالفرق؛فإنّ القاتل هنا غرّر بنفسه،بخلاف أهل الغنيمة فلهذا وجب الخمس عليهم دون القاتل.

احتجّ إسحاق:بما رواه ابن سيرين:أنّ البراء بن مالك (6)بارز مرزبان

ص:314


1- 1) المغني 10:418،الشرح الكبير بهامش المغني 10:445،الفروع في فقه أحمد 3:448-449.
2- 2) حلية العلماء 7:659،المغني 10:4 [1]18،الشرح الكبير [2] بهامش المغني 10:445،بداية المجتهد 1:398.
3- 3) سنن أبي داود 3 [3]:72 الحديث 2721،مسند أحمد 6:26،سنن البيهقيّ 6:310،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:49 الحديث 86 بتفاوت يسير فيه.
4- 4) الأنفال(8):41.
5- 5) المغني 10:418،الشرح الكبير بهامش المغني 10:445.
6- 6) البراء بن مالك بن النضر الأنصاريّ هو أخو أنس بن مالك لأبيه و أمّه،شهد أحد و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عل [4]يه و آله إلاّ بدرا،و كان شجاعا..لمّا كان يوم تستر من بلاد فارس انكشف-

الزارة (1)بالبحرين،فطعنه فدقّ صلبه (2)فأخذ سواريه و سلبه،فلمّا صلّى عمر الظهر أتى أبا طلحة في داره،فقال:إنّا كنّا لا نخمّس السّلب،و إنّ سلب البراء قد بلغ مالا و أنا خامسه،فكان أوّل سلب خمّس في الإسلام سلب البراء.و قيل:إنّه بلغ ثلاثين ألفا (3). (4)

و الجواب:أنّه حجّة لنا،فإنّ قول عمر:إنّا كنّا لا نخمّس السّلب،يدلّ على أنّ ذلك جار (5)في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنّ تخميسه أمر حادث من عمر.

و أيضا:قول الراوي:كان أوّل سلب خمّس في الإسلام،يدلّ على أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله لم يخمّسه و كذا أبو بكر،و الحجّة في فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا في فعل عمر.

مسألة:السّلب يستحقّه القاتل من أصل الغنيمة،

و به قال الشافعيّ (6)و مالك

ص:315


1- 1) الزارة المرّة من الزار:عين بالبحرين معروفة،و الزارة قري [1]ة كبيرة بها،و منها:مرزبان الزارة و له ذكر في الفتوح.معجم البلدان 3:126. قال ابن الأثير:الزارة هي الأجمة،سمّيت بها لزئير الأسد فيها.و المرزبان الرئيس المقدّم.و أهل اللغة يضمّون ميمه.النهاية 2:292.
2- 2) كلّ شيء من الظهر فيه فقار فذلك الصّلب.لسان العرب 1:526.
3- 3) سنن البيهقيّ 6:310،المصنّف لابن أبي شيبة 7:649 الحديث 8.
4- 4) المغني 10:418،الشرح الكبير بهامش المغني 10:445.
5- 5) أكثر النسخ:جاز.
6- 6) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:414،المهذّب للشيرازيّ 2:313،حلية العلماء 7:659، المجموع 19:354،الميزان الكبرى 2:181،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:179،مغني المحتاج 3:99.

في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يحسب من خمس الخمس الذي هو سهم المصالح (1).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السّلب للقاتل مطلقا (2)،و لم ينقل عنه أنّه جعله من خمس الخمس،و لا احتسب به منه؛و لأنّه عليه السلام لم يقدّره و لم يستعلم ثمنه،و لو وجب احتسابه في خمس الخمس لوجب العلم بقدره و قيمته.

و لأنّ سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام،فلم يكن من سهم المصالح،كسهم الفارس و الراجل.

احتجّ مالك:بأنّ السّلب استحقّه القاتل للتحريض على القتال،فكان من سهم المصالح،كالنفل (3).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز للإمام التنفيل مع اعتبار المصلحة ،

(4)

فإذا فعل المجعول له ما قوطع عليه،استحقّ النفل و يخمّس عليه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا نفل إلاّ بعد الخمس» (5).

و لعموم قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (6)الآية.

ص:316


1- 1المدوّنة الكبرى 2:29-30،إرشاد السالك:63،بداية المجتهد 1:397،الكافي في فقه أهل المدينة:215،الاستذكار 5:61،المنتقى للباجي 3:190،بلغة السالك 1:363.
2- 2) الموطّأ 2:455 الحديث 19،سنن البيهقيّ 6:309،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 3، المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995-6997 و ص 246 الحديث 7000.
3- 3) الكافي في فقه أهل المدينة:215.
4- 4) يراجع:ص 289. [1]
5- 5) سنن أبي داود 3:81 الحديث 2753، [2]مسند أحمد 3:470،سنن البيهقيّ 6:314،كنز العمّال 4: 372 الحديث 10966.
6- 6) الأنفال(8):41. [3]

و يستحقّه المجعول له زائدا عن السهم الراتب له،و لا يتقدّر بقدر،بل هو موكول إلى نظر الإمام،قلّ أو كثر.و النفل يكون إمّا بأن يبذل الإمام من سهم نفسه الذي هو الأنفال،أو يجعله من حكم الغنيمة،و الأقرب:أن يجعله من أصل الغنيمة.

و قيل:إنّه يكون من أربعة أخماس المقاتلة (1).

إذا ثبت هذا:فلو جعل الإمام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة فابتدر من يقوم بتلك المصلحة من غير نفل،لم يكن للإمام أن ينفل حينئذ؛لأنّا قد بيّنّا أنّ النفل إنّما يكون مع اعتبار الحاجة و المصلحة و لا حاجة هنا إليه،و كذا لو وجد من ينتدب إلى ذلك الفعل بنفل أقلّ،لم يكن له أن ينفل الأكثر إلاّ أن يعلم الإمام أنّ الطالبين للزيادة أنكى للعدوّ و أبلغ فيما يريده.

مسألة:مال المشرك المقتول على قسمين:
اشارة

أحدهما:منفصل عنه،و الثاني:

متّصل به.

فالمنفصل عنه:كالرحل و العبيد و الدوابّ التي عليها أحماله،و السلاح الذي ليس معه،فإنّه يكون غنيمة و لا يكون سلبا يختصّ به القاتل،بل يشترك فيه المسلمون المقاتلون؛لأنّ مفهوم السّلب لا يتناوله.

و أمّا المتّصل به:فعلى ضربين:

أحدهما:ما يحتاج إليه في القتال،كالثياب و العمامة و القلنسوة (2)و الدرع و المغفر (3)و البيضة (4)و الجوشن (5)و السلاح،كالسيف و الرمح و السكّين،فهذا كلّه

ص:317


1- 1الحاوي الكبير 8:388،حلية العلماء 7:691،مغني المحتاج 3:95.
2- 2) القلنسوة:من ملابس الرءوس.لسان العرب 6:181. [1]
3- 3) المغفر:قال شميل:المغفر حلق يجعلها الرجل أسفل البيضة تسبغ على العنق فتقيه.قال:و ربّما كان المغفر مثل القلنسوة غير أنّها أوسع يلقيها الرجل على رأسه فتبلغ الدرع ثمّ يلبس البيضة فوقها.لسان العرب 5:26. [2]
4- 4) البيضة:الخوذة.النهاية 1:172.
5- 5) الجوشن:اسم ال [3]حديد الذي يلبس من السلاح.و قيل:الجوشن من السلاح:زرد يلبسه الصدر

سلب يستحقّه القاتل إجماعا.

الثاني:ما لا يحتاج إليه في القتال و هو في يده،و إنّما يتّخذ للزينة أو غيرها، كالتاج و السوار و الطوق و الهميان الذي للنفقة،و المنطقة،فهل يكون سلبا أم لا؟ تردّد الشيخ-رحمه اللّه-فيه و قوّى كونه سلبا (1).و للشافعيّ قولان (2)،و اختيار أحمد أنّه سلب (3).و هو الأقوى؛لأنّه لا بس له،فهو سلب في الحقيقة،فيدخل تحت عموم الخبر (4).و لأنّه ملبوس له،فأشبه ثيابه.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لا يحتاج إليه في القتال،فأشبه المنفصل (5).

و الجواب:الحكم معلّق على الاسم الذي يندرج فيه صورة النزاع دون صورة النقض،فافترقا.

فروع:
الأوّل:الدابّة التي يركبها من السّلب،

سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده.و به قال الشافعيّ (6)،و عن أحمد روايتان 7.

ص:318


1- 1) المبسوط 2:67.
2- 2) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:399-400،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:318، مغني المحتاج 3:100،المغني 10:421،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450-451.
3- 3) المغني 10:421،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450،الفروع في فقه أحمد 3:449.
4- 4) سنن البيهقيّ 6:309،المصنّف لابن أبي شيبة 7:648 الحديث 1 و 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 7: 245 الحديث 6995-6997.
5- 5) الحاوي الكبير 8:400.
6- 6) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:399،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:318،مغني المحتاج 3:100.

لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك،قال:خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة موتة و رافقني مدديّ 1من أهل اليمن،فلقينا جموع الروم و فيهم رجل على فرس أشقر،عليه سرج مذهّب و سلاح مذهّب،فجعل يغري بالمسلمين،و قعد له المدديّ خلف صخرة،فمرّ به الروميّ فعرقب فرسه فعلاه فقتله،و حاز فرسه و سلاحه،فلمّا فتح اللّه للمسلمين،بعث إليه خالد بن الوليد،فأخذ من السّلب،قال عوف:فأتيته فقلت:يا خالد أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى بالسلب للقاتل؟قال:بلى 2.

و لأنّ الفرس يستعان بها في الحرب،فأشبهت السلاح.

احتجّ أحمد:بأنّ السّلب ما كان على بدنه،و الدابّة ليست كذلك 3.

و الجواب:أنّه منقوض بالسيف و الرمح و القوس،فإنّها من السّلب و ليست ملبوسة.

الثاني:ما على الدابّة-من سرج و لجام و جميع آلاتها

و الحلية التي على تلك الآلات-من السّلب؛لأنّه تابع لها،و يستعان به في القتال.

الثالث:الدابّة إنّما تكون من السّلب لو كان راكبا عليها،

أمّا لو كانت في منزله أو مع غيره أو منفلتة،فإنّها لا تكون من السّلب،كالسلاح الذي ليس معه.

و لو كان راكبا عليها فصرعه عنها ثمّ قتله بعد نزوله عنها،فهي من السّلب.

ص:319

الرابع:لو كان ماسكا بعنانها غير راكب،

قال ابن الجنيد:تكون من السّلب (1).

و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:ليست من السّلب (3).

لنا:أنّه يتمكّن من القتال عليها،فأشبهت ما في يده من السيف و الرمح.

احتجّ أحمد:بأنّه ليس راكبا عليها،فأشبهت ما لو كانت في يد غلامه (4).

الخامس:الجنيب الذي يساق خلفه،ليس من السّلب؛

(5)

لأنّ يده ليست عليه أمّا لو كان راكبا دابّة و في يده جنيب له،قال ابن الجنيد:يكون من السّلب (6)،و منع منه بعض الجمهور (7).

حجّة ابن الجنيد أنّه ممّا يستعان به على القتال و يده عليه،فكان سلبا،كالفرس المركوب (8).

احتجّ المخالف:بأنّه لا يمكن ركوبهما معا،فلا يكون سلبا (9).و للشافعيّ كالقولين (10).

ص:320


1- 1لم نعثر عليه.نقله عنه في الجواهر 21:191. [1]
2- 2) الأمّ 4:142،الحاوي الكبير 8:398،المهذّب للشيرازيّ 2:305،المجموع 19:318،حلية العلماء 7:661،مغني المحتاج 3:100،السراج الوهّاج:353.
3- 3) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:451،الفروع في فقه أحمد 3:449، الإنصاف 4:151.
4- 4) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:452.
5- 5) الجنيبة:الدابّة تقاد واحدة الجنائب،و كلّ طائع منقاد جنيب.لسان العرب 1:276. [2]
6- 6) نقله عنه في الجواهر 21:191. [3]
7- 7) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:451.
8- 8) لم نعثر على قوله إلاّ في الجواهر 21:190-191.
9- 9) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:452.
10- 10) الحاوي الكبير 8:400،مغني المحتاج 3:100.
السادس:يجوز سلب القتلى و تركهم عراة؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في قتيل سلمة بن الأكوع:«له سلبه أجمع» (1).و قال:«من قتل قتيلا[له عليه بيّنة] (2)فله سلبه» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّ ابن الجنيد-رحمه اللّه-قال:و لا أختار أن يجرّد الكافر في السلب (4).و كرهه الثوريّ،و لم يكرهه الأوزاعيّ (5)؛للخبر (6).

احتجّ ابن الجنيد:بأنّ فيه كشف العورة (7).

إذا عرفت هذا:فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن يأخذ سلبا عند مباشرته للحرب (8).رواه ابن الجنيد.

السابع:هل يفتقر المدّعي للسّلب إلى بيّنة بالقتل؟

قال بعض الجمهور:لا بدّ من البيّنة (9)،و منع من ذلك الأوزاعيّ (10).

و الأوّل:أقوى عندي؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه

ص:321


1- 1صحيح مسلم 3:1374 الحديث 1754،سنن أبي داود 3:49 الحديث 2654، [1]سنن البيهقيّ 6: 307.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:947 الحديث 2838 بتفاوت،مسند أحمد 5:306، [2]سنن البيهقيّ 6:309، المصنّف لابن أبي شيبة 7:649 الحديث 9،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:245 الحديث 6995.
4- 4) نقله عنه في الجواهر 21:191. [3]
5- 5) المغني 10:424،الشرح الكبير بهامش المغني 10:452.
6- 6) صحيح مسلم 3:1374 الحديث 1754،سنن أبي داود 3:49 الحديث 2654،سنن البيهقيّ 6: 307.
7- 7) نقله عنه في الجواهر 21:191. [4]
8- 8) بحار الأنوار 33:454 الحديث 669،مستدرك الوسائل 11:127 الحديث 13،سنن البيهقيّ 6: 308.
9- 9) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
10- 10) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.

بيّنة فله سلبه» (1).و لأنّه مدّع،فيحتاج إلى البيّنة؛للعموم (2).

احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل قول أبي قتادة (3). (4)

و الجواب:أنّه عليه السلام إنّما قبل قوله؛لأنّ خصمه أقرّ له،فاكتفى بإقراره.

إذا ثبت هذا:فهل يفتقر إلى شاهدين؟قال أحمد:لا بدّ من شاهدين (5).

و قال قوم من الجمهور:يقبل بشاهد و يمين؛لأنها دعوى في المال.و يمكن القول:بأنّه يقبل شاهد بغير يمين؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل قول الذي شهد لأبي قتادة من غير يمين (6). (7)

احتجّ أحمد:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اعتبر البيّنة،و إطلاقها ينصرف إلى شاهدين.و لأنّها دعوى للقتل،فاعتبر شاهدان،كقتل العمد (8).

الثامن:لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له،

فللشافعيّ قولان:

أحدهما:الجواز،و به قال أبو حنيفة (9)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال يوم

ص:322


1- 1صحيح مسلم 3:1370 الحديث 1751،سنن أبي داود 3:70 الحديث 2717، [1]الموطّأ 2:454 الحديث 18، [2]سنن البيهقيّ 6:306.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 4:218 الحديث 53 و 54،كنز العمّال 6:187 الحديث 15282 و 15283.
3- 3) صحيح البخاريّ 4:112،صحيح مسلم 3:1370 الحديث 1751،سنن أبي داود 3:70 الحديث 2717،الموطّأ 2:454 الحديث 18،سنن البيهقيّ 6:306 و ج 9:50.
4- 4) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
5- 5) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
6- 6) صحيح البخاريّ 4:112،صحيح مسلم 3:1370 الحديث 1751،سنن أبي داود 3:70 الحديث 2717،الموطّأ 2:454 الحديث 18،سنن البيهقيّ 6:306.
7- 7) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
8- 8) المغني 10:423،الشرح الكبير بهامش المغني 10:450.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 10:45،تحفة الفقهاء 3:297،بدائع الصنائع 7:115،شرح فتح القدير 5: 249،مجمع الأنهر 1:650.

بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (1).

و الثاني:المنع؛لأنّ من أجاز ذلك،أسقط حقّ أهل الخمس من خمسه،و من يستحقّ جزءا من الغنيمة،لم يجز للإمام أن يشترط إسقاطه،كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين،و تأوّل الخبر بعد التسليم بأنّ غنائم بدر لم تكن للغانمين؛لأنّ الآية نزلت بعدها (2)،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها (3).أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قال:إذا قال الإمام قبل لقاء العدوّ:من أخذ شيئا من الغنيمة فهو له بعد الخمس،كان جائزا؛لأنّه معصوم و فعله حجّة (4).

ص:323


1- 1الأمّ 4:144،سنن البيهقيّ 6:315،المجموع 19:351، [1]المغني 10:454.
2- 2) الأنفال(8):41.
3- 3) الأمّ 4:144،الحاوي الكبير 8:402-403،المهذّب للشيرازيّ 2:313،بدائع الصنائع 7: 115،المغني 10:454،الشرح الكبير بهامش المغني 10:511.
4- 4) المبسوط 2:68، [2]الخلاف 2:114 مسألة-14.
البحث الثالث
اشارة

في الرضخ

مسألة:النساء إذا حضرن المعركة،لم يسهم لهنّ

و إن احتيج إليهنّ لمنفعة العسكر من الطبخ و مداواة الجرحى و غير ذلك،بل يرضخ لهنّ الإمام ما يؤدّي إليه اجتهاده.

و معنى الرضخ:أنّه يعطى المرضوخ له شيئا من الغنيمة و لا يسهم له سهم كامل،و لا تقدير للرضخ،بل هو موكول إلى نظر الإمام،فإن رأى التسوية بينهنّ سوّى،و إن رأى التفضيل فضّل،و هذا مذهب علمائنا أجمع،و أكثر أهل العلم، منهم:سعيد بن المسيّب (1)،و مالك (2)،و الثوريّ،و الليث (3)،و الشافعيّ (4)، و إسحاق،و أحمد بن حنبل،و هو مرويّ عن ابن عبّاس (5).

و قال الأوزاعيّ:يسهم للنساء (6).

ص:324


1- 1المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495.
2- 2) بداية المجتهد 1:392.
3- 3) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495،عمدة القارئ 14:167.
4- 4) الأمّ 4:146،المهذّب للشيرازيّ 2:314،حلية العلماء 7:681،المجموع 19:362،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:181،مغني المحتاج 3:105،السراج الوهّاج:354.
5- 5) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495،الإنصاف 4:170-171، [1]عمدة القارئ 14:167.
6- 6) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495،حلية العلماء 7:681،المجموع 19: 362، [2]بداية المجتهد 1:392،عمدة القارئ 14:167.

لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن هرمز (1)،قال:كتب نجدة الحروريّ (2)إلى ابن عبّاس-رحمه اللّه-يسأله عن النساء هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟و هل كان يضرب لهنّ بسهم؟فقال ابن عبّاس:قد كنّ يشهدن الحرب،فأمّا الضرب لهنّ بسهم،فلا (3).

و عن ابن عبّاس أيضا،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغزو بالنساء فيداوين الجرحى،و يحذين (4)[من] (5)الغنيمة،و أمّا سهم،فلم يضرب لهنّ (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أحدهما عليهما السلام، قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى

ص:325


1- 1يزيد بن هرمز المدنيّ أبو عبد اللّه مولى بني ليث،روى عن أبي هريرة و ابن عبّاس و أبان بن عثمان، و روى عنه الزهريّ و سعيد المقبريّ و أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين و قيس بن سعد...و غيرهم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. التاريخ الكبير للبخاريّ 8:367،تهذيب التهذيب 11:369، [1]الجرح و التعديل 9:293.
2- 2) نجدة بن عامر الحروريّ الحنفيّ رأس الفرقة النجديّة نسبة إليه من الحروريّة و يعرف أصحابها بالنجدات،انفرد عن سائر الخوارج بآراء،قدم مكّة،و له مقالات معروفة و أتباع انقرضوا،كاتب ابن عبّاس يسأله عن مسائل و أجابه ابن عبّاس و اعتذر عن مكاتبته له.و الحروريّ نسبة إلى حروراء موضع على ميلين من الكوفة كان أوّل اجتماع الخوارج به فنسبوا إليه،قتل نجدة سنة 69 ه.لسان الميزان 6:148،شذرات الذّهب 1:76،الأعلام للزركليّ 8:10. [2]
3- 3) صحيح مسلم 3:1446 الحديث 1812،سنن أبي داود 3:74 الحديث 2728، [3]سنن البيهقيّ 6: 332،المصنّف لابن أبي شيبة 7:667 الحديث 2،المصنّف لعبد الرزّاق 5:227 الحديث 9452.
4- 4) يحذين من الغنيمة:أي يعطين.النهاية لابن الأثير 1:358. [4]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) صحيح مسلم 3:1444 الحديث 1812،سنن الترمذيّ 4:125 الحديث 1556،و [5]فيهما:بسهم، و في البيهقيّ:السهم،مكان:سهم.سنن البيهقيّ 6:332،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:336 الحديث 10833.

و لم يقسم (1)لهنّ من الفيء شيئا و لكن نفلهنّ» (2).

و لأنّهنّ لسن من أهل القتال،و لهذا لم يجب عليهنّ فرضه،و نهي عن قتل الحربيّات.و لأنّ المرأة ضعيفة يستولي عليها الخور (3)،فلا تصلح للقتال فلا يسهم لهنّ.

احتجّ المخالف:بما رواه حشرج بن زياد عن جدّته أمّ أبيه:أنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ (4)،فلمّا فتح اللّه عليه خيبر،أسهم لنا كما أسهم للرجال،قال:قلت:يا جدّة ما كان ذلك؟قالت:

تمرا (5). (6)

و عن ابن شبل (7):أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب لسهلة بنت عاصم (8)يوم

ص:326


1- 1أكثر النسخ:«و لم يسهم»مكان:«و لم يقسم».
2- 2) التهذيب 6:148 الحديث 260،الوسائل 11:86 الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6. [1]
3- 3) خار:ضعف.المصباح المنير:183.
4- 4) آل،ر،ب،ع و ق:ستّة،مكان:ستّ.
5- 5) سنن أبي داود 3:74 الحديث 2729، [2]مسند أحمد 5:271، [3]سنن البيهقيّ 6:333،كنز العمّال 4: 538 الحديث 11588،المصنّف لابن أبي شيبة 7:728 الحديث 2. [4]
6- 6) المغني 10:443،الشرح الكبير بهامش المغني 10:496.
7- 7) عبد الرحمن بن شبل بن عمرو بن زيد بن نجدة بن مالك...الأنصاريّ الأوسيّ،كان أحد نقباء الأنصار،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه تميم بن محمود و يزيد بن خمير و أبو سلام الأسود،نزل الشام و مات في إمارة معاوية بن أبي سفيان.أسد الغابة 3:130، [5]الإصابة 2:403، [6]تهذيب التهذيب 6:193. [7]
8- 8) سهلة بنت عاصم بن عدي الأنصاريّة تزوّجها عبد الرحمن بن عوف،ولدت يوم خيبر فسمّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهلة،و روي أنّه أسهم لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر.المغازي للواقديّ 2:687، [8]أسد الغابة 5:483، [9]الإصابة 4:337. [10]

خيبر بسهم،فقال رجل من القوم:أعطيت سهلة مثل سهمي (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه يحتمل أنّ الراوي سمّى الرضخ سهما.و قولها:أسهم لنا كما أسهم للرجال،معناه:قسّم بيننا الرضخ،كما قسّم الغنيمة بين الرجال.

و التساوي في القسمتين لا يلزم التساوي في المقدارين،و لهذا كان النصيب تمرا، و لو كان سهما ما اختصّ بالتمر،و لأنّ خيبر قسّمت على أهل الحديبيّة،و هم نفر معدودون في غير حديث جدّة حشرج و لم يذكرن منهم (2)،و يحتمل أنّه أسهم لهنّ من التمر خاصّة مثل سهم الرجال.

و عن الثاني:أنّ في الحديث أنّها ولدت،فأعطاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لها و لولدها.و عندنا أنّ المولود يسهم له،كالرجال.

مسألة:و العبيد لا سهم لهم،
اشارة

و لكن يرضخ لهم الإمام ما يراه من المصلحة و إن جاهدوا،و به قال أكثر العلماء (3).

و قال أبو ثور:يسهم للعبد،و هو مرويّ عن عمر بن عبد العزيز،و الحسن البصريّ،و النخعيّ (4).و حكي عن الأوزاعيّ أنّه قال:ليس للعبيد سهم و لا رضخ إلاّ أن يجيئوا بغنيمة فيرضخ لهم (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن هرمز (6)أنّ نجدة كتب إلى ابن عبّاس يسأله

ص:327


1- 1المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495 و فيهما:يوم حنين،مكان:يوم خيبر، الإصابة 4:337،أسد الغابة 4:483.
2- 2) أكثر النسخ:منهنّ،مكان:منهم.
3- 3) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:360 و 362،الإنصاف 4:170-171، [1]بدائع الصنائع 7:126.
4- 4) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495.
5- 5) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495.
6- 6) في النسخ:يزيد بن هارون،و ما أثبتناه من المصادر.

عن المرأة و المملوك يحضران الفتح أ لهما من المغنم شيء؟قال:يحذيان و ليس لهما شيء،و في رواية قال:ليس لهما سهم و قد يرضخ لهما (1).

و عن عمير مولى آبي اللحم (2)،قال:شهدت خيبر مع سادتي فكلّموا فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبر أنّي مملوك فأمر لي بشيء من خرثيّ (3)المتاع (4).

و لأنّه ليس من أهل القتال و لا يجب عليه الجهاد فلا يسهم له،كالمرأة.

احتجّوا:بما روي عن الأسود بن يزيد أنّه شهد فتح القادسيّة عبيد فضرب لهم سهامهم.و لأنّ حرمة العبد في الدين كحرمة الحرّ،و فيه من الغناء (5)مثل ما فيه، فوجب أن يسهم له كالحرّ (6).

ص:328


1- 1صحيح مسلم 3:1446 الحديث 1812،سنن البيهقيّ 6:332،المصنّف لعبد الرزّاق 5:227 الحديث 9452.
2- 2) عمير مولى آبي اللحم الغفاريّ،و اسم آبي اللحم عبد اللّه بن عبد مالك بن عبد اللّه بن عفّان،و كان آبي اللحم شاعرا،و إنّما سمّي آبي اللحم؛لأنّه كان يمتنع من أكل اللحم،شهد عمير مع مولاه خيبر فلم يسهم له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لكنّه رضخ له من خرثيّ المتاع،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن مولاه،و روى عنه محمّد بن إبراهيم التيميّ و محمّد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ و يزيد بن عبد اللّه بن الهاد. أسد الغابة 4:139، [1]الإصابة 3:38، [2]المعجم الكبير للطبرانيّ 17:65،تهذيب التهذيب 8:151. [3]
3- 3) الخرثيّ:أثاث البيت و متاعه.النهاية لابن الأثير 2:19،و [4]قال ابن منظور:أردأ المتاع و الغنائم. لسان العرب 2:145. [5]
4- 4) سنن أبي داود 3:75 الحديث 2730، [6]سنن ابن ماجة 2:952 الحديث 2855،سنن الترمذيّ 4: 127 الحديث 1557 [7] فيه:خرتيّ،سنن الدارميّ 2:226، [8]مسند أحمد 5:223، [9]سنن البيهقيّ 6: 332،المعجم الكبير للطبرانيّ 17:67 الحديث 133،المصنّف لابن أبي شيبة 7:666 الحديث 1 فيه بتفاوت.
5- 5) خا و ق:العناء،مكان:الغناء.
6- 6) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الرواية أوّلا،و باحتمال صرف الأسهام إلى الرضخ ثانيا.

و عن الثاني بالفرق،فإنّ الحرّ يجب عليه الجهاد،و الحريّة مظنّة الفراغ للوسع في النظر و الفكر في مصالح المسلمين،بخلاف العبد.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين العبد المأذون له في القتال و غير المأذون في عدم الإسهام،

بل يرضخ لهما.

و قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:يسهم للعبد المأذون له (1)،و به قال الأوزاعيّ (2)،و أبو ثور (3)،نقله عنهما ابن الجنيد أيضا.و ليس بجيّد؛لأنّه عبد لا يجب عليه الجهاد،فلا يستحقّ سهما من الغنيمة،كالنساء.

الثاني:العبد إذا لم يأذن له مولاه في القتال لا يسهم له إجماعا،

ثمّ إن كره مولاه الغزو لم يرضخ له؛لأنّه عاص بذلك،و إن عرف منه الإباحة،استحقّ الرضخ، كالمأذون.

الثالث:المدبّر و المكاتب،كالقنّ؛

لأنّهم عبيد.

الرابع:لو أعتق العبد قبل تقضّي الحرب،أسهم له.

و لو قتل سيّد المدبّر قبل تقضّي الحرب،و هو يخرج من الثلث،عتق و أسهم له إذا كان حاضرا.

ص:329


1- 1نقله عنه في المختلف:328.
2- 2) كذا نسب إليه العلاّمة نقلا عن ابن الجنيد و لكنّ الموجود في المغني 10:442،و الشرح الكبير بهامش المغني 10:495:و حكي عن الأوزاعيّ:ليس للعبيد سهم و لا رضخ.
3- 3) المغني 10:442،الشرح الكبير بهامش المغني 10:495.
الخامس:من نصفه حرّ قيل:يرضخ له بقدر ما فيه من الرقّ،

و يسهم له بقدر ما فيه من الحرّيّة؛لأنّه ممّا يمكن تنصيفه،فيقسّم،كالميراث (1)،و قيل:يرضخ له؛ لأنّه ليس من أهل وجوب القتال،فأشبه الرقيق (2).

السادس:الخنثى المشكل يرضخ له؛

لأنّ المقتضي لاستحقاق السهم و هو الذكورة غير معلوم الثبوت في حقّه،فلا يترتّب عليه الحكم،و لأنّ الجهاد غير واجب عليه،فأشبه المرأة.و قيل:له نصف سهم و نصف الرضخ كالميراث (3).

و الأوّل:أقوى.

فلو انكشف حاله و علم أنّه رجل،أتمّ له سهم الرجل،سواء انكشف قبل تقضّي الحرب أو بعده،أو قبل القسمة أو بعدها؛لأنّه قد ظهر لنا استحقاقه للسهم و أعطي دون حقّه،فأشبه ما لو أعطي بعض الرجال دون حقّه غلطا.و فيه نظر.

مسألة:و يسهم للصبيّ إذا حضر الحرب،
اشارة

سواء كان من أهل القتال أو لم يكن، حتّى أنّه لو ولد بعد الحيازة قبل القسمة،أسهم له،كالرجل المقاتل.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الأوزاعيّ (4).

و قال مالك:يسهم له إذا قاتل و قدر عليه و مثله قد بلغ القتال (5).

ص:330


1- 1المغني 10:444،الشرح الكبير بهامش المغني 10:496،الإنصاف 4:171.
2- 2) المغني 10:444،الشرح الكبير بهامش المغني 10:496،الإنصاف 4:171.
3- 3) المغني 10:444،الشرح الكبير بهامش المغني 10:497،الإنصاف 4:171. [1]
4- 4) المغني 10:445،الشرح الكبير بهامش المغني 10:497،حلية العلماء 7:681،المجموع 19: 361-362.
5- 5) بداية المجتهد 1:392،المنتقى للباجي 3:179،بلغة السالك 1:363.

و قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و الثوريّ،و الليث،و أحمد،و أبو ثور:

لا يسهم له،بل يرضخ.و عن القاسم و سالم:ليس له شيء (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أسهم للصبيان بخيبر، و أسهم أئمّة المسلمين كلّ مولود ولد في دار الحرب (4).

و روى الجوزجانيّ بإسناده عن ابن عطاء (5)،قال حدّثتني جدّتي قالت:كنت مع حبيب بن مسلمة (6)،و كان يسهم لأمّهات الأولاد لما في بطونهنّ (7).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ عليّا عليه السلام قال:«إذا ولد المولود في أرض (8)

ص:331


1- 1الأمّ 4:146،الحاوي الكبير 8:412-413،المهذّب للشيرازيّ 2:314،حلية العلماء 7: 681،المجموع 19:360،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:181، مغني المحتاج 3:105،السراج الوهّاج:354.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:45،تحفة الفقهاء 3:300،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:147، [1]شرح فتح القدير 5:241،تبيين الحقائق 4:113،مجمع الأنهر 1:647.
3- 3) المغني 10:444،الشرح الكبير بهامش المغني 10:497،الإنصاف 4:171. [2]
4- 4) سنن الترمذيّ 4:126، [3]المغني 10:445،الشرح الكبير بهامش المغني 10:497،نصب الراية 4: 285.
5- 5) الوضين بن عطاء بن كنانة بن عبد اللّه بن مصدع الخزاعيّ أبو كنانة،و يقال:أبو عبد اللّه الدمشقيّ، روى عن أبي الأشعث الصنعانيّ و القاسم أبي عبد الرحمن و أبي عثمان الصنعانيّ و محفوظ بن علقمة...و غيرهم،و روى عنه الحمّادان و الهيثم بن حميد الغسّانيّ و يزيد بن السمط،مات سنة 147 و قيل:149 ه.تهذيب التهذيب 11:120، [4]الجرح و التعديل 9:50،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4: 329.
6- 6) كثير من النسخ:مسلم،مكان:مسلمة.
7- 7) المغني 10:445،الشرح الكبير بهامش المغني 10:497.
8- 8) ع و ب:«دار»مكان:«أرض».

الحرب قسّم له ممّا أفاء اللّه عليهم» (1).

و لأنّه حرّ ذكر حضر القتال،و له حكم المسلمين،فيسهم له،كالرجل.

و لأنّ في إسهامه بعثا له بعد البلوغ على الجهاد،فيكون لطفا له فيجب.و لأنّه حال القتال معرّض للتلف،فصار كالمحارب.

احتجّوا:بما رواه الجوزجانيّ بإسناده أنّ تميم بن فرع المهريّ (2)كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندريّة في المرّة الأخيرة،فلم يقسّم لي عمرو (3)من الفيء شيئا،و قال:غلام لم يحتلم،حتّى كاد يكون بين قومي و بين الناس من قريش في ذلك نائرة (4)،فقال بعض القوم:فيكم أناس من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاسألوهم (5)،فسألوا أبا بصرة الغفاريّ (6)و عقبة بن عامر،فقالا:انظروا،فإن كان قد أشعر،فاقسموا له،فنظر إليّ بعض القوم فإذا أنا قد أنبتّ،فقسم لي (7).

ص:332


1- 1التهذيب 6:147 الحديث 259،الوسائل 11:87 الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 8. [1]
2- 2) تميم بن فرع المهريّ مصريّ روى عن عمرو بن العاص و عقبة بن عامر و أبي بصرة الغفاريّ، و روى عنه حرملة بن عمران بأنّه كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندريّة في المرّة الآخرة،و إنّه كان غلاما قد أنبت فأعطي سهمه بفتوى أبي بصرة الغفاريّ و عقبة بن عامر و عمرو بن العاص. التاريخ الكبير للبخاريّ 2:154،الجرح و التعديل 2:441.
3- 3) في النسخ:عمر،و ما أثبتناه من المغني و الشرح.
4- 4) في المغني:ثائرة.و نائرة،أي عداوة و شحناء.لسان العرب 5:245. [2]
5- 5) في النسخ:فاسألهم،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) حميل بن بصرة،أبو بصرة الغفاريّ،قال ابن الأثير:و قيل:جميل بالجيم.و عنونه في باب الجيم و في باب الحاء،و نقل عن ابن مأكولا أنّ الصحيح:حميل بضم الحاء،و قال:على ذلك اتّفقوا،و هو: حميل بن بصرة بن وقاص بن حاجب بن غفار حدّث عنه عمرو بن العاص و أبو هريرة و أبو تميم الحبشانيّ و تميم بن فرع المهريّ.أسد الغابة 1:295 و ج 2:55، [3]الإصابة 1:358. [4]
7- 7) المغني 10:445،الشرح الكبير بهامش المغني 10:498.

و لأنّه ليس من أهل القتال،فلم يسهم له،كالعبد (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الحجّة،و قد نقلنا أنّه عليه السلام قسم للصبيان في خيبر (2)،فلا اعتداد حينئذ بمخالفة عمرو.

و عن الثاني:بأنّه و إن لم يكن من أهل القتال،لكنّه ممّن ثبت في حقّه المظنّة، و هي الحريّة و الذكورة (3).

فرع:

لا فرق بين الطفل الصغير و المراهق؛

عملا بالمقتضى و قد قلنا:إنّه لو ولد بعد تقضّي الحرب و حيازة الغنائم قبل القسمة،أسهم له (4)؛لأنّ المزاحم للسابقين (5)في الاستحقاق وجد قبل القسمة فشاركهم،كالممنوع من الإرث إذا زال المانع قبل القسمة.

أمّا لو ولد بعد القسمة،فإنّه لا يسهم له؛لأنّ كلّ واحد من الغانمين قد استقرّ ملكه على ما في يده بالقسمة،فلا يزول عنه.

مسألة:الكافر لا يسهم له،بل يرضخ له الإمام ما يراه،
اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و به

ص:333


1- 1المغني 10:445،الشرح الكبير بهامش المغني 10:498،المدوّنة الكبرى 2:34،إرواء الغليل 5:68.
2- 2) يراجع:ص 331 الرقم 4.
3- 3) ب:الذكوريّة.
4- 4) يراجع:ص 330. [1]
5- 5) آل:للبابين،ر:للثابين،ع:للسابيين.

قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و الشافعيّ (3).و قال الثوريّ و الزهريّ،و إسحاق:يسهم له كالمسلم،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:أنّه ليس من أهل الجهاد؛لأنّه لا يخلص نيّته للمسلمين،فلا يساويهم في الاستحقاق.

احتجّ المخالف:بما رواه الزهريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم (5).

و روي أنّ صفوان بن أميّة خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،فأسهم له و أعطاه من سهم المؤلّفة (6).

و لأنّ الكفر نقص في الدين،فلم يمنع استحقاق السهم،كالفسق (7).

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أن يكون الراوي سمّى الرضخ إسهاما.

و عن الثاني:أنّ إسهامه من نصيب المؤلّفة عندنا جائز،و ذلك من سهم مستحقّي الزكاة لا من الغنيمة.

و عن الثالث:بالفرق بين الفسق و الكفر و هو ظاهر.

ص:334


1- 1الكافي في فقه أهل المدينة:241،المنتقى للباجي 3:179.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:45،تحفة الفقهاء 3:300،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:147،شرح فتح القدير 5:241،تبيين الحقائق 4:113،مجمع الأنهر 1:647.
3- 3) الأمّ 4:146،الحاوي الكبير 8:413،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:360،حلية العلماء 7:681،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:181،مغني المحتاج 3:105،السراج الوهّاج:354.
4- 4) المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499،الإنصاف 4:171. [1]
5- 5) سنن البيهقيّ 9:53،المصنّف لابن أبي شيبة 7:661 الحديث 1 فيه:غزا،مكان استعان،المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
6- 6) المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
7- 7) المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
فروع:
الأوّل:الكافر إنّما يستحقّ سهم المؤلّفة أو الرضخ إذا خرج

إلى القتال بإذن الإمام،و لو خرج بغير إذنه،لم يسهم له و لا يرضخ شيئا بلا خلاف؛لأنّه غير مأمون على الدين،فهو كالمرجف.

الثاني:لو غزا جماعة من الكفّار بانفرادهم فغنموا،

كانت غنيمتهم للإمام على ما يأتي أنّ الغنيمة المأخوذة بغير إذن الإمام له خاصّة.

و قال بعض الجمهور:غنيمتهم لهم و لا خمس فيها (1)؛لأنّه اكتساب مباح لم يؤخذ على وجه الجهاد،فكان كالاحتطاب و الاحتشاش.

و قيل:فيه الخمس؛لأنّه غنيمة قوم من أهل دار الإسلام،فأشبه غنيمة المسلمين (2).

الثالث:تجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين،

و به قال الشافعيّ و جماعة من أهل العلم (3).

و قال جماعة أخرى:لا يستعان بهم،و هو قول ابن المنذر،و عن أحمد روايتان (4).

لنا:ما رواه الزهريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعان بناس من اليهود في حربه (5).

ص:335


1- 1المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
2- 2) المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
3- 3) الحاوي الكبير 14:131،المهذّب للشيرازيّ 2:295،حلية العلماء 7:647،المجموع 19: 280،مغني المحتاج 4:221،السراج الوهّاج:542.
4- 4) المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:420-421،الإنصاف 4:143.
5- 5) سنن البيهقيّ 9:53،المصنّف لابن أبي شيبة 7:661 الحديث 1 فيهما:غزا،مكان:استعان،المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.

و عن صفوان بن أميّة أنّه خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،و أسهم له (1).

الرابع:يشترط أن يكون المستعان به من المشركين في الحرب حسن الرأي

في المسلمين

مأمون الضرر،و لو لم يكن مأمونا،لم يجز الاستعانة به إجماعا؛لأنّا منعنا الاستعانة بغير المأمون من المسلمين،كالمخذّل و المرجف،فالكافر أولى،أمّا إذا كان مأمونا،فإنّه تجوز الاستعانة به-على ما قلناه أوّلا-خلافا لأحمد.

احتجّ على عدم جواز الاستعانة مطلقا:بما روت عائشة،قالت:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر،حتّى إذا كان بحرّة الوبرة (2)،أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة و نجدة،فسر المسلمون به فقال:يا رسول اللّه جئت لأتّبعك و أصيب معك،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:

لا،قال:«فارجع،فلن نستعين بمشرك»قالت:ثمّ مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حتّى إذا كان بالبيداء،أدركه ذلك الرجل،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:نعم،قال:«فانطلق» (3).

و عن عبد الرحمن بن خبيب،قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو يريد غزوة-أنا و رجل من قومي و لم نسلم،فقلنا:نستحي أن يشهد قومنا مشهدا

ص:336


1- 1المغني 10:446،الشرح الكبير بهامش المغني 10:499.
2- 2) في النسخ:الوبر،و ما أثبتناه من بعض المصادر.و قد تقدّم الحديث في ص 73.و الحرّة أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّها أحرقت بالنار.الصحاح 2:626. [1]قال الحمويّ:الوبرة:بثلاث فتحات،و قد سكّن بعضهم الباء،و هي على ثلاثة أميال من المدينة.و قال:الوبرة:قرية على عين ماء تخرّ من جبل آرة،و هي قرية ذات نخيل من أعراض المدينة.معجم البلدان 2:25 و ج 5:359. [2]
3- 3) صحيح مسلم 3:1449 الحديث 1817،سنن الترمذيّ 4:127 الحديث 1558، [3]مسند أحمد 6: 67، [4]سنن البيهقيّ 9:36،كنز العمّال 4:436 الحديث 11293،المصنّف لابن أبي شيبة 7:661 الحديث 4. [5]

لا نشهده معهم،قال:«فأسلمتما؟»قلنا:لا،قال:«إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين»قال:فأسلمنا و شهدنا معه (1).

و لأنّه غير مأمون فأشبه المخذّل و المرجف (2).

و الجواب عن الحديثين:أنّهما وردا في واقعة،فلا عموم لها،و حينئذ يحتمل أن يكون عليه السلام مستغنيا عن المشركين في تلك القضيّة،أو أنّه عليه السلام علم من حالهم الإسلام بالردّ لهم فردّهم ليسلموا،و ذلك مصلحة عظيمة،أو أنّه عليه السلام لم يكن عالما بحالهم من الأمانة و عدم الإضرار.

و عن الثاني:بالفرق؛إذ التقدير أنّ الاستعانة إنّما تجوز إذا كان المشرك مأمونا، فلا يجوز قياس أحد النقيضين على صاحبه.

مسألة:و ليس للرضخ قدر معيّن،
اشارة

بل هو موكول إلى نظر الإمام،لكن لا يبلغ للفارس سهم فارس و لا للراجل سهم راجل،كما لا يبلغ بالتعزير الحدّ.

و ينبغي أن يفضّل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم و كثرة النفع بهم،فيفضّل العبد المقاتل الشديد على من ليس كذلك،و تفضّل (3)المرأة المقاتلة،و التي تسقي الماء و تداوي الجرحى و تعتني بالمجاهدين على من ليس كذلك.

و بالجملة تفاوت بينهم بالعطاء بحسب تفاوت النفع بهم،و لا يسوّى بينهم كما يسوّى في السهام؛لأنّ السهم منصوص عليه (4)غير موكول إلى الاجتهاد،فلم يختلف،كالحدّ و الدية،أمّا الرضخ،فإنّه غير مقدّر،بل هو مجتهد فيه،مردود إلى

ص:337


1- 1المستدرك للحاكم 2:121 سنن البيهقيّ 9:37،المصنّف لابن أبي شيبة 7:660 الحديث 1، المعجم الكبير للطبرانيّ 4:223 الحديث 4194،مجمع الزوائد 5:303.
2- 2) المغني 10:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:420.
3- 3) أكثر النسخ:و يفضّل.
4- 4) أكثر النسخ:إليه،مكان:عليه.

اجتهاد الإمام،فاختلف،كالتعزير و قيمة العبد و غير ذلك.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ-رحمه اللّه-:الرضخ يكون من أصل الغنيمة،

و للشافعيّ ثلاثة أقوال:أحدها:كقولنا.

و الثاني:أنّه يكون من أربعة الأخماس؛لأنّهم يستحقّون ذلك بحضورهم الوقعة،فأشبهوا الغانمين.

و الثالث:أنّه يدفع من سهم المصالح؛لأنّ مستحقّ الرضخ ليس من أصحاب السهم و لا من أصحاب الخمس،فلم يكن الدفع إليه إلاّ على وجه المصلحة،فكان من سهم المصالح (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الأوّل:أصحّ؛لأنّهم يستحقّون ذلك لمعاونة الغانمين في تحصيل الغنيمة،فهم بمنزلة النقّالين (2)و الحفّاظ تكون أجرتهم من أصل الغنيمة، و لو أعطاهم الإمام ذلك من ماله من الأنفال و حصّته من الخمس،جاز ذلك (3).

الثاني:إذا استأجر الإمام أهل الذمّة للقتال،جاز،

و لا يبيّن المدّة؛لأنّ ذكر المدّة غرر،فربّما زادت مدّة الحرب أو نقصت،و عفي عن الجهالة هنا؛لموضع الحاجة.فإن لم يكن قتال،لم يستحقّوا شيئا،و إن كان هناك قتال،فإن قاتلوا، استحقّوا الأجرة،و إن لم يقاتلوا،ففي الاستحقاق تردّد ينشأ من أنّه منوط بالعمل و لم يوجد،فلا استحقاق،أو أنّه يستحقّ بالحضور؛لأنّ الحضور بمنزلة القتال في حقّ المسلم يستحقّ به السهم،فكذا هنا،و الأوّل:أقوى.

ص:338


1- 1نقله عنه الشيخ في الخلاف 2:117 مسألة-23 و ينظر لقوله أيضا:المجموع 19:363. [1]
2- 2) بعض النسخ:البقّالين.
3- 3) المبسوط 2:70. [2]
الثالث:لو زادت الأجرة على سهم الراجل أو الفارس،

ففيه احتمالان:

أحدهما:أنّه يعطى ما يكون رضخا من الغنيمة،و ما زاد يكون من سهم المصالح.

و الثاني:أنّه يدفع ذلك كلّه من الغنيمة؛لأنّه جار مجرى المئونة،و المئونة لا يعتبر فيها النقصان عن السهم.و هو الأقوى عندي.

الرابع:لو غزا المرجف أو المخذّل،فلا شيء له،

و لو كان على فرس،لم يسهم له و لا للفرس.

الخامس:لو غزا العبد بغير إذن مولاه،لم يرضخ له شيء؛

لأنّه عاص بغزوه، فصار كالمخذّل و المرجف.

و لو غزا الرجل بغير إذن الإمام،أخطأ،و إن غنم مع العسكر،كان سهمه للإمام على ما يأتي.و لو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن من له الدّين عليه،استحقّ السهم؛ لتعيّن الجهاد عليه بالحضور في الصفّ،فانتفى العصيان،بخلاف العبد،و فيه نظر.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية و البسوط:ليس للأعراب من الغنيمة

شيء

و إن قاتلوا مع المهاجرين،بل يرضخ لهم الإمام بحسب ما يراه من المصلحة (1).

و نعني (2)بالأعراب:من أظهر الإسلام و لم يصفه،و صولح على إعفائه عن المهاجرة و ترك النصيب.

قال:و يجوز أن يعطيهم الإمام من سهم ابن السبيل من الصدقة؛لأنّ الاسم يتناولهم (3).

ص:339


1- 1النهاية:299، [1]المبسوط 2:74. [2]
2- 2) بعض النسخ:و يعني.
3- 3) المبسوط 2:74. [3]

و منع ابن إدريس ذلك كلّ المنع،و أوجب لهم النصيب،و أن يسهمهم الإمام كغيرهم من المقاتلة؛عملا بالعموم و استضعافا للرواية (1).

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-:فقد عوّل في ذلك على ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث المعتزلة،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم،و لا يهاجروا، على إن دهمه من عدوّه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة (2)نصيب» (3).

فإن صحّ هذا الحديث،عمل به (4)،و إلاّ فالأقوى:مذهب ابن إدريس.

ص:340


1- 1السرائر:160.
2- 2) أكثر النسخ:«القسمة».
3- 3) التهذيب 6:150 الحديث 261،الوسائل 11:85 الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
4- 4) أكثر النسخ:«عليه»مكان:«به».
البحث الرابع
اشارة

في كيفيّة القسمة

مسألة:أوّل ما يبدأ الإمام بدفع السّلب

إلى القاتل أن جعله له؛لأنّ حقّه متعلّق بالعين دون بقيّة الغنيمة؛فإنّها لا تتعيّن لأحد،ثمّ يخرج بعد ذلك أجرة الحمّال و الحافظ و الناقل و الراعي؛لأنّ ذلك من مؤنها يؤخذ من أصلها،ثمّ يخرج منها الرضخ إن قلنا:إنّ الرضخ من أصل الغنيمة-على ما يأتي الخلاف فيه-ثمّ يقسّم فيفرد الخمس لأهله،و تقسّم الأربعة الأخماس بين الغانمين و تقدّم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس؛لأنّ مستحقّ الغنيمة و هم الغانمون،حاضرون،و أهل الخمس غائبون،فيقدّم حقّ الحاضرين.و لأنّ الغانمين يقف رجوعهم و انصرافهم إلى مواطنهم على قسمة الغنيمة،و أهل الخمس في مواطنهم،فكان الاشتغال بهم ليعودوا إلى أوطانهم أولى.و لأنّ الغانمين إنّما حصلت الغنيمة باجتهادهم و محاربتهم،فكانوا بمنزلة من استحقّها بعوض،و أهل الخمس حصلت لهم بغير سبب منهم،فكان حقّ الغانمين آكد،فقدّموا في القسمة.

مسألة:و للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما يختاره

-من فرس جواد أو ثوب مرتفع أو جارية حسناء أو سيف قاطع و غير ذلك-ما لم يضرّ بالعسكر.ذهب إليه علماؤنا أجمع؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصطفي من الغنائم الجارية و الفرس و ما أشبههما في غزاة خيبر و غيرها (1).

ص:341


1- 1سنن أبي داود 3:152 الحديث 2991 بتفاوت في اللفظ،سنن البيهقيّ 6:304 بتفاوت في اللفظ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الكنانيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«نحن قوم فرض اللّه طاعتنا،لنا الأنفال،و لنا صفو المال» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن صفو المال،قال:

«للإمام أن يأخذ الجارية الحسناء،و المركب الفاره،و السيف القاطع،و الدرع قبل أن تقسّم الغنيمة،هذا صفو المال» (2).

أمّا الجمهور،فإنّهم قالوا:إنّ الصفو كان مختصّا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يبطل بموته (3).

و ليس بمعتمد؛لأنّ المقتضي في حقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو تحمّله لأثقال غيره و إتمام ذوي الحقوق مئونتهم مع قصور حقّهم-ثابت في حقّ الإمام،فيكون المعلول ثابتا.

إذا ثبت هذا:فإنّ البحث في أنّ الاصطفاء قبل الخمس أو بعده،كالبحث فيما تقدّم في الرضخ (4).

مسألة:فإذا أخرج الإمام من الغنيمة ما يحتاج إليه
اشارة

من الرضخ و الجعائل و أجرة الحافظ و الراعي و الناقل،و كلّما تحتاج الغنيمة إليه من النفقة مدّة بقائها، و يقسّم (5)الباقي بين الغانمين خاصّة ممّا ينقل و يحوّل،أمّا الأرضون و العقارات فقد بيّنّا أنّها للمسلمين قاطبة (6)،و إنّما يختصّ الغانمون بالأموال الحاضرة ممّا ينقل و يحوّل،فيقسّم ذلك بين الغانمين،للراجل سهم و للفارس سهمان.

ص:342


1- 1التهذيب 4:132 الحديث 367،الوسائل 6:373 الباب 2 من أبواب الأنفال الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:134 الحديث 375،الوسائل 6:369 الباب 1 من أبواب الأنفال الحديث 15. [2]
3- 3) المغني 7:303،الشرح الكبير بهامش المغني 10:490.
4- 4) يراجع:ص 324.
5- 5) أكثر النسخ:قسّم.
6- 6) يراجع:ص 253. [3]

و لا خلاف بين العلماء في أنّ الراجل يستحقّ سهما واحدا،و اختلفوا في الفارس،فقال أكثر علمائنا:إنّه يستحقّ سهمين:سهم له و سهم لفرسه (1).و به قال أبو حنيفة (2).

و قال ابن الجنيد من علمائنا:للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له (3).

و هو قول أكثر العلماء (4).

و نقله الجمهور عن عليّ عليه السلام (5)،و نقله أصحابنا أيضا عنه (6)،و تأوّلوه بما يأتي (7)،و بهذا قال عمر بن عبد العزيز،و الحسن البصريّ،و ابن سيرين، و حبيب بن أبي ثابت (8)،و مالك و من تبعه من أهل المدينة (9)،و الثوريّ و من وافقه

ص:343


1- 1منهم:الشيخ في المبسوط 2:70-71،و النهاية:295،و [1]ابن البرّاج في المهذّب 1:186، و الحلبيّ في الكافي في الفقه:258-259،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):696،و ابن إدريس في السرائر:157،و المحقّق في الشرائع 1:324.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:41،تحفة الفقهاء 3:300،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:146،شرح فتح القدير 5:235،الفتاوى الهنديّة 2:212،تبيين الحقائق 4:109،مجمع الأنهر 1:645.
3- 3) نقله عنه في المختلف:328.
4- 4) الحاوي الكبير 8:415،المهذّب للشيرازيّ 2:313،حلية العلماء 7:678،المجموع 19: 358، [2]روضة الطالبين:1161،العزيز شرح الوجيز 7:372،المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:502،المدوّنة الكبرى 2:32،الكافي في فقه أهل المدينة:214،بداية المجتهد 1:394.
5- 5) الحاوي الكبير 8:415،المجموع 19:358.
6- 6) التهذيب 6:147 الحديث 257-258،الاستبصار 3:3 و 4 الحديث 4 و 5.
7- 7) التهذيب 6:147 ذيل الحديث 257،الاستبصار 3:4 ذيل الحديث 4.
8- 8) الحاوي الكبير 8:415،المجموع 19:358،المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:502.
9- 9) الموطأ 2:456 الحديث 21، [3]المدونة الكبرى 2:32،بداية المجتهد 1:394،الكافي في فقه أهل المدينة:214.

من أهل العراق،و الليث و من تبعه من أهل مصر (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد بن حنبل،و إسحاق،و أبو ثور و أبو يوسف،و محمّد (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن المقداد-رضي اللّه عنه-قال:أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهمين:سهم لي و سهم لفرسي (4).

و عن مجمّع بن جارية (5)،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على أهل الحديبيّة،فأعطى الفارس سهمين و أعطى الراجل سهما (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،و فيها:كيف تقسّم الغنيمة بينهم؟فقال:

ص:344


1- 1الحاوي الكبير 8:415،المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:503.
2- 2) الأمّ 4:144،الحاوي الكبير 8:415،المهذّب للشيرازيّ 2:313،المجموع 19:358،روضة الطالبين:1161،العزيز شرح الوجيز 7:372،الميزان الكبرى 2:182،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180،مغني المحتاج 3:104،السراج الوهّاج:354،حلية العلماء 7:678.
3- 3) الحاوي الكبير 8:415،المغني 10:435،الشرح الكبير بهامش المغني 10:503،المجموع 19:358، [1]الفروع في فقه أحمد 3:452،الكافي لابن قدامة 4:228،الإنصاف 4:173، [2]المبسوط للسرخسيّ 10:41،تحفة الفقهاء 3:301،بدائع الصنائع 7:126،شرح فتح القدير 5:235، الفتاوى الهنديّة 2:212،تبيين الحقائق 4:109،مجمع الأنهر 1:645.
4- 4) المعجم الكبير للطبرانيّ 20:261 الحديث 614،مجمع الزوائد 5:342،الحاوي الكبير 8: 415.
5- 5) مجمّع بن جارية بن عامر بن مجمّع بن العطاف بن ضبيعة...الأنصاريّ الأوسيّ يعدّ من أهل المدينة، و كان أبوه ممّن اتّخذ مسجد الضرار،قيل:كان غلاما حدثا قد جمع القرآن،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد بن جارية و يعقوب بن مجمع و عكرمة بن سلمة،مات بالمدينة في خلافة معاوية. أسد الغابة 4:303،304، [3]الإصابة 3:366، [4]الأعلام للزركليّ 5:280. [5]
6- 6) سنن أبي داود 3:76 الحديث 2736، [6]المصنّف لابن أبي شيبة 7:663 الحديث 2،سنن الدار قطنيّ 4:105 الحديث 18،الحاوي الكبير 8:415،المغني 10:435،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 503،و في المغني و الحاوي الكبير:مجمّع بن حارثة.

«للفارس سهمان،و للراجل سهم» (1).

و لأنّه حيوان ذو سهم،فلا يسهم أكثر من سهم واحد،كالآدميّ.

احتجّوا:بما رواه ابن عمر،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له (2).

و عن أبي رهم (3)و أخيه،أنّهما كانا فارسين يوم خيبر،فأعطيا ستّة أسهم:

أربعة أسهم لفرسيهما،و سهمين لهما (4).

و عن ابن عبّاس،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفارس ثلاثة أسهم، و أعطى الراجل سهما (5). (6)

و من طريق الخاصّة:ما رواه إسحاق بن عمّار عن جعفر،عن أبيه

ص:345


1- 1التهذيب 6:145 الحديث 253،الاستبصار 3:3 الحديث 3،الوسائل 11:78 الباب 38 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) سنن أبي داود 3:75 الحديث 2733، [2]سنن ابن ماجة 2:952 الحديث 2854،سنن الدارميّ 2: 225، [3]مسند أحمد 2:41، [4]سنن البيهقيّ 6:325،سنن الدار قطنيّ 4:102 الحديث 5،الحاوي الكبير 8:415،العزيز شرح الوجيز 7:372.
3- 3) أبو رهم الغفاريّ،اسمه كلثوم بن الحصين،أسلم بعد قدوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المدينة و شهد أحدا،فرمي بسهم في نحره فجاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فبصق عليه فبرأ فسمّي المنحور، و استخلفه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على المدينة مرّتين:مرّة في عمرة القضاء،و مرّة عام الفتح،و هو من أصحاب بيعة الرضوان و بيعة الشجرة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه مولاه أبو حازم.أسد الغابة 5:197، [5]الإصابة 4:70، [6]الاستيعاب [7]بهامش الإصابة 4:69، [8]تهذيب التهذيب 8:443. [9]
4- 4) سنن البيهقيّ 6:326،مسند أبي يعلى 12:296 الحديث 6876،مجمع الزوائد 5:342،أسد الغابة 5:197. [10]
5- 5) الحاوي الكبير 8:416،مسند أبي يعلى 4:407 الحديث 2528،بتفاوت فيه.
6- 6) المغني 10:435،الشرح الكبير بهامش المغني 10:503،الحاوي الكبير 8:416،بداية المجتهد 1:394.

عليهما السلام،أنّ عليّا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم،و للراجل سهما (1).

و الجواب:عن هذه الأحاديث:أنّها محمولة على صاحب الأفراس الكثيرة؛ جمعا بين الأخبار،و تناسبا في المعنى.

و يؤيّده ما رواه أبو البختريّ عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام«إنّ عليّا عليه السلام كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم:سهمين لفرسه،و سهما له،و يجعل للراجل سهما» (2).

فروع:
الأوّل:ظهر ممّا قلناه أنّ للراجل سهما بلا خلاف،

و للفارس سهمين (3)على خلاف،أمّا ذو الأفراس الكثيرة،فإنّه يسهم له ثلاثة أسهم؛لما تقدّم.

و لو كان معه أفراس جماعة،لم يسهم إلاّ لفرسين لا غير،فيسهم له ثلاثة أسهم:سهمان لخيله،و سهم له.و به قال أحمد بن حنبل (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ:لا يسهم لأكثر من فرس

ص:346


1- 1التهذيب 6:147 الحديث 257،الاستبصار 3:3 الحديث 4،الوسائل 11:88 الباب 42 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 6:147 الحديث 258،الاستبصار 3:4 الحديث 5،الوسائل 11:89 الباب 42 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [2]
3- 3) خا و ق:سهمان،مكان:سهمين.
4- 4) المغني 10:438،الشرح الكبير بهامش المغني 10:506،الكافي لابن قدامة 4:230،الفروع في فقه أحمد 3:452،الإنصاف 4:174. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:45،تحفة الفقهاء 3:301،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:146،شرح فتح القدير 5:237،تبيين الحقائق 4:110،مجمع الأنهر 1:646.
6- 6) الموطّأ 2:456 ذيل الحديث 21، [4]المدوّنة الكبرى 2:32،الكافي في فقه أهل المدينة:214.

واحد (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن الأوزاعيّ،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للخيل،و كان لا يسهم للرجل فوق فرسين و إن كان معه عشرة أفراس (2).

و عن مكحول،أنّ الزبير حضر خيبر بفرسين،فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسة أسهم:سهم له،و أربعة لفرسيه (3).

و عن أزهر بن عبد اللّه (4)،أنّ عمر بن الخطّاب كتب إلى أبي عبيدة الجرّاح،أن يسهم للفرس سهمين،و للفرسين أربعة أسهم،و لصاحبهما سهم،فذلك خمسة أسهم،و ما كان فوق الفرسين فهي جنائب (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسين بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جدّه،

ص:347


1- 1الأمّ 4:145،الحاوي الكبير 8:418،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:355، [1]حلية العلماء 7:680،روضة الطالبين:1162،العزيز شرح الوجيز 7:373،الميزان الكبرى 2:182، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180،مغني المحتاج 3:104،السراج الوهّاج:354.
2- 2) الحاوي الكبير 8:418،المغني 10:438،الشرح الكبير بهامش المغني 10:507،المصنّف لعبد الرزّاق 5:185،العزيز شرح الوجيز 7:373.
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 5:187 الحديث 9324،الحاوي الكبير 8:418،المغازي للواقديّ 2: 688، [2]سنن البيهقيّ 6:328،المجموع 19:357،نصب الراية للزيلعيّ 4:281،العزيز شرح الوجيز 7:373.
4- 4) أزهر بن عبد اللّه هو مشترك بين عدّة رجال،كما في التاريخ الكبير للبخاريّ،و الظاهر أنّه أزهر بن عبد اللّه بن جميع الحرازيّ الحمصيّ،روى عن تميم الداريّ مرسلا و عن عبد اللّه بن بسر و أبي عامر الهوزنيّ،و روى عنه صفوان بن عمرو و عمر بن جعشم و الخليل بن مرّة،قال ابن حجر في التهذيب: أكثرهم على أنّ أزهر بن عبد اللّه الحرازيّ هو أزهر بن سعيد الحرازيّ. التاريخ الكبير للبخاريّ 1:458،تهذيب التهذيب 1:203،204، [3]الجرح و التعديل 2:312.
5- 5) المغني 10:438،الشرح الكبير بهامش المغني 10:507،المجموع 19:359، [4]العزيز شرح الوجيز 7:373،نصب الراية 4:281.

عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«إذا كان مع الرجل أفراس في غزو (1)،لم يسهم إلاّ لفرسين منها» (2).

و لأنّ الحاجة ماسّة إلى الفرس الثانية،فإنّ استدامة الركوب على واحدة يضعفها و يمنع من المحاربة،فيسهم له،كالأوّل،بخلاف الثالث و ما زاد عليه؛ للاستغناء عنه.

احتجّوا:بما رواه ابن عمر،أنّ الزبير حضر خيبر و معه أفراس،فلم يسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ لواحد.و لأنّه لا يمكن أن يقاتل على أكثر من الواحد، فلم يسهم لما زاد عليه،كالزائد على الفرس (3)،و الجواب عن الأوّل:أنّا قد روينا عن الزبير،أنّه أسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن فرسين (4).و يحتمل أن يكون قد أسهمه سهمين للفرسين،كما ذهبنا إليه،فتوهّم ابن عمر أنّه سهم (5)فرس واحد، كما ذهب إليه الشافعيّ (6).

و عن الثاني:بالفرق الذي بيّنّاه من إمساس الحاجة إلى الفرس الثانية دون الزائد (7).

ص:348


1- 1خا:«في الغزوة»و في المصادر:«في الغزو».
2- 2) التهذيب 6:147 الحديث 256،الاستبصار 3:4 الحديث 6،الوسائل 11:88 الباب 42 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
3- 3) الحاوي الكبير 8:419،المجموع 19:355،العزيز شرح الوجيز 7:373.
4- 4) المصنّف لعبد الرزّاق 5:187،الحاوي الكبير 8:418،المغازي للواقديّ 2:688، [2]سنن البيهقيّ 6:328،المجموع 19:357،نصب الراية للزيلعيّ 4:281،العزيز شرح الوجيز 7:373.
5- 5) خا و ق:أسهم.
6- 6) الأمّ 4:145،الحاوي الكبير 8:418،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:355، [3]حلية العلماء 7:680،روضة الطالبين:1162،العزيز شرح الوجيز 7:373،الميزان الكبرى 2:182، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:180،مغني المحتاج 3:104،السراج الوهّاج:354.
7- 7) يراجع:ص 345-347.
الثاني:قد بيّنّا أنّ العبد يرضخ له ،

(1)

فإن غزا العبد بإذن مولاه على فرس لمولاه،رضخ للعبد،و أسهم للفرس،و كان السهم لسيّده؛لأنّ السيّد هو المالك للفرس فاستحقّ السهم.فإن كان معه فرسان،أسهم سهم فرسين و رضخ له.و بهذا قال أحمد بن حنبل (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ:لا يسهم للفرس؛لأنّه تحت من لا سهم له،فلم يسهم له،كما لو كان تحت مخذّل (4).

لنا:أنّه فرس حضر الوقعة و خوصم عليه،فاستحقّ مالكه السهم،كما لو كان الراكب هو السيّد.

إذا عرفت هذا:فإنّ الرضخ و السهم معا للسيّد؛لأنّه المالك للعبد و للفرس (5)، سواء (6)حضر السيّد القتال أو غاب.

و الفرق بينه و بين المخذّل أنّ المخذّل لا يستحقّ شيئا بالحضور،ففرسه أولى بعدم الاستحقاق.

الثالث:لو غزا الصبيّ على فرس،

أسهم له و لفرسه على ما بيّنّاه من أنّ الصبيّ يستحقّ السهم (7)،فكذا فرسه،و فيه خلاف بيننا و بين الجمهور.

الرابع:لو غزت المرأة أو الكافر على فرس لهما،

فالوجه:أنّهما يرضخان أزيد

ص:349


1- 1يراجع:ص 329.
2- 2) المغني 10:451،الشرح الكبير بهامش المغني 10:500،الإنصاف 4:173. [1]
3- 3) المغني 10:451،الشرح الكبير بهامش المغني 10:500.
4- 4) المغني 10:451،الشرح الكبير بهامش المغني 10:500.
5- 5) بعض النسخ:و الفرس،مكان:و للفرس.
6- 6) أكثر النسخ:و سواء.
7- 7) يراجع:ص 330.

من رضخ الراجل (1)من صنفهما،و أقلّ من سهم الفارس؛لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يبلغ بالرضخ للفارس سهم فارس (2).و لأنّ سهم الفرس له،فإذا لم يستحقّ بحضوره سهما ففرسه أولى،بخلاف العبد،فإنّ الفرس هناك لغيره و هو السيّد.

الخامس:لو غزا المرجف أو المخذّل على فرس،

فلا شيء له و لا لفرسه؛لما تقدّم (3).و لو غزا العبد بغير إذن مولاه،لم يرضخ له؛لأنّه عاص.

مسألة:لو استعار فرسا ليغزو عليه،ففعل،
اشارة

أسهم له و للفرس،و يكون سهم الفرس للمستعير.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى الروايتين (5).

و في الأخرى:إنّ السهم للمالك،و به قال بعض الحنفيّة،و قال بعضهم:لا يسهم للفرس (6).

لنا:أنّه متمكّن (7)من الغزو عليه شرعا و عقلا،فأشبه المستأجر.و لأنّه فرس قاتل عليه من يستحقّ سهما و هو مالك لنفعه،فاستحقّ سهم الفرس،كالمستأجر.

و لأنّ سهم الفرس مستحقّ بمنفعته،و هي للمستعير بإذن المالك.

احتجّ أحمد:بأنّه من نمائه،فأشبه ولده (8).

و احتجّ الآخرون:بأنّ مالكه لا يستحقّ شيئا،فكذا فرسه،كالمخذّل

ص:350


1- 1أكثر النسخ:الرجل،مكان:الراجل.
2- 2) يراجع:ص 337. [1]
3- 3) يراجع:ص 339. [2]
4- 4) الحاوي الكبير 8:419،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:355،روضة الطالبين: 1162،العزيز شرح الوجيز 7:374،مغني المحتاج 3:104.
5- 5) المغني 10:452،الشرح الكبير بهامش المغني 10:501،الإنصاف 4:176.
6- 6) تحفة الفقهاء 3:301،بدائع الصنائع 7:127،شرح فتح القدير 5:241،تبيين الحقائق 4:112، مجمع الأنهر 1:646،المغني 10:452،الشرح الكبير بهامش المغني 10:501.
7- 7) بعض النسخ:يتمكّن.
8- 8) المغني 10:452،الشرح الكبير بهامش المغني 10:501.

و المرجف (1).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق،فإنّ النماء و الولد غير مأذون له فيه،بخلاف الغزو المأذون فيه.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ المخذّل و المرجف لا يستحقّان سهما بالحضور؛ للخذلان و الإرجاف،بخلاف المستعير،فإنّ صاحب الفرس لو حضر لاستحقّ سهما،و إنّما منع السهم للغيبة،فلا جامع؛للاختلاف في العلّة.

فروع:
الأوّل:لو استعار فرسا لغير الغزو فغزا عليه،

استحقّ السهم له،و أمّا سهم الفرس فالبحث فيه كالمغصوب؛لأنّه غاصب حينئذ.

الثاني:لو استأجر فرسا ليغزو عليه،فغزا عليه،

فسهم الفرس للمستأجر بلا خلاف؛لأنّه يستحق (2)نفعه بالأجرة استحقاقا لازما،فكان السهم له،كالمالك.

و لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه،سقط سهم الفرس؛لأنّه كالغاصب.

الثالث:لو كان المستأجر أو المستعير ممّن لا سهم له،

كالمرجف و المخذّل،أو له رضخ،كالمرأة و العبد،كان حكمه حكم فرسه المملوكة له،و قد تقدّم بيانه (3).

الرابع:لو غصب فرسا فقاتل عليه،

لم يسهم للغاصب إلاّ عن نفسه.

و أمّا سهم الفرس:فإن كان صاحبه حاضرا في الحرب،كان السهم له،و إلاّ فلا شيء له.

ص:351


1- 1المغني 10:452،الشرح الكبير بهامش المغني 10:501.
2- 2) كثير من النسخ:مستحقّ.
3- 3) يراجع:ص 339 و 346.

و قال بعض الحنفيّة:لا سهم للفرس (1)،و هو قول بعض الشافعيّة.

و قال بعضهم:سهم للغاصب،و عليه أجرة الفرس لمالكه (2).

و قال أحمد:يسهم للمالك،و أطلق (3).

لنا:أنّه مع الحضور قاتل على فرسه من يستحقّ السهم،فاستحقّ السهم،كما لو كان مع صاحبه،و إذا ثبت أنّ للفرس سهما،ثبت لمالكه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للفرس سهما (4)و لصاحبه سهما (5)،و ما كان للفرس كان لمالكه.

أمّا مع الغيبة:فإنّ الغاصب لا يملك منفعة الفرس،و المالك لم يحضر،فلم يستحقّ سهما،و لا يستحقّ فرسه سهما.

أمّا الشافعيّة فقالوا:إنّ الفرس كالآلة،فكان الحاصل بها لمستعملها،كما لو غصب سيفا فقاتل به،أو قدوما (6)فاحتطب به (7). (8)

و الجواب:الفرق،فإنّ السيف و القدوم لا شيء لهما،و الفرس جعل لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهما (9)،و لمّا لم تكن الفرس أهلا للملك،كان السهم لمالكها.

ص:352


1- 1المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:510.
2- 2) الحاوي الكبير 8:419،المهذّب للشيرازيّ 2:314،حلية العلماء 7:680،المجموع 19: 355،روضة الطالبين:1162،العزيز شرح الوجيز 7:374،مغني المحتاج 3:104،المغني 10: 453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:510.
3- 3) المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:509،الإنصاف 4:177.
4- 4) كذا في النسخ،و في المصدر:سهمين.
5- 5) صحيح البخاريّ 4:37،المصنّف لابن أبي شيبة 7:661 الحديث 2،المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:510.
6- 6) القدوم:التي ينحت بها.لسان العرب 12:471. [1]
7- 7) كذا في النسخ و الأنسب:بها.
8- 8) المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:510.
9- 9) صحيح البخاريّ 4:37.

و لأنّ السهم مستحقّ بنفع الفرس و نفعه لمالكه،فوجب أن يكون ما يستحقّه له.

إذا ثبت هذا:فإنّ الغاصب يجب عليه أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو لا؛لأنّه تصرّف في مال غيره بغير إذنه،فكان عليه أجرته.

الخامس:لو كان الغاصب ممّن لا سهم له،

كالمرجف و المخذّل،فعندنا أنّ سهم الفرس لمالكه إن كان حاضرا،و إلاّ فلا شيء له.

و قال بعض الجمهور:إنّ حكم المغصوب حكم فرسه؛لأنّ الفرس تتبع الفارس في حكمه فتتبعه إذا كان مغصوبا قياسا على فرسه (1).

و ليس بمعتمد؛لأنّ النقص في الراكب و الجناية منه،فاختصّ المنع به و بتوابعه،كفرسه التابعة له،بخلاف المغصوب،فإنّه لغيره،فلا ينقص سهمها،فينقص سهمه.

و كذا البحث لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس لمولاه.

السادس:لو غزا جماعة على فرس واحدة بالتناوب،

قال ابن الجنيد رحمه اللّه-:يعطى لكلّ واحد سهم راجل،ثمّ يفرّق بينهم سهم فرس واحدة (2).

و هو حسن.

مسألة:إذا ثبت أنّه يسهم للفارس سهمان:

سهم له و سهم لفرسه،فإنّه يسهم له ذلك،سواء كان فرسه عتيقا أو برذونا أو مقرفا أو هجينا.

فالعتيق:الذي أبوه و أمّه عربيّان عتيقان كريمان.و البرذون:ما كان أبوه و أمّه عجميّين (3).

ص:353


1- 1المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:510.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) ب:أعجميّان،مكان:عجميّين.

و المقرف:الذي أبوه برذون و أمّه عتيقة.

و الهجين:الذي أبوه عتيق و أمّه عجميّة.

قالت هند (1)بنت النعمان بن بشير.

و ما هند إلاّ مهرة عربيّة سليلة أفراس تجلّلها بغل

فإن ولدت مهرا كريما فبالحرى و إن يك إقراف فما أنجب الفحل (2)

إذا عرفت هذا فإنّ سهم الفرس يستحقّ بكلّ واحدة من هذه.و به قال الشافعيّ (3)،و مالك (4)،و أبو حنيفة (5).

و قال الأوزاعيّ:لا يسهم للبرذون،و يسهم للمقرف و الهجين سهم واحد (6).

و عن أحمد روايات:

إحداها:أنّه يسهم لما عدا العربيّ سهم واحد،و هو قول الحسن البصريّ (7).

الثانية:أنّه يسهم له مثل سهم العربيّ-كقول الشافعيّ-و به قال عمر بن

ص:354


1- 1هند بنت النعمان بن بشير،لم نعثر على ترجمتها أكثر ممّا نقله ابن منظور عن الأزهريّ أنّ روح بن زنباع كان تزوّج هند بنت النعمان بن بشير،و كانت شاعرة.لسان العرب 13:432. [1]
2- 2) المغني 10:436،الشرح الكبير بهامش المغني 10:504،السرائر:158.
3- 3) الأمّ 7:337،الحاوي الكبير 8:418،المهذّب للشيرازيّ 2:313،حلية العلماء 7:679، المجموع 19:360،روضة الطالبين:1161،العزيز شرح الوجيز 7:372،مغني المحتاج 3:104.
4- 4) الموطّأ 2:457،المنتقى للباجي 3:197،الاستذكار 5:74،الكافي في فقه أهل المدينة:214، حلية العلماء 7:679،المغني 10:436،الشرح الكبير بهامش المغني 10:504.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:42،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:146،شرح فتح القدير 5:239،تبيين الحقائق 4:111،مجمع الأنهر 1:646،الأمّ 7:337،حلية العلماء 7: 679.
6- 6) الأمّ 7:337،حلية العلماء 7:679،المجموع 19:360.
7- 7) المغني 10:436،الشرح الكبير بهامش المغني 10:504،الفروع في فقه أحمد 3:452، الإنصاف 4:173. [2]

عبد العزيز،و الثوريّ (1).

الثالثة:أنّها إن أدركت إدراك العراب،أسهم لها،مثل الفرس العربيّ،و إلاّ فلا.

الرابعة:أنّه لا سهم لها (2).

و عن أبي يوسف روايتان:

إحداهما:أنّه يسهم لها سهمان،كالعربيّ،الثانية:أنّه يسهم لها سهم واحد (3).

لنا:ما فهم من إطلاق الروايات أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للفرس سهما أو سهمين (4)-على اختلاف الروايات-و هو عامّ في كلّ فرس.و لأنّه حيوان ذو سهم،فاستوى فيه الفاره (5)و غيره،كالآدميّين.

احتجّوا:بأنّ البرذون ليس له كرّ و لا فرّ،فلا يسهم له،كالبعير،أو لا سهم له، كالعربيّ؛لقصوره في النفع عنه.و لما روي عن أبي موسى أنّه كتب إلى عمر بن الخطّاب:إنّا قد وجدنا بالعراق خيلا عراضا،فما ترى في سهمانها؟فكتب إليه:تلك البراذين،فما قارب العتاق (6)منها فاجعل له سهما واحدا،و ألغ ما سوى ذلك (7). (8)

و عن مكحول:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفرس العربيّ سهمين

ص:355


1- 1المغني 10:436،الشرح الكبير بهامش المغني 10:504.
2- 2) المغني 10:436،الشرح الكبير بهامش المغني 10:504،الفروع في فقه أحمد 3:452،الكافي لابن قدامة 4:230،الإنصاف 4:174. [1]
3- 3) حلية العلماء 7:680.
4- 4) صحيح البخاريّ 4:37،المصنّف لابن أبي شيبة 7:661 الحديث 1-4.
5- 5) دابّة فارهة:أي نشيطة حادّة قويّة.النهاية لابن الأثير 3:441. [2]
6- 6) العتيق:الكريم الرائع من كلّ شيء.النهاية لابن الأثير 3:179. [3]
7- 7) المصنّف لابن أبي شيبة 7:664 الحديث 5،المغني 10:437،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 505،الفائق في غريب الحديث للزمخشريّ 1:375. [4]
8- 8) ينظر:العزيز شرح الوجيز 7:373.

و أعطى الهجين سهما (1).

و الجواب عن الأوّل:ما بيّنّا من عدم اعتبار التفاضل في السهام بشدّة البلاء في الحرب (2)،و قياسهم يبطل بالشجاع و غير الشجاع.و لأنّ البرذون آكد و أصبر،فقد فضل عليه باعتبار،و قصر عنه باعتبار آخر،فتساويا.

و عن الثاني:أنّ فعل عمر لا حجّة فيه مع مخالفته لفعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد بيّنّا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسهم للفارس مطلقا (3).

و عن الثالث:بما تقدّم من أنّ الفرس إنّما يستحقّ صاحبها سهما واحدا،سواء كان عربيّا أو برذونا (4).فهو حجّة لنا.

مسألة:و لو غزا على غير الخيل
اشارة

-من الإبل و البغال و الحمير و الفيلة و غيرها- لم يسهم له أكثر من سهم راجل و لا يسهم لمركوبه،قاله علماؤنا (5)،و هو قول عامّة أهل العلم و مذهب الفقهاء في القديم و الحديث.

و حكي عن الحسن البصريّ أنّه قال:يسهم للإبل خاصّة (6).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّه يسهم للبعير سهم واحد،و لصاحبه سهم آخر.

الثانية:أنّه إن عجز عن ركوب الخيل فركب البعير،أسهم له ثلاثة أسهم:

ص:356


1- 1المغني 10:437،الشرح الكبير بهامش المغني 10:505،إرواء الغليل 5:65.
2- 2) يراجع:341 و 346.و قد أشار المصنّف إلى جواز التفاضل في ص 365.
3- 3) يراجع:ص 344.
4- 4) يراجع:ص 353. [1]
5- 5) بعض النسخ:قال العلماء،و في بعضها:قاله العلماء،و في بعض:قال:أكثر العلماء،مكان:قاله علماؤنا.
6- 6) المغني 10:438،الشرح الكبير بهامش المغني 10:507.

سهمان لبعيره و سهم له،و إن أمكنه الغزو على الفرس،لم يسهم لبعيره (1).

لنا:أنّه لم ينقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إسهام غير الخيل من البهائم،و قد كان معه يوم بدر سبعون بعيرا (2)،و لم تنفكّ غزواته عليه السلام من استصحاب النجب (3)،بل كانت هي الغالب على دوابّهم،و لو أسهم لها،لنقل،و كذلك لم ينقل عن أحد من (4)الأئمّة بعده صلّى اللّه عليه و آله إسهام الإبل و لا غير الخيل من الدوابّ.و لأنّ الفرس ينفرد بالكرّ و الفرّ و الطلب و الهرب،بخلاف الإبل،فإنّها لا تصلح لذلك،فأشبهت البغال و الحمير.

احتجّوا:بقوله تعالى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (5)و الركاب:

الإبل.و لأنّه حيوان تجوز المسابقة عليه بعوض فيسهم له،كالفرس (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة في الآية على إسهام الركاب.

و عن الثاني:بأنّ الجامع لا يصلح للعلّيّة (7)؛لنقضه بالبغال و الحمير.

ص:357


1- 1المغني 10:438-439،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:507،الكافي لابن قدامة 4:230، الفروع في فقه أحمد 3:453،الإنصاف 4:174-175.
2- 2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14:89 و 123، [2]البداية و النهاية لابن كثير 3:318 و 396، تاريخ ابن خلدون ق 2 ج 2:19،المغازي للواقديّ 1:23.
3- 3) النجيب من الإبل،و الجمع النجب و النجائب:و هو القويّ منها،الخفيف السريع.لسان العرب 1: 748. [3]
4- 4) لا توجد كلمة:من،في أكثر النسخ.
5- 5) الحشر(59):6. [4]
6- 6) المغني 10:438،الشرح الكبير بهامش المغني 10:507.
7- 7) ع:للغلبة،مكان:للعلّيّة.
فروع:
الأوّل:لا خلاف في أنّه لو غزا على غير الخيل،لا سهم لمركوبه

(1)

و إن عظم غناؤه و قامت مقام الخيل.

الثاني:يسهم للخيل مع حضورها الوقعة

و إن لم يقاتل عليها و لا احتيج إليها في القتال،كما يسهم لها مع الغزو عليها،و لا نعلم فيه خلافا يعتدّ به؛لأنّه أحضرها للقتال و قد يحتاج إليها و قد لزمته عليها مئونة،فكان السهم مستحقّا،كالمقاتل عليها.و لأنّها حيوان ذو سهم حضر الوقعة،فاستحقّ السهم بمجرّد حضوره، كالآدميّ.

الثالث:لو كانت الغنيمة من فتح حصن أو مدينة أو غير ذلك،

كانت القسمة فيها كالقسمة من غنائم دار الحرب.و به قال الشافعيّ (2).

قال الوليد بن مسلم (3):سألت الأوزاعيّ عن إسهام الخيل من غنائم الحصون، فقال:كانت الولاة من قبل عمر بن عبد العزيز لا يسهمون من الحصون و يجعلون الناس كلّهم رجّالة حتّى ولي عمر بن عبد العزيز،فأنكر ذلك و أمر بإسهامها من فتح الحصون و المدائن (4).و هذا هو الصحيح؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم خيبر:للفارس ثلاثة أسهم،و للراجل سهمين و هي حصون (5).

ص:358


1- 1ب:لا يسهم.
2- 2) المجموع 19:355،المغني 10:441،الشرح الكبير بهامش المغني 10:506.
3- 3) الوليد بن مسلم القرشيّ مولى بني أميّة،و قيل:مولى بني العبّاس الدمشقيّ عالم الشام،سمع الأوزاعيّ و روى عن حريز بن عثمان و صفوان بن عمرو و ابن جريج و عبد الرحمن بن يزيد بن جابر و جمع،و روى عنه اللّيث بن سعد و بقية بن الوليد و الحميديّ و آخرون.مات سنة 195 ه.التاريخ الكبير للبخاريّ 8:152،الجرح و التعديل 9:16،تهذيب التهذيب 11:151. [1]
4- 4) المغني 10:441،الشرح الكبير بهامش المغني 10:506.
5- 5) سنن الدارميّ 2:225-226، [2]سنن البيهقيّ 6:327.و فيهما كما في المغني:للراجل سهم.

و لأنّ الحاجة قد تدعو إلى الخيل بأن ينزل أهل الحصن فيقاتلوا خارجه، فيقسم له،كما يسهم في غير الحصن.

الرابع:لو حاربوا في السفن و فيهم الرجّالة و أصحاب الخيل و غنموا،

كانت القسمة (1)بينهم،كما لو غنموا في البرّ،للراجل سهم،و للفارس سهمان،سواء حاربوا على الخيل أو استغنوا عنها،كما قلناه أوّلا،و قد بيّنّا عدم المخالف (2)فيه (3).

و يؤيّد ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألت:عن سريّة كانوا في سفينة،فقاتلوا و غنموا،و فيهم من معه الفرس،و إنّما قاتلوهم في السفينة و لم يركب صاحب الفرس،كيف تقسّم الغنيمة بينهم؟فقال:«للفارس سهمان و للراجل سهم»فقلت:و لم يركبوا و لم يقاتلوا على أفراسهم؟فقال:«أ رأيت لو كانوا في عسكر فتقدّم الرجّالة فقاتلوا فغنموا كيف أقسم بينهم؟أ لم أجعل للفارس سهمين و للراجل سهما و هم الذين غنموا دون الفرسان؟»قلت:فهل يجوز للإمام أن ينفّل؟فقال:«له أن ينفّل قبل القتال،فأمّا بعد القتال و الغنيمة فلا يجوز ذلك؛لأنّ الغنيمة قد أحرزت» (4).

مسألة:ينبغي للإمام أن يتعاهد خيل المجاهدين
اشارة

(5)

-التي تدخل دار الحرب- و يتفقّدها و يعتبرها،فيأذن في استصحاب ما يصلح للقتال،و يمنع من استصحاب

ص:359


1- 1كثير من النسخ:الغنيمة،مكان:القسمة.
2- 2) ع:الخلاف،مكان:المخالف.
3- 3) يراجع:ص 358.
4- 4) التهذيب 6:145 الحديث 253،الاستبصار 3:3 الحديث 3،الوسائل 11:78 الباب 38 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
5- 5) ح بزيادة:من.

ما لا يصلح له؛لأنّه كلّ و ضرر،و ذلك كالحطم:و هو الذي ينكسر (1)من الهزال، و القحم-بفتح القاف و سكون الحاء-:و هو الكبير المسنّ الهرم الفاني،و الضرع بفتح الضاد و الراء-:و هو الصغير الضعيف الذي لا يمكن القتال عليه،و الأعجف:

و هو المهزول،و الرازح:و هو الذي لا حراك به من الهزال.

إذا ثبت هذا:فلو أدخل فرس من هذه في دار الحرب هل يسهم له أم لا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يسهم له (2).و هو قول ابن إدريس منّا (3)،و به قال الشافعيّ (4).

و قال ابن الجنيد منّا:لا يسهم (5).و به قال مالك (6)،و أحمد بن حنبل (7)،و هو قول للشافعيّ أيضا (8).

و قال أبو إسحاق من الشافعيّة:ليست المسألة على قولين للشافعيّ،و إنّما هي على اختلاف حالين،فما يمكن القتال عليه و الطلب و الهرب،يسهم له و ما لا يمكن ذلك عليه،لا يسهم له (9).

ص:360


1- 1بعض النسخ:يتكسّر.
2- 2) المبسوط 2:71،الخلاف 2:119 مسألة-28.
3- 3) السرائر:157.
4- 4) الحاوي الكبير 8:420،المهذّب للشيرازيّ 2:313-314،المجموع 19:355، [1]روضة الطالبين:1162،العزيز شرح الوجيز 7:373،حلية العلماء 7:679،مغني المحتاج 3:104- 105،المغني 10:440،الشرح الكبير بهامش المغني 10:481.
5- 5) نقله عنه في المختلف:328.
6- 6) المغني 10:440،الشرح الكبير بهامش المغني 10:481.
7- 7) المغني 10:440،الشرح الكبير بهامش المغني 10:481،الكافي لابن قدامة 4:229،الفروع في فقه أحمد 3:451.
8- 8) الأمّ 4:145،الحاوي الكبير 8:420،المهذّب للشيرازيّ 2:313-314،حلية العلماء 7:679، المجموع 19:355،روضة الطالبين:1162،العزيز شرح الوجيز 7:373،مغني المحتاج 3:104.
9- 9) الحاوي الكبير 8:420-421،حلية العلماء 7:679،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:355،روضة الطالبين:1162.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بعموم الأخبار؛و لأنّ كلّ جنس يسهم له،فإنّه يستوي فيه القويّ و الضعيف كالآدميّ (1).

احتجّ ابن الجنيد:بأنّه لا ينتفع به،فلم يسهم له،كالرجل المخذّل (2).

و عندي في ذلك تردّد.

فروع:
الأوّل:المريض يسهم له إذا لم يخرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد،

كالمحموم و صاحب الصداع؛لأنّه من أهل الجهاد،و يعين عليه برأيه و تكبيره (3)و دعائه.

و إن خرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد،كالزمن و الأشلّ (4)و المفلوج (5)، فهل يسهم له أم لا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يسهم له عندنا،سواء كان مرضا يمنع من الجهاد أو لم يمنع،كالطفل (6).

و قيل:لا سهم له؛لأنّه لم يبق من أهل الجهاد (7).

الثاني:لو نكس الفرس بصاحبه

في حملة أو مبارزة أو سريّة (8)،أسهم له.

ص:361


1- 1المبسوط 2:71،الخلاف 2:119 مسألة-28.
2- 2) نقله عنه في المختلف:328.
3- 3) ب:و تكثيره.
4- 4) الأشلّ:المعوجّ المعصم المتعطّل الكفّ.لسان العرب 11:362. [1]
5- 5) المفلوج:صاحب الفالج،و قد فلج فالجا فهو مفلوج.و الفالج:ريح بأخذ الإنسان فيذهب بشقّه. لسان العرب 2:346. [2]
6- 6) المبسوط 2:71-72، [3]الخلاف 2:120 مسألة-30.
7- 7) المغني 10:440،الشرح الكبير بهامش المغني 10:480،المجموع 19:360،روضة الطالبين: 1162.
8- 8) آل:في حمله أو مبارزته أو سريه،مكان:في حملة أو مبارزة أو سريّة.

و لم يمنع بذلك من الإسهام،و كذا لو أصابه جرح من العدوّ،أسهم له.

الثالث:إذا استأجر أجيرا للحرب

فقد بيّنّا جوازه (1)،فلو دخلا معا دار الحرب، أسهم للأجير و المستأجر،سواء كانت الإجارة (2)في الذمّة أو معيّنة،و يستحقّ مع ذلك الأجرة؛لأنّه قد حضر،و الإسهام يستحقّ بالحضور،و لو لم يحضر المستأجر، استحقّ المؤجر السهم و الأجرة.

مسألة:إذا دخل دار الحرب فارسا ثمّ ذهب فرسه قبل تقضّي الحرب

و هو راجل،لم يسهم لفرسه.

و بالجملة:الاعتبار بكونه فارسا،وقت الحيازة للغنائم،لا بدخوله المعركة.

و لو دخل دار الحرب راجلا فأحرزت الغنيمة و هو فارس،فله سهم فارس.

و به قال الشافعيّ (3)،و الأوزاعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن عمر (6).

و قال أبو حنيفة:الاعتبار بدخول دار الحرب،فإن دخل فارسا،فله سهم فارس و إن نفق (7)فرسه قبل القتال،و إن دخل راجلا،فله سهم راجل و إن استفاد فرسا

ص:362


1- 1يراجع:ص 25.
2- 2) ح:الأجرة،مكان:الإجارة.
3- 3) الأمّ 4:145،الحاوي الكبير 8:421،المهذّب للشيرازيّ 2:314،المجموع 19:356،روضة الطالبين:1162،المغني 10:433،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:508.
4- 4) المغني 10:433-434،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:508.
5- 5) المغني 10:433-434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:508،الكافي لابن قدامة 4:231، الإنصاف 4:176. [3]
6- 6) المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:508.
7- 7) نفق الفرس و الدابّة و سائر البهائم ينفق نفوقا:مات.لسان العرب 10:357. [4]

فقاتل عليه (1).

و عنه رواية أخرى كقولنا (2).

لنا:أنّه حيوان يسهم له فاعتبر وجوده حالة القتال،فيسهم له مع الوجود فيه، و لا يسهم له مع العدم،كالآدميّ.

و أيضا:استحقاق السهم حال تقضّي الحرب؛لقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).

و لأنّها الحال التي يحصل فيها الاستيلاء،الذي هو سبب الملك،بخلاف ما قبل ذلك،فإنّ الأموال بيد أربابها،و لا نعلم هل يتملّكها بالقهر أو لا؟

و أيضا:لو وجد مدد في تلك الحال،استحقّ السهم،و كذا لو انفلت أسير فلحق بالمسلمين،أو أسلم كافر و قاتلوا،استحقّوا السهم،و لو مات بعض المسلمين قبل الاستيلاء،لم يستحقّ شيئا،فدلّ ذلك على أنّ الاعتبار بحالة الإحراز،فوجب اعتباره،دون غيره.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه دخل الحرب بنيّة القتال،فلا يتغيّر سهمه بذهاب دابّته أو حصول دابّة أخرى له،كما لو كان ذلك بعد القتال (4).

و الجواب:الفرق بين ما قبل القتال و ما بعده،سبق،فلا يتمّ القياس.

مسألة:لو دخل الحرب فارسا فمات فرسه بعد تقضّي الحرب

و قبل حيازة الغنائم للشافعيّ قولان مبنيّان على أنّ ملك الغنيمة هل يتحقّق بانقضاء الحرب أو

ص:363


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:42،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:147،الفتاوى الهنديّة 2:212،تبيين الحقائق 4:111-112،مجمع الأنهر 1:646،المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:509.
2- 2) المغني 10:434،الشرح الكبير بهامش المغني 10:509.
3- 3) تفسير القرطبيّ 8:16. [1]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:43،بدائع الصنائع 7:126-127،المغني 10:434.

بالحيازة؟ (1)و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه.

و كذا لو وهب فرسه أو أعاره أو باعه،البحث في ذلك كلّه واحد.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا إذا كان الحرب في دار الكفر،فأمّا إذا كان في دار الإسلام،فلا خلاف أنّه لا يسهم إلاّ للفرس الذي يحضر القتال (2).

مسألة:من مات من الغزاة أو قتل،نظر،

فإن كان قبل حيازة الغنيمة و تقضّي القتال،فلا سهم له،و إن مات بعد ذلك،فسهمه لورثته.و به قال أحمد بن حنبل (3).

و قال أبو حنيفة:إن مات قبل إحراز الغنيمة في دار الإسلام أو قسمتها في دار الحرب،فلا سهم له (4).

و قال الشافعيّ (5)،و أبو ثور:إن حضر القتال،أسهم له،سواء مات قبل حيازة الغنيمة أو بعدها،و إن لم يحضر،فلا سهم له (6)،و نحوه قال مالك (7)،و الليث بن سعد (8).

لنا:أنّه إذا مات قبل حيازة الغنيمة،فقد مات قبل ملكها و ثبوت اليد عليها،فلم يستحقّ شيئا،و إن مات بعده،فقد مات بعد الاستيلاء عليها،في حال لو قسّمت،

ص:364


1- 1روضة الطالبين:1159،العزيز شرح الوجيز 7:365-366.
2- 2) المبسوط 2:71. [1]
3- 3) المغني 10:440،الشرح الكبير بهامش المغني 10:515،الكافي لابن قدامة 4:235،الإنصاف 4:181. [2]
4- 4) بدائع الصنائع 7:121،الهداية للمرغينانيّ 2:143،شرح فتح القدير 5:227-228،تبيين الحقائق 4:101 و 104،مجمع الأنهر 1:643،المغني 10:440-441،الشرح الكبير بهامش المغني 10:516.
5- 5) روضة الطالبين:1159،مغني المحتاج 3:103،السراج الوهّاج:354.
6- 6) المغني 10:441،الشرح الكبير بهامش المغني 10:515.
7- 7) المدوّنة الكبرى 2:32-33،المنتقى للباجي 3:180،الكافي في فقه أهل المدينة:214.
8- 8) المغني 10:441،الشرح الكبير بهامش المغني 10:516.

صحّت قسمتها و ملك سهمه فيها،فيستحقّ السهم،كما لو مات بعد إحرازها في دار الإسلام،و إذا استحقّ السهم،انتقل إلى ورثته،كغيره من الحقوق.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ ملك المسلمين لا يتمّ عليها إلاّ بذلك (1).

و الجواب:المنع،بل بالاستيلاء و الحيازة يملكوها (2).

و احتجّ الشافعيّ:بقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).

و الجواب:إنّا نقول (4)بموجبه،فإنّ من قتل قبل تقضّي الحرب،لم يشهد الوقعة بكمالها،و هذا الجواب و إن استنبطناه فلا يخلو من تعسّف،و كلام الشافعيّ لا يخلو من قوّة.

مسألة:و لا يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة على بعض،
اشارة

(5)

بل يقسّم الإمام الغنيمة،للفارس سهمان،و للراجل سهم و لذي الأفراس ثلاثة أسهم،سواء حاربوا أو لا إذا حضروا الحرب لا للإرجاف و التخذيل،بل لا يفضّل فارسا على فارس لشدّة بلائه،و لا راجلا على راجل لكثرة حربه،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد بن حنبل (7).

و قال مالك:يجوز أن يفضّل بعض الغانمين على بعض،و يعطى من لم يحضر

ص:365


1- 1بدائع الصنائع 7:121،شرح فتح القدير 5:227-228،مجمع الأنهر 1:643.
2- 2) خا:يملكونها.
3- 3) تفسير القرطبيّ 8:16. [1]
4- 4) أكثر النسخ:القول،مكان:إنّا نقول.
5- 5) بعض النسخ:الغنيمة،مكان:القسمة.
6- 6) الحاوي الكبير 8:414،المهذّب للشيرازيّ 2:313،المجموع 19:355،العزيز شرح الوجيز 7: 372.
7- 7) المغني 10:454،الشرح الكبير بهامش المغني 10:511،الكافي لابن قدامة 4:235،الإنصاف 4:178-179. [2]

الوقعة (1).

و قال أبو حنيفة:يجوز أن يفضّل،و لا يعطى من لم يحضر الوقعة (2).

لنا:قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (3)(4)أضاف الباقي إلى الغانمين،فيختصّون به و يستوون فيه؛عملا بظاهر الآية.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم للفارس سهمين و ثلاثة على تفاوت أحوالهم في كثرة الخيل،و للراجل سهما و سوّى بينهم (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول،و قد سئل عن قسم بيت المال،فقال:«أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوّي بينهم في العطاء و فضائلهم بينهم و بين اللّه،أجملهم كبني رجل واحد لا يفضّل أحد منهم لفضله و صلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص (6)»و قال:«هذا هو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بدو أمره،و قد قال غيرنا:أقدّمهم في العطاء بما قد فضّلهم اللّه بسوابقهم في الإسلام إذا كان بالإسلام قد أصابوا ذلك،فأنزلهم على مواريث ذوي الأرحام و بعضهم أقرب من بعض و أوفر نصيبا؛لقربه من الميّت،و إنّما ورثوا برحمهم،و كذلك (7)كان عمر يفعله» (8).

ص:366


1- 1العزيز شرح الوجيز 7:374،تفسير القرطبيّ 8:11 و 19. [1]
2- 2) بدائع الصنائع 7:124،المغني 10:454. [2]
3- 3) خا و ق بزيادة: وَ لِلرَّسُولِ .
4- 4) الأنفال(8):41. [3]
5- 5) سنن أبي داود 3:75-76 الحديث 2733-2736،سنن البيهقيّ 6:325-327.
6- 6) في النسخ:«منقوض».
7- 7) كثير من النسخ:«و لذلك».
8- 8) التهذيب 6:146 الحديث 255،الوسائل 11:81 الباب 39 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [4]

و لأنّهم اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية،فتجب التسوية بينهم،كسائر الشركاء.

احتجّ مالك:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى من غنيمة بدر من لم يشهدها (1).

و احتجّ أبو حنيفة:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أخذ شيئا فهو له» (2). (3)

و الجواب عن الأوّل و الثاني واحد و هو:أنّه ورد في قضيّة بدر،و غنائم بدر لم تكن للغانمين،و إنّما نزلت الآية بعدها،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها.

فرع:

إذا قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز؛لأنّه معصوم و فعله حجّة (4).

و نحن نقول:لا بحث مع فعل المعصوم،و إنّما الخلاف في نائبه و خليفته على الحرب إذا قال ذلك هل يكون سائغا أم لا؟و علّة الشيخ لا تتناوله،و للشافعيّ قولان:

أحدهما:الجواز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في يوم بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (5).

ص:367


1- 1المغازي للواقديّ 1:153 و ج 2:683.
2- 2) سنن البيهقيّ 6:315.
3- 3) المغني 10:454،الشرح الكبير بهامش المغني 10:511.
4- 4) المبسوط 2:68-69، [1]الخلاف 2:114 مسألة-14.
5- 5) سنن البيهقيّ 6:316،المغني 10:454،الشرح الكبير بهامش المغني 10:511.

و لأنّهم على هذا غزوا و رضوا به.

و الثاني:لا يجوز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقسّم الغنائم،للراجل سهما،و للفارس سهمين.و لأنّ ذلك يفضي إلى الاشتغال بالنهب و إحراز الأموال عن القتال،و ربّما ظفر العدوّ بهم.و لأنّ الاغتنام سبب لاستحقاقهم لها على سبيل التساوي،فلا يزول ذلك بقول الإمام،كسائر الاكتسابات،قال:و قضيّة بدر منسوخة،فإنّهم اختلفوا فيها،فأنزل اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (1). (2)

مسألة:الغنيمة تستحقّ بالحضور قبل القسمة،

فلو غنم المسلمون ثمّ لحق بهم مدد،فإن كان قبل تقضّي الحرب،أسهم لهم إجماعا،و إن كان بعد تقضّي الحرب و القسمة،لم يسهم لهم إجماعا.

و إن كان بعد تقضّي الحرب و حيازة الغنيمة قبل القسمة،أسهم لهم عندنا،و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشافعيّ:لا سهم له (4)،و به قال أحمد (5).

ص:368


1- 1الأنفال(8):1. [1]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:313،المجموع 19:351، [2]روضة الطالبين:1156،العزيز شرح الوجيز 7: 351،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:182،المغني 10:454، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 10:511. [4]
3- 3) بدائع الصنائع 7:121،الهداية للمرغينانيّ 2:143،شرح فتح القدير 5:225،تبيين الحقائق 4: 103،مجمع الأنهر 1:642.
4- 4) الأمّ 4:146،الحاوي الكبير 8:425-426،المهذّب للشيرازيّ 2:315،المجموع 19:363- 364، [5]روضة الطالبين:1159،العزيز شرح الوجيز 7:365.
5- 5) المغني 10:455،الشرح الكبير بهامش المغني 10:481،الكافي لابن قدامة 4:233،الفروع في فقه أحمد 3:453،الإنصاف 4:177.

لنا:ما رواه الجمهور عن الشعبيّ أنّ عمر كتب إلى سعد (1)أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقّأ (2)قتلى فارس (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألت:أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثمّ لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام و لم يلقوا عدوّا حتّى يخرجوا إلى دار الإسلام،فهل يشاركونهم فيها؟فقال:«نعم» (4).

و لأنّهم اجتمعوا على الغنيمة في دار الحرب،فأسهم لهم،كما لو حضروا القتال.

و لأنّ تمام ملكها بتمام الاستيلاء و هو قسمتها،فمن جاء قبل ذلك،فقد أدركها قبل تملّكها،فاستحقّ فيها سهما،كما لو جاء في أثناء الحرب.

احتجّ المخالف:بما رواه أبو هريرة أنّ أبان بن سعيد بن العاص (5)و أصحابه قدموا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر بعد أن فتحها،فقال أبان:أقسم لنا يا

ص:369


1- 1في النسخ:سعيد،و ما أثبتناه من المصادر،و هو:سعد بن أبي وقّاص.
2- 2) الفقء:الشقّ و البخص،و تفقّأت،أي انفلقت و انشقّت.لسان العرب 1:123. [1]
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 5:303 الحديث 9692،المصنّف لابن أبي شيبة 7:668 الحديث 2 و ج 8: 13 الحديث 6،المغني 10:455،الشرح الكبير بهامش المغني 10:481.
4- 4) التهذيب 6:145 الحديث 253،الاستبصار 3:2 الحديث 1،الوسائل 11:78 الباب 38 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
5- 5) أبان بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ،أسلم قبل خيبر و شهدها،و كان شديدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و استعمله على البحرين لمّا عزل عنها العلاء بن الحضرميّ،فلم يزل عليها إلى أن توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فرجع إلى المدينة، فأراد أبو بكر أن يردّه إليها،فقال:لا أعمل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و اختلف في وقت وفاته، قيل:سنة 15 ه،و قيل:13 ه في وقعة إجنادين،و قيل:14 ه في مرج الصفر.أسد الغابة 1:35، [3]الإصابة 1:13، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 1:74. [6]

رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس يا أبان»و لم يقسم له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن طارق بن شهاب أنّ أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدّهم أهل الكوفة، فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطّاب،فكتب عمر:إنّ الغنيمة لمن شهد الوقعة (2).

و لأنّهم لحقوهم بعد تقضّي الحرب،فلم يشاركوهم،كالأسير (3).

و الجواب عن الحديثين:أنّهما حكاية حال لا عموم لها،فلعلّ المدد جاء بعد القسمة؛إذ هو محتمل للقسمين و لا يمكن شموله لهما فلا دلالة فيه حينئذ.

و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأسير لم يحضر القتال،و سيأتي البحث فيه.

مسألة:إذا لحق الأسير بالمسلمين،

فإن كان بعد تقضّي الحرب و قسمة الغنيمة،لم يسهم له إجماعا؛لأنّ المدد لو لحق بهم حينئذ،لم يسهم لهم فكذا الأسير.

و إن لحق بهم قبل انقضاء الحرب فقاتل مع المسلمين،استحقّ السهم عندنا، و هو قول الجمهور لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه مسلم حضر الوقعة و قاتل لمعاونة المسلمين،فاستحقّ السهم،كغيره من المجاهدين.

و إن لم يقاتل،أسهم له أيضا،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (4)و هو أحد قولي الشافعيّ.

ص:370


1- 1سنن أبي داود 3:73 الحديث 2723، [1]سنن البيهقيّ 6:334،كنز العمّال 4:537 الحديث 11582.و في الجميع:على رسول اللّه.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:50،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:321 الحديث 8203،مجمع الزوائد 5:340.
3- 3) الحاوي الكبير 8:426،المغني 10:455،الشرح الكبير بهامش المغني 10:482.
4- 4) المبسوط 2:72،الخلاف 2:121 مسألة-32.

و القول الثاني لا يسهم له (1)و به قال أبو حنيفة (2).

لنا:أنّه لو قاتل لا يستحقّ السهم إجماعا و كلّ من يستحقّ السهم مع القتال يستحقّه مع عدمه إذا حضر الوقعة،كغير الأسير.

احتجّوا:بأنّه حضر ليتخلّص من القتل و الأسر لا للقتال،فلم يستحقّ السهم، كالمرأة (3).

و الجواب:أنّه تنتقض علّته بما لو قاتل.

و أيضا:فإنّ الاعتبار بالحضور مع كونه من أهل القتال لا بالقتال،و قد وجدت العلّة فيثبت الحكم.

و لو لحقهم بعد انقضاء الحرب قبل حيازة الغنيمة،فإنّه يسهم له عندنا؛لما تقدّم (4)من أنّ:كلّ من حضر الوقعة من المسلمين قبل قسمة الغنيمة،فإنّه يسهم له إلاّ ما استثناه.

و كذا لو لحقهم بعد تقضّي القتال و حيازة الغنيمة،قبل قسمة الغنيمة،فإنّه يسهم له أيضا؛لما قلناه (5).

مسألة:إذا دخل قوم تجّار أو صنّاع مع المجاهدين دار الحرب

-مثل باعة (6)العسكر،كالخبّاز و البقّال و البزّاز و الشوّاء (7)و الخيّاط و البيطار و غيرهم من أتباع

ص:371


1- 1الأمّ 4:146،الحاوي الكبير 8:424-425،المهذّب للشيرازيّ 2:315،المجموع 19:363- 364،حلية العلماء 7:684،روضة الطالبين:1161،العزيز شرح الوجيز 7:370-371.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:46،المغني 10:456.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:46.
4- 4) يراجع:ص 368.
5- 5) يراجع:ص 368. [1]
6- 6) خا:تابع،مكان:باعة.
7- 7) أشويت القوم:أطعمتهم.المصباح المنير:328. [2]

العسكر-لم يخل حالهم من أمرين:إمّا أن يقصد الجهاد مع التجارة أو الصناعة أو لا،فإن قصدوا الأمرين معا،أسهم لهم؛لقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن حضر الوقعة» (1).

و إن لم يقصدوا الجهاد،فلا يخلو،إمّا أن يجاهدوا أو لا،فإن جاهدوا،أسهم لهم،و إن لم يجاهدوا قال الشيخ-رحمه اللّه-:لم يسهم لهم بحال؛لأنّهم لم يدخلوا للجهاد،بل للتجارة،و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الأعمال بالنيّات» (2).

و لو اشتبه الحال و لم يعلم لأيّ شيء حضروا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:الظاهر أنّه يسهم لهم؛لأنّهم حضروا،و الإسهام يستحقّ بالحضور (3).

أمّا الشافعيّ فعنده قولان:أحدهما:الإسهام.و الثاني:عدمه.

و اختلف أصحابه في موضع القول (4)،فمنهم من قال:القولان فيهم إذا لم يقاتلوا،و لو قاتلوا،استحقّوا قولا واحدا كالأسير.

و منهم من قال:القولان فيهم إذا قاتلوا،و إن لم يقاتلوا،لم يستحقّوا قولا واحدا.

ص:372


1- 1سنن البيهقيّ 6:335،المصنّف لابن أبي شيبة 7:668 الحديث 1 و 2،كنز العمّال 4:521 الحديث 11537،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:321 الحديث 8203،مجمع الزوائد 5:340.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201،سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227، سنن النسائيّ 1:58،و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،سنن الدار قطنيّ 1:50 الحديث 1،و من طريق الخاصّة ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7. [1]
3- 3) المبسوط 2:72، [2]الخلاف 2:121 مسألة-34.
4- 4) ب و ح:القولين،مكان:القول.

و منهم:من قال:القولان سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا (1).

و قال أبو حنيفة:إن قاتلوا،استحقّوا،و إن لم يقاتلوا،لم يستحقّوا (2).و هو قريب من مذهبنا.

مسألة:الجيش إذا خرج من بلد غازيا،
اشارة

فبعث الإمام منه سريّة فغنمت السريّة، شاركهم الجيش فيها،و لو غنم الجيش شاركتهم (3)السريّة في غنيمته و هو قول العلماء كافّة إلاّ الحسن البصريّ؛فإنّه حكي عنه أنّه قال:تنفرد السريّة بما غنمت (4).

لنا:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا غزا هوازن،بعث سريّة من الجيش قبل أوطاس،فغنمت السريّة،فأشرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بينها و بين الجيش (5).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفل في البدأة الربع،و في الرجعة الثلث (6).

و هو دليل على اشتراكهم فيما سوى ذلك؛لأنّهم لو اختصّوا بما غنموه،لما كان ثلثه

ص:373


1- 1الأمّ 4:146،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:150،الحاوي الكبير 8:425،المهذّب للشيرازيّ 2: 315،حلية العلماء 7:684،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:186،مغني المحتاج 3:104، الشرح الكبير بهامش المغني 10:480.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:36،بدائع الصنائع 7:126،الهداية للمرغينانيّ 2:147،شرح فتح القدير 5:226،تبيين الحقائق 4:103-104،مجمع الأنهر 1:642،الشرح الكبير بهامش المغني 10:480.
3- 3) كثير من النسخ:شاركهم.
4- 4) الحاوي الكبير 8:427،بداية المجتهد 1:394.
5- 5) الحاوي الكبير 8:427،المغني 10:486،الشرح الكبير بهامش المغني 10:516.
6- 6) سنن أبي داود 3:80 الحديث 2750، [1]المستدرك للحاكم 2:133،سنن البيهقيّ 6:313، كنز العمّال 4:532 الحديث 11565.

نفلا.و لأنّهم جيش واحد،و كلّ واحد منهم ردء (1)لصاحبه،فيشتركون،كما لو غنم أحد جانبي الجيش.

احتجّ المخالف:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (2). (3)

و الجواب:أنّ المراد بحضور الوقعة:الحضور حكما أو حقيقة؛جمعا بين الدليلين.

فروع:
الأوّل:لو بعث الإمام من الجيش سريّتين إلى جهة واحدة فغنمتا،

اشترك الجيش و السريّتان في الغنيمتين؛لما تقدّم (4)،و لا نعلم فيه خلافا.

الثاني:لو بعث السريّتين إلى جهتين،فغنمتا،

قال الشيخ-رحمه اللّه-:يتشارك الجيش و السريّتان في الغنيمتين (5).و هو قول بعض الشافعيّة.

و قال آخرون منهم:لا تتشارك السريّتان،و كلّ واحدة منهما مع الجيش كالجيش الواحد،فأمّا إحداهما مع الأخرى فكالمنفردتين لا تقاسم إحداهما الأخرى؛لأنّ إحداهما ليست ردءا للأخرى،و كلّ واحدة منهما ردء للجيش و الجيش ردء لهما (6).

و لنا:أنّهما من جيش واحد،فاشتركوا،كما لو اتّفقت الجهة،و لو احتاجت كلّ

ص:374


1- 1الردء:العون و الناصر.النهاية لابن الأثير 2:213.
2- 2) تفسير القرطبيّ 8:16. [1]
3- 3) الحاوي الكبير 8:427.
4- 4) يراجع:ص 373.
5- 5) المبسوط 2:73. [2]
6- 6) الأمّ 4:146،الحاوي الكبير 8:428،المهذّب للشيرازيّ 2:316،حلية العلماء 7:685، المجموع 19:364،مغني المحتاج 3:103.

واحدة منهما إلى نصرة الأخرى،لنصرتها،و كلّ واحدة منهما من جملة الجيش، فالجميع جيش واحد.

الثالث:لو بعث الإمام سريّة و هو مقيم ببلد الإسلام،فغنمت السريّة،

اختصّت بالغنيمة،و لا يشاركهم أهل البلد فيها بلا خلاف،و لا يشاركهم الإمام أيضا و لا جيشه؛لأنّ الغنيمة للمجاهدين،و المقيم في بلد الإسلام ليس بمجاهد،و قد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السرايا و هو بالمدينة و لا يشاركهم في الغنيمة (1).و كذا لو بعث جيشا و هو مقيم ببلده.

الرابع:لو بعث سريّتين و هو مقيم ببلده،أو بعث جيشين،

فكلّ واحد منهما مختصّ بما غنمه؛لأنّ كلّ واحدة من السريّتين انفردت بالغزو و الغنيمة،بخلاف ما لو بعث السريّتين من الجيش الواحد؛لأنّ الجيش ردء لكلّ واحدة منهما،فكانت كلّ واحدة ردءا للأخرى،و في هذه الصورة ليس هاهنا جيش واحد يجمعهما،بل كلّ واحدة منهما جيش بانفراده.و لو اجتمعت السريّتان في موضع فغنمتا،كانتا جيشا واحدا.

الخامس:لو بعث الأمير لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا أو طليعة أو جاسوسا

لينظر عددهم و ينقل أخبارهم،فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثمّ رجع إليهم، للشافعيّ وجهان:

أحدهما:أنّه لا يسهم له؛لأنّه لم يحضر الاغتنام.

و الثاني:يشاركهم؛لأنّه كان في مصلحتهم و خاطر بنفسه بما هو أكثر من الثبات في الصفّ،فوجب أن يشركهم (2).

و الذي يقتضيه مذهبنا أنّه يسهم له؛لأنّ القتال ليس عندنا شرط في استحقاق

ص:375


1- 1الحاوي الكبير 8:428،المهذّب للشيرازيّ 2:316،المجموع 19:364.
2- 2) حلية العلماء 7:685.

السهم،بل يقسّم على كلّ من حضر القتال،و قد تقدّم البحث فيه (1).

السادس:لو غنم أهل الكتاب،نظر في ذلك،

فإن كان الإمام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب،كان الحكم على ما شرطه،و إن لم يكن أذن لهم،كانت غنيمتهم للإمام عندنا؛لأنّ كلّ من غزا بغير إذن الإمام إذا غنم،كانت غنيمته للإمام عندنا.

أمّا الشافعيّ،فإنّه قال:إن كان الإمام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب،كان الحكم على ما شرطه،و إن لم يأذن لهم،احتمل وجهين:

أحدهما:أنّه ينزعه منهم و يرضخ لهم؛لأنّهم لا يستحقّون سهما في الغنيمة.

و الثاني:يقرّون عليه،كما لو غلب بعض المشركين على بعض (2).

السابع:قال ابن الجنيد:إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون ،فانهزم

العدوّ

(3)

و غنم أوائل المسلمين،كان كلّ من خرج أو تهيّأ للخروج أو أقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدوّ شركاء في الغنيمة.

و كذلك لو حاصرهم العدوّ فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا و غنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم و الحفظ للمدينة و أهلها،فإن كان الذين هزموا العدوّ قد لقوه على ثمانية (4)فراسخ من المدينة فقاتلوه و غنموه،كانت الغنيمة لهم،دون من كان في المدينة الذين لم يعاونوهم خارجها (5).

مسألة:و اختلف علماؤنا في أولويّة مواضع القسمة،
اشارة

فقال الشيخ-رحمه اللّه-:

ص:376


1- 1يراجع:ص 368 و 372.
2- 2) حلية العلماء 7:683.
3- 3) ب:يتقاطرون.تقاطر القوم:جاءوا إرسالا.لسان العرب 5:108.
4- 4) كثير من النسخ:ثماني،مكان:ثمانية.
5- 5) نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة 9:255،و [1]التحرير 1:147. [2]

تستحبّ القسمة في أرض العدوّ،و يكره تأخيرها إلاّ لعذر من خوف المشركين أو الكمين (1)في الطريق أو قلّة علف أو انقطاع ميرة (2). (3)

و قال ابن الجنيد:الاختيار إلينا أن لا نقسّم إلاّ بعد الخروج من دار الحرب (4).

و بجواز القسمة في دار الحرب قال مالك (5)،و الأوزاعيّ (6)،و الشافعيّ (7)، و أحمد (8)،و أبو ثور،و ابن المنذر (9).

و قال أصحاب الرأي:لا يقسّم إلاّ في دار الإسلام (10).

لنا على جواز القسمة في دار الحرب:ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق الفزاريّ (11)،قال:قلت للأوزاعيّ:هل قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا من

ص:377


1- 1في النسخ:أو التمكّن،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) أتاهم بالميرة-بكسر الميم-:و هي الطعام.المصباح المنير:587.
3- 3) المبسوط 2:35. [1]
4- 4) نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة 9:256،و [2]التحرير 1:147. [3]
5- 5) المدوّنة الكبرى 2:12،المنتقى للباجي 3:176،الكافي في فقه أهل المدينة:214،عمدة القارئ 14:311.
6- 6) المغني 10:458،الشرح الكبير بهامش المغني 10:479 عمدة القارئ 14:311.
7- 7) الأمّ 4:140-141،المهذّب للشيرازيّ 2:313،حلية العلماء 7:686،المجموع 19:354، [4]الميزان الكبرى 2:181،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:182.
8- 8) المغني 10:458،الشرح الكبير بهامش المغني 10:479،الفروع في فقه أحمد 3:447، الإنصاف 4:163.
9- 9) المغني 10:458،الشرح الكبير بهامش المغني 10:479،عمدة القارئ 14:311.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 10:17،تحفة الفقهاء 3:299،بدائع الصنائع 7:121،الهداية للمرغينانيّ 2:142،شرح فتح القدير 5:222،تبيين الحقائق 4:100-101،مجمع الأنهر 1:641،عمدة القارئ 14:311،حلية العلماء 7:686.
11- 11) إبراهيم بن محمّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة أبو إسحاق الفزاريّ،نزل الشام،روى عن حميد الطويل [5]و أبي إسحاق السبيعيّ و الأعمش و الثوريّ و جماعة،و روى عنه معاوية بن عمرو الأزديّ-

الغنائم بالمدينة؟قال:لا أعلمه،إنّما كان الناس يبيعون (1)غنائمهم،و يقسّمونها في أرض عدوّهم،و لم يقفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن غزاة قطّ أصاب فيها غنيمة إلاّ خمّسه و قسّمه من قبل أن يقفل،من ذلك:غزاة بني المصطلق و هوازن و خيبر (2).

و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-في مبسوطه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء (3)قريب من بدر، و كان ذلك دار حرب (4).

و لأنّ كلّ موضع جاز فيه الاغتنام،جازت فيه القسمة،كدار الإسلام.

و لأنّ الملك يثبت في الغنائم بالقهر و الاستيلاء،فصحّت قسمتها،كدار الإسلام.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الملك لا يتمّ عليها إلاّ بالاستيلاء التامّ،و لا يحصل ذلك إلاّ بإحرازها في دار الإسلام،و لو قسّمت،أساء القاسم و جازت قسمته؛لأنّها مسألة اجتهاديّة ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول بعض المجتهدين.

و لأنّ لكلّ واحد من الغانمين أن يستبدّ (5)بالطعام و العلف في دار الحرب،فلا تجوز القسمة،كحالة بقاء الحرب (6).

ص:378


1- 1) في ب و كذا المغني 10:459:يتبعون،و في الشرح الكبير بهامش المغني 10:479،و كذا في الجواهر 21:212:يبتغون.
2- 2) المغني 10:459،الشرح الكبير بهامش المغني 10:479.
3- 3) وادي الصفراء [1]من ناحية المدينة و هو واد كثير النخل و الزرع و الخير في طريق الحاجّ،سلكه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غير مرّة و بينه و بين بدر مرحلة.معجم البلدان 3:412.
4- 4) المبسوط 2:35.
5- 5) خا و ق:يستبدل،ع و ر:يستند.
6- 6) بدائع الصنائع 7:121،شرح فتح القدير 5:222،تبيين الحقائق 4:100-101،المغني 10:

و الجواب عن الأوّل:الاستيلاء التامّ موجود؛لأنّا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة و قهرناهم و نفيناهم عنها،فثبت به الملك،كالمباحات،و لهذا لا ينفذ عتق الكافر في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة عنده،فدلّ على زوال ملكهم عنها،و إنّما تزول إلى مالك؛إذ ليست مباحة،و لا مالك إلاّ الغانمين.

و عن الثاني:بالفرق؛فإنّ حالة قيام الحرب لم يثبت للغانمين فيها حقّ التملّك؛ فلم تجز القسمة.

فروع:
الأوّل:احتجاج ابن الجنيد على مذهبه

بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما قسم غنائم حنين 1و الطائف بعد خروجه من ديارهم إلى الجعرّانة 2،لا تدلّ على مطلوبه؛لأنّه حكاية حال لا عموم لها،فجاز أن يقع ذلك لعذر،كما قلناه أوّلا 3.

الثاني:قال ابن الجنيد:لو صارت دار أهل الحرب دار ذمّة

تجرى فيها أحكام المسلمين،فأراد الوالي قسمتها مكانه 4،فعل 5،كما قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعض غنائم خيبر قبل أن يرحل عنهم 6.

ص:379

الثالث:قال:لو غزا المشركون المسلمين فهزمهم المسلمون و غنموهم،

قسّموا غنائمهم مكانهم إن اختاروا ذلك قبل إدخالها المدن.و لو كان المشركون بادية أو متنقّلة و لا دار لهم فغزاهم المسلمون،فغنموهم،كان قسمتها إلى الوالي إن شاء قسّمها مكانه،و إن شاء قسّم بعضها و أخّر بعضها (1)،كما قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المغنم بخيبر (2).

مسألة:لا ينبغي للإمام أن يقيم الحدّ في أرض العدوّ،

بل يؤخّر حتّى يعود إلى دار الإسلام ثمّ يقيم عليه الحدّ؛لئلا تحمل المحدود الغيرة فيدخل إلى دار الحرب، و لا يسقط بذلك الحدّ عنه،سواء كان الإمام مع العسكر أو لم يكن.

و إن رأى الوالي من المصلحة تقديم الحدّ،جاز ذلك،سواء كان مستحقّ الحدّ أسيرا،أو أسلم فيهم و لم يخرج إلينا،أو خرج من عندنا لتجارة و غيرها.

أمّا لو قتل مسلما فإنّه يقتصّ منه في دار الحرب إن قتل عمدا؛لأنّ المقتضي لإيجاب القصاص موجود،و المانع من التقديم-و هو خوف اللحاق بالعدوّ-مفقود فثبت (3)الحكم-و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى في باب الحدود-و بهذا قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6).

ص:380


1- 1نقله عنه في التذكرة 9:258. [1]
2- 2) السيرة النبويّة لابن هشام 3:364،المغازي للواقديّ 2:687-688، [2]المنتظم 3:294.
3- 3) آل،ر و ع:فيثبت.
4- 4) الكافي في فقه أهل المدينة:211،حلية العلماء 7:671،المغني 10:528، [3]الميزان الكبرى 2: 185-186.
5- 5) الحاوي الكبير 14:210،المهذّب للشيرازيّ 2:310،حلية العلماء 7:671،المجموع 19: 338، [4]الميزان الكبرى 2:185-186.
6- 6) المغني 10:528،الفروع في فقه أحمد 3:359،حلية العلماء 7:671،الميزان الكبرى 2:185 186.

و قال أبو حنيفة:لا يجب عليه القصاص و لا الحدّ إلاّ أن يكون معه إمام أو نائب عن الإمام (1).

لنا:عموم الأمر بالحدّ و القصاص (2).و لأنّ كلّ موضع حرم فيه الزنا،وجب فيه حدّ الزنا،كدار الإسلام.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه مع غيبة الإمام و نائبه لا يد للإمام عليه،فلا يجب عليه الحدّ بالزنا،كالحربيّ (3).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل أوّلا،و بالفرق ثانيا؛فإنّ الحربيّ غير ملتزم بأحكام الإسلام،بخلاف المسلم.

إذا ثبت هذا:فقد بيّنّا أنّه ينبغي للإمام أن يؤخّر الحدّ عليه حتّى يرجع إلى دار الإسلام (4).و به قال أبو حنيفة (5)و أحمد (6).

و قال الشافعيّ (7)،و مالك:لا يؤخر ذلك (8).

لنا:ما رواه الجمهور،أنّ عمر كتب إلى أمراء الأجناد[أن] (9)لا يقيموا الحدود

ص:381


1- 1بدائع الصنائع 7:131،الهداية للمرغينانيّ 2:102-103،شرح فتح القدير 5:46،الفتاوى الهنديّة 2:149،تبيين الحقائق 3:580-581،الحاوي الكبير 14:210،حلية العلماء 7:671، المغني 10:528.
2- 2) يراجع:الوسائل 18:309 الباب 2 من أبواب مقدّمات الحدود.
3- 3) بدائع الصنائع 7:131،الحاوي الكبير 14:210،حلية العلماء 7:671.
4- 4) يراجع:ص 380. [1]
5- 5) الحاوي الكبير 14:210.
6- 6) المغني 10:528.
7- 7) الحاوي الكبير 14:210،المهذّب للشيرازيّ 2:310،حلية العلماء 7:671،الميزان الكبرى 2: 185-186.
8- 8) حلية العلماء 7:671،المغني 10:528.
9- 9) أضفناها من المصدر.

في دار الشرك حتّى يرجعوا إلى دار الإسلام؛لأنّ (1)المحدود ربّما التحق بدار الحرب (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ كلّ موضع وجب فيه الحدّ،جاز إقامته فيه،كدار الإسلام (3).

و الجواب:الفرق بما ذكرناه.

مسألة:المشركون لا يملكون مال المسلمين بالاستغنام،

فإذا أغار المشركون على المسلمين،فأخذوا ذراريهم و عبيدهم و أموالهم،ثمّ ظفر بهم المسلمون، فأخذوا منهم ما كانوا أخذوه منهم،فإنّ أولادهم يردّون إليهم بعد أن يقيموا البيّنة، و لا يسترقّون إجماعا.

و أمّا العبيد و الأموال،فإنّ أربابها إن أقاموا البيّنة قبل القسمة ردّت على أربابها بأعيانها،و لا يغرم الإمام للمقاتلة عوضه شيئا في قول عامّة العلماء.

و إن جاءوا بالبيّنة بعد القسمة،ففيه قولان لعلمائنا:

أحدهما:أن يردّ على أربابه،و يردّ الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال.

اختاره الشيخ في المبسوط (4)،و ابن إدريس (5).و به قال أبو بكر،و ابن عمر، و سعد بن أبي وقّاص،و ربيعة (6)،و الشافعيّ (7)،و ابن المنذر (8).

ص:382


1- 1ب:و لأنّ.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:105،الحاوي الكبير 14:210.
3- 3) المجموع 19:338.
4- 4) المبسوط 2:26،و [1]قال به أيضا في الخلاف 2:502 مسألة-10.
5- 5) السرائر:157.
6- 6) حلية العلماء 7:672،المغني 10:472،الشرح الكبير بهامش المغني 10:470،المجموع 19: 345. [2]
7- 7) الحاوي الكبير 14:216،المهذّب للشيرازيّ 2:311،حلية العلماء 7:672،المجموع 19: 345، [3]عمدة القارئ 15:2.
8- 8) المغني 10:472،الشرح الكبير بهامش المغني 10:470.

الثاني:أن يكون للمقاتلة و يعطي الإمام أربابها أثمانها.اختاره الشيخ- رحمه اللّه-في النهاية (1).و به قال أبو حنيفة (2)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (3)،و مالك (4)، و أحمد بن حنبل في إحدي الروايتين.و في الأخرى:لا حقّ لصاحبه فيه بحال، و نقله الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمر،و الليث،و عطاء،و النخعيّ (5).

و الحقّ:الأوّل.

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه ذهب فرس له فأخذها العدوّ،فظهر عليه المسلمون،فردّ عليه في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6).

و عنه أنّ غلاما له أبق إلى العدوّ،فظهر عليه المسلمون فردّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ابن عمر (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم

ص:383


1- 1النهاية:295. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:54،تحفة الفقهاء 3:304،بدائع الصنائع 7:128،الهداية للمرغينانيّ 2:150، [2]شرح فتح القدير 5:257،الفتاوى الهنديّة 2:225،تبيين الحقائق 4:125،مجمع الأنهر 1:652-653،عمدة القارئ 15:2.
3- 3) المغني 10:471،الشرح الكبير بهامش المغني 10:469،بداية المجتهد 1:398،الاستذكار 5: 54،عمدة القارئ 15:2.
4- 4) المدوّنة الكبرى 2:13،إرشاد السالك:63-64،المنتقى للباجي 3:184،بداية المجتهد 1: 398،الكافي في فقه أهل المدينة:213،الاستذكار 5:53،عمدة القارئ 15:2.
5- 5) المغني 10:472،الشرح الكبير بهامش المغني 10:470،عمدة القارئ 15:2،الإنصاف 4: 157. [3]
6- 6) صحيح البخاريّ 4:89،سنن أبي داود 3:64 الحديث 2698 و 2699، [4]سنن ابن ماجة 2:949 الحديث 2847 و ص 950،المغني 10:471،الشرح الكبير بهامش المغني 10:469-470.
7- 7) صحيح البخاريّ 4:89،سنن أبي داود 3:64 الحديث 2698 و 2699، [5]سنن ابن ماجة 2:949 الحديث 2847 و ص 950،المغني 10:471،الشرح الكبير [6]بهامش المغني 10:469-470.

فيسرقون (1)منهم،أ يردّ عليهم؟قال:«نعم،و المسلم أخو المسلم،و المسلم أحقّ بماله أينما وجده» (2).

و لأنّ من لا يملك رقبة غيره بالقهر،لا يملك ماله به،كالمسلم مع المسلم.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه هشام بن سالم عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام في السبي يأخذ العدوّ من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونه،ثمّ إنّ المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم فسبوهم و أخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين و أولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين،فكيف يصنع فيما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين و مماليكهم؟قال:فقال:«أمّا أولاد المسلمين فلا يقام في سهام المسلمين و لكن يردّ إلى أبيه أو إلى أخيه أو إلى وليّه بشهود،و أمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون،و يعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين» (3).

احتجّ أبو حنيفة:بما روى تميم بن طرفة (4):أنّ الكفّار أصابوا بعيرا لنا،فاشتراه منهم رجل،فأخرجه إلى دار الحرب فعزله صاحبه و خاصمه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«إن شئت أخذت بالثمن الذي اشتراه و إلاّ فهو له» (5).

ص:384


1- 1كثير النسخ:يسترقّون،ب:يسرقون،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 6:159 الحديث 288،الاستبصار 3:4 الحديث 7،الوسائل 11:74 الباب 35 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 6:159 الحديث 287،الاستبصار 3:4 الحديث 8.
4- 4) تميم بن طرفة الطائيّ الكوفيّ روى عن عدي بن حاتم و جابر بن سمرة و ابن أبي أوفى و الضحّاك بن قيس،و روى عنه سمّاك بن حرب و المسيّب بن رافع و عبد العزيز بن رفيع.مات سنة: 94 ه،و قيل:95 ه،و قيل:93 ه.التاريخ الكبير للبخاريّ 2:151،الجرح و التعديل 2:442، تهذيب التهذيب 1:512. [2]
5- 5) سنن البيهقيّ 9:111 و 112،المجموع 19:346.

و عن ابن عبّاس،أنّ رجلا وجد بعيرا له،كان المشركون أصابوه،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إن أصبته قبل أن نقسّمه (1)فهو لك،و إن أصبته بعد ما قسّم أخذته بالقيمة» (2).

و لأنّه إنّما امتنع أخذه له بغير شيء،كيلا يفضي إلى حرمان آخذه من الغنيمة، أو يضيع الثمن على المشتري،و حقّهما ينجبر بالثمن،فيرجع صاحب المال في عين ماله،بمنزلة مشتري الشقص المشفوع.و لأنّ القهر سبب يملك به المسلم على الكافر،فملك به الكافر على المسلم،كالبيع (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرواية مرسلة،فلا تعارض روايتنا الصحيحة.

و عن الحديثين الآخرين:أنّهما معارضان بما قدّمناه من روايات الجمهور (4).

و عن الثالث:بالفرق بينه و بين البيع؛فإنّ البيع سبب يشتركان في إباحته، و القهر هاهنا محظور،و سلّم أبو حنيفة أنّه لا يملك الكافر (5).

مسألة:روى الشيخ-رحمه اللّه-عن جميل،عن رجل،عن أبي عبد اللّه
اشارة

عليه السلام في رجل كان له عبد فأدخل دار الشرك،

ثمّ أخذ سبيا إلى دار الإسلام، فقال:«إن وقع عليه قبل القسمة،فهو له،و إن جرت عليه القسمة،فهو أحقّ به

ص:385


1- 1كثير من النسخ:تقسّمه.
2- 2) الحاوي الكبير 14:217،سنن البيهقيّ 9:111،المبسوط للسرخسيّ 10:54،المجموع 19: 346،المغني 10:471،الشرح الكبير بهامش المغني 10:469-470،عمدة القارئ 15:2.
3- 3) المغني 10:471-472،الشرح الكبير بهامش المغني 10:469-470.
4- 4) يراجع:ص 383 الرقم 6 و 7.
5- 5) تحفة الفقهاء 3:304،بدائع الصنائع 7:128،الهداية للمرغينانيّ 2:151،شرح فتح القدير 5: 261،تبيين الحقائق 4:128،مجمع الأنهر 1:654.

بالثمن» (1).و هذه الرواية تعضد قول الشيخ-رحمه اللّه-إلاّ أنّها مرسلة.

و روي في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل لقيه العدوّ،فأصابوا منه مالا أو متاعا،ثمّ إنّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل؟فقال:«إذا كانوا أصابوه قبل أن يحرزوا (2)متاع الرجل،ردّ عليه، و إن كانوا أصابوه بعد ما أحرزوه،فهو فيء للمسلمين و هو أحقّ بالشفعة» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-في كتاب الاستبصار:و الذي أعمل عليه أنّه أحقّ بعين ماله على كلّ حال،و هذه الأخبار كلّها على ضرب من التقيّة (4).

و استدلّ عليه:بما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن عليّ بن رئاب،عن طربال (5)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سئل عن رجل كانت له جارية،فأغار عليها المشركون فأخذوها منه،ثمّ إنّ المسلمين بعد غزوهم فأخذوها فيما غنموا منهم،فقال:«إن كانت في الغنائم و أقام البيّنة أنّ المشركين أغاروا عليهم فأخذوها منه،ردّت عليه،فإن كانت اشتريت و خرجت من المغنم فأصابها،ردّت عليه برمّتها و أعطي الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه»[قيل

ص:386


1- 1التهذيب 6:160 الحديث 290،الاستبصار 3:5 الحديث 9،الوسائل 11:74 الباب 35 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [1]
2- 2) خا و كذا التهذيب:«يحوزوا».
3- 3) التهذيب 6:160 الحديث 289،الاستبصار 3:5 الحديث 10،الوسائل 11:74 الباب 35 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
4- 4) الاستبصار 3:5 ذيل الحديث 10.
5- 5) طربال،عدّه الشيخ بهذا العنوان في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام و بعنوان طربال بن جميل الكوفيّ،و طربال بن رجاء الكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السلام،يظهر من المامقانيّ:تعدّدهم، و يظهر من السيّد الخوئيّ اتّحاد طربال و طربال بن رجاء.رجال الطوسيّ:126،222،تنقيح المقال 2:108، [3]معجم رجال الحديث 9:165. [4]

له:] (1)فإن لم يصبها حتّى تفرّق (2)الناس و قسّموا جميع الغنائم فأصابها بعد؟قال:

«يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة،و يرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن» (3).

فروع:
الأوّل:قد بيّنّا أنّه إذا جاء صاحب العين قبل القسمة،

كان أحقّ بها و لا يغرم الإمام لأهل الغنيمة شيئا (4)،و لا نعرف فيه خلافا إلاّ الزهريّ فإنّه قال:لا يردّ إليه و هو للجيش،و نحوه قال عمرو بن دينار،و احتجّا بأنّ الكفّار ملكوه باستيلائهم، فصار غنيمة كسائر أموالهم (5).

و هو خطأ،فإنّا قد بيّنّا أنّ الكفّار لا يملكون مال المسلم بالاستغنام (6)، و معارض بما تلوناه من الأحاديث.

الثاني:إذا أخذ المال أحد الرعيّة نهبة أو سرقة أو بغير شيء،

(7)

فصاحبه أحقّ به بغير شيء.و به قال الشافعيّ (8)،و أحمد (9).

ص:387


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) كثير من النسخ:تفرّقت.
3- 3) التهذيب 6:160 الحديث 291،الاستبصار 3:6 الحديث 11،الوسائل 11:75 الباب 35 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [1]
4- 4) يراجع:ص 382. [2]
5- 5) المغني 10:471،الشرح الكبير بهامش المغني 10:469،بداية المجتهد 1:398،الاستذكار 5: 55.
6- 6) يراجع:ص 382. [3]
7- 7) أكثر النسخ:بهبة،كما في المغني و الشرح،مكان:نهبة.
8- 8) الحاوي الكبير 14:216،المهذّب للشيرازيّ 2:311،حلية العلماء 7:672.
9- 9) المغني 10:473،الشرح الكبير بهامش المغني 10:471،الكافي لابن قدامة 4:238،الإنصاف 4:157.

و قال أبو حنيفة:لا يأخذه إلاّ بالقيمة (1).

لنا:ما روى الجمهور أنّ قوما أغاروا على سرح (2)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فأخذوا ناقته و جارية من الأنصار،فأقامت عندهم أيّاما ثمّ خرجت في بعض الليل، قالت:فما وضعت يدي على ناقة إلاّ رغت (3)حتّى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثمّ توجّهت إلى المدينة و نذرت إن نجّاني اللّه عليها،أن أنحرها،فلمّا قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأخذها، فقلت:يا رسول اللّه إنّي نذرت أن أنحرها،فقال:«بئس ما جازيتها،لا نذر في معصية اللّه» (4).

و في رواية:«لا نذر فيما لا يملك ابن آدم» (5).

و لأنّه لم يحصل في يده بعوض،و لا بتعيين الإمام له،فيبقى على ربّه.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه صار ملك الواجد بعينه،فأشبه ما لو قسّم (6).

ص:388


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:54،تحفة الفقهاء 3:304،بدائع الصنائع 7:128،الهداية للمرغينانيّ 2:150،شرح فتح القدير 5:257،الفتاوى الهنديّة 2:225،تبيين الحقائق 4:125،مجمع الأنهر 1:652-653،المغني 10:473،الشرح الكبير بهامش المغني 10:471.
2- 2) السّرح:المال يسام في المرعى من الأنعام.لسان العرب 2:478. [1]
3- 3) الرغاء:صوت الإبل،رغا البعير و الناقة ترغو رغاء:صوتت فضجّت.لسان العرب 14:329. [2]
4- 4) صحيح مسلم 3:1262 الحديث 1641،سنن أبي داود 3:239 الحديث 3316، [3]مسند أحمد 4: 429، [4]سنن البيهقيّ 10:69،سنن الدار قطنيّ 4:182 الحديث 37،كنز العمّال 16:738 الحديث 46588،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:190 الحديث 453،مجمع الزوائد 4:186-187.
5- 5) صحيح مسلم 3:1262 الحديث 1641،سنن الترمذيّ 3:486 الحديث 1181، [5]سنن النسائيّ 7: 19،سنن الدارميّ 2:184، [6]مسند أحمد 2:190، [7]سنن البيهقيّ 9:231،كنز العمّال 16:710 الحديث 46464،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:179 الحديث 413 و ص 190 الحديث 453، مجمع الزوائد 4:188.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:54،بدائع الصنائع 7:128،المغني 10:473،الشرح الكبير بهامش المغني 10:471.

و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.

الثالث:لو اشترى المسلم من العدوّ،بطل الشراء،

و كان لصاحبه أخذه بغير شيء.

و قال أحمد:ليس لصاحبه أخذه إلاّ بثمنه (1).

لنا:إنّا قد بيّنّا أنّ المشرك لا يملك مال المسلم بالاستغنام (2)،فالبيع المترتّب على يد المشرك باطل.

احتجّ:بما رواه الشعبيّ،قال:أغار أهل ماه (3)و أهل جلولاء (4)على العرب، فأصابوا سبايا من سبايا العرب و رقيقا و متاعا،ثمّ إنّ السائب بن الأقرع (5)عامل عمر غزاهم،ففتح ماه،فكتب إلى عمر في سبايا المسلمين و رقيقهم و متاعهم قد اشتراه التجّار من أهل ماه،فكتب إليه عمر:أنّ المسلم أخو المسلم لا يخونه و لا يخذله،فأيّما رجل من المسلمين أصاب متاعه و رقيقه بعينه فهو أحقّ به،و إن أصابه في أيدي التجّار بعد ما أقسم،فلا سبيل إليه،و أيّما حرّ اشتراه التجّار،فإنّه

ص:389


1- 1المغني 10:473،الشرح الكبير بهامش المغني 10:471،الكافي لابن قدامة 4:238،الفروع في فقه أحمد 3:448،الإنصاف 4:159.
2- 2) يراجع:ص 382.
3- 3) ماه دينار:اسم لمدينة نهاوند.معجم البلدان 5:49.
4- 4) جلولاء-بالمدّ-طسّوج من طساسيج السواد في طريق خراسان،بينها و بين خانقين سبعة فراسخ، و بها كانت الوقعة المشهورة للمسلمين سنة 16.معجم البلدان 2:156. [1]
5- 5) السائب بن الأقرع بن عوف بن جابر بن سفيان...الثقفيّ و أمّه مليكة دخلت به على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو غلام،فمسح رأسه و دعا له،شهد فتح نهاوند و سار بكتاب عمر إلى النعمان بن مقرن، و استعمله عمر على المدائن،روى عن عمر قصّة فتح نهاوند،و روى عنه ابنه و أبو إسحاق السبيعيّ. التاريخ الكبير للبخاريّ 4:151،أسد الغابة 2:249، [2]الإصابة 2:8، [3]الجرح و التعديل 4:240.

يردّ عليهم رءوس أموالهم،فإنّ الحرّ لا يباع و لا يشترى (1).

و الجواب:قد تقدّم فيما مضى على أنّ فعل عمر ليس بحجّة (2).

الرابع:لو علم الأمير بمال المسلم قبل القسمة فقسّمه وجب ردّه،

و كان صاحبه أحقّ به بغير شيء؛لأنّ القسمة وقعت باطلة من أصلها.

الخامس:إذا أبق عبد لمسلم إلى دار الحرب،فأخذوه،

لم يملكوه بأخذه،و به قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال مالك (5)،و أحمد (6)،و أبو يوسف،و محمّد؛يملكونه (7).و قد تقدّم دليلنا على أنّ أموال المسلمين لا تملك بالاستغنام و القهر (8).

و أمّا أبو حنيفة،فإنّه يفرّق بين الآبق و سائر الأموال،بأنّ الآبق إذا صار في دار

ص:390


1- 1سنن البيهقيّ 9:112،المغني 10:473،الشرح الكبير بهامش المغني 10:471،الكافي لابن قدامة 4:238.
2- 2) يراجع:ص 105.
3- 3) الأمّ 4:254،الحاوي الكبير 14:216،حلية العلماء 7:672،المجموع 19:345،مغني المحتاج 4:229،الميزان الكبرى 2:183،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:181.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:55،تحفة الفقهاء 3:304،بدائع الصنائع 7:128،الهداية للمرغينانيّ 2:151،شرح فتح القدير 5:261،الفتاوى الهنديّة 2:231،تبيين الحقائق 4:129،مجمع الأنهر 1:654.
5- 5) المدوّنة الكبرى 2:15،بداية المجتهد 1:399،الكافي في فقه أهل المدينة:213.
6- 6) المغني 10:477،الشرح الكبير بهامش المغني 10:475،الكافي لابن قدامة 4:238،الإنصاف 4:159. [1]
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 10:55،تحفة الفقهاء 3:304،بدائع الصنائع 7:128،الهداية للمرغينانيّ 2:151،شرح فتح القدير 5:261،الفتاوى الهنديّة 2:231،تبيين الحقائق 4:130،مجمع الأنهر 1:654.
8- 8) يراجع:ص 382.

الحرب،زالت يد المولى عنه،و صار في يد نفسه،فلا يملكونه بالأخذ (1).

السادس:لو أسلم المشرك الذي في يده مال المسلم،أ

خذ منه بغير قيمة.و لو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو نهبه أو اشتراه ثمّ أخرجه إلى دار الإسلام فصاحبه أحقّ به،و لا تلزمه قيمة،فإن أعتقه من هو في يده أو تصرّف فيه ببيع أو هبة أو غير ذلك،فسد جميع تصرّفه؛لأنّه تصرّف في ملك غيره بغير إذنه،فيكون باطلا.

السابع:لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين،

فلم يعلم صاحبه،فهو غنيمة؛بناء على ظاهر الحكم باليد،و بهذا قال الثوريّ،و الأوزاعيّ، فإنّهما قالا في المصحف يحصل في الغنائم:يباع (2).

و قال الشافعيّ:يوقف حتّى يجيء صاحبه (3).

و لو وجد شيء موسوم عليه:حبس في سبيل اللّه،قال الثوريّ:يقسّم ما لم يأت صاحبه (4).

و قال الشافعيّ:يردّ كما كان؛لأنّه قد عرف مصرفه-و هو الحبس-فهو بمنزلة ما لو عرف صاحبه (5).و عندي في ذلك نظر.

و لو أصيب غلام في بلاد الشرك فقال:[أنا] (6)لفلان من بلاد الإسلام،ففي

ص:391


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:55،الهداية للمرغينانيّ 2:151،شرح فتح القدير 5:261،تبيين الحقائق 4:130،مجمع الأنهر 1:654.
2- 2) المغني 10:474،الشرح الكبير بهامش المغني 10:472.
3- 3) الحاوي الكبير 14:216،المهذّب للشيرازيّ 2:311،حلية العلماء 7:672،المجموع 19: 343،روضة الطالبين:1824،مغني المحتاج 4:231،السراج الوهّاج:545.
4- 4) المغني 10:474،الشرح الكبير بهامش المغني 10:472.
5- 5) المغني 10:474،الشرح الكبير بهامش المغني 10:472.
6- 6) أضفناها لاقتضاء السياق،و كما في المغني 10:475،و التذكرة 9:263. [1]

قبول قوله من غير بيّنة تردّد.و كذا البحث لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم، لكنّ الوجه هنا:القبول قبل الاستغنام،و فيما بعده نظر.

الثامن:لو كان المال الموجود في يد الكافر أخذ من المسلم،

و كان في يد المسلم على سبيل الإجارة أو العارية لغيره من المسلمين،ثمّ وجده المستأجر أو المستعير،كان له المطالبة به قبل القسمة و بعدها؛لأنّا قد بيّنّا:أنّ الملك لم يزل عن المسلم بالاستغنام (1)فلا تزول توابعه.

أمّا أبو حنيفة فإنّه قال:ليس له الأخذ؛لأنّه لا حقّ له في العين لا ملكا، و لا يدا،بل حقّه في الحفظ،و قد بطل بخروجه عن ملك المولى (2).و نحن قد بيّنّا فساد الأصل (3).

التاسع:إذا دخل حربيّ دار الإسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما

ثمّ لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون،كان باقيا على ملك البائع؛لأنّ الشراء عندنا فاسد،فإنّ الكافر لا يملك المسلم،فيردّ على المالك،و يردّ المسلم عليه الثمن الذي أخذه؛ لأنّه في أمان.و لو تلف العبد،كان للسيّد القيمة،و عليه ردّ ثمنه،و يترادّان الفضل.

العاشر:لو أسلم الحربيّ في دار الحرب و له مال و عقار،

أو دخل مسلم دار الحرب و اشترى بها عقارا و مالا ثمّ غزاهم المسلمون فظهروا على ماله و عقاره،لم يملكوه،و كان باقيا عليه إن كان المال ممّا ينقل و يحوّل،أمّا العقار،فإنّه غنيمة.و به

ص:392


1- 1يراجع:ص 382.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:60،الهداية للمرغينانيّ 2:144 و 145.
3- 3) يراجع:ص 387-389.

قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد في غير العقار،و قالوا في العقار:إنّه كغيره (3).

و قال أبو حنيفة:العقار يغنم،و أمّا غيره،فإن كان في يده أو يد مسلم أو ذمّيّ، لم يغنم،و إن كان في يد حربيّ،غنم (4).

لنا:أنّه مال مسلم،فلا يجوز اغتنامه،كما لو كان في دار الإسلام،و قد مضى البحث في ذلك (5).

الحادي عشر:إذا أحرز المشركون جارية رجل مسلم،

فوطأها المحرز لها فولدت،ثمّ ظهر المسلمون عليها،كانت هي و أولادها لمالكها؛لما تقدّم من بقاء الملك بعد الاستغنام (6).و لو أسلم عليها المشرك،لم يزل ملك صاحب الجارية عن أولاده،إلاّ أن يسلم ثمّ يطأها بعد الإسلام ظنّا منه أنّه يملكها،ثمّ تحمل بعد الإسلام،فإنّ الولد يكون هنا أيضا لسيّد الجارية إلاّ أنّه يقوّم على الأب و يؤخذ منه قيمته و يلزم الواطئ عقرها (7)لمولاها؛لأنّه وطأ مملوكة غيره.

الثاني عشر:إذا أسر الإمام قوما من أهل الكتاب و نساءهم و ذراريهم،

فسألوه

ص:393


1- 1الأمّ 4:278،حلية العلماء 7:661،المجموع 19:325، [1]المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414.
2- 2) المدوّنة الكبرى 2:19،المنتقى للباجي 3:219،الكافي في فقه أهل المدينة:219،الاستذكار 5:149،بداية المجتهد 1:400،حلية العلماء 7:661،المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414.
3- 3) المغني 10:469،الشرح الكبير بهامش المغني 10:414،حلية العلماء 7:661.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:66،الهداية للمرغينانيّ 2:144-145،شرح فتح القدير 5:274، تبيين الحقائق 4:107-108،الفتاوى الهنديّة 2:235،مجمع الأنهر 1:659.
5- 5) يراجع:ص 382.
6- 6) يراجع:ص 382.
7- 7) العقر-بالضمّ-:هو دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها.ثمّ كثر ذلك حتّى استعمل في المهر. و العقر:ما تعطاه المرأة على وطي الشبهة.مجمع البحرين 3:410. [2]

أن يخلّيهم و نساءهم و ذراريهم بإعطاء الجزية،لم يكن له ذلك في النساء و الذراريّ؛لأنّهم بالأسر صاروا غنيمة و ملكوا بالسبي.و أمّا الرجال البالغون، فالحكم فيهم قد مضى:من أنّهم إن أسروا بعد تقضّي الحرب،تخيّر بين المنّ عليهم و المفاداة و الاسترقاق،و إن كان قبله،وجب عليه قتله (1).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز الفرار إذا كان العدوّ على الضعف من المسلمين

أو أقلّ (2)،فإن فرّوا قبل قسمة الغنيمة،لم يكن لهم نصيب في الغنيمة ما لم يعودوا قبل القسمة؛لأنّهم عصوا بالفرار،و تركوا الدفع عنها.و أيضا:فإنّهم لم يملكوها ما دامت الحرب قائمة.

و لو فرّوا بعد القسمة،لم يؤثّر في ملكهم الحاصل بالقسمة؛لأنّهم ملكوا ما حازوا بالقسمة،فلا يزول ملكهم بالهرب.

و لو هربوا قبل القسمة إلاّ أنّهم ذكروا أنّهم ولّوا متحرّفين لقتال أو متحيّزين إلى فئة،فالوجه:أنّ لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار و لا شيء لهم فيما غنم بعد أن ولّوا ما لم يلحقوا القسمة (3).

ص:394


1- 1يراجع:ص 203. [1]كذا في النسخ،و الأظهر:قتلهم.
2- 2) يراجع:ص 78. [2]
3- 3) ب:بالقسمة،مكان:القسمة.
البحث الخامس
اشارة

في لواحق هذا الباب

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجوز الاستيجار للجهاد ،

(1)

و به قال أحمد بن حنبل (2).

و قال الشافعيّ:لا يجوز و لا تنعقد الإجارة (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن عمر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«للغازي أجره و للجاعل أجره و أجر الغازي» (4).

و عنه عليه السلام،قال:«مثل الذين يغزون من أمّتي و يأخذون الجعل و يتقوّون به على عدوّهم مثل أمّ موسى ترضع ولدها و تأخذ أجرها» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليه السلام،

ص:395


1- 1يراجع:ص 29. [1]
2- 2) المغني 10:519،الشرح الكبير بهامش المغني 10:512،الكافي لابن قدامة 4:232،الإنصاف 4:179. [2]
3- 3) الأمّ 4:164،الحاوي الكبير 14:128،المهذّب للشيرازيّ 2:292،حلية العلماء 7:647، روضة الطالبين:1801،العزيز شرح الوجيز 11:385،مغني المحتاج 4:222،السراج الوهّاج: 542،الميزان الكبرى و رحمة الأمّة بهامشه 2:186،المغني 10:519،الشرح الكبير بهامش المغني 10:512.
4- 4) سنن أبي داود 3:16 الحديث 2526، [3]مسند أحمد 2:174، [4]سنن البيهقيّ 9:28،كنز العمّال 4: 305 الحديث 10620،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:126،فيض القدير 5:291 الحديث 7345.
5- 5) سنن البيهقيّ 9:27،كنز العمّال 4:336 الحديث 10779،المصنّف لابن أبي شيبة 4:596 الحديث 228،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:154،فيض القدير 5:511 الحديث 8143.

أنّ عليّا عليه السلام سئل عن الإجعال للغزو،فقال:«لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل» (1).

و لأنّه أمر لا يختصّ فاعله أن يكون من أهل القربة عليه،فصحّ الاستئجار عليه،كبناء المساجد و لم يتعيّن عليه الجهاد،فجاز أن يؤجر نفسه عليه،كالعبد، و قد مضى البحث في ذلك (2).

إذا ثبت هذا:فإذا حضر الأجير الحرب،استحقّ الأجرة بالعقد،و استحقّ السهم بالحضور،و لو حضر المستأجر أيضا،استحقّ سهما آخر؛لقوله عليه السلام:

«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).و عن أحمد روايتان:إحداهما:هذه.

و الثانية:أنّه لا يسهم للأجير؛لأنّ غزوه بعوض،فكأنّه واقع من غيره، فلا يستحقّ شيئا (4).

و هو ضعيف و منقوض بالمرصد للقتال،و قد سلف البحث في ذلك كلّه (5).

مسألة:لو كان له أجير،فشهد معه الوقعة،
اشارة

لم يخل حاله من أحد أمرين:

أحدهما:أن يكون قد استأجره لعمل في ذمّته،كخياطة ثوب أو غير ذلك.

و الثاني:أن يكون قد استأجره مدّة معلومة لخدمته أو لغيرها،فالأولى إذا حضر الأجير الوقعة،استحقّ السهم إجماعا؛لأنّه حضر الوقعة و هو من أهل القتال، و إنّما في ذمّته حقّ لغيره،فلا يمنعه من استحقاق السهم،كما لو كان عليه دين.

و الثاني:مقتضى المذهب فيه،أنّه إن خرج بإذن المستأجر،استحقّ السهم

ص:396


1- 1التهذيب 6:173 الحديث 338،الوسائل 11:22 الباب 8 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 25 و 29.
3- 3) تفسير القرطبيّ 8:16. [2]
4- 4) المغني 10:520،الشرح الكبير بهامش المغني 10:512.الكافي لابن قدامة 4:232،الفروع في فقه أحمد 3:452،الإنصاف 4:180.
5- 5) يراجع:ص 31.

بالحضور،و إلاّ فلا؛لأنّه حينئذ عاص بالجهاد،فلا يستحقّ به سهما،اللهمّ إلاّ أن يتعيّن عليه،فإنّه يستحقّ السهم.

إذا ثبت هذا:فإنّ السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها،ليس للموجر عليه سبيل،و للشافعيّ في الثاني أقوال ثلاثة:

أحدها:أنّه يستحقّ السهم؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (1).

و لأنّ الأجرة تستحقّ بالتملّك من المنفعة،و السهم يستحقّ بحضور الوقعة و قد وجد.

الثاني:أنّه يرضخ له و لا يسهم؛لأنّه قد حضر الوقعة مستحقّ المنفعة فوجب أن لا يسهم له،كالعبد.

و الثالث:يخيّر الأجير بين ترك الأجرة و الإسهام و بين العكس؛لأنّ كلّ واحد من الأجرة و السهم مستحقّ بمنافعه،و لا يجوز أن يستحقّهما لمعنى واحد،فأيّهما طلب،استحقّه (2).

قال:و تكون الأجرة التي يخيّر بينها و بين السهم،الأجرة التي تقابل مدّة القتال، و يخيّر قبل القتال و بعده،أمّا قبل القتال،فيقال له:إن أردت الجهاد فاقصده و اطرح الأجرة،و إن أردت الأجرة فاطرح الجهاد،و يقال بعد القتال:إن كنت قصدت الجهاد،أسهم لك و تركت الأجرة،و إن كنت قصدت الخدمة،أعطيت الأجرة دون السهم (3).

ص:397


1- 1تفسير القرطبيّ 8:16. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 8:423،المهذّب للشيرازيّ 2:315،حلية العلماء 7:683،المجموع 19: 363.
3- 3) روضة الطالبين:1160،العزيز شرح الوجيز 7:369.
فرع:

إذا استؤجر للخدمة في الغزو،

أو أكرى دوابّه (1)له و يخرج معها و شهد الوقعة، استحقّ السهم،و به قال الليث (2)،و مالك (3)،و ابن المنذر (4).

و قال الأوزاعيّ،و إسحاق:لا يسهم له (5)،و عن أحمد روايتان (6).

لنا:قوله عليه السّلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (7).

و لحديث سلمة بن الأكوع،أنّه كان أجيرا لطلحة،حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة (8)،حين أغار على سرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهم الفارس و الراجل (9).

ص:398


1- 1ب:دابّته،مكان:دوابّه.
2- 2) المغني 10:521،الشرح الكبير بهامش المغني 10:514،المجموع 19:365،الاستذكار 5: 47.
3- 3) الموطّأ 2:451،بداية المجتهد 1:393،الكافي في فقه أهل المدينة:214،الاستذكار 5:47، المغني 10:521،الشرح الكبير بهامش المغني 10:514،المجموع 19:365.
4- 4) المغني 10:521،الشرح الكبير بهامش المغني 10:514.
5- 5) المغني 10:520،الشرح الكبير بهامش المغني 10:513،الاستذكار 5:47.
6- 6) المغني 10:520-521،الشرح الكبير بهامش المغني 10:513-514،الكافي لابن قدامة 4: 232-233،الإنصاف 4:179-180.
7- 7) تفسير القرطبيّ 8:16. [1]
8- 8) عبد الرحمن بن عيينة لم نعثر على ترجمته أكثر ممّا في حديث سلمة بن الأكوع،و هو عبد الرحمن بن عيينة بن حصن الفزاريّ.إنّه أغار على إبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.مسند أحمد 4:52، [2]المصنّف لابن أبي شيبة 8:556.
9- 9) الحاوي الكبير 14:44-45،المصنّف لابن أبي شيبة 8:556 الحديث 1،المغني 10:521، الشرح الكبير بهامش المغني 10:514.
فرع:

لو آجر نفسه لحفظ الغنيمة،

أو سوق الدوابّ التي من المغنم،أو رعيها،جاز ذلك،و حلّت له الأجرة؛لأنّه آجر نفسه لحاجة المسلمين و نفعهم،فحلّت له أجرته،و لا يجوز له ركوب دابّة المغنم إلاّ أن يشترط ذلك في الإجارة.

فرع آخر:

لو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها،

فالوجه:أنّه لا يملكها بذلك.

و قال أحمد:يملكها به (1).

لنا:أنّ الأصل بقاء الملك على ربّه،و عدم زواله عنه إلاّ بسبب،و حمله على الفرس كما يحتمل العطيّة يحتمل العارية،فيبقى الأصل سليما عن المعارض.

مسألة:لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ،
اشارة

لم يخل حاله من أحد أمرين:

أحدهما:أن يشتريه بإذنه فهذا يلزمه دفع ما أدّاه المشتري إلى البائع من الثمن إجماعا؛لأنّه بإذنه صار نائبا عنه في الشراء و وكيلا له في ابتياع نفسه،فيجب عليه دفع الثمن كغيره من الوكلاء.

الثاني:أن يشتريه بغير إذنه،فهذا لا يجب على الأسير دفع الثمن إلى المشتري.

و به قال الثوريّ،و الشافعيّ،و ابن المنذر (2).

و قال مالك:يجب عليه دفع الثمن،كالأوّل (3)،و به قال الحسن البصريّ،

ص:399


1- 1المغني 10:453،الشرح الكبير بهامش المغني 10:501،الكافي لابن قدامة 4:230-231، الإنصاف 4:176.
2- 2) المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562.
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:16،المنتقى للباجي 3:187،الكافي في فقه أهل المدينة:211،الاستذكار 5:57،المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562.

و النخعيّ،و الزهريّ،و أحمد بن حنبل (1).

لنا:أنّه تبرّع بالعطيّة،و لم يؤذن له فيما أدّاه،فلا يجب عليه دفع العوض،كما لو عمّر داره،أو قضى دينه بغير أمره.

احتجّ المخالف:بما رواه الشعبيّ قال:أغار أهل ماه و أهل جلولاء على العرب (2)،فأصابوا سبايا من سبايا العرب،فكتب السائب بن الأقرع إلى عمر في سبايا المسلمين و رقيقهم و متاعهم،قد اشتراه التجّار من أهل ماه،فكتب عمر:أيّما رجل أصاب رقيقه و متاعه بعينه،فهو أحقّ به من غيره،و إن أصابه في أيدي التجّار بعد ما اقتسم فلا سبيل إليه،و أيّما حرّ اشتراه التجّار فإنّه يردّ إليهم رءوس أموالهم، فإنّ الحرّ لا يباع و لا يشترى (3).فحكم للتجّار برءوس أموالهم.

و لأنّ الأسير يجب عليه فداء نفسه؛ليتخلّص من حكم الكفّار،فإذا ناب عنه غيره في ذلك،وجب عليه قضاؤه،كما لو قضى الحاكم عنه حقّا امتنع من أدائه (4).

و الجواب عن الأوّل:باحتمال أن يكون التجّار اشتروه بإذنهم،على أنّ قول عمر ليس بحجّة.

و عن الثاني:بالفرق بين الأمرين،فإنّ للحاكم الولاية على المماطل بالحبس و البيع و الأداء و غير ذلك،بخلاف التاجر،و هو ظاهر.

ص:400


1- 1المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562،الكافي لابن قدامة 4:238،الفروع في فقه أحمد 3:448،الإنصاف 4:157.
2- 2) في النسخ:المغرب،مكان:العرب،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) سنن البيهقيّ 9:112.
4- 4) المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562،الكافي لابن قدامة 4:238.
فرع:

لو أذن له في الشراء و أداء الثمن،ثمّ اختلفا في قدره،

فالقول قول الأسير فيه.

و به قال الشافعيّ (1).

و قال الأوزاعيّ:القول قول المشتري (2).

لنا:أنّ الأسير منكر،و القول قول المنكر مع يمينه.و لأنّ الأسير منكر الزيادة، و الأصل براءة ذمّته منها،فيرجّح قوله بالأصل.

احتجّ الأوزاعيّ:بأنّهما اختلفا في فعله و هو أعلم به.

و الجواب:المنع من ذلك و إنّما اختلفا في القدر المأذون فيه،و هو فعل الأسير، فهو أعلم به.

مسألة:أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذمّة فسبوهم و أخذوا أموالهم،
اشارة

ثمّ قدر عليهم المسلمون،وجب ردّهم إلى ذمّتهم،و لا يجوز استرقاقهم،و هو قول عامّة العلماء لا نعلم فيه مخالفا؛لأنّ ذمّتهم باقية لم ينقضوها،فكانوا على أصل الحرّيّة.

إذا ثبت هذا:فإنّ (3)أموالهم بحكم أموال المسلمين في حرمتها.

قال عليّ عليه السّلام:«إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كأموالنا» (4).

فمتى علم صاحبها قبل القسمة،وجب ردّها إليه،و إن علم بعد القسمة فهي

ص:401


1- 1المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562.
2- 2) المغني 10:488،الشرح الكبير بهامش المغني 10:562.
3- 3) أكثر النسخ:كان،مكان:فإنّ.
4- 4) المغني 10:489،نصب الراية 4:227 و ج 6:391،إرواء الغليل 5:103.

على ما تقدّم من الخلاف في أموال المسلمين (1)؛لأنّ عصمة أموالهم ثابتة،كثبوت عصمة مال المسلمين.

و هل يجب فداؤهم؟قال بعض الجمهور:نعم،يجب مطلقا،سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا-و هو قول عمر بن عبد العزيز،و اللّيث (2)-لأنّا التزمنا حفظهم بمعاهدتهم و أخذ الجزية منهم،فلزمنا القتال عنهم و القيام معهم،فإذا عجزنا عن ذلك و أمكننا تخليصهم بالفدية،وجب،كمن يحرم عليه إتلاف شيء فيتلفه فإنّه يغرمه.

و قال قوم منهم:لا يجب فداؤهم إلاّ أن يكونوا قد استعان بهم الإمام في قتاله فسبوا؛لأنّ أسرهم كان بمعنى من جهته (3).

و القولان عندنا ضعيفان.

إذا عرفت هذا:فإنّما يجب ما ذكرناه من الأحكام لو كانوا على شرائط الذمّة الآتية.أمّا لو لم يكونوا على الذمّة،فإنّهم يكونون بمنزلة الحربيّين يسترقّون بالسبي، و قد سلف (4).

فرع:

يجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة.

روى ابن الزبير أنّه سأل الحسن (5)بن عليّ عليهما السلام،على من فكاك

ص:402


1- 1يراجع:ص 382. [1]
2- 2) المغني 10:489،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563.
3- 3) المغني 10:489،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563.
4- 4) يراجع:ص 53.
5- 5) كذا في النسخ و المغني و الشرح و نسخة من مستدرك الوسائل،و في المصنّف لعبد الرزّاق و دعائم الإسلام و مستدرك الوسائل:الحسين بن عليّ عليهما السلام.

الأسير؟قال:«على الأرض التي يقاتل عليها» (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أطعموا الجائع،و عودوا المريض،و فكّوا العاني (2)» (3).

و روى حبان بن أبي جبلة (4)،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم و يؤدّوا عن غارمهم» (5).

و كتب عليه السلام كتابا بين المهاجرين و الأنصار أن يعقلوا معاقلهم و أن يفكّوا عانيهم بالمعروف (6).

و قد فادى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بني عقيل (7).

ص:403


1- 1المغني 10:490،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563،المصنّف لعبد الرزّاق 3:532 الحديث 6606،دعائم الإسلام 1:377، [1]مستدرك الوسائل 2:268 الباب 61 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 20.
2- 2) العاني:الأسير،و العاني:العبد.لسان العرب 15:101. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 4:83 و ج 7:87،سنن أبي داود 3:187 الحديث 3105، [3]مسند أحمد 4: 406، [4]سنن البيهقيّ 3:379 و ج 10:3،المغني 10:490،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563.
4- 4) حبان بن أبي جبلة أورده ابن الأثير بعنوان:حيّان بن أبي جبلة و نقل عن بعض أنّه حبان-بكسر الحاء و بالباء المعجمة-و قيل حبان-بالتشديد-و أورده ابن حجر بعنوان:حبان في موضع،و بعنوان: حيان في موضع آخر و قال:و صحّف اسمه و إنّما هو بكسر المهملة بعدها موحّدة،فهو حبان بن أبي جبلة القرشيّ مولاهم المصريّ بعثه عمر بن الخطّاب إلى أهل مصر يفقّههم،روى عن عمرو بن العاص و روى عنه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم و موسى بن عليّ بن رباح.مات بإفريقيّة سنة 122 ه،و قيل: 125 ه. أسد الغابة 2:68، [5]الإصابة 1:372 و 398، [6]تهذيب التهذيب 2:171، [7]الجرح و التعديل 3:269.
5- 5) المغني 10:490،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563،كشّاف القناع 3:61.
6- 6) المغني 10:490،المحلّى 11:45،الأموال لأبي عبيد:212 رقم 519.
7- 7) المغني 10:490،الشرح الكبير بهامش المغني 10:563.
البحث السادس
اشارة

في أقسام الغزاة

مسألة:الغزاة على ضربين:

المطوّعة،و هم الذين إذا نشطوا غزوا،و إذا لم ينشطوا اشتغلوا بمعايشهم و اكتسابهم،فهؤلاء لهم سهم من الصدقات،و إذا غنموا في بلاد الحرب،شاركوا الغانمين و أسهم لهم.

و الثاني:هم الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد،فهؤلاء لهم من الغنيمة أربعة الأخماس،و يجوز عندنا أن يعطوا أيضا من الصدقة من سهم ابن السبيل؛لدخولهم تحته و التخصيص يحتاج إلى دليل.

مسألة:ينبغي للإمام أن يتّخذ الديوان

-و هو اسم الدفتر الذي فيه أسماء القبائل قبيلة قبيلة-و يكتب عطاياهم و يجعل لكلّ قبيلة عريفا (1)،و يجعل لهم علامة بينهم و يعقد لهم ألوية.روى الزهريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه عرّف عام خيبر على كلّ عشرة عريفا (2).و جعل يوم فتح مكّة للمهاجرين شعارا و للأوس شعارا، و للخزرج شعارا (3)؛عملا بقوله تعالى: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا (4).

إذا عرفت هذا:فإنّ الإمام متى أراد القسمة عليهم قدّم الأقرب إلى رسول اللّه

ص:404


1- 1العريف:القيّم و السيّد لمعرفته بسياسة القوم.لسان العرب 9:238. [1]
2- 2) الأمّ 4:158،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:154،سنن البيهقيّ 9:136،الشرح الكبير بهامش المغني 10:541، [2]المهذّب للشيرازيّ 2:318،الكافي لابن قدامة 4:243.
3- 3) الأمّ 4:158،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:154.
4- 4) الحجرات(49):13. [3]

صلّى اللّه عليه و آله فالأقرب،فيقدّم بني هاشم (1)على بني المطّلب (2)ثمّ يقدّم بني عبد شمس (3)على بني نوفل (4)؛لأنّ عبد شمس أخو هاشم من الأبوين و نوفل أخوه من الأب،ثمّ يسوّي بين عبد العزّى (5)و عبد الدار (6)؛لأنّهما أخوا عبد مناف (7)،فإن استووا في القرب،قدّم أقدمهم هجرة،فإن تساووا،قدّم الأسنّ.

ص:405


1- 1هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة من قريش،من بنيه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قيل: اسمه عمرو و غلب عليه لقبه هاشم؛لأنّه هشم الثريد لقومه بمكّة في إحدى المجاعات،و كان أحد الأجواد الذين ضرب بهم المثل في الكرم،تولّى بعد موت أبيه سقاية الحاج و وفادته،و وفد على الشام في تجارة له فمرض في طريقه إليها فتحوّل إلى غزة فمات فيها،و يقال لبنيه:بنو هاشم.الأعلام للزركليّ 8:66.
2- 2) المطّلب بن عبد مناف بن قصيّ من قريش من عمومة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو أخو جدّه (هاشم)،كان يسمّى الفيض لسماحته و فضله،مات في اليمن،و يطلق على بنيه بنو المطّلب.الأعلام للزركليّ 7:252. [1]
3- 3) عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ،من قريش من عدنان جدّ جاهليّ،كان له من الولد أميّة و حبيب و عبد أميّة و نوفل و ربيعة و عبد العزّى و عبد اللّه من أصحاب الإيلاف و كان متجره إلى الحبشة و مات بمكّة.الأعلام للزركليّ 4:10. [2]
4- 4) نوفل بن عبد مناف بن قصيّ من قريش،جدّ جاهليّ من الرؤساء،تكاثر نسله من بنيه:عديّ و عامر و عمرو و عبد عمرو،هو من أصحاب الإيلاف و كان متجر نوفل إلى العراق فمات ب(سلمان) و السلمان طريق من العراق إلى تهامة في الجاهليّة.الأعلام للزركليّ 8:54. [3]
5- 5) عبد العزّى بن قصيّ بن كلاب من قريش من عدنان جدّ جاهليّ أكثر نسله من ابنه أسد.الأعلام للزركليّ 4:12.
6- 6) عبد الدار بن قصيّ بن كلاب بن مرّة من قريش جدّ جاهليّ،جعل له أبوه الحجابة و الندوة و السقاية و الرفادة و اللواء،و توارثها أبناؤه إلى أن اعتدى عليهم بنو عمّهم عبد مناف بن قصيّ،فأرادوا انتزاعها منهم ثمّ اصطلحوا على أن تكون لبني عبد مناف السقاية و الرفادة و لبني عبد الدار اللواء و الحجابة. الأعلام للزركليّ 3:292. [4]
7- 7) عبد مناف بن قصيّ بن كلاب من قريش من عدنان،من أجداد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و كان يسمّى قمر البطحاء،كان له أمر قريش بعد موت أبيه،قيل:اسمه المغيرة،و عبد مناف لقبه،بنوه: المطّلب و هاشم و عبد شمس و نوفل و أبو عمرو و أبو عبيد،مات بمكّة.الأعلام للزركليّ 4:166. [5]

فإذا فرغ من عطايا أقارب الرسول صلّى اللّه عليه و آله بدأ بالأنصار و قدّمهم على جميع العرب،فإذا فرغ من الأنصار،بدأ بالعرب،فإذا فرغ من العرب،قسّم على العجم،و هذا على الاستحباب دون الوجوب.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:ذرّيّة المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على

ما تقدّم،

فإذا مات المجاهد أو قتل و ترك ذرّيّة أو قرابة،فإنّهم يعطون كفايتهم من بيت المال لا من الغنيمة،فإذا بلغوا،فإن أرصدوا نفوسهم للجهاد،كانوا بحكمهم، و إن اختاروا غيره،خيّروا ما يختارونه،و تسقط مراعاتهم،و هكذا حكم المرأة لا شيء لها (1).

و للشافعيّ في إعطاء الذرّيّة و النساء بعد موته قولان:

أحدهما:أنّهم يعطون؛لأنّه إذا لم تعط ذرّيّته بعده،لم يجرّد نفسه للقتال،فإنّه يخاف على ذرّيّته الضياع؛لأنّا لا نعطيه إلاّ ما يكفيه،لا ما يدّخره لهم.

و الثاني:أنّهم لا يعطون؛لأنّا إنّما نعطيهم تبعا للمجاهدين،لا أنّهم من أهل الجهاد،فإذا مات،انتفت تبعيّتهم للمجاهدين،فلم يستحقّوا شيئا من الفيء (2).

مسألة:و يحصي الإمام المقاتلة،

و هم الذين بلغوا الحلم،فيحصي فرسانهم و رجّالتهم ليفرّق عليهم على قدر كفايتهم،و يحصي أيضا الذرّيّة،و هم الذين لم يبلغوا الحلم،و يحصي النساء؛لأنّ قدر كفايتهم إنّما يعلم بذلك.

قال ابن عمر:عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد و أنا ابن أربعة عشر سنة،فردّني،و عرضت عليه يوم الخندق و أنا ابن خمسة عشر سنة،

ص:406


1- 1المبسوط 2:73، [1]الخلاف 2:128،مسألة-45.
2- 2) الأمّ 4:156،الحاوي الكبير 8:450،المهذّب للشيرازيّ 2:319،حلية العلماء 7:692، المجموع 19:382،روضة الطالبين:1153،العزيز شرح الوجيز 7:341.

فأجازني (1).و يفضّل الفارس على الراجل.

إذا عرفت هذا:فإنّما يقسّم عليهم في السنة مرّة واحدة؛لأنّ الجزية و الخراج و مستغلّ الأراضي التي انجلى (2)عنها المشركون إنّما يكون في السنة مرّة واحدة، فكذلك القسمة،و يعطي المولود،و تحسب مئونته من كفاية أبيه،لا أنّه (3)يفرده بالعطاء،و كلّما زادت سنّه زاد في عطاء أبيه.

و يعطي كلّ قوم منهم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم (4)؛لاختلاف الأسعار في البلدان،و يجوز أن يفضّل بعضهم على بعض في العطاء من سهم سبيل اللّه تعالى و ابن السبيل لا من الغنيمة.

و نقل الجمهور عن عليّ عليه السلام،أنّه سوّى بينهم في العطاء و أخرج العبيد فلم يعطهم شيئا؛لأنّهم استووا في سبب الاستحقاق،و هو أنّهم منتصبون للجهاد، فصاروا بمنزلة الغانمين (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و ليس للأعراب من الغنيمة شيء (6)،و قد تقدّم (7).

و اختاره الشافعيّ أيضا (8).

ص:407


1- 1الأمّ 4:156،سنن البيهقيّ 8:264،المصنّف لابن أبي شيبة 8:42 الحديث 9،المغني 10:532، الشرح الكبير بهامش المغني 10:498.
2- 2) ر و ع:تخلّى مكان:انجلى.
3- 3) أكثر النسخ:إلاّ أنّه،مكان:لا أنّه.
4- 4) أكثر النسخ:بلادهم،مكان:بلدهم.
5- 5) الأمّ 4:155،الحاوي الكبير 8:447،الشرح الكبير بهامش المغني 10:542،المجموع 19: 385.
6- 6) المبسوط 2:74، [1]النهاية:299. [2]
7- 7) يراجع:ص 339. [3]
8- 8) الأمّ 4:154،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:151،الحاوي الكبير 8:446.

و يجب على من استنهضه الإمام للجهاد النفور معه على ما تقدّم (1)؛لأنّه أعلم بمصالحه و أوقات الجهاد.

مسألة:إذا مرض واحد من أهل الجهاد،

فإن كان مرضا يرجى زواله-كالحمّى و الصداع-فإنّه لا يخرج به عن كونه من أهل الجهاد و لا يسقط عطاؤه؛لأنّه كالصحيح.و إن كان مرضا لا يرجى زواله-كالزّمن و الإفلاج-خرج به عن المقاتلة،و هل يسقط عطاؤه؟يبنى على البحث في الذرّيّة بعد موت المجاهد،و قد سلف (2).

إذا ثبت هذا:فلو مات المجاهد بعد حئول الحول و استحقاق السهم،كان لورثته المطالبة بسهمه؛قاله الشيخ-رحمه اللّه- (3)لأنّه استحقّه بحؤول الحول، و المجاهدون معيّنون،بخلاف أولاد الفقراء؛لأنّ الفقراء غير معيّنين،فلا يستحقّون بحؤول الحول،و للإمام أن يصرف إلى من شاء منهم،بخلاف المجاهدين.

و للشافعيّ قول آخر:أنّه إنّما يستحقّ إذا مات بعد أن صار المال إلى يد الوالي؛لأنّ الاستحقاق إنّما هو بحصول المال لا بمضيّ الزمان (4).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-ما يحتاج الكراع و آلات الحرب إليه يؤخذ

من بيت المال

(5)

من أموال المصالح،و كذلك رزق الحكّام و ولاة الأحداث و الصلاة و غير ذلك من وجوه الولايات،فإنّهم يعطون من المصالح،و المصالح تخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة،و من سهم سبيل اللّه،و من جملة ذلك ما يلزمه فيما

ص:408


1- 1يراجع:ص 31.
2- 2) يراجع:ص 406. [1]
3- 3) المبسوط 2:73، [2]الخلاف 2:128،مسألة-45.
4- 4) الأمّ 4:156،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:152،الحاوي الكبير 8:454.
5- 5) الكراع:اسم يجمع الخيل.و الكراع:السلاح.و قيل:يجمع الخيل و السلاح.لسان العرب 8: 307. [3]

يخصّه من الأنفال و الفيء،و هو جنايات من لا عقل له،و دية من لا يعرف قاتله، و غير ذلك ممّا نذكره و نقول:إنّه يلزم من (1)بيت المال (2).

مسألة:إذا كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام

و ما عزم عليه من قصدهم و يعرّفهم أحواله،فإنّه لا يقتل بذلك؛لما روي أنّ حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم،فأعلمه اللّه تعالى ذلك، فأنفذ بعليّ عليه السلام و المقداد و الزبير خلف المرأة التي حملت الكتاب،و كانت قد خبّته في عقصتها،فأخذ الكتاب،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما حملك على هذا يا حاطب؟»فقال:يا رسول اللّه،لا تعجل عليّ فإنّي كنت امرأ ملصقا في قريش و لم أكن من أنفسها،و إنّ قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكّة، فأحببت إذا فاتني ذلك أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي،و اللّه ما بي كفر و لا ارتداد،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقكم»فقال عمر:دعني أضرب عنق هذا المنافق،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«قد شهد بدرا و ما يدريك،إنّ اللّه تعالى اطّلع على أهل بدر فقال:اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام يعزّره بحسب حاله و ما يقتضيه نظر الإمام،و لا يسهم من الغنيمة إلاّ أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة.

مسألة:إذا أهدى المشرك إلى الإمام هديّة

أو إلى رجل من المسلمين و الحرب قائمة،قال الشافعيّ:تكون غنيمة؛لأنّه إنّما أهدى ذلك من خوف الجيش،و إن

ص:409


1- 1لا توجد كلمة:«من»في المصدر.
2- 2) المبسوط 2:75. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 4:72،صحيح مسلم 4:941 الحديث 2494،المصنّف لابن أبي شيبة 8:482 الحديث 74،كنز العمّال 14:68 الحديث 37957،مسند أبي يعلى 1:316 الحديث 394 و ج 4: 182 الحديث 2265.

أهدى إليه قبل أن يرتحلوا من دار الإسلام،لم تكن غنيمة،و انفرد بها (1).و اختار هذا القول محمّد بن الحسن (2).

و قال أبو حنيفة:تكون للمهدى إليه على كلّ حال (3).و هو رواية عن أحمد (4).

و هو الأقرب عندي؛لأنّه خصّ بها،فأشبه إذا كان في دار الإسلام.

مسألة:قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

(5)

اعترض بعض المبطلين بأنّه ليس بظاهر على جميع الأديان،فإنّ الروم و الهند و غيرهم ظاهرون في بلادهم (6).

و هو خطأ:لوجوه:

أحدها:أنّه يحتمل أن يكون المراد:إظهاره على الأديان بالحجّة و البرهان، فإنّ المعجزة دالّة على صدقه و على نسخ غيره من الأديان.

الثاني:يحتمل أنّه سيكون ذلك في زمن المهديّ عليه السلام (7)،و قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحاديث كثيرة تدلّ عليه،كقوله:إنّه ينزل في آخر الزمان

ص:410


1- 1العزيز شرح الوجيز 11:425،مغني المحتاج 3:99،المغني 10:556، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:529. [2]
2- 2) المغني 10:556، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 10:529. [4]
3- 3) الفتاوى الهنديّة 2:205،العزيز شرح الوجيز 11:425،المغني 10:556، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:529. [6]
4- 4) المغني 10:556، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 10:529، [8]الكافي لابن قدامة 4:240،الفروع في فقه أحمد 3:453،الإنصاف 4:188.
5- 5) التوبة(9):33. [9]
6- 6) التفسير الكبير 16:40. [10]
7- 7) تفسير التبيان 5:209،تفسير العيّاشيّ 2:87 الحديث 52،تفسير القرطبيّ 8:121،التفسير الكبير 16:40.

عيسى بن مريم عليه السلام،فيأمر بقتل الخنزير و كسر الصليب (1).

و قوله عليه السلام:«زويت لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها و ستبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها» (2).

الثالث:أنّه أراد به في بلاد العرب و موضع ظهوره عليه السلام،و قد فعل اللّه تعالى،فإنّه لم يبق في جزيرة العرب أحد من أهل الأديان.

الرابع:أنّه ظاهر على جميع الأديان،فإنّه لا ثغر من الثغور إلاّ و المسلمون ظاهرون فيه على عدوّهم.

ص:411


1- 1صحيح البخاريّ 3:178،سنن الترمذيّ 4:506 الحديث 2233،سنن ابن ماجة 2:1363 الحديث 4078،مسند أحمد 2:240. [1]
2- 2) سنن الترمذيّ 4:472 الحديث 2176،مسند أحمد 4:123 و ج 5:278 و 284، [2]سنن البيهقيّ 9:181،كنز العمّال 11:239 الحديث 31376 و ص 366 الحديث 31761،المصنّف لابن أبي شيبة 7:421 الحديث 56.

ص:412

الفهارس العامّة

اشارة

*فهرس الآيات الكريمة

*فهرس الأدعية

*فهرس الأحاديث و الآثار

*فهرس الأماكن و البلدان

*فهرس القبائل و الطوائف و الفرق

*فهرس الكتب المذكورة في المتن

*فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام

*فهرس الأعلام

*فهرس الموضوعات

ص:413

ص:414

فهرس الآيات الكريمة
«حرف الألف»

إذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار(الأنفال:15)79

إذا لقيتم فئة فاثبتوا(الأنفال:45)79

أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا(الحجّ:39)10

اقرأ باسم ربّك الّذي خلق(العلق:1)9

الئن خفّف اللّه عنكم(الأنفال:66)78

إلاّ تنفروا يعذّبكم عذابا أليما(التوبة:39)16

إلاّ المستضعفين من الرّجال و النّساء و الولدان(النساء:98)19

أ لم تكن أرض اللّه واسعة فتهاجروا فيها(النساء:97)18

انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم فى سبيل اللّه(التوبة:41)16،68

إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمى أنفسهم(النساء:97)19

إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم(التوبة:111)26

إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه و رسوله و يسعون فى الأرض فسادا(المائدة:33)208

إن تكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين(الأنفال:66)78

أوفوا بالعقود(المائدة:1)277،231

أو ينفوا من الأرض(المائدة:33)208

ص:415

«حرف التاء»

التائبون...(التوبة:112)27

«حرف الثاء»

ثمّ أبلغه مأمنه(التوبة:6)154

«حرف الحاء»

حتّى تفيء إلى أمر اللّه(الحجرات:9)55

حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون(التوبة:29)106

«حرف الزاي»

الزّانية و الزّانى فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة(النور:2)243

«حرف الفاء»

فأتياه(طه:47)116

فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم(التوبة:5)17

فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم(التوبة:5)18،53،55،84،102،105،206،209

فإن كان من قوم عدوّ لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة(النساء:92)97،98

فإمّا منّا بعد و إمّا فداء(محمّد:4)204،209

فشدّوا الوثاق فإمّا منّا بعد و إمّا فداء(محمّد:4)209

فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق(محمّد:4)53،55

فقولا له قولا ليّنا لعلّه يتذكّر أو يخشى(طه:44)116

ص:416

فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب و لكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء(الحشر:6)264، 265،357

«حرف القاف»

قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه و لا باليوم الآخر(التوبة:29)53،55،63

قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار(التوبة:123)77

«حرف الكاف»

كتب عليكم القتال و هو كره لكم(البقرة:216)11،16

كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه و اللّه مع الصّابرين(البقرة:249)80

«حرف اللام»

لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم و هو أرحم الرّاحمين(يوسف:92)266

لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضّرر و المجاهدون(النساء:95)12،15

لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة(الحديد:10)20

لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالا و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة(التوبة:47)70

ليس على الأعمى حرج(الفتح:17)23

ليس على الضّعفاء و لا على المرضى(التوبة:91)23،24

ليظهره على الدّين كلّه و لو كره المشركون(التوبة:33)410

«حرف الميم»

ما أفاء اللّه على رسوله(الحشر:7)173،264

ما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب(الحشر:6)265

ص:417

ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن اللّه(الحشر:5)88

من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون(التوبة:29)64

«حرف النون»

النّفس بالنّفس(المائدة:45)56

«حرف الواو»

و أتمّوا الحجّ و العمرة للّه(البقرة:196)10

و أمر أهلك بالصّلاة و اصطبر عليها(طه:132)9

و السّارق و السّارقة فاقطعوا أيديهما(المائدة:38)195

و اعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ للّه خمسه و للرّسول(الأنفال:41)175،314،316،366

و المحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم(النساء:24)216،218

و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه(التوبة:6)121،131

و إن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما فى الدّنيا معروفا (لقمان:15)41

و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما(الحجرات:9)53،55

و إن كانوا إخوة رجالا و نساء(النساء:176)148

و أوفوا بعهد اللّه إذا عاهدتم(النحل:91)145

و أنذر النّاس(إبراهيم:44)10

و أنذر عشيرتك الأقربين(الشعراء:214)9

و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا(الحجرات:13)404

و شاورهم فى الأمر(آل عمران:159)75

و قاتلوا المشركين كافّة(التوبة:36)64

ص:418

و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة(البقرة:193،الأنفال:39)18

و لا تركنوا إلى الّذين ظلموا(هود:113)151،161

و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه(البقرة:191)18

و لا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة(البقرة:195)79،80

و لا على الأعرج حرج(الفتح:17)23

و لا على الّذين إذا ما أتوك لتحملهم(التوبة:92)24

و لا على الّذين لا يجدون ما ينفقون حرج(التوبة:91)24

و لا على المريض حرج(الفتح:17)24

و لكن كره اللّه انبعاثهم فثبّطهم و قيل اقعدوا مع القاعدين(التوبة:46)70

و لأبويه لكلّ واحد منهما السّدس(النساء:11)149

و لتنذر أمّ القرى و من حولها(الأنعام:92)10

و للّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا(آل عمران:97)38-39

و لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا(النساء:141)226

و لو لا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع(الحجّ:40)28

و لو لا رجال مؤمنون...(الفتح:25)95

و ما أرسلناك إلاّ كافّة للنّاس(سبأ:28)10

و ما كان المؤمنون لينفروا كافّة(التوبة:122)16

و من ذرّيّته داود...و عيسى(الأنعام:84-85)148

و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلّمة إلى أهله(النساء:92)97

و ورثه أبواه(النساء:11)149

و يستأذن فريق منهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورة(الأحزاب:13)68-69

و يطعمون الطّعام على حبّه مسكينا و يتيما و أسيرا(الإنسان:8)241

ص:419

«حرف الهاء»

هذان خصمان اختصموا(الحجّ:19)109

«حرف الياء»

يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار(الأنفال:15)32،77

يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا(الأنفال:45)32،41،77

يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرّسول و أولى الأمر منكم(النساء:59)30

يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار(التوبة:123)77

يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا(آل عمران:118)151

يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض(التوبة:38)32

يا أيّها المدّثّر*قم فأنذر*و ربّك فكبّر(المدّثّر:1-3)9

يا أيّها المزّمّل(المزّمّل:1)9

يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدى المؤمنين(الحشر:2)86

يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه و الرّسول(الأنفال:1)174،260،285،368

ص:420

فهرس الأدعية
«حرف الباء»

بسم اللّه أدعوك إلى اللّه 59

بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه 82،98

«حرف الحاء»

الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد 268

ص:421

فهرس الأحاديث و الآثار
«حرف الألف»

أ تؤمن باللّه و رسوله؟قال:لا،قال:فارجع فلن نستعين بمشرك 73

أ تؤمن باللّه و رسوله؟قال:نعم،قال:فانطلق 336

أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين فبايعه،فقال عليّ عليه السلام:لا أقتلك 308

أجرنا من أجرت و أمّنّا من أمّنت 131

اجلس يا أبان،و لم يقسم له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 370

أحلّ لي الخمس و لم يحلّ لأحد قبلي...و جعلت لي الغنائم 174

أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة،فقال:نعم 369

أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف 213

ادرءوا الحدود بالشبهات 244

أدركوا خالدا فمروه أن لا يقتل ذرّيّة،و لا عسيفا 103

أدّوا الخيط و المخيط؛فإنّ الغلول عار و نار و شنار يوم القيامة 181

إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي،و لم يكن معك محمل،فأرسله و لا تقتله 241

إذا أراد أن يبعث سريّة،دعاهم،فأجلسهم بين يديه 107

إذا استنفرتم فانفروا 32،68

إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا 27

إذا كان مع الرجل أفراس في غزو،لم يسهم إلاّ لفرسين منها 348

ص:422

إذا كانوا أصابوه قبل أن يحرزوا متاع الرجل،ردّ عليه 386

إذا لقيت عدوّك فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال 65

إذا لقيت عدوّك من المشركين،فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال 54،58

إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه و اضربوه 190

إذا ولد المولود في أرض الحرب قسّم له ممّا أفاء اللّه عليهم 331-332

اذهب،فقد أمّنّاه حتّى تغدو به بالغداة 268

أ رأيت لو كانوا في عسكر فتقدّم الرّجالة فقاتلوا فغنموا كيف أقسم بينهم؟359

ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما 37

استعملني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق 256-257

استقبل هذا الشعب حتّى تكون في أعلاه و لا نغرّنّ من قبلك الليلة 47

إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له 215

أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له 345

أسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن فرسين 348

أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقّأ قتلى فارس 369

الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه و صار فيئا 212

الأسير يطعم و إن كان يقدّم للقتل 242

أصبنا طعاما يوم خيبر و كان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه ثمّ ينصرف 179

أطعموا الجائع،و عودوا المريض،و فكّوا العاني 403

أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم فأناظره 121

أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهمين:سهم لي و سهم لفرسي 344

أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي...و أحلّت لي الغنائم 174

أعطى الفارس ثلاثة أسهم،و أعطى الراجل سهما 345

اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم 283،409

ص:423

أغار أهل ماه و أهل جلولاء على العرب فأصابوا سبايا من سبايا العرب 400

اغدوا على القتال 106

اغزوا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه قاتلوا من كفر باللّه 82

أقبلت على الحجّ و تركت الجهاد فوجدت الحجّ ألين عليك 26

اقتلوا شيوخ المشركين و استبقوا شرخهم 102

اقرأ فقال:و ما أقرأ...ففزع من ذلك 9

اقرأ ما بعدها،فقرأ اَلتّائِبُونَ... 27

أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ... 266

أمّا أولاد المسلمين فلا يقام في سهام المسلمين و لكن يردّ إلى أبيه أو إلى أخيه 384

أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه 64،105،167،212

أمّ سليم و نسيبة بنت كعب كانتا تغزوان مع النبيّ 72

أمّن المشركين يوم الحديبيّة و عقد معهم الصلح 121

انطلقوا بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه لا تقتلوا شيخا فانيا 98

انظروا،فإن كان قد أشعر،فأقسموا له،فنظر إليّ بعض القوم 332

الأنفال،و هي كلّ أرض انجلى أهلها من غير أن يحمل عليها 260

إن أخذتم فلانا،فأحرقوه بالنار 87

إن أخذتم فلانا فاقتلوه و لا تحرقوه،فإنّه لا يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار 87

إن أصبته قبل أن نقسمه فهو لك 385

إنّ زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع 133

إن شاء ضرب عنقه،و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف 208

إن شئت أخذت بالثمن الذي اشتراه و إلاّ فهو له 384

إن قتلت في سبيل اللّه صابرا محتسبا يكفّر عنّي خطاياي؟35

إن كانت في الغنائم و أقام البيّنة أنّ المشركين أغاروا عليهم 386

ص:424

إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين،فالوفاء به 49

إن وقع عليه قبل القسمة،فهو له،و إن جرت 385

إنّ أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح و معاذ بن عفراء 309-310

إنّ ابني عفراء أثخنا أبا جهل يوم بدر 305

إنّ اللّه عزّ و جلّ أعزّ أمّتي بسنابك خيلها و مركز رماحها 14

إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر 69

إنّ أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر 266

إنّ أهل مكّة دخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنوة و كانوا أسراء في يده 266-267

إنّ تميم بن فرع المهريّ كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندريّة 332

إنّ ثابت بن قيس الأنصاريّ سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يهب له الزبير بن باطا 166

إنّ جبرئيل عليه السلام أخبرني...من غزا غزوة في سبيل اللّه من أمّتك 13

إنّ حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم 282

إنّ الحرب خدعة و أنا عند المؤمنين غير كذوب 116

إنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم 110

إنّ حمزة و عليّا أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة 115

إنّ رجلا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبّة شعر من المغنم 183

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم 334،335

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة فيها عبد اللّه بن عمر،فغنموا إبلا كثيرة 285

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى 325

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرضهم يومئذ على النباتات فمن وجده أنبت 203

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على أهل الحديبيّة فأعطى الفارس سهمين 344

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء قريب بدر 378

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما قسّم غنائم حنين و الطائف بعد...379

ص:425

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى في السلب للقاتل و لم يخمّس السلب 314

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس 189

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للخيل و كان لا يسهم للرجل فوق فرسين 347

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب 103

إنّ الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسة أسهم 347

إنّ سعد بن معاذ أجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تحكيمه 161

إنّ سلمة بن الأكوع أتى بامرأة و ابنتها فنفله أبو بكر ابنتها 230

إنّ صفوان بن أميّة خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،فأسهم له 334

إنّ الصفو كان مختصّا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 342

إنّ عليّا عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين 123-124 و 125

إنّ عليّا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا و بارز عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق 108

إنّ عليّا عليه السلام فرّق بين الأمّ و ولدها 231-232

إنّ عليّا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم و للراجل سهما 346

إنّ عليّا عليه السلام كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم:سهمين لفرسه 346

إنّ عليّا عليه السلام كان يطعم من خلّد في السجن من بيت مال المسلمين 242

إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:لأن تخطفني الطير أحبّ إليّ من أن أقول 116

إنّ عليّا عليه السلام و حمزة و عبيدة استأذنوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر 111

إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم و يؤدّوا عن غارمهم 403

إنّ عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن لا يقيموا الحدود في دار الشرك 381-382

إنّ الغنيمة لمن شهد الوقعة 370

إنّ قوما أغاروا على سرح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخذوا ناقته 388

إنّ كاتبي لا يدخل المسجد،فقال:أجنب هو؟فقال:لا و لكنّه نصرانيّ 151

إنّ المسلم أخو المسلم لا يخونه و لا يخذله،فأيّما رجل من المسلمين أصاب متاعه 389

ص:426

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استعان بيهود بني قينقاع و رضخ لهم 72

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسهم للفارس مطلقا 356

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفرس العربيّ سهمين 355-356

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى من غنيمة بدر من لم يشهدها 367

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا عليه السلام حين أعطاه الراية يوم خيبر 61

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمّن الناس كلّهم إلاّ ستّة نفر 268

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهديت إليه مارية و أختها سيرين 230

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السلب للقاتل مطلقا 316

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للسريّة الثلث أو الربع ممّا غنموا 278

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرب حصون بني النضير و خيبر و هدم ديارهم 86

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج بعائشة في غزوات 72

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خصّ القاتل بالسلب 291

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماهم بالمنجنيق و فيهم النساء و الصبيان 95

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفّار 215

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شنّ الغارة على بني المصطلق ليلا 89

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح أهل مكّة عام الحديبيّة 280

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب لسهلة بنت عاصم يوم خيبر بسهم 326-327

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عاهد قريشا على ردّ من جاءه مسلما 146

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم 104

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن مسلمة 104

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على ثمانية عشر سهما 255

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم خيبر:للفارس ثلاثة أسهم 358

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قطع الشجر بالطائف و نخلهم،و قطع النخل بخيبر 88

ص:427

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للفرس سهما أو سهمين 355

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفل في البدأة الربع و في الرجعة الثلث 373

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفّل في البدأة الربع و في القفول الثلث 284

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد 106،158

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في سلب 309

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ بامرأة مقتولة يوم الخندق،فقال:من قتل هذه 99

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصب على أهل الطائف منجنيقا 84

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نفّل مرّة الثلث و مرّة الربع 286

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار 190

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يلقى السمّ في بلاد المشركين 88

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان 202

إنّ النهبة لا تحلّ 93

إنّ هذا سلب شبر خير من اثني عشر ألفا 302

إنّا أصبنا أرضا كثيرة الطعام و العلف 179

إنّا قافلون إن شاء اللّه تعالى غدا 106

إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين 73

إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين.قال:فأسلمنا و شهدنا معه 337

إنّا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم 74

إنّما الأعمال بالنيّات 372

إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كأموالنا 401

إنّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على إن دهمه 340

إنّما يجير على المسلمين أدناهم 128

إنّه أسهم للصبيان بخيبر و أسهم أئمّة المسلمين كلّ مولود ولد في دار الحرب 331

ص:428

إنّه فتح هوازن و لم يقسّمها 254

إنّه صلّى اللّه عليه و آله قتل عقبة بن أبي معيط صبرا 207

إنّه عليه السلام قسّم نصف خيبر و تولّى نصفها 255

إنّه كان يصطفى من الغنائم الجارية و الفرس 341

إنّه كان ينفّل الربع بعد الخمس و الثلث بعد الخمس إذا قفل 284

إنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ 326

أوّل من عرقب الفرس في سبيل اللّه جعفر بن أبي طالب 117

أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوّي بينهم في العطاء 366

أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ 224

أيّما حرّ اشتراه التجّار،فإنّه يردّ عليهم رءوس أموالهم 389-390

أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار 82

«حرف الباء»

بارزت رجلا يوم حنين فقتلته 109،111

بارزت رجلا يوم القادسيّة فقتلته 302

بارز حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة بن الحارث يوم بدر بإذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 108

بئس ما جازيتها،لا نذر في معصية اللّه 388

بسم اللّه أدعوك إلى اللّه 59

بلغ ثلاثين ألفا(السلب)315

«حرف التاء»

تقول:بسم اللّه أدعوك إلى اللّه و إلى دينه 59

تمام الرباط أربعون يوما 44

ص:429

«حرف الثاء»

ثلاث من أصل الإيمان:الكفّ عمّن قال لا إله إلاّ اللّه 27

«حرف الجيم»

جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أجاهد؟فقال:أ لك أبوان؟37

جئت أبايعك على الهجرة و تركت أبويّ يبكيان 37

جعل يوم فتح مكّة للمهاجرين شعارا و للأوس شعارا و للخزرج شعارا 404

الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض 13

الجهاد واجب عليكم مع كلّ أمير برّا كان أو فاجرا 27

جهاد لا قتال فيه:الحجّ و العمرة 21

جهّز عمر بن الخطّاب جيشا فكنت فيه فحصرنا موضعا فرأينا أنّا سنفتحها اليوم 125

«حرف الحاء»

حتّى يبلغ الغلام و تحيض الجارية 229

حدّثتني جدّتي،قالت:كنت مع حبيب بن مسلمة و كان يسهم لأمّهات الأولاد 331

حدّثني أبي عن جدّي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:يكون للمسلمين 46

الحرب خدعة 115

حرس ليلة في سبيل اللّه،أفضل من ألف ليلة قيام ليلها و صيام نهارها 47

الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد 268

«حرف الخاء»

الخراج بالضمان 200

ص:430

خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر حتّى إذا كان بحرّة الوبرة أدركه رجل من المشركين 336

خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه و أسهم له(صفوان)336

خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ نسوة 71

خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة و رافقني مددي من أهل اليمن،فلقينا جموع الروم 319

خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين فلمّا التقينا رأيت رجلا 300،303

الخير كلّه في السيف و تحت ظلّ السيف و لا يقيم الناس إلاّ السيف 14

«حرف الدال»

دع الناس يعلفون و يأكلون،فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضّة،ففيه خمس 179

دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز،فأبى أن يبارزه،فقال له أمير المؤمنين 110

الديلم.(في قول اللّه عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ... قال:)77

«حرف الذال»

ذلك للطلب أن تطلبه الخيل حتّى يهرب 209

ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم بذلك إلاّ من كان منهم 26

ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم،فمن أخفر مسلما،فعليه لعنة اللّه 124-125،129

«حرف الراء»

رأيت في المنام أنّي قلت لك:إنّ القتال مع غير الإمام....حرام 27

الرباط ثلاثة أيّام و أكثره أربعون يوما،فإذا جاز ذلك فهو جهاد 44

رباط ليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر و قيامه،فإن مات 43

ردّوا الخياط و المخيط 187

رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل مسلم اشترى أرضا من أراضي الخراج 263

ص:431

رفع القلم عن ثلاث:...عن المجنون حتّى يفيق 127

رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ 127

رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه 144

روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه حين سمعه سبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 42

«حرف الزاي»

زمّلوني و دثّروني 9

زويت لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها 411

«حرف السين»

سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام،و كان السائل من محبّينا 54

سمعته يسبّك،فسكت عنه(لمّا قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لم قتلته؟)42

سمعت بلالا ينادي ثلاثا،قال:نعم.قال:فما منعك أن تجيء به 189

سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب(المجوس)63،64،65

سورة الأنفال فيها جدع الأنف 264

سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه 82،98

السيوف مقاليد الجنّة 14

«حرف الشين»

شهدت خيبر مع سادتي فكلّموا فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبر أنّي مملوك 328

شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نفّل الربع في البدأة و الثلث في الرجعة 284

شهد فتح القادسيّة عبيد،فضرب لهم سهامهم 328

ص:432

«حرف الصاد»

الصلاة لوقتها(أيّ الأعمال أفضل؟قال...)11

«حرف الطاء»

طعام الأسير على من أسره و إن كان يريد قتله من الغد 242

«حرف العين»

العبد المسلم رجل من المسلمين ذمّته ذمّتهم 125

عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة بدر و أنا ابن ثلاث عشرة سنة فردّني 22

عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد 406

عرّف عام خيبر على كلّ عشرة عريفا 404

على الأرض التي يقاتل عليها.(على من فكاك الأسير؟قال:)402-403

على المسلم أن يمنع عن نفسه و يقاتل على حكم اللّه و حكم رسوله 29

عينان لا تمسّهما النار:عين بكت من خشية اللّه،و عين باتت تحرس في سبيل اللّه 47

«حرف الغين»

غزا بني المصطلق و هوازن و خيبر(النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)378

غزا الناس الروم و عليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغلّ رجل مائة 194

غزونا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خيبر فأصبنا غنما فقسّم بيننا النبيّ 93

الغنيمة لمن حضر الوقعة 372

الغنيمة لمن شهد الوقعة 175،363،365،374،396،397،398

ص:433

«حرف الفاء»

فإذا ظهر القائم عليه السلام فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه 262

فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليه،و إن شاء فاداهم أنفسهم 209

فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلاّ أن يكونوا أسلموا 215

فإنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين 74

فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك...المقعد من أهل الذمّة 103

الفرار من الزحف من الكبائر 78

فظنّوا أنّهم قالوا:نعم،فنزلوا إليهم كانوا آمنين 130

فليرابط و لا يقاتل(قلت:مثل قزوين و عسقلان و الديلم...؟)45

فمن ترك الجهاد،ألبسه اللّه تعالى ذلاّ و فقرا في معيشته و محقا في دينه 14

فوق كلّ ذي برّ برّ حتّى يقتل في سبيل اللّه،فإذا قتل في سبيل اللّه فليس فوقه برّ 13

فوق كلّ عقوق عقوق حتّى يقتل أحد والديه 14

الفيء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء 265

الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل،و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته 264

«حرف القاف»

قاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه و لا تغدروا و لا تغلّوا و لا تمثّلوا 107

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا حرن على أحدكم دابّته فليذبحها و لا يعرقبها 117

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للجنّة باب يقال له:باب المجاهدين 14

قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئ،إنّما يجير على المسلمين أدناهم 126

قد شهد بدرا و ما يدريك إنّ اللّه تعالى اطّلع على أهل بدر 282-283،409

قد فادى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بني عقيل 403

قد كنّ يشهدن الحرب فأمّا الضرب لهنّ بسهم فلا 325

قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعض غنائم خيبر قبل أن يرحل عنهم 379

ص:434

قسّم للصبيان في خيبر 333

قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العبد و سيّده قضيّتين 224

«حرف الكاف»

كانا فارسين يوم خيبر فأعطيا ستّة أسهم:أربعة أسهم لفرسيهما،و سهمين لهما 345

كان أبي يقول:إنّ للحرب حكمين:إذا كانت قائمة لم تضع أوزارها 208

كان أجيرا لطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة حين أغار على سرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهم الفارس و الراجل(سلمة بن الأكوع)398

كان إذا بعث جيشا أو سريّة أوصاهم بتقوى اللّه تعالى 158

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث سريّة بعث أميرها فأجلسه إلى جنبه 99

كان إذا طرق العدوّ ليلا لم يغر حتّى يصبح 89

كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:من أحيا أرضا من المؤمنين،فهي له 262

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه 82،88،98

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتق العبيد إذا جاءوا قبل مواليهم 224

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغزو بالنساء فيداوين الجرحى و يحذين من الغنيمة 325

كان عليّ عليه السلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس،و يقول:تفتح أبواب السماء 90

كان لهم نبيّ قتلوه و كتاب أحرقوه أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثني عشر جلد ثور 66

كان يسترقّهم إذا سباهم 202

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أمره بتقوى اللّه 54

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل رجال بني قريظة و هم بين ستمائة رجل و...206

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخرج معه أمّ سليم و غيرها 23

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغزو بأمّ سليم و نسوة معها من الأنصار يسقين الماء 72

كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه 11

ص:435

كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مدينة من مدائن الحرب 85

كتب عليه السلام كتابا بين المهاجرين و الأنصار أن يعقلوا معاقلهم و أن يفكّوا عانيهم بالمعروف 403

كتب نجدة الحروريّ إلى ابن عبّاس يسأله عن النساء هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هل كان يضرب لهنّ بسهم 325

كلّ أرض خربة(أو أشياء)كانت تكون للملوك فهو خالص للإمام 264-265

كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل للّه عزّ و جلّ نصفها يقسّم بين الناس 265

كلّ مولود يولد على الفطرة و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه 236،238،239

كلّ ميّت يختم على عمله،إلاّ المرابط في سبيل اللّه،فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة 43

كن أنت تجئ به يوم القيامة فلن أقبله عنك 189

كنّا نصيب العسل و الفواكه في مغازينا فنأكله و لا نرفعه 179

كنّا نغزو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسقى الماء و معالجة الجرحى 72

كيف ترى في شراء أرض الخراج؟قال:و من يبيع ذلك هي أرض المسلمين 263

«حرف اللام»

لا أقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين 301

لا بأس،اشتر حقّه منها و يحوّل حقّ المسلمين عليه،و لعلّه يكون أقوى عليها 263

لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل 29،396

لا بأس به و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام 111

لا بأس،و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام 112

لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا 56

لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض أكثر من السواد 256

لا تعطه يا خالد 302

ص:436

لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا و لا تقتلوا شيخا فانيا 82،99

لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها 54

لا تنقطع الهجرة حتّى تنقطع التوبة 19-20

لا توطأ حامل حتّى تضع،و لا حائل حتّى تحيض 217

لا عتق إلاّ في ملك 252

لا نذر فيما لا يملك ابن آدم 388

لا نذر في معصية اللّه 388

لا نفل إلاّ بعد الخمس 316

لا نفل إلاّ من الخمس 283

لا نفل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 283

لا هجرة بعد الفتح 20

لا يحلّ للأسير أن يتزوّج في أيدي المشركين مخافة أن يلد له 240-241

لا يفرّق بين الوالدة و ولدها 229

لا يكون داعيا إلى اللّه تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة 26

لئن ظفر بك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليضربنّ عنقك 267

لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنّك 110،112

لأن يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس 58

للإمام أن يأخذ الجارية الحسناء،و المركب الفاره 342

للغازي أجره و للجاعل أجره 395

للفارس سهمان،و للراجل سهم 345،359

لقد حكم بحكم اللّه تعالى من فوق سبعة أرقعة 164

لقد حكمت بما حكم اللّه تعالى فوق سبعة أرقعة 160

لكنّي أحبّ أن أقتلك 115

ص:437

لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى اليمن،قال:يا عليّ لا تقاتل أحدا حتّى تدعوه 62

لمّا حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها 100

لمّا غزا هوازن بعث سريّة من الجيش قبل أوطاس فغنمت السريّة 373

لمّا نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمرّ الظهران قال العباس:قلت و اللّه 267

لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد 242،207

له أن ينفّل قبل القتال،فأمّا بعد القتال و الغنيمة فلا يجوز 359

له ما لنا و عليه ما علينا مسلما أو كافرا 264

لو أنّ جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل 121

لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان،فقالوا:لا 130

لو سمعت هذه الأبيات ما قتلته 207

لو قلتها و أنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح 213

لو كان مطعم بن عديّ حيّا ثمّ سألني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له 205

لو لا أنّ الرسل لا تقتل لقتلتكما 122

ليس به بأس،قد ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل خيبر 263

«حرف الميم»

المؤمنون عند شروطهم 113،277

ما بالها قتلت و هي لا تقاتل 102،104

ما برزت لأقاتل اثنين 115

ما بيّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عدوّا قطّ ليلا 90

ما تروني صانعا بكم؟فقالوا أخ كريم 266

ما حملك على هذا يا حاطب؟409

ص:438

ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه 36

ما لك يا أبا قتادة؟فاقتصصت عليه القصّة 300

ما كان من الأرضين باد أهلها و في غير ذلك الأنفال هو لنا 264

ما من رجل آمن رجلا على دمه ثمّ قتله،إلاّ جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر 129

ما منعك أن تبارزه؟فقال:كان فارس العرب 110،112

مثل الذين يغزون من أمّتي و يأخذون الجعل و يتقوون به على عدوّهم مثل أمّ موسى 395

من أخذ شيئا فهو له 293،323،367

من أسلم طوعا تركت أرضه في يده،و أخذ منه العشر ممّا سقت السماء 259

من أعطى إماما صفقة يده و ثمرة قلبه فليطعه ما استطاع 54

من أيّ إخواننا أنت؟قلت:من أهل الشام،قال:أيّهم؟قلت:من أهل دمشق 46

من بلّغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه 31

من جهّز غازيا أو حاجّا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره 31

من جهّز غازيا،كان له مثل أجره 29

من دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و من أغلق عليه بابه فهو آمن 131

من فرّق بين والدة و ولدها،فرّق اللّه بينه و بين أحبّته يوم القيامة 227

من فرّ من اثنين فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة فما فرّ 78

من فرّ من رجلين في القتال من الزحف فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة في القتال 78

من قتل قتيلا،فله سلبه 288،289،301،309

من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلبه 300،303،321-322

من قتله؟قالوا:ابن الأكوع،قال:له سلبه أجمع 310

من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يركب دابّة من فيء المسلمين 184

من مات و لم يغزو لم يحدّث نفسه بالغزو،مات على شعبة من النفاق 16

من يحرسنا الليلة؟47

ص:439

منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ثمامة بن أثال و أبي عزّة 205

منعت العراق قفيزها و درهمها 273

«حرف النون»

نحن قوم فرض اللّه طاعتنا،لنا الأنفال،و لنا صفو المال 342

نصب على أهل الطائف المنجنيق و كان فيهم نساء و أطفال 84

نصيبي منها لك 183

نعم،إلاّ الدّين،فإنّ جبرئيل عليه السلام قال لي ذلك 35

نعم،و المسلم أخو المسلم و المسلم أحقّ بماله أينما وجده 384

نفل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انتهى إلى الثلث 287

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن إضاعة المال 189

نهى عن قتل شيء من الدوابّ صبرا 91

«حرف الواو»

و أجارت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا العاص بن الربيع 126

و إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللّه،فلا تنزلهم 159

و إذا حاصرتم حصنا أو مدينة،فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم اللّه 158

و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها 254،261

و أمّا الدور و الأرضون فهي فيء و لا تكون له 215

و أمّا السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص 56

و أمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي و التأويل 55

و أمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون 384

ص:440

و أمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين و يتختمون 258

و أمرني أن أضع على كلّ جريب زرع غليظ درهما و نصفا 258

و أمّن عمر بن الخطاب هرمزان بعد الأسر 133

و الأنفال للّه و للرسول،فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث يحبّ 261

و أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض و عملوها فهم أحقّ بها 263

و بارز شبر بن علقمة إسوارا فقتله 109

و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته 11

و الذي نفسي بيده غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها 12

و فادى أسارى بدر و كانوا ثلاثة و سبعين 205-206

و الفرس جعل لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهما 352

و فرض الحجّ في السنة السادسة 10

و فوق كلّ عقوق عقوق 14

و كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه 42

و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها 262

و لا تحرقوا النخل و لا تغرقوه بالماء و لا تقطعوا شجرة مثمرة 89

و لا تعقرنّ شجرا مثمرا و لا دابة عجماء و لا شاة إلاّ لمأكلة 91

و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله 83،91،93،179،180،181

و لا تقطعوا شجرة مثمرة و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه 179

و اللّه لأن أكون أنا أفتيه بهذا أحبّ إليّ من أن يكون لي 195

و اللّه ما الشهداء إلاّ شيعتنا و لو ماتوا على فرشهم 50

و ليس لمن قاتل شيء من الأرضين 261

و ليس لنا فيه غير سهمين:سهم الرسول و سهم القربى 265

و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى 256

ص:441

و معقلهم من الدجّال بيت المقدس 46

و معقلهم من يأجوج و مأجوج طور سيناء 46

و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن 268

و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين 184

و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب 265

و يسعى بذمّتهم أدناهم 123

الويل يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة 50

«حرف الهاء»

هاجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة 10

هادونكم فارموا(أشرفت امرأة)100

هذا هو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بدو أمره...فأنزلهم على مواريث 366

هل أحسستم فارسكم؟قالوا:لا،فنودي بالصلاة 48

هل قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا من الغنائم بالمدينة؟قال:لا أعلمه 377-378

هل لك باليمن أحد؟قال:نعم،أبواي،قال:أذنا لك؟قال:لا 37

هو الأسير.(قول اللّه و يطعمون الطعام)241-242

هو طليق اللّه ثمّ طليق رسوله فلم يردّه علينا 224

هو كذلك هو كذلك(القتال مع غير الإمام)27

هل يجوز أن يرسل عليهم الماء أو يحرقون بالنار أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا 94

«حرف الياء»

يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة،و يرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن 387

ص:442

يا خالد أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى بالسلب للقاتل؟قال:بلى 319

يا رسول اللّه أبو سفيان عدوّ اللّه قد أمكن اللّه منه بغير 268

يا عثمان لا تفعل،فإنّ سياحة أمّتي الغزو و الجهاد 14

يا عليّ لا تقاتل أحدا حتّى تدعوه 58،60

يحذيان و ليس لهما شيء...قد يرضخ لهما 328

يرابط و لا يقاتل،فإن خاف على بيضة الإسلام و المسلمين قاتل 48

يرضخ لهم و لا يبلغ بهم سهم المجاهدين المسلمين 74

يسعى بذمّتهم أدناهم 121

يفعل ذلك بهم و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة 85،94

يكون للمسلمين ثلاث معاقل فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية 46

ينزل في آخر الزمان عيسى بن مريم فيأمر بقتل الخنزير و كسر الصليب 410-411

ص:443

فهرس الأماكن و البلدان
«حرف الألف»

أحد:92،406

الإسكندريّة:332

أمّ القرى:10

أنطاكيّة دمشق:46

أوطاس:217،218،373

«حرف الباء»

البحرين:265،315

بدر:73،108،111،174،205،206، 215،282،283،293،305،323، 357،367،368،378،409

البصرة:270،370

بلاد الإسلام:199

بلاد العرب:411

البهقباذات:257

بيت المقدس:46

البيداء:73،336

«حرف الجيم»

جدّة:49

الجعرانة:379

جلولاء:389،400

«حرف الحاء»

الحبشة:10

الحديبيّة:19،121،327،344

الحرّة:213

حرّة الوبرة:73

الحرم:17

حلوان:270

حنين:47،109،300،303،379

«حرف الخاء»

الخندق:99،108،116،406

ص:444

خيبر:61،71،86،88،93،108، 256،263،327،331،333،336، 344،345،347،358،369،378، 379،380،404

«حرف الدال»

دار أبي سفيان:268

دار أهل الحرب:287،379

دار الإسلام:132،137،138،141، 142،175،178،185،186،187، 188،200،215،219،222،237، 293،335،364،365،369،377، 378،381،382،385،391،392، 393،410

دار الحرب:55،103،138،139،141، 142،143،165،167،168،175، 176،180،185،187،188،199، 200،201،215،219،221،222، 223،224،239،283،287،292، 331،358،359،360،362،364، 369،371،376،377،378،380، 382،384،391،392،410

دار الشرك:382،385

دار الكفر:220،364

دجلة:270

دمشق:46

الديلم:45،55،77

«حرف الراء»

الروم:60،190،194،319

«حرف الزاي»

الزارة:315

الزنج:60

«حرف السين»

ساحل البحر:49،270

«حرف الشين»

الشام:46،179،188،226

شعاب الصفراء:378

«حرف الصاد»

صفّين:116،301،308

«حرف الطاء»

الطائف:88،224،266،379

ص:445

طور سيناء:46

«حرف العين»

عبّادان:270

عذيب:270

العراق:270،273،344،355

عسقلان:45

«حرف الفاء»

فارس:61

«حرف القاف»

القادسية:270،302

قزوين:45

«حرف الكاف»

الكعبة:268

الكوفة:370

«حرف الميم»

ماه:389،400

المدائن:257

المدينة:10،45،209،226،343، 378،388

مرّ الظهران:267

المساجد:46،272،396

المسجد الحرام:18

المسجد:151

مصر:226،344

مكّة:10،19،20،30،56،266، 268،280،404،409

موتة:319

الموصل:270

«حرف النون»

نهاوند:370

نهر جوبر:257-258

نهر سير:257

نهر الملك:258

«حرف الهاء»

هوازن:254،373،378

الهند:410

«حرف الياء»

اليمن:37،62،319

ص:446

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق
«حرف الألف»

الأئمّة:42،285،331،357

الإسلام:10،17،18،19،22،25، 27،30،35،46،48،53،54،55، 57،58،60،63،66،67،68،83، 105،122،130،131،132،136، 138،180،199،213،214،222، 221،236،237،254،274،315، 339،365،366،375،381،391

أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام:384

أصحاب الخمس:338

أصحاب الخيل:359

أصحاب الرأي:179،188،227،229، 233،377

أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:213، 332

أصحاب السريّة:292

أصحاب السهم:338

أصحاب الشافعيّ:136،182،251

أصحاب الصوامع:103

أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:26،69، 109

أصحابنا:18،226،227،254،272، 343

الأعراب:339،340،407

أعراب المؤمنين:83

أمراء الأجناد:381

الأنصار:388،403،406

الأوس:404

أهل الأديان:411

أهل الإسلام:53،366

أهل البصرة:370

أهل البلد:375

أهل البغي و التأويل:55

ص:447

أهل الثغور:46

أهل الجبل:262

أهل جلولاء:389،400

أهل الجهاد:334،361،408

أهل الحديبيّة:327،344

أهل الحرب:79،100،138،140، 176،210،215،277،379،401

أهل حصن:83،125،155،156،159، 359

أهل الحضانة:228

أهل الخمس:195،197،251،323، 341

أهل خيبر:263

أهل دار الإسلام:335

أهل دمشق:46

أهل الذمّة:55،57،64،66،72،103، 338،401

أهل الردّة:86

أهل الشام:46،226

أهل الضمان:97،98

أهل الطائف:84،100،106،224،266

أهل العراق:344

أهل العسكر:163

أهل العلم:37،86،88،108،124، 133،225،229،324،335،356

أهل الغنيمة:200،312،314،387

أهل فارس:61

أهل الفيء:31

أهل القتال:21،101،326،328،330، 333،371

أهل القرى:264

أهل الكتاب:63-64،65،66،133، 210،273،393

أهل الكوفة:370

أهل ماه:389،400

أهل المحاربة:99

أهل المدينة:226،343،376

أهل مصر:226،344

أهل مكّة:19،56،268،280

أهل النفل:287

«حرف الباء»

بنو عبد شمس:405

بنو عقيل:213،403

بنو المصطلق:60،88،89،378

بنو المطّلب:405

ص:448

بنو قريظة:106،158،160،166،202، 206

بنو قينقاع:72،74

بنو النضير:86

بنو نوفل:405

بنو هاشم:49،110،112،405

«حرف التاء»

الترك:55

«حرف الثاء»

ثقيف:224

«حرف الجيم»

الجمهور:11،18،45،54،61،84، 92،102،108،115،121،124، 132،135،137،138،155،158، 165،167،173،175،178،179، 180،182،185،199،207،224، 226،232،237،244،249،253، 254،283،286،302،307،309، 314،320،321،322،335،341، 342،343،344،349،377،381، 383،388،395،402،407

«حرف الحاء»

الحربيّ:144،151،167

الحنفيّة:156،350،352

«حرف الخاء»

الخاصّة:21،58،62،85،86،98، 110،111،116،125،159،179، 207،224،254،331،342،344، 345،366،378،383،395

الخزر:55،60

الخزرج:404

«حرف الدال»

الديلم:55

«حرف الذال»

الذمّيّ:151،222،223،226،299

«حرف الشين»

الشافعيّة:141،211،242،279،352، 360،374

ص:449

«حرف الصاد»

الصحابة:38،65

«حرف العين»

عبدة الأوثان:63،64،210

العجم:55،64،211،406

العرب:55،211،400،406

العلماء:15،45،216،225،288، 327،343،373،382،401

علماؤنا:29،44،124،203،216، 228،253،313،324،330،333، 341،343،356،365،376،382

«حرف الفاء»

الفقهاء:356

فقهاء الشام:188

الفلاّحون:105

«حرف القاف»

قريظة:104

قريش:57،59،146،282،332،409

«حرف الكاف»

الكافر:239،274،277،281،298، 312،321،333،335،336،349، 379،385،392

الكتابي:211

الكفّار:22،27،29،46،47،53،60، 62،63،66،70،72،77،78،80، 81،91،94،106،122،123،132، 142،177،215،241،250،297، 310،335،384،387

كفّار قريش:64

«حرف الميم»

المجاهدون:12،14،15،31،44،74، 272،359،370،371،375،406، 408

المجتهدون:378

المجوس:53،63،64،65،66،133

المخالف:16،87،97،133،140، 185،191،192،231،306،320، 326،334،374

مذهب أبي حنيفة:163

مذهب الشافعيّ:279

المسلمون:10،11،28،29،38،40، 41،43،45،46،53،54،57،60،

ص:450

68،69،70،72،73،74،76،77، 78،79،80،81،82،85،88،89، 91،94،95،96،99،100،101، 106،110،111،112،113،114، 115،121،122،123،124،125، 126،128،129،130،133،134، 135،142،143،147،151،152، 153،154،156،160،164،166، 173،175،176،177،178،179، 184،185،187،188،191،198، 203،208،213،214،215،219، 221،222،225،226،239،240، 242،250،251،253،256،259، 261،262،263،267،270،271، 272،273،274،277،280،282، 284،286،289،291،295،296، 297،298،299،300،303،306، 307،308،311،312،317،319، 329،331،332،334،335،336، 342،363،365،370،371،380، 382،383،384،386،389،376، 390،391،394،399،400،401، 402،403،409،411

المشركون:17،19،53،55،58،61، 64،66،71،73،74،76،80،84، 85،88،91،94،95،96،98،99، 100،102،104،111،114،121، 122،123،124،131،133،143، 144،147،151،154،157،173، 206،209،241،278،282،286، 300،303،308،310،335،336، 337،376،377،380،382،385، 386،391،407،409،410

مشرك العجم:55

مشرك العرب:55

المهاجرون:339،403،404

المعتزلة:340

«حرف النون»

النصارى:53،63،263

النصرانيّ:151

«حرف الهاء»

هوازن:254

«حرف الياء»

اليهود:53،63،72،263،334،335

ص:451

فهرس الكتب المذكورة في المتن
«حرف الألف»

الاستبصار:386

الإنجيل:63،184

«حرف التاء»

التوراة:63،184

«حرف القاف»

القرآن:11،167،314

«حرف الكاف»

كتاب المشيخة:386

«حرف الميم»

المصحف:189،190

ص:452

فهرس الأسماء المقدّسة
«حرف الألف»

أبو جعفر عليه السلام:44،54،129،265، 386

أبو جعفر الثاني عليه السلام:49

أبو الحسن عليه السلام:45،48،130

أبو الحسن الأوّل عليه السلام:261

أبو الحسن الرّضا عليه السلام:256،259

أبو عبد اللّه عليه السلام:13،14،25،27، 28،44،50،54،58،62،66،85، 86،88،89،90،91،93،94،97، 99،103،107،110،121،123، 125،130،159،179،207،208، 215،241،242،261،262،263، 264،265،340،342،344،348، 359،366،369،383،384،385، 386

أمير المؤمنين عليه السلام:21،54،55، 56،58،110،111،112،116،256، 262،263،264،271،272،348

«حرف الجيم»

جاماست[النبيّ]:66

جعفر بن أبي طالب عليه السلام:117

جعفر عليه السلام:12،13،14،29،88، 104،116،117،203،224،308، 331،345،346،395

جعفر بن محمّد عليهما السلام:31،77، 209

«حرف الحاء»

الحسن بن عليّ عليهما السلام:110،402

«حرف الدال»

داود عليه السلام:148

ص:453

«حرف الراء»

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:13،14،15، 21،22،26،27،29،31،35،37، 42،43،46،47،48،55،56،58، 60،61،71،72،73،74،82،84، 88،90،98،99،100،103،105، 106،107،108،109،116،117، 126،127،133،134،179،183، 184،189،203،207،213،224، 227،233،242،256،266،267، 268،272،283،284،293،300، 301،302،303،305،314،315، 319،323،325،326،328،332، 333،334،335،336،340،344، 345،347،356،366،367،369، 370،377،378،379،380،383، 384،388،395،398،403،404، 406،409

«حرف الصاد»

الصادق عليه السلام:81،220

«حرف العين»

العبد الصالح عليه السلام:254،261

عليّ عليه السلام:10،18،29،58،60، 62،88،90،108،111،112،115، 116،123،124،125،231،233، 242،253،256-257،267،282، 301،308،331،343،346،383، 396،407،409

عليّ بن الحسين عليهما السلام:26،27، 59،212،240

عيسى عليه السلام:148،411

«حرف الفاء»

فاطمة سلام اللّه عليها:10

«حرف القاف»

القائم عليه السلام:262

«حرف الميم»

محمّد صلّى اللّه عليه و آله:13،48،54، 56،60،174،206،213

محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الباقر عليهم السلام:46

ص:454

موسى عليه السلام:116،117

المهديّ عليه السلام:410

«حرف النون»

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:9،10،11،12، 13،16،17،18،19،21،22،23، 27،29،31،32،35،36،37،38، 42،44،54،55،57،58،60،61، 69،72،73،74،78،82،84،85، 86،88،89،91،93،98،99،101، 102،103،104،106،109،111، 121،123،124،129،131،158، 159،160،161،164،166،174، 175،189،190،202،206،213، 215،217،224،229،230،232، 239،254،255،266،268،269، 273،277،278،280،282،283، 284،285،286،287،288،289، 291،293،302،307،310،315، 316،321،322،326،331،334، 336،341،342،347،348،352، 355،356،357،358،366،367، 368،373،375،383،385،388، 397،398،403،404،409،410

«حرف الياء»

يوسف عليه السلام:266

ص:455

فهرس الأعلام
«حرف الألف»

أبان:14

أبان بن سعيد بن العاص:369،370

ابن إدريس:48،49،50،340،360، 382

ابن أبي خلف:207،242

ابن جرير:313-314

ابن الجنيد:295،296،302،320، 321،329،343،353،360،361، 376،377،379

ابن الزبير:402

ابن سيرين:314،343

ابن شبل:326

ابن شعوب:92

ابن عبّاس:16،37،47،78،88،99، 217،224،313،324،325،327، 345،385

ابن عطاء:331

ابنا عفراء:305

ابن عمر:22،179،285،287،348، 362،382،383،406

ابن القدّاح:110

ابن القضبان المالكيّ:62

ابن مسعود:11،311

ابن المنذر:73،102،110،186،232، 304،313،335،377،382،398، 399

ابن مهزيار:49

أبو إسحاق:101،279

أبو إسحاق الشيرازيّ:188

أبو إسحاق الفزاريّ:377

أبو إسحاق الشافعيّة:360

أبو أيّوب:227

أبو البختريّ:203،346

أبو ذرّ:109

أبو بردة بن رجاء:263

ص:456

أبو بصرة الغفاريّ:332

أبو بصير:241،342

أبو بكر:38،86،91،230،382

أبو بكرة:224

أبو ثور:90،101،186،204،216، 226،229،243،302،305،310، 327،329،331،364،377

أبو جهل:311

أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة:38،42

أبو حمزة الثماليّ:26،82،88،98،107

أبو حنظلة:268

أبو حنيفة:64،65،90،96،98،101، 124،140،162،163،168،176، 186،188،197،203،208،211، 216،217،218،219،220،221، 225،227،231،233،236،237، 243،246،250،253،266،272، 273،274،293،294،295،301، 309،322،331،334،343،346، 349،362،363،364،365،366، 367،368،371،373،381،383، 384،388،390،392،410

أبو داود:231

أبو رهم:345

أبو سعيد الاصطخريّ:211

أبو سعيد الأعسم:224

أبو سعيد الخدريّ:217،218

أبو سفيان:56،92،131،268

أبو سلمة بن عبد الرحمن:266

أبو طلحة:315

أبو العاص بن الربيع:126،133،134، 205

أبو عبيد:271

أبو عبيدة:38،42،302

أبو عبيدة الجرّاح:347

أبو عزّة الشاعر:205،207

أبو عمرو الزبيديّ:25

أبو قتادة:109،111،300،302،303، 307،322

أبو موسى:355

أبو موسى الأشعريّ:151

أبو هريرة:16،27،28،273،369

أبو يحيى الواسطيّ:66

أبو يوسف:158،204،344،355،390

أحمد بن حنبل:25،27،34،35،37، 44،63،73،88،92،93،96،98،

ص:457

101،105،110،124،127،128، 140،144،145،161-162،176، 178،186،187،190،192،193، 194،200،201،204،211،212، 216،219،220،221،229،230، 231،233،237،238،239،243، 245،247،248،250،272،283، 288،301،305،309،314،318، 319،322،324،331،334،335، 336،344،346،349،350،352، 354،356،360،362،364،365، 368،377،380،381،383،387، 389،393،395،396،398،399، 400،410

أحمد بن محمّد بن أبي نصر:256،259، 266

أزهر بن عبد اللّه:347

إسحاق:110،124،302،314،324، 362،398

إسحاق بن عمّار:116،345

الأسود بن يزيد:328

الأصبغ بن نباتة:11،21

أمّ سليم:23،72

أمّ موسى عليه السلام:395

أمّ هانئ:126

أنس:27،268،301

أنس بن مالك:98،253

أنس بن أبي مرثد الغنويّ:47

الأوزاعيّ:45،81،90،95،96،101، 122،124،132،133،138،144، 145،156،176،177،178،186، 187،188،191،193،194،204، 212،216،219،226،228،237، 240،241،266،283،286،289، 302،304،306،313،321،324، 327،329،330،347،354،358، 362،377،383،391،398،401

«حرف الباء»

بديل بن ورقاء:267

البراء بن مالك:314

بريدة:54،58،65،66

بشير:27

بلال:189،253

ص:458

«حرف التاء»

تميم بن طرفة:384

تميم بن فرع المهريّ:332

«حرف الثاء»

ثابت بن قيس الأنصاريّ:166

ثعلبة بن الحكم:93

ثمامة بن أثال:205

الثوريّ:37،38،101،110،124، 128،144،145،176،177،178، 194،216،253،301،321،324، 331،334،343،355،383،391، 399

«حرف الجيم»

جابر بن عبد اللّه:36

جعفر بن أبي طالب عليه السلام:117

جميل:385

جميل بن درّاج:99،107

الجوزجانيّ:331،332

«حرف الحاء»

حاطب بن أبي بلتعة:282،409

حبان بن أبي جبلة:403

حبيب بن أبي ثابت:343

حبيب بن مسلمة الفهريّ:284،331

الحرث بن نفيل:269

حريز:260،263

حسّان بن ثابت:230

الحسن:144

الحسن البصريّ:108،145،178،188، 194،204،283،327،343،354، 356،373،399

الحسن بن صالح:78،81

الحسن بن محبوب:386

الحسين بن عبد اللّه:347

حشرج بن زياد:71،326

حفص:103

حفص بن غياث:54،85،86،94،97، 215،220،344،359،366،369

حكيم بن حزام:267

حمّاد بن عيسى:254،261

حمزة الأسلميّ:87

حنظلة بن الراهب:69،92

حيدرة:13

حمزة:108،109،111،115

ص:459

الحلبيّ الراوي:386

«حرف الخاء»

خالد بن الوليد:103،302،314،319

خديجة:9،10

الخليل:160

«حرف الدال»

داود:305،310

دريد بن الصمّة:100

«حرف الراء»

الربيّع:72

ربيعة:382

رويفع بن ثابت الأنصاريّ:184

«حرف الزاي»

الزبير:253،282،347،348،409

الزبير بن باطا اليهوديّ:166

زرارة:44،260

الزهريّ:59،144،145،179،180، 194،212،240،334،335،400، 404

زيد بن حارثة:319

زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

126،133،134

«حرف السين»

السائب بن الأقرع:389،400

الساجيّ:271

سالم:331

سعد:166،302،369

سعد بن أبي وقّاص:268،382

سعد بن معاذ:106،158،161،164

سعيد بن جبير:204

سعيد بن المسيب:15،178،283،324

سفيان:59

السكونيّ:13،58،62،88،104،117، 121،224

سلمان:43،61

سلمة بن الأكوع:61،230،310،321، 398

سليمان بن خالد:242

سليمان بن داود المنقريّ:58

سماعة:325

سماعة بن مهران:264

ص:460

سهل بن الحنظليّة:47

سهل بن سعد الساعدي:12

سهلة بن عاصم:326

سيرين:230

«حرف الشين»

الشافعيّ:29،30،34،35،37،41، 62،63،73،90،94،95،96،97، 101،105،110،124،127،128، 135،136،138،140،141،144، 145،155،161،165،174،176، 178،182،183،187،188،193، 196،197،200،203،210،212، 213،214،216،219،221،222، 223،226،227،228،229،231، 232،236،237،240،241،243، 244،245،246،247،250،251، 253،255،266،267،272،273، 274،279،281،283،285،286، 287،293،302،304،305،306، 309،310،312،313،315،318، 320،322،324،331،334،335، 338،344،346،348،349،350، 354،358،360،362،363،364، 365،367،368،370،372،376، 377،380،381،382،387،390، 391،393،395،397،399،401، 406،407،408،409

شبر بن علقمة:109،302

الشعبيّ:178،224،369،389،400

الشيخ:12،17،21،25،28،29،30، 40،41،45،49،50،54،58،62، 85،86،88،90،91،94،97،110، 111،112،116،117،121،123، 129،130،135،165،168،174، 176،199،203،207،208،210، 211،212،213،215،224،228، 229،231،232،233،234،237، 238،239،240،241،242،244، 245،246،247،248،249،250، 254،256،259،260،262،263، 264،265،266،271،272،274، 279،281،301،306،308،312، 318،323،325،331،338،340، 342،344،347،359،360،361، 364،366،367،369،370،372،

ص:461

376،378،383،384،385،386، 395،406،407،408

شيبة:109

شيبة بن ربيعة:115

«حرف الصاد»

صالح بن محمّد بن زائدة:189

صفوان بن أميّة:72،334،336

صفوان بن عمرو:194

صفوان بن يحيى:256،263،266

«حرف الطاء»

طارق بن شهاب:370

طربال:386

طلحة:398

طلحة بن زيد:28،208،211

«حرف العين»

عائشة:72،73،336

العبّاس:19،267،268

عباد بن صهيب:89

عبادة بن الصامت:229،284

عبد الدار:405

عبد الرحمن:194

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد:194

عبد الرحمن بن خبيب:74،336

عبد الرحمن بن عوف:65

عبد الرحمن بن عيينة:398

عبد شمس:405

عبد العزّى:405

عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ:340

عبد اللّه:195

عبد اللّه بن أبيّ:75،312

عبد اللّه بن أبي أوفى:179

عبد اللّه بن حرام:36

عبد اللّه بن سعد بن أبي السرح:268-269

عبد اللّه بن سعد:269

عبد اللّه بن سليمان:129

عبد اللّه بن سنان:50

عبد اللّه بن الشاعر:194،195

عبد اللّه بن مسعود:305

عبد اللّه بن ميمون:301،308

عبد اللّه بن عبّاس:267

عبد اللّه بن عمر:285،395

عبد اللّه بن عمرو:189

عبد مناف:405

ص:462

عبيدة:109،111،115

عبيدة بن الحارث:108،115

عتبة:109

عثمان:19

عثمان بن أبي العاص:270

عثمان بن حنيف:270،271

عثمان بن عفّان:145

عثمان بن مظعون:14

عديّ بن حاتم:116

عطاء:144،178،204،209،383

عطاء الخراسانيّ:187

عقبة بن أبي معيط:242،207،311

عقبة بن عامر:332

عكرمة:100

عليّ بن رئاب:386

عمّار بن ياسر:55

عمران بن عبد اللّه القمّيّ:77

عمر:28،105،179،180،253،267، 271،282،315،356،366،369، 370،381،383،389،390،400، 409

عمر بن الخطّاب:105،124،125،134، 151،190،270،314،347،355، 370

عمر بن عبد العزيز:271،327،343، 354-355،358،402

عمر بن يزيد:262

عمرو:332،333

عمرو بن جميع:111

عمرو بن دينار:387

عمرو بن شعيب:283،285

عمرو بن عبد ودّ العامريّ:61،108،115

عمير مولى آبي اللحم:328

عوف:319

عوف بن مالك:302،314،319

عيسى بن يونس:212،240

«حرف الفاء»

فرعون:116

فضالة بن عبيد:43

فضل بن يزيد الرقاشيّ:125

«حرف القاف»

القاسم:331

قيس بن أبي حازم:183

ص:463

«حرف الكاف»

كعب بن مالك:16

الكنانيّ:342

«حرف اللام»

الليث:90،95،101،178،188،194، 216،226،228،302،324،331، 344،383،398

الليث بن سعد:228-229،232،364

«حرف الميم»

مأجوج:46

مارية:230

مالك:34،35،62،64،65،90،101، 110،127،178،183،186،188، 194،195،204،209،216،219، 221،226،228،232،236،237، 243،253،266،273،283،288، 301،315،316،324،330،334، 343،346،354،360،364،365، 367،377،381،383،390،393، 398،399

مجاهد:266

مجمّع بن جارية:344

محمّد:344،390

محمّد بن الحسن:158،295-296،410

محمّد بن حكيم:130

محمّد الحلبيّ:242،207

محمّد بن حمران:99

محمّد بن خالد البرقيّ:265-266

محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس:45-46

محمّد بن عليّ الحلبيّ:264

محمّد بن كعب القرضيّ:45

محمّد بن مسلم:44،261،263،265

محمّد بن المنكدر:45

محمود بن مسلمة:104

مرحب:108

مرزبان الزارة:314،315

المزنيّ:101،140

مسلمة:190

مسيلمة:122

مسعدة بن صدقة:82،89،91،93،107، 116،123،125،159،179،331

مصعب بن يزيد الأنصاريّ:256

مطعم بن عديّ:205

معاذ بن عفراء:310

ص:464

معاذ:93

معاذ بن عمرو بن الجموح:309،310

معاوية:116،194،195

معاوية بن عمّار:82

المقداد:282،344،409

مقيس بن صبابة:269

مكحول:176،177،187،188،286، 305،307،313،347،355

«حرف النون»

نافع:179

النجاشيّ:266

نجدة الحروريّ:325

النخعيّ:144،145،327،383،400

النضر بن الحارث:311

نوفل:405

«حرف الواو»

الوليد بن عتبة:109

الوليد بن مسلم:358

وهب:12،14،29،395

«حرف الهاء»

هاشم:405

هشام بن سالم:383،384

هرمزان:134

هند بنت النعمان بن بشير:354

يأجوج:46

«حرف الياء»

يزيد بن أبي سفيان:91

يزيد بن هرمز:325،327

يحيى بن أبي العلاء:90

يونس:45

ص:465

فهرس الموضوعات

الكتاب السادس في الجهاد و فيه مقاصد [المقصد]الأوّل فيمن يجب عليه و فيه مباحث [البحث]الأوّل في وجوب الجهاد رسالة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تعميمها 9

أوّل من اتّبع النبيّ 10

في فرض الصلاة بمكّة 10

الإذن في الهجرة 10

فرض الصوم و الزكاة و الحجّ و الجهاد 10

هل الجهاد من أركان الإسلام؟11

البحث الثاني في فضله فضل الجهاد و ثوابه 12

البحث الثالث في كيفيّة وجوبه هل الجهاد واجب عينيّ أم كفائيّ؟15

ص:466

معنى الكفاية في الجهاد 17

فرض الجهاد في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 17

تحريم القتال في أشهر الحرم 18

تحريم القتال في المسجد الحرام 18

وجوب الهجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام 18

أقسام الهجرة 18

هل الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا؟19

معنى رواية:«لا هجرة بعد الفتح»20

البحث الرابع فيمن يجب عليه الجهاد و شرائط وجوبه الذكورة شرط في وجوبه 21

البلوغ و العقل و الحرّيّة شرط في وجوبه 22

هل الإسلام شرط في وجوب الجهاد؟22

لو أخرج الإمام العبيد و النساء و الصبيان للجهاد 23

جهاد الأعمى و الأعرج و المريض 23

لو احتاج إلى نفقة و عجز عنها 24

الضابط في إسقاط الجهاد لأجل عدم الراحلة 25

إذا قام بالجهاد من فيه كفاية 25

لو عيّن الإمام شخصا لاقتضاء المصلحة 25

حكم من تعيّن عليه الجهاد 25

حكم الجهاد للدعاء إلى الإسلام 25

حكم الجهاد لدفع العدوّ 25

ص:467

لو كان المسلم في أرض الكفّار بأمان و دهمهم عدوّ من المشركين 28

هل يجوز الجهاد لو خشي على نفسه أو ماله؟28

من وجب عليه الجهاد هل يجوز أن يستأجر غيره عن نفسه؟29

لو عيّنه الإمام للخروج هل يجوز له الاستنابة؟30

من وجب عليه الجهاد هل يجوز أن يجاهد عن غيره بجعل؟30

ثواب الجهاد للنائب أو المستأجر؟30

فضل إعانة المجاهدين و مساعدتهم 31

ما يتعيّن الجهاد على المكلّف 31

هل الإعسار يسقط فرض الجهاد؟32

لو بذل له ما يحتاج إليه هل يجب عليه؟32

لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا هل يجب عليه إقامة غيره؟33

لو كان قادرا فجهّز غيره 33

البحث الخامس في اشتراط إذن الأبوين و صاحب الدين في الجهاد و من عليه دين حالاّ أو مؤجّلا 34

لو تعيّن على المدين الجهاد 36

لو ترك وفاء أو أقام كفيلا مليّا 36

استحباب أن لا يتعرّض لمظانّ القتل لمن تعيّن عليه الجهاد 36

إذن الوالدين في الجهاد 36

لو كانا كافرين هل يجوز مخالفتهما؟37

لو كان الجهاد متعيّنا عليه هل يجوز لهما منعه؟38

هل يجوز للوالدين منع الولد من الفرائض العينية 38

ص:468

حكم أحد الأبوين 39

لو كان أبواه رقيقين 39

لو كانا مجنونين 39

لو سافر لطلب العلم أو التجارة هل يشترط استئذانهما؟39

لو منعاه هل يحرم عليه مخالفتهما؟39

لو خرج في جهاد تطوّعا بإذنهما فمنعاه منه بعد سيره و قبل وجوبه 39

لو كانا كافرين فأسلما و منعاه 40

لو أذن المولى للعبد في الجهاد 40

هل يجوز للمرأة الجهاد؟40

لو خرج و لا عذر له فتجدّد العذر 40

لو حدث العذر بعد التقاء الزحفين 40

استحباب تجنّب المجاهد قتل أبيه المشرك 41

لو ظهر من الأب ما لا يجوز الصبر عليه 42

البحث السادس في الرباط معنى الرباط و فضله 43

طرفا الرباط في القلّة و الكثرة 43

استحباب المرابطة في حال ظهور الإمام و غيبته 44

أفضل الرباط 45

كراهة نقل الأهل و الذرّيّة إلى الثغور المخوفة 46

لو عجز عن المرابطة بنفسه 46

اجتماع أهل الثغور في المساجد 46

ص:469

استحباب الحرس في سبيل اللّه 47

لو نذر المرابطة 48

لو نذر أن يصرف من ماله إلى المرابطين 48

لو آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة 49

المقصد الثاني في بيان من يجب جهاده و كيفيّة الجهاد و فيه مباحث البحث الأوّل من يجب جهاده من يجب جهاده 53

السيوف الثلاثة 55

السيف المكفوف 55

السيف المغمود 56

لو بدأ بالقتال من يجب جهادهم 57

في قتال المشركين بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام 57

صورة الدعاء 58

أقسام الكفّار بالنسبة إلى الدعوة 60

لو بدر انسان فقتل واحدا من الكفّار قبل بلوغ الدعوة إليه 62

أصناف الكفّار 63

لو بذلوا الجزية غير الأصناف الثلاثة من أهل الكتاب 63

ص:470

البحث الثاني في المقاتلين مع الإمام الجهاد للدعاء إلى الإسلام 68

الجهاد مع عدو يخشى منه على بيضة الإسلام 68

وجوب النفير على المقلّ و المكثر 68

جواز التخلّف مع الحاجة 69

إذا نودي بالنفير و الصلاة 69

هل يجوز أن ينفروا مع قائد معروف بالهزيمة؟69

لو كان القائد معروفا بشرب الخمر 69

لا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذّل الناس و يزهّدهم في الخروج 70

يجوز استصحاب النساء لمداواة الجرحى و معالجتهم 71

هل يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمّة في حرب الكفّار؟72

ما ينبغي للإمام في حال السير 74

البحث الثالث في كيفيّة القتال الجهاد موكول إلى نظر الإمام 76

لو احتاج المجاهدون إلى المدد؟76

ينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه من المشركين 77

حرمة الفرار إذا التقى الفئتان 77

وجوب الثبات بأمرين 78

لو قصد التحرّف لقتال أو التحيّز إلى فئة 79

معنى التحرّف و التحيّز 79

ص:471

لو غلب على ظنّه الهلاك هل يجوز الفرار؟79

لو غلب على ظنّه الأسر 79

لو زاد المشركون على الضعف هل يجب الثبات؟80

لو زاد المشركون على الضعف و غلب على الظنّ العطب 80

لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين 80

لو قدم العدوّ إلى بلد 81

لو ألقى الكفّار نارا في سفينة فيها مسلمون 81

ينبغي للإمام أن يتقدّم إلى من يؤمّره على الجيش بتقوى اللّه 82

ينبغي للوالي إذا بعث سريّة أن يوصيهم بما ورد في الروايات 82

إذا نزل الإمام على بلد هل يجوز له محاصرته بمنع السابلة؟84

نصب المنجنيق و العرّادة و الرمي بالحجارة 84

لو كان لدى العدوّ أسارى مسلمون و خاف الإمام إن لم يرموهم نزل المشركون إليهم هل يجوز الرمي؟85

جواز تخريب حصونهم و بيوتهم 86

هل يجوز إلقاء النار و رميهم بالنفط؟86

هل يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل؟87

هل يجوز إلقاء السمّ في بلادهم؟87

كراهة قطع الشجر و النخل 88

كراهة تبييت العدوّ ليلا 89

هل يجوز قتل دوابّهم في غير حال الحرب؟90

جواز عقر الدوابّ للأكل مع الحاجة إليه 92

لو كان الدوابّ ممّا يحتاج إليه للقتال 92

لو أذن الإمام في ذبحها 93

ص:472

لو تترّس الكفّار بنسائهم و صبيانهم 94

لو تترّسوا بمسلم 95

إذا رمى فأصاب مسلما و لم يعلم أنّه مسلم،هل عليه دية؟96

لو علمه مسلما و رمى قاصدا للمشركين فأصاب المسلم 96

هل تجب الكفّارة بقتل هذا المسلم مع العلم بإسلامه و عدمه؟97

لا يجوز قتل صبيان المشركين و نسائهم و مجانينهم 98

لو قاتلت المرأة هل يجوز قتلها؟99

أقسام الشيخ من أهل الحرب 100

حكم الرهبان و أصحاب الصوامع 103

حكم الزمن و الأعمى اللذين لا انتفاع بهما في الحرب 103

حكم العبيد إن قاتلوا مع ساداتهم 103

حكم مريض الكفّار 104

حكم الفلاّح الذي لا يقاتل 104

الموارد التي يجوز فيها انصراف الإمام من محاصرة الحصن 105

لا يجوز التمثيل بالكفّار و الغدر بهم 106

البحث الرابع في المبارزة المبارزة مشروعة غير مكروهة 108

هل ينبغي للمسلم أن يطلب المبارزة بإذن الإمام؟110

هل تجوز المبارزة بغير إذن الإمام 111

لو خرج علج يطلب البراز 112

إذا خرج المشرك و طلب البراز 113

ص:473

لو طلب المشرك المبارزة و لم يشترط 114

جواز المخادعة في الحرب 115

استحباب أن يبدأ بالقتال بعد الزوال 117

المقصد الثالث في عقد الأمان و فيه مباحث [البحث]الأوّل في الجواز عقد الأمان جائز أم لا؟121

لو اقتضت المصلحة ترك الأمان 122

وجوب إعطاء الأمان لمن طلب حتّى يعرف شرائع الإسلام 122

البحث الثاني في العاقد جواز عقد الصلح للإمام 123

جواز عقد الأمان لنائب الإمام 123

أمان آحاد الرعيّة للواحد من المشركين 123

هل يصحّ عقد الأمان من الحرّ و العبد؟124

هل يصحّ أمان المرأة؟126

هل ينعقد أمان المجنون و الصبيّ؟127

هل يصحّ أمان الأسير إذا عقده غير مكره؟128

هل ينعقد أمان المكره؟129

أمان زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء أو جنون أو صغر 129

ص:474

لا ينعقد أمان الكافر 129

إذا انعقد الأمان يجب الوفاء به 129

لو انعقد الأمان فاسدا 130

إذا اعتقد الحربيّ صحّة أمانه 130

إذا دخل الحربيّ دار الإسلام بشبهة الأمان 130

البحث الثالث في العبارة و الوقت عبارات الأمان 131

لو أشار المسلم إليهم و قال:أردت به الأمان 132

وقت الأمان 133

يجوز للإمام أن يؤمّن الأسير بعد الأسر 134

لو أقرّ المسلم أنّه أمّن المشرك 134

لو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه 135

لو جاء المسلم بمشرك فادّعى أنّه أسره و ادّعى الكافر أنّه أمّنه 135

لو ادّعى الحربيّ الأمان،فأنكر المسلم 136

البحث الرابع في الأحكام من عقد أمانا للكافر وجب عليه الوفاء 137

لو عقد الحربيّ الأمان ليسكن في دار الإسلام 137

هل يدخل مال الحربيّ في الأمان تبعا له؟137

لو دخل حربيّ دار الإسلام بغير أمان و معه متاع 137

ص:475

من دخل من أهل الحرب بتجارة إلى دار الإسلام باعتقاد أمان 138

لو دخل الحربيّ دار الإسلام بأمان 138

لو مات في دار الحرب أو قتل 139

لو دخل دار الإسلام فعقد أمانا ثمّ مات و له مال 141

إذا أسر الحربيّ الذي لماله أمان 142

إذا دخل المسلم أرض العدوّ بأمان فسرق منهم شيئا 143

لو اقترض المسلم من حربيّ 143

لو اقترض حربيّ من حربيّ 143

لو تزوّج الحربيّ بحربيّة و أمهرها مهرا هل يجب عليه ردّه عليها؟143

لو تزوّج الحربيّ بحربيّة ثمّ أسلم و المهر في ذمّته 143

لو ماتت الحربيّة ثمّ أسلم الزوج بعد موتها 144

إذا دخل المسلم أو الحربيّ دار الحرب مستأمنا فخرج بمال 144

إذا خلّى المشركون أسيرا مسلما و استحلفوه على أن يبعث إليهم فداء عنه 144

البحث الخامس من يدخل في الأمان و من لا يدخل إذا نادى المشركون بالأمان لأنفسهم أو أهليهم 147

لو قالوا:أمّنونا على ذرّيتنا هل هم آمنون؟147

و لو قالوا:أمّنونا على إخوتنا 148

لو قالوا:أمّنونا على آبائنا 149

لو قال:أمّنونا على أبنائنا،هل يدخل فيه أبناء الأبناء 149

لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان 150

ص:476

البحث السادس في الأمان بالرسالة و الكتابة رسول الأمير لا ينبغي أن يكون خائنا أو ذمّيّا أو حربيّا 151

إذا أرسل الأمير رسولا إلى أمير المشركين و بلّغ الرسالة فقال:إنّ أميركم أمّننا 151

لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم أنّه أمّنهم 152

هل نبذ الأمان مع اقتضاء المصلحة سائغ؟153

الرسول أمين 154

لو خاف الإمام من الرسول أو التاجر في اطلاعه العدوّ على عورات المسلمين 154

البحث السابع في الأمان على جعل إذا حصر المسلمون حصنا فناداهم رجل:أمّنوني أفتح لكم الحصن 155

لو قال:اعقدوا الأمان على أهل حصني على أن أفتحه لكم،فأمّنوه على ذلك 156

لو قال:أمّنوني على قلعتي أو مدينتي،فأمّنوه 157

لو قال:أمّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن 157

البحث الثامن في التحكيم إذا حصر الإمام بلدا هل يجوز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه؟158

هل يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه؟160

ما يشترط في الحاكم 160

هل يجوز أن يكون الحاكم أعمى؟161

لو نزلوا على حكم أسير معهم مسلم 162

ص:477

لو نزلوا على حكم رجل غير معيّن 163

هل يجوز أن يكون الحاكم اثنين؟163

لو نزلوا على حكم اثنين:أحدهما مسلم،و الآخر كافر 163

لو اتّفقوا على حاكم تجتمع فيه الشرائط فمات قبل الحكم 164

لو رضوا بتحكيم من لم تجتمع فيه الشرائط 164

هل يتّبع ما يحكم به الحاكم؟164

إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه 166

و لو أسلموا بعد الحكم عليهم 166

لو دخل حربيّ إلينا بأمان فقال له الإمام:إن رجعت إلى دار الحرب و إلاّ حكمت عليك؟167

لو حكم الحاكم بالردّ 168

لو اتّفقوا على حاكم اجتمعت فيه الشرائط 168

لو حكم الحاكم بما لا يجوز 168

لو شرطوا في الصلح حكما معيّنا 169

المقصد الرابع في الغنائم تعريف الغنيمة و أقسامها 171

و هاهنا أبحاث البحث الأوّل فيما ينقل و يحوّل حكم الغنيمة و الفيء 173

حكم ما يصحّ تملّكه و ما لا يصحّ تملّكه 175

ص:478

الأشياء المباحة في الأصل 175

لو وجد شيء عليه أثر ملك 175

لو وجد في الصحراء وتدا منحوتا 176

حكم ما يجده المسلم في دار الحرب ممّا هو مباح و لا أثر عليه لمالك 176

لو وجد صيدا في أرضهم و احتاج إلى أكله 177

لو أخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم 177

لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله 178

لو وجد في أرضهم ركازا 178

عدم جواز التصرّف في شيء من الغنيمة قبل القسمة إلاّ ما لا بدّ للغانمين منه 178

التناول من الطعام و العلف مع الحاجة و عدم الحاجة 180

الحيوان المأكول هل يجوز ذبحه للأكل؟181

حكم جلود الأنعام إذا ذبحت الأنعام للأكل 181

تناول ما عدا الطعام و العلف و اللحم 181

جواز استعمال الدهن المأكول عند الحاجة 182

جواز أن يأكل ما يتداوى به أو شربه 182

عدم جواز أن يغسل ثوبه بالصابون 182

عدم جواز الانتفاع بجلود الأنعام 183

هل الكتب التي لهم ممّا ينتفع بها،غنيمة؟184

جوارح الصيد،كالفهود و البزاة غنيمة أم لا؟184

هل يجوز لبس الثياب و ركوب الدابّة من المغنم؟184

لو كان للغازي دوابّ أو رقيق هل يجوز أن يطعمهم؟184

إذا جمعت الغنائم و فيها طعام هل يجوز أخذه؟185

لو فضل معه من الطعام فضلة فأدخله دار الإسلام 186

ص:479

إذا حاز المسلمون الغنائم و جمعوها ثبت حقّهم 187

من غلّ من الغنيمة شيئا 188

هل تحرق آلة الدابّة؟190

لا تحرق ثياب الغالّ 191

لا تحرق كتب الأحاديث و العلم 191

لو مات الغالّ هل يحرق رحله؟191

لو باع متاعه أو وهبه أو نقله عنه هل يحرق؟192

لو كان الغالّ صبيّا أو عبدا أو امرأة أو ذمّيّا هل يحرق متاعهم؟192

لو أنكر الغلول 193

سهم الغالّ من الغنيمة 193

إذا تاب الغالّ قبل القسمة 193

من سرق من الغنيمة شيئا 195

لو كان السارق عبدا 196

لو سرق عبد الغنيمة منها 196

لو كان السارق ممّن لم يحضر الوقعة 196

لو كان السارق ممّن له سهم في الخمس و سرق منه 197

تعريف الغالّ؟197

هل يجوز وطء الجارية من المغنم 198

لو باع أحد الغانمين غيره شيئا من الغنيمة و كان المشتري من الغانمين هل يصحّ البيع؟198

هل يعيد المقترض القرض على المقرض أم لا؟199

لو خرج المقترض من دار الحرب و الطعام في يده 199

لو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة 200

هل يجوز للإمام أن يبيع من المغنم شيئا قبل القسمة؟200

ص:480

إذا قسّمت الغنائم في دار الحرب 201

هل يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا 201

البحث الثاني في أحكام الأسارى أقسام الأسارى 202

البالغون أن أسروا قبل تقضّي الحرب 203

هل التخيير الذي للإمام ثابت في كلّ أصناف الكفّار؟210

هل التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد،أو تخيير شهوة 211

إذا أسلم الأسير بعد الأسر هل يسقط عنه القتل؟212

تخيير الإمام بين المنّ و المفاداة و الاسترقاق 214

المال الذي يفادى به هل يكون غنيمة للغانمين؟214

إذا أسر المشرك و له زوجة لم يؤسرها المسلمون،هل الزوجيّة باقية؟215

لو أسر الزوجان معا 216

لو أسرت الزوجة وحدها 217

انفساخ النكاح إذا سبيا بيد رجل واحد أو رجلين 218

لو كان الأسير طفلا 218

لو كان الزوجان مملوكين 219

إذا أسلم الحربيّ في دار الحرب 219

و لو دخل دار الإسلام فأسلم 219

لو أسلم و له حمل 220

لو سبيت الزوجة و هي حامل 220

لو أسلم الحربيّ في دار الحرب و له عقار فيها 221

ص:481

لو استأجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب 222

لو كان له حمل من زوجة كافر هل يعصم الحمل من الاسترقاق؟222

لو كان لمسلم عبد ذمّيّ فأعتقه ثمّ أسر هل يجوز استرقاقه أم لا؟222

إذا أسلم عبد الحربيّ أو أمته في دار الحرب ثمّ أسلم المولى و خرج إلينا 223

لو خرج إلينا قبل مولاه مسلما هل يملك نفسه؟225

لو أسلمت أمّ ولد الحربيّ و خرجت إلينا 225

في التفرقة بين المرأة و ولدها الصغير 226

لو رضيت الأمّ بالتفرقة إذا سبيت المرأة 227

جواز التفرقة بين الولد و الوالد 227

جواز التفرقة بين الأمّ و الولد الصغير إذا بلغ سبع سنين 228

جواز التفرقة بين البالغ و أمّه 229

لو فرّق بينهما بالبيع 231

هل يجوز التفرقة بين الولد و الجدّ أو الجدّة؟232

في التفرقة بين الأخوين و الأختين 232

التفرقة بين من خرج من عمود الوالدين 233

التفرقة بينه و بين الرحم غير المحرم 234

التفرقة بين الولد و أمّه و أخته من الرضاع 234

التفرقة بين الأمّ و الولد بالعتق 234

لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر هل يجوز التفريق بينهم؟234

لو جنت جارية جناية و تعلّق أرش الجناية برقبتها و لها ولد صغير هل يتعلّق الأرش به؟234

لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج فهل له الرجوع فيها دون ولدها 235

إذا سبي من لم يبلغ هل يصير رقيقا؟236

ص:482

إذا سبي مع أبويه الكافرين 236

إذا سبي منفردا عن أبويه 237

إذا سبي مع أحد أبويه 237

هل يحكم بإسلام الطفل لو مات أبواه المسبيّان معه 237

تعريف الحميل 239

إذا أخذ الطفل من بلاد الشرك و أعتقه السابيّ 240

لو أسر المشرك و عجز عن المشي و لم يكن مع المسلم ما يركبه هل يجب قتله؟240

لو بدر مسلم فقتل الأسير 241

هل يكره قتل من يجب قتله صبرا من الأسير و غيره؟242

إذا انقضت الحرب و حيزت الغنائم 242

لو وطئ واحد من الغانمين جارية من المغنم عالما بالتحريم قبل القسمة 242

لو وطئها جاهلا بالتحريم 244

هل يجب عليه المهر؟244

إذا أحبلها ما يكون حكم ولدها 245

هل تصير هذه الجارية أمّ ولد؟246

هل تقوّم هذه الجارية و يلزمه سهم الغانمين؟247

إذا وطئ الجارية بعد القسمة 248

لو وطئها و هو معسر 249

لو وطئ الأب جارية من المغنم و ليس له نصيب فيها 250

لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين 250

لو أسر أباه منفردا به هل ينعتق عليه؟251

لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة 252

ص:483

البحث الثالث في أحكام الأرضين أقسام الأرضين 253

الأراضي المأخوذة بالسيف هل يقبّلها الإمام ممّن يقوم بعمارتها؟255

حكم أرض من أسلم أهلها طوعا من غير قتال 258

تعريف أرض الصلح و حكمها 259

تعريف أرض الأنفال و حكمها 260

حكم الأرض المأخوذة عنوة 261

حكم الأرض الموات 261

حكم أرض الخراج و تعريفها 262

هل الأرض الخربة و الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام من الأنفال؟264

هل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتح مكّة بالسيف؟266

تعريف أرض السواد و حكمها 270

شروط مصالحة الإمام مع أهل الكتاب 273

حكم أرض ترك أهلها عمارتها 274

إذا استأجر مسلم دارا من حربيّ ثمّ فتحت هل تبطل الإجارة؟274

المقصد الخامس في كيفيّة القسمة و فيه مباحث البحث الأوّل في الجعائل هل يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدلّه على مصلحة 277

هل الجعالة تثبت بحسب الحاجة 278

ص:484

لو اشترط جارية معيّنة من القلعة ثمّ فتحت القلعة 279

لو فتحت القلعة عنوة أو صلحا و لم تكن الجارية داخلة في الهدنة 280

لو كان الجعالة جارية فماتت قبل الظفر أو بعده 281

لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام،هل يقتل بذلك أم لا؟282

لو بعث الإمام أو نائبه سريّة تغير على العدوّ و يجعل لهم الربع 283

هل يجوز له أن ينفّل أكثر من الثلث أو الربع؟286

لو شرط الإمام زيادة على الثلث 287

لو قال الأمير:من طلع هذا الحصن...فله كذا 288

هل النفل يختصّ بنوع من المال؟289

لو نزل الإمام و الجيش في قرية و معهم الدوابّ و منع الناس من جمعهم الكسل 290

لو بعث سريّة و نفّلها الثلث أو الربع 290

لو بعث الإمام سريّة عليهم أمير،و نفّلهم بالثلث بعد الخمس 291

لو بعث أمير السريّة سريّة من سريته و نفّل لهم أقلّ من النفل الأوّل 292

لو فقد رجل من السريّة و قام بعض لطلبه و بعضهم ذهب حتّى أصاب الغنائم،ثمّ رجعوا إلى أصحابهم و وجدوا المفقود هل كلّهم شركاء في النفل؟292

لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 293

لو بعث سريّتين:إحداهما يمنة،و الأخرى يسرة 293

لو بعث الإمام سريّة و نفّلهم الربع 294

هل يصحّ التنفيل المجهول 295

من أصاب ذهبا أو فضّة هل هو له؟296

لو ظهر مشرك على سور الحصن يقاتل المسلمين 297

لو قال الأمير:من دخل من باب هذه المدينة فله ألف درهم 298

ص:485

البحث الثاني في السلب هل يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول؟300

هل يستحقّ القاتل السلب بشرط أن يخصّه الإمام به و يشرطه له 300

إذا شرط الإمام السلب هل يجوز للقاتل أخذه؟304

هل يشترط في استحقاق السلب أن يكون المقتول من المقاتلة؟304

هل يشترط في استحقاق السلب أن يكون المقتول ممتنعا؟305

لو قطع يدي رجل و رجليه و قتله آخر 306

لو عانق رجل رجلا فقتله آخر 306

لو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله 307

اشتراط القتل في استحقاق السلب 307

اشتراط التغرير في استحقاق السلب 308

لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه 308

لو اشترك في قتله اثنان 308

لو اشترك اثنان في ضربة و كان أحدهما أبلغ في قتله من الآخر 309

استحقاق السلب بشرط أن يقتله و الحرب قائمة 310

إذا شرطنا في المبارزة إذن الإمام هل يستحقّ القاتل السلب؟311

اشتراط أن يكون للقاتل نصيب من الغنيمة في استحقاق السلب 311

من لا يستحقّ سهما و يستحقّ أن يرضخ له هل يستحقّ السلب أم لا؟312

هل يخمّس السلب أم لا؟313

هل السلب يستحقّه القاتل من أصل الغنيمة؟315

يجوز للإمام التنفيل مع اعتبار المصلحة 316

أقسام مال المشرك المقتول 317

ص:486

هل الدابّة التي يركبها من السلب؟318

تكون الدابّة من السلب لو كان راكبا عليها 319

لو كان ماسكا بعنانها غير راكب هل تكون من السلب؟320

هل الجنيب الذي يساق خلفه من السلب؟320

هل يجوز سلب القتلى و تركهم عراة؟321

هل يفتقر المدّعي للسّلب إلى بيّنة بالقتل؟321

لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 322

البحث الثالث في الرضخ معنى الرضخ و حكمه 324

هل للعبيد سهم أو رضخ؟327

هل للمدبّر و المكاتب سهم؟329

لو أعتق العبد قبل تقضّي الحرب 329

حكم من كان نصفه حرّا 330

حكم الخنثى المشكل في السهم أو الرضخ 330

هل يسهم للصبيّ إذا حضر الحرب؟330

لا فرق بين الطفل الصغير و المراهق 333

هل يسهم للكافر أو يرضخ؟333

إذا خرج الكافر إلى القتال هل يستحقّ سهم المؤلّفة أو الرضخ؟335

لو غزا جماعة من الكفّار بانفرادهم فغنموا 335

هل تجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين 335

ما يشترط في المستعان به من المشركين 336

ص:487

ليس للرضخ قدر معيّن 337

هل يكون الرضخ من أصل الغنيمة؟338

لو غزا العبد بغير إذن مولاه لا يرضخ له 339

لو غزا الرجل بغير إذن الإمام 339

هل للأعراب من الغنيمة شيء؟339

البحث الرابع في كيفيّة القسمة دفع السلب إلى القاتل 341

للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما شاء 341

تقسيم الإمام باقي الغنيمة بين الغانمين بعد إخراج ما يحتاج إليه 342

سهم الراجل و الفارس و ذو الأفراس الكثيرة 346

إذا غزا العبد بإذن مولاه على فرس هل يرضخ للعبد و يسهم للفرس؟349

هل يسهم للصبيّ و الفرس لو غزا الصبيّ على فرس؟349

لو غزت المرأة و الكافر على فرس لهما 349

لو غزا المرجف أو المخذّل على فرس 350

لو استعار فرسا ليغزو عليه 350

لو استعار فرسا لغير الغزو فغزا عليه 351

لو استأجر فرسا ليغزو عليه 351

لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه 351

لو كان المستأجر أو المستعير ممّن لا سهم له 351

لو غصب فرسا فقاتل عليه هل يسهم للغاصب؟351

لو كان الغاصب ممّن لا سهم له 353

ص:488

لو غزا جماعة على فرس واحدة بالتناوب 353

يسهم للفارس سهمان و لا فرق بين الفرس العتيق و غيره 353

لو غزا على غير الخيل هل يسهم له؟356

هل يسهم للخيل مع حضورها الوقعة؟358

لو كانت الغنيمة من فتح حصن أو مدينة 358

لو حاربوا في السفن و فيهم الرجّالة و أصحاب الخيل 359

ينبغي للإمام أن يتعاهد خيل المجاهدين 359

هل يسهم للمريض؟361

لو نكس الفرس بصاحبه هل يسهم له؟361

إذا دخل دار الحرب فارسا ثمّ ذهب فرسه هل يسهم له؟362

لو دخل دار الحرب راجلا 362

لو دخل الحرب فارسا فمات فرسه 363

من مات من الغزاة أو قتل 364

هل يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة؟365

إذا قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 367

الغنيمة تستحقّ بالحضور قبل القسمة 368

إذا لحق الأسير بالمسلمين هل يسهم له؟370

إذا دخل قوم تجار أو صنّاع مع المجاهدين دار الحرب 371

الجيش إذا خرج من بلد غازيا و بعث الإمام منه سريّة 373

لو بعث الإمام سريّة و هو مقيم ببلد الإسلام 375

لو بعث سريّتين و هو مقيم ببلده 375

لو بعث الأمير لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا 375

لو غنم أهل الكتاب هل تكون غنيمتهم للإمام؟376

ص:489

هل يكون كلّ من خرج أو تهيّأ للخروج أو أقام في المدينة،شركاء في الغنيمة؟376

في مواضع القسمة 376

لا ينبغي للإمام أن يقيم الحدّ في أرض العدوّ 380

المشركون لا يملكون مال المسلمين بالاستغنام 382

في رجل كان له عبد فأدخل دار الشرك ثمّ أخذ سبيا إلى دار الإسلام 385

إذا جاء صاحب العين قبل القسمة يكون أحقّ بها 387

إذا أخذ المال أحد الرعيّة نهبة أو سرقة 387

لو علم الأمير بمال المسلم قبل القسمة فقسّمه 390

إذا أبق عبد لمسلم إلى دار الحرب فأخذوه 390

لو أسلم المشرك الذي في يده مال المسلم،أخذ منه بغير قيمة 391

لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين 391

لو وجد شيء موسوم عليه:حبس في سبيل اللّه 391

لو كان المال الموجود في يد الكافر أخذ من المسلم 392

إذا دخل حربيّ دار الإسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما،ثمّ لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون 392

يجوز الفرار إذا كان العدوّ على الضعف أو أقلّ من المسلمين 394

البحث الخامس في لواحق هذا الباب الاستيجار للجهاد 395

وقت استحقاق الأجرة و السهم 396

لو كان له أجير فشهد معه الوقعة،لم يخل حاله من أحد أمرين 396

إذا استؤجر للخدمة في الغزو 398

لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ،لم يخل حاله من أحد أمرين 399

ص:490

لو أذن له في الشراء و أداء الثمن،ثمّ اختلفا في قدره 401

إذا استولى أهل الحرب على أهل الذمّة فسبوهم،ثمّ قدر عليهم المسلمون 401

هل يجب فداء الأسارى من أهل الذمّة؟402

البحث السادس في أقسام الغزاة أقسام الغزاة 404

اتخاذ الديوان و تعريفه 404

ما يعطى ذرّيّة المجاهدين 406

ينبغي للإمام أن يحصي المقاتلة 406

إذا مرض واحد من أهل الجهاد 408

ما يحتاج من الكراع و آلات الحرب 408

إذا كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام هل يقتل؟409

إذا أهدى المشرك إلى الإمام هديّة و الحرب قائمة 409

اعتراض بعض المبطلين على قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ 410

ص:491

المجلد 15

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

إهداء

إلى أعتاب الأئمّة الهداة المعصومين،من آل محمّد المصطفى صلوات اللّه عليهم أجمعين؛لا سيّما وليّ نعمتنا و من نستظلّ بجواره و عناياته الإمام الرءوف عليّ بن موسى الرضا عليه أفضل التحيّة و الثناء،و حفيده الإمام المهديّ المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف،الذي اقترن إتمام العمل بهذا الكتاب بعيد مولده المبارك في الخامس عشر من شعبان المعظّم،راجين قبولهم،و مزيد ألطافهم.

ص:5

ص:6

كلمة القسم

اشارة

الحمد للّه الذي بمشيّته حقّق الآمال،و بمنّه وفّق العباد إلى صالح الأعمال،و خير الصلاة و أزكى السلام على سيّد ولد آدم محمّد و آله الغرّ الكرام،الذين اصطفاهم اللّه قدوة للأنام،لا سيّما بقيّة اللّه المنتظر خاتم الأوصياء العظام.

و بعد..

هذا هو الجزء الأخير-الخامس عشر حسب تجزئتنا-من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»الذي منّ اللّه تبارك و تعالى علينا-تحت رعاية مولانا الإمام الرءوف عليّ بن موسى الرضا عليه أفضل التحيّة و الثناء-بالفراغ من تحقيق هذا السّفر الثمين،و نشره بهذه الحلّة الجديدة متضمّنا تعاليق مفيدة،و به يكون الأمل قد تحقّق،و تمّ هذا المشروع بعد بذل جهود متواصلة لعدّة سنين متوالية.

نحمده جلّ و علا على دوام التوفيق و توفير أسبابه،و نشكره على سبوغ نعمه و آلائه.

هل استوفى العلاّمة أبواب الفقه كلّها في«المنتهى»؟

ما وصل إلينا من كتاب«منتهى المطلب»لا يتضمّن من الأبواب الفقهيّة غير العبادات و نبذة من التجارة،كاستحبابها و آدابها و المحرّمات منها.و ربّما خطر في البال أنّ المؤلّف قد أكمل الكتاب ليستوعب أبواب الفقه كافّة،و أنّ أجزاء أخرى من

ص:7

الكتاب قد فقدت أو أنّها ترقد في زوايا مجهولة في بعض المكتبات الشخصيّة.

و ما يبعث على هذا الظنّ أنّ العلاّمة الحلّيّ قد عدّ كتابه هذا كبيرا فريدا في بابه، فلا بدّ أنّه قد استوفى البحث الفقهيّ فيه و أتمّه؛لما له من تفرّد و شأن.قال عنه في خلاصة الأقوال:«لم يعمل مثله،ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، و رجّحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه» (1).

و أرجع إليه في مؤلّفات أخرى فقال في أوّل كتاب الصلاة من تحرير الأحكام:

«و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الكبير الموسوم بمنتهى المطلب» (2).

و قال أيضا في آخر الديات:«فهذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب...و من أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم بتذكرة الفقهاء...و من أراد الغاية و قصد النهاية، فعليه بكتابنا الموسوم بمنتهى المطلب» (3).

و كذا ذكره في إرشاد الأذهان بقوله:«فهذا خلاصة ما أفدناه في هذا الكتاب، و من أراد التطويل بذكر الفروع و الأدلّة و ذكر الخلاف،فعليه بكتابنا المسمّى بمنتهى المطلب؛فإنّه بلغ الغاية،و تجاوز النهاية،و من أراد التوسّط،فعليه بما أفدناه في التحرير أو تذكرة الفقهاء أو قواعد الأحكام أو غير ذلك من كتبنا» (4).

و نبّه عليه في مقدّمة مختلف الشيعة فقال:«إنّي لمّا وقفت على كتب أصحابنا المتقدّمين...وجدت بينهم خلافا في مسائل كثيرة متعدّدة...فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل إلينا من اختلافهم في الأحكام...دون ما

ص:8


1- 1خلاصة الأقوال:45/الرقم 52. [1]
2- 2) تحرير الأحكام:26( [2]الطبعة الحجريّة)،و لم ترد لفظة«الكبير»في الطبعة الجديدة 1:174.
3- 3) تحرير الأحكام 5:145-146( [3]الطبعة الجديدة).
4- 4) إرشاد الأذهان 2:246.

اتّفقوا عليه؛إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمّى بمنتهى المطلب» (1).

و قد نصّ المؤلّف في إجازته لمهنّا بن سنان على أنّ ما خرج من الكتاب في العبادات سبع مجلّدات (2)،في حين وردت مباحث العبادات و شيء من المعاملات- في المخطوطات المتوفّرة-في ستّ مجلّدات،قائلا في آخر المجلّد السادس:

«يتلوه في الجزء السابع:المقصد الثاني في عقد البيع و شروطه».لكنّ هذا الجزء الذي أشار إليه لم يعثر عليه،كما صرّح بذلك مؤلّف الذريعة (3).

و إذا كان العلاّمة قد استوفى العبادات في الجزء السادس،كما مرّ بنا،فكيف يستقيم هذا و تصريحه بأنّ العبادات في سبعة أجزاء؟

و هذا يستوقفنا على تساؤلات:

هل استوفى العلاّمة أبواب العبادات في ستّة أجزاء،ثمّ استنسخ الكتاب مرّة أخرى فجزّأه سبعة أجزاء،فكانت الإشارة مرّة إلى نسخة سابقة و مرّة إلى نسخة لا حقة؟

و هل أتمّ تدوين أبواب الفقه كلّها كما هو متبادر الظنّ،و كما تقوّيه إرجاعاته في عدد من كتبه الفقهيّة إلى المنتهى بوصفه كتابه الكبير الذي يرجع إليه«من أراد الغاية،و قصد النهاية»،«و من أراد التطويل بذكر الفروع و الأدلّة و ذكر الخلاف»، خاصّة و أنّه قد أرجع إلى المنتهى-في بعض هذه الموارد-بعد فراغه من الديات في آخر أبواب الفقه،ممّا يفهم منه أنّ كتاب المنتهى شامل لأبواب الفقه كلّها؟

و هل يمكن أن يقال:إنّ العلاّمة قد أتمّه،ثمّ ضاع-لسبب من الأسباب-القسم الخاصّ بالمعاملات،فلم يشر إلى ما ضاع في خلاصة الأقوال و لا في إجازة مهنّا.

ص:9


1- 1مختلف الشيعة 1:7.
2- 2) خلاصة الأقوال:45/الرقم 52،بحار الأنوار 104:147. [1]
3- 3) الذريعة 23:12. [2]

و مهما يكن،فالذي يبدو أنّ العلاّمة الحلّيّ لم يكمل المنتهى إلى آخر أبواب الديات فتتمّ به دورة فقهيّة كاملة.و ثمّة قرائن تعضد ما نذهب إليه:

1-عاش العلاّمة بين سنتي 648 ه و 726 ه،و بدأ بتأليف المنتهى سنة 680 ه (1)،و فرغ من تسويد الجزء السادس في العبادات و مقدّمة في المعاملات سنة 688 ه،و نصّ في سنة 693 ه على أنّ الكتاب سبع مجلّدات (2)،و في سنة 719 ه كتب إجازة لمهنّا بن سنان قال فيها عن المنتهى:«خرج منه العبادات سبع مجلّدات» (3).و هذا يعني أنّه لم يضف إلى الكتاب شيئا خلال 31 سنة-بين إتمام الجزء السادس سنة 688 ه و إجازته لمهنّا سنة 719 ه أي أنّ محتوى الكتاب فيما يبدو كان لا يزيد على العبادات إلى ما قبل وفاة المؤلّف بسبع سنوات،و هي سنوات كان العلاّمة فيها دائب التأليف لكتب أخرى و دائب التدريس،ممّا يستبعد معه أن يكون قد أنجز كامل المنتهى خلال هذه المدّة.

2-إنّ مخطوطات الكتاب المتوفّرة التي وصلت إلينا-و اعتمدنا على 17 نسخة منها-هي في الأجزاء المختصّة بالعبادات و نبذة من المعاملات،دون أن نعثر على جزء مخطوط في المعاملات التي وعد العلاّمة في آخر الجزء السادس بأن يدوّنها فيما يتلوه.

3-إنّنا لم نجد من الفقهاء من نقل عن المنتهى مسألة في غير العبادات و آداب التجارة و أحكامها و المحرّمات منها.

و لعلّ هذا ما يقوّي أنّ كتاب«منتهى المطلب»لم يكن منه غير ما وصل إلينا، و اللّه العالم.

ص:10


1- 1منتهى المطلب 1:10. [1]
2- 2) خلاصة الأقوال:45/الرقم 52. [2]
3- 3) البحار 104:147. [3]

ختاما نشكر الإخوة الأفاضل المشاركين في تحقيق هذا الجزء

-لا سيّما من رافقوا المشروع من بدئه إلى ختمه طيلة سنين عديدة-و هم:

الشيخ عليّ الاعتماديّ

الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ

الشيخ عبّاس المعلّميّ(الجلالي نيا)

الشيخ محمّد عليّ الملكيّ

الشيخ عليّ النمازيّ

الأخ السيّد طالب الموسويّ

الأخ عادل البدريّ

الأخ عليّ أصغر المولويّ

و نشكر أيضا لحجّة الإسلام و المسلمين الشيخ محمّد حسن الخزاعيّ مراجعته لبعض أجزاء الكتاب و إبداء ملاحظاته المشكورة.

كما نتقدّم بوافر الشكر و الامتنان إلى سماحة حجّة الإسلام و المسلمين الشيخ عليّ أكبر الإلهيّ الخراسانيّ مدير مجمع البحوث الإسلاميّة و مدير القسم؛لإشرافه على التحقيق.

نسأل اللّه تبارك و تعالى أن يتقبّل جهودهم و يوفّيهم أجورهم،و يمنّ عليهم بمزيد التوفيق لخدمة معارف أهل البيت عليهم السلام،و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

قسم الفقه

في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:11

ص:12

تتمة القاعدة الأولى

تتمة الكتاب السادس في الجهاد و سيرة الإمام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

المقصد السادس
اشارة

في أحكام أهل الذمّة

و فيه مباحث:

ص:13

ص:14

البحثالأوّل
اشارة

في وجوب الجزية و من تؤخذ منه

مسألة:الجزية هي الوظيفة المأخوذة من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإسلام،

في كلّ عام،

و هي فعلة من جزى يجزي،إذا قضى.

قال اللّه تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (1).

و تقول العرب:جزيت ديني:إذا قضيته (2).

إذا عرفت هذا:فالجزية واجبة بالنصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (3).

و روى الجمهور عن المغيرة بن شعبة أنّه قال لجند كسرى يوم نهاوند:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نقاتلكم حتّى تعبدوا اللّه وحده أو تؤدّوا الجزية (4).

ص:15


1- 1البقرة(2):48. [1]
2- 2) لسان العرب 14:145.
3- 3) التوبة(9):29. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 4:118،المغني 10:557،الشرح الكبير بهامش المغني 10:575.

و عن سليمان بن بريدة (1)،عن أبيه،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أوصاه بتقوى اللّه في خاصّة نفسه و بمن معه من المسلمين خيرا،و قال له:«إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى خصال ثلاث:ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا،فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا،فاستعن باللّه و قاتلهم (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يبعث أميرا على سريّة أمره بتقوى اللّه عزّ و جلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه»ثمّ في أصحابه»إلى أن قال:«و إذا لقيت عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم:ادعوهم إلى الإسلام (3)،و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام،فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا أن يهاجروا و اختاروا ديارهم و أبوا أن يدخلوا في دار الهجرة،كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على

ص:16


1- 1سليمان بن بريدة الحصيب الأسلميّ المروزيّ،روى عن أبيه و عمران بن حصين و عائشة و يحيى بن يعمر،و روى عنه علقمة بن مرثد و محمّد بن جحادة و أخوه عبد اللّه بن بريدة،قيل:ولد هو و أخوه عبد اللّه في بطن واحد و مات هو و أخوه في يوم واحد.التاريخ الكبير للبخاريّ 4:4،تهذيب التهذيب 4:174، [1]الجرح و التعديل 4:102.
2- 2) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [2]سنن ابن ماجة 2: 953-954 الحديث 2858،سنن الدارميّ 2:215، [3]مسند أحمد 5:352 و 358، [4]سنن البيهقيّ 9: 15،41،49،69 و 97.
3- 3) في التهذيب بزيادة:«و كفّ عنهم»و في الكافي 5:29 الحديث 8 [5] بزيادة:«فإن دخلوا فيه فاقبلوه منهم و كفّوا عنهم»و كذا في الوسائل. [6]

أعراب المؤمنين،و لا يجري لهم في فيء القسمة شيئا (1)إلاّ أن يجاهدوا في سبيل اللّه،فإن أبوا هاتين فادعهم إلى إعطاء الجزية و هم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا فاستعن عليهم باللّه و جاهدهم في اللّه حقّ جهاده» (2).

و لا خلاف بين المسلمين في أخذ الجزية على الإجمال.

مسألة:تعقد الجزية لكلّ كتابيّ عاقل بالغ ذكر.

(3)

و نعني بالكتابيّ:من له كتاب حقيقة،و هم اليهود و النصارى،و من له شبهة كتاب،و هم المجوس،فتؤخذ الجزية من هؤلاء الأصناف الثلاثة بلا خلاف بين علماء الإسلام في ذلك،في قديم الوقت و حديثه،فإنّ الصحابة أجمعوا على ذلك و عمل به الفقهاء القدماء،و من بعدهم إلى زماننا (4)هذا من أهل الحجاز و العراق و الشام و مصر و غيرهم من أهل الأصقاع في جميع الأزمان؛عملا بالآيات الدالّة على أخذ الجزية،و بالأحاديث المتقدّمة،و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك و أخذ الجزية من مجوس هجر.

و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن،فأمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله معافريّ (5). (6)و هو إجماع.

ص:17


1- 1في التهذيب:«في الفيء من القسمة شيئا»و في الكافي و [1]الوسائل:« [2]في الفيء و لا في القسمة شيئا» مكان:«في فيء القسمة شيئا».
2- 2) التهذيب 6:138 الحديث 232،الوسائل 11:43 الباب 15 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [3]
3- 3) أكثر النسخ:و تعقد.
4- 4) روع:زمننا،مكان:زماننا.
5- 5) المعافريّ:هي برود اليمن منسوبة إلى معافر،و هي قبيلة باليمن،النهاية لابن الأثير 3:262. [4]
6- 6) سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [5]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [6]سنن النسائيّ 5:25-
مسألة:و تؤخذ الجزية من أهل الكتابين:التوراة و الإنجيل،

فأهل التوراة:هم اليهود،و أهل الإنجيل:هم النصارى،و قد كانت النصرانيّة في الجاهليّة في ربيعة (1)، و غسّان (2)و بعض قضاعة (3)،و اليهوديّة في حمير 4و بني كنانة 5،و بني الحارث

ص:18


1- 1) ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان جدّ جاهليّ قديم،كان مسكن أبنائه بين اليمامة و البحرين و العراق، و هو الذي يقال له:«ربيعة الفرس»من نسله بنو أسد و عنزة و وائل و جديلة،و تفرّعت [1] عنهم بطون و أفخاذ ما زال منها العدد الأوفر إلى اليوم.الأعلام للزركليّ 3:17. [2] أفخاذ ما زال منها الع [3]دد الأوفر إلى اليوم.الأعلام للزركليّ 3:17.
2- 2) غسّان:شعب عظيم،و اختلف في نسبته فقيل:هو اسم ماء نزل عليه بنو مازن بن الأزد بن الغوث و هم الأنصار.و قيل:هو أبو قبيلة باليمن و هو مازن بن الأزد بن الغوث. الصحاح 6:2174،لسان العرب 13:313،معجم قبائل العرب3:884.
3- 3) قضاعة:جدّ جاهليّ قديم،بنوه قبائل و بطون كثيرة،اختلف الرواة في نسبه فقيل:إنّه ابن مالك بن عمرو بن مرّة،من حمير من قحطان،و قيل:هو عمرو بن معدّ بن عدنان،نزل بنوه أو ب [4]عضهم بشاطئ [5]البحر الأحمر،قيل:كانت م [6]ساكنهم بين جدّة و ذات عرق بقرب مكّة ثمّ تفرّقوا في البلاد،و نقل أنّ قبر قضاعة اكتشف في اليمن أيّام عمر و ذي الأذعار الحميريّ.الأعلام للزركليّ 5:199.

ابن كعب (1)،و كندة (2)،و المجوسيّة في تميم (3)،و عبادة الأوثان،و الزندقة كانت في قريش (4)،و بني حنيفة (5).

إذا عرفت هذا:فإنّ اليهود بأجمعهم و النصارى كلّهم تؤخذ منهم الجزية على الشرائط الآتية،سواء كانوا من المبدّلين أو من غير المبدّلين؛لعموم الآية (6)،

ص:19


1- 1الحارث بن كعب بن عمرو بن علة من مذحج،من كهلان،جدّ جاهليّ من نسله بنو الديّان(رؤساء نجران)و شريح بن هانئ(من أصحاب عليّ عليه السلام)و مطرف بن طريف و آخرون،كلّهم حارثيّون و كهلانيّون من قحطان،و بنوه أوّل من سكن نجران. معجم البلدان 5:269، [1]الأعلام للزركليّ 2:157. [2]
2- 2) كندة بن عفير بن عديّ بن الحارث،من كهلان،جدّ جاهليّ يمانيّ،قيل:اسمه ثور و كندة لقبه كان لبنيه ملك بالحجاز و اليمن،و كان في الجاهليّة لهم صنم،و لمّا ظهر الإسلام وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وفد كندة من حضرموت فأسلموا،و ارتدّ بعضهم في أيّام أبي بكر و اعتصموا بحصن النجير. و بنو كندة من نسله. الأعلام للزركليّ 5:234. [3]
3- 3) تميم:قال خير الدين الزركليّ في الأعلام: [4]تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر،جدّ جاهليّ،بنوه بطون كثيرة جدّا كانت منازلهم بأرض نجد و البصرة و اليمامة و امتدّت إلى العذيب من أرض الكوفة ثمّ تفرّقوا في الحواضر و البوادي. الأعلام للزركليّ 2:87. [5]
4- 4) قريش:قبيلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر،فكلّ من كان من ولد النضر فهو قرشيّ دون ولد كنانة و من فوقه،قيل:سمّوا بقريش مشتقّ من الدابّة التي في البحر تخافها جميع الدوابّ،و قيل:سمّيت بذلك لتقرّشها،أي تجمّعها إلى مكّة من حواليها بعد تفرّقها في البلاد حين غلب عليها قصيّ بن كلاب،و قيل:سمّيت بقريش بن مخلد بن خالد بن فهر. الصحاح 3:1016، [6]لسان العرب 6:335. [7]
5- 5) بنو حنيفة:حيّ،و هم قوم مسيلمة الكذّاب،و قيل:بنو حنيفة حيّ من ربيعة،و حنيفة:أبو حيّ من العرب،و هو حنيفة بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل. الصحاح 4:1347، [8]لسان العرب 9:58. [9]
6- 6) التوبة(9):29.

و سواء كانوا عربا أو عجما في قول علمائنا أجمع،و به قال مالك (1)، و الأوزاعيّ (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5).

و قال أبو يوسف:لا تؤخذ الجزية من العرب (6).

لنا:عموم الآية (7).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل و أخذ أكيدر دومة (8)،و هو رجل من غسّان أو كندة من العرب، فصالحوا على أخذ الجزية،و أخذ الجزية من نصارى نجران،و هم عرب،و أمر معاذا أن يأخذ الجزية من أهل اليمن،و هم كانوا عربا.قال ابن المنذر:و لم يبلغنا أنّ قوما من العجم كانوا سكّانا باليمن لمّا أنفذ معاذا.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان

ص:20


1- 1المدوّنة الكبرى 2:46،إرشاد السالك:62،بداية المجتهد 1:405 و 421،مقدّمات ابن رشد: 285،الكافي في فقه أهل المدينة:217.
2- 2) المغني 10:561،الشرح الكبير بهامش المغني 10:578.
3- 3) الأمّ 4:174،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،الحاوي الكبير 14:284،حلية العلماء 7:695، المهذّب للشيرازيّ 2:320،المجموع 19:387. [1]
4- 4) المغني 10:561،الشرح الكبير بهامش المغني 10:578،الكافي لابن قدامة 4:257،الفروع في فقه أحمد 3:465،الإنصاف 4:217.
5- 5) المغني 10:561،الشرح الكبير بهامش المغني 10:578.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،الحاوي الكبير 14:284،حلية العلماء 7:696،المغني 10: 561،الشرح الكبير بهامش المغني 10:578.
7- 7) التوبة(9):29.
8- 8) أكيدر دومة:هو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجنّ بن أغبر بن الحارث...صاحب دومة الجندل، كتب إليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أرسل إليه سريّة مع خالد بن الوليد،و اختلف في إسلامه،نقل ابن الأثير عن أبي نعيم أنّه أسلم و أهدى إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حلّة حرير ثمّ قال:أمّا سريّة خالد فصحيح،و إنّما أهدى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يسلم،و هذا لا اختلاف بين أهل السير فيه، و من قال:إنّه أسلم،فقد أخطأ،و كان أكيدر نصرانيّا و قتل مشركا. أسد الغابة 1:113، [2]الإصابة 1:125. [3]

يبعث الأمير و يوصيه بأن يدعوهم إلى الإسلام،فإن أبوا،دعاهم إلى إعطاء الجزية، فإن أبوا،قاتلهم من غير أن يخصّ عجما بذلك دون عرب،و أكثر ما غزا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العرب.و للإجماع على ذلك،فإنّ اليهود و النصارى من العرب سكنوا في زمن الصحابة و التابعين في بلاد الإسلام،و لا يجوز إقرارهم فيها بغير جزية (1).

مسألة:و تؤخذ الجزية ممّن دخل في دينهم من الكفّار إن كانوا قد دخلوا فيه

قبل النسخ و التبديل،

و من نسله و ذراريّه،و يقرّون بالجزية و لو ولدوا بعد النسخ.

و إن دخلوا في دينهم بعد النسخ،لم يقبل منهم إلاّ الإسلام،و لا تؤخذ منهم الجزية،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2).

و قال المزنيّ:يقرّ على دينه،و تقبل منهم الجزية مطلقا (3).

لنا:

قوله عليه السّلام:«من بدّل دينه فاقتلوه» (4).و هو عامّ.

و لأنّه انتقل إلى مذهب باطل،فلا يقبل منه،كالمسلم إذا ارتدّ.

و لأنّه ابتغى دينا غير الإسلام،فلا يقبل منه؛لقوله تعالى: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (5).

ص:21


1- 1الحاوي الكبير 14:286،المغني 10:561،الشرح الكبير بهامش المغني 10:578.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:279،المهذّب للشيرازيّ 2:321،حلية العلماء 7:697،المجموع 19: 387،روضة الطالبين:1829،العزيز شرح الوجيز 11:507،مغني المحتاج 4:244،السراج الوهّاج:529.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 2:321،حلية العلماء 7:697،المجموع 19:388،روضة الطالبين:1829.
4- 4) صحيح البخاريّ 9:138،سنن أبي داود 4:126 الحديث 4351، [1]سنن ابن ماجة 2:848 الحديث 2535،سنن الترمذيّ 4:59 الحديث 1458، [2]مسند أحمد 1:217،282،323 و ج 5: 231، [3]المستدرك للحاكم 3:538،سنن البيهقيّ 8:195 و ج 9:71،سنن الدارقطنيّ 3:108 الحديث 9.
5- 5) آل عمران(3):85. [4]

احتجّ المزنيّ:بقوله تعالى: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (1). (2)

و الجواب:المراد بذلك:المشاركة في الاسم و الكفر،دون الإقرار على اعتقاده.

إذا عرفت هذا:فلا فرق بين أن يكون المنتقل إلى دينهم ابن كتابيّين أو ابن وثنيّين أو ابن كتابيّ و وثنيّ في التفصيل الذي فصّلناه.

فلو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية و الآخر لا تقبل منه،ففي قبول الجزية منه تردّد.

إذا ثبت هذا:فإنّ ذبائح أهل الكتاب و مناكحتهم-على تفصيل يأتي-لا يجوز عندنا،و سيأتي الخلاف في بيانه.

مسألة:و المجوس تؤخذ منهم الجزية،

كما قلناه في اليهود و النصارى،بلا خلاف بين علماء الإسلام في ذلك (3).

روى الجمهور عن عبد الرحمن بن عوف،قال:أشهد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (4).

و روى الشافعيّ بإسناده أنّ فروة بن نوفل الأشجعيّ (5)،قال:علام تؤخذ

ص:22


1- 1المائدة(5):51. [1]
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:280.
3- 3) يراجع:ص 17. [2]
4- 4) الموطّأ 1:278 الحديث 42، [3]سنن البيهقيّ 9:189،الأموال لأبي عبيد 40 الحديث 78،المصنّف لعبد الرزّاق 6:69 الحديث 10025 و ج 10:325 الحديث 19253،و المغني 10:559،الشرح الكبير بهامش المغني 10:577.
5- 5) فروة بن نوفل الأشجعيّ روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرسلا و عن أبيه و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و جبلة بن حارثة و عائشة،و روى عنه هلال بن يساف و أبو إسحاق السبيعيّ و شريك بن طارق،قال ابن عبد البرّ:حديثه مضطرب،و هو من الخوارج،خرج على المغيرة بن شعبة في صدر خلافة معاوية مع المستورد فبعث إليهم المغيرة خيلا فقتلوه سنة 45 ه.تهذيب التهذيب 8:266، [4]الجرح و التعديل 7:82،الإصابة 3:217، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 3:200. [7]

الجزية من المجوس و ليسوا بأهل كتاب؟!فقام إليه المستورد (1)،فأخذ بلبّته (2)، فقال:عدوّ اللّه أ تطعن على أبي بكر و عمر و على أمير المؤمنين-يعني عليّا عليه السلام-و قد أخذوا منهم الجزية،فذهب به إلى القصر فخرج عليّ عليه السلام فجلسوا في ظلّ القصر،فقال:«أنا أعلم الناس بالمجوس،كان لهم علم يعلمونه، و كتاب يدرسونه،و إنّ ملكهم سكر،فوقع على ابنته أو أخته،فاطّلع عليه بعض أهل مملكته،فلمّا صحا جاءوا يقيمون عليه الحدّ،فامتنع منهم و دعا أهل مملكته،و قال:

أ تعلمون دينا خيرا من دين أبيكم آدم؟!و قد ذكر أنّه ينكح (3)بنيه بناته،و أنا على دين آدم»قال:«فتابعه قوم و قاتلوا الذين يخالفونه حتّى قتلوهم،فأصبحوا و قد أسري بكتابهم و رفع من بين أظهرهم،و ذهب العلم الذي في صدورهم،فهم أهل كتاب،و قد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبو بكر-و أراه قال:و عمر-منهم الجزية» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي يحيى الواسطيّ،عن بعض أصحابنا،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس أ كان لهم نبيّ؟قال:«نعم، أ ما بلغك كتاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكّة:أسلموا (5)و إلاّ نابذتكم

ص:23


1- 1المستورد،قال ابن حجر:المستورد بن عصمة...وقع له ذكر في حديث أخرجه عبد الرزّاق عن ابن عيينة عن أبي سعيد عن نصر بن عاصم أنّه قال لعليّ عليه السلام:لقد علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخذ الجزية من مجوس هجر،و في المصنّف لعبد الرزّاق 10:327 الحديث 19262 المستورد بن علقمة.الإصابة 3:407. [1]
2- 2) اللبّة:وسط الصدر و المنحر.لسان العرب 1:733. [2]
3- 3) في النسخ:«نكح»و ما أثبتناه من أكثر المصادر.
4- 4) الأمّ 4:173،الحاوي الكبير 14:292،سنن البيهقيّ 9:188،كنز العمّال 4:499 الحديث 11484.
5- 5) في التهذيب:«أن أسلموا».

بحرب،فكتبوا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أن خذ منّا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان،فكتب إليهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب،فكتبوا إليه-يريدون بذلك تكذيبه عليه السلام-:زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب ثمّ أخذ الجزية من مجوس هجر،فكتب إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه،و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيّهم بكتابهم باثني عشر ألف جلد ثور» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ الروايات متظاهرة على أنّهم قد كان لهم كتاب،فيكونون أهل كتاب.و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة (3)و أحمد:لا كتاب لهم (4).

لنا:ما تقدّم في حديث عليّ عليه السلام (5).

احتجّوا:

بقوله عليه السلام«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (6). (7)

ص:24


1- 1التهذيب 6:158 الحديث 285،الوسائل 11:96 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 4:174،الحاوي الكبير 14:291،المهذّب للشيرازيّ 2:320،حلية العلماء 7:696، المجموع 19:387،الميزان الكبرى 2:188،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:189،مغني المحتاج 4:244.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:210 و ج 10:7،الهداية للمرغينانيّ 2:160، [2]شرح فتح القدير 5: 291،تبيين الحقائق 4:15،مجمع الأنهر 1:670،عمدة القارئ 15:78.
4- 4) المغني 10:558-560،الشرح الكبير بهامش المغني 10:577،الفروع في فقه أحمد 3:465، الإنصاف 4:217.
5- 5) يراجع:ص 23.
6- 6) الموطّأ 1:278 الحديث 42، [3]سنن البيهقيّ 9:189،المصنّف لعبد الرزّاق 6:68 الحديث 10025،المصنّف لابن أبي شيبة 5:584 الحديث 6،كنز العمّال 4:502 الحديث 11490،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:437 الحديث 1059،مجمع الزوائد 6:13،الحاوي الكبير 14:285.
7- 7) الحاوي الكبير 14:291،المهذّب للشيرازيّ 2:320،المجموع 19:387، [4]المغني 10:559، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:577. [6]

و الجواب:يحتمل أن يكون المراد بأهل الكتاب:من له كتاب باق،أو لأنّهم كانوا يعرفون كتابي اليهود و النصارى،دون المجوس.

إذا عرفت هذا:فإنّ ذبائحهم عندنا لا تحلّ،كذبائح اليهود و النصارى؛لأنّ الإسلام عندنا شرط في الذبح.

و أمّا النكاح بنسائهم،ففيه قولان،كما في اليهود،فقال بعضهم:يحلّ نكاحهم، و به قال أبو ثور؛لأنّهم أهل كتاب،فأشبهوا اليهود و النصارى (1).

و قال آخرون:لا يحلّ نكاحهم و ادّعوا الإجماع عليه 2.

قال إبراهيم الحربيّ:خرق أبو ثور الإجماع في ذلك (2)و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا يقبل من غير الأصناف الثلاثة من سائر فرق الكفّار إلاّ الإسلام،

فلو بذلوا الجزية،لم تقبل منهم،كعبّاد الأوثان و الأصنام و الأحجار و النيران و الشمس و غير ذلك من غير اليهود و النصارى و المجوس من العرب و العجم،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:تقبل من جميع الكفّار إلاّ العرب (4).

ص:25


1- 1 و 2) الحاوي الكبير 14:293،المجموع 19:391،المغني 10:579،الشرح الكبير بهامش المغني 10:576-577.
2- 3) الحاوي الكبير 14:293.
3- 4) الأمّ 4:240،الحاوي الكبير 14:294،الميزان الكبرى 2:188،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:189،حلية العلماء 7:695 و 697،المجموع 19:390، [1]مغني المحتاج 4:244.
4- 5) تحفة الفقهاء 3:307،بدائع الصنائع 7:110،الهداية للمرغينانيّ 2:160،شرح فتح القدير 5: 292،تبيين الحقائق 4:157-158،الفتاوى الهنديّة 2:245،مجمع الأنهر 1:671.

و قال أحمد:تقبل من جميع الكفّار إلاّ عبدة الأوثان من العرب (1).

و قال مالك:إنّها تقبل من جميعهم إلاّ مشركي قريش؛لأنّهم ارتدّوا (2).

و قال الأوزاعيّ،و سعيد بن عبد العزيز:إنّها تقبل من جميعهم (3).

لنا:قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4)و هو عامّ،خرج منه (5)اليهود و النصارى لمعنى (6)،و المجوس لمشابهتهم فيه،فيبقى الباقي على الأصل.

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (7)و هو عامّ،خصّ منه أهل الكتاب للآية (8)،و المجوس

ص:26


1- 1المغني 10:563،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579،الكافي لابن قدامة 4:258،الفروع في فقه أحمد 3:465،الإنصاف 4:217.
2- 2) المدوّنة الكبرى 2:46،بداية المجتهد 1:404،الكافي في فقه أهل المدينة:217،بلغة السالك 1:367.
3- 3) المغني 10:564،الشرح الكبير بهامش المغني 10:579،المجموع 19:389.
4- 4) التوبة(9):5. [1]
5- 5) أكثر النسخ:منهم،مكان:منه.
6- 6) ح:بمعنى.
7- 7) صحيح مسلم 1:52 الحديث 21،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [2]سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3928،سنن الترمذيّ 5:3 و 4 الحديث 2607،سنن النسائيّ 6:6،سنن الدارميّ 2: 218، [3]مسند أحمد 3:300، [4]المستدرك للحاكم 2:522،سنن البيهقيّ 3:92،سنن الدارقطنيّ 2:89 الحديث 2،كنز العمّال 1:87 الحديث 371،372،373 و 375،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:183 الحديث 1746،المصنّف لعبد الرزّاق 6:67 الحديث 10021،المصنّف لابن أبي شيبة 6:576 الحديث 5،مجمع الزوائد 1:24.
8- 8) التوبة(9):29.

لقوله عليه السلام:«سنّوا بم سنّة أهل الكتاب» (1).

و لأنّهم أهل كتاب على ما قلناه (2)،فبقي الباقي على العموم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام-و كان السائل من محبّينا-فقال له أبو جعفر عليه السلام:بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ،و لن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها،آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (3)و سيف منها مكفوف،و سيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا،فأمّا السيوف الثلاثة الشاهرة:

فسيف على مشركي العرب (4)،قال اللّه تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا (5)يعني فإن آمنوا فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ (6)فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام، فأموالهم و ذراريّهم سبي على ما سبى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه سبى و عفا و قبل الفداء.

ص:27


1- 1الموطّأ 1:278 الحديث 42، [1]سنن البيهقيّ 9:189،كنز العمّال 4:502 الحديث 11490، المصنّف لعبد الرزّاق 6:68 الحديث 10025،المصنّف لابن أبي شيبة 7:584 الحديث 6،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:437،مجمع الزوائد 6:13،الحاوي الكبير 14:285.
2- 2) يراجع:ص 24.
3- 3) الأنعام(6):158. [2]
4- 4) كثير من النسخ:قريش،بدل:العرب.
5- 5) التوبة(9):5. [3]
6- 6) التوبة(9):11. [4]

و السيف الثاني:على أهل الذمّة،قال اللّه تعالى: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (1)نزلت في أهل الذمّة،ثمّ نسخها قوله عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ،وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)،فمن كان منهم في دار الإسلام،فلم يقبل منه إلاّ الجزية أو القتل،و ما لهم فيء،و ذراريّهم سبي،فإن قبلوا الجزية،حرم علينا سبيهم و أموالهم و حلّت لنا مناكحتهم،و من كان منهم في دار الحرب،حلّ لنا سبيهم و لم يحلّ لنا نكاحهم،و لا يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل.

و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم،يعني الترك و الخزر و الديلم،قال اللّه تعالى في أوّل السورة التي يذكر فيها: اَلَّذِينَ كَفَرُوا فقصّ قصّتهم[ثمّ] (3)قال: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ[وَ إِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (4)فأمّا قوله: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ يعني بعد] (5)السبي منهم وَ إِمّا فِداءً يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام،فهؤلاء لن يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام،و لا يحلّ لنا نكاحهم ما داموا في الحرب.

و أمّا السيف المكفوف:فسيف أهل البغي و التأويل،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما الآية إلى قوله: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (6)فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل،كما قاتلت على التنزيل،فسئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من

ص:28


1- 1البقرة(2):83. [1]
2- 2) التوبة(9):29. [2]
3- 3) أضفناها من الكافي. [3]
4- 4) محمد(47):4. [4]
5- 5) ما بين المعقوفين أضفناه من الكافي 5:12 الحديث 2 و [5]من الوسائل. [6]
6- 6) الحجرات(49):9. [7]

هو؟فقال:خاصف النعل،يعني أمير المؤمنين عليه السلام،و قال عمّار بن ياسر:

قاتلت بهذه الراية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و هذه الرابعة،و اللّه لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا (1)السعفات من هجر لعلمنا أنّنا على الحقّ و أنّهم على الباطل،و كانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أهل مكّة يوم فتح مكّة،فإنّه لم يسب لهم ذرّيّة و قال:من أغلق بابه و ألقى سلاحه أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و كذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام[يوم البصرة فيهم] (2):لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا،و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.

و أمّا السيف المغمود:فالسيف الذي يقام به القصاص،قال اللّه تعالى: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (3)الآية فسلّه إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا،فهذه السيوف التي بعث اللّه بها إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله،فمن جحدها أو جحد واحدا منها،أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (4).

و لأنّهم أهل كتاب فلا يساوون غيرهم من الكفّار.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم يقرّون على دينهم بالاسترقاق،فأقرّوا بالجزية،كأهل الكتاب.و أمّا العرب فلا تقبل منهم؛لأنّهم رهط النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلا يقرّون على غير دينه (5).

ص:29


1- 1ب:يبلغونا.
2- 2) أضفناها من المصدر.
3- 3) المائدة(5):45. [1]
4- 4) التهذيب 6:136 الحديث 230،كذا نسب العلاّمة إلى الشيخ و لكنّ الرواية موافقة للكافي 5:10 الحديث 1،الوسائل 11:16 الباب 5 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 2:60،شرح فتح القدير 5:292،تبيين الحقائق 4:159،مجمع الأنهر 1: 671.

و احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السريّة و يوصيهم بالدعاء إلى الإسلام أو الجزية،و هو عامّ في كلّ كافر (1).

و الجواب عن الأوّل:بالفرق فإنّ أهل الكتاب لهم حرمة بكتابهم،بخلاف غيرهم من الكفّار،و أمّا العرب فقد بيّنّا أنّهم إن كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا، قبلت منهم الجزية و إلاّ فلا،فحينئذ لا فرق بين العرب و العجم (2)؛لأنّ الجزية تؤخذ بالدين لا بالنسب.

و عن الثالث:باحتمال أن تكون الوصيّة في أهل الذمّة دون غيرهم.

مسألة:و من عدا اليهود و النصارى و المجوس لا يقرّون بالجزية و لا يقبل منهم

إلاّ الإسلام و إن كان لهم كتاب،

كصحف إبراهيم و صحف آدم و إدريس و زبور داود عليهم السلام،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:يقرّون بالجزية (3).

لنا:أنّها ليست كتبا منزلة على ما قيل (4)،و إنّما هي وحي يوحى،

كما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أمرني جبرئيل عليه السلام أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية،فجرى مجرى السنن» (5).

ص:30


1- 1صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612،سنن ابن ماجة 2: 953 الحديث 2858،سنن الدارميّ 2:216،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:291.
2- 2) يراجع:ص 25. [1]
3- 3) الحاوي الكبير 14:287-288،المهذّب للشيرازيّ 2:321،حلية العلماء 7:697،المجموع 19:388،مغني المحتاج 4:244.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:321،المجموع 19:388.
5- 5) سنن أبي داود 2:162 الحديث 1814، [2]سنن ابن ماجة 2:975 الحديث 2922،سنن الترمذيّ 3: 191 الحديث 829، [3]الموطّأ 1:334 الحديث 34، [4]مسند أحمد 4:56، [5]سنن البيهقيّ 5:42، كنز العمّال 5:31 الحديث 11912،المصنّف لابن أبي شيبة 4:464 الحديث 9،مسند الشافعيّ: 123،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:142 الحديث 6626،فيض القدير 1:97 الحديث 81، فتح الباري 3:319.

سلّمنا أنّها منزلة،لكنّها قد اشتملت على مواعظ لا غير،و ليس فيها أحكام مشروعة،فلم يكن لها حرمة الكتب المشروعة.

احتجّ المخالف:بقوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1)و هم أهل كتاب.

و لأنّ المجوس يقرّون و لم يثبت لهم كتاب بل شبهة كتاب،فإقرار هؤلاء على ثبوت الكتاب لهم حقيقة أولى (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ اللام في اَلْكِتابَ هنا للعهد إجماعا،و المراد به حينئذ:التوراة أو (3)الإنجيل.

و عن الثاني:أنّهم ملحقون

بقوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (4).

قال أبو إسحاق من الشافعيّة:لو أسلم منهم اثنان و شهدا بأنّ لهم كتابا يتمسّكون به،ثبت لهم حرمة ذلك (5).و هو بناء على الأصل الفاسد.

مسألة:قال ابن الجنيد منّا:إنّ الصابئين تؤخذ منهم الجزية

و يقرّون عليها، كاليهود و النصارى (6).و هو أحد قولي الشافعيّ؛بناء على أنّهم من أهل الكتاب، و إنّما يخالفونهم في فروع المسائل لا في أصولهم (7).

ص:31


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:287،المجموع 19:388.
3- 3) خا،ق:و،مكان:أو.
4- 4) الموطّأ 1:278 الحديث 42، [2]سنن البيهقيّ 9:189،كنز العمّال 4:502 الحديث 11490، المصنّف لعبد الرزّاق 6:68 الحديث 10025،المصنّف لابن أبي شيبة 7:584 الحديث 6،المعجم الكبير للطبرانيّ 19:437 الحديث 1059،مجمع الزوائد 6:13،الحاوي الكبير 14:285.
5- 5) الحاوي الكبير 14:290.
6- 6) نقله عنه في المختلف:333.
7- 7) الحاوي الكبير 14:294،المهذب للشيرازيّ 2:321،حلية العلماء 7:697،مغني المحتاج 4: 244.

قال أحمد بن حنبل:إنّهم جنس من النصارى،و قال أيضا:إنّهم يسبتون (1)، فهم من اليهود (2).

و قال مجاهد:هم من اليهود و النصارى (3).

و قال السّدّيّ:هم من أهل الكتاب.

و كذا السامرة (4)،و متى كانوا كذلك،قبلت منهم الجزية (5).

و قد قيل عنهم:إنّهم يقولون:إنّ الفلك حيّ ناطق،و إنّ الكواكب السبعة السيّارة آلهة (6).و متى كان الحال كذلك،لم يقرّوا على دينهم بالجزية.

و كذلك تؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبيّة (7)

ص:32


1- 1يقال:سبت اليهود و سبتت،إذا أقاموا عمل يوم السبت،النهاية لابن الأثير 2:331. [1]
2- 2) المغني 10:558، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:580، [3]زاد المستقنع:36،الكافي لابن قدامة 4:258،الإنصاف 4:215. [4]
3- 3) المغني 10:559، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:580. [6]
4- 4) السامرة:قبيلة من قبائل بني إسرائيل،قوم من اليهود يخالفونهم في بعض دينهم،إليهم نسب السامريّ الذي عبد العجل الذي سمع له خوار.قال الزجّاج:و هم إلى هذه الغاية بالشام يعرفون بالسامريّين.لسان العرب 4:380. [7]
5- 5) المغني 10:559،الشرح الكبير بهامش المغني 10:580.
6- 6) الحاوي الكبير 14:294،المغني 10:559،الشرح الكبير بهامش المغني 10:580.
7- 7) اليعقوبيّة:من فرق النصارى أصحاب يعقوب قالوا بالأقانيم الثلاثة،إلاّ أنّهم قالوا:انقلبت الكلمة لحما و دما فصار الإله هو المسيح و هو الظاهر بجسده بل هو هو،و عنهم أخبرنا القرآن الكريم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ المائدة(5):17 و 72 فمنهم من قال:إنّ المسيح هو اللّه تعالى،و منهم من قال:ظهر اللاهوت بالناسوت. الملل و النحل للشهرستانيّ( [8]القسم الأوّل):206،تفسير الطبريّ 16:85-86، [9]تفسير التبيان 7: 113.

و النّسطوريّة (1)و الملكيّة (2)و الفرنج و الروم و الأرمن و غيرهم ممّن يدين بالإنجيل و ينتسب إلى عيسى عليه السلام و العمل بشريعته؛عملا بالعمومات (3).

مسألة:بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار

(4)

(5)،و انتقلوا في

ص:33


1- 1النسطوريّة:أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون و تصرّف في الأناجيل بحكم رأيه،قال:إنّ اللّه تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة:الوجود،و العلم،و الحياة،و هذه الأقانيم ليست زائدة على الذات،و لا هي هو،و اتّحدت الكلمة بجسد عيسى عليه السلام لا على طريق الامتزاج،كما قالت الملكانيّة،و لا على طريق الظهورية،كما قالت اليعقوبيّة،و لكن كإشراق الشمس في كوّة على بلّورة. و قال ابن خلدون:إنّهم ينسبون إلى نسطور يونس البطرك بالقسطنطنيّة. الملل و النحل للشهرستانيّ( [1]القسم الأوّل):205،تاريخ ابن خلدون 2:178، [2]تفسير الطبريّ 16: 85-86، [3]تفسير القرطبيّ 4:101 و ج 11:108. [4]
2- 2) الملكيّة،كذا في النسخ و بعض المصادر،و في أكثر المصادر:الملكانيّة،فرقة من النصارى أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم و استولى عليها،و معظم الروم ملكانيّة،قالوا:إنّ(الكلمة)اتّحدت بجسد المسيح و تدرّعت بناسوته،و يعنون بالكلمة:أقنوم العلم،و يعنون بروح القدس:أقنوم الحياة، و لا يسمّون العلم قبل تدرّعه ابنا،بل المسيح مع ما تدرّع به ابن. الملل و النحل للشهرستانيّ( [5]القسم الأوّل):203،تفسير التبيان 3:602، [6]تفسير القرطبيّ 11:108، [7]مجمع البيان 3:299.
3- 3) البقرة(2):48،آل عمران(3):85،التوبة(9):5 و 29.
4- 4) بنو تغلب منسوبون إلى تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان.و بنو تغلب:حيّ من مشركي العرب طالبهم عمر بالجزية فأبوا أن يعطوها باسم الجزية و صالحوا على اسم الصدقة مضاعفة،كانت منازل بني تغلب قبل الإسلام في الجزيرة الفراتيّة بجهات سنجار و نصيبين و تعرف ديارهم هذه بديار ربيعة. الصحاح 1:195، [8]لسان العرب 1:652، [9]تنقيح المقال 1:106، [10]الأعلام للزركليّ 2:85. [11]
5- 5) ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان:جدّ جاهليّ قديم كان مسكن أبنائه بين اليمامة و البحرين و العراق، و هو الذي يقال له:ربيعة الفرس؛لأنّه أعطي من ميراث أبيه الخيل،و من نسله بنو أسد و عنزة و وائل و جديلة و آخرون،و تفرّعت عنهم بطون و أفخاذ ما زال منها العدد الأوفر إلى اليوم. الصحاح 3:1213، [12]لسان العرب 8:112، [13]الأعلام للزركليّ 3:17. [14]

الجاهليّة إلى النصرانيّة من العرب.و انتقل أيضا من العرب قبيلتان أخريان (1)،و هم تنوخ (2)و بهراء (3)،فصارت القبائل الثلاثة من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية،كما تؤخذ من غيرهم،و به قال عليّ عليه السلام و عمر بن عبد العزيز (4).

و قال أبو حنيفة:لا تؤخذ منهم الجزية،بل تؤخذ منهم الصدقة مضاعفة،فيؤخذ من كلّ خمس من الإبل شاتان،و يؤخذ من كلّ عشرين دينارا دينار،و من كلّ مائتي درهم عشرة دراهم،و من كلّ ما يجب فيه نصف العشر العشر،و ما يجب فيه العشر الخمس (5)و به قال الشافعيّ (6)،و ابن أبي ليلى،و الحسن بن صالح بن حيّ، و أحمد بن حنبل (7).

لنا:أنّهم أهل كتاب،فيدخلون في عموم الأمر بأخذ الجزية من أهل

ص:34


1- 1أكثر النسخ:أخرتان.
2- 2) تنوخ:قيل:هو تنوخ بن مالك بن فهم بن تيم اللّه-و معنى تيم اللّه:عبد اللّه-من قضاعة جدّ جاهليّ كانت لبنيه دولة قبل الإسلام في أرض الحيرة و الأنبار لم يطل عهدها.و قيل:علماء اللغة و الأنساب ينكرون وجود شخص اسمه(تنوخ)و يقولون إنّ لفظ تنوخ معناه الإقامة اسم أطلق على عدّة قبائل يمانيّة اجتمعت في البحرين و تحالفت على التناصر فسمّيت تنوخا لتنوّخها،أي إقامتها. الصحاح 1:434،لسان العرب 12:75، [1]تاريخ ابن خلدون 2:248،الأعلام للزركليّ 2:88. [2]
3- 3) بهراء بن عمرو بن الحافي،من قضاعة جدّ جاهليّ كانت منازل بنيه في شماليّ منازل(بليّ)من ينبع إلى عقبة أيلة،و انتشر كثير منهم ما بين بلاد الحبشة و صعيد مصر،و النسبة إليهم بهراويّ على القياس و بهرانيّ على غير قياس.الأنساب للسمعانيّ 1:420،الأعلام للزركليّ 2:76، [3]لسان العرب 4:84.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 10:582.
5- 5) بدائع الصنائع 7:113،الهداية للمرغينانيّ 2:163،تبيين الحقائق 4:168،مجمع الأنهر 1: 677.
6- 6) الأمّ 4:174،الحاوي الكبير 14:345،المهذّب للشيرازيّ 2:321،المجموع 19:388. [4]
7- 7) المغني و الشرح الكبير 10:582،الفروع في فقه أحمد 3:465،الكافي لابن قدامة 4:258، الإنصاف 4:220. [5]

الكتاب (1).

احتجّوا:بأنّ هذه القبائل دعاهم عمر بن الخطّاب إلى إعطاء الجزية،فأبوا و امتنعوا و قالوا:نحن عرب لا نؤدّي الجزية فخذ منّا الصدقة،كما تأخذ من المسلمين،فامتنع عمر من ذلك،فلحق بعضهم بالروم،فقال له النّعمان بن زرعة (2): (3)إنّ القوم لهم بأس و شدّة فلا تعن عدوّك بهم،و خذ منهم الجزية باسم الصدقة،فبعث عمر في طلبهم و ردّهم،و ضعّف عليهم الصدقة،و أخذ منهم من كلّ خمس من الإبل شاتين،و أخذ مكان العشر الخمس،و مكان نصف العشر العشر (4).

و الجواب:يحتمل أنّ عمر فعل ذلك؛لأنّه عرف حصول الأذى للمسلمين، فصالحهم على هذا المقدار على أن لا يؤذوا المسلمين و أن لا ينصّروا أولادهم،مع أنّه كان يأخذ جزية،لا صدقة و زكاة.و أيضا:فإنّ فعل عمر ليس بحجّة.و أيضا:

هذا الفعل مخالف مذهب المستدلّين به؛لأنّه يؤدّي إلى أن يأخذ من الواحد أقلّ من دينار بأن يكون صدقته أقلّ من ذلك.و أيضا يلزم أن يكون بعض أهل الكتاب مقيما في بلاد الإسلام على التأبيد بغير عوض؛إذ من لا زرع له و لا ماشية منهم لا يؤخذ منه (5)شيء حينئذ.

و قد روى الجمهور عن عمر بن عبد العزيز أنّه لم يقبل من نصارى بني تغلب

ص:35


1- 1التوبة(9):29.
2- 2) كثير من النسخ:نعمان بن عروة.
3- 3) النعمان بن زرعة لم نجد له ترجمة إلاّ ما روي أنّه من بني تغلب،و حين دعاهم عمر إلى إعطاء الجزية فأبوا و قالوا:نحن عرب لا نؤدّي الجزية،فقال له النعمان بن زرعة أن يأخذ منهم الجزية باسم الصدقة،و اختلف في اسمه هل هو زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة. التاريخ الكبير للبخاريّ 4:212،المغني 10:580،المجموع 19:392. [1]
4- 4) الحاوي الكبير 14:345،المغني 10:581،الشرح الكبير بهامش المغني 10:581-582.
5- 5) أكثر النسخ:منهم،مكان:منه.

إلاّ الجزية،و قال:لا و اللّه إلاّ الجزية،و إلاّ فقد آذنتكم بالحرب (1).

و روي عن عليّ عليه السلام،أنّه قال:«لئن تفرّغت لبني تغلب،ليكوننّ لي فيهم رأي،لأقتلنّ مقاتلتهم،و لأسبينّ ذراريّهم،فقد نقضوا العهد،و برئت منهم الذمّة حين نصّروا أولادهم» (2).

فروع:
الأوّل:إذا ثبت أنّ المأخوذ جزية،فلا تؤخذ من الصبيان و المجانين و النساء.

و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:إنّها صدقة تؤخذ مضاعفة من مال من يؤخذ منه الزكاة لو كان مسلما (4).و به قال أحمد بن حنبل (5).

لنا:ما تقدّم أنّ المأخوذ جزية حقيقة،فلا تؤخذ إلاّ ممّن تؤخذ منه الجزية.

و لأنّ عمر بن الخطّاب قال:هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى و أبوا الاسم.و قال

ص:36


1- 1المغني و الشرح الكبير 10:582.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:217،كنز العمّال 10:510 الحديث 11507،أحكام القرآن للجصّاص 4:287، [1]الأموال لأبي عبيد:506،المغني و الشرح الكبير 10:582.
3- 3) الأمّ 4:175،الحاوي الكبير 14:307،المهذّب للشيرازيّ 2:323،المجموع 19:402- 403، [2]الميزان الكبرى 2:188،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:190،مغني المحتاج 4: 245،السراج الوهّاج:549.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 2:163،شرح فتح القدير 5:304،تبيين الحقائق 4:168-169،مجمع الأنهر 1:677.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 10:582،الكافي لابن قدامة 4:259،الفروع في فقه أحمد 3:469، الإنصاف 4:221.

النعمان بن زرعة:خذ منهم الجزية باسم الصدقة (1).

و لأنّهم أهل ذمّة،فكان الواجب عليهم جزية،لا صدقة،كغيرهم من أهل الذمّة.

و لأنّ المأخوذ منهم مال أخذ لحقن دمائهم و مساكنهم،فكان جزية.كما لو أخذ باسم الجزية.

و على هذا البحث يكون المأخوذ منهم مصروفا إلى من تصرف إليه الجزية على ما يأتي.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم سألوا عمر أن يأخذ منهم،كما يأخذ من المسلمين، فأجابهم بعد الامتناع (2).

الثاني:لو بذل التغلبيّ أداء الجزية و تحطّ عنه الصدقة،قبل منه؛

لأنّ المأخوذ منه عندنا إنّما هو الجزية لا الصدقة.

أمّا من اعتقد أنّ المأخوذ منه صدقة،فقالوا:ليس لهم ذلك؛لأنّ الصلح وقع على هذا،فلا يغيّر (3).

و هو خطأ؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ (4)و هذا قد أعطى.

أمّا الحربيّ من التغلبيّين،فإنّه إذا بذل الجزية،قبلت منه؛

لقوله عليه السلام:

«ادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم» (5).

ص:37


1- 1الحاوي الكبير 14:346،العزيز شرح الوجيز 11:529،المغني 10:582،الشرح الكبير بهامش المغني 10:583.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 2:163،شرح فتح القدير 5:304،تبيين الحقائق 4:169،مجمع الأنهر 1: 677.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 10:584.
4- 4) التوبة(9):29. [1]
5- 5) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 1612، [2]سنن ابن ماجة 2: 653 الحديث 2858،سنن الدارميّ 2:216، [3]سنن البيهقيّ 9:184،المصنّف لعبد الرزّاق 5:218 الحديث 9428،المصنّف لابن أبي شيبة 7:581 الحديث 2.

و لأنّه كتابيّ باذل للجزية،فتقبل منه،كغيره.

الثالث:لو أراد الإمام نقض صلحهم و تجديد الجزية عليهم،جاز عندنا؛

لأنّ ذلك موكول إلى نظر الإمام.و منع منه بعض الجمهور؛لأنّ عقد الذمّة على التأبيد (1).

و هو ممنوع مع أنّ عمر بن عبد العزيز نقض ما فعله عمر بن الخطّاب (2).

الرابع:قد بيّنّا أنّ الجزية تؤخذ من كلّ كتابيّ على الإطلاق

إذا التزم بشرائط الذمّة لا فرق بين بني تغلب و غيرهم عندنا (3).أمّا الذين فرّقوا فقال بعضهم:إنّ حكم من تنصّر من تنوخ،أو تهوّد من كنانة و حمير،أو تمجّس من تميم،حكم بني تغلب (4).و اختاره الشافعيّ؛لأنّهم من العرب،فأشبهوا بني تغلب (5).

لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (6)و هو عامّ.

و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن فأخذ من كلّ حالم دينارا و هم عرب،و أخذ الجزية من نصارى (7)نجران و هم أولاد بني الحارث بن كعب،قال الزهريّ:أوّل من أعطى الجزية أهل نجران و كانوا نصارى،و أخذ الجزية من أكيدر دومة،و هو عربيّ (8).

ص:38


1- 1المغني و الشرح الكبير 10:584.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 10:584.
3- 3) يراجع:ص 34.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 10:582 و 584.
5- 5) الحاوي الكبير 14:287،المهذّب للشيرازيّ 2:321،المجموع 19:393. [1]
6- 6) التوبة(9):29. [2]
7- 7) في النسخ:نصرانيّ،مكان:نصارى.
8- 8) سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [3]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623،سنن النسائيّ 5: 25-26،مسند أحمد 5:230،سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31، المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2 و 4،-
مسألة:و لا تحلّ ذبائح بني تغلب و لا مناكحتهم،

كغيرهم من أهل الذمّة عندنا على ما قلناه (1)،أمّا من أباح أكل ذبائح أهل الذمّة،فقال الشافعيّ:لا يباح أكل ذبائح أهل الذمّة كافّة (2).و نقله الجمهور كافّة عن عليّ عليه السلام (3)،و به قال عطاء،و سعيد بن جبير،و النخعيّ (4).

و قال أبو حنيفة:تحلّ ذبائحهم (5)،و به قال الحسن البصريّ،و الشعبيّ، و الزهريّ،و الحكم،و حمّاد،و إسحاق.و عن أحمد روايتان (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام من التحريم،

و قال عليه السلام:

«إنّهم لم يتمسّكوا من دينهم،إلاّ بشرب الخمر» 7.

و من طريق الخاصّة:عن إسماعيل بن جابر قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تأكل ذبائحهم و لا تأكل في آنيتهم» 8يعني أهل الكتاب.

ص:39


1- 1) يراجع:ص 25.
2- 2) الأمّ 2:232،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:284،الحاوي الكبير 15:93،المغني 10:587.
3- 3) الأمّ 2:232،المغني 10:587،الاستذكار 3:251،عمدة القارئ 21:119.
4- 4) المغني 10:587،عمدة القارئ 21:118.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 12:5،تحفة الفقهاء 3:71،بدائع الصنائع 5:45،الهداية للمرغينانيّ 4:62،شرح ف [1]تح القدير 8:407،تبيين الحقائق 6:449،الفتاوى الهنديّة 5:285،عمدة القارئ 21: 118.
6- 6) المغني 10:587،عمدة القارئ 21:118،زاد المستقنع:95،الفروع في فقه أحمد 3:498، الإنصاف 10:386.

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح نصارى العرب هل تؤكل؟فقال:«كان عليّ عليه السلام ينهى عن أكل ذبائحهم و صيدهم» و قال:«لا يذبح لك يهوديّ و لا نصرانيّ أضحيّتك» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السلام:«و لا تأكل ذبيحة نصارى العرب» (2).

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (3). (4)

و الجواب:أنّه ليس بعامّ.و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه.

مسألة:و ما يذكره بعض أهل الذمّة-و هم أهل خيبر-من سقوط الجزية

عنهم؛

لأنّ معهم كتابا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإسقاطها عنهم (5)،لا يلتفت إليهم في ذلك؛عملا بالعموم،و لم ينقل ذلك أحد من المسلمين،فلا تعويل على قولهم.

قال أبو العبّاس بن سريج:ذكر أنّهم طولبوا بذلك،فأخرجوا كتابا ذكروا أنّه بخطّ عليّ عليه السلام كتبه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و كان فيه شهادة سعد بن معاذ و معاوية،و تاريخه بعد موت سعد و قبل إسلام معاوية،فاستدلّ بذلك على بطلانه (6).

ص:40


1- 1التهذيب 9:64 الحديث 271،الاستبصار 4:81 الحديث 304،الوسائل 16:349 الباب 27 من أبواب الذبائح الحديث 19. [1]
2- 2) التهذيب 9:68 الحديث 288،الاستبصار 4:85 الحديث 320،الوسائل 16:351 الباب 27 من أبواب الذبائح الحديث 27. [2]
3- 3) المائدة(5):5. [3]
4- 4) المغني 10:587، [4]المبسوط للسرخسيّ 12:5،الهداية للمرغينانيّ 4:62،شرح فتح القدير 8: 407،تبيين الحقائق 6:449،مجمع الأنهر 2:507.
5- 5) الحاوي الكبير 14:310،المغني 10:587،العزيز شرح الوجيز 11:511.
6- 6) المغني 10:619،العزيز شرح الوجيز 11:511.
مسألة:قد بيّنّا أنّ الجزية إنّما تؤخذ من الأصناف الثلاثة:اليهود،و النصارى،

و المجوس

إذا التزموا بشرائط الذمّة الآتية (1).فإذا غزا الإمام قوما فادّعوا أنّهم أهل كتاب،سألهم،فإن قالوا:دخلنا أو دخل آباؤنا قبل نزول القرآن-في دينهم-أخذ منهم الجزية،و شرط عليهم نبذ العهد،و المقاتلة لهم إن بان كذبهم،و لا يكلّفون البيّنة على ذلك،و يقرّون بأخذ الجزية،فإن بان كذبهم،انتقض العهد،و وجب قتالهم.

و يظهر كذبهم:بأن يعترفوا بأجمعهم أنّهم عبّاد وثن.و لو اعترف بعضهم بذلك و أنكر الآخرون،انتقض عهد المعترف خاصّة دون غيره.و لو شهدوا على الآخرين بذلك،لم تقبل شهادتهم؛لأنّ الكافر مردود القول.

و لو أسلم منهم اثنان و عدّلوا ثمّ شهدوا (2)أنّهم ليسوا من أهل الذمّة،انتقض العهد و قوتلوا.

فرع:

لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن،و له ابنان صغير و كبير،فأقاما على عبادة الأوثان،ثمّ جاء الإسلام و نسخ كتابهم،فإنّ الصغير إذا بلغ و قال:إنّي على دين أبي و أبذل الجزية،أقرّ عليه و أخذ منه الجزية؛لأنّه تبع أباه في الدين؛لصغره.و أمّا الكبير،فإن أراد أن يقيم على دين أبيه و يبذل الجزية،لم يقبل منه؛لأنّ له حكم نفسه،و لا يصحّ دخوله في الدين بعد نسخه.

و لو دخل أبوهما في دين أهل الكتاب ثمّ مات،ثمّ جاء الإسلام و بلغ الصبيّ و اختار دين أبيه ببذل الجزية،أقرّ عليه؛لأنّه تبعه في الدين،فلا يسقط بموته.و أمّا الكبير فلا يقرّ بحال؛لأنّ حكمه منفرد.

ص:41


1- 1يراجع:ص 17.
2- 2) كذا في النسخ،و الصحيح:عدّلا ثمّ شهدا.
مسألة:و في سقوط الجزية عن الفقير منهم لعلمائنا قولان:

أشهرهما أنّها لا تسقط،اختاره الشيخ-رحمه اللّه-بل ينظر بها إلى وقت يساره،و يؤخذ منه حينئذ ما قرّر عليه في كلّ عام حال فقره (1).و به قال المزنيّ (2)و هو أحد قولي الشافعيّ (3).

و قال المفيد (4)و ابن الجنيد:لا جزية عليه (5).و هو القول الآخر للشافعيّ (6)، و به قال أحمد (7).

لنا:عموم قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (8)يعني حتّى يلتزموا بالإعطاء، و هو عامّ.

و لأنّه كافر مكلّف،فلا يعقد له الذمّة بغير عوض،كالغنيّ.

ص:42


1- 1المبسوط 2:38.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277.
3- 3) الحاوي الكبير 14:301،المهذّب للشيرازيّ 2:324،حلية العلماء 7:698،المجموع 19: 395،منهاج الطالبين:118،مغني المحتاج 4:246،الميزان الكبرى و رحمة الأمّة بهامشها 2: 189،السراج الوهّاج:551.
4- 4) قال المصنّف في المختلف:334:و الظاهر من كلام المفيد...:الأوّل،يعني وجوب الجزية على الفقير.ينظر:المقنعة:44.
5- 5) نقله عنه في المختلف:334.
6- 6) الحاوي الكبير 14:301،المهذّب للشيرازيّ 2:324،حلية العلماء 7:698،مغني المحتاج 4: 246،السراج الوهّاج:551.
7- 7) المغني 10:576،الشرح الكبير بهامش المغني 10:589،الكافي لابن قدامة 4:260،الفروع في فقه أحمد 3:468،الإنصاف 4:224.
8- 8) التوبة(9):29. [1]

و لقوله عليه السلام لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا» (1)و هو عامّ.

و لأنّ عليّا عليه السلام وظّف على الفقير دينارا (2).

احتجّ المخالف:بأنّ الجزية حقّ تجب بحؤول (3)الحول،فلا تجب على الفقير، كالزكاة و العقل (4). (5)

و الجواب:الفرق ثابت،فإنّ الزكاة و العقل إنّما وجبا على طريق المساواة، و الجزية وجبت لحقن الدم و المساكنة،و لا فرق بين الغنيّ و الفقير في ذلك.

إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام يعقد لهم الذمّة على الجزية و تكون في ذمّته،فإذا أيسر،طولب بها.

و قال بعض الشافعيّة:لا يقرّ إلاّ بإعطائها،فإن تمحّل (6)و حصّل الجزية في آخر الحول،و إلاّ ردّه إلى دار الحرب (7).و ليس بمعتمد.

مسألة:و تسقط الجزية عن الصبيّ

-و هو قول عامّة أهل العلم،لا نعرف فيه خلافا-

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا أو عدله

ص:43


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038،سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623،سنن النسائيّ 5: 25،سنن البيهقيّ 4:98،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،مسند أحمد 5:230،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) خا:بحلول،مكان:بحؤول.
4- 4) العقل:الدية.النهاية لابن الأثير 3:278.
5- 5) الحاوي الكبير 14:301،المغني 10:576،الشرح الكبير بهامش المغني 10:589.
6- 6) التمحّل من المحل:و هو السعي.لسان العرب 11:618،و [1]في المهذّب للشيرازيّ 2:324 المعتمل،و هو بمعناه.
7- 7) الحاوي الكبير 14:301،المهذّب للشيرازيّ 2:324،حلية العلماء 7:699.

معافريّ» (1)و هو يدلّ بمفهومه على سقوط الجزية عن غير البالغ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألته:أخبرني عن النساء كيف سقطت الجزية عنهنّ و رفعت عنهنّ؟ فقال:

«لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب إلاّ أن يقاتلن، و إن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك و لم تخف خللا، فلمّا نهى عن قتلهنّ في دار الحرب،كان ذلك في دار الإسلام أولى،و لو امتنعت أن تؤدّي الجزية،لم يمكنك قتلها،فلمّا لم يمكن قتلها،رفعت الجزية عنها-و لو امتنع الرجال و أبوا أن يؤدّوا الجزية،كانوا ناقضين للعهد و حلّت دماؤهم و قتلهم؛لأنّ قتل الرجال مباح في دار الشرك-و كذلك المقعد من أهل الذمّة و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان في أرض (2)الحرب،من أجل ذلك رفعت عنهم الجزية» (3)و لأنّ الجزية إنّما تؤخذ لحقن الدماء المباحة،و الصبيّ محقون الدم،فلا جزية عليه.

فروع:
الأوّل:الصبيّ إذا بلغ بالإنبات أو الاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة-و كان

من أهل الذمّة-طولب بالإسلام أو بذل الجزية،

فإن امتنع منهما،صار حربيّا،فإن

ص:44


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [1]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [2]سنن النسائيّ 5: 25،مسند أحمد 5:230، [3]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
2- 2) في النسخ:«أهل»مكان:«أرض»و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 6:156 الحديث 277،الوسائل 11:47 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [4]

اختار الجزية،عقد معه الإمام على حسب ما يقتضيه نظره،و لا اعتبار بجزية أبيه، فإذا حال الحول عليه من وقت العقد أخذ منه ما شرط عليه.

الثاني:لو كان هذا الصبيّ ابن عابد وثن و بلغ،طولب بالإسلام لا غير،

فإن امتنع،صار حربيّا؛لما بيّنّا أنّ الجزية إنّما تؤخذ من أهل الكتاب (1).

الثالث:لو بلغ الصبيّ مبذّرا،

لم يزل الحجر عنه،و يكون ماله في يد وليّه.و لو أراد عقد الأمان بالجزية أو المصير إلى دار الحرب،كان له ذلك،و ليس لوليّه منعه عنه؛لأنّ الحجر لا يتعلّق بحقن دمه و إباحته،بل بماله،كما لو أسلم أو ارتدّ.أمّا لو أراد أن يعقد أمانا ببذل جزية كثيرة،فالوجه عندي:أنّ لوليّه منعه عن ذلك؛لأنّ حقن دمه يمكن بالأقلّ.

الرابع:لو صالح الإمام قوما على أن يؤدّوا الجزية عن أبنائهم غير ما يدفعون

عن أنفسهم،

فإن كانوا يدفعون الزائد من أموالهم،جاز ذلك،و يكون ذلك زيادة في جزيتهم،و إن كان من أموال أولادهم،لم يجز؛لأنّه تضييع لأموالهم فيما ليس بواجب عليهم.

الخامس:لو بلغ سفيها،لم تسقط عنه الجزية،

و لا يقرّ في دار الإسلام بغير عوض؛لعموم الآية (2)،فإن اتّفق هو و وليّه على بذل الجزية و عقداها،جاز،و إن اختلفا،قدّم قوله؛لما قلناه.

و إن لم يعقد أمانا،نبذناه إلى دار الحرب،و صار حربا (3).

السادس:الإمام إذا عقد الذمّة لرجل،دخل هو و أولاده الأصاغر و أمواله في

أمان،

فإذا بلغ أولاده،لم يدخلوا في ذمّة أبيهم و جزيته إلاّ بعقد مستأنف.و به قال

ص:45


1- 1يراجع:ص 17 و 19.
2- 2) التوبة(9):29.
3- 3) ح و خا:حربيّا.

الشافعيّ (1).

و قال أحمد:يدخلون فيه بغير عقد متجدّد (2).

لنا:أنّ الأب عقد الذمّة لنفسه،و إنّما دخل أولاده الصغار بمعنى الصغر،فإذا بلغوا،زال المقتضي للدخول.

احتجّوا:بأنّه عقد دخل فيه الصغير،فإذا بلغ،لزمه،كالإسلام (3).

و الجواب:الفرق بينهما،فإنّ الإسلام لعلوّه على غيره من الأديان ألزم به، بخلاف الكفر.

إذا ثبت هذا:فإنّه يعقد له الأمان من حين البلوغ،و لا اعتبار بجزية أبيه-على ما قلناه- (4)فإن كان أوّل حول أقاربه،استوفي ما ضرب عليه في آخر الحول معهم،و إن كان في أثناء الحول،عقد له الذمّة،فإذا جاء أصحابه و جاء الساعي فإن أعطى بقدر ما مضى من حوله،أخذ منه،و إن امتنع حتّى يحول عليه الحول،لم يلزم بالأخذ.

السابع:لو كان أحد أبويه وثنيّا،

فإن كان الأب،لحق به،و لم تقبل منه الجزية بعد البلوغ،بل يقهر على الإسلام،فإن امتنع،ردّ إلى مأمنه في دار الحرب و صار حربا؛لأنّ دينه دين أبيه.و إن كانت الأمّ،لحق بالأب،و أقرّ (5)في دار الإسلام بأخذ الجزية.

ص:46


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:323،حلية العلماء 7:704،المجموع 19:402،منهاج الطالبين:118، مغني المحتاج 4:245،السراج الوهّاج:550.
2- 2) المغني 10:574،الشرح الكبير بهامش المغني 10:590،الكافي لابن قدامة 4:261،الفروع في فقه أحمد 3:468،الإنصاف 4:225.
3- 3) المغني 10:574،الشرح الكبير بهامش المغني 10:590.
4- 4) يراجع:ص 44.
5- 5) كثير من النسخ:و أقرّه،مكان:و أقرّ.
مسألة:و يسقط عن المجنون المطبق إجماعا؛

لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق...» (1).

و لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه و لا من المغلوب على عقله» (2).

و لأنّه محقون الدم،فإنّه لا اعتقاد له،فلا مقتضي لوجوب الجزية في حقّه.

فرع:

لو كان جنونه غير مطبق،لم يخل من أحوال ثلاثة:

أحدها:أن يكون جنونه غير مضبوط،مثل أن يفيق ساعة من أيّام أو من يوم، فهذا يعتبر حاله بالأغلب؛لأنّ ضبط أوقات إفاقته غير ممكن.

الثاني:أن يكون مضبوطا،مثل أن يجنّ يوما و يفيق يومين أو أقلّ من ذلك أو أكثر،إلاّ أنّه مضبوط،ففيه احتمالان:

أحدهما:أن يعتبر بالأغلب،كالأوّل-و هذا اختيار أبي حنيفة- (3)لأنّ الاعتبار في الأصول بالأغلب.

الثاني:تلفّق أيّام إفاقته؛لأنّه لو كان مفيقا في الكلّ،وجبت الجزية،فإذا وجدت الإفاقة في بعض الحول،وجب فيما يجب به لو انفرد،و على هذا الاحتمال

ص:47


1- 1صحيح البخاريّ 7:59 و ج 8:204،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4403، [1]سنن ابن ماجة 1: 658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [2]سنن الدارميّ 2:171، [3]مسند أحمد 6: 101، [4]سنن البيهقيّ 4:325 و ج 6:57 و ج 8:264 و ج 10:317،سنن الدارقطنيّ 3:138 الحديث 173،كنز العمّال 4:233 الحديث 10309،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 11141،مجمع الزوائد 6:251،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 1:178 الحديث 142.
2- 2) التهذيب 6:159 الحديث 286،الوسائل 11:48 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [5]
3- 3) الحاوي الكبير 14:308،المغني 10:575،الشرح الكبير بهامش المغني 10:591.

يحتمل أن تلفّق أيّامه،فإن أكملن حولا،أخذت منه؛لأنّ أخذها قبل ذلك أخذ لجزيته قبل كمال الحول،فلم يجز،كالصحيح.و الثاني:يؤخذ منه في آخر كلّ حول بقدر ما أفاق منه و كذا الاحتمالان لو كان يجنّ ثلث الحول و يفيق ثلثيه أو بالعكس.

أمّا لو استوت إفاقته و جنونه،مثل من يجنّ يوما و يفيق يوما،أو يجنّ نصف الحول و يفيق نصفه،فإنّ إفاقته تلفّق؛لتعذّر اعتبار الأغلب هنا لعدمه،فيتعيّن الاعتبار الآخر.

الثالث:أن يجنّ نصف الحول،ثمّ يفيق إفاقة مستمرّة،أو يفيق نصفه ثمّ يجنّ جنونا مستمرّا،فعليه في الأوّل من الجزية بقدر ما أفاق من الحول إذا استمرّت الإفاقة بعد الحول.و في الثاني لا جزية عليه؛لأنّه لم يتمّ الحول مفيقا.

مسألة:و لا تؤخذ الجزية من النساء،

و هو مذهب عامّة العلماء.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا» (1)و هو تخصيص للذكور،فيبقى الباقي على أصالة براءة الذمّة.

و كتب عمر بن الخطّاب إلى أمراء الأجناد:أن اضربوا الجزية،و لا تضربوها على النساء و الصبيان،و لا تضربوها إلاّ على من جرت عليه الموسى (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في تعليل سقوط الجزية عن النساء،فقال:«لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:48


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038،سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623،سنن النسائيّ 5: 25،مسند أحمد 5:230، [1]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
2- 2) سنن البيهقي 9:195،المصنّف لابن أبي شيبة 7:582 الحديث 10،الأموال لأبي عبيد:45.

و آله نهى عن قتل النساء و الولدان» (1).

و لأنّ الجزية تؤخذ لحقن الدماء،و النساء محقونون (2)،فلا جزية عليهنّ، و لا نعرف فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:لو بذلت امرأة الجزية عرّفها الإمام أن لا جزية عليها،

فإن ذكرت أنّها تعلم ذلك و طلبت دفعه إلينا،جاز أخذه و تكون هبة لا جزية،و تلزم على شروط الهبة.و لو شرطت ذلك على نفسها،لم تلزمها،و جاز لها الرجوع فيه فيما لها أن ترجع في الهبة.و لا ينتقض ذلك بما لو التزم الرجل بأكثر ممّا قدّره الإمام عليه من الجزية؛لأنّ المرأة لا تجب عليها الجزية،فما تدفعه ليس بجزية،فلا يلزمها بالالتزام.أمّا الرجل فالذي يدفعه إنّما هو جزية،و لا حدّ لها في الكثرة،فإذا التزم بأكثر ممّا قدّر عليه،لزمه.

الثاني:لو بعثت امرأة من دار الحرب،فطلبت أن يعقد لها الذمّة و تصير إلى

دار الإسلام،

مكّنت من ذلك و عقد لها الذمّة بشرط التزام أحكام الإسلام،و لا يؤخذ منها شيء إلاّ أن تتبرّع به بعد معرفتها أنّه لا شيء عليها.و إن أخذ منها شيء على غير ذلك،ردّ عليها؛لأنّها بذلته معتقدة أنّه عليها و أنّه لا تحقن إلاّ به،فأشبه من أدّى مالا إلى من يعتقد أنّه له،فتبيّن أنّه ليس له.

الثالث:لو كان في حصن رجال و نساء و صبيان،فامتنع الرجال من أداء

الجزية و بذلوا أن يصالحوا على أنّ الجزية على النساء و الولدان،

لم يجز ذلك؛لأنّ النساء و الصبيان مال و المال لا تؤخذ منه الجزية،و لا يجوز أخذ الجزية ممّن

ص:49


1- 1التهذيب 6:156 الحديث 277،الوسائل 11:47 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) كذا في النسخ.

لا تجب عليه و يترك من تجب عليه،فإن صالحهم على ذلك،بطل الصلح،و لا يلزم النساء شيء.و لو طلب النساء ذلك و دعوا (1)أن تؤخذ منهنّ الجزية،و يكون الرجال في أمان،لم يصحّ.

و لو قتل الرجال أو لم يكن في الحصن سوى النساء،فطلبوا عقد الذمّة بالجزية،فالوجه عندي:عدم جواز ذلك،و يتوصّل إلى فتح الحصن و يسبين؛لأنّهنّ أموال للمسلمين.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يلزمه عقد الذمّة لهنّ على أن تجرى عليهنّ أحكام الإسلام و لا يأخذ منهنّ شيئا،فإن أخذ منهنّ شيئا،ردّه عليهنّ (2).

الرابع:لو دخلت الحربيّة دار الإسلام بأمان للتجارة،

لم يكن عليها أن تؤدّي شيئا إلاّ أن تختار هي؛لأنّ الاختيار في ذلك المكان مباح لها،و كذا الإقامة فيه على التأبيد بغير عوض،بخلاف الرجل.و لو طلبت دخول الحجاز على أن تؤدّي شيئا،جاز ذلك؛لأنّه ليس لها دخول الحجاز على ما يأتي البحث فيه.

مسألة:و تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني و الزّمن،

قاله الشيخ-رحمه اللّه- (3)و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الثاني:لا تؤخذ منهم الجزية،و هذا عنده تفريع على جواز قتلهم (4).

و الشيخ-رحمه اللّه-أوجب الجزية عليهم و إن جاز استثناؤهم؛عملا بعموم

ص:50


1- 1كذا في النسخ.
2- 2) المبسوط 2:40. [1]
3- 3) المبسوط 2:42، [2]الخلاف 2:510 مسألة-7.
4- 4) الحاوي الكبير 14:310،المهذّب للشيرازيّ 2:324،المجموع 19:404،الميزان الكبرى 2: 188،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:190،مغني المحتاج 4:246،السراج الوهّاج:550، المغني 10:577،الشرح الكبير بهامش المغني 10:587.

الآية (1). (2)

و في رواية حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام:أنّها تسقط عن«المقعد[من أهل الذمّة] (3)و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان» (4).و قد سلفت (5).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و كذلك إذا وقعوا في الأسر،جاز للإمام قتلهم (6).

أمّا الأعمى،فالوجه:مساواته لهما.

مسألة:و تؤخذ من أهل الصوامع و الرهبان،

و هو أحد قولي الشافعيّ.و في الآخر:لا جزية عليهم (7).

لنا:عموم الأمر بأخذ الجزية (8)و قد فرض عمر بن عبد العزيز على رهبان الديارات الجزية على كلّ راهب دينارين (9).و لأنّه كافر صحيح قادر على أداء الجزية،فوجب أخذها منه كالشمّاس (10).

احتجّوا:بأنّهم محقونون بدون الجزية،فلا تجب عليهم،كالنساء.و لأنّه

ص:51


1- 1المبسوط 2:42، [1]الخلاف 2:510 مسألة-7.
2- 2) التوبة(9):29.
3- 3) أضفناها من المصدر.
4- 4) الكافي 5:28 الحديث 6، [2]التهذيب 6:156 الحديث 277،الوسائل 11:47 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
5- 5) يراجع:ص 48 رقم 2.
6- 6) المبسوط 2:42، [4]الخلاف 2:501 مسألة-5.
7- 7) الأمّ 4:176،الحاوي الكبير 14:310،المهذّب للشيرازيّ 2:324،المجموع 19:404، الميزان الكبرى 2:188،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:190،منهاج الطالبين:118،مغني المحتاج 4:246،السراج الوهّاج:550،المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:589.
8- 8) التوبة(9):29.
9- 9) الأموال لأبي عبيد:51 الحديث 109،المغني 10:578.
10- 10) الشمّاس من رءوس النصارى:الذي يحلق وسط رأسه و يلزم البيعة.لسان العرب 6:114. [5]

لا كسب لهم،فأشبهوا الفقراء (1).

و الجواب عن الأوّل:بمنع المقدّمة الأولى.

و عن الثاني:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل.

مسألة:و اختلف علماؤنا في إيجاب الجزية على المملوك،

فالمشهور:عدم وجوبها عليه،ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه- (2)و هو قول الجمهور كافّة.

و قال آخرون:لا تسقط عنهم الجزية (3).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«لا جزية على العبد» (4).

و لأنّ العبد مال،فلا تؤخذ منه الجزية،كغيره من الحيوان (5).

احتجّ الآخرون:

بما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«لا تشتروا رقيق أهل الذمّة و لا ممّا في أيديهم؛لأنّهم أهل خراج يبيع بعضهم بعضا و لا يقرّنّ أحدكم بالصّغار بعد إذ أنقذه اللّه منه» (6)و معناه:أنّه نهى عن شراء رقيق أهل الذمّة؛ لأنّه إن لم يؤدّ عنهم،سقط بعض الجزية بغير سبب،و إن أدّى عنهم،لحقه الصّغار.

ص:52


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:324،المجموع 19:404.
2- 2) المبسوط 2:40.
3- 3) منهم:ابن الجنيد،نقله عنه في المختلف:334،و ابن بابويه في المقنع:160،و ظاهر الفقيه 2:29 الحديث 106.
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 10:577،و الشرح الكبير بهامش المغني 10:587،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 2:40،و [1]ابن إدريس في السرائر:110.
5- 5) المبسوط 2:40. [2]
6- 6) سنن البيهقيّ 9:140 و فيه:عن عمر،المغني 10:577،الشرح الكبير بهامش المغني 10:588 و فيهما:و روي عن عليّ عليه السلام مثل حديث عمر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه أبو الدرداء (1)،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، أنّه قال:سألته عن مملوك نصرانيّ لرجل مسلم عليه جزية؟قال:«نعم»قلت:

فيؤدّي عنه مولاه المسلم الجزية؟قال:«نعم،إنّما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه» (2).

قال ابن الجنيد:و في كتاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ و عمرو بن حزم:

أخذ الجزية من العبد (3).

و لأنّه مشرك،فلا يجوز أن يستوطن دار الإسلام بغير عوض،كالحرّ.

و لأنّ سيّده لو كان مشركا لم يمكّن من الإقامة إلاّ بعقد الذمّة،فالعبد أولى.

و لأنّه من أهل الجهاد،فلا تسقط عنه الجزية؛لأنّها عوض حقن الدم و هو مباح الدم.

ص:53


1- 1ع:درداء،ر:الدرداء،خا و ق:أبو درداء،ب و آل:أبو الدرداء،كما في الفقيه 2:29 الحديث 106 في نسخة،و في الوسائل 11:97 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6،و [1]لكن في الفقيه 3:94 الحديث 352 و في نسخة من الوسائل عن أبي الورد،و روى الصدوق في الفقيه 3:345 الحديث 1654 رواية عن زياد بن المنذر عن أبي الدرداء عن أبي جعفر عليه السلام،و هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب 8:22 الحديث 72،و في الاستبصار 3:263 الحديث 941 عن أبي الورد،قال المحقّق الأردبيليّ:و لعلّه الصواب،بقرينة روايته عن أبي جعفر عليه السلام و كون الأخبار متّحدة، و قال المامقانيّ:أبدل في بعض النسخ أبو الورد بأبي الدرداء و هو غلط من النسّاخ بلا شبهة لأنّ أبا الدرداء عويمر أو عامر بن عامر بن زيد الخزرجيّ الأنصاريّ المدنيّ من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الرواية هنا عن مولانا الباقر عليه السلام فكيف يمكن رواية أبي الدرداء عنه،و قال السيّد الخوئيّ:لو صحّ ما في الفقيه هو رجل مجهول و ليس هو عويمر الذي هو من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. جامع الرواة 2:374، [2]تنقيح المقال 3:37 [3] من فصل الكنى،معجم رجال الحديث 22:164. [4]
2- 2) الفقيه 2:29 الحديث 106،الوسائل 11:97 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6. [5]
3- 3) نقله عنه في المختلف:334.
فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن يكون العبد لمسلم أو ذمّيّ

إن قلنا بوجوب الجزية عليه، و يؤدّيها مولاه عنه.

و بعض الجمهور فرّق بينهما؛لأنّ عبد المسلم إنّما تؤخذ الجزية من مولاه، فيؤدّي إلى أخذ الجزية من المسلم (1).

و هو ضعيف؛لأنّه يؤدّيها عن حقن دم العبد.و قد علّل (2)الباقر عليه السلام ذلك و نصّ على أخذها من مولاه (3).

الثاني:لو كان نصفه حرّا و نصفه رقّا،

وجب أخذ الجزية عنه،فيؤدّي هو قدر نصيبه من الحرّيّة،و يؤدّي مولاه قدر الرقّيّة إن قلنا بوجوب الجزية على المملوك، و إلاّ وجب عليه بقدر الحرّيّة لا غير؛لأنّه حكم يتجزّأ يختلف بالحرّيّة و الرقّ، فيقسّم على قدرهما،كالإرث.

الثالث:لو أعتق،لم يخل حاله من أحد أمرين:إمّا أن يكون حربيّا،أو من

أهل الكتاب،

فإن كان حربيّا،لم يقرّ بالجزية،بل يقهر على الإسلام أو يردّ إلى دار الحرب،قاله الشافعيّ (4).

و قال ابن الجنيد منّا:لا يمكّن من (5)اللحوق بدار الحرب،بل يسلم أو يحبس؛ لأنّ في لحوقه بدار الحرب معونة لهم على المسلمين و دلالة على عوراتهم (6).

ص:54


1- 1المغني 10:577،الشرح الكبير بهامش المغني 10:587.
2- 2) أكثر النسخ:تملّك،مكان:علّل.
3- 3) الفقيه 2:29 الحديث 106،الوسائل 11:97 الباب 49 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6.
4- 4) روضة الطالبين:1828،العزيز شرح الوجيز 11:501،المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:589.
5- 5) كثير من النسخ:في.
6- 6) نقله عنه في المختلف:335.

و إن كان من أهل الكتاب لم يقرّ في دار الإسلام إلاّ ببذل الجزية أو يسلم،فإن لم يفعل،ردّ إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعيّ (1)،و حبس عند ابن الجنيد (2).

و بالجملة:تلزمه الجزية بعد العتق لما يستقبل.و هو مذهب عامّة العلماء إلاّ ما روي عن أحمد بن حنبل أنّه قال:يقرّ بغير جزية،سواء كان المعتق له مسلما أو كافرا (3).

و ما روي عن مالك أنّه لا جزية عليه إن كان المعتق مسلما (4).

و الصحيح:الأوّل؛لما بيّنّا أن الجزية تؤخذ منه لو كان رقّا (5)،فأخذها منه إذا كان حرّا أولى.و لعموم الأمر بأخذ الجزية (6).

و لأنّه حرّ مكلّف موسر من أهل القتل،فلا يقرّ في دار الإسلام بغير عوض، كالحرّ الأصليّ.

احتجّ المخالف:بأنّ الولاء شعبة من الرقّ و هو ثابت عليه (7).و هو غلط؛لما تقدّم (8).

ص:55


1- 1روضة الطالبين:1828،العزيز شرح الوجيز 11:501.
2- 2) نقله عنه في المختلف:335.
3- 3) المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:588،الفروع في فقه أحمد 3:468، الإنصاف 4:224.
4- 4) بلغة السالك 1:364.
5- 5) يراجع:ص 53.
6- 6) التوبة(9):29.
7- 7) المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:588.
8- 8) يراجع:ص 53.
البحث الثاني
اشارة

في مقدار الجزية

مسألة:و اختلف علماؤنا في أنّ الجزية هل فيها شيء مقدّر لا يجوز تغييره أم

لا؟على أقوال ثلاثة:

أحدها:أنّ فيها مقدّرا،و هو ما قدّره عليّ عليه السلام:على الفقير اثنا عشر درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرون،و على الغنيّ ثمانية و أربعون في كلّ سنة (1).و بهذا قال أبو حنيفة (2)،و أحمد في إحدى الروايات (3).

الثاني:أنّها مقدّرة في طرف القلّة دون الكثرة،فلا يؤخذ من كلّ كتابيّ أقلّ من دينار واحد،و لا مقدّر في طرف الزيادة،بل ذلك موكول إلى نظر الإمام،و هو مذهب ابن الجنيد منّا (4)،و أحمد في إحدى الروايات (5).

ص:56


1- 1الفقيه 2:26 الحديث 95،التهذيب 4:119 الحديث 343،الاستبصار 2:53-54 الحديث 178،الوسائل 11:115 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:78،تحفة الفقهاء 3:307،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:159،شرح فتح القدير 5:289،تبيين الحقائق 4:155-156.
3- 3) المغني 10:566،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592،الكافي لابن قدامة 4:259،الفروع في فقه أحمد 3:467،الإنصاف 4:227. [2]
4- 4) نقله عنه في المختلف:334.
5- 5) المغني 10:567،الشرح الكبير بهامش المغني 10:593،الكافي لابن قدامة 4:259،الإنصاف 4:193. [3]

الثالث:أنّها غير مقدّرة،لا في طرف القلّة،و لا في طرف الكثرة،بل هي منوطة بما يراه الإمام من المصلحة،و هو الحقّ عندي،و إليه ذهب الشيخان (1)،و ابن إدريس (2)،و أكثر علمائنا (3)،و هو قول الثوريّ (4)،و أحمد في الرواية الثالثة (5).

و قال الشافعيّ:إنّها مقدّرة بدينار في حقّ الغنيّ و الفقير لا يجوز النقصان منه و تجوز الزيادة عليه إن بذلها الذمّيّ (6).

و قال مالك:هي مقدّرة في حقّ الغنيّ بأربعين درهما،و في حقّ المتوسّط بعشرين درهما،و في حقّ الفقير بعشرة دراهم (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر معاذا أن يأخذ من

ص:57


1- 1الشيخ المفيد،ينظر:المقنعة:44،و الشيخ الطوسيّ،ينظر:المبسوط 2:38،و الخلاف 2:511 مسألة-9.
2- 2) السرائر:110.
3- 3) منهم:ابن حمزة في:الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):697،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة): 584،و ابن البرّاج في المهذّب 1:184،و المحقّق الحلّيّ في شرائع الإسلام 1:328.
4- 4) الحاوي الكبير 14:299،حلية العلماء 7:698،المغني 10:566،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592.
5- 5) المغني 10:567،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592،الكافي لابن قدامة 4:259،الإنصاف 4:193. [1]
6- 6) الأمّ 4:179،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،الحاوي الكبير 14:299،المهذّب للشيرازيّ 2: 321،حلية العلماء 7:697،المجموع 19:393،مغني المحتاج 4:248.
7- 7) الموطّأ 1:279 الحديث 43،المنتقى للباجيّ 2:173،بداية المجتهد 1:404،الكافي في فقه أهل المدينة:217،تفسير القرطبيّ 8:112، [2]المغني 10:567،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 593.في بعض المصادر:أربعة دنانير في حقّ الغنيّ و كلّ دينار عشرة دراهم.

كلّ حالم دينارا (1).و صالح أهل نجران على ألفي حلّة،النصف في صفر،و النصف في رجب (2).

و وضع عليّ عليه السلام:على الغنيّ ثمانية و أربعين درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرين،و على الفقير اثني عشر (3)،و كذلك فعل عمر بن الخطّاب (4)، و صالح عمر بني تغلب على مثلي ما على المسلمين من الصدقة (5).و هذا يدلّ على عدم التقدير فيه و أنّها موكولة إلى نظر الإمام و إلاّ لما اختلفت المقادير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-و ابن بابويه-في الصحيح- عن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما حدّ الجزية على أهل الكتاب؟ و هل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوز (6)إلى غيره؟فقال:«ذلك إلى

ص:58


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [1]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [2]سنن النسائيّ 5: 25،مسند أحمد 5:230، [3]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
2- 2) سنن أبي داود 3:167 الحديث 3041، [4]سنن البيهقيّ 9:195،المغني 10:566،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592.
3- 3) الفقيه 2:26 الحديث 95،التهذيب 4:119 الحديث 343،الاستبصار 2:53-54 الحديث 178،الوسائل 11:115 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [5]
4- 4) سنن البيهقيّ 9:196،كنز العمّال 4:495 الحديث 11468،المصنّف لابن أبي شيبة 3:106 الحديث 3،المغني 10:566،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592.
5- 5) الأموال لأبي عبيد:35-36 الحديث 70 و 71،الأحكام السلطانيّة 1:155، [6]المغني 10:566، الشرح الكبير بهامش المغني 10:593.
6- 6) كذا في النسخ و الوسائل،و [7]في خا:أن يجاوز،و في خا:أن يجاوز،و في باقي المصادر:أن يجوزوا.

الإمام يأخذ من كلّ إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق (1)إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا،فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتّى يسلموا فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)و كيف يكون صاغرا و لا يكترث (3)لما يؤخذ منه حتّى يجد ذلاّ لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم (4).

و لأنّها عوض،فلا يتقدّر بقدر،كالأجرة.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ عليّا عليه السلام وضعها كذلك و عمر أيضا،و لم ينازعهما أحد من الصحابة،فكان إجماعا (5).

احتجّ ابن الجنيد:بأنّ عليّا عليه السلام زاد على ما قرّره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينقص منه،فدلّ على أنّ الزيادة موكولة إلى نظر الإمام عليه السلام دون النقصان.و لأنّ (6)النقصان لو كان جائزا،لأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا به (7).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر معاذا أن يأخذ من كلّ حالم

ص:59


1- 1خا:على قدر ماله بما يطيق،كما في التهذيب و الاستبصار و في الفقيه و الوسائل: [1]على قدر ماله و ما يطيق.
2- 2) التوبة(9):29. [2]
3- 3) لا يكترث لهذا الأمر،أي لا يعبأ به و لا يباليه.المصباح المنير:530.
4- 4) الفقيه 2:27 الحديث 98،التهذيب 4:117 الحديث 337،الاستبصار 2:53 الحديث 176، الوسائل 11:113 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 10:79،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:159،شرح فتح القدير 5:290.
6- 6) ب:لأنّ،مكان:و لأنّ.
7- 7) نقله عنه في المختلف:334.

دينارا (1)و لم يفصّل بين الغنيّ و الفقير (2).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ ذلك لرأي رآه عليّ عليه السلام و مصلحة اقتضت ما فعله،لا أنّه مقدّر لا يجوز الزيادة عليه و لا النقصان عنه.

و عن الثاني:بذلك أيضا.

و عن الثالث:بجواز أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علم من أحوال من بعث معاذا إليهم الطاقة لذلك،فأمره به،و هو الجواب عن الرابع.

مسألة:و تجب الجزية بآخر الحول و يجوز أخذها سلفا،

و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:تجب بأوّله،و يطالب بها عقيب العقد،و تجب الثانية في أوّل الحول الثاني و هكذا (4).

لنا:أنّه مال يتكرّر بتكرّر الحول،و تؤخذ في آخر كلّ حول،فلا تجب بأوّله، كالزكاة و الدية.

ص:60


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [1]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [2]سنن النسائيّ 5: 25،مسند أحمد 5:230، [3]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
2- 2) الأمّ 4:179،الحاوي الكبير 14:299-300،المهذّب للشيرازيّ 2:321،المغني 10:566، الشرح الكبير بهامش المغني 10:592.
3- 3) الحاوي الكبير 14:315،حلية العلماء 7:702،المهذّب للشيرازيّ 2:322،المجموع 19: 401،الميزان الكبرى 2:189،المغني 10:568،الشرح الكبير بهامش المغني 10:594.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 2:162،شرح فتح القدير 5:298،الحاوي الكبير 14:315،المغني 10: 568،الشرح الكبير بهامش المغني 10:594،الميزان الكبرى 2:189.

احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (1). (2)

و الجواب:المراد بها:التزام إعطائها،لا نفس الأخذ و الإعطاء حقيقة،و لهذا يحرم قتالهم بمجرّد بذل الجزية قبل أخذها إجماعا.

مسألة:و تؤخذ الجزية ممّا تيسّر من أموالهم من الأثمان و العروض على قدر

تمكّنهم،

و لا يلزمهم الإمام بمعيّن من ذهب أو فضّة-و به قال الشافعيّ- (3)لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله معافريّ (4).

و أخذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من نصارى نجران ألفي حلّة (5).

و روي عن عليّ عليه السلام أنّه كان يأخذ الجزية من كلّ ذي صنعة من متاعه، فكان يأخذ من صاحب الإبر إبرا،و من صاحب المسالّ مسالاّ (6)،و من صاحب الحبال حبالا،ثمّ يدعو الناس فيعطيهم الذهب و الفضّة،فيقسّمونه (7)،ثمّ يقول:

«خذوا فاقتسموا»فيقولون:لا حاجة لنا فيه،فيقول:«أخذتم خياره و تركتم شراره

ص:61


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:315،المغني 10:568،الشرح الكبير بهامش المغني 10:594.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 2:322،المغني 10:568،الشرح الكبير بهامش المغني 10:595.
4- 4) سنن أبي داود 3:167 الحديث 3038، [2]سنن الترمذيّ 3:20 الحديث 623، [3]سنن النسائيّ 5: 25،مسند أحمد 5:230، [4]سنن البيهقيّ 4:98،سنن الدارقطنيّ 2:102 الحديث 29 و 31،الأموال لأبي عبيد:33 الحديث 64 و 65،المصنّف لعبد الرزّاق 4:21 الحديث 6841،المصنّف لابن أبي شيبة 3:19 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:128 الحديث 260-265،المغني و الشرح الكبير 10:585.
5- 5) سنن أبي داود 3:167 الحديث 3041،سنن البيهقيّ 9:195،المغني 10:566 و 568،الشرح الكبير بهامش المغني 10:592 و 595.
6- 6) المسلّة-بالكسر-:واحدة المسالّ و هي الإبر العظام.لسان العرب 11:342. [5]
7- 7) ب:فيقتسمونها.

لتحملنّه» (1).

إذا ثبت هذا:فإن بذلوا الجزية و التزموا بشرائط الذمّة،حرم قتالهم؛لقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)فجعل عطاء الجزية غاية لقتالهم،فإذا بذلوها،حرم قتالهم.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ادعهم إلى الإسلام...فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك،فاقبل منهم و كفّ عنهم» (3)و لا نعلم في ذلك خلافا.

مسألة:و لا تتداخل الجزية،بل إذا اجتمعت عليه جزية سنتين أو أكثر،

استوفيت منه أجمع.

و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:تتداخل (6).

لنا:أنّه حقّ ماليّ يجب في آخر كلّ حول،فلا تتداخل،كالدية و الزكاة.

ص:62


1- 1الأموال لأبي عبيد:53 الحديث 117 و فيه:المسانّ،بدل:المسالّ،و المسانّ:حجر يحدّد به. لسان العرب 13:223.و ينظر أيضا لحديث عليّ عليه السلام:كنز العمّال 4:501 الحديث 11487، المصنّف لابن أبي شيبة 7:582 الحديث 12،المغني 10:569،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 595.
2- 2) التوبة(9):29. [1]
3- 3) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [2]سنن ابن ماجة 2: 953 الحديث 2858،سنن الدارميّ 2:216-217، [3]مسند أحمد 5:352، [4]سنن البيهقيّ 9:49، المصنّف لابن أبي شيبة 7:581 الحديث 2.
4- 4) الحاوي الكبير 14:315،روضة الطالبين:1832،العزيز شرح الوجيز 11:521،المغني 10: 580، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:597. [6]
5- 5) المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597،الكافي لابن قدامة 4:262.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 10:82،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:161، [7]تبيين الحقائق 4:161،الفتاوى الهنديّة 2:246،المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 597،العزيز شرح الوجيز 11:521.

احتجّ:بأنّها عقوبة،فتتداخل،كالحدود (1).

و الجواب:الفرق بما تقدّم (2).

مسألة:و يتخيّر الإمام في وضع الجزية إن شاء على رءوسهم،

و إن شاء على أرضيهم (3).

و هل يجوز له أن يجمع بينهما فيأخذ منهم عن رءوسهم شيئا و عن أرضيهم 4شيئا؟قال الشيخان (4)و ابن إدريس:لا يجوز ذلك،بل له أن يأخذ من أيّهما شاء (5).

و قال أبو الصلاح:يجوز الجمع بينهما (6).و هو الأقوى عندي.

لنا:أنّ الجزية غير مقدّرة في طرفي الزيادة و النقصان-على ما تقدّم- (7)بل هي موكولة إلى نظر الإمام،فجاز له أن يأخذ من أرضيهم (8)و رءوسهم،كما يجوز له أن يضعف الجزية التي على رءوسهم في الحول الثاني،و لأنّ ذلك أنسب بالصّغار.

احتجّ الشيخان:بما رواه محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:أ رأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية و يأخذون من الدهاقين جزية رءوسهم،أما عليهم في ذلك شيء موظّف؟فقال:«كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم،و ليس للإمام أكثر من الجزية،إن شاء الإمام وضع ذلك على رءوسهم،

ص:63


1- 1شرح فتح القدير 5:297،المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597.
2- 2) يراجع:ص 62. [1]
3- 3-4) خاوق:أراضيهم،ع:أرضهم.
4- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:44،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 2:38،النهاية:193. [2]
5- 6) السرائر:110.
6- 7) الكافي في الفقه:260.
7- 8) يراجع:ص 57. [3]
8- 9) خاوق:أراضيهم.

و ليس على أموالهم شيء،و إن شاء فعلى أموالهم،و ليس على رءوسهم شيء» فقلت:هذا الخمس فقال:«إنّما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و عن محمّد بن مسلم،قال:سألته عن أهل الذمّة ما ذا عليهم ممّا (2)يحقنون به دماءهم و أموالهم؟قال:«الخراج،فإن أخذ من رءوسهم الجزية،فلا سبيل على أراضيهم،و إن أخذ من أراضيهم،فلا سبيل على رءوسهم» (3).

و الجواب:نحن نقول بموجب الحديثين و نحملهما على ما إذا صالحهم على قدر معيّن،فإن شاء أخذه من رءوسهم،و لا شيء له حينئذ على أرضيهم (4)و بالعكس و ليس فيهما دلالة على المنع من المصالحة على أن يأخذ من رءوسهم و أرضيهم 5ابتداءً.

مسألة:و يجوز أن يشترط عليهم في عقد الذمّة ضيافة من يمرّ بهم من

المسلمين،

و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب على نصارى أيلة (5)ثلاثمائة دينار-و كانوا ثلاثمائة نفس-في كلّ سنة،و أن يضيفوا من مرّ بهم من المسلمين ثلاثة أيّام و لا يغشّوا مسلما (6).

ص:64


1- 1التهذيب 4:117 الحديث 337،الاستبصار 2:53 الحديث 176،الوسائل 11:114 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [1]
2- 2) أكثر النسخ:فيما.
3- 3) التهذيب 4:118 الحديث 338،الاستبصار 2:53 الحديث 177،الوسائل 11:114 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [2]
4- 4-5) كثير من النسخ:أراضيهم.
5- 6) أيلة-بفتح الهمزة و سكون الياء-البلد المعروف فيما بين مصر و الشام.النهاية لابن الأثير 1:85. [3]
6- 7) الأمّ 4:179،المسند للشافعيّ:209،سنن البيهقيّ 9:195،الحاوي الكبير 14:303،المهذّب للشيرازيّ 2:322،المجموع 19:396، [4]المغني 10:570،الشرح الكبير بهامش المغني 10:599.

و شرط على نصارى نجران إقراء رسله عشرين ليلة فما دونها،و عارية ثلاثين فرسا،و ثلاثين بعيرا،و ثلاثين درعا مضمونة إذا كان حدث باليمن (1).

و شرط عمر بن الخطّاب على أهل الذمّة ضيافة يوم و ليلة،و أن يصلحوا القناطر،فإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته (2)و شرط على بعض أهل الجزية أرزاق المسلمين مدّين و ثلاثة أقساط (3)زيت لكلّ إنسان على أهل الذمّة،يعني الشام،و على أهل مصر لكلّ إنسان اردبّ (4)و شيئا من ودك (5)و عسل، و على أهل العراق-يعني السواد-خمسة عشر صاعا لكلّ إنسان (6).

و لأنّ الحاجة تدعو إليه؛لأنّهم ربّما امتنعوا من مبايعة المسلمين معاندة لهم و إضرارا بهم،فإذا شرطت (7)الضيافة عليهم،أمن ذلك.

فروع:
الأوّل:لو لم يشترط الضيافة عليهم لم تكن واجبة.

و به قال الشافعيّ (8).

ص:65


1- 1الأموال لأبي عبيد:198 الحديث 504.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:196،المصنّف لابن أبي شيبة 7:702 الحديث 3،كنز العمّال 4:495 الحديث 11470،المغني 10:569،الشرح الكبير بهامش المغني 10:599.
3- 3) القسط:الكوز عند أهل الأمصار.و القسط:مكيال.لسان العرب 7:378. [1]
4- 4) الإردبّ:كيل معروف بمصر و هو أربعة و ستّون منّا و ذلك أربعة و عشرون صاعا بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.المصباح المنير:224. [2]
5- 5) الودك-بفتحتين-:دسم اللحم و الشحم و هو ما يتحلّب من ذلك.المصباح المنير:653. [3]
6- 6) سنن البيهقيّ 9:195،المصنّف لابن أبي شيبة 7:582 الحديث 10،كنز العمّال 4:497 الحديث 11475.
7- 7) ح:اشترطت،مكان:شرطت.
8- 8) المغني 10:570،الشرح الكبير بهامش المغني 10:599.

و قال بعض الجمهور:تجب بغير شرط (1).

لنا:أنّ الأصل عدم الوجوب.و لأنّ أصل الجزية لا تثبت إلاّ بالتراضي، فالضيافة أولى.

الثاني:يجب أن تكون الضيافة زائدة على أقلّ ما يجب عليهم من الجزية،

و هو أحد قولي الشافعيّ (2).

و في القول الثاني:إنّها تحتسب من الدينار الذي هو (3)قدر الجزية عنده (4).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط على نصارى أيلة الضيافة زائدة على الدينار (5)،و الدينار عنده مقدار الجزية لا تجوز الزيادة عليه و لا النقصان منه (6).

و لأنّه لو شرط عليه الضيافة من الجزية حتّى[إذا] (7)لم يمرّ به أحد من المسلمين،خرج بغير جزية،و هو باطل.

الثالث:إذا شرط الضيافة،وجب أن تكون معلومة

(8)

بأن يكون عدد من يطعمونه من المسلمين في كلّ سنة معلوما.و تكون أكثر الضيافة لكلّ أحد ثلاثة

ص:66


1- 1المغني 10:570،الشرح الكبير بهامش المغني 10:599.
2- 2) الأمّ 4:179،الحاوي الكبير 14:303-304،حلية العلماء 7:699،المهذّب للشيرازيّ 2: 322،المجموع 19:396،العزيز شرح الوجيز 11:523،السراج الوهّاج:551.
3- 3) أكثر النسخ بزيادة:الجزية.
4- 4) الحاوي الكبير 14:304،حلية العلماء 7:700،روضة الطالبين:1833،العزيز شرح الوجيز 11:523.
5- 5) الأمّ 4:179،المسند للشافعيّ:209،سنن البيهقيّ 9:195،الحاوي الكبير 14:303،المهذّب للشيرازيّ 2:322،المجموع 19:396.
6- 6) الأمّ 4:179،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،الحاوي الكبير 14:299،حلية العلماء 7:697، المهذّب للشيرازيّ 2:321،المجموع 19:393، [1]مغني المحتاج 4:248.
7- 7) زيادة أثبتناها لاقتضاء السياق.
8- 8) ح:إذا اشترط.

أيّام؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الضيافة ثلاثا و ما زاد صدقة» (1).

و الأقرب عندي:جواز الزيادة على ذلك مع الشرط و التراضي،فيقال لهم:

تضيفون في كلّ سنة خمسين يوما أو أقلّ أو أكثر،في كلّ يوم عشرة (2)من المسلمين أو أكثر،و يعيّن (3)القوت قدرا و جنسا،فيقول:لكلّ رجل كذا و كذا رطلا من خبز.و يعيّن (4)الأدم من لحم و سمن و زيت و شيرج (5)،و يكون قدره معلوما.و يعيّن (6)علف الدوابّ من الشعير و التبن و القتّ (7)لكلّ دابّة شيء معلوم،فإن شرط الشعير،قدّره بمقدار معيّن،و إن لم يشترط الشعير بل شرط العلف،فالوجه:أنّه لا يدخل فيه الشعير بل التبن و الحشيش.

و لا يكلّفوا الذبيحة و لا ضيافتهم بأرفع من طعامهم إلاّ مع الشرط.

الرابع:ينبغي أن تكون الضيافة على قدر الجزية،

فيكثرها على الغنيّ،و يقلّلها على الفقير،و يوسّطها على المتوسّط،و لو تساووا،ساوى بينهم في الضيافة؛لأنّ ذلك أرفق لهم.

الخامس:ينبغي أن يكون نزول المسلمين في فواضل منازلهم و في بيعهم

و كنائسهم،

و يؤمرون بأن يوسّعوا أبواب البيع و الكنائس،و أن يعلوها لمن يجتاز

ص:67


1- 1سنن أبي داود 3:342 الحديث 3749،سنن ابن ماجة 2:1212 الحديث 3675،سنن الدارميّ 2:98،مسند أحمد 2:288،سنن البيهقيّ 9:197،مسند أبي يعلى 2:439 الحديث 1244.
2- 2) ح بزيادة:مساكين.
3- 3) بعض النسخ:و تعيّن،مكان:و يعيّن.
4- 4) بعض النسخ:و تعيّن،مكان:و يعيّن.
5- 5) الشّيرج:معرّب من شيره و هو دهن السمسم،و ربّما قيل للدهن الأبيض و للعصير قبل أن يتغيّر: شيرج.المصباح المنير:308. [1]
6- 6) بعض النسخ:و تعيّن،مكان:و يعيّن.
7- 7) القتّ:الفصفصة إذا يبست-المصباح المنير:489،و أصلها بالفارسيّة:إسفست.لسان العرب 7: 66. [2]

بهم (1)من المسلمين فيدخلونها (2)ركبانا،فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء،نزلوا في بيوت الفقراء و لا ضيافة عليهم.و إن لم تسعهم،لم يكن لهم إخراج أرباب المنازل منها.و لو كثروا،فمن سبق إلى منزل،كان أحقّ به.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو قلنا باستعمال القرعة،كان أحوط،و لو جاءوا مجتمعين،استعملوا القرعة (3).

السادس:إذا شرطت عليهم الضيافة،

فإن وفوا بها،فلا بحث،و إن امتنع بعضهم، أجبر عليه،و لو امتنع الجميع،قهروا عليه،فإن لم يمكن (4)إلاّ بالمقاتلة،قوتلوا،فإن قاتلوا،نقضوا العهد و خرقوا الذمّة،فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقلّ ما يراه الإمام أن يكون جزية لهم،لزمه إجابتهم،و لا يتعيّن ذلك بدينار و أقلّ و أكثر عندنا.

مسألة:و مع أداء الجزية لا يؤخذ منهم شيء سواها،

سواء اتّجروا في بلاد الإسلام أو لم يتّجروا إلاّ في أرض الحجاز على ما سيأتي البحث فيه،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أحمد:إذا خرج من بلده إلى أيّ بلد كان من (6)بلاد الإسلام تاجرا،أخذ منه نصف العشر (7).

ص:68


1- 1ر:يختارهم،مكان:يجتاز بهم.
2- 2) ب:فيدخلوها،آل،ر،خاوق:فيدخلوا بها.
3- 3) المبسوط 2:39. [1]
4- 4) كثير من النسخ:يكن،مكان:يمكن.
5- 5) الحاوي الكبير 14:341،حلية العلماء 7:713،روضة الطالبين:1836،العزيز شرح الوجيز 11:532،المغني 10:588،الشرح الكبير بهامش المغني 10:615.
6- 6) ح:في،مكان:من.
7- 7) المغني 10:588،الشرح الكبير بهامش المغني 10:615،الكافي لابن قدامة 4:270،الفروع في فقه أحمد 3:476،الإنصاف 4:243.

لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (1)جعل إباحة الدم ممتدّا إلى إعطاء الجزية،و ما بعد الغاية يخالف ما قبلها.

و قوله عليه السلام:«فادعهم إلى الجزية،فإن أطاعوك فاقبل منهم و كفّ عنهم» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية أ يؤخذ من أموالهم و مواشيهم شيء سوى الجزية؟قال:«لا» (3).

احتجّوا:

بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ليس على المسلمين عشور،إنّما العشور على اليهود و النصارى» (4).

و لأنّ عمر بن الخطّاب بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على أهل الذمّة في أموالهم التي يختلفون فيها في كلّ عشرين درهما درهما (5). (6)

و الجواب عن الأوّل:بجواز إطلاق لفظ العشور على الجزية،أو يكون محمولا على المتّجرين بأرض الحجاز على ما يأتي.

و عن الثاني:باحتمال أن يكون ذلك قدر جزيتهم.على أنّه ليس حجّة.

ص:69


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن أبي داود 3:37 الحديث 2612، [2]سنن ابن ماجة 2: 953 الحديث 2858،سنن الدارميّ 2:216-217، [3]مسند أحمد 5:352، [4]سنن البيهقيّ 9:49، المصنّف لابن أبي شيبة 7:581 الحديث 2.
3- 3) التهذيب 4:118 الحديث 339،الوسائل 11:115 الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [5]
4- 4) سنن أبي داود 3:169 الحديث 3046، [6]مسند أحمد 3:474 و ج 5:410، [7]سنن البيهقيّ 9:199 و 211،كنز العمّال 4:370 الحديث 10957،المصنّف لابن أبي شيبة 3:87 الحديث 1.
5- 5) المصنّف لابن أبي شيبة 7:88 الحديث 4،المغني 10:588،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 615.
6- 6) المغني 10:588،الشرح الكبير بهامش المغني 10:615.
مسألة:و اختلف في الصّغار،

فقال ابن الجنيد:الصّغار عندي هو أن يكون مشروطا عليهم وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين و بينهم،أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم،و أن تؤخذ منهم و هم قيام على الأرض (1).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:الصّغار هو التزام أحكامنا و جريانها عليهم (2).

و قال الشافعيّ:هو أن يطأطئ رأسه عند التسليم،فيأخذ المستوفي بلحيته و يضرب في لهازمه (3). (4)

إذا عرفت هذا:فينبغي أن لا يشتطّ (5)عليهم في أخذها و لا يعذّبون إذا أعسروا عن أدائها،

فإنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام استعمل رجلا على عكبرى (6)،فقال له على رءوس الناس:«لا تدعنّ لهم درهما من الخراج»و شدّد عليه القول،ثمّ قال:«القني عند انتصاف النهار»فأتاه،فقال:«إنّي كنت أمرتك بأمر و إنّي أتقدّم إليك الآن،فإن عصيتني نزعتك،لا تبيعنّ لهم في خراجهم حمارا و لا بقرة،و لا كسوة شتاء و لا صيف،و ارفق بهم» (7).

ص:70


1- 1نقله عنه في المختلف:334.
2- 2) المبسوط 2:43، [1]الخلاف 2:510 مسألة-5.
3- 3) اللهازم:أصول الحنكين.النهاية لابن الأثير 4:281. [2]
4- 4) مغني المحتاج 4:249،السراج الوهّاج:551.
5- 5) ر:يشطّ،شطّ عليه في حكمه و اشتطّ و أشطّ:جار في قضيّته.لسان العرب 7:334. [3]
6- 6) عكبرا:بضم أوّله و سكون ثانيه و فتح الباء الموحّدة قد يمدّ و يقصر،و هو اسم بليدة من نواحي دجيل قرب صريفين و أوانا،بينها و بين بغداد عشرة فراسخ و النسبة إليها عكبريّ و عكبراويّ.معجم البلدان 4:142. [4]
7- 7) الأموال لأبي عبيد:53 الحديث 116،المغني 10:623،الشرح الكبير بهامش المغني 10:598.

و قدم سعيد بن عامر بن حذيم (1)،فعلاه عمر بالدرّة،فقال[سعيد] (2):سبق سيلك مطرك،إن تعاقب نصبر،و إن تعف نشكر،و إن تستعتب نعتب،فقال عمر:ما على المسلمين (3)إلاّ هذا،ما لك تبطئ بالخراج؟فقال:أمرتنا أن لا نزيد الفلاّحين على أربعة دنانير،فلسنا نزيدهم على ذلك،و لكنّا نؤخّرهم إلى غلاّتهم.قال عمر:

لا أعزلنّك ما حييت (4).

مسألة:إذا مات الذمّيّ بعد الحول،لم تسقط عنه الجزية،

و أخذت من تركته و به قال الشافعيّ (5)،و مالك (6).

ص:71


1- 1سعيد بن عامر بن حذيم كذا في النسخ و بعض المصادر،و عنونه ابن حجر و ابن عبد البرّ بعنوان: سعيد بن عامر بن حذيم،و ابن الأثير بعنوان:سعيد بن عامر بن خذيم و الصحيح ما أثبتناه حيث إنّ ابن حجر في الإصابة 1:244 و [1]ابن عبد البرّ في الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 1:235 و [3]ابن الأثير في أسد الغابة 1:295 [4] عنونوا أخاه جميل بعنوان:جميل بن عامر بن حذيم،و هو:سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشيّ الجمحيّ أسلم قبل خيبر و هاجر،شهدها و ما بعدها،ولاّه عمر حمص و كان مشهورا بالزهد،و له في ذلك قصص مع عمر،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه عبد الرحمن بن سابط و شهر بن حوشب مات سنة 20 ه و قيل:قبلها بسنة،و قيل:بعدها بسنة.الإصابة 2:48، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 2:12، [7]أسد الغابة 2:311، [8]تهذيب التهذيب 4: 51، [9]الأعلام للزركليّ 3:97. [10]
2- 2) أضفناها من المصدر.
3- 3) في النسخ:المسلم،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) الأموال لأبي عبيد:52 الحديث 115،المغني 10:621،الشرح الكبير بهامش المغني 10:598.
5- 5) الحاوي الكبير 14:312،المهذّب للشيرازيّ 2:322،حلية العلماء 7:702،المجموع 19: 396،الميزان الكبرى 2:189،روضة الطالبين:1832،العزيز شرح الوجيز 11:521،مغني المحتاج 4:249،السراج الوهّاج:551.
6- 6) المنتقى للباجيّ 3:223،حلية العلماء 7:703،العزيز شرح الوجيز 11:521.

و قال أبو حنيفة:تسقط (1).و هو قول عمر بن عبد العزيز (2).و عن أحمد روايتان (3).

لنا:أنّه مال استقرّ وجوبه عليه في حال حياته،فلا يسقط بالموت،كسائر الديون.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها عقوبة،فسقطت بالموت،كالحدود (4).

و الجواب:لا نسلّم أنّها عقوبة و إن استلزمت العقوبة،و إنّما هي معاوضة؛لأنّها وجبت لحقن الدماء و المساكنة،و الحدّ يسقط بالموت؛لفوات محلّه و تعذّر استيفائه،بخلاف الجزية.

فروع:
الأوّل:لو مات في أثناء الحول،

ففي مطالبة بالقسط نظر،أقربه:المطالبة-و به قال ابن الجنيد-لأنّ الجزية معاوضة عن المساكنة و حقن الدم،و إنّما أخّرنا المطالبة إرفاقا،و لو لم يمت،لم يطالب في أثناء السنة مع عقد العهد على أخذها في آخر السنة؛لأنّ الالتزام بالشرط واجب.

الثاني:تقدّم الجزية على وصاياه،و الوجه:مساواتها للدّين،

و يؤخذ من تركته الجزية و دين الآدميّ بالتقسيط.

ص:72


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:81،تحفة الفقهاء 3:308،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:161،شرح فتح القدير 5:295،تبيين الحقائق 4:160.
2- 2) المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597.
3- 3) المغني 10:580،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597،الكافي لابن قدامة 4:261،الإنصاف 4:228.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:81،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:161.

و لو لم يخلّف شيئا،لم يطالب ورثته (1)بشيء.

و لو مات قبل الحول،لم يؤخذ من تركته شيء أيضا.

الثالث:لو أفلس،كان الإمام غريما يضرب مع الغرماء بقدر الجزية؛

لأنّها وجبت في ذمّته،كسائر الديون.

الرابع:قد بيّنّا أنّه يجوز استسلاف الجزية مع المصلحة

(2).قال ابن الجنيد:

يجوز أخذها سلفا و بعد انقضاء السنة (3).و الأحبّ إليّ أن يكون واجبا لما مضى و حصلت للذمّيّ به الذمّة.فلو مات الذمّيّ و كانت الجزية قد استسلفت منه عن السنة المقبلة،ردّ على ورثته (4)بقدر ما بقي من السنة.

مسألة:إذا أسلم الذمّيّ قبل أداء الجزية،فإن كان في أثناء الحول،

سقطت عنه الجزية إجماعا منّا.

و إن أسلم بعد حولان الحول،ففيه قولان:

أحدهما:تسقط عنه أيضا.ذهب إليه الشيخان (5)،و ابن إدريس (6)، و أكثر علمائنا (7).و به قال مالك (8)،و الثوريّ،و أبو عبيد (9)،

ص:73


1- 1أكثر النسخ:ذرّيّته،مكان ورثته.
2- 2) يراجع:ص 60. [1]
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) أكثر النسخ:ذرّيّته،مكان:ورثته.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:45،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 2:42،و النهاية:193.
6- 6) السرائر:110.
7- 7) منهم:ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):584،و سلاّر في المراسم:142،و ابن البرّاج في المهذّب 1:184،و المحقّق في الشرائع 1:329.
8- 8) إرشاد السالك:62،مقدّمات ابن رشد:284،المنتقى للباجيّ 3:223،بداية المجتهد 1:405، الكافي في فقه أهل المدينة:217.
9- 9) المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:596.

و أحمد (1)،و أصحاب الرأي (2).

و الثاني:لا تسقط اختاره الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف (3).و به قال الشافعيّ (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5).

لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (6)أوجب إعطاء الجزية حالة (7)الصّغار،و هو لا يثبت في حقّ المسلم،فلا تثبت الجزية في حقّه أيضا.

و لقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (8)و هو عامّ.

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس على المسلم جزية» (9).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا ينبغي للمسلم أن يؤدّي الخراج» (10)يعني الجزية.

ص:74


1- 1المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:596،الكافي لابن قدامة 4:92،الفروع في فقه أحمد 3:469،الإنصاف 4:228. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:80،تحفة الفقهاء 3:308،بدائع الصنائع 7:112،الهداية للمرغينانيّ 2:161، [2]شرح فتح القدير 5:295،تبيين الحقائق 4:160،مجمع الأنهر 1:672.
3- 3) الخلاف 2:511 مسألة-11.
4- 4) الحاوي الكبير 14:313-315،المهذّب للشيرازيّ 2:322،حلية العلماء 7:702،المجموع 19:396، [3]الميزان الكبرى 1:189،مغني المحتاج 4:249،السراج الوهّاج:551.
5- 5) المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:596.
6- 6) التوبة(9):29. [4]
7- 7) ب:حال،مكان:حالة.
8- 8) الأنفال(8):38. [5]
9- 9) سنن أبي داود 3:171 الحديث 3053،سنن البيهقيّ 9:199 و فيه:«ليس على مؤمن...»سنن الدارقطنيّ 4:156-157 الحديث 6 و 7،الأموال لأبي عبيد:56 الحديث 121.
10- 10) سنن البيهقيّ 9:139،الأمّ 4:280،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:275،الحاوي الكبير 14:267، المغني 10:579،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597.

و روي أنّ ذمّيّا أسلم،فطولب بالجزية،و قيل:إنّما أسلمت تعوّذا،قال:إنّ في الإسلام معاذا،فرفع إلى عمر،فقال عمر:إنّ في الإسلام معاذا،و كتب أن لا تؤخذ منه الجزية (1).

و لأنّ الجزية صغار،فلا تؤخذ منه،كما أسلم قبل الحول.

و لأنّ الجزية عقوبة تجب بسبب الكفر فيسقطها الإسلام،كالقتل.

احتجّ الشافعيّ:بأنّها دين استحقّه صاحبه،و استحقّ المطالبة به في حال كفره، فلا تسقط بالإسلام،كالخراج و غيره من الديون (2).

و الجواب:الفرق،فإنّها عقوبة بسبب الكفر و صغار،بخلاف الدّين.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن يسلم لتسقط عنه الجزية أو يسلم لا لذلك.

و فرّق الشيخ في التهذيب،فأوجب الجزية على التقدير الأوّل دون الثاني،قال:

كما لو زنى الذمّيّ بالمسلمة،فإنّ القتل لا يسقط عنه بإسلامه؛لأنّ الغالب على الظنّ أنّه إنّما أسلم ليسقط عن نفسه القتل،فكذا الجزية إذا أسلم ليدفعها عن نفسه،لم يقبل[منه] (3)،و إذا أسلم لغير ذلك،كان إسلامه مقبولا (4).

و الأقرب:الأوّل،و الفرق ثابت بين الزنا و الجزية.

ص:75


1- 1سنن البيهقيّ 9:199،الأموال لأبي عبيد:56 الحديث 122،أحكام القرآن للجصّاص 4:296، [1]المغني 10:579،الشرح الكبير بهامش المغني 10:597،المجموع 19:400 [2] في بعض المصادر: بتفاوت.
2- 2) الحاوي الكبير 14:314،السراج الوهّاج:551،المغني 10:578،الشرح الكبير بهامش المغني 10:596.
3- 3) أضفناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 4:135.
الثاني:لو أسلم في أثناء الحول،

سقطت عنه الجزية.و للشافعيّ قولان:

أحدهما هذا،و الثاني:يؤخذ منه القسط (1).

لنا:ما تقدّم (2)من سقوطها بعد الحول،فالسقوط في الأثناء أولى.

الثالث:لو استسلف الإمام منه الجزية ثمّ أسلم في أثناء الحول،

ردّ عليه قسط باقي الحول.

و هل يردّ لما مضى؟الأقرب:عدمه.

و الفرق بين أن يأخذ منه و أن لا يأخذ منه (3)ظاهر؛لتحقّق الصّغار للمسلم في الثاني دون الأوّل.

ص:76


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:277،الحاوي الكبير 14:315،المهذّب للشيرازيّ 2:322،حلية العلماء 7:702،المجموع 19:396،روضة الطالبين:1832،العزيز شرح الوجيز 11:521.
2- 2) أكثر النسخ:أمّا ما تقدّم،مكان:لنا ما تقدّم.يراجع:ص 73. [1]
3- 3) لا توجد كلمة:«منه»في أكثر النسخ.
البحث الثالث
اشارة

فيما يشترط على أهل الذمّة

مسألة:لا يجوز عقد الذمّة المؤبّدة إلاّ بشرطين:

أحدهما:أن يلتزموا إعطاء الجزية في كلّ حول.

و الثاني:التزام أحكام الإسلام على معنى وجوب القبول عليهم لما يحكم به المسلمون من أداء حقّ أو ترك محرّم؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).

و في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فادعهم إلى أداء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم،و كفّ عنهم» (2)و لا نعلم فيه خلافا.

إذا ثبت هذا:فإنّ عقد الذمّة و الهدنة لا يصحّ إلاّ من الإمام أو نائبه بلا خلاف نعلمه؛لأنّ ذلك يتعلّق بنظر الإمام و ما يراه من المصلحة،و هو عقد مؤبّد،فلا يجوز لغير الإمام و لا نائبه فعله.

إذا عرفت هذا:فلو شرط عليهم في عقد الذمّة شرطا فاسدا-مثل أن يشرط (3)

ص:77


1- 1التوبة(9):29. [1]
2- 2) صحيح مسلم 3:1357 الحديث 1731،سنن ابن ماجة 2:953 الحديث 2858-2859،مسند أحمد 5:358، [2]سنن البيهقيّ 9:184،مسند الشافعيّ:169-170،كنز العمّال 4:380 الحديث 11008،المصنّف لعبد الرزّاق 5:218-219 الحديث 9428،في بعض المصادر:بتفاوت يسير.
3- 3) خا،ق و ح:يشترط.

أن لا جزية عليهم،أو إظهار المنكر،أو إسكانهم بالحجاز،أو إدخالهم الحرم أو المساجد،أو عدم الالتزام بأحكام الإسلام-لم يصحّ الشرط إجماعا.

و هل يفسد العقد بفساد الشرط؟فيه احتمال ينشأ من أنّه عقد جرى على هذا الشرط الفاسد،فيبطل ببطلانه؛قضيّة للشرط.و لأنّه بدون الشرط غير مرضيّ به، فكأنّه غير معقود عليه.

و من أنّه شرط فاسد،فلا يفسد بفساده العقد،كالشروط في المضاربة و البيع.

مسألة:و ينبغي للإمام أن يشرط عليهم كلّ ما فيه نفع المسلمين و رفعتهم،

(1)

كما شرط (2)عمر،فقد روي أنّه كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم (3):إنّا حين قدمنا بلادنا،طلبنا إليك الأمان لأنفسنا و أهل ملّتنا،على أنّا شرطنا لك على أنفسنا،أن لا نحدث في مدينتنا كنيسة،و لا فيما حولها ديرا،و لا قلاية (4)و لا صومعة راهب،و لا نجدّد ما خرب من كنائسنا،و لا ما كان منها في خطط المسلمين،و لا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل و النهار،و أن نوسّع

ص:78


1- 1خا،ق و ح:يشترط.
2- 2) بعض النسخ:كما شرطه.
3- 3) عبد الرحمن بن غنم-بفتح المعجمة و سكون النون-الأشعريّ،و قيل:هو عبد الرحمن بن غنم بن كريب بن هانئ بن ربيعة،مختلف في صحبته،قال ابن عبد البرّ:جاهليّ كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يره و لم يفد عليه و لازم معاذ بن جبل منذ بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن إلى أن مات و يعرف بصاحب معاذ؛لملازمته له،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن عمر و عثمان و عليّ عليه السلام و معاذ و أبي ذرّ...و روى عنه ابنه و عطيّة بن قيس و مكحول و شهر بن حوشب.مات سنة 78 ه. أسد الغابة 3:318، [1]الإصابة 2:417 و ج 3:97، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:424، [4]تهذيب التهذيب 6:250. [5]
4- 4) القليّة:كالصومعة،كذا وردت،و اسمها عند النصارى:القلاّية و هو تعريب كلاّدة،و هي من بيوت عباداتهم.النهاية لابن الأثير 4:105.و [6]في لسان العرب 15:201: [7]كلاذة،بدل:كلاّدة.

أبوابها للمارّة و ابن السبيل،و لا نؤوي فيها و لا في منازلنا جاسوسا،و أن لا نكتم أمر من غشّ المسلمين،و أن لا نضرب نواقيسنا إلاّ ضربا خفيّا في جوف كنائسنا، و لا نظهر عليها صليبا،و لا نرفع أصواتنا في الصلاة،و لا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون،و لا نخرج صليبنا و لا كتابنا في سوق المسلمين،و أن لا نخرج باعوثا (1)و لا سعانين (2)،و لا نرفع أصواتنا مع أمواتنا،و لا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين،و أن لا نجاورهم بالخنازير،و لا نبيع الخمور،و لا نظهر شركا، و لا نرغّب في ديننا،و لا ندعو إليه أحدا،و لا نتّخذ شيئا من الرقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين،و أن لا نمنع أحدا من أقربائنا إذا أراد الدخول في الإسلام، و أن نلزم زيّنا (3)حيثما كنّا،و أن لا نتشبّه بالمسلمين في لبس قلنسوة و لا عمامة و لا نعلين و لا فرق شعر،و لا في مراكبهم،و لا نتكلّم بكلامهم،و أن لا نتكنّى بكناهم،و أن نجزّ مقاديم رءوسنا،و لا نفرّق نواصينا،و نشدّ الزنانير على أوساطنا، و لا ننقش خواتيمنا بالعربيّة،و لا نركب السروج،و لا نتّخذ شيئا من السلاح و لا نحمله،و لا نتقلّد السيوف،و أن نوقّر المسلمين في مجالسهم،و نرشد الطريق و نقوم لهم عن المجالس إذا أرادوا المجالس،و لا نطّلع عليهم في منازلهم،و لا نعلّم أولادنا القرآن،و لا يشارك أحد منّا مسلما في تجارة إلاّ أن يكون إلى المسلم أمر التجارة،و أن نضيف كلّ مسلم عابر سبيل ثلاثة أيّام و نطعمه من أوسط ما نجد، ضمنّا ذلك على أنفسنا و ذرارينا و أزواجنا و مساكيننا (4)،و إن نحن غيّرنا أو خالفنا

ص:79


1- 1الباعوث للنصارى:كالاستسقاء للمسلمين و هو اسم سريانيّ.لسان العرب 2:118. [1]
2- 2) يوم السعانين:عيد للنصارى.لسان العرب 13:209. [2]في المغني 10:606،و الشرح 10:614، و المهذّب للشيرازيّ 2:326،و المجموع 19:414:شعانين.
3- 3) الزيّ:اللباس و الهيئة.الصحاح 6:2369. [3]
4- 4) كذا في النسخ،و في المغني 10:607،و الشرح 10:614،مساكننا،مكان:مساكيننا.

عمّا شرطنا على أنفسنا و قبلنا الأمان عليه،فلا ذمّة لنا،و قد حلّ لك منّا ما يحلّ لأهل المعاندة و الشقاق.فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطّاب، فكتب لهم عمر أن أمض لهم ما سألوه،و ألحق فيه حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم،أن لا يشتروا من سبايانا شيئا،و من ضرب (1)مسلما عمدا فقد خلع عهده.فأنفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك،و أقرّ من أقام من الروم في مدائن الشام على هذا الشرط (2).

قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:و أختار أن يشترط (3)عليهم عند عقد الذمّة لهم أن لا يظهروا سبّا لسيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لا لأحد من أنبياء اللّه و ملائكته،و لا سبّ أحد من المسلمين،و لا يطعنوا في شيء من الشرائع التي رسمها أحد من الأنبياء،و لا يظهروا شركهم في عيسى و العزير عليهما السلام،و لا يرعون خنزيرا في شيء من أمصار المسلمين،و لا يمثّلوا ببهيمة و لا يذبحوها إلاّ من حيث نصّ لهم في كتبهم على مذبحها،و لا يقرّبوها لصنم و لا لشيء من المخلوقات، و لا يربوا مسلما و لا يعاملوه في بيع و لا إجارة و لا مساقاة و لا مزارعة معاملة لا يجوز للمسلمين،و لا يسقوا مسلما خمرا،و لا يطعموه محرّما،و لا يقاتلوا مسلما، و لا يعاونوا باغيا،و لا ينقلوا أخبار المسلمين إلى أعدائهم،و لا يدلّوا على عوراتهم، و لا يحيوا (4)من بلاد المسلمين شيئا إلاّ بإذن واليهم،فإن فعلوا،كان للوالي إخراجه من أيديهم،و لا ينكحوا مسلمة بعقد و لا غيره،و يشترط عليهم أيضا كلّ ما قلنا إنّه

ص:80


1- 1أكثر النسخ:حرب،مكان:ضرب.
2- 2) سنن البيهقيّ 9:202،كنز العمّال 4:503 الحديث 11493،المغني 10:606،الشرح الكبير بهامش المغني 10:613.
3- 3) آل و ب:أن يشرط،مكان:أن يشترط.
4- 4) أكثر النسخ:يحبو،مكان:يحيوا.

ليس بجائز لهم فعله،كدخول الحرم،و سكنى الحجاز و غيره،ثمّ يقال:فمن فعل شيئا من ذلك فقد نقض عهده،و أحلّ دمه و ماله،و برئت منه ذمّة اللّه و ذمّة رسوله و المؤمنين (1).

مسألة:جملة ما يشترط على أهل الذمّة ينقسم ستّة أقسام:
أحدها:يجب شرطه و لا يجوز تركه،

و هو أمران:

أحدهما:شرط الجزية عليهم.

و الثاني:التزام أحكام الإسلام (2)،و لا بدّ من ذكر هذين الأمرين معا لفظا و نطقا،و لا يجوز الإخلال بهما و لا بأحدهما،فإن أغفل أحدهما لم تنعقد الجزية، و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (3)و قد بيّنّا أنّ الصّغار هو:التزام أحكام الإسلام (4)و إجراؤها عليهم (5).

و لرواية (6)ابن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و لو منع (7)الرجال فأبوا أن يؤدّوا الجزية،كانوا ناقضين للعهد،و حلّت دماؤهم و قتلهم» (8).

الثاني:ما لا يجب شرطه لكنّ الإطلاق يقتضيه،

و هو:أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين،أو إمداد المشركين بالمعاونة لهم على حرب

ص:81


1- 1نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة 9:316،و [1]النجفيّ في الجواهر 21:275. [2]
2- 2) أكثر النسخ:حكم الإسلام.
3- 3) التوبة(9):29. [3]
4- 4) أكثر النسخ:المسلمين،مكان:الإسلام.
5- 5) يراجع:ص 70. [4]
6- 6) ب:و لما رواه،مكان:و لرواية.
7- 7) كذا في النسخ و الفقيه،و الأظهر:امتنع،كما في الكافي و التهذيب و الوسائل.
8- 8) الكافي 5:28 الحديث 6، [5]الفقيه 2:28 الحديث 102،التهذيب 6:156 الحديث 277،الوسائل 11:47 الباب 18 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [6]

المسلمين؛لأنّ إطلاق الأمان يقتضي ذلك،فإذا فعلوه (1)،نقضوا الأمان؛لأنّهم إذا قاتلونا،وجب علينا قتالهم،و هو ضدّ الأمان.

و هذان القسمان ينتقض العهد بمخالفتهما،سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشترط.

الثالث:ما ينبغي اشتراطه ممّا يجب عليهم الكفّ عنه،

و هو سبعة أشياء:ترك الزنا بالمسلمة،و عدم إصابتها باسم النكاح،و أن لا يفتنوا مسلما عن دينه،و لا يقطع عليه الطريق،و لا يؤوي (2)للمشركين عينا (3)،و لا يعين على المسلم بدلالة أو بكتبة كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين و يطلعهم على عوراتهم،و لا يقتلوا مسلما و لا مسلمة،فإن فعلوا شيئا من ذلك و كان تركه مشترطا (4)في العقد،نقضوا العهد، و إلاّ فلا.

ثمّ إن أوجب ما فعلوه حدّا،حدّهم الإمام،و إن لم يوجبه،عزّرهم بحسب ما يراه.

و للشافعيّ قول آخر:إنّه لا يكون نقضا للعهد مع الشرط؛لأنّ كلّ ما لا يكون فعله نقضا إذا لم يشترط (5)،لم يكن نقضا و إن شرط،كإظهار الخمر و الخنزير (6).

ص:82


1- 1كثير من النسخ:فعلوا،مكان:فعلوه.
2- 2) كثير من النسخ:يري،مكان:يؤوي.
3- 3) الاعتيان:الارتياد.و بعثنا عينا،أي طليعة يعتاننا و يعتان لنا،أي يأتينا بالخبر.و العين:الذي ينظر للقوم.لسان العرب 13:303. [1]
4- 4) ر:شرطا،ع:مشروطا،مكان:مشترطا.
5- 5) ب:لم يشترطه،ع:لم يشرط.
6- 6) الحاوي الكبير 14:317-318،المهذّب للشيرازيّ 2:329،حلية العلماء 7:711،المجموع 19:423،الميزان الكبرى 2:191،مغني المحتاج 4:258،السراج الوهّاج:553،المغني 10: 598،الشرح الكبير بهامش المغني 10:623.

و الجواب:المنع من الكلّيّة و ثبوت الحكم في الأصل أيضا.

و قال أبو حنيفة:لا ينتقض العهد إلاّ بالامتناع من الإمام على وجه يتعذّر معه أخذ الجزية منهم (1).

و هو خطأ؛لأنّ الأمان وقع على هذا الشرط،فيبطل ببطلانه.

و لأنّ عمر بن الخطّاب رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا، فقال:ما على هذا صالحناكم،و أمر (2)به فصلب في بيت المقدس (3).

و رفع إلى أبي عبيدة بن الجرّاح برجل نصرانيّ استكره امرأة مسلمة على الزنا، فقال:ما على هذا صالحناكم.و ضرب (4)عنقه (5).

و لأنّ فيه ضررا على المسلمين،فإذا شرط عليهم،كانوا بمخالفته ناقضين للعهد،كمنع الجزية،و حربهم للمسلمين،بخلاف إظهار الخمر و الخنزير-إن قلنا:

إنّهم لا ينتقض (6)ذمامهم بإظهاره-لأنّه لا ضرر فيه على المسلمين.

الرابع:ما فيه غضاضة على المسلمين،

و هو ذكر ربّهم أو كتابهم أو نبيّهم أو دينهم بسوء،فلا يخلو إمّا أن ينالوا بالسبّ،أو بدونه،فإن سبّوا اللّه تعالى أو رسوله، وجب قتلهم،و كان ذلك نقضا للعهد،قاله الشيخ رحمه اللّه (7).

ص:83


1- 1المغني 10:598،و فيه:لا يتعذّر معه.الشرح الكبير بهامش المغني 10:623،المبسوط للسرخسيّ 10:85-86،بدائع الصنائع 7:113،الهداية للمرغينانيّ 2:163،شرح فتح القدير 5: 302-303،تبيين الحقائق 4:166-167.
2- 2) أكثر النسخ:فأمر.
3- 3) المغني 10:599،الشرح الكبير بهامش المغني 10:623،المجموع 19:426،إرواء الغليل 5: 119 الحديث 1278.
4- 4) ب:فضرب.
5- 5) إرواء الغليل 5:120 الحديث 1278،المهذّب للشيرازيّ 2:329،المجموع 19:423.
6- 6) أكثر النسخ:لا ينقضون،مكان:لا ينتقض.
7- 7) المبسوط 2:44. [1]

و إن ذكروهما بدون (1)السبّ،أو ذكروا دين الإسلام أو كتاب اللّه تعالى بما لا ينبغي،فإن كان قد شرط عليهم الكفّ عن ذلك،كان ذلك نقضا للعهد،و إلاّ فلا.

و قال أبو إسحاق الشيرازيّ من الشافعيّة:يجب شرط ذلك،فإن ترك،فسد عقد الذمّة؛لأنّ ذلك ممّا يقتضيه الصّغار.

و قال أكثر الشافعيّة:لا يجب ذلك؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2).

و قال بعضهم:من شتم منهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قتل حلاّ (3)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يؤمّن ابن خطل و القينتين و قتلهما (4). (5)

الخامس:ما يتضمّن المنكر و لا ضرر على المسلمين فيه،

و هو:أن لا يجدّدوا كنيسة و لا بيعة في دار الإسلام،و لا يرفعوا أصواتهم بكتبهم،و لا يضربوا الناقوس، و لا يطيلوا أبنيتهم على بناء المسلمين،و أن لا يظهروا الخمر و الخنزير في دار الإسلام.فهذا كلّه يجب عليهم الكفّ عنه،سواء شرط عليهم أو لم يشرط (6)، فإنّ عقد الذمّة يقتضيه (7)،فإن خالفوا ذلك،لم يخل إمّا أن يكون مشروطا عليهم،أو لم يكن،فإن كان مشروطا عليهم،انتقض ذمامهم،و إن لم يكن مشروطا عليهم،لم ينتقض ذمامهم،بل يجب عليهم بما يقابل جنايتهم من حدّ أو تعزير.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يكون نقضا للعهد،سواء شرط عليهم أو

ص:84


1- 1أكثر النسخ:بما دون،مكان:بدون.
2- 2) التوبة(9):29. [1]
3- 3) بعض النسخ:حلالا،مكان:حلاّ.
4- 4) سنن النسائيّ 7:105،المستدرك للحاكم 2:57،سنن البيهقيّ 8:205 و ج 9:120 و 212.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 2:329،حلية العلماء 7:712،المجموع 19:423-424.
6- 6) خا و ح:أو لم يشترط،مكان:أو لم يشرط.
7- 7) ب:تقتضيه.

لم يكن (1).و به قال الشافعيّ (2).

لنا:ما رواه الجمهور في كتاب عمر:إن نحن خالفنا،فقد حلّ لك منّا ما يحلّ لك من أهل المعاندة و الشقاق (3).

و قال عمر:من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-و ابن بابويه في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الجزية من أهل الجزية (5)على أن لا يأكلوا الربا،و لا يأكلوا لحم الخنزير، و لا ينكحوا الأخوات و لا بنات الأخ،[و لا بنات الأخت] (6)فمن فعل ذلك منهم، برئت منه ذمّة اللّه و ذمّة رسوله صلّى اللّه عليه و آله»و قال:«ليست لهم اليوم ذمّة» (7).

و لأنّه عقد منوط بشرط،فمتى لم يوجد الشرط زال حكم العقد،كما لو امتنع من التزام قبول الجزية.

أمّا الشافعيّة:فاختلفوا في التعليل،فقال بعضهم:إنّما (8)لا يكون نقضا؛لأنّه لا ضرر على المسلمين فيه.

ص:85


1- 1المبسوط 2:44. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:319،المهذّب للشيرازيّ 2:329،المجموع 19:424.
3- 3) سنن البيهقيّ 9:202،كنز العمّال 4:504 الحديث 11493،المغني 10:596،الشرح الكبير بهامش المغني 10:604.
4- 4) المغني 10:597،الشرح الكبير بهامش المغني 10:623.
5- 5) في المصادر:«من أهل الذمّة»مكان:«من أهل الجزية».
6- 6) أضفناها من المصدر.
7- 7) الفقيه 2:27 الحديث 97،التهذيب 6:158 الحديث 284،الوسائل 11:95 الباب 48 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
8- 8) ب:إنّه،مكان:إنّما.

و قال آخرون:لا يكون نقضا؛لأنّهم يتديّنون به (1).

إذا ثبت هذا:فكلّ موضع قلنا:ينتقض عهدهم،فأوّل ما يعمل أنّه يستوفي منه موجب الجرم،ثمّ بعد ذلك يتخيّر الإمام بين القتل و الاسترقاق و المنّ و الفداء.

و يجوز له أن يردّهم إلى مأمنهم في دار الحرب،و يكونوا حربا لنا،يفعل من ذلك ما يراه صلاحا للمسلمين،هكذا قال (2)الشيخ رحمه اللّه (3).

و للشافعيّ قولان:أحدهما أنّه يردّ إلى مأمنه؛لأنّه دخل دار الإسلام بأمان، فوجب ردّه،كما لو دخل بأمان صبيّ.

و الثاني يكون للإمام قتله و استرقاقه؛لأنّه كافر لا أمان له،فأشبه الحربيّ المتلصّص (4).

و هو الأقرب عندي؛لأنّه هنا فعل ما ينافي الأمان،بخلاف من أمّنه صبيّ،فإنّه يعتقد أنّه أمان.

السادس:التميّز عن المسلمين.

و ينبغي للإمام أن يشترط (5)عليهم في عقد الذمّة التميّز عن المسلمين في أربعة أشياء:في لباسهم،و شعورهم،و ركوبهم،و كناهم.

أمّا لباسهم:فهو أن يلبسوا ما يخالف لونه سائر ألوان الثياب،فعادة اليهود:

ص:86


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:329،المجموع 19:424.
2- 2) كثير من النسخ قاله مكان:قال.
3- 3) المبسوط 2:44. [1]
4- 4) الحاوي الكبير 14:320،حلية العلماء 7:712،المهذّب للشيرازيّ 2:329،المجموع 19: 424،روضة الطالبين:1840،العزيز شرح الوجيز 11:550.
5- 5) آل:يشرط.

العسليّ،و عادة النصارى:الأدكن (1)،و يكون هذا في ثوب واحد لا في جميعها؛ ليقع الفرق.و يأخذهم بشدّ الزنانير (2)في أوساطهم إن كان نصرانيّا فوق الثياب، و إن لم يكن نصرانيّا،ألزمه بعلامة أخرى،كخرقة يجعلها فوق عمامته أو قلنسوة يخالف لونها لونها.

و يجوز أن يلبسوا العمامة و الطيلسان،فإن لبسوا قلانس،شدّوا في رأسها علما؛ليخالف قلانس القضاة،و ينبغي أن يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديد،أو يضع فيه جلجلا (3)أو جرسا؛ليمتاز به عن المسلمين في الحمّام.

و كذلك يأمر نساءهم بلبس شيء يفرّق بينهنّ و بين المسلمات من شدّ الزنّار تحت الإزار.و يختم في رقبتهنّ،و تغيّر أحد الخفّين بأن يكون أحدهما أحمر و الآخر أبيض.و لا يمنعون من لبس فاخر الثياب؛لأنّ التميّز يحصل بما ذكرناه.

و أمّا الشعور:فإنّهم لا يفرّقون شعورهم؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرّق شعره (4).و يحذفون مقاديم رءوسهم،و يجزّون شعورهم.

و أمّا الركوب:فلا يركبون الخيل؛لأنّه عزّ،و يركبون ما سواها بغير سروج، و يركبون عرضا،رجلاه إلى جانب و ظهره إلى آخر.و يمنعون تقليد السيوف و حمل السلاح و اتّخاذه.

و أمّا الكنى:فلا يتكنّوا بكنى المسلمين،كأبي القاسم،و أبي عبد اللّه،و أبي

ص:87


1- 1اللون الأدكن،كلون الخزّ الذي يضرب إلى الغبرة بين الحمرة و السواد.لسان العرب 13:157، و [1]قال الجوهريّ:لون يضرب إلى السواد.الصحاح 5:213.
2- 2) الزّنّار:للنصارى.الصحاح 2:672،و قال الطريحيّ:شيء يكون على وسط النصارى و اليهود، و الجمع:زنانير.مجمع البحرين 3:319. [2]
3- 3) الجلجل:الجرس الصغير.واحد الجلاجل.لسان العرب 11:122. [3]
4- 4) صحيح البخاريّ 7:209،صحيح مسلم 4:1817-1818 الحديث 2336،سنن النسائيّ 8: 184،الموطّأ 2:948 الحديث 3.

محمّد،و أبي الحسن،و أشباهها.و لا يمنعون من الكنى بالكلّيّة،

فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين دخل على سعد بن عبادة،قال:«أ ما ترى ما يقول أبو الحباب؟» و قال لأسقفّ نجران«أسلم أبا الحارث» (1).

مسألة:قد بيّنّا أنّ من انتقض أمانه،يتخيّر الإمام فيه بين المنّ و القتل

و الاسترقاق و الفداء

(2).فإن أسلم قبل أن يختار الإمام فيه شيئا،سقط عنه ذلك كلّه إلاّ ما يوجب الحدّ و القود أو استعادة ما أخذ.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:فإنّ أصحابنا رووا أنّ إسلامه لا يسقط عنه الحدّ (3).

و وجهه:أنّه حقّ ثبت في ذمّته،فلا يسقط بالإسلام،كالدين.

و لو أسلم بعد أن استرقّه الإمام،لم ينفعه إسلامه في ترك الاسترقاق،و كذا المفاداة.

فأمّا المستأمن-و هو المعاهد في عرف الفقهاء-فهو الذي يكون له أمان بغير ذمّة،فيجوز للإمام أن يؤمّنه دون الحول بعوض و غير عوض.و لو أراد أن يقيم حولا،وجب عليه العوض.

فإذا عقد له الأمان،فإن خاف منه الإمام الخيانة بأن يؤوي (4)للمشركين عينا أو يدلّهم على عورة،فإنّ للإمام أن ينبذ إليه الأمان و يردّه إلى دار الحرب؛لقوله تعالى:

وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (5)بخلاف أهل الذمّة،فإنّه لا تنقض ذمّتهم بخوف الخيانة؛لالتزامهم بأحكام الإسلام من الحدود و غيرها،

ص:88


1- 1المغني 10:610،الشرح الكبير بهامش المغني 10:606.فيهما:أسلم يا أبا الحارث.
2- 2) يراجع:ص 86. [1]
3- 3) المبسوط 2:44. [2]
4- 4) أكثر النسخ:يؤدّي،مكان:يؤوي.
5- 5) الأنفال(8):58. [3]

فيكون ذلك مانعا لهم عن الخيانة.

و المعاهدون لا يلزمهم حدّ و لا عقوبة،و لا زاجر (1)لهم عن الخيانة حينئذ (2)، فجاز لنا نبذ عهدهم مع خوف الخيانة.

مسألة:ينبغي للإمام إذا عقد الذمّة أن يكتب أسماءهم و أسماء آبائهم و عددهم

و حليتهم

(3)،فيقول:فلان بن فلان الطويل أو القصير،الأسمر (4)أو الأبيض، أدعج (5)العينين،أقنى (6)الأنف،مقرون الحاجبين إن كانوا كذلك و إلاّ فبضدّاه، و يعرّف على كلّ عشرة منهم عريفا (7)ليحفظ من يدخل فيهم و من يخرج عنهم، مثل أن يبلغ صغير،أو يفيق مجنون،أو يقدم غائب،أو يسلم واحد أو يموت أو يغيب،و يجبي جزيتهم.و إن تولّى ذلك بنفسه،كان جائزا.

مسألة:و إذا عقد لهم الذمّة،عصموا أنفسهم و أموالهم و أولادهم الأصاغر من

القتل و السبي و النهب ما داموا على الذمّة،

و لا يتعرّض لكنائسهم و خمورهم و خنازيرهم ما لم يظهروها.

و إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم،تخيّر الحاكم بين الحكم عليهم و بين ردّهم إلى حاكمهم.و سيأتي.

و من أراق من المسلمين لهم خمرا أو قتل خنزيرا،فإن كان مع تظاهرهم،فلا

ص:89


1- 1ع،آل ور:و لا زاجرا.
2- 2) لا توجد كلمة:حينئذ في:ب و خا.
3- 3) حلية الرجل:صفته.الصحاح 6:2318. [1]
4- 4) السّمرة:لون معروف،و سمر-بالضم-فهو أسمر،و الأنثى:سمراء.المصباح المنير:288. [2]
5- 5) دعجت العين دعجا:هو سعة مع سواد.و قيل:شدّة سوادها.المصباح المنير:194. [3]
6- 6) القنا:احديداب في الأنف،يقال:رجل أقنى الأنف و امرأة قنواء.الصحاح 6:2469. [4]
7- 7) العرفاء:جمع عريف،و هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم و يتعرّف الأمير منه أحوالهم.النهاية لابن الأثير 3:218. [5]

شيء عليه،و إلاّ وجب عليه قيمته عند مستحلّيه.و سيأتي الخلاف في ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا يجوز أخذ الجزية ممّا لا يسوغ للمسلمين تملّكه،

كالخمر و الخنزير إجماعا،و يجوز أخذها من ثمن ذلك،فإذا باع الذمّيّ خمره أو خنزيره (1)على ذمّيّ و قبض الثمن،جاز أخذه من الجزية؛لأنّا عقدنا معهم الذمّة على تديّنهم بدينهم.

و يؤيّده:

ما رواه محمّد بن مسلم-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقات أهل الذمّة و ما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم و لحم خنازيرهم و ميتتهم،قال:«عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر،فكلّما (2)أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم،و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم» (3).

مسألة:إذا مات الإمام و قد ضرب لما قرّره من الجزية أمدا معيّنا إذا شرط

الدوام،

وجب على القائم بعده إمضاء ذلك بلا خلاف؛لأنّ ما فعله الإمام الأوّل لا بدّ و أن يكون صوابا؛لأنّه معصوم عندنا،فلا يجوز مخالفته.

و لو قرّرهم نائبه ثمّ مات المنوب،فإن كان ما قرّره الأوّل صوابا،وجب اتّباعه، و إلاّ فسخه القائم مقامه.

إذا ثبت هذا:فإنّ الثاني (4)ينظر في عقدهم،فإن كان صحيحا،أقرّهم عليه؛

ص:90


1- 1خا و ق:خمرا أو خنزيرا.
2- 2) ب:«و كلّما»كما في الكافي و [1]الفقيه.
3- 3) الكافي 3:568 الحديث 5، [2]الفقيه 2:28 الحديث 100،التهذيب 4:113 الحديث 333 و ص 135 الحديث 379،الوسائل 11:117 الباب 70 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [3]
4- 4) أكثر النسخ:فإنّ الناس،مكان:فإنّ الثاني.

لأنّه مؤبّد،و إن كان فاسدا غيّره إلى الصحّة؛لأنّه منصوب لمصالح المسلمين و مراعاة أمورهم و إمضائها على ما يسوغ في الشرع.

ثمّ ينظر،فإن كان ما عقده الأوّل ظاهرا معلوما،اتّبع،و إن لم يكن معلوما،فإن شهد مسلمان عدلان بذلك،عمل عليه،و إن لم يشهد استدعاهم و سألهم،و لا تقبل شهادة بعضهم على بعض.

فإن اعترفوا بالجزية و كانت دون الواجب عليهم،لم يلتفت إليهم،و طالبهم بالواجب،فإن بذلوه،و إلاّ ردّهم إلى مأمنهم.و إن اعترفوا بالواجب،أقرّهم عليه، و إن اتّهمهم في الزائد،حلّفهم.و لو قيل باستئناف العقد معهم؛لأنّ عقد الأوّل لم يثبت عنده فصار (1)كالمعدوم،كان حسنا.

ص:91


1- 1ب:فكان،مكان:فصار.
البحث الرابع
اشارة

في أحكام المساكن و الأبنية و المساجد

مسألة:لا يجوز لأهل الحرب أن يدخلوا بلاد الإسلام إلاّ بإذن الإمام؛

(1)

لأنّه قد يستضرّ المسلمون بدخولهم؛لجواز أن يكون جاسوسا فيحمل أخبارهم أو يشتري سلاحا للمشركين،و يجوز للإمام أن يأذن لهم في الدخول لمصلحة،من أداء رسالة لعقد (2)هدنة أو أمان إلى مدّة،أو لنقل ميرة (3)يحتاج إليهما المسلمون بعوض و غير عوض للحاجة إلى ذلك.

و أمّا إذا كان تاجرا لا يحتاج المسلمون إلى تجارته،كالبرّ (4)و العطر و غير ذلك،لم يأذن له إلاّ بعوض يشترط (5)عليه بحسب ما يراه الإمام مصلحة (6)من قليل أو كثير،سواء كان عشر أموالهم أو لم يكن.و لو أذن لهم بغير عوض لمصلحة، جاز؛لأنّ ذلك إلى اجتهاده.

و لو أذن لهم في الدخول مطلقا-و لم يشترط (7)العوض و لا عدمه-فللشافعيّ

ص:92


1- 1ع:دار الإسلام،مكان:بلاد الإسلام.
2- 2) أكثر النسخ:بعقد.
3- 3) مارهم ميرا:أتاهم بالميرة-بكسر الميم-و هي الطعام.المصباح المنير:587.
4- 4) البرّ-بالضم-القمح،الواحدة:برّة.المصباح المنير:43. [1]
5- 5) آل،ب،ر و ع:يشرط،مكان:يشترط.
6- 6) ح:من مصلحة.
7- 7) آل،ب،ر و ع:و لم يشرط،مكان:و لم يشترط.

قولان:

أحدهما:أنّه ليس له أن يطالبهم بالعوض؛لأنّه لم يشترط (1)عليهم،فلم يستحقّ،كما لو أذن لهم بغير عوض.

و الثاني:يؤخذ منهم العشر؛لأنّ مطلق الإذن يحمل على المعهود في الشرع و قد أخذ عمر منهم العشر،فيؤخذ ذلك (2).و قوّى الشيخ-رحمه اللّه تعالى-:

الأوّل (3)،و هو جيّد؛عملا ببراءة الذمّة و عدم المعارض.

و قال أبو حنيفة:ينظر الإمام،فإن كانوا يأخذون من المسلمين إذا دخلوا إليهم (4)العشر،أخذ منهم مثله،و إن لم يأخذوا شيئا،لم يعشّرهم؛لأنّهم إذا فعلوا ذلك فقد رضوا به (5).

و قال أحمد:يؤخذ منهم العشر مطلقا؛لأنّ عمر أخذ العشر،و لم ينقل أنّه شرط ذلك عليهم،و اشتهر ذلك بين الصحابة،و عمل به الخلفاء بعده،فكان إجماعا (6).و نحن نمنع ذلك مطلقا.

إذا عرفت هذا:فإن كان الإمام قد شرط عليهم شرطا دائما،بأن يأخذ منهم كلّ

ص:93


1- 1ب:لم يشرطه،آل:لم يشرط،ح:لم يشترطه.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:332،حلية العلماء 7:715،المجموع 19:438،الميزان الكبرى 2: 190،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191،المغني 10:593،الشرح الكبير بهامش المغني 10:616.
3- 3) المبسوط 2:49.
4- 4) ح:عليهم.
5- 5) الجامع الصغير للشيبانيّ:128،المبسوط للسرخسيّ 2:200،الهداية للمرغينانيّ 1:106،شرح فتح القدير 2:174،حلية العلماء 7:716،المغني 10:592،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 616،الميزان الكبرى 2:190،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191-192.
6- 6) المغني 10:593،الشرح الكبير بهامش المغني 10:616،الكافي لابن قدامة 3:367،الإنصاف 4:243،الميزان الكبرى 2:190،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191-192.

سنة العشر أو أقلّ أو أكثر،أخذ منهم بحسب ما شرطه،و إلاّ أخذ منهم كلّ وقت ما يراه مصلحة،و إنّما يأخذ ممّن شرط عليه.

و قال بعض الجمهور:يؤخذ من كلّ حربيّ صغير أو كبير ذكر أو أنثى (1).

و قال بعضهم:لا يأخذ إلاّ في كلّ سنة مرّة واحدة (2).

و عندنا أنّه لا يتقدّر بقدر؛لأنّا لا نأمن أن يدخلوا،فإذا جاء وقت السنة لم يدخلوا،فيتعذّر الأخذ منهم.

إذا ثبت هذا:فإن دخل الحربيّ بغير أمان،فقال:أتيت برسالة،قبل قوله؛لتعذّر إقامة البيّنة على ذلك.و لأنّه يحتمل الصدق،و قتل الرسول لا يجوز فغلّبنا التحريم و حقّنا دمه.و لو قال:أمّنني (3)مسلم،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يقبل قوله إلاّ ببيّنة؛لأنّه ممّا يمكن إقامة البيّنة عليه (4).

و قال بعض الشافعيّة:يقبل قوله،كما لو قال:أتيت رسولا (5).

و الأوّل:أقوى؛للفرق بإقامة البيّنة عليه في الأوّل دون الثاني.

و إن دخل و لم يدّع شيئا من ذلك،كان للإمام قتله و استرقاقه و أخذ ماله؛لأنّه حربيّ دخل دارنا بغير أمان و لا عهد،و هذا بخلاف الذمّيّ إذا دخل الحجاز بغير إذن؛لأنّ الذمّيّ محقون الدم،فيستصحب الحكم فيه،بخلاف الحربيّ.

ص:94


1- 1المغني 10:594،الشرح الكبير بهامش المغني 10:617،الإنصاف 4:245،الميزان الكبرى 2: 190،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191-192.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:332،حلية العلماء 7:717،المغني 10:595،الشرح الكبير بهامش المغني 10:617،الإنصاف 4:244،الهداية للمرغينانيّ 1:106،شرح فتح القدير 2:175.
3- 3) أكثر النسخ:إنني،مكان:أمّنني.
4- 4) المبسوط 2:48. [1]
5- 5) الحاوي الكبير 14:340،المهذّب للشيرازيّ 2:332،حلية العلماء 7:715،الميزان الكبرى 2: 190،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191-192.
مسألة:و لا يجوز لمشرك ذمّي أو حربيّ سكنى الحجاز إجماعا؛

لما رواه ابن عبّاس،قال:أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بثلاثة أشياء،قال:«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب،و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و سكت عن الثالث أو قال:أنسيت (1)الثالث (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» (3).

و قال عليه السلام:«لأخرجنّ اليهود و النصارى من جزيرة العرب و لا أترك فيها إلاّ مسلما» (4).

و عن أبي عبيدة بن الجرّاح،قال:إنّ آخر ما تكلّم به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال (5):«أخرجوا اليهود من الحجاز و أهل نجران من جزيرة العرب» (6).

إذا ثبت هذا؛فالمراد بجزيرة العرب في هذه الأحاديث الحجاز خاصّة،و نعني بالحجاز مكّة و المدينة و اليمامة و خيبر و ينبع و فدك و مخاليفها (7).

ص:95


1- 1أكثر النسخ:السبب،مكان:أنسيت.
2- 2) صحيح البخاريّ 4:121،صحيح مسلم 3:1257-1258 الحديث 1637،سنن أبي داود 3: 165 الحديث 3029، [1]مسند أحمد 1:222، [2]سنن البيهقيّ 9:207،كنز العمّال 4:382 الحديث 11017.
3- 3) الموطّأ 2:892 الحديث 18، [3]سنن البيهقيّ 9:208،كنز العمّال 12:307 الحديث 35148 و ج 14،166 الحديث 38252.
4- 4) صحيح مسلم 3:1388 الحديث 1767،سنن أبي داود 3:165 الحديث 3030، [4]سنن الترمذيّ 4:156 الحديث 1606 و 1607، [5]مسند أحمد 1:29 و 32، [6]سنن البيهقيّ 9:207،كنز العمّال 12: 304 الحديث 35131 و 35132،المصنّف لعبد الرزّاق 6:54 الحديث 9985 و ج 10:359 الحديث 19365.
5- 5) ب،ر،ع و خا:أن قال،ح:و قال،ق:أو قال.
6- 6) سنن الدارميّ 2:233، [7]مسند أحمد 1:195، [8]سنن البيهقيّ 9:208،كنز العمّال 12:304 الحديث 35133،مسند أبي يعلى 2:177 الحديث 872.
7- 7) المخلاف:واحد المخاليف:الكورة.لسان العرب 9:84. [9]

و سمّي حجازا؛لأنّه حجز بين نجد و تهامة.

و جزيرة العرب عبارة عمّا بين عدن إلى ريف (1)العراق طولا،و من جدّة (2)و السواحل إلى أطراف الشام عرضا،قاله الأصمعيّ و أبو عبيد (3).

و قال أبو عبيدة:هي من حفر أبي موسى (4)إلى اليمن طولا،و من رمل «يبرين» (5)إلى منقطع السماوة عرضا (6).

قال الخليل:إنّما قيل لها:جزيرة العرب؛لأنّ بحر الحبش و بحر فارس و الفرات قد أحاطت بها،و نسبت إلى العرب؛لأنّها أرضها و مسكنها و معدنها (7).

و إنّما قلنا:إنّ المراد بجزيرة العرب الحجاز خاصّة؛لأنّه لو لا ذلك،لوجب إخراج أهل الذمّة من اليمن،و ليس ذلك بواجب،و لم يخرجهم عمر من اليمن و هي من جزيرة العرب،و إنّما أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإخراج أهل نجران من

ص:96


1- 1ريف:كلّ أرض فيها زرع و نخل.لسان العرب 9:128. [1]
2- 2) جدّة:الجدّ-بالضمّ و التشديد-شاطئ النهر،و كذا الجدّة،قيل:و به سمّيت الجدّة جدّة،أعني المدينة التي عند مكّة لأنّها ساحل البحر.مجمع البحرين 3:21. [2]
3- 3) غريب الحديث لأبي عبيد:67،تهذيب اللغة 10:604، [3]النهاية لابن الأثير 1:268، [4]المصباح المنير:98-99، [5]سنن البيهقيّ 9:209،المغنيّ 10:604،الشرح الكبير بهامش المغني 10:613، العزيز شرح الوجيز 11:512. [6]
4- 4) حفر أبي موسى-و هي بفتح الحاء و الفاء-ركايا احتفرها على جادّة البصرة إلى مكّة.النهاية لابن الأثير 1:407، [7]لسان العرب 4:207. [8]
5- 5) يبرين أو أبرين-بفتح الأوّل و سكون الباء و كسر الراء و آخره نون-اسم قرية كثيرة النخل و العيون العذبة بحذاء الأحساء من بني سعد بالبحرين قاله الحمويّ،و قال ابن منظور:هو اسم موضع يقال له: رمل يبرين.معجم البلدان 1:71 و ج 5:427، [9]لسان العرب 5:293. [10]
6- 6) تهذيب اللغة 10:604، [11]الصحاح 2:613، [12]المصباح المنير:98، [13]سنن البيهقيّ 9:209،المغني 10:604،الشرح الكبير بهامش المغني 10:613،العزيز شرح الوجيز 11:512. [14]
7- 7) العين 6:62، [15]المغني 10:604،الشرح الكبير بهامش المغني 10:613.

جزيرة العرب؛لأنّه صلّى اللّه عليه و آله صالحهم على ترك الربا،فنقضوا العهد (1).

فروع:
الأوّل:يجوز لهم دخول الحجاز بإذن الإمام للتجارة

و يجوز للإمام أن يأذن لهم في مقام ثلاثة أيّام لا غير.

و قال ابن الجنيد:إذا أذن لتجّار أو رسل أن يدخلوا الحجاز،لم يطلق لأحد منهم أن يقيم أكثر من المدّة التي يخرج بها المسافر إلى حدّ المقيم (2).

إذا ثبت هذا:فإذا أقام في موضع ثلاثة أيّام،انتقل عنه إلى بلد آخر،و إنّما يأذن الإمام في ذلك إذا كان فيه مصلحة من حمل الميرة و غيرها.

الثاني:لو دخل واحد منهم بغير إذن الإمام،

فإن كان عالما،عزّره و لا يقتل و لا يسترقّ،كما قلنا (3)في أهل الحرب؛لأنّ هؤلاء لهم ذمّة.و إن كان جاهلا أعذره في ذلك و نهاه عمّا يستقبل.

الثالث:لو دخل بإذن و أقام ثلاثة أيّام،

(4)

جاز له أن ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز أيضا ثلاثة أيّام،و هكذا في كلّ بلاد الحجاز؛لأنّه لا مانع منه.

الرابع:لو مرض بالحجاز،جازت له الإقامة؛

لأنّ المريض يشقّ عليه الانتقال من بلد إلى بلد،و لو مات دفن في مكانه؛لأنّه إذا جازت الإقامة للمريض،فالموت أولى.

ص:97


1- 1سنن أبي داود 3:167-168 الحديث 304،سنن البيهقيّ 9:202،المغني 10:604،الشرح الكبير بهامش المغني 10:613،العزيز شرح الوجيز 11:514.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) خا و ق:قلناه.
4- 4) ر:من،مكان:لو.
الخامس:يجوز له الاجتياز في أرض الحجاز بإذن و غير إذن،

قاله الشيخ -رحمه اللّه-لأنّه لا دليل على التحريم مع أصالة الإباحة.قال:فإن اجتاز فيها،لم يمكّن (1)من المقام أكثر من ثلاثة أيّام (2).

السادس:لو كان له دين على رجل،فأراد الإقامة لاقتضائه،لم يكن له ذلك،

بل يوكّل في قبضه.

السابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يمنعون من ركوب بحر الحجاز؛

لأنّ البحر ليس بموضع الإقامة،و لا له حرمة ببعثة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه.و لو كان في بحر الحجاز جزائر و جبال،منعوا من سكناها،و كذا حكم سواحل بحر الحجاز؛ لأنّها في حكم البلاد (3).

مسألة:و لا يجوز لهم دخول الحرم لا اجتيازا و لا استيطانا،

(4)

قاله الشيخ -رحمه اللّه- (5)و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7).

و قال أبو حنيفة:يجوز له دخول الحرم و الإقامة فيه مقام المسافر

ص:98


1- 1أكثر النسخ:يتمكّن،مكان:يمكّن.
2- 2) المبسوط 2:48. [1]
3- 3) المبسوط 2:48. [2]
4- 4) أكثر النسخ:لا يجوز،مكان:و لا يجوز.
5- 5) المبسوط 2:47، [3]الخلاف 2:512 مسألة-14.
6- 6) الأمّ 4:178،أحكام القرآن للشافعيّ:84، [4]الحاوي الكبير 14:335،المهذّب للشيرازيّ 2: 331،حلية العلماء 7:713،المجموع 19:433،الميزان الكبرى 2:191،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:194،مغني المحتاج 4:247،السراج الوهّاج:550،المغني 10:605،الشرح الكبير بهامش المغني 10:611.
7- 7) المغني 10:605،الشرح الكبير بهامش المغني 10:611،الكافي لابن قدامة 4:268،الفروع في فقه أحمد 3:475،الإنصاف 4:239، [5]الميزان الكبرى 2:191،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:194.

و لا يستوطنوه.

قال:و يجوز لهم دخول الكعبة (1).

لنا:قوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ (2)و المراد بذلك:الحرم؛لقوله تعالى: وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (3).يريد ضرّا بتأخّر الجلب (4)عن الحرم دون المسجد.

و لقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (5)و إنّما أسري به من بيت أمّ هانئ من خارج المسجد.

احتجّ أبو حنيفة:بأن المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول و التصرّف، كالحجاز (6).

و الجواب:لم نستدلّ بمنع استيطان الحجاز على المنع من دخول الحرم،بل استدللنا بالآية على أنّ الفرق واقع،فإنّ اللّه تعالى منع من الدخول إلى الحرم مع الإذن في الحجاز،فإنّ هذه الآية نزلت و اليهود بخيبر و المدينة و غيرهما من الحجاز لم يمنعوا من الإقامة فيه إلاّ بعد ذلك.و لأنّ الحرم أشرف من غيره من أرض الحجاز؛لتعلّق النسك به و تحريم صيده و شجره و الملتجئ إليه،فلا يتمّ القياس.

ص:99


1- 1تحفة الفقهاء 3:344،بدائع الصنائع 5:128،الحاوي الكبير 14:334،حلية العلماء 7:713، المغني 10:605،الشرح الكبير بهامش المغني 10:611،الميزان الكبرى 2:191،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:194.
2- 2) التوبة(9):28. [1]
3- 3) التوبة(9):28. [2]
4- 4) ر و آل:بتاجر الجلب.و الجلب:ما جلب من خيل و إبل و متاع.لسان العرب 1:268. [3]
5- 5) الإسراء(17):1. [4]
6- 6) المغني 10:606،الشرح الكبير بهامش المغني 10:611.

إذا ثبت هذا:فإن قدم بميرة لأهل الحرم،منع من الدخول إليه،و إن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحلّ و ابتاعوا منه.

و لو جاء رسولا إلى الإمام،بعث إليه الإمام ثقة يسمع رسالته و يخبر بها الإمام، و لو امتنع من أداء الرسالة إلاّ مشافهة،خرج إليه الإمام من الحرم ليسمع كلامه، و لا يأذن له في الدخول.

و لو دخل الحرم بغير إذن الإمام عالما بعدم جوازه،عزّره الإمام،و إن كان جاهلا أعذره،فإن عاد،عزّره.

فإن مرض في الحرم،نقله منه،و لو مات،لم يدفنه فيه،بخلاف الحجاز،لحرمة الحرم عليه.

فإن دفن في الحرم،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا ينبش و يترك على حاله؛لأنّ المنع من النبش ورد عامّا (1).

و قال الشافعيّ:ينبش و يخرج إلى الحلّ إلاّ أن يتقطّع،فإن تقطّع فات إخراجه و تعذّر (2).

فرع:

لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض،قال الشيخ-رحمه اللّه-:جاز له ذلك،و وجب عليه دفع العوض الذي وافقه عليه،و إن كان خليفة الإمام و وافقه على عوض فاسد،بطل المسمّى و له أجرة المثل (3).

ص:100


1- 1المبسوط 2:48. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:335،المهذّب للشيرازيّ 2:331،المجموع 19:433،روضة الطالبين: 1831،العزيز شرح الوجيز 11:517،مغني المحتاج 4:247،السراج الوهّاج:550.
3- 3) المبسوط 2:48. [2]

و منع الشافعيّ من ذلك كلّه و أبطل الصلح،قال و إن دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه،لم يردّ العوض؛لأنّه حصل لهم ما صالحهم عليه،و إنّما أوجب (1)ما صالحهم عليه؛لأنّه لا يمكنهم الرجوع إلى عوض المثل،فلزمهم المسمّى و إن كان الصلح فاسدا.

و لو وصلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله،أخرجهم و كان عليهم العوض بقدره (2).

آخر:

لو صالح الإمام الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض،جاز؛لأنّ المرأة كالرجل في المنع.

و لو صالح المرأة على سكنى دار الإسلام غير الحجاز بعوض،لم يلزمها ذلك؛ لأنّ لها المقام فيها بغير عوض،بخلاف الحجاز.

مسألة:المساجد على ثلاثة أقسام:

المسجد الحرام و قد وقع الإجماع على أنّه لا يجوز لمشرك ذمّيّ أو حربيّ دخوله؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (3).

و الثاني (4):مساجد الحجاز غير الحرم.

ص:101


1- 1ب:وجب.
2- 2) الحاوي الكبير 14:336،المهذّب للشيرازيّ 2:331،المجموع 19:433،روضة الطالبين: 1831،العزيز شرح الوجيز 11:517.
3- 3) التوبة(9):28. [1]
4- 4) ب:الثاني.

و الثالث:سائر المساجد بالبلدان و حكمها واحد،و قد وقع الخلاف فيه:

فمذهب أهل البيت عليهم السلام منعهم من الدخول فيه بإذن مسلم و بغير إذنه، و لا يجوز للمسلم (1)أن يأذن في ذلك،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الرواية الأخرى يجوز لهم الدخول بإذن المسلم (2)،و هو قول أكثر (3)الجمهور (4).

لنا:أنّه مسجد،فلا يجوز لهم الدخول إليه،كالحرم.

و لقوله عليه السلام:«جنّبوا مساجدكم النجاسة» (5)و قد قال اللّه تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (6).

و لأنّ المنع كان مشهورا بين المسلمين،فإنّ أبا موسى دخل على عمر،و معه كتاب قد كتب فيه حساب عمله،فقال له عمر:ادع الذي كتبه ليقرأه،قال:إنّه لا يدخل المسجد قال:و لم لا يدخل المسجد؟قال:لأنّه نصرانيّ فسكت (7).و هذا

ص:102


1- 1ب:لمسلم.
2- 2) المغني 10:607-608،الشرح الكبير بهامش المغني 10:614،الكافي لابن قدامة 4:268، الفروع في فقه أحمد 3:475،الإنصاف 4:241،الأحكام السلطانيّة 1:195.
3- 3) لا توجد كلمة:أكثر في أكثر النسخ.
4- 4) المغني 10:607،الشرح الكبير بهامش المغني 10:614،المجموع 19:437،العزيز شرح الوجيز 11:518،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:913.
5- 5) مرّ الحديث في الجزء السادس ص 325،قال في الوسائل 3:504 الباب 24 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2:و [1]رواه جماعة من أصحابنا في كتب الاستدلال.و رواه المحقّق في المعتبر 2: 449،و [2]الشهيد في الذكرى:157 و [3]قال:لم أقف على إسناد هذا الحديث.
6- 6) التوبة(9):28. [4]
7- 7) سنن البيهقيّ 9:204،المغني 10:608،الشرح الكبير بهامش المغني 10:614،إرواء الغليل 8: 256،تفسير القرطبيّ 4:179، [5]تفسير الدرّ المنثور 2:291، [6]المهذّب للشيرازيّ 2:331،الكافي لابن قدامة 4:268.

اتّفاق منهم على عدم دخولهم المساجد،و فيه دلالة على شهرة ذلك بينهم و تقرّره عندهم.و أيضا:فإنّهم لا ينفكّون من حدث الجنابة و الحيض و النفاس.و لأنّ هذه الأحداث تمنع من المقام في المسجد،فحدث الشرك أولى.و لأنّهم ليسوا من أهل المساجد.و لأنّ منعهم من الدخول فيه إذلال لهم،و قد أمرنا بذلك.

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنزل وفد ثقيف في المسجد (1). (2)و شدّ ثمامة بن أثال الحنفيّ في سارية من سواري المسجد (3)،و قدم عمير بن وهب (4)فدخل المسجد،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه ليفتك به،فرزقه اللّه الإسلام (5).

ص:103


1- 1سنن أبي داود 3:163 الحديث 3026، [1]مسند أحمد 4:218،سنن البيهقيّ 2:444،المصنّف لابن أبي شيبة 2:407 الحديث 1،المعجم الكبير للطبرانيّ 17:169 الحديث 448،مجمع الزوائد 2:28.
2- 2) المغني 10:607،الشرح الكبير بهامش المغني 10:614،الكافي لابن قدامة 4:268،الفروع في فقه أحمد 3:475.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:125،صحيح مسلم 3:1386 الحديث 1764،سنن النسائيّ 2:46،سنن البيهقيّ 2:444.
4- 4) عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشيّ الجمحيّ يكنّى أبا أميّة،كان له قدر و شرف في قريش و هو ابن عمّ صفوان بن أميّة بن خلف و شهد بدرا مع المشركين كافرا، فلمّا انهزم المشركون يوم بدر كان عمير فيمن نجى و أسر ابنه،فلمّا عاد المنهزمون إلى مكّة جلس عمير و صفوان بن أميّة،فقال صفوان:قبّح اللّه العيش بعد قتلى بدر،قال عمير:لو لا دين عليّ لا أجد قضاءه و عيال لا أدع لهم شيئا لخرجت إلى محمّد فقتلته...،ففرح صفوان و قال:عليّ دينك،و عيالك أسوة عيالي في النفقة فجهّزه صفوان،فأقبل عمير حتّى قدم المدينة فنزل بباب المسجد و عمد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فنظر إليه عمر ففزع و دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه، هو الغادر الفاجر لا تأمنه على شيء،قال:أدخله عليّ،فلمّا دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما الذي شرطت لصفوان بن أميّة في الحجر،ففزع عمير فقال:ما شرطت له شيئا،قال:تحمّلت له بقتلي على أن يعول بنيك و يقضي دينك،فأسلم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«علّموا أخاكم القرآن» و أطلق له أسيره.أسد الغابة 4:148، [2]الإصابة 3:36. [3]
5- 5) مجمع الزوائد 8:284،المغني 10:607،الشرح الكبير بهامش المغني 10:614.

و الجواب:لو سلّمنا ذلك،لكان في صدر الإسلام قبل قوّة المسلمين.

مسألة:إذا وفد قوم من المشركين إلى الإمام،أنزلهم في فضول منازل

المسلمين،

و إن لم يكن لهم فضول منازل،جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت، و إن لم تكن،أسكنهم في أفنية الدور و الطرقات،و لا يمكّنهم من الدخول في المساجد بحال.

قال ابن الجنيد:لا يستحبّ أن يخلّى بين أهل الذمّة و بين الدخول في كلّ مكان يتساوى فيه المقيم و المسافر في إتمام الصلاة،كمسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و غيره،قال:

و قد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان ينادي كلّ يوم:

«لا يبيتنّ بالكوفة يهوديّ و لا نصرانيّ و لا مجوسيّ الحقوا بالحيرة و زرارة (1)».

مسألة:البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام على أقسام ثلاثة:
أحدها:ما أنشأه المسلمون و أحدثوه و اختطّوه

(2)-كالبصرة و بغداد و الكوفة- فلا يجوز إحداث كنيسة فيها و لا بيعة و لا بيت لصلاتهم،و لا صومعة راهب بلا خلاف؛لما روي عن ابن عبّاس،أنّه قال:أيّما مصر مصرته العرب فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بيعة،و ما كان قبل ذلك،فحقّ على المسلمين أن يقرّ لهم (3).

و في حديث آخر:أيّما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة، و لا يضربوا فيه ناقوسا،و لا يشربوا فيه خمرا،و لا يتّخذوا فيه خنزيرا (4).و لأنّ هذا

ص:104


1- 1آل وخا:و درارة،ع:و ردارة،زرارة:محلّة بالكوفة.معجم البلدان 3:135. [1]
2- 2) خطّ على الأرض:أعلم علامة.المصباح المنير:173. [2]
3- 3) الأموال لأبي عبيد:107 الحديث 269،سنن البيهقيّ 9:201.و فيه:مصرّ المسلمون.
4- 4) سنن البيهقيّ 9:202،المصنّف لابن أبي شيبة 7:634 الحديث 1،المغني 10:599،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 10:609.

البلد للمسلمين و هو ملك لهم،فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر.

فأمّا ما وجد من البيع و الكنائس في هذه البلاد،مثل كنيسة الروم في بغداد، فإنّها كانت في قرى لأهل الذمّة فأقرّت على حالها.

و الثاني:ما فتحه المسلمون عنوة،

فهو ملك المسلمين قاطبة-على ما قلناه في كتاب الزكاة (1)-و لا يجوز أيضا إحداث بيعة و لا كنيسة و لا صومعة لراهب فيها،لأنّها صارت ملكا للمسلمين.

و أمّا ما كان موجودا قبل الفتح،فإن هدمه المسلمون وقت الفتح،فلا يجوز استجداده أيضا؛لأنّه بمنزلة الإحداث في ملك المسلمين.

و إن لم يهدموه،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز إقراره (2).

و للشافعيّ قولان:أحدهما:لا يجوز لهم تبقيته؛لأنّ هذه البلاد ملك للمسلمين،فلا يجوز أن يكون فيها بيعة،كالبلاد التي أنشأها المسلمون.

و الثاني:يجوز إقرارهم عليها و لا تهدم (3)؛لقول ابن عبّاس:أيّما مصر مصرته العجم،ففتحه اللّه على العرب فنزلوه،فإنّ للعجم ما في عهدهم (4).

و لأنّ الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة،فلم يهدموا شيئا من الكنائس.

و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله:أن لا يهدموا بيعة و لا كنيسة و لا بيت نار (5).

ص:105


1- 1لم نعثر عليه في كتاب الزكاة،نعم ذكره في كتاب الجهاد.ينظر:الجزء الرابع عشر:253.
2- 2) المبسوط 2:46. [1]
3- 3) الحاوي الكبير 14:321-322،المهذّب للشيرازيّ 2:327،منهاج الطالبين:118،روضة الطالبين:1837،المجموع 19:412،مغني المحتاج 4:254،السراج الوهّاج:552.
4- 4) سنن البيهقيّ 9:202،المصنّف لابن أبي شيبة 7:634 الحديث 1،المغني 10:600،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:609.
5- 5) المصنّف لابن أبي شيبة 7:634 الحديث 2،المغني 10:600،الشرح الكبير بهامش المغني 10: 610.

و لحصول الإجماع عليه،فإنّها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير.

الثالث:ما فتح صلحا و هو على وجهين:

أحدهما:أن يصالحهم الإمام على أنّ الأرض لهم،و يأخذ منهم الخراج عليها فهاهنا يجوز إقرارهم على بيعهم و كنائسهم،و بيوت نيرانهم و مجتمع عباداتهم و إحداث ما شاءوا من ذلك فيها،و إنشاؤه و إظهار الخمور فيها و الخنازير،و ضرب الناقوس كيف شاءوا؛لأنّ الملك لهم،و إنّما يمنعون من الأشياء الستّة التي قدّمناها:

من الزنا بالمسلمين و اللواط،و افتتان المسلم عن دينه،و قطع الطريق،و إيواء المشركين و إعانتهم على المسلمين.

الثاني:أن يصالحهم على أنّ الأرض للمسلمين،و يؤدّون الجزية إلينا بسكناهم فيها،و الحكم في البيع و الكنائس على ما يقع عليه الصلح.

فإن شرط لهم إقرارهم على البيع و الكنائس،أو على إحداث ذلك و إنشائه جاز؛لأنّه إذا جاز أن يصالحهم على أن تكون الأرض بأجمعها لهم،جاز أن يكون بعض الأرض لهم بطريق الأولى.

و إن شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها،جاز ذلك أيضا.

و لو لم يشرط شيئا،لم يجز لهم تجديد شيء؛لأنّ الأرض للمسلمين.

و إذا شرط لهم التجديد و الإحداث،فينبغي أن يبيّن (1)مواضع البيع و الكنائس.

إذا ثبت هذا:فكلّ موضع لا يجوز لهم إحداث شيء فيه،إذا أحدثوا فيه،جاز نقضه و تخريبه،و كلّ موضع لهم إقراره،لا يجوز هدمه.

فلو انهدم،هل يجوز لهم إعادته؟تردّد الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط في ذلك (2).

ص:106


1- 1ح:يعيّن،مكان:يبيّن.
2- 2) المبسوط 2:46.

و قال الشافعيّ:يجوز لهم إعادته (1)،و به قال أبو حنيفة (2).

و قال ابن أبي هريرة:لا يجوز لهم ذلك.و هو قول أبي سعيد الإصطخريّ (3).

و عن أحمد روايتان (4).

احتجّ الشافعيّ:بأنّهم يقرّون عليها،و بناؤها كاستدامتها،و لهذا يجوز تشييد حيطانها و يرمّ ما شعث (5)منها.و لأنّا أقررناهم على التبقية،فلو منعناهم من العمارة،لخربت (6).

و احتجّ الآخرون:بأنّه إحداث للبيع و الكنائس في دار الإسلام،فلم يجز،كما لو ابتدئ بناؤها.

و لقول (7)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تبنى الكنيسة في الإسلام

ص:107


1- 1الحاوي الكبير 14:323،المهذّب للشيرازيّ 2:327،حلية العلماء 7:706،المجموع 19: 413،روضة الطالبين:1837،العزيز شرح الوجيز 11:539، [1]الميزان الكبرى 2:192،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:194،مغني المحتاج 4:254.
2- 2) بدائع الصنائع 7:114،الهداية للمرغينانيّ 2:162،تبيين الحقائق 4:163،مجمع الأنهر 1: 673،العزيز شرح الوجيز 11:539.
3- 3) الحاوي الكبير 14:323،المهذّب للشيرازيّ 2:327،المجموع 19:413،روضة الطالبين: 1837،العزيز شرح الوجيز 11:539،الميزان الكبرى 2:192،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:194.
4- 4) المغني 10:602، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:610، [3]الكافي لابن قدامة 4:267،الفروع في فقه أحمد 3:474،الإنصاف 4:237. [4]
5- 5) التشعّث:التفرّق و التنكّث.و في ب:شعب،مكان:شعث،و الشعب:الصدع و التفرّق في الشيء. لسان العرب 1:160 و ج 2:498.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 2:327،المجموع 19:413،العزيز شرح الوجيز 11:539،المغني 10: 602،الشرح الكبير بهامش المغني 10:610.
7- 7) آل،ع و ق:و بقول،مكان:و لقول.

و لا يجدّد ما خرب منها» (1)و هذا بخلاف رمّ (2)ما تشعّث (3)؛لأنّه إبقاء و استدامة و هذا إحداث (4).

إذا عرفت هذا:فقد وقع الاتّفاق على جواز رمّ ما تشعّث (5)منها و إصلاحه.

مسألة:دور أهل الذمّة على أقسام ثلاثة:

أحدها:دار محدثة.

الثاني:دار مبتاعة.

الثالث:دار مجدّدة.

فالمحدثة:هو أن يشتري عرصة يستأنف منها بيتا،فليس له أن يعلو على بناء المسلمين إجماعا؛

لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» (6).

و لأنّ في ذلك رتبة على المسلمين،و أهل الذمّة ممنوعون من ذلك،و لهذا منعناهم من صدور المجالس.

ص:108


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:602،الشرح الكبير بهامش المغني 10:610،المجموع 19:413، مغني المحتاج 4:253.و بهذا المضمون،ينظر:كنز العمّال 4:434 الحديث 11286 و 11287، نصب الراية 4:340.
2- 2) أكثر النسخ:و هذا الخلاف يرمّ،و في بعضها:و هذا الخلاف برمّ،و ما أثبتناه تلفيق من النسخ،و كما يقتضي السياق،كما في التذكرة 9:343. [1]
3- 3) ب:ما تشعّب.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:327،المجموع 19:413،العزيز شرح الوجيز 11:539،المغني 10: 602،الشرح الكبير بهامش المغني 10:610.
5- 5) ب:ما تشعّب.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:117،سنن البيهقيّ 6:205،سنن الدارقطنيّ 3:252 الحديث 30 كنز العمّال 1:66 الحديث 246،فيض القدير 3:179 الحديث 3063.و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 4: 243 الحديث 778،غوالي اللآلئ 3:496 الحديث 15. [2]

و هل يجوز أن يساوي بناء المسلمين؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:ليس له ذلك، بل يجب أن يقصر عنه (1).و للشافعيّ وجهان:أحدهما:هذا.و الثاني:أنّه يجوز ذلك (2).

لنا:

قوله عليه السلام:«الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» (3)و لا يتحقّق علوّ الإسلام بالمساواة.و لأنّا منعناهم من المساواة للمسلمين في اللباس و المركوب، فكذا هنا.

احتجّوا:بأنّه ليس بمستطيل على المسلمين (4).

و الجواب:القول بموجبه،لكنّا نقول:إنّه كما يمنع من الاستطالة،يمنع من المساواة؛لما تقدّم (5).

و أمّا الدار المبتاعة:فإنّها تترك على حالها من العلوّ و إن كانت أعلى من المسلمين؛لأنّه هكذا ملكها،و لا يجب هدمها؛لأنّه لم يبنها،و إنّما بناها المسلمون، فلم يعل على المسلمين شيئا.

و كذا لو كان للذمّيّ دار عالية،فاشترى المسلم دارا إلى جانبها أقصر منها،أو بنى المسلم دارا إلى جانبها أقصر منها،فإنّه لا يجب على الذمّيّ هدم علوّه.

ص:109


1- 1المبسوط 2:46. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 14:324،المهذّب للشيرازيّ 2:326،المجموع 19:411، [2]منهاج الطالبين: 118،روضة الطالبين:1838،العزيز شرح الوجيز 11:539،حلية العلماء 7:705،مغني المحتاج 4:255.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:117،سنن البيهقيّ 6:205،سنن الدارقطنيّ 3:252 الحديث 30،كنز العمّال 1:66 الحديث 246،فيض القدير 3:179 الحديث 3063.و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 4: 243،الحديث 778،عوالي اللآلئ 3:496،الحديث 15. [3]
4- 4) الحاوي الكبير 14:324،المهذّب للشيرازيّ 2:326،المجموع 19:412.
5- 5) يراجع:ص 108.

أمّا لو انهدمت دار الذمّيّ العالية،فأراد تجديدها،لم يجز له العلوّ على المسلم إجماعا،و لا المساواة على الخلاف.

و كذا لو انهدم ما علا بها و ارتفع،فإنّه لا يكون له إعادته.

و لو تشعّب (1)منه شيء و لم ينهدم،جاز له رمّه و إصلاحه؛لأنّه استدامة و إبقاء،لا تجديد.

و أمّا المجدّدة فكالمحدثة سواء،و قد تقدّم (2).

إذا عرفت هذا:فإنّه لا يجب أن يكون أقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد،و إنّما يلزمه أن يقصّره عن بناء محلّته.

مسألة:لا ينبغي تصدير أهل الذمّة في المجالس،و لا بدؤهم بالسلام؛

لما روي

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام، و إذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطرّوهم إلى أضيقها» (3).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّا غادون (4)غدا[إلى يهود] (5)فلا تبدءوهم بالسلام،و إن سلّموا عليكم فقولوا:و عليكم» (6).

و عن عائشة،قالت:دخل رهط من اليهود على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص:110


1- 1ق و خا:تشعّث.
2- 2) يراجع:ص 106-109.
3- 3) صحيح مسلم 4:1707 الحديث 2167،سنن أبي داود 4:352 الحديث 5205، [1]سنن الترمذيّ 4:154 الحديث 1602،مسند أحمد 2:266، [2]كنز العمّال 9:129 الحديث 25338،المصنّف لعبد الرزّاق 10:391 الحديث 19457.
4- 4) غدا عليه غدوا و غدوّا و اغتدى:بكّر.لسان العرب 15:118. [3]
5- 5) زيادة أثبتناها من المصادر.
6- 6) مسند أحمد 6:398، [4]المصنّف لابن أبي شيبة 6:143 الحديث 6،المعجم الكبير للطبرانيّ 22: 291 الحديث 744.

و قالوا:السلام عليك،ففهمتها فقلت:و عليكم السام و اللعنة و السخطة،فقال عليه السلام:«مهلا يا عائشة،فإنّ اللّه تعالى يحبّ الرفق في الأمور كلّها»فقلت:يا رسول اللّه أ لم تسمع ما قالوا؟فقال:«قولي و عليكم» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ كيفيّة الردّ،كما نقل عنه عليه السلام،و هو أن لا يزيد على قوله:«و عليكم».

مسألة:مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين،

و كذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الإسلام؛لأنّه مأخوذ من أهل الشرك.

و روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق سيرة،فهي (2)إمام لسائر الأرضين»و قال:«إنّ أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية،و إنّما الجزية عطاء المهاجرين،و الصدقات لأهلها الذين سمّى اللّه تعالى في كتابه ليس لهم في الجزية شيء»ثمّ قال:«ما أوسع العدل،إنّ الناس يسعون (3)إذا عدل فيهم،و تنزل السماء ودقها (4)و تخرج الأرض بركتها بإذن اللّه» (5).

ص:111


1- 1صحيح البخاريّ 8:14،صحيح مسلم 4:1706 الحديث 2165،سنن ابن ماجة 2:1219 الحديث 3698،مسند أحمد 6:37، [1]المصنّف لعبد الرزّاق 6:11 الحديث 9839،مسند أبي يعلى 7: 394 الحديث 4421.
2- 2) أكثر النسخ:«فهم»مكان:«فهي»كما في الوسائل. [2]
3- 3) في المصدر:«يتّسعون».
4- 4) كثير من النسخ:«ورقها»و في المصدر:«رزقها»و الودق:المطر كلّه شديدة و هيّنة.لسان العرب 10:373. [3]
5- 5) التهذيب 4:118 الحديث 340،الوسائل 11:117 الباب 69 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]

و لأنّه مال أخذ بالقهر و الغلبة،فيكون مصرفه للمجاهدين،كالغنيمة في دار الحرب.

ص:112

المقصد السابع
اشارة

في المهادنة و أحكامها

و تبديل أهل الذمّة دينهم و نقض العهد

و الحكم من المعاهدين و المهادنين

و فيه مباحث:

ص:113

ص:114

البحثالأوّل
اشارة

في المهادنة

مسألة:الهدنة و المواعدة و المعاهدة ألفاظ مترادفة،

(1)

معناها:وضع القتال و ترك الحرب إلى مدّة بعوض و غير عوض.و هي مشروعة بالنصّ و الإجماع.

قال اللّه تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (2).

و قال تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (3).

و قال تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (4).

و روى الجمهور عن مروان و مسور بن مخرمة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح سهيل بن عمرو (5)بالحديبيّة على وضع القتال عشر

ص:115


1- 1كذا في النسخ،و الصحيح:الموادعة،كما صرّح به في ص 118.قال ابن منظور:الموادعة و التوادع شبه المصالحة و التصالح.لسان العرب 8:386،و [1]منه حديث:أنّه وادع بني فلان،أي صالحهم و سالمهم على ترك الحرب.النهاية لابن الأثير 5:167. [2]
2- 2) التوبة(9):1. [3]
3- 3) التوبة(9):4. [4]
4- 4) الأنفال(8):61. [5]
5- 5) سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك...القرشيّ العامريّ يكنّى أبا يزيد أحد أشراف مكّة و خطبائهم و ساداتهم،لمّا فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مكّة دخل البيت ثمّ خرج و وضع يده على عضادتي الباب فقال:«ما ذا تقولون»فقال سهيل بن عمرو:نقول خيرا و نظنّ خيرا أخ كريم و ابن أخ كريم.و هو الذي تولّى أمر الصلح بالحديبيّة،قيل:كان محمود الإسلام من حين أسلم،قيل:مات بالطاعون سنة 18 ه.و قيل:باليرموك،و قيل بمرج الصفر.أسد الغابة 2:371، [6]الإصابة 2:93. [7]

سنين (1).

و لأنّ الحاجة قد تدعو إلى ذلك؛لضعف المسلمين عن المقاومة،فيهادنهم إلى أن يقوى المسلمون،و لا خلاف في جواز ذلك.

إذا ثبت هذا:فإنّما تجوز المهادنة مع المصلحة للمسلمين،إمّا لضعفهم عن المقاومة فينتظر الإمام قوّتهم،و إمّا لرجاء الإسلام من المشركين،و إمّا لبذل الجزية منهم و التزام أحكام الإسلام.

أمّا لو لم تكن المصلحة للمسلمين في المهادنة،بأن يكون في المسلمين قوّة و في المشركين ضعف،و يخشى (2)قوّتهم و اجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال،فإنّه لا يجوز له مهادنتهم و الحال هذه؛لوجود الضرر للمسلمين،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:إذا اقتضت المصلحة مهادنتهم،وجب ذكر المدّة التي يهادنهم عليها،

و لا يجوز له مهادنتهم مطلقا؛لأنّ الإطلاق يقتضي التأبيد،و التأبيد باطل،إلاّ أن يشرط (3)الإمام الخيار لنفسه في النقض متى شاء،على ما يأتي من الخلاف.

و كذا لا يجوز إلى مدّة مجهولة.و إذا شرط مدّة معلومة،لم يجز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما؛لأنّه يفضي إلى ضدّ المقصود.و هل يجوز أن يشترط الإمام لنفسه دونهم؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز ذلك (4)،و به قال ابن الجنيد (5)،

ص:116


1- 1سنن أبي داود 3:86 الحديث 2766، [1]المغازي للواقديّ 1:611، [2]الكامل في التاريخ لابن الأثير 2:204، [3]السيرة النبويّة لابن هشام 3:332، [4]المغني 10:509، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10: 564. [6]
2- 2) ق:تخشى.
3- 3) ق و خا:يشترط.
4- 4) المبسوط 2:51. [7]
5- 5) لم نعثر عليه.

و الشافعيّ (1).

و قال بعض الجمهور:لا يجوز (2).

لنا:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا فتح خيبر عنوة،بقي حصن منها،فصالحوه على أن يقرّهم ما أقرّهم اللّه تعالى،ففعل (3).

و في رواية:أنّه عليه السلام قال لهم:«نقرّكم ما شئنا» (4)؛لأنّه عقد شرّع لمصلحة المسلمين،فيتّبع مظانّ المصلحة.

احتجّ المخالف:بأنّه عقد لازم،فلا (5)يجوز اشتراط نقضه،كالبيع (6).

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل و الملازمة،فإنّ العقود اللازمة يدخلها الخيار عندنا-على ما يأتي-و هذا نوع من الخيار.

إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام لو شرط لهم أن يقرّهم ما أقرّهم اللّه تعالى،لم يجز؛ لانقطاع الوحي بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و يجوز له أن يشترط (7)لهم أن يقرّهم ما شاء و يعلّقه باختياره؛لأنّه في معنى ذلك.

ص:117


1- 1الأمّ 4:189،الحاوي الكبير 14:352،المهذّب للشيرازيّ 2:333،منهاج الطالبين:119، روضة الطالبين:1842،المجموع 19:440، [1]العزيز شرح الوجيز 11:559،مغني المحتاج 4: 261،السراج الوهّاج:555.
2- 2) المغني 10:509،الشرح الكبير بهامش المغني 10:568،الكافي لابن قدامة 4:254،الفروع في فقه أحمد 3:462،الإنصاف 4:213. [2]
3- 3) الموطّأ 2:703 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:122 و ج 6:114،كنز العمّال 4:508 الحديث 11504.
4- 4) مسند أحمد 2:149،سنن البيهقيّ 9:224،المصنّف لعبد الرزّاق 6:55 الحديث 9989 و ج 10: 359 الحديث 19366.
5- 5) أكثر النسخ:و لا.
6- 6) المغني 10:509،الشرح الكبير بهامش المغني 10:568،الكافي لابن قدامة 4:254.
7- 7) ع و آل:أن يشرط.

إذا عرفت هذا:فلا فرق بين أن يطلق المدّة بهذا الشرط،و بين أن يعيّنها و يشرط (1)أيضا في الجواز.

مسألة:إذا اقتضت المصلحة المهادنة،و كان في المسلمين قوّة،

لم يجز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة إجماعا؛لقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2).و هو عامّ إلاّ ما خصّه الدليل.

و قال تعالى: فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللّهُ مَعَكُمْ (3)مقتضاه النهي عن ابتداء المسألة عن الموادعة،إلاّ أنّا خصّصنا ما دون السنة لأدلّة، فيبقى الباقي على العموم.

إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز له أن يهادنهم أربعة أشهر فما دون إجماعا قال اللّه تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (4)و كان ذلك في أقوى ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند منصرفه من تبوك،و صالح صفوان بعد الفتح أربعة أشهر (5).

إذا ثبت هذا:فلو صالحهم مع قوّة المسلمين أكثر من أربعة أشهر و أقلّ من سنة،فيه تردّد،قال الشيخ-رحمه اللّه-:الظاهر:أنّه لا يجوز (6).

ص:118


1- 1بعض النسخ:و يشترط.
2- 2) التوبة(9):5. [1]
3- 3) محمّد(47):35. [2]
4- 4) التوبة(9):1-2. [3]
5- 5) أحكام القرآن للشافعيّ 2:63، [4]العزيز شرح الوجيز 11:557.
6- 6) المبسوط 2:51. [5]

و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا.و الثاني:الجواز (1).

احتجّ الشيخ:بعموم الأمر بالقتال في قوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (2)خرج منه أربعة أشهر لتخصيص القرآن لها،فيبقى الباقي على العموم (3).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ المدّة قصرت عن أقلّ الجزية،فجاز العقد فيها،كالأربعة الأشهر (4).و عندي أنّ المصلحة إذا اقتضت ذلك،جاز،و إلاّ فلا.

مسألة:و لو لم يكن في المسلمين قوّة،و اقتضت المصلحة مهادنتهم أكثر من

سنة لمكيدة

يتأنّى (5)فيها بإعداد (6)عدّة يتقوّى بها،أو بناء ثغر قد استهدم (7)، أو ليفرغ لعدوّ (8)و هو أشدّ نكاية في المسلمين من الذي يهادنه،أو كان بالمسلمين قلّة و بالمشركين كثرة لا يمكنهم مقاومتهم،فإنّه يسوغ و الحال هذه أن يصالحهم على الموادعة أكثر من سنة إجماعا.

و هل يتقدّر الزائد بقدر؟قال الشيخ-رحمه اللّه- (9)و ابن الجنيد:يتقدّر بعشر

ص:119


1- 1الحاوي الكبير 14:351،المهذّب للشيرازيّ 2:333،منهاج الطالبين:119،روضة الطالبين: 1842،العزيز شرح الوجيز 11:557،حلية العلماء 7:719،مغني المحتاج 4:260-261، السراج الوهّاج:554.
2- 2) التوبة(9):5. [1]
3- 3) المبسوط 2:51. [2]
4- 4) الحاوي الكبير 14:351،المهذّب للشيرازيّ 2:333،العزيز شرح الوجيز 11:557،مغني المحتاج 4:260-261.
5- 5) ع:يأتي،ح:يتأتّى،مكان:يتأنّى.
6- 6) ب:كإعداد،مكان:بإعداد.
7- 7) ح:استهزم،ر:استخدم،مكان:استهدم.
8- 8) خا،ق و ب:ليسرع العدوّ.
9- 9) المبسوط 2:51.

سنين،فلا يجوز الزيادة عليها (1).و به قال الشافعيّ (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و أحمد:يجوز ذلك على ما يراه الإمام (4).

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (5)(6)خرج منه العشر سنين؛لمصالحة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه عليه السلام جاء إلى المدينة ليعتمر،لا ليقاتل،و كان بمكّة مسلمون مستضعفون،فهادنهم حتّى أظهر من بمكّة إسلامه،و كثر المسلمون فيهم،فيبقى الباقي على العموم.

قال الشعبيّ:لم يكن في الإسلام فتح مثل صلح[الحديبيّة] (7).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه عقد يجوز في العشر،فجاز في الزيادة عليها،كعقد الإجارة (8).

و لأنّه صلح مفوّض إلى نظر الإمام،فلا يتقدّر بالعشر،كأداء الخراج إذا صالحهم الإمام عليه على غير مدّة.

و لأنّ المقتضي لتخصيص العموم في العشر-و هو اعتبار المصلحة في الصلح-

ص:120


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) الأمّ 4:189،الحاوي الكبير 14:351،المهذّب للشيرازيّ 2:333،حلية العلماء 7:719، المجموع 19:440،منهاج الطالبين:119،العزيز شرح الوجيز 11:557،روضة الطالبين:1842، مغني المحتاج 4:261،السراج الوهّاج:554.
3- 3) حلية العلماء 7:720،المغني 10:510،الشرح الكبير بهامش المغني 10:567.
4- 4) المغني 10:510،الشرح الكبير بهامش المغني 10:567،الكافي لابن قدامة 4:254،الفروع في فقه أحمد 3:462،الإنصاف 4:212،حلية العلماء 7:720.
5- 5) التوبة(9):5. [1]
6- 6) المبسوط 2:51. [2]
7- 7) في النسخ،المدينة،و ما أثبتناه من المصادر،ينظر:العزيز شرح الوجيز 11:557،التذكرة 9: 356. [3]
8- 8) المغني 10:510،الشرح الكبير بهامش المغني 10:567.

هو جعله في الأكثر،فكان الحكم ثابتا،فقول أبي حنيفة عندي قويّ.

مسألة:لو صالحهم أكثر من عشر سنين،

فإن قلنا بصحّة العقد،لا يجب (1)، و إن قلنا بعدم جواز الزائد على العشر،بطل الزائد خاصّة،و صحّ في العشر.

و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا.و الثاني:بطلان العقد في العشر أيضا؛بناء على تفريق الصفقة (2).و الشيخ-رحمه اللّه- (3)و ابن الجنيد ذهبا إلى الأوّل (4).

مسألة:إذا أراد حربيّ منهم أن يدخل دار الإسلام رسولا أو مستأمنا،

فإن كان لقضاء حاجة،من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها المسلمون،فإنّه يجوز للإمام أن يأذن له بالدخول بغير عوض أو بعوض على ما يراه من المصلحة يوما (5)و يومين (6)و ثلاثة.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن أراد أن يقيم مدّة،فالحكم فيه كالحكم في الإمام إذا أراد أن يعقد الهدنة و هو مستظهر؛لأنّ في ذلك (7)نظرا للمسلمين و مصلحة لهم، فيجوز،إلى أربعة أشهر بلا زيادة (8).و عندي:أنّه يجوز إلى سنة بعوض و أكثر، نظرا إلى المصلحة.

مسألة:و الهدنة ليست بواجبة على كلّ تقدير،

سواء كان بالمسلمين قوّة

ص:121


1- 1ح:فلا يجب.
2- 2) الحاوي الكبير 14:351،المهذّب للشيرازيّ 2:333،حلية العلماء 7:720،منهاج الطالبين: 119،روضة الطالبين:1842،المجموع 19:440،العزيز شرح الوجيز 11:557-558،مغني المحتاج 4:261،السراج الوهّاج:554.
3- 3) المبسوط 2:51. [1]
4- 4) لم نعثر عليه.
5- 5) في النسخ:يوم.
6- 6) ب:أو يومين.
7- 7) في المصدر:و كان في ذلك،مكان:لأنّ في ذلك.
8- 8) المبسوط 2:51. [2]

أو ضعف،لكنّها جائزة،لقوله تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (1)،و للآيات المتقدّمة (2)،بل المسلم يتخيّر في فعل ذلك برخصة ما تقدّم (3).

و بقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (4)و إن شاء قاتل حتّى يلقى اللّه شهيدا؛عملا بقوله تعالى: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ (5).

و بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (6).

و كذلك فعل سيّدنا الحسين عليه السلام،و النفر الذين وجّههم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى هذيل (7)،و كانوا عشرة فقاتلوا مائة حتّى قتلوا و لم يفلت منهم أحد إلاّ خبيب (8)،فإنّه أسر و قتل بمكّة (9).

ص:122


1- 1الأنفال(8):61. [1]
2- 2) يراجع:ص 115. [2]
3- 3) يراجع:ص 116.
4- 4) البقرة(2):195. [3]
5- 5) البقرة(2):190. [4]
6- 6) التوبة(9):123. [5]
7- 7) هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن عدنان جدّ جاهليّ بنوه قبيلة كبيرة،كان أكثر سكّان(وادي نخلة)المجاور لمكّة منهم،و كانوا أهل عدد و منعة-و قد تقدّم في الجزء الحادي عشر ص 12،أنّهم قبيلة-الأعلام للزركليّ 8:80. [6]
8- 8) خبيب بن عديّ بن مالك بن عامر الأوسيّ الأنصاريّ،شهد بدرا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أسر يوم الرجيع في السريّة التي خرج فيها مرثد بن أبي مرثد و عاصم بن ثابت و خالد بن البكر في سبعة نفر فقتلوا و أسر خبيب و زيد بن الدثنة فانطلق المشركون بهما إلى مكّة فباعوهما فاشترى خبيبا بنو الحارث ثمّ خرجوا به من الحرم ليقتلوه،فقال:دعوني أصلّي ركعتين،ثمّ قال:لو لا أن تحسبوا أنّ ما بي جزع من الموت لزدت،و صلب بالتنعيم،و هو أوّل من سنّ الركعتين عند القتل.أسد الغابة 2: 103، [7]الإصابة 1:418، [8]الاستيعاب [9]بهامش الإصابة 1:429. [10]
9- 9) السيرة النبويّة لابن هشام 3:178-182،الكامل في التاريخ لابن الأثير 2:167-168،تاريخ الأمم و الملوك 2:213-214.

و هادن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يهود يثرب عند ابتداء هجرته.

و اختلف المسلمون في مهادنة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة،فقال قوم:إنّ ذلك كان مع استظهار المسلمين على المشركين.

و قال آخرون:بل كان المشركون مستظهرين،ذكر ذلك ابن الجنيد رحمه اللّه (1).

مسألة:و يجوز مهادنتهم على غير مال إجماعا؛

لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هادنهم يوم الحديبيّة على غير مال (2)،و يجوز على مال يأخذه منهم بلا خلاف؛ لأنّها إذا جازت على غير مال فعلى مال أولى.

أمّا لو صالحهم على مال يدفعه الإمام إليهم،فلا يخلو إمّا أن يكون لضرورة و اضطلام،مثل أن يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يستهان به و يستخدم (3)و يضرب،فيجوز للإمام أن يبذل المال و يستنقذه من أيديهم؛لما فيه من المصلحة باستنقاذ نفس مؤمنة من العذاب،أو يكون المسلمون في حصن و قد أحاط بهم المشركون و أشرفوا على الظفر بهم،أو كانوا خارجين من المصر و قد أحاط العدوّ بهم أو كان مستظهرا عليهم،فيجوز أن يبذل المال على ترك القتال.

روى الزهريّ،قال:أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عيينة بن حصن، و هو مع أبي سفيان يوم الأحزاب:«أ رأيت إن جعلت لك ثلث تمر الأنصار،أن ترجع من (4)معك من غطفان و تخذّل بين الأحزاب؟»فأرسل إليه عيينة:إن جعلت لي الشطر فعلت،فقال سعد بن معاذ و سعد بن عبادة:يا رسول اللّه،و اللّه لقد كان يجرّ

ص:123


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) الحاوي الكبير 14:351،العزيز شرح الوجيز 11:553 و 557،المغني 10:511،الشرح الكبير بهامش المغني 10:564.
3- 3) أكثر النسخ بزيادة:و يسترقّ.
4- 4) أكثر المصادر:«أ ترجع بمن».

سرمه (1)في الجاهليّة في عام (2)السنة حول المدينة،ما يطيق أن يدخلها،فالآن حيث جاء اللّه بالإسلام تعطيهم ذلك فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فنعم إذا» (3)و لو لا جوازه،لم يبذله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.رواه ابن الجنيد (4).

و روي أنّ أبا بكر جعل (5)للزبرقان و الأقرع خراج البحرين حيث ضمنا له أن لا يرجع من قومهما أحد (6).

و روي أنّ الحارث بن عمرو الغطفانيّ (7)رئيس غطفان أرسل إلى النبيّ (8)صلّى اللّه عليه و آله،فقال:إن جعلت لي شطر ثمار المدينة و إلاّ ملأتها عليك خيلا و رجلا،فقال (9)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حتّى أشاور السّعود» يعني سعد بن عبادة و سعد بن معاذ و سعد بن زرارة (10)،فشاورهم النبيّ صلّى اللّه عليه

ص:124


1- 1أكثر النسخ:يحرسونه،كما في الجواهر 21:292، [1]مكان:يجرّ سرمه.
2- 2) ب:تمام،مكان:عام.
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 5:367 الحديث 9737،المغازي للواقديّ 1:477،البداية و النهاية لابن كثير 4:104 فيه:بتفاوت،المغني 10:511،الشرح الكبير بهامش المغني 10:564.
4- 4) أورده في الجواهر 21:292 و [2]قال:رواه الإسكافيّ من خبر الزهريّ الذي رواه العامّة أيضا.
5- 5) ب بزيادة:جعلا.
6- 6) تاريخ الأمم و الملوك لابن جرير الطبريّ 2:500،تاريخ ابن خلدون 2 القسم 2:73. [3]
7- 7) الحارث بن عمرو الغطفانيّ رئيس غطفان ذكره ابن الأثير و ابن حجر ضمن ترجمة سعد بن مسعود الأنصاريّ بأنّه جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وقعة الأحزاب يوم الخندق فقال:يا محمّد شاطرنا تمر المدينة،قال:«حتّى أستأمر السعود».أسد الغابة 2:294، [4]الإصابة 2:36. [5]
8- 8) أكثر النسخ:أنفذ،مكان:أرسل،و في روح:أنفذ إلى رسول اللّه،مكان:أرسل إلى النبيّ.
9- 9) ح بزيادة:له.
10- 10) سعد بن زرارة الأنصاريّ قال ابن الأثير و ابن حجر:هو أخو أسعد بن زرارة،فإن كان كذلك فهو:سعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجّار،و قال ابن عبد البرّ:فيه نظر و أخشى أن لا يكون أدرك الإسلام؛لأنّ أكثرهم لم يذكره،و تقدّمت ترجمة أسعد بن زرارة في الجزء الثاني ص 191.أسد الغابة 2:278، [6]الإصابة 2:27، [7]الاستيعاب [8]بهامش الإصابة 2:42. [9]

و آله،فقالوا:يا نبيّ اللّه،إن كان هذا بأمر من السماء،فتسليم لأمر اللّه،و إن كان برأيك و هواك،اتّبعنا رأيك و هواك،و إن لم يكن بأمر من السماء و لا برأيك و هواك، فو اللّه ما كنّا نعطيهم في الجاهليّة بسرة و لا تمرة (1)إلاّ شرى أو قرى،فكيف و قد أعزّنا اللّه تعالى بالإسلام؟!فقال صلّى اللّه عليه و آله لرسوله:«أو تسمع؟» (2).

وجه الدلالة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عرض عليهم ذلك؛ليعلم قوّتهم من ضعفهم،فلو لا جوازه عند الضعف،لما عرضه عليهم.

و أمّا إذا لم يكن الحال حال ضرورة،فإنّه لا يجوز له بذل المال،بل يجب القتال و الجهاد؛لقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله:

حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (3).

و لأنّ فيه صغارا و هوانا،أمّا مع الضرورة،فإنّما صيّر إلى الصّغار؛دفعا لصغار أعظم منه،من القتل و السبي و الأسر،الذي يفضي إلى كفر الذرّيّة،بخلاف حال غير الضرورة.

إذا ثبت هذا:فهل بذل المال واجب أم لا؟الأقرب:عدم وجوبه؛لما بيّنّا من جواز القتال ليلقى اللّه تعالى شهيدا.و إذا بذل المال،لم يملكه الآخذ؛لأنّه يأخذه بغير حقّ،فإذا ظفر بهم بعد ذلك أخذ منهم و ردّ إلى موضعه.

إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز أن يهادنهم عند الحاجة،على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين،كما شرط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لثقيف أن

ص:125


1- 1بعض النسخ:ثمرة،مكان:تمرة.
2- 2) مجمع الزوائد 6:132،الحاوي الكبير 14:354،المجموع 19:441، [1]المغني 10:511، جواهر الكلام 21:292. [2]
3- 3) التوبة(9):29. [3]

لا يعشّروا (1)،و أنّه لا يلج عليهم إلاّ من أحبّوا،و لا يؤمّر (2)عليهم إلاّ بعضهم، و حظر صيد واديهم و شجره.و سنّ فيمن (3)فعل ذلك جلده و نزع ثيابه (4).

و كذلك لو رأى الإمام مع قوّته على العدوّ أن يضع بعض ما يجوز تملّكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم؛حفظا لأصحابه،و تحرّزا من دوائر الحروب،جاز، كما شرط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل دومة الجندل،و جعل لهم من نخل مصرهم و الماء الدائم،مثل:العيون،و المعمور (5)من بلادهم (6).

مسألة:و لا يجوز عقد الهدنة و لا الذمّة بالجزية،إلاّ من الإمام أو نائبه،

و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ذلك يتعلّق بنظر الإمام و ما يراه من المصلحة،فلم يكن للرعيّة تولّيه.و لأنّ تجويزه من غير الإمام يتضمّن إبطال الجهاد بالكلّيّة أو إلى تلك الناحية، و فيه افتتان على الإمام.

أمّا عقد الأمان،فيجوز لآحاد الرعايا أن يؤمّنوا آحاد المشركين و العدد اليسير منهم؛

لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«المؤمنون بعضهم أكفاء بعض»«تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمّتهم (7)أدناهم» (8)فإن أمّن آحاد الرعيّة أهل بلد أو إقليم

ص:126


1- 1قال أبو عبيد:أي لا يؤخذ منهم عشر أموالهم.الأموال:203. [1]
2- 2) أكثر النسخ:يؤمّن.
3- 3) في النسخ:فيما،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) ورد الكتاب بتمامه في الأموال لأبي عبيد:201 و ص 204،و أشار إليه في الإصابة 1:184، و أسد الغابة 1:216،و ينظر أيضا:مكاتيب الرسول صلّى اللّه عليه و آله 3:56 و ص 238. [2]
5- 5) قال أبو عبيد:المعمور:بلادهم التي يسكنونها.الأموال:206. [3]
6- 6) الأموال لأبي عبيد:205.
7- 7) في النسخ:«لذمّتهم»و ما أثبتناه من المصادر.
8- 8) أورده العلاّمة و بقيّة الفقهاء،كالشيخ في الخلاف 2:148 مسألة-27،و الطباطبائيّ في الرياض 1:487،و [4]النجفيّ في الجواهر 21:93 [5] في حديث واحد،و لدى البحث و التحقيق تبيّن أنّ الحديث

أو صقع (1)،لم يصحّ ذلك إجماعا.

و كذا لو هادن أحد من الرعيّة بلدا أو صقعا،لم يصحّ ذلك إجماعا؛لما تقدّم.

فإن دخل واحد من هؤلاء الذين هادنهم غير الإمام و نائبه إلى دار الإسلام،كان بمنزلة من جاء منهم،و ليس بيننا و بينهم عقد.

مسألة:إذا عقد الهدنة،وجب عليه حمايتهم من المسلمين و أهل الذمّة؛

لأنّه أمّنهم ممّن هو في قبضته و تحت يده،كما أمّن من في يده منهم،فإنّ فائدة العقد (2)هذا.

و لو أتلف مسلم أو بعض أهل الذمّة عليهم شيئا،ضمنه،و لا يجب عليه حمايتهم من أهل الحرب،و لا حماية بعضهم من بعض؛لأنّ الهدنة هي:التزام الكفّ عنهم فقط،لا مساعدتهم على عدوّهم.

و لو أغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوهم،لم يجب عليه استنقاذهم،قال بعض الجمهور:و ليس للمسلمين شراؤهم؛لأنّهم في عهدهم (3).و هو اختيار

ص:127


1- 1) الصّقع:الناحية من البلاد و الجهة أيضا و المحلّة.المصباح المنير:345.
2- 2) ب:العهد.
3- 3) المغني 10:514،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.

الشافعيّ (1).

و قال أبو حنيفة:يجوز ذلك؛لأنّه لا يجب أن يدفع عنهم،و لا يحرم استرقاقهم (2).

مسألة:الشروط المذكورة في عقد الهدنة قسمان:صحيح و فاسد.

فصحيح الشروط لازم بلا خلاف،مثل أن يشترط (3)عليهم مالا،أو معونة المسلمين عند حاجتهم.

و فاسد الشروط يبطل العقد،مثل أن يشترط 4ردّ النساء أو مهورهنّ،أو ردّ السلاح المأخوذ منهم،أو دفع المال إليهم،مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك،أو أنّ لهم نقض الهدنة متى شاءوا،أو يشترط 5ردّ الصبيان أو الرجال،فهذه الشروط كلّها فاسدة تفسد عقد الهدنة،كما يفسد عقد الذمّة باقتران الشروط الباطلة به،كما قلنا:

إنّه لو شرط عدم التزام أحكام المسلمين في أهل الذمّة،أو إظهار الخمور و الخنازير،أو يأخذ من الجزية أقلّ ممّا يجب عليهم (4).و يجب على من عقد معهم الصلح إبطاله و نقضه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقد الصلح يوم الحديبيّة على أن يردّ إليهم كلّ من جاء منهم مسلما مهاجرا،فمنعه اللّه تعالى من ذلك و نهاه عنه؛ لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية (5). (6)

مسألة:لو شرط الإمام ردّ من جاء مسلما من الرجال،ثمّ جاء مسلم فأرادوا أخذه،

ص:128


1- 1الأمّ 4:187،روضة الطالبين:1837،العزيز شرح الوجيز 11:536-537،المغني 10:514، الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:88،العزيز شرح الوجيز 11:577،المغني 10:515،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
3- 3-5) كثير من النسخ:يشرط،مكان:يشترط.
4- 6) يراجع:ص 77.
5- 7) الممتحنة(60):10. [1]
6- 8) سنن أبي داود 2:85-86، [2]مسند أحمد 4:330-331، [3]سنن البيهقيّ 7:170.

لم يخل الحال من أحد أمرين:إمّا أن يكون ذا عشيرة و قوّة تحميه و تمنعه عن الافتتان و الدخول في دينهم.أو يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة في الدين أو النفس.

فالأوّل يجوز ردّه إليهم و لا يمنعهم منه؛عملا بالشرط،و عدم الضرر عليه متحقّق؛إذ التقدير ذلك-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ أبا جندل بن سهيل (1)و أبا بصير (2)،في صلح الحديبيّة (3)-بمعنى أنّه لا يمنعهم من أخذه إذا جاءوا في

ص:129


1- 1أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامريّ،قيل:اسمه عبد اللّه و كان من السابقين إلى الإسلام و ممّن عذّب بسبب إسلامه،أسلم بمكّة فسجنه أبوه و قيّده، و في البخاريّ:و جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده و قد خرج من أسفل مكّة حتّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين،فقال سهيل:يا محمّد هذا أوّل ما أقاضيك عليه أن تردّه إليّ،فقال أبو جندل:يا معشر المسلمين:أردّ إلى المشركين و قد جئت مسلما،ألا ترون إلى ما لقيت!و كان قد عذّب عذابا شديدا ثمّ هرب و لحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلاّ لحق بأبي بصير حتّى اجتمعت منهم عصابة لا يدعون لقريش شيئا إلاّ أخذوه حتّى بعثوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسألونه أن يضمّهم إليه. صحيح البخاريّ 3:256 -258،أسد الغابة 5:160، [1]الإصابة 4:34، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:33. [4]
2- 2) أبو بصير:قال ابن عبد البرّ:اختلف في اسمه و نسبه،فقيل:عبيد بن أسيد بن جارية،و قيل:عتبة بن أسيد بن جارية،و قال ابن حجر:من زعم أنّه عبيد فقد صحّف،و هو الّذي جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو مسلم بعد صلح الحديبيّة، [5]فأرسلت قريش في طلبه رجلين،فقالا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:العهد الذي جعلت لنا أن تردّ إلينا كلّ من جاءك مسلما،فدفعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الرجلين،فخرج أبو بصير و خرجا حتّى إذا كانوا بذي الحليفة فقتل أبو بصير أحدهما و دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:وفت ذمّتك و قد امتنعت بنفسي، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «و يلمّه مسعر حرب لو كان معه رجال» فلمّا سمع ذلك علم أنّه سيردّه إليهم،فخرج حتّى أتى سيف البحر و لحق به أبو جندل بن سهيل بن عمرو فانضمّ إليه جماعة كانوا يؤذون قريشا في تجارتهم فأرسلت قريش إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تناشده اللّه و الرحم إلاّ أرسل إليهم،فمن أتاك منهم فهو آمن،و كتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أبي جندل و أبي بصير ليقدما عليه و من معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم و أهليهم.الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 4:20، [7]أسد الغابة 5:149، [8]الإصابة 2:452. [9]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:256-258،المستدرك للحاكم 3:277،سنن البيهقيّ 9:227،أسد الغابة 5:149-150، [10]الإصابة 4:34، [11]المغني 10:517،الشرح الكبير بهامش المغني 10:572.

طلبه،و لا يجبره الإمام على المضيّ معهم،و له أن يأمره في السرّ بالهرب منهم و يقاتلهم؛

فإنّ أبا بصير لمّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و جاء الكفّار في طلبه، قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّا لا يصلح في ديننا الغدر،و قد علمت ما عاهدناهم عليه،و لعلّ اللّه أن يجعل لك فرجا و مخرجا» فلمّا رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه،ثمّ رجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه،قد أوفى اللّه ذمّتك،قد رددتني إليهم و أنجاني اللّه منهم،فلم ينكر عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يلمه،بل

قال:«و يلمّه (1)(2)مسعر حرب لو كان معه رجال» فلمّا سمع ذلك أبو بصير،لحق بساحل البحر،و انحاز إليه أبو جندل بن سهيل و من معه من المستضعفين بمكّة،فجعلوا لا تمرّ عير لقريش إلاّ عرضوا لها،فأخذوها و قتلوا من معها،فأرسلت قريش إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تناشده اللّه و الرحم أن يضمّهم إليه،و لا يردّ إليهم أحدا جاءه،ففعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك (3).

فعلى هذا يجوز لمن أسلم من الكفّار أن يتحيّزوا إلى جماعة و ناحية و يقتلون من قدروا عليه من الكفّار،و يأخذون أموالهم،و لا يدخلون في الصلح،إلاّ أن يشترط (4)الإمام ذلك،أو يضمّهم إليه بإذن الكفّار،فيدخلون في الصلح،و يحرم عليهم قتل الكفّار.

و الثاني:أن يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة،فهذا لا يجوز إعادته عندنا.

ص:130


1- 1آل،ب،خا،ر،ع و ق:«ويك أمّه»مكان:«و يلمّه».
2- 2) قال ابن منظور:و يلمّه،يريدون ويل أمّه،فركّبوه و جعلوه كالشيء الواحد،يقال له من دهائه.لسان العرب 11:740. [1]
3- 3) سنن أبي داود 3:85 الحديث 2765،مسند أحمد 4:331، [2]سنن البيهقيّ 9:221،المصنّف لعبد الرزّاق 5:330-342 الحديث 9720،المعجم الكبير للطبرانيّ 20:9-15 الحديث 13،المغني 10:517،الشرح الكبير بهامش المغني 10:572.
4- 4) كثير من النسخ:أن يشرط.

و به قال الشافعيّ (1).و أطلق أحمد الجواز (2).

و هو خطاء؛و لهذا لم يوجب (3)على من له قوّة على إظهار دينه و التزام أحكام الإسلام و إظهار شعائره المهاجرة من (4)بلاد الشرك،و أوجبناها على المستضعف.

فروع:
الأوّل:لو شرط في الصلح ردّ الرجال مطلقا،

لم يجز؛لأنّه كما يتناول من يؤمن افتتانه،يتناول من لا يؤمن افتتانه عند بلوغه.

الثاني:لو جاء صبيّ و وصف الإسلام،لم يردّ؛

لأنّه لا يؤمن افتتانه عند بلوغه.

و كذا لو قدم مجنون،لم يردّه.

و لو بلغ الصبيّ و أفاق المجنون،فإن وصفا الإسلام،كانا مع المسلمين،و إن وصفا الكفر،فإن كان كفرا لا يقرّ أهله عليه ألزمناهما بالإسلام،أو رددناهما إلى مأمنهما.و إن كان ممّا يقرّ أهله عليه؛الزمناهما بالإسلام أو الجزية أو الردّ إلى مأمنهما.

الثالث:لو جاء عبد،حكمنا بحرّيّته؛

لأنّه قهر مولاه على نفسه-و قد تقدّم- (5)و لو جاء سيّده،لم يردّ عليه؛لأنّه مستضعف لا يؤمن عليه الافتتان.

ص:131


1- 1الحاوي الكبير 14:360،روضة الطالبين:1847،مغني المحتاج 4:263-264،السراج الوهّاج:555،المغني 10:517،الشرح الكبير بهامش المغني 10:571.
2- 2) المغني 10:517،الشرح الكبير بهامش المغني 10:571،الكافي لابن قدامة 4:255،الفروع في فقه أحمد 3:463،الإنصاف 4:214.
3- 3) كذا في النسخ،و لعلّ السياق يقتضي:لم نوجب،كما في التذكرة 9:360. [1]
4- 4) أكثر النسخ:«عن»بدل«من».
5- 5) يراجع:الجزء الرابع عشر ص 223.

و هل يردّ عليه قيمته؟للشافعيّ قولان (1).

مسألة:و ردّ النساء المهاجرات إلينا عليهم حرام على الإطلاق،

و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ إلى قوله تعالى فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (2).

و روي أنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط (3)جاءت مسلمة،فجاء أخواها يطلبانها،فأنزل اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية (4)،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه تعالى منع الصلح في النساء» (5).

إذا ثبت هذا:فلو صالحهم الإمام على ردّ من جاء من النساء مسلمة،لم يجز الصلح،و كان باطلا؛للآية و الحديث و الفرق بينها و بين الرجل من وجوه:

أحدها:أنّها لا يؤمن أن يزوّجها وليّها بكافر فينالها.

الثاني:أنّها لضعفها ربّما فتنت عن دينها.

الثالث:أنّها لا يمكنها في العادة الهرب و النجاة بنفسها،بخلاف الرجل.

ص:132


1- 1الأمّ 4:191-192،حلية العلماء 7:722،روضة الطالبين:1846،مغني المحتاج 4:264.
2- 2) الممتحنة(60):10. [1]
3- 3) أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أميّة بن عبد شمس القرشيّة الأمويّة،أسلمت بمكّة قديما و صلّت القبلتين و بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هاجرت إلى المدينة ماشية،فهي من المهاجرات المبايعات،و قيل:هي أوّل من هاجر من النساء كانت هجرتها في سنة سبع في الهدنة التي كانت بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بين المشركين من قريش و فيها نزلت: إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية،و ذلك أنّها لمّا هاجرت،لحقها أخواها الوليد و عمارة ابنا عقبة ليردّاها، فمنعها اللّه منهما بالإسلام،روى عنها ابنها حميد بن عبد الرحمن.الاستيعاب [2]بهامش الإصابة 4:488، [3]أسد الغابة 5:614، [4]الإصابة 4:491. [5]
4- 4) الممتحنة(60):10. [6]
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 5:327، [7]تفسير القرطبيّ 18:61، [8]التفسير الكبير 29:305، [9]الدرّ المنثور 6:206، [10]أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1786. [11]
مسألة:لو طلبت امرأة أو صبيّة مسلمة الخروج من عند الكفّار،

جاز لكلّ مسلم إخراجها،و تعيّن عليه ذلك مع المكنة؛لما فيه من استنقاذ المسلم.

و لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خرج من مكّة،وقفت ابنة حمزة (1)على الطريق،فلمّا مرّ بها عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام،قالت:يا ابن عمّ، إلى من تدعني؟فتناولها،فدفعها إلى فاطمة عليها السلام،حتّى قدم بها المدينة (2).

مسألة:إذا عقد الهدنة مطلقا،فجاءنا منهم إنسان،مسلما أو بأمان،

لم يجب ردّه إليهم،و لا يجوز ذلك،سواء كان حرّا أو عبدا،أو رجلا أو امرأة.

و قال أصحاب الشافعيّ:إن خرج العبد إلينا قبل إسلامه ثمّ أسلم،لم يردّ إليهم، فإن أسلم قبل خروجه،ثمّ خرج إلينا،لم يصر حرّا؛لأنّهم في أمان منّا،و الهدنة تمنع من جواز القهر (3).

لنا:أنّه من غير أهل دار الإسلام خرج إلينا،فلم يجب ردّه و لا ردّ شيء بدلا عنه،كالحرّ من الرجال،و كالعبد إذا خرج قبل إسلامه.

و احتجاجهم:بأنّهم في أمان منّا،ضعيف؛لأنّا إنّما أمّنّاهم ممّن هو في

ص:133


1- 1أمامة بنت حمزة بن عبد المطّلب و أمّها سلمى بنت عميس و هي التي اختصم فيها عليّ عليه السلام و جعفر و زيد رضي اللّه عنهم لمّا خرجت من مكّة و سألت كلّ من مرّ بها من المسلمين أن يأخذها،فلم يفعل،فاجتاز بها عليّ عليه السلام فأخذها فطلب جعفر أن تكون عنده؛لأنّ خالتها أسماء بنت عميس عنده و طلبها زيد بن حارثة؛لأنّه كان قد آخى بينهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقضى بها لجعفر؛ لأنّ خالتها عنده،و فيها جاء قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الخالة بمنزلة الأمّ» و قيل:اسمها أمة اللّه، و قيل:أمّ الفضل،روى عنها أخوها لأمّها عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد.أسد الغابة 5:399، [1]الإصابة 4: 235، [2]تهذيب التهذيب 12:485. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:242 و ج 5:180،سنن أبي داود 2:284 الحديث 2280، [4]مسند أحمد 1: 230، [5]سنن البيهقيّ 8:5،مسند أبي يعلى 4:344 الحديث 2459،مجمع الزوائد 4:323.و بهذا اللفظ،ينظر:المغني 10:519،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
3- 3) مغني المحتاج 4:264،المغني 10:515،الشرح الكبير بهامش المغني 10:570.

دار الإسلام،الذين هم في قبضة الإمام.أمّا من هو في دارهم و من ليس في قبضته، فلا يمنع منه إلاّ بدليل،و لهذا لم يضمّن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا بصير بالرجل الذي قتله لمّا جاء في ردّه،و لم ينكر عليه ذلك.

و لمّا انفرد هو و أبو جندل و أصحابهما عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في صلح الحديبيّة،فقطعوا الطريق عليهم،و قتلوا من قتلوا منهم،و أخذوا أموالهم،لم ينكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك منهم،و لم يأمرهم بردّ ما أخذوه و لا غرامة ما أتلفوه (1)و هذا الذي أسلم كان في دارهم و في قبضتهم و قهرهم على نفسه،فصار حرّا،كما لو أسلم بعد خروجه.

مسألة:قد بيّنّا أنّه متى شرط الإمام في الهدنة ردّ النساء،بطل العقد

و كانت الهدنة فاسدة (2).

فأمّا إذا أطلق الهدنة،ثمّ جاءت امرأة مسلمة منهم،أو جاءت كافرة ثمّ أسلمت، فإنّه لا يجوز ردّها إجماعا؛لما مضى.فإن جاء أبوها أو جدّها أو أخوها أو عمّها أو أحد أنسابها (3)يطلبها،لم تدفع إليه؛لقوله تعالى: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (4).

و لو طلب أحدهم مهرها،لم يدفع إليه أيضا،و لا نعلم فيه خلافا.

و لو جاء زوجها أو وكيله يطلبها،لم تسلّم إليه إجماعا؛للآية (5).

و إن طلب مهرها و لم يكن قد سلّمه إليها،فلا شيء له بلا خلاف.

ص:134


1- 1سنن أبي داود 3:85 الحديث 1765،مسند أحمد 4:331،المستدرك للحاكم 3:277،سنن البيهقيّ 9:227،المصنّف لعبد الرزّاق 5:330-342 الحديث 9720،المعجم الكبير للطبرانيّ 20: 9-15 الحديث 13.
2- 2) يراجع:ص 132. [1]
3- 3) خا،ق و ب:نسائها،مكان:أنسابها.
4- 4) الممتحنة(60):10. [2]
5- 5) الممتحنة(60):10.

و إن كان قد سلّمه،قال علماؤنا:يردّ إليه ما دفعه.و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في القول الثاني:لا يردّ عليه (1).و به قال المزنيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد بن حنبل (4).

لنا:قوله تعالى: وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (5).

و لأنّ الهدنة تقتضي الكفّ عن أموالهم،و بضع المرأة ملك له،فإذا لم يمكن ردّه عليه لإسلامها،وجب ردّ بدله.

احتجّوا:بأنّ بضع المرأة ليس بمال يدخل في الأمان،و لهذا لو عقد الرجل الأمان لنفسه،دخل فيه أمواله،و لا تدخل فيه زوجته (6).

و الجواب:أنّه قياس ضعيف في مقابلة النصّ،فلا يكون مسموعا،خصوصا مع معارضة فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،الدالّ على اعتبار النصّ في العموم و العمل به؛فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبيّة (7).

و ادّعاء النسخ (8)باطل لم يثبت.

ص:135


1- 1الأمّ 4:194،الحاوي الكبير 14:361،المهذّب للشيرازيّ 2:335،حلية العلماء 7:721، المجموع 19:445، [1]روضة الطالبين:1846،العزيز شرح الوجيز 11:566،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:191،مغني المحتاج 4:263،السراج الوهّاج:555.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:279.
3- 3) الحاوي الكبير 14:362،العزيز شرح الوجيز 11:566.
4- 4) المغني 10:515،الشرح الكبير بهامش المغني 10:570،الكافي لابن قدامة 4:255،الفروع في فقه أحمد 3:463،الإنصاف 4:213،العزيز شرح الوجيز 11:566.
5- 5) الممتحنة(60):10. [2]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 2:335،المجموع 19:445،مغني المحتاج 4:263.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:258،سنن البيهقيّ 9:228،المغازي للواقديّ 1:631.
8- 8) آل،ب و ق:الفسخ،مكان:النسخ.
فروع:
الأوّل:قد بيّنّا أنّه لو لم يدفع الزوج إليها مهرا،لم يكن له المطالبة بشيء؛

لقوله تعالى: وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (1)و هذا لم ينفق،و كذا لو لم يسمّ مهرا (2).

الثاني:لو سمّى مهرا فاسدا و أقبضها إيّاه،

كالخمر و الخنزير،لم يكن له المطالبة به و لا بقيمته؛لأنّه ليس بمال،و لا قيمة له في شرعنا.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إنّما يردّ عليه ما دفعه لو قدمت إلى بلد الإمام

أو بلد خليفته و منع من ردّها،

أمّا إذا قدمت إلى غير بلدهما،وجب على المسلمين منعه من أخذها؛لأنّه أمر بمعروف.فإذا منع غير الإمام و غير خليفته من ردّها،لم يلزم الإمام أن يعطيهم شيئا،سواء كان المانع من ردّها العامّة أو رجال الإمام؛لأنّ الذي يعطيه الإمام من المصالح،و لا تصرّف لغير الإمام و خليفته فيه (3).

إذا ثبت هذا:فقول الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه يدفع إليه المهر،من سهم المصالح؛ لأنّها قهرت الكفّار على ما أخذته،فملكته بالقهر،و إنّما أوجبنا الردّ من سهم المصالح؛للآية (4).

الرابع:لو أنفق في العرس،أو أهدى إليها شيئا،أو أكرمها بمتاع،

لم يجب ردّه؛ لأنّه تطوّع به،فلا يردّ عليه.و لأنّ هذا المدفوع ليس ببدل عن البضع الذي حيل بينه و بينه،و إنّما هو هبة محضة،فلا يرجع بها.

الخامس:لو قدمت مجنونة،نظر،

فإن كانت قد أسلمت ثمّ جنّت و قدمت إلينا

ص:136


1- 1الممتحنة(60):10. [1]
2- 2) يراجع:ص 134.
3- 3) المبسوط 2:53. [2]
4- 4) الممتحنة(60):10.

كذلك (1)لم تردّ و يردّ مهرها؛لأنّها بحكم العاقلة في تفويته بضعها.

و إن كانت قد وصفت الإسلام و أشكل علينا الحال،هل كان إسلامها حال عقلها أو جنونها؟فإنّها لا تردّ أيضا؛لاحتمال أن يكون قد أسلمت عاقلة،و لا يردّ مهرها؛لاحتمال أن تكون وصفت الإسلام و هي مجنونة،فإن أفاقت فأقرّت بالإسلام،ردّ مهرها عليه،و إن أقرّت بالكفر،ردّت عليه.

و لو جاءت مجنونة و لم يخبر عنها بشيء،لم تردّ عليه؛لأنّ الظاهر أنّها إنّما جاءت إلى دار الإسلام؛لأنّها أسلمت،و لا يردّ مهرها،للشكّ،فيجوز أن تفيق و تقول:إنّها لم تردّ (2)كافرة،فتردّ حينئذ.

إذا ثبت هذا:فإمّا أن يتوقّف عن ردّها حتّى تفيق و يتبيّن أمرها،فإن أفاقت، سئلت،فإن ذكرت أنّها أسلمت،أعطي المهر و منع منها،و إن ذكرت أنّها لم تزل كافرة،ردّت عليه.

إذا عرفت هذا:فإنّه ينبغي أن يحال بينهم (3)و بينها حال جنونها؛لجواز أن تفيق فيصدّونها عن الإسلام في أوّل زمان إفاقتها.

السادس:لو قدمت صغيرة و وصفت الإسلام،لم تردّ إليهم،

لئلاّ تفتن عند بلوغها عن الإسلام.و هل يجب ردّ المهر؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجب،بل يتوقّف عن ردّه حتّى تبلغ،فإن بلغت و أقامت على الإسلام،ردّ المهر،و إن لم تقم، ردّت هي وحدها (4).و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الثاني:يجب (5).

ص:137


1- 1أكثر النسخ:لذلك.
2- 2) كذا في النسخ،و الأنسب:«لم تزل»مكان:«لم تردّ»كما في المبسوط 2:54،و [1]التذكرة 9:366. [2]
3- 3) ب:بينه،مكان:بينهم.
4- 4) المبسوط 2:54. [3]
5- 5) الأمّ 4:196،الحاوي الكبير 14:363،المهذّب للشيرازيّ 2:335،حلية العلماء 7:721، المجموع 19:446،العزيز شرح الوجيز 11:570.

لنا:أنّ إسلامها غير محكوم بصحّته،فلا يجب ردّ مهرها،كالمجنونة إذا لم يعلم هل أسلمت في حال إفاقتها أو في حال جنونها.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ وصفها للإسلام منع من ردّها،فوجب ردّ مهرها،كالبالغة.

ثمّ فرّق بينها و بين المجنونة بأنّ المنع في المجنونة للشكّ في إسلامها،و المنع في الصغيرة لوصف الإسلام (1).

و الجواب:المنع من ذلك،فإنّ وصف الإسلام لا يحكم به فيها،و إنّما منعناه منها؛للشكّ في ثباتها عليه بعد بلوغها،فإذا بلغت فإن ثبتت على الإسلام،رددنا مهرها،و إن وصفت الكفر،رددناها.

السابع:لو قدمت مسلمة ثمّ ارتدّت،وجب عليها أن تتوب،

فإن لم تفعل، حبست دائما،و ضربت أوقات الصلوات عندنا،و قتلت عند الجمهور على ما يأتي الخلاف فيه.

إذا ثبت هذا:فإن جاء زوجها و طلبها،لم تردّ عليه؛لأنّها حكم لها بالإسلام أوّلا،ثمّ ارتدّت،فوجب حبسها،و يردّ عليه مهرها؛لأنّا حلنا بينه و بينها بالحبس أمّا القائلون بوجوب القتل،فإنّهم قالوا:إن جاء قبل القتل،ردّ عليه مهرها؛لأنّا حلنا بينه و بينها بالقتل.و إن جاء بعد قتلها،لم يردّ عليه شيء؛لأنّا لم نحل بينه و بينها عند مطالبته بها (2).

الثامن:لو جاءت مسلمة،و جاء زوجها يطلبها،فمات أحدهما،

فإن كان يوم المطالبة،وجب ردّ المهر عليه؛لأنّ الموت كان بعد الحيلولة،فإن كانت هي الميّتة، ردّ المهر عليه،و إن كان هو الميّت،ردّ المهر على ورثته،و إن كان الموت قبل

ص:138


1- 1الأمّ 4:196،الحاوي الكبير 14:363،المهذّب للشيرازيّ 2:335،المجموع 19:446، [1]العزيز شرح الوجيز 11:570.
2- 2) الأمّ 4:195،المهذّب للشيرازيّ 2:335،المجموع 19:446.

المطالبة،فلا شيء له؛لأنّ الحيلولة حصلت بالموت لا الإسلام.

التاسع:لو قدمت مسلمة،فطلّقها زوجها،

لم تخل من أحد أمرين:

أحدهما:أن يكون الطلاق بائنا.

و الثاني:أن يكون رجعيّا،فإن كان بائنا أو خالعها،فإن كان قبل المطالبة،لم يجب ردّ المهر إليه؛لأنّ الحيلولة منه بالطلاق لا بالإسلام،و إن كان بعد المطالبة، وجب؛لأنّه قد استقرّ المهر له بالمطالبة و الحيلولة،و إن كان رجعيّا،لم يكن له المطالبة بالمهر؛لأنّه أجراها إلى البينونة،أمّا لو راجعها فإنّه يردّ عليه المهر مع المطالبة؛لأنّ الرجعة له في الرجعيّ و إنّما حال بينهما الإسلام.

العاشر:لو جاءت مسلمة ثمّ جاء زوجها و أسلم،نظر،

فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها،كان على النكاح؛

لما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام (1)أنّ امرأة مجوسيّة أسلمت قبل زوجها،قال عليّ عليه السلام:«أ تسلم؟»قال:لا،ففرّق بينهما ثمّ قال:«إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك،و إن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثمّ أسلمت (2)،فأنت خاطب من الخطّاب» (3).و سيأتي البحث في ذلك.

إذا ثبت هذا:فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه،ثمّ أسلم في العدّة،ردّت إليه و وجب عليه ردّ مهرها إليها؛لأنّ استحقاقه للمهر إنّما كان بسبب الحيلولة و قد زالت.

و لو أسلم بعد انقضاء عدّتها لم يجمع بينهما و بانت منه ثمّ ينظر،فإن كان قد

ص:139


1- 1ق و ر:عليه السلام.
2- 2) لا توجد جملة:«ثمّ أسلمت»في أكثر النسخ.
3- 3) التهذيب 7:301 الحديث 1257،الاستبصار 3:182 الحديث 661،الوسائل 14:421 الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث:2. [1]

طالب بالمهر قبل انقضاء عدّتها،كان له المطالبة؛لأنّ الحيلولة حصلت قبل إسلامه، و إن لم يكن طالب قبل انقضاء العدّة،لم يكن له المطالبة بالمهر؛لأنّه التزم حكم الإسلام،و ليس من حكم الإسلام المطالبة بالمهر بعد البينونة.

و لو كانت غير مدخول بها و أسلمت ثمّ أسلم،لم يكن له المطالبة بمهرها؛لأنّه أسلم بعد البينونة،و حكم الإسلام يمنع من وجوب المطالبة في هذا الحال.

الحادي عشر:لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام،صارت حرّة؛

لأنّها قهرت مولاها على نفسها،فزال ملكه عنها،كما لو قهر عبد حربيّ سيّده الحربيّ،فإنّه يصير حرّا،و الهدنة قد بيّنّا أنّها إنّما تمنع من في قبضة الإمام من المسلمين و أهل الذمّة (1).

إذا ثبت هذا:فإن جاء سيّدها يطلبها،لم تدفع إليه؛لأنّها صارت حرّة؛و لأنّها مسلمة لا تحلّ له،فلا يجب ردّها و لا ردّ قيمتها قاله الشيخ رحمه اللّه (2).

و للشافعيّ قولان:هذا أحدهما؛لأنّها بالقهر صارت حرّة،فلا يجب ردّ قيمتها، كالحرّة في الأصل.

و الثاني:تردّ قيمتها عليه؛لأنّ الهدنة اقتضت ردّ أموالهم عليهم،و هذه من أموالهم (3).و قد سبق الجواب عنه.

إذا ثبت هذا:فإن جاء زوجها يطلبها،لم تردّ عليه؛لما مضى.و إن طلب مهرها، فإن كان حرّا،ردّ عليه،و إن كان عبدا،لم يدفع إليه المهر حتّى يحضر مولاه فيطالب به؛لأنّ المال حقّ له.

ص:140


1- 1يراجع:ص 127. [1]
2- 2) المبسوط 2:55. [2]
3- 3) الأمّ 4:195،الحاوي الكبير 14:367،حلية العلماء 7:722،المهذّب للشيرازيّ 2:336، المجموع 19:447.

و لو حضر المولى دون العبد،لم يدفع إليه شيء؛لأنّ المهر يجب للحيلولة بينها و بين الزوج،فإذا حضر الزوج و طالب،ثبت المهر للمولى فيعتبر حضورهما معا.

و عندي في وجوب ردّ مهر الأمّة نظر.

الثاني عشر:إذا قدمت مسلمة إلى الإمام فجاء رجل ادّعى أنّها زوجته،

فإن اعترفت له بالنكاح،ثبت،و إن أنكرت،كان عليه إقامة البيّنة،و هي شاهدان مسلمان عدلان،و لا يقبل في ذلك شاهد و امرأتان،و لا شاهد و يمين؛لأنّه نكاح لا يثبت إلاّ بشاهدين ذكرين.

الثالث عشر:إذا ثبت النكاح بالبيّنة أو باعترافها،فادّعى أنّه سلّم إليها المهر،

فإن صدّقته،ثبت له،و إن أنكرت،كان عليه البيّنة،و يقبل في ذلك شاهدان،أو شاهد و امرأتان،أو شاهد و يمين؛لأنّه مال،و لا يقبل قول الكفّار في البابين و إن كثروا،فإن لم يكن له بيّنة،كان القول قولها مع اليمين.

الرابع عشر:لا اعتبار بما وقع عليه العقد،

بل بأقلّ الأمرين من المقبوض و ما وقع عليه العقد؛لأنّ الرجوع إنّما هو بما دفعه،فإذا كان المقبوض أقلّ من المسمّى، لم يجب له الزيادة على ما قبضته،و إن كان المقبوض أكثر من المسمّى،كان الزائد هبة،و قد قلنا:إنّه لا يجب ردّها (1).

إذا ثبت هذا:فإن اختلفا في المقبوض،كان عليه البيّنة؛لأنّ الأصل عدم القبض،فإن لم يكن له بيّنة،كان القول قولها مع اليمين.

قال الشيخ رحمه اللّه:فإن أعطيناه المهر بما ذكرناه،فقامت البيّنة بأنّ المقبوض كان أكثر،كان له الرجوع بالفضل (2).

و في هذا الإطلاق نظر،فإنّا إذا دفعنا إليه ما اعترفت به المرأة باليمين،لم يكن

ص:141


1- 1يراجع:ص 136.
2- 2) المبسوط 2:55. [1]

له بعد ذلك،الرجوع بشيء.

الخامس عشر:كلّ موضع قلنا:يجب فيه ردّ المهر،فإنّه يكون من بيت مال

المسلمين المعدّ للمصالح؛

لأنّ ذلك من مصالح المسلمين.

السادس عشر:قد قلنا:إنّه يجوز ردّ من له عشيرة تحميه من الافتتان من

الرجال،دون من لا عشيرة له،

فلو أطلق الصلح على الردّ مطلقا،كان باطلا؛لأنّ الإطلاق يقتضي ردّ الجميع،و هو باطل،فإذا بطل الصلح،لم يردّ من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة،و لا يردّ البدل (1)عنها بحال؛لأنّ البدل 2استحقّ بشرط و هو مفقود هنا،كما لو جاءنا من غير هدنة.

و إذا ردّ من له عشيرة لم يكرهه على الرجوع؛لأنّه ليس للإمام إخراج مسلم من بلد إلى بلد من بلاد الإسلام،فكيف إلى دار الحرب،بل لا يمنعه من الرجوع إن اختار ذلك فيقول:لك في الأرض مراغم كثيرة و سعة (2)و لا يمنع منه من جاء لردّه و يوصيه بالهرب.

السابع عشر:لو كان القادم عبدا فأسلم،صار حرّا،

فإذا جاء سيّده يطلبه،لم يجب ردّه و لا ردّ ثمنه؛لأنّه صار حرّا بالإسلام و لا دليل على وجوب ردّ ثمنه.

مسألة:إذا عقد الإمام الهدنة ثمّ مات،

وجب على من بعده من الأئمّة العمل بموجب ما شرطه الأوّل إلى أن تخرج مدّة الهدنة،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه معصوم فعل مصلحة،فوجب على القائم بعده تقريرها إلى وقت خروج العهد.

مسألة:إذا نزل الإمام على بلد،و عقد لهم صلحا

على أن يكون البلد لهم

ص:142


1- 1 و 2) ع و ب:البذل،مكان:البدل.
2- 3) كذا في النسخ،و هذا تضمين لقوله تعالى في آية:100 من سورة النساء: [1]يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً .قال ابن منظور:مراغما كثيرا:أي مهربا و متّسعا.لسان العرب 12:246. [2]

و يضرب على أرضيهم (1)خراجا يكون بقدر الجزية و يلتزمون أحكامنا و يجريها عليهم،كان ذلك جائزا،و يكون ذلك في الحقيقة جزية،و لا يحتاج إلى جزية الرءوس؛لأنّا قد بيّنّا (2)أنّ للإمام الخيار في وضعها على رءوسهم أو على أرضيهم،فإذا أسلم واحد منهم،سقط عنه ما ضرب على أرضه من الصلح و صارت الأرض عشريّة؛لأنّ الإسلام يسقط الجزية؛

لقوله عليه السلام:«لا تؤخذ الجزية من مسلم» (3).

و لأنّها إذلال و هو ينافي الإسلام،و قد تقدّم بيان ذلك (4).

فإن شرط عليهم أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنّه متى نقص ذلك عن أقلّ ما تقتضي المصلحة أن تكون جزية،كان جائزا.و كذلك إن غلب في ظنّه أنّ العشر وفق الجزية،كان جائزا،و إن غلب في ظنّه أنّ العشر لا يفي بما توجبه المصلحة من الجزية،لا يجوز أن يعقد عليه.

و إن أطلق و لا يغلب على ظنّه الزيادة و لا النقصان،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

الظاهر من المذهب:أنّه يجوز ذلك؛لأنّه من فروض الإمام و اجتهاده،فإذا فعله دلّ على صحّته؛لأنّه معصوم (5).

مسألة:قد بيّنّا أنّه لو شرط الإمام في عقد الهدنة ما لا يجوز،

كان العقد باطلا (6).قال ابن الجنيد:و لو كان بالمسلمين ضرورة أباحت لهم شرطا في الهدنة

ص:143


1- 1بعض النسخ:أرضهم.
2- 2) يراجع:ص 63. [1]
3- 3) سنن أبي داود 3:171 الحديث 3053،مسند أحمد 1:223 و 285،سنن الدارقطنيّ 4:156، 157 الحديث 6 و 7 و اللفظ فيها:«ليس على المسلم جزية».
4- 4) يراجع:ص 73.
5- 5) المبسوط 2:56. [2]
6- 6) يراجع:ص 128. [3]

فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه مبتدأ،لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط و لا الهدنة لأجل الحادث؛لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1). (2)

و لأنّه أمر بالوفاء بالعهد،و قد ردّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا بصير إلى المشركين بعد أن رجع إليه (3)و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حذيفة بن اليمان أن يفي للمشركين بما أخذوا عليه من أن لا يقاتل مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر (4).

قال:و قد روي في بعض الحديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«أنّ حيّا من العرب جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه نسلم على أن لا ننحني و لا نركع،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نعم،و لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم،قالوا:نعم،فلمّا حضرت الصلاة أمرهم بالركوع و السجود، فقالوا:أ ليس قد شرطت لنا أن لا ننحني و لا نركع،فقال عليه السلام لهم:أ ليس قد أقررتم بأنّ لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم» (5).

قال ابن الجنيد:و هذا إن صحّ فوجب أنّ الشرط العامّ ماض على الخاصّ،أو الشرط الأخير ناسخ للشرط الأوّل،قال:و لا نختار (6)لأحد إذا كان مخيّرا غير مضطرّ أن يشترط في عقد و لا صلح يعقده ما لا يبيح الدين عقده ممّا هو محظور،

و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو

ص:144


1- 1المائدة(5):1. [1]
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) صحيح البخاريّ 5:162،سنن أبي داود 3:85 الحديث 2765،سنن البيهقيّ 9:227،أسد الغابة 5:149،الإصابة 2:452.
4- 4) صحيح مسلم 3:1414 الحديث 1787،أسد الغابة 1:391. [2]
5- 5) لم نعثر عليه إلاّ في الجواهر 21:302-303. [3]
6- 6) أكثر النسخ:و لا يختار.

باطل» (1)و لم يجز (2)عليه و لا له.

و قد روي أنّ ثقيفا (3)سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يركعوا و لا يسجدوا (4)و أن يمتّعوا باللاّت سنة من غير أن يعبدوها، فلم يجبهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ذلك (5).

قال بعض الجمهور:و قد روي أنّ حكيم بن حزام،قال:بايعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن لا أخّر إلاّ قائما،يعني أنّه لا يركع في الصلاة،بل يقرأ ثمّ يسجد من غير ركوع (6).

و عن نصر بن عاصم (7)أنّ رجلا منهم بايع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن يصلّي طرفي النهار (8).

ص:145


1- 1صحيح مسلم 2:1142 الحديث 1504،كنز العمّال 10:322 الحديث 29615،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:64،مسند أبي يعلى 8:29 الحديث 4535،فيض القدير 2:173 الحديث 1606، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6:266 الحديث 4310.
2- 2) خا،ق و ر:و لم يجر،مكان:و لم يجز.
3- 3) أكثر النسخ:ثقيف.
4- 4) في النسخ:أن لا يركعون و لا يسجدون.
5- 5) تفسير القرطبيّ 19:168،تفسير فتح القدير 5:361،مجمع البيان 10:419،البحار 82:100، [1]المبسوط للسرخسيّ 10:85.
6- 6) سنن النسائيّ 2:205،كنز العمّال 13:349 الحديث 36981،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:195 الحديث 3106،المغني 10:625.
7- 7) نصر بن عاصم الليثيّ البصريّ،روى عن عمر بن الخطّاب،و مالك بن الحويرث الليثيّ و أبي بكرة و فروة بن نوفل و المستورد التيميّ،و روى عنه حميد بن هلال و قتادة و أبو مسلمة.تهذيب التهذيب 10:427، [2]الجرح و التعديل 8:464.
8- 8) المغني 10:625.
البحث الثاني
اشارة

في تبديل أهل الذمّة دينهم

مسألة:إذا انتقل ذمّيّ تقبل منه الجزية

-كاليهوديّ أو النصرانيّ أو المجوسيّ- إلى دين يقرّ أهله عليه بالجزية أيضا،كما ينتقل اليهوديّ عن اليهوديّة إلى النصرانيّة أو إلى المجوسيّة،قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:يقبل منه ذلك و لا يجب قتله،بل يجوز إقراره بالجزية (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هو الذي يقتضيه الظاهر من المذهب؛لأنّ الكفر عندنا كالملّة الواحدة.قال:و لو قيل:إنّه لا يقرّ عليه؛

لقوله عليه السلام:«من بدّل دينه فاقتلوه» (2)و هو عامّ.و لقوله تعالى: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (3)و هو عامّ أيضا،كان قويّا.

ص:146


1- 1نقله عنه في المختلف:336.
2- 2) صحيح البخاريّ 4:75،سنن أبي داود 4:126 الحديث 4351، [1]سنن الترمذيّ 4:59 الحديث 1458، [2]سنن ابن ماجة 2:848 الحديث 2535،سنن النسائيّ 7:104،مسند أحمد 1:217، [3]المستدرك للحاكم 3:538،سنن البيهقيّ 8:195،سنن الدارقطنيّ 3:108 الحديث 90،كنز العمّال 1:90 الحديث 387،المصنّف لابن أبي شيبة 6:585 الحديث 8،المصنّف لعبد الرزّاق 10:168 الحديث 18705 و 18706،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:272 الحديث 10638،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:168،فيض القدير 6:95 الحديث 8559،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6:323 الحديث 4458،مسند أبي يعلى 4:409 الحديث 2532،المنتقى من أخبار المصطفى 2:745 الحديث 4152 و 4153.
3- 3) آل عمران(3):85. [4]

قال:فإذا قلنا بالظاهر من المذهب و انتقل إلى بعض المذاهب،أقرّ على جميع أحكامه،و إن انتقل إلى المجوسيّة،فمثل ذلك،غير أنّ على أصلنا لا يجوز (1)مناكحتهم بحال،و لا أكل ذبائحهم،و من أجاز أكل ذبائحهم من أصحابنا ينبغي أن يقول:إن انتقل إلى اليهوديّة و النصرانيّة،أكل ذبيحته،و إن انتقل إلى المجوسيّة لا تؤكل و لا يناكح،و إذا قلنا:لا يقرّ على ذلك-و هو الأقوى عندي-فإنّه يصير مرتدّا عن دينه (2).

فرع:

إذا قلنا:إنّه لا يقرّ عليه،فبأيّ شيء يطالب؟

منهم من يقول:إنّه يطالب بالإسلام لا غير؛لاعترافه ببطلان ما كان عليه، و ما عدا دين الإسلام باطل فلا يقرّ عليه (3)،و منهم من يقول:إنّه يطالب بالإسلام أو بدينه الأوّل (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو قيل:إنّه لا يقبل منه إلاّ الإسلام أو القتل،كان قويّا (5)؛للآية (6)و الخبر (7)،فعلى هذا إن لم يرجع إلاّ إلى الدين الذي خرج منه،

ص:147


1- 1آل:لا تجوز.
2- 2) المبسوط 2:57، [1]الخلاف 2:513 مسألة-19.
3- 3) الأمّ 4:183،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:279،الحاوي الكبير 14:374،الشرح الكبير بهامش المغني 10:621،المجموع 19:387.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 10:621.
5- 5) المبسوط 2:57. [2]
6- 6) آل عمران(3):85. [3]
7- 7) صحيح البخاريّ 4:75،سنن أبي داود 4:126 الحديث 4351،سنن الترمذيّ 4:59 الحديث 1458،سنن ابن ماجة 2:848 الحديث 2535،سنن النسائيّ 7:104،مسند أحمد 1:217،

قتل و لم ينفذ (1)إلى دار الحرب؛لأنّ فيه تقوية لأهل الحرب و تكثيرا لعددهم (2).

مسألة:و لو انتقل إلى دين لا يقرّ عليه أهله،كاليهوديّ يصير وثنيّا،

فإنّه لا يقرّ عليه إجماعا،و ما الذي (3)يقبل منه؟فيه أقوال ثلاثة:

أحدها:أنّه لا يقبل منه إلاّ الإسلام،و قوّاه الشيخ-رحمه اللّه- 4؛للآية 5و الخبر 6؛لأنّه اعترف ببطلان ما كان عليه،و ما عدا دين الإسلام باطل في نفس الأمر،فلا يقرّ عليه،كما لو ارتدّ عن الإسلام إليه.

الثاني:أنّه يقبل منه الإسلام أو الدين الذي كان عليه؛لأنّه انتقل من دين يقرّ

ص:148


1- 1) أكثر النسخ:و [1]لم ينبذ،مكان:و لم ينفذ.
2- 2) المبسوط 2:57.
3- 3) ب:أمّا الذي،م [2]كان:و ما الذي.

أهله عليه إلى دين لا يقرّ أهله عليه،فوجب أن يقبل منه الرجوع إليه،كما لو انتقل عن الإسلام.

و استبعده ابن الجنيد و قال:لا يقبل منه إلاّ الإسلام كالقول الأوّل؛لأنّه بدخوله فيما لا يجوز إقراره عليه قد أباح دمه،و صار حكمه حكم المرتدّ الذي لا يقبل منه غير الإسلام (1).

الثالث:أنّه يقبل منه الإسلام أو الرجوع إلى دينه الأوّل،أو الانتقال إلى دين يقرّ أهله عليه؛لأنّ الأديان المخالفة لدين الإسلام ملّة واحدة؛لأنّ جميعها كفر، فإذا كانت ملّتان يقرّ أهلهما عليهما،كانتا سواء.و هو أظهر الأقوال عند الشافعيّة (2).

و منع ابن الجنيد من ذلك (3)،و الشيخ-رحمه اللّه-استضعف هذا القول و مال إلى الأوّل،قال:فإن أقام على الامتناع،فحكمه ما قدّمناه من وجوب القتل عليه (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و أمّا أولاده:فإن كانوا كبارا يقرّوا على دينهم،و لهم حكم نفوسهم،و إن كانوا صغارا،نظر في الأمّ:فإن كانت على دين يقرّ أهله عليه ببذل الجزية،أقرّ ولده الصغير في دار الإسلام،سواء ماتت الأمّ أو لم تمت،و إن كانت على دين لا يقرّ أهله عليه،كالوثنيّة و غيرها؛فإنّهم يقرّون أيضا؛لما سبق لهم من الذمّة،و الأمّ لا يجب عليها القتل (5).

ص:149


1- 1نقله عنه في المختلف:336.
2- 2) الحاوي الكبير 14:377،حلية العلماء 6:434 و 435،المهذّب للشيرازيّ 2:70.
3- 3) ينظر:المختلف:336.
4- 4) يراجع:ص 146. [1]
5- 5) المبسوط 2:57-58. [2]
البحث الثالث
اشارة

في نقض العهد

مسألة:إذا عقد الإمام الهدنة بينه و بين المشركين،

وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضوها بلا خلاف نعلمه في ذلك،لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1)و قوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من كان بينه و بين قوم عهد فلا يشدّ عقدة و لا يحلّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» (3).

و في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى الأشتر (4)«فإن نتجت (5)بينك و بين عدوّك قضيّة (6)و عقدت لهم بها صلحا،و ألبسته منك ذمّة،فحط عهدك بالوفاء، و[ارع] (7)ذمّتك بالأمانة،و اجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت...و لا يدعونّك ضيق

ص:150


1- 1المائدة(5):1. [1]
2- 2) التوبة(9):4. [2]
3- 3) سنن أبي داود 3:83 الحديث 2759، [3]مسند أحمد 4:111، [4]سنن البيهقيّ 9:231،كنز العمّال 4: 363 الحديث 10922،المصنّف لابن أبي شيبة 7:693 الحديث 1.
4- 4) كذا في النسخ،و الصحيح:عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى الأشتر حيث إنّ الأشتر لم يرو عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) في المصدر:«فإن عقدت»مكان:«فإن نتجت».
6- 6) في المصدر:«عقدة»مكان:«قضيّة».
7- 7) أضفناها من المصدر.

أمر لزمك فيه عهد اللّه إلى طلب انفساخه[بغير الحقّ] (1)فإنّ صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه و فضل عاقبته،خير من غدر تخاف تبعته،و أن تحيط بك من اللّه [فيه] (2)طلبة لا يسعك (3)فيها دنياك و لا آخرتك» (4).

و الإجماع وقع على ذلك،و لأنّه إذا لم يف بها لم يسكن إلى عهده و قد تقع الحاجة إلى عقد الهدنة لمصلحة المسلمين،فلو لم يجب الوفاء به،لم تندفع الحاجة.

مسألة:و لو شرع المشركون في نقض العهد،

لم يخل،إمّا أن ينقض الجميع أو البعض،فإن نقض الجميع العهد،وجب قتالهم و نقض عهدهم؛لقوله تعالى: فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ (5).

و إن نقض بعضهم دون بعض،نظرت،فإن كان الباقون أنكروا ما فعله الناقضون بقول أو فعل ظاهر،أو اعتزلوهم أو راسلوا الإمام بأنّا منكرون لما فعلوا،أو أنّا مقيمون على العهد،كان العهد باقيا في حقّه (6).

و إن سكتوا على ما فعله الناقضون،و لم يوجد إنكار و لا تبرّ من ذلك،كانوا كلّهم ناقضين للعهد؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا هادن (7)قريشا،

ص:151


1- 1أضفناها من المصدر.
2- 2) من المصدر.
3- 3) في المصدر:«لا تستقبل»مكان:«لا يسعك».
4- 4) نهج البلاغة- [1]تصحيح الدكتور صبحيّ الصالح-:443 الكتاب 53.
5- 5) التوبة(9):7. [2]
6- 6) كذا في النسخ،و الأظهر حقّهم كما في المبسوط 2:58. [3]
7- 7) أكثر النسخ:نادى،مكان:هادن.

كانت خزاعة (1)في حزب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بنو بكر (2)في حزب قريش، فقتل رجل من بني بكر رجلا من خزاعة،فسكتت قريش على ذلك،فسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قريش،ففتح مكّة (3).و لأنّ سكوتهم على ذلك يدلّ على الرضا به كما لو عقد بعضهم الهدنة مع سكوت الباقين،فإنّه يكون عقدا لجميعهم؛ لأنّ سكوتهم رضا منهم،كذلك هاهنا.

إذا ثبت هذا:فإن كان النقض من الجميع،غزاهم الإمام و بيّتهم و أغار عليهم، و يصيروا أهل حرب ليس لهم عقد هدنة.و إن كان من بعض دون بعض،غزا الإمام الناقضين دون الباقين على العهد إن كانوا متميّزين للإمام،و إن كانوا مختلطين، أمرهم الإمام بالتميّز ليأخذ من نقض،دون من لم ينقض.و لو نقض بعضهم دون بعض و لم يتعيّنوا له،فمن اعترف بأنّه نقض،قتله،و من لم يعترف بذلك،لم يقتله و قبل قوله؛لأنّه لا طريق إلى معرفة ذلك إلاّ من قولهم.

ص:152


1- 1خزاعة،حيّ من الأزد،سمّوا بذلك لأنّ الأزد لمّا خرجت من مكّة لتتفرّق في البلاد تخلّفت عنهم خزاعة و أقامت بها و هم بنو عمرو بن لحيّ من الأزد من قحطان،و قيل:خزاعة اسم قبائل من نسل عمرو بن لحيّ كانت منازلهم بقرب الأبواء(بين مكّة و المدينة)و في وادي غزال و وادي دوران و عسفان في تهامة الحجاز،و هم بطون كثيرة،قيل:كانت ولاية البيت في خزاعة ثلاثمائة سنة. الصحاح 3:1203، [1]لسان العرب 8:70، [2]الأعلام للزركليّ 2:304. [3]
2- 2) بنو بكر،قال ابن منظور:و بنو بكر في العرب قبيلتان:إحداهما:بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة، و الأخرى:بكر بن وائل بن قاسط،و قال الجوهريّ:و بكر أبو قبيلة،و هو بكر بن وائل بن قاسط، و بكر هذا من بني ربيعة من عدنان جدّ جاهليّ من نسله بنو يشكر و حنيفة و مرّة،و كان صنم البكريّين في الجاهليّة يدعى(المحرّق). الصحاح 2:596، [4]لسان العرب 4:80، [5]الأعلام للزركليّ 2:71. [6]
3- 3) المصنّف لابن أبي شيبة 8:531 الحديث 4،المصنّف لعبد الرزّاق 5:374 الحديث 7939،سنن البيهقيّ 9:233،كنز العمّال 10:524 الحديث 30195،الحاوي الكبير 14:380،العزيز شرح الوجيز 11:561،المغني 10:513.
فرع:

لو نقضوا العهد ثمّ تابوا عنه،قال ابن الجنيد:أرى القبول منهم (1).و كذلك فعل معقل بن قيس (2)ببعض بني ناجية (3). (4)و كتب به عمر بن الخطّاب إلى أهل رعاس من نجران.

مسألة:إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين و غدرهم بسبب أو أمارة دلّته على

ذلك،

جاز له نقض العهد،قال اللّه تعالى: وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (5)يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتّى تصير أنت و هم سواء في العلم،

ص:153


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) معقل بن قيس الرياحيّ التميميّ من ولد رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،أوفده عمّار بن ياسر إلى عمر بن الخطّاب مع الهرمزان بفتح تستر،و كان من شيعة عليّ عليه السلام و وجّهه إلى بني ناجية حين ارتدّوا ثمّ كان من أمراء الصفوف يوم الجمل،و ولي شرطة عليّ عليه السلام،قال المامقانيّ:توجيهه إلى بني ناجية يظهر منه ثقته به و أنّه من خواصّه و خلّص شيعته،و تأمير أمير المؤمنين إيّاه على الجيش و تفويض حرب أعدائه إليه يدلّ على اعتقاده و عدالته و عدم صدور الخيانة منه. رجال الطوسيّ:59،تنقيح المقال 3:229، [1]الأعلام للزركليّ 7:271. [2]
3- 3) بنو ناجية:ناجية بنت جرم بن ربّان من قضاعة أمّ غالب،أمّ جاهليّة من أهل عمان تزوّجها سامة بن لؤيّ و ولد له منها غالب،و مات سامة و كان له ابن آخر من غير ناجية اسمه الحارث فتزوّج بناجية بعد أبيه-و كان ذلك مألوفا في الجاهليّة يسمّونه أو سمّاه المسلمون نكاح المقت-فولدت منه عبد البيت فعرف هذا بابن ناجية-نسبة إلى أمّه-و اتّسع نسله بنو ناجية و سكنوا البصرة و كان من زعمائهم فيها الخرّيت بن راشد و خرج في ثلاثمائة منهم إلى الكوفة لنصرة عليّ عليه السلام في خلافته فشهدوا معه الجمل و صفّين ثمّ خالفوه في التحكيم و انصرفوا إلى جهة فارس فبعث عليّ عليه السلام إليهم معقل بن قيس الرياحيّ فقاتلوه.الأعلام للزركليّ 7:344. [3]
4- 4) من طريق الخاصّة:ينظر:التهذيب 10:139 الحديث 551،الوسائل 18:548 الباب 2 من أبواب حدّ المرتدّ الحديث 6،و من طريق العامّة،ينظر:تاريخ الطبريّ 4:93-96،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3:149.
5- 5) الأنفال(8):58. [4]

و لا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتّى يكون عن أمارة تدلّ على ما خافه.

و لا تنتقض الهدنة بتيسّر الخوف،بل للإمام نقضها،و هذا بخلاف الذمّيّ إذا خيف منه الخيانة،فإنّ عقد الذمّة لا ينتقض بذلك؛لأنّ عقد الذمّة يعقد لحقّ أهل الكتاب؛بدليل أنّه يجب على الإمام إجابتهم إليه،و عقد الهدنة و الأمان لمصلحة المسلمين لا لحقّهم،فافترقا.

و لأنّ عقد الذمّة آكد؛لأنّه عقد معاوضة،و لأنّه مؤبّد،بخلاف الهدنة و الأمان، و لهذا لو نقض بعض أهل الذمّة و سكت الباقون،لم ينتقض عهدهم،و لو كان في الهدنة انتقض.

و لأنّ أهل الذمّة في قبضة الإمام و تحت ولايته،و لا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم،بخلاف أهل الهدنة،فإنّ الإمام يخاف منهم الغارة على المسلمين و الضرر الكثير منهم على المسلمين.

مسألة:إذا نقضت الهدنة لخوف الإمام و نبذ إليهم عهدهم،

فإنّه يردّهم إلى مأمنهم،ثمّ يكونون حربا،فإن كانوا لم يبرحوا (1)حصنهم جاز قتالهم بعد النبذ إليهم؛لأنّهم في منعتهم كما كانوا قبل العقد.و إن كانوا قد نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين،ردّهم الإمام إلى مأمنهم؛لأنّهم دخلوا إليه من مأمنهم،فكان عليه ردّهم إليه؛لأنّه لو لا ذلك (2)،لكان خيانة من المسلمين،و اللّه لا يحبّ الخائنين.

إذا ثبت هذا:فإذا زال عقد الهدنة،نظر فيما زال به،فإن لم يتضمّن وجوب حقّ عليه،مثل أن يأوي لهم عينا،أو يخبرهم بخبر المسلمين و يطلعهم على عوراتهم، ردّه إلى مأمنه،و لا شيء عليه.و إن كان يوجب حقّا،فإن كان لآدميّ،كقتل نفس أو إتلاف مال،استوفي ذلك منه،و إن كان للّه تعالى محضا،كحدّ الزنا و الشرب،أقيم

ص:154


1- 1خا:لم ينزلوا.برح مكانه:أي زال عنه.لسان العرب 2:408. [1]
2- 2) كثير من النسخ:لو كان ذلك،مكان:لو لا ذلك.

عليه أيضا عندنا،خلافا للجمهور (1)،و إن كان مشتركا،كالسرقة،أقيم عليه عندنا، و للجمهور قولان (2)-و سيأتي-عملا بالعمومات.

مسألة:قد بيّنّا أنّه ينبغي للإمام أن يغزو كلّ سنة أقلّ ما يجب،

و إن كان أكثر من ذلك،كان أفضل (3)،و لا يجوز ترك ذلك أكثر من سنة إلاّ لضرورة منها:أن يقلّ عدد المسلمين و يكثر المشركون،فإنّه يجوز تأخيره،أو يتوقّع مجيء مدد يتقوّى بهم،أو يتعذّر عليه الماء و العلف في طريقه فيؤخّره حتّى يتّسع،أو يرجو أن يسلم منهم قوم إذا بدأهم بالقتال لم يسلموا،و لهذا (4)أخّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتال قريش بهدنة و أخّر قتال أسد (5)و طيّئ (6)و نمير (7)بلا هدنة (8).

فإن هادنهم لأحد هذه المصالح،وجب عليه الوفاء و لزمهم أيضا الوفاء حتّى تنقضي المدّة،فإن نقضوا،جاز أن ينبذ إليهم و ينقض عهدهم،كما فعل المسلمون بأهل نجران لمّا أكلوا الربا الذي شرط عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا

ص:155


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 10:574،المهذّب للشيرازيّ 2:336.
2- 2) حلية العلماء 7:222،الشرح الكبير بهامش المغني 10:574،المهذّب للشيرازيّ 2:336.
3- 3) يراجع:ص 118. [1]
4- 4) ر،ب و ع:لهذا،مكان:و لهذا.
5- 5) أسد بن عبد العزّى بن قصيّ من أجداد العرب في الجاهليّة،بنوه حيّ كبير من قريش منهم:حكيم بن حزام الصحابيّ و خديجة أمّ المؤمنين و ورقة بن نوفل،قيل:لا عقب لعبد العزّى إلاّ من أسد هذا. الأعلام للزركليّ 1:298. [2]
6- 6) طيّئ بن أدد من بني يشجب من كهلان،جدّ جاهليّ النسبة إليه طائيّ،و قيل:اسمه جلهمة و طيّئ لقبه،كانت منازل بنيه في اليمن،و منهم الآن:بطون كثيرة متفرّقة في شماليّ الحجاز و باديتي العراق و الشام.الأعلام للزركليّ 3:234. [3]
7- 7) كذا في النسخ و المبسوط،و [4]لعلّه هو:نمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى من أسد بن ربيعة جدّ جاهليّ،كان له بالمدينة عقب كثير ارتدّ جماعة منهم في أيّام أبي بكر فأبادهم خالد بن الوليد. الأعلام للزركليّ 8:48. [5]
8- 8) المبسوط للطوسيّ 2:59، [6]المجموع 19:267.

يأكلوه (1).

و قد روي أنّ بني قريظة (2)ظاهرت الأحزاب على حرب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان (3)ذلك نقضا منها و نكثا للعهد بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بينها استحلّ به قتالهم-و إن كانوا لم يقتلوا من أصحابه أحدا-و ضرب عنق حييّ بن أخطب (4)منهم (5).

و إنّ كعب بن الأشرف (6)لمّا رحل (7)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه

ص:156


1- 1سنن أبي داود 3:167 الحديث 3041، [1]المصنّف لابن أبي شيبة 5:235 الحديث 11،كنز العمّال 4:200 الحديث 10151،أحكام القرآن للجصّاص 2:193. [2]
2- 2) بنو قريظة حيّ من اليهود و هم و النضير قبيلتان من يهود خيبر،و قد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى عليهما السلام،و بنو قريظة إخوة النضير و هما حيّان من اليهود الذين كانوا بالمدينة،فأمّا قريظة فإنّهم أبيروا لنقضهم العهد و مظاهرتهم المشركين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أمر بقتل مقاتلتهم و سبي ذراريّهم،و أمّا بنو النضير فإنّهم أجلوا إلى الشام،و فيهم نزلت سورة الحشر.لسان العرب 7:456، [3]مجمع البحرين 4:289.
3- 3) آل،ق و خا:و كان.
4- 4) حييّ بن أخطب،من سبط لاوي بن يعقوب ثمّ من ذرّيّة هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام من بني النضير من الأشداء العتاة،كان ينعت بسيّد الحاضر و البادي،أدرك الإسلام و آذى المسلمين فأسروه يوم قريظة ثمّ قتلوه،و إليه تنسب صفية التي اصطفاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صارت في سهمه ثمّ أعتقها و جعل عتقها صداقها.الأعلام للزركليّ 2:292، [4]الاستيعاب 4:346، [5]الإصابة 4:346. [6]
5- 5) المصنّف لابن أبي شيبة 8:495 الحديث 1،المصنّف لعبد الرزّاق 5:367 الحديث 9737،المعجم الكبير للطبرانيّ 6:7 الحديث 5327،كنز العمّال 10:459 الحديث 30114،مجمع الزوائد 6: 130-139.
6- 6) كعب بن الأشرف الطائيّ من بني نبهان،شاعر جاهليّ،كانت أمّه من بني النضير فدان باليهوديّة، و كان سيّدا في أخواله يقيم في حصن له قريب من المدينة،أدرك الإسلام و لم يسلم و أكثر من هجو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه و تحريض القبائل عليهم و إيذائهم.و خرج إلى مكّة بعد وقعة بدر فندب قتلى قريش فيها و حرّض على الأخذ بثأرهم و عاد إلى المدينة و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقتله،فانطلق إليه خمسة من الأنصار فقتلوه في ظاهر حصنه.الأعلام للزركليّ 5:225، [7]البحار 20:10. [8]
7- 7) بعض النسخ:دخل.

إلى منزله،و أرسل إلى اليهود:إن كنتم تريدون محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه يوما من الدهر فالآن فإنّه في منزلي فعجّلوا الساعة،و أتى جبرئيل عليه السلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالخبر،فخرج (1)و أصحابه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّه قد كفر و نقض العهد»فوجّه إليه بمن قتله (2).

و قيل:إنّ بني قينقاع (3)كان سبب غدرهم أنّ امرأة من المسلمين جلست إلى صائغ يصوغ لها حليّا،فلمّا قامت تكشّفت و هي لا تشعر فتضاحكوا بها،فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فخرج إليهم و حاربهم (4).

و كان سبب نكث اليهود:

أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرط عليهم أن لا يكتموا شيئا و لا يغشّوا شيئا،فإن فعلوا،فلا ذمّة لهم و لا عهد،فسأل ابن الحقيق (5)ما فعلت آنيتكم؟فقالوا:استهلكناها في حربنا،فأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأتوا

ص:157


1- 1ب:فخرج محمّد، [1]ع:فخرج محمّدا.
2- 2) ينظر البحار 20:163 و ص 173.
3- 3) بنو قينقاع-بفتح القاف و ضمّ النون و قد تكسر و تفتح-هم قبيلة من يهود المدينة أضيف إليهم سوق بني قينقاع،كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد عاهدهم و أمّنهم على أنفسهم و أموالهم و حرّيّة دينهم فنقضوا عهده فقاتلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.النهاية لابن الأثير 4:136، [2]الأعلام للزركليّ 6:218. [3]
4- 4) المغازي للواقديّ 1:176. [4]
5- 5) ابن الحقيق،كذا في النسخ،و الصحيح ابن أبي الحقيق و هو سلاّم بن أبي الحقيق أبو رافع من يهود خيبر،و هو الذي أجلب مشركي العرب و جعل لهم الجعل العظيم لحرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنة ستّ من الهجرة عبد اللّه بن عتيك و عبد اللّه بن أنيس و أبا قتادة و الأسود بن الخزاعيّ في سريّة لقتاله فقتلوه،قال عبد اللّه بن أنيس:ثمّ خرجنا من المدينة كلّنا يدّعي قتله فقدمنا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو على المنبر فلمّا رآنا قال:«أفلحت الوجوه»فقلنا: أفلح وجهك يا رسول اللّه،قال:«أ قتلتموه»قلنا:نعم،المغازي للواقدي 1:391-395، [5]البحار 20: 12، [6]الحاوي الكبير 14:47.

المكان الذي فيه الآنية،فاستثاروها (1)ثمّ ضرب أعناقهم (2).

و كان سبب نكث قريش:أنّ حلفاءها بنو بكر وثبوا على حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خزاعة،فأعانت قريش لبني بكر بالكراع و السلاح،فأباح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قتالهم.

قال الشافعيّ:إنّ الذي أعان على خزاعة ثلاثة نفر من قريش شهدوا قتالهم، فغزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قريشا بغدر ثلاثة نفر (3).

مسألة:إذا عقد الإمام الذمّة للمشركين،

كان عليه أن يذبّ عنهم كلّ من لو (4)قصد المسلمين لزمه أن يذبّ عنهم.و لو عقد الهدنة لقوم منهم،كان عليه أن يكفّ عنهم من يجري عليه أحكامه من المسلمين و أهل الذمّة،و ليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب،و لا بعضهم عن بعض.و الفرق بينهما:أنّ عقد الذمّة يقتضي جريان أحكامنا عليهم،فكانوا كالمسلمين و الهدنة عقد أمان لا يتضمّن جري الأحكام،فاقتضى أن يأمر من جهته من يجري عليه حكم الإمام دون غيره.

فإن شرط الإمام في عقد الذمّة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب،نظر،فإن كانوا في جوف بلاد الإسلام-كالعراق-أو في طرف بلاد الإسلام،كان الشرط فاسدا؛ لأنّه يجب عليه أن يمنع أهل الحرب من دخول دار الإسلام،فلا يجوز أن يشترط (5)خلافه.و إن كانوا في دار الحرب أو بين بلاد الإسلام و دار الحرب،كان

ص:158


1- 1يقال:ثوّر فلان عليهم شرّا،إذا هيّجه و أظهره،و كلّ ما استخرجته أو هجته فقد أثرته إثارة و إثارا. لسان العرب 4:109. [1]
2- 2) فتوح البلدان للبلاذريّ 1:29-30 الحديث 93.
3- 3) الحاوي الكبير 14:379،المهذّب للشيرازيّ 2:337،المجموع 19:450،العزيز شرح الوجيز 11:561.
4- 4) ب:كما لو،مكان:كلّ من لو.
5- 5) آل و ب:أن يشرط.

الشرط جائزا؛لأنّه لا يتضمّن تمكين أهل الحرب من دار الإسلام.

إذا ثبت هذا:فمتى قصدهم أهل الحرب و لم يدفعهم عنهم،حتّى مضى حول، فلا جزية عليهم؛لأنّ الجزية تستحقّ بالدفع،فإن سباهم أهل الحرب،فعليه أن يستردّ ما سبي منهم من الأموال؛لأنّ عليه حفظ أموالهم.فإن كان في جملته خمر أو خنزير،لم يلزمه استنقاذه؛لأنّه لا يحلّ إمساكه.

مسألة:إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة و أخذوا أموالهم و ظفر الإمام

بأهل الحرب و استنقذ أموال أهل الهدنة،

قال الشافعيّ:يردّه الإمام عليهم (1).

و كذا إذا اشترى مسلم من أهل الحرب ما أخذوه من أهل الهدنة،وجب ردّه عليهم.

و احتجّ:بأنّه في عهد منه،فلا يجوز أن يتملّك ما سبي منهم،كأهل الذمّة (2).

و قال أبو حنيفة:لا يجب ردّ ما أخذوه من أهل الحرب من أموالهم؛لأنّه لا يجب عليه أن يدفعهم عنهم،فلا يلزمه ردّ ما استنقذه منهم،كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب (3).

و قول أبي حنيفة لا يخلو من قوّة.

ص:159


1- 1المهذّب للشيرازيّ 2:334-335،روضة الطالبين:1848،العزيز شرح الوجيز 11:577، المغني 10:514،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
2- 2) المغني 10:514،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:88،العزيز شرح الوجيز 11:577،المغني 10:515،الشرح الكبير بهامش المغني 10:573.
البحث الرابع
اشارة

في الحكم بين المعاهدين و المهادنين

مسألة:اتّفق علماء السيرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل المدينة

وادع اليهود كافّة على غير جزية،

(1)(2)

منهم:بنو قريظة،و النضير،و المصطلق (3)؛لأنّ الإسلام كان ضعيفا بعد،و فيهم نزل قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (4). (5)

و قيل:إنّها نزلت في اليهوديّين اللّذين زنيا؛لقوله تعالى: وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ (6)و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخرج آية الرجم من التوراة و رجمه (7).

ص:160


1- 1ب:أهل السيرة،مكان:علماء السيرة.
2- 2) و ادعته موادعة:صالحته.المصباح المنير:653. [1]
3- 3) المصطلق:قيل:اسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة من خزاعة من قحطان،جدّ جاهليّ غزا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قومه سنة ستّ للهجرة و ظفر بهم،من نسله جويرية بنت الحارث المصطلقيّة.الأعلام للزركليّ 7:247. [2]
4- 4) المائدة(5):42. [3]
5- 5) الأمّ 4:210،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:280،الحاوي الكبير 14:385،تفسير الطبريّ 6:243، [4]تفسير القرطبيّ 6:184. [5]
6- 6) المائدة(5):43. [6]
7- 7) الأمّ 4:210،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:280،الحاوي الكبير 14:385،أحكام القرآن للجصّاص 4:88، [7]تفسير الطبريّ 6:242، [8]تفسير القرطبيّ 6:187، [9]أحكام القرآن لابن العربيّ 2:619- 620، [10]المغني 10:191.
مسألة:إذا تحاكم إلينا ذمّيّ مع مسلم أو مستأمن مع مسلم،

وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام؛لأنّه يجب علينا حفظ المسلم من ظلم الذمّيّ و بالعكس،و إن تحاكم بعض أهل الذمّة مع بعض،تخيّر الحاكم بين الحكم بينهم و الإعراض عنهم،و به قال مالك (1).

و قال المزنيّ:يجب الحكم (2)،و للشافعيّ قولان (3).

لنا:قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (4).

و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة و أهل الإنجيل يتحاكمون إليه،كان ذلك إليه،إن شاء حكم بينهم، و إن شاء تركهم» (5).

و لأنّهما لا يعتقدان صحّة الحكم،فأشبها المستأمنين.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (6)و الأمر للوجوب.

و لأنّ دفع الظلم عنهم واجب على الإمام،و الحكم بينهم دفع لذلك عنهم، فلزمهم،كالمسلمين (7).

و الجواب:أنّ تلك الآية أخصّ،و القياس باطل؛لأنّ المسلمين يعتقدون صحّة الحكم.

ص:161


1- 1تفسير القرطبيّ 6:184، [1]أحكام القرآن لابن العربيّ 2:620، [2]العزيز شرح الوجيز 8:103.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:280،الحاوي الكبير 14:386،العزيز شرح الوجيز 8:103.
3- 3) الحاوي الكبير 14:385،روضة الطالبين:1839،العزيز شرح الوجيز 8:103،تفسير القرطبيّ 6:185. [3]
4- 4) المائدة(5):42. [4]
5- 5) التهذيب 6:300 الحديث 839،الوسائل 18:218 الباب 27 من أبواب كيفيّة الحكم الحديث 1. [5]
6- 6) المائدة(5):49. [6]
7- 7) الحاوي الكبير 14:385،العزيز شرح الوجيز 8:103،المغني 10:191.

أمّا لو ارتفع إلينا مستأمنان حربيّان من غير أهل الذمّة،فإنّه لا يجب على الحاكم الحكم بينهما إجماعا؛لأنّه لا يجب على الإمام دفع بعضهم عن بعض، بخلاف أهل الذمّة.و لأنّ أهل الذمّة آكد حرمة،فإنّهم يسكنون دار الإسلام على التأبيد.

مسألة:إذا استعدى أحد الخصمين إلى الإمام،أعداه على الآخر في كلّ موضع

يلزم الحاكم الحكم بينهم

(1)،فإذا استدعى خصمه،وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم.

روى الشيخ عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:

رجلان من أهل الكتاب نصرانيّان أو يهوديّان كان بينهما خصومة،فقضى بينهما حاكم من حكّامهما بجور،فأبى الذي قضي عليه أن يقبل،و سأل أن يردّ إلى حكم المسلمين،قال:«يردّ إلى حكم المسلمين» (2).

إذا ثبت هذا:فإن حكم بينهم،وجب أن يحكم بحكم الإسلام؛لقوله تعالى:

وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (3)و قال تعالى: وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ (4).

مسألة:إذا جاءت امرأة ذمّيّة تستعدي على زوجها الذمّيّ في طلاق أو ظهار أو

إيلاء،

تخيّر الحاكم في الحكم (5)بينهم،و الردّ إلى أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم.فإن حكم بينهم،حكم بحكم الإسلام،و يمنعه (6)في الظهار من أن يقربها

ص:162


1- 1كذا في النسخ،و مقتضى السياق:بينهما.
2- 2) التهذيب 6:301 الحديث 842،الوسائل 18:218 الباب 27 من أبواب كيفيّة الحكم الحديث 2. [1]
3- 3) المائدة(5):42. [2]
4- 4) المائدة(5):49. [3]
5- 5) أكثر النسخ:تخيّر في الحكم.
6- 6) ب:و نمنعه.

حتّى يكفّر.و لا يجوز له أن يكفّر بالصوم؛لافتقاره إلى نيّة القربة،و لا بالعتق؛ لتوقّفه على ملك المسلم،و هو لا يتحقّق في طرفه إلاّ أن يسلم في يده أو يرثها (1)،بل بالإطعام.

مسألة:يجوز للمسلم أن يأخذ مالا من نصرانيّ مضاربة،

و لا يكره ذلك؛لأنّ المسلم لا يتصرّف إلاّ فيما يسوغ.

و يكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالا مضاربة؛لأنّ الكافر يتصرّف بما يسوغ في الشرع و ما لا يسوغ،فإن فعل؛صحّ القراض.

و ينبغي له إذا دفع إليه المال أن يشترط (2)عليه أن لا يتصرّف إلاّ بما يسوغ في شرعنا،فإن شرط عليه ذلك فابتاع خمرا أو خنزيرا،فالشراء باطل،سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمّة؛لأنّه خالف الشرط.و لا يجوز له أن يقبض الثمن،فإن قبض الثمن،ضمنه.

و إن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقا،فابتاع ما لا يجوز ابتياعه، فالبيع باطل،فإن دفع الثمن،فعليه الضمان أيضا؛لأنّه ابتاع ما ليس بمباح عندنا.

و إطلاق العقد يقتضي أن يبتاع لربّ المال ما يملكه ربّ المال،فإذا خالف، ضمن.

إذا ثبت هذا؛فإن باع المضارب و نضّ (3)المال،نظر،فإن علم ربّ المال أنّه تصرّف في محظور أو خالط محظورا،لم يجز له قبضه،كما لو اختلطت أخته بأجنبيّات،و إن علم أنّه ثمن المباح،قبضه،و إن شكّ،كره لكنّه جائز.

مسألة:إذا أكرى نفسه من ذمّيّ،

فإن كانت الإجارة في الذمّة،صحّ؛لأنّ الحقّ

ص:163


1- 1كذا في النسخ،و في الجواهر 21:320 [1]نقلا عن المنتهى: [2]يرثه،بدل:يرثها.
2- 2) آل،ب و ع:يشرط.
3- 3) نضّ الثمن:حصل و تعجّل.المصباح المنير:610.

ثابت في ذمّته،و إن كانت معيّنة،فإن استأجره ليخدمه شهرا،أو يبني له شهرا،صحّ أيضا.و تكون أوقات العبادات مستثناة منها.

مسألة:إذا فعل أهل الذمّة ما لا يجوز في شرع الإسلام،

فإن كان غير جائز في شرعهم أيضا-كالزنا و اللواط و السرقة و القتل و القطع-كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود؛لأنّهم عقدوا الذمّة بشرط أن تجري عليهم أحكام المسلمين.

و إن كان ممّا يجوز في شرعهم-كشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و نكاح ذوات المحارم-لم يتعرّض لهم ما لم يظهروه و يكشفوه؛لأنّا نقرّهم عليه،و ترك النقض لهم فيه (1)؛لأنّهم عقدوا الذمّة و بذلوا الجزية على هذا،فإن أظهروا ذلك و أعلنوه،منعهم الإمام و أدّبهم على إظهاره.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد روى أصحابنا أنّه يقيم عليهم الحدود بذلك، و هو الصحيح (2).

مسألة:إذا جاء نصرانيّ قد باع من مسلم خمرا،أو اشترى من مسلم خمرا،

أبطلناه بكلّ حال تقابضا أو لم يتقابضا،و رددنا الثمن إلى المشتري،فإن كان مسلما، استرجع الثمن و أرقنا الخمر؛لأنّا لا نقضي على المسلم بردّ الخمر،و جوّزنا إراقتها؛لأنّ الذمّيّ عصى بإخراجها إلى المسلم،فيعاقب بإراقتها عليه.و إن كان المشتري المشرك،رددنا إليه الثمن،و لا نأمر الذمّيّ بردّ الخمر،بل يريقها؛لأنّها ليست كمال الذمّيّ.

مسألة:إذا أوصى مسلم لذمّيّ بعبد مسلم،لم تصحّ الوصيّة؛

لأنّ المسلم لا يدخل في ملك المشرك.

ص:164


1- 1في المبسوط:و [1]نترك التعرّض لهم فيه،مكان:و ترك النقض لهم فيه.
2- 2) المبسوط 2:61، [2]الخلاف 2:514 مسألة-22.

و قال بعض الناس:تصحّ الوصيّة،و يلزم برفع (1)اليد عنه،كما لو ابتاعه (2).

و الأوّل:أصحّ.

و على التقدير الثاني لو أسلم و قبل الوصيّة،صحّ،و ملكه بعد موت الموصي، و على الوجه الأوّل لا يملكه و إن أسلم في حياة الموصي؛لأنّ الوصيّة وقعت في الأصل باطلة.

و لو كان العبد مشركا فأسلم العبد قبل موت الموصي ثمّ مات،فقبله الموصى له،لم يملكه؛لأنّ الاعتبار في الوصيّة حال اللزوم،و هي حالة الوفاة.و على القول الثاني يملكه و يرفع يده عنه.

مسألة:و يمنع المشرك من شراء المصاحف؛إعزازا للقرآن،

فإن اشترى،لم يصحّ البيع.

و قال بعض الشافعيّة:يملكه و يلزم بالفسخ (3)،و الأوّل أنسب بإعظام القرآن العزيز.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و آثار السلف و أقاويلها حكمها حكم المصاحف سواء (4).

و الأقوى عندي:الكراهية،أمّا كتب النحو و اللغة و الشعر و باقي الأدب فإنّ شراءها جائز لهم؛لأنّه لا حرمة لها.

مسألة:إذا أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة أو بيعة،

أو موضع لصلواتهم أو مجمع

ص:165


1- 1خا و ق:رفع،مكان:برفع.
2- 2) ينظر:المبسوط للطوسيّ 2:62، [1]الحاوي الكبير 14:393،روضة الطالبين:502،العزيز شرح الوجيز 4:17.
3- 3) حلية العلماء 4:118،روضة الطالبين:502،العزيز شرح الوجيز 4:16.
4- 4) المبسوط 2:62. [2]

لعباداتهم،كانت الوصيّة باطلة؛لأنّها وصيّة في معصية اللّه تعالى،فتكون باطلة بالإجماع.

و كذا لو أوصى أن يستأجر خدما للبيعة و الكنيسة،أو يعمل صلبانا،أو يشتري مصباحا أو يشتري أرضا فتوقف عليها،أو ما كان في هذا المعنى،فإنّ الوصيّة باطلة.

فإن أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة تنزلها المارّة من أهل الذّمّة أو من غيرهم،أو وقفها على قوم يسكنونها،أو جعل أجرتها للنصارى،جازت الوصيّة؛لأنّ نزولهم ليس بمعصية،إلاّ أن تبنى لصلاتهم.

و كذلك لو أوصى للرهبان و الشمامسة بشيء،فإنّ الوصيّة جائزة؛لأنّ صدقة التطوّع عليهم جائزة.

و إن أوصى أن يكون لنزول المارّة و الصلاة،فقد قيل:تبطل الوصيّة في الصلاة و تصحّ في نزول المارّة،فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة خاصّة،فإن لم يمكن (1)ذلك،بطلت الوصيّة (2).

و قيل:تبنى الكنيسة بالثلث،و تكون لنزول المارّة،و يمنعون من الاجتماع للصلاة فيها (3).و في الوجهين قوّة.

و لو أوصى بشيء تكتب به التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة،كانت الوصيّة باطلة؛لأنّها كتب محرّفة مبدّلة،قال اللّه تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ (4)و قال اللّه تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ

ص:166


1- 1بعض النسخ يكن،مكان:يمكن.
2- 2) لم نعثر عليه.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المائدة(5):13. [1]

ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُوا (1).

و أيضا:فإنّها منسوخة،فلا يجوز نسخها؛لأنّها معصية و الوصيّة بها باطلة.

و قد روي:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة،فقال:«ما هي؟»فقال:من التوراة،فغضب عليه و رماها من يده، و قال:«لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلاّ اتّباعي» (2).

أمّا لو أوصى أن يكتب طبّا أو حسابا و يوقف ذلك عليهم أو على غيرهم،فإنّه يجوز إجماعا؛لأنّ في ذلك منافع مباحة،فالوصيّة بها جائزة.

إذا ثبت هذا:فإنّه يكره للمسلم أجر رمّ (3)ما يستهدم من الكنائس و البيع من بناء و تجارة و غير ذلك،و ليس بمحرّم؛لأنّا قد بيّنّا أنّ تجديدها سائغ لهم (4).

ص:167


1- 1البقرة(2):79. [1]
2- 2) تفسير القرطبيّ 13:355 [2] بتفاوت فيه.
3- 3) رممت الحائط و غيره:أصلحته.المصباح المنير:239. [3]
4- 4) يراجع:ص 166.

ص:168

المقصد الثامن
اشارة

في قتال أهل البغي

قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (1)و قيل:نزلت في رجلين اقتتلا (2).

و قيل:في رهط عبد اللّه بن أبيّ[بن] (3)سلول و رهط عبد اللّه بن رواحة،و ذلك أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب فنازعه عبد اللّه بن أبيّ[بن] 4سلول المنافق فعاونه قوم و أعان عليه آخرون،فأصلح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بينهم، فنزلت هذه الآية.و الطائفتان:الأوس و الخزرج (4).

قالوا:و في هذه الآية خمس فوائد:

أحدها:أنّ البغاة على الإمام مؤمنون؛لأنّه تعالى سمّاهم مؤمنين.و هذا عندنا باطل؛لأنّا قد بيّنّا في كتبنا الكلاميّة أنّ الإمامة أصل من أصول الإيمان يبطل

ص:169


1- 1الحجرات(49):9. [1]
2- 2) تفسير الطبريّ 26:129، [2]تفسير القرطبيّ 16:316. [3]
3- 3-4) زيادة من المصادر.
4- 5) تفسير الطبريّ 26:129، [4]تفسير القرطبيّ 16:315، [5]تفسير مجاهد 2:606،الدرّ المنثور 6:90. [6]

بالإخلال به (1)،و التسمية به على سبيل المجاز؛بناء على الظاهر،أو ما كانوا عليه، أو على ما يعتقدونه كما في قوله تعالى: وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ* يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ (2)و هذه صفة المنافقين إجماعا.

الثاني:وجوب قتالهم؛لقوله تعالى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (3)هذا صحيح عندنا.

الثالثة:وجوب القتال إلى غاية،لا مطلقا،و تلك الغاية هي أن يفيئوا إلى أمر اللّه بتوبة أو غيرها،و هذا صحيح أيضا؛لقوله تعالى: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (4).

و لأنّ المقتضي لجواز القتال هو خروجهم عن طاعة الإمام،فبالعود إليها يزول المقتضي.

الرابعة:قالوا:إنّ الصلح إذا وقع بينهم فلا تبعة على أهل البغي في نفس و لا مال؛لأنّه ذكر الصلح آخرا،كما ذكره أوّلا و لم يذكر تبعة،فلو كانت واجبة، لذكرها،و هذا عندنا غير صحيح؛لأنّ قوله تعالى: وَ أَقْسِطُوا 5دالّ عليه؛لأنّ القسط هنا العدل،و إنّما يتمّ العدل بإعادة ما أخذوه من مال أو عوض عن نفس، سلّمنا أنّه ليس المراد من القسط ذلك،لكنّ الضمان لم تتعلّق الآية به لا بإيجاب و لا بإسقاط،فلا دلالة للآية عليه،ثمّ إنّا نوجبه بما يأتي من الأدلّة.

ص:170


1- 1لم يصرّح المصنّف في كتبه الكلاميّة بأنّ الإمامة أصل من أصول الإيمان و لكن يظهر منها أنّ ما يجب وجوده عقلا فهو من الأصول،كما ترتّبت مباحث كتبه الكلاميّة على التوحيد و العدل و النبوّة و الإمامة و المعاد،و صرّح في جميعها أنّ الإمامة واجبة عقلا.ينظر:أنوار الملكوت:202، [1]كشف المراد:284،شرح الباب الحادي عشر:39،40،مناهج اليقين:289.
2- 2) الأنفال(8):5-6. [2]
3- 3) الحجرات(49):9. [3]
4- 4 و 5) الحجرات(49):9. [4]

الخامسة:قالوا دلّت الآية على أنّ من كان عليه حقّ،فمنعه بعد المطالبة به، حلّ قتاله؛لأنّه تعالى أوجب قتال هؤلاء البغاة لمنع حقّ،فكلّ من منع حقّا وجب قتاله؛عملا بالعلّة الثابتة عليها بالمناسبة (1).

و هذا ليس بصحيح؛لأنّ الحقوق تتفاوت،فأعظمها حقّ الإمام في التزام الطاعة الذي يتمّ به نظام نوع الإنسان،فلا يلزم من وجوب المحاربة على تفويت أعظم الحقوق،وجوبها على تفويت أدناها.و لأنّ هذا خطاب الأئمّة دون آحاد الأمّة.

مسألة:و قتال أهل البغي واجب بالنصّ و الإجماع،

قال اللّه تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (2).

و روى الجمهور عن ابن عمر و سلمة بن الأكوع و أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من حمل علينا السلاح فليس منّا» (3).

و عنه عليه السلام،قال:«من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة،فمات فميتته (4)جاهليّة» (5).

ص:171


1- 1المبسوط للطوسيّ 7:262-263، [1]المجموع 19:198،المغني 10:46.
2- 2) الحجرات(49):9. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 9:62،صحيح مسلم 1:98 الحديث 100،سنن الترمذيّ 4:59 الحديث 1459، [3]سنن ابن ماجة 2:860 الحديث 2575 و 2576،مسند أحمد 2:329، [4]سنن البيهقيّ 8: 20،المصنّف لعبد الرزّاق 10:160 الحديث 18680 و 18682،كنز العمّال 15:21 الحديث 39891،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:20 الحديث 6251،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:54 الحديث 4569،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:170،فيض القدير 6:121 الحديث 8647،مجمع الزوائد 7:241،المبسوط للطوسيّ 7:263. [5]
4- 4) بعض النسخ:«ميتة».
5- 5) صحيح مسلم 3:1476 الحديث 1848،مسند أحمد 2:296، [6]سنن البيهقيّ 8:156،كنز العمّال

و عن ابن عبّاس،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من فارق الجماعة شبرا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (1).

و عن ابن عمر،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من خلع يده من طاعة الإمام،جاء يوم القيامة لا حجّة له عند اللّه،و من مات و ليس في عنقه بيعة،فقد مات ميتة جاهليّة» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن خالد عن أبي البختريّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال عليّ عليه السلام:القتال قتالان:قتال لأهل الشرك لا ينفر 3عنهم حتّى يسلموا،أو يؤدّوا الجزية عن يد و هم صاغرون،و قتال لأهل الزيغ 4لا ينفر عنهم حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه أو يقتلوا» 5.

و لا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البغاة،و قد قاتل أبو بكر بن أبي قحافة طائفتين:قاتل أهل الردّة و هم قوم ارتدّوا بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قاتل مانعي الزكاة و كانوا مؤمنين،و إنّما منعوها بتأويل؛لأنّ أبا بكر لمّا ثبت على قتالهم قال عمر:كيف تقاتلهم

و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها،عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ

ص:172


1- 1) مسند أحمد 5:180،سنن البيهقيّ 8:157،المصنّف لابن أبي شيبة 8:599 الحديث 45-47، المعجم الك [1]بير للطبرانيّ 3:285 الحديث 3427،كنز العمّال 1:175 الحديث 886،و أورده الشيخ في المبسوط 7:263.
2- 2) كنز العمّال 6:52 الحديث 14810 فيه بتفاوت،المجموع 19:190،و أورده الشيخ في المبسوط 7:263.

بحقّها و حسابهم على اللّه» (1)فقال أبو بكر:و اللّه لا فرّقت بين ما جمع اللّه،هذا من حقّها،لو منعوني عناقا بما (2)يعطون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لقاتلتهم (3)عليها (4).

و إذا ساغ (5)قتالهم مع كونهم مسلمين،فقتال أهل البغي أولى؛لأنّ توقّف عمر عن قتالهم يدلّ على إسلامهم،و لأنّهم لمّا أسروا قالوا:و اللّه ما كفرنا بعد إسلامنا و إنّما شححنا على أموالنا،و احتجّوا:بأنّ اللّه تعالى قال لنبيّه: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (6)جعل اللّه صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سكنا لنا،و ليست صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا.

و قاتل عليّ عليه السلام ثلاث طوائف:قاتل أهل البصرة يوم الجمل:عائشة و طلحة و الزبير و عبد اللّه بن الزبير و غيرهم (7).

ص:173


1- 1صحيح البخاريّ 2:131،سنن أبي داود 3:44 الحديث 2640، [1]سنن الترمذيّ 5:3 الحديث 2607،سنن ابن ماجة 2:1295 الحديث 3928،سنن النسائيّ 7:80،سنن الدارميّ 2:218، [2]مسند أحمد 4:8، [3]سنن البيهقيّ 3:92،كنز العمّال 6:526 الحديث 16836،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:218 الحديث 593،مسند أبي يعلى 1:69 الحديث 68،مجمع الزوائد 1:64،و أورده الشيخ في المبسوط 7:263. [4]
2- 2) خا و ق:لما،ر و ح:فإنّما،مكان:بما.
3- 3) آل،ر،ب و ع:لقاتلهم،خا و ق:لقتالهم.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:131 و ج 8:50،سنن أبي داود 2:93-94 الحديث 1556، [5]سنن النسائيّ 6:5-7،مسند أحمد 1:19،35-36،48 و ج 2:528-529، [6]سنن البيهقيّ 4:104 و ج 8: 176-177،سنن الدارقطنيّ 2:89 الحديث 1.في بعض المصادر:عقالا،مكان:عناقا.و قد مرّ الحديث في الجزء الثامن:151،رقم 9.
5- 5) ب:شاع،مكان:ساغ.
6- 6) التوبة(9):103. [7]
7- 7) المبسوط 7:264،و [8]من طريق العامّة،ينظر:الحاوي الكبير 13:101،المجموع 19:195، [9]المغني 10:46،الشرح الكبير بهامش المغني 10:48.

و روى جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال عليّ بن الحسين عليهما السلام:دخلت على مروان بن الحكم،فقال:ما رأيت أحدا أكرم غلبة (1)من أبيك ما هو إلاّ أن ركبنا (2)يوم الجمل فنادى مناديه:لا يقتل مدبر و لا يذفف (3)على جريح (4).

و قاتل أهل الشام معاوية و من تابعه.

و قاتل أهل النهروان و الخوارج.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هؤلاء كلّهم محكوم عندنا بكفرهم،لكن ظاهرهم الإسلام،و عند الفقهاء مسلمون،لكن قاتلوا الإمام العادل،فإنّ الإمامة كانت لعليّ عليه السلام بعد عثمان.و تسميتهم بالبغاة عندنا ذمّ؛لأنّه كفر عندنا.

و قال بعضهم:ليس بذمّ و لا نقصان،و هم أهل الاجتهاد اجتهدوا فأخطئوا بمنزلة طائفة خالفوا من الفقهاء؛لأنّهم من المؤمنين عندهم،قاتلوا بتأويل سائغ (5).

و عندنا:أنّهم كفّار.و الأصل فيه:أنّ باب الإمامة عندنا من شرائط الإيمان،و قد بيّنّا ذلك في علم الكلام (6).

مسألة:و يثبت حكم البغي بشرائط ثلاثة:

أحدها:أن يكونوا في منعة و كثرة،لا يمكنهم كفّهم و تفريق جمعهم إلاّ

ص:174


1- 1أكثر النسخ:عليه،مكان:غلبة.
2- 2) في المصادر:و لينا،مكان:ركبنا.
3- 3) أكثر النسخ:لا يدفف،و الذّفّ:الإجهاز على الجريح،و يروى بالدال و الذال جميعا.لسان العرب 9:11. [1]
4- 4) المبسوط 7:264،و [2]من طريق العامّة،ينظر:الأمّ 4:216،سنن البيهقيّ 8:181،المصنّف لابن أبي شيبة 7:675 الحديث 2،الحاوي الكبير 13:115.
5- 5) المبسوط 7:264. [3]
6- 6) يراجع:ص 169.

بإنفاق (1)و تجهيز جيوش و قتال،فأمّا إن كانوا نفرا يسيرا،كالواحد و الاثنين و العشرة،و كيدها كيد ضعيف،فليسوا أهل البغي،و كانوا قطّاع طريق (2)،ذهب (3)إليه الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط (4)،و ابن إدريس (5)،و هو مذهب الشافعيّ (6)؛

لأنّ عبد الرحمن بن ملجم (7)لعنه اللّه لمّا جرح عليّا صلوات اللّه عليه،قال للحسن ابنه عليه السلام:«إن برئت رأيت رأيي،و إن متّ فلا تمثّلوا به» (8).

و قال بعض الجمهور:يثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام،قلّوا أو كثروا (9).و هو عندي قويّ.

الثاني:أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية،أمّا لو كانوا معه و في قبضته،فليسوا أهل بغي.

و روي أنّ عليّا عليه السلام كان يخطب،فقال رجل بباب المسجد:لا حكم إلاّ للّه،تعريضا بعليّ عليه السلام أنّه حكّم في دين اللّه،فقال عليّ عليه السلام:«كلمة

ص:175


1- 1كثير من النسخ:باتّفاق،مكان:بإنفاق.
2- 2) ع:للطريق.
3- 3) أكثر النسخ:و ذهب.
4- 4) المبسوط 7:264. [1]
5- 5) السرائر:158.
6- 6) الحاوي الكبير 13:102،المجموع 19:197.
7- 7) عبد الرحمن بن ملجم المراديّ التدؤليّ الحميريّ،أدرك الجاهليّة و هاجر في خلافة عمر و قرأ على معاذ بن جبل ثمّ شهد فتح مصر و سكنها و كان من شيعة عليّ عليه السلام و شهد معه صفّين ثمّ خرج عليه و صار من كبار الخوارج،و هو أشقى هذه الأمّة بالنصّ الثابت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بقتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام،و ذلك في شهر رمضان سنة 40 و قيل:44 ه. الإصابة 3:99، [2]لسان الميزان 3:439،الأعلام للزركليّ 3:339. [3]
8- 8) المغني 10:47،الشرح الكبير بهامش المغني 10:49.
9- 9) المغني 10:47،الشرح الكبير بهامش المغني 10:49.

حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:أن لا نمنعكم مساجد اللّه أن تذكروا اسم اللّه فيها،و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا،و لا نبدؤكم بقتال» (1).و قوله عليه السلام:«ما دامت أيديكم معنا»يعني لستم منفردين.

الثالث:أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم،بأن تقع لهم شبهة يعتقدوا عنها الخروج على الإمام،فأمّا إذا لم يكن لهم تأويل سائغ و انفردوا و باينوا بغير شبهة،فهم قطّاع الطريق حكمهم حكم المحاربين.

مسألة:و لا يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما،

بل كلّ من خرج على إمام عادل و نكث بيعته و خالفه في أحكامه،فهو باغ،و حكمه حكم البغاة،سواء نصبوا إماما لأنفسهم أو لا؟

و قال بعض الشافعيّة:إنّ نصب الإمام شرط (2).

لنا:أنّه قد ثبت لأهل البصرة و النهروان حكم البغاة مع عليّ عليه السلام إجماعا،و لم يكونوا نصبوا إماما.و لأنّه تعالى أوجب قتالهم و لم يشترط (3)نصب الإمام (4).

مسألة:و الإمامة تثبت عندنا بالنصّ،

و ليس الطريق إليها الاختيار و لا الإجماع،بل لا تثبت إلاّ بالنصّ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كما نصّ على عليّ عليه السلام و الأئمّة من ولده الأحد عشر،و قد بيّنّا ذلك في علم الكلام (5).

ص:176


1- 1الأمّ 4:217،سنن البيهقيّ 8:171،المصنّف لابن أبي شيبة 8:741 الحديث 50،الحاوي الكبير 13:102،المهذّب للشيرازيّ 2:283،المجموع 19:197.
2- 2) الأمّ 4:217،الحاوي الكبير 13:102،المجموع 19:198،مغني المحتاج 4:124،السراج الوهّاج:516.
3- 3) أكثر النسخ:يشرط،مكان:يشترط.
4- 4) الحجرات(9):49.
5- 5) أنوار الملكوت:210، [1]مناهج اليقين:300،كشف الفوائد:42،الألفين:234، [2]شرح تجريد

إذا ثبت هذا:فكلّ من خرج على إمام تثبت إمامته بالنصّ عندنا،و الاختيار عند الجمهور،وجب قتاله إجماعا،و إنّما يجب قتاله بعد البعث إليه و السؤال عن سبب خروجه،و إيضاح ما عرض له من الشبهة و حلّها له و كشف الصواب،إلاّ أن يخاف كلبهم (1)و لا يمكنه ذلك في حقّهم،أمّا إذا أمكنه تعريفهم،وجب عليه أن يعرّفهم.

فإذا عرّفهم،فإن رجعوا،فلا بحث،و إن لم يرجعوا،قاتلهم؛لأنّ اللّه تعالى أمر بالصلح قبل الأمر بالقتال،فقال: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (2).

و لأنّ القصد كفّهم و دفع شرّهم،فإذا أمكن بمجرّد القول،كان أولى من القتال؛ لما فيه من الضرر بالفريقين.

و روي أنّ عليّا عليه السلام لمّا أراد قتال الخوارج،بعث إليهم عبد اللّه بن عبّاس يناظرهم،فلبس حلّة حسنة و مضى إليهم،فقال:هذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و زوج ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام،و قد عرفتم فضله،فما تنقمون منه؟قالوا:ثلاثا:إنّه حكّم في دين اللّه تعالى،و قتل و لم يسب،فإمّا أن يقتل و يسبي،أو لا يقتل و لا يسبي،إذا حرمت أموالهم،حرمت دماؤهم،و الثالث:محا اسمه من الخلافة.

فقال ابن عبّاس:إن خرج عنها رجعتم إليه؟قالوا:نعم،قال ابن عبّاس:أمّا قولكم:حكّم في دين اللّه تعنون الحكمين بينه و بين معاوية،و قد حكّم اللّه في

ص:177


1- 1) المكالبة:المشا [1]رّة،و كلب على الشيء كلبا،حرص عليه حرص الكلب،و كالب الرجل مكالبة و كلابا،ضايقه كمضايقة الكلاب بعضها بعضا.لسان العرب 1:724.
2- 2) الحجرات(49):9.

الدين،فقال: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها (1)و قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2)فحكّم في أرنب قيمته درهم،فبأن يحكّم في هذا الأمر العظيم أولى،فرجعوا عن هذا.

قال:و أمّا قولكم:كيف قتل و لم يسب!فأيّكم لو كان معه،فوقع في سهمه عائشة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كيف يصنع و قد قال اللّه تعالى: وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (3)قالوا:رجعنا عن هذا.

قال:و قولكم:محا اسمه من الخلافة،تعنون أنّه لمّا وقعت الواقعة (4)بينه و بين معاوية كتب بينهم:هذا ما وافق (5)عليه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام معاوية،قالوا له:لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك،فمحا اسمه،فقال ابن عبّاس:إن كان محا اسمه من الخلافة،فقد محا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اسمه من النبوّة لمّا قاضى سهيل بن عمرو بالحديبيّة،كتب الكتاب عليّ عليه السّلام:هذا ما قاضى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهيل بن عمرو،فقالوا له:لو كنت نبيّا ما خالفناك، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام:امحه،فلم يفعل،فقال لعليّ عليه السلام:أرنيه،فأراه إيّاه،فمحاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإصبعه.فرجع بعضهم و بقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا،فقاتلهم عليّ عليه السلام فقتلهم (6).

فثبت أنّهم لا يبدءون بالقتال حتّى تعرض عليهم الإجابة كمن لم تبلغه الدعوة.

ص:178


1- 1النساء(4):35. [1]
2- 2) المائدة(5):95. [2]
3- 3) الأحزاب(33):53. [3]
4- 4) بعض النسخ:المواقفة.
5- 5) أكثر النسخ:واقف.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:241،مسند أحمد 4:291،سنن البيهقيّ 7:42،السيرة النبويّة لابن هشام 3: 331،الحاوي الكبير 13:102-104،و أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 7:265-266. [4]
مسألة:الخوارج هم الذين يكفرون بالدين،

و يعتقدون أنّ من فعل كبيرة مثل شرب الخمر و الزنا و القذف،فقد كفر و صار مخلّدا في النار،و يكفّرون عليّا عليه السلام و عثمان و طلحة و الزبير و كثيرا من الصحابة،و يستحلّون دماء المسلمين و أموالهم إلاّ من خرج معهم،فهؤلاء بغاة،حكمهم حكم البغاة،قاله أكثر الجمهور،كأبي حنيفة (1)،و الشافعيّ (2)،و جمهور الفقهاء،و كثير من أهل الحديث.

و مالك يرى استتابتهم،فإن تابوا،و إلاّ قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم (3).

و ذهب جماعة من أهل الحديث إلى أنّهم كفّار مرتدّون حكمهم حكم المرتدّين،تباح دماؤهم و أموالهم،فإن تحيّزوا في مكان و كانت لهم منعة و شوكة، صاروا أهل حرب،كسائر الكفّار،و إن كانوا في قبضة الإمام،استتابهم كاستتابة المرتدّين،فإن تابوا،و إلاّ ضربت أعناقهم و كانت أموالهم فيئا لا ترثهم ذرّيّتهم المسلمون؛

لما روى أبو سعيد قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم،و صيامكم مع صيامهم،و أعمالكم مع أعمالهم،يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم،يمرقون من الدين،كما يمرق السهم من الرميّة (4)ينظر في النصل (5)فلا يرى شيئا،و ينظر في القدح فلا يرى شيئا،

ص:179


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:124،بدائع الصنائع 7:140،شرح فتح القدير 5:334،الفتاوى الهنديّة 2:284،تبيين الحقائق 4:194،195.
2- 2) الأمّ 4:218،المهذّب للشيرازيّ 2:279،المجموع 19:216، [1]مغني المحتاج 4:124.
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:47،الكافي في فقه أهل المدينة:222.
4- 4) الرميّة:الصيد الذي ترميه فتقصده و ينفذ فيه سهمك،و قيل:هي كلّ دابّة مرميّة.النهاية لابن الأثير 2:268. [2]
5- 5) النصل:حديدة السهم و الرمح.لسان العرب 11:662. [3]

و ينظر في الريش فلا يرى شيئا،و يتمارى (1)في الفوق (2)» (3).

و في حديث آخر:«يخرج قوم في (4)آخر الزمان أحداث الأسنان،سفهاء الأحلام،يقولون من خير قول البريّة،يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم (5)،يمرقون من الدين،كما يمرق السهم من الرميّة،فأينما لقيتهم فاقتلهم،فإنّ[في] (6)قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة» (7).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الخوارج كلاب أهل النار» (8).

و عنه عليه السلام،قال:«هم شرّ الخلق و الخليقة،لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد» (9).

ص:180


1- 1الامتراء في الشيء:الشك فيه،و كذلك التماري.الصحاح 6:2491. [1]
2- 2) الفوق من السهم:موضع الوتر،و الجمع أفواق و فوق.لسان العرب 10:319. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 9:21،سنن ابن ماجة 1:60 الحديث 169 فيه بتفاوت،مسند أحمد 3:60، [3]سنن البيهقيّ 8:171،الاحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8:260 الحديث 6702.
4- 4) آل،ب،ر،خا و ق:من،مكان:في.
5- 5) التراقي جمع الترقوة و هي العظم الذي بين ثغرة النحر و العاتق.النهاية لابن الأثير 1:187. [4]
6- 6) زيادة أثبتناها من صحيح البخاريّ و مصنّف عبد الرزّاق.
7- 7) صحيح البخاريّ 9:21،سنن ابن ماجة 1:59 الحديث 168،سنن الترمذيّ 4:481 الحديث 2188،مسند أحمد 1:81 و 404، [5]سنن البيهقيّ 8:170،المصنّف لابن أبي شيبة 8:729 الحديث 3،المصنّف لعبد الرزّاق 10:157 الحديث 18677،مسند أبي يعلى 9:277 الحديث 5402، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8:260 الحديث 6704،كنز العمّال 11:204 الحديث 31238 و ص 206 الحديث 31249.
8- 8) سنن ابن ماجة 1:61 الحديث 173،المصنّف لابن أبي شيبة 8:730 الحديث 4 فيه بتفاوت، المعجم الكبير للطبرانيّ 8:270 الحديث 8042،كنز العمّال 11:137 الحديث 30938.
9- 9) سنن ابن ماجة 1:60 الحديث 170،مسند أحمد 3:68 و 73، [6]سنن البيهقيّ 8:170-171 و ج 7:18،المصنّف لابن أبي شيبة 8:730 الحديث 7 فيه بتفاوت،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8:260 الحديث 6703.

و قال:«لا يجاوز إيمانهم حناجرهم» (1).

و قال عليّ عليه السلام في قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (2).

قال:«هم أهل النهروان (3)» (4).

احتجّ الآخرون:

بأنّ عليّا عليه السلام لمّا قاتل أهل النهروان قال لأصحابه:لا تبدءوهم بالقتال،و بعث إليهم:أقيدونا بعبد اللّه بن خبّاب (5)،قالوا:كلّنا قتله،فحينئذ استحلّ قتالهم؛لإقرارهم بما يوجب القتل (6).

ص:181


1- 1صحيح البخاريّ 9:21،سنن البيهقيّ 8:170،المصنّف لعبد الرزّاق 10:157 الحديث 18677، مسند أبي يعلى 9:277 الحديث 5402،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8:260 الحديث 6704،كنز العمّال 11:204 الحديث 31238.
2- 2) الكهف(18):103. [1]
3- 3) النهروان:قال الحمويّ:أكثر ما يجري على الألسنة-بكسر النون-و هي ثلاثة نهروانات،الأعلى و الأوسط و الأسفل،و هي كورة واسعة بين بغداد و واسط من الجانب الشرقيّ،حدّها الأعلى متّصل ببغداد،و كان بها وقعة لأمير المؤمنين عليه السلام مع الخوارج مشهورة.معجم البلدان 5:324. [2]
4- 4) تفسير الطبريّ 15:33-34، [3]تفسير القرطبيّ 11:66، [4]التفسير الكبير 21:174، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 3:1249، [6]المغني 10:48،الشرح الكبير بهامش المغني 10:50.
5- 5) عبد اللّه بن خبّاب-بالخاء المعجمة و الباء المنقّطة تحتها نقطة قبل الألف و بعدها-بن الأرتّ-بالرّاء و التاء المنقّطة فوقها نقطتين-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،قتله الخوارج قبل وقعة النهروان،و قال ابن الأثير:هو أوّل مولود ولد في الإسلام قتله الخوارج،كان طائفة منهم أقبلوا من البصرة إلى إخوانهم من أهل الكوفة فلقوا عبد اللّه بن خبّاب و معه امرأته،فقالوا له:من أنت؟قال:عبد اللّه بن خبّاب صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فسألوه عن أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ عليه السلام فأثنى عليهم خيرا فذبحوه فسال دمه في الماء و قتلوا المرأة و هي حامل متمّ منه،فقالت:أنا امرأة ألا تتّقون اللّه!فبقروا بطنها، و ذلك سنة 37 ه و كان من سادات المسلمين.رجال الطوسيّ:50،رجال العلاّمة:103، [7]أسد الغابة 3:150. [8]
6- 6) المغني 10:48،الشرح الكبير بهامش المغني 10:50،المجموع 19:220.

و نقل ابن عبد البرّ عن عليّ عليه السلام:أنّه سئل عن أهل النهر (1)كفّار هم؟

قال:«من الكفر فرّوا»،قيل:فمنافقون؟قال:«إنّ المنافقين لا يذكرون اللّه إلاّ قليلا»قيل:فما هم؟قال:«هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها،و صمّوا،و بغوا علينا و قاتلونا فقتلناهم» (2).

و لمّا جرحه ابن ملجم لعنه اللّه،قال للحسن عليه السلام:«أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره،فإن عشت فأنا وليّ دمي،و إن متّ فضربة كضربتي» (3).

و قد روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:

«ذكرت الحروريّة (4)عند عليّ عليه السلام،قال:إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة،فقاتلوهم،و إن خرجوا على إمام جائر،فلا تقاتلوهم،فإنّ لهم في ذلك مقالا» (5).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«لمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أهل النهر (6)قال:لا يقاتلهم أحد بعدي إلاّ من

ص:182


1- 1خا:النهروان.
2- 2) المصنّف لعبد الرزّاق 10:150 الحديث 18656،كنز العمّال 11:299 الحديث 31568،فيض القدير 3:509 ذيل الحديث 4148.
3- 3) كنز العمّال 13:196 الحديث 36588،فيض القدير 1:331 ذيل الحديث 566،و من طريق الخاصّة،ينظر:البحار 42:239، [1]عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة:61، [2]النوادر للراونديّ:166 الحديث 252. [3]
4- 4) الحروريّة:طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء-بالمدّ و القصر-و هو موضع قريب من الكوفة كان أوّل مجتمعهم و تحكيمهم فيها و هم أحد الخوارج الذين قاتلهم عليّ عليه السلام،و كان عندهم من التشدّد في الدين ما هو معروف.النهاية لابن الأثير 1:366. [4]
5- 5) التهذيب 6:145 الحديث 252،الوسائل 11:60 الباب 26 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. و [5]فيه:«عقالا»بدل:«مقالا».
6- 6) في المصادر:النهروان.

هم (1)أولى بالحقّ منه» (2).

مسألة:و يجب القتال لأهل البغي على كلّ من ندبه الإمام لقتالهم

عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام.و التأخير عن قتالهم كبيرة.

و هو واجب على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الإمام على التعيين فيجب عليه،و لا يكفيه قيام غيره،كما قلنا في جهاد المشركين (3).

و الفرار في حربهم،كالفرار في حرب المشركين.

و تجب مصابرتهم حتّى يفيئوا إلى الحقّ و يرجعوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا، بلا خلاف في ذلك،فإذا فاءوا،حرم قتالهم؛لقوله تعالى: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (4)جعل غاية الإباحة لقتالهم الرجوع إلى أمر اللّه،فيثبت التحريم بعدها.

و لأنّ المقتضي لإباحة القتل هو الخروج عن طاعة الإمام،فإن عادوا إلى الطاعة،عدم المقتضي،و لا نعلم فيه خلافا.

و كذلك إن ألقوا السلاح و تركوا القتال،أمّا لو انهزموا،فإنّه يجب قتالهم إن كان لهم فئة يرجعون إليها.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الخوارج يعتقدون تكفير من أتى بكبيرة

(5)،فإذا أظهر قوم ذلك و اعتقدوا مذهبهم،و طعنوا في الأئمّة و لم يصلّوا معهم،و امتنعوا من الجماعات و قالوا:لا نصلّي خلف إمام،إلاّ أنّهم في قبضة الإمام و لم يخرجوا عن طاعته،فإنّه لا يجوز قتلهم بمجرّد ذلك،و لم يكونوا بغاة ما داموا في قبضة الإمام؛

لما روي أنّ

ص:183


1- 1كذا في النسخ،و الأنسب:من هو أولى بالحقّ منهم،و كما في الوسائل [1]عن نسخة بدل،و في«ع» أولى بالأمر منه.
2- 2) التهذيب 6:144 الحديث 249،الوسائل 11:60 الباب 26 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [2]
3- 3) يراجع:الجزء الرابع عشر ص 15 و 25.
4- 4) الحجرات(49):9. [3]
5- 5) يراجع:ص 179.

عليّا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع مناديا ينادي من ناحية المسجد:لا حكم إلاّ للّه فقال عليّ عليه السلام:«لا حكم إلاّ للّه كلمة حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:لا نمنعكم مساجد اللّه أن تذكروا فيها اسم اللّه،و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا،و لا نبدؤكم بقتال» و لم يزد على هذا (1).

و روى الشيخ:أنّ ابن ملجم لعنه اللّه أتى الكوفة لقتل عليّ عليه السلام ففطن به و أتي به إلى عليّ عليه السلام،فقيل له:إنّه يريد قتلك،فقال عليّ عليه السلام:«لا أقتله قبل أن يقتلني» (2).

و لأنّهم إذا كانوا في قبضة الإمام يظهرون الإسلام،لم يجز أن يؤخذوا ببواطنهم،كالمنافقين في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أظهروا الإسلام لم يؤاخذهم بباطنهم،فإذا تقرّر أنّهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الإمام،فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للإمام غير الوالي،فعليهم القود؛

لما روي أنّ عليّا عليه السلام لمّا بعث عبد اللّه بن خبّاب عاملا على الخوارج بالنهروان فقتلوه، فأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قاتله لنقتله،فلم يفعلوا و قالوا:كلّنا قتله،فقال:

«استسلموا نحكم عليكم» فأبوا،فسار إليهم فقاتلهم و أصاب أكثرهم (3).

إذا ثبت أنّه يقتل قصاصا،فهل يتحتّم القصاص؟للشافعيّ وجهان:

أحدهما:أنّه يتحتّم؛لأنّهم و إن كانوا معه في البلد،فقد أشهروا السلاح معاندين

ص:184


1- 1المبسوط 7:269،و [1]من طريق العامّة،ينظر:سنن البيهقيّ 8:184،المصنّف لابن أبي شيبة 8: 741 الحديث 50،سنن البيهقيّ 8:184،تاريخ الطبريّ 4:53، [2]الكامل في التاريخ لابن الأثير 3: 335، [3]المجموع 19:197.
2- 2) المبسوط 7:269. [4]
3- 3) المبسوط 7:270 و [5]فيه:«استسلموا بحكم اللّه عليكم»مكان:«استسلموا نحكم عليكم».و من طريق العامّة،ينظر:سنن البيهقيّ 8:185،المصنّف لابن أبي شيبة 8:732 الحديث 13 بتفاوت فيهما.

و قتلوا،فهم كقطّاع الطريق.و هذا مذهبنا أيضا.

و الثاني:لا يتحتّم،و لوليّ الدم أن يعفو عن القتل؛لأنّهم لم يقصدوا بذلك إخافة الطريق و أخذ الأموال،فأشبه من قتل رجلا منفردا (1).

مسألة:و لو استعان أهل البغي بنسائهم و صبيانهم و عبيدهم في القتال و قاتلوا

معهم أهل العدل

قوتلوا مع الرجال و إن أتى القتل عليهم؛لأنّ العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه و ماله.

و لو أرادت امرأة أو صبيّ قتل إنسان،كان له قتالهما و دفعهما عن نفسه و إن أتى على أنفسهما،كما قلنا في نساء أهل الحرب و صبيانهم (2).

مسألة:و لو استعان أهل البغي بالمشركين،

لم يخل الحال من أمور ثلاثة:

أحدها:أن يستعينوا بأهل الحرب.

الثاني:أن يستعينوا بأهل الذمّة.

و الثالث:أن يستعينوا بالمستأمنين.

فإن استعانوا بأهل الحرب و عقدوا لهم ذمّة أو أمانا على هذا،فإنّ ما فعلوه باطل،و لا ينعقد لهم أمان و لا تثبت لهم ذمّة؛لأنّ من شرط صحّة عقد الذمّة و الأمان،أن يبذلوا الجزية،و تجرى عليهم أحكام المسلمين،و لا يجتمعوا على قتال المسلمين،فإذا كان شرط صحّة عقد الذمّة الامتناع من قتال المسلمين،بطل عقد الذمّة بشرط قتال المسلمين،و لأنّه لو عقد لهم عقد و ذمّة مؤبّدة فقاتلوا المسلمين، انتقض عهدهم،فبأن لا يثبت لهم ذمّة بهذا الشرط أولى.

إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام و أهل العدل يقتلون المشركين مقبلين و مدبرين،

ص:185


1- 1الحاوي الكبير 13:119،المهذّب للشيرازيّ 2:283،حلية العلماء 7:621،المجموع 19: 210،روضة الطالبين:1719،العزيز شرح الوجيز 11:80.
2- 2) يراجع:الجزء الرابع عشر ص 99.

كالمنفردين عن أهل البغي،و إذا وقعوا في الأسر،تخيّر الإمام فيهم بين المنّ و الفداء و الاسترقاق و القتل.

و ليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم-قاله الشيخ رحمه اللّه (1)-من حيث إنّهم بذلوا لهم الأمان و إن كان فاسدا،فلزمهم الكفّ عنهم؛لسكونهم إليهم و اعتمادهم على قولهم،لا من حيث إنّ أمانهم صحيح.

و أمّا إن استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم و قاتلوا معهم،فإنّ الإمام يراسلهم و يسألهم عن فعلهم،فإن ادّعوا الشبهة المحتملة بأن يقولوا:جهلنا ذلك و اعتقدنا أنّ الطائفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة،جازت معونتهم،أو ادّعوا الإكراه على ذلك، فإنّ ذمّتهم باقية و يقبل قولهم و لم يكن ذلك نقضا للعهد،و إن لم يدّعوا شيئا من ذلك،انتقض عهدهم و خرقوا الذمّة،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الثاني:لا يكون نقضا (2).

لنا:أنّهم لو انفردوا و قاتلوا الإمام،خرقوا الذمّة و انتقض عهدهم،فكذا إذا قاتلوا مع أهل البغي.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ أهل الذمّة لا يعلمون المحقّ من المبطل،فيكون ذلك شبهة لهم (3).

و الجواب:أنّ أهل الذمّة يعتقدون بطلان الطائفتين.

قال أبو إسحاق المروزيّ:القولان نوعا على تقدير أنّه لم يكن قد شرط عليهم

ص:186


1- 1المبسوط 7:272-273. [1]
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:257،الحاوي الكبير 13:126،المهذّب للشيرازيّ 2:282،حلية العلماء 7:619-620،المجموع 19:208، [2]روضة الطالبين:1723،العزيز شرح الوجيز 11:94، مغني المحتاج 4:128-129،السراج الوهّاج:517-518،المغني 10:70،الشرح الكبير بهامش المغني 10:66.
3- 3) المغني 10:70،الشرح الكبير بهامش المغني 10:66.

في عقد الذمّة الكفّ عن القتال نطقا،فأمّا إذا شرط عليهم ذلك نطقا،فإنّ قتالهم يكون نقضا قولا واحدا (1).

و هذا أيضا باطل؛لأنّا قد بيّنّا أنّ من شرائط الذمّة كفّ الأذى عن المسلمين (2).

إذا ثبت هذا:فإنّ بمجرّد قتالهم مع أهل البغي من غير شبهة يجوز لنا قتالهم مقبلين و مدبرين.و لو أتلفوا أموالا و أنفسا،ضمنوها عندنا.

أمّا الشافعيّ في أحد قوليه،فإنّه لا يجعل القتال نقضا،فيكون حكمهم حكم أهل البغي في قتالهم مقبلين لا مدبرين.

و أمّا ضمان الأموال:فإنّ أهل الذمّة يضمنونها عنده قولا واحدا.و أمّا أهل البغي:فعنده قولان،و فرّق بينهما بأمرين:

أحدهما:أنّ أهل البغي لهم شبهة و لا شبهة لأهل الذمّة.

الثاني:أنّ أهل البغي أسقطنا عنهم الضمان في أحد القولين لئلاّ تحصل لهم نفرة عن الرجوع إلى الحقّ،و أمّا أهل الذمّة فلا يتحقّق هذا المعنى فيهم (3).

و عندنا نحن:أنّ أهل الذمّة و أهل البغي سواء في وجوب الضمان.

و أمّا إن استعانوا بالمستأمنين،فإنّ أمانهم ينتقض،و صاروا بمثابة أهل الحرب الذين لا أمان لهم إذا قاتلوا معهم.

و لو ادّعوا الإكراه،قبل منهم بالبيّنة،و لا يقبل بمجرّد قولهم و دعواهم،بخلاف

ص:187


1- 1المجموع 19:211.
2- 2) يراجع:ص 82.
3- 3) الأمّ(مختصر المزني)8:257،الحاوي الكبير 13:126،حلية العلماء 7:619-620،المهذّب للشيرازيّ 2:282،المجموع 19:208،روضة الطالبين:1723،العزيز شرح الوجيز 11:94، مغني المحتاج 4:128-129،السراج الوهّاج:517-518،المغني 10:70،الشرح الكبير بهامش المغني 10:66.

أهل الذمّة؛لأنّ الذمّة أقوى حكما؛و لهذا جوّزنا له أن ينبذ (1)العقد لأهل العهد مع خوف الخيانة دون أهل الذمّة.و لأنّ الإسلام (2)يلزمه أن يدفع عن أهل الذمّة، و لا يلزمه الدفع عن ذي العهد الموقف.

مسألة:و للإمام أن يستعين بأهل الذمّة على حرب أهل البغي،

و به قال أصحاب الرأي (3).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:ليس له ذلك (4).و هو خلاف ما عليه الأصحاب،و إنّما صار في هذا إلى تخريج الشافعيّ،فإنّه منع من ذلك،قال:لأنّ أهل الذمّة يجوّزون قتل أهل البغي مقبلين و مدبرين،و ذلك لا يجوز (5).و هو ممنوع على ما يأتي من تفصيل الكلام فيه.

أمّا لو استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين و مدبرين في موضع لا يجوز ذلك فيهم،لم يجز إلاّ بأمرين:

أحدهما:ألاّ يجد من يقوم مقامهم.

و الثاني:أن يكون مع الإمام عدّة و قوّة متى علم منهم قتلهم مدبرين أمكنه كفّهم عنهم.

مسألة:و يجوز للإمام أن يستعين على أهل الحرب بأهل الذمّة،

و قد مضى ذلك،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعار من صفوان سبعين درعا عام الفتح،

ص:188


1- 1نبذت العهد إليهم:نقضته.المصباح المنير:590.
2- 2) ح:الإمام،مكان:الإسلام.
3- 3) المغني 10:55،الشرح الكبير بهامش المغني 10:56.
4- 4) المبسوط 7:274.
5- 5) الحاوي الكبير 13:129،المهذّب للشيرازيّ 2:281،حلية العلماء 7:619،المجموع 19: 206، [1]روضة الطالبين:1723،العزيز شرح الوجيز 11:93،مغني المحتاج 4:128،السراج الوهّاج:517.

و خرج معه إلى هوازن (1)و كان مشركا،و استعان بغيره من المشركين (2).

و إنّما يجوز بشرطين.

أحدهما:أن يكون حسن الرأي في الإسلام.

و الثاني:أن يكون مع الإمام قوّة يمكنه الدفع لو صار أهل الشرك الذين معه مع أهل الحرب في مكان واحد؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا فعل،استعان بمن كان حسن الرأي في الإسلام؛لأنّ هوازن غلبت في أوّل النهار،و انهزم جيش النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال رجل:غلبت هوازن و قتل محمّد،فقال له صفوان بن أميّة:

بفيك الحجر،لربّ من قريش أحبّ إلينا من ربّ من هوازن.و وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تراجع الناس (3).

مسألة:إذا افترق أهل البغي طائفتين ثمّ اقتتلوا،

فإن كان للإمام قوّة على قهرهما،فعل،و لم يكن له معاونة إحداهما (4)على الأخرى؛لأنّ كلّ واحدة منهما على خطأ،و الإعانة على الخطأ من غير حاجة،خطأ.

إذا ثبت هذا:فإنّه يقاتلهما معا حتّى يعودا إلى الطاعة،و إن لم يتمكّن من ذلك، تركهما،فأيّهما قهرت الأخرى دعاها إلى الطاعة،فإن أبت،قاتلهم.

و إن علم من نفسه الضعف عنهما و خاف من اجتماعهما عليه،جاز له أن يضمّ إحداهما إليه و يقاتل الأخرى،و يقصد كسر الأخرى و منعها عن البغي،لا معاونة

ص:189


1- 1هوازن بن منصور بن عكرمة،من قيس عيلان من عدنان جدّ جاهليّ بنوه بطون كثيرة،من بطونهم و قبائلهم بنو سعد الذين منهم حليمة السعديّة و ثقيف و فروعها و عامر و كلاب و عقيل،و أخبارهم كثيرة في الجاهليّة و الإسلام و حروب الردّة و ما بعدها.لسان العرب 13:436، [1]الأعلام للزركليّ 8: 101. [2]
2- 2) الحاوي الكبير 13:130،المبسوط للسرخسيّ 10:126.
3- 3) المصنّف لابن أبي شيبة 8:553 الحديث 14،الحاوي الكبير 13:130.
4- 4) في النسخ:أحدهما.

من يقاتل معها،كما يجوز له أن يستعين بأهل الذمّة على حربهم أو حرب المشركين.

و ينبغي أن يقاتل مع التي هي إلى الحقّ أقرب،فإن استويا في التأويل،قاتل مع التي المصلحة أكثر بالقتال معها.

فإن انهزمت الطائفة التي قاتلها أو رجعت إلى طاعته،كفّ عنها،و لم يجز له قتال الطائفة الأخرى التي ضمّها إليه إلاّ بعد أن يدعوها إلى طاعته فتمتنع؛لأنّ ضمّها إليه يجري مجرى أمانه إيّاها.

مسألة:و لا يقاتل أهل البغي بما يعمّ إتلافه،

كالنار و المنجنيق و التغريق؛لأنّ القصد بقتالهم فلّ (1)جمعهم و رجوعهم إلى الطاعة،و النار تهلكهم.

و لأنّ النار و المنجنيق و التغريق تقع على من يقاتل و من لا يقاتل،و لا يجوز قتل من لا يقاتل.

و لو احتاج أهل العدل إلى ذلك و اضطرّوا إليه-مثل أن يكون قد أحاط بهم البغاة من كلّ جانب و يخافون اصطلامهم (2)،و لا يمكنهم التخلّص إلاّ بالرمي بالنار أو المنجنيق-جاز ذلك،و كذلك إن رماهم أهل البغي بالنار أو المنجنيق،فإنّه يجوز لأهل العدل رميهم بذلك أيضا.

قال أبو حنيفة:أهل الحصن الخوارج لو احتاج الإمام إلى رميهم بالمنجنيق، فعل ذلك بهم ما كان لهم عسكر و ما لم ينهزموا (3).و هو حسن.

مسألة:إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلاّ بالقتل،

وجب،و لا يبقى على من قتلهم من إثم و لا ضمان مال و لا كفّارة؛لأنّه امتثل الأمر و قتل مباح الدم؛لقوله تعالى:

ص:190


1- 1الفلّ:الكسر و الضرب.و فلّ القوم:هزمهم.لسان العرب 11:530. [1]
2- 2) الاصطلام:الاستئصال.و اصطلم القوم:أبيدوا.لسان العرب 12:240.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 10:128،المغني 10:54،الشرح الكبير بهامش المغني 10:55.

فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (1).

و كذلك لا ضمان على أهل العدل فيما أتلفوه من أموال أهل البغي حال الحرب؛لأنّهم إذا لم يضمنوا الأنفس،فالأموال أولى بعدم الضمان.

و لو قتل العادل،كان شهيدا؛لأنّه قتل في قتال أمر اللّه تعالى به.و لا يغسّل و لا يكفّن و يصلّى عليه عندنا؛لأنّه شهيد معركة أمر بالقتال فيها،فأشبه معركة الكفّار.

و قال الأوزاعيّ و ابن المنذر:يغسّل و يصلّى عليه (2)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالصلاة على من قال:لا إله إلاّ اللّه (3).

و الجواب:لا دلالة فيما ذكرتم على تغسيله،و أمّا الصلاة عليه فإنّا نقول بها، لأنّ الصلاة على الشهيد عندنا واجبة،و قد سلف بيان ذلك (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ ما يتلفه أهل العدل من أموال أهل البغي حال الحرب،

فإنّه لا ضمان عليهم فيه؛لأنّ اللّه تعالى أوجب القتال فكيف يتعقّب وجوب الضمان الذي هو عقوبة.

إذا ثبت هذا:فإن أتلف أهل العدل على أهل البغي مالا قبل الشروع في القتال و قيام الحرب أو بعد تقضّي الحرب،فإنّه يكون مضمونا؛لأنّ أهل العدل ليس لهم ذلك،فكان إتلافا بغير حقّ،فوجب عليهم الضمان،و كذلك لو أتلف أهل البغي مال أحد من أهل العدل أو نفسه قبل الشروع في القتال أو بعد تقضّي الحرب،فإنّه

ص:191


1- 1الحجرات(49):9. [1]
2- 2) المغني 10:57،الشرح الكبير بهامش المغني 10:59.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:56 الحديث 3 و 4،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:342 الحديث 13622، الجامع الصغير للسيوطيّ 2:45،كنز العمّال 15:580 الحديث 42264،مجمع الزوائد 2:67، فيض القدير 4:203 الحديث 5030،الحاوي الكبير 2:58 و ج 3:37.
4- 4) يراجع:الجزء السابع:ص 287.

يضمنه إجماعا.

أمّا إذا أتلف أهل البغي مال أهل العدل حال القتال،فإنّه يكون مضمونا عندنا أيضا.و هو قول مالك (1)،و أحد قولي الشافعيّ.

و في الآخر:لا يكون مضمونا (2)،و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

لنا:قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (5).

و قوله تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (6).

و لأنّها أموال معصومة أتلفت بغير حقّ و لا ضرورة دفع مباح،فوجب ضمانه كالذي تلف في غير الحرب.

احتجّوا:بأنّه لم ينقل عن عليّ عليه السلام أنّه ضمّن أحدا من أهل البصرة ما أتلفوه،و كذلك أهل الشام.و لأنّ ذلك ينفّرهم عن طاعة الإمام،فأشبه أهل الحرب (7).

ص:192


1- 1الحاوي الكبير 13:106،حلية العلماء 7:619،العزيز شرح الوجيز 11:86.
2- 2) الحاوي الكبير 13:106،المهذّب للشيرازيّ 2:282،حلية العلماء 7:619،المجموع 19: 208، [1]روضة الطالبين:1721،العزيز شرح الوجيز 11:86،الميزان الكبرى 2:158،مغني المحتاج 4:125،السراج الوهّاج:516،المغني 10:58، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [3]
3- 3) تحفة الفقهاء 3:313،بدائع الصنائع 7:141،الهداية للمرغينانيّ 2:172، [4]شرح فتح القدير 5: 339،تبيين الحقائق 4:198،الحاوي الكبير 13:106،حلية العلماء 7:619،العزيز شرح الوجيز 11:86،المغني 10:58، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [6]
4- 4) المغني 10:58، [7]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60، [8]الكافي لابن قدامة 4:130، [9]الفروع في فقه أحمد 4:408.
5- 5) البقرة(2):194. [10]
6- 6) الشورى(42):40. [11]
7- 7) الحاوي الكبير 13:106،الكافي لابن قدامة 4:131.

و الجواب عن الأوّل:لعلّه عليه السلام ضمّن و لم ينقل،أو لم يحصل إتلاف مال،أو جهل من أتلفه.

و عن الثاني:بأنّ عدم الغرم يفضي إلى كثرة الفساد بإتلاف أموال أهل العدل.

مسألة:و لا ضمان على أهل العدل فيما يتلفونه من نفوس أهل البغي حال

الحرب

إجماعا،و أمّا إن كان قبل الحرب أو بعده،فعليه الضمان؛لأنّ شرط قتلهم دعاء الإمام إليه و ندبه إلى قتالهم،فمن فعل ذلك قبل دعاء الإمام،وجب عليه الضمان؛لأنّه قتل نفسا معصومة.

أمّا أهل البغي إذا أتلفوا نفسا من أهل العدل حالة الحرب أو قبله أو بعده،فإنّه يكون مضمونا عندنا بلا خلاف بيننا في ذلك.

و أطبق الجمهور على ذلك قبل الحرب و بعده،أمّا حالة الحرب فاختلفوا:فقال مالك (1)مثل قولنا،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و في الآخر:لا ضمان عليهم (2)،و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

لنا:قوله تعالى: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (5).

ص:193


1- 1الحاوي الكبير 13:106،حلية العلماء 7:619،الكافي في فقه أهل المدينة:222،العزيز شرح الوجيز 11:86.
2- 2) الحاوي الكبير 13:106،المهذّب للشيرازيّ 2:282،حلية العلماء 7:619،المجموع 19: 208،روضة الطالبين:1721،العزيز شرح الوجيز 11:86،مغني المحتاج 4:125،السراج الوهّاج:516،الميزان الكبرى 2:158،المغني 10:58، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [2]
3- 3) تحفة الفقهاء 3:313،بدائع الصنائع 7:141،الهداية للمرغينانيّ 2:172،شرح فتح القدير 5: 339،تبيين الحقائق 4:198،الحاوي الكبير 13:106،حلية العلماء 7:619،العزيز شرح الوجيز 11:86،المغني 10:58، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [4]
4- 4) المغني 10:58، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60، [6]الكافي لابن قدامة 4:130،الفروع في فقه أحمد 3:408.
5- 5) المائدة(5):45. [7]

و قوله تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (1).

و قول أبي بكر لأهل الردّة:تدون قتلانا و لا ندي (2)قتلاكم (3).

و لأنّ الخوارج لمّا قتلوا عبد اللّه بن خبّاب أرسل إليهم عليّ عليه السلام:أقيدونا من عبد اللّه بن خبّاب (4).

و لأنّها نفس معصومة،فوجب الضمان على من أتلفها كقبل الحرب أو بعده.

و لأنّ الضمان يتعلّق بأهل البغي قبل الحرب و بعده،فكذا حالة الحرب؛لأنّها أكثر الحالات معصية،فلا يتعقّب سقوط العقاب.

احتجّوا:بأنّ عليّا عليه السلام لم ينقل عنه أنّه ضمّن أحدا من أهل البصرة و الشام.

و لأنّه ينفّرهم عن الطاعة.و لأنّها طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ،فلم تضمّن ما أتلفت على الأخرى،كأهل العدل (5).

و الجواب عن الأوّل و الثاني قد تقدّما.

و عن الثالث:بمنع تحقّق الجامع؛إذ التأويل باطل و القياس فاسد؛للفرق.

و قولهم-:إنّ أبا بكر رجع عن ذلك،فإنّ عمر قال له:أمّا أن يدوا قتلانا فلا، فإنّ قتلانا قتلوا في سبيل اللّه على أمر اللّه،فأجرهم على اللّه تعالى و إنّما الدنيا

ص:194


1- 1الإسراء(17):33. [1]
2- 2) في بعض النسخ:تؤدّون قتلانا و لا نؤدّي.و ما أثبتناه من المصادر.قال الجوهريّ:و الدّية،واحدة: الديات،و الهاء عوض من الواو،تقول:وديت القتيل،أديه دية،إذا أعطيت ديته.الصحاح 6:2521. [2]
3- 3) المصنّف لابن أبي شيبة 7:594،سنن البيهقيّ 8:183،كنز العمّال 5:660 الحديث 14162، الحاوي الكبير 13:106.
4- 4) المصنّف لابن أبي شيبة 8:732 الحديث 13،سنن الدارقطنيّ 3:131 الحديث 156.
5- 5) الحاوي الكبير 13:106،الكافي لابن قدامة 4:131.

بلاغ (1)-ممنوع؛لأنّ قول عمر ليس رجوعا،و إنّما هو ترك لما لهم في جنب اللّه تعالى.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا خلاف أنّ الحربيّ إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين و نفوسهم ثمّ أسلم،فإنّه لا يضمّن و لا يقاد به،و أمّا المرتدّون،فالحكم في تضمينهم-على ما فصّلناه في أهل البغي-سواء إن أتلفوا قبل القتال أو بعده،فعليهم الضمان،و إن أتلفوا حال الحرب،فكذلك عندنا (2).و عند الشافعيّ (3)و أبي حنيفة:

لا ضمان عليه (4).و قد سلف (5).

إذا عرفت هذا:فلا فرق عندنا بين الواحد و الجمع من أهل البغي في التضمّن، و بعض القائلين بعدم تضمّن الجميع،أوجب الضمان على الواحد إذا أتلف،و فرّق بينه و بين الجمع بأنّ التنفير يحصل للجمع،بخلاف الواحد.و هو عندنا باطل بما تقدّم.

مسألة:أهل البغي قسمان:

أحدهما:أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها،و رئيس (6)يلتجئون (7)إليه،كأهل البصرة،و أصحاب الجمل.

و الثاني:أن يكون لهم فئة يرجعون إليها،و رئيس يعتضدون به و يجيش لهم الجيوش،كأهل الشام،و أصحاب معاوية بصفّين.

ص:195


1- 1الحاوي الكبير 13:106،المغني 10:58، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [2]
2- 2) المبسوط 7:267، [3]الخلاف 2:246 مسألة-2.
3- 3) روضة الطالبين:1721،المغني 10:70.
4- 4) المغني 10:58،الشرح الكبير بهامش المغني 10:60،الكافي لابن قدامة 4:130.
5- 5) يراجع:ص 192.
6- 6) أكثر النسخ:رئيسا.
7- 7) ح و خا:يلجئون.

فالقسم الأوّل لا يجاز على جريحهم،و لا يتبع مدبرهم،و لا يقتل أسيرهم.

و القسم الثاني يجاز على جريحهم و يتبع مدبرهم،و يقتل أسيرهم،سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة،قريبة أو بعيدة،ذهب إلى هذا التفصيل علماؤنا أجمع.و به قال ابن عبّاس (1)،و أبو حنيفة (2)،و أبو إسحاق من الشافعيّة (3).

و قال الشافعيّ:لا يجاز على جريح الفريقين معا،و لا يتبع مدبرهم و لا يقتل أسيرهم (4).

لنا:أنّا لو لم نقتلهم لم نأمن عودهم و قتالهم.

و ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألته عن طائفتين:إحداهما:

باغية،و الأخرى:عادلة،فهزمت العادلة الباغية،قال:«ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا و لا يقتلوا أسيرا و لا يجيزوا (5)على جريح،و هذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد و لم يكن لهم فئة يرجعون إليها،فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإنّ أسيرهم يقتل،

ص:196


1- 1المغني 10:60،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 10:57.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 10:126،تحفة الفقهاء 3:313،بدائع الصنائع 7:140-141،الهداية للمرغينانيّ 2:171،شرح فتح القدير 5:337،تبيين الحقائق 4:195،مجمع الأنهر 1:700، الحاوي الكبير 13:116،حلية العلماء 7:616،العزيز شرح الوجيز 11:91،المجموع 19:203، المغني 10:60،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 10:57.
3- 3) حلية العلماء 7:313،المجموع 19:203،العزيز شرح الوجيز 11:91،المغني 10:60،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 10:57.
4- 4) الحاوي الكبير 13:115،المهذّب للشيرازيّ 2:280،حلية العلماء 7:616،المجموع 19: 203،روضة الطالبين:1722،العزيز شرح الوجيز 11:90-91،الميزان الكبرى 2:158،مغني المحتاج 4:127،السراج الوهّاج:517.
5- 5) في الوسائل:«و [4]لا يجهزوا»كما في الكافي 5:32 الحديث 2. [5]قال ابن الأثير:و منه:حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه:«قبل أن تجيزوا عليّ»أي تقتلوني و تنفذوا فيّ أمركم.النهاية لابن الأثير 1: 315. [6]

و مدبرهم يتبع،و جريحهم يجاز عليه» (1).

و عن عبد اللّه بن شريك (2)،عن أبيه،قال:لمّا هزم الناس يوم الجمل،قال أمير المؤمنين عليه السلام للمسلمين:لا تتبعوا مولّيا،و لا تجيزوا على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن، فلمّا كان يوم صفّين قتل المقبل و المدبر،و أجاز على الجريح، فقال أبان بن تغلب (3)لعبد اللّه بن شريك:هذه سيرتان مختلفتان!فقال:إنّ أهل

ص:197


1- 1التهذيب 6:144 الحديث 246،الوسائل 11:54 الباب 24 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) عبد اللّه بن شريك العامريّ أبو المحجّل،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السلام و أخرى من أصحاب الصادق عليه السلام و قال:روى عنهما،و قال النجاشيّ في ترجمة عبيد بن كثير:روى عن عليّ بن الحسين و أبي جعفر عليهما السلام و كان عندهما وجيها مقدّما،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:و روى الكشّيّ حديثين في طريقهما ضعف يقتضيان مدحه،و روي أيضا أنّه من حوارييّ الباقر و الصادق عليهما السلام،قال المامقانيّ:و كأنّ العلاّمة لم يعتن في الخبر الذي فيه سؤال أبان عنه عن جرحى يوم الجمل و جرحى يوم صفّين حيث قال: و روى الكشّيّ حديثين و لم يقل ثلاثة أحاديث إلى أن قال:فالحقّ أنّ الرجل من الثقات و خبره من الصحاح. رجال الطوسيّ:127 و 265،رجال الكشّيّ:10 و 217،218،رجال النجاشيّ:234،رجال العلاّمة:108، [2]تنقيح المقال 2:189. [3]
3- 3) أبان بن تغلب بن رباح أبو سعيد البكريّ الجريريّ...عظيم المنزلة في أصحابنا،لقى عليّ بن الحسين و أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهم السلام روى عنهم و كانت له عندهم منزلة،و قال له أبو جعفر عليه السلام: «اجلس في مسجد المدينة و أفت الناس فإنّي أحب أن يرى في شيعتي مثلك».و قال أبو عبد اللّه عليه السلام لمّا أتاه نعيه:«أما و اللّه لقد أوجع قلبي موت أبان».و كان قارئا من وجوه القرّاء فقيها لغويّا. و روى أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ أبان بن تغلب روى عنّي ثلاثين ألف حديث، فاروها عنه».و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب السجّاد عليه السلام قائلا:توفّي في سنة 141 ه و روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،و أخرى من أصحاب الباقر عليه السلام و ثالثة من أصحاب الصادق عليه السلام. رجال الطوسيّ:82،106،151،الفهرست:17، [4]رجال النجاشيّ:10-13،رجال العلاّمة:21، [5]تنقيح المقال 1:3-5، [6]معجم رجال الحديث 1:19-26،و [7]قد مرّ ذكره فيما تقدّم في الجزء السابع ص 180 و الجزء العاشر ص 225.

الجمل قتل طلحة و الزبير،و إنّ معاوية كان قائما بعينه و كان قائدهم (1).

احتجّوا:

بقول عليّ عليه السلام:«لا يذفّف (2)على جريح،و لا يتبع مدبر (3)» (4).

و الجواب:أنّا نقول بموجبه؛لأنّا بيّنّا أنّه عليه السلام إنّما قال ذلك في الفئة التي لا رئيس لهم،و لا جماعة يلتجئون (5)إليها (6).

إذا ثبت هذا:فلا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنّ أهل البغي إذا لم يكن لهم فئة و لا رئيس أنّه لا يجاز (7)على جريحهم،و لا يقتل مدبرهم و لا أسيرهم؛لأنّ القصد دفعهم و كفّهم،و قد حصل.

و روى الشيخ عن أبي حمزة الثماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كتب إلى مالك و هو على مقدّمته يوم البصرة:«لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا،و لا تجز على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن» (8).

مسألة:لو قتل إنسان من أهل العدل من منع من قتله،ضمنه؛

لأنّه قتل معصوما لم يؤمر بقتله،و هل يقتصّ منه؟للجمهور قولان:

ص:198


1- 1التهذيب 6:155 الحديث 276،الوسائل 11:55 الباب 24 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:«يدفّف»بالدال،و الدفّ:الإجهاز على الجريح و يروى بالدال و الذال جميعا.لسان العرب 9:110. [2]
3- 3) المصنّف لعبد الرزّاق 10:123 الحديث 18590،المصنّف لابن أبي شيبة 7:675 الحديث 2،الأمّ 4:216،سنن البيهقيّ 8:181،كنز العمّال 4:478 الحديث 11423،الحاوي الكبير 13:115، العزيز شرح الوجيز 13:115.
4- 4) المغني 10:60،الشرح الكبير بهامش المغني 10:57.
5- 5) ح:يلجئون.
6- 6) يراجع:ص 195. [3]
7- 7) أي لا يقتل،ينظر:لسان العرب 5:327.
8- 8) التهذيب 6:155 الحديث 274،الوسائل 11:55 الباب 24 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]

أحدهما:أنّه يجب له القصاص؛لأنّه مكافئ (1)معصوم.

و الثاني:لا يجب؛لأنّه ممّا يندرئ بالشبهات (2).

و الوجه عندي:عدم القصاص للشبهة و لأنّ عليّا عليه السلام أدّى عن قوم قتلوا مدبرين ديات من بيت المال (3).

و لما روي عن أبي حمزة الثماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كتب إلى مالك يوم البصرة:«لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا، و لا تجز على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن» فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس،ثمّ قال قبل أن يقرأه:اقتلوا،فقتلوا (4)حتّى أدخلهم سكك البصرة،ثمّ فتح الكتاب فقرأه ثمّ أمر مناديا فنادى بما في الكتاب (5).و فيه إشعار بقتلهم مدبرين و لم ينقل القصاص،و لو قيل بالقصاص-لأنّه قتل مكافئا معصوما،فوجب القصاص كأهل العدل-كان وجها.

مسألة:إذا وقع أسير من أهل البغي في يدي أهل العدل،و كان شابّا من أهل
اشارة

القتال جلدا

(6)،فإنّه يحبس و يعرض عليه المبايعة،فإن بايع على الطاعة و الحرب قائمة،قبل ذلك منه و أطلق،و إن لم يبايع،ترك في الحبس.

فإذا انقضت الحرب،فإن تابوا و طرحوا السلاح و تركوا القتال،أو ولّوا مدبرين إلى غير فئة،أطلقناه،و إن ولّوا مدبرين إلى فئة،لا يطلق عندنا في هذا الحال.

ص:199


1- 1في النسخ:مكان،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) الحاوي الكبير 13:121،المجموع 19:204،العزيز شرح الوجيز 11:91،المغني 10:61، الشرح الكبير بهامش المغني 10:58.
3- 3) المغني 10:60،الشرح الكبير بهامش المغني 10:57.
4- 4) في التهذيب و الوسائل: [1]فقتلهم.
5- 5) التهذيب 6:155 الحديث 274،الوسائل 11:55 الباب 24 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
6- 6) الجلد:القوّة و الشدّة،و جلدا:أي قويّا في نفسه و جسده.لسان العرب 3:125. [3]

و قال بعضهم:يطلق؛لأنّهم لا يتبع مدبرهم (1)،و قد بيّنّا أنّه يتبع مدبرهم إذا ولّوا منهزمين (2).

و هل يجوز قتلهم؟الذي يقتضيه مذهبنا:التفصيل الذي ذكرناه،و هو أنّه إن كان ممّن له فئة،فإنّه يجوز قتله،و إن لم يكن ممّن له فئة،فإنّه لا يجوز قتله (3)-و به قال أبو حنيفة- (4)لأنّ في ذلك كسرا لهم.

و قال الشافعيّ:لا يجوز قتله (5)؛

لما روى ابن مسعود،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يا بن أمّ عبد ما حكم من بغى من أمّتي؟»قلت:اللّه و رسوله أعلم،قال:«لا يتبع مدبرهم و لا يجاز على جريحهم،و لا يقتل أسيرهم و لا يقسّم فيئهم» (6).

و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ هذا حكم من لا فئة له يرجع إليها (7).

ص:200


1- 1المغني 10:61،الشرح الكبير بهامش المغني 10:58.
2- 2) يراجع:ص 196. [1]
3- 3) يراجع:ص 196.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:126،تحفة الفقهاء 3:313،بدائع الصنائع 7:140،الهداية للمرغينانيّ 2:171،شرح فتح القدير 5:337،تبيين الحقائق 4:195،مجمع الأنهر 1:699- 700.
5- 5) الأمّ 4:218،الحاوي الكبير 13:120،المهذّب للشيرازيّ 2:281،حلية العلماء 7:617، المجموع 19:204، [2]روضة الطالبين:1722،العزيز شرح الوجيز 11:91،مغني المحتاج 4:127، السراج الوهّاج:517.
6- 6) المستدرك للحاكم 2:155،سنن البيهقيّ 8:182،كنز العمّال 11:334 الحديث 31672، الحاوي الكبير 13:121،العزيز شرح الوجيز 11:90،المغني 10:60،الشرح الكبير بهامش المغني 10:57-58.
7- 7) يراجع:ص 196.
فروع:
الأوّل:لو كان الأسير من غير أهل القتال،كالنساء و الصبيان و المراهقين

و العبيد،

فإنّ هؤلاء لا يقتلون،و هل يطلقون أم لا؟فيه قولان:

أحدهما:أنّهم يطلقون؛لأنّهم لا يطالبون بالبيعة؛لأنّهم ليسوا من أهل الجهاد، و إنّما يبايعون على الإسلام خاصّة.

و قال آخرون:يحبسون،كالرجال الشباب (1)؛لأنّ في ذلك كسرا لقلوبهم و فلاّ لجمعهم (2).و كذا البحث في الزّمن،و الشيخ الفاني.

الثاني:لو أسر كلّ واحد من الفريقين أسارى من الآخر،

جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي.

و لو أبى أهل البغي مفاداة الأسارى الذين معهم و حبسوهم،جاز لأهل العدل حبس الذين معهم (3)؛ليتوصّلوا إلى تخليص أساراهم بحبس من معهم.

و قال بعض الجمهور:لا يجوز حبسهم و يطلقون؛لأنّ الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم (4).

الثالث:لو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل،

لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم يكن لهم فئة؛لأنّهم لا يقتلون بجناية غيرهم،قال اللّه تعالى: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (5).

مسألة:قد وقع الإجماع على أنّ مال أهل البغي الذي لم يحوه العسكر،لا

يخرج عن ملكهم و لا يجوز قسمته بحال.

ص:201


1- 1خا و ق:كالرجل الشاب.
2- 2) الحاوي الكبير 13:122،المهذّب للشيرازيّ 2:281،حلية العلماء 7:617،المجموع 19: 204،روضة الطالبين:1722،العزيز شرح الوجيز 11:91،مغني المحتاج 4:127.
3- 3) ح:من معهم،مكان:الذين معهم.
4- 4) المغني 10:62،الشرح الكبير بهامش المغني 10:59.
5- 5) الأنعام(6):164. [1]

و اختلف علماؤنا في أموالهم التي حواها العسكر من سلاح و كراع (1)و خيل و أثاث و غير ذلك من الأموال.

قال الشيخ في النهاية (2)و الجمل:يقسّم بين أهل العدل و يكون غنيمة، للفارس سهمان و للراجل سهم،و لذي الأفراس ثلاثة أسهم (3).و به قال ابن الجنيد (4).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:لا تحلّ أموالهم،بل هي باقية على ملكهم لا (5)يجوز قسمتها و لا استغنامها (6)و به قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه (7)- و ابن إدريس (8)و الجمهور كافّة.و هو الأقوى.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي أمامة،قال:شهدت صفّين،فكانوا لا يجيزون على جريح،و لا يقتلون مولّيا،و لا يسلبون قتيلا (9).

و عن ابن مسعود،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا يتبع مدبرهم،

ص:202


1- 1الكراع:اسم يجمع الخيل،و الكراع:السلاح،و قيل:هو اسم يجمع الخيل و السلاح.لسان العرب 8:307. [1]
2- 2) النهاية:295. [2]
3- 3) الجمل و العقود:158.
4- 4) نقله عنه في المختلف:333 و فيه:و جوّز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر...
5- 5) بعض النسخ:و لا يجوز،مكان:لا يجوز.
6- 6) المبسوط 7:266-267.
7- 7) الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):225.
8- 8) السرائر:259.
9- 9) المستدرك للحاكم 2:155،المصنّف لابن أبي شيبة 7:675 الحديث 3، [3]سنن البيهقيّ 8:182، المهذّب للشيرازيّ 2:80،المجموع 19:200. [4]

و لا يجاز على جريحهم،و لا يقتل أسيرهم،و لا يقسّم فيئهم» (1).

و عن ابن قيس (2):أنّ عليّا عليه السلام نادى يوم الجمل:«من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه» و كان بعض أصحاب عليّ عليه السلام قد أخذ قدرا و هو يطبخ فيها،فجاء صاحبها ليأخذها،فسأله الذي يطبخ فيها إمهاله حتّى ينضج الطبيخ،فأبى و كبّه و أخذها (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مروان بن الحكم،قال:لمّا هزمنا عليّ عليه السلام بالبصرة،ردّ على الناس أموالهم،من أقام بيّنة أعطاه،و من لم يقم بيّنة، أحلفه،قال:فقال له قائل:يا أمير المؤمنين اقسم الفيء بيننا و السبي،قال:فلمّا أكثروا عليه،قال:«أيّكم يأخذ أمّ المؤمنين في سهمه؟»فكفّوا (4).

و لأنّ قتال البغاة إنّما هو لدفعهم و كفّ أيديهم عن التعدّي،و ردّهم إلى الحقّ لا لكفرهم،فلا تستباح أموالهم،و هذا من جملة ما نقم الخوارج من عليّ عليه السلام،فإنّهم قالوا:إنّه قاتل و لم يسب و لم يغنم،فإن حلّت له دماؤهم،فقد حلّت له أموالهم،و إن حرمت عليه أموالهم،فقد حرمت عليه دماؤهم،فقال لهم ابن عبّاس:أ فتسبون أمّكم؟يعني عائشة،أم تستحلّون منها ما تستحلّون من

ص:203


1- 1المستدرك للحاكم 2:155،سنن البيهقيّ 2:182 ليس فيهما:«و لا يقسّم فيئهم».كنز العمّال 3: 450 الحديث 7397،الحاوي الكبير 13:121،المهذّب للشيرازيّ 2:280،المجموع 19:200.
2- 2) ابن قيس،كذا في النسخ،و في المبسوط 7:266 [1] أبو قيس،و لم نعثر على اسمه و ترجمته في كتب التراجم.
3- 3) أورده ابنا قدامة في المغني 10:62 و الشرح الكبير 10:58 بدون ذكر اسم الراوي،و الشيخ في المبسوط 7:266 [2] عن أبي قيس.
4- 4) التهذيب 6:155 الحديث 273،الوسائل 11:58 الباب 25 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [3]

غيرها؟ (1).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:و لا أعلم خلافا بين الفقهاء في ذلك، و مرجع الناس كلّهم في هذا الوضع إلى قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في محاربي أهل البصرة (2).

و قد روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«كان في قتال عليّ عليه السلام على أهل القبلة بركة، و لو لم يقاتلهم عليّ عليه السلام لم يدر أحد بعده كيف يسير فيهم» (3).

احتجّ المخالف:بسيرة عليّ عليه السلام (4).و لأنّهم أهل قتال تحلّ أنفسهم فتحلّ أموالهم،كأهل الحرب.

و الجواب:قد بيّنّا أنّ سيرة عليّ عليه السلام عدم الاستغنام.و الفرق:بما قدّمناه (5).

مسألة:لا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي،

و لا بسلاحهم بحال،إلاّ في حال الضرورة،كما لو خاف بعض أهل العدل على نفسه،و ذهب سلاحه،فإنّه يجوز أن يدفع عنه بسلاح يكون معه لهم،و كذلك إن خاف على نفسه و أمكنه أن ينجو على دابّة لهم،جاز و لا يختصّ ذلك بأهل البغي،بل لو وجد ذلك و الحال هذه لأهل العدل،جاز له استعماله،كما يجوز له استعمال طعام الغير عند خوف التلف.

ص:204


1- 1المستدرك للحاكم 2:151،المصنّف لعبد الرزّاق 10:157 الحديث 18678،سنن البيهقيّ 8: 179،المعجم الكبير للطبرانيّ 10:257 الحديث 10598،مجمع الزوائد 6:240،المغني 10:62، الشرح الكبير بهامش المغني 10:58.
2- 2) الناصريات [1](الجوامع الفقهيّة):225.
3- 3) التهذيب 6:145 الحديث 250،الوسائل 11:60 الباب 26 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [2]
4- 4) المغني 10:62،الشرح الكبير بهامش المغني 10:58.
5- 5) يراجع:ص 202-203.

و بهذا قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه (1)-،و الشافعيّ (2).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز ذلك (3).و به قال أبو حنيفة حال قيام الحرب (4).

لنا:أنّه مال مسلم،فلا يجوز له الانتفاع به بغير إذنه من غير ضرورة،كغير الكراع و السلاح.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه في حال الحرب يجوز له إتلاف نفوسهم و حبس السلاح و الكراع عنهم،فجاز الانتفاع به (5).

و الجواب:الفرق،فإنّ الحبس لا يستلزم الانتفاع،كحبس الرجال،فإنّا نحبسهم و لا نستعملهم،و إتلاف نفوسهم لدفعهم،و هو لا يتحقّق في السلاح و الكراع.

مسألة:لا أعلم خلافا بين أهل العلم في أنّه لا يجوز سبي ذراريّ الفريقين من

أهل البغي،

أعني الذين لهم فئة يرجعون إليها،و الذين لا فئة لهم،و لا تملك نساؤهم؛لأنّهم مسلمون فلا تستباح ذراريّهم و نساؤهم.

مسألة:إذا سأل أهل البغي الإمام أن ينظرهم و يكفّ عنهم،

فإن سألهم أن ينظرهم أبدا،لم يجز له ذلك؛لأنّه لا يجوز أن يترك بعض المسلمين طاعة الإمام

ص:205


1- 1الناصريات(الجوامع الفقهيّة):225.
2- 2) الحاوي الكبير 13:143-144،المهذّب للشيرازيّ 2:282،حلية العلماء 7:618،المجموع 19:205،روضة الطالبين:1722،العزيز شرح الوجيز 11:92،مغني المحتاج 4:127.
3- 3) المبسوط 7:280، [1]الخلاف 2:431 مسألة-17.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 10:126،بدائع الصنائع 7:141،الهداية للمرغينانيّ 2:171،شرح فتح القدير 5:337،الفتاوى الهنديّة 2:284،تبيين الحقائق 4:196،مجمع الأنهر 1:700،الحاوي الكبير 13:144،حلية العلماء 7:618،المغني 10:63،العزيز شرح الوجيز 11:92.
5- 5) الحاوي الكبير 13:144،المغني 10:63.

العادل،و إن سألوا أن ينظروا مدّة ذكروها،نظر الإمام و كشف عن حالهم،فإن كانوا إنّما سألوا ذلك ليجتمعوا و يأتيهم مدد،عاجلهم و لم يجبهم إلى ذلك،و إن كانوا إنّما سألوا لينظروا و يتفكّروا و يعودوا إلى طاعة الإمام،أنظرهم.

و الشيخ-رحمه اللّه-ذكر:أنّهم إن سألوا أن ينظرهم يوما أو نصف يوم، أنظرهم،و إنّما ذكر التفصيل الذي ذكرناه فيما زاد على ذلك (1).و الأوّل:أقرب؛ لجواز أن يكون بإنظارهم يوما يلحقهم مدد منهم فيقووا على أهل العدل.

و لو بذلوا له مالا على أن ينظرهم في موضع ليس له إنظارهم،لم يجز له ذلك؛ لأنّه ليس له أخذ المال في إقرارهم على ما لا يجوز له إقرارهم عليه.

و لو بذلوا له رهائن يسلّمونها إليه على أن ينظرهم منهم أو من أولادهم،لم يجز ذلك أيضا؛لأنّهم ربّما قويت شوكتهم على أهل العدل و قهروهم و أخذوا الرهائن.و لأنّهم إذا قاتلوا لم يجز قتل الرهائن،فلا فائدة حينئذ في أخذها.

و لو كان في أيديهم أسارى من أهل العدل،فسألوا الكفّ على أن يطلقوا أسارى من أهل العدل،و أعطوا بذلك رهائن من أولادهم،قبل الإمام ذلك و استظهر للمسلمين،فإن أطلقوا الأسارى الذين عندهم،أطلق الإمام رهائنهم و إن قتلوا من عندهم،لم يقتل رهائنهم.لأنّه لا يجوز له قتل غير القاتل بجرم القاتل،فإذا انقضت الحرب أطلق الرهائن كما يخلّى له الأسارى،إلاّ أن يخاف من إطلاق الرهائن شدّة القوّة.

و لو خاف الإمام على أهل العدل الضعف عنهم،فالوجه:تأخيره إلى أن يمكنه القوّة عليهم.

مسألة:لو تعوّذ أهل البغي عند النكاية فيهم

(2)

برفع المصاحف أو الدعوة إلى

ص:206


1- 1المبسوط 7:271.
2- 2) يقال:نكيت العدوّ:إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل.النهاية لابن الأثير 5:117. [1]

حكم الكتاب بعد أن دعوا إلى ذلك فأبوا،لم يرفع عنهم الحرب إلاّ بما يكون رجوعا إلى الحقّ و إقرارا به مصرّحا من غير تأويل.

و الأصل في ذلك واقعة صفّين،فإنّه لمّا اشتدّ القتال بين عليّ عليه السلام و بين معاوية،قال معاوية لعمرو بن العاص:هل بقي عندكم من الحيل و المكائد شيء؟ قال:نعم،ثمّ أمر أصحاب معاوية حتّى جعلوا المصاحف على رءوس الرماح،

و قالوا لعليّ عليه السلام و لأصحابه:بيننا و بينكم كتاب اللّه تعالى،فاعملوا به،فقال أصحاب عليّ عليه السلام على حكم اللّه تعالى و كتابه و تركوا القتال،فقال لهم عليّ عليه السلام:«إنّ هذا لمكيدة و حيلة»فلم يفعلوا و قالوا:كيف نقاتل قوما يدعوننا إلى العمل بكتاب اللّه تعالى،و قالوا:إن ساعدتنا،و إلاّ قاتلناك،فساعدهم عليّ عليه السلام على ذلك مكرها، فاتّفقوا على أن يبعثوا حكما من عندهم و حكما من عند معاوية،و كان عليّ عليه السلام يعرف أنّه حيلة،و كان لا يرضى بذلك حتّى اجتمع أصحابه و قالوا:لا بدّ من أن تتّفق عليهم،فوافقهم على ذلك ضرورة و كرها، لا طوعا و رضى،فبعث معاوية عمرو بن العاص،و كان رأي عليّ عليه السلام أن يبعث ابن عبّاس-رحمه اللّه-لأنّه قيل له:إنّك رميت بداهية،يعني عمرو بن العاص،فابعث ابن عبّاس،فإنّه لا يعقد عقدة إلاّ حلّها ابن عبّاس،فأبى أهل اليمن و قالوا:لا نحكّم إلاّ أبا موسى الأشعريّ و اتّفقوا عليه،و أكرهوا عليّا عليه السلام على ذلك،فلمّا اجتمعا تشاورا و تدبّرا و اتّفقا على أن يعزلا هذين و يتركا الأمر شورى لتسكن الفتنة،فلمّا اتّفقا على ذلك،قال عمرو لأبي موسى الأشعريّ:إنّك أكبر سنّا فاصعد على المنبر و اعزل عليّا عليه السلام عن الإمارة،فصعد و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه و قال:إنّ هذه الفتنة قد طالت و الصواب أن نعزل عليّا عليه السلام و معاوية عن هذا الأمر و نقلّده غيرهما،ثمّ أخرج خاتمه من إصبعه و قال:قد أخرجت عليّا عليه السلام عن هذا الأمر،كما أخرجت هذا الخاتم من هذا

ص:207

الإصبع و نزل.

ثمّ صعد عمرو المنبر و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه ثمّ قال:إنّي أدخلت معاوية في هذا الأمر،كما أدخلت هذا الخاتم في هذا الإصبع،فقال أبو موسى:الغدر الغدر، فوقع التشويش بين المسلمين،فقالت طائفة الخوارج:إنّا قد ارتددنا حيث جعلنا الحكم في أيديهما و اللّه تعالى يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ (1)فتبنا و رجعنا عن ذلك إلى الإسلام،و قالوا لعليّ عليه السلام:إنّك قد ارتددت حيث تركت حكم اللّه تعالى و أخذت بحكم الحكم،و خرج[على] (2)عليّ عليه السلام عامّة أصحابه،و كان مذهب الخوارج مبناه على تكفير كلّ مذنب (3).

مسألة:و لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل،

قال بعض الجمهور:لا يجوز قتله من غير حاجة؛لقوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ (4).

و للإجماع على تحريم قتل المسلم،و إنّما خصّ من ذلك من حضر بسبب الضرورة في قتله،كأهل البغي و القبائل (5)،فيبقى ما عداه على العموم،و لهذا حرم قتل مدبرهم و أسيرهم،و لأنّه مسلم لم يحتج إلى دفعه،و لا صدر منه أحد الثلاثة، فلا يحلّ دمه؛

لقوله عليه السلام:«لا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث (6)» (7).

ص:208


1- 1الأنعام(6):57، [1]يوسف(12):40 و 67. [2]
2- 2) زيادة أثبتناها لتناسب مقتضى السياق.
3- 3) وقعة صفّين:478-504،تاريخ اليعقوبيّ 2:188-192.
4- 4) النساء(4):93. [3]
5- 5) في المغني:و الصائل.
6- 6) سنن أبي داود 4:126 الحديث 4353، [4]سنن الترمذيّ 4:19 الحديث 1402، [5]سنن النسائيّ 6: 92،مسند أحمد 6:205، [6]سنن الدارقطنيّ 3:83 الحديث 6،كنز العمّال 1:92 الحديث 399،مسند أبي يعلى 8:136 الحديث 4676.
7- 7) المغني 10:52-53،الشرح الكبير بهامش المغني 10:54.

و قال أصحاب الشافعيّ في أحد الوجهين:يجوز؛لأنّ عليّا عليه السلام نهى أصحابه عن قتل محمّد بن طلحة (1)،و قال عليه السلام:إيّاكم و صاحب البرنس و كان حامل راية أبيه،فقتله رجل و أنشأ يقول شعرا:

و أشعث قوّام بآيات ربّه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم

هتكت له بالرمح جيب قميصه فخرّ صريعا لليدين و للفم

على غير شيء غير أن ليس تابعا عليّا و من لم يتبع الحقّ يظلم

يناشدني حم و الرمح شاجر فهلاّ تلا حم (2)قبل التقدّم

و لم يكن يقاتل،فلم ينكر عليّ عليه السلام قتله.و لأنّه صار ردءا لهم (3).

مسألة:إذا غلب أهل البغي على بلد،فجبوا الصدقات و أخذوا الجزية

و استأدّوا الخراج،

قال الشافعيّ (4)و أبو ثور (5)من أصحاب الرأي (6):يقع ذلك

ص:209


1- 1محمّد بن طلحة بن عبيد اللّه القرشيّ التيميّ المعروف بالسجّاد أمّه حمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش زوج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،كان يوم الجمل مع أبيه،و كان هواه مع عليّ عليه السلام،و كان عليه السلام نهى عن قتله ذلك اليوم و قال:«إيّاكم و صاحب البرنس»مرّ عليه عليّ عليه السلام و هو قتيل يوم الجمل فقال:«قتله برّه بأبيه»يعني إنّ أباه أكرهه على الخروج،و كان طلحة قد أمره أن يتقدّم للقتال فتقدّم،و نثل(أي:ألقى)درعه بين رجليه و جعل كلّما حمل عليه رجل قال:نشدتك بحاميم،حتّى شدّ عليه رجل فقتله و كان ذلك سنة:36 ه. أسد الغابة 4:322، [1]الإصابة 3:376، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:350. [4]
2- 2) المراد:السور التي في أوّلها حاميم،و هي سور لها شأن لشرف منزلتها.النهاية لابن الأثير 1:446. [5]
3- 3) الحاوي الكبير 13:139،المهذّب للشيرازيّ 2:280،المجموع 19:201،المغني 10:52، الشرح الكبير بهامش المغني 10:54.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 2:283،المجموع 19:213،روضة الطالبين:1720،العزيز شرح الوجيز 11:83،مغني المحتاج 4:125،السراج الوهّاج:516.
5- 5) المغني 10:66-67،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
6- 6) كذا،و في المغني و الشرح الكبير:و أبو ثور و أصحاب الرأي.

موقعه،فإذا ظهر أهل العدل بعد ذلك عليه،لم يكن لهم (1)مطالبتهم بإعادة ذلك (2).

و مذهبنا:أنّه لا يقع موقعه،غير أنّ للإمام أن يجيز ذلك.

لنا:أنّهم أخذوه ظلما و عدوانا،فلا يتعيّن في إبراء ذمّتهم،كما لو غصبوهم مالا غير الجزية و الصدقات.و لأنّ الخراج ثمن أو أجرة،و الجزية عوض عن المساكنة و حقن الدم،فلا يخرجون عن العهدة بتسليمها إلى غير المستحقّ،كمن دفع أجرة دار إلى غير المالك.

احتجّوا:بأنّ عليّا عليه السلام لمّا ظهر على البصرة،لم يطالب بشيء ممّا جبوه (3).

و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ للإمام إجازة ذلك؛للضرورة و المشقّة الحاصلة بالعود عليهم (4)؛لأنّه لو أخذ منهم مرّة أخرى أدّى ذلك إلى الإضرار بالناس،فلهذا أجاز عليّ عليه السلام ذلك خصوصا إذا أقاموا في البلاد سنين كثيرة.

و أمّا الحدود:فإذا أقاموها،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا تعاد عليهم مرّة أخرى؛ للمشقّة في ذلك (5).

مسألة:إذا زالت أيدي أهل البغي عن البلد،و ملكه أهل العدل،

فطالبهم العادل بالصدقات،فذكروا أنّهم استوفوا منهم،فإن لم يجز الإمام ذلك،طالبهم مرّة ثانية، و إن أجازه فهل يقبل قولهم بغير بيّنة؟فيه إشكال،أقربه:القبول؛لأنّا قد بيّنّا في

ص:210


1- 1ب:له،مكان:لهم.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 2:171،شرح فتح القدير 5:338.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 2:283،المجموع 19:213،المغني 10:67،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63،العزيز شرح الوجيز 11:84،مغني المحتاج 4:125.
4- 4) يراجع:ص 204.
5- 5) المبسوط 7:276. [1]

كتاب الزكاة أنّ ربّ المال إذا ادّعى أنّ زكاته قبضت منه،قبل قوله (1).و هل يحتاج إلى اليمين؟قال بعض الشافعيّة:لا بدّ من اليمين وجوبا؛لأنّه مدّع لا يثبت دعواه بمجرّد قوله،و تكليف البيّنة مشقّة،فاقتنع منه باليمين.

و قال بعضهم:يحلف استحبابا؛لأنّه لو ادّعى الإخراج ببيّنة،قبل فكذا هنا.

و قال آخرون إن ادّعى خلاف الظاهر،بأن يدّعي أنّه قد باع النصاب في أثناء الحول ثمّ اشتراه فيه،أو قال:قد أخذ الزكاة منّي ساع قبلك،فإنّه يحلف وجوبا، و إن ادّعى ما يوافق الظاهر،بأن يقول:لم يحل الحول على مالي،حلف استحبابا (2).

و الوجه عندي في ذلك كلّه:قبول قوله،كما قلناه في باب الزكاة (3).فإن قلنا بالإحلاف وجوبا،فإن حلف،أسقط الدعوى،و إن نكل،أخذت الزكاة منه لا بالنكول بل بظاهر الوجوب عليه،و عندنا لا يمين عليه بحال،و قد سلف 4.

أمّا لو ادّعوا أداء الخراج،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يقبل قولهم في ذلك، بخلاف الزكاة؛لأنّها تجب على سبيل المواساة و أداؤها عبادة،فلهذا قبل قولهم في أدائها.و أمّا الخراج،فإنّه معاوضة؛لأنّه ثمن أو أجرة،فلم يقبل قولهم في أدائه، كغيره من المعاوضات (4).

و لو ادّعى أهل الذمّة أداء الجزية إلى أهل البغي،لم يقبل منهم؛لكفرهم، فلا أمانة لهم.و لأنّها معاوضة عن المساكنة و حقن الدماء،فلا يقبل قولهم.

إذا ثبت هذا:فإذا نصب أهل البغي قاضيا،لم ينفذ قضاؤه مطلقا،سواء حكم

ص:211


1- 1يراجع:الجزء الثامن:416.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:283،المجموع 19:213،روضة الطالبين:327،العزيز شرح الوجيز 13:84.
3- 3-4) يراجع الجزء الثامن:416.
4- 5) المبسوط 7:277. [1]

بحقّ أو بباطل؛لأنّه فاسق بمجرّد التولية ممّن ليس له ذلك،و العدالة عندنا شرط في القضاء،سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل.

و قال أبو حنيفة:إن كان من أهل العدل،نفذ قضاؤه،و إن كان من أهل البغي،لم ينفذ (1).

و قال الشافعيّ:ينفذ مطلقا،سواء كان من أهل البغي أو من أهل العدل،إذا كان ممّن لا يستحلّ دماء أهل العدل و لا أموالهم.و إن كان ممّن يستحلّ ذلك،لم ينفذ حكمه إجماعا (2).

لنا:أنّه ليس من أهل العدالة،فلا تثبت له ولاية شرعيّة.

إذا ثبت هذا:فإذا حكم بحكم،كان باطلا عندنا،و لا ينفذ حكمه.و لو كتب إلى قاض آخر بحكمه (3)لا ينفذه.

و قال الشافعيّ:إن تضمّن حكمه مخالفة نصّ أو إجماع،أو قياس ظاهر لا معارض له،كان باطلا،و إلاّ قبل.و لو كتب بحكمه إلى قاض آخر،أنفذه،لكن يستحبّ له ردّه؛كسرا له و إهانة به (4). (5)

و قال أبو حنيفة:لا يقبله (6).

مسألة:أهل البغي عندنا فسّاق،و بعضهم كفّار.

ص:212


1- 1الحاوي الكبير 13:135،حلية العلماء 7:620،المغني 10:68،الشرح الكبير بهامش المغني 10:64.
2- 2) الحاوي الكبير 13:134-135،المهذّب للشيرازيّ 2:283،حلية العلماء 7:620،المجموع 19:213-214،مغني المحتاج 4:124،المغني 10:68،الشرح الكبير بهامش المغني 10:64.
3- 3) ب:بحكم،مكان:بحكمه.
4- 4) ب:له،مكان:به.
5- 5) الأمّ 4:220،الحاوي الكبير 13:135.
6- 6) الحاوي الكبير 13:135،المغني 10:69، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 10:65. [2]

إذا ثبت هذا:فلا تقبل شهادتهم عندنا،و إن كان عدلا في مذهبه.

و قال أبو حنيفة:تقبل شهادتهم و هم فسّاق (1).لأنّ أهل البغي عنده فسّاق بخروجهم على الإمام و البغي،و لكن تقبل شهادتهم؛لأنّ فسقهم من جهة الدين،فلا تردّ به الشهادة،و قد قبل شهادة الكفّار بعضهم على بعض.و سيأتي البحث فيه.

و أطبق الجمهور على قبول شهادتهم (2).

لنا:قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (3)أوجب التثبّت (4)عند مجيء الفاسق،فلا يكون قوله مقبولا-و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى-سواء في ذلك أن يشهد لهم أو عليهم،و سواء كان ذلك على طريق التديّن أو على وجه التديّن.

و قال أكثر الجمهور:اقبل شهادته إذا كان ممّن لا يرى أنّه يشهد لصاحبه بتصديقه،مثل[الخطّابيّة] (5)فإنّهم يعتقدون تحريم الكذب و الإقدام على اليمين الكاذبة،فإذا كان لبعضهم حقّ على من يجحده و لا شاهد له به فذكر ذلك لبعض أهل دينه و حلف له أنّه صادق فيما يدّعيه،فإذا حلف،ساغ له في دينه أن يشهد له بالحقّ مطلقا على ما صحّ عنده باليمين،فمن كان هذا دينه و اعتقاده،لا تقبل شهادته؛لأنّه لا يؤمن أن يشهد على هذا المذهب.و لأنّه شاهد زور،فلا تقبل شهادته بوجه (6).

ص:213


1- 1الحاوي الكبير 13:136،المغني 10:65،الشرح الكبير بهامش المغني 10:62.
2- 2) الحاوي الكبير 13:136،الوجيز 2:164، [1]العزيز شرح الوجيز 11:82،المغني 10:65، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:62. [3]
3- 3) الحجرات(49):6. [4]
4- 4) آل:التثبيت.
5- 5) ما بين المعقوفين في آل،ب،ر،ع:المطايبة،و في ح،خا و ق:المطالبة.و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:258،الحاوي الكبير 13:136،روضة الطالبين:1720،مغني المحتاج 4:124.

و عندنا لا تقبل شهادة أحد ممّن خالف الحقّ من سائر الفرق على ما يأتي.

مسألة:من قتل من أهل العدل في المعركة،لا يغسّل و لا يكفّن،

و يصلّى عليه، عندنا.

و من قتل من أهل البغي،لا يغسّل و لا يكفّن،و لا يصلّى عليه؛لأنّه كافر.

و قال مالك،و الشافعيّ،و أحمد:يغسّل و يكفّن،و يصلّى عليه؛

لقوله عليه السلام:«صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه» (1).

و لأنّهم مسلمون،فيثبت لهم حكم الشهادة،فيغسّلون و يصلّى عليهم (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّا نمنع العموم؛لأنّه يخرج منه عندهم الشهيد.و لأنّه من لم يعترف بالنبوّة،يخرج عن هذا مع تناول اللفظ له.

و عن الثاني:بالمنع من إسلامه.

و قال أصحاب الرأي:إن لم يكن لهم فئة،صلّى عليهم.و إن كانت لهم فئة،لم يصلّ عليهم؛لأنّه يجوز قتلهم في هذه الحالة (3)،فلم يصلّ عليهم،كالكفّار (4).

إذا ثبت هذا:فلا فرق بين الخوارج و غيرهم في ترك الصلاة عليهم.

و أمّا الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة،فإنّهم لم يفرّقوا بينهم في الصلاة عليهم (6).

ص:214


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:56 الحديث 3،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:342 الحديث 13622،كنز العمّال 15:580 الحديث 42264،فيض القدير 4:203 الحديث 5030،مجمع الزوائد 2:67.
2- 2) المغني 10:64،الشرح الكبير بهامش المغني 10:61،المهذّب للشيرازيّ 1:135،حلية العلماء 7:361،روضة الطالبين:229،المجموع 5:267.
3- 3) أكثر النسخ:الحال،مكان:الحالة.
4- 4) المغني 10:64،الشرح الكبير بهامش المغني 10:61.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:135،المجموع 5:267،المغني 10:64،الشرح الكبير بهامش المغني 10:61.
6- 6) المغني 10:64،الشرح الكبير بهامش المغني 10:61.

و قال أحمد:لا يصلّى على الخوارج (1).

و قال مالك:لا يصلّى على الإباضيّة و لا القدريّة (2)و سائر أهل الأهواء (3).

و الإباضيّة:صنف من الخوارج،نسبوا إلى عبد اللّه بن إباض (4)صاحب مقالتهم.

و الأزارقة منهم:أصحاب نافع بن الأزرق (5).و النجدات:أصحاب نجدة

ص:215


1- 1المغني 10:64،الشرح الكبير بهامش المغني 10:61.
2- 2) القدريّة:قال الشهرستانيّ:المعتزلة يسمّون أصحاب العدل و التوحيد و يلقّبون بالقدريّة،قالوا بأنّ اللّه قديم،و اتّفقوا على أنّ العبد قادر خالق لأفعاله خيرها و شرّها،و قال المامقانيّ:القدريّة المنسوبون إلى القدر يزعمون أنّ كلّ عبد خالق فعله،و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير اللّه و مشيئته فنسبوا إلى القدر،و قيل:القدريّة هم المعتزلة لإسناد أفعالهم إلى قدرتهم.الملل و النحل 1:49، [1]مقباس الهداية المطبوع ضمن تنقيح المقال 3:86. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:182،المغني 10:65،الشرح الكبير بهامش المغني 10:65.
4- 4) الإباضيّة،أصحاب عبد اللّه بن إباض المقاعسيّ المرّيّ التميميّ رأس الإباضيّة و إليه نسبتهم، اضطرب المؤرّخون في سيرته و تاريخ وفاته،كان معاصرا لمعاوية و عاش إلى أواخر أيّام عبد الملك بن مروان،خرج في أيّام مروان بن محمّد،و قيل:إنّ عبد اللّه بن يحيى الإباضيّ كان رفيقا له في جميع أحواله و أقواله،ذكر ابن العماد في حوادث سنة 130 ه:فيها كانت فتنة الإباضيّة،و كان داعيتهم في هذه الفتنة عبد اللّه بن يحيى الإباضيّ،من عقائدهم أنّ مخالفينا من أهل القبلة كفّار غير مشركين و مناكحتهم جائزة و أنّ دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار التوحيد إلاّ معسكر السلطان فإنّه دار بغي،و أجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم،و كفّروا عليّا عليه السلام و أكثر الصحابة.الملل و النحل 1:121، [3]شذرات الذهب 1:177، [4]الأعلام للزركليّ 4:61. [5]
5- 5) الأزارقة:هم أصحاب أبي راشد نافع بن الأزرق بن قيس الحنفيّ البكريّ الحروريّ و إليه نسبتهم، كان أمير قومه و فقيههم من أهل البصرة،كان هو و أصحابه من أنصار الثورة على عثمان و والوا عليّا عليه السلام إلى أن كانت قضيّة التحكيم بين عليّ عليه السلام و معاوية فاجتمعوا في حروراء و نادوا بالخروج على عليّ عليه السلام و عرفوا لذلك هم و من تبع رأيهم بالخوارج،أكفر هو و أصحابه عليّا عليه السلام و جميع المسلمين،أباحوا قتل أطفال المخالفين و النسوان منهم و يرون أنّ مرتكب الكبيرة كافر.الملل و النحل 1:109، [6]الأعلام للزركليّ 7:351. [7]

الحروريّ (1)و البيهسيّة (2)،و الصفريّة قيل:نسبوا إلى صفرة ألوانهم (3).و الحروريّة:

نسبوا إلى أرض يقال لها:حروراء خرجوا بها،و أصنافهم كثيرة.

مسألة:إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحدّ ثمّ قدر عليهم،

ص:216


1- 1النجدات:هم أصحاب نجدة بن عامر الحروريّ من بني حنيفة من بكر بن وائل رأس الفرقة النجديّة نسبة إليه من الحروريّة و يعرف أصحابها بالنجدات،كان أوّل أمره مع نافع بن الأزرق و فارقه لإحداثه في مذهبه،و انفرد عن سائر الخوارج بآراء،قيل:كان نجدة بن عامر و نافع بن الأزرق قد اجتمعا بمكّة مع الخوارج على ابن الزبير ثمّ تفرّقا عنه،فصار نافع إلى البصرة و نجدة إلى اليمامة،و كان سبب اختلافهما أنّ نافعا قال:التقيّة لا تحلّ،و القعود عن القتال كفر،و خالفه نجدة و قال:التقيّة جائزة و القعود عن القتال جائز،و أجمعوا على أنّه لا حاجة للناس إلى إمام قطّ و إنّما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم،فإن هم رأوا أنّ ذلك لا يتمّ إلاّ بإمام يحملهم عليه فأقاموه جاز،و قيل للنجدات:العاذريّة؛ لأنّهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع.الملل و النحل 1:110-112، [1]المقالات و الفرق:142، الأعلام للزركليّ 8:10. [2]
2- 2) البيهسيّة:من فرق الخوارج هم أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبعيّ من بني سعد بن ضبيعة رأس الفرقة [3]البيهسيّة من الخوارج،كان من الأزارقة و تفرّق هؤلاء إلى فرق منها:الإباضيّة و الصفريّة و البيهسيّة،من عقائدهم أنّ من واقع ذنبا لم نشهد عليه بالكفر حتّى يرفع إلى الوالي و يحدّ،و قال بعضهم:كلّ شراب حلال الأصل موضوع عمّن سكر منه في السكر،طلبه الحجّاج أيّام الوليد الأمويّ فهرب إلى المدينة و ظفر به واليها فاعتقله و لم يشتدّ عليه إلى أن ورد كتاب من الوليد بقطع يديه و رجليه و صلبه سنة 94 ه. الملل و النحل 1:113، [4]المقالات و الفرق:221،الأعلام للزركليّ 8:105. [5]
3- 3) الصفريّة:هم قوم من الخوارج،و اختلف في نسبتهم،قال الجوهريّ:الصفريّة-بالضمّ-صنف من الخوارج نسبوا إلى زياد بن الأصفر رئيسهم،و زعم قوم أنّ الذين نسبوا إليه هو عبد اللّه بن الصفّار و أنّهم الصفريّة-بكسر الصاد-،و قال ابن منظور:الصفريّة-بالضمّ-جنس من الخوارج،و قيل:قوم من الحروريّة سمّوا صفريّة لأنّهم نسبوا إلى صفرة ألوانهم.و قال الشهرستانيّ:الصفريّة الزياديّة أصحاب زياد بن الأصفر،خالفوا الأزارقة و النجدات في أمور.الصحاح للجوهريّ 2:715، [6]لسان العرب 4: 464، [7]الملل و النحل 1:123. [8]

أقيم فيهم الحدود.و به قال مالك،و الشافعيّ،و أحمد،و ابن المنذر (1).

و قال أصحاب الرأي:إذا امتنعوا بدار،لم يجب الحدّ على أحد منهم و لا على من عندهم من تاجر أو أسير (2).

لنا:عموم الآيات و الأحاديث الدالّة على وجوب الحدّ مطلقا،و هو كما يتناول أهل العدل،يتناول أهل البغي،بل ثبوت الحدّ في حقّهم أولى.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم خارجون عن دار الإمام،فأشبهوا من في دار الحرب 3.

و الجواب:المنع (3)من ثبوت الحكم في الأصل إن كان مسلما؛لأنّا نوجب (4)عليه الحدّ،سواء فعل الموجب في دار الحرب أو دار الإسلام،غير أنّا نكرهه في دار الحرب،فإذا جاء إلى دار الإسلام أقمنا عليه الحدّ.و إن كان كافرا منعنا المساواة؛ لتحقّق الإسلام في أهل البغي ظاهرا.و لأنّ كلّ موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه عند وجود أسبابها،كدار أهل العدل.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكره للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي

رحمه

(5).و هو قول أكثر العلماء (6).

و قال بعض الجمهور:لا يكره له قتل ذي رحمه (7).

ص:217


1- 1المغني 10:69،الشرح الكبير بهامش المغني 10:65،حلية العلماء 7:618،روضة الطالبين: 1724.
2- 2-3) المغني 10:69،الشرح الكبير بهامش المغني 10:65.
3- 4) في النسخ:إنّ المنع.
4- 5) في آل:لا يوجب،و في ر:إلاّ ما يوجب،و أكثر النسخ:لا ما يوجب،و ينظر:تذكرة الفقهاء 9: 431. [1]
5- 6) المبسوط 7:278. [2]
6- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:258،الحاوي الكبير 13:138،المهذّب للشيرازيّ 2:299،المجموع 19:295، [3]المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:62.
7- 8) المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:62.

لنا:قوله تعالى: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً (1).

و روي أنّ أبا بكر أراد قتل ابنه (2)يوم أحد،فنهاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك،و قال:«دعه ليلي قتله غيرك» (3).

قال الشافعيّ:كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه (4)، و إذا نهي عن قتل أبيه الحربيّ،فالنهي عن قتل الباغي إذا كان أبا،أولى.

احتجّ المخالف:بأنّه قتل بحقّ،فأشبه إقامة الحدود (5).

و الجواب:الفرق بإمكان الرجوع هنا،بخلاف استيفاء الحدّ،فإنّه يجب و إن تاب.

إذا ثبت هذا:فإن خالف و قتله كان جائزا؛لأنّه مباح الدم،فجاز قتله،كالكافر.

و روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لم قتلته؟» فقال:سمعته يسبّك،فسكت عليه السلام و لم ينكر (6).

إذا عرفت هذا:فإنّ العادل إذا قتل الباغي،لم يمنع من الميراث إن كان وارثا.

ص:218


1- 1لقمان(31):15. [1]
2- 2) أكثر النسخ و كذا في المبسوط:أبيه،و الصحيح ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:258،الحاوي الكبير 13:138،سنن البيهقيّ 8:186،تفسير القرطبيّ 17:307،المغازي للواقديّ 1:257،و أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 7:279. [2]
4- 4) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:258،الحاوي الكبير 13:138،سنن البيهقيّ 8:186،المغني 10:66، الشرح الكبير بهامش المغني 10:63،المغازي للواقديّ 1:70،المبسوط للطوسيّ 7:279. [3]
5- 5) المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:62.
6- 6) سنن البيهقيّ 9:27،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:154-155 الحديث 360،تفسير القرطبيّ 17: 307،تفسير الدرّ المنثور 6:186،تفسير فتح القدير 2:347.و [4]أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 7:279. [5]

و به قال أبو حنيفة (1).

و قال الشافعيّ:لا يرثه (2).و عن أحمد روايتان بالقولين (3).

لنا:أنّه قتل بحقّ،فلم يمنع الميراث،كالقصاص و القتل في الحدود.

احتجّ المخالف:بعموم

قوله عليه السلام:«ليس لقاتل شيء» (4). (5)

و الجواب:المراد:القتل ظلما؛لإرث القاتل قصاصا و حدّا إجماعا.

و لو قتل الباغي العادل،منع من الميراث.و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7).

و قال أبو حنيفة:لا يمنع من الميراث (8).

لنا:أنّه قتله بغير حقّ،فلا يرثه،كالقاتل عمدا.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه قتله بتأويل،فأشبه قتل العادل الباغي (9).

ص:219


1- 1المبسوط للسرخسيّ 10:131،بدائع الصنائع 7:142،الهداية للمرغينانيّ 2:172،شرح فتح القدير 5:339،تبيين الحقائق 4:197،مجمع الأنهر 1:700.
2- 2) الحاوي الكبير 13:139،المهذّب للشيرازيّ 2:31،روضة الطالبين:1009.
3- 3) المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
4- 4) مسند الشافعيّ:202،الموطّأ 2:867 الحديث 10،مسند أحمد 1:49،سنن البيهقيّ 6:220 و ج 8:38،72 و 178،سنن الدارقطنيّ 4:95-96 الحديث 162،كنز العمّال 11:17 الحديث 30433.
5- 5) الحاوي الكبير 13:139،المهذّب للشيرازيّ 2:31،روضة الطالبين:1009.
6- 6) الحاوي الكبير 13:139،المهذّب للشيرازيّ 2:31،روضة الطالبين:1009،المغني 10:66، الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
7- 7) المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 10:131،بدائع الصنائع 7:142،الهداية للمرغينانيّ 2:172،شرح فتح القدير 5:339،تبيين الحقائق 4:197،مجمع الأنهر 1:700،المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 10:132،بدائع الصنائع 7:142،مجمع الأنهر 1:701،المغني 10:66، الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.

و الجواب:الفرق،فإنّ العادل قتل الباغي بحقّ،بخلاف العكس.

قال ابن المنذر:إذا تعمّد العادل قتل قريبه فقتله ابتداءً،لم يرثه،فإن قصد ضربه ليصير غير ممتنع فجرحه و مات من هذا الضرب،ورثه؛لأنّه قتله بحقّ.قال:

و هو أقرب الأقاويل (1).و قد بيّنّا الحقّ عندنا في ذلك (2).

مسألة:يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل.

و قال بعض الجمهور:لا يجوز،بل يقصد دفعهم و تفريق جمعهم و تفليل حدّهم (3). (4)

لنا:أنّه محكوم بكفره،فجاز قصده بالقتل،كالحربيّ.

إذا ثبت هذا:فإنّ ابن الجنيد-رحمه اللّه-قال:لا يستحبّ أن يبدأ والي المسلمين أهل البغي بحرب و إن كانوا قد استحقّوا بفعلهم المتقدّم القتل،دون أن يكونوا هم المبتدءون بالقتال؛لجواز حدوث إرادة التوبة و تبيّن الحقّ بعد الجهل به؛

لأنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول في كلّ موطن:«لا تقاتلوا القوم حتّى يبدءوكم،فإنّكم بحمد اللّه على حجّة و ترككم إيّاهم حتّى يبدءوكم حجّة أخرى» (5).

ص:220


1- 1المغني 10:66،الشرح الكبير بهامش المغني 10:63.
2- 2) يراجع:ص 218.
3- 3) خا و ق:و تفليل حذّهم،ب:و تقليل حزبهم،ر،ع و ح:و تقليل حدّهم،مكان:و تفليل حدّهم. الفلّ:المنهزمون،و فلّ القوم يفلّهم فلاّ:هزمهم،و فللت الجيش:هزمته.و التفليل:تفلّل في حدّ السكّين و في السيف.و فلول السيف:كسور في حدّه.لسان العرب 11:530-531. [1]
4- 4) نقله الشيخ عنهم في المبسوط 7:279. [2]
5- 5) الكافي 5:38 الحديث 3، [3]الوسائل 11:69 الباب 33 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1، [4]شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4:26، [5]شرح نهج البلاغة للشيخ محمّد عبده 3:14. [6]

قال:و لا يستحبّ ثبات (1)أحد من أهل البغي،و لا قتاله غيلة و لا على غرّة حتّى ينذرهم (2).

و قد وصّى أمير المؤمنين عليه السلام الأشتر (3)رحمه اللّه،فقال:

«و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ أن يبدءوك حتّى تلقاهم فتدعوهم و تسمع،و لا يجرمنّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إليهم مرّة ثمّ مرّة،و اجعل على ميمنتك زيادا (4)و على ميسرتك شريحا،و قف من أصحابك وسطا،و لا تدن منهم دنوّ من

ص:221


1- 1كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:بيات،كما في التذكرة 9:432.و [1]تبييت العدوّ:هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة.النهاية لابن الأثير 1:170. [2]
2- 2) خا و ح:يبدءوهم،مكان:ينذرهم.
3- 3) مالك بن الحارث الأشتر النخعيّ جليل القدر عظيم المنزلة،كان اختصاصه بأمير المؤمنين عليه السلام أظهر من أن يخفى،و كفى في فضله تأسّف أمير المؤمنين عليه السلام لموته و قوله:«كان لي مثل ما كنت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»و قوله:«رحم اللّه مالكا و ما مالك عزّ عليّ به هالكا،لو كان صخرا لكان صلدا و لو كان جبلا لكان فندا»(و الفند-بالكسر-:القطعة العظيمة من الجبل.لسان العرب 3:338)و [3]في ما ذكره ابن عبد البرّ في الاستيعاب عند حضور مالك في تجهيز أبي ذرّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين» شهادة قاطعة بفضله،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و روى الكشيّ روايات في فضله،و لمّا بلغ معاوية إرساله إلى مصر،عظم ذلك عليه فبعث إلى رجل من أهل الخراج فاغتاله فسقاه السمّ فتوفّي.رجال الطوسيّ:58،رجال العلاّمة:169، [4]تنقيح المقال 2:48 من أبواب الميم، [5]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:214 و 215، رجال الكشّيّ 65 و 66.
4- 4) زياد بن النصر،كذا أثبته الشيخ في رجاله،و قال المامقانيّ:و الصواب:النظر-بالطاء المعجمة- و أثبت السيّد الخوئيّ:النضر و(النصر)،و هو:زياد بن النصر الحارثيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و قد ولاّه على مقدّمة جيشه عند مسيره إلى صفّين و [6]كانت مقدّمته اثني عشر ألفا،و لمّا كان يوم صفّين [7]قسم عليه السلام عسكر الكوفة أسباعا جعله على مذحج و الأشعريّين خاصّة،قال المامقانيّ:و لا يخفى عليك أنّ التأمير المذكور منه يقضي بعدالة الرجل و ديانته.رجال الطوسيّ:42،تنقيح المقال 1:460، [8]معجم رجال الحديث 7:328.

يريد أن يثبت (1)الحرب،و لا تباعد بعد من يهاب الناس حتّى أقدم عليك» (2).

و قال:يستحبّ للوالي إذا أراد أن ينفذ سريّة إلى عدوّ له أو إلى وجه ينفذه إليه، أن ينفّر (3)فيطاف باللواء في المساجد الجامعة و أسواق المسلمين و يأمر الناس بالدعاء له بالتشديد (4)و النصر على أعداء المسلمين (5).

مسألة:من سبّ الإمام،

وجب قتله عندنا خاصّة،و كذا سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه كافر بذلك مرتدّ،فيجب قتله.و قال الجمهور:يستتاب و يعزّر، و سيأتي البحث في ذلك.

و لو عرّضوا بالسبّ،عزّروا،و هو أحد قولي الجمهور.و في القول الآخر:لا يعزّر؛

لأنّ عليّا عليه السلام كان يصلّي صلاة،فناداه رجل من الخوارج: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (6)فأجابه عليّ عليه السلام:

«فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» (7) (8).و سمع قول

ص:222


1- 1في المصدر:«أن ينشب»مكان:«أن يثبت».
2- 2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3:212-213، [1]شرح نهج البلاغة للشيخ محمّد عبده 3:14 فيه بعض الحديث،شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحرانيّ 4:382.
3- 3) ب و ع:يلف،مكان:ينفّر.
4- 4) كذا في النسخ،و لعلّ الصواب:بالتسديد بالسين المهملة.
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) الزمر(39):65. [2]
7- 7) الروم(30):60. [3]
8- 8) التهذيب 3:35-36 الحديث 127،الوسائل 5:430 الباب 35 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2، [4]مستدرك الوسائل 1:295 الباب 21 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1 و 3،و [5]من طريق العامّة، ينظر:المستدرك للحاكم 3:146،المصنّف لابن أبي شيبة 8:731 الحديث 11،كنز العمّال 11: 298 الحديث 31563.

المنادي:لا حكم إلاّ اللّه،يعني حكّمت في دين اللّه،و لم يعزّره (1). (2)

و الأوّل:أصحّ؛لأنّه لو عرّض بالقذف،عزّر،و كذا لو عرّض بالشتم و السبّ، وجب أن يعزّر.و لأنّه لو لا ذلك،لأدّى إلى التصريح بالسبّ.

مسألة:الردّة في لغة العرب:ترك حقّ كان المرتدّ عليه مقيما متمسّكا به

(3).ثمّ ذلك الحقّ المتروك،منه خروج عن الملّة بالكفر،و منه ترك حقّ مع المقام على الملّة،كمنع الزكاة و نحو ذلك.

و في الاصطلاح الشرعيّ:إنّما يطلق على القسم الأوّل.

إذا ثبت هذا:فمانع الزكاة ليس بمرتدّ،و يجب قتاله حتّى يدفع الزكاة،فإن دفعها و إلاّ قتل.

هذا إذا منعها مع اعتقاد وجوبها عليه.أمّا مع الاستحلال لتركها،فإنّه يكون مرتدّا؛لأنّه ترك ما علم من الدين ضرورة ثبوته.

و عند بعض الجمهور:أهل الردّة قسمان بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أحدهما:قوم كفروا بعد إسلامهم مثل مسيلمة الكذّاب (4)،

ص:223


1- 1كنز العمّال 11:287 الحديث 31542.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 2:283،حلية العلماء 7:621،المجموع 19:220،المغني 10:55-56، مغني المحتاج 1:196.
3- 3) بهذا المضمون،ينظر:المفردات للراغب:192،النهاية لابن الأثير 2:213،مجمع البحرين 3:49.
4- 4) مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفيّ الوائليّ أبو ثمامة،ولد و نشأ باليمامة في القرية المسمّاة اليوم بالجبيلة بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد،و لمّا ظهر الإسلام في غربيّ الجزيرة و افتتح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مكّة و دانت له العرب جاءه وفد من بني حنيفة و كان مسيلمة معهم إلاّ أنّه تخلّف مع الرجال خارج مكّة فأسلم الوفد،و لمّا رجعوا إلى ديارهم ادّعى النبوّة و كتب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كتابا فيه:إنّ لنا نصف الأرض و لقريش نصف الأرض.و أكثر مسيلمة من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن و توفّي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل القضاء على فتنته،فلمّا انتظم الأمر لأبي بكر انتدب له أعظم قوّاده خالد بن الوليد فقتل مسيلمة سنة 12 ه.الأعلام للزركليّ 7:226. [1]

و طليحة (1)،و العنسيّ (2)و أصحابهم،و كانوا مرتدّين بالخروج عن الملّة بلا خلاف.

و الثاني:قوم منعوا الزكاة مع مقامهم على الإسلام و تمسّكهم به،فسمّوا أهل ردّة (3).و قد بيّنّا أنّ ذلك يطلق عليهم لغة لا شرعا (4).

مسألة:إذا أتلف المرتدّ حال ردّته مالا أو نفسا،

ضمن (5)ما أتلف،سواء تحيّزه و صار في منعة أو لم يصر.

و قال الشافعيّ:لا ضمان عليه (6).و به قال أحمد في الأنفس،و قال في الأموال كقولنا (7).

ص:224


1- 1طليحة بن خويلد الأسديّ من أسد خزيمة،متنبّئ،يقال له:طليحة الكذّاب،قدم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وفد بني أسد سنة 9 ه و أسلموا و لمّا رجعوا ارتدّ طليحة و ادّعى النبوّة في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و مات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكثر أتباع طليحة من أسد و غطفان و طيّئ،و كان يقول:إنّ جبرئيل يأتيه و تلا على الناس أسجاعا،و غزاه أبو بكر و سيّر إليه خالد بن الوليد و قاتله خالد ففرّ إلى الشام ثمّ أسلم بعد أن أسلمت أسد و غطفان كافّة و وفد على عمر فبايعه في المدينة و خرج إلى العراق فاستشهد بنهاوند سنة 21 ه.الأعلام للزركليّ 3:230. [1]
2- 2) عيهلة بن كعب بن عوف العنسيّ المذحجيّ ذو الخمار،متنبّئ من أهل اليمن،أسلم لمّا أسلمت اليمن و ارتدّ في أيّام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان أوّل مرتدّ في الإسلام و تغلّب على نجران و صنعاء و اتّسع سلطانه حتّى غلب على ما بين مفازة حضرموت إلى الطائف إلى البحرين و الأحساء إلى عدن و جاءت كتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى من بقي على الإسلام في اليمن بالتحريض على قتله فاغتاله أحدهم و كان مقتله قبل وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشهر واحد.العبر 1:11، [2]الأعلام للزركليّ 5:111. [3]
3- 3) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:255.
4- 4) يراجع:ص 223.
5- 5) ح:يضمن.
6- 6) الحاوي الكبير 13:182،المهذّب للشيرازيّ 2:287،المجموع 7:19،المغني 10:70، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [5]
7- 7) المغني 10:70 و 101-102، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60 و 110. [7]

لنا:قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1).

و قال تعالى: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2).

و ما رواه الجمهور عن أبي بكر أنّه قال لأهل الردّة حين رجعوا:تردّون علينا ما أخذتم منّا،و لا نردّ عليكم ما أخذنا منكم،و أن تدوا قتلانا،و لا ندي قتلاكم، قالوا:نعم يا خليفة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-،قال عمر:كلّ ما قلت كما قلت إلاّ أن يدوا ما قتل منّا فلا؛لأنّهم (3)قوم قتلوا في سبيل اللّه و استشهدوا.و لأنّهم أتلفوا بغير تأويل،فاشبهوا أهل الذمّة (4).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ تضمينهم يؤدّي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الإسلام، فأشبهوا أهل البغي (5).

و احتجّ أحمد:بذلك في الأنفس 6.

و الجواب:أنّ المنع من التضمين يؤدّي إلى كثرة الفساد.على أنّ الحكم في الأصل ممنوع،و قد سلف.قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:قال بعض أصحابنا:إنّه يسقط عنه ما أحدث في الردّة و الامتناع؛لأنّ طليحة ارتدّ عن الإسلام و ثنيّا و قتل

ص:225


1- 1البقرة(2):194. [1]
2- 2) المائدة(5):45. [2]
3- 3) ق و خا:ما قتل منّا فلا منه فلا لا،فإنّهم،آل و ر:ما قتل منّا فلا لا،فإنّهم،مكان:ما قتل منّا فلا؛ لأنّهم.
4- 4) المغني 10:70، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 10:60. [4]
5- 5-6) المغني 10:70.

ثابت بن أقرم (1)و عكاشة بن محصن (2)،ثمّ أسلم،فلم نعلم أنّه أقيد بواحد منهما، قال:و لنا في ذلك نظر (3).و الحقّ عندنا ما قدّمناه نحن (4)من وجوب الضمان.

مسألة:إذا قصد رجل رجلا،يريد نفسه أو ماله أو حريمه،

(5)

فله أن يقاتله؛ دفعا عن نفسه بأقلّ ما يمكنه دفعه به بلا خلاف و إن أتى ذلك على نفسه؛

لقوله عليه السلام:«من قتل دون ماله فهو شهيد» (6).

و لو قتل اللصّ،لم يجب على القاتل قود و لا دية و لا كفّارة.

إذا ثبت هذا:فهل يجب عليه أن يدفع عن نفسه؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:

الأقوى الوجوب (7).و للشافعيّ قولان (8).

ص:226


1- 1ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عديّ بن عجلان البلويّ حليف الأنصار شهد بدرا و المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و شهد غزوة مؤتة مع جعفر بن أبي طالب،و قتل في سنة إحدى عشرة في قتال أهل الردّة،و [1]قيل:سنة اثنتي عشرة قتله طليحة الأسديّ و قتل معه عكاشة بن محصن، اشترك طليحة و أخوه في قتلهما ثمّ أسلم طليحة.أسد الغابة 1:220، [2]الإصابة 1:190، [3]الاستيعاب [4]بهامش الإصابة 1:191. [5]
2- 2) عكاشة-بضمّ أوله و تشديد الكاف و تخفيفها-بن محصن بن حرثان الأسديّ حليف بني عبد شمس،كان من سادات الصحابة و فضلائهم هاجر إلى المدينة و شهد بدرا و أبلى فيها بلاء حسنا و شهد أحدا و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قتل في قتال أهل الردّة في خلافة أبي بكر.قتله طليحة بن خويلد الأسديّ الذي ادّعى النبوّة.أسد الغابة 4:2-3، [6]الإصابة 2:494، [7]الأعلام للزركليّ 4:244. [8]
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) أكثر النسخ:و الحقّ عندنا نحن ما قدّمناه،مكان:و الحقّ عندنا:ما قدّمناه نحن.
5- 5) خا:لو،مكان:إذا.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:179،سنن الترمذيّ 4:28 الحديث 1418 و ص 29 الحديث 1419، [9]سنن ابن ماجة 2:861 الحديث 2580،سنن النسائيّ 7:115-116،سنن البيهقيّ 3:265-266 و ج 8:187،335.
7- 7) المبسوط 7:279. [10]
8- 8) الحاوي الكبير 13:140-141،مغني المحتاج 4:195.

لنا قوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1)و قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (2).

و لأنّه قادر على حفظ نفسه بفعله،فيلزمه،كما يجب عليه تناول الطعام و الشراب.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ عثمان بن عفّان استسلم للقتل مع القدرة على الدفع؛لأنّه كان في داره أربعمائة مملوك،فقال:من ألقى سلاحه فهو حرّ،فلم يقاتل أحد فقتل (3). (4)

و الأوّل أصحّ عندنا؛لأنّ العقل قاض بوجوب دفع الضرر عن النفس.و فعل عثمان لو سلّم،لم يكن حجّة.

إذا ثبت أنّه يجب عليه أن يدافع عن نفسه،فإنّه لا يجب عليه أن يدافع عن ماله،بل يجوز له الاستسلام فيه،و لا أعلم (5)فيه خلافا.

أمّا المرأة،فإنّه يجب عليها أن تدافع عمّن أراد فرجها.و لو قتل،لم يكن له دية؛لأنّه إذا جاز الدفع عن ماله الذي يجوز تركه و إباحته،فدفع المرأة عن نفسها و صيانتها عن الفاحشة التي لا تباح بحال أولى.و إنّما وجب عليها ذلك؛لأنّ التمكين منها محرّم،و في ترك الدفع نوع تمكين.

إذا ثبت هذا:فلو أمكنه التخلّص بالهرب،وجب عليه؛لأنّه مأمور بالدفع عن

ص:227


1- 1البقرة(2):195. [1]
2- 2) النساء(4):29. [2]
3- 3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3:16 و [3]فيه:أنّه قال لعبيده و مواليه و قد همّوا بالقتال:من أغمد سيفه فهو حرّ.البداية و النهاية لابن كثير 7:181 و [4]فيه:قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين و الأنصار و كانوا قريبا من سبعمائة...و قال لرقيقه:من أغمد سيفه فهو حرّ.
4- 4) الحاوي الكبير 13:181،مغني المحتاج 4:29.
5- 5) خا و ح:نعلم.

نفسه،و في الهرب يحصل ذلك بأسهل طريق.

و للشافعيّ قول آخر:أنّه لا يلزمه؛لأنّ إقامته في مكانه مباح له،فلا يلزمه أن ينصرف عنه لأجل غيره (1).

و الجواب:أنّ في الانصراف حفظ النفس،فوجب.

و كذا المضطرّ إلى أكل طعام نجس،كالميتة،أو شراب نجس؛فإنّه يجب عليه تناوله لحفظ الرمق.

و للشافعيّ وجهان:هذا أحدهما.و الثاني:لا يلزمه؛لأنّه يتوقّى النجاسة (2).

و هو غلط؛لأنّ النجاسة حكم شرعيّ،و قد عفي عنه،فلا يتلف نفسه لذلك.

ص:228


1- 1العزيز شرح الوجيز 11:320.
2- 2) العزيز شرح الوجيز 12:158،روضة الطالبين:475.
المقصد التاسع
اشارة

في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

و مباحثه ثلاثة:

البحثالأوّل
اشارة

الأمر:هو طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء،و النهي نقيض الأمر،

و لا يشترط العلوّ.و قد بيّنّا ذلك في أصول الفقه (1).

و المعروف:هو كلّ فعل حسن اختصّ بوصف زائد على حكمه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه.

و المنكر:كلّ فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه.

و الحسن:هو ما للقادر عليه المتمكّن من العلم بحاله أن يفعله،و أيضا ما لم يكن على صفة تؤثّر (2)في استحقاق الذمّ.

و القبيح:هو الذي ليس للمتمكّن منه و من العلم (3)بقبحه أن يفعله أو الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذمّ.

و الحسن شامل للواجب و الندب و المباح و المكروه.

ص:229


1- 1نهاية الوصول إلى علم الأصول:60 و 110. [1]
2- 2) خا:مؤثّرة.
3- 3) خا:من العالم.

و أمّا القبيح:فإنّه يتناول الحرام خاصّة،و قد يطلق في العرف الحسن على ما له مدخل في استحقاق المدح،فيتناول الواجب و المندوب لا غير.

إذا عرفت هذا:فاعلم أنّ المعروف ينقسم إلى الواجب و المندوب،و الأمر بالواجب واجب،و بالندب ندب.

و أمّا المنكر فهو القبيح،فالنهي (1)عنه واجب لا غير.

مسألة:و في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فضل كثير و ثواب جزيل.

قال اللّه تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (2).

و قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ* كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (3).

و روى الشيخ عن عبد اللّه بن محمّد بن طلحة (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلا من خثعم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه (5)، أخبرني ما أفضل الإسلام؟قال:«الإيمان باللّه»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«صلة الرحم» قال:ثمّ ما ذا؟قال:«الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر»قال:فقال الرجل:فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ؟قال:«الشرك باللّه»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«قطيعة

ص:230


1- 1خا و ق:و النهي،مكان:فالنهي.
2- 2) آل عمران(3):110. [1]
3- 3) المائدة(5):78-79. [2]
4- 4) عبد اللّه بن محمّد بن طلحة،ما وجدنا له ترجمة في كتب التراجم إلاّ ما أورده السيّد الخوئيّ،قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه أبان بن عثمان.معجم رجال الحديث 10:322.
5- 5) ح و ق بزيادة:صلّى اللّه عليه.

الرحم»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف» (1).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان من خلق اللّه تعالى،فمن نصرهما،أعزّه اللّه،و من خذلهما خذله اللّه» (2).

مسألة:و قد وردت النصوص الكثيرة بالزجر عن ترك الأمر بالمعروف و النهي

عن المنكر،

من ذلك قوله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ (3)الآية.

و قوله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (4).

و قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن أحمد بن محمّد بن خالد،عن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن عرفة (5)،قال:سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ (6)عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم،فيدعو خياركم فلا

ص:231


1- 1التهذيب 6:176 الحديث 355،الوسائل 11:396 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 11. [1]
2- 2) التهذيب 6:177 الحديث 357،الوسائل 11:416 الباب 8 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 2. [2]
3- 3) المائدة(5):78. [3]
4- 4) النساء(4):114. [4]
5- 5) محمّد بن عرفة،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه يونس في الكافي 2:24 الحديث 35،و [5]روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،و روى عنه محمّد بن عيسى.الكافي 2:138 الحديث 5،و ج 5:59 الحديث 13، [6]قال المامقانيّ:ليس للرجل ذكر في كتب الرجال،و يمكن استشمام كون الرجل إماميّا من الرواية التي رواها الكلينيّ في الكافي 2:294 الحديث 5 [7] ففيها قال:قال لي الرضا عليه السلام:«ويحك يا ابن عرفة،اعملوا لغير رياء...»الحديث،و لكن حاله مجهول،بل لا يبعد إفادة خطابه بقوله:«ويحك» الذمّ.رجال الطوسيّ:388،تنقيح المقال 2:150، [8]معجم رجال الحديث 16:318. [9]
6- 6) في التهذيب:«لتأمرون...و لتنهون».

يستجاب لهم» (1).

و عن أبي سعيد الزهريّ (2)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (3).

و بإسناده قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (4).

و عن محمّد بن عرفة،قال:سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام،يقول:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّتي إذا تواكلت الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلتأذن بوقاع من اللّه تعالى» (5).

و عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر»فقيل له:و يكون ذلك يا رسول اللّه!؟فقال:«نعم،و شرّ من ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف»فقيل له:يا رسول اللّه و يكون

ص:232


1- 1التهذيب 6:176 الحديث 352،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [1]
2- 2) أبو سعيد الزهريّ،قال الأردبيليّ:روى داود بن فرقد عنه عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي 5:56 باب الأمر بالمعروف الحديث 4،و [2]في التهذيب 6:176 الحديث 353،و روى عن أبي جعفر في الكافي 1:81 باب حدوث العالم الحديث 6،و [3]اكتفى المامقانيّ بما ذكره الأردبيليّ. جامع الرواة 2:388، [4]تنقيح المقال 13:18 [5] من فصل الكنى.
3- 3) التهذيب 6:176 الحديث 353،الوسائل 11:393 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 1. [6]
4- 4) التهذيب 6:176 الحديث 354،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 2. [7]
5- 5) التهذيب 6:177 الحديث 358،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 5. [8]في المصادر:«إذا أمّتي».

ذلك!؟فقال:«نعم،و شرّ من ذلك فكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا» (1).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه،كان حامده من الناس ذامّا،و من آثر طاعة اللّه (2)عزّ و جلّ،بما يغضب الناس،كفاه اللّه عزّ و جلّ عداوة كلّ عدوّ و حسد كلّ حاسد و بغي كلّ باغ،و كان اللّه عزّ و جلّ له ناصرا و ظهيرا» (3).

و في الحسن عن ابن أبي عمير،عن جماعة من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما قدّست أمّة لم تأخذ لضعيفها من قويّها بحقّه من غير مضيّع (4)» (5).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البرّ،فإذا لم يفعلوا ذلك،نزعت منهم البركات و سلّط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء» (6).

ص:233


1- 1التهذيب 6:177 الحديث 359،الوسائل 11:396 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 12. [1]
2- 2) ب:«بطاعة اللّه»مكان:«طاعة اللّه».
3- 3) التهذيب 6:179 الحديث 366،الوسائل 11:421 الباب 11 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 2. [2]
4- 4) في الكافي و [3]سنن ابن ماجة:«متعتع»و في التهذيب:«متّضع».
5- 5) الكافي 5:56 الحديث 2، [4]التهذيب 6:180 الحديث 371،الوسائل 11:395 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 9.و [5]من طريق العامّة،ينظر:سنن ابن ماجة 2:810 الحديث 2426.
6- 6) التهذيب 6:181 الحديث 373،الوسائل 11:398 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 18. [6]

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه،فهو ميّت في الأحياء» (1).

و قال الصادق عليه السلام لقوم من أصحابه:«إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و أنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه و لا تهجرونه و لا تؤذونه حتّى يتركه!؟» (2).

ص:234


1- 1التهذيب 6:181 الحديث 374،الوسائل 11:404 الباب 3 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [1]في المصادر:«بين الأحياء».
2- 2) التهذيب 6:181-182 الحديث 375،الوسائل 11:415 الباب 7 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [2]
البحث الثاني
اشارة

في وجوبهما و كيفيّة وجوبهما و الشرائط

مسألة:لا خلاف بين العقلاء كافّة في وجوب الأمر بالمعروف الواجب

و النهي عن المنكر،

(1)(2)

قال اللّه تعالى: وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (3).

و قال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (4).

و عن محمّد بن عرفة،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر» (5)و الأمر للوجوب.

و عن أبي جعفر عليه السلام:«ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (6).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«يكون في آخر الزمان قوم

ص:235


1- 1خا:العلماء،مكان:العقلاء.
2- 2) كلمة:الواجب،لا توجد في خا.
3- 3) المائدة(5):2. [1]
4- 4) الأعراف(7):199. [2]
5- 5) الكافي 5:56 الحديث 3، [3]التهذيب 6:176 الحديث 352،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [4]
6- 6) الكافي 5:56 الحديث 4، [5]التهذيب 6:176 الحديث 353،الوسائل 11:393 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 1. [6]

ينبع (1)فيهم قوم مراءون يتقرّءون (2)و يتنسّكون (3)حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا أمنوا الضرر،يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير، يتبعون زلاّت العلماء و فساد علمهم،يقبلون على الصلاة و الصيام و ما لا يكلمهم في نفس و لا مال،و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون من أموالهم و أبنائهم (4)لرفضوها،كما رفضوا أتمّ الفرائض و أشرفها،إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض،هناك يتمّ (5)غضب اللّه عليهم فيعمّهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجّار و الصغار في دار الكبار،إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصالحين،فريضة عظيمة بها تقام الفرائض،و تأمن المذاهب، و تحلّ المكاسب،و تردّ المظالم،و تعمر الأرض،و ينتصف من الأعداء،و يستقيم الأمر،فأنكروا بقلوبكم،و الفظوا بألسنتكم،و صكّوا بها جباههم،و لا تخافوا في اللّه لومة لائم،فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا،فلا سبيل عليهم إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (6)هنا لك فجاهدوهم بأبدانكم،و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا و لا مريدين بالظلم ظفرا حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته»قال:«أوحى

ص:236


1- 1نبغ الماء و نبع بمعنى واحد،و نبغ الشيء:خرج و ظهر.لسان العرب 8:453. [1]
2- 2) ب:«ينفرون»،ع،ق،آل و ر:«ينعرون»،خا:«يفرون»،مكان:«يتقرّءون».و الاقتراء:افتعال من القراءة،و تقرّأ:تفقّه،و تقرّأ تنسّك،يقال:قرأت،أي صرت قارئا ناسكا،و تقرّأت تقرّءوا،في هذا المعنى.لسان العرب 1:129-130. [2]
3- 3) في النسخ:«و ينسلون»مكان:«و يتنسّكون»و ما أثبتناه من الكافي و [3]التهذيب.و في الوسائل: «و [4]ينسكون».
4- 4) في المصادر:«بأموالهم و أبدانهم»مكان:«من أموالهم و أبنائهم».
5- 5) أكثر النسخ:«بهم»و في خا و ق:«لهم»و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) الشورى(42):42. [5]

اللّه تعالى إلى شعيب النبيّ عليه السلام أنّي أخذت (1)من قومك مائة ألف،أربعين ألفا من شرارهم،و ستّين ألفا من خيارهم،فقال:يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه:داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي» (2).

مسألة:و اختلف علماؤنا في وجوبهما هل هو عقليّ أو سمعيّ؟

فقال بعضهم:إنّه واجب بالسمع؛لأنّه معلوم من دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله (3).و قد ذكرنا الدلائل السمعيّة على وجوبهما.

و قال آخرون:بالعقل (4).

و الأوّل:أقوى؛لأنّهما لو وجبا بالعقل،لما ارتفع معروف و لما وقع منكر،أو كان اللّه تعالى مخلاّ بالواجب،و التالي بقسميه باطل،فالمقدّم مثله.

بيان الشرطيّة:أنّ الأمر بالمعروف هو الحمل على فعل المعروف،و النهي عن المنكر هو المنع منه،فلو كانا واجبين بالعقل،لكانا واجبين على اللّه تعالى؛لأنّ كلّ واجب عقليّ فإنّه يجب على كلّ مكلّف من حصل فيه وجه الوجوب،و لو وجبا على اللّه تعالى،لزم أحد الأمرين.

و أمّا بطلانهما فظاهر.

أمّا الثاني؛فلأنّه تعالى حكيم لا يجوز عليه الإخلال بالواجب.

و أمّا الأوّل؛فلأنّه يلزم الإلجاء و ينافي التكليف.

لا يقال:هذا وارد عليكم في وجوبهما على المكلّف؛لأنّ الأمر هو الحمل،

ص:237


1- 1في الكافي:« [1]أنّي معذّب»،و في التهذيب:«أنّي لمعذّب»،مكان:«أنّي أخذت».
2- 2) الكافي 5:55 الحديث 1، [2]التهذيب 6:180 الحديث 372،الوسائل 11:401 الباب 2 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 6. [3]
3- 3) منهم:أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:264،و الشيخ الطوسيّ في تفسير التبيان 2:549، و ابن إدريس في السرائر:160.
4- 4) منهم:الشيخ الطوسيّ في الاقتصاد:237. [4]

و النهي هو المنع،و لا فرق بين الحمل و المنع في اقتضائهما الإلجاء بين ما إذا صدرا من المكلّف أو من اللّه تعالى،و ذلك قول بإبطال التكليف.

لأنّا نقول:لا نسلّم أنّه يلزم الإلجاء؛لأنّ منع المكلّف لا يقتضي الامتناع، أقصى ما في الباب أنّه يكون مقرّبا،و يجري ذلك مجرى الحدود في اللطفيّة (1)، و لهذا تقع القبائح مع حصول الإنكار و إقامة الحدود.

مسألة:و اختلف علماؤنا في وجوبهما على الأعيان أو على الكفاية؟

فقال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّهما واجبان على الكفاية (2).

و قال الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه-:إنّهما واجبان على الأعيان (3).

و الأوّل:عندي أقوى.

لنا:أنّ الغرض منهما وقوع المعروف و ارتفاع المنكر،فمتى حصلا بفعل واحد، كان الأمر لغيره بهما عبث.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:

بقوله عليه السلام:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر» (4)و هو عامّ (5).

و الجواب:أنّ الأمر على الكفاية أو للكلّ لكنّه يسقط بفعل البعض.

مسألة:و شرائط وجوبهما أربعة:

الأوّل:أن يعلم المعروف معروفا و المنكر منكرا ليأمن الغلط في الإنكار و الأمر؛إذ مع الجهل جاز أن يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف،و لا خلاف في

ص:238


1- 1أكثر النسخ:اللطيفة،مكان:اللطفيّة.
2- 2) نقله عنه في السرائر:160.
3- 3) النهاية:299، [1]الجمل و العقود:160.
4- 4) التهذيب 6:176 الحديث 352،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [2]
5- 5) الاقتصاد:237-238. [3]

ذلك.

الثاني:أن (1)يجوّز تأثير إنكاره،فلو غلب على ظنّه أو علم أنّه لا يؤثّر،لم يجب الأمر بالمعروف و لا النهي عن المنكر،و قد جعل أصحابنا هذا شرطا على الإطلاق،و الأولى أن يجعل شرط (2)الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر باليد و اللسان دون القلب.

و يدلّ على اشتراط هذين الأمرين:

ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الأمّة جميعا؟فقال:«لا»فقيل:و لم؟قال:«إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر،لا على الضّعفة الذين لا يهتدون سبيلا»...

قال مسعدة:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر»ما معناه؟قال:«هذا على أن يأمره بعد معرفته،و هو مع ذلك يقبل منه و إلاّ فلا» (3).

و عن ابن أبي عمير،عن يحيى الطويل صاحب البصريّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال:«إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ،

ص:239


1- 1ب:أنّه.
2- 2) أكثر النسخ:شرطا.
3- 3) التهذيب 6:177 الحديث 360،الوسائل 11:400 الباب 2 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 1. [1]
4- 4) كذا في أكثر النسخ،و قال السيّد الخوئيّ:و وصف الكلينيّ يحيى هذا في الكافي 5:60 الحديث 1 و 2 [2] بصاحب المنقريّ،و رواهما الشيخ في التهذيب 6:178 الحديث 361 و 362،كذا في هذه الطبعة لكن في الطبعة القديمة و النسخة المخطوطة و نسخة من الوسائل:صاحب المصريّ،و في نسخة أخرى من الأخير و الوافي: [3]صاحب المقري،كما أنّ في الخصال:35 الحديث 9:البصريّ،و وصفه المامقانيّ بصاحب المقري و قال:حاله مجهول.تنقيح المقال 3:317، [4]معجم رجال الحديث 21: 106. [5]

أو جاهل فيتعلّم،فأمّا صاحب سيف و سوط فلا» (1).

و عن داود الرقّيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه»قيل له:و كيف يذلّ نفسه؟قال:«يتعرّض لما لا يطيق» (2).

الثالث:أن يكون المأمور أو المنهيّ مصرّا على الاستمرار،فلو ظهر منه أمارة الامتناع،سقط الوجوب؛لأنّ المقتضي للوجوب قد زال بزوال الشرط.

الرابع:أن لا يكون في الإنكار مفسدة على الآمر و لا على أحد من المؤمنين بسببه،فلو ظنّ توجّه الضرر إليه أو إلى ماله أو إلى أحد من المسلمين،سقط الوجوب؛

لقوله عليه السلام:«لا ضرر و لا ضرار» (3).

و لما رواه الشيخ عن مفضّل بن يزيد (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال

ص:240


1- 1التهذيب 6:178 الحديث 362،الوسائل 11:400 الباب 2 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 5:63 الحديث 4، [2]التهذيب 6:180 الحديث 368،الوسائل 11:425 الباب 13 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 1. [3]
3- 3) سنن ابن ماجة 2:784 الحديث 2340،مسند أحمد 5:327، [4]سنن البيهقيّ 6:69-70.
4- 4) المفضّل بن يزيد الكوفيّ،بهذا العنوان عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام،و بعنوان: المفضّل بن مزيد من أصحاب الباقر عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة بإضافة:ضبط مزيد-بالميم و الزاي-.و الذي يظهر من الشيخ تعدّدهما حيث عدّ أحدهما من أصحاب الباقر عليه السلام و الآخر من أصحاب الصادق عليه السلام،كما يظهر ذلك من الأردبيليّ و المامقانيّ حيث عنوناهما تحت عنوانين،و لكن المامقانيّ عرّف كليهما بأنّه أخو شعيب الكاتب، و لم يستبعد السيّد الخوئيّ اتّحادهما فإنّه قال في ترجمة مفضّل بن مزيد:تقدّم في ترجمة محمّد بن أبي زينب رواية ابن أبي عمير عن المفضّل بن يزيد...و لا يبعد أنّه من غلط النسخة و الصحيح: المفضّل بن مزيد أو:مرثد،و قال في ترجمة مفضّل بن يزيد:روى عنه سيف بن عميرة في الكافي 1: 42 باب النهي عن القول بغير علم الحديث 1، [5]كذا في هذه الطبعة،و لكن في الطبعة القديمة و المرآة: [6]المفضّل بن يزيد بدل:المفضّل بن يزيد،و الظاهر هو الصحيح الموافق للوافي و نسخة الجامع،ثمّ قال:

لي:«يا مفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة،لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها» (1).

مسألة:و مراتب الإنكار ثلاثة:بالقلب و اللسان و اليد.

الأوّل 2:يجب وجوبا مطلقا،و هو أوّل المراتب،فإنّه إذا علم أنّ فاعله ينزجر بإظهار الكراهية،وجب عليه ذلك.و كذا لو عرف أنّه لا يكفيه ذلك و عرف الاكتفاء بالإعراض عنه و الهجر،وجب عليه؛

لقول الصادق عليه السلام لقوم من أصحابه:

«إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و أنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه و لا تهجرونه و لا تؤذونه حتّى يتركه!؟» 3.

ص:241


1- 1) التهذيب 6:178 الحديث 363،الوسائل 11:401 الباب 2 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 3.

إذا ثبت هذا:فإذا انزجر الفاعل بالإعراض و الهجر،لم يجب الزائد في الإنكار؛لأنّ الغرض (1)عدم الوقوع،فإذا حصل،اقتصر عليه،و لو لم يؤثّر،انتقل إلى الإنكار باللسان بالوعظ و الزجر،و يتدرّج في الإنكار بالأيسر من القول إلى الأصعب.

روى الشيخ عن غياث بن إبراهيم،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا مرّ بجماعة يختصمون لا يجوزهم حتّى يقول ثلاثا:«اتّقوا اللّه»يرفع بها صوته (2).

و لو لم ينزجر بذلك و افتقر إلى اليد،مثل الضرب و ما أشبهه،جاز له ذلك؛

لما رواه الشيخ عن يحيى الطويل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما جعل اللّه عزّ و جلّ بسط اللسان و كفّ اليد و لكن جعلهما يبسطان معا و يكفّان معا» (3).

و قول أمير المؤمنين عليه السلام:«من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه فهو ميّت في الأحياء» (4).

و في حديث جابر عن أبي جعفر عليه السلام:«فأنكروا بقلوبكم و الفظوا بألسنتكم و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم،فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا،فلا سبيل عليهم إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (5)هنالك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم

ص:242


1- 1كثير من النسخ:الفرض.
2- 2) التهذيب 6:180 الحديث 370،الوسائل 11:394 الباب 1 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 6:169 الحديث 325،الوسائل 11:109 الباب 61 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1 و [2]فيه:يحيى بن الطويل.
4- 4) التهذيب 6:181 الحديث 374،الوسائل 11:404 الباب 3 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 4. [3]
5- 5) الشورى(42):42. [4]

بقلوبكم» (1)الحديث.

مسألة:و لو افتقر إلى الجراح و القتل،

قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يجوز ذلك بغير إذن الإمام (2).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:ظاهر مذهب شيوخنا الإماميّة:أنّ هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلاّ للأئمّة أو لمن يأذن له الإمام فيه.قال-رحمه اللّه-:و كان المرتضى-رحمه اللّه-يخالف في ذلك و يقول:يجوز فعل ذلك بغير إذنه؛لأنّ ما يفعل بإذنه يكون مقصودا،و هذا بخلاف ذلك؛لأنّه غير مقصود،و إنّما قصده المدافعة و الممانعة،فإن وقع ضرر فهو غير مقصود (3).و قد أفتى الشيخ-رحمه اللّه- بذلك أيضا في كتاب التبيان (4).و كلام السيّد عندي قويّ.

ص:243


1- 1التهذيب 6:180 الحديث 372،الوسائل 11:403 الباب 3 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث 1. [1]
2- 2) نقله عنه ابن إدريس في السرائر:160،و الشيخ في الاقتصاد:241. [2]
3- 3) الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد:241. [3]
4- 4) تفسير التبيان 2:549،566. [4]
البحث الثالث
اشارة

في اللواحق

مسألة:لا يجوز لأحد إقامة الحدود إلاّ للإمام أو من نصبه الإمام لإقامتها،

و لا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال.

و قد رخّص في حال غيبة الإمام أن يقيم الإنسان الحدّ على مملوكه،إذا لم يخف في ذلك ضررا على نفسه و ماله،و غيره من المؤمنين،و أمن بوائق الظالمين.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد رخّص أيضا في حال الغيبة إقامة الحدّ على ولده و زوجته إذا أمن الضرر (1).

و منع ابن إدريس ذلك و سلّمه في العبد (2).

و قد روى الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:من يقيم الحدود؟السلطان أو القاضي؟فقال:«إقامة الحدود إلى من إليه الحكم» (3).

إذا ثبت هذا:فهل يجوز للفقهاء إقامة الحدود في حال الغيبة؟جزم به

ص:244


1- 1النهاية:301. [1]
2- 2) السرائر:161.
3- 3) التهذيب 10:155 الحديث 621،الوسائل 18:220 الباب 31 من أبواب كيفيّة الحكم الحديث 1. [2]

الشيخان؛عملا بهذه الرواية (1).

و عندي في ذلك توقّف.

مسألة:قد روي أنّ من استخلفه سلطان ظالم على قوم و جعل إليه إقامة

الحدود،

جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال،و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحقّ لا بإذن سلطان الجور،و يجب على المؤمنين معونته و تمكينه من ذلك ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك و ما هو مشروع في شريعة الإسلام،فإن تعدّى من جعل إليه الحقّ،لم يجز له القيام به و لا لأحد معاونته على ذلك.أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر-رحمه اللّه-في نهايته (2).

و منعها ابن إدريس كلّ المنع (3).

و هو الأولى؛لما ثبت من أنّه لا يجوز لأحد غير الإمام أو من أذن له الإمام إقامة الحدود.

إذا ثبت هذا:فلو خاف الإنسان على نفسه من ترك إقامتها،جاز له ذلك؛للتقيّة ما لم يبلغ قتل النفوس،فإن بلغ الحال ذلك،لم يجز فعله و لا تقيّة فيها بلا خلاف.

مسألة:لا يجوز الحكم بين الناس و القضاء بينهم إلاّ للإمام أو لمن أذن له

الإمام.

و قد فوّض الأئمّة عليهم السلام ذلك إلى فقهاء شيعتهم،المأمونين (4)المحصّلين (5)العارفين بالأحكام و مداركها،الباحثين عن مأخذ الشريعة،القيّمين بنصب الأدلّة و الأمارات.و بالجملة،من يستجمع شرائط الحكم الآتية فيما بعد؛لما

ص:245


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:129،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:300. [1]
2- 2) النهاية:301. [2]
3- 3) السرائر:161.
4- 4) كثير من النسخ:المأمومين،مكان:المأمونين.
5- 5) كثير من النسخ:المخلصين،مكان:المحصّلين.

رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن عمر بن حنظلة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان و إلى القضاة أ يحلّ ذلك؟فقال:«من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له،فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّه ثابتا؛لأنّه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه عزّ و جلّ أن يكفر بها (1)»قلت:كيف يصنعان؟قال:«انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فلترضوا به حاكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما،فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما بحكم اللّه استخفّ و علينا ردّ،و الرادّ علينا رادّ على اللّه و هو على حدّ الشرك باللّه عزّ و جلّ» (2).

و عن أبي خديجة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور،و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فإنّي جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه ينبغي لمن عرف الأحكام و مأخذها من الشيعة الحكم و الإفتاء،و له بذلك أجر جزيل و ثواب عظيم ما لم يخف في ذلك على نفسه و لا على أحد من أهل الإيمان و يأمن الضرر فيه،فإن خاف شيئا من ذلك،لم يجز له التعرّض له على حال.

مسألة:إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاة الجور،

كان متعدّيا للحقّ، مرتكبا للآثام،مخالفا للإمام؛لأنّه مساعدة للظالم و معاونة على الإثم و العدوان.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه

ص:246


1- 1في المصادر:«به».
2- 2) التهذيب 6:218 الحديث 514 و ص 301 الحديث 845،الوسائل 18:4 الباب 1 [1] من أبواب صفات القاضي الحديث 4 و ص 98 الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث 1.
3- 3) التهذيب 6:219 الحديث 516،الوسائل 18:4 الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث 5. [2]

عليه السلام،قال:أيّما مؤمن قدّم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللّه فقد شركه في الإثم» (1).

و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ (2)فقال:«يا أبا بصير إنّ اللّه عزّ و جلّ قد علم أنّ في الأمّة حكّاما يجورون،أما إنّه لم يعن حكّام العدل،و لكنّه عنى حكّام الجور،يا أبا محمّد إنّه لو كان على رجل حقّ فدعوته إلى حاكم أهل العدل فأبى عليك إلاّ أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له،كان ممّن حاكم إلى الطاغوت و هو قول اللّه تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ (3). (4)

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أيّما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة (5)في حقّ فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه و بينه فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء،كان بمنزلة الذين قال اللّه تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (6)الآية (7).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجب على كلّ متمكّن منع الطالب لقضاة الجور،و مساعدة غريمه على المرافعة إلى قضاة الحقّ بلا خلاف.

ص:247


1- 1التهذيب 6:218 الحديث 515،الوسائل 18:2 الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث 1. [1]
2- 2) البقرة(2):188. [2]
3- 3) النساء(4):60. [3]
4- 4) التهذيب 6:219 الحديث 517،الوسائل 18:3 الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث 3. [4]
5- 5) المماراة:المجادلة على مذهب الشكّ و الرّيبة.النهاية 4:322. [5]
6- 6) النساء(4):60. [6]
7- 7) التهذيب 6:220 الحديث 519،الوسائل 18:3 الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث 2. [7]
مسألة:و إذا ترافع إلى الفقيه-العارف بالأحكام الجامع لشرائط الحكم-

خصمان،

وجب عليه الحكم بينهما على مذهب أهل الحقّ،و لا يجوز له أن يحكم بينهما (1)بما يخالف الحقّ؛لقوله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (2).

و قد روى الشيخ عن معاوية بن وهب،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ،سقط أبعد من السماء» (3).

و في الصحيح عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«من حكم في درهمين (4)بغير ما أنزل اللّه عزّ و جلّ فهو كافر باللّه العظيم» (5).

و عن عبد اللّه بن مسكان رفعه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من حكم في الدرهمين بحكم جور ثمّ أجبر عليه،كان من أهل هذه الآية: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (6)قلت:و كيف يجبر عليه؟قال:«يكون له سوط و سجن فيحكم عليه،فإن رضي بحكومته و إلاّ ضربه بسوطه و حبسه في سجنه» (7).

إذا ثبت هذا:فلو اضطرّ إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف بأن يكون قد اضطرّ

ص:248


1- 1أكثر النسخ:بينهم،مكان:بينهما.
2- 2) المائدة(5):44. [1]
3- 3) التهذيب 6:221 الحديث 522،الوسائل 18:18 الباب 5 من أبواب صفات القاضي الحديث 4. [2]
4- 4) أكثر النسخ:درهم.
5- 5) الفقيه 3:5 الحديث 14،التهذيب 6:221 الحديث 523،الوسائل 18:20 الباب 5 من أبواب صفات القاضي الحديث 14. [3]
6- 6) المائدة(5):44. [4]
7- 7) الكافي 7:408 الحديث 3، [5]التهذيب 6:221 الحديث 524،الوسائل 18:18 الباب 5 من أبواب صفات القاضي الحديث 3. [6]

إلى الولاية من قبلهم و لم يتمكّن من إنفاذ (1)الحكم على الوجه الصحيح،جاز له ذلك ما لم يبلغ الدماء،فإنّه لا تقيّة فيها على ما بيّنّاه (2).

و يجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الحقّ ما أمكن؛للضرورة الداعية إلى ذلك.

و لما رواه الشيخ عن عطاء بن السائب،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال:«إذا كنتم في أئمّة جور فاقضوا في أحكامهم و لا تشهروا أنفسكم فتقتلوا،و إن تعاملتم بأحكامنا،كان خيرا لكم» (3).

إذا عرفت هذا:فلو تمكّن من الحكم بالحقّ و حكم بحكم أهل الخلاف،كان باطلا و كان إثمه عظيما؛لما تقدّم (4).

و لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهما السلام (5)أنّه اشتكى عينه فعاده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإذا عليّ عليه السلام يصيح، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أ جزعا أم وجعا يا عليّ؟»قال (6):«يا رسول اللّه ما وجعت وجعا أشدّ منه»قال:«يا عليّ إنّ ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه سفّودا (7)من نار فيقبض روحه به،فتصيح (8)جهنّم»فاستوى عليّ عليه السلام جالسا،فقال:«يا رسول اللّه أعد عليّ حديثك فقد أنساني وجعي ما

ص:249


1- 1بعض النسخ:إيقاع،مكان:إنفاذ.
2- 2) يراجع:ص 245. [1]
3- 3) التهذيب 6:225 الحديث 540،الوسائل 18:165 الباب 11 من أبواب آداب القاضي الحديث 2. [2]
4- 4) يراجع:ص 246-248.
5- 5) ر:عليهم السلام.
6- 6) خا:فقال.
7- 7) السفّود:حديدة ذات شعب معقّفة يشوى به اللحم.لسان العرب 3:218. [3]
8- 8) بعض النسخ:«فتصبح».

قلت،فهل يصيب ذلك أحدا من أمّتك؟»فقال:«نعم،حكّاما (1)جائرين و آكل مال اليتيم و شاهد الزور» (2).

مسألة:و كما يجوز للفقهاء العارفين بمدارك الأحكام و تفاصيلها الحكم بين

الناس،يجوز لهم الإفتاء بينهم.

و يجب عليهم ذلك حال غيبة الإمام إذا أمنوا الضرر و لم يخافوا على أنفسهم و لا على أحد من المؤمنين،قال اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (3).

و قال تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (4).

و روى الشيخ عن يوسف بن جابر (5)،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له،و رجلا خان أخاه في امرأته،و رجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة» (6).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجب على المفتي أن يفتي عن معرفة لا عن تقليد و إنّما يحلّ له الفتيا بعد المعرفة بالأحكام و مداركها و الأصول و النحو المحتاج إليه في ذلك،

ص:250


1- 1بعض النسخ:«حكماء»و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:224 الحديث 537،الوسائل 18:166 الباب 12 من أبواب آداب القاضي الحديث 1. [1]
3- 3) البقرة(2):159. [2]
4- 4) التوبة(9):122. [3]
5- 5) يوسف بن جابر،لم نعثر على ترجمته إلاّ ما ذكره الأردبيليّ قال:روى عن أبي جعفر عليه السلام في التهذيب 6:224 الحديث 534،و روى أحمد بن إبراهيم الكرمانيّ عن عبد الرحمن عنه.جامع الرواة 2:352. [4]
6- 6) التهذيب 6:224 الحديث 534،الوسائل 18:163 الباب 8 من أبواب آداب القاضي الحديث 5. [5]

و اللغة المحتاج إليها فيه،و لا يحلّ له أن يفتي بغير علم،لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي عبيدة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب،و لحقه وزر من عمل بفتياه» (1).

مسألة:و لو خاف على نفسه من الفتيا بالحقّ،

جاز له-مع الضرر و خوفه- الإفتاء بمذهب أهل الخلاف لهم أو السكوت؛لأجل الضرورة؛لأنّا (2)جوّزنا الحكم على مذهب أهل الخلاف للضرورة،فالفتيا أولى.

و يؤيّد ذلك:

ما رواه الشيخ عن عليّ بن السنديّ،عن أبيه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يأتيه من يسأله عن المسألة فيتخوّف إن هو أفتى بها أن يشنّع (3)عليه،فيسكت عنه أو يفتيه بالحقّ أو يفتيه بما لا يتخوّف على نفسه؟ قال:«السكوت عنه أعظم أجرا و أفضل» (4).

و عن عبد اللّه بن المغيرة،عن معاذ الهرّاء-و كان أبو عبد اللّه عليه السلام يسمّيه النحويّ-قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أجلس في المسجد فيأتيني الرجل،فإذا عرفت أنّه يخالفكم أخبرته بقول غيركم،و إذا كان ممّن لا أدري، أخبرته بقولكم و قول غيركم فيختار لنفسه،و إذا كان ممّن يقول بقولكم،أخبرته بقولكم،فقال:«رحمك اللّه فهكذا فاصنع» (5).

ص:251


1- 1التهذيب 6:223 الحديث 531،الوسائل 18:9 الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث 1. [1]
2- 2) كثير من النسخ:و لأنّا،مكان:لأنّا.
3- 3) شنّع عليه الأمر تشنيعا:قبّحه.لسان العرب 8:187. [2]
4- 4) التهذيب 6:225 الحديث 538،الوسائل 18:166 الباب 11 من أبواب آداب القاضي الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 6:225 الحديث 539،الوسائل 18:108 الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث 36.
مسألة:قال الشيخان-رحمهما اللّه-:يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في

حال غيبة الإمام،

كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك؛

لما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سألته:من يقيم الحدود السلطان أو القاضي؟فقال:

«إقامة الحدود إلى من إليه الحكم» (1).و قد ثبت أنّ للفقهاء الحكم بين الناس،فكذا لهم إقامة الحدود.و لأنّ تعطيل الحدود حال غيبة الإمام مع التمكّن من استيفائها يفضي إلى الفساد،فكان سائغا (2).

و هو قويّ عندي.

مسألة:و يجوز للفقهاء أهل الحقّ أن يجمّعوا بالناس الصلوات كلّها

من الفرائض الخمس و العيدين استحبابا مؤكّدا مع عدم الخوف.

أمّا الجمعة فقال بعض أصحابنا:يجوز لهم إقامة الجمع و يخطبون الخطبتين مع عدم الخوف (3).

و منع سلاّر (4)،و ابن إدريس من ذلك و أوجبوا الصلاة أربع ركعات (5).

و هو الأقرب،و قد سلف في كتاب الصلاة (6).

مسألة:لا يجوز لأحد أن يعرض نفسه للتولّي من قبل الظالمين،

إلاّ أن يقطع و يعلم علما يقينا أنّه لا يتعدّى الواجب و لا يرتكب القبيح و يتمكّن من وضع الأشياء مواضعها و من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،فإن علم أنّه يخلّ

ص:252


1- 1التهذيب 6:314 الحديث 871،الوسائل 18:220 الباب 31 من أبواب كيفية الحكم الحديث 1. [1]
2- 2) ينظر قول الشيخ المفيد في المقنعة:129،و قول الشيخ الطوسيّ في النهاية:301-302. [2]
3- 3) الكافي في الفقه:151،النهاية:302. [3]
4- 4) المراسم:261.
5- 5) السرائر:66،161.
6- 6) يراجع:الجزء الخامس:460.

بواجب أو يرتكب قبيحا أو غلب على ظنّه ذلك،فلا يجوز له التعرّض بحال من الأحوال مع الاختيار،فإن أكره على الدخول فيه و اضطرّته التقيّة،جاز له حينئذ ذلك،و يجتهد لنفسه،و يتحرّز من المظالم حسب ما أمكنه على ما قدّمناه (1).

فصول
اشارة

في هذا الكتاب

روى الشيخ عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للشهيد سبع خصال من اللّه:أوّل قطرة من دمه مغفور (2)له كلّ ذنب،و الثانية:يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين و تمسحان الغبار عن وجهه تقولان:مرحبا بك،و يقول هو مثل ذلك لهما،و الثالثة:

يكسى من كسوة الجنّة،و الرابعة:يبتدر[ه] (3)خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة أيّهم يأخذ[ه] 4معهم،و الخامسة:أن يرى منزلته،و السادسة:يقال لروحه:اسرح في الجنّة حيث شئت،و السابعة:أن ينظر في وجه اللّه و أنّها الراحة لكلّ نبيّ و شهيد» (4).

فصل:

و دعاء الغازي مستجاب؛

لأنّه قد بذل نفسه في مرضاة اللّه تعالى،فلا يحجب دعاؤه و لا يحرم مطلوبه من أكرم الأكرمين.

ص:253


1- 1يراجع:ص 246.
2- 2) كثير من النسخ:«معفوّ»مكان:«مغفور».
3- 3-4) أثبتناهما من المصدر.
4- 5) التهذيب 6:121 الحديث 208،الوسائل 11:9 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 20. [1]

روى الشيخ عن عيسى بن عبد اللّه القمّيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«ثلاثة (1)دعوتهم مستجابة:أحدهم الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفوه» (2).

فصل:

و يستحبّ إبلاغ رسالة الغازي،

لأنّه في أعظم الطاعات.

روى الشيخ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من بلّغ رسالة غاز،كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه في ثواب غزوته» (3).

فصل: قول أمير المؤمنين عليه السلام:«لألف ضربة بالسيف أهون من

موت على فراش]

روى الشيخ عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال:سألته عن قول أمير المؤمنين عليه السلام:«لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش»فقال:«في سبيل اللّه» (4).

فصل: قول أمير المؤمنين إنّ الجهاد باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه

و روى الشيخ عن مسعدة بن صدقة،قال:حدّثني ابن أبي ليلى،عن أبي عبد الرحمن السلميّ (5)،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إنّ الجهاد باب فتحه

ص:254


1- 1في النسخ:«ثلاث»و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 6:122 الحديث 212،الوسائل 11:13 الباب 3 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. و [1]فيه:«تخلفونه»كما في الكافي 2:509 الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 6:123 الحديث 214،الوسائل 11:13 الباب 3 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 6:123 الحديث 215،الوسائل 11:10 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 23. [4]
5- 5) عبد اللّه بن حبيب أبو عبد الرحمن السلميّ،عدّه البرقيّ من خواصّ أصحاب أمير المؤمنين

اللّه لخاصّة أوليائه و سوّغهم كرامة منه 1لهم و نعمة ذخرها،و الجهاد لباس التقوى و درع اللّه الحصينة و جنّته الوثيقة،فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللّه ثوب المذلّة و شملة 2البلاء و فارق الرجاء 3و ضرب على قلبه بالأشباه 4،و ديّث بالصّغار 5و القماء 6وسيم الخسف 7و منع النصف،و أديل 8الحقّ[منه] 9بتضييعه الجهاد و غضب اللّه[عليه] 10بتركه نصرته،و قد قال اللّه عزّ و جلّ في محكم كتابه:

ص:255

إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (1). (2)

فصل: في أن الجهاد أ سنّة هو أم فريضة؟

و روى الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟فقال:الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض،و جهاد سنّة لا يقام إلاّ مع فرض،و جهاد سنّة،فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي اللّه و هو من أعظم الجهاد،و مجاهدة الذين يلونكم من الكفّار فرض، و أمّا الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلاّ مع فرض،فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأمّة،و لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب و هذا هو من عذاب الأمّة و هو سنّة على الإمام (3)وحده أن يأتي العدوّ مع الأمّة فيجاهدهم،و أمّا الجهاد الذي هو سنّة، فكلّ سنّة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها فالعمل (4)و السعي فيها من أفضل الأعمال؛لأنّها إحياء سنّة،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص (5)من أجورهم شيء» (6).

ص:256


1- 1محمّد(47):7. [1]
2- 2) التهذيب 6:123 الحديث 216،الوسائل 11:8 الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 13.و [2]قد وردت الخطبة في نهج البلاغة 1:67 شرح محمّد عبده و الكافي 5:4. [3]
3- 3) في النسخ:«عليه»مكان:«على الإمام»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) في النسخ:«بالعمل»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) أكثر النسخ:«ينتقص»مكان:«ينقص».
6- 6) التهذيب 6:124 الحديث 217،الوسائل 11:16 الباب 5 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [4]في الوسائل: [5]عن فضيل بن عياض.
فصل:

قد بيّنّا أنّه يجوز الدفاع عن المال بالمحاربة

(1).

و يؤكّده (2)

ما رواه الشيخ عن محمّد بن زياد صاحب السابريّ البجليّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون عقال (4)فهو شهيد» (5).

و عن ضريس،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من حمل السلاح بالليل فهو محارب،إلاّ أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة» (6).

و عن السكونيّ عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابتدره (7)بالضربة إن استطعت،فإنّ اللصّ محارب للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله،فما تبعك فيه من شيء فهو عليّ» (8).

ص:257


1- 1يراجع:ص 225.
2- 2) ع:و يؤيّده.
3- 3) محمّد بن زياد البجليّ صاحب السابريّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام مرّتين،فقال مرّة:محمّد بن زياد البجليّ صاحب السابريّ كوفيّ روى عنه الحكم بن أيمن،و قال أخرى:محمّد بن زياد البجليّ بيّاع السابريّ،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:288 و 322،تنقيح المقال 3:116. [1]
4- 4) ع:«عقاله»و في التهذيب:«عياله»مكان:«عقال».و العقال:الرباط الذي يعقل به.لسان العرب 11:459. [2]
5- 5) التهذيب 6:157 الحديث 282،الوسائل 11:91 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 5. [3]
6- 6) التهذيب 6:157 الحديث 281،الوسائل 11:91 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 4. [4]
7- 7) في التهذيب:«فابدأه»و في الوسائل:« [5]فابدره»مكان:«فابتدره».
8- 8) التهذيب 6:157 الحديث 279،الوسائل 11:91 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3. و [6]فيهما:عنه عن أبي جعفر عن أبيه عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام.

و عن فزارة (1)،عن هيثم (2)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:اللصّ يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي،قال:«اقتله فأشهد (3)اللّه و من سمع أنّ دمه في عنقي» (4).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إنّ اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل» (5).

فصل:

و يستحبّ اتّخاذ الخيل و ارتباطها استحبابا مؤكّدا.

روى الشيخ عن ابن طيفور (6)المتطبّب (7)،قال:سألني أبو الحسن عليه السلام:

ص:258


1- 1أكثر النسخ:فزارة بن هيثم،و في ح:فزارة بن إبراهيم،و ما أثبتناه من المصدر.فزارة:قال السيّد الخوئيّ:روى عن أنس أو الهيثم بن البراء،و روى عنه عبد اللّه بن جبلة في الكافي 5:51 باب الرجل يدفع عن نفسه اللصّ،الحديث 1،و [1]ج 7:297 باب قتل اللصّ الحديث 5،و في التهذيب 6:158 الحديث 283 و ج 10:210 الحديث 284.معجم رجال الحديث 13:284.
2- 2) هيثم بن البراء،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره: كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:331،تنقيح المقال 3:306. [2]
3- 3) أكثر النسخ:«اقتل و أشهد»مكان:«اقتله فأشهد».
4- 4) التهذيب 6:158 الحديث 283،الوسائل 11:92 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 6:157 الحديث 280،الوسائل 11:91 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [4]
6- 6) ب:ابن طيبور،خ،ع و ق:ابن طنبور،ح:ابن طبور،و ما أثبتناه من التهذيب.
7- 7) في الكافي 6:381 الحديث 2 و ص 535 الحديث 1،و [5]كذا في التهذيب 6:163 الحديث 300، ابن طيفور المتطبّب،و لكن في الوسائل 8:340 الباب 1 [6] من أبواب أحكام الدّواب الحديث 4 و ص 346 الباب 6 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1 و ج 17:182 الباب 4 من أبواب الأشربة المباحة الحديث 3 ابن أبي طيفور،يظهر من الأردبيليّ و المامقانيّ تعدّدهما حيث قالا في ابن أبي طيفور: روى محمّد بن شمّون البصريّ عنه عن أبي الحسن الماضي عليه السلام،و قالا في ابن طيفور:روى أحمد بن محمّد عمّن أخبره عنه عن أبي الحسن عليه السلام،و قال المامقانيّ في الموضعين:لم أقف على اسمه و لا حاله.جامع الرواة 2:428 و 434، [7]تنقيح المقال 3:41 و 43 من باب الكنى.

«أيّ شيء تركب؟»قلت:حمارا،قال:«بكم ابتعته؟»قلت:بثلاثة عشر دينارا، قال:«إنّ هذا هو السرف أن تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا و تدع برذونا»قلت:

يا سيّدي إنّ مئونة البرذون أكثر من مئونة الحمار فقال:«إنّ الذي يمون الحمار هو الذي يمون البرذون،أ ما تعلم أنّ من ارتبط دابّة متوقّعا به أمرنا،و يغيظ به عدوّنا، و هو منسوب إلينا،أدرّ اللّه رزقه،و شرح صدره،و بلّغه أمله،و كان عونا على حوائجه» (1).

و عن داود الرقّيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من اشترى دابّة،كان له ظهرها و على اللّه رزقها» (2).

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«اتّخذوا الدابّة فإنّها زين و تقضى عليها الحوائج و رزقها على اللّه» (3).

فصل: في حقوق الدابة

و روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«للدابّة على صاحبها ستّة حقوق:لا يحمّلها فوق طاقتها،و لا يتّخذ ظهورها مجالس يتحدّث عليها،و يبدأ بعلفها إذا نزل،و لا يسمها (4)و لا يضربها في وجهها و لا يضرّ بها (5)

ص:259


1- 1التهذيب 6:163 الحديث 300،الوسائل 8:346 الباب 6 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 6:164 الحديث 301،الوسائل 8:340 الباب 1 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 6:164 الحديث 302،الوسائل 8:340 الباب 1 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 8. [3]
4- 4) في النسخ:«و لا يمسّها»،و في التهذيب:«و لا يشتمها».
5- 5) في ح:«و لا يضربها فاها»و في مجالس الصدوق:410 المجلس السادس و السبعون الحديث 2: «و لا يسمها في وجهها،و لا يضربها في وجهها»و في المحاسن للبرقيّ:633 الحديث 119:«و [4]لا يسمها في وجوهها،و لا يضربها في وجوهها».

فإنّها تسبّح،و يعرض عليها الماء إذا مرّ بها» (1).

و عن درست،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا عثرت الدابّة تحت الرجل فقال لها:تعست (2)،تقول:تعس أعصانا للربّ» (3).

فصل:

و لا بأس بضربها عند الحاجة.

روى الشيخ عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ (4)رفعه،قال:سئل الصادق عليه السلام متى أضرب دابّتي؟قال:«إذا لم تسر تحتك كسيرها إلى مذودها» (5).

و عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال النبيّ

ص:260


1- 1التهذيب 6:164 الحديث 303،الوسائل 8:351 الباب 9 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 6. و [1]فيه:«إذا مرّ به»كما في الكافي 6:537 الحديث 1. [2]قال في ملاذ الأخيار 9:438:« [3]إذا مرّ بها»أي: إذا مرّ الماء بالدابّة.و في الكافي:« [4]به»أي:الراكب بالماء.و هو الظاهر.
2- 2) تعس يتعس:إذا عثر و انكبّ لوجهه.النهاية لابن الأثير 1:19.
3- 3) التهذيب 6:164 الحديث 304،الوسائل 8:356 الباب 12 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. [5]
4- 4) عليّ بن إبراهيم الجعفريّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ عن محمّد بن يحيى عنه في مواضع من الكافي منها:الكافي 6:330 كتاب الأطعمة باب الخلّ الحديث 10 و [6]ص 299 النوادر الحديث 17،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن حمدان السوائيّ و روى عنه سعد بن عبد اللّه، و روى عن أحمد بن عمر بن موسى و روى عنه محمّد بن يحيى و روى عن محمّد بن الفضل ابن بنت داود الرقّيّ،و روى عنه محمّد بن أحمد في التهذيب 6:110 الحديث 196 و روى مرفوعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه في الكافي 6:538 [7] نوادر في الدوابّ الحديث 6 و التهذيب 6:164 الحديث 305،تنقيح المقال 2:259، [8]معجم رجال الحديث 11:224. [9]
5- 5) التهذيب 6:164 الحديث 305،الوسائل 8:356 الباب 13 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1. و [10]المذود:معلف الدابّة.لسان العرب 3:168. [11]

صلّى اللّه عليه و آله:اضربوها على النفار و لا تضربوها على العثار» (1).

فصل: في قول رسول الله ص من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد

روى الشيخ عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقاتل دون ماله،فقال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد»فقلنا له:أ يقاتل أفضل؟فقال:«إن لم يقاتل فلا بأس،أمّا أنا لو كنت لم أقاتل و تركته» (2).

و عن حبيب الأسديّ (3)،عن رجل،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:

«من اعتدي عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد» (4).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون مظلمته فهو شهيد» (5).

ص:261


1- 1التهذيب 6:164 الحديث 306،الوسائل 8:357 الباب 13 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 6:167 الحديث 319،الوسائل 8:93 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 10. [2]
3- 3) حبيب الأسديّ،كذا في النسخ،و الصحيح:أرطاة بن حبيب الأسديّ،كما في المصادر،قال النجاشيّ:أرطاة بن حبيب الأسديّ كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال:ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال السيّد الخوئيّ:روى عن رجل عن عليّ بن الحسين عليه السلام و روى عنه صفوان بن يحيى،الكافي 5:52 باب من قتل دون مظلمته،الحديث 4،و [3]التهذيب 6:166 الحديث 315،رجال النجاشيّ:107، رجال العلاّمة:24، [4]تنقيح المقال 1:107، [5]معجم رجال الحديث 3:19. [6]
4- 4) الكافي 5:52 الحديث 4، [7]التهذيب 6:166 الحديث 315،الوسائل 11:93 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 11. [8]
5- 5) الكافي 5:52 الحديث 1، [9]التهذيب 6:167 الحديث 316،الوسائل 11:92 الباب 46 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 8. [10]

و عن أبي خضيرة (1)،عمّن سمع عليّ بن الحسين عليهما السلام،يقول-و ذكر الشهداء-قال:فقال بعضنا في المبطون،و قال بعضنا في الذي يأكله السبع،و قال بعضنا غير ذلك ممّا (2)يذكر في الشهادة،فقال إنسان:ما كنت أرى أنّ الشهيد إلاّ من قتل في سبيل اللّه،فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:«إنّ الشهداء إذن لقليل»ثمّ قرأ[هذه] (3)الآية وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (4)ثمّ قال:«هذه لنا و لشيعتنا» (5).

فصل: في تبعية علي ع لرسول الله ص و أجره

روى الشيخ عن هاشم بن بريد (6)،قال:سمعت زيد بن عليّ عليه السلام، يقول:كان عليّ عليه السلام في حربه أعظم أجرا من قيامه مع رسول اللّه صلّى اللّه

ص:262


1- 1أبو خضيرة،لم نعثر على ترجمته إلاّ ما ذكره السيّد الخوئيّ قال:روى عمّن سمع عليّ بن الحسين عليه السلام،و روى عنه مروان بن مسلم.التهذيب 6:167 الحديث 318.معجم رجال الحديث 22: 156. [1]
2- 2) أكثر النسخ:فما،مكان:ممّا.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الحديد(57):19. [2]
5- 5) التهذيب 6:167 الحديث 318.
6- 6) أكثر النسخ:هاشم بن المريد.و في ب:هاشم بن المزيد،هاشم بن بريد عدّه الشيخ في رجاله بعنوان هاشم بن البريد الزبيديّ مولاهم الخزّاز الكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال المصنّف في إيضاح الاشتباه في ترجمة ابنه عليّ بن هاشم بن البريد-بفتح الباء المنقّطة تحتها نقطة و كسر الراء و إسكان الباء المنقّطة تحتها نقطتين-و كذا ضبطه المامقانيّ في ترجمة ابنه و كذلك الأردبيليّ إلاّ أنّه قال في نسخة من التهذيب بالمثنّاة و الزاي.لم نعثر على تضعيف و لا على توثيق له في كتب الرجال من الخاصّة،نعم وثّقه العامّة،قال في تهذيب التهذيب:هاشم بن البريد أبو عليّ الكوفيّ وثّقه ابن معين و العجليّ،و قال أحمد بن حنبل:ثقة و فيه تشيّع قليل.رجال الطوسيّ:331، إيضاح الاشتباه:190،جامع الرواة 2:309، [3]تنقيح المقال 2:314، [4]تهذيب التهذيب 11:11.

عليه و آله في حربه،قال:قلت:و أيّ شيء (1)تقول أصلحك اللّه؟قال:فقال لي:

إنّه كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تابعا و لم يكن له إلاّ أجر تبعيّته،و كان في هذه متبوعا و كان له أجر كلّ من تبعه (2).

فصل: قول رسول الله ص من شهد أمرا فكرهه،كان كمن غاب عنه

روى السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من شهد أمرا فكرهه،كان كمن غاب عنه،و من غاب عن أمر فرضيه،كان كمن شهده» (3).

فصل: قول أبي عبد الله ع أربع لأربع

روى كرّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أربع لأربع فواحدة للقتل و الهزيمة:حسبنا اللّه و نعم الوكيل،إنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ (4)و الأخرى المنكر و السوء (5):

و أفوّض أمري إلى اللّه،و فوّضت أمري إلى اللّه،قال اللّه عزّ و جلّ: فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (6)و الثالثة للحرق و الغرق:ما شاء اللّه لا

ص:263


1- 1في التهذيب:بأيّ شيء،مكان:و أيّ شيء.
2- 2) التهذيب 6:169 الحديث 326.
3- 3) التهذيب 6:170 الحديث 327،الوسائل 11:409 الباب 5 من أبواب الأمر بالمعروف الحديث 2. [1]
4- 4) آل عمران(3):173-174. [2]
5- 5) ح:«للمنكر و السوء»و في التهذيب:«للمكر و السوء».
6- 6) غافر(40):45. [3]

قوّة إلاّ باللّه،و ذلك أنّه يقول: وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (1)و الرابعة للغمّ و الهمّ:لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين،قال اللّه سبحانه: فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (2)» (3).

فصل:

و صرف المال في الصدقة لذي الرحم أفضل من صرفه في الجهاد مع عدم

الحاجة إليه.

روى الشيخ،عن موسى بن أبي الحسن الرازيّ (4)،عن الرضا عليه السلام،قال:

«أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدينارين،فقال:يا رسول اللّه أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:أ لك والدان أو أحدهما؟قال:نعم،قال:اذهب فأنفقهما

ص:264


1- 1الكهف(18):39. [1]
2- 2) الأنبياء(21):88. [2]
3- 3) التهذيب 6:170 الحديث 329،الوسائل 11:105 الباب 55 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [3]
4- 4) موسى بن أبي الحسن الرازيّ،أكثر النسخ و التهذيب:موسى بن أبي الحسين الرازيّ،و لكنّ الشيخ نفسه روى في التهذيب 4:263 الحديث 788 و كذا في الاستبصار 2:92 الحديث 295 بهذا السند هكذا:عن إبراهيم بن هاشم عن موسى بن أبي الحسن الرازيّ و هو الموجود أيضا في كتب التراجم، قال الأردبيليّ:موسى بن أبي الحسن الرازيّ روى إبراهيم بن هاشم عنه،و قال المامقانيّ:روى الشيخ عن إبراهيم بن هاشم عنه،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و لم يتبيّن حاله،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و روى عنه إبراهيم بن هاشم،فعلى هذا يقوّي في النفس أنّ الصحيح:موسى بن أبي الحسن الرازيّ و اللّه العالم،ثمّ إنّ السيّد الخوئيّ قال في ترجمة موسى:روى الشيخ بسنده هكذا:محمّد بن الحسن الصفّار عن إبراهيم بن هاشم عن موسى عن أبي الحسين الرازيّ التهذيب 6:171 الحديث 330 كذا في هذه الطبعة و لكن في الطبعة القديمة عليّ بن إبراهيم بن هاشم بدل إبراهيم بن هاشم و في النسخة المخطوطة و الوافي: [4]موسى بن أبي الحسين بدل موسى عن أبي الحسين.جامع الرواة 2:271، [5]تنقيح المقال 3:252، [6]معجم رجال الحديث 19:15 و 19. [7]

على والديك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع ففعل،فأتاه بدينارين آخرين،قال:قد فعلت و هذه (1)ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:أ لك ولد؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على ولدك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع و فعل (2)،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه قد فعلت و هذان الديناران أحمل بهما في سبيل اللّه تعالى،قال:أ لك زوجة؟قال:نعم،قال:

أنفقهما على زوجتك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع و فعل،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه و هذان (3)ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،فقال:أ لك خادم؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على خادمك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،ففعل،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه إنّي (4)أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:احملهما،و اعلم أنّهما ليسا (5)بأفضل ديناريك (6)» (7).

فصل: عقوبة من لبس لباس أعداء الله

روى الشيخ عن السكونيّ (8)،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:

«أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء قل لقومك:لا يلبسوا لباس أعدائي،و لا يطعموا

ص:265


1- 1ح:«و هذا»و في التهذيب:«و هذان».
2- 2) خا:«ففعل»كما في التهذيب.
3- 3) أكثر النسخ:«و هذه»مكان:«و هذان».
4- 4) كلمة«إنّي»لا توجد في ب،كما في المصادر.
5- 5) في النسخ:«ليست»و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) في الوسائل:« [1]من دنانيرك».
7- 7) التهذيب 6:171 الحديث 330،الوسائل 11:110 الباب 63 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [2]
8- 8) أكثر النسخ:و روى السكونيّ.

مطاعم أعدائي،و لا يشاكلوا بمشاكل أعدائي فيكونوا أعدائي،كما هم أعدائي» (1).

فصل: في التقية و مواردها

روى أبو حمزة الثماليّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لن تبقى الأرض [إلاّ] (2)و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من أهل (3)الباطل إنّما جعلت التقيّة؛ليحقن بها الدم،فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة،و ايم اللّه أن (4)لو دعيتم لتنصرونا،لقلتم:لا نفعل إنّما نتّقي،و لكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم و أمّهاتكم،و لو قد قام القائم عليه السلام،ما احتاج إلى مسائلتكم عن ذلك،و لأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ اللّه» (5).

فصل: في وقت القتال

روى يحيى بن أبي العلاء (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان عليّ

ص:266


1- 1التهذيب 6:172 الحديث 332،الوسائل 11:111 الباب 64 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) لا توجد كلمة:«أهل»في المصادر.
4- 4) في المصادر:«لو دعيتم»مكان:«ان لو دعيتم».
5- 5) التهذيب 6:172 الحديث 335،الوسائل 11:483 الباب 31 من أبواب الأمر و النهي الحديث 2. [2]
6- 6) يحيى بن أبي العلاء الرازيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب رويناه بهذا الإسناد عن القاسم بن إسماعيل،عن يحيى بن أبي العلاء،قال المامقانيّ:و ظاهره:كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و قال في يحيى بن العلاء البجليّ الرازيّ أبو جعفر:عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ:ثقة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة ثمّ قال:و استظهر في الوجيزة بعد توثيقه إيّاه اتّحاده مع ابن أبي العلاء الذي يكون في الأسانيد،و قد أصاب في هذا الاستظهار فإنّ الكلّ متّفقون في ترجمة ابنه جعفر على أنّ جدّه العلاء،لا أبو العلاء،فزيادة كلمة(أبي)حيثما كانت،من سهو الناسخ،و على هذا يكون الرجل من أصحاب الباقر عليه السلام.رجال الطوسيّ:140 و 333،رجال النجاشيّ:444،رجال العلاّمة:182، [3]الفهرست:178، [4]تنقيح المقال 3:308 و 319. [5]

عليه السلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس و يقول:تفتح أبواب السماء و تقبل الرحمة و ينزل النصر (1)و يقول:هو أقرب إلى الليل و أجدر أن يقلّ القتل،و يرجع الطالب، و يغلب (2)المهزوم» (3).

فصل: قول أبي عبد اللّه عليه السلام،:«خير الرفقاء أربعة...

روى أبو بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:«خير الرفقاء أربعة، و خير السرايا أربعمائة،و خير العساكر أربعة آلاف،و لا تغلب عشرة آلاف (4)من قلّة» (5).

و عن زيد بن عليّ،عن آبائه عليهم السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا التقى المسلمان سيفهما (6)على غير سنّة،القاتل و المقتول في النار»فقيل يا رسول اللّه:القاتل (7)،فما بال المقتول؟قال:«لأنّه أراد قتلا» (8).

ص:267


1- 1أكثر النسخ:«الصبر»و في ح:«اليسير»و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) في المصادر:«و يفلت»مكان:«و يغلب».
3- 3) الكافي 5:28 الحديث 5، [1]التهذيب 6:173 الحديث 341،الوسائل 11:46 الباب 17 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 2. [2]
4- 4) أكثر النسخ:«ألف»مكان:«آلاف».
5- 5) الكافي 5:45 الحديث 1، [3]التهذيب 6:174 الحديث 346،الوسائل 11:103 الباب 54 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [4]في المصادر:عمرو بن أبي نصر.
6- 6) في التهذيب:«بسيفيهما»و في الوسائل:« [5]بسيفهما».
7- 7) ب بزيادة:في النار.
8- 8) التهذيب 6:174 الحديث 347،الوسائل 11:113 الباب 67 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [6]
فصل: في الرمي و الركب

و عن عبد اللّه بن عبد الرحمن (1)،عن أبي الحسن عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:اركبوا و ارموا،و أن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا ثمّ قال:

كلّ أمر (2)المؤمن باطل إلاّ في ثلاث:في تأديبه الفرس،و رميه عن قوسه، و ملاعبته امرأته،فإنّهنّ حقّ،إنّ اللّه ليدخل بالسّهم الواحد الثلاثة الجنّة:عامل الخشب،و المقوّي به (3)في سبيل اللّه،و الرامي به في سبيل اللّه» (4).

فصل: في قول رسول الله ص من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين،فلم يجبه

روى السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين،فلم يجبه،فليس بمسلم» (5).

ص:268


1- 1عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ المسمعيّ،قال النجاشيّ:بصريّ ضعيف غال ليس بشيء،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:ضعيف غال ليس بشيء،و له كتاب في الزيارات يدلّ على خبث عظيم و مذهب متهافت،و كان من كذّابة أهل البصرة،و [1]نقل المامقانيّ عن المجلسيّ و الوحيد البهبهانيّ المناقشة فيه و قال:ما ذكره المجلسيّ و الوحيد متين إلاّ أنّ ذلك لا ثمرة فيه،لأنّ غايته خروج الرجل من برج الضعف إلى برج الجهالة بعد عدم ورود توثيق فيه و لا ضعف.رجال النجاشيّ:217،رجال العلاّمة:238، [2]تنقيح المقال 2:196. [3]
2- 2) في الكافي:« [4]كلّ لهو»مكان:«كلّ أمر»و هو الصواب،كما قال في ملاذ الأخيار 9:63 ذيل حديث 26. [5]
3- 3) خا:«و المغازي»و باقي النسخ:«و المعوى»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) الكافي 5:50 الحديث 13، [6]التهذيب 6:175 الحديث 348،الوسائل 11:107 الباب 58 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 3،و [7]في الكافي و [8]الوسائل: [9]عن عليّ بن إسماعيل رفعه.
5- 5) التهذيب 6:175 الحديث 351،الوسائل 11:108 الباب 59 من أبواب جهاد العدوّ الحديث 1. [10]
فصل: في تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً

روى عبد الأعلى مولى آل سام (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لمّا نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (2)جلس رجل من المسلمين يبكي و قال:أنا قد عجزت عن نفسي كلّفت أهلى!!فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك،و تنهاهم[عمّا تنهى عنه نفسك]» (3).

و عن أبي بصير في قول اللّه عزّ و جلّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (4)قلت:

كيف أقيهم؟قال:«تأمرهم بما أمر اللّه عزّ و جلّ،فإن أطاعوك،كنت قد وقيتهم،و إن عصوك،كنت قد قضيت ما عليك» (5).

ص:269


1- 1عبد الأعلى مولى آل سام الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام،و نقل الكشّيّ رواية تدلّ على رضى الإمام بمناظرته و أنّه كان يستحسنه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و نقل المامقانيّ عن بعض اتّحاده مع عبد الأعلى آل أعين،فإن تمّ ذلك،كان الرجل في أعلى درجات الحسن،ثمّ نقل ما يدلّ على الاتّحاد و على حسنه و توثيقه إلى أن قال:فتلخّص من ذلك كلّه أنّ الرجل في أعلى درجات الحسن اتّحد مع ابن أعين أو تعدّد،و لكنّ السيّد الخوئيّ-بعد ما نقل ما يدلّ على اعتباره-أجاب عنه و في الختام قال:المتحصّل:أنّ الرجل لم تثبت وثاقته و لا حسنه.رجال الطوسيّ:238،رجال الكشّيّ:319،رجال العلاّمة:327، [1]تنقيح المقال 2:132، [2]معجم رجال الحديث 9:265-266. [3]
2- 2) التحريم(66):6. [4]
3- 3) الكافي 5:62 الحديث 1، [5]التهذيب 6:178 الحديث 364،الوسائل 11:417 الباب 9 من أبواب الأمر و النهي الحديث 1. [6]ما بين المعقوفين زيادة من المصادر.
4- 4) التحريم(66):6. [7]
5- 5) الكافي 5:62 الحديث 2، [8]التهذيب 6:179 الحديث 365،الوسائل 11:417 الباب 9 من أبواب الأمر و النهي الحديث 2. [9]
فصل: في قول أبي عبد اللّه عليه السلام إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها،و لم يفوّض إليه أن يكون ذليلا

روى أبو الحسن الأحمسيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها،و لم يفوّض إليه أن يكون ذليلا،أ ما تسمع اللّه تعالى يقول:

وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)فالمؤمن يكون عزيزا و لا يكون ذليلا»قال:

«إنّ المؤمن أعزّ من الجبل[لأنّ الجبل] (3)يستقلّ منه بالمعاول،و المؤمن لا يستقلّ [من] (4)دينه بشيء» (5).

و لنقطع الكلام في القاعدة الأولى من هذا الكتاب في العبادات حامدين اللّه تعالى و لننتقل بعون اللّه تعالى إلى القاعدة الثانية في العقود مستعينين باللّه و متّكلين عليه،و هو حسبنا و نعم الوكيل.

ص:270


1- 1أبو الحسن الأحمسيّ،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كلمات علماء الرجال و إنّما وقعت الرواية عن جعفر بن بشير،عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي 6:455 باب لبس الحرير [1]الحديث 13 و ج 4:345 باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب الحديث 5 و ج 5:63 باب كراهية التعرّض لما لا يطيق،الحديث 10،و التهذيب 6:179 الحديث 367،جامع الرواة 2:375، [2]تنقيح المقال 3: 11 [3] من فصل الكنى.و قد تقدّم له ذكر في الجزء الثاني عشر:50.
2- 2) المنافقون(63):8. [4]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) الكافي 5:63 الحديث 1، [5]التهذيب 6:179 الحديث 367،الوسائل 11:424 الباب 12 من أبواب الأمر و النهي الحديث 1. [6]

القاعدة الثانية

اشارة

في العقود،

و فيها كتب

الكتاب الأوّل:في التجارة

اشارة

و فيه مقاصد:

المقصد الأوّل
اشارة

في المقدّمات

و فيه فصول:

ص:271

ص:272

الفصلالأوّل

في استحباب التجارة

لا نعلم خلافا في جواز طلب الرزق بالمعاش في الحلال.

قال اللّه تعالى: فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (1).

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن جميل بن صالح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ (2)قال:«رضوان اللّه و الجنّة في الآخرة،و السعة في الرزق و المعاش و حسن الخلق في الدنيا» (3).

و عن ذريح بن يزيد المحاربيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نعم العون الدنيا على الآخرة» (5).

و قال عليه السلام:«ليس منّا من لا يرى (6)دنياه لآخرته و لا آخرته لدنياه» (7).

ص:273


1- 1الملك(67):15. [1]
2- 2) البقرة(2):201. [2]
3- 3) الفقيه 3:94 الحديث 353،الوسائل 12:2 الباب 1 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [3]
4- 4) كذا ذكره الشيخ في رجاله:191،قال الأردبيليّ و المامقانيّ:الظاهر:سقوط(ابن محمّد)من قلمه الشريف،و له ترجمة في الجزء الرابع:58.جامع الرواة 1:312، [4]تنقيح المقال 1:420. [5]
5- 5) الكافي 5:72 الحديث 8، [6]الفقيه 3:94 الحديث 354،الوسائل 12:17 الباب 6 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [7]
6- 6) في المصادر:«ترك»مكان:«لا يرى».
7- 7) الفقيه 3:94 الحديث 355،الوسائل 12:49 الباب 28 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [8]

و روي عن العالم عليه السلام،أنّه قال:«اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا،و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا» (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«نعم العون على تقوى اللّه الغنى» (2).

و روى عمر بن أذينة،عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى ليحبّ الاغتراب (3)في طلب الرزق» (4).

و قال عليه السلام:«اشخص يشخص (5)لك الرزق» (6).

و روى عليّ بن عبد العزيز (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرّفا (8)في طلب الرزق،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

ص:274


1- 1الفقيه 3:94 الحديث 356،الوسائل 12:49 الباب 28 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [1]
2- 2) الكافي 5:71 الحديث 1، [2]الفقيه 3:94 الحديث 357،الوسائل 12:16 الباب 6 [3] من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1 و ص 49 الباب 28 الحديث 3.
3- 3) ر:«الاغتراف»و في الفقيه:«الاغتراب»قال في مجمع البحرين 2:131:« [4]إنّ اللّه ليحبّ الاغتراب في طلب الرزق»أي الذهاب و السعي فيه.
4- 4) الفقيه 3:95 الحديث 358،الوسائل 12:50 الباب 29 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [5]
5- 5) شخص يشخص:خرج من موضع إلى غيره.المصباح المنير:306. [6]
6- 6) الفقيه 3:95 الحديث 358،الوسائل 12:50 الباب 29 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [7]
7- 7) عليّ بن عبد العزيز عنونه النجاشيّ كذلك بغير وصف،و قد وقع كذلك في طريق الصدوق في باب فضل الصيام الفقيه 2:45 الحديث 200،و ذكره أيضا في المشيخة،و عدّ الشيخ في رجاله عليّ بن عبد العزيز بعناوين،فعدّه من أصحاب الباقر عليه السلام بإضافة قوله:كوفيّ،و عدّه من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفا إلى ما في العنوان تارة قوله:الفزاريّ و هو ابن غراب أسند عنه له كتاب، و أخرى قوله:المزنيّ الحنّاط الكوفيّ،و رابعة قوله:الأمويّ الكوفيّ،و خامسة من غير توصيف، و قال المامقانيّ:إنّ كلّ من سمّي بعليّ بن عبد العزيز فهو مهمل لم يرد فيه توثيق و لا مدح،و ظهور كلام النجاشيّ و الشيخ في كونه إماميّا لا يجدي بعد فقد المدح الملحق له بالحسان.الفقيه(شرح المشيخة)4:129،رجال الطوسيّ:130،242،243 و 268،رجال النجاشيّ:276،تنقيح المقال 2:295. [8]
8- 8) ع،ق،ب و ر:«متحزّما»،و في ق:«متحرّيا».

اللهمّ بارك لأمّتي في بكورها» (1).

و روى حمّاد اللحّام (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تكسلوا في طلب معايشكم،فإنّ آباءنا كانوا يركضون فيها و يطلبونها» (3).

و قال أبو جعفر عليه السلام:«إنّي أجدني أمقت الرجل تتعذّر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه و يقول:اللهمّ ارزقني،و يدع أن ينتشر في الأرض و يلتمس من فضل اللّه،و الذرّة (4)تخرج من جحرها تلتمس رزقها» (5).

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إنّ اللّه يحبّ المحترف (6)الأمين» (7).

و روى محمّد بن عذافر،عن أبيه،قال:دفع إليّ أبو عبد اللّه عليه السلام سبعمائة دينار و قال:«يا عذافر اصرفها في شيء ما»و قال:«ما أفعل هذا على شره (8)منّي، و لكنّي أحببت أن يراني اللّه تبارك و تعالى متعرّضا لفوائده»قال عذافر:فربحت فيها مائة دينار،فقلت له في الطواف:جعلت فداك قد رزق اللّه عزّ و جلّ فيها مائة

ص:275


1- 1الفقيه 3:95 الحديث 360،الوسائل 12:50 الباب 29 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [1]
2- 2) حمّاد بن بشر اللحّام-أي بائع اللّحم-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره:كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و قد نقل الأردبيليّ رواية الحسن بن عليّ بن فضّال عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام.جامع الرواة 1:269، [2]تنقيح المقال 1:363. [3]
3- 3) الفقيه 3:95 الحديث 363،الوسائل 12:38 الباب 12 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 8. [4]
4- 4) الذّرّ:النمل الأحمر الصغير،واحدتها:ذرّة.لسان العرب 4:304. [5]
5- 5) الفقيه 3:95 الحديث 366،الوسائل 12:17 الباب 6 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4. [6]
6- 6) بعض النسخ:«المتحرّف»،الاحتراف:هو الاكتساب،يقال:هو يحرف لعياله و يحترف و يقرش و يقترش بمعنى يكتسب من هاهنا و هاهنا.لسان العرب 9:43. [7]
7- 7) الفقيه 3:95 الحديث 367،الوسائل 12:13 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 14. [8]
8- 8) الشّره:غلبة الحرص.الصحاح 6:2237. [9]

دينار،قال:«أثبتها في رأس مالي» (1).

و روى عليّ بن أبي حمزة،قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له و قد استنقعت قدماه في العرق،فقلت له:جعلت فداك أين الرجال؟فقال:«يا عليّ عمل باليد (2)من هو خير منّي و من أبي،في أرضه»فقلت:من هو؟فقال:

«رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام و آبائي عليهم السلام كلّهم قد عملوا بأيديهم (3)،و هو من عمل النبيّين و المرسلين و الصالحين» (4).

و روى شريف بن سابق التفليسيّ (5)،عن الفضل بن أبي قرّة الكوفيّ (6)،عن

ص:276


1- 1الكافي 5:77 الحديث 16، [1]الفقيه 3:96 الحديث 368،الوسائل 12:26 الباب 11 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [2]
2- 2) في النسخ و نسخة من الوسائل:« [3]بالبيل»مكان:«باليد».
3- 3) أكثر النسخ:«بأبدانهم»مكان:«بأيديهم».
4- 4) الكافي 5:75 الحديث 10، [4]الفقيه 3:98 الحديث 380،الوسائل 12:23 الباب 9 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [5]
5- 5) شريف بن سابق التفليسيّ أبو محمّد أصله كوفيّ انتقل إلى تفليس صاحب الفضل بن أبي قرّة له كتاب قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم،و قال في الفهرست:له كتاب أخبرنا جماعة،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:روى عن الفضل بن أبي قرّة السمنديّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام و هو ضعيف مضطرب الأمر،و نقل المامقانيّ تضعيفه عن ابن الغضائريّ و التحرير الطاوسيّ و قال:فكأنّهم متسالمون على ضعف الرجل،إلاّ أن يقال:إنّ ظاهر الشيخ و النجاشيّ:كونه إماميّا و نقلهما رواية جمع كتابه يوجب اندراجه في الحسان.رجال النجاشيّ:195، رجال الطوسيّ:472،الفهرست:82، [6]رجال العلاّمة:229، [7]تنقيح المقال 2:83. [8]
6- 6) الفضل بن أبي قرّة الت [9]ميميّ السمنديّ(السهنديّ)-بلد من آذربيجان-انتقل إلى أرمينية،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،لم يكن بذاك، [10]له كتاب يرويه جماعة قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:الفضل بن أبي قرّة التفليسيّ،و أخرى ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام قائلا:الفضل بن أبي قرّة،روى حميد عن إبراهيم بن سليمان عنه،و قال في الفهرست: له كتاب أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل عن حميد عن إبراهيم بن سليمان،و ذكره المصنّف في القسم

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السلام أنّك نعم العبد لو لا أنّك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا،قال:فبكى داود عليه السلام،فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى الحديد:أن لن لعبدي داود،فألان اللّه تعالى له الحديد،فكان يعمل كلّ يوم درعا يبيعها بألف درهم،فعمل عليه السلام ثلاثمائة و ستّين درعا،فباعها بثلاثمائة و ستّين ألفا و استغنى عن بيت المال» (1).

و كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في الهاجرة 2في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه يتعب نفسه في طلب الحلال 3.

و قال عليّ بن الحسين عليه السلام:«إنّ من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده،و يكون له أولاد،خلطاؤه صالحون 4،و يكون له أولاد يستعين بهم» 5.

و عن الفضيل بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي قد تركت

ص:277


1- 1) الكافي 5:74 الحديث 5،الفقيه 3:98 الحديث 381،التهذ [1]يب 6:326 الحديث 896،الوسائل 12:22 الباب 9 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3.

التجارة،قال:«لا تفعل،افتح بابك و ابسط بساطك و استرزق اللّه ربّك» (1).

و قال سدير الصيرفيّ:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أيّ شيء على الرجل في طلب الرزق؟فقال:«يا سدير إذا فتحت بابك و بسطت بساطك فقد قضيت ما عليك» (2).

و قال عليّ عليه السلام:«كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو،فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا،فكلّمه اللّه عزّ و جلّ و رجع نبيّا، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان،و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين» (3).

و قال عليه السلام:«من أتاه اللّه برزق،لم يخط إليه برجله،و لم يمدّ إليه يده، و لم يتكلّم فيه بلسانه و لم يشدّ إليه بنانه،و لم يتعرّض له،كان ممّن ذكره اللّه عزّ و جلّ في كتابه وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (4)» (5).

و قال الباقر عليه السلام:«المعونة تنزل من السماء على قدر المئونة» (6).

و قال الصادق عليه السلام:«غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على

ص:278


1- 1الفقيه 3:100 الحديث 393،الوسائل 12:8 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 11. [1]
2- 2) الكافي 5:79 الحديث 1، [2]الفقيه 3:100 الحديث 394،التهذيب 6:323 الحديث 886، الوسائل 12:34 الباب 15 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [3]
3- 3) الكافي 5:83 الحديث 3، [4]الفقيه 3:101 الحديث 396،الوسائل 12:33 الباب 14 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [5]
4- 4) الطلاق(65):2-3. [6]
5- 5) الفقيه 3:101 الحديث 399.
6- 6) الفقيه 3:101 الحديث 400،الوسائل 11:550 الباب 14 من أبواب فعل المعروف الحديث 5. [7]

الإثم» (1).

و قال عليه السلام:«لا خير فيمن لا يحبّ جمع المال من حلال فيكفّ به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه» (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من المروّة استصلاح المال» (3).

و قال الصادق عليه السلام:«إصلاح المال من الإيمان» (4).

و قال عليه السلام:«لا يصلح المرء المسلم إلاّ بثلاث:التفقّه في الدين، و التقدير في المعيشة،و الصبر على النائبة» (5).

و سأل معمّر بن خلاّد أبا الحسن الرضا عليه السلام عن حبس الطعام سنة، فقال:«أنا أفعله» يعني بذلك إحراز القوت (6).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«النفس إذا أحرزت قوتها استقرّت» (7).

و قال العالم عليه السلام:«ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر» (8).

ص:279


1- 1الكافي 5:72 الحديث 11، [1]الفقيه 3:101 الحديث 401،الوسائل 12:17 الباب 6 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 7. [2]
2- 2) الكافي 5:72 الحديث 5، [3]الفقيه 3:102 الحديث 402،التهذيب 7:4 الحديث 10،الوسائل 12:19 الباب 7 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [4]
3- 3) الفقيه 3:102 الحديث 403،الوسائل 12:40 الباب 21 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4 و 5. [5]
4- 4) الكافي 5:87 الحديث 3، [6]الفقيه 3:102 الحديث 404،الوسائل 12:40 الباب 20 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [7]
5- 5) الكافي 5:87 الحديث 4، [8]الفقيه 3:102 الحديث 405،الوسائل 12:41 الباب 22 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 5. [9]
6- 6) الفقيه 3:102 الحديث 407،الوسائل 12:320 الباب 31 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [10]
7- 7) الكافي 5:89 الحديث 2، [11]الفقيه 3:102 الحديث 406،الوسائل 12:320 الباب 31 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [12]
8- 8) الفقيه 3:102 الحديث 409،الوسائل 12:41 الباب 22 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [13]

و سأل إسحاق بن عمّار أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى الإسراف،قال:«تعرف صونك فتبذله (1)،و فضل الإناء تهريقه،و قذفك النوى هكذا و هكذا» (2).

و قال الصادق عليه السلام:«كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعول» (3).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ملعون ملعون من يضيّع من يعول» (4).

و روى عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«إيّاك و الكسل و الضجر فإنّهما مفتاح كلّ سوء،إنّه من كسل لم يؤدّ حقّا،و من ضجر لم يصبر على حقّ» (5).

و روى هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب و يستقي و يكنس،و كانت فاطمة عليها السلام تطحن و تعجن و تخبز» (6).

و روى الشيخ-في الصحاح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«ترك التجارة ينقص العقل» (7).

و عن معاذ بن كثير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟فقال:«إنّك إن فعلت قلّ عقلك»أو نحوه (8).

ص:280


1- 1في المصدر:«ثوب صونك تبتذله»مكان:«تعرف صونك فتبذله».
2- 2) الفقيه 3:103 الحديث 413،الوسائل 3:374 الباب 28 من أبواب أحكام الملابس الحديث 4. [1]
3- 3) الفقيه 3:103 الحديث 416،الوسائل 12:44 الباب 23 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 8. [2]
4- 4) الفقيه 3:103 الحديث 417،الوسائل 12:43 الباب 23 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 7. [3]
5- 5) الفقيه 3:103 الحديث 421،الوسائل 12:39 الباب 19 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [4]
6- 6) الكافي 5:86 الحديث 1، [5]الفقيه 3:104 الحديث 427،الوسائل 12:39 الباب 20 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [6]
7- 7) التهذيب 7:2 الحديث 1،الوسائل 12:5 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [7]
8- 8) الكافي 5:148 الحديث 4، [8]التهذيب 7:2 الحديث 2،الوسائل 12:6 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [9]

و قال عليه السلام لمعاذ بيّاع الأكسية:«يا معاذ أضعفت عن التجارة أم زهدت فيها؟»قال:ما ضعفت عنها و لا زهدت فيها،قال:«فما لك؟»فقلت:كنت أنتظر أمرك،و ذلك حين قتل الوليد (1)و عندي مال كثير و هو في يدي،و ليس لأحد عندي شيء،و لا أراني آكله حتّى أموت،فقال:لا تتركها فإنّ تركها مذهبة للعقل، اسع على عيالك و إيّاك أن يكونوا هم السعاة عليك» (2).

و كان أبو الحسن عليه السلام يقول لمصادف:«اغد إلى عزّك»يعني السوق (3)،

و عن محمّد الزعفرانيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من طلب التجارة،استغنى عن الناس»قلت:و إن كان معيلا؟قال:«و إن كان معيلا،إنّ تسعة

ص:281


1- 1الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان أبو العباس من ملوك الدولة المروانيّة،كان مشهورا بالإلحاد متظاهرا بالفساد،و كان صاحب شراب و لهو و طرب و سماع للغناء،ولي الخلافة سنة 125 ه بعد وفاة عمّه هشام بن عبد الملك فمكث سنة و ثلاثة أشهر و نقم عليه الناس لحبّه للّهو فبايعوا سرّا ليزيد بن الوليد بن عبد الملك و قتلوه في جمادى الآخرة سنة 126 ه.شذرات الذهب 1:167، [1]الأعلام للزركليّ 8:123. [2]
2- 2) الكافي 5:148 الحديث 6، [3]التهذيب 7:2 الحديث 3،الوسائل 12:6 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4. [4]في الكافي و [5]الوسائل: [6]كنّا ننتظر أمرا.
3- 3) الكافي 5:149 الحديث 7، [7]التهذيب 7:3 الحديث 4،الوسائل 12:4 الباب 1 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 10. [8]
4- 4) محمّد الزعفرانيّ،قال السيّد الخوئيّ:في التهذيب 7:3 الحديث 5:محمّد بن الزعفرانيّ،ثمّ قال: كذا في هذه الطبعة و لكن في الطبعة القديمة و النسخة المخطوطة:محمّد الزعفرانيّ،و هو الصحيح الموافق للكافي و الوافي و [9]الوسائل،و [10]قال المامقانيّ:و في رواية ابن أبي عمير عنه إشعار بوثاقته،بل ما رواه هو عنه بحكم الصحيح لكونه من أصحاب الإجماع،و استظهر في جامع الرواة كونه محمّد بن ميمون التميميّ الزعفرانيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ:عامّيّ غير أنّه روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.رجال النجاشيّ:355،رجال الطوسيّ:301،رجال العلاّمة:255، [11]تنقيح المقال 3:117 و 195، [12]معجم رجال الحديث 16:98. [13]

أعشار الرزق في التجارة» (1).

و سأل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل و أنا حاضر،فقال:«ما حبسه عن الحجّ»فقيل:ترك التجارة و قلّ سعيه و كان متّكئا فاستوى جالسا ثمّ قال لهم:

«لا تدعوا التجارة فتهونوا،اتّجروا بارك اللّه لكم» (2).

قال معاذ بن كثير لأبي عبد اللّه عليه السلام:لقد هممت أن أدع السوق و في يدي شيء،فقال:«إذن يسقط رأيك و لا يستعان بك على شيء» (3).

و عن أسباط بن سالم (4)،قال:سأل أبو عبد اللّه عليه السلام يوما عن معاذ بيّاع الكرابيس،و أنا عنده،فقيل:ترك التجارة،فقال:عمل الشيطان عمل الشيطان،من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله،أما علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قدمت عير من الشام فاشترى منها و اتّجر فربح فيها ما قضى دينه» (5).

ص:282


1- 1الكافي 5:148 الحديث 3، [1]التهذيب 7:3 الحديث 5،الوسائل 12:4 الباب 1 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 8. [2]
2- 2) الكافي 5:149 الحديث 8، [3]الفقيه 3:120 الحديث 512،التهذيب 7:3 الحديث 6،الوسائل 12:7 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [4]
3- 3) الكافي 5:149 الحديث 10، [5]التهذيب 7:3 الحديث 7،الوسائل 12:7 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 7. [6]
4- 4) أسباط بن سالم الكوفيّ بيّاع الزطّيّ-بالزاي المعجمة المضمومة و الطاء المهملة المشدّدة و تخفيفها-أبو عليّ مولى بني عديّ من كندة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام له كتاب قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له أصل(كتاب)،و قال المامقانيّ:لا شبهة في كون الرجل إماميّا لعدم تعرّض النجاشيّ و لا الشيخ لمذهبه،و قد نقّحنا في الفائدة التاسعة عشرة من المقدّمة أنّ من عنونّاه من دون تعرّض لمذهبه فهو إماميّ،و إذا ألحقنا بذلك رواية ابن أبي عمير عنه و كونه ذا كتاب و أصل،أمكن عدّ حديثه حسنا. رجال النجاشيّ:106،رجال الطوسيّ:153،الفهرست:38، [7]تنقيح المقال 1:110. [8]
5- 5) التهذيب 7:4 الحديث 11،الوسائل 12:8 الباب 12 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 10. [9]

و عن أبي عمارة بن الطيّار (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّه قد ذهب مالي و تفرّق ما في يدي و عيالي كثير،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا قدمت [الكوفة] (2)فافتح باب حانوتك و ابسط بساطك و ضع ميزانك و تعرّض لرزق ربّك» فلمّا أن قدم،فتح بابه و بسط بساطه و وضع ميزانه،فتعجّب من حوله من جيرانه (3)بأن ليس في بيته قليل و لا كثير من المتاع و لا عنده شيء،قال:فجاءه رجل،فقال:

اشتر لي ثوبا،فاشترى له[و أخذ ثمنه و صار الثمن إليه،ثمّ جاءه آخر فقال:اشتر لي ثوبا،قال:فجلب له باقي السوق ثمّ اشترى له] (4)ثوبا فأخذ ثمنه فصار في يده، و كذلك يصنع التجّار يأخذ بعضهم من بعض،ثمّ جاء رجل،فقال:يا أبا عمارة،إنّ عندي عدلين (5)كتّانا فهل تشتريه بشيء و أصبر بثمنه سنة؟فقال:نعم،احمله و جئني به،قال:فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير سنة،فقام الرجل فذهب ثمّ أتاه آت من أهل سوقه،فقال له:يا أبا عمارة ما هذا العدل؟قال:هذا عدل اشتريته،فقال:

فتبيعني نصفه و أعجّل لك ثمنه؟قال:نعم،فاشتراه منه و أعطاه نصف المتاع و أخذ نصف الثمن،و صار في يده الباقي إلى سنة،فجعل يشتري بثمنه الثوب و الثوبين، و يشتري و يبيع حتّى أثرى و عرض وجهه و صار معروفا (6).

ص:283


1- 1أبو عمارة الطيّار،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في باب النوادر في آخر كتاب المعيشة من الكافي 5:304 الحديث 3،و قال السيّد الخوئيّ:و رواها الشيخ بسنده عن أبي عمارة بن الطيّار و ما في الكافي [1]موافق للوافي و الوسائل. [2]تنقيح المقال 3:28 [3] من فصل الكنى،معجم رجال الحديث 22:279. [4]
2- 2) زيادة من الكافي. [5]
3- 3) كثير من النسخ:و جيرانه،مكان:من جيرانه.
4- 4) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.
5- 5) العدل:نصف الحمل يكون على أحد جنبي البعير.لسان العرب 11:432. [6]
6- 6) الكافي 5:304 الحديث 3، [7]التهذيب 7:4 الحديث 13،الوسائل 12:34 الباب 15 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [8]

و عن عليّ بن عبد العزيز،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:ما فعل عمر بن مسلم (1)؟قلت:جعلت فداك أقبل على العبادة و ترك التجارة،فقال:«ويحه،أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له؟!إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (2)أغلقوا الأبواب و أقبلوا على العبادة،و قالوا:قد كفينا،فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأرسل إليهم،[فقال:] (3)«ما حملكم على ما صنعتم؟»قالوا:يا رسول اللّه:تكفّل اللّه عزّ و جلّ بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة،فقال:«إنّه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له،عليكم بالطلب»[ثمّ قال:] 4«إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه،يقول:ارزقني و يترك الطلب» (4).

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«اتّجروا بارك اللّه لكم،فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ الرزق عشرة أجزاء،تسعة في التجارة،و واحد في غيرها» (5).

ص:284


1- 1عمر بن مسلم الهرّاء الكوفيّ،عدّه الشيخ كذلك في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و نقل المامقانيّ عن الوحيد البهبهانيّ في التعليقة،يظهر من التأمّل في رواية عليّ بن عبد العزيز حسن حاله و أنّه ترك التجارة لأجل العبادة و إن كان قد أخطأ في اجتهاده،ثمّ قال:دلالة الخبر على حسن حال الرجل و عناية الإمام عليه السلام الكاشف عنها استعلامه حاله ممّا لا شبهة فيه،إلاّ أنّ الإشكال في كون المبحوث عنه هو المراد بعمر بن مسلم الذي في السؤال،و لعلّه غيره.رجال الطوسيّ:253، تنقيح المقال 2:348. [1]
2- 2) الطّلاق(65):2-3. [2]
3- 3-4) أثبتناهما من المصادر.
4- 5) الكافي 5:84 الحديث 5، [3]الفقيه 3:119 الحديث 509،التهذيب 6:323 الحديث 885، الوسائل 12:15 الباب 5 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 7 و 8. [4]في الكافي و [5]التهذيب بدون ذيل الحديث.
5- 6) الكافي 5:318 الحديث 59، [6]الفقيه 3:120 الحديث 510،الوسائل 12:5 الباب 1 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 12. [7]

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«تعرّضوا للتجارة،فإنّ فيها لكم غنى عمّا في أيدي الناس» (1).

و قال الصادق عليه السلام:«لا تدعوا التجارة فتموتوا (2)،اتّجروا بارك اللّه فيكم (3)» (4).

و قال الصادق عليه السلام:«ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم»أو قال:«يردّ عليهم دعاؤهم:رجل كان له مال كثير يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا فأنفقه في وجوهه (5)،فيقول:اللهمّ ارزقني،فيقول اللّه تعالى:أ لم أرزقك؟!و رجل أمسك عن الطلب،فيقول:اللهمّ ارزقني،فيقول:أ لم أجعل لك السبيل إلى الطلب؟!و رجل كانت عنده امرأة،فيقول:اللهمّ فرّق بيني و بينها،فيقول:أ لم أجعل ذلك إليك؟!» (6).

و قال عليه السلام:«من سعادة المرء أن يكون القيّم على عياله» (7).

و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تتعرّضوا للحقوق فإذا لزمتكم فاصبروا لها» (8).

ص:285


1- 1الكافي 5:149 الحديث 9، [1]الفقيه 3:120 الحديث 511،الوسائل 12:4 الباب 1 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 11. [2]
2- 2) في المصادر:«فتهونوا»مكان:«فتموتوا».
3- 3) في المصادر:«لكم»مكان:«فيكم».
4- 4) الكافي 5:149 الحديث 8، [3]الفقيه 3:120 الحديث 512،التهذيب 7:3 الحديث 6،الوسائل 12:7 الباب 2 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [4]
5- 5) كذا في النسخ و المصادر،و في الكافي 2:115 الحديث 3: [5]في غير وجهه.
6- 6) الفقيه 3:103 الحديث 414،الوسائل 4:115 [6] الباب 50 من أبواب الدعاء ذيل الحديث 3.و ج 15:270 الباب 3 من أبواب مقدّمات الطلاق الحديث 4.
7- 7) الكافي 4:13 الحديث 13، [7]الفقيه 3:103 الحديث 415،الوسائل 12:43 الباب 23 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [8]
8- 8) الفقيه 3:103 الحديث 419،الوسائل 11:552 الباب 15 من أبواب فعل المعروف الحديث 4. [9]

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه» (1).

ص:286


1- 1الكافي 5:88 الحديث 1، [1]الفقيه 3:103 الحديث 418،الوسائل 12:42 الباب 23 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [2]في الكافي و الوسائل رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و في الفقيه رواه مرسلا.
الفصل الثاني
اشارة

في آداب التجارة

مسألة:ينبغي للإنسان إذا أراد التجارة أن يبتدئ أوّلا فيتفقّه في دينه؛

ليعرف كيفيّة الاكتساب،و يميّز (1)بين صحيح العقود و فاسدها؛لأنّ العقد الفاسد لا ينتقل به الملك،بل هو باق على ملكيّة الأوّل،فيكون تصرّفه في غير ملكه،و يسلم من الربا الموبق،و لا يرتكب المآثم من حيث لا يعلم.

روى الشيخ،عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا ثمّ ارتطم» (2)و معنى ارتطم:ارتبك فيه (3).يقال:رطمته في الوحل فارتطم:أي ارتبك فيه و ارتطم عليه أمره،إذا لم يقدر على الخروج منه.

و كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:«لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع» (4).

و كان عليه السلام يقول:«التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ

ص:287


1- 1كثير من النسخ:و تميز.
2- 2) التهذيب 7:5 الحديث 14،الوسائل 12:283 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [1]
3- 3) قال ابن الأثير:أي وقع فيه و ارتبك و نشب و لم يتخلّص.النهاية لابن الأثير 2:191 و 233. [2]
4- 4) الكافي 5:154 الحديث 23، [3]الفقيه 3:120 ذيل الحديث 513،التهذيب 7:5 الحديث 14، الوسائل 12:283 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [4]

و أعطى الحقّ» (1).

و عن الأصبغ بن نباتة،قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول على المنبر:

«يا معشر الناس (2)الفقه ثمّ المتجر،الفقه ثمّ المتجر،و اللّه للربا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على الصفا،شوبوا أيمانكم بالصدقة (3)،التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ» (4).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة عندكم يغتدي (5)كلّ يوم بكرة من القصر،يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا،و معه الدّرّة على عاتقه،و كان لها طرفان-و كانت تسمّى السبيبة (6)-فيقف على أهل كلّ سوق فينادي:يا معشر التجّار اتّقوا اللّه عزّ و جلّ،فإذا سمعوا صوته، ألقوا ما في أيديهم و ارعوا (7)إليه بقلوبهم و سمعوا بآذانهم،فيقول:قدّموا الاستخارة،و تبرّكوا بالسهولة،و اقتربوا من المبتاعين (8)،و تزيّنوا بالحلم،و تناهوا

ص:288


1- 1الفقيه 3:121 ذيل الحديث 519،التهذيب 7:6 ذيل الحديث 16،الوسائل 12:282 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) في المصدر:«التجّار».
3- 3) في الكافي 5:150 الحديث 1:« [2]بالصدق»مكان:«بالصدقة»و في الفقيه 3:121 الحديث 519: «صونوا أموالكم بالصدقة»قال في النهاية:أصل الشوب:الخلط،و فيه:«يشهد بيعكم الحلف و اللغو، في النهاية: [3]أصل الشوب:الخلط،و فيه:«يشهد بيعكم الحلف و اللغو، فشوبوه بالصدقة»أمرهم بالصدقة؛لما يجري بينهم من الكذب و الربا و الزيادة و النقصان في القول؛ ليكون كفّارة لذلك.النهاية لابن الأثير 2:507-508. [4]
4- 4) الكافي 5:150 الحديث 1، [5]الفقيه 3:121 ذيل الحديث 519،التهذيب 7:6 الحديث 16، الوسائل 12:282 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [6]
5- 5) يقال:غدا عليه غدوا و غدوّا و اغتدى:بكّر.لسان العرب 15:118. [7]
6- 6) السبيبة:شقّة من الثياب أيّ نوع كان،و قيل:هي من الكتّان.النهاية لابن الأثير 2:329. [8]
7- 7) أرعى إليه،استمع،و أرعيت فلانا سمعي:إذا استمعت إلى ما يقول و أصغيت إليه.لسان العرب 14: 327. [9]
8- 8) بعض النسخ:المتبايعين.

عن اليمين،و جانبوا الكذب،و تجافوا عن الظلم،و أنصفوا المظلومين،و لا تقربوا الربا،و أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ ،و لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ،وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ،فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة،ثمّ يرجع فيقعد للناس» (1).

قوله عليه السلام:«قدّموا الاستخارة»معناه:الدعاء بالخيرة في الأمور.

و قال الصادق عليه السلام:«من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات» (2)و معنى الورطة:الهلاك.

و قال أبو عبيد (3):أصل الورطة أرض مطمئنّة لا طريق فيها،و أورطه و ورّطه توريطا:أي أوقعه في الورطة فتورّط هو فيها (4).

مسألة:ينبغي للتاجر أن يسوّي بين الناس في البيع و الشراء،

فيكون الصبيّ عنده بمنزلة الكبير،و الساكت بمنزلة المماكس،و المستحيي بمنزلة البصير المداقّ، يعني:المداقق في الأمور،أدغم أحد القافين في الآخر و شدّد القاف.

و المراد بالصبيّ هنا:البالغ العاقل في أوائل بلوغه،فإنّ من لم يبلغ،لا ينعقد بيعه و شراؤه.

و البصير المراد به:أن يكون من أهل البصيرة و الخبرة،لا من بصر العين.

و كلّ ذلك على جهة الاستحباب مع علمهم بالأسعار،فإنّه لا بأس أن يبيعهم بغير السعر الذي باع الآخر إذا عرفوا القيمة.أمّا إذا كان المشتري من غير أهل البصيرة ثمّ ظهر له الغبن،كان له الخيار على ما يأتي.

ص:289


1- 1الفقيه 3:120 الحديث 514،التهذيب 7:6 الحديث 17،الوسائل 12:283 الباب 2 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) المقنعة:91،الوسائل 12:283 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [2]
3- 3) كثير من النسخ:أبو عبيدة.
4- 4) الصحاح 3:1166، [3]لسان العرب 7:425. [4]

روى الشيخ عن حذيفة بن منصور،عن قيس (1)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام إنّ عامّة من يأتيني إخواني (2)،فحدّ لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره،فقال:«إن ولّيت (3)أخاك فحسن،و إلاّ فبع بيع البصير المداقّ» (4).

و عن عامر بن جذاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل عنده بيع و سعّره سعرا معلوما فمن سكت عنه ممّن يشتري منه،باعه بذلك السعر،و من ماكسه فأبى أن يبتاع منه،زاده (5)قال:«لو كان يزيد (6)الرجلين و الثلاثة،لم يكن بذلك بأس،و أمّا أن يفعله لمن أبى عليه و كايسه (7)،و يمنعه من لا يفعل،فلا يعجبني إلاّ أن يبيعه بيعا واحدا» (8).

مسألة:إذا قال التاجر لغيره:هلمّ أحسن إليك،باعه من غير ربح،

و كذلك إذا عامله مؤمن،فليجتهد ألاّ يربح عليه إلاّ في حال الضرورة،هذا على جهة الاستحباب المؤكّد.

ص:290


1- 1كذا في النسخ و التهذيب،و في الكافي 5:153 الحديث 19،و [1]الاستبصار 3:70 الحديث 234، و الوسائل: [2]حذيفة بن منصور عن ميسر،قال السيّد الخوئيّ:و هو الصحيح،و ميسر هذا هو ميسر بن عبد العزيز ترجم في الجزء الثاني:72،و قيس مشترك بين عدّة رجال و التعيين بالراوي و المرويّ عنه.معجم رجال الحديث 5:226. [3]
2- 2) في التهذيب و الاستبصار:من إخواني.
3- 3) التولية في البيع:أن تشتري سلعة بثمن معلوم ثمّ تولّيها رجلا آخر بذلك الثمن.لسان العرب 15: 414. [4]
4- 4) التهذيب 7:7 الحديث 24 و فيه:عن قيس،الاستبصار 3:70 الحديث 234،الوسائل 12:293 الباب 10 من أبواب آداب التجارة الحديث 2 و [5]فيهما:عن ميسّر.
5- 5) قال في ملاذ الأخيار 10:466: [6]قوله:زاده:أي المتاع لا السعر.
6- 6) في النسخ:يريد.
7- 7) قال ابن الأثير:و في حديث جابر في رواية«أ تراني إنّما كستك لآخذ جملك»:أي غلبتك بالكيس، يقال:كايسني فكسته،أي كنت أكيس منه.النهاية 4:217. [7]
8- 8) التهذيب 7:8 الحديث 25،الوسائل 12:295 الباب 11 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [8]

روى الشيخ،عن عليّ بن عبد الرحيم (1)،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«إذا قال الرجل للرجل:هلمّ أحسن بيعك،يحرم عليه الربح» (2).

و عن سليمان بن صالح و أبي شبل (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم،فاربح عليه قوت يومك،أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم و ارفقوا بهم» (4).

و التحريم الوارد في هذه الأحاديث محمول على شدّة التغليظ في الربح على المؤمن،لا أنّه حرام حقيقة.

مسألة:إذا قال إنسان للتاجر:اشتر لي متاعا،

لم يجز له أن يعطيه من عنده و إن كان الذي عنده خيرا ممّا يجده،إلاّ بعد أن يبيّن له أنّ ذلك من عنده و من خاصّ ماله؛

لما رواه الشيخ-في الحسن-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه

ص:291


1- 1عليّ بن عبد الرحيم لم نعثر في ترجمته إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ:روى عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه عبد الرحمن بن أبي نجران في الكافي 5:152 كتاب المعيشة باب آداب التجارة الحديث 9 و [1]التهذيب 7:7 الحديث 21.معجم رجال الحديث 12:76.
2- 2) التهذيب 7:7 الحديث 21،الوسائل 12:292 الباب 9 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [2]
3- 3) أبو شبل-بكسر الشين المعجمة و سكون الباء بعدها لام-مأخوذ من شبل الأسد:فرخه-قال المامقانيّ:كنية جماعة،و نقل عن بعض كونه في عبد اللّه بن سعيد الأسديّ أشهر،قال النجاشيّ: عبد اللّه بن سعيد أبو شبل الأسديّ مولاهم،كوفيّ بيّاع الوشي،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ثقة له كتاب يرويه عنه عليّ بن النعمان،و قال في باب الكنى:أبو شبل بيّاع الوشي،أخبرني محمّد بن جعفر...قال حدثنا عليّ بن النعمان قال:حدّثنا أبو شبل بيّاع الوشي بكتابه عن جعفر بن محمّد عليه السلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.رجال النجاشيّ:223،460،رجال العلاّمة:111، [3]تنقيح المقال 2:184 و ج 3:19 فصل الكنى. [4]
4- 4) التهذيب 7:7 الحديث 23،الاستبصار 3:69 الحديث 232،الوسائل 12:293 الباب 10 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [5]

عليه السلام،قال:«إذا قال[لك] (1)الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك و إن كان الذي عندك خيرا منه» (2).

قال ابن إدريس-رحمه اللّه-:و فقه ذلك:أنّ التاجر صار وكيلا في الشراء، و لا يجوز للوكيل أن يشتري لموكّله من نفسه؛لأنّ العقد يحتاج إلى إيجاب و قبول، و لا يصحّ أن يكون موجبا و قابلا؛فلأجل ذلك لم يصحّ أن يشتريه من عنده (3).

و عندي في ذلك نظر-و سيأتي البحث فيه-و الأقرب:أنّ النهي عن ذلك إنّما هو للتهمة.

و يؤيّده:

ما رواه ابن بابويه عن ميسر،قال:قلت له:يجيئني الرجل فيقول:

تشتري لي،فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق،قال:«إن أمنت أن لا يتّهمك فأعطه من عندك،و إن خفت أن يتّهمك فاشتر له من السوق» (4).

مسألة:يستحبّ للتاجر إذا باع شيئا،و طلب المشتري الإقالة أن يقيله

(5)،و كذا إذا اشترى و طلب البائع الإقالة،أقاله استحبابا مؤكّدا؛لما فيه من جبر قلب المؤمن.

و لما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أيّما عبد مسلم أقال مسلما في بيع،أقاله اللّه عزّ و جلّ عثرته يوم القيامة» (6).

مسألة:يستحبّ للتاجر إعطاء الراجح و أخذ الناقص،

و لا يجوز له إعطاء الناقص و لا أخذ الراجح عن الحقّ إلاّ بعلم من صاحبه،قال اللّه تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* اَلَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ

ص:292


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 7:6 الحديث 19،الوسائل 12:288 الباب 5 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
3- 3) السرائر:210.
4- 4) الفقيه 3:121 الحديث 17،الوسائل 12:286 الباب 3 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [2]
5- 5) كثير من النسخ:أن يقبله.
6- 6) التهذيب 7:8 الحديث 26،الوسائل 12:286 الباب 3 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [3]

يُخْسِرُونَ (1).

روى الشيخ عن النوفليّ،عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«مرّ أمير المؤمنين عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصّاب و هي تقول:

زدني،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:«زدها،فإنّه أعظم للبركة» (2).

و في الحسن،عن ابن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا يكون الوفاء حتّى يرجح» (3).

و عن حمّاد بن بشير (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان» (5).

و عن عبيد بن إسحاق (6)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي صاحب نخل فخبّرني بخبر (7)أنتهي إليه فيه من الوفاء،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«انو الوفاء فإن أتى على يدك و قد نويت الوفاء،كنت من أهل الوفاء،و إن نويت النقصان

ص:293


1- 1المطفّفين(83):1-3. [1]
2- 2) التهذيب 7:7 الحديث 20،الوسائل 12:290 الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 7:11 الحديث 43،الوسائل 12:290 الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [3]
4- 4) حمّاد بن بشير الطنافسيّ عدّه الشيخ تارة من أصحاب الباقر عليه السلام مضيفا إلى ما في العنوان قوله:روى عنه و عن أبي عبد اللّه عليهما السلام،و أخرى من أصحاب الصادق عليه السلام بحذف الكوفيّ و ثالثة من أصحاب الصادق عليه السلام حمّاد بن بشير،قال المامقانيّ:ظاهره:كونه إماميّا، و في التعليقة:أنّه روى عنه صفوان،و فيه إشعار بوثاقته،قال السيّد الخوئيّ:لم نجد لصفوان رواية عن حمّاد بن بشير في الكتب الأربعة. رجال الطوسيّ:117،173 و 183،تنقيح المقال 1:363، [4]معجم رجال الحديث 6:203. [5]
5- 5) التهذيب 7:11 الحديث 44،الوسائل 12:291 الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [6]
6- 6) عبيد بن إسحاق روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحجّال،الكافي 5:159 باب الوفاء و البخس الحديث 3 و [7]التهذيب 7:11 الحديث 45،جامع الرواة 1:523، [8]معجم رجال الحديث 11:50. [9]
7- 7) ب،ر و خا:بخير،و في المصادر:بحدّ،مكان:بخبر.

ثمّ أوفيت،كنت من أهل النقصان» (1).

و عن إسحاق بن عمّار،قال:قال:«من أخذ الميزان فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ إلاّ راجحا،و من أعطى فنوى أن يعطي سواء لم يعط (2)إلاّ ناقصا» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يكره لمن لا يعرف الوزن أن يستعمله؛لجواز أن يعطي ناقصا و يأخذ راجحا،فيكون قد فعل محرّما.

و روى الشيخ عن مثنّى الحنّاط،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رجل من نيّته الوفاء،و هو إذا كال (4)لم يحسن أن يكيل، قال:«فما يقول الذين حوله؟»قلت:يقولون:لا يوفي،قال:«هذا لا ينبغي له أن يكيل» (5).

و في حديث أمير المؤمنين عليه السلام:«لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع» (6).

مسألة:يستحبّ المسامحة في البيع و الشراء،

و القضاء و الاقتضاء و التساهل في ذلك.

روى الشيخ عن حنّان،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:بارك اللّه على سهل البيع،سهل الشراء،سهل القضاء، سهل الاقتضاء» (7).

ص:294


1- 1التهذيب 7:11 الحديث 45،الوسائل 12:291 الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث 6. [1]
2- 2) أكثر النسخ:«لم يعطه».
3- 3) التهذيب 7:11 الحديث 46،الوسائل 12:291 الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث 5. [2]
4- 4) في النسخ:كان،و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 7:12 الحديث 47،الوسائل 12:292 الباب 8 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 7:5 الحديث 14،الوسائل 12:283 الباب 1 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [4]
7- 7) التهذيب 7:18 الحديث 79،الوسائل 12:332 الباب 42 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [5]

و روى إسماعيل بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أنزل اللّه تعالى على بعض أنبيائه عليهم السلام:للكريم فكارم و للسمح فسامح،و عند الشكس (1)فالتو (2)» (3).

و قال عليّ عليه السلام:«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:السماح وجه من الرباح»قال عليه السلام ذلك لرجل يوصيه و معه سلعة يبيعها (4).

مسألة:يكره للتاجر أن يكون أوّل داخل إلى السوق؛

لما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«جاء أعرابيّ من بني عامر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض و خير بقاع الأرض،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:شرّ بقاع الأرض الأسواق و هي ميدان إبليس،يغدو برايته و يضع كرسيّه و يبثّ ذرّيّته فبين مطفّف في قفيز،أو طائش (5)في ميزان،أو سارق في ذرع (6)،أو كاذب في سلعة،فيقول:عليكم برجل مات أبوه و أبوكم حيّ (7)فلا يزال مع ذلك أوّل داخل و آخر خارج،ثمّ قال عليه السلام:و خير البقاع المساجد،و أحبّهم إلى

ص:295


1- 1جميع النسخ:«سلس»و ما أثبتناه من المصادر.قال في الصحاح:رجل شكس-بالتسكين-أي صعب الخلق.الصحاح 2:940.
2- 2) اللي:المطل،يقال:لواه غريمه بدينه يلويه ليّا.و منه حديث ابن عبّاس«يكون لي القاضي و إعراضه لأحد الرجلين»أي تشدّده و صلابته.النهاية لابن الأثير 4:280،و [1]لويت أعناق الرجال، في الخصومة.الصحاح 6:2486. [2]
3- 3) الفقيه 3:121 الحديث 522،الوسائل 12:288 الباب 4 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 3:122 الحديث 523،الوسائل 12:288 الباب 4 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [4]
5- 5) الطيش:من طيش السهم:جوره عن سننه.لسان العرب 6:312. [5]
6- 6) ذرع الثوب و غيره يذرعه ذرعا:قدّره بالذراع.و ذرع كلّ شيء:قدره من ذلك.لسان العرب 8: 94. [6]
7- 7) قال المجلسيّ رحمه اللّه:مات أبوه،أي آدم عليه السلام،و أبوكم حيّ يعني نفسه.البحار 81:12. [7]

اللّه عزّ و جلّ أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا» (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ السوق حكمه حكم المسجد،من سبق إلى مكان منه،كان أولى به حتّى يقوم إلى الليل،

رواه ابن بابويه عن عليّ عليه السلام،قال:«سوق المسلمين كمسجدهم،فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل» (2)و زاد الشيخ في الرواية:«و كان لا يأخذ على بيوت السوق كراء» (3).

مسألة:يستحبّ له إذا دخل السوق أن يسأل اللّه تعالى من خيرها و خير أهلها،

و يتعوّذ به من شرّها و شرّ أهلها.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا دخلت سوقك فقل:اللهمّ إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها،اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ،أو أعتدي أو يعتدى عليّ،اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس و جنوده،و شرّ فسقة العرب و العجم،و حسبي اللّه الذي لا إله إلاّ هو،عليه توكّلت،و هو ربّ العرش العظيم» (4).

و روى ابن بابويه عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من دخل سوقا أو مسجد جماعة،فقال مرّة واحدة:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و اللّه أكبر كبيرا،و الحمد للّه كثيرا،و سبحان اللّه بكرة و أصيلا،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم،و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد،عدلت له حجّة مبرورة» (5).

ص:296


1- 1الفقيه 3:124 الحديث 539،الوسائل 12:344 الباب 60 من أبواب الخيار الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 3:124 الحديث 540،الوسائل 12:300 الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 7:9 الحديث 31.
4- 4) التهذيب 7:9 الحديث 32،الوسائل 12:301 الباب 18 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
5- 5) الفقيه 3:124 الحديث 541،الوسائل 12:301 الباب 18 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [4]

و عن سدير،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«يا أبا الفضل أ ما لك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس؟»قال:قلت:بلى،قال:«اعلم أنّه ما من رجل يغدو و يروح إلى مجلسه و سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق:اللهمّ إنّي أسألك خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها،إلاّ وكّل اللّه عزّ و جلّ به من يحفظه و يحفظ عليه،حتّى يرجع إلى منزله،فيقول له:قد أجرتك من شرّها و شرّ أهلها يومك هذا،فإذا جلس مكانه حين يجلس،فيقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّبا،و أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم،و أعوذ بك من صفقة خاسرة و يمين كاذبة،فإذا قال ذلك،قال الملك الموكّل به:ابشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر نصيبا منك،و سيأتيك ما قسم اللّه لك موفّرا،حلالا[طيّبا] (1)مباركا فيه» (2).

قال ابن بابويه:و روي:«أنّ من ذكر اللّه عزّ و جلّ في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح و أعجم،و الفصيح:ما يتكلّم،و الأعجم:ما لا يتكلّم» (3).

و قال الصادق عليه السلام:«من ذكر اللّه في الأسواق،غفر اللّه له بعدد أهلها» (4).

مسألة:يستحبّ لمن اشترى شيئا أن يكبّر اللّه ثلاثا،و أن يشهد الشهادتين،

فإنّه أبرك له فيما يشتريه،و يسأل اللّه تعالى أن يبارك له فيما يشتريه و يخير له فيما يبيعه.

ص:297


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) الفقيه 3:124 الحديث 542،الوسائل 12:300 الباب 18 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
3- 3) الفقيه 3:125 الحديث 543،الوسائل 12:303 الباب 19 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
4- 4) الفقيه 3:125 الحديث 544،الوسائل 12:303 الباب 19 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:قال أحدهما عليهما السلام:«إذا اشتريت متاعا فكبّر اللّه ثلاثا،ثمّ قل:اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس [فيه] (1)من خيرك،فاجعل لي فيه خيرا،اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك، فاجعل لي فيه فضلا،اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك،فاجعل لي فيه رزقا، ثمّ أعد كلّ واحدة منها ثلاث مرّات» (2).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت أن تشتري شيئا،فقل:يا حيّ يا قيّوم يا دائم،يا رءوف يا رحيم أسألك بعزّتك و قدرتك و ما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا،و أوسعها فضلا،و خيرها عاقبة،فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له»قال:

و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا اشتريت دابّة أو رأسا فقل:اللهمّ ارزقني أطولها حياة،و أكثرها منفعة،و خيرها عاقبة» (3).

و روى ابن بابويه،عن عمر بن إبراهيم (4)،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:

ص:298


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) الفقيه 3:125 الحديث 545،الوسائل 12:304 الباب 20 من أبواب آداب التجارة الحديث 1 و 2. [1]
3- 3) التهذيب 7:9 الحديث 34،الوسائل 12:304 الباب 20 من أبواب آداب التجارة الحديث 4 و 5. [2]
4- 4) عمر(عمرو)بن إبراهيم الهمدانيّ،عنونه المامقانيّ بعنوان عمر بن إبراهيم الهمدانيّ،كما في الفقيه 3:125 الحديث 547 و الوسائل،و [3]عنونه الأردبيليّ و السيّد الخوئيّ بعنوان:عمرو بن إبراهيم الهمدانيّ قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه 1:162 الحديث 764 و صرّح بجهالته حيث قال ما حاصله:إنّ هذا الحديث يروى عن ثلاثة من المجهولين و هم:الحسين بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن إبراهيم الهمدانيّ،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا و روى الحسين بن عمرو عن أبيه عنه في الفقيه،و رواها الشيخ في التهذيب 2:226 الحديث 890، و الاستبصار 1:396،الحديث 1512،إلاّ أنّ فيهما:الحسين بن عمرو عن أبيه عمرو بن إبراهيم، و الصحيح ما في الفقيه.جامع الرواة 1:615، [4]تنقيح المقال 2:339، [5]معجم رجال الحديث 13:79. [6]

«من اشترى دابّة،فليقم من جانبها الأيسر و يأخذ ناصيتها بيده اليمنى و يقرأ على رأسها فاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد و المعوّذتين و آخر الحشر و آخر بني إسرائيل قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ (1)و آية الكرسيّ،فإنّ ذلك أمان لتلك الدابّة من الآفات» (2).

مسألة:إذا تعسّر عليه نوع من التجارة،انتقل إلى غيرها،

فلعلّ الرزق في المنتقل إليه،

روى الشيخ،عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا،فليتحوّل إلى غيرها» (3).

إذا عرفت هذا:فلو حصل له في نوع من التجارة الربح،استحبّ له المقام عليه.

روى الشيخ،عن بشير النبّال،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا رزقت من شيء فالزمه» (4).

و ينبغي له إذا جاء الرزق في البيع أن يبيع سلعته و لا يطلب فيها الربح الكثير،

روى الشيخ عن عبد اللّه بن سعيد الدغشيّ (5)،قال:كنت على باب شهاب بن عبد ربّه فخرج غلام شهاب و قال:إنّي أريد أن أسأل هشام

ص:299


1- 1الإسراء(17):110. [1]
2- 2) الفقيه 3:125 الحديث 547،الوسائل 12:305 الباب 20 من أبواب آداب التجارة الحديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 7:14 الحديث 59،الوسائل 12:325 الباب 35 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 7:14 الحديث 60،الوسائل 12:324 الباب 35 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [4]
5- 5) في النسخ:الدعشيّ،عبد اللّه بن سعيد الدغشيّ لم نعثر في ترجمته إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ،قال: روى عن هاشم الصيدنانيّ و روى عنه عليّ بن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ،الكافي 5:153 باب آداب التجارة الحديث 17،و [5]رواها الشيخ أيضا بعينها في التهذيب 7:8 الحديث 29 إلاّ أنّ فيه: أحمد بن عليّ بن أحمد عن إسحاق بن سعيد الأشعريّ عن عبد اللّه بن سعيد الدغشيّ عن هشام الصيدلانيّ.معجم رجال الحديث 10:205. [6]

الصيدلانيّ (1)عن حديث السلعة و البضاعة،قال:فأتيت هشاما فسألته عن الحديث،فقال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البضاعة و السلعة،فقال:«نعم،ما من أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلاّ قيّض اللّه (2)عزّ و جلّ له من يربحه،فإن قبل و إلاّ صرفه إلى غيره،و ذلك أنّه ردّ بذلك على اللّه عزّ و جلّ» (3).

و ينبغي له أن لا يترك الشراء و إن كان غاليا.روى الشيخ،عن عليّ بن عقبة، قال:كان أبو الخطّاب-قبل أن يفسد و هو يحمل المسائل لأصحابنا و يجيء بجواباتها-

روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اشتروا و إن كان غاليا،فإنّ الرزق ينزل مع الشراء» (4).

مسألة:يكره أن يطلب الغاية فيما يبيع و يشتري من الربح،

و لا يطلب الاستقصاء في جميع أموره و أحواله و معاملاته،

فقد روى حمّاد بن عثمان،قال:

دخل إلى (5)أبي عبد اللّه عليه السلام رجل من أصحابه،فشكى إليه رجلا من أصحابه،فلم يلبث أن جاء بالمشكوّ (6)،فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:«ما لأخيك

ص:300


1- 1هشام الصيدلانيّ،اختلف في اسمه و لقبه،فقد عنون الأردبيليّ و المامقانيّ و السيّد الخوئيّ تارة: هاشم الصيدنانيّ و قالوا:روى في الكافي 5:153 الحديث 17 [1] عن عبد اللّه بن سعيد الدغشي عن غلام شهاب بن عبد ربّه عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و عنونوا أيضا هشام الصيدلانيّ و قالوا:روى عبد اللّه بن سعيد الدغشيّ عنه عن أبي عبد اللّه في التهذيب 7:8 الحديث 29 فالرجل في الكافي: [2]هاشم الصيدنانيّ و في التهذيب:هشام الصيدلانيّ،و عنون الأردبيليّ هشام الصيدلانيّ أيضا و قال:لا يبعد اتّحاد الجميع.جامع الرواة 2:310 و 317، [3]تنقيح المقال 3:288 و 302، [4]معجم رجال الحديث 19:304 و 378. [5]
2- 2) قيّض اللّه له كذا:أي قدّره.المصباح المنير:521.
3- 3) التهذيب 7:8 الحديث 29،الوسائل 12:296 الباب 13 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [6]
4- 4) التهذيب 7:4 الحديث 9،الوسائل 12:9 الباب 3 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [7]
5- 5) في المصادر:على،مكان:إلى.
6- 6) في المصادر:أن جاء المشكوّ.

فلان يشكوك؟»فقال له:يشكوني أن استقضيت حقّي،قال:فجلس مغضبا ثمّ قال:

«كأنّك إذا استقضيت لم تسئ،أ رأيتك ما حكاه اللّه عزّ و جلّ فقال: يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (1)إنّما خافوا أن يجور اللّه عليهم؟!لا و اللّه،ما خافوا إلاّ الاستقضاء، فسمّاه اللّه سوء الحساب،فمن استقضى فقد أساء» (2).

ص:301


1- 1الرعد(13):21. [1]
2- 2) الكافي 5:100 الحديث 1، [2]التهذيب 6:194 الحديث 425،الوسائل 13:100 الباب 16 من أبواب الدين و القرض الحديث 1. [3]
الفصل الثالث
اشارة

في المناهي المتعلّقة بالابتياع

و فيه بحثان:

البحث الأوّل

في المناهي من حيث التأديب

مسألة:ينبغي أن يتجنّب في تجارته خمسة أشياء:

مدح البائع،و ذمّ المشتري، و كتمان العيوب،و اليمين على البيع،و الربا.

و بعض هذه المنهيّات على التحريم،كالربا-على ما سيأتي-لما رواه الشيخ

عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من باع و اشترى فليحفظ خمس خصال و إلاّ فلا يشتري و لا يبيع:الربا،و الحلف، و كتمان العيب،و الحمد إذا باع،و الذمّ إذا اشترى» (1).

قال ابن إدريس:معنى مدح البائع:أي مدح البائع لما يبيعه من الأمتعة.و ذمّ المشتري معناه:ذمّ المشتري لما يشتريه،و إن شئت جعلت البائع بمعنى المبيع، فكأنّه أراد مدح المبيع؛لأنّه قد يأتي فاعل بمعنى مفعول،قال اللّه تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ (2)أي لا معصوم،قال:فأمّا ذمّ المشتري،إن شئت قلته بفتح الراء،

ص:302


1- 1التهذيب 7:6 الحديث 18،الوسائل 12:284 الباب 2 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [1]
2- 2) هود(11):43. [2]

فيكون الشيء المشترى،قال:و كلاهما حسن (1).و هذا الأخير لا تحتمله الرواية التي ذكرناها؛لأنّ الصادق عليه السلام فسّر معنى ذلك بالاحتمال الأوّل من الاحتمالين اللذين ذكرهما ابن إدريس.فأمّا كتمان العيوب مع العلم بها فحرام محظور بلا خلاف.

مسألة:يكره السوم و المقاولة في البيع و الشراء،

و الرياضة (2)في ذلك ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛لأنّه وقت التفرّغ للعبادة و الأدعية المستجابة و استدعاء الرزق من الربّ تعالى.

و لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط رفعه،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس» (3).

مسألة:ينبغي أن يتجنّب مخالطة السفلة من الناس و الأدنين منهم،

(4)(5)

و لا يعامل إلاّ من نشأ في خير.

روى الشيخ عن النوفليّ (6)،عن ابن أبي يحيى الرازيّ (7)،قال:قال أبو عبد اللّه

ص:303


1- 1السرائر:210.
2- 2) المراد بالرياضة هنا بذل الجهد في البيع و الشراء في هذا الزمان،و قال ابن الأثير:ما يجري بين المتبايعين من الزيادة و النقصان.النهاية لابن الأثير 2:277. [1]
3- 3) التهذيب 7:8 الحديث 28،الوسائل 12:295 الباب 12 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
4- 4) قيل للأراذل:سفلة،بكسر الفاء.المصباح المنير:289.
5- 5) بعض النسخ:الأدنى،مكان:الأدنين.
6- 6) في التهذيب:الفضل النوفليّ،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي جعفر عليه السلام و روى عنه ابنه عبد اللّه الكافي 6:491 باب قصّ الأظفار الحديث 14،و [3]روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام الكافي 4: 14 باب الصدقة على من لا تعرفه الحديث 2،و [4]روى عن أبيه الكافي 6:515 باب السلف الحديث 6،و [5]روى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام الكافي 6:255 باب ما يقطع من أليات الضأن الحديث 5،و [6]روى الشيخ بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن الفضل النوفليّ عن أبي يحيى الرازيّ التهذيب 7:10 الحديث 36 و قال:هو الفضل بن عبد اللّه الهاشميّ،و قال في ترجمته:له روايات بعنوان الفضل النوفليّ و الفضل الهاشميّ.معجم رجال الحديث 13:328 و 347. [7]
7- 7) ابن أبي يحيى الرازيّ،قال الأردبيليّ و المامقانيّ:روى فضل النوفليّ عنه عن أبي ع [8]بد اللّه

عليه السلام:«لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في الخير» 1.

و عن ظريف بن ناصح 2،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في خير» 3.

و في الحسن عن حفص بن البختريّ،قال:استقرض قهرمان 4لأبي عبد اللّه عليه السلام من رجل طعاما لأبي عبد اللّه عليه السلام فألحّ في التقاضي،فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ لم أنهك أن تستقرض ممّن لم يكن له فكان؟» 5.

و عن الحسن بن صباح 6،عن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:

ص:304

«إيّاكم و مخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير» (1).

قال ابن بابويه:[جاءت] (2)الأخبار في معنى السفلة[على وجوه:فمنها] (3):

هو الذي لا يبالي بما قال و لا ما قيل له.

و منها:أنّ السفلة من يضرب بالطنبور.

و منها:أنّ السفلة من لم يسرّه الإحسان و لم تسؤه الإساءة.و السفلة:من ادّعى الأمانة (4)و ليس لها بأهل،قال:و هذه كلّها أوصاف السفلة،من اجتمع فيه بعضها أو جميعها،وجب اجتناب مخالطته 5.

مسألة:يكره معاملة ذوي العاهات و المحارفين،

فإنّ ذوي العاهات أظلم شيء،و المحارفين لا بركة معهم،

روى الشيخ عن ميسر بن عبد العزيز،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تعامل ذا عاهة،فإنّهم أظلم شيء» 6.

و قال عليه السلام:«احذروا معاملة أصحاب العاهات،فإنّهم أظلم شيء» 7.

ص:305


1- 1) التهذيب 7:10 الحديث 38،الوسائل 12:308 الباب 24 من أبواب آداب التجارة الحديث 2.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) ح:الإمامة.

و عن الوليد بن صبيح،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تشتر من محارف (1)،فإنّ حرفته لا بركة فيها» (2).

و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«شاركوا من أقبل عليه الرزق،فإنّه أجلب للرزق» (3).

مسألة:يكره له معاملة الأكراد و مخالطتهم،

و يتجنّب مبايعتهم (4)و مشارّاتهم (5)و مناكحاتهم؛

لما رواه الشيخ عن أبي الربيع الشاميّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت:إنّ عندنا قوما من الأكراد و أنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم و نبايعهم،فقال عليه السلام:«يا أبا الربيع لا تخالطوهم،فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف اللّه عنهم الغطاء،فلا تخالطوهم» (6).

و كذلك يكره معاملة أهل الذمّة و قد سلف ذلك.

و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«لا تستعن بمجوسيّ و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها» (7).

مسألة:يكره له أن يزيّن متاعه بأن يرى خيره و يكتم رديّه،

بل ينبغي أن يخلط جيّده برديّه و يكون كلّه ظاهرا.

ص:306


1- 1المحارف:هو المحروم المحدود الذي إذا طلب لا يرزق،أو يكون لا يسعى في الكسب.النهاية لابن الأثير 1:370. [1]
2- 2) الكافي 5:157 الحديث 1، [2]الفقيه 3:100 الحديث 387،التهذيب 7:11 الحديث 41،الوسائل 12:305 الباب 21 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
3- 3) نهج البلاغة شرح محمّد عبده 4:51 الحكمة:209،الوسائل 12:306 [4] الباب 22 من أبواب آداب التجارة الحديث 7 و ج 13:180 الباب 7 من أبواب أحكام الشركة الحديث 1.
4- 4) بعض النسخ:معاملتهم.
5- 5) المشارّة:المخاصمة.لسان العرب 4:401. [5]
6- 6) التهذيب 7:11 الحديث 42،الوسائل 12:307 الباب 23 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [6]
7- 7) الفقيه 3:100 الحديث 391،الوسائل 12:308 الباب 24 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [7]

هذا إذا كان الرديّ و المعيب ممّا يرى و يظهر بالخلط،أمّا إذا كان ممّا لا يرى و لا يظهر مع الخلط،فإنّه لا يجوز ذلك و يكون حراما على ما يأتي.

و كذلك يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد،و استحقاق الثمن بكماله؛لقوله تعالى: وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ (1)و سواء كان ذلك قبل التفرّق أو بعده.

مسألة:من باع لغيره شيئا،لم يجز له أن يشتريه لنفسه و إن زاد في ثمنه على

ما يطلب في الحال،

إلاّ بعلم من صاحبه و إذن من جهته.

قال ابن إدريس:و فقه ذلك:أنّ الوكيل لا يجوز له أن يشتري السلعة الموكّل في بيعها من نفسه؛لأنّ البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول،فكيف يكون موجبا و قابلا (2).

و أمّا الأب و الجدّ من الولد الأصغر،فقد خرج بالإجماع.و عندي في ذلك نظر.

مسألة:يكره اليمين على البيع؛

لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم:أحدهم:رجل اتّخذ اللّه عزّ و جلّ بضاعة،لا يشتري إلاّ بيمين و لا يبيع إلاّ بيمين» (3).

و عن الصادق عليه السلام:«إيّاكم و الحلف،فإنّه يمحق البركة،و ينفق (4)السلعة» (5).

ص:307


1- 1هود(11):85. [1]
2- 2) السرائر:210.
3- 3) التهذيب 7:13 الحديث 56،الوسائل 12:309 الباب 25 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
4- 4) نفق البيع نفاقا:راج،و نفقت السلعة تنفق نفاقا-بالفتح-:غلت و رغب فيها.لسان العرب 10: 357.و [3]النفاق:ضدّ الكساد،النهاية لابن الأثير 5:98. [4]
5- 5) التهذيب 7:13 الحديث 57،الوسائل 12:309 الباب 25 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [5]
البحث الثاني

في المناهي المحرّمة

مسألة:الغشّ حرام بلا خلاف،

و حقيقته:إخفاء الرديّ و إظهار الجيّد فيما لا يمكن معرفته،كشوب اللبن بالماء؛

لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس منّا من غشّنا» (1).

و بهذا الإسناد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر:يا فلان،أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم» (2).

و عن موسى بن بكر،قال:كنّا عند أبي الحسن عليه السلام،فإذا دنانير مصبوبة بين يديه،فنظر إلى دينار فأخذه بيده،ثمّ قطعه بنصفين،ثمّ قال:«ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ» (3).

و عن عيسى بن هشام (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:دخل رجل يبيع

ص:308


1- 1التهذيب 7:11 الحديث 48،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 7:12 الحديث 49،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 7:12 الحديث 50،الوسائل 12:209 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [3]
4- 4) أكثر النسخ:عنبس بن هشام،و ما أثبتناه من نسخة ح،و الصحيح:عبيس بن هشام،قال السيّد الخوئيّ:روى الشيخ بسنده عن عبيس بن هشام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،التهذيب 7:12 الحديث 51،و رواها محمّد بن يعقوب بسنده عن الحسن بن عليّ بن عبد اللّه،عن عبيس بن هشام الكافي 5:160 باب الغشّ الحديث 4، [4]قال:و روى محمّد بن يعقوب بسنده عن الحسين بن عليّ عن

الدقيق فقال:«إيّاك و الغشّ،فإنّه من غشّ،غشّ في ماله،فإن لم يكن له مال،غشّ في أهله» (1).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يشاب اللبن بالماء للبيع» (2).

و عن سعد الإسكاف،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام،فقال لصاحبه:ما أرى طعامك إلاّ طيّبا،و سأل عن سعره فأوحى اللّه إليه:أن يدير يديه في الطعام،فأخرج طعامه رديّا،فقال لصاحبه:

ما أراك إلاّ و قد جمعت خيانة و غشّا للمسلمين» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يكره البيع في المواضع المظلمة (4)التي تستتر فيها العيوب؛

ص:309


1- 1) التهذيب 7:12 الحديث 51،الوسائل 12:209 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 7:12 الحديث 52،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 7:13 الحديث 55،الوسائل 12:209 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8.
4- 4) أكثر النسخ:الظلمة،مكان:المظلمة.

لأنّه نوع غشّ.

روى الشيخ-في الحسن-عن هشام بن الحكم،قال:كنت أبيع السابريّ في الظلال،فمرّ بي أبو الحسن[موسى] (1)عليه السلام،فقال:«يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ و الغشّ لا يحلّ» (2).

مسألة:نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه،

رواه الجمهور عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا نادى المنادي على المتاع،فلا يزيد في المتاع،فإذا سكت المنادي،زاد حينئذ إن شاء (4).

و قال في المبسوط:و أمّا السوم على سوم أخيه فهو حرام؛

لقوله عليه السلام:

«لا يسم (5)الرجل على سوم أخيه» (6)هذا إذا لم يكن المبيع في المزايدة،فإن كان

ص:310


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التهذيب 7:13 الحديث 54،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:90،صحيح مسلم 3:1154 الحديث 1515،سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2172،سنن الترمذيّ 3:587 الحديث 1292،سنن النسائيّ 7:258،مسند أحمد 2: 394،سنن البيهقيّ 5:345،سنن الدارقطنيّ 3:74 الحديث 281،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:98 الحديث 7487،مسند أبي يعلى 11:47 الحديث 6187،كنز العمّال 4:57 الحديث 9487،مجمع الزوائد 4:81.
4- 4) النهاية:374. [2]
5- 5) ح و بعض المصادر:«لا يسوم»مكان:«لا يسم».
6- 6) صحيح البخاريّ 3:90،صحيح مسلم 3:1154 الحديث 1515،سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2172،سنن الترمذيّ 3:587 الحديث 1292، [3]سنن النسائيّ 7:258،مسند أحمد 2: 394، [4]سنن البيهقيّ 5:345،سنن الدارقطنيّ 3:74 الحديث 281،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:98 الحديث 7487،مسند أبي يعلى 11:47 الحديث 6187،كنز العمّال 4:57 الحديث 9487،مجمع الزوائد 4:81.

كذلك،لم تحرم المزايدة (1).

قال ابن إدريس:و هذا هو الصحيح،دون ما ذكره في النهاية؛لأنّ الزيادة حال النداء غير محرّمة و لا مكروهة،و إنّما الزيادة المنهيّ عنها هي عند الانتهاء و سكون نفس كلّ واحد من البيّعين على البيع بعد استقرار الثمن،و الأخذ و الشروع في الإيجاب و القبول و قطع المزايدة،فعند هذه الحال،لا يجوز السوم على سوم أخيه (2).

أقول:الشيخ-رحمه اللّه-عوّل في ذلك على

رواية الشعيريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد،و إذا سكت،فلك أن تزيد،و إنّما يحرّم الزيادة النداء،و يحلّها السكوت» (4).

و هذه الرواية-إن صحّ سندها-حملت على ما إذا وقع السكوت عن الزيادة لا للشراء،و التحقيق هنا أن تقول:لا يخلو الحال من أربعة أقسام:

أحدها:أن يوجد من البائع التصريح بالرضاء بالبيع،فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري،و هو الذي تناوله الظاهر من النهي.

الثاني:أن يظهر منه ما يدلّ على عدم الرضاء بالبيع،فهذا لا يحرم فيه الزيادة، و لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باع في من يزيد،

روى أنس أنّ رجلا من الأنصار شكا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الشدّة و الجهد،فقال:«أما بقي

ص:311


1- 1المبسوط 2:160. [1]
2- 2) السرائر:211.
3- 3) هو إسماعيل بن أبي زياد السكونيّ الشعيريّ تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل:242.
4- 4) التهذيب 7:227 الحديث 994،الوسائل 12:337 الباب 49 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [2]

لك شيء؟»فقال:بلى،قدح و حلس (1)،قال:«فأتني بهما»فأتاه بهما،فقال:«من يبتاعهما؟»فقال رجل:آخذهما بدرهم،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من يزيد على درهم؟»فأعطاه رجل درهمين و باعهما منه» (2). و قد أجمع المسلمون على ذلك،فإنّهم يبيعون أمتعتهم في الأسواق بالمزايدة من غير نكير.

الثالث:أن لا يوجد منه ما يدلّ على الرضا و لا على عدمه فهاهنا أيضا يجوز السوم؛لأنّ فاطمة بنت قيس (3)حين ذكرت للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ معاوية و أبا جهم (4)خطباها،فأمرها أن تنكح أسامة (5)،مع أنّه قد نهى عن الخطبة على خطبة أخيه،كما نهى عن السوم على سوم أخيه،فما يباح في أحدهما يباح في

ص:312


1- 1الحلس و الحلس:كلّ شيء ولي ظهر البعير و الدابّة تحت الرحل و القتب و السرج.لسان العرب 6: 54. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:120 الحديث 1641، [2]سنن ابن ماجة 2:740 الحديث 2198،سنن الترمذيّ 3: 522 الحديث 1218، [3]مسند أحمد 3:114. [4]
3- 3) فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر القرشيّة الفهريّة أخت الضحّاك بن قيس،قيل:كانت أكبر منه بعشر سنين،و كانت من المهاجرات الأول،و كانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلّقها و خطبها معاوية و أبو جهم بن حذيفة فاستشارت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيهما فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّا معاوية فصعلوك لا مال له و أمّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه،و أمرها بأسامة بن زيد فتزوّجت،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنها جماعة منهم:الشعبيّ و النخعيّ و أبو سلمة. أسد الغابة 5:526، [5]الإصابة 4:35 و 384، [6]الاستيعاب [7]بهامش الإصابة 4:383. [8]
4- 4) أبو جهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد اللّه بن عبيد بن عويج...القرشيّ العدويّ،قيل:اسمه عامر بن حذيفة،و قيل:عبيد اللّه بن حذيفة أسلم عام الفتح و صحب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كان مقدّما في قريش معظّما،و كان عالما بالنسب و من المعمّرين من قريش حضر بناء الكعبة مرّتين مرّة في الجاهليّة حين بنتها قريش و مرّة حين بناها ابن الزبير.قيل:توفّي أيّام معاوية.أسد الغابة 5:162، [9]الإصابة 4:35، [10]الاستيعاب [11]بهامش الإصابة 4:32.و ج 3:158. [12]
5- 5) صحيح مسلم 2:1114 الحديث 1480،سنن أبي داود 2:285 الحديث 2284، [13]سنن ابن ماجة 1:601 الحديث 1869،سنن الترمذيّ 3:441 الحديث 1135، [14]سنن الدارميّ 2:135، [15]سنن البيهقيّ 7:177.

الآخر.

الرابع:أن يظهر منه ما يدلّ على الرضا من غير تصريح،فالوجه هنا:التحريم أيضا؛لعموم النهي،خرج عنه ما خصّ بالأدلّة،فتبقى هذه الصورة على مقتضى العموم.و أيضا فقد وجد منه دليل الرضا،فأشبه ما لو صرّح به.

و قال أحمد بن حنبل:لا تحرم المساومة؛استدلالا بحديث فاطمة بنت قيس (1).و هو غير دالّ على مطلوبه؛إذ لم يوجد منها أمارة على الرضا،أقصى ما في الباب أنّها استشارت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في أمرها،و ليس ذلك دليلا على الرضا،و كيف يحصل منها الرضا مع أنّه عليه السلام قد نهاها بقوله:«لا تفوتينا بنفسك» (2)فلم تكن تفعل شيئا إلاّ بعد مراجعته عليه السلام.

فروع:
الأوّل:لو سام على سوم أخيه،

فعل حراما في الموضع الذي حكمنا بتحريمه، فلو عقد معه البيع،صحّ و لا يضرّ في الملك تحريم السوم.و به قال الشافعيّ (3).

و بعض الجمهور أبطل البيع؛للنهي المقتضي للفساد (4).

و الجواب:المنع من اقتضاء النهي للفساد في المعاملات،كما قلنا في البيع وقت النداء.

ص:313


1- 1المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:48،الكافي لابن قدامة 2:204،الفروع في فقه أحمد 2:328،الإنصاف 4:332.
2- 2) سنن أبي داود 2:286 الحديث 2287،سنن الدارميّ 2:235. [1]
3- 3) الحاوي الكبير 5:344،المهذّب للشيرازيّ 1:385،حلية العلماء 4:308،المجموع 13:19، روضة الطالبين:533،مغني المحتاج 2:37،السراج الوهّاج:182.
4- 4) المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49،الكافي لابن قدامة 2:203،الإنصاف 4: 331.
الثاني:السوم في اللغة:الزيادة.

و أصله:مجاوزة الحدّ،و منه:السوم في البيع و هو تجاوز الحدّ في السعر على الزيادة.و منه:الإبل السائمة أي الراعية؛لأنّها تجاوز حدّ الإنبات للرعي.

الثالث: قول رسول الله ص صاحب السلعة أحقّ بالسوم

روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صاحب السلعة أحقّ بالسوم» (1).

مسألة:و قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يبيع بعضكم على

بيع بعض»

(2).و معناه:أنّ الرجلين إذا تبايعا و عقدا الإيجاب و القبول،فجاء رجل إلى المشتري في مدّة خياره،فقال له:أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون من هذا الثمن،أو أبيعك خيرا منها بهذا الثمن أو بدونه،أو عرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري ففسخ البيع و اشترى،فهذا حرام؛لنهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لما فيه من الفساد و الإضرار بالمسلمين و الإفساد عليهم و إيقاع المنازعة بينهم،و قد قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (3).

و كذا البحث لو اشترى على شراء أخيه،بأن يأتي إلى البائع في زمن خياره قبل لزوم العقد،فيدفع إليه في المبيع أكثر من الثمن الذي اشتري به؛لأنّه في معنى المنهيّ عنه؛إذ المقتضي للنهي في البيع قائم في الشراء.و لأنّ أحدا من المسلمين لم

ص:314


1- 1التهذيب 7:8 الحديث 27،الوسائل 12:295 الباب 12 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:92،صحيح مسلم 2:1032 الحديث 1412،سنن أبي داود 3:269 الحديث 3436، [2]سنن ابن ماجة 2:733 الحديث 2171،سنن الترمذيّ 3:587 الحديث 1292، [3]سنن النسائيّ 7:256،مسند أحمد 2:108، [4]سنن البيهقيّ 5:344،كنز العمّال 4:50 الحديث 9452، مسند أبي يعلى 10:176 الحديث 5801،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:223 الحديث 4944.
3- 3) النساء(4):114. [5]

يفرّق بين الصورتين.و لأنّ الشراء يسمّى بيعا فيدخل في النهي.و لأنّه عليه السلام نهى عن أن يخطب على خطبة أخيه و هو في معنى الخاطب (1).

إذا ثبت هذا:فلو خالف و عقد بعد أن فسخ البائع أو المشتري البيع،صحّ البيع و يكون قد فعل محرّما.و به قال الشافعيّ (2).

و قال بعض الجمهور:يبطل البيع؛عملا بالنهي المقتضي للفساد (3).

و هو ممنوع؛لأنّا قد بيّنّا أنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد (4)،و أيضا:

فالمحرّم هو عرض سلعته للمشتري أو قوله الذي فسخ البيع من أجله و هو سابق على البيع.و لأنّه إذا صحّ الفسخ الذي حصل به الضرر،فالبيع المحصّل للمصلحة أولى.

مسألة:النّجش-بالنون و الجيم و الشين المعجمتين-منهيّ عنه حرام،

و هو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها،و إنّما يقصد بذلك أن يقتدي به المستام (5)، فيظنّ أنّه لم يزد فيها هذا القدر إلاّ و هي تساويه فيغترّ بذلك،و هو محرّم إجماعا.

قال البخاريّ:الناجش آكل ربا جائر (6)،و هو خداع باطل لا يحلّ (7).

ص:315


1- 1صحيح البخاريّ 3:91،سنن النسائيّ 7:258،مسند أحمد 2:153،سنن البيهقيّ 7:180، المصنّف لعبد الرزّاق 8:198 الحديث 14867،المصنّف لابن أبي شيبة 3:457 الحديث 250، كنز العمّال 4:64 الحديث 9528،المعجم الكبير للطبرانيّ 12:259 الحديث 13280،مسند أبي يعلى 10:182،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6:140 الحديث 4035،فتح الباري 4:281.
2- 2) الأمّ 3:91-92،الحاوي الكبير 5:344،المهذّب للشيرازيّ 1:385،حلية العلماء 4:308، المجموع 13:17،روضة الطالبين:533،مغني المحتاج 2:37،السراج الوهّاج:182.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 3:53،تبيين الحقائق 4:409.
4- 4) يراجع:نهاية الوصول إلى علم الأصول:115- [1]مخطوط.
5- 5) سام البائع السلعة سوما و سامها المشتري و استامها:طلب بيعها منه.المصباح المنير:297. [2]
6- 6) بعض النسخ:جابر،و في المصدر:خائن.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:91.

و روى ابن عمر:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن النجش (1).

و عن أبي هريرة:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا تلقّوا الركبان و لا يبع بعضكم على بعض و لا تناجشوا و لا يبيع حاضر لباد» (2)و لأنّه خداع،و قد نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الخداع.و لأنّه غشّ و قد نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه.

روى ابن بابويه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لزينب العطّارة الحولاء (3):«إذا بعت فأحسني و لا تغشّي،فإنّه أتقى و أبقى للمال» (4).

و قال عليه السلام:«من غشّ المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة؛لأنّهم أغشّ الناس للمسلمين» (5).

ص:316


1- 1صحيح البخاريّ 3:91،سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2173،سنن النسائيّ 7:258،الموطّأ 2:684 الحديث 97، [1]مسند أحمد 2:108، [2]سنن البيهقيّ 5:343،كنز العمّال 4:76 الحديث 9599،مسند أبي يعلى 10:171 الحديث 5796،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:224 الحديث 4947،فيض القدير 6:324 الحديث 9433.
2- 2) صحيح مسلم 3:1155 الحديث 1515 باختلاف يسير فيه،سنن النسائيّ 7:256،الموطّأ 2: 683 الحديث 96، [3]مسند أحمد 2:465، [4]كنز العمّال 4:65 الحديث 6531،مسند أبي يعلى 11: 208 الحديث 6321.
3- 3) زينب العطّارة عنونها ابن الأثير بعنوان:الحولاء العطّارة،و روي عن أنس بن مالك أنّه قال:كانت امرأة بالمدينة عطّارة تسمّى الحولاء فجاءت حتّى دخلت على عائشة...الحديث،و روى هذا الحديث ابن حجر و لكن فيه:كان بالمدينة امرأة عطّارة تسمّى الحولاء بنت تويت مع أنّ ابن الأثير و ابن حجر نفسه عنونا الحولاء بنت تويت في عنوان غير عنوان الحولاء العطّارة و اللّه العالم.أسد الغابة 5:432، [5]الإصابة 4:278. [6]
4- 4) الفقيه 3:173 الحديث 775،الوسائل 12:287 الباب 4 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [7]
5- 5) الفقيه 3:173 الحديث 777،الوسائل 12:210 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [8]
فروع:
الأول إذا اشترى مع النجش،فالشراء صحيح.

و به قال الشافعيّ (1)،و أصحاب الرأي، و أكثر أهل العلم (2).

و قال أحمد بن حنبل:البيع باطل (3).

لنا:أنّ النهي عائد إلى الناجش لا إلى العاقد،فلم يؤثّر في البيع.و لأنّ النهي لحقّ آدميّ فلم يفسد (4)البيع،كالتلقّي و بيع المعيب و المدلّس،بخلاف حقّ اللّه تعالى؛لأنّ حقّ الآدميّ يمكن جبره بالخيار.

الثاني:إن كان في البيع غبن لم يجر العادة بمثله،

تخيّر المشتري في الفسخ و الإمضاء؛لأنّه حرام؛

لقول الصادق عليه السلام:«غبن المؤمن حرام» (5).

و في رواية أخرى:أنّه ربا (6).فيكون محرّما يثبت به الخيار.

أمّا إن كان الغبن فيما تجري العادة بمثله،فإنّ الخيار ساقط و البيع لازم.

ص:317


1- 1الأمّ 3:91،الحاوي الكبير 5:343،المهذّب للشيرازيّ 1:385،حلية العلماء 4:306، المجموع 13:15،روضة الطالبين:533،الميزان الكبرى 2:76،مغني المحتاج 2:37،السراج الوهّاج:182.
2- 2) بدائع الصنائع 5:233،الهداية للمرغينانيّ 3:53،شرح فتح القدير 6:106،تبيين الحقائق 4: 409،مجمع الأنهر 2:70.
3- 3) المغني 4:300،الشرح الكبير بهامش المغني 4:88،الفروع في فقه أحمد 2:331،الإنصاف 4: 395. [1]
4- 4) كثير من النسخ:فلا يفسد.
5- 5) الكافي 5:153 الحديث 15، [2]الفقيه 3:173 الحديث 772،التهذيب 7:7 الحديث 72،الوسائل 12:293 الباب 9 [3] من أبواب آداب التجارة الحديث 3 و ص 364 الباب 17 من أبواب الخيار الحديث 2.
6- 6) الفقيه 3:173 الحديث 773،الوسائل 12:293 الباب 9 من أبواب آداب التجارة الحديث 5. و [4]من طريق العامّة،ينظر:سنن البيهقيّ 5:348،كنز العمّال 4:75 الحديث 9591.في الجميع:غبن المسترسل ربا.
الثالث:لا فرق في ثبوت الخيار مع الغبن الفاحش بين أن يكون النجش

بمواطأة البائع أو لم يكن.

و به قال أحمد (1).

و قال أصحاب الشافعيّ:إن لم يكن ذلك بمواطأة البائع و علمه فلا خيار (2)و اختلفوا فيما إذا كان بمواطأة منه،فقال بعضهم:لا خيار للمشتري (3).

لنا:أنّه تغرير بالعاقد،فإذا كان مغبونا ثبت له الخيار،كما في تلقّي الركبان.

احتجّوا:بأنّ التفريط منه حيث اشترى ما لا يعرف قيمته (4).

و الجواب:النقض بالتلقّي.

الرابع:لو قال البائع:أعطيت في هذه السلعة كذا،فصدّقه المشتري و اشتراها

بذلك،

ثمّ بان كذبه،صحّ البيع و كان له الخيار أيضا؛لأنّه في معنى النّجش.

مسألة:بيع التلجئة باطل.

و معنى بيع التلجئة:أن يخاف الرجل من السلطان أن يأخذ ملكه أو متاعه أو غير السلطان،فيواطئ رجلا على أن يظهر أنّه اشتراه منه ليحتمي بذلك و لا يريد بيعا حقيقيّا.

إذا عرفت محلّ النزاع:فهذا عندنا باطل.و به قال أبو يوسف،و محمّد (5)، و أحمد بن حنبل (6).

ص:318


1- 1المغني 4:301،الشرح الكبير بهامش المغني 10:88،الإنصاف 4:396. [1]
2- 2) الحاوي الكبير 5:343،المهذّب للشيرازيّ 1:385،المجموع 13:15-16،مغني المحتاج 2: 37.
3- 3) الحاوي الكبير 5:343،المهذّب للشيرازيّ 1:385،المجموع 13:15-16.
4- 4) الحاوي الكبير 5:343،المهذّب للشيرازيّ 1:385،المجموع 13:15،مغني المحتاج 2:37.
5- 5) بدائع الصنائع 5:176،الفتاوى الهنديّة 3:209-210،المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
6- 6) المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49،الفروع في فقه أحمد 2:330.

و قال أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ:إنّه صحيح (2).

لنا:أنّهما لم يوجد منهما حقيقة البيع؛لأنّهما لم يقصداه،و اللفظ إنّما يتمّ دلالته مع القصد،و هما لم يقصدا البيع فأشبها الهازلين.

احتجّوا:بأنّ البيع تمّ بأركانه و شروطه،خاليا من مقارنة مفسد،فصحّ،كما لو اتّفقا على شرط فاسد،ثمّ عقدا البيع بغير شرط (3).

و الجواب:المنع من تتمّة البيع:لأنّ من أركان البيع الإيجاب و القبول المقترنين بالقصد و لم يوجد.

مسألة:و نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبيع حاضر لباد

(4)،و البادي هنا:من يدخل البلدة من غير أهلها،سواء كان بدويّا أو من قرية أو بلدة أخرى،و معناه:أن يخرج الحاضر إلى البادي و قد جلب السلعة فيعرّفه السعر و يقول:أنا أبيع لك،

فنهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك،فقال:«دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من

ص:319


1- 1بدائع الصنائع 5:176،الفتاوى الهنديّة 3:210،المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
2- 2) المجموع 9:334،روضة الطالبين:506،فتح العزيز بهامش المجموع 8:124،مغني المحتاج 2:16،المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
3- 3) المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49،بدائع الصنائع 5:176،مغني المحتاج 2: 16.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:94،صحيح مسلم 3:1155 الحديث 1515،سنن أبي داود 3:270 الحديث 3441، [1]سنن الترمذيّ 3:525 الحديث 1222، [2]سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2177،سنن النسائيّ 7:256،سنن البيهقيّ 5:346،المصنّف لعبد الرزّاق 8:199 الحديث 14870،المصنّف لابن أبي شيبة 5:105 الحديث 5،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:223 الحديث 4941، كنز العمّال 4:164 الحديث 9992،مسند أبي يعلى 2:15 الحديث 643.

بعض» (1).

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتلقّى الركبان،و أن يبيع حاضر لباد،قال:قلت لابن عبّاس:ما معنى قوله:«حاضر لباد؟»قال:لا يكون له سمسارا (2).

و عن جابر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عروة بن عبد اللّه (4)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر،و لا يبيع حاضر لباد،ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من

ص:320


1- 1صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1522،سنن أبي داود 3:270 الحديث 3442، [1]سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2176،سنن الترمذيّ 3:526 الحديث 1223، [2]مسند أحمد 3:307، [3]المصنّف لعبد الرزّاق 8:200 الحديث 14875،المصنّف لابن أبي شيبة 5:105 الحديث 2،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:223 الحديث 4943،مسند أبي يعلى 4:123 الحديث 2169،كنز العمّال 4: 64 الحديث 9527.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:94،صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1521،سنن النسائيّ 7:257،مسند أحمد 1:368، [4]سنن البيهقيّ 5:347،المصنّف لعبد الرزّاق 8:199 الحديث 14870،المصنّف لابن أبي شيبة 5:241 الحديث 2 فيه شطر من الحديث.
3- 3) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1522،سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2176،سنن الترمذيّ 3:526 الحديث 1223، [5]مسند أحمد 3:307، [6]المصنّف لعبد الرزّاق 8:200 الحديث 14875، المصنّف لابن أبي شيبة 5:105 الحديث 2،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:223 الحديث 4943،مسند أبي يعلى 4:123 الحديث 2169،كنز العمّال 4:64 الحديث 9527.
4- 4) عروة بن عبد اللّه بن بشير أبو مهل-بفتح الميم و فتح الهاء-الجعفيّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام بعنوان:عروة بن عبد اللّه بن قشير،قال المامقانيّ:ظاهره:كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:264،تنقيح المقال 2:251. [7]

بعض» (1).

إذا ثبت هذا:فالمعنى فيه أنّه متى ترك البدويّ،يبيع سلعته،اشتراها الناس برخص،و توسّع عليهم السعر،و إذا تولّى الحاضر بيعها و امتنع من بيعها إلاّ بسعر البلد،ضاق على الناس،و قد أشار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تعليله إلى هذا المعنى

بقوله عليه السلام:«ذروا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض» (2).

قال ابن إدريس:وجدت بعض المصنّفين قد ذكر في كتاب له،قال:نهى أن يبيع حاضر لباد:فمعنى هذا النهي-و اللّه أعلم-معلوم في ظاهر الخبر و هو الحاضر للبادي،يعني متحكّما عليه في البيع بالكره أو بالرأي الذي يغلب به عليه يريه أنّ ذلك نظر له،أو يكون البادي يولّيه عرض سلعته،فيبيع دون رأيه أو ما أشبه ذلك، فأمّا إن دفع البادي سلعته إلى الحاضر ينشرها للبيع و يعرضها و يستقضي ثمنها،ثمّ يعرّفه مبلغ الثمن،فيلي البادي البيع بنفسه،أو يأمر من يلي ذلك بوكالته،فذلك جائز،و ليس في هذا من ظاهر النهي شيء؛لأنّ ظاهر النهي إنّما هو أن يبيع الحاضر للبادي،فإذا باع البادي بنفسه،فليس هذا من ذلك بسبيل،كما يتوهّمه من قصر فهمه،قال:هذا آخر الكلام،فأحببت إيراده[هاهنا] (3)ليوقف عليه،فإنّه كلام

ص:321


1- 1التهذيب 7:158 الحديث 697،فيه:و المسلمون مكان:ذروا المسلمين،بهذا اللفظ ينظر:الفقيه 3:174 الحديث 778،الوسائل 12:326،الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث 5 [1] فيه صدر الحديث و ص 327 الباب 37 من أبواب آداب التجارة الحديث 1،فيه ذيل الحديث.
2- 2) بهذا اللفظ ينظر:سنن أبي داود 3:270 الحديث 3442،و [2]بتفاوت ينظر:سنن ابن ماجة 2:734 الحديث 2176،صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1522،سنن الترمذيّ 3:526 الحديث 1223، مسند أحمد 3:307،المصنّف لعبد الرزّاق 8:200 الحديث 14875،المصنّف لابن أبي شيبة 5: 105 الحديث 2،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:223 الحديث 4943،مسند أبي يعلى 4: 123 الحديث 2169،كنز العمّال 4:64 الحديث 9527.
3- 3) أثبتناها من المصدر.

محصّل سديد في موضعه (1).

و المعنى الذي ذكرناه نحن أوّلا،أولى؛لأنّه مأخوذ من التعليل الوارد في الحديثين.

فروع:
الأوّل:للشيخ-رحمه اللّه-في النهي قولان:

أحدهما:أنّه للكراهية،ذكره في النهاية (2).و به قال أحمد بن حنبل (3)، و أبو حنيفة و أصحابه (4).

و الثاني:التحريم،ذكره في المبسوط و الخلاف (5).و هو قول ابن إدريس (6).

و به قال طلحة بن عبيد اللّه،و ابن عمر،و أبو هريرة و أنس،و عمر بن عبد العزيز (7)، و مالك (8)،و الليث (9)،و الشافعيّ (10).و فيه قوّة.

ص:322


1- 1السرائر:211.
2- 2) النهاية:375.
3- 3) المغني 4:302-303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49،الكافي لابن قدامة 2:202،الفروع في فقه أحمد 2:329،الإنصاف 4:333. [1]
4- 4) بدائع الصنائع 5:232،الهداية للمرغينانيّ 3:53،شرح فتح القدير 6:107،الفتاوى الهنديّة 3: 211،تبيين الحقائق 4:411،مجمع الأنهر 2:69-70.
5- 5) المبسوط 2:160،الخلاف 1:581 مسألة-282.
6- 6) السرائر:211.
7- 7) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
8- 8) الكافي في فقه أهل المدينة:365،بداية المجتهد 2:166.
9- 9) المغني 4:302،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
10- 10) الأمّ 3:92،المهذّب للشيرازيّ 1:386،حلية العلماء 4:309،المجموع 13:20، [2]الميزان الكبرى 2:76،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:3،روضة الطالبين:532،منهاج الطالبين:38،مغني المحتاج 2:36،السراج الوهّاج:182.

لنا:أنّ النهي ظاهر في التحريم،كما أنّ الأمر ظاهر في الإيجاب.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بالأصل (1).

و الجواب:أنّ النهي صرف عن الأصل.

الثاني:إنّما يحرم ذلك بثلاثة شرائط:

أحدها:أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولّى البيع له.

الثاني:أن يكون البادي جاهلا بالسعر؛لأنّه داخل تحت التعليل من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من حيث المفهوم؛إذ الأمر بالترك-ليرزق اللّه بعضهم من بعض- إنّما يكون مع الجهل بالسعر.

الثالث:أن يكون قد جلب السلع للبيع،فلو جلبها لغير البيع فيحدث عليه الحاضر البيع،أو كان البادي عارفا بالقيمة،لم يحصل التحريم.

و زاد أصحاب الشافعيّ شرطا آخر:و هو أن يكون مريدا لبيعها بسعر يومها (2)و زاد غيرهم شرطا خامسا:و هو أن يكون بالناس حاجة إلى السلعة و ضيق في تأخير بيعه (3).

الثالث:إذا اجتمعت الشرائط،كان الحاضر قد فعل حراما و لا يبطل البيع.

و به

ص:323


1- 1لم نعثر عليه.و لعلّ نظره إمكان الاحتجاج عليه بالأصل حيث قال في النهاية:375،و [1]إن لم يكن شيء من ذلك محظورا.
2- 2) الحاوي الكبير 5:346-347،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:3،منهاج الطالبين:38، روضة الطالبين:532،مغني المحتاج 2:36،السراج الوهّاج:181،المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
3- 3) الأمّ 3:92،المهذّب للشيرازيّ 1:386،حلية العلماء 4:309،المجموع 13:20،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:3،منهاج الطالبين:38،روضة الطالبين:532،مغني المحتاج 2:36، السراج الوهّاج:181،المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.

قال الشافعيّ (1).

و قال أحمد:يبطل (2).

لنا:أنّ الأصل:الصحّة،و النهي لمعنى في غير المنهيّ عنه.

احتجّوا:بأنّ النهي يدلّ على الفساد (3).

و الجواب:المنع من الدلالة.

الرابع:لو أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له،

فالوجه:

الكراهية.و به قال مالك (4)و الليث (5).

و قال الأوزاعيّ،و ابن المنذر:لا بأس به (6).

لنا:أنّ التعليل يتناوله،فيدخل تحت النهي.

الخامس:لا بأس بالشراء للبادي.

و به قال الحسن البصريّ،و أحمد (7).

و قال أنس بالمنع (8)،و عن مالك روايتان (9).

لنا:أنّ النهي غير متناول بلفظه و لا بمعناه الشراء؛فإنّ النهي عن البيع إنّما هو

ص:324


1- 1الحاوي الكبير 5:347،المهذّب للشيرازيّ 1:386،روضة الطالبين:532،المجموع 13:21، مغني المحتاج 2:36،السراج الوهّاج:181.
2- 2) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50،الكافي لابن قدامة 2:203،الفروع في فقه أحمد 2:329،الإنصاف 4:334. [1]
3- 3) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
4- 4) المنتقى للباجيّ 5:103،الكافي في فقه أهل المدينة:365،بداية المجتهد 2:166.
5- 5) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
6- 6) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50،بداية المجتهد 2:166.
7- 7) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50،الكافي لابن قدامة 2:203،الفروع في فقه أحمد 2:329،الإنصاف 4:335. [2]
8- 8) المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50،المجموع 13:22.
9- 9) المنتقى للباجيّ 5:104،الكافي في فقه أهل المدينة:365،بداية المجتهد 2:166.

للرفق بأهل الحضر؛ليتّسع عليهم السعر،و يزول عنهم الضرر،و ليس ذلك في الشراء لهم؛لعدم ضررهم؛لعدم الغبن للبادين،بل هو دفع الضرر عنهم،و الخلق في نظر الشرع على السواء،فكلّما شرّع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر،لا يلزم أن يلزم أهل البدو الضرر.

مسألة:و في تلقّي الركبان للشيخ قولان:

أحدهما:التحريم،ذكره في المبسوط (1)،و به قال ابن إدريس (2).

و الثاني:الكراهية،قاله في النهاية (3)،و معناه:أن يخرج من أهل البلد قوم إلى الركبان الذين قاربوا البلد،فيشترون منهم أمتعتهم و أعراضهم (4)قبل أن يعرفوا سعر البلد.روي أنّهم كانوا يتلقّون الجلاّب فيشترون منهم الأمتعة قبل أن تهبط الأسواق، فربّما غبنوهم غبنا ظاهرا فيضرّون بهم و بأهل البلد أيضا؛لأنّ الركبان إذا وصلوا باعوا أمتعتهم،و الذين يتلقّونهم قد لا يبيعونها سريعا يتربّصون بها السعر فهو في معنى بيع الحاضر للبادي (5).

روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تلقّوا الركبان و لا يبع حاضر لباد» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن منهال القصّاب،عن أبي عبد اللّه

ص:325


1- 1المبسوط 2:160.
2- 2) السرائر:211.
3- 3) النهاية:375.
4- 4) أكثر النسخ:أعواضهم،مكان:أعراضهم.
5- 5) الحاوي الكبير 5:349،المغني 4:304.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:94،سنن النسائيّ 7:256،مسند أحمد 2:465، [1]كنز العمّال 4:65 الحديث 9532،سنن الدارقطنيّ 3:75 الحديث 283.

عليه السلام،قال:قال:«لا تلقّ و لا تشتر ما يتلقّى و لا تأكل منه» (1).

و عن عروة بن عبد اللّه،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر،و لا يبيع حاضر لباد، و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض» (2).

إذا ثبت هذا:فقد كرهه أكثر العلماء،منهم:عمر بن عبد العزيز (3)،و مالك (4)، و الليث،و الأوزاعيّ (5)،و الشافعيّ (6)،و إسحاق (7).

و عن أبي حنيفة أنّه لا بأس بالتلقّي (8).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث.

إذا عرفت هذا:فهل هو حرام أو مكروه؟الأقوى:التحريم؛عملا بالنهي الدالّ بظاهره عليه،كما قلناه في بيع الحاضر للبادي (9).

ص:326


1- 1التهذيب 7:158 الحديث 696،الوسائل 12:326 الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 7:158 الحديث 697،الوسائل 12:326 الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث 5 و [2]فيه صدر الحديث،الوسائل 12:327 الباب 37 من أبواب آداب التجارة الحديث 1.و [3]فيه ذيل الحديث.
3- 3) المغني 4:304،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
4- 4) بداية المجتهد 2:166-167،المغني 4:304،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
5- 5) المغني 4:304،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
6- 6) حلية العلماء 4:312،المجموع 13:24.
7- 7) المغني 4:304،الشرح الكبير بهامش المغني 4:49.
8- 8) بدائع الصنائع 5:32،الهداية للمرغينانيّ 3:53،شرح فتح القدير 5:107،تبيين الحقائق 4: 411،مجمع الأنهر 2:70،عمدة القارئ 11:284.
9- 9) يراجع:ص 319.
فروع:
الأوّل:لو خالف و تلقّى الركبان و اشترى منهم،

فالبيع صحيح في قول عامّة العلماء،قاله ابن عبد البرّ (1)،و عن أحمد رواية أنّ البيع فاسد (2).

لنا:

ما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تلقّوا بجلب،فمن تلقّاه و اشترى منه،فإذا أتى السوق فهو بالخيار» (3).و إنّما يثبت الخيار في البيع الصحيح،و لأنّ الأصل:الصحّة.

احتجّ أحمد:بالنهي الدالّ على الفساد (4).

و الجواب:قد بيّنّا غير مرّة أنّه لا يدلّ على الفساد في المعاملات (5).و لأنّ النهي لا لمعنى في البيع،بل يعود إلى ضرب من الخديعة يمكن استدراكها بإثبات الخيار.

الثاني:إذا ثبت الغبن،كان للمغبون الخيار إن كان ممّا لا يتغابن بمثله.

و قال أصحاب الرأي:لا خيار له (6).

لنا:

قوله عليه السلام:«فمن تلقّاه فاشترى منه،فإذا أتى السوق فهو بالخيار» (7).و لأنّ إسقاط الخيار إضرار بالبائع.

ص:327


1- 1المغني 4:304.
2- 2) المغني 4:304،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50،الكافي لابن قدامة 2:201.
3- 3) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1519،سنن ابن ماجة 2:735 الحديث 2178،سنن النسائيّ 7:257،سنن الدارميّ 2:254، [1]مسند أحمد 2:488، [2]سنن البيهقيّ 5:348،كنز العمّال 4:65 الحديث 9534.في الجميع بتفاوت يسير.
4- 4) المغني 4:304،الكافي لابن قدامة 2:201.
5- 5) يراجع:نهاية الوصول إلى علم الأصول:115- [3]مخطوط.
6- 6) المغني 4:304.
7- 7) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1519،سنن ابن ماجة 2:735 الحديث 2178،سنن النسائيّ
الثالث:لا خيار إلاّ مع الغبن الفاحش و لا يثبت بدونه،

و هو ظاهر مذهب الشافعيّ (1)؛لأنّه إنّما يثبت لأجل الخديعة و دفع الضرر عن البائع،و لا ضرر مع عدم الغبن.

و قال بعض الجمهور:يثبت الخيار مع عدم الغبن (2)؛عملا بظاهر الحديث (3).

و ليس بجيّد؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل له الخيار إذا أتى السوق (4)، فيفهم منه أنّه أشار إلى معرفته بالغبن في السوق،و لو لا ذلك،لكان له الخيار من حين البيع.

الرابع:الخيار إنّما هو للبائع خاصّة.

قال أصحاب مالك:إنّما نهي عن تلقّي الركبان؛لما يفوت به من الرفق بأهل السوق؛لئلاّ يقطع عنهم ما لأجله جلسوا في السوق من ابتغاء فضل اللّه تعالى (5).

قال بعض الجمهور:فإنّ تلقّاها متلقّ فاشتراها عرضت على أهل السوق،

ص:328


1- 1) المهذّب للشيرازيّ 1:386،حلية العلماء 4:311،منهاج الطالبين:38،المجموع 13:25،مغني المحتاج 2:36،السراج الوهّاج:182.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:386،حلية العلماء 4:312،المجموع 13:25،بداية المجتهد 2:166.
3- 3) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1519،سنن ابن ماجة 2:735 الحديث 2178،سنن النسائيّ 7:257،سنن الدارميّ 2:254،مسند أحمد 2:488،سنن البيهقيّ 5:348،كنز العمّال 4:65 الحديث 9534.
4- 4) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1519،سنن ابن ماجة 2:735 الحديث 2178،سنن النسائيّ 7:257،سنن الدارميّ 2:254،مسند أحمد 2:488،سنن البيهقيّ 5:348،كنز العمّال 4:65 الحديث 9534.
5- 5) المنتقى للباجيّ 5:102،بداية المجتهد 2:166،المغني 4:305،عمدة القارئ 11:284.

فيشتركون فيها (1).

و قال الليث بن سعد:تباع في السوق (2).

و هو غلط؛لأنّه مخالف لمدلول الحديث؛فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل الخيار للبائع إذا دخل السوق (3)،و كون الخيار له يدلّ على أنّ النهي عن التلقّي؛ لحقّه لا لحقّ غيره.و لأنّ الجالس في السوق مساو للمتلقّي في ابتغاء فضل اللّه،فلا يليق بالحكمة فسخ عقد أحدهما و إلحاق الضرر به؛دفعا للضرر عن مثله.

الخامس:الخيار في التلقّي مع الغبن الفاحش،

و في النجش معه،قيل:على الفور.

و قيل:لا يسقط إلاّ بالإسقاط (4).

و هو أقرب؛لأنّ النصّ دلّ على ثبوت الخيار (5)،و الأصل:الاستصحاب ما لم تخرج العين عن ملكه.

السادس:لو تلقّى الركبان فباعهم شيئا،

فهو بمنزلة الشراء منهم،و لهم الخيار إذا غبنهم غبنا يخرج عن العادة،و هو أحد وجهي الشافعيّة،و الآخر:لا خيار فيه (6).

و هو الذي يقتضيه قول أصحاب مالك (7)؛لأنّ تعليلهم ذلك بما ذكرناه،إنّما يتحقّق

ص:329


1- 1الحاوي الكبير 5:349،المغني 4:305.
2- 2) المغني 4:305.
3- 3) صحيح مسلم 3:1157 الحديث 1519،سنن ابن ماجة 2:735 الحديث 2178،سنن النسائيّ 7:257،سنن الدارميّ 2:254،مسند أحمد 2:488،سنن البيهقيّ 5:348،كنز العمّال 4:65 الحديث 9534.
4- 4) ينظر:الحاوي الكبير 5:349،حلية العلماء 4:312.
5- 5) المراد منه:حديث أبي هريرة،ينظر:ص 327 رقم 3.
6- 6) حلية العلماء 4:312،المجموع 13:26،روضة الطالبين:533،مغني المحتاج 2:36.
7- 7) مرّ تعليلهم في ص 328 رقم 5. [1]

في الشراء منهم لا البيع عليهم.

لنا:

قوله عليه السلام:«لا تلقّوا الركبان» (1).و البائع داخل فيه،و لأنّ المقتضي للنهي-و هو الخديعة و الغبن-موجود في الشراء و البيع.

السابع:لو خرج لا لقصد الابتياع و التلقّي،

فلقي ركبا،لم يكره له الشراء منهم و لا البيع،و هو أحد وجهي الشافعيّة (2)،و الليث بن سعد (3).و الوجه الثاني للشافعيّة:أنّه يحرم (4).

لنا:أنّه لم يقصد التلقّي،فلم يتناوله النهي.

احتجّوا:بأنّ النهي عن التلقّي للخديعة و الغبن،و هو موجود،سواء قصد التلقّي أو لم يقصد (5).

الثامن:لو تلقّى الجلب في أوّل السوق،

لم يكن به بأس؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تتلقّى السلع حتّى يهبط بها السوق،و هو يصدق على طرفه، كصدقه على وسطه.و لأنّه صار في محلّ البيع و الشراء،فلم يدخل في النهي.

التاسع:حدّ علماؤنا التلقّي بأربعة فراسخ،فكرهوا التلقّي إلى ذلك الحدّ،فإن زاد على ذلك،كان تجارة و جلبا و لم يكن تلقّيا،و هو ظاهر؛لأنّه بمضيّه و رجوعه

ص:330


1- 1صحيح البخاريّ 3:94،سنن أبي داود 3:270 الحديث 3443، [1]سنن النسائيّ 7:253-256، مسند أحمد 2:156، [2]سنن البيهقيّ 5:348،سنن الدارقطنيّ 3:75 الحديث 283،المصنّف لابن أبي شيبة 5:169 الحديث 6،كنز العمّال 4:65 الحديث 9532،مسند أبي يعلى 11:144 الحديث 6267.
2- 2) أكثر النسخ:الشافعيّ،مكان:الشافعيّة.
3- 3) المغني 4:305،الشرح الكبير بهامش المغني 4:87.
4- 4) الحاوي الكبير 5:350،المهذّب للشيرازيّ 1:292،حلية العلماء 4:312،المجموع 13:26، العزيز شرح الوجيز 4:129،المغني 4:305،الشرح الكبير بهامش المغني 4:87.
5- 5) المغني 4:305،الشرح الكبير بهامش المغني 4:88.

يكون مسافرا يجب عليه التقصير،فيكون سفرا حقيقيّا.

و يدلّ عليه أيضا:

ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن منهال القصّاب،قال:قلت له:ما حدّ التلقّي؟قال:«روحة» (1).

و عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تلقّ،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التلقّي،قلت:و ما حدّ التلقّي؟قال:«ما دون غدوة أو روحة».قلت:

و كم الغدوة و الروحة؟قال:«أربع (2)فراسخ» قال ابن أبي عمير:و ما فوق ذلك فليس بتلقّ (3).و لا نعرف بين علمائنا خلافا فيه.

مسألة:و نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الاحتكار

(4)،و اختلف علماؤنا على قولين:

أحدهما:التحريم،اختاره الشيخ-رحمه اللّه-في الاستبصار (5)، و أبو الصلاح (6)،و ابن إدريس (7)،و ابن بابويه (8)،و بعض الشافعيّة (9).

ص:331


1- 1التهذيب 7:158 الحديث 698،الوسائل 12:326 الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [1]
2- 2) في«ب»و الوسائل: [2]أربعة.
3- 3) التهذيب 7:158 الحديث 699،الوسائل 12:326 الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
4- 4) المصنّف لابن أبي شيبة 5:47 الحديث 1،سنن البيهقيّ 6:30.
5- 5) الاستبصار 3:115.
6- 6) الكافي في الفقه:360.
7- 7) السرائر:212.
8- 8) الفقيه 3:168 الحديث 745.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:292،حلية العلماء 4:381،المجموع 13:44،العزيز شرح الوجيز 4: 126،روضة الطالبين:532،الميزان الكبرى 2:76،مغني المحتاج 2:38.

و الآخر:الكراهية،ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية (1)،و المفيد في المقنعة (2)،و سلاّر (3)،و بعض الشافعيّة (4).

و الأوّل عندي:أقوى،و هو قول الجمهور.

و يدلّ على النهي:ما رواه الجمهور عن أبي أمامة،قال:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يحتكر الطعام (5).

و عن سعيد بن المسيّب:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من احتكر فهو خاطئ» (6).

و خرج عمر بن الخطّاب مع أصحابه،فرأى طعاما كثيرا قد ألقي على باب مكّة،فقال:ما هذا الطعام؟قالوا:جلب إلينا،فقال:بارك اللّه فيه و فيمن جلبه،فقيل له:إنّه قد احتكر،فقال:و من احتكره؟قالوا:فلان مولى عثمان و فلان مولاك، فأرسل إليهما،فقال:ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟قالا:نشتري بأموالنا و نبيع،قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من احتكر على المسلمين طعامهم،لم يمت حتّى يضربه اللّه بالجذام أو الإفلاس». قال الراوي:فأمّا مولى عثمان فباعه و قال:و اللّه لا أحتكره،و أمّا مولى عمر فلم يبعه فرأيته

ص:332


1- 1النهاية:374.
2- 2) المقنعة:96.
3- 3) المراسم:182.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:292،حلية العلماء 4:318،العزيز شرح الوجيز 4:126،روضة الطالبين: 532،المجموع 13:44.
5- 5) المصنّف لابن أبي شيبة 5:47 الحديث 1، [1]سنن البيهقيّ 6:30،المعجم الكبير للطبرانيّ 8:188 الحديث 7776.
6- 6) صحيح مسلم 3:1227 الحديث 1605،سنن البيهقيّ 6:30،كنز العمّال 4:99 الحديث 9731، المعجم الكبير للطبرانيّ 20:445 الحديث 1086.

مجذوما (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن أبي زياد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يحتكر الطعام إلاّ خاطئ» (3).

و عن ابن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (4).

و عن جهم بن أبي جهم (5)عن معتّب (6)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:-

ص:333


1- 1سنن ابن ماجة 2:728 الحديث 2155،مسند أحمد 1:21، [1]كنز العمّال 4:181 الحديث 10066،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:160.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:728 الحديث 2153،سنن الدارميّ 2:249، [2]سنن البيهقيّ 6:30،كنز العمّال 4:97 الحديث 9716.
3- 3) التهذيب 7:159 الحديث 701،الاستبصار 3:114 الحديث 403،الوسائل 12:315 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 12. [3]
4- 4) التهذيب 7:159 الحديث 702،الاستبصار 3:114 الحديث 404،الوسائل 12:313 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [4]في التهذيب:أبي العلاء،بدل:ابن القدّاح.
5- 5) جهم بن أبي جهم،و عنونه الصدوق في المشيخة و النجاشيّ في رجاله و المصنّف في إيضاح الاشتباه بعنوان:جهيم بن أبي جهم،قال النجاشيّ:جهيم بن أبي جهم،و يقال:ابن أبي جهمة كوفيّ روى عنه سعدان بن مسلم نوادر،و عدّه الشيخ في رجاله بعنوان:جهم بن أبي جهم من أصحاب الكاظم عليه السلام،و نقل المامقانيّ و السيّد الخوئيّ عن الميرداماد أنّه شيخ جليل المنزلة،و عدّه المامقانيّ من الحسان و السيّد الخوئيّ من الثقات. الفقيه(شرح المشيخة)4:54،رجال النجاشيّ:131،رجال الطوسيّ:345،إيضاح الاشتباه: 128،تنقيح المقال 1:240، [5]معجم رجال الحديث 5:153 و 157. [6]
6- 6) معتّب مولى أبي عبد اللّه عليه السلام،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفا إلى ما في العنوان قوله:مدنيّ أسند عنه،و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام مضيفا إلى ما

و قد تزيّد السعر بالمدينة-«كم عندنا من طعام؟»قال:قلت:عندنا ما يكفينا أشهرا كثيرة،قال:«أخرجه و بعه»قال:قلت:و ليس بالمدينة طعام؟قال:«بعه»فلمّا بعته،قال:«اشتر مع الناس يوما بيوم»و قال:«يا معتّب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا و نصفا حنطة،فإنّ 1اللّه يعلم أنّي واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها، و لكنّي أحبّ أن يراني اللّه عزّ و جلّ قد أحسنت تقدير المعيشة» 2.

و عن يونس بن يعقوب،عن معتّب،قال:كان أبو الحسن عليه السلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها،و نشتري مع المسلمين يوما بيوم 3.

و عن الحسن 4،عن عليّ عليه السلام،قال:«من باع الطعام،نزعت منه الرحمة» 5.

ص:334

و نهى أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكرة في الأمصار (1).

و هذه الأخبار كما دلّت على النهي،دلّت على الحرمة.

فروع:
الأوّل:الاحتكار:هو حبس الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،و السمن،

و قيل:و الملح (2).فأمّا ما عدا ذلك فلا يتحقّق فيه الاحتكار،كالإدام،و الحلو، و العسل،و الزيت،و أعلاف البهائم؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحكرة في الطعام (3)،فدلّ بمفهومه على إباحة ذلك في غيره،و كان سعيد بن المسيّب-و هو راوي حديث الاحتكار-يحتكر الزيت،و كان يحتكر النوى و الخبط (4)و البزر (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ليس الحكرة إلاّ في الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،و السمن» (6).

و قد روى ابن بابويه عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام قال:«ليس الحكرة إلاّ في الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،

ص:335


1- 1الفقيه 3:169 الحديث 752،الوسائل 12:314 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 9. [1]
2- 2) ينظر:الوسيلة [2](الجوامع الفقهيّة):709،المبسوط 2:175. [3]
3- 3) صحيح مسلم 3:1227 الحديث 1605،سنن البيهقيّ 6:30،كنز العمّال 4:99 الحديث 9731، المعجم الكبير للطبرانيّ 20:445 الحديث 1086.
4- 4) قال الليث:الخبط:خبط ورق العضاه من الطّلح و نحوه،يخبط يضرب بالعصا فيتناثر ثمّ يعلف الإبل.لسان العرب 7:281. [4]
5- 5) المغني 4:306،الشرح الكبير بهامش المغني 4:53،المجموع 13:49.
6- 6) التهذيب 7:159 الحديث 704،الاستبصار 3:114 الحديث 406،الوسائل 12:313 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [5]

و السمن،و الزيت» (1).

و لأنّ ما عدا الأقوات المذكورة ممّا لا نعلم الحاجة إليها،و قد يستغنى عن أكثرها،فلم يتحقّق فيها الحكرة،كالثياب،و الحيوان.

الثاني:قال ابن بابويه:يتحقّق الحكرة بالزيت؛

عملا برواية غياث بن إبراهيم (2)

و لما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:و سألته عن الزيت،فقال:«إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه» (3)و هو يدلّ بمفهومه على ثبوت البأس مع فقده عند غيره،و الرواية حسنة،و الأولى ضعيفة،إلاّ أنّ عمل أكثر أصحابنا على انتفاء الحكرة فيه.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:يثبت الاحتكار في الملح .

(4)(5)

و لم نقف على حديث دالّ عليه،و لعلّه نظر في ذلك إلى دعوى (6)الحاجة إليه و إمساس الضرورة إلى تناوله،فصار كالطعام.

الرابع:إنّما يثبت الاحتكار في الأقوات المذكورة إذا استبقاها للزيادة في

الثمن،

أمّا لو استبقاها لاستعمالها،فإنّه لا حكرة فيه حينئذ.

الخامس:قال مالك و الأوزاعيّ:إنّما يثبت الاحتكار بشرط أن يشتري،

و لو

ص:336


1- 1الفقيه 3:168 الحديث 744،الوسائل 12:313 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [1]
2- 2) نقله عنه في المختلف:346 حيث قال:قال الصدوق في المقنع:الحكرة تكون في الحنطة، و الشعير،و التمر،و الزبيب،و السمن،و الزيت.و لكنّا لم نعثر عليه،نعم نقله رواية في الفقيه 3:168 الحديث 744.
3- 3) التهذيب 7:160 الحديث 706،الاستبصار 3:115 الحديث 409،الوسائل 12:315 الباب 28 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
4- 4) ب:يتحقّق،مكان:يثبت.
5- 5) المبسوط 2:195. [3]
6- 6) ب،خا و ق:دعوة،مكان:دعوى.

جلب شيئا أو أدخل من غلّته شيئا فادّخره،لم يكن محتكرا؛

لقوله عليه السلام:

«الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (1).

و لأنّ الجالب لا يضيق على أحد و لا يضرّ به،بل ربّما ينفع،فإنّ الناس إذا علموا أنّ عنده طعاما معدّا للبيع،كان ذلك مقوّيا لقلوبهم على الصبر و أولى لهم من عدمه (2).

و يؤيّد ذلك

من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره» (3).

السادس:إنّما يتحقّق الاحتكار المحرّم أو المكروه-على اختلاف الرأيين

- عند احتياج الناس إلى الطعام و عدم الباذل و البائع سوى المحتكر،فمتى تحقّق الإمام ذلك،جبره على البيع.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:حدّه في الرخص أربعون يوما،و في الشدّة و البلاء ثلاثة أيّام (4).فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون، و ما زاد في العسرة على ثلاثة أيّام فصاحبه ملعون.

لنا:

ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره،فإن كان في المصر طعام

ص:337


1- 1سنن ابن ماجة 2:728 الحديث 2153،سنن الدارميّ 2:249، [1]سنن البيهقيّ 6:30،كنز العمّال 4:97 الحديث 9716.
2- 2) المنتقى للباجيّ 5:16،الكافي [2]في فقه أهل المدينة:360،المجموع 13:47،المغني 4:306، الشرح الكبير بهامش المغني 4:53.
3- 3) التهذيب 7:160 الحديث 706،الاستبصار 3:115 الحديث 409،الوسائل 12:315 الباب 28 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
4- 4) النهاية:374. [4]

أو يباع غيره،فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل» (1).

و عن صفوان،عن أبي الفضل سالم الحنّاط،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«ما عملك؟»قلت:حنّاط (2)،و ربّما قدمت على نفاق و ربّما قدمت على كساد فحبست،قال:«فما يقول من قبلك فيه؟»قلت:يقولون:محتكر،قال:«يبيعه أحد غيرك؟»قلت:ما أبيع من ألف جزء جزءا،قال:«لا بأس،إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له:حكيم بن حزام[كان إذا دخل الطعام المدينة،اشتراه كلّه،فمرّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا حكيم بن حزام] (3)إيّاك أن تحتكر» (4).

السابع:على الإمام أن يجبر المحتكرين على البيع،

و ليس له أن يجبرهم على التسعير،بل يتركهم يبيعوا كيف شاءوا.و به قال أكثر علمائنا (5)،و هو مذهب الشافعيّ (6).

و قال المفيد (7)،و سلاّر-رحمهما اللّه-:للإمام أن يسعّر عليهم فيبيعوا بسعر

ص:338


1- 1التهذيب 7:160 الحديث 706،الاستبصار 3:115 الحديث 409،الوسائل 12:315 الباب 28 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) الحنّاط:بائع الحنطة،و الحناطة حرفته.لسان العرب 7:278. [2]
3- 3) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 7:160 الحديث 707،الاستبصار 3:115 الحديث 410،الوسائل 12:316 الباب 28 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [3]
5- 5) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:375،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):709،و ابن إدريس في السرائر:212.
6- 6) الحاوي الكبير 5:408،حلية العلماء 4:416،الميزان الكبرى 2:76،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:3،العزيز شرح الوجيز 4:127،روضة الطالبين:532،مغني المحتاج 2:38، المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
7- 7) المقنعة:96.

البلد (1).و به قال مالك (2).

لنا:

ما رواه الجمهور عن أنس،قال:غلا السعر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالوا:يا رسول اللّه غلا السعر فسعّر لنا،فقال:«إنّ اللّه هو المسعّر القابض الباسط الرازق (3)،و إنّي أرجو أن ألقى اللّه عزّ و جلّ،و ليس أحد يطلبني بمظلمة في دم و لا مال» (4).فترك إجابتهم إلى التسعير،مع تعليله عليه السلام بالظلم، دالّ على أنّه ليس له ذلك.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن منصور (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فقد الطعام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأتاه المسلمون،فقالوا:يا رسول اللّه قد فقد الطعام،و لم يبق شيء منه إلاّ عند فلان،فمره يبع،قال:فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:يا فلان إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فقد،إلاّ شيئا عندك،فأخرجه و بعه كيف شئت و لا تحبسه» (6).

ص:339


1- 1المراسم:182.
2- 2) المنتقى للباجيّ 5:18،الكافي في فقه أهل المدينة:360،الحاوي الكبير 5:408 العزيز شرح الوجيز 4:127،المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
3- 3) ر:«الرزّاق»مكان:«الرازق».
4- 4) سنن أبي داود 3:272 الحديث 3451، [1]سنن ابن ماجة 2:741 الحديث 2200،سنن الترمذيّ 3: 605 الحديث 1314، [2]سنن الدارميّ 2:249، [3]مسند أحمد 3:286، [4]سنن البيهقيّ 6:29،كنز العمّال 4:184 الحديث 10077،المعجم الكبير للطبرانيّ 22:125 الحديث 322،مسند أبي يعلى 6: 444 الحديث 3830،مجمع الزوائد 4:100.
5- 5) عبد اللّه بن منصور،كذا في النسخ و الاستبصار،و في التهذيب و الوسائل: [5]حذيفة بن منصور،قال السيّد الخوئيّ:ما في التهذيب هو الصحيح الموافق للكافي 5:164 باب الحكرة الحديث 2،و لأنّه لم يثبت وجود لعبد اللّه بن منصور لا في كتب الرجال و لا في الروايات،و مرّت ترجمة حذيفة بن منصور في الجزء الرابع ص 244.معجم رجال الحديث 5:225. [6]
6- 6) التهذيب 7:159 الحديث 705،الاستبصار 3:114 الحديث 407،الوسائل 12:316 الباب 29 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [7]

و عن عبد اللّه بن سليمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في تجّار قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلاّ بما أحبّوا،قال:«لا بأس بذلك» (1).

و عن عبد اللّه بن ضمرة (2)،عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال رفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها،فقيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو قوّمت عليهم،فغضب عليه السلام حتّى عرف الغضب من (3)وجهه،فقال:

أنا أقوّم عليهم!؟إنّما السعر إلى اللّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء» (4).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قيل له:لو سعّرت لنا سعرا فإنّ الأسعار تزيد و تنقص،فقال عليه السلام:«ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا،فدعوا عباد اللّه يأكل بعضهم من بعض،و إذا استنصحتم فانصحوا» (5).

و لأنّ الأصل تحريم نقل مال الغير عنه بغير إذنه،و لأنّه ماله،فلم يجز منعه من بيعه بما تراضيا عليه.و لأنّ فيه مفسدة؛لأنّه ربّما سمع الجالب بذلك فلا يقدم بسلعته،و ربّما سمع صاحب البضاعة بالإكراه على التسعير،فحبس ماله عنده

ص:340


1- 1التهذيب 7:161 الحديث 712،الوسائل 12:312 الباب 26 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [1]
2- 2) عبد اللّه بن ضمرة،لم نعثر على ترجمته إلاّ ما قال السيّد الخوئيّ:إنّه روى عن أبيه و روى عنه ابنه الحسين،نعم له ذكر في ترجمة ابنه الحسين بن عبد اللّه بن ضمرة السلميّ الذي عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب السجّاد عليه السلام و بعنوان:الحسين بن عبد اللّه بن ضمرة المدنيّ من أصحاب الصادق عليه السلام.رجال الطوسيّ:86 و 170،معجم رجال الحديث 11:240. [2]
3- 3) كثير من النسخ:«في»مكان:«من».
4- 4) التهذيب 7:161 الحديث 713،الاستبصار 3:114 الحديث 408،الوسائل 12:317 الباب 30 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [3]
5- 5) الفقيه 3:170 الحديث 759،الوسائل 12:318 الباب 30 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [4]

و كتمه فيحصل الإضرار بالجانبين:جانب المالك في منع بيع سلعته،و جانب أهل البلد في منع الجلب إليهم.

احتجّوا:بأنّ في ذلك إضرارا بالناس فساغ التسعير؛

لقوله عليه السلام:«لا ضرر و لا ضرار» (1).و بأنّ عمر مرّ بحاطب في سوق المصلّى و بين يديه غرارتان (2)فيهما زبيب،فسأله عن سعرهما،فسعّر له مدّين بدرهم،فقال له عمر:

قد حدّثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا و هم يعتبرون بسعرك،فإمّا أن ترفع في السعر،و إمّا أن تدخل زبيبك[البيت] (3)فتبيعه كيف شئت (4).

و الجواب:أنّ الضرر محقّق مع التسعير على ما قلناه،و فعل عمر لا حجّة فيه على أنّه خيّره بين الرفع في السعر،و بين بيع الزبيب في البلد كيف شاء،و ليس فيه دلالة على التسعير.

الثامن:قال الشيخ-رحمه اللّه-في الاستبصار:الأخبار عامّة في النهي عن

الاحتكار على كلّ حال،

و قد روي أنّ المحظور من ذلك هو أنّه إذا لم يكن في البلد طعام غير الذي عند المحتكر و يكون واحدا،فإنّه يلزمه إخراجه و بيعه بما يرزقه اللّه،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و ينبغي أن تحمل هذه الأخبار المطلقة على هذه المقيّدة (5).

روى الحلبيّ-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل

ص:341


1- 1سنن ابن ماجة 2:784 الحديث 2340،مسند أحمد 1:313،سنن البيهقيّ 6:70،سنن الدارقطنيّ 3:77 الحديث 288،كنز العمّال 3:919 الحديث 9167،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:86 الحديث 1387،مجمع الزوائد 4:110.
2- 2) الغرارة:الجوالق.لسان العرب 5:18. [1]
3- 3) زيادة من الحاوي الكبير.
4- 4) الحاوي الكبير 5:409،المغني 4:303،الشرح الكبير بهامش المغني 4:50.
5- 5) الاستبصار 3:115.

يحتكر الطعام و يتربّص به هل يجوز[ذلك] (1)؟فقال:«إن كان الطعام كثيرا يسع الناس،فلا بأس به،و إن كان الطعام قليلا،فإنّه يكره أن يحتكر الطعام،و يترك الناس ليس لهم طعام» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الاستحطاط من الثمن قبل التفرّق و بعده مكروه بعد العقد

و استحقاق الثمن بكماله،و ليس بمحرّم (3).

روى الشيخ-في الحسن-عن إبراهيم الكرخيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السلام جارية،فلمّا ذهبت أنقدهم قلت:أستحطّهم؟ قال:«لا،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة» (4).

و إنّما قلنا:إنّ النهي للكراهية هنا؛

لما رواه الشيخ عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع،قال:«لا بأس به» و أمرني فكلّمت رجلا في ذلك (5).

و عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:الرجل يستوهب من الرجل الشيء بعد ما يشتري فيهب له،أ يصلح له؟قال:«نعم» (6).

ص:342


1- 1زيادة من المصدر.
2- 2) الكافي 5:165 الحديث 5، [1]التهذيب 7:160 الحديث 708،الاستبصار 3:115 الحديث 411، الوسائل 12:313 الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
3- 3) يراجع:ص 307. [3]
4- 4) التهذيب 7:233 الحديث 1017،الاستبصار 3:73 الحديث 243،الوسائل 12:333 الباب 44 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 7:233 الحديث 1018،الاستبصار 3:73 الحديث 244،الوسائل 12:333 الباب 44 من أبواب آداب التجارة الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 7:233 الحديث 1019،الاستبصار 3:74 الحديث 245،الوسائل 12:334 الباب 44 من أبواب آداب التجارة الحديث 4. [6]
مسألة:روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن بيعتين في بيعة .

(1)

و فسّر بأمرين:

أحدهما:أن يبيعه الشيء بثمن نقدا و بأكثر نسيئة،و هذا لا يجوز؛لجهالة الثمن،فصار كما لو قال:بعتك هذا العبد أو هذا العبد-و سيأتي البحث فيه-و جوّزه الشيخ رحمه اللّه (2)،و به قال طاوس،و الحكم،و حمّاد (3).

الثاني:أن يبيعه شيئا بشرط أن يشتري منه آخر،كما يقول:بعتك داري هذه بشرط أن تبيعني دارك،و منع ابن إدريس من ذلك (4).و به قال أبو حنيفة (5)، و الشافعيّ (6)،و أكثر العلماء (7)؛عملا بالنهي المقتضي للفساد.

و قال مالك:يجوز (8).و هو عندي قويّ و سيأتي البحث فيه.

مسألة:و نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن بيع حبل الحبلة

(9)-بفتح الحاء غير

ص:343


1- 1سنن الترمذيّ 3:533 الحديث 1231، [1]سنن النسائيّ 7:296،مسند أحمد 2:432، [2]سنن البيهقيّ 5:343،كنز العمّال 4:78 الحديث 9614،مسند أبي يعلى 10:507 الحديث 6124،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:226 الحديث 4955.
2- 2) النهاية:387-388. [3]
3- 3) المغني 4:314،الشرح الكبير بهامش المغني 4:38.
4- 4) السرائر:212.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 13:16،بدائع الصنائع 5:158،الهداية للمرغينانيّ 3:48-49،شرح فتح القدير 6:76،تبيين الحقائق 4:392،المغني 4:313.
6- 6) الحاوي الكبير 5:341،المهذّب للشيرازيّ 1:268،المجموع 9:328،العزيز شرح الوجيز 4: 104،روضة الطالبين:525،مغني المحتاج 2:31،السراج الوهّاج:180.
7- 7) المغني 4:313.
8- 8) المدوّنة الكبرى 4:190،المنتقى للباجيّ 5:37،بداية المجتهد 2:154،المغني 4:313.
9- 9) صحيح البخاريّ 3:91،صحيح مسلم 3:1153 الحديث 1514،سنن أبي داود 3:255 الحديث 3380، [4]سنن الترمذيّ 3:531 الحديث 1229، [5]سنن ابن ماجة 2:740 الحديث 2197،سنن

المعجمة و الباء المنقّطة تحتها نقطة واحدة-و هو أن يبيع شيئا بثمن مؤجّل إلى نتاج الناقة؛لأنّ ذلك أجل مجهول،فيكون غررا.

و نهى أيضا عن المجر-بالميم المفتوحة و الجيم الساكنة المنقّطة تحتها نقطة واحدة و الراء غير المعجمة-و هو بيع ما في الأرحام ذكره أبو عبيد (1).

و قال ابن الأعرابيّ:المجر:الذي في بطن الناقة،و قال:المجر:الربا،و المجر:

القمار،و المجر:المحاقلة و المزابنة 2.

و نهى عن بيع عسب الفحل،و هي نطفته 3.

و نهى عن الملاقيح 4،و هي ما في بطون الأمّهات.و المضامين،و هي ما في أصلاب الفحول.

و نهى عليه السلام أيضا عن الملامسة و المنابذة 5.و الملامسة:أن يبيعه شيئا و لا يشاهده،على أنّه متى لمسه وقع البيع.و المنابذة:أن يقول:إن نبذته إليّ فقد

ص:344


1- 1) غريب الحديث لأبي [1]عبيد 1:208،كنز العمّال 4:75 الحديث 9594،المصباح المنير:115.

اشتريته بكذا.

و قيل:هي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلّبه أو ينظر إليه (1).

و قيل:أن ينبذ كلّ واحد منهما ثوبه و لم ينظر كلّ واحد منهما إلى ثوب صاحبه (2).

و نهى عليه السلام عن بيع الحصاة (3).فقيل:معناه،أن يقول:ارم هذه الحصاة فعلى أيّ ثوب وقعت فهو لك بكذا.

و قيل:هو أن يقول:بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا.

و قيل:هو أن يقول:بعتك هذا بكذا على أنّي متى رميت هذه الحصاة،وجب البيع (4).و هذا كلّه باطل على التفاسير؛لعدم انفكاكه من جهالة المبيع أو جهالة الأجل.

ص:345


1- 1المغني 4:297،الشرح الكبير بهامش المغني 4:33.
2- 2) المغني 4:297، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 4:33. [2]
3- 3) صحيح مسلم 3:1153 الحديث 1513،سنن أبي داود 3:254 الحديث 3376،سنن ابن ماجة 2:739 الحديث 2194،سنن النسائيّ 7:262،سنن الدارميّ 2:253، [3]سنن البيهقيّ 5:302،سنن الدارقطنيّ 3:15 الحديث 47،كنز العمّال 4:74 الحديث 9585.الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:226 الحديث 4956،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:192.
4- 4) المغني 4:298،الشرح الكبير بهامش المغني 4:33،المجموع 9:342،العزيز شرح الوجيز 8: 193-194،روضة الطالبين:525،مغني المحتاج 2:31.

ص:346

المقصد الثاني
اشارة

في ضروب الاكتساب

و فيه مباحث:

البحث الأوّل
اشارة

فيما يحرم التكسّب به

و هو أنواع:

ص:347

ص:348

النوعالأوّل

الأعيان النجسة

مسألة:الأعيان قسمان:طاهرة و نجسة،

و النجسة قسمان:

أحدهما:ما هو نجس في نفسه و بالأصالة،كالخمر،و الأنبذة،و الميتة، و الخنزير،و الدم،و المنيّ،و غير ذلك من النجاسات التي عددناها.

و الثاني:ما نجس بالمجاورة،فالطاهر يأتي البحث عنه.

و القسم الأوّل من قسمي النجس:يحرم بيعه.

و قد أجمع العلماء كافّة على تحريم بيع الميتة،و الخمر،و الخنزير،بالنصّ و الإجماع.قال اللّه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ (1)و تحريم الأعيان يستلزم تحريم وجوه الاستمتاع.

و روى الجمهور عن جابر،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو بمكّة-يقول:«إنّ اللّه تعالى و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام» (2).

ص:349


1- 1المائدة(5):3. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:110،صحيح مسلم 3:1207 الحديث 1581،سنن أبي داود 3:279 الحديث 3486، [2]سنن الترمذيّ 3:591 الحديث 1297، [3]سنن ابن ماجة 2:732 الحديث 2167، سنن النسائيّ 7:309،مسند أحمد 3:324، [4]سنن البيهقيّ 6:12،كنز العمّال 4:170 الحديث 10016،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:123 الحديث 11335،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:216 الحديث 4916،مسند أبي يعلى 11:395 الحديث 1873.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ، و الرشا في الحكم،و أجر الكاهن» (1).

و عن عمّار بن مروان،عن الباقر عليه السلام،قال:«السحت أنواع كثيرة:منها:

ثمن الخمور،و النبيذ المسكر» (2)و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

مسألة:لا يجوز بيع السرجين النجس،

و به قال مالك (3)،و الشافعيّ (4)، و أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:يجوز (6).

لنا:أنّه مجمع على نجاسته،فلم يجز بيعه،كالميتة.

و ما رواه الشيخ عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمن العذرة من السحت» (7).

ص:350


1- 1التهذيب 6:368 الحديث 1061،الوسائل 12:62 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:368 الحديث 1062،الوسائل 12:61 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 4:160،بداية المجتهد 2:126،المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:16.
4- 4) الحاوي الكبير 5:383،المهذّب للشيرازيّ 1:261،حلية العلماء 4:57،المجموع 9:230، العزيز شرح الوجيز 4:23،روضة الطالبين:503،الميزان الكبرى 2:70،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:184،المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:16.
5- 5) المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:16،الكافي لابن قدامة 3:187،الفروع في فقه أحمد 2:310،زاد المستقنع:37،الإنصاف 4:280.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 24:15،بدائع الصنائع 5:144،الهداية للمرغينانيّ 4:91،شرح فتح القدير 8:486،الحاوي الكبير 5:383،المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:16، حلية العلماء 4:58.
7- 7) التهذيب 6:372 الحديث 1080،الاستبصار 3:56 الحديث 182،الوسائل 12:126 الباب 40 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]

أمّا ما ليس بنجس من العذرات،كعذرة الإبل،و البقر،و الغنم،فإنّه لا بأس ببيعها؛لأنّها عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها.

و يؤيّده:

ما رواه محمّد بن مضارب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس ببيع العذرة» (1).

إذا ثبت هذا:فكلّ روث ما لا يؤكل لحمه نجس،حرام بيعه و شراؤه و ثمنه.

أمّا البول،فإن كان بول ما لا يؤكل لحمه،فكذلك حرام بيعه و ثمنه و شراؤه (2)؛ لأنّه نجس،فكان كالدم.و أمّا بول ما يؤكل لحمه،فإنّه طاهر،فيجوز بيعه حينئذ، قاله السيّد المرتضى-رحمه اللّه-و ادّعى عليه الإجماع (3).

و قال الشيخ في النهاية بالمنع من الأبوال كلّها إلاّ بول (4)الإبل خاصّة للاستشفاء به (5).

مسألة:الخمر حرام رجس

(6)،قد بيّنّاه فيما سلف (7).و يحرم بيعه و شراؤه و أكل ثمنه بلا خلاف،قال اللّه تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ (8).

و لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الخمر و غارسها و حارسها و حاملها

ص:351


1- 1الكافي 5:226 الحديث 3، [1]التهذيب 6:372 الحديث 1079،الاستبصار 3:56 الحديث 181، الوسائل 12:126 الباب 40 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [2]
2- 2) خا و ق:و شراؤه و ثمنه،مكان:و ثمنه و شراؤه.
3- 3) الانتصار:201.
4- 4) كثير من النسخ:أبوال.
5- 5) النهاية:364. [3]
6- 6) ب،خا و ق:نجس،مكان:رجس.
7- 7) يراجع:ص 349. [4]
8- 8) المائدة(5):90. [5]

و المحمولة إليه و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها و عاصرها و ساقيها و شاربها (1).

و كذا كلّ نبيذ و كلّ مسكر؛لأنّه نجس على ما بيّنّاه (2).

و كذا الفقّاع يحرم بيعه و شراؤه و ثمنه و شربه،كالخمر؛لأنّه نجس،كما قلناه (3)،

و سأل عمّار الساباطيّ أبا عبد اللّه (4)عليه السلام عن الفقّاع،فقال:«هو خمر» (5).

و عن الوشّاء،عن الرضا عليه السلام،قال:«كلّ مسكر حرام،و كلّ مخمّر حرام،و الفقّاع حرام» (6)و لا خلاف فيه بين علمائنا أجمع.

مسألة:أجزاء الميتة و الخنزير و ما يكون منهما حرام نجس،

لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا أخذ ثمنه.و كذا جلد الميتة قبل الدباغ بلا خلاف بين العلماء كافّة، و لا بعد الدباغ عندنا و عند جماعة من الجمهور.و عند آخرين يجوز (7).

و الأصل فيه:أنّه هل يطهر بالدباغ أم لا؟و قد بيّنّا الحقّ في ذلك و أنّه لا يطهر بالدباغ (8).و أمّا شعر الخنزير فالحقّ عندنا:أنّه يحرم استعماله؛لأنّه نجس على ما بيّنّاه (9).

و في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:إنّ رجلا من مواليك

ص:352


1- 1الكافي 6:429 الحديث 4، [1]الوسائل 12:165 الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [2]
2- 2) يراجع:ص 349.
3- 3) يراجع الجزء الثالث ص 217.
4- 4) ح و ب:بزيادة:الصادق.
5- 5) الكافي 6:422 الحديث 2، [3]الوسائل 12:162 الباب 56 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]
6- 6) الكافي 6:424 الحديث 14، [5]التهذيب 9:174 الحديث 536،الاستبصار 4:95 الحديث 365، الوسائل 17:288 الباب 27 من أبواب الأشربة المحرّمة الحديث 3. [6]
7- 7) المدوّنة الكبرى 4:426،المجموع 1:229،المغني 1:87 و ج 4:329.
8- 8) يراجع الجزء الثالث:ص 359.
9- 9) يراجع الجزء الثالث:ص 203.

يعمل الحمائل (1)بشعر الخنزير،قال:«إذا فرغ فليغسل يده» (2).

و هذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز استعماله؛لاحتمال أن يكون المعمول له كافرا،و أمره عليه السلام بغسل يده يدلّ على نجاسته.

و عن برد الإسكاف (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شعر الخنزير يعمل به،قال:«خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء و يبقى ثلثاه،ثمّ اجعله في فخارة جديدة ليلة باردة،فإن جمد فلا تعمل به،و إن لم يجمد فليس عليه دسم فاعمل به،و اغسل يدك إذا مسسته عند كلّ صلاة»قلت:و وضوء (4)؟قال:

«لا،اغسل اليد كما تمسّ الكلب» (5).و هو غير دالّ على إباحة استعماله،بل على نجاسته؛للأمر بغسل اليد.

ص:353


1- 1الحمالة و المحمل:علاقة السيف،و هو السير الذي يقلّده المتقلّد،و الجمع الحمائل.لسان العرب 11:178. [1]
2- 2) التهذيب 6:382 الحديث 1129،الوسائل 12:167 الباب 58 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
3- 3) برد-بضم الباء-الإسكاف-بكسر الهمزة و سكون السين المهملة و الكاف المفتوحة و الألف و الفاء-قال النجاشيّ:برد الإسكاف مولى مكاتب،له كتاب يرويه ابن أبي عمير.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام،و مع إضافة:الأزديّ الكوفيّ من أصحاب الباقر عليه السلام، و مع إضافة:الأزديّ فقط من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،قال المامقانيّ:عدم تعرّض النجاشيّ و الشيخ لفساد مذهبه يكشف عن كونه إماميّا و لكن لم يرد فيه مدح يدرجه في الحسان،نعم،في التعليقة:إنّه روى عنه ابن أبي عمير و فيه إشعار بوثاقته و لا أقلّ من درجه في الحسان. رجال النجاشيّ:113،رجال الطوسيّ:84،109 و 158،الفهرست:41، [3]إيضاح الاشتباه:119، تنقيح المقال 1:80 و 163. [4]
4- 4) كثير من النسخ:«و وضوئي»مكان:«و وضوء».
5- 5) التهذيب 6:382 الحديث 1130،الوسائل 12:168 الباب 58 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [5]
مسألة:و قد أجمع علماؤنا على تحريم بيع ما عدا كلب الصيد و الماشية

و الزرع و الحائط من الكلاب،

و على جواز بيع كلب الصيد،و اختلفوا في الثلاثة الباقية.

فقال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية (1)،و المفيد في المقنعة:يحرم ثمن الكلب إلاّ السلوقيّ (2).و عني بالسلوقيّ كلب الصيد؛لأنّ سلوق قرية باليمن أكثر كلابها معلّمة،فنسب الكلب إليها.

و سوّغ في المبسوط في كتاب الإجارة بيعها (3).و هو اختيار ابن إدريس (4)، و هو الأقوى عندي.

و قال الشافعيّ:يحرم بيع الكلاب أجمع،و لم يستثن شيئا (5).و به قال الحسن البصريّ،و ربيعة،و حمّاد،و الأوزاعيّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد بن حنبل (8)،و داود الظاهريّ (9).و رخّص في ثمن كلب الصيد خاصّة جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، و عطاء،و النخعيّ 10.

و جوّز أبو حنيفة بيع الكلاب أجمع و أخذ أثمانها.و عنه رواية أخرى في

ص:354


1- 1النهاية:364.
2- 2) المقنعة:90.
3- 3) المبسوط 2:166.
4- 4) السرائر:207.
5- 5) الأمّ 3:11-12،الحاوي الكبير 5:375،المهذّب للشيرازيّ 1:261،حلية العلماء 4:55، المجموع 9:228،روضة الطالبين:503،فتح العزيز بهامش المجموع 8:112.
6- 6) المغني 4:324،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15،المجموع 9:228.
7- 7) كذا في النسخ.
8- 8) المغني 4:324،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15،الكافي لابن قدامة 2:187،الإنصاف 4: 280. [1]
9- 9-10) المحلّى 9:9،المغني 4:324،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15،المجموع 9:228. [2]

الكلب العقور:أنّه لا يجوز بيعه (1).

و اختلف أصحاب مالك،فمنهم من قال:لا يجوز،و منهم من قال:الكلب المأذون في إمساكه يجوز بيعه و يكره (2).

لنا على إباحة بيع كلب الصيد:ما رواه الجمهور عن جابر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب و السنّور إلاّ كلب الصيد (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الوليد العماريّ (4)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد،فقال:«سحت،و أمّا الصّيود فلا بأس» (5).

و على إباحة الثلاثة الباقية أنّ لها دية و قيمة لو أتلفت-على ما يأتي إن شاء

ص:355


1- 1المبسوط للسرخسيّ 1:235،بدائع الصنائع 5:142-143،الهداية للمرغينانيّ 3:79،شرح فتح القدير 6:345،مجمع الأنهر 2:107،المغني 4:324،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
2- 2) المنتقى للباجي 5:28،الكافي في فقه أهل المدينة:327،بداية المجتهد 2:126،المغني 4: 324،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
3- 3) سنن النسائيّ 7:190،سنن البيهقيّ 6:6،سنن الدارقطنيّ 3:73 الحديث 277.
4- 4) الوليد العماريّ-قال المامقانيّ:بالعين المهملة و الميم و الألف و الراء المهملة و الياء،قال:و قد ضبطه في إيضاح الاشتباه بضمّ العين و لم يبيّن وجه النسبة و الذي في كتب الأنساب:العمّاريّ بفتح العين المهملة و تشديد الميم نسبة إلى عمّار و هو اسم لجدّ المنتسب إليه-لم نعثر في كتب التراجم على ترجمة لوليد العماريّ و له ذكر في ترجمة ابنه القاسم بن الوليد القرشيّ الكوفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال النجاشيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،له كتاب،قال المامقانيّ:الظاهر كونه إماميّا لكنّا لم نقف فيه على توثيق و لا مدح،هذا و في التهذيب 6: 367 الحديث 1060 القاسم بن الوليد العامريّ،و هذا الحديث بعينه في الجزء 9:80 الحديث 341 و فيه:القاسم بن الوليد العمّاريّ و هو الموافق للكافي 5:127 الحديث 5. رجال النجاشيّ:313،رجال الطوسيّ:273،إيضاح الاشتباه:226،تنقيح المقال 2:26 باب القاف، [1]معجم رجال الحديث 15:64. [2]
5- 5) التهذيب 6:367 الحديث 1060،الوسائل 12:83 الباب 14 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]

اللّه-و الدية تستلزم التملّك المستلزم لجواز التصرّف.

و لأنّ الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط جوّز إجارتها (1).و جواز الإجارة لازم لصحّة التملّك المبيح للبيع.

و لأنّه يصحّ الانتفاع به،و نقل اليد فيه،و الوصيّة به،فيصحّ (2)بيعه،كالحمار.

احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:

بقول الصادق عليه السلام،و قد سئل عن ثمن الكلب الذي لا يصيد،فقال:«سحت» (3).

و احتجّ الشافعيّ:

بما رواه أبو مسعود الأنصاريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب و مهر البغيّ و حلوان الكاهن (4).

و عن رافع بن خديج،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ثمن الكلب خبيث،و مهر البغيّ خبيث،و كسب الحجّام خبيث» (5).

و عن ابن عبّاس قال:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب، فإن جاء يطلب[ثمن الكلب] (6)فاملئوا كفّه ترابا (7).و لأنّه حيوان نجس العين،

ص:356


1- 1المبسوط 2:166.
2- 2) كثير من النسخ:فصحّ.
3- 3) التهذيب 6:367 الحديث 1060،الوسائل 12:83 الباب 14 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 3:110،صحيح مسلم 3:1198 الحديث 1567،سنن أبي داود 3:267 الحديث 2428 و ص 279 الحديث 3481،و [2]حلوان الكاهن:ما يعطاه من الأجر و الرشوة على كهانته.النهاية 1:435. [3]سنن الترمذيّ 3:575 الحديث 1276، [4]سنن ابن ماجة 2:730 الحديث 2159،سنن النسائيّ 7:189 و 309،سنن الدارميّ 2:255، [5]مسند أحمد 4:118، [6]مسند الشافعيّ: 141،سنن البيهقيّ 1:251 و ج 6:6.
5- 5) صحيح مسلم 3:1199 الحديث 1568،سنن الترمذيّ 3:574 الحديث 1275، [7]سنن البيهقيّ 6: 6.
6- 6) زيادة أثبتناها من المصادر.
7- 7) سنن أبي داود 3:279 الحديث 3482، [8]سنن البيهقيّ 6:6.

فأشبه الخنزير (1).

و الجواب:يحمل النهي على الكلب الذي ليس أحد الأربعة.

فروع:
الأوّل:يجوز إجارة الكلب،

و هو قول بعض الشافعيّة.و قال بعضهم:

لا يجوز (2).

لنا:أنّها منفعة مباحة،فجازت المعاوضة عنها،كبيع الحمار.

احتجّوا:بأنّه حيوان محرّم بيعه،فحرمت إجارته،كالخنزير (3).

و الجواب:المنع من تحريم بيعه على ما سلف (4).أمّا إجارة غير الكلاب الأربعة،فإنّها محرّمة؛لعدم الانتفاع به،و لتحريم بيعه.

الثاني:يجوز الوصيّة بالكلب الذي يباح قنيته

(5)،و هو أحد الكلاب الأربعة، و كذلك يصحّ هبته.

و قال بعض الشافعيّة:لا يصحّ؛لأنّه نوع تمليك،فكان باطلا،كالبيع (6).

و الجواب:المنع من الحكم في الأصل.

الثالث:لا خلاف في تحريم قتل الكلب المعلّم؛

لإباحة قنيته،فيحرم إتلافه، كالشاة،و إذا أتلفه متلف،كان عليه الغرم،قاله علماؤنا أجمع.و به قال مالك،

ص:357


1- 1الأمّ 3:11،الحاوي الكبير 5:375،المجموع 9:228.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:394،حلية العلماء 5:384،المجموع 15:26،المغني 4:325.
3- 3) المغني 4:325.
4- 4) يراجع:ص 354.
5- 5) يقال:مال قنيان:اتّخذته لنفسك،و قنوت الشيء و اقتنيته:كسبته.لسان العرب 15:201. [1]
6- 6) حلية العلماء 4:59-60،المجموع 9:231،روضة الطالبين:504 و 961،فتح العزيز بهامش المجموع 8:117،المغني 4:325.

و عطاء (1).

و قال الشافعيّ:لا غرم فيه (2).

لنا:أنّ إمساكه سائغ،فيحرم إتلافه،فيجب به الغرم،كالشاة.

احتجّوا:بأنّه يحرم بيعه،فلا غرم فيه،كالخنزير (3).

و الجواب:المنع من تحريم بيعه.

الرابع:يباح إتلاف الكلب العقور؛

لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق،يقتلن في الحرم:الغراب،و الحدأة،و العقرب،و الفارة، و الكلب العقور» (4).

و أمّا الكلب الأسود البهيم،فقد أباح أحمد قتله و إن كان معلّما؛لأنّه شيطان (5).

و لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لو لا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها،فاقتلوا منها كلّ أسود بهيم» (6).

و روى مسلم أنّه قال:«عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين،فإنّه شيطان» (7).

الخامس:يحرم اقتناء ما عدا كلب الصيد و الماشية و الزرع.

روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من اتّخذ كلبا إلاّ كلب ماشية،أو زرع،أو صيد،

ص:358


1- 1المنتقى للباجيّ 5:28،المغني 4:325،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15،المجموع 9:228.
2- 2) الأمّ 3:12،المجموع 9:228،المغني 4:325،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
3- 3) المغني 4:325،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:17،سنن النسائيّ 5:209-210،مسند أحمد 6:259، [1]سنن البيهقيّ 5: 209.
5- 5) المغني 4:325،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
6- 6) سنن أبي داود 3:108 الحديث 2845، [2]سنن ابن ماجة 2:1069 الحديث 3205،سنن الترمذيّ 4:80 الحديث 1489، [3]مسند أحمد 5:54 و 56، [4]مجمع الزوائد 1:286 و ج 4:43.
7- 7) صحيح مسلم 3:1200 الحديث 1572.

نقص من أجره كلّ يوم قيراط» (1).

و من طريق الخاصّة:ما روي عنهم عليهم السلام أنّه من ربط إلى جنب داره كلبا،نقص من عمله كلّ يوم قيراط،و القيراط كجبل أحد (2).و لأنّه لا ينفكّ من النجاسة و يتعذّر الاحتراز منه.

إذا ثبت هذا:فلو اقتناه لحفظ البيوت،فالأقرب:الإباحة.و هو قول بعض الشافعيّة،و بعضهم حرّم ذلك (3).

لنا:أنّ له دية مقدّرة (4)في الشرع-على ما يأتي-فيجوز اقتناؤه.و لأنّ (5)فيه منفعة،كمنفعة كلب الماشية و الزرع من الحفظ و الحراسة.

السادس:يجوز تربية الجرو الصغير لأحد الأمور المطلوبة منه من الصيد

و حفظ الزرع و الماشية و الحائط؛

(6)

لأنّه قصد لذلك فيأخذ حكمه،كما جاز بيع العبد الصغير و الدابّة الصغيرة و إن لم ينتفع بهما إلاّ فيما بعد.و لأنّه لو لا ذلك لم يكن جعل الكلب للصيد؛إذ لا يصير معلّما إلاّ بالتعليم،و لا يمكن تعليمه إلاّ بتربيته و اقتنائه مدّة التعليم.

السابع:لو اقتنى كلبا لصيد ثمّ ترك الصيد مدّة و هو يريد العود إليه،

(7)

لم يحرم

ص:359


1- 1صحيح مسلم 3:1203 الحديث 1575،سنن الترمذيّ 4:80 الحديث 1490، [1]سنن النسائيّ 7: 188-189،مسند أحمد 2:147 و 267. [2]
2- 2) لم نعثر على رواية بهذا اللفظ،و لكن ورد بهذا المضمون و بتفاوت،ينظر:الكافي 6:552 الحديث 2، [3]عوالي اللآلئ 3:452 الحديث 1،الوسائل 8:388 الباب 43 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 5،مستدرك الوسائل 2:56 الباب 35 من أبواب أحكام الدوابّ الحديث 1.
3- 3) الحاوي الكبير 5:379-380،المهذّب للشيرازيّ 1:261،المجموع 9:234.
4- 4) خا و ق:مقرّرة،ب:متقرّرة،ر:متقدّرة،مكان:مقدّرة.
5- 5) كثير من النسخ:و لأنّه،مكان:و لأنّ.
6- 6) الجرو-بالكسر-:ولد الكلب و السّباع.المصباح المنير:98. [4]
7- 7) كثير من النسخ:للصيد.

اقتتاؤه في مدّة تركه؛لعدم إمكان التحرّز من ذلك.و كذا لو حصد صاحب الزرع زرعه،أبيح له إمساك الكلب إلى أن يزرع زرعا آخر.

و كذا لو هلكت ماشيته فأراد شراء غيرها،فله إمساك كلبها.أمّا لو اقتنى من لا يصيد كلب الصيد،فالوجه:الجواز؛لأنّه عليه السلام استثنى كلب الصيد (1).

الثامن:كلّ ما لا منفعة فيه من الأعيان النجسة يحرم اقتناؤه،

كالخنزير؛لأنّه سفه،فلم يجز.و لو كان فيه منفعة حكميّة،جاز اقتناؤه.و إن كان نجسا،يحرم بيعه، كالكلب،و الخمر للتخليل.

و أمّا السّرجين،فإنّه يمكن الانتفاع به لتربية الزرع،فجاز اقتناؤه،لكنّه يكره؛ لما فيه من مباشرة النجاسة.

و كذا يحرم اقتناء المؤذيات كلّها،كالحيّات و العقارب و السباع؛لحصول الأذى منه.

مسألة :القسم الثاني من قسمي النجس:و هو الأعيان الطاهرة بالأصالة إذا

أصابتها نجاسة فنجست بها،

(2)

لا يخلو الحال فيها من أحد أمرين:

أحدهما:أن يكون جامدا كالثوب و شبهه،فهذا يجوز بيعه إجماعا؛لأنّ البيع يتناول الثوب،و هو طاهر في أصله يمكن الانتفاع به بإزالة النجاسة عنه،و إنّما جاورته النجاسة.

و الثاني:أن يكون مائعا،فحينئذ إمّا أن لا يطهر،كالخلّ و الدبس،فهذا لا يجوز بيعه إجماعا؛لأنّه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة،فلم يجز بيعه،كالأعيان النجسة.و إمّا أن يطهر،كالماء،ففيه للشافعيّ وجهان:

ص:360


1- 1صحيح مسلم 3:1203 الحديث 1575،سنن الترمذيّ 4:80 الحديث 1490،سنن النسائيّ 7: 188-189،مسند أحمد 2:147 و 267.
2- 2) لا توجد في كثير من النسخ.

أحدهما:أنّه لا يجوز بيعه؛لأنّه نجس لا يمكن غسله و لا يطهر بالغسل،فلا يجوز بيعه،كالخمر.

و الثاني:يجوز بيعه؛لأنّه يطهر بالماء،فأشبه الثوب النجس (1).

و الآخر عندي أقوى.

و إن كان دهنا،فعندنا لا يطهر بالغسل،لكن يجوز الاستصباح به تحت السماء، و لا يجوز الاستصباح به تحت الأظلّة،فهذا يجوز بيعه بيعا للانتفاع به من الاستصباح به تحت السماء.و للشافعيّ في طهارته وجهان:

أحدهما:أنّه يطهر بالغسل؛لأنّه يمكن غسله بالماء،فهو كالثوب،فيجوز بيعه على أحد الوجهين في الماء.

و الثاني:لا يطهر؛لأنّه لا يمكن عصره من النجاسة،فلا يطهر،كالخلّ، فلا يجوز بيعه (2).

ص:361


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:261،المجموع 9:236.
2- 2) الحاوي الكبير 5:384-385،المهذّب للشيرازيّ 1:261،حلية العلماء 4:62،المجموع 9: 236-237.
النوع الثاني

ما يحرم لتحريم ما قصد به

مسألة:يحرم بيع العنب ليعمل خمرا،و كذلك العصير.

و به قال الشافعيّ (1)، و أحمد (2).

و قال الثوريّ:يجوز بيع الحلال ممّن شاء (3).

لنا:قوله تعالى: تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (4).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لعن في الخمر عشرة.قال ابن عبّاس:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاه جبرئيل عليه السلام،فقال:يا محمّد،إنّ اللّه لعن الخمر و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة إليه و شاربها و بائعها و مبتاعها و ساقيها، و أشار إلى كلّ معاون عليها و مساعد فيها (5).

ص:362


1- 1المجموع 9:353. [1]
2- 2) المغني 4:306، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 4:46. [3]
3- 3) المغني 4:306، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 4:46. [5]
4- 4) المائدة(5):2. [6]
5- 5) سنن أبي داود 3:326 الحديث 3674، [7]سنن ابن ماجة 2:1122 الحديث 3381،سنن الترمذيّ 3:589 الحديث 1295 [8] مسند أحمد 2:97،سنن البيهقيّ 5:327 و ج 6:12،كنز العمّال 5:350- 351 الحديث 1190-1192. و من طريق الخاصّة و بتفاوت ينظر:الكافي 6:429 الحديث 4، [9]الوسائل 12:164 و 165 الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3،4 و [10] 5.

احتجّ المخالف:بقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (1).

و لأنّ البيع تمّ بأركانه و شروطه،فيكون مباحا (2).

و الجواب:الآية مخصوصة بأمور كثيرة،فيخصّ منها محلّ النزاع للدليل، و يمنع تمام البيع بأركانه و شروطه؛إذ من جملة الشروط ارتفاع الموانع و لم ترتفع (3).

مسألة:و هل يجوز أن يباع على من يعمله إذا لم يبعه لذلك؟

نصّ أصحابنا على جوازه،و هو قول الحسن البصريّ،و عطاء،و الثوريّ،و منع منه أحمد (4)، و كرهه الشافعيّ (5).

لنا:أنّه عقد تمّ بشروطه و أركانه،و لم يقترن به ما يبطله و كان سائغا؛لقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (6).

لا يقال:إنّه ببيعه إيّاه مكّنه من فعل القبيح،فيكون حراما باطلا لقبحه.

لأنّا نقول:التمكّن من القبيح ليس بقبيح؛لأنّ اللّه تعالى مكّن الكافر و الظالم من الكفر و الظلم،و لم يكن ذلك قبيحا.و القول بالكراهية حسن؛لأنّه لا يأمن أن يكون فيه مساعدة على المعصية.

مسألة:إذا باع العصير أو العنب ليعمل خمرا،

كان البيع باطلا.

ص:363


1- 1البقرة(2):275. [1]
2- 2) المغني 4:306،الشرح الكبير بهامش المغني 4:46.
3- 3) ر و ع:و لم ترفع،مكان:و لم ترتفع.
4- 4) المغني 4:306،الشرح الكبير بهامش المغني 4:46.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:84،المهذّب للشيرازيّ 1:267،المجموع 9:353،المغني 4:306، الشرح الكبير بهامش المغني 4:46.
6- 6) البقرة(2):275. [2]

و قال الشافعيّ:يصحّ (1).

لنا:أنّه عقد على عين لمعصية اللّه تعالى،فلا يصحّ،كإجارة الأمة للزنا.

احتجّ:بأنّ التحريم لا يمنع صحّة العقد،كالتدليس في العيب (2).

و الجواب:الفرق،إنّ المحرّم في التدليس ليس هو العقد بل التدليس،و التحريم هنا للعقد.و لأنّ التحريم هنا لحقّ اللّه تعالى فأفسد العقد،كبيع درهمين بدرهم، بخلاف التدليس؛فإنّه حقّ آدميّ.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا يجوز بيع الخمر و لا التوكيل في بيعه و لا في شرائه ،

(3)

و هو قول العلماء.

و قال أبو حنيفة:يجوز للمسلم أن يوكّل ذمّيّا في بيعها و شرائها (4).

لنا:

قوله عليه السلام في رواية عائشة:«حرّمت التجارة في الخمر» (5).

و عن جابر،قال:سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عام الفتح-و هو بمكّة- يقول:«إنّ اللّه و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام»فقيل:يا رسول اللّه،أ رأيت شحوم الميتة،فإنّه يطلى بها السفن،و يدهن بها الجلود،و يستصبح بها الناس؟فقال:«لا،هو حرام»ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قاتل اللّه

ص:364


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:84،المهذّب للشيرازيّ 1:267،المجموع 9:353،المغني 4:307، الشرح الكبير بهامش المغني 4:46.
2- 2) المغني 4:307،الشرح الكبير بهامش المغني 4:46.
3- 3) خا و ق بزيادة:لنا.يراجع ص 351.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 22:82،المغني 4:307،الشرح الكبير بهامش المغني 4:47.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:108،سنن أبي داود 3:280 الحديث 3490، [1]سنن البيهقيّ 6:11. و بتفاوت،ينظر:صحيح البخاريّ 6:40،صحيح مسلم 3:1206 الحديث 1580،سنن ابن ماجة 2:1122 الحديث 3382،سنن الدارميّ 2:255،مسند أحمد 6:46،100،127،186،190- 191. [2]

اليهود،إنّ اللّه تعالى حرّم عليهم شحومها،فجملوه (1)ثمّ باعوه و أكلوا ثمنه» (2).

و لأنّ يد الوكيل يد الموكّل،و لأنّها نجسة محرّمة،فحرم بيعها و التوكيل فيه، كالميتة،و الخنزير.و لأنّه يحرم بيعه،فيحرم التوكيل فيه،كالخنزير.

مسألة:و يحرم إجارة السفن و المساكن للمحرّمات،و اتّخاذها للمناكير،

كأن يؤجر داره لبيع الخمر أو لتجعل كنيسة أو بيعة و أشباه ذلك،و هو وفاق؛لما تقدّم في بيع العنب ليعمل خمرا (3)؛لأنّه بمنزلته و مساو له في علّته.

و لما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن جابر،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته يباع فيه الخمر،قال:«حرام أجره» (4).

أمّا لو آجرها لمن يعمل ذلك لا على أن يعمله،بل آجره مطلقا،صحّ ذلك و حلّ له الأجرة،كما قلناه في بيع العنب (5).

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ-في الحسن-عن ابن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن الرجل يؤاجر سفينته و دابّته (6)ممّن يحمل فيها أو عليها الخمر أو الخنازير،فقال:«لا بأس» (7).

إذا ثبت هذا:فلو آجر سفينته أو دابّته لحمل الخمر،أمكن القول بصحّته؛لأنّ

ص:365


1- 1جملت الشحم و أجملته،إذا أذبته و استخرجت دهنه.النهاية لابن الأثير 1:298. [1]
2- 2) صحيح مسلم 3:1207 الحديث 1581،سنن أبي داود 3:279 الحديث 3486، [2]سنن الترمذيّ 3:591 الحديث 1297، [3]سنن النسائيّ 7:309،مسند أحمد 3:324، [4]سنن البيهقيّ 6:12.
3- 3) يراجع:ص 362. [5]
4- 4) التهذيب 6:371 الحديث 1077،الاستبصار 3:55 الحديث 179،الوسائل 12:125 الباب 39 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]
5- 5) يراجع:ص 363.
6- 6) ب:أو دابّته.
7- 7) التهذيب 6:372 الحديث 1078،الاستبصار 3:55 الحديث 180،الوسائل 12:126 الباب 39 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [7]

حملها ليس بحرام؛لجواز أن يحمل ليجعل خلاًّ.

أمّا حملها للشرب،فإنّه حرام،و الأجرة عليه باطلة.

فرع:

لا فرق في التحريم بين أن يكون البيت في السواد أو غيره.

و قال أبو حنيفة:يجوز لك إجارة بيتك لبيع الخمر و القمار إن كان في السواد (1)، و خالفه صاحباه في ذلك،و اختلف أصحابه في تأويل قوله (2).

لنا:أنّه فعل محرّم فلم تجز إجارته عليه،كإجارة عبده للفجور.

آخر:

و لو اكترى ذمّيّ من مسلم داره،فأراد بيع الخمر فيها،لم يكن لصاحب الدار منعه و به قال أصحاب الرأي (3).

و قال الثوريّ:له منعه (4).

لنا:أنّه بإجارته ملك منافعها و التصرّف فيها بمثل هذا،كما لو كان ملكه،و كما أنّه يجوز له بيع الخمر في ملكه سرّا،كذا هنا،نعم،لو آجره لذلك،كان حراما؛عملا بعموم النهي.

مسألة:يحرم بيع السلاح لأعداء الدين و مساعدتهم به،

أو يعمله لما يتضمّن

ص:366


1- 1المبسوط للسرخسيّ 15:134 و ج 16:39،حلية العلماء 5:383،المغني 6:151،الشرح الكبير بهامش المغني 6:35.
2- 2) حلية العلماء 5:363،المغني 6:151،الشرح الكبير بهامش المغني 6:35.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 16:39،المغني 6:151،الشرح الكبير بهامش المغني 6:36.
4- 4) المغني 6:151،الشرح الكبير بهامش المغني 6:36.

من الفساد بالمعاونة على المسلمين،

و لما رواه الشيخ عن السرّاد (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:إنّي أبيع السلاح،قال:«لا تبعه في فتنة» (2).

و عن السرّاج (3)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أصلحك اللّه ما تقول:إنّي كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم،فلمّا عرّفني اللّه هذا الأمر ضقت بذلك و قلت:لا أحمل إلى أعداء اللّه،فقال لي:«احمل إليهم،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يدفع به عدوّنا و عدوّكم-يعني الروم-فإذا كان الحرب بيننا،فمن حمل إلى عدوّنا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك» (4).

و عن أبي بكر الحضرميّ قال:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال له حكم السرّاج (5):ما ترى فيما يحمل إلى الشام من السروج و أداتها؟فقال:

«لا بأس (6)،أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إنّكم في هدنة،

ص:367


1- 1ب:السرّاج،كما في الوسائل،و قد مرّت ترجمة السرّاد في الجزء الثالث ص 287.
2- 2) التهذيب 6:354 الحديث 1007،الاستبصار 3:57 الحديث 186،الوسائل 12:70 الباب 8 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
3- 3) هند السرّاج،قال المامقانيّ:قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه 3:107 الحديث 448 و الكلينيّ في الكافي 5:112 باب بيع السلاح منهم الحديث 2،و [2]الشيخ في التهذيب 6:353 الحديث 1004، و الاستبصار 3:58 الحديث 189 كلّ ذلك في باب المكاسب،و نقل عن الوحيد أنّه يستفاد من الرواية كونه إماميّا،و لكن خلي عن مدح يدرجه في الحسان.تنقيح المقال 3:305. [3]
4- 4) التهذيب 6:353 الحديث 1004،الاستبصار 3:58 الحديث 189،الوسائل 12:69 الباب 8 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]
5- 5) حكم السرّاج الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ: ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و نقل عن التعليقة أنّه يظهر من رواية أبي بكر الحضرميّ في حكاية بيع السلاح لأهل الشام في التهذيب 6:354 الحديث 1005 حسن عقيدته.رجال الطوسيّ: 171،تنقيح المقال 1:357، [5]معجم رجال الحديث 7:193. [6]
6- 6) كثير من النسخ:«لا بأس به».

فإذا كانت المباينة،حرم عليكم أن تحملوا إليهم السلاح و السروج» (1).

فروع:
الأوّل:ظاهر هذه الأخبار يدلّ على تحريم المبايعة لهم عند قيام الحرب و عدم

الهدنة،

و جواز بيعها حال الهدنة.

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:يجوز أن يباع عليهم ما يكن من

آلة السلاح،

(2)

كالدروع و الخفاف (3).

قال ابن إدريس:الخفاف:جمع خفّ و ليس هو من آلة السلاح،فإن أراد:

التخفاف،و الجمع:التخافيف،فهي من آلة السلاح،قال الفارسيّ:التاء زايدة في التخفاف،فعلى قول أبي علي مع سقوط التاء يصير الخفاف،فيستقيم أن يكون من آلة الحرب (4).

و هذا التأويل الذي ذكره لا يمكن حمل كلام الشيخ-رحمه اللّه-عليه؛لأنّ الشيخ عوّل في ذلك على

رواية محمّد بن قيس الصحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح؟فقال:

«بعهما ما يكنّهما،الدروع و الخفّين و نحو هذا» (5).

الثالث:لا فرق بين جميع أصناف آلات الحرب في ذلك،

و لا فرق بين أن

ص:368


1- 1التهذيب 6:354 الحديث 1005،الاستبصار 3:57 الحديث 187،الوسائل 12:69 الباب 8 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) الكنّ:السترة.الصحاح 6:3188.
3- 3) النهاية:366. [2]
4- 4) السرائر:207.
5- 5) التهذيب 6:354 الحديث 1006،الاستبصار 3:57 الحديث 188،الوسائل 12:70 الباب 8 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]

يكون العدوّ كافرا أو مسلما من أهل البغي.

أمّا لو باع آلة الحرب للظالم،فالوجه فيه:التفصيل،فنقول:إن باعه للظلم،كان حراما،و إلاّ كان سائغا.

الرابع: في عدم حرمة عمل يلزم مس جلود الميتة في غير الصلاة

روى الشيخ عن محمّد بن عيسى بن عبيد،عن أبي القاسم الصيقل (1)و ولده،قال:كتبوا إلى الرجل الصالح:جعلنا اللّه فداك،إنّا قوم نعمل السيوف،ليس لنا معيشة و لا تجارة غيرها،و نحن مضطرّون،و إنّما علاجنا من جلود الميتة من البغال و الحمير الأهليّة،لا يجوز في أعمالنا غيرها،فيحلّ لنا عملها و شراؤها و بيعها و مسّها بأيدينا و ثيابنا،و نحن نصلّي في ثيابنا،و نحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا سيّدنا لضرورتنا إليها؟فكتب:«اجعل ثوبا للصلاة».و كتبت (2)إليه:جعلت فداك و قوائم السيف التي تسمّى السفن (3)اتّخذتها من جلود السمك، فهل يجوز لي العمل بها،و لسنا نأكل لحومها؟فكتب:«لا بأس» (4).

مسألة:يحرم بيع الخشب لمن يعمله صنما أو صليبا،على أن يعمله كذلك،

ص:369


1- 1أبو القاسم الصيقل له عدّة مكاتبات،روى الشيخ بسنده عن أحمد بن محمّد عن أبي القاسم الصيقل، قال:كتبت إليه،التهذيب 7:135 الحديث 596،و رواها بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن أبي القاسم،التهذيب 6:371 الحديث 1076،و رواها أيضا في ضمن رواية طويلة،التهذيب 6: 376 الحديث 1100،و فيه:محمّد بن عيسى بن عبيد بدل:أحمد بن محمّد بن عيسى،قال السيّد الخوئيّ:و الظاهر أنّه الصحيح الموافق للكافي 5:227 الحديث 10 و الوافي و [1]الوسائل. [2]جامع الرواة 2:411، [3]معجم رجال الحديث 23:26. [4]
2- 2) في النسخ:كتب إليه،كما في الوسائل. [5]
3- 3) السّفن:جلد أخشن غليظ كجلود التماسيح يكون على قوائم السيوف،و قيل:السفن جلد السمك الذي تحكّ به السياط و القدحان و السهام و الصحاف و يكون على قائم السيف.لسان العرب 13: 210. [6]
4- 4) التهذيب 6:376 الحديث 1100،الوسائل 12:125 الباب 38 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [7]

و يكره بيعه لمن يعمله لا لذلك (1).

لنا:أنّ الأوّل:مساعدة على الحرام،فيكون باطلا،

و لما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل له خشب، فباعه ممّن يتّخذ منه برابط (2)،فقال:«لا بأس به»و عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذه صلبانا،فقال:«لا» (3).

و عن عمرو بن حريث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التوت (4)أبيعه يصنع للصليب و الصنم؟قال:«لا» (5).

و أمّا الثاني:فلأنّ البيع ممّا يمكن الانتفاع به،و قد حصل البيع بشروطه و أركانه فيصحّ،و إنّما يكره؛لاحتمال أن يعمل ذلك،فتكون المفسدة فيه مشكوكة، فلهذا قلنا بالكراهية دون التحريم.

مسألة:و يحرم عمل الأصنام و الصلبان و غيرها من هياكل العبادة المبتدعة،

و آلات اللهو،

(6)

كالعود و الزمر (7)،و آلات القمار،كالنرد و الشطرنج،و الأربعة عشر و غيرها من آلات اللعب،بلا خلاف بين علمائنا في ذلك.

ص:370


1- 1أكثر النسخ:كذلك،مكان:لذلك.
2- 2) البربط:المزهر و العود.المصباح المنير:41.
3- 3) التهذيب 6:373 الحديث 1082،الوسائل 12:127 الباب 41 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
4- 4) ب:التوث،كما في بعض المصادر.قال في المصباح المنير:78: [2]التوت:الفرصاد،و ربّما قيل: توث،بثاء مثلّثة.
5- 5) التهذيب 6:373 الحديث 1084،الوسائل 12:127 الباب 41 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
6- 6) ح:و غيرهما.
7- 7) كذا في النسخ.زمر الرجل يزمر زمرا:إذا ضرب المزمار،بالكسر:و هو قصبة يزمر بها و تسمّى الشبابة و الجمع مزامير.مجمع البحرين 3:318. [4]
النوع الثالث

ما هو محرّم في نفسه

مسألة:الغناء عندنا حرام،

و أجر المغنّية حرام.

روى الجمهور عن أبي أمامة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يجوز بيع المغنّيات،و لا أثمانهنّ، و لا كسبهنّ» (1).و هذا يحمل على بيعهنّ للغناء.

و أمّا ماليّتهنّ الحاصلة بغير الغناء فلا تبطل،كما أنّ العصير لا يحرم بيعه لغير الخمر؛لصلاحية الخمر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن سعيد بن محمّد الطاطريّ (2)عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله رجل عن بيع جوارى المغنّيات،فقال:«شراؤهنّ و بيعهنّ حرام،و تعليمهنّ كفر و استماعهنّ نفاق» (3).

و عن الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن

ص:371


1- 1بهذا اللفظ،ينظر:المغني 4:307،الشرح الكبير بهامش المغني 4:47.و بهذا المضمون،ينظر: سنن ابن ماجة 2:733 الحديث 2168،سنن الترمذيّ 3:579 الحديث 1282، [1]مسند أحمد 5: 252،سنن البيهقيّ 6:15.
2- 2) سعيد بن محمّد الطاطريّ،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى ابن فضّال في التهذيب 6:358 الحديث 1018 و الاستبصار 3:61 الحديث 201 و فيه:سعد،و في الكافي 5: 120 الحديث 5 [2]سعيد بن محمّد الطاهريّ.معجم رجال الحديث 9:136. [3]
3- 3) التهذيب 6:356 الحديث 1018،الاستبصار 3:61 الحديث 201،الوسائل 12:88 الباب 16 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [4]

شراء المغنّية،فقال:«قد يكون للرجل الجارية تلهيه،و ما ثمنها إلاّ ثمن الكلب، و ثمن الكلب سحت،و السحت في النار» (1).

و عن نصر بن قابوس (2)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«المغنّية ملعونة،ملعون من أكل كسبها» (3).

و عن إبراهيم بن أبى البلاد،قال:أوصى إسحاق بن عمر (4)عند وفاته بجوار له مغنّيات أن يبعن و يحمل ثمنهنّ إلى أبي الحسن عليه السلام،قال إبراهيم:فبعت الجواري بثلاث مائة ألف درهم،و حملت الثمن إليه،فقلت له:إنّ مولى لك يقال له:

إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات و حمل الثمن إليك،و قد بعتهنّ و هذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم،فقال:«لا حاجة لي فيه،إنّ هذا سحت،

ص:372


1- 1التهذيب 6:357 الحديث 1019،الاستبصار 3:61 الحديث 202،الوسائل 12:88 الباب 16 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [1]
2- 2) نصر بن قابوس اللخميّ القابوسيّ،قال النجاشيّ:روى عن أبي عبد اللّه و أبي إبراهيم و أبي الحسن الرضا عليهم السلام،و كان ذا منزلة عندهم له كتاب،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:نصر بن قابوس اللخميّ الكوفيّ أسند عنه،و أخرى من أصحاب الكاظم عليه السلام مقتصرا بقوله:نصر بن قابوس.و عدّه المفيد من خاصّة أبي الحسن موسى عليه السلام و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و نقل عن كتاب الغيبة أنّه كان وكيلا لأبي عبد اللّه عليه السلام عشرين سنة،و قال المامقانيّ:توثيق المفيد للرجل المؤيّد بشهادة الشيخ بوكالته عن الصادق عليه السلام من أعظم أمارات الوثاقة.الإرشاد للمفيد 2:240، [2]رجال النجاشيّ:427،رجال العلاّمة:175، [3]تنقيح المقال 3:269، [4]رجال الشيخ:324 و ص 362، معجم رجال الحديث 20:154. [5]
3- 3) التهذيب 6:357 الحديث 1020،الاستبصار 3:61 الحديث 203،الوسائل 12:85 الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [6]
4- 4) إسحاق بن عمر،لم نعثر له على ترجمة إلاّ ما قال الأردبيليّ في جامع الرواة بقوله:إسحاق بن عمر من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام كما يظهر من الكافي 5:120 باب كسب المغنّية الحديث 7 و [7]التهذيب 6:257 الحديث 1020،و الاستبصار 3:61 الحديث 204.جامع الرواة 1:87. [8]

و تعليمهنّ كفر،و الاستماع منهنّ نفاق،و ثمنهنّ سحت» (1).

إذا عرفت هذا:

فقد روى الشيخ عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس،ليست بالتي تدخل عليها الرجال» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المغنّية التي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها» (3).

عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن كسب المغنّيات، فقال:«التي تدخل عليها الرجال حرام،و التي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، و هو قول اللّه تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ (4). (5)

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الرخصة التي دلّت هذه الأخبار عليها محمولة على من لا تتكلّم بالأباطيل و لا تلعب بالملاهي من العيدان و أشباهها،و لا بالقصب و غيره،بل تكون ممّن تزفّ العروس (6)،و تتكلّم عندها بإنشاد الشعر،و القول البعيد من الفحش و الأباطيل،فأمّا من عدا هؤلاء ممّن يتغنّين بسائر أنواع الملاهي،

ص:373


1- 1التهذيب 6:357 الحديث 1021،الاستبصار 3:61 الحديث 204،الوسائل 12:87 الباب 16 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:357 الحديث 1022،الاستبصار 3:62 الحديث 205،الوسائل 12:85 الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 6:357 الحديث 1023،الاستبصار 3:62 الحديث 206،الوسائل 12:84 الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2 [3] فيه:عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام.
4- 4) لقمان(31):6. [4]
5- 5) التهذيب 6:358 الحديث 1024،الاستبصار 3:62 الحديث 207،الوسائل 12:84 الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [5]
6- 6) بعض النسخ:العرائس.

فلا يجوز على حال،سواء كان في العرائس أو غيرها (1).

إذا ثبت هذا:فإنّ تعلّم الغناء و الأجر عليه حرام عندنا بلا خلاف؛لأنّه فعل محرّم،فيحرم التوصّل إليه.

مسألة:يحرم أجر النائحة بالأباطيل؛

لأنّه كذب و حرام،و أخذ الأجرة على الحرام حرام.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن كسب المغنّية و النائحة، فكرهه (2).

إذا ثبت هذا:فلا بأس بكسب النائحة إذا لم يعتمد قول الباطل،و إن كان مكروها،و تشتدّ الكراهية مع الاشتراط.

روى الشيخ-في الصحيح-عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«قال لي أبي عليه السلام:يا جعفر أوقف لي من مالي كذا و كذا لنوادب تندبنّني عشر سنين.بمنى أيّام منى» (3).

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كلّ له نادبة،إلاّ عمّي حمزة لا نادبة له» (4).

و عن حنّان بن سدير،قال:كانت امرأة معنا في الحيّ،و لها جارية نائحة، فجاءت إلى أبي فقالت:يا عمّ أنت تعلم معيشتي من اللّه و هذه الجارية النائحة و قد أحببت أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فإن كان حلالا،و إلاّ بعتها و أكلت من ثمنها حتّى يأتي اللّه عزّ و جلّ بالفرج،فقال لها أبي:و اللّه إنّي لأعظّم أبا عبد اللّه

ص:374


1- 1الاستبصار 3:62 ذيل الحديث 207.
2- 2) التهذيب 6:359 الحديث 1029،الاستبصار 3:60 الحديث 198،الوسائل 12:90 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [1]
3- 3) التهذيب 6:358 الحديث 1025،الوسائل 12:88 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
4- 4) عوالي اللآلئ 2:244 الحديث 9،و [3]بتفاوت ينظر:سنن ابن ماجة 1:507 الحديث 1591،مجمع الزوائد 6:120.

عليه السلام أن أسأله عن هذه المسألة،قال:فلمّا قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ تشارط؟»قلت:و اللّه ما أدري أ تشارط أم لا،قال:«قل لها:لا تشارط و تقبل كلّما أعطيت» (1).

و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«مات الوليد (2)بن المغيرة، فقالت أمّ سلمة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم؟فأذن لها،فلبست ثيابها و تهيّأت،و كانت من حسنها كأنّها جانّ،و كانت إذا قامت فأرخت شعرها جلّل جسدها،و عقد طرفه بخلخالها (3)،فندبت ابن عمّها بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:

أنعي الوليد بن الوليد أبا الوليد فتى العشيرة

حامي الحقيقة ماجدا يسمو إلى طلب الوتيرة (4)

قد كان غيثا في السنين و جعفرا (5)غدقا و ميره (6)

ص:375


1- 1التهذيب 6:358 الحديث 1026،الاستبصار 3:60 الحديث 200،الوسائل 12:89 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
2- 2) في التهذيب:ابن الوليد،و في الكافي 5:117 الحديث 2 و [2]الوسائل: [3]الوليد،و هو:الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ أخو خالد بن الوليد،كان حضر بدرا مع المشركين فأسره المسلمون ففداه أخواه هشام و خالد بمال فأسلم و لحق بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و شهد عمرة القضيّة و مات بالمدينة.أسد الغابة 5:92، [4]الإصابة 3:639، [5]الأعلام للزركليّ 8: 122. [6]
3- 3) كذا في النسخ و التهذيب،و في الوسائل:«و [7]عقدت بطرفيه خلخالها»كما في الكافي 5:117 الحديث 2. [8]
4- 4) الموتور:الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه.الصحاح 2:843،و [9]الوتيرة:هنا الذّحل أو الظلم في الذّحل.لسان العرب 5:277. [10]
5- 5) الجعفر:النهر الصغير.الصحاح 2:615.
6- 6) الميرة-بكسر الميم-:الطعام.المصباح المنير:587.

فما عاب عليها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك،و لا قال لها شيئا» (1).

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميّت» (2).

مسألة:القمار حرام

بلا خلاف بين العلماء،و كذا ما يؤخذ منه.قال اللّه تعالى:

إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (3).

و في هذه الآية دلالة على تحريم الخمر و القمار من عشرة أوجه.

و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الصبيان يلعبون بالجوز و البيض و يقامرون،فقال:«لا تأكل منه فإنّه حرام» (4).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:كان ينهى عن الجوز يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل و قال:«هو سحت» (5).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لمّا أنزل اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ

ص:376


1- 1التهذيب 6:358 الحديث 1027،الوسائل 12:89 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 6:359 الحديث 1028،الاستبصار 3:60 الحديث 199،الوسائل 12:90 الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [2]
3- 3) المائدة(5):90-91. [3]
4- 4) التهذيب 6:370 الحديث 1069،الوسائل 12:120 الباب 35 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [4]
5- 5) التهذيب 6:370 الحديث 1070،الوسائل 12:120 الباب 35 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [5]

اَلشَّيْطانِ (1)قيل:يا رسول اللّه ما الميسر؟قال:كلّ ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز،فقيل:ما الأنصاب؟قال:ما ذبحوا لآلهتهم،قيل:فما الأزلام؟قال:

قداحهم التي كانوا يستقسمون بها» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّ جميع أنواع القمار حرام من اللعب بالنرد،و الشطرنج، و الأربعة عشر (3)،و اللعب بالخاتم حتّى لعب الصبيان بالجوز على ما تضمّنته الأحاديث،ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و قال الشافعيّ:يجوز اللعب بالشطرنج (4)،و قال أبو حنيفة بقولنا (5).

لنا:ما تقدّم،

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من لعب بالشطرنج و النردشير فكأنّما غمس يده في دم خنزير» (6).

ص:377


1- 1المائدة(5):90. [1]
2- 2) التهذيب 6:371 الحديث 1075،الوسائل 12:119 الباب 35 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [2]
3- 3) قال الشيخ الطريحيّ:لعلّ المراد بالأربعة عشر الصفّان من النقر يوضع فيها شيء يلعب فيه،في كلّ صفّ سبع نقر محفورة،فتلك أربعة عشر.مجمع البحرين 3:406. [3]
4- 4) الأمّ 6:208،الحاوي الكبير 17:177-178،المهذّب للشيرازيّ 2:451،المجموع 20: 228،روضة الطالبين:1959،العزيز شرح الوجيز 13:9،الميزان الكبرى 2:204،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:210،مغني المحتاج 4:428،السراج الوهّاج:603،المغني 12:37، الشرح الكبير بهامش المغني 12:46.
5- 5) بدائع الصنائع 6:269،الهداية للمرغينانيّ 3:123، [4]شرح فتح القدير 6:484-485،الفتاوى الهنديّة 3:467،تبيين الحقائق 5:180،مجمع الأنهر 2:198-199،المغني 12:37،الشرح الكبير بهامش المغني 12:46.
6- 6) صحيح مسلم 4:1770 الحديث 2260،سنن أبي داود 4:285 الحديث 4939، [5]سنن ابن ماجة 2:1238 الحديث 3763،مسند أحمد 5:352، [6]سنن البيهقيّ 10:214،كنز العمّال 15:215 الحديث 40637،المغني 12:36،الشرح الكبير بهامش المغني 12:45،نصب الراية للزيلعيّ 6: 181.في بعض المصادر بتفاوت.

و قوله عليه السلام:«ما أنا من دد (1)و لا الدد منّي» (2).و الشطرنج لعب،فكان مجتنبا.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ فيه يستجيد الخاطر،فكان محمودا (3).و هو ضعيف.

مسألة:الغشّ بما يخفى حرام بلا خلاف.

روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ليس منّا من غشّنا» (4).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر:يا فلان أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم» (5).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أن يشاب اللبن بالماء للبيع» (6).و قد سبق البحث في ذلك (7).

مسألة:تدليس الماشطة حرام،

و كذا تزيين الرجل؛لأنّه نوع من الغشّ،

و قد روى الشيخ عن القاسم بن محمّد،عن عليّ (8)،قال:سألته عن امرأة مسلمة تمشط

ص:378


1- 1الدد:اللهو و اللعب.النهاية لابن الأثير 2:109. [1]
2- 2) بهذا اللفظ:ينظر:فيض القدير 3:13 ذيل الحديث 2628،تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: 269.و باختلاف في اللفظ،ينظر:سنن البيهقيّ 10:217،كنز العمّال 15:219 الحديث 40664، المعجم الكبير للطبرانيّ 19:343 الحديث 749،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:121،مجمع الزوائد 8:226.
3- 3) مغني المحتاج 4:428.
4- 4) التهذيب 7:12 الحديث 48،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 7:12 الحديث 49،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 7:12 الحديث 52،الوسائل 12:208 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [4]
7- 7) يراجع:ص 308.
8- 8) المراد عليّ بن أبي حمزة كما في جامع الرواة 2:21. [5]

العرائس ليس لها معيشة غير ذلك و قد دخلها ضيق،قال:«لا بأس،و لكن لا تصل الشعر بالشعر» (1).

و عن عبد اللّه بن الحسن،قال:سألته عن القرامل،قال:«و ما القرامل؟»قلت:

صوف تجعله النساء في رءوسهنّ،قال:«إن كان صوفا،فلا بأس به،و إن كان شعرا، فلا خير فيه من الواصلة و الموصلة» (2).

مسألة: قول أبي عبد الله عليه السلام لمن يعمل القلانس و يجعل فيها القطن العتيق و يبيعها

روى الشيخ عن الحسين بن المختار القلانسيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نعمل القلانس،نجعل فيها القطن العتيق فنبيعها،و لا نبيّن لهم ما فيها، فقال:«إنّي أحبّ لك أن تبيّن لهم ما فيها» (3).

مسألة:يحرم عمل الصور المجسّمة و أخذ الأجرة عليه.

روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد (4)،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن التصاوير و قال:من صوّر صورة كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ...و نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم» (5).

ص:379


1- 1التهذيب 6:359 الحديث 1030،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 6:361 الحديث 1036،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 6:376 الحديث 1098،الوسائل 12:210 الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 9. [3]
4- 4) الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام يلقّب ذا الدمعة،كان أبو عبد اللّه عليه السلام تبنّاه و ربّاه و زوّجه بنت الأرقط،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:52،الفهرست:55، [4]رجال العلاّمة:51، [5]تنقيح المقال 1:328، [6]معجم رجال الحديث 6:261. [7]
5- 5) الفقيه 4:3 و 5 الحديث 1،الوسائل 12:220 الباب 94 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [8]

و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفترشها،قال:«لا بأس بما (1)يبسط منها و يفترش و يوطأ (2)،إنّما يكره منها ما نصب على الحائط و على السرير» (3).

مسألة:معونة الظالمين بما يحرم حرام بلا خلاف.

روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد،عن الصادق عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ألا و من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر،جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا،يسلّطه اللّه عليه في نار جهنّم و بئس المصير» (4).

و روى الشيخ-في الحسن-عن ابن أبي يعفور،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا،فقال له:أصلحك اللّه إنّه ربّما أصاب الرجل منّا الضيق أو الشدّة،فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسنّاة (5)يصلحها،فما تقول في ذلك؟فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ما أحبّ أنّي (6)عقدت لهم عقدة،أو وكيت لهم وكاء،و أنّ لي ما بين لابتيها (7)،لا و لا مدّة بقلم،إنّ أعوان

ص:380


1- 1كثير من النسخ:«لما».
2- 2) في النسخ:«يطأ»و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:381 الحديث 1122،الوسائل 12:220 الباب 94 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
4- 4) الفقيه 4:10 الحديث 1،الوسائل 12:130 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [2]
5- 5) المسنّاة:ضفيرة تبنى للسيل لتردّ الماء،سميّت مسنّاة؛لأنّ فيها مفاتح للماء بقدر ما تحتاج إليه ممّا لا يغلب،مأخوذ من قولك:سنّيت الشيء و الأمر،إذا فتحت وجهه.لسان العرب 14:406. [3]
6- 6) في النسخ:أن،و ما أثبتناه من المصادر.
7- 7) اللابة:الحرّة،و هي الأرض ذات الحجارة السود التي ألبستها لكثرتها،و المدينة ما بين حرّتين عظيمتين.النهاية لابن الأثير 2:274. [4]

الظلمة يوم القيامة في سرادق (1)من نار حتّى يحكم اللّه بين العباد» (2).

و عن جهم بن حميد (3)،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ ما تغشى سلطان هؤلاء؟»قال:قلت:لا،قال:«فلم؟»قلت:فرارا بديني،قال:«قد عزمت على ذلك؟»قلت:نعم،فقال:«الآن سلم لك دينك» (4).

و عن حميد (5)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي ولّيت عملا فهل لي من ذلك مخرج؟فقال:«ما أكثر من طلب من ذلك المخرج فعسر عليه»قلت:فما ترى؟قال:«أرى أن تتّقي اللّه عزّ و جلّ و لا تعود» (6).

و في الصحيح عن يونس بن يعقوب،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

ص:381


1- 1السرادق:كلّ ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء.النهاية لابن الأثير 2:357. [1]
2- 2) التهذيب 6:331 الحديث 919،الوسائل 12:129 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [2]
3- 3) جهم بن حميد الرّواسيّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام تارة بعنوان:الجهم بن حميد الرّواسيّ الكوفيّ و تارة بعنوان:جهيم بن حميد الرّواسيّ،قال المامقانيّ: و احتمال الاتّحاد مع قرب الفصل بينهما لا يخلو من بعد.رجال الطوسيّ:162 و 165،تنقيح المقال 1:240، [3]معجم رجال الحديث 5:156. [4]
4- 4) التهذيب 6:332 الحديث 921،الوسائل 12:129 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [5]
5- 5) حميد:إنّه مشترك بين كثيرين،قال السيّد الخوئيّ:روى محمّد بن يعقوب بسنده عن يونس عن حمّاد عن حميد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي 5:109 باب عمل السلطان الحديث 15، و [6]التهذيب 6:332 الحديث 922،و روى الشيخ بسنده عن محمّد بن يعقوب عن حميد عن الحسين بن حمّاد،التهذيب 7:442 الحديث 1767،و قال صاحب هداية المحدّثين:إنّه حميد بن زياد الثقة برواية محمّد بن يعقوب الكلينيّ عنه،فعلى هذا،هو حميد بن زياد بن حمّاد بن حمّاد بن زياد،كان ثقة واقفا وجها فهيم،و عدّه الشيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام قائلا:من أهل نينوى-قرية بجنب الحائر على ساكنه السلام-عالم جليل واسع العلم كثير التصانيف،و قال في الفهرست: [7]كثير التصانيف روى الأصول أكثرها له كتب كثيرة على عدد كتب الأصول.رجال النجاشيّ:132،رجال الطوسيّ:463،الفهرست:60 [8]معجم رجال الحديث 7:302، [9]هداية المحدّثين:53. [10]
6- 6) التهذيب 6:332 الحديث 922،الوسائل 12:136 الباب 44 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [11]

«لا تعنهم على بناء مسجد» (1).و الأحاديث في ذلك كثيرة.

مسألة:الغيبة حرام،

و كذا هجاء المؤمنين،و الكذب عليهم،و النميمة،و السعاية بالمؤمنين،و سبّهم و شتمهم،و السعي في القبيح،و مدح من يستحقّ الذمّ و ذمّ من يستحقّ المدح،و الأمر بشيء من ذلك،و أخذ الأجرة عليه،و التشبيب (2)بنساء المؤمنين بلا خلاف.

قال اللّه تعالى: وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (3).

روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد،عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الغيبة،و الاستماع إليها،و قال:لا يدخل الجنّة قتّات-يعني نمّاما-

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من اغتاب امرأ مسلما،بطل صومه،و نقض وضوؤه،و جاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذّى به (4)أهل الموقف،و إن مات قبل أن يتوب،مات مستحلاّ لما حرّم اللّه تعالى...ألا و من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها...و من اصطنع إلى أخيه معروفا فامتنّ به،أحبط اللّه عمله و ثبت وزره و لم يشكر له سعيه،ثمّ قال عليه السلام:يقول اللّه عزّ و جلّ:

حرّمت الجنّة على المنّان و البخيل و القتّات،و هو النمّام» (5).

ص:382


1- 1التهذيب 6:338 الحديث 941،الوسائل 12:129 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [1]
2- 2) التشبيب:النسيب بالنساء،و شبّب بالمرأة:قال فيها الغزل و النسيب،و هو من تشبيب النار و تأريثها.لسان العرب 1:481. [2]
3- 3) الحجرات(49):12. [3]
4- 4) في الفقيه:بها.
5- 5) الفقيه 4:4،8،9 و 10 الحديث 1،الوسائل 18:237 الباب 9 من أبواب الشهادات الحديث 5 [4]قطعة منه.

و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة تسبّ جارية لها و هي صائمة،فدعا عليه السلام بطعام،فقال لها:«كلي»فقالت:إنّي صائمة،فقال:«كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك؟!إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب فقطّ» (1).

و كما تحرم الغيبة،كذا يحرم الاستماع إليها،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«السامع للغيبة أحد المغتابين» (2).

و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس،فردّها عنه،ردّ اللّه عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا و الآخرة،فإن هو لم يردّها و هو قادر على ردّها،كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة» (3).

مسألة:و يحرم حفظ كتب الضلال،و نسخها لغير النقض أو الحجّة عليهم

بلا خلاف.و كذا يحرم نسخ التوراة و الإنجيل و تعليمهما،و أخذ الأجرة على ذلك كلّه؛لأنّ في ذلك مساعدة على الحقّ و تقوية للباطل،و لا خلاف فيه.

مسألة:يحرم تعلّم السحر و الشعبذة و الكهانة و القيافة و أخذ الأجرة عليه

و تعليمه،

قال اللّه تعالى: وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (4).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«حدّ الساحر ضربة بالسيف» (5).

ص:383


1- 1الفقيه 2:68 الحديث 284،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) غرر الحكم و درر الكلم للآمدي:221 الحديث 4445. [2]
3- 3) الفقيه 4:8 الحديث 1،الوسائل 8:599 الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث 13. [3]
4- 4) البقرة(2):102. [4]
5- 5) سنن الترمذيّ 4:60 الحديث 1460، [5]سنن البيهقيّ 8:136،المصنّف لعبد الرزّاق 10:184 الحديث 18752،سنن الدارقطنيّ 3:114 الحديث 112،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:161 الحديث 1665 و 1666،كنز العمّال 5:388 الحديث 13364،فيض القدير 3:376 الحديث 3688.

و عن بجالة (1)،قال:كنت كاتبا (2)لجزء بن معاوية (3)عمّ الأحنف بن قيس،إذ جاءنا كتاب عمر بن الخطّاب قبل موته:اقتلوا كلّ ساحر،فقتلنا ثلاث سواحر في يوم (4).و قتلت حفصة جارية لها سحرتها،و قتل جندب بن كعب (5)ساحرا كان يسحر بين يدي الوليد بن عقبة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن الجنيد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه

ص:384


1- 1بجالة بن عبدة التميميّ العنبريّ البصريّ كاتب جزء بن معاوية،كذا عنونه ابن حجر في التهذيب، و عنونه البخاريّ و الرازيّ بعنوان:بجالة بن عبد كاتب جزى بن معاوية عمّ الأحنف،روى عن كتاب عمر بن الخطاب و عن عبد الرحمن بن عوف و عمران بن حصين و ابن عبّاس و روى عنه عمرو بن دينار و قتادة.التاريخ الكبير 2( [1]القسم الثاني من الجزء الأوّل):146،الجرح و التعديل 2:437، تهذيب التهذيب 1:417. [2]
2- 2) في النسخ:كنت كتابيّا و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) جزء بن معاوية بن حصن بن عبادة بن النزال بن مرّة بن عبيد...التميميّ السعديّ عمّ الأحنف بن قيس،كذا ضبطه ابن حجر في الإصابة،و [3]ضبطه ابن الأثير:جزى بن معاوية...التميميّ السعديّ عمّ الأحنف بن قيس قيل:له صحبة،و كان عاملا لعمر بن الخطّاب على الأهواز.الإصابة 1:234، [4]أسد الغابة 1:232. [5]
4- 4) مسند أحمد 1:190، [6]سنن البيهقيّ 8:136،مسند الشافعيّ:383،الطبقات الكبرى 7:93 الرقم 3015، [7]المجموع 19:246،المغني و الشرح الكبير 10:112.
5- 5) جندب بن كعب بن عبد اللّه بن غنم بن جزء بن عامر...الأزديّ الغامديّ أبو عبد اللّه و هو قاتل الساحر،و كان سبب قتله الساحر أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط لمّا كان أميرا على الكوفة حضر عنده ساحر و كان يلعب بين يدي الوليد يريه أنّه يقتل رجلا ثمّ يحييه فأخذ سيفا من صيقل و اشتمل عليه و جاء إلى الساحر فضربه ضربة فقتله،مات لعشر سنوات مضين من خلافة معاوية.أسد الغابة 1: 305، [8]الإصابة 1:250، [9]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:218. [10]
6- 6) المغني و الشرح الكبير 10:112،المجموع 19:246. [11]

قال:«حدّ الساحر ضربة بالسيف» (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الساحر كافر» (2).

و روى الشيخ عن إبراهيم بن هاشم،قال:حدّثني شيخ من أصحابنا من الكوفيّين،قال:دخل عيسى بن سيفيّ (3)على أبي عبد اللّه عليه السلام-و كان ساحرا يأتيه الناس و يأخذ على ذلك الأجر-فقال له:جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر،و كنت آخذ عليه الأجر،و كان معاشي،و قد حججت و منّ اللّه عليّ بلقائك،و قد تبت إلى اللّه عزّ و جلّ،فهل لي في شيء منه مخرج؟قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«حلّ و لا تعقد» (4).

فروع:
الأوّل:السحر عقد و رمي و كلام يتكلّم به أو يكتبه

أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن

ص:385


1- 1ينظر:مجمع الفائدة و البرهان للأردبيليّ 8:78،و من طريق العامّة،ينظر:سنن الترمذيّ 4:60 الحديث 1460،المستدرك للحاكم 4:360،سنن البيهقيّ 4:136،سنن الدارقطنيّ 3:114 الحديث 112،المصنّف لعبد الرزّاق 10:184 الحديث 18752،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:161 الحديث 1665 و 1666،كنز العمّال 5:388 الحديث 13364،فيض القدير 3:376 الحديث 3688.
2- 2) مجمع الفائدة و البرهان 8:78،الوسائل 12:104 الباب 25 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8 و [1]فيه:و الساحر كالكافر.
3- 3) عيسى بن سيفيّ،قال السيّد الخوئيّ:كان ساحرا فتاب و قال له أبو عبد اللّه عليه السلام:«حلّ و لا تعقد»و قال:كذا في التهذيب باب المكاسب من الطبعة القديمة.و في الجديدة الجزء 6:364 الحديث 1043 و كذا في الفقيه 3:110 الحديث 463 عيسى بن شقفيّ،و في الكافي 5:115 باب الصناعات الحديث 7 [2] عيسى بن شفقيّ.معجم رجال الحديث 14:207. [3]
4- 4) التهذيب 6:364 الحديث 1043،الوسائل 12:105 الباب 25 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [4]

المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له،و اختلف في أنّه هل له حقيقة أم لا؟

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا حقيقة له،و إنّما هو تخيّل (1).و هو قول بعض الشافعيّة (2).

و قال الشافعيّ:له حقيقة (3).

و قال أصحاب أبي حنيفة:إن كان شيئا يصل إلى بدن المسحور،كدخان و نحوه،جاز أن يحصل منه ما يؤثّر في نفس المسحور من قتل أو مرض أو أخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطيها،أو يفرّق بينهما،أو يبغّض أحدهما إلى الآخر،أو يحبّبه إليه،و أمّا إن يحصل المرض و الموت من غير أن يصل إلى بدنه شيء، فلا يجوز ذلك (4).

احتجّ الشيخ:بقوله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (5). (6)

و احتجّ الآخرون:بقوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ* وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ* وَ مِنْ شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (7)يعني:الساحرات اللاتي يعقدن في سحرهنّ و ينفثن عليه،و لو لا أنّ له حقيقة،لما أمر بالاستعاذة منه.

ص:386


1- 1المبسوط 7:260، [1]الخلاف 2:423 مسألة-14.
2- 2) الحاوي الكبير 13:93،المهذّب للشيرازيّ 2:287،المجموع 19:240،روضة الطالبين: 1681،الميزان الكبرى 2:155،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:141،المغني 10:104، الشرح الكبير بهامش المغني 10:110،عمدة القارئ 21:277.
3- 3) الحاوي الكبير 13:93،المهذّب للشيرازيّ 2:287،حلية العلماء 7:632 و 635،المجموع 19:240،روضة الطالبين:1681،الميزان الكبرى 2:155،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:141،المغني 10:104،الشرح الكبير بهامش المغني 10:110.
4- 4) المغني 10:104، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 10:110. [3]
5- 5) طه(20):66-67. [4]
6- 6) الخلاف 2:423-مسألة-14.
7- 7) الفلق(113):1-4. [5]

و قال تعالى: يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ إلى قوله: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ (1).

و روى الجمهور عن عائشة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سحر حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه يفعل الشيء و ما يفعله،و أنّه قال لها ذات يوم:«أشعرت (2)أنّ اللّه أفتاني فيما استفتيته[فيه] (3)أنّه أتاني ملكان،فجلس أحدهما عند رأسي،و الآخر عند رجليّ،فقال:ما وجع الرجل؟قال:مطبوب،قال:من طبّه؟ قال:لبيد بن الأعصم (4)،[قال:في أيّ شيء؟قال:] (5)في مشط و مشاطة في جفّ (6)طلعة ذكر،[قال:و أين هو؟قال:] (7)في بئر ذي أروان (8)»رواه

ص:387


1- 1البقرة(2):102. [1]
2- 2) ضبطت عامّة كتب الجمهور التاء على الخطاب«أشعرت»و ما أثبتناه موافق لمصنّف ابن أبي شيبة.
3- 3) زيادة من المصادر.
4- 4) لبيد بن الأعصم اليهوديّ هو الذي سحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال ابن سعد:لمّا رجع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الحديبيّة في ذي الحجّة و دخل المحرّم جاءت رؤساء اليهود الذين بقوا بالمدينة ممّن يظهر الإسلام و هو منافق إلى لبيد بن الأعصم اليهوديّ،و كان حليفا في بني زريق و كان ساحرا فجعلوا له ثلاثة دنانير على أن يسحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ دلّه اللّه عليه فأخرجه ثمّ أرسل إلى لبيد بن الأعصم فقال:«ما حملك على ما صنعت؟ فقد دلّني اللّه على سحرك»قال:حبّ الدنانير يا أبا القاسم.الطبقات الكبرى لابن سعد 2:196،197. [2]
5- 5) زيادة من المصادر.
6- 6) جفّ و جبّ:وعاء طلع النخل،و هو الغشاء الذي يكون عليه و يطلق على الذكر و الأنثى،و لذا قيّده في الحديث بقوله:طلعة ذكر.لسان العرب 9:28، [3]هامش صحيح مسلم 4:1720.
7- 7) زيادة من المصادر.
8- 8) في رواية البخاريّ:«بئر ذروان»مكان:«بئر ذي أروان».و بئر ذروان-بفتح الذال المعجمة و سكون الراء-كذا يقوله رواة كتاب البخاريّ كافّة،و كذا روي عن ابن الحذّاء،و في كتاب الدعوات من كتاب البخاريّ هي بئر في منازل في زريق بالمدينة،و قال الجرجانيّ:و رواة مسلم كافّة هي بئر ذي أروان.و قال الأصيليّ:ذو أروان،موضع آخر على ساعة من المدينة و فيه بني مسجد الضرار. معجم البلدان 1:299. [4]

البخاريّ (1).

و جفّ الطلعة:وعاؤها.و المشاطة:الشعر الذي يخرج من شعر الرأس أو غيره إذا مشط،فقد أثبت لهم سحرا (2).

و هذا القول عندي باطل،و الروايات ضعيفة خصوصا رواية عائشة؛لاستحالة تطرّق السحر إلى الأنبياء عليهم السلام.

الثاني:لا خلاف بين العلماء كافّة في تحريم تعلّم السحر و تعليمه،

و هل يكفر أم لا؟و الحقّ أنّه إن استحلّ ذلك،فقد كفر،و إلاّ فلا،و سيأتي البحث في ذلك.

و قال أبو حنيفة:إن اعتقد أنّ الشياطين تفعل له ما شاء،فقد كفر،و إن اعتقد أنّه تخيّل،لم يكفر (3).

و قال الشافعيّ:إن اعتقد ما يوجب الكفر،مثل التقرّب إلى الكواكب السبعة، و أنّها تفعل ما يلتمس،أو اعتقد حلّ السحر،كفر و إلاّ فسق (4).

الثالث:إن كان للسحر حقيقة فهو ما يعدّ في العرف سحرا،

مثل ما روي أنّ النجاشيّ دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد (5)فهام مع الوحش،

ص:388


1- 1صحيح البخاريّ 7:176،و ينظر أيضا:صحيح مسلم 4:1719 الحديث 2189،سنن ابن ماجة 2:1173 الحديث 3545،مسند أحمد 6:63، [1]سنن البيهقيّ 8:135،المصنّف لابن أبي شيبة 5: 435 الحديث 3،مسند أبي يعلى 8:290 الحديث 4882.
2- 2) المغني 10:105،الشرح الكبير بهامش المغني 10:111،المجموع 19:241.
3- 3) المغني 10:107،الشرح الكبير بهامش المغني 10:111،الميزان الكبرى 2:155،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:141.
4- 4) الحاوي الكبير 13:96،المهذّب للشيرازيّ 2:288،المجموع 19:245،روضة الطالبين: 1681،الميزان الكبرى 2:155،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 2:141.
5- 5) عمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم بعثته قريش إلى النجاشيّ و تعرّض لامرأته فأمر النجاشيّ ساحرا فنفخ في إحليل عمارة من سحره عقوبة له فتوحّش و صار مع البهائم إلى أن مات في خلافة عمر.الإصابة 3:171، [2]فتح الباري 1:280.

فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطّاب،فأمسكه إنسان،فقال:خلّني و إلاّ متّ، فلم يخلّه فمات من ساعته (1).

و قيل:إنّ بعض الأمراء أخذ ساحرة،فجاء زوجها كأنّه محترق،فقال:قولوا لها:تحلّ عنّي،فقالت:ائتوني بخيوط و باب،فأتوها به،فجلست على الباب، و جعلت تعقد فطار بها الباب فلم يقدروا عليها (2).فهذا و أمثاله،مثل أن يعقد الرجل المزوّج،فلا يطيق وطء امرأته،هو السحر المختلف فيه.

فأمّا الذي يقال من العزم على المصروع و يزعم أنّه يجمع الجنّ و يأمرها فتطيعه، فلا يدخل تحت هذا الحكم و هو عندي باطل لا حقيقة له،و إنّما هو من الخرافات.

الرابع:من يحلّ السحر،فإن كان بشيء من القرآن،أو شيء من الذكر

و الأقسام و الكلام المباح،فلا بأس به؛

لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«حلّ و لا تعقد» (3).و إن كان بشيء من السحر،فهو حرام.و سوّغه أحمد،و سعيد بن المسيّب (4).

لنا:أنّه سحر،فيحرم.

الخامس:قيل :الكاهن،هو الذي له رئيّ من الجنّ يأتيه بالأخبار،

(5)(6)

يقتل

ص:389


1- 1المغني 10:113،الشرح الكبير بهامش المغني 10:112.
2- 2) المغني 10:114،الشرح الكبير بهامش المغني 10:112.
3- 3) الكافي 5:115 الحديث 7، [1]الفقيه 3:110 الحديث 463،التهذيب 6:364 الحديث 1043، الوسائل 12:105 الباب 25 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.
4- 4) المغني 10:114،الشرح الكبير بهامش المغني 10:113،الفروع في فقه أحمد 3:421،الكافي لابن قدامة 4:141،الإنصاف 10:352.
5- 5) ع،ر:قتل مكان:قيل.
6- 6) رئيّ:يقال للتابع من الجنّ،بوزن كميّ،سمّي به؛لأنّه يتراءى لمتبوعه،أو هو من الرأي،من قولهم: فلان رئيّ قومه،إذا كان صاحب رأيهم.النهاية لابن الأثير 2:178. [2]

أيضا،إلاّ أن يتوب،و يحرم عليه أخذ الأجرة؛

لما رواه السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ، و الرشا في الحكم و أجرة الكاهن» (1).

السادس:التنجيم حرام،

و كذا تعلّم النجوم مع اعتقاد أنّها مؤثّرة،أو أنّ لها مدخلا في التأثير بالنفع و الضرر.

و بالجملة:كلّ من يعتقد ربط الحركات النفسانيّة و الطبيعيّة بالحركات الفلكيّة و الاتّصالات الكوكبيّة كافر،و أخذ الأجر على ذلك حرام.

أمّا من يتعلّم علم النجوم ليعرف قدر سير الكوكب (2)و بعده و أحواله من التربيع (3)و الكسف (4)و غيرهما،فإنّه لا بأس به.

السابع:الشعبذة-و هو الحركات الخفيفة جدّا التي باعتبارها تخفى على

الحسّ

و يعتقد أنّ الشيء هو شبيهه (5)؛لسرعة انتقاله عنه إلى شبهه-حرام بلا خلاف.

و كذا القيافة و كلّ ما يشاركها في هذا الباب من النارنجيّات (6)

ص:390


1- 1الكافي 5:126 الحديث 2، [1]التهذيب 6:368 الحديث 1061،الوسائل 12:62 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
2- 2) أكثر النسخ:الكواكب.
3- 3) في النسخ:الربيع،و ما أثبتناه من البحار 55:290 [3]نقلا عن المنتهى، [4]و انظر:تحرير الأحكام للمصنّف 2:261. [5]
4- 4) في ح:و الخريف.
5- 5) ر و ق:شبهة.
6- 6) كذا في أكثر النسخ،و في ق:النارنجات.و النيرنجات جمع نيرنج و هو معرّب نى رنك،و الكلمة فارسيّة بحتة مركّبة من كلمتين و هما:ني بمعنى النفي و:رنك بمعنى اللون و الصبغ،فكأنّما مهرة هذه العمليّة يصنعون أعمالا عجيبة خارقة للعادة ليس لها حقيقة و واقعيّة فيقال لها:نيرنج،أي:بلا لون و صبغ.المكاسب 3:49 منشورات جامعة النجف الدينيّة.نيرنج معرّب نيرنگ نيرنجات،جمع: نيرنگ:فريب،مكر،حيلة،سحر،افسون.نيرنج هم گفته شده.فرهنگ عميد 2:1930.

و السيمياء (1)و غيرها.

مسألة:لا يحلّ بيع الحرّ و لا أكل ثمنه

(2)

و كلّ أكل ما ليس بمملوك للإنسان، و لا يصحّ تملّكه إيّاه،و لا نعلم فيه خلافا؛

لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه قال:«ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة...رجل أعطى بي ثمّ غدر،و رجل باع حرّا فأكل ثمنه،و رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه و لم يوفّه أجره» (3).

مسألة:يحرم بيع المصحف.

و به قال أحمد بن حنبل،و هو قول ابن عمر،و ابن عبّاس،و أبو موسى،و سعيد بن جبير،و إسحاق (4).

و جوّز بيع المصاحف الحسن البصريّ،و الحكم،و عكرمة و الشافعيّ (5)و أصحاب الرأي (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه قال:وددت أنّ الأيدي تقطع في بيعها،

ص:391


1- 1قال الشهيد:السيمياء:و هي إحداث خيالات لا وجود لها في الحسّ للتأثير في شيء آخر،و ربّما ظهر إلى الحسّ.الدروس الشرعيّة 3:192.
2- 2) ع،ر:الخمر،مكان:الحرّ.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:118،سنن ابن ماجة 2:816 الحديث 2442،مسند أحمد 2:358، [1]سنن البيهقيّ 6:14 و 121،كنز العمّال 16:28 الحديث 43793،مسند أبي يعلى 11:444 الحديث 6571،فيض القدير 3:315 الحديث 3494،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 3:253 الحديث 3. [2]
4- 4) المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،زاد المستقنع:37،الفروع في فقه أحمد 2: 313،الكافي لابن قدامة 2:185،الإنصاف 4:278. [3]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:262،حلية العلماء 4:118،المجموع 9:252،فتح العزيز بهامش المجموع 8:232،روضة الطالبين:534،المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 13:133،المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،حلية العلماء 4:118،المجموع 9:252.

و اختاره ابن عبّاس،و لم يوجد لهما في الصحابة مخالف،فكان إجماعا (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عثمان بن عيسى،عمّن سمعه،قال:

سألته عن بيع المصاحف و شرائها،قال:«لا تشتر كتاب اللّه و لكن اشتر الحديد و الجلود و الدفتر و قل:أشتري منك هذا بكذا و كذا» (2).

و عن جرّاح المدائنيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بيع المصاحف قال:

«لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم و الحديد» (3).

لأنّه يشتمل على كلام اللّه تعالى،فيجب تعظيمه بصيانته عن البيع و الابتذال (4).

و عن عبد اللّه بن سليمان،قال:سألته عن شراء المصاحف،فقال:«إذا أردت أن تشتري فقل:أشتري منك ورقه و أديمه،و عمل يدك بكذا و كذا» (5).

احتجّوا:بأنّ البيع يقع على الجلد و الورق و بيع ذلك جائز (6).

و الجواب:إن قصد ذلك بالبيع،كان حلالا،و ليس البحث فيه.

فروع:
الأوّل:يجوز شراء الجلد و الورق إذا أراد بيع المصحف،

و لا يحلّ بيع كلام اللّه

ص:392


1- 1سنن البيهقيّ 6:16،المصنّف لعبد الرزّاق 8:112 الحديث 14524 و 14527،المغني 4:331، الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،المجموع 9:252.
2- 2) التهذيب 6:365 الحديث 1049،الوسائل 12:114 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 6:366 الحديث 1051،الوسائل 12:115 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [2]
4- 4) بعض النسخ:و الإبدال،مكان:و الابتذال.
5- 5) التهذيب 6:365 الحديث 1050،الوسائل 12:115 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [3]
6- 6) المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،فتح العزيز بهامش المجموع 8:232.

تعالى على ما قلناه؛لما تضمّنته الأحاديث الدالّة على تسويغ ذلك.

الثاني:لو اشترى الكافر مصحفا،لم يصحّ البيع عندنا على أقوى القولين،

و به قال الشافعيّ (1).

و قال أصحاب الرأي:يجوز ذلك و يجبر على بيعه (2).

لنا:أنّه يحرم عليه استدامة الملك فيحرم عليه ابتداؤه،كسائر المحرّمات.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدوّ؛مخافة أن تناله أيديهم (3)،فلا يجوز تمكينهم من السبب لنيل الأيدي إيّاه.

الثالث:إذا اشترى المصحف،فإن عقد البيع على الجلد و الورق،صحّ،

كالبيع، و إلاّ كان حراما،كالبيع.

و لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«لا تبع الكتاب و لا تشتره» (4).

و جوّز ذلك أحمد بن حنبل؛لأنّه استنقاذ للمصحف،و بذل ماله فيه،فكان جائزا (5).

و الجواب:أنّ فيه مساعدة على الحرام.

ص:393


1- 1حلية العلماء 4:118،المجموع 9:354،المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15.
2- 2) حلية العلماء 4:118،المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:15،المبسوط للسرخسيّ 13:133.
3- 3) صحيح مسلم 3:1490 الحديث 1869،سنن أبي داود 3:36 الحديث 2610، [1]سنن ابن ماجة 2: 961 الحديث 2879،الموطّأ 2:446 الحديث 7، [2]مسند أحمد 2:7 و 63،سنن البيهقيّ 9:108، المصنّف لعبد الرزّاق 5:212،المصنّف لابن أبي شيبة 5:365،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:107 الحديث 4695 و 4696.
4- 4) التهذيب 6:366 الحديث 1051،الوسائل 12:115 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [3]
5- 5) المغني 4:331،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،الكافي لابن قدامة 2:185،الفروع في فقه أحمد 2:314.
الرابع:لا بأس بأخذ الأجرة على كتابة القرآن؛

لما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أمّ عبد اللّه بن الحسن (1)أرادت أن تكتب مصحفا،و اشترت ورقا من عندها و دعت رجلا،فكتب لها على غير شرط، فأعطته حين فرغ خمسين دينارا،و أنّه لم يبع المصحف إلاّ حديثا» (2).

الخامس: فيمن يعشّر المصاحف بالذهب

روى الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب، فقال:«لا يصلح»فقال:إنّها معيشتي،فقال:«إنّك إن تركته للّه،جعل اللّه لك مخرجا» (3).

و عن محمّد الورّاق (4)،قال:عرضت على أبي عبد اللّه عليه السلام كتابا فيه قرآن مختّم معشّر (5)بالذهب،و كتب (6)في آخره سورة بالذهب فأريته إيّاه،فلم يعب

ص:394


1- 1أمّ عبد اللّه بن الحسن،و في ص 429 أمّ عبد اللّه بنت الحسن و في المصادر:أمّ عبد اللّه بنت الحارث، و أمّ عبد اللّه بنت الحسن هي أمّ الإمام الباقر عليه السلام،مرّت ترجمتها في ج 13:301،و أمّا أمّ عبد اللّه بنت الحارث فلم نعثر على ترجمتها في كتب التراجم.
2- 2) التهذيب 6:366 الحديث 1054،الوسائل 12:116 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [1]
3- 3) التهذيب 6:366 الحديث 1055،الوسائل 12:117 الباب 32 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
4- 4) بعض النسخ:محمّد بن الورّاق،و هو محمّد بن الورّاق الكوفيّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و قال السيّد الخوئيّ: محمّد بن الورّاق محمّد الورّاق روى عن الصادق عليه السلام و روى عنه ابن مسكان.الكافي 2: 629 الحديث 8،و [3]فيه:محمّد بن الورّاق،و رواها الشيخ في التهذيب 6:367 الحديث 1056، و فيه:محمّد الورّاق و الظاهر هو الصحيح؛لأنّه المعنون في الرجال و في الوافي. رجال الطوسيّ:306،تنقيح المقال 3:196، [4]معجم رجال الحديث 18:325،الطبعة الخامسة. [5]
5- 5) التعشير:زيادة و تمام.لسان العرب 4:569.و [6]قال المجلسيّ في معنى قوله:مختّم معشر بالذهب: أي محلّى آخره بالذهب،أو ختم وسط جلده،كما هو المتعارف،أو أسماء السور.ملاذ الأخيار 10: 362. [7]
6- 6) في النسخ:و كانت،و ما أثبتناه من المصادر.

منه شيئا،إلاّ كتابة القرآن بالذهب،فإنّه قال:«لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة» (1).

مسألة:و تحرم السرقة و الخيانة و بيعها و أكل ثمنها

بلا خلاف.

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (2).

و قال اللّه تعالى: لا تَخُونُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (3).

و روى الشيخ عن عمّار بن مروان،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول، فقال:«كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت» (4).

و عن أبان بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أربعة لا تجوز في أربعة:الخيانة،و الغلول،و السرقة،و الربا،لا تجوز في حجّ و لا عمرة و لا جهاد و لا صدقة» (5).

و عن أبي الجارود،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن،و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن،و لا ينتهب نهبة ذات شرف حين ينهبها و هو مؤمن» قال ابن سنان:قلت لأبي الجارود:ما نهبة ذات شرف (6)؟قال:نحو ما صنع

ص:395


1- 1الكافي 2:629 الحديث 8، [1]التهذيب 6:367 الحديث 1056،الوسائل 12:117 الباب 32 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [2]
2- 2) النساء(4):29. [3]
3- 3) الأنفال(8):27. [4]
4- 4) التهذيب 6:368 الحديث 1062،الوسائل 12:61 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [5]
5- 5) التهذيب 6:368 الحديث 1063،الوسائل 12:60 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [6]
6- 6) في ب و التهذيب في الموضعين:«ذات سرف»مكان:«ذات شرف».

حاتم (1)حين قال:من أخذ شيئا هو له (2).

و عن ابن أبي نجران،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها و إثمها» (3).

فروع:
الأوّل:لو اشترى السرقة و لم يعلمها،

حلّ له ذلك بلا خلاف؛لأنّ التكليف يستدعي العلم.

و يؤيّده:ما تقدّم من

قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها و إثمها».

و كذا

ما رواه جرّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يصلح شراء السرقة و الخيانة إذا عرفت» (4).

و قد ثبت أنّ التقييد بالوصف،يقتضي النفي عن غير المذكور إن قلنا بالمفهوم.

و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم،

ص:396


1- 1حاتم بن عبد اللّه بن سعد بن الحشرج الطائيّ القحطانيّ أبو عديّ،فارس شاعر جواد جاهليّ يضرب المثل بجوده،كان من أهل نجد،و مات في عوارض(جبل في بلاد طيّئ)قال ياقوت:و عليه قبر حاتم.شعره كثير ضاع معظمه و بقي منه ديوان صغير و أرّخوا وفاته في السنة الثامنة بعد مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.الأعلام للزركليّ 2:151، [1]معجم البلدان 4:164. [2]
2- 2) التهذيب 6:371 الحديث 1074،الوسائل 12:192 الباب 36 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]
3- 3) التهذيب 6:374 الحديث 1090،الوسائل 12:251 الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 9. [4]
4- 4) الكافي 5:228 الحديث 4، [5]التهذيب 6:374 الحديث 1089،الوسائل 12:250 الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 7. [6]

قال:«يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا» (1).

الثاني:لو امتزجت السرقة بأعيان غيرها فاشتبهت و باع السارق،

جاز الشراء لما يبيعه ما لم يعلم أنّها العين المسروقة؛لأنّ الأصل الإباحة و الملك لصاحب اليد، إلاّ أن يعلم المعارض.

و لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أحدهما عليهما السلام عن شراء الخيانة و السرقة،قال:«لا،إلاّ أن يكون قد اختلط معه غيره،فأمّا السرقة بعينها فلا، إلاّ أن يكون من متاع السلطان فلا بأس بذلك» (2).

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من وجد عنده سرقة،كان ضامنا لها،

إلاّ أن يأتي على شرائها ببيّنة (3).و عوّل في ذلك على

ما رواه أبو عمرو السرّاج (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يوجد عنده السرقة،فقال:«هو غارم إذا لم يأت على بائعها شهودا» (5).

قال ابن إدريس:مقصود شيخنا:أنّه ضامن مطلقا،و إنّما الشرط في الرجوع

ص:397


1- 1الكافي 5:228 الحديث 3، [1]التهذيب 6:375 الحديث 1093،الوسائل 12:63 الباب 53 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [2]
2- 2) التهذيب 6:374 الحديث 1088،الوسائل 12:249 الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 4. [3]
3- 3) النهاية:369. [4]
4- 4) أبو عمرو السرّاج،كذا في بعض النسخ،كما في التهذيب 6:374 الحديث 1091،و في ج 7:131 الحديث 574،و في بعض النسخ:أبو عمر السرّاج كما في الكافي 5:229 باب شراء السرقة الحديث 7،و [5]عنونه الأردبيليّ و المامقانيّ و السيّد الخوئيّ بعنوان:أبو عمارة السرّاج في نسخة من التهذيب و أبو عامر في نسخة أخرى،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحسين بن أبي العلاء. جامع الرواة 2:405، [6]تنقيح المقال 3:28 [7] من فصل الكنى،معجم رجال الحديث 22:277. [8]
5- 5) التهذيب 6:374 الحديث 1091،الوسائل 12:251 الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 10. [9]

و عدمه،و ذلك أنّه إن كان عالما بأنّها سرقة و قال له البائع ذلك فاشتراها كذلك، لم يكن له الرجوع على البائع بالغرامة؛لأنّه لم يغرّه،و إنّما أعطاه ماله بغير عوض في مقابلته،و أمّا إن لم يعلم ذلك و لا أعلمه البائع به،فإنّه يرجع على البائع بما غرمه؛لأنّه غرّه و دلّس عليه،و أمّا الضمان فلا بدّ منه،سواء جاء بالبيّنة على شرائها أو لم يأت (1).و هذا حسن.

الرابع:لا خلاف في تحريم الخيانة و وجوب أداء الأمانة.

قال اللّه تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (2).

و روى ابن بابويه عن الحسن بن زيد (3)،عن الصادق عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخيانة و قال:من خان أمانة في الدنيا و لم يردّها إلى أهلها،ثمّ أدركه الموت،مات على غير ملّتي،و يلقى اللّه تعالى و هو عليه غضبان» (4).

و روى الشيخ عن حسين بن مصعب (5)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص:398


1- 1السرائر:209.
2- 2) النساء(4):58. [1]
3- 3) الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام المدنيّ الهاشميّ،عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:هو من أضعف الضعفاء،قال في عمدة الطالب: [2]كان الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ أمير المدينة من قبل الدوانيقيّ و عينا له على غير المدينة،و كان مظاهرا لبني العبّاس على بني عمّه الحسن المثنّى،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه أبو عبد اللّه حفص الجوهريّ.رجال الطوسيّ:166،تنقيح المقال 1:280، [3]معجم رجال الحديث 5:325. [4]
4- 4) الفقيه 4:9 الحديث 1،الوسائل 13:225 الباب 3 من أبواب أحكام الوديعة الحديث 2. [5]
5- 5) الحسين بن مصعب-و ضبطه المامقانيّ بفتح الميم-بن مسلم البجليّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام مقتصرا على قوله:الحسين بن مصعب،و من أصحاب الصادق

يقول:«ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر،و برّ الوالدين برّين كانا أو فاسقين 1،و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر» 2.

و في الصحيح عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،قال:استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب،فلم أدر ما أصنع بالدنانير،فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له و قلت له:أنت أحقّ بها،فقال:«لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدّي أمانتهم،و نردّ ضالّتهم،و نقيم الشهادة لهم و عليهم،فإذا تفرّقت الأهواء،لم يسع أحد المقام» 3.

و عن أبي ولاّد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي يقول:أربع 4من كنّ فيه،كمل إيمانه و لو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك،قال:هي:

الصدق 5،و أداء الأمانة،و الحياء،و حسن الخلق» 6.

و عن موسى بن بكر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:«أهل الأرض مرحومون ما يخافون،و أدّوا الأمانة،و عملوا بالحقّ» 7.

ص:399

الخامس:لو سرق مالا أو غصبه و اشترى به ضيعة أو أمة،لم يخل الحال من

أمرين:

إمّا أن يشتري بعين المال،أو في الذمّة و ينقد المال،فإن اشترى بعين المال، كان البيع باطلا؛لبطلان أحد العوضين؛لأنّ الأثمان عندنا تتعيّن (1)،فلا يحصل الانتقال،فإذا تصرّف في الملك أو الجارية،كان تصرّفه حراما،و إن اشترى في الذمّة و نقد المال،حلّ له التصرّف في الضيعة و وطء الجارية،و كان وزر المال عليه؛لأنّه لم يشتر (2)بعين المال،بل اشتراه في الذمّة،فوقع العقد صحيحا،فوجب ترتّب أثره عليه.

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ عن محمّد بن الحسن الصفّار،قال:كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام:رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع الطريق أو من سرقة،هل يحلّ له ما قد حلّ (3)عليه من ثمرة هذه الضيعة،أو يحلّ له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو[من] (4)قطع الطريق؟فوقّع عليه السلام:«لا خير في شيء أصله حرام و لا يحلّ له استعماله» (5).

و هذا يدلّ على تحريم البيع (6)إذا وقع الشراء بالعين؛لأنّ السؤال وقع على ذلك.

أمّا لو لم يقع الشراء بعين المال،فإنّ البيع صحيح و يملك المشتري العين و يبقى

ص:400


1- 1خا:متعيّن.
2- 2) ع،ر:يشتره.
3- 3) في المصادر:ما يدخل،مكان:ما قد حلّ.
4- 4) ما بين المعقوفين من المصادر.
5- 5) التهذيب 6:369 الحديث 1067،الاستبصار 3:67 الحديث 224،الوسائل 12:58 الباب 3 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
6- 6) أكثر النسخ:المنع،مكان:البيع.

عليه وزر (1)المال،كما قلناه؛

لما رواه الشيخ في الموثّق عن السكونيّ،عن جعفر، عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«لو أنّ رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة فإنّ الفرج حلال،و عليه تبعة المال» (2).

و هذا الحديث محمول على أنّ الشراء (3)و الإصداق وقع بالمساوي مقدارا و جنسا،لا نفس المغصوب؛جمعا بين الأدلّة،فهذا وجه الجمع بين الحديثين، و عليه دلّت الأصول،دون ما جمع بينهما الشيخ في الاستبصار (4).

السادس:لو حجّ بالمال المغصوب،

كان عاصيا (5)و برئت ذمّته إن كان قد وجب عليه بغير ذلك المال،لكنّه يعظم إثمه حيث صرف الحرام في أعظم الطاعات.

روى الشيخ عن ابن بكير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلّه ثمّ حجّ فلبّى،نودي:لا لبّيك و لا سعديك،و إن كان من حلّه فلبّى،نودي لبّيك و سعديك» (6).

مسألة:الرشا في الأحكام سحت،

سواء حكم لباذله أو عليه،بحقّ أو باطل، بلا خلاف.

روى الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن الغلول،فقال:«الغلول كلّ شيء غلّ عن (7)الإمام،و أكل مال اليتيم و شبهه،و السحت أنواع كثيرة:منها:كسب الحجّام،

ص:401


1- 1خا و ق:له ضرر،مكان:عليه وزر.
2- 2) التهذيب 6:386 الحديث 1147،الاستبصار 3:67 الحديث 223،الوسائل 12:58 الباب 3 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
3- 3) بعض النسخ:الاشتراء،مكان:الشراء.
4- 4) الاستبصار 3:67.
5- 5) كثير من النسخ:غاصبا.
6- 6) التهذيب 6:368 الحديث 1064،الوسائل 12:59 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [2]
7- 7) ب:من،مكان:عن.

و أجر الزانية،و ثمن الخمور،فأمّا الرشا في الحكم،فهو الكفر باللّه» (1).

و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ،و الرشا في الحكم،و أجر الكاهن» (2).

و عن عمّار بن مروان،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول،فقال:«كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت،و أكل مال اليتيم و شبهه سحت،و السحت أنواع كثيرة:منها:أجور الفواجر،و ثمن الخمر و النبيذ و المسكر،و الربا بعد البيّنة،فأمّا الرشا في الحكم،فإنّ ذلك الكفر باللّه عزّ و جلّ و برسوله صلّى اللّه عليه و آله» (3).

فصل:

روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحوّل من منزله فيسكنه،قال:

«لا بأس به» (4).

مسألة:لا يجوز بيع تراب الصياغة،

فإن بيع،تصدّق بثمنه و لا يملكه البائع؛ لأنّه لأناس شتّى.

و روى الشيخ عن عليّ الصائغ،قال:سألته عن تراب الصوّاغين و أنّا نبيعه، قال:«أ ما تستطيع أن تستحلّه من صاحبه؟»قال:قلت:لا،إنّي إذا أخبرته اتّهمني، قال:«بعه»قلت:بأيّ شيء نبيعه؟قال:«بطعام»قلت:فأيّ شيء أصنع به؟قال:

ص:402


1- 1التهذيب 6:352 الحديث 997،الوسائل 12:62 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2 و 3. [1]
2- 2) التهذيب 6:368 الحديث 1061،الوسائل 12:62 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 6:368 الحديث 1062،الوسائل 12:61 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 6:375 الحديث 1095،الوسائل 12:207 الباب 85 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]

«تصدّق به إمّا لك و إمّا لأهلك (1)»قلت:إن كان ذا قرابة محتاجا (2)فأصله؟قال:

«نعم» (3).

مسألة:التطفيف في الوزن و الكيل حرام

بلا خلاف.

قال اللّه تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* اَلَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (4).و قد مضى البحث في ذلك (5).

ص:403


1- 1كذا في النسخ،و في التهذيب و نسخة من الوسائل: [1]لأهله.
2- 2) كثير من النسخ:محتاج.
3- 3) التهذيب 6:383 الحديث 1131،الوسائل 12:485 الباب 16 من أبواب الصرف الحديث 2. [2]
4- 4) المطفّفين(83):1-3. [3]
5- 5) يراجع:ص 292. [4]
النوع الرابع

ما لا ينتفع به

مسألة:يحرم بيع ما لا ينتفع به،

كالحشرات كلّها،كالفأر،و الحيّات،و العقارب، و الخنافس،و الجعلان (1)،و بنات وردان (2)،و سباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد، كالأسد و الذئب،و ما لا يؤكل و لا يصاد به من الطير،كالرخم (3)و الحدأة (4)و الغراب الأبقع أو الأسود،و بيضها،كلّ هذا لا يجوز بيعه و لا أخذ ثمنه؛لعدم الانتفاع به.و كذا يحرم بيع المسوخ.برّيّة كانت،كالقرد و الدبّ،أو بحريّة،كالجرّيّ و المارماهي،و السلاحف (5)،و الرقاق (6).

و كره أحمد بن حنبل بيع القرد (7).

ص:404


1- 1الجعل:دابّة سوداء من دوابّ الأرض كالخنفساء،قيل:هو أبو جعران،و جمعه جعلان.لسان العرب 11:112. [1]
2- 2) بنت وردان:دويبّة نحو الخنفساء حمراء اللون و أكثر ما تكون في الحمّامات و في الكنف.المصباح المنير:655. [2]
3- 3) الرخمة:طائر أبقع على شكل النّسر خلقة إلاّ أنّه مبقّع بسواد و بياض يقال له الأنوق،و الجمع: رخم و رخم و هو موصوف بالغدر و الموق،و قيل:بالقذر.لسان العرب 12:235. [3]
4- 4) الحدأة:طائر يطير يصيد الجرذان،و الجمع:حدأ،مثل:عنبة و عنب.لسان العرب 1:54. [4]
5- 5) السلحفاء و السلحفية و السلحفاة:واحدة السلاحف من دوابّ الماء،و قيل:هي الأنثى من الغيالم. و الغيلم:السلحفاة و الضفدع أيضا.لسان العرب 9:161 و ج 12:440. [5]
6- 6) الرّقّ:ضرب من دوابّ الماء شبه التمساح،و الرّقّ:العظيم من السلاحف.لسان العرب 10:123. [6]
7- 7) المغني 4:328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:11،الفروع في فقه أحمد 2:312،الإنصاف 4: 274.

و قال الشافعيّ:إنّما يحرم بيعه للإطافة به و اللعب،و أمّا بيعه لمن ينتفع به- كحفظ المتاع و الدكّان و نحوه-فيجوز كالصقر (1).

لنا:أنّه من المسوخ،فلا يجوز بيعه،كغيره.

و ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القرد أن يشترى أو يباع» (2).

و قد جوّز ابن إدريس بيع السباع كلّها،سواء كان ممّا يصاد عليها أو لا يصاد، كالأسد و الذئب و الدبّ و غيرها؛تبعا (3)للانتفاع بجلدها (4).

و هو حسن.

مسألة:يجوز بيع كلّ ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا،

إلاّ ما استثناه الشارع من الكلب و الوقف (5)و المدبّر و أمّ الولد و غيرها ممّا يأتي في مواضعه؛لأنّ الملك سبب لإطلاق التصرّف،و المنفعة المباحة يجوز له استيفاؤها، فيجوز له أخذ عوضها،و يباح لغيره بذل (6)ماله فيها؛توصّلا إلى استيفائها و دفعا (7)للحاجة بها،كسائر المبيعات.

إذا ثبت هذا:فجميع السباع التي يصاد بها و ينتفع بها في الصيد،يجوز بيعها،

ص:405


1- 1الأمّ 3:12،الحاوي الكبير 5:381،المجموع 9:240،مغني المحتاج 2:12،المغني 4:328، الشرح الكبير بهامش المغني 4:11.
2- 2) التهذيب 6:374 الحديث 1086،الوسائل 12:123 الباب 37 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
3- 3) أكثر النسخ:بيعا،مكان:تبعا.
4- 4) السرائر:208.
5- 5) كثير من النسخ:الموقف.
6- 6) كثير من النسخ:و يباع لغيره بدل،ب:و يباع كغيره بدل.
7- 7) ب:رفعا.

كالفهد و الصقر و الشاهين و العقاب.و به قال الشافعيّ (1).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:لا يجوز (2).و به قال بعض الجمهور (3).

لنا:أنّه حيوان طاهر أبيح اقتناؤه و فيه نفع مباح،فأبيح بيعه،كالبغال و الحمير.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفهود و سباع الطير هل يلتمس التجارة (4)فيها؟قال:«نعم» (5).

و هذا حديث صحيح لم نقف له على معارض،فتعيّن العمل به.

احتجّوا:بأنّها نجسة،فلا يجوز بيعها،كالكلب (6).

و الجواب:المنع من نجاستها،و قد سلف (7).

مسألة:و في بيع الفيل قولان:

أحدهما:التحريم.و الثاني:الإباحة.و هو الحقّ.

لنا:أنّه عين طاهرة ينتفع بها و بجلدها و بعظمها،فيجوز بيعها؛تبعا لذلك.

و لأنّه يجوز بيع عظامه،فكذا يجوز بيعه.

روى الشيخ عن عبد الحميد بن سعد،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحلّ بيعه أو شراؤه (8)للذي يجعل منه الأمشاط؟فقال:«لا بأس،قد

ص:406


1- 1الأمّ 3:11،المهذّب للشيرازيّ 1:348،المجموع 9:240،روضة الطالبين:504،مغني المحتاج 2:12،السراج الوهّاج:174،المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10.
2- 2) النهاية:464.
3- 3) المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10.
4- 4) في النسخ:للتجارة.
5- 5) التهذيب 6:373 الحديث 1085،الوسائل 12:123 الباب 27 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
6- 6) المغني 4:327،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10.
7- 7) يراجع الجزء الأوّل ص 48 و 163.
8- 8) بعض النسخ:و شراؤه،كما في التهذيب.

كان لأبي منه مشط أو أمشاط» (1).

مسألة:و يجوز بيع الهرّ.

و به قال ابن عبّاس،و الحسن البصريّ،و ابن سيرين، و الحكم،و حمّاد،و الثوريّ (2)،و مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و إسحاق،و أصحاب الرأي.

و كره أبو هريرة،و طاوس،و مجاهد،و جابر بن زيد ثمنه (5).و عن أحمد روايتان (6).

لنا:أنّه عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها من المبيعات.

و ما رواه محمّد بن مسلم و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت»قال:«و لا بأس بثمن الهرّ» (7).

فروع:
الأوّل:لو كان الفهد و الصقر و نحوهما ممّا ليس بمعلّم و لا يقبل التعليم،

ص:407


1- 1التهذيب 6:373 الحديث 1083،الوسائل 12:123 الباب 37 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
2- 2) المغني 4:328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10،المجموع 9:229.
3- 3) المدوّنة الكبرى 2:74،الكافي في فقه أهل المدينة:327،المغني 4:328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10،المجموع 9:229.
4- 4) الأمّ 3:11-12،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:90،الحاوي الكبير 5:381،المجموع 9:229، روضة الطالبين:504.
5- 5) المغني 4:328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10،المجموع 9:229.
6- 6) المغني 4:328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10،الكافي لابن قدامة 4:181-182، [2]الفروع في فقه أحمد 2:11،الإنصاف 4:273.
7- 7) التهذيب 6:356 الحديث 1017،الوسائل 12:83 الباب 14 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]

فالوجه:جواز بيعها؛عملا بعموم الرواية التي تلوناها عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

و قال بعض الجمهور:لا يجوز بيعها؛لعدم الانتفاع بها.

أمّا لو كان ممّا يمكن تعليمه،فإنّه يجوز بيعه قطعا؛لأنّ مآله إلى النفع به،فأشبه العبد (2)الصغير (3).

الثاني:ما يصاد عليه،كالبومة التي تجعل شباشا لتجتمع الطير إليها

فيصيده الصائد،هل يجوز بيعه؟

(4)(5)(6)

فيه تردّد ينشأ من المنفعة الحاصلة ببيعه،و قد نهي عن تعذيب الحيوان،و كذا البحث في اللقلق (7)و شبهه.

الثالث:بيض ما لا يؤكل لحمه من الطير إن كان ممّا لا ينتفع به،كالغراب

و الحدأة و الرخم و أشباهها،لم يجز بيعها،

سواء كان طاهرا أو نجسا،و إن كان ممّا ينتفع به بأن يصير فرخا،جاز بيعه.

الرابع:في بيع العلق التي ينتفع بها،

(8)

كالتي تعلّق على وجه صاحب

ص:408


1- 1يراجع:ص 406 الرقم(5).
2- 2) في المغني و الشرح:الجحش.و الجحش:ولد الحمار الوحشيّ و الأهليّ،و الجحش ولد الظبية و قيل:الصبيّ.لسان العرب 6:270. [1]
3- 3) المغني 4:327،328،الشرح الكبير بهامش المغني 4:10،الفروع في فقه أحمد 2:311.
4- 4) البوم و البومة:طائر يسكن الخراب يضرب به المثل في الشوم،كلاهما للذكر و الأنثى.أقرب الموارد 1:68.
5- 5) الشباش:الطائر الذي يقيّد في الشرك ليصطاد به نظيره.دمية القصر 1:302.
6- 6) كثير من النسخ:الطيور.
7- 7) في النسخ:العلق،و لعلّ الصحيح ما أثبتناه كما في المغني و الشرح.و اللقلق:طائر أعجميّ طويل العنق يأكل الحيّات،و الجمع اللقالق،و صوته اللّقلقة.لسان العرب 10:332. [2]
8- 8) العلق:شيء أسود يشبه الدود يكون بالماء فإذا شربته الدابّة تعلّق بحلقها.المصباح المنير:426. [3]

الكلف (1)فتمصّ الدم،و الديدان التي تجعل في الشّصّ (2)للصيد،تردّد،من حيث النفع الحاصل بها،أو كونها من الحشرات التي لا ينتفع بها إلاّ نادرا،فأشبهت ما لا نفع فيه.

الخامس:يجوز بيع دود القزّ و بزره.

و في رواية عن أبي حنيفة:إن كان مع دود القزّ قزّ،جاز بيعه و إلاّ فلا (3).

لنا:أنّ الدود حيوان ينتفع به و هو طاهر يجوز قنيته لتملّك ما يخرج منه،فجاز بيعه،كالبهائم.

احتجّ:بأنّه لا ينتفع بعينه فصار كالحشرات (4).

و الجواب:المنع من عدم الانتفاع به؛لأنّه ممّا يحصل به النفع من الإبريسم الذي هو أفخر الملابس،بخلاف الحشرات.

السادس:يجوز بيع النحل إذا شاهدها محبوسة بحيث يمكنه أن يقبضها.

و قال أبو حنيفة:لا يجوز بيعها منفردة؛لما ذكره في دود القزّ (5).

لنا:أنّه حيوان يخرج من بطونها شراب فيه منافع للناس،فجاز بيعها،كالبهائم، و الوجه:جواز بيعها في كوّاراتها (6)و خارجة عنها.

ص:409


1- 1الكلف:شيء يعلو الوجه،كالسمسم.و الكلف:لون بين السواد و الحمرة و هي حمرة كدرة تعلو الوجه.الصحاح 4:1423. [1]
2- 2) الشّصّ-بالكسر و الفتح-:حديدة عقفاء يصاد بها السمك.لسان العرب 7:48. [2]
3- 3) بدائع الصنائع 5:144،الهداية للمرغينانيّ 3:45،شرح فتح القدير 6:58،تبيين الحقائق 4: 373،مجمع الأنهر 2:58،المغني 4:329،الشرح الكبير بهامش المغني 4:9.و لكنّ الموجود في كتبه أنه لا يجوز.
4- 4) المغني 4:329،الشرح الكبير بهامش المغني 4:9.
5- 5) بدائع الصنائع 5:144،الهداية للمرغينانيّ 3:44،شرح فتح القدير 6:57،تبيين الحقائق 4: 372،مجمع الأنهر 2:57،المغني 4:329،الشرح الكبير بهامش المغني 4:9.
6- 6) الكوّارات:الخلايا الأهلية،و كوّارات النحل:عسلها في النحل.لسان العرب 5:157. [3]

و عند بعض الجمهور لا يجوز في كواراتها؛لعدم إمكان مشاهدة الجميع، و لأنّها لا تخلو من عسل يكون مبيعا معها،و هو مجهول (1).

و نحن نمنع تعذّر المشاهدة؛لإمكانها إذا فتح الكوّار،و عرف كثرته من قلّته، و خفاء بعضه لا يمنع من صحّة بيعه،كما لو كان في آنية و بعضه على بعض،و العسل يدخل في البيع (2)تبعا،كاللبن في الضرع،و كأساس الحائط،أمّا لو تعذّرت مشاهدة النحل لكونه مستورا بأقراصه (3)،فإنّه لا يجوز بيعه.

السابع:يجوز بيع الماء و التراب و الحجارة و إن كثر وجودها؛

لتحقّق المنفعة منها.

الثامن:كلّما أسقط الشارع منفعته،لم يجز بيعه،

كآلات الملاهي و شبهها على ما بيّنّاه (4).

التاسع:لا يجوز بيع الترياق؛

لأنّ نفعه إنّما يحصل بالأكل،و فيه لحوم الأفاعي و الخمر،فيحرم أكله،فتذهب منفعته.

و كذا لا يجوز التداوي به و لا بسمّ الأفاعي،أمّا السمّ من الحشائش و النبات، فإن كان (5)لا ينتفع به،لم يجز بيعه،و كذا إن كان ممّا يقتل قليله؛لعدم نفعه و إن انتفع به و أمكن التداوي بالقليل منه،كالسقمونيا (6)و الأفيون،فإنّه يجوز بيعه؛لأنّه طاهر ينتفع به،فأشبه غيره من المأكولات.

العاشر:و هل يجوز بيع لبن الآدميّات؟

فيه تردّد بين الجواز و التحريم،

ص:410


1- 1المغني 4:329،الشرح الكبير بهامش المغني 4:9،روضة الطالبين:505.
2- 2) كثير من النسخ:في المبيع،مكان:في البيع.
3- 3) القرص:مجموعة نخاريب السطح الواحد من خليّة النحل.لاروس:943.
4- 4) يراجع:ص 370.
5- 5) خا بزيادة:ممّا.
6- 6) السقمونيا:نبات يستخرج منه دواء مسهّل للبطن و مزيل لدوده.المعجم الوسيط 437. [1]

و بالجواز قال الشافعيّ (1)و بالتحريم قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3).و عن أحمد روايتان (4).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه لبن طاهر منتفع به،فجاز بيعه،كلبن الشاة،و لأنّه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر (5)،فأشبه غيره من المنافع (6).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه مائع خارج من آدميّ،فلا يجوز بيعه،كفضلات الإنسان من العرق و شبهه.و لأنّه من آدميّ،فأشبه سائر أجزائه (7).

الحادي عشر:لو باعه دارا لا طريق إليها،أو بيتا من دار لا مجاز له،

صحّ البيع.

و لأصحاب الشافعيّ قولان:أحدهما:هذا و الثاني:لا يجوز (8).

لنا:أنّه مملوك له يجوز له إجارته و التصرّف فيه بأنواع التصرّف من الهبة و غيرها،فيجوز بيعه.

ص:411


1- 1حلية العلماء 4:67،المجموع 9:254،روضة الطالبين:505،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 121،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 15:125،بدائع الصنائع 5:145،الهداية للمرغينانيّ 3:45،شرح فتح القدير 6:61،تبيين الحقائق 4:375،مجمع الأنهر 2:58،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
3- 3) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
4- 4) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14،الكافي لابن قدامة 2:182،الفروع في فقه أحمد 2:312-313،الإنصاف 4:277.
5- 5) الظئر:العاطفة على غير ولدها المرضعة له من الناس و الإبل.لسان العرب 4:514. [1]
6- 6) المجموع 9:254،فتح العزيز بهامش المجموع 8:121،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 15:125،بدائع الصنائع 5:145،الهداية للمرغينانيّ 3:45،شرح فتح القدير 6:60-61،تبيين الحقائق 4:375،مجمع الأنهر 2:58،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:14.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:347،حلية العلماء 4:63،المجموع 9:241.

احتجّوا:بأنّه لا يمكن الانتفاع به،فلا يجوز بيعه،كسائر ما لا ينتفع به (1).

و الجواب:المنع من عدم الانتفاع به؛لأنّه يمكنه أن يجعل له طريقا،بأن يشتري من جاره أو يستأجر منه أو يستوهب فينتفع به.

الثاني عشر:الأرض المفتوحة عنوة لا يجوز بيعها؛

لأنّ المالك لها المسلمون أجمع،فتكون بمنزلة الوقف،فرباع مكّة و ديارها إن قلنا إنّها فتحت عنوة،لم يجز بيعها،كأرض العراق،و إلاّ جاز بيعها.

و بعدم الجواز قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الثوريّ (4)،و بالجواز قال طاوس (5)،و الشافعيّ (6)،و ابن المنذر،و إسحاق (7).

و الأصل في الخلاف ما قلناه:من أنّها هل فتحت عنوة أم صلحا؟

احتجّ الأوّلون:

بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في مكّة:

«لا تباع (8)رباعها و لا تكرى (9)بيوتها» (10).

ص:412


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:347،المجموع 9:241.
2- 2) بدائع الصنائع 5:146،الحاوي الكبير 5:385-386،حلية العلماء 4:70،المجموع 9:248، المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:22.
3- 3) الحاوي الكبير 5:385،حلية العلماء 4:70،المجموع 9:248،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:22.
4- 4) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:22،المجموع 9:248.
5- 5) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:23،المجموع 9:250.
6- 6) المجموع 3:190 و ج 7:466 و ج 9:248،روضة الطالبين:534،فتح العزيز بهامش المجموع 8:232.
7- 7) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:23،المجموع 9:250.
8- 8) كثير من النسخ:«ألاّ تباع».
9- 9) أكثر النسخ:«و لا يكترى».
10- 10) سنن البيهقيّ 4:35،سنن الدارقطنيّ 3:58 الحديث 227 فيه:بتفاوت يسير،كنز العمّال 12:197 الحديث 34645،فيض القدير 6:3 الحديث 8202.

و عن مجاهد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«مكّة حرام بيع رباعها حرام إجارتها (1)» (2).

و احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له:أين تنزل غدا؟قال:

«و هل ترك لنا عقيل من رباع؟» (3). (4)

يعني أنّ عقيلا باع رباع أبي طالب.و لو كانت غير مملوكة،لم يؤثّر بيع عقيل شيئا.و باع حكيم بن حزام دار الندوة،فقال له ابن الزبير:بعت مكرمة قريش،فقال:

يا ابن أخي ذهبت المكارم إلاّ التقوى (5).و لأنّ الصحابة كانت لهم دور بمكّة و تناقلوها بالميراث.

أمّا إجارتها،فإنّه تصحّ؛لأنّ لكلّ أحد الانتفاع بما في يده من الأراضي المفتوحة عنوة،كالوقف.

ص:413


1- 1سنن البيهقيّ 6:35،سنن الدارقطنيّ 3:57 الحديث 223،المصنّف لابن أبي شيبة 4:417 الحديث 1،كنز العمّال 12:206 الحديث 34683.
2- 2) المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:22،المجموع 9:249.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:181،صحيح مسلم 2:984-985 الحديث 1351،سنن أبي داود 3:125 الحديث 2910، [1]مسند أحمد 5:201، [2]سنن البيهقيّ 6:218،المغني 4:330، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 4:23. [4]
4- 4) المجموع 9:249.
5- 5) سنن البيهقيّ 6:35،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:186 الحديث 3072 و 3073 بتفاوت فيه،مجمع الزوائد 9:384،المغني 4:330،الشرح الكبير بهامش المغني 4:23.
النوع الخامس

ما يجب على الإنسان فعله

مسألة:يحرم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم و الصلاة

عليهم؛

(1)

لأنّ ذلك واجب عليهم،فلا يجوز لهم أخذ الأجرة على فعله،كالفرائض.

مسألة:يحرم أخذ الأجرة على الأذان؛

لأنّه طاعة للّه تعالى،فلا يجوز (2)أخذ الأجرة عليه.

روى الشيخ عن عمرو بن خالد،عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،عن عليّ عليه السلام أنّه أتاه رجل،فقال:و اللّه يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك للّه،فقال له:«و لكنّي أبغضك للّه»قال:و لم؟قال:«لأنّك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا،و سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:من أخذ على تعليم القرآن أجرا،كان حظّه يوم القيامة» (3).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال.

و كذا القضاء يحرم أخذ الأجرة عليه.

و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سئل أبو عبد اللّه

ص:414


1- 1خا و ق:و تدفينهم،مكان:و دفنهم.
2- 2) أكثر النسخ:فلا يحلّ،مكان:فلا يجوز.
3- 3) التهذيب 6:376 الحديث 1099،الوسائل 12:113 الباب 30 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]

عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق،فقال:

«ذلك (1)سحت» (2).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز الرزق فيه من بيت المال-على ما يأتي تفصيله-و كذا الصلاة بالناس.و يجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح.

ص:415


1- 1كثير من النسخ:«ذاك»مكان:«ذلك».
2- 2) الفقيه 3:4 الحديث 12،الوسائل 18:161 الباب 8 من أبواب آداب القضاء الحديث 1. [1]
البحث الثاني
اشارة

فيما يجوز التكسّب به من المكروه و المباح

مسألة:يكره الصرف؛

لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من الربا.

روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فخبّرته أنّه ولد لي غلام،فقال:«ألا سمّيته محمّدا؟»قال:قلت:قد فعلت،قال:

«فلا تضرب محمّدا و لا تشتمه جعله اللّه قرّة عين لك في حياتك،و خلف صدق من بعدك»قلت:جعلت فداك،فأيّ (1)الأعمال أضعه؟قال:«إذا عدلته[عن] (2)خمسة أشياء فضعه حيث شئت:لا تسلّمه صيرفيّا،فإنّ الصيرفيّ لا يسلم من الربا، و لا تسلّمه بيّاع أكفان،فإنّ صاحب الأكفان يسرّه الوباء إذا كان،و لا تسلّمه بيّاع طعام،فإنّه لا يسلم من الاحتكار،و لا تسلّمه جزّارا،فإنّ الجزّار تسلب[منه] (3)الرحمة،و لا تسلّمه نخّاسا،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«شرّ الناس من باع الناس» (4).

و هذا النهي على الكراهيّة؛

لما رواه الشيخ عن سدير الصيرفيّ،قال:قلت

ص:416


1- 1في المصادر:«في أيّ»مكان:«فأيّ».
2- 2) زيادة من المصادر.
3- 3) زيادة من المصادر.
4- 4) التهذيب 6:361 الحديث 1037،الاستبصار 3:62 الحديث 208،الوسائل 12:97 الباب 21 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]

لأبي جعفر عليه السلام:حديث بلغني عن الحسن البصريّ،فإن كان حقّا فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون،قال:«و ما هو؟»قلت:بلغني أنّ الحسن كان يقول:لو غلى دماغه من حرّ الشمس ما استظلّ بحائط صيرفيّ،و لو تبقّرت (1)كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفيّ ماء،و هو عملي و تجارتي،و فيه نبت لحمي و دمي،و منه حجّي و عمرتي،فجلس،ثمّ قال عليه السلام (2):«كذب الحسن،خذ سواء و أعط سواء، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك و انهض إلى الصلاة،أ ما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة» (3).

مسألة:يكره بيع الأكفان؛

لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من تمنّي موت الأحياء.

و لما تقدّم في حديث إسحاق بن عمّار.

و لما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه قد علّمت ابني هذا الكتابة،ففي أيّ شيء أسلّمه؟فقال:أسلمه-لله أبوك-و لا تسلّمه في خمس:لا تسلّمه سبّاء،و لا صائغا،و لا قصّابا،و لا حنّاطا، و لا نخّاسا»قال:«فقال:يا رسول اللّه و ما السباء؟قال:الذي يبيع الأكفان و يتمنّى موت أمّتي،و للمولود من أمّتي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس،و أمّا الصائغ، فإنّه يعالج زين (4)أمّتي،و أمّا القصّاب،فإنّه يذبح حتّى تذهب الرحمة من قلبه،

ص:417


1- 1بقرت الشيء بقرا:فتحته و وسّعته.الصحاح 2:594.و [1]في الكافي 5:113 الحديث 2: [2]تفرّث، و في الفقيه 3:96 الحديث 37:تفرّثت،مكان:تبقّرت،قال في الصحاح 1:289، [3]فرثت كبده:إذا ضربته و هو حيّ فانفرثت كبده.
2- 2) في الفقيه 3:96:فجلس عليه السلام ثمّ قال،مكان:فجلس ثمّ قال عليه السلام.
3- 3) التهذيب 6:363 الحديث 1040،الاستبصار 4:64 الحديث 211،الوسائل 12:99 الباب 32 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [4]
4- 4) كذا في النسخ،و في التهذيب:«رين أمّتي»،و في الخصال:288 الحديث 44:«غبن أمّتي».قال ابن الأثير:أصل الرين:الطبع و التغطية،و منه قوله تعالى: كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ أي طبع و ختم. النهاية 2:291. [5]

و أمّا الحنّاط،فإنّه يحتكر الطعام على أمّتي،و لأن يلقى اللّه العبد سارقا أحبّ إليّ من أن يلقاه قد احتكر الطعام أربعين يوما،و أمّا النخّاس،فإنّه أتاني جبرئيل عليه السلام،فقال:يا محمّد إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس» (1).

مسألة:و يكره بيع الطعام؛

لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من الاحتكار.

و يكره بيع الرقيق أيضا؛لما تقدّم (2)من قوله عليه السلام:«شرّ الناس من باع الناس» (3).هذا محمول على الكراهية؛

لما رواه الشيخ عن ابن فضّال،قال:سمعت رجلا سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام،فقال:إنّي أعالج الرقيق فأبيعه،و الناس يقولون:لا ينبغي له،فقال له الرضا عليه السلام:«و ما بأسه؟كلّ شيء ممّا يباع إذا اتّقى اللّه عزّ و جلّ فيه العبد فلا بأس به» (4).

و كذا يكره اتّخاذ الذبح و النحر صنعة؛لما فيه من سلب الرحمة من القلب، و قد تقدّم. (5)

مسألة:تكره الحياكة و النساجة؛لضعتها و سقوط صاحبها عند الناس.

و لما رواه الشيخ عن أبي إسماعيل الصيقل الرازيّ (6)،قال:دخلت على

ص:418


1- 1التهذيب 6:362 الحديث 1038،الاستبصار 3:63 الحديث 209،الوسائل 12:98 الباب 21 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
2- 2) يراجع:ص 416. [2]
3- 3) الكافي 5:114 الحديث 4، [3]التهذيب 6:361 الحديث 1037،الاستبصار 3:62 الحديث 208، الوسائل 12:97 الباب 21 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [4]
4- 4) الكافي 5:114 الحديث 3 [5] فيه:الدقيق،التهذيب 6:362 الحديث 1039،الاستبصار 3:63 الحديث 210،الوسائل 12:96 الباب 20 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [6]
5- 5) يراجع:ص 416. [7]
6- 6) أبو إسماعيل الصيقل الرازيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و روى عنه إبراهيم بن مسلم الحلوانيّ في الكافي 2:14 باب إذا أراد اللّه أن يخلق المؤمن الحديث 1،و [8]روى الشيخ بسنده عن

أبي عبد اللّه عليه السلام و معي ثوبان،فقال لي:«يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة و ليس يجيئني مثل هذين الثوبين اللذين تحملهما أنت»فقلت:جعلت فداك،تغزلهما أمّ إسماعيل و أنسجهما أنا،فقال لي:«حائك أنت؟»قلت:نعم،قال:

«لا تكن حائكا»قلت:فما أكون؟قال:«كن صيقلا»و كانت معي مائتا درهم، فاشتريت بها سيوفا و مرايا عتقا (1)فقدمت بها الريّ و بعتها بربح كثير (2).

مسألة:كسب الحجّام إذا لم يشترط حلال،طلق،

و أمّا إذا شرط،فإنّه يكون مكروها و ليس بمحظور؛عملا بأصل الإباحة.و به قال ابن عبّاس،و عكرمة و ربيعة،و يحيى الأنصاريّ،و مالك،و الشافعيّ،و أصحاب الرأي.و نقله الجمهور عن الباقر عليه السلام.

و قال أحمد:إنّه حرام 3.

لنا:

ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:احتجم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أعطى الحجّام أجره و لو علمه حراما لم يعطه 4.و في لفظ:و لو علمه خبيثا

ص:419


1- 1) قال ابن الأعرابيّ:كلّ شيء بلغ النهاية في جودة أو رداءة أو حسن أو قبح فهو عتيق و جمعه:عتق. لسان العرب 10:23 [1]6.
2- 2) التهذيب 6:363 الحديث 1042،الاستبصار 3:64 الحديث 213،الوسائل 12:100 الباب 23 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.

لم يعطه (1).

و قال عليه السلام:«أطعمه رقيقك» (2).و لو كان حراما لم يأمره بذلك.و لأنّ الحاجة تدعو إليه،فوجب أن يكون سائغا؛دفعا للضرورة.و لأنّه عمل مباح،فجاز أخذ العوض عليه،كسائر الصناعات.

و يؤيّده

من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن كسب الحجّام،فقال:«لا بأس به إذا لم يشارط» (3).

و عن حنّان بن سدير،قال:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام و معنا فرقد الحجّام (4)،فقال:جعلت فداك إنّي أعمل عملا و قد سألت عنه غير واحد و لا اثنين

ص:420


1- 1) سنن البيهقيّ 9:338،المغني 6:135،الشرح الكبير بهامش المغني 6:79.
2- 2) سنن الترمذيّ 3:575 الحديث 1277،سنن البيهقيّ 9:337،المصنّف لابن أبي شيبة 5:114 الحديث 7،الإحسان بترتيب صح [1]يح ابن حبّان 7:300 الحديث 5132،كنز العمّال 4:38 الحديث 9387.
3- 3) التهذيب 6:354 الحديث 1008،الاستبصار 3:58 الحديث 190،الوسائل 12:71 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.
4- 4) فرقد الحجّام الكوفيّ:من أصحاب الصادق عليه السلام،قال الأردبيليّ:يحتمل كونه أبا داود بن فرقد.و قال المامقانيّ:و ظاهر كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهو [2]ل و نقل عن الميرزا:كأنّه والد داود بن فرقد،و قد يشعر بعض العبارات في داود بأنّ أباه فرقد ثقة.و أقول:لم أقف على العبارة التي أشار إليها و لم أجد في ترجمة داود ذكرا لأبيه إلاّ قول النجاشيّ:داود بن فرقد مولى آل أبي السمال الأسديّ النصريّ،و فرقد يكنى أبا يزيد كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام،و هذه

فزعموا أنّه مكروه و أنا أحبّ أن أسألك،فإن كان مكروها انتهيت عنه و عملت غيره من الأعمال؛فإنّي منته في ذلك إلى قولك،قال:«و ما هو؟»قلت:حجّام، قال:«كل من كسبك يا بن أخ،و تصدّق و حجّ منه و تزوّج،فإنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد احتجم و أعطى الأجر،و لو كان حراما ما أعطاه»قال:جعلني اللّه فداك،إنّ لي تيسا (1)أكريه فما تقول في كسبه؟قال:«كل كسبه،فإنّه لك حلال، و الناس يكرهونه»قال حنّان:قلت:لأيّ شيء يكرهونه و هو حلال؟قال:«لتعيير الناس بعضهم بعضا» (2).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«احتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حجمه مولى لبني بياضة و أعطاه،و لو كان حراما ما أعطاه،فلمّا فرغ قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أين الدم؟قال:شربته يا رسول اللّه،فقال:ما كان ينبغي لك أن تفعل و قد جعله اللّه لك حجابا من النار،فلا تعد» (3).

و في الموثّق عن زرارة،عن الباقر عليه السلام،قال:سألته عن كسب الحجّام،

ص:421


1- 1) أكثر النسخ:بيتا.قال ابن منظور:التيس،الذكر من المعز...و العرب:تجري الظباء مجرى العنز، فيقولون في إناثها:ا [1]لمعز،و في ذكورها:التيوس.لسان العرب 6:35-36.
2- 2) التهذيب 6:354 الحديث 1009،الاستبصار 3:58 الحديث 191،الوسائل 12:72 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 6:355 الحديث 1010،الاستبصار 3:59 الحديث 192،الوسائل 12:72 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7.

فقال:«مكروه له أن يشارط،و لا بأس عليك أن تشارطه و تماكسه،و إنّما يكره له، فلا بأس عليك» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كسب الحجّام،فقال:«لا بأس به»قلت:أجر التيوس؟قال:«إن كانت العرب لتعاير به فلا بأس» (2).

و لا يعارض ذلك:ما رواه سماعة،قال:قال:«السحت أنواع كثيرة:منها:

كسب الحجّام و أجر الزانية و ثمن الخمر» (3)؛لأنّه خبر مقطوع السند؛لأنّ سماعة لم يسنده إلى إمام،و مع ذلك ففي طريقه عثمان بن عيسى و هو واقفيّ،و سماعة و هو فطحيّ و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لما تقدّم (4).

و لما رواه الشيخ-في الصحيح- عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رجلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الحجّام فقال:هل لك ناضح؟فقال:نعم،فقال:اعلفه إيّاه و لا تأكله» (5).

و عن رفاعة،قال:سألته عن كسب الحجّام،فقال:إنّ رجلا من الأنصار كان له غلام حجّام فسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له:«هل لك ناضح؟»قال:

ص:422


1- 1التهذيب 6:355 الحديث 1011،الاستبصار 3:59 الحديث 193،الوسائل 12:73 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 6:355 الحديث 1012،الاستبصار 3:59 الحديث 194،الوسائل 12:72 الباب 9 [2] من أبواب ما يكتسب به الحديث 6 و ص 77 الباب 12 الحديث 2.
3- 3) التهذيب 6:355 الحديث 1013،الاستبصار 3:59 الحديث 195،الوسائل 12:62 الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
4- 4) يراجع:ص 421. [4]
5- 5) التهذيب 6:356 الحديث 1014،الاستبصار 3:60 الحديث 196،الوسائل 12:71 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [5]

نعم،قال:«فاعلفه ناضحك» (1).

احتجّ أحمد:بقوله عليه السلام:«كسب الحجّام خبيث» (2).و بقوله:«أطعمه رقيقك» (3). (4)

و لا دلالة فيهما على مطلوبه؛إذ قد يطلق على المكروه اسم الخبيث لقربه من الحرام بالنسبة إلى المباح مجازا.

مسألة:يكره أخذ الأجرة على ضراب الفحل من الإبل و البقر و الغنم للنتاج،

و إن كان سائغا،

و به قال الحسن البصريّ،و ابن سيرين (5)،و مالك (6).

و قال أصحاب الرأي:لا يجوز،و هو ظاهر مذهب الشافعيّ،و قول أبي ثور، و ابن المنذر (7).

لنا:أنّه انتفاع مباح،و الحاجة تدعو إليه،فجاز،كإجارة الظئر للرضاع،و البئر ليستقى منها الماء.و لأنّها منفعة تستباح بالإعارة فتستباح بالإجارة،كسائر المنافع.

ص:423


1- 1التهذيب 6:356 الحديث 1015،الاستبصار 3:60 الحديث 197،الوسائل 12:71 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
2- 2) صحيح مسلم 3:1199 الحديث 1568،سنن أبي داود 3:266 الحديث 3421، [2]سنن الترمذيّ 3:574 الحديث 1275، [3]سنن الدارميّ 2:272، [4]المستدرك للحاكم 2:42،مسند أحمد 3:464، 465،سنن البيهقيّ 6:6 و ج 9:337،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:243 الحديث 4258 و 4259.
3- 3) سنن الترمذيّ 3:575 الحديث 1277 [5] مسند أحمد 5:435-436،سنن البيهقيّ 9:337، المصنّف لابن أبي شيبة 5:114 الحديث 7،كنز العمّال 4:38 الحديث 9387.
4- 4) المغني 6:135،الشرح الكبير بهامش المغني 6:79.
5- 5) المغني 6:148،الشرح الكبير بهامش المغني 6:44.
6- 6) بداية المجتهد 2:224،المنتقى للباجيّ 5:22،المغني 6:148 و ج 4:300،الشرح الكبير بهامش المغني 6:44.
7- 7) المغني 4:300 و ج 6:148،الشرح الكبير بهامش المغني 6:44،المهذّب للشيرازيّ 1:394، منهاج الطالبين:37،المجموع 15:4،إرشاد الساري 6:442،بداية المجتهد 2:224،حلية العلماء 5:385.

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن عسب الفحل (1)،و لأنّ المقصود الماء الذي يخلق منه الولد،فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين[غائبة] (2)فلم يجز (3).

و الجواب:النهي يتناول البيع،سلّمنا لكنّه لا يدلّ على التحريم.

و عن الثاني بالنقض بإجارة البئر ليستقى منها الماء،و الظئر للإرضاع.

فروع:
الأوّل:لو أعطى صاحب الفحل هديّة أو كرامة،لم يكن به بأس،

و به قال الشافعيّ (4).

و قال أحمد:لا يجوز (5).

لنا:

ما رواه الجمهور عن أنس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا كان إكراما فلا بأس» 6.

و لأنّه سبب مباح فجاز أخذ الهديّة عليه،كالحجامة؛لأنّا قد بيّنّا جواز أخذ الأجرة (6)،فأخذ الهديّة أولى.

ص:424


1- 1صحيح البخاريّ 3:122-123،سنن أبي داود 3:267 الحديث 3429، [1]سنن الترمذيّ 3:572 الحديث 1273، [2]سنن ابن ماجة 2:730 الحديث 2160،سنن النسائيّ 7:310،سنن الدارميّ 2: 272، [3]مسند أحمد 2:299 و 500،سنن البيهقيّ 5:339،سنن الدارقطنيّ 3:47 الحديث 195، مسند أبي يعلى 11:257 الحديث 6371.
2- 2) أضفناها من المغني.
3- 3) المغني 6:148،الشرح الكبير بهامش المغني 6:45،بداية المجتهد 2:224،المنتقى للباجيّ 5: 22.
4- 4) حلية العلماء 5:385،المغني 4:300.
5- 5-6) المغني 4:300.
6- 7) يراجع:ص 419 و 423.
الثاني:ينبغي أن يوقع العقد على العمل و يقدّر بالمرّة و المرّتين فما زاد.

و قال بعض الجمهور:يقع العقد على مدّة (1).و هو بعيد.

أمّا لو اكترى فحلا لإطراق ماشية كثيرة،كفحل يتركه في إبله أو غنمه،فإنّ مثل هذا يكترى مدّة معلومة.

الثالث:لو غصب فحلا فأنزاه إبله،

وجب عليه أجرة المثل و كان الولد لصاحب الإبل.

الرابع: في أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الكشوف

روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الكشوف-و الكشوف أن تضرب الناقة و ولدها طفل-إلاّ أن يتصدّق بولدها أو يذبح،و نهى أن ينزا حمار على عتيق» (2).

و هذا النهي يدلّ على الكراهية لا التحريم؛عملا بأصل الإباحة،

و بما رواه الشيخ عن هشام بن إبراهيم،عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن الحمير ننزيها على الرمك (3)لتنتج البغال أ يحلّ ذلك؟قال:«نعم،انزها» (4).

مسألة:يكره كسب الصبيان و من لا يتجنّب الحرام؛

لأنّه لا يسلم من الشبهة،

روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء،فإنّها إن لم تجده زنت،إلاّ أمة قد عرفت بصنعة يد،و نهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة،فإنّه إن لم يجد،

ص:425


1- 1المغني 6:148-149،الشرح الكبير بهامش المغني 6:44.
2- 2) التهذيب 6:377 الحديث 1105،الاستبصار 3:57 الحديث 184،الوسائل 12:173 الباب 63 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
3- 3) الرمك و الرمكة بالتحريك فيهما:الأنثى من البراذين.مجمع البحرين 5:269. [2]
4- 4) التهذيب 6:384 الحديث 1137،الاستبصار 3:57 الحديث 185،الوسائل 12:173 الباب 63 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]

سرق» (1).

مسألة:يكره أخذ الأجرة على تعليم القرآن و ليس بمحظور؛

عملا بالأصل الدالّ على الإباحة.و بأنّها (2)طاعة،فيكره أخذ الأجرة عليها (3).

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ عن الفضل بن أبي قرّة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ هؤلاء يقولون:إنّ كسب المعلّم سحت،فقال:«كذبوا أعداء اللّه إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن،و لو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده،لكان للمعلّم مباحا» (4).

و يدلّ على الكراهية

ما رواه الشيخ عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام عن عليّ عليه السلام أنّه أتاه رجل فقال:يا أمير المؤمنين و اللّه إنّي لأحبّك للّه،فقال له:«و لكنّي أبغضك للّه»قال:و لم؟قال:«لأنّك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا» (5).و لا دلالة في هذا على التحريم؛لاحتمال أن يكون السبب في البغضة إنّما هو أخذ الأجر على الأذان،و قد بيّنّا أنّه حرام (6).

و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:

قلت:إنّ لنا جارا يكتّب (7)و قد سألني أن أسألك عن عمله،قال:«مره إذا دفع إليه

ص:426


1- 1التهذيب 6:367 الحديث 1057،الوسائل 12:118 الباب 33 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و لعلّه الأنسب بأنّه.
3- 3) كذا في النسخ،و لعلّه الأنسب عليه.
4- 4) التهذيب 6:364 الحديث 1046،الاستبصار 3:65 الحديث 216،الوسائل 12:112 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 6:376 الحديث 1099،الاستبصار 3:65 الحديث 215،الوسائل 12:113 الباب 30 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]
6- 6) يراجع الجزء الرابع ص 431 و 432.
7- 7) كتّبته-بالتشديد-علّمته الكتابة.المصباح المنير:525.

الغلام أن يقول لأهله:إنّي إنّما أعلّمه الكتاب و الحساب و أتّجر عليه (1)بتعليم القرآن،حتّى يطيب له كسبه» (2).

و قد روى الشيخ عن الفضل بن كثير (3)،عن حسّان المعلّم (4)، (5)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التعليم،فقال:«لا تأخذ على التعليم أجرا»قلت:الشعر و الرسائل و ما أشبه ذلك أشارط عليه؟قال:«نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا تنافي بين هذا الحديث و بين الخبر الدالّ على إباحة أخذ الأجرة؛لأنّ الدالّ على التحريم محمول على أنّه لا يجوز له أن يشارط في تعليم القرآن أجرا معلوما،و الخبر المبيح محمول على أنّه إذا أهدي إليه شيء و أكرم بتحفة،جاز قبولها،و يكون ذلك مباحا؛

لما رواه جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المعلّم لا يعلّم بالأجر،و يقبل الهديّة إذا أهدي

ص:427


1- 1في النسخ:عليهم،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 6:364 الحديث 1044،الاستبصار 3:65 الحديث 217،الوسائل 12:112 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
3- 3) الفضل بن كثير،بغداديّ،قال المامقانيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، و قال السيّد الخوئيّ:قدسها قلمه فنسبه إلى رجال الصادق عليه السلام،بل الموجود في رجال الشيخ عدّه من أصحاب الهادي عليه السلام،و قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطوسيّ:421،تنقيح المقال 2:12 باب الفاء، [2]معجم رجال الحديث 14:332. [3]
4- 4) حسّان المعلّم،عدّه الشيخ في رجاله بعنوان:حسّان بن المعلّم من أصحاب الصادق عليه السلام، و قال المامقانيّ:حسّان بن المعلّم،ظاهر الشيخ كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول،و يظهر من السيّد الخوئيّ اتّحادهما،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الفضل بن كثير. رجال الطوسيّ:184،تنقيح المقال 1:264، [4]معجم رجال الحديث 5:248 و 251. [5]
5- 5) في النسخ:روى الشيخ عن كثير بن حسّان،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 6:364 الحديث 1045،الاستبصار 3:65 الحديث 214،الوسائل 12:112 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]

إليه» (1).

و قد روي عن قتيبة الأعشى،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أقرئ القرآن فيهدى إليّ الهديّة فأقبلها؟قال:«لا»قلت:إن لم أشارطه؟قال:«أ رأيت لو لم تقرئه أ كان يهدى لك؟»قال:قلت:لا،قال:«فلا تقبله» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذا الحديث الدالّ على منع الهديّة محمول على الكراهية (3).و هذا التأويل من الشيخ-رحمه اللّه-يعطي أنّه يرى التحريم مع الشرط،و نحن نتوقّف في ذلك.

فروع:
الأوّل:لا بأس بأخذ الأجرة على تعليم الحكم و الآداب

من الأشعار و الرسائل و غيرها.

أمّا الفقه:فإنّ تعليمه واجب على الكفاية ففيه تفصيل:و ذلك؛لأنّه إن تعيّن للتعليم بأن لا يوجد غيره،لم يجز له أخذ الأجرة عليه،و إلاّ أبيح له ذلك،و لو قيل ذلك في القرآن أيضا،كان وجها؛لأنّه يجب حفظ القرآن بحيث يبلغ إلى التواتر؛ لئلاّ تنقطع الحجّة و تنفد (4)المعجزة.

ص:428


1- 1التهذيب 6:365 الحديث 1047،الاستبصار 3:66 الحديث 218،الوسائل 12:113 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:365 الحديث 1048،الاستبصار 3:66 الحديث 219،الوسائل 12:112 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 6:365،الاستبصار 3:66.
4- 4) بعض النسخ:و تنفذ،و في بعضها:تنفذه،نفد الشيء نفدا و نفادا:فني و ذهب.و في التنزيل العزيز: ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ قال الزجّاج:معناه:ما انقطعت و لا فنيت.لسان العرب 3:424. [3]
الثاني:يجوز استئجار ناسخ لينسخ له كتب فقه،أو حديث

(1)،أو شعر مباح، أو سجلاّت و عهد بلا خلاف نعلمه في ذلك.

الثالث:يجوز له أن يستأجر من يكتب له مصحفا في قول أكثر أهل العلم،

روي ذلك عن جابر بن زيد،و مالك بن دينار.و به قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)، و أبو ثور،و أحمد،و ابن المنذر.و كره علقمة كتابة المصحف بالأجر (4).

لنا:أنّه فعل مباح يجوز أن ينوب فيه الغير عن الغير،فجاز أخذ الأجرة عليه، ككتابة الحديث.

و ما رواه الجمهور في الخبر:«أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه تعالى» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أمّ عبد اللّه بنت الحسن (6)أرادت أن تكتب مصحفا، و اشترت ورقا من عندها و دعت رجلا،فكتب لها على غير شرط،فأعطته حين فرغ خمسين دينارا،و أنّه لم تبع المصاحف إلاّ حديثا» (7).

و عن روح بن عبد الرحيم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:ما ترى أن

ص:429


1- 1كثير من النسخ:أو حديثا.
2- 2) المغني 6:43،الشرح الكبير بهامش المغني 6:68،المدوّنة الكبرى 4:420.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 16:42،الفتاوى الهنديّة 4:449،المغني 6:43،الشرح الكبير بهامش المغني 6:68.
4- 4) المغني 6:43،الشرح الكبير بهامش المغني 6:68.
5- 5) سنن البيهقيّ 1:430،سنن الدارقطنيّ 3:65 الحديث 247،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:297 الحديث 5124،كنز العمّال 4:30 الحديث 9339،فيض القدير 2:418 الحديث 2187.
6- 6) في المصدر:بن الحارث،مكان:بنت الحسن.و تقدّمت الإشارة لذلك في ص 394.
7- 7) التهذيب 6:366 الحديث 1054،الوسائل 12:116 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [1]

أعطي على كتابته-يعني القرآن-أجرا؟قال:«لا بأس» (1).

الرابع:يكره تعشير المصاحف بالذهب و أخذ الأجرة عليه،

روى الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب،فقال:«لا يصلح»فقال:

إنّها معيشتي،فقال:«إنّك إن تركته جعل اللّه لك مخرجا» (2).

و عن أبي أيّوب الخزّاز،عن محمّد الورّاق (3)،قال:عرضت على أبي عبد اللّه عليه السلام كتابا،فيه قرآن مختّم معشّر بالذهب،و كتب (4)في آخره سورة بالذهب، فأريته إيّاه،فلم يعب منه شيئا إلاّ كتابة القرآن بالذهب،فإنّه قال:«لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة» (5)و في هذا الحديث دلالة على حمل الحديث الأوّل على الكراهية.

الخامس:يجوز أخذ الأجرة على نسخ جميع كتب العلوم الدينيّة و الدنياويّة،

و على تعليم جميع الحكم و الآداب،و على نسخها و تخليدها الكتب (6)،و لا يجوز نسخ كتب الكفر و الضلال و تخليدها الكتب،إلاّ للإثبات للحجج على الخصم أو

ص:430


1- 1التهذيب 6:366 الحديث 1053،الوسائل 12:115 الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 6:366 الحديث 1055،الوسائل 12:117 الباب 32 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
3- 3) ح:محمّد بن الورّاق.
4- 4) ب:و كاتب و باقي النسخ:و كان،و قد تقدّم الحديث في ص 394.
5- 5) التهذيب 6:367 الحديث 1056،الوسائل 12:117 الباب 32 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
6- 6) أكثر النسخ:و تجليدها الكتب،و في نسخة ح:و تجليدها و الكتب،و في السرائر:209: و تخليدها-بالخاء-الكتب.و كذا في النهاية:367،و [4]الكتب:الجمع،و قال أبو زيد:كتّبت الناقة تكتيبا،إذا صررتها.لسان العرب 1:107.

النقض له على ما قدّمناه فيما مضى (1).

و يجوز أخذ الأجرة على الخطب في الإملاكات و عقود النكاح.

السادس:ينبغي للمعلّم أن يسوّي بين الصبيان في التعليم و الأخذ عليهم،

و لا يفضّل في ذلك بعضهم على بعض؛

لقول أبي عبد اللّه عليه السلام و قد سئل عن إباحة ذلك،فقال:«نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض» (2).

هذا إذا استؤجر على التعليم لجميعهم على الإطلاق،سواء تفاوتت أجرتهم أو تساوت.أمّا لو آجر نفسه لهذا على تعليم مخصوص،و للآخر على تعليم مخصوص،فإنّه يجوز التفضيل بحسب ما وقع عليه عقد الإجارة.

مسألة:يجوز الاستئجار للختان و خفض الجواري و المداواة و قطع السلع

(3)و أخذ الأجرة عليه،لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه فعل مأذون فيه شرعا يحتاج إليه و يضطرّ إلى فعله،فجاز الاستئجار عليه،كسائر الأعمال المباحة،و كذا يجوز الاستئجار للكحل،سواء كان الكحل من العليل أو الطبيب.

و قال بعض الجمهور:إن شرط على الطبيب،لم يجز؛لأنّ الإجارة لا تقتضي تمليك الأعيان (4).و الجواب:أنّه شرط صحيح،فكان سائغا.

إذا ثبت هذا:فإن استأجره للكحل مدّة ففعل،استحقّ الأجرة،سواء برأ أو لا.

ص:431


1- 1يراجع:ص 383.
2- 2) الكافي 5:121 الحديث 1، [1]التهذيب 6:364 الحديث 1045،الاستبصار 3:65 الحديث 214، الوسائل 12:112 الباب 29 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
3- 3) السّلعة:خراج كهيئة الغدّة تتحرّك بالتحريك،قال الأطبّاء:هي ورم غليظ غير ملتزق باللحم يتحرّك عند تحريكه و له غلاف.المصباح المنير:285. [3]
4- 4) المغني 6:138،الشرح الكبير بهامش المغني 6:82.

و قال مالك:لا يستحقّ الأجرة حتّى تبرأ عينه (1).و ليس بمعتمد و سيأتي البحث فيه.

فصل: في عدم خفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين

روى الشيخ عن وهب،عن الصادق عليه السلام،عن أبيه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام قال:«لا تخفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين» (2).

و عن عمرو بن ثابت،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:كانت امرأة يقال لها:أمّ طيّبة (3)(4)تخفض الجواري فدعاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال لها:«يا أمّ طيّبة (5)إذا خفضت فأشمّي (6)و لا تجحفي،فإنّه أصفى للّون و أحظى عند الرجل (7)» (8).

ص:432


1- 1المدوّنة الكبرى 4:122،المغني 6:138،الشرح الكبير بهامش المغني 6:82-83.
2- 2) التهذيب 6:360 الحديث 1033،الوسائل 12:93 الباب 18 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
3- 3) ر و ع:أمّ ظبية،كما في بعض نسخ الوسائل. [2]
4- 4) أمّ طيّبة كذا في بعض النسخ و المصادر الروائيّة من الخاصّة،و في بعض النسخ:أمّ ظبية،و الذي وجدناه في كتب التراجم:أمّ عطيّة،عدّها الشيخ في رجاله من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قال ابن الأثير و ابن حجر عنها:أمّ عطيّة الأنصاريّة الخافضة،عن عطيّة القرظيّ قال:كانت بالمدينة خافضة يقال لها أمّ عطيّة،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أشمّي و لا تحفي فإنّه أسرى للوجه و أحظى عند الزوج.رجال الطوسيّ:33،أسد الغابة 5:603، [3]الاصابة 4:477. [4]
5- 5) ر و ع:«أمّ ظبية».
6- 6) قال ابن الأثير:«أشمّي و لا تنهكي»شبّه القطع اليسير بإشمام الرائحة،و النهك بالمبالغة فيه:أي اقطعي بعض النواة و لا تستأصليها.النهاية 2:503. [5]
7- 7) في المصدر:«عند البعل»مكان:«عند الرجل».
8- 8) التهذيب 6:360 الحديث 1034،الوسائل 12:92 الباب 18 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [6]

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لمّا هاجرت النساء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،هاجرت فيهنّ امرأة يقال لها:أمّ حبيب (1)و كانت خافضة تخفض الجواري،فلمّا رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لها:يا أمّ حبيب العمل الذي كان في يدك،هو في يدك اليوم؟قالت:نعم يا رسول اللّه إلاّ أن يكون حراما فتنهاني عنه،قال:لا،بل حلال فادني منّي حتّى أعلّمك»قال:«فدنت منه،فقال:يا أمّ حبيب إذا أنت فعلت فلا تنهكي-أي لا تستأصلي-و أشمّي،فإنّه أشرق للوجه و أحظى عند الزوج»قال:«و كان لأمّ حبيب أخت يقال لها:أمّ عطيّة و كانت مقيّنة-يعني ماشطة-فلمّا انصرفت أمّ حبيب إلى أختها،أخبرتها بما قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأقبلت أمّ عطيّة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته بما قالت لها أختها،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ادني منّي يا أمّ عطيّة،إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة،فإنّ الخرقة تذهب بماء الوجه» (2).

مسألة:يكره أن يؤجر الرجل نفسه لكلّ صنعة دنيّة،

مثل كسح الكنيف و أخذ الأجرة عليه؛لما في ذلك من السقوط و الضعة،

و قد روى الجمهور عن النبيّ

ص:433


1- 1أمّ حبيب،كذا في النسخ و المصادر،و الذي وجدنا في التراجم أمّ حبيبة عدّها الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قال ابن الأثير و ابن حجر:أمّ حبيبة مولاة أمّ عطيّة،قالت: كنت في النسوة اللاّتي أهدين بعض بنات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.رجال الطوسيّ:32،أسد الغابة 5:572، [1]الإصابة 4:441. [2]
2- 2) التهذيب 6:360 الحديث 1035،الوسائل 12:92 [3] الباب 18 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1 و ص 93 الباب 19 الحديث 1.

صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كسب الحجّام خبيث» (1)و هذا أولى بالاختباث من كسب الحجّام.

و عن ابن عبّاس أنّ رجلا حجّ ثمّ أتاه فقال له:إنّي رجل أكنس فما ترى في مكسبي؟فقال:أيّ شيء تكنس؟فقال:العذرة،قال:و منه حججت و منه تزوّجت؟قال:نعم،قال:أنت خبيث و حجّك خبيث و ما تزوّجت خبيث (2).

و لأنّ فيه دناءة،فأشبه الحائك و الحجّام،و لو آجر نفسه لذلك،حلّت الأجرة بلا خلاف نعلمه؛لأنّ الحاجة داعية إليه،و لا يندفع بدون إباحة الإجارة،فوجب إباحتها،كالحجامة.

مسألة:إذا أمره بشراء شيء،لم يجز له أن يعطيه من عنده إلاّ بعد أن يبيّن له

ذلك،

و قد بيّنّاه فيما سلف (3).

و رواه الشيخ عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا قال لك الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك و إن كان الذي عندك خيرا منه» (4).

و عن عليّ بن النعمان و أبي المعزى و الوليد بن مدرك (5)،عن إسحاق،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له:ابتع لي ثوبا،

ص:434


1- 1صحيح مسلم 3:1199 الحديث 1568،سنن أبي داود 3:266 الحديث 3421، [1]سنن الترمذيّ 3:574 الحديث 1275، [2]سنن الدارميّ 2:272، [3]مسند أحمد 3:465، [4]سنن البيهقيّ 6:6،المصنّف لابن أبي شيبة 3:439 الحديث 2،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:242 الحديث 4258،4259 و 4260،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7:300 الحديث 5130،كنز العمّال 4:80 الحديث 9625.
2- 2) المغني 6:150-151،الشرح الكبير بهامش المغني 6:37.
3- 3) يراجع:ص 291. [5]
4- 4) التهذيب 6:352 الحديث 998،الوسائل 12:288 الباب 5 من أبواب آداب التجارة الحديث 1. [6]
5- 5) الوليد بن مدرك الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام قال المامقانيّ: ظاهره كونه إماميّا إلاّ أن حاله مجهول.رجال الطوسيّ:327،تنقيح المقال 3:280. [7]

فيطلب له في السوق،فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق،فيعطيه من عنده،قال:

«لا يقربن هذا و لا يدنّس نفسه،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (1)و إن كان عنده خيرا ممّا يجد له في السوق،فلا يعطيه من عنده» (2).

مسألة:من دفع إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج و الفقراء،

فإن عيّن له أشخاصا،لم يجز له أن يتعدّاه،و لا يخالف تعيينه،فإن خالف و أعطى غير من عيّن له،أثم و كان عليه الضمان،و إن لم يعيّن أحدا،جاز له أن يعطي من شاء،فإن كان هو محتاجا أو فقيرا،جاز له أن يأخذ مثل غيره مع عدم التعيين،و لا يفضّل نفسه في ذلك على غيره،بل يأخذ مثل ما يعطي غيره؛لأنّه بإطلاق الأمر و عدم التعيين قد و كلّ الأمر إليه و فوّض إليه التعيين،و لا فرق بينه و بين غيره في الاستحقاق؛إذ التقدير ذلك فيجوز له التناول،و إنّما منعناه من أخذ الزائد لما يشتمل من (3)الخيانة.

و يؤيّد ذلك:

ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسّمه في محاويج أو في مساكين و هو محتاج، أ يأخذ منه لنفسه و لا يعلمه؟قال:«لا يأخذ منه شيئا حتّى يأذن له صاحبه» (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا محمول على ما إذا عيّن له أقواما بأعيانهم أو على جهة الأفضل؛لأنّ الأولى أن لا يأخذ شيئا إلاّ بإذن صاحبه (5).

ص:435


1- 1الأحزاب(33):72. [1]
2- 2) التهذيب 6:352 الحديث 999،الوسائل 12:289 الباب 5 من أبواب آداب التجارة الحديث 2. [2]
3- 3) ع:على،مكان:من.
4- 4) التهذيب 6:352 الحديث 1000،الاستبصار 3:54 الحديث 176،الوسائل 12:206 الباب 84 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]
5- 5) الاستبصار 3:54-55.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطاه رجل مالا ليضعه في المساكين و له عيال محتاجون،أ يعطيهم منه من غير أن يستأمر صاحبه؟قال:«نعم» (1).

مسألة:يجوز للرجل أن يؤاجر نفسه لكلّ عمل مباح ينتفع به؛

عملا بالأصل،

و بما رواه الشيخ عن ابن سنان،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن الإجارة،فقال:«صالح لا بأس به إذا نصح (2)قدر طاقته،فقد آجر موسى عليه السلام نفسه و اشترط،فقال:إن شئت ثماني و إن شئت عشرا،و أنزل اللّه تعالى فيه: أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ (3)» (4).

و لا يعارض ذلك:

ما رواه الشيخ عن عمّار الساباطيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يتّجر،فإن هو آجر نفسه أعطي ما يصيب في تجارته،فقال:

«لا يؤاجر نفسه و لكن يسترزق اللّه عزّ و جلّ و يتّجر،فإنّه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق» (5).

لأنّا نقول بموجبه؛إذ التجارة أفضل من الإجارة،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

الوجه في كراهية ذلك:أنّه لا يأمن أن لا ينصحه في عمله،فيكون مأثوما و قد نبّه

ص:436


1- 1التهذيب 6:352 الحديث 1001،الوسائل 12:206 الباب 84 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
2- 2) النصيحة:لفظ حامل لمعان شتّى،منها شدّة المحبّة لهم و عدم الشكّ فيهم و شدّة متابعتهم في قبول قولهم و فعلهم.مجمع البحرين 2:418. [2]
3- 3) القصص(28):27. [3]
4- 4) التهذيب 6:353 الحديث 1003،الاستبصار 3:55 الحديث 178،الوسائل 12:176 الباب 66 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]
5- 5) التهذيب 6:353 الحديث 1002،الاستبصار 3:55 الحديث 177،الوسائل 12:176 الباب 66 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [5]

عليه السلام في الخبر الثاني من قوله:«لا بأس إذا نصح قدر طاقته» (1).

و هو حسن.

مسألة:لا بأس بأجر القابلة؛

لأنّه ممّا يحتاج إليه فساغ أخذ العوض عنه، كغيره من المباحات.

و كذا لا بأس بأجر الماشطة؛لأنّ فيه تزيينا للمرأة و تحبيبا لها إلى زوجها ما لم تفعل الحرام من الغشّ،كوصل الشعر بالشعر،و رسم الخدود و تحميرها،و نقش الأيدي و الأرجل.قال ابن إدريس:إنّ ذلك كلّه حرام (2).

أمّا إذا لم يفعلن غشّا،فلا بأس به؛

لما رواه الشيخ عن القاسم بن محمّد،عن عليّ،قال:سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك،و قد دخلها ضيق،قال:«لا بأس و لكن لا تصل الشعر بالشعر» (3).

و عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:دخلت ماشطة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال لها:«هل تركت عملك أو أقمت عليه؟» فقالت:يا رسول اللّه أنا أعمله،إلاّ أن تنهاني عنه فأنتهي عنه،فقال:«افعلي،فإذا مشطت فلا تجلي (4)الوجه بالخرق (5)،فإنّه يذهب بماء الوجه،و لا تصلي الشعر بالشعر» (6).

مسألة:تكره الصياغة و القصابة؛

لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر

ص:437


1- 1التهذيب 6:353.
2- 2) السرائر:207.
3- 3) التهذيب 6:359 الحديث 1030،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
4- 4) خا و ر:«فلا تخلي»،ع و ق:«فلا تحلي»،ح:«فلا تغسلي»و في التهذيب:«فلا تحكي».
5- 5) ح:«بالخرقة»و في التهذيب:«بالخزف»قال في المصباح المنير:168: [2]الخزف:الطين المعمول آنية قبل أن يطبخ و هو الصلصال،فإذا شوي فهو الفخّار.
6- 6) التهذيب 6:359 الحديث 1031،الوسائل 12:94 الباب 19 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]

عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إنّي أعطيت خالتي غلاما و نهيتها أن تجعله قصّابا أو حجّاما أو صائغا» (1).

فصل: في أن الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت» (2).

و عن الشعيريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:قال:«من بات ساهرا في كسب و لم يعط العين حظّها من النوم فكسبه ذلك حرام» (3).

و عندي أنّ ذلك تغليظا (4)للكراهية،لا أنّه حرام حقيقة.

مسألة:إذا امتزج الحلال بالحرام،

فإن تميّز،وجب تخليص الحرام و دفعه إلى أربابه مع وجودهم،أو الصدقة به مع عدمهم و عدم وارثهم،و إن لم يتميّز مقداره، أخرج خمسه و حلّ له الباقي.نصّ عليه (5)علماؤنا و قد سلف ذلك (6).

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال:إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا

ص:438


1- 1التهذيب 6:363 الحديث 1041،الاستبصار 3:64 الحديث 215،الوسائل 12:73 الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 6:367 الحديث 1058،الوسائل 12:118 الباب 34 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 6:367 الحديث 1059،الوسائل 12:118 الباب 34 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
4- 4) كذا في النسخ.
5- 5) ب:على ذلك،مكان:عليه.
6- 6) يراجع:الجزء الثامن ص 541.

و حراما و قد أردت التوبة،و لا أدري الحلال منه و الحرام و قد اختلط عليّ،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:تصدّق بخمس مالك،فإنّ اللّه عزّ و جلّ رضي من الأشياء بالخمس،و سائر المال لك» (1).

فصل : قول أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:تشوّفت الدنيا إلى قوم حلالا محضا...]

(2)

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد اللّه بن القاسم الجعفريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تشوّفت (4)الدنيا إلى قوم حلالا محضا فلم يريدوها فدرجوا (5)، ثمّ تشوّفت إلى قوم حلالا و شبهة،فقالوا:لا حاجة لنا في الشبهة و توسّعوا في الحلال،و تشوّفت إلى قوم حراما و شبهة،فقالوا:لا حاجة لنا في الحرام و توسّعوا في الشبهة،ثمّ تشوّفت إلى قوم حراما محضا فطلبوها فلم يجدوها،و المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطرّ» (6).

و عن سماعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أصاب مالا من عمل بني أميّة و هو يتصدّق منه و يصل منه قرابته و يحجّ ليغفر له ما اكتسب و هو يقول:

ص:439


1- 1التهذيب 6:368 الحديث 1065،الوسائل 12:432 الباب 5 من أبواب الربا الحديث 5. [1]
2- 2) خا و ق:مسألة،مكان:فصل.
3- 3) عبد اللّه بن القاسم الجعفريّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال السيّد الخوئيّ:كذا في المطبوع من رجال الشيخ،و الكتب الرجاليّة لم تحكه عنه،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عليّ بن محمّد القاسانيّ عن رجل سمّاه عنه،الكافي 5:125 باب المكاسب الحرام الحديث 6،و [2]التهذيب 6:369 الحديث 1066. رجال الطوسيّ:222،معجم رجال الحديث 11:302. [3]
4- 4) أكثر النسخ:تشوّقت،كما في التهذيب.و تشوّفت المرأة: [4]تزيّنت.لسان العرب 9:185،و [5]الشوق و الاشتياق:نزاع النفس إلى الشيء و حركة الهوى.لسان العرب 10:192. [6]
5- 5) درج القوم،إذا انقرضوا.لسان العرب 2:266. [7]
6- 6) التهذيب 6:369 الحديث 1066،الوسائل 12:53 الباب 1 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [8]

إنّ الحسنات يذهبن السيّئات،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة و لكن الحسنة تحطّ الخطيئة»ثمّ قال:«إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام،فلا بأس» (1).

مسألة:و لا بأس بأكل ما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة

إمّا باللفظ أو بشاهد الحال،غير أنّه يكره أخذه انتهابا،و إن لم يعلم من قصد مالكه الإباحة،كان حراما؛عملا بالأصل الدالّ على عصمة مال الغير،و عدم جواز التصرّف فيه بدون (2)إذنه.

و يؤيّد ذلك:

ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الإملاك (3)يكون و العرس (4)فينثر على القوم،فقال:«حرام،و لكن كل ما أعطوك منه» (5).

و فى الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى (6)عليه السلام،قال:سألته عن النثار من السكّر و اللوز و أشباهه أ يحلّ أكله؟فقال:«يكره أكل ما انتهب» (7).

و عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«قال عليّ عليه السلام:

ص:440


1- 1التهذيب 6:369 الحديث 1068،الوسائل 12:59 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [1]
2- 2) ب:بغير،مكان:بدون.
3- 3) الإملاك:التزويج.لسان العرب 10:494. [2]
4- 4) في النسخ:العروس،و ما أثبتناه من المصادر.
5- 5) التهذيب 6:370 الحديث 1071،الاستبصار 3:66 الحديث 220،الوسائل 12:122 الباب 36 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [3]
6- 6) ر:بزيادة:بن جعفر.
7- 7) التهذيب 6:370 الحديث 1072،الاستبصار 3:66 الحديث 221،الوسائل 12:121 الباب 36 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]

لا بأس بنثر الجوز و السكّر» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا ينافي هذا الخبر ما تقدّم من الخبرين؛لأنّ الذي تضمّن هذا الخبر،جواز النثر،و ليس فيه أنّه يجوز أخذ ما نثر و نهبه،و الخبران الأوّلان فيهما كراهية ذلك،و لا تنافي فيهما على حال (2).

أقول:و الوجه الذي ذكرناه-من حمل الخبرين الأوّلين على المنع مع عدم العلم بالإباحة،و على جواز التناول مع الإباحة-:أولى؛لاشتماله على الأصول و ظهور الفائدة،دون ما ذكره الشيخ-رحمه اللّه-و إن كان ممكنا.

مسألة:يجوز بيع جلود السباع من الفهد و النمر و غيرها مع التذكية؛

للانتفاع بها في غير الصلاة؛لأنّها عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها من الطاهرات.

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ عن أبي مخلد السرّاج (3)،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام،إذ دخل عليه معتّب،فقال:بالباب رجلان،فقال:«أدخلهما»فدخلا، فقال أحدهما:إنّي رجل سرّاج أبيع جلود النمر،فقال:«مدبوغة هي؟»قال:نعم،

ص:441


1- 1التهذيب 6:370 الحديث 1073،الاستبصار 3:66 الحديث 222،الوسائل 12:122 الباب 36 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:370،الاستبصار 3:67.
3- 3) أبو مخلد السرّاج،كذا ضبطه في مجمع البحرين و قال:مخلد وزان جعفر من أسماء الرجال، و ضبطه ابن الأثير.مخلّد،و قال:مخلّد بضم الميم و فتح الخاء المعجمة و اللام المشدّدة،قال النجاشيّ:أبو مخلد السرّاج أخبرنا محمّد بن جعفر عن أحمد بن محمّد بن سعيد...عن ابن أبي عمير عن أبي مخلد السرّاج بكتابه،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و قال المامقانيّ:ظاهر النجاشيّ و الشيخ كونه إماميّا و رواية ابن أبي عمير عنه ربّما تكشف عن كونه معتمدا. أسد الغابة 1:230،رجال النجاشيّ:458،الفهرست:191، [2]مجمع البحرين 3:44، [3]تنقيح المقال 3:34 [4] من فصل الكنى.

قال:«ليس به بأس» (1).

و كذا يجوز بيع عظام الفيل؛لاتّخاذ الأمشاط منها على ما قدّمناه (2).

و قال ابن البرّاج:إنّه مكروه (3).و لا أعرف المستند له.

مسألة:يكره ركوب البحر للتجارة،

و يحرم مع ظهور أمارة الخوف،و كذا يحرم كلّ سفر يظهر فيه الخوف؛لأنّ دفع الخوف واجب،و ترك الواجب حرام.

روى الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه كره ركوب البحر للتجارة (4).

و عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يسافر فيركب البحر،فقال:«يكره ركوب البحر للتجارة،إنّ أبي كان يقول:إنّك تضرّ بصلاتك،هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم و معايشهم» (5).

و عن ابن بكير،عن عبيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي يكره ركوب البحر في التجارة» (6).

و عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فقال:أصلحك اللّه إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي منها أمكنة لا نقدر

ص:442


1- 1التهذيب 6:374 الحديث 1087،الوسائل 12:124 الباب 38 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 406. [2]
3- 3) المهذّب 1:346.
4- 4) التهذيب 6:380 الحديث 1118،الوسائل 12:178 الباب 67 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [3]
5- 5) التهذيب 6:380 الحديث 1119،فيه:يجدون،مكان:يصيبون،الوسائل 12:177 الباب 67 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [4]
6- 6) التهذيب 6:381 الحديث 1120،الوسائل 12:178 الباب 67 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [5]

نصلّي إلاّ على الثلج،قال:«أ فلا ترضى أن تكون مثل فلان يرضى بالدون؟! (1)»ثمّ قال:«لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلاّ على الثلج» (2).

مسألة:و لا بأس بأجرة الدلاّل؛

لأنّه عمل مباح يحتاج إليه،فجاز أخذ العوض عنه،كغيره من الأعمال المباحة و لا نعرف فيه خلافا.

روى الشيخ عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله أبي و أنا حاضر،فقال:ربّما أمرنا الرجل أن يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام أو الخادم و نجعل له جعلا،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا بأس به» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يريد أن يشتري دارا أو أرضا أو خادما و يجعل له جعلا،قال:«لا بأس به» (4).

مسألة:إذا استأجر الرجل أجيرا خاصّا،

و هو أن يستأجره مدّة من الزمان لعمل له،لم يجز له أن يعمل لغيره شيئا إلاّ بإذن المستأجر؛لأنّه قد استحقّ منافعه في ذلك الزمان،فلا يجوز له صرفها إلى غيره.أمّا لو استأجره ليعمل له شيئا،جاز له أن يؤجر نفسه لغيره ليعمل (5)له ما شاء؛لأنّ الأوّل لم يستوعب زمانه و إنّما استحقّ في ذمّته عملا خاصّا.

و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:

ص:443


1- 1أكثر النسخ:الدون.
2- 2) التهذيب 6:381 الحديث 1121،الوسائل 12:179 الباب 68 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 6:381 الحديث 1124،الوسائل 12:395 الباب 20 من أبواب أحكام العقود الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 6:385 الحديث 1145،الوسائل 12:207 الباب 84 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]
5- 5) كثير من النسخ:يعمل،مكان:ليعمل.

سألته عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيبعثه في ضيعته (1)،فيعطيه رجل آخر دراهم فيقول:اشتر لي كذا و كذا و ما ربحت فبيني و بينك،قال:«إذا أذن له الذي استأجره،فليس به بأس» (2).

مسألة :و لا بأس بأخذ أجر المرأة عن الغزل؛

(3)(4)

لأنّه فعل مباح يحتاج إليه، فكان سائغا و لا نعرف فيه خلافا.

روى الشيخ عن أبي زهرة (5)،عن أمّ الحسن النخعيّة (6)قالت:مرّ بي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال:«أيّ شيء تصنعين يا أمّ الحسن؟»قالت:أغزل،قال (7):فقال:«أما إنّه أحلّ الكسب» (8).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا مرّ الإنسان بالثمرة،جاز له أن يأكل منها قدر كفايته،

ص:444


1- 1بعض النسخ:ضيعة،و في خا:في صنعة.
2- 2) التهذيب 6:381 الحديث 1125،الوسائل 12:176 الباب 66 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
3- 3) ب:فصل،مكان:مسألة.
4- 4) كثير من النسخ:بأخذ أجرة المرأة،و ما أثبتناه من نسختي ر و ب،و لعلّ الأنسب:بأخذ المرأة أجرا.
5- 5) أبو زهرة،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أمّ الحسن عن أمير المؤمنين عليه السلام،و روى عنه عثمان بن عيسى.الكافي 5:311 باب النوادر الحديث 32،و [2]رواها في التهذيب 6:382 الحديث 1127 و فيها تقييد أمّ الحسن بالنخعيّة،معجم رجال الحديث 22:172. [3]
6- 6) أمّ الحسن النخعيّة،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في الكافي 5:311 باب النوادر الحديث 32، [4]عن عثمان بن عيسى عن أبي زهرة عنها عن أمير المؤمنين عليه السلام،و روى الشيخ عنها في التهذيب 6:382 الحديث 1127،و قال:لم أتحقّق حالها.تنقيح المقال 3:71 [5] من فصل النساء.
7- 7) في التهذيب:قالت.
8- 8) التهذيب 6:382 الحديث 1127،الوسائل 12:174 الباب 64 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]

و لا يحمل شيئا منها على حال (1).

قال ابن إدريس:يجوز ذلك من غير قصد إلى المضيّ إلى الثمرة للأكل،بل كان الإنسان مجتازا في حاجة (2)ثمّ مرّ بالثمار،سواء كان أكله منها لأجل الضرورة أو غير ذلك على ما رواه أصحابنا و اجتمعوا عليه؛لأنّ الأخبار في ذلك متواترة و الإجماع منعقد منهم،و لا يعتدّ بخبر شاذّ أو خلاف من يعرف اسمه و نسبه؛لأنّ الحقّ مع غيره (3).

هذا قول ابن إدريس.

و قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن محمّد بن مروان،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أمرّ بالثمرة فآكل منها؟قال:«كل و لا تحمل»قلت:

فإنّهم قد اشتروها،قال:«كل و لا تحمل»قلت:جعلت فداك إنّ التجّار قد اشتروها و نقدوا أموالهم قال:«اشتروا ما ليس لهم» (4).

و عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يمرّ بالبستان و قد حيط عليه أو لم يحط عليه هل يجوز له أن يأكل من ثمره،و ليس يحمله على الأكل من ثمره إلاّ الشهوة،و له ما يغنيه عن الأكل من ثمره؟و هل له أن يأكل منه من جوع؟قال:«لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده» (5).

و يدلّ على تحريم الحمل أيضا

ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن

ص:445


1- 1النهاية:370، [1]التهذيب 7:92،الاستبصار 3:90.
2- 2) في النسخ:حاجته،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) السرائر:209.
4- 4) التهذيب 6:383 الحديث 1134،الاستبصار 3:90 الحديث 305،الوسائل 13:14 الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 6:383 الحديث 1135،الوسائل 13:15 الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث 5. [3]

يؤكل ما تحمل النملة بفيها و قوائمها» (1).

و قد روى الشيخ عن مروك بن عبيد،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:الرجل يمرّ على قراح (2)الزرع يأخذ منه السنبلة؟قال:

«لا»،قلت:أيّ شيء السنبلة؟قال:«لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ منه سنبلة،كان لا يبقى شيء» (3).

و هذا الحديث يدلّ على تحريم التناول من الزرع،و الحديثان الأوّلان يدلاّن على إباحة التناول من الثمرة،فإن عملنا بهما،خصّصناهما بالثمرة مع عدم العلم بكراهية المالك على الأقوى،أمّا لو علم من صاحبه الكراهية،فالوجه عندي:

التحريم.أمّا الزرع فالوجه عندي:تحريم التناول له؛عملا بالرواية و بالأصل الدالّ على التحريم،السالم عن المعارض.

مسألة:و لا بأس بالزراعة و ليست مكروهة؛

لكثرة الحاجة إليها و كثرة الضرورة المقتضية للإباحة،

و قد روى الشيخ عن يزيد بن هارون الواسطيّ،قال:

سألت جعفر بن محمّد عليهما السلام عن الفلاّحين،فقال:«هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه،و ما في الأعمال[شيء] (4)أحبّ إلى اللّه من الزراعة،و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ زارعا إلاّ إدريس عليه السلام،فإنّه كان خيّاطا» (5).

ص:446


1- 1التهذيب 6:383 الحديث 1132،الوسائل 12:225 الباب 98 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) القراح:الأرض المخلّصة لزرع أو لغرس.و قيل:المزرعة التي ليس عليها بناء و لا فيها شجر.لسان العرب 2:561. [2]
3- 3) التهذيب 6:385 الحديث 1140،الوسائل 3:15 الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث 6. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 6:384 الحديث 1138،الوسائل 12:25 الباب 10 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [4]

و عن محمّد بن خالد،عن سيابة (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله رجل فقال:جعلت فداك أسمع قوما يقولون:إنّ الزراعة مكروهة!فقال:«ازرعوا و اغرسوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملا أحلّ و لا أطيب منه،و اللّه ليزرعنّ الزرع و ليغرسنّ (2)النخل بعد خروج الدجّال» (3).

مسألة:و لا بأس للرجل أن يأخذ الأجرة على بدرقة القوافل و حمايتها؛

عملا بالأصل الدالّ على الإباحة،و لأنّها في محلّ الحاجة و الضرورة،فأبيح ذلك؛عملا بالأصل.

و يؤيّده:

ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن الحسن الصفّار،قال:

كتبت إليه:رجل يبدرق (4)القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف، و يشارطونه على شيء مسمّى أن يأخذ منهم إذا صار إلى الأمن،هل يحلّ له أن يأخذ منهم أم لا؟فوقّع عليه السلام:«إذا واجر (5)نفسه بشيء معروف أخذ حقّه إن شاء اللّه» (6).

ص:447


1- 1أكثر النسخ:شبانة،و في بعضها:شيانة.سيابة بن ناجية المدنيّ،قال النجاشيّ:ذكر ذلك سعد بن عبد اللّه و قال:له كتاب،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام و قال:له كتاب،قال المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال النجاشيّ:194،رجال الطوسيّ:351، تنقيح المقال 2:78. [1]
2- 2) في التهذيب:«لنزرعنّ الزرع و لنغرسنّ».
3- 3) التهذيب 6:384 الحديث 1139،الوسائل 13:193 الباب 3 من أبواب أحكام المزارعة الحديث 1. [2]
4- 4) البدرقة:الجماعة تتقدّم القافلة للحراسة و بعضهم يقول بالذال و بعضهم بالدال،و بعضهم بهما جميعا.المصباح المنير:40. [3]
5- 5) و اجرته مؤاجرة،مثل:عاملته معاملة و عاقدته معاقدة.مجمع البحرين 3:510. [4]
6- 6) التهذيب 6:385 الحديث 1141،الوسائل 13:254 الباب 14 من أبواب أحكام الإجارة الحديث 1. [5]
مسألة:و لا بأس بعمل اليهوديّ و النصرانيّ فيما لا يحتاج فيه إلى الإسلام

كالخياطة و النساجة،ثمّ إن باشر أحدهم المعمول برطوبة،وجب غسله؛لنجاسته بالمباشرة و إلاّ فلا.

و يدلّ عليه:

ما رواه إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:

الخيّاط أو القصّاب (1)يكون يهوديّا أو نصرانيّا،و أنت تعلم أنّه يبول و لا يتوضّأ،ما تقول في عمله؟قال:«لا بأس» (2).

أما ما يحتاج فيه إلى الإسلام،كالذباحة،فإنّه يحرم عليه استعمال ما باشره من الأفعال،فلا يحلّ أكل ذبيحته،و سيأتي البحث فيه.

و المراد بالقصّاب في الحديث:ليس من يباشر الذبح،بل من يتولّى القصابة (3)بعد الذبح،

و قد روى الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:الجارية النصرانيّة تخدمك و أنت تعلم أنّها نصرانيّة و لا تتوضّأ و لا تغتسل من جنابة قال:«لا بأس،تغسل يديها» (4).

مسألة:يجوز التجارة في الجارية النصرانيّة و المغنّية بالبيع و الشراء؛

لأنّهما عينان تملكان،فصحّ أخذ العوض بحقّهما،كسائر الأعيان المملوكة،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن عبد اللّه بن الحسن الدينوريّ (5)،قال:قلت لأبي الحسن

ص:448


1- 1في المصدر:أو القصّار،مكان:أو القصّاب.
2- 2) التهذيب 6:385 الحديث 1142.
3- 3) القصابة:الصّناعة بالكسر.المصباح المنير:504.
4- 4) التهذيب 6:385 الحديث 1143،الوسائل 2:1020 الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 11. [1]
5- 5) عبد اللّه بن الحسن الدينوريّ،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الشيخ في باب المكاسب من التهذيب 6:387 الحديث 1151،و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي الحسن عليه السلام و روى عنه البرقي.تنقيح المقال 2:177، [2]معجم رجال الحديث 11:176. [3]

عليه السلام:جعلت فداك ما تقول في النصرانيّة،أشتريها و أبيعها من النصارى؟ فقال:«اشتر و بع»قلت:فأنكح؟فسكت عن ذلك قليلا ثمّ نظر إليّ و قال شبه الإخفاء:«هي لك حلال»قال:قلت:جعلت فداك فأشتري المغنّية أو الجارية تحسن أن تغنّي أريد بها الرزق لا سوى ذلك؟قال:«اشتر و بع» (1).

مسألة:يكره للإنسان أن يبيع الملك،

و يستحبّ له شراؤه.

روى الشيخ عن أبان بن عثمان،قال:دعاني جعفر عليه السلام،فقال:«باع فلان أرضه؟»فقلت:نعم،فقال:«مكتوب في التوراة:أنّه من باع أرضا أو ماء، و لم يضعه في أرض و ماء،ذهب ثمنه محقا» (2).

و عن وهب الحريريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«مشتري العقدة (4)مرزوق و بائعها ممحوق (5).

و عن مسمع قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ لي أرضا تطلب منّي و يرغّبوني،فقال لي:«يا با سيّار أ ما علمت أنّه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله

ص:449


1- 1التهذيب 6:387 الحديث 1151،الوسائل 12:86 الباب 16 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 6:387 الحديث 1155،الوسائل 12:45 الباب 24 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 5.و [2]فيه:دعاني أبو جعفر.
3- 3) وهب الحريريّ،كذا أثبته المامقانيّ و السيّد الخوئيّ كما في المصادر،و أثبته الأردبيليّ:وهب الجريريّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه الحسن بن عليّ في الكافي 5:92 باب شراء العقارات الحديث 4،و [3]التهذيب 6:388 الحديث 1156،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال و حاله مجهول.جامع الرواة 2:302، [4]تنقيح المقال 3:280، [5]معجم رجال الحديث 20: 235. [6]
4- 4) العقدة-بالضم-:الضيعة و العقار الذي اعتقده صاحبه ملكا.و اعتقد ضيعة و مالا،أي اقتناهما. لسان العرب 3:299، [7]مجمع البحرين 3:104. [8]
5- 5) التهذيب 6:388 الحديث 1156،الوسائل 12:45 الباب 24 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [9]

في الماء و الطين،ذهب ماله هباء»قلت:جعلت فداك إنّي أبيع بالثمن الكثير و أشتري ما هو أوسع ممّا بعت،قال:«لا بأس» (1).

فصل: من غرس شجرا بديّا

روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،عن عليّ عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من غرس شجرا بديّا (2)أو حفر واديا بديّا أو أحيا أرضا ميّتا (3)فهي له قضاء من اللّه و رسوله» (4).

فصل: عن البستان يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستان شيء،

روى الشيخ عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن البستان يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستان شيء،فيتناول الرجل من بستانه؟فقال:«إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئا،فما أحبّ أن يأخذ (5)منه شيئا» (6).

ص:450


1- 1التهذيب 6:388 الحديث 1157 فيه:يرغّبونني،الوسائل 12:45 الباب 24 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 8. [1]فيه يرغبون.
2- 2) في التهذيب:«نديا»و قال في الملاذ 1:393:في بعض النسخ:بديا بالباء الموحّدة في الموضعين و هو الظاهر.
3- 3) في الاستبصار و الوسائل:« [2]ميتة»مكان:«ميّتا».
4- 4) التهذيب 6:378 الحديث 1106،الاستبصار 3:107 الحديث 379،الوسائل 17:328 الباب 2 من أبواب إحياء الموات الحديث 1. [3]
5- 5) بعض النسخ:«أخذ»مكان«يأخذ»كما في التهذيب.
6- 6) التهذيب 6:380 الحديث 1117،الوسائل 12:201 الباب 82 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [4]
فصل: في جلوس عليّ بن الحسين عليهما السلام على نمرقة

روى الشيخ عن أبي حمزة،قال:دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام و هو جالس على نمرقة (1)فقال:«يا جارية هاتي (2)النمرقة» (3).

مسألة :إذا استأجر الإنسان مملوك غيره،فأفسد المملوك،

(4)

لم يكن على مولاه الضمان،بل يستسعي العبد في ذلك،أو يرجع عليه بعد العتق؛عملا بالأصل الدالّ على براءة ذمّة السيّد.هذا قول الشيخ رحمه اللّه (5).

و قال ابن إدريس:لا يستسعي العبد.أيضا؛لأنّ فيه إضرارا بالمالك (6).و قد بيّنّا أنّ المولى لا يضمن جناية العبد (7).

و أمّا الشيخ:فقد استدلّ

بما رواه-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استأجر مملوكا،فيستهلك مالا كثيرا،فقال:«ليس على مولاه شيء،و ليس لهم أن يبيعوه،و لكنّه يستسعى،و إن عجز عنه،فليس على مولاه شيء و لا على العبد شيء» (8).

ص:451


1- 1النمرق و النمرقة:وسادة صغيرة،و كذلك النمرقة بالكسر،و ربّما سمّوا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة.الصحاح 4:1561. [1]
2- 2) في النسخ:«هات».
3- 3) التهذيب 6:381 الحديث 1123،الوسائل 12:220 الباب 94 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
4- 4) ر و خا:فصل،مكان:مسألة.
5- 5) النهاية:370،و [3]قال في ص 448 بضمان المولى.و قد أشار العلاّمة إلى وجه الجمع بينهما في نكت النهاية ينظر:النهاية و نكتها 2:284.
6- 6) السرائر:209.
7- 7) يراجع:الجزء العاشر ص 71.
8- 8) التهذيب 6:385 الحديث 1144،الوسائل 13:252 الباب 11 من أبواب أحكام الإجارة الحديث 3. [4]
فصل:

لا بأس بشراء الذهب بترابه قبل سبكه من المعدن؛

لأنّها عين مملوكة،فساغ بيعها،كغيرها من الأعيان،لكن لا يباع بجنسها من الذهب،و كذا معدن الفضّة يجوز بيعه لكن بغير الفضّة.

و يؤيّد ذلك:

ما رواه الشيخ عن مصدّق،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن شراء الذهب بترابه من المعدن،قال:«لا بأس به» (1).

مسألة:نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا أنّ خصاء الحيوان محرّم،

قال:

و الأولى عندي تجنّب ذلك،و أنّه مكروه،دون أن يكون محرّما محظورا؛لأنّه ملك للإنسان يعمل به ما شاء ممّا فيه الصلاح له،و ما روي في ذلك يحمل على الكراهية، دون الحظر (2).

مسألة:قد بيّنّا تحريم الأجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و حملهم و دفنهم

و الصلاة عليهم،

و كذا على الأذان و الإقامة و الصلاة بالناس (3).أمّا ثمن الماء الذي يغسّل به الميّت،و ثمن الكفن فلا بأس به؛و لأنّ المحرّم هو الأجر على التغسيل و التكفين،دون الماء و الكفن.

و قد قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا وجد الماء لغسل الميّت بالثمن،وجب شراؤه من تركته،فإن لم يخلّف شيئا،لم يجب على أحد ذلك (4).

و أمّا حمل الموتى،فإنّما تحرم الأجرة عليه إذا كان إلى المواضع التي يجب

ص:452


1- 1التهذيب 6:386 الحديث 1150،الوسائل 12:277 الباب 23 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 1. [1]
2- 2) السرائر:206.
3- 3) يراجع:ص 414. [2]
4- 4) النهاية:45. [3]

على من حضر الميّت حمله إليها،و هي ظواهر البلدان و الجبّانة المعروفة بذلك، فأمّا (1)ما بعد عن ذلك من المواضع المعظّمة و الأمكنة الشريفة المقدّسة،كمشاهد الأئمّة عليهم السلام،فلا بأس بأخذ الأجرة عليه؛لأنّه ليس واجبا على المسلمين.

مسألة:قد بيّنّا الأصناف المحرّمة من أنواع التجارات و أكثر المكروه

(2)و قد تخلّف أصناف أخر مكروهة تأتي في أبوابها،فما بقي بعد ذلك فمباح طلق بلا خلاف؛عملا بالأصل.

ص:453


1- 1بعض النسخ:و أمّا.
2- 2) يراجع:ص 308 و 349.
البحث الثالث
اشارة

في عمل السلطان و أخذ جوائزه

(1)

السلطان على ضربين:

أحدهما:سلطان الحقّ العادل.

و الآخر:سلطان الجور الظالم.

فالأوّل:يستحبّ خدمته و نيابته و العمل من قبله و الولاية منه،و هو مندوب إليه مرغّب فيه،و قد يجب على المكلّف ذلك بأن يعيّن (2)عليه و يدعوه إليه، فلا يجوز له مخالفته،و يجب عليه امتثال أمره و طاعته.

فإذا (3)تولّى الإنسان من السلطان العادل ولاية،كان له في ذلك ثواب عظيم، و يجب (4)عليه طاعته في جميع ما يأمره به،قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز له قبول الجوائز منه و الرزق،و يسوغ له التصرّف فيه بلا خلاف؛لأنّه معصوم،فلا يقع فعله إلاّ حقّا.

ص:454


1- 1ق و خا:مسألة،مكان:البحث الثالث.
2- 2) ر و ع:تعيّن.
3- 3) ب:فإن،مكان:فإذا.
4- 4) بعض النسخ:و تجب.
5- 5) النساء(4):59. [1]

و أمّا السلطان الجائر فلا تجوز الولاية منه مختارا إلاّ مع علم التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قسمة الأخماس و الصدقات على مستحقّها و صلة الإخوان،و لا يكون في ذلك مرتكبا لمأثم (1)أو غلبة الظنّ بذلك،أمّا إذا انتفى العلم و الظنّ معا،فلا تجوز الولاية من قبل الجائر بلا خلاف.

روى الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل؟قال:«لا،إلاّ أن لا يقدر على شيء[و لا] (2)يأكل و لا يشرب و لا يقدر على حيلة،فإن فعل فصار إليه منه (3)شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم السلام» (4).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:ذكر عنده رجل من هذه العصابة و قد ولي ولاية،قال:«فكيف صنيعه (5)إلى إخوانه؟»قال:قلت:ليس عنده خير،قال:«أفّ (6)،يدخلون فيما لا ينبغي لهم و لا يصنعون إلى إخوانهم خيرا!» (7).

و عن الوليد بن صبيح،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فاستقبلني زرارة خارجا من عنده،فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا وليد أما تعجب من

ص:455


1- 1بعض النسخ:للمآثم.
2- 2) أثبتناها من التهذيب.
3- 3) في المصدر:«في يده»مكان:«إليه منه».
4- 4) التهذيب 6:330 الحديث 915،الوسائل 12:146 الباب 48 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
5- 5) بعض النسخ:«صنعه».
6- 6) أفّ:يقال ذلك عند استقذار الشيء ثمّ استعمل ذلك عند كلّ شيء يضجر منه و يتأذّى به.لسان العرب 9:6. [2]
7- 7) التهذيب 6:330 الحديث 916،الوسائل 12:141 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [3]

زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أيّ شيء كان يريد؟[أ يريد] (1)أن أقول له:لا، فيروي ذلك عليّ؟» (2)ثمّ قال:«يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم؟إنّما كانت الشيعة تقول:يؤكل من طعامهم و يشرب من شرابهم[و] (3)يستظلّ بظلّهم، متى كانت الشيعة تسأل عن هذا؟!» (4).

و في الحسن عن أبي بصير،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن أعمالهم، فقال لي:«يا أبا محمّد لا و لا مدّة (5)بقلم[إنّ] (6)أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلاّ أصابوا من دينه مثله،أو حتّى يصيبوا من دينه مثله»الوهم من ابن أبي عمير راوي الحديث (7).

مسألة:و إذا علم التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و وضع

الأشياء مواضعها

(8)،جاز له التولّي من قبل الجائر،معتقدا أنّه يفعل ذلك من قبل سلطان الحقّ؛لأنّ في ولايته حينئذ قياما بمعروف،و نهيا عن منكر،فكانت جائزة.

روى الشيخ عن يونس بن عمّار،قال:وصفت لأبي عبد اللّه عليه السلام من يقول بهذا الأمر ممّن يعمل مع السلطان،فقال:«إذا ولّوكم يدخلون عليكم المرفق (9)و ينفعونكم في حوائجكم؟قال:قلت:منهم من يفعل ذلك و منهم من لا

ص:456


1- 1زيادة أثبتناها من الكافي 5:105 الحديث 2،و [1]الوسائل. [2]
2- 2) خا و ع:«عنّي»مكان:«عليّ»كما في الكافي 5:105 الحديث 2. [3]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:330 الحديث 917،الوسائل 12:135 الباب 45 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [4]
5- 5) المدّة-بالفتح-غمس القلم في الدواة مرّة للكتابة،مددت الدواة و أمددتها،و أمددت الرجل:إذا أعطيته مدّة بقلم.الصحاح 2:537، [5]مجمع البحرين 3:144. [6]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 6:331 الحديث 918،الوسائل 12:129 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [7]
8- 8) ب:في مواضعها.
9- 9) المرفق و المرفق من الأمر:هو ما ارتفقت به و انتفعت به.الصحاح 4:1482. [8]

يفعل،قال:«من لم يفعل ذلك منهم فابرءوا منه،برأ اللّه منه» (1).

و عن زياد بن سلمة (2)،قال:دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام،فقال لي:«يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان؟»قال:قلت:أجل،قال لي:«و لم؟»قلت:

أنا رجل لي مروّة،و عليّ عيال،و ليس وراء ظهري شيء،فقال لي:«يا زياد لأن أسقط من حالق (3)فأتقطّع (4)قطعة قطعة،أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم،إلاّ لما ذا؟قلت:لا أدري،قال:«إلاّ لتفريج كربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دينه،يا زياد[إنّ] (5)أهون ما يصنع اللّه عزّ و جلّ بمن تولّى لهم عملا،أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه عزّ و جلّ من حساب الخلائق،يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة، و اللّه من وراء ذلك،يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى بينكم و بينهم فقولوا له:أنت منتحل كذّاب،يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة اللّه عليك غدا،و نفاد ما أتيت إليهم عنهم،و بقاء ما أتيت إليهم عليك (6)» (7).

و عن عليّ بن يقطين،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:ما تقول في أعمال

ص:457


1- 1التهذيب 6:332 الحديث 923،الوسائل 12:142 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 12. [1]
2- 2) زياد بن سلمة،كذا في النسخ و التهذيب،و في الكافي و [2]كتب التراجم:زياد بن أبي سلمة،قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ عن محمّد بن خالد عنه في الكافي 5:109 باب شرط من أذن له في أعمالهم الحديث 1. [3]تنقيح المقال 1:453، [4]معجم رجال الحديث 8:314. [5]
3- 3) الحالق:الجبل المرتفع.الصحاح 4:1463. [6]
4- 4) كثير من النسخ:«فأنقطع».
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) أكثر النسخ:«و نفاد ما أتيت السهم عنهم،و بقاء ما أتيت السهم عليك».و في التهذيب:ما أبقيت إليهم عليك.
7- 7) التهذيب 6:333 الحديث 924،الوسائل 12:140 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 9. [7]

هؤلاء؟قال:«إن كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال الشيعة» قال إبراهيم بن أبي محمود- راوي الحديث-:فأخبرني عليّ أنّه كان يجبيها من الشيعة علانية و يردّها عليهم في السرّ (1).

و عن الحسن بن الحسين (2)الأنباريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:

كتبت إليه أربع عشرة سنة أستأذنه في عمل السلطان فلمّا كان في آخر كتاب كتبت إليه أذكر أنّني أخاف على خبط عنقي (3)و أنّ السلطان يقول:رافضيّ و لسنا نشكّ في أنّك تركت عمل السلطان للرفض،فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام:«فهمت كتابك و ما ذكرت من الخوف على نفسك،فإن كنت تعلم أنّك إذا ولّيت عملت في عملك بما أمر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ تصيّر أعوانك و كتّابك أهل ملّتك، و إذا صار إليك شيء،واسيت به فقراء المؤمنين حتّى تكون واحدا منهم،كان ذا بذا، و إلاّ فلا» (4).

ص:458


1- 1التهذيب 6:335 الحديث 927،الوسائل 12:140 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [1]
2- 2) في النسخ:الحسن،و الصحيح ما أثبتناه كما في المصادر،و هو الحسن بن الحسين الأنباريّ روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال،و يستفاد تشيّعه و قوّة ديانته و تقواه ممّا رواه الكلينيّ في الكافي 5:111 باب شرط من أذن له في أعمالهم الحديث 4، [2]فإنّ امتناعه من قبول عمل السلطان أربعة عشر سنة إلاّ بإذن الإمام و تجويز الإمام عليه السلام مع خوفه على نفسه يكشف عن ملكة قويّة قديمة فيه،و إنّي أعتبر الرجل لذلك من الثقات و العلم عند اللّه تعالى.تنقيح المقال 1:273، [3]معجم رجال الحديث 5:292. [4]
3- 3) أي:ضرب عنقي،قال ابن الأثير:الخبط:ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها.النهاية 2:7. و [5]في بعض النسخ:خيط عنقي،كما في المصدر.قال الجوهريّ:خيط الرقبة:نخاعها.يقال:جاحش فلان عن خيط رقبته،أي دافع عن دمه.الصحاح 3:1125. [6]
4- 4) التهذيب 6:335 الحديث 928،الوسائل 12:145 الباب 48 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [7]

و عن مهران بن محمّد بن أبي نصر (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«ما من جبّار إلاّ و معه مؤمن يدفع اللّه عزّ و جلّ به عن المؤمنين و هو أقلّهم حظّا في الآخرة» يعني أقلّ المؤمنين حظّا بصحبته (2)الجبّار (3).

و عن محمّد بن عيسى العبيديّ،قال:كتب أبو عمر الحذّاء (4)إلى أبي الحسن عليه السلام-و قرأت الكتاب و الجواب بخطّه-يعلمه أنّه كان يختلف إلى بعض قضاة هؤلاء،و أنّه صيّر إليه وقوفا و مواريث بعض ولد العبّاس أحياء و أمواتا، و أجرى عليه الأرزاق،و أنّه كان يؤدّي الأمانة إليهم،ثمّ إنّه بعد عاهد اللّه تعالى ألاّ يدخل لهم في عمل،و عليه مئونة،و قد تلف أكثر ما كان في يده،و أخاف أن ينكشف عنهم ما لا يحبّ أن ينكشف من الحال (5)،فإنّه منتظر أمرك في ذلك فما تأمر به؟فكتب إليه:«لا عليك إن دخلت معهم،اللّه يعلم-و نحن-ما أنت

ص:459


1- 1مهران بن محمّد بن أبي نصر،قال السيّد الخوئيّ:روى الشيخ بسنده عن عثمان بن عيسى بن مهران بن محمّد عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التهذيب 6:336 الحديث 929،كذا في هذه الطبعة و الوافي،و [1]في الطبعة القديمة على نسخة،و في نسخة أخرى منها:مهران بن محمّد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و رواها الكلينيّ في الكافي 5:111 باب شرط من أذن له في أعمالهم الحديث 5،و [2]فيه:مهران بن محمّد بن أبي نصر عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و هو الصحيح الموافق لنسخة الجامع و نسخة الوسائل،و [3]قد مرّ في ترجمة مهران بن أبي نصر نقل القول في ضبط أبي نصر أو أبي بصير،يراجع الجزء الثاني عشر ص 106. [4]معجم رجال الحديث 20:95. [5]
2- 2) خا:«بصحبة»و في المصدر:«لصحبة».
3- 3) التهذيب 6:336 الحديث 929،الوسائل 12:134 الباب 44 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [6]
4- 4) أبو عمر الحذّاء،كذا في النسخ و التهذيب،و في الوسائل: [7]أبو عمرو الحذّاء،عدّه الشيخ في رجاله كذلك من أصحاب الهادي عليه السلام،و قال الأردبيليّ:في نسخة منه أصحّ بغير واو،و قال المامقانيّ:النسخة التي عندي معتمدة جدّا قد تضمّنته بالواو،ثمّ قال:و على كلّ حال لم نعرف اسمه و لا حاله،و ذكره السيّد الخوئيّ مرّتين تارة بعنوان:أبو عمر الحذّاء و تارة بعنوان:أبو عمرو الحذّاء. جامع الرواة 2:406، [8]تنقيح المقال 3:29، [9]معجم رجال الحديث 22:280 و 284. [10]
5- 5) أكثر النسخ:و أن ينكشف من الحال،ع:و أن ينكشف منه الحال.

عليه» (1).

مسألة:و لو لم يغلب على ظنّه التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،

لم يجز له الولاية من قبل الجائر،إلاّ أن يلزمه بذلك و يقهره عليه،فيجوز له حينئذ الولاية؛دفعا للضرورة.

و لا يجوز له أن يتعدّى الحقّ ما أمكن،فإن اضطرّ إلى استعمال ما لا يجوز من ظلم مؤمن أو قهره،جاز ذلك،للضرورة ما لم يبلغ الدماء،فلا يجوز التقيّة فيها على حال،و قد تقدّم بيان ذلك (2).

و لو أمكنه دفع الجائر في عدم الولاية،وجب عليه ذلك،فإن لم يندفع إلاّ بتحمّل ضرر يسير،يستحبّ له تحمّله و دفع التزامه عليه،كما لو خاف على مال يسير.

أمّا لو خاف الضرر الكثير،فإنّه يجوز له الدخول في الولاية،كما لو خاف على ماله أو نفسه أو بعض المؤمنين؛دفعا للضرر بالترك.

مسألة:جوائز السلطان إن علمت حراما،وجب دفعها إلى أربابها مع التمكّن،

و مع عدمه،يتصدّق بها عنه.

روى الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:كان لي صديق من كتّاب بني أميّة، فقال:استأذن لي على أبي عبد اللّه عليه السلام،فاستأذنت له فأذن له،فلمّا أن دخل، سلّم و جلس،ثمّ قال كلمة:جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم،فأصبت

ص:460


1- 1التهذيب 6:336 الحديث 930،الوسائل 12:143 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 14. [1]
2- 2) يراجع:ص 245.

من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت (1)في مطالبه،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يكتب لهم و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم،لما سلبونا حقّنا،و لو تركهم الناس و ما في أيديهم،لما وجدوا شيئا إلاّ ما وقع في أيديهم»قال:فقال الفتى:جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟قال:فقال:«إن قلت لك تفعل؟»قال:أفعل،قال:«فاخرج من جميع ما كسبت من ديوانهم،فمن عرفت منهم،رددت عليه ماله،و من لم تعرف،تصدّقت به و أنا أضمن لك على اللّه عزّ و جلّ الجنّة».قال:فأطرق (2)الفتى طويلا و قال له:قد فعلت جعلت فداك،قال ابن أبي حمزة:فرجع الفتى معنا إلى الكوفة،فما ترك شيئا على وجه الأرض إلاّ خرج منه حتّى ثيابه التي على بدنه،قال:فقسمت له قسمة و اشتريت له ثيابا و بعثنا إليه نفقته،قال:فما أتى عليه إلاّ أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده،قال:فدخلت يوما و هو في السّوق (3)،قال:ففتح عينيه،ثمّ قال لي:يا عليّ وفى لي-و اللّه-صاحبك، قال:ثمّ مات،فتولّينا أمره فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام،فلمّا نظر إليّ قال:«يا عليّ وفينا و اللّه لصاحبك»قال:فقلت:صدقت جعلت فداك،هكذا و اللّه قال لي عند موته (4).

مسألة:و لو لم تعلم حراما،جاز تناولها

و إن كان المجيز لها ظالما،و ينبغي له أن يخرج الخمس من جوائز الظالم ليطهر بذلك ماله؛لأنّ الخمس يطهّر المختلط

ص:461


1- 1الإغماض:المسامحة و المساهلة.لسان العرب 7:199.و [1]قال الطريحيّ في هذا الحديث:أي تساهلت في تحصيله و لم أجتنب فيه الحرام و الشبهات.مجمع البحرين 4:219. [2]
2- 2) أطرق ساعة:أي سكت.النهاية لابن الأثير 3:122. [3]
3- 3) السّوق:النزع،كأنّ روحه تساق لتخرج من بدنه،و يقال له:السّياق،و السّياق:نزع الروح،يقال: رأيت فلانا يسوق،أي:ينزع عند الموت.الصحاح 4:1500، [4]لسان العرب 10:167. [5]
4- 4) التهذيب 6:331 الحديث 920،الوسائل 12:144 الباب 47 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]

بالحرام؛فتطهير (1)ما لم يعلم فيه الحرام به أولى،و ينبغي أن يصل إخوانه من الباقي بشيء،و ينتفع هو بالباقي.

و ممّن قبل جوائز الظالم الحسن و الحسين عليهما السلام و عبد اللّه بن جعفر، و هو قول الحسن البصريّ،و مكحول،و الزهريّ،و الشافعيّ (2).

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه اشترى من يهوديّ طعاما و مات و درعه مرهونة عنده (3)و قد أخبر اللّه تعالى عنهم أنّهم أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ (4).

و عن عليّ عليه السلام قال:«لا بأس بجوائز السلطان،فإنّ ما يعطيكم من الحلال أكثر ممّا يعطيكم من الحرام» (5)و قال:«لا تسأل السلطان شيئا،و إن أعطى فخذ،فإنّ ما في بيت المال من الحلال أكثر ممّا فيه من الحرام» 6.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم و زرارة قالا:سمعناه يقول:«جوائز العمّال ليس بها بأس» (6).

و عن أبي بكر الحضرميّ قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده

ص:462


1- 1أكثر النسخ:فيطهر.
2- 2) المغني 4:334،الشرح الكبير بهامش المغني 4:26.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:187،سنن ابن ماجة 2:815 الحديث 2436،سنن النسائيّ 7:303،مسند أحمد 1:361،سنن البيهقيّ 6:36،المصنّف لابن أبي شيبة 5:9 الحديث 1 و 8،مسند أبي يعلى 5: 89 الحديث 2695.
4- 4) المائدة(5):42. [1]
5- 5-6) المغني 4:334 و ج 7:332،الشرح الكبير بهامش المغني 4:26.
6- 7) التهذيب 6:336 الحديث 931،الوسائل 12:157 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]

إسماعيل ابنه فقال:«ما يمنع ابن أبي سمّال (1)أن يخرج شبّان (2)الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس؟!»قال:ثمّ قال لي:«لم تركت عطاءك؟» قال:قلت:مخافة على ديني،قال:«ما منع ابن أبي سمّال (3)أن يبعث إليك بعطائك؟!أما علم أنّ لك في بيت المال نصيبا؟!» (4).

و عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه السلام:

«إنّ الحسن و الحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوايز معاوية» (5).

و عن أبي ولاّد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم و أنا أمرّ به فأنزل عليه فيضيفني و يحسن إليّ و ربّما أمر لي بالدراهم و الكسوة،و قد ضاق صدري من ذلك؟فقال لي:«كل و خذ منه و لك المهنأ (6)و عليه الوزر» (7).

و في الصحيح عن أبي المعزى،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده، فقال:أصلحك اللّه،أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم،آخذها؟قال:«نعم»قلت:

و أحجّ بها؟قال:«نعم،حجّ بها» (8).

ص:463


1- 1في التهذيب و بعض نسخ الوسائل:« [1]سمّاك»و ضبطه النجاشيّ:ابن أبي السمّال،و قال المصنّف في إيضاح الاشتباه:89:السمّاك و قيل:سمّال.و قد مرّت ترجمته و الاختلاف في ضبطه في الجزء الخامس:221.
2- 2) في المصدر:«شباب».
3- 3) في التهذيب و بعض نسخ الوسائل:« [2]سمّاك».
4- 4) التهذيب 6:336 الحديث 933،الوسائل 12:157 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 6:337 الحديث 935،الوسائل 12:157 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [4]
6- 6) كلّ أمر يأتيك من غير تعب فهو هنئ.و منه يقال:لك المهنأ.ينظر:الصحاح 1:84. [5]
7- 7) التهذيب 6:338 الحديث 940،الوسائل 12:156 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]
8- 8) التهذيب 6:338 الحديث 942،الوسائل 12:156 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2،و [7]عبارة«حجّ بها»لا توجد في التهذيب.

و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مسلم و هو في ديوان هؤلاء،و هو يحبّ آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و يخرج (1)مع هؤلاء و في بعثهم فيقتل تحت رايتهم،قال:«يبعثه اللّه على نيّته»قال:و سألته عن رجل مسكين دخل معهم رجاء أن يصيب معهم شيئا يغنيه (2)اللّه به،فمات في بعثهم،قال:«[هو] (3)بمنزلة الأجير إنّه إنّما يعطي اللّه العباد على نيّاتهم» (4).

مسألة:و لا بأس بمعاملة الظالمين و إن كان مكروها.

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن محمّد بن أبي حمزة،عن رجل،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أشتري الطعام فيجيئني من يتظلّم فيقول:ظلموني،فقال:

«اشتره» (5).

و في الصحيح عن معاوية بن وهب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أشتري من العامل الشيء و أنا أعلم أنّه يظلم،فقال:«اشتر منه» (6).

و عن داود بن رزين (7)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أخالط

ص:464


1- 1كثير من النسخ:فيخرج.
2- 2) أكثر النسخ:بعثه اللّه،و في الوسائل [1]فيعينه اللّه،مكان:يغنيه اللّه.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:338 الحديث 944،الوسائل 12:146 الباب 48 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 6:337 الحديث 937،الوسائل 12:161 الباب 52 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 6:337 الحديث 938،الوسائل 12:161 الباب 52 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [4]
7- 7) داود بن رزين،كذا في بعض النسخ،و في بعضها:داود بن زيد،قال السيّد الخوئيّ:داود بن رزين روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه يونس بن عبد الرحمن في الكافي 2:546 باب الدعاء للعلل الحديث 2.و [5]روى عنه أيضا محمّد بن عيسى الحديث 6 من الباب المذكور،و [6]روى عنه ابن أبي عمير في الكافي 3:222 باب الجزع الحديث 6، [7]قال:كذا في الطبعة القديمة و لكن في الطبعة المعربة داود بن زربيّ و هو الصحيح،و روى عن أبي الحسن عليه السلام،و روى عنه ابن أبي عمير في

السلطان فيكون عندي الجارية فيأخذونها،أو الدابّة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثمّ يقع لهم عندي المال،فلي أن آخذه؟قال:«خذ مثل ذلك و لا تزد عليه» (1).

و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لاحتمال أن يكون ما أخذه ظلما،فكان الأولى:

التحرّي عنه؛دفعا للشبهة المحتملة.

مسألة:متى تمكّن الإنسان من ترك معاملة الظالمين و الامتناع من جوائزهم،

كان الأولى له ذلك؛لما فيه من التنزّه،هذا إذا لم يكن حراما بعينه،أمّا إذا كان حراما بعينه،فلا يحلّ له أخذه بمعاوضة و غيرها،فإن قبضه،أعاده على المالك،فإن جهله أو تعذّر الوصول إليه،تصدّق بها (2)عنه،و لا يجوز له إعادتها على غير مالكها مع الإمكان،و إن لم يعلمه حراما و لا حلالا،كان الأصل الحلّ فيجوز له أخذه و المعاملة عليه؛عملا بالأصل و إن كان مكروها،و كذا كلّ مال محتمل للحظر و الإباحة،كمال المرابي و غيره من نظائره.

إذا ثبت هذا:فإن علمه حراما،كان حراما،و لا يقبل قول المشتري عليه في الحكم؛لأنّ البائع معتضد بالظاهر،و هو أنّ الأصل أنّ ما في يد الإنسان له.و أمّا إذا علم أنّ في مال السلطان الظالم أو المرابي حراما و حلالا و لم يتميّز له،فإنّه تكره له معاملته و قبول صلته؛لما فيه من الشبهة،سواء قلّ الحرام أو كثر،و بقدر قلّة الحرام و كثرته تقلّ الشبهة و تكثر.

و يعضده

ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الحلال بيّن،

ص:465


1- 1) التهذيب 6:338 الحديث 939،الوسائل 12:157 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7.
2- 2) كذا في النسخ.

و الحرام بيّن،و بينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس،فمن اتّقى الشبهات استبرأ لدينه و عرضه و من وقع في الشبهات وقع في الحرام،كالراعي حول الحمى يوشك أن يرتع[فيه] (1)ألا[و] 2إنّ لكلّ ملك حمى،و حمى اللّه محارمه» (2).

و روى الجمهور عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (3)و هذا مذهب الشافعيّ أيضا (4).

و إنّما قلنا:إنّه مباح؛عملا بالأصل،

و بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ شيء يكون منه حرام و حلال فهو[لك] (5)حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (6).

و عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك،و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة،أو المملوك عندك و لعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر،أو امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك،و الأشياء كلّها

ص:466


1- 1-2) أثبتناهما من المصادر.
2- 3) صحيح البخاريّ 1:20،صحيح مسلم 3:1219 الحديث 1599،سنن أبي داود 3:243 الحديث 3329 و 3330،سنن الترمذيّ 3:511 الحديث 1205، [1]سنن ابن ماجة 2:1318 الحديث 3984، سنن الدارميّ 2:245، [2]مسند أحمد 4:270، [3]سنن البيهقيّ 5:264،المصنّف لابن أبي شيبة 5:234 الحديث 8،كنز العمّال 3:428 الحديث 7291.باختلاف في بعض الألفاظ.
3- 4) سنن الترمذيّ 4:668 الحديث 2518،سنن النسائيّ 8:327،سنن الدارميّ 2:245، [4]مسند أحمد 1:200، [5]المستدرك للحاكم 2:13،المصنّف لعبد الرزّاق 3:117 الحديث 4984،المعجم الكبير للطبرانيّ 3:75 الحديث 270،مسند أبي يعلى 12:132 الحديث 6762.
4- 5) المغني 4:334،الشرح الكبير بهامش المغني 4:25.
5- 6) أثبتناها من المصدر.
6- 7) التهذيب 7:226 الحديث 988،الوسائل 12:59 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [6]

على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» (1).

إذا عرفت هذا:فالمشكوك فيه على ثلاثة أضرب:

أحدها:ما أصله الحظر،و هو كالذبيحة في بلد الكفّار،فلا يجوز شراؤها و إن أمكن أن يكون ذابحها مسلما ما لم توجد في يد مسلم و يخبر بأنّها ذباحته؛لأنّ الأصل:التحريم و عدم التذكية،و لا يزول إلاّ بيقين أو ظاهر،و سواء كان أهل البلد كفّارا محضا أو فيهم مسلمون.و الأصل فيه:

ما روى عديّ بن حاتم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا أرسلت كلبك فخالط أكلبا لم يسمّ عليها،فلا تأكل، فإنّك لا تدري أيّها قتله» (2).

أمّا إذا كان في بلد الإسلام،فالظاهر:إباحتها؛لأنّ المسلمين لا يبيعون (3)إلاّ ما هو سائغ عندهم ظاهرا.

الثاني:ما أصله الإباحة،كالماء المتغيّر إذا لم يعلم تغيّره هل استند إلى نجاسة أو غيرها فهو طاهر في الحكم؛لأنّ الأصل:الطهارة،فلا تزول عنها إلاّ بيقين أو ظاهر (4).و الأصل فيه:ما روى عبد اللّه بن زيد،قال:شكي إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجل يخيّل إليه في الصلاة أنّه يجد الشيء،قال:«لا ينصرف حتّى يسمع

ص:467


1- 1التهذيب 7:226 الحديث 989،الوسائل 12:60 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [1]
2- 2) سنن الترمذيّ 4:68 الحديث 1470، [2]سنن النسائيّ 7:182،مسند أحمد 4:380، [3]سنن البيهقيّ 9:242،المصنّف لعبد الرزّاق 4:470 الحديث 8502،المصنّف لابن أبي شيبة 4:604 الحديث 1، المعجم الكبير للطبرانيّ 17:75 الحديث 157،كنز العمّال 9:236 الحديث 25812.بتفاوت يسير في الجميع.
3- 3) أكثر النسخ:لا يتبعون.
4- 4) كثير من النسخ:طاهر،مكان:ظاهر.

صوتا أو يجد ريحا» (1).

الثالث:ما لا يعرف له أصل،كرجل في يده حرام و حلال و لا يعلم أحدهما بعينه،فهذا هو الشبهة التي الأولى تركها؛

لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه وجد تمرة ساقطة،فقال:«لو لا أنّي أخشى أنّها من الصدقة لأكلتها» (2)و هذا من باب الورع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حديد (3)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اتّقوا اللّه و صونوا أنفسكم بالورع و قوّوه بالتقيّة و الاستغناء باللّه عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان،و اعلم أنّه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه؛طلبا لما في يده أخمله اللّه و مقّته عليه و وكله إليه،فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء نزع اللّه البركة منه،و لم يأجره على شيء ينفقه في حجّ و لا عتق و لا برّ» (4).

ص:468


1- 1صحيح البخاريّ 1:46،صحيح مسلم 1:276 الحديث 361،سنن أبي داود 1:45 الحديث 176،سنن ابن ماجة 1:171 الحديث 513،سنن النسائيّ 1:98،سنن البيهقيّ 7:364،مسند الشافعيّ:11،المصنّف لابن أبي شيبة 2:318 الحديث 1. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:164،صحيح مسلم 2:752 الحديث 1071 فيه بتفاوت،سنن أبي داود 2: 123 الحديث 1652، [2]مسند أحمد 3:184، [3]سنن البيهقيّ 6:195،كنز العمّال 6:455 الحديث 16510 و ص 459 الحديث 16536،مسند أبي يعلى 5:342 الحديث 2975.
3- 3) في التهذيب و الوسائل: [4]حريز،و في النسخ و الكافي 5:105 باب عمل السلطان و جوائزهم الحديث 3: [5]حديد،قال السيّد الخوئيّ:في الطبعة القديمة من التهذيب و الوسائل: [6]حريز،و لكن الموجود في الكافي: [7]حديد بدل حريز،و هو الصحيح الموافق لنسخة الوافي و [8]عقاب الأعمال،و [9]لعدم ثبوت رواية ابن محبوب عن حريز مع أنّ كلاّ منهما كثير الحديث،و قد مرّت ترجمة حريز في الجزء الأوّل:51 و ترجمة حديد بن حكيم الأزديّ المدائنيّ في الجزء العاشر:452.معجم رجال الحديث 5:237. [10]
4- 4) التهذيب 6:330 الحديث 914،الوسائل 12:128 الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [11]
فصل:

(1)

قد ذكرنا أنّه لا يجوز له أخذ ما يعلمه حراما،

فإن اضطرّ إلى أخذه و خاف من ردّ جوائزهم و صلاتهم التي يعلمها ظلما بأعيانها،جاز له قبولها؛دفعا للضرورة و يجب عليه ردّها على أربابها إن عرفهم،فإن لم يعرفهم،عرّف ذلك المال و اجتهد في طلبهم،قاله ابن إدريس.

قال:و قد روى أصحابنا أنّه يتصدّق به عنهم،و يكون ضامنا إذا لم يرضوا بما فعل،و الاحتياط حفظه و الوصيّة به،و قد روي أنّه يكون بمنزلة اللقطة،قال:و هذا بعيد من الصواب؛لأنّ إلحاقه باللقطة يحتاج إلى دليل (2).

و ليس هذا الوجه عندي بعيدا من الصواب؛إذ قهره على أخذه،يبيح له الأخذ، كاللقطة،و عدم عرفانه المالك يصيّره بمنزلة اللقطة التي لا يعرف لها مالك فيعرّفها، فإن عرف المالك و إلاّ تخيّر بين التملّك و الصدقة مع الضمان على إشكال،و إن كان الأقوى فيه الصدقة.

مسألة:يجوز للإنسان أن يبتاع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات من

الإبل و البقر و الغنم،

و ما يأخذه عن حقّ الأرض من الخراج،و ما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلاّت و إن كان غير مستحقّ لأخذ شيء من ذلك،إلاّ أن يتعيّن له شيء منه بانفراده أنّه غصب،فلا يجوز له أن يبتاعه.

و كذا يجوز له أن يبتاع من الجائر ما يأخذه من الغلاّت على اختلافها و إن كان يعلم أنّهم يغصبون أموال الناس و يأخذون ما لا يستحقّون،إلاّ أن يعلم و يتعيّن له شيء منه بانفراده أنّه غصب،فلا يجوز له أن يبتاعه منهم،و يسوغ له مع عدم العلم بذلك؛لشدّة الحاجة إلى الغلاّت و وقوع الضرورة إليها،و عدم إمكان الانفكاك من

ص:469


1- 1خا و ق:مسألة،مكان:فصل.
2- 2) السرائر:203.

ابتياعها،مع أنّ أصلها مع السلطان الجائر،و هو المتولّي لأخذ الارتفاع و إحراز الغلاّت و تحصيل المزارع (1)،و لو (2)لم يكن مباحا،لزم عدم الانفكاك من الحرام لشخص (3)من الأشخاص في وقت من الأوقات.

و يدلّ على ذلك

ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن صالح،قال:

أرادوا بيع تمر عين أبي زياد (4)،فأردت أن أشتريه،ثمّ قلت:حتّى أستأذن أبا عبد اللّه عليه السلام،فأمرت مصادفا فسأله،فقال:«قل له:يشتريه،فإن لم يشتره اشتراه غيره» (5).

و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم، قال:«يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا» (6).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبيدة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان (7)من إبل الصدقة و غنمها و هو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم،قال:فقال:«ما الإبل و الغنم

ص:470


1- 1كثير من النسخ:الزارع،مكان:المزارع.
2- 2) ب:فلو.
3- 3) بعض النسخ:بشخص.
4- 4) اختلفت المصادر الحديثيّة في ضبطها،ففي بعضها:عين أبي زياد و في بعضها:عين ابن زياد،و في بعضها:عين زياد،و الذي يظهر ممّا رواه المجلسي في البحار [1]أنّها كانت لأبي عبد اللّه عليه السلام فغصبت منه في أيّام المنصور،روى عن أيّوب بن عمر قال:لقي جعفر عليه السلام أبا جعفر المنصور فقال:اردد عليّ عين أبي زياد.بحار الأنوار 47:210. [2]
5- 5) التهذيب 6:375 الحديث 1092،الوسائل 12:162 الباب 53 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 6:375 الحديث 1093،الوسائل 12:162 الباب 53 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [4]
7- 7) ع:السلطان الجائر.

إلاّ مثل الحنطة و الشعير و غير ذلك لا بأس به حتّى تعرف الحرام بعينه»قيل له:

فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا فنقول:بعناها فيبيعناها،فما ترى (1)في شرائها منه؟قال:«إن كان أخذها و عزلها،فلا بأس»قيل له:فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا (2)و يأخذ حظّه (3)فيعزله بكيل، فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟فقال:«إن كان قبضه بكيل و أنتم حضور [ذلك] (4)فلا بأس بشرائه منه بغير كيل» (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلاّت باسم المقاسمة،أو الأموال باسم الخراج عن حقّ الأرض،و من الأنعام باسم الزكاة،و قبول هبته،و لا يجب إعادته على أربابه و إن عرف بعينه؛دفعا للضرورة.

مسألة:إذا غصب ظالم إنسانا شيئا ثمّ تمكّن المظلوم من أخذه أو أخذ

عوضه،

(6)

جاز له ذلك،و روي أنّ تركه أفضل (7)،فإن كان الظالم قد أودعه وديعة، ففي جواز الأخذ من الوديعة بقدر ماله قولان لعلمائنا:

أحدهما:المنع؛لما رواه سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثمّ حلف ثمّ وقع له عندي مال فآخذه لمكان مالي الذي أخذه و جحده و أحلف عليه كما صنع؟قال:«إن خانك فلا تخنه،

ص:471


1- 1في التهذيب و الوسائل: [1]فما تقول،مكان:فما ترى.
2- 2) أكثر النسخ:حقّنا.
3- 3) كثير من النسخ:حنطة،مكان:حظّه.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 6:375 الحديث 1094،الوسائل 12:161 الباب 52 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [2]
6- 6) أكثر النسخ:لإنسان،مكان:إنسانا.
7- 7) النهاية:359، [3]المهذّب لابن البرّاج 1:348،السرائر:204.

و لا تدخل فيما عبته عليه» (1).

و في الصحيح عن ابن أخي الفضيل بن يسار (2)،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام،و دخلت امرأة و كنت أقرب القوم إليها،فقالت لي:اسأله،فقلت:

عمّا ذا؟فقالت:إنّ ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فأتلفه،ثمّ أفاد مالا فأودعنيه،فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شيء؟فأخبرته بذلك،فقال:«لا،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أدّ الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك» (3).

و الثاني:الجواز؛

لما رواه الشيخ عن داود بن زربيّ (4)،قال:قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام:إنّي أخالط السلطان،فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابّة الفارهة فيأخذونها،ثمّ يقع لهم عندي المال،فلي أن آخذه؟فقال:«خذ مثل ذلك و لا تزد عليه» (5).

و عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده،فيظفر من ماله بقدر الذي جحده،أ يأخذه و إن لم يعلم

ص:472


1- 1الكافي 5:98 الحديث 1، [1]الفقيه 3:113 الحديث 482،التهذيب 6:197 الحديث 437، الاستبصار 3:52 الحديث 171،الوسائل 12:204 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [2]
2- 2) ابن أخي فضيل،قال المامقانيّ:اسمه الحسن كما نصّ على ذلك في الكافي 3:36 باب ما ينقض الوضوء و ما لا ينقضه الحديث 5، [3]قال:و في بعض النسخ:الحسين بدل الحسن و الصواب الحسن، قال السيّد الخوئيّ في ترجمة الحسن بن أخي فضيل:روى عن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و روى عنه ابن أبي عمير،و ذكره أيضا في:ابن أخي الفضيل و ابن أخي الفضيل بن يسار.تنقيح المقال 3:41 [4] من فصل الكنى،معجم رجال الحديث 5:273 و ج 23:164،165. [5]
3- 3) التهذيب 6:348 الحديث 981،الاستبصار 3:52 الحديث 172،الوسائل 12:202 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [6]
4- 4) بعض النسخ:رزين،بدل:زربيّ،داود بن زربيّ-بالزاي المعجمة المضمومة و المكسورة-مرّت ترجمته في ص 464.
5- 5) التهذيب 6:347 الحديث 978،الوسائل 12:157 الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [7]

الجاحد بذلك؟قال:«نعم» (1).

و عن أبي بكر الحضرميّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل لي عليه دراهم فجحدني و حلف عليها،أ يجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقّي؟قال:فقال:«نعم و لهذا كلام»قلت:و ما هو؟قال:«تقول:اللّهمّ إنّي لم آخذه ظلما و لا خيانة،و إنّما أخذته مكان مالي الذي أخذ منّي لم أزد شيئا عليه» (2).

و عن أبي العبّاس البقباق أنّ شهابا ماراه (3)في رجل ذهب له ألف درهم و استودعه بعد ذلك ألف درهم،قال أبو العبّاس:فقلت له:خذها مكان الألف الذي أخذ منك،فأبى شهاب،قال:فدخل شهاب على أبي عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك،فقال:«أمّا أنا فأحبّ إليّ أن تأخذ و تحلف» (4).

و عن عليّ بن مهزيار،قال:أخبرني إسحاق بن إبراهيم (5)أنّ موسى بن

ص:473


1- 1التهذيب 6:349 الحديث 986،الاستبصار 3:51 الحديث 167،الوسائل 12:205 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 6:348 الحديث 982،الاستبصار 3:52 الحديث 168،الوسائل 12:203 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4، [2]في الجميع:لم أزدد،مكان:لم أزد.
3- 3) ماريته و أماريه،مماراة و مراء:جادلته.المصباح المنير:570.
4- 4) التهذيب 6:347 الحديث 979،الاستبصار 3:53 الحديث 174،الوسائل 12:202 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]
5- 5) إسحاق بن إبراهيم الحضينيّ-بالحاء المهملة المضمومة و الضاد المعجمة المفتوحة و الياء المثنّاة من تحت الساكنة و النون و الياء وزان الزبيريّ-عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام و قال:لقي الرضا عليه السلام،و قال المصنّف:جرت الخدمة على يده للرضا عليه السلام،و كان الحسن بن سعيد الذي أوصل إسحاق بن إبراهيم إلى الرضا عليه السلام حتّى جرت [4]nl />الخدمة على يده،و ع [5]ليّ بن مهزيار بعد إسحاق بن إبراهيم،و كان سبب معرفتهم لهذا الأمر،فمنه سمعوا الحديث و به يعرفون،و كذلك فعل لعبد اللّه بن محمّد الحضينيّ،ثمّ قال:هذا جملة ما وصل إلينا في معنى هذا الرجل،و الأقرب قبول قوله.قال المامقانيّ:ما قوّاه العلاّمة من قبول رواية الرجل متين؛لأنّ

عبد الملك (1)كتب إلى أبي جعفر عليه السلام،فسأله عن رجل دفع إليه مالا ليصرفه في بعض وجوه البرّ،فلم يمكنه صرف ذلك المال في الوجه الذي أمره،و قد كان له عليه مال بقدر هذا المال،فسأل هل يجوز لي أن أقبض مالي،أو أردّه عليه و أقبضه (2)؟فكتب:«اقبض مالك ممّا في يديك 3» 4.

و عن عليّ بن سليمان 5،قال:كتب إليه:رجل غصب رجلا مالا أو جارية،ثمّ وقع عنده مال بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه،أ يحلّ له حبسه عليه أم

ص:474


1- 1) موسى بن عبد الملك،قال السيّد الخوئيّ:عدّه البرقيّ من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام و له مكاتبة إلى أبي جعفر عليه السلام رواها إسحاق بن إبراهيم في التهذيب 6:348 الحديث 984 و الاستبصار 3:52 الحديث 170،و روى عن رجل عن الرضا عليه السلام في التهذيب 7:414 الحديث 1659،و الاستبصار 3:243 الحديث 869،قال المامقانيّ:لم نقف فيه على توثيق و لا مدح.تنقيح المقال 3:257،معجم رجال الحديث 20:57،رجال البرقيّ ص 133 رقم 1535.
2- 2) في الاستبصار و التهذيب:اقتضيه.

لا؟فكتب (1):«نعم،يحلّ له ذلك إن كان بقدر حقّه،و إن كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه و يسلّم الباقي إليه إن شاء اللّه» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا تنافي بين هذه الأحاديث؛لأنّ لكلّ منها وجها، فالذي أقوله:إنّ من كان له على رجل مال،فأنكره فاستحلفه على ذلك فحلف، فلا يجوز له أن يأخذ من ماله شيئا على حال؛

لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من حلف فليصدق،و من حلف له[باللّه] (3)فليرض،و من لم يرض، فليس من اللّه في شيء».

و أمّا إذا أنكر المال و لم يستحلفه عليه،ثمّ وقع له عنده مال،جاز له أن يأخذ منه بقدر ماله،بعد أن يقول الكلمات التي ذكرناها،و متى كان له مال فجحده،ثمّ استودعه الجاحد مالا،كره له أن يأخذ منه؛لأنّ هذا يجري مجرى الخيانة و لا يجوز له الخيانة على حال (4).

و الذي قال الشيخ-رحمه اللّه-حسن،و أنّ الجواز أولى،و أنّ الكراهية ثابتة في الوديعة،و أنّ المنع مع الاستحلاف.

مسألة:إذا أودعه الظالم شيئا،

فإن عرف أنّه له،أو لم يعرف أنّه لغيره،فإنّه يجب عليه ردّه عليه مع المطالبة؛لأنّ الأصل:أنّ ما في يد الإنسان ملكه.

قال الصادق عليه السلام:«ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر،و برّ

ص:475


1- 1في التهذيب بزيادة:عليه السلام.قال في ملاذ الأخيار:...و [1]المكتوب إليه صاحب الزمان صلوات اللّه عليه،و لذا لم يذكر اسمه صلوات اللّه عليه.ملاذ الأخيار 10:314. [2]
2- 2) التهذيب 6:349 الحديث 985،الاستبصار 3:53 الحديث 173،الوسائل 12:204 الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث 9. [3]
3- 3) من التهذيب.
4- 4) التهذيب 6:349 الحديث 987،الاستبصار 3:54 ذيل الحديث 175.

الوالدين برّين كانا أو فاجرين،و وفاء العهد للبرّ و الفاجر» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،قال:استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما أصنع بالدنانير،فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له و قلت:أنت أحقّ بها،فقال:«لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة،نؤدّي أمانتهم،و نردّ ضالّتهم،و نقيم الشهادة لهم و عليهم،فإذا تفرّقت الأهواء لم يسع أحد (2)المقام» (3).

و عن عمر بن أبي حفص (4)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اتّقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم،فلو أنّ قاتل عليّ عليه السلام ائتمنني على أداء الأمانة لأدّيتها إليه» (5).

و أمّا إن عرف أنّها لغيره،فإنّه لا يجوز له ردّها على الظالم؛لأنّها ليست ملكه، و يجب عليه ردّها على صاحبها إن عرفه و أمن الضرر،فإن ردّها على الغاصب

ص:476


1- 1الكافي 5:132 الحديث 1، [1]الخصال 3:123 الحديث 118،التهذيب 6:350 الحديث 988، الوسائل 13:221 الباب 2 من أبواب الوديعة الحديث 1. [2]
2- 2) بعض النسخ:أحدا،كما في الوسائل. [3]
3- 3) التهذيب 6:350 الحديث 989،الوسائل 13:224 الباب 2 من أبواب الوديعة الحديث 10. [4]
4- 4) عمر بن أبي حفص،قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه يونس،الكافي 5:133 باب أداء الأمانة الحديث 4،و [5]التهذيب 6:351 الحديث 995،و قال المامقانيّ:عمر بن أبي حفص الكلبيّ ليس له ذكر في كتب الرجال،و إنّما وقفت على نقل بعضهم رواية الكلينيّ و التهذيب و لكنّ فيهما كما عرفت عمر بن أبي حفص من دون وصف الكلبيّ و الموصوف بالكلبيّ هو عمر بن حفص روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه فضالة بن أيّوب.التهذيب 5:218 الحديث 736.فالنقل المذكور لا أساس له.تنقيح المقال 2:339، [6]معجم رجال الحديث 14:15 و 31. [7]
5- 5) الكافي 5:133 الحديث 4، [8]التهذيب 6:351 الحديث 995،الوسائل 13:221 الباب 2 من أبواب الوديعة الحديث 2. [9]

و الحال ما ذكرناه،وجب عليه الضمان؛لتفريطه بأداء مال الغير إلى غير مستحقّه.

و إن لم يعرف صاحبها بعينه،تركها عنده إلى أن يعرفه و يستعمل فيها ما ذكرناه أوّلا،و لا يردّها على الظالم مع التمكّن،فإن خاف على نفسه من منع الظالم منها فى الحالين،جاز له دفعها إليه؛دفعا للضرر.

فرع:

لو كانت مختلطة بمال الغاصب،فإن تميّزت،له منعه منها خاصّة و سلّم إليه ماله،و إن لم تتميّز،وجب دفع الجميع إلى الغاصب؛لأنّه لا أولويّة لمنع (1)الظالم عن الوديعة رعاية لصاحبها على منعه عن ماله رعاية للغاصب.

ص:477


1- 1ع:لدفع،خا:يمنع،مكان:لمنع.
البحث الرابع
اشارة

فيما يجوز للرجل أن يأخذ من مال والده و بالعكس

و ما يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها

مسألة:لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده شيئا على حال إلاّ بإذنه و رضاه،

سواء قلّ أو كثر،لا مختارا و لا مضطرّا،فإن اضطرّ ضرورة يخاف معها التلف،جاز له أن يأخذ من ماله ما يمسك به رمقه،كما يتناول من الميتة،هذا إذا كان الوالد ينفق (1)على الولد بقدر كفايته و يقوم (2)بواجب حقّه؛لأنّ الوالد يجب عليه نفقة الولد مع يسار الوالد و إعسار الولد،سواء كان بالغا أو غير بالغ على ما يأتي؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير و عدم جواز التصرّف فيه بغير إذن المالك،قال اللّه تعالى:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (3).

و روى الشيخ عن عليّ بن جعفر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:

«و لا يصلح أن يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذن والده» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«في كتاب

ص:478


1- 1أكثر النسخ:منفق،مكان:ينفق.
2- 2) أكثر النسخ:يقيم.
3- 3) البقرة(2):188. [1]
4- 4) الاستبصار 3:48 الحديث 159.و بتفاوت في اللفظ ينظر:التهذيب 6:344 الحديث 963، الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [2]

عليّ عليه السلام:لا يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه» (1).

هذا مع عدم الحاجة،إمّا بإيسار الولد أو بإنفاق الوالد،أمّا إذا لم ينفق عليه،فإنّه يجبر على ذلك؛لأنّ الأب يجبر على نفقة الولد المعسر على ما يأتي،فيرفع الولد خبره إلى الحاكم ليجبر الأب على ذلك،فإن لم يكن حاكم،جاز للولد أن يأخذ من مال والده قدر كفايته على الاقتصاد (2)بالمعروف؛لأنّه يجب على الوالد بذل هذا القدر إلى الولد،فإذا امتنع منه،جاز للولد أخذه،كما قلناه في الدين (3)إن (4)امتنع من عليه الدين،جاز له الأخذ من ماله بقدر دينه.

مسألة:و لا يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده البالغ مع الغنى عنه،

و لا مع إنفاق الولد عليه بالمعروف؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير.

و روى الشيخ عن عليّ بن جعفر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأكل من مال ولده؟قال:«لا،إلاّ أن يضطرّ إليه فيأكل منه بالمعروف» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه،قال:«يأكل منه ما شاء من غير سرف» (6).

و هذا يدلّ على جواز التناول مع الحاجة.

ص:479


1- 1التهذيب 6:343 الحديث 961،الاستبصار 3:48 الحديث 157،الوسائل 12:194 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]بتفاوت يسير في اللفظ.
2- 2) ق،خا و ح:على الاقتصار.
3- 3) ينظر تذكرة الفقهاء 14:78. [2]
4- 4) ب:إذا،مكان:إن.
5- 5) التهذيب 6:344 الحديث 963،الاستبصار 3:48 الحديث 159،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 6. [3]
6- 6) التهذيب 6:343 الحديث 961،الاستبصار 3:48 الحديث 157،الوسائل 12:194 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [4]في التهذيب و الوسائل:عن أبي عبد اللّه عليه السلام. [5]

و يدلّ عليه أيضا:

ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه،قال:

«يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الأخبار دلّت على جواز تناول الأب من مال الولد مع الحاجة،فأمّا مع عدم الحاجة،فلا يجوز له التعرّض له،و متى كان محتاجا و قام الولد به و بما يحتاج إليه،فليس له أن يأخذ من ماله شيئا،و ما ورد في الأخبار من الأحاديث الدالّة على الإطلاق للتناول،فإنّه يحمل على هذا التقييد (2)،كما

في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحبّ أن يأخذ منه،قال:«فليأخذ،و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ منه شيئا إلاّ قرضا على نفسها» (3).

قال-رحمه اللّه-:و يدلّ على التقييد أيضا:

ما رواه الحسين بن أبي العلاء،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما يحلّ للرجل من مال ولده؟قال:«قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه»قال:فقلت له:فقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للرجل الذي أتاه فقدّم أباه،فقال:«أنت و مالك لأبيك»؟فقال:«إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:يا رسول اللّه،هذا أبي قد ظلمني ميراثي من أمّي،فأخبره الأب أنّه قد أنفقه عليه و على نفسه،فقال:أنت و مالك لأبيك،و لم يكن عند الرجل شيء، أ فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحبس الأب للابن؟!» (4).

ص:480


1- 1التهذيب 6:344 الحديث 964،الاستبصار 3:49 الحديث 160،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) الاستبصار 3:49.
3- 3) التهذيب 6:344 الحديث 965،الاستبصار 3:49 الحديث 161،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [2]
4- 4) الاستبصار 3:49 الحديث 162،و ينظر أيضا لرواية ابن أبي العلاء:التهذيب 6:344 الحديث 966،و الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [3]

و عن محمّد بن سنان،قال:سألته-يعني أبا عبد اللّه عليه السلام-ما ذا يحلّ للوالد من مال ولده؟قال:«أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئا،فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب،فليس له أن يطأها إلاّ أن يقوّمها قيمة يصير لولده قيمتها عليه»ثمّ قال:«و يعلن ذلك» (1).

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا كان للولد مال و لم يكن لوالده،

جاز له أن يأخذ منه ما يحجّ به حجّة الإسلام،فأمّا حجّة التطوّع،فلا يجوز له أن يأخذ نفقتها من ماله إلاّ بإذنه (2).

و عوّل في ذلك على

ما رواه سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أ يحجّ الرجل من مال ابنه و هو صغير؟قال:«نعم»قلت:يحجّ حجّة الإسلام و ينفق منه؟قال:«نعم بالمعروف»ثمّ قال:«نعم،يحجّ منه و ينفق منه، إنّ مال الولد للوالد،و ليس للولد أن ينفق من مال والده إلاّ بإذنه» (3).

و منع ابن إدريس من ذلك (4).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-:ما يتضمّن هذا الخبر من أنّ للوالد أن ينفق من مال ولده،محمول على ما قلناه من الحاجة الداعية إليه،و امتناع الولد من القيام به على ما دلّت عليه الأخبار المتقدّمة،و ما يتضمّن من أنّ له أن يأخذ ما يحجّ به حجّة الإسلام،محمول على أنّ له أن يأخذ على وجه القرض على نفسه إذا كان قد وجب عليه الحجّ،فأمّا من لم يجب عليه،فلا يلزمه أن يأخذ من مال ولده و يحجّ

ص:481


1- 1التهذيب 6:345 الحديث 968،الاستبصار 3:50 الحديث 163،الوسائل 12:195 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [1]
2- 2) النهاية:360. [2]
3- 3) التهذيب 6:345 الحديث 967،الاستبصار 3:50 الحديث 165،الوسائل 12:195 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4. [3]
4- 4) السرائر:121 و 204-205.

به،و إنّما الحجّ عليه بشرط وجود (1)المال على ما بيّنّاه (2).

و منع ابن إدريس من جواز القرض أيضا؛لأنّه لا يجب عليه الاستدانة ليحجّ بها،إلاّ أنّه لو حجّ لكانت الحجّة مجزئة عمّا وجب و استقرّ في ذمّته،غير أنّه ما ورد عن أصحابنا إلاّ أنّ للوالد أن يشتري من مال ابنه الصغير من نفسه بالقيمة العدل،و لم يرد بأنّ له أن يستقرض المال (3).

و قول ابن إدريس معتضد بالأصل،إلاّ أنّ جواز الاقتراض قريب؛

لقوله عليه السلام:«أنت و مالك لأبيك» (4).

مسألة:إذا كان للولد جارية لم يكن وطئها و لا مسّها بشهوة

قال الشيخ -رحمه اللّه-:يجوز للوالد أن يقوّم جارية ولده على نفسه قيمة عادلة،و يضمن قيمتها في ذمّته و يطأها بعد ذلك إذا لم يكن الابن قد وطئها و لا مسّها بشهوة (5).

و أطلق القول في ذلك:و قيّده في كتاب الاستبصار بالولد الصغير،فجوّز للوالد تقويم جارية الولد الصغير،دون الكبير (6).و هو الذي اختاره ابن إدريس (7).

و الشيخ-رحمه اللّه-عوّل في الإطلاق على

ما رواه محمّد بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن كان للوالد جارية للولد فيها نصيب،فليس له أن يطأها إلاّ أن يقوّمها قيمة يصير لولده قيمتها عليه»ثمّ قال:«و يعلن ذلك»قال:و سألته

ص:482


1- 1في النسخ:وجوب،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) الاستبصار 3:50.
3- 3) السرائر:205.
4- 4) التهذيب 6:344 الحديث 966،الاستبصار 3:49 الحديث 162،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 8. [1]
5- 5) النهاية:360. [2]
6- 6) الاستبصار 3:50-51.
7- 7) السرائر:205.

عن الوالد أ يرزأ (1)من مال ولده شيئا؟قال:«نعم،و لا يرزأ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه،فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية فأحبّ أن يقبضها (2)فليقوّمها على نفسه قيمة ثمّ يصنع بها ما شاء،إن شاء وطئ و إن شاء باع» (3).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن كان له جارية فأراد أن ينكحها قوّمها على نفسه و يعلن ذلك»قال:«و إذا كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسّها الابن» (4).

و عوّل في التقييد على أنّ الأصل:عصمة مال الغير،و عدم جواز تصرّف الغير فيه إلاّ بإذن مالكه،أمّا الطفل الصغير فإنّه يجوز للوالد التقويم عليه؛لأنّه الوليّ عليه و هو القيّم بأمره،فجاز له الاقتراض من ماله و التقويم.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:ما تضمّنته الروايات المطلقة،فإنّها محمولة على أنّه إذا كان الولد صغيرا؛لأنّه الناظر في أمره،فكان بمنزلة الوكيل على ما دلّت عليه رواية ابن سنان،و أمّا رواية إسحاق بن عمّار من أنّه الأحقّ بالجارية ما لم يمسّها الابن، فإنّها تحتمل شيئين:

أحدهما:ما لم يمسّها و إن كان الابن صغيرا مولّى عليه؛لأنّه إن مسّها الابن و هو غير بالغ،حرمت على الأب.

و الآخر:أنّها تحمل على البالغ،و معنى أنّه أملك بها:أنّه الأولى و الأفضل

ص:483


1- 1رزأه،يرزؤه رزءا و مرزئة:أصاب منه خيرا ما كان،و يقال:ما رزأ فلانا شيئا،أي ما أصاب من ماله شيئا و لا نقص منه.لسان العرب 1:85. [1]
2- 2) في التهذيب و الاستبصار:«أن يفتضّها»قال في المصباح المنير:475:فضضت البكارة:أزلتها.
3- 3) التهذيب 6:345 الحديث 968،الاستبصار 3:50 الحديث 163،الوسائل 12:195 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 6:345 الحديث 969،الاستبصار 3:50 الحديث 164،الوسائل 12:198 الباب 79 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [3]

للولد أن يصير إلى ما يريد والده و إن لم يكن ذلك واجبا و لا سببا لتملّك الجارية.

قال:

و ما رواه الحسن بن محبوب،قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام:إنّي كنت وهبت ابنة (1)جارية حيث زوّجتها،فلم تزل عندها و في بيت زوجها حتّى مات زوجها،فرجعت إليّ هي و الجارية،أ فيحلّ لي أن أطأ الجارية؟ قال:«قوّمها قيمة عدل (2)و لتشهد على ذلك،ثمّ إن شئت فطأها» فمحمول على أنّه يقوّمها برضاها؛لأنّ البنت لا تجري مجرى الابن في أنّه تحرم الجارية على الأب في بعض الأوقات إذا وطئها أو نظر منها[إلى] (3)ما لا يحلّ لغير المالك النظر إليه؛ لأنّه مفقود في البنت (4).

و كذا ينبغي أن تحمل الرواية-الصحيحة-

عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام:«و له أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها» (5).

مسألة:إذا كان الأب معسرا و له أولاد موسرون بالغون،

أجبروا على الإنفاق عليه-على ما يأتي-سواء كان الولد واحدا أو أكثر بالسويّة،فإن كان أحدهم معسرا،سقط الإنفاق عنه،و وجبت نفقته على الموسر منهم.

إذا ثبت هذا:فإن امتنعوا من الإنفاق و تعذّر الإجبار،بأن لا يكون هناك حاكم

ص:484


1- 1في المصادر:لابنة،مكان:ابنة.
2- 2) في المصادر:«عادلة»مكان:«عدل».
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) ينظر لقول الشيخ و رواية الحسن بن محبوب:الاستبصار 3:51 ذيل الحديث 165 و الحديث 166.و ينظر أيضا لرواية الحسن بن محبوب التهذيب 6:345 الحديث 970،و الوسائل 12:198 الباب 79 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
5- 5) الكافي 5:135 الحديث 5، [2]التهذيب 6:343 الحديث 961،الاستبصار 3:48 الحديث 157، الوسائل 12:194 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]

يجبرهم على ذلك،جاز له أن يأخذ من مالهم قدر كفايته بالمعروف و قد بيّنّاه (1)، و إذا قاموا به،لم يجز له أن يتعرّض لشيء (2)من أموالهم إلاّ بإذنهم،سواء أخذه قرضا أو غير قرض؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير و تحريمه بغير رضاه.

و إن كانوا صغارا و كانوا موسرين،أنفق الحاكم من مالهم عليه،أو أخذ هو منه قدر كفايته مع الحاجة و الإعسار،و إن كان موسرا،لم يجز له أن ينفق من مالهم شيئا إلاّ على سبيل القرض،و له أن يقترض مال ولده الصغير؛لأنّه الوليّ عليه.

و منع ابن إدريس من ذلك (3).

مسألة:الأمّ إذا كان لها ولد له مال،

لم يجز لها أن تأخذ منه شيئا على حال إلاّ بإذنه إن كان بالغا،و إلاّ فلا،و كذا الولد ليس له أن يأخذ من مالها شيئا إلاّ بإذنها.

فإن كانت معسرة تحتاج إلى النفقة و ليس لها ما تمون به نفسها و للولد مال، أجبر على الإنفاق عليها إن كان بالغا،و أنفق الحاكم من مال الولد إن كان صغيرا على ما يأتي.

إذا ثبت هذا:فهل يجوز لها الاقتراض من ماله؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:

نعم (4)،و منع ابن إدريس من ذلك (5)،و الأقوى قول الشيخ رحمه اللّه.

لنا:أنّها أحد الأبوين،فجاز لها الاقتراض من مال ولدها،كالآخر.و لأنّها أحد العمودين اللذين يجب عليهما الإنفاق،فجاز لها الاقتراض،كالآخر.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:485


1- 1يراجع:ص 479. [1]
2- 2) كثير من النسخ:بشيء.
3- 3) السرائر:205.
4- 4) النهاية:360. [2]
5- 5) السرائر:205.

قال:سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه،قال:«يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها» (1).

و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحبّ أن يأخذ منه،قال:«فليأخذ و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ منه شيئا إلاّ قرضا على نفسها» (2).

احتجّ ابن إدريس:بالأصل (3).

و الجواب:أنّه إنّما يصار إليه مع عدم الدليل،و نحن قد دلّلنا على جوازه.

مسألة:لا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها شيئا،قلّ أم كثر

إلاّ المأدوم إجماعا؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير،

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه» (4).

و قال عليه السلام:«إنّ اللّه حرّم بينكم دماءكم و أموالكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا،في بلدكم هذا» (5).

ص:486


1- 1التهذيب 6:344 الحديث 964،الاستبصار 3:49 الحديث 160،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:344 الحديث 965،الاستبصار 3:49 الحديث 161،الوسائل 12:196 الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث 7. [2]
3- 3) السرائر:205.
4- 4) مسند أحمد 5:72، [3]سنن البيهقيّ 6:100،سنن الدارقطنيّ 3:26 الحديث 92،كنز العمّال 5: 130 الحديث 12357،مسند أبي يعلى 3:140 الحديث 1570،و من طريق الخاصّة،ينظر:الكافي 7:273 الحديث 12، [4]الفقيه 4:67 الحديث 195،عوالي اللآلئ 2:240 الحديث 6، [5]الوسائل 3: 424 الباب 3 من أبواب مكان المصلّي الحديث 1. [6]بتفاوت في الجميع.
5- 5) بهذا اللفظ،ينظر:صحيح البخاريّ 8:198 و ج 5:223،المغني 4:564،الشرح الكبير بهامش المغني 4:582،عوالي اللآلئ 1:161 الحديث 151.و [7]بتفاوت،ينظر:صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:131 الحديث 1685، [8]سنن ابن ماجة 2:1015 الحديث 3055، سنن الدارميّ 2:47، [9]مسند أحمد 1:230، [10]سنن البيهقيّ 5:8.

أمّا المأدوم،فإنّه يجوز لها أن تأخذ منه الشيء اليسير،و تتصدّق به ما لم يؤدّ إلى الإضرار بالزوج،أو لم يمنعها بصريح القول،و هو قول علمائنا،و عن أحمد روايتان:إحداهما:المنع (1).

لنا:

ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة،كان لها أجرها،و له مثله بما كسب،و لها بما أنفقت،و للخازن مثل ذلك من غير أن ينقص من أجورهم شيء» (2).و لم يذكر إذنا.

و عن أسماء (3)أنّها جاءت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:يا رسول اللّه ليس لي شيء إلاّ ما أدخل عليّ الزبير،فهل عليّ جناح أن أرضخ ممّا يدخل عليّ؟ قال:«ارضخي ما استطعت و لا توعي (4)فيوعى عليك» (5).

ص:487


1- 1المغني 4:564،الشرح الكبير بهامش المغني 4:582.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:141،صحيح مسلم 2:710 الحديث 1024،سنن أبي داود 2:131 الحديث 1685، [1]سنن ابن ماجة 2:769 الحديث 2294،سنن الترمذيّ 3:58 الحديث 671، [2]سنن النسائيّ 5:65،مسند أحمد 6:44، [3]سنن البيهقيّ 4:192،المصنّف لابن أبي شيبة 5:243 الحديث 1، [4]المصنّف لعبد الرزّاق 4:148 الحديث 7275،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:148 الحديث 3347،مسند أبي يعلى 7:320 الحديث 4359،كنز العمّال 16:405 الحديث 45123،الجامع الصغير للسيوطيّ:22،مجمع الزوائد 3:137-138.
3- 3) أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوّام،و هي أمّ عبد اللّه بن الزبير،و كان إسلامها قديما بمكّة و أسلمت بعد سبعة عشر إنسانا و هاجرت إلى المدينة و هي حامل بعبد اللّه بن الزبير فوضعته بقباء،قيل:ولدت للزبير عبد اللّه و عروة و المنذر،ثمّ إنّ الزبير طلّقها و كانت عند ابنها عبد اللّه و عاشت إلى أن ولي ابنها عبد اللّه و طال عمرها و بقيت إلى أن قتل ابنها عبد اللّه سنة 73 ه،ماتت و لها مائة سنة، روى عنها عبد اللّه بن عبّاس و ابنها عروة و عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير و غيرهم.أسد الغابة 5:392، [5]الإصابة 4:229، [6]الاستيعاب [7]بهامش الإصابة 4:232. [8]
4- 4) أي لا تجمعي و تشحّي بالنفقة،فيشحّ عليك،و تجازى بتضييق رزقك.النهاية لابن الأثير 5:208. [9]
5- 5) صحيح مسلم 2:714 الحديث 1029،سنن أبي داود 2:133 الحديث 1699 [10] فيه بتفاوت،سنن

و أتت امرأة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:يا رسول اللّه إنّا كلّ (1)على أزواجنا و آبائنا فما يحلّ لنا من أموالهم؟فقال:«الرطب تأكلنه و تهدينه» 2.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن بكير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟قال:

«المأدوم» 3.

و لأنّ العادة قاضية بالسماح بذلك و الرضا ببذله،و طيب النفس عنه،فجرى مجرى صريح الإذن،كما لو قدّم طعامه للأكل،فإنّه يقوم مقام الإذن في تناوله.

احتجّ أحمد:

بما رواه أبو أمامة الباهليّ،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لا تنفق المرأة[شيئا] 4من بيتها إلاّ بإذن زوجها»قيل:يا رسول اللّه و لا الطعام؟قال:«ذاك أفضل أموالنا 5» 6.

و لأنّ الأصل عصمة مال الغير.

ص:488


1- 1) الكلّ:الذي هو عيال و ثقل على صا [1]حبه،الذكر و الأنثى في ذلك سواء و ربّما جمع على الكلول في الرجال و النساء.لسان العرب 11:594.

و الجواب عن الأوّل:بضعف الرواية مع معارضتها بما (1)تقدّم من الأحاديث (2).

و عن الثاني:أنّ الأصل يصار إليه مع عدم الدليل على خلافه،أمّا مع وجوده فلا.

فروع:
الأوّل:لو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته،

كجاريته أو ابنته أو أخته، أو أمّه أو غلامه المتصرّف في بيت سيّده،قال بعض الجمهور:يكون حكمه حكم الزوجة؛لوجود المعنى فيه (3).

و الوجه عندي:المنع من ذلك؛عملا بالأصل السالم عن معارضة النصّ، و القياس ضعيف.

الثاني:المرأة الممنوعة من التصرّف في طعام الرجل،لا يجوز لها الصدقة

بشيء من ماله،

و كذا المتصرّفة فيه إذا منعها من الصدقة؛لأنّ صريح الإذن أقوى دلالة من العادة و شاهد الحال.

الثالث: في عدم جواز المرأة لها أن تعطي من بيت زوجها عن غير إذنه

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن المرأة لها أن تعطي من بيت زوجها عن غير (4)إذنه؟ قال:«لا،إلاّ أن يحلّلها» (5).

ص:489


1- 1أكثر النسخ:لما،مكان:بما.
2- 2) يراجع:ص 486. [1]
3- 3) المغني 4:565،الشرح الكبير بهامش المغني 4:582.
4- 4) في المصدر:بغير،مكان:عن غير.
5- 5) التهذيب 6:346 الحديث 974،الوسائل 12:200 الباب 82 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [2]

و هو محمول على المنع ممّا يضرّ به،أو يحمل التحليل على ما يعمّ اللفظ و شاهد الحال.

مسألة:لا يجوز للرجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا إلاّ بإذنها؛

عملا بالأصل الدالّ على عصمة مال الغير.

إذا ثبت هذا:فإذا أباحته حلّ له بحسب ما أباحته،و إن وهبته شيئا،كان حلالا له طلقا.

روى الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به،و قالت له حين دفعت إليه:

أنفق منه،فإن حدث بك حادث فما أنفقت منه لك حلال طيّب،و إن حدث بي حدث،فما أنفقت منه لك حلال،فقال:«أعد عليّ يا سعيد»فلمّا ذهبت أعيد عليه [المسألة] (1)،عرض فيها صاحبها و كان معي،فأعاد عليه مثل ذلك،فلمّا فرغ،أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة و قال:«يا هذا إن كنت تعلم أنّها قد أوصت بذلك إليك فيما بينك و بينها و بين اللّه تعالى فحلال طيّب»ثلاث مرّات ثمّ قال:«يقول اللّه تعالى في كتابه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (2)» (3).

مسألة:و لو دفعت إليه مالا و شرطت له الانتفاع به،

صحّ له التصرّف فيه،فإن شرطت له شيئا (4)من الربح و لها الباقي،فكان قراضا (5)،و إن شرطت جميع الربح له كان قرضا عليه،و إن شرطت الربح لها بأجمعه،كان بضاعة.

ص:490


1- 1أثبتناها من الوسائل. [1]
2- 2) النساء(4):4. [2]
3- 3) التهذيب 6:346 الحديث 971،الوسائل 12:199 الباب 80 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [3]
4- 4) في«ب»شيء،مكان شيئا،و قد يقرأ بشيء.
5- 5) القراض:المضاربة في لغة أهل الحجاز،يقال:قارضه يقارضه قراضا و مقارضة.النهاية لابن الأثير 4:41. [4]

إذا عرفت هذا:فإذا دفعت إليه مالا ليتّجر به،كره له أن يشتري بذلك المال جارية يطأها؛لأنّه يرجع بالغمّ عليها.

روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن هشام و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له:اعمل به و اصنع به ما شئت،أله أن يشتري الجارية يطأها؟قال:«لا،ليس له ذلك» (1).

و عن حفص بن البختريّ،عن الحسين بن المنذر (2)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:دفعت إليّ امرأتي مالا أعمل به،فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال:فقال:«لا،أرادت أن تقرّ عينك و تسخن عينها؟» (3).

إذا عرفت هذا:فلو أذنت في شراء الجارية للوطي زالت الكراهية قطعا.

ص:491


1- 1التهذيب 6:346 الحديث 975،الوسائل 12:200 الباب 81 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1. [1]
2- 2) الحسين بن المنذر بن أبي طريفة البجليّ ابن عمّ محمّد بن عليّ بن النعمان مؤمن الطاق،قال النجاشيّ في ترجمة محمّد بن عليّ بن النعمان:روى الحسين بن منذر عن عليّ بن الحسين و أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهم السلام،و عدّه الشيخ في رجاله من دون ذكره جدّه من أصحاب الباقر عليه السلام و من أصحاب الصادق عليه السلام قائلا:الحسين بن المنذر بن أبي طريفة البجليّ كوفيّ، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:روى الكشّيّ عن الصادق أنّه من فراخ-أي من ولد الشيعة-أو قراح-أي الخالص الذي لا يشوبه شيء-الشيعة،قال:و هذه الرواية لا تثبت عندي عدالته لكنّها مرجّحة لقبول قوله،قال السيّد الخوئيّ:الرواية ضعيفة بمحمّد بن سنان على أنّ راويها الحسين بن منذر نفسه فلا يمكن الاستدلال بها على حسن الرجل مع أنّه لا دلالة فيها على الحسن على إحدى النسختين فإنّ كونه من فراخ الشيعة لا يلزمه الحسن.رجال النجاشيّ:325،رجال الطوسيّ:115،169،رجال الكشّيّ:371، [2]رجال العلاّمة:50، [3]تنقيح المقال 1:346، [4]معجم رجال الحديث 7:102. [5]
3- 3) التهذيب 6:347 الحديث 976،الوسائل 12:200 الباب 81 من أبواب ما يكتسب به الحديث 2. [6]

ص:492

خاتمة هذا المقصد
اشارة

و هي تشتمل على فصول

فصل:

ينبغي ترك الحرص الكثير،

و أن يسعى الإنسان في طلب رزقه بقدر الحاجة؛ لما في ذلك من الاشتغال عن اللّه تعالى.

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع:ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي (1)أنّه لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها،فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و أجملوا (2)في الطلب،[و] (3)لا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية اللّه تعالى،فإنّ اللّه تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا، و لم يقسمها حراما،فمن اتّقى اللّه عزّ و جلّ و صبر،أتاه برزقه من حلّه،و من هتك حجاب الستر و عجّل فأخذه من غير حلّه،قصّ (4)من رزقه الحلال،و حوسب عليه يوم القيامة» (5).

و عن ابن فضّال،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليكن طلبك

ص:493


1- 1في روعي:أي في نفسي و خلدي.النهاية لابن الأثير 2:277. [1]
2- 2) أي لا يكون كدّكم فيه كدّا فاحشا.مجمع البحرين 5:342. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) أكثر النسخ:قصّ به.
5- 5) التهذيب 6:321 الحديث 880،الوسائل 12:27 الباب 12 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [3]

المعيشة فوق كسب المضيّع،و دون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئنّ إليها، و لكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة النصف (1)المصنف (2)،ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف،و تكسب ما لا بدّ للمؤمن منه،إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا، لا مال لهم» (3).

و عن ابن جمهور (4)،عن أبيه رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان

ص:494


1- 1النّصف و النّصفة و الإنصاف:إعطاء الحقّ.لسان العرب 9:332. [1]
2- 2) في المصدر:«المتعفّف»مكان:«المصنف».
3- 3) التهذيب 6:322 الحديث 882،الوسائل 12:30 الباب 13 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [2]
4- 4) محمّد بن جمهور العمّيّ-بالعين المفتوحة و الميم المشدّدة-قال المامقانيّ:و ما في بعض النسخ من إبداله بالقمّيّ غلط لتصريح النجاشيّ في ترجمة ابنه الحسن بن محمّد بن جمهور العمّيّ بأنّه ينسب إلى بني العمّ من تميم،قال النجاشيّ:ضعيف في الحديث فاسد المذهب،و قيل فيه أشياء،اللّه أعلم بها من عظمها،روى عن الرضا عليه السلام و له كتب،و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا عليه السلام و قال:عربيّ بصريّ غال،و أخرى في باب من لم يرو عنهم،و قال:محمّد بن الحسن بن جمهور العمّي روى سعد عن أحمد بن الحسين بن سعيد عنه،و قال في الفهرست: [3]محمّد بن الحسن بن جمهور العمّيّ البصريّ له كتب جماعة..أخبرنا برواياته و كتبه كلّها إلاّ ما كان فيها من غلوّ أو تخليط جماعة عن أبي جعفر بن بابويه عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين بن سعيد عنه،قال السيّد الخوئيّ:لا شكّ في اتّحاد محمّد بن جمهور الذي عنونه النجاشيّ مع محمّد بن الحسن بن جمهور الذي ذكره الشيخ..لاستبعاد أن يكونا رجلين في طبقة واحدة لكلّ منهما كتاب،و لأنّ من عنونه الشيخ لو كان مغايرا لمن عنونه النجاشيّ كان اللازم أن يذكره،و لأنّ راوي كتاب محمّد بن جمهور في أحد طريقي النجاشيّ أحمد بن الحسين بن سعيد،و هو بعينه الراوي لكتابه في أحد طريقي الشيخ،ثمّ قال:الظاهر أنّ الرجل ثقة و إن كان فاسد المذهب لشهادة عليّ بن إبراهيم بن هاشم بوثاقته،غاية الأمر أنّه ضعيف في الحديث لما في رواياته من تخليط و غلوّ،و قد ذكر الشيخ أنّ ما يرويه من رواياته فهي خالية من الغلوّ و التخليط،و عليه فلا مانع من العمل بما رواه الشيخ من رواياته.رجال النجاشيّ:331،رجال الطوسيّ:387 و 512،الفهرست:146، [4]تنقيح المقال 2:96 باب الميم، [5]معجم رجال الحديث 16:189-191. [6]

أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما يقول:اعلموا علما يقينا أنّ اللّه تعالى لم يجعل للعبد-و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته و كثرت مكابدته (1)-أن يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم،فلم يحل بين العبد في ضعفه و قلّة حيلته أن يبلغ ما سمّي له في الذكر الحكيم،أيّها الناس إنّه لن يزداد امرؤ نقيرا (2)بحذقه،و لن ينقص امرؤ نقيرا بحذقه (3)،فالعالم بهذا العامل (4)به أعظم الناس راحة في منفعة،و العالم بهذا التارك له،أعظم الناس شغلا في مضرّة،و ربّ منعم عليه مستدرج بالإحسان إليه،و ربّ معذور في الناس مصنوع له،فارفق (5)أيّها الساعي من سعيك،و اقصر من عجلتك، و انتبه من سنة غفلتك،و تفكّر فيما جاء عن اللّه عزّ و جلّ على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله،و احتفظ بهذه الحروف السبعة،فإنّها من قول أهل الحجى و من عزائم اللّه في الذكر الحكيم،إنّه ليس لأحد أن يلقى اللّه عزّ و جلّ بخلّة من هذه الخلال:الشرك باللّه فيما افترض عليه،أو شفاء غيظه بهلاك نفسه،أو أمر بأمر (6)يعمل بغيره،أو استنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه،أو سرّه أن يحمده الناس بما يفعل، و المتجبّر المختال،و صاحب الأبّهة (7)» (8).

ص:495


1- 1ب:«مكايدته»،ر:«مكايدته».الكبد:الشدّة،كابدت الأمر،إذا قاسيت شدّته.الصحاح 2:530. [1]
2- 2) النّقير:النقرة التي في ظهر النواة.الصحاح 2:835. [2]
3- 3) أكثر النسخ:«بغير الحدقة»في الموضعين،مكان:«نقيرا بحذقه»و في التهذيب:نقيرا بعمقه،و في الوسائل: [3]لحمقه.
4- 4) في النسخ:«العاقل»و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) في التهذيب:«فأفق»و في الوسائل:« [4]فابق»و في نسخة منه:«فاتّق اللّه».
6- 6) في النسخ:«أن يأمر»مكان:«أو أمر بأمر»،و ما أثبتناه من المصادر.
7- 7) الأبّهة:العظمة و الكبر.لسان العرب 13:466.
8- 8) التهذيب 6:322 الحديث 883،الوسائل 12:30 الباب 13 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4. [5]
فصل: في قول أبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ اللّه تعالى وسّع أرزاق الحمقى؛

روى الشيخ عن عبد اللّه بن سليمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

«إنّ اللّه تعالى وسّع أرزاق الحمقى؛لتعتبر العقلاء و يعلموا أنّ الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة» (1).

و عن أبي حمزة الثماليّ،قال:ذكر عند عليّ[بن الحسين] (2)عليه السلام غلاء السعر،فقال:«و ما عليّ من غلائه،إن غلا فهو عليه،و إن رخص فهو عليه» (3).

فصل:

قد بيّنّا استحباب الطلب و السعي

(4)،و قد يجب مع الحاجة إليه،و لا ينبغي ترك التجارة.

روى الشيخ عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل قال:

لأقعدنّ في بيتي و لأصلّينّ و لأصومنّ و لأعبدنّ ربّي عزّ و جلّ،فأمّا رزقي فسيأتيني،قال (5)أبو عبد اللّه عليه السلام:«هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم» (6).

و عن أيّوب،أخي أديم،بيّاع الهرويّ،قال:كنّا جلوسا عند أبي عبد اللّه

ص:496


1- 1التهذيب 6:322 الحديث 884،الوسائل 12:30 الباب 13 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 6:321 الحديث 881،الوسائل 12:36 الباب 16 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [2]
4- 4) يراجع:ص 273.
5- 5) في المصدر:فقال.
6- 6) التهذيب 6:323 الحديث 887،الوسائل 12:14 الباب 5 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [3]

عليه السلام إذ أقبل العلاء بن كامل (1)[فجلس] (2)قدّام أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال:أدع اللّه عزّ و جلّ أن يرزقني في دعة (3)،فقال:«لا أدعو لك أطلب كما أمرك اللّه تعالى» (4).

و عن معلّى بن خنيس (5)،عن أبيه،قال:سأل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل و أنا عنده،قيل:أصابته الحاجة قال:«فما يصنع اليوم؟»قيل:في البيت يعبد ربّه عزّ و جلّ،قال:«فمن أين قوته؟»قيل:من عند بعض إخوانه،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و اللّه،الذي يقوته أشدّ عبادة منه» (6).

و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من طلب الدنيا استعفافا عن

ص:497


1- 1العلاء بن كامل بيّاع السابريّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا،و لم أقف فيه على مدح يدرجه في الحسان،قال الأردبيليّ:و في نسخة أصحّ:علاء بن كاهل،و يظهر من المامقانيّ و السيّد الخوئيّ اتّحاد العلاء بن كامل و ابن كاهل، و علاء بن كامل بن العلاء التمّار الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.رجال الطوسيّ:245 و 268،جامع الرواة 1:543، [1]تنقيح المقال 2:257، [2]معجم رجال الحديث 12: 192 و 195. [3]
2- 2) أثبتناه من المصدر.
3- 3) الدعة:و هي الراحة و خفض العيش و الهاء عوض من الواو.المصباح المنير:653. [4]
4- 4) التهذيب 6:323 الحديث 888،الوسائل 12:10 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [5]
5- 5) معلّى بن خنيس عن أبيه،كذا في النسخ،و في المصادر:سليمان بن المعلّى بن خنيس،و هو الصحيح لعدم رواية خنيس عن الصادق عليه السلام،فالرواية عن معلّى رواها ابنه عنه،و سليمان بن المعلّى بن خنيس ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة،و نقل عن ابن الغضائريّ أنّه ضعيف، و قال المامقانيّ:ظاهر الوحيد التأمّل في تضعيف ابن الغضائريّ و هو و إن كان كذلك إلاّ أنّه لا نتيجة لردّ تضعيفه لخروج الرجل حينئذ عن برج الضعف إلى برج الجهالة،روى عن أبيه و روى عنه أبو طالب الشعرانيّ.الكافي 5:78 باب الحثّ على طلب الرزق الحديث 4، [6]التهذيب 6:324 الحديث 889، رجال العلاّمة:225، [7]تنقيح المقال 2:65 من أبواب السين، [8]معجم رجال الحديث 9:292. [9]
6- 6) التهذيب 6:324 الحديث 889،الوسائل 12:14 الباب 5 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [10]

الناس،و سعيا على أهله،و تعطّفا على جاره،لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر» (1).

و عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:العبادة سبعون جزءا أفضلها:طلب الحلال» (2).

و عن هشام الصيدلانيّ (3)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم» (4).

فصل: في استحباب طلب الرزق

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد الأعلى مولى آل سام (5)،قال:استقبلت أبا عبد اللّه عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحرّ،فقلت:

جعلت فداك حالك عند اللّه عزّ و جلّ و قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنت تجهد نفسك في[مثل] (6)هذا اليوم!؟فقال:«يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك» (7).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول:ما كنت أرى أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام

ص:498


1- 1التهذيب 6:324 الحديث 890،الوسائل 12:11 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 6:324 الحديث 891،الوسائل 12:11 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 6. [2]
3- 3) في التهذيب و نسخة من الوسائل: [3]صيدنانيّ،و قد مرّ بيان الاختلاف في اسمه في ص 299.
4- 4) التهذيب 6:324 الحديث 892،الوسائل 12:14 الباب 5 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4. [4]
5- 5) تقدّم بعنوان:عبد الأعلى بن أعين العجليّ في الجزء الأوّل ص 233،و آل سام أهل بيت من بيوت الكوفة و طائفة منهم لا بطن من بطون العرب،و يظهر من المامقانيّ اتّحادهما.تنقيح المقال 2:132. [5]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 6:324 الحديث 893،الوسائل 12:10 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [6]

يدع خلفا أفضل من عليّ بن الحسين (1)عليهم السلام حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ عليهما السلام،فأردت أن أعظه،فوعظني،فقالوا (2)له أصحابه:بأيّ شيء وعظك؟قال:خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام،و كان رجلا بادنا ثقيلا و هو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين،فقلت في نفسي:سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال (3)في طلب الدنيا!أما (4)لأعظنّه،فدنوت منه فسلّمت عليه فردّ عليّ بنهر (5)و هو يتصابّ عرقا،فقلت:أصلحك اللّه،شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال (6)في طلب الدنيا!!أ رأيت لو جاء أجلك و أنت على هذه الحال 7ما كنت تصنع؟فقال:«لو جاءني الموت و أنا في هذا الحال،جاءني و أنا في طاعة من طاعات اللّه عزّ و جلّ،أكفّ بها نفسي و عيالي عنك و عن الناس، و إنّي كنت أخاف أن لو جاءني الموت و أنا على معصية من معاصي اللّه عزّ و جلّ» فقلت:صدقت يرحمك اللّه،أردت أن أعظك فوعظتني (7).

ص:499


1- 1في الوسائل: [1]منه،مكان:من عليّ بن الحسين،كما في الكافي 5:73 الحديث 1. [2]
2- 2) في المصدر:«فقال»مكان:«فقالوا».
3- 3) ب:الحالة.
4- 4) في المصدر بزيادة:إنّي.
5- 5) نهرته نهرا:زجرته.المصباح المنير:628.و في بعض النسخ:بنهي و في التهذيب و نسخة من الوسائل:« [3]ببهر».البهر-بالضم-:ما يعتري الإنسان عند السعي الشديد و العدو من النهيج و تتابع النّفس.النهاية لابن الأثير 1:165. [4]
6- 6 و 7) ب:الحالة.
7- 8) التهذيب 6:325 الحديث 894،الوسائل 12:9 الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [5]
فصل: في أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده

روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي أسامة زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده» (1).

فصل: معنى الزهد

روى إسماعيل بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا تحريم الحلال،بل الزهد فيها أن لا تكون بما في يدك أوثق بما عند اللّه عزّ و جلّ» (2).

و هذا الحديث صحيح؛لأنّ اللّه تعالى (3)أنكر على من حرّم الحلال،فقال:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (4).

و قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ (5)و ذلك ينافي الزهد.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن أبي يعفور،قال:قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا (6)لنطلب الدنيا و نحبّ أن نؤتى بها،قال:فقال:«تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟»قال (7):أعود بها على نفسي و عيالي،و أصل منها و أتصدّق (8)و أحجّ و أعتمر،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس هذا طلب الدنيا،هذا طلب

ص:500


1- 1التهذيب 6:325 الحديث 895،الوسائل 12:22 الباب 9 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 6:327 الحديث 899،الوسائل 12:20 الباب 8 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 2. [2]
3- 3) ب:عزّ و جلّ،مكان:تعالى.
4- 4) الأعراف(7):32. [3]
5- 5) التحريم(66):1. [4]
6- 6) في المصدر:و اللّه إنّا.
7- 7) أكثر النسخ:قلت،مكان:قال.
8- 8) أكثر النسخ:فأتصدّق.

الآخرة» (1).

فصل: في قول رسول الله ص منهومان لا يشبعان:منهوم دنيا،و منهوم علم

روى الشيخ عن سليم (2)بن قيس الهلاليّ،قال:سمعت عليّا عليه السلام يقول:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:منهومان لا يشبعان:منهوم دنيا،و منهوم علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ اللّه له،سلم،و من تناولها من غير حلّها،هلك،إلاّ أن يتوب و يراجع،و من أخذ العلم من أهله و عمل به،نجا و من أراد به الدنيا فهي حظّه» (3).

فصل: قول أبي عبد الله ص سر أخاك يسرك الله

روى الشيخ-رحمه اللّه-عن ابن جمهور و غيره من أصحابنا،قال:كان النجاشيّ (4)-و هو رجل من الدهاقين-عاملا على الأهواز و فارس،فقال بعض

ص:501


1- 1التهذيب 6:327 الحديث 903،الوسائل 12:19 الباب 7 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 3. [1]
2- 2) أكثر النسخ:مسلم،و في ع:محمّد بن مسلم،و الصحيح ما أثبتناه،و قد مرّت ترجمته في الجزء الثامن:ص 562.
3- 3) التهذيب 6:328 الحديث 906،الوسائل 12:21 الباب 8 من أبواب مقدّمات التجارة الحديث 4. [2]
4- 4) عبد اللّه بن النجاشيّ بن غنيم بن سمعان أبو بجي [3]ر-بضم الباء الموحدة و فتح الجيم و الراء المهملة وزان زبير-الأسديّ النصريّ،يروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام رسالة منه إليه،و قد ولي الأهواز من قبل المنصور،قاله النجاشيّ،و ذكره في ترجمة نفسه أنّه من أجداده و كتب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله،و كتب إليه رسالة عبد اللّه بن النجاشيّ المعروفة،و لم ير لأبي عبد اللّه عليه السلام مصنّف غيره. و كلام النجاشيّ خال عن توثيقه و مدحه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:روى الكشّيّ حديثا يدلّ على أنّه كان يرى رأي الزيديّة ثمّ رجع إلى القول بإمامة الصادق عليه السلام، و المامقانيّ بعد ما نقل تضعيفه عن بعض و توثيقه عن العلاّمة و ابن داود،قال:فتلخّص من ذلك كلّه أنّ

أهل عمله لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ في ديوان النجاشيّ عليّ خراجا،و هو ممّن يدين بطاعتك،فإن رأيت أن تكتب إليه كتابا،قال:فكتب إليه كتابا:«بسم اللّه الرحمن الرحيم سرّ أخاك يسرّك اللّه».فلمّا ورد عليه الكتاب و هو في مجلسه،فلمّا خلا،ناوله الكتاب و قال:هذا كتاب أبي عبد اللّه عليه السلام،فقبّله و وضعه على عينيه ثمّ قال:ما حاجتك؟فقال:عليّ خراج في ديوانك،فقال:كم هو؟قال:عليّ عشرة آلاف درهم،قال:فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه،ثمّ أخرج مثله فأمره أن يثبتها له لقابل،ثمّ قال له:هل سررتك؟قال:نعم،قال:فأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى فقال له:هل سررتك؟فقال:نعم،جعلت فداك،فأمر له بمركب،ثمّ أمر له بجارية و غلام و تخت 1ثياب في كلّ ذلك يقول:هل سررتك؟فكلّما قال:نعم، زاده حتّى فرغ،قال له:احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي فيه،و ارفع إليّ جميع حوائجك،قال:ففعل،و خرج الرجل فصار إلى أبي عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك فحدّثه بالحديث على جهته،فجعل يبشّ 2بما

ص:502

فعله،قال له الرجل:يا ابن رسول اللّه فإنّه (1)قد سرّك ما فعل بي؟قال:«إي و اللّه لقد سرّ اللّه و رسوله» (2).

و عن أحمد بن زكريّا الصيدلانيّ (3)،عن رجل من بني حنيفة من أهل بست (4)و سجستان (5)،قال:رافقت أبا جعفر[الجواد] (6)عليه السلام في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم (7)،فقلت له-و أنا معه على المائدة و هناك جماعة من أولياء السلطان-:إنّ والينا-جعلت فداك-رجل يتولاّكم أهل البيت و يحبّكم، و عليّ في ديوانه خراج،فإن رأيت-جعلني اللّه فداك-أن تكتب إليه بالإحسان إليّ،فقال:لا أعرفه،فقلت:جعلت فداك إنّه على ما قلت:من محبّيكم أهل البيت و كتابك ينفعني عنده،فأخذ القرطاس فكتب:«بسم اللّه الرحمن الرحيم،أمّا بعد فإنّ

ص:503


1- 1في التهذيب و الوسائل:كأنّه.
2- 2) التهذيب 6:333 الحديث 925،الوسائل 12:142 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 13. [1]
3- 3) أحمد بن زكريّا الصيدلانيّ روى عن رجل من بني حنيفة من أهل بست و سجستان،و روى عنه السيّاريّ الكافي 5:111 باب شرط من أذن له في أعمالهم الحديث 6،و [2]التهذيب 6:334 الحديث 926.معجم رجال الحديث 2:126. [3]
4- 4) بست-بالضمّ-:مدينة بين سجستان و غزنين و هراة،قال ياقوت الحموي:و أظنّها من أعمال كابل و هي كثيرة الأنهار و البساتين إلاّ أنّ الخراب فيها ظاهر.معجم البلدان 1:414. [4]
5- 5) سجستان-بكسر أوّله و ثانيه و سين أخرى مهملة و تاء مثنّاة من فوق آخره نون-و هي ناحية كبيرة و ولاية واسعة و ذهب بعضهم إلى أنّ سجستان اسم للناحية و أنّ اسم مدينتها زرنج،و بينها و بين هراة عشرة أيّام ثمانون فرسخا.معجم البلدان 3:190. [5]
6- 6) زيادة من التهذيب.
7- 7) محمّد بن هارون الرشيد بن المهديّ بن المنصور أبو إسحاق المعتصم باللّه العبّاسيّ،خليفة من أعاظم خلفاء الدولة العبّاسيّة،بويع له بالخلافة سنة 218 ه بعد وفاة أخيه المأمون و بعهد منه،فاتح عموريّة من بلاد الروم الشرقيّة،و هو باني مدينة سامرّاء سنة 222 ه حين ضاقت بغداد بجنده،مات بسامراء و عمره 48 سنة.أعلام الزركليّ 7:127. [6]

موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا،و إنّ ما لك من أعمالك إلاّ ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ يسألك عن مثاقيل الذرّ و الخردل».فلمّا وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد اللّه النيشابوريّ (1)و هو الوالي، فاستقبلني من المدينة على فرسخين،فدفعت إليه الكتاب،فقبّله و وضعه على عينيه،ثمّ قال لي:ما حاجتك؟فقلت:خراج عليّ في ديوانك،قال:فأمر بطرحه عنّي و قال:لا تؤدّ خراجا ما دام لي عمل،ثمّ سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي و لهم بما يقوتنا و فضلا،فما أدّيت في عمله خراجا ما دام حيّا و لا قطعني صلته حتّى مات (2).

تمّ الجزء السادس (3)من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»و يتلوه في الجزء السابع:المقصد الثاني في عقد البيع و شروطه،و الحمد للّه وحده،و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله (4).فرغت من تسويده حادي عشر جمادى الآخرة سنة ثمان و ثمانين و ستّمائة،و كتبه حسن بن يوسف بن المطهّر-مصنّف الكتاب- راجيا مغفرة اللّه،حامدا للّه على نعمائه،و الحمد للّه ربّ العالمين (5).

ص:504


1- 1الحسين بن عبد اللّه النيشابوريّ لم نعثر عليه في كتب التراجم و يظهر من الرواية التي رواها الكلينيّ 5:111 الحديث 6 و [1]الشيخ في التهذيب 6:334 الحديث 926 أنّه والي سجستان و أنّه من موالي أهل البيت عليهم السلام و كان محمودا عند الإمام الجواد عليه السلام.
2- 2) التهذيب 6:334 الحديث 926،الوسائل 12:141 الباب 46 من أبواب ما يكتسب به الحديث 11. [2]
3- 3) حسب تصنيف المصنّف،و هو الجزء الخامس عشر في طبعتنا هذه.
4- 4) خا و ق:بزيادة:أجمعين الطيّبين الطاهرين.
5- 5) من جملة:حامدا،إلى آخر،توجد في نسخة«ع»فقط.

الفهارس العامّة

اشارة

فهرس الآيات الكريمة

فهرس الأدعية

فهرس الأحاديث

فهرس الأماكن

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

فهرس الكتب

فهرس الأسماء المقدّسة

فهرس الأعلام

فهرس الموضوعات

ص:505

ص:506

فهرس الآيات الكريمة

«حرف الألف»

أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ (المائدة:42)462

أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (البقرة:159)250

اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (آل عمران:173)263

اَلَّذِينَ كَفَرُوا (محمّد:4)28

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ (النّساء:60)247

اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (المائدة:45)29

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ (الأحزاب:72)435

إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ (الأنعام:57،يوسف:40 و 67)207

إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (التّوبة:103)173

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى (البقرة:159)250

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (النّساء:58)398

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الحجرات:9)169

إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (محمّد:7)255-256

إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ (المائدة:90).351،376،377

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ (الشورى:42)236،242

إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ (التوبة:28)99،102

ص:507

إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ (المائدة:91)376

أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ (القصص:27)436

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة:1)144،150

«حرف الباء»

بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (التّوبة:1)118

تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (المائدة:2)362

«حرف الحاء»

حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (محمد:4)28

حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (الحجرات:9)28،169

حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (التّوبة:29).37،38،42،61،62،69،74،77، 81،84،125

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ (المائدة:3)349

«حرف الخاء»

خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف:199)235

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها (التّوبة:103)173

«حرف الذال»

ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (المائدة:78)230

«حرف الراء»

رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ (البقرة:201)273

ص:508

«حرف السين»

سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (الإسراء:1)99

«حرف الفاء»

فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ (التوبة:11)27

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (التوبة:5)118،119

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء:88)264

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (الرّوم:60)221

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ... وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (التوبة:5)27،26،120

فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (محمد:4)28

فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (الملك:15)273

فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (الحجرات:9)169،170

فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (المائدة:42)160،161

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (النّساء:4)490

فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (التوبة:4)115،150

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (الحجرات:9)177

فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ (آل عمران:174)263

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ (التوبة:2)118

فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (محمّد:4)28

فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (الحجرات:9)170،191

فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللّهُ مَعَكُمْ (محمّد:35)118

فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التّوبة:28)101

فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ

ص:509

يَحْذَرُونَ (التّوبة:122)250

فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ (التّوبة:7)151

فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (البقرة:194)192

فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (غافر:45)263

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ (البقرة:79)166

فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ (البقرة:102)387

«حرف القاف»

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ (التّوبة:29)15،27

قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ (الإسراء:110)299

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (الفلق:1-2)386

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (الأنفال:38)74

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (الأعراف:32)499

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (الكهف:103)181

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (التّحريم:6)269

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (آل عمران:110)230

«حرف اللام»

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (الزّمر:65)222

لا تَخُونُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الأنفال:27)395

فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (الممتحنة:10)134

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (النّساء:114)231،314

ص:510

لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ (هود:43)302

لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (الأنعام:158)27

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ (المائدة:78)230،231

«حرف الميم»

مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (التّوبة:29)31

«حرف الواو»

وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (الممتحنة:10)135،136

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (البقرة:48)15

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (الحديد:19)262

وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (الأنفال:58)88،153

وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما (لقمان:15)218

وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (الأنفال:61)115،122

وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (المائدة:42)162

وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ (النّساء:35)178

وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (التّوبة:28)99

وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (الحجرات:9)28،169

وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (الأحزاب:72)435

وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (الأنفال:5)170

وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (البقرة:275)363

وَ أَقْسِطُوا (الحجرات:9)170

وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ (المائدة:49)161-162

ص:511

وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (المائدة:2)235

وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (الشّورى:40)192

وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (المائدة:5)40

وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ (البقرة:190)122

وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (البقرة:83)28

وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ (المائدة:45)193

وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ (المائدة:43)160

وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (الأحزاب:53)178

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ (البقرة:188)247

وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ (هود:85)307

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (الأنعام:164)200

وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (النّساء:29)227

وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة:195)122،227

وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (الحجرات:12)382

وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (المنافقون:8)270

وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (الكهف:39)264

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ (لقمان:6)373

وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (الإسراء:33)194

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة:44)248

وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (آل عمران:85)21،146

وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطّلاق:2-3)278،284

وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (المائدة:51)22

وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ (النّساء:93)208

ص:512

وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ (البقرة:102)383

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* اَلَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ (المطفّفين:1-2)292،403

«حرف الياء»

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ (الممتحنة:10)128

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (الحجرات:6)213

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التّوبة:28)101

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النّساء:59)454

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التّوبة:123)122

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (التّحريم:6)269

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (النّساء:29)395

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ (التّحريم:1)500

يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ (الأنفال:6)170

يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ (المائدة:13)166

يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (المائدة:95)178

يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (الرّعد:21)301

يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (طه:66)386

يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (النّساء:60)247

يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ (البقرة:102)387

ص:513

فهرس الأدعية

«حرف الألف»

اللّهمّ ارزقني أطولها حياة،و أكثرها منفعة و خيرها عافية 298

اللّهمّ ارزقني(و يدع أن ينتشر في الأرض و يلتمس من فضل اللّه)275

اللّهمّ إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها 296،297

اللّهمّ إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّبا،و أعوذ بك من أن أظلم أو 297

اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك 298

اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك 298

اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ 296

اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس و جنوده و شرّ فسقة العرب و العجم 296

اللّهمّ إنّي لم آخذه ظلما و لا خيانة و إنّما أخذته مكان مالي الذي 473

اللّهمّ بارك لأمّتي في بكورها 275

يا حيّ يا قيّوم...أسألك بعزّتك 298

ص:514

فهرس الأحاديث

«حرف الألف»

أتاه رجل،فقال:و اللّه يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك للّه 414

اتّخذوا الدابّة فإنّها زين و تقضى عليها الحوائج و رزقها على اللّه 259

أ تشارط؟قلت:و اللّه ما أدري أ تشارط أم لا؟375

اتّقوا اللّه و صونوا أنفسكم بالورع و قوّوه بالتقيّة و الاستغناء باللّه 468

اتّقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم 476

اتّقوا اللّه(كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا مرّ بجماعة...يقول)242

أتى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام فقال إنّي كسبت مالا 438

أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدينارين،فقال:يا رسول اللّه أريد أن أحمل بهما...264

أ جزعا أم وجعا يا عليّ؟قال:يا رسول اللّه ما وجعت وجعا أشدّ منه 249

اجعل ثوبا للصلاة(إنّا قوم نعمل السيوف)369

أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس 373

احتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حجمه مولى لبني بياضة و أعطاه 421

احذروا معاملة أصحاب العاهات،فإنّهم أظلم شيء 305

أحقّ ما أخذتم عليه أجرا،كتاب اللّه تعالى 429

احمل إليهم،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يدفع به عدوّنا و عدوّكم،يعنى الروم 367

احملهما و اعلم أنّهما ليسا بأفضل ديناريك 265

ص:515

أخذ الجزية من العبد 53

أخرجوا المشركين من جزيرة العرب 95

أخرجوا اليهود من الحجاز و أهل نجران من جزيرة العرب 95

أدّ الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك 472

ادعهم إلى الإسلام،فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية 62

ادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 37

ادعوهم إلى الإسلام 16

ادني منّي يا أمّ عطيّة،إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي...433

إذا أذن له الذي استأجره،فليس به بأس 444

إذا أردت أن تشتري شيئا،فقل:يا حيّ يا قيّوم يا دائم يا رءوف يا...298

إذا أردت أن تشتري،فقل:أشتري منك ورقه 392

إذا أرسلت كلبك فخالط أكلبا لم يسمّ عليها 467

إذا اشتريت متاعا فكبّر اللّه ثلاثا 298

إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلّه ثمّ حجّ فلبّى،نودي:لا لبّيك 401

إذا التقى المسلمان سيفهما على غير سنّة،القاتل و المقتول في النار 267

إذا بعت فأحسني و لا تغشّي فإنّه أتقى و أبقى للمال 316

إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابتدره بالضربة...257

إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا 233

إذا رزقت من شيء فالزمه 299

إذا عثرت الدابّة تحت الرجل فقال لها:تعست،تقول:تعس 260

إذا عدلته عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت:لا تسلّمه صيرفيّا 416

إذا فرغ فليغسل يده(إنّ رجلا من مواليك يعمل الحمائل بشعر الخنزير)353

إذا قال الرجل للرجل:هلمّ أحسن بيعك،يحرم عليه الربح 291

ص:516

إذا قال لك الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك،و إن كان الذي...292

إذا قدمت[الكوفة]فافتح باب حانوتك و افتح بساطك وضع ميزانك 283

إذا كان إكراما فلا بأس 424

إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه 336

إذا كنتم في أئمّة جور فاقضوا في أحكامهم و لا تشهروا...249

إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى خصال 16

إذا لم تسر تحتك كسيرها إلى مذودها 260

إذا مرّ بجماعة يختصمون،لا يجوزهم حتّى يقول ثلاثا:اتّقوا اللّه...242

إذا واجر نفسه بشيء معروف أخذ حقّه إن شاء اللّه 447

إذا ولّوكم يدخلون عليكم المرفق و ينفعونكم في حوائجكم 456

إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا فليتحوّل إلى غيرها 299

إذن يسقط رأيك و لا يستعان بك على شيء 282

أ رأيت إن جعلت لك ثلث تمر الأنصار أن ترجع من معك من غطفان 123

أربعة لا تجوز في أربعة:الخيانة،و الغلول،و السرقة،و الربا 395

أربع فراسخ(كم الغدوة و الروحة؟)331

أربع لأربع فواحدة للقتل و الهزيمة:حسبنا اللّه و نعم الوكيل 263

أربع من كنّ فيه كمل إيمانه و لو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب 399

ارضخي ما استطعت و لا توعي فيوعى عليك 487

أرنيه فأراه إيّاه فمحاه النّبيّ بإصبعه فرجع بعضهم و بقي منهم...177

أرى أن تتّقي اللّه عزّ و جلّ و لا تعود 381

ازرعوا و اغرسوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملا أحلّ...447

استثنى عليه السلام كلب الصيد 360

استسلموا نحكم عليكم(عليّ للخوارج)183

ص:517

الإسلام يعلو و لا يعلى عليه 108

إسلامه لا يسقط عنه الحدّ 88

أسلم أبا الحارث(و قال لأسقف نجران)88

اشتروا و إن كان غاليا،فإنّ الرزق ينزل مع الشراء 300

اشتروا ما ليس لهم 445

اشتر منه(أشتري من العامل الشيء و أنا أعلم أنّه يظلم)464

اشترى(النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)من يهوديّ طعاما و مات و درعه مرهونة عنده...462

اشتر و بع(في النصرانيّة،أشتريها و أبيعها من النصارى)449

اشخص يشخص لك الرزق 274

أشعرت أنّ اللّه أفتاني فيما استفتيته فيه أنّه أتاني ملكان 387

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و اللّه أكبر 296

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا...297

إصلاح المال من الإيمان 279

اضربوها على النفار و لا تضربوها على العثار 261

أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره 181

أطعمه رقيقك(كسب الحجّام)420،423

أعانت قريش لبني بكر بالكراع و السلاح فأباح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 158

أعد عليّ يا سعيد(امرأة دفعت لزوجها مالا من مالها)490

اعلم أنّه ما من رجل يغدو و يروح إلى مجلسه و سوقه 297

اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا 274

اغد إلى عزّك،يعني السوق 281

أ فتسبون أمّكم؟يعني عائشة،أم تستحلّون منها ما تستحلّون...202

افعلي فإذا مشطت فلا تجلي الوجه بالخرق،فإنّه يذهب بماء الوجه 437

ص:518

أفّ يدخلون فيما لا ينبغي لهم و لا يصنعون إلى إخوانهم خيرا 455

إقامة الحدود إلى من إليه الحكم(من يقيم الحدود السلطان)244

اقبض مالك ممّا في يديك 474

اقتله فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي 258

أقيدونا من عبد اللّه بن خبّاب 193

ألا سمّيته محمّدا فلا تضرب محمّدا 416

ألا لكلّ ملك حمى و حمى اللّه محارمه 466

ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها 383

التي تدخل عليها الرجال حرام،(كسب المغنّيات)373

ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ 308

أ لك خادم؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على خادمك 265

أ لك زوجة؟قال:نعم،قال:فأنفقها على زوجتك فهو خير لك...265

أ لك والدان أو أحدهما؟قال:نعم،قال:اذهب فأنفقهما على...264-265

الإيمان باللّه(ما أفضل الإسلام؟قال)230

أ لم أنهك أن تستقرض ممّن لم يكن له،فكان 304

أ ليس قد أقررتم بأنّ لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم 144

أ ما تستطيع أن تستحلّه من صاحبه؟(سألته عن تراب الصوّاغين)402

أ ما تغشى سلطان هؤلاء؟...الآن سلم لك دينك 381

أ ما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة 417

أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم 308

أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ(ما ذا يحل للوالد)481

أمّا أنا فأحبّ إلى أن تأخذ و تحلف 473

امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به 490

ص:519

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان من خلق اللّه 231

أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها 26،171

أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نقاتلكم حتّى تعبدوا اللّه وحده أو تؤدّوا...15

أمر النّبي صلّى اللّه عليه و آله حذيفة بن اليمان أن يفي للمشركين بما أخذوا 144

أمرني جبرئيل عليه السّلام أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية...30

انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا...246

أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه و كتاب...23

أنا أفعله،يعني بذلك إحراز القوت 279

إنّا حين قدمنا بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا و أهل ملّتنا 78

إنّا غادون غدا فلا تبدءوهم بالسلام،و إن سلّموا عليكم...110

إنّا لا يصلح في ديننا الغدر،و قد علمت ما عاهدناهم عليه و لعلّ 130

إنّا نعمل القلانس نجعل فيها القطن العتيق...379

إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك،و إن انقضت...139

إن أمنت أن لا يتّهمك فأعطه من عندك،و إن خفت أن...292

إنّ ثقيفا سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يركعوا 145

إن خانك فلا تخنه و لا تدخل فيما عبته عليه 471،472

إن قلت لك تفعل؟461

إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئا فما أحبّ أن...450

إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال...440

إن كان صوفا فلا بأس به(القرامل)379

إن كان الطعام كثيرا يسع الناس،فلا بأس به 342

إن كان قبضه بكيل و أنتم حضور ذلك،فلا بأس بشرائط منه...471

إن كانت العرب لتعاير به فلا بأس(أجر التيوس)422

ص:520

إن كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال الشيعة 458

إن لم يقاتل فلا بأس،أمّا أنا لو كنت لم أقاتل و تركته 261

إن نحن خالفنا...فقد حلّ لك منّا ما يحلّ لك من أهل المعاندة...79-80

إن ولّيت أخاك فحسن و إلاّ فبع بيع البصير المداقّ 290

أنت و مالك لأبيك 480 و 482

إنّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم 375

إنّ ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فأتلفه ثمّ أفاد 472

إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدّي...476

إنّ أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية و إنّما الجزية عطاء 111

إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار 380،381

إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر 239

إنّ امرأة مجوسيّة أسلمت قبل زوجها 139

إنّ الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر سبيل الأنبياء 236

إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض 236

إنّ أمّ عبد اللّه بنت الحسن أرادت أن تكتب مصحفا و اشترت 394،429

إنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة 132

إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده 499

إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قد سار في أهل العراق سيرة فهي إمام 111

إنّ تسعة أعشار الرزق في التجارة 281،282

إنّ الشهداء إذن لقليل 262

إنّ الجهاد باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه و سوّغهم كرامة منه لهم 254-255

إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة و أهل الإنجيل يتحاكمون إليه 161

إنّ الحسن و الحسين كانا يقبلان جوائز معاوية 463

ص:521

إنّ حيّا من العرب جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه 144

إنّ الخرقة تذهب بماء الوجه 433

إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة و لكن الحسنة تحطّ الخطيئة 440

إنّ ذمّيّا أسلم فطولب بالجزية 75

إنّ رجلا من الأنصار شكا إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله الشدّة و الجهد 311-312

إنّ رجلا منهم بايع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن يصلّي طرفي النهار 145

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:اركبوا و ارموا،و أن ترموا أحبّ إليّ 268

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الجزية من أهل الجزية على أن لا يأكلوا 85

إنّ رسول اللّه نهى عن ثمن الكلب و مهر البغي و حلوان الكاهن 356

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحكرة في الطعام 335

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب 44،48

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القرد أن يشترى أو يباع 405

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الكشوف...و نهى أن ينزا حمار على عتيق 425

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن النجش 316

إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس 418

إنّ عليّا عليه السّلام كان يصلّي صلاة،فناداه رجل من الخوارج 221

أن عليّا عليه السّلام لمّا أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد اللّه بن عبّاس 176

إنّ عليّا عليه السّلام لما ظهر على البصرة،لم يطالب بشيء ممّا جبوه 209

إنّ عليّا عليه السّلام وظّف على الفقير دينارا 43

إنّ عمر بن الخطّاب بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على 69

إنّ في الإسلام معاذا،و كتب أن لا تؤخذ منه الجزية 75

إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ .أغلقوا الأبواب 284

إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم 494

ص:522

إنّ اللّه تبارك و تعالى ليحبّ الاغتراب في طلب الرزق 274

إنّ اللّه تعالى و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام 349،364

إنّ اللّه تعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسّمها حراما 493

إنّ اللّه تعالى لم يجعل للعبد و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته 495

إنّ اللّه تعالى منع الصلح في النساء 132

إنّ اللّه تعالى وسّع أرزاق الحمقى؛لتعتبر العقلاء و يعلموا 496

إنّ اللّه حرّم بينكم دماءكم و أموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم 486

إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها و لم يفوّض إليه 270

إنّ اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل 258

إنّ اللّه هو المسعّر القابض الباسط الرازق،و إنّي أرجو أن ألقى 339

إنّ اللّه يحب المحترف الأمين 275

إنّ مال الولد للوالد و ليس للولد أن ينفق من مال والده إلاّ بإذنه 481

إنّ المؤمن أعزّ من الجبل؛لأنّ الجبل يستقلّ منه بالمعاول و 270

إنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه،و كتاب أحرقوه،أتاهم نبيّهم 24

إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فقد إلاّ شيئا عندك فأخرجه 339

إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل،كما قاتلت على التنزيل 28

إنّ النجاشيّ دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد 388

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالصلاة على من قال لا إله إلاّ اللّه 190

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنزل وفد ثقيف في المسجد و شدّ ثمامة بن أثال 103

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل و أخذ 20

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل له الخيار إذا أتى السوق 328

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ أبا جندل بن سهيل و أبا بصير في صلح الحديبيّة 129

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبيّة 135

ص:523

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سحر حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه يفعل الشيء و ما يفعله 387

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط على نصارى أيلة الضيافة زائدة على الدينار 66

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينارا 64

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقد الصلح يوم الحديبيّة على أن يردّ إليهم كلّ من 128

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يبعث أميرا على سريّة أمره 16

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب فنازعه عبد اللّه بن أبيّ بن سلول المنافق فعاونه قوم 169

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خرج من مكّة وقفت ابنة حمزة على الطريق،فلمّا مرّ بها 133

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يؤمنّ ابن خطل و القينتين و قتلهما 84

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن عسب الفحل 424

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا فعل،استعان بمن كان حسن الرأي 189

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السريّة و يوصيهم بالدعاء إلى الإسلام 30

إنّ هذا هو السرف أن تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا و تدع برذونا 259

إنّ هذا لمكيدة و حيلة 207

إنّك إن تركته للّه،جعل اللّه لك مخرجا 394

إنّك إن فعلت قلّ عقلك(إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟)280

إنّكم في هدنة،فإذا كانت المباينة،حرم عليكم أن تحملوا إليهم 367-368

إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له:يا رسول اللّه هذا أبي قد ظلمني 480

إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم،فإذا بلغت التقيّة الدم 266

إنّما السعر إلى اللّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء،و يخفضه إذا شاء 340

إنّما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 64

إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر،لا على الضعفة 239

إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل 239-240

إنّها تسقط عن المقعد من أهل الذمّة و الشيخ الفاني و المرأة 51

ص:524

إنّه أمر معاذا أن يأخذ من كلّ حالم دينارا 57-58

إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم و كيف لا يحقّ لي ذلك 234

إنّه قد كفر و نقض العهد(كعب بن الأشرف)157

إنّه كره ركوب البحر للتجارة 442

إنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق 340

إنّه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له،عليكم بالطلب 284

إنّهم لم يتمسّكوا من دينهم إلا بشرب الخمر 39

إنّي أجدني أمقت الرجل تتعذر عليه المكاسب فيستلقي على 275

إنّي أحبّ لك أن تبيّن لهم ما فيها(إنّا نعمل القلانس)379

إنّي أخالط السلطان فيكون عندي الجارية فيأخذونها 464-465

إنّي أدخلت معاوية في هذا الأمر كما أدخلت هذا الخاتم 208

إنّي أعطيت خالتي غلاما و نهيتها أن تجعله قصّابا أو حجّاما أو صائغا 438

إنّي صاحب نخل فخبّرني بخبر أنتهي إليه فيه من الوفاء 293

إنّي كنت أمرتك بأمر و إنّي أتقدّم إليك الآن 70

إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه،يقول:ارزقنى و يترك الطلب 284

إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرّفا في طلب الرزق 274

إنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب،فكتبوا إليه يريدون 24

أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء قل لقومك:لا يلبسوا لباس أعدائي 265

أوحى اللّه تعالى إلى شعيب النبيّ عليه السّلام إنّي أخذت من قومك مائة 236-237

أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام إنّك نعم العبد لو لا أنّك تأكل من بيت المال 277

أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بثلاثة أشياء،قال:أخرجوا المشركين من جزيرة العرب 95

أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإخراج أهل نجران من جزيرة العرب...صالحهم على ترك 96-97

أهل الأرض مرحومون ما يخافون،و أدّوا الأمانة،و عملوا بالحقّ 399

ص:525

إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور و لكن انظروا إلى رجل 246

إيّاكم و الحلف،فإنّه يمحق البركة و ينفق السلعة 307

إيّاكم و صاحب البرنس و كان حامل راية أبيه 209

إيّاكم و مخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير 305

أيّ شيء تصنعين يا أمّ الحسن،قالت أغزل،فقال أما إنّه أحلّ 444

أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ،سقط أبعد من السماء 248

أيّما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة في حقّ فدعاه إلى رجل من إخوانه 247

أيّما عبد مسلم أقال مسلما في بيع،أقاله اللّه عزّ و جلّ عثرته يوم القيامة 292

أيّما مؤمن قدّم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه 247

أيّما مصر مصرته العرب،فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بيعة 104

أيّما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة و لا يضربوا 104

إيّاك و الغشّ فإنّه من غشّ غشّ في ماله،فإن لم يكن له مال،غشّ 309

إيّاك و الكسل و الضجر فإنّهما مفتاح كلّ سوء 280

أيّكم يأخذ أمّ المؤمنين في سهمه فكفّوا 202

«حرف الباء»

بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 232

بارك اللّه على سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء 294

بايعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن لا أخرّ إلاّ قائما 145

برّ الوالدين...وفاء العهد للبرّ و الفاجر 475-476

بسم اللّه الرحمن الرحيم أمّا بعد فإنّ موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا...فأحسن إلى إخوانك 503-504

بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها 27

ص:526

بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا 17

بعهما ما يكنّهما الدروع و الخفّين و نحو هذا(فئتان تلتقيان)368

بمنزلة الأجير إنّه إنّما يعطي اللّه العباد على نيّاتهم(رجل مسلم في ديوان هؤلاء)464

«حرف التاء»

تأمرهم بما أمر اللّه عزّ و جلّ،فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم،و إن عصوك 269

التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ 287-288

تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟(إنا لنطلب الدنيا و نحبّ أن نؤتى بها)500

تدوا قتلانا،و لا ندي قتلاكم 224

تدون قتلانا و لا ندي قتلاكم 193

ترك التجارة ينقص العقل 280

تسعة في التجارة و واحد في غيرها 284

تشوفت الدنيا إلى قوم حلالا محضا فلم يريدوها 439

تصدّق بخمس مالك،فإن اللّه عزّ و جلّ رضي من الأشياء بالخمس 439

تصدّق به إمّا لك و إمّا لأهلك 403

تعرّضوا للتجارة،فإنّ فيها لكم غنى عمّا في أيدى الناس 285

تعرف صونك...و قذفك النوى هكذا و هكذا(عن أدنى الإسراف)280

«حرف الثاء»

ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة:...رجل أعطى بي ثمّ غدر 391

ثلاثة دعوتهم مستجابة:أحدهم:الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفوه 254

ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر 399

ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم:أحدهم:رجل اتّخذ اللّه عزّ و جلّ بضاعة 307

ص:527

ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم 285

ثم أمر أصحاب معاوية حتّى جعلوا المصاحف على رءوس الرماح 207

ثمن العذرة من السحت 350

ثمن الكلب خبيث،و مهر البغي خبيث،و كسب الحجّام خبيث 356

ثمن الكلب الّذي لا يصيد سحت 407

«حرف الجيم»

جاء أعرابيّ من بني عامر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض 295

جاء رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه قد علّمت ابني هذا الكتابة 417

الجالب مرزوق و المحتكر ملعون 333،337

جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه و لا من المغلوب 47

جنّبوا مساجدكم النجاسة 102

جوائز العمّال ليس بها بأس 462

الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض،و جهاد سنّة 256

«حرف الحاء»

حتّى أشاور السعود(إن جعلت لي شطر ثمار المدينة)124

حدّ الساحر ضربة بالسيف 383،385

حرام أجره(عن الرجل يؤاجر بيته يباع فيه الخمر)365

حرام و لكن كل ما أعطوك منه(الإملاك فينثر)440

حرّمت التجارة في الخمر 364

حرّمت الجنّة على المنّان و البخيل و القتّات 382

حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم 269

ص:528

الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره 337

الحلال بيّن و الحرام بيّن و بينهما أمور مشتبهات 465-466

حلّ و لا تعقد(أنا رجل كانت صناعتي السحر)385

«حرف الخاء»

خذ مثل ذلك و لا تزد عليه(إنّي أخالط السلطان.و لي أن آخذه)465،472

خذ من كلّ حالم دينارا 43،48

خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء و يبقى 353

خذوا فاقتسموا،فيقولون لا حاجة لنا فيه،فيقول:أخذتم 61

الخراج،فإن أخذ من رءوسهم الجزية،فلا سبيل على أراضيهم 64

خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق يقتلن في الحرم:الغراب،و الحدأة 358

الخوارج كلاب أهل النار 180

خير الرفقاء أربعة،و خير السرايا أربعمائة،و خير العساكر 267

«حرف الدال»

دخل رهط من اليهود على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:و قالوا السام عليك ففهمتها 110-111

دع ما يريبك إلى ما لا يريبك 466

دعه ليلي قتله غيرك 218

«حرف الذال»

ذلك إلى الإمام(ما حدّ الجزية؟)58-59

ذلك سحت(عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان)415

ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من بعض 320-321

ذروا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض 321

ص:529

«حرف الراء»

ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم 291

رحمك اللّه فهكذا فاصنع(إنّي أجلس في المسجد)251

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و آبائي عليهم السّلام كلّهم قد عملوا 276

رضوان اللّه و الجنّة(في قوله اللّه تعالى ربّنا آتنا في الدنيا)273

الرطب تأكلنه و تهدينه 488

رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق 47

روحة(ما حدّ التلقّى؟)331

روي أنّ أبا بكر أراد قتل ابنه يوم أحد فنهاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك و قال:218

روي أنّ بني قريظة ظاهرت الأحزاب على حرب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 156

روي أنّهم كانوا يتلقّون الجلاّب فيشترون منهم الأمتعة 325

«حرف الزاي»

زدها فإنّه أعظم للبركة(جارية اشترت لحما تقول زدني)293

«حرف السين»

سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام و كان السائل من محبّينا 27

سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن المجوس أ كان لهم نبيّ؟قال:نعم 23

سألته عن كسب المغنّية و النائحة فكرهه 374

الساحر كافر 385

السامع للغيبة أحد المغتابين 383

سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة(الباقر عليه السّلام)499

السحت أنواع كثيرة منها:ثمن الخمور و النبيذ المسكر 350

ص:530

السحت أنواع كثيرة منها:كسب الحجّام،و أجر الزانية،و ثمن الخمر 422

السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر...و أجرة الكاهن 350،390،402

سحت(عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد،فقال:)356

سحت،و أمّا الصيود فلا بأس(عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد،فقال)355

سر أخاك يسرّك اللّه 502

السكوت عنه أعظم أجرا و أفضل(المسألة فيتخوّف إن أفتى)251

السماح وجه من الرباح(قال عليه السّلام ذلك لرجل)295

سمع قول المنادي لا حكم إلاّ للّه...و لم يعزّره 222

سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب 22،24،27،31

سوق المسلمين كمسجدهم،فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به 296

«حرف الشين»

شاركوا من أقبل عليه الرزق،فإنّه أجلب للرزق 306

شراؤهنّ و بيعهنّ حرام،و تعليمهنّ كفر،و استماعهنّ نفاق 371

شرّ بقاع الأرض الأسواق و هي ميدان إبليس 295

شرط عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يأكلوه(الربا)155-156

الشرك باللّه(فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ)230

شرّ الناس من باع الناس 416،418

شوبوا أيمانكم بالصدقة،التاجر فاجر 288

شهدت صفّين فكانوا لا يجيزون على جريح و لا يقتلون مولّيا 202

«حرف الصاد»

صاحب السلعة أحقّ بالسوم 314

ص:531

صالح أهل نجران على ألفي حلّة 58

صالح سهيل بن عمرو بالحديبيّة على وضع القتال عشر سنين 115

صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته(سألته عن الإجارة)436

صلة الرحم(ما أفضل الإسلام)230

صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه 214

الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت 438

«حرف الضاد»

ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر 279

الضيافة ثلاثا و ما زاد صدقة 67

«حرف العين»

العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال 498

علام تؤخذ الجزية من المجوس و ليسوا بأهل كتاب؟!22

على الفقير اثنا عشر درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرون 56

عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين،فإنّه شيطان 358

عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر 90

«حرف الغين»

غبن المؤمن حرام 317

الغلول كلّ شيء غلّ عن الإمام و أكل مال اليتيم 401

غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإثم 278

ص:532

«حرف الفاء»

فادعهم إلى أداء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 77

فادعهم إلى الجزية،فإن أطاعوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 69

فارفق أيّها الساعي من سعيك،و اقصر من عجلتك،و انتبه من سنة غفلتك 495

فشاورهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالوا يا نبيّ اللّه إن كان هذا بأمر من السماء 125

فاعلفه ناضحك(عن كسب الحجّام)423

فألان اللّه تعالى له الحديد،فكان يعمل كلّ يوم درعا يبيعها بألف درهم 277

فأمّا الرشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر باللّه عزّ و جلّ و برسوله صلّى اللّه عليه و آله 402

فأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه 402

فأمّا السيوف الثلاثة الشّاهرة:فسيف على مشركي العرب 27

فإن عشت فأنا وليّ دمي،و إن متّ فضربة كضربته 181

فإن كان له جارية فأراد أن ينكحها،قوّمها على نفسه و يعلن ذلك 483

فإن نتجت بينك و بين عدوّك قضيّة و عقدت لهم بها صلحا 150

فأنكروا بقلوبكم و ألفظوا بألسنتكم و صكّوا بها جباههم 242

فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعة 494

فقال أيّ شيء تكنس(أنّي رجل أكنس)434

فقال صلّى اللّه عليه و آله لرسوله:أو تسمع؟(أرسل رئيس عطفان إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)125

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتّى أشاور السعود،يعني سعد بن عبادة و 124

فقد الطعام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأتاه المسلمون،فقالوا 339

فقطعوا الطريق عليهم،و قتلوا من قتلوا منهم،لم ينكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 134

فكتب إليه كتابا(إنّ في ديوان النجاشيّ عليّ خراجا)502

فكيف صنيعه إلى إخوانه 455

فلو أنّ قاتل عليّ عليه السّلام ائتمنني على أمانة لأدّيتها إليه 476

ص:533

فليأخذ و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ 480،486

فمن أين قوته؟و اللّه الّذي يقوته أشدّ عبادة 497

فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا...فقد كفر 29

فهمت كتابك و ما ذكرت من الخوف على نفسك 458

في أهل الجزية أ يؤخذ من أموالهم و مواشيهم شيء سوى الجزية 69

في كتاب عليّ عليه السّلام لا يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه 478،479

«حرف القاف»

قاتل اللّه اليهود إن اللّه تعالى حرّم عليهم شحومها فجملوه ثم 264-265

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن التصاوير 379

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّتي إذا تواكلت الأمر بالمعروف 232

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجة الوداع:ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي 493

قال عليّ بن الحسين عليه السّلام دخلت على مروان بن الحكم،فقال ما رأيت أحدا أكرم 174

قال لي أبي عليه السّلام:يا جعفر أوقف لي من مالي كذا و كذا 374

قال لأهل الردّة حين رجعوا:تردّون علينا ما أخذتم منّا،و لا 225

القتال قتالان:قتال لأهل الشرك...،و قتال لأهل الزيغ 172

قد أخرجت عليّا عليه السّلام عن هذا الأمر كما أخرجت هذا الخاتم 207

قداحهم التى كانوا يستقسمون(فما الأزلام؟)377

قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و 241

قد يكون للرجل الجارية تلهيه،و ما ثمنها إلاّ ثمن الكلب 372

قدم عمير بن وهب فدخل المسجد و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه ليفتك به 103

قدّموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و اقتربوا من المبتاعين 288

قل لها:لا تشارط و تقبل كلّما أعطيت 375

ص:534

قل له يشتريه،فإن لم يشتره اشتراه غيره(أرادوا بيع تمر عين أبي زياد)470

القني عند انتصاف النهار(استعمل رجلا فقال)70

قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه(ما يحلّ للرجل من مال ولده؟قال)480

قولي و عليكم(دخل رهط من اليهود.فقال)111

قوّمها قيمة عدل و لتشهد على ذلك،ثمّ إن شئت فطأها 484

«حرف الكاف»

الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه 286

كان أبو الحسن عليه السّلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها و 334

كان أبي يكره ركوب البحر في التجارة 442

كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحتطب و يستقي و يكنس و كانت فاطمة عليها السّلام 280

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أوصاه بتقوى اللّه 16

كان عليّ عليه السّلام في حربه أعظم أجرا من قيامه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حربه 262

كان عليّ عليه السّلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس و يقول:تفتح أبواب السماء و 266-267

كان عليّ عليه السّلام ينهى عن أكل ذبائحهم و صيدهم 40

كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم،و ليس للإمام أكثر من الجزية 63

كان في قتال عليّ عليه السّلام على أهل القبلة بركة و لو لم يقاتلهم عليّ عليه السّلام 204

كان يأخذ الجزية من كلّ ذي صنعة من متاعه،61

كتب عمر بن الخطّاب إلى أمراء الأجناد أن أضربوا الجزية و لا تضربوها 48

كسب الحجّام خبيث 434

كذبوا أعداء اللّه،إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن 426

كذب الحسن،خذ سواء و أعط سواء(بلغني أنّ الحسن)417

كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه 218

ص:535

كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعول 280

كلّ أمر المؤمن باطل إلاّ في ثلاث:في تأديبه الفرس 268

كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت(سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الغلول)395

كلّ شيء منه حرام و حلال فهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام 466

كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه،فتدعه 466

كل كسبه،فإنّه لك حلال و الناس يكرهونه(تيس أكريه)421

كلّ له نادبة إلاّ عمّي حمزة لا نادبة له 374

كلّ ما تقومر به(ما الميسر)377

كلّ مسكر حرام،و كلّ مخمّر حرام و الفقّاع حرام 352

كل من كسبك يا ابن أخ و تصدّق و حجّ منه و تزوّج 421

كل و خذ منه و لك المهنأ و عليه الوزر 463

كل و لا تحمل(أمرّ بالثمرة فآكل منها؟قال)445

كلي...كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك،إنّ الصوم...383

كلمة حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:أن لا نمنعكم مساجد اللّه...175-176

كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو 278

كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمّ الأحنف بن قيس إذ جاءنا...384

كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف...232

«حرف اللام»

لأخرجن اليهود و النصارى من جزيرة العرب 95

لا،إلاّ أن يكون قد اختلط(شراء الخيانة و السرقة)397

لا أدعو لك أطلب كما أمرك اللّه تعالى(أدع اللّه عزّ و جلّ أن...)497

لا،أرادت أن تقرّ عينك و تسخن عينها؟491

ص:536

لا،إلاّ أن لا يقدر على شيء،و لا يأكل و لا يشرب و لا يقدر على حيلة 455

لا،إلاّ أن يحلّلها(المرأة لها أن تعطى من بيت زوجها)489

لا،إلاّ أن يضطرّ إليه(الرجل يأكل من مال ولده)479

لا أقتله قبل أن يقتلني(ابن ملجم)183

لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة،(استودعني رجل من موالي بني مروان) 399،476

لا،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة 342

لا(إنّي أقرئ القرآن فيهدى إليّ الهدية و فأقبلها قال)428

لا بأس،بما يبسط(عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفترشها)قال:380

لا بأس،أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(فيما يحمل إلى الشام)367

لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده(الرجل يمرّ بالبستان)445

لا بأس بأجر النائحة الّتي تنوح على الميّت 376

لا بأس ببيع العذرة 351

لا بأس بثمن الهرّ 407

لا بأس بجوائز السلطان،فإنّ ما يعطيكم من الحلال 462

لا بأس بذلك(في تجّار قدموا أرضا اشتركوا)340

لا بأس بنثر الجوز و السكّر 441

لا بأس،تغسل يديها(الجارية النصرانيّة تخدمك و أنت تعلم)448

لا بأس،قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط(عن عظام الفيل يحلّ)406،407

لا بأس(الخيّاط أو القصّاب يكون يهوديّا أو نصرانيّا و أنت تعلم)448

لا بأس(عن الرجل يؤاجر سفينته و دابّته ممّن يحمل فيها أو عليها)365

لا بأس(ما ترى أن أعطي على كتابته،يعني القرآن أجرا؟قال:)429-430

لا بأس(و قوائم السيف التي تسمّى السفن هل يجوز لي العمل بها؟)369

ص:537

لا بأس،و لكن لا تصل الشعر بالشعر 379،437

لا بأس به(أسأله عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذ منه برابط)370

لا بأس به(ربّما أمرنا الرجل أن يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام...)443

لا بأس به(عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحوّل من منزله)402

لا بأس به(عن الرجل يريد أن يشتري دارا أو أرضا أو خادما)443

لا بأس به(عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع،قال:)342

لا بأس به(عن شراء الذهب بترابه من المعدن،قال:)452

لا بأس به(كسب الحجّام)422

لا تؤخذ الجزية من مسلم 143

لا تأخذ على التعليم أجرا 427

لا تأكل ذبائحهم و لا تأكل في آنيتهم 39

لا تأكل منه،فإنّه حرام(الصبيان يلعبون الجوز)376

لا تباع رباعها و لا تكرى بيوتها(مكّة)412

لا تبدءوهم بالقتال،و بعث إليهم:أقيدونا بعبد اللّه بن خبّاب 180

لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام،و إذا لقيتم أحدهم في الطريق...110

لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم و الحديد 392

لا تبعه في فتنة(إنّي أبيع السلاح،قال:)367

لا تبنى الكنيسة في الإسلام و لا يجدّد ما خرب منها 107-108

لا تتّبعوا مولّيا،و لا تجيزوا على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن 196

لا تتركها فإنّ تركها مذهبة للعقل،اسع على عيالك و إيّاك أن(أضعف عن التجارة)281

لا تتعرّضوا للحقوق فإذا لزمتكم فاصبروا لها 285

لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في خير 304

لا تخفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين 432

ص:538

لا تدعوا التجارة فتموتوا،اتّجروا بارك اللّه فيكم 285

لا تدعوا التجارة فتهونوا،اتّجروا بارك اللّه لكم 282

لا تدعنّ لهم درهما من الخراج(استعمل عليّ عليه السّلام فقال)70

لا تسأل السلطان شيئا،و إن أعطى فخذ 462

لا تستعن بمجوسيّ و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها 306

لا تسبوا لهم ذرّيّة،و لا تتموا على جريح،و لا تتّبعوا مدبرا 29

لا تشتروا رقيق أهل الذمّة و لا ممّا في أيديهم؛لأنّهم أهل خراج 52

لا تشتر كتاب اللّه،و لكن اشتر الحديد و الجلود و الدفتر و قل:392

لا تشتر من محارف،فإنّ حرفته لا بركة فيها 306

لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا،و لا تجز على جريح و من أغلق بابه...197

لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلاّ على الثلج 443

لا تعامل ذا عاهة،فإنّهم أظلم شيء 305

لا تعنهم على بناء مسجد 382

لا تفعل،افتح بابك و ابسط بساطك و استرزق اللّه ربّك 278

لا تفوتينا بنفسك 313

لا تقاتلوا القوم حتّى يبدءوكم،فإنّكم بحمد اللّه على حجّة 220

لا تكسلوا في طلب معايشكم،فإنّ آباءنا كانوا يركضون فيها و يطلبونها 275

لا تكن حائكا...كن صيقلا 419

لا تلقّوا بجلب،فمن تلقّاه و اشترى منه...327

لا تلقّوا الركبان 330

لا تلقّوا الركبان و لا يبع بعضكم على بعض و لا تناجشوا 316

لا تلقّوا الركبان و لا يبع حاضر لباد 325

لا تلقّ،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التلقّي(قلت:و ما حدّ التلقّي؟قال:)331

ص:539

لا تلقّ و لا تشتر ما يتلقّى و لا تأكل منه 326

لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و أجملوا 493

لا تنفق المرأة شيئا من بيتها إلاّ بإذن زوجها 488

لا جزية على العبد 52

لا حاجة لي فيه،إنّ هذا سحت،و تعليمهنّ كفر،و الاستماع 372

لا حكم إلاّ اللّه،كلمة حق أريد بها باطل 184

لا خير في شيء أصله حرام،و لا يحلّ له استعماله 400

لا خير فيمن لا يحبّ جمع المال من حلال فيكفّ به وجهه 279

لا ضرر و لا ضرار في الإسلام 341

لا(عن التوت أبيعه يصنع للصليب و الصنم قال:)370

لا(عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذه صلبانا)370

لا عليك ان دخلت معهم،اللّه يعلم و نحن ما أنت عليه 459

لا،ليس له ذلك(في الرجل تدفع إليه امرأته)491

لا نقرّكم ما شئنا 117

لا،هو حرام(أ رأيت شحوم الميتة فإنّه يطلى بها السفن)364

لا يؤاجر نفسه و لكن يسترزق اللّه عزّ و جلّ و يتّجر 436

لا يأخذ منه شيئا حتّى يأذن له صاحبه 435

لا يبيتنّ بالكوفة يهوديّ و لا نصرانيّ و لا مجوسيّ الحقوا بالحيرة 104

لا يبيع بعضكم على بيع بعض 314

لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض 320

لا يتبع مدبرهم و لا يجاز على جريحهم و لا يقتل أسيرهم و لا يقسّم 200،203-204

لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر و لا يبيع حاضر لباد 320،326

لا يجاوز إيمانهم حناجرهم 181

ص:540

لا يجتمع دينان في جزيرة العرب 95

لا يجوز بيع المغنّيات،و لا أثمانهنّ،و لا كسبهنّ 371

لا يحتكر الطعام إلاّ خاطئ 333

لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه 486

لا يدخل الجنّة قتّات 382

لا يذبح لك يهوديّ و لا نصرانيّ أضحيّتك 40

لا يذفّف على جريح،و لا يتبع مدبر 198

لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا 233

لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن،و لا يسرق السارق حين 395

لا يسم الرجل على سوم أخيه 310

لا يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا 397

لا يصلح(عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب فقال:)430

لا يصلح شراء السرقة و الخيانة إذا عرفت 396

لا يصلح(عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب؟)394

لا يصلح المرء المسلم إلاّ بثلاث:التفقّه في الدين 279

لا يصلح أن يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذن والده 478

لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة 395،430

لا يقاتلهم أحد بعدي إلاّ من هم أولى بالحقّ منه 182،183

لا يقتل مدبر و لا يذفّف على جريح 174

لا يقربن هذا و لا يدنّس نفسه،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنّا عَرَضْنَا... 435

لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع 287

لا يكون الوفاء حتّى يرجح 293

لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان 293

ص:541

لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه 240

لا ينبغي للمسلم أن يؤدّي الخراج،يعني الجزية 74

لا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا 467-468

لا يهد موابيعة و لا كنيسة و لا بيت نار 105

لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش 254

لئن تفرّغت لبني تغلب ليكوننّ لي فيهم رأي لأقتلنّ مقاتلتهم 36

لأنك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا 414

لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر 235،238

لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم 231

لتعيير الناس بعضهم بعضا(لأيّ شيء يكرهونه و هو حلال؟)421

للدابّة على صاحبها ستّة حقوق:لا يحمّلها فوق طاقتها 259

للشهيد سبع خصال من اللّه:أوّل قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب 253

لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الخمر و غارسها،و حارسها،و حاملها و المحمولة إليه و 351-352

لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة 250

للكريم فكارم و للسمح فسامح،و عند الشكس فالتو 295

لمّا اشتدّ القتال بين عليّ عليه السّلام و بين معاوية،قال معاوية لعمرو بن العاص 207

لمّا فتح خيبر عنوة بقي حصن منها فصالحوه على أن يقرّهم ما أقرّهم 117

لمّا هادن قريشا كانت خزاعة في حزب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بنو بكر في حزب 152

لم قتلته؟فقال سمعته يسبّك،فسكت عليه السّلام و لم ينكر 218

لم يقبل من نصارى بني تغلب إلاّ الجزية،و قال:لا و اللّه إلا الجزية و 35-36

لن تبق الأرض إلاّ و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من أهل الباطل 266

ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيّع و دون طلب الحريص 493،494

لو أنّ رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة 401

ص:542

لو جاءني الموت و أنا في هذا الحال جاءني و أنا في طاعة 499

لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ منه سنبلة،كان لا يبقى شيء 446

لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلاّ اتّباعي 167

لو كان يريد الرجلين و الثلاثة،لم يكن بذلك بأس 290

لو كنت أمير المؤمنين ما ناز عناك،فمحا اسمه،فقال ابن عبّاس 178

لو لا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها،فاقتلوا منها كلّ أسود 358

لو لا أنّي أخشى أنّها من الصدقة لأكلتها 468

لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يكتب لهم(كنت في ديوان هؤلاء)461

لو منعوني عناقا بما يعطون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لقاتلتهم عليها 173

ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا تحريم الحلال 500

ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا،و لا يقتلوا أسيرا،و لا يجيزوا 195

ليس الحكرة إلاّ في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن 335

ليس على المسلم جزية 74

ليس على المسلمين عشور،إنّما العشور على اليهود و النصارى 69

ليس على مولاه شيء،و ليس لهم أن يبيعوه(في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا...)451

ليس لقاتل شيء 219

ليس منّا من غشّنا 308،378

ليس منّا من لا يرى دنياه لآخرته و لا آخرته لدنياه 273

ليس هذا طلب الدنيا،هذا طلب الآخرة 500-501

«حرف الميم»

ما أراك إلاّ و قد جمعت خيانة و غشّا للمسلمين 309

ما الإبل و الغنم إلاّ مثل الحنطة و الشعير 470-471

ص:543

ما أفعل هذا على شره منّى و لكنّي أحببت أن يراني اللّه تبارك و تعالى 275

ما أحبّ أنّي عقدت لهم عقدا و وكيت لهم وكاء 380

ما أنا من دد و لا الدد منّي 378

ما أوسع العدل إنّ الناس يسعون إذا عدل فيهم و تنزل السماء...111

ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة،كان لها أجرها...487

ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم...463

ما جعل اللّه عزّ و جلّ بسط اللسان و كفّ اليد و لكن جعلهما يبسطان معا...242

ما حملكم على ما صنعتم؟قالوا:يا رسول اللّه تكفّل للّه عزّ و جلّ بأرزاقنا 284

ما ذبحوا لآلهتهم(ما الأنصاب)377

ما قدّست أمّة لم تأخذ لضعيفها من قويّها 233

ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو باطل 144

ما كان ينبغي لك أن تفعل و قد جعله اللّه حجابا لك من النار فلا تعد 421

ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا 340

ما لأخيك فلان يشكوك؟...كأنّك إذا استقضيت لم تسئ 300-301

ما من جبّار إلاّ و معه مؤمن يدفع اللّه عزّ و جلّ به عن المؤمنين 459

ما منع ابن أبي سمّال أن يبعث إليك بعطائك؟أما علم أنّ لك 463

ما هي؟(إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة،فقال:)167

ما يمنع ابن أبي سمّال أن يخرج شبّان الشيعة فيكفونه ما يكفيه 463

المأدوم(عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟قال:)488

المؤمنون بعضهم أكفاء بعض تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمّتهم 126

مدبوغة هي؟ليس به بأس(جلود السباع)441-442

مره إذا دفع إليه الغلام أن يقول لأهله:إنّي إنّما أعلّمه الكتاب و الحساب 426

مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام على جارية قد اشترت لحما من قصّاب و هي 293

ص:544

مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام،فقال لصاحبه:ما أرى طعامك 309

المعونة تنزل من السماء على قدر المئونة 278

المعلّم لا يعلّم بالأجر،و يقبل الهديّة إذا أهدي إليه 427-428

المغنّية الّتي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها 373

المغنّية ملعونة،ملعون من أكل كسبها 372

مكّة حرام بيع رباعها حرام إجارتها 413

مكروه له أن يشارط و لا بأس عليك أن تشارطه و تماكسه 422

ملعون ملعون من يضيّع من يعول 280

منهومان لا يشبعان:منهوم دنيا و منهوم علم 501

مهلا يا عائشة،فإنّ اللّه تعالى يحبّ الرفق في الأمور كلّها 111

من أتاه اللّه برزق لم يخط إليه برجله و لم يمدّ إليه يده 278

من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا ثمّ ارتطم 287

من اتّخذ كلبا إلاّ كلب ماشية أو زرع أو صيد،نقص 358-359

من احتكر على المسلمين طعامهم،لم يمت حتّى يضربه اللّه بالجذام 332

من احتكر فهو خاطئ 332

من أخذ العلم من أهله و عمل به نجى،و من أراد به الدنيا 501

من أخذ على تعليم القرآن أجرا،كان حظّه يوم القيامة 414

من أخذ الميزان فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ 294

من أخذ شيئا فهو له 396

من اشترى دابّة،كان له ظهرها و على اللّه رزقها 259

من اشترى دابّة فليقم من جانبها الأيسر و يأخذ ناصيتها 299

من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها 396

من اعتدي عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد 261

ص:545

من اغتاب امرأ مسلما،بطل صومه و نقض وضوؤه و جاء يوم القيامة 382

من أغلق بابه و ألقى سلاحه،أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن 29

من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه،لعنته 251

من بات ساهرا في كسب و لم يعط العين حظّها من النوم 438

من باع الطعام،نزعت منه الرحمة 334

من باع و اشترى فليحفظ خمس خصال و إلاّ فلا يشتري و لا يبيع 302

من بدّل دينه فاقتلوه 21،146

من تحاكم إلى الطاغوت،فحكم له،فإنّما يأخذ سحتا و إن كان 246

من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه،فهو ميّت في الأحياء 242

من ترك التجارة،ذهب ثلثا عقله 282

من حكم في الدرهمين بحكم جور ثمّ أجبر عليه،كان من أهل هذه الآية 248

من حكم في درهمين بغير ما أنزل اللّه عزّ و جلّ فهو كافر باللّه العظيم 248

من حلف فليصدق،و من حلف له فليرض،و من لم يرض،فليس 475

من حمل السلاح بالليل فهو محارب 257

من حمل علينا السلاح،فليس منّا 170

من خان أمانة في الدنيا و لم يردّها إلى أهلها...مات على غير ملّتي 398

من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة فمات فميتته جاهليّة 171

من خلع يده من طاعة الإمام،جاء يوم القيامة لا حجّة له عند اللّه 172

من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرّة واحدة 296

من ذكر اللّه في الأسواق،غفر اللّه له بعدد أهلها 297

من ذكر اللّه عزّ و جلّ في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح و أعجم 297

من ربط إلى جنب داره كلبا،نقص من عمله كلّ يوم قيراط 359

من سعادة المرء أن يكون القيّم على عياله 285

ص:546

من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده،و يكون له أولاد يستعين بهم 277

من سمع رجلا ينادي:يا للمسلمين،فلم يجبه،فليس بمسلم 268

من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة 256

من شهد أمرا فكرهه،كان كمن غاب عنه،و من غاب عن أمر فرضيه،كان 263

من صوّر صورة،كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ 379

من طلب التجارة استغنى عن الناس 281

من طلب الدنيا استعفافا عن الناس،و سعيا على أهله...لقى اللّه 497-498

من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه،كان حامده من الناس ذامّا 233

من عرف شيئا من ماله مع أحد،فليأخذه 203

من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر،جعل اللّه ذلك السوط 380

من غرس شجرا بديّا أو حضر واديا بديّا أو أحيا أرضا ميّتا فهي له 450

من غشّ المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة 316

من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه 172

من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد 261

من قتل دون ماله فهو شهيد 226

من قتل دون مظلمته فهو شهيد 261

من قتل دون عقال فهو شهيد 257

من كان بينه و بين قوم عهد فلا يشدّ عقدة و لا يحلّها حتّى ينقضى 150

من الكفر فرّوا(سئل عن أهل النهر كفّارهم؟قال)182

من لعب بالشطرنج و النردشير،فكأنّما غمس يده في دم خنزير 377

من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات 289

من مات و ليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهليّة 172

من المروّة استصلاح المال 279

ص:547

«حرف النون»

نعم(أصلحك اللّه أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم،آخذها)463

نعم،انزها(الحمير على الرمك)425

نعم،إنّما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه 53

نعم بالمعروف(أ يحج الرجل من مال ابنه)481

نعم،حجّ بها(أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم)463

نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء(أجر التعليم)427،431

نعم،حكّاما جائرين و آكل مال اليتيم و شاهد الزور 250

نعم،(الرجل يستوهب من الرجل الشيء بعد ما يشتري فيهب له...)342

نعم(عن الفهود و سباع الطير هل يلتمس التجارة فيها؟قال:)406

نعم(عن مملوك نصرانيّ لرجل مسلم عليه جزية؟قال:)53

نعم(عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيظفر من ماله)472-473

نعم(عن الوالد أ يرزأ من مال ولده)482-483

نعم(في رجل أعطاه رجل مالا ليضعه في المساكين و له عيال...)436

نعم،ما من أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلاّ قيض اللّه 300

نعم،يحل له ذلك إن كان بقدر حقّه،و إن كان أكثر فيأخذ منه 475

نعم العون الدنيا على الآخرة 273

نعم العون على تقوى اللّه الغنى 274

نعم،و لهذا كلام(رجل لي عليه دراهم فجحدني)473

النفس إذا أحرزت قوتها استقرّت 279

نهى أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحكرة في الأمصار 335

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الغيبة و الاستماع إليها 382

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يؤكل ما تحمل النملة و قوائمها 445-446

ص:548

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يحتكر الطعام 332

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يشاب اللبن بالماء للبيع 309،378

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخيانة 398

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس 303

نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء 425

نهى عن أن يخطب على خطبة أخيه 315

نهى عن بيعتين في بيعة 343

نهى عليه السّلام عن بيع الحصاة 345

نهى عن ثمن الكلب و السنّور إلاّ كلب الصيد 355

نهى عن ثمن الكلب 356

نهى عن الملاقيح 344

نهى عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدوّ 393

نهى عليه السّلام عن الملامسة و المنابذة 344

نهى عن بيع عسب الفحل 344

نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبيع حاضر لباد 319

نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتلقّى الركبان و أن يبيع حاضر لباد 320

نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن بيع حبل الحبلة 342

«حرف الواو»

و أتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه إنّي أريد 265

و اجعل على ميمنتك زيادا و على ميسرتك شريحا وقف من أصحابك 221

و إذا كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسسها الابن 483

و إذا لقيتم عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوك 16

ص:549

و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ يسألك عن مثاقيل الذرّ و الخردل 504

و اعلم أنّه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طلبا 468

و أمّا السيف المغمود،فالسيف الذي يقام به القصاص 29

و أمّا السيف المكفوف،فسيف على أهل البغي و التأويل 28

و أمّا الصائغ،فإنّه يعالج زين أمّتي و أمّا القصّاب 417

و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن،فأخذ من كلّ حالم دينارا 38

و خير البقاع المساجد و أحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ أوّلهم دخولا 295-296

و روي أنّ أبا بكر جعل للزبرقان و الأقرع خراج البحرين حيث ضمنا 124

و السيف الثاني:على أهل الذمّة 28

و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم يعني الترك و الخزر 28

و شرط على نصارى نجران إقراء رسله عشرين ليلة فما دونها 65

و شرط عمر بن الخطّاب على أهل الذمّة ضيافة يوم و ليلة 65

وصّى أمير المؤمنين عليه السّلام الأشتر،رحمه اللّه،فقال:و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ 221

و على أهل العراق،يعني السواد خمسة عشر 65

و قال عمّار بن ياسر:قاتلت بهذه الراية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و 29

و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخرج في الهاجرة في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه 277

و كان لا يأخذ على بيوت السوق كراء 296

و كذلك المقعد من أهل الذمّة،و الشيخ الفاني،و المرأة،و الولدان 44

و اللّه للربا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على الصفا 288

و اللّه الذي يقوته أشدّ عبادة منه 496

و اللّه ليزرعنّ الزرع و ليغرسنّ النخل بعد خروج الدجّال 447

و اللّه ما خافوا إلاّ الاستقضاء فسمّاه اللّه سوء الحساب،فمن استقضى 301

و لا تأكل ذبيحة نصارى العرب 40

ص:550

و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ أن يبدءوك حتّى تلقاهم 221

و لا تدن منهم دنوّ من يريد أن يثبت الحرب،و لا تباعد بعد من يهاب 221-222

و لا نرفع أصواتنا في الصلاة و لا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون 79

و لا نرفع أصواتنا مع أمواتنا،و لا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين 79

و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا 176

و لا يجر منّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إليهم 221

و لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد اللّه إلى طلب انفساخه 150-151

و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون من أموالهم و أبنائهم 236

و لو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده،لكان للمعلّم مباحا 426

و لكنّي أبغضك للّه 414

و له أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها 484

و ما بأسه(إنّي أعالج الرقيق)418

و ما عليّ من غلائه،إن غلا فهو عليه،و إن رخص فهو عليه 496

و المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطرّ 439

و من آثر طاعة اللّه عزّ و جلّ،بما يغضب الناس،كفاه اللّه عزّ و جلّ 233

و من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهدة فأنفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك 80

و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض 326

و نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم 379

و هل ترك لنا عقيل من رباع 413

ويحه،أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له؟284

ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 232

و يلمّه مسعر حرب لو كان معه رجال 130

ص:551

«حرف الهاء»

هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم(رجل قال:لأقعدنّ في بيتي)496

هذا لا ينبغي له أن يكيل 294

هذا ما قاضى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهيل بن عمرو فقالوا له 178

هذه لنا و لشيعتنا 262

هل لك ناضح؟فقال:نعم،فقال أعلفه إيّاه و لا تأكله 422

هم أهل النهروان في قوله قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ... 181

هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه(عن الفلاّحين؟فقال:)446

هم شرّ الخلق و الخليقة؛لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد 180

هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها،و صمّوا،و بغّوا علينا و قاتلونا 182

هو خمر(عن الفقّاع،فقال...)352

هو سحت(الجوز يجيء به الصبيان من القمار)376

هو غارم إذا لم يأت على بائعها شهودا(في الرجل يوجد عنده السرقة)397

هي لك حلال(النصرانيّة)449

«حرف الياء»

يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة 419

يا أبا بصير إنّ اللّه عزّ و جلّ قد علم أنّ في الأمّة حكّاما يجورون أما 247

يا أبا الربيع لا تخالطوهم،فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف اللّه 306

يا أبا سيّار أ ما علمت أنّه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله 449

يا أبا عمّارة إنّ عندي عدلين كتّانا،فهل تشتريه بشيء و أصبر بثمنه 283

يا أبا الفضل أمالك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس 297

يا أبا محمّد إنّه لو كان على رجل حقّ فدعوته إلى حاكم أهل العدل فأبى عليك 247

ص:552

يا أبا محمّد لا،و لا مدّة بقلم إنّ أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا 456

يا أمّ حبيب العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم 433

يا أمّ طيّبة إذا خفضت فأشمّي و لا تجحفي،فإنّه أصفى للّون 432

يا ابن أمّ عبد ما حكم من بغى من أمّتي؟قلت:اللّه و رسوله أعلم 200

يا أمير المؤمنين و اللّه إنّي لأحبّك للّه،فقال له:و لكنّي أبغضك للّه 426

يا ابن أخي ذهبت المكارم إلاّ التقوى 413

يا جارية هاتي النمرقة 451

يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر 338

يا رسول اللّه إنّا كلّ على أزواجنا و آبائنا،فما يحلّ لنا من أموالهم؟488

يا رسول اللّه ليس لي شيء إلاّ ما أدخل عليّ الزبير فهل عليّ جناح 487

يا رسول اللّه ما الميسر؟قال:ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز 377

يا زياد إنّ أهون ما يصنع اللّه عزّ و جلّ بمن تولّى لهم عملا،أن يضرب 457

يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان 457

يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى 457

يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك 457

يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة أحبّ إليّ 457

يا سدير إذا فتحت بابك و بسطت بساطك فقد قضيت 278

يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك 498

يا عليّ إنّ ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه 249

يا عليّ عمل باليد من هو خير منّي و من أبي في أرضه 276

يا عليّ وفينا و اللّه لصاحبك 461

يا عليّ و في لي و اللّه صاحبك 461

يا محمّد إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس 418

ص:553

يا محمّد إنّ اللّه لعن الخمر و عاصرها و معتصرها 362

يا معاذ أضعفت عن التجارة أم زهدت فيها؟281

يا معتّب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا و نصفا حنطة 334

يا معشر التجّار اتّقوا اللّه عزّ و جلّ،فإذا سمعوا صوته ألقوا 288

يا معشر الناس الفقه ثمّ المتجر 288

يا مفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها 241

يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ و الغشّ لا يحلّ 310

يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم 498

يا فلان أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم 378

يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم إنّما كانت الشيعة تقول 456

يا هذا إن كنت تعلم أنّها قد أوصت بذلك إليك فيما بينك و بينها 490

يأكل منه ما شاء من غير سرف(عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه،قال:)479

يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها 480،486

يبعثه اللّه على نيّته(رجل مسلم و هو في ديوان هؤلاء فيقتل)464

يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام 180

يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم و صيامكم مع صيامهم و أعمالكم مع 179

يردّ إلى حكم المسلمين(رجلان من أهل الكتاب)162

يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا(يشتري من العامل)470

يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير يتبعون زلاّت العلماء 236

يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق 179

يكره أكل ما انتهب(عن النثار من السكر و اللوز و أشباهه أ يحلّ أكله؟)440

يكره ركوب البحر للتّجارة،إنّ أبي كان يقول:إنّك تضرّ بصلاتك 442

يكون في آخر الزمان قوم ينبع فيهم قوم مراءون يتقرّءون 235-236

ص:554

فهرس الأماكن

«حرف الألف»

أحد:218

أرض الحجاز:69،98،99

أرض الحرب:44

أسواق المسلمين:222

الأهواز:501

«حرف الباء»

بئر ذي أروان:387

بحر الحبش:96

البحرين:124

بحر الحجاز:98

بحر فارس:96

بست:502

البصرة:173،176،194،195،198،199، 203،204

بغداد:105

بلاد الإسلام:21،35،68،111،142

بيت المقدس:83

بيت أمّ هانئ:99

البيع و البيعة:67،84،104،165،166

بيوت نيران:105،106

«حرف التاء»

تبوك:118

تهامة:96

«حرف الجيم»

جدّة:96

جزيرة العرب:95،96،97

«حرف الحاء»

الحجاز:17،50،69،78،94،95،96،97، 99،100،101

ص:555

الحديبيّة:123،128،129،178

الحرم:78،81،98،99،100،101

الحلّ:100

حروراء:216

الحيرة:104

«حرف الخاء»

الخزر:28

خيبر:40،95،99،117

«حرف الدال»

دار الإسلام:15،28،44،45،46،49،50، 53،55،84،86،101،104،107،127، 134،149،158،159،162

دار أبي سفيان:29

دار الشرك:44

دار الندوة:413

دار الحرب:28،44،45،46،49،54،86، 112،142،148،158

دار الهجرة:16

دومة الجندل:20،126

الديلم:28

«حرف الراء»

الروم:33،35،80

«حرف السين»

سجستان:503،504

السماوة:96

ساحل البحر:130

السواحل:96

سواحل بحر الحجاز:98

السواد:65

«حرف الشين»

الشام:17،65،96،192،194،195،282، 367

«حرف الصاد»

صفّين:195،197،202،207

«حرف العين»

عدن:96

العراق:17،65،96،111،158

عكبرى:70

ص:556

عين أبي زياد:470

«حرف الفاء»

فارس:501

فدك:95

الفرات:96

الفرنج:33

«حرف الكاف»

الكعبة:99

الكوفة:69،183،283،288،289

الكنائس:67،78،84،105،106،107

كنيسة:78،84،165،166

كنيسة الروم في بغداد:105

«حرف الميم»

مدائن الشام:80

المدينة:95،99،120،123،124،125، 160،338،498،499

المساجد الجامعة:222

مساجد الحجاز:101

مساجد اللّه:176،184

المساجد:78،92،101،102،103،104

المسجد:99،103،184،295،296،382

المسجد الحرام:99،101،102

مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:104

مشاهد الأئمّة:453

مصر:17،65،123

مكّة:23،29،95،120،122،130،133، 152،332،364،412،413

«حرف النون»

نجد:96

نجران:96،153،155

نهاوند:15

النهر:182

النهروان:181،184

«حرف الياء»

يبرين:96

يثرب:123

اليمامة:95

اليمن:17،20،61،96

ينبع:95

ص:557

فهرس الطوائف و القبائل و الفرق

«حرف الألف»

آل سام:269،498

آل محمّد:464

آل المغيرة:375

الأئمّة:171،176،183،243،245

الإباضيّة:214

الأديان:46،149

الأرمن:33

الأزارقة:214

أسد:155

الإسلام:16،21،27،30،35،41،44،45، 46،49،54،62،75،77،79،88،104، 107،108،109،116،120،124،125، 137،138،139،140،142،143،147، 148،149،160،161،162،164،172، 184،201،208،225،245

أصحاب أبي حنيفة:322،386

أصحاب الرأي:74،209،214،217،317، 327،366،391،393،407،419،423

أصحاب الجمل:195

أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:367

أصحاب الشافعيّ:133،209،318،323،

أصحاب العاهات:305

أصحاب عليّ عليه السّلام:203،207

أصحاب الكهف:417

أصحاب مالك:328،329،355

أصحاب معاوية:195،207

أصحاب نافع بن الأزرق:215

أصحابنا:23،88،233،239،246،294، 300،363،380،385،445،446،469، 501

أصحاب نجدة الحروريّ:215،216

أعراب المؤمنين:16،17

الأغنياء:68

ص:558

الأكراد:306

الإماميّة:243

أمراء الأجناد:48

أنبياء اللّه:80،295،388

الأنصار:123،311،422

أهل الاجتهاد:173

أهل الأرض:399

أهل الإسلام:28

أهل الأصقاع:17

أهل الإنجيل:18،161

أهل الإيمان:246

أهل الباطل:266،368

أهل بست:503

أهل البصرة:173،192،167،195،204

أهل البصيرة:289

أهل البغي:28،169،170،171،173، 175،183،185،187،189،191،192، 195،196،198،199،201،204،205، 206،208،209،210،211،212،213، 214،216،217،220،221،225،369

أهل البلد:325

أهل البيت:102،455،503

أهل التوراة:18،161

أهل الجزية:85

أهل الجزيرة:78

أهل الجمل:197،198

أهل الجهاد:53،201

أهل الجور:247

أهل الحجاز:17

أهل الحرب:82،97،127،148،159، 179،185،192،204

أهل الحرم:100

أهل الحديث:179

أهل الحقّ:248،252

أهل خراج:52

أهل الخلاف:248،249،251

أهل خيبر:40

أهل دار الإسلام:133

أهل دومة الجندل:126

أهل الذمّة:28،37،39،40،41،44،51، 52،64،65،69،77،81،90،96،104، 105،108،127،128،154،161،162، 164،185،186،187،188،190،225، 306

أهل الردّة:172،194،223،224

أهل رعاس:153

ص:559

أهل الزيغ:172

أهل السوق:328

أهل الشام:174،192،194،195،367

أهل الشرك:111،172

أهل الصوامع:51

أهل العدل:185،190،191،192،194، 196،198،199،201،202،204،206، 210،212،214،217،247

أهل العدالة:212

أهل العراق:65،111

أهل القتال:199

أهل العلم:198،205،317،429

أهل القبلة:204

أهل الكتابين:18

أهل الكتاب:15،22،23،24،25،26،27، 29،30،31،32،34،35،39،41،45،54، 55،58

أهل العهد:188

أهل المساجد:103

أهل مصر:65

أهل المعاندة و الشقاق:85

أهل مكّة:23،29

أهل الموقف:382

أهل نجران:58،95،96،155

أهل النفاق:266

أهل النقصان:294

أهل النهر:182

أهل النهروان:174

أهل الهدنة:154،159

أهل الوفاء:293

أهل اليمن:20

«حرف الباء»

البغاة:176،179

بنو أميّة:439،460،461

بنو بكر:152،158

بنو بياضة:421

بنو تغلب بن وائل:33،36،37،38،39،58

بنو الحارث:18،38

بنو حنيفة:19،203

بنو عامر:295

بنو قريظة:156،160

بنو قينقاع:157

بنو كنانة:18

بنو مروان:399

بنو المصطلق:160

ص:560

بنو ناجية:153

بنو النضير:160

البيهسيّة:216

«حرف التاء»

التابعون:21

الترك:28

التغلبي:37

تميم:19،38

تنوخ:38

«حرف الثاء»

ثقيف:125،145

«حرف الجيم»

الجاهليّة:18،34،124

الجمهور:15،22،26،35،39،48،52، 54،57،66،85،94،115،117،127، 138،145،155،171،175،177،202، 213،220،222،223،225،310،315، 320،325،328،332،339،349،352، 371،377،383،391،406،408،410، 419،424،429،431،432،433،462، 466،487،489

جند كسرى:15

«حرف الحاء»

الحربيّة:50،101

الحروريّة:182،216

حمير:18،38

«حرف الخاء»

الخاصّة:16،23،27،39،44،48،53،58، 85،172،203،320،325،335،337، 339،350،355،359،371،384،392، 429،488،

خثعم:230

خزاعة:152،158

الخطّابيّة:213

الخوارج:174،177،179،180،183، 184،194،208،214،215،222

«حرف الدال»

دين الإسلام:147،148،149

«حرف الذال»

الذّمّي:73،94،95،101،109،110،161،

ص:561

164،165

«حرف الراء»

ربيعة:18

الرهبان:51،166

«حرف الزاي»

الزندقة:19

«حرف السين»

سحرة فرعون:278

السعود:124

«حرف الشين»

الشافعيّة:149،165،176

«حرف الصاد»

الصابئون:31

الصالحون:236،276،277

الصحابة:17،59،105،179،392،413

الصفريّة:215

«حرف الطاء»

طيّئ:155

«حرف العين»

عابد وثن:41

عبّاد الأوثان و الأصنام:25،26،41

العجم:20،25،30،105

العرب:15،20،21،25،26،27،29،30، 33،34،35،96،104،442

العقلاء:495

علماء الإسلام:17

علماؤنا:20،21،42،52،53،57،73، 137،202،237،238،330،331،352، 354،357،370،377،452،487

العلماء:48،55،216،326،327،343، 349،388

«حرف الغين»

غسّان:18،20

غطفان:123،124

«حرف الفاء»

فطحيّ:422

الفقراء:68،435،458

الفقهاء:17،88،174،179،204،244، 245،250،252

ص:562

الفقهاء القدماء:17

الفلاّحون:71

«حرف القاف»

القدريّة:214

قريش:19،130،151،152،155،158، 189،413،499

قضاعة:18

«حرف الكاف»

الكتابيّ:17،22

الكافر:30،369،390،393

الكفّار:21،25،29،122،130،133، 136،141،174،179،213،214،256، 467

كنانة:38

كندة:19،20

الكوفيّون:385

«حرف الميم»

المؤمنون:126،169،174،240،244، 245،264،270،271،278

المجوس:17،19،23،24،25،26،31، 41،104،139

المجوسية:19،146،147

المجاهدون:112

المحاربون:176

المخالف:43،55،204،218،219

مذهب الشافعيّ:175،328،423،466

المرتدّ:149،179،222

المرسلون:276

المسلم:21،54،95،109،110،122، 128،139،161،163،205،269،369، 382،467

المسلمون:17،37،40،50،54،58،64، 65،66،67،68،69،70،77،78،79،80، 81،82،83،84،86،87،89،90،91،92، 93،102،104،105،106،108،109، 110،116،117،118،119،120،121، 123،125،127،128،131،136،140، 142،143،144،151،154،155،158، 161،162،164،172،174،179،185، 186،187،188،197،205،214،222، 240،269،308،309،312،314،316، 320،326،332،334،339،350،367، 412،467

ص:563

المشرك:95،189

المشركون:16،81،82،88،92،95،99، 102،104،116،118،119،120،123، 126،144،150،151،155،183،185، 189،190

مشركو العرب:27،28

«حرف النون»

النبيّون:276

النسطوريّة:33

النصارى:17،18،19،25،30،31،32، 41،69،87،95،104،110،449

نصارى أيلة:64،66

نصارى بني تغلب:35

نصارى العرب:40

نصارى نجران:20،38،61،65

النصرانيّة:18،34،146،147،448،449

نصرانيّ:40،87،104،163،164،448، 449

نمير:155

«حرف الواو»

وثنيّ:22،148

واقفيّ:422

«حرف الهاء»

هذيل:122

«حرف الياء»

اليعقوبيّة:32

اليهود:17،18،19،25،30،40،41،69، 88،95،99،104،110،123،146،147، 148،157،160،316،448،462

يهود يثرب:123

ص:564

فهرس الكتب

«حرف الألف»

الاستبصار:331،341،399،482

الإنجيل:18،31،33،161،383

«حرف التاء»

التبيان:243

التوراة:18،31،160،161،167،383، 449

التهذيب:75

«حرف الخاء»

الخلاف:74

«حرف الذال»

الذكر الحكيم:495

«حرف الزاي»

زبور داود:30

«حرف الصاد»

صحف آدم:30

صحف إبراهيم:30

صحف إدريس:30

«حرف القاف»

القرآن:41،165،189،393،394،305، 395،414،426،427،428،430

«حرف الميم»

المبسوط:354

المصاحف:207

المصحف:429

المقنعة:332،354

«حرف النون»

النهاية:245،332،354،368،406

ص:565

فهرس الأسماء المقدّسة

«حرف الألف»

آدم:23،30

إدريس:30،446

أبو إبراهيم:44،399،406،471،478

أبو جعفر عليه السّلام:27،69،111،161،232، 235،242،250،251،257،258،275، 288،290،297،309،320،326،336، 352،367،373،375،376،395،401، 402،417،420،421

أبو جعفر الباقر عليه السّلام:53،442،456،470، 474،478،484

أبو جعفر الجواد عليه السّلام:503

أبو جعفر محمد بن على عليه السّلام:499

أبو الحسن عليه السّلام:231،232،251،268، 276،281،298،307،308،310،334، 372،417،436،448،452،459

أبو الحسن الرّضا عليه السّلام:232،235،254، 279،371،418،458،484

أبو الحسن موسى عليه السّلام:310،457،472

أبو عبد اللّه عليه السّلام:16،27،39،40،44،47، 48،51،58،63،81،85،90،144،162، 204،230،231،232،233،239،240، 242،244،246،247،248،251،252، 254،256،257،259،260،261،263، 266،267،269،270،273،275،277، 278،280،281،282،283،284،287، 290،291،292،293،294،295،296، 298،299،300،303،304،305،306، 308،309،311،314،326،333،335، 336،337،338،339،340،341،342، 350،351،352،353،355،365،367، 370،371،372،374،345،376،378، 379،380،381،385،390،392،394، 395،396،397،398،399،401،402،

ص:566

405،406،407،408،414،416،419، 420،422،426،427،428،429،430، 431،433،434،436،437،438،439، 440،441،442،443،445،446،447، 449،450،451،455،456،459،460، 461،462،463،464،466،468،471، 472،473،476،480،481،482،483، 485،486،488،490،491،493،494، 496،497،498،500،502

أمير المؤمنين عليه السّلام:23،27،29،104،111، 178،182،197،203،220،221،234، 242،254،275،276،277،280،284، 285،287،288،293،294،295،306، 311،335،379،382،398،415،426، 428،439،444،495،500

«حرف الباء»

جبرائيل عليه السّلام:31

الباقر عليه السّلام:40،53،54،278،350،419، 421

«حرف الجيم»

جعفر عليه السّلام:139،171،181،257،258، 265،268،269،374،438،440،449، 450

جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام:174،335، 382،398،442،446

«حرف الحاء»

الحسن عليه السّلام:182،462،463

الحسن بن عليّ عليه السّلام:466

الحسين عليه السّلام:122،462،463

حمزة:374

«حرف الدال»

داود عليه السّلام:30،277

«حرف الراء»

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:15،16،22،28،29،40، 44،48،59،64،80،95،110،118،123، 124،126،130،144،145،150،152، 155،156،157،158،160،167،173، 177،178،179،180،188،189،200، 225،230،232،233،248،249،250، 253،254،257،260،261،262،263، 264،225،257،268،269،276،279،

ص:567

282،284،286،294،295،302،303، 308،309،314،316،320،324،326، 331،332،333،335،339،340،342، 349،351،356،364،367،375،377، 378،379،380،382،383،384،395، 398،405،414،416،417،421،422، 425،433،437،450،455،458،465، 466،488،487،488،493،498،501

الرّضا:264،352،418،425،448

«حرف الشين»

شعيب النبيّ عليه السّلام:237

«حرف الصاد»

الصادق عليه السلام:234،241،260،274،278، 279،280،285،289،297،303،306، 311،356،379،380،398،432،475

«حرف العين»

العالم عليه السّلام:274،279

العبد الصالح عليه السّلام:369،426،443

العزير عليه السّلام:80

عليّ عليه السّلام:23،34،36،39،43،56،58،59، 60،61،172،173،174،175،176، 177،178،181،182،184،194،198، 199،203،204،207،208،209،210، 222،249،278،334،340،414،425، 426،432،437،440،444،450،462، 476،479،501

عليّ بن الحسين عليه السّلام:174،198،199،249، 261،262،277،451،496،498،499

عيسى عليه السّلام:30،80،167

«حرف الفاء»

فاطمة:133

«حرف الميم»

محمّد صلّى اللّه عليه و آله:27،29،157،188،237، 297،418

محمّد بن عليّ عليه السّلام:489،

موسى جعفر عليه السلام:489،440

موسى بن عمران عليه السّلام:167،278

«حرف النون»

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:16،17،20،21،23،24،26، 28،29،30،38،40،43،48،52،53،57،

ص:568

59،60،61،62،64،66،67،69،74،77، 84،88،95،96،103،107،108،110، 115،117،120،122،123،124،125، 128،129،130،133،134،135،134، 144،145،151،152،155،156،157، 160،169،176،178،184،189،191، 218،222،232،233،260،264،280، 309،310،311،312،313،314،315، 316،319،321،323،327،328،329، 330،331،333،340،343،355،358، 362،364،371،374،375،376،377، 383،387،391،412،413،417،419، 424،432،433،468،475،476،480، 487،488

ص:569

فهرس الأعلام

«حرف الألف»

أبان بن تغلب:197

أبان بن عثمان:395،449

إبراهيم بن أبى البلاد:372

إبراهيم بن أبى محمود:448،458

إبراهيم الحربيّ:25

إبراهيم بن عبد الحميد:307،417

إبراهيم الكرخيّ:342

إبراهيم بن هاشم:385

ابن أبي سمّال:463

ابن أبي عمير:233،239،293،331،437، 491،

ابن أبي قحافة:173

ابن أبي ليلى:34،254

ابن أبي نجران:396

ابن أبي هريرة:107

ابن أبي يحيى الرازيّ:303

ابن أبي يعفور:380،480،486

ابن إدريس:57،63،73،175،201،244، 245،252،292،302،303،37،311، 321،322،325،331،343،354،368، 397،405،437،445،451،452،485، 486،481،482

ابن أذينة:365

ابن الأعرابيّ:344

ابن أمّ عبد:200

ابن بابويه:58،85،273،292،295،296، 297،298،305،306،331،335،336، 340،379،380،382،383،398،414

ابن البرّاج:442

ابن بكير:401،442،488

ابن الجنيد:31،42،53،54،55،56،59، 70،73،97،104،116،119،121،123، 124،143،144،149،153،202،220،

ص:570

225،384

ابن جمهور:494،501

ابن حمزة:133

ابن الحقيق:157

ابن خطل:84

ابن الزبير:413

ابن سنان:395،436،443،482

ابن سيرين:407،423

ابن طيفور المتطبّب:258

ابن عبّاس:95،104،105،172،177، 196،203،207،320،324،362،391، 392،407،419،434

ابن عبد البرّ:181،327

ابن عمر:171،172،316،322،391

ابن غياث:81

ابن فضّال:418،492

ابن القدّاح:333

ابن قيس:203

ابن مسعود:200،202

ابن ملجم:182،184

ابن المنذر:20،74،191،217،220،324، 412،423،429

أبو أسامة زيد الشحام:500

أبو إسحاق:31،196

أبو إسحاق الشيرازيّ:84

أبو إسحاق المروزيّ:18

أبو أمامة:202،332،371

أبو إمامة الباهلي:488

أبو إسماعيل الصيقل الرازيّ:418،419

أبو أيّوب الخزّاز:430

أبو البختريّ:172

أبو بصير:129،130،134،161،247، 248،267،269،373،376،380، 396،420،451،455،453

أبو بكر:23،194،218،225

أبو بكر الحضرميّ:367،462،473

أبو ثور:20،25،74،209،423،429

أبو الجارود:395

أبو جندل بن سهيل:129،130،134

أبو جعفر الطوسيّ:336

أبو الحارث:88

أبو الحباب:88

أبو حذيفة بن عتبة:218

أبو الحسن الأحمصيّ:270

أبو حمزة:375،451،496

أبو حمزة الثماليّ:198،199،266،492،

ص:571

495

أبو حنيفة:24،25،29،34،36،37،39، 47،56،59،60،61،62،72،83،93،98، 99،107،120،121،128،135،159، 179،190،192،193،195،196،200، 205،212،213،214،219،319،326، 343،350،354،364،366،377،388، 409،411،412،429

أبو خديجه:246

أبو خضيرة:262

أبو الخطّاب:300

أبو الدرداء:53

أبو الربيع الشاميّ:306

أبو زهرة:444

أبو زياد:470

أبو سعيد:179

أبو سعيد الإصطخريّ:107

أبو سعيد الزهريّ:232

أبو سفيان:29،123

أبو سيّار:449

أبو شبل:291

أبو الصلاح:63،331

أبو العبّاس البقباق:473

أبو العبّاس بن سريج:40

أبو عبد الرحمن السلمي:254

أبو عبيد:73،289،344

أبو عبيدة بن الجرّاح:40،83،95،96،218، 251

أبو عبيدة الحذاء:459

أبو عليّ الفارسيّ:368

أبو عمارة الطيّار:283

أبو عمر الحذاء:459

أبو عمرو السرّاج:397

أبو الفضل سالم الحنّاط:338

أبو القاسم:87

أبو القاسم الصيقل:369

أبو محمّد:400،456

أبو مخلد السّراج:441

أبو مسعود الأنصاريّ:356

أبو المعزى:434،463

أبو موسى:102

أبو موسى الأشعريّ:96،207،208،391

أبو ولاّد:399

أبو الوليد:375

أبو هريرة:171،310،322،327،316، 358،407

ص:572

أبو يوسف:20،318

أحمد بن حنبل:20،26،32،34،36،39، 42،46،55،57،62،66،68،72،74،93، 98،107،131،135،192،193،214، 215،217،219،224،313،317،318، 322،324،327،350،358،362،363، 389،391،393،404،407،411،419، 423،424،487،488

أحمد بن زكريّا الصيدلانيّ:503

أحمد بن محمّد بن خالد:231

أحنف بن قيس:384

أسباط بن سالم:282

إسحاق:39،326،391،407،412،434

إسحاق بن إبراهيم:473

إسحاق بن عمّار:280،294،376،396، 416،417،426،440،443،470،483

إسحاق بن عمر:372

أسد بن عبد العزّى:155

أسماء:487

إسماعيل:463

إسماعيل بن أبي زياد:333

إسماعيل بن جابر:39

إسماعيل بن مسلم:295،499

أسقف نجران:88

الأشتر(مالك):150،198،221

الأصبغ بن نباتة:288

الأقرع:124

أكيدر:20،38

أمّ إسماعيل:419

أمّ حبيب:433

أم الحسن النخعيّة:447

أمّ سلمة:375

أمّ طيبة:432

أمّ عبد اللّه بن الحسن:429

أمّ عبد اللّه بن الحسن:394

أمّ عطيّة:433

أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط:132

أمّ المؤمنين:203

أمّ هانئ:99

أنس:311،322،339،424

الأوزاعيّ:20،26،30،191،324،326، 336،354

أيّوب أخي أديم بيّاع الهرويّ:496

«حرف الباء»

بجالة:384

ص:573

البخاريّ:315،387

برد الإسكاف:353

بشير النّبال:299

بياع الكرابيس:282

بياع الأكسية:281

«حرف التاء»

تغلب بن وائل:33

«حرف الثاء»

ثابت بن أقرم:225

ثمامة بن أثال الحنفيّ:103

الثوريّ:57،73،362،363،366،407، 412

«حرف الجيم»

جابر:233،235،242،288،249،276، 421

جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ:354،355،364، 365

جابر بن زيد:407،429

جرّاح:396

جرّاح المدائنيّ:392،427

جزء بن معاوية:384

جميل بن دراج:472

جميل بن صالح:273،470

جندب بن كعب:384

جهم بن أبى جهم:333

جهم بن حميد:381

«حرف الحاء»

حاتم:395

الحارث بن عمر الغطفانيّ:124

الحارث بن كعب:18،19،380

حبيب الأسديّ:261

حديد:468

حذيفة بن منصور:290

حذيفة بن اليمان:144

حسّان المعلم:427

الحسن البصريّ:39،324،354،363،391، 407،417،423،432

الحسن بن الحسين الأنباريّ:458

الحسن بن زيد:398

الحسن بن صالح بن حيّ:34

الحسن بن صبّاح:304

الحسن بن محبوب:484

ص:574

الحسين بن أبي العلاء:261،442،480

الحسين بن زيد:379،380،382،398

الحسين بن عبد اللّه النيشابوريّ:504

الحسين بن المختار القلانسيّ:379

الحسين بن مصعب:398

الحسين بن المنذر:491

حفص بن البختريّ:304،491

حفصة:384

حفص بن غياث:27،44،48،51،196، 244،252،256

الحكم:39،343،391،407

حكم السرّاج:367

حكيم بن حزام:145،338

الحلبيّ راوى:40،280،336،337،341، 422،464

حمّاد:39،343،354،407

حمّاد بن بشير:293

حمّاد بن عثمان:300

حمّاد اللحّام:275

حمزة عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:374

حميد:381

حنّان:294

حنّان بن سدير:374،420،421

حيّ بن أخطب:156

«حرف الخاء»

خالد بن الوليد:16،20

خبيب:122

الخليل:96

«حرف الدال»

داود الرقّيّ:240،259

داود بن رزين:464

داود بن زربي:472

داود الظاهريّ:354

درست:260

«حرف الذال»

ذريح بن يزيد المحاربيّ:273

«حرف الراء»

رافع بن خديج:356

ربيعة:354،419

رفاعة:422

روح بن عبد الرحيم:429

ص:575

«حرف الزاي»

الزبرقان:124

الزبير:173،179،198

زرارة:58،85،104،352،421،455، 456،462

الزهريّ:39،123،462

زياد:220

زياد بن سلمة:457

زيد بن عليّ:253،262،267،414،426

زينب العطّارة الحولاء:316

«حرف السين»

السرّاج:367،441

السرّاد:367

سدير:297

سدير الصيرفيّ:278،416

السدّي:32

سعد الإسكاف:309

سعد بن زرارة:124

سعد بن سعد الأشعريّ:254

سعد بن عبادة:123،124

سعد بن معاذ:40،123،124

سعد بن يسار:490،481

السعود:124

سعيد:71

سعيد بن جبير:39،391

سعيد بن عامر بن حذيم:71

سعيد بن عبد العزيز:26

سعيد بن محمّد الطاطريّ:371

سعيد بن المسيّب:332،389

السكونيّ:139،182،231،249،257، 258،259،265،268،293،302،309، 314،350،376،378،390،401،402، 425،438،450

سلاّر:252،332،338

سليمان:278

سليمان بن بريدة:16

سليمان بن خالد:471

سليمان بن صالح:291

سلمة بن الأكوع:171

سليم بن قيس الهلاليّ:501

سماعة:374،394،401،422،430،439

سهيل بن عمرو:115،178

السيد المرتضى:202،204،205،238، 243،351

سيابة:447

ص:576

«حرف الشين»

الشافعى:20،21،22،24،30،31،34،36، 38،39،42،46،50،54،55،57،59،60، 61،62،65،66،68،70،71،74،75،76، 82،85،86،92،98،100،101،105، 107،119،120،121،128،131،132، 135،137،159،161،179،184،186، 187،188،192،193،195،200،205، 206،212،214،217،218،219،224، 226،227،228،313،315،317،318، 319،324،328،329،343،353،354، 356،358،360،362،363،364،377، 378،386،388،391،399،405،406، 407،411،412،413،419،423،424، 429

شريح:221

شريف بن سابق التفليسيّ:276

الشعبيّ:39،120

الشعيريّ:311،438

شهاب:51

شهاب بن عبد ربّه:299

الشيخان:57،63،73،245،252

الشيخ:27،50،51،52،58،68،69،70، 75،83،84،85،88،86،93،94،98،100، 105،106،109،111،116،118،119، 120،121،136،137،139،140،141، 146،147،148،149،161،162،164، 165،174،175،182،184،188،195، 196،198،202،203،204،206،211، 217،226،230،231،238،239،240، 242،243،245،246،248،249،250، 251،252،253،254،256،257،258، 259،261،264،265،280،287،290، 291،292،293،294،296،299،300، 302،303،305،306،310،311،314، 320،321،322،323،324،331،332، 333،335،336،337،339،340،342، 343،350،351،354،355،356،365، 367،368،369،370،371،373،374، 376،378،379،385،386،392،394، 395،397،398،401،402،405،406، 414،416،418،420،425،426،427، 428،429،432،435،436،437،439، 440،441،442،443،444،445،446، 448،449،450،451،452،455،456، 460،462،464،468،470،472،475،

ص:577

478،480،481،483،485،488،489، 490،491،492،496،498،500،501

«حرف الصاد»

صفوان:338

«حرف الضاد»

ضريس:257

«حرف الطاء»

طاوس:343،400

طلحة:173،179،198

طلحة بن زيد:47،287،437

طلحة بن عبد اللّه:322

طلحة بن عبيد اللّه:322

طليحة:224

ظريف بن ناصح:304

«حرف العين»

عائشة:110،111،203،387،487

عامر بن جذاعة:290

العبّاس:459

عبد الأعلى مولى آل سام:269،297

عبد الحميد بن سعد:406

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه:394،407، 429

عبد الرحمن بن الحجّاج:204،435،436، 497

عبد الرحمن بن عوف:22

عبد الرحمن بن غنم:78،80

عبد الرحمن بن ملجم:175

عبد اللّه بن إباض:215

عبد اللّه بن أبيّ بن سلّول:169

عبد اللّه بن أبيّ يعفور:500

عبد اللّه بن جعفر:462

عبد اللّه بن الحسن:379

عبد اللّه بن الحسن الدينوري:448

عبد اللّه بن خبّاب:181،184،194

عبد اللّه بن رواحة:169

عبد اللّه بن الزبير:173

عبد اللّه بن زيد:467

عبد اللّه بن سعيد الدغشي:299

عبد اللّه بن سليمان:340،392،495

عبد اللّه بن سنان:246،259،261،414، 443،466

عبد اللّه بن شريك:197

عبد اللّه بن ضمرة:340

ص:578

عبد اللّه بن عبّاس:177

عبد اللّه بن عبد الرحمن:268

عبد اللّه بن القاسم الجعفريّ:439

عبد اللّه بن محمّد بن طلحة:230

عبد اللّه بن مسكان:248

عبد اللّه بن المغيرة:251

عبد اللّه بن منصور:339

عبيد:422،442

عبيد بن إسحاق:293

عثمان:174،179

عثمان بن عفّان:227

عثمان بن عيسى:392،422

عدى بن حاتم:467

عذافر:275

عروة بن عبد اللّه:320،326

عطاء:39،354،358،363

عطاء بن السائب:249

عقيل:413

عكاشة بن محصن:226

عكرمة:391،419

العلاء بن كامل:496

عليّ بن أبيّ حمزة:276،378،460،461

عليّ بن إبراهيم الجعفريّ:260

عليّ بن أسباط:303

عليّ بن جعفر:440،478،479،489

عليّ بن سليمان:474

عليّ بن السنديّ:251

عليّ الصائغ:402

عليّ بن عبد الرحيم:291

عليّ بن عبد العزيز:274،284

عليّ بن عقبه:300

عليّ بن مهزيار:473

عليّ بن النعمان:434

عليّ بن يقطين:457

عمّار:455

عمّار بن مروان:350،395،402

عمّار بن ياسر:29

عمّار الساباطيّ:352،436

عمارة بن الوليد:388

عمر:75،78،83،85،93،96،102،173، 225،341

عمر بن إبراهيم:298

عمر بن أبي حفص:476

عمر بن أذينة:23،35،36،38،48،58، 59،61،65،69،71،75،78،83،85،93، 96،274،370

ص:579

عمر بن حنظلة:246

عمر بن الخطّاب:23،35،36،38،48،58، 59،61،65،69،71،53،332،384،389

عمر بن عبد العزيز:34،35،38،51،58، 72،105،326

عمر بن مسلم:284

عمر بن يزيد:280،495

عمرو بن ثابت:432

عمرو بن حريث:370

عمرو بن حزم:53

عمرو بن خالد:414

عمرو بن العاص:207،208

عمير بن وهب:103

العنسيّ:224

عيسى:304

عيسى بن سيفيّ:385

عيسى بن عبد اللّه القمّيّ:254

عيسى بن هشام:308

عيسى بن القاسم:406،408

عيينة بن حصن:123

«حرف الغين»

غياث:335

غياث بن إبراهيم:242

«حرف الفاء»

فاطمة بنت قيس:312،313

فرعون:263،278

فرقد الحجّام:420

فروة بن نوفل الأشجعيّ:22

فزارة:258

الفضل بن أبى قرة الكوفيّ:276،426

الفضل بن كثير:427

الفضيل بن يسار:277،472

«حرف القاف»

القاسم بن محمّد:387،437

قتيبة الأعشى:428

قيس:290

«حرف الكاف»

كرّام:263

كعب بن الأشرف:156

«حرف اللام»

لبيد بن الأعصم:387

ص:580

الليث:322،326

الليث بن سعد:329،330

«حرف الميم»

مالك:20،26،55،57،71،73،179، 192،193،214،215،217،322،324، 326،328،329،336،339،343،350، 357،407،411،412،419،423،432

مالك بن دينار:429

مثنّى الحناط:294

مجاهد:32،407،413

محمّد:318

محمد بن الحسن الصفّار:400،447

محمد بن خالد:172،447

محمد الزعفرانيّ:281

محمّد بن زياد البجلي:257

محمد بن سنان:481،482

محمد بن عذافر:275

محمد بن عرفة:231،232،235

محمد بن عليّ الحلبيّ:399،450،476

محمد بن عيسى:231

محمد بن عيسى العبيديّ:369،459

محمد بن قيس:368

محمد بن مروان:455

محمد بن مسلم:40،63،64،69،111، 298،402،433،442،462،473،480، 484

محمد بن مضارب:351

محمد بن المنكدر:498

محمد الورّاق:394،430

مروان:115

مروان بن الحكم:174،203

مروك بن عبيد:446

المزنيّ:21،22،42،135،161

المستورد:23

مسعدة بن صدقة:16،232،239،254،466

مسلم:358

مسمع:405،449

مسمع بن عبد الملك:260،438

مسور بن مخرمة:115

مسيلمة الكذّاب:223

مصدّق:452

معاذ:20،38،53،57،59،60،75،281، 282

معاذ بن كثير:280،282

معاذ الهرّاء النحويّ:251

ص:581

معاوية:40،174،177،178،195،198، 207،208

معاوية بن عمّار:296،298،422،462

معاوية بن وهب:248

معتّب:333،334،441

المعتصم:503

معقل بن قيس:153

معلّى بن خنيس:342،442،496

معمّر بن خلاّد:279

المغيرة بن شعبة:15

مفضّل بن يزيد:240،241

المفيد:42،332،338،354

مكحول:462

ملكة سبأ:278

منهال القصّاب:325

موسى بن أبي الحسن الرازيّ:264

موسى بن بكر:308،399

موسى بن عبد الملك:473،474

مهران بن محمد بن أبى نصر:459

ميسر:292

ميسر بن عبد العزيز:305

«حرف النون»

نافع بن الأزرق:215

النجاشيّ:388،501،502

النخعيّ:39،354

نصر بن عاصم:145

نصر بن قابوس:372

نعمان بن زرعة:37

النوفليّ:293،303

«حرف الواو»

الوشّاء:352

الوليد بن صبيح:306،455،456

الوليد بن عقبه:384

الوليد العماريّ:355

الوليد بن مدرك:434

الوليد بن المغيرة:375

الوليد بن الوليد:375

وهب:440

وهب الحريريّ:449

ص:582

«حرف الهاء»

هارون بن حمزة:162،292

هاشم بن يزيد:262

هشام:300،491

هشام بن الحكم:291،310،434

هشام بن سالم:280،308،378،470

هشام الصيدلانيّ:299،300،498

هند السراج:367

هيثم:258

«حرف الياء»

يحيى الأنصاريّ:419

يحيى بن أبي العلاء:266،463

يحيى الطويل صاحب البصريّ:239،242

يزيد بن هارون الواسطيّ:446

يعقوب بن شعيب:350

يوسف بن جابر:250

يونس بن عمّار:456

يونس بن يعقوب:334،374،381

ص:583

فهرس الموضوعات

الإهداء 5

كلمة القسم 7

المقصد السادس في أحكام الذمة

و فيه مباحث [البحث]الأوّل في وجوب الجزية و من تؤخذ منه

15

في عقد الجزية 17

من الكتابيّ؟17

أخذ الجزية من أهل الكتابين 18

من أهل الكتابين؟18

هل تؤخذ الجزية ممّن دخل في دينهم من الكفّار؟21

هل تؤخذ الجزية من المجوس؟22

هل تقبل الجزية من عبّاد الأوثان؟25

السيوف الثلاثة 27

هل تقبل الجزية من عدا اليهود و النصارى و المجوس؟30

ص:584

هل تؤخذ الجزية من الصابئين؟31

هل تؤخذ الجزية من بني تغلب و تنوخ و بهراء؟34

هل تؤخذ الجزية من الصبيان و المجانين و نسائهم؟36

لو بذل التغلبيّ أداء الجزية 37

هل تقبل من الحربيّ من التغلبيّين؟37

لو أراد الإمام نقض صلحهم و تجديد الجزية عليهم 38

إذا لم يلتزموا بشرائط الذمّة و فرّقوا 38

ذبائح بني تغلب و مناكحتهم 39

هل تسقط الجزية من أهل خيبر؟40

إذا غزا الإمام قوما فادّعوا أنّهم أهل كتاب 41

لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب و له ابنان 41

لو دخل أبوهما في دين الكتاب ثمّ مات ثمّ جاء الإسلام و بلغ الصبيّ 41

في سقوط الجزية عن الفقير 42

في سقوط الجزية عن الصبيّ 43

الصبيّ إذا بلغ و كان من أهل الذمّة 44

لو كان هذا الصبيّ ابن عابد وثن و بلغ 45

لو بلغ الصبيّ مبذّرا 45

لو صالح الإمام قوما على أن يؤدّوا الجزية 45

لو بلغ سفيها 45

الإمام إذا عقد الذمّة لرجل 45

لو كان أحد أبويه وثنيّا 46

هل تسقط الجزية عن المجنون المطبق؟47

لو كان جنونه غير مطبق 47

ص:585

هل تؤخذ الجزية من النساء؟48

لو بذلت امرأة الجزية 49

لو بعثت امرأة من دار الحرب فطلبت أن يعقد لها الذمّة 49

لو كان في حصن رجال و نساء و صبيان فامتنع الرجال من الجزية 49

لو دخلت الحربيّة دار الإسلام بأمان للتّجارة 50

هل تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني و الزّمن؟50

هل تؤخذ الجزية من أهل الصوامع و الرهبان؟51

في إيجاب الجزية على المملوك 52

لو كان نصفه حرّا و نصفه رقّا 54

لو أعتق المملوك 54

البحث الثاني في مقدار الجزية

هل في الجزية شيء مقدّر؟56

هل تؤخذ الجزية ممّا تيسّر من أموالهم 61

هل تتداخل الجزية؟62

يتخيّر الإمام في وضع الجزية على رءوسهم أو أرضيهم 63

هل يجوز أن يشترط ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين في عقد الذمّة؟64

لو لم يشترط الضيافة 65

إذا شرط الضيافة 66

هل تكون الضيافة على قدر الجزية؟67

نزول المسلمين في فواضل منازلهم و بيعهم 67

إذا شرطت الضيافة و امتنعوا 68

ص:586

هل يؤخذ منهم شيء آخر سوى الجزية؟68

في تفسير الصغار 70

إذا مات الذمّيّ بعد الحول 71

لو مات في أثناء الحول 72

هل الجزية تقدّم على وصاياه؟72

لو أفلس 73

هل يجوز استسلاف الجزية مع المصلحة 73

إذا أسلم لتسقط عنه الجزية 75

لو أسلم في أثناء الحول 76

لو استسلف الإمام منه الجزية ثمّ أسلم في أثناء الحول 76

البحث الثالث فيما يشترط على أهل الذمّة

هل يجوز عقد الذمّة المؤبّدة؟77

هل ينبغي للإمام أن يشرط عليهم كلّ ما فيه نفع للمسلمين؟78

أقسام جملة ما يشترط على أهل الذمّة 81

حكم من انتقض أمانه 88

حكم المستأمن 88

هل يلزم كتابة أسمائهم و عددهم في عقد الذمّة؟89

حكم انعقاد عقد الذمّة ما داموا على الذمّة 89

إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم 89

من أراق من المسلمين لهم خمرا 89

أخذ الجزية ممّا لا يسوّغ للمسلمين تملّكه 90

ص:587

إذا مات الإمام و قد ضرب من الجزية أمدا 90

البحث الرابع في أحكام المساكن و الأبنية و المساجد

هل يجوز لأهل الحرب أن يدخلوا بلاد الإسلام؟92

إذا شرط الإمام عليهم شرطا دائما 93

هل يجوز سكنى الحجاز للحربيّ؟95

ما المراد بجزيرة العرب و الحجاز؟95

لم سمّي الحجاز حجازا؟96

لو دخل واحد منهم بغير إذن الإمام 97

لو دخل بإذن هل يجوز أن ينتقل إلى غيره؟97

لو مرض بالحجاز 97

الاجتياز في أرض الحجاز بالإذن و غيره 98

لو كان له دين فأراد الإقامة لاقتضائه 98

هل يجوز لهم دخول الحرم؟98

لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض 100

أقسام المساجد و دخولهم فيها 101

إذا وفد قوم من المشركين إلى الإمام 104

البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام 104

حكم البلد الذي أنشأه المسلمون و أحدثوه 104

البلد الذي فتحه المسلمون عنوة 105

البلد الذي فتح صلحا 106

أقسام دور أهل الذمّة 108

ص:588

تصدير أهل الذمّة في المجالس و بدؤهم بالسلام 110

مصرف الجزية 111

المقصد السابع في المهادنة و أحكامها

[البحث]الأوّل [في المهادنة]

معنى المهادنة و المواعدة و المعاهدة115

هل تجوز المهادنة مع وجود المصلحة للمسلمين؟116

وجوب ذكر المدّة في المهادنة 116

هل يجوز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة؟118

إذا صالحهم أكثر من أربعة أشهر و أقلّ من سنة 118

لو لم يكن في المسلمين قوّة و اقتضت المصلحة أكثر من سنة 119

هل يتقدّر الزائد بقدر؟119

لو صالحهم أكثر من عشر سنين 121

إذا أراد حربيّ منهم أن يدخل دار الإسلام رسولا أو مستأمنا 121

هل الهدنة واجبة على كلّ تقدير؟121

مهادنة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة 123

لو صالحهم على مال 123

هل يجوز أن يهادنهم على وضع شيء من حقوق المسلمين؟125

هل يجوز عقد الهدنة و الذمّة من غير الإمام و نائبه؟126

جواز عقد الأمان لآحاد الرعايا 126

إذا عقد الهدنة هل يجب عليه حمايتهم من المسلمين؟127

أقسام الشروط المذكورة في عقد الهدنة 128

ص:589

لو شرط الإمام ردّ من جاء مسلما من الرجال 128

لو شرط في الصلح ردّ الرجال مطلقا 131

لو جاء صبيّ و وصف الإسلام هل يردّ؟131

لو جاء عبد هل نحكم بحريّته؟131

ردّ النساء المهاجرات 132

لو طلبت امرأة أو صبيّة مسلمة الخروج من عند الكفّار 133

إذا عقد الهدنة مطلقا فجاءنا منهم إنسان هل يجب ردّه؟133

إذا شرط الإمام في الهدنة ردّ النساء 134

إذا أطلق الهدنة 134

لو أنفق الزوج في العرس أو أهدى إليها شيئا هل يجب ردّه؟136

لو قدمت مجنونة 136

لو قدمت صغيرة و وصفت الإسلام 137

لو قدمت مسلمة ثمّ ارتدّت 138

لو جاءت مسلمة و جاء زوجها يطلبها فمات أحدهما 138

لو قدمت مسلمة فطلّقها زوجها 139

لو جاءت مسلمة ثمّ جاء زوجها و أسلم 139

لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام 140

إذا قدمت مسلمة إلى الإمام فجاء رجل ادّعى أنّها زوجته 141

إذا ثبت النكاح بالبيّنة أو باعترافها،فادّعى أنّه سلّم إليها المهر 141

إذا عقد الإمام الهدنة ثمّ مات 142

إذا نزل الإمام على بلد و عقد لهم صلحا 142

لو شرط الإمام في عقد الهدنة ما لا يجوز 143

ص:590

البحث الثاني في تبديل أهل الذمّة دينهم

إذا انتقل ذمّيّ إلى دين آخر 146

لو انتقل إلى دين لا يقرّ عليه أهله 148

ما الذي يقبل منه؟148

البحث الثالث في نقض العهد

إذا عقد الإمام الهدنة هل يجب عليه الوفاء ما لم ينقضوها؟150

لو شرع المشركون في نقض العهد 151

لو نقضوا العهد ثمّ تابوا عنه 153

إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين 153

إذا نقضت الهدنة لخوف الإمام 154

إذا هادنهم لأحد المصالح 155

إذا عقد الإمام الذمّة للمشركين 158

إن شرط الإمام في عقد الذمّة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب 158

إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة 159

البحث الرابع في الحكم بين المعاهدين و المهادنين

إذا تحاكم إلينا ذمّيّ مع مسلم أو مستأمن مع مسلم 161

إذا استعدى أحد الخصمين إلى الإمام 162

ص:591

إذا جاءت امرأة ذمّيّة تستعدي على زوجها الذّمي في طلاق أو...162

هل يجوز للمسلم أن يأخذ مالا من نصرانيّ مضاربة؟163

إذا أكرى نفسه من ذمّيّ 163

إذا فعل أهل الذمّة ما لا يجوز في شرع الإسلام 164

إذا جاء نصرانيّ قد باع من مسلم خمرا 164

إذا أوصى مسلم لذمّيّ بعبد مسلم 164

هل يمنع المشرك من شراء المصاحف؟165

إذا أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة أو بيعة 165

لو أوصى بشيء تكتب به التوراة و الإنجيل 166

لو أوصى أن يكتب طبّا أو حسابا 167

المقصد الثامن في قتال أهل البغي

فوائد آية وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 169

وجوب قتال أهل البغي 171

ثبوت حكم البغي بشرائط ثلاثة 174

هل يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما 176

ثبوت الإمامة بالنصّ 176

المراد من الخوارج 179

وجوب قتال أهل البغي على كلّ من ندبه الإمام لقتالهم 182

هل الخوارج يعتقدون تكفير من أتى بكبيرة؟183

إذا ثبت أنّ الباغي يقتل قصاصا فهل يتحتّم القصاص؟184

لو استعان أهل البغي بنسائهم و صبيانهم 185

ص:592

لو استعان أهل البغي بالمشركين 185

لو استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم و قاتلوا معهم 186

لو استعانوا بالمستأمنين 187

هل للإمام أن يستعين بأهل الذمّة على حرب أهل البغي 188

هل يجوز للإمام أن يستعين على أهل الحرب بأهل الذمّة 188

إذا افترق أهل البغي طائفتين ثمّ اقتتلوا 189

يجوز إتلاف أموال أهل البغي عند الحرب 190

إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلاّ بالقتل 190

إن أتلف أهل العدل على أهل الحرب مالا قبل الشروع في القتال 191

إذا أتلف أهل البغي مال أهل العدل حال القتال 192

ما يتلفه أهل العدل من نفوس أهل البغي 193

أقسام أهل البغي 195

لو قتل إنسان من أهل العدل من منع من قتله 198

إذا وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل 199

لو كان الأسير من غير أهل القتال 201

لو أسر كلّ واحد من الفريقين أسارى من الآخر 201

لو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل 201

حكم مال أهل البغي الذي لم يحوه العسكر 201

حكم أموالهم التي حواها العسكر 202

هل يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي و سلاحهم 204

سبي ذراريّ الفريقين 205

إذا سأل أهل البغي الإمام أن ينظرهم و يكفّ عنهم 205

لو توسّل أهل البغي برفع المصاحف 206

ص:593

لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل 208

إذا غلب أهل البغي على بلد 209

إذا زالت أيدي أهل البغي عن البلد و ملكه أهل العدل 210

هل تقبل شهادة أهل البغي عندنا 213

حكم من قتل من أهل العدل في المعركة 214

حكم من قتل من أهل البغي في المعركة 214

إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحدّ 216

هل يجوز للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه؟217

هل يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل 220

حكم من سبّ الإمام و النبيّ 222

المراد من الردّة في اللغة و الشرع 223

مانع الزكاة مرتدّ أم لا؟223

إذا أتلف المرتدّ حال ردّته مالا أو نفسا 224

إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله 226

هل يجب عليه أن يدافع عن نفسه أو ماله 227

تدافع المرأة عمّن أرادها 227

لو أمكنه التخلّص بالهرب 228

حكم المضطرّ إلى أكل طعام نجس 228

ص:594

المقصد التاسع في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

و مباحثه ثلاثة [البحث]الأوّل المراد من الأمر و النهي

229

المراد من المعروف و المنكر 229

المراد من الحسن و القبيح 229

فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 230

النهي عن ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 231

البحث الثاني في وجوبهما و كيفيّة وجوبهما...

وجوب الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر 235

وجوبهما عقليّ أو سمعيّ 237

وجوبهما عينيّ أو كفائيّ 238

شرائط وجوبهما 238

مراتب الإنكار 241

لو افتقر إلى الجراح و القتل 243

البحث الثالث في اللواحق

هل يجوز إقامة الحدود؟244

من استخلفه سلطان ظالم على قوم 245

ص:595

هل يجوز الحكم بين الناس و القضاء بينهم؟245

إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاة الجور 246

إذا ترافع إلى الفقيه خصمان 248

هل يجوز للفقهاء الإفتاء بين الناس 250

لو خاف الفقيه على نفسه من الفتيا بالحقّ 251

هل يجوز للفقهاء إقامة الحدود حال الغيبة؟252

هل يجوز للفقهاء أن يجمّعوا بالناس الصلوات كلّها؟252

هل يجوز لأحد أن يعرض نفسه للتولّي من قبل الظالمين؟252

سبع خصال للشهيد 253

إجابة دعاء الغازي 253

استحباب إبلاغ رسالة الغازي 254

الجهاد باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه 254-255

أوجه الجهاد 256

هل يجوز الدفاع من المال بالمحاربة 257

استحباب اتّخاذ الخيل و ارتباطها 258

حقوق الدابّة 259

ضرب الدابّة عند الحاجة 260

من قتل دون ماله 261

قيام عليّ مع رسول اللّه أعظم أجرا أم حربه التي خاضها في خلافته 262

من شهد أمرا فكرهه 263

حديث أربع لأربع فواحدة للقتال 263

صرف المال في الصدقة لذي الرحم أفضل أم صرفه في الجهاد؟264

ما أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء 265

ص:596

علّة التقيّة 266

خير الرفقاء و خير العساكر 267

إذا التقى المسلمان سيفهما على غير سنّة 267

كلّ أمر المؤمن باطل إلاّ ثلاث 268

من سمع رجلا ينادي:يا للمسلمين فلم يجبه 268

ما المراد بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً ؟269

إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها 270

القاعدة الثانية في العقود،

و فيها كتب الكتاب الأوّل في التجارة

و فيه مقاصد المقصد الأوّل في المقدّمات 271

و فيه فصول [الفصل]الأوّل في التجارة

في جواز طلب الرزق بالمعاش في الحلال 273

الفصل الثاني في آداب التجارة

معرفة كيفيّة الاكتساب و التمييز بين عقود الصحيح و الفاسد 287

التسوية بين الناس في البيع و الشراء 289

إذا قال التاجر:هلمّ أحسن إليك 290

إذا قال إنسان للتاجر:اشتر لي متاعا 291

ص:597

استحباب قبول الإقالة للتاجر 292

استحباب إعطاء الراجح و أخذ الناقص للتاجر 292

استحباب المسامحة في البيع و الشراء 294

هل يكره للتاجر أن يكون أوّل داخل إلى السوق 295

استحباب أن يسأل اللّه التاجر من خير السوق 296

استحباب أن يكبّر اللّه ثلاثا إذا اشترى 297

إذا تعسّر عليه نوع من التجارة 299

هل يكره أن يطلب الغاية فيما يبيع و يشتري من الربح 300

الفصل الثالث في المناهي المتعلّقة بالابتياع،

و فيه بحثان البحث الأول في المناهي من حيث التأديب

تجنّب خمسة أشياء في التجارة 302

كراهة السوم و المقاولة في البيع و الشراء 303

مخالطة السفلة 303

المراد من السفلة؟305

معاملة ذوي العاهات و المحارفين 305

معاملة الأكراد 306

تزيين الأمتعة و كتمان الرديّة 306

من باع لغيره شيئا 307

كراهة اليمين على البيع 307

ص:598

البحث الثاني في المناهي المحرّمة

حرمة الغشّ 308

نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه 310

لو سام على سوم أخيه 313

السوم في اللغة 314

لو اشترى على شراء أخيه 314

حرمة النجش 315

لو اشترى مع النجش صحّ البيع 317

لو كان في البيع غبن لم يجر العادة بمثله 317

بطلان بيع التلجئة 318

نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبيع حاضر لباد 319

المراد من البادي 319

قولان للشيخ في المسألة 322

شرائط حرمة بيع الحاضر للبادي 323

هل يجوز للبادي الشراء؟324

تلقّي الركبان 325

لو خالف و تلقّى الركبان و اشترى منهم 327

هل يثبت الخيار بدون الغبن الفاحش؟328

لو تلقّى الركبان فباعهم شيئا 329

حدّ تلقّي الركبان 330

الاحتكار 331

المراد من الاحتكار 335

ص:599

تحقّق الحكرة بالزيت و الملح 336

تحقّق احتكار المحرّم أو المكروه عند احتياج الناس 337

هل للإمام أن يجبر المحتكرين على البيع 338

الاحتكار في الأخبار 341

الاستحطاط من الثمن قبل التفرّق و بعده 342

النهي عن بيعتين في بيعة و تفسيره 343

بيع حبل الحبلة 343

بيع عسب الفحل و الملاقيح 344

بيع الملامسة و المنابذة 344

بيع الحصاة 345

المقصد الثاني في ضروب الاكتساب،

و فيه مباحث البحث الأوّل فيما يحرم التكسّب به،

و هو أنواع 347

[النوع]الأوّل الأعيان النجسة

أقسام الأعيان النجسة 349

بيع السرجين النجس 350

الخمر و الفقّاع 351

أجزاء الميتة و الخنزير 352

ص:600

بيع الكلاب 354

إجارة الكلب 357

قتل الكلب المعلّم 357

إتلاف الكلب العقور 358

حرمة اقتناء ما عدا الكلاب الثلاثة 358

لو اقتنى كلبا لصيد ثمّ ترك الصيد مدّة و هو يريد العود إليه 359

حكم الأعيان الطاهرة إذا أصابتها نجاسة فنجست بها 360

النوع الثاني ما يحرم لتحريم ما قصد به

حرمة بيع العنب ليعمل خمرا 362

هل يجوز أن يباع على من يعمله إذا لم يبعه لذلك؟363

إذا باع العصير أو العنب ليعمل خمرا 363

بيع الخمر و التوكيل في بيعه و شرائه 364

إجارة السفن و المساكن للمحرّمات 365

لو اكترى ذمّيّ من مسلم داره فأراد بيع الخمر فيها 366

حرمة بيع السلاح لأعداء الدين 366

حرمة بيع الخشب لمن يعمله صنما أو صليبا 369

حرمة عمل الأصنام و الصلبان 370

النوع الثالث ما هو محرّم في نفسه

حرمة الغناء و أجره 371

ص:601

حرمة القمار و ما يؤخذ منه 376

حرمة الغشّ بما يخفى 378

حرمة تدليس الماشطة 378

حرمة عمل الصور المجسّمة و أخذ الأجرة عليه 379

معونة الظالمين بما يحرم 380

حرمة الغيبة 382

حرمة حفظ كتب الضلال 383

حرمة تعلّم السحر و الشعبذة و الكهانة و الأجرة عليه 383

المراد عن السحر 385

تحريم تعلّم السحر و تعليمه 388

هل للسحر حقيقة؟388

السحر بالذكر و الكلام المباح 389

عمل الكاهن و أخذ الأجرة عليه 389-390

حرمة التنجيم 390

حرمة الشعبذة 390

بيع الحرّ و أكل ثمنه 391

بيع المصحف 391

جواز شراء الجلد و الورق إذا أراد بيع المصحف 392

لو اشترى الكافر مصحفا 393

إذا عقد البيع على جلد المصحف 393

أخذ الأجرة على كتابة القرآن 394

حرمة السرقة و الخيانة و بيعها و أكل ثمنها 395

لو اشترى السرقة و لم يعلمها 396

ص:602

لو امتزجت السرقة بأعيان غيرها فاشتبهت و باع السارق 397

من وجد عنده سرقة 397

تحريم الخيانة و وجوب أداء الأمانة 398

لو سرق مالا أو غصبه و اشترى به ضيعة 400

لو حجّ بالمال المغصوب 401

الرشا في الأحكام 401

هل يجوز بيع تراب الصياغة؟402

حرمة التطفيف في الوزن و الكيل 403

النوع الرابع ما لا ينتفع به

حرمة بيع ما لا ينتفع به 404

جواز بيع ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا 405

حكم بيع الفيل 406

بيع الهرّ 407

لو كان الفهد و الصقر ممّا ليس بمعلّم 407

حكم بيض ما لا يؤكل لحمه من الطير 408

حكم بيع العلق التي ينتفع بها 408

جواز بيع دود القزّ 409

جواز بيع النحل 409

جواز بيع الماء و التراب 410

عدم جواز بيع ما أسقط الشارع منفعته 410

بيع الترياق 410

ص:603

بيع لبن الآدميّات 410

بيع الأرض المفتوحة عنوة 412

النوع الخامس ما يجب على الإنسان فعله

حرمة أخذ الأجرة على تغسيل الأموات 414

أخذ الأجرة على الأذان 414

البحث الثاني فيما يجوز التكسّب به من المكروه و المباح

الصرف 416

بيع الأكفان 417

بيع الطعام 418

الحياكة و النساجة 418

كسب الحجّام إذا لم يشترط 419

أخذ الأجر على ضراب الفحل 423

لو أعطى صاحب الفحل هدية 424

لو غصب فحلا فأنزاه إبله 425

كسب الصبيان و من لا يتجنّب الحرام 425

أخذ الأجرة على تعليم القرآن 426

أخذ الأجرة على تعليم الحكم و الآداب 428

أخذ الأجرة على تعليم الفقه 428

استئجار الناسخ لينسخ كتب الفقه 429

ص:604

الاستئجار لكتابة المصحف 429

تعشير المصاحف بالذهب 430

أخذ الأجرة على نسخ جميع الكتب الدينيّة و الدنيويّة 430

التسوية بين الصبيان في التعليم 431

الاستئجار للختان و خفض الجواري 431

الاستئجار للصنائع الدنيّة 433

إذا أمره بشراء شيء 434

من دفع إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج و الفقراء 435

استئجار النفس لكلّ عمل مباح ينتفع به 436

أجر القابلة و الماشطة 437

حكم الصياغة و القصابة 437

من بات ساهرا في كسب 438

إذا امتزج الحلال بالحرام 438

أكل ما ينثر في الأعراس 440

بيع جلود السباع 441

ركوب البحر للتجارة 442

أجرة الدلاّل 443

إذا استأجر الرجل أجيرا خاصّا 443

أخذ أجر المرأة عن الغزل 444

إذا مرّ الإنسان بالثمرة 444

ثواب الزراعة 446

أخذ الأجرة على بدرقة القوافل 447

عمل اليهوديّ و النصرانيّ فيما لا يحتاج فيه إلى الإسلام 448

ص:605

عمل اليهوديّ و النصرانيّ فيما يحتاج فيه إلى الإسلام 448

التجارة في الجارية النصرانيّة و المغنّية 448

حكم بيع الملك و شراؤه 449

من غرس شجرا بديّا 450

إذا استأجر الإنسان مملوك غيره فأفسد المملوك 451

شراء الذهب بترابه 452

خصاء الحيوان 452

أخذ الأجرة على تغسيل الأموات 452

أخذ الأجرة على حمل الموتى 452

البحث الثالث في عمل السلطان و أخذ جوائزه

الولاية من السلطان العادل 454

الولاية من السلطان الجائر 455

إذا علم التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و وضع الأشياء مواضعها هل يجوز التولّي من قبل الجائر 456

لو لم يغلب على ظنّه التمكّن 460

حكم جوائز السلطان إن علمت حراما 460

لو لم تعلم حراما 461

المعاملة مع الظالمين 464

إذا تمكّن الإنسان من ترك معاملة الظالمين 465

المشكوك فيه على ثلاثة أضرب 467

إذا اضطرّ إلى أخذ ما يعلمه حراما 469

ص:606

ابتياع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات 469

إذا غصب ظالم إنسانا شيئا ثمّ تمكّن المظلوم من أخذه 471

إذا أودعه الظالم شيئا 475

لو كانت مختلطة بمال الغاصب 477

البحث الرابع فيما يجوز للرجل أن يأخذ من مال والده و بالعكس و ما يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها

هل يجوز للولد أن يأخذ شيئا من مال والده؟478

هل يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده البالغ؟479

إذا كان للولد مال و لم يكن لوالده 481

إذا كان للولد جارية هل يجوز للوالد وطؤها و مسّها بشهوة؟482

إذا كان الأب معسرا و له أولاد موسرون بالغون،أجبروا على الإنفاق عليه 484

إذا امتنعوا من الإنفاق و تعذّر الإجبار 484

إذا كانت للأمّ ولد و له مال هل يجوز الأخذ منه؟485

هل يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها شيئا؟486

لو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته 489

حكم الصدقة من مال الزوج للمرأة 489

هل يجوز للرجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا؟490

إذا أباحته أو وهبت له 490

لو دفعت إليه مالا و شرطت له الانتفاع به 490

إذا دفعت إليه مالا ليتّجر به 491

لو أذنت في شراء الجارية للوطء 491

ص:607

خاتمة هذا المقصد و هي تشتمل على فصول

ترك الحرص و ضرورة السعى في طلب الرزق بقدر الحاجة 493

لم وسّع اللّه تبارك و تعالى في أرزاق الحمقى 496

وجوب السعي و الطلب مع الحاجة 496

العمل طاعة من طاعات اللّه 499

تفسير الزهد 500

منهومان لا يشبعان 501

سرّ أخاك يسرّك اللّه 502

الإحسان إلى الإخوان 503-504

ص:608

مصادر التحقيق

1-الاحتجاج،أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ،تحقيق السيّد محمّد باقر الموسويّ الخرسان،منشورات الأعلميّ،بيروت-لبنان.

2-الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان،علاء الدين عليّ بن بلبان الفارسيّ(م 739 ه-ق)تحقيق كمال يوسف الحوت،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.

3-الأحكام السلطانيّة،القاضي أبو يعلى محمّد بن الحسين الفرّاء(م 458 ه-ق) و أبو الحسن عليّ بن محمّد بن حبيب البصريّ البغداديّ الماورديّ،نشر مكتب الإعلام الإسلامي،1406 ه-ق،الطبعة الثانية.

4-أحكام القرآن،أبو بكر أحمد بن عليّ الرازيّ الجصّاص الحنفيّ (م-370 ه-ق)تحقيق محمّد الصادق قمحاويّ،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان،1405 ه-ق.

5-أحكام القرآن،أبو بكر محمّد بن عبد اللّه المعروف بابن العربيّ(468- 543 ه-ق)تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.

6-أحكام القرآن،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ(150-204 ه-ق) جمعه أبو بكر أحمد بن الحسين...البيهقيّ صاحب السنن(م 548 ه-ق)، دار الكتب العلميّة بيروت-لبنان،1395 ه-ق.

7-الاختصاص،أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ البغداديّ الملقّب

ص:609

بالشيخ المفيد(م 413 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفّاريّ،انتشارات مكتبة الزهراء،قم-إيران،1402 ه-ق.

8-الاختيار لتعليل المختار،عبد اللّه بن محمود بن مودود الموصليّ (م 683 ه-ق)تحقيق عبد اللطيف محمّد عبد الرحمن،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.

9-اختيار معرفة الرجال،«رجال الكشّيّ»،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (385-460 ه-ق)تحقيق حسن المصطفويّ،نشر دانشكدۀ إلهيّات و معارف إسلامى،مشهد-إيران،1348 ه-ش.

10-إرشاد السالك إلى أشرف المسالك،شهاب الدين عبد الرحمن بن محمّد بن عسكر المالكيّ البغداديّ،نشر عبد الحميد أحمد حنفيّ،مصر،1380 ه-ق.

11-إرشاد الساريّ لشرح صحيح البخاريّ،أبو العبّاس شهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلانيّ(م 923 ه-ق)دار الفكر،طبعة جديدة بالأوفست،المطبعة الأميريّة ببولاق مصر 1304 ه-ق الطبعة السادسة.

12-الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد،أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الملقّب بالمفيد(م 413 ه-ق)ترجمة و شرح السيّد هاشم الرسوليّ المحلاّتي،انتشارات علميّۀ اسلاميّه،تهران-ايران.

13-إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل،محمّد ناصر الدين الألبانيّ،مطبعة المكتب الإسلاميّ،بيروت،لبنان 1405 ه-ق،الطبعة الثانية.

14-أساس البلاغة،جار اللّه أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشريّ(م 538 ه-ق)، مطبعة دار الكتب و الوثائق القوميّة،مركز تحقيق التراث،جمهوريّة مصر العربيّة 1972 م،الطبعة الثانية.

15-الاستبصار في ما اختلف من الأخبار،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (385-460 ه-ق)تحقيق السيّد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار

ص:610

الكتب الإسلاميّة،1390 ه-ق.

16-الاستيعاب في معرفة الأصحاب(بهامش الإصابة في تمييز الصحابة)،أبو عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البرّ القرطبيّ(363-463 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان 1328 ه-ق،الطبعة الأولى.

17-الاستذكار،أبو عمر يوسف بن عبد اللّه بن عبد البرّ القرطبيّ(363- 463 ه-ق)منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1423 ه-ق، الطبعة الثانية.

18-أسد الغابة،عزّ الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبد الكريم الجزريّ المعروف بابن الأثير(م 630 ه-ق)،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت- لبنان.

19-الأشباه و النظائر،زين الدين بن إبراهيم بن محمّد،الشهير بابن نجيم (م 970 ه-ق)،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1400 ه-ق.

20-الإصابة في تمييز الصحابة،أبو الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ (م 852 ه-ق)،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1328 ه-ق، الطبعة الأولى.

21-الأعلام،خير الدين الزركليّ(م 1396 ه-ق)،دار العلم للملايين،بيروت- لبنان،1986 م،الطبعة السابعة.

22-الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385- 460 ه-ق)دار الأضواء،بيروت-لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الثانية.

23-أقرب الموارد،سعيد بن الخوريّ الشرتونيّ(م 1330 ه-ق)،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران،1403 ه-ق.

24-الألفين في إمامة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)نشر

ص:611

دار الكتاب،قم-إيران،1388 ه-ق.الطبعة الثانية.

25-الأمّ،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ،(150-204 ه-ق)،منشورات دار المعرفة بيروت،لبنان،1393 ه-ق،الطبعة الثانية.

26-أمالي الصدوق،أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)تقديم الشيخ حسين الأعلميّ،منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان،1400 ه-ق،الطبعة الخامسة.

27-الأموال،أبو عبيد القاسم بن سلاّم(م 224 ه-ق)شرحه عبد الأمير عليّ مهنّا، نشر دار الحداثة،بيروت-لبنان،1988 م،الطبعة الأولى.

28-الانتصار،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ الشريف المرتضى(355- 436 ه-ق)منشورات الشريف الرضيّ،قم-إيران.

29-الإنصاف،علاء الدين أبو الحسن عليّ بن سليمان المرداويّ الحنبليّ(817- 885 ه-ق)تحقيق محمّد حامد الفقي،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت- لبنان،1406 ه-ق الطبعة الثالثة.

30-أنوار الملكوت في شرح الياقوت،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق محمّد نجميّ الزنجانيّ، نشر انتشارات الرضيّ،انتشارات بيدار،قم-إيران،1363 ش،الطبعة الثانية.

31-إيضاح الاشتباه،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّي(648-726 ه-ق)تقديم ثامر كاظم عبد الخفاجيّ،نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران.

32-إيضاح الفوائد،فخر المحقّقين أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ(682-771 ه-ق)المطبعة العلميّة،قم-إيران 1387 ه-ق،الطبعة الأولى.

33-بحار الأنوار،الشيخ محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)مؤسّسة الوفاء،

ص:612

بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية و طبعة المكتبة الإسلاميّة، طهران-إيران.

34-البحر الزخّار،أحمد بن يحيى بن المرتضى(م 840 ه-ق)مؤسّسة الرسالة، بيروت-لبنان،1394،الطبعة الثانية.

35-بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع،أبو بكر بن مسعود الكاسانيّ(م 587 ه-ق)، دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.

36-بداية المجتهد،أبو الوليد محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن رشد القرطبيّ (520-595 ه-ق)،نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1395 ه-ق،الطبعة الرابعة.

37-البداية و النهاية،أبو الفداء الحافظ بن كثير الدمشقيّ(م 774 ه-ق)مكتبة المعارف،بيروت-مكتبة النصر،الرياض،1966 م،الطبعة الأولى.

38-البرهان في علوم القرآن،بدر الدين محمّد بن عبد اللّه الزركشيّ(م 794 ه-ق)، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ،1376 ه-ق،الطبعة الأولى.

39-بغية الوعاة،جلال الدين عبد الرحمن السيوطيّ الشافعيّ(م 911 ه-ق)نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.

40-بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير،أحمد بن محمّد الصاويّ (م 1241 ه-ق)،نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1372 ه-ق، الطبعة الأخيرة.

41-البيان،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّيّ العامليّ(734- 786 ه-ق)مجمع الذخائر الإسلاميّة،قم-إيران.

42-تاج العروس من جواهر القاموس،السيّد محمّد مرتضى الحسينيّ الزبيديّ، م 1205 ه-ق،تحقيق عبد الستّار أحمد فراج،مطبعة حكومة الكويت،

ص:613

1385 ه-ق 1965 م،دار مكتبة الحياة،بيروت-لبنان،مطبعة الخيرية- مصر 1306 ه-ق،الطبعة الأولى.

43-تاريخ الأمم و الملوك،أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ(م 310 ه-ق)، منشورات مكتبة أروميّة،مطبعة الاستقامة،القاهرة،1358 ه-ق.

44-التاريخ الكبير،أبو عبد اللّه،محمّد بن إسماعيل الجعفيّ البخاريّ (م 256 ه-ق)دار الفكر.

45-تاريخ المدينة المنوّرة،أبو زيد عمر بن شبّه النميريّ البصريّ(173- 262 ه-ق)تحقيق فهيم محمّد شلتوت،مطبعة قدس،نشر دار الفكر،قم- إيران،1410 ه-ق الطبعة الثانية.

46-تاريخ اليعقوبيّ،أحمد بن إسحاق أبي يعقوب(م 284/292 ه-ق)،مطبعة دار صادر،بيروت-لبنان،نشر مؤسّسة نشر فرهنگ اهل بيت عليهم السلام، قم-إيران.

47-تبصير المنتبه بتحرير المشتبه،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ،(م 852 ه-ق)،تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،مراجعة،محمّد عليّ النجّار،المكتبة العلميّة،بيروت-لبنان.

48-التبيان في تفسير القرآن،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385- 460 ه-ق)المطبعة العلميّة،النجف،1376 ه-ق.

49-تبيين الحقائق،الإمام فخر الدين بن عثمان بن عليّ الزيلعيّ الحنفيّ (م 743 ه-ق)،تحقيق الشيخ أحمد عزّ و عناية،منشورات دار الكتب العلميّة بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الأولى.

50-تحرير الأحكام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)مؤسّسة طوس للطباعة و النشر،مشهد-إيران.

51-تحفة الفقهاء،علاء الدين السمرقنديّ،(م 539 ه-ق)دار الكتب العلميّة،

ص:614

بيروت-لبنان،1414 ه-ق،الطبعة الثانية.

52-تذكر الحفّاظ،أبو عبد اللّه شمس الدين الذهبيّ(م 748 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ.

53-تذكرة الفقهاء،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ (648-726 ه-ق)تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام،قم- إيران،1414 ه-ق،الطبعة الأولى،و الطبعة الحجريّة،نشر المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.

54-تفسير العيّاشيّ،أبو النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السّلميّ السمرقنديّ(م 329،أو 320 ه-ق)،تحقيق،السيد هاشم الرسوليّ،نشر المكتبة العلميّة الإسلاميّة،طهران-إيران.

55-تفسير القمّيّ،أبو الحسن عليّ بن إبراهيم القمّيّ(من أعلام القرن الرابع ه-ق)، تحقيق السيّد طيّب الموسويّ الجزائريّ،نشر مؤسّسة دار الكتاب،قم-إيران، 1404 ه-ق،الطبعة الثالثة.

56-التفسير الكبير،أبو عبد اللّه محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين،الشهيد بالفخر الرازيّ(م 606 ه-ق)،نشر دار الكتب العلميّة،طهران-إيران،الطبعة الثالثة.

57-التنقيح الرائع،جمال الدين مقداد بن عبد اللّه السيوريّ الحلّيّ(م 826 ه-ق) تحقيق السيّد عبد اللطيف الحسينيّ الكوه كمري .نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ،مطبعة الخيام،قم-إيران،1404 ه-ق.

58-تنقيح المقال في علم الرجال،عبد اللّه بن محمّد حسن العلاّمة المامقانيّ، انتشارات جهان،طهران-إيران.

59-تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس،أبو طاهر محمّد بن يعقوب الفيروزآباديّ الشافعيّ صاحب القاموس(م 817 ه-ق)،توزيع دار الفكر،بيروت-لبنان.

60-تهذيب الأحكام،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)

ص:615

تحقيق السيد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران- إيران،1390 ه-ق.

61-تهذيب التهذيب،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،1325،الطبعة الأولى.

62-تهذيب اللّغة،أبو منصور أحمد الأزهري(282-370 ه-ق)تحقيق رياض زليّ قاسم،دار المعرفة،بيروت-لبنان.

63-جامع الأصول من أحاديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله،أبو السعادات مبارك بن محمّد بن الأثير الجزريّ(544-606 ه-ق)تحقيق محمّد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الرابعة.

64-جامع البيان«تفسير الطبريّ»،أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ (م 310 ه-ق)نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1373 ه-ق، الطبعة الثانية.

65-جامع الرواة،محمّد بن عليّ الأردبيليّ الغرويّ الحائريّ(من أعلام القرن الحادي عشر)،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1403 ه-ق.

66-الجامع الصحيح«سنن الترمذيّ»،أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة(209 -279 ه-ق)تحقيق أحمد محمّد شاكر و غيره،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.

67-الجامع الصغير،أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن الشيبانيّ(132-189 ه-ق)مع شرحه النافع الكبير،أبو الحسنات عبد الحيّ اللكنويّ(1264- 1304 ه-ق)عالم الكتب،بيروت-لبنان،1406 ه-ق.

68-الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير،جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيّ(م 911 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،الطبعة الرابعة.

ص:616

69-الجامع لأحكام القرآن(تفسير القرطبي)،أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ(م 671 ه-ق)،انتشارات ناصر خسرو،طهران-إيران،1387 ه-ق،الطبعة الثالثة عن طبعة دار الكتب المصريّة.

70-الجامع للشرائع،يحيى بن سعيد الحلّيّ(601-690 ه-ق)تحقيق جمع من المحقّقين بإشراف الشيخ جعفر السبحانيّ،مؤسّسة سيّد الشهداء العلميّة،قم- إيران،1405 ه-ق.

71-جامع المقاصد،الشيخ عليّ بن الحسين الكركيّ(م 940 ه-ق)تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،قم-إيران،1408 ه-ق، الطبعة الأولى.

72-الجرح و التعديل،أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد الرازيّ (م 327 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.1371 ه-ق، الطبعة الأولى.

73-الجمع بين رجال الصحيحين:البخاريّ و مسلم،أبو الفضل محمّد بن طاهر بن عليّ المقدسيّ المعروف بابن القيسرانيّ الشيبانيّ(448-507 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1405 ه-ق،الطبعة الثانية.

74-جمل العلم و العمل،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ المعروف بالشريف المرتضى(355-436 ه-ق)،تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،مطبعة الآداب في النجف الأشرف،1387 ه-ق،الطبعة الأولى.

75-جمهرة اللّغة،أبو بكر محمّد بن الحسن الأزديّ البصريّ(م 321 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،1345 ه-ق،الطبعة الأولى.

76-الجوامع الفقهيّة،جماعة من الأركان و عدّة من الأعيان،نشر محمّد رحيم الخوانساريّ.

77-جواهر الفقه،عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسيّ(400-481 ه-ق)تحقيق

ص:617

إبراهيم البهادريّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم -إيران،1411 ه-ق،الطبعة الأولى.

78-جواهر الكلام،الشيخ محمّد حسن النجفيّ(م 1266 ه-ق)،تحقيق الشيخ عبّاس القوچانيّ،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1981 م،الطبعة السابعة،و طبعة دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران.

79-الحاوي الكبير،أبو الحسن عليّ بن محمّد بن حبيب الماورديّ(م 450 ه-ق)، تحقيق عليّ محمّد معوّض،عادل أحمد عبد الموجود،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1419 ه-ق.

80-الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة،الشيخ يوسف البحرانيّ (م 1186 ه-ق)مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم- إيران،1409 ه-ق،الطبعة الأولى.

81-حلية العلماء،سيف الدين أبو بكر محمّد بن أحمد الشاشيّ القفّال(429- 507 ه-ق)،تحقيق الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكه،نشر مكتبة الرسالة الحديثة،عمّان-الأردن،1988 م،الطبعة الأولى.

82-الخصال،الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفاريّ،نشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة،قم-إيران،1403 ه-ق.

83-الخلاف،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)،مطبعة رنگين،طهران-إيران،1377 ه-ق،الطبعة الثانية.

84-الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور،جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيّ(م 911 ه-ق)،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.

85-الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّي العامليّ(734-786 ه-ق)تحقيق قسم الفقه في مجمع البحوث

ص:618

الإسلاميّة،مؤسّسة الطبع و النشر التابعة للآستانة الرضويّة المقدّسة،1426 ه-ق،الطبعة الثانية.

86-دعائم الإسلام و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام،القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ المصريّ(م 363 ه-ق)،تحقيق آصف بن عليّ أصغر فيضيّ،دار المعارف القاهرة،1383 ه-ق.

87-دمية القصر و عصرة أهل العصر،أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي الطيّب الباخرزيّ(م 467 ه-ق)تحقيق الدكتور سامي مكّيّ العاني،مطبعة المعارف،بغداد-عراق،1390 ه-ق.

88-الذريعة إلى تصانيف الشيعة،محمّد محسن،الشهير:بالشيخ آقا بزرگ الطهرانيّ(م 1389 ه-ق)،نشر مؤسّسة إسماعيليان،قم-إيران.

89-ذكرى الشيعة،(الشهيد الأوّل)،شمس الدين محمّد بن مكّي العامليّ(734- 786 ه-ق)منشورات مكتبة بصيرتي.

90-رجال البرقيّ،أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ(م 274/280 ه-ق)،تحقيق جواد القيّوميّ الأصفهانيّ،مؤسّسة القيّوم،طبع مؤسّسة النشر الإسلاميّ،قم- إيران،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.

91-رجال صحيح مسلم،أحمد بن عليّ بن منجويه الأصبهانيّ(347-428 ه-ق) تحقيق عبد اللّه الليثيّ،دار المعرفة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.

92-رجال الطوسيّ،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق) تحقيق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم،المطبعة الحيدريّة،النجف،1381 ه-ق،الطبعة الأولى.

93-رجال العلاّمة«خلاصة الأقوال في معرفة الرجال»،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق السيّد

ص:619

محمّد صادق بحر العلوم،منشورات الرضيّ،قم-إيران،1381 ه-ق.

94-رجال النجاشيّ،أبو العبّاس،أحمد بن عليّ النجاشيّ،(372-450 ه-ق) تحقيق السيّد موسى الشبيريّ الزنجانيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1407 ه-ق.

95-رحمة الأمّة في اختلاف الأئمّة بهامش الميزان،محمّد بن عثمان الدمشقيّ العثمانيّ الشافعيّ،مطبعة الأزهر-مصر،1344 ه-ق،الطبعة الثالثة.

96-الرسائل العشر،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق) مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران.

97-رسائل الشريف المرتضى،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ المعروف بالشريف المرتضى(355-436 ه-ق)،تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ، السيّد مهدي الرجائيّ،نشر مؤسّسة النور للمطبوعات،بيروت-لبنان.

98-روضات الجنّات،ميرزا محمّد باقر الموسويّ الخوانساريّ(م 1313 ه-ق)، نشر مكتبة إسماعيليان.

99-روضة الطالبين،أبو زكريّا يحيى بن شرف النوويّ الدمشقيّ(م 676 ه-ق) نشر دار ابن حزم،بيروت-لبنان،1423 ه-ق،الطبعة الأولى.

100-روضة الواعظين،الفتّال النيسابوريّ الشهيد في سنة 508 ه-ق،من أعلام القرن الخامس و السادس الهجريّ،منشورات الرضيّ،قم-إيران.

101-روض الجنان،الشهيد زين الدين الجبعيّ العامليّ(م 966 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.

102-رياض المسائل،السيّد عليّ الطباطبائيّ(م 1231 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام قم-إيران،1404 ه-ق.

103-ريحانة الأدب،محمّد عليّ مدرّس تبريزيّ(م 1373 ه-ق)،ناشر انتشارات خيّام،1374 ش،نوبت چهارم.

ص:620

104-زبدة البيان في أحكام القرآن،مولانا أحمد بن محمّد المقدّس الأردبيليّ (993 ه-ق)تحقيق محمّد باقر البهبوديّ،المكتبة المرتضويّة.

105-سبل السلام،محمّد بن إسماعيل الصنعانيّ(1059-1102 ه-ق)شرح بلوغ المرام من جمع أدلّة الأحكام،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(773- 852 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1379 ه-ق،الطبعة الرابعة.

106-السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس العجليّ الحلّيّ (م 598 ه-ق)،انتشارات المعارف الإسلاميّة،طهران-إيران،1390 ه-ق.

107-السراج الوهّاج،محمّد الزهريّ الغمراويّ،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.

108-سفينة البحار،الشيخ عبّاس القمّيّ(1294-1359 ه-ق)،تحقيق مجمع البحوث الإسلاميّة،نشر مؤسّسة الطبع و النشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة،1416 ه-ق،الطبعة الأولى.

109-سلوة الحزين المعروف بالدعوات،أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ (م 573 ه-ق)تحقيق مدرسة الإمام المهديّ عجّل اللّه فرجه،مطبعة أمير، قم،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.

110-سنن ابن ماجة،أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد القزوينيّ(207-273 ه-ق)تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقيّ،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ.

111-سنن أبي داود،سليمان بن الأشعث السجستانيّ الأزديّ(202-275 ه-ق) تحقيق محمّد محي الدين عبد الحميد،دار إحياء السنّة النبويّة.

112-سنن الدارقطنيّ،عليّ بن عمر الدارقطنيّ(306-385 ه-ق)و بذيله التعليق المغني على الدار قطني أبو الطيّب محمّد شمس الحق العظيم آباديّ،عالم الكتب،بيروت-لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الرابعة.

ص:621

113-سنن الدارميّ،أبو محمّد عبد اللّه بن عبد اللّه الدارميّ(م 255 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.

114-سنن سعيد بن منصور(م 227 ه-ق)،تحقيق الدكتور سعد بن عبد اللّه بن عبد العزيز آل حميد،دار الصميعيّ،الرياض 1420 ه-ق،الطبعة الثانية.

115-السنن الكبرى،أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقيّ(م 458 ه-ق) دار المعرفة،بيروت-لبنان.

116-السنن المأثورة،محمّد بن إدريس الشافعيّ(150-204 ه-ق)دار المعرفة، بيروت-لبنان،الطبعة الأولى.

117-سنن النسائيّ،أبو عبد اللّه أحمد بن شعيب النسائيّ(م 303 ه-ق)،دار الفكر، بيروت-لبنان.

118-السيرة النبويّة،عبد الملك بن هشام(م 213 ه-ق)،تحقيق مصطفى السقا و عدّة من الأساتذة،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

119-شذرات الذهب،أبو الفلاح عبد الحيّ ابن العماد الحنبليّ(م 1089 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

120-شرائع الإسلام،أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ(602- 676 ه-ق)تحقيق عبد الحسين محمّد عليّ،منشورات دار الأضواء،بيروت -لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية.

121-شرح الباب الحادي عشر«النافع ليوم الحشر»،جمال الدين المقداد بن عبد اللّه السيوري(م 826 ه ق).

122-شرح جمل العلم و العمل،القاضيّ ابن البرّاج(401-481 ه-ق)تحقيق كاظم مدير شانچى،چاپخانه دانشگاه مشهد،1352 ش.

123-شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك،محمّد الزرقانيّ،تحقيق لجنة من العلماء، دار المعرفة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق.

ص:622

124-شرح فتح القدير،كمال الدين محمّد بن عبد الواحد(م 681 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

125-شرح العناية على الهداية بهامش شرح فتح القدير،محمّد بن محمود البابرتيّ (م 786 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

126-الشرح الكبير على متن المقنع(بهامش المغني)،شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمّد بن أحمد بن قدامة المقدسيّ(م 682 ه-ق) دار الفكر،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

127-شرح معاني الآثار،أبو جعفر أحمد بن محمّد الطحاويّ الحنفيّ(م 321 ه-ق) تحقيق إبراهيم شمس الدين،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1422 ه-ق،الطبعة الأولى.

128-شرح نهج البلاغة،أبو حامد بن أبي الحديد(586-656 ه-ق)تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ و شركاه، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي.

129-الصحاح،إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ(م 393 ه-ق)،تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار،منشورات دار العلم للملايين،بيروت-لبنان،1407، الطبعة الرابعة.

130-صحيح البخاريّ،أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاريّ(194-256 ه-ق)، دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

131-صحيح مسلم،أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيريّ النيسابوريّ(206- 261 ه-ق)تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.

132-الضعفاء الصغير،محمّد بن إسماعيل البخاريّ،(194-256 ه-ق)تحقيق بوران الضناوي،عالم الكتب،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

ص:623

133-الضعفاء الكبير،أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيليّ المكّيّ(م 322 ه-ق)، تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجيّ،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان، 1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

134-الضعفاء و المتروكين،أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليّ بن الجوزيّ (م 597 ه-ق)،تحقيق أبو الفداء عبد اللّه القاضي،دار الكتب العلميّة،بيروت -لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الأولى.

135-طبقات الشافعيّة،أبو بكر بن أحمد تقيّ الدين ابن قاضي شهبة الدمشقيّ(779 -851 ه-ق)عالم الكتب،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.

136-طبقات الشافعيّة الكبرى،أبو نصر عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الكافي السبكيّ (م 771 ه-ق)تحقيق مصطفى عبد القادر أحمد عطا،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1420 ه-ق،الطبعة الأولى.

137-العبر في خبر من غبر،الحافظ الذهبيّ(748 ه-ق)تحقيق أبو هاجر محمّد السعيد بن بسيونيّ زغلول،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.

138-العبر و ديوان المبتدأ و الخبر...المشهور ب«تاريخ ابن خلدون»،عبد الرحمن محمّد بن خلدون المغربيّ(م 808 ه-ق)،منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان.

139-العزيز شرح الوجيز،أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعيّ القزوينيّ الشافعيّ(م 623 ه-ق)تحقيق عليّ محمّد معوّض،عادل أحمد عبد الموجود،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1417 ه-ق،الطبعة الأولى.

140-علل الشرائع،الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)منشورات المكتبة الحيدريّة،النجف،1385 ه-ق.

141-عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب،جمال الدين أحمد بن عليّ الحسينيّ

ص:624

المعروف بابن عنبة(م 828 ه-ق)مطبعة الصدر،قم-ايران،1417 ه-ق.

142-عمدة القارئ،بدر الدين أبو محمّد محمود بن أحمد العينيّ(م 855 ه-ق) دار الفكر،1399 ه-ق.

143-عوالي اللآلئ،الشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المشهور بابن أبي جمهور(م 940 ه-ق)تحقيق الشيخ مجتبى العراقيّ،مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام،قم-إيران،1403 ه-ق،الطبعة الأولى.

144-العين،الخليل بن أحمد الفراهيديّ(م 175 ه-ق)تحقيق الدكتور مهديّ المخزوميّ و الدكتور إبراهيم السامرائيّ 1414 ه-ق،الطبعة الأولى.

145-عيون أخبار الرضا عليه السلام،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)تحقيق السيّد مهديّ الحسينيّ اللاجورديّ،نشر رضا مشهديّ 1363 ش،چاپ دوم.

146-عيون المعجزات،المحدّث الشيخ حسين عبد الوهّاب من أعلام القرن الخامس، منشورات مكتبة الداوريّ،قم-إيران.

147-غاية المراد،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّيّ العامليّ(734- 786 ه-ق)تحقيق و نشر مركز الدراسات الإسلاميّة،قم-إيران،1414 ه-ق،الطبعة الأولى.

148-غرر الحكم و درر الكلم،عبد الواحد بن محمّد تميميّ آمديّ(م 501 ه-ق)، مؤسّسة انتشارات دانشگاه تهران-إيران،1366 ش.

149-غريب الحديث،أبو عبيد القاسم بن سلاّم الهرويّ(م 224 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1406 ه-ق.

150-الغيبة،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق الشيخ عباد اللّه الطهرانيّ و الشيخ عليّ أحمد ناصح،نشر مؤسّسة المعارف الإسلاميّة،قم-إيران،1411 ه-ق،الطبعة الأولى و طبعة أخرى،إصدار

ص:625

مكتبة نينوى الحديثة،طهران-ناصر خسرو،مرويّ.

151-الفتاوى الهنديّة،و بهامشه فتاوى قاضي خان،حسن بن منصور الأوزجنديّ الحنفيّ(م 295 ه-ق)نشر دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،الطبعة الرابعة.

152-فتح الباري،ابن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)نشر دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.

153-فتح العزيز شرح الوجيز المطبوع مع المجموع،أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد الرافعيّ(م 623 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان.

154-فتح القدير،محمّد بن عليّ بن محمّد الشوكانيّ(م 1250 ه-ق)نشر محفوظ العليّ،بيروت-لبنان.

155-فتوح البلدان،أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ(م 279 ه-ق)نشر مكتبة النهضة المصريّة،القاهرة-مصر،1379 ه-ق.

156-الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل،العلاّمة شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن مفلح المقدسيّ(م 763 ه-ق)تحقيق الشيخ عبد الرزّاق المهديّ،دار الكتاب العربيّ بيروت-لبنان،1422 ه-ق،الطبعة الأولى.

157-فرهنگ سيّاح،أحمد سيّاح،انتشارات اسلام،1365 ش،چاپ أوّل.

158-فرهنگ عميد،حسن عميد،مؤسّسة انتشارات أمير كبير،تهران،1363 ش، چاپ پنجم.

159-فقه القرآن،قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ(م 573 ه-ق) تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،المطبعة العلميّة،قم-إيران،1397 ه-ق، الطبعة الأولى.

160-الفهرست،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم،نشر المكتبة المرتضويّة،النجف-العراق.

ص:626

161-فيض القدير،محمّد المناويّ(م 1031 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان،1391 ه-ق،الطبعة الثانية.

162-القاموس الفقهيّ لغة و اصطلاحا،سعدي أبو حبيب،بنياد إسلامي طاهر، دار الفكر.

163-قرب الإسناد،أبو العبّاس،عبد اللّه بن جعفر الحميريّ القمّيّ من أصحاب العسكريّ عليه السلام،إصدار مكتبة نينوى الحديثة،طهران-إيران.

164-قواعد الأحكام،الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ(648- 726 ه-ق)منشورات الرضيّ،قم-إيران.

165-الكافي،أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ(م 328/329 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفاريّ نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران.

166-الكافي في الفقه،أبو الصلاح الحلبيّ(374-447 ه-ق)تحقيق رضا استاديّ،منشورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام،أصفهان- إيران.

167-الكافي في فقه أهل المدينة المالكيّ،أبو عمرو يوسف بن عبد اللّه بن عبد البرّ القرطبيّ(م 463 ه-ق)منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان، 1422 ه-ق،الطبعة الثانية.

168-الكافي في الفقه على مذهب الإمام المبجّل أحمد بن حنبل،أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسيّ(541-620 ه-ق).منشورات دار الكتاب العربيّ،بيروت-لبنان،1421 ه-ق،الطبعة الأولى،و طبع آخر منه،منشورات المكتب الإسلاميّ.

169-الكامل في التاريخ،ابن الأثير(م 630 ه-ق)،دار صادر و دار بيروت للطباعة و النشر،بيروت-لبنان 1385 ه-ق.

170-كتاب الإيمان،محمّد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ(م 243 ه-ق)تحقيق

ص:627

حمدي بن حمديّ الجابريّ الحربيّ،نشر الدار السلفيّة،الكويت،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.

171-كتاب السنّة،عمرو بن أبي عاصم الضحّاك(م 287 ه-ق)تحقيق محمّد ناصر الدين الألبانيّ،طبع و نشر المكتب الإسلاميّ،بيروت-لبنان 1413 ه-ق، الطبعة الثالثة.

172-كشف الأستار،نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ(735-807 ه-ق)تحقيق حبيب الرحمن الأعظميّ،مؤسّسة الرسالة،بيروت-لبنان،1404 ه-ق، الطبعة الثانية.

173-كشف الغمّة في معرفة الأئمّة،أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربليّ (م 692 ه-ق)،نشر مكتبة بني هاشمي،1381 ه-ق.

174-كشف اللثام،بهاء الدين محمّد بن الحسن بن محمّد الأصفهانيّ المعروف بالفاضل الهنديّ،نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1405 ه-ق.

175-كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ(م 726 ه-ق)منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان،الطبعة الأولى.

176-كنز العمّال،علاء الدين عليّ المتّقي الهنديّ(م 975 ه-ق)مؤسّسة الرسالة، بيروت-لبنان،1405 ه-ق،الطبعة الخامسة.

177-الكنى و الألقاب،الشيخ عبّاس القمّيّ(1294-1359 ه-ق)،المطبعة الحيدريّة،النجف،1379 ه-ق.

178-لؤلؤة البحرين،الشيخ يوسف بن أحمد البحرانيّ(م 1186 ه-ق)،تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم،نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام للطباعة و النشر.

ص:628

179-اللّباب،أبو حفص عمر بن عليّ الدمشقيّ الحنبليّ(م بعد 880 ه-ق)تحقيق عادل أحمد عبد الموجود،عليّ محمّد معوّض،دار الكتب العلميّة،بيروت- لبنان،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.

180-لسان العرب،أبو الفضل جمال الدين محمّد بن مكرم بن منظور الإفريقيّ المصريّ(م 711 ه-ق)دار صادر و دار بيروت،بيروت-لبنان، 1388 ه-ق.

181-لسان الميزان،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)منشورات الأعلميّ،بيروت-لبنان،1390 ه-ق،الطبعة الثانية.

182-المبسوط،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق محمّد باقر البهبوديّ و السيّد محمّد تقيّ الكشفيّ،نشر المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.

183-المبسوط،شمس الدين السرخسيّ(م 483/490 ه-ق)،دار المعرفة،بيروت -لبنان،1409 ه-ق.

184-مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر،عبد اللّه بن الشيخ محمّد بن سليمان المعروف بداماد أفندي،نشر دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

185-مجمع البحرين،فخر الدين الطريحيّ(م 1085 ه-ق)تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،المكتبة المرتضويّة.

186-مجمع الزوائد و منبع الفوائد،نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ (م 807 ه-ق)نشر دار الكتاب،بيروت-لبنان،1967 م،الطبعة الثانية.

187-مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان،المولى أحمد المقدّس الأردبيليّ(م 993 ه-ق)تحقيق آقا مجتبى العراقيّ،الشيخ عليّ پناه الاشتهارديّ،آقا حسين اليزديّ الأصفهانيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1412 ه-ق،الطبعة الأولى.

ص:629

188-المجموع شرح المهذّب،أبو زكريّا محي الدين يحيى بن شرف النوويّ (م 676 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان.

189-المحاسن،أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ(274/280 ه-ق)،دار الكتب الإسلاميّة،قم-إيران،الطبعة الثانية.

190-المحلّى،أبو محمّد عليّ بن أحمد بن حزم(م 456 ه-ق)تحقيق لجنة إحياء التراث العربيّ،نشر دار الآفاق الجديدة،بيروت-لبنان.

191-المختصر النافع،أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ (م 676 ه-ق)منشورات المكتبة الإسلاميّة،طهران-إيران،1402 ه-ق، الطبعة الثانية.

192-مختلف الشيعة،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)،نشر مكتبة نينوى الحديثة،طهران-إيران.

193-مدارك الأحكام،السيّد محمّد بن عليّ الموسويّ العامليّ(م 1009 ه-ق) تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،1410 ه-ق،الطبعة الأولى.

194-المدوّنة الكبرى،مالك بن أنس(م 179 ه-ق)،دار صادر،بيروت-لبنان، طبعة جديدة بالأوفست.

195-مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول،المولى محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)دار الكتب الإسلاميّة،1404 ه-ق،چاپ دوم.

196-المراسم،حمزة بن عبد العزيز الديلميّ الملقّب بسلاّر(م 463 ه-ق)تحقيق الدكتور محمود البستانيّ،نشر جمعيّة منتدى النشر،النجف الأشرف، 1400 ه-ق.

197-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام،الشهيد زين الدين بن عليّ الجبعيّ العامليّ الشهيد الثاني(911-966 ه-ق)إصدار مكتبة بصيرتيّ،قم-

ص:630

إيران.

198-المستدرك على الصحيحين،أبو عبد اللّه الحاكم النيسابوريّ(م 405 ه-ق)، نشر مكتب المطبوعات الإسلاميّة،بيروت-لبنان.

199-مستدرك الوسائل،الحاج ميرزا حسين النوريّ(م 1320 ه-ق)،منشورات المكتبة الإسلاميّة و مؤسّسة إسماعيليان.

200-المستصفى من علم الأصول،أبو حامد محمّد بن محمّد الغزاليّ (م 505 ه-ق)،منشورات الرضيّ،قم-إيران،الطبعة الثانية.

201-مسند ابن راهويه،إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظليّ المروزيّ(م 238 ه-ق)تحقيق الدكتور عبد الغفور عبد الحقّ،طبع و نشر مكتبة الإيمان، المدينة،1412 ه-ق،الطبعة الأولى.

202-مسند أبي يعلى،أحمد بن عليّ بن المثنّى التميميّ(210-307 ه-ق)تحقيق حسين سليم أسد،دار المأمون للتراث،دمشق،بيروت،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

203-مسند أحمد بن محمّد بن حنبل(م 241 ه-ق)،دار صادر،بيروت-لبنان.

204-مسند الإمام زيد،زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، نشر مكتبة الحياة،بيروت-لبنان،1966 م.

205-مسند الإمام الشافعيّ،الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ(150- 204 ه-ق)،منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.

206-مسند الشاميّين،سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخميّ الطبرانيّ(م 360 ه-ق) تحقيق حمدي عبد المجيد السفليّ،نشر مؤسّسة الرسالة،بيروت-لبنان 1417 ه-ق الطبعة الثانية.

207-مشارق الشموس في شرح الدروس،العلاّمة حسين بن جمال الدين محمّد الخوانساريّ(م 1098 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

ص:631

التراث.

208-مصباح المتهجّد،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)، تحقيق و نشر إسماعيل الأنصاريّ الزنجانيّ.

209-المصباح المنير،أحمد بن محمّد بن عليّ المقري الفيوميّ(م 770 ه-ق) منشورات دار الهجرة،قم-إيران،1405 ه-ق،الطبعة الأولى.

210-المصنّف،الحافظ الكبير أبو بكر عبد الرزّاق بن همام الصّنعانيّ.(126- 211 ه-ق)تحقيق:حبيب الرحمن الأعظميّ،توزيع المكتب الإسلاميّ، دار القلم بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية.

211-المصنّف في الأحاديث و الآثار،الحافظ عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة الكوفيّ العبسيّ(م 325 ه-ق)نشر دار الفكر،بيروت-لبنان،1414 ه-ق.

212-معالم العلماء،محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندرانيّ(م 588 ه-ق) منشورات المطبعة الحيدريّة،النجف-العراق،1380 ه-ق.

213-المعتبر في شرح المختصر،نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ (م 676 ه-ق)نشر مؤسّسة سيّد الشهداء عليه السلام،1364 ش.

214-معجم البلدان،شهاب الدين أبو عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحمويّ الروميّ، البغداديّ(م 626 ه-ق)،دار صادر-دار بيروت للطباعة و النشر،بيروت- لبنان 1388 ه-ق.

215-معجم رجال الحديث،السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ(م 1413 ه-ق)، مطبعة الآداب،النجف-العراق،الطبعة الأولى،و الطبعة الخامسة.

216-معجم طبقات الحفّاظ و المفسّرين،عبد العزيز عزّ الدين السيروان،عالم الكتب، بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

217-المعجم الكبير،أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ(260-360 ه-ق) تحقيق حمديّ عبد المجيد السلفيّ،دار إحياء التراث العربيّ بيروت-لبنان،

ص:632

الطبعة الثانية.

218-المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبويّ،أرندجان فنسنك(م 1358 ه-ق)، مكتبة بريل في مدينة ليدن،1936.

219-المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم،محمّد فؤاد عبد الباقيّ (م 1388 ه-ق)،مطبعة دار الكتب المصريّة،1364 ه-ق.

220-المعجم المفهرس لألفاظ وسائل الشيعة،السيّد حسن طبيبيّ،نشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية،قم-إيران،1403 ه-ق.

221-المعجم الوسيط،الدكتور إبراهيم أنيس و عدّة من الأساتذة،نشر مكتبة الثقافة الإسلاميّ،1408 ه-ق الطبعة الثالثة.

222-المغازيّ،محمّد بن عمر بن واقد(م 207 ه-ق)تحقيق الدكتور مارسدن جونسن،نشر دانش إسلاميّ،1405 ه-ق.

223-مغني المحتاج،محمّد الخطيب الشربينيّ(م 997 ه-ق)،نشر دار الفكر.

224-المغني،أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن قدامة(541-620 ه-ق)دار الفكر، بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.

225-مفتاح الكرامة،السيّد محمّد جواد الحسينيّ العامليّ(م حدود 1226 ه-ق) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام للطباعة و النشر.

226-المفردات في غريب القرآن،أبو القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل المعروف بالراغب الأصفهانيّ(م 502 ه-ق)نشر دفتر نشر الكتاب،1404 ه-ق الطبعة الثانية.

227-مقابس الأنوار،الشيخ أسد اللّه الدزفوليّ الكاظميّ(م 1237 ه-ق)مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،قم-إيران.

228-المقالات و الفرق،سعد بن عبد اللّه أبي خلف الأشعريّ القمّيّ(م 301 ه-ق)، تحقيق الدكتور محمّد جواد مشكور،مركز انتشارات علمي و فرهنگي

ص:633

1360 ش چاپ دوم.

229-مقدّمات ابن رشد،أبو الوليد محمّد بن أحمد بن رشد(م 520 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،طبعة جديدة بالأوفست.

230-المقنعة،أبو عبد اللّه محمّد بن محمد بن النعمان الملقّب بالشيخ المفيد (م 413 ه-ق)منشورات مكتبة الداوريّ،قم-إيران.

231-المقنع،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)نشر مؤسّسة المطبوعات الدينيّة المكتبة الإسلاميّة،قم-إيران.

232-مكارم الأخلاق،رضيّ الدين أبو نصر الحسن بن الفضل الطبرسيّ(من أعلام القرن السادس)،تحقيق السيّد علاء الدين العلويّ الطالقانيّ،نشر دار الكتب الإسلاميّة،1376 ش.

233-المكاسب،الشيخ مرتضى الأنصاريّ(م 1281 ه-ق)تحقيق السيّد محمّد كلانتر،منشورات جامعة النجف الدينيّة،1392 ه-ق.

234-ملاذ الأخيار،الشيخ محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)،تحقيق السيّد مهديّ الرجائيّ،نشر مكتبة آية اللّه المرعشيّ،قم-إيران،1406 ه-ق.

235-الملل و النّحل محمّد بن عبد الكريم،الشهرستانيّ(م 548 ه-ق)،تخريج محمّد بن فتح اللّه بدران،منشورات الرضيّ،قم-إيران 1364 ش.

236-المناقب،الموفّق بن أحمد البكريّ المكّيّ الحنفيّ الخوارزميّ(م 568 ه-ق) تحقيق الشيخ مالك المحموديّ،طبع و نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ،1411 ه-ق،الطبعة الثانية.

237-مناقب آل أبي طالب،أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهرآشوب السّرويّ المازندرانيّ(م 588 ه-ق)،تحقيق يوسف البقاعيّ،دار الأضواء للطباعة و النشر و التوزيع،بيروت-لبنان،1412 ه-ق،الطبعة الثانية.

238-مناهج اليقين في أصول الدين،جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن

ص:634

عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق محمّد رضا الأنصاريّ القمّيّ الناشر المحقّق 1416 ه-ق.و طبعة أخرى منه،نشر دار الأسوة 1415 ه-ق.

239-المنتظم في تاريخ الملوك و الأمم،أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن الجوزيّ(م 597 ه-ق)تحقيق محمّد عبد القادر عطا و عدّة من الأساتذة، دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1412،الطبعة الأولى.

240-المنتقى شرح موطّأ مالك،أبو الوليد سليمان بن خلف الباجيّ(403- 494 ه-ق)دار الكتاب الإسلاميّ،القاهرة-مصر،الطبعة الثانية.

241-المنتقى من أخبار المصطفى،مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيميّة الحرّانيّ(م 653 ه-ق)،تحقيق محمّد حامد الفقيّ،دار المعرفة،بيروت- لبنان.

242-المنجد،لويس معلوف(م 1365 ه-ق)،المطبعة الكاثوليكيّة،بيروت-لبنان، الطبعة السابعة عشرة.

243-من لا يحضره الفقيه،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)تحقيق السيد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران،1390 ه-ق،الطبعة الخامسة.

244-منهاج الطالبين،أبو زكريّا محي يحيى بن شرف النوويّ(م 676 ه-ق)،طبع مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر.

245-المهذّب،القاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسيّ(400-481 ه-ق)نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1406 ه-ق.

246-المهذّب البارع،جمال الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّيّ(757- 841 ه-ق)تحقيق الشيخ مجتبى العراقيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ

ص:635

قم-إيران،1407 ه-ق.

247-المهذّب في فقه مذهب الإمام الشافعيّ،أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآباديّ الشيرازيّ(م 476 ه-ق)،نشر دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان،1414 ه-ق،الطبعة الأولى،و طبعة أخرى منه طبعت بمطابع عيسى البابيّ الحليّ،مصر.

248-موارد الضّمان إلى زوائد ابن حبّان،عليّ بن أبي بكر الهيثميّ(م 807 ه-ق)، تحقيق حسين سليم،دار الثقافة العربيّة،دمشق،بيروت-لبنان،1411- 1412 ه-ق.

249-موسوعة طبقات الفقهاء،اللّجنة العلميّة،بإشراف الشيخ جعفر السبحانيّ،نشر مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام،قم-إيران،1418 ه-ق،الطبعة الأولى.

250-الموطّأ،مالك بن أنس(م 179 ه-ق)،تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.

251-ميزان الاعتدال،أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبيّ(م 748 ه-ق) تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،دار المعرفة،بيروت-لبنان.

252-الميزان الكبرى،عبد الوهّاب الشعرانيّ(م 973 ه-ق)،مطبعة الأزهر-مصر 1344 ه-ق،الطبعة الثانية.

253-نصب الراية لأحاديث الهداية،جمال الدين الزيلعيّ(م 762 ه-ق)تحقيق أيمن صالح شعبانيّ،طبع و نشر دار الحديث،القاهرة 1415 ه-ق،الطبعة الأولى.

254-النوادر،فضل اللّه بن عليّ الحسينيّ الراونديّ من أعلام القرن الخامس، منشورات المطبعة الحيدريّة في النجف،1370 ه-ق،الطبعة الأولى.

255-نهاية الإحكام في معرفة الأحكام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)نشر دار الأضواء،بيروت-لبنان،

ص:636

1406 ه-ق،الطبعة الأولى.

256-النهاية في غريب الحديث و الأثر،مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمّد الجزريّ ابن الأثير(544-606 ه-ق)تحقيق طاهر أحمد الزاويّ و محمود محمّد الطناحيّ،نشر مؤسّسة إسماعيليان،قم-إيران،1364 ش، الطبعة الرابعة.

257-النهاية،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)نشر دار الكتاب العربيّ،بيروت-لبنان،1390 ه-ق،الطبعة الأولى.

258-نهج البلاغة،تحقيق الدكتور صبحي الصالح،بيروت-لبنان 1387 ه-ق، الطبعة الأولى.

259-نهج البلاغة،شرح الأستاذ محمّد عبده(م 1323 ه-ق)،نشر دار المعرفة، بيروت-لبنان.

260-الهداية المطبوع مع المقنع،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)نشر مؤسّسة المطبوعات الدينيّة المكتبة الإسلاميّة،قم- إيران.

261-الهداية شرح بداية المبتدي،أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشدانيّ المرغينانيّ(م 593 ه-ق)نشر مكتبة الإسلاميّة،الطبعة الأخيرة.

262-هداية المحدّثين،محمّد أمين بن محمّد عليّ الكاظميّ(من أعلام القرن الحادي عشر)،تحقيق السيّد مهديّ الرجائيّ،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران.

263-الوافي،محمّد محسن بن الشاه مرتضى الفيض الكاشانيّ(م 1091 ه-ق)، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ،قم-إيران،1404 ه-ق.

264-وسائل الشيعة،الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ(م 1104 ه-ق)تحقيق الشيخ عبد الرحيم الربانيّ الشيرازيّ،نشر مكتبة الإسلاميّة،طهران-إيران،

ص:637

1403 ه ق،الطبعة السادسة.

265-وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى،السمهوديّ،عليّ بن عبد اللّه(844-911 ه ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،تاريخ المقدّمة 1374 ه ق.

266-وقعة صفّين،نصر بن مزاحم المنقريّ(م 212 ه-ق)تحقيق عبد السلام محمّد هارون،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1403 ه-ق.

ص:638

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.