قلائد الدرر في مناسك من حج و اعتمر

اشارة

نام كتاب: قلائد الدرر في مناسك من حج و اعتمر موضوع: فقه استدلالى نويسنده: نجفى، كاشف الغطاء، احمد بن على بن محمد رضا تاريخ وفات مؤلف: 1344 ه ق زبان: عربى قطع: وزيرى تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه كاشف الغطاء تاريخ نشر: 1367 ه ق نوبت چاپ: اول مكان چاپ: نجف اشرف- عراق ملاحظات: نسخه اصلى در شهر نجف اشرف چاپخانه علميه چاپ شده است و مطابق با فتاواى برادر مؤلف جناب شيخ محمد حسين كاشف الغطاء مى باشد.

ص: 1

تصنيف

شيخنا الفقيه ملاذ الأنام نائب الإمام حضرة حجة الإسلام و المسلمين

و آية الله في العالمين العلامة الأوحد مولانا و عمادنا الشيخ

احمد آل كاشف الغطاء قُدِّس سِرُّه

و هو مطابق لفتاوى أخيه الإمام الشيخ

محمد الحسين آل كاشف الغطاء قُدِّس سِرُّه

المطبعة العلمية النجف الأشرف

1367 ه ..... 1948 م

مكتبة كاشف الغطاء النجف الاشرف

1423 ه ..... 2002 م

ص: 2

بسمه العزيز

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنٰا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلىٰ مٰا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعٰامِ فَإِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ

و قال تعالى

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنٰا مَنْسَكاً هُمْ نٰاسِكُوهُ فَلٰا يُنٰازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَ ادْعُ إِلىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلىٰ هُدىً مُسْتَقِيمٍ

وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْرٰاهِيمُ الْقَوٰاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْمٰاعِيلُ رَبَّنٰا تَقَبَّلْ مِنّٰا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

رَبَّنٰا وَ اجْعَلْنٰا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنٰا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنٰا مَنٰاسِكَنٰا وَ تُبْ عَلَيْنٰا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ

ص: 3

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي جعل كلمة التوحيد لعباده حرزاً و حصناً و جعل البيت العتيق مثابةً للناس و أمناً و الصلاة على محمد نبي الرحمة و سيد الأمة و على آله أقلام الحق و ألسنة الصدق و سلّم تسليماً كثيرا.

و بعد: فهذا ما طال تشوقكم إليه و رغبتكم فيه من إملاء مختصر يحتوي على أحكام الحج و العمرة و قد سميته (قلائد الدرر في مناسك من حج و اعتمر)

و رتبته على مقدمة و مقاصد و خاتمة،

أمّا المقدمة ففيها أمور:

اشارة

-

أحدها: في بيان فضل الحج

الذي هو رياضة نفسية و طاعة مالية و عبادة بدنية قولية و فعلية وجودية و عدمية و هذا الجمع من خواص الحج من العبادات التي ليس فيها اجمع من الصلاة و هي لم يجتمع فيها ما اجتمع في الحج من فنون الطاعات فلذا صار من اعظم شعائر الإسلام و من افضل ما يتقرب به الأنام إلى الملك العلام مع ما فيه من إذلال النفس و اتعاب البدن و هجر الأهل و التغرب عن الوطن و رفض العادات و ترك اللذات و الشهوات و فعل المنافرات و المكروهات و انفاق المال و شد الرحال و تحمل مشاق الحل و الارتحال و مقاساة الأهوال و الابتلاء بمعاشرة السفلة و الأنذال و من هنا ورد أن الحج المبرور لا يعدله شي ء و لا جزاء له إلا الجنة و إن الحاج يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه و إن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لقيه إعرابي فقال له يا رسول الله إني خرجت أريد الحج ففاتني و أنا رجل مميل فمرني أن اصنع في مالي ما ابلغ به مثل اجر الحاج قال: فالتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال: له انظر إلى أبي قبيس فلو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء و انفقته في سبيل الله ما بلغت ما يبلغ الحاج. و في الكتاب الشريف و السنة الشريفة مما يدل على فضله ما لا يحصى من شاء طلبه من مضانه، و يكتفي في فضله تضمنه الوفود على الله تعالى و الوصول إلى بيته فهو ضيفه و حق الضيف على صاحب البيت و يكفي في تأكد وجوبه و فضاعة الإثم بتركه أن الله جل

ص: 4

شأنه جعل تركه كفراً حيث يقول: (وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ) أي من تركه.

ثانيها: أنه يلزم التفقه فيه

فانه كثير الأجزاء جمّ المطالب وافر المقاصد و هو مع ذلك غير مأنوس و لا متكرر و أكثر الناس يأتون على ضجر و ملالة سفر و ضيق وقت و اشتغال قلب مع أن الناس لا يحسنون العبادات المتكررة اليومية مثل الطهارة و الصلاة مع الفهم لها و مداومتهم عليها و كثرة العارفين بها حتى أن الرجل منهم تمضي عليه الخمسون سنة و الأكثر و لا يحسن الوضوء فضلًا عن الصلاة فكيف بالحج الذي هو عبادة غريبة غير مألوفة لا عهد للمكلف بها مع كثرة مسائلها و تشعب أحكامها خصوصاً مع انضمام الطهارة و الصلاة إليها الشرطية الأولى و الجزئية الثانية فإن الخطب يعظم بذلك قال زرارة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاماً فتفتيني فيه فقال: يا زرارة بيت يحج قبل آدم بألفي عام تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاماً.

ثالثها: في بيان بعض أسرار الحج و فوائده التي لا يمكن إحصاؤها

و إن خفيت على بعض الملحدين كابن أبي العوجاء و اشباهه ممن أضله الله و أعمى قلبه فاستوحش الحق و لم يستعذبه و صار الشيطان وزيره و وليه يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره فإن الله سبحانه و تعالى سنّ الحج و وضعه على عباده إظهاراً لجلاله و كبريائه و علو شأنه و عظم سلطانه و إعلاناً لرق الناس و عبوديتهم و ذلهم و استكانتهم و قد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم و المُلّاك لمماليكهم يستذلونهم بالوقوف في باب بعد باب و اللبث في حجاب بعد حجاب لا يؤذن لهم بالدخول حتى تقبل هداياهم و لا تقبل هداياهم حتى يطول حجابهم و إن الله تعالى قد شرّف البيت الحرام و أضافه إلى نفسه و اصطفاه لقدسه و جعله قياماً للعباد و مقصداً يؤم من جميع البلاد و جعل ما حوله حرماً و جعل الحرم أمناً و جعل فيه ميداناً و مجالًا و جعل له في الحل شبيهاً و مثالًا فوضعه على مثال حضرة الملوك و السلاطين ثمّ أذن في الناس بالحج ليأتوه رجالًا و ركباناً من

ص: 5

كل فج و أمرهم بالإحرام و تغيير الهيئة و اللباس شعثاً غبراً متواضعين مستكينين رافعين أصواتهم بالتلبية و اجابة الدعوة حتى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول و أوقفهم في حجبه يدعون و يتضرعون إليه حتى إذا طال تضرعهم و استكانتهم و رجموا شياطينهم بجمارهم و خلعوا طاعة الشيطان من رقابهم أذن لهم بتقريب قرباتهم و قضاء تفثهم ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم و بينه و ليزوروا البيت على طهارة منهم ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرّق و العبودية فجعلهم تارة يطوفون فيه و يتعلقون باستاره و يلوذون بأركانه و أخرى يسعون بين يديه مشياً و عدواً ليتبين لهم عز الربوبية و ذل العبودية و ليعرفوا أنفسهم و يضعوا الكبر من رءوسهم و يجعلوا نير الخضوع في أعناقهم و يستشعروا شعار المذلة و ينزعوا ملابس الفخر و العزة و هذا من اعظم فوائد الحج و أسراره مع ما فيه من التذكر بالإحرام و الوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر و يوم القيامة إذ الحج هو المحشر الأصغر و إحرام الناس و تلبيتهم و حشرهم إلى المواقف و وقوفهم بها ولهين متضرعين راجعين إلى الفلاح أو الخيبة و الشقاء أشبه شي ء بخروج الناس من أجداثهم و توشحهم بأكفانهم و استغاثتهم من ذنوبهم و حشرهم إلى صعيد واحد إما إلى النعيم أو عذاب اليم بل حركات الحاج في طوافهم و سعيهم و رجوعهم و عودهم يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأً و مفزعاً نحو أهل المحشر في أحوالهم و أطوارهم. و من فوائده أيضاً اختبار العباد و ابتلائهم باطاعة أوامره و نواهيه و اجتناب ما يسخطه و الإتيان بما يرضيه.

رابعها: أنه ينبغي بل يلزم المحافظة على تصحيح هذه العبادة بتصحيح النية

لأن الحج موضوع على الإعلان و معدود في هذه الأعصار من أسباب الرفعة و الافتخار و الأبهة و الاعتبار بل هو مما يتوصل به إلى التجارة و الانتشار و مشاهدة البلدان و الأمصار و الاطلاع على أحوال الأماكن و الدّيار فيخشى عليه من تطرق هذه الدواعي الفاسدة المبطلة للعمل في بعض الأحوال و لا خلاص من ذلك إلا بالإخلاص و لا إخلاص إلا بالخلوص من شوائب العجب و الرياء و التجرد عن حب المدح و الثناء و تطهير العبادات الدينية عن التلويث بالمقاصد الدنيوية و لا يكون ذلك إلا بإخراج

ص: 6

حب الدنيا من القلب و قصر حبه على حب الله تعالى و يكون ذلك هو الداعي إلى العمل و هو ملاك الأمر و مدار الفضل و الطريق العلمي إليه واضح مكشوف و لكن عند العمل تسكب العبرات و تكثر العثرات

إذا انبجست دموع من عيون تبيّن من بكى ممن تباكى

و لاستدامة الفكر في أحوال الدنيا و مآلها و مزاولة علم الأخلاق الذي هو طب النفس و علاجها نفع بيّن في ذلك و تأثير ظاهر و الله الموفق.

خامسها: في آداب السفر مطلقاً أو خصوص سفر الحج و العمرة

اشارة

و هي أمور:-

الأول: ما يستحب عند التهيؤ للسفر

ينبغي أن يبدأ بالتوبة و ردّ المظالم و قضاء الديون و ردّ الودائع و الخلاص من الحقوق المالية التي عليه من الخمس و الزكاة و غيرهما و الفراغ من الحقوق التي عليه لإخوانه بالاستحلال ممن استغابه أو استمع غيبته و نحو ذلك و أحكام وصيته بما له و ما عليه و أن يجمع عياله و يصلي ركعتين أو أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الفاتحة و التوحيد ثمّ يقول (اللهم أني أتقرب إليك بهن فاجعلهن خليفتي في أهلي و مالي اللهم أني استودعك الساعة نفسي و أهلي و ولدي و مالي و ديني و دنياي و آخرتي و خواتيم عملي اللهم احفظ الشاهد منا و الغائب اللهم احفظنا و احفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك اللهم لا تسلبنا نعمتك و لا تغير ما بنا من عافيتك و فضلك) ثمّ يودع إخوانه و جيرانه و يودّعونه قائلًا لهم: (استودعكم الله الله خليفتي عليكم و كفى به خليفةً و قائلين له: (في حفظ الله و كنفه زوّدك الله التقوى و غفر ذنبك و وجهك للخير أينما كنت و حفظ لك دينك و دنياك و قضى لك كل حاجة و احسن لك الصحابة و أكمل لك المعونة و سهل لك الحزونة و قرّب لك البعيد و كفاك المهم من أمورك و ردّك سالماً إلى سالمين (قارئين في أذنه) إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد إن شاء

ص: 7

الله تعالى فالله خير حافظاً و هو ارحم الراحمين) مراعين حقه في أهله و عياله بحسن الخلافة عليهم حتى يئوب ثمّ يلتمس رفيقاً صالحاً مساوياً له في الغنى و الفقر لا فوقه و لا أدون منه محباً للخير معيناً عليه إن نسى ذكره و إن ذكر أعانه و إن جبن شجعه و إن عجز قوّاه و إن ضاق صدره صبره و لا يزيد الرفقاء على أربعة فإنهم احب الصحابة إلى الله عز و جل و ما زاد قوم على سبع إلا كثر لغطهم، و يستصحب من المال الحلال الطيّب الخالص من الحقوق الشرعية ما يكفيه لذهابه و إيابه مع التوسعة في الزاد و بذله للضعفاء و الفقراء و غيرهم فإن المروة في السفر كثرة الزاد و طيبه و بذله لمن كان معك و من شرف الرجل أن يطيّب زاده إذا خرج في سفر خصوصاً سفر الحج.

الثاني: ما يستحب عند الخروج من الدار

و يستحب أن يخرج متعمماً متحنكاً متختماً بعقيق أو فيروزج أو بهما آخذاً بيده عصاً من اللوز المرّ قائلًا: (بسم الله آمنت بالله و توكلت على الله الله اكبر الله اكبر الله اكبر بالله اخرج و بالله ادخل و على الله أتوكل اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير و اختم لي بخير وقني شر كل دابة أنت اخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) ثمّ يقف على باب الدار مستقبل القبلة قارئاً فاتحة الكتاب و آية الكرسي قائلًا: (اللهم أني لم اخرج أشراً و لا بطر و لا رياءً و لا سمعةً بل خرجت اتقاء سخطك و ابتغاء مرضاتك و قضاء فرضك و اتباع سنة نبيك و شوقاً إلى لقائك) فإذا مشى قال: (اللهم بك انتشرت و عليك توكلت و بك اعتصمت و إليك توجهت اللهم أنت ثقتي و أنت رجائي فاكفني ما أهمني و ما لا يهمني و ما أنت اعلم به مني عز جارك و جل ثناؤك و لا إله غيرك اللهم زودني التقوى و اغفر لي ذنبي و وجهني للخير أينما توجهتُ).

الثالث ما يستحب عند الركوب

يستحب أن يفتتح سفره بالصدقة حين يضع رجله في الركاب و نحوه قائلًا عندها: (اللهم أني اشتريت بهذه الصدقة سلامتي و سلامة ما معي اللهم احفظني و احفظ ما معي و سلمني و سلم ما معي و بلغني و بلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل)

ص: 8

ثمّ يقول إذا ركب: (بسم الله و بالله الله اكبر توكلت على الله و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين و إنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني وجهت وجهي إليك و فوضت أمري كله إليك و توكلت في جميع أموري عليك أنت حسبي و نعم الوكيل) فإذا استوى راكباً قال: (اللهم أنت الحامل على الظهر و المستعان على الأمر اللهم بلغنا بلاغاً يبلغ إلى خير بلاغاً يبلغ إلى مغفرتك و رضوانك اللهم لا ضير و لا خير إلا خيرك و لا حافظ غيرك الحمد لله الذي أكرمنا و حملنا في البر و البحر و رزقنا من الطيبات و فضلنا على كثير من خلقه تفضيلًا اللهم أنت الصاحب في السفر و أنت الخليفة في الأهل و المال و الولد لا يجمعهما غيرك احفظنا و إياهم من كل آفة و عاهة اللهم إنا نسألك في مسيرنا هذا البر و التقوى و العمل بما ترضى اللهم إنا نسألك أن تطوي لنا الأرض و تهوّن علينا السفر و ترزقنا في سفرنا سلامة البدن و الدين و المال و تبلغنا حج بيتك و زيارة قبر نبيك اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر و كآبة المنقلب و سوء المنظر في الأهل و المال و الولد اللهم اجعلنا و إياهم في جوارك و لا تسلبنا و إياهم نعمتك و لا تغير ما بنا و بهم من عافيتك).

الرابع ما يستحب عند النزول

يستحب عن إرادة أن يختار من بقاع الأرض أحسنها لوناً و ألينها تربةً و أكثرها عشباً قائلًا: (اللهم انزلني منزلا مباركاً و أنت خير المنزلين اللهم رب السموات السبع و ما أظللن و رب الأرضين السبع و ما أقللن و رب الشياطين و ما أضللن و رب الرياح و ما ذرين و رب البحار و ما جرين أسألك خير هذا المنزل و خير أهله و أعوذ بك من شره و شر ما فيه) فإذا نزل صلى ركعتين ثمّ قال: (أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يتجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما ذرأ و من شر ما برئ و من شر كل دابة هو اخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم سلامٌ على نوح في العالمين و كذلك نجزي المحسنين) فإذا ارتحل صلى ركعتين و ودّع الأرض التي حلّ بها و سلّم عليها و على أهلها فإنّ لكل بقعة أهلًا من الملائكة.

ص: 9

الخامس فيما ينبغي للمسافر

أهمّ ما ينبغي له حسن الخلق بأن يحسن الصحبة مع صحبه و يكون له حلم يملك به غضبه و ورع يحجزه عن معاصي الله عز اسمه فيكفّ لسانه و يكظم غيظه و يقلّ لغوه و يتفرش عفوه و يجود بما معه من دابةٍ أو ماءٍ أو زاد أو غيرها مجيباً من دعاه معيناً من استعانه موافقاً لأصحابه فيما يريدون إلا في معصية الله جل شأنه و ينبغي له أن يتزود من الأدوية ما ينتفع به هو و من معه و يختار لسفره من الأيام يوم السبت أو الثلاثاء أو الخميس أو الجمعة بعد الصلاة فإن اضطر إلى السفر في غيرها تصدق زائداً على ما يتصدق به لأهل السفر و ينبغي أن يتحصن في كل يوم و ليلة بهذه الكلمات: (بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبي الله و كفى سمع الله لمن دعاه ليس وراء الله منتهى و لا دون الله ملجأ تحصنت بالله العظيم و استعنت بالحي الذي لا يموت اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام و اكنفنا بركنك الذي لا يرام).

و أما المقاصد:

اشارة

-

المقصد الأول في حج التمتع

اشارة

و فيه مباحث:-

المبحث الأول في بيان حقيقته و ما هو المائز بينه و بين القِران و الإفِراد
اشارة

اعلم إن الحج ثلاثة أنواع تمتع و هو فرض من بعُد عن مكة بستة عشر فرسخاً من كل جانب و إفراد و قران و هما فرض من نقص عن ذلك المقدار

و يمتاز التمتع عنهما بأمور:
اشارة

-

أحدها: إن إحرام حجه من بطن مكة دونهما

فإنه من الميقات أو من منزله إن كان دون الميقات.

ص: 10

ثانيها: وجوب الهدي في أصالة دونهما

فإنه لا يجب في الإفراد أصلًا و أما في القِران فإنما يلزم به بالعرض من حيت أنه عقد إحرامه بسياقه فوجب و بذلك افترق عن الإفراد.

ثالثها: تقديم عمرته على حجه بخلاف عمرتهما

فإنها مؤخرة عن الحج.

رابعها: جواز الطواف و السعي فيهما قبل المضي إلى عرفات

و لكن يجددان التلبية عند كل طواف بخلافه فلا يجوز فيه ذلك.

خامسها: ارتباط عمرته بحجه حتى كأنهما كالعمل الواحد بخلاف عمرتهما فإنها مفردة
و على ذلك يتفرع أمور:
اشارة

-

الأول: أن ينوي في إحرام عمرته إنها عمرة إلى الحج

بخلاف عمرتهما فإنه ينويها مفردة.

الثاني: أن يقع مجموع حجه و عمرته في اشهر الحج من سنة واحدة

فلو أتى بعمرته أو بعضها في غير اشهر الحج لم يجز التمتع بها و إن جمعهما في سنة واحدة كما أنه لو أخر الحج عن سنتها صارت مفردة و إن أتى بهما في اشهر الحج كما لو اعتمر في ذي الحج من هذه السنة و اتى بالحج فيه من السنة الآتية و إن بقي محرماً طوال السنة و لم يفصل بينهما أزيد من اثني عشر شهراً و هذا بخلاف القِران و الإفراد فإن حجهما و إن كان لا يقع إلا في اشهر الحج و لكن عمرتهما مفردة و وقتها مجموع أيام السنة و اشهر الحج هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة لصحة وقوع الطواف و السعي فيه إلى تمامه.

الثالث: أنه مرتهن بالحج و محتبس به

فلا يجوز له بعد الإحلال من عمرته الخروج من مكة إلا محرماً به و إن طال و شق عليه ذلك و لو خالف و خرج محللًا و عاد بعد شهر أحرم بالعمرة و أتى بعمرة مستأنفة.

الرابع: إن الحج و العمرة في التمتع لا يصحان إلا من واحد عن واحد

فلو استأجر اثنان عن ميت واحد أحدهما لعمرته و الآخر لحجه لم يصح و كذا إذا استأجر واحد عن اثنين على أن يكون حجه لأحدهما و عمرته للآخر فتبين مما ذكر إن حج

ص: 11

التمتع مركب من العمرة و الحج على نحو التركيب في الواجب الارتباطي فكل منهما جزء للفرض لا يصح الآخر إلا به و إن تحقق الإحلال فيما بينهما بخلاف القِران و الإفراد فإن حجة الإسلام فيهما و إن كان يجب فيها العمرة أيضاً و لا يجزي الحج وحده إلا إن كلا منهما فيهما واجب استقلالًا لا يتوقف صحته على الآخر ثمّ ان الإفراد و القِران متساويان إلا في عقد الإحرام فإنه إنْ عقده بسياق كان قِراناً و إلا فهو إفراد و لا يجوز العدول في القِران إلى التمتع مطلقاً بخلاف الإفراد فإنه يجوز فيه أمّا مطلقاً أو في خصوص المندوب و أما الفرق بين عمرة التمتع و المفردة فهو إنه يشترط في الأولى الإحرام بها من خصوص الميقات و لا تقع إلا في اشهر الحج و ليس فيها طواف النساء و لا يحل من إحرامها إلا بالتقصير عكس الثانية في جميع ما ذكر.

المبحث الثاني في بيان أفعاله إجمالًا

اعلم إن عمرة التمتع و هي أول أعمال حج التمتع عبارة عن أعمال خمسة الإحرام أولًا ثمّ الطواف ثانياً ثمّ ركعتاه ثالثاً ثمّ السعي رابعاً ثمّ التقصير خامساً بأن يأخذ شيئاً من شعره أو يقلّم شيئاً من أظفاره فإذا فعل ذلك حل له جميع ما حرم عليه بالإحرام حتى النساء و من هنا قيل له حج التمتع لإمكان التمتع فيه بين العمرة و الحج قبل الإتيان بأعمال الحج بخلاف النوعين الآخرين فلا يمكن فيهما ذلك إلا بعد الفراغ من أعماله و لا يجب فيها طواف النساء و إن كان أحوط و أما حج التمتع بعدها فهو عبارة عن خمسة عشر عملًا الإحرام (1) من مكة ثمّ الوقوف (2) بعرفات ثمّ الوقوف (3) بالمشعر الحرام من طلوع فجر العيد إلى طلوع الشمس (4) ثمّ رمي جمرة العقبة في منى ثمّ الذبح خامساً أو النحر ثمّ الحلق (6) أو التقصير ثمّ طواف الحج (7) ثمّ ركعتاه (8) ثمّ السعي (9) ثمّ طواف النساء (10) ثمّ ركعتاه (11) ثمّ المبيت بمنى ليلة الحادي عشر (13) ثمّ رمي الجمار في ذلك اليوم (14) ثمّ المبيت بمنى ليلة الثاني عشر (15) ثمّ رمي الجمار في ذلك اليوم و يعتبر حين الشروع في إحرام العمرة أن يقصد الإتيان بهذا النوع من الحج أمّا تفصيلًا بالنحو الذي ذكر أو اجمالًا و لو بأن ينوي

ص: 12

الإتيان به حسبما هو مذكور في المناسك التي بيده أو حسبما يعلمه معلّمه الثقة و لو تدريجاً.

المبحث الثالث في تفصيل أفعال عمرته
اشارة

و فيه خمسة فصول:-

أولها في الإحرام
اشارة

و فيه مقامات:-

[المقام] الأول في مندوباته:

-

يستحب لمن أراد التمتع توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة و يتأكد عند هلال ذي الحجة و كذا يستحب لمن يريد الإحرام مطلقاً عدم استعمال الحناء قبل الإحرام إذا كان اثره باقياً إلى حين الإحرام و يستحب عند الإحرام التهيؤ له بتنظيف جسده وقص أظفاره و الأخذ من شاربه و إزالة الشعر عن جسده و ابطيه بالنّورة و إن كان مطلياً أجزأه ما لم يمض خمسة عشر يوماً و يستحب له الغسل و يجوز تقديمه على الميقات لمن خاف عوز الماء و يعيد أن وجده في الميقات و يجزي غسل النهار ليومه و ليلته ما لم ينم بل الظاهر أجزاء الغسل في أول النهار لليلته و بالعكس و لو أحدث بالأصغر بعد الغسل أعاده و كذا لو أكل أو لبس بعد الغسل ما لا يجوز للمحرم أكله أو لبسه و يصح هذا الغسل من الحائض و النفساء كما يصح الإحرام منهما و يستحب عند الغسل أن يقرأ هذا الدعاء (بسم الله و بالله اللهم اجعل لي نوراً و طهوراً و حرزاً و أمناً من كل خوفٍ و شفاء من كل داء و سقم اللهم طهرني و طهر قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني محبتك و مدحتك و الثناء عليك فانه لا قوة لي إلا بك و قد علمتُ أن قوام ديني التسليم لك و الاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه و آله). ثمّ يلبس ثوبي الإحرام يجعل أحدهما ازاراً و الآخر رداءً قائلًا (الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي و أؤدي به فرضي و اعبد فيه ربي و انهى فيه إلى ما امرني الحمد لله الذي قصدته فبلّغني و اردته فأعانني و قبلني و لم يقطع بي و وجهه أردت فسلمني فهو حصني و كهفي و حرزي و ظهري و ملاذي و ملجئي و منجاي و ذخري و عدتي في شدتي و رخائي) و يستحب أن يقع الإحرام عقيب فريضة الظهر فإن لم تكن ففريضة أخرى فإن لم تكن

ص: 13

فعقيب صلاة قضاء فإن لم تكن فعقيب ست ركعات نافلة و أقله ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد التوحيد و في الثانية الجحد فإذا فرغ من الصلاة فليحمد الله و ليثني عليه بما هو أهله و ليصلِ على محمد و آله حسب إمكانه و اتساع وقته ثمّ يقول (اللهم أني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك و آمن بك و اتبع أمرك فإني عبدك و في قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت و لا أجد إلا ما أعطيت اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج فاسألك أن تعزم لي عليه على كتابك و سنة نبيك صلواتك عليه و آله و تقويني على ما ضعفت عنه و تسلم لي مناسكي في يسرٍ منك و عافية و اجعلني من وفدك الذي رضيت و ارتضيت و سميت و كتبت اللهم إني خرجت من شقة بعيدة و انفقت مالي ابتغاء مرضاتك اللهم فتمم لي حجتي و عمرتي اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج

على كتابك و سنة نبيك صلواتك عليه و آله فإن عرض لي عارض يحبسني فخلصني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت عليَّ اللهم إن لم تكن حجة فعمرة أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخي و عصبي من النساء و الثياب و الطّيب ابتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة) ثمّ تنوي الإحرام و يستحب في خصوص المقام أن تتلفظ بها فتقول (أحرم بعمرة التمتع لحج الإسلام حج التمتع و اوطن نفسي على ترك محرمات الإحرام و ما حرّمه الشارع على المحرِم والبي التلبيات الأربع عاقداً بها إحرام العمرة لوجوبه قربة إلى الله تعالى لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعياً إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك اله التلبية لبيك لبيك ذا الجلال و الاكرام لبيك لبيك تبدأُ و المعاد إليك لبيك لبيك تستغني و يفتقر إليك لبيك لبيك مرغوباً و مرهوباً إليك لبيك لبيك إله الحق لبيك لبيك ذا النعماء و الفضل و الإحسان الجميل لبيك لبيك كشاف الكُرب العظام لبيك لبيك عبدك و ابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك) و يستحب أن يقول (لبيك أتقرب إليك بمحمد و آل محمد لبيك لبيك بحجة أو عمرة لبيك لبيك و هذه عمرة متعة إلى الحج لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك تلبية تمامها و بلاغها عليك) و تستحب التلبية في اكثر الأوقات خصوصاً بعد كل صلاة فريضة

ص: 14

و نافلة و إذا صعدت ناقته مرتفعاً أو نزلت وادياً أو منخفضاً و عند نومه و عند استيقاظه و في السحر و عند الركوب و النزول و نهوض البعير به و الأكل و الشرب و ملاقاة إنسان و إذا سلم على أحد أو سلم عليه أحد أو فعل شيئاً من محرمات الإحرام ناسياً و يستحب رفع الصوت بها للرجال و يستحب اكثارها و تكرارها و لو من الجنب و الحائض و لا يرتفع استحبابها في عمرة التمتع إلا إذا شاهد بيوت مكة و لا في الحج بأنواعه إلا عند الزوال من يوم عرفة و لا في العمرة المفردة إلا إذا دخل الحرم إن كان إحرامه من خارجه أو يشاهد الكعبة إن كان إحرامه من الحرم و لْيكثر من خصوص لبيك ذا المعارج لبيك.

المقام الثاني في مكروهاته:

-

يكره الإحرام في الثياب السود بل قيل في مطلق المصبوغ لكن الظاهر من بعض الأخبار المعتبرة عدم كراهة الثياب الخضر و يكره أيضاً النوم على الثياب السود و على الوسادة السوداء و يكره الإحرام في الثياب الوسخة نعم لو و سخت بعد الإحرام فالأولى عدم غسلها إلى أن يحل و يكره دخول الحمام و دلك الجسد فيه و تلبية المنادي و استعمال الرّياحين و الخضاب بالحنّاء و لو لغير الزينة و ألحق بعضهم بدخول الحمام غسل الرأس بالسّدر و الخطمى و غسل البدن بالماء البارد الشديد البرودة و المبالغة في السواك و دلك الوجه و المصارعة.

المقام الثالث في واجباته:
اشارة

-

و هي أربعة:-

الأول: لبس ثوبي الإحرام قبل عقده بالنية و التلبية

و بعد نزع ما يجب على المحرم اجتنابه يأتزر بأحدهما و يرتدي بالأخرى و يعتبر في الرداء أن يستر المنكبين و في الازار أن يستر ما بين السرة و الركبة و يعتبر فيهما أن يكونا مما تصح الصلاة فيه للرجال فلا يجوز في غير المأكول و لا في غير المذكى و لا في المغصوب و لا في المذهّب و لا في المتنجس بما لا يعفى عنه و لا في الشافّ الذي يحكي البشرة و لا في الحرير حتى للنساء على الاحوط بل الاحوط لهنّ عدم لبسه في جميع حالات الإحرام و الاحوط أن لا

ص: 15

يكونا من الجلود و أن يكونا منسوجين لا ملبدين و لو تنجسا بادر إلى تطهيرهما أو تبديلهما و كذا البدن لو تنجس بادر إلى تطهيره على الاحوط و ينوي حين لبسهما أنه يلبسهما لإحرام عمرة التمتع إلى الحج امتثالًا لأمره تعالى و الاحوط عدم عقد الازار في عنقه بل مطلقاً و لا يغرزه بإبرة و نحوها بل يغرزه بنفسه و يجوز الزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و بعده و كما يجبان على الرجل فكذا على المرأة و على الاحوط.

الثاني: النية

و قد تقدم ذكرها و حقيقتها القصد إلى إحرام عمرة التمتع لحجة الإسلام امتثالًا لأمره تعالى و لو كان نائباً قصد النيابة عن المنوب عنه و كذا لو كان منذوراً و لو تعدد ما في ذمته لزمه التعيين و يجب استدامتها و لا يجب فيها لفظ و ان استحب هنا كما لا يجب فيها احضار و لا تعيين الوجه من وجوب أو ندب و إن كان أحوط و الإحرام هو توطين النفس على ترك الأشياء التي تحرم على المحرم الآتي تفصيلها و لو لم يعرفها تفصيلًا كفت المعرفة الإجمالية.

الثالث: التلبية

و هي بالنسبة إلى عقد إحرام الحج و العُمرة كتكبيرة الإحرام بالنسبة إلى عقد إحرام الصلاة و لا ينعقد إحرام للمتمتع و المفرد في حج أو عمرة إلا بها و أما القارن فيتخير بين العقد بها و بالاشعار المختص بالبدن أو التقليد المشترك بينها و بين غيرها من أنواع الهدي و إن كان الاحوط الجمع بين العقد بها و بهما و تجب التلبية في نفسها على القارن و إن لم يتعين عليه عقد الإحرام بها و الواجب منها التلبيات الأربع و صورتها لبيك اللهم لبيك إن الحمد و النعمة و الملك لك لبيك و الاحوط الخمس بأن يضيف إليها بحجة أو عمرة تمامها عليك لبيك و الافضل إضافة التلبيات السابقة إليها و يجب على من لا يحسنها أن يتعلمها أو يتلقنها فإن لم يتمكن بها صحيحة جمع بين الإتيان بما يحسنه و الترجمة و النيابة على الاحوط و الأخرس يعقد بها قلبه و يشير إلى لفظها بإصبعه و لسانه نحو ما يبرزه من مقاصد و لو نسى التلبية في محلها و لم يتذكر إلا بعد ان تجاوز الميقات فإن امكنه الرجوع و التدارك وجب و إلا أتى بها حيثما ذكر و لا كفارة عليه لما فعله قبلها من منافيات الإحرام و إن فعلها عمداً و ذلك لما عرفته من عدم انعقاده بدونها.

ص: 16

الرابع: أن يكون الإحرام من الميقات
اشارة

فلا يصح قبله إلا مع النذر أو خوف تقضي رجب لمن أراد الاعتمار فيه عمرة مفردة و لا بعده فمن تجاوزه بغير إحرام و أن كان متعمداً رجع و أحرم منه فإن تعذر و كان أمامه ميقات آخر احرم منه فإن لم يكن فإن كان قاصداً للعمرة المفردة احرم من أدنى الحلّ و أجزأه و إن أثم بتركه من الميقات و إن كان قاصداً للحج بطل و الاحوط الإحرام من حيث أمكن و اتمام الحج ثمّ القضاء و إن كان ناسياً أو جاهلًا فإن أمكنه الرجوع إليه رجع و إلا أحرم من الميقات الذي أمامه إن كان و إلا رجع بالقدر الممكن حتى لو دخل الحرم كالحائض التي تركت الإحرام من الميقات جهلًا بوجوبه فإن لم يمكنه الرجوع أصلًا أحرم من موضعه و صحت عمرته و إن لم يذكر أو لم يعلم حتى اكمل مناسكه صح ما أتى به و الاحوط القضاء.

المواقيت
اشارة

و المواقيت عشرة

أولها مسجد الشجرة

و هو المسمى بذي الحليفة على ستة أميال من المدينة و هو ميقات من حج على طريق المدينة المنوّرة و يجوز لهم عند الضرورة تأخير الإحرام إلى ميقات أهل الشام و هو الجُحفة و الحائض و النفساء قبل نقائهما إن أمكن اجتيازهما في المسجد أحرما منه مجتازين و إلا أحرما من خارجه و أما بعد نقائهما و قبل الغسل فلا يشرع لهما الإحرام من خارجه إلا بعد تعذر الاجتياز و الطهارة اختياريّها و اضطراريّها كالجنب

ثانيها وادي العقيق

و هو ميقات من حج على طريق العراق و نجد و أوله المسلخ و وسطه غمرة و أخره ذات عرق و لا يجوز عبورها إلا محرماً بل الاحوط عدم التأخير إليها إلا لمرض أو تقية على ان الاحوط في التقية ان ينوى الإحرام و يلبى سرّاً قبل الوصول إليها و لا ينزع ثيابه إلا فيها بل ان أمكنه ان ينزع ثيابه خفية و يلبس ثوبي الإحرام ثمّ ينزعهما و يلبس ثوبه فعل و يفدي لأجل ذلك و الأفضل الإحرام من أوله ان يتقن الوصول إليه و إلا احتاط بالتأخير إلى ان يتيقن

ثالثها قرن المنازل

و هو ميقات من حج على طريق الطائف

رابعها يلملم

و هو ميقات من حج على طريق اليمن

خامسها الجحفة

بتقديم الجيم على الحاء المهملة و هو ميقات

ص: 17

من حج على طريق الشام و هي على ثلاث مراحل من مكة

سادسها مكة لحج التمتع

و الأفضل المسجد خصوصاً المقام

سابعها المنزل

لمن كان منزله اقرب من المواقيت إلى مكة

ثامنها أدنى الحل

و هو ميقات العمرة المفردة

تاسعها فخ للصبيان

و الاحوط احرامهم من الميقات و تأخير التجريد إليها

عاشرها محاذاة أحد المواقيت الخمسة

و هي ميقات من لم يمر على أحدها و ينبغي التنبيه على أمور الأول يجب أولا تحصيل العلم بهذه المواضع إن أمكن فإن تعذر فلا يبعد الاكتفاء بالظن الحاصل من أهل الخبرة العارفين بها و كذا بالنسبة إلى المحاذاة الثاني و لو تعددت المواقيت في الطريق الواحد أحرم من أولها مع الاختيار و من تاليه مع الاضطرار و لو أخر مع الاختيار أثم و أجزأ و هكذا لو تعددت المواقيت التي يحاذيها فانه يحرم من اقربها إليه لا إلى مكة الثالث قد اضطربت الآراء في هذه الازمان و ما قاربها فيما تتحقق به المحاذاة إلى الميقات و هو يلملم بالنسبة من حج على طريق البحر فمن قائل أنها لا تتحقق إلا في جدة و آخر يذهب إلى أنها لا تتحقق إلا في حده و ثالث يرى أنها تتحقق في قمران أو ما بين قمران وجده و هو الموضع الذي يعلن فيه المدير في المراكب البحرية للحجاج بالاحرام منه و الذي أراه عاجلا إلى أن يقع الفحص و التحقيق إن من حج على طريق البحر يوقع نذراً بالاحرام من الموضع المعهود الذي تعارف الاحرام منه في البحر فيقول لله على أن احرم من هذا المكان ثمّ يحرم منه فإن كانت المحاذاة محققة فيه فذاك و إن كانت بعده فجاز الاحرام منه و أجزأ بسبب النذر.

المقام الرابع في محرماته:
اشارة

-

و هي أمور:-

الأول: صيد الحيوان البري الممتنع بالاصل دون البحري

و هو الذي يبيض و يفرخ في الماء و دون الممتنع بالعرض كالنعم إذا توحشت و امتنعت أما غير الممتنع أصلا و عارضاً فلا يتحقق فيه صيد و يستثني من ذلك السباع إذا ارادته و سباع الطير إذا أذت حمام الحرم و الفرخ و البيض من البحري و البري تابع لأصله و الجراد من البري و كما يحرم صيده يحرم ذبحه و أكله و امساكه و الاعانة عليه بدلالة و اشارة و اغلاق و نحو

ص: 18

ذلك و لو صاده أو ذبحه المحرم كان كما لو صيد أو ذبح في الحرم ميتة يحرم على كل أحد حتى المحل في الحل أكله و الصلاة في جلده.

الثاني: النساء

وطيا و تقبيلا و لمسا و نظراً بشهوة و عقداً له و لغيره و لو محلا و شهادة على العقد تحملا أو أداءً و خطبة على الاحوط و لا فرق في العقد بين المنقطع و غيره الفضولي و غيره بل الاحوط اجتناب التحليل و قبوله نعم لا باس بالرجوع إلى المطلقة و شراء الأمة و لو للاستمتاع إلا إذا قصد الاستمتاع حال الاحرام فالاحوط تركه.

الثالث: الاستمناء

بأي نحو كان.

الرابع: الطيب

فانه يحرم بأقسامه و أنحاء استعماله على المحرم حيّاً و ميتاً فمن مات و هو محرم لا يقربه كافور و لا حنوطا و لا في ماء الغسل بل يحرم أكل ما فيه الطيب أو لبسه مع بقاء أثره فيه و لو اضطر إلى ذلك سد أنفه و كذا لو اشتراه أو جلس عند من عنده طيب و كذا إذا جاءه ريح الطيب بين الصفا و المروة من سوق العطارين على الاحوط و كما يجب سد أنفه عن الطيب يحرم سده عن الرائحة الكريهة و يجوز أكل الفواكه التي فيها رائحة طيبة كالتفاح و السفرجل و إن كان الاولى عدم شمه و الاحوط عدم شم الرياحين كما ان الاحوط ترك الادهان مطلقاً و لو بدهن لا طيب فيه إلا لضرورة كتشقق الجلد و نحوه.

الخامس: التزين للرجل و المرأة في أشياء خاصة

فمنها ما تكون حرمته دائرة مدار قصد الزينة فمتى قصد فيه ذلك حرم و متى لم يقصد حل كالتختم فإنه يحرم للزينة و يحل للسنة و يفترقان بالنية و كلبس المرأة للحلى فإنه يحرم عليها إذا قصدت به الزينة إلا ما كانت تعتده الاحرام فإنه لا بأس به لكن لا تظهره لزوجها و لا لسائر محارمها إلا للضرورة على الاحوط و منها ما هو زينة قهراً قصد فيه ذلك أم لم يقصد و من مقدماتها فيحرم مطلقاً كالاكتحال فإنه حرام على المحرم و إن لم يقصد به الزينة و كذا النظر في المرآة فإنه حرام و لو لم يكن للزينة و لو نظر استحب له الفداء و يجوز النظر فيما عدا المرأة مما يحكى الوجه كالماء الصافي و نحوه و كذا يجوز النظر بالمنظرة و لو

ص: 19

مع عدم الضرورة و الأولى بالمحرم أن يجتنب عن مطلق التزين بل عن كل ما ينافي كونه أشعث أغبر على الأقوى.

السادس: ستر الرجل رأسه

و هو منابت الشعر و الاذنان كلًا أو بعضاً بكل ساتر ملاصق له حتى الطين و الحناء و الرمس في مائع أو حمل شي ء عليه كطبق و نحوه إلا عصابة الصداع و عصام القربة و لو رفعه بآلة بحيث لا يلاصقه و يستره عن الشمس كان له حكم التضليل لا الستر و لو ستر ناسيا القاه وجوبا و جدد التلبية استحباباً و يجوز له ستر وجهه كلًا فضلًا عن البعض فان إحرام الرجل في رأسه و إحرام المرأة في وجهها.

السابع: ستر المرأة وجهها كلًا و بعضاً

و لو عند النوم بنقاب أو غيره إلا ما تستره من باب المقدمة لستر الرأس في الصلاة فتكشفه بعد الصلاة فوراً و تتستر عن الأجانب باسدال قناع و نحوه مع التجافي على الاحوط.

الثامن: التظليل للرجال اختياراً عند المسير

بأن يكون سائراً على رأسه مظلة و نحوها (1) فلا يحرم ما لا يصدق عليه التظليل كالكون تحت الظل المستقر من بناء وخيمة و نحوهما (2) كما لا يحرم التظليل على النساء و الصبيان (3) و لا مع الضرورة لمرض أو مطراً و حر أو برد يشق تحمله حتى يصل إلى حد العسر و الحرج النافي للتكليف و لو زامل عليلًا أو امرأة اختصا بالظلال دونه (4) و لا في المنزل فيجوز التظليل فيه بشمسية و نحوها حتى حال التردد في اموره و حوائجه (5) و لا ما يكون على الرأس فيجوز التظليل عن الشمس بالثوب و الشمسية و نحوهما ذا لم يجعلهما على رأسه و كذا يجوز له المشي في ظل الحمل مثلا عند ميل الشمس إلى أحد جانبيه و الظاهر لحوق الركوب في المراكب البحرية بالمنزل لا بالسير و لو ألحقناه بالسير فالظهر أنه لا بأس بما يحصل من ظل بعض الأخشاب و الحديد مما هو مستقر في المركب بعد ازالة السقف.

التاسع: لبس المخيط و ما بحكمه من الملبد أو المنسوج بهيئة الجبة و القلنسوة و القباء و السراويل

و غير ذلك أما إذا لم يكن بصورة شي ء منها و لا خياطة فيه بل كان ملبداً أو ملصقاً بعضه ببعض بغير خياطة ففيه اشكال و الأحوط الاجتناب نعم لا بأس

ص: 20

بما يشد لكف نزول الريح في الانثيين و هو المسمى بالفارسية (فتق بند) و لا بالمنطقة و الهميان التي فيهما نفقته و إن عقد سيورهما بعضها ببعض و إنما يحرم لبس المخيط على الرجال اختياراً أما النساء فلا يحرم عليهن مطلقا عدا القفازين و كذا لا يحرم في حال الضرورة كما لا يحرم افتراشه و التدثر به و غير ذلك من أنحاء استعمالاته مما عدا اللبس.

العاشر: لبس ما يستر تمام ظهر القدم كالخف و الجورب والشمشك و نحوها

و إن لم يكن مخيطاً أما إذا لم يستر تمامه و لو كان ساتراً لأكثره جاز و إنما يحرم مع الاختيار أما مع الضرورة فلا بأس و يكفي فيها الاحتياج إلى لبس الخف لعدم وجود النعلين و لا يجب شق ظهره و لا قطع ساقيه و إن كان أحوط.

الحادي عشر: لبس السلاح أو حمله على وجه يعد به متسلحاً

إلا لضرورة كخوف عدو أو سارق.

الثاني عشر: قلم الظفر

و لو بعضه بالمقراض أو غيره إلا مع الضرورة و لو لانكسار بعضه فيؤذيه بقاء البعض الآخر أو توقف علاج قرحة عليه فيجوز عليه الفدية.

الثالث عشر: إخراج الدم بفصد أو حجمة أو نحوها

و لو بحك الجسد أو السواك مع الاختيار و منه قلع الضرس إذا أدمى أما مع عدمه ففيه إشكال و الأحوط الاجتناب و لو أضطر إلى شي ء من ذلك جاز.

الرابع عشر: إزالة الشعر قليله أو كثيره عنه أو عن غيره

محرماً كان ذلك الغير أو محملًا بحلق و نتف أو غيرهما نعم لا بأس بالحك الذي لم يعلم سقوط الشعر به و كذا التسريح و التخليل عند الوضوء أو الغسل إذا لم يخرج عن المتعارف كما لا بأس بالازالة أيضا مع الاضطرار لقمل أو قروح أو صداع و نحوها.

الخامس عشر: قتل ما يتكون من جسده من الهوام

كالقمل و نحوه مباشرة أو تسبيباً و لو بالزئبق و نحوه و كذا القائه عن جسده أو شعره أو ثيابه أو عن محرم آخر كذلك و أما نقله إلى محل آخر فإن لم يكن معرضاً لسقوطه جاز و إلا فلا يجوز له القاء

ص: 21

ما لا يتكون من جسده كالقراد و الحلم عنه بل يجوز له القاء القراد عن البعير أيضا بخلاف الحلمة فلا يجوز و يجوز دفع البق و البرغوث عنه على الأقوى.

السادس عشر: الجدال و النزاع المؤكد بقول لا و الله و بلى و الله

في الاختيار أما لو اضطررنا إلى أحدهما لاثبات حق أو دفع باطل جاز.

السابع عشر: الفسوق

و هو الكذب و السباب و المفاخرة و حرمته عامة للحرم و المحل و لكنها تتأكد بالنسبة إلى المحرم و لا يفسد احرامه به و لا تلزمه كفارة سوى الاستغفار.

الثامن عشر: يحرم على المحرم و المحل قلع كل نابت في الحرم
اشارة

الذي هو بريد في بريد أو قطعه رطباً أو يابساً ورقاً أو أغصاناً أو ثمراً أو غيرها نعم لا باس بالغصن المكسور و الورق الساقط و نحوهما و يستثنى من ذلك موارد ثلاثة: (الأول) النخل و شجر الفواكه و الاذخر و لو لم تكن بغرس آدمي فلا يحرم فيها ذلك. (الثاني) ما غرسه بنفسه سواء كان في ملكه أو غيره في منزله أو غيره فانه يجوز له فيه ذلك. (الثالث) ما نبت في منزله بعد نزوله فيه سواءً أنبته هو أو نبت من قبل نفسه و سواء كان المنزل مملوكاً له أولا و يجوز أن ترعى دوابه في الحرم و تأكل من حشيشه و لكن لا يجوز له الاحتشاش لهما كما أنه يجوز المشي في الحرم على المتعارف الذي لا تعمد فيه لقطع شي ء من نباته و إن استلزم قطع بعض.

فائدة:

قد علم مما ذكر إن احرام المرأة كإحرام الرجل إلا في لبس المخيط و التظليل و ستر الرأس و نحو ذلك.

المقام الخامس في كفارات الاحرام:
اشارة

-

و فيه مطلبان:-

[المطلب] الأول: في كفارة الصيد
اشارة

لا كفارة في السباع و إن حرم صيدها إلا الأسد فعلى قاتله كبشاً إذا لم يرده و لا في قتل الحدأة و الغراب بجميع اقسامه و لا في قتل الزنبور خطأ و في قتله عمداً صدقة بشي ء من طعام و لا في قتل الحية و العقرب و الفارة و لا فيما

ص: 22

جاز صيده كصيد البحر و الدجاج الحبشي و ذبح الانعام و أكلها و إن توحشت

و أما ما فيه الكفارة فقسمان:
[القسم] (الأول) ما لكفارته بدل مخصوص

و هو خمسة أوّلها النعامة ففي قتلها بدنة و مع العجز يغض ثمن البدنة على البر أو غيره مما يجزي في الكفارة و يطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مد و ما زاد عن ستين له و لا يجب عليه ما نقص و لو عجز صام عن كل مد يوما فإن عجز صام ثمانية عشر يوماً. ثانيها بقرة الوحش و حماره ففي قتلهما بقرة أهلية فإن لم يجد فض ثمنها على البر أو غيره مما يجزي و يطعم ثلاثين مسكينا لكل مسكين مدوا لفاضل له و لا يجب عليه الاكمال فان عجز صام عن كل مد يوماً فإن عجز صام تسعة أيام ثالثها الظبي و الثعلب و الأرنب و فيها شاة فإن عجز فض ثمنها على البر أو غيره مما يجزي و أطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد و لفاضل له و لا يجب عليه التتميم فإن عجز صام ثلاثة أيام رابعها بيض النعام ففي كسرها إذا تحرك الفرخ في كل بيضة بكرة من الابل و إن لم يتحرك أو لم يكن أرسل فحولة الإبل و إن لم يتحرك و لم يكن أرسل فحولة الإبل على الإناث منها الصالحة للحمل بعدد البيض فالنتاج هدى لبيت الله تعالى فإن عجز فعن كل بيضة شاة فإن عجز أطعم عشرة مساكين لكل واحد مد فإن عجز صام ثلاثة أيام خامسها بيض القطا و القبج ففيها إذا تحرك الفرخ لكل بيضة واحد من صغار الغنم و إن لم يتحرك أو لم يكن أرسل فحولة الغنم على الإناث منها بعددها فالنتاج هدى لبيت الله تعالى فإن عجز كان كبيض النعام.

(القسم الثاني) ما لا بدل لفديته بالخصوص

و هو الحمام و في قتل الواحدة شاة و في فرخها جمل و بحكمه بيضها بعد التحرك و أمّا قبله ففيه درهم و في الضب و القنفذ و اليربوع جدي و في القطا و الدراج و شبهه حمل فطيم و في القنبرة و العصفور و الصعوة مد و في الجراد و القملة يلقيها عن جسده كف من طعام بل يكفي في الجراد الكثير شاة و لو لم يتمكن من التحرز لم يكن عليه شي ء و لو أكل ما قتله كان عليه فداء ان و لو أكل ما ذبحه غيره ففداء واحد و لو اشترك جماعة في قتله فعلى كل واحد فداء و كل من كان معه صيد يزول ملكه عنه بالاحرام و يجب عليه ارساله فإن أمسكه ضمنه هذا في

ص: 23

صيد المحرم و لو في الحل و أما الحرم فيحرم صيده و لو من المحل و كفارته قيمته إلا الحمام ففي الواحدة درهم و في الفرخ نصفه و في البيضة ربعه و إن كان الاحوط أكثر الامرين منه و من القيمة و ما يلزم المحرم في الحل و المحل في الحرم يجتمعان على المحرم في الحرم ما لم يبلغ ببدنه بل و لو بلغها على الاحوط و يجري حكم الحرم على ما إذا رمى الصيد من الحل فقتله في الحرم و بالعكس و على ما إذا كان الصيد على غصن في الحل و أصله في الحرم و بالعكس و الصيد الذي يذبح في الحرم ميتة و كفارة الصيد للاحرام أو الحرم اولهما لا فرق فيها بين العمد و السهو و تتكرر بتكرر السبب في العمد و غيره في احرام واحد و احرامين مع تحلل التكفير و عدمه مع اتحاد الجنس و تعدده و لو كان الصيد مملوكا ضمن لصاحبه قيمته أو ارش عيبه و لا يغني عما وجب للاحرام أو للحرم أو لهما و كفارة الصيد للاحرام أو للحرم أو لهما فداء أو قيمته يتصدق بها إلا في حمام الحرم فانه إذا وجبت فيه القيمة يشتري بها علف لحمامه و لو دار الامر بين أكل الصيد أو الميتة أكل الصيد و فداه إن تمكن و إلا بقي الفداء في ذمته إلى أن يتمكن.

المطلب الثاني في كفارات باقي المحظورات
اشارة

و فيه مسائل:

(الأولى) لا يفسد شي ء من تلك المحظورات حجّاً أو عمرة ما عدا الجماع

و ليس الفساد هنا بمعناه المصطلح في غيره بمعنى وجوب الاتمام ثمّ القضاء ثمّ إن الجماع إن كان عن عذر من جهل أو سهو أو نسيان فلا شي ء فيه و إن كان عن عمد و علم فإن كان في احرام الحج بعد خمسة أشواط من طواف النساء فلا شي ء فيه و إن كان قبله فإن كان بعد الوقوف بالمشعر فالحج صحيح و ليس فيه شي ء سوى الكفارة و هي بدنة و إن كان قبل الحج فهو فاسد و عليه اتمامه و القضاء من قابل و بدنة سواء كان الحج فرضا أو نفلا و سواء كانت الزوجة محلة او محرمة نعم إن كانت محرمة فان طاوعته لزمها ما يلزمه و عليهما الافتراق من موضع الخطيئة في الاتمام و الحج من قابل حتى يقضيا المناسك بأن لا يخلو إلا مع ثالث تميز يمنع حضوره عن الخطيئة و لو أكرهها صح حجها و كفر عنها و كذا لو أكرهته أو أكرههما ثالث صح الحج و هل تتحمل هي أو الثالث الكفارة وجهان و على الثاني فهل تثبت على المكره أم تسقط رأساً الظاهر السقوط

ص: 24

و ان كان في احرام العمرة فإن كان بعد إكمال السعي فلا فساد و إنما تجب الكفارة فقط و هي بدنة للمؤسر و بقرة للمتوسط و شاة للمعسر من دون فرق بين العمرة المفردة و المتمتع بها و إن كان قبل كماله بطلت و وجبت الكفارة و هي البدنة مطلقاً سواء كانت عمرة تمتع أو مفردة ثمّ إن كانت مفردة اتمها و قضاها في الشهر الداخل و إن كانت عمرة تمتع أتمها و أعادها من الميقات إن وسع الوقت و إلا قطعها و استأنف من الميقات و لا قضاء في القابل في هاتين الصورتين فإن لم يسع الوقت لإعادتها أتمها ثمّ يأتي بحج افراد و عمرة مفردة و يقضيه تمتعا من السنة القابلة.

(الثانية) من نظر إلى غير أهله عامداً فأمنى

كان عليه بدنة فإن عجر فبقرة فإن عجز فشاة و لو نظر إلى أهله بغير شهوة فأمنى فلا شي ء عليه و إن كان بشهوة فجزور و كذا لو أمنى عند الملاعبة.

(الثالثة) إذا عقد المحرم لمحرم فدخل كان على كل واحد بدنة

و إن لم يدخل فلا شي ء عليهما و كذا لو كان العاقد محلًا إذا كان عالماً بالحرمة و الاحرام و كذا تجب على المرأة إذا كانت عالمة بالحرمة و احرام الزوج محلة كانت أو محرمة.

(الرابعة) من تطيب و لو للتداوي شماً و بخوراً و أكلًا أو صبغاً أو اطلاءً

لزمه شاة و لا بأس بخلوق الكعبة و لو مازجه الزعفران.

(الخامسة) يجب في تقليم كل ظفر مد من طعام

و في يديه و رجليه شاة مع اتحاد المجلس و لو تعدد فشاتان و اذا افتى مفت بالتقليم فادمى المستفتي اصبعه فعلى المفتي شاة.

(السادسة) في لبس المخيط عالما عامداً شاة

و إن كان لضرورة.

(السابعة) في حلق الشعر بل مطلق ازالته و إن كان لضرورة شاة

و إطعام عشرة مساكين لكل واحد مد أو صيام ثلاثة أيام.

(الثامنة) في نتف الابطين شاة و في أحدهما اطعام ثلاثة مساكين

و الاحوط الشاة و لو سقط من رأسه أو لحيته شي ء يمسه تصدق بكف من طعام و إن كان في الوضوء أو الغسل فلا شي ء عليه إلا إذا خرج التخليل عن المتعارف فالاحوط الفداء.

ص: 25

(التاسعة) في التظليل سائراً و لو لضرورة شاة

و كذا في تغطية الرأس و لو بالطين أو الارتماس أو حمل ما يستره.

(العاشرة) في الجدال صادقاً ثلاثاً شاة

و لا كفارة فيما دون الثلاث و في الكاذب مرة شاة و في المرتين بقرة و في الثلاث بدنة.

(الحادي عشر) في الدهن الطيب شاة

و كذا في قلع الضرس على الاحوط.

(الثانية عشر) في قلع الشجرة الكبيرة بقرة و في الصغيرة شاة

و في أبعاضها القيمة.

(الثالثة عشر) إذا تكرر الوطء تكرر الكفارة

و كذا لو تكررت اللبس و الطيب مع اختلاف المجلس بل و مع اتحاده إذا صدق التعدد بل و كذا في سائر الأسباب مع صدق التعدد.

(الرابعة عشر) تسقط الكفارة عن الناسي و الجاهل إلا في الصيد.
(الخامسة عشر) ما يلزم المحرم من الفداء يذبحه أو ينحره بمنى إن كان حاجّاً

و بمكة إن كان معتمراً.

الفصل الثاني في طواف العمرة
اشارة

و فيه مطالب:-

المطلب الأول في مقدماته:

-

مما يجب لدخول مكة و ما يندب له و آداب دخول المسجد الحرام و ما ينبغي أن يفعل إلى وقت الطواف اعلم أن كل من يريد الدخول إلى مكة يجب عليه الاحرام لنسك قبل الدخول إلى حرمها و إن كان قاطناً فيها و قد خرج إلى خارج حرمها إلا أن يكون مريضا لا يستطيع ذلك فتستحب له النيابة أو كان كالحطاب و الراعي و ناقل الميرة ممن يتكرر دخوله إليها إذا دخلها في الشهر الذي خرج فيه و إلا فالاحوط أن لا يدخلها إلا باحرام أو كان قد دخلها محرما بعمرة أو حج و أحل من إحرامه ثمّ خرج عنها فإنه يجوز له الرجوع أن يرجع إليها قبل شهر بلا إحرام. و أما المندوبات فيستحب الغسل لدخول الحرم و آخر لدخول مكة و ليوقعها أما من فج أو بئر ميمون أو عبد الصمد

ص: 26

و ثالثا لدخول المسجد الحرام يوقعه في منزله أو غيره و يستحب إذا وصل أن يخلع نعليه و يأخذهما بيده و يدخل الحرم بهذه الحالة تواضعاً و خشوعاً لله عز و جل فمن فعل ذلك محا الله عنه مائة الف سيئة و كتب له مائة الف حسنة و قضى له مائة الف حاجة و ليمضغ إلا ذخر حين دخوله قائلًا اللهم هذا حرمك و أمنك فحرم لحمي و دمي و شعري و بشري على النار و آمني من عذابك يوم تبعث عبادك و اجعلني من اوليائك و أهل طاعتك اللهم إنك قلت في كتابك و قولك الحق و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فج عميق اللهم اني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك و قد جئت من شقة بعيدة و فج عميق سامعا لندائك و مستجيبا لك مطيعا لأمرك و كل ذلك بفضلك عليَّ و احسانك اليَّ فلك الحمد على ما وفقتني له أبتغي بذلك الزلفة عندك و القربة اليك و المنزلة لديك و المغفرة لذنوبي و التوبة علي منها بمنك اللهم صلي على محمد و آل محمد و حرم بدني على النار و آمني من عذابك و عقابك برحمتك يا ارحم الراحمين و ليمشِ بسكينة حافياً بسكينة و وقار و تواضع حتى يدخل مكة من اعلاها من ثنية كداء بالفتح و المد فاذا وقع بصره على البيت قال لا اله الا الله و الله اكبر اللهم انت السلام و منك السلام و دارك دار السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام اللهم ان هذا بيتك عظمته و كرمته و شرفته اللهم فزده تعظيما و زده تشريفا و تكريما و زده مهابةً و زد من حجة براً و كرامة اللهم افتح لي ابواب رحمتك و ادخلني جنتك و اعذني من الشيطان الرجيم ثمّ يمشي كذلك إلى ان يصل إلى المسجد و ليكن دخوله إليه من باب بني شيبة التي هي في هذا الزمان في نفس المسجد مقابل باب السلام و ليقف على باب المسجد قائلا بسم الله و بالله و من الله و إلى الله و ما شاء الله و على ملة رسول الله و خير الاسماء لله و الحمد لله و السلام على رسول الله السلام على محمد بن عبد الله السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام على انبياء الله و رسله السلام على ابراهيم خليل الرحمن السلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين السلام علينا و على عباد الله الصالحين اللهم صل على محمد و آل محمد و بارك على محمد و آل محمد و ارحم محمداً و آل محمد كما صليت و باركت و ترحمت على

ص: 27

ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد و آل محمد عبدك و رسولك و على ابراهيم خليلك و على انبيائك و رسلك و سلامٌ عليهم و سلامٌ على المرسلين و الحمد لله رب العالمين اللهم افتح لي ابواب رحمتك و استعملني في طاعتك و مرضاتك ي نظفحاو بحفظ الايمان ابداً ما ابقيتني جل ثناء وجهك الحمد لله الذي جعلني من وفده و زواره و جعلني ممن يعمر مساجده و جعلني ممن يناجيه اللهم اني عبدك و زائرك في بيتك و على كل مأتي حق لمن اتاه و زاره و انت خير مأتي و اكرم مزور فأسالك يا الله يا رحمن و بأنك انت الله لا اله الا انت وحدك لا شريك لك و بأنك واحد أحد صمد لم تلد و لم تولد و لم يكن لك كفواً أحد و ان محمداً عبدك و رسولك صلى الله عليه و على أهل بيته يا جواد يا كريم يا ماجد يا جبار يا كريم اسالك ان تجعل تحفتك اياي من زيارتي اياك أول شي ء ان تعطيني فكاك رقبتي من النار تقولها ثلاثا و اوسع على من رزقك الحلال الطيب ادرأ عني شر شياطين الجن و الانس و شر فسقة العرب و العجم ثمّ تدخل المسجد قائلا بسم الله و بالله و على ملة رسول الله صلى الله عليه و آله ثمّ تتوجه إلى الكعبة المشرفة و تقول اللهم اني اسالك في مقامي هذا في أول مناسكي ان تقبل توبتي و ان تتجاوز عن خطيئتي و تضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام اللهم اني اشهدك ان هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس و امناً مباركاً و هدًى للعالمين اللهم العبد عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك جئتك اطلب

رحمتك و اؤمُ طاعتك مطيعاً لأمرك راضياً بقدرك اسألك مسألة الفقير اليك الخائف من عقوبتك اللهم افتح لي ابواب رحمتك و استعملني بطاعتك و مرضاتك ثمّ وجه خطابك إلى الكعبة قائلا لها الحمد لله الذي عظمك و شرفك و كرمك و جعلك مثابةً للناس و امناً مباركاً و هدًى للعالمين و اذا وقع نظرك على الحجر الأسود فتوجه إليه قائلا الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا الله فسبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله اكبر و الله اكبر من خلقه و الله اكبر مما اخشى و احذر لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير اللهم صلي على محمد و آل محمد و بارك على محمد و آله

ص: 28

كأفضل ما صليت و باركت و ترحمت على ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد سلام على جميع النبيين و المرسلين و الحمد لله رب العالمين اللهم اني اؤمن بوعدك و اصدق رسلك و اتبع كتابك ثمّ تمشي بسكون و وقار مقصرا خطاك خائفا من العذاب راجيا للثواب فاذا قربت من الحجر الاسود فارفع يديك و احمد الله و اثنِ عليه بما هو اهله و صل على محمد و آله و قل اللهم تقبل مني ثمّ قبل الحجر و استلمه بجميع بدنك فان لم يمكن فبعضه و لو باليد اليمنى ثمّ تقبلها و ان لم يمكن فباليسرى فان لم يمكن اشار إليه قائلا اللهم امانتي اديتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة اللهم تصديقا بكتابك و على سنة نبيك صلواتك عليه و آله و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمداً عبده و رسوله آمنت بالله و كفرت بالجبت و الطاغوت و اللات و العزى و عبادة الشيطان و عبادة كل ند يدعى من دون الله و لو لم تستطع قراءة هذا كله فاقرأ ما تيسر و قل اللهم اليك بسطت يدي و فيما عندك عظمت رغبتي فاقبل شجني و اغفر لي و ارحمني اللهم اني اعوذ بك من الكفر و الفقر و مواقف الخزى في الدنيا و الآخرة.

المطلب الثاني في شرائطه و واجباته و أحكامه:
اشارة

فهنا مقامات ثلاثة:

المقام الأول في شرائطه:

-

و هي خمسة أولها الطهارة من الحدث الاصغر و الاكبر في الواجب منه و هو ما كان جزءً لحج أو عمرة و لو مندوبين دون المندوب و هو ما لم يكن جزءً منهما و إن وجبت لصلاته نعم إذا كان محدثاً بالاكبر لا يجوز له الكون في المسجد أو اللبث و لازمه فساد الطواف و إن كان مندوباً لكن هذا لا يقتضي الشرطية المطلقة كشرطيتها في الواجب و ذلك لعدم استلزامه لفساد فيما إذا طاف ناسياً أو جاهلًا و شرطيتها فيه كشرطيتهما في الصلاة فإن الطواف بالبيت صلاة فتقوم الترابية مقام المائية و تجزي ذوي الاعذار كالمستحاضة و المسلوس و المبطون طهارتهم الاضطرارية و من طاف محدثاً و لو غافلًا أو ناسياً أعاد و لو أحدث في الاثناء فإن تجاوز النصف تطهر و بنى و إلا استأنف و من تيقن الحدث و شك في الطهارة فهو محدث و كذا من تيقنهما و شك في المتقدم

ص: 29

و المتأخر لكن إذا كان ذلك بعد الفراغ لم يلتفت و كذا في الاثناء بالنسبة إلى ما مضى و يتطهر لما بقي من تيقن الطهارة و شك في الحدث فهو متطهر مطلقاً و فاقد الطهورين إذا يئِس من تحصيل أحدهما و كان محدثا بالاكبر استناب و ان كان محدثاً بالاصغر جمع بين الطواف بنفسه و الاستنابة على الاحوط و حدث الحيض و النفاس بعد النقاء من الدم كغيره من الاحداث و يجزي فيه التيمم مع العجز عن الماء و أما مع وجود الدم فلا يصح الطواف بل الحكم حينئذٍ أنه إن حدث الحيض أو النفاس في أثناء طواف عمرة التمتع و قد طافت اربعة أشواط فصاعداً صح ما مضى و تركت ما بقي فتقطع الطواف ثمّ إن كان في الوقت سعة انتظرت الظهر فتأتى بالثلاثة الاخرى ثمّ تكمل عمرتها و إلا أكملت عمرتها و أحرمت للحج و جاءت ببقية طواف العمرة قبل طواف الحج أو بعده ثمّ أكملت الحج تمتعا و كذا الحال إذ حدث الحيض بعد الطواف و قبل صلاته و منه يعلم حكم ما إذا حدث في أثناء طواف العمرة المفردة و حج القران و الافراد فإنه إن أمكنه

انتظار الطهر انتظرت و إلا أتت بباقي الافعال و استنابت فيه و إن حدث قبل تمام أربعة أشواط كان حكمها حكم من لم تطف فإن كانت في عمرة التمتع انتظرت مع سعة الوقت طهرها فإن طهرت أتمت طوافها و أتت ببقية الافعال و إن لم تطهر حتى ضاق الوقت بطلت متعتها و صار حجها افراداً فتحرم للعمرة المفردة بعد الفراغ من الحج و هكذا إن جاءها قبل الشروع في الطواف و إن كانت في العمرة المفردة و لو للقران أو الافراد أو الحج بأنواعه فإن أمكن انتظار الطهر انتظرت و إن لم يمكن و لو لمسير الرفقة و عدم إمكان التخلف استنابت فيه سواء كان طواف الزيارة و طواف النساء و أتت بباقي الافعال و اذا كانت محرمة لحج التمتع و خافت الحيض بعد الوقوفين قدمت الطوافين و السعي عليهما و لا يمنع الحيض من باقي اعمال الحج و العمرة مما عدا الطواف ثانيها الطهارة من الخبث في اللباس و البدن حتى ما يعفى عنه في الصلاة كالاقل من الدرهم و ما لا تتم فيه الصلاة نعم يعفى عن دم الجروح و القروح مع المشقة و عن الجاهل بها حتى يفرغ و لو ذكر في الاثناء فإن كان قد تجاوز النصف ازاله و بنى مطلقاً و إن لم يتجاوز فإن لم يحتج إلى فصل ينقطع الطواف بمثله فكذلك و إلا أزاله

ص: 30

و استأنف أما الناسي فيعيد مطلقاً على الاحوط ثالثها حلية اللباس فلا يصح في الثوب المغصوب بل الاحوط ملاحظة جميع شرائط لباس المصلي فيه بل لا يصح أيضا على الدابة المغصوبة فضلا عما إذا كان تخطيه حراماً رابعها ستر العورة للذكر و الانثى على نحو ما يجب في الصلاة خامسها الختان للرجل و الصبي فلو طاف أو طيف به غير مختون بطل في طواف الزيارة أو طواف النساء فلا محل للنساء حتى للصبي بعد بلوغه إذا طيف به غير مختون ما لم يتداركه بنفسه أو بنائبه بعد اختتانه.

المقام الثاني في واجباته:

-

و هي ثمانية أولها النية على نحو ما تجب في غيره من العبادات فيعتبر فيها القربة و التعيين و يكفي الداعي و اذا اراد الاخطار و لموافق للاحتياط فليخطر في عمرة التمتع أنه يطوف بالبيت سبعة أشواط لعمرة التمتع إلى حج الاسلام لوجوبه قربة إلى الله تعالى و الاولى هنا التلفظ بها كذلك ثانيها العدد و هو سبعة أشواط بلا زيادة و لا نقصان ثالثها الابتداء بالحجر الاسود في كل شوط جاعلا له على يساره و تكفى المحاذاة العرفية رابعها الختم به خامسها جعل البيت على يساره فلو جعله على يمينه أو استقبله أو استدبره عمداً أو سهواً اختيارا و لو لتقبيل الاركان أو اضطراراً و لو لمصادفة الحجاج في وقت ازدحام الناس و لو بخطوة اعاد من موضع المخالفة نعم يكفي الصدق العرفي فلا يقدح الانحراف اليسير سادسها ادخال حجر اسماعيل عليه السلام في الطواف فلو طاف بينه و بين البيت و ادخل في حال الطواف في الحجر استأنف الشوط سابعها خروجه عن البيت و حجر اسماعيل و ما هو محسوب منهما كشاذروان البيت و حائط لحجر فلو مشى في أثناء طوافه عليهما بطل ذلك الجزء من طوافه و لزمه تداركه بل الاحوط أن لا يمس جدار البيت و لا حائط الحجر بيده و الاولى أن لا يوصل أصابع قدميه بأساس الحجر و الشاذروان و أن لا يدنو منه مما حول الباب بل يتباعد عنه قدر اربعة اصابع و يكون بينه و بين البيت من الجانب الآخر قدر عرض الشاذروان ثامنها أن يكون في حال طوافه بين الكعبة و مقام ابراهيم عليه السلام في جميع الجوانب بمعنى أن لا يتجاوز عن البيت بأزيد من المسافة التي بين البيت و المقام التي هي ست و عشرون

ص: 31

ذراعاً و نصفاً تقريباً و المسافة بين حجر اسماعيل عليه السلام و بين البيت عشرون ذراعاً تقريباً فلا يجوز أن يتجاوز في طرف الحجر عنه بأزيد من ستة أذرع و نصف.

المقام الثالث في أحكامه:
اشارة

-

و فيه مسائل

الاولى يجب الطواف في العمرة المتمتع بها و في العمرة المفردة

و منها عمرة القران و الافراد و الحج بأنواعه من مرتين أحدهما قبل السعي و هو طواف الزيارة و الثانية بعده و هو طواف النساء و طواف الزيارة ركن في الحج بأنواعه و العمرة بأنواعها فمن تركه عمداً بطل نسكه و يتحقق في عمرة التمتع بتركه إلى أن يضيق وقت وقوف عرفه على وجه لا يمكنه الطواف قبله فيتم حجه حينئذٍ افراداً و يقضيه في العام القابل بنفسه و يلحق الجاهل بالعامد في ذلك و في الحج بأقسامه إلى انتهاء ذي الحجة أما العمرة المفردة و لو للافراد أو القران فلا يتحقق لها بطلان لأن وقته فيها طول العمر و طواف النساء واجب غير ركن فلا يبطل النسك بتركه عمداً فضلًا عن السهو نعم لا تحل النساء على الرجل بدونه بل يحرم على الزوجة تمكين الزوج قبل اتيانها به بل إذا كان الحاج أو المعتمر صبياً حرمت عليه النساء بعد بلوغه بدونه و من ترك أحدهما أو كليهما ناسياً أتى به متى تذكر و إن كان بعد أداء المناسك و خروج ذي الحجة فيكون قضاءً حينئذٍ لا أداءً و يعيد معه السعي على الاحوط و لو تذكره بعد أن خرج عن مكة لزمه العود إذا لم يكن حرج و إلا استناب و إذا عاد كان له أن يجتري باحرامه السابق و إن أحل منه و لا يجب عليه إنشاء إحرام جديد و إن كان أحوط و لا تحل النساء إذا كان المتروك طوافها قبل الاتيان به من الناسك أو نائبه و لو مات قضاه وليه مباشرة أو تسبيباً و يجزي التبرع و لو شك في المتروك أنه طواف الحج أو العمرة كفى واحد بنية ما في الذمة و المريض يطاف به و إلا استناب

الثانية يجب تقديم طواف الزيارة على السعي

فلو دخل في السعي فذكر أنه لم يطف طاف و استأنف السعي و أما طواف النساء فيجب تأخيره عن السعي فلو قدمه عامداً عالما مختاراً أعاد ما لو قدمه ناسياً أو جاهلًا أو مضطراً أجزأ و يكفي في الاضطرار خوف الحيض للمرأة

الثالثة يجوز حتى مع الاختيار تأخير السعي عن طواف الزيارة إلى ما قبل الفجر من الغد

و أما بعده فلا يجوز إلا مع

ص: 32

الاضطرار ما لم يتضيق وقت عرفة

الرابعة لا يجوز تقديم طواف حج التمتع و سعيه على الوقوف إلا للمريض و خائفة الحيض

و الشيخ العاجز عن العود و خائف الزحام و العليل و نحوهم من ذوي الاعذار فيجوز حتى في طواف النساء كما يجوز التقديم في الافراد و القران اختياراً

الخامسة القران بين طوافين فما زاد

بمعنى الجمع بينهما من دون فصل بالصلاة محرم في الفريضة و مبطل لهما أما في النافلة فيكره و لو فعل فالاولى القطع على وتر كالثلاث و الخمس و نحوهما

السادسة من نقص من طوافه

فإن كان في المطاف و لم تفت الموالاة المعتبرة في الطواف أكمل النقص و أجزأه مطلقاً سواء كان النقص عن سهو أو عن عمد و سواء تم له اربعة أشواط أم لا أما إذا فاتت الموالاة فإن كان النقص عن عمد بطل مطلقاً سواء كان نافلة أو فريضة و سواء تمت له الاربعة أم لا أما إذا كان النقص عن سهو فإن كان الطواف نافلة أكمله و أجزأه مطلقا يعني سواء تمت له الاربعة أم لا أما إذا كان الطواف فريضة فإن تم له أربعة أشواط بنى على موضع القطع متى تذكره و أجزأه و إلا استأنف و لو لم يذكر حتى رجع إلى أهله استناب إن كان في العود حرج و إلا عاد على ما سبق في نسيان أصل الطواف و هكذا و لو ذكر بعد خروجه من مكة و قبل وصوله إلى أهله و لو تعمد القطع فإن كان لضرورة كمفاجأة حيض أو حدث أو مرض أو نحوهما و لحاجة و لو كانت صلاة جنازة و اداء فريضة في أول وقتها أو صلاة نافلة و استراحة و نحوها جاز و كان حكمه كما سبق من انه إن تم له أربعة أشواط أكمله من موضع القطع و إلا استأنف و لو لم تكن ضرورة و لا حاجة فإن كان الطواف نافلة جاز القطع و إن كان فريضة لم يجز حتى لدخول البيت و لو قطعه بطل مطلقاً و لزمه الاستئناف و إن كان بعد أربعة أشواط فالاحوط الاتمام ثمّ الاعادة و لو شرع في السعي فذكر نقصان الطواف فإن كان قد أتم الأربع رجع إليه فأتمه ثمّ أتم السعي من حيث قطع سواء تجاوز النصف في السعي أم لا و إلا استأنف الطواف من رأس ثمّ السعي

السابعة لا تجوز الزيارة على السبعة بقصد الجزئية

فمن زاد عليها شوطاً أو أقل و أزيد فإن كان عامداً بطل طوافه سواء كان في ابتداء النية أو في الاثناء أو بعد الاكمال و إن كان ساهياً لم يبطل و استحب اكماله سبعاً إن كانت الزيادة شوطاً

ص: 33

أو أزيد و يصلي للاسبوع الأول قبل السعي و للثاني بعده و إن كانت أقل من شوط الغاها أما الزيادة لا بقصد الجزئية أو على نحو المقدمية العلمية فلا بأس بها

الثامنة من شك في عدد الاشواط نقيصة أو زيادة أو في صحتها

فإن كان بعد الانصراف من المطاف أو بعد اعتقاد التمام و الصحة و إن لم ينصرف لم يلتفت و كذا إذا كان في آخر الشوط و كان شكه في الزيادة كما لو تردد بين السبع و الثمان أما لو كان في أثناء الشوط و شك كذلك أو أدخل احتمال النقصان و إن كان في الآخر سواء تردد بين النقصان و التمام كالست و السبع و دخل احتمال الزيادة أيضاً كالست و السبع و الثمان فإن كان في الفريضة استأنف و إن كان في النافلة فله البناء على الأقل.

المطلب الثالث في مستحباته المقارنة:

-

يستحب أن يكون حال الطواف حافياً مقصراً في خطواته مشغولا بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن تاركا كل ما يكره في الصلاة و كل لهو و عبث و أن يستلم الحجر و يقبله في كل شوق زيادة على الابتداء و الاختتام إن أمكنه من دون أن يؤذي أحداً أو يؤخره عنه و أفضل أوقاته عند الزوال فعن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم ما من طائف يطوف بهذا البيت حتى تزول الشمس حاسراً عن رأسه حافياً يقارب بين خطاه و يغض بصره و يستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحداً و لا يقطع ذكر الله عن لسانه إلا كتب الله له بكل خطوة سبعين الف حسنة و محا عنه سبعين الف سيئة و رفع له سبعين الف درجة و اعتق عنه سبعين الف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم و يشفعه في سبعين الفا من أهل بيته و قضى له سبعين الف حاجة إن شاء معجلة و إن شاء مؤجلة و يستحب أن يدعو حال الطواف بهذا الدعاء اللهم اني اسألك باسمك الذي يمشي به على ظلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض و أسألك باسمك الذي تهتز له اقدام ملائكتك و أسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له و القيت عليه محبةً منك و أسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلّى الله عليه و آله و سلّم ما تقدم من ذنبه و ما تاخر و أتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا و كذا و ليطلب حاجته ثمّ يقول اللهم إني اليك فقير و اني خائف مستجير فلا تغير جسمي و لا تبدل اسمي و كل ما انتهيت إلى باب

ص: 34

الكعبة في كل شوط فصل على محمد و آله و ادع بهذا الدعاء سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة اللهم البيت بيتك و الحرم حرمك و العبد عبدك و هذا مقام العائذ بك المستجير بك من النار فاعتقني و والدي و أهلي و ولدي و اخواني المؤمنين من النار يا جواد يا كريم فاذا وصل إلى حجر اسماعيل عليه السلام فليستقبل الميزاب قائلا اللهم ادخلني الجنة و أجرني من النار برحمتك و عافني من السقم و أوسع علي من الرزق الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الانس و شر فسقة العرب و العجم و اذا مضى عن الحجر و وصل إلى خلف البيت قال يا ذا المن و الطول يا ذا الجود و الكرم إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي و تقبله مني إنك أنت السميع العليم و اذ وصل إلى الركن اليماني يرفع يديه و يقول يا الله يا ولي العافية و رازق العافية و خالق العافية و المنعم بالعافية و المتفضل بالعافية عليَّ و على جميع خلقك يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما صل على محمد و آل محمد و ارزقنا العافية و تمام العافية و شكر العافية في الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين ثمّ يرفع رأسه إلى الكعبة و يقول الحمد لله الذي شرفك و عظمك و الحمد لله الذي بعث محمداً نبياً و جعل علياً إماماً اللهم اهدِ له خيار خلقك و جنبه شرار خلقك و فيما بين الركن اليماني و الحجر الاسود يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار و في الشوط السابع إذا وصل المستجار و هو خلف الكعبة قريبا من الركن اليماني يقوم بحذاء الكعبة و يبسط يديه على حائطه و يلصق به بطنه و خده و يقر بذنوبه مستمياً لها و يتوب و يستغفر الله تعالى و يقول اللهم البيت بيتك و العبد عبدك و هذا مقام العائذ بك من النار اللهم من قبلك الروح و الفرج و العافية اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ما اطلعت عليه مني و خفي على خلقك استجير بالله من النار و يقول اللهم إن عندي أفواجاً من خطايا و عندك أفواج من رحمة و أفواج من مغفرة يا من استجاب لابغض خلقه إذ قال انظرني إلى يوم يبعثون استجب لي ثمّ اطلب حاجتك و أدع كثيراً و اعترف بذنوبك فما كنت متذكراً له فاذكره مفصلًا و ما كنت ناسياً له فاعترف به مجملًا و استغفر الله تعالى كثيراً فإنه الغفور الرحيم فإذا وصلت الحجر الاسود فقل اللهم قنعني بما رزقتني و بارك لي فيما آتيتني و يستحب أن

ص: 35

يطوف مدة مقامه بمكة بثلاثمائة و ستين طوافاً كل طواف سبعة أشواط فإن لم يتمكن فبثلاثمائة و أربعة و ستين شوطاً فإن لم يستطع فبما يقدر عليه إذ هو كالصلاة إن شاء استقل و إن شاء استكثر.

الفصل الثالث في صلاة الطواف

و هي ركعتان كصلاة الصبح لكنه مخير فيهما بين الجهر و الاخفات و يستحب بعد الحمد التوحيد في الأولى و الجحد في الثانية و هي واجبة في الواجب و مندوبة في المندوب و يجب في الواجب ايقاعهما في مقام إبراهيم و هو الصخرة التي عليها أثر قدمه عليه السلام جاعلا الصخرة في قبلته و مع التعذر لزحام أو ضيق وقت ففي الاقرب إليها فالاقرب من المسجد أما في المندوب فيصليهما حيث شاء من المسجد و لو تركهما عمداً أو نسياناً أو جهلًا رجع في الواجب إلى المقام فأتى بهما فيه و لو تعذر صلاهما حيث ذكر و لو مات قضى عنه وليه مباشرة أو تسبيباً و يجزي التبرع و يصليهما في الواجب بعد الطواف على الفور في كل وقت ما لم يتضيق وقت الحاضرة و لا يبطل شي ء من الافعال المتأخرة بتركهما و لو عمداً على الأصح و إنما تبقى الصلاة في ذمته كالناسي و يلحق الجاهل و إن كان مقصراً حتى في تعلم أحكام الصلاة بالناسي أما المقصر في تصحيح القراءة فإن كان غافلًا عن تقصيره مثل من يبدل الضاد زاءً و يرى صحة قراءته فكالناسي يقضي صلاة الطواف للعمرة و للحج كسائر صلاته متى علم بهذا اللحن يستنيب على الاحوط و لو كان ملتفتاً إليه كأغلب الاعجمين فإن أمكنه التعلم و لو قبل أن يتضيق وقت الطواف آخره و تعلم و يجزيه أن يتلقن القراءة الصحيحة من معلم حال فعل الصلاة و لو لم يتمكن من الامرين فالاحوط أن يصلي أولا بقراءته الملحونة ثمّ يقتدي و لو بمن يصلي اليومية هناك برجاء المطلوبية ثمّ يستنيب من يصلي عنه على الأحوط و يستحب بعد الفراغ منها أن يحمد الله تعالى و يثني عليه بما هو أهله و يصلي على محمد و آله و يدعو بهذا الدعاء اللهم تقبل مني و لا تجعله آخر العهد مني الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهي الحمد إلى ما يحب و يرضى اللهم صل على محمد و آل محمد و تقبل مني و طهر قلبي و زك عملي اللهم ارحمني بطاعتي إياك

ص: 36

و طاعتي رسولك اللهم جنبي أن أتعدى حدودك و اجعلني ممن يحبك و يحب رسولك و ملائكتك و عبادك الصالحين ثمّ يسجد و يقول سجد لك وجهي تعبداً و رقاً لا اله إلا أنت حقاً حقاً الأول قبل كلّ الشي ء و الآخر بعد كل شي ء و ها أنا ذا بين يديك ناصيتي بيدك فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي لا يدفع الذنب العظيم غيرك.

الفصل الرابع في السعي
اشارة

و فيه مطالب:-

المطلب الأول في مستحباته المتقدمة عليه

يستحب بعد الفراغ من ركعتي الطواف و ارادة الخروج إلى الصفا تقبيل الحجر و استلامه و إن لم يتمكن فالاشارة إليه و الاستقاء بنفسه من زمزم دلواً أو دلوين و ليكن ذلك بالدلو الذي بحذاء الحجر و ليشرب منه و ليصب على رأسه و ظهره و بطنه و يقول و هو مستقبل الكعبة اللهم اجعله علما نافعاً و رزقاً واسعاً و شفاءٌ من كل داء و سقم و الاولى استلام الحجر قبل الشرب و بعده عند خروجه إلى الصفا و يستحب الخروج من الباب الذي يقابل الحجر و هو الباب الذي خرج منه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بسكينة و وقار حتى يقطع الوادي و يصعد إلى جبل الصفا بحيث ينظر إلى البيت و ليستقبل الركن الذي فيه الحجر و يحمد الله عز و جل و يثني عليه و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع إليه ما يقدر على ذكره ثمّ يقول سبع مرات الله أكبر و سبع مرات الحمد لله و سبع مرات لا اله إلا الله ثمّ يقول ثلاث مرات لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت و هو على كل شي ء قدير ثمّ يصلي على محمد و آله و يقول ثلاث مرات الله أكبر على ما هدانا الحمد لله على ما أولانا و الحمد لله الحي الدائم ثمّ يقول ثلاث مرات أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين و لو كره المشركون و ثلاث مرات اللهم أني أسألك العفو و العافية و اليقين في الدنيا و الآخرة و ثلاث مرات اللهم آتنا في

ص: 37

الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ثمّ يقول مائة مرة الله أكبر و مائة مرة لا اله إلا الله و مائة مرة الحمد لله و مائة مرة الحمد لله و مائة مرة سبحان الله ثمّ يقول لا إله إلا الله وحده وحده و أنجز وعده و نصر عبده و غلب الاحزاب وحده فله الملك و له الحمد وحده اللهم بارك لي في الموت و فيما بعد الموت اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر و وحشته اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك و أكثر استيداع دينك و نفسك و أهلك لله و قل أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني و نفسي و أهلي و مالي و ولدي اللهم استعملني على كتابك و سنة نبيك و توفني على ملته و أعذني من الفتنة ثمّ يقول ثلاث مرات الله أكبر ثمّ يدعو بالدعاء السابق مرتين ثمّ يقول مرة الله أكبر ثمّ يدعو بالدعاء السابق و إن لم يتمكن من جميع ذلك فليأت بما تيسر له و يستحب هذا الدعاء اللهمّ اغفر لي كل ذنب اذنبته قط فإن عدت فخذ علي بالمغفرة فإنك أنت الغفور الرحيم اللهم افعل بي ما أنت أهله فإنك أنت تفعل بي ما أنت أهله ترحمني و أن تعذبني فأنت غني عن عذابي و أنا محتاج إلى رحمتك فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني و لم تظلمني اصبحت أتقي عدلك و لا أخاف جورك فيا من هو عدل لا يجور ارحمني ثمّ قل يا من لا يخيب سائله و لا ينفد نائله صل على محمد

و آل محمد و أعذني من النار برحمتك و في الحديث من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف في الصفا و في الدرجة الرابعة يتوجه إلى الكعبة و يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر و فتنته و غربته و وحشته و ظلمته و ضيقه و ضنكه اللهم اظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ثمّ ينحدر منها و يكشف ظهره و يقول يا رب العفو يا من أمر بالعفو يا من هو أولى بالعفو يا من يثيب على العفو العفو العفو العفو يا كريم يا قريب يا بعيد اردد علي نعمتك و استعملني بطاعتك و مرضاتك.

ص: 38

المطلب الثاني في واجباته
اشارة

و هي أربعة:-

الأول: النية

التي هي قصده مع التعيين و القربة و الاولى اخطارها بل التلفظ بها مشتملة على تعيين الوجه بأن يقول أسعى بين الصفا و المروة سبعة اشواط لعمرة التمتع إلى حج الاسلام لوجوبه قربة إلى الله تعالى مستديماً لها مع الاتصال و لو فصل كفاه العود بنيته الاتمام.

الثاني: البدأة بالصفا

مستوعباً للمسافة بينه و بين المروة و إن لم يكن بالخط المستقيم و إن كان الأولى الصاق عقبيه به فاذا عاد الصق اصابع قدميه به و اولى منه الصعود إلى الدرجة الرابعة مقدمة و النية هناك مستمرة إلى النزول عنها.

الثالث: الختم بالمروة

بأن يلصق أصابع قدمه بها فاذا عاد منها إلى الصفا جعل عقبه في موضع اصابعه و لا يجب الصعود عليها و إن كان أحوط فيقصد السعي من الأعلى مستمراً إلى الأسفل و لو بدأ بالمروة و لو سهواً استأنف و لا يجتزي بما وقع منه من شوط الصفا بعد إن لم يكن قد ابتدأ به على الأحوط و إن كان الأقوى جواز الاجتزاء.

الرابع: العدد

و هو سبعة أشواط بعد ذهابه شوطاً و ايابه شوطاً آخر لا أنهما معاً شوطاً فتمام السعي يحصل حينئذٍ بالذهاب أربعاً من الصفا إلى المروة و بالاياب ثلاثاً منها إليه و يجب أن يسعى ذهاباً و إياباً بالطريق المتعارف فلو اقتحم المسجد الحرام ثمّ خرج من باب آخر لم يجز بل و كذا لو سلك سوق الليل و أن يستقل المقصد في حال المشي ذهابا و إياباً بوجهه فلو أعرض عن المقصد بوجهه و مقاديم بدنه أو مشى القهقري لم يجز نعم لا بأس بالالتفات بالوجه مع بقاء مقاديم البدن على حالة الاستقبال و لا بالاعراض بكل البدن و لو بلغ الاستدبار عند الوقوف بل لو رجع القهقري في الاثناء ثمّ عاد لا بقصد الجزئية لم يقدح.

ص: 39

المطلب الثالث في أحكامه:
اشارة

-

و فيها مسائل:

الاولى: السعي ركن يبطل النسك بتركه عمداً

و لا يبطل سهواً و يعود لتداركه فإن تعذر أو تعسر استناب و هو واجب في عمرة التمتع بل في كل إحرام مرة بعد صلاة الطواف و لا يشترط فيه الطهارة لا من الحدث و لا من الخبث و لا غير ذلك مما هو شرط في الطواف نعم يبطل باللباس المغصوب و على الدابة المغصوبة دون المحمول المغصوب.

الثانية: يبطل السعي بالزيادة عمداً لا سهواً

و اذا زاد سهواً فإن كان الزائد قل من شوط ألغاه و بنى على السبع و إن كان شوطاً فما زاد أكمله اسبوعين استحباباً.

الثالثة: يجوز الجلوس في خلاله للاستراحة

بل يجوز قطعه للحاجة له أو لغيره و لصلاة الفريضة إذا دخل وقتها و لركعتي الطواف إذا نسيها حتى دخل فيه و لو قطع بنى من حيث قطع و إن لم يتجاوز النصف و كذا لو نقصه ساهياً أكمله و صح سعيه و إن لم يتجاوز النصف و لم يتذكر إلا بعد فوات الموالاة.

الرابعة: لا يحل من أخل به حتى يأتي به كملا بنفسه أو بنائبه

فلو زعم لاتمام فاحل و واقع أهله و قلم الاظفار ثمّ ذكر نسيان شوط أتم و يكفر ببقرة.

الخامسة: و لو شك بعد الفراغ و الانصراف عن المسعى في الزيادة أو النقصان أو البدأة بالصفا

و كذا لو شك في الزيادة كما لو شك في أنه السابع و التاسع مثلا و هو بالمروة أما إذا استلزم استأنف ما لم يكن بعد الفراغ و الانصراف عن المسعى و لو شك في الاثناء فإن تيقن عدد الاشواط و شك فيما به بدأ فإن كان في الوتر على الصفا أعاد و لو كان على المروة لم يعد و بالعكس و لو كان في الشفع و إن كان في عدد الأشواط استأنف.

السادسة: لا يجوز تقديم السعي على الطواف اختيارا

لا في حج و لا في عمرة فلو تعمد تقديمه بلا ضرورة أعاد و إن كان لضرورة اجتزأ به بل لا يبعد الاجتزاء مع السهو أيضا و إن كان الأحوط الاعادة و لو شرع فيه فذكر نقصان الطواف فإن كان بعد أربعة

ص: 40

أشواط منه رجع و أتمه ثمّ يتم السعي من موضع قطعة مطلقاً و إلا استأنف الطواف من رأس ثمّ السعي كذلك بقصد ما عليه من التمام أو الاتمام.

السابعة: الأولى و الأحوط هو المبادرة إلى السعي بعد الفراغ عن الطواف و صلاته

و إن جاز التأخير لرفع تعب و نحوه بل إلى الليل على الأقوى.

المطلب الرابع في آدابه المقارنة

يستحب المشي حال السعي و إن جاز الركوب و أن يمشي هوناً على سكينة و وقار في طرفي المسعى و يهرول في الوسط و هو المكان الذي يذل به الجبارون سواءً كان ماشياً أو راكباً و تفصيل هذه الجملة أن يمشي مقتصداً من الصف إلى المنارة الاولى ثمّ يهرول منها إلى المنارة الثانية ثمّ يقصد في مشيه منها إلى المروة و هكذا في كل شوط و لا هرولة للنساء و لو نسى الهرولة رجع القهقري و تدارك و اذا ابتدأ بالهرولة من المنارة الأولى قال بسم الله و بالله و الله أكبر و صلى الله على محمد و آل بيته للهم اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأجل الأكرم و اهدني للتي هي أقوم اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي و تقبل مني اللهم لك سعي و بك حولي و قوتي تقبل مني عملي يا من يقبل عمل المتقين إلى أن يصل للمنارة الثانية فإذا جاوزها قال يا ذا المن و الفضل و الاكرام و النعماء و الجود اغفر لي ذنوبي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فإذا وصل المروة استحب له قراءة الأدعية التي قرأها على الصفا و يقول اللهم يا من أمر بالعفو يا من يحب العفو يا من يعطي على العفو يا من يعفو على العفو يا رب العفو العفو العفو العفو و ينبغي له أن يجد في حصول البكاء و يكثر الدعاء فإن لم يحصل البكاء فليتباك و يقول اللهم اني أسألك حسن الظن بك على كل حال و صدق النية في التوكل عليك.

الفصل الخامس في التقصير

و هو واجب بعد إكمال السعي في عمرة التمتع و به يحل من احرامها و تجب فيه النية مشتملة على التعيين و القربة و الأولى الأخطار بل التلفظ هنا بأن يقول أقصر للاحلال من احرام عمرة التمتع لحج الاسلام الواجب قربة إلى الله تعالى و أدناه أن

ص: 41

يقص بعض اظفاره أو شيئا من شعر رأسه أو شاربه أو لحيته و لا يجوز بل لا يجزي حلق الرأس تماماً أو بعضاً بدلًا عنه فلو فعل قصر بغيره فيها و كفر بشاة في حلق التمام خاصة دون حلق البعض فلا كفارة فيه و أما بعد التقصير فيجوز الحلق مطلقاً و لا إثم و لا كفارة و إن استحب تركه لتوفير الشعر لاحرام الحج و لو ترك التقصير حتى أهل بالحج فإن كان ناسياً صحت متعته و كفر بشاة و إن كان عامداً أو جاهلًا بطلت و صار حجه افراداً و الأحوط قضاؤه من قابل على المشهور لكن القول ببطلان احرامه الثاني و وجوب التقصير عليه مع سعة الوقت لادراك الوقوف قوي و لو جامع عامداً قبل التقصير كفى ببدنة و إذا قصر المتمتع بالعمرة حل من كل شي ء أحرم منه حتى النساء و أن يطف طوافهن و إن كان الاحوط اجتنابهن حتى يفعله مع ركعتيه احتياطاً لاحتمال المطلوبية و يستحب التشبه بعده بالحرمين في ترك لبس المخيط و غيره كما يستحب لأهل مكة ذلك أيام الحج و المحرم بعمرة التمتع إذا ضاق وقته عن اتمام العمرة و ادراك الحج انقلب حجه افراداً سواءً كان معذوراً في ضيق الوقت لحصوله بغير اختياره أما لضيق وقت الورود إلى مكة أو لعروض عارض يمنع من الطواف كحيض و نحوه أو لم يكن معذوراً فيه كما إذا ترك الطواف أو السعي عمداً حتى ضاق الوقت لكن في الأول يجزيه ذلك عن حجة الاسلام فلا يجب القضاء و في الثاني لا يجزيه فيجب القضاء كما سلف.

المبحث الرابع في تفصيل أفعال حج التمتع
اشارة

و فيه سبعة فصول:-

الفصل الأول في احرامه الذي هو أول أفعاله
اشارة

و فيه مطلبان:-

المطلب الأول في وجوبه و أحكامه:

-

يجب بعد الفراغ من عمرة التمتع الاحرام بحج التمتع على نحو يدرك الوقوف بعرفات يوم التاسع من ذي الحجة و لا يجوز له الخروج من مكة إلا محرماً به كما سبق و أما أحكامه فهو ركن في الحج كما في العمرة فيبطل الحج بتركه عمداً لا سهواً فمن تركه عمداً إلى ما بعد الوقوفين بطل حجة و ابتداء وقته لغير المتمتع أول شهر الحج

ص: 42

و يمتد إلى أن يتضيق وقت الوقوف بعرفة و للمتمتع إذا فرغ من عمرته و يمتد كذلك و يستحب أن يكون يوم التروية عند الزوال بعد صلاة الظهر فالعصر ففريضة مقضية فصلاة الاحرام المندوبة و يجب أن يكون للمتمتع من مكة و أفضلها المسجد عند المقام و لغيره من الميقات و هو كإحرام العمرة يحرم فيه ما حرم و يكره ما كره و يجب ما وجب و يندب ما ندب عدا أنه ينوي هنا الاحرام للحج فيقول احرم لحج الاسلام و أوطن نفسي على الكف من محرمات الاحرام لوجوبه قربةً إلى الله تعالى و يقطع التلبية عند زوال يوم عرفة و لو نسيه حتى وصل إلى عرفات رجع إلى مكة فأحرم فإن لم يتمكن و لو لضيق الوقت عن اختياري عرفة أحرم هناك و لو لم يذكر حتى قضى مناسكه لم يكن عليه شي ء و ربما يقال في صورة التذكير بعد فوات الموقوفين قبل الفراغ ان الاحتياط يقضي بالاتمام و الحج في القابل و هو جيد و الجاهل هنا كالناسي.

المطلب الثاني في باقي المستحبات:

-

إلى وقت الوقوف بعرفات ينبغي التمتع بعد احرامه للحج أن لا يطوف حتى يرجع من منى فإن طاف قبل ذلك جدد التلبية كما أنه يستحب له الخروج إلى منى بعد صلاة الظهر من يوم التروية إلا لمن يضعف عن الزحام كالشيخ الكبير و المريض و نحوهما فيخرجون قبل يوم التروية و إلا لامام الجماعة فانه يستحب له أن يتقدم ليصلي الظهرين بها و يستحب له تجديد التلبية إذا نهض بعيره و اذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم لكن مع الاخفات و عدم رفع الصوت بها إلى أن ينتهي إلى الردم و يشرف على الابطح فيستحب له رفع الصوت بها مستمراً على ذلك إلى زوال الشمس من يوم عرفة و يستحب المبيت في منى ليلة عرفة مشغولًا بالعبادة حتى مطلع الفجر فاذا صلى الصبح اشتغل بالتعقيب إلى طلوع الشمس ثمّ يفيض إلى عرفات فإن أفاض قبل طلوع الشمس فلا يتجاوز و أدى محسر إلا بعد طلوعها أما امام الجماعة فيتأكد له الاقامة بها حتى تطلع الشمس بل يستفاد من الأخبار كراهة الجواز عن وادى محسر قبل طلوع الشمس ككراهة الخروج من منى قبل طلوع الفجر إلا للمشاة و من بحكمهم من ذوي الاعذار كالخائف و المريض و يستحب هناك ايقاع العبادة خصوصاً الصلاة في مسجد

ص: 43

الخيف كما أنه يستحب عند الخروج إليها أن يقول اللهم إياك أرجو و إياك أدعو فبلغني أملي و اصلح لي عملي ثمّ يمشي على سكينة و وقار مطمئناً مسبحاً لله تعالى و مقدساً له و ذاكراً لنعمائه فاذا بلغها قال الحمد لله الذي اقدمنيها صالحاً في عافية و بلغني هذا المكان اللهم هذه مني و هي مما مننت به علينا من المناسك فأسألك أن تمن علي بما مننت على أنبيائك فإنما أنا عبدك و في قبضتك فإذا توجه إلى عرفات قال اللهم اليك صمدت و إياك اعتمدت و وجهك أردت فأسألك ان تبارك لي في رحلتي و تقضي لي حاجتي و أن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني.

الفصل الثاني في الوقوف بعرفات
اشارة

و النظر في واجباته و أحكامه و المندوبات

فهنا مطالب ثلاثة:

المطلب الأول في واجباته:

-

الواجب فيه أمران النية و الكون بعرفات من زوال يوم عرفة إلى المغرب الذي لا يتحقق إلى بذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس و يجب مقدمة إدخال شي ء من الطرفين و لا فرق في الكون بين الوقوف و الجلوس و الركوب و المشي و غيرها و لو جن أو اغمي عليه أو سكر أو نام فإن كان في تمام الوقت بطل و الاصح؟؟؟؟؟ و ذو المجاز و عرن و الاراك حدود لا يجزي الوقوف بها و الأولى التلفظ بالنية هنا كسائر المناسك فيقول عن قصد و ارادة أقف بعرفات من الزوال إلى مغرب الشمس من هذا اليوم لحج الاسلام حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى.

المطلب الثاني في أحكامه:
اشارة

-

و فيه مسائل:-

الاولى: الوقوف بعرفات ركن في الحج بأنواعه

فلو أخل به عامداً عن علم و اختيار بطل حجة و إن أدرك اختياري المشعر و لا يجزيه الوقوف ليلة العيد و إن أجزأ للمضطر لكن الركن منه المسمى و الزائد عليه واجب و ليس بركن فلو وقف آنا ما ما

ص: 44

بين زوال يوم عرفة إلى الغروب ناوياً و ترك الزائد صح حجة و لا قضاء نعم إن كان عن عمد و اختيار اثم و إلا فلا.

الثانية: إذا أخل بالاستيعاب الواجب

فان كان من أول الوقت بأن لم يحضر إلا بعد الزوال فإن كان عن عذر من سهو أو نسيان أو غيرهما فقد صح حجة و لا اثم عليه و لا كفارة و إن كان عن غير عذر فقد أثم و صح حجة أيضا و لا شي ء عليه أما إذا كان من آخر الوقت بأن أفاض من عرفات قبل الغروب فإن كان عامداً عالماً بالتحريم وجب عليه الرجوع فإن تاب و رجع و بقى إلى الغروب فليس عليه شي ء و إلا كفر ببدنه فإن عجز صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق و عند أهله و إن كان ناسياً فإن تذكر رجع فإن لم يرجع كان بحكم العامد و إن لم يتذكر فلا شي ء عليه و الجاهل إن كان قاصراً فبحكم الناسي و إن كان مقصراً فإن كان غافلًا أو معتقداً للخلاف فكذلك و إلا بأن كان متردداً و أرتكب من دون فحص فبحكم العلم على الاحوط.

الثالثة: الوقت المذكور إنما هو للمختار

و أما المضطر لنسيان أو ضيق وقت و نحوهما فيجزيه الوقوف ليلا من الغروب إلى طلوع الفجر من يوم العيد و لا يجب فيه الاستيعاب بل يكفي المسمى فلو تركه عامداً عالماً مع القدرة بطل حجه و إن أدرك الوقوف بالمشعر و لو لم يتمكن أو نسي أجزأه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس و يكفي في عدم التمكن كونه بحيث يخشى فوات الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس لو اراد الرجوع إلى عرفات ليلًا فلو خشي ذلك اقتصر على الوقوف بالمشعر و تم حجه و الجاهل هنا بحكم الناسي إلا المقصر المتردد إذا ارتكب من دون فحص فكالعالم على الاحوط كما مر.

المطلب الثالث في المندوبات:

-

يستحب له أن يضرب خباءه بنمرة و أن يقف في ميسرة الجبل في السفح منه و يجمع متاعه بعضه إلى بعض و يسد الفرج بينه و بين اصحابه بنفسه أو رحله إن كانت و الغسل و جمع الظهر و العصر بأذان و اقامتين إماماً كان أو مأموماً أو منفردا متما أو مقصراً أو يصليهما في أول وقتهما و ان يكون حال الوقوف طاهراً حتى الحدث

ص: 45

الاصغر و حال الدعاء قائما مستقبلا للقبلة و أهم ما يستحب في هذا اليوم الدعاء و لأجل الاهتمام به قدم على الصوم حتى كره صوم ذلك اليوم لمن يضعفه الصوم عن الدعاء و لأجل الاهتمام به جمع بين الظهرين بأذان واحد قال الصادق عليه السلام لمعاوية بن عمار إنما تعجل الصلاة و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة ثمّ تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار فاحمد الله تعالى و هلله و مجده و اثني عليه و كبره مائة مرة و احمده مائة مرة و سبحه مائة مرة و اقرأ سورة التوحيد مائة مرة و اختر لنفسك من الدعاء ما أحببت و اجتهد فانه يوم دعاء و مسألة و تعوذ بالله من الشيطان الرجيم فان الشيطان لن يذهلك في موطن قطا حب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن و إياك ان تشتغل بالنظر إلى الناس و اقبل قبل نفسك و ليكن فيما تقول اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك و ارحم مسيري اليك من الفج العميق اللهم إني أسألك بحولك وجودك و كرمك و منك و فضلك يا اسمع السامعين و يا ابصر الناظرين اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار و اوسع علي من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الانس اللهم لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني يا أسمع السامعين و يا ابصر الناظرين و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الراحمين أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا ثمّ ارفع يديك إلى السماء قائلا الله حاجتي اليك التي إن اعطيتنيها لم يضرني ما منعتني و إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني أسلك خلاص رقبتي من النار اللهم إني عبدك و ملك ناصيتي بيدك و أجلى بعلمك أسألك أن توفقني لما يرضيك عني و أن تسلم مني مناسكي التي اريتها خليلك ابراهيم و دللت عليه نبيك محمد صلّى الله عليه و آله و سلّم اللهم اجعلني ممن رضيت عمله و اطلت عمره و أحييته بعد الموت حياة طيبةً و ادع بدعاء الانبياء السابقين الذي علمه النبي لعلي لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير اللهم لك الحمد كما نقول و خير ما نقول وقوف ما يقول القائلون اللهم لك صلاتي و ديني و نسكي و محياي و مماتي و لك تراثي و بك حولي و منك قوتي اللهم إني أعوذ بك من الفقر و وساوس الصدر و من شتات

ص: 46

الامر و من عذاب القبر اللهم اني أسألك خير الرياح و أعوذ بك من شر ما تجي ء به الرياح و أسألك خير الليل و خير النهار اللهم اجعل لي في قلبي نوراً و في سمعي و بصري نوراً و في لحمي و عظامي و دمي و عروقي و مقعدي و مقامي و مدخلي و مخرجي نوراً و اعطني نورا يا رب يوم القاك إنك على كل شي ء قدير ثمّ تقول ما شاء الله لا حول و لا قوة إلا بالله مائة مرة و تقول أشهد لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير مائة مرة ثمّ تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة ثمّ تقرأ التوحيد ثلاث مرات و آية الكرسي ثمّ آية السخرة و هي قوله تعالى في الاعراف (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّٰهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ ثُمَّ اسْتَوىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهٰارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّرٰاتٍ بِأَمْرِهِ أَلٰا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبٰارَكَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ، ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَ لٰا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلٰاحِهٰا وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّٰهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ثمّ المعوذتين ثمّ تحمد الله على كل نعمة انعم عليك و تذكر النعمة واحدة بعد واحدة ما أحصيت منها و تحمد الله على ما أنعم عليك من أهل و مال و تحمد الله على ما أبلاك قائلا اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد و لا تكافأ بعمل و تحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن و تسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه بالقرآن و تكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن و بكل اسم تحسنه و تدعوه باسمائه التي في آخر الحشر و هي قوله تعالى هو الله الذي لا اله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات و الارض و هو العزيز الحكيم ثمّ تقول أسألك يا الله يا رحمن بكل اسم هو لك و أسألك بقوتك و قدرتك و عزتك و بجميع ما أحاط به علمك و بجمعك و بركتك كلها و بحق رسولك صلواتك عليه و آله و باسمك الاكبر الاكبر الاكبر و باسمك العظيم الذي من دعاك به

ص: 47

كان حقا عليك أن تجيبه و باسمك الاعظم الاعظم الاعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده و أن تعطيه ما سأل أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في و تسأل الله حاجتك كلها من أمر الدنيا و الآخرة و ترغب إليه في الوفادة في المستقبل و في كل عام و تقول سبعين مرة أسألك الجنة و سبعين مرة استغفر الله ربي و أتوب إليه و ليكن من دعائك ما علمه جبرائيل عليه السلام لآدم في ذلك المقام لقبول توبته سبحانك للهم و بحمدك لا اله إلا أنت عملت سوءً و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثمّ تقول اللهم فكني من النار و اوسع علي من رزقك الحلال الطيب و ادرأ عني شر فسقة الجن و الأنس و من شر فسقة العرب و العجم فان نفذ هذا الدعاء و لم تغرب الشمس فادعه من أوله إلى آخره و لا تمل من الدعاء و التوبة و الانابة و الاستغفار و الاستعاذة بالله من الشيطان و الصلاة على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و التسبيح و التحميد و التمجيد و التضرع و المسألة لنفسك و لوالديك و لاخوانك المؤمنين و اقلهم اربعون فان ابراهيم ابا على بن ابراهيم صاحب التفسير رأى عبد الله بن جندب بالموقف فلم ير موقفا احسن من موقفه راه ما زال مادا يده إلى السماء و دموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض فلما انصرف الناس قال له يا ابا محمد ما رأيت موقفا قط احسن من موقفك قال و الله ما دعوت الا لإخواني و ذلك لان ابا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام اخبرني انه من دعا لاخيه نودى من العرش و لك مائة الف ضعف مثله فكرهت ان ادعو مائة الف ضعف مضمونة لواحدة لا ادري تستجاب أم لا ثمّ إذا اشرفت الشمس على المغيب قلت اللهم اني اعوذ بك من الفقر و من تشتت الامر و من شر ما يحدث بالليل و النهار امسى ظلمي مستجيرا بعفوك و امسى خوفي مستجيرا بامانك و امسى ذلى مستجيرا بعزتك و امسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي يا خير من سأل و يا جواد من اعطى و يا ارحم من استرحم جللني برحمتك و البسني عافيتك و اصرف عني شر جميع خلقك اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف و ارزقنيه من قابل ابدا ما ابقيتني و اقبلني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي بافضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك و حجاج بيتك الحرام و اجعلني اليوم من اكرم وفدك

ص: 48

عليك و اعطني افضل ما اعطيت احدا منهم من الخير و البركة و الرحمة و الرضوان و المغفرة و بارك لي فيما أرجع إليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير و بارك لهم في و يكره أن تصعد على الجبل إلا مع الزحام و ان تكون حال الوقوف راكباً أو قاعداً إن كنت قادراً على القيام و إلا فبقدر القدرة عليه ثمّ ان من أهم الادعية و أعظمها التي يلزم قراءتها في هذا اليوم دعاء الحسين عليه السلام و دعاء ولده علي بن الحسين عليه السلام اما دعاء الحسين فهو ما رواه عنه بشر و بشير ابنا غالب الاسدي حيث رويا أنهما كانا بخدمته سلام الله عليه في يوم عرفة في عرفات فخرج من الخيمة مع جمع من أهل بيته و أولاده و شيعته و هم في نهاية التذلل و الخشوع و الخضوع إلى أن وصلوا إلى الجانب الايسر من الجبل فوقفوا هناك و توجه سلام الله عليه بوجهه الشريف إلى الكعبة الشريفة رافعاً يديه المباركتين إلى أن جعلهما في حذاء وجهه مادّاً لهما إلى الله سبحانه و تعالى كما يمد المسكين يديه ثمّ قال هذا الدعاء.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع و لا لعطائه مانع و لا كصنعه صنع صانع و هو الجواد الواسع فطر أجناس البدائع و أتقن بحكمته الصنائع و لا تخفى عليه الطلائع و لا تضيع عنده الودائع جازى كل صانع و رائش كل قانع و راحم كل ضارع و منزل المنافع و الكتاب الجامع بالنور الساطع و هو للدعوات سامع و للمطيعين نافع و للدرجات رافع و للكربات دافع و للجبابرة قامع و راحم عبرة كل ضارع و دافع صرعة كل صارع فلا اله غيره و لا شي ء يعدله و ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير اللطيف الخبير و هو على كل شي ء قدير اللهم إني أرغب اليك و أشهد بالربوبية لك مقرّاً بانك ربي و إن إليك مردي ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئاً مذكوراً و خلقتني من التراب ثمّ اسكنتني الاصلاب آمناً لريب المنون و اختلاف الدهور فلم أزل ضاعناً من صلب إلى رحم في تقادم الأيام الماضية و القرون الخالية لم تخرجني لرأفتك بي و لطفك لي و احسانك إليَّ في دولة أيام الكفرة الذين نقضوا عهدك و كذبوا رسلك لكنك أخرجتني رأفةً منك و تحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني و فيه أنشأتني

ص: 49

و من قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك و سوابغ نعمتك فابتدعت خلق مني يمنى ثمّ أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم و جلدٍ و دمٍ و لم تشهرني بخلقي و لم تجعل إلى شيئاً من أمري ثمّ أخرجتني إلى الدنيا تامّاً سوياً و حفظتني في المهد صبياً و رزقتني من الغذاء لبناً طرياً مرئيا و عطفت على قلوب الحواضن و كفلتني الامهات الرحائم و كلأتني من طوارق و سلمتني من الزيادة و النقصان تعاليت يا رحيم يا رحمن حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام أتممت على سوابغ الانعام فربيتني زائدا في كل عام حتى إذا كملت فطرتي و اعتدلت سريرتي أوجبت على حجتك بأن ألهمتني معرفتك و روعتني بعجائب فطرتك و انطقتني لما ذرأت في سمائك و أرضك من بديع خلقك و نبهتني لذكرك و شكرك و واجب طاعتك و عبادتك و فهمتني ما جاءت به رسلك و يسرت لي تقبل مرضاتك و مننت علي في جميع ذلك بعونك و لطفك ثمّ إذ خلقتني من حر الثرى لم ترض لي يا الهي بنعمة دون اخرى و رزقتني من انواع المعاش و صنوف الرياش بمنك العظيم علي و احسانك القديم الي حتى إذا اتممت علي جميع النعم و صرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي و جرأتي عليك أن دللتني على ما يقربني إليك و وفقتني لم يزلفني لديك فإن دعوتك اجبتني و إن سألتك أعطيتني و إن أطعتك شكرتني و إن شكرتك زدتني كل ذلك إكمالا لأنعمك علي و احساناً إليَّ فسبحانك سبحانك من مبدئٍ و معيد حميد مجيد تقدست أسماؤك و عظمت آلاؤك فأي نعمك أحصي عددا أو ذكراً أم أي عطاياك أقوم بها شكراً و هي يا رب أكثر من أن يحصيها العادون أو يبلغ علما بها الحافظون ثمّ ما درأت و صرفت عني اللهم من الضر و الضراء أكثر مما ظهر لي من العافية و السراء و أنا أشهدك يا إلهي بحقيقة إيماني و عقد عزمات يقيني و خالص صريح توحيدي و باطن مكنون ضميري و علائق مجاري نور بصري و أسارير صفحة جبيني و خرق مآرب نفسي و خذاريف مارن عرنيني و مسارب صماخ سمعي و ما ضمت و اطبقت عليه شفتاي و حركات لفظ لساني و مفرز حنك فمي و فكي و منابت اضراسي و بلوغ حبائل بارع عنقي و مساغ مأكلي و مطعمي و مشربي و حمالة أم رأسي و جمل حمائل حبل وتيني و ما اشتمل عليه تامور صدري و نياط حجاب قلبي و أفلاذ

ص: 50

حواشي كبدي و ما حوته شراسيف أضلاعي و حقاق مفاصلي و أطراف أناملي و قبض عواملي و لحمي و دمي و شعري و بشري و عصبي و قصبي و عظامي و مخي و عروقي و جميع جوارحي و ما انتسج على ذلك أيام رضاعي و ما اقلت الأرض مني و نومي و يقظتي و سكوني و حركتي و حركات ركوعي و سجودي أن لو حاولت و اجتهدت مدى الاعصار و الاحقاب لو عمرتها أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب علي شكراً آنفاً شديداً ثناء طارفاً عتيداً أجل و لو حرصت أنا و العادون من أنامك أن نحصي مدى إنعامك سالفة و آنفة لما حصرناه عددا و لا احصيناه ابدا هيهات أنى ذلك و أنت المخبر عن نفسك في كتابك الناطق و النبأ الصادق و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها صدق كتابك اللهم و نبؤك و بلغت أنبياءك و رسلك و ما أنزلت عليهم من وحيك و شرعت لهم من دينك غير اني يا الهي اشهد بجدي و جهدي و مبالغ طاقتي و وسعى و أقول موقنا مؤمناً الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً فيكون موروثاً و لم يكن له شريك في الملك فيضاده في ما ابتدع و لا ولي من الذل فيرفده في ما صنع سبحانه سبحانه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا و تفطرتا فسبحان الله الواحد الحق الاحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد الحمد لله حمداً يعدل حمد ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و صلى الله على خيرته من خلقه محمد خاتم النبيين و آله الطيبين الطاهرين المخلصين ثمّ طفق يسأل الله و اهتم في الدعاء و هو يبكي فقال اللهم اجعلني أخشاك كاني أراك و أسعدني بتقواك و لا تشقني بمعصيتك و خلي في قضائك و بارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت اللهم اجعل غناي في نفسي و اليقين في قلبي و الاخلاص في عملي و النور في بصري و البصيرة في ديني و متعني بجوارحي و اجعل سمعي و بصري الوارثين مني و انصرني على من ظلمني و ارزقني فيه مأربي و ثأري و أقر بذلك عيني اللهم اكشف كربتي و استر عورتي و اغفر لي خطيئتي و اخسأ شيطاني و فك رهاني و اجعل لي يا الهي الدرجة العليا في الآخرة و الاولى اللهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعا بصيرا و لك الحمد كما خلقتني فجعلتني حيا سوياً رحمة بي و كنت عن خلقي غنياً ربي بما

ص: 51

برأتني فعدلت فطرتي ربي بما أنشأتني فحسنت صورتي يا رب بما أحسنت بي و في نفسي عافيتي ربّي بما كلأتني و وفقتني ربّي بما أنعمت علي فهديتني ربّي بما آويتني و من كل خير آتيتني و أعطيتني ربّي بما أطعمتني و سقيتني ربّي بما أغنيتني و اقنيتني ربّي بما اعنتني و اعززتني ربّي بما البستني من ذكرك الضافي و يسرت لي من صنعك الكافي صلِّ على محمد و آل محمد و أعني على بوائق الدهور و صروف الأيام و الليالي وبخني من أهوال الدنيا و كربات الآخرة و اكفني شر ما يعمل الظالمون في الأرض اللهم ما اخاف فاكفني و ما احذر فقني و في نفسي و ديني فاحرسني و في سفري فاحفظني و في أهلي و مالي و ولدي فاخلفني و فيما رزقتني فبارك لي و في نفسي فذللني و في أعين الناس فعظمني و من شر الجن و الانس فسلمني و بذنوبي فلا تفضحني و بسريرتي فلا تحزني و بعملي فلا تبتلني و نعمك فلا تسلبني و إلى غيرك فلا تكلني الهي إلى من تكلني إلى القريب ليقطعني أم إلى البعيد يتجهمني أم إلى المستضعفين لي و أنت ربي و مليك أمري أشكو إليك غربتي و بعد داري و هوني على من ملكته أمري اللهم فلا تحلل في غضبك فإن لم تكن غضبت علي فلا ابالي سواك غير أن عافيتك اوسع يا رب فأسألك بنور وجهك الذي اشرقت له الأرض و السموات و انكشفت له الظلمات و صلح عليه أمر الاولين و الآخرين أن لا تميتني على غضبك و لا تنزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى قبل ذلك لا اله إلا أنت رب البلد الحرام و المشعر الحرام و البيت العتيق الذي احللته البركة و جعلته للناس أمنة يا من عفا عن العظيم من الذنوب بحلمه يا من أسبغ النعمة بفضله يا من أعطى الجزيل بكرمه يا عدتي في شدتي يا صاحبي في وحدتي يا غياثي في كربتي يا مؤنسي في حفرتي يا ولي نعمتي يا إلهي و إله آبائي إبراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و رب جبرائيل و ميكائيل و اسرافيل و رب محمد خاتم النبيين و آله المنتجبين و منزل التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان و منزل كهيعص و طه و يس و القرآن الحكيم انت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها و تضيق علي الأرض برحبها و لو لا رحمتك لكنت من الهالكين و أنت مقيل عثرتي و لو لا سترك إياي لكنت من المفضوحين و أنت مؤيدي بالنصر على الاعداء و لو لا نصرك اياي لكنت من

ص: 52

المغلوبين يا من خص نفسه بالسمو و الرفعة فأولياؤه بعزه يعتزون يا من جعلت له الملوك نير المذلة على اعناقهم فهم من سطواته خائفون تعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصدور و غيب ما تأتي به الازمان و الدهور يا من لا يعلم كيف هو إلا هو يا من لا يعلم ما يعلمه إلا هو يا من كبس الأرض على الماء وسد الهواء بالسماء يا من له أكرم الاسماء يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابدا يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر و مخرجه من الجب و جعله بعد العبودية ملكاً يا راد يوسف على يعقوب بعد ان ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر و البلاء عن أيوب يا ممسك يد ابراهيم من الذبح عن ابنه بعد أن كبر سنه و فنى عمره يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيى و لم يدعه فرداً وحيداً يا مَنْ أخرج يونس من بطن الحوت يا من فلق البحر لبني اسرائيل فأنجاهم و جعل فرعون و جنوده من المغرقين يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته يا من لم يعجل على من عصاه من خلقه يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود و قد غدوا في نعمته يأكلون رزقه و يعبدون غيره و قد حادوه و نادوه و كذبوا رسله يا الله يا بدي ء لا بداء لك يا دائما لا نفاد لك يا حي حين لا حي يا محي الموتى يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت يا من قل له شكري فلم يحرمني و عظمت عنده خطيئتي فلم يفضحني و رآني على المعاصي فلم يخذلني يا من حفظني في صغري يا من رزقني في كبري يا من اياديه عندي لا تحصى يا من نعمه عندي لا تجزى يا من عارضني بالخير و الاحسان و عارضته بالاساءة و العصيان يا من هداني بالايمان قبل أن أعرف شكر الامتنان يا من دعوته مريضا فشافاني و عريانا فكساني و جائعا فأطعمني و عطشانا فارواني و ذليلا فأعزني و جاهلا فعرفني و وحيداً فكثرني و غائبا فردني و مقلا فأغناني و منتصراً فنصرني و غنيا فلم يسلبني و أمسكت عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد يا من اقال عثرتي و نفس كربتي و أجاب دعوتي و ستر عورتي و غفر ذنوبي و بلغني طلبتي و نصرني على عدوي و إن أعد نعمك و مننك و كرائم منحك لا احصيها يا مولاي أنت الذي أنعمت أنت الذي احسنت أنت الذي أجملت أنت الذي افضلت أنت الذي مننت أنت الذي أكملت أنت الذي رزقت أنت الذي وفقت أنت الذي أعطيت أنت

ص: 53

الذي أغنيت أنت الذي أقنيت أنت الذي آويت أنت الذي كفيت أنت الذي هديت أنت الذي عصمت أنت الذي سترت أنت الذي غفرت أنت الذي عفوت أنت الذي أقلت أنت الذي مكنت أنت الذي أعززت أنت الذي أعنت أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت أنت الذي شفيت أنت الذي عافيت أنت الذي أكرمت تباركت ربي و تعاليت لك الحمد دائما و لك الشكر واصباً ثمّ أنا يا الهي لمعترف بذنوبي فاغفرها لي أنا الذي أسأت أنا الذي أخطأت أنا الذي أغفلت أنا الذي جهلت أنا الذي هممت أنا الذي سهوت أنا الذي اعتمدت أنا الذي تعمدت أنا الذي وعدت أنا الذي اخلفت أنا الذي نكثت أنا الذي أقررت أنا يا الهي اعترف بنعمتك عندي و ابوء بذنوبي فاغفرها لي يا من لا تضره ذنوب عباده و هو الغني عن طاعتهم و الموفق من عمل منهم صالحا بمعونته و رحمته فلك الحمد يا الهي امرتني فعصيتك و نهيتني فارتكبت نهيك فاصبحت لا ذا براءة فاعتذر و لا ذا قوة فانتصر فبأي شي ء استقبلك يا مولاي أ بسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي أ ليس كلها نعمك عندي و بكلها عصيتك يا مولاي فلك الحجة و السبيل عليَّ يا من سترني من الآباء و الامهات ان يزجروني و من العشائر و الاخوان ان يعيروني و من السلاطين ان يعاقبوني و لو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه مني إذا ما انظروني و لرفضوني و قطعوني فها انا بين يديك يا سيدي خاضعا ذليلا حسيرا حقيرا لا ذو براءة فاعتذر و لا ذا قوة فانتصر و لا حجة لي فاحتج بها و لا قائل لم اجترح و لم اعمل سوءا و ما عسى الجحود لو جحدت يا مولاي فينفعني و كيف و انى ذلك و جوارحي كلها شاهدة عليَّ بما قد عملت و علمت يقينا غير ذي شك أنك سائلي عن عظائم الامور و انك الحكم العدل الذي لا يجور عهدك مهلكي و من كل عدلك مهربي فإن تعذبني فبذنوبي يا الهي بعد حجتك علي و إن تعفو عني فبحلمك وجودك و كرمك لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الموحدين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الخائفين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من السائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراجين

ص: 54

الراغبين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المهللين المسبحين لا إله إلا أنت سبحانك ربي و رب آبائي الأولين اللهم هذا ثنائي عليك ممجداً و اخلاصي لذكرك موحداً و اقراري بآلائك معدداً و إن كنت مقراً أني لا أحصيها لكثرتها و سبوغها و تظاهرها و تقادمها إلى حادث لم تزل تتغمدني به معها مذ خلقتني و برأتني من أول العمر من الاغناء بعد الفقر و كشف الضر و تسبيب اليسر و دفع العسر و تفريج الكرب و العافية في البدن و السلامة في الدين و لو رفدني على ذكر قدر نعمتك على جميع العالمين من الاولين و الآخرين لما قدرت و لا هم على ذلك تقدست و تعاليت من رب عظيم كريم رحيم و لا تحصى آلاؤك و لا يبلغ ثناؤك و لا تكافأ نعمائك صل على محمد و آل محمد و أتمم علينا نعمك و أسعدنا بطاعتك سبحانك لا إله إلا أنت اللهم انك مجيب دعوة المضطر إذا دعاك و تكشف السوء و تغيث المكروب و تشفي السقيم و تغني الفقير و تجبر الكبير و ترحم الصغير و تعين الكبير و ليس دونك ظهير و لا فوقك قدير و أنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الاسير يا رازق الطفل الصغير يا عصمة الخائف المستجير يا من لا شريك له و لا وزير صل على محمد و آل محمد و أعطني في هذه العشية فضل ما أعطيت و أنلت أحداً من عبادك من نعمة توليها و آلاء تجددها و بلية تصرفها و كربة تكشفها و دعوة تسمعها و حسنة تتقبلها و سيئة تغفرها إنك لطيف خبير و على كل شي ء قدير اللهم إنك اقرب من دعي و اسرع من أجاب و أكرم من عفا و أوسع من أعطى و أسمع من سأل يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما ليس كمثلك مسئول و لا سواك مأمول دعوتك فأجبتني و سألتك فأعطيتني و رغبت إليك فرحمتني و وثقت بك فنجيتني و فزعت إليك فكفيتني اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و على آله الطيبين الطاهرين أجمعين و تمم لنا نعمائك و هنئنا عطاءك و اجعلنا لك شاكرين و لآلائك ذاكرين آمين آمين يا رب العالمين اللهم يا من ملك فقدر و قدر فقهر و عُصيَ فستر و استغفر فغفر يا غاية رغبة الراغبين و منتهى أمل الراجين يا من أحاط بكل شي ء علماً و وسع المستقبلين رأفةً و رحمة و حلماً اللهم إنا نتوجه إليك في هذه العشية التي شرفتها و عظمتها بمحمد نبيك و رسولك و خيرتك من خلقك و أمينك على وحيك

ص: 55

اللهم فصل على البشير النذير السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين و جعلته رحمة للعالمين اللهم فصل على محمد و آله كما محمد أهل ذلك يا عظيم صل عليه و على آل محمد المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين و تغمدنا بعفوك عنا فاليك ضجت الاصوات بصنوف اللغات و اجعل لنا في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه و نور تهدي به و رحمة تنشرها و عافية تجللها و بركة تنزلها و رزق تبسطه يا أرحم الراحمين اللهم اقبلنا في هذا الوقت منجحين مفلحين مبرورين غانمين و لا تجعلنا من القانطين و لا تخلنا من رحمتك و لا تحرمنا ما نؤمله من فضلك و لا تردنا خائبين و لا من بابك مطرودين و لا تجعلنا من رحمتك محرومين و لا لفضل ما نؤمله من عطاياك قانطين يا أجود الاجودين و يا أكرم الأكرمين إليك اقبلنا مؤمنين و لبيتك الحرام آمين قاصدين فأعنا على منسكنا و أكمل لنا حجنا و اعف اللهم عنا و عافنا فقد مددنا إليك أيدينا و هي بذلة الاعتراف موسومة اللهم فأعطنا في هذه العشية ما سألناك و اكفنا ما استكفيناك فلا كافٍ لنا سواك و لا رب لنا غيرك نفذ فينا حكمك محيط بنا علمك عدل فينا قضاؤك اقض لنا الخير و اجعلنا من أهل الخير اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الاجر و كريم الذخر و دوام اليسر و اغفر لنا ذنوبنا أجمعين و لا تهلكنا مع الهالكين و لا تصرف عنا رأفتك برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته و شكرك فزدته و تاب إليك فقبلته و تنصل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها يا ذا الجلال و الاكرام اللهم وفقنا و سددنا و اعصمنا و اقبل تضرعنا يا خير من سأل و يا أرحم من استرحم يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون و لا لحظ العيون و لا ما استقر في المكنون و لا ما انطوت عليه مضمرات القلوب إلا كل ذلك قد أحصاه علمك و وسعه حلمك سبحانك و تعاليت عما يقول الظالمون علواً كبيراً تسبح لك السموات السبع و الارض و من فيهن و إن من شي ء إلا يسبح بحمدك فلك الحمد و المجد و علو الجد يا ذا الجلال و الاكرام و الفضل و الانعام و الأيادي الجسام و أنت الجواد الكريم الرءوف الرحيم اللهم أوسع علي من رزقك الحلال و عافني في بدني و ديني و آمن خوفي و اعتق رقبتي من النار اللهم لا تمكرني و لا تستدرجني و لا تخذلني و ادرأ عني شر فسقة الجن و الانس

ص: 56

فرفع رأسه و عينيه نحو السماء وعيناه الشريفتان تهملان دموعاً كأنهما قربتان يجري منهما الماء و قرأ بأعلى صوته: يا أسمع السامعين و يا أبصر الناظرين و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الراحمين صل على محمد و آل محمد السادة الميامين و أسألك اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني و إن منعتنيها لم ينفعني ما اعطيتني أسألك فكاك رقبتي من النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك و لك الحمد و أنت على كل شي ء قدير يا رب يا رب يا رب و كان يقول يا رب مكررا فبكى الحاضرون باعلى صوتهم و حملوا الاثقال على رواحلهم و ارتحلوا إلى المشعر الحرام.

و أما دعاء علي بن لحسين عليه السلام فهو من أدعية الصحيفة السجادية و كان سلام الله عليه يدعو به في يوم عرفة في عرفات في حل وقوفه مع كمال الخشوع و الخضوع و كان يقول:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد بديع السموات و الأرض ذا الجلال و الاكرام رب الارباب و إله كل مألوه و خالق كل مخلوق و وارث كل شي ء ليس كمثله شي ء و لا يعزب عنه علم شي ء و هو بكل شي ء محيط و هو على كل شي ء رقيب أنت الله لا إله إلا أنت الاحد المتوحد الفرد المتفرد و أنت الله لا إله إلا أنت الكريم المتكرم العظيم المتعظم الكبير المتكبر و أنت الله لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال و أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم و أنت الله لا إله إلا أنت السميع البصير القديم الخبير و أنت الله لا إله إلا أنت الكريم الاكرم الدائم الأدوم و أنت الله لا إله إلا أنت الأول قبل كل أحد و الآخر بعد كل عدد و أنت الله لا إله إلا أنت الداني في علوه و العالي في دنوه و أنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء و المجد و الكبرياء و الحمد و أنت الله لا إله إلا أنت الذي أنشأت الاشياء من غير سنخ و صورت ما صورت من غير مثال و ابتدعت المبتدعات بلا احتذاء أنت الذي قدرت كل شي ء تقديراً و يسرت كل شي ء تيسيراً و دبرت ما دونك تدبيراً أنت الذي لم يعنك على خلقك شريك و لم يؤازرك في أمرك وزير و لم يكن لك مشابه و لا نظير أنت الذي أردت فكان حتما ما اردت

ص: 57

و قضيت فكان عدلا ما قضيت و حكمت فكان نصفاً ما حكمت أنت الذي لا يحويك مكان و لم يقم لسلطانك سلطان و لم يعيك برهان و لا بيان أنت الذي أحصيت كل شي ء عددا و جعلت لكل شي ء مددا و قدرت كل شي ء تقديراً أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك و عجزت الافهام عن كيفيتك و لم تدرك الابصار موضع اينيتك أنت الذي لا تحد فتكون محدوداً و لم تمثل فتكون موجوداً و لم تلد فتكون مولوداً أنت الذي لا ضد معك فيعاندك و لا عدل لك فيكاثرك و لا ند لك فيعارضك أنت الذي ابتدأ و اخترع و استحدث و ابتدع و أحسن صنع ما صنع سبحانك ما اجل شأنك و أسنى في الأماكن مكانك و أصدع بالحق فرقانك سبحانك من لطيف ما ألطفك و رءوف ما أرأفك و حكيم ما أعرفك سبحانك من مليك ما أمنعك و جواد ما أوسعك و رفيع ما أرفعك ذو البهاء و المجد و الكبرياء و الحمد سبحانك تبسطت بالخيرات يدك و عرفت الهداية من عندك فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك سبحانك خضع لك من جرى في علمك و خشع لعظمتك ما دون عرشك و انقاد للتسليم لك كل خلقك سبحانك لا تحس و لا تجس و لا تمس و لا تكاد و لا تحاط و لا تنازع و لا تجاذب و لا تمارى و لا تخادع و لا تماكر سبحانك سبيلك جدد و أمرك رشد و أنت حي صمد سبحانك قولك حكم و قضاؤك حتم و ارادتك عزم سبحانك لا راد لمشيئتك و لا مبدل لكلماتك سبحانك باهر الآيات فاطر السموات بارئ النسمات لك الحمد حمداً يدوم بدوامك و لك الحمد حمداً خالداً بنعمتك و لك الحمد حمداً يوازي صنعك و لك الحمد حمداً يزيد على رضاك و لك الحمد حمداً مع حمد كل حامد و شكراً يقصر عنه شكر كل شاكر حمداً لا ينبغي إلا لك و لا يتقرب به إليك حمداً يستدام به الأول و يستدعى به دوام الآخر حمداً يتضاعف على كرور الازمنة و يتضاعف اضعافا مترادفة حمداً يعجز عن احصائه الحفظة و يزيد على ما أحصته في كتابك الكتبة حمداً يوازن عرشك المجيد و يعادل كرسيك الرفيع حمداً يكمل لديك ثوابه و يستغرق كل جزاء جزاؤه حمداً ظاهره وفق لباطنه و باطنه وفق لصدق النية فيه حمدا لم يحمدك خلق مثله و لا يعرف أحدٌ سواك فضله حمدا يعان من اجتهد في تعديده و يؤيد من أغرق نزعاً في توقيته

ص: 58

حمدا يجمع ما خلقت من الحمد و ينتظم ما أنت خالقه من بعدِ حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه و لا أحمد ممن يحمدك به حمداً يوجب بكرمك المزيد بوفوره و تصله بمزيد بعد مزيد طولًا منك حمداً يجب لكرم وجهك و يقابل عز جلالك ربّي صل على محمد و آل محمد المنتجب المصطفى المكرم المقرب أفضل صلواتك و بارك عليه أتم بركاتك و ترحم عليه أمتع رحماتك رب صل على محمد و آله صلاةً زاكيةً لا تكون صلاةً أزكى منها و صل عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها و صل عليه صلاةً راضية لا تكون صلاةً فوقها ربّي صل على محمد و آله صلاةً ترضيه و تزيد على رضاه و صل عليه صلاة ترضيك و تزيد على رضاك له و صل عليه صلاةً لا ترضى له إلا بها و لا ترى غيره لها أهلا ربّي صل على محمد و آله صلاةً تجوز رضوانك و يتصل اتصاله ببقائك و لا تنفذ كلماتك ربّي صل على محمد و آله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك و أنبيائك و رسلك و أهل طاعتك و تشتمل على صلوات عبادك من جنك و انسك و أهل اجابتك و يجتمع على صلاة كل من ذرأت و برأت من أصناف خلقك ربّي صل على محمد و آله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة و مستأنفة وصل عليه و على آله صلاة مرضية لك و لمن دونك و تنشئ مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندها و تزيدها على كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك ربّي صل على أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك و جعلتهم خزنة علمك و حفظة دينك و خلفائك في أرضك و حججك على عبادك و طهرتهم من الرجس و الدنس تطهيراً بارادتك و جعلتهم الوسيلة إليك و المسلك إلى جنتك ربّي صل على محمد و آله صلاة تجزل لهم بها من نحلك و كرامتك و تكمل لهم الاشياء من عطاياك و نوافلك و توفر عليهم الحظ من عوائدك و فوائدك ربّي صل عليه و عليهم صلاة لا أمد لأولها و لا غاية لأمدها و لا نهاية لآخرها ربّي صل عليهم زنة عرشك و ما دونه و ملأ سماواتك و ما فوقهن و عدد أرضيك و ما تحتهن و ما بينهن صلاة تقربهم منك زلفى و تكون لك و لهم رضا و متصلة بنظائرهن ابداً اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بامام أقمته علما لعبادك و منارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك و جعلته الذريعة إلى رضوانك و افترضت طاعته

ص: 59

و حذرت معصيته و أمرت بامتثال أمره و الانتهاء عند نهيه و أن لا يتقدمه متقدم و لا يتأخر عنه متأخر فهو عصمة اللائذين و كهف المؤمنين و عروة المتمسكين و بهاء العالمين اللهم فأوزع لوليك شكر ما أنعمت به عليه و أوزعنا مثله فيه و آته من لدنك سلطانا نصيرا و افتح له فتحاً يسيراً و اعنه بركنك الاعز و شدد أزره و قو عضده و راعه بعينك و احمه بحفظك و أنصره بملائكتك و امدده بجندك الاغلب و أقم به كتابك و حدودك و شرائعك و سنن رسولك صلواتك اللهم عليه و آله و أحي به ما أماته الظالمون من معلم دينك و أجل به صدأ الجور عن طريقك و أبِنْ به الضراء عن سبيلك و أزل به الناكبين عن صراطك و أمحق به بغاة قصدك عوجا و ألن جنبه لأوليائك و ابسط يده على أعدائك وهب لنا رأفته و رحمته و تعطفه و تحننه و اجعلنا له سامعين مطيعين و في رضاه ساعين و إلى نصرته و المدافعة عنه مكنفين و إليك و إلى رسولك صلواتك اللهم عليه و آله بذلك متقربين اللهم و صل على أوليائه المعترفين بمقامهم المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم المتمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم المؤتمين بامامتهم المسلمين لأمرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين أيامهم المادين اليهم أعينهم الصلوات المباركات الزاكيات و سلم عليهم و على أرواحهم و اجمع على التقوى أمرهم و اصلح لهم شئونهم و تب عليهم إنك أنت التواب الرحيم و خير الغافرين و اجعلنا معهم في دار السلام برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم هذا يوم عرفة يوم شرفته و كرمته و عظمته و نشرت فيه رحمتك و مننت فيه بعفوك و أجزلت فيه عطيتك و تفضلت به على عبادك اللهم و أنا عبدك الذي أنعمت عليه قبل خلقك له و بعد خلقك إياه فجعلته ممن هديته لدينك و وفقته لحقك و عصمته بحبلك و أدخلته في حزبك و أرشدته لموالاة اوليائك و معاداة أعدائك ثمّ أمرته فلم يأتمر و زجرته فلم ينزجر و نهيته عن معصيتك فخالف أمرك إلى نهيك لا معاندة لك و لا استكبارا عليك بل دعاه هواه إلى ما زيلته و إلى ما حذرته و أعانه على ذلك عدوك وعدوه فأقدم عليه عارفا بوعيدك راجيا لعفوك واثقاً بتجاوزك و كان أحق عبادك مع ما مننت عليه ألا يفعل و ها أنا ذا بين يديك صاغراً ذليلا خاضعاً خاشعاً خائفاً معترفا بعظيم من الذنوب تحملته و جليل من الخطايا

ص: 60

اجترمته مستجيرا بصفحك لائذاً برحمتك موقناً أنه لا يجيرني منك مجير و لا يمنعني منك منع فعد علي بما تعود به على من اقترف من تغمدك وجد علي بما تجود به على من ألقى بيده إليك من عفوك و امنن علي بما لا يتعاظمك أن تمن به على من أملك من غفرانك و اجعل لي في هذا اليوم نصيبا أنال به حظاً من رضوانك و لا تردني صفراً مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك و إني و إن لم أقدم ما قدموه من الصالحات فقد قدمت توحيدك و نفي الاضداد و الانداد و الاشباه عنك و أتيتك من الابواب التي أمرتَ أن تؤتى منها و تقربت إليك بما لا يقرب به أحد منك إلا بالتقرب به ثمّ اتبعت ذلك بالانابة إليك و التذلل و الاستكانة لك و حسن الظن بك و لثقة بما عندك و شفعته برجائك الذي قل ما يخيب عليه راجيك و سألتك مسألة الحقير الذليل البائس الفقير الخائف المستجير و مع ذلك خيفة و تضرعاً و تعوذا و تلوذا إلا مستطيلًا بتكبر المتكبرين و لا متعاليا بدالة المطيعين و لا مستطيلا بشفاعة الشافعين و أنا بعدُ أقل الأقلين و أذل الأذلين و مثل الذرة أو دونها فيا من لم يعاجل المسيئين و لا ينده المترفين و يا من يمن باقالته العاثرين و يتفضل بانتظار الخاطئين أنا المسي ء المعترف الخاطئ العاثر أنا الذي أقدم عليك مجترئا أنا الذي عصاك متعمداً أنا الذي استخفى من عبيدك و بارزك أنا الذي هاب عبادك و أمنك أنا الذي لم يرهب سطوتك و لم يخف بأسك أنا الجاني على نفسه أنا المرتهن سبيله أنا القليل الحياء أنا الطويل العناء بحق من انتجبت من خلقك و بمن اصطفيت لنفسك بحق من اخترت من بريتك و من اجتبيت لشأنك بحق من وصلت طاعته بطاعتك و من جعلت معصيته كمعصيتك بحق من قرنت موالاته بموالاتك و من نطت معاداته بمعاداتك تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جأر إليك متنصلًا و عاذ باستغفارك تائباً و تولني بما تتولى به أهل طاعتك و الزلفى لديك و المكانة منك و توحدني بما تتوحد به من وفى بعهدك و أتعب نفسه في ذاتك و اجهدها في مرضاتك و لا تؤاخذني بتفريطي في جنتك و تعدي طوري في حدودك و مجاوزة أحكامك و لا تستدرجني باملائك لي استدراج من منعني خير ما عنده و لم يشركك في حلول نعمته بي و نبهني من رقدة الغافلين و سنة المسرفين و نعسة المخذولين و خذ بقلبي

ص: 61

إلى ما استعملت به القانتين و استعبدت به المتعبدين و استنقذت به المتهاونين و أعذني مما يباعدني عنك و يحول بيني و بين حظي منك و يصدني عما احاول لديك و سهل لي مسلك الخيرات إليك و المسابقة إليها من حيث أمرت و المشاحة فيها على ما أردت و لا تمحقني فيمن تمحق من المستحقين بما اوعدت و لا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين لمقتك و لا تتبرني فيمن تتبر من المنحرفين عن سبيلك و نجني من غمرات الفتنة و خلصني من لهوات البلوى و أجرني من اخذ الاملاء و خل بيني و بين عدو يضلني و هوى يوبقني و منقصة ترهقني و لا تعرض عني اعراض من لا ترضى عنه بعد غضبك و لا تؤيسني من الامل فيك فيغلب علي القنوط من رحمتك و لا تمنحني بما لا طاقة لي به فتبهظني مما تحملنيه من فضل محبتك و لا ترسلني من يدك ارسال من لا خير فيه و لا حاجة بك إليه و لا انابة له و لا ترم بي رمي من سقط من عين رعايتك و من اشتمل عليه الخزي من عندك بل خذ بيدي من سقطة المتردين و وهلة المتعسفين و زلة المغرورين و ورطة الهالكين و عفني مما ابتليت به طبقات عبيدك و امائك و بلغني مبالغ من عنيت به و انعمت عليه و رضيت عنه فاعشته حميدا و توفيته سعيداً و طوقني طوق الاقلاع عما يحيط الحسنات و يذهب بالبركات و اشعر قلبي الازدجار عن قبائح السيئات و فواضح الحوبات و لا تشغلني بما لا ادركه إلا بك مما لا يرضيك عني غيره و انزع من قلبي حب دنيا دنية تنهى عما عندك و تصد عن ابتغاء الوسيلة إليك و تذهل عن التقرب منك و زين لي التفرد بمناجاتك بالليل و النهار وهب لي عصمة تدنيني من خشيتك و تقطعني عن ركوب محارمك و تكفني من اسرار العظائم وهب لي التطهير من دنس العصيان و اذهب عني درن الخطايا و سربلني بسرابيل عافيتك و ردني رداء معافاتك و جللني سوابغ نعمائك و ظاهر لدى فضلك و لهوك و ايدني بتوفيقك و تسديدك و أعني على صالح النية و مرضي القول و مستحسن العمل و لا تكلني إلى حولي و قوتي دون حولك و قوتك و لا تخزني يوم تبعثني للقائك و لا تفضحني بين يدي أوليائك و لا تنسني ذكرك و لا تذهب عني شكرك بل الزمنيه في أحوال السهو عند غفلات الجاهلين لآلائك و أوزعني عن ان اثني بما اوليتنيه و اعترف بما اسديته الي و اجعل رغبتي إليك فوق

ص: 62

رغبة الراغبين و حمدي اياك فوق حمد الحامدين و لا تخذلني عند فاقتي إليك و لا تهلكني بما أسديته إليك و لا تجبهني بما جبهت به المعاندين لك فأني لك مسلم أعلم أن الحجة لك و أنك أولى بالفضل و أعود بالاحسان و أهل التقوى و أهل المغفرة و انك بان تعفو اولى منك بأن تعاقب و إنك بأن تستر أقرب منك إلى أن تشهر فأحيني حياة طيبة تنتظم بما اريد و تبلغ ما احب من حيث لا آتي ما تكره و لا أرتكب ما نهيت عنه و أمتني ميتة من يسعى نوره بين يديه و عن يمينه و ذللني بين يديك و أعزني عند خلقك وضعني إذ خلوت بك و ارفعني بين عبادك و أغنني عمن هو غني و زدني إليك فاقة و فقرا و أعذني من شماتة الاعداء و من حلول البلاء و من الذل و العناء و تغمدني بما يتغمد به القادر على البطش لو لا حلمه و الأخذ على الجريرة لو لا أناته و اذا اردت بقوم فتنة أو سوءً فنجني منه لو إذا بك و إذا لم تقمني مقام فضيحة في دنياك فلا تقمني مثله في آخرتك و اشفع لي اوائل مننك باواخرها و قديم فوائدك بحوادثها و لا تمدد لي مدا يقسو معه قلبي و لا تقرعني قارعة يذهب لها بهائي و لا تسمني خسيسة يصغر لها قدري و لا نقيصة يجهل من جلها مكاني و لا ترعني روعة ابلس بها و لا خيفة اوجس دونها اجعل هيبتي في وعيدك و حذري من إعذارك و انذارك و رهبتي عند تلاوة آياتك و اعمر ليلي بايقاظي فيه لعبادتك و تفردي بالتهجد لك و تجردي بسكوني إليك و انزال حوائجي بك و منازلتي اياك في فكاك رقبتي من نارك و اجارتي مما فيه أهلها من عذابك و لا تذرني في طغياني عامها و لا في غمرتي ساهياً حتى حين و لا تجعلني عظة لمن اتعظ و لا نكالا لمن اعتبر و لا فتنة لمن نظر و لا تمكر بي فيمن تمكر به و لا تستبدل بي غيري و لا تغير لي اسماً و لا تبدل لي جسماً و لا تتخذني هزواً لخلقك و لا سخرياً لك و لا تبعاً إلا لمرضاتك و لا ممتهنا الا بالانتقام لك و أوحدني برد عفوك و حلاوة رحمتك و روحك و ريحانك وجنة نعيمك و اذقني طعم الفراق لما تحب بسعة من سعتك و الاجتهاد فيما يزلف لديك و عندك و تحفني بتحفة من تحفاتك و اجعل تجارتي رابحة و كرتي غير خاسر و اخفني مقامك و شوقني لقاءك و تب علي توبة نصوحا لا تبق معها ذنوبا صغيرة و لا كبيرة و لا تذر معها علانية و لا سريرة و انزع الغل من صدري للمؤمنين و أعطف بقلبي

ص: 63

على الخاشعين و كن لي كما تكون للصالحين و حلني حلية المتقين و اجعل لي لسان صدق في الغابرين و ذكراً نامياً في الآخرين و واف لي عرصة الأولين و تمم سبوغ نعمتك علي و ظاهر كراماتها لدي املا من فوائدك يدي وسق كرائم مواهبك الي و جوز بي الاطيبين من اوليائك في الجنان التي زينتها لأصفيائك و جللني شرائف نحلك في المقامات المعدة لاحبائك و اجعل لي عندك مقيلا آوي إليه مطمئناً و مثابة اتبوؤهما و أقر عينا و لا تقايسني بعظيمات الجرائر و لا تهلكني يوم تبلى السرائر و ازل عني كل شك و شبهة و اجعل لي في الحق طريقا من كل رحمة و أجزل لي قسم المواهب من نوالك و وفر علي حظوظ الاحسان من افضالك و اجعل قلبي واثقاً بما عندك وهمي مستفرغا لما هو لك و استعملني بما تستعمل به خالصتك و شرب قلبي عند ذهول العقول طاعتك و اجمع لي الغنى و العفاف و الدعة و المعافاة و الصحة و السعة و الطمأنينة و العافية و لا تحبط حسناتي بما يشوبها من معصيتك و لا خلواتي بما يعرض لي من نزعات فتنتك و صن وجهي عن الطلب إلى أحدٍ من العالمين و ديني عن التماس ما عند الفاسقين و لا تجعلني للظالمين ظهيراً و لا لهم على محو كتابك يداً و نصيراً و حطني من حيث لا أعلم حياطة تقيني بها و افتح لي ابواب توبتك و رحمتك و رأفتك و رزقك الواسع إني إليك من الراغبين و أتمم لي نعمائك إنك خير المنعمين و اجعل باقي عمري في الحج و العمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و السلام عليه و عليهم أبد الآبدين.

الفصل الثالث أحكام الوقوف بالمشعر الحرام في الوقوف بالمشعر الحرام
اشارة

و يسمى جمع و المزدلفة أيضا وحده ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر و فيه مطالب أربعة:-

المطلب الأول في مقدماته:

-

إذا زالت الحمرة المشرقية من يوم عرفة افاض إلى المشعر الحرام بسكينة و وقار مشتغلا بالدعاء و الاستغفار مقتصدا السير متجنبا و جيف الخيل و ما شابهه فاذا انتهى

ص: 64

إلى الكثيب الاحمر عن يمين الطريق قال اللهم ارحم موقفي و زد في عملي و سلم لي ديني و تقبل مني مناسكي و ليكثر من قول اللهم اعتقني من النار و يؤخر العشاءين إلى أن يصليهما في المشعر الحرام و لو إلى ربع الليل أو ثلثه و يجمع بينهما باذان و اقامتين فيصلي نوافل المغرب بعد العشاء.

المطلب الثاني في واجباته

الواجب فيه أمران النية و الاولى التلفظ بها هنا فيقول أقف بالمشعر الحرام لحج الاسلام حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى و الكون فيه قائماً أو قاعدا و راكباً أو غيرها من طلوع الفجر من يوم العيد إلى طلوع الشمس للمختار و أما المضطر فوقته من طلوع الشمس إلى الزوال و يجوز للمرأة و الخائف و الضعيف و غيرهم من ذوي الاعذار إذا وقفوا فيه ليلًا بنية الافاضة قبل الفجر بل قبل نصف الليل و يجزيهم ذلك فللوقوف بالمشعر وقت اختياري و وقتان اضطراريان و من وقف من غير ذوي الاعذار فيه ليلا ناوياً و أفاض قبل الفجر أو قبل نصف الليل لزمه الرجوع فإن رجع و بقى فيه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فلا شي ء عليه و إلا فإن كان عامداً عالماً بالتحريم أثم و كفر بشاة و صح حجه و إن كن ناسياً أو جاهلًا فإن تذكر أو علم حيث يمكنه الرجوع رجع فإن لم يرجع فكالعامد و إلا فلا اثم و لا كفارة و صح حجه.

المطلب الثالث في أحكامه
اشارة

و فيه مسائل:-

المسألة الأولى: الوقوف بالمشعر ركن يبطل الحج بتركه عمداً

و إن أدرك اختياري عرفة لكن الركن منه المسمى ما بين غروب ليلة العيد إلى طلوع الشمس فلو وقف فيه آناً ما من تلك المدة ناوياً صح حجه و لو ترك ذلك رأساً عامداً بطل و إن وقف فيه من بعد طلوع الشمس إلى الزوال أما الوقوف فيه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فهو واجب ليس بركن بل الظاهر عدم وجوب الاستيعاب فيكفي الوقوف فيه في تلك المدة آناً ما و إن كان الاستيعاب أحوط بل الأحوط المبيت فيه أيضا و إن كان الأقوى عدم الوجوب.

ص: 65

المسألة الثانية: من وقف آناً ما من تلك المدة ناويا ثمّ عرض له الجنون أو الاغماء أو نحو ذلك من الاعذار

التي لا تكليف معها صح بخلاف ما لو استوعب فيبطل.

المسألة الثالثة: [وقت الوقوف بالمشعر]

قد عرفت ان الوقوف بعرفات له وقت اختياري من زوال الشمس من يوم عرفة إلى غروبها و وقت اضطراري من غروبها ليلة العيد إلى الفجر و الوقوف بالمشعر له وقت اختياري من طلوع الفجر من يوم العيد إلى طلوع الشمس و وقتان اضطراريان أحدهما من غروب ليلة العيد إلى طلوع الفجر و الثاني من طلوع الشمس من يوم العيد إلى الزوال و الصور بالنسبة إلى ادراك الوقوفين أو أحدهما في الوقت الاختياري و الاضطراري أو الاختلاف أو عدم ادراك شي ء منهما اثنى عشر الأولى ما إذا لم يدرك شيئا منهما لا اختياريهما و لا اضطراريهما و هذه يبطل فيها الحج اجماعا و لو كان الفوات للاضطرار الثانية أن يدركهما معا في وقتهما الاختياري و هذه يصح فيها الحج اجماعا ثمّ يبقى بعد هاتين الصورتين عشر صور خمسة مفردة و خمسة مركبة أما المفردة فأحدها ادراك اختياري المشعر وحده بأن وقف فيه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس دون عرفة اختيارية أو اضطرارية و هذه تصح مع الاضطرار و تبطل مع الاختيار اجماعا ثانيها ادراك اضطراري المشعر الليلي خاصة دون عرفة اختيارية و اضطرارية بأن وقف في المشعر ليلًا و أفاض قبل الفجر عامداً و هذه إن كان فوات عرفة فيها عن اختيار فلا ريب في البطلان و إلا فهي محل خلاف و قد مال في الجواهر إلى الفساد و جزم به في نجاة العباد و لكن الأقوى الصحة لدخوله تحت اطلاق الأخبار الدالة على الصحة عند فوات عرفات و ادراك المشعر و إن كان الأحوط في الواجب القضاء ثالثها ادراك اضطراري المشعر النهاري خاصة بأن وقف فيه بعد طلوع الشمس دون عرفة اختيارية و اضطرارية و هذه ان كان فوات عرفة و اختياري المشعر عن اختيار فلا ريب في البطلان و إلا فهي محل خلاف أيضا و قد ورد فيها طائفتان من الأخبار فطائفة تصحح الحج فيها و طائفة تفسده و الأقوى فيها الصحة أيضا ترجيحا للطائفة المصححة و إن كان الاحتياط بالقضاء من قابل في الواجب لا

ص: 66

ينبغي تركه رابعها ادراك اختياري عرفة وحده دون المشعر اختيارية و اضطرارية و هذه محل خلاف أيضا فإن العلامة في المنتهى استقرب الفساد لكن المشهور و هو الصحة و هو الأقوى إذا كان فوات المشعر عن اضطرار و إلا فلا ريب في البطلان خامسها ادراك اضطراري عرفة وحده دون المشعر اختيارية و اضطرارية و هذه يبطل فيها الحج اجماعا و لو كان الفوات فيما فات للاضطرار و أما المركبة فأحدها إدراك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر الليلي ثانيها ادراك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر النهاري ثالثها ادراك اضطراري عرفة مع اضطراري المشعر الليلي رابعها ادراك اضطراري عرفة مع اضطراري المشعر النهاري خامسها ادراك اختياري المشعر مع اضطراري عرفة و الأقوى الصحة في الجميع إذا لم يكن ترك الاختياري عن اختيار و إلا فلا ريب في البطلان فيما عدا الصورة الأولى و أما هي فالاقوى الصحة فيها مطلقاً و لو ترك اختياري المشعر اختياراً و كذا الصورة الثالثة بالنسبة إلى اختياري المشعر و قد تبين مما ذكر أمران أحدهما إن فساد الحج مطلقاً حتى مع الاضطرار لا يتحقق على المختار إلا في صورتين من هذه الاثنتي عشرة أحدهما عند عدم ادراك شي ء من الوقوفين لا اختياريّهما و الثانية عند عدم ادراك شي ء منها منهما الاضطراري عرفة الثاني ان الواجبات في الحج على اقسام ثلاثة أحدها ما لا يترتب بالاخلال به و لو عمدا الا الإثم ثمّ مع الكفارة أو بدونها و هذا في بادئ الرأي يخرج عن كونه جزءً و يكون نظير الواجب الاستقلالي في الحج و ان كان بالنظر الدقيق يمكن توجيه جزئيته نظير ما ذكرناه فيما عدا الخمس من اجزاء الصلاة و شرائطها بناء على عموم حديث لا تعاد الصلاة الا من خمس حتى للاخلال العمدي ثانيها ما يبطل الحج بالاخلال به عمدا لا سهوا و هذا نظير سائر اجزاء الصلاة الواجبة مما عدا الاركان ثالثها ما يبطل الحج بالاخلال به مطلقا عمدا أو سهوا اختيارا أو اضطرارا و هذا لا يتحقق الا بفوات الوقوفين مطلقا و ما بحكمه من عدم ادراك شي ء إلّا اضطراري عرفة على المختار أو اضطراري المشعر النهاري خاصة أو الليلي خاصة أو اختياري عرفة خاصة أيضا عند من قال بالبطلان بذلك على خلاف المختار الرابعة من فاته الحج سقطت عنه افعاله و يستحب له الاقامة

ص: 67

بمنى إلى انقضاء أيام التشريق ثمّ يتحلل بعمرة مفردة ثمّ يقضي الحج من قابل ان كان واجباً.

المطلب الرابع في مندوباته

يستحب ان يصبح على طهر فيصلي الغداة ثمّ ليقف قريبا من الجبل في سفحه أو في بطن الوادي في الجانب الايمن من الطريق لمن استقبل مكة متوجها إلى القبلة و ليحمد الله و ليكبره و ليثني عليه و ليذكر من آلائه و بلائه ما يقدر عليه و ليشهد الشهادتين و ليصل على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و ليذكر الائمة واحداً بعد واحد و ليدع لهم و يبرأ من عدوهم بل الأحوط عدم ترك الذكر و الصلاة على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و ليقل اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار و اوسع علي من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الانس اللهم انت خير مطلوب إليه و خير مدعو و خير مسئول و لكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني و موقفي هذا ان تقيلني عثرتي و تقبل معذرتي و تتجاوز عن خطيئتي ثمّ اجعل التقوى من الدنيا زادي برحمتك يا ارحم الراحمين و تقبلني مفلحاً منجحاً مستجاباً لي بافضل ما يرجع به أحد من وفدك و زوار بيتك الحرام ثمّ ليدع الله تعالى كثيرا لنفسه و لوالديه و ولده و اهله و ماله و المؤمنين و المؤمنات ثمّ ليكبر الله سبحانه مائة مرة و يحمده و يسبحه و يهلله كذلك و يصل على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و يقول اللهم اهدني من الضلالة و انقذني من الجهالة و اجمع لي خير الدنيا و الآخرة و خذ بناصيتي إلى هداك و انقلني إلى رضاك فقد ترى مقامي بهذا المشعر الذي انخفض لك فرفعته و ذل لك فاكرمته و جعلته علما للناس فبلغني فيه مناي و نيل رجاي اللهم اني اسألك بحق المشعر الحرام ان تحرم شعري و بشري على النار و ان ترزقني حياة في طاعتك و بصيرة في دينك و عملا بفرائضك و اتباعاً لأوامرك و خير الدارين و ان تحفظني في نفسي و والدي و ولدي و اهلي و اخواني و جيراني برحمتك و اجتهد في الدعاء و المسألة و التضرع إلى الله سبحانه و الابتهال حتى تطلع الشمس كما انه ينبغي الاجتهاد في الدعاء كذلك ليلة ذلك اليوم بل ينبغي احياؤها بالعبادة و الدعاء فان ابواب السماء في هذه الليلة مفتوحة و تصعد فيها اصوات المؤمنين إلى الله جل جلاله فيقول انا إلهكم و انتم عبادي اديتم

ص: 68

حقي و حق على ان استجيب لكم و ليقل فيها اللهم هذه جمع اللهم اني اسألك ان تجمع لي فيها جوامع الخير اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك ان تجمعه لي في قلبي و اطلب إليك ان تعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي هذا و ان تقيني جوامع الشر و يستحب وطء قزح برجله سيما الصرورة في حجة الاسلام بل الأحوط ذلك و يستحب الصعود عليه و ذكر الله تعالى شأنه و الدعاء فيه و يستحب لمن عدا الامام الافاضة قبل طلوع الشمس و لكن لا يجوز وادي محسر بل لا يدخل فيه قبل ذلك على الأحوط و احوط منه عدم الافاضة قبل الطلوع بل لو فعل جبر بشاة و ان كان الأقوى جواز القطع فضلا عن الدخول فيه اما الامام فيستحب له التأخير حتى تطلع الشمس مؤكدا و اذا طلعت الشمس على جبل ثبير اعترف الناسك بذنوبه سبع مرات و يستغفر الله سبع مرات و اذا ارتحل ذكر الله و استغفر و مشى بسكينة و وقار و يستحب السعي في وادي محسر مهرولا إذا كان ماشيا و اذا كان راكبا فليسرع في دابته و لا اقل من مائة ذراع و دون ذلك مائة خطوة و ليقل فيه اللهم سلم عهدي و اقبل توبتي واجب دعوتي و اخلفني فيما تركت بعدي ربي اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم انك انت الاعز الاجل الاكرم بل لو ترك السعي فيه أو الهرولة جهلا أو عمدا أو سهوا حتى دخل مكة استحب الرجوع للسعي و الهرولة فيه و يستحب لمن ورد المشعر التقاط الحصى منه لرمي الحجار و هي سبعون حصاة و لو زاد استظهارا كان اولى و يجب ان تكون ابكاراً لم يرم بها الجمار لا منه و لا من غيره و ان لا تخرج عن مسمى الحصا فان خرج عن مسماه لصغر أو كبر أو استحالة أو غير ذلك لم يجز كما لا يجزى ما كان من غير الحرم بل يجب ان يكون منه مخيرا في جهاته عدا المساجد منه سيما الحرام و الخيف و الافضل اخذها من المشعر و دونه منى و يستحب ان تكون طاهرة رخوة ملتقطة منقطة كحلية مثل رأس الانملة لا مكسرة و لا صماء و لا سوداء و لا بيضاء و لا حمراء بل برشاء أي مختلفة الالوان.

ص: 69

الفصل الرابع في مناسك منى يوم العيد
اشارة

و هي ثلاثة:-

أولها رمي جمرة العقبة.

بما يسمى رميا فلو وضعها على الجمرة وضعاً لم يجز و وقته من طلوع الشمس من يوم العيد إلى غروبها فان نسى فإلى الثالث عشر فان نسى اتى به في القابل بنفسه أو نائبه و في الواجب و المندوب اما الواجب فامور الأول النية و الاولى التلفظ بها هنا فيقول ارمي جمرة العقبة يوم النحر سبعاً لحج الاسلام اداء لوجوبه قربة إلى الله تعالى الثاني العدد و هو سبع حصيات الثالث اصابة الجمرة أو موضعها بكل من السبع بنفس الرمي فلا يجزي مطلق الوصول أو الوقوع و ان تممه بحركة غيره من انسان أو حيوان أو

غيرهما نعم الظاهر الاجزاء فيما لو وقعت على شي ء فانحدرت على الجمرة أو مرت على سننها حتى اصابت الجمرة بل و كذا لو اصابت شيئا صلباً فطفرت و اصابت الجمرة و لو شك في الاصابة بنى على عدمها الرابع التعاقب في الرمي و ان اجتمعت في الاصابة دون الاتحاد في الرمي و ان تعاقبت في الاصابة و أما المندوب فطهارة الرامي و الغسل للرمي و التباعد عن الجمرة بعشرة اذرع إلى خمسة عشر و استقبال الجمرة في حال الرمي مع استدبار القبلة و في غير جمرة العقبة يستحب ان يكون مستقبلا لهما و ان يكون راجلا لا راكباً بل يستحب المشي إلى مرمى الجمار و ان يكون الرمي خذفاً بان توضع الحصاة على الابهام و تدفع بظفر السبابة و الدعاء بالمأثور بان يقول و الحصا في يده و الاولى ان تكون اليسرى اللهم ان هذه حصاتي فاحصهن لي و ارفعهن في عملي و عند رمي كل حصاة يقول الله اكبر اللهم ادحر عني الشيطان اللهم تصديقا بكتابك و على سنة نبيك صلّى الله عليه و آله و سلّم اللهم اجعله حجّاً مبروراً و عملا مقبولا و سعياً مشكوراً و ذنباً مغفوراً فاذا اكمل الرمي و رجع إلى منزله بمني قال اللهم بك وثقت و عليك توكلت فنعم الرب و نعم المولى و نعم النصير.

ص: 70

ثانيها: الذبح أو النحر
اشارة

و الكلام في هدى التمتع و هدى القِران و ما يلحق به من النذر و الكفارة و الاضحية و ما يلحقها من العقيقة

فهنا مطالب:
اشارة

-

المطلب الأول في هدي التمتع
اشارة

و فيه أمور:-

الأول: فيمن يجب عليه إنما يجب الهدى بالاصالة على المتمتع خاصة مفترضا و متنفلا

و لو كان مكيا و لا يجب على غيره فانه في القران و إن كان لازما و هو الفارق بينه و بين الافراد إلا انه إنما وجب بسياق و عقد احرامه به لا من حيث كونه منسكا من مناسك حجه كما في التمتع و لو تمتع المملوك بإذن مولاه كان كمولاه بالخيار بين أن يهدي عنه و أن يأمره بالصوم و لو أدرك المملوك المتمتع أحد الموقفين معتقا لزمه الهدى فإن تعذر فالصوم و لا يجزي الواحد في الواجب عن واحد و لو في حال الضرورة و القول بأنه عند الضرورة يجزي الواحد عن الخمسة و السبعة بل و السبعين إذا كانوا أهل خوان واحد ضعيف نعم يجزي في الهدى المندوب كالاضحية و المتبرع به في السياق إذ لم يتعين بالاشعار و التقليد و المبعوث من الآفاق فيجزي الواحد عن المتعدد و لو في حال الاختيار و لا يجب لتحصيله بيع ثياب التجمل و لا التكسب اللائق به و لو فعل أجزأ و المدار على القدرة في موضعه لا بلده إلا إذا تمكن من بيع ما في بلده مما لا يتضرر به أو من الاستدانة عليه و لو ضل الهدي فالاولى لمن وجده تعريفه ثلاثة أيام أولها يوم النحر فإن لم يجد صاحبه ذبحه عنه بمنى و يتصدق و يهدي و يسقط وجوب الاكل منه أو استحبابه فإذا علم صاحبه بعد ذلك بذلك اجتزأ به و لو مات من وجب عليه الهدي قبل ادائه أخرج من أصل تركته و من ضل هديه يجب عليه شراء آخر و لو وجده بعد شراء بدله فالاولى ذبحه لا البدل و لو وجده بعد ذبح البدل لم يجب عليه ذبحه.

الثاني: في واجبات الذبح

و يجب فيه أمور الأول النية و يجوز ان يتولاها عنه الذابح فينوب عنه في الذبح و النية و لو كان المنوب عنه حاضراً و يكفي تعيين المنوب عنه و لو اجمالا بأن ينوي ذبح ذلك الهدي عن صاحبه و الأولى التلفظ بها هنا فيقول اذبح

ص: 71

هذا الهدي لحج الاسلام حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى و اذا كان الذابح نائبا يضم إلى ذلك نيابة عن فلان و يذكر اسمه الثاني أن يكون الذبح في منى في الهدي الواجب الثالث أن يكون الذبح يوم العيد و يجوز تأخيره إلى آخر أيام التشريق بل يجزي من ذي العذر كالناسي و نحوه إلى تمام ذي الحجة و إلا أخره إلى السنة الأخرى بل لو أخره عمداً إلى آخر ذي الحجة أجزأه و إن أثم الرابع الترتيب فيجب تأخيره عن الرمي و تقديمه على الحلق فلو خالف أثم و إن أجزأه.

الثالث: في مندوبات الذبح و النحر

يستحب الدعاء بالمأثور بعد استقبال القبلة بأن يقول وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلم و ما أنا من المشركين ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين اللهم منك و لك بسم الله و بالله و الله أكبر اللهم تقبل مني كما تقبلت من ابراهيم خليلك و موسى نبيك و محمد حبيبك صلّى الله عليه و آله و سلّم و أن يتولى الناسك الذبح إذا أحسن و إلا فليضع يده مع يد الذابح و إلا فليشهد الذبح و أن تنحر الابل قائمة قد ربطت يداها سيما اليسرى بين الخف و الركبة و يطعنها من الجانب الايمن.

الرابع: في صفات الهدي

و الواجب فيه ثلاثة أولها الجنس فيجب أن يكون من الانعام الثلاثة الابل و البقر و الغنم فلا يجزي غيرها حتى الضباء و نحوه ثانيها السن فلا يجزي في الابل إلا ما دخل في السادسة و لا في البقر و المعز إلا ما دخل في الثالثة و هو الثني في كل منهما أما الضأن فيجري فيها الجذع و هو ما دخل في الثانية ثالثها الصحة و التمامية فلا تجزي العوراء و لا العرجاء البين عرجها و لا المريضة و لا الكبيرة التي لا مخ لها و لا المهزولة و هي التي ليس على كليتيها شحم و الاحوط مع ذلك أن لا تعد في العرف مهزولة فلا يكفي وجود الشحم على كليتيها إذا عدت في العرف مهزولة و لا مكسورة القرن الداخل أي الأبيض الذي في وسط الخارج و لا مقطوعة الاذن تماما أو بعضا و لا الخصي سواء كان مجبوب الخصيتين أو مسلولهما من دون فرق بين الاختيار و الاضطرار و الانحصار و عدمه نعم لا بأس بمشقوقة الاذن و مثقوبتها إذا لم ينقص شي ء و مكسورة القرن الخارج و الجماء التي لم يخلق لها قرن و الصمعاء الفاقدة للاذن خلقة

ص: 72

و البتراء الفاقدة للذنب كذلك و الموجوء و هو مرضوض عروق الخصيتين و لو اشتراها و ذبحها على أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأت أما لو اشتراها بزعم أنها مهزولة فبانت سمينة فإن كان قد احتمل سمنها و ذبحها برجاء موافقتها لتكليفه اجزأت و إلا فلا و كذا لو اشتراها بزعم أنها ناقصة فذبحها فبانت تامة دون العكس فلا يجزي و المستحب أن يكون سمينا زائداً على ما هو شرط فيه قد عرف به أي أحضره معه في عرفات إناثا من الابل و البقر و ذكرانا من الضأن و المعز و يكره الثور و الجاموس و الموجوء.

الخامس: في مصرفه

ربما يقال بوجوب الاكل منه بل و وجوب تقسيمه عليه و على الصدقة و الهدية و هو و إن كان أحوط و لكن الأقوى خلافه فتجوز الصدقة به كله و اهدائه كذلك نعم الافضل أن يأكل هو و أهل بيته ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدق بثلثه و يعتبر الفقر في مصرف الصدقة دون الهدية أما الايمان فالاحوط اعتباره فيهما و لو أخل بثلث الصدقة و الهدية ضمنه و كذا لو أتلف الهدي بعد الذبح و دفعه إلى غير مؤمن نعم لو نهبه غير المؤمن و أخذه قهراً فلا ضمان عليه و لا يجوز أن يخرج شيئاً من الهدي الذي ذبحه عن منى حتى الجلد بل السنام أيضا على الأحوط نعم لو لم يكن فيها من يصرف عليه أو اشتراه من الفقير بعد أن ملكه جاز.

السابع: في بدله

من فقد الهدى و وجد ثمنه خلفه عند من يشتريه و يذبحه طول ذي الحجة و إلا ففي العام القابل في ذي الحجة و لو فقدهما صام ثلاثة أيام متوالية في الحج و لا يعتبر في صحتها أن ينوي الاقامة و لا أن يصومها بمكة المعظمة بل تصح مطلقاً و لا يخل بالتوالي فصل العيد و أيام التشريق إذا ابتدأ بيوم التروية فيصوم الثالث بعد أيام التشريق إذا كان بمنى و إلا فيوم النفر إذا لم يتفق ذلك فلا يصوم الثامن بل ينتظر إلى ما بعد المراجعة من منى و الاحوط في هذه الصورة أن يصوم ثلاثة أيام بعد المراجعة من منى أولها يوم النفر مع مراعاة التوالي و قصد أداء التكليف الواقعي في ثلاثة أيام في ضمن خمسة و يجوز تقديمها من أول ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة و لو بعمرتها كما يجوز تأخيرها طول ذي الحجة و لا يجوز قبله و لا بعده فلو خرج قبل صومه تعين الهدي في القابل بمنى و لو مات قبل أن يبعث به قضى من صلب ماله و سبعة إذا رجع إلى أهله

ص: 73

و لا يشترط فيها التوالي و لو أقام بمكة انتظر أقل الامرين من وصوله إلى أهله أو مضى شهر و لو رجع إلى أهله قبل خروج ذي الحجة و لم يصم الثلاثة صام العشرة جميعا عند أهله و لو مات و لم يصم صام وليه عنه و لو صام الثلاثة ثمّ وجد الهدي لم يجب و إن كان أفضل بخلاف ما لو وجده قبلها.

المطلب الثاني في هدى القِران
اشارة

و فيه أمور:-

الأول: لا يتعين الهدى من القارن للنحر أو الذبح إلا بعد عقد الاجزاء به

فمتى أشعره أو قلده عاقداً به الاحرام أو مؤكداً به التلبية العاقدة فلا يجوز له ابداله و لا التصرف فيه بما ينافي ذلك أما قبل ذلك فيجوز و إن اشتراه واعده و ساقه لذلك أما التصرفات غير منافية لذلك كركوبه و شرب لبنه إذا لم تضربه و بولده فتجوز مطلقاً حتى لو اشعره أو قلده فإنه و إن تعين بذلك للذبح أو النحر لكنه لم يخرج عن ملكه.

الثاني: نتاج الهدى إن حصل بعد تعين الهدى للذبح كان حكمه حكمه

و وجب ذبحه و إن كان موجوداً قبل ذلك لم يجب ذبحه إلا إذا عقد به الاحرام مع اصله اما صوف الهدى و شعره فهو تابع له سواءً كان موجوداً حين الاشعار أو تجدد بعد ذلك فلا يجوز ازالته إلا مع الاضرار به فيتصدق به على مساكين الحرم.

الثالث: لا يضمن هدى القران و لو بعد تعينه إلا بالتفريط

فلو مات أو ضاع أو سرق بغير تفريط لم يجب اقامته بدله أما مع التفريط فيجب بعد تعينه بعقد الاحرام به و لو عجز عن الوصول إلى محله لكسر أو غيره بعد تعينه تخير صاحبه بين ذبحه و صرفه على مستحقه إن أمكن و إلا علم عليه بما يدل على تذكيته من كتابة أو تلطيخ نعل أو نحوهما و بين بيعه و التصدق بثمنه و لو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه في محله أجزأ عنه بعد ذلك.

الرابع: يجب ذبحه أو نحره بمنى ان قرنه بالحج و بمكة ان قرنه بالعمرة

و مصرفه كمصرف هدى التمتع حتى في أفضليته التثليث و الاحتياط بالاكل منه.

ص: 74

المطلب الثالث في النذر و الكفارة و ما يلحق بهما
اشارة

و فيه مسائل:-

المسألة الأولى: ما ذكر في هدى القران إنما هو مع عدم النذر

أما لو نذره فإن عينه بالنذر تعين و إن لم يشعره أو يقلده و لا يضمن بدون تفريط فلو تلف كذلك يعني من دون تفريط لم يجب ابداله و إن أطلق فإن نذر أن يسوقه حسب حصل الوفاء بمجرد سوقه فلو تلف بعد السوق من غير تفريط فلا ضمان أيضا و إن نذر الذبح أو النحر و عين الفرد للوفاء وجب الابدال مع التلف و لو من دون تفريط و هكذا الفداء و الكفارة مضمونان مطلقا.

المسألة الثانية: كل هدى مضمون فالاحوط عدم الانتفاع بشي ء منه

و لو بمثل الركوب فلو فعل ضمن المثل أو القيمة لمساكين الحرم.

المسألة الثالثة: قد سبق ان ما يلزم المحرم من الفداء و الكفارة يذبحه أو ينحره بمنى إن كان حاجا و بمكة إن كان معتمراً

أما ما يجب بالنذر إن عين في نذره مكانا لذبحه أو نحره تعين و إن اطلق فمكة إذا نذر أن ينحر بدنة أو هدياً مما هو ظاهر في إرادتها و أما إذا نذر مطلق الذبح أو النحر ففي أي مكان شاء.

المسألة الرابعة: هدى الكفارة و الفداء و النذر صدقة

مصرفه الفقراء فلا يجوز له الاكل منه و لو أكل ضمن و لا يجوز اعطاء الجزارين منها شيئاً أجرة حتى الجلود و يجوز صدقة.

المطلب الرابع في الاضحية
اشارة

بضم الهمزة و تشديد الياء

ما يذبح في عيد الاضحى و لعل وجه تسميتها بذلك ذبحها في الضحى غالباً وسمي العيد بها و فيها مباحث:-

الأول: في حكمها و فضلها

و هي مستحبة استحباباً مؤكداً بحيث صح التعبير عنه في الأخبار بالوجوب فقد قال الباقر عليه السلام الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير و قال الصادق عليه السلام في جواب السؤال عنها هي واجبة على كل مسلم إلا من لم يجد و هي التي يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها و من الدين الذي يقضى

ص: 75

فمن لم يجد فليستقرض و قال عليه السلام لو علم الناس ما في الاضحية لاستدانوا و ضحوا و قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم استفرهوا ضحاياكم فانها مطاياكم على الصراط أي استحسنوها يقال جارية فرهاء حُسناً.

الثاني: يصح التبرع بها عن الحي و الميت

و الذكر و الانثى و البائع و غيره بل هي مشروعة في حق غير البالغ بمعنى فعل الولي لها عنه و لو من ماله و لا تصح عن الحمل و يصح الاتيان بها واحدة عن متعدد و متعددة عن واحد و لو في سنة واحدة و يجوز اشتراك جماعة فيها و إن لم يكونوا أهل بيت واحد و قد أهدى النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم هدياً و أشرك علياً عليه السلام فيه و قد ورد أجزاء الشاة الواحدة عن سبعة بل سبعين و يستحب تكريرها كل سنة و يجزي الهدى الواجب عنها و الجمع أفضل و من لم يجدها تصدق بثمنها فإن اختلفت جمع الأعلى و الأوسط و الأدون و تصدق بثلث الجميع بمنى و وقتها أربعة أيام أولها العيد و في غيرها ثلاثة كذلك أي أولها العيد و أفضلها العيد بعد طلوع الشمس إلى مضى مقدار صلاته و يجزي ذبحها في الليالي المتوسطة على كراهة.

الثالث: الاضحية لا تتعين لذلك إلا بالنذر و شبهه على عينها

و لا يتبعها الولد إلا إذا تجدد الحمل به بعد النذر فلو اشترى شاة بنية أنها أضحية ملكها بالشراء و لم تتعين لذلك بمجرد النية فيجوز له تبديلها و بيعها و اتلافها و لا يجب البدل و كذا لو كانت في ملكه فقال جعلت هذه اضحية لا يزول ملكه عنها و لا ينقطع تصرفه فيها فلو باعه صح و كذا سائر التصرفات و هكذا لو نذر الاضحية من دون تعيين ثمّ عين شاةً للوفاء بنذره فإنه يجري عليها جميع ما ذكر سوى أنه لو اتلفها وجب البدل و لو نذر عينها فتلفت أو ضلت بغير تفريط لم يضمن و لو ذبحها غيره أجزأ عنه أم لو أتلفها أو تلفت بتفريطه ضمن للفقراء قيمتها.

الرابع: شرائط الهدى من الجنس و السمن و الصحة و التمامية تشترط في الاضحية

فلا تصح في غير الانعام الثلاثة و لا يجزي غير الثني و الجذع و لا تجزي ذات عوار و نحوه على نحو ما سبق في الهدى و تكره بما يربيه و بالثور و الموجوء و الشرماء و الخرماء من غير نقص و الجمل و الجاموس و تستحب بما يشتريه و بما عرف به و الافضل

ص: 76

الثني من الابل ثمّ الثني من البقر ثمّ الجذع من الضأن و الجذعة ثمّ الثني من المعز و ان تكون من الإبل و البقر إناثها و من الغنم ذكرانها و أن يكون كبشاً أقرن فحلًا أملح سميناً.

الخامس: الأضحية كالهدى ثلث له و لأهل بيته و ثلث للصدقة و ثلث للهدية

و يستحب الأكل منها تأسياً بالنبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و لا يجوز استيعابها أكلا فلو فعل ضمن للفقراء نصيبهم وجوباً أو استحبابا بحسب حال الاضحية و يجزي ضمان اليسير و الثلث أفضل و لا يجوز بيع لحمها و تستحب الصدقة بجلودها و جلالها و قلائدها تأسيا بالنبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و يكره بيعها و اعطاؤها الجزار اجرة لا صدقة و يكره إطعام المشركين منها و يجوز ادخار لحمها بعد ثلاث و كان محرما فنسخ و يكره أن يخرج بشي ء منها عن منى و لو أهدى له أو تصدق به عليه أو اشتراه من الفقير و لو من أضحية فلا بأس.

السادس: لا تجب بالاصالة إلا على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم

فإنها من خصائصه و تجب بالعرض بنذر و شبهه.

السابع: لو نذر الاضحية فصارت واجبة

لم يسقط استحباب الاكل منها.

الثامن: إذا نذر اضحية معينة زال ملكه عنها

فلا ينفذ التصرف فيه ببيع أو هبة و لا ابدالها بمثلها أو بخير منها.

التاسع: إذا نذر الاضحية فلم يفعله حتى انقضت ايامها

فإن لم يكن عينها في تلك السنة فعلها فيما بعد في أيامها سواء عينها في عين خاصة أم لا و إن عينها في تلك السنة ذبحها بعد ذلك و لو في غير أيامها إن كان عينها في عين خاصة بل و لو لم يعينها على الأحوط.

العاشر: يستحب عند الذبح الدعاء بالمأثور

فيقول وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين إن صلاتي و صومي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين اللهم تقبل مني بسم الله لا اله إلا هو و الله أكبر و صلى الله على محمد و أهل بيته الطاهرين.

ص: 77

الفصل الخامس

في العقيقة
اشارة

و قد ذكرناها هنا استطرادا لمناسبتها للاضحية و العقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود واصل العق الشق و لعل تسميتها بذلك لشق حلقومها و النظر فيها في أمور:-

الأول: في حكمها

هي كالاضحية مستحبة استحبابا مؤكدا بحيث صح التعبير عنه في بعض الأخبار بالوجوب بل في بعضها إنها أوجب من الاضحية و إن كل امرئ مرتهن بعقيقته فكأنه مديون بها و هو رهن عليه فلا ينتفع به قبل ادائها كما لا ينتفع بالرهن قبل فكه و قد عق أبو طالب عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم السابع وعق هو صلّى الله عليه و آله و سلّم عن نفسه بعد أن جاءته النبوة وعق عن الحسن و الحسين عليهما السلام كبشين و عقت فاطمة عليها السلام عنهما وعق العسكري عليه السلام عن صاحب الأمر أرواحنا له الفداء بثلاثمائة كبش أو ثلاثمائة شاة.

الثاني: أصل تشريع العقيقة للمولود يوم السابع من ولادته

ذكراً أو انثى و لو ولد له توأمان فلهما عقيقتان و الخطاب بها و إن كان للاب اصالة لكن لو عق غيره كفى و لا يسقط ندبها بعد السبع لو لم تفعل فيه بل هي مستحبة ما دام العمر فلو لم يعق عنه أو شك في ذلك عق عن نفسه و إن صار شيخاً كبيراً بل كما تستحب عن الحي تستحب عن الميت فلو لم يعق عنه في حياته عق عنه بعد مماته و إن كان الافضل التعجيل بها في حال الحياة فما تداول بين الاعراب من تاخيرها إلى الموت لا وجه له و يشترط في الاستحباب بقاء المولود حيا إلى زوال اليوم السابع فلو مات قبله سقط استحبابه و لو مات بعده لم يسقط و لا يجزي التصدّق بثمنها عنها حتى مع عدم وجودها فلو لم يجدها انتظره كما انه لو لم يجد ثمنها سقطت عنه حتى يجد و يستحب تعددها دفعة أو تدريجا مع الفصل في الزمان و عدمه طال الزمان أو قصر فمن عق عنه ابوه أو غيره استحبّ له أن يعق عن نفسه أيضا.

الثالث: يشترط فيها أن تكون من الانعام الثلاث الابل و البقر و الغنم

فلا تجزي من غيرها و أما عدا ذلك مما يشترط في الاضحية كالسن و السلامة من العيوب فليس بشرط فيها و إن استحب فقد قال الصادق عليه السلام إنما هي شاة لحم ليست بمنزلة الاضحية

ص: 78

و يجزي فيها كل شي ء و قال أيضا العقيقة ليست بمنزلة الهدى خيرها اسمها فيجزي فيه الحمل و هو ولد الضأن في السنة الأولى و لو كان لستة أشهر و تجزي ذات العوار و العرجاء فصلا عن غيرهما و تجزي الانثى عن الذكر و الانثى كما يجزي الذكر عنهما و افضله اسمها.

الرابع: يستحب عند الذبح الدعاء بالمأثور

و ذكر اسم من يعق عنه و اسم ابيه و يكفي في ذلك أن يقول وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين اللهم منك و لك بسم الله و بالله و الله أكبر اللهم تقبل مني اللهم هذا عن فلان بن فلان و اذا ذبحها للمولود في اليوم السابع استحب تأخير الذبح عن الحلق و يستحب أن تفصل أعضاؤه من دون كسر لعظامها بل يكره الكسر و أما ما اشتهر عند العوام من استحباب لف العظام في خرقة بيضاء و دفنها فلا أصل له كما أنه لا يجوز لطخ رأس الصبي بدم العقيقة و في بعض الأخبار انه شرك.

الخامس: العقيقة ليست كالاضحية في استحباب أكل صاحبها منها و تثليثها

بل العقيقة كلها للصدقة بل يكره للوالدين أن يأكلا منها شيئا و كذا من هو من عيالهما حتى القابلة إذا كانت منه و تتأكد الكراهة في الام بل روي أنها إذا أكلت منه فلا ترضع الولد نعم يستحب أن تعطى القابلة إذا لم تكن من العيال شيئا منها ثلثا أو ربعا أو الرجل أو هي مع الورك حتى إذا كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين اعطيت قيمة الربع و مع عدم القابلة تعطى حصتها للام تتصدق بها على من شاءت من الفقراء و الاغنياء و لا تعطى العقيقة إلا لأهل الولاية و يجوز تفريقها لحما و الافضل أن يدعوهم عليها و أقل من يدعوه عشرة و لا يعتبر فيهم الفقر فيأكلون و يدعون لصاحبها و ينبغي ملاحظة الجيران فيها سواء قسمها لحماً أو أولم عليها.

الثالث من مناسك منى الحلق
اشارة

و هو للرجال مخيرين بينه و بين التقصير و الحلق افضل و يتأكد للضرورة و من لبد شعر رأسه بالصمغ و العسل و نحوهما لدفع القمل و كذا من عقص شعر رأسه و عقده

ص: 79

بعد جمعه و لفظه و من لا شعر على رأسه يتعين عليه التقصير لكن الأحوط أن يمر الموسى على رأسه أما النساء فلا حلق عليهن بل لا يجوز و لا يجزي لهن بل يتعين عليهن التقصير لأخذ شي ء من الشعر أو الظفر و يجزي المسمى و لو بقدر الانملة و فيه الواجب و المندوب

أما واجباته فامور:
الأول: النية

و الاولى التلفظ بها هنا كما في غيره من المناسك فيقول أحلق و أقصر في حج الاسلام حج التمتع قربة إلى الله تعالى.

الثاني: الوقوع في منى يوم العيد

فلو رحل قبل ذلك رجع و اتى به فإن تعذر أتى به حيث كان وجوباً و بعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحبابا.

الثالث: تقديمه على الطواف

فلو طاف قبله أعاد مطلقا و كفر بشاة إن كان عامداً عن علم و اختيار و إلا فلا كفارة عليه.

الرابع: تأخيره عن الذبح

فلو قدمه عليه أثم إن كان عن عمد و اختيار و لا اعادة و إن كان ناسيا أو جاهلا فلا اثم و لا اعادة و أما مندوباته فيستحب استقبال القبلة حاله و الابتداء من الجانب الايمن من مقدم الرأس و التسمية و الدعاء بالمأثور عند الشروع فيه بأن يقول اللهُمّ أعطني بكل شعرة نوراً يوم القيامة و حسنات مضاعفات و كفر عني السيئات إنك على كل شي ء قدير و صلى الله على محمد و آله الطاهرين لكن لا يبعد استحباب هذه الامور للحلق مطلقاً بمنى أم بغيرها ناسكا أم لا نعم يختص الناسك بمنى باستحباب دفن شعره فيها بل في فسطاطه و اذا حلق أو قصر أحل مما عدا الطيب و النساء و الصيد فاذا طاف طواف الديار و صلى ركعتيه و سعى حل له الطيب و اذا طاف طواف النساء و صلى ركعتيه حلت له النساء كما يحل هو لهن و أما الصيد فسبق حرمته ما دام في الحرم و إن أحل لكن لا للاحرام بل للحرم حسب فلا يتضاعف الجزاء و قد علم بذلك إن الحاج المتمتع تحل له محرمات الاحرام في ثلاث مراتب على نحو التدرج المرة الأولى بعد الحلق الثانية بعد السعي الثالثة بعد صلاة طواف النساء و أما المفرد أو القارن فإن كان قدم الطواف و السعي على الوقوفين حل له الطيب أيضا بتحلله بمنى و إلا فليجتنبه حتى يطوف و يسعى و لو قدم طواف النساء حيث يجوز له

ص: 80

ذلك و حللن له أيضاً بذلك التحلل و يكون له حينئذٍ تحلل واحد بمنى عن جميع ما حرم عليه بعقد احرامه و كذا المتمتع لو جاز له تقديم الطوافين على الوقوفين.

الفصل الخامس فيما يجب فعله بمكة بعد أداء مناسك منى و ما يستحب
أما ما يجب ففيه مسائل ثلاث:
اشارة

-

المسألة الأولى: إذا قضى مناسك يوم النحر بمنى

وجب عليه الرجوع إلى مكة لأداء مناسكها اليومية أو لغده على الافضل بل الأحوط بل يكره التأخير عن ذلك حتى لغير المتمتع و إن كانت الكراهة فيه أخف منها في المتمتع لكن الأقوى جواز التأخير طول ذي الحجة حتى للمتمتع فضلًا عن غيره.

المسألة الثانية: المناسك التي يجب اداؤها بمكة ثلاثة

الأول طواف الزيارة و صلاته وصفتهما كماً و كيفاً في الواجبات و المندوبات كما سبق في العمرة سوى أنه ينويهما لحج الاسلام فيقول في نية الطواف اطوف بهذا البيت سبعة اشوط طواف حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى و يقول في نية صلاته اصلى صلاة طواف حج الاسلام حج التمتع لوجوبها قربة إلى الله تعالى الثاني السعي بين الصفا و المروة وصفته كما و كيفاً في الواجبات و المندوبات كما سبق في العمرة سوى أنه ينويه هنا للحج فيقول اسعى من الصفا للمروة سبعة أشواط لحج الاسلام حج التمتع لوجوبه قربةً إلى الله تعالى و قد عرفت انه لا يحل الطيب إلا به الثالث طواف النساء و صلاته و تجب فيهما النية فيقول في الطواف أطوف بهذا البيت سبعة أشواط طواف النساء لوجوبه قربةً إلى الله تعالى و يقول في صلاته صلاة طواف النساء لوجوبها قربة إلى الله تعالى و قد عرفت أنه لا يحللن للمحرم إلا به و لا يتحللن عن إحرامهن إلا به من دون فرق بين أن يكون بالغا و صبياً و لو غير مميز إذا أحرم به وليه و لا بين أن يكون حراً أو رقّاً أحرم بأذن مولاه و لا بين أن يكون عاقلًا أو مجنوناً و لا بين احرامه لحج أو عمرة مطلقاً عدا عمرة التمتع و يطوف الولي بالصبي غير المميز و يستنيب في الصلاة عنه و يطوف المميز و يصلي بنفسه فان لم يفعلا بقي المحرم على حكم احرامه إلى أن يطوف بعد بلوغه أو يستنيب

ص: 81

و وقته هو وقت طواف الزيارة و الأفضل يبادر إليه بعد الفراغ عن السعي و إن كان الأقوى جواز تأخيره إلى أخرى ذي الحجة بل لو أخره عن ذلك أجزأ أيضا و إن أثم بل لو تركه أصلًا و لو عمداً لا يفسد الحج بذلك غاية ما هناك أنه يترتب مضافاً إلى الاثم عدم التحلل عن الاحرام بالنسبة إلى النساء حتى في العقد و الشهادة عليه إلا به فهو ليس من أجزاء الحج و إنما هو واجب مستقل قد اعتبر محلّلا عن الاحرام بالنحو المذكور و لو خرج إلى أهله تاركاً له عمداً أو جهلًا أو نسياناً وجب عليه الرجوع لفعله و لو شق عليه الرجوع بنفسه يستنيب بل لا يبعد جواز الاستنابة و لو لم يشق عليه ذلك و لا ينحل عن احرامه بالنسبة إلى النساء إلا إذا أتى به نائبه و لو مات المحرم قبل الاتيان به يقضي من صلب ماله و لو قدمه على السعي عمدا أعاد و يجزي لو كان عن سهو أو جهل و لو خافت الحيض فقدمت طواف الزيارة على الوقوف قدمت السعي و طواف النساء أيضا و كذا لو كان الفرض الافراد أو القران.

المسألة الثالثة: قد تقدم أنه يجوز للمفرد و القارن أن يقدما الطواف و السعي على الوقوفين اختياراً

أما المتمتع فلا يجوز له ذلك إلا إذا خاف أنه لا يتمكن منهما بعد رجوعه من منى لحيض أو مرض و نحو ذلك مما يوجب تعذر الطواف عليه فيجوز له التقديم حينئذٍ و يجزي مطلقاً و المدار في التعذر أو التعسر على كونه كذلك إلى آخر أيام التشريق لا خصوص يوم النحر و لا مطلقاً و أما المندوب فيستحب لمن يمضي إلى مكة للطواف و السعي يغتسل في منى أو قبل دخوله مكة أو قبل دخوله المسجد ثمّ يتوجه إلى المسجد ذاكراً الله و حامداً له و ممجداً و معظماً له جل شأنه و مصلياً على النبي و آله فاذا وقف على باب المسجد قال اللهم أعني على نسكي و سلمني له و سلمه لي اللهم إني أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي و أن ترجعني بحاجتي اللهم إني عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك جئت أطلب رحمتك و اؤم طاعتك تبعاً لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة الفقير المضطر لأمرك المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك و تجيرني من النار برحمتك ثمّ تأتي الحجر الأسود فتستلمه و تقبله فإن لم يكن أجزأك الايماء إليه ثمّ تكبر و تنوي و تطوف سبعة أشواط بالنهج

ص: 82

المذكور في طواف العمرة و آداب هذا الطواف و صلاته و السعي و طواف النساء كلها كما سبق في طواف العمرة و سعيها.

الفصل السادس فيما يجب عند العود إلى منى في ليالي التشريق
اشارة

اعلم أنه يجب على كل ناسك بعد قضاء مناسكه يوم العيد في مكة الرجوع إلى منى لأداء ما يجب فيها و ما يستحب و بيان ذلك يقع في مسائل:-

المسألة الأولى: يجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر و الثاني عشر من ذي الحجة

على كل ناسك ليس له عذر و أما المبيت ليلة الثالث عشر فإنما يجب على فريقين حسب أحدهما من لم يتق الصيد و النساء في إحرامه و الاحوط عدم الفرق بين الوطء و سائر ما يحرم من النساء حتى العقد و الشهادة عليه في ذلك كما ان الأحوط في الصيد عدم الفرق أيضاً بين الاصطياد و سائر ما يحرم منه حتى الدلالة عليه و نحوها في ذلك الثاني من غربت عليه الشمس من الثاني عشر و هو في منى و إن كان قد تأهب للخروج و كذا لو رحل فغربت الشمس قبل خروجه منها بل و كذا لو خرج ثمّ عاد إليها قبل الغروب لأخذ شي ء نسيه أو لتدارك واجب عليه فيها ثمّ غربت عليه و هو فيها نعم لو خرج منها قبل ذلك ثمّ رجع بعد الغروب لغرض لم يجب عليه المبيت و المدار في غروب الشمس هنا على ذهاب الحمرة و لا يجب المبيت في هذه الليلة الثالثة عشرة على من عدا هؤلاء و إن كان هو الافضل لكل ناسك و يتأكد للضرورة و من ارتكب ما عدا الصيد و النساء من محرمات الاحرام و اقترف كبيرة اخرى و من نفر في الثاني عشر حيث يجوز له ذلك و هو النفر الأول فلا يخرج من منى إلا بعد الزوال و من نفر في الثالث عشر و هو النفر الثاني فيجوز له أن يخرج قبل الزوال.

المسألة الثانية: يجب في المبيت أمران

أحدهما النية و الأولى التلفظ بها فيقول أبيت هذه الليلة بمنى لحج الإسلام لوجوبه قربة إلى الله تعالى و تكفي المقارنة لاول جزء من الغروب و إن كان الأولى تقديمها في جزء من النهار من باب المقدمة و لو أخل بالنية أثم و لا فدية عليه و إن كانت أحوط الثاني الكون بها من أول الليل إلى نصفه فلو خرج

ص: 83

بعد نصف الليل جاز و يدخل شيئا من الطرفين مقدمة نعم تكره الدلجة فيها قبل الصبح كما ان من كان بمكة و شغله نسكه عن الرجوع قبل الغروب جاز و لا اثم عليه و لا كفارة بل يجوز البقاء بمكة مشتغلا بالعبادة إلى الفجر و يجزي عن المبيت بمنى بل لو قيل بأن الواجب أحد الأمرين من النصف الأول أو الاخير من الليل كما هو المستفاد من جملة من الأخبار لم يكن بعيداً لكن في الأول لا بد أن يكون من الغروب إلى نصف الليل و في الثاني يجزي المسمى مما قبل الفجر و على هذا فمن بات في غير منى إلى نصف الليل يجب عليه العود في النصف الآخر.

المسألة الرابعة: من أخل بالمبيت بمنى حيث وجب عليه كفَّر عن كل ليلة بشاة

و إن كان ناسيا أو جاهلًا على الأحوط فمن نفر في النفر الأول حيث لا يجوز له ذلك كفر بشاة أما من لم يجب عليه ذلك و لو لانه بات بمكة مشتغلا بالعبادة أو كان معذوراً لمرض أو تمريض أو حفظ مال بل حتى مثل الرعاة و سقاة الحاج و نحوهم فلا تجب عليه كفارة و كذا من شغله نسكه عن ادراك أول الليل بمنى بل و كذا لو فاته جزء من أول الليل لا في نسكه لكنه ادرك البيتوتة بها قبل الفجر بل و كذا لو خرج عن حدود مكة و نام في طريق منى بعد أن جاوز عقبة المدينين بل و كذا لو مات في غيرها ثمّ رجع إليها قبل أن ينشق الفجر و إن كان الأحوط فيما عدا الرعاة و سقاة الحاج اداءها.

المسألة الخامسة: يستحب عند رجوعه من مكة إلى منى أن يقول

اللهم بك وثقت و بك آمنت و لك اسلمت و عليك توكلت فنعم الرب و نعم المولى و نعم النصير و يستحب للامام أن يخطبهم و يعلمهم بمن يجوز له النفر في الثاني عشر و من لا يجوز و متى يجوز و متى لا يجوز و سائر الاحكام الاخر المتعلقة بذلك.

الفصل السابع فيما يجب في أيام التشريق بمنى و ما يستحب

يجب في كل يوم وجب المبيت في ليلته رمي الجمار الثلاث الأولى ثمّ الوسطى ثمّ جمرة العقبة مرتباً فلو خالف أعاد على ما يحصل به الترتيب إلا إذا شرع في اللاحقة بعد رمي أربع حصيات من السابقة فيكفيه إكمال ما سبق أما إذا كان أقل من أربع

ص: 84

استأنفها مع اللاحقة و لا يكفيه إكمال الناقص و إعادة ما بعده إلا إذا كان النقصان في الثالثة فيكملها و يكتفي و يجب أن يرمي كل واحدة سبع حصيات و يجب فيه كلما وجب في الرمي يوم العيد و منه النية فلا بد من المحافظة عليها هنا و الاولى التلفظ بها على نحو ما سبق فيقول أرمي الجمرة الأولى بسبع حصيات لحج الاسلام حج التمتع قربة إلى الله تعالى و هكذا في الوسطى و العقبة و يندب فيه كلما ندب و منه الدعاء على نحو ما سبق و وقته ما بين طلوع الشمس إلى غروبها و لا يجوز ليلًا إلا لعذر كالخائف و المريض و الرعاة و السقاة و العبيد و لو نسى رمى يوم قضاه من الغد مقدما للغائب على الحاضر و يستحب أن يكون ما لأمسه غدوة و ما ليومه بعد الزوال و لو نسى الرمي حتى دخل مكة رجع و رمى مع بقاء الوقت فإن خرج فلا حرج بل يرمي في القابل بنفسه و يستنيب و لو ترك الرمي كلا أو بعضاً متعمداً اثم و لكن لا يفسد حجة بذلك فلا يجب عليه القضاء من قابل و إن كان أحوط و تصح النيابة عن المعذور و إن لم يكن ميئوساً من برئه و لا اعادة عليه لو اتفق برؤه مع بقاء الوقت و لو نسى رمي جمرة و جهل عينها رمى الثلاث مرتبا و كذا لو نسى أربع حصيات من جمرة و جهل عينها نعم لو نسى دون الأربع من جمره و جهل عينها كرر على الثلاث و لا يجب الترتيب لأن الفائت من واحدة أما لو نسى من كل جمرة واحدة و اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب و لو نسى ثلاثاً و شك في كونها من واحدة أو اكثر رماها من كل واحدة مرتباً و لو كان المنسي أربعاً استأنف و أما المندوب فهو أن يأخذ الحصيات بيده اليمنى و يحمد الله تعالى و يثني عليه و ليصل على محمد و آله و يتقدم قليلا قليلا نحو الجمرة و عليه السكينة و الوقار قائلا اللهم تقبل مني فاذا قاربها قرأ الدعاء الذي تقدم عند رمي جمرة العقبة يوم العيد ثمّ يرمي الجمرة الأولى و هو مستقبل القبلة مكبراً داعياً و يقف عندها و كذا في الوسطى أما جمرة العقبة فيرميها و هو مستدير القبلة و لا يقف عندها و اعلم أنه لا يجب على الناسك المكث في تلك الأيام في منى و إنما يجب عليه أن يكون فيها بمقدار أداء الرمي و الواجب فبعد الفراغ منه له الخروج منها إلى أي مكان شاء ثمّ العود قبل الغروب في الأيام المتوسطة نعم يستحب استدامة المكث فيها و عدم الخروج منها حتى إلى مكة و لو

ص: 85

للطواف المستحب و يستحب مدة مكثه هناك أن يوقع صلاته فرضها و نفلها في مسجد الخيف و أفضله مصلى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فيه و هو من المنارة إلى نحو من ثلاثين ذراعاً من جهة القبلة و عن يمينها و يسارها و خلفها و في الحديث أن من صلى في مسجد الخيف مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين سنة و من قال سبحان الله مائة مرة كتب له ثواب عتق رقبة و من قال لا اله إلا الله مائة مرة عدلت احياء نسمة و من قال الحمد لله مائة مرة عدلت اخراج العراقين يتصدق به في سبيل الله و كل من خرج في النفر الأول حيث يجوز له ذلك سقط عنه الرمي في الثالث عشر و استحب له القاء ما معه من الحصى بمنى بل دفنه فيها و يستحب التكبير في منى عقيب خمس عشرة فريضة أولها ظهر يوم النحر و في الامصار عقيب عشرة و أفضل كيفياته أن يكبر ثلاثاً ثمّ يقول لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد الله اكبر على ما هدانا الله اكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام الحمد لله على ما ابلانا و يستحب صلاة ست ركعات في أصل الصومعة و الاولى كون هذه الست عند ارادته الرجوع إلى مكة للوداع إذا ابيضت الشمس من اليوم الثالث عشر.

المقصد الثاني من مقاصد الرسالة في العمرة

اشارة

و النظر في حكمها و كيفيتها و اللواحق فهنا مسائل:-

المسألة الأولى: في حكمها

العمرة كالحج منها ما هو واجب و منها ما هو مندوب و ما هو واجب منه ما يجب بالذات و منه ما يجب بالعرض فالاقسام ثلاثة اما الواجب بالذات فتجب العمرة في العمر مرة واحدة كالحج بالشرائط المعتبرة في الحج التي منها الاستطاعة لكن من وظيفته الافراد و القران تجب عليه عمرة مفردة و يكفي في وجوبها عليه الاستطاعة لها و ان لم يستطع للحج كما يكفي في وجوب الحج عليه الاستطاعة له و ان لم يستطع لها بخلاف من كان وظيفته التمتع فانه لا يجب عليه الا عمرة التمتع و لا يستطيع لها الا إذا استطاع لها و للحج كما لا يستطيع للحج الا بذلك فلا يجب عليه شي ء منهما الا بالاستطاعة لهما معا و ذلك لما بيناه سابقا من ان التمتع واجب واحد مركب من جزءين أحدهما العمرة و الاخرى الحج و ان تحقق بينهما

ص: 86

الاخلال بخلاف الافراد و القران فانهما أي الحج و العمرة فيهما مستقلان كل منهما في حقه نسك مستقل غير مرتبط بالآخر و على ما ذكرنا من انه لا يجب على المتمتع الا عمرة التمتع التي لا تحصل الاستطاعة لها الا بالاستطاعة للحج أيضا يتفرع فروع منها ان العمرة لا تجب على الاجير بعد اداء ما عليه و هو في مكة مع استطاعته لها و منها انها لا تجب على النائي الذي فرضه التمتع إذا استطاع لها و لم يتمكن من الوقوفين و منها انه لا يجب الاستيجار من ماله إذا استطاع لها و مات قبل اشهر الحج و منها انها لا تجب عليه أيضا إذا استطاع لها في غير اشهر الحج ثمّ ذهبت استطاعته قبل ذلك و أما الواجب بالعرض فتجب بالنذر و العهد و اليمين و بالافساد و فوات الحج فيتحلل عن احرامه بعمرة مفردة و تجب أيضا على من احرم لدخول مكة حيث يجب عليه ذلك فانه لا يتحلل عن احرامه الا بعمرة مفردة و أما المندوب فانها تستحب فيما عدا ذلك و تصح في كل السنة و افضلها رجب فانها فيه تلي الحج في الفضل و يستحب تكرارها في كل شهر و اقل الفصل عشرة أيام على معنى كراهة ان يأتي بعمرتين متواليتين لم يفصل بينهما عشرة أيام لكن بنحو الكراهة في العبادات و الا فيجوز ذلك و الاقل منه و لو كل يوم على الاصح.

المسألة الثانية: في كيفيتها

اما العمرة المفردة فافعالها ثمانية أحدها النية ثانيها الاحرام من أحد المواقيت مع مروره عليه و الا فمن دويرة أهله ان كان أهله خارج الحرم و الا فمن أدنى الحل ثالثها الطواف رابعها و ركعتاه خامسها السعي سادسها الحلق أو التقصير و به يحل من كل شي ء ما عدا النساء سابعها طواف النساء ثامنها و ركعتاه فتحل له النساء حينئذٍ و أما العمرة المتمتع بها فقد عرفتها و عرفت انها سواء معها في الكيفية عدا انه يتعين فيها التقصير و لا طواف للنساء فيها و لا تصح الا في اشهر الحج.

المسألة الثالثة: في اللواحق
اشارة

و فيها أمور

الأول الظاهر انه يجوز للمتمتع ان يفصل بين عمرة التمتع و حجة بعمرة مفردة

و لكن بعد عشرة أيام من عمرة التمتع على الأحوط و ما ذكر سابقا من ان المتمتع بعد أن يحل من عمرته ليس له أن يخرج من

ص: 87

مكة إلا محرما بالحج لا يشمل مثل ذلك

الثاني إنما لا يجب الاحرام على من يتكرر منه الخروج من مكة و الدخول إليها

إذا كان رجوعه إليها في الشهر الذي خرج فيه أما إذا رجع في شهر آخر لم يجز أن يدخلها إلا باحرام بل لو كان رجوعه إليها بعد شهر من تحلله من احرامه السابق فالأحوط أن لا يدخلها باحرام و أحوط من ذلك مراعاة الوصل بالشهر بين الاحرامين فلو كان رجوعه إليها بعد مضي شهر من احرامه السابق فالأحوط أن لا يدخلها إلا باحرام

الثالث إذا أحرم الآفاقي أو المكي من الميقات بعمرة مفردة ندباً

و دخل مكة في أشهر الحج جاز له أن يعدل بها إلى عمرة التمتع بل هو افضل فيتعيّن عليه التقصير و لا يطوف طواف النساء و عليه أن يحج حج التمتع حينئذٍ أما لو لم يعدل جاز له ترك الحج و الخروج إلى أهله و لو يوم التروية بل الظاهر إنه يجوز العدول من حج الافراد أيضا إلى العمرة المفردة.

المقصد الثالث في الصد و الاحصار و فوات الحج

اشارة

أما فوات الحج فقد عرفت أن حكمه التحلل بعمرة مفردة و منه ما لو وقف العامة بالموقفين قبل وقته لثبوت الهلال عندهم دوننا و لم يمكن التخلف عنهم حتى في ادراك اضطراري الموقفين و أما الصد فهو منع العدو عن فعل النسك الذي أحرمه له الناسك و النسك تارة يكون حجة و أخرى يكون عمرة

فأمّا الصد عن الحج فيتحقق في صور
أحدها أن يمنع عن الموقفين أو عما يفوت الحج بفواته منهما

على التفصيل الذي عرفته فيما سبق و حكمه التخيير بين أن يبقى على احرامه و يتحلل بعمرة مفردة أو يتحلل بهدى يذبحه أو ينحره في محل الصد يوم العيد أو يبعثه بنية التحلل و الأحوط ضم الحلق أو التقصير معه و لو كان قد ساق هدياً أجزأه عن هدى التحلل و لا يسقط عنه الحج بذلك مع استقراره و بقاء الاستطاعة إلى القابل

ثانيها أن يصد بعد ادراك الوقوفين عند النزول إلى منى خاصة

و حكمه أن يستنيب في الرمي و الذبح كما في المريض ثمّ يحلق و يتحلل و يأتي بباقي الافعال فإن لم يمكنه الاستنابة كان له أن يتحلل بالهدي كما في الصورة الاولى

ثالثها أن يصد عن دخول مكة خاصة بعد الاتيان بافعال منى

و حكمه أنه لو تمكن من الاتيان بالطواف و السعي في تمام ذي الحجة و لو بالاستنابة

ص: 88

صح حجة و إلا تحلل بالهدي كما سبق

رابعها أن يمنع من العود إلى منى لرمي الجمار و المبيت بها

و هذا يصح حجة و يستنيب في الرمي في سنته ان أمكن و إلا ففي القابل و أما الصد عن العمرة المفردة و المتمتع بها فيتحقق بمنعه من دخول مكة و يمنعه بعد الدخول من الاتيان بالافعال و لو بعضها فيتحقق في العمرة المفردة بصده بعد التقصير عن طواف النساء و حكمه التحلل بالهدي كما سبق و أما الاحصار هو الامتناع عن فعل النسك الذي أحرمه له بالمرض فهو مثل الصد قد يكون عن حج و قد يكون عن عمرة و الصور السابقة آتية فيه و حكمه أن يبعث هدياً إن لم يكن قد ساف و إلا أجزأه هدى السياق و لا يحل حتى يبلغ الهدى محله و هو منى إن كان حاجا و فناء الكعبة إن كان معتمراً فإذا بلغ و مضى زمان ذبحه أو نحره قصر وحل له كل شي ء إلا النساء حتى يحج في القابل بنفسه أو يطاف عنه طواف النساء إن كان تطوعاً أو واجباً غير مستقر أو مستقراً و قد عجز عن الرجوع نعم لو كان واجباً مستقراً و تمكن من الرجوع توقف تمام الاحلال فيه على النسك بل يقوي الحاق المستأجر و المتبرع عن الغير بالمندوب أيضا في الاجتزاء بالنيابة هذا كله في غير عمرة التمتع و أما فيها فلا يحتاج إلى طواف النساء بل تحل له بالتقصير و لو زال الحصر التحق فإن أدرك الموقفين فقد أدرك الحج و إلا فلا و لو أحصر عن مناسك يوم النحر و ما بعده فيستنيب فيما لا يمكنه و يسقط المبيت

و أما الخاتمة ففيها فصلان

الفصل الأول فيما يستحب عن العود إلى مكة من منى

اشارة

بعد النفر الأول أو النفر الثاني إلى حين خروجه منها و فيه ثلاثة مطالب

[المطلب] الأول فيما يستحب عند الخروج من منى

يستحب عند ارادة الخروج من منى ايقاع ركعات في مسجد الخيف في أصل الصومعة و هي القبة التي في وسط المسجد عند المنارة فاذا وصل المحصب استحب له أن ينزل هناك فاذا استراح فيه دخل مكة بعد ذلك و عليه السكينة و الوقار خافضا صوته

[المطلب] الثاني فيما يستحب مدة مقامه بمكة المعظمة
اشارة

و هي أمور

أحدها الدخول في الكعبة الشريفة

زادها الله شرفاً فإن الدخول فيها دخول في رحمة الله تعالى و الخروج منها خروج من كل ذنب و إن الله تعالى يعصمه من المعاصي في باقي عمره و يغفر ذنوبه السالفة كلها و يتأكد للضرورة غير النساء و يستحب أن يغتسل و يدخل حافياً و أن يأخذ

ص: 89

بحلقتي الباب عند الدخول قائلا اللهم البيت بيتك و العبد عبدك و قد قلت و من دخله كان آمناً فآمني من عذابك و أجرني من سخطك ثمّ يدخل قائلا اللهم إنك قلت و من دخله كان آمناً اللهم فآمني من عذابك و عذاب النار ثمّ يصلي ركعتين بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء يقرأ في الأولى بعد الحمد حم السجدة و في الثانية الحمد و عدد أيها من القرآن و يصلي في زوايا البيت كل زاوية ركعتين و يقول اللهم من تهيأ و تعبأ و أعد و استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جائزته و نوافله و فواضله فاليك يا سيدي تهيئتي و تعبئتي و اعدادي و استعدادي رجاء رفدك و نوافلك و جائزتك فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل فإني لم آتك اليوم بعملٍ صالح قدمته و لا شفاعة مخلوق رجوته و لكن آتيتك مقراً بالظلم و الإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي و لا عذر فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تعطيني مسألتي و تقيلني عثرتي و تقلبني برغبتي و لا تردني مجبوهاً ممنوعاً و لا خائباً يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم لا اله إلا أنت ثمّ لا لا يبزق و لا يمخط فيها و لو منع الزحام عن المضي إلى الزوايا فليستقبل كل زاوية و هو في مكانه و ليكبر و ليدع الله و ليسأله و هو في مكان صلاته و يستحب السجود فيه و أن يقول في سجوده لا يرد غضبك إلا حلمك و لا يجير من عذابك إلا رحمتك و لا ينجي منك إلا التضرع إليك فهب لي يا الهي فرجاً بالقدرة التي بها تحيي اموات العباد و بها تنشر ميت البلاد و لا تهلكنا يا الهي حتى تستجيب لي دعائي و تعرفني الاجابة اللهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي و لا تشمت بي عدوي و لا تمكنه من عنقي من ذا الذي يرفعني إن وضعتني و من ذا الذي يضعني إن رفعتني و إن اهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك و سألك عن أمره و قد علمت يا الهي إنه ليس في حلمك ظلم و لا في نقمتك عجلة و إنما يعجل من يخاف الفوت و يحتاج إلى الظلم الضعيف و قد تعاليت يا الهي عن ذلك علواً كبيراً الهي فلا تجعلني للبلاء غرضاً و لا لنقمتك نصباً و مهلني و نفسي و أقلني عثرتي و لا ترد يدي في نحري و لا تتبعني ببلاء على أثر بلاء فقد ترى ضعفي و تضرعي إليك و وحشتي من الناس و أنى بك يا كريم اللهم اني اعوذ بك اليوم

ص: 90

فاعذني و استجير بك فاجرني و أستعين بك على الضراء فأعني و استنصرك فانصرني و أتوكل عليك فاكفني و أؤمن بك فآمني و أستهديك فاهدني و استرحمك فارحمني و استغفرك مما تعلم فاغفر لي واسترزقك من فضلك الواسع فارزقني و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فإذا خرج من الكعبة استحب له التكبير ثلاثا و هو خارج ثمّ يقول اللهم لا تجهد بلاءنا ربنا و لا تشمت بنا أعداءنا فإنك أنت الضار النافع ثمّ أخرج و اجعل الدرجة عن يسارك و صل ركعتين فائدة إذا اردت الولد أفض عليك دلواً من ماء زمزم ثمّ ادخل البيت فاذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثمّ قل اللهم ان البيت بيتك و العبد عبدك و قد قلت و من دخلها كان آمنا فآمنّي من عذابك و أجرني من سخطك ثمّ ادخل البيت و صل على الرخامة الحمراء ركعتين ثمّ قم إلى الاسطوانة التي بحذاء الحجر و الصق بها صدرك ثمّ قل يا واحد يا أحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين وهب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ثمّ در بالاسطوانة فألصق بها ظهرك و بطنك و أنت تدعو بهذا الدعاء

ثانيها الشرب من ماء زمزم

بل الارتواء منه فإنه شفاء و هو لما يشرب له و قد روي إن جماعة من العلماء شربوا منه لمطالب مهمة فنالوها والاهم طلب المغفرة و الفوز بالجنة و النجاة من النار و أهوال البرزخ و القيامة و يستحب حله و اهداؤه و استهداؤه

ثالثها طواف اسبوع و صلاة ركعتين عن أبيه و أمه و زوجته و ولده و خاصته و جميع أهل بلده

و يجزيه طواف واحد بصلاته عن الجميع لكن لو افرد لكل واحد طوافاً و صلاة مستقلة كان أفضل و يستحب الاتيان به نيابة عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و فاطمة و الائمة الاثنى عشر صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين بل عن جميع المؤمنين مقدماً للامثل فالامثل

رابعها قد تقدم إنه يستحب أن يطوف مدة مقامه بمكة بثلاثمائة و ستين طوافاً

كل طواف سبعة أشواط فإن لم يتمكن فبثلاثمائة و أربعة و ستين شوطا اثنين و خمسين اسبوعا فان لم يستطع فبما يقدر عليه فانه كالصلاة ان شاء استقل و ان شاء استكثر بل في بعض الأخبار انه بالنسبة إلى الحاج افضل من الصلاة نفلا و يكره فيه الكلام الا بالذكر و الدعاء بل ينبغي ان يتجنب فيه الاكل و الشرب و الضحك و التمطي و التثاؤب

ص: 91

و مدافعة الاخبثين و سائر ما يكره في الصلاة و يكره ان يطوف في برطلة و هي قلنسوة طويلة كان زي اليهود قديما لبسها و لو كان محرما حرم عليه ذلك و الاولى بالمؤمن ان لا يلبسها مطلقا بل و لا غيرها مما فيه التشبه باعداء الله و رسوله

خامسها ختم القرآن المجيد في مكة المعظمة

فقد ورد ان من ختم القرآن المجيد في مكة لن يخرج من الدنيا حتى يرى محمداً المصطفى و يرى منزله في الجنة

سادسها زيارة المواضع الشريفة في مكة المعظمة و نواحيها
اشارة

و هي عديدة:

(الأول) مولد النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم

و هو الآن مسجد في زقاق يسمى زقاق المولد فيستحب تقبيله و مسح وجهه عليه بقصد تيمن و التبرك و يستحب زيارة النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم هناك صلاة ركعتين.

(الثاني) منزل خديجة الكبرى

الذي كان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يسكنه معها و فيه ولدت اولادها منه و منهم الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله و سلامه عليها و ماتت خديجة فيه و لم يزل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم مقيما فيه حتى هاجر و هو الآن مسجد و فيه محراب عبادة النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم فيستحب فيه الزيارة لخديجة و النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و الدعاء و الصلاة و يستحب زيارة خديجة عليها السلام بالحجون و قبرها هناك معروف في سفح الجبل قائلًا في زيارتها: (السّلامُ عَلَيكِ يا زَوْجَةَ رَسولِ اللهِ سَيدِ المُرْسَلينَ السّلامُ عَلَيكِ يا زَوجَةَ نَبي اللهِ خاتَمَ النَّبيينَ، السّلامُ عَلَيكِ يا أمّ فاطِمَةَ الزّهراءِ سَيدةَ نِساءِ العالمَينَ، السّلامُ عَلَيكِ يا أمّ الحَسَنِ و الحُسَين سَيدي شَبابِ أهلِ الجَنةِ أجمَعين، السّلامُ عَلَيكِ يا أمّ الأئمةِ الطاهرينَ، السّلامُ عَلَيكِ يا أمّ المؤمِنينَ، السّلامُ عَلَيكِ يا أولَ المؤمِناتِ، السّلامُ عَلَيكِ يا خالِصَةَ المُخلِصاتِ، السّلامُ عَلَيكِ يا سَيدةَ الحَرَمِ و البَطحاءِ، السّلامُ عَلَيكِ يا أولَ مَنْ صَدَّقَ برَسولِ اللهِ مِنَ النِّساءِ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَنْ وَفَتْ بالعُبودِيةِ حَقَّ الوَفاءِ، و أسْلَمَتْ نَفْسَها، و أنْفَقَتْ أموالها لسَيدِ الأنبياءِ، السّلامُ عَلَيكِ يا قَرينةَ حَبيبِ إلهِ السّماءِ، المُزوجَةِ بخُلاصِةِ الأصْفياءِ، السّلامُ عَلَيكِ يا ابْنَةَ إبراهيمَ الخَليلِ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَنْ سَلَّمَ عَلَيها جَبَرائيلُ، وَ بَلَّغَ إليها السّلامُ مِنَ اللهِ الجَليلِ، السّلامُ عَلَيكِ يا حافِظَةَ دينِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكِ يا ناصِرَةَ رَسُولِ الله، السّلامُ عَلَيكِ يا مَنْ تَولى دَفنها رَسُولُ اللهِ

ص: 92

و اسَتَودَعَها إلى رَحْمَةِ اللهِ، اشهَدُ أنكِ حَبيبةُ اللهِ، و خِيَرَةَ أمتِهِ، و إنَّ اللهَ جَعَلَكِ في مُستَقرِّ رَحمَتهِ في قَصْرٍ مِنَ الياقوتِ و العِقيان في أعلى مَنازِلِ الجِنانِ، صَلَّى اللهُ عَلَيكِ و رَحْمَةُ اللهِ و بَرَكاتُه). ثمّ صلّ ركعتين و أهد ثوابهما إليها ثمّ ادع بما شئت لنفسك و لوالديك و للمؤمنين و المؤمنات و استغفر لهم و اكثر من الثناء على الله سبحانه و تعالى و الحمد له جل شأنه.

(الثالث) الغار الذي في جبل حراء

الذي كان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في ابتداء الوحي يخلو بنفسه فيه فصل ركعتين فيه و اجتهد في الدعاء بالمغفرة و النجاح و الرضوان لك و لجميع المؤمنين.

(الرابع) الغار الذي في جبل ثور

و هو الذي اختفى فيه رسول الله خوفاً من المشركين حسبما ذكر في القرآن الشريف فصل فيه ركعتين و ادع الله سبحانه و تعالى ان ينجيك من الأعداء و منهم النفس الأمّارة و الشيطان كما نجا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في هذا المكان.

(الخامس) مسجد راقم

و هو الموضع الذي وقع فيه المسجد المشهور بدار الخير و اختفى رسول الله فيه في أول الإسلام فصل فيه ركعتين و اكثر من الدعاء و المسألة و الابتهال إلى الله جل شأنه.

(السادس) جبل أبي قبيس،

و هو الموضع الذي انشق فيه القمر لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فصل فيه ركعتين و اكثر من الدعاء و التضرع لله سبحانه و تعالى.

(السابع) قبر عبد مناف جد النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم بالمعلى،

فانه يستحب زيارته هناك قائلًا:

(السّلامُ عَلَيكَ أيّهَا السّيدُ النَّبيلُ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ كَرَّمَهُ اللهُ بالتَبجيلِ، السّلامُ عَلَيكَ أيّهَا الغُصْنُ المُثمِرُ مِنْ شَجَرةِ إبراهيمَ الخَليلِ، السّلامُ عَلَيكَ يا خَيرَ سُلالَة وَ سَليلٍ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابْنَ أعرَاقِ الثرى، السّلامُ عَلَيكَ يا جَدَّ خَيرِ الوَرى، السّلامُ عَلَيكَ يا ابْنَ الأنبياءِ الأصفياءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابْنَ الأَولِياءِ الأَوصِياءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ الحَرَمِ، السّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ الصَّفا و المروَةَ و زَمزَمَ،

ص: 93

السّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ مَقَامَ إبراهيمَ، السّلامُ عَلَيكَ يا حاجِبَ بيتِ اللهِ العَظِيمِ، السّلامُ عَلَيكَ يا عَلَمَ الأشْراف، يا عالياً بِكَمالِ الأَوصَافِ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ قُريشٍ المَعرُوفِ بِعَبدِ مُنافِ، السّلامُ عَلَيكَ و على آبائِكَ القادِمينَ اللاحِقين، أُمَناءِ اللهِ في العَالمين).

ثمّ تصلي ركعتين و تهدي ثوابهما إليه، ثمّ تدعو لنفسك و لوالديك و لإخوانك بالمغفرة و الرضوان.

(الثامن) قبر عبد المطلب في المعلى أيضاً

فانه يستحب زيارته عليه السلام هناك قائلًا:

(السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ الكَعْبَةِ و البَطْحاءِ السّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ المَهابَةِ وَ البَهاءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَعدَنَ الكَرَمْ و أصْلَ السّخاءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أَوّلَ مَنْ قَالَ بالبَداءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ يُحشَرُ يَومَ القيامَةِ في سِيماءِ الأَنبياءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَعْروفاً في الأَرضِ و السمَاءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ ناداهُ هاتِفُ الغَيبِ بِأكرَمِ نِداءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ إبراهيمَ الخَليل، السّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ الذبيحِ إسماعِيل، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أهلَكَ بِدُعائِهِ أصحابَ الفيلِ، وَ جَعَلَ كَيدَهُمُ في تَضليلِ، و أَرسَلَ عَليهم طَيراً أَبابيل، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ تَضَرَّعَ في حاجَتِهِ إلى اللهِ، وَ تَوسَلَ في دُعائِهِ بنُورِ رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أجابَهُ اللهِ وَ سُمِعَ نِداءهُ في كُلِ باب و نوديَ في الكَعبَةِ و بُشر بِدُعاء مُستَجابٍ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أكرَمَهُ اللهُ الجَليل، وَ سَجَدَ لإكرامِهِ مَحمودُ الفيلِ، السّلامُ عَلَيكَ يا رَيَّ كُلَّ غَليل، و شِفاءَ كُل عَلَيلٍ، وَ عِزَّ كُلِّ ذَليلٍ، وَ هَديَّ مَنْ لَيسَ لَهُ دَليلٍ، السّلامُ عَلَيكَ يا ساقي الغَيثِ، و غَوثَ الوَرى، السّلامُ عَلَيكَ يا أبا السّادَةِ العَشرةِ و ابن أَعْرَاقِ الثرى، السّلامُ عَلَيكَ يا ابن الذَّبيحِ و أبا الذَّبيحِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ذا المَجْدِ الصَّريحِ و الفَخْرِ الصحيحِ، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ الكَعبَةِ و الحَرَمِ و ساقي الحَجيج وَ حافِرَ زَمْزَمَ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ جَعَلَ اللهُ مِنْ نَسْلِهِ سَيدَ المُرسَلينَ وَ خَيرَ أهْلِ السّماواتِ وَ الأرَضيينِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ طافَ حَولَ الكَعبَة وَ جعَلَهُ سَبعَةَ أَشواطٍ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أَخرَجَ اللهُ مِن صُلبِهِ النُّجَباءِ و الأَسباطِ، السّلامُ عَلَيكَ يا صَاحِبَ مُعجِباتِ الأُمورِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ

ص: 94

رَأى في المَنام سِلسِلةَ النُّورِ، و شَرِبَ في اليَقظَةِ المَاءَ الطَّهور، وَ عَلِمَ أنَّهُ مِنَ الجَنةِ ذاتِ السرورِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابن مَكَّةَ وَ مِنى، وَ زَمزَمَ و الصفا، السّلامُ عَلَيكَ يا شَيبَةَ الحَمدِ وَ أَمِيرَ البَطحاءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ الحَرَم و ابن هاشِمَ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ المَشهورِ بالعَظائمِ، السّلامُ عَلَيكَ و على أبنائِكَ وَ أَولادِكَ جَميعاً وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه).

ثمّ صل ركعتين اهد ثوابهما إليه و ادع لك و لوالديك و إخوانك و اكثر من حمد الله و ثنائه و الصلاة على النبي و آله.

(التاسع) قبر أبي طالب في المعلى أيضاً

فانه يستحب زيارته هناك قائلًا:

(السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ البَطحاءِ و ابنَ رَئيسِها، السّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ الكَعبَةَ بَعدَ تأسيسها، السّلامُ عَلَيكَ يا كافِلَ رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله و سلّم، السّلامُ عَلَيكَ يا عَمَّ المُصطَفى، السّلامُ عَلَيكَ يا حافِظَ دِينِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أبا المُرتَضى، السّلامُ عَلَيكَ يا والِدَ أئِمَّةَ الهُدى، كَفاكَ بِما أَولاكَ اللهُ شَرفاً و نَسباً و حَسْبُكَ بِما أَعطاكَ اللهُ عِزاً وَ حَسباً، السّلامُ عَلَيكَ يا شَرَفَ الوجودِ، السّلامُ عَلَيكَ يا وَليَّ المَعبُودِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حارِسَ النَّبي المَوعودِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن رُزِقَ ولداً وَ هوَ خَيرَ مَولُود، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن خُصَّص بالوَلَدِ الزّكي الطاهِرِ المُطهّرِ العَلي عَليُّ الذي اشتَقَ اسمَهُ مِنَ العَلي، هَنيئاً لَكَ ثُم هَنيئاً مِن وَلَدٍ هُو المُرتَضى مِنْ رَسولٍ و أَخِ الرسُولِ و زَوجِ البَتولِ وَ سَيفَ اللهِ المَسلولِ، هَنيئاً لكَ ثُم هَنيئاً مِن وَلَدٍ هوَ مِن مُحَمَّدٍ المُصطَفى بِمنزِلة هارونَ من مُوسى، هَنيئاً لَكَ مِنْ وَلَدٍ هُوَ شَريكُ النُّبوَّةِ و المَخصوصِ بالأُخوةِ، وَ كاشِفَ الغُمةِ و إمامَ الأمةِ و أبو الأئِمةِ، هَنيئاً لَكَ مِنْ وَلَدٍ هُوَ قَسيمُ الجَنةِ و النارِ و نِعمَةُ اللهِ عَلَى الأَبرار، وَ نِقمَةُ اللهِ عَلَى الفُجارِ، السّلامُ عَلَيكَ وَ عَلَيه وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه).

ثمّ تصلي ركعتين و تهدي ثوابهما إليه و تدعو لنفسك و لوالديك و اخوانك بالعفو و الرحمة و المغفرة و حسن العاقبة و سعادة الدنيا و الآخرة إن شاء الله تعالى.

(العاشر) قبر آمنة بنت وهب أم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في المعلى أو في الابواء

على خمس مراحل من مكة فانه يستحب زيارتها هناك قائلًا:

ص: 95

(السّلامُ عَلَيكِ أَيَّتُها الطاهِرَةُ المُطَهرَّةُ، السّلامُ عَلَيكِ أَيَّتُها الزّكيةُ المُفتَخَرةُ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَنْ شَرَّفَها اللهُ بِأَعلى الشرَفِ، السّلامُ عَلَيكِ يا خَيرَ خلَفٍ بَعدَ أكْرَمِ سَلَفْ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَنْ سَطَعَ مِن جَبينها نُورُ سَيدِ الأَنبياءِ، فأضاءتْ بِنورِهِ الأَرضُ وَ السَماء، السّلامُ عَلَيكِ يا مَن نَزَلَ لَها المَلائِكَةُ الأوصياءُ وَ ضُربَ لَها حُجُبَ الجَنةِ كما ضُرِبَ لِمريَمَ سَيدةَ النِّساءِ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَن نَزَلَتْ لِخدَماتِها الحُورُ و أشرَبَتها مِن أَشرِبةِ الجَنةِ في كأسٍ مِنَ البَلورِ، وَ بَشَرَتْها بِوِلادِةِ مُحَمَّدٍ و خَيرِ مَن مَضى وَ خَيرِ مَن يَأتي في الدُّهورِ، السّلامُ عَلَيكِ يا أُمّ رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكِ يا والِدَةَ حَبيبِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكِ يا شَريفَةَ الطاهِراتِ، السّلامُ عَلَيكِ يا سَيدَةَ المُفتَخِراتِ أَينَ وَ أنى مِثلُكِ في الوالِدات، وَ قَدْ حَمَلتِ بِسَيّدِ الكائناتِ وَ جِئتِ بأشرَفِ المَوجُوداتِ، السّلامُ عَلَيكِ يا ابنَةَ الأَنوارِ، السّلامُ عَلَيكِ يا ابنَةَ الأَخيارِ، و عَلَى الخَلَفِ الأَطْهارِ، صَلَّى اللهُ عَلَيكِ وَ عَلَى الخَلَفِ الهادي مِنْ بَعدكِ وَ رَحمَةُ اللهُ وَ بَرَكاته).

ثمّ تصلي ركعتين و تهدي ثوابهما لها و تدعو لنفسك و لوالديك و لإخوانك بما تشاء و تستغفر الله سبحانه و تعالى و تتوب إليه و تكثر من الثناء و الحمد و التهليل و التكبير و التسبيح له جل شأنه.

المطلب الثالث فيما يستحب عند إرادة الوداع و الخروج من مكة

يستحب له إذا أراد الخروج من مكة الغسل و طواف الوداع أسبوعاً و استلام الحجر الأسود و الركن اليماني في كل شوط مع الإمكان و إلا افتتح به و اختتم به مع الإمكان أيضاً ثمّ يأتي المستجار فيصنع عنده مثل ما صنع يوم قدوم مكة ثمّ يختار لنفسه من الدعاء ما يشاء ثمّ يستلم الحجر الأسود ثمّ يلصق بطنه بالبيت و يحمد الله و يثني عليه و يصلي على محمد و آله ثمّ يقول: (اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و أمينك و حبيبك و نجيبك و خيرتك من خلقك اللهم كما بلغ رسالاتك و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك و أُوذي فيك و في جنبك حتى آتاه اليقين اللهم اقلبني منجحاً

ص: 96

مفلحاً مستجاباً لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية مما يسعني أن اطلب أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك و تزيدني عليه اللهم إنْ أمتني فاغفر لي و إنْ أحييتني فارزقنيه من قابل اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك و قد كان في حسن ظني بك أن تغفر لي ذنوبي فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عني رضا و قربني إليك زلفى و لا تباعدني و إن كنت لم تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ كنت قد أذنت لي غير راغب عنك و لا عن بيتك و لا مستبدل بك و لا به اللهم احفظني من بين يدي و عن خلفي و عن يميني و عن شمالي حتى تبلغني أهلي فإذا بلغتني أهلي فاكفني مئونة عبادك و عيالي فإنك ولي ذلك من خلقك و مني). ثمّ ائت زمزم و اشرب منها و لا تصب على رأسك و قل: (آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون إلى ربنا منقلبون راغبون إلى ربنا راجعون إن شاء الله)، ثمّ ائت المقام و صل خلفه بركعتين ثمّ ائت الملتزم و التزمه و اكشف عن بطنك وقف عليه قدر الطواف سبعة أشواط أو ثمانية ثمّ تأتي الحجر و تقبله و تمسحه بيدك ثمّ تمسحها بوجهك ثمّ تأتي إلى باب البيت و تضع يدك عليها و تقول: (المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة) فإذا أردت الخروج فخر ساجداً طويلًا عند باب المسجد ثمّ قم و استقبل القبلة و قل: اللهم إني انقلب على لا إله إلا الله ثمّ اخرج من باب الحناطين عازماً على العود و الإياب فانه يزيد في العمر إن شاء الله تعالى ثمّ اشتر بدرهم تمراً و تصدق به قبضة قبضة لما لعله صدر منك في الحرم أو حال الإحرام فيكون كفارة لما دخل في الحج غفلة من حك أو سقوط قملة و نحو ذلك اللهم وفقنا للوقوف في تلك المواقف الكريمة و الحضور في تلك المشاهد الشريفة و ارحمنا و اغفر لنا إنك أنت ارحم الراحمين.

الفصل الثاني فيما يتعلق بالمدينة المنورة

اشارة

و النظر فيما يستحب قبل الدخول فيها و في حرمها و في المساجد و الأماكن الشريفة الواقعة فيها أو فيما يليها و القبور الشريفة التي تزار فيها و ما ينبغي أن يقال عند

ص: 97

الوداع فالكلام في مقامات:

[المقام] الأول: لا يخفى أن من المستحبات المؤكدة خصوصاً للحاج زيارة سيد النبيين

فقد روي عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم أنه قال من أتى مكة حاجّاً و لم يزرني بالمدينة فقد جفاني و من جفاني فقد جفوته يوم القيامة بل استحبابها و تأكده من ضروريات الدين بل هي من اعظم شعائر الإسلام يجب على المسلمين كفاية الإتيان بها في الجملة فلو تركها الناس بالمرة وجب على الوالي جبر ما تحصل به الكفاية منهم على ذلك فإن لم يكن لهم مال انفق عليهم من بيت مال المسلمين و يستحب لمن رجع على طريق المدينة النزول في معرس النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و هو الآن مسجد بإزاء مسجد الشجرة إلى ما يلي القبلة و يستحب الاضطجاع فيه قليلًا ليلًا أو نهاراً و صلاة ركعتين فيه و الدعاء له و لإخوانه بالمغفرة و العفو و العافية و حسن العاقبة إن شاء الله تعالى بل لو جاوزه من دون تعريس فيه استحب الرجوع إليه و التعريس فيه كذلك و كذا يستحب الصلاة في مسجد غدير خم و الاكثار و الابتهال و الدعاء فيه و قراءة القرآن الشريف و زيارة أمير المؤمنين سلام الله عليه فيه فإنه الموضع الذي نص فيه النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم بالولاية لأمير المؤمنين فيه و عقد البيعة له فيه و هو واقع في طريق المدينة قريباً من جحفة على فراسخ عديدة من رابغ و كذا يستحب زيارة قبر أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه الواقع في طريق المدينة إن أمكن المرور به و يستحب صلاة ركعتين و إهداء ثوابهما له ثمّ الاجتهاد في الابتهال و التضرع إلى الله تعالى و الدعاء و المسألة له و لإخوانه بخير الدنيا و الآخرة.

[المقام] الثاني: للمدينة حرم و حده من عائر و عير

و هما جبلان يكتنفان المدينة من المشرق و المغرب و إن كان لا يجب الإحرام فيه إلا أن الاحوط أن لا يقطع شجرة سيما الرطب منه إلا ما استثني مما سمعته في حرم مكة بل الاحوط اجتناب صيد ما بين الحرمين منه بل الأولى اجتناب مطلق الصيد فيه و يستحب الغسل لدخوله.

[المقام] الثالث: في المساجد و الأماكن الشريفة الواقعة فيها أو فيما يليها
اشارة

و هي عديدة

أحدها و هو أشرفها و أعظمها مسجد النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم

و هو أحد المواضع الأربعة التي لزيادة شرفها و فضلها جاز للمسافر إتمام الصلاة فيها و يستحب فيه من أمور: الأول الصلاة فيه فإن الصلاة فيه تعدل ألف

ص: 98

صلاة خصوصاً بين القبر و المنبر الذي هو روضة من رياض الجنة و في ببيت فاطمة صلوات الله عليها الذي هو افضل من الصلاة في الروضة. الثاني الصوم ثلاثة أيام و إن كان مسافراً و ينبغي أن تكون الأربعاء و الخميس و الجمعة و ليصل ليلة الأربعاء و يومها عند اسطوانة أبي لبابة المسماة باسطوانة التوبة التي ربط فيها نفسه أبو لبابة تائباً إلى الله تعالى و نادماً على ما فعله من تخلفه عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم في بعض الغزوات و بقي على تلك الحال إلى سبعة أيام جائعاً عطشاناً حتى قبل الله سبحانه و تعالى توبته و نزل فيه قوله عز من قائل (وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) و ليلة الخميس و يومها عند الاسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و ليلة الجمعة و يومها عند الاسطوانة التي مقام النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم أو يكون ليلة الأربعاء و يومها عند الاسطوانة التي تلي رأس النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و ليلة الخميس و يومها عند اسطوانة أبي لبابة و ليلة الجمعة و يومها عند الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و الأول أفضل. الثالث الاعتكاف في هذه الثلاثة أيام في المسجد لابثاً في كل ليلة و يوم في اسطوانة من تلك الاسطوانات حسبما ذكر بل إن استطاع أن لا يتكلم في هذه الأيام إلا ما لا بد له منه فليفعل بل ينبغي أن لا ينام فيها لا في ليل و لا في نهار إلا مقدار الضرورة مشغولًا فيما عدا ذلك بالحمد و الثناء و الذكر و قراءة القرآن و الصلاة على النبي و آله و الدعاء و الابتهال إلى الله تعالى في أن يقضي له حوائجه في الدنيا و الآخرة قائلًا: (اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها أو التماسها أو لم اشرع سألتكها أم لم اسألكها فإني أتوجه إليك بنبيك محمد صلّى الله عليه و آله و سلّم نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها اللهم إني أسألك بعزتك و قوتك و قدرتك و جميع ما أحاط به علمك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا) و تذكر حوائجك.

ثانيها مسجد قباء

الواقع في جنوب المدنية على ميلين منها تقريباً فيستحب ان يكثر من الصلاة و الدعاء فيه لأنه أول مسجد صلى رسول الله فيه بعد

ص: 99

الهجرة من مكة و هو المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم و ثواب ركعتين فيه يعدل ثواب عمرة فصل فيه ركعتين و أدع لما شئت من حوائج الدنيا و الآخرة و تصدق على القانطين فيه فإن أغلبهم من المؤمنين المضطرين فأحسن إليهم بكل ما تتمكن منه إن الله يحب المحسنين.

ثالثها مشربة أم إبراهيم

بالقرب من مسجد قبا أي غرفتها التي كانت فيها و هي ماريا القبطية و يقال إنها ولدت إبراهيم عليه السلام فيها و هي مسكن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و مصلاه فليصل فيها ركعتين و يدعو بما يشاء.

رابعها مسجد الفضيخ

في شرقي مسجد قبا وسمي باسم نخل هناك يسمى الفضيخ و هو الذي ردت فيه الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام حتى صلى العصر حين فاته الوقت بسبب نوم النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم في حجره فلما فرغ من الصلاة انقضت انقضاض الكوكب فليصل فيه ركعتين و يدعو سبحانه و تعالى و يبتهل و يتضرع إليه في أن يرزقه سعادة الدارين و الفوز و الفلاح في النشأتين و يقضي له بحسن الخاتمة إن شاء الله تعالى.

خامسها بيت أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة و السلام

الواقع بقرب مسجد قبا فصل فيه ركعتين و ادع الله سبحانه تعالى بحوائج الدنيا و الآخرة.

سادسها مقام جبرائيل عليه السلام

و هو تحت الميزاب فصل فيه ركعتين ثمّ قل: يا من خلق السموات و ملأها جنوداً من المسبحين له من ملائكته و الممجدين لقدرته و عظمته و أفرغ على أبدانهم حلل الكرامات و أنطق ألسنتهم بضروب اللغات و ألبسهم شعار التقوى و قلَّدهم قلائد النهى و اجعلهم أوقر أجناس خلقة و معرفة بوحدانيته و قدرته و جلالته و عظمته و أكملهم علماً به و أشدهم فرقاً و أدومهم له طاعة و خضوعاً و استكانة و خشوعا يا من فضل الأمين جبرائيل بخصائصه و درجاته و منازله و اختاره لوحيه و سفارته و عهده و أمانته و إنزال كتبه و أوامره على أنبيائه و رسله و جعله واسطة بين نفسه و بينهم أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و على جميع ملائكتك و سكان سماواتك أعلم خلقك بك و أخوف خلقك لك و أقرب خلقك منك و أعمل خلقك بطاعتك الذين لا يغشاهم نوم العيون و لا سهو العقول و لا فترة الأبدان المكرَّمين بجوارك و المؤتمنين على وحيك المجتنبين الآفات و الموقين السيئات اللهم و اخصص الروح الأمين صلواتك عليه بأضعافها منك و على ملائكتك المقربين

ص: 100

و طبقات الكروبيين و الروحانيين و زد في مراتبه عندك و حقوقه التي له على أهل الأرض بما كان ينزل به من شرائع دينك و ما يبثه على ألسنة أنبيائك من محللاتك و محرماتك اللهم أكثر صلواتك على جبرائيل فإنه قدوة الأنبياء و هادي الأصفياء و سادس أصحاب الكساء اللهم اجعل وقوفي في مقامه هذا سبباً لنزول رحمتك عليَّ و تجاوزك عني ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الأبرار ربنا و آتنا ما وعدتنا على رسلك إنك لا تخلف الميعاد ثمّ قل أي جواد أي كريم أي قريب أي بعيد أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن توفقني لطاعتك و لا تزيل عني نعمتك و أن ترزقني الجنة برحمتك و توسع عليَّ من فضلك و تغنني عن شرار خلقك و تلهمني شكرك و ذكرك و لا تخيب يا رب دعائي و لا تقطع رجائي بمحمد و آله و اسألك بأنك أنت الله ليس كمثلك شي ء أن تعصمني من المهالك و أن تسلمني من آفات الدنيا و الآخرة و وعثاء السفر و سوء المنقلب و أن تردني سالماً إلى وطني بعد حج مقبول وسعي مشكور و عمل مقبول و لا تجعله آخر العهد من حرمك و حرم رسولك صلّى الله عليه و آله و سلّم. و من خواص هذا المقام إن المستحاضة التي لا ينقطع دمها إذا استقبلت القبلة ودعت بدعاء الدم انقطع دمها و رأت الطهر و دعاء الدم هو أن تقول: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أو تسمّيت به لأحد من خلقك أو هو في علم الغيب عندك و اسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم و بكل حرف أنزلته على موسى و بكل حرف أنزلته على محمد صلواتك عليه و آله و على أنبياء الله إلا أذهبت عني هذا الدم.

سابعها المسجد الواقع في جانب أحد دون الحرة

فتصلي فيه ركعتين و تدعو بما تشاء.

ثامنها المسجد الذي في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حين تأتي أحد من المدينة

و هو الذي من عنده خرج النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم إلى أحد حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فيه فتصلي فيه ركعتين و تدعو بما تشاء.

تاسعها مسجد الأحزاب

الواقع على قطعة جبل سلع بارتفاع قائمتين منه و هو المسمى بمسجد الفتح الذي دعا فيه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم الأحزاب و قال: (يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرين اكشف همي و كربي و غمي فقد ترى حالي و حال

ص: 101

أصحابي) فاستجاب الله تعالى له و كشف همه و كربه و غمه بالفتح على يدي أمير المؤمنين و سيد الوصيين بقتل عمرو بن عبد ود و انهزام الأحزاب فيصلي ركعتين ثمّ يدعو بهذا الدعاء: (يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرين اكشف غمي وهمي و كربي كما كشفت عن نبيك همه و غمه و كربه و كفيته هول عدوه في هذا المكان).

عاشرها مسجد القبلتين.
حادي عشرها مسجد أمير المؤمنين عليه افضل الصلاة و السلام.
ثاني عشرها مسجد سلمان رضوان الله عليه

فتصلي في كل مسجد من هذه المساجد ركعتين و تدعو بما أحببت.

المقام الرابع في القبور الشريفة التي يستحب زيارتها هناك
اشارة

و هي كثيرة

أحدها و هو أشرفها و أفضلها قبر النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم

و لنذكر قبل الشروع في زيارته الآداب التي تشترك فيها جميع الزيارات و هي أمور: الأول الغسل. الثاني الطهارة من الحدث. الثالث لبس أنظف ثيابه و أحسنها. الرابع الخضوع و الخشوع حين الدخول و الخروج و المكث هناك. الخامس تقديم الرجل اليمنى في الدخول و اليسرى في الخروج. السادس إلصاق بدنه بالضريح الشريف. السابع استقباله وجه المزور و استدبار القبلة حال الزيارة ثمّ يضع خده الأيمن عند الفراغ من الزيارة على الضريح و يدعو متضرعاً ثمّ يضع خده الأيسر و يدعو سائلًا من الله تعالى بحقه و بحق صاحب القبر عليه أن يجعله من أهل الجنة و يبالغ في الدعاء و الإلحاح ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس الشريف ثمّ يستقبل القبلة و يدعو. الثامن صلاة ركعتين للزيارة عند الرأس الشريف إلا في زيارة النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم ففي الروضة ما بين قبره و منبره. التاسع الدعاء بعد الركعتين بالمأثور أو بما سنح له في أمور دينه و دنياه و ليعمم الدعاء لإخوانه فإنه أقرب إلى الإجابة. العاشر تلاوة شي ء من القرآن عند الضريح و إهدائه إلى المزور. الحادي عشر إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع و التوبة من الذنب و الاستغفار و الإقلاع. الثاني عشر التصدق على السدنة و الحفظة للمشهد بإكرامهم

ص: 102

و إعظامهم فإنه فيه إكراماً لصاحب المشهد و ينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير و الصلاح و الدين و المروة و الاحتمال و الصبر و كظم الغيظ خالين من الغلظة على الزائرين قائمين بحوائج المحتاجين مرشدين ضال الغرباء و الواردين و ليتعهد أحوالهم المتولي لذلك المشهد فإن وجد من أحد منهم تقصيراً نبهه عليه فإن أصرَّ زجره فإن كان من المحرَّم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد التعنيف من باب النهي عن المنكر. الثالث عشر الصدقة على المحاويج بتلك البقعة و الإحسان إليهم بكل ما يتمكن فإن الصدقة مضاعفة هناك و خصوصاً على الذرية الطاهرة و طلبة العلم الشريف. الرابع عشر إن الخارج من الحرم الشريف يمشي القهقري حتى يتوارى القبر الشريف. الخامس عشر التوديع إذا حان الخروج بدعاء الوداع المأثور و يسأل الله تعالى العود إذا عرفت ذلك فأعلم إنه ينبغي أن تغتسل لزيارته صلوات الله و سلامه عليه غير ما يستحب من الغسل لدخول الحرم و الغسل لدخول المدينة و إن كان الأقوى كفاية غسل واحد بنية الجمع ثمّ تأتي بسكينة و وقار غاضا بصرك حامداً لله سبحانه و تعالى و شاكراً له على ما وفقك له من الوصول إلى هذا المقام الشريف داخلًا من باب السلام أو باب جبرائيل عليه السلام و هو الذي من جانب البقيع فتقف على الباب للاستئذان قائلا: (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أني قد وقفت على باب بيت من بيوت نبيك و آل نبيك عليه و عليهم السلام و قد منعت الناس عن الدخول الى بيوته إلا بأذن نبيك فقلت يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم اللهم و أني اعتقدها في غيبته كما أعتقدها في حضرته، و اعلم ان رسلك وخلفاءك احياء عندك يرزقون يرون مكاني في وقتي هذا و زماني و يسمعون كلامي في وقتي هذا و يردون عليّ سلامي، و انك حجبت عن سمعي كلامهم، و فتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم فأني استأذنك يا رب أولًا و استأذن رسولك ثانياً، و استأذن خليفتك الإمام المفترض عليّ طاعته في الدخول في ساعتي هذه الى بيته، و استأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة المباركة المطيعة لله السامعة، السلام عليكم أيها الملائكة الموكلون بهذا المشهد المبارك و رحمة الله و بركاته. بأذن الله و أذن رسول الله و إذن خلفائه و إذنكم صلوات الله عليكم أجمعين) ثمّ قل:

ص: 103

بسم الله و ادخل الحرم مقدماً للرجل اليمنى على سكينة و وقار متذللًا قائلًا: (بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملة رسول الله رب أدخلني مدخل صدق و اخرجني مخرج صدق و أجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً و من المقربين) ثمّ كبر الله و أنت داخل مائة مرة فإذا وصلت قريباً من القبر الشريف فقف عند حذاء رأسه عند الاسطوانة الثانية و أنت مستقبل للقبلة بخضوع و خشوع و طمأنينة متصوراً لشرف مقامك و كرم موقفك ثمّ تنوي زيارته و الأولى التلفظ بها بأن تقول: أزور رسول الله محمد بن عبد الله عني و عن والدي و ولدي و كافة إخواني قربة إلى الله تعالى. ثمّ قل: (السّلامُ عَلَيكَ يا رَسُول اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا نَبيَّ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا خَليلَ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا صَفيَّ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا رَحمَةَ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا خِيرَة اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا حَبيبَ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ يا نَجيبَ الله السّلامُ عَلَيكَ يا خاتَمَ النّبيين السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ المُرسَلين السّلامُ عَلَيكَ يا قائِماً بالقِسطِ السّلامُ عَلَيكَ يا فاتِحَ الخَيرِ السّلامُ عَلَيكَ يا مَعدِنَ الوَحي و التنزيل السّلامُ عَلَيكَ يا مُبَلِّغاً عَنِ اللهِ السّلامُ عَلَيكَ أَيُّها السّراجُ المُنيرُ السّلامُ عَلَيكَ يا مُبَشِّر السّلامُ عَلَيكَ يا نَذيِر السّلامُ عَلَيكَ يا مُنذِر السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ اللهِ الذي يُستَضاءُ بِهِ السّلامُ عَلَيكَ و عَلَى أَهلِ بيتِكَ الطاهِرينَ الهادِين المَهديين السّلامُ عَلَيكَ و على جَدِّكَ عَبْدِ المُطلِبْ وَ عَلى أَبيكَ عَبْدِ اللهِ السّلامُ عَلَى أُمّك آمِنةَ بنتِ وَهَبٍ السّلامُ عَلَى عَمّكَ حَمزَةَ سَيدِ الشّهَداءِ السّلامُ عَلَى عَمّكَ وَ كَفيلِك أَبي طالبٍ السّلامُ عَلى ابنِ عَمّكَ جَعْفرَ الطيارِ في جِنانِ الخُلدِ السّلامُ عَلَيكَ يا مُحَمَّد السّلامُ عَلَيكَ يا أَحمَد السّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ على الأَولينَ و الآخِرينَ و السابِقِ في طاعةِ ربِّ العالَمين أَشهَدُ أنكَ قَدْ بلَّغتَ رِسالاتِ رَبك وَ نَصَحتَ لأمّتِك وَ جاهَدتَ في سَبيلِ رَبك وَ صَدعتَ بأَمرِهِ وَ احتَملتَ الأَذى في جَنبِهِ وَ دَعَوتَ إلى سَبيلِهِ بالحِكمَةِ و المَوعِظةِ الحَسَنةِ الجَميلةِ و أدَيتَ الحقَّ الذي كانَ عَلَيكَ و أنكَ قد رؤفتَ بالمُؤمنينَ وَ غَلَظتَ على الكافرينَ وَ عَبَدتَ اللهَ مُخلِصاً حتى أتَاكَ اليَقين أَسألُ اللهَ الذي انتجَبَكَ و اصطَفاكَ وَ هَدى بِكَ وَ هَداكَ أن يُصَلى عَليكَ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيما اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَ رَسُولِك وَ نَجيبِكَ

ص: 104

و أَمينكَ وَ صَفيكَ وَ خَيرَتِكَ مِن خَلقِكَ أفضَلَ ما صَليتَ عَلَى أحدٍ مِن أَنبيائكَ و رُسُلِكَ اللهمَّ سَلِّم عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ كما سلَّمتَ على نوحٍ في العالَمين وَ امنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ كما مَنَنت على مُوسى وَ هارونَ وَ بارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ كما بارَكتَ على إبراهيمَ و آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ وَ تَرَّحمْ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ اللهُمَّ رَبَّ البَيتِ الحَرامِ وَ رَبَّ المَسجِدِ الحَرامِ وَ رَبَّ الرّكن وَ المَقامِ وَ ربَّ المَشْعَرِ الحَرامِ بَلِّغْ رُوحَ محمدٍ صلّى الله عليه و آله و سلّم عَني السّلامَ بأَبي أنتَ و أُمي وَ نَفسي و أهلي وَ مالي وَ وَلَدي أنا أُصَلي عَلَيكَ كما صَلَّى اللهُ عَلَيكَ وَ صَلى عَليكَ ملائِكَتُهُ و أَنبياؤُهُ وَ رُسُلُه صَلاةً مُتتابِعةً وافِرَةً مُتواصِلةً لا انقطاع لَها و لا أمَد و لا أجَلَ صَلى اللهُ عَلَيكَ و عَلَى أهلِ بيتِكَ الطاهِرينَ كما أنتُم أَهلُهُ). ثمّ قل بعد ذلك و أنت في مقامك: (أَشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ و أَشهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبدُهُ وَ رَسُولُه و أَشهَدُ أنّكَ رَسُولُ اللهِ و أنَّكَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ و أَشهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغتَ رِسالاتِ رَبكَ وَ نَصَحْتَ لأُمَّتِكَ وَ جاهَدتَ في سَبيلِ اللهِ وَ عَبَدتَ اللهَ مُخلِصاً حتى أتاكَ اليَقينَ بالحِكمَةِ و المَوعِظَةِ الحَسَنةِ و أَدَّيتَ الذي عَلَيكَ مِنَ الَحق و أنَّكَ قَدْ رَؤُفتَ بِالمُؤمِنينَ وَ غَلَظتَ عَلَى الكافِرِينَ فَبَلَغَ اللهُ بِكَ أَفضَلَ مَحَلّ المكرَمينَ الحَمدُ اللهِ الذي استَنقَذَنا بِكَ مِنَ الشركِ وَ الضَلالَةِ، اللهم اجعَلْ صَلَواتِكَ وَ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَبينَ وَ أنبيائِكَ المُرسَلِينَ وَ عِبادِكَ الصالِحينَ وَ أَهلَ السّماواتِ وَ الأَرَضينَ وَ مَنْ سبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالمين مِنَ الأَولِينَ وَ الآخِرينَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبيكَ وَ أَمينِكَ وَ نَجيكَ وَ حَبيبكَ وَ صَفيكَ وَ خاصَتِكَ وَ صَفوَتِكَ وَ خَيَرتِكَ مِنْ خَلقِكَ اللهُمَّ أَعطِهِ الدَرَجَةَ الرفيعَةَ و آتِهِ الوَسيلَةَ مِنَ الجَنةِ وَ أَبعَثهُ مَقاماً مَحموداً يَغبِطُهُ الأَولونَ وَ الآخِرونَ، اللهُمَّ إنَّكَ قُلتَ وَ لَو أنَّهُم إذ ظَلَموا أَنفسَهُم جاءوكَ فاستَغفَروا اللهَ و أستَغفَرَ لَهُمُ الرسولُ لَوَجَدوا اللهَ تَواباً رَحيماً وَ إنِّي أَتَيتُكَ مُستَغفِراً تائباً مِنْ ذُنوبي وَ إنِّي أتَوَجّهُ بِكَ إلى اللهِ رَبي وَ رَبكَ ليَغفِرَ لي ذُنوبي) ثمّ تتوجه إلى الضريح الشريف و تقول: (السّلامُ عَلَيكَ يا أَبا القاسِمِ السّلامُ عَلَيكَ يا سَيدَ الأولينَ وَ الآخِرينَ السّلامُ عَلَيكَ يا زَينَ القيامةِ السّلامُ عَلَيكَ يا شَفيِعَ القيامةِ أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ لَهُ و أشهَدُ أنَّك عَبدُهُ وَ رَسُوله

ص: 105

بلَّغتَ الرسالةَ و أديتَ الأمانَةَ و نَصَحتَ لأمَتِكَ و جاهَدتَ في سبيلِ رَبكَ حتى أتاكَ اليَقينَ فجَزاكَ اللهُ أفضَلَ ما جَزى بِهِ نَبياً عَن أمتِهِ اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلَ مُحَمَّدٍ أفضَلَ ما صَليتَ عَلَى إبراهيمَ و آلِ إبراهيم إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ صَلى اللهُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ وَ سَلَّم و عَلَى أهلِ بَيتِكَ طِبتَ حَياً وَ مَيتاً صَلى اللهُ عَلَيكَ و عَلَى أَخيكَ وَ وَصيكَ وَ ابنِ عَمّكَ أميرَ المؤمنينَ و عَلَى ابنتِكَ سَيدَةِ نِساءِ العالمين وَ عَلَى وَلَديكَ الحَسَنِ و الحُسَينِ أَفضَلَ السّلامِ و أطيَبَ التحيةِ و أَطهَرَ الصلاةِ وَ عَلينا مِنكمُ السّلامُ وَ رَحمَةُ اللهِ وَ برَكاتُه) ثمّ تسند ظهرك إلى القبر الشريف متوجها إلى القبلة قائلًا: (اللهم إليك ألجأت أمري، و إلى قبر محمد عبدك و رسولك أسندت ظهري و للقبلة التي رضيت لمحمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) استقبلت. اللهم أني أصبحت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها و لا أدفع عنها شر ما أحذر عليها و أصبحت الأمور بيدك فلا فقير أفقر مني، أني لما أنزلت إليَّ من خير فقير اللهم ارددني منك بخير فإنه لا راد لفضلك اللهم إني أعوذ بك من أن تبدل أسمي أو تغير جسمي أو تزيل نعمتك عني اللهم زيني بالتقوى و جملني بالنعم و اعمرني بالعافية و ارزقني شكر العافية). ثمّ تصلي ركعتين و تسبح بعدهما تسبيح الزهراء عليها السلام ثمّ تقول: اللهم إني صليت هاتين الركعتين هدية مني إلى سيدي و مولاي محمد بن عبد الله رسولك و نبيك اللهم فصل عليه و آله و تقبلهما مني و اجزني على ذلك خير جزاء المحسنين اللهم لك ركعت و لك سجدت وحدك لا شريك لك لأنه لا تكون الصلاة و الركوع و السجود إلا لك لأنك أنت الله لا إله إلا أنت اللهم صل على محمد و آل محمد و تقبل زيارتي و اعطني سؤالي بمحمد و آله الطاهرين اللهم إنك قلت لنبيك محمد صلواتك عليه و آله: و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما و لم احضر زمان رسولك عليه و آله السلام اللهم و قد زرته راغباً تائباً من سيئ عملي و مستغفراً لك من ذنوبي و مقراً لك بها و أنت أعلم بها مني و متوجهاً إليك بنبيك نبي الرحمة صلواتك عليه و آله فاجعلني اللهم بمحمد و أهل بيته عندك وجيهاً في الدنيا و الآخرة و من المقربين يا محمد يا رسول الله بأبي أنت و أمي يا نبي الله يا سيد خلق الله إني أتوجه بك إلى

ص: 106

الله ربك و ربي ليغفر لي ذنوبي و يتقبل مني عملي و يقضي لي حوائجي فكن لي شفيعاً عند ربك و ربي فنعم المسئول ربي و نعم الشفيع أنت يا محمد عليك و على أهل بيتك السلام اللهم أوجب لي من المغفرة و الرضوان و الرحمة و الرزق الواسع الطيب النافع كما أوجبت لمن أتى نبيك محمداً عليه و آله السلام و هو حي فأقرَّ له بذنوبه و استغفر له رسولك عليه السلام فغفرت له برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم و قد أملتك و رجوتك و قمت بين يديك و رغبت إليك عمن سواك و قد أملت جزي ثوابك و إني لمقر غير منكر و تائب مما اقترفت و عائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الأعمال التي تقدمت إليَّ فيها و نهيتني عنها و أوعدت عليها العقاب و أعوذ بكرم وجهك أن تقيمني مقام الخزي و الذل يوم تهتك فيه الاستار و ترعد فيه الفرائص يوم الحسرة و الندامة يوم الآفكة يوم الآزفة يوم التغابن يوم الفصل يوم الجزاء يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة يوم النفخة يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة يوم النشر يوم العرض يوم يقوم الناس لرب العالمين يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه يوم تشقق الأرض عنهم و أكناف السماء يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها يوم يردون إلى الله فينبئهم بما عملوا يوم لا يغني مولى عن مولى شي ء و لا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الحكيم يوم يردون إلى الله مولاهم الحق يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون و كأنهم جرادٌ منتشر مهطعين إلى الداعي إلى الله يوم الواقعة يوم ترج الأرض رجا يوم تكون السماء كالمهل و تكون الجبال كالعهن و لا يسأل حميماً حميما يوم الشاهد و المشهود يوم تكون الملائكة صفاً صفاً اللهم أرحم موقفي في ذلك اليوم و لا تخزني في ذلك اليوم بما جنيت على نفسي و اجعل يا ربّي في ذلك اليوم مع أوليائك منطلقي و في زمرة محمد و أهل بيته محشري و اجعل حوضه موردي و في الغر الكرام مصدري و اعطني كتابي بيميني حتى أفوز بحسناتي و تبيض به وجهي و تيسر به حسناتي و ترجح به ميزاني و أمضي مع الفائزين من عبادك الصالحين إلى رضوانك و جنانك يا إله العالمين اللهم إني أعوذ بك من أن تفضحني في ذلك اليوم بين يدي الخلائق بجريرتي و أن ألقى الخزي و الندامة بخطيئتي و أن تظهر فيه سيئاتي

ص: 107

على حسناتي أو تنوه بين الخلائق باسمي يا كريم يا كريم يا كريم العفو العفو العفو الستر الستر الستر اللهم و أعوذ بك من أن يكون في ذلك اليوم في مواقف الخزي و مواقف الأشرار موقفي أو في مقام الأشقياء مقامي و إذا ميزت بين خلقك فسقت كلًا بأعمالهم زمراً إلى منازلهم فسقني برحمتك في عبادك الصالحين و في زمرة أوليائك المتقين إلى جناتك يا رب العالمين.

ثانيها: قبر الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله و سلامه عليها

و قد اختلفت الروايات في تعيينه بين مواضع ثلاثة (أحدها) الروضة بين المنبر و القبر و هي التي ورد فيها أنها روضة من رياض الجنة و حدّها من القبر الى المنبر طولا و من المنبر إلى الاسطوانة الرابعة عرضاً. (الثاني) بيتها و هو خلف قبر أبيها عند رجليه سلام الله عليه. (الثالث) البقيع فالأولى زيارتها فيها أجمع قائلًا: ( (السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين الله، السلام عليك يا بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله، خير البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا زوجة ولي الله، السلام عليك يا أم الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك أيتها الصادقة الرشيدة، السلام عليك أيتها الفاضلة، السلام عليك أيتها الحوراء الإنسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة، السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة، السلام عليك أيتها البتول، السلام عليك يا قرة عين الرسول، السلام عليك يا بضعة النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) السلام عليك يا فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى عليه و آله و رحمة الله و بركاته و صلوات الله عليك و على أبيك و بعلك و ذريتك الأئمة الطيبين الطاهرين و على روحك و بدنك اشهد أنك مضيت على بينة من ربك و أن من سرك فقد سر رسول الله و من جفاك فقد جفا رسول الله و من قطعك فقد قطع رسول الله و من وصلك فقد وصل رسول الله و من آذاك فقد آذى رسول الله لأنك بضعة منه و روحه التي بين جنبيه كما قال عليه

ص: 108

أفضل الصلاة و السلام اشهد و أشهد الله و رسوله و ملائكته إني راضٍ عمن رضيت عنه ساخطٌ عمن سخطت عليه متبرئٌ ممن تبرأت منه موال لمن واليت و معادٍ لمن عاديت مبغض لمن أبغضت محب لمن أحببت و كفى بالله شهيداً و حسيباً و جازياً و مثيباً) ثمّ تصلي ركعتين و تسبح بعدها تسبيحها سلام الله عليها و تهدي ثواب ذلك إليها صلوات الله عليها قائلًا: (اللهم إني صليت هاتين الركعتين هدية مني إلى سيدتي فاطمة الزهراء اللهم فصل على محمد و آله و تقبلهما) ثمّ تقول: (اللهم إني اتوجه إليك بنبينا محمد و أهل بيته صلواتك عليهم و أسألك بحقك العظيم عليهم الذي لا يعلم كنهه سواك و أسألك بحق من حقه عنك عظيم و بأسمائك الحسنى التي أمرتني أن أدعوك بها و أسألك باسمك الأعظم الذي أمرت به إبراهيم أن يدعو به الطير فأجابته و باسمك العظيم الذي قلت به للنار كوني برداً و سلاماً على إبراهيم فكانت برداً و بأحب الأسماء إليك و أشرفها و أعظمها لديك و أسرعها إجابة و أنجحها طلبة و بما أنت أهله و مستحقه و مستوجبة و أتوسل إليك و أرغب إليك و أتضرع و ألح عليك و أسألك بكتبك التي أنزلتها على أنبيائك و رسلك صلواتك عليهم من التوراة و الإنجيل و الزبور و القرآن العظيم فإن فيها اسمك الأعظم و بما فيها من اسمائك العظمى أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفرج عن آل محمد و شيعتهم و محبيهم و عني و تفتح أبواب السماء لدعائي و ترفعه في عليين و تأذن في هذا اليوم و في هذه الساعة بفرجي و إعطاء أملي و سؤلي في الدنيا و الآخرة يا من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو يا من سد الهواء بالسماء و كبس الأرض على الماء و اختار لنفسه احسن الأسماء يا من سمى نفسه بالاسم الذي يقضي به حاجة من يدعوه أسألك بحق ذلك الاسم فلا شفيع لي أقوى منه أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تقضي لي حوائجي و تسمع محمداً و علياً و فاطمة و أولادهم الأئمة الطاهرين صلواتك و رحمتك و بركاتك عليهم صوتي ليشفعوا لي إليك و تشفعهم فيَّ و لا تردني خائباً بحق لا إله إلا أنت) و إن شئت زيارتها بأخصر من ذلك فقل: (السّلامُ عَلَيكِ يا سَيدَةَ نِساءِ العالمينَ السّلامُ عَلَيكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلَى الناسِ أجمَعينِ السّلامُ عَلَيكِ أيَّتُها المظلومةُ المَمنُوعةُ عَنْ حَقها

ص: 109

السّلامُ عَلَيكِ أيَّتُها الصديقَةُ الطاهِرَةُ المَظلُومَةُ السّلامُ عَلَيكِ يا بَضعَةَ النَّبي صلّى الله عليه و آله و سلّم) ثمّ تقول بعد ذلك: اللهم صل على أمتك و ابنة نبيك و زوجة وصي نبيك صلاة تزلفها فوقَ زلفى عبادك المكرمين من أهل السموات و الأرضين. ثمّ بعد الفراغ من زيارة الرسول و الصديقة صلوات الله عليهما تجي ء إلى الروضة و تكثر من الصلاة و الدعاء فيها و في المسجد و تطلب ما شئت ثمّ تقول: (اللهم إن هذه روضة من رياض جنتك و شعبة من شعاب رحمتك التي ذكرها رسولك و أبان عن فضلها و شرف التعبد لك فيها قد بلغتنيها في سلامة نفسي فلك الحمد يا سيدي على عظيم نعمتك عليَّ في ذلك و على ما رزقتنيه من طاعتك و طلب مرضاتك و تعظيم حرمة نبيك بزيارة قبره و التسليم عليه و التردد في مشاهده و مواقفه فلك الحمد يا مولاي حمداً ينتظم به محامد حملة عرشك و سكان سماواتك و يقصر عنه حمد من مضى و يفضل حمد من بقي من خلقك لك و لك الحمد يا مولاي حمد من عرف الحمد لك و التوفيق للحمد حمداً يملأ ما خلقت و يبلغ حيث ما أردت و لا يحجب عنك و لا ينقضي دونك و يبلغ أقصى رضاك و لا يبلغ آخره أوائل محامد خلقك لك و لك الحمد ما عرف الحمد و اعتقد الحمد و جعل ابتداء الكلام الحمد يا باقي العز و العظمة و دائم السلطان و القدرة و شديد البطش و القوة و نافذ الأمر و الإرادة و واسع الرحمة و المغفرة و رب الدنيا و الآخرة كم لك من نعمة عليَّ يقصر عن أيسرها حمدي و لا يبلغ أدناها شكري و كم من صنائع منك إليَّ لا يحيط بكثيرها وهمي و لا يقيدها فكري اللهم صل على نبيك المصطفى بين البرية طفلًا و خيرها شاباً و كهلًا أطهر المطهرين شيمة و أجود المستمطرين ديمةً و أعظم الخلائق جرثومةً الذي أوضحت به الدلالات و أتممت به الرسالات و ختمت به النبوات و فتحت به الخيرات و أظهرته مظهراً و ابتعثته نبياً و هادياً و أمينا مهذّباً و داعياً إليك دالّا عليك و حجة بين يديك اللهم صل على المعصومين من عترته و الطيبين من أسرته و شرف لديك منازلهم و عظم عندك مراتبهم و اجعل في الرفيق الأعلى مجالسهم و أرفع إلى قرب رسولك درجاتهم و تمم بلقائه سرورهم و وفر بمكانه أنسهم) ثمّ ائت المنبر و أمسح يديك عليه و على قائمته السفلى و مر بهما على يمينك

ص: 110

فإنه شفاء من كل داء ثمّ اشتغل بالحمد و الثناء لله عز و جل و اطلب ما شئت ثمّ عرِّج على اسطوانة أبي لبابة المسماة باسطوانة التوبة و صل ركعتين عندها و اقرأ هذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لا تهني بالفقر و لا تذلني بالدين و لا تردني إلى الهلكة و اعصمني كي اعتصم و اصلحني كي انصلح و اهدني كي أهتدي و أعني على اجتهاد نفسي و لا تعذبني بسوء ظني و لا تهلكني و أنت رجائي و أنت أهل أن تحسن و قد اسأت و أنت أهل التقوى و أهل المغفرة فوفقني لما تحب و ترضى و يسر لي اليسير و جنبني كل عسير اللهم أعني بالحلال عن الحرام و بالطاعات عن المعاصي و بالغنى عن الفقر و بالجنة عن النار و بالأبرار عن الفجار يا من ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير و هو على كل شي ء قدير) و اطلب ما شئت و استغفر لذنبك تائباً آئباً إلى ربك فإنه محل للإجابة و قبول التوبة إن شاء الله تعالى.

ثالثها قبر الحسن الزكي عليه السلام.
رابعها قبر سيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام.
خامسها قبر محمد بن علي باقر علوم الأولين و الآخرين.
سادسها قبر جعفر الصادق عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام

و هذه القبور الأربعة كلها في البقيع فإذا وصلت إلى هناك فقف على باب القبلة المباركة و استأذن للدخول فيها و أنت على سكينة و وقار و خشوع و انكسار و قل: (يا مَواليّ يا أَبناءَ رَسُولِ اللهِ عَبدُكُمْ وَ ابنُ أَمَتِكُمُ الذّليلُ بَينَ أَيديكُمْ، و المُضعف في عُلُو قَدرِكُم، وَ المُعتَرِفُ بِحَقّكُمْ، جاءَكُمْ مُستَجيراً بِكُمْ قاصِداً إلى حَرَمِكُم مُتَقَرِّباً إلى مَقامِكُم، مُتَوسِّلًا إلى اللهِ تَعالى بِكُم، أ أدخُلُ يا مَوالي، أ أدخُلُ يا أَوليَاءَ اللهِ، أ أدخُلُ يا مَلائِكَةَ اللهِ المُحدقِين بِهذا الحَرَمِ الشريف المُقيمينَ بِهذا المَشهَد).

ثمّ قدم رجلك اليمنى و ادخل بخشوع و خضوع قائلًا:-

اللهُ أكبَرُ كَبيراً وَ الحَمدُ للهِ كَثيراً وَ سُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَ أَصيلا، الحَمدُ للهِ الفَردِ الصَّمَدِ الماجِدِ الأَحَدِ الذي مَنّ عَلَيّ بِطَولِهِ وَ سَهل لي زيارَةَ سادَتي بإحسانِهِ وَ لَمْ يَجعَلني عَن زيارَتِهم مَمنوعاً بَلْ تَطَوّلَ وَ مَنَحْ.

ثمّ أستقبل القبور بوجهك ناوياً زيارتهم و الأولى التلفظ بها قائلًا أزور أئمة البقيع قربة إلى تعالى ثمّ قل: (السّلامُ عَلَيكُمُ أَئِمَةَ الهُدَى السّلامُ عَلَيكُمُ أَهلَ التقوى،

ص: 111

السّلامُ عَلَيكُمُ حُجَجُ اللهِ عَلَى أَهلِ الدُّنيا، السّلامُ عَلَيكُمُ أيُّهَا القَوامُونَ في البَريةِ بالقِسطِ، السّلامُ عَلَيكُمُ أَهلَ الصَّفوَةِ، السّلامُ عَلَيكُمُ آلَ رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكُمُ أَهلَ النَّجوى، أَشهَدُ أنَّكُمْ قَدْ بَلَّغتُم وَ نَصحتُم وَ صَبَرتُم في ذاتِ اللهِ وَ كُذّبتُم و أُسِي ء إليكُم فَعَفَوتُم، و أَشهدُ أنَّكُم الأَئِمةُ الراشِدونَ المَهديونَ و أنَّ طاعَتَكُم مَفروضَةٌ، و أنَّ قَولَكُم الصدقُ، و أنَّكُم دَعَوتُم فَلَم تجُابوا، و أَمرتُم فَلَم تُطاعوا، و أنَّكُم دَعائِمُ الدِّينِ وَ أَركانُ الأَرضِ لَم تَزالوا بِعَينِ اللهِ يَنسَخُكُم مِن أَصلابِ كُلِ مُطَهَّرٍ، وَ ينقُلُكُم في أَرحَامِ المُطَهراتِ، لَم تُدَنِّسكُم الجاهِليةُ الجَهلاءُ، وَ لَم تُشرَك فيكُمُ فِتَنُ الأَهواءِ، طِبتُم وَ طابَ مَنبِتُكُم، أَنتُم الذينَ مَنّ بِكُم عَلَينا دَيّانُ الدِّين فَجَعَلَكُم فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ جَعَلَ صَلَواتِنا عَلَيكُم رَحمَةً لَنا وَ كَفارَةً لِذنوبِنا وَ اختارَكُم لَنا، وَ طَيَّبَ خَلقَنا بِكُم. وَ مَنّ عَلَينا بِوِلايتكِمُ فَكُنا عِندَهُ مُسلِمين بِفَضلِكُم وَ مُعتَرفينَ بتصديقِنا إيَّاكُم وَ هذا مَقامُ مَن أَسرَفَ و أَخطَأ وَ استَكانَ و أقَرّ بِما جَنى وَ رَجا بِمَقامهِ الخَلاصَ وَ أنْ يَستَنقِذُهُ بِكُم مُستَنقِذُ الهَلكى مِنَ الرَّدى، فَكونوا في شُفَعاءَ فَقَدْ وَفِدتُ إليكُم إذ رَغِبَ عَنكُم أَهلُ الدُّنيا و اتَخَذوا آياتِ اللهِ هُزُوا) ثمّ ارفع رأسك و يديك إلى السماء و ادع بهذا الدعاء: (يا من هو قائم لا يسهو، و دائم لا يلهو، و محيط بكل شي ء لك المنّ بما وفقتني و عرفتني بما أقمتني عليه إذ صدّ عنه عبادك و جهلوا معرفته، و استخفوا بحقه، و مالوا إلى سواه، فكانت المنة منك عليَّ مع أقوام خصصتهم بما خصصتني، فلك الحمد إذ كنت عنك في مقامي هذا مذكوراً مكتوباً فلا تحرمني ما رجوت و لا تخيبني مما دعوت، برحمتك يا ارحم الراحمين) ثمّ تصلي لكل واحد ركعتين للزيارة و تسبح بعدهما تسبيح الزهراء و تقرأ الدعاء السابق اللهم إني صليت هاتين الركعتين هدية مني إلى سيدي و مولاي و تسمي كل واحد باسمه إلى آخر الدعاء و تدعو لنفسك بما تشاء و إن أحببت زيارة كل واحد منهم بزيارة مستقلة فقل في:

زيارة الحسن المجتبى عليه السلام

(السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ نَبيَّ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ أَمِيرِ المُؤمِنينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ فاطِمَةَ الزَّهرَاءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حَبيبَ اللهِ،

ص: 112

السّلامُ عَلَيكَ يا صَفوَةِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أَمِينَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حُجّةَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا صِراطَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا لِسانَ حِكمَةِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ناصِرَ دِينِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا السّيدُ الزّكيُّ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا البَرُّ التقيُّ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا القائِمُ الأَمِينُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَالِمُ بالتَنزيلِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَالِمُ بالتَأويلِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الهَادي المَهديُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الباهِرُ الخَفيُّ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الطاهِرُ الزَّكِيُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الحَقُّ الحَقيقُ، السّلامُ عَلَيكَ يا أَبا مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلي وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُهُ).

ثمّ تصلي ركعتين للزيارة كما سبق و تدعو لنفسك و أخوانك بما تشاء. و قل في زيارة سيد الساجدين و زين العابدين سلام الله عليه:

زيارة زين العابدين عليه السلام

(السّلامُ عَلَيكَ يا زَيَّنَ العابِدِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا زَيَّنَ المُتَهَجدينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا إمَامَ المُتّقينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا دُرَّةَ الصَّالِحينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا وَلِيَّ المُسلِمِين، السّلامُ عَلَيكَ يا قُرَّةَ عَينِ الناظِرِينَ العارِفينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا خَلَفَ السابِقِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا وَصيَّ الوَصيينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا خازِنَ وَصَايا المُرسَلِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا ضَوءَ المُستَوحِشينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ المُجتَهِدينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا سِراجَ المُرتاضِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا ذُخرَ المُتَعَبّدِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا مِصبَاح العَالَمِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَفينَةَ العِلمِ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَكينَةَ الحِلمِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مِيزانَ القصاصِ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَفينَةَ الخَلاصِ، السّلامُ عَلَيكَ يا بَحر النَّدى، السّلامُ عَلَيكَ يا بَدرَ الدُّجى، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الأَواهُ الحَليمُ، السّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا الصابِرُ الحَكيمُ، السّلامُ عَلَيكَ يا رَئيسَ البَاكينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا مِصبَاحَ المُؤمِنينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَولايَ يا أبا مُحَمَّدٍ أشهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللهِ وَ ابنُ حُجَّتِهِ وَ أبو حُجَجِهِ وَ ابنُ أمِينِهِ وَ أَبو أُمَنائِهِ وَ أَنَّكَ ناصَحتَ في عِبادةِ رَبِّكَ وَ سارَعتَ في مَرضاتِهِ، وَ خَيَّبتَ أَعداءهُ، وَ سَرَرتَ أولياءهُ، أَشهَدُ أَنَّكَ قَدْ عَبَدتَ اللهَ حَقَّ عِبادتِهِ، وَ اتَقَيتَهُ حَقَّ تُقاتِهِ وَ أَطَعتَهُ حَقَّ

ص: 113

إطاعَتِهَ حَتى أَتاكَ اليَقينَ، فَعَلَيكَ يا مَولاي يا ابنَ رَسولِ اللهِ أَفضَلَ التحيةِ وَ السَلامِ وَ رَحمَةُ اللهِ و بَرَكاتُهُ).

ثمّ تصلي ركعتين كما سبق و تدعو لنفسك و إخوانك بما تشاء. و قل في:

زيارة الإمام محمد الباقر عليه السلام

(السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الباقِرُ لِعِلمِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الفاحِصُ عَن دِينِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا المُبَّينُ لِحُكمِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا القائِمُ بِقِسطِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الناصِحُ لِعِبادِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الدَاعي إلى اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الدَّليلُ إلى اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الفَضل المُبِينُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا النُّورُ الساطِعُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا البدرُ اللامِعُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الحَقُّ الأَبلَجُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا السّراجُ الأَسرَجُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا النَّجمُ الأَزهَرُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الكَوكَبُ الأَبهَرُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا المُنَزّهِ عَنِ المُعضِلاتِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا المَعصُومِ مِنَ الزَّلاتِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الزَّكيُّ في الحَسَبِ. السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الرفيعُ في النَّسبِ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الإمامُ الشفيقُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا القَصرُ المَشيدُ، السّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ عَلَى خَلقِهِ أجمَعين، أَشهَدُ يا مَولايَ أَنَّكَ قَدْ صَدَعتَ الحَقّ صَدعاً، وَ بَقَرتَ العِلمَ بَقْراً، وَ نَثَرتَهُ نَثراً، لَم تَأخُذكَ في الحَقِّ لَومَةُ لائمٍ، وَ كُنتَ لِدينِ اللهِ مُكاتِم، وَ قَضيتَ ما كانَ عَلَيك وَ أَخرَجتَ أَولياءكَ مِن وِلايةِ غَيرِ اللهِ إلى وِلايةِ اللهِ، وَ أَمرتَ بِطاعَةِ اللهِ، وَ نَهيتَ عَن مَعصيةِ اللهِ حَتى قَبَّضَكَ اللهِ إلى رِضوانِهِ وَ ذَهَبَ بِكَ إلى دارِ كَرامَتِهِ وَ إلى مَساكِنِ أَصفيائِهِ وَ مُجاورَةِ أَوليائِهِ، وَ السَلامِ عَلَيك وَ رَحمَةُ اللهِ و بَرَكاتُهُ).

ثمّ تصلي ركعتين كما سبق و تدعو لنفسك و إخوانك بما تشاء. و قل في زيارة الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه:

زيارة الإمام جعفر الصادق عليه السلام

(السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الإمَامُ الصادِقُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الوَصيُّ الناطِقُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الفائِقُ الرائِقُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا السنامُ الأَعظَمُ، السّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الصراطُ الأَقوَمُ، السّلامُ عَلَيكَ يا مِفتَاحَ الخَيراتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَعدِنِ البَرَكاتِ،

ص: 114

السّلامُ عَلَيكَ يا صَاحِبَ الحُجَجِ و الدَّلالاتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا صَاحِبَ البَراهِينِ الواضِحاتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ناصِرَ دِينِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ناشِرَ حُكمِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا فاصِلَ الخِطاباتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا كاشِفَ الكُرُباتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا عَميدَ الصَّالحِينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا لِسانَ الناطِقينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا خَلَفَ الخائِفينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا زَعيم الصالِحين، السّلامُ عَلَيكَ يا سَيد المُسلِمينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا كَهفَ المُؤمِنينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا هاديَ المُضلِّينَ، السّلامُ عَلَيكَ يا سَكَنَ الطّائِعينَ، أَشهَدُ يا مَولاي أَنَّك عَلَمُ الهُدَى، وَ العُروَةُ الوُثقى، وَ شَمسُ الضُّحى، وَ بَحرُ النَّدى وَ كَهفُ الوَرى، وَ المثَلُ الأَعلَى وَ صَلى اللهِ على رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ وَ السَلامُ عَلَيكَ وَ عَلَى العَباسِ عَمِّ رَسولِ اللهِ وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُهُ).

ثمّ تصلي ركعتين كما سبق و تدعو لنفسك و إخوانك بالمغفرة و الرضوان و العفو و العافية و حسن العاقبة إن شاء الله تعالى.

سابعها قبر عبد الله والد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في داخل المدينة

قريباً من سورها فإذا وصلت إلى قبره فقل:

زيارة عبد الله والد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

(السّلامُ عَلَيكَ يا صَاحِب المَجدِ الأَصيلِ، السّلامُ عَلَيكَ يا خَيرَ فَرعٍ مِن فُروعِ دَوحَةِ الخَليلِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن خَصهُ الجَليلُ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ الذَّبيحِ إسماعيلِ، السّلامُ عَلَيكَ يا سُلالَةَ الأَبرارِ، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ الأَقمارِ، السّلامُ عَلَيكَ يا نَجمَ الظَّلامِ وَ شَمسَ النَّهار، السّلامُ عَلَيكَ يا نُورَ الأَنوارِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حَقيقاً بالفَخْرِ و الافتِخارِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أبا النَّبي المُختَارِ وَ عَم الوصيّ الكَرارِ، وَ وَالِدَ الأَئِمة الأَطهارِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن أَضاءَ بِنورِ جَبينِهِ عِندَ وِلادَتِهِ أَطرافُ السَّماءِ السّلامُ عَلَيكَ يا يُوسُفَ آلِ عَبدِ مُنافِ، السّلامُ عَلَيكَ يا رَجاءَ مَن رَجاهُ وَ مَأمَنَ مَن خَاف، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن سَلَكَ مَسلَكَ جَدّهِ إسماعيلُ فأسلَمَ لأَبيهِ ليذبحه ذَبحَ الخَليل، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن فَداهُ اللهُ بِما فَداهُ وَ تَقَّبلَهُ فَأعطاهُ أُمَّهُ و أَباهُ، السّلامُ عَلَيكَ يا جامِعَ شَملِ الفُتوةِ، السّلامُ عَلَيكَ يا اشرفَ الناسِ في الأبوةِ و النُّبوة، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن بُشِّرَ بِمُحَّمَدٍ بالبِشاراتِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن نُوديَ بشُربِ المَاءِ وَ هوَ عَطشانُ

ص: 115

بِعَرَفاتٍ، وَ كانَ المَاءُ أَبرَدَ مِنَ الثّلجِ و أَحلَى مِنَ العَسَل و أَطيَبَ مِنْ المِسكِ فَشَرَبَهُ شَرَبات، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن أخلَص العُبودِيةَ للهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا مَن سُمّي عَبدَ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا والِدَ رَسولِ اللهِ وَ خاتِمَ النَّبيين، السّلامُ عَلَيكَ يا أبا الطاهرين بَعدَ الطاهِرينَ وَ ابن الطاهِرين وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُهُ). ثمّ تصلي ركعتين و تدعو لنفسك و إخوانك بالمغفرة و الرضوان.

ثامنها قبر حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و سائر الشهداء في أحد

فإذا أتيت قبره فقل:

زيارة حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

(السّلامُ عَلَيكَ يا عَمَّ رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا خَيرَ الشُّهَداءِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أسَد اللهِ و أسَدَ رَسولِهِ، اشهَدُ أنَّكَ قَد جاهَدتَ في اللهِ وَ جُدتَ بِنَفسِكَ، وَ نَصَحتَ لِرَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله و سلّم كُنتَ فيما عِندَ اللهِ سبحانَهُ راغِباً بأبي أنتَ و أُمي أَتَيتُكَ مُتَقَرِّباً إلى اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِزيارَتِكَ وَ مُتقَرِباً إلى رَسولِهِ بِذلِكَ راغِباً إليكَ في الشفاعَةِ ابتَغي بِزيارَتِكَ خَلاصَ نَفسي مُتَعوذاً بِكَ مِن نارٍ استَحَقها مِثلي بِما جَنيتُ عَلَى نَفسي هارِباً مِن ذُنوبي التي احتَطَبتُها عَلَى ظَهري فَزِعاً إليكَ رَجاءَ رَحمةِ ربَّي أَتَيتُكَ استَشفِعُ بِكَ إلى مَولاي، و أَتَقرَّبُ بِنبيهِ إليه لِيقضي حَوائِجي أَتَيتُكَ مِن شُقةٍ بَعيدَةٍ طالِباً فِكاكَ رَقبتي مِنَ النارِ وَ قَد أَوقَرَتْ ظَهري ذنوبي و أَتَيتُ ما اسخَطَ ربَّي وَ لَم أَجِد أَحداً افزَعُ إليه خَيراً لي مِنكُم أَهلَ بيتِ الرَّحمَةِ فَكُنْ لي شَفيعاً يَومَ فَقري وَ حاجَتي فَقَد سِرتُ إليكَ مَحزوناً و أَتَيتُكَ مَكرُوباً وَ سَكَبتُ عَبرتي عِندكَ باكياً وَ صِرتُ إليكَ مُفرَداً و أَنتَ مِمن أَمرَني اللهِ بِصِلَتِهِ وَ حَثَّني عَلَى بِرّهِ وَ دَلَّني عَلَى فَضلِهِ وَ هداني لِحُبِّهِ وَ رَغَبَّني في الوَفَادَةِ إليهِ و أَلهَمني طَلَبَ الحَوائِج عِندَهُ وَ أَنتُمُ أَهلُ بيتٍ لا يَشقى مَنْ تَولاكُم وَ لا يَخيبُ مَن أَتاكُم وَ لا يَخسَّرُ مَن يَهواكُمُ وَ لا يَسعَدُ مَن عَاداكُم). ثمّ تستقبل القبلة و تصلي ركعتي الزيارة و تدعو بعدهما بنحو ما سبق فإذا فرغت تنكب على القبر و تقول: (اللهم صل على محمد و آل محمد اللهم أني تعرضت لرحمتك بلزومي لقبر عم نبيك لتجيرني من نقمتك في يوم تكثر فيه الأصوات و تشغل كل نفس بما قدمت و تجادل كل نفس عن نفسها فإن رحمتني اليوم فلا خوف عليَّ و لا حزن و ان تعاقب

ص: 116

فمولى له القدرة على عبده و لا تخيبني بعد اليوم و لا تصرفني بغير حاجتي فقد لصقت بقبر عم نبيك و تقربت به إليك ابتغاء مرضاتك و رجاء رحمتك فتقبل مني وعد بحلمك على جهلي و برأفتك على جناية نفسي فقد عظم جرمي و ما أخاف ان تظلمني و لكن أخاف سوء الحساب و انظر اليوم تقلبي على قبر عم نبيك صلّى الله عليه و آله و سلّم فبهما فكني من النار و لا تخيب سعي و لا يهونن عليك ابتهالي و لا تحجبن عنك صوتي و لا تقلبني بغير حوائجي يا غياث كل مكروب و محزون يا مفرجاً عن الملهوف الحيران الغريق المشرف على الهلكة فصل على محمد و آل محمد و انظر إليَّ نظرة لا اشقى بعدها أبداً و ارحم تضرعي و عبرتي و انفرادي فقد رجوت رضاك و تحريت الخير الذي لا يعطيه أحد سواك فلا ترد أملي اللهم ان تعاقب فمولى له القدرة على عبده و جزائه بسوء فعله فلا تخيبني اليوم و لا تصرفني بغير حاجتي و لا تخيب شخوصي و وفادتي فقد انفذت نفقتي و اتعبت بدني و قطعت المفازات و خلفت الأهل و المال و ما خولتني و آثرت ما عندك على نفسي و لذت بقبر عم نبيك صلّى الله عليه و آله و سلّم و تقربت به ابتغاء مرضاتك فعد بحلمك على جهلي و برأفتك على ذنبي فقد عظم جرمي يا كريم يا كريم). و إن شئت زيارته بأخصر من ذلك فقل: (السّلامُ عَلَيكَ يا عَمَّ رَسولِ اللهِ وَ خَيرَ الشُّهَداءِ السّلامُ عَلَيكَ يا أَسَدَ اللهِ و أَسَدَ رَسولِهِ اشهَدُ أَنَّكَ قَدْ جاهَدتَ في اللهِ وَ نَصَحتَ لِرَسولِ اللهِ وَ جُدتَ بِنَفسِكَ وَ طَلَبتَ ما عِندَ اللهِ وَ رَغِبتَ فيما وَعَدَ اللهُ). ثمّ تأتي قبور الشهداء فتقول في زيارتهم: (السّلامُ عَلَى رَسولِ اللهِ السّلامُ عَلَى نَبيِّ اللهِ، السّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ بنِ عَبدِ اللهِ، السّلامُ عَلَى أَهلِ بَيتِهِ الطاهِرينَ، السّلامُ عَلَيكم أيُّهَا الشُّهَداءُ المُؤمِنونَ، السّلامُ عَلَيكم يا أَهلَ بيتِ الإيمانِ وَ التَّوحيدِ السّلامُ عَلَيكم يا أَنصَارَ دِينِ اللهِ و أَنصارَ رَسولِهِ، السّلامُ عَلَيكم بِما صَبرتُم فَنِعمَ عُقبى الدارِ اشهَدُ أنَّ اللهَ اختارَكُم لَديهِ و اصطَفاكُمُ لِرَسولِهِ وَ اشهَدُ أَنَّكُم قَدْ جاهَدتُم في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ وَ دافَعتُمُ عَن دِينِ اللهِ وَ عَن نَبيهِ وَ جُدتُم بأنفُسِكُم دُونَهُ و اشهَدُ أَنَّكُم قُتِلتُم عَلَى مِنهاجِ رَسولِ اللهِ فَجَزاكُمُ اللهِ عَن نَبيهِ وَ عَنِ الإسلامِ وَ أَهلِهِ أَفضَلَ الجَزاءِ وَ عَرّفنا وُجُوهَكُم في مَحلِّ رِضوانِهِ وَ مَوضِعِ إكرامهِ مَعَ النَّبيين و الصدِّيقين و الشُّهَداءِ و الصالِحينَ وَ حَسُن أولئكَ رَفيقا اشهَدُ أَنَّكُم حِزبُ اللهِ

ص: 117

و أنَّ مَن حَارَبَكُم فَقَد حارَبَ اللهِ و أَنَّكُم لَمِنَ المُقرَّبين الفائِزين الذينَ هُم أَحياءٌ عِندَ رَبِّهم يُرزَقونَ فَعَلَى مَن قَتَلَكُم لَعنَةُ اللهِ و المَلائكةِ و النَّاسِ أَجمَعين أَتَيتُكُم يا أَهلَ التوحيدِ زائِراً وَ بِحَقِكُم عارِفاً وَ بِزيارَتِكُم إلى اللهِ مُتَقَرِّباً وَ بِما سَبَقَ مَن شَريفِ الأَعمالِ وَ مَرضيَّ الأَفعالِ عالِماً فَعَليكُمُ سَلامُ اللهِ وَ رَحمَتُهُ وَ بَرَكاتُهُ وَ عَلَى مَن قَتَلَكُم لَعنَةُ اللهِ وَ غَضَبُهُ وَ سَخَطُهُ اللهم انفَعني بِزيارَتِهم وَ ثبتني عَلَى قَصدِهِم وَ تَوفَّني عَلَى ما تَوَفيتَهُم عَلَيهِ و اجمَعْ بيني وَ بَيَّنَهُم في مُستَقَرِّ دارِ رَحمَتِكَ اشهَدُ أَنَّكُمُ لَنا فَرَطٌ وَ نَحنُ بِكُم لاحِقونَ). ثمّ تصلي ركعتين و تسبح بعدهما بتسبيح الزهراء عليها السلام و تقرأ شيئاً من القرآن و تهدي ثواب الجميع لهم إن شاء الله تعالى و إن شئت زيارتهم على نحو الاختصار فقل: (السّلامُ عَلَيكم يا أَهلَ الدِّيارِ السّلامُ عَلَيكم بِما صَبرتُم فَنِعمَ عُقبى الدارِ أَنتُم لَنا فَرَطٌ وَ نَحنُ بِكُم لاحِقونَ).

تاسعها قبر إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في البقيع

فتقف عليه قائلًا:

زيارة إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

(السّلامُ عَلَى رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَى نَبيِّ اللهِ، السّلامُ عَلَى حَبيبِ اللهِ، السّلامُ عَلَى صَفيِّ اللهِ، السّلامُ عَلَى نَجيِّ اللهِ، السّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ بنِ عَبدِ اللهِ سَيدِ الأَنبياءِ وَ خَاتَمِ المُرسلين وَ خِيَرَةِ اللهِ مِن خَلقِهِ في أَرضِهِ وَ سَمائِهِ، السّلامُ عَلَى جَميعِ أَنبياءِ اللهِ وَ رُسُلِهِ، السّلامُ عَلَى السُّعَداءِ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَالِحين، السّلامُ عَلَينا وَ عَلَى عِبادِ اللهِ الصَّالحين، السّلامُ عَلَيكَ أيَّتُهَا الرُّوحُ الزاكيةُ، السّلامُ عَلَيكَ أيَّتُهَا النَّفسُ الشريفَةُ، السّلامُ عَلَيكَ أيَّتُهَا السلالَةُ الطاهِرَةُ، السّلامُ عَلَيكَ أيَّتُهَا النَّسمَةُ الزاكيةُ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ خَيرِ الوَرى، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ النَّبي المُجتَبى، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ المَبعوثِ إلى كَافَّةِ الوَرى، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ البَشيرِ النَّذيرِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ السِّراج المُنيرِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابن المُؤيَّدِ بِالقُرآنِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ المُرسَّلِ إلى الإنسِ وَ الجانِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ صاحِبِ الرّايةِ و العَلامَةِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ الشَّفيعِ يَومَ القيامَةِ، السّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ من حَباهُ اللهُ بِالكَرامَةِ، السّلامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتِهِ، أشهَدُ أَنَّكَ قَد اختارَ اللهُ لَكَ دارَ إنعامِهِ قَبلَ أنّ يَكتُبَ عَلَيكَ

ص: 118

أَحكامَهُ وَ يُكلِفكَ حَلالَهُ وَ حَرامَهُ فَنَقَلَكَ إليهِ طَيباً زاكياً مَرضياً طاهراً مِن كُلِّ نَجَسٍ مُقَدَّساً مِن كُلِّ رِجس وَ بَوأكَ جَنةَ المَأوى وَ رَفَعَكَ إلى الدَّرَجاتِ العُلى وَ صَلى اللهِ عَلَيك صَلاةً تَقَرُّ بِها عَينُ رَسولِهِ وَ تُبلِغَهُ أكبَرَ مَأمُولِهِ، اللهم اجعَلْ أفضَلَ صَلَواتِكَ و أَزكاها و أَنمى بَرَكاتِكَ و أَوفاها عَلَى رَسولكَ وَ نبيكَ وَ خِيرَتِكَ مِن خَلقِكَ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبيين وَ عَلَى مَن نَسَلَ مِن أولادِهِ وَ عَلَى ما خَلَفَ مِن عِترَتِهِ الطاهِرَةِ بِرَحمَتِكَ يا أَرحَمَ الرَّاحِمين اللهم إنِّي أسألُكَ بِحَقّ مُحَمَّدٍ صَفيكَ وَ إبراهيمَ نَجلِ نَبيكَ أنْ تَجعَلَ سَعيي بِهم مَشكُوراً وَ ذَنبي بِهم مَغفوراً وَ حَياتي بِهم سَعيدَةً وَ عاقِبتي بِهم حَميدَةً وَ حَوائِجي بِهم مَقضيةً وَ أفعالي بِهم مَرضيةً وَ أُموري بِهم مَسعودَةً وَ شؤوني بِهم مَحمودَةً اللهم وَ أَحسِنْ لي التوفيقَ وَ نفِسْ عَني كُلَّ هَمٍّ وَ ضيقٍ اللهم جَنبني عِقابَكَ، وَ امنَحني ثَوابَكَ، وَ أسكِني جِنانَكَ وَ ارزُقني رِضوانكَ وَ أَمانَّكَ وَ أَشرِكْ في صالِحِ دُعائي والدي وَ ولدي وَ جَميعَ المُؤمِنين وَ المُؤمِناتِ الأَحياءِ مِنْهُم وَ الأَمواتِ إنَّكَ وَليُّ الباقياتِ الصالحاتِ آمين رَبَّ العَالَمين). ثمّ تسأل حوائجك و تصلي ركعتين للزيارة كما سلف.

عاشرها قبر فاطمة بنت أسد بالبقيع

فإذا وقفت على قبرها فقل:

زيارة فاطمة بنت أسد عليها السلام

(السّلامُ عَلَى نَبيِّ اللهِ، السّلامُ عَلَى رَسولِ اللهِ، السّلامُ عَلَى سَيدِ المُرسَلين، السّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيدِ الأَولِين، السّلامُ عَلَى سَيدِ الآخِرينَ، السّلامُ عَلَى مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلعالَمين، السّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَبيُّ وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُهُ، السّلامُ عَلَى فاطِمةَ بِنتِ أسَدٍ الهاشِميّةِ، السّلامُ عَلَيكِ أَيَّتُهَا الصديقَةُ الرضيةُ، السّلامُ عَلَيكِ أَيَّتُهَا التقيةُ النَّقيةُ، السّلامُ عَلَيكِ أَيَّتُهَا الكَريمَةُ المَرضِيةُ، السّلامُ عَلَيكِ يا كافِلَةَ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيين، السّلامُ عَلَيكِ يا والِدَةَ سَيدِ الوَصيينَ، السّلامُ عَلَيكِ يا مَن ظَهَرَتْ شَفَقتُهَا عَلَى رَسولِ اللهِ خاتَمِ النَّبيين، السّلامُ عَلَيكِ يا مَن أَحسَنَتْ تَربيَتها لِوَلِي اللهِ الأَمِين، السّلامُ عَلَيكِ وَ عَلَى رُوحِكِ وَ بَدَنِكِ الطاهِرِ، السّلامُ عَلَيكِ وَ عَلَى وَلَدِكِ وَ رَحمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُهُ، أَشهَدُ أَنَّكِ أَحسَنتِ الكَفالَةَ، وَ أَدَيتِ الأَمانَةَ، وَ اجتَهَدتِ في مَرضاةِ اللهِ، وَ بالَغتِ في حِفظِ رَسولِ اللهِ عارِفَةً بِحَقّهِ مُؤمِنَةً بِصِدقِهِ مُعتَرِفَةً بِنبوَتِهِ، مُستَبصِرَةً بِنِعمَتِهِ، كافِلَةً بِتَربيتِهِ،

ص: 119

مُشفِقَةَ عَلَى نَفسِهِ واقِفَةً عَلَى خِدمَتِهِ، مُختارَةً رِضاهُ، وَ أَشهَدُ أَنَّكِ مَضيتِ عَلَى الإيمانِ وَ التَمَسُكِ بِأَشرَفِ الأَديانِ راضيةً مَرضيةً طاهِرَةً زَكيةً تَقيةً نَقيَّةً فَرَضيَ اللهِ عَنكِ وَ أَرضاكِ وَ جًعَلَ الجَنّةَ مَنزِلَكِ وَ مَأواكِ، اللهم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ انفَعني بِزيارَتِها وَ ثَبتني عَلَى مَحَبَّتِها، وَ لا تَحرِمني شَفاعَتَها، وَ شَفاعَةَ الأَئِمة مِن ذُريتِها وَ ارزُقني مُرافَقَتَها، وَ احشُرني مَعَها وَ مَعَ أَولادِها الطاهِرِين، اللهم لا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن زيارَتي إيّاها وَ ارزُقني العَودَ إليها أَبداً ما أَبقَيتَني، و إذا تَوَفيتَني فاحشُرني في زُمرَتِها، وَ أَدخِلني في شَفاعَتِها بِرَحمَتِكَ يا أَرحَمَ الرَّاحِمين، اللهم بِحَقّها عِندَكَ، وَ مَنزِلَتِهَا لدَيكَ اغفِرْ لِي وَ لِوالديّ وَ لِجَميعِ المُؤمِنينَ وَ المُؤمِنات، وَ آتنا في الدُّنيا حَسَنَةً وَ في الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النارِ). ثمّ تصلي ركعتين للزيارة كما سلف و تدعو بما أحببت و تنصرف ثمّ تزور في البقيع عقيلًا و عبد الله بن جعفر و غيرهم ممن في البقيع ممن ينتمي إلى سيد المرسلين صلوات الله عليه و آله الطاهرين بصحابة أو قرابة و تكثر من الدعاء و طلب المغفرة لك و لهم و لكافة إخوانك.

المقام الخامس فيما يستحب عند الوداع و إرادة الخروج من المدينة

إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل بعد ما تفرغ من حوائجك فأت موضع رأس النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم فسلم عليه كما فعلت أول مرة ثمّ ائت المنبر و صل عنده على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم ما استطعت و ادع لنفسك بما أحببت للدين و الدنيا ثمّ ارجع إلى قبر النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و الصق منكبك الأيسر على القبر قريباً من الاسطوانة التي دون الاسطوانة عند رأس النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و صل ست ركعات أو ثمان ركعات و اقرأ في كل ركعة الحمد و سورة و اقنت في كل ركعتين فإذا فرغت منها استقبلت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و قلت مودعاً له: (السلام عليك يا رسول الله استودعك الله و استرعيك و اقرأ عليك السلام آمنت بالله و بما جئت به و دللت عليه صلى الله عيك لا جعله الله آخر تسليمي عليك اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك فإن توفيتني قبل ذلك فإني اشهد في

ص: 120

مماتي على ما اشهد عليه في حياتي أن لا إله إلا أنت و أنّ محمداً عبدك و رسولك اخترته من خلقك ثمّ اخترت أهل بيته الأئمة الطاهرين الذين أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا فاحشرنا معهم و في زمرتهم و تحت لوائهم و لا تفرق بيني و بينهم في الدنيا و الآخرة يا ارحم الراحمين السلام عليك يا رسول الله السلام عليك أيها البشير النذير السلام عليك أيها السراج المنير السلام عليك أيها السفير بين الله و بين خلقه اشهد يا رسول الله أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها و لم تلبسك من مدلهمّات ثيابها و اشهد يا رسول الله إني مؤمن بك و بالأئمة من أهل بيتك أعلام الهدى و العروة الوثقى و الحجة على أهل الدنيا خلفاؤك في عبادك و أعلامك في بلادك و خزان علمك و حفظة سرك و تراجمة وحيك اللهم صل على محمد و آل محمد و بلغ روح نبيك محمد و آله في ساعتي و في كل ساعة تحية مني و سلاماً السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته) ثمّ ائت البقيع و سلم و صل كما فعلت أول مرة ثمّ قل مودعاً: (السلام عليكم أئمة الهدى و رحمة الله و بركاته استودعكم الله و اقرأ عليكم السلام آمَنَّا بالله و بالرسول و بما جئتم به و دللتم عليه اللهم فاكتبنا مع الشاهدين اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياهم و ارزقني العود ثمّ العود ثمّ العود).

و ليكن هذا آخر ما أردنا ذكره حامدين الله تبارك و تعالى استتماماً لنعمته شاكرين نعمائه استسلاماً لعزته مصلين على رسوله الذي بالحق أرسله و على آله الذين حفظوا منه ما حمّله سائلين منه بفضله و كرمه أن ينظر إليه و يتقبله و يشرف الخلوص لوجهه الكريم بشرفه و بفضله راجين منه جل شأنه التوفيق للوقوف بتلك المشاهد الشريفة و المواقف الكريمة آملين من إخواننا الذين يقفون عليه أن يشركونا في صالح دعائهم و يدعوا لنا بالمغفرة و الرضوان سنة 1341 ه و قد وقع الفراغ منه في الليلة السابعة و العشرين من شهر رمضان المبارك في كربلاء و كان الابتداء به في أواخر شعبان المعظم من تلك السنة، و انتهت ملاحظة الإمام آية الله الشيخ محمد الحسين قُدِّس سِرُّه لهذا المنسك الشريف أواخر سنة 1367 و أجاز العمل به لخاصة مقلديه وفقه الله تعالى و تقبلهم بأحسن القبول و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله المعصومين و سلم تسليما كثيراً اللهم اجعله خالصاً لوجهك الكريم.

ص: 121

دليل الكتاب

الموضوع ..... رقم الصفحة

آداب السفر مطلقاً أو خصوص سفر الحج و العمرة ..... 6

الأول: ما يستحب عند التهيؤ للسفر ..... 6

الثاني: ما يستحب عند الخروج من الدار ..... 7

الثالث: ما يستحب عند الركوب ..... 7

الرابع: ما يستحب عند النزول ..... 8

الخامس: فيما ينبغي للمسافر ..... 9

المقاصد ..... 9

المقصد الأول في حج التمتع ..... 9

المبحث الأول في بيان حقيقته و ما هو المائز بينه و بين القِران و الإفراد ..... 9

المبحث الثاني في بيان أفعاله إجمالًا ..... 11

المبحث الثالث في تفصيل أفعال عمرته و فيه مقامات ..... 12

المقام الأول في مندوباته ..... 12

المقام الثاني في مكروهاته ..... 14

المقام الثالث في واجباته ..... 14

المواقيت ..... 16

المقام الرابع في محرماته ..... 17

المقام الخامس في كفارات الاحرام ..... 21

الفصل الثاني في طوف العمرة و فيه مطالب ..... 25

المطلب الأول في مقدماته ..... 25

المطلب الثاني في شرائطه و واجباته و أحكامه ..... 28

المقام الأول في شرائطه ..... 28

ص: 122

المقام الثاني في واجباته ..... 30

المقام الثالث في أحكامه ..... 31

المطلب الثالث في مستحباته المقارنة ..... 33

الفصل الثاني في صلاة الطواف ..... 35

الفصل الثالث في السعي ..... 36

المطلب الأول في مستحباته المتقدمة عليه ..... 36

المطلب الثاني في واجباته ..... 38

المطلب الثالث في أحكامه ..... 39

المطلب الرابع في آدابه المقارنة ..... 40

الفصل الرابع في التقصير ..... 40

المبحث الرابع في تفصيل أفعال حج التمتع ..... 41

الأول في وجوبه و أحكامه ..... 41

المطلب الثاني في باقي المستحبات ..... 42

الفصل الثاني في الوقوف بعرفات و النظر في واجباته و أحكامه و المندوبات ..... 43

المطلب الأول في واجباته ..... 43

المطلب الثاني في أحكامه ..... 43

المطلب الثالث في المندوبات ..... 44

الفصل الثالث أحكام الوقوف بالمشعر الحرام ..... 63

المطلب الأول في مقدماته ..... 63

المطلب الثاني في واجباته ..... 64

المطلب الثالث في أحكامه ..... 64

المطلب الرابع في مندوباته ..... 67

ص: 123

الفصل الرابع في مناسك منى يوم العيد ..... 69

أولها رمي جمرة العقبة ...... 69

ثانيها: الذبح أو النحر و الكلام في هدى التمتع و هدى القِران و ما يلحق به من النذر و الكفارة و الاضحية و ما يلحقها من العقيقة ..... 70

الفصل الخامس في العقيقة ..... 77

الثالث من مناسك منى الحلق ..... 78

الفصل الخامس فيما يجب فعله بمكة بعد أداء مناسك منى و ما يستحب ..... 80

الفصل السادس فيما يجب عند العود إلى منى في ليالي التشريق ..... 82

الفصل السابع فيما يجب في أيام التشريق بمنى و ما يستحب ..... 83

المقصد الثاني من مقاصد الرسالة في العمرة ..... 85

المقصد الثالث في الصد و الاحصار و فوات الحج ..... 87

المطلب الثالث فيما يستحب عند إرادة الوداع و الخروج من مكة ..... 95

الفصل الثاني فيما يتعلق بالمدينة المنورة ..... 96

المقام الرابع في القبور الشريفة التي يستحب زيارتها هناك ..... 101

زيارة الحسن المجتبى عليه السلام ..... 111

زيارة زين العابدين عليه السلام ..... 112

زيارة الإمام محمد الباقر عليه السلام ..... 113

زيارة الإمام جعفر الصادق عليه السلام ..... 113

زيارة عبد الله والد رسول الله صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلَّم ..... 114

زيارة حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلَّم ..... 115

زيارة إبراهيم ابن رسول الله صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلَّم ..... 117

زيارة فاطمة بنت أسد عليها السلام ..... 118

ص: 124

المقام الخامس فيما يستحب عند الوداع و إرادة الخروج من المدينة ..... 119

دليل الكتاب ..... 121

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.